تخريج الدلالات السمعية

علي بن محمد الخزاعي

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [الأمور الثلاثة] 1- مؤلف الكتاب: هو علي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي- ويكنى أبا الحسن وأحيانا أبا السعود- من أسرة أندلسية عرفت بالفقه والعلم: فجدّ والده- أعني موسى بن سعود الفقيه- ولي القضاء بمدينة أدله بالأندلس في أوائل عهد الدولة النصرية، ثم خلفه على قضائها ابنه الفقيه أحمد بن موسى- جد المؤلف- غير أنه لأسباب لا ندريها غادر تلك البلدة وتحوّل إلى غرناطة عاصمة الدولة النصرية، فولّاه أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف الأحمر ثالث سلاطين بني نصر (701- 708) الأشغال السلطانية، أي بعبارة أخرى جعله صاحب ديوان العساكر. غير أن أحمد بن موسى جدّ لديه ما غرّبه عن الأندلس، فارتحل إلى برّ العدوة، واستقر بتلمسان ومعه ابنه محمد والد المؤلف، وتوفي أحمد الجد بتلمسان وبقي فيها ابنه محمد حيث لقي حظوة لدى أصحابها بني زيان، فعمل كاتبا لديهم ثم أصبح وزيرا في أيام السلطان أبي زيان محمد بن عثمان بن يغمراسن الزياني (703- 707) ، ثم تقلد كتابة الأشغال السلطانية في ظل أبي تاشفين عبد الرحمن الزياني (718- 736) ، «وقد جمع محمد بين خطتي السيف والقلم، وكان رسوخ قدمه في الفروسية والعلم أثبت من علم» . وفي تلمسان رزق بابنه عليّ سنة 710، فعلي كما يقول ابن القاضي: «تلمساني المولد ... أندلسي الأب والسلف» ؛ وقد خلف أباه في خدمة بني عبد الواد بتلمسان، فتولّى خطة الأشغال السلطانية لأمير المسلمين المتوكل على الله أبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن (737- 753) «فكان صدرا في تلك المحافل والنوادي» . غير أن عدم استقرار الأمور بتلمسان وتكرر المحاولات المتعارضة من لدن المرينيين تارة والزيانيين تارة أخرى لاحتياز المدينة، ربما حفز عليا إلى

مغادرتها، فتوجه إلى فاس حيث كلف بأعباء خطة الأشغال السلطانية- كما كان حاله في تلمسان- في أيام السلطان المريني أبي عنان فارس الملقب بالمتوكل على الله (749- 759) . وبقي عليّ حتى آخر حياته في خدمة سلاطين بني مرين: ظل كاتب الأشغال السلطانية لأبي يحيى أبي بكر السعيد بالله (759- 760) ثم من بعده لأبي سالم إبراهيم (760- 762) في الوظيفة نفسها، وأضاف إليه أبو سالم كتابة العلامة أو «خطة القلم الأعلى» ، وكان معاصرا ومزاملا لأبي القاسم ابن رضوان، صاحب كتاب الشهب اللامعة في السياسة، في بلاط ذلك السلطان، واستمر على ذلك في فترة حكم أبي زيان محمد المنتصر بالله (763- 767) وحكم أبي فارس عبد العزيز المستنصر بالله (768- 774) وحكم ابنه أبي زيان السعيد بالله (774- 776) . تلقى علي دراسته في تلمسان فدرس على شيوخها وفي مقدمتهم العالم التلمساني الكبير أبو عبد الله ابن مرزوق (- 781) وله منه إجازة؛ ومن شيوخه أيضا محمد بن أبي بكر البلفيقي الشهير بابن الحاج (- 771) . وقد تنبه عبد الحيّ الكتاني إلى أن أخذ الخزاعي عن مثل هذين الشيخين- وهما يكادان يكونان من أقرانه ولداته في العمر- ربما دلّ على أنه «كان قليل الرواية أو إنما روى واستجاز في كبره» «1» . ومهما يكن من شيء فإن نشأته الثقافية كانت تؤهله للكتابة في الديوان، فقد عرف بمهارته في الحساب، حتى قال فيه ابن الأحمر: «ومعرفته بالحساب تستغرق العقول، إذ أربت عن حد الحصر والمعقول» «2» . وكان حسن التحصيل في الأدب والنحو واللغة، هذا إلى إلمام بفروع الفقه والحديث وقدرة على نظم الشعر؛ وقد أورد له ابن الأحمر قصيدة في مدح المتوكل على الله «3» ، وأورد له ابن القاضي مقطوعة قالها حين عثرت بموسى بن أبي عنان المريني فرسه؛ وكان أيضا معروفا بجودة الخطّ؛ وكل هذه الوسائل الثقافية أعدته ليكون صاحب الأشغال السلطانية، تلك «الوظيفة» التي تشبه أن تكون وراثية في أسرته، لأنها تعتمد كثيرا على الشؤون الحسابية؛ ولعله اعتمد

_ (1) التراتيب الإدارية 1: 29. (2) مستودع العلامة: 64. (3) نثير الجمان: 251- 253.

2 - كتاب تخريج الدلالات السمعية:

في اتقانها على والده قبل أي شيخ آخر، ولعله من أجل ذلك لم يتبحر في علم بعينه، ولم يكتب له البروز في اتجاه علميّ محدّد. ذلك مبلغ ما نعرفه عن ثقافته؛ فأما ما يتعلق بأبرز صفاته فلم يميز منها مترجموه إلا أنه كان مبسوط الكفّ سخاء، فقال ابن الأحمر: «وقدمه في الكرماء أرسخ من أبي قبيس، وفضله ينسي فضل الأمير دبيس» «1» . وقال في موضع آخر: «وكفه بإرسال المواهب لم تكن جانحة إلى التقصير، ولا قيل لطول جودها: جدعت أنف الفضائل عن بخل يا قصير» «2» ؛ وأيد هذا تلميذه ابن السراج بقوله: «كثير الصدقة والإيثار، لم يكن في زمانه من يضاهيه فيها، فذا في طريقته» . وقد عاش علي حتى ناهز الثمانين، إذ كانت وفاته يوم الأحد الخامس من ذي القعدة سنة 789، ودفن من غده يوم الاثنين بمدينة فاس «3» . 2- كتاب تخريج الدلالات السمعية: لم تكن الأعمال الديوانية ومشاغلها الكثيرة المتلاحقة تمنح علي بن محمد الخزاعي سعة من الوقت كي يتوفر على التأليف؛ ويبدو أنه أعفي من تلك الأعباء وهو في سن السادسة والستين أو قريبا من ذلك (أي حوالي 776) إذ لا نسمع بعد وفاة السعيد أبي زيان أنه شغل أي منصب في الدولة. وهو يصرح في مقدمة «تخريج الدلالات» أنه كان يلتقط الفوائد ويقتنص الشوارد التي سيبني منها كتابه أيام عزلته عن العمل، وأنه استمرّ يجمع ويرتب ويبوب حتى انتهى من ذلك سنة 786، وإذا به ينهي عملا طويلا شاقا يسميه «تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية» . وفي ربيع الأول

_ (1) نثير الجمان: 250. (2) مستودع العلامة: 64. (3) ترجم له السراج في فهرسته وأخذ عنه، وابن القاضي في درة الحجال 3: 247- 248 وجذوة الاقتباس: 489 وابن الأحمر في نثير الجمان: 249- 253 ومستودع العلامة: 62 وروضة النسرين: 31 وذكره ابن خلدون في التعريف: 43 كما ذكرت سنة وفاته في وفيات الونشريسي: 131 وفي لقط الفرائد: 224. وانظر مقدمة التراتيب الإدارية 1: 28- 35؛ وقد ورد اسم جده الأعلى في كثير من المصادر بصيغة «مسعود» ، والأرجح ما أورده معاصره ابن خلدون في التعريف «سعود» .

من ذلك العام تولّى السلطنة أبو فارس موسى بن المتوكل على الله المريني، فقدّم الخزاعي كتابه هدية إليه «جريا على العادة في إتحاف المملوك الخادم لمولاه القادم، وعملا على ما جاء عن النبي عليه السلام من الحضّ على الهدية والأمر بها» . ويختصر المؤلف السبب الذي حدا به إلى تأليف كتابه بأنه رأى كثيرا ممن لم ترسخ في المعارف قدمه، وليس له من أدوات الطالب إلّا مداده وقلمه، يظنون أن تولي الأعمال السلطانية بدعة، وأنها بدعة تجرّ على صاحبها الاثم، وأنه كان من الأجدر به الترفع عنها؛ وتبديدا لهذا الجهل جمع مادة كتابه ليثبت أن «العمالات الشرعية» ليست شيئا مستحدثا، وإنما هي خطط وجدت أيام الرسول، وتولاها كثير من الصحابة، فمن تولاها من بعد لم يخرج عن النهج المرضيّ، بل إنه ليحرز الشرف الكبير لأنه يجد نفسه واقفا في ركب صحابي جليل، وكذلك يقال أيضا في أصحاب الحرف والصنائع، فإن أي قارىء لهذا الكتاب سيجد الحقيقة الصادقة التي تزيل عن أصحاب الخطط وأصحاب الحرف وصمة البدعة. ولعلّ هذا كله مستمدّ من واقع المؤلف، فإنه قضى معظم عمره في خطة سلطانية، وعلى ذلك كان أبوه وجده من قبل، وليس بمستبعد أن يكون قد واجه نقدا لانخراطه في سلك الدولة، ومصاحبته للسلطان، فإن النغمة المنفّرة عن مصاحبة السلطان التي ظهرت بظهور موجة زهدية في القرن الأول لم تكن- فيما يبدو- قد تبدّدت؛ وإن حاول كتاب السياسة- على مر الزمن- احتواءها بما رسموه من آيين وما سنّوه من رسوم في مصاحبة السلاطين. وقد قسم الخزاعي كتابه في عشرة أجزاء: ثمانية منها في العمالات وواحد في الحرف والصناعات وباب ختامي، وانقسمت الأجزاء العشرة في 178 بابا، وتبدو دقة المؤلف في هذا الترتيب الذي سار عليه في كتابه، في الأجزاء والأبواب والفوائد، وتوزيعه للمادة في مواضعها، وعدم تورطه في التكرار سهوا، وتكراره لبعض المعلومات عمدا لأنها قد تقع في غير باب واحد؛ وتتجلى دقته في الإحالة على مصادره، وفي ذكر قائمة منها في آخر فصل من فصول كتابه، بحيث نقول إن الخزاعيّ يحترم النصّ ويعامله بأمانة؛ وقد جعل منهجه في كتابه أن يتحدث عن الخطة أو عن جانب منها في فصل من الفصول معتمدا على ما جاء في كتب الحديث بخاصة، ثم

يعقد فصلا تاليا للترجمة لمن تولوا تلك الخطة معتمدا في ذلك كتاب الاستيعاب لابن عبد البر في الأغلب، وكثيرا ما يؤيد تراجم الاستيعاب بالإحالة على سيرة ابن هشام، ثم إنه يبين ما يحتاجه القارىء من فوائد لغوية، ومراجعه في هذه الناحية كثيرة في طليعتها الصحاح للجوهري والمحكم لابن سيده وديوان الأدب للفارابي وكتب الأفعال والمخصص لابن سيده ... الخ تلك المصادر؛ فإذا كان الأمر يتعلق بشرح ألفاظ الأحاديث أحال على المشارق للقاضي عياض وعلى غيره مما يتصل بهذا الباب، وأحيانا يورد فقرة بعنوان «تنبيه» تحتوي فائدة خارجة عن نطاق اللغة، أو تكون بمثابة إحالة إلى ما مرّ أو ما سيأتي بيانه. وبهذا التخطيط الدقيق للكتاب لم يبق المؤلّف مجالا للمحقق، إلا مجالا ضيقا، في الشرح والتوضيح، ولكنه يكلف المحقق جهدا بالغا في تتبع المصادر المعتمدة، والمقارنة والتأكد من مدى الصحة في المنقولات. وربما أخذ على المؤلف إسرافه في تتبع المعاجم اللغوية، فهو يعتمد عددا من المعجمات في تفسير مادة واحدة، مع أن واحدا منها كان يغني عن سائرها؛ ولشغفه بالإكثار من المراجع تراه يقطع النقل عن هذا المصدر ويبدأ النقل عن مصدر آخر، ولو استمرّ في نقله عن الأوّل لجاء بشرح واف بالمراد. وأنت تعجب أحيانا لماذا يعتمد «ديوان الأدب» في شرح «كفر» بمعنى غطّى ولا يعتمد المحكم أو الصحاح، ويجعل اعتماده على واحد منها مطردا إلى أن يستكشف زيادة مهمة في معجم آخر. على أن هذا بعد كل ذلك إنما يعدّ عيبا لا ضرر فيه، وإن كان مرهقا للمحقق. وقد أفاد المؤلف كثيرا من خبرته في توليه ديوان العساكر مدة طويلة، ولذلك جاء الجزء الخامس وهو في العمالات الجهادية من أكبر الأجزاء إذ احتوى من الأبواب على خمسة وأربعين جمعت جميع الجوانب المتصلة بمهمات الحرب. وتعدّ الأجزاء: الرابع في العمالات الأحكامية، والسادس في العمالات الجبائية من أهم الأبواب مع الخامس في تبيان «تركيب» الدولة في عهد الرسول والخلفاء الراشدين. أما الباب الخاص بالحرف والصناعات (وهو التاسع) فإنه مكمّل لتصور المجتمع الإسلامي بالإضافة إلى تصوّر بناء الدولة، ولكنه خارج عن غرض المؤلف في إزالة البدعة التي تلصق بأصحاب الخطط السلطانية، فلا أحد يقول إن بيع الطعام أو القيام بالنسج أو البناء أو الصيد أو الطبخ بدعة، وهذه الحرف لم تبدأ على عهد الرسول، وإنما هي حصيلة الحاجة والاجتماع الإنسانيين، نعم كان يمكن القول بأن بعض الحرف

أحيطت بدعوى المهانة كالحجامة والحياكة وغيرهما، ثم يقف المؤلف مدافعا عن مثل هذه الحرف بما يورده من أحاديث وآثار؛ كذلك فإن من السذاجة أن يقف المرء ليجيب: هل كان في عصر الرسول خياطون، وهل كانت الخياطة بدعة؛ أقول: لم يقصد المؤلف شيئا من ذلك- فيما أعتقد- وإنما رأى أنه يستكمل ضروب النشاط في مجتمع العهد النبوي إذا هو عرّف بهذه الحرف والصنائع وبمن كان يتولاها. إن الايحاء الذي يستمده قارىء «تخريج الدلالات» بأن المؤلف في النهاية ينتهي إلى «إجلال» ضروب الممارسات التي تحدّث عنها، لأنها مورست في عهد الرسول، يجب ألا يقلل من شأن الكتاب، فالكتاب حلقة في سلسلة من كتب معاصرة تحدثت عنها في غير هذا الموطن: منها مقدمة ابن خلدون ورسائل لسان الدين ابن الخطيب في السياسة والشهب اللامعة لابن رضوان وواسطة السلوك لأبي حمّو- وربما ظهر غيرها- وكل تلك الكتب صورة لتفتح العبقرية المغربية تحت أضواء التاريخ، لتمثل تنظيرا وتطبيقا لفكر سياسي أصيل، وظهور هذه الكتب في عصر واحد، يومىء إلى جيشان فكريّ خاصّ؛ فإذا كان ابن خلدون يستمد من مفهومه للتطوّر آراءه في الدولة وفي السياسة، وإذا كان ابن رضوان يستعيد النهج الأخلاقي التطبيقي في سياسة الدول، وإذا كان أبو حمو يعتمد التجربة الواقعية «الوصولية» مسلكا لتسويغ طموحه، فإن الخزاعي يوحي لأول وهلة بالعودة إلى الأصول: كل هذا الذي نراه من نظم أقرّه الإسلام منذ البداية، ولذلك فنحن في تطبيقه لا نخرج عن ما رسمه ذلك الدين. ولقد يفهم من موقف الخزاعي أنه لا يؤمن بالتطور، ولكن ذلك غير صحيح، فإن إيمانه الضمني بالتطور هو الذي يدفعه للبحث عن الحقائق في بدايات نشأتها في ظل الإسلام. وإن اتكاءه على الحديث الصحيح- بعد القرآن- يدلّ على أنه كان يؤمن بأن نواة كل نظام موجودة في أقوال الرسول وأفعاله. ومهمته أن يقتنص الأخبار ويقيدها، فيحدثنا مثلا أن الجيش في زمن الرسول كان يتألف من ميمنة وميسرة وقلب وساقة ومقدمة، ويبهرك بهذا الخبر الذي يجد سنده في السير والأحاديث، وتلك هي غايته، ولا دخل له بأي تغيير حدث في نظام الجيش بعد ذلك، وهل كان ذلك التغيير مما يقره الرسول لو شاهده؛ وهو يحدثنا بأن الشفاء كانت في زمن عمر تتولى الإشراف على السوق، أي تؤدي وظيفة المحتسب، ولكنه لا يتساءل أبدا عن مدى ما يمكن أن تتولاه المرأة من خطط، وهل تستطيع أن تتجاوز وظيفة المحتسب إلى غيرها من

3 - تحقيق الكتاب:

الوظائف؛ ذلك أيضا من طبيعة الدقة في منهجه، فإنه لو استسلم إلى مثل هذه الحوافز لخرج كثيرا عن الدائرة التي رسمها لكتابه. وقد لفت هذا الكتاب نظر رفاعة الطهطاوي- لصلته بتفكيره في نظام الدولة- فلخصه، ثم نال إعجاب عالم مغربي هو الشيخ عبد الحي الكتاني، فعلّق عليه وأضاف إلى أجزائه وفصوله في كتابه التراتيب الإدارية، وكان أكثر جهده استكثارا وإلحاقات، وإلا فإن الخزاعيّ كان كثير الاستقصاء والتدقيق، والفرق بينه وبين الكتاني هو الفرق بين مكتبتين، يغترف منها كل واحد منهما، بحسب ما تيسر لديه من مصادر. 3- تحقيق الكتاب: اعتمدت في تحقيق تخريج الدلالات على النسخ الآتية: (1) نسخة الخزانة الملكية رقم (1397) ورمزها (م) وتقع في 120 ورقة (أو 240 صفحة) وتشتمل على جميع الكتاب، ومسطرتها 17 10 وعدد السطور في الصفحة الواحدة 33 سطرا، ومعدل الكلمات في السطر الواحد 17 كلمة، والخط مغربي دقيق واضح؛ وهي نسخة حسنة الضبط يقل فيها الخطأ والوهم والسقط، إلا أنّ السطور العليا من صفحاتها قد طمست أو طمس بعضها أو بعض جوانبها، ولولا ذلك لحسن اتخاذها «أما» معتمدة؛ وهي في جزء واحد، ولكن جاء على هامش الصفحة (122) ما يفيد أن الكتاب كان في سفرين وأن السفر الأول ينتهي عند آخر الباب الخامس عشر من الجزء الخامس الخاص بالعمالات الجهادية، ويبدأ السفر الثاني بالباب السادس عشر من ذلك الجزء وعنوانه (في المسرج) . ويبدو أنها قرئت على نسخة عليها خط المؤلف «1» وفيها بخطه إلحاقات وزيادات، فهي على هذا تمثل الكتاب في صورته الكاملة كما أراده مؤلفه. وكان الفراغ من نسخها أواخر ربيع الثاني من عام 876 أي بعد حوالي تسعين سنة من تاريخ تأليف الكتاب. (2) نسخة الخزانة العامة بالرباط رقم (1828) ورمزها (ط) وتقع في قسمين يتضمن الأول منهما 161 ورقة والثاني 191 ورقة، وينتهي الأول عند آخر الباب السابع عشر من الجزء الخامس عشر من الكتاب (أي يزيد بابين على القسمة في النسخة السابقة)

_ (1) لفظة «المؤلف» قد طمس وسطها في المخطوطة.

ومسطرتها 13 7، 7 وفي كل صفحة 21 سطرا ومعدل الكلمات في السطر الواحد 8 كلمات، والنسخة كاملة لا نقص فيها وخطها نسخي مشرقي واضح، ولكن الأخطاء من قبيل السقط والوهم والتصحيف كثيرة، ويبدو من خطها أنها حديثة النسخ نسبيا، وعلى الصفحة الأولى منها ثلاثة تملكات يفيد أحدها أنها نقلت عن نسخة قديمة كانت بحوزة رفاعة بك الطهطاوي؛ وأن رفاعة اهتم بالكتاب فاختصره في كتابه «نهاية الايجاز» ، «ولا علم عبد الحي [يعني الكتاني] بذلك، إلا بعد أن ألف كتابه التراتيب الإدارية» «1» . وكاتب هذا التعليق هو أحمد بن الصديق، ويبدو أنه هو نفسه الذي كتب كثيرا من التعليقات على هوامش النسخة بخط مغربي حديث، وبعض تعليقاته مفيد، غير أن أكثرها مشحون بالغضب والحنق على المؤلف، وسبب ذلك الغضب أمران: الإكثار من الفوائد اللغوية وشرح ألفاظ لا تحتاج شرحا، وهو في سورة غضبه يعزو ذلك إلى أن المؤلف لم يكن «عربيا» ، والثاني حشده لتراجم الصحابة؛ ويصيب الشيخ الكتانيّ جانب من غضبه حين يقول: «وقد ادعى الشيخ عبد الحي الكتاني أنه لا توجد منه (أي من الكتاب) نسخة إلا بتونس، وهو باطل» . وفي آخر الكتاب عبارة توهم أن في النسخة نقصا إذا جاءت على النحو التالي: «قد انتهى إلى ها هنا ما وجد من كتاب تخريج الدلالات السمعية ... » فكتب المعلق إلى جانب ذلك: «هذه العبارة توهم أن الكتاب غير كامل، وذلك باطل وجهل من كاتبه ... » ، وعلى ما في هذا التعليق من حدة غاضبة فإنه صحيح، إذ أن المؤلف رسم فهرست كتابه في أوله رسما دقيقا، فإذا انتهى القارىء إلى آخره وجد أن الكتاب مكتمل لا نقص فيه بحسب ذلك الفهرست. (3) نسخة محفوظة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم (1203) جعلت رمزها (ر) وعلى الورقة الأولى أنها تمثل السفر السادس من الدلالات السمعية (وتبدأ على الورقة التالية بالجزء الثامن «في سائر العمالات وفيه عشرة أبواب» ) فهذه النسخة لا تتضمن إلا الأجزاء الثلاثة الأخيرة من الكتاب؛ وهي في الأصل نسخة حبسها أمير المؤمنين محمد بن عبد الله بن اسماعيل الشريف الحسني على خزانة جامع الأشراف من الحضرة المراكشية وذلك في السادس من ذي الحجة سنة 1194 هـ. وقد كان هذا السفر

_ (1) انظر أيضا التراتيب الإدارية 1: 36.

السادس مكملا لنسخة كاملة، فقد معظمها، إذ جاء في آخره «انتهى السفر السادس وبه تم جميع كتاب الدلالات السمعية» ؛ ومما يلفت النظر في هذه النسخة كما في النسخة السابقة أنها لم تختم بدعاء من المؤلف نفسه، ولعلّ هذا هو الذي جعل ناسخ النسخة (ط) يقول: «قد انتهى إلى ها هنا ما وجد ... » . وتضم النسخة (ر) 196 ورقة (أو 392 صفحة) ومسطرتها 13 8 وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة عشرة، ومعدل الكلمات في السطر الواحد 6 كلمات، وذلك لأنها مكتوبة بخط مغربي جميل كبير محلىّ بالعطفات والمدّات التي يتميز بها الخط الكوفي، وهي نسخة متقنة حقا لولا تفشي الحبر في بعض السطور أو بعض الصفحات بحيث تصبح قراءتها عسيرة. وهي من حيث الضبط تقع وسطا بين النسختين السابقتين. وقد لقي الكتاب شيئا من الاهتمام في العصر الحديث- كما قدمت- وكان شغف عبد الحيّ الكتاني بطلبه، مما جعله- حسب تصويره- يلاحق التعقب لمواطن وجوده حتى حصل على نسخة منه محفوظة بمكتبة جامع الزيتونة رقم (7572) من تحبيس المشير أحمد باشا بتاريخ 1256؛ استخرجها سنة 1339 هـ بمعاونة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور قاضي تونس حينئذ، واستثار الكتاب إعجاب الكتاني- كما تقدم- فجعله قاعدة لمؤلفه «التراتيب الإدارية» وأضاف إليه مستعينا بمصادر لم يطلع عليها الخزاعي إما على سبيل البسط والإكثار من الأمثلة، وإما على سبيل الاستدراك، مميزا في كل موضع نصّ الخزاعي من إضافاته؛ وقد طبع التراتيب الإدارية في جزءين سنة 1346 بالرباط. ولا ريب في أن ما أضافه الكتاني مفيد في معظمه، وإن كان في جوانب منه تزيد لا يخفى. إلا أن النسخة التي اطلع عليها تنقص الجزء العاشر- وهو الجزء الختامي- من الكتاب؛ وعن هذه النسخة ظهرت الطبعة التونسية، ناقصة كذلك، ثم استكملت من بعد، بعد العثور على ما يسدّ النقص في الكتاب. وحصلت على تلك الطبعة- في شكلها الكامل- بعون من الصديق الأكرم الأستاذ الحاج الحبيب اللمسي، الذي كان يحسّ أن الكتاب بحاجة إلى تحقيق علميّ، لأنّ الطبعة التونسية، على ما بذل فيها من جهد، لم تكن محققة على نحو يوثّق الكتاب ويذيله بالفوائد والتعليقات الموضحة؛ وقد نقل إليّ الحاج الحبيب ما يجول في خاطره من إعجاب بالكتاب وضرورة تحقيقه؛ ولم ألبث بعد قراءة الكتاب من مشاركته في

الأمرين؛ فالكتاب في فكرته الرئيسية يعد محاولة جليلة تستحق التقدير، وخاصة للجهد الذي بذله المؤلف في وضع خطته وتنفيذها، وهو أيضا بحاجة إلى تحقيق، ولكن كيف الحصول على نسخ منه؟ هنا وجدت لدى الصديق الأستاذ العالم الأديب محمد باحنيني الوزير المكلف بالشؤون الثقافية- سابقا- كلّ عون مخلص إذ تفضل مبادرا فوضع تحت تصرفي النسخ الثلاث التي تقدّم وصفها، وعليها تمّ اعتمادي في التحقيق. وفي هذه الأثناء ظهرت طبعة للكتاب بمصر سنة 1981 قام بتحقيقها فضيلة الأستاذ الشيخ أحمد محمد أبو سلامة من علماء الأزهر الشريف، وقد بذل فيها جهدا طيبا، وحاول مراجعة معظم النقول على مصادرها؛ وزود الكتاب بتعليقات مفيدة، ولا يعيب هذه الطبعة إلا كثرة ما فيها من أخطاء مطبعية. وكنت قد قطعت شوطا بعيدا في التحقيق فاستشرت الحاج اللمسي في التوقف، لأني لا أحبّ هذا اللون من تكرار الجهود في العمل على إخراج كتاب ما، فكان من رأيه أنّ لكل محقق طريقته ومنهجه، وأنه يحسّ بأمرين يعدهما هامين: أولهما: أن هذا الكتاب تونسيّ مغربيّ، ويجب أن تضطلع دار الغرب الإسلامي بنشره وتهتم بإخراجه على صورة مرضية تمام الرضى إكمالا لما لقي من اهتمام التونسيين والمغاربة من قبل. وثانيهما: أن محقق الطبعة المصرية- مع الاحترام لجهوده- لم يذكر على أية نسخة اعتمد، ولا من أين حصل عليها، وتحقيق الكتاب على ثلاث نسخ أمر يكفل للعمل مزيدا من الدقة. ولقد وجدتني أقبل هذا التعليل من الحاج اللمسي بعد تردد، فأكمل ما بدأته، رغم كلّ ما كلفني ذلك من وقت في المقارنة والتدقيق؛ غير أني نهجت في تحقيق هذا الكتاب نهجا مخالفا بعض الشيء لما اتبعته في معظم ما حققته من كتب، نزولا على ما تحكم به طبيعة الكتاب نفسه؛ فالخزاعي إذا نقل نصا ذكر مصدره، ولهذا فاني بعد المقارنة بين النسخ الخطية قمت بالمقارنة بين النص المنقول والأصل المنقول عنه، ودوّنت رقم الجزء والصفحة من الأصل في صلب المتن؛ مثلا: ديوان الأدب (3: 194) ؛ المشارق (1: 236- 247) وتركت الحواشي للتعريف ببعض الأعلام، ولمقارنة

النسخ، وللخلاف بين ما ينقله المؤلف وبين ما جاء في المصدر الأصلي، ولتخريج الشعر وما أشبه ذلك. ولما كانت السيرة والاستيعاب المصدرين الكبيرين اللذين استقى منهما المؤلف مادته التاريخية فإني لم أحاول التوسع في التخريج بحيث أحيل القارىء على كتب السيرة وعلى مصادر تراجم الصحابة، إلا إذا اقتضى الأمر ذلك. إنني أعلم أن المادة المنقولة في الاستيعاب لها ما يشبهها في أسد الغابة والإصابة وأحيانا في طبقات ابن سعد، وأن المادة لدى ابن إسحاق قد توجد في مغازي الواقدي وعيون الأثر وسيرة ابن كثير و ... إلى غير ذلك من كتب السيرة، ولكني أعتقد أن قارىء هذا الكتاب ليس بحاجة إلى مثل هذا التزيد في التخريج، فهذه كتب معروفة مشهورة، ومن السهل الرجوع إليها إن احتيج إلى ذلك. كذلك فإن المؤلف يعتمد في الأحاديث على الصحاح الستة، وهو قد يذكر في مكان ما واحدا منها ويكون الحديث الذي يورده مذكورا في واحد أو اثنين أو أكثر من الكتب الستة، فأكتفي بتدقيق الحديث على المصدر المذكور. وقد راجعت كلّ النصوص على المصادر المطبوعة، المتيسرة لديّ، وفي بعض الأحيان لم أدرج إلى جانب المصدر رقم الجزء والصفحة إما لأنه أعياني العثور على النص بعد البحث الطويل، وإما لأنني لم أستطع الحصول على هذا المصدر أو ذاك، وإما لأن المصدر ما يزال مخطوطا، أو لا تزال بعض أجزائه قيد الطبع. وإلى ها هنا أسكت عن القول المباح لأدع للقارىء حقّ الاستقلال بالإفادة من الكتاب، والحكم على جهد المؤلف فيه، مقدما شكري الجزيل لكلّ من مدّ إليّ يد العون لدى العمل في إخراج هذا الكتاب. بيروت في تموز (يوليه) 1984. إحسان عباس

تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية لعلي بن محمد ابن سعود الخزاعي

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مقدمة المؤلف يقول عبيد الله الفقير إليه، الغنيّ به عمن سواه، عليّ بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود، وفقه الله لما يحبه ويرضاه: الحمد لله الذي خلق الخلق من غير افتقار إليهم وبسط الرزق جودا منه عليهم، وبعث فيهم رسلا منهم، أقاموا لهم على وجوده ووحدانيته، سبحانه، أوضح حجّة، وحملوهم في الإيمان به وامتثال أوامره ونواهيه على أفسح محجّة، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ (النساء: 165) وخصنا منهم بأعظمهم قدرا، وأرفعهم ذكرا، أولهم في الجلالة، وآخرهم في الرسالة، مسكة الختام، ولبنة التمام، سيدنا ومولانا محمد نبيه الكريم، الرءوف بالمؤمنين الرحيم، فأدّى، صلى الله عليه وسلم، أمانة ما حمّل، وبلغ ما عليه أنزل، وأرشد ونصح، وبين وأوضح، وأكّد الفرائض وسنّ السنن، وسلك بأمته المباركة- التي كانت خير أمة أخرجت للناس- أقوم طريق وأهدى سنن، وشرع لهم، صلى الله عليه وسلم، ولايات وأعمالا، وولّى عليها ممن ارتضاه من الصحابة، رضوان الله عليهم، أمراء وعمّالا، ليتعاونوا على البرّ والتقوى، ويتمسكوا من طاعة الله- عز وجل- وطاعة رسوله- عليه السلام- وأولي الأمر منهم بالسبب الأمتن الأقوى. قال الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء: 59) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما خرجه مسلم (2: 85) رحمه الله تعالى: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني. صلى الله عليه أتم صلاة، وأعظمها،

وأفضلها وأكرمها، وعلى آله المطهرين، وأصحابه المتخيرين، وسلم عليه وعليهم إلى يوم الدين. وبعد فإني لما رأيت كثيرا ممن لم ترسخ في المعارف قدمه، وليس لديه من أدوات الطالب إلا مداده وقلمه، يحسبون من دفع إلى النظر في كثير من تلك الأعمال في هذا الأوان مبتدعا لا متبعا ومتوغلا في خطة دنيّة، ليس عاملا في عمالة سنية، استخرت الله عز وجل أن أجمع ما تأدى إليّ علمه من تلك العمالات في كتاب يضم نشرها، ويبين لجاهليها أمرها، فيعترف الجاهل، وينصف المتحامل، فألفت هذا الكتاب وسميته: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية. وذكرت في كل عمالة منها من ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها من الصحابة ليعلم ذلك من يليها الآن، فيشكر الله عز وجل على أن استعمله في عمل شرعي كان يتولاه صاحب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأقامه في ذلك مقامه، ويجتهد في إقامة الحق فيه، بما يوجبه الشرع ويقتضيه، فيكون قد أحيا سنة، وأحرز حسنة. وإني لأرجو بما تحملته من التعب في جمع هذا التأليف، حتى أثبتّ لجميع ما تضمنه من الحرف والصنايع والعمالات التنويه والتشريف، بالنسبة الشرعية، والتنزيه عن الظنّة السيئة البدعية، اغتناما للأجر الجزيل عند الله عز وجل بفضله ورحمته في الأخرى، واجتناء الشكر الجميل وبقاء الذكر الطويل من أربابه في الدنيا إن شاء الله تعالى. وضمنته فوائد في شرح جملة من الألفاظ اللغوية الواردة فيها، وضبطت ما أشكل منها، وعرفت بالمواضع التي نقلت منها جميع ما اشتمل عليه من كتب العلماء رحمهم الله تعالى ليقف عليها هنا لك من تطمح نفسه لذلك، فأبرأ من عهدة النقل، وأسلم من تبعة النقد. وكنت أشتغل باقتناص شوارده من مكامنها، والتقاط فوائده من أماكنها، أيام عزلتي عن العمل، وعطلتي عن الشّغل. فما زلت أؤلف وأصنف، وأبوب وأرتب، وأصحح وأنقح، حتى طلع

صور مجملة لاجزاء الكتاب وابوابه وفصوله

في رياض الإفادة زهره، وسطع في أفق الإجادة بدره، وذلك في أوائل ست وثمانين وسبعمائة، فجمعت على فريدته يد الضنين، ومنعت خريدته من لمح العيون. ولما منّ الله تعالى على هذا الصقع الغربي بقدوم مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي فارس موسى بن مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان فارس ابن موالينا الخلفاء الراشدين أسود العرين وملوك بني مرين، أيده الله تعالى ورضي عنهم، أهديته لمقامهم الكريم أسماه الله تعالى جريا على العادة في إتحاف المملوك الخادم لمولاه القادم، وعملا على ما جاء عن النبي عليه السلام من الحضّ على الهدية والأمر بها، وأملا فيما أخبر به- وخبره الحقّ ووعده الصدق- من اقتناء المحبة بسببها. قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابّوا. وقال: تهادوا تزدادوا حبّا. ذكره القاضي محمد بن سلامة في كتاب «الشهاب» . فرضاهم أعزهم الله غاية السّول، ونهاية المأمول، خلّد الله تعالى ملكهم، وجعل البسيطة ملكهم، بمنّه وفضله. [صور مجملة لاجزاء الكتاب وابوابه وفصوله] وهو ينقسم إلى عشرة أجزاء فيها مائة وثمانية وسبعون بابا تشتمل على مائة وست وخمسين خطة من العمالات والحرف والصناعات. الجزء الأول في الخلافة والوزارة وما ينضاف إلى ذلك وفيه سبعة أبواب الأول: في ذكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثاني: في الوزير الثالث: في صاحب السّر الرابع: في الآذان وهو الحاجب الخامس: في الخادم السادس: في صاحب الوساد السابع: في صاحب النعلين

الجزء الثاني في العمالات الفقهية، وأعمال العبادات وما ينضاف إليها من عمالات المسجد، وعمالات آلات الطهارة وما يقرب منها، وفي الإمارة على الحج وما يتصل بها وفيه خمسة وعشرون بابا الأول: في معلم القرآن الثاني: في معلم الكتابة الثالث: في المفقّه في الدين الرابع: في اتخاذ الدار ينزلها القراء، ويتخرج منه اتخاذ المدارس الخامس: في المفتي السادس: في عابر الرؤيا السابع: في إمام صلاة الفريضة الثامن: في إمام صلاة القيام في رمضان التاسع: في المؤذن العاشر: في الموقت الحادي عشر: في صاحب الخمرة الثاني عشر: في صاحب العنزة الثالث عشر: في المسرج الرابع عشر: في المجمّر الخامس عشر: في الذي يقمّ المسجد أي يكنسه السادس عشر: في الذي يشتدّ على الناس في الصلاة في الجماعة السابع عشر: في الذي يمنع الناس من اللّغط والمنازعة في المسجد الثامن عشر: في صاحب الطّهور التاسع عشر: في صاحب السواك

العشرون: في صاحب الكرسي الحادي والعشرون: في الساقي الثاني والعشرون: في الإمارة على الحج الثالث والعشرون: في صاحب البدن الرابع والعشرون: في حاجب البيت الخامس والعشرون: في ذكر السّقاية الجزء الثالث في العمالات الكتابية وما يشبهها وما ينضاف إليها وفيه ثلاثة عشر بابا الأول: في كتّاب الوحي الثاني: في كتّاب الرسائل والإقطاع الثالث: في كتّاب العهود والصلح الرابع: في صاحب الخاتم الخامس: في الرسول السادس: في حامل الكتاب السابع: في الترجمان الذي يترجم كتب أهل الكتاب. ويكتب إليهم بخطهم ولسانهم الثامن: في الشاعر التاسع: في الخطيب في غير الصلوات العاشر: في كاتب الجيش الحادي عشر: في العرفاء الثاني عشر: في المنادي وهو الذي يدعو الناس وقت العرض الثالث عشر: في المحاسب.

الجزء الرابع في ذكر العمالات الأحكامية وما ينضاف إليها وفيه سبعة عشر بابا الأول: في الإمارة العامة على النواحي الثاني: في القاضي الثالث: في صاحب المظالم الرابع: في قاضي المناكح الخامس: في الشاهد وكاتب الشروط السادس: في فارض المواريث السابع: في فارض النفقات الثامن: في الوكيل يوكله الإمام في غير الأمور المالية التاسع: في البصير في البناء العاشر: في القسّام الحادي عشر: في المحتسب الثاني عشر: في المنادي الثالث عشر: في صاحب العسس في المدينة الرابع عشر: في الرجل يتولى حراسة أبواب المدينة في وقت الهرج الخامس عشر: في الرجل يكون ربيئة لأهل المدينة في زمن الهرج السادس عشر: في السّجان السابع عشر: في مقيم الحدود الجزء الخامس في ذكر العمالات الجهادية وما يتشعب منها وما يتصل بها وفيه خمسة وأربعون بابا الأول: في الإمارة على الجهاد الثاني: في المستخلف على الحضرة إذا خرج الإمام للغزو

الثالث: في الذي يستخلفه الإمام على أهله إذا سافر الرابع: في المستنفر الخامس: في حامل اللواء السادس: في قسم الجيش إلى خمسة أقسام، وكون الإمام في القلب من تلك الأقسام السابع: في الرجل يقيمه الإمام يوم لقاء العدو بمكانه من قلب الجيش، ويلبس الإمام لأمته، ويلبس هو لأمة الإمام حياطة على الإمام الثامن: في صاحب المقدمة التاسع: في صاحب الميمنة العاشر: في صاحب الميسرة الحادي عشر: في صاحب الساقة الثاني عشر: في المقدم على الرّماة الثالث عشر: في المقدم على الرّجّالة الرابع عشر: في الوازع الخامس عشر: في صاحب الخيل السادس عشر: في المسرج السابع عشر: في الذي يأخذ بالركاب عند الركوب، وذكر ما جاء في ضم ثياب الفارس في سرجه عند ركوبه الثامن عشر: في الرجل يركب خيل الإمام يسابق بها التاسع عشر: في صاحب الراحلة العشرون: في صاحب البغلة الحادي والعشرون: في القائد الثاني والعشرون: في الحادي الثالث والعشرون: في صاحب السلاح

الرابع والعشرون: في حامل الحربة الخامس والعشرون: في حامل السيف السادس والعشرون: في الصّيقل السابع والعشرون: في الدليل الثامن والعشرون: في مسهل الطريق التاسع والعشرون: في صاحب المظلّة الموفي ثلاثين: في صاحب الثّقل الحادي والثلاثون: في الأمين على الحرم الثاني والثلاثون: في الحارس الثالث والثلاثون: في المتجسس الرابع والثلاثون: في الرجل يتّخذ في دار الحرب ليكتب بالأخبار منها إلى الإمام الخامس والثلاثون: في المخذّل السادس والثلاثون: في صانع السفن السابع والثلاثون: في المستعمل فيها الثامن والثلاثون: في صانع المنجنيق التاسع والثلاثون: في الرامي بالمنجنيق الأربعون: في صنعة الدبابات الحادي والأربعون: في قاطعي الشجر الثاني والأربعون: في حفر الخندق الثالث والأربعون: في صاحب المغانم الرابع والأربعون: في صاحب الخمس الخامس والأربعون: في المبشر بالفتح، وفيه خروج أهل الحضرة إلى لقاء الإمام يهنئونه

الجزء السادس في العمالات الجبائية وفيه اثنا عشر بابا الأول: في صاحب الجزية الثاني: في صاحب الأعشار الثالث: في الترجمان الذي يترجم عن أهل الذمة وقت نزولهم في بلاد المسلمين الرابع: في متولي خراج الأرضين الخامس: في المساحة السادس: في العامل على الزكاة السابع: في كاتب أموال الصدقات الثامن: في الخارص التاسع: في صاحب الأوقاف العاشر: في صاحب المواريث الحادي عشر: في المستوفي الثاني عشر: في المشرف الجزء السابع في العمالات الاختزانية وفيه أحد عشر بابا الأول: في فضل الخازن الأمين الثاني: في خازن النقدين وهو صاحب بيت المال الثالث: في الوزان الرابع: في خازن الطعام الخامس: في الكيال

السادس: في ذكر أسماء الأوزان والأكيال الشرعية المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم السابع: في صاحب السكة، ويقال له صاحب دار الضرب الثامن: في اتخاذ الإبل التاسع: في اتخاذ الغنم العاشر: في الوسام الحادي عشر: في الحمى يحميه الإمام الجزء الثامن في سائر العمالات وفيه عشرة أبواب الأول: في المنفق الثاني: في الوكيل يوكله الإمام في الأمور المالية الثالث: في ذكر الرجل يبعثه الإمام بالمال لينفذه فيما يأمره به من وجوه مصارف المال في غير الحضرة الرابع: في إنزال الوفود الخامس: في المارستان السادس: في الطبيب السابع: في الراقي الثامن: في القاطع للعروق التاسع: في الكواء العاشر: في المكان يتخذ للفقراء الذين لا يأوون على أهل ولا مال، ويتخرج منه اتخاذ الزوايا

الجزء التاسع في ذكر حرف وصناعات كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر من عملها من الصحابة رضوان الله عليهم وفيه أربعة وثلاثون بابا دون ما مرّ منها فيما تقدم من الأجزاء في مواضع هي أليق بها الأول: في التجارة الثاني: في البزاز الثالث: في العطار الرابع: في الصراف الخامس: في بائع الرماح السادس: في بائع الطعام السابع: في التمّار الثامن: في بائع الدّباغ التاسع: في بائع الحطب العاشر: في الدلال الحادي عشر: في النساج الثاني عشر: في الخياط الثالث عشر: في النجار الرابع عشر: في ناحت الأقداح الخامس عشر: في الصوّاغ السادس عشر: في الحدّاد السابع عشر: في البنّاء الثامن عشر: في الدبّاغ التاسع عشر: في الخوّاص العشرون: في الصياد في البر

الحادي والعشرون: في الصياد في البحر الثاني والعشرون: في العامل في الحوائط الثالث والعشرون: في السقاء الذي يسقي بالأجر الرابع والعشرون: في الحمال على الظهر الخامس والعشرون: في الحجام السادس والعشرون: في الجزار السابع والعشرون: في الطباخ الثامن والعشرون: في الشواء التاسع والعشرون: في الماشطة الثلاثون: في القابلة الحادي والثلاثون: في الخافضة الثاني والثلاثون: في المرضعة الثالث والثلاثون: في المغني الرابع والثلاثون: في حافر القبور الجزء العاشر- وبه كمال التأليف- في ذكر أمور متفرقة مما يرجع إلى معنى الكتاب وفيه أربعة أبواب الأول: في معنى الحرفة والعمالة والصناعة الثاني: في النهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وعن الاستعانة بهم الثالث: فيما جاء في أرزاق العمال الرابع: في ذكر الكتب التي استخرج منها جميع ما تضمنه هذا الكتاب والآن أورد ما جمعت، على الترتيب الذي وضعت، ومن الله عز وجل أسأل التوفيق والإرشاد إلى سواء الطريق، بمنّه وفضله.

الجزء الأول في الخلافة والوزارة وما ينضاف الى ذلك وفيه سبعة أبواب

الجزء الأول في الخلافة والوزارة وما ينضاف إلى ذلك

الباب الاول في ذكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ثمانية فصول الفصل الأول في ذكر اسمه وكنيته ونسبه هو، رضي الله تعالى عنه ورحمه، عبد الله بن أبي قحافة أبو بكر الصديق، وكان اسمه في الجاهلية: عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشي التّيميّ. وسمّي الصديق لبداره إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، وقيل لتصديقه له في خبر الإسراء. وكان يقال له «عتيق» لجماله وعتاقة وجهه، وقيل لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به، وقيل: كان له أخ يسمى عتيقا فمات فسمي به، وقيل بل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا فقال: من سرّه أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا. ذكر جميع ذلك أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتاب «الاستيعاب» في أسماء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وأخبارهم (963) . فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المحكم» (3: 13) لابن سيده: سيل قحاف: [كثير] يذهب بكل شيء، وكلّ ما اقتحف من شيء فهو قحافة. وفي «الاشتقاق» لابن سيّد «1» :

_ (1) محمد بن أبان بن سيد اللخمي أبو عبد الله القرطبي عالم بالعربية أخذ عن القالي وتولى الشرطة للحكم المستنصر وتوفي سنة 354 (ابن الفرضي 2: 69 وجذوة المقتبس: 381 وبغية الوعاة 1: 7) .

الفصل الثاني في ذكر اليوم الذي بويع له فيه

القحافة: كلّ شيء قحفته من إناء أو غيره فأخذته بأجمعه، ويقال اقتحفت الريق إذا مصصته. انتهى. وقال ابن طريف «1» : قحف الإناء: استوعب ما فيه. الثانية: في «ديوان الأدب» (4: 145) لأي بفتح اللام وسكون الهمزة من أسماء الرجال. وأنشد المبرد في «الكامل» (2: 186) للحطيئة: [من الطويل] أتت آل شمّاس بن لأي وإنما ... أتاهم بها الأحلام والحسب العدّ «2» قال الجوهري في «الصحاح» (6: 2478) : وتصغيره لؤيّ، ومنه لؤي بن غالب. الثالثة: في «الصحاح» (4: 1520) العتق: الكرم، يقال: ما أبين العتق في وجه فلان، يعني الكرم، والعتيق الكريم من كلّ شيء، والعتق الجمال، وكان يقال لأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: عتيق، لجماله. الفصل الثاني في ذكر اليوم الذي بويع له فيه لم يختلف أنه بويع له رضي الله تعالى عنه في اليوم الذي توفّي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف في اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كم كان من الشهر، بعد اتفاقهم على أنه يوم الإثنين في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، فقيل لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول. قال ابن

_ (1) عبد الملك بن طريف اللغوي الأندلسي أبو مروان القرطبي، له كتاب في الأفعال هذب فيه كتاب شيخه ابن القوطية في الموضوع نفسه، وتوفي نحو الأربعمائة (ترجمته في الصلة: 340 وإنباه الرواة 2: 208 وبغية الوعاة 2: 111) . (2) ديوان الحطيئة: 140 والضمير في «أتت» يعود إلى القصيدة، وهي قصيدة نكّبها عن معاشر لم يستحقوها، فذهبت إلى آل شماس، بسبب ما لديهم من أحلام وحسب تالد؛ وقيل بل الضمير يرجع إلى الناقة، والقول الأول أولى وأرجح.

الفصل الثالث في ذكر بيعته الخاصة

جماعة «1» في «مختصر السير» : وهو المرجح عند الجمهور، ولم يصحّحه السهيليّ «2» ولا أبو الربيع ابن سالم «3» . انتهى. وقيل غرة شهر ربيع الأول، وقيل الثاني منه، وإلى هذين القولين مال أبو الربيع ابن سالم في كتابه «الاكتفاء في أخبار الخلفاء» . فائدة لغوية: في «المحكم» (2: 189) البيعة: المتابعة على الأمر والطاعة «4» ، وقد تبايعوا على الأمر، وبايعه عليه مبايعة [عاهده] . وفي «المشارق» (1: 107) بيعة الأمراء- بفتح الباء- وأصله من البيع لأنهم إذا بايعوه وعقدوا عهده وحلفوا له جعلوا أيديهم في يده توكيدا كالبائع والمشتري. الفصل الثالث في ذكر بيعته الخاصة رضي الله تعالى عنه في كتاب «السيرة» (2: 655- 660) لابن إسحاق: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله

_ (1) ابن جماعة: هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي بدر الدين، تولى الخطابة بالقدس والقضاء بمصر وفيها توفي سنة 733، وله عدة مؤلفات منها مختصر للسيرة النبوية (ترجمته في الوافي 2: 18 والفوات 3: 297 ونكت الهميان: 235 والدرر الكامنة 3: 367 وفي حاشية الفوات ذكر لمصادر أخرى) . (2) عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي أبو القاسم وأبو زيد كان عالما باللغة والسير، وتوفي سنة 581 وهو صاحب الروض الأنف في شرح السيرة (انظر ترجمته في وفيات الأعيان 3: 143 وفي الحاشية ذكر لكثير من مصادر ترجمته) . (3) سليمان بن موسى بن سالم أبو الربيع الحميري الكلاعي البلنسي، استشهد مقبلا غير مدبر في الكائنة على أنيشة سنة 634، وهو من كبار محدثي الأندلس ومؤرخيها وكتابه الذي يعتمده الخزاعي اسمه «كتاب الاكتفا بما تضمنه من مغازي الرسول ومغازي الثلاثة الخلفا» وصف بأنه في أربعة مجلدات متوسطة (انظر ترجمته في التكملة رقم: 1991 والذيل والتكملة 4: 83 وبرنامج الرعيني: 66 والمقتضب من تحفة القادم: 83 وفي حاشية الذيل والتكملة ذكر لعدد آخر من المصادر) . (4) المحكم: المتابعة والطاعة.

ما مات، ولكنّه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران. فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فلتقطعن «1» أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات. وروى محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في «صحيحه» (6: 17) عن أبي سلمة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت: أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسّنح «2» ، حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلّم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمّم النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مسجّى ببرد حبرة «3» ، فكشف عن وجهه، ثم أكبّ عليه فقبّله ثم بكى، فقال «4» : بأبي أنت يا نبيّ الله، لا يجمع الله عليك موتتين أبدا، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها. قال أبو سلمة (السيرة 2: 655) : فأخبرني «5» ابن عباس: أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فتشهد أبو بكر، فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران: 144) قال: والله لكأنّ الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر، فتلقّاها منه الناس فما يسمع بشر إلا وهو يتلوها. قال ابن إسحاق (2: 656) : ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز

_ (1) السيرة: فليقطعنّ. (2) السّنح: في طرف من أطراف المدينة، كان بها منزل أبي بكر الصديق حين تزوج مليكة وقيل حبيبة بنت خارجة الأنصارية. (3) البخاري: وهو مغشى بثوب حبرة. (4) البخاري: وبكى ثم قال. (5) قارن أيضا بالبخاري 6: 17.

هذا الحيّ من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، واعتزل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة، وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر، وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل. فأتى آت أبا بكر وعمر فقال: إنّ هذا الحيّ من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله؛ قال عمر: فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه، فانطلقنا نؤمّهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ [قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، قالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين] «1» اقضوا أمركم، قال، قلت: والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمّل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ فقالوا: وجع. فلما جلسنا تشهّد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله «2» ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا، وقد دفّت دافّة من قومكم قال: وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زوّرت مقالة في نفسي قد أعجبتني أريد أن أقدّمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحدّ. فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر، فكرهت أن أغضبه، فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر، فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل منها حتى سكت. قال: أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحيّ من قريش، أوسط «3» العرب نسبا ودارا، قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وهو جالس بيننا،

_ (1) ما بين معقفين زيادة من السيرة. (2) السيرة: بما هو له أهل. (3) السيرة: هم أوسط.

ولم أكره شيئا مما قال غيرها، كان والله أن أقدّم فتضرب عنقي لا يقرّبني ذلك من إثم أحبّ إليّ من أن أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر، قال: فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، قال: فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، قال: فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 2372) سجّيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبا، وفي «المشرع الروي» : سجّى: غطّى وستر من قولهم: سجى الليل إذا غطّى النهار بظلمته. الثانية: في «المشارق» (1: 175) البرد المحبّر: المزيّن الملون، ومنه حلّة حبرة، وبرد حبرة. الثالثة: أسيد بن حضير: بضم الهمزة والحاء على التصغير فيهما؛ كذلك في «المشارق» (1: 60) . الرابعة: في «الصحاح» (1: 73) أبو زيد: مالأته على الأمر ممالأة: ساعدته عليه وشايعته. ابن السّكّيت: تمالأوا على الأمر: اجتمعوا عليه، والملأ: الجماعة. الخامسة: في «الصحاح» (2: 731) يقال: هو نازل بين ظهريهم، وظهرانيهم بفتح النون، ولا تقل: ظهرانيهم بكسرها، وزاد في «المحكم» : وبين أظهرهم. السادسة: في «الغريبين» الدافّة: القوم يسيرون جماعة بالتشديد، يقال: يدفّون دفيقا. وفي «الأفعال» لابن طريف: دفّت دافّة من الناس يقال ذلك للجماعة تقبل من بلد إلى بلد. السابعة: زوّرت مقالة: في «الغريبين» أي أصلحت وهيّأت، والتزوير:

الفصل الرابع في ذكر بيعته العامة

إصلاح الشيء، وكلّ شيء كان صلاحا لشيء فهو زواره وزياره، ومنه: زيار الدابة. وفي «المحكم» كلام مزور وهو المثقّف قبل أن يتكلم به، ومنه قول عمر: ما زوّرت كلاما لأقوله إلا سبقني به أبو بكر. قال نصر بن سيار: [من الطويل] أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... تزوّرتها من محكمات الرسائل «1» الثامنة: في «الغريبين» قال الأصمعي: الجذيل تصغير جذل أو جذل: لغتان، وهو العود ينصب للجربى فتحتكّ به. والعذيق: تصغير عذق- بفتح العين- وهو النخلة. والمرجّب: قال أبو عبيدة والأصمعي: هو من الرّجبة، وهو أن تعمد النخلة الكريمة إذا خيف عليها لطولها وكثرة حملها ببناء من حجارة أو بخشبة ذات شعبتين، ويكون ترجيبها أيضا أن يجعل حولها شوك فلا يرقى إليها راق. يقول: أنا ممن يستشفى برأيه كما استشفت الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود من جربها. وفي «المشارق» (1: 282) شبه نفسه بالعذق المرجّب لما عنده من قوم يمنعونه ويحمونه، وعشيرة تشدّه وترفده، وتصغيرهما ليس على طريق التحقير، بل للمدح كما قيل: فريخ قريش، وقيل للتعظيم. تنبيه: قول الأصمعي: الجذيل تصغير جذل أو جذل، يريد بكسر الجيم أو فتحها. قال القاضي في «المشارق» (1: 143) جذل الشجرة بكسر الجيم وفتحها: أصلها القائم. الفصل الرابع في ذكر بيعته العامة رضي الله تعالى عنه ورحمه قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 660) ولما بويع لأبي بكر في السقيفة، وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر: فتكلم قبل أبي بكر،

_ (1) ورد بيت نصر في اللسان (زور) ؛ وفي طبعة تونس: ألا أبلغ؛ وسقطت «ألا» من المخطوطات.

فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال: أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها «1» في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا- يقول: يكون آخرنا- وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى رسوله، فإن اعتصمتم به هداكم لما كان هداه له، وإنّ الله قد أجمع لكم أمركم على خيركم: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة. (2: 661) ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قويّ عندي حتى أريح عليه حقه، إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحقّ منه، إن شاء الله. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذلّ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (976) قال ابن أبي عزة القرشي الجمحي «2» : [من الكامل] شكرا لمن هو بالثناء خليق ... ذهب اللّجاج وبويع الصّديق من بعد ما دحضت بسعد نعله ... ورجا رجاء دونه العيّوق جاءت به الأنصار عاصب رأسه ... فأتاهم الصديق والفاروق

_ (1) السيرة: ما كانت مما وجدتها. (2) أبو عزة الجمحي اسمه عمرو بن عبد الله، كان شاعرا أسريوم بدر ومنّ عليه الرسول فأطلقه، ثم أسر فيما قيل يوم أحد، فقتله الرسول وقال: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين (طبقات ابن سلام: 253- 257) وقيل: ما أسر يوم أحد هو ولا غيره، كان المسلمون يومئذ في شغل عن الأسر؛ والإشكال في قول ابن عبد البر بن أبي عزة، إذ يقول ابن حزم في الجمهرة: 162 «ولا عقب لأبي عزة» .

الفصل الخامس في ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحتج به على صحة استخلافه وصحة إمامته

وأبو عبيدة والذين إليهم ... نفس المؤمّل للبقاء تتوق فدعت قريش باسمه فأجابها ... إن المنوّه باسمه الموثوق فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الديوان» (2: 309) أجمعت الشيء جعلته جميعا. وفي «الصحاح» (3: 1199) : قال الكسائي: أجمعت الأمر وعلى الأمر: إذا عزمت عليه، والأمر مجمع، وقال أيضا: أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا. قال الشاعر: [من الطويل] تهلّ وتسعى بالمصابيح وسطها ... لها أمر حزم لا يفرّق مجمع «1» الثانية: في «المحكم» (4: 391) : إنك لخليق بذلك، أي جدير. وفي «المشارق» (1: 141) هو جدير بكذا: أي حقيق به. الثالثة: في «الصحاح» (3: 1075) مكان دحض ودحض أيضا بالتحريك: زلق، ودحضت رجله تدحض دحضا. قلت: وهذا مثل يضرب لكلّ من أخطأ الصواب، فيقال: زلقت قدمه وزلّت نعله. قال زهير، أنشده الأعلم في «أشعار الستة» : [من الطويل] تداركتما الأحلاف قد ثلّ عرشها ... وذبيان قد زلّت بأقدامها النعل «2» الفصل الخامس في ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحتجّ به على صحّة استخلافه وصحة إمامته رضي الله عنه قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (969) رحمه الله تعالى: استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته على من بعده بما أظهر من الدلائل البينة على محبته في ذلك، وبالتعريض الذي يقوم مقام التصريح،

_ (1) الشاعر هو أبو الحسحاس كما في اللسان والتاج (جمع) . (2) شرح ديوان زهير: 109 والأحلاف: عبس وفزارة، وثل عرشها: أصابها ما كسرها وهدمها؛ واللذان تداركا الأحلاف هما هرم بن سنان والحارث بن عوف.

ولم يصرّح بذلك لأنه لم يؤمر فيه بشيء، وكان لا يصنع شيئا في دين الله إلا بوحي، والخلافة ركن من أركان الدين. ومن الدليل الواضح «1» على ما قلناه ما حدّثناه سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان، وذكر حديث محمد بن جبير بن مطعم الذي خرّجه مسلم (2: 231) رحمه الله تعالى والنص لمسلم عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه: أن امرأة سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئا فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله فإن لم أجدك «2» ؟ - قال أبي: كأنها تعني الموت- قال: فإن لم تجديني فأتي أبا بكر. قال أبو عمر ابن عبد البر: في هذا الحديث دليل على أن الخليفة أبو بكر. وقال القاضي أبو الفضل عياض في «الاكمال» ، رحمه الله تعالى: فيه من الحجة صحة إمامة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وأن النبي عليه السلام أخبر أنه سيكون إماما بعده، ولو لم يكن لها أهلا لما أمر بالمجيء إليه. انتهى. وقوله في الحديث «قال أبي» قال القاضي: قال هذا عن أبيه محمد بن جبير. انتهى. وذكر الحافظ أبو عمر أيضا في «الاستيعاب» (969) الحديث الذي يرويه الزّهريّ بسنده عن عبد الله «3» بن زمعة بن الأسود قال: كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عليل، فدعاه بلال إلى الصلاة فقال لنا: مروا من يصلي بالناس. قال: فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبا، فقلت: قم فصلّ بالناس، فقام عمر، فلما كبّر سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم صوته وكان عمر مجهرا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعثت إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلّى عمر تلك الصلاة، فصلّى بالناس طوال علته حتى مات، صلّى الله عليه وسلم.

_ (1) الاستيعاب: الدلائل الواضحة. (2) مسلم: أرأيت إن جئت فلم أجدك. (3) م ط: عبد الرّحمن، وأثبت ما في الاستيعاب.

الفصل السادس في ذكر نبذ من أخباره ومناقبه

وروى أبو عمر (970) أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه» : نشدتكم الله هل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأيّكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قالوا: كلنا لا تطيب نفسه، ونستغفر الله. وذكر أبو عمر (971) أيضا الحديث الذي يرويه الحسن البصري عن قيس بن عبادة قال: قال لي علي بن أبي طالب: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرض ليالي وأياما، ينادى للصلاة فيقول: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فلما قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام، وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلم لديننا، فبايعنا أبا بكر. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 618) جهر بالقول: رفع به صوته، نقول منه: جهر الرجل بالضم، وإجهار الكلام: إعلانه، ورجل مجهر بكسر الميم: إذا كان من عادته أن يجهر بكلامه، وقال ابن طريف: جهرت بالكلام وأجهرت. الثانية: في «الصحاح» (5: 217) قوام الأمر بالكسر: نظامه وعماده، وقوام الأمر أيضا: ملاكه الذي يقوم به، وقد يفتح. الفصل السادس في ذكر نبذ من أخباره ومناقبه ، رضي الله تعالى عنه قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (963) : لا يختلفون أنه، رضي الله عنه، شهد بدرا بعد مهاجرته مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وأنه لم يكن رفيقه من الصحابة غيره، وهو كان مؤنسه في الغار إلى أن خرج معه مهاجرين، وهو أول من أسلم من الرجال في قول طائفة من أهل العلم

_ (1) كان رجوع ... عنه: سقط من م.

بالسير والخبر، وأول من صدّق رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قول أولئك. وقال الشعبي: سألت ابن عباس، أو سئل أيّ الناس كان أول إسلاما؟ فقال: أما سمعت قول حسان «1» : [من البسيط] إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبيّ وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدّق الرسلا وروى مسلم رحمه الله تعالى في «صحيحه» (2: 230) عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوّة الإسلام، لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر. وروى أيضا (2: 231) رحمه الله تعالى عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحبّ إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر فعدد رجالا. انتهى. وفضائله، رضي الله تعالى عنه، أكثر من أن تحصى. فائدة لغوية: قول حسان في الصديق رضي الله تعالى عنهما: «وأول الناس منهم صدق الرسلا» في «المخصص» (13: 234- 235) لابن سيده في باب ما جاء مجموعا وإنما هو واحد في الأصل، قال الأصمعي: يقال: ألقاه في لهوات الليث، وإنما له لهاة واحدة، وكذلك: وقع في لهوات الليث؛ وقال العجاج: [من الرجز] عودا دوين اللهوات مولجا «2»

_ (1) ديوان حسان 1: 125 والبيان والتبيين 3: 361 وعيون الأخبار 2: 151 والعقد 3: 284. (2) ديوان العجاج 2: 33 وقبله: «كأن في فيه إذا ما شحجا» يصف حمار الوحش إذا نهق فيقول كأن في فمه عودا، يريد سعة شدقه.

الفصل السابع في ذكر وفاته وقدر مدته

وقال الأسود «1» : [من الكامل] فلقد أروح إلى التّجار مرجّلا ... مذلا بمالي ليّنا أجيادي وقال غيره: [من البسيط] تمدّ للمشي أوصالا وأصلابا يعني: ناقة، وإنما لها صلب واحد. الفصل السابع في ذكر وفاته وقدر مدته رضي الله تعالى عنه في «الاستيعاب» (977) : مكث في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليال، وقيل سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال، وقيل عشرة أيام، وقيل واثنتي عشرة ليلة. واختلف في حين وفاته: فقيل هو يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وقيل يوم الإثنين، وقيل ليلة الثلاثاء، وقيل عشي يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة. واختلف في السبب الذي مات منه: فذكر الواقدي أنه اغتسل في يوم بارد فحمّ، ومرض خمسة عشر يوما، وقال الزبير بن بكار: كان به طرف من السلّ، وقال سلام بن أبي مطيع: إنه سم. انتهى. وقال أبو الفرج الجوزي في «الصفوة» (1: 100) عن ابن شهاب إن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إن فيها لسمّ سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحد، فرفع يده فما زالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: «في تفسير الألفاظ الطبية» (115) لابن الحشّا: السّلّ في اللغة:

_ (1) هو الأسود بن يعفر النهشلي، شاعر جاهلي، والبيت من قصيدته المفضلية.

الفصل الثامن في معنى الخليفة، وأول خليفة كان في الإسلام، ومعنى الأمير، وأول من تسمى بأمير المؤمنين، وبأمير المسلمين

ذبول البدن وذهاب لحمه عن أبي سبب كان، وفي اصطلاح الأطباء اسم لقرحة الرئة، ويتبعها لا محالة ذبول البدن. الثانية: حكى ابن السّيد في «المثلث» عن الطوسي في السم ثلاث لغات: ضم السين وفتحها وكسرها. الثالثة: في «ديوان الأدب» (1: 429) : الخزيرة: أن ينصب القدر بلحم يقطّع صغارا على ماء كثير فإذا نضج ذرّ عليه الدقيق، فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. الفصل الثامن في معنى الخليفة، وأول خليفة كان في الإسلام، ومعنى الأمير، وأول من تسمّى بأمير المؤمنين، وبأمير المسلمين وفيه خمس مسائل: المسألة الأولى في معنى الخليفة : في «تفسير القرآن» «1» (1: 257) شرفه الله تعالى للفخر ابن الخطيب رحمه الله تعالى: الخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه. وفي «ديوان الأدب» (2: 119) للفارابي: خلفه يخلفه- بفتح اللام في الماضي وضمّها في المستقبل. وفي «صناعة الكتابة» لابن النحاس: وعلى هذا خوطب الصديق رضي الله تعالى عنه فقيل له: يا خليفة رسول الله. انتهى. وفي «اختصار الزجاجي لزاهر ابن الأنباري» «2» : الأصل في الخليفة: خليف بغير هاء، فدخلت الهاء للمبالغة في مدحه بهذا الوصف كعلّامة ونسّابة وراوية وما أشبه ذلك. انتهى.

_ (1) يعني تفسير الفخر الرازي المسمى «مفاتيح الغيب» . (2) النص في الزاهر نفسه 2: 241.

المسألة الثانية

وجمع الخليفة في «الصحاح» (4: 1356) للجوهري: الخلائف على الأصل، مثل كريمة وكرائم، والخلفاء على تقدير إسقاط الهاء من أجل أنه لا يقع إلا لمذكر، فصار مثل ظريف وظرفاء لأن فعيلة بالهاء لا تجمع على فعلاء. وفي «المحكم» (5: 121) الخلفاء جمع الخليف بمعنى الخليفة، ولم يعرفه سيبويه، وحكاه أبو حاتم، وأنشد لأوس بن حجر: [من البسيط] إن من الحيّ موجودا «1» خليفته ... وما خليف أبي وهب بموجود «2» انتهى. قلت: قد جاء أوس في بيته هذا باللغتين معا: خليفة وخليف. المسألة الثانية : في أول من ولي الخلافة ودعي بها: في كتاب «نفحة الحدائق والخمائل» : أول من ولي الخلافة أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. وفي كتاب «الاستيعاب» (971) لأبي عمر: كان أبو بكر يقول: أنا خليفة رسول الله، وكان يدعى: يا خليفة رسول الله. وروى بسند عن ابن أبي مليكة قال، قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله، وأنا راض بذلك. المسألة الثالثة: في معنى الأمير. في «المحكم» الأمير: الآمر، والأمير: الملك لنفاذ أمره بين الإمارة والأمارة، وأمر علينا يأمر أمرا، وأمر وأمر كولي. تنبيه: المشهور في الإمارة من الولاية كسر الهمزة، وزاد في المحكم فتحها، وأما

_ (1) م ط: موجود. (2) البيت في ديوان أوس: 25 واللسان والتاج (خلف) .

المسألة الرابعة: في أول من تسمى بأمير المؤمنين وهو عمر بن الخطاب

الأمارة بمعنى العلامة فهي بفتح الهمزة لا غير، كذلك، قيّدها الهروي والفارابي، وأنشدا جميعا: [من الطويل] إذا طلعت شمس النهار فإنها ... أمارة تسليمي عليك فسلّمي المسألة الرابعة: في أول من تسمى بأمير المؤمنين وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1151) أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة «1» : لأي شيء كان أبو بكر يكتب من خليفة رسول الله، وكان عمر يكتب من خليفة أبي بكر، ومن أوّل من كتب من عبد الله أمير المؤمنين؟ قال: حدثتني الشفاء، وكانت من المهاجرات الأول، أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل العراق: أن ابعث إليّ برجلين نبيلين أسألهما عن العراق، فبعث إليه عامل العراق لبيد بن ربيعة العامري، وعديّ بن حاتم الطائي، فلما قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد فإذا هما بعمرو بن العاص، فقالا له: استأذن لنا على أمير المؤمنين يا عمرو، فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، نحن المؤمنون وهو أميرنا، فوثب عمرو فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما بدا لك في هذا الاسم؟ يعلم الله لتخرجنّ مما قلت أو لأفعلن، قال: إن لبيد بن ربيعة وعديّ بن حاتم قدما فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا المسجد وقالا لي: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فهما والله أصابا اسمك، أنت الأمير ونحن المؤمنون، قال: فجرى الكتاب من يومئذ. انتهى. المسألة الخامسة: في أول من تسمى بأمير المسلمين وهو يوسف بن تاشفين رحمه الله تعالى:

_ (1) أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة العدوي المدني روى عن أبيه وجدته الشفاء، قال فيه الزهري: كان من علماء قريش؛ وثقه ابن حبان (تهذيب التهذيب 12: 25) .

وفي «الحدائق والخمائل» أول من تسمّى بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين «1» ، وكان أول من دعاه به المعتمد بن عباد، فاستحسن ذلك منه ومرت عليه هذه التسمية إلى أن مات.

_ (1) يقال إن يوسف بن تاشفين لقب أمير المسلمين بعد الزلاقة سنة 479، وأصبح هذا اللقب شعار المرابطين؛ وأما قول من قال إنه تلقب بأمير المؤمنين فذلك على الأرجح وهم (راجع التراتيب الإدارية 1: 10) .

الباب الثاني في الوزير

الباب الثاني في الوزير وفيه اربعة فصول الفصل الأول في معنى الوزير واشتقاق اسم الوزارة في كتاب «أحكام القرآن» (4: 1630) للقاضي أبي بكر ابن العربي رحمه الله تعالى: الوزارة عبارة عن رجل موثوق به في دينه وعقله، يشاوره الخليفة فيما يعنّ له من الأمور. انتهى. وفي اشتقاق الوزير ثلاثة أقوال: الأول: أن يكون مشتقا من الوزر، وهو الثّقل، بكسر الواو وسكون الزاي، كذلك ضبطه الفارابي (3: 236) فكأن الوزير يحمل عن السلطان ثقل الأمور، قاله الهروي والعزيزي وابن سيده. والثاني: أن يكون مشتقا من الوزر: وهو المكان الممتنع في الجبل يلجأ إليه ويمتنع فيه- بفتح الواو والزاي معا- كذلك ضبطه الفارابي أيضا (3: 215) فكأن الوزير يلجأ إليه السلطان فيما يعنّ له من الأمور، ويمتنع برأيه من الخطأ، قاله الهروي وابن سيده. والثالث: أن يكون مشتقا من الأزر، وهو الشدة والقوة- بفتح الهمزة وسكون الزاي- كذلك ضبطه الفارابي أيضا (4: 140) فكأن الوزير يشدّ أمر السلطان ويقويه، قاله ابن سيده. قال: ومن هنا أيضا ذهب بعضهم إلى أن الواو في الوزير بدل من الهمزة وقال: وحالته الوزارة والوزارة، والكسر أعلى. انتهى.

الفصل الثاني في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر

الفصل الثاني في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر في كتاب «أحكام القرآن» (4: 1630) وكتاب «سراج المريدين» للقاضي أبي بكر ابن العربي رحمه الله: في الحديث الحسن عن النبي صلّى الله عليه وسلم: وزيراي من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر. وخرج مسلم (2: 211) رحمه الله تعالى عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعد قال: رأيت عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام. وخرج مسلم (2: 211) رحمه الله عن سعد أيضا عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيت يوم أحد عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن يساره رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشدّ القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد. انتهى. وفي هذه الأحاديث ثبوت مؤازرة جبريل وميكائيل عليهما السلام له صلّى الله عليه وسلم وتصحيح الحديث الحسن الذي خرجه أبو بكر ابن العربي في ذلك. وقد ذكر ذلك حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في شعره «1» ، فقال يمدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنشده الفقيه أبو القاسم العزفي في «الدرّ المنظم في مولد النبي المعظّم» : [من الكامل] يا ركن معتمد وعصمة لائذ ... وملاذ منتجع وجار مجاور يا من تخيّره الإله لخلقه ... فحباه بالخلق الرضيّ الطاهر

_ (1) لم أجد الأبيات في ديوان حسان.

الفصل الثالث في ذكر أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأنسابهما وأخبارهما

أنت النبيّ وخير عترة آدم ... يا من يجود بفيض بحر زاخر ميكال معك وجبرئيل كلاهما ... مدد لنصرك من عزيز قاهر الفصل الثالث في ذكر أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأنسابهما وأخبارهما أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: قد تقدم من ذكره في الباب الذي قبل هذا ما فيه كفاية، والحمد لله. عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1144) : عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب القرشي العدوي، أبو حفص، أسلم بعد أربعين رجلا، فكان إسلامه عزّا ظهر به الإسلام «1» بدعوة النبي صلّى الله عليه وسلم. وفي «السير» لابن إسحاق (1: 345) أن خبّاب بن الأرت قال لعمر يحضه على الإسلام يوم أسلم: والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: اللهم أيّد الإسلام بأبي الحكم ابن هشام أو بعمر بن الخطاب. وفي «الاستيعاب» (1147) : ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدر عمر حين أسلم ثلاث مرات، وهو يقول: اللهم أخرج ما في صدره من غلّ وأبدله إيمانا، يقولها ثلاثا. وهاجر فهو من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا وبيعة الرضوان وكلّ مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عنه راض.

_ (1) م: به في الإسلام.

وقال صلّى الله عليه وسلم: إن الله جعل الحقّ «1» على لسان عمر وقلبه. وقال عليه السلام: قد كان في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر بن الخطاب. وولي الخلافة بعد أبي بكر باستخلافه سنة ثلاث عشرة، فسار بأحسن سيرة وفتح الله له الفتوح بالشام والعراق ومصر. وكان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشا إذا وقعت بينهم حرب، أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيرا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا ومفاخرا، ورضوا به. ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة «2» ، وقتل رحمه الله سنة ثلاث وعشرين، طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة لثلاث بقين من ذي الحجة وقيل لأربع بقين منه يوم الأربعاء، وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر. وفي «الاكتفاء» أن عمر رضي الله تعالى عنه بعد أن قدم المدينة من حجه، خرج يوما يطوف بالسوق، فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، وكان نصرانيا لعنه الله. وفي «الاستيعاب» (1155) ويقال «3» كان مجوسيا. رجع إلى «الاكتفاء» : فقال يا أمير المؤمنين: أعدني «4» على المغيرة فإن علي خراجا كثيرا، قال: وكم خراجك؟ قال: درهمان في كل يوم، قال: وأيش صناعتك؟ قال: نجار، نقاش، حداد. قال: فما أرى خراجك كثيرا على ما تصنع من الأعمال. ثم انصرف عمر رضي الله تعالى عنه إلى منزله، فلما كان صبح اليوم الثالث خرج رضي الله تعالى عنه إلى الصلاة، وكان يؤكّل بالصفوف رجالا، فإذا استوت أخبروه فكبر، فدخل أبو لؤلؤة في الناس، في يده خنجر له رأسان نصابه في

_ (1) ط: جعل الحقّ. (2) سنة: سقطت من ط. (3) ويقال: سقطت من ط. (4) بهامش م: لعله أعني.

وسطه، فضرب عمر رضي الله تعالى عنه ست ضربات، إحداهن تحت سرته، وهي التي قتلته، فلما وجد عمر رضي الله تعالى عنه حرّ السلاح سقط، وقال دونكم الكلب فإنه قد قتلني، وماج الناس فأسرعوا إليه فجرح منهم ثلاثة عشر. وفي «الاستيعاب» اثني عشر «1» مات منهم ستة. رجع إلى «الاكتفاء» : فجاء رجل فاحتضنه من خلفه، وقيل: ألقى عليه برنسا، فقيل: إنه لما أخذ قتل نفسه، وأمر عمر رضي الله تعالى عنه عبد الرّحمن بن عوف فصلّى بالناس، ثمّ حمل رضي الله تعالى عنه إلى منزله، وكان مقتله رضي الله تعالى عنه لأربع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وعشرين، وقيل لثلاث بقين منه، وقيل إن وفاته كانت في غرة المحرم من سنة أربع وعشرين. وفي «الاستيعاب» (1155) : واختلف الناس في سن عمر رضي الله تعالى عنه يوم مات، فقيل اثنتان وخمسون، وقيل أربع وخمسون، وقيل خمس وخمسون، وقيل ستون، وقيل ثلاث وستون. وقال أبو الربيع ابن سالم في «الاكتفاء» : وأشهر ما في ذلك: ثلاث وستون، وأنه استوفى بمدة خلافته سنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وسنّ أبي بكر رضي الله تعالى عنه. فوائد لغوية في خمس مسائل: المسألة الأولى: من «شرح العمدة» لابن دقيق العيد «2» : رياح في نسب عمر رضي الله تعالى عنه براء مهملة مكسورة بعدها الياء أخت الواو وألف وحاء مهملة. ورزاح براء كذلك بعدها زاي معجمة وألف وحاء مهملة. المسألة الثانية: في «المشارق» (1: 183) محدّثون بفتح الدال، قال البخاري: يجري على ألسنتهم الصواب.

_ (1) في الاستيعاب أيضا ثلاثة عشر. (2) انظر العدة للصنعاني 1: 183.

وقال ابن قتيبة: يصيبون إذا ظنوا وحدسوا، ويقال: محدّث أي كأنه لإصابته حدّث بذلك «1» . المسألة الثالثة: في «الأفعال» لابن طريف: أعدى الحاكم المظلوم نصره، وأعديت الرجل نصرته على حقه، وأعديته من حقه أنصفته. المسألة الرابعة: في «المشارق» (1: 232) الخرج- بفتح الخاء وسكون الراء- والخراج: الغلة. المسألة الخامسة: وأيش صناعتك، في «اليواقيت» للمطرّز «2» . قال: سمعت ثعلبا يقول: إذا لم يسمع العالم شيئا أنكره، قال الأصمعي: لا يدع أهل بغداد قولهم: أيش أبدا، قال أبو العباس: ولم يسمعها الأصمعي، وهي فاشية في كلام العرب فصيحة، أنشدنا ابن الأعرابي عن أبي زيد: [من الرجز] عجيّز مائلة المكيال ... مشنوجة الكفّ عن العيال أقول زيديني أيش حالي وفي «التسهيل» «3» في الكلام على أيّ: وقد يحذف ثالثها في الاستفهام. قال ابن هانىء في «شرحه» : وأنشد عليه ابن عصفور، قلت: ولم ينسباه للفرزدق، ونسبه ابن سيده في «المحكم» للفرزدق: [من الطويل] تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما ... عليّ من الغيث استهلّت مواطره «4» قال ابن هانىء: ومنه قولهم أيش هذا.

_ (1) هنا ينتهي النقل عن المشارق. (2) المطرز هو أبو عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب وبالمطرز، أكثر من الأخذ عن ثعلب، وتوفي سنة 345 وله عدة مؤلفات منها اليواقيت (ويسميه القفطي: الياقوت) ؛ وقد اعتمد ابن السيد البطليوسي على كتبه في تأليفه لكتاب «المثلث» (انظر وفيات الأعيان 4: 329 والحاشية للمصادر) . (3) التسهيل (تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) لابن مالك كتاب جامع لمسائل النحو، وعليه شروح كثيرة منها شرح لمحمد بن علي المعروف بابن هانىء السبتي المتوفى سنة 733. (4) ديوان الفرزدق 1: 281 من قصيدة في مدح نصر بن سيار؛ وفي ط م: نسرا، وهو على التوهم لذكر «السماكين» .

الفصل الرابع فيما جاء في الوزير الصالح

وفي «البسيط» لابن أبي الربيع «1» قالوا: أيش هذا، والمعنى: أي شيء هذا، فحذفت العين واللام وبقيت الفاء لكثرة الاستعمال، ذكره في باب القسم. ومن كتاب «معاني القرآن» (1: 2) للفراء «2» رحمه الله تعالى: من الكلام على حذف الألف من بسم الله الرّحمن الرّحيم قال: إنما حذفت الألف في بسم الله الرّحمن الرّحيم في أوائل السور والكتب لأنها وقعت في موقع معروف لا يجهل القارىء معناه، ولا يحتاج إلى قراءته فاستخفّ طرحها، لأن من شأن العرب الإيجاز وتقليل الكثير إذا عرف معناه. قال: ومما كثر في كلام العرب فحذفوا منه أكثر من ذا قولهم، أيش عندك فحذفوا إعراب أي وإحدى ياءيه، وحذفت الهمزة من شيء، وكسرت الشين وكانت مفتوحة. ومن مليح ما وقعت فيه أيش من كلام المتأخرين ما أنشده الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى لبعضهم في كتابه «التحبير في تفسير أسماء الله الحسنى» : [من البسيط] ملكت نفسي وكنت عبدا ... فزال رقي وطاب عيشي أصبحت أرضى بحكم ربي ... وإن لم أكن راضيا فأيش الفصل الرابع فيما جاء في الوزير الصالح روى النسائي (7: 159) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها

_ (1) ابن أبي الربيع: عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله أبو الحسين الإشبيلي إمام أهل النحو في زمانه، قرأ النحو على الدبّاج والشلوبين ثم ارتحل إلى سبتة لما استولى الفرنجة على إشبيلية وأقرأ بها. النحو بقية حياته وتوفي سنة 688 وله مؤلفات عدة منها شرح سيبويه وشرح الجمل (بغية الوعاة 2: 125) . (2) نقله أيضا أبو حاتم في الزينة 2: 6 وقارن بأدب الكاتب لابن قتيبة 236- 237.

قالت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا فإن نسي ذكّره، وإن تذكر أعانه. انتهى. وروى أبو داود (2: 118) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإن أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه. انتهى. وروى النسائي (7: 158) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما من وال إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وقي شرها فقد وقي، وهو من التي تغلب عليه منهما. وروى البخاري (9: 95) رحمه الله تعالى عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ما بعث من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له [بطانتان] : بطانة تأمره بالمعروف «1» وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشرّ وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم «2» الله. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: الهروي: كلّ ما نسب إلى الصلاح والخير أضيف إلى الصدق، فقيل: رجل صدق وصديق صدق. وقال الزمخشري في «الكشاف» (2: 209) قولك رجل سوء نقيض قولك رجل صدق. وفي «المفصل» : (114) وتقول: مررت برجل: رجل صدق، ورجل: رجل

_ (1) كذلك هو في البخاري؛ وفي ط والطبعة التونسية: بالخير. (2) ط: عصمه (وموضعها مطموس في م) .

سوء، كأنك قلت: صالح وفاسد، والصدق ها هنا بمعنى الصلاح والجودة، والسوء بمعنى الفساد والرداءة. الثانية: في «الجامع» للقزاز: بطّن ثوبه إذا جعل له بطانة، أي ثوبا داخلا، ومنه أخذ بطانة الرجل، وهم الذين يداخلونه كأنهم خصّوا بباطن أمره. وفي «الديوان» (2: 135) : بطن فلان بفلان يبطن: إذا كان خاصّا به- بفتح الطاء في الماضي وضمها في المستقبل. الثالثة: في «ديوان الأدب» (4: 200) : ما ألوت أي ما قصرت، وألوت: أبطأت في باب فعلت بفتح العين أفعل بضمها. وفي «الجامع» : ألوا وألوّا وأليّا مثل: عتوّا وعتيّا. الرابعة: في «الغريبين» : الخبال والخبل: الفساد، وقد يكون في الأفعال والأبدان والعقول.

الباب الثالث في صاحب السر

الباب الثالث في صاحب السر من «تاريخ بغداد» (1: 161- 162) للخطيب: حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: كان صاحب سرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقربه منه وثقته به وعلوّ منزلته عنده. روى «النسائي» «1» رحمه الله تعالى عن علقمة قال: قدمت الشام فدخلت مسجد دمشق، فصلّيت ركعتين ثم قلت: اللهم أرزقني جليسا صالحا، فجلست إلى أبي الدرداء، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل العراق، فقال: كيف كان يقرأ عبد الله: واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى والذكر والأنثى قلت: هكذا كان يقرؤها عبد الله، فقال أبو الدرداء: هكذا سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم قال: فيكم الذي أجير من الشيطان وفيكم الذي يعلم السرّ لا يعلمه غيره، يعني حذيفة. انتهى. تنبيه: سيأتي ذكر حذيفة رضي الله تعالى عنه في باب كاتب الجيش فيما يأتي من هذا الكتاب، وذكر نسبه وأخباره، إن شاء الله تعالى. وذكر ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار» (1: 19) بسنده عن الشعبي عن عبد الله بن عباس «2» : قال، قال لي أبي: يا بني إني أرى أمير المؤمنين يستخليك

_ (1) لا يرد هذا في المطبوع من النسائي، لأن المطبوع يمثل المجتبى من السنن، فأما السنن كاملة فإني لم أجدها مطبوعة؛ وقارن بما ورد عند البخاري 5: 31- 32. (2) نصيحة العباس لابنه وردت أيضا في أخبار الدولة العباسية: 120 والكامل للمبرد 1: 265، 2: 312 وأنساب الأشراف 3: 51 والعقد 1: 9 والزهرة 2: 264 ونثر الدر 1: 404 وبهجة المجالس 1: 343، 402، 458 وكتاب الآداب: 28 ولباب الآداب: 15 والتذكرة الحمدونية 1: 103 وربيع الأبرار. 1: 496 وسراج الملوك: 203 وبرد الأكباد: 114 ونهاية الأرب 6: 16 وغرر الخصائص: 441 وعين الأدب والسياسة: 154 والمستطرف 1: 89.

ويستسرّك ويستفهمك ويقدمك ويفضلك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإني أوصيك بخلال ثلاث: لا تفشينّ له سرا، ولا يجرّبنّ عليك كذبا، ولا تغتابنّ عنده أحدا. قال الشعبي، قلت لابن عباس: كلّ واحدة خير من ألف، قال: أي والله ومن عشرة آلاف. فائدة لغوية: في «الصحاح» (2: 683) أسررت الشيء: كتمته، وأسرّ إليه حديثا، أي أفضى، وسارّه في أذنه مسارّة وسرارا، وتسارّوا أي تناجوا، والسرّ: الذي يكتم.

الباب الرابع في الآذن والحاجب والبواب

الباب الرابع في الآذن والحاجب والبواب وفيه أربعة فصول الفصل الأول في ذكر من كان يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم روى مسلم رحمه الله تعالى عن جابر بن عبد الله قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلّى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له، وساق الحديث. وفي كتاب «أنباء الأنبياء» للقضاعي «1» : آذنه عليه السلام أنس بن مالك. قال القاضي أبو بكر ابن العربي في كتاب «الأحكام» (3: 1351) : كان أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يستأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيعمل على قوله، وفي ذلك دليل أنه يجوز من الصغير. وفي كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (162) لابن حيان عن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلم صعد مشربة، وعلى الباب وصيف له، فقلت له: استأذن لي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستأذن لي، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حصير قد أثّر في جنبه، وإذا تحت رأسه مرفقة من أدم حشوها ليف.

_ (1) هو محمد بن سلامة القضاعي الفقيه الشافعي صاحب الخطط والشهاب وغيرهما من المؤلفات، توفي سنة 454 وكتابه المذكور هنا يسمى الأنباء عن الأنبياء (انظر ابن خلكان 4: 212 والحاشية) .

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

وخرجه البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (7: 37) مطولا في كتاب النكاح، وفيه: فقلت لغلام له أسود: استأذن لعمر. وفي «مختصر السير» لابن جماعة رحمه الله: وأذن عليه- صلى الله عليه وسلم- رباح الأسود وأنسة مولياه: انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح (1: 107) » : حجبه أي منعه عن الدخول، وحاجب الأمير جمعه حجّاب، واستحجبه: ولاه الحجبة، واحتجب الملك عن الناس، وملك محجّب. الثانية: ابن سيده: أذن له في الشيء إذنا: أباحه له، واستأذنه: طلب منه الإذن، وأذن له عليه: أخذ له منه الإذن. و «في الديوان» (4: 215) بكسر الذال في الماضي وفتحها في المستقبل. وفي «الصحاح» (5: 2068) يقال: إيذن لي على الأمير، والآذن: الحاجب. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: يأتي الكلام عليه مستوفى في باب صاحب الطهور. 2- أنسة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم : في «الاستيعاب» (137) : أنسة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يكنى أبا مسرح، ويقال أبا مسروح، ذكر في من شهد بدرا، وكان من مولّدي السّراة، وكان يأذن على النبي صلّى الله عليه وسلم إذا جلس، فيما حكى مصعب الزبيري، ومات في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. وذكر المدائني عن ابن عباس قال: استشهد يوم بدر أبو أنسة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ كذا قال: أبو أنسة، والمحفوظ: أنسة.

3 - رباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الواقدي (138) : ليس ذلك عندنا بثبت، قال: ورأيت أهل العلم يثبتون أنه قد شهد أحدا وبقي بعد ذلك زمانا. قال: وحدثني ابن أبي الزناد عن محمد بن يوسف قال: مات أنسة بعد النبي صلّى الله عليه وسلم في ولاية أبي بكر رضي الله تعالى عنه. تنبيه: كتب أبو علي الغساني «1» في نسخته التي بخطه من «الاستيعاب» على أبي مسرح طرّة نصها: أبو مسرح- بالسين غير معجمة- وقع في تاريخ ابن أبي خيثمة «2» ، وكذلك رويناه عن أبي علي ابن السكن «3» . 3- رباح مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم : في «الاستيعاب» (487) رباح مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كان أسود، وربما أذن على النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا، إذا انفرد رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يأخذ عليه الإذن. الفصل الثالث في البواب روى البخاريّ (9: 81) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: مرّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله

_ (1) أبو علي الغساني حسين بن محمد بن أحمد ويعرف بالجياني، كان في عصره رئيس المحدثين بقرطبة، وتوفي سنة 498 (انظر الصلة: 142 والغنية: 138 والمعجم في أصحاب الصدفي: 77 وفي حاشية الغنية ذكر لمصادر أخرى) . (2) هو «التاريخ الكبير» تصنيف ابن أبي خيثمة أحمد بن زهير النسائي البغدادي المحدث، وكانت وفاته سنة 279 (انظر تاريخ بغداد 4: 162 وطبقات الحنابلة 1: 44) . (3) هو أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي الحافظ، توفي بمصر سنة 353 وله الصحيح المنتقى في الحديث (انظر تهذيب ابن عساكر 6: 154 وتذكرة الحفاظ: 937) .

الفصل الرابع في ذكر حجاب الخلفاء الأربعة

واصبري؛ قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي- ولم تعرفه- فقيل لها إنه النبي صلّى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلّى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك: فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. الفصل الرابع في ذكر حجّاب الخلفاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم 1- حاجب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: في كتاب «أنباء الأنبياء» للقضاعي، وكتاب «بلغة الظّرفاء» (10) لابن أبي السرور الروحي: حاجب أبي بكر رضي الله تعالى عنه شديد» مولاه؛ وفي كتاب «بهجة النفس» لابن هشام: حاجب أبي بكر رضي الله عنه سديف مولاه وقيل: شديد. 2- حاجب عمر رضي الله تعالى عنه: في كتاب «الأنباء» و «البلغة» و «البهجة» : مولاه يرفأ. وفي كتاب «الموالي» للجاحظ: كان يرفأ حاجب عمر رضي الله تعالى عنه يدعو صهيبا وبلالا وخبّابا وعمّارا وسلمانا قبل الناس، ثم يدخل الناس بعدهم على مراتبهم، حتى تمعرّ وجه الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وحكيم بن حزام، ورجال من جلّة قريش وسادة العرب، فلما رأى سهيل بن عمرو ذلك، وكان فيهم، قال: لم تمعّر ألوانكم وتربدّ وجوهكم؟ دعوا ودعينا فأسرعوا وأبطأنا، فلئن حسدتموهم على باب عمر وجفانه لما أعدّ لهم في الجنة أكثر فليطل حسدكم. وقال آخر: كيف بكم وبهم إذا دعوا إلى الجنة وتركتم؟ وقال ابن قتيبة في «المعارف» (558) : أول من رشا في الإسلام المغيرة بن شعبة، وقال: ربما عرق الدرهم في يدي أرفعه ليرفأ ليسهل إذني على عمر. وخرّج البخاري (4: 96- 97) رحمه الله تعالى عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب رضي الله

_ (1) في بلغة الظرفاء: سديد (بالسين المهملة) .

3 - حاجب عثمان

تعالى عنه يأتيني فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر؛ وذكر الحديث وفيه: فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ فقال: هل لك في عثمان وعبد الرّحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم، فدخلوا وجلسوا، وساق الحديث. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (2: 818) تمعّر لونه عند الغضب: تغيّر. الثانية: في «الصحاح» (1: 469) تربّد وجه فلان أي تغير من الغضب، وقد تربّد الرجل تعبّس. الثالثة: في «المشارق» (1: 224) مالك بن أوس بن الحدثان- بدال مهملة مفتوحة وثاء مثلثة. 3- حاجب عثمان رضي الله تعالى عنه: حمران مولاه، ذكره ابن هشام في «البهجة» . وفي «العمدة» للتلمساني: من موالي عثمان رضي الله تعالى عنه حمران بن أبان، وهو من سبي عين التمر، وسكن البصرة، وبقي إلى زمن عبد الملك بن مروان. وحجبه أيضا نائل مولاه، ذكر ابن السكيت في «شرح شعر حاتم الطائي» أن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قدم على عثمان رضي الله تعالى عنه في خلافته، فحجبه نائل مولى عثمان، فلما خرج عثمان عرض له عدي، فرحّب به عثمان، فشكا نائلا، فلامه عثمان فقال: لا تحجبه فإنا نعرف له فضله، ورأي الخليفتين فيه وفي قومه. 4- حاجب علي رضي الله تعالى عنه: قنبر مولاه، ذكره ابن هشام في «البهجة» وذكره القضاعي في كتاب «الأنباء» وزاد: كان قبله بشر مولاه أيضا. فائدة لغوية: في «الصحاح» (2: 785) قنبر- بالفتح- اسم رجل.

الباب الخامس في ذكر الخادم

الباب الخامس في ذكر الخادم وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من تولّى خدمة النبي صلّى الله عليه وسلم قال ابن جماعة في «مختصر السير» في ذكر خدم النبي صلّى الله عليه وسلم: منهم أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري، وهند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان، وربيعة بن كعب الأسلمي. وروى البخاري (7: 30) «1» عن ابن شهاب قال: أخبرنا أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مقدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة، فكان أمهاتي يواصينني «2» على خدمة النبي صلّى الله عليه وسلم، فخدمته عشر سنين، وتوفي النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنة. وذكر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1544) عن أبي هريرة أنه قال: ما كنت أرى أسماء وهند ابني حارثة إلا خادمين لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من طول ملازمتهما بابه وطول خدمتهما إياه. وقال أبو الفرج الجوزي في «مختصر الحلية» (1: 284) : ربيعة بن كعب الأسلمي كان يخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويبيت على بابه لحوائجه.

_ (1) قارن بما جاء عن خدمة أنس للرسول، صحيح البخاري 4: 13، 8: 17، 65. (2) البخاري: يواظبنني، وفي رواية يواطنني.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

فائدة لغوية: في «المحكم» (5: 90) خدمه يخدمه ويخدمه خدمة، وخدمة، الفتح «1» عن اللحياني، وقيل: الفتح: المصدر، والكسر: الاسم، والمذكر: خادم، والجمع: خدّام، والخدم: اسم للجمع، والأنثى: خادم وخادمة: عربيتان فصيحتان، وخدم نفسه يخدمها ويخدمها كذلك. وحكى اللحياني: لا بد لمن لم يكن له خادم أن يختدم: أي يخدم نفسه، واستخدمه فأخدمه: استوهبه خادما فوهبه له. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 1- أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: يأتي الكلام عليه مستوفى في باب الطهور. 2، 3- هند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان : في «الاستيعاب» (1544، 86) : هند بن حارثة بن هند، ويقال: ابن حارثة بن سعيد بن عبد الله بن غياث بن سعد بن عمرو بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى الأسلمي: شهد هند بن حارثة بيعة الرضوان مع إخوة له سبعة، وهم: هند وأسماء وخراش وذؤيب وفضالة وسلمة ومالك وحمران، ولم يشهدها إخوة في عددهم غيرهم، ولزم منهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم اثنان: أسماء وهند وكانا من أهل الصّفّة. قال أبو هريرة: ما كنت أرى أسماء وهندا ابني حارثة إلا خادمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم من طول لزومهما بابه وخدمتهما إياه. وتوفي هند بالمدينة في خلافة معاوية، وتوفي أسماء بالبصرة في خلافة معاوية أيضا، في ولاية زياد، وهو ابن ست وثمانين سنة. 4- ربيعة بن كعب الأسلمي : في «الاستيعاب» (494) ربيعة بن كعب بن مالك بن يعمر الأسلمي أبو فراس، معدود في أهل المدينة، وكان من أهل الصّفّة، وكان يلزم النبي صلّى الله عليه وسلم في السفر والحضر، وهو الذي سأل رسول

_ (1) المحكم: الكسر.

الله صلّى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال له: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أعنّي على نفسك بكثرة السجود. وفي «اختصار الجوزي لحلية أبي نعيم» (2: 284- 285) : ربيعة بن كعب الأسلمي: أسلم قديما، وكان من أهل الصفة، وكان يخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويبيت على بابه لحوائجه. وعن ربيعة بن كعب قال: كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلّى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فأجلس ببابه، حتى إذا دخل بيته أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلّى الله عليه وسلم حاجة، فما أزال أسمعه يقول: «سبحان الله وبحمده» حتى أملّ فأرجع، أو تغلبني عيني فأرقد. فقال لي يوما- لما يرى من خفّتي له وخدمتي إياه: يا ربيعة سلني أعطك «1» قال فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله ثم أعلمك ذلك، قال: ففكّرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني، قال فقلت: أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم لآخرتي، فإنه من الله بالمنزل الذي هو به، قال: فجئته، قال: ما فعلت يا ربيعة؟ فقلت: يا رسول الله أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار قال: من أمرك بهذا يا ربيعة؟ فقلت: والذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد، ولكن لما قلت: سلني أعطك «2» ، وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به، نظرت في أمري فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة، وأن لي منها رزقا سيأتيني، فقلت: أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم لآخرتي، قال: فصمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال: إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود. وما زال ربيعة يلزم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيغزو معه، فلما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج فنزل على بريد من المدينة، وبقي إلى أيام الحرة. انتهى. قال أبو عمر (494) : مات بعد الحرة سنة ثلاث وستين.

_ (1) م: أعطيك. (2) م: أعطيك.

الباب السادس في ذكر صاحب الوساد

الباب السادس في ذكر صاحب الوساد وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر من تولى ذلك في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (5: 31) رحمه الله تعالى قال: ذهب علقمة إلى الشام، فأتى المسجد فصلّى ركعتين فقال: اللهم ارزقني جليسا صالحا، فجلس إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب السرّ الذي كان لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة، أو ليس فيكم، أو كان فيكم، الذي أجاره الله على لسان رسوله من الشيطان؟ يعني: عمارا، أوليس فيكم صاحب السّواك والوساد؟ يعني ابن مسعود. كيف كان عبد الله يقرأ: والليل إذا يغشى قال: والذكر والأنثى، فقال: ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يشككونني، وقد سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فائدة لغوية: في «الصحاح» (1: 547) الوساد والوسادة: المخدّة، والجمع: وسائد ووسد، وقد وسدته الشيء فتوسده: إذا جعلته تحت رأسه. الفصل الثاني كيف كان يتكىء صلّى الله عليه وسلم ومن أي شيء كان الوساد في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم (245- 246) » لابن حيان الأصبهاني عن أنس قال: بينا نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم جلوس في

المسجد، إذ دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟ ورسول الله صلّى الله عليه وسلم متكىء بين ظهرانيهم، فقلنا له: هذا الأبيض المتكىء. انتهى. وفي «شمائل النبي صلّى الله عليه وسلم» (63) للترمذي: حدثنا عباس بن محمد الدوري عن إسحاق بن منصور عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره. (65) وحدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم متكئا على وسادة. قال أبو عيسى: لم يذكر وكيع فيه: على يساره، وهكذا رواه غير واحد عن إسرائيل نحو رواية وكيع، ولا نعلم أحدا ذكر فيه على يساره إلا ما رواه إسحاق بن منصور عن إسرائيل. وروى مسلم (2: 155) رحمه الله تعالى عن عائشة قالت: كان وساد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتكىء عليه من أدم حشوه ليف. انتهى. وذكر ابن حيان الأصبهاني (162) حديث عمر رضي الله تعالى عنه المذكور في باب الإذن، وفيه: فاستأذن لي فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حصير قد أثر في جنبه، وإذا تحت رأسه مرفقة من أدم حشوها ليف. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قال أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في كتاب «كشف مشكل الصحيحين» حين تكلم على حديث أنس رضي الله تعالى عنه: الظاهر في الاتكاء الاعتماد على أحد المرفقين، وقال أبو سليمان: لا نعرف المتكىء إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد جانبيه، وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكىء. الثانية: قال في «الصحاح» (4: 1482) المرفق والمرفق: موصل الذّراع بالعضد.

الفصل الثالث في إدناء النبي صلى الله عليه وسلم الوساد للداخل وفي اتخاذ الخلفاء رضي الله تعالى عنهم الوساد واتكائهم عليه

الثالثة: المرفقة بالكسر: المخدّة، وقد تمرفق: إذا أخذ مرفقة، وبات مرتفقا أي متكئا على مرفق يده. الفصل الثالث في إدناء النبي صلّى الله عليه وسلم الوساد للداخل وفي اتخاذ الخلفاء رضي الله تعالى عنهم الوساد واتكائهم عليه في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (247) لابن حيان الأصبهاني: دخل سلمان على عمر وهو متكىء فألقاها له، فقال له سلمان: الله أكبر صدق الله ورسوله، فقال عمر: حدثنا يا أبا عبد الله، فقال سلمان: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكىء على وسادة، فأدناها إليّ ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي إليه بالوسادة إكراما له إلا غفر الله له «1» . تنبيه: يأتي نسب عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأخباره في باب الطهور من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى.

_ (1) جاء في المصادر أيضا أن الرسول ألقى وسادة لعدي بن حاتم وقال اجلس عليها، مما يدل على أن الوسادة فراش لا مخدة (التراتيب الإدارية 1: 33) .

الباب السابع في ذكر صاحب النعلين

الباب السابع في ذكر صاحب النعلين «1» في «الاستيعاب» (988) عند ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه كان يلج على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويلبسه نعليه. وفي «مختصر السير» لابن جماعة، رحمه الله تعالى: كان عبد الله بن مسعود صاحب نعلي رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا قام ألبسه إياهما، وإذا جلس جعلهما في ذراعه حتى يقوم. وروى الترمذي رحمه الله تعالى في كتابه «الجامع» (5: 338) : عن خيثمة بن أبي سبرة «2» رحمه الله تعالى قال: أتيت المدينة فسألت الله أن ييسر لي جليسا صالحا، فيسر لي أبا هريرة رضي الله تعالى عنه، فجلست إليه فقلت له: إني سألت الله أن ييسر لي جليسا صالحا فوقعت لي، فقال لي: ممن أنت؟ قلت من أهل الكوفة جئت «3» ألتمس الخير وأطلبه، قال: أليس فيكم سعد بن مالك مجاب الدعوة، وابن مسعود صاحب طهور رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونعليه، وحذيفة صاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعمار الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه، وسلمان صاحب الكتابين؟ قال قتادة: والكتابان «4» : الإنجيل والقرآن «5» .

_ (1) قارن هذا الفصل بما أورده الكتاني في التراتيب 1: 35 ففيه تفصيلات مفيدة. (2) ط: سمرة. (3) م ط: جلست. (4) م ط: والكتابين. (5) م ط: والفرقان.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. تنبيه: يأتي ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأخباره في باب الطهور من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى. فائدة لغوية: في «المحكم» (2: 114) : النّعل والنّعلة: ما وقيت به القدم من الأرض، مؤنثة، والجمع: نعال، ونعل نعلا، وتنعّل وانتعل: لبس النعل، ونعل القوم: وهب لهم النعال، وانعلوا، وهم ناعلون: كثرت نعالهم، ورجل ناعل ومنعل: ذو نعل. وفي «الصحاح» (5: 1831) وتصغيرها: نعيلة.

الجزء الثاني في العمالات الفقهية، واعمال العبادات، وما ينضاف إليها من عمالات المسجد، وعمالات الآت الطهارة، وما يقرب منها، وفي الإمارة على الحج وما يتصل بها. وفيه خمسة وعشرون بابا

الجزء الثاني في العمالات الفقهية، واعمال العبادات، وما ينضاف إليها من عمالات المسجد، وعمالات الآت الطهارة، وما يقرب منها، وفي الإمارة على الحج وما يتصل بها.

الباب الاول في معلم القران وفيه أربعة فصول الفصل الأول في ذكر من كان يعلم ذلك بالمدينة، والنبي صلّى الله عليه وسلم بها ذكر أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه «كشف مشكل الصحيحين» عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه وقال: شهد المشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعلّم أهل الصّفّة القرآن، وهو أحد النقباء الاثني عشر. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المحكم» (6: 289) : قرأ القرآن يقرأه ويقرؤه. الثانية «1» : عند الزجاج: قرءا وقراءة وقرآنا؛ الأولى عن اللحياني، ورجل قارىء من قوم قرأة وقرّاء وقارئين، وأقرأ غيره. وفي «الغريبين» : سمي القرآن قرآنا لأنه جمع فيه القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد، وكل شيء جمعته فقد قرأته. وفي «الصحاح» (1: 65) : قرأت الشيء قرآنا: جمعته وضممت بعضه إلى بعض، ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قطّ، ولم تقرأ جنينا: أي ما انضمّ «2» رحمها على ولد. الصّفّة- بضم الصاد وتشديد الفاء- ظلّة في مؤخّر مسجد النبي

_ (1) النقل هنا عن المحكم 6: 289. (2) الصحاح: لم تضمّ.

الفصل الثاني في ذكر نسب عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، وأخباره

صلى الله عليه وسلم يأوي إليها المساكين، وإليها ينسب أهل الصفة على أشهر الأقاويل؛ كذلك في «المشارق» (2: 50) . الفصل الثاني في ذكر نسب «1» عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، وأخباره في «الاستيعاب» (807) عبادة بن الصامت الأنصاري السالمي، يكنى أبا الوليد، كان نقيبا وشهد العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرا والمشاهد كلّها، ووجهه عمر إلى الشام قاضيا ومعلما، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين، وكان معاوية قد خالفه في شيء أنكره عليه عبادة بن الصامت، فأغلظ له معاوية في القول، فقال له عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبدا، ورحل إلى المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره فقال: ارجع إلى مكانك فقبّح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك، وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه، وتوفي سنة أربع وثلاثين بفلسطين. فائدة: ذكر عبد الله بن علي الرّشاطيّ «2» في كتابه «اقتباس الأنوار» في النسب: فلسطين، وقال: إنها من الشام، وذكر عن اليعقوبي أن فلسطين القديمة كانت مدينة يقال لها باب لدّ «3» ، فلما ولي سليمان بن عبد الملك الخلافة ابتنى مدينة الرملة، ونقل أهل لدّ إليها، فصارت الرملة مدينة فلسطين.

_ (1) نسب: سقطت من ط. (2) أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله اللخمي الأندلسي الرشاطي من أهل أوريولة وسكن المرية وقتل فيها حين استولى عليها الروم سنة 542 (الصلة: 285 ومعجم أصحاب الصدفي: 217 وياقوت «رشاطة» ) . (3) ط: باب لك.

الفصل الثالث في ذكر من بعثه صلى الله عليه وسلم إلى الجهات يعلم الناس القرآن

الفصل الثالث في ذكر من بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى الجهات يعلّم الناس القرآن 1- فمنهم مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه: في «السير» (1: 434) لابن إسحاق رحمه الله تعالى: ولما انصرف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم القوم- يعني الذين بايعوه في العقبة الأولى- قال: وهم اثنا عشر- بعث معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين، وكان يسمّى المقرىء بالمدينة. 2- ومنهم معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: في كتاب «الاكتفاء» «1» : استخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة، وخلّف معه معاذ بن جبل يفقّه الناس في الدين، ويعلمهم القرآن. وفي «الاستيعاب» (1403) : بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجند من اليمن يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمّال الذين باليمن عام فتح مكة. فائدة: أسيد- بفتح الهمزة وكسر السين المهملة- على وزن أمير قاله عبد الغني في «المؤتلف والمختلف» ، قال ابن سيّد: من قولهم: أسد يأسد أسدا إذا صار كالأسد. 3- ومنهم عمرو بن حزم رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1173) استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الخزرجي النجّاري من بني مالك على نجران- وهم بلحارث بن كعب- وهو ابن سبع عشرة

_ (1) ورد بعضه في الاكتفاء 2: 325.

الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم

سنة، ليفقههم في الدين ويعلمهم القرآن ويأخذ صدقاتهم، وذلك سنة عشر بعد أن بعث إليهم خالد بن الوليد فأسلموا. فائدة: في «ديوان العرب» (3: 383) في باب فعلان- بفتح الفاء وتسكين العين- لوذان من أسماء الرجال. انتهى. وقال ابن سيّد: لوذان: فعلان من لاذ يلوذ. انتهى. الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- مصعب بن عمير : في «الجماهر» (126) لابن حزم: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ، حسبما نسبه ابن إسحاق في الفصل قبل هذا. وفي «الاستيعاب» (1473) : يكنى أبا عبد الله، كان من جلة الصحابة وفضلائهم. بلغه «1» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم، فدخل وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرّا فبصر به عثمان بن طلحة يصلي فأخبر به قومه، فأخذوه فحبسوه، فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها، وشهد بدرا، ولم يختلف أهل السير أن راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر ويوم أحد كانت بيده، فلما قتل يوم أحد أخذها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد بعثه إلى المدينة قبل الهجرة بعد

_ (1) من هنا حتى قوله «أخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه» لم يرد في الاستيعاب.

2 - معاذ بن جبل

العقبة يقرئهم القرآن، ويفقههم في الدين، وكان يدعى القارىء والمقرىء، ويقال: إنه أول من جمّع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة. وقال الواقدي (1474) : كان مصعب بن عمير فتى مكة شبابا وجمالا وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، وكان أعطر أهل مكة، يلبس الحضرميّ من النعال، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكره فيقول: ما رأيت بمكة أحسن لمّة، ولا أرقّ حلّة، ولا أنعم نعمة، من مصعب بن عمير، وقتل يوم أحد شهيدا، وهو يومئذ ابن أربعين سنة. وعن خبّاب رضي الله تعالى عنه قال: قتل مصعب بن عمير يوم أحد، ولم يكن له إلا نمرة، فإذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا بها رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «غطّوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر» . 2- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: يأتي نسبه وأخباره في باب القاضي. 3- عمرو بن حزم رضي الله تعالى عنه: يأتي نسبه وأخباره في باب المفقّه. فائدة لغوية: الهروي: كل شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهي نمرة، وجمعها نمار، وفي «المشارق» (2: 13) : النّمار بكسر النون جمع نمرة، وهي شملة مخطّطة من صوف «1» .

_ (1) يستدرك هنا أسماء عدد من المعلمين منهم أبو عبيدة ورافع بن مالك وأسيد بن حضير وخالد بن سعيد بن العاص، وقد فصل الكتاني صلة كل واحد منهم بالتعليم في التراتيب 1: 43- 44.

الباب الثاني في معلم الكتابة

الباب الثاني في معلم الكتابة وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يعلّم ذلك في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم 1- ذكر المعلم من الرجال : المعلم المسلم : ذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (920) عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وقال: كان اسمه في الجاهلية الحكم، فسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله، وأمره أن يعلم الكتاب بالمدينة، وكان محسنا، قتل يوم بدر شهيدا، وقيل بل قتل يوم مؤتة شهيدا، وقال أبو معشر: استشهد يوم اليمامة رحمه الله تعالى. وخرج أبو داود (2: 237) رحمه الله تعالى عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: علّمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إليّ رجل منهم قوسا، فقلت: ليست بمال وأرمي عليها في سبيل الله، فقلت: لآتينّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنّه، فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليّ قوسا ممن كنت أعلّمه الكتاب والقرآن، وليست بمال، وأرمي عليها في سبيل الله؟ قال: إن كنت تحبّ أن تطوّق طوقا من نار فاقبلها. انتهى. المعلم الكافر: في «الروض الأنف» (5: 245) للسهيلي في الكلام على غزوة بدر قال: وكان في الأسرى يوم بدر من يكتب، ولم يكن في الأنصار أحد يحسن

2 - ذكر المعلمة من النساء

الكتابة، فكان منهم من لا مال له، فيقبل منه أن يعلّم عشرة من الغلمان الكتابة ويخلّى سبيله، فيومئذ تعلّم الكتابة زيد بن ثابت في جماعة من غلمان الأنصار. 2- ذكر المعلمة من النساء : قال أبو عمر في «الاستيعاب» (1868) : الشفاء أم سليمان بن أبي حثمة، قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم: علّمي حفصة رقية النملة كما علّمتها الكتاب. وخرج أبو داود (2: 337) رحمه الله عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل عليّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال: ألا تعلّمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة؟. انتهى. فائدة فقهية: قال أبو سليمان الخطابي في «معالم السنن» : في هذا الحديث دليل على أن تعلّم النساء الكتابة غير مكروه. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: قول عبادة رضي الله تعالى عنه: ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم للشفاء: كما علّمتها الكتاب: هو بمعنى الكتابة، ويبينه رواية أبي داود: كما علمتها الكتابة. وفي كتاب «الزينة» لأبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي رحمه الله تعالى: وفي الحديث: علمت رجلا من أهل الصّفّة القرآن والكتاب، يعني به: الخط والهجاء. وفي «المحكم» (6: 482- 483) لابن سيده: كتب الشيء يكتبه كتبا وكتابا، وكتّبه: خطّه؛ قال أبو النجم «1» [من الرجز] أقبلت من عند زياد كالخرف ... تخطّ رجلاي بخطّ مختلف تكتّبان في الطريق لام الف

_ (1) ديوان أبي النجم: 141 (وتخريجها: 251) .

وكتّب الرجل وأكتبه: علمه الكتاب، والمكتب: المعلّم. وقال اللّحياني: هو المكتّب. قال الحسن: كان الحجاج مكتبا بالطائف، يعني معلّما «1» ، ومنه قيل: عبيد المكتب: لأنه كان معلما، والمكتب موضع الكتاب، والمكتب والكتّاب موضع تعليم الكتاب، ورجل كاتب، والجمع: كتّاب وكتبة، وحرفته الكتابة، والكتبة: الحالة، واستكتبه: أمره أن يكتب له، والكتاب ما كتب فيه، والجمع كتب. المسألة الثانية: قول عبادة بن الصامت أيضا: وأرمي عليها في سبيل الله، يعني القوس. قال ابن قتيبة: في «أدب «2» الكتاب» (537) : رميت على القوس أي عنها. قال ابن السيد في «الاقتضاب» (2: 270) إنما جاز استعمال على ها هنا بمعنى عن لأنه إذا رمى عنها وضع السهم عليها للرمي. وقال ابن قتيبة: (539) ورميت عن القوس بمعنى بالقوس، أعملوا عن بمعنى الباء. قال ابن السيد في «الاقتضاب» (2: 272) هذا غير صحيح، لأن عن في قولهم: رميت عن القوس ليست ببدل عن شيء لأن معنى عن التجاوز كقولك: خرجت عن البلد، وهذا موجود في الرمي لأن السهم يتجاوز القوس، ويسير عنها. وأنكر بعض النحويين استعمال الباء ها هنا وقال: لا يقال: رميت بالقوس إلا إذا ألقيتها من يدك؛ قال ابن السيد: إنما أنكر هذا المنكر ذلك لأنه توهم أن قوله: رميت بالقوس بمنزلة قولهم: رميت بالشيء إذا ألقيته من يدك، قال: وليس المعنى على ما ظنّ، وإنما المعنى رميت السهم بالقوس. المسألة الثالثة: أبو حثمة: والد سليمان بن الشفاء- بفتح الحاء المهملة وسكون الثاء المثلثة- كذلك ضبطه الحافظ أبو علي الغساني بخطه في «الاستيعاب» . وفي «المحكم» (3: 224) الحثمة: أكيمة صغيرة سوداء من حجارة،

_ (1) قال الحسن ... معلما: سقط من ط. (2) م: آداب.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

والحثمة: أرنبة الأنف، والحثمة: المهر «1» الصغير، والجمع من كل ذلك حثام، وأبو حثمة: رجل من جلساء عمر، كني بذلك. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 1- عبادة بن الصامت : تقدم ذكر نسبه وأخباره في الباب الذي قبل هذا. 2- الشفاء أم سليمان بن أبي حثمة : في «الاستيعاب» (1868) : هي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف «2» بن صدّاد، ويقال: ضرار بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشية العدوية، من المبايعات. قال أحمد بن صالح المصري «3» : اسمها ليلى، وغلب عليها الشفاء، أسلمت قبل الهجرة، وهي من المهاجرات الأول، وبايعت النبي عليه السلام، وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يزورها «4» ويقيل عندها في بيتها، وكانت قد اتخذت له فراشا وإزارا ينام فيه، فلم يزل ذلك عند ولدها حتى أخذه منها مروان. وقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم: علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتاب. وأقطع لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم دارها عند الحكاكين، فنزلتها مع ابنها سليمان، وكان عمر يقدمها في الرأي ويفضلها، وربّما ولّاها شيئا من أمور «5» السوق.

_ (1) ط: الأنف. (2) م ط: خالد. (3) أحمد بن صالح المصري أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري، روى عنه البخاري وأبو داود والترمذي، ثقة صدوق، توفي سنة 248 (تهذيب التهذيب 1: 39- 42) . (4) الاستيعاب: يأتيها. (5) الاستيعاب: أمر.

الباب الثالث في ذكر المفقه في الدين

الباب الثالث في ذكر المفقه في الدين وفيه ثلاثه فصول الفصل الأول في الحض على التفقه في الدين فمن ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين، وإنما أنا قاسم ويعطي الله. رواه مسلم (1: 283) رحمه الله تعالى عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: ... ورواه النسائي رحمه الله تعالى عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ... ومن ذلك أيضا قوله صلّى الله عليه وسلم: نضر الله امرءا سمع منّا حديثا فحفظه حتى يبلّغه غيره، فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه. رواه الترمذي (4: 141) عن زيد بن ثابت، قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: ... فائدتان لغويتان: الأولى: في «التنقيح» «1» الفقه لغة: هو الفهم والعلم، وفي الاصطلاح

_ (1) التنقيح: هو كتاب تنقيح الفصول في علم الأصول لشهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، انتهت إليه رياسة مذهب مالك في عصره، ومن أهم مؤلفاته أيضا الذخيرة، وكانت وفاته سنة 684 (الديباج المذهب 1: 236) .

الفصل الثاني كيف كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الدين، وقد جاءت بذلك آيات وأحاديث

هو العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال، ويقال فقه بكسر القاف، إذا فهم، وبفتحها إذا سبق غيره إلى الفقه، وبضمّها إذا صار الفقه له سجية. الثانية: في «الغريبين» في الحديث: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها. رواه الأصمعي بالتشديد، وأنشد: نضّر الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطّلحات «1» ورواه أبو عبيد بالتخفيف، وقال ابن شميل: نضّره الله، ونضره الله، وأنضره الله، وقال ابن طريف: فنضر هو ونضر ونضر نضارة ونضرة. الفصل الثاني كيف كان الناس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أمور الدين، وقد جاءت بذلك آيات وأحاديث فمن الآيات قول الله عز وجل: يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ (المائدة: 4) وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ (البقرة: 219) وقوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ (البقرة: 222) وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ (البقرة: 189) إلى غير ذلك من الآي الشّريفة. 1- ومن أحاديث سؤال الرجال : حديث أبي رفاعة العدوي، رواه مسلم «2» والنسائي رحمهما الله تعالى، والنصّ للنسائي عن حميد بن هلال قال، قال أبو رفاعة: انتهيت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت:

_ (1) البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه: 20 واللسان والتاج (نضر) . (2) انظر صحيح مسلم 1: 239.

2 - سؤال النساء:

يا رسول الله، رجل غريب جاء يسألك عن دينه، لا يدري ما دينه، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إليّ، فأتى بكرسيّ خلت قوائمه حديدا «1» ، فقعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجعل يعلّمني مما علّمه الله، ثم أتى خطبته فأتمّها» . وحديث مسلم (1: 97) عن علي رضي الله تعالى عنه قال: كنت رجلا مذّاء، فكنت أستحيي أن أسأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمكان ابنته فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. 2- سؤال النساء: حديث مسلم (1: 98) أيضا عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: جاءت أمّ سليم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتملت؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء. فقالت له أم سلمة: يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ فقال: تربت يداك ففيم يشبهها ولدها؟ انتهى. وحديث مسلم (1: 102) عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن أسماء سألت النبي صلّى الله عليه وسلم عن غسل المحيض قال: فقال: تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتتطهر بها فتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهر بها. فقالت أسماء: وكيف أتطهر بها؟ فقال: سبحان الله تطهّرين بها؛ فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك، تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تفيض عليها الماء. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقّهن في الدين.

_ (1) م: قوائمه حديدا؛ وقوله: وترك خطبة ... وسلم: سقط من ط. وفي مسلم: حسبت قوائمه حديدا. (2) مسلم: فأتم آخرها.

الفصل الثالث في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفقها في الدين وذكر أنسابهم وأخبارهم

فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 120) قوله: تربت يداك: أصله من قولهم: ترب الرجل- بفتح التاء وكسر الراء- إذا افتقر، واختلف في معناه وتفسيره ... والأصح في هذا ومثله من الأدعية الموجودة في كلام العرب المستعملة كثيرا لدعم الكلام ووصله وتهويل الخبر مثل: لا أبالك وثكلتك أمك، وشبهه، أنه لا يقصد به الدعاء، وإن كان أصله الدعاء، ثم جرى على ألسنتهم وكثر من «1» استعمالهم في غير مواطن الدعاء والذم فأتوا به عند التعجب والاستحسان والتعظيم. نقلته مختصرا. الفصل الثالث في ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفقها في الدين وذكر أنسابهم وأخبارهم 1- فمنهم مصعب بن عمير : في «السير» (1: 434) لابن إسحاق رحمه الله تعالى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه مع القوم الذين بايعوه في العقبة الأولى وهم اثنا عشر، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين، وكان يسمى المقرىء بالمدينة، وقد تقدم التعريف به في باب مقرىء القرآن. 2- ومنهم معاذ بن جبل : في «الاكتفاء» (2: 325) «2» استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة، وخلّف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن. انتهى. وفي «الاستيعاب» (1403) : وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجند من اليمن، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمّال الذين باليمن عام فتح مكة.

_ (1) المشارق: في. (2) ورد بعضه في الاكتفاء.

3 - ومنهم عمرو بن حزم

تنبيه: قد تقدم الوعد بمجيء ذكر نسب معاذ وأخباره رضي الله تعالى عنه عند ذكره في باب القاضي إن شاء الله تعالى. 3- ومنهم عمرو بن حزم : في «الاستيعاب» (1172) استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الخزرجي النجّاري من بني مالك على نجران وهم بلحارث بن كعب، وهو ابن سبع عشرة سنة، ليفقههم في الدين ويعلمهم القرآن ويأخذ صدقاتهم، وذلك سنة عشر بعد أن بعث إليهم خالد بن الوليد، وكتب له كتابا فيه الفرائض والسنن والصدقات والديات. لم يشهد بدرا فيما يقولون، وأول مشاهده الخندق، ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة ثلاث وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين، وقيل إنه توفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بالمدينة.

الباب الرابع في اتخاذ الدار ينزلها القراء ويتخرج منه اتخاذ المدارس

الباب الرابع في اتخاذ الدار ينزلها القراء ويتخرج منه اتخاذ المدارس ذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في باب العبادلة من «الاستيعاب» (997، 1198) عبد الله بن أم مكتوم الأعمى القرشي العامري وقال: كان قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى المدينة، واختلف في وقت هجرته إليها، فقيل كان ممن قدم المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير فنزل دار القرّاء «1» . فائدة لغوية: ابن طريف: درس الكتاب درسا ودراسة: تردد على قراءته ليحفظه. الجوهري (2: 925، 924) دارست الكتب وتدارستها وادّراستها أي درستها. ويقال سمي إدريس عليه السلام لكثرة دراسته كتاب الله عز وجل، واسمه أخنوخ. قلت: والمدرسة: اسم المكان من درس الكتاب يدرسه، كالمرقب من رقب يرقب.

_ (1) قاله أيضا ابن سعد في طبقاته 4: 205.

الباب الخامس في المفتي

الباب الخامس في المفتي وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في أن الناس كانوا يستفتون أهل العلم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في نوازلهم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم فيفتونهم روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (591) «1» عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنهما أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر، وهو أفقههما، أجل يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وايذن لي في أن أتكلم فقال: تكلم، قال: إن ابني كان عسيفا «2» على هذا فزنا بامرأته، فأخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وجارية ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنّ ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأخبروني أنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أما والذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله: أمّا غنمك وجاريتك فردّ عليك؛ وجلد ابنه مائة وغرّبه عاما، وأمر أنيسا الأسلميّ أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها.

_ (1) انظر أيضا صحيح البخاري 8: 207- 208، 212، 214، 218 ومسلم 2: 36 وسنن أبي داود 2: 463 والترمذي 2: 443 وابن ماجه 2: 852 والدارمي 2: 177 والمغني لابن قدامة 10: 134. (2) العسيف: الأجير.

الفصل الثاني في تسمية من كان يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

الفصل الثاني في تسمية من كان يفتي في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم «1» ترجم أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في «المدهش» (43) فقال: تسمية من كان يفتي على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرّحمن بن عوف وابن مسعود وأبيّ ومعاذ وعمار وحذيفة وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو موسى وسلمان رضي الله تعالى عنهم أجمعين. فائدة لغوية: ابن طريف: أفتى العالم: أجاب، والاسم: الفتيا والفتوى. الفارابي: (4: 63- 64) بضم الفاء مع الياء وفتحها مع الواو، وزاد ابن سيده: الفتوى بالضم مع الواو، قال: والفتح لأهل المدينة. وفي «الصحاح» (6: 452) واستفتيت الفقيه في مسألة فأفتاني وتفاتوا إلى الفقيه: إذا ارتفعوا إليه في الفتيا. الفصل الثالث ذكر أنسابهم ونبذ من أخبارهم رضوان الله تعالى عنهم وتحيته 1- أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الخلافة. 2- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الوزير. 3- عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب الرسول. 4- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب القاضي. 5- عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب الأمين على الحرم.

_ (1) راجع في أسماء من كان يفتي من الصحابة في عهد الرسول وبعده: رسالة لابن حزم ملحقة بجوامع السيرة ص: 319 وكذلك التعليقات عليها.

6 - عبد الله بن مسعود

6- عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب الطهور. 7- أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب الإمامة في قيام رمضان. 8- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب القاضي. 9- عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1135) : عمار ابن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن حصين «1» العنسي ثم المذحجي، يكنى أبا اليقظان، حليف لبني المخزوم، وكان عمار وأمه سميّة ممن عذّب في الله، ثم أعطاهم عمار ما أرادوا بلسانه، واطمأن بالإيمان قلبه، فنزلت فيه إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (النحل: 106) وهذا مما أجمع أهل التفسير عليه. وهاجر إلى أرض الحبشة، وصلّى للقبلتين، وهو من المهاجرين الأولين، ثم شهد بدرا والمشاهد كلها. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن عمّارا ملىء إيمانا إلى مشاشه «2» ويروى: إلى أخمص قدميه. (1138) ومن حديث خالد بن الوليد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من أبغض عمارا أبغضه الله، قال خالد: فما زلت أحبّه من يومئذ. ومن حديث عليّ بن أبي طالب قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلّى الله عليه وسلم يوما، فعرف صوته فقال: مرحبا بالطّيّب المطيّب، إيذنوا له «3» وفضائله المروية كثيرة يطول ذكرها. (1139) وعن عبد الله بن سلمة قال: لكأني أنظر إلى عمار يوم صفّين، واستسقى فأتي بشربة من لبن فشرب فقال: اليوم ألقى الأحبة، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عهد إليّ أن آخر شربة أشربها من الدنيا شربة من لبن، ثم استسقى فأتته امرأة طويلة اليدين بإناء فيه ضياح «4» من لبن، فقال عمار حين شربه: الحمد لله، الجنة تحت الأسنة، ثم قال: والله لو

_ (1) م: حضين. (2) الحديث في ابن ماجه 1: 52 والنسائي 8: 111. (3) ورد أيضا في ابن ماجه 1: 52. (4) الضياح: اللبن الخاثر يخلط بالماء ويشرب.

10 - حذيفة بن اليمان

ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أن مصلحتنا على الحق وأنهم على الباطل، ثم قاتل حتى قتل، رحمه الله تعالى. قال أبو عمر (1140) رحمه الله تعالى: وتواترت الآثار عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: تقتل عمارا الفئة الباغية، وهو من إخباره بالغيب، وأعلام نبوته- صلى الله عليه وسلم- وهو من أصحّ الحاديث. وكانت صفين في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين، ودفن في ثيابه ولم يغسل، وكان سنّ عمار يوم قتل نيّفا على تسعين سنة، فقيل إحدى وتسعين سنة، وقيل اثنتين وتسعين، وقيل ثلاثا وتسعين. انتهى. فائدة لغوية: قوله: لعلمنا أن مصلحتنا على الحق، وأنهم على الباطل، هكذا وجدته بالصاد في جميع ما طالعته من نسخ «الاستيعاب» ولا علمت له وجها. وذكر ابن الأثير القصة في تاريخه (3: 308) فقال: لعلمنا أنا على الحق، وأنهم على الباطل، ولم يقل: مصلحتنا «1» ، ولولا ثبوته بالصاد في جميع ما طالعته من النسخ لقلت إنه مصحف من المسلحة بالسين: وهم القوم يحرسون الثغر المصاقب للعدوّ. وفي «المحكم» (3: 141) المسلحة: قوم في عدّة بموضع مرصد وكلوا به بإزاء ثغر، واحدهم مسلحيّ، وهو أيضا الموكل بهم والمؤمّر، والمسالح: مواضع المخافة. 10- حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب كاتب الجيش. 11- زيد بن ثابت [رضي الله تعالى عنه] : يأتي ذكره في باب كاتب الرسائل. 12- أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر في «الاستيعاب» (1227) هو مشهور بكنيته (وذكر في اسمه وفي نسبه خلافا كثيرا أضربت عنه) . ونقلت نسبه من كتاب «التاريخ» للبخاري (7: 76) رحمه الله تعالى من باب عويمر.

_ (1) الاستيعاب: مصلحينا.

وعويمر بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج من بلحارث بن الخزرج «1» ؛ نسبه إبراهيم بن المنذر «2» . وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1227) (1646) : شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقيل إنه لم يشهد أحدا لأنه تأخر إسلامه قليلا، كان آخر أهل داره إسلاما وحسن إسلامه، وكان فقيها عاقلا حكيما. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: حكيم أمتي أبو الدرداء عويمر. وعن عبد الرّحمن الحجري «3» قال، قال أبوذر لأبي الدرداء: ما حملت ورقاء ولا أظلّت خضراء أعلم منك يا أبا الدرداء. وروى أبو إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة «4» قال: لما حضرت الوفاة معاذ بن جبل، قيل له يا أبا عبد الرّحمن «5» أوصنا فقال: التمسوا العلم عند عويمر أبي الدرداء فإنه من الذين أوتوا العلم. وقيل لأبي الدرداء: مالك لا تقول الشعر وكلّ لبيب من الأنصار قال الشعر؟ فقال: وأنا قد قلت شعرا، فقيل: وما هو؟ فقال: [من الوافر] يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا وقال أبو عمر ابن عبد البر (1229) : وله حكم مأثورة مشهورة، منها قوله ووصف الدنيا فأحسن، الدنيا دار كدر، ولن ينجو منها إلا أهل الحذر، ولله فيها علامات يسمعها الجاهلون، ويعتبر بها العالمون، ومن علاماته فيها أن حفّها

_ (1) من بلحارث بن الخزرج: من م وحدها، وهو موافق لما في تاريخ البخاري. (2) إبراهيم بن المنذر الحزامي أبو إسحاق روى عنه البخاري وابن ماجة وتوفي سنة 236 (تهذيب التهذيب 1: 166) . (3) يريد عبد الرّحمن بن حجيرة الخولاني، كان قاضيا بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان وتوفي سنة 80، أو سنة 83 (تهذيب التهذيب 6: 160) . (4) ط: عمير؛ وهو يزيد بن عميرة الزبيدي الحمصي ثقة من كبار التابعين (تهذيب التهذيب 11: 351) . (5) ط: يا أبا عبد الله.

13 - أبو موسى الأشعري

بالشبهات، فارتطم فيها أهل الشهوات، ثم أعقبها بالآفات، فانتفع بذلك أهل العظات، ومزج حلالها بالمؤونات، وحرامها بالتبعات، فالمثري فيها تعب، والمقلّ فيها نصب. قال أبو عمر (1230) : ولّاه عمر قضاء دمشق وقيل ولاه معاوية قضاء دمشق وقيل بل ولاه عثمان والأمير معاوية. قال: وقد توفي بدمشق سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وقيل سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: قوله: ما حملت ورقاء ولا أظلت خضراء، قلت: أراد بالورقاء هنا: الأرض، وبالخضراء: السماء؛ كما قالوا: ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الخضراء. وفي «المشارق» (2: 283) الورقة من الألوان في الإبل التي تضرب إلى الخضرة كلون الرماد، وقيل غبرة تضرب إلى السواد. الثانية: قوله «فارتطم فيها» في «الصحاح» (5: 1934) : رطمته في الوحل رطما فارتطم هو أي: ارتبك فيه، وارتطم عليه أمر إذا لم يقدر على الخروج منه. 13- أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (979) عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر الأشعري: أبو موسى: ذكر الواقدي: أن أبا موسى قدم مكة فحالف سعيد بن العاص بن أمية أبا أحيحة، وكان قدومه مع إخوته في جماعة في الأشعريين، ثم أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة. وقال ابن إسحاق: هو حليف آل عتبة بن ربيعة، ذكره فيمن هاجر من حلفاء بني عبد شمس إلى أرض الحبشة. وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب والسير: إن أبا موسى لما قدم مكة مع سعيد بن العاص انصرف إلى بلاد قومه، ولم يهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مع إخوته فصادف قدومه قدوم السّفينتين من الحبشة. قال أبو عمر ابن عبد البر (980) : الصحيح أن أبا موسى رجع بعد قدومه مكة، ومحالفته من حالف من بني عبد شمس إلى أرض قومه، فأقام بها حتى قدم مع

14 - سلمان الفارسي

الأشعريين في نحو خمسين رجلا في سفينة، فألقتهم الريح إلى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج جعفر وأصحابه منها فأتوا معهم. وقدمت السفينتان معا: سفينة الأشعريين، وسفينة جعفر وأصحابه على النبي صلّى الله عليه وسلم في حين فتح خيبر. وقد قيل إن الأشعريين إذ رمتهم الريح إلى النجاشيّ أقاموا بها مدة، ثم خرجوا في حين خروج جعفر، فلهذا ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، والله تعالى أعلم. وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أوتي أبوموسى مزمارا من مزامير آل داود. ولما دفع أهل الكوفة سعيد بن العاص ولّوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولّيه فأقرّه عثمان على الكوفة وعزله عليّ عنها، فلم يزل واجدا منها على عليّ حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه؛ فقد روي فيه لحذيفة كلام كرهت ذكره، والله يغفر له. ثم كان من أمره يوم الحكمين ما كان، ومات بالكوفة في داره بها، وقيل إنه مات بمكة سنة أربع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين، وهو ابن ثلاث وستين سنة. انتهى ما نقل من الاستيعاب. تنبيه: قال أبو علي الغساني: حضّار في نسب أبي موسى- مشدد الضاد مفتوح الحاء أكثر من حضار بالتخفيف والكسر- نقلته من طرة بخطه في «الاستيعاب» الذي بخطه أيضا. 14- سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (234) سلمان الفارسي أبو عبد الله، يقال إنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويعرف بسلمان الخير، أصله من فارس من رام هرمز من قرية يقال لها جيّ، وقيل كان من أصبهان، وكان إذا قيل له: من أنت؟ قال: أنا سلمان ابن الإسلام من بني آدم، وكان سلمان يطلب دين الله، ويتبع من يرجو ذلك عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذلك على مشقات نالته. وذكر أبو عثمان النهدي عن

سلمان: أنه تداوله في ذلك اثنا عشر ربا من رب إلى رب حتى أفضى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومنّ الله عليه بالإسلام. انتهى. روى البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (5: 90) عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي: أنه تداوله بضعة عشر من ربّ إلى ربّ. انتهى. وفي «تاريخ بغداد» (1: 163) للخطيب: أسلم سلمان رضي الله عنه في السنة الأولى من الهجرة، وأول مشهد شهده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الخندق، وإنما منعه من حضور ما قبل ذلك أنه كان مسترقّا لقوم من اليهود فكاتبهم، وأدّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتابته وعتق. انتهى. وقال أبو عمر ابن عبد البر (636) رحمه الله تعالى: روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لو كان الدين في الثريا لناله سلمان. وقال صلّى الله عليه وسلم: أمرني ربي بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان. وعن عائذ بن عمرو «1» أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها، فقال أبو بكر: تقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ وأتى النبي صلّى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا يا أبا بكر، يغفر الله لك. وذكر ابن إسحاق في «السير» (2: 224) أن سلمان رضي الله تعالى عنه أشار على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعمل الخندق على المدينة حين حاصره الأحزاب، وأن المهاجرين قالوا: سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: سلمان منا أهل البيت. وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم.

_ (1) أورده مسلم 2: 265.

وعنه رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن سلمان قال: علم العلم الأول والآخر، بحر لا ينزف، هو منّا أهل البيت. (636) وقال أبو هريرة: سلمان صاحب الكتابين، قال قتادة: يعني: الإنجيل والفرقان. (637) وقال كعب الأحبار: سلمان حشي علما وحكمة. (635) قال أبو عمر: كان خيرا فاضلا، حبرا عالما، زاهدا متقشفا. وعن الحسن «1» : كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها. وعن معمر عن رجل من الصحابة قال: دخل قوم على سلمان رضي الله تعالى عنه وهو أمير على المدائن، وهو يعمل هذا الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير يجري عليك رزق؟ فقال: إني أحبّ أن آكل من عمل يدي. انتهى. وقال الخطيب في «تاريخ بغداد» (1: 163) : ولم يزل سلمان بالمدينة حتى غزا المسلمون العراق فخرج معهم وحضر فتح المدائن ونزلها حتى مات بها. وقبره الآن معروف ظاهر بقرب إيوان كسرى، وعليه بناء، وهناك خادم مقيم يحفظ الموضع وعمارته والنظر في أمر مصالحه، وقد رأيت الموضع وزرته غير مرة. انتهى. قال أبو عمر (638) : توفي سلمان رضي الله تعالى عنه آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين، وقيل بل توفي سنة ست وثلاثين في أولها، وقيل توفي في خلافة عمر، والأول أكثر، والله أعلم. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: جيّ اسم القرية التي كان منها سلمان رضي الله تعالى عنه، ذكرها

_ (1) حلية الأولياء 1: 197- 198 وصفة الصفوة 1: 217 وزهد بن حنبل: 150 وطبقات ابن سعد 4: 87 والتذكرة الحمدونية 1: 144 وربيع الأبرار 4: 377.

البكريّ في باب الجيم والياء أخت الواو من كتاب «معجم ما استعجم» (412) فقال: جيّ- بفتح أوله وتشديد ثانيه- مدينة أصبهان؛ قال ذو الرمة «1» : نظرت ورائي نظرة الشوق بعد ما ... بدا الجوّ من جيّ لنا والدساكر الثانية: قوله: وهو يعمل الخوص، الجوهري (3: 1038) : الخوص ورق النخيل، الواحدة خوصة، وقد أخوصت النخلة. الثالثة: ابن طريف: عتق العبد عتقا وعتاقة وعتاقا، قال الفارابي: بفتح التاء في الماضي وكسرها في المستقبل.

_ (1) ديوان ذي الرمة: 1018 والجو: المنبسط من الأرض؛ والدساكر: البيوت.

الباب السادس في العابر للرؤيا

الباب السادس في العابر للرؤيا «1» وإنما جعلت هذا الباب تلو باب المفتي لأنها من قبيل الفتيا، وكذلك سماها الله في قصة ملك مصر، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (يوسف: 43) . ذكر من كان يعبر الرؤيا في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ذكر علي بن سعيد الخولاني القيرواني في كتابه «في العبارة» : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض ما جاء عنه: أعبر أمتي للرؤيا أبو بكر الصديق، وأسماء بنت عميس. 1- ذكر تعبير أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: روى مسلم (2: 202) رحمه الله تعالى أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كان يحدّث أن رجلا أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إنّي رأيت الليلة في المنام ظلّة تنطف السمن والعسل فأرى الناس يتكفّفون [منها] بأيديهم فالمستكثر والمستقلّ، وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض، فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل من بعدك فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به، ثم وصل له فعلا. قال أبو بكر: يا رسول الله بأبي أنت، لتدعني «2» فلأعبرنّها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعبرها، قال أبو بكر: أما الظلّة فظلّة الإسلام، وأما الذي

_ (1) ممن ألف في طبقات المعبرين الحسين الخلال الحافظ، وقد ذكر في كتابه 5500 معبر وجعلهم 15 قسما أولهم من الأنبياء والثاني من الصحابة والثالث من التابعين والرابع من الفقهاء والخامس من المذكرين ... الخ (التراتيب الإدارية 1: 60) . (2) مسلم: والله لتدعني.

2 - ذكر تعبير أسماء

ينطف من السمن والعسل فالقرآن: حلاوته ولينه، وأما ما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض: فالحقّ الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله به، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به. فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أصبت بعضا، وأخطأت بعضا. قال: فوا الله يا رسول الله لتحدّثني ما الذي أخطأت، قال: لا تقسم. وذكر علي بن سعيد الخولاني في كتابه «في العبارة» : أن عائشة رضي الله تعالى عنها رأت ثلاثة أقمار سقطت في حجرتها، فقصت رؤياها على أبيها رضي الله تعالى عنه فقال: خيرا يا عائشة؛ فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقبر في حجرتها، قال لها: هذا أحد أقمارك وهو خيرها، ثم صارت ثلاثة: قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي الله تعالى عنهما. 2- ذكر تعبير أسماء رضي الله تعالى عنه: ذكر علي بن سعيد الخولاني في كتابه «في العبارة» أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لها: رأيت ديكا أحمر نقر فيّ ثلاث نقرات؟ فقالت مبادرة: رجل من العجم يطعنك ثلاث طعنات. انتهى. وقد أجمع المؤرخون ونقلة الأخبار أن أبا لؤلؤة لعنه الله تعالى، وكان غلاما للمغيرة ابن شعبة، طعنه طعنات توفّي منها، واختلف في عددها، فقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» : (1154) كانت ستّ طعنات، وذكر الخولاني أنها كانت ثلاث طعنات. تنبيه: قد تقدم في التعريف بأبي بكر رضي الله تعالى عنه في باب الخلافة ما أغنى عن إعادته هنا. وأما أسماء بنت عميس: فقال ابن حزم في «الجماهر» (390) : هي أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة.

قال أبو عمر ابن عبد البر (1784) رحمه الله تعالى: كانت أسماء بنت عميس من المهاجرات إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنهما- فولدت له هنالك محمدا وعبد الله وعونا. ثم هاجرت إلى المدينة، فلما قتل جعفر بن أبي طالب تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، وولدت له محمد بن أبي بكر، ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى بن علي بن أبي طالب، لا خلاف في ذلك، وفي «الاستيعاب» مثل ذلك. وقال ابن حزم في «جماهره» : وبنو قحافة هؤلاء أهل بيت خثعم. فوائد لغوية في سبع مسائل: الأولى: في «الديوان» (4: 307) للفارابي: رأى في الفقه رأيا، ورأى بعينه الشيء رؤية، ورآه عالما كذلك، ورأى في منامه رؤيا: يرى في المستقبل في جميع ذلك. الثانية: ابن طريف: عبر الرؤيا- بفتح الراء- عبرا وعبارة: فسّرها، مكسورة العين. وفي «المحكم» (2: 93) ابن سيده: عبر الرؤيا: فسرها وأخبر بآخر ما يؤول إليه أمرها. الثالثة: في «المشارق» (1: 328) وقوله: «رأيت ظلّة تنطف السمن والعسل» أي سحابة، وتنطف- بكسر الطاء وضمها- أي تقطر. الرابعة: في «المشارق» (1: 346) يتكففون منها أي يأخذون منها بأكفهم. الخامسة: في «المشارق» (2: 202) قوله: سببا أي حبلا، قاله الخشني السادسة: في «الاشتقاق» لمحمد بن أبان بن سيّد: عميس أبو أسماء: فعيل من قولهم: تعامس عن الشيء: إذا تغافل عنه، ويوم عماس: شديد في الشر. السابعة: معد: في نسخة أبي علي الغساني التي بخطه من «الاستيعاب» مضبوط بفتح الميم وسكون العين، وكتب عليه في الطرة أيضا: قال ابن حبيب: معد: ساكن العين، وهو في سائر نسخ «الاستيعاب» : معدّ بفتحهما وتشديد الدال.

الباب السابع في الإمام في صلاة الفريضة

الباب السابع في الإمام في صلاة الفريضة وفيه خمسة فصول الفصل الأول في أن السلطان أحقّ بالإمامة في الصلاة إلا أن يأذن لغيره في ذلك روى مسلم (2: 186) رحمه الله تعالى عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: ولا يؤمّ الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. وروى النسائي عن أبي مسعود قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا يؤمّ الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه. قال شعبة: فقلت لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه. في «الإكمال» للقاضي عياض: في هذا الحديث حجة على أن الإمام من السلطان أو من جعل له الصلاة أحقّ بالتقديم حيث كان من غيره. وقال الخطابي: هذا في الجمعات والأعياد لتعلّقها بالسلاطين، فأما في الصلوات المكتوبات فأعلمهم أولاهم. قال القاضي أبو الفضل عياض: هذا ما لا يوافق عليه، والصلاة لصاحب السلطة حقّ من حقه، وإن حضر أفضل منه وأفقه. وقد تقدم الأمراء من عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- فمن بعدهم على من تحت أيديهم وفيهم الأفضل، وقد ذكر شيوخنا أن الإمام على الجملة أولى بالصلاة دون تفصيل في وجه: انتهى.

وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في «أحكام القرآن» (4: 1632) : ولاية الصلاة أصل في نفسها وفرع للإمارة، فإن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا بعث أميرا كانت الصلاة إليه، ولكن لما فسدت الولاة ولم يكن فيهم من ترضى حاله للإمامة بقيت الولاية في يده بحكم الغلبة، وقدّم للصلاة من ترضى حاله، سياسة منهم للناس وإبقاء على أنفسهم، فقد كان بنو أمية حين كانوا يصلّون بأنفسهم يتحرّج أهل الفضل من الصلاة خلفهم، ويخرجون على الأبواب فتأخذهم سياط الحرس، فيصبرون عليها حتى يفرّوا عن المسجد. قال القاضي أبو بكر (4: 1632) : وهذا لا يلزم بل يصلّى معهم، وفي إعادة الصلاة اختلاف بين العلماء، بيانه في كتب الفقه. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: الجوهري (5: 1865) : أممت القوم في الصلاة إمامة، وأتمّ به: اقتدى به، والإمام: الذي يقتدى به، والجمع: أئمة. ابن القوطية (1: 49) أمّ القوم إمامة: تقدّمهم، والشيء أمّا: قصده. الهروي: سمّي الإمام: لأن الناس يؤمون أفعاله أي يقصدونها ويتبعونها. الثانية: قال الجوهري (3: 1133) السّلطان: الوالي، وهو فعلان، والجمع سلاطين، والسلطان أيضا: الحجة والبرهان، ولا يجمع لأن مجراه مجرى المصدر. وفي «المحكم» : السلطان: قدرة الملك، يذكر ويؤنث. الثالثة: الصلاة من الله عز وجل الرحمة. وفي «الوجيز» (2: 23) لابن عطية: صلاة الله عز وجل على العبد هي رحمته وبركته. وفي «الغريبين» : وقوله عز وجل: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ (البقرة: 157) المراد بالصلوات الترحم، ونسق الرحمة على الصلوات لاختلاف اللفظين، والصلاة من غير الله عز وجل الدعاء. وفي «المشارق» : كصلاة الملائكة على ابن آدم كقوله: ما زالت الملائكة تصلّي عليه، وفي «غريب العزيزي» : وكقوله عزّ وجل: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (التوبة: 103) أي دعاؤك. وفي «المشارق» أيضا: منه الصلاة على الميت.

الفصل الثاني في استخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وكم صلاة صلاها أبو بكر

وفي «الصحاح» (6: 2403) : الصلاة: الدعاء. وفي «المحكم» وصلّى: دعا، وأنشد البيت الثاني للأعشى ميمون بن جندل، وألحقت به الأول من ديوان شعره «1» ، وذلك أوضح لمعناه: [من البسيط] تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا ... يا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صلّيت فاغتمضي ... نوما فإن لجنب المرء مضطجعا الرابعة: في «الصحاح (6: 2402) : الصلاة واحدة الصلوات المفروضة، وهو اسم وضع موضع المصدر، تقول: صلّيت صلاة ولا يقال: تصلية. وفي «المشارق» (2: 45) واختلف من أيّ شيء اشتقت الصلاة الشرعية: فقيل من الدعاء. وفي «التنبيهات» : وهو قول أكثر أهل العربية والفقه لما فيها من الدعاء، ثم إن الشرع أضاف إلى ما فيها من الدعاء ما شاء الله من ركوع وسجود وأفعال وأقوال (وكمل في اشتقاقها في «المشارق» ثمانية أقوال تركتها اختصارا) وفي «المقدمات» : والمشهور أن الصلاة مأخوذة من الدعاء. الفصل الثاني في استخلاف رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وكم صلاة صلّاها أبو بكر روى مسلم (1: 124) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلّي بالناس في مرضه، فكان يصلّي بهم. وروى عن أنس بن مالك (1: 124) : أن أبا بكر كان يصلّي بهم في وجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي توفّي فيه، حتى إذا كان يوم الإثنين، وهم

_ (1) ديوان الأعشى: 73.

صفوف في الصّلاة، كشف رسول الله صلّى الله عليه وسلم ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضاحكا، قال: فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج النبي صلّى الله عليه وسلم، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصّفّ، وظنّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده: أن أتمّوا صلاتكم، قال: ثم دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأرخى السّتر، قال: فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم من يومه ذلك. وفي «الدر المنظوم» لأحمد بن محمد بن أحمد اللخمي ثم العزفي «1» رحمه الله تعالى: قال ابن حبيب الهاشمي: صلى أبو بكر رضي الله تعالى عنه بالناس في مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبع عشرة صلاة، قال: وكذا روى الدولابيّ. تنبيه: قد تقدم ذكر أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في باب الخليفة. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: قوله: رفع ستر الحجرة: في «الغريبين» كل ما منعت منه فقد حجرت عليه، ومنه الحجرة التي يحاط عليها في الدار. وفي «الروض الأنف» (4: 267) : كانت بيوت النبي صلّى الله عليه وسلم تسعة بعضها من جريد مطيّن بالطين وسقفها جريد، وبعضها من حجارة موضوعة بعضها على بعض مسقفة بالجريد أيضا، وكان لكلّ بيت حجرة، وكانت حجرته عليه السلام أكسية من شعر مربوطة في خشب عرعر. انتهى. الثانية: قوله «فبهتنا ونحن في الصلاة» : في «الأفعال» (4/ 1: 117)

_ (1) أبو العباس العزفي سمع الكثير وأجاز له ابن بشكوال، كانت وفاته سنة 633؛ (الوافي بالوفيات 7: 349) وذكر الصفدي أن له كتابا في مولد النبي ولكنه لم يسمّه.

الفصل الثالث في ذكر الاختلاف في من كان الإمام حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة وهو مريض

للسّرقسطي: بهت بهتا: دهش، وهي لغة القرآن الفصيحة، قال الله عز وجل: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ (البقرة: 258) وفي «ديوان الأدب» (2: 225) : بهت- بفتح الباء وكسر الهاء- أي دهش. الثالثة: قوله: «ونكص أبو بكر» في «المشارق» (2: 13) أي رجع إلى ورائه. الفصل الثالث في ذكر الاختلاف في من كان الإمام حين خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم للصلاة وهو مريض 1- ذكر ما روي في ذلك من الأحاديث : روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، والنص للبخاري، (1: 174) «1» عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه، فكان يصلّي بهم، قال عروة: فوجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في نفسه خفّة، فخرج فإذا أبو بكر يؤمّ الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه: أن كما أنت، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر. انتهى. قال أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي رحمه الله تعالى في «أعلام الحديث» له، ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن الأسود عن عائشة أنها قالت: لما ثقل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الحديث.. قالت: فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلّي بالناس جالسا، وأبو بكر قائما يقتدي به، والناس يقتدون بأبي بكر. قال أبو سليمان: ووافق أبا معاوية حفص بن غياث وعبد الله بن داود،

_ (1) قارن بصحيح مسلم (صلاة: 90، 95، 97) ومسند أحمد 1: 356.

2 - ذكر ما نقل في ذلك عن العلماء

ومحاضر بن المورع فرووه عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود، قال أبو سليمان: وخالفه شعبة فروى عن الأعمش عن إبراهيم عن عائشة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى خلف أبي بكر، قال: وروى شعبة أيضا عن نعيم أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم صلّى خلف أبي بكر جالسا في مرضه الذي توفي فيه. انتهى. وروى النسائي (2: 79) رحمه الله تعالى عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن أبا بكر صلّى بالناس، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بالصف. انتهى. وذكر القاضي أبو الوليد ابن رشد في «البيان والتحصيل» (1: 298) قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: ما مات نبيّ حتى يصلّي وراء رجل من قومه؛ وقال: قد روى مالك هذا الحديث عن ربيعة. فصحّ به أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم إذ خرج في مرضه الذي توفي فيه، وأبو بكر يصلي بالناس، صلّى خلفه جالسا، ولم يخرج أبو بكر من الإمامة. انتهى. وروى الترمذي (1: 226) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدا في ثوبه متوشحا. انتهى. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وروى النسائي (2: 79) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: آخر صلاة صلّاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع القوم، صلّى في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر. انتهى. 2- ذكر ما نقل في ذلك عن العلماء : ذهب الخطابي رحمه الله تعالى في «الأعلام» إلى ترجيح حديث عروة بن الزبير: أن الإمام في تلك الصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن عروة بن الزبير يسمع ما يسمع من عائشة بلا حجاب

لأنها خالته، فأما الأسود ومسروق وغيرهما فيسمعان من وراء حجاب، وباتفاق أبي معاوية وحفص بن غياث وعبد الله بن داود، ومحاضر بن المورع على رواية حديث الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: أن الإمام في تلك الصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومخالفتهم شعبة في روايته عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: أن الإمام في تلك الصلاة أبو بكر. انتهى. وقال القاضي عز الدين ابن جماعة في «مختصر السير» له: وصلّى النبي صلى الله عليه وسلم وراء أبي بكر في الصفّ صلاة تامة؛ قال «1» ابن حزم «2» . وصلّى أبو بكر بالناس تلك الأيام بعهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليه في ذلك، وخرج صلّى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام وهو متكىء «3» على عليّ والعباس، وقد أخذ أبو بكر في الصلاة بالناس، فقعد- صلى الله عليه وسلم- عن يسار أبي بكر، وأبو بكر في موضع الإمام، وصار أبو بكر واقفا عن يمينه- صلى الله عليه وسلم- في موضع المأموم، يسمع الناس تكبير رسول الله صلّى الله عليه وسلم فصلّى النبيّ صلّى الله عليه وسلم بالناس يؤمهم قاعدا وهم خلفه قيام «4» ، وهي آخر صلاة صلّاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالناس. انتهى. وقال القاضي أبو الوليد ابن رشد رحمه الله تعالى في «البيان والتحصيل» : (1: 299) قد تعارضت الآثار في ذلك، فجاء في بعضها ما دلّ على أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما خرج في مرضه، وأبو بكر يصلّي بالناس، تأخّر أبو بكر عن الإمامة وتقدّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فصلّى بالناس بقية صلاتهم وهو جالس والقوم خلفه قياما، وجاء في بعضها ما دلّ على أن أبا بكر لم يتأخّر عن الإمامة، وأن رسول الله

_ (1) م: قاله، بهامش ط عن نسخة أخرى: قاله، والأصوب «قال» لأنه ينقل أيضا ما بعده حتى نهاية الفقرة. (2) النقل عن جوامع السيرة: 264. (3) ابن حزم: متوكىء. (4) قيام: لم ترد في جوامع السيرة، وإثباتها يخلق إشكالا، ولهذا علق بعضهم على هامش ط: ما أظن أن ابن حزم قال هذا، فليراجع نصه، لأنه يذهب إلى خلافه ويوجب القعود خلف الإمام القاعد.

الفصل الرابع في ذكر أول من اتخذ المنبر

صلى الله عليه وسلم إنما صلّى مؤتمّا بأبي بكر، فمن الناس من صحّح ما دلّ منها على أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان الإمام، [ورأى ذلك شرعا لأمته ثم لم ينسخه عنهم ولا اختص به دونهم] فأجاز إمامة المريض جالسا بالأصحّاء قياما، وهي رواية الوليد بن مسلم عن مالك، ومنهم من صحّحها، ولم يجز لأحد بعده إذا كان مريضا أن يؤمّ الأصحّاء قياما، وهو المشهور من قول مالك وأصحابه، ومنهم من ذهب إلى أن ذلك كان منه- صلى الله عليه وسلم- في صلاتين: فكان في الصلاة الأولى هو الإمام، وأتمّ في الثانية بأبي بكر، فكان فعله في الصلاة الثانية ناسخا لفعله في الصلاة الأولى، والتأويلان قائمان لمالك من رواية ابن القاسم عنه، وعلى هذا التأويل تتخلّص الآثار من التعارض، وهو أولى بالصواب، وبالله التوفيق. الفصل الرابع في ذكر أول من اتخذ المنبر روى البخاري (3: 80) عن جابر بن عبد الله أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه فإن لي غلاما نجارا؟ قال: إن شئت، قالت «1» : فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلّى الله عليه وسلم على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشقّ فنزل النبيّ صلّى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمّها إليه، فجعلت تئنّ أنين الصبيّ الذي يسكّت حتى استقرّت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر. قال ابن بشكوال في كتاب «تفسير ما استعجم من غوامض الأسماء» «2» : اسم هذا الغلام النجار مينا. قال: ويقال إن الذي صنع المنبر للنبي صلّى الله عليه

_ (1) البخاري: قال. (2) ذكره بروكلمان (في التاريخ 1: 380 والتكملة 1: 580) باسم كتاب الغوامض والمبهمات من الأسماء؛ ويسمى أيضا غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة.

الفصل الخامس في ذكر أول من اتخذ المقصورة

وسلم باقوم «1» مولى العاص بن أمية، صنعه من طرفاء ثلاث درجات، فلما قدم معاوية المدينة زاد فيه، فكسفت الشمس يومئذ. قال: وقيل صنعه ميمون النجار. قال: وقيل صنعه صباح غلام العباس بن عبد المطلب. وذكر ابن فتحون قبيصة المخزوميّ في كتابه وقال: هو الذي عمل غلامه منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وفي «المقدمات» لابن رشد: وفي سنة سبع اتخذ النبي صلّى الله عليه وسلم المنبر، ويقال في سنة ثمان؛ عمله له غلام لسعد بن عبادة، وقيل غلام لامرأة من الأنصار، وقيل غلام للعباس بن عبد المطلب. قال ابن رشد: فلعلهم اجتمعوا كلهم على عمله. انتهى. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : عمل المنبر في سنة ثمان، وكان درجتين ومجلسا. انتهى. فائدة لغوية: من «مختصر الزاهر» » قال ثعلب: سمّي المنبر لعلوه وارتفاعه، أخذ من النبر، وهو ارتفاع الصوت، يقال: نبر الرجل نبرة: إذا تكلم كلمة فيها علو. انتهى. الفصل الخامس في ذكر أول من اتخذ المقصورة أول من اتخذ المقصورة: معاوية بن أبي سفيان، قال ابن قتيبة في «المعارف» (553) : لأنه أبصر على منبره كلبا. وقال المبرد في «الكامل» (3: 196، 201- 202) : نظرت الخوارج في أمرها فقالوا: إن عليّا ومعاوية قد أفسدا أمر هذه الأمة، فلو قتلناهما لعاد الأمر إلى حقّه،

_ (1) م ط: باقول. (2) هو في الزاهر 1: 526.

فقال رجل من أشجع: والله ما عمرو دونهما وإنه لأصل هذا الفساد. فقال عبد الرّحمن بن ملجم: أنا أقتل عليا، وقال الحجاج بن عبد الله الصريمي، وهو البرك: أنا أقتل معاوية، وقال زاذويه مولى بني العنبر بن تميم: أنا أقتل عمرا. فأجمع رأيهم على أن يكون قتلهم في ليلة واحدة، فجعلوا ذلك ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، فخرج كلّ واحد منهم إلى ناحيته، فأما ابن ملجم فقتل عليا بالمسجد وهو خارج لصلاة الصبح، وأما الحجاج بن عبد الله الصريمي فإنه ضرب معاوية مصلّيا فأصاب مأكمتيه، وكان معاوية عظيم الأوراك، فقطع منه عرقا يقال له عرق النكاح، فلم يولد لمعاوية بعد ذلك، فلما أخذ قال: الأمان والبشارة قتل عليّ في هذه الصبيحة، فاستؤني به حتى جاء الخبر، فقطع معاوية يده ورجله، فأقام بالبصرة، ثم بلغ زيادا أنه قد ولد له فقال: أيولد له وأمير المؤمنين لا يولد له؟ فقتله. ويروى أن معاوية قطع يديه ورجليه وأمر باتخاذ المقصورة، فقيل لابن عباس بعد ذلك: ما تأويل المقصورة؟ فقال: يخافون أن يبهضهم الناس. وأما زاذويه فإنه أرصد لعمرو، واشتكى عمرو بطنه فلم يخرج للصلاة، فخرج خارجة وهو رجل من بني سهم بن عمرو بن هصيص، رهط عمرو بن العاص، فضربه زاذويه فقتله، فلما دخل به على عمرو فرآهم يخاطبونه بالإمرة قال: أنا قتلت عمرا، قيل إنما قتلت خارجة، قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة. (وهذا السبب في اتخاذ معاوية المقصورة أصحّ مما قاله ابن قتيبة وأنسب، ونقلته مختصرا) . فائدة لغوية: في «الصحاح: (5: 1863) المأكمة: العجيزة والجمع: الماكم، وفي «الديوان» : بفتح الميم والكاف. تنبيه: ليس خارجة من بني سهم بن عمرو بن هصيص «1» كما ذكر المبرد، وإنما

_ (1) ط: سهم بن هصيص.

هو من بني عديّ بن كعب، رهط عمر بن الخطاب، وفيهم ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في «جماهر «1» الأنساب» (9) له فقال: خارجة بن حذافة بن غانم «2» قاضي عمرو بن العاص بمصر الذي قتله الخارجي وهو يظن أنه عمرو بن العاص، وقال ابن حزم في «جماهر «3» الأنساب» (156) له أيضا: هو خارجة بن حذافة بن غانم «4» بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب الذي قتله الحروريّ بمصر وهو يظنه عمرو بن العاص، فلما عرف من قتل قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة، فأرسلها مثلا. انتهى.

_ (1) م: جماهير. (2) - سقط من ط (لتشابه النهايتين) . (3) م: جماهير. (4) - سقط من ط (لتشابه النهايتين) .

الباب الثامن في الإمام في صلاة القيام في رمضان

الباب الثامن في الإمام في صلاة القيام في رمضان وفيه ثلاثه فصول الفصل الأول كيف كان الناس يصلونها في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه في «الموطأ» (84) عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ذات ليلة، فصلّى بصلاته ناس، ثم صلّى في القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة والرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم. وذلك في رمضان. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يرغّب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه. قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.

الفصل الثاني في جمع عمر رضي الله تعالى عنه الناس في قيام رمضان على إمام

الفصل الثاني في جمع عمر رضي الله تعالى عنه الناس في قيام رمضان «1» على إمام في «الموطأ» (85) عن عبد الرّحمن بن عبد القاري «2» أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في رمضان «5» إلى المسجد، فإذا النّاس أوزاع متفرّقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلّي الرجل ويصلي «3» بصلاته الرّهط. فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل، فجمعهم على أبيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه. قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 81) قوله: نعمت البدعة هذه: كلّ ما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو بدعة، والبدعة: فعل ما لم يسبق إليه، فما وافق أصلا من السنة يقاس عليه فهو محمود، وما خالف أصول السنن فهو ضلالة. الفصل الثالث في ذكر أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه في «الاستيعاب» (65) أبي بن كعب بن قيس بن عبيد [بن زيد] «4» بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجّار الأنصاري المعاوي، يكنى أبا الطفيل

_ (1) - سقط من م. (2) ط: عن عائشة بن عبد القاري؛ وفي الموطأ: عن عبد الرّحمن بن عبد القاري، والقاري نسبة إلى قبيلة «القارة» ؛ يروي عن عمر وأبي هريرة وغيرهما وكان عاملا على بيت المال لعمر وتوفي سنة 85 (تهذيب التهذيب 6: 223) . (3) الموطأ: فيصلي. (4) زيادة من الاستيعاب. (5) - سقط من م.

وأبا المنذر. وعن أبي موسى قال: جاء أبي بن كعب إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما فقال له: يا ابن الخطاب، فقال له عمر: يا أبا الطّفيل، في حديث ذكره. وعن أبي قال، قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أي آية معك في كتاب الله أعظم؟ فقلت: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (البقرة: 255) قال: فضرب صدري، وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر. قال أبو عمر: شهد أبي بن كعب العقبة الثانية، وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيها، ثم شهد بدرا، وكان أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب الله. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنّه قال: أقرأ أمّتي أبيّ. وعن أنس أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم دعا أبيّا فقال: إن الله أمرني أن أقرأ عليك؟ قال: الله سماني لك؟ قال: نعم، فجعل أبي يبكي. قال أبو عمر: وكان أبي بن كعب ممن كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم الوحي قبل زيد بن ثابت ومعه أيضا. وعن الواقدي قال: أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة أبي بن كعب، وهو أول من كتب في آخر الكتاب: «وكتب فلان» . ومات رضي الله تعالى عنه في خلافة عمر بن الخطاب، فقيل سنة تسع عشرة، وقيل سنة عشرين، وقيل سنة اثنتين وعشرين، وقيل إنه مات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، والأكثر أنه مات في خلافة عمر. فائدة لغوية: في «المحكم» الهنيء (4: 26) : ما أتاك بلا مشقّة، وقد هنىء وهنؤ هناءة، وهنأني الطعام وهنأ لي يهنئني ويهنؤني وهنأتنيه العافية. فأما ما أنشده سيبويه: فارعي فزارة لا هناك المرتع «1»

_ (1) عجز بيت للفرزدق، وصدره: ولت بمسلمة الركاب عشية، انظر سيبويه 2: 170 وديوان الفرزدق 1: 408.

فعلى البدل للضرورة، وليس على التخفيف. وفي «المشارق (2: 271) : قوله: فهناني، وجاءني الناس يهنوني، ولتهنك توبة الله: يهمز ويسهل قلت: وعليه جاء: ليهنك العلم، مسهّلا. وقوله: في قصة أم معبد: ليهن بني كعب مقام فتاتهم «1» مسهّلا ولا ضرورة فيه، كذلك ضبطها أبو علي الغساني بخطه في «الاستيعاب» .

_ (1) عجز البيت: ومقعدها للمؤمنين بمرصد (السيرة 1: 487) .

الباب التاسع في المؤذن

الباب التاسع في المؤذن وفيه خمسة فصول الفصل الأول في عدد مؤذني النبي صلّى الله عليه وسلم روى مسلم (1: 112) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى في «الإكمال» : قوله: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم، يعني في وقت واحد، وإلا فقد كان له عليه الصلاة والسلام غيرهما، أذّن له أبو محذورة بمكة، ورتّبه لأذانها- صلى الله عليه وسلم- وسعد القرظ أذّن للنبي صلّى الله عليه وسلم بقباء ثلاث مرات، وقال له: إذا لم تر بلالا فأذّن. ولكن هذان لزما الأذان له بالمدينة. فائدة لغوية: في «التنبيهات» للقاضي عياض: الأذان: الإعلام، قال تعالى: وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (التوبة: 3) قال ابن قتيبة: وأصله من الأذن كأنه أودع ما علمه أذنه، فالأذان: إعلام بدخول الوقت، والاجتماع للصلاة، وأن الدار دار إيمان، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا غزا قوما فإن سمع أذانا أمسك وإلا أغار. ففي معنى الأذان إعلام بهذه المعاني الثلاثة من شعار الإسلام. وفي «المحكم» : الأذان والأذين: النداء إلى الصلاة. قال سيبويه: وقالوا: أذّنت وآذنت فمن العرب من يجعلها بمعنى، ومنهم من يقول: أذّنت للتصويت

الفصل الثاني في ذكر بلال

بإعلان، وآذنت: أعلمت، والأذين: المؤذّن، والمئذنة: موضع الأذان وقال اللحياني: هي المنارة، يعني: الصومعة. الفصل الثاني في ذكر بلال رضي الله تعالى عنه في «الاستيعاب» (178، 182) : بلال بن رباح: المؤذن، من مولّدي مكة، وقيل من مولّدي السراة، واسم أمه حمامة؛ مولى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، اشتراه ثم أعتقه وكان من أول من أظهر الإسلام، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان يعذّب، فهانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد! أحد! وأخذه أبو جهل فبطحه على وجهه وسلقه في الشمس فجعل يقول، وقد عمد إلى رحى فوضعها على بطنه: أحد أحد. وروي عن قيس قال: اشترى أبو بكر بلالا وهو مدفون بالحجارة. شهد رضي الله تعالى عنه بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك قال: بلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لبلال: يا بلال إني دخلت الجنة فسمعت فيها خشفا، والخشف: الوطء والحسّ، فقلت: من هذا؟ قيل: بلال. قال: فكان بلال إذا ذكر ذلك بكى. وذكر ابن أبي شيبة أن بلالا أذّن حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم أذّن لأبي بكر حياته، ولم يؤذّن في زمن عمر، فقال له عمر: ما منعك أن تؤذّن؟ قال: إني أذنت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى قبض، وأذنت لأبي بكر حتى قبض، لأنه كان وليّ نعمتي، وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد. فخرج مجاهدا. ويقال إنه أذن لعمر رحمه الله إذ دخل الشام مرة، فبكى عمر وغيره من المسلمين.

الفصل الثالث في ذكر ابن أم مكتوم

وذكر ابن المسيب أنه كان يؤذّن لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فلما مات النبي صلّى الله عليه وسلم أراد أن يخرج إلى الشام، فقال له أبو بكر: بل تكون عندنا، فقال: إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني، وإن كنت أعتقتني لله عز وجل فذرني أذهب إلى الله عز وجل، فقال: اذهب إلى الشام فكان بها حتى مات. قال أبو عمر (179) : مات بدمشق ودفن عند الباب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وقيل سنة إحدى وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل ابن سبعين سنة. انتهى. فائدة لغوية: سلقه: ألقاه على ظهره. قال الجوهري (4: 1497) : طعنته فسلقته: إذا ألقيته على ظهره. الفصل الثالث في ذكر ابن أمّ مكتوم رضي الله تعالى عنه في «الجماهر» (171) لابن حزم: ابن أم مكتوم مؤذّن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصمّ، واسم الأصمّ جندب من بني معيص بن عامر بن لؤي، ونسب إلى أمه أم مكتوم، وهي عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر «1» بن مخزوم، قال: وابن أم مكتوم ابن خال خديجة أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها. قلت: واختلف في قول أبي عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1198) : فذكره في باب عمرو، ونسبه كما نسبه ابن حزم، وذكر قرابته أيضا من أم المؤمنين خديجة رضي الله تعالى عنها، وذكره في باب عبد الله، وذكر في نسبه خلافا في الأسماء، إلا أنه لم يخالف في أنه من بني معيص حسبما ذكر في باب عمرو.

_ (1) الجمهرة: عائذ.

الفصل الرابع في ذكر أبي محذورة

قال أبو عمر (997) : وكان قديم الإسلام بمكة، واختلف في وقت هجرته: فقيل: كان ممن قدم المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير فنزل دار القرّاء، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته، وأما رواية قتادة عن أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين، فلم يبلغه ما بلغ غيره. انتهى. وفي «الموطأ» (60) عن سالم بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم. قال: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت [أصبحت] . انتهى. قال أبو عمر ابن عبد البر (1199) : وشهد القادسية، وكان معه اللواء يومئذ، وقتل شهيدا بالقادسية. وقال الواقدي: رجع ابن أمّ مكتوم من القادسية إلى المدينة فمات، ولم يسمع له بذكر بعد عمر بن الخطاب. انتهى. فائدة لغوية: في كتاب «الاشتقاق» لمحمد بن أبان بن سيّد: بنو عنكثة في بني مخزوم من العكث والنون زائدة، والعكث خلط الشيء بالشيء. وفي «ديوان الأدب» (2: 23) : العنكث بفتح العين والكاف وبينهما نون ساكنة، وبعد الكاف ثاء مثلثة: نبت، قال: [من الرجز] وعنكثا ملتبدا «1» الفصل الرابع في ذكر أبي محذورة رضي الله تعالى عنه في «الاستيعاب» (1751، 1752) أبو محذورة المؤذّن القرشي الجمحي، اختلف في اسمه: فقيل سمرة، وقيل معير، وقيل سلمة، وقيل أوس، واتفق الزبير

_ (1) من رجز على لسان الضبّ، أوله «أصبح قلبي صردا» انظر اللسان (عكث) .

وعمه مصعب ومحمد بن إسحاق على أن اسمه أوس، وهؤلاء أعلم بطريق أنساب قريش، قال الزبير: هو أوس بن معير بن لوذان بن سعد بن جمح. وفي «الجماهر» (153) لابن حزم: أبو محذورة: أوس بن معير بن لوذان بن سعد بن جمح. ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأذان بمكة، فتوارثه بعد ولده إلى انقراض آخرهم في أيام الرشيد، وانقرض جميع عقب لوذان بن سعد بن جمح، فورث الأذان بمكة عنهم بنو سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح فهو فيهم إلى الآن. وفي «الاستيعاب» (1752) : كان أبو محذورة مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة، أمره بالأذان بها منصرفه من حنين، وكان سمعه يحكي الأذان، فأعجبه صوته، فأمر أن يؤتى به فأسلم يومئذ وأمره بالأذان فأذّن بين يديه، ثم أمره فانصرف إلى مكة، وأقرّه على الأذان بها، فلم يزل يؤذّن بها هو وولده، ثم عبد الله بن محيريز ابن عمه فلما انقطع ولد محيريز صار الأذان بها إلى ولد ربيعة بن سعد بن جمح. وأبو محذورة وابن محيريز من ولد لوذان بن سعد بن جمح. قال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذانا وأنداهم صوتا. قال: وأنشدني عمي مصعب لبعض شعراء قريش في أذان أبي محذورة «1» : [من الرجز] أما وربّ الكعبة المستوره ... وما تلا محمد من سوره والنغمات من أبي محذوره ... لأفعلنّ فعلة مشهوره قال الطبري: توفي أبو محذورة بمكة سنة تسع وخمسين، وقيل سنة تسع وسبعين، ولم يهاجر ولم يزل مقيما بمكة حتى مات. فائدة لغوية: في «الاشتقاق» لابن سيّد: لوذان جد أبي محذورة: فعلان من لاذ يلوذ.

_ (1) هو أبو دهبل الجمحي، والرجز في ديوانه: 99 وأنساب الأشراف 1: 526.

الفصل الخامس في ذكر سعد القرظ

الفصل الخامس في ذكر سعد القرظ رضي الله تعالى عنه في «الاستيعاب» (593) : سعد بن عائذ المؤذن: مولى عمار بن ياسر، المعروف بسعد القرظ، له صحبة، وإنما قيل له: سعد القرظ لأنه كان كلّما تجر في شيء وضع فيه، فتجر في القرظ فربح فيه، فلزم التجارة فيه. جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا بقباء. وفي «الاشراف» عن سعد القرظ قال: كان إذا جاءنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قباء يؤذّن له بلال، فجاء يوما ليس معه بلال، قال سعد: فرقيت على عذق فأذنت، فاجتمع الناس، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا سعد إذا لم تر بلالا فأذّن. فمسح رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأسه وقال: بارك الله فيك يا سعد. فأذن سعد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بقباء ثلاث مرات. في «الاستيعاب» (594) أنه كان يؤذن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأهل قباء حتى نقله عمر بن الخطاب في خلافته إلى المدينة حين خرج بلال إلى الشام، فأذن له في المدينة في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: ويقال إنه لما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم وترك بلال الأذان نقله أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلم يزل يؤذّن فيه إلى أن مات، وتوارث عنه بنوه الأذان فيه إلى زمن مالك وبعده أيضا. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المحكم» (6: 210) القرظ: شجر يدبغ به، وقيل هو ورق السّلم. وفي «المشارق» : بفتح القاف والراء، وهو صمغ السّمر، وقيل القشر الذي يدبغ به، وبه سمي سعد القرظ لأنه كان يتجر فيه. الثانية: الفارابي (1: 122، 191) : العذق بفتح العين وسكون الذال: النخلة،

وبكسرها وسكون الذال: الكباسة. انتهى. وفي «الصحاح» (2: 966) الكباسة بالكسر: العذق، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب. الثالثة: في «الصحاح» (3: 1300) وضع الرجل في تجارته، وأوضع على ما لم يسم فاعله فيها: أي خسر، ويقال وضعت في تجارتك وأنت موضوع. انتهى. وفي «المشارق» (2: 290) دخلت المال وضيعة: أي نقص.

الباب العاشر في المؤقت

الباب العاشر في المؤقت وفيه فصلان الفصل الأول في أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بلالا رضي الله تعالى عنه بحفظ الوقت في «الموطأ» (19) : مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيّب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر أسرى، حتى إذا كان من آخر الليل عرّس، وقال لبلال: اكلأ لنا الصّبح. ونام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلأ بلال ما قدّر له، ثم استند إلى راحلته وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه، فلم يستيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من الركب، حتى ضربتهم الشّمس، ففزع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الّذي أخذ بنفسك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقتادوا، فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا، ثم أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بلالا فأقام الصلاة، فصلّى بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصبح، ثم قال حين قضى الصلاة: من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (طه: 14) . وخرج «مسلم» (1: 189) عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه إلا أنه قال: اكلأ لنا الليل.

الفصل الثاني في اقتداء المساجد في صلاتهم بمؤذن المسجد الجامع

فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (2: 945) التعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل، يقفون فيه وقفة للاستراحة ثم يرحلون، وأعرسوا: لغة فيه قليلة، والموضع: معرّس ومعرس. الثانية: ابن طريف: كلأت الشيء: حرسته، وكلأه الله كلاءة وكلاء: حفظه. قال الشاعر «1» : [من المنسرح] إنّ سليمى والله يكلؤها ... ضنّت بشيء ما كان يرزؤها الثالثة: في «التنبيهات» : الوقت: المقدار من الزمان، وقال ابن طريف: وقت الشيء وقتا: قدّره لوقت، وفي «الصحاح» (1: 270) وقته فهو موقوت إذا بيّن للفعل وقتا يفعل فيه. وفي «ديوان الأدب» (3: 249، 272) وقت يقت، ووقّت بتشديد القاف يوقّت توقيتا: بمعنى، كقصر من الصلاة وقصّر. وفي «الصحاح» (1: 269) الميقات: الوقت المضروب من الزمان للفعل والموضع، يقال: هذا ميقات أهل الشام الذي يحرمون فيه. تنبيه: قد تقدم ذكر بلال رضي الله تعالى عنه في باب الأذان قبل هذا فأغنى ذلك عن إعادته الآن. الفصل الثاني في اقتداء المساجد في صلاتهم بمؤذن المسجد الجامع في «الروض الأنف» كانت مساجد المدينة تسعة سوى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلّهم يصلّون بأذان بلال؛ كذلك قال بكير بن عبد الله بن

_ (1) هو ابن هرمة والبيت في ديوانه: 47 والبيان والتبيين 2: 213 وعيون الأخبار 2: 158 والعقد 2: 482 وفي ديوانه تخريج كثير.

الأشجّ «1» فيما روى عنه أبو داود في مراسيله، والدارقطني في سننه (2: 85) فمنها مسجد راتج، ومسجد بني عبد الأشهل، ومسجد بني عمرو بن مبذول، ومسجد جهينة وأسلم، وأحسبه قال: مسجد بني سلمة. وسائرها مذكور في السنن. وفي «شرح الرسالة» «2» للزناتي: مساجد المدينة عشرة مساجد: مسجد بني النجار وهو مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو المؤسس على التقوى وهو الذي أقام جبريل قبلته، وغيره أقام النبي صلّى الله عليه وسلم قبلته وهي: مسجد بني عمرو. ومسجد بني ساعدة، ومسجد بني عبد الأشهل، ومسجد بني سلمة، ومسجد راتج، ومسجد بني زريق، ومسجد غفار، ومسجد أسلم، ومسجد جهينة.

_ (1) مدني نزل مصر، كان عالما ثقة، مختلف في تاريخ وفاته بين 117- 127 (تهذيب التهذيب 1: 491) . (2) يعني رسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي وشارحها هو موسى بن علي الزناتي، ذكره ابن القاضي في درة الحجال (3: 8) وقال فيه: الزموري المولد والمنشأ نزيل مراكش.

الباب الحادى عشر في ذكر صاحب الخمزه

الباب الحادى عشر في ذكر صاحب الخمزه روى البخاري (1: 107) رحمه الله تعالى عن ميمونة رضي الله تعالى عنها قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة؛ انتهى. وروى مسلم (1: 96) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت، قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك. انتهى. وروى النسائي (1: 192) عن ميمونة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا، فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بخمرته إلى المسجد فتبسطها وهي حائض. انتهى. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 240) : الخمرة- بضم الخاء وسكون الميم- هي كالحصير الصغير من سعف النخل، يضفر بالسيور ونحوها بقدر الوجه والكفين، وهي أصغر من المصلّى، يصلّى عليها، سمّيت بذلك لأنها تستر الوجه والكفين من برد الأرض وحرّها، فإن كبرت عن ذلك فهي حصير؛ قاله أبو عبيد. انتهى. وفي «المعالم» للخطابي (171) : الخمرة: السّجادة التي يسجد عليها المصلي.

الباب الثاني عشر في الذي يحمل العنزة

الباب الثاني عشر في الذي يحمل العنزة روى البخاري (2: 25) «1» عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يغدو إلى المصلّى والعنزة بين يديه تحمل، وتنصب بالمصلّى بين يديه يصلي إليها. فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 92) العنزة: بفتح العين والنون. قال الخليل: هي عصا في طرفها زجّ. قال أبو عبيد: قدر نصف الرمح أو أكثر شيئا فيها سنان مثل سنان الرمح. وقال الأصمعي: العنزة ما دوّر نصله، والألّة والحربة: العريضة النصل، وقيل في الحربة: إنها ليست عريضة النصل.

_ (1) انظر أيضا صحيح البخاري 1: 133 في الصلاة إلى العنزة.

الباب الثالث عشر في المسرج وهو الموقد

الباب الثالث عشر في المسرج وهو الموقد في «الاستيعاب» (683) سراج مولى تميم الداري، قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم في خمسة غلمان لتميم، روى عنه في تحريم الخمر، وأنه أسرج في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم بالقنديل والزيت، وكانوا لا يسرجون قبل ذلك إلا بسعف النخل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من أسرج مسجدنا؟ فقال تميم: غلامي هذا، فقال: ما اسمه؟ قال: فتح، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: بل اسمه سراج. قال: فسماني رسول الله صلّى الله عليه وسلم سراجا «1» . فائدتان لغويتان: الأولى: في «ديوان الأدب» (1: 445، 2: 202) السراج: الذي يزهر بالليل، وزهر السراج يزهر بفتح الهاء فيهما أي أضاء. وفي «المحكم» السراج: المصباح، والجمع سرج، والمسرجة التي فيها الفتيل، والمسرجة التي تجعل فيها المسرجة، وأسرج السراج: أوقد. الثانية: هو القنديل- بكسر القاف- كذلك قيّده الفارابي في الديوان (2: 76) في الرباعي على وزن فعليل.

_ (1) ورد الخبر بشكل أكثر تفصيلا فيما نقله الكتاني (1: 84) وفيه أن غلام تميم الداري هو أبو البراد.

الباب الرابع عشر في المجمر

الباب الرابع عشر في المجمر وفيه فصلان الفصل الأول في تطييب المسجد روى أبو داود (1: 108) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تطيّب وتنظّف. وروى مسلم (2: 395) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه: أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكّها بالعرجون، ثم أقبل علينا فقال: أيّكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟ قال: فخشعنا، ثم قال: أيّكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟ قلنا: لا يا رسول الله، قال: فإن أحدكم إذا قام يصلّي فإنّ الله تبارك وتعالى قبل وجهه، فلا يبصقنّ قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصقن عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا، ثم طوى ثوبه بعضه على بعض وقال: أروني عبيرا، فثار فتى من الحيّ يشتدّ إلى أهله، فجاء بخلوق في راحته، فأخذه صلّى الله عليه وسلم فجعله على [رأس] العرجون، ثم لطخ به على أثر النخامة؛ فقال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم. انتهى. وخرجه أبو داود (1: 112) أيضا رحمه الله تعالى بمعناه. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 734) العبير: قال الأصمعي: هي أخلاط تجمع

الفصل الثاني في المجمر

بالزعفران. وقال أبو عبيدة: العبير عند العرب: الزعفران وحده، وفي الحديث: «أتعجز إحداكنّ أن تتّخذ تومتين ثم تلطّخهما بعبير أو زعفران» وفي هذا الحديث بيان أن العبير غير الزعفران. الثانية: الخلوق: ضرب من الطيب، وقد خلّقته أي طيبته بالخلوق فتخلّق الفصل الثاني في المجمر قال القاضي أبو الوليد ابن رشد رحمه الله تعالى في كتاب الجامع من «البيان والتحصيل» . روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: جمّروا مساجدكم «1» . وفي «التمهيد» : عبد الله بن المجمر مولى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: كان يجمّر المسجد إذا قعد عمر على المنبر، وقد قيل إنه كان من الذين يجمرون الكعبة، والأول أصح، وهو والد نعيم بن عبد الله المجمر «2» شيخ مالك بن أنس رحمهما الله تعالى. فائدة لغوية: ابن طريف: أجمرت الشيء بالمجمرة: بخّرته بها. وفي «الصحاح» (2: 616) المجمرة واحدة المجامر، وكذلك المجمر والمجمر، فبالكسر اسم الشيء الذي يجعل فيه الجمر، وبالضم: الذي هيء له الجمر، يقال: أجمرت النار مجمرا. انتهى.

_ (1) في ابن ماجه 1: 247: وجمروها (أي المساجد) في الجمع. (2) انظر تجريد التمهيد: 185- 186 وقد وردت ترجمة نعيم في تهذيب التهذيب (10: 465) وفيه عن ابن حبان أن المجمر لقب أبيه عبد الله لأنه كان يأخذ المجمرة: قدام عمر.

الباب الخامس عشر في الذي يقم المسجد ويلتقط الخرق والقذى والعيدان منه

الباب الخامس عشر في الذي يقمّ المسجد ويلتقط الخرق والقذى والعيدان منه روى أبو داود (1: 109) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد. وروى مسلم (1: 262) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد أو شابا، فقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: فكأنهم صغروا أمرها أو أمره، فقال: دلوني على قبره، فدلوه فصلّى عليه، ثم قال: إنّ هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينوّرها لهم بصلاتي عليهم. فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 185) قوله: يقمّ المسجد: أي يكنسه ويزيل قمامته، وهي الزبل وما يجتمع فيه، والمقمّة: المكنسة.

الباب السادس عشر في الرجل يأخذ الناس بالصلاة في الجماعة ويشتد عليهم في تركها

الباب السادس عشر في الرجل يأخذ الناس بالصلاة في الجماعة ويشتد عليهم في تركها روى أبو داود (1: 129) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب، ثم آتي قوما يصلّون في بيوتهم ليست بهم علّة فأحرقها عليهم. انتهى. وروى مسلم (1: 181) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا؛ ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلّي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار. انتهى. وروى البخاري (1: 167) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر المؤذّن فيقيم، ثم آمر رجلا يؤمّ الناس، ثم آخذ شعلا من النار فأحرّق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد. انتهى. وذكر الزمخشري في كتاب «الكشاف» (2: 463) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استعمل عتّاب بن أسيد على أهل مكة وقال: انطلق فقد استعملتك على أهل الله. فكان شديدا على المريب، هيّنا على المؤمن، وقال: والله لا أعلم متخلّفا يتخلف عن الصلاة في جماعة إلا ضربت عنقه، فإنه لا يتخلّف عن الصلاة إلا

منافق، فقال أهل مكة: يا رسول الله لقد استعملت على أهل الله عتّاب بن أسيد أعرابيا جافيا، فقال صلّى الله عليه وسلم: إني رأيت فيما يرى النائم كأن عتّاب بن أسيد أتى باب الجنة فأخذ بحلقة الباب فقلقله قلقالا شديدا حتى فتح له فدخلها. انتهى. فائدة لغوية: قلقل الباب: في «الصحاح» (5: 1805) قلقل أي صوّت، وقلقله قلقلة وقلقالا فتقلقل، أي حرّكه فتحرّك واضطرب، فإذا كسرته فهو مصدر، وإذا فتحته فهو اسم مثل الزّلزال والزّلزال. انتهى.

الباب السابع عشر في الرجل يمنع الناس من المنازعة واللغط في المسجد

الباب السابع عشر في الرجل يمنع الناس من المنازعة واللغط في المسجد روى الترمذي (1: 202) رحمه الله تعالى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. انتهى. وروى «1» مسلم (1: 157) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد فليقل: لا ردّها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا. وروى النسائي «2» رحمه الله تعالى عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم من يبتاع أو يشتري في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالّة في المسجد فقولوا: لا ردّها الله عليك. انتهى. وروى البخاري (1: 127) رحمه الله تعالى عن السائب بن يزيد قال: كنت نائما «3» في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئت بهما، قال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟!

_ (1) سقطت هذه الفقرة من م. (2) انظر النهي عن البيع ونشدان الضالة في النسائي 2: 47، 48. (3) البخاري: قائما.

وفي «الموطأ» (121) لمالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى: البطيحاء وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة. وفي «الاستيعاب» (811) : كان العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام، والسقاية في الجاهلية، فالسقاية معروفة، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا فحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأنه كان ملأ قريش قد اجتمعوا وتعاهدوا على ذلك، فكانوا أعوانا له، وسلّموا ذلك إليه. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في «المحكم» أنشد الشعر، وهم يتناشدون: ينشد بعضهم بعضا، والنشيد: الشعر، فعيل بمعنى مفعل، والنشيد من الأشعار: ما يتناشد، وأنشد بهم: هجاهم. المسألة الثانية: في «المشارق» (2: 28) إنشاد الضالة هو تعريفها، يقال: أنشدتها: إذا عرّفتها، فإذا طلبتها يقال: نشدتها أنشدها بضمّ الشين في المستقبل، هذا قول أكثرهم، وحكى الحربي اختلاف أهل اللغة في الناشد والمنشد، ومن قال: إنه بعكس ما قيّدناه من أن الناشد: المعرّف، والمنشد: الطالب، وحجة كلّ فريق في ذلك من الحديث وشعر العرب. المسألة الثالثة: قوله: فحصبني: في «الصحاح» (1: 112) حصبت الرجل أحصبه بالكسر، أي رميته بالحصباء، والحصباء: الحصى.

الباب الثامن عشر في صاحب الطهور

الباب الثامن عشر في صاحب الطهور وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يتولى ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم روى الترمذي (5: 338) رحمه الله تعالى عن خيثمة بن أبي سبرة رحمه الله تعالى قال: أتيت المدينة فسألت الله أن ييسّر لي جليسا صالحا، فيسّر لي أبا هريرة رضي الله تعالى عنه، فجلست إليه فقلت له: إني سألت الله أن ييسّر لي جليسا صالحا فوفّقت لي، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة جئت ألتمس الخير وأطلبه قال: أليس فيكم سعد بن مالك مجاب الدعوة، وابن مسعود صاحب طهور رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونعليه، وحذيفة صاحب سرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعمّار الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه، وسلمان صاحب الكتابين؟. قال قتادة: والكتابان «1» : الإنجيل والقرآن. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. انتهى. وروى مسلم (1: 89) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل «2» به. انتهى.

_ (1) م ط: والكتابين. (2) م: فيتغسل.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

وروى البخاري (1: 50) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام ومعنا إداوة من ماء، يعني يستنجي به. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: قوله: صاحب طهور رسول الله صلّى الله عليه وسلم: في «الصحاح» (2: 327) طهر الشيء وطهر أيضا بالضمّ طهارة فيهما، والاسم: الطّهر، وطهّرته أنا تطهيرا، وتطهّرت بالماء، وهم قوم يتطهّرون أي يتنزّهون من الأدناس، والطّهور: ما يتطهّر به كالفطور، والسّحور، والوقود. قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (الفرقان: 48) والمطهرة والمطهرة: الإداوة، والفتح أعلى، والجمع: المطاهر. المسألة الثانية: قوله: يتبرز لحاجته، الفارابي (2: 447) : تبرّز أي خرج إلى البراز أي لحاجة على وزن فعال زيد في أوله تاء مع تكرير العين. وفي «المشارق» (1: 84) : البراز بفتح الباء وآخره زاي، وهو كناية عن قضاء حاجة الإنسان من الغائط، وأصله من البراز: وهو المتسع من الأرض، فسمّي به الحدث لأنهم كانوا يخرجون لقضاء حاجتهم إليه لخلائه من الناس، كما قالوا: الغائط باسم ما اطمأن من الأرض لقصدهم إياه لذلك. المسألة الثالثة: الإداوة بكسر الهمزة هي آنية للماء كالمطهرة، وبكسر الهمزة قيّدها الفارابي (4: 195) وفي «الصحاح» (6: 2266) الإداوة: المطهرة، والجمع: الأداوى مثل المطايا. وقال أبو الفرج الجوزي في «كشف المشكل» : الإداوة: إناء من جلود كالرّكوة. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (987) و «الجماهر» (197) لابن حزم: عبد الله بن مسعود بن غافل، قال أبو عمر: بالغين

2 - أنس بن مالك

المنقوطة والفاء، بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل. وفي «الاستيعاب» (987) في باب: عبد الله بن مسعود: وأم عبد الله بن مسعود أم عبد بنت عبد ودّ بن سواء بن فريم- بالراء- بن صاهلة بن كاهل بن هذيل أيضا. وقال في باب النساء منه في باب الكنى (1946) : أم عبد بنت سود بن فريم بن صاهلة الهذلية أم عبد الله بن مسعود؛ كذلك ضبطه أبو علي الغساني: فريم بالراء في الموضعين بخطه. قال أبو عمر (987، 988) : كان إسلامه قديما في أول الإسلام، وهاجر الهجرتين جميعا: الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، والهجرة الثانية من مكة إلى المدينة، وضمّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليه فكان يلج عليه ويلبسه نعليه، ويمشي معه وأمامه ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، وشهد بدرا والحديبية، وشهد له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالجنّة. (984) وعن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أمّ عبد- فبدأ به- ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة. ومناقبه، رضي الله تعالى عنه، كثيرة. (993) ومات بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع، وكان يوم توفي ابن بضع وستين سنة. 2- أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (109) : أنس بن مالك بن النّضر بن ضمضم بن زيد الأنصاري النجّاريّ خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يكنى أبا حمزة، أمه أمّ سليم بنت ملحان الأنصارية. قال رضي الله تعالى عنه: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة. وقال له مولى له: أشهدت بدرا؟ قال: لا أمّ لك، وأين غبت عن بدر؟ قال محمد بن عبد الله الأنصاري: خرج أنس بن مالك مع رسول الله صلّى

الله عليه وسلم حين توجّه إلى بدر وهو غلام يخدمه. (111) ويقال إنه قدّم من صلبه ومن ولد ولده نحوا من مائة قبل موته، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعا له فقال: اللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له. قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالا وولدا؛ ويقال إنه ولد له ثمانون ولدا، منهم ثمانية وسبعون ذكرا وابنتان: الواحدة تسمى حفصة، والثانية تكنى أم عمرو. (110) ومات سنة ثلاث وتسعين وهو ابن مائة وثلاث سنين، وقيل مات ابن مائة وسبع، وقيل ابن مائة وعشر، قال أبو عمر: وأصحّ ما فيه أنه عمّر مائة سنة إلا سنة، ومات بقصره بالطفّ على فرسخين من البصرة، ودفن هنالك. تنبيه: قول أبي عمر في أنس: أنه قدّم من صلبه ومن ولد ولده نحوا من مائة قبل موته، يفهم منه أنهم ماتوا قبله. وقال ابن حزم في «الجماهر» (351- 352) لم يمت أنس حتى مشى أمامه مائة رجل من ولده، يرجعون بنسبهم إليه من ذكور ولده وولد ولده خاصة. قال: وله عقب بالبصرة كثير جدا.

الباب التاسع عشر في صاحب السواك

الباب التاسع عشر في صاحب السواك روى البخاري (5: 31) رحمه الله تعالى في باب من ألقى له وسادة عن إبراهيم قال: ذهب علقمة إلى الشام فأتى المسجد فصلّى ركعتين فقال: اللهم ارزقني جليسا، فقعد إلى أبي الدرداء فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب السرّ الذي كان لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة، أليس فيكم أو كان فيكم «1» الذي أجاره الله على لسان رسوله من الشيطان؟ يعني عمارا، أليس فيكم صاحب السواك؟ يعني ابن مسعود، كيف كان يقرأ عبد الله وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى قال والذكر والأنثى فقال: ما زال هؤلاء حتى كادوا يشككوني وقد سمعتها «2» من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر عبد الله بن مسعود في الباب الذي قبل هذا. فائدة لغوية: في «المحكم» ساك الشيء سوكا دلكه، وساك فمه بالعود واستاك مشتق من ساك، واسم العود المسواك، يؤنّث ويذكّر، والسّواك كالمسواك، والجمع سوك،

_ (1) البخاري: أليس فيكم أو منكم. (2) البخاري: حتى كادوا يستنزلونني عن شيء سمعته.

قال أبو حنيفة: وربما همز فقيل: سؤك. قال: وأنشد الخليل لعبد الرّحمن بن حسان «1» : [من المتقارب] أغرّ الثنايا أحمّ اللّثا ... ت تمنحه سؤك الإسحل بالهمز، وهذا لا يلزم همزه. انتهى. وقال الجوهري (4: 1593) : سوّك فاه تسويكا، وإذا قلت: استأك بالهمز أو تسوّك لم تذكر الفم. انتهى.

_ (1) ديوان عبد الرّحمن بن حسان: 48 واللسان (سوك) والبيت في وصف فرس، والإسحل: شجر تتخذ منه المساويك.

الباب الموفي عشرين في صاحب الكرسيى

الباب الموفي عشرين في صاحب الكرسيى وفيه اربعة فصول الفصل الأول في اتخاذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم الكرسي ذكر الدارقطني رحمه الله تعالى في «كتاب العلل» في حديث علي رضي الله تعالى عنه قال: كنت آتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم كلّ غداة، فإذا تنحنح دخلت، وإذا سكت لم أدخل، قال: فخرج إليّ فقال: حدث البارحة أمر: سمعت خشخشة في الدار فإذا أنا بجبريل عليه السلام، فقلت: ما منعك من دخولك. قال: إن في البيت كلبا، قال: فدخلت فإذا بجرو للحسن تحت كرسيّ لنا. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: قوله صلّى الله عليه وسلم: سمعت خشخشة، في «المشارق» (1: 247) سمعت خشخشة أمامي، أي صوت شيء، وأصله صوت الشيء اليابس. وأنشد الأعلم لعلقمة: [من الطويل] كما خشخشت يبس الحصاد جنوب «1» الثانية: الكرسي: في «المشرع الرويّ» هو الذي يجلس عليه، وقيل: لا يفضل عن مقعد القاعد. وفي «ديوان الأدب» (1: 176، 202) كرسي بضم الكاف، وكرسي بكسرها، والراء ساكنة في اللغتين.

_ (1) صدر بيت علقمة: تخشخش أبدان الحديد عليهم، وانظر ديوانه (شرح الأعلم) : 45.

الفصل الثاني في ذكر جلوس النبي صلى الله عليه وسلم على الكرسي

الفصل الثاني في ذكر جلوس النبي صلّى الله عليه وسلم على الكرسيّ روى مسلم والنسائي رحمهما الله تعالى، والنص لمسلم (1: 239) عن حميد بن هلال قال قال، أبو رفاعة العدوي: انتهيت إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم وهو يخطب: قال، فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إليّ، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدا، قال: فقعد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجعل يعلّمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتمّ آخرها. الفصل الثالث في اتخاذ عمر رضي الله تعالى عنه الكرسي ذكر المبرد في الكتاب «الكامل» (2: 193- 194) في قصة الحطيئة، حين حبسه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لاستعداء الزبرقان عليه في هجوه وهجو رهطه وتفضيله بني عمهم عليهم: أن عمر رضي الله تعالى عنه دعا بكرسيّ فجلس عليه، ودعا بالحطيئة فأجلسه بين يديه، ودعا بإشفا» وشفرة يوهمه أنه عامل على قطع لسانه حتى ضجّ من ذلك. فكان فيما قال له الحطيئة: يا أمير المؤمنين والله لقد هجوت أبي وأمي وهجوت نفسي، فتبسم عمر ثم قال: فما الذي قلت؟ قال: قلت لأبي وأمي والمخاطبة للأم: [من الكامل] ولقد رأيتك في النساء فسؤتني ... وأبا بنيك فساءني في المجلس وقلت لها: [من الوافر] تنحّي فاقعدي مني بعيدا ... أراح الله منك العالمينا أغربالا إذا استودعت سرا ... وكانونا على المتحدثينا وقلت لامرأتي: [من الوافر] أطوّف ما أطوّف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع

_ (1) الاشفا: المخرز.

الفصل الرابع في اتخاذ علي رضي الله تعالى عنه الكرسي

فقال له عمر: فكيف هجوت نفسك؟ فقال: اطّلعت في بئر فرأيت وجهي، فاستقبحته فقلت: [من الطويل] أبت شفتاي اليوم إلا ترنما ... بشرّ فما أدري لمن أنا قائله أرى لي وجها قبّح الله خلقه ... فقبّح من وجه وقبّح حامله فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قوله: وكانونا على المتحدثينا. في «ديوان الأدب» (3: 61) رجل كانون: يستثقله أصحابه عند الحديث، وأنشد الحطيئة يهجو أمه هذا البيت. الثانية: قوله قعيدته لكاع. في «المحكم» (1: 96) قعيدة الرجل، وقعيدة بيته: امرأته. وقال الجوهري (3: 1280) : رجل لكع أي لئيم، وقيل: هو العبد الذليل النفس، امرأة لكاع مثل قطام، وأنشد للحطيئة هذا البيت، قال: ولا يصرف لكع في المعرفة لأنه معدول عن ألكع، وقد لكع لكاعة فهو ألكع، والمرأة لكعاء. الثالثة: قوله: إلّا ترنما. في «الصحاح» (5: 1938) : الرّنم بالتحريك: الصوت، وقد رنم بالكسر، وترنّم الطائر في تغريده. الفصل الرابع في اتخاذ علي رضي الله تعالى عنه الكرسي روى النسائي (1: 69) عن عبد خير رحمهما الله تعالى قال: شهدت علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه دعا بكرسيّ فقعد عليه، ثم دعا بماء في تور فغسل يديه اليمنى ثلاثا، ثم مضمض واستنشق بكفّ واحدة ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، وغسل يده اليمنى ثلاثا، ويده اليسرى ثلاثا، ومسح برأسه، ثم غسل رجليه بالماء ثلاثا، ثم قال: من سرّه أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فهذا وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فائدة لغوية: في «الصحاح» (2: 602) التّور: إناء يشرب فيه؛ ذكره في باب التاء المثناة من فوق.

الباب الحادي والعشرون في السقاء

الباب الحادي والعشرون في السقاء وفيه أربعة فصول الفصل الأول في أنه كان صلّى الله عليه وسلم يستعذب له الماء «1» في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (227) للأصبهاني رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر السّقيا، والسّقيا من أطراف الحرّة، وفي لفظ آخر: من طرف الحرة. انتهى. وروى أبو داود (2: 305) رحمه الله تعالى عن عائشة أيضا رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا، قال قتيبة: هي عين بينها وبين المدينة يومان «2» . فائدتان لغويتان: الأولى: ابن طريف: سقيتك شرابا وأسقيتك. وفي «المحكم» (6: 302) رجل ساق وسقّاء على التكثير من قوم سقّائين، والأنثى: سقّاءة وسقاية. الثانية: «في معجم ما استعجم» (742) : السّقيا بضم السين وإسكان القاف

_ (1) قارن بأنساب الأشراف 1: 535- 536. (2) ذكر البلاذري أنه كان يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر ويعرف ببئر أنس ومن بئر غرس ومن بئر اسمها جاسم لأبي الهيثم بن التيهان، وكان يشرب من بئر لقوم من الأنصار تسمى العبيرة فسماها اليسيرة وفي رواية أنها كانت تسمى العسيرة.

الفصل الثاني في ما جاء من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبرد له الماء

بعده الياء أخت الواو: قرية جامعة وهي في طريق مكة إلى المدينة، وإنّما سمّيت السقيا لما سقت «1» من الماء العذب، وهي كثيرة الآبار والعيون والبرك. انتهى. الفصل الثاني في ما جاء من أنه صلّى الله عليه وسلم كان يبرّد له الماء روى مسلم (2: 396) عن جابر في حديثه الطويل في سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم يقول فيه، قال: يعني جابرا- فأتينا العسكر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا جابر ناد بوضوء، فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء ألا وضوء؟ قال، قلت: يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرّد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له على حمارة من جريد، فقال لي: انطلق إلى فلان الأنصاريّ، فانظر هل في أشجابه من شيء؟ قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها، فلم أجد فيها إلّا قطرة في عزلاء شجب منها لو أنّي أفرغه لشربه يابسه، قال: اذهب فأتني به، فأتيته به فأخذه بيده، ثم جعل يتكلم بشيء ما أدري ما هو ويغمزه بيده، ثم أعطانيه فقال: يا جابر ناد بجفنة فقلت: يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده في الجفنة هكذا- فبسطها وفرّق بين أصابعه- ثم وضعها في قعر الجفنة وقال: خذ يا جابر فصبّ عليّ وقل: بسم الله، فصببت عليه وقلت: بسم الله، فرأيت الماء يفور «2» من بين أصابع يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: يا جابر ناد من كان له حاجة بماء؟ قال: فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، قال: فقال «3» هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى. انتهى.

_ (1) ط والبكري: سقيت. (2) مسلم: يتفور. (3) مسلم: قال فقلت.

الفصل الثالث في ساقي النبي صلى الله عليه وسلم

فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: قوله: في أشجاب له على حمارة من جريد: في «المشارق» (2: 244، 1: 144) جمع شجب- بسكون الجيم وفتح الشين- وهو ما قدم من القرب، والحمارة وتسمى الحمار أيضا: هي الأعواد التي تعلّق عليها هذه القربة. والجريد: سعف النخل وأغصانها التي يخرج فيها خوصها. المسألة الثانية: قوله في عزلاء شجب: في «المشارق» (2: 80) عزلاء المزادة: فمها الأسفل، ممدود، وجمعه: عزالي. المسألة الثالثة: في «المشارق» (1: 159) الجفنة أعظم القصاع، وهي جفنة الطعام- مفتوحة الجيم- ومعنى قوله: يا جفنة الركب، يريد يا هؤلاء الركب احضروا جفنتكم، والركب جمع راكب. الفصل الثالث في ساقي النبي صلّى الله عليه وسلم روى مسلم (2: 132) «1» رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لقد سقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقدحي هذا الشراب كلّه: العسل والنبيذ والماء واللبن. الفصل الرابع في سقي الماء في الغزو روى البخاري (4: 40) عن ثعلبة بن أبي مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قسم مروطا بين نساء من نساء المدينة، فبقى مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين أعط هذا بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم التي عندك، يريدون أم كلثوم بنت علي، فقال عمر: أم سليط أحقّ، وأم سليط من نساء

_ (1) قارن بمسند أحمد 3: 247 (ولم يرد فيه ذكر النبيذ) .

الأنصار ممن بايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد. انتهى. وفي «الاستيعاب» (1940) أم سليط: امرأة من المبايعات حضرت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد، قال عمر بن الخطاب: كانت تزفر لنا القرب يوم أحد. انتهى. فائدة لغوية: «تزفر لنا القرب» : في «المشارق» (1: 312) أي تحملها ملأى على ظهرها تسقي الناس منها، والزّفر: الحمل على الظهر، والزّفر: القربة أيضا كلاهما بفتح الزاي وسكون الفاء يقال منه: زفر وأزفر. وفي «الديوان» (2: 155) : بكسر الفاء في المستقبل وفتحها في الماضي. تنبيه: يأتي شرح المرط في باب الألوية من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

الباب الثاني والعشرون في الإمارة على الحج

الباب الثاني والعشرون في الإمارة على الحج وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «الإكمال» : أول من أقام للمسلمين الحجّ عتّاب بن أسيد سنة ثمان، ثم أبو بكر رضي الله تعالى عنه سنة تسع، وحجّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سنة عشر. انتهى. فائدة لغوية: في «جامع اللغات» يقال: حجّ الرجل يحجّ حجا: إذا قصد الشيء، فسمّي الحجّ حجا لأنه قصد البيت، ويقال له: الحجّ والحج: لغتان فصيحتان، وقيل: الحج مأخوذ من قولهم: حججت فلانا أي جئته مرة بعد مرة، فقيل: حجّ البيت، لأن الناس يأتونه في كلّ سنة، وقيل: الحجّ: الزيارة، فقيل: حجّ البيت لأن الناس يزورونه، والحجة ما يلزم الإنسان من المناسك، وأنكر بعضهم حجة، وقال الفراء: حجّة بالكسر ولم أسمع حجّة، ولو قالوا: حجّة مثل مددته مدّة كان صوابا. وفي «المثلث» لابن السيد: الحجّة بالفتح قضاء نسك سنة، وبعضهم يكسر الحاء، وفي «المشارق» (1: 181) اسم الحجّ حجّة بالفتح، والمرة الواحدة منه حجّة بالكسر، ولم تأت فعلة بالكسر في المرة الواحدة إلا في هذا الباب، والباب كلّه فعلة بالفتح. وفي «المحكم» (2: 337) رجل حاجّ، وقوم حجّاج وحجيج مثل غاز

الفصل الثاني في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع

وغزيّ، قال: ويجمع على حجّ مثل بازل وبزل. وفي «المشارق» (1: 181) و «المحكم» (2: 337) و «الجامع» : الحجّ بالكسر: الحجّاج وأنشدوا في الأخيرين: [من الكامل] وكأن عافية النسور عليهم ... حجّ بأسفل ذي المجاز نزول «1» تنبيه: قد تقدم ذكر أبي بكر رضي الله تعالى عنه في أول الكتاب في كتاب الخلافة، ويذكر عتاب بن أسيد في باب الإمارة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. الفصل الثاني في حجة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع قد تقدم في الفصل قبل هذا قول القاضي عياض رحمه الله تعالى إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حجّ سنة عشر. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : إنه- صلى الله عليه وسلم- حجّ سنة عشر، قال: ووقف معه مائة ألف وعشرون ألفا، قال: وسميت حجة الوداع لأن النبي صلّى الله عليه وسلم خطب الناس فيها وأوصاهم، وقال: لعلكم لا تروني بعد عامي هذا. وودّعهم، ولم يحجّ- صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة غيرها. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (3: 1295) : التوديع: عند الرحيل، والاسم: الوداع بالفتح.

_ (1) البيت لجرير، في ديوانه: 104، والعافية: الغاشية التي تغشى لحومهم.

الباب الثالث والعشرون في صاحب البدن

الباب الثالث والعشرون في صاحب البدن روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (262) عن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كلّ بدنة عطبت من الهدي فانحرها، ثم ألق قلائدها في دمها، ثم خلّ بينها وبين الناس يأكلونها. انتهى. وروى النسائي «1» رحمه الله تعالى عن هشام عن أبيه عن ناجية الخزاعى قال قلت: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال: انحرها ثم اغمس نعلها «2» في دمها، وخلّ بينها وبين الناس يأكلونها. انتهى. تنبيه: يأتي ذكر ناجية بن جندب رضي الله تعالى عنه في باب الدليل، إن شاء الله تعالى، في هذا الكتاب. فائدة لغوية: البدن قال الهروي: واحدتها بدنة، كما يقال: ثمرة وثمر، وسميت بدنة لأنها تبدن، والبدانة: السّمن. وقال القاضي في «المشارق» (1: 80) : وهي مختصة

_ (1) قارن بما ورد في مسند أبي داود 1: 408 والترمذي 2: 196 وابن ماجه 2: 1036 والدارمي 2: 65 ومسند أحمد 1: 217، 279. (2) ط: من نعلها.

بالإبل. وقال الجوهري: (5: 2077) البدنة: ناقة أو بقرة تنحر بمكة والجمع بدن- بالضم- وقال ابن سيده: البدنة من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم تهدى إلى مكة، الذكر والأنثى في ذلك سواء: والجمع: بدن وبدن، ولا يقال في الجمع: بدن، وإن كانوا قد قالوا: خشب وأجم ورخم وأكم؛ استثناه اللحياني. وفي «ديوان الأدب» (1: 243) : البدنة: بفتح الباء والدال: الناقة والبقرة تنحر بمكة.

الباب الرابع والعشرون في حجابة البيت وهي العمارة والسدانة أيضا

الباب الرابع والعشرون في حجابة البيت وهي العمارة والسدانة أيضا وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من وليها في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال أبو محمد عبد الحق بن عطية في «التفسير» (8: 149) عمارة البيت، وهي السدانة، وكان يتولاها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عبد الدار، وشيبة بن عثمان بن أبي طلحة- المذكور- وهذان هما اللذان دفع إليهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة في ثاني يوم الفتح بعد أن طلبه العباس وعليّ، وقال لعثمان وشيبة: يوم وفاء وبرّ، خذوها خالدة تالدة لا ينازعكموها إلا ظالم. يعني السدانة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: الجوهري: (5: 2135) السادن: خادم الكعبة، والجمع السّدنة، وقد سدن يسدن بالضم سدنا وسدانة. ابن سيده: السّدن والسدانة: الحجابة، والسّدنة: حجّاب البيت. الثانية: التالدة: قال ابن طريف «1» : تلد الشيء في يد فلان: أقام، وفي «الصحاح» تلد فلان في بني فلان: أقام فيها.

_ (1) م: ابن الطريف.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عثمان بن طلحة بن أبي طلحة : نسبه أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1034) فقال: عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، واسم أبي طلحة: عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري ويقال «1» عثمان بن عبد العزى بن عبد الدار، ولم يذكره ابن عطية. وكما نسبه ابن عبد البر نسبه أبو عبيد القاسم بن سلّام (4) ، وابن حزم (127) في «جماهرهما» بإثبات عثمان بن عبد العزى وعبد الدار. قال أبو عمر: (1034) هاجر عثمان بن طلحة بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هجرته في هدنة الحديبية مع خالد بن الوليد، فلقيا عمرو بن العاص مقبلا من عند النجاشيّ يريد الهجرة، فاصطحبوا جميعا حتى قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين رآهم: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها- يقول: إنهم وجوه مكة- فأسلموا، ثم شهد عثمان بن طلحة فتح مكة، فدفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه، وإلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينازعكم فيها إلا ظالم. ثم نزل عثمان بن طلحة المدينة فأقام بها إلى وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم انتقل إلى مكة فسكنها حتى مات بها في أول خلافة معاوية سنة اثنتين وأربعين، وقيل إنه قتل يوم أجنادين. انتهى. 2- شيبة بن عثمان بن أبي طلحة: قد تقدم إيصال نسبه بقصيّ في نسب ابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة . وقال أبو عمر في «الاستيعاب» (712) : القرشي العبدري الحجبي المكي. يكنى: أبا عثمان وقيل: أبا صفية، ويعرف أبوه عثمان بن أبي طلحة بالأوقص.

_ (1) ط: فزاد ... وعبد الدار.

أسلم شيبة يوم فتح مكة، وشهد حنينا، وقيل: بل أسلم بحنين. وقال الزبير: كان شيبة قد خرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين، يريد أن يغتال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرأى من رسول الله صلّى الله عليه وسلم غرّة، فأقبل يريده، فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا شيبة، هلمّ لا أمّ لك. فقذف الله في قلبه الرعب، ودنا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوضع يده على صدره ثم قال: اخسأ عنك الشيطان. فأخذه أفكل وقذف الله في قلبه الإيمان فأسلم، وقاتل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان ممن صبر معه يومئذ، وكان من خيار المسلمين، ودفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة وإلى ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وقال: خذوها خالدة تالدة إلى يوم القيامة يا بني طلحة لا يأخذها منكم إلا ظالم. قال: فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار. قال أبو عمر: (713) : شيبة هذا هو جد بني شيبة حجبة الكعبة إلى اليوم، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وهو من فضلائهم، وتوفي في آخر خلافة معاوية سنة تسع وخمسين، وقيل بل توفي في أيام يزيد بن معاوية «1» . انتهى.

_ (1) م: أيام اليزيد.

الباب الخامس والعشرون في السقاية

الباب الخامس والعشرون في السقاية وفيه ثلاثه فصول الفصل الأول في السقاية كانت قبل الإسلام لبني عبد المطلب فأقرّها رسول الله صلّى الله عليه وسلم لهم في الإسلام. روى مسلم (1: 348) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه حديثه الطويل في باب حجة النبي صلّى الله عليه وسلم وفيه: ثم ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلّى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا فشرب. انتهى. الفصل الثاني في ذكر من وليها في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال أبو محمد ابن عطية في «التفسير» (8: 150) قال محمد بن كعب: إن العباس وعليا وعثمان بن طلحة تفاخروا، فقال العباس: أنا ساقي الحاج، وقال عثمان: أنا عامر البيت، ولو شئت بتّ فيه، وقال علي: أنا صاحب جهاد الكفار مع النبي صلّى الله عليه وسلم والذي آمنت وهاجرت قديما، فنزلت الآية: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (التوبة: 19) .

الفصل الثالث في ذكر العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل الثالث في ذكر العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم في «الاستيعاب» (810) العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يكنى أبا الفضل. بابنه الفضل. وكان العباس أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بل بثلاث سنين، وأمه امرأة من النمر بن قاسط، وهي نثلة ويقال نثلة ابنة جناب بن كليب «1» بن مالك بن عمرو بن عامر الضّيحان. وقال أبو عبيدة: هي نثيلة بنت جناب بن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر [بن زيد مناة بن عامر] «2» وهو الضّحيان، ولدت لعبد المطلب العباس فأنجبت به، وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة، وذلك أن العباس ضلّ وهو صبيّ، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام، فوجدته ففعلت. وكان العباس في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، والسقاية معروفة، وليها بعد أبي طالب فقام بها، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستبّ في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا، يحملهم على عمارته في الخير لا يستطيعون لذلك امتناعا لأنه كان ملأ قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، وكانوا أعوانا عليه، وسلّموا ذلك إليه. وكان ممن خرج مع المشركين يوم بدر، وأخرج إليها مكرها فيما يزعم قوم، فأسر فيمن أسر منهم، وكانوا قد شدّوا وثاقهم، فسهر النبي- صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا نبيّ الله؟ قال: أسهر لأنين العباس، فقام رجل من القوم فأرخى من وثاقه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم مالي لا أسمع أنين العباس؟ فقال الرجل: أنا أرخيت من وثاقه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسرى كلّهم.

_ (1) ط: كليم. (2) انظر جمهرة ابن حزم: 301.

قال أبو عمر (812) : أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك بيّن في حديث الحجاج بن علاط، أنه كان مسلما يسرّه ما يسر ويفتح الله على المسلمين. ثم أظهر إسلامه يوم فتح مكة، وشهد حنينا والطائف وتبوك، ويقال إن إسلامه قبل بدر، وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان المسلمون بمكة يتقوون به، وكان يحبّ أن يقدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنما أخرج كرها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وحضر مع النبي صلّى الله عليه وسلم يشترط له على الأنصار، وكان على دين قومه يومئذ، وانهزم الناس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين غيره وغير عمر وعليّ وأبي سفيان بن الحارث، وقد قيل غير سبعة من أهل بيته، وذلك مذكور في شعر العباس الذي يقول فيه «1» : [من الطويل] ألا هل أتى عرسي مكرّي ومقدمي ... بوادي حنين والأسنّة شرّع نصرنا رسول الله في الحرب سبعة ... وقد فرّ من قد فرّ عنه وأقشعوا «2» وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يكرم العباس بعد إسلامه، ويعطيه ويجلّه، ويقول: هذا عمي وصنو أبي. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفّا وأوصلها «3» .

_ (1) ذكر ابن عبد البر أن شعره في السيرة، ولم أجده فيه. (2) السبعة هم: علي والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وابناه جعفر وربيعة وأسامة بن زيد (وزاد بعضهم أيمن بن عبيد) . (3) مسند أحمد 1: 182.

(816) وقال ابن شهاب: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه. (814) وعن أبي الزناد عن الثقة أن العباس بن عبد المطلب لم يمرّ بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالا له، ويقولان: عم النبي صلّى الله عليه وسلم. وروى ابن عباس وأنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان إذا قحط أهل المدينة استسقى بالعباس. (816) وقال ابن شهاب: استسقى به عمر فسقي. قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى (814) وكان سبب ذلك أن الأرض أجدبت إجدابا شديدا على عهد عمر عام الرمادة، وذلك سنة تسع عشرة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر: هذا عمّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم وسيد بني هاشم. (815) وروينا من وجوه عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه خرج يستسقي وخرج معه العباس، فقال «1» : اللهم إنا نتقرب إليك بعمّ نبيك؛ ونستشفع به، فاحفظنا بعمّ نبينا كما حفظت الغلامين بصلاح أبيهما، وأتيناك مستغفرين ومستشفعين، ثم أقبل على الناس فقال: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (نوح: 10- 12) ثم قام العباس وعيناه تنضحان، فطالع عمر ثم قال: اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير، ورقّ الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السرّ وأخفى، اللهم أغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا [فيهلكوا] فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون. فنشأت طريرة من سحاب، فقال الناس: ترون؟ ترون؟ ثم تلاءمت واستتمت ومشت فيها ريح ثم هرّت ودرّت،

_ (1) قارن بما أورده ابن الأثير في تاريخه 2: 557.

فو الله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء وقلصوا المآزر، وطاف الناس بالعباس يمسحون أردانه ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين. (816) وتوفي العباس بالمدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: بل من رمضان سنة اثنتين وثلاثين قبل قتل عثمان بسنتين، وصلّى عليه عثمان، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وثمانين سنة، أدرك في الإسلام اثنتين وثلاثين سنة، وفي الجاهلية ستا وخمسين. وقال خليفة بن خياط (179) : كانت وفاة العباس سنة ثلاث وثلاثين. انتهى. فوائد لغوية في ثماني مسائل: المسألة الأولى: في «الغريبين» العباس صنو أبي: أراد أن أصله وأصل أبي واحد. وفي «الصحاح» (6: 2404) إذا خرج نخلتان وثلاث من أصل واحد، فكل واحدة منهن صنو، والاثنان صنوان، والجمع صنوان برفع النون. وفي «المحكم» في الحديث: عمّ الرجل صنو أبيه. المسألة الثانية: في «الصحاح» (3: 1151) القحط: الجدب، وقحط المطر يقحط قحوطا إذا احتبس، وحكى الفراء: قحط المطر بالكسر يقحط، وأقحط القوم إذا أصابهم القحط، وقحطوا أيضا على ما لم يسمّ فاعله قحطا. المسألة الثالثة: في «الغريبين» عام الرمادة أي عام الهلكة، يقال: رمدت الغنم: إذا هلكت وموتت من برد أو صقيع، وأرمد القوم: إذا هلكت مواشيهم، ورمد عيشهم: إذا هلكوا وهو الرمد. وقال أبو عبيد: بل سمي عام الرمادة لأن الزرع والشجر وكلّ شيء من النبت احترق مما أصابه من السنة. فشبّه سوادها بالرماد. قال الهروي: هذا تفسير الفقهاء، والأول كلام العرب، ولكلّ وجه. المسألة الرابعة: في «المحكم» (3: 94) نضحت العين تنضح نضحا، وانتضحت: فارت بالدمع. المسألة الخامسة: في «الصحاح» (2: 854، 656) الهرهور: الماء الكثير وهو

الذي إذا جرى سمعت له هرهرة «1» وهي حكاية جريه، ويقال: ماء هرهر، وهراهر، وللسحاب درّة أي صبّ، والجمع درر. وقال النّمر بن تولب «2» : [من المتقارب] سلام الإله وريحانه ... ورحمته وسماء درر غمام ينزّل رزق العباد ... فأحيا البلاد وطاب الشجر المسألة السادسة: اعتلقوا الحذاء: أي نزعوها من أرجلهم، وعلقوها بأيديهم لئلا يفسدها الماء من كثرة سيحه. وفي «الصحاح» (6: 2310) : الحذاء: النعل، واحتذى: انتعل. وقال الراجز: كلّ الحذاء يحتذى الحافي الوقع «3» المسألة السابعة: قلّصوا المآزر: أي رفعوها فتقلصت كي لا يصيبها الماء. وفي «الصحاح» (3: 1053) قلص الشيء يقلص قلوصا: ارتفع، والمآزر جمع مئزر. وفي «الغريبين» : ويقال: إزار ومئزر ولحاف وملحف، وحلاب ومحلب. وفي «المشارق» (1: 29) المئزر والإزار ما ائتزر به الرجل من أسفله. وفي حديث أنس: أزرتني بنصف خمارها وردّتني بنصفه، أي جعلت من بعضه إزارا لأسفلي، ومن بعضه رداء لأعلى بدني وهو موضع الرداء. المسألة الثامنة: في «الصحاح» (5: 2121) الرّدن بالضم أصل الكمّ، يقال: قميص واسع الرّدن: وأردنت القميص، وردّنته تردينا: جعلت له ردنا، والجمع أردان. وقال «4» : [من المتقارب] وعمرة من سروات النساء ... تنفح بالمسك أردانها

_ (1) الصحاح: هرهر. (2) البيتان في اللسان والتاج: (درر) . (3) الرجز في الحيوان 6: 446 والبيان 3: 62 وأمالي القالي 1: 115 واللسان (وقع) لجساس بن قطيب أبي المقدام. (4) هو قيس بن الخطيم كما في اللسان (ردن) وديوانه: 26.

الجزء الثالث في العمالات الكتابية وما يشبهها وما ينضاف إليها وفيه ثلاثة عشر بابا

الجزء الثالث في العمالات الكتابية وما يشبهها وما ينضاف إليها

الباب الاول في كتاب الوحي «1» وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر أسمائهم قال القاضي محمد بن سلامة «2» القضاعي رحمه الله تعالى في كتابه «في أنباء الأنبياء عليهم السلام وتواريخ الخلفاء وولايات الملوك والأمراء» : كان عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما. انتهى. وقال «3» أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (68) كان أبي بن كعب ممن كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم الوحي قبل زيد بن ثابت ومعه أيضا، وكان زيد ألزم الصحابة لكتاب الوحي، وكان أبي وزيد يكتبان الوحي بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقال القاضي محمد بن سلامة: فإن لم يحضر أحد من هؤلاء الأربعة كتب من حضر من الكتاب وهم: معاوية بن أبي سفيان، وخالد بن سعيد بن العاص، وأبان بن سعيد، والعلاء بن الحضرميّ، وحنظلة بن الربيع.

_ (1) اهتم الكثيرون بتدوين مؤلفات في كتاب النبي بعامة ومنهم القضاعي وعمر بن شبة ولابن حديدة الأنصاري كتاب «المصباح المضي في كتاب النبي الأمي» (انظر التراتيب الإدارية 1: 124) . (2) م: سالمة. (3) هذه الفقرة سقطت من م.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب الوحي أيضا فارتدّ عن الإسلام ولحق بالمشركين، فلما فتحت مكة استأمن له عثمان بن عفان- وكان أخاه من الرضاعة- فأمّنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحسن إسلامه. ولاه عمر مصر ثم أقرّه عثمان عليها، وخرج عنها حين تأمّر عليها محمد بن أبي حذيفة، ومات بعسقلان؛ فهؤلاء كتاب الوحي. انتهى ما قاله القضاعيّ. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب الرسول. 2- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب القاضي. 3- أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الإمامة في قيام رمضان. 4- زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب كتّاب الرسائل. 5- معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1416) معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. أمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى: أبا عبد الرّحمن، كان هو وأبوه وأخوه من مسلمة الفتح. قال أبو عمر: معاوية وأبوه من المؤلّفة قلوبهم. (1420) وله فضيلة جليلة رويت من طريق الشاميين عن عرباض بن سارية، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب» . وهو أحد الذين كتبوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وولّاه عمر رضي الله تعالى عنه الشام بعد موت أخيه يزيد. (1417) وورد البريد على عمر بموت يزيد، وأبو سفيان عنده، فلما قرأ الكتاب بموت يزيد قال لأبي سفيان: أحسن الله عزاءك

في يزيد ورحمه. ثم قال له أبو سفيان: من ولّيت مكانه يا أمير المؤمنين؟ قال: أخاه معاوية، قال: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين. وفي «المعارف» (345) : كان يقال ليزيد بن أبي سفيان: يزيد الخير، واستعمله أبو بكر على الشام، ثم أقره عمر بعده، حتى مات في خلافة عمر سنة ثماني عشرة. قال أبو عمر (1417) : وأقام معاوية على الشام أربع سنين، ومات عمر فأقرّه عثمان عليها اثنتي عشرة سنة إلى أن مات، ثم كانت الفتنة فحارب معاوية عليا أربع سنين. قال ابن إسحاق: وكان معاوية أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة. (1418) وذمّ معاوية عند عمر يوما فقال: دعونا من ذمّ فتى قريش، من يضحك في الغضب، ولا ينال ما عنده إلا على الرضى، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه. (1421) وروى ابن شهاب بسنده عن المسور بن مخرمة «1» أنه وفد على معاوية، قال: فلما دخلت عليه سلّمت، قال: فقال: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال: قلت: ارفضنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له، قال: والله لتكلّمنّ بذات نفسك، قال: فلم أدع شيئا أعيبه إلا بيّنته له، قال: فقال: لا أبرأ من الذنوب، فما لك ذنوب تخاف أن تهلكك إن لم يغفرها الله لك؟ قال: فقلت: بلى، قال: فما جعلك أحقّ أن ترجو المغفرة مني؟ فو الله لما ألي من الإصلاح بين الناس، وإقامة الحدود والجهاد في سبيل الله، والأمور العظام التي لست أحصيها ولا تحصيها أكثر مما تلي وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات، ويعفو عن السيئات، والله لعلى ذلك ما كنت لأخيّر بين الله تعالى وبين ما سواه إلا اخترت الله

_ (1) قارن بأنساب الأشراف 4/ 1: 36، 47 وتاريخ بغداد 1: 208 ومصنف عبد الرزاق 11: 341- 345 وتاريخ الإسلام للذهبي 3: 80.

تعالى على ما سواه، قال مسور: ففكرت حين قال ما قال فعرفت أنه خصمني، قال: فكان إذا ذكره بعد دعا له بخير. (1418) واختلف في تاريخ وفاته: فقيل توفي يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع وخمسين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل في رجب سنة ستين، قيل في النصف منه بدمشق، ودفن بها وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقيل ابن ستّ وثمانين سنة، وقيل لأربع ليال بقين منه. واختلف في مدة خلافته: فقيل كانت مدّته عشرين سنة، وقيل تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما، وقيل تسع عشرة ونصفا، وقيل تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما. انتهى مختصرا. 6- خالد بن سعيد بن العاص: يأتي ذكره في باب العامل على الصدقة. 7- أبان بن سعيد بن العاص: في «الاستيعاب» (62) في باب أبان: [أبان] بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي: قال الزبير بن بكار: تأخّر إسلامه بعد إسلام أخويه خالد وعمرو فقال فيهما «1» : [من الطويل] ألا ليت ميتا بالظّريبة «2» شاهدا ... لما يفتري في الدين عمرو وخالد أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا ... يعينان من أعدائنا من يكايد وهو الذي أجار عثمان بن عفان حين بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قريش يوم الحديبية، وحمله على فرس حتى دخل مكة، وقال له «3» : [من المنسرح] أقبل وأدبر ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم ثم أسلم أبان وحسن إسلامه، وكان إسلامه بين الحديبية وخيبر، وأمّره رسول

_ (1) البيتان في نسب قريش: 175 وياقوت والبكري (الظريبة) وأسد الغابة 1: 35، 4: 108 والإصابة 4: 300. (2) ط: بالعريمة (وغير واضحة في م) . (3) البيت في نسب قريش: 175 وأسد الغابة 1: 35 والإصابة 1: 10.

الله صلّى الله عليه وسلم على بعض سراياه، منها سريّة إلى نجد، واستعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبان بن سعيد بن العاص على البحرين برّها وبحرها إذ عزل العلاء بن الحضرميّ عنها، فلم يزل عليها أبان إلى أن توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلم. واختلف في وفاته: فقيل يوم أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر، وقيل يوم مرج الصّفّر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر، وقيل يوم اليرموك؛ وهو قول ابن إسحاق ولم يتابع عليه، وكانت اليرموك في رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر. تنبيه: قال أبو عمر في «الاستيعاب» (1086) في باب العلاء: ولّى النبيّ صلّى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي البحرين، وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عليها، وهذا خلاف ما ذكره هنا. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في «المشارق» (1: 220- 221) الحديبية بضم الحاء وتخفيف الياءين، الأولى ساكنة والثانية مفتوحة وبينهما باء بواحدة مكسورة، كذا ضبطنا عن المتقنين، وعامة المحدّثين يقولونها بتشديد الياء الأخيرة، وهي قرية ليست بالكبيرة، أسفل مكة، منها إلى مكة مرحلة، قال مالك: وهي من الحرم، وحكى ابن القصّار: أن بعضها حلّ. والحديبية التي سميت بها هي البئر التي هناك عند مسجد الشجرة. المسألة الثانية: في «معجم البكري» (114) : أجنادين- بفتح الهمزة وبالنون والدال المهملة بعدها ياء ونون على لفظة التثنية كأنه تثنية أجناد- موضع من بلاد الأردن بالشام. المسألة الثالثة: في «معجم البكري» (837) : مرج الصّفّر- بضم الصاد

8 - العلاء بن الحضرمي

المهملة بعدها الفاء أخت القاف مفتوحة مشددة بعدها راء مهملة، موضع معروف. انتهى. 8- العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1085) يقال: اسم الحضرمي: عبد الله بن عماد، ويقال عمار، ويقال: ابن ضمار. ونسبه بعضهم فقال: هو العلاء بن عبد الله بن عماد بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أبيّ بن الصّدف، وقيل: الحضرمي والد العلاء: هو عبد الله بن عمّار بن سليمان بن أكبر، وقيل: عماد بن مالك بن أكبر. قال الدارقطني: وزعم الأملوكيّ «1» أنه عبد الله بن عباد «2» : فصحّف» ، ولا يختلفون أنه من حضرموت، حليف بني أمية. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد بعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، ثم ولّاه على البحرين إذ فتحها الله عليه، وتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عليها، فأقرّه أبو بكر خلافته كلّها، ثم أقرّه عمر رضي الله تعالى عنه. وتوفي في خلافة عمر، قيل: سنة أربع عشرة، وقيل: سنة إحدى وعشرين. واستعمل عمر مكانه أبا هريرة. قال أبو عمر (1086) : ويروى عن موسى بن أنس أن أبا بكر ولّى أنس بن مالك على البحرين وهذا لا يعرفه أهل السير. قال ويقال: إن عمر ولّى العلاء البصرة فمات قبل أن يصل إليها بماء من مياه بني تميم سنة أربع عشرة. ويقال: إنه كان مجاب الدعوة، وإنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها وذلك مشهور عنه. انتهى. وفي «مختصر حلية أبي نعيم الأصبهاني» (1: 290) لأبي الفرج الجوزي

_ (1) الأملوكي: نسبة إلى أملوك وهم بطن ينتهون بنسبتهم إلى رعين: ومنهم الضحاك بن زميل الأملوكي، يروي عن ابن عباس. (2) م: عماد. (3) ط: مصحّف.

رحمهما الله تعالى: العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي: عبد الله بن عماد بن سليمان من حضرموت، أسلم قديما وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى العبدي بالبحرين بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام. وولّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين ثم عزله عنها، وولّاها أبان بن سعيد، ثم أعاد أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه العلاء إلى البحرين؛ وكتب إليه عمر: أن سر إلى عتبة بن غزوان فقد ولّيتك عمله، يعني البصرة، فسار إليها فمات في الطريق سنة إحدى وعشرين، وقيل أربع عشرة، وقيل خمس عشرة. وعن قدامة بن حماطة قال: سمعت سهم بن منجاب قال: غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين فدعا بثلاث دعوات، فاستجيب له فيهنّ: نزلنا منزلا فطلب الماء يتوضأ فلم يجده فقام فصلّى ركعتين وقال: اللهم إنا عبيدك، وفي سبيلك نقاتل عدوك، اللهم اسقنا غيثك لنتوضأ منه ونشرب، فإذا توضأنا لم يكن لأحد نصيب غيرنا، فسرنا قليلا فإذا نحن بماء حين أقلعت عنه السماء فتوضأنا منه وتزوّدنا وملأت إداوتي وتركتها مكانها حتى أنظر هل استجيب له أم لا، فسرنا قليلا ثم قلت لأصحابي: نسيت إداوتي، فجئت إلى ذلك المكان وكأنه لم يصبه ماء قط، ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا وبينهم فقال: يا عليم يا حكيم، يا عليّ يا عظيم، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك، اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلا، فتقحم البحر فخضناه ما يبلغ لبودنا، فخرجنا إليهم، فلما رجع أخذه وجع البطن فمات، فطلبنا ماء نغسله به فلم نجده، فلففناه في ثيابه ودفناه. فسرنا غير بعيد فإذا نحن بماء كثير فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فاستخرجناه فغسلناه، فرجعنا فطلبناه فلم نجده، فقال رجل من القوم: إنه سمعته يقول: يا علي يا عظيم، يا عليم يا حكيم، أخف عليهم موتي، أو كلمة نحوها، ولا تطلع على عورتي أحدا، فرجعنا وتركناه. وعن عمرو بن ثابت قال: دخلت في أذن رجل من البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صماخه، فأسهرت ليله، ونغّصت عيش

9 - حنظلة بن الربيع

نهاره، فأتى رجلا من أصحاب الحسن فشكا إليه ذلك فقال: ويلك إن كان شيء ينفعك الله به فدعوة العلاء بن الحضرمي التي دعا بها في البحر وفي المفازة، قال: وما هي يرحمك الله؟ قال: يا علي يا عظيم يا حكيم يا عليم، فدعا بها فوالله ما برحنا حتى خرجت من أذنه ولها طنين حتى صكّت الحائط. انتهى. تنبيه: قال أبو عمر في باب أبان من «الاستيعاب» (62) استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبان بن سعيد بن العاص على البحرين برّها وبحرها إذ عزل العلاء بن الحضرمي عنها، فلم يزل عليها أبان إلى أن توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذا خلاف ما ذكره هنا من بقائه على ولاية البحرين حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك عند ذكرنا أبان. 9- حنظلة بن الربيع : في «الاستيعاب» (379) حنظلة بن الربيع، ويقال ابن ربيعة، والأكثر: ابن الربيع بن صيفي الكاتب الأسيّديّ التميميّ يكنى أبا ربعيّ من بني أسيّد بن عمرو بن تميم، من بطن يقال لهم بنو شريف، وهو أسيّد بكسر الياء وتشديدها. قال نافع بن الأسود التميمي يفخر بقومه: قومي أسيّد إن سألت ومنصبي ... ولقد علمت معادن الأحساب وبنو أسيّد بن عمرو بن تميم من أشراف بني تميم. وحنظلة ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب. وحنظلة أحد الذين كتبوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويعرف بالكاتب، شهد القادسية، وهو ممن تخلف عن عليّ في قتال أهل البصرة يوم الجمل، ولما توفي رحمه الله تعالى ورضي عنه جزعت عليه امرأته، فنهينها جاراتها، وقلن: إن هذا يحبط أجرك، فقالت «1» : [من السريع] تعجّبت دعد لمحزونة ... تبكي على ذي شيبة شاحب

_ (1) الأبيات في أسد الغابة 2: 59 والثالث في الإصابة 2: 44.

10 - عبد الله بن سعد بن أبي سرح

إن تسأليني اليوم ما شفّني ... أخبرك قولا ليس بالكاذب إنّ سواد العين أودى به ... حزن على حنظلة الكاتب مات حنظلة الكاتب في إمارة معاوية بن أبي سفيان، رضي الله تعالى عنهما. انتهى. فائدة لغوية: أكثم بن صيفي- بثاء مثلثة- قال محمد بن أبان بن سيّد في كتاب «الاشتقاق» : هو مشتقّ من الكثمة وهو عظم البطن. انتهى. 10- عبد الله بن سعد بن أبي سرح : في «الاستيعاب» (918) عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامل بن لؤي القرشي ثم العامري، يكنى أبا يحيى، وحبيب بالتخفيف، قاله ابن الكلبي. وقال ابن حبيب وأبو عبيدة: حبيّب بالتشديد. أسلم قبل الفتح وهاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم ارتدّ مشركا، وصار إلى قريش بمكة، فقال لهم: إني كنت أصرّف محمدا كيف أريد، كان يملي علي «عزيز حكيم» فأقول: أو «عليم حكيم» ؟ فيقول: نعم كلّ صواب. فلما كان يوم الفتح أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقتله، وقتل عبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، وفرّ عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان، فغيّبه عثمان حتى أتى به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما اطمأنّ أهل مكة، فاستأمنه له، فصمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: نعم. فلما انصرف عثمان، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمن حوله: ما صمتّ إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه، فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إليّ يا رسول الله؟ فقال: إن النبيّ لا ينبغي أن تكون له خائنة أعين. وأسلم عبد الله بن أبي سرح أيام الفتح فحسن إسلامه، ولم يظهر عليه شيء

ينكر عليه بعد ذلك. وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء في قريش، وكان فارس بني عامر بن لؤي المعدود فيهم، وكان صاحب ميمنة عمرو بن العاص في افتتاحه مصر وفي حروبه هناك كلّها. (919) وانتقضت الإسكندرية سنة خمس وعشرين فافتتحها عمرو بن العاص فقتل المقاتلة وسبى الذرية، فأمر عثمان أن يردّ السّبي الذين سبوا من القرى إلى مواضعهم للعهد الذي كان لهم، ولم يصحّ عنده نقضهم، وعزل عمرو بن العاص وولّى عبد الله بن أبي سرح، وكان ذلك بدء الشرّ بين عثمان وعمرو بن العاص. وافتتح عبد الله بن أبي سرح إفريقية من مصر سنة سبع وعشرين، وغزا منها الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وغزا الصواري من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، ثم قدم على عثمان، واستخلف على مصر السائب بن هشام بن عمرو «1» العامري، فانتزى «2» محمد بن أبي حذيفة بن عتبة فخلع «3» السائب وتأمر على مصر، ورجع عبد الله بن سعد من وفادته فمنعه ابن أبي حذيفة من دخول الفسطاط، فمضى إلى عسقلان فأقام بها حتى قتل عثمان، وقيل بل أقام بالرملة حتى مات فارّا من الفتنة، ولم يبايع لعليّ ولا لمعاوية، وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على معاوية. (920) وذكر يزيد بن أبي حبيب وغيره أنه دعا ربّه فقال: اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ ثم صلّى فقرأ في الركعة الأولى: بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية: بأم القرآن وسورة، ثم سلّم عن يمينه، وذهب يسلّم عن يساره فقبض الله روحه. وقيل إنه توفي بإفريقية، والصحيح أنه توفي بعسقلان سنة سبع وثلاثين، وقيل سنة ست وثلاثين.

_ (1) ط م: عمر. (2) ط: فاقتدى. (3) م: فخلف.

الباب الثاني في ذكر كتاب الرسائل والإقطاع

الباب الثاني في ذكر كتاب الرسائل والإقطاع وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها في «الاستيعاب» (68) عن الواقدي عن أشياخه قال: أول من كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، أبي بن كعب، وهو أول من كتب في آخر الكتاب: «وكتب فلان» . وكان أبيّ إذا لم يحضر دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم زيد بن ثابت فكتب، وكان أبيّ وزيد بن ثابت يكتبان الوحي بين يديه صلّى الله عليه وسلم ويكتبان كتبه إلى الناس، وما يقطع، وغير ذلك. قال أبو عمر (69) : وكان من المواظبين على كتاب الرسائل: عبد الله بن الأرقم الزهري. وذكر عن ابن إسحاق أنه قال (الاستيعاب: 865) : كان زيد بن ثابت يكتب الوحي، ويكتب إلى الملوك أيضا، وكان إذا غاب عبد الله بن الأرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب إلى بعض أمراء الأجناد والملوك أو إلى إنسان بقطيعة، أمر من حضر أن يكتب له. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (2: 183) الإقطاع: تسويغ الإمام من مال الله لمن «1»

_ (1) المشارق: شيئا لن.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وجمل من أخبارهم، رضي الله تعالى عنهم

يراه أهلا لذلك. يقال منه: أقطع بالألف، فأصله من القطع كأنّه قطع «1» له من جملة المال. وقد جاء في حديث بلال بن الحارث: قطع له معادن القبليّة. الثانية: في «المشارق» (2: 285) وذكر المواظبة على الصلاة: هي الملازمة. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وجمل من أخبارهم، رضي الله تعالى عنهم 1- أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الإمامة في قيام رمضان. 2- زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (537) : زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجّار الأنصاري النجّاري، يكنى أبا سعيد، وقيل: أبا عبد الرّحمن، وقيل: أبا خارجة بابنه خارجة؛ يقال: إنه كان في حين قدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة ابن إحدى عشرة سنة. ومن تاريخ البخاري (3: 380) : زيد بن ثابت أبو سعيد، ويقال أبو خارجة الخزرجي النجّاري: قال: أتي بي النبيّ صلّى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، فعجّب بي، فقيل له: هذا غلام من بني النجار قد قرأ مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فاستقرأني فقرأت. ومن «الاستيعاب» (537) قال الواقدي: استصغر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر جماعة فردّهم، منهم زيد بن ثابت، فلم يشهد بدرا. قال أبو عمر (537) : ثم شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقيل: إن أول مشاهده الخندق، قيل: وكان ينقل التراب يومئذ مع المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه نعم الغلام. (539) وكان أحد فقهاء الصحابة الجلّة الفرّاض. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت. (538) وحديث أنس: أن زيد بن ثابت أحد

_ (1) م: يقطع؛ المشارق: قطعه.

الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم صحيح. انتهى. ومن الجامع الصحيح» (2: 252) لمسلم رحمه الله تعالى عن قتادة قال: سمعت أنسا يقول: جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربعة كلّهم من الأنصار: معاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال قتادة: قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي «الاستيعاب» «1» : وكتب زيد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر، وكان على بيت المال في خلافة عثمان، وكان أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قد أمره بجمع القرآن في المصحف، فكتبه بيده. وذكره أبو الفرج الجوزي في «مختصر الحلية» (1: 295) لأبي نعيم، وخرّجه البخاريّ (6: 89) «2» . قال أبو عمر (539) رحمه الله: ولما اختلف الناس في القرآن زمن عثمان، واتفق رأيه ورأي الصحابة أن يردّ القرآن إلى حرف واحد وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يملّ المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه، فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي الناس. وروى الأعمش عن ثابت بن عبيد قال: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأزمته إذا جلس مع القوم. قال أبو الفرج الجوزي في «مختصر الحلية» (1: 296) : مات زيد بن ثابت سنة خمس وأربعين وهو ابن خمس وستين سنة. قال أبو عمر (540) وقيل سنة اثنتين، وقيل سنة ثلاث وأربعين وهو ابن ست وخمسين سنة، وقيل ابن أربع وخمسين سنة، وقيل بل توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين، وقيل سنة خمسين، وقيل: سنة خمس وخمسين. قال أبو عمر: وصلّى عليه مروان.

_ (1) في هذه الفقرة نقل من مواضع متفرقة من الاستيعاب. (2) يريد ما جرى من حوار بين أبي بكر وزيد حول جمع القرآن، وهو حديث طويل.

3 - عبد الله بن الأرقم

فائدتان لغويتان: الأولى: الجوهري (5: 1991) : العمّ: أخو الأب، والجمع أعمام، وعمومة مثل البعولة، وبيني وبين فلان عمومة، كما يقال: أبوّة وخؤولة. الثانية: الجوهري (6: 2243، 1: 250) : فكه الرجل بالكسر فكاهة بالفتح فهو فكه: إذا كان طيّب النفس مزّاحا، والفكاهة بالضم: المزاح. والزّمّيت: الوقور، وفلان أزمت الناس: أي أوقرهم. 3- عبد الله بن الأرقم : في «الاستيعاب» (865) : عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، أسلم عام الفتح، وكتب للنبيّ صلّى الله عليه وسلم ثم لأبي بكر، واستكتبه أيضا عمر، واستعمله على بيت المال، وعثمان بعده، حتى استعفى عثمان من ذلك فأعفاه. وروى ابن القاسم عن مالك قال: بلغني أنه ورد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتاب فقال: من يجيب عني؟ فقال عبد الله بن الأرقم: أنا، فأجاب عنه، وأتى به إليه فأعجبه وأنفذه. وذكر محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم فكان يجيب عنه، وبلغ من أمانته عنده أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك، فيكتب، ويأمره أن يطينه ويختمه وما يقرأه لأمانته عنده. (866) وروى ابن وهب عن مالك قال: بلغني أن عثمان أجاز عبد الله بن الأرقم، وكان له على بيت المال، بثلاثين ألفا فأبى أن يقبلها، قال أبو عمر: هكذا قال مالك. وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أن عثمان استعمل عبد الله بن الأرقم على بيت المال، فأعطاه عثمان ثلاثمائة درهم فأبى أن يأخذها، وقال: إنما عملت لله، وإنما أجري على الله. وروى أشهب عن مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول: ما رأيت أحدا أخشى لله من عبد الله بن الأرقم. وقال له عمر: لو كان لك مثل سابقة القوم ما قدّمت عليك أحدا.

الباب الثالث في كتاب العهود والصلح

الباب الثالث في كتاب العهود والصلح وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها قال أبو عمر بن عبد البر في «الاستيعاب» : كان الكاتب لعهوده صلّى الله عليه وسلم إذا عهد، وصلحه إذا صالح، عليّ بن أبي طالب. وخرّج البخاري (5: 179- 180) عن البراء: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة، فاشترطوا عليه ألا يقيم بها إلا ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو منهم أحدا، فأخذ يكتب الشرط بينهم عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولبايعناك، ولكن اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، قال: أنا والله محمّد بن عبد الله، وأنا والله رسول الله، قال: وكان لا يكتب، فقال لعلي: امح رسول الله، فقال عليّ: والله لا أمحاه «1» أبدا، قال فأرنيه؟ قال: فأراه، فمحاه النبي صلّى الله عليه وسلم بيده. وخرّج البخاري (5: 76) أيضا حديث هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلم واتباع سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر، ومولاه عامر بن فهيرة، ودليلهم الديلميّ، ليردّهم على قريش للجعل الذي جعلوا فيهم،

_ (1) البخاري في هذا الموضع: أمحوك؛ وفي باب الصلح: 6 والله لا أمحاه.

وفيه أن سراقة قال: ركبت فرسي فرفعتها تقرّب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي، واستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها: أضرّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره: فركبت فرسي- وعصيت الأزلام- تقرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: إنّ قومك قد جعلوا فيك الدّية، وأخبرتهم «1» أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت «2» الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا: اخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وقال محمد بن إسحاق في «السير» (1: 489- 490) : حدثني الزهريّ أن عبد الرّحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمّه سراقة حديثه حين اتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال فيه: فعرفت حين رأيت ذلك- يعني ما ظهر له في فرسه- أنه قد منع مني، وأنه ظاهر، قال: فناديت القوم: أنا سراقة بن جعشم انظروني أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي بكر: قل له ما تبتغي منا؟ فقال لي ذلك أبو بكر، فقلت: اكتب لي كتابا يكون بيني وبينك آية، قال: اكتب له يا أبا بكر، قال: فكتب لي كتابا في عظم، أو في رقعة أو في خزفة، ثم ألقاه إليّ فأخذته، فجعلته في كنانتي ثم رجعت، وهذا خلاف ما رواه البخاري عن الزهري أيضا من أن عامر بن فهيرة هو الذي كتب الكتاب، فالله أعلم أي ذلك كان.

_ (1) م ط: وأخبرته. (2) م ط: وعرضت عليهم.

فوائد لغوية في سبع مسائل: المسألة الأولى: في «المحكم» (1: 62) العهد: التقدم إلى المرء في الشيء، والعهد الذي يكتب للولاة، وهو مشتق منه، والجمع عهود، وقد عهد إليه عهدا، والعهد: الموثق واليمين، والجمع كالجمع، وقد عاهده. وفي «الصحاح» (1: 512) العهد: الوصية، وقد عهدت إليه أي أوصيته، ومنه اشتق العهد الذي يكتب للولاة. وفي «الديوان» (2: 230) عهد إليه يعهد، بكسر الهاء في الماضي وفتحها في المستقبل. المسألة الثانية: في «المشارق» (1: 150) جلبّان، بضم الجيم واللام وتشديد الباء؛ كذا في أكثر الأحاديث؛ وكذا ضبطناه، وكذا صوّبه «1» ابن قتيبة، ورواه بعض الناس: جلبان بسكون اللام، وكذا ذكره الهروي، وهو الذي صوّبه «3» ، وكذا قيدناه فيه، وفي كتاب ثابت، ولم يذكر ثابت سواه، وفسر الجلبان في الحديث: القراب وما فيه. قال الحربي: يريد جفون السيوف، وقال غيره: هو شبه الجراب من الأدم، يوضع فيه السيف مغمودا، ويطرح فيه الراكب سوطه ويعلّقه من آخرة الرحل، وهذا هو القراب. المسألة الثالثة: في «المشارق» (2: 190) قاضاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يريد فاصلهم به من المصالحة. وفي «كتاب العين» قاضاهم: عاوضهم، سميت بذلك لمعاوضة هذه العمرة بالتي في السنة المقبلة، وقال الداودي: أقاضيك: أعاهدك وأعاقدك، والأول أصحّ وأعرف. المسألة الرابعة: في «الصحاح» (6: 2489) محا لوحه يمحوه محوا، ويمحيه محيا [ويمحاه أيضا] فهو ممحوّ وممحيّ، وانمحى انفعل، وامتحى لغة فيه ضعيفة. وفي «المحكم» (3: 349) «2» محى الشيء يمحاه محيا، ومحاه يمحوه محوا: أذهب أثره لأن هذه الكلمة واوية ويائية. وجاء في «الديوان» (4: 73، 91) في باب فعل يفعل

_ (1) سقط من ط. (2) لم يرد جميعه في المحكم وإنما ورد بعضه. (3) سقط من ط.

الفصل الثاني في ذكر نسبهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

بفتح العين في الماضي والمستقبل معا، وفي باب فعل يفعل بفتحها في الماضي وضمّها في المستقبل. انتهى. المسألة الخامسة: في «الصحاح» (1: 199) التقريب: ضرب من العدو، ويقال: قرّب الفرس إذا رفع يديه معا ووضعهما معا في العدو، وهو دون الحضر. المسألة السادسة: في «المشارق» (1: 288) قوله في حديث الهجرة: فلم يرزآني معناه النقص، ورزأته ورزئته: إذا نقصته. انتهى. وأنشد غيره «1» : [من المنسرح] إن سليمى والله يكلؤها ... ضنّت بشيء ما كان يرزؤها المسألة السابعة: في «المشارق» (1: 171) جعشم بضم الجيم والشين المعجمة، المدلجيّ (1: 404) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام. وفي «الصحاح» (5: 1889) قال الفرّاء: فتح الجيم والشين في جعشم أفصح. الفصل الثاني في ذكر نسبهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: يأتي الكلام في ذلك مستوفى في باب القاضي، وأذكر هنا من أخباره ما يختص بحين كتابته لهذا العهد، وهو من معجزات النبيّ صلّى الله عليه وسلم وهو من باب إخباره بالغيوب: روى «النسائي» رحمه الله تعالى عن عليّ رضي الله تعالى عنه قال: إني كنت كاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وكتبت: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو فقال سهيل بن عمرو: لو علمنا أنه رسول الله ما قاتلناه، امحها، فقلت: هو والله رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإن رغم أنفك، لا والله لا أمحوها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أرني مكانها، فأريته فمحاها وقال: أما إنّ لك مثلها ستأتيها وأنت مضطهد.

_ (1) مر البيت وتخريجه ص: 130.

2 - عامر بن فهيرة

وفي «الكامل في التاريخ» (3: 319- 320) لابن الأثير في أخبار الحكمين: لما حضر عمرو بن العاص عند عليّ رضي الله تعالى عنه لتكتب القضية بحضوره فكتبوا: بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين، فقال عمرو: هو أميركم وأما أميرنا فلا، فقال له الأحنف: لا تمح اسم أمير المؤمنين، فإني أتخوّف إن محوتها ألا ترجع إليك أبدا، لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا، فأبى ذلك عليّ رضي الله عنه مليّا من النهار، ثم إن الأشعث بن قيس قال: امح هذا الاسم فمحي، فقال علي رضي الله تعالى عنه: الله أكبر سنّة بسنّة، والله إني لكاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية وكتبت: محمد رسول الله فقالوا: لست برسول الله، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمحوه، فقلت: لا أستطيع، فقال: أرنيه فأريته فمحاه بيده، وقال: إنك ستدعى إلى مثلها فتجيب. فائدة لغوية: مضطهد: في «الصحاح» (1: 498) ضهدته فهو مضهود، ومضطهد أي مقهور مضطر. 2- عامر بن فهيرة : في «الاستيعاب» (796) : عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كان من مولّدي الأزد أسود اللون، مملوكا للطفيل بن عبد الله بن سخبرة، فأسلم وهو مملوك، فاشتراه أبو بكر من الطفيل فأعتقه، وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان حسن الإسلام، وكان يرعى الغنم في ثور، ثم يروح بها على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر في الغار. وكان رفيق أبي بكر ورسول الله صلّى الله عليه وسلم في هجرتهما إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة، وهو ابن أربعين سنة؛ قتله عامر بن الطفيل. (797) وذكر ابن إسحاق (2: 186) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قدم عامر بن الطفيل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: من الرجل الذي لما

قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه، ثم وضع؟ فقال له: هو عامر بن فهيرة. وذكر الزهري عن عروة قال: طلب عامر بن فهيرة يومئذ في القتلى فلم يوجد، قال عروة بن الزبير: فيرون أن الملائكة دفنته أو رفعته. وكان بئر معونة سنة أربع من الهجرة. فائدة: في «الاشتقاق» لابن سيّد: السّخبر: نبت، وسخبرة بن جرثومة أحد آباء الطفيل بن عبد الله.

الباب الرابع في ذكر صاحب الخاتم

الباب الرابع في ذكر صاحب الخاتم وفيه فصلان الفصل الأول في اتخاذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخاتم ومن أي شيء كان، وما كان نقشه: خرج البخاري (7: 203) «1» رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقدروا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول الله، فكأنما أنظر إلى بياضه في يده صلّى الله عليه وسلم. وخرج الترمذي في «الشمائل» (46) أيضا قال: كان نقش خاتم النبي صلّى الله عليه وسلم: محمد: سطر، ورسول: سطر، والله: سطر. قال ابن بطّال «2» ، قال المهلب: كان عليه السلام لا يستغني عن الختم به على الكتب إلى البلدان، وأجوبة العمال، وقواد السرايا. فائدتان لغويتان: الأولى: في الخاتم أربع لغات: خاتم بفتح التاء، وخاتام بألف بعدها، وخيتام بياء عوض الألف، وخاتم بكسر التاء؛ قاله الهروي وابن النحاس والجوهري:

_ (1) قارن أيضا بالنسائي 8: 174 والشمائل: 46. (2) هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي، شرح صحيح البخاري في عدة أسفار، وكانت وفاته سنة 449 (الصلة: 394 وعبر الذهبي 3: 219) .

قال ابن النحاس: إلا أن الرابعة رديئة لأنها تشكل بقولهم: ختمت الكتاب فأنا خاتم. قال الهروي: ومعنى الختم: التغطية على الشيء، والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء، ومنه سمي خاتم الكتاب: لصيانة الكتاب، ومنع الناظرين من معرفة ما فيه. وقال ابن النحاس: وجمع خاتم وخاتم: خواتم، وجمع خاتام: خواتيم، وجمع خيتام: خياتيم، ويقال: استختم الكتاب: بلغ أن يختم، وحكي: أختم الكتاب بهذا المعنى، قلت: من قبيل قولهم: أركب المهر: إذا حان أن يركب. انتهى. قال ابن النحاس: ويقال: أختمت الكتب أي وجدتها مختومة، مثل أحمدت فلانا أي وجدته محمودا. ويقال: الكتب في الختم والختام، ولا يقال: في الخاتم، ويقال: أول من ختم الكتاب سليمان بن داود عليهما السلام. الثانية: تقدّم في أخبار عبد الله بن الأرقم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب، ويأمره أن يطينه ويختمه، وما يقرأه لأمانته عنده. وفي «المحكم» طان الكتاب طينا وطينه: ختمه بالطين، هذا هو المعروف. وقال يعقوب: سمعت من يقول: أطن الكتاب أي اختمه، وطينته: خاتمه الذي يطيّن به. تنبيه: قد يقال لما يطبع به الكتاب: طابع كما يقال له الآن. قال ابن سيده في «المحكم» (1: 349) : طبع الشيء وعليه يطبع طبعا: ختم، والطابع: الخاتم الذي يختم به. وأنشد لعديّ بن الرقاع «1» : كأن قرادي صدره «2» طبعتهما ... بطين من الجولان كتّاب أعجم قال: وقرادي الثديين حلمتاهما؛ قلت: وهذا من مليح التشبيه.

_ (1) أورده في اللسان (قرد) مع بيتين آخرين في مدح عمر بن هبيرة وقيل إن الأبيات لمسلمة الجرمي؛ قال وأنشد الأزهري البيت ونسبه لابن ميادة. (2) اللسان: زوره.

الفصل الثاني في ذكر من كان صاحب خاتمه صلى الله عليه وسلم

الفصل الثاني في ذكر من كان صاحب خاتمه صلّى الله عليه وسلم البخاري في «التاريخ» «1» (8: 52) معيقيب، ويقال: معيقب بن أبي فاطمة الدوسيّ، له صحبة. قال محمد بن بشار: حدثنا سهل بن حماد، حدثنا أبو مكين نوح بن ربيعة «2» ، حدثنا إياس بن الحارث بن معيقيب عن جدّه معيقيب قال: كان خاتم النبي صلّى الله عليه وسلم من حديد ملويّ عليه فضة، فربما كان في يدي. وكان المعيقيب على خاتم النبي صلّى الله عليه وسلم. انتهى. أبو عمر ابن عبد البر (1478) : معيقيب بن أبي فاطمة مولى سعيد بن العاصي؛ هكذا ذكره موسى بن عقبة عن ابن شهاب، قال: ويزعمون أنه من دوس، وقال غيره: هو دوسيّ حليف لآل سعيد بن العاصي. أسلم معيقيب قديما بمكة، وهاجر منها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وأقام بها حتى قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم بالمدينة، قيل: إنه قدم عليه في السفينتين وهو بخيبر، وقيل قدم عليه قبل ذلك، وكان على خاتم رسول الله صلّى الله عليه وسلم واستعمله أبو بكر وعمر على بيت المال، وكان قد نزل به داء الجذام فعولج منه بأمر عمر بن الخطاب بالحنظل فتوقف أمره، وتوفي في آخر خلافة عثمان، وقيل: بل توفي سنة أربعين في خلافة علي رضي الله تعالى عنهم.

_ (1) م: في تاريخه. (2) م ط: نوح بن أبي ربيعة وهو كذلك عند الحاكم؛ وهو نوح بن ربيعة الأنصاري مولاهم أبو مكين البصري- عند آخرين- مات سنة 153 (تهذيب التهذيب 10: 484) .

الباب الخامس في الرسول

الباب الخامس في الرسول وفيه ستة فصول الفصل الأول في الرسول يبعث يدعو إلى الإسلام ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذلك: قال ابن إسحاق في «السير» (2: 607) : حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري أنه وجد كتابا فيه ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى البلدان وملوك العرب والعجم، وما قاله لأصحابه حين بعثهم، قال: فبعثت «1» به إلى محمد بن شهاب الزّهري، فعرفه. وفيه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال لهم: إن الله بعثني رحمة وكافة، فأدّوا عني يرحمكم «2» الله، ولا تختلفوا عليّ كما اختلف الحواريّون على عيسى ابن مريم، قالوا: وكيف يا رسول الله كان اختلافهم؟ قال: دعاهم لمثل ما دعوتكم إليه، فأما من قرّب به فأحبّ وسلّم، وأما من بعّد به فكره وأبى، فشكا ذلك عيسى إلى الله، فأصبحوا وكلّ رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجّه إليهم. قال ابن إسحاق (2: 607) : فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسلا من أصحابه، وكتب معهم كتبا إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام: فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم.

_ (1) م ط: فبعث. (2) م: رحمكم.

وقال البخاري «1» رحمه الله تعالى في «الصحيح» (4: 54- 55) : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كتب «2» إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث كتابه إليه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر. وقال «مسلم» (2: 59) : كان دحية الكلبي جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى «3» ، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل. قال ابن إسحاق: وبعث عبد الله بن حذافة السّهمي إلى كسرى ملك فارس. قال البخاري (4: 54) «4» رحمه الله تعالى بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بكتابه رجلا، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. وقال النسائي: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى، يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. قال ابن إسحاق (2: 607) : وبعث عمرو بن أمية الضّمريّ إلى النجاشيّ ملك الحبشة، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية، وبعث عمرو بن العاص السهمي إلى جيفر وعياذ ابني الجلندى الأزديين ملكي عمان، وبعث سليط بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن عليّ الحنفيين ملكي اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين، وبعث شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني.

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 6: 43. (2) ط: بعث. (3) ط م: ليدفعه إلى قيصر وقال مسلم ... عظيم بصرى: سقط من ط م. (4) قارن أيضا بالبخاري 6: 10.

ذكر أنسابهم وأخبارهم:

قال ابن جماعة: ملك البلقاء من أرض الشام. قال ابن هشام: إنما توجّه إلى جبلة بن الأيهم. قال ابن جماعة، وقال ابن عبد البر: توجّه إليهما «1» معا. وقال ابن إسحاق (2: 607) : وبعث المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميريّ ملك اليمن. انتهى. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع: عمرو بن أمية الضمري، ودحية بن خليفة الكلبي، وأبا حذافة عبد الله بن حذافة السهمي، وحاطب بن أبي بلتعة اللخمي، وشجاع بن وهب الأسدي، وسليط بن عمرو العامري. فائدة لغوية: في «الصحاح» (4: 1709) للجوهري: أرسلت فلانا في رسالة فهو مرسل ورسول، والجمع رسل ورسل، والرسول أيضا الرسالة. وقال الشاعر «2» : [من الوافر] ألا أبلغ أبا عمرو رسولا ... بأني عن فتاحتكم «3» غنيّ وقوله عز وجل: أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ (مريم: 19) ولم يقل: رسل ربّك لأن فعولا وفعيلا يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع مثل عدوّ وصديق. ذكر أنسابهم وأخبارهم: 1- عمرو بن أمية الضمري : يأتي ذكره في باب الوكيل من الجزء الرابع. 2- دحية بن خليفة الكلبي : يأتي ذكره في الباب الذي يتلو هذا، وهو باب حامل الكتاب.

_ (1) م ط: لهما. (2) هو الاسعر الجعفي كما في اللسان (فتح) وروايته: ألا من مبلغ عمرا. (3) الفتاحة: الحكم بين الخصمين.

3 - عبد الله بن حذافة

3- عبد الله بن حذافة : يأتي ذكره في الباب الذي يتلو هذا أيضا، وهو باب حامل الكتاب. 4- حاطب بن أبي بلتعة : في «الاستيعاب» (312) حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، من ولد لخم بن عديّ في قول بعضهم، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا محمد، واسم أبي بلتعة: عمرو بن راشد بن معاذ السهمي حليف قريش، ويقال: إنه من مذحج، وقيل: هو حليف للزبير بن العوام، وقيل: بل كان عبدا لعبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، فكاتبه فأدّى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن، والأكثر أنه حليف لبني أسد بن عبد العزّى شهد بدرا والحديبية. وقد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ: الآية، وذلك أن حاطبا كتب إلى أهل مكة قبل حركة رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليها عام الفتح يخبرهم ببعض ما يريد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهم من الغزو إليهم، وبعث بكتابه مع امرأة، فنزل جبريل بذلك على النبي صلّى الله عليه وسلم، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم في طلب المرأة عليّ بن أبي طالب وآخر معه، قيل: المقداد بن الأسود، وقيل: الزبير بن العوام فأدركا المرأة بروضة خاخ. وفي «صحيح مسلم» (2: 292) رحمه الله تعالى عن علي رضي الله تعالى عنه: بعثنا رسول الله أنا والزبير والمقداد. قال أبو عمر (313) فأخذا الكتاب ووقّف رسول الله صلّى الله عليه وسلم حاطبا عليه فاعتذر، وقال: ما فعلته رغبة عن ديني، فنزلت فيه آيات من صدر الممتحنة، وأراد عمر بن الخطاب قتله، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنه قد شهد بدرا ... » الحديث، انتهى. وفي «صحيح مسلم» (2: 262) رحمه الله تعالى أن حاطبا قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا تعجل عليّ يا رسول الله، إنّي كنت امرءا ملصقا في قريش- قال سفيان: كان حليفا لهم، ولم يكن من أنفسها- وكان ممن كان معك من

المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون فيها قرابتي، ولم أفعله كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: صدق، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وفي «الاستيعاب» (315) عن حاطب بن أبي بلتعة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئت بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله، وأقمت عنده ليالي ثم بعث إليّ وقد جمع بطارقته فقال: إني سأكلّمك بكلام أحبّ أن تفهمه مني، فقال: قلت: هلمّ، قال: أخبرني عن صاحبك أليس نبيا؟ قلت: بلى هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلدته إلى غيرها؟ فقلت له: فعيسى بن مريم أتشهد أنه رسول الله؟ فما له حيث أخذه قومه فأرادوا صلبه أن لا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله في السماء «1» الدنيا؟ قال: أحسنت، أنت حكيم جاء من عند حكيم، هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد، وأرسل معك من يبلّغك إلى مأمنك، قال: فأهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهن أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخرى وهبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أبي جهم بن حذيفة العدوي، وأخرى وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري، وأرسل إليه بثياب وطرف من طرفهم. ومات حاطب سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلّى عليه عثمان. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «ديوان الأدب» (2: 32) أبو بلتعة من كنى الرجال بفتح الباء والتاء وسكون اللام على وزن فعللة.

_ (1) م ط: سماء.

5 - شجاع بن وهب الأسدي

الثانية: في «المشارق» (1: 250) روضة خاخ بخاءين معجمتين موضع بقرب حمراء الأسد من المدينة؛ كذا هو الصحيح. انتهى. 5- شجاع بن وهب الأسدي : في «الاستيعاب» (707) : شجاع بن أبي وهب، ويقال: ابن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كبير بن غنم بن ذودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، حليف لبني عبد شمس» ، يكنى: أبا وهب، شهد هو وأخوه عقبة بن أبي وهب بدرا والمشاهد كلها. كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وممن قدم المدينة منها. وشجاع هذا هو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني وإلى جبلة بن الأيهم الغساني. واستشهد شجاع هذا يوم اليمامة، وهو ابن بضع وأربعين سنة، انتهى. فائدة: ذودان بذال معجمة مضمومة وأخرى مهملة بينهما الواو على وزن فعلان؛ قيّده الفارابيّ. 6- سليط بن عمرو العامري : في «الاستيعاب» (645) : سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، أخو سهيل بن عمرو: كان من المهاجرين الأولين، ممن هاجر الهجرتين؛ ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا، ولم يذكره غيره في البدريين. وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفيّ، وإلى ثمامة بن أثال الحنفي، وهما رئيسا اليمامة، وذلك في سنة ست أو سبع. ذكر الواقدي وابن إسحاق إرساله إلى هوذة وزاد ابن هشام: وإلى ثمامة. وقتل سنة أربع عشرة. انتهى.

_ (1) ط: لبني شمس.

7 - عمرو بن العاص

فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 62) فيما في أوله همزة مضمومة: ثمامة بن أثال بثاء مثلثة في اسمه واسم أبيه. وفي «ديوان الأدب» (4: 189) أثال بضم الهمزة: اسم جبل، وبه سمي الرجل: أثالا. الثانية: في «ديوان الأدب» (3: 308) الهوذة: القطاة، وبها سمّي الرجل: هوذة في باب فعلة بفتح الفاء وسكون العين وذال معجمة. 7- عمرو بن العاص : في «الاستيعاب» (1184) : عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد- بضم السين- قاله ابن حزم (163) - ابن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: يكنى أبا محمد. (1185) والصحيح في إسلامه أنه كان سنة ثمان في صفر قبل الفتح بستة أشهر، ذكره الواقدي وغيره. (1187) ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وروى أبو هريرة وعمارة بن حزم جميعا عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام. (1188) توفي بمصر أميرا عليها من قبل معاوية بن أبي سفيان يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين، وقيل سنة ثنتين وأربعين، وقيل سنة ثمان وأربعين، وقيل سنة إحدى وخمسين، والأول أصحّ وهو سنة ثلاث وأربعين، ودفن بالمقطم، وصلّى عليه ابنه عبد الله. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: جيفر بن الجلندى الذي أرسل إليه عمرو بن العاص. في «الاشتقاق» لابن سيّد: جيفر: فيعل من الشيء المجفر، والجفر: بئر واسعة.

8 - العلاء بن الحضرمي

الثانية: الجوهري: جلندى بضم الجيم مقصور: اسم ملك عمان. الثالثة: في «معجم البكري» (1251) المقطّم- بضمّ أوله وفتح ثانيه وتشديد الطاء المهملة وفتحها- جبل بمصر يوارون فيه موتاهم. 8- العلاء بن الحضرمي : تقدم ذكره في باب كتّاب الوحي، فأغنى ذلك عن إعادته الآن. 9- المهاجر بن أبي أمية : في «الاستيعاب» (1452) : المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة القرشيّ المخزوميّ، أخو أمّ سلمة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلم لأبيها وأمها. كان اسمه الوليد، فكره رسول الله صلّى الله عليه وسلم اسمه، وقال لأم سلمة: هو المهاجر، وكانت قالت له: قدم أخي الوليد مهاجرا، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هو المهاجر، فعرفت أم سلمة ما أراد من تحويل اسمه، فقالت: هو المهاجر يا رسول الله، في خبر فيه طول، وفيه غيّب اسم الوليد. ثم بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم المهاجر بن أبي أمية إلى الحارث بن عبد كلال الحميريّ ملك اليمن، واستعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم أيضا على صدقات كندة والصّدف، ثم ولّاه أبو بكر اليمن. وهو الذي افتتح حصن النّجير بحضرموت مع زياد بن لبيد الأنصاري، وهما بعثا بالأشعث بن قيس أسيرا، فمنّ عليه أبو بكر وحقن دمه. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: عبد كلال بضمّ الكاف؛ قاله ابن السيد في «المثلث» . الثانية: الصدف- بفتح الصاد والدال- وفي «ديوان الأدب» الصدف: الجبل المرتفع. الثالثة: النجير بضم النون وفتح الجيم بعده ياء ساكنة مهملة على لفظ التصغير؛ كذلك قيّده البكريّ في معجمه (1299) .

الفصل الثاني في بعث الرسول في الصلح

الفصل الثاني في بعث الرسول في الصلح ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك: في السير في عمرة الحديبية قال ابن إسحاق (2: 314، 315) : دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعي، فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير له يقال له «الثعلب» ليبلغ أشرافهم ما جاء له فعقروا به جمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بها من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغلظتي عليها، ولكني أدلّك على رجل أعزّ بها مني: عثمان بن عفان، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه إنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته. فخرج عثمان بن عفان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاصي حين دخل مكة، أو قبل أن يدخلها، فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلّغهم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن شئت أن تطوف بالبيت، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فائدة: في «المشارق» (1: 176) : الأحابيش هم حلفاء قريش، وهم الهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة «1» .

_ (1) ط: بن خزامة.

ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم:

وقال البكري في «معجم ما استعجم» (422) سمّوا بذلك لأنهم تحالفوا على جبل بمكة يقال له: حبيش- بفتح الحاء وكسر الباء- لا ينقضون ما أقام حبيش. ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم: 1- عثمان بن عفان : هو رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي؛ قاله ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1037) قال: ويكنى أبا عبد الله وأبا عمرو، كنيتان مشهورتان له، وأبو عمرو أشهرهما، وقد قيل: إنه كان يكنى أبا ليلى. ولد في السنة السادسة بعد الفيل، هاجر إلى أرض الحبشة فارا بدينه مع زوجته رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان أول خارج إليها، وتابعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة، ولم يشهد بدرا لتخلفه على تمريض زوجته رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كانت عليلة فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالتخلّف عليها وضرب له بسهمه وأجره، فهو معدود في البدريين لذلك. وأما تخلّفه عن بيعة الرضوان بالحديبية فلأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان وجّهه إلى مكة في أمر لا يقوم به غيره من صلح قريش على أن يتركوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم والعمرة، فلما أتاه الخبر الكاذب بأنّ عثمان قد قتل جمع أصحابه فدعاهم إلى البيعة فبايعوه على قتال أهل مكة يومئذ، وبايع رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن عثمان بإحدى يديه الأخرى، ثم أتاه الخبر بأن عثمان لم يقتل، وما كان سبب بيعة الرضوان إلا ما بلغه صلّى الله عليه وسلم من قتل عثمان، فهو أيضا معدود في أهل الحديبية من أجل ما ذكرنا. وزوّجه صلّى الله عليه وسلم ابنته رقية ثم أمّ كلثوم، واحدة بعد واحدة، وقال: لو كان عندي غيرهما لزوجتكها. وارتجّ أحد وعليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اثبت فإنما عليك نبيّ وصدّيق وشهيدان. وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة.

وكانت بئر رومة ركيّة ليهوديّ يبيع المسلمين ماءها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من يشتري رومة، فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم وله [بها] شرب في الجنة؟ فأتى عثمان اليهوديّ فساومه فيها، فأبى أن يبيعها كلّها، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله للمسلمين، وقال له عثمان: إن شئت جعلت على نصيبي قرنين، وإن شئت فلي يوم ولك يوم، قال: بل لك يوم ولي يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى ذلك اليهودي قال: أفسدت عليّ ركيتي، فاشتر النصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ومن يزيد في مسجدنا؟ فاشترى عثمان موضع خمس سوار، فزاده في المسجد. وجهز جيش العسرة في غزاة تبوك بتسعمائة وخمسين بعيرا، وأتمّ الألف بخمسين فرسا، وقيل: بل جهزه بألف بعير وسبعين فرسا. وعن محمد بن سيرين عن امرأة عثمان: كان يحيي الليل بركعة واحدة يجمع فيها القرآن. (1044) وبويع له بالخلافة رضي الله تعالى عنه يوم السبت غرّة المحرّم سنة أربع وعشرين بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام، اجتمع الناس عليه. وقتل بالمدينة رحمه الله تعالى واختلف في اليوم الذي قتل فيه، فقيل يوم الجمعة لثماني ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين، وقيل يوم الجمعة لثمان عشرة أو سبع عشرة خلت منه، وقيل يوم الجمعة لليلتين بقيتا منه وقيل قتل في وسط أيام التشريق، وقتله رجل من أصبح عداده في مراد اسمه: رومان بن سرحان لعنه الله تعالى ورضي عن أمير المؤمنين عثمان، ضربه بخنجر على صدغه الأيسر فقتله. (1047) وحدّث عبد الملك بن الماجشون عن مالك قال: لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام، فلما كان في الليل أتاه اثنا عشر رجلا فيهم حويطب بن عبد العزّى وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وجدّي، فاحتملوه، فلما صاروا إلى

المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بني مازن: والله لئن دفنتموه هنا لنخبرنّ الناس غدا، فاحتملوه وكان على باب، وإن رأسه ليقول طق طق، حتى صاروا به إلى حشّ كوكب، فاحتفروا له، وكانت عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق، فلما أخرجوه ليدفنوه صاحت، فقال لها ابن الزبير: والله لئن لم تسكتي لأضربنّ الذي فيه عيناك، قال: فسكتت فدفن. والحشّ: البستان، وكوكب: رجل من الأنصار، كان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع، فكان أوّل من دفن فيه. (1048) قال مالك: وكان عثمان يمر بحشّ كوكب فيقول: إنه سيدفن ها هنا رجل صالح، وقيل: إنهم لما دفنوه غيّبوا قبره، رحمه الله تعالى. واختلف في سنّه حين قتله، فقيل ابن ثمانين سنة، وقيل ابن اثنتين وثمانين، وقيل ابن ست وثمانين، وقيل ابن تسعين. ولحسان بن ثابت يرثيه «1» : [من البسيط] ضحّوا بأشمط عنوان السجود به ... يقطّع اللّيل تسبيحا وقرآنا (1051) وللقاسم بن أمية بن أبي الصلت: [من الطويل] لعمري لبئس الذّبح ضحّيتم به ... وخنتم رسول الله في قتل صاحبه ولأيمن بن خريم «2» : [من البسيط] ضحّوا بعثمان في الشهر الحرام ضحى ... وأيّ ذبح حرام ويلهم ذبحوا (1049) ولحسّان بن ثابت أيضا «3» : [من البسيط] إن تمس دار بني عفان موحشة ... باب صريع وباب محرق خرب فقد يصادف باغي الخير حاجته ... فيها ويأوي إليها الجود والحسب

_ (1) البيت في اللسان (عنن، ضحى) والعقد 3: 285 والمعارف: 65، 193 والديوان 1: 96 (وفيه مزيد من التخريج) . (2) ط: ولابن خريم (وسقط البيت بعده حتى قوله ولحسان بن ثابت أيضا) . (3) الطبري 1: 3061 والعقد 4: 302 وأنساب الأشراف 4/ 1: 599 والديوان 1: 120.

2 - خراش بن أمية الخزاعي

فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المشارق» (2: 282) الرّج والارتجاج: كثرة الحركة والاضطراب، وفي «الديوان» : رجّه فارتجّ أي حركه فتحرك. الثانية: في «المشارق» (1: 305) رومة: البئر التي اشتراها عثمان- رضي الله تعالى عنه- وسبّلها على المدينة بضمّ الراء. الثالثة: في «الصحاح» (4: 1501) تشريق اللحم: تقديده، ومنه سميت أيام التشريق وهي ثلاثة أيام من بعد يوم النحر، لأن لحوم الأضاحي تشرّق فيها، أي تشرّر في الشمس. انتهى. تنبيه: قول الجوهري (2: 695) تشرّر في الشمس أي تيبس وشررت الثوب وشرّرته: بسطته للشمس، قاله الجوهري وغيره. الرابعة: في «الديوان» (3: 7، 20) الحشّ بفتح الحاء: البستان، ومن ثمّ سمّي المخرج: حشا وضمّ الحاء لغة فيه، والمخرج بفتح الراء: المتوضأ. انتهى. وقال البكري (450) : وحشّ كوكب- بضم الحاء وتشديد الشين- موضع بالمدينة، وهو الذي دفن فيه عثمان، رضي الله تعالى عنه. 2- خراش بن أمية الخزاعي : في «الاستيعاب» (445) خراش بن أمية بن الفضل الكعبي الخزاعي، مدني شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحديبية وخيبر وما بعدهما من المشاهد، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الحديبية «1» إلى مكة، فآذته قريش، وعقرت جمله، فحينئذ بعث إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، وهو الذي حلق رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وتوفي في آخر خلافة معاوية.

_ (1) وخيبر ... الحديبية: سقط من ط.

الفصل الثالث في بعث الرسول بالأمان

تنبيه: في باب فعال مكسور الفاء من «ديوان الأدب» : خراش من أسماء الرجال، وأبو خراش: كنية. الفصل الثالث في بعث الرسول بالأمان 1- ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك من الرجال: في «السير» (2: 417) في خبر فتح مكة، قال ابن إسحاق: خرج صفوان بن أمية، يعني يوم فتح مكة، يريد جدّة ليركب منها إلى اليمن. فقال عمير بن وهب: يا نبيّ الله إن صفوان بن أمية سيّد قومي، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فأمّنه- صلّى الله عليك- قال: هو آمن، قال: يا رسول الله فأعطني آية ليعرف بها أمانك، فأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة، فخرج بها عمير حتى أدركه، وهو يريد أن يركب البحر، فقال: يا صفوان فداك أبي وأمي، الله الله في نفسك أن تهلكها فهذا أمان من رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد جئتك به، قال: ويحك اغرب عني فلا تكلمني؛ قال: أي صفوان فداك أبي وأمي، أفضل الناس وأبرّ الناس وأحلم الناس وخير الناس، وابن عمك عزّه عزّك وشرفه شرفك وملكه ملكك، قال: إني أخافه على نفسي، قال: هو أحلم من ذلك وأكرم، فرجع معه حتى وقف به على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال صفوان: إن هذا يزعم أنك قد أمّنتني؟ قال: صدق، قال: فاجعلني بالخيار فيه شهرين، قال: أنت بالخيار أربعة أشهر. وقال أبو عمر ابن عبد البر (719) : كان عمير بن وهب بن خلف قد استأمن له رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين هرب يوم الفتح هو وابنه وهب بن عمير، فأمّنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لهما، وبعث ابنه وهب بن عمير بردائه أمانا له، فأدركه وهب بن عمير ببرد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو بردائه، فانصرف معه، فوقف

2 - ذكر من توجه في ذلك من النساء

على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وناداه في جماعة الناس: يا محمد إن هذا وهب بن عمير يزعم أنك أمنتني على أن أسير شهرين، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: انزل أبا وهب، فقال: لا حتى تبيّن لي، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: انزل فلك تسيير أربعة أشهر. قال أبو عمر ابن عبد البر (719) : وشهد صفوان، وهو كافر، مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حنينا والطائف. واستعاره رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين خرج معه إلى حنين سلاحا، قال: طوعا أو كرها؟ فقال: بل طوعا عارية مضمونة، فأعاره، وأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المغانم يوم حنين فأكثر. فقال صفوان: أشهد بالله ما طابت بهذا إلا نفس نبي، فأسلم. 2- ذكر من توجه في ذلك من النساء : قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1932) : أم حكيم بنت الحارث بن هشام زوجة عكرمة بن أبي جهل، ابن عمها. أسلمت يوم الفتح، واستأمنت النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها عكرمة، وكان عكرمة قد فرّ إلى اليمن، وخرجت في طلبه فردته حتى أسلم، وثبتا على نكاحهما. وقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما رآه حين أتت به: مرحبا بالراكب المهاجر، وقال لأصحابه- صلّى الله عليه وسلم-: إن عكرمة يأتيكم فإذا رأيتموه فلا تسبّوا أباه، فإن سبّ الميت يؤذي الحيّ. فائدتان لغويتان: الأولى: في «ديوان الأدب» (2: 100) غرب يغرب، واغرب عني: أي تباعد بفتح الراء في الماضي وضمها في المستقبل. الثانية: في «المشارق» (2: 232) لك تسيير أربعة أشهر: أي أمانها تسير فيها آمنا، كما قال تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (التوبة: 2) قيل: اذهبوا آمنين.

ذكر نسبه: في «الجماهر» (161) و «الاستيعاب» : هو عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح. وفي «الاستيعاب» (1221) شهد عمير بدرا كافرا، وكان من أبطال قريش، وشيطانا من شياطينها، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير المدينة يريد الفتك برسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبره، وشهد معه فتح مكة، وقيل: إن عمير بن وهب أسلم قبل وقعة بدر، وشهد أحدا مع النبي صلّى الله عليه وسلم، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان. وفي «الاستيعاب» (1561) أيضا: وهب بن عمير بن وهب بن خلف أسر يوم بدر كافرا، ثم قدم أبوه المدينة فأسلم، فأطلق له رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابنه وهب بن عمير فأسلم، وكان له قدر وشرف، وهو الذي بسط له رسول الله صلّى الله عليه وسلم رداءه إذ جاء يطلب الأمان لصفوان بن أمية، ومات بالشام مجاهدا، رحمه الله تعالى ورضي عنه. قال أبو عمر (1223) رحمه الله تعالى: وقد قيل إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسط أيضا لعمير بن وهب رداءه، وقال: الخال والد. ولا يصحّ إسناده، وبسط الرداء لوهب بن عمير أشهر وأكثر. قال أبو عمر (720) قال جماعة من أهل العلم بالأخبار والأنساب: إنّ عمير بن وهب هو الذي جاء صفوان بن أمية ببرد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أمانا لصفوان. وذكر مالك عن ابن شهاب الذي جاءه برداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو ابن عمه وهب بن عمير، فالله أعلم. قال أبو عمر: وكان إسلامهما معا أو متقاربا. تنبيه: جاء في هذا الخبر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لعمير بن وهب

الفصل الرابع في الرسول يبعث إلى الملك ليبعث من عنده في بلاده من المسلمين

حين بسط له رداءه: الخال والد، وعمير من بني جمح بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، ووالدة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بني زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. وليس في آباء النبي صلّى الله عليه وسلم من والدته جمحية. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (129) : لا نعلم أنه كان لآمنة أخ فيكون خالا للنبيّ صلّى الله عليه وسلم، ولكن بني زهرة يقولون: نحن أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن آمنة منهم. الفصل الرابع في الرسول يبعث إلى الملك ليبعث من عنده في بلاده من المسلمين ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك: قال ابن إسحاق في «السير» (2: 359) : كان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- حتى بعث فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري، فحملهم في السفينتين، فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية- ستة عشر رجلا منهم جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. تنبيه: قد تقدم الوعد بمجيء ذكر عمرو بن أمية الضمري رضي الله تعالى عنه في باب الوكيل في الجزء الرابع من هذا الكتاب، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى. الفصل الخامس في الرسول يبعث إلى الملك ليزوج الإمام المرأة من المسلمين تكون ببلاده ويبعثها ذكر القاضي عز الدين ابن جماعة رحمه الله تعالى في «مختصر السير» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، واسمه

الفصل السادس في الرسول يبعث بالهدية

أصحمة ابن أبجر، وتفسير أصحمة بالعربية: عطية، وكتب إليه كتابين يدعوه في أحدهما إلى الإسلام ويتلو عليه القرآن، فأخذه النجاشيّ ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره فجلس على الأرض ثم أسلم، وشهد شهادة الحق وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لآتيته. وفي الكتاب الآخر أن يزوّجه أمّ حبيبة، وأمره أن يبعث بمن قبله من أصحابه، ويحملهم، ففعل، ودعا بحقّ من عاج فجعل فيه كتابي النبي صلّى الله عليه وسلم وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها. انتهى. تنبيه: أم حبيبة المذكورة في هذا الخبر هي بنت أبي سفيان بن حرب، وسيأتي هذا الخبر بأتمّ من هذا في باب الوكيل من الجزء الرابع من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى. الفصل السادس في الرسول يبعث بالهدية قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1162) في باب عمرو: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضّمري رضي الله تعالى عنه إلى أبي سفيان بن حرب بهدية إلى مكة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلّام في كتاب «الأموال» (328) : حدثنا يزيد عن جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن عكرمة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهدى إلى أبي سفيان ابن حرب تمر عجوة- وهو بمكة- مع عمرو بن أمية، وكتب إليه يستهديه أدما فأهداها إليه أبو سفيان. وقال أبو عبيد: هذه الهدية كانت في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأهل مكة قبل فتحها. انتهى.

الباب السادس في حامل الكتاب

الباب السادس في حامل الكتاب وفيه فصلان الفصل الأول في أسمائهم خرج البخاري (6: 10) رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث بكتابه رجلا «1» إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه. فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يمزّقوا كلّ ممزق. وخرج النسائي رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى، فدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه. وخرج البخاري (6: 43) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبيّ، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر.. الحديث بكماله. قال مسلم (2: 59) رحمه الله تعالى: كان دحية الكلبى جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل.

_ (1) في البخاري: بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم ... الخ.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

تنبيه: تقدم ذكر ابن إسحاق في السير، وابن جماعة في المختصر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة، ودحية رسولين بكتابيه في جملة الإرسال، لكن ذكر الإمامان: البخاري ومسلم أن دحية دفع الكتاب لعظيم بصرى ودفعه عظيم بصرى لقيصر، وذكر البخاري والنسائي: أن عبد الله بن حذافة دفع الكتاب لعظيم البحرين، ودفعه عظيم البحرين لكسرى. فصحّ أنهما لم يكونا رسولين وإنما كانا حملا الكتابين لمن دفعهما لمن كتبا له، فلذلك أفردت لحامل الكتاب بابا. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن حذافة : في «الاستيعاب» (888) عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي، يكنى: أبا حذافة. أسلم قديما، وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ويقال إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين. قال أبو عمر (889) رحمه الله تعالى: كان عبد الله بن حذافة رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، فمزّق كسرى الكتاب فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مزّق ملكه «1» ؛ وقال: إذا مات كسرى فلا كسرى بعده. قال الواقدي: فسلط الله على كسرى ابنه شيرويه، قتله ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى سنة سبع. قال أبو عمر (889) : وعبد الله بن حذافة هذا هو القائل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم حين قال: سلوني عما شئتم، من أبي يا رسول الله؟ فقال: أبوك حذافة بن قيس؛ فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعقّ منك، أأمنت أن تكون أمك

_ (1) الاستيعاب: اللهم مزق ملكه.

2 - دحية الكلبي

قارفت ما تقارف نساء الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس؟ فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به. (891) وعن أبي هريرة: أن عبد الله بن حذافة صلّى فجهر بصلاته، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ناج ربّك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (889) : وكانت فيه دعابة؛ حدث ابن وهب عن الليث بن سعد قال: بلغني أنه حلّ حزام راحلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى كاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقع، قال ابن وهب: ليضحكه؟ قال: نعم كانت فيه دعابة. قال الزبير: هكذا قال ابن وهب عن الليث: حلّ حزام راحلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يكن لابن وهب علم بلسان العرب، وإنما تقول العرب لحزام الراحلة غرضة إذا ركب بها على رحل، وإن ركب بها على الرحل أنثى فهو وضين، فإن ركب بها على جمل فهي بطان، فإن ركب بها على فرس فهي حزام. قال الليث: وكان قد أسره الروم في زمن عمر بن الخطاب فأرادوه على الكفر فعصمه الله تعالى حتى أنجاه منهم. قال خليفة بن خياط (135) : أسروه سنة تسع عشرة. قال أبو عمر (890) : مات في خلافة عثمان، قال ابن لهيعة: توفي بمصر ودفن بمقبرتها. 2- دحية الكلبي : في «الاستيعاب» (461) دحية بن خليفة بن فروة الكلبي، من كلب بن وبره في قضاعة. كان من كبار الصحابة، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وبقي إلى خلافة معاوية. وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قيصر في الهدنة، وذلك في سنة ست من الهجرة فآمن به قيصر، وأبت بطارقته أن تؤمن، فأخبر بذلك دحية رسول الله صلّى الله عليه

وسلم، فقال: ثبت ملكه في حديث طويل. وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشبّه دحية الكلبى بجبريل عليه السلام. انتهى. وذكره ابن حزم في «الجماهر» (458) وقال: صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي أتاه جبريل عليه السلام على صورته. وقال ابن إسحاق (2: 233- 234) في غزوة الخندق: ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني من الليلة التي ارتحلت فيها الأحزاب، انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة هو والمسلمون، ووضعوا السلاح، فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري معتجرا بعمامة من استبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج، قال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، قال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلا ببني قريظة. (234) ومرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصّورين قبل أن يصل إلى بني قريظة فقال: هل مرّ بكم أحد؟ قالوا: يا رسول الله قد مرّ بنا دحية بن خليفة الكلبيّ على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك جبريل بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم. وذكره ابن قتيبة في «المعارف» (329) : أسلم قديما، ولم يشهد بدرا، وكان يشبّه بجبريل لجماله وحسنه، وإذا قدم المدينة لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: «الفارابي» (4: 17) دحية الكلبيّ- بفتح الدال وكسرها والحاء

ساكنة في اللغتين: الذي كان جبريل عليه السلام في صورته، وكان من أجمل الناس. المسألة الثانية: في «معجم البكري» (846) : الصّوران- بفتح أوله وإسكان ثانيه بعده راء مهملة تثنية صور وهو الجماعة من النخل- موضع بين المدينة وبني قريظة، وهناك مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه قبل أن يصل إلى بني قريظة فقال: هل مر بكم من أحد؟ وساق الحديث بنحو ما ذكر ابن إسحاق. المسألة الثالثة: في «ديوان الأدب» (2: 298) أعصرت الجارية: إذا أدركت، وأنشد غيره: [من الرجز] جارية من سفوان دارها ... قد أعصرت أو قد دنا إعصارها ينحلّ من غلمتها إزارها

الباب السابع في الترجمان

الباب السابع في الترجمان وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ضبط لغاته ومعناه وتصريف الفعل منه أما اللغات فثلاث: الأولى: فتح التاء والجيم معا، والثانية: ضمهما معا، والثالثة: فتح التاء وضمّ الجيم. قال الجوهري (5: 1928) هو التّرجمان، والجمع،: تراجم، كزعفران وزعافر، وصحصان وصحاصح. ويقال: ترجمان، ولك أن تضم التاء لضمة الجيم فتقول: ترجمان على يسروع ويسروع؛ انتهى. وفي المشارق» (1: 120) : الترجمان- بفتح التّاء وضم الجيم، وضبطها الأصيلي بضمهما، وحكي عن أبي علي فيه الوجهان، واستحبّ الضم. وقال ابن عسكر في «المشرع الرويّ» «1» : الضمّ يدل على أن التاء أصل لأنه يكون على وزن فعللان كعترفان «2» ولم يأت فعللان. انتهى. قلت: وقد خالف وضع الجوهري لهذه اللفظة في باب الراء والجيم والميم تمثيله له بزعفران، فإن وضع الباب يدلّ على زيادة التاء، وتمثيله يدلّ على

_ (1) محمد بن علي بن خضر بن هارون الغساني أبو عبد الله ابن عسكر المالقي، ولي قضاء بلده مرتين وكان فقيها حافظا للغة أديبا بليغا ومن كتبه سوى المشرع الروي كتاب نزهة الناظر في مناقب عمار بن ياسر، وكانت وفاته سنة 636 (التكملة: 642) . (2) م: كعقربان (وسقط من ط) .

الفصل الثاني في ذكر من كان يترجم للنبي صلى الله عليه وسلم

أصالتها. وأما القاضي عياض رحمه الله تعالى فقد وضعها في باب التاء، وذلك يدلّ على أنها عنده أصلية. وأنشد يعقوب بن السكيت رحمه الله في «إصلاح المنطق» (96) له «1» [من الرجز] ومنهل وردته التقاطا ... لم ألق إذ وردته فرّاطا إلا الحمام الورق والقطاطا ... فهنّ يلغطن به إلغاطا كالترجمان لقي الأنباطا الفصل الثاني في ذكر من كان يترجم للنبيّ صلّى الله عليه وسلم 1- ذكر من كان يترجم له باللسان : في «العمدة» للتلمساني: زيد بن ثابت الأنصاري النجّاري رضي الله تعالى عنه كان يكتب للملوك ويجيب بحضرة النبيّ صلّى الله عليه وسلم وكان ترجمانه بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية، تعلّم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن. وذكر ابن هشام في «البهجة» نحوا منه. 2- ذكر من كان يترجم له بالكتاب : 1- كتاب السريانية : في «الاستيعاب» (538) : كانت ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيد بن ثابت فتعلّمها في بضعة عشر يوما. وفي «مختصر الطحاويّ» رحمه الله عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال، قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أتحسن السريانية؟ إنه تأتيني كتب قال، قلت: لا، قال: فتعلّمها، قال: فتعلمتها في سبعة عشر «2» يوما.

_ (1) الراجز هو نقادة الأسدي كما في إصلاح المنطق. (2) ط: في تسعة عشر.

2 - كتاب اليهود

وفي «الأحكام الصغرى» : ذكر أبو بكر ابن أبي شيبة رحمه الله تعالى في مسنده عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنه تأتيني كتب من أناس لا أحبّ أن يقرأها كلّ أحد، فهل تستطيع أن تعلّم كتاب السريانيّة؟ قال: قلت: نعم، فتعلمتها في سبعة عشر «1» . فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 214) : السّريانيّة- بسكون الراء وتشديد الياء الأخيرة «2» - هي اللغة الأولى التي تكلّم بها آدم والأنبياء عليهم السلام، أكثر الشيوخ يقولونه بتشديد الراء، ومتقنوهم يقولونه: بسكونها، وكذلك «3» قيده الأصيلي. 2- كتاب اليهود : في «الصحيح» (9: 94) للبخاري رحمه الله تعالى في الشواهد، وفي التاريخ له (3: 381) والنص من التاريخ، عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: تعلّم كتاب يهود، فإني ما آمن يهود على كتابي، فتعلمت في نصف شهر حتى كتبت إلى يهود، وأقرأ له إذا كتبوا إليه. وفي «مختصر الطحاوي» رحمه الله تعالى عن زيد بن ثابت أيضا رضي الله تعالى عنه أنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود، فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلمت، وقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والله ما آمن يهود على كتابي. فلما تعلمت كنت أكتب إلى يهود إذا كتب إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم. وخرج الترمذي (4: 167) رحمه الله تعالى عن زيد بن ثابت أيضا رضي الله تعالى عنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أتعلّم كتاب «4» يهود، وقال: إني والله ما آمن يهود على كتابي. قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته

_ (1) زاد في ط: يوما. (2) مشارق: الآخرة. (3) مشارق: وكذا. (4) الترمذي: كلمات من كتاب.

الفصل الثالث في معنى نهي عمر رضي الله تعالى عنه عن رطانة الأعاجم وكراهة مالك رحمه الله تعالى تعلم خطهم، وأن ذلك غير مخالف للحديث الثابت بالأمر بتعلم ذلك

له، قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. تنبيه: قد تقدم من نسب زيد بن ثابت وأخباره رضي الله تعالى عنه ما أغنى عن إعادته هنا والحمد لله. الفصل الثالث في معنى نهي عمر رضي الله تعالى عنه عن رطانة الأعاجم وكراهة مالك رحمه الله تعالى تعلّم خطهم، وأن ذلك غير مخالف للحديث الثابت بالأمر بتعلّم ذلك في «البيان والتحصيل» قال مالك رحمه الله تعالى: أكره للرجل المسلم أن يطرح ابنه في كتّاب العجم، أن يتعلم الوقف: كتاب العجمية، وأكره للمسلم أن يعلّم أحدا من النصارى الخطّ أو غيره. وفي «التهذيب» للبرادعيّ: ونهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال إنها خبّ. وفي «الصحاح» (5: 2124) للجوهري: الرطانة: الكلام بالأعجمية، تقول: رطنت له رطانة، وراطنته: إذا كلمته بها، وتراطن القوم فيما بينهم. (1: 117) والخبّ: الخداع: تقول منه: خببت يا رجل تخبّ خبّا مثل علمت تعلم علما، والخبّ والخبّ: الرجل الخدّاع. وقال ابن رشد في «البيان والتحصيل» في الكلام على قول مالك، رحمه الله تعالى: الكراهة في ذلك كله بينة، أما تعليم الرجل ابنه كتاب العجم فللاشتغال بما لا منفعة فيه ولا فائدة له عما له فائدة ومنفعة، مع ما فيه من إدخال السرور عليهم بإظهار المنفعة بكتابهم والرغبة في تعلمه، وذلك من توليهم وقد قال الله عز وجل: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (المائدة: 51) .

وأما تعليم المسلم النصرانيّ فلما فيه من الذريعة إلى قراءتهم القرآن مع ما هم عليه من التكذيب له والكفر به، وقد قال ابن حبيب في «الواضحة» : إن ذلك ممن فعله مسقط لأمانته وشهادته. انتهى ما ذكره ابن رشد رحمه الله. قلت: وقد تبين من كلامه أن الذي يكره من تعلّم خطهم وكتابهم هو ما لا يكون في تعلمه منفعة، وأما ما في تعلمه منفعة للمسلمين كتعلمه لترجمة ما يحتاج إليه الإمام كما تعلمه زيد رضي الله تعالى عنه بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم، أو لما يحتاج إليه القاضي للفصل بين الخصوم، وإثبات الحقوق، أو للعاشر الذي يعشّر أهل الذمة وتجار الحربيين لطلب ما يتعيّن عندهم لبيت المال، أو لما يحتاج إليه في فكاك الأسارى وما أشبه ذلك مما تدعو إليه الضرورة، فغير مكروه.

الباب الثامن في الشاعر

الباب الثامن في الشاعر وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر شعراء النبيّ صلّى الله عليه وسلم من «الاستيعاب» (1324- 1325) قال محمد بن سيرين: كان شعراء المسلمين حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك. وأما شعراء المشركين: فعمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث. قال أبو عمر (342) : قيل لعليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: اهج عنا القوم الذين يهجوننا، فقال: إن أذن لي النبيّ صلّى الله عليه وسلم فعلت، فقالوا: يا رسول الله ايذن له، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن عليا ليس عنده ما يراد في ذلك منه، أوليس ذلك هنالك. ثم قال: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ قال ابن سيرين (344) : وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب بن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيّرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشدّ القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشدّ القول عليهم قول عبد الله بن رواحة. قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى (898) : وفيه وفي صاحبيه حسان وكعب بن مالك نزل: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً

وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (الشعراء: 227) . وخرج مسلم (2: 260) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك ثم أرسل إلى حسان بن ثابت فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحرّكه، فقال: والذي بعثك بالحقّ لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي؛ فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخّص لي نسبك، والذي بعثك بالحقّ لأسلنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله. وقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: هجاهم حسان فشفى وأشفى؛ قال حسان «1» : [من الوافر] هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء هجوت محمدا برّا حنيفا ... رسول الله شيمته الوفاء فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء ثكلت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع غايتها كداء «2» يبارين الأعنة مصعدات ... على أكتافها الأسل الظّماء تظلّ جيادنا متمطّرات ... تلطّمهن بالخمر النساء فإن أعرضتم عنّا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لضراب يوم ... يعزّ الله فيه من يشاء وقال الله: قد أرسلت عبدا ... يقول الحقّ ليس به خفاء

_ (1) ديوان حسان: 18، 17. (2) صحيح مسلم: من كنفي كداء.

وقال الله: قد يسّرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كلّ يوم من معدّ ... سباب أو قتال أو هجاء أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء قلت: هكذا ثبت في «صحيح مسلم» رحمه الله تعالى: ثكلت بنيتي، وغايتها كداء، ويبارين الأعنّة مصعدات. ورواه ابن إسحاق في «السير» «1» : عدمنا خيلنا، وموعدها كداء، وينازعن الأعنّة مصعدات، وهو أشعر. وزاد ابن إسحاق في هذه القصيدة في «السير» : أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخيركما الفداء وقال الحاتمي في «حلية المحاضرة» (1: 330) : أنشد حسان النبيّ صلّى الله عليه وسلم: عفت ذات الأصابع فالجواء فلما انتهى إلى قوله: هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء قال له النبي صلّى الله عليه وسلم: جزاؤك على الله جل اسمه الجنة يا حسان؛ فلما انتهى إلى قوله: فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء قال له النبي صلّى الله عليه وسلم: وقاك الله حر النار. فلما انتهى إلى قوله: أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّكما لخيركما الفداء قال من حضر: هذا أنصف بيت قالته العرب.

_ (1) قصيدة حسان في السيرة 2: 421- 424.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

فائدتان لغويتان: الأولى: في «الديوان» (4: 151، 3: 30) الكفء بضم الفاء وسكونها، والنّد بكسر النون لا غير، وكلها بمعنى المثل، يقال: لا ندّ له أي لا مثل له. الثانية: الجوهري (6: 2453) : الفداء إذا كسر أوله يمدّ ويقصر، وإذا فتح فهو مقصور، قال ابن القوطية: والمدّ أفصح إذا كسر. وروى البخاري (8: 45) عن البراء قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم لحسان: اهجهم، أو قال هاجهم وجبريل معك. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 699) شعرت بالشيء بالفتح أشعر شعرا أي فطنت له، ومنه قولهم: ليت شعري، أي ليتني علمت. والشعر واحد الأشعار، والشاعر جمعه الشعراء على غير قياس. وقال الأخفش: الشاعر مثل لابن وتامر أي صاحب شعر، وسمي شاعرا لفطنته وما كان شاعرا. ولقد شعر بالضم فهو يشعر، والمتشاعر: الذي يتعاطى الشعر، وشاعرته فشعرته أشعره بالفتح أي غلبته بالشعر. الثانية: في «معجم البكري» (1117) : كداء- بفتح أوله ممدود لا يصرف لأنه مؤنث- جبل بمكة، وكذا هذا الجبل هو عرفة بعينها؛ قال حسان يوعد قريشا: عدمنا خيلنا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم ، رضي الله تعالى عنهم 1- حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه : في «الاستيعاب (341) : حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الشاعر. يكنى أبا الوليد، وقيل أبا عبد الرّحمن، وقيل أبا الحسام، وأمه الفريعة بنت خالد الأنصارية. كان يقال له شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وروينا عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها وصفت رسول الله

صلى الله عليه وسلم: كان والله كما قال فيه شاعره حسان بن ثابت «1» : [من الطويل] متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحقّ أو نكال لملحد قال أبو عمر (342) رحمه الله تعالى: وقال حسان حين قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه وقال: والله ما يسرّني به مقول بين بصرى وصنعاء. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمّي؟ فقال: والله لأسلنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين، فقال: إيت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك، فكان يمضي إلى أبي بكر ليقفه على أنسابهم، فكان يقول له: كفّ عن فلان وفلانة واذكر فلانة وفلانة، فجعل حسان يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة، أو من شعر ابن أبي قحافة. فمن شعر حسان في أبي سفيان بن الحارث «2» : [من الطويل] إن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد ومن ولدت أبناء زهرة منهم ... كرام ولم يقرب عجائزك المجد ولست كعباس ولا كابن أمه ... ولكن لئيم ليس يوري له زند وإن امرءا كانت سمية أمه ... وسمراء مغمور إذا بلغ الجهد وأنت هجين نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد فلما بلغ هذا أبا سفيان قال: هذا كلام لم يغب عنه ابن أبي قحافة. وروى مسلم (2: 260) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت، قال حسان: يا رسول الله إيذن لي في أبي سفيان، قال: كيف بقرابتي منه؟ قال: والذي أكرمك لأسلنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين، فقال حسان:

_ (1) الشعر أيضا في أسد الغابة 2: 4 والديوان 1: 465. (2) ديوانه: 1: 398.

وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد قصيدته هذه. قال أبو عمر (343) : يعني بقوله «بنت مخزوم» فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، فيما ذكر أهل النسب، وهي أمّ أبي طالب وعبد الله والزبير بني عبد المطلب وقوله «ومن ولدت أبناء زهرة منهم» يعني حمزة وصفيّة: أمهما هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة؛ والعباس وابن أمه شقيقه ضرار بن عبد المطلب، أمهما نثيلة امرأة من النمر بن قاسط. وسمية أم أبي سفيان، وسمراء أم أبيه. قال (349) : ومن جيد شعر حسان ما ارتجله بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلم في حين قدوم بني تميم إذ أتوه بخطيبهم وشاعرهم ونادوه من وراء الحجرات: أن اخرج إلينا يا محمد فأنزل الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (الحجرات: 4- 5) وكانت حجراته صلّى الله عليه وسلم تسعا كلها شعر معلقة من خشب العرعر. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليهم وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم وهو الزبرقان بن بدر فقال «1» : [من البسيط] نحن الملوك فلا حيّ يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشواء إذا لم يؤنس القزع وتنحر الكوم عبطا في أرومتها ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا (350) ثم جلس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لحسان: قم، فقام وقال «2» :

_ (1) السيرة 2: 563. (2) السيرة 2: 564 وديوان حسان 1: 102.

إنّ الذوائب من فهر وإخوتهم ... قد بيّنوا سنّة للناس تتبع يرضى بها كلّ من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا سجية تلك فيهم غير محدثة ... إن الخلائق- فاعلم- شرّها البدع إن كان في الناس سبّاقون بعدهم ... فكلّ سبق لأدنى سبقهم تبع لا يرقع الناس ما أوهت أكفّهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا ولا يضنّون عن جار بفضلهم ... ولا يمسهم في مطمع طبع أعفّة ذكرت في الوحي عفّتهم ... لا يبخلون ولا يرديهم طمع خذ منهم ما أتوا عفوا إذا غضبوا ... ولا يكن همّك الأمر الذي منعوا فإن في حربهم- فاترك عداوتهم- ... شرّا يخاض إليه الصّاب والسّلع أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشّيع فقال التميميون عند ذلك: وربكم إن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما أنصفنا وما قاربنا. قال ابن إسحاق في «السير» (2: 567) فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم. قال أبو عمر (351) : وتوفي حسان بن ثابت رحمه الله تعالى قبل الأربعين في خلافة علي رضي الله تعالى عنه، وقيل بل مات سنة خمسين، وقيل بل سنة أربع وخمسين، ولم يختلفوا أنه عاش مائة وعشرين سنة، منها ستون في الجاهلية وستون في الإسلام. فائدتان لغويتان: الأولى: قوله: كما نيط خلف الراكب القدح الفرد: في «الغريبين» في الحديث لا تجعلوني كقدح الراكب أراد لا تؤخّروني في الذّكر، والراكب يعلّق قدحه في آخرة رحله عند فراغه ويجعله خلفه. قال حسان: كما نيط خلف الراكب القدح الفرد.

2 - عبد الله بن رواحة

الثانية: في «الصحاح» (3: 1253) الطّبع بالتحريك: الدّنس، تقول فيه: طبع الرجل بالكسر. 2- عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه: من «الاستيعاب» (898) : عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو بن امرىء القيس الأكبر بن مالك الأغرّ بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء، شهد العقبة وبدرا وأحدا والحديبية وعمرة القضاء، والمشاهد كلّها إلا الفتح وما بعدها لأنه قتل يوم مؤته شهيدا، وهو أحد الأمراء في غزاة مؤتة، وأحد الشعراء المحسنين الذين كانوا يردّون الأذى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. روى البخاري (8: 44) رحمه الله تعالى عن الهيثم بن أبي سنان أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه في قصصه يذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلم يقول: إن أخاكم لا يقول الرّفث، يعني بذلك ابن رواحة؛ قال «1» : [من الطويل] وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشقّ معروف من الفجر ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أنّ ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع قال أبو عمر (900) : روى هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت أبي يقول: ما سمعت أحدا أجرى ولا أسرع شعرا من عبد الله بن رواحة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له يوما: قل شعرا تقتضيه الساعة فأنا أنظر إليك، فانبعث مكانه يقول «2» : [من البسيط] إنني تفرّست فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أن ما خانني البصر

_ (1) الشعر أيضا في جمع الجواهر: 38 ومسند أحمد 3: 451 والبداية والنهاية 4: 258 وتهذيب ابن عساكر 7: 392 والديوان (قصاب) : 162 وفيه مزيد من التخريج. (2) الأبيات في السيرة 2: 374 وطبقات ابن سعد 3: 528 وتهذيب ابن عساكر 7: 390 والديوان (قصاب) 159 وأورد تخريجا كثيرا.

أنت النبيّ ومن يحرم شفاعته ... يوم الحساب فقد أودى به القدر فثبّت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وأنت فثبتك الله يا ابن رواحة. وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحارّ الشديد الحرّ، حتى أن الرجل ليضع يده من شدّة الحرّ على رأسه، وما في القوم صائم إلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. وفي «السير» (2: 354) قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر خارصا بين المسلمين ويهود فيخرص عليهم، فإذا قالوا: تعدّيت علينا، قال: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا، فتقول يهود: بهذا قامت السماوات والأرض. قال ابن إسحاق (2: 354) : وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة عاما واحدا ثم أصيب بمؤتة يرحمه الله، فكان جبّار بن صخر بن أمية بن خنساء أخو بني سلمة هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة. قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (900) : قصة عبد الله بن رواحة مع زوجته حين وقع على أمته مشهورة، رويناها من وجوه صحاح وذاك أنه مشى ليلا إلى أمة له فنالها وفطنت له امرأته فلامته فجحدها، وكانت قد رأت جماعه لها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن، فقال «1» : [من الوافر] شهدت بأن وعد الله حقّ ... وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش ربّ العالمينا فقالت امرأته: صدق الله وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن ولا تقرأه.

_ (1) انظر ديوان ابن رواحة: 165 وتخريج البيتين فيه (ص: 190) .

3 - كعب بن مالك

فائدة لغوية: في «الصحاح» (1: 203) : اقتضاب الكلام: ارتجاله، تقول هذا شعر مقتضب، وكتاب مقتضب. 3- كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه: في «السير» (2: 519) : كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أخو بني سلمة. وفي «الجماهر» (360) لابن حزم: اسم أبي كعب عمرو بن القين بن سواد بن عديّ بن غنم بن كعب بن سلمة. وأنشد ابن إسحاق (2: 132، 133، 136) في أشعار يوم أحد «1» : [من الطويل] ألا هل أتى غسّان عنا ودونهم ... من الأرض خرق سيره متتعتع مجالدنا عن ديننا كل فخمة ... مذرّبة فيها القوانس تلمع قال وكان كعب قال: «مجالدنا عن جذمنا كلّ فخمة» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أيصلح أن تقول: مجالدنا عن ديننا؟ فقال كعب: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فهو أحسن، فقال كعب: مجالدنا عن ديننا على ما قال النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال ابن هشام (2: 261) لما قال كعب بن مالك «2» : [من الكامل] جاءت سخينة كي تغالب ربّها ... وليغلبنّ مغالب الغلّاب فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا. وفي «الاستيعاب» (1323) يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا عبد الرّحمن. كان قد غلب عليه في الجاهلية أمر الشعر وعرف به، ثم أسلم، وكان أحد شعراء النبيّ صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يردّون الأذى عنه. (1325) وعن الزهري أن كعب بن مالك قال: يا رسول الله ماذا ترى في الشعر؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه.

_ (1) الشعر أيضا في البداية والنهاية 4: 53 وانظر ديوانه: 222. (2) البيت في اللسان والتاج (غلب) وديوانه: 182.

الفصل الثالث في استعمال خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حسان بن ثابت في مجاوبة من خاطبه بالشعر

(1324) شهد رضي الله تعالى عنه العقبة الثانية، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا والمشاهد كلّها حاشا تبوك فإنه تخلف عنها، وقد قيل إنه شهد بدرا، فالله تعالى أعلم. وهو أحد الثلاثة الأنصار الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك، وهم: كعب بن مالك الشاعر هذا، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة، فتاب الله تعالى عليهم وعذرهم وغفر لهم ونزل القرآن المتلوّ، قال الله عز وجل: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ (التوبة: 118) . وكان كعب بن مالك يوم أحد لبس لأمة النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وكانت صفراء، ولبس النبيّ صلّى الله عليه وسلم لأمته فجرح كعب بن مالك أحد عشر جرحا. وعن ابن سيرين قال: بلغني أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك «1» : [من الوافر] قضينا من تهامة كلّ وتر ... وخيبر ثم أجمعنا السّيوفا نخبّرها ولو نطقت لقالت ... قواطعهنّ دوسا أو ثقيفا فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف. وتوفي كعب بن مالك في خلافة معاوية سنة خمسين، وقيل سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن سبع وسبعين سنة، يعد في المدنيين. انتهى. الفصل الثالث في استعمال خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حسان بن ثابت في مجاوبة من خاطبه بالشعر من «الذيل» لابن فتحون «2» : صهبان بن شمر بن عمرو الحنفي سيّد أهل قرّان، كان ممن ثبت على إسلامه في الردة، وكان عينا للمسلمين فيهم، وغيظا

_ (1) ديوانه: 234. (2) قارن بالإصابة 3: 254.

لمسيلمة، ولا يجدون إليه سبيلا لشرفه وطاعة قومه له. ولما ظهر من أمر الردة ما ظهر كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أما بعد فإنما أهل اليمامة خرجوا من ذمّة الله ورسوله، ومن يخرج منها يخذل، وإني لست فيهم بذي براءة فأعتذر ولا لي فيهم قوة فأنتصر، ولكني لا أزال أقوم فيهم مقاما يطول لي فيه اللسان، وتقصر عني فيه اليد، أفكّ به العاني وأردّ به المرتاب، والناس فينا ثلاثة أصناف: كافر مفتون، ومؤمن مقهور «1» ، وشاكّ مغتوم، ولم ينف البلاء عنهم إلا بلوغ الكتاب، ولكلّ أجل كتاب، وبعث معه شعرا: [من البسيط] أغوى حنيفة شرّ الناس كلّهم ... دخلا وأكذب من يحفى وينتعل [إني بريء إلى الصديق معتذر ... مما مسيلمة الكذاب ينتحل] إني إليكم بريء من جريمته ... تجري بذلك مني الكتب والرسل إني وناسا قليلا من عشيرته ... عمي العيون وفي أسماعنا ثقل عمّا يزخرفه لسنا نوادعه ... فيما يجيء به ما حنّت الإبل لا أقلع الدهر جهدي عن مساءتهم ... بالمخزيات وإن خفوا «2» وإن جهلوا ففرح أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بكتابه والمسلمون ورووا شعره، وراجعه يشكر له ذلك، ويعده بالنصر، وأمر حسّانا فراجعه بشعر يتوعّد فيه أهل الردة، ويشكر له ثباته أوله: [من الوافر] أتانا ما يقول أخو سحيم ... فعزّت بالذي قال العيون وآخره: فنعم المرء صهبان بن شمر ... له في قومه حسب ودين» فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قوله: شاكّ مغتوم: في «الصحاح» (5: 1995) الغتمة: العجمة،

_ (1) الإصابة: مغبون. (2) م: غفوا. (3) ورد هذا البيت في الإصابة.

والأغتم الذي لا يفصح شيئا، والجمع غتم، ورجل غتميّ بالغين المعجمة والتاء المثناة. الثانية: صهبان- بالصاد المهملة المضمومة- في «الاشتقاق» لابن سيّد: صهبان جمع أصهب، والألف والنون زائدة، كما تقول: أحمر وحمران. الثالثة: في «الديوان» (1: 182) شمر بكسر الشين وسكون الميم من أسماء الرجال. وفي «الاشتقاق» لابن سيد: هو من التشمير في الأمر والجدّ فيه، أو من تشمير الثوب.

الباب التاسع في ذكر الخطيب في غير الصلوات

الباب التاسع في ذكر الخطيب في غير الصلوات وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان خطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من «الجماهر» (364) لابن حزم: ثابت بن قيس بن الشماس «1» خطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو ممن شهد له بالجنة. ومن «الاستيعاب» (200) : كان ثابت بن قيس خطيب الأنصار، ويقال له: خطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما يقال لحسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فائدة لغوية: في «الصحاح» (1: 121) خطبت على المنبر خطبة بالضم، وخطبت المرأة خطبة بالكسر، واختطبت أيضا فيهما، والخطيب: الخاطب، وخطب بالضم خطابة صار خطيبا. وفي «المحكم» : خطب الخاطب على المنبر يخطب خطابة، واسم الكلام: الخطبة، وخطب المرأة يخطبها خطبا وخطبة. وقال ثعلب: خطب على القوم فجعلها مصدرا، ولا أدري كيف ذلك إلا أن يكون وضع الاسم موضع المصدر.

_ (1) بن: سقطت من م؛ وفي ط: شماس.

الفصل الثاني في ذكر نسبه وأخباره

وذهب أبو إسحاق: إلى أن الخطبة عند العرب: الكلام المنثور المسجّع ونحوه. الفصل الثاني في ذكر نسبه وأخباره قال أبو عمر في «الاستيعاب» (200) : ثابت بن قيس بن شماس بن مالك بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج. وقال ابن حزم في «الجماهر» (364) : ثابت بن قيس بن الشماس بن أبي زهير بن مالك بن ثعلبة القيسي فزاد أبا زهير. قال أبو عمر: يكنى أبا محمد وقيل أبا عبد الرّحمن، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وقتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه. وروى النسائي «1» عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: لما نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (الحجرات: 2) قال ثابت بن قيس: أنا الذي كنت أرفع صوتي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإني أخشى أن يكون الله غضب عليّ، فحزن واصفرّ، ففقده النبيّ صلّى الله عليه وسلم فسأل عنه، فقيل: يا نبيّ الله إنه يقول: إني أخشى أن أكون من أهل النار، وإني كنت أرفع صوتي عند النبي صلّى الله عليه وسلم. قال نبي الله صلّى الله عليه وسلم: هو من أهل الجنة، قال: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجلا «2» من أهل الجنة. ومن «السير» (2: 559) لابن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كلّ وجه.

_ (1) قارن بما جاء في الاستيعاب: 201. (2) م: رجل.

قال ابن هشام (2: 560) : حدثني أبو عبيدة: أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمّى سنة الوفود. قال ابن إسحاق (2: 560، 561- 562) : فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميميّ في أشراف من بني تميم، فيهم الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم وغيرهم، في وفد عظيم من بني تميم، فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم من صياحهم، فخرج إليهم، فقالوا: جئناك يا محمد لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل. فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ وهو أهله الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق، وأكثره عددا، وأيسره عدّة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف بذلك. أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، أو أمر أفضل من أمرنا، ثم جلس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس أخي بني الحارث بن الخزرج: قم فأجب الرجل في خطبته. فقام ثابت بن قيس فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره، وسع كرسيّه علمه، ولم يك شيء قطّ إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله صلّى الله عليه وسلم المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسن الناس وجوها، وخير الناس فعالا، ثم كان أوّل الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم نحن، فنحن الأنصار أنصار الله ووزراء رسول الله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا. أقول هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم ورحمة الله.

وساق بقية الحديث من قيام الزبرقان بن بدر وإنشاده ومجاوبة حسان له بنحو ما تقدم في أخبار حسان في باب الشاعر. وقال أبو عمر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (202) : كان على ثابت بن قيس لما قتل يوم اليمامة شهيدا رحمه الله تعالى ورضي عنه، درع نفيسة، فمرّ به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم إذا أتاه ثابت فقال له: إني أوصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مرّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستنّ في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوق البرمة رحل، فأت خالدا فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يعني أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فقل له: إنّ عليّ من الدّين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان. فأتى الرجل خالدا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتى بها، وحدّث أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيّته وقال: ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس، رحمه الله تعالى. انتهى. فوائد لغوية: الأولى: في «المحكم» (1: 291) عدس، وعدس ففي تميم بضمّ الدال، وفي سائر العرب: بفتحها. وفي «الصحاح» (2: 944) عدس مثل: قثم اسم رجل وهو زرارة بن عدس. الثانية: في «الصحاح» (6: 2323) قال أبو زيد: حييت منه أحيا استحييت، ويقال: استحيت بياء واحدة وأصله استحييت، ويقال: استحياه واستحيا منه، بمعنى من الحياء. الثالثة: في «الصحاح» (1: 68) كفأت الإناء: كببته، وأكفأته: أملته، والإكفاء في الشعر: أن يخالف بين قوافيه بعضها ميم وبعضها نون. وقال الفراء: هو أن يخالف بين حركات الرويّ وهو مثل الإقواء.

الباب العاشر في كاتب الجيش

الباب العاشر في كاتب الجيش وفيه خمسة عشر فصلا الفصل الأول في أمر النبيّ عليه السلام بكتب الناس وثبوت العمل بذلك في عصره صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (4: 87) رحمه الله بسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام من الناس، فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟ فلقد رأيتنا ابتلينا حتى إن الرجل ليصلّي وحده وهو خائف. وروى مسلم (1: 380- 381) رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلم يخطب يقول: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحجّ مع امرأتك. ورواه البخاري (4: 72) «1» رحمه الله تعالى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجّة قال: ارجع فحجّ مع امرأتك.

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 3: 24.

الفصل الثاني في ذكر من تولى ذلك في عهده عليه السلام

وأنشد ابن إسحاق في «السير» (2: 471) في أشعار يوم حنين لضمضم بن الحارث «1» السّلميّ: [من الكامل] إذ لا أزال على رحالة نهدة ... جرداء تلحق بالنّجاد إزاري يوما على أثر النّهاب وتارة ... كتبت مجاهدة مع الأنصار فائدة لغوية: في «المحكم» : الجيش: الجند، وقيل: جماعة الناس في الحرب، والجمع جيوش. وفي «الصحاح» (3: 999) يقال: جيّش فلان أي جمع الجيوش، واستجاشه أي طلب منه جيشا. وفي «الأفعال» لابن طريف: جاش الماء: ارتفع، وكذلك حركة القوم، ومنه الجيش. الفصل الثاني في ذكر من تولّى ذلك في عهده عليه السلام قد ثبت في الحديث الذي تقدم عن البخاري رحمه الله تعالى أن ممن تولى ذلك حذيفة بن اليمان، رضي الله تعالى عنه. من «الاستيعاب» (334) : حذيفة بن اليمان، يكنى أبا عبد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان لقب، وهو حذيفة بن حسل، ويقال: حسل، ويقال حسيل- قاله في اسم والده- ابن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس- العبسي القطعي من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار. وإنما قيل لأبيه حسيل: اليمان، لأنه من ولد اليمان: جروة بن الحارث، وكان جروة بن الحارث يقال له اليمان، وإنما سمي اليمان لأنه أصاب في قومه دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه: اليمان، لأنه حالف اليمانية. شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان

_ (1) م: حارث.

أحدا، وقتل أباه يومئذ بعض المسلمين وهو يحسبه من المشركين، فتصدّق ابنه حذيفة بديته على من أصابه من المسلمين. قلت: قاله في اسم والده، وذكره ابن إسحاق في «السير» أيضا. وقال أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في «الصفوة» (1: 249) في سبب غيبته عن حضور بدر قال: خرج حذيفة وأبوه فأخذهما كفار قريش فقالوا: إنكما تريدان محمدا، فقالا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منهما عهدا ألا يقاتلا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأن ينصرفا إلى المدينة، فأتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبراه وقالا: إن شئت قاتلنا معك فقال: بل تفيان ونستعين بالله عليهم، ففاتهما بدر وشهد حذيفة أحدا وما بعدها. قال أبو عمر: كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الخندق ينظر إلى قريش، فجاءه بخبر رحيلهم، وهو معروف في الصحابة بصاحب سرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان عمر يسأله عن المنافقين، وينظر إليه عند موت من مات منهم، فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر. مات حذيفة سنة ستّ وثلاثين «1» بعد قتل عثمان في أول خلافة عليّ، وقيل سنة خمس وثلاثين، والأول أصحّ، وكان موته بعد أن أتى نعي عثمان إلى الكوفة، ولم يدرك الجمل. وفي «تاريخ بغداد» (1: 162) للخطيب: ولّاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما المدائن، فأقام بها إلى حين وفاته سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان بأربعين ليلة.

_ (1) ط: سنة ثلاث وثلاثين، وعلّق عليه بهامش النسخة من اسمه أحمد الصديق: هذا تخليط عجيب لا يدرى أمن المؤلف أم من غيره فعثمان مات سنة 35 ... الخ.

الفصل الثالث في ثبوت العطاء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

فائدتان لغويتان: الأولى: جروة: جدّ حذيفة بضم الجيم، كذلك ضبطه الحافظ أبو علي الغسّاني حيثما وقع في «الاستيعاب» بخطه. الثانية: في «الصحاح» (6: 2219) اليمن بلاد العرب، والنسبة إليهم يمني ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب ولا يجتمعان. وقال سيبويه: وبعضهم يقول: يمانيّ بالتشديد، وقوم يمانية ويمانون مثل ثمانية وثمانون، وامرأة يمانية أيضا، وأيمن الرجل ويمن ويامن: إذا أتى اليمن، وكذلك إذا أخذ في سيره يمينا، يقال: يامن يا فلان بأصحابك أي خذ بهم يمنة، ولا تقل: تيامن بهم، والعامة تقوله. الفصل الثالث في ثبوت العطاء في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى أبو داود (2: 123) رحمه الله تعالى عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الأهل حظّين، وأعطى الأعزب حظّا، فدعينا، وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين- وكان لي أهل- ثم دعا بعدي عمار بن ياسر فأعطاه حظا واحدا. وروى مالك في «الموطأ» (163) رحمه الله تعالى عن القاسم بن محمد أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كان إذا أعطى الناس أعطياتهم يسأل الرجل: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ فإن قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاؤه ولم يأخذ منه شيئا. فوائد لغوية في أربع مسائل: المسألة الأولى: في الفيء لغة: في «الصحاح» (1: 63) : فاء يفيء فيئا: رجع، وأفاءه غيره: رجعه، وفلان سريع الفيء من غضبه. وفي «المحكم» فاء إلى الأمر وفاءه فيئا وفيوءا: رجع إليه، وأفاء واستفاء كفاء، وفاء من غضبه: رجع، وإنه

الفصل الرابع في وضع عمر رضي الله تعالى عنه الديوان والسبب لذلك

لسريع الفيء والفيئة أي الرجوع. والفيء ما كان شمسا فنسخه الظلّ، وفاء الفيء: تحوّل. المسألة الثانية: في الفيء في الشرع: قال ابن شأس في «الجواهر» «1» الفيء كلّ مال فاء للمسلمين من الكفار من خمس، وجزية أهل العنوة وأهل الصلح وخراج أرضهم، وما صولح عليه الحربيون من هدنة وما أخذ من تجّار الحربيين، وتجار أهل الذمة، وخمس الركاز وخمس المعادن. وقال أبو عبيد في كتاب «الأموال» (24) : وهو الذي يعمّ المسلمين غنيّهم وفقيرهم فيكون في أعطية المقاتلة، وأرزاق الذرية وما ينوب الإمام من أمور [الناس] بحسن النظر للإسلام وأهله. المسألة الثالثة: «العطاء» : قال القاضي أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى في «المنتقى» : الأعطية في اللغة اسم لما يعطيه الإنسان غيره على أي وجه كان، إلا أنه في الشرع واقع على ما يعطيه الإمام الناس من بيت المال على سبيل الأرزاق. وفي «المحكم» (2: 223) العطاء والعطية: المعطى، والجمع: أعطية، وأعطيات جمع الجمع. وفي «الصحاح» (6: 2430) أعطاه مالا، والاسم: العطاء، والعطيّة: الشيء المعطى، والجمع العطايا. المسألة الرابعة: «الاطماع» : في «الكتاب المظفّري» الطّمع: رزق الجند، أمر بأطماعهم أي بأرزاقهم. وفي «المحكم» (1: 352) : وأطماع الجند: أرزاقهم، وقيل: أوقات قبضها، واحدها طمع. الفصل الرابع في وضع عمر رضي الله تعالى عنه الديوان والسبب لذلك من تاريخ ابن الأثير (2: 502) : وفي سنة خمس عشرة من الهجرة فرض عمر رضي الله تعالى عنه الفروض ودوّن الدواوين وأعطى العطايا.

_ (1) عبد الله بن نجم بن شأس الجذامي السعدي أبو محمد جلال الدين وكتابه «الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة» كتاب نفيس وضعه على ترتيب الوجيز للغزالي، وهو مرجع المالكية بمصر، وكانت وفاته سنة 610 (وفيات الأعيان 3: 61 والديباج المذهب 1: 443) .

ومن «الأحكام السلطانية» (199) للماوردي: اختلف الناس في السبب الذي حمل عمر رضي الله تعالى عنه على ذلك، فقال قوم: إنه بعث بعثا وعنده الهرمزان، فقال لعمر: هذا بعث قد أعطيت أهله الأموال فإن تخلّف منهم رجل أخلّ بمكانه، من أين يعلم به؟ فأثبت لهم ديوانا، فسأله عمر عن الديوان حتى فسّره له. وقال آخرون: سببه أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قدم عليه بمال من البحرين، فقال عمر: ماذا جئت به؟ فقال: خمسمائة ألف درهم، فاستكثره عمر وقال: أتدري ما تقول؟ قال: نعم، مائة ألف خمس مرات، فصعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس، قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلناه لكم كيلا، وإن شئتم عددناه لكم عدّا، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين قد رأيت الأعاجم يدوّنون ديوانا لهم، فدوّن أنت ديوانا، فاستشار عمر رضي الله تعالى عنه المسلمين في تدوين الدواوين، فقال عليّ رضي الله تعالى عنه: تقسم كلّ سنة ما اجتمع إليك من المال ولا تمسك منه شيئا، وقال عثمان رضي الله تعالى عنه: أرى مالا كثيرا يسع الناس وإن لم يحصوا حتى يعلم من أخذ ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر. فقال خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه: قد كنت بالشام فرأيت ملوكا دونوا دواوين وجنّدوا أجنادا، فدوّن ديوانا وجنّد جنودا، فأخذ بقوله، ودعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم، وكانوا من شباب قريش فقال: اكتبوا الناس على منازلهم. فائدة لغوية: في «الصحاح» (3: 1097) الفرض: العطية المرسومة، يقال: ما أصبت منه فرضا ولا قرضا. وأفرضته: إذا أعطيته، وفرضت له في العطاء، وفرضت له في الديوان.

الفصل الخامس ذكر من تولى كتابة الديوان في عصر عمر

الفصل الخامس ذكر من تولّى كتابة الديوان في عصر عمر ، رضي الله تعالى عنه تولّى ذلك النفر الثلاثة الذين ذكرهم الماوردي، وهم: 1- عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، يجتمع مع النبي صلّى الله عليه وسلم في عبد المطلب. قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1078) : يكنى أبا يزيد، وقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا يزيد إني أحبك حبين: حبا لقرابتك مني، وحبا لما كنت أعلم من حبّ عمي إياك. أسلم رضي الله تعالى عنه قبل الحديبية، وشهد غزوة مؤتة، وكان أسنّ من أخيه جعفر رضي الله تعالى عنهما بعشر سنين، وكان جعفر أسنّ من عليّ رضي الله تعالى عنهما بعشر سنين، وكان عقيل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، وكانت له طنفسة تطرح في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويجتمع إليه في علم النسب وأيام العرب. وتوفي في خلافة معاوية رضي الله تعالى عنهما. 2- ومخرمة بن نوفل القرشي : قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1380) : كان من مسلمة الفتح، وكان له سنّ وعلم بأيام قريش، وكان يؤخذ عنه النسب، وكان أحد علماء قريش، يكنى أبا صفوان، وقيل أبا المسور بابنه المسور، وقيل أبا الأسود، وأبو صفوان أكثر، وكان شهما أبيّا، وهو أحد المؤلّفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم. مات بالمدينة في زمن معاوية سنة أربع وخمسين وقد بلغ مائة سنة وخمس عشرة، وكفّ بصره في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه. 3- وجبير بن مطعم القرشي النوفلي : قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (232) : يكنى أبا محمد، وقيل أبا عدي، وكان من أنسب قريش

الفصل السادس في بيان قولهم في عمر رضي الله تعالى عنه إنه أول من دون الدواوين وفرض الأعطيات

لقريش والعرب قاطبة. أسلم عام الفتح، وقيل عام خيبر، وذكره بعضهم في المؤلفة قلوبهم، وفيمن حسن إسلامه منهم، ومات سنة سبع وخمسين وقيل سنة تسع وخمسين في خلافة معاوية. فائدة لغوية: «الطّنفسة» : في «المشارق» (1: 340) يقال: بضمّ الطاء والفاء، وبكسرهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء وهو الأفصح، وحكى أبو حاتم الكسر والفتح في الطاء، وأما الفاء فالكسر لا غير، وهي النمرقة، وهي بساط صغير. الفصل السادس في بيان قولهم في عمر رضي الله تعالى عنه إنه أول من دوّن الدواوين وفرض الأعطيات قلت: قد ثبت بما تقدّم من صحيح الحديث في صدر الباب أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أمر بكتابة الناس، وأنهم كتبوا في عصره صلّى الله عليه وسلم وأنه كان- صلى الله عليه وسلم- يقسم الفيء، وأن أبا بكر كان يعطي الناس الأعطيات. ثم اتفق أهل الأثر وأصحاب الأخبار والسير على أن عمر رضي الله تعالى عنه أول من وضع الديوان في الإسلام وفرض الأعطيات. وهذا غير مخالف لما تقدم، فإنهم يعنون أنه أول من دوّن الدواوين للعطاء ورتّب الناس فيها وقدّر الأعطيات، ولأن كتابة الناس في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم إنما كانت في أوقات، نحو كتبهم حين أمر حذيفة رضي الله تعالى عنه بإحصاء الناس، ونحو كتب من تعيّن منهم في بعث من البعوث كما في خبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وكذلك العطاء في عصره- صلى الله عليه وسلم- لم يكن في وقت معيّن ولا مقدارا معينا. فلما كانت خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وكثر الناس، وجبيت الأموال، وفرضت الأعطيات، وتأكدت الحاجة إلى ضبطهم، وضع الديوان بعد مشاورته للصحابة رضي الله تعالى عنهم. وهذا كما قالوا في عثمان رضي الله تعالى

الفصل السابع في معنى الديوان والزمام

عنه إنه أول من جمع مصحف القرآن، وقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه جمعه في صحف، وبقيت تلك الصحف عند حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها إلى زمن عثمان رضي الله تعالى عنه، ذكر ذلك أبو محمد ابن عطية وغيره. وكان جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم قد جمعوه أيضا قبل ذلك، ومن أشهرهم: عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. قال أبو عمر ابن عبد البر (992) : إن رجلا جاء إلى عمر وهو بعرفات فقال: جئتك من الكوفة، وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب، فغضب لذلك عمر غضبا شديدا، وقال: ويحك من هو؟ قال: عبد الله بن مسعود، فذهب عنه ذلك الغضب وسكن وعاد إلى حاله وقال: والله ما أعلم من الناس أحدا هو أحقّ بذلك منه. انتهى. وقالوا: إن عثمان رضي الله تعالى عنه حين أكمل كتب المصحف أمر بانتزاع ما عند الصحابة من المصاحف، فانتزعت إلا مصحف عبد الله بن مسعود. فهذا يدل على أنه قد كانت مصاحف جمعت قبل مصحف عثمان، وإنما نسبوا ذلك إليه لأنه المصحف الذي بعثت نسخة إلى الأمصار، وأتمّ المسلمون به في جميع الأقطار. فائدة لغوية: في «المحكم» (4: 207) ظهر القلب: حفظه عن غير كتاب، وقد قرأه ظاهرا واستظهره. الفصل السابع في معنى الديوان والزمام أما «الديوان» فقال ابن السيد في «الاقتضاب» (1: 192) الديوان: اسم أعجمي أصله: دوّان بواو مشدّدة، فقلبت الواو الأولى منهما ياء لانكسار ما قبلها بدليل قولهم في جمعه: دواوين، وفي تصغيره: دويوين، فرجعت الواو حين ذهبت

الكسرة، قال: ومن العرب من يقول في جمعه: دياوين بالياء، وأنشد «1» : [من الوافر] عداني أن أزورك أمّ عمرو ... دياوين تشقّق «2» بالمداد وقال ابن قتيبة «في صناعة الكتابة» له: وإنما جمعوه بالياء على لفظه، قال: وداله بالكسر ولا تفتح. قال ابن السيد (1: 192- 193) : وفي ديوان شذوذ عما عليه جمهور الأسماء في الاعتلال، قال: والأصل في تسميتهم الديوان ديوانا: أن كسرى أمر كتّابه أن يجتمعوا في دار واحدة ويعملوا حساب السواد في ثلاثة أيام، وأعجلهم فيه، فأخذوا في ذلك، واطّلع عليهم لينظر ماذا يصنعون، فنظر إليهم يحسبون بأسرع ما يمكن وينسخون كذلك، فعجب من كثرة حركتهم فقال: أي ديوانه: ومعناه: هؤلاء مجانين، وقيل: معناه: شياطين، فسمّي موضعهم ديوانا، واستعملته العرب، وجعلوا كلّ محصّل من كلام أو شعر ديوانا. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إذا قرأتم شيئا من القرآن ولم تعرفوا ما غريبه، فاطلبوه في شعر العرب فإنه ديوانها «3» . انتهى. وأما الزمام فقال علي بن خيرة الميورقي في كتابه «ترتيب الأعمال» : إنما قيل له زمام لأنه مشتقّ من زمام الناقة، الذي هو مانعها من إرادة هواها، وقاصرها على المكان الذي عقلت فيه. قال: وكذلك الزمام سمّي زماما لحصر الأمور فيه، وزمّها وعقلها عن التلف، وخشية النسيان لها، واتقاء الغفلة فيها. قال: وقيل للزمام ديوان لأنه جعل كالكتاب الذي تدوّن فيه المعاني والعلوم وتبيّن، لتعلم ولتحفظ في كلّ وقت، فهو مدون لتقييد الأشياء والمعاني التي يخشى عليها النسيان. قال ابن القوطية في أفعاله (2: 98) : زمّ البعير: أوثقه بالزمام، والشيء: شدّه.

_ (1) البيت في اللسان (دون) والمعرب: 154 وشفاء الغليل: 82 ورسائل المعري 1: 24. (2) اللسان: تنفق. (3) الاقتضاب: ديوانهم.

الفصل الثامن بمن يبدأ وقت كتب الديوان

قال الجوهري (5: 1944) : الزمام: الخيط الذي يشد في [البرة] أو في الخشاش ثم يشدّ في طرف المقود، وقد يسمى المقود زماما. أنشد الأعلم لامرىء القيس «1» : فقلت لها سيري وأرخي زمامه ... ولا تبعدينا من جناك المعلّل الفصل الثامن بمن يبدأ وقت كتب الديوان ذكر الماورديّ في «الأحكام السلطانية» (200) أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين أراد وضع الناس في الديوان قال: بمن أبدأ؟ فقال له عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: ابدأ بنفسك، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: أذكر أني حضرت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنه يبدأ ببني هاشم وبني المطلب، فبدأ عمر رضي الله تعالى عنه بهم، ثم بمن يليهم من بنيهم من قريش، بطنا بعد بطن، حتى استوفى قبائل قريش، ثم انتهى إلى الأنصار فقال عمر: ابدأوا برهط سعد بن معاذ بن الأوس ثم بالأقرب فالأقرب من سعد. واستقر ترتيب الناس في الديوان على تقدّم النّسب المتصل برسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال الماوردي (204) : الترتيب المعتبر في الديوان عامّ وخاصّ. فالترتيب العامّ ترتيب القبائل والأجناس حتى تتميز كلّ قبيلة عن غيرها وكلّ جنس ممّن خالفه، ولا يخلو حالهم من أن يكونوا عربا أو غيرهم، فإن كانوا عربا ترتبت قبائلهم بالقربى من رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما فعل عمر رضي الله تعالى عنه، فتقدم عدنان على قحطان لأن النبوة في عدنان، وعدنان يجمع ربيعة ومضر، فتقدم مضر على ربيعة لأن النبوة في مضر، ومضر تجمع قريشا وغيرهم، فتقدم قريش لأن النبوة فيهم وقريش تجمع بني هاشم وغيرهم، فتقدم بنو هاشم لأن النبوة فيهم، وإن

_ (1) هو من معلقته، انظر ديوانه: 12.

الفصل التاسع من كم يجيز الإمام من يرسم في الديوان

كانوا غير عرب فإن كانت لهم سابقة في الإسلام ترتّبوا عليها، وإن لم يكن سابقة ترتبوا بالقربى من وليّ الأمر، فإن تساووا فبالسبق إلى الطاعة. والترتيب الخاصّ في ترتيب الواحد بعد الواحد: فيترتب بالسابقة في الإسلام، فإن تكافؤوا في السابقة ترتبوا بالدين، فإن تقاربوا ترتبوا بالسن، فإن تقاربوا في السن ترتبوا بالشجاعة، فإن تقاربوا فيها فوليّ الأمر مخيّر، إن شاء رتّبهم بالقرعة أو رتبهم على رأيه واجتهاده. الفصل التاسع من كم يجيز الإمام من يرسم في الديوان روى الترمذي (3: 127) رحمه الله تعالى عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: عرضت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني، ثم عرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمس عشرة فقبلني. قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال: هذا حدّ ما بين الصغير والكبير، ثم كتب أن يفرض لمن بلغ الخمس عشرة. الفصل العاشر في عرض الناس في كلّ سنة ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (655) عند ذكر سمرة بن جندب أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يعرض غلمان الأنصار في كلّ عام، فمرّ به غلام فأجازه في البعث، وعرض عليه سمرّة بن جندب من بعده فردّه، فقال سمرة: يا رسول الله لقد أجزت غلاما ورددتني، ولو صارعته لصرعته، قال: فصارع، فصارعته فصرعته، فأجازني في البعث.

الفصل الحادي عشر في العريش يبنى للرئيس يشرف منه على عسكره

فائدة لغوية: لابن طريف في «أفعاله» : عرضت الجند: نظرت حالهم- بفتح الراء- عرضا. الجوهري في «الصحاح» (3: 1082) : عرضت الجند عرض العين: إذا أمررتهم عليك ونظرت ما حالهم، وقد عرض العارض الجند يعرضهم بالكسر، واعترضواهم، ويقال: اعترضت على الدابة: إذا كنت وقت العرض راكبا. الفصل الحادي عشر في العريش يبنى للرئيس يشرف منه على عسكره قال الهروي: الوشيع: عريش يبنى للرئيس في العسكر يشرف منه على عسكره. وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الوشيع، يعني العريش، يوم بدر. وفي «الروض الأنف» (5: 182) العريش: كلّ ما علاك وأظلّك من فوقك، فإن علوته أنت فهو عرش لك لا عريش. الفصل الثاني عشر في الدعاء وقت العرض قد تقدّم في فصل ثبوت العطاء في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو الفصل الثالث من هذا الباب، ما رواه أبو داود (2: 123) عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى الأعزب حظّا، فدعينا، وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين، وكان لي أهل، ثم دعا بعدي عمار بن ياسر، فأعطي حظا واحدا.

الفصل الثالث عشر في وقت العطاء

الفصل الثالث عشر في وقت العطاء ذكر الشيرازي في كتابه «طبقات الفقهاء» (66) له: أن أبا الزناد عبد الله بن ذكوان مولى رملة بنت ربيبة وفد على هشام بن عبد الملك بن مروان بحساب ديوان المدينة، فسأل هشام ابن شهاب: أي شهر كان يخرج فيه العطاء لأهل المدينة؟ فقال: لا أدري. قال أبو الزناد: فسألني هشام، فقلت: المحرّم، فقال هشام لابن شهاب: يا أبا بكر هذا علم أخذته اليوم، فقال ابن شهاب: مجلس أمير المؤمنين أهل أن يفاد منه العلم. وأنشد أبو بكر محمد بن يحيى الصولي في كتاب «الورقة» الذي ألفه في أشعار الخلفاء للوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان حين استخلف «1» : ضمنت لكم إن سلّم الله مهجتي ... عطاء ورزقا كاملا في المحرّم فلا تسخطوني لا أبا لأبيكم ... فإني لكم كالوالد المترحم الفصل الرابع عشر في دفع العروض في العطاء روى البخاري (7: 200) «2» رحمه الله تعالى عن المسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنه أن أباه مخرمة قال له: يا بنيّ بلغني أن النبي صلّى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فهو يقسمها، فاذهب بنا إليه، فذهبنا فوجدنا النبيّ صلّى الله عليه وسلم في منزله، فقال لي: يا بني ادع لي النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فأعظمت ذلك، فقلت: أدعو لك رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟! فقال: يا بنيّ إنه ليس بجبار، فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج مزرّر بالذهب، فقال: يا مخرمة هذا خبأته لك، فأعطاه إياه.

_ (1) ديوان الوليد بن يزيد (عطوان) : 116 (عن أنساب الأشراف) . (2) قارن بالبخاري 3: 209، 7: 186.

وذكر ابن المنذر «1» رحمه الله تعالى في «الإشراف» عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان يأخذ الجزية من كلّ ذي صنع: من صاحب الإبر إبرا، ومن صاحب المسالّ مسالّ، ومن صاحب الحبال حبالا، ثم يدعو العرفاء فيعطيهم الذهب والفضة فيقسمونه، ثم يقول: خذوا هذا فاقتسموه، فيقولون: لا حاجة لنا فيه، فيقول: أخذتم خياره وتركتم عليّ شراره، لتحملنّه. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (3: 1083) : العرض: المتاع، وكل شيء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير فإنهما عين، وقال أبو عبيد: العروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا تكون حيوانا ولا عقارا. تقول: اشتريت المتاع بعرض أي بمتاع مثله. وفي «ديوان الأدب» (1: 115) : العرض بفتح العين وسكون الراء: ما ليس بنقد. الثانية: الأقبية جمع قباء. وفي «الديوان» (4: 54) وهو القباء بفتح القاف ممدود. وفي «الأفعال» لابن طريف: قبوت الشيء قبوا: إذا جمعته بأصابعك، وبه سمّي القباء لاجتماع أطرافه. الثالثة: في «المشارق» (1: 310) مزررة بالذهب: أي لها أزرار منه، أو زيّنت به أزرارها. وفي «الصحاح» (2: 669) الزّرّ واحد أزرار القميص. وفي «المشرع الروي» : هو ما يدخل في العرى. وفي «المحكم» : الزّرّ: الذي يوضع في القميص، وفي المثل: ألزم من زرّ لعروة. وفي «الصحاح» (2: 669) زررته أزرّه بالضمّ زرّا: إذا شددت أزراره عليك، ويقال: ازرر عليك قميصك، وزرّه وزرّه وزرّه، وأزررت القميص: إذا جعلت له أزرارا فتزرّر.

_ (1) محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري نزيل مكة: كان إماما مجتهدا حافظا ورعا، وله كتاب «الاشراف في اختلاف العلماء» وكانت وفاته سنة 318 وقيل قبل ذلك (طبقات الشيرازي: 89 وابن خلكان 3: 344) .

الفصل الخامس عشر في الرجل يموت بعد أن يستوجب العطاء أو بعضه

الفصل الخامس عشر في الرجل يموت بعد أن يستوجب العطاء أو بعضه ذكر أبو عبيد في «كتاب الأموال» (333) أن رجلا مات بعد ثمانية أشهر من السنة فأعطاه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ثلثي عطائه. وذكر أبو عبيد (332) أيضا قال: قال الزبير لعثمان رضي الله تعالى عنهما بعدما مات عبد الله بن مسعود: أعطني عطاء عبد الله، فعيال عبد الله أحقّ به من بيت المال، فأعطاه خمسة عشر ألفا. قال أبو عبيد، قال يزيد: وكان الزبير وصيّ عبد الله بن مسعود. وذكر أبو عبيد (332) أيضا عن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا استوجب الرجل عطاءه ثم مات أعطاه ورثته. وفي «الاستيعاب» (1827) ذكر الزبير بن بكار بسنده عن أبي وجزة عن أبيه قال «1» : حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشريد السّلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم من أول الليل: يا بنيّ إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد كما أنتم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجّنت حسبكم، ولا غيّرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعدّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (آل عمران: 200) فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله تعالى فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجلّلت نارا على أرواقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، عند احتدام خميسها، تظفروا

_ (1) انظر أيضا قصة الخنساء وأبنائها في طبقات السبكي 1: 260- 261 وألف باء 2: 210.

بالغنى والكرامة، في دار الخلود والمقامة. فخرج بنوها قابلين لنصحها، عازمين على قولها، فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم وأنشد أولهم يقول: [من الرجز] يا إخوتي إن العجوز الناصحه ... قد نصحتنا إذ دعتنا البارحه مقالة ذات بيان واضحه ... فباكروا الحرب الضروس الكالحه وإنما تلقون عند الصائحه ... من آل ساسان كلابا نابحه قد أيقنوا منكم بوقع الجائحه ... وأنتم بين حياة صالحه أو ميتة تورث غنما رابحه وتقدّم فقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى. ثم حمل الثاني وهو يقول: [من الرجز] إن العجوز ذات حزم وجلد ... والنظر الأوفق والرأي السّدّد قد أمرتنا بالسداد والرشد ... نصيحة منها وبرّا بالولد فباكروا الحرب حماة في العدد ... إما لفوز بارد على الكبد أو ميتة تورثكم غنم الأبد ... في جنة الفردوس والعيش الرغد فقاتل حتى استشهد رحمه الله تعالى. ثم حمل الثالث وهو يقول: [من الرجز] والله لا نعصي العجوز حرفا ... قد أمرتنا حدبا وعطفا نصحا وبرا صادقا ولطفا ... فبادروا الحرب الضروس زحفا حتى تلفّوا آل كسرى لفّا ... أو تكشفوهم عن حماكم كشفا إنا نرى التقصير منكم ضعفا ... والقتل فيكم نجدة وعرفا فقاتل حتى استشهد [رحمة الله تعالى عليه] ، ثم حمل الرابع وهو يقول: [من الرجز] لست لخنساء ولا للأخرم ... ولا لعمرو ذي السناء الأقدم إن لم أرد في الجيش جيش الأعجم ... ماض على الهول خضم خضرم إما لفوز عاجل أو مغنم ... أو لوفاة في السبيل الأكرم

فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه وعلى إخوته. فبلغها الخبر فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة، لكلّ واحد مائتي درهم، حتى قبض رضي الله تعالى عنه. فائدة تعريفية: في «جماهر الأنساب» (22) لأبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى: من بني الحارث بن بهثة بن سليم: العباس بن مرداس وإخوته: هبيرة وجزء ومعاوية وعمرو بنو مرداس وأمهم جميعا غير عباس وحده خنساء بنت عمرو الشاعرة. فوائد لغوية: قولهم في الحرب: شمّرت عن ساقها وجللت نارا على أرواقها وهي القرون جمع روق وهو القرن. وقولهم: إنها كالحة، والكالح الذي تتقلص شفتاه عن أسنانه في حال عبوسه حتى تبدو أسنانه، إنما يعنون بذلك شدّتها وعظم المشقة فيها، وليس لها ساق تقوم عليها، ولا روق تستعمله، ولا شفة ولا أسنان تكلح عنها، لكن لما كان ذلك من الأمور التي تستعمل في حال الشدة والمشقة استعيرت للحرب دلالة على ذلك. وكذلك استعارة الاضطرام، وهو الاحتدام أيضا. واللظى وهو من أسماء النار. والوطيس وهو التنّور أو شبهه يختبز فيه. إنما هي دلالات على شدتها وعظم المشقة أيضا؛ وقولهم: حرب ضروس هي الشديدة الصعبة أيضا. قال الجوهري (2: 939) : ضرسهم الزمان: اشتد عليهم، وناقة ضروس: سيئة الخلق تعضّ حالبها. وأنشدوا في كتاب الحماسة (1: 96) «1» : وإنّي في الحرب الضّروس موكّل ... بتقديم نفس لا أريد بقاءها

_ (1) انظر شرح المرزوقي رقم: 36 وديوان قيس: 10.

تكملة: في «المشرع الرويّ» : في الحديث قوله عليه السلام: «الآن حمي الوطيس» قال المطرزي «1» : الوطيس شبه التّنّور يخبز فيه، ويضرب مثلا لشدّة الحرب، يشبه حرّها بحره، وقال غيره: الوطيس: التّنّور نفسه، وقال الأصمعي: هي حجارة مدوّرة إذا حميت لم يقدر أحد يطأ عليها، فيضرب مثلا للأمر إذا اشتد، وقيل: الوطيس جمع، واحدته: وطيسة، وهذه الكلمة هي من الكلام التي لم يسبق إليها النبي صلّى الله عليه وسلم.

_ (1) في المغرب للمطرزي (2: 254) الوطيس: التنور ... وعن الغوري: حفرة يختبر فيها ويشتوى. وأقدر أن النقل عن المطرز.

الباب الحادي عشر في ذكر العرفاء

الباب الحادي عشر في ذكر العرفاء روى البخاري (3: 130- 131) رحمه الله تعالى عن مروان بن الحكم ومسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام «1» حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: أحبّ الحديث إليّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت بهم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم غير رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم، فمن أحبّ أن يطيّب «2» فليفعل، ومن أحبّ منكم أن يكون على حظّه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل. فقال الناس: قد طيّبنا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع «3» إلينا عرفاؤكم أمركم. فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا. انتهى.

_ (1) م ط: قال. (2) البخاري: يطيب بذلك. (3) البخاري: يرفعوا.

فوائد لغوية: في «المنتقى» لأبي الوليد الباجي رحمه الله تعالى: العرفاء رؤساء الأجناد وقوادهم، ولعلهم سمّوا بذلك لأنهم بهم يتعرّف أحوال الجيش. وفي «الصحاح» : (4: 1452) العريف والعارف: بمعنى، مثل عليم وعالم. وأنشدوا: [من الكامل] أو كلّما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم «1» أي عارفهم، والعريف: النقيب دون الرئيس، والجمع: عرفاء، تقول منه: عرف فلان بالضمّ عرافة مثل خطب خطابة- يعني بفتح الخاء- أي صار عريفا، وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت: عرف فلان علينا سنين يعرف عرافة، مثل: كتب يكتب كتابة، وفيها (1: 227) النقيب: العريف، وهو شاهد القوم وضمينهم، والجمع: النقباء، وقد نقب على قومه ينقب نقابة، مثل كتب يكتب كتابة. قال الفرّاء: إذا أردت أنه لم يكن نقيبا قلت: نقب بالضمّ نقابة بالفتح. قال سيبويه: النّقابة بالكسر: الاسم، وبالفتح: المصدر، مثل: الولاية والولاية. وفيها (1: 228) نكب على قومه ينكب نكابة: إذا كان منكبا لهم يعتمدون عليه وهو رأس العرفاء.

_ (1) البيت في اللسان (عرف) لطريف بن مالك العنبري.

الباب الثاني عشر في الرجل يدعو الناس وقت العرض

الباب الثاني عشر في الرجل يدعو الناس وقت العرض قد تقدم في الفصل الثالث والفصل الثاني عشر من باب كاتب الجيش «1» أن أبا داود (2: 123) رحمه الله تعالى روى عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه من يومه، فأعطى الآهل حظّين، وأعطى الأعزب حظا، فدعيت، وكنت أدعى قبل عمار، فأعطاني حظين، وكان لي أهل، ثم دعي بعدي عمار بن ياسر فأعطي حظا واحدا. وفيه دليل على اتخاذ من يدعو الناس وقت العرض.

_ (1) انظر ما تقدم ص: 242، 251.

الباب الثالث عشر في [ذكر] المحاسب

الباب الثالث عشر في [ذكر] المحاسب وفيه أربعة فصول الفصل الأول في محاسبة النبي صلّى الله عليه وسلم عامله على الصدقة روى البخاري (2: 160) «1» رحمه الله تعالى عن أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال: استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا من الأزد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللّتبيّة، فلما جاء حاسبه. وروى مسلم (2: 84) رحمه الله تعالى عن أبي حميد الساعدي أيضا رضي الله تعالى عنه قال: استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللّتبيّة، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا؟ ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتيني فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا؟ والله لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقّه إلا لقي الله عز وجل بحمله يوم القيامة،

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 3: 209، 9: 36 فهناك أيضا صورة أخرى من الحديث المتعلق بابن اللتبية.

الفصل الثاني في محاسبة أبي بكر رضي الله تعالى عنه عماله

فلأعرفنّ أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رئي بياض ابطيه يقول: اللهم هل بلّغت بصر عيني وسمع أذني. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (1: 109- 111) حسبته أحسبه بالضم حسبا وحسابا وحسابة، وحسبته: عددته، والحسبة أيضا من الحساب مثل القعدة والرّكبة. قال النابغة «1» : [من البسيط] فكمّلت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد والمعدود محسوب، وحسب أيضا، وهو فعل بمعنى مفعول مثل نفض بمعنى منفوض، وحاسبته من المحاسبة، والحسبان: الحساب. قال الله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (الرّحمن: 5) قال الأخفش: الحسبان: جماعة الحساب، مثل شهاب وشهبان، وحسبته صالحا أحسبه بالفتح محسبة ومحسبة، وحسبانا بالكسر أي ظننته، ويقال: أحسبه بالكسر، وهو شاذّ. الثانية: يقال: رغا البعير يرغو رغاء، وخارت البقرة تخور خوارا، ويعرت الشاة تيعر يعارا، كل ذلك: صياحها وأصواتها على فعال بضمّ الفاء، قاله غير واحد. الفصل الثاني في محاسبة أبي بكر رضي الله تعالى عنه عمّاله قال ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار» (1: 60) قدم معاذ رضي الله تعالى عنه من اليمن بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال له: ارفع حسابك فقال: أحسابان: حساب من الله وحساب منكم؟ والله لا ألي لكم عملا أبدا.

_ (1) ديوان النابغة: 25.

الفصل الثالث في استقدام عمر رضي الله تعالى عنه عماله في كل سنة ومحاسبته لهم

الفصل الثالث في استقدام عمر رضي الله تعالى عنه عمّاله في كلّ سنة ومحاسبته لهم قال أبو الربيع ابن سالم في كتابه «الاكتفاء» : كان عمر رضي الله تعالى عنه ملازما للحج في سني خلافته كلّها، وكان من سيرته أن يأخذ عماله بموافاته كلّ سنة في موسم الحج ليحجزهم بذلك عن الرعية، ويحجز عنهم الظلم، ويتعرّف أحوالهم في قرب، وليكون للرعية وقت معلوم ينهون إليه شكاويهم. وقال المظفّر «1» في كتابه المنسوب إليه: كان عمر رضي الله تعالى عنه يحاسب سعدا رضي الله تعالى عنه فيغضب فيقول عمر رضي الله تعالى عنه: عزمت عليك ألا تدعو على أخيك ويضاحكه، وإذا ذهب غضبه قال: تعال نتحاسب فإنه اليوم أيسر عليك من غد. قلت: وسعد هذا الذي ذكره هو سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري رضي الله تعالى عنه أحد العشرة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم المشهود لهم بالجنة رضي الله تعالى عنهم، وإنما قال عمر رضي الله تعالى عنه: عزمت عليك ألا تدعو على أخيك لأنه كان مجاب الدعوة. قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (607) : وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: اللهم سدّد سهمه وأجب دعوته، فكان مشهورا بذلك تخاف دعوته وترجى لاشتهار إجابتها عندهم.

_ (1) المظفر: هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن مسلمة صاحب بطليوس بالأندلس (427- 456) ؛ كان أديبا عالما وكتابه المشار إليه هو المعروف بالمظفري في خمسين مجلدة يشتمل على علوم وفنون من مغاز وسير ومثل وخبر وأدب ويقال إنه لم يستعن في تأليفه إلا بكاتبه ابن خيرة (انظر ترجمته في الذخيرة 2: 640 والحلة السيراء 2: 96 والمغرب 1: 364 والتكملة: 393 وابن خلكان 7: 123. وفي حاشية الذخيرة ذكر لمصادر أخرى) .

الفصل الرابع في مدح الشعراء للمحاسب بعدم المسامحة في المحاسبة

الفصل الرابع في مدح الشعراء للمحاسب بعدم المسامحة في المحاسبة فمن ذلك قول القاضي أبي بكر أحمد بن الحسين الأرّجاني «1» يمدح كاتبا محاسبا أنشده عماد الدين أبو حامد الأصبهاني في «الخريدة» : [من الكامل] من بلّغ الأقلام فوق مدى القنا ... للملك يوم تطاعن الآراء بخلائق خلقت لإدراك العلا ... وطرائق حظيت بكلّ ثناء ويد تشحّ بذرّة إن حاسبت ... وبدرّة منها أقلّ سخاء إن لم يسامح ثمّ فاطلب رفده ... ليريك كيف سماحة السمحاء فائدتان لغويتان: الفائدة الأولى: في «المحكم» : أرّجان موضع حكاه الفارسي، وأنشد «2» : [من الوافر] أراد الله أن يخزي بجيرا ... فسلّطني عليه بأرّجان وخففه بعض متأخري الشعراء، فأقدم على ذلك لعجمته «3» . قلت: هو المتنبي قال «4» : [من الكامل] أرجان أيّتها الجياد فإنّه ... عزمي الذي يذر الوشيج مكسّرا وفي كتاب «اقتباس الأنوار» للرّشاطي: «أرّجان» مدينة بين فارس والأهواز. ومن يكون منها يقال له: الأرّجاني والرّجاني. انتهى. الفائدة الثانية: في «ديوان الأدب» (3: 119، 139) : شحّ على الشيء بفتح الشين يشحّ ويشحّ شحّا فيهما: بخل.

_ (1) ديوان الأرجاني 1: 36. (2) البيت في معجم البلدان 1: 194. (3) هذا اتهام طريف للمتنبي يستثير الضحك حقا، أو لعله يعني لعجمة المكان نفسه. (4) ديوانه: 539.

الجزء الرابع في العمالات الاحكامية وما ينضاف إليها وفيه سبعة عشر بابا

الجزء الرابع في العمالات الاحكامية وما ينضاف إليها

الباب الأول في الإمارة العامة على النواحي وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من ولّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم الأمراء الذين بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الجهات كثيرون، وأقتصر منهم على اثنين خاصة طلبا للإيجاز، وهم أمير مكة شرفها الله تعالى وأمير اليمن. 1- أمير مكة شرفها الله تعالى: قال ابن إسحاق في «السير» (2: 440) خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريد لقاء هوازن ومعه اثنا عشر ألفا: عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح الله بهم مكة، وألفان من أهل مكة، واستعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس على مكة، أميرا على من تخلّف عنه من الناس. وفي « [مختصر] السير» لابن جماعة: أمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة وإقامة الموسم والحجّ بالمسلمين سنة ثمان، وهو دون العشرين سنة في سنّه. 2- أمير اليمن : قال ابن فتحون في «الذيل» «1» : باذان، ويقال: باذام: ملك اليمن. ذكر الباورديّ إسلامه واستعمال النبيّ صلّى الله عليه وسلم إياه على

_ (1) قارن بالإصابة 1: 176.

الفصل الثاني في ذكر نسبهم وأخبارهم

اليمن واستعماله شهرا ابنه على عمله بعد وفاة أبيه. وذكر الثعالبي: أنه أول من أسلم من ملوك العجم، وأول أمير في الإسلام على اليمن. فائدة لغوية: الباوردي والأبيوردي منسوبان إلى أبيورد مدينة من مدن خراسان، قاله الرشاطي. الفصل الثاني في ذكر نسبهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عتاب بن أسيد : في «الاستيعاب» (1023) : عتّاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، يكنى أبا عبد الرّحمن، وقيل أبا محمد. أسلم يوم فتح مكة، واستعمله النبي صلّى الله عليه وسلم على مكة عام الفتح في حين خروجه إلى حنين، فأقام للناس الحجّ تلك السنة وهي سنة ثمان، ولم يزل أميرا على مكة حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأقرّه أبو بكر عليها، فلم يزل عليها إلى أن مات. وكان عتاب رجلا صالحا خيرا فاضلا. روى عنه عمرو بن أبي عقرب قال: سمعت عتاب بن أسيد يقول وهو يخطب مسندا ظهره إلى الكعبة يحلف: ما أصبت في عملي الذي بعثني عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا ثوبين كسوتهما مولاي كيسان. قال أبو عمر (1024) : كانت وفاته فيما قال الواقدي يوم مات أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، قال: ماتا في يوم واحد، وكذلك يقول ولد عتاب. وقال محمد بن سلام وغيره: جاء نعي أبي بكر رضي الله تعالى عنه مكة يوم دفن عتّاب بن أسيد بها. انتهى. وقال الزمخشري في «الكشاف» : (2: 463) إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد على أهل مكة وقال: انطلق فقد استعملتك على أهل الله، فكان شديدا على المريب لينا على المؤمن، وقال: لا والله لا أعلم متخلفا يتخلّف

2 - باذان

عن الصلاة في جماعة إلا ضربت عنقه فإنه لا يتخلف عن الصلاة إلا منافق، فقال أهل مكة: يا رسول الله، لقد استعملت على أهل الله عتاب بن أسيد أعرابيا جافيا؛ فقال صلّى الله عليه وسلم: إني رأيت فيما يرى النائم كأنّ عتاب بن أسيد أتى باب الجنة فأخذ بحلقة الباب فقلقلها قلقالا شديدا حتى فتح له فدخلها. انتهى. وقد تقدم هذا الخبر الذي ذكره الزمخشري في الباب السادس عشر من الجزء الثاني من هذا الكتاب «1» ، وأعدته هنا لما فيه من تكملة التعريف بعتاب بن أسيد رضي الله تعالى عنه. ونقل الثعالبي في تفسيره في الكلام على قوله تعالى: وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (الإسراء: 80) عن الكلبي أنه قال: السلطان النصير: عتاب بن أسيد، وذكر تولية النبي صلّى الله عليه وسلم إياه على مكة بنحو مما ذكره الزمخشري. 2- باذان : في «السير» لابن جماعة: باذان، ويقال باذام بن ساسان بن فلاش بن الملك جاماست» بن الملك فيروز بن الملك يزدجرد بن الملك بهرام جور الفارسي. أمّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد موت كسرى على اليمن كلها، فهو أول أمير في الإسلام على اليمن، وأول من أسلم من ملوك العجم، ومات في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم فولي ابنه شهر بن باذان على صنعاء وأعمالها فقط. انتهى.

_ (1) انظر ما تقدم 138. (2) م: جامست؛ قلت ورد بالتاء في م ط وصوابه جاماسب أو جاماسف (حسبما يرد في الطبري وغيره) .

الباب الثاني في القاضي

الباب الثاني في القاضي وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين الناس روى مالك رحمه الله تعالى في الموطأ (509) عن أمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ فلعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فلا يأخذنّ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النّار. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (2: 189- 190) قضى في اللغة- على وجوه- مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه والانفصال منه، منها: قضى بمعنى ختم، ومنه: ثُمَّ قَضى أَجَلًا (الأنعام: 2) أي: أتمه وختمه. ومنها: الأمر، كقوله تعالى: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (الإسراء: 23) أي: أمر، وبمعنى أعلم كقوله تعالى وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ (الإسراء: 4) أي أعلمناهم، وبمعنى فصل في الحكم، ومنه: يقضي بينهم، وقضى الحاكم. وبمعنى الفراغ، انقضى الشيء إذا تم، وقضى صلاته. وبمعنى أنفذ وأمضى كقوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ (طه: 72) وبمعنى الخروج من الشيء والانفصال منه، ومنه: قضى الدين أي خرج وانفصل منه. انتهى مختصرا. وكل هذه الوجوه تحتمل أن يكون قولهم: قضى القاضي مشتقا منها. وفي «المحكم» : القضاء: الحكم، قضى عليه يقضي قضاء.

الفصل الثاني في ذكر قضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

الثانية: في «الإكمال» و «الغريبين» قوله صلّى الله عليه وسلم: «ألحن بحجّته» أي أفطن لها. وفي «ديوان الأدب» (2: 220، 254) لحن يلحن لحنا فهو لحن بكسر الحاء في الماضي واسم الفاعل وفتحها في المستقبل والمصدر، قال: واللّحن: الفطنة. وفي «المنتقى» (5: 185) : قال أبو عبيدة: واللحن بفتح الحاء: الفطنة، واللحن بإسكان الحاء: الخطأ في القول. الفصل الثاني في ذكر قضاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم 1- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: في «سنن الترمذي» (2: 392) أن عثمان قال لعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه: اذهب فاقض بين الناس، قال: أو تعافيني يا أمير المؤمنين؟ قال: وما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحريّ أن ينقلب منه كفافا. قال: وأرجو «1» بعد ذلك ... وفي الحديث قصة. وقال أبو بكر ابن العربي في «عارضة الأحوذي» : (6: 64) قول أبي عيسى: وفي الحديث قصة هي ما وقع في بعض نسخ الترمذي: أن عثمان قال لابن عمر: اقض بين الناس، قال لا أقضي بين رجلين، قال: إن أباك كان يقضي، قال: إن أبي كان يقضي فإن أشكل عليه شيء سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فإن أشكل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم سأل جبريل، وإني لا أجد من أسأل، وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من عاذ بالله فقد عاذ، وإني أعوذ بالله منك أن تجعلني قاضيا، فأعفاه، وقال: لا تخبرنّ أحدا. قال أبو بكر ابن العربي: (6: 65) قول عثمان لعبد الله بن عمر: إن أباك كان قاضيا، يعني لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وكذلك روي عنه، ولم يرد به عثمان قضاءه

_ (1) الترمذي: فما أرجو.

2 - علي بن أبي طالب

في خلافته ولا فهم عنه ذلك عبد الله بن عمر، ولذلك قال له: كان أبي إذا أشكل عليه أمر سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فهذا يدل على أن ذلك كان في حياته، ولو أراد بذلك الخلافة لقال له: إن أبي كان خليفة ليس فوقه متعقّب عليه، فكيف يحتجّ به في ولاية متعقّب متوقّف. 2- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1100) بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن وهو شاب ليقضي بينهم فقال: يا رسول الله إني لا أدري ما القضاء، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدره وقال: اللهم اهد قلبه وسدد لسانه، قال عليّ: فو الله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين. وروى أبو داود (2: 270) رحمه الله تعالى عن عليّ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا وأنا حدث السنّ ولا علم لي بالقضاء، فقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضينّ حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء. قال: فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد. وقال أبو عمر في «الاستيعاب» (1102) قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أصحابه رضوان الله تعالى عليهم: أقضاهم علي بن أبي طالب. وروي أن المغيرة حلف بالله ما أخطأ عليّ في قضاء قط. 3- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1403) بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجند من اليمن يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وذلك عام فتح مكة. انتهى. قلت: وكان فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، لم يختلف في ذلك. وروى أبو داود (2: 272) رحمه الله تعالى عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ

الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك القضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. فائدتان لغويتان: الأولى: الجند: بفتح الجيم والنون معا، قاله البكري في المعجم (397) ، وأنشد: [من الرجز] تنقّلا من بلد إلى بلد ... يوما بصنعاء ويوما بالجند الثانية: في «الأفعال» لابن طريف: ما ألوت في حاجتك وما ألوتك نصحا: ما قصّرت بك عن جهدي على فعل بفتح الفاء والعين، وأنشد لحاتم الطائي «1» : [من الطويل] وإني لا آلو بمالي صنيعة ... فأوّله زاد وآخره ذخر انتهى. الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: قد تقدم ذكره في باب الوزير بما أغنى عن الإعادة هنا والحمد لله كثيرا. 2- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1089) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، يكنى أبا الحسن.

_ (1) ديوان حاتم: 213.

وقال ابن إسحاق: أول من آمن بالله ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلم من الرجال علي بن أبي طالب وهو قول ابن شهاب، إلا أنه قال: من الرجال بعد خديجة. (1092) قال: وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم عليّ أو أبو بكر؟ قال: سبحان الله: عليّ أولهما إسلاما، وإنما شبّه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب، وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه، ولا شكّ عندنا أن عليّا أولهما إسلاما. (1094) وعن ابن عمر: أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (1095) : هذا أصحّ ما قيل في ذلك. (1096) وقال علي رضي الله تعالى عنه: صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم كذا وكذا، لا يصلي معه غيري إلا خديجة. وأجمعوا أنه صلّى القبلتين، وهاجر وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد وأنه أبلى ببدر وأحد وبالخندق وخيبر بلاء عظيما، وأنه أغنى في تلك المشاهد، وقام فيها المقام الكريم، وكان لواء رسول الله صلّى الله عليه وسلم في يده في مواطن كثيرة، ولم يتخلّف عن مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلم مذ قدم المدينة إلا تبوك فإنه خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى عياله بعده، وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي. وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كل واحدة منهما لعلي رضي الله تعالى عنه: إنه أخي في الدنيا والآخرة، وآخى بينه وبين نفسه. (1099) وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم، كل واحد منهم عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خمّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وبعضهم لا يزيد على: من كنت مولاه فعلي مولاه.

وروى سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسهل بن سعد وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبد الرّحمن بن عمرو وعمران بن الحصين وسلمة بن الأكوع، كلّهم بمعنى واحد عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار يفتح الله على يديه. ثم دعا بعليّ وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية، ففتح الله عليه، وهي كلها آثار ثابتة. (1105) وعن زر بن حبيش قال: جلس رجلان يتغديان ومع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغداء بين أيديهما مرّ بهما رجل فسلّم، فقالا: اجلس للغداء، فجلس وأكل معهما واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال: خذا هذا عوضا مما أكلت لكما ونلته من طعامكما، فتنازعا، وقال صاحب الخمسة الأرغفة: لي خمسة دراهم ولك ثلاثة دراهم، فقال صاحب الأرغفة الثلاثة لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين وارتفعا إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقصّا عليه قصتهما. فقال لصاحب الثلاثة: قد عرض صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة، فقال: لا والله لا رضيت منه إلا بمرّ الحق، فقال علي: ليس لك في مرّ الحقّ إلا درهم، وله سبعة، فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين: هو يعرض عليّ ثلاثة فلم أرض، وأشرت عليّ بأخذها فلم أرض، وتقول لي الآن: إنه لا يجب في مر الحق إلا درهم واحد؟! فقال له علي: عرض صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا فقلت: لا أرضى إلا بمرّ الحق، ولا يجب لك في مرّ الحقّ إلا درهم واحد، فقال له الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله، فقال له علي رضي الله تعالى عنه: أليس الثمانية الأرغفة أربعة وعشرين ثلثا أكلتموها، وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء، قال: بلى، قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثا، أكل منها ثمانية ويبقى له سبعة وأكل لك واحدا من تسعة، فلك واحد بواحدك وله سبعة. فقال الرجل: رضيت الآن.

قال أبو عمر رحمه الله تعالى (1115) وفضائله لا يحيط بها كتاب، وقد أكثر الناس من جمعها. (1121) وبويع له بالخلافة رضي الله تعالى عنه يوم قتل عثمان رضي الله تعالى عنه ورحمهما. اجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وتخلّف عن بيعته منهم نفر فلم يهجهم ولم يكرههم، وسئل عنهم فقال: أولئك قوم قعدوا عن الحقّ ولم يقوموا مع الباطل، وفي رواية أخرى: أولئك قوم خذلوا الحقّ ولم ينصروا الباطل. ومن «كامل التاريخ» (3: 191) : وكان أول من بايعه طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه فنظر إليه حبيب بن ذؤيب فقال: إنا لله أول من بدأ بالبيعة يد شلّاء، لا يتم هذا الأمر. قال أبو عمر في «الاستيعاب» (765) أبلى طلحة يوم أحد بلاء حسنا، ووقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفسه، واتقى عنه النبل بيده حتى شلّت إصبعه رضي الله تعالى عنه. وروى البخاري رحمه الله تعالى عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبيّ صلّى الله عليه وسلم قد شلّت. وقال أبو عمر (1123) لما تعاقد الخوارج على قتل علي رضي الله تعالى عنه وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان، وخرج منهم ثلاثة نفر لذلك، كان عبد الرّحمن بن ملجم لعنه الله تعالى هو الذي اشترط قتل علي رضي الله تعالى عنه فدخل الكوفة عازما على ذلك، واشترى لذلك سيفا بألف وسقاه السمّ- فيما زعموا- حتى لفظه، وكان في خلال ذلك يأتي عليا رضي الله تعالى عنه ويسأله ويستحمله فيحمله إلى أن وقعت عينه على قطام امرأة من بني عجل بن لجيم، وكانت ترى رأي الخوارج، وكان عليّ قتل أباها وإخوتها بالنهروان، وكانت امرأة رائعة جميلة فأعجبته ووقعت في نفسه فخطبها فقالت: قد آليت ألا أتزوج إلا على مهر لا أريد سواه، فقال: وما هو؟ فقالت: ثلاثة آلاف وقتل عليّ بن أبي طالب، فقال: والله لقد قصدت لقتل علي بن أبي طالب والفتك به،

وما أقدمني هذا المصر غير ذلك، ولكن لما رأيتك آثرت تزويجك، فقالت: ليس إلا الذي قلت لك، قال لها: وما يغنيك أو يغنيني منك قتل عليّ، وأنا أعلم أني إن قتلته لم أفلت «1» ، فقالت له: إن قتلته ونجوت فهو الذي أردت، تبلغ شفاء نفسي ويهنئك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، فقال لها: لك ما اشترطت، ولقي ابن ملجم شبيب بن نجدة «2» الأشجعيّ لعنهما الله تعالى فقال: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ فقال: وما هو؟ قال: تساعدني على قتل عليّ بن أبي طالب، قال: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا إدّا، كيف تقدر على ذلك؟ قال: إنه رجل لا حرس له، ويخرج إلى المسجد، فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا، وإن قتلنا سعدنا بالذكر في الدنيا وبالجنة في الآخرة، فقال: ويلك! إن عليا ذو سابقة في الإسلام مع النبي صلّى الله عليه وسلم، والله ما تنشرح نفسي لمقتله، قال: ويلك إنه حكّم الرجال في دين الله، وقتل إخواننا الصالحين فنقتله ببعض من قتل، فلا تشكّنّ في دينك، فأجابه وأقبلا حتى دخلا على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم في قبة ضربتها لنفسها، فدعت لهم، فأخذوا أسيافهم وجلسوا قبالة السدة التي يخرج منها علي رضي الله تعالى عنه إلى صلاة الصبح، فبدره شبيب لعنه الله فضربه فأخطأه، وضربه عبد الرّحمن بن ملجم لعنه الله على رأسه، وقال: الحكم لله يا عليّ لا لك ولأصحابك، فقال عليّ: فزت وربّ الكعبة، لا يفوتنكم الكلب، فشدّ الناس عليه من كلّ جانب فأخذوه، وهرب شبيب خارجا من باب كندة، فلما أخذ قال عليّ: احبسوه، فإن متّ فاقتلوه ولا تمثّلوا به، وإن لم أمت فالأمر لي في العفو أو القصاص؛ قال: وذلك في صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان صبيحة بدر، وقيل لثلاث عشرة ليلة خلت منه، وقيل لإحدى عشرة ليلة خلت منه، وقيل بل بقيت من رمضان سنة أربعين، وقبض في أول ليلة مضت من العشر الأواخر منه.

_ (1) م: أفت. (2) م: بجرة.

واختلف في موضع دفنه فقيل في قصر الإمارة بالكوفة، وقيل في رحبة الكوفة، وقيل في نجف الحيرة في موضع بطريق الحيرة، وقيل قبره مجهول جهل موضعه. واختلف أيضا في مبلغ سنة يوم مات، فقيل سبع وخمسون، وقيل ثمان وخمسون، وقيل ثلاث وستون، وقيل أربع وستون، وقيل خمس وستون. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام، وقيل ستة أيام، وقيل أربعة عشر يوما. قال أبو عمر (1131) رحمه الله تعالى: ومما قيل في ابن ملجم وقطام «1» : فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام من فصيح وأعجم ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب عليّ بالحسام المصمّم فلا مهر أغلى من عليّ وإن غلا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم (1133) ومما رثي به علي رضي الله تعالى عنه قول الفضل بن أبي لهب: [من البسيط] ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلّى لقبلته ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن من فيه ما فيهم لا يمترون به ... وليس في القوم ما فيه من الحسن ومن أبيات لخزيمة بن ثابت «2» بصفين: [من الخفيف] كلّ خير يزينهم فهو فيه ... وله دونهم خصال تزينه

_ (1) الأبيات تنسب لابن أبي مياس المرادي، انظر أنساب الأشراف 2: 507 (المحمودي) والطبري 1: 3467 وشرح النهج 6: 125 والأخبار الطوال: 214 وابن أعثم 4: 147 وانظر ديوان شعر الخوارج: 48- 49 ففيه مزيد من التخريج. (2) قد يكون هو خزيمة بن ثابت الصحابي ذا الشهادتين فقد حارب مع علي في صفين وقتل فيها (انظر الإصابة 2: 111) .

(1132) وقال أبو الأسود الدؤلي، وأكثرهم يروونها لأم الهيثم بنت العريان النخعية «1» : [من الوافر] ألا يا عين ويحك أسعدينا ... ألا تبكي أمير المؤمنينا تبكّي أمّ كلثوم عليه ... بعبرتها وقد رأت اليقينا ألا قل للخوارج حيث كانوا ... فلا قرّت عيون الشامتينا أفي شهر الصيام فجعتمونا ... بخير الناس طرّا أجمعينا قتلتم خير من ركب المطايا ... وذلّلها ومن ركب السّفينا ومن لبس النعال ومن حذاها ... ومن قرأ المثاني والمبينا وكلّ مناقب الخيرات فيه ... وحبّ رسول ربّ العالمينا لقد علمت قريش حيث كانت ... بأنّك خيرها حسبا ودينا وكنّا قبل مقتله بخير ... نرى مولى رسول الله فينا يقيم الحقّ لا يرتاب فيه ... ويعدل في العدا والأقربينا وليس بكاتم علما لديه ... ولم يخلق من المتجبرينا فلا تشمت معاوية بن صخر ... فإن بقية الخلفاء فينا قال أبو عمر (1122) رحمه الله تعالى: قال الزبير: «تجوب» رجل من حمير كان أصاب دما في قومه فلجأ إلى مراد، فقال: جئت إليكم أجوب البلاد، فقيل له: أنت تجوب فسمّي به، وهو اليوم في مراد، وهم رهط ابن ملجم المرادي، ثم التجوبي لعنه الله تعالى وأصله من حمير. وأنشد التلمساني في «العمدة» للكميت بن زيد «2» في أبيات يرثي بها عليا رضي الله تعالى عنه: [من الخفيف] والوصيّ «3» الذي أمال التجوبي ... به عرش أمّة لانهدام

_ (1) منها أبيات منسوبة لأبي الأسود في الطبري 1: 3467 وأنساب الأشراف (المحمودي) 2: 508. (2) الهاشميات: 16 والكامل 3: 203. (3) م: والرضيّ (وفي تغيير لفظة «الوصي» دلالة واضحة) .

قال: وقطام بنت علقمة من تيم الرّباب، وقيل إنها من عجل. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» (6: 30، 2: 207) الغداء: طعام الغدوة، وتغدّى الرجل وغدّيته، ورجل غديان. والعشاء طعام العشيّ، وتعشّى وعشيته ورجل عشيان. وفي «ديوان الأدب» (4: 45، 46) الغداء والعشاء بفتح الفاء والمد. وفي «الصحاح» «1» (6: 2444) إذا قيل لك: ادن فتغدّ فقل: ما بي من تغدّ، وفي العشاء: ما بي من تعشّ، ولا تقل: ما بي غداء ولا عشاء لأنه الطعام بعينه. انتهى. قلت: وداله مهملة، وأما الغذاء بكسر الغين والذال المعجمة والمدّ أيضا: فما يكون به نماء الجسم وقوامه «2» ، غذاه يغذوه غذوا فاغتذى وتغذّى. الثانية: قول شبيب: شيئا إدّا: قال الهروي: يقال: جاء بأمر إدّ: إذا أتى منكرا عظيما. الثالثة: الفارابي (3: 24) : السدّة بضم السين والدال المشددة: الباب. قال أبو الدرداء: من يغش سدد السلطان يقم ويقعد. الرابعة: نجف الحيرة، قال البكري (1299) : النجف بفتح أوله وثانيه بعده فاء: موضع معروف بالكوفة. قال الكميت «3» : [من المتقارب] فياليت شعري هل أبصرنّ ... بالنّجف الدهر حضّارها قال: ونهر الحيرة مدفون «4» من الفرات إلى النجف.

_ (1) م: الفصيح. (2) م: وقيامه. (3) شعر الكميت: 222 (عن معجم البكري) . (4) كذا في ط م؛ وفي معجم البكري: مدفوق.

3 - معاذ بن جبل

3- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1402) : معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أديّ بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي ثم الجشمي، يكنى أبا عبد الرّحمن، وهو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلّها، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجند من اليمن يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين كانوا باليمن. (1404) وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وقال أيضا صلّى الله عليه وسلم: يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء برتوة. (1406) وعن فروة الأشجعي قال: كنت جالسا مع ابن مسعود فقال: إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين، فقلت يا أبا عبد الرّحمن إنما قال الله: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً فأعاد قوله: إن معاذا، فلما رأيته أعاد عرفت أنه تعمد الأمر فسكت، فقال: أتدري ما الأمة وما القانت؟ قلت: الله أعلم، قال: الأمة: الذي يعلّم الخير ويؤتمّ به ويقتدى، والقانت: المطيع لله، وكذلك كان معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه معلّما للخير، مطيعا لله ورسوله. (1405) وتوفي معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس، قاله المدائني وأحمد بن حنبل. قال المدائني: بناحية الأردن، وقال غيرهما: توفي سنة سبع عشرة، وقال أبو زرعة: كان الطاعون سنة سبع عشرة. واختلف في سنة: فقيل ثمان وعشرون، وقيل ثلاث وثلاثون، وقيل أربع وثلاثون، وقيل ثمان وثلاثون. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قوله صلّى الله عليه وسلم: يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء برتوة. قال الهروي: أي بدرجة ومنزلة، ويقال بخطوة.

الثانية: «عمواس» قال البكري (971) : بفتح العين والميم بعده واو وألف وسين مهملة: قرية من قرى الشام وهي التي ينسب إليها الطاعون؛ وفي «الاستيعاب» «1» هي قرية بين الرملة وبيت المقدس. الثالثة: قال البكري (137) : «الأردنّ» بضمّ الهزة والدال معا وسكون الراء المهملة، وتشديد النون: نهر بأعلى الشام وهو نهر طبرية، قال الراجز «2» : حنّت قلوصي أمس بالأردنّ

_ (1) هذا التحديد لعمواس هو نص البكري لا الاستيعاب. (2) هو أبو دهلب أحد بني ربيعة كما في معجم البلدان.

الباب الثالث في صاحب المظالم

الباب الثالث في صاحب المظالم قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى في كتابه «في أحكام القرآن» (4: 1631) هذه ولاية غريبة أحدثها من تأخّر من الولاة لفساد الولاية وفساد الناس «1» ، وهي عبارة عن كلّ حكم يعجز عنه القاضي فينظر فيه من هو أقوى يدا منه، وذلك أن التنازع إذا كان بين ضعيفين قوّى أحدهما القاضي، وإذا كان بين قوي وضعيف، أو قويين والقوة في أحدهما بالولاية، كظلم الأمراء أو العمال، فهذا مما نصب له الخلفاء أنفسهم، وأول من جلس إليه عبد الملك بن مروان. قال الماوردي في «أحكامه» (78) : فكان عبد الملك إذا وقف منها على مشكل، أو احتاج فيها إلى حكم ينفذ ردّه إلى قاضيه أبي إدريس الأودي، فكان القاضي هو المنفذ وعبد الملك هو الآمر. قال القاضي أبو بكر ابن العربي في «أحكام القرآن» (4: 1631) أيضا: ثم جلس له عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فردّ مظالم بني أمية على المظلومين، إذ كانت في أيدي الولاة والعتاة الذين تعجز عنهم القضاة. وذكر المطرّز في «اليواقيت» عن ابن الأعرابي قال: كان ملك من ملوك بني مروان إذا أراد أن يقعد للمظالم أقام غلاما حسن الوجه ينشد: [من السريع] إنّا إذا مالت دواعي الهوى ... واستمع الصامت للقائل واصطرع الناس بألبابهم ... بالمنطق الجائر والعادل

_ (1) هنالك أخبار كثيرة تدل على أن النظر في المظالم لم يكن أمرا حادثا وإنما وجد أيام الرسول واتسع الأمر فيه أيام عمر؛ بل إن أبا بكر كان أيضا يحاسب عماله، وهو ما ينقله الخزاعي أيضا عن الاكتفاء (راجع نقد هذا الباب عند الكتاني في التراتيب 1: 268 وما بعدها) .

لا نجعل الباطل حقا ولا ... نلطّ دون الحقّ بالباطل نكره أن تسفه أحلامنا ... فتخمل الدهر مع الخامل ثم يأخذ في عمله. انتهى. قال القاضي أبو بكر في «الأحكام» (4: 1631) أيضا: ثم صارت تلك سنة فكان بنو العباس يجلسون لها وهي قصة دارسة، على أنها في أصل وضعها داخلة في القضاء. انتهى. ومن أخبار المأمون عبد الله بن الرشيد هارون العباسي أنه كان يجلس للمظالم في يوم الأحد، فنهض ذات يوم من مجلس نظره فلقيته امرأة في ثياب رثّة فقالت: يا خير منتصف يهدى له الرّشد ... ويا إماما به قد أشرق البلد تشكو إليك عميد الملك أرملة ... عدا عليها فما تقوى به أسد فابتزّ منها ضياعا بعد منعتها ... لمّا تفرّق عنها الأهل والولد فأطرق المأمون يسيرا ثم رفع رأسه وقال: من دون ما قلت عيل الصبر والجلد ... وأقرح القلب هذا الحزن والكمد هذا أوان صلاة الظهر فانصرفي ... أحضري الخصم في اليوم الذي أعد المجلس السبت إن يقض الجلوس لنا ... أنصفك منه وإلا المجلس الأحد فانصرفت، وحضرت في يوم الأحد أول الناس فقال لها المأمون: من خصمك؟ فقالت القائم على رأسك، العباس بن أمير المؤمنين، فقال المأمون لقاضيه يحيى بن أكثم، وقيل بل قاله لوزيره أحمد بن أبي خالد: أجلسها معه وانظر ما بينهما، فأجلسها معه ونظر بينهما بحضرة المأمون، فجعل كلامها يعلو، فزجرها بعض حجّابه، فقال: دعها فإن الحقّ أنطقها، والباطل أخرسه، فأمر بردّ ضياعها عليها ... ذكر القصة الماوردي في «الأحكام» (84) . فائدة لغوية: في المحكم» (2: 155) الضّيعة: الأرض المغلّة، والجمع ضيع وضياع.

الباب الرابع في قاضي الانكحة

الباب الرابع في قاضي الانكحة في «الموطأ» (357) عن سهل بن سعد السّاعدي: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوّجنيها، إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هل عندك شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إياه جلست ولا إزار لك فالتمس شيئا فقال: ما أجد شيئا، قال: «التمس ولو خاتما من حديد» فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هل معك شيء من القرآن؟ فقال: نعم، سورة كذا وسورة كذا لسور سمّاها، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قد أنكحتكها بما معك من القرآن. وخرج مسلم (1: 401) نحوه من طرق عن سهل بن سعد، وقال: يزيد بعضهم على بعض، غير أن في حديث زائدة فقال: انطلق فقد زوجتكها فعلّمها من القرآن. وفي «سنن النسائي» عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعرضت نفسها عليه فقال لها: اجلسي، فجلست ساعة، ثم قامت، قال: اجلسي بارك الله فيك، أمّا نحن فلا حاجة لنا فيك، ولكن تملكيني أمرك؟ قالت: نعم، فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وجوه القوم فدعا رجلا منهم فقال: إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت، قالت: ما رضيت لي يا رسول الله فقد رضيت، ثم قال للرجل: هل عندك من شيء؟

قال: لا والله، قال قم إلى النساء، قال: فقام إليهنّ فلم يجد عندهنّ شيئا، فقال: ما تحفظ من القرآن؟ قال: سورة البقرة أو التي تليها، قال: علّمها عشرين آية وهي امرأتك. انتهى. وخرّج أبو داود (1: 487) عن أبي هريرة أيضا نحوه. فائدة لغوية: في «الصحاح» (1: 413) النكاح: الوطء، وقد يكون العقد، تقول: نكحتها، ونكحت هي أي تزوّجت، وهي ناكح في بني فلان أي ذات زوج منهم. وفي «الديوان» (2: 151) : نكح ينكح بفتح الكاف في الماضي وكسرها في الآتي.

الباب الخامس في الشهادة وكتابة الشروط

الباب الخامس في الشهادة وكتابة الشروط وفيه خمسة فصول الفصل الأول فيما جاء في القرآن شرّفه الله تعالى من الأمر بذلك قلت: أمر الله عز وجل بالكتب والإشهاد في بيوع الآجال فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ (البقرة: 282) ، ثم قال عز وجل: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (البقرة: 282) . وقال تعالى في بيوع النقد: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ (البقرة: 282) ، وكذلك أمر عز وجل بالإشهاد في الوصية فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ الآية (المائدة: 106) . وكذلك أمر عز وجل بالإشهاد على من ظهر رشده من اليتامى حين دفع أموالهم إليهم فقال تعالى: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ (النساء: 6) . وكذلك أمر عز وجل بالإشهاد في الطلاق والرجعة، فقال تعالى: فَإِذا

الفصل الثاني فيما كتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك

بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (الطلاق: 2) . وقال اللخميّ في «تبصرته» : أمر الله عز وجل بالإشهاد على الرجعة أو الفرقة أيهما اختيرت، فتضمنت الشهادة على الطلاق، لأن الرجعة لا تكون إلا عن طلاق فالإشهاد على الرجعة إشهاد على تقدم الطلاق. انتهى ما قاله اللخميّ. واختلف العلماء هل هذه الأوامر على الوجوب أو على الندب، وبيان ذلك في كتب التفاسير والأحكام. وأمر الله عز وجل بالإشهاد على الزنا، فقال تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ (النساء: 15) . وكذلك أمر عز وجل في ما يدفع الحدّ عن القاذف فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً (النور: 4) . الفصل الثاني فيما كتب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك روى الترمذي (2: 344) عن عبد الحميد بن وهب قال: قال لي العدّاء بن خالد ابن هوذة: ألا أقرئك كتابا كتبه لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، فأخرج لي كتابا: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله، اشترى منه عبدا أو أمة لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم المسلم. قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن غريب. وذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1237) بسنده عن الأصمعي عن عثمان الشحام وعن أبي رجاء العطاردي عن العداء بن خالد قال: ألا أقرئك كتابا كتبه لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وإذا فيه مكتوب: بسم الله الرّحمن الرّحيم، هذا ما اشترى العداء بن خالد من محمد رسول الله، اشترى منه عبدا أو أمة- شكّ عثمان- بياعة المسلم، أو بيع المسلم المسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة.

الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها من الصحابة

وقال البخاري (3: 76) رحمه الله تعالى: ويذكر عن العداء بن خالد قال: كتب لي النبي صلّى الله عليه وسلم: هذا ما اشترى محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من العدّاء بن خالد بيع المسلم المسلم لا داء ولا خبثة ولا غائلة. قال القاضي أبو الفضل عياض في «المشارق» : وقيل هذا وهم، وهو مقلوب، وصوابه: هذا ما اشترى العدّاء بن خالد من محمد رسول الله، ذكره الترمذي وابن الجارود، والعدّاء هو المشتري. قال القاضي: ولا يبعد صواب ما في الأم واتفاقه مع المصنفات الأخر إذا جعلنا شرى واشترى وباع وابتاع بمعنى يستعملان في الوجهين جميعا. انتهى. قلت: وإذا ثبت هذا كان حجة لمن يرى من الموثّقين تقديم الأشرف في الكتب بائعا كان أو مشتريا. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 228) : الخبثة بكسر الخاء: ما كان غير طيّب الأصل وكلّ حرام خبيث، قال الله تعالى وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ (الأعراف: 157) ، وقيل: الخبثة هنا، الريبة من الفجور. وقوله: لا غائلة أي خديعة ولا حيلة، قال الخطابي: الغائلة في البيع: كل ما أدّى إلى تلف الحقّ، وفسره قتادة في كتاب البخاري (3: 76) : الغائلة: الزنا والسرقة والاباق والأشبه عندي أن يكون تفسير قتادة راجعا إلى الخبثة والغائلة معا. الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها من الصحابة رضي الله تعالى عنهم روى أبو داود في سننه (2: 105) من طريق بشر بن المفضل عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فكيف

تأمرني فيه؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدّق بها عمر: أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، للفقراء والقرباء والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقا غير متمول فيه. قال بشر: وقال محمد غير متأثل مالا. وروى أيضا في سننه (2: 105) عن الليث عن يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا ما كتب عبد الله بن عمر في ثمغ، فقصّ من خبره نحو حديث نافع قال: غير متأثل مالا، فما عفا عنه من ثمره فهو للسائل والمحروم، قال: وساق القصة، قال: وإن شاء ولي ثمغ اشترى من ثمره رقيقا لعمله؛ وكتب معيقيب وشهد عبد الله بن الأرقم. انتهى. وقد تقدم ذكر عبد الله بن الأرقم في الباب الثاني من الجزء الثالث من هذا الكتاب. وقال القاضي محمد بن سلامة القضاعي في كتاب «الأنباء» : كان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير وقيل ابن بشير يكتبان المداينات والمعاملات؛ وقاله ابن حزم أيضا في كتاب «جوامع السيرة» «1» . تنبيه: المغيرة بن شعبة: في «الاستيعاب» (1445) : المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، من ثقيف الثقفي، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا عيسى، وبالأولى كان يكنى حتى هلك. أسلم عام الخندق وقدم مهاجرا، وقيل إن أول مشاهده الحديبية، وكان أعور أصيبت عينه يوم اليرموك. وتوفي سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين

_ (1) لم يرد هذا في جوامع السيرة.

الفصل الرابع في ذكر من كان يكتبها من التابعين

بالكوفة أميرا عليها لمعاوية في داره بها، ووقف على قبره مصقلة بن هبيرة الشيباني فقال «1» : [من الخفيف] إن تحت الأحجار حزما وجودا ... وخصيما ألدّ ذا معلاق «2» حية في الوجار أربد لا ينفع ... منه السليم نفث الراقي ثم قال: أما والله لقد كنت شديد الأخوة لمن آخيت. وروى سحنون عن ابن نافع قال: أحصن المغيرة بن شعبة ثلاثمائة امرأة في الإسلام؛ قال ابن وضاح: غير ابن نافع يقول: ألف امرأة. انتهى. والحصين بن نمير أو ابن بشير، حسبما اختلف فيه، لم يذكره ابن عبد البر ولا ابن فتحون في الصحابة. الفصل الرابع في ذكر من كان يكتبها من التابعين قال الشيرازي رحمه الله تعالى في كتاب «طبقات الفقهاء» (60) له: ومن فقهاء التابعين في المدينة: خارجة بن زيد بن ثابت، مات سنة مائة وهو ابن سبعين سنة. قال مصعب: كان خارجة بن زيد وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان وينتهي الناس إلى قولهما، ويقسمان المواريث بين أهلها من الدور والنخيل والأموال، ويكتبان الوثائق للناس. انتهى. الفصل الخامس في معنى قولهم: كتابة الشروط والوثائق والعقود قال أبو بكر ابن العربي في «العارضة» : (5: 220) الشرط في العربية: العلامة، ومنه

_ (1) ورد البيت الأول في اللسان (علق) منسوبا لمهلهل، والبيتان له في الأغاني 16: 52- 53 والتعازي والمراثي: 300 ولعل هبيرة بن مصقلة إنما تمثل بهما. (2) المعلاق: اللسان البليغ، ومن قرأ «ذا مغلاق» عنى أنه يغلق الحجة على الخصم.

أشراط الساعة، وهو عبارة عن كلّ شيء يدلّ على غيره ويعلم من قبله. ولما كانت العقود يعرف بها ما جرى سمّيت شروطا. وفي «ديوان الأدب» (1: 116) وزنه فعل بفتح العين. وقال أبو بكر ابن العربي: (5: 220) وسميت وثائق من الوثيقة وهو ربط الشيء لئلا ينفلت ويذهب، وسميت عقودا لأنها ربطت كتبة كما ربطت قولا.

الباب السادس في فارض المواريث

الباب السادس في فارض المواريث وفيه فصلان الفصل الأول في الحضّ على تعلم الفرائض ذكر أبو القاسم أحمد بن خلف الحوفي «1» رحمه الله تعالى أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه روى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: تعلموا الفرائض وعلّموها الناس فإنها نصف العلم، وهي أول ما ينزع من أمتي. وروى النسائي «2» رحمه الله تعالى عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: تعلموا القرآن وعلّموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس، وتعلموا العلم وعلّموه الناس «3» ، فإني مقبوض، وإن العلم سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في فريضة لا يجدان إنسانا يفصل بينهما. فائدة لغوية: الفرائض جمع فريضة. وفي «المشارق» (2: 152) فرض الحاكم النفقة للمرأة: قدّرها، وفرائض الله: ما ألزمه عباده وأوجبه عليهم، قال: وقوله: فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم زكاة الفطر، قيل: قدّرها وبيّنها وهو مذهب بعض

_ (1) هو أحمد بن محمد بن خلف الكلاعي أبو القاسم الحوفي الإشبيلي: كان فقيها حافظا فرضيا ماهرا وله في الفرائض تصانيف كبير ومتوسط ومختصر وكانت وفاته سنة 588 (التكملة: 87 والذيل والتكملة 1: 414) . (2) قارن بما جاء في سنن الدارمي 1: 73. (3) وتعلموا الفرائض ... الناس: سقط من م.

الفصل الثاني في ذكر من كان فارضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

أهل البصرة وبعض أهل الحجاز من الفقهاء، وقيل: ألزمها وأوجبها وهو مذهب المالكية وأهل العراق. الفصل الثاني في ذكر من كان فارضا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى الترمذي (5: 330) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. ألا وإنّ لكلّ أمة أمينا ألا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي «الاستيعاب» (539) : كان زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه أحد فقهاء الصحابة الجلة الفرّاض. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أفرض أمتي زيد بن ثابت. وفي كتاب «الأموال» (285) لأبي عبيد القاسم بن سلام: أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه خطب الناس بالجابية فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه في الدين فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله قد جعلني له خازنا وقاسما؛ إني بادىء بأزواج النبي صلّى الله عليه وسلم فمعطيهن، ثم المهاجرين الأولين، ثم أنا بادىء بأصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا، ثم بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، قال: ثم قال: فمن أسرع إلى الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة أبطأ عنه العطاء، فلا يلومنّ رجل إلا مناخ راحلته. انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر زيد بن ثابت رحمه الله تعالى في باب كتّاب الرسائل فأغنى عن الإعادة الآن.

الباب السابع في ذكر فارض النفقات

الباب السابع في ذكر فارض النفقات روى مسلم (2: 40) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. فائدة لغوية: في «المحكم» (3: 62) الجناح: الميل إلى الإثم، وقيل هو الإثم عامة.

الباب الثامن في الوكيل في غير الامور المالية

الباب الثامن في الوكيل في غير الامور المالية وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر من وكله النبي صلّى الله عليه وسلم ذكر أبو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى في كتاب «أحكام القرآن» (3: 1217) له: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكل عمرو بن أمية الضمري على عقد نكاح أمّ حبيبة بنت أبي سفيان عند النجاشي، ووكل أبا رافع على نكاح ميمونة في إحدى الروايتين. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمرو بن أمية الضمري: في «الاستيعاب» (1162) «1» : عمرو بن أميّة بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد بن ناشرة بن كعب الضّمري، من بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة، يكنى: أبا أمية. قال أبو عمر رحمه الله: شهد عمرو بن أمية الضمري بدرا وأحدا مع المشركين، ثم أسلم حين انصرف المشركون من أحد، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعثه في أموره، وكان من رجال العرب نجدة وجرأة. وكان أول مشهد شهده بئر معونة، فأسرته بنو عامر يومئذ، فقال له عامر بن الطفيل: إنه كان على أمي نسمة، فاذهب فأنت حرّ عنها، وجزّ ناصيته. قال الواقدي: بعثه رسول

_ (1) بداية ترجمة عمرو بن أمية الضمري في الاستيعاب، ثم تنقطع دون أن يتنبه المحقق إلى ذلك.

الفصل الثالث في توكيل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عبد الله بن أخيه جعفر رضي الله عنهم في خصومة مع طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه

الله صلّى الله عليه وسلم في سنة ستّ إلى النجاشي بالحبشة، فقدم عمرو بن أمية بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم على النجاشي يدعوه إلى الإسلام، فأسلم النجاشيّ وشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله. قال: وأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليزوّجه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، ويبعث بها إليه، وكلّ من عنده من المسلمين، ففعل. وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية أيضا إلى أبي سفيان بن حرب بهدية إلى مكة. وهو معدود في أهل الحجاز. ومات بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان. انتهى. 2- أبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في باب صاحب الثقل. الفصل الثالث في توكيل عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عبد الله بن أخيه جعفر رضي الله عنهم في خصومة مع طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه من «البيان والتحصيل» من كتاب أوله تأخير صلاة العشاء في الحرس: روى الشعبيّ أنه قال: أول من جرّى جريّا أي وكّل وكيلا من الصحابة: علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكل عبد الله بن جعفر، فقيل له: لم وكلت عبد الله وأنت سيد من سادات الناطقين؟ فقال: إن للخصومات قحما؛ قال: وكانت الخصومة بين علي وطلحة بن عبيد الله في ضفير بين ضيعتيهما، كان عليّ يحبّ أن يثبت، وطلحة يحبّ أن يزال، فوكل علي عبد الله بن جعفر فتنازعا الخصومة في ذلك بين يدي عثمان وهو خليفة، فقال لهما: إذا كان غد ركبت في الناس معكما حتى أقف على الضفير فأقضي فيه بينكما معاينة، فركب في المهاجرين والأنصار، وجاء معهم معاوية، فقال- وهم يتنازعون الخصومة في الطريق- لو كان منكرا لأزاله

عمر، فكان سبب توجّه الحكم لعبد الله على طلحة. فوقف عثمان والناس معه رضي الله تعالى عنهم على الضفير، فقال: يا هؤلاء أخبرونا أكان هذا أيام عمر؟ قالوا: نعم، قال: فدعوه كما كان أيام عمر رضي الله تعالى عنه وانصرفا. قال عبد الله: فجئت من فوري إلى علي رضي الله تعالى عنه فقصصت عليه القصة حتى بلغت إلى كلام معاوية، فضحك، ثم قال: أتدري لم أعانك معاوية؟ قلت: لا، قال: أعانك للمنافيّة، قم الآن إلى طلحة فقل له: إن الضفير لك فاصنع به ما بدا لك، فأتيته فأخبرته، فسرّ بذلك، ثم دعا بردائه ونعليه وقام معي حتى دخلنا على علي رضي الله تعالى عنهم، فرحّب به وقال: الضفير لك فاصنع به ما شئت، فقال: قد قبلت وإنما جئت شاكرا، ولي حاجة ولا بدّ من قضائها، فقال له علي رضي الله عنهما: سل حتى أقضيها لك. فقال طلحة: أحبّ أن تقبل الضيعة مني مع ما فيها من الغلمان والدواب والآلة، فقال عليّ: قد قبلت، قال: ففرح طلحة وتعانقا وتفرّقنا. قال عبد الله: فو الله ما أدري أيهما أكرم في ذلك المجلس: عليّ إذ جاد بالضفير، أم طلحة إذ جاد بالضيعة بعد ضنّه بمسنّاة. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 230) الجريّ: الوكيل والرسول، يقال: جريّ بيّن الجراية والجراية. والجمع أجرياء، وقد جرّيت جريّا واستجريت، وأما الجريء المقدام فهو من باب الهمز. الثانية: في «الغريبين» وكل فلان فلانا، أي وكل أمره إليه يستكفيه. وفي «الصحاح» (5: 1845) : وكّلته بأمر كذا توكيلا، والاسم: الوكالة والوكالة، قال الفارابي (3: 243) : بفتح الواو وكسرها. وفي «الزاهر» (1: 99- 100) الوكيل: الكافي؛ قاله الفراء. انتهى.

ووكل أمرا إليه، أي صرفه، بتخفيف الكاف. قال القاضي في «المشارق» (2: 285) : وقوله عن فاطمة: ووكلها إلى الله بالتخفيف أي صرف أمرها إليه. الثالثة: في «الصحاح» (5: 2006) للخصومة قحم: أي أنها تقحم بصاحبها على ما لا يريده، قحم في الأمر قحوما: رمى بنفسه فيه بغير رويّة. الرابعة: في «الصحاح» (2: 722) الضفيرة: المسنّاة، والمسناة: العرم. وفي «الغريبين» في حديث علي أن طلحة رضي الله تعالى عنهما نازعه في ضفيرة كان عليّ ضفرها في واد. قال شمر قال ابن الأعرابي: الضفيرة مثل المسنّاة المستطيلة في الأرض فيها خشب وحجارة، وفيه أيضا: المسنّاة ضفيرة تبنى للسيل تردّه، سمّيت مسنّاة لأن فيها مفاتيح الماء، أخذت من قولهم: سنّيت الشيء إذا فتحته، وأنشد: [من الطويل] إذا الله سنّى عقد أمر تيسّرا وفي «المحكم» (2: 105) العرمة والعرمة: المسنّاة وهي سدّ يعترض به الوادي، والجمع: عرم، وقيل: العرم جمع لا واحد له. وقال أبو حنيفة: الأعرام: الأحباس تبنى في أوساط الأودية. الخامسة: قول عليّ رضي الله تعالى عنه أعانك بالمنافية، يعني بالنسبة المنافية لأن عليا ومعاوية رضي الله تعالى عنهما يجتمعان في عبد مناف.

الباب التاسع في البصير بالبناء

الباب التاسع في البصير بالبناء «1» وهو الرجل يكون له البصر بالبناء يبعثه الإمام يحكم بين المتنازعين فيؤخذ بقوله. ذكر من كان كذلك في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم: وذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (227) عن جارية بن ظفر رضي الله تعالى عنه أن دارا كانت بين أخوين فحظرا في وسطها حظارا، ثم هلكا، وترك كلّ واحد منهما عقبا، فادّعى عقب كلّ واحد منهما أن الحظار له دون صاحبه، فاختصم عقباهما إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فأرسل حذيفة بن اليمان يقضي بينهما، فقضى بالحظار لمن وجد معاقد القمط تليه، ثم رجع فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: أصبت أو أحسنت. انتهى. وفي «التاريخ» للبخاري (2: 337) رحمه الله تعالى نحوه. تنبيه: قد تقدم ذكر حذيفة رضي الله تعالى عنه في باب كاتب الجيش فأغنى عن إعادته. فائدتان لغويتان: الأولى: «الحظار» : في «المشارق» (1: 193) كل شيء مانع بين شيئين فهو حظار، وحكى الهروي فيه: فتح الحاء وكسرها. الثانية: في «الصحاح» : (3: 115) القمط بالكسر ما تشدّد به الأخصاص، ومنه معاقد القمط. وفي «الغريبين» : اختصم إلى شريح رجلان في خصّ فقضى بالخصّ للذي تليه القمط، وقمطه: شرطه التى يشدّ بها من ليف كانت أو خوص أو غيره.

_ (1) م: في البناء.

الباب العاشر في القسام

الباب العاشر في القسام وفيه فصلان الفصل الأول فيما جاء في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق في «السير» (2: 349) : كانت المقاسم على أموال خيبر على الشقّ ونطاة والكتيبة، فكانت الشّق ونطاة في سهمان المسلمين، وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبي صلّى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين، وطعم أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين أهل فدك بالصلح. قال (2: 349- 350) : وكان وادياها: وادي السّرير ووادي خاص، وهما اللذان قسمت عليهما خيبر، وكانت نطاة والشّق ثمانية عشر سهما، نطاة من ذلك خمسة أسهم، والشق ثلاثة عشر سهما، وقسمت الشقّ ونطاة على ألف سهم وثمانمائة سهم، وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألف سهم وثمانمائة سهم برجالهم وخيلهم، الرجال أربع عشرة مائة، والخيل مائتا فرس، فكان لكلّ فرس سهمان ولفارسه سهم، وكان لكلّ سهم رأس جمع إليه مائة رجل، فكانت ثمانية عشر سهما جمع. قال ابن إسحاق (2: 350) : فكان علي بن أبي طالب رأسا، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعمر بن الخطاب، وعبد الرّحمن بن عوف، وعاصم بن عديّ أخو بني العجلان، وأسيد [بن حضير] ، وسهم الحارث بن الخزرج، وسهم

ناعم بن عوف بن الخزرج، ومزينة وشركائهم، وسهم [بني] بياضة، وسهم بني عبيد من بني سلمة، وسهم بني حرام من بني سلمة أيضا، وعبيد السهّام، وسهم ساعدة، وسهم غفار وأسلم، وسهم النجار، وسهم حارثة، وسهم أوس [ثم هبطوا إلى الشق، فكان أول سهم خرج منه سهم عاصم بن عدي أخي بني العجلان، ومعه كان سهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم سهم عبد الرّحمن بن عوف، ثم سهم ساعدة، ثم سهم النجار، ثم سهم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، ثم سهم طلحة بن عبيد الله، ثم سهم غفار وأسلم، ثم سهم عمر بن الخطاب، ثم سهما سلمة بن عبيد وبني حرام، ثم سهم حارثة، ثم سهم عبيد السهام ثم سهم أوس] «1» وهو سهم اللفيف جمعت إليه جهينة ومن حضر خيبر من سائر العرب. قال ابن إسحاق (2: 351) : ثم قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم الكتيبة وهي وادي خاص بين قرابته وبين نسائه وبين رجال من المسلمين ونساء أعطاهم منها. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: الشقّ: بكسر الشين وتشديد القاف، ونطاة: بفتح النون وتاء التأنيث آخره، ووادي السّرير بضم السين على لغة التصغير؛ هكذا قيّدها البكري (805) وقال: هي أودية بخيبر. الثانية: الكتيبة بفتح الكاف وكسر التاء على لفظة واحدة الكتائب من الجيوش: حصن من حصون خيبر؛ قاله البكري (1115) أيضا. الثالثة: وادي خاص، قال السهيلي (6: 567) قال أبو الوليد: إنما هو وادي خلص باللام، والأول تصحيف. انتهى.

_ (1) أخلت النسختان م ط بما بين معقفين، وواضح أن المؤلف لم يحذف النص على الإيجاز، وإنما سقط عند النسخ لتشابه النهايتين.

الفصل الثاني في ذكر من عين عمر رضي الله تعالى عنه لقسمة خيبر حين أجلى اليهود عنها

وقال البكري (507) : خلص بضم الخاء المعجمة «1» وإسكان اللام وبالصاد المهملة: واد من أودية خيبر وأنشد لنصيب «2» : [من الوافر] وكانت إذ تحلّ أراك خلص ... إلى أجزاع بينة والرّغام الفصل الثاني في ذكر من عيّن عمر رضي الله تعالى عنه لقسمة خيبر حين أجلى اليهود عنها قال أبو الربيع ابن سالم في «الاكتفاء» : ولما أخرج عمر رضي الله تعالى عنه يهود خيبر، ركب في المهاجرين والأنصار، وخرج معه بجبّار بن صخر، وكان خارصهم وخارص أهل المدينة وحاسبهم، وبزيد بن ثابت، فهما قسما خيبر على أهل السهمان التي كانت عليها، وذلك أن الشقّ ونطاة اللذين هما سهم المسلمين قسمت في الأصل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ثمانية عشر سهما: نطاة من ذلك خمسة أسهم، والشق ثلاثة عشر سهما، ثم قسم كل قسم من هذه الثمانية عشر إلى مائة سهم: لكلّ رجل سهم، ولكلّ فرس سهمان، وكانت عدة الذين قسمت عليهم ألف رجل وأربعمائة رجل ومائتي فرس، فذلك ألف سهم وثمانمائة سهم. انتهى. تنبيه: سيأتي ذكر جبار بن صخر رضي الله تعالى عنه في باب الخارص، إن شاء الله تعالى وأما زيد بن ثابت فقد تقدم ذكره في باب كتاب الرسائل.

_ (1) في البكري: بفتح أوله. (2) شعر نصيب: 132 (جمع سلوم) عن معجم البكري.

الباب الحادى عشر في المحتسب

الباب الحادى عشر في المحتسب وفيه ستة فصول الفصل الأول فيما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الحسبة روى الترمذي (2: 389) : رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: يا صاحب الطعام ما هذه؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال: من غشّ فليس منا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وخرج مسلم (1: 40) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة أيضا نحوه. وروى ابن المنذر في «الإشراف» عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه وقف على طعام بسوق المدينة فأعجبه حسنه، فأدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده في جوف الطعام فأخرج شيئا ليس بالظاهر، فأفّف رسول الله صلّى الله عليه وسلم بصاحب الطعام، ثم نادى: أيها الناس لا غشّ بين المسلمين، من غشّنا فليس منا. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (2: 707) الصّبرة واحدة صبر الطعام، يقال: اشتريت الشيء صبرة أي بلا وزن ولا كيل. انتهى.

الفصل الثاني فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التسعير

الثانية: في «الصحاح» (4: 331) أفّف تأفيفا: إذا قال: أفّ، وقال الهروي، يقال لكلّ ما يضجر ويستثقل: أفّ له. الثالثة: في «المحكم» (3: 152، 151) احتسب فلان على فلان: أنكر عليه قبيح عمله، وإنه لحسن الحسبة في الأمر: أي حسن التدبير والنظر، والاحتساب: طلب الأجر، والاسم: الحسبة. الفصل الثاني فيما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في التسعير روى الترمذي (2: 388) عن أنس بن مالك [رضي الله تعالى عنه] قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله سعّر لنا، فقال: إن الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق، وإني أرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. الفصل الثالث في نبذة من الفقه في ذلك من «البيان والتحصيل» من كتاب أوله: حلف ألا يبيع رجلا سلعة سماها في التسعير على أهل السوق: قال ابن رشد: أما الجلّاب فلا اختلاف فيه أنه لا يسعّر شيء مما جلبوه للبيع، وإنما يقال لمن شذّ منهم فحطّ السعر وباع بأغلى مما يبيع به عامتهم: إما أن تبيع بما تبيع به العامة وإما أن ترفع من السوق، كما فعل عمر رضي الله تعالى عنه بحاطب بن أبي بلتعة إذ مرّ به وهو يبيع زبيبا له في السوق فقال له: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا، لأنه كان يبيع بالدرهم أقلّ مما كان يبيع به أهل السوق. وأما أهل الحوانيت والسوق الذين يشترون من

الجلاب وغيرهم جملا، ويبيعون ذلك على أيديهم مقطّعا مثل اللحم والأدم والفواكه، فقيل: إنهم كالجلاب لا يسعّر عليهم شيء من بياعاتهم، وإنما يقال لمن شذّ منهم وخرج عن الجمهور: إما أن تبيع كما يبيع الناس وإما أن ترفع من السوق، وهو قول مالك في رواية عنه. وممن روي ذلك عنه من السلف عبد الله بن عمر والقاسم بن سلام وسالم بن عبد الله. وقيل إنهم في هذا بخلاف الجلّاب لا يتركون على البيع باختيارهم إذا أغلوا على الناس ولم يقنعوا من الربح بما يشبه، وأن على صاحب السوق الموكّل على مصلحتها أن يعرف ما يشترونه فيجعل لهم من الربح ما يشبه وينهاهم أن يزيدوا على ذلك، ويتفقد السوق أبدا فيمنعهم من الزيادة على الربح الذي جعل لهم كيفما تقلّب السعر من زيادة أو نقصان، فمن خالف أمره عاقبه بما يراه من الأدب وبالإخراج من السوق إن كان معتادا لذلك مستسرا به، وهو قول مالك في الرواية الأخرى عنه «1» ، وإليه ذهب ابن حبيب، وقاله من السلف جماعة منهم سعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد، وهو مذهب الليث بن سعد وربيعة بن أبي عبد الرّحمن. ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا وكذا، ربحتم أو خسرتم، من غير أن ينظر إلى ما يشترون به، ولا أن يقول لهم فيما قد اشتروه لا تبيعوه إلا بكذا وكذا مما هو مثل الثمن الذي اشتروه به أو أقل، وإذا ضرب لهم الربح على قدر ما يشترى مثل أن يقول لهم: تربحون في المدي كذا وكذا فلا يتركهم أن يغلوا في الشراء وإن لم يزيدوا في الربح، إذ قد يفعلون ذلك ويتساهلون فيه، إذ لا ينقصهم بذلك ربحهم شيء، وإذا علم ذلك منهم ضرب لهم الربح على ما يعلم من مبلغ السعر، وقال لهم: لا سبيل لكم أن تبيعوا بكذا وكذا فلا تشتروا إلا على هذا. انتهى.

_ (1) علق بهامش ط: وهو قول باطل مخالف للدين ... الخ.

الفصل الرابع في ذكر من ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق، وكيف كان يضرب من يعمل بالربا في الأسواق في عهده أيضا، صلى الله عليه وسلم

الفصل الرابع في ذكر من ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم السوق، وكيف كان يضرب من يعمل بالربا في الأسواق في عهده أيضا، صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (3: 95) رحمه الله تعالى عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم فبعث إليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام. وروى أيضا (3: 90) عن سالم عن أبيه: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى يؤوه إلى رحالهم. وخرّج مسلم (1: 445- 446) رحمه الله تعالى نحوه. وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (621) : استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية بعد الفتح على سوق مكة. فائدة لغوية: في «المشرع الرويّ» في الحديث ذكر المجازفة في البيوع، والجزاف: هو بيع الشيء بغير وزن ولا كيل ولا عدد. الفصل الخامس في ذكر نسب سعيد بن سعيد بن العاصي وأخباره في «الاستيعاب» (621) سعيد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. استشهد يوم الطائف، وكان إسلامه قبل فتح مكة بيسير، واستعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد الفتح على سوق مكة، فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الطائف خرج معه فاستشهد. انتهى.

الفصل السادس فيمن ولاه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه السوق

الفصل السادس فيمن ولاه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه السوق فمن الرجال: قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (576) : كان السائب بن يزيد [رضي الله تعالى عنه] عاملا لعمر بن الخطاب على سوق المدينة مع عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله تعالى عنهم. وفي «مسند الزهري» عن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه، قال: كنت عاملا مع عبد الله بن عتبة على سوق المدينة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. ومن النساء: الشفاء أم سليمان بن أبي حثمة: قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1868) كان عمر يقدمها في الرأي ويرضاها ويعظّمها «1» وربما ولّاها شيئا من أمر السوق. وذكرها ابن حزم في جماهره (156) في النسب في بني رزاح بن عديّ بن كعب فقال: الشفاء بنت عبد الله، أم سليمان بن أبي حثمة، كان عمر رضي الله تعالى عنه استعملها على السوق. انتهى. تنبيه: قد تقدم نسب الشفاء أم سليمان وأخبارها في باب معلم الكتابة، ويأتي ذكر السائب وعبد الله بن عتبة في باب العشر إن شاء الله تعالى، ويستوفى هنالك نسبهما وأخبارهما. فائدة في معنى الباب: ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1863) سمراء بنت نهيك الأسدية وقال: أدركت رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعمّرت، وكانت تمرّ في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضرب الناس على ذلك بسوط معها.

_ (1) الاستيعاب: ويفضلها.

الباب الثاني عشر في المنادي

الباب الثاني عشر في المنادي وهو الذي يقال لصوته البريح روى البخاري (2: 43) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم نودي أن الصلاة جامعة. وروى البخاري (6: 67) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم مناديا ينادي: ألا إنّ الخمر قد حرّمت. قال: فجرت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فأهرقتها في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله تعالى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا (المائدة: 93) : الآية. وروى البخاري (5: 160) أيضا رحمه الله تعالى عن زاهر الأسلميّ، وكان ممن شهد الشجرة، قال: إني لأوقد تحت القدور بلحوم الحمر إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينهاكم عن لحوم الحمر. وروى أبو داود (2: 39) رحمه الله تعالى عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه قال: غزوت مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم غزوة كذا وكذا، فضيّق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله صلّى الله عليه وسلم مناديا ينادي في الناس: أن من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «ديوان الأدب» (2: 174، 171) كسفت الشمس وخسف القمر

يخسف بفتح السين في الماضي وكسرها في المستقبل. وفي «الصحاح» (4: 1421) كسفت الشمس تكسف كسوفا، وكسفها الله كسفا: يتعدى ولا يتعدى، وكذلك كسف القمر إلا أن الأجود فيه أن يقال: خسف القمر، والعامة تقول: انكسفت الشمس. وفي «المشارق» (1: 246- 247) - ونقلته مختصرا- قال بعضهم: إنما يقال: خسف القمر وكسفت الشمس، وقال بعضهم: بالعكس خسفت الشمس وكسف القمر، قال القاضي رحمه الله تعالى والقرآن يردّ هذا، وقيل: هما بمعنى فيهما، وقال الليث بن سعد: الخسوف في الكلّ، والكسوف في البعض، وقيل الكسوف تغيرهما، والخسوف مغيبهما في السواد. قال القاضي رحمه الله تعالى: والذي تدلّ الأحاديث عليه: أنهما سواء فيهما. الثانية: في «المشارق» (2: 160) الفضيخ هو البسر يشدخ ويفضخ ويلقى عليه الماء لتسرع شدته. وفي الأثر أنه يلقى عليه الماء والتمر، وقيل: يفضخ التمر وينبذ في الماء، وعليه يدل الحديث، وكلّ بمعنى مقارب. الثالثة: في «المشارق» (2: 216) قوله: فجرت في سكك المدينة: هي الطرق والأزقة، وأصلها الطريقة المصطفّة من النخل، فسميت الطريق في المدن «1» بذلك: لاصطفاف المنازل بجانبيها «2» . الرابعة: في «المحكم» (3: 244) قول بريح: مصوّت به، قال الهذلي» : [من المتقارب] أراه يدافع قولا بريحا وفي «المشارق» (1: 83) في الحديث: فبرّحت بنا امرأته بالصياح- بتشديد الراء- أي كشفت أمرنا وأظهرته.

_ (1) ط: المدر. (2) المشارق: بجنبيها. (3) هو أبو ذؤيب الهذلي، ورواية البيت في ديوانه (1: 201) : فإن ابن ترنى إذا جئتكم ... يدافع عني قولا بريحا

الباب الثالث عشر في صاحب العسس في المدينة، ويسمى بالغرب الحاكم وبالأندلس صاحب المدينة، وبافريقية العريف

الباب الثالث عشر في صاحب العسس في المدينة، ويسمى بالغرب الحاكم وبالأندلس صاحب المدينة، وبافريقية العريف وفيه ثلاثه فصول الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم روى الترمذي (5: 315) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: سهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلا صالحا يحرسني الليلة، قالت: فبينا نحن كذلك إذ سمعنا خشخشة السلاح، فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ فقال سعد: وقع في نفسي خوف على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم نام. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. فائدة لغوية: في «ديوان الأدب» (3: 194) الخشخشة: صوت السلاح، وخشخشت الريح يبس الحصاد. انتهى. وأنشد الأعلم لعلقمة بن عبدة «1» : [من الطويل] تخشخش أبدان الحديد عليهم ... كما خشخشت يبس الحصاد جنوب

_ (1) انظر ما تقدم ص: 148.

الفصل الثاني في ذكر من ولي ذلك في زمن أبي بكر الصديق

تنبيه: سيأتي ذكر سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه في الباب الثاني والثلاثين من الجزء الخامس بما يغني عن ذكره هنا، والحمد لله. الفصل الثاني في ذكر من ولي ذلك في زمن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1150) في ترجمة عمر رضي الله تعالى عنه عن إبراهيم النّخعي قال: أول من ولّى أبو بكر رضي الله تعالى عنه شيئا من أمور الناس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ولاه القضاء، وكان أول قاض في الإسلام، وقال: اقض بين الناس، فإني في شغل. وأمر ابن مسعود رضي الله تعالى عنه بعسس المدينة. انتهى. وروى أبو داود (2: 570- 571) بسنده عن الأعمش عن زيد: أتي ابن مسعود فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد الله: إنا قد نهينا عن التجسّس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به. انتهى. وذكر الثعلبيّ عن زيد بن وهب أنه قال: قيل لابن مسعود: هل لك في الوليد ابن عقبة تقطر لحيته خمرا؟ قال: إنا قد نهينا عن التجسس، فإن ظهر لنا شيء نأخذ به. انتهى. تنبيه: قول النّخعيّ رحمه الله تعالى في عمر رضي الله تعالى عنه: وكان أول قاض قضى في الإسلام، إنما يعني الخليفة، وإلا فقد ثبت تقديم النبيّ صلّى الله عليه وسلم له ولغيره من الصحابة للقضاء حسبما ثبت في باب القاضي من هذا الكتاب. فائدة لغوية: في «الصحاح» (2: 946، 3: 1110) عسّ يعسّ عسّا وعسسا: أي طاف بالليل،

الفصل الثالث في ذكر من ولي ذلك في زمن عمر

وهو نفض الليل عن أهل الريبة، فهو عاس، وقوم عسس، مثل خادم وخدم وطالب وطلب، واعتسّ مثل عسّ، وقد نفضت المكان واستنفضته: إذا نظرت جميع ما فيه. قال زهير يصف البقرة «1» : [من الطويل] وتنفض عنها غيب كلّ خميلة ... وتخشى رماة الغوث «2» في كلّ مرصد تنبيه ثان: قد تقدم ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في باب صاحب النعال من هذا الكتاب مما أغنى عن إعادته هنا والحمد لله. الفصل الثالث في ذكر من ولي ذلك في زمن عمر رضي الله تعالى عنه كان عمر رضي الله تعالى عنه يتولّى العسس بنفسه، ويستصحب معه أسلم مولاه، وربما استصحب عبد الرّحمن بن عوف، رضي الله تعالى عنه. وقال ابن الأثير في «تاريخه» (3: 59) إن عمر رضي الله تعالى عنه أوّل من عسّ بالليل. قلت: يريد من الخلفاء، وإلا فقد ثبت أن أول من عسّ سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه حسبما تقدم ذكر ذلك في الفصل الأول من هذا الباب. فمن أخباره في عسسه رضي الله تعالى عنه ما ذكره القاضي أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى في «المنتقى» (4: 31) قال: روي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يطوف ليلة بالمدينة، فسمع امرأة تنشد: [من الطويل] ألا طال هذا الليل واسودّ جانبه ... وأرّقني إذ لا خليل ألاعبه

_ (1) شرح ديوان زهير: 228 يصف البقرة الوحشية وكيف أنها حذرة تستكشف ما في الخميلة قبل أن تغامر بدخولها، والغوث: قبيلة من طيء. (2) م: الغوت؛ ط: القوت.

فوالله لولا الله لا شيء غيره ... لزعزع من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفّني ... وأكرم زوجي أن تنال مراكبه فلما كان من الغد استدعى عمر تلك المرأة فقال: أين زوجك؟ قالت: بعثت به إلى العراق، فاستدعى بنساء وسألهن عن المرأة مقدار ما تصبر عن زوجها، فقلن: شهرين ويقلّ صبرها في ثلاثة أشهر، وتفقد صبرها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدة غزو الرجل أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر استردّ الغازين ووجّه بقوم آخرين. ومن أخباره أيضا في ذلك ما ذكره الثعلبي عن عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما، قال: حرست ليلة مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بالمدينة، إذ شبّ لنا سراج في بيت بابه مجاف على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر: هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف، وهم الآن شرب فما ترى؟ قلت: أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه، قال: ولا تجسسوا، فقد تجّسسنا، فانصرف وتركهم. ومن أخباره أيضا «1» في ذلك خبره الذي ذكره الخطابي في «الغريب» (2: 20) والبكري في «المعجم» (830) والنصّ للخطابي: عن أسلم مولى عمر رضي الله تعالى عنه، قال: خرجت معه حتى إذا كنا ب «حرّة واقم» فإذا نار تؤرّث بصرار، فخرجنا حتى إذا أتينا صرارا، فقال عمر: السلام عليكم يا أهل الضوء- وكره أن يقول يا أهل النار- أدنو، فقيل: ادن بخير أودع، قال: وإذا هم ركب قد قصّر بهم الليل والبرد والجوع، وإذا امرأة وصبيان، فنكص عمر على عقبيه وأدبر يهرول حتى أتى دار الدقيق، فاستخرج عدلا من الدقيق، وجعل كبّة من شحم، ثم حمله حتى أتاهم، فقال للمرأة: ذري وأنا أحرّ لك. انتهى. وقد ذكرت القصة في باب خازن الزرع في هذا الكتاب منقولة من تاريخ ابن الأثير بأتمّ من هذا وأعدتها الآن تكملة لمعنى الباب.

_ (1) رواية أسلم هذه في تاريخ الطبري 1: 2743 وسيرة عمر لابن الجوزي: 48 ولقاح الخواطر: 56/ أوالمنهج المسلوك: 13/ أوالتذكرة الحمدونية 1: 141 وشرح النهج 12: 47- 49.

فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: ابن طريف، زعزعت الشيء: حركته لتقلعه، وقالت امرأة: [من الطويل] فو الله لولا الله أني أراقبه ... لزعزع من هذا السرير جوانبه هكذا أنشده رحمه الله تعالى: أني أراقبه. الثانية: الفارابي (3: 116) : شببت النار بفتح الشين أشبّها بضمّها شبّا أي أوقدتها. الثالثة: في «المشارق» (1: 165) أجيفوا الأبواب أي أغلقوها، والباب مجاف أي مغلق. وأنشد ابن طريف: [من الطويل] فتفتحه طورا وطورا تجيفه الرابعة: في «الصحاح» (1: 153) الشّرب جمع شارب كصاحب وصحب، ثم يجمع الشّرب على شروب. الخامسة: الخطابي (2: 20) : تؤرث: أي توقد، يقال: أرّثت النار: إذا أوقدتها. قال عديّ بن زيد «1» : [من المديد] ربّ نار بتّ أرمقها ... تقضم الهنديّ والغارا عندها ظبيّ يؤرثها ... عاقد في الجيد تقصارا «2» السادسة: قوله: وأنا أحرّ لك، قال البكري (830) : يريد أتّخذ لك حريرة. انتهى.

_ (1) شعر عدي في المعاني الكبير: 436 وشروح السقط: 1112 والسمط: 221 وديوانه: 100 (وفيه تخريج كثير ص: 221) . (2) الديوان: عاقد في الخصر زنارا؛ والتقصار: القلادة.

ورأيت في طرة عليه في كتاب الخطابي (2: 20) أراد أحرّك لك فحذف لعلم السامع؛ عن ابن سراج قال: وكذلك رواه الحربي والخطابي. تنبيه: قد شرح ما بقي من الألفاظ اللغوية التي تضمّنها هذا الخبر في باب خازن الطعام «1» ، ويأتي ذكر عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه في باب الأمين على الحرم في الجزء الخامس من هذا الكتاب «2» بما أغنى عن إعادة ذلك هنا والحمد لله.

_ (1) انظر ما يلي ص: 591- 592. (2) انظر ما يلي ص: 453.

الباب الرابع عشر في الرجل يتولى حراسة أبواب المدينة في زمن الهرج

الباب الرابع عشر في الرجل يتولى حراسة أبواب المدينة في زمن الهرج هذه العمالة لم أجد عليها نصا أنها كانت في زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لكنها تتخرّج من حديث حراسة سعد رضي الله تعالى عنه، النبيّ صلّى الله عليه وسلم في المدينة بالليل. وقد أمر بها الصدّيق رضي الله تعالى عنه. ذكر أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في كتاب «كشف مشكل الصحيحين البخاري ومسلم» رحمهما الله تعالى، في الكلام على مسند حديث أبي هريرة: كان طليحة بن خويلد قد ادّعى النبوة في بني أسد، وكان يقال له ذو النون، لأن الذي يأتيه ذو النون، واجتمعت عليه العرب وأرسلوا وفودا أن يقيموا الصلاة ويعفوا من الزكاة. فصعد أبو بكر المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الله توكل بهذا الأمر فهو ناصر من لزمه، وخاذل من تركه، وإنه بلغني أن وفودا من وفود العرب قدموا يعرضون الصلاة ويأبون الزكاة، ألا إنهم لو منعوني عقالا مما أعطوه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع فرائضهم ما قبلته، ألا برئت الذمة من رجل من هؤلاء الوفود أخذ بعد يومه وليلته بالمدينة. فتواثبوا يتخطّون رقاب الناس حتى ما بقي في المسجد منهم أحد، ثم دعا نفرا فأمرهم بأمره: فأمر عليا بالقيام على نقب من أنقاب المدينة، وأمر الزبير بالقيام على نقب آخر، وأمر طلحة بالقيام على نقب آخر، وأمر عبد الله بن مسعود بعسس ما وراء ذلك بالليل والارتباء نهارا، وجدّ في أمره وقام على ساق رضي الله تعالى عنه. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الغريبين» في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه لو منعوني

عقالا مما أدوه لرسول الله صلّى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه: يعني صدقة عام، يقال أخذ منهم عقال هذا العام: إذا أخذ صدقته، وقيل: أراد الحبل الذي كانت تعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة. الثانية: الفرائض جمع فريضة، والفريضة: الناقة تؤخذ في الصدقة أو في الدية، وفي «المشرع الروي» : سميت فريضة لأنها مقدّرة في الدية أو واجبة فيها. تنبيه: قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه في هذا الحديث: لو منعوني عقالا مما أعطوه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع فرائضهم يبيّن أنه لم يرد إلا العقال الذي هو الحبل على جهة التأكيد والمبالغة. الثالثة: في «المشارق» (2: 23) قوله صلّى الله عليه وسلم: على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الدجّال ولا الطاعون. وفي بعض الحديث: «نقاب» بكسر النون، وكلاهما جمع نقب، وإن كان فعل لا يجمع على أفعال إلا نادرا. قال ابن وهب: يعني مداخل المدينة وهي أبوابها وفوهات طرقها التي تدخل منها إليها، كما جاء في الحديث الآخر: على كلّ باب منها ملك. تكملة لهذه الفائدة: قول ابن وهب: «فوهات طرقها» قال الجوهري (6: 2245) : يقال: قعد «1» على فوهة الطريق وأفواه الأزقة والأنهار، واحدتها فوّهة بتشديد الواو.

_ (1) الصحاح: أقعد.

الباب الخامس عشر في الرجل يكون ربيئة لأهل المدينة في زمن الهرج

الباب الخامس عشر في الرجل يكون ربيئة لأهل المدينة في زمن الهرج هذا العمل كالعمل الذي قبله في عدم النصّ على كونه في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، لكنه يتخرج من حديث سعد الذي تقدم قبل، وقد تقدم في الباب الذي قبل هذا أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه أمر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بالعسس بالليل والارتباء بالنهار. وفي «الاكتفاء» «1» : كان عدي بن حاتم قد حبس إبل الصدقة، يريد أن يبعث بها إلى أبي بكر إذا وجد فرجة، والزبرقان بن بدر مثل ذلك، فجعل قومهما يكلمونهما فيأبيان، وكان أحزم رأيا، وأفضل في الإسلام رغبة ممن فرّق الصدقة في قومه، فقالا لقومهما: لا تعجلوا فإنه إن قام قائم ألفاكم لم تفرّقوا الصدقة، وإن كان الذي تظنون فلعمري إن أموالكم بأيديكم فلا يغلبنّكم عليها أحد، فسكنوهم حتى أتاهم يقين خبر القوم. فلما اجتمع الناس على أبي بكر كان عديّ يأمر ابنه أن يسرح معهم الصدقة، فإذا كان المساء روّحها، وإنه جاء بها ليلة عشاء فضربه وقال: ألا عجلت بها، ثم راح بها الليلة الثانية فوق ذلك قليلا فجعل يضربه، وجعلوا يكلّمونه فيه، فلما كان اليوم الثالث قال: يا بنيّ إذا سرحتها فصح في أدبارها وأمّ بها المدينة، فإن لقيك لاق من قومك أو من غيرهم فقل نريد الكلأ، تعذّر علينا ما حولنا، فلما أن جاء الوقت الذي كان يروح فيه لم يأت الغلام، فجعل أبوه يتوقعه، ويقول لأصحابه: العجب لحبس ابني! فيقول بعضهم: نخرج يا أبا طريف فنتبعه، فيقول: لا والله، فلما أصبح تهيأ ليغدو، فقال قومه: نغدو

_ (1) انظر تاريخ الردة: 12 (وهو مستخرج من الاكتفاء) .

معك، فقال: لا يغدو معي منكم أحد إنكم إن رأيتموه حلتم بيني وبين ضربه، وقد عصا أمري كما ترون، فخرج على بعير له سريعا حتى لحق ابنه، ثم حدر النّعم إلى المدينة، فلما كان ببطن قناة لقيته خيل لأبي بكر عليها ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم ويقال محمد بن مسلمة، وهو أثبت عندنا، فلما نظروا إليه ابتدروه وما كان معه، وقالوا: أين الفوارس الذين كانوا معك؟ قال: ما معي أحد، قالوا: بلى لقد كان معك فوارس فلما رأونا تغيبوا، فقال ابن مسعود: خلّوا عنه فما كذب ولا كذبتم، جنود الله معه ولم تروهم، فقدم على أبي بكر بثلاثمائة بعير. وذكر بعض من ألّف في الردة أن الزبرقان بن بدر هو الذي فعل هذا الفعل المنسوب إلى عدي بن حاتم، فإما أن يكونا فعلاه توفيقا من الله لهما، وإما أن يكون هذا مما يعرض في النقل من الاختلاف. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (1: 52) ربأت القوم ربأ وارتبأتهم أي رقبتهم، وذلك إذا كنت لهم طليعة فوق شرف، يقال: ربأ لنا فلان وارتبأ والرّبيء والرّبيئة: الطليعة، والجمع الرّبايا. الثانية: بطن قناة الموضع الذي كان فيه ابن مسعود وأصحابه يرتبئون؛ قال البكري (1096) قناة بفتح أوله وثانيه وهاء التأنيث: واد من أودية المدينة. وروى مالك عن يحيى بن سعيد قال: بلغني أن السائب بن خبّاب توفي وأنّ امرأته جاءت عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت حرثا بقناة، فسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم فتظلّ فيه يومها، ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها. تنبيه: تقدم ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في باب الطهور، ويأتي ذكر محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه في باب المقيمين للحدود في آخر هذا الجزء إن شاء الله تعالى.

الباب السادس عشر في السجان

الباب السادس عشر في السجان وفيه ثلاثه فصول الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سجن الرجال : روى أبو داود (2: 282) رحمه الله تعالى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة. وروى الترمذي (2: 435) رحمه الله تعالى عن بهز مثله وبنصه، وزاد: ثم خلّى عنه. وقال: حديث حسن. وروى البخاري (5: 214- 215) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلته لك، إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قلت لك، قال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نجل «1» قريب

_ (1) النجل: الماء المستنقع أو السائل (وقد تقرأ: نخل كما في م) .

سجن النساء

من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وساق الحديث. وذكر محمد بن إسحاق في «السير» (2: 240- 241) في خبر قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أنه حبسهم بالمدينة في دار بنت الحارث، امرأة من الأنصار، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق يخرج بهم [إليه] أرسالا. انتهى. سجن النساء : في «السير» (2: 578- 579) في خبر إسلام عدي بن حاتم: قال عدي، وذكر فراره إلى الشام حين سمع بجيش رسول الله صلّى الله عليه وسلم وطىء بلادهم، قال: فاحتملت بأهلي وولدي، ثم قلت: ألحق بأهل ديني من النصارى من الشام فسلكت الجوشيّة، ويقال الحوشية- فيما قال ابن هشام- وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر، فلما قدمت الشام أقمت بها، وتخالفني خيل لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت، فقدم بها على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سبايا من طيء، وقد بلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم هربي إلى الشام، قال: فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد، وكانت السبايا تحبس فيها، وساق الحديث، وفيه طول. انتهى. فوائد لغوية: الأولى: الجوشيّة بالجيم في قول ابن إسحاق، وقال ابن هشام: الحوشية بالحاء. قال أبوذر الخشني في «غريب السير» (2: 441) الجوشية: اسم موضع ولم يقيّده. وفي «المحكم» جوش بالجيم: قبيلة أو موضع. وفي «معجم البكري» (404) جوش بفتح الجيم والشين المعجمة: أرض لبني القين.

الفصل الثاني فيما جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب

الثانية: في «الصحاح» (2: 632) الحاضر: الحي العظيم، وهو جمع كما يقال سامر للسمار وحاجّ للحجاج. الثالثة: في «المحكم» (3: 21) الحظيرة: ما أحاط بالشيء وهي تكون من قصب وخشب. وفي «المشارق» (1: 193) حظار الغنم: حظيرتها التي تحظر عليها بأغصان الشجر ونحوها، ويقال حظار وحظار بالفتح والكسر. الرابعة: في «المحكم» سجنه يسجنه سجنا: حبسه، والسجن: المحبس، والسجان: صاحب السجن. وفي «الديوان» (2: 136، 1: 195) يسجنه بضم الجيم، والسجن: المحبس. الفصل الثاني فيما جاء في ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتاب «بهجة المجالس وأنس المجالس» (2: 106) أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حبس الحطيئة في قوله للزبرقان بن بدر: [من البسيط] دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي بعد أن سأل حسان بن ثابت ولبيدا، فقالا له: هذا القول هجاء له وضعة منه، فأمر به فسجن. فقال: [من البسيط] ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر لم يؤثروك بها إذا قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الأثر أهلي فداؤك كم بيني وبينهم ... من عرض داويّة يعمى بها الخبر فكلمه فيه عبد الرّحمن بن عوف وعمرو بن العاص واسترضياه، فأخرجه من السجن. انتهى.

الفصل الثالث في ذكر ما جاء في ذلك عن علي

الفصل الثالث في ذكر ما جاء في ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه ذكر أبو عبيد البكري رحمه الله تعالى في معجمه (1199) أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بنى سجنا بالكوفة يسمّى: يافعا لم يكن مستوثق البناء، فكان المسجونون يخرجون منه فهدمه، وبنى مخيّسا، فقال «1» : [من الرجز] ألا تراني كيّسا مكيّسا ... بنيت بعد يافع «2» مخيّسا حصنا حصينا وأميرا كيّسا قال ابن الأنباري: هو مخيّس بكسر الياء، ولا يقال: بفتحها لأنه هو الذي يخيس الناس. وقال الخليل: مخيّس: سجن الحجاج، والإنسان يخيّس في مخيّس حتى يبلغ منه شدة الأذى، يقال: قد خاس فيه. وأنشد للذبياني «3» : [من البسيط] وخيّس الجنّ إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد قال البكري: هكذا ذكره الخليل بفتح الياء لأنه موضع التخييس. انتهى.

_ (1) انظر اللسان (خيس) . (2) يقرأ أيضا «نافع» . (3) ديوان النابغة: 21.

الباب السابع عشر في لمقسيمين للحدود

الباب السابع عشر في لمقسيمين للحدود وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يتولى ذلك في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى في «أحكام القرآن» (4: 1633) في سورة داود عليه السلام: ولاية الحدود على قسمين: الأول: إيجابها، وذلك للقضاة، وتناول استيفائها، وقد جعله النبي صلّى الله عليه وسلم لقوم منهم علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة، رضي الله تعالى عنهما؛ قال القاضي أبو بكر: وهي أشرف الولايات لأنها على أشرف الأشياء وهي الأبدان، فلمعصية «1» الناس ورحضهم «2» بالذنوب- قلت: يعني بعد انقراض السلف الصالح- ألزمهم الذلة لأنه جعلها في أيدي الأدنياء والأوضاع من الخلق. انتهى. فائدتان: الأولى: أصل «3» الحدّ المنع، قاله القاضي في «المشارق» (1: 184) . وقال الهروي: حدّ السلطان الجاني: إذا ضربه فمنعه بالضرب عن معاودة مثل ما فعل أو بلغ به حدّا لا يجوز تجاوزه. انتهى.

_ (1) أحكام القرآن: فلنقيصة. (2) أحكام القرآن: ودحضهم. (3) ط: أقل.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

قلت: وهذا لا يدخل تحت الحدّ بالقتل فيزاد فيه ولا التقصير عنه. الثانية: قوله: رحضهم بالذنوب: هو عندي كثرة استغراقهم فيها من قولهم: رحضته الحمّى: إذا أصابته حتى يعرق جميع بدنه، وهي الرّحضاء. وفي «المحكم» رحض الرجل رحضا: عرق حتى كأنه غسل جسده. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب القاضي بما أغنى عن الإعادة هنا. 2- محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1377) : محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عديّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، حليف لبني عبد الأشهل، يكنى أبا عبد الرّحمن وقيل بل يكنى أبا عبد الله. شهد بدرا والمشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة، وهو أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف. واستخلفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته، قيل استخلفه في غزوة قرقرة الكدر، وقيل استخلفه عام تبوك، واعتزل الفتنة، واتخذ سيفا من خشب وجعله في جفن، وذكر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمره بذلك، ولم يشهد الجمل ولا صفين، وأقام في الربذة، ومات بالمدينة، ولم يستوطن غيرها. وكانت وفاته بها في صفر سنة ثلاث وأربعين، وقيل سنة ست وأربعين، وقيل سنة سبع وأربعين، وهو ابن سبع وسبعين سنة. وصلّى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ أمير على المدينة. انتهى. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (269) : كان يقال له فارس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم يحارب في فتنة. انتهى.

فائدة لغوية: «البكري» (1065) «قرقرة الكدر» بفتح القاف وسكون الراء بعدهما مثلهما مضافة إلى كدر القطا على ستة أميال من خيبر. تنبيه: يأتي الكلام على الربذة في أخبار أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه فيما يأتي من الكتاب «1» إن شاء الله تعالى.

_ (1) انظر ما يلي ص: 637- 638.

الجزء الخامس في ذكر العمالات الجهادية وما يتشعب منها وما يتصل بها وفيه خمسة وأربعون بابا

الجزء الخامس في ذكر العمالات الجهادية وما يتشعب منها وما يتصل بها

الباب الأول في الامارة على الجهاد وفيه فصلان الفصل الأول في جهاد النبي صلّى الله عليه وسلم وكم غزوة غزا وفي كم غزوة قاتل منها روى البخاري (5: 90) رحمه الله تعالى عن أبي إسحاق: كنت إلى جنب زيد بن أرقم، فقيل له: كم غزا النبيّ صلّى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة، قيل: كم غزوة أنت معه؟ قال: سبع عشرة. وروى مسلم (2: 78) عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: غزوت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة، قال جابر: لم أشهد بدرا ولا أحدا منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد لم أتخلّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة قطّ. وروى مسلم (2: 78) أيضا عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قاتل في ثمان منهن. وذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (43) عن أبي إسحاق أيضا قال: سألت زيد ابن أرقم: كم غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: تسع عشرة غزوة، وغزوت معه سبع عشرة غزوة وسبقني بغزاتين. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (43) : وأكثر ما قيل في ذلك أن غزاته بنفسه

الفصل الثاني في بعثه صلى الله عليه وسلم الأمراء للجهاد وفيه عدد بعوثه وسراياه صلى الله عليه وسلم

- عليه السلام- كانت ستا وعشرين غزوة، وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله والمسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش؛ وأظهر دينه من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل ويقرب منها إلا غزوة الحديبية حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة. انتهى. الفصل الثاني في بعثه صلّى الله عليه وسلم الأمراء للجهاد وفيه عدد بعوثه وسراياه صلّى الله عليه وسلم قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (43) : كانت بعوثه وسراياه صلّى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين من بين بعث وسرية. انتهى. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : كانت سراياه صلّى الله عليه وسلم ستا وخمسين، كما ذكر الشيخ شرف الدين الدمياطي رحمه الله تعالى، وقيل كانت ثمانيا وأربعين، وقيل سبعا وأربعين، وقيل ستا وثلاثين. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: الهروي قوله تعالى: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ (الحج: 78) الجهاد: المبالغة واستفراغ ما في الوسع بحرب أو لسان أو ما أطاق من شيء. الثانية: في «المحكم» (6: 26) الغزو: السير إلى قتال العدوّ وانتهابه. وفي «الصحاح» (6: 2246) واختصرته: غزوت العدو غزوا، والاسم: الغزاة، ورجل غاز، والجمع غزاة مثل قضاة، وغزّى مثل سبّق وغزيّ مثل حجيج، وغزّاء مثل فسّاق، وأغزيت فلانا جهزته للغزو والنسبة إلى الغزو غزويّ.

قال ابن سيده (6: 27) : وقالوا: غزاة واحدة يريدون عمل وجه واحد، كما قالوا حجّة واحدة يريدون عمل سنة واحدة، والقياس: غزوة، وهي المرة الواحدة من الغزو. الثالثة: في «الصحاح» (1: 273) البعوث: الجيوش، وكنت في بعث فلان أي جيشه الذي بعثه معه، وبعثه وابتعثه: بمعنى أي أرسله. الرابعة: في «الصحاح» (6: 2375) السرية: قطعة من الجيش، يقال: خير السرايا أربعمائة.

الباب الثاني في الرجل يستخلفه الإمام على حضرته إذا خرج عنها للغزو أو غيره

الباب الثاني في الرجل يستخلفه الإمام على حضرته إذا خرج عنها للغزو أو غيره قد ذكر أصحاب التواريخ والسير رحمهم الله تعالى من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في كلّ خرجة خرجها منها، وفي ذكر جميع من ذكروه طول فاقتصرت على ذكر من استخلفه في أول غزاة غزاها، وذكر من استخلفه في آخر غزاة غزاها، وذلك في فصلين: الفصل الأول في ذكر أسمائهم رضي الله تعالى عنهم قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 590- 591) : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمة المدينة. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة سعد بن عبادة. قال ابن إسحاق (591) : حتى بلغ ودّان، وهي غزوة الأبواء، يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فوادعته فيها بنو ضمرة، وكان الذي وادعه منهم مخشيّ بن عمرو الضّمري، وكان سيّدهم في زمانه ذلك، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا. قال ابن هشام: وهي أول غزوة غزاها. انتهى. وقال ابن إسحاق (2: 519) أيضا رحمه الله تعالى في خبر غزوة تبوك: فلما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنيّة الوداع.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري. قال: وذكر محمد بن عبد العزيز الدّراورديّ عن أبيه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم استعمل على المدينة مخرجه إلى تبوك سباع بن عرفطة. انتهى. قال عز الدين بن جماعة في «مختصر السير» : كانت غزوة تبوك في السنة التاسعة في ثلاثين ألفا، معهم عشرة آلاف فرس، وهي آخر غزواته صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1377) : محمد بن مسلمة استخلفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته، قيل: استخلفه في غزوة قرقرة الكدر وقيل: إنه استخلفه عام تبوك. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- سعد بن عبادة رضي الله عنه: يأتي ذكره في باب اللواء، إن شاء الله تعالى. 2- محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الذين يقيمون الحدود بما أغنى عن الإعادة هنا. 3- سباع بن عرفطة رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (682) : سباع بن عرفطة استعمله النبي صلّى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى خيبر إلى دومة الجندل، وهو من كبار الصحابة. انتهى ما ذكر أبو عمر رحمه الله تعالى، ولم ينسبه. قال ابن هشام في «السير» (2: 213) : سباع بن عرفطة الغفاري استعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة دومة الجندل. انتهى. فائدة لغوية: في «الاشتقاق» لابن سيّد: العرفط ضرب من الشجر؛ قال محمد: يلقي شيئا يقال له المغافير، واحده مغفور، وهو حلوله رائحة منكرة، وبضم الميم والفاء قيّده الفارابي، وبضم العين والفاء قيّد العرفط أيضا.

الباب الثالث في الرجل يستخلفه الإمام على أهله إذا سافر

الباب الثالث في الرجل يستخلفه الإمام على أهله إذا سافر في «السير» (2: 516، 519) : قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرجعه من عمرته لستّ بقين من ذي القعدة من سنة ثمان، ثم أقام بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب، ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قلّما يخرج في غزوة إلا كنى عنها إلّا غزوة تبوك فإنه بيّنها للناس لبعد الشقّة وشدّة الزمان وكثرة العدوّ الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك أهبته. ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع. قال ابن هشام: واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري. وذكر عبد العزيز بن محمد الدراوردي أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم استعمل على المدينة مخرجه إلى تبوك سباع بن عرفطة. قال ابن إسحاق (2: 519) : وضرب عبد الله بن أبيّ معه على حدة عسكره، أسفل منه نحو ذباب، وكان فيما يذكرون ليس بأقلّ العسكرين، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلّف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وخلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون فقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا له، وتخفّفا منه، فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب سلاحه، ثم خرج حتى أتى النبي صلّى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف «1» ، فقال يا نبيّ الله، زعم المنافقون

_ (1) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة.

أنك استثقلتني وتخففت مني، فقال: كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي. فرجع علي بن أبي طالب إلى المدينة، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سفره. انتهى. وروى النسائي رحمه الله تعالى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، قال: لما غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم غزوة تبوك خلّف عليا في المدينة، فقالوا فيه: ملّه وكره صحبته، فتبع علي النبيّ صلّى الله عليه وسلم حتى لحقه بالطريق، قال: يا رسول الله خلفتني بالمدينة مع الذراري والنساء حتى قالوا: ملّه وكره صحبته، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: إنما خلفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي. انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في باب القاضي «1» فأغنى عن الإعادة هنا. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: الفارابي (3: 26) الشقة: السفر البعيد، وفيها لغتان ضمّ الشين وكسرها. الثانية: الفارابي صمد يصمد- بفتح الميم في الماضي وضمها في المستقبل- صمدا: قصد. الثالثة: قال البكري (609) : «ذباب» بضم الذّال المعجمة على لفظ الواحد من الذّبّان: جبل بجّبانة المدينة أسفل من ثنيّة المدينة.

_ (1) انظر ما تقدم ص: 273- 279.

الباب الرابع في المستنفر

الباب الرابع في المستنفر ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مستنفرا، وهو بسر بن سفيان الخزاعي، وذكر نسبه وأخباره: في «الروض الأنف» (6: 476- 477) بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع بديل بن أم أصرم- وهو بديل بن سلمة- إلى خزاعة يستنفرهم إلى قتال أهل مكة عام الفتح؛ ذكره في الكلام على خبر الحديبية. انتهى. وفي الاستيعاب (166) : بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعي: أسلم سنة ستّ من الهجرة، وبعثه النبيّ صلّى الله عليه وسلم عينا إلى قريش إلى مكة، وشهد الحديبية، وهو المذكور في حديث الحديبية من رواية الزهري عن عروة عن المسور ومروان وقوله فيه حتى إذا كان بغدير الأشطاط لقيه عينه الخزاعي فأخبره خبر قريش وجموعهم. قالوا: هو بسر بن سفيان هذا. انتهى. وفي «السير» (2: 309) : أنه لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعسفان، وقال فيه: بشر بن سفيان الكعبي، قال ابن هشام: ويقال بسر. انتهى. وفي «الاستيعاب» (151) بديل بن أم أصرم، أحد المنسوبين إلى أمهاتهم، بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم إلى بني كعب يستنفرهم لغزو مكة هو وبسر بن سفيان الخزاعي.

فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 833) نفر القوم في الأمر نفورا، والنفير: القوم الذين يتقدمون فيه. انتهى. واستنفرت: استفعلت منه. قال الفارابي (2: 436) بناء هذا الباب أن يكون بمعنى سؤال الفعل وطلبه، كقولك: استعجلته أي طلبت عجلته. الثانية: «غدير الأشطاط» في «المشارق» (1: 58- 59) بفتح الهمزة وإسكان الشين بعده طاء مهملة وألف وطاء أخرى، وهو تلقاء الحديبية.

الباب الخامس في صاحب اللواء

الباب الخامس في صاحب اللواء وفيه سبعة فصول الفصل الأول في ذكر أول لواء رفع بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (249) لابن حيان الأصبهاني رحمه الله تعالى، عن بريدة رضي الله تعالى عنه، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يتطير، ولكن يتفاءل. وكانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فيرده عليهم حين توجه إلى المدينة، فأقبل بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فلقوا نبيّ الله ليلا، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، قال: ثم ممن؟ قال: من أسلم، قال: سلمنا، قال: ثم ممن؟ قال: من بني سهم، قال خرج سهمك، فقال بريدة للنبي صلّى الله عليه وسلم: فمن أنت؟ قال: أنا محمد بن عبد الله رسول الله، قال بريدة: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك عبده ورسوله، قال: فأسلم بريدة وأسلم الذين معه جميعا، فلما أن أصبح قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: لا تدخل المدينة إلّا ومعك لواء، قال: فحلّ عمامته ثم شدّها في رمح، ثم مشى بين يديه حتى دخل المدينة. انتهى.

الفصل الثاني في ذكر نسب بريدة وأخباره

الفصل الثاني في ذكر نسب بريدة وأخباره في «الاستيعاب» (185) بريدة الأسلمي: وهو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عدي بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا سهل، وقيل أبا الحصيب، وقيل أبا ساسان، والمشهور أبو عبد الله. أسلم قبل بدر ولم يشهدها، وشهد الحديبية، فكان ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الحصيب فأسلم هو ومن معه وكانوا زهاء ثمانين بيتا، فصلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم العشاء فصلوا خلفه، ثم رجع بريدة إلى بلاد قومه وقد تعلم شيئا من القرآن ليلتئذ، ثم قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد أحد، فشهد معه مشاهده، وشهد الحديبية، وكان من ساكني المدينة، ثم تحوّل إلى البصرة ثم خرج منها إلى خراسان غازيا. قال أبو عمر (185) : أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال، حدثنا قاسم بن أصبغ بسنده عن بريدة قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته من بني سهم، فتلقى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال له نبيّ الله صلّى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر، فقال: يا أبا بكر برد أمرنا وصلح، قال: ثم قال لي: ممن؟ قلت: من أسلم، قال لأبي بكر: سلمنا، ثم قال لي: من بني من؟ قلت من بني سهم، قال: خرج سهمك. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (185) : مات بريدة بمرو في إمرة يزيد بن معاوية، وبقي ولده بها. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (186) : وروى البخاري رحمه الله تعالى بسنده عن عبد الله بن مسلم الأسلمي من أهل مرو قال: سمعت عبد الله بن بريدة يقول:

الفصل الثالث في ذكر من حمل رايته ولواءه صلى الله عليه وسلم بين يديه، ومن حملها ليقاتل بها

مات والدي بمرو وقبره «بالجصّين» ، وهو قائد أهل المشرق ونورهم، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل مات من أصحابي ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 224) حصيب والد بريدة بصاد مهملة مفتوحة مصغر، وآخره باء بواحدة، وحاؤه مضمومة، وقد صحّفه بعض الأئمة قديما، فقاله بالخاء المعجمة المفتوحة. الثانية: «الجصّين» بكسر الجيم بعده صاد مهملة مشدّدة على وزن «فعّيل» : موضع بمرو من خراسان، قاله البكري (384) . الفصل الثالث في ذكر من حمل رايته ولواءه صلّى الله عليه وسلم بين يديه، ومن حملها ليقاتل بها 1- 3: فمنهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله تعالى عنهم: ذكر ابن إسحاق في «السير» (2: 328) رحمه الله تعالى في أخبار غزوة خيبر: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى خيبر في بقية المحرم، يعني من سنة سبع، ودفع الراية إلى عليّ بن أبي طالب وكانت بيضاء. قال ابن إسحاق (2: 332) : ولما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما افتتح انتهى إلى حصنهم «الوطيح» وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحا. قال ابن إسحاق (2: 334- 335) : وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ورجع ولم يك فتح، وقد جهد، ثم بعث من الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع، ولم يك فتح وقد جهد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله

4 - ومنهم الزبير بن العوام

يفتح الله على يديه ليس بفرّار. قال، يقول سلمة: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليا وهو أرمد، فتفل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عينيه، ثم قال: خذ الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك. قال، يقول سلمة: فخرج والله بها يأنح، يهرول هرولة، وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهوديّ من رأس الحصن فقال له: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قال، يقول اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى، أو كما قال. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: جهد الرجل يجهد بفتح الهاء في الماضي والمستقبل؛ قاله الفارابي، وزاد ابن طريف: وأجهد في الأمر: بلغ فيه الجهد. الثانية: في «المحكم» (3: 314) أنح يأنح أنحا، وأنيحا [وأنوحا] وهو مثل الزفير يكون من الغضب ومن الغيرة «1» . وقال الفارابي (4: 201) بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل. 4- ومنهم الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه: روى البخاري (5: 186) رحمه الله تعالى عن هشام عن أبيه: لما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشا، خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الحديث بكماله؛ وفيه: ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب، فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، وراية النبي صلّى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام. انتهى. 5- ومنهم «2» مصعب بن عمير : قال ابن إسحاق في «السير» (1: 612) دفع

_ (1) المحكم: يكون من الغم والبطنة والسكر. (2) من هنا حتى قوله: وكان أبيض: سقط من م.

6 - ومنهم سعد بن معاذ

رسول الله صلّى الله عليه وسلم اللواء يوم غزوة بدر الكبرى إلى مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. قال ابن هشام: وكان أبيض. 6- ومنهم سعد بن معاذ : قال ابن إسحاق في «السير» (1: 612- 613) في أخبار غزوة بدر الكبرى: وكان أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلم رايتان سوداوان: إحداهما مع علي بن أبي طالب، والأخرى مع بعض الأنصار. قال ابن هشام: كانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ. انتهى. 7- ومنهم سعد بن عبادة : قال ابن إسحاق (2: 406- 407) في أخبار يوم الفتح: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء. قال ابن إسحاق: فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة، فسمعه رجل من المهاجرين. قال ابن هشام: هو عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله: اسمع ما قال سعد بن عبادة، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: أدركه فخذ الراية فكن أنت الذي تدخل بها. وذكر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (598) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعطى الراية حين انتزعها من يده لولده قيس، قال: وقيل أعطاها للزبير، وقيل أعطاها لعلي، وسيأتي ذلك مبسوطا عند ذكر ولده قيس. 8- ومنهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري : روى البخاري (4: 64) رحمه الله تعالى عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وكان صاحب لواء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أراد الحج فرجّل. وقال أبو عمر بن عبد البر في «الاستيعاب» (1289) : وأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة إذ نزعها من أبيه لشكوى قريش يومئذ. (597) وكانت الراية يوم الفتح بيد سعد بن عبادة، فلما مرّ بها على أبي سفيان

- وقد كان أسلم أبو سفيان- فقال سعد إذ نظر إليه: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشا، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في كتيبة الأنصار حتى إذا حاذى أبا سفيان، ناداه يا رسول الله: أمرت بقتل قومك، فإنه زعم سعد ومن معه حين مرّ بنا: أنه قاتلنا، وقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشا، وإني أنشدك الله تعالى في قومك فأنت أبرّ الناس وأرحمهم وأوصلهم. وقال عثمان وعبد الرّحمن بن عوف، رضي الله تعالى عنهما: يا رسول الله ما نأمن سعدا أن تكون له في قريش صولة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله قريشا. (598) وقال ضرار بن الخطاب يومئذ «1» : [من الخفيف] يا نبيّ الهدى إليك لجا ... حيّ قريش «2» ولات حين لجاء إنّ سعدا يريد قاصمة الظهر ... بأهل الحجون والبطحاء خزرجيّ لو يستطيع من الغيظ ... رمانا بالنّسر والعوّاء وغر الصّدر لا يهمّ بشيء ... غير سفك الدما وسبي النساء إذ ينادي بذلّ حيّ قريش ... وابن حرب بدا من الشهداء فلئن أقحم اللواء ونادى ... يا حماة اللّواء أهل اللّواء ثم ثابت إليه من بهم الخزرج ... والأوس أنجم الهيجاء لتكوننّ بالبطاح قريش ... فقعة القاع في أكفّ الإماء فانهينه فإنه أسد الأزد ... «3» لدى الغاب والغ في الدماء إنه مطرق يدير «4» لنا الأمر ... سكوتا كالحيّة الصّماء فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى سعد ونزع اللواء من يده وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه إذ صار إلى

_ (1) الأبيات أيضا في عيون الأثر 2: 172 ونهاية الارب 17: 304. (2) م ط: إليك لجائي في قريش. (3) يروى أيضا: فإنه أسد الأسد. (4) ط: يريد.

الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم

ابنه، وأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بأمارة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعمامته فعرفها سعد، فدفع اللواء إلى ابنه قيس، هكذا ذكر يحيى بن سعيد الأموي في «السير» ولم يذكر ابن إسحاق هذا الشعر ولا ساق هذا الخبر. وقد روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعطى الراية الزبير إذ نزعها من سعد. وروي أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر عليا فأخذ الراية فذهب بها حتى دخل مكة فغرزها عند الركن. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 221) الحجون بفتح الحاء وضم الجيم وتخفيفها: الجبل المشرف حذاء مسجد العقبة عند المحصّب. قال الزبير: الحجون: مقبرة أهل مكة تجاه دار أبي موسى الأشعري. الثانية: الوغرة: شدة توقد الحر، ومنه قيل: في صدره عليّ وغر بالتسكين، أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ، والمصدر بالتحريك، تقول: وغر صدره عليّ يوغر وغرا فهو واغر الصدر عليّ، وقد أوغرت صدره على فلان أي أحميته من الغيظ. الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- قد تقدم ذكر أبي بكر رضي الله تعالى عنه في باب الخليفة. 2- وذكر عمر رضي الله تعالى عنه في باب الوزارة. 3- وذكر علي رضي الله تعالى عنه في باب القضاء. 4- ويأتي ذكر الزبير رضي الله تعالى عنه في باب الزكاة. 5- وتقدم ذكر مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه في باب مقرىء القرآن، وسأذكر الآن سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وقيس بن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم.

6 - سعد بن معاذ

6- سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (602) : سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت، وهو عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يد مصعب بن عمير، وشهد بدرا وأحدا والخندق ورمي يوم الخندق بسهم فعاش شهرا، ثم انتقض جرحه فمات منه، رماه حبّان ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: عرق الله وجهه في النار. وروى الليث عن أبي الزبير عن جابر قال: رمي يوم الأحزاب فقطع أكحله فحسمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فانتفخت يده ونزفه الدم، فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تقرّ عيني في بني قريظة، فاستمسك عرقه فما قطر منه قطرة حتى نزل بنو قريظة على حكمه، وكان حكمه فيهم: أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذريتهم يستعين به المسلمون، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أصبت حكم الله فيهم؛ وكانوا أربمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات. وروي من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ. وقال صلّى الله عليه وسلم في حلّة رآها سيراء: لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها. وقال سعد رضي الله عنه: ثلاث أنا فيهن رجل، يعني كما ينبغي، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس: ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حقّ من الله، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى

أقضيها، ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى أنصرف عنها. قال سعيد بن المسيب: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبيّ. قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى: توفي سعد سنة خمس من الهجرة، وكان موته بعد الخندق بشهر وبعد قريظة بليال. انتهى. وقال ي ابن إسحاق في «السير» (2: 252) : وقالت أم سعد حين احتمل نعشه، قال ابن عبد البر: هي كبشة بنت رافع، لها رضي الله تعالى عنها صحبة «1» : [من الرجز] ويل أمّ سعد سعدا ... صرامة وحدّا وسؤددا ومجدا ... وفارسا معدا سدّ به مسدا ... يقدّ هاما قدّا قال: يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كلّ نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ. فائدتان لغويتان: الأولى: حبّان بن العرقة بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء بواحدة ضبطه الحافظ أبو علي الغساني رحمه الله بخطه. الثانية: العرقة بعين مفتوحة وراء مكسورة مهملتان بعدهما القاف وتاء التأنيث؛ قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (603) وإنما قيل لها العرقة لطيب عرقها. الثالثة: في «المشارق» (1: 195- 196) حلّة سيراء بكسر السين وفتح الياء ممدود، بعضهم يجعله نعتا، قال الخطابي: كما قيل: ناقة عشراء، وكان أبو مروان

_ (1) الشطران الأول والثاني في أسد الغابة 5: 537 والإصابة 8: 175 وسير الذهبي 1: 286، 287.

7 - سعد بن عبادة

ابن سراج ينكره ويضبطه على الإضافة، وهي أثواب ذوات ألوان وخطوط يخالطها حرير. قال الخليل وغيره: هو ثوب مضلّع بالحرير، وقيل: الأشبه أنه مختلف الألوان. وقال مالك: السيراء وشيء من حرير. قال ابن الأنباري: والسيراء أيضا: الذهب، وقيل: هو الحرير الصافي، والحلة ثوبان غير لفقين، رداء وإزار، سمّيا بذلك لأنه يحلّ كلّ واحد منهما على الآخر. قال الخليل: ولا يقال حلّة لثوب واحد. وقال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن. وقال بعضهم: إنما تكون حلّة إذا كانت جديدة لحلها عن طيها، والأول أكثر وأشهر. وفي الحديث: أنه رأى رجلا عليه حلة ائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر فهذا يدل على أنهما ثوبان. 7- سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه: في الاستيعاب (594) : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حليمة، ويقال ابن أبي حزيمة، بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي، يكنى أبا ثابت، وقيل أبا قيس، والأول أصح. كان نقيبا شهد العقبة، وشهد بدرا في قول بعضهم، ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق في البدريين، وذكره غيرهما «1» . وفي سعد بن عبادة وسعد بن معاذ جاء الخبر المأثور: إن قريشا سمعوا صائحا يصيح ليلا على أبي قبيس «2» : فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف قال فظنت قريش أنهما سعد بن زيد مناة بن تميم، وسعد بن هذيم من قضاعة، فلما كان الليلة الثانية سمعوا على أبي قبيس: أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

_ (1) ذكر البخاري في تاريخه أنه شهد بدرا وتابعه ابن مندة (انظر سير الذهبي 1: 271) . (2) قارن بسير الذهبي 1: 279.

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف فقالوا: هذان والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (596) وإليهما أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الخندق دون سائر الأنصار لأنهما كانا سيدي قومهما: كان سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، فشاورهما فيما أراد أن يعطيه عيينة بن حصن من تمر المدينة لينصرف بمن معه من غطفان ويخذّل الأحزاب، فقالا: يا رسول الله إن كنت أمرت بشيء فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف، فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم أومر بشيء، ولو أمرت بشيء ما شاورتكما، إنما هو رأي أعرضه عليكما، فقالا: والله يا رسول الله ما طمعوا بذلك منا قطّ في الجاهلية، فكيف اليوم وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأيّدنا، والله لا نعطيهم إلا السيف، فسرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقولهما، وقال لعيينة بن حصن ومن معه: ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلا السيف. انتهى. قلت: وكانت راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح بيده ثم انتزعها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من يده ودفعها لقيس ولده، وقيل لعلي بن أبي طالب في قصة تقدمت مستوفاة في الفصل الثالث عند ذكر ولده قيس. وقال أبو عمر ابن عبد البر (595) كان سعد سيدا في الأنصار، مقدما وجيها، له رياسة وسيادة يعترف له قومه بها. يقال إنه لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون متتالون في بيت واحد إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم. وعن نافع قال: مرّ ابن عمر على أطم سعد فقال لي: يا نافع هذا أطم جده لقد كان مناديه ينادي يوما في كلّ حول من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم، فمات دليم فنادى منادي عبادة بمثل ذلك، ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذلك، ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل ذلك.

8 - قيس بن سعد بن عبادة

قال أبو عمر (599) : وتخلف سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر، وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة عمر، وذلك سنة خمس عشرة، وقيل سنة أربع، وقيل بل مات سعد في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة، ولم يختلفوا أنه وجد ميتا في مغتسله وقد اخضرّ جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا يقول، ولا يرون أحدا «1» : [من مجزوء الرمل] قتلنا سيد الخزرج ... سعد بن عباده رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده ويقال إن الجن قتلته؛ روى ابن جريج عن عطاء أنه قال: سمعت الجنّ قالت في سعد بن عبادة فذكر البيتين. فائدة لغوية: الأطم بضم الطاء وتسكينها والهمزة مضمومة في اللغتين: الحصن، والجمع آطام؛ قاله الجوهري، قال: وهي حصون لأهل المدينة، والواحدة أطمة مثل أكمة. وفي «المحكم» الجمع القليل: آطام، والكثير: أطوم. قال ابن الأعرابي: الأطوم: القصور. 8- قيس بن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه: في الاستيعاب (1289) : قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي، قد نسبنا أباه في بابه، فأغنى عن الرفع في نسبه هنا، يكنى أبا الفضل، وقيل أبا عبد الله، وقيل: أبا عبد الملك. قال الواقدي: كان قيس بن سعد بن عبادة من كرام أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأسخيائهم ودهاتهم. قال أبو عمر: كان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده، وصحب قيس رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة، وأعطاه

_ (1) يمر الشعر حيثما وردت ترجمة سعد بن عبادة في المصادر، انظر سير الذهبي 1: 277، 278 وفي البيتين زحاف بيّن، على اختلاف في روايتهما.

رسول الله صلّى الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة إذ نزعها من أبيه لشكوى قريش سعدا يومئذ. وقد قيل إنه أعطاها الزبير، وقيل إنه أعطاها عليا رضي الله تعالى عن الجميع. وعن جابر قال: خرجنا في بعث كان عليهم قيس بن سعد، فنحر لهم تسع ركائب، فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك من فعل قيس بن سعد فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الجود شيمة «1» أهل ذلك البيت. (1289) ثم صحب قيس بن سعد علي بن أبي طالب، وشهد الجمل وصفين والنهروان هو وقومه، ولم يفارقه حتى قتل. (1292) وهو القائل في صفين: [من البسيط] هذا اللواء الذي كنّا نحفّ به ... مع النبي وجبريل لنا مدد ما ضرّ من كانت الأنصار عيبته ... أن لا يكون له من غيرهم أحد قوم إذا حاربوا طالت أكفّهم ... بالمشرفيّة حتى يفتح البلد (1290، 1291) ولما أجمع الحسن على مبايعة معاوية خرج عن عسكره وغضب على الحسن، وبدر منه فيه قول خشن أخرجه الغضب، فاجتمع إليه قومه وكانوا خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعد ما مات علي رحمه الله وتبايعوا على الموت، فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبي قيس أن يدخل وقال لأصحابه: ما شئتم، إن شئتم جالدت بكم أبدا، وإن شئتم أخذت لكم أمانا، فقالوا: خذ لنا أمانا، فأخذ لهم: أنّ لهم كذا وكذا، وألا يعاقبوا بشيء، وأنه رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، والتزم لهم معاوية الوفاء بما شرطوه، ثم لزم قيس المدينة وأقبل على العبادة حتى مات بها سنة ستين، وقيل سنة تسع وخمسين، في آخر خلافة معاوية.

_ (1) ط والاستيعاب: من شيمة.

(1292) وهو معدود في المدنيين، وكان رجلا طوالا سناطا لم يكن في وجهه شعرة ولا شيء من لحية، وكان مع ذلك جميلا، رحمه الله تعالى ورضي عنه، وكانت الأنصار تقول: لوددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا. ومن أخباره في الكرم أن رجلا استقرض منه ثلاثين ألفا، فلما ردّها إليه أبى أن يقبلها وقال: إنا لا نعود في شيء أعطيناه. (1293) » وكان له مال كثير ديونا على الناس، فمرض واستبطأ عوّاده، فقيل له: إنهم يستحيون من أجل دينك، فأمر مناديا فنادى من كان لقيس بن سعد عليه دين فهو له، فأتاه الناس حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه. (1292) «2» وتوفي أبوه عن حمل لم يعلم به، فلما ولد وقد كان سعد قسم ماله حين خروجه من المدينة، فكلم أبو بكر وعمر في ذلك قيسا، وسألاه أن ينقض ما صنع سعد من تلك القسمة، فقال: نصيبي للمولود ولا أغيّر ما صنع أبي ولا أنقضه. قال أبو عمر (1292) «3» : وقصّته مع العجوز التي شكت إليه أنه ليس في بيتها جرذ، فقال لها: ما أحسن ما سألت، أما والله لأكثّرنّ من جرذان بيتك، فملأ بيتها طعاما وودكا وأداما صحيحة. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المحكم» السّناط والسّناط والسّنوط كله: الذي لا لحية له، وقيل: هو الذي لا شعر في وجهه البتة، وقد سنط فيهن. وفي «الأفعال» لابن طريف: سنط وسنط بضم النون وكسرها سنطا: لم ينبت له لحية فهو سناط.

_ (1) القصة في البصائر 4: 298 والصداقة والصديق: 23 والمستجاد: 176 وسراج الملوك: 155 ولباب الآداب: 109 والتذكرة الحمدونية 2 رقم: 706 وسير الذهبي 3: 107 وربيع الأبرار: 341/ أوالمستطرف 1: 158. (2) الخبر في الكامل للمبرد 2: 116 والتذكرة الحمدونية 2 رقم: 206 وسير الذهبي 3: 107. (3) قصة تتردد في المصادر الأدبية، وانظر سير الذهبي 3: 106.

الفصل الخامس في جواز القبائل على راياتهم وانفراد كل قبيلة برايتها

الثانية: الجرذان بكسر الجيم وسكون الراء وفتح الذال المعجمة وبعدها ألف ونون جمع جرذ بضم الجيم وفتح الراء. قال الفارابي (1: 253) الجرذ بضمّ الفاء وفتح العين واحد الجرذان. قال الجوهري (2: 561) وهو ضرب من الفأر، وأرض جرذة ذات جرذان. الفصل الخامس في جواز القبائل على راياتهم وانفراد كلّ قبيلة برايتها روى البخاري (5: 186) رحمه الله تعالى عن هشام بن عروة عن أبيه رضي الله تعالى عنه: لما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشا، خرج أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرّ الظهران فإذا هم بنيران كأنّها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة، فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقلّ من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين، فحبسه العباس فجعلت القبائل تمرّ مع النبي صلّى الله عليه وسلم، تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة فقال: يا عباس من هذه؟ قال: هذه غفار، قال: ومالي ولغفار، ثم مرت جهينة، قال: مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم، فقال مثل ذلك، ثم مرت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه؟ قال: هذه الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس حبّذا يوم الذّمار، ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وراية النبي عليه السلام مع الزبير، وساق الحديث.

وذكر ابن إسحاق في «السير» (2: 403- 404) عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال: لما ذهب أبو سفيان لينصرف قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمرّ جنود الله فيراها قال: فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أحبسه، قال: ومرت القبائل على راياتها، كلّما مرت قبيلة قال: يا عباس من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: مالي ولمزينة، حتى نفدت القبائل، ما تمر قبيلة إلا سألني عنها، فإذا أخبرته بهم قال مالي: ولبني فلان، حتى مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء. قال ابن هشام: وإنما قيل لها الخضراء لكثرة الحديد وظهوره فيها، وأنشد للحارث بن حلزة اليشكري «1» : [من الخفيف] ثمّ حجرا أعني ابن أمّ قطام ... وله فارسيّة خضراء ولحسان بن ثابت الأنصاري «2» : [من الكامل] لما رأى بدرا تسيل جلاهه ... بكتيبة خضراء من بلخزرج قال ابن إسحاق: فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، قال: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟ قال: قلت هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، قال: قلت: يا أبا سفيان إنها النبوة، قال: فنعم إذن. انتهى.

_ (1) البيت: 75 من معلقته (شرح القصائد السبع لابن الأنباري: 496) ؛ وفيه يتحدث عن غزو حجر ومعه كندة لامرىء القيس اللخمي، وكيف وقفت بكر بن وائل مع قيس وصدت حجرا، والفارسية الخضراء: الكتيبة الكثيفة، سماها فارسية لأن سلاحها من صنع فارس. (2) البيت في ديوان حسان 1: 187 وروايته فيه: لما رأى بدرا تسيل جلاهها ... بكتائب ملأوس أو ملخزرج

وأنشد للحارث بن حلزة اليشكري يذكر انفراد كلّ قبيلة برايتها وذلك في الجاهلية: [من الخفيف] آية شارق الشقيقة إذ جا ... ءوا جميعا لكلّ حيّ لواء «1» فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المشارق» (1: 139- 140) خطم بالخاء المعجمة، والجبل بفتح الجيم والباء الموحدة بعدها؛ كذا رواه القابسي، وكذا ذكره أهل السير، وخطم الجبل: طرفه وأنفه السائل وهو الكراع، ورواه سائر الرواة: حطم بحاء مهملة، والخيل بخاء معجمة وياء باثنتين تحتها، أي حيث تجتمع ويحطم بعضها بعضا لاجتماعها، والأوّل أشهر وأشبه بالمراد، وحبسه هناك حيث يضيق الطريق وتمرّ جنود الله على هيئتها، وشيئا بعد شيء، فتعظم في عينيه، وأما الانحطام فليس يختصّ به هذا الموضع ولا هو المراد به، وأكثر ما يوصف ذلك في المعارك. قلت: ويعضد ما اختاره القاضي رحمه الله تعالى قوله في رواية ابن إسحاق: حبسه بمضيق الوالدي عند خطم الجبل. الثانية: في «المشارق» (1: 355) اليوم يوم الملحمة، ملاحم القتال: مواضعه. الثالثة: في «المشارق» (1: 270) «الذمار» بكسر الدال: ما يجب على المرء حفظه وحمايته، ومعنى حبذا يوم الذمار أي ما أوفقه لحمايته وأحبه لأهله. الرابعة: في «الديوان» (1: 265) يقال: مالي به قبل أي طاقة، بكسر القاف وفتح الباء.

_ (1) البيت: 69 من معلقته (شرح السبع الطوال: 493) وشارق الشقيقة: بنو الشقيقة، قوم من بني شيبان أغاروا على إبل لعمرو بن هند بقيادة قيس بن معد يكرب فتصدت لهم بنو يشكر وردتهم.

الفصل السادس في عقده صلى الله عليه وسلم لأمراء البعوث والسرايا وذكر أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام، ولمن عقدت، وأنسابهم وأخبارهم

الفصل السادس في عقده صلّى الله عليه وسلم لأمراء البعوث والسرايا وذكر أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الإسلام، ولمن عقدت، وأنسابهم وأخبارهم ذكر أول راية عقدت ولمن عقدت «1» : قال ابن إسحاق في «السير» (1: 591- 592) أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد رجوعه من غزوة الأبواء بالمدينة بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول، يعني من السنة الثانية من الهجرة، وبعث مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنيّة المرة، فلقي بها جمعا عظيما من قريش فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قد رمى يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمي به في الإسلام ثم انصرف القوم عن القوم. قال ابن إسحاق (1: 595- 596) فكانت راية عبيدة- فيما بلغنا- أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين، وبعض العلماء يزعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من الأبواء، وقبل أن يصل إلى المدينة، وبعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعا للفريقين جميعا، فانصرف بعض القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال. قال: وبعض الناس يقول: كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلّى

_ (1) ذكر أول ... عقدت: سقط من ط.

ذكر أنسابهم وأخبارهم

الله عليه وسلم لأحد من المسلمين، وذلك أنّ بعثه وبعث عبيدة كانا معا، فشبّه ذلك على الناس، وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعرا يذكر فيه أن رايته أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإن كان حمزة رضي الله تعالى عنه قد قال ذلك فقد صدق إن شاء الله تعالى، لم يكن يقول إلا حقا، والله أعلم أي ذلك كان. فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا فعبيدة بن الحارث أول من عقد له. والذي قاله حمزة رضي الله تعالى عنه في ذلك- فيما يزعمون- قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لحمزة: [من الطويل] فما برحوا حتى انتدبت لغارة ... لهم حيث حلّوا أبتغي راية الفضل بأمر رسول الله أول خافق ... عليه لواء لم يكن لاح من قبلي لواء لديه النصر من ذي كرامة ... إله عزيز فعله أفضل الفعل فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: «الأبواء» : في «المشارق» (1: 57) بفتح الهمزة وباء بواحدة ساكنة ممدودة، قرية من عمل الفرع من عمل المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا فيها توفيت أم النبي صلّى الله عليه وسلم. الثانية: عبيدة بن الحارث بضم العين على لفظ التصغير، قاله عبد الغني. الثالثة: ثنيّة المرة قال البكري (1209) : تخفيف المرأة. الرابعة: سيف البحر: ساحله، قاله أبو ذر الخشني في «غريب السيرة» (151، 456) . الخامسة: في «غريب السير» (151) لأبي ذر الخشني: العيص هنا موضع، وأصل العيص منبت الشجر. ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم: 1- حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (369) :

حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي صلّى الله عليه وسلم، كان يقال له أسد الله وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة وأبا يعلى، بابنيه عمارة ويعلى. أسلم في السنة الثانية من المبعث، وقيل بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه، صلى الله عليه وسلم، وكان أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأربع سنين، وهذا لا يصحّ عندي، لأن الحديث الثابت أن حمزة وعبد الله بن عبد الأسد أرضعتهما ثويبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين. وذكر البكائي عن ابن إسحاق قال: كان حمزة أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسنتين. قال المدائني: أول سرية بعثها رسول الله صلّى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر من أرض جهينة، وخالفه ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن الحارث. قال ابن إسحاق (1: 595) : وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان أخا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة. ولم يدرك الإسلام فأسلم من أعمام النبي صلّى الله عليه وسلم إلا حمزة والعباس رضي الله تعالى عنهما. وشهد حمزة بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا، وقيل إنه قتل عتبة بن ربيعة مبارزة يوم بدر؛ قاله موسى بن عقبة، وقيل بل قتل شيبة بن ربيعة مبارزة، قاله ابن إسحاق وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عدي أخا المطعم بن عدي، وقتل يومئذ أيضا سباعا الخزاعي، وقيل بل قتله يوم أحد قبل أن يقتل، وشهد أحدا بعد بدر فقتل يومئذ شهيدا، قتله وحشي بن حرب الحبشي، مولى جبير بن مطعم بن عدي على رأس اثنتين وثلاثين شهرا من الهجرة، وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد. وعن غير ابن إسحاق قال: كان حمزة يقاتل بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسيفين، فقال قائل: أي أسد! فبينا هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على

ظهره فانكشف الدرع عن بطنه، فطعنه وحشي الحبشي بحربة- أو قال: برمح- فأنفذه. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: حمزة سيد الشهداء- وروي: خير الشهداء- ولولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع. قال ابن جريج «1» : مثّل الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلّهم إلا حنظلة بن الراهب، لأن أبا عامر الراهب كان يومئذ مع أبي سفيان، فتركوا حنظلة لذلك. ولم يمثّل بأحد ما مثّل بحمزة، بقرت هند بطنه وقطعت كبده وجعلت تلوكها ثم لفظتها، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لو دخل بطنها لم تدخل النار، وجدعت أنفه وقطعت أذنيه رضي الله تعالى عنه. وعن جابر بن عبد الله قال: لما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثّل به شهق. وعن أبي هريرة قال: وقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حمزة وقد قتل ومثّل به، فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه، فقال: رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات، فو الله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلنّ بسبعين منهم قال: فما برح حتى نزلت: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (النحل: 126) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بل نصبر، وكفّر عن يمينه. انتهى. وقال ابن إسحاق في السير (2: 99) : ومرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على دار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وبني ظفر فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فبكى، ثم قال: لكنّ حمزة لا بواكي له. فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله تعالى عنهما إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عمّ رسول الله

_ (1) ابن جريج: سقطت من م.

صلى الله عليه وسلم، ولما سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بكاءهنّ على حمزة خرج عليهنّ وهن على باب مسجده يبكين عليه، فقال: ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتنّ بأنفسكن. وقال ابن هشام: ولما سمع بكاءهن قال صلّى الله عليه وسلم: رحم الله الأنصار، فإن المواساة منهم ما علمت «1» لقديمة، مروهنّ فلينصرفن، قال ابن هشام: ونهى يومئذ عن النوح. انتهى. قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (374) وذكر الواقدي قال: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكي له إلى اليوم إلا بدأت البكاء على حمزة ثم بكت ميّتها. وأنشد أبو زيد عمر «2» بن شبة لكعب بن مالك يرثي حمزة، وقال ابن إسحاق (2: 162- 163) : هي لعبد الله بن رواحة «3» : [من الوافر] بكت عيني وحقّ لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الاله غداة قالوا ... أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا ... هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك الأركان هدّت ... وأنت الماجد البرّ الوصول عليك سلام ربك في جنان ... يخالطها نعيم لا يزول ألا يا هاشم الأخيار صبرا ... فكلّ فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم ... بأمر الله ينطق إذ يقول ألا من مبلغ عنّي لؤيا ... فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا ... وقائعنا بما يشفى الغليل

_ (1) م: عملت. (2) م ط: عمرو (ط: شيبة) . (3) انظر ديوان كعب: 252 وديوان ابن رواحة: 132 وفي كليهما تخريج كثير.

2 - عبيدة بن الحارث

نسيتم ضربنا بقليب بدر ... غداة أتاكم الموت العجيل غداة ثوى أبو جهل صريعا ... عليه الطير حائمة تجول وعتبة وابنه خرّا جميعا ... وشيبة عضّه السيف الصقيل ألا يا هند لا تبدي شماتا ... بحمزة إن عزّكم ذليل ألا يا هند فابكي لا تملّي ... فأنت الواله العبرى الهبول فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: «ثويبة» بضم الثاء وفتح الواو مصغّر وبعد ياء التصغير باء بواحدة: مولاة أبي لهب: مرضعة النبي صلّى الله عليه وسلم، قاله القاضي في المشارق (1: 137) . الثانية: في «الأفعال» لابن طريف: حق لك «1» وحق أن تفعل، وحققت أن تفعل، أي صرت حقيقا به. وفي «الديوان» (3: 128) : في باب فعلت بفتح العين في الماضي وضمها في المستقبل: حق لك أن تفعل كذا وحققت أن تفعل كذا بمعنى. [الثالثة: في الصحاح» (6: 2256) الوله: ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد، ورجل واله وامرأة واله ووالهة] «2» . الرابعة: في «الصحاح» (5: 1846) الهبول من النساء: الثكول، والهبل بالتحريك مصدر قولك: هبلته أمه أي ثكلته، والإهبال: الإثكال. 2- عبيدة بن الحارث رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1020) عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي؛ يكنى أبا الحارث، وقيل أبا معاوية، وكان أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعشر سنين، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم دار الأرقم بن

_ (1) م: حق له. (2) هذه الفائدة الثالثة سقطت من م ط والمطبوعة التونسية، وزدتها من الطبعة المصرية.

أبي الأرقم، وقبل أن يدعو فيها، وكانت هجرته إلى المدينة مع أخويه الطفيل وحصين ابني الحارث، وكان لعبيدة بن الحارث قدر ومنزلة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق (1: 591) أول سرية بعثها رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع عبيدة بن الحارث في ربيع الأول سنة ثنتين في ثمانين راكبا، ويقال في ستين من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد. قال: وراية عبيدة أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الإسلام، ثم شهد عبيدة بن الحارث بدرا فكان له فيها غناء عظيم ومشهد كريم، وكان أشد المسلمين يومئذ، قطع عتبة بن ربيعة رجله يومئذ، وقيل بل قطعها يومئذ شيبة بن ربيعة، فارتث منها فمات بالصفراء على ليلة من بدر. ويروى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما نزل مع أصحابه بالنازيين قال له أصحابه: إنا نجد ريح مسك، فقال: وما يمنعكم؟ ها هنا قبر أبي معاوية. وقيل كان لعبيدة بن الحارث يوم قتل ثلاث وستون سنة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: ارتث الجريح: إذا حمل عن المعركة وبه رمق، ذكره [الفارابي] في باب الافتعال (3: 176) . الثانية: البكري (836) الصفراء على لفظ تأنيث أصفر: قرية فوق ينبع، وبين ينبع والمدينة ست مراحل، وبالصفراء مات عبيدة بن الحارث بن المطلب. قالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثيه: [من الطويل] لقد ضمّنوا الصفراء مجدا وسؤددا ... وحلما أصيلا وافر اللبّ والعقل عبيدة فابكيه لأضياف غربة ... وأرملة تهوي لأشعث كالجذل تنبيه: لم يذكر البكري النازيين في كتابه وأظنه اسم موضع من الصفراء، والله تعالى أعلم.

الفصل السابع في ألوان ألويته وراياته عليه الصلاة والسلام، واسم رايته وما كتب على لوائه صلى الله عليه وسلم

الفصل السابع في ألوان ألويته وراياته عليه الصلاة والسلام، واسم رايته وما كتب على لوائه صلّى الله عليه وسلم (1) الأبيض: في «السير» (1: 612) قال ابن إسحاق: دفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم اللواء يوم غزوة بدر الكبرى إلى مصعب بن عمير، قال ابن هشام: وكان أبيض. وروى النسائي وأبو داود رحمهما الله (2: 31) عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه كان لواؤه صلّى الله عليه وسلم يوم دخول مكة أبيض. انتهى. (2) الأصفر: روى أبو داود (2: 31) رحمه الله تعالى عن سماك عن رجل من قومه عن آخر منهم قال: رأيت راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم صفراء. وذكر رواية سماك بن حرب: كانت رايته عليه السلام صفراء. وفي «الاستيعاب» (1470) عن مزيدة العبدي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عقد رايات الأنصار وجعلها صفراء. (3) الأغبر: ذكر ابن جماعة في «مختصر السير» له في باب سلاح النبي صلّى الله عليه وسلم أنه كان له عليه الصلاة والسلام لواء أغبر. فائدة لغوية: الجوهري (2: 764) الغبرة لون الأغبر، وهو شبيه بالغبار. (4) الأسود: قال ابن إسحاق في «السير» (1: 612- 613) في أخبار غزوة بدر الكبرى: وكان أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلم رايتان سوداوان: إحداهما مع علي بن أبي طالب، والأخرى مع بعض الأنصار.

قال ابن هشام: كانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنهم. وذكر عبد الله بن حيان الأصبهاني (145) عن الحسن: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء تسمى العقاب. وفي التاريخ للبخاري (2: 260- 261) رحمه الله تعالى عن الحارث بن حسان بن كلدة البكري قال: دخلت المسجد فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم قائما على المنبر يخطب وفلان قائم متقلد السيف، وإذا رايات سود تخفق، قلت: ما هذا؟ قالوا: عمرو بن العاص قدم من جيش ذات السلاسل. (5) راية الصوف: قال القضاعي في كتاب «الأنباء» : كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم راية تدعى العقاب من صوف أسود. (6) الراية من المرط المرحل: قال أبو محمد ابن حيان في كتاب «الأخلاق» (143) عن عائشة رضي الله تعالى عنها: كانت راية النبي صلّى الله عليه وسلم من مرط مرحّل. وعن غيرها (145) : كانت رايته عليه السلام من مرط كان لعائشة. فوائد لغوية: المرط: في «المشارق» (1: 377) المرط بكسر الميم: كساء من صوف أو خزّ أو كتّان؛ قاله الخليل. وقال ابن الأعرابي: هو الإزار، وقال النضر: لا يكون المرط إلا درعا، وهو من خزّ أخضر، ولا يسمّى المرط إلا الأخضر، ولا يلبسه إلا النساء، وظاهر الحديث يصحح ما قاله الخليل وغيره أنه كساء. وفي الحديث الصحيح: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مرط مرحّل من شعر أسود. انتهى. والمرحل: في «المشارق» (1: 284) مرط مرجّل بالجيم للهروي، وبالحاء لغيره، وهما جميعا صواب، وهو الذي يوشّى بصور الرحال، فيقال بالحاء،

أو بصور المراجل أو الرجال فيكون بالجيم، وجاء: ثوب مراجل، وثوب ممرجل. انتهى. وفي «الصحاح» (4: 1707) مرط مرحّل بالحاء: إزار خز فيه علمان «1» . (7) الراية من النمرة: قال ابن جماعة في «مختصر السير» له: وكانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم راية سوداء مربّعة من نمرة مخملة يقال لها العقاب. فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 13) النمار- بكسر النون- جمع نمرة وهي شملة مخطّطة من صوف، وقيل فيها أمثال الأهلة. وفي «المحكم» النمرة: النكتة من أي لون كان، والأنمر الذي فيه نمرة بيضاء وأخرى سوداء، والأنثى نمراء، والنمرة: الحبرة لاختلاف ألوان خطوطها، والنمرة شملة فيها خطوط بيض وسود. ما كان مكتوبا على لوائه صلّى الله عليه وسلم: ذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني في كتاب «أخلاق النبي» صلى الله عليه وسلم (143) عن بريدة رضي الله تعالى عنه: أن راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم كانت سوداء ولواءه أبيض، زاد ابن عباس: مكتوب على لوائه لا إله إلا الله محمد رسول الله. انتهى. اسم رايته صلّى الله عليه وسلم: قال قاسم بن ثابت في «الدلائل» رحمه الله تعالى: كان اسم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم: العقاب.

_ (1) هكذا في م ط؛ وفي الصحاح: علم.

فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (6: 2364) الراية: العلم وفي «جامع اللغات» للقزاز: الراية كلّ ما نصبته علما نحو راية البيطار والخمّار، والجمع: راي ورايات، وأصل ألفها ياء فإذا صغرت قلت: رييّة، ورييت راية فأنا مريّ وهي مريّاة، والمصدر تريّة على تفعلة، وإن شئت أظهرت التضعيف فقلت، تريية والإدغام أحسن. وروى قوم عن أبي عمرو بن العلاء أنه سمع من العرب من يهمز الراية في الحرب، وغيرها إذا كانت علما. وكان أبو عمرو الحرمازي يروي بيت العجاج «1» : رأي إذا أورده الطعن صدر بالهمز، وكذا ننشده، والراي جمع راية على ما تقدم، وقد عيب هذا عليه، وسائر الناس على ترك الهمز في الراية والرّاي إذا كان جمعا لها. وحكى بعض اللغويين أرأيت راية إذا ركزتها، والمعروف ما بدأنا به. الثانية: في «المشارق» (1: 366) اللّواء: الراية. وفي «المحكم» اللّواء: العلم، والجمع ألوية، وألويات، الأخيرة جمع الجمع. قال الراجز «2» : جنح النّواصي نحو ألوياتها وألوى اللّواء عمله أو رفعه، ولا يقال لواه. وفي «الصحاح» (6: 2486) الألوية: المطارد وهي دون الأعلام والبنود.

_ (1) ديوان العجاج 1: 57 وقبله: وخطرت أيدي الكماة وخطر؛ وهو من شواهد سيبويه 2: 189 والشاهد فيه جمع راية على راي، كما يقال آية وآي. (2) ورد في اللسان (لوى) والمخصص 6: 205.

الباب السادس في انقسام الجيش إلى خمسة اقسام المقدمة والمجنبتين والقلب والساقة. وكون الرئيس في القلب منها

الباب السادس في انقسام الجيش إلى خمسة اقسام المقدمة والمجنبتين والقلب والساقة. وكون الرئيس في القلب منها في «المشارق» (1: 241) : وسمي الجيش خميسا لقسمه على خمسة أقسام: قلب وميمنة وميسرة ومقدّمة وساقة. قال الجوهري (2: 921) : ألا ترى إلى قول الراجز «1» : قد نضرب الجيش الخميس الأزورا فجعله صفة «2» . وقال ابن سيده: الخميس: الجيش يخمس ما وجده. قال القاضي في «المشارق» (1: 241) والأول أولى لأن اسمه كان معروفا قبل ورود الشرع بالخميس. انتهى. وفي أشعار الستة لامرىء القيس «3» [من الطويل] : لها مزهر يعلو الخميس بصوته ... أجشّ إذا ما حرّكته اليدان قال ابن إسحاق في «السير» (2: 406- 407) ثم في أخبار يوم فتح مكة: حدثني عبد الله بن أبي نجيح: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى، وكان الزبير على المجنبة اليسرى، وأمر سعد بن عبادة الأنصاري أن يدخل في بعض الناس من كداء.

_ (1) ورد في اللسان (خمس، زور) . (2) فجعله صفة: سقط من م. (3) ديوان امرىء القيس: 86.

قال ابن إسحاق: فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة، فسمعها رجل من المهاجرين، قال ابن هشام: هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عن جميعهم. قال ابن إسحاق: فقال: يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: أدركه فخذ الراية فكن أنت الذي تدخل بها. قال ابن إسحاق (2: 407) وحدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد فدخل من اللّيط أسفل مكة في بعض الناس، وكان خالد على المجنّبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب، وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصبّ لمكة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ودخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة، وضربت له هناك قبة. انتهى. وقال ابن إسحاق في «السير» (1: 613) في خبر غزوة بدر الكبرى: وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على السّاقة قيس بن أبي صعصعة أخا بني مازن بن النجار. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في أقسام الجيش: أما القلب فإنما سمى قلبا لتوسطه، وإحاطة سائر الأقسام به كتوسط قلب الإنسان في جسده، ويحتمل أن يكون سمّي قلبا لمكان الرئيس به الذي هو سيد الجيش ومنه قلب النخلة وهو لبها. وفي «الصحاح» (1: 205) قلب النخلة: لبها، وفيه ثلاث لغات: قلب وقلب وقلب. وأما الميمنة والميسرة فمن الجهة اليمنى واليسرى، وكذلك المجنبتان من الجنبين لإحاطتهما بالقلب، وأما المقدّمة: فلتقدمها.

وفي «الصحاح» (200805) مقدمة الجيش- بكسر الدال- أوله. وفي «المحكم» مقدمة العسكر وقادمتهم وقداماهم: متقدموهم «1» ، وقيل: مقدمة كلّ شيء أوله. وأما الساقة فيحتمل أن يكون سمّيت بذلك لأنها لما تقدّمها سائر الجيش صارت كأنها تسوقه. قال ابن القوطية (2: 159) ساق الشيء سوقا: قدّمه بين يديه. وفي «فقه اللغة «2» (21) للثعالبي: ساقة العسكر: آخره. انتهى. الثانية: في المواضع المذكورة في هذا الباب: ذو طوى: بفتح الطاء المهملة، مقصور منون: واد بمكة. وكداء: بفتح أوله، ممدود لا يصرف لأنه مؤنث، وهو جبل من أعلى مكة وهو عرفة بعينها. قال حسان «3» : [من الوافر] عدمنا خيلنا إن لم تروها ... تثير النّقع موعدها كداء وكدى بضم أوله وتنوين ثانية مقصور على لفظه، جمع كدية، بأسفل مكة عند قعيقعان، وأما كدي مصغر: فإنما هو لمن خرج من مكة إلى اليمن، وليس من هذين الطريقين في شيء. واللّيط بكسر أوله وبعده ياء وطاء مهملة: موضع بأسفل مكة. وأذاخر بخاء معجمة كأنه جمع أذخر، ثنيّة بين مكة والمدينة، ذكر جميعها البكري. فائدة في معنى الباب: ذكر ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب» أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه خرج

_ (1) المحكم: متقدموه. (2) م: فقه اللغات. (3) ديوان حسان: 17.

في الردة إثر وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذي القصّة، وعلى ميمنته: النعمان بن مقرّن، وعلى ميسرته: عبد الله بن مقرّن، وعلى ساقته: سويد بن مقرّن، فقرن الله تعالى له وللمسلمين في خروجه التوفيق والنصر. وصحبة بني مقرّن مشهورة، وكونهم إخوة سبعة، وقيل بل عشرة. انتهى. ومقرن قال ابن سيّد في «الاشتقاق» هو مفعّل من قولهم: قرّنت البعيرين إذا لز أحدهما بالآخر. انتهى. و «ذو القصّة» قال البكرى (1076) : بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة: موضع في طريق العراق من المدينة سمّي بذلك لقصّة في أرضه، والقصّة: الجص، وقال في رسم المضيّح «1» (1236) ترحل من المدينة فتنزل ذا القصّة. انتهى.

_ (1) م ط: المصبح.

الباب السابع في الرجل يقيمه الإمام يوم لقاء العدو بمكانه من قلب الجيش، ويلبس الإمام لأمته ويلبس هو لأمة الإمام حياطة على الإمام

الباب السابع في الرجل يقيمه الإمام يوم لقاء العدو بمكانه من قلب الجيش، ويلبس الإمام لأمته ويلبس هو لأمة الإمام حياطة على الإمام قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1324) كان كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري السلمي رضي الله تعالى عنه يوم أحد لبس لأمة النبي صلّى الله عليه وسلم وكانت صفراء، ولبس النبي عليه السلام لأمته، فجرح كعب بن مالك أحد عشر جرحا. فائدة لغوية: اللأمة في قول أكثر اللغويين: الدرع. وقال في «المحكم» الأمة: السلاح كلها، عن ابن الأعرابي؛ وهذا القول أقرب إلى معنى الحديث، والله تعالى أعلم. تنبيه: قد تقدم ذكر كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه في باب الشاعر «1» بما أغنى عن الإعادة هنا.

_ (1) انظر ص: 231 في ما تقدم.

الباب الثامن في صاحب المقدمة

الباب الثامن في صاحب المقدمة وفيه فصلان الفصل الأول في من تولى ذلك بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق في «السير» (2: 407) رحمه الله تعالى في أخبار فتح مكة: وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصفّ من المسلمين ينصبّ لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (428) في اسم خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه أنه كان على مقدمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم، وجرح يومئذ، فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في رحله بعد ما هزمت هوازن ليعرف خبره ويعوده، فنفث في جرحه فانطلق. وقد تقدم أن مقدمة العسكر بضم الميم وكسر الدال، وقال ابن السيّد: ولو فتحت الدال لم أر من فتحها مخطئا. الفصل الثاني في أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه ورحمه: يأتي في باب المقدم على الرجالة إن شاء الله تعالى. 2- خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (427) : خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، أبو سليمان،

وقيل أبو الوليد، أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت القبة والأعنة في الجاهلية. فأما «القبة» فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهّزون به الجيش وأما «الأعنّة» فإنه كان يكون على خيل قريش في الحروب. واختلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بني قريظة، وقيل بعد الحديبية، وقيل بين الحديبية وخيبر في ذي القعدة سنة ست، وخيبر بعدها في المحرم سنة سبع، وقيل كان إسلامه سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها. ولم يزل من حين أسلم يولّيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب. وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتح مكة، وكان على مقدمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم، وجرح يومئذ فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في رحله بعد ما هزمت هوازن ليعرف خبره ويعوده، فنفث في جرحه فانطلق. انتهى. وشهد خالد رضي الله تعالى عنه بعث «مؤتة» ، ولما أصيب الأمراء الثلاثة رضي الله تعالى عنهم الذين أمّرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذ الراية وانحاز بالمسلمين. وخرج البخاري (5: 182) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة [للناس] «1» قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب- وعيناه تذرفان- حتى أخذ [الراية] سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم. انتهى. قال أبو عمر ابن عبد البر (429) عن قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: اندقّت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية. وذكر البخاري مثله.

_ (1) زيادة من البخاري.

قال أبو عمر (429) : وذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: نعم عبد الله وأخو العشيرة، وسيف من سيوف الله سلّه الله على الكفار والمنافقين. وأمّره أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما على الجيوش ففتح الله تعالى عليه اليمامة وغيرها، وقتل على يديه أكثر أهل الردة، منهم مسيلمة ومالك بن نويرة. ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم ها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين، وقيل بل توفي بحمص، ودفن بقرية على ميل منها سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وبلغ عمر بن الخطاب أن نساء من نساء بن المغيرة اجتمعن في دار يبكين على خالد بن الوليد، فقال عمر: وما عليهن أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة. وذكر محمد بن سلام قال: لم تبق «1» امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتّها على قبر خالد بن الوليد، يقول: حلقت رأسها. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الغريبين» نقع: أي شقّ الجيوب. قال المرار الفقعسي «2» : نقعن جيوبهنّ علي حيّا ... وأعددن المراثي والعويلا واللقلقة: الجلبة ورفع الأصوات كأنه حكاية الأصوات إذا كثرت من القاف واللام. الثانية: أصل اللّمّة: ما طال من شعر الرأس حتى يلمّ بالمنكبين؛ قاله غير واحد من اللغويين.

_ (1) م: لم تبك. (2) البيت في اللسان (نقع) وللمرار بن سعيد الفقعسي ترجمة في الشعر والشعراء: 588 والأغاني 10: 324 والسمط: 231 والخزانة 2: 193.

الباب التاسع في المقدم على الميمنة

الباب التاسع في المقدّم على الميمنة روى مسلم (2: 63- 64) عن عبد الله بن رباح قال: وفدنا على معاوية بن أبي سفيان، وفينا أبو هريرة فكان كلّ رجل يصنع طعاما يوما لأصحابه، وكانت نوبتي فقلت: يا أبا هريرة اليوم نوبتي، فجاءوا إلى المنزل ولما يدرك طعامنا فقلت: يا أبا هريرة لو حدثتنا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى يدرك طعامنا، فقال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وجعل الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي، وساق الحديث. وفي «السير» (2: 407) في أخبار فتح مكة: قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد فدخل من اللّيط من أسفل مكة في بعض الناس، وكان خالد على المجنبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب. انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه في باب صاحب المقدمة «1» قبل هذا فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وسيأتي الكلام على البياذقة في الباب الثالث عشر «2» ، إن شاء الله تعالى.

_ (1) انظر ص: 373 وما بعدها. (2) ص: 380 في ما يلي.

الباب العاشر في المقدم على الميسرة

الباب العاشر في المقدم على الميسرة قال ابن إسحاق في «السير» (2: 406) في أخبار فتح مكة: حدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين فرّق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى، وكان الزبير على المجنّبة اليسرى. انتهى. وقد تقدم ذكر ذلك في حديث مسلم رحمه الله تعالى في باب صاحب الميمنة «1» . تنبيه: يأتي ذكر الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه في باب كاتب الزكاة «2» من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

_ (1) انظره في الصفحة السابقة. (2) انظر ص: 550 في ما يلي.

الباب الحادي عشر في المقدم على الساقة

الباب الحادي عشر في المقدم على الساقة قال ابن إسحاق في «السير» (1: 613) في خبر غزوة بدر الكبرى، وكانت في السنة الثانية من الهجرة: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ليال مضت من رمضان في أصحابه، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة أخا بني مازن بن النجار. انتهى. وفي «الاستيعاب» (1294) : قيس بن أبي صعصعة، واسم أبي صعصعة: عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري المازني. شهد العقبة وشهد بدرا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد جعله على الساقة يومئذ، ثم شهد أحدا. لا يوقف له على وقت وفاة. انتهى.

الباب الثاني عشر في المقدم على الرماة

الباب الثاني عشر في المقدم على الرماة روى البخاري (5: 126) رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الرّجّالة يوم أحد- وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير. قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 65- 66) في أخبار يوم أحد: وأمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف، وهو معلم يومئذ بثياب بيض والرماة خمسون رجلا، فقال: انضح الخيل عنا بالنّبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانك لا نؤتينّ من قبلك. انتهى. وفي «الاستيعاب» (877) : عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرىء القيس- وهو البرك- ابن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأنصاري: شهد العقبة ثم شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، وكان يومئذ أميرا على الرماة، وهو أخو خوّات بن جبير بن النعمان لأبيه وأمه. انتهى.

الباب الثالث عشر في المقدم على الرجالة

الباب الثالث عشر في المقدم على الرّجالة وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من تولى في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد تقدم في باب المقدم على الميمنة حديث مسلم رحمه الله تعالى عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي.. الحديث، انتهى. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 108) «البياذقة» بياء موحدة مفتوحة بعدها ياء باثنتين من تحتها مخففة، بعدها ألف وذال معجمة مكسورة وقاف: وهم الرجالة، وهم أيضا أصحاب ركاب «1» الملك والمتصرفون له. الفصل الثاني في ذكر نسب أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله تعالى عنه، وأخباره في «الاستيعاب» (1710) (793) أبو عبيدة ابن الجراح قيل: اسمه عامر بن الجراح، وقيل عبد الله بن عامر بن الجراح، والصحيح أن اسمه عامر بن عبد الله بن

_ (1) المشارق: ركائب.

الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري، غلبت عليه كنيته. ذكر ابن إسحاق والواقدي أنه هاجر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة، ولم يذكر ذلك ابن عقبة ولا غيره، وشهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها من المشاهد كلها وكان من كبار الصحابة وفضلائهم وأهل السابقة منهم. (1711) قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح. وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالجنة. (793) وعن الحسن قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما من أصحابي أحد إلا لو شئت وجدت عليه إلا أبا عبيدة. قال الزبير: كان أبو عبيدة أهتم، وذلك أنه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المغفر يوم أحد، فانتزعت ثنيتاه، فحسنتا فاه، فيقال: مارئي قط أحسن من هتم أبي عبيدة. وقال فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، يعني: عمر وأبا عبيدة ابن الجراح، ولما ولي عمر عزل خالدا وولّى أبا عبيدة ابن الجراح على الشام. وقال عمر إذ دخل عليه الشام وهو أميرها: كلّنا غيّرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة. توفي رضي الله تعالى عنه وهو ابن ثمان وخمسين سنة في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة بالأردن من الشام وبها قبره. انتهى. فائدة لغوية: في «الديوان» (2: 269) هتم يهتم بكسر التاء في الماضي وفتحها في المستقبل فهو أهتم: وهو المنكسر الثنايا.

الباب الرابع عشر في الوازع

الباب الرابع عشر في الوازع في «الاكتفاء» (2: 297) في فتح مكة: ولما انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقّة برد حبرة، وإنه ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن عثنونه ليكاد يمسّ واسطة الرحل، ولما وقف هناك قال أبو قحافة- وقد كفّ بصره- لابنة له من أصغر ولده: أي بنية اظهري على أبي قبيس، فأشرفت به عليه فقال: أي بنية ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل، قالت: أرى رجلا يسعى بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا، قال: أي بنية ذلك الوازع، يعني: الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت: قد والله انتشر السواد، فقال: قد والله إذن دفعت الخيل فاسرعي بي إلى بيتي، فانحطّت به. وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفي عنق الجارية طوق من ورق فيلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد، أتى أبو بكر الصديق بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك من أن تمشي إليه، فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال: أسلم، فأسلم، ورآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأن رأسه ثغامة فقال: غيّروا هذا من شعره. ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال: أنشد الله والإسلام طوق أختي، فلم يجبه أحد، فقال: أي أخيّة، احتسبي طوقك فوالله إن الأمانة اليوم في الناس لقليل. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «الصحاح» (3: 1297) وزعته أزعه وزعا: كففته، فاتّزع هو أي

كفّ، والوازع: الذي يتقدم الصفّ فيصلحه ويقدم ويؤخر، ويقال: وزعت الجيش: إذا حبست أولهم على آخرهم. الثانية: في «الصحاح» (2: 737) الاعتجار: لف العمامة على الرأس. قال الراجز» : جاءت به معتجرا ببرده ... سفواء تردي بنسيج وحده الثالثة: في «الصحاح» (3: 1168) واسطة الكور: مقدّمه، قال طرفة «2» : وإن شئت سامى واسط الكور رأسها ... وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد الرابعة: في «الصحاح» (5: 1880) الثغام بالفتح نبت يكون في الجبل يبيض إذا يبس، ويشبه به الشيب، الواحدة: ثغامة. قال الشاعر مخاطبا نفسه «3» : [من الكامل] أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما ... أفنان رأسك كالثّغام المخلس

_ (1) هو دكين بن رجاء الفقيمي كما في اللسان (سفا، عجر) يمدح عمر بن هبيرة الفزاري؛ والسفواء: البغلة الخفيفة السريعة. (2) ديوان طرفة (شرح الأعلم) : 21، يصف الناقة، والضبعان: العضدان، والخفيدد: ذكر النعام، والنجاء السرعة، شبه الناقة به في سرعته. (3) هو المرار الأسدي كما في اللسان (ثغم، فنن) وأفنان الرأس: خصله.

الباب الخامس عشر في صاحب الخيل

الباب الخامس عشر في صاحب الخيل وفيه خمسة فصول الفصل الأول في أمر الله تعالى بارتباط الخيل وإعداد رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخيل في سبيل الله، وذكر من تولّى النظر فيها لرسول الله صلّى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال: 60) . وقد اقتبس كعب بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه شاعر النبي صلّى الله عليه وسلم من هذه الآية المعظمة، فقال يعني الخيل «1» : أمر الإله بربطها لعدوّه ... في الحرب إن الله خير موفق لتكون غيظا للعدا وحياطة ... للدار إن دلفت خيول النزّق روى الترمذي (3: 131) رحمه الله تعالى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم خالصا، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله.

_ (1) السيرة 2: 262 وديوان كعب: 247.

الفصل الثاني في ذكر سعد بن زيد رضي الله تعالى عنه وأخباره

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وخرج البخاري (5: 114) رحمه الله تعالى نحوه، وقال: «خالصة» عوض «خالصا» . وذكر ابن إسحاق (2: 245) رحمه الله تعالى في غزوة بني قريظة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل رضي الله تعالى عنه بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع له بها خيلا وسلاحا. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 339) : الكراع بضم الكاف؛ قال أبو علي: الكراع: اسم لجميع الخيل، والأكارع لذوات الظلف خاصة كالأوظفة من الخيل والإبل، ثم كثر ذلك حتى سموا به، ثم استعمل ذلك في الخيل خاصة. الفصل الثاني في ذكر سعد بن زيد رضي الله تعالى عنه وأخباره في «الاستيعاب» (592) سعد بن زيد الأنصاري الأشهلي. قال ابن إسحاق (1: 686) : هو سعد بن زيد بن مالك بن عبيد بن كعب بن عبد الأشهل، شهد بدرا. وقال غير ابن إسحاق: هو سعد بن زيد بن عوف بن عمرو بن جشم بن الحارث بن الخزرج. ولم يشهد بدرا. والصواب: أنه من بني عبد الأشهل، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد. وفي قول الواقدي: شهد العقبة خاصة، وعند غيره: شهد بدرا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى (592) : وسعد بن زيد هو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع له بهم خيلا وسلاحا، وهو الذي هدم المنار الذي كان بالمشلّل للأوس والخزرج. يعدّ في أهل المدينة.

الفصل الثالث في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل الثالث في ذكر خيل النبي صلّى الله عليه وسلم «1» ذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى في «مختصر السير» خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: منها «السّكب» وهو أول فرس ملكه، اشتراه صلّى الله عليه وسلم من أعرابي بعشر أواق، وكان اسمه عند الأعرابي: «الضّرس» . أول ما غزا عليه أحدا، ولم يكن مع المسلمين فرس غيره وغير فرس لأبي بردة بن نيار يقال له: «ملاوح» . قال: وكان- يعني فرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم- أغرّ محجّلا طلق اليمين كميتا. وقال ابن الأثير (2: 314) كان أدهم، وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان للنبي صلّى الله عليه وسلم فرس أدهم، يسمى: «السّكب» . و «المرتجز» وكان أشهب، وهو الذي شهد له فيه خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه فجعل شهادته شهادة رجلين. وقيل هو «الظّرب» وقيل هو «اللحيف» . قال ابن الأثير (2: 314) : وكان صاحبه من بني مرة. و «اللّحيف» أهداه له ربيعة بن أبي البراء، وقيل فروة بن عمرو الجذاميّ. و «اللّزاز» أهداه له المقوقس، و «الظّرب» أهداه له فروة بن عمرو الجذاميّ، فأعطاه أبا أسيد الساعدي. و «سبحة» وهو الذي سابق به فسبق ففرح به. و «الورد» أهداه له تميم الداري فأعطاه عمر رضي الله تعالى عنه فحمل عليه في سبيل الله. قال ابن الأثير (2: 314) وهو الذي وجده يباع. قال ابن جماعة: فهذه سبعة أفراس متّفق عليها، وقيل: كانت له صلّى الله عليه وسلم أفراس أخر خمسة عشر مختلف فيها.

_ (1) قارن بما ورد في عقد الأجياد في الصافنات الجياد: 322- 324.

فوائد لغوية في تسع مسائل: الأولى: في «المستوعب» «1» لأبي عبيد البكري: «السّكب» فرس من خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو الذي ركبه يوم أحد، يقال: فرس سكب: إذا كان جوادا كثير العدو وكأنه يسكب الجري سكبا. الثانية: وأما اسمه عند الأعرابي الذي باعه فالضّرس بفتح الضاد وكسر الراء من قولهم: رجل ضرس أي صعب الخلق. قال الجوهري (2: 939) : رجل ضرس شرس: أي صعب الخلق. الثالثة: «ملاوح» : فرس أبي بردة. في «المحكم» الملواح: العظيم الألواح، وكلّ عظيم عريض: لوح. انتهى. ومن شعر ضرار بن الخطاب في «السير» (2: 145) : [من البسيط] إنّي وجدّك لا أنفكّ منتطقا ... بصارم مثل لون الملح قطّاع على رحالة ملواح مثابرة ... نحو الصّريخ إذا ما ثوّب الداعي وقال ابن سيده: الملواح: الضامر. وأنشد: [من الرجز] من كلّ شقّاء النّسا ملواح «2» الرابعة: في «المستوعب» : «المرتجز» : فرس من خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أشقر، سمّي بذلك لكثرة صهيله وحسنه، شبهه بارتجاز الرعد. الخامسة: في «المستوعب» : «اللّخيف» ، ويقال: «اللّحيف» : أحد أفراس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قيل سمّي بذلك لكثرة سبائب ذنبه، وقيل سمّي من قولك: لحفت الفرس وألحفته: إذا جللته لحافا.

_ (1) كتاب «المستوعب» لأبي عبيد البكري، لا أعرف أحدا نقل عنه سوى الخزاعي، ولم يذكره الأستاذ الميمني رحمه الله في مقدمته على السمط بين كتب أبي عبيد. (2) انظر اللسان (لوح) .

السادسة: «اللّزاز» يحتمل أن يكون من اللّز، وهو لزوم الشيء للشيء، كأنه يلازم الجري. وأنشد ابن السيد «1» : [من الطويل] لزاز حضار يسبق الخيل عفوه ... على الدفعة الأولى وفي العقب مرجما ويحتمل أن يكون من شدة الخلق. قال الزبيدي: الملزّز الخلق: المجتمعه. وأنشد أبو عبيد في «الغريب المصنف» : [من الرجز] وطرفة لزّت دخالا مدمجا «2» وفي «المستوعب» : سبّق رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين الخيل، وجلس على سلع، فطلعت ثلاثة أفراس يتلو بعضها بعضا: أولها: فرسه لزاز، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من عليه؟ قالوا: سهل بن سعد، فقال: امض بارك الله عليك، فطلع رأس الثلاثة سابقا، وفرسه الظّرب مصلّيا، وفرسه السكب ثالثا، كلها لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. السابعة: في «المستوعب» الظّرب فرس من خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، تشبيها بالظرب من الجبال وهو المنبسط. الثامنة: «سبحة» قال الشريف أحمد بن عبد الله الطبري «3» في «خلاصة السير» له جاء سابقا فسبح رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسمي «سبحة» ، وقال البكري في «المستوعب» «سنحة» بالنون، قال: وروى الزبير بن الخريت «4» عن

_ (1) نسبه في شرح السبع الطوال: 85 لجرير. (2) اللسان (طرف، دخل) والطرفة: مؤنث الطرف، والدخال: مداخلة المفاصل بعضها في بعض، والرواية في اللسان: شدت دخالا. (3) أرجح أنه المعروف بالمحب الطبري صاحب الرياض النضرة وذخائر العقبي فقد ذكر تقي الدين الفاسي بين مؤلفاته مؤلفا في السيرة النبوية (العقد الثمين 3: 64) . (4) الزبير بن الخريت البصري روى عن ابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس، وكان ثقة (تهذيب التهذيب 3: 314) .

الفصل الرابع في اتخاذ عمر رضي الله تعالى عنه الخيل عدة في سبيل الله تعالى وذكر من كان قيمه عليها

أبي لبيد لمازة بن زبار الجهضمي «1» من الأزد، قال «2» : أجرى الحكم بن أيوب الخيل بالبصرة فنظرنا إليها ثم مررنا بأنس بن مالك فقلنا: لو سألناه هل راهن رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الخيل، فسألناه فقال: نعم، راهن على فرس يقال لها: سنحة فسبقت فرأيته هشّ لذلك. ورواه أبو إسحاق الحربي قال: فرأيته فرح لذلك. التاسعة: الورد من الخيل: الأحمر الصافي الحمرة، قاله غير واحد. الفصل الرابع في اتخاذ عمر رضي الله تعالى عنه الخيل عدة في سبيل الله تعالى وذكر من كان قيّمه عليها قال أبو الربيع ابن سالم رحمه الله تعالى في «الاكتفاء» : كان عمر رضي الله تعالى عنه قد اتخذ في كل مصر على قدره خيولا من فضول أموال المسلمين عدّة لما يعرض، فكان من ذلك بالكوفة أربعة آلاف فرس، يشتّيها في قبلة قصر الكوفة وميسرته، في مكان يسمّى لأجل ذلك «الآريّ» ، ويربعها فيما بين الفرات والأبيات من الكوفة مما يلي العاقول، فسمّته الأعاجم آخرا الشاهجان، يعنون: معلف الأمراء، وكان قيّمه عليها سلمان بن ربيعة الباهلي في نفر من أهل الكوفة، يصنع سوابقها ويجريها في كلّ يوم، وبالبصرة نحو منها، قيمه عليها جزء بن معاوية، وفي كل مصر من الأمصار على قدره. انتهى. فائدة لغوية: قال الزبيدي في «المختصر» : الآريّ: المعلف، وأرت الدابّة إلى معلفها تأري: إذا ألفته. وفي «الصحاح» (4: 1406) : علفت الدابة علفا، والموضع معلف

_ (1) روى لمازة عن عمر وعلي وأبي موسى وغيرهم، وعنه الزبير بن الخريت، وكان ثقة صالح الحديث، وقال فيه ابن حزم «غير معروف العدالة» (ولعله قال ذلك لأن لمازة كان يسب عليا لكثرة ما قتل من قبيلته) (تهذيب التهذيب 8: 457) . (2) انظر أسماء الخيل للغندجاني: 126.

الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم

بالكسر. وقال ابن قتيبة في «الأدب» (37- 38) : يذهب الناس في الآريّ إلى أنه المعلف، وذلك غلط، وإنما الآري: الآخيّة التي تشدّ بها الدابة، وهو من تأريت بالمكان: إذا أقمت به. وقال أبو حاتم في «لحن العامة» : الآريّ: حبل يدفن في الأرض ويبرز طرفه تشدّ به الدابة، وكذلك الآخيّة ممدودة مشددة. وقال أبو جعفر ابن النحاس: الأواريّ والأواخيّ: واحد، وهي التي تحبس بها الخيل من وتد أو حبل، والواحد: آريّ وآخيّة، وهي من قولهم: أرت القدر تأري إذا لصق في أسفلها شيء قد احترق ولا يكاد يفارقها. وقال النابغة الذبياني «1» : [من البسيط] يا دار ميّة بالعلياء فالسّند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد وقفت فيها أصيلانا أسائلها ... عيّت جوابا وما بالربع من أحد إلا الأواريّ لأيا ما أبيّنها ... والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- سلمان بن ربيعة الباهلي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (632) سلمان بن ربيعة الباهلي أحد بني قتيبة بن معن بن مالك، يعد في الكوفيين. ذكره العقيلي في الصحابة، وقال أبو حاتم الرازي: له صحبة. قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى: وهو عندي كما قالا، وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قد بعثه قاضيا بالكوفة قبل شريح، فلما ولى سعدا الولاية الثانية بالكوفة استقضاه أيضا، وكان يلي الخيل لعمر، فكان يقال له: سلمان الخيل، وروي عنه أنه قال: قتلت بسيفي هذا مائة مستلئم كلهم يعبد غير الله، ما قتلت منهم رجلا صبرا. وقتل سلمان بن ربيعة رضي الله تعالى عنه ببلنجر من بلاد أرمينية سنة ثمان وعشرين، وكان عمر رضي الله تعالى عنه بعثه إليها، ولم يقتل إلا في زمن عثمان

_ (1) ديوان النابغة: 14- 15.

2 - جزء بن معاوية

رضي الله تعالى عنه، وقيل بل قتل ببلنجر سنة تسع وعشرين، وقيل سنة ثلاثين، وقيل: سنة إحدى وثلاثين. فائدتان لغويتان: الأولى: قال الأعلم في قول عنترة «1» : [من الكامل] إن تغدفي دوني القناع فإنني ... طبّ بأخذ الفارس المستلئم «2» هو لابس اللأمة وهي الدرع، ويقال اللأمة: السلاح كله. الثانية: «بلنجر» مدينة الخزر؛ قاله أبو علي الغساني رحمه الله تعالى وضبطها بفتح الباء بواحدة وفتح اللام وسكون النون وضم الجيم بعدها راء مهملة، نقلته من خطه في أصله من «الاستيعاب» في اسم سلمان في طرة على الاسم المذكور. 2- جزء بن معاوية رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (274) رحمه الله تعالى: جزء بن معاوية التميمي، عمّ الأحنف بن قيس. لا تصحّ له صحبة، كان عاملا لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على الأهواز. وقال أبو محمد ابن حزم في «جماهره» (217) : عمّ الأحنف: جزء بن معاوية، له وفادة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب «الجماهر» (17) له: جزء بن معاوية بن حصين، ولاه عمر رضي الله تعالى عنه «مناذر» ، وهو من ولد مرّة بن عبيد بن مقاعس. وقال ابن فتحون في «الذيل» : جزء بن معاوية استعمله عمر رضي الله تعالى عنه في اتباع الهرمزان، وأمّره على ما افتتح؛ ذكره سيف والطبري. انتهى. وفي استدراك ابن فتحون له في «الذيل» ، وقول ابن حزم: وله وفادة، يصحح أن له رضي الله تعالى عنه صحبة.

_ (1) شرح السبع الطوال: 335. (2) الاغداف: إرسال القناع؛ طبّ: حاذق.

فائدة تاريخية: ذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1420) في أخبار معاوية بن أبي سفيان أنه، رضي الله تعالى عنه، أول من قيدت بين يديه الجنائب. فائدة لغوية: في «المعجم» (1263) مناذر بفتح الميم وكسر الذال المعجمة بعدها راء مهملة: قرية من قرى الأهواز، وهما قريتان: مناذر الكبرى ومناذر الصغرى، وكذلك اسم الرجل: مناذر- بفتح الميم- وكان محمد بن مناذر الشاعر يغضب إذا قيل له كذلك بفتح الميم، ويقول: اشتقاق اسم أبي من ناذر فهو مناذر. انتهى. والحمد لله على نعمه. هذا آخر السفر الأول من النسخة التي عليها خطّ المؤلف رحمة الله عليه تجزئة سفرين وعليهما خطه بإلحاقات وزيادات وتصويبات والله المستعان «1»

_ (1) هذه التجزئة تنفرد بها م.

الباب السادس عشر في المسرج

الباب السادس عشر في المسرج وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يسرج لرسول الله صلّى الله عليه وسلم في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (151) لابن حيان الأصبهاني رحمه الله تعالى عن أبي عبد الرّحمن الفهري رضي الله تعالى عنه، قال: شهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين في يوم صائف شديد الحرّ، فقال: يا بلال أسرج لي فرسي، فأخرج سرجا رقيقا من لبد ليس فيه أشر ولا بطر. انتهى. ومن مسند أبي داود الطيالسي (196) رحمه الله تعالى ثم من حديث أبي عبد الرّحمن الفهري: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسرنا في يوم قائظ شديد الحرّ فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، قد حان الرواح يا رسول الله، قال: أجل. ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا بلال، فثار من تحت شجرة كأن ظله ظلّ طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا قدامك، قال أسرج لي فرسي فأتاه بدفّتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر، قال: فركب فرسه ثم سرنا. انتهى. ورواه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (2: 649) رحمه الله تعالى، وخالف في بعض ألفاظه فقال عن عبد الله بن يسار أن أبا عبد الرّحمن الفهري قال: شهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حنينا، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر،

الفصل الثاني في ذكر من أي شيء كان سرج رسول الله صلى الله عليه وسلم شرف وكرم

فنزلنا تحت ظل الشجر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح، قال: أجل، ثم قال: يا بلال، فثار من تحت شجرة كأن ظله ظلّ طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: اسرج لي الفرس، فأخرج سرجا دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر فركب وركبنا، وساق الحديث. قال أبو داود (2: 649) أبو عبد الرّحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيل جاء به حماد بن سلمة. انتهى، ذكره في كتاب الأدب. الفصل الثاني في ذكر من أي شيء كان سرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم شرف وكرّم قد اختلف في نصّ هذا الحديث المروي عن أبي عبد الرّحمن الفهري، ففي كتاب ابن حيان أنه من لبد، وعن الطيالسي (196) والسجستاني (2: 649) أنه من ليف، ولم يجىء في أشعار العرب في سروجهم إلا أنّه من لبد، وقال امرؤ القيس: [من الطويل] كميت يزلّ اللّبد عن حال متنه «1» ولسلامة بن جندل «2» : [من البسيط] من كلّ حتّ إذا ما ابتلّ ملبده ... صافي الأديم أسيل الخدّ يعبوب «3»

_ (1) من معلقته، وعجزه: كما زلت الصفواء بالمتنزل؛ ديوانه: 20. (2) ديوان سلامة: 98. (3) الحت: الجواد الذي لا يجارى؛ ويروى: ضافي السبيب؛ اليعبوب: الكثير الجري.

فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قال يعقوب في شرح [ديوان] حاتم الطائي: أحناء السرج: عيدانه، الواحد: حنو. ومن «التحفة الفارسية» : السرج: مذكر وجمعه سروج، وهو مؤلف من دفّتين، والواحدة دفّة بفتح الدال، وهما اللتان تقعان على ظهر الفرس، ومن قربوسين والواحد قربوس بفتح الراء، قال الجوهري (2: 959) ولا يخفّف إلا في الشعر. والذئبة: فرجة ما بين دفتي السرج، والجديات بفتح الجيم والدال: واحدته جدية بسكون الدال: قطع. من الأكسية ونحوها تحشى وتشد تحت دفّتي السرج. انتهى. وقال الجوهري (9: 2266) ويجمع أيضا: على جدي «1» : كشرية وشري. وفي «الأفعال» لابن طريف أسرجت الدابة: عملت لها سرجا، وأسرجتها أيضا: وضعت عليها السرج. الثانية: في «الصحاح» للجوهري (2: 579، 592) الأشر: البطر، والبطر: شدة المرح، وقد أشر بالكسر يأشر أشرا فهو أشر، وبطر بالكسر، وأبطره المال. الثالثة: في «الصحاح» (4: 1622) قولهم «أجل» إنما هو [جواب] مثل نعم، قال الأخفش: إلا أنه أحسن من نعم في التصديق، ونعم أحسن منه في الاستفهام، فإذا قال: أنت سوف تذهب، قلت: أجل، وكان أحسن من نعم، وإذا قال: أتذهب؟ قلت: نعم وكان أحسن من أجل.

_ (1) في الصحاح: والجمع جدى وجديات.

الباب السابع عشر في ذكر من أخذ بركاب النبي صلى الله عليه وسلم عند ركوبه وذكر ما جاء في ضم ثياب الفارس في سرجه عند ركوبه

الباب السابع عشر في ذكر من أخذ بركاب النبي صلّى الله عليه وسلم عند ركوبه وذكر ما جاء في ضمّ ثياب الفارس في سرجه عند ركوبه وفيه أربعة فصول الفصل الأول في ذكر من أخذ بركابه صلّى الله عليه وسلم ذكر النسائي «1» في سنده عن عبد الله بن بسر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نزل عليه فأتوه بطعام، فكان يأكل التمر ويضع النوى على ظهر إصبعه «2» ثم يرمي به، قال: ثم قام يركب بغلة له بيضاء، فقمت لآخذ بركابه، فقلت: يا رسول الله ادع الله لنا، قال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم. وفي «الاستيعاب» (160) لأبي عمر رحمه الله تعالى في باب بسر: بسر السلمي، ويقال المازني: نزل عندهم النبي صلّى الله عليه وسلم فأكل عندهم ودعا لهم. لا أعرف له غير هذا الخبر. وهو والد عبد الله بن بسر، لم يرو عنه غير ابنه عبد الله بن بسر، وليس من الصمّاء في شيء، يعد في الشاميين. وفي باب عبد الله: عبد الله بن بسر المازني (874) ، مازن بن منصور بن قيس «3» ، يكنى أبا بسر، وقيل أبو صفوان، وهو أخو الصماء، مات بالشام سنة ثمان

_ (1) قارن بمسند أحمد 4: 188. (2) المسند: اصبعيه. (3) ط: أبي قيس؛ م: في قيس.

الفصل الثاني في ذكر من أخذ بالركاب من الصحابة رضوان الله عليهم، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم

وثمانين وهو ابن أربع وتسعين سنة، وهو آخر من مات بالشام بحمص من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وفي باب الباء من كتاب النساء (1797) بهيّة، قال: ويقال بهيمة- بزيادة ميم- بنت بسر أخت عبد الله بن بسر المازني تعرف بالصّماء، قال أبو زرعة، وقال لي دحيم: أهل بيت أربعة صحبوا النبي صلّى الله عليه وسلم: بسر وابناه عبد الله وعطية وابنته أختهما الصماء. وفي باب الصاد (1874) الصماء بنت بسر المازنية أخت عبد الله بن بسر. انتهى. فقد أثبت أبو عمر رحمه الله تعالى من إخوة عبد الله والصماء ما كان نفاه أولا بقوله في اسم عبد الله: وليس من الصماء في شيء. الفصل الثاني في ذكر من أخذ بالركاب من الصحابة رضوان الله عليهم، اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلم قال القاضي أبو الفضل عياض في «الشفاء» (2: 110) عن الشعبي «1» : صلّى زيد بن ثابت على جنازة أمه، ثم قرّبت له بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال زيد: خلّ عنه يا ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: هكذا نفعل بالعلماء، فقبّل زيد يد ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. الفصل الثالث فيما جاء في ضمّ ثياب الفارس في سرجه عند ركوبه ذكر الثعالبي في «فقه اللغة» والمطرّز في «اليواقيت» والنص له، قال، قال أبو العباس ثعلب: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: بعث رسول الله صلّى الله

_ (1) انظر هذه القصة أيضا في نثر الدر 1: 408- 409 وعيون الأخبار 1: 269 وأنساب الأشراف 3: 46 والعقد 2: 127، 224 والبصائر 1: 112 ومحاضرات الراغب 1: 262 والتذكرة الحمدونية 1: 104 وألف باء 1: 19.

الفصل الرابع في ذكر أول من ضرب الركب من الحديد في الإسلام

عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه في سرية، فرأيته قد ألبسه ثيابه وعممه، فركب على رضي الله تعالى عنه، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعو له ويوصيه، وصفن ثيابه في سرجه: أي جمعها. قال أبو العباس ثعلب: سألت ابن الأعرابي عنها فقال: هي مأخوذة من الصّفنة ويقال الصّفنة وهي السّفرة التي لها خيوط تجمع بها. زيادة إفادة في هذا الفصل الثالث والفصل الثاني الذي قبله: ذكر الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي رحمه الله تعالى في كتابه «طبقات الفقهاء» (69) عن مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى قال: كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يأخذ في الركاب ويسوي عليّ ثيابي إذا ركبت. الفصل الرابع في ذكر أول من ضرب الرّكب من الحديد في الإسلام قال المبرد في «الكامل» (3: 378) : كانت ركب الناس قديما من خشب، فكان الرجل يضرب ركابه فينقطع، فإذا أراد الضرب أو الطعن لم يكن له معتمد، فأمر المهلب فضربت الركب من الحديد، فهو أول من أمر بطبعها. وفي ذلك يقول عمران بن عصام «1» العنزيّ: [من الكامل] ضربوا الدراهم في إمارتهم ... وضربت للحدثان والحرب حلقا ترى منها مرافقهم ... كمناكب الجمّالة الجرب ... انتهى. وقال علي بن عبد الله بن النعمة: وقع في كتاب «أخبار الخوارج» تأليف

_ (1) ط: عاصم.

القاسم بن محمد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة رواية قاسم بن أصبغ: حلقا ترى منها مراكلنا والمراكل: مواضع الهمز من جنبي الفرس، فأما ما رواه أبو العباس فليس له معنى يصحّ، نقلته من طرّة كتبها على البيتين في نسخته من الكامل التي كتبها بخطه وقرأها على ابن السيد البطليوسي «1» .

_ (1) هنا ينتهي الجزء الأول في ط ويبتدىء الجزء الثاني.

الباب الثامن عشر في الرجل يركب خيل الإمام يسابق بها

الباب الثامن عشر في الرجل يركب خيل الإمام يسابق بها وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في أنه صلّى الله عليه وسلم كان يسابق بين الخيل روى البخاري (4: 38) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن محمد قال، حدثنا معاوية قال، حدثنا أبو إسحاق عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: سابق رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين الخيل التي قد أضمرت فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، فقلت لموسى: وكم بين ذلك؟ قال: ستة أميال أو سبعة، وسابق بين الخيل التي لم تضمر فأرسلها من ثنيّة الوداع، وكان أمدها مسجد بني زريق، قلت: كم بين ذلك؟ قال: ميل أو نحوه، وكان ابن عمر ممن سابق فيها. فائدة لغوية: في «المشارق (2: 206) سابق بين الخيل أي أجراها ليرى أيها يسبق، والسباق والسبق: الاسم، والسبق بفتح السين والباء: الرهن الذي يجعل للسابق. الفصل الثاني في ذكر مسابقة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخيله وذكر من ركبها من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم للمسابقة بها ذكر أبو عبيد البكري رحمه الله تعالى في كتابه «المستوعب» «1» عن الزهري قال: سبق سهل بن سعد الساعدي على فرس لرسول الله صلّى الله عليه وسلم

_ (1) م ط (في هذا الموطن) : الموعب (فهل هو كتاب آخر غير المستوعب) .

يقال له «الظرب» فكساه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بردا يمانيا. وسبق أبو أسيد الساعدي على فرس لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يقال له: «لزاز» فلما طلع الفرس جثا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ركبتيه، واطلع من الصف وقال: كأنه بحر، وكسا أبا أسيد حلة يمانية. وروى قاسم بن ثابت رحمه الله تعالى عن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: أجرى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرسه الأدهم مع خيول المسلمين من المحصّب بمكة، فجاء فرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم سابقا، فجثا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ركبتيه حتى إذا مرّ به قال: إنه لبحر، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: الحطيئة كاذب حيث يقول «1» : [من الطويل] وإن جياد الخيل لا تستفزّنا ... ولا جاعلات العاج فوق المعاصم لو كان أحد صابرا عن الخيل لكان أحقّهم بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» البرد ثوب فيه خطوط وخصّ بعضهم به الوشي، والجمع: أبراد وبرود. انتهى. قلت: وهو أنواع: في «الغريب المصنف» : البرد المفوّف وهو الذي فيه بياض وخطوط بيض، والشرعبيّة والسّيراء: برود أيضا، والقطر: نوع من البرود. وفي «الصحاح» (213، 621، 1956) برد مكعّب: فيه وشي مربع، والحبرة مثل العنبة، والجمع حبر وحبرات. والمسهم: البرد المخطط. انتهى. الثانية: قال ابن قتيبة في «الأدب» والهروي في «الغريبين» وابن فارس في «المجمل» والفارابي في «الديوان» (3: 27) والجوهري في «الصحاح» (4: 1673)

_ (1) ديوان الحطيئة: 396 (عن أنساب الخيل: 8) .

والثعالبي في «الفقه» (244) وابن الأنباري في «الزاهر» (1: 556) وكراع في «المنتظم» وابن سيده في «المحكم» وابن السيّد في «المثلث» والقزاز في «الجامع» : لا تكون الحلة إلا ثوبين؛ قال ابن الأنباري والثعالبي: من جنس واحد؛ قال كراع: من صنف واحد؛ قال الهروي والجوهري وابن السيد: إزار ورداء؛ وقال ابن سيده: إزار ورداء: برد أو غيره، قال: والجمع حلل وحلال؛ وأنشد ابن الأنباري: [من الرجز] ليس الفتى بالمسمن المختال ... ولا الذي يرفل في الحلال قال القزاز: ومما يدلّ على أنها لا تكون إلا ثوبين حديث معاذ بن عفراء أن عمر بعث إليه بحلّة فباعها واشترى بها خمسة أرؤس من الرقيق فأعتقهم، ثم قال: إن رجلا آثر قشرتين يلبسهما على عتق هؤلاء لغبين الرأي؛، فقال: قشرتين يعني ثوبين. قلت: ومن أوضح الشواهد على أن الحلة ثوبان ما ذكره أبو الفرج الجوزي في كتابه «مختصر الحلية» (1: 215) عن العتبي قال «1» : بعث إلى عمر حلل فقسمها فأصاب كلّ رجل ثوب، ثم صعد المنبر وعليه حلّة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون؟ فقال سلمان: لا نسمع، فقال عمر: ولم يا أبا عبد الله؟ قال: لأنك قسمت علينا ثوبا ثوبا، وعليك حلّة، فقال: لا تعجل يا أبا عبد الله، ثم نادى يا عبد الله، فلم يجب أحد، فقال: يا عبد الله بن عمر، فقال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: نشدتك الله: الثوب الذي ائتزرت به أهو ثوبك؟ قال: اللهمّ نعم، قال سلمان: نسمع. وفي المشارق» (1: 196) : والحلة ثوبان غير لفقين إزار ورداء، سمّيا بذلك لأنه يحلّ كلّ واحد منهما على الآخر، قال الخليل: ولا يقال حلّة لثوب واحد. وقال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن. وقال بعضهم: إنما تكون حلة إذا كانت جديدة

_ (1) عيون الأخبار 1: 55 ونثر الدر 2: 33 والتذكرة الحمدونية 1: 126 وسيرة عمر لابن الجوزي: 147 والمصباح المضي: 162.

الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم

لحلها عن طيها، والأول أشهر وأكثر. وفي الحديث أنه رأى رجلا عليه حلّة ائتزر بإحداهما وارتدى بأخرى فهذا يدل على أنهما ثوبان. وفي الحديث الآخر: ورأى حلّة سيراء، وله حلّة سندس، وهذا يدلّ عل أنها واحدة. انتهى. وقال ابن السيد في «المثلث» : الحلة بالضم إزار ورداء، ولا يقال: حلة لثوب واحد إلا أن يكون له بطانة. الثالثة: قول الحطيئة: لا يستفزّنا أي لا يستخفنا. قال الهروي في قول الله عز وجل: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ (الإسراء: 64) معناه استدعهم بدعاء تستخفّهم به إلى إجابتك بصوتك، أي بدعائك. الرابعة: قوله جاعلات العاج فوق المعاصم يريد النساء، وكنّ يتخذن أساور من عاج يتحلّين بها، وتسمى المسك- بفتح الميم والسين- الواحدة: مسكة بالفتح أيضا قاله غير واحد. الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (664) سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الساعدي الأنصاري، يكنى أبا العباس. وعن الزهري عن سهل بن سعد: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس عشرة سنة، وعمر سهل بن سعد حتى أدرك الحجاج وامتحن معه. ذكر الواقدي وغيره قال: وفي سنة أربع وسبعين أرسل الحجاج إلى سهل بن سعد يريد إذلاله فقال: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان؟ قال: قد فعلته، قال: كذبت ثم أمر به فختم في عنقه، وختم في عنق أنس أيضا، حتى ورد كتاب عبد الملك فيه، وختم في يد جابر، يريد إذلالهم بذلك، وأن يجنبهم الناس ولا يسمعوا منهم.

2 - أبو أسيد الساعدي

واختلف في وقت وفاة سهل بن سعد، فقيل توفي سنة ثمان وثمانين وهو ابن ست وتسعين وقيل توفي سنة إحدى وتسعين وقد بلغ مائة سنة، ويقال إنه آخر من بقي بالمدينة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم. وحكى ابن عيينة عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: لو متّ لم تسمعوا أحدا يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وعن سفيان بن عيينة قال: سمعت سلمة بن دينار أبا حازم يقول: كان سهل بن سعد آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. 2- أبو أسيد الساعدي : قال الحافظ عبد الغني في «المؤتلف والمختلف» في باب السين بضم الهمزة: أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة له صحبة. وفي «الاستيعاب» (1351، 1598) في باب الميم من الأسماء وباب الهمزة من الكنى: مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج، أبو أسيد الأنصاري الساعدي. وصحّ عن ابن إسحاق: أن البدن بالباء والنون، واختلفوا في فتح الدال وكسرها، واختلف فيه عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب فرواه محمد بن فليح عن موسى بن عقبة: ابن البدن: بالنون، ورواه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى: ابن البدي بالياء، فصحّف، والله أعلم. وهو مشهور بكنيته، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. يعد في الحجازيين. مات بالمدينة سنة خمس وستين، وقال المدائني: سنة ستين، وقال الواقدي وخليفة: سنة ثلاثين. قال أبو عمر: هذا اختلاف متباين جدا، وهو عندي وهم، والله تعالى أعلم. وهو آخر من مات من البدريين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقيل ابن سبع وثمانين سنة وقد ذهب بصره.

الباب التاسع عشر في صاحب الراحلة

الباب التاسع عشر في صاحب الراحلة ذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى في «مختصر السير» له في ذكر خدم النبي صلى الله عليه وسلم: أسلع بن شريك بن عوف قال: وكان صاحب راحلة النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (139) : أسلع بن شريك الأعوجي «1» التميمي خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصاحب راحلته، نزل البصرة. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (4: 1707) : الراحلة: الناقة التي تصلح لأن ترحل، وكذلك الرّحول، ورحلت البعير أرحله رحلا: إذا شددت على ظهره الرحل، والرحل أصغر من القتب، والجمع: الرحال وثلاثة أرحل، ويقال: الراحلة: المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى. وفي «المشارق» (1: 285) الراحلة: الناقة النجيبة الكاملة الخلق، الحسنة المنظر، المدربة على الركوب والسير والحمل.

_ (1) صوابه الأعرجي- بالراء- نسبة إلى بني الأعرج بن كعب، انظر طبقات خليفة: 44 والإصابة 1: 121.

الباب الموفي عشرين في صاحب البغلة

الباب الموفي عشرين في صاحب البغلة ذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى في «مختصر السير» له، في ذكر خدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: عقبة بن عامر الجهني، قال: وكان صاحب بغلته صلّى الله عليه وسلم ويقود به في الأسفار. تنبيه: يأتي ذكر عقبة بن عامر في «باب القائد» الذي يلي هذا ونسبه وأخباره.

الباب الحادي والعشرون في القائد

الباب الحادي والعشرون في القائد وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يقود برسول الله صلّى الله عليه وسلم راحلته وبغلته روى أبو داود (1: 425) رحمه الله تعالى عن أم الحصين قالت: حججت مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالا، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلّى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة. وذكر ابن جماعة في «مختصر السير» أن عقبة بن عامر الجهني كان صاحب بغلته صلّى الله عليه وسلم يقود به في الأسفار. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- بلال رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب المؤذن فأغنى ذلك عن الإعادة الآن. 2- أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه: يأتي ذكره في باب صاحب المظلة. 3- عقبة بن عامر الجهني : قال أبو عمر في «الاستيعاب» (1073) عقبة بن

عامر بن عبس الجهني- من جهينة- ابن زيد بن سود بن أسلم بن عمير بن الحاف بن قضاعة. وقد اختلف في هذا النسب على ما ذكرنا في باب القبائل، وذكر له ثماني كنى، منها: أبو عامر، وهو قول خليفة بن خياط، ومنها: أبو حمّاد، وهو قول يحيى بن معين وابن لهيعة، وسأتركها اختصارا. قال أبو عمر: سكن عقبة بن عامر مصر، وكان واليا عليها، وابتنى بها دارا، وتوفي في آخر خلافة معاوية. تنبيه: أشار أبو عمر إلى الاختلاف في نسب عقبة بن عامر، والذي عليه أبو عبيد وابن حزم (444) في جماهرهما في جهينة: أنه ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، بزيادة ليث بين زيد وسود، ونقص عمير بين أسلم والحاف. قال ابن حزم (440) : أسلم بن الحاف- بضم اللام. فائدة لغوية: في «الصحاح» (3: 1282) لهيعة: اسم رجل، ومن «الكتاب الجامع لما في كتاب المبرد وكتاب ابن دريد وكتاب ابن النحاس وكتاب ابن جنّي في الاشتقاق» - ولا أعرف مؤلفه- وهو غير كتاب ابن سيّد الذي اختصر فيه كتاب ابن دريد وكتاب قطرب وابن النحاس وكتاب ابن قتيبة في الأدب: اللهع: التشدق في الكلام، ومنه اشتقاق لهيعة، مقلوب من الهلع. وقال الخليل: اللهيع من الرجال: المسترسل إلى كلّ أحد، لهع يلهع لهاعة، ومنه سمّي: لهيعة. انتهى وفي «المحكم» (1: 66) لابن سيده نحو منه.

الباب الثاني والعشرون في الحادي

الباب الثاني والعشرون في الحادي وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر من حدا بمشهد من رسول الله صلّى الله عليه وسلم (1) أمر صلّى الله عليه وسلم بعض أصحابه بالنزول ليحدو بهم : روى النسائي رحمه الله تعالى عن عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه أنه كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مسير له، فقال له: يا ابن رواحة انزل فحرك الركاب، فقال: يا رسول الله قد تركت ذلك، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: اسمع وأطع، قال: فرمى بنفسه فقال: [من الرجز] اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... وما تصدّقنا وما صلّينا فأنزلن سكينة علينا ... وثبّت الأقدام إن لاقينا (2) اتخاذه صلّى الله عليه وسلم حاديين : روى النسائي رحمه الله تعالى عن عبد الله بن مسعود قال: كان معنا ليلة نام رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس حاديان. (3) من حدا بالرجال دون النساء : في «الاستيعاب» (140) عن أبي داود الطيالسي (272) عن أنس قال: كان أنجشة يحدو بالنساء، وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال، وكان أنجشة حسن الصوت، وكان إذا حدا أعنقت الإبل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير. انتهى.

(4) من حدا بالنساء

(4) من حدا بالنساء : روى البخاري «1» رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم في سفر، وكان معه غلام أسود يقال له: أنجشة، يحدو، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الصحاح» (230906) الحدو: سوق الإبل والغناء لها، وقد حدوت الإبل حدوا وحداء، زاد في «المحكم» (3: 274) وحدا بها، ورجل حاد وحدّاء، وأنشد غيرهما: [من الرجز] فغنّها فهي لك الفداء ... إن غناء الإبل الحداء الثانية: في «المشارق» (2: 216) السكينة: قيل هي الرحمة، وقيل الطمأنينة، وقيل الوقار وما يسكّن به الإنسان. الثالثة: في «الديوان» (2: 320) أعنق البعير: وهو أن ينفسح في سيره، والعنق- بفتح العين والنون معا: السير الفسيح. الرابعة: في «الصحاح» (1: 476) فلان يمشي على رود أي على مهل. وفي «الديوان» وهو تكبير رويد، وأنشد [من البسيط] كأنه ثمل يمشي على رود الخامسة: في «المشارق» (2: 177) القوارير: أواني الزجاج، الواحدة قارورة شبّهن لضعف قلوبهنّ بقوارير الزجاج، وقيل: خشي عليهن الفتنة عند سماع الحداء الحسن، ويحتمل أنه أشار إلى الرفق في السير لئلا تسرع الإبل بنشاطها بالحداء فيسقطن.

_ (1) قارن بالبخاري 8: 44، 55، 58.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه: تقدّم الكلام عليه في باب الشاعر فأغنى عن الإعادة. 2- البراء بن مالك رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (153) البراء بن مالك بن النّضر أخو أنس بن مالك لأبيه وأمه، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان أحد الفضلاء ومن الأبطال الأشداء، قتل من المشركين مائة رجل مبارزة سوى من شارك فيه. وعن ابن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ألّا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهلكة من المهالك يقدم بهم. وعن ابن إسحاق قال: زحف المسلمون إلى المشركين في «اليمامة» حتى ألجئوهم إلى الحديقة وفيها عدو الله مسيلمة، فقال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم، فاحتمل حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم يقاتلهم على الحديقة حتى إذا فتحها على المسلمين ودخل عليهم المسلمون فقتل الله مسيلمة. (155) وعن أنس قال: رمى البراء بنفسه عليهم، فقاتلهم حتى فتح الباب وبه بضع وثمانون جراحة من بين رمية بسهم وضربة، فحمل إلى رحله يداوى، فأقام عليه خالد شهرا. (154) وعن ابن شهاب عن أنس قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كم من ضعيف مستضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه، منهم البراء بن مالك، وأن البراء لقي زحفا من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا له يا براء: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنك لو أقسمت على الله لأبرّك، فأقسم على ربك، قال: أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم، ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين، فقالوا له: يا براء أقسم على

3 - أنجشة

ربك، فقال: أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيّي صلّى الله عليه وسلم فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا. قال أبو عمر (155) : وقيل إن البراء إنما قتل بتستر، وافتتحت السوس وأنطابلس وتستر سنة عشرين، إلا أن أهل السوس صالح منهم دهقانهم على مائة وأسلم المدينة، وقتله أبو موسى، إذ لم يعدّ نفسه منهم. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: البراء: في «الاشتقاق» لابن سيد: فعال من برئت بالشيء، وتقول: أنا بريء من كذا أي براء. الثانية: الفارابي: البضع- بكسر الباء وسكون الضاد: ما دون العشرة. الثالثة: في «الأفعال» لابن القوطية (1: 44) : أبهت وأبهت للشيء- بفتح الباء وكسرها- أبها وأبها: تنبهت له. الرابعة: «تستر» بفتح التاء الأولى وضم الثانية وسكون السين المهملة بينهما، ضبطها الحافظ أبو علي الغساني بخطه» . قال الرشاطي: هي كورة من كور الأهواز. الخامسة: في المعجم (1: 199) : أنطابلس بفتح أوله وبالطاء المهملة وبالباء المعجمة بواحدة مضمومة والسين المهملة: مدينة من بلاد برقة بين مصر وإفريقية. 3- أنجشة : في «الاستيعاب» (140) أنجشة العبد الأسود، وكان يسوق أو يقود بنساء النبي صلّى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، وكان يحدو وكان حسن الحداء، وكانت الإبل تزيد في الحركة لحدائه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: رويدا يا أنجشة، رفقا بالقوارير؛ يعني النساء. انتهى.

_ (1) علق هنا بهامش ط: هذا غلط فاحش (أي ضبط تستر) وأطال في التعليق؛ وصوابه تستر (بضم أوله وفتح التاء الثانية) .

الفصل الثالث في ذكر أول من حدا الإبل من العرب

الفصل الثالث في ذكر أول من حدا الإبل من العرب في «العمدة» (2: 314) لابن رشيق: يقال إن أول من أخذ من ترجيعه الحداء مضر بن نزار سقط عن جمل فانكسرت يده فحملوه وهو يقول: وا يداه وا يداه، وكان أحسن الناس صوتا وجرسا، فأصغت الإبل إليه وجدّت في السير، فجعلت العرب- مثالا لقوله- هايدا هايدا، يحدون به الإبل، ذكر ذلك عبد الكريم في كتابه. تنبيه: هكذا قال ابن رشيق فيما يحدون به الإبل: هايدا هايدا، والصحيح: هيد وهيد بكسر الهاء وفتحها، وهدا، قاله الجوهري وابن سيده. انتهى. ولذي الرمة يعني إبلا «1» [من الرجز] يخرجن من ذي ظلم منضود ... شوائيا للسائق الغرّيد إذا حداهنّ بهيد هيد «2» من ديوان شعره. وزعم ناس من مضر أن أول من حدا رجل منهم كان في إبله أيام الربيع فأمر غلاما له ببعض أمره، فاستبطأه فضربه بالعصا فجعل يشتدّ في الإبل ويقول: يا يداه يا يداه، فقال له: الزم، الزم، فاستفتح الناس الحداء من ذلك. وذكر ابن قتيبة أنهم قالوا ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم. وحكى الزبير بن بكار في حديث يرفعه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لقوم من بني غفار سمع حاديهم بطريق مكة ليلا فمال إليهم: إن أباكم مضر

_ (1) ديوان ذي الرمة 1: 347. (2) المنضود: الذي طبقت ظلماته بعضها فوق بعض؛ شوائيا: سوابقا؛ الغريد: المطرب المرجع في صوته؛ هيد هيد: حكاية صوت الحداء.

خرج إلى بعض رعائه فوجد إبله قد تفرقت ليلا فأخذ عصا فضرب بها كفّ غلامه، فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح: وا يداه وا يداه، فسمعت الإبل ذلك فعطفت عليه، فقال مضر: لو أشتقّ مثل هذا لانتفعت به الإبل واجتمعت فاشتقّ الحداء. فائدة لغوية: في «ديوان الأدب» (2: 252) لزمت الشيء ألزمه لزوما: بكسر الماضي وفتح المستقبل؛ وقال ابن القوطية (3: 133) : لم أفارقه.

الباب الثالث والعشرون في صاحب السلاح وفيه ذكر سلاح النبي صلى الله عليه وسلم

الباب الثالث والعشرون في صاحب السلاح وفيه ذكر سلاح النبي صلّى الله عليه وسلم وفيه فصلان الفصل الأول في إعداد رسول الله صلّى الله عليه وسلم السلاح في سبيل الله، وذكر من تولّى النظر في ذلك في عهده عليه الصلاة والسلام روى مسلم (2: 52) رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلّى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل، قال مسلم: وربما قال معمر: يحبس قوت أهله سنة. انتهى. وقد تقدم ما ذكره ابن إسحاق (2: 245) رحمه الله تعالى من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل رضي الله تعالى عنه بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع له بها خيلا وسلاحا. انتهى. فائدة لغوية: في «المحكم» (3: 140) : السلاح: اسم جامع لآلة الحرب وخصّ بعضهم به ما كان من الحديد، يؤنث ويذكر، وربما خصّ به السيف، والجمع أسلحة، ورجل سالح: ذو سلاح، كتامر ولابن، والمتسلح: لابس السلاح.

الفصل الثاني في ذكر سلاح النبي صلى الله عليه وسلم

تنبيه: قد تقدم ذكر سعد بن زيد في باب صاحب الخيل من هذا الجزء «1» فأغنى ذلك عن إعادته هنا. الفصل الثاني في ذكر سلاح النبي صلّى الله عليه وسلم وفيه ثماني مسائل: المسألة الأولى: في ذكر السيوف وعددها: في «مختصر السير» لابن جماعة: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم تسعة أسياف «مأثور» وهو أول سيف ملكه، ورثه من أبيه، و «العضب» و «ذو الفقار» من غنائم بدر، وهو الذي رأى فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الرؤيا، كأن في ذباب سيفه ثلمة، فأوّلها هزيمة، فكانت يوم أحد. وقيل أهداه له الحجّاج بن علاط، وكان لا يفارق النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وذوائبه وبكرته ونعله من فضة. وثلاثة أسياف أصابها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بني قينقاع: القلعي والبتّار والحتف. وكان عنده بعد ذلك صلّى الله عليه وسلم: الرّسوب والمخذم والقضيب. انتهى. وقال غير ابن جماعة: كان المخذم والرّسوب للحارث بن أبي شمر الغسّاني نذرهما للبيت الذي كان في طيء وجعلهما فيه. ولما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه ليهدم البيت المذكور هدمه وجاء بالسيفين إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن هشام في «السير» : حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب فهدمها فوجد فيها سيفين، يقال لأحدهما

_ (1) انظر ما تقدم ص: 385.

تقليده صلى الله عليه وسلم السيف:

الرّسوب، وللآخر المخذم، فأتى بهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوهبهما له، فهما سيفا علي رضي الله تعالى عنه. انتهى. وقد ذكرهما علقمة بن عبدة في قصيدته التي مدح بها الحارث بن أبي شمر حيث يقول «1» : [من الطويل] مظاهر سربالي حديد عليهما ... عقيلا سيوف مخذم ورسوب تقليده صلّى الله عليه وسلم السيف: روى البخاري (4: 37) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه: استقبلهم النبي صلّى الله عليه وسلم على فرس عري ما عليه سرج وفي عنقه سيف. وروى الترمذي (3: 117) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أجرأ «2» الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة سمعوا صوتا، فتلقاهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري وهو متقلّد سيفه فقال: لم تراعوا «3» . ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلم وجدته بحرا، يعني الفرس. قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح. فائدة لغوية: في «الصحاح» (1: 524، 540) و «وفقه اللغة» : القلادة للعنق، وزاد في «الصحاح» : وقلّدت المرأة، وتقلّدت هي، ويقال: تقلّدت السيف، قال الشاعر من [الكامل المجزوء] يا ليت زوجك قد غدا ... متقلّدا سيفا ورمحا «4»

_ (1) ديوان علقمة: 44. (2) الترمذي: من أحسن. (3) لم تراعوا: مكررة في الترمذي. (4) هذا شاهد، لأن الرمح ليس مما يتقلد ولهذا فالتقدير متقلدا سيفا وحاملا رمحا (اللسان: قلد) وهو كقولك: علفتها تبنا وماء باردا أي وسقيتها ماء باردا.

وضعه صلى الله عليه وسلم سيفه في حجره:

ومقلّد الرجل: موضع نجاد السيف على منكبيه، والنجاد: حمائل السيف. وفي «المخصص» (6: 26) والجمع: النّجد. وفي «جامع اللغات» و «المحكم» (3: 380) : الحمالة والحميلة والمحمل، في «المحكم» : علاقة السيف وفي «الجامع» : ما يحمل به السيف، وأنشدا معا: حتى بلّ دمعي محملي «1» وجمع الحميلة والحمالة: حمائل في «المخصص» وجمع المحمل: محامل في «الجامع» . وجاء الحمالة مكسورة عن الفارابي. وضعه صلّى الله عليه وسلم سيفه في حجره: ذكر ابن إسحاق (2: 205) رحمه الله تعالى في «السير» في خبر غزوة ذات الرقاع عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: أن رجلا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدا؟ قالوا: بلى، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، فأقبل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو جالس، وسيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجره، فقال: يا محمد أنظر إلى سيفك هذا- وكان محلّى بفضة فيما قال ابن هشام- قال: نعم. قال: فأخذه فاستله، ثم جعل يهزّه ويهم به، فيكبته الله عز وجل، ثم قال: يا محمد أما تخافني؟ قال: وما أخاف منك؟ قال: أما تخافني وفي يدي السيف؟ قال: لا، يمنعني الله منك، ثم عمد إلى سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فردّه عليه، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (المائدة: 11) .

_ (1) من بيت لامرىء القيس، وهو بتمامه: ففاضت دموع العين مني صبابة ... على النحر حتى بل دمعي محملي

حلية سيفه صلى الله عليه وسلم:

حلية سيفه صلّى الله عليه وسلم: روى الترمذي (3: 118) رحمه الله تعالى عن طالب بن حجير «1» عن هود- وهو ابن عبد الله بن سعد «2» - عن جده رضي الله تعالى عنه، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة، قال طالب: فسألته عن الفضة فقال: كانت قبيعة السيف فضة. وروى النسائي (8: 319) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كانت نعل سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فضة، وقبيعة سيفه فضة، وما بين ذلك حلق فضة. فوائد لغوية وهي عشر: الأولى: في «الجمل المعقبة» لابن المناصف: سيف مأثور: فيه أثر- بفتح الهمزة- ويقال أثر- بضمها- وهو الوشي الذي يكون في صفحته. وقال ابن سيده في «المحكم» : الأثر والإثر: فرند السيف ورونقه، والجمع أثور وسيف مأثور. الثانية: العضب والمخذم والرّسوب: كلّها القاطع، وقيل في الرسوب: إنه الذي يرسب في الضريبة أي يعرض فيها لقطعه ومضائه، كلّ ذلك من كتاب «الجمل» أيضا وكذلك البتار، ويقال: الباتر أيضا، وفي «الصحاح» (2: 584) الباتر: السيف القاطع. الثالثة: في «الديوان» (1: 379) في باب فعال بفتح الفاء، الفقار: جمع فقارة، وذو الفقار: سيف النبي صلّى الله عليه وسلم. انتهى. قال ابن المناصف في «المعقبة» : المفقر من السيوف ما فيه حزوز مطمئنة عن متنه، ومنه ذو الفقار سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال ابن سيده: شبهوا

_ (1) طالب بن حجير العبدي أبو حجير البصري، موثق، أخرج له الترمذي هذا الحديث التالي وحده في قبيعة السيف (تهذيب التهذيب 5: 8) . (2) هود بن عبد الله بن سعد العبدي العصري روى عن جده لأمه: مزيدة بن جابر (تهذيب التهذيب 11: 74) .

تلك الحزوز بالفقار؛ وقال ابن المناصف، قال الأصمعي: أحضر الرشيد ذا الفقار يوما بين يديه فاستأذنته في تقبيله، فأذن لي فقبّلته، واختلفت أنا وبعض الحاضرين في عدّة فقاره: هل هي سبع عشرة أو ثماني عشرة. وذكر قاسم في «الدلائل» أن ذلك كان يرى في رونق سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم تشبيها بفقار الحية، يراه الناظر فإذا التمس لم يوجد. الرابعة: في «الصحاح» (3: 1271) مرج القلعة بالتحريك موضع بالبادية، والقلعيّ: سيف منسوب إليه، قال الراجز «1» : محارف بالشّاء والأباعر ... مبارك بالقلعيّ الباتر الخامسة: في «الديوان» (1: 119) الحتف بالفتح: الموت، يقال: مات فلان حتف أنفه أي مات من غير ضرب ولا قتل. انتهى. فيحتمل أن يكون السيف مسمّى من ذلك. السادسة: في «الصحاح» (1: 203) سيف قاضب وقضيب: أي قطّاع، والجمع: قواضب وقضب، وقضبه، أي قطعه، واقتضبه: أي اقتطعه من الشيء. وقال ابن المناصف: القضيب: السيف اللطيف ليس بالعريض. السابعة: في مواضع الحلية من السيف. قائمة السيف وقائمه: مقبضه، وقبيعته: رأس أعلى القائم، والشاربان: طرفا حديدة في أسفل القائم معترضة تقع إذا أغمد السيف على فم الغمد، والنّعل: حديدة يلبسها طرف الغمد؛ قال جميع ذلك ابن المناصف في «المعقبة» . وفي «المحكم» : البكرات: الحلق التي في حلية السيف شبيهة بفتخ النساء. انتهى. قلت: وجاء في الحديث عن مرزوق الصيقل، قال: صقلت سيف النبي

_ (1) الرجز في اللسان (حرف) والمحارف: المحروم وهو خلاف مبارك.

المسألة الثانية: في ذكر الرماح والحراب والعنزات:

صلى الله عليه وسلم، ذا الفقار، قال: وكانت قبيعته من فضة وفي وسطه بكرة أو بكرات فضة؛ ذكره أبو عمر في «الاستيعاب» . والحلقة: التي فيها الحمائل، وهما حلقتان. ذكر ابن حيان الأصبهاني في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (141) عن عامر قال: أخرج إلينا علي بن الحسين سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم فإذا قبيعته والحلقتان اللتان فيهما الحمايل فضة. تنبيه: قول ابن جماعة: وذوائبه يعني السيف: لم أر أحدا قبله ذكر ذوائب للسيف، وأقرب ما يصرف إليه ذلك أن يكون أريد بها الشاربان لاسترسالهما من المقبض وكأنهما ذؤابتان له. الثامنة: ذكر ابن سيده في «المخصص» (6: 16) عن ابن دريد: السيف مشتقّ من قولهم: ساف ماله أي هلك، فلما كان السيف سببا إلى الهلاك سمي: سيفا. وعن أبي زيد: الجمع أسياف وسيوف. وعن ابن السكّيت: رجل سيّاف وسائف: معه سيف، وعن أبي عبيد: المسيف: المتقلّد للسيف، فإذا ضرب به فهو سائف، وقد سفته سيفا. التاسعة: غورث على وزن كوثر: اسم لرجل لم يقع في كتاب الاشتقاق، ويحتمل أن يكون فوعلا من الغرث بمعنى الجوع. العاشرة: في «الصحاح» (1: 362) الكبت: الصرف والإذلال. يقال: كبت الله العدوّ أي صرفه وأذلّه. المسألة الثانية: في ذكر الرماح والحراب والعنزات: قال البخاري (4: 49) : يذكر عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم: جعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعل الذلّ والصّغار على من خالف أمري.

عدد أرماحه صلى الله عليه وسلم:

عدد أرماحه صلّى الله عليه وسلم: في «مختصر السير» لابن جماعة أنه صلّى الله عليه وسلم كان له خمسة أرماح: ثلاثة أصابها من سلاح بني قينقاع، ورمح يقال له: «المثوي» من الثواء أي أن المطعون به يقيم به في مكانه، ورمح يقال له: المثنّي. وكانت له صلّى الله عليه وسلم حربة يقال لها «النبعة» ، وحربة كبيرة اسمها «البيضاء» ، وحربة صغيرة دون الرمح يقال لها «العنزة» يدعم عليها ويمشي بها وهي في يده، وكانت تحمل بين يديه في العيد حتى تركز أمامه فيتخذها سترة يصلّي إليها، قيل إنه أخذها من الزبير بن العوام وأخذها الزبير من النجاشي وكانت له عنزة أخرى. وذكر ابن إسحاق في «السير» (2: 84) في أخبار يوم أحد قال: لما أسند رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الشّعب أدركه أبيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجوت؛ فقال القوم: يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: دعوه، فلما دنا تناول رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، - يقول بعض القوم فيما ذكر لي- فلما أخذها رسول الله صلّى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض «1» ، ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا. قال ابن إسحاق (2: 84) : وكان أبي بن خلف يلقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة فيقول: يا محمد إن عندي «العود» «2» فرسا أعلفها كلّ يوم فرقا من ذرة أقتلك عليها «3» ، فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رجع إلى قريش وقد خدش في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال: قتلني والله محمد: قالوا: ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس. قال: إنه قد كان قال

_ (1) ط والسيرة: انتفض بها. (2) السيرة: العوذ. (3) السيرة، أعلفه ... عليه.

المسألة الثالثة: في ذكر القسي والجعاب:

لي بمكة: أنا أقتلك، فو الله لو بصق عليّ لقتلني. فمات عدو الله بسرف وهم قافلون به «1» إلى مكة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: الثّواء: الإقامة بثاء مثلثة، قال الزبيدي: يقال ثوى يثوي ثواء: أقام ويقال للمقبور: قد ثوى. انتهى. ولعنترة [من الكامل] : طال الثواء على رسوم المنزل «2» وقال الفارابي (4: 89، 109) في باب فعل بالكسر يفعل بالفتح- ثوى المكان- أي أقام، وأثوى لغة فيه وأنشد: [من الكامل] أثوى وقصّر ليله ليزوّدا «3» وقال ابن طريف: ثوى بالمكان وأثوى، وثوى القتيل في مصرعه والميت في قبره، وأثواني فلان: أنزلني قاله في باب فعل وأفعل معتلا بالياء في لامه باتفاق معنى واختلافه. الثانية: الشعراء: ذباب أزرق، قاله ابن القوطية. المسألة الثالثة: في ذكر القسيّ والجعاب: في «مختصر السير» لابن جماعة: كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ستّ قسيّ: الزوراء، والروحاء، والصفراء من نبع، والبيضاء من شوحط، وقوس من نبع أيضا تدعى الكتوم لانخفاض صوتها إذا رمى بها، انكسرت يوم أحد، وأخذها قتادة بن النّعمان الظّفري، وقوس من نبع أيضا تدعى السواد. وكانت له جعبة تسمى «الجمع» وتسمى «الكافور» . قال ابن إسحاق في «السير» (2: 82) رحمه الله تعالى في أخبار يوم أحد:

_ (1) به: سقطت من م. (2) عجزه: بين اللكيك وبين ذات الحرمل (ديوانه: 246) . (3) هو صدر بيت للأعشى وعجزه، فمضت وأخلف من قتيلة موعدا.

حدثني عاصم بن عمر «1» بن قتادة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقّت سيتها فأخذها قتادة بن النعمان وكانت عنده. انتهى. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: في «الصحاح» (2: 673) يقال للقوس: زوراء: لميلها، والزور بالتحريك: الميل. الثانية: لم أحفظ في تسمية القوس روحاء شيئا، ويحتمل أن يكون من الرّوح: وهو سعة الخطو، يراد بذلك بعد موقع سهمها. قال في «جامع اللغات» : الرّوح سعة الخطو، يقال منه: يعبر أروح من الرّوح، ومنه قول ذي الرّمة «2» : [من الطويل] ورجل كظلّ الذّئب ألحق سدوها ... وظيف أمرّته عصا الساق أروح «3» الثالثة: الصفراء والبيضاء سميتا بذلك لألوانهما. الرابعة: في «الصحاح» (5: 2019) الكتوم: القوس التي لا شقّ فيها. وفي «فقه اللغة» : الكتوم التي لا ترنّ «4» يقال أرنت القوس: إذا صوّتت. الخامسة: في «الصحاح» (1: 482) السّداد بالفتح: الصواب والقصد من القول والعمل، وأمر سديد وأسدّ أي قاصد، وقد استد أي استقام، قال الشاعر: أعلّمه الرّماية كلّ حين ... فلما استدّ ساعده رماني «5»

_ (1) م: عمرو. (2) ديوان ذي الرمة 2: 1219. (3) كظل الذئب أي لا ترى من شدة سرعتها (يصف الناقة) ؛ السدو: الخطو، الوظيف: ما فوق الرسغ إلى مفصل الساق؛ عصا الساق: عظمها، أمرّته: فتلته؛ والرّوح: اتساع في الرجلين. (4) في فقه اللغة: الكتوم التي لا شق فيها. (5) يتنازع هذا البيت عدد من الشعراء فهو ينسب إلى معن بن أوس وإلى مالك بن فهم الأزدي وإلى عقيل بن علفة (انظر اللسان: سدد، وديوان معن: 72 والبيان والتبيين 3: 231 وحماسة الخالديين 1: 121 والحماسة البصرية 1: 36 والتمثيل والمحاضرة: 66 ونهاية الارب 3: 70) .

المسألة الرابعة: في ذكر الدروع:

وقال الأصمعي: اشتد بالشين ليس بشيء، فيحتمل أن تسمى القوس سدادا لكثرة الإصابة بالرمي عنها. السادسة: في «فقه اللغة» (253) عن المبرد: النّبع والشّوحط والشّريان في الشجر التي تعمل منه القسيّ، شجرة واحدة وتختلف أسماؤها باختلاف أماكنها: فما كان في قلّة الجبل فهو النبع، وما كان في سفح الجبل فهو الشريان، وما كان في حضيض الجبل فهو الشوحط. السابعة: الجعبة: الكنانة، وتسمى الوفضة أيضا، قاله غير واحد من اللغويين: ويحتمل تسميتها بالجعبة: أن يكون من جمعها للسهام، وتسميتها بالكافور: أن يكون لسترها للسهام. وفي ديوان الأدب (2: 112) : كفر الشيء: تغطيته، كفره يكفره بفتح الفاء في الماضي وكسرها في المستقبل. الثامنة: سية القوس: ما عطف من طرفيها، وهما سيتان. وفي «الصحاح» (6: 2387) : والجمع: سيات. والنسبة إليها سيويّ؛ قال أبو عبيدة: كان رؤبة يهمز سية القوس وسائر العرب لا يهمزونها. المسألة الرابعة: في ذكر الدروع: 1- عددها وأسماؤها: ذكر ابن جماعة في «مختصر السير» له أنه كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم سبع أدرع: ذات الفضول، سمّيت بذلك لطولها وهي التي رهنها عند أبي الشحم اليهودي على شعير لعياله صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم. وفي كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (142) للأصبهاني عن جعفر بن محمد عن أبيه رحمهما الله تعالى قال: في درع النبي صلّى الله عليه وسلم حلقتان من فضة عند موضع الثّندوة وفي ظهرها حلقتان من فضة أيضا، وقال: لبستها فخطّت الأرض.

2 - مظاهرته صلى الله عليه وسلم بين درعين:

وفي «الدلائل» عن جابر عن عامر قال: أخرج إلينا علي بن حسين رضي الله تعالى عنهما درع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكانت يمانية رقيقة ذات زرافين إذا علّقت بزرافينها انشمرت وإذا أرسلت مسّت الأرض. قال قاسم: واحد الزرافين: زرفين وزرفين، وهو: الإبزيم. قال ابن جماعة: وذات الوشاح، وذات الحواشي، والسغدية وقيل: إنها كانت درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت، وقضّة، والبتراء وسميت بذلك لقصرها، والخرنق. 2- مظاهرته صلّى الله عليه وسلم بين درعين: روى الترمذي (5: 307) رحمه الله تعالى عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه، قال: كان على النبي صلّى الله عليه وسلم درعان في يوم أحد، فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فأقعد طلحة تحته، وصعد النبيّ صلّى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة فقال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة. قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن غريب. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : كان على رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد درعان: ذات الفضول وقضّة، ويوم خيبر: ذات الفضول والسّغديّة. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: في «الصحاح» (3: 1206) درع الحديد مؤنثة، والجمع القليل: أدرع وأدراع، فإذا كثرت فهي الدّروع، وتصغيرها دريع بغير هاء على غير قياس. وحكى أبو عبيدة: أن الدرع تذكر وتؤنث، قال الراجز «1» : مقلّصا بالدّرع ذي التّغضّن

_ (1) هو أبو الأخزر كما في اللسان (درع) وبعد هذا الشطر: يمشي العرضنى في الحديد المتقن.

الثانية: في «الصحاح» (1: 38) الثّندوة للرجل بمنزلة الثدي للمرأة، وقال الأصمعي: هي مغرز الثّدي. قال ابن السّكيت: هي اللحم الذي حول الثّدي إذا ضممت أولها همزت فتكون فعللة، وإذ فتحته لم تهمز فيكون فعلوة مثل ترقوة. الثالثة والرابعة: ذات الوشاح وذات الحواشي لم أقف على شيء في تسميتها بذلك. وفي «المحكم» (3: 361) الموشحة من الظباء والشاء والطير: التي لها طرتان من جانبيها، فيحتمل أن يكون في ذات الوشاح لون مخالف لسائرها فسميت به، وكذلك في حواشي ذات الحواشي وأصل الوشاح خيط فيه لونان تتوشح به المرأة، وحاشية الثوب: جانبه، ويعضد هذا الاحتمال قول ابن جماعة في المغفر الموشح: إنه سمّي بذك لأنه وشحّ بشبه. الخامسة: في «المحكم» (5: 250) الصّغد والسّغد- بالصاد والسين مهملتين- جبل «1» معروف. وأنشد صاحب الحماسة (2: 128) «2» : [من الطويل] قروم تسامى من نزار عليهم ... مضاعفة من نسج داود والصّغد السادسة: القضّاء من الدروع: المحكمة، ويقال الصّلبة، قال النابغة «3» : [من الطويل] وكلّ صموت نثلة تبّعيّة ... ونسج سليم كلّ قضّاء ذائل «4» ودرع قضّاء أي خشنة المسّ لم تنسحق بعد. انتهى. هذا هو المعروف فيها بالمد، وأما درع قضة فيحتمل أن تسمى أيضا بذلك لخشونتها.

_ (1) جبل: كذلك ورد في م ط والمحكم؛ والأرجح أن القراءة الصحيحة هي «جيل» . (2) الحماسية رقم: 249 في شرح المرزوقي. (3) ديوان النابغة: 146. (4) الصموت: الدرع اللينة المتن، النثلة: السابغة، نسج سليم: أراد ونسج سليمان (وهو يعني داود) ؛ والقضاء أيضا الحديثة العمل، والذائل: الدرع الواسعة ذات الذيل.

المسألة الخامسة: في ذكر القباء والجباب:

وفي «الصحاح» (3: 1102) «1» أقضّ الرجل مضجعه: أي وجده خشنا، والقضة «2» : الحصى الصغار، والقضة: أرض ذات حصى. السابعة: في «المحكم» : الخرنق: مصنعة الماء. وفي «الصحاح» (3: 1246) المصنعة كالحوض يجتمع فيه ماء المطر، وكذلك المصنعة بضم النون. انتهى. فيكون على هذا تسمية الدرع خرنقا من باب تشبيهم الدرع بالغدير. الثامنة: قال الاعلم في شرحه الأشعار الستة: يقال ظاهر بين درعين: إذا لبس واحدة على أخرى. المسألة الخامسة: في ذكر القباء والجباب: روى البخاري (7: 200) رحمه الله تعالى عن المسور بن مخرمة أن أباه مخرمة، رضي الله تعالى عنهما قال له: يا بني بلغني أن النبي صلّى الله عليه وسلم قد قدمت عليه أقبية وهو يقسمها فاذهب بنا إليه، فذهبنا فوجدنا النبي صلّى الله عليه وسلم في منزله فقال له: يا بني ادع لي النبي صلّى الله عليه وسلم، فأعظمت ذلك وقلت: ادعو لك رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟! فقال: يا بني إنه ليس بجبار، فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج مزرّر بالذهب، فقال: يا مخرمة، هذا خبأناه لك، فأعطاه إياه. وقال ابن جماعة في «مختصر السير» : كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث جباب يلبسها في الحرب فيها جبة سندس أخضر، ولبس صلّى الله عليه وسلم في وقت جبة ضيقة الكمين. وروى مسلم (1: 90) رحمه الله تعالى عن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلم في سفر فقال: يا مغيرة خذ الإداوة، فأخذتها ثم خرجت معه، فانطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى توارى عني

_ (1) هذا هو شرح «استقض» في الصحاح؛ أما أقضّ الرجل مضجعه وأقض عليه المضجع فمعناه تترب وخشن. (2) الصحاح: والقضض.

المسألة السادسة: في المنطقة:

فقضى حاجته، ثم جاء وعليه جبّة شامية ضيّقة الكمين، فذهب يخرج يده من كمّها فضاقت، فأخرج يده من أسفلها؛ فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة ثم مسح على خفيه ثم صلّى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 138) الجبة: ما قطع من الثياب فخيط. وفي «المشرع الروي» (2: 222) : أصل الجبّ: القطع، ومنه الجبة لأنها تقطع ثم تخاط. الثانية: في «المشارق» (2: 222) جبة السّندس: هو رقيق الديباج. تنبيه: قد تقدم ذكر القباء في فصل دفع العروض في العطاء في باب كاتب الجيش واشتقاقه فأغنى عن إعادته. المسألة السادسة: في المنطقة: في «مختصر السير» لابن جماعة: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم منطقة من أديم مبشور فيها ثلاث حلق من فضة، والإبزيم فضة، والطرف من فضة. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (4: 1559) : انتطق الرجل أي لبس المنطق، وهو كلّ ما شددت به وسطك، والمنطقة معروفة اسم لها خاصة، ونطّقت الرّجل تنطيقا فتنطّق، أي شدّها في وسطه. الثانية: في «جامع اللغات» : الإبزيم ما يكون في طرف المنطقة وله لسان يدخل فيه الطرف الآخر ويقال له إبزام أيضا. وقال الزبيدي في «لحن العامة» (15- 16) : يقال إبزيم وإبزين بالنون. قال: وقول العامة بزيم لحن. المسألة السابعة: في ذكر البيضة والمغفر: البيضة: روى مسلم (2: 67) رحمه الله تعالى عن سهل بن سعد رضي الله

المغفر:

تعالى عنه، [وسئل] «1» عن جرح رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد فقال: جرح وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه. فائدة لغوية: قال ابن السيد في «الاقتضاب» (2: 80) «2» الأسنان إذا كملت عدتها ولم ينقص منها شيء: اثنتان وثلاثون سنا. أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، وأربعة ضواحك، واثنتا عشرة رحى، وأربعة نواجذ وهي أقصاها وآخرها نباتا. وقال قطرب في «خلق الإنسان» : ويقال لما جاوز الضواحك إلى أقصى الفم: أضراس، انتهى. وواحدة الرباعيات: رباعية بتخفيف الباء؛ قاله ابن قتيبة في «الأدب» (162) وفي «الصحاح» (2: 938) : الضرس يذكّر ما دام له هذا الاسم. انتهى. المغفر: روى الترمذي (3: 119) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: دخل النبي صلّى الله عليه وسلم عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فقيل له: ابن خطل متعلّق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه.. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب» . انتهى. وفي «مختصر السير» لابن جماعة: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم مغفر من حديد يقال له: الموشح وشح بشبه، ومغفر آخر يقال له: السّبوغ أو ذو السّبوغ وهو الذي كان على رأسه المكرم حين دخل مكة يوم الفتح. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (2: 138) المغفر بكسر الميم: ما يجعل من الزرد على الرأس مثل القلنسوة والخمار. وفي «الصحاح» (2: 770) الغفر: التغطية. وقال ابن القوطية (2: 412) : غفرت الشيء- مفتوح الفاء- غفرا: سترته.

_ (1) وسئل: سقطت من م ط. (2) هناك اختلاف بين ما ورد هنا وما هو في الاقتضاب. (3) غريب: لم ترد في الترمذي.

المسألة الثامنة: في التراس:

الثانية: في «الأفعال» لابن طريف: سبغ الشعر والثوب والدرع، وكلّ شيء طال من فوق إلى أسفل سبوغا من باب فعل بفتح الفاء والعين يفعل بضمها. المسألة الثامنة: في التّراس: في «مختصر السير» لابن جماعة: كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ترس يقال له: الزلوق، يزلق عنه السلاح، وترس آخر يقال له: الفنق، وأهدي له ترس فيه تمثال عقاب أو كبش، فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده عليها فأذهب الله ذلك التمثال. وروى البخاري (4: 46) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان أبو طلحة يتترس مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم بترس واحد. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 907) الترس جمعه: ترسة وتراس وأتراس وتروس؛ قال يعقوب: ولا يقال أترسة. ورجل تارس وترس، ورجل ترّاس: صاحب ترس، والتترّس التستّر بالتّرس، وكذلك التتريس. وفي «الديوان» (1: 155) هو التّرس بضم التاء وسكون الراء. انتهى. وقال الراجز: ظهراهما مثل ظهور التّرسين وقد حرك المتنبي راءه فقال «1» : [من البسيط] أيّ الملوك وهم قصدي أحاذره ... وأيّ قرن وهم سيفي وهم ترسي الثانية: في «المحكم» (6: 276) جمل فنق وفنيق: مودع للفحلة، وناقة فنق: جسيمة حسنة الخلق. قلت: فيحتمل أن يكون الفنق اسم الترس من هذا.

_ (1) ديوان المتنبي: 18.

الباب الرابع والعشرون في حامل الحربة

الباب الرابع والعشرون في حامل الحربة وفيه فصلان الفصل الأول في حملها بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر أبو محمد ابن حيان الأصبهاني في كتابه «في أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (146) عن ابن يزيد قال: بعثني نجدة الحروري إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنه أسأله: هل سير بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحربة؟ قال: نعم، مرجعه من حنين. انتهى. وتقدم في باب السلاح عند ذكر الرماح ما ذكره ابن إسحاق في أخبار يوم أحد، ثم في خبر طعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبيّ بن خلف وفيه: فلما دنا- يعني أبيّا- تناول رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا. فائدة لغوية: في «المحكم» : تدأدأ الرجل في مشيته: تمايل، وتدأدأ عن الشيء: مال، ذكره في المضاعف من الدال والهمزة. الفصل الثاني في ذكر نسب الحارث بن الصمة وأخباره رضي الله تعالى عنه في الاستيعاب» (292) الحارث بن الصمّة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر- وعامر هذا يقال له مبذول- بن مالك بن النجار يكنى أبا سعد، وكان في من

خرج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بدر فكسر بالرّوحاء، فردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وأجره. وشهد معه أحدا فثبت معه يومئذ حين انكشف الناس، وبايعه على الموت، وقتل عثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي يومئذ وأخذ سلبه، فسلّبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولم يسلب يومئذ غيره، ثم شهد بئر معونة فقتل يومئذ شهيدا، وكان هو وعمرو بن أمية في السرح، فرأيا الطير تعكف على منازلهم فأتوا فإذا أصحابهم مقتولون، فقال لعمرو: ما ترى؟ قال: أرى أن ألحق برسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال الحارث: ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه المنذر، فأقبل حتى لحق القوم فقاتل حتى قتل. قال عبد الله بن أبي بكر: ما قتلوه حتى أشرعوا له الرماح فنظموه بها حتى مات، وأسر عمرو بن أمية. وفيه يقول الشاعر يوم بدر «1» : [من الرجز] يا ربّ إن الحارث بن الصمّه ... أهل وفاء صادق وذمّه أقبل في مهامه ملمه ... في ليلة ظلماء مدلهمه يسوق بالنبيّ هادي الأمه ... يلتمس الجنّة فيها ثمّه تنبيه: إنما قلت إن الحربة التي تناولها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من يد الحارث هي حربته عليه الصلاة والسلام لا حربة الحارث لأنه لم يكن- صلى الله عليه وسلم- ليشرك الحارث معه في جهاده، بدليل امتناعه صلّى الله عليه وسلم من قبول الراحلة التي أعدها له أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، وقت الهجرة إلا بثمنها حسبما ثبت ذلك في خبر الهجرة ليخلص له صلّى الله عليه وسلم أجر هجرته ولا يشركه فيها أحد.

_ (1) الرجز في أسد الغابة 1: 334 ومنه ثلاثة أشطار في الإصابة 1: 294.

الباب الخامس والعشرون في حامل السيف

الباب الخامس والعشرون في حامل السيف في «الاستيعاب» (742) : الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر الكلابي، يكنى أبا سعيد، معدود في أهل المدينة، وكان أحد الأبطال، يقوم على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسيفه، وكان يعدّ بمائة فارس وحده. وذكر الزبير بن بكار أن الضحاك بن سفيان الكلابي كان سيّاف رسول الله صلّى الله عليه وسلم قائما على رأسه متوشحا بسيفه، وكانت بنو سليم في تسعمائة فارس، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هل لكم في رجل يعدل مائة يوفيكم ألفا؟ فوفاهم بالضحاك بن سفيان وكان رئيسهم. قال السهيلي (7: 218) : كانت بنو سليم يوم حنين تسعمائة فأمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنه قد تممهم به ألفا. انتهى. وأنشد ابن إسحاق في «السير» (2: 464) لعباس بن مرداس السلمي في أشعار يوم حنين ما يدلّ على ذلك، فمن ذلك قوله «1» : [من الطويل] ويوم حنين حين سارت هوازن ... إلينا وضاقت بالنّفوس الأضالع صبرنا مع الضّحاك لا يستفزّنا ... قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا ... لواء كخذروف السحابة لامع عشية ضحاك بن سفيان معتص ... بسيف رسول الله والموت كانع

_ (1) انظر أيضا ديوان العباس: 81.

وقوله أيضا (2: 467) «1» : [من البسيط] ونحن يوم حنين كان مشهدنا ... للدّين عزّا وعند الله مدّخر إذ نركب الموت مخضرّا بطائنه ... والخيل ينجاب عنها ساطع كدر تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا ... كما مشى اللّيث في غاباته الخدر وقوله أيضا (2: 462) «2» : [من الكامل] لا وفد كالوفد الألى عقدوا لنا ... سببا بحبل محمد لا يقطع وفد أبو قطن حزابة منهم ... وأبو الغيوث وواسع والمقنع والقائد المائة التي وفّى بها ... تسع المئين فتم ألف أقرع فهناك إذ نصر النبيّ بألفنا ... عقد النبيّ لنا لواء يلمع قلت: وإنما أراد بقائد المائة التي وفّى بها الألف الضحاك بن سفيان وجعله كأنه قاد مائة لما تقدم من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيه: يعدل مائة توفيكم ألفا. تنبيه: حكى السهيلي في «الروض الأنف» (7: 218) عن البرقي أنه قال: ليس الضّحاك بن سفيان هذا بالكلابي، إنما هو الضّحاك بن سفيان السّلمي، وذكر من غير رواية ابن إسحاق نسبه مرفوعا إلى بهثة بن سليم. قال السهيلي: ولم يذكر أبو عمر في الصحابة إلا الأول وهو الكلابي والله أعلم. انتهى. وقد ذكر ابن فتحون الضحاك بن سفيان السلمي في «الذيل» فقال: الضحاك بن سفيان بن الحارث بن زائدة بن عبد الله بن حبيب بن مالك بن خفاف بن امرىء القيس بن بهثة، له صحبة من النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان رأس بني سليم وصاحب رايتهم. انتهى.

_ (1) انظر أيضا ديوان العباس: 55. (2) ديوان العباس: 77.

وكذلك نسبه ابن حزم في «جمهرته» (261) سواء وقال: وله صحبة، وهو غير الضحاك بن سفيان الكلابي. انتهى. إفادة: ذكر العباس بن مرداس رضي الله تعالى عنه في شعره أربعة من بني سليم في الوفد وهم: أبو قطن حزابة، وأبو الغيوث، وواسع، والمقنع. فثبت بذلك صحبتهم للنبي صلّى الله عليه وسلم، ولم يذكرهم أبو عمر ابن عبد البر وذكرهم ابن فتحون في «الذيل» . فوائد لغوية في ثمان مسائل: الأولى: قول الزبير بن بكار: كان الضحاك بن سفيان سيّاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حامل سيفه صلّى الله عليه وسلم، الذي يحمله ويقف به بين يديه كما كان الحارث بن الصمة حامل حربته الذي يحملها ويسير بها بين يديه، كما ذكر في باب حامل الحربة. وقوله متوشحا سيفه يعني أيضا سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد بين ذلك عباس بن مرداس بقوله: [من الطويل] عشية ضحاك بن سفيان معتص ... بسيف رسول الله والموت كانع الثانية: في «المحكم» : رجل مسيف وسياف: صاحب سيف. وفي «المخصص» (6: 16) : وسائف: معه سيف. الثالثة: التوشّح بالسيف: التقلّد به، كما تتقلد المرأة بالوشاح. وقال الجوهري (1: 415) : الوشاح ينسج من أديم عريضا ويرصّع بالجواهر وتشدّه المرأة بين عاتقيها وكشحيها؛ ووشّحتها توشيحا فتوشّحت هي: أي لبسته، وربما قالوا: توشّح الرجل بثوبه وبسيفه. الرابعة: في «المحكم» الخذروف: السريع المشي، والخذروف أيضا: عويد مشقوق في وسطه يشدّ بخيط ويمدّ فيسمع له حنين. وفي «مختصر العين» نحو منه

وبالذال المعجمة ذكراه معا. وقال أبو الحسن طاهر بن عبد العزيز بن عبد الله الرعيني «1» : كخذروف يريد البرق الذي في السحاب. نقلته من طرّة كتبها على هذا البيت بخطّه في نسخته العتيقة التي كتبها بخطه أيضا وقرأها على عبد الرّحيم بن عبد الله بن عبد الرّحيم الزهري البرقي «2» سنة ثلاث وثمانين ومائتين بفسطاط مصر وحدثه بها عن عبد الملك بن هشام. الخامسة: في «الديوان» (4: 93) عصيت بالسيف أعصى: أي ضربته به بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل. وفي «الصحاح» (6: 1429) : العصا مقصور مصدر قولك عصي بالسيف يعصى إذا ضرب به. وفي «مختصر الزبيدي» و «أفعال السرقسطي» وعصا بالسيف أيضا يعصو لغتان. وفي «الديوان» (4: 124) في باب الافتعال: فلان يعتصي بالسيف. ثم قال: وهذا الباب يكون بمعنى التفاعل بمعنى الاشتراك في الفعل كالتطاعن والاطّعان والتخاصم والاختصام. ويكون بمعنى فعل: كجذب واجتذب، وقلع واقتلع. انتهى. واللفظة تحتملهما معا. وفي «الصحاح» (6: 2429) فلان يعتصي بالسيف: أي يجعله عصا. تنبيه: هذه اللغات كلها في الضرب بالسيف، وأما العصا فقال ابن طريف عصوته وعصيته عصوا وعصيا: ضربته بالعصا بفتح العين فيهما معا، يريد عين فعل. السادسة: في «الصحاح» (3: 1278) كنع الأمر: دنا. ابن طريف: كنع الموت بفتح النون كنوعا: دنا، وأنشد الجوهري:

_ (1) طاهر بن عبد العزيز بن عبد الله الرعيني أبو الحسن القرطبي سمع من بقي بن مخلد كثيرا ومن محمد بن عبد السلام الخشني، ورحل إلى المشرق فسمع بمكة من علي بن عبد العزيز بن عبد الله كاتب أبي عبيد القاسم بن سلام، وكان علم اللغة والخبر أغلب عليه، وسمع الناس منه كتب أبي عبيد وتوفي سنة 350 (ابن الفرضي 1: 243 وبغية الوعاة 2: 19) . (2) عبد الرّحيم بن عبد الله بن عبد الرّحيم البرقي (نسبة إلى برقة وأخطأ محقق عبر الذهبي في التعليق عليها) مولى بني زهرة: روى السيرة عن ابن هشام وكان ثقة وهو أخو المحدثين أحمد (أنساب السمعاني «البرقي» ) ومحمد وكانت وفاته سنة 286 (عبر الذهبي 2: 77) .

إنّي إذا الموت كنع «1» وأنشد ابن طريف: [من الطويل] يلوذ حذار الموت والموت كانع «2» السابعة: في «الصحاح» (3: 1262) : سقت إليك ألفا أقرع من الخيل وغيرها أي تامّا. الثامنة: حزانة بن أبي قطن بحاء مضمومة مهملة وزاي ونون، ضبطه طاهر بن عبد العزيز الرعيني في نسخته العتيقة التي بخطه. وقال ابن سيّد في «الاشتقاق» لي في موضع كذا وكذا حزانة: أي ما يتعلّق به قلبي وأهتمّ به، واشتقاقه من الحزن أي لي ما أحزن عليه. انتهى. وأما سائر ما طالعته من نسخ «السير» فهو فيها أبو حزابة بحاء مهملة أيضا وزاي وباء بواحدة. وفي «المحكم» (3: 171) حزبه الأمر يحزبه: نابه واشتدّ عليه وضغطه، والاسم: الحزابة. وأبو حزابة فيما ذكر ابن الأعرابي: الوليد بن نهيك: أحد بني ربيعة بن حنظلة. انتهى. والأول الوجه لثبوت الرواية به.

_ (1) هو في اللسان (كنع) . (2) نسبه في اللسان (كنع) للأحوص، ولم أعثر على صدره.

الباب السادس والعشرون في الصيقل

الباب السادس والعشرون في الصيقل في «الاستيعاب» (1469) مرزوق الصّيقل مولى الأنصار له صحبة، صقل سيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم وزعم أن قبيعته كانت فضة. في إسناد حديثه لين، روى عنه أبو الحكم الصيقل الحمصي. انتهى. وذكر أبو حيان الأصبهاني في كتاب «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (140) عن مرزوق الصيقل قال: صقلت سيف النبي صلّى الله عليه وسلم ذا الفقار قال: وكانت قبيعته من فضة، وفي وسطه بكرة أو بكرات فضة وفي قيده حلق فضة. انتهى. وقال البخاري رحمه الله تعالى في «كتاب التاريخ» (7: 382) مرزوق الصيقل له صحبة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (5: 1744) صقل السيف وسقله أيضا صقلا وصقالا: أي جلاه فهو صاقل والجمع صقلة، وقال: [من الرجز] «1» لم تعد أن أفرش «2» عنها الصّقله

_ (1) الراجز يزيد بن عمرو بن الصعق كما في اللسان صقل ومن رجزه: نحن رؤوس القوم يوم جبله ... يوم أتتنا أسد وحنظله نعلوهم بقضب منتخله لم تعد ... (2) م ط: أفرج.

والصانع: صيقل، والجمع الصياقلة، والصقيل: السيف، والمصقلة ما يصقل به السيف ونحوه. الثانية: قوله: وفي قيده حلق فضة، لا أدري ما القيد في السيف، وأقرب ما إليه أن يكون المراد به: حمالة السيف لأنها التي تمسكه في عاتق صاحبه إذا تقلّده، فكأنها قيد له.

الباب السابع والعشرون في الدليل

الباب السابع والعشرون في الدليل وفيه فصلان الفصل الأول في أدلّاء النبي صلّى الله عليه وسلم 1- دليله صلّى الله عليه وسلم في الهجرة: روى البخاري (5: 76) رحمه الله تعالى عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم قالت: استأجر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الدّيل هاديا خرّيتا، وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث. انتهى. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 485) : استأجرا عبد الله بن أرقط، رجلا من بني الدئل بن بكر، وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو، وكان مشركا، يدلهما على الطريق، ودفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما. انتهى. فائدة لغوية: في الصحاح (4: 1698) : الدليل: الدال، وقد دلّه على الطريق يدله دلالة ودلالة بالفتح والكسر، والفتح أعلى، ودلولة؛ وأنشد أبو عبيد: [من الرجز] إنّي امرؤ بالطّرق ذو دلالات «1»

_ (1) اللسان (دلل) .

2 - دليله صلى الله عليه وسلم يوم أحد

والخرّيت الدليل الحاذق، وقال: [من الرجز] وبلد يعيا به الخرّيت «1» والجمع: الخرارت. الكسائي: خرتنا الأرض: إذا عرفناها، ولم تخف علينا طرقها. وفي «المحكم» (5: 92) الخرّيت: الدليل الحاذق بالدّلالة الذي يهتدي لمثل خرت الإبرة «2» . وفي «ديوان الأدب» خرّيت بكسر الخاء وتشديد الراء وكسرها أيضا. 2- دليله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد : قال ابن إسحاق (2: 64- 65) في خبر أحد: ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى سلك حرّة بني حارثة ثم قال لأصحابه: من رجل يخرج بنا على القوم من كثب؟ أي من قرب من طريق لا يمرّ بنا عليهم، فقال أبو خيثمة من بني حارثة بن الحارث: أنا يا رسول الله، فنفذ به في حرّة بني حارثة، وبين أموالهم ( ... ) ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل- نقلته مختصرا. فائدة لغوية: عدوة الوادي بضمّ العين وكسرها والدال ساكنة في اللغتين: جانبه، قاله الفارابي. 3- دليله صلّى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية: في «السير» (2: 309) و «الاكتفاء» (2: 233) والنصّ من «الاكتفاء» : خرج رسول الله في ذي القعدة من سنة ستّ معتمرا لا يريد حربا حتى إذا كان بعسفان لقيه بسر بن

_ (1) هو رؤبة بن العجاج كما في ديوانه: 25 واللسان (خرت) . (2) في المحكم: الحاذق بالدلالة الذي يهتدي كأنه ينظر في خرت الإبرة من دقة نظره وقيل الذي يهتدي لمثل خرت الإبرة.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من رجل يخرج بنا على غير طريقهم؟ فقال رجل من أسلم: أنا. فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب. فلما خرجوا منه وقد شقّ عليهم وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قولوا نستغفر الله ونتوب إليه، فقالوا ذلك. فقال: والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: كراع الغميم بضم الكاف وفتح العين المعجمة وكسر الميم. قال القاضي في «المشارق» (1: 350) وضمّ بعض الشعراء الغين وصغّره: وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال أضيف إليه هذا الكراع. والكراع: جبل أسود بطرف الحرّة يمتد إليه. الثانية: في «الروض الأنف» (6: 176) طريق أجرل: أي كثير الحجارة، والجرول: الحجر. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- دليله صلّى الله عليه وسلم في الهجرة : عبد الله بن أرقط: تقدم في الفصل قبل هذا قول البخاري وابن إسحاق رحمهما الله تعالى أنه كان مشركا. 2- دليله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد : أبو حثمة يأتي التعريف به في باب الخرص إن شاء الله تعالى. 3- دليله صلّى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية : قال السهيلي رحمه الله تعالى في «الروض الأنف» (6: 478) يقال إن ذلك الرجل هو ناجية الأسلمي وهو سائق بدن النبي صلّى الله عليه وسلم.

وفي «الاستيعاب» (1522) : ناجية بن جندب الأسلمي صاحب بدن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن واثلة بن سهل بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى. قال أبو عمر ابن عبد البر: ويقال ناجية بن عمر، وناجية بن عمير، معدود في أهل المدينة. قال ابن عفير: ناجية اسمه ذكوان فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ناجية إذ نجا من قريش، وهو الذي نزل في البئر يوم الحديبية، مات في خلافة معاوية بالمدينة. انتهى.

الباب الثامن والعشرون في مسهل الطريق

الباب الثامن والعشرون في مسهل الطريق في «الاستيعاب» (1252) غالب بن عبد الله، ويقال ابن عبيد الله، والأكثرون يقولون فيه ابن عبد الله الليثي ويقال الكلبي. والصواب غالب بن عبد الله بن مسعر الليثي، بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ستين راكبا إلى بني الملوّح بالكديد. وكانوا قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد وأمره أن يغير عليهم فخرج. قال جندب بن مكيث «1» : كنت في سريته فقتلنا واستقنا النّعم، وذلك عند أهل السير في سنة ثمان. وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفتح يسهّل له الطريق. انتهى. فائدة لغوية: الكديد بفتح الكاف وبعدها دال مهملة مكسورة وياء ودال مهملة أيضا موضع بين مكة والمدينة، قاله البكري (1119) .

_ (1) في الاستيعاب: جندب بن مالك، وهو وهم، قارن بأسد الغابة 1: 306.

الباب التاسع والعشرون في صاحب المظلة

الباب التاسع والعشرون في صاحب المظلة وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من ظلّل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالثوب ذكر ابن إسحاق (1: 492) رحمه الله تعالى في خبر هجرة النبي صلّى الله عليه وسلم عن رجال من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قالوا: لما سمعنا بمخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكة وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرّتنا ننتظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظّلال؛ فإذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك في أيام حارّة، حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس، حتى إذا لم يبق ظلّ دخلنا بيوتنا؛ وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود، وقد رأى ما كنّا نصنع، وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلم علينا، فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة: هذا جدّكم قد جاء، قال: فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في ظلّ نخلة، ومعه أبو بكر في مثل سنّه، وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل ذلك، وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر؛ حتى إذا زال الظلّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قام أبو بكر فأظلّه بردائه، فعرفناه عتد ذلك. انتهى. وروى مسلم (1: 367) رحمه الله تعالى عن أم الحصين رضي الله تعالى عنها

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

قالت: حججت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة بن زيد وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلّى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحرّ حتى رمى جمرة العقبة. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- أبو بكر رضي الله تعالى عنه : قد تقدم في باب الخليفة من ذكره رضي الله تعالى عنه ما فيه الكفاية. 2- أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما: في «الاستيعاب» (75) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزّى الكلبي. وقال ابن إسحاق: شرحبيل فخالفه الناس فقالوا شراحيل. وأم أسامة: أم أيمن، واسمها بركة مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحاضنته، وكان لحق زيدا سباء، وصار بعد مولى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وله ولاؤه. يكنى أسامة: أبا زيد، وقيل له: أبا محمد، يقال له: الحبّ بن الحبّ. وعن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أحبّ الناس إليّ أسامة ما حاشى فاطمة ولا غيرها. وعن هشام بن عروة عن أمه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن أسامة بن زيد لأحبّ الناس إليّ، وإني أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا. وفرض عمر بن الخطاب لأسامة بن زيد خمسة آلاف ولابن عمر ألفين. فقال ابن عمر: فضلت عليّ أسامة وقد شهدت ما لم يشهد، فقال. إن أسامة كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم منك، وأباه كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أبيك. وسكن أسامة بعد النبي صلّى الله عليه وسلم وادي القرى ثم رجع إلى المدينة فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل توفي سنة أربع وخمسين؛ قال أبو عمر رحمه الله تعالى (77) وهو عندي أصحّ إن شاء الله تعالى.

فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: المظلّة بكسر الميم على وزن [مفعلة] وأنشد العماد الأصبهاني في «الخريدة» لأبي إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الطغرائي «1» فى وصف المظلة المعروفة بالحنو على رأس السلطان: [من الكامل] وعليه نشء مظلة مكفوفة ... بالدرّ والياقوت وهو ثمين سوداء حمراء الحفاف كأنها ... زهر الشقائق في الرياض يبين رفعت تردّ الشمس عن شمس له ... نور إذا اعتكر الظلام مبين شمسان يكتنفانها من فوقها ... شمس وآخر تحتها مدجون فبنور تلك أضاءت الدنيا وذا ... ضاءت به الدنيا وعزّ الدين فلك يدور على ذؤابة تاجه ... ويكون أنّى دار حيث يكون ومن شعر أبي القاسم بن هانىء الأندلسي في المظلة «2» : [من الكامل] وعلى أمير المؤمنين غمامة ... نشأت تظلّل تاجه تظليلا نهضت بعبء الدرّ ضوعف نسجه ... وجرت عليه عسجدا محلولا ومنه أخذ الطغرائي تشبيهها بنشء السحاب وزاد عليه ما أورده بعد ذلك من مستحسن الصفات. الثانية: النّشء- بفتح النون وسكون الشين وبعده الهمزة- أول ما ينشأ من السحاب؛ قاله الفارابي. الثالثة: في «الصحاح» (4: 1441) : التوكّف: التوقع يقال ما زلت أتوكّفه حتى لقيته. الرابعة: في «الصحاح» (1: 449) الجدّ: الحظ والبخت، والجمع: الجدود. وفي «الديوان» : هو بفتح الجيم. الخامسة: بركة أم أيمن بفتح الباء والراء، كذلك قيده الحافظ عبد الغني.

_ (1) ديوان الطغرائي: 6. (2) ديوان ابن هانىء: 119.

الباب الموفي ثلاثين في ذكر صاحب الثقل

الباب الموفي ثلاثين في ذكر صاحب الثّقل وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يتولّى ذلك في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (4: 91) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كان على ثقل رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هو في النار، فذهبوا ينظرون فوجدوا عليه عباءة «1» غلّها. وروى مسلم (1: 371) عن قتيبة عن أبي رافع وكان على ثقل النبي صلّى الله عليه وسلم قال: لم يأمرني النبي صلّى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى، ولكني جئت فضربت قبته فجاء فنزل. قال أبو محمد ابن حزم في كتابه «في حجة الوداع» (30) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسامة بن زيد: إنه ينزل غدا بالمحصّب خيف بني كنانة، وهو المكان الذي ضرب فيه أبو رافع قبّته وفاقا من الله دون أن يأمره صلّى الله عليه وسلم بذلك. انتهى. روى البخاري (5: 187، 188) «2» رحمه الله تعالى عن أسامة بن زيد رضي الله

_ (1) البخاري: عمامة. (2) قارن أيضا بما ورد في البخاري 2: 181.

الفصل الثاني في ذكر أخبارهم

تعالى عنهما قال: قلت: يا رسول الله أين ننزل غدا؟ في حجته فقال: وهل ترك لنا عقيل منزلا؟ ثم قال: نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة- المحصب- حيث قاسمت قريش على الكفر. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 134) والثقل بفتح الثاء والقاف: هو متاع المسافر وحشمه، وأصله من الثّقل. الثانية: في «المشارق» (1: 352) كركرة مولى النبي صلّى الله عليه وسلم بكسر الكافين وفتحهما والراء الأولى ساكنة. وفي «الصحاح» (2: 805) الكركرة في الضحك مثل القرقرة، والكركرة تصريف الريح السحاب، وكركرته عني أي دفعته. الفصل الثاني في ذكر أخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- كركرة : ذكره القاضي ابن جماعة في «مختصر السير» في موالي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: كركرة كان على ثقله صلّى الله عليه وسلم، وكان يمسك دابته عند القتال يوم خيبر. وفي «صحيح البخاري» في كتاب الجهاد: أنه غلّ عباءة. وفي «الموطأ» وكتاب المغازي من «صحيح البخاري» أن مدعما غلّها في ذلك اليوم، وكلاهما قتل بخيبر. انتهى ما ذكره ابن جماعة. وقال ابن فتحون في «الذيل» : كركرة رجل أسود كان يمسك دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند القتال في خيبر فقتل يومئذ، فقيل يا رسول الله استشهد كركرة، فقال: إنه الآن ليحرق في النار في شملة غلها، ذكره الواقدي. 2- أبو رافع رضي الله عنه: في «الاستيعاب» (1656، 83) أبو رافع مولى النبي صلّى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه فقيل إبراهيم، وقيل أسلم، وقيل هرمز، وقيل ثابت؛ وكان

قبطيا، وإسلامه قبل بدر، ولم يشهدها لأنه كان مقيما بمكة، وشهد أحدا والخندق وما بعدهما من المشاهد. واختلف في من كان له قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقيل كان للعباس رضي الله تعالى عنه فوهبه لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما أسلم العباس بشّر أبو رافع بإسلامه النبيّ صلّى الله عليه وسلم فأعتقه. وقيل كان لسعيد بن العاصي أبي أحيحة، ولا يثبت من جهة النقل. وما روي أنه كان للعباس فوهبه للنبي صلّى الله عليه وسلم أولى وأصح، لأنهم قد أجمعوا أنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا يختلفون في ذلك. وزوّج رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا رافع سلمى مولاته؛ فولدت له عبيد الله بن أبي رافع، وكانت قابلة إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم، وشهدت معه خيبر. وكان عبيد الله بن أبي رافع خازنا وكاتبا لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين، واختلف في وقت وفاة أبي رافع، فقيل قبل قتل عثمان رضي الله تعالى عنهما وقيل مات في خلافة علي رضي الله تعالى عنه، زاد في الكنى: وهو الصواب.

الباب الحادي والثلاثون في الامين على الحرم

الباب الحادي والثلاثون في الامين على الحرم وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على حرمه في «الاستيعاب» (844) قال الزبير بن بكار: كان عبد الرّحمن بن عوف أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على نسائه. وروي عنه عليه السلام أنه قال: عبد الرّحمن بن عوف أمين في السماء وأمين في الأرض. انتهى. وفي «العمدة» للتلمساني عند ذكره لعبد الرّحمن بن عوف: وهو الأمين في أرض الله وسمائه، فكان لذلك أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم في السفر على نسائه. انتهى. وفي «البهجة» لابن هشام: وفي سنة ثلاث وعشرين من الهجرة حجّ عمر رضي الله تعالى عنه واستأذنه أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الحج، فأذن لهن، فخرجن في الهوادج عليهنّ الطيالسة، وكان أمامهن عبد الرّحمن بن عوف، ووراءهن عثمان بن عفان، فكان لا يدعان أحدا يدنو منهنّ. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (1: 350) الهودج: مركب من مراكب النّساء مقبّب وغير مقبّب «1» .

_ (1) الصحاح: مضبب وغير مضبب.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

الثانية: في «المحكم» الطّيلسان والطّيلسان، وأنكر الأصمعي كسر اللام، والجمع: طيالس وطيالسة، وقد تطّلست بالطيلسان وتطيلست: وهو ضرب من الأكسية. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الرسول فأغنى عن إعادته الآن. 2- عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (844) : عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري، يكنى أبا محمد، كان اسمه في الجاهلية: عبد عمرو، وقيل: عبد الكعبة، فسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الرّحمن. ولد بعد الفيل بعشر سنين، وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان من المهاجرين الأولين، جمع الهجرتين جميعا: هاجر إلى أرض الحبشة ثم قدم قبل الهجرة، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل، إلى كلب، وعممه بيده وسدلها بين كتفيه، وقال له: سر باسم الله، وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه، ثم قال له: إن فتح الله عليك فتزوج بنت ملكهم أو قال: بنت شريفهم؛ وكان الأصبغ بن ثعلبة بن ضمضم الكلبي شريفهم، فتزوج بنته تماضر بنت الأصبغ، فهي أم ابنه أبي سلمة الفقيه. وعبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالجنة، وصلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم خلفه في سفره، وروي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: عبد الرّحمن بن عوف أمين في السماء وأمين في الأرض. قال الزبير بن بكار: كان عبد الرّحمن بن عوف أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على نسائه.

وجرح رضي الله تعالى عنه يوم أحد إحدى عشرين جراحة، وجرح في رجله وكان يعرج منها. قال أبو عمر رحمه الله تعالى: كان تاجرا مجدودا في التجارة، وكسب مالا كثيرا، وخلّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس بالبقيع. وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا، فكان يدّخر من ذلك قوت أهله سنة. وصولحت امرأته التي طلقها في مرضه من ثلث الثّمن بثلاثة وثمانين ألفا. وروى ابن عيينة أنها صولحت بذلك عن ربع الثّمن من ميراثه. وروي عنه أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا. وعن أبي الهيّاج «1» قال: رأيت رجلا يطوف بالبيت وهو يقول: اللهم قني شحّ نفسي، فسألت عنه فقالوا: هذا عبد الرّحمن بن عوف. وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل عليها عبد الرّحمن بن عوف فقال: يا أمه قد خشيت أن يهلكني كثرة مالي، أنا أكثر قريش كلّهم مالا، قالت: يا بني تصدّق فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه، فخرج عبد الرّحمن فلقي عمر فأخبره بما قالت أم سلمة: فجاء عمر فدخل عليها فقال: بالله منهم أنا؟ قالت: لا ولن أقول لأحد بعدك. توفي عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «الديوان» (3: 310) : دومة الجندل بفتح الدال وتضم أيضا: اسم موضع. الثانية: المجدود بالجيم: المحظوظ أي ذو الحظ، من الجدّ بفتحها. وفي «المشارق» (1: 141) هو البخت والحظ في المال وسعة الدنيا. انتهى.

_ (1) هو حيان بن حصين أبو الهياج الأسدي الكوفي روى عن علي وعمار، وعده ابن حبان في الثقات (تهذيب التهذيب 3: 67) .

قلت: وضده: المحدود بالحاء المهملة. وفي «الصحاح» (1: 459) المحدود الممنوع من البخت وغيره. وفي «الأفعال» لابن طريف: جدّ الرجل بضم الجيم جدّا، ورجل مجدود منه، وحدّ حدّا بالحاء مفتوحة: منع الرزق فهو محدود، ويقال للرامي: اللهم احدده، أي لا توفقه لإصابة. وفي «الديوان» : حدّ بالضم. انتهى. وللشافعي رحمه الله تعالى، أنشده ابن رشيق في «العمدة» (1: 40) ما عدا البيت الأخير فهو عن غيره «1» : [من الكامل] الجدّ يدني كلّ شيء شاسع ... والجدّ يفتح كلّ باب مغلق فإذا سمعت بأن مجدودا حوى ... عودا فأورق في يديه فصدّق وإذا سمعت بأن محدودا أتى ... ماء ليشربه فجفّ فحقّق وأحقّ خلق الله بالهمّ امرؤ ... ذو همّة يبلى برزق ضيّق ولربما عرضت لنفسي فكرة ... فأودّ منها أنني لم أخلق ومن الدليل على القضاء وصدقه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأخرق الثالثة: في «الصحاح» الجرف والجرف مثل العسر والعسر ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض. وفي «المعجم» (377) : قال الزبير: والجرف على ميل من المدينة. وقال ابن إسحاق: على فرسخ من المدينة. الرابعة: في «الصحاح» (5: 1863) يقال: يا أمه لا تفعلي، ويا أبت افعل، يجعلون علامة التأنيث عوضا من ياء الإضافة، وتقف عليها بالهاء.

_ (1) ديوان الشافعي: 132 وطبقات السبكي 1: 304- 305.

الباب الثاني والثلاثون في الحارس

الباب الثاني والثلاثون في الحارس وفيه خمسة فصول الفصل الأول في ذكر من حرسه صلّى الله عليه وسلم 1- حرسه بالمدينة: سعد بن أبي وقّاص رضي الله تعالى عنه؛ روى البخاري (4: 41) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر، فلما قدم المدينة قال: ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة، إذ سمعنا صوت سلاح فقال: من هذا؟ قال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك، ونام النبي صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وروى مسلم (2: 239) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة، فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة. فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة السلاح فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ قال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم نام. 2- وحرسه يوم بدر سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه: قال ابن إسحاق في «السير» (1: 621، 628) في أخبار بدر: ثم بني لرسول الله صلّى الله عليه وسلم عريش، وكان فيه معه أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه «1» ليس معه فيه غيره وساق الحديث، وفيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصى

_ (1) قال ابن إسحاق ... عنه: سقط من م.

3 - وحرسه حين أعرس بصفية رضي الله تعالى عنها بخيبر أو ببعض الطريق، أبو أيوب الأنصاري

فاستقبل بها قريشا ثم قال: شاهت الوجوه، ثم نفحهم بها وأمر أصحابه فقال: شدّوا، فكانت الهزيمة، فقتل الله بها من قتل من صناديد قريش، وأسر من أسر من أشرافهم، فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلّى الله عليه وسلم في العريش وسعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم متوشحا السيف في نفر من الأنصار رضي الله تعالى عنهم يحرسون رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخافون عليه كرّة العدو، وساق الحديث. 3- وحرسه حين أعرس بصفية رضي الله تعالى عنها بخيبر أو ببعض الطريق، أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 330، 336، 339- 340) في أخبار غزوة خيبر: كان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، ثم القموص «1» حصن بني أبي الحقيق، فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا: منهن صفية بنت حييّ بن أخطب وبنتا عم لها، فاصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم صفية لنفسه، وأعرس بها بخيبر أو ببعض الطريق، وكانت التي جمّلتها لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ومشطتها وأصلحت من أمرها أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم فبات بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قبة له، وبات أبو أيوب خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه أخو بني النجار متوشحا سيفه يحرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويطيف بالقبة حتى أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلما رأى مكانه قال: مالك يا أبا أيوب؟ قال: يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها وكانت حديثة عهد بكفر فخفتها عليك، فزعموا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني. انتهى. 4- وحرسه بمكة وهو يصلي بالحجر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ذكر الدارقطني في «كتاب العلل» عن إدريس الأودي عن أبيه عن عمر بن

_ (1) م: الغموص.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا صلّى في الحجر قام عمر بن الخطاب على رأسه بالسيف حتى يصلّي. انتهى. وقال أبو محمد ابن عطية رحمه الله تعالى في كتابه «الوجيز في تفسير آي الكتاب العزيز» (5: 155) قال عبد الله بن شقيق: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعتقبه أصحابه يحرسونه، فلما نزلت وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (المائدة: 67) خرج فقال: يا أيها الناس الحقوا بملاحقكم فإن الله قد عصمني. قال أبو محمد: قال الربيع بن أنس: نزلت سورة المائدة في مسير رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع. انتهى. وذكر الزمخشري في «الكشاف» (1: 631) في قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ عن أنس رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت، فأخرج رأسه من قبّة أدم فقال: انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس. فائدة لغوية: ابن القوطية (1: 211) : حرس الشيء حراسة: حفظه. وفي «الديوان» (1: 214) : يحرسه بفتح الراء في الماضي وضمها في المستقبل. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الوزير. 2- سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: قال ابن حزم في «الجماهر» (129) : سعد بن أبي وقاص- واسمه مالك- بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. وكذلك نسبه أبو عمر في «الاستيعاب» (606) ، إلا أنه قال: أهيب. قال أبو عمر يكنى أبا إسحاق، كان سابع سبعة في إسلامه، أسلم بعد ستة: وروي عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: أسلمت قبل أن تفرض الصلوات وأنا ابن تسع

عشرة سنة، وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد كلها: وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وذلك في سرية عبيدة بن الحارث. انتهى. قال ابن إسحاق في «السير» (1: 594) وقال سعد رضي الله تعالى عنه في رميته تلك فيما يذكرون [من الوافر] ألا هل أتى رسول الله أني ... حميت صحابتي بصدور نبلي أذود بها أوائلهم ذيادا ... بكلّ حزونة وبكلّ سهل فما يعتدّ رام في عدوّ ... بسهم يا رسول الله قبلي وذلك أن دينك دين صدق ... وذو حقّ أتيت به وعدل قال أبو عمر (608) : وعن قيس بن أبي حازم قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: اللهم أجب دعوته وسدّد رميته. قال أبو عمر (607) فكان مجاب الدعوة، مشهورا بذلك، تخاف دعوته وترجى لاشتهار إجابتها عندهم. وذكر ابن قتيبة في «المعارف» (241) قال: كان سعد على الناس يوم القادسية، وكان به جراح فلم يشهد الحرب واستخلف خليفة، ففتح الله على المسلمين، فقال رجل من بجيلة [من الطويل] ألم تر أن الله أظهر دينه ... وسعد بباب القادسية معصم فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ... ونسوة سعد ليس فيهنّ أيّم فقال سعد: اللهم اكفنا يده ولسانه، فأصابته رمية فخرس ويبست يده. وروى مسلم (2: 239) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن شداد قال: سمعت عليا يقول: ما جمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبويه لأحد غير سعد بن مالك، فإنه جعل يقول له يوم أحد: ارم فداك أبي وأمي.

3 - سعد بن معاذ

قال أبو عمر (608) : وهو الذي كوّف الكوفة ونفى الأعاجم وتولى قتال فارس وكان له فتح القادسية وغيرها. وكان سعد ممن قعد ولزم بيته في الفتنة، وأمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشيء حتى تجتمع الأمة على إمام. ومات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، وحمل إلى المدينة على أعناق الرجال ودفن بالبقيع، وصلّى عليه مروان بن الحكم. واختلف في وقت وفاته: فقيل سنة أربع وخمسين، وقيل سنة خمس وخمسين، وقيل سنة ثمان وخمسين. واختلف في كم كان سنّه حين مات، فقال الواقدي: توفي وهو ابن بضع وسبعين سنة، وقال أحمد بن حنبل: توفي وهو ابن ثلاث وثمانين سنة. انتهى. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (242) توفي سنة خمس وخمسين، وهو آخر العشرة موتا. وصلّى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وبلغ من السن بضعا وثمانين سنة، أو بضعا وسبعين سنة. انتهى. 3- سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه: قد تقدم ذكره في باب صاحب الراية. 4- أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (424، 1606) : أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف «1» بن غنم بن مالك بن النجار. شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه من بني عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل صلّى الله عليه وسلم إلى مسكنه. وعن أبي رهم السمعي أن أبا أيوب الأنصاري حدثه قال: نزل رسول الله

_ (1) جمهرة ابن حزم: بن عبد بن عوف.

صلى الله عليه وسلم بيتنا الأسفل وكنت في الغرفة، فأهريق ماء في الغرفة، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة نتتبع الماء، شفقة أن يخلص إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ونزلنا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا مشفق، فقلت: يا رسول الله إنه ليس ينبغي أن نكون فوقك، انتقل إلى الغرفة، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم بمتاعه أن ينقل، ومتاعه قليل. وذكر تمام الحديث. قال أبو عمر (425) : وكان أبو أيوب مع علي بن أبي طالب في حروبه كلّها، ثم مات في القسطنطينية من بلاد الروم في زمن معاوية، وكانت غزاته تلك تحت راية يزيد، وكان أميرهم يومئذ. (1607) ولما أمّر معاوية يزيد على الجيش إلى القسطنطينية جعل أبو أيوب يقول: وما عليّ أن أمّر عليّ شاب، فمرض في غزوته تلك، فدخل عليه يزيد يعوده وقال له: أوصني، قال: إذا مت فكفنوني، ثم مر الناس فليركبوا ثم يسيرون في أرض العدو حتى إذا لم يجدوا مساغا فادفنوني ففعلوا ذلك. وأمر يزيد (1606) بالخيل فجعلت تقبل وتدبر على قبره حتى عفا أثر قبره. وقيل إن الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم لأبي أيوب: لقد كان لكم الليلة شأن، فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا، صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاما، وقد دفناه حيث رأيتم، والله لئن نبش لا ضرب لكم بناقوس «1» في أرض العرب ما كانت لنا مملكة. قال ابن القاسم عن مالك: بلغني عن قبر أبي أيوب رضي الله تعالى عنه: أن الروم يستصحّون به ويستشفون. قال أبو عمر: مات أبو أيوب سنة خمسين أو إحدى وخمسين من التاريخ، وقيل بل كان ذلك سنة اثنتين وخمسين، وهو الأكثر، في غزوة يزيد القسطنطينية.

_ (1) بناقوس: سقطت من م؛ وفي الاستيعاب: ناقوس.

الفصل الثالث في ذكر حراس عسكره عليه الصلاة والسلام

الفصل الثالث في ذكر حرّاس عسكره عليه الصلاة والسلام (1) غزوة ذات الرقاع : قال ابن إسحاق في «السير» (2: 208- 209) رحمه الله تعالى: وحدث جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة «1» من المشركين، فلما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم قافلا أتى زوجها وكان غائبا، فلما أخبر حلف ألا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد دما، فخرج يتتبع أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم منزلا فقال: من رجل يكلؤنا ليلتنا؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقالا: نحن يا رسول الله، قال: وكونا بفم الشّعب، قال: وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله تعالى عنهم قد نزلوا إلى شعب من الوادي، وهما عمار بن ياسر وعبّاد بن بشر، فيما قال ابن هشام، فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل تحبّ أن أكفيكه أوله أم آخره؟ قال: بل اكفني أوله، قال: فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلّي قال: وأتى الرجل، فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم، قال: فرمى بسهم فوضعه فيه قال: فانتزعه ووضعه وثبت قائما، قال: ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه، قال فنزعه ووضعه وثبت قائما، ثم عاد له بالثالث فوضعه فيه قال: فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد، ثم أهبّ صاحبه فقال: اجلس فقد أثبتّ «2» قال: فوثب فلما رآهما الرجل عرف أنه قد نذرا به فهرب؛ قال: ولما رأى المهاجريّ ما بالأنصاري من الدماء قال: سبحان الله أفلا أهببتني أول ما رماك؟ قال: كنت في سورة أقرأها فلم أحبّ أن أقطعها حتى أنفدها، قال: فلما تابع عليّ الرمي ركعت فآذنتك، وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفدها. انتهى.

_ (1) م: امرأة رجل. (2) م ط: أتيت؛ وقوله أثبت من أثبت الرجل إذا اشتدت به العلة أو أثبتته جراحة فلم يتحرك.

(2) غزوة بني قريظة

(2) غزوة بني قريظة : قال ابن إسحاق (2: 238) : وخرج في تلك الليلة- يعني الليلة التي نزل في صبيحتها بنو قريظة على حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم- عمرو بن سعدى القرظي فمرّ بحرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة فلما رآه قال: من هذا؟ قال: أنا عمرو بن سعدى. وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: لا أغدر بمحمد أبدا. فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني [إقالة] «1» عثرات الكرام، فخلّى سبيله. فخرج على وجهه حتى بات في مسجد «2» رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمدينة في تلك الليلة، ثم ذهب فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا. فذكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلم «3» فقال: ذاك رجل نجاه الله بوفائه. (3) غزوة الفتح : روى البخاري (5: 186) رحمه الله تعالى عن هشام بن عروة عن أبيه: لما سار رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرّ الظهران، فإذا هم بنيران كنيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنّها نيران عرفة. فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك. فرآهم ناس من حرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المعجم» (664) اختلف في ذات الرقاع إحدى غزوات رسول الله

_ (1) زيادة من السيرة. (2) السيرة: حتى أتى باب مسجد. (3) زاد في السيرة: شأنه.

الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم

صلى الله عليه وسلم، فقال بعض أهل العلم: التقى القوم في أسفل أكمة ذات ألوان فهي ذات الرقاع. قال محمد بن جرير: ذات الرقاع من نخل، قال: والجبل الذي سميت به هذه البقعة بذات الرقاع هو جبل فيه بياض وسواد. قال ابن إسحاق (2: 4: 2) ويقال: ذات الرقاع شجرة بذاك الموضع، قال: ويقال: بل تقطّعت راياتهم فرقّعت، فبذلك سميت ذات الرقاع. وقال غيره: بل كانت راياتهم ملوّنة الرقاع. والصحيح ما رواه البخاري (5: 145) عن أبي موسى قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري فكنا نلفّ على أرجلنا الرقاع، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنّا نعصب من الخرق على أرجلنا. الثانية: في «المعجم» (1303) نخل، على جمع نخلة لا يجرى، قرية، قال ابن حبيب: على ليلتين من المدينة. الثالثة: في «الصحاح» (1: 185) عاقبت الرجل في الراحلة: إذا ركبت أنت مرة وركب هو مرة. الرابعة: قوله نقبت أقدامنا: أي رقّت، وأصله للبعير. قال الفارابي (2: 225) نقب البعير- بفتح النون وكسر القاف- ينقب بفتحها إذا رقّت أخفافه. الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب المفتي فأغنى عن إعادته الآن. 2- عباد بن بشر الأنصاري رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (801) :

3 - محمد بن مسلمة

عبّاد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا بشر، وقيل أبا الربيع، لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله تعالى عنهما، وشهد بدرا والمشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة. وروى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم أن عصاه كانت تضيء له إذا كان يخرج من عند النبي صلّى الله عليه وسلم ليلا إلى بيته، وعرض له ذلك مرة مع أسيد بن الحضير فلما افترقا أضاءت لكلّ واحد منهما عصاه. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة، لم يكن بعد النبي عليه السلام من المسلمين أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر. وعن عائشة أيضا قالت: تهجّد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيتي فسمع صوت عباد بن بشر فقال: يا عائشة صوت عباد بن بشر هذا؟ قلت: نعم، قال: اللهم اغفر له. واستشهد عبّاد بن بشر يوم اليمامة، وكان له يومئذ بلاء وغناء، وهو ابن خمس وأربعين سنة. 3- محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه: ثبت في باب المقيمين للحدود من الجزء الرابع من هذا الكتاب التعريف به فأغنى ذلك عن إعادته هنا. الفصل الخامس في ذكر حراسة الظهر قال ابن إسحاق في «السير» (2: 537- 539) رحمه الله تعالى: قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان، يعني من سنة تسع، قال: وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف وهم عبد ياليل بن عمرو،

والحكم بن عمرو بن وهب، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة، وعثمان بن أبي العاصي بن بشر، وأوس بن عوف، ونمير بن خرشة. فخرج بهم عبد ياليل وهو ناب القوم وصاحب أمرهم، فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت رعيتها نوبا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما رآهم ترك الركاب عند الثّقفيّين وطفر يشتدّ ليبشّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقدومهم عليه، فلقيه أبو بكر الصديق قبل أن يدخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره عن ركب ثقيف أن قدموا يريدون البيعة والإسلام، وساق الحديث. تنبيه: قد تقدم ذكر نسب المغيرة بن شعبة وأخباره في باب الشهادة وكتب الشروط فأغنى ذلك عن إعادته. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 730) : الظهر: الركاب، وبنو فلان مظهرون: إذا كان لهم ظهر ينقلون عليه، كما يقال: منجبون إذا كانوا أصحاب نجائب. وفي «المشارق» (1: 330) الظهر بفتح الظاء: هي دواب السفر التي تحمل عليها الأثقال من الإبل وغيرها، والجمع ظهران بالضم. الثانية: خرشة بفتح الثلاث من أسماء الرجال؛ قاله الفارابي. وفي «الصحاح» (3: 1004) : الخرشة بالتحريك: ذبابة.

الباب الثالث والثلاثون في التجسس

الباب الثالث والثلاثون في التجسس وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم متجسسا روى مسلم (2: 101) رحمه الله تعالى عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال: لا أدري استثنى» بعض نسائه، قال: فحدثه الحديث قال: فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتكلم فقال: إن لنا طلبة، فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا. فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة، فقال: لا، إلا من كان ظهره حاضرا. انتهى. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السّير» (1: 614) في غزوة بدر: وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسيس «2» بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة وعديّ بن أبي الزّغباء «3» الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتجسسان له الأخبار عن أبي سفيان بن حرب وغيره. وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (614) في باب سعيد: قال

_ (1) مسلم: ما استثنى. (2) السيرة: بسبس. (3) م: الرعناء.

الواقدي: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد بعث قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتحسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة فقدماها يوم وقعة بدر، فضرب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهميهما وبأجريهما. وبقول الواقدي قال الزبير في ذلك سواء. وذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 231) أيضا في غزوة الخندق: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث حذيفة بن اليمان ليلا لينظر ما فعل القوم- يعني قريشا وغطفان- وسيأتي ذلك مكملا في باب المخذل عند ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي، رحمه الله تعالى. وذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (166) بسر بن سفيان الخزاعي، وقال: بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم عينا إلى قريش إلى مكة، وشهد الحديبية. انتهى. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 437، 439- 440) في أخبار غزوة حنين: ولما سمعت هوازن برسول الله صلّى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة، جمعها مالك بن عوف النّصري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها، واجتمعت نصر وجشم كلّها، وسعد بن بكر وناس من بني هلال، وهم قليل، ولم يشهدها من قيس غيلان إلا هؤلاء ... ولما سمع بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم. فانطلق ابن أبي حدرد حتى دخل فيهم، فأقام فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. انتهى.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

فائدتان لغويتان: الأولى: التجسس بالجيم، والتحسس بالحاء، قال القاضي في «المشارق» (1: 160) : قيل: هما بمعنى متقارب وهو البحث عن بواطن الأمور. وقيل: الأولى التي بالجيم: إذا تجسس بالخبر والقول والسؤال عن عورات الناس وأسرارهم أو ما يعتقدونه أو يقولونه فيه أو في غيره. والثانية التي بالحاء إذا تولّى ذلك بنفسه وتسمّعه بأذنه. وقال ثعلب: بالجيم: إذا طلبه لغيره، وبالحاء إذا طلبه لنفسه. وقيل: التجسس بالجيم في الشر والتحسّس بالحاء في الخير. الثانية: في «المحكم» (2: 180) العين: الذي يبعث ليتحسس الخبر. وبعثنا عينا يعتاننا، ويعتان لنا أي يأتينا بالخبر. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (764) : طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي، يكنى أبا محمد، يعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض. قال موسى بن عقبة وابن إسحاق عن ابن شهاب: لم يشهد طلحة بدرا وقدم من الشام بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وسلم من بدر، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لك سهمك، قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: وأجرك. وقال الواقدي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتحسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة فقدماها يوم وقعة بدر، فضرب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهميهما وأجريهما. قال أبو عمر (765) : شهد أحدا وما بعدها. قال الزبير وغيره: وأبلى طلحة

يوم أحد بلاء حسنا، ووقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفسه واتقى عنه النبل بيده حتى شلّت إصبعه وضرب الضربة في رأسه. وروى البخاري (5: 125) رحمه الله عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد شلّت. قال أبو عمر (765) ويروى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهض يوم أحد ليصعد صخرة وكان ظاهر بين درعين فلم يستطع النهوض، فاحتمله طلحة بن عبيد الله فأنهضه حتى استوى عليها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أوجب طلحة. ثم شهد طلحة المشاهد كلها، وشهد الحديبية، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضوان الله تعالى عنهم. وروي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نظر إليه فقال: من أحبّ أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة. ثم شهد طلحة بن عبيد الله الجمل محاربا لعليّ رضي الله تعالى عنهما فزعم بعض أهل العلم أن عليا دعاه فذكّره أشياء من سوابقه وفضله، فرجع طلحة عن قتاله على نحو ما صنع الزبير، فاعتزل في بعض الصفوف فرمي بسهم فقطع من رجله عرق النّساء، فلم يزل دمه ينزف حتى مات. ويقال إن السهم أصاب ثغرة نحره، ولا يختلف العلماء الثقات أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه. وعن ابن سيرين قال: رمي طلحة بسهم فأصاب ثغرة نحره، قال: فأقرّ مروان أنّه رماه. وعن قيس بن أبي حازم قال: رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة رضي الله تعالى عنه بسهم في ركبته قال: فجعل الدم يسيل فإذا أمسكوه استمسك، وإذا أرسلوه سال: قال: فقال: دعوه، قال: وجعلوا إذا أمسكوا فم الجرح انتفخت ركبته، فقال: دعوه فإنما هو سهم أرسله الله، قال: فمات فدفنّاه على شاطىء الكلّاء. قال أبو علي الغساني: الكلّاء: محبس السفن، ذكره أبو علي البغدادي في باب فعّال من «الممدود» .

2 - سعيد بن زيد

رجع: فرأى بعض أهله أنه أتاه في المنام فقال: ألا تريحني من هذا الماء فإني قد غرقت- ثلاث مرات يقولها- قال: فنبشوه فإذا هو أخضر كأنه السلق، فنزفوا عنه الماء ثم استخرجوه، فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض، فاشتروا له دارا من دور آل أبي بكرة بعشرة آلاف فدفنوه فيها. (770) وقتل رحمه الله تعالى ورضي عنه يوم الجمل، وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وهو ابن ستين سنة، وقيل ابن اثنتين وستين، وقيل كانت سنة يوم قتل خمسا وسبعين سنة، وما أظنّ ذلك. 2- سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (614) : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤي القرشي العدوي ويكنى أبا الأعور، وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد بن عمرو تحت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، وكان سعيد رضي الله تعالى عنه من المهاجرين الأولين، وكان إسلامه قديما قبل عمر، وهاجر هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب، ولم يشهد بدرا لأنه كان غائبا بالشام، قدم منها بعقب غزاة بدر، فضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. فقصته أشبه القصص بقصة طلحة بن عبيد الله. وقد تقدم عند ذكر طلحة بن عبيد الله قول الواقدي: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان قد بعث قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتحسسان الأخبار ثم رجعا إلى المدينة فقدماها يوم وقعة بدر، فضرب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهميهما وأجريهما «1» .

_ (1) م: وأجرهما.

وقد قيل إنه شهد بدرا وشهد ما بعدها من المشاهد، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنّة رضوان الله تعالى عليه. وذكر أبو عمر ابن عبد البر (619) قصته مع أروى بنت أويس ودعاءه عليها لما تظلمت منه بما لم يفعل وإجابة دعوته عليها من طرق مختلفة فجمعت معانيها: قال أبو عمر بسنده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم «1» قال: جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم بن محمد فقالت له: يا أبا عبد الملك إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بني ضفيرة في حقي، فأته فكلّمه فلينزع عن حقي، فوالله لئن لم يفعل لأصيحنّ به في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال لها: لا تؤذي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فما كان ليظلمك ولا يأخذ لك حقا. (618) وبسنده عن العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه: أن أروى بنت أويس استعدت مروان بن الحكم على سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنه في أرضه بالشجرة، فقال سعيد: كيف أظلمها، وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من ظلم من الأرض شبرا طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين. وأوجب عليه مروان اليمين، فترك سعيد رضي الله تعالى عنه لها ما ادّعت وقال: اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تذهب بصرها، وتجعل قبرها في بئر. فهدمت الضفيرة وبنت بنيانا، فعميت أروى، وجاء سيل فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقّها خارجا من حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان فقال: أقسمت عليك لتركبنّ معي وتنظرن إلى ضفيرتها، فركب معه مروان وركب ناس معهما حتى نظروا إليها. ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعد ما عميت فوقعت في البئر فماتت. قال: وكان أهل المدينة يدعو بعضهم على بعض يقولون: أعماك الله كما أعمى أروى، ثم صار أهل الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل يظنونها ويقولون إنها عمياء، وهذا جهل منهم.

_ (1) بن محمد ... بن حزم: سقط من م.

3 - بسيسة:

توفي سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنهم بأرضه بالعقيق، ودفن بالمدينة في أيام معاوية سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين. 3- بسيسة: قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «المشارق» (1: 112) : بسيسة بضم الباء وفتح السين المهملة مصغر كذا في جميع النسخ، والمعروف في اسمه: بسبس بباءين بواحدة فيهما مفتوحتين، وسينين مهملتين الأولى ساكنة، قال: وكذا ذكره ابن إسحاق وابن هشام وغيرهما، وكذا جاء عند بعض رواة مسلم لكن بزيادة هاء بسبسة. انتهى. بسبس بن عمرو الجهني رضي الله تعالى عنه حليف بني ساعدة، هكذا قال ابن إسحاق حسبما تقدم. وقال أبو عمر ابن عبد البر (190) رحمه الله تعالى: بسبس بن عمرو بن ثعلبة بن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبيان الذبياني ثم الأنصاري حليف لبني طريف بن الخزرج، قال: ويقال بسبس بن بشر حليف للأنصار، شهد بدرا، وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع عدي بن أبي الزّغباء ليعلما علم عير أبي سفيان بن حرب، ولبسبس هذا يقول الراجز: أقم لها صدورها يا بسبس انتهى. قال ابن هشام في «السير» (1: 643) : هذا الراجز هو عدي بن أبي الزغباء، قاله حين أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم قافلا من غزوة بدر، ووصله بأشطار وهي «1» : [من الرجز] أقم لها صدورها يا بسبس ... ليس بذي الطّلح لها معرّس ولا بصحراء غمير محبس ... إن مطايا القوم لا تحبّس فحملها على الطريق أكيس ... قد نصر الله وفرّ الأخنس «2»

_ (1) من الرجز أربعة أشطار في مغازي الواقدي: 45 واثنان في أسد الغابة 1: 197. (2) هو الأخنس بن شريق. انظر مغازي الواقدي: 44- 45.

4 - عدي بن الزغباء

4- عدي بن الزغباء رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1059) عدي بن الزغباء. ويقال ابن أبي الزغباء، واسم أبي الزغباء سنان بن سبيع بن ثعلبة الجهني من جهينة: حليف بني النجار من الأنصار. قال موسى بن عقبة: عدي بن أبي الزغباء حليف لبني مالك بن النجار من جهينة شهد بدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو الذي بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عينا مع بسبس بن عمرو الجهني يتحسسان له عير أبي سفيان بن حرب في قصة بدر. انتهى. 5- حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب كاتب الجيش. 6- بسر بن سفيان الخزاعي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (166) بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعي، أسلم سنة ست من الهجرة، وبعثه النبي صلّى الله عليه وسلم عينا إلى قريش إلى مكة وشهد الحديبية، وهو المذكور في حديث الحديبية من رواية الزهري عن عروة عن المسور ومروان وقوله فيه: حتى إذا كان بغدير الأشطاط لقيه عينه الخزاعيّ فأخبره خبر قريش وجموعهم قالوا: هو بسر بن سفيان هذا. انتهى. وفي «السير» (2: 309) لابن إسحاق في قصة الحديبية قال: ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذي القعدة من سنة ست معتمرا لا يريد حربا، حتى إذا كان بعسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبيّ فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك معهم العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا، وساق الحديث. 7- عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (887) : عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، يكنى أبا محمد، واسم أبي حدرد سلامة بن عمير بن أبي سلامة بن هوازن بن أسلم، وقيل عبيد بن عمير بن أبي سلامة بن سعد من ولد هوازن بن أسلم. أول مشاهد عبد الله هذا الحديبية ثم خيبر وما بعدها، وكان من وجوه أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم

وممن كان يؤمّره على السرايا، وأنكر بعضهم أن تكون له صحبة لروايته عن أبيه، قال أبو عمر: وذلك ليس بشيء، وقد روى ابن عمر وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وعن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلم. ويعد عبد الله بن أبي حدرد في أهل المدينة، وتوفي سنة إحدى وسبعين وهو ابن إحدى وثمانين سنة في زمن مصعب بن الزبير. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المشارق» (2: 143) غدير الأشطاط بفتح الهمزة وإسكان الشين بعدها طاء مهملة وألف وطاء أخرى وهو تلقاء المدينة. الثانية: في «المشارق» (2: 105) العوذ المطافيل بضمّ العين: هي النوق بفصلانها، وقيل النساء مع الأولاد، وأصله الناقة لأول ما تضع حتى يقوى ولدها، وهي كالنفساء من النساء. والمطافيل: ذوات الأطفال، وهم صغار البنين. وقال الخليل: العوذ واحدها عائذ وهي كل أنثى لها سبع ليال منذ ولدت. قلت: وذاله معجمة من «الصحاح» (2: 567) وغيرها. الثالثة: قال أبو ذر الخشني في «غريب السيرة» (2: 339) : قوله قد لبسوا جلود النمور: النمور: جمع نمر، وهو ضرب من السباع، وهو مثل يكنى به عن إظهار العداوة، يقال للرجل الذي يظهر العداوة والتنكر: قد لبس لي جلد النمر «1» .

_ (1) قوله: وهو ضرب ... النمر: لم يرد في غريب السيرة.

الباب الرابع والثلاثون في الرجل يتخذ في بلد العدو عينا يكتب بأخبارهم إلى الإمام

الباب الرابع والثلاثون في الرجل يتّخذ في بلد العدوّ عينا يكتب بأخبارهم إلى الإمام في «الاستيعاب» (812) في أخبار العباس بن عبد المطلب عم النبي صلّى الله عليه وسلم، قال أبو عمر: أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، ويقال إن إسلامه كان قبل بدر وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنّ مقامك بمكة خير فلذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنما أخرج كرها. وقد تقدم ذكر هذا في باب السقاية «1» مع سائر أخباره رضي الله تعالى عنه.

_ (1) انظر ما تقدم ص: 163.

الباب الخامس والثلاثون في المخذل

الباب الخامس والثلاثون في المخذّل وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لذلك ، وهو نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي رضي الله تعالى عنه وذكر نسبه وأخباره قال ابن حزم رحمه الله تعالى في «الجماهر» (250) : هو نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفذ بن حلاوة «1» بن سبيع بن أشجع بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، له صحبة وهو الذي شتّت جموع الأحزاب رضي الله تعالى عنه. وخالف ابن إسحاق ابن حزم في نسبه فقال: قنفذ بن هلال بن حلاوة، فزاد هلالا، وقال: حلاوة بن أشجع فنقص سبيعا. وقال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1508) : نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي، هاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأسلم في الخندق وهو الذي خذّل المشركين وبني قريظة حتى صرف الله كيدهم، ثم أرسل عليهم ريحا وجنودا لم تر. وخبره في تخذيل بني قريظة والمشركين في السير عجيب ... سكن المدينة، ومات في خلافة عثمان، وقيل بل قتل في الجمل الأول قبل قدوم علي رضي الله تعالى عنه مع مجاشع بن مسعود السّلمي وحكيم بن جبلة.

_ (1) الجمهرة: خلاوة.

الفصل الثاني في ذكر خبره رضي الله تعالى عنه في تخذيل بني قريظة والمشركين

تنبيه: كان مجاشع بن مسعود مع أهل الجمل، وانحاز عنهم حكيم بن جبلة في نصر عثمان بن حنيف عامل عليّ رضي الله تعالى عنه على البصرة، فوقعت بينهم حرب قتل فيها من الفريقين قتلى، فذلك اليوم هو الذي أراد أبو عمر بقوله في الجمل الأول، قاله ابن الأثير في تاريخه. وقال: حكيم بن جبلة- بضم الحاء وفتح الكاف- وقيل بفتح الحاء وكسر الكاف. فائدة لغوية: الجوهري (4: 1683) خذّل عنه أصحابه تخذيلا: أي حملهم على خذلانه، وتخاذلوا: أي خذل بعضهم بعضا. الفارابي (2: 128) خذل بفتح الخاء في الماضي يخذل بضمها في المستقبل خذلانا، والخذلان ضدّ النصر. الفصل الثاني في ذكر خبره رضي الله تعالى عنه في تخذيل بني قريظة والمشركين قال ابن إسحاق (2: 229- 233) : ثم إنّ نعيم بن مسعود الأشجعي أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجل واحد فخذّل عنّا إن استطعت فإن الحرب خدعة. فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية، فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت لست عندنا بمتّهم، فقال لهم: إنّ قريشا وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحوّلوا منه إلى غيره، وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزة

أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، فلا طاقة لكم به إن خلا لكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدا حتى تناجزوه، فقالوا: أشرت بالرأي، ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان ومن معه من رجالهم: قد عرفتم ودّي لكم وفراقي محمدا، وأنه قد بلغني أمر رأيت عليّ حقا أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا عني، قالوا: نفعل، قال: تعلمون أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه: إنّا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم: نعم، فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا؛ ثم خرج حتى أتى غطفان فقال: يا معشر غطفان إنكم أصلي وعشيرتي، وأحبّ الناس إليّ ولا أراكم تتهموني قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتّهم، قال: اكتموا عني، قالوا: نفعل، ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذّرهم ما حذرهم. فلما كانت ليلة السبت، وكان ذلك من صنع الله لرسوله، أرسل أبو سفيان بن حرب ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم: إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخفّ والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه، فأرسلوا إليهم: إن اليوم يوم السبت، وهو يوم لا نعمل فيه شيئا، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرّستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلدنا ولا طاقة لنا بذلك منه، فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة، قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم به نعيم بن مسعود لحقّ، فأرسلوا إلى بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا، فقالت بنو قريظة حين أنهت إليهم الرسل بهذا: إنّ الذي ذكر لكم نعيم بن

مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا، فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل في بلدكم، فأرسلوا إلى قريش وغطفان إنّا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا فأبوا عليهم، وخذّل الله تعالى بينهم، وبعث عليهم الريح في ليال شاتية شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح آنيتهم، فلما انتهى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه ليلا لينظر ما فعل القوم. فحدث حذيفة رحمه الله تعالى ورضي عنه وقد قال له رجل من أهل الكوفة: يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي، قال: فكيف كنتم تصنعنون؟ قال: والله لقد كنا نجهد، قال الرجل: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحمناه على أعناقنا، فقال حذيفة: يا ابن أخي لقد رأيتنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالخندق، وصلّى هويّا من الليل ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع؟ - يشترط له رسول الله صلّى الله عليه وسلم الرجعة- أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة، فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد؛ فلما لم يقم أحد دعاني، فلم يكن لي بدّ من القيام حين دعاني، فقال: يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون، ولا تحدثنّ شيئا حتى تأتينا، فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقرّ لهم قدرا ولا نارا ولا بناء، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه، قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي فقلت: من أنت؟ فقال: فلان بن فلان، وذكر ابن عقبة أنه فعل ذلك بمن يلي جانبيه يمينا ويسارا، قال: وبدرهم المسألة خشية أن يفطنوا له. قال حذيفة: ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، هلك الكراع والخفّ، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم،

ولولا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليّ أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني، ثم شئت، لقتلته بسهم. فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه، فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح عليّ طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه، فلما سلّم أخبرته الخبر. وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلدهم، ولما أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون معه. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: قوله عليه السلام: الحرب خدعة: حكى القاضي في «المشارق» (1: 231) فيها أربع لغات فتح الخاء وسكون الدال. قال أبو ذر: وهي لغة النبي صلّى الله عليه وسلم. والثانية: بضم الخاء وسكون الدال أيضا. والثالثة: ضم الخاء وفتح الدال. والرابعة: فتحهما معا. وقال: من قال خدعة بفتح الحاء وسكون الدال، أي ينقضي أمرها بخدعة واحدة، أي من خدع فيها خدعة زلّت قدمه ولم يقل، فلا يؤمن شرّها وليتحفظ من مثل هذا، ومن قاله بضم أولها وسكون ثانيها فمعناها: أنها تخدع أي أهل الحرب ومباشريها، ومن قال بضم الأول وفتح الثاني فمعناه: أنها تخدع من اطمأنّ إليها، وأن أهلها كذلك، ومن فتحهما فخدعة جمع خادع أي أهلها بهذه الصفة فحذف أهلها وأقام الحرب مقامهم كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ. الثانية: قال الخشني (2: 305) : ضرّستكم الحرب، أي نالت منكم كما يصيب ذو الأضراس بأضراسه. الثالثة: قال الخشني (2: 305) : تنشمروا: تنقبضوا وتسرعوا إلى بلادكم. الرابعة: في «المحكم» : مضى هويّ من الليل وتهواء أي ساعة منه؛ وفي «الديوان» (4: 56) : على وزن سويّ بفتح الهاء.

الباب السادس والثلاثون في صانع السفن وأول من صنع السفينة

الباب السادس والثلاثون في صانع السفن وأول من صنع السفينة «1» قال القاضي محمد بن سلامة القضاعي في «كتاب الأنباء» في أخبار نوح عليه السلام: أوحى الله تعالى إلى نوح عليه السلام بعمل السفينة فكانت من الساج طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وارتفاعها ثلاثون ذراعا، وبابها في عرضها ثلاث طبقات: طبقة فيها الدواب، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطيور. واختلف في عدد من ركب معه، فقال ابن عباس: ثمانون رجلا: يعني نفسه وبنيه ثلاثة: سام وحام ويافث، وكنائنه ثلاثا وثلاثة وسبعين من ولد شيث آمنوا به. وقال قتادة: ثمانية هو وبنوه وكنائنه وزوجه، وقال الأعمش: سبع عشرة ولم يذكر زوجته، وقال ابن إسحاق: عشرة، وقال وهب: استقلت السفينة في عشر خلت من رجب، فكانت في الماء مائة وخمسين يوما، ثم استقرت على الجودي- جبل بالجزيرة- شهرا، وخرج إلى الأرض في اليوم العاشر من المحرم، وابتنى قرية بأرض الجزيرة تسمى سوق ثمانين. وفي كتاب «نفحة الحدائق» : قال أبو عمر ابن عبد البر: روينا عن الهيثم بن عدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان جمع الناس حين خرجوا من السفينة ببابل فنزلوا سوق ثمانين من الجزيرة، وابتنى كلّ واحد منهم بيتا، وكانوا ثمانين رجلا وبهم سمّي سوق ثمانين.

_ (1) كتب المعلق بهامش ط هنا: لا علاقة لهذا الباب بموضوع الكتاب.

فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (5: 2135) : السّفن: ما ينحت به الشيء والمسفن مثله، وقال: [من البسيط] وأنت في كفك المبراة والسّفن «1» يقول إنك نجّار، وسفنت الشيء سفنا: قشرت، والسفين جمع سفينة. قال ابن دريد: سفينة فعيلة بمعنى فاعلة كأنّها تسفن الماء أي تقشره. وفي «الأفعال» لابن القوطية (1: 136) : سفن الشيء على غيره: جرّه «2» ، ومنه السفينة. قلت: ويحتمل أن تكون سميت سفينة لأنها تسفن بالمسفن أي تنحت. وفي «المحكم» : السّفّان صانع السّفن وسائسها، وحرفته السّفانة، وجمع السفينة: سفائن، وسفن، وسفين. الثانية: في «الصحاح» (1: 323) : الساج ضرب من الخشب، زاد في «المشارق» (2: 229) : يؤتى به من الهند. الثالثة: في «الصحاح» (5: 1804) : استقلت السماء: ارتفعت، واستقل القوم: مضوا وارتحلوا.

_ (1) الشطر في اللسان (سفن) عن الجوهري. (2) ابن القوطية: مرّ.

الباب السابع والثلاثون في استعمال السفن

الباب السابع والثلاثون في استعمال السفن وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر ما استعمل منها في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرم 1- سفينتا جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» «1» : قال الواقدي رحمه الله تعالى: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري رضي الله تعالى عنه في سنة ست إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام فأسلم النجاشي رضي الله تعالى عنه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال: وأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليزوجه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ويبعث بها إليه ويحمل من عنده من المسلمين ففعل. انتهى. وقال ابن إسحاق في «السير» (2: 359) : كان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى بعث فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أميّة الضّمريّ رضي الله تعالى عنه وحملهم في سفينتين فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية، ستة عشر رجلا، منهم جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وسماهم وذكر معهم من أبنائهم ونسائهم عشرة.

_ (1) لم أشر إلى موضعه في الاستيعاب لأن الترجمة في الطبعة المصرية مبتورة، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.

2 - سفينة الأشعريين أبي موسى وإخوانه وقومهم

قال: وقد كان حمل معهم النجاشي في السفينتين نساء من هلك هنالك من المسلمين. وقال ابن هشام (2: 359) عن الشعبي: إن جعفر بن أبي طالب قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر، فقبّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عينيه والتزمه وقال: ما أدري بأيهما أنا أسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر. انتهى. 2- سفينة الأشعريين أبي موسى وإخوانه وقومهم رضي الله تعالى عنهم: روى البخاري (4: 110) «1» رحمه الله تعالى عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: بلغنا مخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إمّا قال: في بضع وإمّا قال في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشيّ بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثنا ها هنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبيّ صلّى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال: فأعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم له معهم. انتهى. 3- سفن غير معينة: روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (26) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنّا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميته.

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 5: 64، 175.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

فائدة لغوية: في «الغريبين» البضع من الشيء: القطعة منه، والعرب تستعمل ذلك فيما بين الثلاث إلى التسع، والبضع والبضعة واحد، ومعناهما: القطعة من العدد. وفي «الصحاح» (3: 1186) : بضع في العدد بكسر الباء، وبعض العرب يفتحها: وهو ما بين الثلاث إلى التسع، تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلا، وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع لا تقول: بضع وعشرون. انتهى. قلت: قد جاء ذلك في الحديث الذي قبل هذا من تخريج البخاري في خبر أبي موسى. وقال القاضي في «المشارق» (1: 96) قوله: بضعا وخمسين سورة، وبضعا وثلاثين ملكا: بكسر الباء، فقيل: البضع والبضعة، وقيل: بفتحهما أيضا ما بين ثلاثة إلى عشرة. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمرو بن أمية الضمري رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الوكيل في الجزء الرابع من هذا الكتاب فأغنى عن إعادته. 2- جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (242) : جعفر بن أبي طالب. يكنى أبا عبد الله، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم. كان جعفر أشبه الناس خلقا وخلقا برسول الله صلّى الله عليه وسلم. (243) وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي يا جعفر. (242) وكان جعفر أكبر من علي رضي الله تعالى عنهما بعشر سنين، وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين، وكان

جعفر من المهاجرين الأولين هاجر إلى أرض الحبشة، وقدم منها على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح خيبر فتلقاه النبي صلّى الله عليه وسلم واعتنقه وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا بقدوم جعفر أبو بفتح خيبر. وكان قدوم جعفر وأصحابه من أرض الحبشة في السنة السابعة من الهجرة، واختط له رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى جنب المسجد. ثم غزا غزوة مؤتة، وذلك في سنة ثمان من الهجرة، فقتل فيها، قاتل فيها رضي الله تعالى عنه حتى قطعت يداه جميعا، ثم قتل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، فمن هنالك قيل له: جعفر ذو الجناحين. (243) روينا عن ابن عمر أنه قال: وجدنا ما بين صدر جعفر بن أبي طالب ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، وقد روي أربع وخمسون جراحة، والأول أثبت. ولما أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلم نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها في زوجها جعفر، ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: على مثل جعفر فلتبك البواكي. وعن ابن المسيب قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مثّل لي جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من درّ، كلّ واحد منهم على سرير، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدود، ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود، قال: فسألت، أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت أعرضا أو كأنهما صدّا بوجههما وأما جعفر فلا. وجعفر أول من عرقب فرسا في سبيل الله نزل يوم مؤتة إذ رأى الغلبة فقاتل حتى قتل. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطىء التراب بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أفضل من جعفر.

3 - أبو موسى الأشعري

قال الزبير بن بكار: كانت سن جعفر بن أبي طالب يوم قتل إحدى وأربعين سنة. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: مؤتة التي استشهد بها جعفر رضي الله تعالى عنه في «المشارق» (1: 395) «1» : بضم الميم وسكون الهمز وفتح التاء باثنتين من فوق؛ قاله الفراء وثعلب: موضع بالشام، حيث استشهد جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وابن رواحة ومن قتل معهم من المسلمين، وأكثر الرواة يقولونه بغير همز. الثانية: في «الصحاح» (6: 2512) : النّعي خبر الموت، يقال: نعاه له نعيا ونعيانا بالضم، وكذلك النعيّ على فعيل، يقال: جاء نعيّ فلان، والنعيّ أيضا: الناعي وهو الذي يجيء بخبر الموت. وأنشد الأعلم لامرىء القيس «2» : [من الوافر] ألا إلّا تكن إبل فمعزى ... كأنّ قرون جلّتها العصيّ إذا مشّت حوالبها أرنّت ... كأنّ الحيّ صبّحهم نعيّ 3- أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب المفتي في الجزء الثاني من هذا الكتاب فأغنى عن الإعادة هنا الفصل الثالث في إخبار النبي صلّى الله عليه وسلم أن ناسا من أمته يركبون البحر غزاة في سبيل الله ملوكا على الأسرّة أو مثل الملوك على الأسرّة، وفي ذكر أول من ركبه للغزو روى مالك رحمه الله في «الموطأ» (309) عن إسحاق بن عبد الله رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه

_ (1) النقل هنا عن المشارق ببعض تصرف. (2) ديوان امرىء القيس: 136.

وسلم إذا ذهب إلى قباء، يدخل على أمّ حرام بنت ملحان رضي الله تعالى عنها فتطعمه، وكانت أمّ حرام تحت عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، قال: فدخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فأطعمته، وجعلت «1» تفلي رأسه، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكا على الأسرّة، أو مثل الملوك على الأسرة- يشكّ إسحاق- قالت، فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ يضحك قالت: فقلت: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة، كما قال في الأولى، فقلت يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: أنت من الأولين. قال: فركبت البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت. قال أبو عمر ابن عبد البر (1931) رحمه الله تعالى: خرجت مع زوجها عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهما غازية في البحر فلما وصلوا إلى جزيرة قبرس خرجت من البحر فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت ودفنت في موضعها وذلك في إمارة معاوية وخلافة عثمان رضي الله تعالى عنهم، ويقال إن معاوية غزا تلك الغزاة بنفسه ومعه امرأته فاختة بنت قرظة. انتهى. تنبيه: أول من ركب البحر غازيا في سبيل الله أهل هذه السفينة التي ركبت فيها أمّ حرام لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لها رضي الله تعالى عنها: أنت من الأولين. وقال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى: اسم أم حرام: الرميصاء. قال، وقال ابن وهب: هي إحدى خالات رسول الله صلّى الله عليه وسلم من

_ (1) م: وجلست.

الرضاعة، فلهذا كان يدخل عليها، ويقيل عندها، وينام في حجرها. وقال غير ابن وهب: بل كانت خالة لأبي النبي صلّى الله عليه وسلم أو لجده لأن أمّ عبد المطلب كانت من بني النجار. تنبيه: قد تقدم ذكر معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه في باب كتاب الوحي «1» فأغنى عن إعادته الآن. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى في «المشارق» (1: 128) ثبج البحر بفتح الثاء والباء: وسطه، وثبج كل شيء وسطه «2» ، وقيل ثبج البحر ظهره، وقد جاء في الرواية الأخرى: ظهر [هذا] البحر. الثانية: جزيرة قبرس بضم القاف وسكون الباء بواحدة، ضبطها الحافظ أبو علي الغساني بخطه في نسخته من «كتاب الاستيعاب» . الثالثة: في «الاشتقاق» لابن سيّد: قرظة أبو فاختة زوج معاوية، والقرظ ضرب من الشجر يدبغ به. وفي «جامع الاشتقاق» وفي «الديوان» (1: 218) هو القرظ بفتح القاف والراء معا، والواحدة: قرظة.

_ (1) انظر ص: 172 في ما تقدم. (2) وثبج كل شيء وسطه: لم يرد في المشارق.

الباب الثامن والثلاثون في صانع المنجنيق

الباب الثامن والثلاثون في صانع المنجنيق قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 482، 483) : حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهل الطائف بضعا وعشرين ليلة. قال ابن هشام: ويقال سبع عشرة ليلة، ورماهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالمنجنيق. قال: وحدثني من أثق به أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أول من رمى في الإسلام بالمنجنيق، رمى أهل الطائف. انتهى. وقال ابن الأثير في كتابه «الكامل» (2: 266) نصب رسول الله صلّى الله عليه وسلم منجنيقا على أهل الطائف أشار به سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه. انتهى. وذكر الجاحظ في كتاب «البيان والتبيين» (1: 362) أن جذيمة الأبرش أول من رمى بالمنجنيق. فائدة لغوية: في «الصحاح» (4: 1397) الطائف بلاد ثقيف. قال البكري (886) : وكان اسمها وجّ بفتح الواو والجيم المضاعفة؛ قال، وقال هشام: إنما سمي الطائف فيما أخبرني ابن مسكين المدني قال: أصاب رجل من الصّدف دماء في قومه بحضرموت، وكان يقال للصدفي: الدّمون، ثم خرج هاربا حتى نزل بوجّ، فحالف مسعود بن معتّب ومعه مال عظيم فقال لهم: هل لكم أن أبني طوفا عليكم يكون

لكم ردءا من العرب؟ قالوا: نعم، فبنى لهم بماله ذلك الطوف، فسمي الطائف لأنه حائط يطيف بهم؛ قال أمية بن أبي الصلت «1» : [من الرجز] نحن بنينا حائطا حصينا ... نقارع الأبطال عن بنينا قال القاضي في «المشارق» (1: 327) : الطائف معلوم، وهو وادي وجّ على يومين من مكة.

_ (1) ديوان أمية: 596 (عن معجم البكري) .

الباب التاسع والثلاثون في الرامي بالمنجنيق

الباب التاسع والثلاثون في الرامي بالمنجنيق قد تقدم في الباب قبل هذا قول ابن هشام رحمه الله تعالى: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى أهل الطائف بالمنجنيق. وفي كتاب «نفحة الحدائق والخمائل في الابتداع والاختراع للأوائل» : أول من رمى بالمنجنيق في الإسلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أهل الطائف. فائدة لغوية: ابن قتيبة في «الأدب» (589) منجنيق ومنجنيق بكسر الميم وفتحها؛ وفي «الصحاح» (4: 1455) المنجنيق الذي ترمى به الحجارة معربة وهي مؤنثة؛ قال زفر بن الحارث: [من الطويل] لقد تركتني منجنيق ابن بحدل ... أحيد عن العصفور حين يطير والجمع منجنيقات ومجانيق، والتصغير: مجينيق. وفي كتاب «المذكر والمؤنث» للفراء: المنجنيق أنثى، وبعض العرب يسميها المنجنوق، وحكي لي ولم أسمعه منهم. وفي «المحكم» (6: 94) عن أبي زيد: جنقونا بالمنجنيق أي رمونا، والجنق بضم الميم والنون حجارة المنجنيق. وفي «الغريبين» (1: 411) الجنق: أصحاب تدبير المنجنيق، الواحد جانق «1» .

_ (1) لم يقل الهروي: الواحد جانق، وإنما هو مفهوم من قوله: ووكل بهما جانقين.

تنبيه: انظر قول الجوهري في المنجنيق أولا: الذي ترمى به الحجارة فذكّره؛ وقوله بعد معرّبة مؤنّثة، فإمّا أن يكون وهم في التذكير، أو يكون تذكيرها لغة، أو يكون ذلك من الناسخ.

الباب الموفى أربعين في صانع الدبابات

الباب الموفى أربعين في صانع الدبابات في كتاب «نفحة الحدائق والخمائل في الابتداع والاختراع للأوائل» : أول دبابة صنعت في الإسلام دبابة صنعت على الطائف حين حاصرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقال ابن إسحاق في «السير» (2: 483) في قصّة حصار الطائف: حتى إذا كان يوم الشّدخة عند جدار الطائف دخل نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحت دبّابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنّبل فقتلوا منهم رجالا. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل. الأولى: في «الروض الأنف» (7: 266) الدبابة آلة من آلات الحرب يدخل فيها الرجال فيدبون إلى الأسوار لينقبوها. وفي «الاشتقاق» لابن سيّد، قال أبو جعفر: الدبابة بيت صغير يعمل من جلود الإبل والبقر، تعمل للحصون، يدخلها الرجال فينقبون من داخلها، ويكون سقفها حرزا لهم من الرمي. الثانية: لم أر لأحد ممن تكلم على أغربة الحديث كلاما على معنى يوم الشدخة، ويحتمل أن تكون الدبابة شدختها سكك الحديد المرسلة عليها فسمّي يوم الشدخة بذلك. وفي «الصحاح» (1: 424) : الشدخ: كسر الشيء الأجوف «1» . الثالثة: في «الديوان» (3: 38) السكة التي يحرث بها بكسر السين. انتهى. فيحتمل أن تكون هي المذكورة في هذا الحديث، أو شبهها تطبع من الحديد محددة الأطراف.

_ (1) زاد في الصحاح: تقول شدخت رأسه فانشدخ.

الباب الحادي والاربعون في القوم يقطعون الاشجار ويحرقونها

الباب الحادي والاربعون في القوم يقطعون الاشجار ويحرقونها روى مسلم (2: 49) رحمه الله تعالى عن نافع عن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النّضير وقطع وهي البويرة. وزاد ابن قتيبة وابن رمح «1» في حديثهما: فأنزل الله عز وجل ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (الحشر: 5) . وفي حديث موسى بن عقبة: ولها يقول حسان «2» رحمه الله تعالى: [من الوافر] وهان على سراة بني لؤيّ ... حريق بالبويرة مستطير انتهى من كتاب مسلم رحمه الله تعالى. وقال ابن إسحاق في «السير» (2: 483) : أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف، فوقع الناس يقطعون. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: البويرة بضم الباء بواحدة وفتح الواو وسكون الياء أختها والراء المهملة على لفظ التصغير. في «المعجم» (285) و «المشارق» (1: 116) قال القاضي: موضع معلوم من بلاد قريظة وبني النضير مذكور في شعر حسان. الثانية: في «المحكم» اللّينة واللّونة: كلّ ضرب من النخل ما لم يكن عجوة أو برنيّا. وفي التنزيل ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها والجمع: لين، ولون، وليان.

_ (1) هو أبو عبد الله محمد بن رمح التجيبي مولاهم المصري الحافظ، سمع الليث وابن لهيعة وكان ثقة ثبتا، وتوفي سنة 242 (عبر الذهبي 1: 438) . (2) انظر البيت في (مادة: البويرة من) معجم البكري ومعجم البلدان وعيون الأثر 2: 51 وديوان حسان 1: 210.

الباب الثاني والاربعون في حفر الخندق

الباب الثاني والاربعون في حفر الخندق ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 216) خبر اليهود، لعنهم الله، الذين حزّبوا الأحزاب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بهم، وما اجتمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر، وعمل معه المسلمون. وذكر أبو الفرج الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه «مختصر الصفوة» (1: 215) عن كثير بن عبد الله المدني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خطّ الخندق، وقطع لكلّ عشرة أربعين ذراعا، فاحتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلا قويا، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقال الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: سلمان منا أهل البيت. انتهى. وقال ابن إسحاق في «السير» (2: 219) : وحدّثت عن سلمان الفارسي قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت عليّ «1» ورسول الله صلّى الله عليه وسلم قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان عليّ، نزل فأخذ المعول من يدي فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة، قال: ثم ضرب به الثانية فلمعت تحته برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة قال: فلمعت أخرى، قال فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: أو قد رأيت ذلك يا سلمان؟ قال قلت: نعم، قال: أما الأولى فإن الله فتح عليّ بها اليمن،

_ (1) زاد في السيرة: صخرة.

وأما الثانية فإن الله فتح عليّ بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح عليّ بها المشرق. انتهى. وروى النسائي «1» رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن نحفر الخندق، عرض لنا فيه حجر لا يأخذ فيه المعول فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فألقى ثوبه وأخذ المعول وقال: باسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلث الصخرة، قال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر الآن مكاني هذا. قال: ثم ضرب أخرى وقال: باسم الله، وكسر ثلثا آخر وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن. ثم ضرب الثالثة وقال: باسم الله، فقطع الحجر قال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر باب صنعاء. انتهى. قال ابن إسحاق (2: 224) وأقبل فوارس من قريش تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا: والله إن هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. قال ابن هشام (2: 224) يقال إن سلمان أشار به على رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وفي كتاب «نفحة الحدائق والخمائل في الابتداع والاختراع للأوائل» : أول من ضرب الخندق في الإسلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المدينة. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: ضرب الخندق: عمله وأنشأه، وكذلك ضرب الحائط. وفي «المحكم» : الضريبة: الطّبيعة، وهذه ضريبته التي ضرب عليها، وضربها أي طبع.

_ (1) قارن بما ورد في سنن النسائي 6: 43 حيث روى عن رجل من المحررين عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم.

وفي شرح شعر حاتم لابن السكّيت في قول حاتم «1» : [من الطويل] ولو شهدتنا بالمراح لأيقنت ... على ضرّنا أنّا كرام الضرائب والضرائب: الطبائع والخلائق. وقال الأعلم في شرحه لقول طرفة «2» : [من الطويل] ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتا ولم تضرب له وقت موعد معنى تضرب: تجعل. يقال: ضربت له أجلا وموعدا: إذا جعلته له. الثانية: في «المحكم» الخندق: الحفير، وخندق حوله: حفر خندقا. الثالثة: في «الديوان» (3: 354) المعول بكسر الميم: الفأس التي تكسر بها الحجارة، وعينه مهملة. الرابعة: في «المقصور والممدود» لابن القوطية: صنعاء مدينة باليمن، يمد ويقصر. الخامسة: في «الديوان» (1: 224) العنق بفتح العين والنون: السير الفسيح، وأعنق يعنق إعناقا.

_ (1) ديوان حاتم: 204. (2) ديوان طرفة (شرح الأعلم) : 45.

الباب الثالث والاربعون في صاحب المغانم

الباب الثالث والاربعون في صاحب المغانم وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر من ولي جمعها وحفظها حتى تقسم في يوم بدر قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 643) في أخبار يوم بدر: وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على النّفل عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار رضي الله تعالى عنه. وكذلك نسبه أبو عمر. وذكر ابن حزم في «الجماهر» (411- 412) : محمية بن جزء الزبيدي وقال: ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الغنائم يوم بدر. وفي يوم خيبر ذكر ابن إسحاق (2: 339) رحمه الله تعالى في أخبار غزوة خيبر عمن لا يتهم عن عبد الله بن مغفّل المزنيّ رضي الله تعالى عنه قال: أصبت من فيء خيبر جراب شحم فاحتملته على عنقي إلى رحلي وأصحابي، قال: فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها، فأخذ بناحيته وقال: هلمّ هذا حتى نقسمه بين المسلمين، قال قلت: لا والله لا أعطيكه، قال: فجعل يجاذبني «1» الجراب، قال: فرآنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن نصنع ذلك فتبسم ضاحكا ثم قال لصاحب المغانم: لا أبالك خلّ بينه وبينه، قال: فأرسله فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي فأكلناه. انتهى.

_ (1) السيرة: يجابذني (وهما سواء) .

وقال ابن فتحون في كتابه «ذيل الاستيعاب» : ذكر ابن وهب بسند عن رجل من قريش قال: لما حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر، جاع بعض الناس، فافتتحوا حصنا من حصونها، فأخذ رجل من المسلمين جراب شحم فبصر به صاحب المغانم وهو كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري فأخذه منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلّ بينه وبين جرابه، فذهب به إلى أصحابه. انتهى. وقال السهيلي في «الروض الأنف» (6: 560- 561) : ذكر ابن إسحاق حديث عبد الله بن مغفل ولم يذكر اسم صاحب المغانم. وروي عن ابن وهب أنه [قال] : كان على المغانم يوم خيبر أبو السير كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري. وكذلك قال فيه ابن بشكوال في كتابه «المعجم» : كعب بن عمرو بن زيد، فجعلوا اسم والد عمرو زيدا، وجعله ابن إسحاق وابن عبد البر في اسم ولده عبد الله بن كعب في الفصل الذي قبل هذا: عوفا. وكذلك نسب ابن حزم عبد الله بن كعب في «الجماهر» (352) ، وأخاه عبد الرّحمن بن كعب فقال: عبد الرّحمن بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار أحد البكائين المذكورين في القرآن، وأخوه عبد الله بن كعب بدري. انتهى ولم يذكره أبو عمر ابن عبد البر في كتابه، وذكره ابن فتحون وغيره حسبما تقدم. وفي يوم حنين قال القاضي محمد بن سلامة القضاعي في كتاب «الأنباء» : كان بها من السبايا ستة آلاف ومن الإبل والغنم ما لا يدري عدده. وروى ابن فارس «1» في كتابه «مسند الزهري» عن سعيد بن المسيب أن النبي صلّى الله عليه وسلم سبى يومئذ ستة آلاف بين امرأة وغلام، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليهم أبا سفيان بن حرب. انتهى.

_ (1) هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي الحافظ النيسابوري يروي عنه البخاري باسم محمد بن عبد الله أو محمد بن خالد، لم يكن أحد أعلم بحديث الزهري منه، وكان ثقة صدوقا توفي سنة 358، وصنف حديث الزهري وجوده (تهذيب التهذيب 9: 511- 516) .

وذكر ابن حزم في «الجماهر» (156) : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استعمل أبا الجهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي على النّفل يوم حنين. انتهى. وذكر ابن الأثير في كتابه «الكامل» (2: 266) في أخبار يوم حنين: وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فجمعت إلى الجعرّانة وجعل عليها بديل بن ورقاء الخزاعي. انتهى. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 459) كان على المغانم يوم حنين مسعود بن عمرو القاري «1» . وقال ابن عبد البر (1394) : مسعود بن عمرو القاري من القارة، كان على المغانم يوم حنين، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يحبس السبايا والأموال بالجعرّانة. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الديوان» (2: 252) : غنم القوم بكسر النون يغنمون بفتحها. وفي «الصحاح» (4: 1999) : غنما بالضم، والغنيمة والمغنم بمعنى. وقال القزاز: وجمع الغنيمة: غنائم، وجمع المغنم: مغانم. وقال: وأصل الغنيمة والمغنم: الربح، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلم في الرهن: «له غنمه وعليه غرمه» : أي فضله للراهن ونقصانه عليه. الثانية: في «الصحاح» (5: 1833) : النفل: بالتحريك: الغنيمة، والجمع الأنفال؛ قال لبيد» : [من الرمل] إنّ تقوى ربّنا خير نفل

_ (1) السيرة: الغفاري؛ وفي ط: الغابري؛ وأثبت ما في م؛ ولعل تسميته مسعود بن عمرو وهم من ابن عبد البر فقد قال ابن الكلبي في الجمهرة إن الذي استعمل على المغانم يوم حنين هو عمرو بن القاري (الإصابة 6: 91) . (2) ديوان لبيد: 174 وعجز البيت، وبإذن الله ريثي وعجل. والنفل: الفضل والعطية.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

الثالثة: في «المؤتلف والمختلف» لعبد الغني: عبد الله بن مغفّل بالغين معجمة بعدها فاء وهما مفتوحتان والفاء مشددة: هو صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. الرابعة: في «المشارق» (1: 144) الجراب: وعاء من جلد كالمزود ونحوه بكسر الجيم؛ قاله الخليل وغيره. وقال القزاز: هو بفتح الجيم. وفي «الصحاح» (1: 98) : الجراب معروف والعامة تفتحه، والجمع أجربة وجرب وجرب. الخامسة: في «المشارق» (1: 168) الجعرّانة: أصحاب الحديث يقولونه بكسر العين وتشديد الراء، وبعض أهل الاتقان يقولونه بتخفيفها، وكلاهما صواب مسموع. وعن علي بن المديني: أن أهل المدينة- وقال البصري: أهل الحجاز- يقولونه بالتثقيل وأهل العراق يقولونه بالتخفيف، ومذهب الأصمعي التخفيف، وحكى أنه سمع من العرب من يثقلها. وقال البكري (384) : وهي ما بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أدنى، وبها قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم غنائم حنين. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن كعب رضي الله تعالى عنه: تقدم نسبه عند ذكر اسمه في أول هذا الباب عن ابن إسحاق، وكذلك نسبه أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (981) وقال: شهد بدرا وكان على غنائم النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان على خمس النبي صلّى الله عليه وسلم في غيرها. يكنى أبا الحارث، وقيل يكنى أبا يحيى. كانت وفاته بالمدينة سنة ثلاثين، وصلّى عليه عثمان رضي الله تعالى عنه وهو أخو أبي ليلى المازني. انتهى.

2 - محمية بن جزء

2- محمية بن جزء رضي الله تعالى عنه: يأتي الكلام عليه في باب صاحب الخمس بعد هذا الباب، إن شاء الله تعالى. 3- كعب بن عمرو بن زيد: لم يذكره أبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب، واستدركه ابن فتحون في «الذيل» وقد تقدم ما ذكره ابن فتحون في اسمه قبل هذا، وما ألحقته من قولي السهيلي وابن حزم في اختلافهم في نسبه، ولم أقف من شأنه على غير ذلك. 4- أبو سفيان بن حرب: في «الاستيعاب» (1677) : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي: هو والد معاوية ويزيد وعتبة وإخوتهم. ولد أبو سفيان قبل الفيل بعشر سنين، وكان من أشراف قريش في الجاهلية. أسلم يوم الفتح. وفي حديث ابن عباس عن أبيه رضي الله تعالى عنه أنه قال: لما أتى به العباس وقد أردفه خلفه يوم الفتح إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسأله أن يؤمنه، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأعلمك وأكرمك، والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عنّي شيئا. فقال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك أما هذه ففي نفسي منها شيء. فقال له العباس: ويلك: اشهد شهادة الحقّ قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم. وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حنينا مسلما، وأعطاه من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، وزنها له بلال رضي الله تعالى عنه. واختلف في حسن إسلامه: فطائفة تروي أنه لما أسلم حسن إسلامه، وذكر عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: رأيت أبا سفيان يوم اليرموك وهو تحت راية ابنه يزيد يقاتل ويقول: يا نصر الله اقترب، وطائفة تروي أنه كان كهفا للمنافقين منذ أسلم، وكان في الجاهلية ينسب إلى الزندقة.

5 - أبو الجهم بن حذيفة

وروي عن الحسن أن أبا سفيان دخل على عثمان رضي الله تعالى عنه حين صارت الخلافة إليه فقال: قد صارت إليكم بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك، وما أدري ما جنة ولا نار، فصاح به عثمان: قم عني فعل الله بك وفعل. قال أبو عمر: وله أخبار من نحو هذا رديئة ذكرها أهل الأخبار، وحديث سعيد بن المسيب يدلّ على صحة إسلامه، والله تعالى أعلم. وفقئت عينه يوم الطائف فلم يزل أعور حتى فقئت عينه الأخرى يوم اليرموك أصابها حجر فشدخها فعمي، ومات سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وقيل سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وقيل ابن بضع وسبعين سنة. انتهى. 5- أبو الجهم بن حذيفة رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1623) أبو جهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب القرشي العدوي: قيل اسمه عامر، وقيل عبيد، أسلم عام الفتح وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أهدى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم خميصة لها أعلام فشغلته في الصلاة فردّها عليه، هذا معنى رواية أهل الحديث. وذكر الزبير بسند أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتي بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم، ثم إنه أرسل إلى أبي جهم في تلك الخميصة وبعث إليه التي لبسها، ولبس هو التي كانت عند أبي جهم بن حذيفة بعد أن لبسها أبو جهم لبسات. وكان أبو جهم من مشيخة قريش مقدما فيهم معظما، عالما بالنسب، وكانت فيه وفي أبيه شدّة وعرامة، وهو أحد الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان وهم: حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم بن حذيفة. وعن الزبير قال، قال عميّ: كان أبو جهم من المعمّرين من قريش، بنى الكعبة مرتين مرة في الجاهلية حين بنتها قريش، ومرة حين بناها ابن الزبير.

6 - بديل بن ورقاء

قال أبو عمر: كذا ذكر الزبير عن عمه: أن أبا جهم شهد بنيان الكعبة في زمن ابن الزبير، وغيره يقول: إنه توفي في خلافة معاوية، والزبير وعمه أعلم بأخبار قريش. انتهى. 6- بديل بن ورقاء رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (150) بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي من خزاعة. أسلم هو وابنه عبد الله بن بديل وحكيم بن حزام يوم فتح مكة بمرّ الظهران في قول ابن شهاب. وذكر ابن إسحاق: أن قريشا يوم فتح مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولاه رافع. وشهد بديل وابنه حنينا والطائف وتبوك. وكان بديل من كبار مسلمة الفتح، وقيل: إنه أسلم يوم الفتح. وروى عنه ابنه مسلمة بن بديل أن النبي صلّى الله عليه وسلم كتب له كتابا. وقال أبو عمر: وذكر البخاري بسنده عن بديل بن ورقاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يحبس السبايا والأموال بالجعرانة حتى يقدم عليه ففعل. انتهى. 7- مسعود بن عمرو القاري رضي الله تعالى عنه: قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1394) : مسعود بن عمرو القاريّ من القارة كان على المغانم يوم حنين، وأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يحبس السبايا والأموال بالجعرّانة ولم يزد على هذا، وقد تقدم في أول الباب. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» : آن أينك، وأنى إينك: أي حان حينك، وآن لك أن تفعل كذا يئين أينا عن أبي زيد أي حان مثل أنى لك وهو مقلوب منه؛ وأنشد ابن السكيت «1» [من الطويل] ألمّا يئن لي أن تجلّى عمايتي ... وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا فجمع بين اللغتين. انتهى.

_ (1) انظر اللسان والتاج والصحاح (أني) .

الفصل الثالث في ذكر من تولى بيع ما احتيج إلى بيعه من الغنائم

قلت: وكذا جاءت اللغتان في هذا الحديث. وفي «ديوان الأدب» (4: 203) آن لك أن تفعل كذا يئين أينا وأنى لك أن تفعل كذا يأني، أي حان بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل. الثانية: في «الغريبين» قال الأصمعي: الخمائص: ثياب خز أو صوف معلمة وهي سود كانت من لباس الناس. الثالثة: نيار بكسر النون وفتح الياء أخت الواو: اسم رجل، كذا قيّده الفارابي. الفصل الثالث في ذكر من تولّى بيع ما احتيج إلى بيعه من الغنائم ذكر أبو القاسم خلف بن بشكوال رحمه الله تعالى في كتابه الذي ألفه «في تفسير ما استعجم من غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة» ، بسنده عن مالك أنه قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم السعدين يوم خيبر أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا، أو كلّ أربعة بثلاثة عينا، فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أربيتما فردّا. قال أبو القاسم ابن بشكوال: السعدان المذكوران اختلف فيهما كثيرا، وأولى ما قيل في ذلك، إن شاء الله تعالى أنهما سعد بن أبي وقاص، وسعد بن عبادة، رضي الله تعالى عنهما. وروى بسند ذكره عن أبي كثير جلاح «1» مولى عبد الرّحمن أو عبد العزيز بن مروان قال: سمعت حنشا السّبائي «2» عن فضالة رضي الله تعالى عنه يقول: كنّا يوم

_ (1) أبو كثير جلاح الأموي مولاهم المصري روى عن حنش الصنعاني وأبي عبد الرّحمن الحبلي وأبي سلمة وروى عنه الليث وابن لهيعة والمصريون، توفي سنة 120 ويقال أنه مولى عمر بن عبد العزيز أو مولى أخيه عبد الرّحمن بن عبد العزيز (تهذيب التهذيب 2: 126) . (2) حنش السبائي الصنعاني أبو رشدين (من صنعاء دمشق) سكن افريقية، (وفضالة الذي عنه يروي هو فضالة بن عبيد) يروي عن عدد من الصحابة، يقال إن جامع سرقسطة من بنائه وكانت وفاته سنة 120 (انظر جذوة المقتبس رقم: 403 والمعرفة والتاريخ 2: 530 وتهذيب التهذيب 3: 57 ونفح الطيب 3: 7 ورياض النفوس 1: 121 ومصادر أخرى كثيرة في حاشيته) .

خيبر فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الغنائم سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة، فأرادوا أن يبيعوا الدينارين بالثلاثة والثلاثة بالخمسة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا، إلا مثلا بمثل. قال ابن بشكوال، قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا إسناد متصل صحيح حسن؛ فصحّ أن السعدين سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة، وارتفع الشكّ في ذلك والحمد لله؛ قال ابن بشكوال: انتهى كلام أبي عمر والحمد لله. تنبيه: قد تقدم ذكر سعد بن أبي وقاص في باب الحارس «1» من هذا الجزء، وذكر سعد بن عبادة في باب صاحب اللواء «2» من هذا الجزء أيضا فأغنى ذلك عن الإعادة هنا. فائدة لغوية: الجلاح: اسم الرجل بضم الجيم وفتح اللام مخففة غير مشددة، كذلك قيده الفارابي (1: 440) .

_ (1) انظر ص: 458 في ما تقدم. (2) ترجمة سعد تقدمت ص: 349.

الباب الرابع والأربعون في صاحب الخمس

الباب الرابع والأربعون في صاحب الخمس وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم 1- عبد الله بن كعب بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (981) كان على غنائم النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر، وكان على خمس النبي صلّى الله عليه وسلم في غيرها. انتهى. 2- محمية بن جزء رضي الله تعالى عنه: ذكر مسلم (1: 296) رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة في باب ترك استعمال آل النبي صلّى الله عليه وسلم على الصدقة، فقال: محمية بن جزء، وهو رجل من بني أسد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس. وقال القاضي عياض في «الإكمال» هكذا قال مسلم، وهو رجل من بني أسد، والمحفوظ من بني زبيد. انتهى. قلت: وإلى بني زبيد نسبه أبو داود في «سننه» (2: 133) وأبو عمر في «الاستيعاب» (1463) وابن حزم في «الجماهر» (411- 412) وقالوا ثلاثتهم: استعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الأخماس. وكذلك نسبه أبو عبيد القاسم بن سلام في «جماهره» (46) أيضا.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف رضي الله تعالى عنه: تقدم الكلام عليه في باب صاحب المغانم قبل هذا بما أغنى عن إعادته هنا. 2- محمية بن جزء الزبيدي: قال أبو عبيد في «الجماهر» (46) محمية بن جزء حليف بني جمح من ولد زبيد الأصغر، وهو منبّه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبّه، قال: ومنبه بن صعب جماع زبيد. وقال ابن حزم في «الجماهر» (411- 412) : محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن زبيد له صحبة، بدري، ولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأخماس والمغانم يوم بدر. وفي «الاستيعاب» (1463) : محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر الزبيدي، حليف لبني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. كان من مهاجرة الحبشة، وتأخر إقباله منها. أول مشاهده المريسيع، واستعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الأخماس وأمره أن يصدق عن قوم من بني هاشم في مهور نسائهم منهم الفضل بن عباس. انتهى. وذكر مسلم رحمه الله في صحيحه (1: 296) : أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمره أن يصدّق عن الفضل بن العباس وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث من الخمس.

الباب الخامس والاربعون في الرجل يبعثه الإمام مبشرا بالفتح وفيه تلقي القوم المبعوث إليهم بالبشارة الامام في الطريق يهنئونه

الباب الخامس والاربعون في الرجل يبعثه الإمام مبشرا بالفتح وفيه تلقي القوم المبعوث إليهم بالبشارة الامام في الطريق يهنئونه وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مبشرا قال ابن إسحاق (1: 642، 643) رحمه الله تعالى في أخبار يوم بدر: ثم بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عند الفتح عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية بما فتح الله على رسوله وعلى المسلمين، وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة؛ قال ابن إسحاق: ثم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم قال ابن هشام في «السير» (1: 247) : زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرىء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ودّ بن عوف بن كنانة بن بكر ابن عوف بن عذرة بن زيد اللّات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة. انتهى. وكذلك نسبه ابن حزم في «الجماهر» (459) «1» .

_ (1) ذكر ذلك في نسب ابنه أسامة، وفيه بعض اختلاف عما ورد هنا.

وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (542) : زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، أبو أسامة، مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ونسبه كما نسبه ابن هشام وابن حزم، ووصل نسبه بقحطان؛ قال: وكان ابن إسحاق (1: 247) يقول: زيد بن حارثة بن شرحبيل، ولم يتابع على قوله: شرحبيل، وإنما هو شراحيل. وأم زيد: سعدى بنت ثعلبة بن عامر من بني معن بن طيء. وكان زيد رضي الله تعالى عنه أصابه سباء في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لخديجة بنت خويلد، فوهبته لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك. وقال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ (الأحزاب: 5) . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: خرجت سعدى بنت ثعلبة أم زيد بن حارثة، وهي امرأة من طيء تزور قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية فمروا على أبيات بني معن رهط أمّ زيد فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه منهم حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهبته له. وقال أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده «1» : [من الطويل] بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحيّ يرجّى أم أتى دونه الأجل فو الله ما أدري وإن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل تذكرنيك الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطّفل

_ (1) الأبيات في السيرة 1: 248 وأنساب الأشراف 1: 467- 468 والاستيعاب: 544 وأسد الغابة 2: 234- 235.

وإن هبّت الأرواح هيّجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه ويا وجل سأعمل نصّ العيس في الأرض جاهدا ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل حياتي أو تأتي عليّ منيتي ... وكلّ امرىء فان وإن غرّه الأمل سأوصي به قيسا وعمرا كليهما ... وأوصي يزيدا ثم من بعده جبل يعني جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني يزيد أخا زيد لأمه وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحجّ ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال: أبلغوا أهلي هذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا عليّ فقال «1» [من الطويل] أحنّ إلى قومي وإن كنت نائيا ... فإني قعيد البيت عند المشاعر فكفوا عن الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نصّ الأباعر فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه فقال: ابني ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب بن شراحيل لفدائه، وقدما المدينة فسألا عن النبي صلّى الله عليه وسلم، فقيل هو في المسجد، فدخلا عليه فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكّون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عبدك فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، قال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فهلا غير ذلك؟ قالوا: ما هو؟ قال: أدعوه فأخيّره فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا. قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، قال: من هذا؟ قال: هذا أبي وهذا عمى، قال: فإني من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما. قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم؛

_ (1) الاستيعاب: 544 وأسد الغابة 2: 235.

فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟! قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا. فلما رأى ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخرجه إلى الحجر فقال: يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا. ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فنزلت ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ فدعي يومئذ زيد بن حارثة. وعن الزهري قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه؛ قال عبد الرزاق: ما أعلم أحدا ذكره غير الزهري؛ قال أبو عمر رحمه الله تعالى: وقد روي عن الزهري من وجوه أن أول من أسلم خديجة. وشهد زيد بن حارثة بدرا، وزوّجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مولاته: أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد، وبه كان يكنى، وكان يقال لزيد بن حارثة: حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وروي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: إن أحبّ الناس إليّ من أنعم الله عليه وأنعمت عليه، يعني زيد بن حارثة، أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتق. وقتل زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه بمؤتة من أرض الشام سنة ثمان من الهجرة وهو كان الأمير على تلك الغزوة؛ وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فإن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة. فقتلوا ثلاثتهم في تلك الغزوة. ولما أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم نعي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة بكى وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي. انتهى. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (144) كان زيد ممن أمّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الجيش يوم مؤتة فاستشهد، وكان يوم مؤتة سنة ثمان، وقتل وهو ابن خمس وخمسين سنة. انتهى.

وروى أبو عمر ابن عبد البر (546) بسنده عن الليث بن سعد قال: بلغني أن زيد بن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف اشترط عليه الكريّ أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة فقال: انزل فنزل فإذا في الخربة قتلى كثيرة، فلما أراد أن يقتله، قال له: دعني أصلي ركعتين، قال: صلّ فقد صلّى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فلما صليت أتاني ليقتلني، قال: فقلت: يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتا: لا تقتله، قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب فلم ير شيئا، فرجع إلي فناديت يا أرحم الراحمين، ففعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس بيده حربة حديد في رأسها شعلة من نار فطعنه بها فأنفذه من ظهره فوقع ميتا، ثم قال لي: لما دعوت المرة الأولى كنت في السماء السابعة فلما دعوت في المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت في السماء الدنيا فلما دعوت في المرة الثالثة يا أرحم الراحمين أتيتك. انتهى. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: ابن طريف: بشرتك بالخير بفتح الشين وكسرها بشارة بكسر الباء وضمها وأبشرتك بالخير أيضا. وفي «الديوان» (2: 351) بشّرتك مشددا؛ وقاله ابن القوطية (1: 63) وفي «الصحاح» (2: 590- 591) وتقول: أبشر بخير بقطع الألف، ومنه قوله تعالى وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (فصلت: 30) ، والبشارة المطلقة لا تكون إلا بالخير، وإنما تكون بالشر إذا كانت مقيدة به كقوله تعالى فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*، وبشرت الرجل بشرا وبشورا من البشرى، وكذلك الإبشار والتّبشير ثلاث لغات، وتباشر القوم: بشّر بعضهم بعضا، والتّباشير: البشرى، والبشير: المبشّر. الثانية: في «المشارق» (2: 108) العالية ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها، والسافلة ما كان من ذلك من جهة تهامة. الثالثة: في «المشارق» (1: 305) الرّوحاء بفتح الراء ممدود: بينه وبين المدينة

نحو أربعين ميلا. وفي كتاب مسلم: هي على ستة وثلاثين ميلا؛ وفي كتاب ابن أبي شيبة: ثلاثون ميلا. الرابعة: في «الصحاح» (3: 1310) أيفع الغلام أي ارتفع وهو يافع، ولا يقال: موفع وهو من النوادر، وغلام يفع ويفعة، وغلمان أيفاع ويفعة أيضا. الخامسة: الفارابي (1: 226) بجلي هذا وبجلي، بفتح الجيم وسكونها والباء مفتوحة في اللغتين ومعناه: حسبي. السادسة: في «الصحاح» (6: 2440) : العاني: الأسير، وقوم عناة، ونسوة عوان، وعنا فيهم فلان أسيرا: أي أقام فيهم على إساره واحتبس، وعنّاه غيره تعنية: حبسه. السابعة: في «ديوان الأدب» (1: 190، 239) : النصف بكسر النون وسكون الصاد: النّصف والنّصفة بالفتح: الاسم من الإنصاف. وفي «الأفعال» لابن طريف: أنصفتك: أعطيتك حقك؛ وأنشد غيره للفرزدق «1» [من الطويل] ولكنّ نصفا لو سببت وسبّني ... بنو عبد شمس من مناف وهاشم الثامنة: في «المحكم» الكروة والكروة والكراء: أجر المستأجر، كاراه مكاراة وكراء واكتراه وأكراه دابته أو داره، والاسم الكرو بغير هاء عن اللحياني، وكذلك الكروة والكروة، والمكاري والكريّ الذي يكريك دابته، والجمع أكرياء لا يكسر على غير ذلك. وفي «الصحاح» (6: 2473) الكراء ممدود مصدر كاريت، والمكاري مفاعل منه، وهو من ذوات الواو، وتقول: أعط الكريّ كروته، بالكسر، أي: كراه، وتقول: هؤلاء المكارون، وذهبت إلى المكارين، ولا تقول المكاريّين بالتشديد.

_ (1) البيت في اللسان (نصف) وفصل المقال: 382 وديوان الفرزدق 2: 300.

الجزء السادس في العمالات الجبائية وفيه اثنا عشر بابا

الجزء السادس في العمالات الجبائية

الباب الأول في صاحب الجزية وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر أخذ النبي صلّى الله عليه وسلم الجزية وممن أخذها قال محمد بن المنذر في «الإشراف» ، قال الشافعي: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم نصارى نجران على الجزية، وفيهم عرب وعجم، وصالح ذمّة اليمن على الجزية وفيهم عرب وعجم. انتهى. وذكر أبو عمر ابن عبد البر في «التمهيد» عن ابن شهاب قال: أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران في علمنا، وكانوا نصارى، ثم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أهل البحرين وكان مجوسا. فوائد لغوية: في «الصحاح» (6: 2303) الجزية: ما يؤخذ من أهل الذمة، والجمع: مثل لحية ولحى. قال العزيزي «1» : الجزية: الخراج المجعول على رأس الذميّ، وسميت جزية: لأنها قضاء منهم لما عليهم ومنه قوله عز وجلّ: لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (البقرة: 48) أي لا تقضي ولا تغني.

_ (1) محمد بن عزيز أبو بكر السجستاني المعروف بالعزيزي (وقيل ابن عزير بالراء المهملة) ، كان أديبا فاضلا صنف غريب القرآن ورتبه على حروف المعجم وتوفي سنة 330 (بغية الوعاة 1: 171 وكشف الظنون 2: 1208) .

الفصل الثاني في ذكر من تولى الجزية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال ابن عسكر في «المشرع» : أو لأنها جزاء للمنّ عليهم بالإعفاء من القتل. الفصل الثاني في ذكر من تولّى الجزية في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم 1- فمنهم أبو عبيدة ابن الجراح القرشي رضي الله تعالى عنه: روى النسائي رحمه الله تعالى عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن العاقب والسيد صاحبا نجران أتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأرادا أن يلاعناه، فقال: أحدهما: لا ألاعنه، والله لئن كان نبيا لعله لا نفلح ولا عقبنا من بعده، قالا له: نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا أمينا حقّ أمين، فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: قم يا أبا عبيدة ابن الجراح، فلما مضى قال: هذا أمين هذه الأمة. انتهى. وذكر ابن عطية (3: 111) أنهم لما أبوا أن يباهلوه- صلى الله عليه وسلم- قال لهم: أسلموا، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، فإن أبيتم فإني أنبذ إليكم على سواء، قالوا: لا طاقة لنا بحرب العرب، ولكنا نؤدي الجزية، قال: فجعل عليهم في كل سنة ألفي حلة: ألفا في رجب، وألفا في صفر. وطلبوا منه رجلا أمينا يحكم بينهم فبعث معهم أبا عبيدة ابن الجراح، رضي الله تعالى عنه. وروى البخاري (4: 117) رحمه الله تعالى عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة ابن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمّر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين ... الحديث بكماله. 2- ومنهم معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه: روى أبو داود (2: 149) رحمه الله تعالى عن معاذ رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله

عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلّ حالم- يعني محتلما- دينارا أو عدله من المعافر- ثيابا تكون باليمن. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 191) : الحالم هو الذي بلغ الحلم بضم الحاء واللام: وهو إدراك الرجال، وأصله من الاحتلام في النوم، وفي الحديث: على كل محتلم، وخذ من كل حالم دينارا، والحلم بضم الحاء وسكون اللام وضمها أيضا من حلم النوم ورؤياه، والفعل منه: حلم بفتح اللام. الثانية: «في المشارق» (1: 385) برد معافري بفتح الميم منسوب إلى معافر قرية باليمن، وأصله: قبيل منهم نزلوها. وحكى لنا شيخنا أبو الحسين «1» الضمّ، وقد أنكر يعقوب الضمّ فيه. تنبيه: قد تقدم ذكر أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله تعالى عنه في باب المقدم على الرجالة في الجزء الخامس من هذا الكتاب «2» ، وذكر معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه في باب القاضي في الجزء الرابع «3» منه فأغنى عن الإعادة الآن.

_ (1) شيخ عياض المكني بأبي الحسين هو سراج بن عبد الملك بن سراج الأموي الوزير اللغوي الحافظ، رحل إليه إلى قرطبة سنة 507 ثم رجع إليه بعد عودته من شرق الأندلس في السنة التالية فوجده مريضا مرض الموت الذي توفي منه وعليه قرأ غريب الحديث للخطابي والدلائل لقاسم بن ثابت والمصنف لأبي عبيد وأمثال أبي عبيد القاسم والغريبين للهروي (انظر الغنية: 201- 205 وفي الحاشية ثبت بمصادر أخرى) . (2) انظر ص: 380. (3) انظر ص: 281.

الباب الثاني في صاحب الأعشار

الباب الثاني في صاحب الأعشار وفيه أربعة فصول الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى أبو داود (2: 151) رحمه الله تعالى عن حرب بن عبيد الله بن عمير الثقفي عن جده رجل من بني تغلب «1» قال: أتيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم فأسلمت وعلمني الإسلام، وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم، ثم رجعت إليه فقلت: يا رسول الله كلّ ما علمتني قد حفظت إلا الصدقة، أفأعشرهم؟ قال: لا إنما العشر على اليهود والنصارى. فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 102) عشور أهل الذمة، وتعشيرهم: هو ما يؤخذ منهم إذا نزلوا «2» بنا تجارا على ذمة وعهد، وذلك ما صولحوا عليه عند مالك «3» ، [وفي رواية العشور] «4» وهو اسم لما يؤخذ منهم كالسّحور لما يتسحر به. وفي الترجمة: عشور

_ (1) هكذا هو عند أبي داود «جده رجل من بني تغلب» ، ولم يذكر هنا أنه جده لأمه (وذكر ذلك في حديث سابق) إذ كيف يكون تغلبي جدا لثقفي صليبة، وقد حاول ابن حبان أن يتجاوز هذا المأزق فقال: عن خال له؛ وقال آخرون حرب بن عبيد الله بن عمير الثقفي عن النبي مرسلا. (انظر تهذيب التهذيب 2: 225) . (2) م: نزل. (3) في ط م: ذلك، وأثبت ما في المشارق. (4) هذه زيادة لازمة من المشارق؛ وفي نقل المؤلف عن المشارق في هذا الموضع وما بعده تقديم وتأخير.

الفصل الثاني في ذكر من تولى ذلك في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه

أهل الذمة بالضم، إلا أن الضم له وجه كأنه جمع عشر، وإذا سافر أهل الذمة من أفق إلى أفق غير أفقهم من بلاد الإسلام أخذ منهم العشر مما بأيديهم. انتهى. وفي «الصحاح» (2: 746) العشر: الجزء من أجزاء العشرة، وعشرت القوم أعشرهم عشرا بالضم: إذا أخذت منهم عشر أموالهم، ومنه العاشر والعشّار، وعشرت القوم أعشرهم بالكسر عشرا بالفتح أي صرت عاشرهم. الفصل الثاني في ذكر من تولى ذلك في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه روى الزهري رحمه الله تعالى في «مسنده» عن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه قال: كنت عاملا مع عبد الله بن عتبة على سوق المدينة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فكنا نأخذ من النبط العشر. وعن السائب أيضا رضي الله تعالى عنه قال: كنت أعشر اليهود والنصارى، وخرجه مالك في «موطأه» (190) بنصه، رضي الله تعالى عنهم. الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (576) السائب ابن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن أخت النمر، اختلف في نسبه: فقيل كناني، وقيل كندي، وقيل هذلي، وقيل أزدي، حليف لبني أمية أو بني عبد شمس. ولد في السنة الثانية من الهجرة، وقيل في الثالثة. وكان يقول: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وجع، فدعا لي ومسح برأسي، ثم توضأ فشربت من

2 - عبد الله بن عتبة بن مسعود:

وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم بين كتفيه كأنه زرّ الحجلة. وكان عاملا لعمر على سوق المدينة مع عبد الله بن عتبة بن مسعود. واختلف في وقت وفاته: فقيل توفي سنة ثمانين، وقيل سنة إحدى وتسعين. انتهى. 2- عبد الله بن عتبة بن مسعود: قال أبو عمر (945) رحمه الله تعالى: هو ابن أخي عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما، ذكره العقيلي في الصحابة فغلط «1» ، وإنما هو تابعي من كبار التابعين بالكوفة، استعمله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ولكنه ولد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأتي به فمسحه بيده ودعا له؛ روى عنه ابنه حمزة بن عبد الله بن عتبة أنه قال: أذكر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضع يده على رأسي. وروت عنه أمّ ولده قالت: قلت لسيدي عبد الله بن عتبة: أي شيء تذكر من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أني غلام خماسي أو سداسي أجلسني النبي صلّى الله عليه وسلم في حجره، ومسح على وجهي، ودعا لي ولذريتي بالبركة. انتهى. فائدة لغوية: في «المشارق» (1: 183) «2» : في صفة خاتم النبوة: مثل زرّ الحجلة، كذا هو في «صحيح مسلم» (2: 218) وفي «كتاب البخاري» (1: 59) بتقديم الزاي مكسورة، والحجلة بحاء مهملة مفتوحة، وجيم مفتوحة، والزّر واحد الأزرار التي تدخل في العرى كأزرار القميص، والحجلة: واحد الحجل وهو ستر ذو سجوف.

_ (1) هذا هو قول ابن عبد البر، وعمدة العقيلي أنه رأى النبي، وإذا كان عمر قد استعمله على السوق- كما يقول ابن سعد- فإذن لا مانع من عده صحابيا لأن عمر لا يستعمل صغيرا، قاله ابن حجر في الإصابة 4: 100. (2) هذه الفائدة اللغوية حتى قوله «سجوف» كلها منقولة عن المشارق.

الفصل الرابع في حكم ما يجلبه الحربيون إذا دخلوا بالأمان، وحكم ما تجر به أهل الذمة من الخمر والخنزير

الفصل الرابع في حكم ما يجلبه الحربيون إذا دخلوا بالأمان، وحكم ما تجر به أهل الذمة من الخمر والخنزير قال أبو عمر ابن عبد البر في باب حكم أهل الحرب إذا دخلوا إلينا بأمان في كتابه «الكافي» : ولا يعرض لهم في بيع الخنزير والخمر من أهل الذمة، ويؤخذ منهم عشر ثمن ذلك كله. انتهى. وقال أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس في «الجواهر» في كتاب عقد الذمة منه: إذا تجر أهل الذمة بالخمر وما يحرم علينا، فروى ابن نافع أنهم يتركون حتى يبيعوه فيؤخذ منهم عشر الثمن، وإن خيف من خيانتهم جعل معهم أمين؛ قال ابن نافع: وذلك إذا جلبوه إلى أهل الذمة، لا إلى أمصار المسلمين التي لا ذمة فيها. وذكر ابن حبيب في الحربيين ومعهم خمر وخنزير: فالوالي يريق الخمر ويقتل الخنزير، ويفيت الجميع، ولا يجوز للإمام إنزالهم على إبقاء ذلك في أيديهم. انتهى.

الباب الثالث في الترجمان

الباب الثالث في الترجمان أما الترجمان يترجم للإمام باللسان وبالكتاب فقد تقدم ذكره في الجزء الثالث من هذا الكتاب، وأن المتولي لذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم كاتبه زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه. وإنما يذكر هنا الرجل يترجم عن أهل الذمة فيما يعرض لهم وعليهم من المعاملات، والحقوق والمخاصمات. قال ابن بطال: اختلف العلماء في من تجوز ترجمته بلسان الأعجمين إذا تخاصموا إلى حكام المسلمين: 1- مذهب مالك رحمه الله تعالى: قال ابن بطال: فروى أشهب عن مالك أنه تجوز ترجمة رجل واحد ثقة، واثنان أحب إلي في ذلك من الواحد، ولا تقبل ترجمة عبد ولا مسخوط. زاد ابن يونس: ولا كافر، وتقبل ترجمة امرأة واحدة، واثنتان أحبّ إليه. انتهى. وقال ابن يونس في كتاب «آداب القضاة» من تأليفه، قال مالك: ولا بأس أن تقبل ترجمة امرأة عدلة، قال مطرّف وابن الماجشون: إذا لم يجد من الرجال من يترجم له. قالوا: وكان مالك يقبل فيه شهادة النساء، وامرأتان ورجل أحبّ إلينا. قال ابن يونس، وقال سحنون: ولا تقبل ترجمة النساء، ولا ترجمة رجل واحد، ولا ترجمة من لا تجوز شهادته، لأن من لا يفهم قوله كالغائب عنه. انتهى. وقال ابن رشد في «البيان والتحصيل» قوله: لا تقبل ترجمة كافر أو عبد أو مسخوط معناه مع وجود العدول المرضيين. وإذا اضطر إلى ترجمة الكافر

2 - مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى:

أو المسخوط أو العبد أعمل قوله، وحكم به كما يحكم بقول الطبيب النصراني، وغير العدل فيما يضطر به فيه إلى قوله من جهة معرفته بالطب. انتهى. 2- مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى: قال ابن بطال: وأجاز أبو حنيفة وأبو يوسف ترجمة رجل واحد وامرأة واحدة، ولا تقبل من عبد كقول مالك. وقال ابن المنذر: قول النعمان ويعقوب: إن الرجل المسلم إذا ترجم عنهم قبل منه. قال: واثنان أحبّ إليّ، قال: ولا تقبل ترجمة أهل الكفر ولا المكاتب ولا العبد، ولو قبل ترجمة امرأة بعد أن تكون حرة مسلمة عدلة فهو في سعة، ورجلان ورجل وامرأة أحب إلينا. وقال ابن بطال وابن المنذر: قال محمد بن الحسن: لا تقبل إلا من رجلين أو رجل وامرأتين، وإنما هذا بمنزلة الشهادة، ولا يقوم بذلك إلا من تقبل شهادته، لأن القاضي إذا لم يعلم ما يتكلم به الخصم فكأنه لم يسمعه. 3- مذهب الشافعي رحمه الله تعالى: قال ابن بطال، وقال الشافعي: لا بد من اثنين؛ قال ابن المنذر: وقالت طائفة: لا تقبل الترجمة إلا من شاهدين عدلين يعرفان ذلك اللسان لا يشكان فيه. قال: وهذا قول الشافعي، وأقام الشافعي ذلك مقام الشهادة. انتهى اختيار ابن المنذر. قال ابن المنذر: لو كان الأمر إلى النظر لكان الواجب ألا يقبل في الترجمة أقل من شاهدين قياسا على أن ما غاب عن القاضي لا يقبل فيه إلا شاهدان. وفي ترجمة زيد بن ثابت وحده للنبي صلّى الله عليه وسلم حجّة لا يجوز خلافها. انتهى.

الباب الرابع في متولي خراج الأرضين

الباب الرابع في متولي خراج الأرضين وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر أقسام الأرضين بالنظر إلى أحكامها ومصرف فوائدها الأرضون أربعة أقسام: القسم الأول: أرض انجلى عنها أهلها من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب: روى مسلم (2: 52) رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلّى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل. قال القاضي في «الإكمال» ، قال الطبري: كان ما أفاء الله على رسوله طعمة من الله له، على أن يأكل منه هو وأهله ما احتاجوا، ويصرف ما فضل عن ذلك في تقوية المسلمين. وعن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه أنه صلّى الله عليه وسلم كان يعود منها على فقراء بني هاشم ويزوج أيمهم. وقال الإمام المازري: ما أجلي عنه أهله من غير قتال، فعندنا أنه لا يخمّس، ويصرف في مصالح المسلمين، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلم يصرف ما يؤخذ من بني النضير.

والقسم الثاني:

والقسم الثاني: أرض أسلم عليها أهلها: قال أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب الأموال» (69) : فهي لهم ملك أيمانهم، وهي أرض عشر لا شيء عليهم فيها غيره. والقسم الثالث: أرض افتتحت صلحا على خراج معلوم: قال أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب الأموال» (69) أيضا: فهم على ما صولحوا عليه لا يلزمهم أكثر منه. والقسم الرابع: أرض أخذت قهرا وعنوة: قال أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب الأموال» (69- 70) أيضا: فهي التي اختلف فيها المسلمون، فقال بعضهم: سبيلها سبيل الغنيمة تخمّس وتقسم، يكون أربعة أخماسها حصصا بين الذين افتتحوها خاصة، ويكون الخمس [الباقي] لمن سمّى الله تبارك وتعالى. وقال بعضهم: بل حكمها والنظر فيها إلى الإمام، إن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمسها ويقسمها كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخيبر فذلك له، وإن رأى أن يجعلها فيئا فلا يخمّسها ولا يقسمها ولكن تكون موقوفة على المسلمين عامة ما بقوا، كما صنع عمر رضي الله تعالى عنه بالسواد فعل ذلك. وحكى ابن شاس في المذهب في كتاب الجهاد وكتاب قسم الفيء من «الجواهر» في ذلك ثلاثة أقوال: الأول: تكون وقفا لمن يأتي من المسلمين ليشترك الكلّ في منفعته، كما فعل عمر رضي الله تعالى عنه يصرف خراجها في مصالح المسلمين من أرزاق المقاتلة والعمال وبناء القناطر والمساجد وغير ذلك من سبل الخير ولا تقسم. والثاني: تقسم كسائر أموال الغنيمة من العين والعروض. والثالث: أن ذلك موكول إلى اجتهاد إمام الوقت. قال: وفي بعض روايات المدونة ما يقتضي التخيير، فيصرف الأمر فيها إلى اجتهاد الإمام.

الفصل الثاني في ذكر رأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في أرض العنوة

الفصل الثاني في ذكر رأي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في أرض العنوة روى أبو عبيد القاسم بن سلام (72) عن إبراهيم التيمي قال: لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر: اقسمه بيننا فإنا فتحناه عنوة، فأبى وقال: فما لمن جاء بعدكم من المسلمين؟ وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم في المياه. قال: فأقرّ أهل السواد في أرضهم، وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أرضهم الطسق- قال أبو عبيد: يعني الخراج- ولم يقسمه بينهم. وعن الماجشون قال (73) قال بلال لعمر بن الخطاب في القرى التي افتتحوها يعني بالشام عنوة: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هذا عين المال، ولكني أحبسه فيما يجري عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلالا وذويه؛ قال: فما حال الحول ومنهم عين تطرف. وعن سفيان بن وهب الخولاني يقول (74) : لما افتتحت مصر بغير عهد قام الزبير فقال: يا عمرو بن العاص اقسمها، فقال عمرو: لا أقسمها، فقال الزبير: لتقسمنّها كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر، فقال عمرو: لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، وكتب إلى عمر رضي الله تعالى عنهم، فكتب إليه عمر: أن دعها حتى يغزو منها حبل الحبلة، يعني ولد الولد. قال أبو عبيد: أراه أراد أن يكون فيئا موقوفا للمسلمين ما تناسلوا، ليرثه قرن عن قرن ويكون قوة لهم على عدوهم. وعن يزيد بن أبي حبيب (74) أن عمر رضي الله تعالى عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق: أما بعد، فقد بلغني كتابك، أن الناس قد سألوا أن تقسم بينهم غنائمهم وما أفاء الله عليهم، فانظر ما أجلبوا به عليك في العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين، واترك الأرضين والأنهار لعمالها

ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنا لو قسمناها بين من حضر لم يكن لمن بعدهم شيء. (74) وعن جارية بن مضرّب عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه أراد أن يقسم السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا، فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور في ذلك، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما: دعهم يكونوا مادة للمسلمين فتركهم. (75) وعن عبد الله بن أبي قيس أو عبد الله بن قيس قال: قدم عمر الجابية، فأراد أن يقسم الأرض بين المسلمين، فقال معاذ: والله إذا ليكوننّ ما تكره، إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في يدي القوم، ثم يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد أو المرأة، ثم يأتي من بعدهم يسدّون من الإسلام مسدّا، وهم لا يجدون شيئا، فانظر أمرا يسع أولهم وآخرهم، فصار عمر إلى قول معاذ رضي الله تعالى عنهما. قال أبو عبيد: فقد تواترت الآثار في افتتاح الأرضين عنوة بهذين الحكمين: أما الأول منهما: فحكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في خيبر: وذلك أنه جعلها غنيمة فخمسها وقسمها وبهذا الرأي أشار بلال على عمر في بلاد الشام، وأشار به الزبير بن العوام على عمرو بن العاص في أرض مصر، وبهذا كان يأخذ مالك بن أنس. وأما الحكم الآخر: فحكم عمر رضي الله تعالى عنه في السواد وغيره، وذلك أنه جعله فيئا موقوفا على المسلمين ما تناسلوا، ولم يخمسه ولم يقسمه، وهو الرأي الذي أشار به علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهما، وبهذا كان يأخذ سفيان وهو معروف من قوله. قال أبو عبيد (76) وليس فعل النبي صلّى الله عليه وسلم برادّ لفعل عمر، ولكنه صلّى الله عليه وسلم اتبع آية من كتاب الله فعمل بها، واتبع عمر آية فعمل بها، وهما آيتان محكمتان فيما ينال المسلمين من أموال المشركين فيصير غنيمة،

أو فيئا. قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (الأنفال: 41) فهذه آية الغنيمة، وهي لأهلها دون الناس، وبها عمل النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال الله تعالى: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى إلى قوله: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ (الحشر: 7- 9) فهذه آية الفيء، وبها عمل عمر، وإياها تأوّل حين ذكر الأموال وأصنافها، قال: فاستوعبت هذه الآية الناس، وإلى هذه الآية ذهب علي ومعاذ حين أشارا عليه بما أشارا فيما نرى، والله تعالى أعلم. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: ابن طريف: ضرب عليك الشيء: ألزمكه، ومنه الضريبة من المغرم. الثانية: تقدم قول أبي عبيد في الطسق: أنّه الخراج، وفي «المحكم» (6: 138) الطسق: ما يوضع على الجربان من الخراج، وقال الجوهري (4: 1517) فارسي معرب. الثالثة: في «الصحاح» (4: 1665) حبل الحبلة: نتاج النتاج، وولد الجنين. وفي «المشارق» (1: 175) بفتح الحاء والباء فيهما. ويروى في الأول بسكون الباء أيضا، والفتح أبين وأوضح. الرابعة: في «جامع الاشتقاق» المضرب يكون من الضّرب على التكثير، ويكون من قولهم: أرض مضروبة من الضريب وهو الجليد الذي يسقط من السماء. الخامسة: في «المحكم» سواد كل كورة ما حول القرى والرّساتيق، والسواد جماعة النخل والشجر لخضرته واسوداده، وقيل إنما ذلك لأن الخضرة تقارب السواد، والنسب إليهما سوادى بضم السين نادر، عن ابن الأعرابي.

الفصل الثالث في ذكر من تولى النظر في خراج الأرض في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر نسبه

تنبيه: الرساتيق: في «الصحاح» (4: 1481) الرّستاق فارسي معرب ألحقوه بقرطاس، والجمع: الرساتيق وهي السواد. السادسة: الريع: في «الصحاح» (3: 1223) النّماء والزيادة، وأرض مريعة بفتح الميم أي مخصبة. انتهى. الفصل الثالث في ذكر من تولى النظر في خراج الأرض في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وذكر نسبه روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (429) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاء بتمر جنيب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أكلّ تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا والله يا رسول الله. إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا. انتهى. قال أبو القاسم ابن بشكوال في كتابه «تفسير ما استعجم من غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة» : الرجل المذكور هو سواد بن غزيّة أخو بني عديّ الأنصاري. وروي عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سواد بن غزيّة أخا بني عديّ الأنصاري وأمّره على خيبر، فقدم عليه بتمر جنيب، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة آصع من الجمع، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا تفعل ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا وكذلك الميزان.

وقال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (673) : سواد بن غزيّة: ذكره موسى بن عقبة في من شهد بدرا والمشاهد بعدها، من بني عدي بن النجار، وهو الذي أسر خالد بن هشام المخزومي يوم بدر. وسواد بن غزية هو كان عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على خيبر، فأتاه بتمر جنيب قد أخذ منه صاعا بصاعين من الجمع، رواه الدراوردي عن ابن المسيب وأبي هريرة، وذكر الحديث. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: الخراج بفتح الخاء، والخرج بفتحها أيضا وسكون الراء المهملة؛ قاله القاضي في «المشارق» (1: 232) وتقدم في باب الوزير «1» . الثانية: في «المشارق» (1: 155) التمر الجنيب قال الطحاوي وابن السكن: هو الطيّب، وقال غيره: هو الكبيس. وفي «الصحاح» (2: 966) : الكبيس: ضرب من التمر. الثالثة: الجوهري (3: 1198، 4: 1698) الجمع: الدقل يقال: ما أكثر الجمع في أرض بني فلان لنخل خرج من النوى لا يعرف اسمه، والدّقل: أردأ التمر، وقد أدقل النخل. وقال الفارابي (1: 227) هو مفتوح الدال والقاف معا. انتهى.

_ (1) ورد ص: 57 من هذا الكتاب.

الباب الخامس في صاحب المساحة

الباب الخامس في صاحب المساحة روى أبو عبيد في «كتاب الأموال» (86) عن أبي مجلز، لاحق بن حميد، أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما إلى أهل الكوفة على صلاتهم وجيوشهم، وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه على قضائهم وبيت مالهم، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، ثم فرض لهم في كلّ يوم شاة بينهم. قال: أو قال: جعل لهم في كلّ يوم شاة، شطرها وسواقطها لعمّار، والشطر الآخر بين هذين. ثم قال: ما أرى قرية يؤخذ منها كلّ يوم شاة إلا كان سريعا في خرابها. قال (87) فمسح عثمان بن حنيف الأرض، فجعل على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل خمسة دراهم، وعلى جريب القضب ستة دراهم، وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين، وجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون بها في كل عشرين درهما درهما، وجعل على رقابهم أربعة وعشرين كل سنة، وعطل الصبيان والنساء من ذلك، ثم كتب بذلك إلى عمر فأجازه ورضي به. وفي «الاستيعاب» (1033) : عثمان بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن الحارث بن مجدعة الأنصاري، من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، أخو سهل بن حنيف. يكنى أبا عمرو، وقيل أبا عبد الله. عمل لعمر ثم لعلي رضي الله تعالى عنهما ولاه عمر بن الخطاب مساحة الأرض وجبايتها، وضرب الخراج والجزية على أهلها، وولاه عليّ البصرة، فأخرجه طلحة والزبير رضي الله تعالى

عنهم حين قدما البصرة، ثم قدم عليّ فكانت وقعة الجمل، فلما خرج عليّ من البصرة ولاها عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم. ذكر العلماء بالخبر والأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه استشار الصحابة رضي الله تعالى عنهم في رجل يوجهه إلى العراق، فأجمعوا جميعا على عثمان بن حنيف وقالوا: لن تبعثه إلى أهم من ذلك فإن له بصرا وعقلا ومعرفة وتجربة، فأسرع عمر إليه فولاه مساحة أرض أهل العراق، فضرب عثمان على كلّ جريب من الأرض يناله الماء عامرا أو غامرا: درهما وقفيزا، فبلغت جباية سواد الكوفة قبل أن يموت عمر بعام: مائة ألف ألف ونيفا. وقال عثمان بن حنيف في نزول عسكر طلحة والزبير البصرة ما زاد في فضله رحمه الله تعالى ورضي عنهم ثم سكن عثمان بن حنيف الكوفة وبقي إلى زمن معاوية. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: «ابن القوطية» (3: 183) مسح الأرض مساحة ومسحا: ذرعها؛ «الفارابي» (2: 198) مسحها يمسحها بفتح السين فيهما. الثانية: حنيف: مصغر أحنف على أسلوب تصغير الترخيم كزهير وسويد في أزهر وأسود. الثالثة: سواقط الشاة: يداها ورجلاها وحشوتها وهي سقطها أيضا؛ وفي «الصحاح» (3: 1132) الساقط والساقطة اللئيم في حسبه ونفسه، والسّقط رديء المتاع. الرابعة: في «الصحاح» (1: 98) الجريب من الطعام ومن الأرض: مقدار معلوم، والجمع أجربة وجربان. الخامسة: في «الصحاح» (1: 203، 3: 1049) القضب والقضبة: الرطبة وهي

الإسفست بالفارسية، والموضع الذي تنبت فيه يسمى: مقضبة، قال: وهي الفصفصة بالكسر، وأنشد الأعلم للنابغة «1» : [من البسيط] وقارفت وهي لم تجرب وباع لها ... من الفصافص بالنمّيّ سفسير وقال: الفصافص: الرطاب واحدتها فصفصة، وفي «ديوان الأدب» (3: 105) الفصفصة بكسر الفاءين وسكون الصاد. الأولى: الرطبة، بفتح الراء، وأصلها بالفارسية، والنميّ الفلوس، قاله الجوهري.

_ (1) البيت من قصيدة تنسب للنابغة (ديوانه: 157) كما تنسب لأوس بن حجر (ديوانه: 41) ولهذا تضطرب المصادر في نسبتها فالبيت في اللسان (قرف) للنابغة، وهو نفسه في (فصفص) لأوس؛ والنميّ: الفلوس، قارن بلفظةZ numismatics zالذي سمي «علم النميات» .

الباب السادس في العامل على الزكاة

الباب السادس في العامل على الزكاة وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في فضل العمل على الصدقة بالحق، وإثم المعتدي فيها وإثم مانعها، وأن ما يكتمه العامل فهو غلول 1- فضل العمل على الصدقة: روى الترمذي (2: 79) وأبو داود (2: 120) رحمهما الله عن رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: العامل على الصدقة بالحقّ كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته. 2- إثم المعتدي في الصدقة: روى الترمذي (2: 79) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: المعتدي في الصدقة كمانعها. قال الترمذي رحمه الله تعالى يقول: على المعتدي من الإثم ما على المانع إذا منع. 3- إثم مانع الصدقة: روى البخاري (2: 132) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان، يطوّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه- يعني

4 - ما يكتمه العامل فهو غلول:

شدقيه- ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك ثم تلا وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ (آل عمران: 180) ... الآية. وروى النسائي (5: 11) رحمه الله تعالى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، فتنطحه بقرونها، وتطؤه بأخفافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس. انتهى. 4- ما يكتمه العامل فهو غلول: روى مسلم (2: 84) رحمه الله تعالى عن عدي بن عميرة الكندي رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة. قال: فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله اقبل عني عملك، قال: وما لك؟ قال: سمعتك تقول: كذا وكذا، قال: وأنا أقوله الآن: من استعملناه منكم على عمل فليجىء بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: في «المعلم» أصل الزكاة في اللغة: النماء؛ وفي «الصحاح» (6: 2368) : زكا الزرع يزكو زكاء- ممدود- أي نما، وأزكاه الله. قال الإمام المازري: فإن قيل: كيف يستقيم هذا الاشتقاق ومعلوم انتقاص المال بالإنفاق؟ قيل: وإن كان نقصا في الحال فقد يفيد النموّ في المآل، ويزيد في صلاح الأعمال. وفي «الصحاح» (2368) زكّى ماله تزكية: إذا أدّى عنه زكاته. وقول الله عز وجل وَتُزَكِّيهِمْ بِها (التوبة: 103) قالوا: تطهرهم، وزكّاه أيضا: إذا أخذ زكاته. الثانية: الشجاع: في «المشارق» (2: 245) قوله شجاع أقرع: هو الحية الذكر، وقيل كلّ حية شجاع- بضم الشين وقيل بكسرها- والجمع شجعان وشجعان وأشجعة، ويقال لواحدها أيضا أشجع.

الفصل الثاني في ذكر من ولي العمل على الصدقات في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كتب العهد لمتولي الصدقة

الثالثة: الأقرع: في «المشارق» (2: 180) ، قوله شجاع أقرع، في «البارع» : هو ضرب من الحيات، وقيل هو الذي تمعّط من السم رأسه فزال عنه ما عليه كما زال شعر الأقرع. الرابعة: في «المشارق» (1: 309) قوله زبيبتان- بفتح الزاي- هما الزبدتان «1» في جانبي شدقي الحية من السم، وتكون في جانبي شدق الإنسان عند كثرة الكلام، وقيل هما نكتتان على عينيه وهو أشدّها أذى. [قال القاضي رحمه الله: ولا يعرف أهل اللغة هذا الوجه] «2» . الخامسة: في «المشارق» (1: 363) : يأخذ بلهزمتيه- بكسر اللام- فسّره في الحديث: بشدقيه، وقال الخليل: هما مضيغتان في أصل الحنك، وقيل: عند منحنى اللّحيين أسفل من الأذنين، وقيل: بين الماضغ والأذن، وذا متقارب كلّه. وفي «الديوان» (2: 54) اللهزمتان- بكسر اللام والزاي- في اللحيين: مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن. السادسة: في «المشارق» (1: 343) أصل الكنز ما أودع الأرض من الأموال. وهو في الحديث ما لم تؤد زكاته وغيب عليه «3» . الفصل الثاني في ذكر من ولي العمل على الصدقات في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي كتب العهد لمتولي الصدقة 1- كتب العهد بولاية الصدقة: روى أبو داود (1: 364) رحمه الله عن سويد بن غفلة رضي الله تعالى عنه قال: أتانا مصدق النبيّ صلّى الله عليه وسلم فأخذت بيده، وقرأت في عهده قال: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة.

_ (1) المشارق: الزبيبتان. (2) هذه الزيادة من المشارق ضرورية للتوضيح. (3) المشارق: وغيب عن ذلك.

2 - ذكر من وليها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في باب سويد في «الاستيعاب» (679) عن سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي رضي الله تعالى عنه قال: أتانا مصدق النبي صلّى الله عليه وسلم فأخذت بيده وأخذ بيدي فقرأت في عهده لا يجمع بين مفترق ولا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة؛ وذكر تمام الخبر. انتهى. 2- ذكر من وليها في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السيرة» (2: 600) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان بعث أمراءه وعمّاله على الصدقات إلى كل ما وطأ الإسلام من البلدان وعدّ منهم جملة. وذكر أبو الربيع ابن سالم في «الاكتفاء» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما صدر من الحجّ سنة عشر وقدم المدينة، فأقام حتى رأى هلال المحرم سنة إحدى عشرة، بعث المصدقين في العرب وذكر منهم جماعة. قلت: ولو ذهبت إلى ذكر جميع من بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم على الصدقات بأسمائهم وأخبارهم لطال ذلك، فاقتصرت على بعض من ولي ذلك من كبار الصحابة المشاهير رضي الله تعالى عنهم. فمنهم من قريش: 1- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: خرج مسلم (1: 268) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمر على الصدقات، فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها. ثم قال: يا عمر أما شعرت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟. انتهى.

2 - وخالد بن سعيد بن العاصي

تنبيه: لم أقف على ذكر ابن جميل ولا على اسمه في شيء من أخبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلا في هذا الحديث. 2- وخالد بن سعيد بن العاصي رضي الله تعالى عنه: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 580، 583) : قدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة ومباعدا لهم، واستعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم على مراد وزبيد ومذحج كلّها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاصي رضي الله تعالى عنه على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (296) استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاصي على صدقات بني زبيد، فصار إليه الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب، فلم يزل عند آل سعيد بن العاصي حتى اشتراه المهدي منهم بعشرين ألف درهم. انتهى. ومنهم من الأنصار: 3- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: روى الترمذي (2: 68) رحمه الله تعالى عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنّة، ومن كلّ حالم دينارا أو عدله معافر. انتهى. 4- وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: روى أبو داود (1: 365) رحمه الله تعالى عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلم مصدقا. انتهى. ومنهم من طيء: 5- عدي بن حاتم الطائي: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير»

ومنهم من بني تميم:

(2: 600) بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عدي بن حاتم على طيء وصدقاتها وعلى بني أسد. وروى مسلم (2: 269) رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال: أتيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال لي: إن أول صدقة بيّضت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووجوه أصحابه صدقة طيء، جئت بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ومنهم من بني تميم: 6- الزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم التميميان رضي الله تعالى عنهما: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 600) فرق رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدقة بني سعد على رجلين منهم: فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية منها، وقيس بن عاصم على ناحية. انتهى. وقال ابن قتيبة في «المعارف» (2: 3) : استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر على صدقات قومه، وتوفي النبي صلّى الله عليه وسلم فذهب بالصدقة إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنهما وهي سبعمائة بعير. انتهى. فوائد لغوية في سبع مسائل: الأولى: قد تقدم في كاتب العهود أن العهد الوصية، ومنه اشتقّ العهد الذي يكتب للولاة. الثانية: في «المفصل» (206) تحقير الترخيم أن يحذف كلّ شيء زيد في ذوات «1» الثلاثة والأربعة حتى تصير الكلمة على حروفها الأصول ثم تصغرها كقولك في أسود: سويد «2» . الثالثة: سويد بن غفلة- بفتح الغين والفاء- قاله القاضي في «المشارق» .

_ (1) م والمفصل: بنات. (2) المفصل: كقولك في حارث حريث وفي أسود سويد ... الخ.

الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

الرابعة: في «الأفعال» لابن طريف: نقمت الشيء ونقمته- بفتح القاف وكسرها- أنكرته. الخامسة: في «المعلم» قوله صلّى الله عليه وسلم: «احتبس أعتاده» قال الهروي وغيره: العتاد ما أعدّه الرجل من السلاح والدوابّ والآلة للحرب، ويجمع أيضا أعتد وأعتدة. السادسة: قد تقدم الكلام على الصنو عند ذكر العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلم في باب السقاية. السابعة: في «الاكمال» قول عمر لعديّ: أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيء، أي فرحتهم وسرتهم، وضدّه سواد الوجه عند الحزن والغمة بما يكره. الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب الوزير، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. 2- خالد بن سعيد بن العاصي: في «الاستيعاب» (420) هو خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، يكنى أبا سعيد، أسلم قديما، يقال إنه أسلم بعد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، وكان ثالثا أو رابعا، وقيل كان خامسا. وقال إبراهيم بن عقبة: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد تقول: كان أبي خامسا في الإسلام، قلت: من تقدمه؟ قالت: علي بن أبي طالب، وابن أبي قحافة، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص. وهاجر إلى الحبشة المرة الثانية، وأقام بها بضع عشرة سنة، ثم قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم بخيبر. وشهد أبي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرة القضية وفتح مكة وحنينا

3 - معاذ بن جبل

والطائف وتبوك، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، وفي رواية على صدقات مذحج، واستعمله على صنعاء اليمن. فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبي باليمن. قال أبو عمر (422) : قتل خالد يوم «أجنادين» وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، وقيل بل قتل بمرج الصّفّر سنة أربع عشرة. انتهى. 3- معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب القاضي فأغنى ذلك عن إعادته. 4- أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: تقدم ذكره في باب إمامة القيام في رمضان فأغنى عن إعادته هنا. 5- عدي بن حاتم الطائي رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (1057) : عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي مهاجري يكنى أبا طريف، ووصل نسبه إلى زيد بن كهلان. وقال: إلّا أنهم مختلفون في بعض الأسماء إلى طيء. قدم عدي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شعبان من سنة تسع. وقال الواقدي: قدم عدي بن حاتم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شعبان سنة عشر. قال أبو عمر: وخبره في قدومه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبر عجيب في حديث حسن صحيح. وقال عدي: ما دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلم قطّ إلا وسّع لي أو تحرك، ودخلت عليه يوما في بيته وقد امتلأ من أصحابه فوسّع لي حتى جلست إلى جنبه. قال أبو عمر (1057) : ثم قدم على أبي بكر الصديق بصدقات قومه في حين الردة، ومنع قومه وطائفة معهم من الردة ثبوته اعلى الإسلام وحسن رأيه، وكان سريا شريفا في قومه حاضر الجواب فاضلا كريما.

6 - الزبرقان بن بدر

وفي حديث الشعبي: أن عديّ بن حاتم قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إذ قدم عليه: ما أظنك تعرفني؟ فقال: وكيف لا أعرفك وأول صدقة بيّضت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدقة طيء، أعرفك: آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا. انتهى. وذكر ابن السكيت في «شرح شعر حاتم» : أن عديّ بن حاتم رضي الله تعالى عنه قدم على عثمان رضي الله تعالى عنه في خلافته فحجبه نائل مولى عثمان، فلما خرج عثمان عرض له عدي فرحب به عثمان فشكا إليه نائلا، فلامه عثمان وقال: لا تحجبه فإنا نعرف له فضله ورأي الخليفتين فيه وفي قومه. انتهى. قال أبو عمر (1058) : ثم نزل عديّ بن حاتم رضي الله تعالى عنه الكوفة وسكنها، وشهد مع عليّ رضي الله تعالى عنه الجمل، وفقئت عينه يومئذ، وشهد معه صفين والنهروان. ومات بالكوفة سنة سبع وستين، وقيل سنة ثمان وستين، وقيل سنة تسع وستين، وهو ابن مائة وعشرين سنة. انتهى. 6- الزبرقان بن بدر رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (560) : الزبرقان بن بدر بن امرىء القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم البهدلي السعدي التميمي، يكنى أبا عياش، وقيل أبا شذرة. وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم سنة تسع فولاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدقات قومه، وأقره أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما على ذلك. وله في ذلك اليوم من قوله بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفاخرا «1» : [من البسيط] نحن الملوك فلا حيّ يقاربنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يؤنس القزع وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا

_ (1) أبيات الزبرقان في السيرة: 563 ومغازي الواقدي: 977 وأسد الغابة 2: 195.

7 - قيس بن عاصم

فأجابه عليها حسان فأحسن، وأجاب خطيبهم ثابت بن قيس يومئذ فقرعهم، وخبرهم مشهور بذلك عند أهل السير موجود في كتبهم وفي كتب جماعة من أصحاب الأخبار، وقد اختصرنا ذلك في باب حسان بن ثابت. انتهى. قلت: وقد أثبت ذلك في باب الشاعر عند ذكر حسان. قال أبو عمر رحمه الله تعالى (561) : وقيل إن اسم الزبرقان بن بدر: الحصين بن بدر، وإنما سمّي الزبرقان لحسنه، شبه بالقمر، لأن القمر يقال له الزبرقان. قال الأصمعي: الزبرقان: القمر، والزبرقان: الرجل الخفيف اللحية. وقد قيل إن اسم الزبرقان بن بدر: القمر بن بدر. والأكثر على ما قدّمت لك، وقيل سمي الزبرقان لأنه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران. وفي «الصحاح» (4: 1488) : زبرقت الثوب أي صفرته، وزبرقان بن بدر الفزاري من رؤساء بني سعد. قال أبو يوسف: سمي الزبرقان لصفرة عمامته، وكان اسمه حصينا، قال المخبّل السعدي «1» : [من الطويل] وأشهد من عوف حلولا كثيرة ... يحجّون سبّ الزبرقان المزعفرا انتهى. 7- قيس بن عاصم رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر رحمة الله تعالى عليه في «الاستيعاب» (1294) : قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن الحارث، والحارث هو مقاعس، بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم المنقري التميمي، يكنى أبا علي، وقيل أبا طلحة، وقيل أبا قبيصة، والمشهور أبو علي. قدم في وفد تميم على رسول الله صلّى الله عليه

_ (1) إذا حمل بيت المخبل على المدح، كان ما يقوله أبو يوسف صحيحا، وكان معنى «السب» : العمامة؛ غير أن المخبل كان يهجو الزبرقان ويقذع، لأنه خطب أخت الزبرقان «خليدة» فرده، فإذا كان هذا البيت قيل في فترة الهجاء، فينبغي أن يصرف لذلك، ويكون معنى السبّ: الاست، وهذا ما يوحي به قولهم في بعض من يقرف بالابنة «مصفّر استه» .

وسلم فأسلم، وذلك في سنة تسع، فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: هذا سيد أهل الوبر. وكان عاقلا حليما مشهورا بالحلم. وقيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري، رأيته يوما قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه، حتى أوتي برجل مكتوف وآخر مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، قال: فوالله ما حلّ حبوته ولا قطع كلامه، فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه فقال: يا ابن أخي بئس ما فعلت، أثمت بربك، وقطعت رحمك، وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسهمك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بنيّ فوار أخاك، وحلّ كتاف ابن عمك، وسق إلى أمك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة. وكان قيس بن عاصم قد حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وكان سبب ذلك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران، وسبّ أباها، ورأى القمر فتكلّم بشيء، وأعطى الخمار كثيرا من ماله، فلما أفاق أخبر بذلك، فحرّمها على نفسه، وقال فيها أشعارا منها «1» : [من الوافر] رأيت الخمر صالحة وفيها ... خصال تفسد الرجل الحليما فلا والله أشربها صحيحا ... ولا أشفي بها أبدا سقيما ولا أعطي بها ثمنا حياتي ... ولا أدعو لها أبدا نديما فإن الخمر تفضح شاربيها ... وتجشمهم بها أمرا عظيما قال الحسن: لما حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال: يا بني احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني: إذا متّ فسوّدوا كباركم، ولا تسوّدوا صغاركم، فيسفّه الناس كباركم وتهونوا عليهم، وعليكم بإصلاح المال فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم ومسألة الناس فإنها أخر كسب المرء. وقال حكيم ولده: إنه أوصى عند موته فقال: إذا متّ فلا تنوحوا عليّ فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم ينح عليه.

_ (1) شعر قيس في تحريم الخمر على نفسه ورد في الأغاني 14: 79 وأسد الغابة 4: 220.

وقال عبدة بن الطّبيب «1» : [من الطويل] عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحّما تحية من أوليته منك نعمة ... إذا زار عن شحط بلادك سلّما فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدّما فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: قال الخشني في «غريب السيرة» (2: 432) في أبيات الزبرقان: البيع: مواضع الصلوات والعبادات، واحدتها بيعة، والقزع: جمع قزعة، وهو سحاب رقيق يكون في الخريف. الثانية: قال الجوهري (3: 1142) : عبطت الناقة واعتبطتها: إذا نحرتها وليست بها علة فهي عبيطة، ولحمها عبيط. الثالثة: في «المشرع» : في الحديث: الفخر والخيلاء في أهل الوبر: يريد أصحاب الإبل. وفي «الصحاح» : الوبر- بالتحريك- للبعير، الواحدة وبرة، وقد وبر بالكسر فهو وبر، وأوبر إذا كان كثير الوبر. الرابعة: في «المشارق» (1: 176- 177) الاحتباء: أن ينصب الرجل ساقيه ويدير عليهما ثوبه، أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدا على ذلك، والاسم الحبوة والحبية والحبوة: بضم الحاء وكسرها. الخامسة: في «الصحاح» (2: 886) : غمزت الشيء بيدي: قال ابن القوطية: عصرته. وفي «الديوان» (1: 214) غمز غمزا- بفتح الميم في الماضي وكسرها في المستقبل-. السادسة: في «المشارق» (1: 21) : وفي الحديث: المسألة أخر كسب الرجل، مقصور، أي: أرذله وأدناه، وإن كان الخطابي قد رواه بالمد وحمله على ظاهره وأن معناه إن ما كنتم تقدرون على معيشة من غيرها فلا تسألوا.

_ (1) الأغاني 14: 78 والحماسة (شرح التبريزي) 2: 145 والحماسة البصرية 1: 207.

الباب السابع في من كان يكتب أموال الصدقة

الباب السابع في من كان يكتب أموال الصدقة وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال القاضي محمد بن سلامة القضاعي رحمه الله تعالى في كتاب «الأنباء» له: كان الزبير بن العوام وجهيم بن الصلت رضي الله تعالى عنهما يكتبان أموال الصدقات. وقال أبو محمد ابن حزم في كتابه «جوامع السيرة والعدل» «1» : وكان كاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الصدقات الزبير بن العوام، فإن غاب أو اعتذر كتب جهيم بن الصلت وحذيفة بن اليمان. انتهى. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (510) رحمه الله: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ القرشي الأسدي يكنى أبا عبد الله، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. أسلم ابن ثمان سنين، وقيل ابن اثنتي عشرة، وقيل ابن خمس عشرة، وقيل ابن ست عشرة.

_ (1) لم يرد هذا في جوامع السيرة؛ وإضافته «والعدل» إلى العنوان يستحق التوقف.

2 - جهيم بن الصلت

وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: الزبير ابن عمتي، وحواريّ من أمتي. والحواريّ: الصاحب المستخلص، وقيل الخليل، وقيل الناصر. وشهد رضي الله تعالى عنه بدرا وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء كان معتجرا بها، فيقال إن الملائكة نزلت يوم بدر على سيما الزبير، وشهد الحديبية والمشاهد كلها. وروى شعبة قال: سمعت أبا إسحاق السّبيعي قال: سألت مجلسا فيه أكثر من عشرين رجلا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من كان أكرم الناس على رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقالوا: الزبير وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. وشهد رضي الله تعالى عنه الجمل فقاتل فيه ساعة، فناداه علي رضي الله تعالى عنهما وانفرد به فذكّره أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال، فاتّبعه ابن جرموز السعدي عبد الله، ويقال عمير، ويقال عمرو لعنه الله تعالى، فقتله بموضع يعرف بوادي السباع، وجاء برأسه وسيفه إلى علي رضي الله تعالى عنه، فلما استأذن عليه لم يأذن له، وقال للآذن بشّره بالنار، فقال: [من المتقارب] أتيت عليا برأس الزبير ... أرجو لديه به الزّلفه فبشّر بالنار إذ جئته ... فبئس البشارة والتحفة قال أبو عمر: وكانت سنّ الزبير رضي الله تعالى عنه يوم قتل سبعا وستين سنة، وقيل ستا وستين سنة. وكان قتله رضي الله تعالى عنه يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وفي ذلك اليوم كانت وقعة الجمل. 2- جهيم بن الصلت رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر (261) : جهيم بن الصّلت بن مخرمة بن المطّلب بن عبد مناف القرشي المطلبي، أسلم عام

3 - حذيفة بن اليمان

خيبر، وأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من خيبر ثلاثين وسقا. وجهيم هذا هو الذي رأى الرؤيا بالجحفة حين نفرت قريش لتمنع عن عيرها، ونزلوا بالجحفة ليتزودوا من الماء ليلا، فغلبت جهيما عينه فرأى فارسا وقف عليه فنعى إليه أشرافا من أشراف قريش. وذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى رؤيا جهيم في «السير» (1: 618) في غزوة بدر فقال: لما نزلت قريش الجحفة، رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب رؤيا فقال: إني رأيت فيما يرى النائم- وإني لبين النائم واليقظان- إذ نظرت إلى رجل أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وفلان وفلان، فعدّد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبّة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه، قال: فبلغت أبا جهل فقال: وهذا أيضا نبيّ آخر من بني المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا. وذكر أبو محمد علي بن حزم رحمه الله تعالى: «جهيما» في «الجمهرة» (73) وقال: هو الذي رأى الرؤيا بمكة حين سارت قريش إلى بدر. ومساق الرؤيا يدلّ على أنه إنما رآها بالجحفة. 3- حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: قد تقدم ذكره في باب كاتب الجيش بما أغنى عن إعادته هنا. فائدتان لغويتان: الأولى: في «غريب القرآن» للعزيزي رحمه الله تعالى: زلفى: قربى، الواحدة زلفة وقربة. الثانية: في «الصحاح» (1: 433) : في حرف الخاء المعجمة: الأصمعي» :

_ (1) قارن بأدب الكاتب لابن قتيبة: 222، قال ابن قتيبة: ولا يقال من النضخ «فعلت» واللسان (نضخ) .

الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه

يقال أصابه نضخ من كذا وهو أكثر من النّضح ولا يقال منه: فعل ولا يفعل. وقال أبو زيد «1» : النضخ: الرّشّ مثل النّضح وهما سواء، يقول: نضخت أنضخ بالفتح، والنّضاخ: المناضخة، قال الشاعر: [من الطويل] به من نضاخ الشّول ردع كأنّه ... نقاعة حنّاء بماء الصّنوبر وانتضخ الماء: ترشّش، وعين نضاخة: كثيرة الماء. قال أبو عبيدة في قوله تعالى: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (الرّحمن: 66) أي فوارتان. الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال ابن الأثير (3: 55) قال نافع العبسي: دخلت حير الصدقة مع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، قال: فجلس عثمان في الظل يكتب، وعليّ على رأسه يملّ عليه ما يقول عمر، وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر عليه بردان أسودان، قد اتزر بأحدهما ولفّ الآخر على رأسه، يعدّ إبل الصدقة ويكتب ألوانها وأسنانها، فقال علي لعثمان في كتاب الله: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (القصص: 26) ثم أشار علي بيده إلى عمر فقال: هذا القوي الأمين. انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر عثمان رضي الله تعالى عنه في باب الرسول من هذا الكتاب، وذكر عليّ رضي الله تعالى عنه في باب القاضي منه أيضا فأغنى عن الإعادة هنا الآن. فائدة لغوية: في «الصحاح» (2: 641) : الحير بالفتح شبه الحظيرة أو الحمى، ومنه الحير بكربلاء.

_ (1) نقله في اللسان (نضخ) وفيه البيت.

الباب الثامن في الخارص

الباب الثامن في الخارص وفيه اربعة فصول الفصل الأول في خرص رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديقة لامرأة مرّ عليها في طريقه لغزوة تبوك بوادي القرى روى مسلم (2: 204) رحمه الله تعالى عن أبي حميد رضي الله تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم [إلى] غزوة تبوك، فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اخرصوا فخرصناها، وخرصها رسول الله صلّى الله عليه وسلم عشرة أوسق، وقال: أحصها، حتى نرجع إليك إن شاء الله تعالى. وانطلقنا حتى قدمنا تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستهبّ عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم فيها أحد منكم، فمن كان له بعير فليشدّ عقاله، فهبت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء، وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأهدى له بردا، ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حديقتها: كم بلغ تمرها؟ فقالت: عشرة أوسق. انتهى. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: في «الصحاح» (3: 1035) : الخرص: حزر ما على النخل من الرّطب تمرا، وقد خرصت النخل، والاسم الخرص بالكسر، تقول: كم خرص أرضك؟

وفي الديوان (2: 116) : خرص يخرص خرصا بفتح الراء في الماضي وضمها في المستقبل. الثانية: تبوك: في «المعجم» (303) تبوك بفتح التاء هي من أدنى أرض الشام، وهي أقصى أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وذكر القتبيّ: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم جاء في غزوة تبوك وهم يبوكون حسيها بقدح، فقال: ما زلتم تبوكونها بعد؟ فسميت تبوك، ومعنى تبوكون: تدخلون فيه السّهم وتحركونه ليخرج ماؤه. وفي «المقصور والممدود» لابن القوطية: حسي وأحساء: وهي عيون تحت الرمل وآباز. الثالثة: الحديقة: روى البخاري (2: 155) رحمه الله تعالى هذا الحديث عن أبي حميد أيضا بمعناه، وقال: كلّ بستان عليه حائط فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة. الرابعة: في «المشارق» (2: 295) : الوسق بفتح الواو: ستون صاعا بصاع النبي صلّى الله عليه وسلم. وخمسة أوسق، وفي رواية أوساق، ووسقت البعير مخفّفا: حملت عليه وسقا، وقال بعضهم: أوسقت، والأول أعلى. وفي «الصحاح» (4: 1566) : الوسق بالكسر «1» . ستون صاعا. وحكى ابن سيده اللغتين فتحا وكسرا في «المحكم» (6: 326) وقال: الجمع أوسق ووسوق، وأنشد: [من الطويل] عليه الوسوق برّها وشعيرها «2»

_ (1) بالكسر: لم ترد في الصحاح. (2) عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي (ديوان الهذليين: 207) وصدره: ما حمل البختي عام غياره؛ وعام غياره أي عام ميرة أهله، وجواب «ما» بعد أبيات في قوله: بأثقل مما كنت حملت خالدا ... وبعض أمانات الرجال غرورها

الفصل الثاني في ذكر من كان يخرص في زمن النبي صلى الله عليه وسلم

الخامسة: في «المشارق» (2: 112) وابن العلماء- بفتح العين ممدودا- صاحب أيلة. السادسة: في «المعجم» (216) : أيلة- بفتح الهمزة على وزن فعلة- مدينة على شاطىء البحر في منتصف ما بين مصر ومكة. تنبيه: في «الصحاح» (1: 57) شاطىء الوادي: شطّه وجانبه، تقول: شاطىء الأودية ولا يجمع، وشاطأت الرجل: إذا مشيت على شاطىء ومشى هو على الشاطىء الآخر. الفصل الثاني في ذكر من كان يخرص في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم 1- خرص أرض الخراج: روى البخاري (3: 137) «1» رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: عامل النبي صلّى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر، فكان يعطي أزواجه مائة وسق: ثمانون وسق تمر، وعشرون وسق شعير. انتهى. وفي «الموطأ» (494) عن سعيد بن المسيب قال: فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه. وعن سليمان بن يسار (494) قال: فجمعوا له حليا من حلي نسائهم، فقالوا: هذا لك وخفّف عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر يهود. والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليّ، وما ذلك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 3: 122 و 5: 179.

2 - خرص أرض الزكاة:

ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض. قال ابن إسحاق في «السير» (2: 354) : وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة عاما واحدا، ثم أصيب بمؤتة، رحمه الله تعالى، فكان جبار بن صخر رضي الله تعالى عنه أخو بني سلمة هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة. قال: وكان جبار خارص أهل المدينة وحاسبهم. انتهى. 2- خرص أرض الزكاة: في «عارضة الأحوذي» (3: 144) : روى سهل بن أبي حثمة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث أبا حثمة خارصا، فجاء رجل فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن أبا حثمة قد زاد عليّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه. فقال: يا رسول الله، لقد تركت له قدر عريّة أهله وما يطعم المساكين، وما تسقط الريح، فقال: قد زادك ابن عمك وأنصفك. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (6: 2423) العريّة: النخلة يعريها صاحبها رجلا محتاجا فيجعل له تمرها عاما فيعروها أي يأتيها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما أدخلت فيها الهاء لأنها أفردت فصارت في عداد الأسماء مثل النطيحة والأكيلة، ولو جئت بها مع النخلة قلت: نخلة عريّ. الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- عبد الله بن رواحة ، رضي الله تعالى عنه تقدم ذكره في باب الشاعر فأغنى ذلك عن الإعادة. 2- جبار بن صخر ، رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (228) : جبار ابن صخر بن أمية، قال أبو عمر، قال ابن إسحاق: أمية بن خنساء، ويقال

3 - أبو حثمة

خنيس، بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة السلمي الأنصاري. وقال ابن هشام: أمية بن خناس بن سنان، فجعله من ولد خناس، وجعله ابن إسحاق من ولد خنساء، فقيل هما أخوان، وقيل خناس وخنيس وخنساء. سواء. شهد بدرا وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، وتوفي بالمدينة سنة ثلاثين. انتهى. 3- أبو حثمة رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1629) أبو حثمة الأنصاري والد سهل بن أبي حثمة، اسمه عبد الله بن ساعدة، ويقال عامر بن ساعدة بن عامر بن عدي «1» بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الحارثي. كان دليل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أحد وشهد معه المشاهد كلها، وبعثه صلّى الله عليه وسلم خارصا إلى خيبر، وضرب له بخيبر بسهمه وسهم فرسه، وكان أبو بكر وعمر وعثمان يبعثونه خارصا. توفي في أول «2» خلافة معاوية. انتهى. الفصل الرابع في ذكر ما يخرص من الغلّات 1- النخل: قد تقدم الدليل على ذلك في خرص النبي صلّى الله عليه وسلم الحديقة، وبعثه صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وجبار بن صخر وأبا حثمة خراصا. 2- العنب: روى ابن شهاب الزهري رحمه الله تعالى في «مسنده» عن عتاب بن أسيد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه وأمره أن يخرص العنب كما يخرص النخل، وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا كما يأخذ زكاة النخل تمرا. انتهى.

_ (1) الاستيعاب: ويقال عامر بن عدي. (2) الاستيعاب: آخر.

3 - الحبوب [والزيتون] :

روى أبو داود (1: 371) : رحمه الله تعالى عن عتاب بن أسيد أيضا نحوه. انتهى. 3- الحبوب [والزيتون] «1» : قال مالك رحمه الله في «الموطأ» (181) : الأمر المجتمع عليه عندنا أنّه لا يخرص من الثمار إلا النخل والأعناب، فإن ذلك يخرص حين يبدو صلاحه، ويحلّ بيعه، وذلك أن ثمر النخيل والأعناب يؤكل رطبا وعنبا، فيخرص على أهله للتوسعة على الناس، ولئلا يكون على أحد في ذلك ضيق، فأما ما لا يؤكل رطبا وإنما يؤكل بعد حصاده من الحبوب كلّها فإنه لا يخرص، وإنما على أهلها فيها إذا حصدوها ودقّوها وطيّبوها وخلصت حبا فإنما على أهلها فيها الأمانة، يؤدّون زكاتها إذا بلغ ذلك ما تجب فيه الزكاة. قال مالك: وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا. قال (183) : ولا يخرص شيء من الزيتون في شجرة. انتهى. وقال ابن راشد في «الشهاب» «2» واختلف في تعليل ذلك، فقال مالك في «الموطأ» : ذلك للتوسعة على الناس، قال ابن شاس «3» في «الجواهر» : وهو المشهور. وقيل: لأن الخرص فيهما متمكن، قال ابن شأس: لظهور النبات في التمر والعنب وتميزهما عن الأوراق. وقال ابن شأس أيضا: ولو احتج فيما قلنا: إنه لا يخرص إلا الأكل منه قبل كماله، ففي خرصه قولان: قال ابن راشد: إن قلنا: العلّة في خرص التمر والعنب: الاحتياج أجزنا ذلك في الزيتون، إذ ينتفعون ببعضه

_ (1) والزيتون: زيادة ضرورية. (2) محمد بن عبد الله بن راشد القفصي أبو عبد الله، رحل في طلب العلم ولقي الشهاب القرافي في القاهرة فتفقه عليه، وكان يحضر عند ابن دقيق العيد في إقرائه مختصر ابن الحاجب ثم شرحه في كتاب سماه «الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب الفقهي» وله كتب أخرى، وكانت وفاته سنة 736 (الديباج المذهب 2: 328) . (3) م: ابن رشد (وهو سهو) .

وهو أخضر. وقال ابن عبد السلام التونسي: «1» وعلى هذا يتعدى الحكم إلى الزرع ولا سيما في سني الشدائد، قال: وفي الزرع والزيتون إذا لم يؤمن أربابه عليه وخيف منهم قولان: هل يخرص عليهم، أو يجعل عليهم أمين؟ قال ابن راشد، قال ابن عبد الحكم: إن اتهم الإمام قوما بالتقصير فيما يجب عليهم من زكاة الزيتون والزرع وكل من يتحفّظ بهم، ولم أر أن يخرص.

_ (1) محمد بن عبد السلام بن يوسف قاضي الجماعة بتونس كان إماما حافظا متفننا في علمي الأصول والعربية، وابن عرفة من تلامذته وقد شرح مختصر ابن الحاجب شرحا حسنا وكانت وفاته سنة 749 (الديباج المذهب 1: 329) .

الباب التاسع في الاوقاف

الباب التاسع في الاوقاف وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر أوقاف النبي صلّى الله عليه وسلم من كتاب الأحباس من كتاب ابن يونس: روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم حبس سبع حوائط أوصى له بها مخيريق لمّا قتل يوم أحد بأن يضعها حيث أراه الله تعالى، فحبسها، وهي من أموال بني النّضير، وذلك لاثنين وثلاثين شهرا من الهجرة. وفي «السير» (2: 88- 89) لابن إسحاق: وكان ممن قتل يوم أحد مخيريق، وكان أحد بني ثعلبة بن الفطيون قال: لما كان يوم أحد قال: يا معشر يهود والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحقّ، قالوا: إن اليوم يوم السبت، قال: لا سبت لكم، فأخذ سيفه وعدته وقال: إن أصبت اليوم فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء، ثم غدا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقاتل حتى قتل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما بلغنا: مخيريق خير يهود. انتهى. قال السهيلي في «الروض الأنف» (6: 47) : وهو أحد بني النضير، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين انصرف ماله أوقافا، وهو أول حبس في الإسلام. وقال الزهري: كانت سبع حوائط، وأسماؤها: الأعواف أو الأعراف، والصافية، والدّلال، والميثب، وبرقة، وحسنى، ومشربة أم إبراهيم- لأنها كانت تسكنها. انتهى.

تنبيه: ذكر القاضي في «الإكمال» صدقات النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: وذلك وصية مخيريق اليهودي له عند إسلامه يوم أحد، وكانت سبع حوائط في بني النضير، فهذا يدلّ على إسلام مخيريق. ولم يذكره أبو عمر في «الاستيعاب» ولا ابن فتحون في «الذيل» . وقال الماوردي في «الأحكام» (169) حكى الواقدي أن مخيريقا اليهوديّ كان حبرا من علماء بني النضير فآمن يوم أحد برسول الله صلّى الله عليه وسلم. فائدة نحوية: الحائط: حديقة النخل، وهو مذكر. وفي الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم قال لبني النجار في الحائط الذي بنى مسجده فيه: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، وسيأتي في باب البناء. وجاء ها هنا في كلام الزهري وكلام ابن يونس: سبع حوائط بتأنيث سبع، وإن كانت الحوائط مذكرة. قال المازري رحمه الله تعالى في «المعلم» : العرب تراعي في التذكير والتأنيث اللفظ المقرون به العدد وصيغته، هل يثبت للتذكير أو للتأنيث ولا تعتبر معناه، فتقول: ثلاثة منازل وهي تريد ثلاثة ديار وإن كانت الديار مؤنثة، لأن لفظ المنزل مذكر، وقد تعتبر المعنى أحيانا، قال ابن أبي ربيعة «1» : [من الطويل] فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر فأنّث على معنى الشخص لا على اللفظ. وحكى أبو عمرو بن العلاء أنه سمع أعرابيا يقول: فلان جاءته كتابي فاحتقرها قال، فقلت له: أتقول جاءته كتابي؟ فقال: نعم أليس بصحيفة؟ فأخبر أنه أنّث مراعاة للفظ الصحيفة الذي لم يذكره لمّا كان المعنى هذا الكتاب المذكور. انتهى.

_ (1) ديوان عمر: 126 (بيروت) .

قلت: وكذلك لما كانت لفظة الحوائط في معنى الحدائق ومعنى الجنّات أنث، كأنه قال: سبع حدائق أو سبع جنات. انتهى. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: وقفت الدابة وقوفا، ووقفتها أنا وقفا: يتعدى ولا يتعدى، ووقفت الدار للمساكين وقفا، وأوقفتها بالألف: لغة رديئة. قلت: وأصل الوقف المنع والحبس، فهو في الدابة: منعها من السير وحبسها، وفي الدار: منعها وحبسها أن يتصرّف فيها في غير الوجه الذي وقفت له. الثانية: في «المشارق» (1: 176) : حبس مخففا، وحبّس مشدّدا، واللغة الفصيحة: أحبس، قاله الخطابي. وقال صاحب «الأفعال» : أحبست الفرس وحبسته لغة. وفي «الصحاح» (2: 912) : أحبست «1» فرسا «2» في سبيل الله عزّ وجل أي وقفت فهو محبس وحبيس، والحبس بالضم: ما وقف. وفي «مثلث» ابن السيد: الحبس بضمّ الحاء وسكون الباء: ما حبس في سبيل الله تعالى وهو جمع حبيس، وقلّما يجمع فعيل على فعل إذا كان بمعنى مفعول، ويجعل اسما مفردا لا جمعا، لأنهم قالوا في جمعه: أحباس. الثالثة: الحائط: وقد تقدّم أنّه الحديقة من النخل. وفي «المحكم» (3: 372) الحائط: الجدار [لأنه] يحوط ما فيه، والجمع: حيطان، وحوّط حائطا: عمله فسمّيت الحديقة حائطا من هذا، لأنّه يحوطها، كما سمّيت حديقة لإحداق الحائط بها. وقد تقدّم قول البخاري رحمه الله تعالى في باب الخرص: كلّ بستان عليه حائط فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة.

_ (1) م ط: احتبست. (2) فرسا، سقطت من م ط (وهي ثابتة في الصحاح) .

الرابعة: في «الصحاح» (4: 1467) المخراق: المنديل يلفّ ليضرب به، عربيّ صحيح، قال عمرو بن كلثوم «1» : [من الوافر] كأنّ سيوفنا منّا ومنهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا وفلان مخراق حرب يخفّ فيها. انتهى. قلت: يحتمل مخيريق أن يكون مشتقّا من أحدهما. الخامسة: الفطيون، وهو اسم أعجميّ، قاله: ابن سيده. وفي «جامع الاشتقاق» : هو اسم عبرانيّ ومعناه: الملك. قلت: هو على وزن فرعون ووزن فرحون. المحسّة: التي تحسّ بها الدواب. السادسة: في أسماء الحوائط التي أوقفها النبي صلّى الله عليه وسلم وهي ثلاثة أنواع: النوع الأول: ما ذكر أصل تسميته وهو «مشربة أمّ إبراهيم» قال السهيليّ في «الروض الأنف» (6: 47) ومحمّد بن فرج «2» في كتاب «أقضية النبي صلّى الله عليه وسلم» : إنما سميت بذلك لأنها كانت تسكنها. وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (54) ذكر الزبير أن أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مارية، ولدته بالعالية في المال الذي يقال له اليوم مشربة إبراهيم بالقفّ. وفي «ديوان الأدب» (1: 287) المشربة، بفتح الميم وضمّ الراء: الغرفة، وفتح الراء لغة فيها. والنوع الثاني: ما لم يذكر أصل تسميته، لكن له معان في اللّغة يحتمل أن

_ (1) شرح السبع الطوال: 397. (2) محمد بن فرج المعروف بابن الطلاع، قرطبي كان مقدما في الفتوى والشورى معظما عند الخاصة والعامة لا تأخذه في الله لومة لائم، وكتابه الذي يشير إليه المؤلف هو الذي يقول فيه ابن بشكوال: وجمع كتابا حسنا في أحكام النبي عليه السلام، وتوفي سنة 497 (الصلة: 534 وترتيب المدارك 8: 180) وقد ذكر ابن الطلاع في آخر كتابه أن الذي حمله على جمعه هو أنه رأى لابن أبي شيبة كتابا في الموضوع صغيرا غير مستوف للموضوع (التراتيب 1: 252 وفيه سرد لبعض من ألف في الأقضية فتأمله) .

يصرف إليها، فمن ذلك «الأعراف» بالراء أخت الزاي: الجرف الذي يكون على الفلجان، والفلجان سواقي الزرع. وفي «الصحاح» (1: 335) الفلج: نهر صغير، قال العجاج «1» : [من الرجز] فصبّحا عينا روى وفلجا «2» والفلج بالتحريك لغة فيه، قال عبيد «3» : أو فلج ببطن واد ... للماء من تحته قسيب ومن ذلك «الميثب» : في المحكم في الثاء والباء والواو: والميثب: اسم موضع، قال النابغة الجعدي «4» [من المتقارب] : أتاهنّ أن مياه الذّها ... ب فالأوق فالملح فالميثب وفي «الجامع» في الهمزة والثاء والباء: الميثب: جبل بالمدينة، وإيّاه أرادت أم حكيم رضي الله تعالى عنها ترثى النبي صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم: [من المتقارب] تبكّي العفاة على ربها ... بحزن وجاوبها الميثب قال: وهو موضع صدقته عليه السلام. وفي «المعجم» (1282) ميثب- بكسر أوله وثاء مثلثة مفتوحة بعدها باء معجمة بواحدة- موضع تقدم ذكره في رسم تيماء وهو موضع صدقات رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ومن ذلك برقة: في «ديوان الأدب» (1: 171) البرقة- بضم الباء وسكون الراء- غلظ فيه حجارة ورمل؛ زاد ابن سيده: فإذا اتسعت البرقة فهي الأبرق.

_ (1) ديوان العجاج: 30 واللسان (فلج) ولا تصح قراءته بتسكين اللام تبعا لقافية الأرجوزة. (2) ديوان العجاج: 30 واللسان (فلج) ولا تصح قراءته بتسكين اللام تبعا لقافية الأرجوزة. (3) ديوان عبيد: 12 واللسان (فلج) . (4) ديوان النابغة الجعدي: 24 واللسان (وثب) .

الفصل الثاني في ذكر أوقاف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه

ومن ذلك: «حسنى» : في «المقصور والممدود» لأبي علي: حسنى بفتح الحاء مقصورة: اسم جبل وفي «المحكم» : حسنى: اسم موضع. ومن ذلك الصافية: في «المعجم» (823) الصافية- فاعلة من الصّفا- موضع بشط دجلة. وفي «الجامع» للقزاز: الصافية: الضيعة تكون للإنسان وليس له فيها شريك. والنوع الثالث: لم يذكر أيضا أصل تسميته ولا يحتمل معناه أن يصرف إلى اسم الحائط إلّا على بعد وهو الدلال: وفي «المحكم» : دلّ المرأة ودلالها: تدلّلها على زوجها، وذلك أن تريه جرأة عليه في تغنّج وتشكّل كأنها تخالفه وليس بها خلاف. الفصل الثاني في ذكر أوقاف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه روى البخاري (4: 14) رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قطّ أنفس منها، فكيف تأمرني به؟ قال: إن شئت حبّست أصلها وتصدّقت بها. فتصدّق بها عمر: أنّه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، في الفقراء والقربى والرّقاب، وفي سبيل الله والضّيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقا غير متمول فيه. انتهى. قال القاضي رحمه الله تعالى في «المشارق» (1: 136) واسم هذا المال: ثمغ: بفتح الثاء وسكون الميم، قال: وقيّده المهلّب بفتح الميم. انتهى. وأضاف إليها، رضي الله تعالى عنه، مواضع في خلافته أوقفها فيها، وقدّم على النّظر في جميعها حفصة بنته أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنهما، وكتب لها بذلك، ونصّ الكتاب ذكره أبو داود في سننه: بسم الله الرّحمن الرّحيم، هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين، إن حدث به حدث الموت، أنّ ثمغا

الفصل الثالث في ذكر أوقاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه

وصرمة ابن الأكوع والعبد الذي فيه، ومائة السهم الذي بخيبر ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد صلّى الله عليه وسلم بالوادي، تليه حفصة ما عاشت، ثمّ تولّيه ذا الرأي من أهلها، أن لا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث يرى، من السائل والمحروم وذي القربى، ولا حرج عليه إن أكل، أو آكل أو اشترى رقيقا منه. انتهى. فائدة لغوية: في «المحكم» : نفس الشيء نفاسة فهو نفيس ونافس: رفع، وأنفس الشيء: صار نفيسا. وقال اللحيانيّ: النّفيس والمنفس المال الذي له خطر ثم عمّ، فقال: كلّ شيء له خطر فهو نفيس ومنفس. وفي «الأفعال» لابن طريف: نفست في الشيء- بفتح النون وكسر الفاء- نفاسة: رغبت. الفصل الثالث في ذكر أوقاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في «الكامل» للمبرد (3: 106) : قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأنا أقوم بالضيعتين: عين أبي نيزر والبغيبغة، فقال: هل عندك من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين: قرع من قرع الضّيعة صنعته باهالة سنخة، فقال عليّ به، فقام إلى الربيع فغسل يده، ثم أصاب من ذلك شيئا، ثم رجع إلى الربيع، فغسل يديه حتّى أنقاهما، ثم ضمّ يديه كلّ واحدة منهما إلى أختها، وشرب حسى من الرّبيع، ثم قال: يا أبا نيزر إن الأكفّ أنظف الآنية، ثم مسح كفّيه على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله، ثم أخذ المعول وانحدر في العين، وجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء، فخرج وقد تفضّج جبينه عرقا، فانتكف العرق عن جبينه، ثم أخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم فانثالت كأنّها عنق جزور، فخرج مسرعا فقال: أشهد الله أنّها صدقة، عليّ

بدواة وصحيفة، فعجلت بهما إليه فكتب: بسم الله الرّحمن الرّحيم: هذا ما تصدّق به عبد الله عليّ أمير المؤمنين، تصدّق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي نيزر، والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله بهما وجهه حرّ النار يوم القيامة، ولا تباعا ولا تورثا حتّى يرثهما الله وهو خير الوارثين، إلّا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين، فهما طلق لهما، ليس لأحد غيرهما. فركب الحسين دين فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار، فأبى أن يبيع وقال: إنّما تصدّق بهما أبي ليقي الله وجهه حرّ «1» النار. فائدة لغوية: في التعريف بأبي نيزر: لم يذكره أبو عمر ابن عبد البر، وذكره ابن فتحون فقال: أبو نيزر كان من أبناء الملوك الأعاجم، قاله محمد بن هشام. وقال المبرّد (3: 207) صحّ عندي أنّه من ولد النّجاشيّ، رغب في الإسلام صغيرا فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلم وكان معه في بيوته، فلمّا توفاه الله تعالى- صلى الله عليه وسلم- صار مع فاطمة وولدها، رضي الله تعالى عنهم؛ قال: كنت أقوم لعليّ رضي الله تعالى عنه بالضيعتين: عين أبي نيزر والبغيبغة. فوائد لغوية في عشر مسائل: الأولى: في «المعجم» (262) البغيبغة بضم أولها على لفظ التصغير بيائين وغينين معجمتين: ماء لعليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بينبع، اشتقاقها من قولهم: بئر بغيبغ: إذا كانت قريبة المنزع «2» تنزع بالعقال؛ قال الراجز «3» : بغيبغ تنزع بالعقال الثانية: في المشارق (1: 252) في تفسير الدبّاء: القرعة- بسكون الراء- وجمعها قرع كذلك. وحكى ثعلب: قرعة- بتحريك الرّاء أيضا.

_ (1) م: من. (2) م ط: المشرع. (3) اللسان (بغغ) .

الثالثة: في «الصحاح» (4: 1629، 1: 422، 424) الإهالة: الودك، وزنخ الدهن- بالكسر- يزنخ زنخا: تغيّر فهو زنخ، وسنخ بالكسر أيضا لغة فيه. الرابعة: في «ديوان الأدب» (1: 413) الرّبيع: الجدول الصغير، والجدول: النّهر الصغير. الخامسة: في «المحكم» (3: 367) حسا الشيء حسوا وتحسّاه: بلع، قال سيبويه: التحسّي: عمل في مهلة. وقال ابن القوطية (1: 264) حسوتها: ابتلعتها جرعة بعد جرعة. وفي «الصحاح» (6: 2313) حسوت حسوة واحدة، وفي الإناء: حسوة بالضم. وفي «للمقصور والممدود» لابن القوطية: والحسى: جمع حسوة وحسوة. السادسة: تفضّج جبينه عرقا: أي رشح، وقد تقدّم الكلام على التّفضّج في باب من كان يكتب أموال الصدقة. السابعة: في «الصحاح» (4: 1436) نكفت الدّمع انكفه نكفا: إذا نحّيته عن خدّك بإصبعك. انتهى. وبفتح الكاف في الماضي، وضمّها في المستقبل، قيّده الفارابيّ. الثامنة: في «الصحاح» (5: 2062) : والهمهمة: ترديد الصّوت في الصّدر، بين الهاء والميم. التاسعة: في «الصحاح» (4: 1649) انثال عليه التراب: أي انصب، ويقال: انثال عليه الناس من كل وجه: أي انصبوا. العاشرة: في «الصحاح» (4: 1518) الطّلق- بالكسر- الحلال، يقال هو لك طلقا.

الباب العاشر في صاحب المواريث

الباب العاشر في صاحب المواريث «1» وفيه فصلان الفصل الأول في صرف الميراث لبيت المال إذا عدمت العصبة في «الجواهر» لابن شأس: إذا عدمت العصوبة من جهة القرابة، فالعصوبة لمعتق الميّت، فإن لم يكن حيّا فلعصبات معتق المعتق إلى حيث تنتهي، فإن لم يكن واحد منهم فالمال لبيت المال، وهو أيضا عصوبة على المشهور، ويستغرق إذا لم يكن وارث، ويأخذ ما بقي من أصحاب الفروض إذا لم يكن للميت إلّا ذو فرض. قال الشيخ أبو عمر: فإن لم يكن عصبة ولا ولاء فبيت مال المسلمين إذا كان موضوعا في وجهه، ولا يرث ذوو الأرحام ولا يردّ على أهل السّهام. قال الأستاذ أبو بكر، قال أصحابنا: هذا في زمان يكون الإمام فيه عدلا، فإن كان غير عدل فينبغي أن يورّث ذوو الأرحام، وأن يردّ ما فضل على ذوي السّهام عليهم، وقال أيضا: رأيت لابن القاسم في كتاب محمد، قال: من مات ولا وارث له، قال: يتصدّق بما ترك إلّا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه مثل عمر بن عبد العزيز فيدفع إليه. انتهى.

_ (1) علق في حاشية ط: لا معنى لذكر هذا المبحث لأنه لم يكن في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم (ويبدو من سائر التعليق أن كاتبه مناهض لرأي المالكية المعتمدين على رأي زيد بن ثابت) .

الفصل الثاني في ذكر من قال بتوريث ذوي الأرحام وذكر أول من أبطل ديوان المواريث

فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (1: 295) الميراث «1» أصله موراث انقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها، والتراث أصل التاء فيه واو، تقول ورثت أبي وورثت [الشيء] من أبي أرثه- بالكسر فيهما- ورثا ووراثة وإرثا، والألف منقلبة من الواو، ورثة، التاء عوض من الواو. الثانية: في «الصّحاح» (1: 182) عصّب رأسه بالعصابة تعصيبا؛ وعصبة الرجل: بنوه وقرابته لأبيه، وإنّما سمّوا عصبة لأنهم عصبوا به، أي أحاطوا به، فالأب طرف والابن طرف والعم جانب، والأخ جانب، والجمع العصبات. الفصل الثاني في ذكر من قال بتوريث ذوي الأرحام وذكر أوّل من أبطل ديوان المواريث روى الترمذيّ (3: 285) رحمه الله تعالى عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه إلى أبي عبيدة ابن الجرّاح أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وروى أيضا رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الخال وارث من لا وارث له. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وقد أرسله بعضهم، ولم يذكر فيه عن عائشة.

_ (1) م: ميراث.

قال أبو عيسى (3: 285- 286) : واختلف فيه أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فورّث بعضهم الخال والخالة والعمّة، وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأمّا زيد بن ثابت فلم يورّثهم وجعل الميراث في بيت المال. انتهى. وقال المظفّر في كتابه المنسوب إليه: وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين عهد المعتضد «1» بردّ الفاضل من سهام ذوي القربى على ذوي الأرحام، وأبطل ديوان المواريث. انتهى. فائدة تاريخية: المعتضد الذي ذكره المظفّر هو أبو العبّاس أحمد بن طلحة الموفّق بن جعفر المتوكّل بن محمد المعتصم بن هارون الرّشيد بن محمد المهديّ بن أبي جعفر عبد الله المنصور بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب، بويع له لاحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين وتوفي ببغداد لسبع بقين من شهر ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين ومائتين، ذكر نسبه ومدّته القاضي القضاعيّ في كتاب «الأنباء» .

_ (1) قارن بما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء: 400.

الباب الحادي عشر في المستوفي

الباب الحادي عشر في المستوفي وهو الرّجل يبعثه الإمام ليقبض المال من العمّال، ويستخلصه منهم، ويقدم به عليه «1» . روى البخاريّ (5: 207) رحمه الله تعالى عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلم عليا إلى خالد رضي الله تعالى عنهما ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فلمّا قدمنا على النبيّ صلّى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت: نعم، فقال: لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك. انتهى من باب بعث عليّ وخالد إلى اليمن. وقال ابن إسحاق في «السير» (2: 600) : وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى أهل نجران ليجمع صدقتهم، ويقدم عليه بجزيتهم. قال ابن الأثير (2: 300) وذلك في سنة عشر. قال: ففعل وعاد، فلقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكّة في حجّة الوداع. انتهى. قلت: وكان الذي أخذ صدقاتهم عمرو بن حزم، حسبما تقدّم في باب المفقّه في الدين، والذي أخذ جزيتهم أبو عبيدة ابن الجراح، حسبما ثبت في باب الجزية.

_ (1) م: عليهم.

تنبيه: قد تقدّم ذكر علي بن أبي طالب- رضي الله تعالى عنه- في باب القاضي «1» فأغنى ذلك عن الإعادة هنا. فائدة لغوية: ابن القوطية (3: 329) وفى الشّيء وفاء تمّ. وفي «الصحاح» (6: 2526) أوفاه حقّه ووفّاه بمعنى، أي أعطاه وافيا، واستوفى حقّه وتوفّاه بمعنى.

_ (1) انظر ص: 273 وما بعدها.

الباب الثاني عشر في المشرف

الباب الثاني عشر في المشرف قال الهروي في «الغريبين» «1» : بعث عمر رضي الله تعالى عنه بعامل ثم عزله، فانصرف إلى منزله بلا شيء، فقالت له امرأته: أين مرافق العمّال؟ فقال لها: كان معي ضيزنان يحفظان ويعلمان، يعني الملكين. وقال القزّاز في «جامع اللّغات» : بعث عمر رضي الله تعالى عنه بعامل فعزله، فجاء بما كان معه من المال، وانصرف إلى منزله بغير شيء، فقالت له امرأته: أين التّحف وأين مرافق العمّال؟ فقال لها: كان معي ضيزن. فتلفّعت وأتت عمر رضي الله تعالى عنهم وقالت: يا أمير المؤمنين بعثت مع زوجي بضيزن فأتاني صفر اليدين، فقال: ما فعلت، علي بزوجها، فأتاه فقال له: أنا بعثت معك بضيزن؟ فقال: كان معي ضيزنان يحفظان ويعلمان، وأشار إلى الملكين، فقال لها عمر رضي الله تعالى عنه: صدق، قد ذكرت. انصرف إلى منزلك، ثم قال لها: ما أمّلت فيه؟ قالت: كذا وكذا، فقال: يا يرفأ، أعطها ثم أعطها، ثم قال لها: أرضيت؟ قالت: نعم. وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه «في الأموال» (710) عن سعيد بن المسيّب رحمه الله تعالى أنّ عمر بعث معاذا رضي الله تعالى عنهما ساعيا على بني كلاب أو على بني سعد بن ذبيان، فقسم فيهم ولم يدع شيئا حتّى جاء بحلسه الذي خرج به على رقبته، فقالت امرأته: أين ما جئت به ممّا يأتي به العمّال من عراضة أهلهم؟ فقال: كان معي ضاغط، فقالت: كنت أمينا عند رسول الله صلّى الله عليه

_ (1) قارن باللسان (ضزن) .

وسلم وعند أبي بكر فبعث معك عمر ضاغطا؟! فقامت بذلك في نسائها واشتكت عمر رضي الله تعالى عنهم، فبلغ ذلك عمر فدعا معاذا فقال: أنا بعثت معك ضاغطا؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم أجد شيئا أعتذر به إليها إلّا ذلك، قال: فضحك عمر وأعطاه شيئا وقال: أرضها به. قال أبو عبيد القاسم (711) قال ابن جريج: قوله: ضاغطا، يعنى: ربّه جلّ ثناؤه. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: قال الهرويّ والقزّاز: الضّيزن في حديث عمر رضي الله تعالى عنه: الحافظ الثّقة. وقال ابن سيده: الضّيزن الّذي يسمّيه أهل العراق: البندار، يكون مع عامل الخراج، وحكى اللّحياني: جعلته ضيزنا عليه: أي بندارا، ونونه أصلية عندهم، ووزنه على ذلك فيعل مثل فيصل وفيلق. وقال ابن سيده أيضا: الضّيزن: الشّريك، والضّيزن: الّذي يزاحم على الحوض، والضيزنان، المستقيان من بئر واحدة، والضّيزن: الّذي يزاحم أباه في امرأته؛ وقال أوس بن حجر «1» : [من البسيط] والفارسيّة فيهم غير منكرة ... فكلّهم لأبيه ضيزن سلف وقال اللّحيانيّ: في كلّ رجل زاحم رجلا: فهو ضيزن له. الثانية: في «الصحاح» (3: 1279) : تلفّعت المرأة بمرطها أي تلحّفت به، واللّفاع: ما يتلفّع به. الثالثة: في «الصحاح» (2: 916) : الحلس للبعير، وهو كساء رقيق يكون تحت البردعة، بكسر الحاء وسكون اللام. وفي «المحكم» حلس البيت: ما يبسط تحت حرّ المتاع من مسح ونحوه. الرابعة: في «الصحاح» (3: 1088) قال: اشتر عراضة لأهلك: أيّ هديّة وشيئا تحمله إليهم.

_ (1) ديوان أوس: 75 واللسان (ضزن) .

تنبيه: قد ثبت مما تقدّم أنّ بعث من يحفظ مع العامل كان من عمل الناس قديما لكنه لم يثبت فيه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم شيء ولا عن الخلفاء رضوان الله تعالى عليهم، لأمانة الناس حينئذ، وكونهم خير القرون، وقد استمرّ العمل عليه، ولا أعلم أوّل من عمله في الإسلام. تنبيه ثان: قد تقرر فيما تقدم في هذا الباب تسمية الثقة الذي يجعل مع العامل «ضيزنا» في القديم، وتسميته عند أهل العراق: بندارا، وأما تسميته مشرفا بالمغرب في هذا العصر فإنّما سمّي بذلك لاطّلاعه وإشرافه على جميع أعمال العامل. فائدة لغوية في معنى الجباية واشتقاقها، وتصريف الفعل منها، والنّسب إليها: الجباية: جمع المال وتحصيله؛ قال الجوهري في «الصحاح» (6: 2297) قال الكسائي: جبيت الماء في الحوض وجبوته: أي جمعته، والجابية: الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل، والجمع: الجوابي. وفي «الديوان» (4: 70) جبيت الخراج أجبيه جباية، وجبوته أجبوه جباوة أي جمعته. وقال الهروي (1: 317) : وهو حسن الجبية والجبوة؛ وفي «المحكم» : جباوة نادر. قال سيبويه: ادخلوا الواو على الياء لكثرة دخول الياء عليها. وفي «المحكم» أيضا جبى الخراج والماء في الحوض يجباه جمعه، حكاها سيبويه، وهي عنده ضعيفة. قال ابن جنى: هي كأبي يأبى شبهوا الألف في آخره بالهمزة في قرأ يقرأ، وهدأ يهدأ. وفي «تبصرة» الصّيمري «1» في النسب إلى ما كان على فعالة أو فعالة أو فعالة فيما لامه ياء وجهان: الأول: قلب الياء همزة، والثاني: قلبها واوا، ثم تدخل عليها ياء النسب كسقائي وسقاوي في النسب إلى سقاية، وأما ما لامه واو فليس فيه إلّا وجه واحد، وهو إبقاء الواو على حالها ولا تغيّر البتّة ثم تدخل عليها ياء النسب.

_ (1) عبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري أبو محمد النحوي، كان فهما عاقلا دخل مصر، وكتابه «التبصرة» في النحو أحسن فيه التعليل على مذهب البصريين، وأهل المغرب يعتمدونه، وقد أكثر النقل عنه أبو حيان أثير الدين (انظر إنباه الرواة 2: 123 والوافي للصفدي 17: 337 وبغية الوعاة 2: 49) .

الجزء السابع في العمالات الاختزانية وما أضيف إليها وفيه أحد عشر بابا

الجزء السابع في العمالات الاختزانية وما أضيف إليها

الباب الأول في فضل الخازن الأمين، وفي معنى الخزن وتصريف الفعل منه 1- فضل الخازن الأمين: روى البخاري (3: 115) «1» رحمه الله تعالى عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: الخازن الأمين الذي يؤدّي ما أمر به طيّبة نفسه، أحد المتصدّقين. انتهى. 2- معنى الخزن: ومعنى خزن الشيء: إحرازه وتغييبه. وفي «المحكم» (5: 62) خزن الشيء يخزنه خزنا، واختزنه: أحرزه. وفي «الديوان» (2: 135) بفتح الزاي في الماضي وضمّها في المستقبل. وفي «الغريبين» : خزن له المال: إذا غيّبه. وقال ابن سيده: والخزانة: الموضع الذي يخزن فيه الشيء. وفي التنزيل وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ (الحجر: 21) . والخزانة: عمل الخازن. وقال القاضي في «المشارق» (1: 234) : الخزانة- بالكسر- اسم المكان الّذي يخزن فيه الشيء، وهو أيضا عمل الخازن. وقال الجوهري (5: 2108) المخزن ما يخزن فيه الشيء، والخزانة واحدة الخزائن، وخزنت السّرّ واختزنته: كتمته. قال الهرويّ: ويقال للسرّ من الحديث: مختزن. وقال ابن سيده: وخزانة الإنسان: قلبه، وخازنه وخزّانه: لسانه، وكلاهما على التمثيل. وقال لقمان لابنه: إذا كان خازنك حفيظا، وخزانتك أمينة، رشدت في أمريك: دنياك وآخرتك، يعني: اللّسان والقلب. انتهى.

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 3: 115، 135.

الباب الثاني في خازن النقدين، وهو صاحب بيت المال

الباب الثاني في خازن النقدين، وهو صاحب بيت المال وفيه فصلان الفصل الأول في تعجيل قسم النبي صلّى الله عليه وسلم ما أتاه من الفيء في يومه روى أبو عبيد القاسم بن سلّام رحمه الله تعالى في «كتاب الأموال» (316) عن الحسن» بن محمّد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يقيل مالا عنده ولا يبيته، قال أبو عبيد: يعني إن جاءه غدوة لم ينتصف النهار حتّى يقسمه، وإن جاء عشيّة لم يبت حتّى يقسمه. وروى «2» أبو داود (2: 123) رحمه الله تعالى عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه. وقد تقدّم في باب كاتب الجيش. وروى البخاري «3» (1: 114) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمال من البحرين، فقال: انثروه في المسجد؛ وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصّلاة ولم يلتفت إليه، فلمّا قضى الصلاة جاء وجلس

_ (1) ط: الحسين. (2) سقطت هذه الفقرة من م ط؛ وهي ثابتة في الطبعتين التونسية والمصرية. (3) م ط: وروى أبو داود (وهو وهم لسقوط الفقرة السابقة) .

الفصل الثاني في اتخاذ الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم بيت المال وذكر من ولوه النظر في ذلك

إليه، فما كان يرى أحدا إلّا أعطاه إذ جاءه العبّاس فقال: يا رسول الله أعطني فإنّي فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فقال له رسول الله: خذ، فحثا في ثوبه ثم ذهب يقلّه فلم يستطع، فقال: يا رسول الله اؤمر بعضهم أن يرفعه إليّ؟ قال: لا، قال: فارفعه أنت عليّ، قال: لا فنثر «1» منه ثم ذهب يقلّه. فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه، قال: لا، قال فارفعه أنت عليّ، قال: لا، فنثر «2» منه ثم احتمله فألقاه على كاهله ثم انطلق، فما زال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وثمّ منها درهم. انتهى. وفي كتاب «الجامع» من تأليف ابن يونس: وفي سنة عشر قدم بمال البحرين وهو مائة ألف وثمانون ألف درهم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقسمه بين الناس. انتهى. وفي كتاب ابن بطّال في باب القطائع: قال إسماعيل بن إسحاق: مال البحرين كان من الجزية. الفصل الثاني في اتخاذ الخلفاء بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلم ورضي عنهم بيت المال وذكر من ولّوه النّظر في ذلك 1- أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: في «العقد» لابن عبد ربّه أنّ أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه كان على بيت المال في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، قال: ثم وجّهه إلى الشام. وفي «الاستيعاب» (1479) لابن عبد البر رحمه الله تعالى: معيقيب بن أبي فاطمة: استعمله أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم على بيت المال.

_ (1) - سقط من م (لتشابه النهايتين) . (2) - سقط من م (لتشابه النهايتين) .

2 - عمر بن الخطاب

وفي «العمدة» للتلمساني: بلال بن حمامة رضي الله تعالى عنه، وحمامة أمّه، وإليها كان ينسب، وأبوه رباح كان لبعض بني جمح، فاشتراه أبو بكر منهم، ثم أعتقه وكان له خازنا. 2- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1479) معيقيب بن أبي فاطمة: استعمله أبو بكر وعمر على بيت المال، وقد تقدّم ذكره. وفي «الاستيعاب» (865) أيضا: عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، كتب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثم لأبي بكر، واستكتبه أيضا عمر رضي الله تعالى عنهم، واستعمله على بيت المال وعثمان رضي الله تعالى عنهم بعده. وفي كتاب «الأموال» للداوديّ: كان عمر رضي الله تعالى عنه قد أخرج عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه إلى العراق على صلاتهم وبيت مالهم وأحكامهم، وعمّار بن ياسر رضي الله تعالى عنه على جيوشهم، وسهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه على مساحة الأرض. 3- عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (539) كان زيد ابن ثابت رضي الله تعالى عنه على بيت المال في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه، وكان لزيد عبد اسمه وهيب، فأبصره عثمان يعينهم في بيت المال، فقال: من هذا؟ فقال زيد: مملوك لي، فقال عثمان: أراه يعين المسلمين، وله حقّ وأنا أفرض له، ففرض له ألفين، فقال زيد: والله لا تفرض لعبد ألفين ففرض له ألفا. وقد تقدّم من وليه لعمر بن الخطّاب. ذكر عبد الله بن الأرقم وأنّه وليه لعثمان أيضا: وفي «العقد» (4: 164، 273) لابن عبد ربه: كان على بيت المال في أيّام عثمان رضي الله عنه: عبد الله بن الأرقم، ثمّ استعفاه. انتهى. 4- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: في كتاب «معرفة علماء مصر ومن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم» تأليف أبي سعيد

عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس الصدفيّ رحمه الله تعالى: إبراهيم القبطيّ مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يكنى أبا رافع، شهد الفتح بمصر واختطّ بها، وصار أبو رافع بعد ذلك إلى عليّ بن أبي طالب فولّاه بيت مال الكوفة، وتوفّي بها سنة أربعين. وفي «الاستيعاب» (84) عند ذكر أبي رافع: كان عبيد الله بن أبي رافع خازنا وكاتبا لعليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وكان أبوه، أبو رافع، مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأمّه سلمى مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقابلة إبراهيم ابنه. انتهى. وفي «العقد» لابن عبد ربه: كان عليّ رضي الله تعالى أنه يقسم بيت المال في كلّ جمعة حتّى لا يبقي فيه شيئا، ثمّ يرشّ له ويقيل فيه ويتمثّل بهذا البيت: هذا جناي وخياره فيه ... إذ كلّ جان يده إلى فيه انتهى. تنبيه: قد تقدم ذكر أبي عبيدة ومعيقيب وبلال وعبد الله بن الأرقم وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم فيما تقدّم من الكتاب فأغنى عن الإعادة، وأمّا أبو رافع رضي الله تعالى عنه وعبد الله ولده ففيما تقدّم من ذكر والده في باب صاحب الثقل، وفيما قيّدته في هذا من كلام أبي عمر ابن عبد البرّ كفاية في شأنيهما. انتهى.

الباب الثالث في الوزان

الباب الثالث في الوزان روى مسلم (1: 471) رحمه الله تعالى عن محارب «1» : سمع جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه يقول: اشترى مني النبي صلّى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين وبدرهم، أو درهمين قال: فلما قدم صرارا أمر ببقرة فذبخت، فأكلوا منها، فلما قدم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين، فوزن لي وزادني، وروي: ووزن لي ثمن البعير فأرجح لي صلّى الله عليه وسلم. وروى النسائي (7: 283) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة دعا بميزان فوزن لي وزادني. وروى أبو داود (2: 220) رحمه الله تعالى عن سويد بن قيس «2» رضي الله تعالى عنه قال: جلبت أنا ومخرفة العبديّ «3» بزّا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يمشي فساومنا بسراويل، فبعناه وثمّ رجل يزن بالأجر، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: زن وأرجح. وذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1678) في أخبار أبي سفيان بن حرب: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعطاه من غنائم حنين، وكان شهدها معه، مائة بعير وأربعين أوقية، وزنها له بلال.

_ (1) محارب بن دثار السدوسي أبو دثار: محدث ثقة توفي سنة 116 (تهذيب التهذيب 10: 49) . (2) سويد بن قيس العبدي أبو مرحب عرف بروايته حديث «رجل السراويل» هذا، رواه عنه سماك بن حرب (الإصابة 3: 153) . (3) انظر الإصابة 6: 69 (وقد يصحف أحيانا إلى مخرمة بالميم) .

تنبيه: قد تقدم من ذكر بلال رضي الله تعالى عنه في باب الأذان ما فيه كفاية، والحمد لله. فوائد لغوية في سبع مسائل: الأولى: ابن القوطية (3: 308) وزنت الشيء: امتحنته بما يعادله؛ ابن سيده: وزنا وزنة. ابن طريف: وزنت الرجل ووزنت له: إذا اقتضيته ثمن شيء يوزن، وفي القرآن: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (المطففين: 3) . ابن سيده: وإنه لحسن الوزنة جاءوا به على الأصل، ولم يعلّوه لأنه ليس بمصدر، وإنما هو هيئة الحال. الهروي: والآلة التي توزن بها الأشياء: ميزان. الجوهري (6: 2213) : وأصله: موزان، انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، قال (4: 1422) وكفّة الميزان وكفّته- بالكسر والفتح- والجمع: كفف، والسّعدانات (1: 485) العقد التي في أسفل كفّة الميزان. انتهى. وفي «الغريب المصنف» «1» : العقد التي في أسفل الميزان هي السّعدانات، والحلقة التي تجتمع فيها الخيوط في طرفي الحديدة: هي الكظامة؛ والحديدة: هي المعترضة «2» التي فيها اللسان وهي المنجم «3» ، ويقال لما يكتنف منها اللسان: الفياران، واحدها فيار، والخيط الذي يرفع به الميزان: العذبة. قلت: والوزّان مما جاء على فعّال مشدّد العين على جهة النسب لذي صنعة أو حرفة يزاولها ويديمها كالنّجار والعطّار، قال الزمخشري في «المفصل» (212) في باب النسب: وقد يبنى على فعّال وفاعل على ما فيه معنى النسب من غير إلحاق الياء كقولهم: ثوّاب وجمّال ولابن وتامر، والفرق بينهما أن فعّالا لذي صنعة يزاولها ويديمها، وعليه أسماء المحترفين، وفاعلا لمن يلابس الشيء [في الجملة] .

_ (1) قارن بأدب الكاتب لابن قتيبة: 200. (2) م ط: المعرضة. (3) صواب العبارة كما في أدب الكاتب: والحديدة المعترضة التي فيها اللسان هي المنجم.

الثانية: صرار بالصاد المهملة المكسورة بعدها راء وألف وراء مهملتان أيضا: بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة تلقاء حرّة واقم، قاله: البكري (830) . الثالثة: في «الصحاح» (1: 364) رجح الميزان يرجح ويرجح رجحانا أي مال، وأرجحت لفلان، ورجّحت ترجيحا: إذا أعطيته راجحا. الرابعة: قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1466) : مخرفة العبدي، ويقال مخرمة، والصحيح: مخرفة بالفاء، اشترى منه رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجل سراويل. الخامسة: في «المحكم» البزّ: الثياب، والبزّاز: بائع البزّ، وحرفته: البزازة. وقال الجوهري (2: 862) البزّ من الثياب: أمتعة البزّاز. وفي «الديوان» (3: 123) : البز بفتح الباء: متاع البزاز. السادسة: في «المحكم» (4: 114) «1» هجر- بفتح أوله وثانية- مدينة البحرين معروفة، وهي معرفة لا تدخلها الألف واللام. السابعة: في «المحكم» : السّراويل: فارسي معرّب، يذكّر ويؤنث، ولم يعرف الأصمعي فيها إلا التأنيث؛ قال الشاعر «2» : [من الطويل] أردت لكيما يعلم النّاس أنّها ... سراويل قيس والوفود شهود وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه ... سراويل عاديّ نمته ثمود

_ (1) ما جاء في المحكم هو: وهجر مدينة تصرف ولا تصرف. (2) ينسب الشعر لقيس بن سعد بن عبادة، وفيه قصة، خلاصتها أن رسولا لملك الروم طويلا وفد على معاوية، فأراد معاوية أن يريه من يبذه طولا فأرسل إلى قيس فجاء فخلع سراويله ورمى بها إلى العلج فلم تتجاوز ثندوته، فلما ليم قيس في ذلك قال تلك الأبيات؛ والحكاية تتردد في كتب الأدب، انظر مثلا الكامل للمبرد 2: 114- 115 وقال ابن عبد البر (الاستيعاب: 1293) خبره في السراويل عند معاوية كذب وزور مختلق ليس له إسناد، ولا يشبه أخلاق قيس ولا مذهبه في معاوية ولا سيرته في نفسه ونزاهته، وهي حكاية مفتعلة وشعر مزور (والبيتان في اللسان: سرل ومعهما خلاصة الحكاية) .

والجمع سراويلات. قال سيبويه «1» : ولا يكسّر، وقد قيل سراويل واحده سروالة، قال: [من المتقارب] عليه من اللؤم سروالة ... فليس يرقّ لمستعطف «2» وسروله فتسرول: ألبسه إياها فلبسها. وفي «الصحاح» (5: 1729) قال سيبويه: سراويل: واحدة، وهي أعجمية أعربت فأشبهت من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة، فهي مصروفة في النكرة، وإن سميت بها رجلا لم تصرف، وكذلك إن حقّرتها اسم رجل لأنها مؤنث على أكثر من ثلاثة أحرف. وفي النحويين من لا يعرفه أيضا في النكرة ويزعم أنه جمع سروال وسروالة وينشد: عليه من اللؤم سروالة ويحتج في ترك صرفه بقول ابن مقبل «3» : [من الطويل] فتى فارسيّ في سراويل رامح والعمل على القول الأول، والثاني أقوى.

_ (1) نقله في اللسان (سرل) ومعه البيت، حتى قوله «فلبسها» . (2) نقله أيضا في اللسان (سرل) (قال ابن بري: قوله فهي مصروفة في النكرة ليس من كلام سيبويه) حتى قوله: والثاني أقوى. (3) صدر البيت: أتى دونها ذب الرياد كأنه؛ انظر اللسان (ذبب، رود، سرل) وديوان ابن مقبل: 41 وأمالي القالي 2: 164؛ وذب الرياد هو ثور الوحش، لأنه يرود أي يذهب ويجيء، والرامح: حامل الرمح؛ شبه الثور الوحشي بالفارسي ذي السراويل للسواد الذي في قوائمه.

الباب الرابع في خازن الطعام

الباب الرابع في خازن الطعام وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج البخاري (7: 81) «1» رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحتبس لأهله قوت سنتهم. وروى الترمذي (3: 131) رحمه الله تعالى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم خالصا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعزل نفقة أهله سنة ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وروى محمد بن حفص العطار الدوري عن أبي الحوراء «2» رحمهما الله

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 6: 184. (2) م ط: عن أبي الجوزاء؛ وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، لم يذكر أنه يروي عن الحسن (وإن كان ذلك ممكنا لأنه توفي سنة 83) وأما الذي يروي عن الحسن فهو أبو الحوراء (بحاء وراء مهملتين) وهو ربيعة بن شيبان السعدي البصري روى عن الحسن بن علي وعنه بريد بن أبي مريم (وقع في تهذيب التهذيب: يزيد مصحفا) وثابت بن عمارة الحنفي؛ وقد روى هذا الحديث كل منهما أعني بريد بن أبي مريم وثابت بن عمارة عن أبي الحوراء في مسند أحمد 1: 200، 201. وخرجه من طرق أخرى بنص مقارب كل من البخاري ومسلم والدارمي وأحمد في مسنده 3: 490، 4: 384. والدوري المذكور هو محمد بن مخلد بن حفص العطار الحافظ كان معروفا بالثقة والصلاح وتوفي سنة 331 (تذكرة الحفاظ: 828) وقد صنف وخرج وعني بهذا الشأن كثيرا، وقول المؤلف هنا «انتهى من مسنده» يشير إلى مسند الدوري.

الفصل الثاني فيما جاء من ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه

تعالى عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال، قلت له: ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أنه حملني على عاتقه فأدخلني في غرفة الصدقة فأخذت تمرة فجعلتها في فيّ، فقال: ألقها، أما علمت أن الصدقة لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمد؟ قال: فأخرجتها من فيّ، انتهى من «مسنده» رحمه الله تعالى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: الجوهري (2: 830، 829) : بنو النضير: حي من يهود خيبر، وهم دخلوا في العرب وهم على نسبهم إلى هارون أخي موسى عليه السلام. والنّضار: الذهب، وكذلك النّضير. الثانية: ابن القوطية (2: 480) أفاء الله على المسلمين غنما أو خيرا: جاء به إليهم. الثالثة: ابن القوطية (3: 288) وجف وجيفا وأوجف: أسرع. الجوهري (4: 1437) : الوجيف: ضرب من سير الإبل والخيل، ووجف البعير وجفا ووجيفا، وأوجفته أنا. وقال تعالى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ (الحشر: 6) أي: ما أعملتم. الرابعة: الجوهري (4: 1521) : العاتق: موضع الرداء من المنكب يذكر ويؤنث. الخامسة: الجوهري (4: 1410) : الغرفة: العلّيّة والجمع غرفات وغرفات «1» وغرفات وغرف. الفصل الثاني فيما جاء من ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه في «تاريخ ابن الأثير» (3: 57) قال أسلم: خرج عمر رضي الله تعالى عنه إلى حرّة واقم وأنا معه، حتى إذا كنا بصرار إذا نار تسعر، فقال: انطلق بنا إليهم فهرولنا

_ (1) هذه الصيغة لم ترد في الصحاح.

حتى دنونا منهم فإذا بامرأة معها صبيان لها، وقدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، وكره أن يقول: يا أصحاب النار، فقالت: وعليكم السلام، قال: ادنو؟ قالت: ادن بخير أودع، فدنا، فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع، قال: وأي شيء في القدر؟ قالت: ما لي ما أسكتهم به حتى يناموا، فأنا أعللهم وأوهمهم أني أصلح لهم شيئا حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر. قال: أي رحمك الله، ما يدري بكم عمر؟ قالت: يتولى أمرنا ويغفل عنا، فأقبل عليّ وقال: انطلق بنا. فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرج عدلا فيه كبة شحم وقال: احمله على ظهري. قال أسلم: فقلت: أنا أحمله عنك مرتين أو ثلاثة فقال، آخر ذلك: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك؟! فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه نهرول حتى انتهينا إليها، فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئا، فجعل يقول لها: ذرّي عليّ وأنا أحرّ لك «1» ، وجعل ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته، حتى أنضج ثم أنزل القدر، فأتته بصحفة فأفرغها، ثم قال: أطعميهم وأنا أسطح لك، فلم يزل حتى شبعوا، ثم خلّى عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه فجعلت تقول: جزاك الله خيرا، أنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين، فيقول: قولي خيرا، إنك إذا جئت أمير المؤمنين وجدتني هناك إن شاء الله تعالى، ثم تنحّى ناحية واستقبلها وربض لا يكلمني حتى رأى الصبية يضحكون ويصطرعون ثم ناموا وهدأوا فقام وهو يحمد الله وقال: يا أسلم، الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت منهم. وذكره الخطابي في كتابه «في غريب الحديث» (20) «2» والبكري في «المعجم» (830) مختصرا.

_ (1) م ط: وأنا أحسّ لك. (2) هذا هو رقم اللوحة حسب طبعة جامعة أم القرى بتحقيق الأستاذ عبد الكريم إبراهيم العزباوي.

تنبيه: من تاريخ البخاري (2: 23) رحمه الله تعالى: أسلم مولى عمر بن الخطاب، أبو خالد، كان من سبي اليمن سمع عمر رضي الله تعالى عنه. وعن ابن إسحاق: بعث أبو بكر عمر رضي الله تعالى عنهما سنة إحدى عشرة فأقام للناس الحج وابتاع فيها أسلم. وعن زيد بن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: توفي أسلم وهو ابن أربع عشرة ومائة وصلّى عليه مروان. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: في «المعجم» (437) حرة واقم بالواو والقاف: أطم من آطام المدينة نسبت إليه الحرّة. الثانية: في «المعجم» (830) أيضا صرار بصاد مهملة مكسورة وراءين مهملتين بينهما ألف: بئر قديمة على ثلاثة أميال عن المدينة تلقاء حرّة واقم. تنبيه: قول المرأة قصّر بنا الليل والبرد: تريد والله أعلم أنهم أدركهم الليل واشتد عليهم البرد فنزلوا هنا لك وقصّروا عن الوصول إلى المدينة. الثالثة: في «الأفعال» لابن طريف: ضغا الكلب وغيره ضغاء: صوّت وأضغى أيضا. الرابعة: في «المحكم» (2: 11) العدل: نصف الحمل يكون على أحد جنبي البعير. الخامسة: في «المحكم» (6: 416) الكب: الشيء المجتمع من تراب وغيره، وكبّة الغزل: ما جمع منه. وبالضم ضبطها الفارابي. السادسة: قوله وأنا أحرّ لك «1» : أي أصنع لك حساء. ذكره أبو علي في كتابه

_ (1) م ط: وأنا أحسّ لك؛ (قلت: استمر الوهم في النسختين لورود لفظة الحساء؛ ولكن «حسّ» لا يصاغ منها «حساء» ) وصوابه: وأنا أحر لك أي أصنع الحريرة، والحريرة هي الحساء المطبوخ من الدقيق والدسم والماء (النهاية لابن الأثير 1: 216) .

في باب فعال بفتح الفاء، فقال: الحساء: ما يعمل ليتحسّى وهو الحسو، والحسو المصدر، مثل السّحور والسّحور، فالسّحور اسم للطعام الذي يتسحر به والسّحور المصدر، وكذلك الوضوء والوضوء. وذكره البكري والخطابي فقالا فيه وأنا أحرّه لك. قال البكري في «المعجم» (830) يريد: اتخذ لك حريرة. ورأيت عليه في طرة من «كتاب غريب الحديث» للخطابي: أراد أحرّك لك فحذف لعلم السامع. قال: وكذلك رواه الحربي. السابعة: في «الأفعال» لابن طريف في حديث عمر رضي الله تعالى عنه حين صنع الحساء للأطفال الذين كانوا في مسغبة: أسطح- يقال سطح الشيء سطحا: بسطه. الثامنة: في «الأفعال» (3: 69) للسرقسطي ربض الدابة ربوضا: برك.

الباب الخامس في الكيال

الباب الخامس في الكيّال روى البخاري (3: 88) رحمه الله تعالى عن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه. وروى مسلم (1: 456) رحمه الله تعالى عن ابن عمر قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع، فكان يعطي أزواجه كلّ سنة مائة وسق: ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير. وروى مسلم (1: 446) رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله. فائدة لغوية: الجوهري (5: 1814) : كلت الطعام كيلا ومكالا ومكيلا أيضا وهو شاذّ. ابن سيده: واكتلته؛ الجوهري (1814) والاسم: الكيلة بالكسر، يقال: إنه لحسن الكيلة مثل الجلسة والركبة، وفي المثل: «أحشفا وسوء كيلة» أي أتجمع عليّ أن تعطيني حشفا وأن تسيء لي الكيل؟ ويقال: كلته بمعنى كلت له، ويقال: كال المعطي واكتال الآخذ، وكيل الطعام على ما لم يسمّ فاعله، وكايلته وتكايلنا إذا كال لك وكلت له فهو مكائل بالهمز. ابن سيده: وكاله طعاما، وكاله له، والكيل والمكيل والمكيال والمكيلة: ما كيل به، الأخيرة: نادرة. ورجل كيّال من الكيل.

الباب السادس في ذكر أسماء الأوزان والأكيال الشرعية المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

الباب السادس في ذكر أسماء الأوزان والأكيال الشرعية المستعملة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم «1» وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في قوله صلّى الله عليه وسلم: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة روى النسائي (7: 284) رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة. وروى أبو عبيد القاسم بن سلام (624) رحمه الله تعالى عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم: المكيال مكيال أهل المدينة «2» والميزان ميزان مكة. وروى أبو داود (2: 220) رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة.

_ (1) هذا الفصل من أكثر الفصول استيفاء حتى لقد قال فيه الكتاني: ان مباحث المكاييل والأوزان والدرهم والدينار من كتاب الخزاعي هنا لم أر أوعب منها ولا أجمع فيما رأيت ممن كتب في المسألة من أهل المشرق والمغرب، بحيث لو لم يشتمل كتابه إلا عليها لكان جديرا بالاعتبار ... (التراتيب الإدارية 1: 438) . (2) وروى أبو عبيد ... المدينة: سقط من م.

وروى الطحاوي رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أيضا نحوه بنصه. وقال الخطابي في كتابه «معالم الحديث» إنما جاء هذا الحديث في نوع ما تتعلق به أحكام الشريعة في حقوق الله سبحانه، دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم وأمور معايشهم. وقوله صلّى الله عليه وسلم: الوزن وزن أهل مكة، يريد وزن الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان، ومعناه: أن الوزن الذي يتعلق به حقّ الزكاة في النقد وزن أهل مكة. وأما قوله: والمكيال مكيال أهل المدينة، إنما هو الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات، ويجب إخراج صدقة الفطر به، ويكون تقدير النفقات وما في معناها بعياره، والله أعلم. وقال الطحاوي: المعنى في ذلك: لأن مكة لما كانت أرض متجر تباع فيها الأمتعة بالأثمان، ولم يكن بها حينئذ ثمرة ولا زرع، وكذلك كانت قبل ذلك الزمان، ألا ترى إلى قول إبراهيم: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وكانت المدينة بخلاف ذلك، لأنها دار النخيل وفيها الزرع، فكان جلّ تجارتهم في المكيل دون الموزون، جعل النبي صلّى الله عليه وسلم الأمصار كلها لهذين المصرين أتباعا فيما يحتاجون إليه من الكيل والوزن. قال: ولما كانت السنّة قد منعت من إسلام موزون في موزون، ومن إسلام مكيل في مكيل، وأجازت إسلام الموزون في المكيل، والمكيل في الموزون، ومنعت من بيع الموزون بالموزون إلا مثلا بمثل، ومن بيع المكيل بالمكيل إلا مثلا بمثل، كان الأصل في الموزون ما كان حينئذ يوزن بمكة، وكان الأصل في المكيل ما كان حينئذ يكال بالمدينة لا يتغير عن ذلك وإن غيّره الناس. وقال الفقيه أبو العباس العزفي رحمه الله تعالى في كتابه «إثبات ما ليس منه بد لمن أراد الوقوف على حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد» : فوجب على كلّ من دان بهذه الملة وتعبد بهذه الشريعة البحث عن كيل أهل المدينة فيما جرت العادة بكيله، وعن وزن أهل مكة فيما استمر العرف بوزنه.

الفصل الثاني في معرفة أسماء الأوزان المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة أقدارها، وهي عشرة

قلت: وإنما يتحصّل ذلك بمعرفة ما كان من ذلك مستعملا في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبمعرفة أقدارها، ويتحصل الغرض من ذلك في الفصلين المذكورين بعد هذا إن شاء الله تعالى. الفصل الثاني في معرفة أسماء الأوزان المستعملة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ومعرفة أقدارها، وهي عشرة الدرهم، والدينار، والمثقال، والدانق، والقيراط، والأوقية، والنش، والنواة، والرطل، والقنطار. 1- ذكر الدرهم، وفيه سبع مسائل: الأولى: في ذكر استعماله: روى النسائي (5: 59) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف، قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدّق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق بها. وروى النسائي (7: 284) أيضا عن سماك قال: سمعت مالكا أبا صفوان يقول رضي الله تعالى عنه: بعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا من سراويل قبل الهجرة بثلاثة دراهم، فوزن لي فأرجح لي. المسألة الثانية: هل كان معلوم القدر أم لا؟ وفي ذلك قولان: القول الأول: أن الدرهم لم يكن في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم معلوما حتى ضربت الدراهم في زمان عبد الملك بن مروان. قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستذكار» قال أبو عبيد: كانت الدراهم غير معلومة إلى أيام عبد الملك بن مروان فجمعها وجعل كل عشرة من الدراهم وزن

سبعة مثاقيل، قال: وكانت الدراهم يومئذ درهم من ثمانية دوانق زيف، ودرهم من أربعة دوانق جيد. قال: فاجتمع رأي علماء ذلك الوقت لعبد الملك على أن جمعوا الأربعة دوانق إلى الثمانية فصارت اثني عشر دانقا وجعلوا الدرهم ستة دوانق وسموه كيلا. انتهى. وقال أبو محمد عبد الحق بن عطية في جواب سؤال سئله في سنة ست عشرة وستمائة: قال أبو عبيد القاسم بن سلام عن بعض شيوخه إن الدراهم كانت على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم نوعين: السوداء الوافية ووزن الدرهم منها ثمانية دوانق، والطبرية العتق وزن الدرهم منها أربعة دوانق. قال: وكان الناس يزكّون بشطرين من الكبار والصغار، فلما أراد عبد الملك بن مروان ضرب الدرهم خشي إن ضرب على الوزن الوافي أن يبخس الزكاة، وإن ضرب على الطبرية أن يبخس الناس، فجمع الوزنين وأخذ نصفهما مراعاة لما كانت زكاة الناس عليه، فجعل الدرهم من ستة دوانق. والقول الثاني: إن الدرهم كان معلوما في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم: قال أبو العباس العزفي، قال أبو جعفر الداودي: وذكر قول من قال: إن الدرهم لم يكن معلوما في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم: هذا قول فاسد لم يكن القوم ليجهلوا أصلا من أصول الدين فلا يعلمون فيه نصا، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يخرج السّعاة فلا يجوز أن يظنّ بهم جهل مثل هذا ولم يأت ما قاله من طريق صحيح. قال، وقد قال أبو عمر ابن عبد البر: لا يجوز أن تكون الأوقية على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم مجهولة المبلغ من الدراهم في الوزن ثم يوجب الزكاة عليها وهي لا يعلم مبلغ وزنها. قال: وتلاهما على هذا القول القاضي الجليل أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى، قال: ولا يصحّ أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة القدر في زمن النبي

صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، وتقع بها البياعات والأنكحة، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وهذا يبيّن أن قول من قال: إن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك حتى جمعها برأي الفقهاء وهم. وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام وعلى صفة لا تختلف، وإنما كانت مجموعات من ضرب فارس والروم، وصغارا وكبارا، وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة، ويمنية ومغربية، فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه وتصييرها وزنا واحدا لا يختلف، وأعيانا يستغنى بها عن الموازين، فجمعوا أصغرها وأكبرها وضربوه على وزنهم الكيل، ولعله كان الوزن الذي يتعاملون به حينئذ كيلا بالمجموع، ولهذا سمّي كيلا، وإن كانت قائمة مفردة غير مجموعة. انتهى. وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستذكار» أيضا: وما أظنّ عبد الملك وعلماء عصره نقضوا شيئا من الأصل. وإنما أنكروا وكرهوا الضرب الجاري عندهم من ضرب الروم فردّوها إلى ضرب الإسلام. انتهى. وقال أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي رحمه الله تعالى، في كتابه «معالم السنن» في الكلام على الحديث الذي خرّجه أبو داود رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة: إنما جاء الحديث في نوع ما يتعلّق به أحكام الشريعة في حقّ من حقوق الله سبحانه دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم وأمور معايشهم. وقوله: الوزن وزن أهل مكة، يريد من الذهب والفضة خصوصا دون سائر الأوزان، ومعناه أنّ الوزن الذي يتعلق به حقّ الزكاة في النقد وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدّلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، والدرهم الوازن الذي هو من دراهم الإسلام الجائزة بينهم في عامة البلدان ستة دوانيق، وهو نقد أهل مكة ووزنهم الجائز بينهم. وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت مقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم إياها، والدليل على صحة ذلك أن

عائشة رضي الله تعالى عنها قالت فيما روي عنها من قصّة بريرة: إن شاء أهلك أن أعدّها لهم عدّة واحدة فعلت؛ تريد الدراهم التي هي ثمنها. فأرشدهم صلّى الله عليه وسلم إلى الوزن فيها، وجعل العيار وزن أهل مكة دون ما يتفاوت وزنه منها في سائر البلدان، وقد تكلّم الناس في هذا الباب، وهل كانت هذه الدراهم لم تزل في الجاهلية على هذا المعيار، وإنما غيروا السكك منها ونقشوا فيها اسم الله عز وجل، وقام الإسلام والأوقية وزنها أربعون درهما، ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وهي مائتا درهم. وهذا بلغني عن أبي العباس ابن سريج أنه كان يقوله ويذهب إليه. انتهى. تنبيه: أقرب ما يتناول في هذا الاختلاف الواقع في الدرهم الشرعي: هل كان معلوما في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم أو غير معلوم القدر، وهو أن يكون معلوم القدر غير موجود العين مثل درهم الصّنجة عندنا الآن، فإنه معلوم القدر غير موجود العين، وإنما توجد صنجته ومنه تتركّب الأوزان التي فوقه بالدينار والأوقية والرطل وغيرها، ومن أبين الأدلّة على ذلك الحديث المتقدم على هذا الباب الذي خرجه النسائي في شرائه صلّى الله عليه وسلم رجل سراويل بثلاثة دراهم، وفيه: فوزن لي فأرجح لي. والحديث الذي خرجه مسلم (1: 470) والبخاري رحمهما الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه: اشترى مني النبي صلّى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين، وفيه: ووزن لي ثمن البعير فأرجح لي، وقد تقدم في باب الوزان؛ فلو لم يكن الدرهم معلوما في حين عقد هاتين الصفقتين المباركتين لما صحّ البيع ولما عرف الرجحان الذي أرجح لهما صلّى الله عليه وسلم بعد استيفائهما حقوقهما، والله تعالى أعلم. وبهذا تتفق الأقوال ويندفع التعارض عنها، فيحمل قول من قال: إن درهم مكة كان معلوما في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أن المراد بذلك قدره ووزنه، لا عينه، ويحمل قول من قال: إن الدراهم كانت غير معلومة إلى أيام

عبد الملك بن مروان: أن المراد بذلك أنها لم تكن معلومة بأعيانها، وإنما كانوا يتعاملون بتلك الدراهم المختلفة المتنوعة ويرجعون في أقدارها إلى قدر الدرهم المعلوم الذي تركبت منه الأوقية والنشّ والنواة. المسألة الثالثة: في معرفة مقداره، وفي ذلك قولان: الأول: قال: أبو محمد ابن عطية في جوابه المشار إليه في أول الباب: ذكر الخطابي عن أبي العباس ابن سريج: أن درهم مكة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان من ستة دوانق، وأن عدد حبوبه خمسون حبة، وإنما غيّر في الإسلام نقشه. قال أبو محمد: والحبة التي تركّب منها الدرهم هي حبة الشعير المتوسطة الحسنة غير مقشورة بعد أن يقطع من طرفيها ما امتدّ وخرج عن خلقتها. والقول الثاني: ذكر ابن حزم في «المحلّى» (5: 246) قال: قد بحثت أنا غاية البحث عند كلّ من وثقت بتمييزه، فكل اتفق لي على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق، والدرهم سبعة أعشار المثقال، فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة. وحكى ابن شاس في «الجواهر» مثل هذا القول عن عبد الله بن أحمد بن حنبل بنصّه لم يغادر منه حرفا. المسألة الرابعة: في الترجيح بين هذين القولين المختلفين في عدة حبوب لدرهم على مذهب من رجح أحدهما على الآخر والجمع بينهما على مذهب من رأى ذلك، فلذلك قولان: القول الأول: قال أبو العباس العزفي رحمه الله تعالى في «إثبات ما ليس منه بد» : ما قاله أبو محمد علي بن أحمد لا تحقيق وراءه، فإنه وإن كان اعتمد على نقل من وثق بتمييزه في زنة الدينار والدرهم بمكة شرفها الله تعالى فلعلّ ذلك مخصوص بزمن بحثه وذلك لنحو من أربعمائة سنة من تاريخ الهجرة، فبقي عليه البحث والتنقير على أن الدينار والدرهم لم يزالا على ذلك من الوزن، بنقل الآحاد

العدول، أو بنقل الجمّاء العفير خلفا عن سلف، من عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذلك الزمان بمكة شرفها الله تعالى، كما اعتمد المحققون ذلك في صاعه ومدّه- عليه السلام- بالمدينة. وأمّا مع إمكان اختلافه في الأعصار وتباينه في الأمصار وعند تعاقب الولاة، مع ما عهد من اختلاف زنة الدنانير والدراهم والمكاييل عند تجدد الولاة واختلاف الأزمنة، فلا اعتماد على ما قاله، فهذا ترجيح لمن قال إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة. والقول الثاني: قال الأستاذ أحمد بن عثمان بن البناء رحمه الله تعالى في «مقالته في مقادير المكاييل الشرعية» : وأما ما نقله صاحب «الجواهر الثمينة» عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حنبل من أن دينار الذهب وزنه بمكة اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وذلك بالحبّ المطلق من الشعير فتكون زنة الدرهم بالحبّ المطلق سبعا وخمسين حبة وكسرا، لأن الدرهم سبعة أعشار الدينار، هذا أيضا قول مشهور، فليس بين القولين اختلاف، لأن الوزن في القول الأول بالوسط من الشعير، وفي هذا القول بالحبّ المطلق، ولا يبعد أن يكون بين المطلق والوسط ذلك القدر من التفاوت، وهذا جمع بين القولين. المسألة الخامسة: في الدليل على استعمالهم حب الشعير في أوزانهم في الجاهلية والإسلام: أنشد ابن إسحاق في «السير» (1: 277) لأبي طالب: [من الطويل] جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا ... عقوبة شرّ عاجلا غير آجل بميزان صدق لا يخسّ شعيرة ... له شاهد من نفسه غير عائل وذكر أبو محمد ابن عطية في «التفسير» عند قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المجادلة: 12) صحّ عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما عمل بها أحد غيري، وأنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين، وذلك أني أردت مناجاة النبي عليه السلام في أمر ضروري فصرفت

دينارا بعشرة دراهم ثم ناجيته عشر مرّات أقدّم في كلّ مرة درهما. وروي عنه أنه تصدق في كل مرة بدينار. قال علي رضي الله تعالى عنه: ثم فهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن هذه العبادة قد شقّت على الناس، فقال لي: يا علي، كم ترى أن يكون حدّ هذه الصدقة؟ أتراه دينارا؟ قلت: لا، قال: فنصف دينار؟ قلت: لا، قال: فكم؟ قلت: حبة من شعير، قال: إنك لزهيد، فأنزل الله عز وجل الرخصة. انتهى. قلت: وإنما يريد رضي الله تعالى عنه وزن حبة من شعير لأنه يصحّ به الانتفاع ويكون قريبا من خمس العشر من الدرهم في قول من قال: إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة أو قريبا من سبع ثمن الدرهم في قول من قال: إن الدرهم سبع وخمسون حبة وثلاثة أعشار حبة، ولا يصحّ أن يريد رضي الله تعالى عنه حبة الشعير بعينها لتفاهتها وعدم الانتفاع بها. المسألة السادسة: في معنى تسمية هذا الدرهم بالشرعي: قال أبو محمد ابن عطية في جوابه: سمّي بذلك لما تركّب منه الرطل والمد والصاع، فهو درهم كيل الشريعة، وفي هذا الدرهم والرطل قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: الوزن وزن مكة. وفيما تركب منه كما ذكرنا قال: الكيل كيل المدينة. المسألة السابعة: في ذكر فوائد لغوية وهي عشر فوائد: الأولى: في «المخصص» قال سيبويه: الدرهم: فارسي معرب ألحقوه ببناء هجرع، وقالوا في تصغيره دريهم كأنهم صغروا درهاما. قال ابن جني قد قيل درهام وأنشد: لو أنّ عندي مائتي درهام ... لجاز في آفاقها ختامي وقال المطرز في «اليواقيت» : أفصح اللغات درهم، والثانية درهم، وقالوا في الجمع دراهم ودراهيم، كما قالوا قراقر وقراقير.

الثانية: في «المشرع الرويّ» في حديث عائشة: ما تصدّقت المرأة من عرض بيتها: أي من ناحيته، ويقال عرض كلّ شيء: ما استقبلك منه، وكذلك عرض النهر والماء. وفي المحكم (1: 246) عرض الشيء: وسطه وناحيته. وقيل نفسه، وعرض الحديث: معظمه، وعرض الناس كذلك. وفي «الديوان» (1: 155) العرض بضم العين وسكون الراء: الناحية. الثالثة: ابن القوطية (2: 104) زافت الدراهم تزيف زيفا: فسدت وبارت. «الجوهري» (4: 1371) درهم زيف وزائف، وقد زافت عليه الدّراهم وزيّفتها أنا. الرابعة: ابن القوطية (1: 79) بخسة حقّه بخسا: نقصه، والكيل كذلك. الفارابي (2: 205) بفتح العين في الماضي والمستقبل لمكان حرف الحلق. الخامسة: في «الصحاح» (2: 764) عايرت المكاييل والموازين عيارا وعاورت بمعنى؛ يقال عايروا بين مكاييلكم وموازينكم، وهو فاعلوا من العيار ولا تقل عيّروا والمعيار: العيار. السادسة: الجوهري (4: 1564) الورق: الدراهم المضروبة، وحكى فيها الفراء ثلاث لغات: ورق وورق وورق مثل كبد وكبد وكبد، وكذلك الرّقة والهاء عوض من الواو وتجمع على رقين مثل إرة وإرين. السابعة: ابن سيده: صنجة الميزان وسنجته فارسية معربة، وحكى اللغتين أبو عبيد في «المصنف» وفي «الصحاح» (1: 326) قال ابن السكّيت: ولا يقال سنجة. وفي «الفرق» لابن السيد: الصّنجة بالصاد التي يوزن بها، وقد حكي سنجة بالسين، قلت: وهي ما اتخذ من أحد المعادن أو الأحجار ليعاير بها مقدار وزن من الأوزان التي تجري بين الناس في معاملاتهم قلّت أو كثرت. وفي الحماسة (4: 167) : [من الرجز] وفعلة «1» زين وليست فاضحه ... نابلة طورا وطورا رامحه

_ (1) هذا على الكناية تحرجا من إيراد اللفظة نفسها.

على العدوّ والصديق جامحه ... من لقيت فهي له مصافحه كأنّها صنجة ألف راجحه الثامنة: الجوهري (2: 771) قولهم: جاءوا جمّاء غفيرا ممدودا، والجماء الغفير، وجمّاء الغفير، أي جاء جماعتهم «1» الشريف والوضيع، ولم يتخلّف أحد وكانت فيهم كثرة، والجماء الغفير اسم وليس بفعل إلا أنه ينتصب كما تنتصب «2» المصادر التي هي في معناه. كقولك: جاءوني جميعا وقاطبة وطرا وكافة. وأدخلوا فيه الألف واللام كما أدخلوها في قولهم: أوردها العراك أي أوردها عراكا. ابن القوطية في «المقصور والممدود» وجمّاء القوم جماعتهم، وجاء القوم الجماء الغفير أي بجماعتهم. التاسعة: قال أبو ذر الخشني في «غريب السير» (1: 90) قوله لا يخسّ شعيرة أي لا ينقص. ويروى لا يخيس من قولهم خاس بالعهد إذا نقضه وأفسده. وفي المحكم (4: 361، 5: 150) خسّ الحظّ خسا فهو خسيس، وأخسّه كلاهما: قلّله ولم يوفّره، وخاس الرجل خيسا: أعطاه بسلعته ثمنا ما ثم أعطاه أنقص [منه] وكذلك إذا وعده بشيء وأعطاه أنقص مما وعده به، وخاس عهده وبعهده: نقضه وخانه. العاشرة: الجوهري (2: 698) الشّعير من الحبوب، الواحدة شعيرة، قلت: وهو الذي تركب من المعايرة به الدراهم والدنانير التي هي أصول الأكيال والأوزان الشرعية من دون سائر الحبوب. وفي «المحكم» (1: 226) الشعيرة حلي يتّخذ من الفضة مثل الشعير، والشعيرة هنة تصاغ من فضة أو حديد على شكل الشّعيرة فتكون مساكا لنصاب النّصل والسكين، وأشعر السكين جعل لها شعيرة.

_ (1) الجوهري: جاءوا بجماعتهم. (2) الجوهري: ينصب كما تنصب.

2، 3 - ذكر الدينار والمثقال

2، 3- ذكر الدينار والمثقال ، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في ذكر استعمالهما وأنهما بمعنى واحد: روى مسلم (1: 274) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. وروى أبو عبيد في «كتاب الأموال» (500) عن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاري أن في كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي كتاب عمر في الصدقة: أن الذهب لا يؤخذ فيه شيء حتى يبلغ عشرين دينارا وقال: أيضا في «كتاب الأموال» (501) في الحديث المرفوع عن عمر بن شبة عن أبيه عن جدّه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم صدقة. المسألة الثانية: في مقدارهما، وفيه قولان: القول الأول: قال ابن عبد البر في «التمهيد» : روي عن جابر بإسناد غير صحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: الدينار أربعة وعشرون قيراطا. قال أبو عمر: هذا وإن لم يصحّ إسنادا ففي قول جماعة العلماء به وإجماع الناس على معناه ما يغني عن الإسناد فيه. قال أبو العباس العزفي في «الإثبات» : وزاد أبو الوليد ابن رشد القاضي الجليل في هذا الحديث: والقيراط ثلاث حبات شعير، ذكر ذلك في كتابه الكبير. قال: والدينار اثنتان وسبعون حبة من الشعير، قال: ولم تختلف الأوزان في الدنانير كما اختلفت في الدراهم. انتهى قول العزفي. وقال أبو عبيد في «كتاب الأموال» (630) : لم يزل المثقال في آباد الدهر موقّتا محدودا. قال الخطابي: كانت الدنانير تحمل إليهم في زمان النبي صلّى الله عليه

4 - ذكر الدانق:

وسلم من بلاد الروم؛ قال العزفي: فكانت العرب تسميها الهرقلية، وقد ذكرها كثيّر في شعره «1» : [من الطويل] هرقليّ وزن أحمر التّبر راجح وقال اللخمي في كتاب «التبصرة» : الدينار درهم وثلاثة أسباع درهم وهو سبع العشرة، والعشرة دراهم سبعة دنانير. والقول الثاني: ما ذكره صاحب «الجواهر» عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وهو قول علي بن أحمد بن حزم أيضا أن وزن الدينار اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة- حسبما تقدم ذكره في الكلام على الدرهم- والقول في هذا الاختلاف كالقول في اختلافهم في الدرهم وقد تقدم، فينظر هناك. المسألة الثالثة: في ذكر فائدتين لغويتين: الفائدة الأولى: في «ديوان الأدب» (1: 338) : كل ما كان على فعّال من الأسماء أبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء فيصير على فيعال مثل دينار وقيراط كراهية أن تلتبس بالمصادر إلا أن يكون بالهاء فيخرج على أصله مثل دنابة وصنّارة لأنه الآن أمن من التباسه بالمصدر. قال العزفي في «الإثبات» : والدليل على أن أصله دنّار جمعه على دنانير ولو جمعوه على لفظه لقالوا فيه ديانير أو دوانير. الفائدة الثانية: قال العزفي في «الإثبات» : المثقال اسم لما له ثقل كبير أو صغير إلا أن عرفه غلب على الصغير، وفي عرف الفقهاء والعلماء على الدينار. 4- ذكر الدّانق: قلت: لا أعلم أنه جاء في شيء من الحديث ولا الشعر ولكنه جاء في تحديد وزن الدرهم، فلذلك ذكرته ويتحصّل المقصود من الكلام عليه في مسألتين: المسألة الأولى: في معرفة قدره: ولم يختلف أنه سدس الدرهم فيكون وزن

_ (1) ديوان كثير: 183، وصدر البيت: يروق العيون الناظرات كأنه.

5 - ذكر القيراط،

الدانق على هذا على قول من قال: إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة، بالوسط ثماني حبات وخمسا حبة من الشعير، قال العزفي في «الإثبات» وزنه ثماني حبات من الشعير وخمسا حبة. المسألة الثانية: قال العزفي في «الإثبات» : دانق ودانق بفتح النون وكسرها وأصله أعجمي معرب. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: لعن الله الدانق وأول من أخرج الدانق، ما كانت العرب تعرف الدانق ولا أبناء فارس، إنه لا دين لمن لا مروءة له. وفي «ديوان الأدب» (1: 344، 357) : الدانق والدانق بكسر النون وفتحها لغتان. وزاد الجوهري (4: 1477) : داناق كما قالوا للدرهم درهام. قال: وهو سدس الدرهم. 5- ذكر القيراط، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: روى مسلم (1: 470) رحمه الله تعالى حديث شراء رسول الله صلّى الله عليه وسلم الجمل من جابر رضي الله تعالى عنه من طريق عثمان بن أبي شيبة عن جابر وفيه: ثم قال لي بعني جملك هذا، قال: قلت: لا بل هو لك. قال: لا، بل بعنيه، قال: قلت: لا بل هو لك يا رسول الله قال: بل بعنيه، قلت: فإن لرجل عليّ أوقية من ذهب فهو لك بها. قال: قد أخذته، فتبلغ عليه إلى المدينة، قال: فلما قدمت المدينة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لبلال: أعطه أوقية من ذهب وزده، فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا، قال، فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: وكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرّة. الثانية في مقداره: قد تقدم عند ذكر الدينار أن الدينار أربعة وعشرون قيراطا، فالقيراط جزء من أربعة وعشرين جزءا من الدينار، وتقدم أيضا هنا لك أن القيراط ثلاث حبّات من الشعير.

6 - ذكر الأوقية،

المسألة الثالثة: قد تقدم قول الفارابي عند ذكر الدينار أن مثال القيراط فعّال أبدل من إحدى حرفي تضعيفه ياء فصار على فيعال. وقال العزفي في «الإثبات» : أصله قرّاط، يدل على ذلك جمعه على قراريط، ولو لم يكن ذلك أصله لجمع على لفظة قياريط أو قواريط وهو أعجمي عربته العرب. 6- ذكر الأوقية، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعمالها: روى مسلم (1: 268) رحمه الله تعالى عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة. وروى (1: 467) أيضا رحمه الله تعالى عن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم خيبر فبايع اليهود الأوقية الذهب بالدينارين والثلاثة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن. المسألة الثانية: في قدرها: قال ابن يونس، قال مالك: أوقية الفضة أربعون درهما. قال التلمساني في «التبصرة» يدلّ على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وقوله صلّى الله عليه وسلم في حديث آخر: ليس فيما دون مائتي درهم زكاة فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فصحّ بذلك أن الأوقية أربعون درهما. ومما يدل على ذلك أيضا ما خرّجه مسلم في صحيحه (1: 402) عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: سألت عائشة رضي الله تعالى عنها كم كان صداق رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية

ونشّا، قالت: أتدري ما النش؟ [قال] قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فذلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأزواجه. تنبيه: قد جاء ذكر أوقية أخرى غير هذه في تقرير الرطل المقدر به مدّ النبي صلّى الله عليه وسلم، ولم تكن في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، وسأستوفي الكلام عليها عند ذكر الرطل إن شاء الله تعالى. المسألة الثالثة: في ذكر فائدتين لغويتين: الفائدة الأولى: في «الصحاح» (6: 2527) الأوقية في الحديث أربعون درهما، والجمع الأواقي مثل أثفية وأثافي وإن شئت خففت الياء في الجمع. وأنشد ابن سيده في «المحكم» لذي الرمة، وأنشده الفارابي أيضا في «الديوان» «1» (4: 86) [من الطويل] فما زلت أبقي الظّعن حتى كأنها ... أواقي سدى تغتالهنّ الحوائك «2» وقال (4: 86) : بقيت الشيء بفتح القاف أبقيه بكسرها أي تعهدته وترقبته. وفي «المشارق» (1: 52) وحكى اللحياني: في الواحد وقية وتجمع على وقايا، مثل ضحيّة وضحايا، قال: وبعض الرواة يمد أواق وهو خطأ. الفائدة الثانية: في «الصحاح» (1: 468) : الذّود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها والكثير أذواد. وفي «المشارق» (1: 217) الذّود من الإبل ما بين الاثنتين إلى التسع، وهو قول أبي عبيد وأن ذلك

_ (1) البيت لكثير أو الكميت كما في اللسان (بقي) ونسبه الجوهري لكثير وكذلك هو في تاج العروس، وانظر ديوان كثير: 348. (2) يقول: ما زلت أتأمل حال الظعن أي مكان تأخذ حتى كأنها من بعدها وقلة إدراك عيني إياها كرابيس تسدى من بياض ما عليها من الثياب؛ وأصل الاغتيال الإهلاك، فجعل نقض الغزل عن ليه للإسداء اغتيالا، فجعل كل ملوية من هذا الغزل يعادل سنجة الأوقية في وزنها وهي أربعون درهما (عن الديوان للفارابي) .

7 - ذكر النش،

يختص بالإناث. وقال الأصمعي: وهو ما بين الثلاث إلى العشر، قال غير واحد: ومقتضى لفظ الأحاديث انطلاقه على الواحد، وليس فيه دليل على ما قالوه، وإنما هو لفظ للجميع كما قالوا ثلاثة رهط ونفر ولم يقولوه لواحد ولا تكلموا بواحد منها. وفي «الغريب المصنف» ، أبو زيد: الذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. وفي «المنتقى» (2: 90) قال ابن مزين عن عيسى بن دينار «1» : الذود واقع على الواحد من الإبل وعلى الجماعة منها، وهو هنا واقع على الجماعة لأن العدد إلى العشرة لا يضاف إلا إلى الجماعة من المعدود، فكأنه قال: خمسة جمال أو خمس نوق. 7- ذكر النشّ، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: روى مسلم (1: 402) رحمه الله تعالى عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: سألت عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فذلك خمسمائة درهم. فهذا صداق رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأزواجه. المسألة الثانية: في قدره «2» : قد تقدم في المسألة التي قبل هذه تعريف عائشة رضي الله تعالى عنها بقدر النش وأنه نصف أوقية وليس وراء ذلك غاية. المسألة الثالثة: في ذكر فائدتين لغويتين: الأولى: في المشارق (2: 41) في الصّداق يقال بفتح الصاد وكسرها وفيه أيضا لغات: صدقة وصدقة وصدقة وهو مهر المرأة الذي تستباح به.

_ (1) عيسى بن دينار بن واقد الغافقي أبو عبد الله، أصله من طليطلة وسكن قرطبة، كانت الفتيا تدور عليه في الأندلس، وكان عابدا ورعا توفي سنة 212 بطليطلة (ابن الفرضي 1: 373) . وابن مزين الذي يروي عن عيسى بن دينار اسمه يحيى بن إبراهيم بن مزين، له شرح على الموطأ، وتوفي سنة 259. (2) النش يساوي 5، 62 غراما (المكاييل: 56) .

8 - ذكر النواة

الثانية: النّشّ- بفتح النون مشدد الشين- عشرون درهما نصف الأوقية عندهم؛ قاله غير واحد. وأنشد المطرز [من الرجز] إن التي أنكحها المحشّ ... من نسوة مهورهنّ النّشّ » 8- ذكر النواة «2» ، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعمالها: روى مسلم (1: 402) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم رأى على عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أثر صفرة فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب قال: فبارك الله لك، أو لم ولو بشاة. وروى النسائي (6: 119) رحمه الله تعالى عن أنس أن عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوّج امرأة من الأنصار، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كم سقت إليها؟ قال: زنة نواة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة. المسألة الثانية: في قدرها: في «المشارق» (2: 32) قوله وزن نواة من ذهب، قال أبو عبيد: هي خمسة دراهم، وقيل هي اسم لما زنته خمسة دراهم، يقال له نواة، كما يقال للعشرين نشّ، وللأربعين أوقية. وقيل كانت قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم. المسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية وهي قوله صلّى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة: في «الصحاح» (5: 2054) : الوليمة طعام العرس وقد أولمت، وفي الحديث: أولم ولو بشاة.

_ (1) الشطر الثاني منه في اللسان (نش) دون نسبة. (2) تساوي النواة 6، 15 غراما (المكاييل: 56) .

9 - ذكر الرطل

9- ذكر الرطل ، وفيه أربع مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: في «صحيح مسلم» (1: 101) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتوضأ بالمدّ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد. وروى الترمذي (1: 39) رحمه الله تعالى عن سفينة رضي الله تعالى عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يتوضأ بثلث المد ويغتسل بالصاع، قال أبو عيسى: حديث سفينة حديث حسن صحيح. قال القاضي أبو الفضل عياض في «المشارق» (1: 375، 2: 52) : المدّ رطل وثلث، والصاع خمسة أرطال وثلث، هذا قول أهل الحجاز وهو الصحيح. وفي «الاثبات» قال شيخ الفقهاء ببغداد أبو إسحاق الشيرازي في «نكته» : روى عمر بن حبيب القاضي قال: حججت مع أبي جعفر فلما قدم المدينة قال: إيتوني بصاع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتي به فعايره فوجده خمسة أرطال وثلثا برطل أهل العراق «1» قال أبو عبيد: وهو الذي عليه العمل. وقال أبو محمد حسن بن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان في مقالته: إنما نظرنا في معنى الرّطل من حيث الأخذ في تفهم المد المذكور لا لأنه واقع في لفظ النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا الباب ولا في غيره. قلت: وقد جاء ذكر الرطل في أشعار العرب، قال النابغة الجعدي: [من الطويل] نحلّي بأرطال اللجين سيوفنا ... ونعلو بها يوم الهياج السّنورّا «2» أنشده البيّاسيّ في «حماسته» مع أبيات من قصيدة له.

_ (1) هذا يساوي 2125، 4 لترا أو 24، 3 كيلو غراما (المكاييل: 63) . (2) ديوان الجعدي: 51.

المسألة الثانية: في قدره

المسألة الثانية: في قدره ، وفيه مذهبان: المذهب الأول: تقديره بدراهم الكيل، وفيه قولان: القول الأول: أنه مائة درهم وثمانية وعشرون درهما كيلا «1» ، وفي «الإثبات» : قال أبو عبيد: صاع النبي صلّى الله عليه وسلم هو كما أعلمتك خمسة أرطال وثلث، والمدّ ربعه وذلك برطلنا الذي وزنه مائة درهم وثمانية وعشرون درهما، وزن سبعة. وقال أبو محمد ابن أبي زيد: وزنته بالدراهم- يعني الرطل- مائة درهم وثمانية وعشرون درهما. قال أبو محمد ابن القطان: وهو مذهب جماهير العلماء. قلت: قول أبي عبيد: برطلنا يعني الرطل العراقي؛ وقوله: وزن سبعة: يعني كل عشرة دراهم منها وزن سبعة مثاقيل، وهي دراهم الكيل، حسبما تقدم ذكر ذلك. والقول الثاني: أنه مائة وثلاثون درهما كيلا. وفي «الاثبات» : قال أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي: الرطل في قول الجميع: نصف منا والمنا مائتا درهم كيلا وستون درهما «2» . ذكر ذلك في «الاكتفاء في شرح الموطأ» . والمذهب الثاني: تقديره بالأواقي وفيه ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه اثنتا عشرة أوقية، وزن الأوقية عشرة دراهم وثلثا درهم. قال أبو العباس العزفي في «الإثبات» : الرطل في قول جميعهم هو العراقي البغدادي وهو اثنتا عشرة أوقية وهو الفلفلي. وقال أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان في مقالته في الأوزان والأكيال: الرطل العراقي ثنتا عشرة

_ (1) يزن درهم الكيل 125، 3 غراما (المكاييل: 11) . (2) كان المنّ (أو المنا) يساوي دائما رطلين بغداديين، والرطل البغدادي هو الرطل الشرعي، وهو يساوي 130 درهما كيلا (أو 4/ 7 128) . انظر ما يقوله ابن القطان فيما يلي.

المسألة الثالثة: في الراجح من هذه الأقوال المختلفة في مقدار الرطل:

أوقية، والأوقية هي زنة عشرة دراهم وثلثي درهم من دراهم الكيل، قال: فذلك من دراهم الكيل مائة درهم وثمانية وعشرون درهما. والقول الثاني: أنه اثنتا عشرة أوقية وأربعة أخماس الأوقية، وزن الأوقية: عشرة دراهم خاصة ويتخرّج هذا القول من قول الداودي الذي حكاه أبو العباس العزفي في «الإثبات» . قال رحمه الله تعالى: وحكي عن أبي جعفر المذكور يعني الداودي أنه سئل عن زنة مدّ النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: سبع عشر أوقية وثلثا درهم، فإذا قسمت ذلك على رطل وثلث وهو وزن المدّ الذي حكى هو الإجماع عليه خرج لنا واجب الرطل اثنتا عشرة أوقية وأربعة أخماس الأوقية، فذلك مائة درهم وثمانية وعشرون درهما من دراهم الكيل. والقول الثالث: أنه إحدى عشرة أوقية وثلث أوقية وثلثا ثلث أوقية، والأوقية وزن عشرة دراهم كيلا أيضا. قال أبو محمد ابن القطان وأبو العباس ابن البناء: وهذا قول الداودي، فذلك مائة درهم وخمسة عشر درهما وخمسة أسباع درهم. قلت: وهذا القول الذي نسب للداودي هنا خلاف الذي حكاه العزفي في «الإثبات» وحكاية العزفي أصح. المسألة الثالثة: في الراجح من هذه الأقوال المختلفة في مقدار الرطل: قال أبو العباس ابن البناء في مقالته: رجح من ذلك أن الرطل ثمانية وعشرون درهما ومائة درهم كيلا، وعليه الجمهور فيعتمد عليه. المسألة الرابعة: في ذكر فائدة لغوية: في «الإثبات» : الرّطل اسم مذكر، ويقال بالفتح في الراء والكسر، وهو اسم لمقدار من الموزونات تقديره بالعرف لا بالوضع، وقد تقدم تفسير مقداره. وهو أيضا اسم لما يعاير به الموزونات من حديد أو نحاس أو رصاص أو حجر، وقد يكون اسما لما يكال به مثل المدّ والصاع. وحكى ابن دريد: أن الرطل ما يكال به ويوزن وأنشد شاهدا على أنه يكال به: [من الوافر]

10 - ذكر القنطار،

لها رطل تكيل الزيت منه ... وحمّار يسوق لها حمارا «1» وإذا أردت اشتقاقه فأولى ما يقال فيه أن يكون من قولهم: رطل- بالفتح والكسر- للكبير الضعيف أي أن هذا من الموزونات ضعيف، أو من قولهم: غلام رطل بالفتح أي مقارب للاحتلام فيكون معناه: أن الموزون به مقارب للمدّ، وقد صرفوا منه الفعل فقالوا: رطلت الشيء بيدي أرطله رطلا إذا حركته لتعرف وزنه، ورطّل شعره ترطيلا إذا كسّره كأنه عاير شعره بشعر آخر يكون له التكسير خلقة. انتهى. قلت: يحتمل قول ابن دريد: أن الرطل ما يكال به ويوزن أن يكون الذي يكال به إناء يسع زنة رطل من الزيت. وورد في شعر ذي الرمة مثل ذلك في الأوقية وأنها إناء يكال به الزيت يصنع من الصفر حيث يقول يصف إبلا ضمّرها، ونقلته من «ديوان شعره» «2» : [من الطويل] فجئنا على خوص كأن عيونها ... صبابات زيت في أواقيّ من صفر 10- ذكر القنطار، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله : قال الله عز وجل: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً (آل عمران: 75) ، وقال الله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً (النساء: 20) . وذكر القاضي منذر بن سعيد البلوطي في كتابه «في شرح غريب القرآن ومعانيه وأحكامه واختلاف العلماء في حلاله وحرامه» : أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قام خطيبا فقال: أيها الناس لا تغالوا مهور النساء فلو كانت مكرمة في

_ (1) البيت لابن أحمر كما في ديوانه: 75 واللسان والتاج (رطل) ومجاز القرآن 1: 30. (2) ديوان ذي الرمة: 966.

المسألة الثانية: في مقداره

الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، لم تمنعنا حقا جعله الله لنا؟ والله يقول: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً قال عمر: كلّ أحد أعلم من عمر. ثم قال لأصحابه: تسمعوني أقول مثل هذا فلا تنكرون حتى ترد عليّ امرأة ليست من أعلم النساء؟!. المسألة الثانية: في مقداره «1» : اختلف العلماء في ذلك اختلافا كبيرا: فقال الهروي في «الغريبين» : القنطار عند العرب المال الكثير، قال: وجاء في التفسير: ملء مسك ثور ذهبا. قلت: ومسك الثور- مفتوح الميم ساكن السين- جلده؛ قاله الفارابي (1: 123) وقال القاضي في «المشارق» (2: 186) أصله في لسان العرب «2» : الجملة الكثيرة من المال، قيل: ولهذا سمّيت القنطرة لتكاثف بنائها بعضه على بعض، وقيل هو ثمانون ألفا وقيل ملء مسك ثور ذهبا، وقيل أربعون أوقية ذهبا، وقيل ألف ومائتا دينار. وفي «المحكم» : قال السدي: هو مائة رطل من ذهب أو فضة. وفي «تفسير ابن عطية» (3: 32) هو العقدة الكثيرة من المال. واختلف الناس في تحرير حدّه كم هو: فروى أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: القنطار ألف ومائتا أوقية، وقال بذلك معاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبو هريرة وعاصم بن أبي النجود وجماعة من العلماء وهو أصحّ الأقوال.

_ (1) القنطار الواحد يساوي في أساسه مائة رطل غير أنه قد يكون مائة منّ، وإذا أطلق على كمية كبيرة من الذهب فذلك يساوي عشرة آلاف دينار أو ما وزنه 33، 42 كيلو غراما. والقنطار أنواع فمنه الفلفلي ويساوي 45 كيلو غراما، والليثي ويزن 62 كيلو غراما والجروي ويساوي 8، 95 كيلو غراما، ثم قنطار المن أو ما يساوي 875، 84 كيلو غراما، ثم هو يختلف من بلد إلى آخر؛ فإذا أخذنا برواية أبي بن كعب أن القنطار يساوي 1200 أوقية فمعنى ذلك أنه يساوي 1200 125 (لأن الأوقية الشرعية 125 غراما) ، أي أن القنطار على هذا التقدير يساوي 150 كيلو غراما (وهو التقدير الأساسي لمائة رطل) . (2) المشارق: أصله عند العرب.

لمسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية:

ا لمسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية: قال الفارابي (2: 70) في باب فعلال وفنعال بكسر الفاء وسكون العين والنون: القنطار: ملء مسك ثور ذهبا أو فضة. وذكره الجوهري في مادة القاف والطاء والراء فتكون نونه زائدة مثل الشّنعاف وهو رأس الجبل وأصله من الشّعفة بالتحريك وهو رأس الجبل. قال الجوهري (4: 1381) : والجمع شعف وشعوف وشعاف وشعفات وهي رؤوس الجبال، وذكره ابن سيده في «المحكم» في الرباعي فتكون نونه عنده أصلية، وكذلك ذكره القاضي في «المشارق» (2: 226) . الفصل الثالث في معرفة أسماء الأكيال المستعملة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ومعرفة أقدارها وهي المد والصاع والفرق والعرق والوسق 1- ذكر المد، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: ترجم البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (8: 181) باب صاع المدينة: ومد النبي صلّى الله عليه وسلم وبركته وما توارثه أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن، وخرّج فيه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدّهم. فائدة: في «المنتقى» (7: 187) يحتمل أن يريد بالمكيال: الصاع والمد فذكرها أولا باللفظ العام ثم أكّد باللفظ الخاص، ويحتمل أن يريد به غير ذلك من المكاييل ما هو أعظم منها من الأوسق وغيرها، وما هو أصغر منهما: كنصف المدّ وغيره. المسألة الثانية: في مقداره: في «الإثبات» : قال أبو محمد ابن قتيبة: أما أهل الحجاز فلا اختلاف بينهم

2 - ذكر الصاع،

فيما أعلمه: أن المدّ رطل وثلث «1» . قال أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي: أجمع أهل الحرمين على أن المدّ رطل وثلث، وذكر نحوا منه أبو عمر ابن عبد البر والقاضي أبو الوليد ابن رشد. وفي «المشارق» (1: 375) قيل سمّي مدا لأنه ملء كفي الإنسان، إذا مدّهما، طعاما. وفي «الإثبات» أيضا: قال الفقيه أبو العباس: جربنا هذا المدّ المعتمد بالحفنات والأكف المختلفات، فوجدنا الحفنة بالكفين العريضتين تزيد عليه، ووجدناها بالكفين الدقيقتين تنقص عنه، ووجدناها بالكفين المتوسطتين كفاء له، نفع الله بذلك. وقال أبو يحيى أبو بكر بن خلف الأنصاري شهر بالموّاق في «مقالته في المكاييل والموازين» : قال أبو حنيفة والنخعي ومن تابعهما: المد رطلان «2» . انتهى. وإلى ما أجمع عليه أهل الحرمين أنه رطل وثلث رجع أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة حين ناظر عليه مالكا بين يدي الرشيد. انتهى. وسيرد خبر مناظرتهما مستوفى عند ذكر الصاع بعد هذا، إن شاء الله تعالى. المسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية: في «الإثبات» المدّ: مذكر وجمعه أمداد، وقال بعضهم: مداد، وهو غير بعيد، يشهد له أن فعلا في المضاعف يغلب على فعال نحو عشّ وعشاش وقف وقفاف. 2- ذكر الصاع، وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: روى مسلم (1: 385) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم عليه السلام حرّم مكة ودعا لأهلها، وإني

_ (1) المد الشرعي يساوي ربع صاع (أو رطلا وثلثا عند أبي يوسف برطل المدينة) ، وهذا يساوي 5، 812 غراما من القمح. (2) قول أبي حنيفة المد رطلان يعني رطلين بغدادين، وهذا القدر يساوي ما ذكره أبو يوسف (انظر التعليق السابق) بمعنى أن كل 1/ 3 5 رطل مدني- 8 أرطال بغدادية. (وكل المناقشات التالية تدور حول هذا الاختلاف بين الرطلين) .

المسألة الثانية: في قدره:

حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة. وروى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (192) عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على الناس من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على كلّ حرّ أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين. المسألة الثانية: في قدره: في «الإثبات» : قال أبو عبيد القاسم بن سلام (633) : أما أهل الحجاز فلا اختلاف بينهم أعلمه أن الصاع خمسة أرطال وثلث، يعرفه عالمهم وجاهلهم، ويباع في أسواقهم، ويحمل علمه قرن بعد قرن. وقال أبو محمد ابن أبي زيد: قال أهل الحرمين: صاع النبي صلّى الله عليه وسلم خمسة أرطال وثلث. وقال الشافعي وأتباعه في آخرين من العلماء: صاع النبي صلّى الله عليه وسلم أربعة أمداد من مدّه صلّى الله عليه وسلم وفيه رطل وثلث، فالصاع خمسة أرطال وثلث. قال الفقيه أبو العباس: وقد ذهب أهل العراق إلى أن مده عليه السلام رطلان، وصاعه ثمانية أرطال، إذ قد اتفق أهل الحجاز وأهل العراق على أن مده ربع صاعه، وإن اختلفوا في مقداريهما. انتهى. وقال أبو يحيى ابن الموّاق في «مقالته» : قال أبو حنيفة والنخعي ومن تابعهما: الصاع ثمانية أرطال والمدّ رطلان. انتهى. وفي «الإثبات» : قال أبو عبيد: وكان شريك بن عبد الله يقول ذلك. قال الفقيه أبو العباس: وقد نقل الثقات الأثبات العلماء المحققون لما ينقلون كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي الحسن علي بن خلف، وأبي جعفر أحمد بن

المسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية

نصر الداودي، وأبي عمر ابن عبد البر، وأبي الوليد الباجي، وأبي محمد علي بن أحمد، وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وغيرهم مناظرة القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم إمام دار الهجرة مالك بن أنس حين حجّ مع الرشيد في الصاع والمد، فاستدعى مالك رحمه الله أبناء المهاجرين والأنصار من أهل المدينة فجاءوا بمكاييل آبائهم التي توارثوها عن أجدادهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم المتداولة من عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، فاتفقت كلها، وكل من أتى بمدّ زعم أنه أخذه عن أبيه أوجده أو عن عمه، أو عن جاره، مع إشارة الجمهور إليه واتفاقهم عليه اتفاقا يوجب العلم ويقطع العذر، قال علي بن خلف: بعد أن كان أخرج له مالك رحمه الله تعالى صاعا وقال له: هذا صاع النبي صلّى الله عليه وسلم فقدره أبو يوسف: فوجده خمسة أرطال وثلثا، زاد أحمد بن نصر الداودي: واجتمعت الأمداد كلّها على رطل وثلث، قالوا: فنزع أبو يوسف عن رأيه رأي أهل الكوفة في الصاع والمدّ ورجع إلى قول أهل المدينة لما تبيّن له الحق. المسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية : في «المشارق» الصاع مكيال لأهل المدينة معلوم وفيه أربعة أمداد بمدّ النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال له صاع وصوع وصواع، وجمعه: أصوع وصيعان. وجاء آصع، والصواب ما تقدم. انتهى. «1» قال الجوهري (3: 1247) : وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة. وفي «الإثبات» : الصاع يذكّر ويؤنث، فمن ذكر قال: أصواع، مثل باب وأبواب، ومن أنّث قال: أصوع، مثل دار وأدور. 3- ذكر الفرق وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: قال ابن إسحاق في «السير» (2: 84) كان أبي بن خلف يلقى رسول الله صلّى

_ (1) الفرق في المدينة ثلاثة آصع، وفي العراق كان فرق القمح 36 رطلا بغداديا.

المسألة الثانية: في قدره:

الله عليه وسلم بمكة فيقول: يا محمد إن عندي العود، فرسا أعلفها كلّ يوم فرقا من ذرة أقتلك عليها، فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك إن شاء الله تعالى، وذكر كيف طعنه النبي صلّى الله عليه وسلم يوم أحد طعنة مات منها، وقد تقدم ذكر ذلك في باب السلاح من هذا الكتاب. المسألة الثانية: في قدره: في «المشارق» (2: 155) : هو قدر ثلاثة أصوع. وفي كتاب الحج في الفدية: تصدّق بفرق بين ستة مساكين. وفي الحديث الآخر أطعم ثلاثة آصع، وهو نحو ما تقدم لأن في كلّ صاع أربعة أمداد، والمد على مذهب الحجازيين رطل وثلث، فيأتي الفرق على هذا ستة عشر رطلا. وفي «الإثبات» ذكر الحافظ أبو بكر البيهقي عن أبي داود سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلا، والصاع خمسة أرطال وثلث. المسألة الثالثة فيها فائدتان لغويتان: الأولى: العود: قال البكري في «المستوعب» : العود فرس لأبي بن خلف الجمحي وعليه كان إذ رماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالحربة، فكانت منيته من تلك الضربة. تنبيه: ذكّر البكري العود هنا وأنثه ابن إسحاق حسبما تقدم في أول الفصل، والله أعلم بالصواب في ذلك. الفائدة الثانية، في «المشارق» (2: 155) : الفرق مكيال معروف بالمدينة وهو ستة عشر رطلا وقد يحرك، قال: [من الرمل] يأخذون الأرش في إخوتهم ... فرق السّمن وشاة في الغنم «1»

_ (1) البيت لخداش بن زهير كما في اللسان والتاج والصحاح (فرق) .

4 - ذكر العرق

والجمع فرقان، وهذا الجمع قد يكون لهما جميعا مثل بطن وبطنان وحمل وحملان. 4- ذكر العرق وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: روى البخاري (3: 42) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إن الآخر وقع على امرأته في رمضان، فقال: أتجد ما تحرر رقبة؟ قال: لا، قال: فتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: أفتجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. فأتى النبي صلّى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر وهو الزبيل، قال: أطعم هذا عنك. قال: أعلى أحوج منا؟ ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج منا، قال: فأطعمه أهلك. وفي رواية أخرى: وأتي «1» النبي صلّى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر، والعرق المكتل. المسألة الثانية: في قدره: في «الموطأ» (201) قال يحيى، قال مالك، قال عطاء: فسألت سعيد بن المسيب كم في ذلك العرق من التمر؟ فقال ما بين الخمسة عشر صاعا إلى عشرين. وفي «المشارق» (2: 76) في العرق وقد فسر في الحديث بالمكتل، وهو نحو منه. وقال العزفي في «الإثبات» في المكتل فسروه بالقفة والزبيل، وهو نحو من العرق في مقداره. المسألة الثالثة: في ذكر فوائد لغوية ، وهي ثلاث: الفائدة الأولى: في «المنتقى» (2: 55) : العرق بفتح العين، وهو الزبيل المضفور، ويقال عرقة أيضا، قاله الأصمعي، وقال بعض رواة «الموطأ» العرق، وهو عندي وهم، وإنما العرق بإسكان الراء العظم الذي عليه لحم. وفي «المشارق» (2: 76) : العرق- بفتح العين والراء- هو الزّبيل، وضبطه بعضهم

_ (1) م: وأوتي.

5 - ذكر الوسق

بالسكون وصححه، والأشهر الفتح، جمع عرقة وهي الضفيرة التي تخاط منها القفة. وفي «الإثبات» : قال أبو محمد ابن السيّد: سمي بذلك لأنه يعمل عرقة عرقة ثم يضمّ بعضها إلى بعض. الفائدة الثانية: المكتل بكسر الميم والجمع مكاتل وفي «المشارق» (1: 335) وقيل هو الزّبيل وقيل القفة وكلاهما بمعنى. الثالثة: في «المحكم» الزّبيل القفة والجمع زبل وزبلان. وفي «الصحاح» (4: 1715) : الزبيل معروف فإذا كسرته شددت فقلت زبّيل وزنبيل لأنه ليس في الكلام فعليل بالفتح. 5- ذكر الوسق وفيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في استعماله: روى مسلم (1: 268) رحمه الله تعالى عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ليس في حبّ ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة. وروى مسلم (1: 256) رحمه الله تعالى أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع فكان يعطي أزواجه كلّ سنة مائة وسق: ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير. المسألة الثانية: في قدره: في «المنتقى» الوسق: ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث. وفي «المشارق» (2: 295) : الوسق ستون صاعا بصاع النبي صلّى الله عليه وسلم، وذلك ثلاثمائة رطل وعشرون رطلا عند الحجازيين وهو الصحيح. المسألة الثالثة: في ذكر فائدة لغوية: الفارابي (3: 207) : الوسق: بالفتح ستون صاعا وهو وقر بعير؛

الجوهري (4: 1566) : الوسق ستون صاعا. وقال الخليل: هو حمل البعير. ابن سيده (6: 326) الوسق والوسق: حمل بعير، وقيل ستون صاعا بصاع النبي صلّى الله عليه وسلم والجمع أوسق ووسوق؛ قال أبو ذؤيب «1» : [من الطويل] عليه الوسوق برّها وشعيرها ووسق البعير: وأوسقه: أوقره؛ القزاز: والجمع أوساق. قلت: وقد جاء في شعر سلامة بن جندل «2» : [من الكامل] لا ينظرون إذا الكتيبة أحجمت ... نظر الجمال كرين بالأوساق «3» ومعنى: كرين: عدون، قال ابن طريف: كريت بفتح الكاف كريا إذا عدوت عدوا شديدا. تنبيه: قد تقدم الكلام على الوسق في باب الخرص وأعدته الآن للحاجة إليه هنا.

_ (1) قد مرّ البيت وتخريجه ص: 555. (2) ديوان سلامة: 153 وقبل البيت: إني امرؤ من أسرة سعدية ... ذربى الأسنة كل يوم تلاقي (3) رواية الديوان: كربن (بالباء الموحدة) بمعنى اشتد عليهن ثقل الأحمال، ولم ترد الرواية المذكورة هنا.

الباب السابع في صاحب السكة، ويقال أيضا صاحب دار الضرب

الباب السابع في صاحب السكة، ويقال أيضا صاحب دار الضرب هذه عمالة لم تكن في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واختلف الناس في أول من ضرب الدرهم: فحكى أبو محمد حسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك المعروف بابن القطان رحمه الله تعالى في «مقالته التي أملاها في الأكيال والأوزان» سنة سبع وأربعين وستمائة في ذلك ثلاثة أقوال: القول الأول: أن أول من ضرب الدرهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وحكى الماوردي (153) : أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما رأى اختلاف الدراهم وأن منها البغلي، وهو ثمانية دوانق، ومنها الطبري، وهو أربعة دوانق، ومنها المغربي، وهو ثلاثة دوانق، ومنها اليمني وهو دانق، قال: أنظر الأغلب مما يتعامل الناس به من أعلاها وأدناها، فكان الدرهم البغلي والدرهم الطبري فجمع بينهما وكانا اثنتي عشرة فأخذ نصفهما، فكان ستة دوانق، قال ابن القطان: ففي هذا إشارة إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ضرب الدرهم لكنه لم يغيّر نقشه. والقول الثاني: أن أول من ضربه مصعب بن الزبير عن أمر أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة وعليها «بركة» من جانب و «الله» من جانب. وقال الماوردي (154) : حكى يحيى بن النعمان الغفاري عن أبيه: أن أول من ضرب الدرهم مصعب بن الزبير عن أمر أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على

ضرب الأكاسرة وعليها «بركة» من جانب و «الله» من جانب. ثم غيرها الحجاج بعد سنة وكتب عليها «باسم الله» . «الحجاج» . والقول الثالث: أن أول من ضرب الدراهم المنقوشة عبد الملك بن مروان، وأن الدراهم كانت سكتين إحداهما عليها نقش فارس وهي البغلية وهي السود، والدرهم منها من ثمانية دوانق، الثانية عليها نقش الروم، وهي العتق وهي أيضا الطبرية، والدرهم منها أربعة دوانق. فاجتمع علماء ذلك العصر على أن جمعوا بين درهم بغلي من ثمانية دوانق ودرهم طبريّ من أربعة دوانق فكانا اثني عشر دانقا. فقسموها بنصفين وضربوا الدرهم من ستة دوانق. قال أبو الزناد «1» : أمر عبد الملك الحجاج أن يضرب الدراهم بالعراق فضربها سنة أربع وسبعين؛ وقال المدائني: ضربها الحجاج في آخر سنة خمس وسبعين، ثم أمر بضربها في النواحي سنة ست وسبعين؛ وقيل إن الحجاج كتب عليها: «الله أحد» «الله الصمد» . فائدتان لغويتان: الأولى: في «الغريبين» : في الحديث نهى عن كسر سكة المسلمين إلا من بأس. أراد بالسكة الدينار والدرهم المضروبين، سمّى كلّ واحد منهما سكّة لأنه طبع بالحديدة المعلّمة، ويقال لها السّكّ، وكل مسمار عند العرب سكّ. وفي «الديوان» (3: 9، 38) في باب فعل بفتح الفاء وسكون العين: السّكّ: المسمار وقال: السّكة بكسر السين سكة الدراهم. والثانية: يقال: هذا درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير، قال الجوهري (1: 168) : وصف بالمصدر كقولهم: ماء غور وسكب.

_ (1) عن الأحكام السلطانية: 154.

الباب الثامن في اتخاذ الإبل

الباب الثامن في اتخاذ الإبل وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر إبله صلّى الله عليه وسلم «1» ذكر ابن جماعة في «مختصر السير» له: أنه كان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من النعم الناقة التي هاجر عليها من مكة إلى مدينة، وتسمى بالعضباء، ولم يكن يحمله إذا نزل عليه الوحي غيرها، كما قال الحافظ محبّ الدين الطبري رحمه الله تعالى، اشتراها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بأربعمائة درهم، وهي القصواء والجدعاء، ولم يكن بها عضب ولا جدع، وإنما سميت بذلك، وقيل كان بأذنها شيء فسميت به، وكانت شهباء، وقيل هنّ ثلاث، وهي التي سبقت فشقّ على المسلمين فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن حقا على الله ألا يرتفع شيء من هذه الدنيا إلا وضعه، وقيل المسبوق غيرها. وعن قدامة بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجته يرمي على ناقة صهباء، والصهباء الشقراء. ووقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعرفة في حجة الوداع على جمل أحمر، وكان له صلّى الله عليه وسلم جمل يقال له «الثعلب» بعث عليه صلّى الله عليه وسلم خراش بن أمية إلى قريش بمكة يوم

_ (1) قارن بما ورد في أنساب الأشراف 1: 511- 513 وأخلاق النبي لابن حيان: 153- 154 وعيون الأثر 2: 322.

الحديبية ليبلغهم ما جاء له، فعقروا الجمل وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش، وغنم رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر جملا مهريا لأبي جهل لعنه الله في أنفه برة من فضة أهداه رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الحديبية ليغيظ بذلك المشركين، وكانت له عشرون لقحة بالغابة، والغابة على بريد من المدينة طريق الشام، يراح إليه صلّى الله عليه وسلم كل ليلة بقربتين من ألبانها، وكانت له لقحة تدعى بردة أهداها له الضحاك بن سفيان كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان، وكانت له خمس عشرة لقحة غزارا كان يرعاها يسار مولى النبي صلّى الله عليه وسلم بذي الجدر ناحية قباء قريبا من عير على ستة أميال من المدينة، واستاقها العرنيون وقتلوا يسارا وقطعوا يديه وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، وباقي قصتهم مشهور في الصحاح. وكانت له صلّى الله عليه وسلم بذي الجدر أيضا سبع لقائح، وكانت له لقحة أيضا تسمى الجعدة، ومعنى الجعد: السرعة، وكانت له لقحة اسمها مروة، وكانت له مهرية أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بني عقيل. فوائد لغوية في ثماني مسائل: المسألة الأولى: في «المشارق» (1: 17) النعم بفتح النون والعين: الإبل خاصة، وإذا قيل: الأنعام دخلت معها في ذلك البقر والغنم، وقيل هما لفظان بمعنى واحد على الجميع. الثانية: في «المحكم» (1: 256) العضباء: ناقة للنبي صلّى الله عليه وسلم اسم لها، وليس من العضب الذي هو الشقّ في الأذن. وفي «المقصور والممدود» لابن القوطية، العضباء اسم لناقة النبي صلّى الله عليه وسلم، وناقة عضباء وجدعاء وقصواء مقطوعة الأذن، والذكر أعضب وأجدع ومقصو. وفي «المشارق» (2: 95- 96) قال الحربي في الحديث كانت للنبي صلّى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تسبق، وكذا رواه مالك في أكثر حديثه. ومن رواية مصعب عن مالك كانت القصواء وذكر مثله. وفي الحديث خطب النبي صلّى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، ومثله في حديث الهجرة. وفي حديث آخر على

ناقة خرماء وفي آخر مخضرمة، قال الحربي: والعضب والجدع والخرم والقصو والخضرمة كله في الأذن، فقيل في الحديث الأول إنه اسمها، فإن كانت عضباء الأذن فقد جعل اسمها. قال القاضي رحمه الله تعالى: إذا كانت الأحاديث جاءت بذلك باختلاف هذه الصفات فيها لا سيما في وقوفه عليها في موطن واحد في حجة الوداع وفي حديث المسابقة، فدل أنها ناقة واحدة، كما قيل، اسمها العضباء وكانت معضوبة الأذن ومقصوته ومجدوعته، فوصفت مرة بعضباء، ومرة بقصواء، ومرة بجدعاء، ولا تبقى حجة لمن زعم أنها نوق للنبي صلّى الله عليه وسلم، لكل واحدة منها اسم أو صفة بخلاف غيرها، على ما ذهب إليه بعضهم، إذ لم يكن صلّى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع إلا على واحدة. وقال الداودي: إنما سميت بذلك لسبقها أي أن عندها أقصى السبق وغاية الجري. قلت: يعني تسميتها بالقصواء. الثالثة: الجوهري (2: 821) مهرة بن حيدان أبو قبيلة تنسب إليها الإبل المهرية والجمع المهاريّ وإن شئت خففت الياء فقلت: المهاري، قال رؤبة [من الرجز] «1» لما تمطّت غول كلّ ميله ... بنا حراجيج المهارى النّفّه «2» وحكى فيه أبو حيان في «الارتشاف» فعالي بكسر اللام، وفعالى بفتحها، والفاء مفتوحة في اللغتين مهارى وبالفتح ضبطها أبو علي الغساني في كتابه بخطه. الرابعة: في «المحكم» البرة: الحلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير والجمع براة وبرى وبرين. وبروت الناقة وأبريتها جعلت في أنفها برة. الخامسة: في «الغريبين» ناقة لقحة ولقحة وقد لقحت لقاحا ولقحا وهي التي نتجت حديثا. والجمع لقح ولقاح، وناقة لقوح إذا كانت غزيرة والجمع لقح.

_ (1) ديوان رؤبة: 167 واللسان (وله) . (2) رواية الصحاح: كل مهمه؛ والميله: الفلاة التي توله الناس وتحيرهم، والنفّه: المعيية.

الفصل الثاني في إبل الصدقة

السادسة: ذو الجدر: قال البكري (371) في باب الجيم والدال المهملة- بفتح أوله وإسكان ثانية- موضع بالمدينة وهي منازل بني ظفر، وقيل إنه يتصل بالغابة قال الشاعر: [من الطويل] وهل أسمعن يوما بكاء حمامة ... يجاوبها قمريّ غابة ذي الجدر السابعة: عير: قال البكري (984) : بفتح العين المهملة والراء المهملة بينهما الياء أخت الواو- جبل بناحية المدينة. الثامنة: في «الصحاح» (6: 2491) مريت الناقة مريا: إذا مسحت ضرعها لتدرّ، وأمرت الناقة: أي درّ لبنها، والمريّ على فعيل: الناقة الكثيرة اللبن، ويقال هي التي تدرّ على المسح. الفصل الثاني في إبل الصدقة روى مسلم (2: 25) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها، فقال لهم صلّى الله عليه وسلم: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها، ففعلوا فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدّوا عن الإسلام وساقوا ذود رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فبعث في أثرهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسلم أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (1: 165) اجتووا المدينة أي استوبلوها واستوخموها وكذا جاء في الحديث مفسّرا في مسلم وهو صحيح، ومعناه كرهوها لمرض لحقهم

بها ونحوه، وفرّق بعضهم بين الاجتواء والاستوبال «1» فقال: الاجتواء: كراهة الموضع وإن وافق، والاستوبال كراهته إذا لم يوافق. الثانية: في «المشارق» (2: 220) سمل أعينهم: قيل فقأها بالشوك، وقيل هو أن يؤتى بحديدة محماة وتقرّب من العين حتى يذهب نظرها وعلى هذا يتفق مع رواية من قاله: سمر بالراء إذ قد تكون هذه الحديدة مسمارا وكذلك أيضا [على الوجه الأول] «2» فقد يكون فقؤها بالمسمار وسملها به كما يفعل ذلك بالشوك.

_ (1) المشارق: الاستيبال. (2) زيادة توضيحية من المشارق.

الباب التاسع في اتخاذ الغنم

الباب التاسع في اتخاذ الغنم وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في غنم رسول الله صلّى الله عليه وسلم «1» في «مختصر السير» لابن جماعة رحمه الله تعالى: وكانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم شاة تدعى غوثة، وقيل غيثة «2» ، وشاة تسمّى قمر، وعنز تسمى اليمن. وعن ابن عباس كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم سبع أعنز ترعاهن أم أيمن، وفي «كامل التاريخ» (2: 315) كان له صلّى الله عليه وسلم سبع من الغنم: عجوة وزمزم وسقيا وبركة وورسة وأطلال وأطراف، وسبع أعنز ترعاهن أم أيمن «3» . انتهى. وروى أبو داود (1: 31) رحمه الله تعالى عن لقيط بن صبرة قال: كنت وافد بني المنتفق، أو في وفد بني المنتفق، إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلم نصادفه في منزله وصادفنا عائشة أم المؤمنين، قال: فأمرت لنا بخزيرة فصنعت لنا. قال: وأتينا «4» بقناع ولم يقل «5» قتيبة القناع- والقناع طبق فيه تمر- ثم جاء

_ (1) قارن بأنساب الأشراف 1: 513- 514 وعيون الأثر: 322- 323. (2) وقيل غيثة: سقط من م (ط: وقيل غبشة) . (3) في الكامل: يرعاهن أيمن ابن أم أيمن؛ (وفي الأنساب كما ذكر المؤلف) . (4) م ط: وأوتينا. (5) ط م: ولم يقم؛ وقتيبة بن سعيد راوي الحديث.

رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: هل أصبتم شيئا أو أمر لكم بشيء؟ قال فقلنا: نعم يا رسول الله. قال: فبينما نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم جلوس إذ دفع «1» الراعي غنمه إلى المراح ومعه سخلة تيعر فقال: ما ولدت يا فلان؟ قال: بهمة، قال: فاذبح لنا مكانها شاة، ثم قال: لا تحسبنّ، ولم يقل لا تحسبنّ، أنا من أجلك ذبحناها، لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد، فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة «2» . انتهى. فوائد لغوية في ثماني مسائل: الأولى: في «ديوان الأدب» (3: 299) الغيث: المطر، ابن القوطية: غاث الله عباده غيثا: سقاهم المطر، وأغاثهم: أجاب دعاءهم. ابن سيده: أغاثه وغاثه غوثا وغياثا والأول أعلى. قلت: وسمت العرب غوثا وغيثا. الثانية: الجوهري (6: 2419) عجت الأم ولدها تعجوه عجوا إذا سقته اللبن. الثالثة: تسمية الشاة زمزم وسقيا لغزر لبنها، وتسميتها بركة كذلك وفي «الصحاح» (4: 1575) البركة النماء والزيادة. الرابعة: في «الصحاح» (2: 985) الورس نبت أصفر، وورست الثوب توريسا صبغته بالورس. قلت: فيحتمل أن تسمى به الشاة للونها. الخامسة: لا أعرف لتسمية الشاة أطلال أصلا، وقد سمت العرب الفرس والبغلة والناقة كذلك. قال البكري في «المستوعب» أطلال فرس بكير بن عبد الله بن الشّداخ الليثي قال الشماخ «3» : [من الطويل]

_ (1) م ط: رفع. (2) ثم قال ... شاة: سقط من م. (3) ديوان الشماخ: 456 وأنساب الخيل: 112 وأسماء الخيل: 34 واللسان والتاج (طلل) والتاج (موق) وجمهزة ابن حزم: 171 من قصيدة له في رثاء بكير بن شداخ الليثي، وكان في غزوة مع سعيد بن العاص افتتح فيها أذربيجان (وفي الديوان مزيد من التخريج) .

لقد غاب عن خيل بموقان أحجمت ... بكير بن عبد الله فارس أطلال» قال: وكانت بغلة زياد بن أبي سفيان تسمى أطلال، قال الراجز: [من الرجز] كأن أطلال بجنبي خرّمه ... نعامة في رعلة مقدّمه تهوي بفياض رفيع الحكمه ... قرن إذا زاحم قرنا زحمه وأطلال أيضا اسم ناقة ذي الرمة، وقد ذكرها في شعره فقال «2» : [من الطويل] وهاجرة قنّعت رأسي بحرّها «3» ... يكاد الحصى من حميها يتصدّع نصبت لها وجهي وأطلال بعدما ... أزى الظلّ واكتنّ اللّياح المولّع «4» السادسة: في «المحكم» الطّوف: قرب تنفخ ويشدّ بعضها على بعض كهيئة سطح فوق الماء يحمل عليها الميرة والناس، والجمع أطواف. قلت: فيحتمل أن تسمى الشاة بذلك لعظم ضرعها. السابعة: في «الصحاح» (1: 368) أراح إبله أي ردها إلى المراح، وكذلكم الترويح، ولا يكون [ذلك] إلا بعد الزوال. الثامنة: في «الغريب المصنف» أبو زيد: يقال لأولاد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا ذكرا كان أو أنثى سخلة، وجمعها سخال، ثم هي البهمة للذكر والأنثى وجمعها بهم.

_ (1) رواية الديوان: لقد غادرت خيل بموقان أسلمت ... بكير بني الشداخ فارس أطلال (2) ديوان ذي الرمة: 730. (3) في الديوان: وهاجرة شهباء ذات كريهة. (4) أزى الظل: تقبض حتى بلغ أصل الحائط؛ اكتن: دخل الكن وهو الكناس؛ اللياح: الثور الأبيض؛ المولع: الذي في قوائمه سواد.

الفصل الثاني في ذكر غنم الصدقة

الفصل الثاني في ذكر غنم الصدقة روى أبو داود (1: 80) رحمه الله تعالى قال، حدثنا عمرو بن عون ومسدد بسنديهما عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: اجتمعت غنيمة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال مسدد: غنيمة من الصدقة، قال: يا أبا ذر ابد بها، فبدوت إلى الرّبذة. وذكر الحديث بكماله في باب الجنب يتيمّم. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (6: 2278) بدا القوم بدوا: خرجوا إلى باديتهم، والبدو: البادية والنسبة إليها «1» بدوي، والبداوة الإقامة بالبادية، تفتح وتكسر، وهي خلاف الحضارة والنسبة إليها بداوي. الفصل الثالث في ذكر أبي ذر رضي الله تعالى عنه وذكر نبذ من أخباره في «الاستيعاب» (252، 1652) : جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري، ويقال أبو الذر، والأول أكثر وأشهر، واختلف في اسمه اختلافا كثيرا والمشهور الأكثر الأصح «2» : جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار. وكان من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قديم الإسلام، يقال أسلم بعد ثلاثة، ويقال بعد أربعة، ثم رجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم فصحبه إلى أن مات، ثم خرج بعد وفاة أبي بكر إلى الشام فلم يزل بها حتى ولي عثمان، ثم استقدمه عثمان لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة، وكانت وفاته بالربذة سنة ثنتين وثلاثين، وصلّى عليه ابن مسعود، صادفه وهو مقبل من الكوفة مع نفر فضلاء من أصحابه، وقيل توفى سنة أربع وعشرين، والأول أصح.

_ (1) الصحاح: إليه. (2) جندب بن جنادة ... الأصح: سقط من م.

وروى أبو عمر (256، 1655) رحمه الله تعالى بسنده عن أبي الدرداء أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ما أظلت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أبو ذر في أمتي على زهد عيسى بن مريم، وبعضهم يرويه: من سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر. وقال علي رضي الله تعالى عنهما: وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه ثم أوكى عليه فلم يخرج منه شيئا. وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه إلا ذكرنا منه علما. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المشارق» (1: 305) الربذة- بفتح الراء والباء والذال المعجمة- موضع خارج المدينة بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وهي قريب من ذات عرق. وفي «المعجم» (633، 636) هي التي جعلها عمر رضي الله تعالى عنه حمّى لإبل الصدقة وبها مات أبو ذر رضي الله تعالى عنه. الثانية: في «الصحاح» (1: 339) اللهجة اللسان، وقد يحرك فيقال فصيح اللهجة واللهجة. الثالثة: في «الصحاح» (6: 2528) الوكاء: الذي يشدّ به رأس القربة، يقال أوكى على ما في سقائه إذا شدّه بالوكاء.

الباب العاشر في الوسام

الباب العاشر في الوسام وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في ذكر وسم الإبل ترجم البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (2: 160) «1» باب «وسم الإمام إبل الصدقة بيده» وخرّج فيه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنّكه، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة. انتهى. وروى مسلم (2: 164) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: لما ولدت أم سليم قالت لي: يا أنس انظر هذا الغلام فلا يصيبنّ شيئا حتى تغدو به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحنكه، فغدوت فإذا هو في الحائط، وعليه خميصة جونية وهو يسم الظهر الذي قدم عليه في الفتح. انتهى. الفصل الثاني في ذكر وسم الغنم روى مسلم (2: 164) رحمه الله تعالى عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يحدث أن أمه حين ولدت انطلقت بالصبيّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه، قال: فإذا النبي صلّى الله عليه وسلم في مربد يسم غنما، قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال في آذانها. انتهى.

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 7: 192.

الفصل الثالث في ذكر وسم الدواب

الفصل الثالث في ذكر وسم الدواب روى مسلم (2: 164) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه. وروى مسلم (2: 164) رحمه الله تعالى أيضا عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم مرّ عليه حمار قد وسم في وجهه، فقال: لعن الله الذي وسمه. وروى مسلم (2: 164) رحمه الله تعالى أيضا أن ناعما أبا عبد الله مولى أم سلمة رضي الله تعالى عنها حدّث أنه سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: ورأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حمارا موسوم الوجه فأنكر ذلك. قال: فو الله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه، فأمر بحمار له فكوي في جاعرتيه فهو أول من كوى الجاعرتين. انتهى. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: في «الصحاح» (5: 2051) وسمه وسما وسمة إذا أثر فيه بسمة وكيّ، والهاء عوض من الواو، والميسم المكواة، وأصل الياء واو فإن شئت قلت في جمعه مياسم على اللفظ وإن شئت مواسم على الأصل. الثانية: في «الصحاح» (4: 1581) حنكت الصبيّ وحنّكته: إذا مضغت تمرا أو غيره ثم دلكته بحنكه، والصبي محنوك أو محنّك. الثالثة: الخميصة: في «المشارق» (1: 240) ، قال الأصمعي: هي كساء من صوف أو خزّ معلمة، وقال غيره «1» : كساء مربّع له علمان. وقال الجوهري «2» (1038) كساء رقيق أصفر أو أحمر أو أسود، وفي الحديث ما يفسر قول الأصمعي قوله خميصة لها أعلام.

_ (1) المشارق: قال أبو عبيدة. (2) الذي قاله الجوهري: الخميصة كساء مربع له علمان.

الرابعة: قوله جونية: حكى القاضي رحمه الله في «المشارق» (1: 166) و «الإكمال» في ضبطها ثمانية أوجه نقلت منها هنا ثلاثة لظهور معانيها. وتركت خمسة ومن أحبّ الوقوف عليها ينظرها هنالك. الوجه الأول: جونية بفتح الجيم كأنها منسوبة إلى بني الجون من الأزد وإليهم ينسب الجونيون؛ كذا لابن الحذاء منسوبة إلى بني الجون أو إلى لونها من السواد أو البياض أو الحمرة، والعرب تسمي كلّ واحد من هذه الألوان جونا. الوجه الثاني: حريثية- بضمّ الحاء المهملة بعدها راء- قيل هي منسوبة إلى حريث رجل من قضاعة، آخره ثاء مثلثة. الوجه الثالث: في رواية العذري «1» حوتنيّة- بفتح الحاء المهملة وواو ساكنة بعدها ثم تاء باثنتين فوقها مفتوحة ثم بعدها نون مكسورة ثم ياء مشددة- قيل: معناها مكفوفة الهدب. انتهى. الخامسة: في «المحكم» المربد: محبس الإبل، ومربد التمر: جرينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس. السادسة: في «الصحاح» (2: 615) الجاعرتان: موضع الرقمتين من است الحمار. قال الأصمعي: وهما حرفا الوركين المشرفان على الفخذين؛ قال كعب بن زهير يصف الحمار والأتن «2» : [من المتقارب] إذا ما انتحاهنّ شؤبوبه ... رأيت لجاعرتيه غضونا «3»

_ (1) العذري: هو أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس المعروف بابن الدلائي من أهل المرية رحل إلى المشرق واعتنى بالحديث وروايته وضبطه، وكانت وفاته سنة 470 (الصلة: 69- 70) . (2) ديوان كعب: 103 وأدب الكاتب: 34. (3) انتحاهن شؤبوبة: سلط عليهن (أي على الأتن) حدته ودفعته بهن، والغضون: آثار وكدوح من عضهن.

الباب الحادي عشر في الحمى يحميه الإمام

الباب الحادي عشر في الحمى يحميه الإمام وفيه فصلان الفصل الأول في حمى النبي صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (3: 148) رحمه الله تعالى عن ابن عباس عن الصعب بن جثّامة رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا حمى إلا لله ولرسوله، وقال: بلغنا أن النبي صلّى الله عليه وسلم حمى النقيع، وأن عمر رضي الله تعالى عنه حمى السّرف والرّبذة. انتهى. وروى أبو داود (2: 160) عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا حمى إلا الله ولرسوله. قال ابن شهاب: وبلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حمى النقيع «1» . انتهى. وروى أبو داود (2: 160) أيضا عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حمى النقيع وقال: لا حمى إلا الله عز وجل. انتهى. وروى أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى في «كتاب الأموال» (376) عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: حمى رسول الله صلّى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين. انتهى.

_ (1) النقيع: يرد مصحفا إلى «البقيع» في الأصول وغيرها.

فائدتان لغويتان: الأولى: الجوهري (6: 2319) أحميت المكان: جعلته حمى، وهذا شيء حمى، على فعل، أي محظور لا يقرب، وفي الحديث: لا حمى إلا لله ولرسوله. وسمع الكسائي في تثنية الحمى: حموان، قال: والوجه حميان. وفي «المشارق» (1: 201) الحمى بكسر الحاء مقصور: المكان الممنوع من الرعي، تقول حميت الحمى، فإذا امتنع منه قلت: أحميته. الثانية: في «المشارق» (1: 115) أما الحمى الذي حماه النبي صلّى الله عليه وسلم ثم عمر بعده وهو الذي يضاف إليه في الحديث غور «1» البقيع «2» وحمى البقيع وهو على عشرين فرسخا من المدينة، وهو صدر وادي العقيق، وهو أخصب واد هنالك، وهو ميل في بريد «3» ، وفيه شجر ويستجم حتى يغيب فيه الراكب، فاختلف الرواة وأهل المعرفة في ضبطه، وبالنون قيّده النسفي وأبو ذر والقابسي والهروي والخطّابيّ وغير واحد «4» ، وبالباء سمع من أبي بحر. وكذا روي عن ابن ماهان. قال الخطابي: وقد صحفه أصحاب الحديث فيروونه بالباء وإنما الذي بالباء بقيع المدينة موضع قبورها، وأما أبو عبيد البكري «5» فقال: إنما هذا بالباء مثل بقيع الغرقد، قال: ومتى ذكر البقيع بالباء دون إضافة فهو هذا. قال القاضي أبو الفضل: والأشهر في هذا النون، والنقيع كلّ موضع يستنقع فيه الماء وبه سمي هذا. انتهى، نقلته مختصرا.

_ (1) المشارق: غرز. (2) أبقيت هنا اللفظة «البقيع» بالباء- اتباعا للمصدر المنقول عنه. (3) م: تربد. (4) هذا هو القول الفصل في المسألة، ولا عبرة بالتصحيف. (5) قام محققو معجم البكري بتغيير ما أثبته المؤلف في مادة «بقيع» وجعلوه في مادة «نقيع» ، وهذا تحكم منهم بذلك، وكان عليهم أن يثبتوا المادة في موضعها ثم يكتبوا تعليقا يوضح خطأ المؤلف.

الفصل الثاني في حمى عمر

الفصل الثاني في حمى عمر رضي الله تعالى عنه قد تقدم في الفصل الذي قبل هذا في الحديث الذي خرّجه البخاري رحمه الله تعالى أن عمر رضي الله تعالى عنه حمى السّرف والرّبذة. وذكر البكري (3: 860) حمى ضريّة وقال: إن عمر رضي الله تعالى عنه حماه وأنه أول من أحماه. وفي «الموطأ» (707- 708) «1» عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله تعالى عنه استعمل مولى له يدعى هنيّا على الحمى، فقال: يا هنيّ اضمم جناحك عن الناس، واتّق دعوة المظلوم، فإنّ دعوة المظلوم مجابة، وأدخل ربّ الصّريمة والغنيمة، وإياك ونعم ابن عفان وابن عوف، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى المدينة، إلى زرع ونخل، وإنّ ربّ الصّريمة والغنيمة إن تهلك ماشيته يأتيني ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين. أفتاركهم أنا لا أبالك، فالماء والكلأ أيسر عليّ من الذهب والورق. وايم الله إنّهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم ومياههم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام. والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا. انتهى. وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب الأموال» (376) عن زيد بن أسلم عن أبيه نحوه، وزاد أبو عبيد: قال مالك: بلغني أنه كان يحمل في كل عام على أربعين ألفا من الظهر. انتهى. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: في «المشارق» (2: 233) في البخاري أن عمر رضي الله تعالى عنه حمى السّرف والرّبذة بسين مهملة وراء مكسورة. وفي «موطأ» ابن وهب: الشّرف- بالشين المعجمة وفتح الراء- وكذا رواه بعض رواة البخاري أو أصلحه،

_ (1) ورد أيضا في البخاري 4: 87 وكتاب الخراج لأبي يوسف: 244 (تحقيق إحسان عباس) والأحكام السلطانية: 184.

وهو الصواب. وقال البكري: الشرف- بفتح الشين المعجمة والراء وبعده فاء «1» - وينبئك أن الشرف من الحمى ما روى الحربي وذكر بسنده عن سعيد: ما أحب أن أنفخ «2» في الصلاة وأن لي حمر الشرف، والشرف: موضع وهو هذا المذكور؛ وخصّه لجودة نعمه. الثانية: ذكر البكري (860) حمى ضريّة وقال: أوّل من حمى هذا الحمى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لإبل الصدقة وظهر الغزاة، وهو أكبر الأحماء، وهو من ضريّة إلى المدينة وكان حماه ستة أميال من كل ناحية من نواحي ضريّة، وضريّة في أوسط الحمى، وهو بضاد معجمة مفتوحة وراء مهملة مكسورة والياء أخت الواو مشددة. الثالثة: قد تقدم ذكر الربذة وقال البكري عند ذكر حمى ضريّة: وحمى الربذة غليظ الموطىء كثير الخلّة. وقال الأصمعي، قال جعفر بن سليمان: إذا عقد البعير شحما بالرّبذة سوفر عليه سفرتان لا تنقصان شحمه. الرابعة: في «الغريب المصنف» : الصّرمة من الإبل ما بين العشرة إلى الأربعين. الخامسة: في «الصحاح» (1: 69) الكلأ: العشب وسواء رطبه ويابسه، وفي «أدب الكاتب» (101) «3» الكلأ هو الرّطب، والحشيش: هو اليابس، ولا يقال له رطبا حشيش. السادسة: في «فقه اللغة» (63) الشّبر ما بين طرف الخنصر إلى طرف الإبهام، والفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبّابة.

_ (1) زاد في المشارق: ماء لبني كلاب وقيل لباهلة. (2) في كراهية النفخ في الصلاة انظر الترمذي 1: 236. (3) في أدب الكاتب: الخلى (في موضع الكلأ) .

الجزء الثامن في سائر العمالات وفيه عشرة ابواب

الجزء الثامن في سائر العمالات

الباب الأول في ذكر المنفق «1» في «مختصر السير» لابن جماعة رحمه الله تعالى: كان بلال المؤذن على نفقات النبيّ صلّى الله عليه وسلم. انتهى. وروى أبو داود (2: 152- 153) عن عبد الله الهوزني رحمهما الله تعالى قال: لقيت بلالا مؤذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحلب، فقلت: يا بلال: حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي «2» ألي ذلك منه مذ بعثه الله عز وجل حتى توفّي، وكان صلّى الله عليه وسلم إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فاستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه وساق الحديث. وروى البخاري (3: 133) رحمه الله تعالى عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: جاء بلال إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم بتمر برني «3» فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع «4» لنطعم النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم عند ذلك: أوّه أوّه عين الرّبا عين الربا لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع «5» آخر ثم اشتر به. انتهى. وروى ابن المنذر في «الإشراف» في كتاب النفقات بسنده عن مسروق عن

_ (1) تبدأ النسخة «ر» من هنا حتى نهاية الكتاب. (2) الذي: سقطت من ر. (3) م: بردي. (4) م ط ر: صاعا بصاعين. (5) ط ر: بمبيع.

عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: انفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» (6: 275) أنفق المال: صرفه، والنفقة: ما أنفق وجمعها نفاق ونفقات. حكى اللحياني نفدت نفاق القوم ونفقاتهم. وفي «الصحاح» (4: 156) : رجل منفاق كثير النفقة. الثانية: الجوهري (3: 1102) القرض: ما تعطيه من المال لتقضاه، والقرض بالكسر لغة فيه حكاها الكسائي، واستقرضت من فلان: أي طلبت منه القرض فأقرضني، واقترضت منه أي أخذت منه القرض. الثالثة: في «المشارق» (1: 85) البرني- بفتح الباء وسكون الراء وآخره نون- ضرب من التمر قيل أصله نسب إلى قرية باليمامة. وفي «المعجم» (246) برن- بفتح الباء وإسكان الراء وبالنون- قرية البحرين إليها ينسب التمر البرني. الرابعة: في «المشارق» (1: 52) قوله صلّى الله عليه وسلم: أوّه عين الربا، رويناه بالقصر وتشديد الواو وسكون الهاء وقيل بمد الهمزة. قالوا: ولا موضع لمدّها إلا لبعد الصوت. وفي «الصحاح» (6: 225) قولهم عند الشكاية أوه من كذا ساكنة الواو وإنما هو توجع، قال الشاعر «1» : [من الطويل] فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها ... ومن بعد أرض بيننا وسماء وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: آه من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها وسكّنوا الهاء فقالوا: أوّه من كذا وربما حذفوا مع التشديد فقالوا: أوّ من كذا بلا مد، وبعضهم يقول: آوّه بالمد والتشديد وفتح الواو ساكنة الهاء لتطويل الصوت بالشكاية، وربما أدخلوا فيه التاء فقالوا أوّتاه يمد ولا يمد، وقد أوّه الرجل تأويها، وتأوه تأوها إذا قال أوه والاسم الآهة بالمد، قال المثقّب العبدي «2» : [من الوافر] إذا ما قمت أرحلها بليل ... تأوّه آهة الرجل الحزين

_ (1) اللسان (أوه) . (2) ديوان المثقب: 194 واللسان (أوه) .

الباب الثاني في الوكيل يوكله الإمام في الامور المالية

الباب الثاني في الوكيل يوكله الإمام في الامور المالية روى أبو داود (2: 282) رحمه الله تعالى عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت له: إني أريد الخروج إلى خيبر فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته. وقال ابن فتحون في كتاب «الذيل» له «1» : مروان بن الجذع بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم الأنصاري، قال: أسلم وهو شيخ كبير وأسلم ابنه مرداس وشهد الحديبية وكان أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سهمان خيبر، قاله الكلبي. وفي «جماهر» ابن حزم (358- 359) : مروان بن الجذع بن زيد بن الحارث بن حرام بن كعب بن غنم، أسلم وهو شيخ كبير وابنه مرداس بن مروان شهد الحديبية، وكان أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سهمان خيبر، فزاد في نسبه الحارث بين زيد وابن حرام. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 2275) الآية: العلامة والجمع آي وآياء وآيات وأنشد أبو زيد «2» : [من الرجز] لم يبق هذا الدهر من آيائه ... غير أثافيه وأرمدائه

_ (1) قارن بالإصابة 6: 83. (2) اللسان والتاج (رمد، أيا) .

الثانية: في «خلق الإنسان» للأصمعي: وفي الصدر الترّقوتان وهما: العظمان المشرفان في أعلى الصدر. وفي «خلق الإنسان» لقطرب: وبعض عكل يقول: الترقؤة فيهمز. وفي «المخصص» (2: 20) السيرافي «1» : هي من رقي يرقى. الثالثة: في «الصحاح» (5: 1956) السهم: النصيب، والجمع: السهمان. قلت: ويجمع أيضا على أسهم وسهام. تنبيه: قد تقدم معنى الوكالة وتصريف الفعل منها في الجزء الرابع من هذا الكتاب» فأغنى ذلك عن إعادته هنا.

_ (1) ر: الصرافي. (2) انظر ص: 298.

الباب الثالث في الرجل يبعثه الإمام بالمال لينفذ فيما يأمره به من وجوه مصارف المال في غير الحضرة

الباب الثالث في الرجل يبعثه الإمام بالمال لينفذ فيما يأمره به من وجوه مصارف المال في غير الحضرة في «السيرة» (2/ 428- 430) لابن إسحاق عن أبي جعفر قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، ومعه قبائل من العرب: سليم بن منصور ومدلج بن مرة، فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا. قال: فلما وضعوا أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد. ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج عليّ رضي الله تعالى عنه حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فودى لهم الدماء «1» ، وما أصيب لهم من الأموال، حتى أنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال فقال لهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حين فرغ منهم: هل بقي لكم دم أو مال لم يؤدّ لكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال «2» احتياطا لرسول الله

_ (1) ر: بالدماء. (2) ر: من المال.

صلى الله عليه وسلم مما لا نعلم ولا تعلمون، ففعل، ثم رجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال: أحسنت وأصبت. انتهى. وروى أبو داود (2: 564) رحمه الله تعالى بسنده عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعي عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: دعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال التمس صاحبا فجاءني عمرو بن أمية الضّمري فقال لي: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا، قال فقلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: قد وجدت صاحبا، قال: فقال: من؟ قلت عمرو بن أمية الضّمري، قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: «أخوك البكريّ ولا تأمنه» فخرجت، حتى إذا كنت بالأبواء قال: إني أريد حاجة إلى قومي بودّان، فتلبّث لي، قلت: راشدا، فلما ولّى ذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه، حتى إذا كنت بالأصافر، إذا هو يعارضني في رهط، قال: وأوضعت فسبقته، فلما رآني قد فتّه انصرفوا، وجاءني فقال: كانت لي إلى قومي حاجة، قال، قلت: أجل، ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبي سفيان. انتهى. تنبيه: ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1197) : عمرو بن الفغواء فقال: عمرو بن الفغواء بن عبيد بن عمرو بن مازن الخزاعي أخو علقمة بن الفغواء، وذكر حديث حمله المال إلى أبي سفيان بنحو مما ذكره أبو داود إلى قوله: أخوك البكري ولا تأمنه، ولم يذكر تكملة الحديث. انتهى. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 2521) الدية واحدة الديات والهاء عوض من الواو

تقول: وديت القتل أديه دية «1» : إذا أعطيت ديته، واتّديت أي أخذت ديته، وإذا أمرت قلت: د فلانا، وللاثنين: ديا، وللجماعة دوا فلانا. الثانية: في «الأفعال» لابن طريف: ولغ الكلب والسّبع ولغا. وفي «الصحاح» (4: 1329) : يلغ ولوغا أي شرب بأطراف لسانه، ويولغ إذا أولغه صاحبه، والميلغ: الإناء الذي يلغ فيه في الدم. الثالثة: في «الصحاح» (3: 1121) حاطه يحوطه حوطا وحيطة وحياطة أي كلأه، ومع فلان حيطة لك ولا تقل عليك، أي تحنن وتعطف، واحتاط الرجل لنفسه أي أخذ بالثقة. الرابعة: الأبواء والأصافر: موضعان في طريق المارّ من المدينة إلى مكة، وودان موضع قريب من العقيق ذكرها البكري (102، 162، 1374) . الخامسة: في «الصحاح» (3: 1300) وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره، وأوضعه راكبه.

_ (1) دية: سقطت من ر.

الباب الرابع في إنزال الوفد

الباب الرابع في إنزال الوفد وفيه خمسة فصول الفصل الأول في اتخاذ الدار لنزول الوفد في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر أبو الربيع ابن سالم في كتاب «الاكتفاء» عن الواقدي رحمه الله تعالى أن حبيب بن عمرو السلاماني «1» رضي الله تعالى عنه كان يحدث قال: قدمنا وفد سلامان «2» على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن سبعة نفر، فانتهينا إلى باب المسجد فصادفنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم خارجا منه إلى جنازة دعي إليها، فلما رأيناه قلنا يا رسول الله: السلام عليك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وعليكم السلام من أنتم؟ قلنا: قوم من سلامان قدمنا عليك لنبايعك على الإسلام، ونحن على من وراءنا من قومنا، فالتفت إلى ثوبان غلامه فقال: أنزل هؤلاء حيث ينزل الوفد، فخرج بنا ثوبان حتى انتهى بنا إلى دار «3» واسعة فيها نخل وفيها وفود من العرب، وإذا هي دار رملة بنت الحارث النجارية، وساق الحديث. تنبيه: رملة بنت الحارث هذه لم يذكرها أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» .

_ (1) ط: السلماني. (2) ر: سلمان. (3) ر: باب.

وذكر ابن إسحاق في خبر بني قريظة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حبسهم في دار بنت الحارث النجارية. وذكرها ابن فتحون في «الذيل» فقال «1» : رملة بنت الحارث نزل عليها وفد تميم «2» عيينة بن حصن وأخوه خارجة بن حصن وابن أخيهما الجدّ بن قيس بن حصن حين قدموا المدينة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسلمين؛ ذكره الواقدي والطبري، وزاد الطبري وفد بني كلاب وهم ثلاثة عشر منهم لبيد بن ربيعة إذ وفدوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم نزلوا عليها أيضا. فائدة تاريخية: روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال «3» : كان إبراهيم عليه السلام أول الناس ضيّف الضيف. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: ابن القوطية (3: 222) : أنزلت الجيش والضيف أقمت نزلهم، وهو ما يصلحهم. وفي «الصحاح» (5: 1828) النّزل ما يهيأ للنزيل، والجمع الأنزال، قال: والنّزيل: الضيف وأنشد «4» : [من الوافر] نزيل القوم أعظمهم حقوقا ... وحقّ الله في حقّ النّزيل وفي «المحكم» : والنّزل والنّزل ما يهيّأ للضيف، إن ينزل عليه.

_ (1) الإصابة 8: 84 ويقول الواقدي إنها رملة بنت الحدث، بفتح الدال المهملة بغير ألف قبلها. (2) هؤلاء الذين سماهم لا يمثلون وفد تميم؛ وإنما هم فزاريون، ولكن اتفق أن وفد عيينة بن حصن على الرسول حين قدم عليه وفد تميم وفيه الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وعطارد بن حاجب بن زرارة وغيرهم (السيرة 2: 561، 560) . (3) الأوائل للطبراني: 35 (عن أبي هريرة يرفعه) وأوائل السيوطي: 67 وقال: أخرجه البيهقي في شعب الإيمان. (4) ورد في اللسان (نزل) .

الفصل الثاني في إنزال الوفد في قبة ضربت لهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم

الثانية: في «شرح ابن السيّد لسقط الزّند» «1» : ضفت الرجل: إذا نزلت عليه ضيفا وتضيفته: إذا سألته أن يضيفك، وأضفته: إذا أنزلته على نفسك ضيفا، وضيّفته إذا أنزلته منزلة الضيف. قلت: وإذا سألك أن تضيفه قلت: استضافني وإذا سألته أن يضيفك قلت: استضفته، قال ابن القوطية في «المقصور والممدود» الاستفعال في كلامهم استجلاب. الثالثة: في «الصحاح» (1: 550) وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا فهو وافد، والجمع وفد، مثل صاحب وصحب، وجمع الوفد: أوفاد ووفود، والاسم: الوفادة، وأوفدته أنا إلى الأمير أي أرسلته. الفصل الثاني في إنزال الوفد في قبة ضربت لهم في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 540) : قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف؛ وذكر حديث قدومهم وفيه: ولما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة «2» في ناحية مسجده كما يزعمون، فكان خالد بن سعيد بن العاصي رضي الله تعالى عنه هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده، وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم. قال ابن إسحاق (2: 540- 541) وحدثني عيسى بن عبد الله عن بعض وفدهم قال: كان بلال رضي الله تعالى عنه يأتينا حين أسلمنا، وصمنا مع رسول الله صلّى

_ (1) موضعه في شروح السقط: 775 ولكنه لم يرد كما جاء هنا. (2) ر: القبة.

الله عليه وسلم ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فيأتينا بالسحور وإنا لنقول: إنا نرى الفجر قد طلع، فيقول: قد تركت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتسحّر لتأخير السحور، ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد، فيقول: ما جئتكم حتى أكل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم يضع يده في الجفنة يلتقم منها. انتهى. فائدة لغوية، في معنى القبة وذكر أبنية العرب: في «المخصص» (6: 33) عن ابن الكلبي: بيوت العرب ستة: قبة من أدم. وفي «المحكم» (6: 33) قبّ الشيء وقبّبه: جمع أطرافه والقبّة: البناء من الأدم مشتق من ذلك. ومظلّة من شعر. وفي «الصحاح» (5: 1756) . المظلّة بالكسر: البيت الكبير [من الشّعر] . وقال: وسكن توقد في مظلّة «1» وخباء من صوف: وفي «الصحاح» (6: 2325) : الخباء واحد الأخبية، وهو من وبر أو صوف ولا يكون من شعر، واستخبينا الخباء أي نصبناه، وأخبيت الخباء وتخبّيته: إذا عملته وكذلك التّخبية. وبجاد من وبر، وفي «فقه اللغة» للثعالبي عن حمزة عن ابن السكيت مثله. قلت: المشهور في البجاد: أنه الكساء في قول كثير من اللغويين. وخيمة من شجر: وفي «المحكم» (5: 165) : الخيمة بيت من بيوت الأعراب مستدير، وقيل هي ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثّمام ويستظلّ بها في الحرّ، والجمع خيمات وخيام وخيم وخيم. وفي «الصحاح» (5: 1916) الخيم مثل الخيمة،

_ (1) اللسان (ظلل) وقبل هذا الشطر: ألجأني الليل وريح بلّه ... إلى سواد إبل وثله وسكن.........

الفصل الثالث في إنزال الوفد عند بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

والجمع: خيام مثل فرخ وفراخ. وأقنة من حجر: وفي الصحاح (5: 2071) الأقنة بيت يبنى من حجر، والجمع أقن مثل ركبة وركب، قال الطرماح «1» : [من المديد] في شناظي أقن بينها ... عرّة الطير كصوم النعام «2» وفي «المخصص» (6: 77) أيضا عن أبي حاتم: المضرب: الفسطاط العظيم. الفصل الثالث في إنزال الوفد عند بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى قاسم رحمه الله تعالى في «الدلائل» عن أوس بن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فنزل الأحلاف على المغيرة بن شعبة، وأنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم بني مالك في قبة، فكان يأتينا كلّ ليلة؛ وخرّج أبو داود نحوه. الفصل الرابع في ذكر من ولي النظر في أمر الوفد في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد تقدم في الفصول التي تقدمت قبل هذا أن خالد بن سعيد بن العاصي كان يمشي بين وفد ثقيف وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم، وبلال رضي الله تعالى عنه كان يجيء إليهم بفطورهم وسحورهم في الأيام التي صاموها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من رمضان، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر ثوبان غلامه بإنزال وفد بني سلامان في الدار التي ينزلها الوفد.

_ (1) ديوان الطرماح: 395 والحيوان 2: 348 وديوان المعاني: 705 واللسان والتاج (شظن، فنا) والقافية ساكنة في الديوان، وذلك جائز، ولكن الشاعر بناها جميعا على الكسر. (2) الشناظي: أطراف الجبال؛ عرة الطير: ذرقه؛ وصوم النعام: ذرقه أيضا.

الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم

الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- خالد بن سعيد بن العاصي: تقدم ذكره في باب العامل على الزكاة. 2- بلال رضي الله تعالى عنه تقدم ذكره في باب الأذان بما أغنى عن إعاذته الآن. 3- ثوبان رضي الله تعالى عنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: في «الاستيعاب» (218) : ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الرّحمن، وأبو عبد الله أصح، هو ثوبان بن يجدد من أهل السّراة، والسراة موضع بين مكة واليمن، وقيل إنه من حمير، وقيل إنه حكمي من حكم بن سعد العشيرة، أصابه سباء فاشتراه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعتقه، ولم يزل يكون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ... فخرج إلى الشام فنزل الرملة ثم انتقل إلى حمص فابتنى بها دارا، وتوفي سنة أربع وخمسين. وكان ثوبان ممن حفظ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأدّى ما وعى. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الاشتقاق» لأبي بكر محمد بن أبان بن سيّد: ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعلان من الثوب، والثوب «1» من ثاب يثوب إذا رجع. الثانية: يجدد والده على وزن يخرج- بفتح الياء وضم الدال- ضبطه أبو علي الغساني رحمه الله تعالى في نسخته التي بخطه من «الاستيعاب» وكتب عليه في الطرة: قال أحمد بن محمد بن عيسى «2» في «تاريخه» : ثوبان بن جحدر ويقال يجدد، فضبطه بضمّ الياء وكسر الدال.

_ (1) ط: والثواب. (2) الأرجح أنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى البلوي القرطبي المعروف بابن الميراثي، كان محدثا، رحل إلى المشرق وعاد إلى الأندلس فأخذ عنه العذري وغيره وكانت وفاته في حدود 428 (الصلة: 47- 48) .

الثالثة: في «معجم البكري» «1» الطّود: الجبل المشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء، يقال له السّراة- بفتح السين المهملة وبعده راء مهملة «2» - والسّراة أعظم جبال بلاد العرب، وإياه عنى العرجيّ بقوله «3» : [من المنسرح] لو أنّ ما بي من حبّكم عدلت ... به جبال السّراة ما اعتدلا لأنه يجمع جبالا كثيرة مسمّاة.

_ (1) ورد بعضه في مادة «سراة» من معجم البكري 3: 730. (2) في معجم ... مهملة: سقط من م. (3) ديوان العرجي: 80.

الباب الخامس في المارستان

الباب الخامس في المارستان وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في معناه واتخاذه وما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك قال الجوهري رحمه الله تعالى في «الصحاح» ، قال يعقوب: المارستان- بفتح الراء- دار المرضى وهو معرّب. انتهى. وروى مسلم (2: 184) «1» رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش، ابن العرقة، رماه في الأكحل فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليه خيمة في المسجد يعوده من قريب. انتهى. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 239) : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها: رفيدة في مسجده صلّى الله عليه وسلم، كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في بيت رفيدة حتى أعوده من قريب. انتهى.

_ (1) قارن بما جاء في صحيح البخاري 1: 125.

الفصل الثاني في الأمر بالمداواة

وفي «الكتاب المظفّري» : وفي سنة ثمان وثمانين أمر الوليد بن عبد الملك بعمل المارستان لعلاج المرضى، وهو أول من فعل ذلك، وجعل فيها الأطباء وأجرى فيها الأنفاق وأمر بحبس المجذومين لئلا يخرجوا وأجرى عليهم الأرزاق وعلى العميان. انتهى. تنبيه: لم يذكر أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى رفيدة هذه في كتاب «الاستيعاب» ، وقال ابن فتحون «1» : ذكرها ابن هشام عن ابن إسحاق، قال: وذكرها الطبري أيضا، إلا أنه قال: من المسلمين مكان قوله من أسلم، والباقي بنصه. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (5: 1884) الجذام: داء، وقد جذم الرجل- بضم الجيم- فهو مجذوم ولا يقال أجذم. الفصل الثاني في الأمر بالمداواة روى البخاري (7: 158) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. انتهى. وروى مسلم (2: 184) رحمه الله تعالى عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى. انتهى. وروى أبو داود (2: 335) رحمه الله تعالى عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتتداووا ولا تتداووا بحرام. انتهى.

_ (1) قارن بالإصابة 8: 81.

الفصل الثالث في طرق المداواة

فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» : داويت السّقم: عانيته، والدّواء والدّواء والدّواء: ما داويته به. وقال الجوهري (6: 2342) : ويقال في الدّواء إنما هو مصدر داويته مداواة ودواء، ودووي الشيء: أي عولج، ولا يدغم فرقا بين فوعل وفعّل، قال العجاج [من الرجز] بفاحم دووي حتى اعلنكسا «1» الثانية: في «المحكم» : الداء: المرض، والجمع أدواء، داء يداء داء، وادّاء يدّاء، الأخيرة عن أبي زيد. الثالثة: في «الصحاح» (6: 2394) : شفاه الله تعالى من مرضه شفاء ممدود، واستشفى: طلب الشفاء، وأشفيتك الشيء: أعطيتكه تستشفي به، ويقال أشفاه الله عسلا: إذا جعله له شفاء. الرابعة: في «المحكم» : برأ المريض يبرأ ويبرؤ وبرىء وبرؤ برءا وبروءا: نقه. الفصل الثالث في طرق المداواة قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى في «سراج المريدين» : طرق التطبب أربعة: الرقية، وشرطة محجم، وشربة عسل، ولذعة نار. انتهى. وروى الترمذي (3: 270) رحمه الله تعالى عن أبي خزامة بن يعمر «2» عن أبيه قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أرأيت رقى

_ (1) ديوان العجاج 1: 189 وفيه دوّي؛ ... واعلنكس: كثر واشتد سواده. (2) يعمر من بني الحارث بن سعد بن هذيم والد أبي خزامة، وهو معروف بحديث «الرقية» ويعد أبو خزامة في الطبقة الأولى من التابعين (تهذيب التهذيب 12: 84- 85 والإصابة 6: 354) .

نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقى «1» نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله. انتهى. وروى مسلم (2: 183) رحمه الله تعالى عن عوف بن مالك رحمه الله تعالى ورضي عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك. انتهى. وروى البخاري (7: 159) رحمه الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي. انتهى. فائدة لغوية: في «الصحاح» (3: 1278) لذعته النار: أحرقته «2» ، ولذعه بلسانه: أي أوجعه بكلامه، يقال: نعوذ بالله من لواذعه، والتذاع القرحة احتراقها وجعا.

_ (1) الترمذي: وتقاة. (2) : أحرقته النار.

الباب السادس في الطبيب

الباب السادس في الطبيب وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان يعلم الطب في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكر الجوزي رحمه الله تعالى في «صفوة الصفوة» (2: 16) عن هشام بن عروة قال: كان عروة يقول لعائشة رضي الله تعالى عنها: يا أمتاه لا أعجب من فقهك، أقول: زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس أو من أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب، قال: فضربت على منكبه: أي عريّة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره، أو في آخر عمره، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كلّ وجه فتنعت له الأنعات فكنت أعالجها فمن ثمّ. وروى أبو داود (2: 335) رحمه الله تعالى عن سعد رضي الله تعالى عنه قال: مرضت مرضا فأتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعودني، فوضع يده بين ثدييّ حتى وجدت بردها على فؤادي، فقال: إنك رجل مفؤود، ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبّب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهنّ بنواهن ثم ليلدّك بهن «1» . انتهى.

_ (1) ر: بها.

وفي «سراج المريدين» لابن العربي رحمه الله تعالى: روي عن أبي رمثة رفاعة بن يثربي «1» أنه قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: إني رجل طبيب، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: إنه لا طبيب لنا إلا الله بل أنت رفيق. انتهى. وفي «الطبقات» لابن جلجل (57) وذكر أبا رمثة فقال: كان طبيبا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم عالما بصناعة اليد. انتهى. وفي «الموطأ» (673- 674) عن زيد بن أسلم أنّ رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه جرح، فاحتقن الجرح الدّم، وأنّ الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظرا إليه، فزعما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لهما: أيّكما أطبّ؟ فقالا: أو في الطّبّ خير يا رسول الله؟ فزعم زيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء. وروى أبو داود (2: 333) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: بعث النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أبيّ طبيبا فقطع منه عرقا. انتهى. وقد تقدم قول ابن إسحاق في رفيدة الأسلمية، وأنها كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: في «المحكم» الطب: علاج الجسم والنفس، ورجل طبّ وطبيب، وقالوا: إن كنت ذا طبّ وطبّ وطبّ فطبّ وطبّ لعينيك. وفي «الصحاح» (1: 170) وجمع القلة: أطبّة، والكثير: أطباء، تقول ما كنت طبيبا ولقد طببت بالكسر، والمتطبب الذي يتعاطى علم الطب، وفلان يستطب لوجعه أي يستوصف الدواء بما يصلح لدائه. وفي «المحكم» : والطبّ والطبيب «2» : الحاذق من الرجال الماهر بعلمه.

_ (1) م ر: يتربي. (2) وفلان يستطب ... والطبيب: سقط من ر.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

الثانية: ابن طريف: عاد المريض عيادة: تعهده «1» . قلت: وهو عائد والجمع عوّد وعوّاد، قاله ابن سيده. الثالثة: في «الصحاح» : (1: 514) الفؤاد: القلب، والجمع: الأفئدة، وفأدته فهو مفؤود: أصبت فؤاده، وكذلك إذا أصابه داء في فؤاده. الرابعة: قوله صلّى الله عليه وسلم فليجأهنّ: أي يدقهن. وفي «الصحاح» (1: 80) الوجيئة التمر يدقّ حتى يخرج نواه ثم يبلّ بلبن وسمن حتى يتّدن ويلزم بعضه بعضا فيؤكل. الخامسة: في «المشارق» (1: 356- 357) اللّدود- بفتح اللام- الدواء الذي يصبّ في أحد جانبي فم المريض وهما لديداه. وفي «المحكم» اللّدود ما يصبّ بالمسعط من السّقي والدّواف في أحد شقّي الفم فيمرّ على اللّديد وجمعه ألّدة، قال ابن أحمر «2» : [من الطويل] شربت الشّكاعى والتددت ألدّة ... وأقبلت أفواه العروق المكاويا وقد لدّه به لدا ولدودا بضم اللام ولدّه إياه. السادسة: في «المحكم» (6: 233) : رفق بالأمر وله وعليه رفقا، ورفق يرفق ورفق لطف وهو به رفيق لطيف. وفي «الصحاح» (4: 1482) الرّفق ضدّ العنف، والرفيق ضدّ الأخرق. الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 1- الحارث بن كلدة: في «جماهر» أبي عبيد القاسم بن سلام (27) من بني غيرة بن عوف بن ثقيف: الحارث بن كلدة طبيب العرب وله كانت سمية أم زياد، وإليه ينسب أبو بكرة ونافع يعني ابنيها أخوي زياد.

_ (1) ر: تعاهده. (2) ديوان ابن أحمر: 171.

وفي «الجماهر» (268) لابن حزم: الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزّى بن غيرة بن عوف بن ثقيف. فائدة لغوية: الفارابي (1: 236) في باب فعل- بفتح الفاء والعين-: الكلدة قطعة من الأرض غليظة وبها سمّي الرجل. واختلف في إسلامه: ففي «الاستيعاب» (283) لابن عبد البر: الحارث بن الحارث بن كلدة الثقفي كان أبوه طبيبا في العرب حكيما، وهو من المؤلفة قلوبهم معدود فيهم، وكان من أشراف قومه. وأما أبوه الحارث بن كلدة فمات في أول الإسلام ولم يصحّ إسلامه. روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر سعد بن أبي وقاص أن يأتيه يستوصفه في مرض نزل به، فدلّ ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله والله أعلم. انتهى. وفي «المعارف» (288) لابن قتيبة: كان الحارث بن كلدة طبيب العرب، وكان عقيما لا يولد له، وأسلم الحارث ومات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وكان كسرى وهب سمية وهي من أهل زندورد لأبي الخير، ملك من ملوك اليمن، فلما رجع إلى اليمن مرض بالطائف، فداواه الحارث فوهبها له، فلما حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم الطائف قال: أيما عبد نزل إليّ فهو حر، فنزل أبو بكرة واسمه نفيع، وأراد أخوه نافع أن يدلي نفسه فقال له الحارث: أنت ابني فأقم، فأقام ونسبا جميعا إليه، وأمهما سمية، وهي أم زياد بن أبي سفيان. ولما أسلم أبو بكرة وحسن إسلامه ترك الانتساب إلى الحارث، وكان يقول: أنا مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتوفي الحارث فلم يقبض أبو بكرة ميراثه، وكان زوج سمية يسمى مسروحا. انتهى. قلت: واختلف في وقت موته، قال أبو عمر في «الاستيعاب» حسبما تقدم: إنه مات في أول الإسلام. وقال أبو الفرج الجوزي في «مختصر الحلية» (1: 100) عن ابن شهاب: إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه والحارث بن كلدة كانا يأكلان

2 - أبو رمثة رفاعة بن يثربي

خزيرة أهديت إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والله إن فيها لسم سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحد، فرفع يده، فما زالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة. وفي كتاب «طب العرب» لابن حبيب بسنده من طريق مطرّف بن الشخير عن سعيد بن أبي حبيب قال: كان معيقيب بن أبي فاطمة الأزدي وكان خازنا لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وكاتبا قد أصابه الجذام، فدعا له عمر الحارث بن كلدة الثقفي وقال له: عالجه، قال: يا أمير المؤمنين أما أن يبرأ فلا، ولكني أداويه حتى يقف مرضه فلا يزيد، قال عمر: فذاك، فكان يأمر بالحنظل الرطب فيدلك به قدميه ولا يزيده على ذلك، فوقف مرضه حتى مات. وفي «الطبقات» (47) لصاعد كان من الأطباء على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم من العرب الحارث بن كلدة الثقفي تعلّم الطب بفارس واليمن، كان يضرب العود وبقي إلى أيام معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه. وفي «الطبقات» (54) لابن جلجل مثله، وزاد أن معاوية قال له: ما الطبّ يا حارث؟ قال: الأزم يا أمير المؤمنين، يعني الجوع. انتهى. تنبيه: قد تقدم في صدر هذا الفصل قول ابن قتيبة: إن الحارث بن كلدة كان عقيما لا يولد له، وتقدم أيضا ذكر أبي عمر ابن عبد البر ولده الحارث بن الحارث وتعداده في الصحابة، وهو خلاف ما ذكره ابن قتيبة من أنه كان عقيما، وأبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى أعرف منه بأخبار الصحابة، رضي الله تعالى عنهم. 2- أبو رمثة رفاعة بن يثربي رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (1658) رفاعة بن يثربي: أبو رمثة التميمي» ، وقيل: اسم

_ (1) الاستيعاب: التيمي.

أبي رمثة: حبيب بن حيان «1» ، وقيل ابن حيان «2» بن حبيب، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وابنه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من هذا معك؟ قال: ابني، فقال: أما إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك. انتهى. فائدة لغوية: أبو رمثة- بكسر الراء وسكون الميم وثاؤه مثلثة- كذا ضبطه الحافظ أبو علي الغساني بخطه في «الاستيعاب» في باب رفاعة. والرّمث- بكسر الراء والثاء المثلثة أيضا- ضرب من الشجر مما ينبت في السهل، كذلك قيده الفارابي (1: 178) . الأنماريان لم أقف على اسميهما في شيء مما طالعته من الكتب، وإن يسّر الله تعالى في معرفتهما ألحقهما إن شاء الله تعالى.

_ (1) ر: جيشان. (2) وقيل ابن حيان: سقط من ط ر.

الباب السابع في الراقي

الباب السابع في الراقي وفيه اربعة فصول الفصل الأول في ذكر رقية جبريل للنبي صلّى الله عليه وسلم روى مسلم (2: 180) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رقاه جبريل عليه السلام قال: بسم الله يبريك، ومن كلّ داء يشفيك، ومن شرّ حاسد إذا حسد وشرّ كلّ ذي عين. انتهى. وروى مسلم (2: 180) رحمه الله تعالى أيضا عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم، قال: بسم الله أرقيك من كلّ شيء يؤذيك، من شرّ كلّ نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك. فائدة لغوية: ابن طريف: رقى المريض رقية: عوّذه، وفي «الصحاح» : الرّقية معروفة، والجمع: رقّى، تقول منه: استرقيته رقية، فهو راق. الفصل الثاني في ذكر ما كان يرقي به النبي صلّى الله عليه وسلم ما كان يرقي به نفسه صلّى الله عليه وسلم: روى مسلم (2: 181) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن

النبيّ صلّى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها. ما كان يرقي به النّاس صلّى الله عليه وسلم: روى مسلم (2: 181) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم قال: أذهب الباس ربّ الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما. فلما مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم وثقل، أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان يصنع، فانتزع يده من يدي ثم قال: اللهم اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى. قالت: فذهبت أنظر فإذا هو قد قضى. انتهى. وروى مسلم (2: 181) رحمه الله تعالى أيضا عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلّى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا، ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها: بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى به سقيمنا بإذن ربّنا. انتهى. وروى أبو داود (2: 338) رحمه الله تعالى عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من اشتكى منكم شيئا أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدّس اسمك، أمرك في السماء والأرض، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع، فيبرأ. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المشارق» (1: 75) أذهب البأس ربّ الناس، البأس: شدة المرض. الثانية: في «الصحاح» (5: 1949) السقام: المرض، وكذلك السّقم والسّقم

الفصل الثالث في ذكر من كان يرقي في زمانه صلى الله عليه وسلم

وهما لغتان كحزن وحزن، وقد سقم بالكسر يسقم سقما فهو سقيم وأسقمه الله، والمسقام: الكثير السقم. الثالثة: في «المشارق» (2: 190) وكان ابن لبعض بنات النبي صلّى الله عليه وسلم ورضي عنهن يقضي: أي ينازع الموت ويقضي أجله. الفصل الثالث في ذكر من كان يرقي في زمانه صلّى الله عليه وسلم ذكر من رقى من الرجال: روى البخاري (7: 170) رحمه الله تعالى عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى أن ناسا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أتوا على حيّ من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدغ سيّد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أوراق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا، فجعلوا لهم قطيعا من الشّاء، فجعل يقرأ بأمّ القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ. فأتوا بالشّاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك، وقال: وما أدراك أنّها رقية خذوها واضربوا لي بسهم. انتهى. وروى أبو داود (2: 340- 341) رحمه الله تعالى عن خارجة بن الصلت عن عمه قال: أقبلنا من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأتينا على حيّ من العرب، فقالوا: إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم من دواء أو رقية فإن عندنا معتوها في القيود، قال: فقلنا: نعم، قال: فجاءوا بالمعتوه في القيود، فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، أجمع بزاقي ثم أتفل قال: فكأنما أنشط من عقال فأعطوني جعلا، فقلت: لا حتى أسأل النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: كل فلعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حقّ. انتهى. ذكر من رقى من النساء: روى أبو داود (2: 337) رحمه الله تعالى عن الشفاء بنت عبد الله رضي الله

الفصل الرابع في ذكر رقية لبعض العربيات نقلتها من خط الحافظ أبي علي الغساني

تعالى عنها قالت: دخل عليّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة رضي الله تعالى عنها فقال: ألا تعلّمين هذه رقية النملة كما علّمتها الكتابة؟ انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 2461) قريت الضيف قرى مثل قليته قلى، وقراء: إذا أحسنت إليه- إذا كسرت القاف قصرت وإذا فتحت مددت- والمقرى إناء يقرى فيه الضيف، والجفنة مقراة. الثانية: في «الصحاح» (6: 2239) المعتوه: الناقص العقل، وقد عته. الثالثة: في «الديوان» (1: 276) : الأنشوطة بضم الهمزة وسكون النون: عقدة يسهل انحلالها. وفي «الصحاح» (3: 1164) : نشطت الحبل أنشطه نشطا: عقدته أنشوطة، وأنشطته: حللته، ويقال: كأنما أنشط من عقال. الرابعة: في «الديوان» (1: 145) النملة- بفتح النون وسكون الميم- واحدة النمل وهي قروح. وفي «الصحاح» (5: 1836) النمل بثور صغار مع ورم يسير ثم تتقرّح فتسعى وتتّسع، ويسميها الأطباء: الذّباب. الفصل الرابع في ذكر رقية لبعض العربيات نقلتها من خط الحافظ أبي علي الغساني حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد قال، حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن مسلم بن قتيبة قال: سمعت أعرابية بالحجاز فصيحة ترقي رجلا من العين فقالت: أعيذك بكلمات الله التامة، التي لا تجوز عليها هامة، من شرّ الجنّ ومن شر الإنس عامة، وشرّ النظرة اللامة، أعيذك بمطلع الشمس، من شر ذي مشي همس، وشرّ ذي نظر خلس، وشرّ ذي قول دسّ، ومن شرّ الحاسدين والحاسدات، والنافسين والنافسات، والكائدين والكائدات، نشرت عليك بنشرة نشار، على رأسك ذي الأشعار، وعن عينيك

ذواتي «1» الأشفار، وعن فيك ذي المحار، وظهرك ذي الفقار، وبطنك ذي الأسرار، وفرجك ذي الأستار، ويديك ذواتي الأظفار، ورجليك ذواتي الآثار، وذيلك ذي الغبار، وعنك فضلا وذا إزار، وعن بيتك فرجا وذا أستار، رششت بماء بارد نارا، وعينين وأشفارا، وكان الله لك جارا. قال ابن قتيبة: المشي الهمس: الوطء الخفيّ، والنّظر الخلس: هو الذي يختلس ساعة بعد ساعة، والقول الدّسّ: هو الذي يدسّ ويحتال فيه حتى يذيع القبيح، النافسون والنافسات: هم العائنون، والمحار: جمع محارة، الحنك؛ والفقار: خرز الظهر واحدتها فقارة، وهي الفقر أيضا، الواحدة فقرة، والفضل الذي عليه ثوب واحد، يقال امرأة فضل إذا لم يكن عليها إلا ثوب واحد، وامرأة حسنة الفضلة، والأسرار في البطن: التكسر، وأسرار الجبهة: الخطوط فيها، وكذلك أسرار الوجه وجمعها أسرّة. والبيت الفرج: المفتوح الذي لا ستر عليه ولا باب مغلق، يقال باب فتح وفرج، ومنه قيل رجل فرج إذا كان لا يكتم سرّه، كأنه منفرج عن السرّ غير منضمّ عليه. وقال الحربي: هامّة واحدة الهوامّ نحو الحية والعقرب، وقال غيره: النظرة اللامّة: إنما هذا على الاتباع لما قبله، ووجهه الملمة، كما قيل: سكة مأبورة ومهرة مأمورة، ومأزورات غير مأجورات، وقيل هو على النسب أي ذات لمم كما قالوا همّ ناصب. انتهى. تنبيه: أبو عمر أحمد بن محمد الذي روى عنه أبو علي الغساني هو ابن الحذاء «2» أحد شيوخه، وهو الذي ألف في التعريف برجال «الموطأ» .

_ (1) ر: ذوات (حيثما وردت في النص) . (2) أحمد بن محمد بن يحيى المعروف بابن الحذاء قرطبي جلا عن بلده في الفتنة وسكن سرقسطة وتقلد القضاء بمدينة طليطلة ثم بدانية وأخيرا عاد إلى بلده، وكانت وفاته سنة 467 باشبيلية (الصلة: 65) قلت: ووالد جده هو أيضا أحمد بن محمد وكنيته أبو عمر كما ذكر ابن الفرضي 1: 46.

الباب الثامن في القاطع للعروق

الباب الثامن في القاطع للعروق قد تقدم في الباب السادس «1» من هذا الجزء الحديث الذي رواه أبو داود (2: 333) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبيّ طبيبا فقطع منه عرقا، وقول ابن جلجل في «الطبقات» (57) وذكر أبا رمثة فقال: كان طبيبا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عالما بصناعة اليد، وتقدم هناك التعريف بأبي رمثة «2» .

_ (1) تقدم ص: 668. (2) انظر ص: 671- 672.

الباب التاسع في ذكر الكواء

الباب التاسع في ذكر الكواء روى مسلم (2: 184) رحمه الله تعالى بسنده إلى الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أبيّ بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه. وروى أبو داود (2: 333) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله عنه «1» أن النبي صلّى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ من رمية «2» . وروى مسلم (2: 184) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله قال فحسمه النبي صلّى الله عليه وسلم بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية. وروى مسلم (2: 184) أيضا بسنده عن سليمان قال، سمعت أبا سفيان قال، سمعت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: رمي أبيّ يوم الأحزاب على أكحله قال: فكواه رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» الكيّ: إحراق الجلد بحديدة «3» ونحوها. كواه كيّا، والمكواة: الحديدة أو الرّضفة التي يكوى بها، والكيّة موضع الكيّ، واكتوى الرجل: استعمل الكيّ، واستكوى طلب أن يكوى. وفي «الصحاح» (6: 2477)

_ (1) قال بعث ... عنه: سقط من م. (2) سنن أبي داود: من رميته. (3) ر: بالحديدة.

يقال: آخر الدّواء الكي، ولا تقل: آخر الداء الكي، وفي «المقصور والممدود» لابن القوطية: الكوّاء صفة كالشّوّاء، وفي «المحكم» : رجل كوّاء: خبيث اللسان شتّام، وأراه على التشبيه. الثانية: في «المشارق» (1: 212) في حديث سعد فحسمه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمشقص، أي كواه، يحسم ويحسم- بكسر السين وضمها. الثالثة: في «المشارق» (2: 257) المشقص بكسر الميم: نصل السهم الطويل غير العريض، وقال ابن دريد: وهو الطويل العريض وجمعه مشاقص. الرابعة: في «المشارق» (2: 283) ثم ورمت: أي صارت ورما وانتفخت. وفي «المحكم» : الورم النّتوء والانتفاخ، وقد ورم يرم نادر، وقياسه يورم ولم نسمع به.

الباب العاشر في المكان الذي اتخذ للفقراء الذين لا يأوون على اهل ولا مال، ويتخرج منه اتخاذ هذه الزوايا التي تتخذ للفقراء

الباب العاشر في المكان الذي اتخذ للفقراء الذين لا يأوون على اهل ولا مال، ويتخرج منه اتخاذ هذه الزوايا التي تتخذ للفقراء روى البخاري (8: 119- 121) رحمه الله تعالى عن مجاهد أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه كان يقول: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمرّ أبو بكر رضي الله تعالى عنه فسألته عن آية من كتاب الله تعالى، ما سألته إلا ليشبعني، فمرّ فلم يفعل، ثم مرّ بي عمر رضي الله تعالى عنه فسألته عن آية من كتاب الله تعالى، ما سألته إلّا ليشبعني، فمرّ فلم يفعل، ثم مرّ بي أبو القاسم صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما وفي وجهي: فقال: أبا هرّ «1» ، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق، ومضى فاتّبعته، فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي، قال: وأهل الصفّة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحقّ أن أصيب من هذا اللبن شربة اتقوّى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللّبن؟! ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بدّ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من

_ (1) ر: يا أبا هريرة.

البيت، قال: أبا هرّ، قلت: لبّيك يا رسول الله. قال: خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرّجل فيشرب حتى يروى، ثم يردّ عليّ القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يردّ عليّ القدح (ثبت في أصلين تولّى تصحيح أحدهما الفقيه أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي، وتولّى تصحيح الثاني شيخنا أبو عبد الله ابن رشيد، وكتب أبو محمد عبد المهيمن في الطرة: «الرجل» وكتب عليها خ، يريد رواية أخرى) «1» . حتى انتهيت إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلّهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إليّ فتبسم فقال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيت أنا وأنت، قلت: صدقت يا رسول الله، قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحقّ ما أجد له مسلكا، قال: فأرني، فأعطيته القدح فحمد الله وسمّى وشرب الفضلة. ورواه الترمذي (4: 61- 63) رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أيضا باختلاف بعض الألفاظ، فقال فيه «ليستتبعني» مكان «ليشبعني» وقال فيه: فأخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروى، ولم يرزؤه «2» ثم يرده فأناوله الآخر حتى انتهيت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلّهم، وساق الحديث. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المحكم» روي من الماء ومن اللّبن ريّا وروى، وتروّى وارتوى، والاسم الرّيّ أيضا وقد أرواني، ورجل ريّان وامرأة «3» ريّا من قوم رواء. الثانية: في «المحكم» رزأه ماله ورزئه يرزؤه فيهما رزءا: أصاب من ماله شيئا. الثالثة: في «المحكم» زاوية البيت: ركنه، والجمع: الزوايا، وتزوّى صار فيها.

_ (1) هذا الذي وضعته بين قوسين مما تنفرد به م، وهو يعني اضطراب الرواية بين لفظتي «الرجل» و «القدح» . (2) ولم يرزؤه: لم ترد في سنن الترمذي. (3) ر: والرجل ... والمرأة.

الجزء التاسع في ذكر حرف وصناعات كانت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم وذكر من عملها من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفيه أربعة وثلاثون بابا دون ما مرّ منها فيما تقدم من الكتاب في مواضيع هي أليق بها

الجزء التاسع في ذكر حرف وصناعات كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من عملها من الصحابة

الباب الأول في التجارة في الاسواق وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في معنى التجارة وتصريف الفعل منها في «المحكم» : تجر [يتجر] تجارة باع وشرى، قال الفارابي (2: 107) : بفتح الجيم في الماضي وضمها في المستقبل. وفي «الصحاح (2: 600) : تجر يتجر تجرا، وكذلك اتّجر، وهو افتعل، فهو تاجر والجمع تجر كصاحب وصحب. وفي «المحكم» رجل تاجر والجمع تجار وتجّار وتجر، وقيل: إن التّجر اسم للجمع. وفي «الصحاح» (2: 600) أرض متجرة يتّجر فيها. الفصل الثاني في احتراف قريش بالتجارة وشهرتهم بها في الجاهلية والإسلام ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «بهجة المجالس» (1: 114) أن عبد الملك بن مروان قال يوما لبنيه: يا بني: لو عداكم ما أنتم فيه ما كنتم تعوّلون «1» عليه؟ قال الوليد: أما أنا ففارس حرب، وقال سليمان: أما أنا فكاتب سلطان، فقال ليزيد فأنت؟ فقال: والله يأمير المؤمنين ما تركا حظا «2» لمختار، فقال عبد الملك: فأين أنتم يا بنيّ عن التجارة التي هي أصلكم ونسبكم؟ قالوا: تلك صناعة لا يفارقها ذلّ

_ (1) ط: تقولون. (2) بهجة المجالس: غاية.

الرغبة والرهبة ولا ينجو صاحبها من الدخول في جملة الدهماء والرعية «1» . قال: فعليكم إذا بطلب الأدب فإن كنتم ملوكا سدتم، وإن كنتم وسطا رأستم، وإن أعوزتكم المعيشة عشتم. انتهى. وقال ابن إسحاق في «السير» : (1: 70) كان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول: لمن ملك ذمار؟ لحمير الأحرار. لمن ملك ذمار؟ للحبشة الأشرار، لمن ملك ذمار؟ لفارس الأحرار. لمن ملك ذمار؟ لقريش التّجار. انتهى. وقال السهيلي في «الروض الأنف» (1: 321) وهذا الكلام الذي زعموا أنه وجد مكتوبا بالحجر، هو فيما زعموا من كلام هود عليه السلام وجد مكتوبا في منبره وعند قبره حين كشفت الريح العاصف عن منبره الرمل حتى ظهر، وذلك قبل ملك بلقيس بيسير، وكان خطه بالمسند. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الديوان» (2: 11) : الدهماء: جماعات الناس وكثرتهم. الثانية: في «الصحاح» (2: 885) أعوزه الشيء: إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه. وعوز الشّيء عوزا: إذا لم يوجد، وعوز الرجل وأعوز افتقر، والإعواز: الفقر، والمعوز: الفقير، وأعوزه الدهر: أي أحوجه. الثالثة: قال السهيلي (1: 319) : حكى ابن هشام عن يونس: ذمار بفتح الذال فدلّ على أن رواية ابن إسحاق بكسر الذال، فإذا كان بكسر الذال فهو غير مصروف «2» لأنه اسم لمدينة، والغالب عليه التأنيث، ويجوز صرفه أيضا لأنه اسم بلد، وإذا فتحت الذال فهو مبني مثل رقاش وحذام.

_ (1) والرعية: سقطت من ر. (2) ر: مستصرف.

الفصل الثالث في ذكر من كان يتجر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من كبار الصحابة

الرابعة: في «الصحاح» (4: 1404) : عصفت الريح: أي اشتدت، فهي عاصف وعصوف، وفي لغة بني أسد: أعصفت الريح فهي معصف ومعصفة. الخامسة: في «ديوان الأدب» (1: 291) المسند: كتاب بالحميرية- بضم الميم وفتح النون- وقال الجوهري: خط لحمير مخالف لخطنا هذا. الفصل الثالث في ذكر من كان يتّجر في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم من كبار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم 1- فمنهم خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (690) ، وابن قتيبة في «المعارف» (328) رحمهما الله تعالى والنص لأبي عمر، روى رحمه الله تعالى بسنده من طريق الزهري، يبلغ به أم سلمة رضي الله تعالى عنها، قالت: خرج أبو بكر رضي الله تعالى عنه في تجارة إلى بصرى قبل موت النبي صلّى الله عليه وسلم ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة، وكانا رضي الله تعالى عنهما قد شهدا بدرا، وكان نعيمان على الزاد، فقال له سويبط- وكان [رجلا] مزاحا-: أطعمني فقال: لا حتى يجيء أبو بكر، فقال: أما والله لأغيظنّك، فمروا بقوم فقال لهم سويبط: تشترون مني عبدا؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: إني حر، فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه، فلا تفسدوا عليّ عبدي، قالوا: بل نشتريه منك، فاشتروه منه بعشر قلائص، قال: فجاءوا فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلا، فقال نعيمان: إن هذا يستهزىء بكم، وإني حرّ لست بمملوك، قالوا: قد أخبرنا خبرك، فانطلقوا به، فجاء أبو بكر فأخبره سويبط فاتبعهم، فردّ عليهم القلائص وأخذه، فلما قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلم أخبروه، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه عليها حولا. 2- ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: روى البخاري (3: 72) رحمه الله تعالى عن عبيد بن عمير: أن أبا موسى الأشعري استأذن

3 - ومنهم الزبير بن العوام

على عمر بن الخطاب فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولا، فرجع أبو موسى، ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ايذنوا له، قيل قد رجع، فدعاه فقال: كنا نؤمر بذلك، قال: تأتيني على ذلك بالبينة، فانطلق إلى مجلس الأنصار فسألهم، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا أبو سعيد الخدري، فذهب بأبي سعيد الخدري فقال عمر: أخفي عليّ من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ألهاني الصفق بالأسواق، يعني الخروج إلى تجارة. تنبيه: الشيء الذي قاله أبو موسى: كنا نؤمر بذلك: يبينه حديثه الآخر الذي رواه البخاري رحمه الله تعالى أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، قال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، قال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع. قال: فو الله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلم؟ قال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال ذلك. انتهى. 3- ومنهم الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» : (514) كان الزبير بن العوام تاجرا مجدودا في التجارة، وقيل له يوما بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ قال: لأني لم أشتر معيبا، ولم أردّ ربحا، والله يبارك لمن يشاء. وذكر البخاري (5: 77) في حديث هجرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض.

4 - ومنهم عبد الرحمن بن عوف

وذكر أبو عمر ابن عبد البر (514) عن الأوزاعي: كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فما يدخل بيته منها درهما واحدا، إنه كان يتصدق بذلك كله. 4- ومنهم عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: روى البخاري (3: 68) «1» رحمه الله تعالى عن عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي، وانظر أيّ زوجتيّ هويت نزلت لك عنها، فإذا حلّت تزوجتها، فقال له عبد الرّحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟ قال: سوق قينقاع: قال: فغدا إليه عبد الرّحمن فأتى بأقط وسمن، وفي رواية أخرى للبخاري أيضا: فما رجع حتى استفضل أقطا وسمنا، قال: ثم تابع الغدوّ، فما لبث أن جاء عبد الرّحمن عليه أثر صفرة «2» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: تزوجت؟ قال: نعم، قال: ومن؟ قال: امرأة من الأنصار، قال: كم سقت لها؟ قال: زنة نواة من ذهب، أو نواة من ذهب، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة. انتهى. وقال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى (847) : كان عبد الرّحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه تاجرا مجدودا في التجارة، وكسب مالا كثيرا، وصولحت امرأته التي طلقها في مرضه من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفا؛ وروى ابن عيينة أنها صولحت عن ربع الثمن من ميراثه. انتهى «3» . فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: الجوهري (3: 1054) : القلوص من النوق: الشابة، وهي بمنزلة الجارية من النساء، والجمع: قلص وقلائص، وجمع القلص قلاص.

_ (1) قارن بالبخاري 5: 39؛ 7: 5، 27، 30. (2) ر: سفرة. (3) لم يستوف الخزاعي ذكر من كان يتجر من الصحابة، وقد استدرك عليه الكتاني في ذلك فذكر السيدة خديجة وعثمان بن عفان وسعيد بن عائذ المؤذن ومنقذ بن عمرو الأنصاري وغيرهم (انظر التراتيب الإدارية 2: 24- 29) .

الثانية: في «المشارق» (2: 50) : ألهاني الصّفق بالأسواق- بسكون الفاء وفتح الصاد- التصرف في التجارة، والصّفق أيضا: عقد البيع. وفي «الصحاح» (4: 1507) : التصفيق باليد: التصويت بها، وصفقت له بالبيع والبيعة صفقا: أي ضربت بيدي على يده، ويقال: ربحت صفقتك للشراء، وصفقة رابحة، وصفقة خاسرة. الثالثة: الجوهري (1: 449) : الجد: الحظّ والبخت، والجمع الجدود، ورجل مجدود: محظوظ. الرابعة: الجوهري (4: 1499) : السّوق تذكر وتؤنث، قال الشاعر: [من الطويل] ألم يعظ الفتيان ما صار لمتي ... بسوق كثير ريحه وأعاصره «1» وتسوّق القوم: إذا باعوا واشتروا، والسّوقة خلاف الملك؛ قال نهشل بن حرّيّ «2» : [من الطويل] ولم تر عيني سوقة مثل مالك ... ولا ملكا «3» تجبي إليه مرازبه ويستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. الخامسة: في «المشارق» (2: 198) : سوق بني «4» قينقاع- بكسر النون ويروى بضمها وفتحها- وبنو قينقاع شعب من يهود المدينة أضيفت السوق إليهم. تنبيه: قد تقدم ذكر هؤلاء السادة الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وذكر أنسابهم ونبذ من أخبارهم فيما مر من الكتاب فأغنى ذلك عن الإعادة.

_ (1) البيت شاهد على تذكير السوق في اللسان (سوق) وبعده قوله تفسيرا لما حلّ به: علوني بمعصوب كأن سحيفه ... سحيف قطامي حماما يطايره والمعصوب: السوط، وسحيفه: صوته، والقطامي: النسر. وفي ط ر م: ما صاب لحيتي. (2) بيت نهشل بن حري في اللسان (سوق) . (3) ر: مالكا. (4) بني: سقطت من المشارق.

الباب الثاني في ذكر من كان بزازا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم من كبار الصحابة

الباب الثاني في ذكر من كان بزازا في زمان النبيّ صلّى الله عليه وسلم من كبار الصحابة رضوان الله تعالى عليهم «1» 1- فمنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: قال ابن قتيبة رحمه الله تعالى في «المعارف» (575) في صنائع الأشراف: كان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه بزازا. وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1040) : جهز عثمان رضي الله تعالى عنه جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيرا، وأتمّ الألف بخمسين فرسا، وكان جيش العسرة في غزاة تبوك. وعن قتادة قال: حمل عثمان رضي الله تعالى عنه على ألف بعير وسبعين فرسا. انتهى. تنبيه: ذكرت هذه القصة هنا إشعارا بكثرة ما اكتسب أمير المؤمنين عثمان رضي الله تعالى عنه من المال بحرفته البزازة، إذ لم يكن رضي الله تعالى عنه يحترف بغيرها. 2- ومنهم طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه: ذكر ابن قتيبة رحمه الله تعالى في «المعارف» (575) في صنائع الأشراف: كان طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه بزازا. وذكر ابن عبد البر (764) عن موسى بن عقبة، وابن إسحاق عن ابن شهاب: لم يشهد طلحة بدرا، وقدم من الشام بعد رجوع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بدر، فكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سهمه، فقال له

_ (1) من تجار البز أيضا سويد بن قيس العبدي وعبد الرّحمن بن عوف، وهناك ما يفيد أنه كان للبزازين سوق بالمدينة على عهد الرسول (التراتيب 2: 32- 33) .

رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لك سهمك، قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: وأجرك. قال أبو عمر: وقال الزبير بن بكار: كان طلحة بن عبيد الله بالشام في تجارة حيث كانت وقعة بدر، وكان في المهاجرين الأولين، فضرب له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسهمه، فلما قدم قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: وأجرك. وذكر الزبير أنه سمع سفيان بن عيينة يقول: كانت غلة طلحة بن عبيد الله ألفا وافيا كل يوم، قال: والوافي وزنه وزن الدينار، وعلى ذلك وزن دراهم فارس التي تعرف بالبغليّة. انتهى. فائدة لغوية: في «المحكم» : البز: الثياب، والبزاز: بائع البز، وحرفته البزازة. وقال الجوهري (2: 862) : البز من الثياب: أمتعة البزاز. وفي «ديوان الأدب» (3: 6) البز: بفتح الباء، متاع البزاز. تنبيه: قد تقدم ذكر أمير المؤمنين عثمان وذكر طلحة رضي الله تعالى عنهما فيما تقدم من الكتاب فأغنى عن إعادة ذلك هنا.

الباب الثالث في العطار

الباب الثالث في العطار روى القاضي محمد بن سلامة القضاعي رحمه الله تعالى في «الشهاب» «1» عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح مثل الداريّ إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل صاحب الكير إن لم يحرقك من شرره علقك من نتنه. وترجم البخاري رحمه الله تعالى في «صحيحه» (3: 82) باب في العطار وبيع المسك، وخرّج فيه عن أبي موسى الأشعري قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة. وذكر الثعالبي في كتاب «التمثيل والمحاضرة» (286) عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: لو كنت تاجرا ما اخترت على العطر شيئا، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (5: 2112) : والداريّ العطار، وهو منسوب إلى دارين، فرضة بالبحرين فيها سوق، وكان يحمل إليها مسك من ناحية الهند. وفي الحديث: مثل الجليس الصالح مثل الداريّ إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه. الثانية: في «المشارق» (1: 186) : أحذيت الرجل: أعطيته، وحذوته أيضا، والاسم: الحذيا [والحذيا] والحذيّة والحذية. وقال ابن سيده: وحذياي من هذا الشيء: أي أعطني.

_ (1) ورد الحديث في اللباب (شرح الشهاب) : 217.

الباب الرابع في الصراف

الباب الرابع في الصراف وفيه فصلان الفصل الأول في من كان يتجر في الصرف في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (3: 72) رحمه الله تعالى عن أبي المنهال رضي الله تعالى عنه قال: كنت أتجر في الصرف فسألت زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه فقال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم؛ وعن أبي المنهال أيضا قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله تعالى عنهما عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الصرف فقال: إن كان يدا بيد فلا بأس، وإن كان نسيئا فلا يصلح. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المحكم» : الصرف: بيع الذهب بالفضة. وفي «الديوان» (2: 192) : صرف الدراهم: بفتح الراء يصرفها بكسرها. وفي «المحكم» : الصّرّاف والصّيرف والصّيرفيّ: النقاد، والجمع: صيارف وصيارفة، فأما قول الفرزدق «1» : تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرة ... نفي الدراهم تنقاد الصّياريف فعلى الضرورة. الثانية: في «المحكم» : نسأ الشيء ينسأ نسأ: أخّره فانتسأ، والاسم: النّسيئة والنسىء.

_ (1) بيت الفرزدق في اللسان (صرف) وفيه «نفي الدراهيم» ولم يرد في ديوانه.

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم

الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم رضي الله تعالى عنهم 1- زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه: في «الاستيعاب» (535) : زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأغرّ بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي من بني الحارث بن الخزرج، وروينا عنه من وجوه أنه قال: غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، غزوت منها معه سبع عشرة، ويقال إن أول مشاهده المريسيع. يعدّ في الكوفيين، نزل الكوفة وسكنها، وابتنى بها دارا في كندة، وبالكوفة كانت وفاته رحمه الله تعالى سنة ثمان وستين، وهو الذي رفع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أبي بن سلول قوله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فأكذبه عبد الله بن أبي وحلف، فأنزل الله تعالى تصديق زيد بن أرقم، فبادر أبو بكر وعمر إلى زيد رضي الله تعالى عنهم ليبشّراه، فسبق أبو بكر، فأقسم عمر ألا يبادره بعدها إلى شيء، قيل كان ذلك في غزوة بني المصطلق، وقيل في تبوك. وشهد زيد بن أرقم مع علي رضي الله تعالى عنه صفين، وهو معدود في خاصة أصحابه. 2- البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه: قال أبو عمر في «الاستيعاب» (155) : البراء بن عازب بن حارث بن عدي بن جشم بن مجذمة بن حارثة «1» بن الحارث بن الخزرج، وذكر له عدة كنى وقال: الأشهر أبو عمارة، وهو أصحّ إن شاء الله تعالى. وسمع البراء يقول: استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر. وذكر الدولابي عن الواقدي قال: أول غزوة شهدها ابن عمر والبراء بن عازب الخندق، قال أبو عمر: وهذا أصح. وقال أبو عمرو الشيباني: افتتح البراء بن عازب الريّ سنة أربع وعشرين صلحا أو عنوة. وشهد البراء بن عازب مع علي رضي الله تعالى عنه الجمل وصفين والنهروان، ثم نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير رضي الله تعالى عنهما.

_ (1) ر: بن عازب بن عدي بن جوشم بن حارثة (ط: بن جشم بن مجدعة) .

الباب الخامس في بائع الرماح

الباب الخامس في بائع الرماح في «الاستيعاب» (1512) نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي «1» ، يكنى أبا الحارث، كان أسنّ من سائر «2» من أسلم من بني هاشم، أسر يوم بدر وفداه العباس رضي الله تعالى عنهما، وهاجر أيام الخندق، وقيل فدى نفسه برماحه، وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينه وبين العباس بن عبد المطلب وكانا رضي الله تعالى عنهما شريكين في الجاهلية، متفاوضين في المال متحابين. وروى ولده عبد الله بن نوفل بن الحارث قال: لما أسر نوفل بن الحارث يوم بدر قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: افد نفسك، قال: مالي شيء أفتدي به، قال: افد نفسك برماحك التي بجدة، قال: والله ما علم أحد أن لي رماحا بجدة غيري بعد الله، أشهد أنك رسول الله، ففدى نفسه بها وكانت ألف رمح. قال أبو عمر: وشهد نوفل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتح مكة، وشهد حنينا والطائف، وكان ممن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأعان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين. قال أبو عمر (1513) : توفي رحمه الله تعالى ورضي عنه بالمدينة سنة خمس

_ (1) القرشي الهاشمي: سقط من م. (2) الاستيعاب: أسن من إخوته ومن سائر.

عشرة في خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما، وصلّى عليه عمر، بعد أن مشى معه إلى البقيع، ووقف على قبره حتى دفن. انتهى. تنبيه: قول النبي صلّى الله عليه وسلم لنوفل بن الحارث: كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين من معجزاته بإخباره بالغيب صلّى الله عليه وسلم، فقد نصره الله تعالى يوم حنين وقتل المشركين، حتى قتل منهم أبو طلحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه عشرين رجلا وحده وأخذ أسلابهم. وروى أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل كافرا فله سلبه. فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» (3: 255) الرمح من السلاح معروف، وجمعه أرماح، والكثير رماح، ورجل رمّاح: صانع الرماح ومتخذها، وحرفته الرماحة. الثانية: في «المحكم» شركة المفاوضة: الشركة العامة في كل شيء، يقال: متاعهم فوضى بينهم إذا كانوا فيه شركاء، ويقال: فوضى فضا، قال: [من الطويل] طعامهم فوضى فضا في رحالهم ... ولا يحسنون الشرّ إلّا تناديا «1» وفي «المشارق» (2: 248) الشّركة- بفتح الشين وكسر الراء- والشرك: مكسور الشين في البيع وغيره معلوم. انتهى. الثالثة: جدّة- بضم الجيم- ساحل مكة قاله البكري (371) وفي «رحلة ابن جبير» (79- 80) أن بينها وبين مكة يومين.

_ (1) هو للمعذل البكري كما في اللسان (فضا) ؛ وفي ط ر: ولا يحسنون السدّ (ولعله: السوء) .

الرابعة: قال ابن طريف: قصفت الشيء- بفتح الصاد- كسرته. انتهى. قلت: ويستعمل في الأصلاب كثيرا كما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم هنا. ومن مليح ما جاء في ذلك ما أنشده الحصري في «زهر الآداب» (665) قال: مات رجل من العرب يعول اثني عشر ألفا، فلما حمل على سريره صرّ، فقال بعض من حضره: [من الطويل] وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم تقصّف وليس فتيق المسك نشر حنوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلّف

الباب السادس في بائع الطعام

الباب السادس في بائع الطعام روى مسلم (1: 446) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله. وروى مسلم (1: 446) رحمه الله تعالى أيضا عن سالم بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن أباه قال: قد» رأيت الناس في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم. فائدة لغوية: في «المحكم» (1: 349) : الطعام اسم جامع لكلّ ما يؤكل، والجمع أطعمة، وأطعمات جمع الجمع. وفي «الصحاح» (5: 1974) وربما خصّ بالطعام البر، والطّعم ما يؤديه الذّوق يقال: طعمه مرّ، والطّعم أيضا: ما يشتهى منه، يقال: ليس له طعم، والطّعم بالضمّ الطعام؛ قال أبو خراش «2» : [من الطويل] أردّ شجاع البطن قد تعلمينه ... وأوثر غيري من عيالك بالطّعم وأعتبق الماء القراح فأنتهي ... إذا الزّاد أضحى للمزلّج ذا طعم أراد بالأول الطعام وبالثاني ما اشتهي منه، وقد طعم يطعم فهو طاعم: إذا أكل أو ذاق، مثل غنم يغنم غنما فهو غانم. وفي «المحكم» (1: 350) طعمه طعما، وأصاب طعما، كلاهما بضمّ أوله.

_ (1) ر: لقد. (2) شرح ديوان الهذليين: 1199.

الباب السابع في التمار

الباب السابع في التمّار ذكر ابن فتحون في كتابه في الصحابة رضي الله تعالى عنهم نبهان التمار، وقال: هو الذي جاءته امرأة تشتري منه تمرا فغمزها، ثم جاء ثانيا فحضر الصلاة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنزلت فيه: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (آل عمران: 135) الآية، قاله عطاء وكنّاه أبا عقيل. وذكره الثعالبي، وقاله مقاتل بن سليمان، وحكاه الماوردي عنه، وذكره أيضا الهروي ومكي. وروى ابن بشكوال في كتابه «تفسير ما استعجم من غوامض الأسماء» بسنده عن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قول الله عز وجل «1» : وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قال: يريد: نبهان التمار، وكنيته: أبو مقبل، أتته امرأة حسناء جميلة تبتاع تمرا فضرب على عجزها فقالت: والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك، فأسقط في يده، فذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فقال: إياك أن تكون امرأة غاز، ثم ذهب إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: إياك أن تكون امرأة غاز، ثم ذهب إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إياك أن تكون امرأة غاز، فولّى وهو يبكي، فأقام ثلاثة أيام: النهار صائما، والليل قائما حزينا، فلما كان اليوم الرابع، أنزل الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ الآية، يريد مثل الذي فعل نبهان التمار. فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليه فأخبره بما نزل، فحمد الله تعالى وشكره، فقال يا رسول الله، هذه توبتي قد قبلها الله مني

_ (1) ر: في قوله عز وجل.

فكيف بي حتى يقبل شكوتي فأنزل الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ (هود: 114) . فائدتان لغويتان: الأولى: في «المحكم» (5: 267) الغمز: الإشارة بالعين والحاجب، غمزه يغمزه غمزا، والغمز: العصر باليد، قلت: وهو المراد هنا بدليل قوله في رواية ابن بشكوال: فضرب على عجزها. الثانية: في «المحكم» (6: 138) أسقط في يد الرجل: زلّ وأخطأ، قال الزجاج: يقال للرجل النادم على ما فعل، الحسير على ما فرط منه: قد سقط في يده وأسقط.

الباب الثامن في بائع الدباغ

الباب الثامن في بائع الدباغ في «الاستيعاب» (593) : سعد بن عائذ المؤذّن مولى عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما المعروف بسعد القرظ، له صحبة، وإنما قيل له سعد القرظ لأنه كان كلّما تجر في شيء وضع فيه، فتجر في القرظ فربح فيه، فلزم التجارة فيه. وقد ذكر سعد القرظ في باب المؤذن من هذا الكتاب «1» ، وقد تقدم أيضا هنالك أن القرظ شجر يدبغ به، وقول القاضي في «المشارق» (2: 179) إن سعدا سمي به لأنه كان يتجر فيه.

_ (1) انظر ص: 127.

الباب التاسع في الحطاب

الباب التاسع في الحطاب روى البخاري (3: 75) «1» رحمه الله تعالى عن أبي عبيد مولى عبد الرّحمن بن عوف أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يدعه. وقال ابن رشد في «البيان والتحصيل» : روي أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفاقة، ثم عاد فقال: يا رسول الله لقد جئت من عند أهل بيت ما أرى أن أرجع إليهم حتى يموت بعضهم، قال: انطلق حتى تجد من شيء، فانطلق فجاء بحلس وقدح، فقال: يا رسول الله هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه، ويلتفون ببعضه، وهذا القدح كانوا يشربون فيه فقال: من يأخذهما مني بدرهم؟ فقال رجل: أنا، فقال: من يزيد على درهم؟ فقال رجل آخر: آخذهما بدرهمين، فقال: هما لك. فدعا بالرجل فقال: اشتر بدرهم طعاما لأهلك وبدرهم فأسا ثم ائتني، ففعل ثم جاء فقال: انطلق إلى هذا الوادي فلا تدعنّ شوكا ولا حطبا ولا تأتني إلا بعد عشر، ففعل ثم أتاه فقال: بورك فيما أمرتني به، فقال: هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة في وجهك نكت من المسألة أو خموش من المسألة- الشك من بعض الرواة- ذكره في باب النكاح دليلا على جواز خطبة المرأة على خطبة الغير، وسوم السلعة على سوم الغير ما لم يقع التراكن. وخرجه الترمذي والنسائي مختصرا في كتاب البيوع، في ما جاء في بيع من

_ (1) قارن أيضا بالبخاري 2: 152، 154.

يزيد، فقال النسائي (7: 259) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا في من يزيد. وقال الترمذي (2: 345) عن أنس بن مالك أيضا ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. فاختصرا منه قصة الرجل، واقتصرا على مناط الحكم فيما ترجما له من البيع في من يزيد. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: حلس البيت: ما يبسط تحت حرّ المتاع من مسح أو نحوه، قاله ابن سيده، وقد تقدم ذكره في باب المشرف. الثانية: في «المحكم» (6: 479) النّكتة كالنّقطة، وكلّ نقط في شيء خالف لونه فهو نكت «1» . الثالثة: في «المحكم» (5: 23، 13) الخمش: الخدش في الوجه، وقد يستعمل في سائر الجسد، خمشه يخمشه ويخمشه خمشا وخموشا، وخمّشه، والخموش: الخدوش، خدش جلده يخدشه خدشا: مزقه، والخدوش: الآثار وهو من ذلك.

_ (1) ر ط: فهي نكتة.

الباب العاشر في الدلال وهو السمسار

الباب العاشر في الدلال وهو السمسار روى مسلم (1: 445) بسنده عن طاووس رحمهما الله تعالى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يتلقى «1» الركبان وأن يبيع حاضر لباد. وروى البخاري (3: 94) قريبا منه وقال: فقلت «2» : يا ابن عباس ما قوله: لا يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارا، (في باب أجر السمسار) . فائدتان لغويتان: الأولى: في «المشارق» (2: 221) قوله: لا يكون سمسارا أي دلّالا «3» ، وأصل السّمسار القيم بالأمر الحافظ له، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره. قال ابن سيده: وأصله فارسي، وهي السمسرة، وأنشد الجوهري في «الصحاح» للراجز: [من الرجز] قد وكّلتني طلّتي بالسّمسره ... وأيقظتني لطلوع الزّهره «4» قال (2: 687) وقال أبو عبيد: السّفسير بالفارسية السمسار، قال النابغة «5» : [من البسيط] وقارفت وهي لم تجرب وباع لها ... من الفصافص بالنّميّ سفسير

_ (1) ر: يلتقي. (2) ر: قلت. (3) المشارق: لا يكون له سمسار أي دلال. (4) الشطران في اللسان (زهر) والأول فيه (سمسر) ؛ والطلة: الزوجة. (5) قد مر البيت وتخريجه ونسبته حينا للنابغة وحينا لأوس بن حجر.

وقال الأعلم: النّميّ: دراهم رصاص أو زيوف ونحوها. الثانية: في «المحكم» : الدّلّال الذي يجمع بين البيّعين، والاسم الدلّالة، والدّلالة ما جعلته للدّليل أو الدّلّال. وقال ابن دريد: الدّلالة بالفتح: حرفة الدّلّال. تنبيه: جعل الجاحظ سماسرة زمانه في كتابه الذي سماه ب «المراتب والأخطار» بعد آخر طبقة من طبقات المحترفين ختم بها كتابه، فقال فيهم: وأما السماسرة والدلالون وأصحاب النداء فقوم أجراء لا في عداد التجار ولا في من لهم الحرف والصناعات، لا قيم «1» لهم ولا أقدار، ولم «2» نسمع لهم ذكرا في أشعار. انتهى.

_ (1) ط ر: قيام. (2) ط ر: ولا.

الباب الحادي عشر في النساج

الباب الحادي عشر في النساج روى البخاري (3: 80) رحمه الله تعالى عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: جاءت امرأة ببردة، (قال: أتدرون ما البردة؟ فقيل له: نعم هي الشملة منسوج في حاشيتها) قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها النبي صلّى الله عليه وسلم محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال رجل من القوم: يا رسول الله اكسنيها، فقال: نعم، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت: سألتها إياه، لقد عرفت أنه لا يردّ سائلا، فقال الرجل: والله ما سألته إلا لتكون كفني يوم أموت، قال سهيل: فكانت كفنه. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «الصحاح» (1: 344) نسج الثوب ينسجه وينسجه نسجا، والصنعة: نساجة، والموضع: منسج ومنسج، والمنسج- بكسر الميم- الأداة التي يمد عليها الثوب لينسج. وفي «المحكم» : أصل النسج: ضمّ الشيء إلى الشيء، نسجت الريح التراب: سحبت بعضه على بعض، والورق والهشيم: جمعت بعضه إلى بعض، والماء: ضربته فانتسجت فيه طرائق، ونسج الحائك الثوب من ذلك، لأنه ضمّ السدى إلى اللّحمة، وهو النّسّاج وحرفته النّساجة. الثانية: في «المشارق» (1: 83) البردة- بضم الباء- كساء مخطط، وجمعه: برد- بضم الباء وفتح الراء- وقيل هي الشملة والنمرة. وقال أبو عبيد: هو كساء مربع أسود فيه صغر، وفسره في حديث البخاري: هي الشملة منسوج في حاشيتها،

والبرد بغير هاء: ثوب من عصب اليمن ووشيه، وجمعه برود، بزيادة واو على جمع الأولى. انتهى. الثالثة: في «الصحاح» (6: 2474) الكسوة والكسوة: واحدة الكسا، وكسوته «1» ثوبا فاكتسى. الرابعة: في «الصحاح» (6: 2415) طويت الشيء طيّا فانطوى، والطّية مثل الجلسة والرّكبة؛ وفي «المحكم» : الطيّ نقيض النشر. وأنشد الجوهري (2415) لذي الرمة: [من البسيط] كما تنشّر بعد الطّية الكتب «2»

_ (1) ر: وكسيته. (2) صدر البيت: من دمنة نسفت عنها الصبا سفعا، انظر ديوانه: 15.

الباب الثاني عشر في الخياط

الباب الثاني عشر في الخياط في «المعارف» (575) لابن قتيبة: كان عثمان بن طلحة الذي دفع إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة خياطا؛ وذكره ابن دريد في «الوشاح» . تنبيه: قد تقدم ذكر عثمان بن طلحة رضي الله تعالى عنه في باب حاجب البيت بما أغنى عن إعادته هنا، وبالله تعالى التوفيق. وروى البخاري (3: 79) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن خياطا دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبزا من شعير، ومرقا فيه دبّاء وقديد، فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول الصحفة، فلم أزل أحبّ الدبّاء من يومئذ. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «المحكم» (5: 152) الخيط: السّلك، والجمع أخياط وخيوط وخيوطة، وخاط الثوب خيطا وخياطة، والخياط والمخيط: الإبرة. وفي «الصحاح» (3: 1126) والثوب مخيط ومخيوط. وفي «المحكم» (5: 152) رجل خائط وخيّاط، والخياطة: صناعة الخائط. الثانية: في «المحكم» (6: 251) المرق الذي يؤتدم به واحدته مرقة. وفي «الديوان» (1: 224) بفتح الميم والراء. وفي «المحكم» (6: 251) : ومرق القدر يمرقها ويمرقها مرقا وأمرقها: أكثر من مرقها.

الثالثة: في «ديوان الأدب» (4: 39) : الدبّاء- بضم الدال وتشديد الباء والمد- القرع، والواحدة دبّاءة، قال امرؤ القيس يصف فرسا، أنشده الأعلم في «أشعار الستة» «1» : [من المتقارب] إذا أقبلت قلت دباءة ... من الخضر مغموسة في الغدر الرابعة: في «الصحاح» (1: 519) القد: الشقّ طولا، يقال: قددت السير وغيره أقده. وفي «المحكم» (6: 72) القديد: ما قطع من اللحم طوالا. وفي «المشارق» (2: 172) بتخفيف الدال، يقطع طوالا وييبس ويدخر. الخامسة: في «المشارق» (2: 188) القصعة- بفتح القاف- الصحفة. وزاد في «الديوان» (1: 142) تشبع العشرة. وفي «الصحاح» (3: 1266) والجمع قصع وقصاع.

_ (1) ديوان امرىء القيس: 166.

الباب الثالث عشر في النجار

الباب الثالث عشر في النجار قد تقدم في باب الإمام في صلاة الفريضة «1» عند ذكر المنبر الخلاف في اسم من صنعه لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقيل صنعه غلام امرأة من الأنصار، قال ابن بشكوال: اسمه مينا، قال ويقال: صنعه باقول مولى العاص بن أمية «2» ، قال ويقال: صنعه ميمون النجار، قال وقيل: صنعه صباح غلام العباس بن عبد المطلب. وقال ابن فتحون: إن الذي عمله غلام قبيصة المخزومي. وقال ابن رشد: عمله غلام لسعد بن عبادة، وقيل لامرأة من الأنصار، وقيل غلام للعباس، قال: فلعلّهم كلهم اجتمعوا على عمله. انتهى. وقد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلم رمى أهل الطائف بالمنجنيق، وأن نفرا من أصحابه صلّى الله عليه وسلم ورضي عنهم زحفوا إلى جدار الطائف ليخرقوه تحت دبابة، وأن ذلك المنجنيق أول منجنيق رمي به في الإسلام، وأن تلك الدبابة أول دبابة صنعت في الإسلام. فائدة لغوية: في «المحكم» : النّجر: نحت الخشبة، نجرها ينجرها نجرا، ونجارة العود: ما انتحت منه عند النّجر، والنجّار: صاحب النّجر، وحرفته النّجارة.

_ (1) انظر ص: 114- 115 في ما تقدم. (2) قال ويقال ... أمية: سقط من م ط.

الباب الرابع عشر في ناحت الاقداح

الباب الرابع عشر في ناحت الاقداح ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 646- 647) عن أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورضي عنه قال: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أمّ الفضل وأسلمت أنا، وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم، فكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب قد تخلّف عن بدر، فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة، وكذلك [كانوا] صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه، فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا. قال: وكنت رجلا ضعيفا، وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم، فو الله إني لجالس فيها أنحت أقداحي وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبو لهب يجرّ رجليه حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري، فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم، قال فقال أبو لهب: هلم إليّ فعندك لعمري الخبر، قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي: أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: والله ما هو إلّا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا «1» ، وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجال بيض «2» على خيل بلق بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء. قال

_ (1) ويأسروننا كيف شاءوا: سقط من ر ط. (2) الاستيعاب: رجالا بيضا.

أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تلك والله الملائكة، قال: فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة، قال: وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض، ثم برك عليّ يضربني وكنت رجلا ضعيفا، قال: فقامت أمّ الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فضربته به ضربة فلغت «1» في رأسه شجّة منكرة، وقالت: استضعفته أن غاب عنه سيده، فقام مولّيا ذليلا، فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله «2» . تنبيه: قد تقدم ذكر أبي رافع في باب الثقل من هذا الكتاب. فوائد لغوية في خمس مسائل: الأولى: في «الصحاح» (1: 262) كبت الله العدوّ: أي صرفه وأذلّه. انتهى. وفي «الديوان» (2: 147) كبته يكبته- بفتح الباء في الماضي وكسرها في المستقبل. الثانية: الجوهري (1: 394) : القدح: بالتحريك واحد الأقداح التي للشرب. وفي «الديوان» : (1: 179) القدح بفتح القاف والدال معا، وفيه (2: 148) أيضا: نحت الخشبة أي براها- بفتح الحاء- ينحتها بكسرها، وقال ابن طريف: نحت الخشبة نحتا: سواها. الثالثة: ابن طريف: ما ألاق شيئا أي ما أبقاه، وما ألاق السيف شيئا إلا قطعه كذلك. الرابعة: ابن طريف: فلغ رأسه بالحجر فلغا: شقّه. الخامسة: في «الديوان» (1: 237) العدسة: داء من الأدواء- بفتح العين والدال- وفي «الصحاح» (2: 944) العدسة: بثرة تخرج بالإنسان وربما قتلت.

_ (1) الاستيعاب: فلعت؛ ط: فلقت؛ ر: بلغت. (2) الاستيعاب: فقتلته.

الباب الخامس عشر في الصواغ

الباب الخامس عشر في الصّواغ ترجم البخاري رحمه الله تعالى في كتابه «الجامع الصحيح» (3: 78- 79) : باب ما قيل في الصواغ، وخرّج فيه عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس، فلما أردت أن ابتني بفاطمة بنت النبي صلّى الله عليه وسلم واعدت رجلا صوّاغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصّواغين، وأستعين به في وليمة عرسي. وخرّج فيه (3: 79) أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن الله حرّم مكة ولم تحلّ لأحد قبلي ولا لأحد بعدي، وإنما حلّت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها، ولا ينفّر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرّف. وقال العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه: إلا الإذخر لصاغتنا ولسقف بيوتنا، فقال: إلا الاذخر. تنبيه: يحتمل أن تكون الصياغة في أول الإسلام حرفة اليهود، ولم يكن أحد من المسلمين يحترف بها فلينظر هذا. فائدتان لغويتان: الأولى: في «المحكم» (6: 25) صاغ الشيء يصوغه صوغا وصياغة: سبكه، ورجل صائغ وصوّاغ وصيّاغ. والصّوغ: ما صيغ. الثانية: في «المشارق» (2: 200) بنو قينقاع: شعب من يهود المدينة- بكسر النون وفتحها وضمها.

الباب السادس عشر في الحداد

الباب السادس عشر في الحداد وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر من كان حدّادا في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى البخاري (2: 105) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمّه. وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (55) ، قال أنس في حديث موت إبراهيم قال: فانطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلم وانطلقت معه، فصادفنا أبا سيف ينفخ في كيره، وقد امتلأ البيت دخانا، فأسرعت في المشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتهيت إلى أبي سيف، فقلت: يا أبا سيف أمسك جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمسك، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالصبيّ فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول، فلقد رأيته يكيد بنفسه، قال: فدمعت عينا النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الربّ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الصحاح» (6: 2185) القين: الحداد، والجمع القيون. ابن السكيت: يقال للحداد ما كان قينا، ولقد قان يقين قينا.

الفصل الثاني في ذكر نسب أبي سيف

الثانية: في «الصحاح» (2: 811) قال أبو عمرو: والكير: كير الحداد، وهو زقّ أو جلد غليظ ذو حافات، فأما المبني من الطين فهو الكور. قلت: الكير الذي هو الزق بكاف مكسورة بعدها الياء أخت الواو ساكنة. وأنشد غير واحد لبشر بن أبي خازم في وصف فرس «1» [من الوافر] كأن حفيف منخره إذا ما ... كتمن الرّبو كير مستعار والكور المبني من الطين- بضم الكاف والواو ساكنة أيضا، والكور بفتح الكاف والواو ساكنة: إدارة العمامة على الرأس، والكثير من الإبل والزيادة، وأن يجمع القصار ثيابا كثيرة في ثوب؛ كل ذلك من «مثلث» ابن السيد. الثالثة: ابن طريف: كاد بنفسه عند الموت: إذا كان في السّوق. الفصل الثاني في ذكر نسب أبي سيف قال ابن فتحون: أبو سيف القين ظئر إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، اسمه البراء بن أوس، وقد ذكره أبو عمر مسمّى، وهو بكنيته أشهر. وقال أبو عمر (153) : البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، هو أبو إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلم من الرضاع، لأن زوجته أم بردة أرضعته بلبنه.

_ (1) ديوان بشر: 78.

الباب السابع عشر في البناء

الباب السابع عشر في البناء وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول فيما بناه رسول الله صلّى الله عليه وسلم 1- مسجد قباء: قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (1: 493- 494) نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول على كلثوم بن الهدم أخي بني عمرو بن عوف ثم أحد بني عبيد، وأقام بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، وأسس مسجده، ثم أخرجه الله تعالى من يبن أظهرهم يوم الجمعة، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك، فالله أعلم. انتهى. وقال أبو القاسم السهيلي رحمه الله تعالى في «الروض الأنف» (4: 254) : ذكر ابن أبي خيثمة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أسس مسجد قباء كان هو أوّل من وضع حجرا في قبلته، ثم جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه إلى حجر أبي بكر، ثم أخذ الناس في البنيان. انتهى. قلت: فيتخرّج من هذا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أول من بنى مسجدا في الإسلام. 2- مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم ومساكنه بدار بني النجار: روى البخاري (5: 86) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه

قال: لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة نزل في علو المدينة، في حيّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف، قال: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النّجار، فجاءوا متقلّدي سيوفهم، وكأني أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم على راحلته، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، قال: وكان «1» يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم. قال: ثم إنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بني النجّار فجاءوا، فقال: يا بني النجار ثامنوني حائطكم هذا، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم- كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسوّيت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد، قال: وجعلوا عضادتيه حجارة، قالوا: وجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون ورسول الله صلّى الله عليه وسلم معهم، ويقولون: اللهم لا خير إلا خير الآخره ... فانصر الأنصار والمهاجره «2» قال ابن إسحاق (1: 496، 498) : فعمل فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليرغّب المسلمين في العمل، فعمل فيه المهاجرون والأنصار. قال: وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببيت أبي أيوب حتى بني له مسجده ومساكنه، ثم انتقل إلى مساكنه من بيت أبي أيوب رضي الله تعالى عنه. انتهى. تنبيه: حديث البخاري رحمه الله تعالى عن أنس يصحح ما كان يذكره بنو عمرو بن عوف من إقامة النبي صلّى الله عليه وسلم فيهم أكثر من أربعة أيام، حسبما ذكر ذلك ابن إسحاق. انتهى.

_ (1) البخاري: فكان. (2) بعد هذا في ر لفظة انتهى.

وذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر ببناء المسجد فبني باللبن، وجعلت عضادتاه بالحجارة، وسواريه جذوع النخل، وسقفه الجريد، وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي الجانبين الآخرين مثل ذلك، فهو مربع، ويقال كان أقلّ من المائة، وجعل الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة ثم بنوه باللبن، ثم بني النبي صلّى الله عليه وسلم مساكنه إلى جنب المسجد باللبن، وسقفها بجذوع النخل والجريد. انتهى. وقد تقدّم في باب إمام صلاة الفريضة قول السهيلي في «الروض الأنف» (4: 267) أن بيوت النبي صلّى الله عليه وسلم كانت تسعة، بعضها من جريد مطيّن بالطين، وسقفها جريد، وبعضها من حجارة مرضومة بعضها على بعض مسقفة بالجريد أيضا، وكان لكلّ بيت حجرة، وكانت حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم أكسية من شعر مربوطة بخشب عرعر. انتهى. الدكان لجلوسه صلّى الله عليه وسلم: ذكر أبو محمد ابن حيان رحمه الله تعالى في «كتاب أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (66) عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله تعالى عنهما قالا «1» : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب ولا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إليه أن يجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا من طين، فكان يجلس عليه ونجلس بجانبيه. فوائد لغوية في ثمان مسائل: الأولى: في «المحكم» : البناء نقيض الهدم، بناه بنيا وبناء وبنيانا وابتناه، والبناء: المبنيّ، والجمع أبنية، وأبنيات جمع الجمع، والبنّاء مدبّر البنيان وصانعه، والبنية والبنية: ما بنيته. وفي «الجامع» : البنية والبنية: اسم الشيء

_ (1) أورد مسلم هذا الحديث أيضا في كتاب الإيمان من صحيحه، وقد نبه الكتاني على ذلك (2: 78) .

المبني، والبنى بكسر الأول مقصور جمع بنية، ومنهم من يضم أوله ويقصر أيضا فيكون هو البنى جمع بنية أيضا. الثانية: في «المعجم» (3: 1045) قباء- بضم القاف ممدود- من العرب من يذكّره ويصرفه ومنهم من يؤنثه ولا يصرفه. الثالثة: في «الصحاح» (1: 293) المكث: اللّبث والانتظار، وقد مكث ومكث، والاسم المكث والمكث بضم الميم وكسرها، وتمكّث: تلبّث، وصار «1» متمكّثا أي متلوّما. الرابعة: في «المشارق» (1: 231- 232) قوله في موضع المسجد: خرب، ضبطوه بفتح الخاء وكسر الراء [وبكسر الخاء وفتح الراء وكلاهما صحيح] «2» قال في «المشرع الروي» : هو بقايا الأطلال والجدرات. وفي «الصحاح» (1: 119) الخراب: ضد العمارة، وقد خرب الموضع بالكسر فهو خرب، ودار خربة، وأخربها صاحبها، وخربوا بيوتهم، شدّد لفشوّ الفعل أو للمبالغة. الخامسة: في «الصحاح» (1: 506) : أعضاد كل شيء: ما يشد عواليه «3» من البناء وغيره كأعضاد الحوض، وهي حجارة تنصب حول شفيره، وكذلك عضادتا الباب، وهما جنبتاه «4» . وفي «المحكم» (1: 241) عضادتا الباب: ناحيتاه. السادسة: الجوهري (6: 2192) اللبنة يبنى بها، والجمع لبن مثل: كلمة وكلم؛ قال الراجز [من الرجز] ولا يزال قائل أبن أبن ... دلوك عن حدّ الضروس واللّبن «5»

_ (1) الصحاح: وسار. (2) زيادة توضيحية من المشارق. (3) الصحاح: حواليه. (4) الصحاح: وهما خشبتاه من جانبيه. (5) الرجز لسالم بن دارة وقيل لابن ميادة في اللسان (لبن) نقلا عن المحكم برواية إذ لا يزال، وعن الجوهري برواية: إما يزال. والضرس: تضريس طي البئر بالحجارة.

الفصل الثاني في ذكر أول بناء كان في الإسلام

من العرب من يقول: لبنة ولبن مثل لبدة ولبد، ولبّن الرجل تلبينا إذا اتخذه، والملبن: قالب اللّبن. السابعة: الجوهري (5: 1933) الرضم والرضام: صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية، الواحدة رضمة، يقال: رضم عليه الصخر يرضم بالكسر رضما، ورضم فلان بيته بالحجارة، والرّضيم: البناء بالصخر. الثامنة: في «الصحاح» (4: 1584) الدكة والدكان: الذي يقعد عليه، وقال الشاعر يصف ناقته «1» [من الوافر] فأبقى باطلي والجدّ منها ... كدكّان الدرابنة المطين والدرابنة (5: 2112) البوابون، فارسي معرب، قال: وبعضهم يجعل نون الدكان أصلية. وفي «المحكم» : ودكّن الدكان: عمله. الفصل الثاني في ذكر أوّل بنّاء كان في الإسلام في كتاب «نفحة الحدائق والخمائل في ذكر الابتداع والاختراع للأوائل» : أول بنّاء كان في الإسلام عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه انتهى. وقد تقدم من نسبه وأخباره رضي الله تعالى عنه ما أغنى عن إعادته. الفصل الثالث في الرجل يحسن الشيء من أعمال البناء فيوكل بعمله قال أبو بكر ابن فتحون في كتاب «ذيل الاستيعاب» » : وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن طلق الحنفي، وهو صلّى الله عليه وسلم يبنى

_ (1) ر: يصف ناقة؛ والشاعر هو المثقب العبدي، انظر ديوانه: 200 واللسان (دربن) . (2) قارن بالإصابة 5: 290، وذكر أنه تابعي، قال: والظاهر أنه يروي هذا عن أبيه.

مسجده، فشهده معه، فوكله النبي صلّى الله عليه وسلم بعمل الطين لأنه رآه محسنا فيه. فائدة لغوية: في «المشارق» (2: 285) وكل بلالا أن يوقظهم للصلاة، رويناه بتخفيف الكاف وتشديدها، أي استكفاه ذلك وكفّله إياه، وكذلك قوله: وقد وكلهم بتسوية الصفوف.

الباب الثامن عشر في الدباغ

الباب الثامن عشر في الدباغ ذكر أبو بكر ابن دريد رحمه الله تعالى في كتاب «الوشاح» له في باب الصناعات، ثم في باب من كان دباغا: الحارث بن صبيرة. وقال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1774) أبو وداعة الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم، أسلم يوم الفتح هو وابنه. انتهى. وضبطه الحافظ أبو علي الغساني رحمه الله تعالى في نسخته التي بخطه من «الاستيعاب» سعيد بن سعد: جدّ أبي وداعة- بضم السين وفتح العين- على لفظ التصغير. فائدة لغوية: الجوهري (4: 1318) دبغ فلان إهابه يدبغه دبغا ودباغة ودباغا فاندبغ، والدّباغ أيضا: ما يدبغ به الجلد، وكذلك الدّبغ والدّبغة بالكسر، والدّبغة بالفتح: المرة الواحدة.

الباب التاسع عشر في الخواص

الباب التاسع عشر في الخوّاص في «الاستيعاب» (635) لابن عبد البر: ذكر ابن وهب وابن نافع عن مالك رحمهم الله تعالى قال: كان سلمان رضي الله تعالى عنه يعمل الخوص بيده فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئا. وذكر معمر عن رجل من أصحابه قال: دخل قوم على سلمان وهو أمير على المدائن وهو يعمل هذا الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير ويجرى عليك رزق؟ فقال: إني أحبّ أن آكل من عمل يدي. تنبيه: قد تقدم ذكر سلمان رضي الله تعالى عنه وأخباره في باب المفتي «1» فأغنى ذلك عن الإعادة هنا. تكملة فائدة: تقدم في الباب المذكور أيضا أن الخوص ورق النخل، الواحدة خوصة، وقد أخوصت النخل، ومعنى عمله هو صنع ما يصنع منه من قفاف وما أشبه ذلك.

_ (1) انظر ص: 100- 103.

الباب الموفي عشرين في الصياد في البر

الباب الموفي عشرين في الصياد في البرّ وفيه سبعة فصول الفصل الأول في ذكر من كان يتصيد بالكلاب روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، والنّص للبخاري (7: 113) عن عدي رضي الله تعالى عنه: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فقلت: إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب، فقال: إذا أرسلت كلابك المعلّمة، وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك إلّا أن يأكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلب من غيرها فلا تأكل. انتهى. تنبيه: عدي هذا هو ابن حاتم الطائي رضي الله تعالى عنه، وقد تقدم ذكره في باب عمال الزكاة من هذا الكتاب فأغنى ذلك عن إعادته هنا. الفصل الثاني في ذكر من كان يتصيد بالبزاة روى الترمذي (3: 14) رحمه الله تعالى عن عديّ بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن صيد البازي، فقال: ما أمسك عليك فكل. قال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشّعبي، والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بصيد البزاة والصقور بأسا.

الفصل الثالث في ذكر من صاد بالرمح

فائدة لغوية: في «الجامع» للقزاز: البأز بالهمز هذا الطائر المعروف والجمع أبؤز، ويقال باز مثل قاض، والجمع بزاة مثل قضاة، ويقال باز مثل نار والجمع بيزان، مثل نيران. وفي «المحكم» : الباز لغة في البازي والجمع أبواز وبيزان، وكان بعضهم يهمز الباز. قال ابن جني: هو مما همز من الألفات التي لا حظّ لها في الهمز. انتهى. وأنشد كشاجم في «كتاب المصائد والطرائد» (49) : [من الوافر] لقيت بها بوازي صائدات ... وطيرك في مكامنها لبود «1» فجمع البازي على بوازي. الفصل الثالث في ذكر من صاد بالرمح روى مسلم (1: 333) رحمه الله تعالى عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أنه كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلّف عن أصحاب له محرمين وهو غير محرم، فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه. فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه، فأبوا عليه، فسألهم رمحه فأبوا عليه، فأخذه ثم شدّ على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، وأبى بعضهم، فأدركوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك فقال: انما هي طعمة أطعمكموها الله. وروى مسلم (1: 333) رحمه الله أيضا عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله تعالى عنه أنهم خرجوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهم محرمون وأبو قتادة محلّ، وساق الحديث، وفيه فقال: هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رجله فأخذها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأكلها.

_ (1) م: بنود؛ ونسب كشاجم البيت للبيد (وفي روايته في المصايد تصحيف) .

نسب أبي قتادة رضي الله تعالى عنه وأخباره: قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (289، 1731) : الحارث بن ربعي بن بلدمة أبو قتادة الأنصاري السّلمي من بني غنم بن كعب بن سلمة بن زيد بن جشم بن الخزرج، هكذا يقول ابن شهاب وجماعة أهل الحديث: أنّ اسم أبي قتادة الحارث بن ربعيّ. وقال ابن إسحاق: وأهله يقولون إن اسمه النعمان بن عمرو بن بلدمة. قال أبو عمر: يقولون بلدمة وبلدمة بالضم، وبلذمة بالذال المنقوطة والضم أيضا. يقال لأبي قتادة فارس رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ وروينا عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجّالتنا سلمة بن الأكوع. وقال الشعبيّ: كان بدريا ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق في البدريين وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد كلها. واختلف في وقت وفاته، فقال الحسن بن عثمان مات أبو قتادة سنة أربعين، وقيل مات بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل بل مات في خلافة علي رضي الله تعالى عنهما بالكوفة وهو ابن سبعين سنة وصلّى عليه عليّ رضي الله تعالى عنه وكبر عليه سبعا. قال أبو عمر: شهد أبو قتادة رضي الله تعالى عنه مع علي رضي الله تعالى عنه مشاهده كلها في خلافته. انتهى من الكلام على اسمه وعلى كنيته. تنبيه: قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: خير فرساننا أبو قتادة وخير رجّالتنا سلمة بن الأكوع: كان ذلك يوم غزوة ذي قرد، وهو يوم أغارت فيه بنو فزارة على سرح رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويقال يوم الغابة أيضا. وفي «السير» أنّ الذي أغار يومئذ عيينة بن حصن. وفي «صحيح مسلم» (2: 74) أن الذي أغار عبد الرّحمن الفزاري، فغنموا ما وجدوه من لقاح وظهر فذهبوا به وتبعهم المسلمون، وأبلى يومئذ أبو قتادة وسلمة بن الأكوع بلاء حسنا. فقتل أبو قتادة فارسا منهم اسمه على ما ذكره أبو عمر ابن عبد البر «مسعدة» وعلى ما ثبت في صحيح مسلم «عبد الرّحمن»

الفصل الرابع في الصيد بالسهم

ورماهم سلمة بالنبل وتبعهم حتى لحقت به فوارس رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتدخّلوا بينه وبين ما غنموا، وألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا يتخففون، فلذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: خير فرساننا أبو قتادة وخير رجّالتنا سلمة بن الأكوع. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: البلدمة: لحم الصدر، وهي أيضا: الرجل الثقيل، قاله ابن سيّد في «الاشتقاق» . وفي «الصحاح» (5: 1874) بلدم الفرس: ما اضطرب من حلقومه بالدال والذال جميعا. انتهى. وهو بفتح الباء والدال عن الفارابي. وقد تقدم ما حكاه أبو عمر ابن عبد البر من لغتي الفتح والضمّ فيه. الثانية: ذو قرد: في «المشارق» (1: 275) بفتح القاف والراء- ماء على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان. والغابة (2: 143) بالغين المعجمة والباء بواحدة- مال من أموال عوالي المدينة، قال القاضي (1: 275) وإنما كانت الغارة والسرح بالغابة قرب المدينة، وإنما ذو قرد حيث انتهى المسلمون آخر النهار في طلب العدو وبه باتوا ومنه انصرفوا، فسمّيت به الغزوة. وقال ابن جماعة في «سيره» : وفي سنة ستّ من الهجرة كانت غزوة الغابة وهي ذو قرد. قال ابن إسحاق: في ذي القعدة. الثالثة: قال الجوهري (4: 1705) الراجل خلاف الفارس والجمع الرّجّالة «1» . الفصل الرابع في الصيد بالسهم روى مسلم (1: 108) رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه، قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الصيد، قال: إذا رميت سهمك

_ (1) الجوهري: رجل مثل صاحب وصحب ورجّالة ورجّال.

الفصل الخامس في الصيد بالمعراض

فاذكر اسم الله تعالى فإن وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك. الفصل الخامس في الصيد بالمعراض روى مسلم (1: 108) رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن المعراض فقال: إذا أصاب بحدّه فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل. فائدتان لغويتان: الأولى: قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «المشارق» (2: 73) : المعراض خشبة محددة الطرف، وقيل في طرفها حديدة يرمى بها الصيد، وقيل سهم لا ريش له يرمى به عرضا، إن أصاب بحده وطوله أكل لأنه جرح وقطع، وما أصاب بعرضه لم يؤكل لأنه رضّ، كما قال في الحديث، فهو وقيذ. الثانية: قال القاضي عياض في «المشارق» (2: 293) أيضا: قوله صلّى الله عليه وسلم: «فإنه وقيذ» أي ميتة، قيل دون ذكاة، من قوله عزّ وجل وَالْمَوْقُوذَةُ وهي المقتولة بعصا أو حجر أو ما لا حدّ له، يقال وقذته: إذا أثخنته ضربا. فائدة فقهية: إذا أصاب المعراض بعرضه لا بحدّه ولم يقتل ولم ينفذ المقاتل ذكّى وأكل بحكم الذكاة كالمصيد بالجوارح والرمح والسهم. الفصل السادس في الصيد باليد روى مسلم (2: 115) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: مررنا فاستنفجنا أرنبا بمرّ الظهران فسعوا عليه فلغبوا، قال: فسعيت حتى أدركتها،

فأتيت بها أبا طلحة رضي الله تعالى عنهما فذبحها، فبعث بوركها وفخذيها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقبلها. وروى القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «الشفا» (1: 594) بسند بلغ فيه عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان عندنا داجن فإذا كان عندنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قرّ وثبت مكانه ولم يجىء ولم يذهب، فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء وذهب. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المشارق» (2: 20) : استنفجنا أرنبا وأنفجنا بالجيم، أي أثرناها فنفجت أي وثبت. الثانية: في «المشارق» (1: 332) في حرف الظاء المعجمة: مرّ الظّهران- بفتح الميم وتشديد الراء وتصريفها بوجوه الإعراب، وفتح الظاء وسكون الهاء، والظهران مفردا دون مرّ- هو على بريد من مكة. وقال ابن وضاح: على أحد وعشرين ميلا، وقيل على ستة عشر ميلا. انتهى. الثالثة: ابن طريف: لغب بفتح الغين «1» لغوبا: أعيا ولغب بكسرها لغة فيه. انتهى. وفي «ديوان الأدب» (2: 101، 225) لغب بفتح الغين يلغب بضمها ولغب بكسر الغين يلغب بفتحها. الرابعة: قال الهروي: دواجن البيوت: ما ألفها من الطير والشاء وغير ذلك، الواحد: داجن وداجنة. قال في «الديوان» (2: 36) : دجن يدجن دجونا بالفتح في الماضي والضم في المستقبل.

_ (1) زاد في ر: يلغب بفتحها.

الفصل السابع في الصيد بالآلات

الفصل السابع في الصيد بالآلات قال أبو محمد ابن عطية (5: 188) رحمه الله تعالى في قول الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ (المائدة: 94) الظاهر أن الله عز وجل خصّ الأيدي بالذكر لأنها معظم «1» التصرف في الاصطياد، وفيها تدخل الحبالات وما عمل باليد من فخاخ وشباك. انتهى. وقال أبو الفتح كشاجم رحمه الله تعالى في كتابه «المصايد والطرائد» (47) في باب المكايد التي يتوصل بها إلى الصيد: والآلات المتخذة لذلك الصيد على ضروب من الحيل وبآلات مختلفات «2» فمنها الشباك الظاهرة والأشراك المستورة والفخاخ، ومنها ما يدسّ في أماكن مفترقة تحت التراب من الحديد للبقر والحمير، مما إذا تخطّت فيه حصلت «3» فيه أرجلها ولذعها فرمحت فيقطع عصبها «4» حتى لا يكون بها حراك «5» وإياه عنى الشاعر بقوله: [من الطويل] فإن كنت لا أرمي «6» الظباء فإنني ... أدسّ لها تحت التراب الدواهيا ومنها الزّبى والأكر، وهي الحفر. فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: قول ابن عطية رحمه الله تعالى: الحبالات، هو جمع حبالة بكسر الحاء، وتجمع أيضا على حبائل كرسالة ورسائل. الزبيدي: الحبالة المصيدة، وحبلت الصيد واحتبلته إذا أخذته.

_ (1) الوجيز: عظم. (2) ر: وبالآلات المختلفة. (3) ط: خطت. (4) ط: أعضاءها. (5) المصايد: حتى تقوم. (6) المصايد: لا أدري.

ابن طريف حبلت الصيد- بفتح الباء- صدته بالحبالة. الثانية: الشباك جمع شبكة بفتح الشين والباء؛ قال الفارابي (1: 240) وهي التي يصاد بها. انتهى. الثالثة: الأشراك جمع شركة بفتح الشين والراء؛ قال الفارابي (1: 240) وهي التي يصاد بها. انتهى. وفي «الصحاح» (4: 1594) الشرك بالتحريك: حبالة الصيد الواحدة شركة. الرابعة: في «الصحاح» (1: 428) الفخ: المصيدة والجمع فخاخ وفخوخ. الخامسة: قال الجوهري (6: 2366) الزّبية: الرّابية لا يعلوها الماء، وفي المثل قد بلغ السّيل الزّبى، والزبية: الحفرة تحفر للأسد، سمّيت بذلك لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال، يقال: تزبّيت زبية. انتهى. وقال ابن سيده: قد زباها وتزبّاها وأنشد: [من الرجز] فكان والأمر الّذي قد كيدا ... كاللّذ تزبّى زبية فاصطيدا «1» انتهى. وزايها مضمومة، قاله الفارابي. السادسة: في «الصحاح» (2: 580) الأكرة بالضم: الحفرة، يقال: تأكّرت أكرا أي حفرت الحفر. وفي «المحكم» : أكر يأكر أكرا، وتأكّر حفر حفرة؛ وأنشد العجاج «2» : [من الرجز] من سهله ويتأكّرن الأكر ابن طريف: أكر بفتح الكاف.

_ (1) الرجز في اللسان (زبي) . (2) ديوان العجاج 1: 31 يصف ما تفعله سنابك الخيل بالصفا الصلب والعزاز ويهتمرن ما انهمر (أي يجرفن ما يقبل الجرف) . من سهله ويتأكرن الأكر أي يحفرن الحفر.

الباب الحادي والعشرون في الصياد في البحر

الباب الحادي والعشرون في الصياد في البحر وفيه فصلان الفصل الأول في ما جاء في صيد البحر في كتاب الله تعالى قال الله عزّ وجل: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ (المائدة: 96) وقال عز وجل: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها (فاطر: 12) قال أبو محمد ابن عطية (5: 198- 199) رحمه الله تعالى: هذا حكم بتحليل صيد البحر، وهو كل ما صيد من حيتانه، والصيد هنا يراد به المصيد، والبحر: الماء الكثير ملحا كان أو عذبا، وطعامه- قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وجماعة من الصحابة والتابعين من بعدهم رضي الله تعالى عن جميعهم- هو ما قذف به وطفا عليه لأن ذلك طعام لا صيد، وهذا التأويل ينظر إلى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. والماء الفرات: الشديد العذوبة، والأجاج: الشديد الملوحة الذي يميل إلى المرارة من ملوحته. قال الزجاجي: هو من أججت النار، كأنه يحرق من حرارته. الفصل الثاني في ما صيد من البحر في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى مسلم (2: 110) رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأمّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش، وزوّدنا

جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصّها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبلّه بالماء فنأكله. قال: وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كالكثيب الضخم فأتيناه، فإذا هي دابة تدعى العنبر. قال: قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا؛ قال: فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن ونقتطع منه الفدر كالثور أو كقدر الثور، فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمرّ تحتها وتزوّدنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه فأكله. فوائد لغوية في عشر مسائل: الأولى: في «المشارق» (2: 107) العير بكسر العين: وهي القافلة والإبل والدواب التي تحمل الأحمال والطعام والتجارة ولا تسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك. الثانية: في «المشارق» (1: 144) الجراب: وعاء من جلد كالمزود ونحوه- بكسر الجيم- عند الخليل وغيره، وقال القزاز هو بفتحها. قال القاضي: وجمعه جرب بضم الجيم والراء. الثالث: في «الصحاح» (3: 1056) مصصت الشيء بالكسر أمصّه مصا. انتهى. وقال ابن طريف في باب فعل بفتح العين: مصصت الشيء ومصصته مصّا: شربته شربا رقيقا. الرابعة: في «المشارق» (1: 229) الخبط بفتح الخاء والباء- ورق السمر، واختبط ضرب بالعصا ليسقط. واختبطناه فعلنا ذلك به.

الخامسة: في «المشارق» (1: 336) الكثيب من الرمل شبه الربوة من التراب وجمعها كثب بالضم. انتهى. ويجمع أيضا على كثبان، قاله غير واحد. السادسة: في «المشارق» (2: 293) : وقب عينه- بفتح الواو وسكون القاف- حفرة العين في عظم الوجه. السابعة: في «المشارق» (2: 184) : والقلال جمع قلّة وهي حبّ الماء سميت بذلك لأنها تقلّ بالأيدي، أي ترفع. الثامنة: في «المشارق» (2: 148) : الفدر- بكسر الفاء وفتح الدال- هي القطع منه واحدتها فدرة. وفي «الديوان» (1: 197) الفدرة بكسر الفاء: القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة. التاسعة: في «المشارق» رحلت البعير شددت عليه الرحل، والرّحل: الرّحالة، وهي من مراكب الرجال، وجمعها رحال. العاشرة: في «المشارق» (2: 297) وشائق: شرائح ميبّسة كالقديد، وقيل بل الذي أغلي إغلاءة ثم رفع.

الباب الثاني والعشرون في العامل في الحوائط

الباب الثاني والعشرون في العامل في الحوائط في «صحيح مسلم» (2: 262) رحمه الله تعالى: قال ابن المسيّب إن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال: يقولون إن أبا هريرة قد أكثر، والله الموعد، ويقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدّثون بمثل «1» أحاديثه وسأخبركم عن ذلك: إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أرضيهم، وإن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ملء بطني وأشهد «2» إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا، ولقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما: أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثي هذا ثم يجمعه إلى صدره فإنه لن ينسى شيئا سمعه؟ فبسطت بردة عليّ حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدري فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به، ولولا آيتان أنزلهما الله عز وجل ما حدثت شيئا أبدا إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى (البقرة: 159، 174) إلى آخر الآيتين. فائدتان لغويتان: الأولى: ابن طريف عمل- بكسر الميم- عملا: يستعمل في كلّ شيء. وفي «المحكم» (2: 127) العمل: المهنة والفعل، والجمع: أعمال، عمل عملا وأعمله واستعمله، واعتمل: عمل بنفسه، أنشد سيبويه «3» : [من الرجز]

_ (1) مسلم: يتحدثون مثل. (2) مسلم: فأشهد. (3) سيبويه 1: 443 واللسان (عمل) .

إنّ الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتّكل ويكتسي من بعدها ويكتحل «1» تنبيه: قول ابن سيده: العمل: المهنة، يريد الخدمة. قال الجوهري (6: 2209) : المهنة- بالفتح- الخدمة. وحكى أبو زيد والكسائي المهنة بالكسر وأنكره الأصمعي. فيكون معنى قول أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عمل أرضيهم: خدمة أرضيهم. الثانية: في «المحكم» الأرض التي عليها الناس أنثى والجمع: أراض وأروض وأرضون بفتح الراء. وفي «الصحاح» (3: 1063) : والجمع أرضات، والأراضي أيضا على غير قياس.

_ (1) المحكم: فيكتسي من بعده.

الباب الثالث والعشرون في السقاء الذي يحمل الماء على ظهره

الباب الثالث والعشرون في السقاء الذي يحمل الماء على ظهره قال أبو عمر في «الاستيعاب» (1717) أبو عقيل صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون اسمه: جثجاث. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ (التوبة: 79) الآية: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حضّ على الصدقة يوما فجاء عبد الرّحمن بن عوف بنصف ماله أربعة آلاف درهم أو أربعمائة دينار. وأتى عاصم بن عدي بمائة وسق تمر فلمزها المنافقون، وقالوا: هذا رياء فنزلت الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ . أبو عقيل جاء بصاع من تمر فقال: ما لي غير صاعين نقلت فيهما الماء على ظهري حبست أحدهما لعيالي وجئت بالآخر. فقال المنافقون: إن الله لغنيّ عن صاع هذا. فائدتان لغويتان: الأولى: في «ديوان الأدب» (3: 108) الجثجاث: نبت طيب الرائحة. انتهى. قلت: ولم يذكره ابن سيّد في «كتابه في الاشتقاق» ويحتمل أن يكون سمّي بهذا النبت كما سمي حنظلة وأرطاة. الثانية: في «المشارق» (1: 358) لمزه يلمزه- بكسر الميم وضمها- واللمز: العيب والغض من الناس والهمز مثله؛ قال الله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (الهمزة: 1) وقيل اللمز العيب في الوجه والهمز في الظهر، وقيل كلاهما في الظهر كالغيبة. وقيل إنما اللمز إذا كان بغير التصريح بإشارة الشفتين والعينين والرأس ونحوه.

الباب الرابع والعشرون في الحمل على الظهر

الباب الرابع والعشرون في الحمل على الظهر روى النسائي (5: 59) رحمه الله تعالى عن أبي مسعود رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأمرنا بالصدقة، فما يجد أحدنا شيئا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق فيحمل على ظهره فيجيء بالمدّ فيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. إني لأعرف اليوم رجلا له مائة ألف لم يكن له يومئذ درهم. فائدة لغوية: في «الإصلاح» «1» الحمل ما كان في بطن أو على رأس شجرة؛ قلت: يعني بالفتح، والحمل بالكسر ما كان على ظهر أو رأس. انتهى. وفي «الصحاح» (4: 1677) ذكر ابن دريد أن حمل الشجر فيه لغتان: الفتح والكسر. وفي «المحكم» حمل الشيء يحمله حملا وحملانا فهو محمول، والحمل: ما حمل وجمعه أحمال، والحمّال حامل الأحمال، وحرفته الحمالة، وحملت المرأة تحمل حملا علقت، وامرأة حامل وحاملة، وجمع الحمل: حمال. وفي الحديث: «هذا الحمال لا حمال خيبر» يعني ثمر الجنة أنه «2» لا ينفد. انتهى. قلت: وهذا كحبل وحبال ورحل ورحال.

_ (1) هو في الصحاح أيضا 4: 1676. (2) ر: لأنه.

الباب الخامس والعشرون في الحجام

الباب الخامس والعشرون في الحجام 1- أبو هند : في «السير» (1: 644) لابن إسحاق رحمه الله تعالى: ولقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة بدر أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي بحميت مملوء حيسا وقد كان تخلّف عن بدر وشهد المشاهد كلّها وهو كان حجام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنما أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وانكحوا إليه ففعلوا. 2- أبو طيبة : روى مالك رحمه الله تعالى في «الموطأ» (691) عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: احتجم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخفّفوا عنه من خراجه. وفي «الاستيعاب» : قيل اسم أبي هند عبد الله، واسم أبي طيبة دينار، وقيل نافع، وقيل ميسرة. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «المحكم» (3: 67) الحجم: المصّ، والحجّام: المصّاص، وقد حجم يحجم ويحجم حجما، والمحجم والمحجمة ما يحتجم به، وحرفته الحجامة، واحتجم طلب الحجامة. الثانية: في «الصحاح» (1: 247) الحميت الزقّ الذي لا شعر عليه وهو للسمن. الثالثة: في «المشارق» (1: 218، 2: 231) الحيس: خلط الأقط بالتمر

والسّمن. قال بعضهم: وربما جعلت فيه خميرة. وقال ابن وضاح: هو التمر ينزع نواه ويخلط بالسويق، والمعروف الأول، والسويق هو القمح المقلوّ يطحن وربما ثري بالسمن. الرابعة: في «المشارق» (1: 327) في حرف الطاء المهملة: أبو طيبة- بفتح الطاء بعدها ياء باثنتين تحتها ساكنة بعدها باء بواحدة مفتوحة- حجام النبي صلّى الله عليه وسلم.

الباب السادس والعشرون في اللحام وهو الجزار والقصاب أيضا

الباب السادس والعشرون في اللحام وهو الجزار والقصاب أيضا من «صحيح البخاري» (3: 76) رحمه الله تعالى، باب ما قيل في اللحام والجزار، بسنده عن أبي مسعود رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب، فقال لغلام له قصاب: اجعل لي طعاما يكفي خمسة فإني أريد أن أدعو النبي صلّى الله عليه وسلم خامس خمسة، فإني قد عرفت في وجهه الجوع، فدعاهم فجاء معهم رجل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن هذا قد تبعنا فإن شئت أن تأذن له وإن شئت أن يرجع رجع «1» ، فقال: لا بل أذنت له. وروى البخاري (2: 210- 211) رحمه الله تعالى بسنده عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى أن عليا رضي الله تعالى عنه أخبره أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلّها لحومها وجلودها وجلالها ولا يعطي في جزارتها شيئا. وروى النسائي رحمه الله تعالى بسنده عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله تعالى عنه قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أتصدّق بلحومها وجلودها وأجلّتها وألا أعطي أجر الجازر منها، وقال: نحن نعطيه من عندنا. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «المحكم» : جزر الناقة يجزرها جزرا: نحرها وقطّعها، والجزور

_ (1) ان هذا ... رجع: سقط من ر.

الناقة المجزورة، والجمع جزائر وجزر، وجزرات جمع الجمع كطرق وطرقات، والجزّار والجزّير: الذي يجزر الجزور وحرفته الجزارة، والمجزر موضع الجزر، والجزارة اليدان والرجلان والعنق لأنها لا تدخل في أنصباء الميسر، وإنما يأخذها الجزّار فخرج عن بناء العمالة وهي أجر العامل. الثانية: العزيزي: البدن جمع بدنة وهي ما جعل في الأضحى للنحر وللنذر وأشباه ذلك، وقد تقدّم تفسير ذلك. الثالثة: في «المحكم» : جلّ الدابة وجلّها: الذي تلبسه لتصان به، الفتح عن ابن دريد، قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جلال وأجلال، وجلال كل شيء: غطاؤه، في «المشارق» : جلال البدن وأجلّتها: وهي الثياب التي تلبسها.

الباب السابع والعشرون في الطباخ

الباب السابع والعشرون في الطباخ في «الشمائل» (88) للترمذي رحمه الله تعالى عن أبي عبيد رضي الله تعالى عنه قال: طبخت للنبي صلّى الله عليه وسلم قدرا وكان يعجبه الذراع، فناولته الذراع، ثم قال: ناولني الذراع فناولته، ثم قال: ناولني الذراع فقلت: يا رسول الله وكم للشاة من ذراع؟ فقال: والذي نفسي بيده لو سكتّ لناولتني الذراع ما دعوت. انتهى. وخرّج النسائي رحمه الله تعالى في كتاب الوليمة من «سننه» عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ذبحت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم شاة، قال: ناولني الذراع، فناولته الذراع، قال: ناولني الذراع فناولته الذراع قال: ناولني الذراع، قلت: يا رسول الله: إنما للشاة ذراعان، قال: لو التمسته وجدته. انتهى. تنبيه: يحتمل أن يكون ما رواه هذان الإمامان قصتين وقعتا في وقتين مختلفين، أو يكون من وهم الرواة فنسبها أحدهم لأبي عبيد، ونسبها الآخر لأبي هريرة. وفي «الاستيعاب» (1709) لأبي عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى: أبو عبيد مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويقال خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لا أقف على اسمه. من حديثه: أنه كان يطبخ لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فقال له: ناولني الذراع، وكان يعجبه لحم الذراع، الحديث. قلت: قال أبو عمر رحمه الله تعالى: الحديث ولم يكمله، وفي هذا تقوية لرواية الترمذي، رحمه الله تعالى.

فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (1: 426) طبخت القدر واللحم «1» فانطبخ، والموضع مطبخ، وفي «الديوان» (2: 104) بفتح الباء في الماضي وضمها في المستقبل. الثانية: في «الصحاح» (3: 1209) ذراع اليد يذكر ويؤنث.

_ (1) واللحم: سقطت من ر.

الباب الثامن والعشرون في الشواء

الباب الثامن والعشرون في الشوّاء روى النسائي رحمه الله تعالى عن أبي رافع رضي الله تعالى عنه قال: كنت أشوي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم بطن الشاة وقد توضأ للصلاة، فيأكل منه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ. فائدة لغوية: في «الصحاح» (6: 2396) شويت اللحم شيّا، والاسم الشّواء، والقطعة منه شواة «1» ، واشتويت: اتخذت شواء، وقد انشوى اللحم، ولا تقل اشتوى، وأشويت القوم: أطعمتهم شواء. تنبيه: قد تقدم ذكر أبي رافع رضي الله تعالى عنه في باب صاحب الثقل بما أغنى عن الإعادة.

_ (1) الصحاح: شواءة.

الباب التاسع والعشرون في الماشطة

الباب التاسع والعشرون في الماشطة قال ابن فتحون في «الذيل» : أم زفر «1» : ماشطة خديجة أمّ المؤمنين وسيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها، كانت تأتي النبي صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك فيكرمها ويقول: إنها كانت تأتينا أيام خديجة. وقال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» : (2: 339) لما أعرس رسول الله صلّى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب بخيبر أو ببعض الطريق، كانت التي جمّلتها لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ومشطتها وأصلحت من أمرها أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم فبات بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قبة له. انتهى. وفي «الاستيعاب» (1940) أمّ سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام «2» بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار: اختلف في اسمها فقيل سهلة، وقيل رملة «3» ، وقيل رميثة، وقيل مليكة، ويقال الغميصاء والرميصاء، كانت تحت مالك بن النضر أبي أنس بن مالك في الجاهلية فولدت له أنس بن مالك، فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع قومها وعرضت الإسلام على زوجها فغضب عليها وخرج إلى الشام فهلك هنا لك، ثم خلف «4» عليها بعده أبو طلحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه خطبها مشركا فلما علم أنه لا سبيل إليها إلا بالإسلام أسلم وتزوجها وحسن إسلامه، فولد له منها غلام كان قد أعجب به، فمات صغيرا فأسف عليه،

_ (1) قارن بالإصابة 8: 235. (2) ر: حزام. (3) الاستيعاب: رميلة. (4) ر: فخلف.

ويقال إنه أبو عمير صاحب النّغير. ثم ولدت له عبد الله بن أبي طلحة فبورك فيه، وهو والد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الفقيه، وإخوته كانوا عشرة كلهم حمل عنه العلم. وروت أم سليم عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث وكانت من عقلاء النساء. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (2: 945، 944) أعرس بأهله: إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها ولا تقل: عرّس، والعامة تقوله، والعروس: نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما. يقال رجل عروس في رجال عرس، وامرأة عروس في نساء عرائس، والعرس بالكسر: امرأة الرجل. الثانية: في «الصحاح» (3: 1160) امتشطت المرأة ومشطتها الماشطة تمشطها مشطا، ولمّة مشيط أي ممشوطة، والمشطة نوع من المشط كالرّكبة والجلسة، والمشط بالضم واحد الأمشاط.

الباب الثلاثون في القابلة

الباب الثلاثون في القابلة قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (54) عند ذكر إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلم: ذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم مارية ولدته بالعالية في المال الذي يقال له اليوم «مشربة إبراهيم» بالقف، وكانت قابلتها سلمى مولاة النبي صلّى الله عليه وسلم امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع به النبي صلى الله عليه وسلم فوهب له عبدا. قال أبو عمر (54) ولدته مارية القبطية في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة. انتهى. وقال أبو عمر أيضا في «الاستيعاب» (1862) في كتاب النساء في باب سلمى خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وهي مولاة صفية بنت عبد المطلب يقال لها مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهي امرأة أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأم بنيه، وسلمى هذه هي التي قبلت إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت قابلة بني فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهي التي غسلت فاطمة رضي الله تعالى عنها مع زوجها علي ومع أسماء بنت عميس رضي الله تعالى عنهم. وشهدت سلمى هذه خيبر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الأفعال» لابن طريف قبل الشيء على فعل بكسر الباء: أخذه.

وفي «الغريبين» في الحديث: رأيت عقيلا يقبل غرب زمزم أي يتلقاها فيأخذها، يقال قبلت الدلو أقبلها، وفي «المحكم» والقابل الذي يقبل الدلو، قال زهير «1» : [من البسيط] وقابل يتغنّى كلّما قدرت ... على العراقي يداه قابلا دفقا «2» وقبلت القابلة الولد قبالة كما يقبل المستقي الغرب وهي قابلة المرأة وقبيلها، قال الشاعر: [من الطويل] كصرخة سلمى أسلمتها قبيلها «3» الثانية: في «المشارق» (2: 108- 109) : العالية: وعوالي المدينة كل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها فهي العالية، وما كان دون ذلك من جهة تهامة فهي السافلة، والعوالي من المدينة على أربعة أميال وقيل ثلاثة، هذا حدّ أدناها، وأبعدها ثمانية أميال. الثالثة: في «المشارق» (2: 199) : القف بضم القاف: واد من أودية المدينة عليه مال.

_ (1) ديوان زهير: 40 واللسان (قبل) . (2) العراقي: الخشبتان كالصليب على الدلو. (3) البيت في اللسان (قبل) وصدره: أصالحكم حتى تبؤوا بمثلها، وروايته كصرخة حبلى.

الباب الحادي والثلاثون في الخافضة

الباب الحادي والثلاثون في الخافضة وفيه فصلان الفصل الأول في ذكر الخاتنة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم في «المنتقى» لأبي الوليد الباجي رحمه الله تعالى: روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لأم عطية وكانت تخفض: أشمّي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج. قال الشيخ أبو محمد في «مختصره» أكثر لماء الوجه ودمه، وأحسن في جماعها. وفي «الروض الأنف» (1: 91) أول من ثقبت أذناها وأول من خفض من النساء هاجر أم إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذلك أن سارة غضبت فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها، فأمرها إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام أن تبرّ قسمها بثقب أذنيها وخفاضها، فصارت سنة في النساء. وقد ذكر هذا الخبر ابن أبي زيد في «نوادره» . فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: في «الغريبين» الختان: القطع من ذكر الغلام ونواة الجارية. وفي

الفصل الثاني في ذكر أم عطية

«المحكم» (5: 93) ختن الغلام والجارية يختنها ويختنها ختنا، وأنشد ابن طريف للراجز: تلوية الخاتن أير المعذر «1» وللشاعر «2» : [من الطويل] فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها ... فما ختنت إلّا ومصّان قاعد الثانية: في «الغريبين» في حديث أم عطية إذا خفضت فأشمى، يقال للخاتن الخافض والختّان والمعذر والعاذر. وفي «المحكم» خفض الجارية يخفضها خفضا، وهو كالختان للغلام، وقيل خفض الصبي خفضا: ختنه فاستعمل في الرجل، والأعرف أن الخفض للمرأة والختان للصبي. الثالثة: في «الغريبين» في حديث أم عطية أشمّي ولا تنهكي قوله: أشمي يقول لا تستقصي ولا تستأصلي. وقوله لا تنهكي أي ولا تبالغي في إسحاته. وفي «المحكم» (4: 104) النهك: المبالغة في كل شيء. وفي «الديوان» (2: 247) : نهك بفتح الهاء وكسرها ينهك بفتحها. وفي «المحكم» (3: 129) سحت الحجام الختان وأسحته: استأصله. الفصل الثاني في ذكر أمّ عطية رضي الله تعالى عنها قال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1947) : أم عطية الأنصارية اسمها: نسيبة بنت الحارث وقيل نسيبة بنت كعب، قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين وأحمد بن حنبل يقولان: أم عطية الأنصارية نسيبة بنت كعب. قال أبو عمر: وفي هذا نظر لأن أم عمارة نسيبة بنت كعب.

_ (1) روايته في اللسان (عذر) ؛ تلوية الخاتن زب المعذور. (2) هو زياد الأعجم يهجو خالد بن عتاب بن ورقاء (اللسان: مصص) .

قال أبو عمر: تعدّ أم عطية في أهل البصرة، وكانت رضي الله تعالى عنها من كبار نساء الصحابة، وكانت تغزو كثيرا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم تمرّض المرضى وتداوي الجرحى، وشهدت غسل بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأحكمت ذلك وأتقنت، وحديثها أصل في غسل الميت، ولها عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث. انتهى. قلت: ولم يذكر أبو عمر في الصحابيات أم عطية غير هذه، ولم يستدرك ابن فتحون في «الذيل» أحدا فيحتمل أن تكون هي صاحبة حديث الخفاض، والله أعلم.

الباب الثاني والثلاثون في المرضعة

الباب الثاني والثلاثون في المرضعة قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى في «الاستيعاب» (1926) : أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش «1» بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار هي التي أرضعت إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم؛ دفعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليها ساعة وضعته أمه، فلم تزل ترضعه حتى مات عندها. قال: وهي زوج البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، قال: وهو أبو إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وسلم من الرضاع لأن زوجته أم بردة أرضعته بلبنه. انتهى. قلت: ويقال لها أيضا أم سيف ولزوجها أبو سيف. قال أبو عمر (54) عند ذكره إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال الزبير: دفعه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أمّ سيف امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف. انتهى. وروى البخاري (2: 105) رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أبي سيف وكان ظئرا لإبراهيم فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمّه. انتهى. وقال ابن فتحون: أبو سيف القين ظئر إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واسمه البراء بن أوس، وقد ذكره أبو عمر (1687) وهو بكنيته أشهر. قال: وأم سيف ظئر إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلم، يقال لها أم بردة،

_ (1) الاستيعاب: خراش.

وبه كنّاها أبو عمر في كتابه، وقال الطبري: هي خولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. قال: ابن فتحون وهذه الكنية- يعني أم سيف- أشهر لها. انتهى. فائدتان لغويتان: الأولى: في «الصحاح» (3: 1220) رضع الصبيّ أمه يرضعها رضاعا مثل سمع يسمع سماعا، وأهل نجد يقولون: رضع يرضع رضعا مثل ضرب يضرب ضربا وأرضعته أمه، وامرأة مرضع أي لها ولد ترضعه فإن وصفتها بإرضاع الولد قلت مرضعة. وفي «المشارق» (1: 293) إنّما الرّضاعة من المجاعة أي حرمتها في التحليل والتحريم في حال الصغر وجوع اللبن وتغذيته. ويقال في هذا رضاعة ورضاعة ورضاع ورضاع، وأنكر الأصمعي الكسر مع الهاء. الثانية: في «المشارق» (1: 327) الظئر التي ترضع الصبي لغيرها وتربيه. وقال الخليل: الظئر يقع للمذكر والمؤنث. وفي «الصحاح» (2: 729) الظئر مهموز والجمع ظؤار على فعال بالضم وظؤور وأظار. أبو زيد ظاءرت مظاءرة إذا اتّخذت ظئرا.

الباب الثالث والثلاثون في المغنين

الباب الثالث والثلاثون في المغنين وفيه خمسة فصول الفصل الأول في المغنين في الأعياد روى مسلم (1: 243) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلّى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم. وروى مسلم (1: 243) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنّيان وتضربان بالدفّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجّى بثوبه فانتهرهما أبو بكر رضي الله تعالى عنه فكشف رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنه فقال: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد. وروى أيضا (1: 242) رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل عليّ أبو بكر وجاريتان من جواري الأنصار تغنّيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث- قالت: وليستا بمغنيتين- فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إن لكلّ قوم عيدا وهذا عيدنا. انتهى. وفي طريق آخر لمسلم (1: 243) في هذا الحديث قال: مزمار الشيطان عند

رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ وخرجه البخاري رحمه الله تعالى وفيه فقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلّى الله عليه وسلم؟! فوائد لغوية في ست مسائل: الأولى: قال ابن القوطية في كتابه: «في المقصور والممدود» الغناء ما طرب له. وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: كل من رفع صوته بشيء ووالى به مرة بعد أخرى فهو غناء» عند العرب، وأكثره فيما شاق من صوت، أو شجا من نغمة ولحن، فلذلك قيل: غنّت الحمامة وتغنّى الطائر؛ قال المجنون: [من الطويل] ألا قاتل الله الحمامة غدوة ... على الغصن ماذا هيّجت حين غنّت «2» وقال القالي: في كتابه «المقصور والممدود» : الغناء المسموع ممدود وأنشد الفراء: [من البسيط] تغنّ بالشّعر إمّا كنت قائله ... إنّ الغناء لهذا الشّعر مضمار «3» وفي «الصحاح» (6: 2449) الغناء بالكسر من السماع. وفي «المحكم» (6: 15) وقد غنّى به، وبينهم أغنية يتغنّون بها، أي نوع من الغناء. وفي «المشارق» (2: 137) قوله جاريتان تغنّيان بما تقاولتا به الأنصار- قال: وليستا بمغنيتين- الغناء الأول: من الإنشاد، والثاني: من الصفة اللازمة، أي ليستا ممن اتصف بهذا واتخذه صناعة إلا كما ينشد الجواري وغيرهن من الرجال في خلواتهم ويترنّمون به من الأشعار في شؤونهم، ويحتمل أن يكون ليستا بمغنيتين هذا الغناء المصنوع الخارج عن إنشاد «4» العرب.

_ (1) ر: الغناء. (2) من أبيات لأعرابي في الأغاني 5: 327 وانظر ديوان المجنون: 86. (3) ورد البيت في اللسان (غنى) . (4) المشارق: إنشادات.

الثانية: في «المشارق» (1: 312) قوله في الحبشة يزفنون- بفتح الياء- أي يرقصون، والزّفن الرقص، وهو لعبهم وقفزهم بحرابهم للمثاقفة. وذهب أبو عبيد إلى أنه من الزّفن بالدف، والأول هو الصواب، لأن ما ذكره لا يصحّ في المسجد، وهذا من باب التدرب في الحرب وكان فيما قيل قبل تنزيه المساجد عن مثله. الثالثة: في «الصحاح» (4: 136) الدّف الذي يضرب به النساء بالضم، وحكى أبو عبيدة عن بعضهم أن الفتح فيه ثابت لغة. وفي «الإكمال» : هو الدف العربي المدور بوجه واحد المسمّى بالغربال. انتهى. وجمعه دفوف. وقال محمد بن عمر بن محمد السبتي المعروف بالدراج في كتابه الذي سماه «بالكفاية والغناء في أحكام الغناء» : ويسميه الناس الطار. وأنشد لابن حمديس الصقلي «1» : [من المتقارب] وراقصة لقطت رجلها ... حساب يد نقرت طارها انتهى. قلت: وهو المستعمل الآن عند المغنين في الأعراس في عصرنا هذا وفيه قطع من الصّفر مستديرة مركّبة في جوانب دوره يسمع لها عند تحريكه وقرع بعضها بعضا تصويت وجلجلة، وقد كانت العرب تعمل في دفوفها جلاجل، قال أبو النجم العجلي يصف فرسا، أنشده أبو عبيدة في كتابه «في الخيل» «2» : [من الراجز] راحوا ورحنا بشديد زجله ... كأنّ في الصوت الذي يفصّله زمّار دف يتغنّى جلجله وأنشد الأصمعي في كتابه «في الخيل» أيضا للفرزدق، يخاطب الحارث بن

_ (1) ديوان ابن حمديس: 182. (2) في ديوان أبي النجم: 164 الشطران الثاني والثالث.

عبد الله بن ربيعة المعروف بالقباع، وكان أمر صاحب شرطته عباد بن حصين بهدم داره مرتين، وكان عباد يلعب في الأعراس «1» : [من الطويل] أحارث داري مرّتين هدمتها ... وأنت ابن أخت لا تخاف غوائله أتحسب قلبي خارجا من حجابه ... إذا دفّ عبّاد تغنّت جلاجله وقد ذكر ذلك الإمام أبو حامد الغزالي رضي الله تعالى عنه في كتاب آداب السماع من «كتاب الإحياء» (2: 282) عند ذكر الآلات التي يباح استعمالها في الغناء فعدّ فيها الدفّ، قال: وإن كان فيه الجلاجل. تنبيه: ولم أقف في شيء مما طالعته من الكتب ما أستدل به على الدفوف التي كانت الجواري يضربن بها في بيت النبي صلّى الله عليه وسلم: هل كان فيها جلاجل أم لا، ولكن يحتمل إجازة أبي حامد استعمال ما فيه الجلاجل من الدفوف ثبوت استعمالها في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ولذلك أباح استعمالها. الرابعة: في «المشارق» (2: 207) : قوله مسجّى بثوبه: هو المغطّى بثوبه كلّه رأسه ورجلاه، وقد تقدم. الخامسة: في «الإكمال» : يوم بعاث: يوم معلوم كان بين الخزرج والأوس كان الظهور فيه للأوس؛ وفي «المشارق» (1: 116) بضم أوله لا غير وعين مهملة، كذا عند أكثر أهل اللغة والرواة. وحكى أبو عبيدة عن الخليل فيه المعجمة وآخره ثاء مثلثة: موضع على ليلتين من المدينة. السادسة: في «المشارق» (1: 311) : مزمور الشيطان بضم أوله بمعنى مزمار كما جاء في الحديث الآخر، وأصله: الصوت الحسن، والزمر الغناء، ومنه لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود أي صوتا حسنا. انتهى.

_ (1) ديوان الفرزدق 2: 172.

الفصل الثاني في ذكر من غنى في وليمة النكاح

الفصل الثاني في ذكر من غنّى في وليمة النكاح روى البخاري (7: 28) رحمه الله تعالى عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها زفّت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو. انتهى. وروى النسائي رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: أنكحت عائشة رضي الله تعالى عنها ذات قرابة لها رجلا من الأنصار فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أهديتم الفتاة؟ ألا بعثتم معها من يقول: [من الهزج] أتيناكم أتيناكم ... فحيانا وحياكم وروى النسائي (6: 127) أيضا رحمه الله تعالى عن محمد بن حاطب رضي الله تعالى عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فصل ما بين الحلال والحرام الدف في النكاح. انتهى. وأخرجه الترمذي (2: 276) وقال: هو حديث حسن. وقال أبو محمد عبد الحق في «الأحكام» : وغير الترمذي يقول صحيح. وقال الإمام أبو الفضل المقدسي في «صفوة التصوف» «1» : وألزم الدارقطني مسلما رحمهما الله تعالى إخراج أحاديث محمد بن حاطب رضي الله تعالى عنه. وروى النسائي أيضا عن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يتغنين، فقلت: أنتم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأهل بدر يفعل هذا عندكم؟! قالا: اجلس فإن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخّص لنا في اللهو عند العرس.

_ (1) لم أجد هذا في كتابه المطبوع بهذا الاسم.

الفصل الثالث في ذكر من غنى عند تلقي النبي صلى الله عليه وسلم حين قدومه من السفر

فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: ابن طريف: زففت العروس- بفتح الفاء- إلى زوجها زفافا وأزففتها: أهديتها. الثانية: في «الصحاح» (6: 2487) لهوت بالشيء ألهو لهوا: إذا لعبت به، وتلهيت به مثله. الثالثة: ابن طريف: هديت المرأة إلى زوجها هداء وأهديتها لغة ذكرها أبو زيد وأبو عبيدة. الرابعة: ألا حرف تحضيض مثل: هلا. انتهى. الفصل الثالث في ذكر من غنى عند تلقي النبي صلّى الله عليه وسلم حين قدومه من السفر ذكر أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب آداب السماع من «الإحياء» (2: 277) قول الذين أباحوا الغناء وحججهم قال: ويدل على هذا من النقل إنشادهم بالدف والألحان عند قدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: [من الرمل المجزوء] طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داعي وذكر المطرز في «اليواقيت» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما قدم المصطفى صلّى الله عليه وسلم المدينة استقبلته فتيات الأنصار بأيديهن الدفوف يضربن بها ويقلن: نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار وروى الترمذي (5: 283) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن بريدة قال سمعت بريدة يقول: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردّك الله صالحا أن

أضرب بين يديك بالدف وأتغنّى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب فدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر رضي الله تعالى عنهم فألقت الدف تحت استها فقعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح [غريب] . فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى في «الصحاح» (6: 2193، 1: 172، 513) اللحن واحد الألحان واللحون، وقد لحن في قراءته إذا طرّب فيها وغرد، قال: والتطريب في الصوت مدّه وتحسينه، قال: والتغريد التطريب في الصوت والغناء. الثانية: في «المشارق» (1: 136) : ثنيّة الوداع: موضع بالمدينة على غير طريق مكة سمي بذلك لأن الخارج منها يودّعه فيه مشيعه، وقيل بل لوداع النبي صلّى الله عليه وسلم فيه بعض المسلمين المقيمين بالمدينة في بعض خرجاته، وقيل ودع فيه صلى الله عليه وسلم بعض أمراء سراياه، وقيل الوداع واد بمكة- قاله المظفر في كتابه، وحكى أن إماء أهل مكة قلنه في رجوعهم عند لقاء النبي صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح، خلاف ما قاله غيره من أن نساء أهل المدينة قلنه عند دخول المدينة، والأول أصحّ لذكر نساء الأنصار ذلك مقدم النبي صلّى الله عليه وسلم، فدلّ على أنه اسم قديم لها، وبينها وبين الحفياء ستة أميال أو سبعة عند ابن عقبة، وخمسة أو ستة عند سفيان. الثالثة: في «المحكم» : الثنية: الطريفة في الجبل كالنقب، وقيل الطريقة إلى الجبل، وقيل هي العقبة، وقيل هي الجبل نفسه.

الفصل الرابع في ذكر من غنى قوما اجتمعوا عند صاحب لهم وسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأقرهم عليه ولم ينكره عليهم

الرابعة: المطرز في «اليواقيت» : الجارية: الحديثة السن من الفتيات، وفي «المحكم» : الجارية الفتيّة من النساء بيّنة الجراية والجراية والجراء والجراء. الفصل الرابع في ذكر من غنّى قوما اجتمعوا عند صاحب لهم وسمع النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك فأقرهم عليه ولم ينكره عليهم ذكر أبو عمر ابن عبدربه في «العقد» (6: 8) حديث عبد الله بن أبي أويس ابن عم مالك رحمه الله تعالى قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بجارية في ظلّ فارع وهي تغني وتقول [من المقتضب] هل عليّ ويحكما ... إن لهوت من حرج فقال صلّى الله عليه وسلم: لا حرج إن شاء الله، قال أبو عمر: كان عبد الله من أفضل رجال الزهري. انتهى. وروى أبو الفرج الأصبهاني هذا الخبر بأتم من هذا في كتاب «آداب السماع» فقال: حدثنا عبد الله بن شبيب أبو سعيد قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال، حدثني أبي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحسان بن ثابت وهو بفناء أطمه فارع ومعه سماطان من أصحابه وجاريته تغنيهم، فانتهى إليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهي تقول: هل عليّ ويحكما ... إن لهوت من حرج فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: لا حرج. وذكر الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله تعالى هذا البيت في «رسالته» (637) وزاد معه بيتين وقال: إن رجلا أنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم [من المقتضب]

أقبلت فلاح لها ... عارضان كالسّبج أدبرت فقلت لها ... والفؤاد في وهج هل عليّ ويحكما ... إن لهوت من حرج فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا. انتهى. فوائد لغوية في سبع مسائل: الأولى: فارع: اسم أطم حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه، سمي بذلك لعلوه وارتفاعه، والأطم- بضم الهمزة والطاء معا- الحصن، قاله الفارابي. الثانية: اللهو قد تقدم معناه في الفصل الثاني من هذا الباب. الثالثة: في «الصحاح» (1: 305) الحرج: الإثم، ومكان حرج وحرج: أي ضيق كالدّنف والدنف بمعنى واحد. الرابعة: في «جامع اللغات» أنشدت الشعر إنشادا، والنشيد الشعر. وفي «المحكم» : فعيل بمعنى مفعل وهم يتناشدون ينشد بعضهم بعضا. وفي «الصحاح» (1: 541) استنشدت فلانا شعره فأنشدنيه. الخامسة: في «المخصص» و «المحكم» (1: 247) العارضان: شقّا الفم، وقيل هما الخدان، وقيل جانبا اللحية. وفي «الصحاح» : (3: 1086) وقولهم فلان خفيف العارضين: يراد به خفة شعر عارضية. السادسة: وفي «الصحاح» (1: 321) السّبج: هو الخرز الأسود، فارسي معرب. السابعة: في «الصحاح» (4: 1525) العشق: فرط الحب، وقد عشقه عشقا: مثل علمه علما، والتعشق: تكلف العشق. قال الفراء: يقولون امرأة محب لزوجها وعاشق. تنبيه في توجيه هذا التشبيه: وله وجهان: الوجه الأول: أن يكون أراد عارضي نفسه، وأن المرأة لما رأت

سوادهما استقبحته وشنئته فأدبرت، وقد أوضح هذا المعنى وشرحه أبو الحسين بن يلمش التركي أحد شعراء «الخريدة» فقال: [من الخفيف] قالت اسود عارضاك بشعر ... وبه تقبح الوجوه الحسان قلت أضرمت في فؤادي نارا ... فعلى عارضيّ منه دخان وبيّن أبو تمام حبيب بن أوس الطائي العلة في ذلك بقوله: [من الكامل] أحلى الرجال من النساء مواقعا ... من كان أشبههم بهنّ خدودا والوجه الثاني: أن يكون أراد ما أرسلته هذه المرأة على عارضيها من شعر صدغيها، فذكر العارضين وإنما يريد ما عليهما من شعر، كما قالوا: فلان خفيف العارضين، وإنما يريدون خفيف ما عليهما من الشعر، ووصف ما يرسله النساء من شعر أصداغهن على عوارضهن بالسواد أمر معروف ومسلك مألوف، ولذلك تشبهه الشعراء بالسّبج والعقارب، فمما جاء في تشبيهه بالسّبج قول يوسف بن هارون الرمادي من شعراء «الفرائد في التشبيهات» تأليف الكاتب علي بن محمد بن أبي الحسين الأصبحي الأندلسي «1» ، وذكر العارضين والصّدغين فصرّح وأوضح «2» [من البسيط] وجه كلعبة عاج صوّرت فجرى ... على عوارضها صدغان من سبج وأعاد هذا المعنى فأحسن وذكر الخدين عوض العارضين فقال «3» : [من الوافر] أجل عينيك في خدّ رقيق ... تجل عينيك في روض أنيق ترى صدغين في سبج نفيس ... مجالهما على خدي عقيق

_ (1) علي بن محمد بن أبي الحسين: ذكره الحميدي في الجذوة (290) وذكر أن له كتابا في التشبيهات من أشعار أهل الأندلس وأنه كان في الدولة العامرية وعاش إلى أيام الفتنة. (2) لم يرد في ديوانه المجموع. (3) لم يردا في ديوانه المجموع.

وقول بعض شعراء الأندلس، أنشدهما الكاتب أبو بكر الصابوني «1» في كتابه «مسامرة الأمراء» ولم يسمه [من الكامل] في خدّها ماء الشبيبة جائل ... مترقرق في وجنة من نور وكأن صدغيها على صفحاتها ... نونان من سبج على بلّور وأشار بتشبيههما بالنونين إلى تعقيفهما، وقد يفعل ذلك فيهما كثيرا. وقول القاضي يحيى بن صاعد بن يسار من شعراء «الخريدة» : [من الطويل] ولما التقى الياقوت والدرّ والسبج ... من الخدّ والأسنان والصدغ ذي العوج أتاح لها الباري زمرد عينها ... فتمّ به عقد الملاحة وازدوج وقد أشار بوصفهما بالعوج إلى تعقيفهما، كما أشار إليه الذي قبله حسبما نبهت عليه. وإنما جعل عينها من الزمرد لأنها كانت زرقاء، وقد صرّح بذلك في قوله أيضا بمدح الزرقة في العينين: [من الكامل] ما شانها والله زرقة عينها ... بل صار ذاك زيادة في زينها كادت أساود شعرها تسطو على ... عشّاقها لولا زمرّد عينها وأشار هنا إلى قول أصحاب الخواص: إن الحية إذا نظرت إلى الزمرد الفائق انفقأت عيناها. ومما جاء من تشبيهها بالعقارب قول أبي حفص عمر بن إبراهيم التجاني، أنشدهما الفقيه أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي في «الاستعارات» : [من الكامل] أخذت لآرام الفلاة نفورها ... وخصورها والطول من أعناقها ويودّ قلبي لدغ عقرب صدغها ... علما بأن الريق من درياقها

_ (1) أبو بكر محمد بن أحمد الصابوني شاعر إشبيلية في وقته، هاجر إلى تونس وعاش في رحاب الدولة الحفصية، ثم ارتحل فأقام بالإسكندرية والقاهرة وكانت وفاته سنة 636 (اختصار القدح المعلى: 69 والوافي 2: 99 والفوات 3: 284 والمقتضب من تحفة القادم: 161 والمغرب 1: 263 وصفحات متفرقة من نفح الطيب) .

وقول الطغرائي من شعراء «الخريدة» : [من الطويل] وغانية لم تبق من جسدي سوى ... ذماء ولا يبقى الذّماء لما أرى على وجنتيها عقربان تقابلا ... وفي مقلتيها ساحران تظاهرا وقول ابن جاخ، أنشده أبو الحسن علي بن أحمد الحرّاني في كتابه «بغية الأديب» وأحسن ما شاء رحمه الله تعالى «1» : [من المتقارب] ولما التقينا غداة النوى ... وقد أسقط البين ما في يدي رأيت الهوادج فيها البدور ... عليها براقع من عسجد وتحت البراقع مقلوبها ... تدبّ على ورد خدّ ندي تسالم من وطئت خدّه ... وتلدغ خدّ الشجي الأبعد وتحمي عن الورد أن يجتنى ... فقد أمن الورد من معتدي وهذا البيت الخامس زاده ابن عبد الملك في «صلته» «2» معها زيادة في الإفادة. ووقع في الأبيات المستشهد بها على تشبيه الأصداغ بالسّبج والعقارب كلمات وجب التنبيه على ضبط ما فيها وشرح معانيها وهي أربع: الأولى: في البلّور لغتان فتح الباء وضم اللام المشددة بعدها واو مجتلبة على وزن خرّوب، وكسر الباء وفتح اللام مشدّدة أيضا وبعدها واو ساكنة على وزن سنّور؛ قاله ابن ظفر في «شرح المقامات» والفارابي في «الديوان» (1: 332، 339) قال: وهو حجر معروف. الثانية: في «جامع اللغات» والزّمرذ بفتح الراء وإعجام الذال هو الجوهر الأخضر، وفي «الصحاح» الزّمرذ بالضمّ والذال المعجمة: الزبرجد، وهو معرب والراء مضمومة مشددة.

_ (1) شعر ابن جاخ في نفح الطيب 3: 452 وورد في المطرب لابن دحية: 184 ونسبه لعلي بن إسماعيل الأشبوني وذكر أن ابن جاخ أخذ هذا الشعر وادعاه لنفسه. (2) يريد كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي.

الفصل الخامس في ذكر قينة غنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إذنه لتسمع عائشة أم المؤمنين

الثالثة: الجوهري: (6: 2347) الذّماء ممدود: بقية الروح في المذبوح وذاله معجمة، وقال الزبيدي: الذماء: حشاشة النّفس. قول ابن جاخ: وتحت البراقع مقلوبها، يريد: عقارب مقلوب براقع. انتهى. الفصل الخامس في ذكر قينة غنت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن إذنه لتسمع عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها غناءها روى النسائي رحمه الله تعالى عن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة تعرفين هذه؟ فقالت: لا يا نبيّ الله، قال: هذه قينة بني فلان، تحبين أن تغنيك؟ فغنتها. فائدة لغوية: قال القاضي أبو الفضل عياض في «المشارق» (2: 197) القينة: المغنية، والقينة: الأمة أيضا. وفي «الصحاح» (6: 2186) القينة: الأمة مغنية كانت أو غير مغنية، والجمع القيان، قال زهير «1» : [من البسيط] ردّ القيان جمال الحيّ فاحتملوا ... إلى الظهيرة أمر بينهم لبك

_ (1) شرح ديوان زهير: 164.

الباب الرابع والثلاثون في الحفار للقبور

الباب الرابع والثلاثون في الحفار للقبور ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في «السير» (2: 663) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة ابن الجراح يضرح لحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي كان يحفر لأهل المدينة فكان يلحد- فدعا العباس رضي الله تعالى عنه رجلين، فقال: لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة ابن الجراح، وفال للآخر: اذهب إلى أبي طلحة، اللهم اختر لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به، فلحد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى. تنبيه: قد تقدم التعريف بأبي عبيدة ابن الجراح، وأما أبو طلحة هذا رضي الله تعالى عنه فقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (553) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار: أبو طلحة الأنصاري النجاري، وهو مشهور بكنيته، شهد العقبة ثم شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وهو القائل [من الرجز] أنا أبو طلحة واسمي زيد ... وكلّ يوم في سلاحي صيد وأبو طلحة هذا هو ربيب أنس بن مالك، خلف بعد أبيه مالك بن النضر على أمه أم سليم بنت ملحان. وعن أنس أن أبا طلحة رضي الله تعالى عنهما قرأ سورة براءة فأتى على قوله عز وجل: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا قال: لا أرى ربنا إلا يستنفرنا شبابا وشيوخا، يا بني جهزوني جهزوني: فقالوا له: يرحمك الله قد غزوت مع

رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى مات، ومع أبي بكر حتى مات، ومع عمر حتى مات، فقال: بل جهزوني، فغزا في البحر فمات في البحر، فلم يجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فدفنوه بها وهو لم يتغير، وكان من الرماة المذكورين من الصحابة رضي الله تعالى عن الجميع. وعن أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة يجثو بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء، ثم ينثر كنانته بين يديه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة. وعن أنس أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل كافرا فله سلبه، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم. واختلف في وقت وفاته، فقيل سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة، وصلّى عليه عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم. وقال المدائني: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين. انتهى مختصرا من ترجمة اسمه وترجمة كنيته. تنبيه: قد تقدم قول أنس إنه توفي رضي الله تعالى عنه في البحر، وهذا خلاف قول من قال إنه لما توفي صلّى عليه عثمان رضي الله تعالى عنه. فوائد لغوية في أربع مسائل: في «الصحاح» (2: 634) حفرت الأرض واحتفرتها، والحفير: القبر، وفي «الديوان» حفرت بفتح الماضي وكسر المستقبل. وفي «المحكم» (6: 239) القبر: مدفن الإنسان وجمعه قبور. وفي «الصحاح» (2: 784) قبرت الميت أقبره وأقبره قبرا أي دفنته، وأقبرته أي أمرت بأن يقبر، وقال ابن السكيت: أقبرته أي صيّرت له قبرا يدفن فيه، والمقبرة والمقبرة- بضم الباء وفتحها- واحد المقابر. والضرح (1: 386)

الشقّ في وسط القبر، واللحد في الجانب، واللّحد (1: 532) بالضم لغة فيه، وقد ضرحت ضرحا إذا حفرته. وفي «المحكم» (3: 9، 194) ضرح للميت يضرح له ضرحا حفر له ضريحا، ولحد القبر يلحده لحدا وألحده: عمل له لحدا، والجمع: ألحاد ولحود، وكذلك لحد الميت وألحده ولحد له وألحد له. الثانية: قوله: وأبو طلحة هذا هو ربيب أنس بن مالك خلف بعد أبيه مالك بن النضر على أمه أم سليم بنت ملحان، فجعل زوج الأمّ ربيب ولدها من غيره، والصواب إن شاء الله تعالى رابّ أنس بن مالك. وفي «الغريبين» في حديث مجاهد: كان يكره أن يتزوج الرجل زوجة رابّه، قال أبو عبيد: هو زوج الأم، وهو الذي تسميه العامة: الرّبيب، وإنما الرّبيب ابن امرأة الرجل فهو ربيب لزوجها وزوجها الرّابّ وإنما قيل له: راب لأنه يربّه ويربيه بالغذاء والتربية، وابن المرأة هو المربوب، فلهذا قيل له ربيب، كما قيل قتيل وجريح. انتهى. وفي «ديوان الأدب» (3: 58، 73) للفارابي: الرّاب: زوج الأم، والربيب ابن امرأة الرجل، وأنشد هو والهروي لمعن بن أوس المزني «1» ، قال الهروي يصف ضيعة [من الطويل] فإنّ لها جارين لن يغدرا بها ... ربيب النّبي وابن خير الخلائق قال الفارابي: يريد عمر بن أبي سلمة وعاصم بن عمر بن الخطاب، قال الهروي وغير واحد: كان عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلّى الله عليه وسلم. الثالثة: ابن طريف: جثا جثوّا وجثوا: توكأ على ركبتيه، وفي «الصحاح» (6: 2298) جثا على ركبتيه يجثو ويجثي ويجثى جثوّا وجثيا على فعول فيهما، وأجثاه غيره، وقوم جثي أيضا مثل جلس جلوسا، وقوم جلوس، وتجاثوا على الركب. الرابعة: قال ابن سيده: نثل كنانته نثلا استخرج ما فيها من النبل. انتهى.

_ (1) لم يرد البيت في ديوان معن بن أوس.

وروي غيره: نثر الرجل كنانته إذا ألقى جميع ما فيها ليسهل عليه أخذ السهام وقت الرمي، أو ليتخير فيها أجودها ليرمي به: قال الراجز: أبصرت ثمّ جامعا قد هرا ... ونثر الجعبة وازمهرّا وكان مثل النار أو أحرّا ولا أذكر الآن من أين حفظته.

الجزء العاشر وبه كمال التأليف في معنى الحرفة والعمالة والصناعة والنهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وعن الاستعانة بهم، وفي ما جاء في أرزاق العمال وذكر الكتب التي استخرج منها ما تضمنه هذا الكتاب وفيه أربعة ابواب

الجزء العاشر وبه كمال التأليف في معنى الحرفة والعمالة والصناعة والنهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وعن الاستعانة بهم، وفي ما جاء في أرزاق العمال وذكر الكتب التي استخرج منها ما تضمنه هذا الكتاب

الباب الأول في معنى الحرفة والصناعة والعمالة وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في الحرفة في «المحكم» (3: 230) حرف لأهله يحرف: كسب وطلب واحتال، والاسم: الحرفة، وفي «الصحاح» (4: 342) والحرفة بالكسر، وقال الأصمعي: هو يحرف لعياله: يكسب من هاهنا وهاهنا مثل يغرف «1» ، وفي «المحكم» (2: 230) الاحتراف: الاكتساب أيا كان، وفي «الصحاح» (1443) المحترف: الصانع، وفي «المحكم» (2: 230) حرفة الرجل: ضيعته أو صنعته، وفي «الصحاح» (1342، 1343) أحرف الرجل فهو محرف: إذا نمى ماله وصلح، يقال: جاء بالحلق والإحراف: إذا جاء بالمال الكثير، وفلان حريفي أي معاملي، وفي «جامع القزاز» حارفت فلانا: إذا بايعته، وفلان حريف فلان: إذا كان لا يبايع غيره، وهو فعيل بمعنى مفاعل. فوائد لغوية في ثلاث مسائل: الأولى: قول الأصمعي: يحرف مثل يغرف «2» يعني بكسر الراء، قال الفارابي في باب فعل بفتح العين يفعل بكسرها: غرف الماء يغرفه.

_ (1) الصحاح: يقرف. (2) لا ريب أن المشابهة بين يحرف ويغرف هي كسر الراء، ولكن إن أخذنا بالقراءة المثبتة في الصحاح وهي «يقرف» بالقاف، فالمشابهة تتعدى حركة عين الفعل، لأن يقرف تعني أيضا يكسب، والاقتراف الاكتساب.

الفصل الثاني في الصناعة

الثانية: الحلق بكسر الحاء وسكون اللام: المال الكثير؛ قاله الفارابي (1: 191) . الثالثة: قول القزاز في الحريف: هو فعيل بمعنى مفاعل يريد بكسر الراء، أما المحارف بفتحها فهو المحروم، قال الجوهري: رجل محارف- بفتح الراء- محروم محدود منقوص الحظ لا ينمو له مال، وقد حرف فلان: إذا شدّد عليه في معاشه كأنه ميل برزقه عنه، حرفت الشيء عن وجهه، ومالي عنه منحرف ومالي عنه مصرف: أي متنحّى. والحرف بالضم: الاسم من قولك: رجل محارف، وكذلك الحرفة بالكسر. تنبيه: فالحرفة على هذا من الأضداد، تكون الاكتساب وتكون الحرمان. الفصل الثاني في الصّناعة الجوهري (3: 1245) : الصناعة: حرفة الصانع، وعمله الصنعة. ابن سيده (1: 274) : صنعه يصنعه فهو مصنوع وصنيع: عمله. انتهى. والصنيع ها هنا فعيل بمعنى مفعول أي مصنوع. القزاز: صنعت الشيء أصنعه صنعا وصنعا، والصانع: عامل الشيء، والصناعة حرفته، وجمع صانع: صناع. الجوهري: ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين أيضا- بكسر الصاد- أي صانع حاذق، كذلك صنع اليدين بالتحريك، وامرأة صناع اليدين أي حاذقة ماهرة بعمل اليدين، وامرأتان صناعتان ونسوة صنع مثل قذال وقذل. انتهى. والصنيع ها هنا في قول الجوهري فعيل بمعنى فاعل أي صانع. ابن سيده: رجل صناع اليد وامرأة صناع اليد ويفرد في المرأة من نسوة صنع «1» الأيدي، وفي المثل: لا تعدم صناع ثلّة، الثلة: الصوف والشعر والوبر، ولا يفرد صناع اليد في المذكر. انتهى. يريد أنه يقال: امرأة صناع

_ (1) ر: صنعى.

الفصل الثالث في العمالة وما في معناها

فيفرد ولا يضاف إلى اليد، ولا يقال: رجل صناع فيفرد ولا يضاف إلى اليد، وشاهد إفراد صناع في المؤنث قول حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه: [من الطويل] صناع بإشفاها «1» أنشده ابن إسحاق في «السير» . الفصل الثالث في العمالة وما في معناها ، وفيه أربع مسائل المسألة الأولى، في العمالة : العمالة بفتح العين والعمل- بفتح الميم- مصدران من عمل الشيء- بكسرها- من المصادر الشاذة عن القياس، وهما بمعنى الولاية والامارة والخطة، فأما العمل فقد نصّ عليه غير واحد من النحويين واللغويين. وأما العمالة فلم أقف عليها في شيء مما طالعته من كتبهم، لكنها مشهورة ومستعملة في كلام الناس. وقد قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «المشارق» (2: 89) : وقوله بقدر عمالته كذا وقع للأصيلي في البخاري بضمّ العين ولغيره عمالته بفتحها وهو أصوب هنا وأوجه، لأنه هنا العمل، وبالضمّ إنما هي ما يأخذ العامل على عمله. انتهى كلام القاضي. وكفى بما نقله هذا الإمام حجة في هذا رحمه الله تعالى، وقد جاءت لها نظائر، قالوا: سئمت الشيء أسأمه سأما وسآمة. ومللته أملّه مللا وملالة؛ ذكرها الجوهري (5: 1947) . وفي «المحكم» عمل فلان على القوم: أمر، والعملة: حالة العمل. وفي «الصحاح» (5: 1775) التعميل: تولية العمل، يقال: عمّلت فلانا على البصرة، وفي «الفصيح» (50) استعمل على الشام وما أخذ إخذه، وفي «الصحاح» «2» : عمّلت العامل أعطيته عمالته.

_ (1) هذا جزء من شطر بيت، وهو: صناع باشفاها حصان بشكرها ... جواد بقوت البطن والعرق زاخر وهو في اللسان (زخر) . وليس هو لحسان، إنما الذي أنشده في السير لحسان هو قوله (2: 306) : حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى عن لحوم الغوافل (2) لم يرد هذا في الصحاح.

المسألة الثانية: في"المحكم" ولي الشيء وولي عليه ولاية

وفي «المشارق» (2: 87) قوله في الحديث: فعمّلني وعمّلنا- مشدد الميم- جعل لنا عمالة على عملنا، قال الفارابي: هي رزق العامل. المسألة الثانية: في «المحكم» ولي الشيء وولي عليه ولاية ، قال الفارابي هما لغتان. قال ابن سيده: وقيل: الولاية: الخطة كالامارة، والولاية: المصدر، وقد أوليته الأمر: وليته إياه. وفي «الصحاح» (6: 2529، 2530) أوليته الشيء فوليه، وكذلك ولي الوالي البلد ولاية، وتولّى العمل أي تقلّده. قال سيبويه: الولاية بالفتح: المصدر، والولاية بالكسر: الاسم مثل الامارة والنقابة لأنه اسم لما توليته وقمت به، فإذا أرادوا المصدر فتحوا. المسألة الثالثة: في «المحكم» الأمر نقيض النهي ، وأمره به وآمره- الأخيرة عن كراع- يأمره أمرا وإمارا، والأمير: الآمر، والأمير: الملك لنفاذ أمره بين الامارة والامارة، والجمع أمراء، وأمّر علينا يأمر أمرا وأمر وأمر كولي، وأنشد: قد أمر المهلّب وفي «الصحاح» (2: 581، 582) والتأمير تولية الامارة، يقال: هو أمير مؤمّر وتأمّر عليهم [أي تسلّط] . وفي «المحكم» أمير مؤمر: مملّك، وأولو الأمر: الرؤساء وأهل العلم. وفي «الصحاح» (2: 582) آمرته في أمري مؤامرة أي شاورته، والعامة تقول: وامرته، وقال القزاز: تقول العرب: لك عليّ امرة مطاعة، معناه لك أمرة وأطيعك فيها، أو هي المرة الواحدة من الأمر، ولا تقل: إمرة بالكسر لأن الإمرة من الولاية، وائتمر الأمر أي امتثله، وجمع الأمر أوامر. المسألة الرابعة: في «المثلث» لابن السيّد : الخطّة- بضم الخاء- المنزلة والمرتبة ينزلها الرجل. قال زهير «1» : [من البسيط] هذا وليس كمن يعيا بخطّته ... وسط النديّ إذا ما ناطق نطقا ومن الشائع المستعمل عند الناس: قد ولي فلان خطّة كذا، كالوزارة والقضاء وما أشبه ذلك. وقد تقدم قول ابن سيده في المسألة الثانية من هذا الفصل: الولاية الخطة. انتهى.

_ (1) شرح ديوان زهير: 55.

الباب الثاني في النهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم وعن الاستعانة بهم

الباب الثاني في النهي عن استعمال غير المسلمين من الكفار من أهل الكتاب وغيرهم وعن الاستعانة بهم وفيه فصلان الفصل الأول في ما جاء من ذلك في كتاب الله عز وجل فمن ذلك قول الله عز وجل: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ (آل عمران: 28) قال ابن العربي في «الأحكام» (1: 267) : هذا عموم في أن المؤمن لا يتخذ الكافر وليا في نصرة على عدو ولا أمانة، وقد نهى عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما عن ذمي كان استكتبه وأمره بعزله. وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا (آل عمران: 118) قال ابن العربي في «الأحكام» (1: 295) أيضا لا خلاف بين علمائنا أن المراد بها النهي عن مصاحبة أهل الكتاب حتى نهى عن التشبه بهم. قال أنس، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا تستضيئوا بنار أهل الشرك، ولا تنقشوا في خواتمكم عربيا، فلم يدر ما قال حتى جاء الحسن فقال: معنى لا تستضيئوا: لا تشاوروهم في شيء من أموركم، ومعنى لا تنقشوا عربيا: لا تنقشوا محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ ... الآية. قال ابن عطية في «التفسير» (3: 207) : نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية أن

يتخذوا من الكفار واليهود أخلاء يأنسون بهم في الباطن من أمرهم، ويفاوضونهم في الآراء، ويستنيمون إليهم. وقوله من دونكم: يعني دون المؤمنين، قال: ويدخل في هذه الآية الكريمة استكتاب أهل الكتاب وتصريفهم في البيع والشراء والاستنامة إليهم. وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذميا، فكتب إليه عمر يعنفه وتلا عليه هذه الآية. وقيل لعمر: إن ها هنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخطّ بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال: إذا أتخذ بطانة من دون المؤمنين. وقال الزمخشري في «الكشاف» : (1: 619) هذا تغليظ من الله تعالى وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين واعتزاله بما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «لا تراءى ناراهما» ومنه قول عمر لأبي موسى رضي الله تعالى عنهما في كاتبه النصراني: لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تؤمنوهم إذ خونهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله. وروي أنه قال له أبو موسى: لا قوام للبصرة إلا به، فقال: مات النصرانيّ والسلام، يعني أنه مات فما كنت صانعا حينئذ فاصنعه الساعة واستغن عنه بغيره. وقال ابن شاس في «الجواهر» قال عمر بن عبد العزيز: كان المسلمون إذا افتتحوا البلاد لم يكن لهم علم بأمر الخراج حتى استعانوا «1» عليه بالعجم، ثم إن المسلمين عرفوا من ذلك ما يحتاجون إليه وكثروا فلا ينبغي أن يستعملوا في شيء من أمور المسلمين. تنبيه: اتفق ابن العربي وابن عطية والزمخشري على أن عمر بن الخطاب نهى أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما عن استعمال كاتبه الذمي، وأمره بعزله، واختلف ابن العربي وابن عطية في الآية التي كتب له بها، فقال ابن العربي في «الأحكام» كتب له بقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى

_ (1) ر: فاستعانوا.

الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (المائدة: 51) وقال ابن عطية كتب له بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ ... الآية ويحتمل أن يكون عمر رضي الله تعالى عنه كتب له بالآيتين معا، وذكر كل واحد منهما ما بلغه من ذلك. فائدة لغوية: قول ابن عطية: ويستنيمون إليهم، يعني المؤمنين لمن دونهم، والاستنامة: السكون والاطمئنان. قال الجوهري (5: 2047) استنام إليه أي سكن إليه واطمأن. انتهى. ومنه قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ... إلى قوله: الظَّالِمِينَ قال ابن عطية في «التفسير» : نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والتعاضد، وحكم هذه الآية باق، وكلّ من أكثر مخالطة هذين الصنفين فله حظّ من هذا المقت الذي تضمنه قوله تعالى: فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. وأما معاملة اليهود والنصارى من غير مخالطة وملابسة فلا يدخل في النهي، وقد عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يهوديا ورهن عنده درعه. وقال ابن العربي في «الأحكام» : بلغ عمر بن الخطاب أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما اتخذ باليمن كاتبا ذميا، فكتب إليه هذه الآية وأمره بعزله، وذلك أنه لا ينبغي لأحد من المسلمين ولي ولاية أن يتخذ من أهل الذمة وليا فيها لنهي الله تعالى عن ذلك، وذلك لأنهم لا يخلصون النصيحة ولا يؤدّون الأمانة، بعضهم أولياء بعض. الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم روى مسلم (2: 79) رحمه الله تعالى عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم أنها قالت: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرّة

الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت «1» : ثم مضى حتى إذا كنا بالشّجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له صلّى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فانطلق. قال القاضي أبو الفضل عياض في «الإكمال» : كافة العلماء على الأخذ بهذا الحديث والتمسك بهذه السنة، وهو قول مالك وغيره؛ قال مالك وأصحابه: لا بأس أن يكونوا نواتية أو خداما. قال ابن حبيب: ويستعملون في رمي المجانيق، وكره رميهم بالمجانيق غيره من أصحابنا، وأجاز ابن حبيب أن يستعمل من سالمه منهم في قتال من حاربه منهم، ويكونوا ناحية من عسكره لا في داخله. وقال بعض علمائنا: إنما قال النبي صلّى الله عليه وسلم هذا في وقت مخصوص لا على العموم، واختلف بعد إذا استعين بهم ما يكون لهم: فذهب الكافة مالك والشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور إلى أنه لا يسهم لهم، وذهب الزهري والأوزاعي إلى أن لهم كسهام المسلمين، وهو قول سحنون إذا كان جيش المسلمين إنما قوي بهم، وإلا فلا شيء لهم. وقال الشافعي مرة: لا يعطون من الفيء شيئا ويعطون من سهم النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال قتادة: لهم ما صولحوا عليه في ذلك. فائدة لغوية: حرّة الوبرة- بفتح الواو والباء معا، وتروى بسكون الباء- قاله القاضي في «الإكمال» والشجرة والبيداء كلها أسماء مواضع.

_ (1) ر: قالت عائشة.

الباب الثالث في ما جاء في أرزاق الخلفاء والأمراء والعمال

الباب الثالث في ما جاء في أرزاق الخلفاء والأمراء والعمال وفيه خمسة فصول الفصل الأول في أن لكل من شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على شغله ذلك روى البخاري (9: 84- 85) رحمه الله تعالى عن عبد الله بن السعدي أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر: ألم أحدّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقلت: بلى. فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟ فقلت: إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين، قال عمر: لا تفعل فإني كنت أردت الذي أردت فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه منّي، حتى أعطاني مرّة ثانية فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: خذه فتموّله وتصدق به. فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك. انتهى. قال ابن بطال، قال الطبري: في هذا الحديث الدليل الواضح على أن لمن شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك، وذلك كالولاة والقضاة وجباة الفيء وعمال الصدقة وشبههم، لإعطاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمر العمالة على عمله الذي استعمله عليه. فكذلك سبيل كلّ مشغول

بشيء من أعمالهم له من الرزق على قدر استحقاقه عليه سبيل عمر رضي الله تعالى عنه في ذلك. انتهى. وفي «التهذيب» : ولا بأس بإرزاق القضاة والعمال إذا عملوا على حق، وكل عامل للمسلمين على حقّ، وما بعث فيه الإمام من أمور المسلمين فالرزق فيه من بيت المال، وأكره لقسام القاضي والمغنم أن يأخذوا على أنفسهم أجرا لأنه إنما يعرض لهم من أموال اليتامى وسائر الناس، كما أكره ارتزاق صاحب السوق من أموال الناس، فإن كانت أرزاق القسّام من بيت المال جاز. انتهى. فوائد لغوية في أربع مسائل: الأولى: في «الصحاح» (4: 1481) الرزق ما ينتفع به. وفي «المحكم» رزقه الله يرزقه رزقا: نعشه، والرّزق على لفظ المصدر: ما رزقه إياه، وارتزقه، واسترزقه: طلب منه الرزق. وفي «المشارق» (1: 288) والرزق المذكور في الكتب والآثار ما منحه الله من حلال أو حرام عند أهل السنة، وغيرهم يخصه بالحلال، واللغة لا تقتضيه. وأرزاق المسلمين- بفتح الهمزة- جمع رزق: أقوات من عندهم من جند المسلمين لما جرت به عادة أهل كلّ موضع. الثانية: في «الفصيح» (50) لثعلب: استعمل على الشام وما أخذ إخذه. وفي «الصحاح» (5: 1775) التعميل: تولية العمل، يقال: عمّلت فلانا على البصرة. انتهى. قلت: والاستعمال: تولية العمل أيضا كالتعميل. الثالثة: قوله صلّى الله عليه وسلم: «فرزقناه رزقا» الرزق هنا: ما يعطاه العامل من أجرة على عمله، وهو العمالة أيضا. قال الفارابي في «ديوان الأدب» (1: 450) العمالة: رزق العامل بضم العين. الرابعة: قوله في حديث عمر الذي خرّجه البخاري: «غير مشرف ولا سائل» ترجم البخاري لهذا الحديث: باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف

الفصل الثاني في أن ما يأخذه العامل زيادة على ما يرزقه الإمام فهو غلول

نفس، وقال القاضي في «المشارق» من أخذه بإشراف نفس، قال الحربي: بطلب لذلك وارتفاع له وتعرّض إليه. الفصل الثاني في أن ما يأخذه العامل زيادة على ما يرزقه الإمام فهو غلول روى أبو داود (2: 121) رحمه الله تعالى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذه بعد ذلك فهو غلول. الفصل الثالث كيف كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفعل في نفقته ونفقة أهله قال البخاري (4: 49) رحمه الله تعالى: ويذكر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم: جعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري. وروى مسلم رحمه الله تعالى عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبيّ صلّى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل. وخرجه البخاري رحمه الله تعالى مختصرا عن عمر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم. وقال القاضي عياض في «الإكمال» ، قال الطبري: كان مما أفاء الله على رسوله طعمة من الله له صلّى الله عليه وسلم على أن يأكل منه وأهله ما احتاجوا، ويصرف ما فضل عن ذلك في تقوية المسلمين.

الفصل الرابع في أرزاق الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم

الفصل الرابع في أرزاق الخلفاء بعده صلّى الله عليه وسلم ورضي عنهم 1- أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: اختلف في ذلك: فذكر أبو الفرج الجوزي في «صفوة الصفوة» (1: 97) عن عطاء بن السائب قال: لما استخلف أبو بكر أصبح غاديا إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتّجربها، فلقيه عمر وأبو عبيدة ابن الجراح رضي الله تعالى عنهم فقالا: أنّى تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق، قالا: أتصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالا: انطلق حتى نفرض لك شيئا، فانطلق معهما، ففرضا له كلّ يوم شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن. وذكر عن حميد بن هلال قال: لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: افرضوا لخليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما يغنيه، قالوا: نعم، بردان إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف، قال أبو بكر: رضيت. وذكر ابن هشام في «البهجة» وابن الأثير في «تاريخه» (2: 424) : أن الذي فرض له رضي الله تعالى عنه ستة آلاف درهم في السنة، قال ابن هشام: ولما حضرته الوفاة قال: ردّوا ما عندنا من مال المسلمين، فدفع إلى عمر بن الخطاب لقوح وعبد وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم، فقال عمر رضي الله تعالى عنهما: لقد أتعبت من بعدك، وقال ابن الأثير: (2: 424) ولما حضرته الوفاة أوصى أن تباع أرض له ويصرف ثمنها عوض ما أخذه من مال المسلمين. 2- عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ذكر ابن الأثير في «تاريخه» أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال للمسلمين: إني كنت امرءا تاجرا يغني الله عيالي بتجارتي، وقد شغلتموني بأمركم هذا، فما ترون أنه يحلّ لي في هذا المال؟ وعلي رضي الله تعالى عنه ساكت،

3 - معاوية بن أبي سفيان

فأكثر القوم، فقال: ما تقول يا علي؟ قال: ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف ليس لك غيره، فقال القوم: القول ما قاله علي، فأخذ قوته. 3- معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه: ذكر أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (1416) عن سليمان بن موسى عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رزق معاوية على عمله بالشام عشرة آلاف دينار في كلّ سنة. وذكر أيضا في الكتاب المذكور عن صالح بن الوجيه قال: في سنة تسع عشرة كتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى يزيد بن أبي سفيان يأمره بغزو قيسارية، فغزاها وبها بطارقة الروم فحاصرهم أياما، وكان بها معاوية أخوه فتخلّفه عليها، وسار يزيد يريد دمشق، فأقام معاوية على قيساربة حتى فتحها في شوال سنة تسع عشرة، وتوفي يزيد في ذي الحجة من ذلك العام في دمشق، واستخلف أخاه معاوية على ما كان يزيد يلي من عمل الشام، ورزقه ألف دينار في كل شهر، كذا قال صالح بن الوجيه. انتهى. الفصل الخامس في الأموال التي يرزق منها ولاة الناس روى أبو داود (2: 123) رحمه الله تعالى عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه فأعطى الآهل حظين، وأعطى الأعزب حظا، فدعينا، وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين وكان لي أهل، ثم دعي بعدي عمار بن ياسر فأعطي حظا واحدا. قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في «المشارق» (2: 165) : فيء المسلمين: ما أفاء الله عليهم، أي رد عليهم من مال عدوهم، وفي «الجواهر» لابن شاس: الفيء: هو كلّ مال فاء للمسلمين من الكفار من خمس، وجزية أهل العنوة

وأهل الصلح، وخراج أرضهم، وما صولح عليه الحربيون من هدنة، وما يؤخذ من تجار الحربيين وتجار أهل الذمة، وخمس الركاز، وخمس الغنائم. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في «كتاب الأموال» (24) وهو الذي يعم المسلمين غنيهم وفقيرهم، فيكون في أعطية المقاتلة وأرزاق الذرية وما ينوب الإمام من أمور [الناس] بحسن النظر للإسلام [وأهله] .

الباب الرابع في ذكر اسماء التواليف المخرج منها ما تضمنه هذا الكتاب

الباب الرابع في ذكر اسماء التواليف المخرج منها ما تضمنه هذا الكتاب وهي مائة ونيف وستون تأليفا: فمن ذلك من كتب تفسير كتاب الله العزيز، شرفه الله تعالى: 1- تفسير أبي محمد عبد الحق بن عطية الاشبيلي. 2- وتفسير فخر الدين محمد بن عمر الرازي بن الخطيب. 3- وتفسير منذر بن سعيد البلّوطي. 4- وتفسير أبي إسحاق أحمد بن محمد الثّعلبي. 5- وتفسير أبي القاسم محمود بن عمر الزّمخشري. 6- وكتاب معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء رحمه الله تعالى. ومن كتب أحكام القرآن شرفه الله تعالى: 7- أحكام أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي. ومن كتب الحديث: 8- موطأ الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس. 9- وصحيح أبي عبد الله بن إسماعيل البخاري. 10- وصحيح أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. 11- وسنن أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة التّرمذي. 12- وكتاب شمائل النبي صلّى الله عليه وسلم للترمذي أيضا. 13- وسنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني. 14- وسنن أبي عبد الرّحمن أحمد بن شعيب النّسائي.

15- وسنن أبي عبد الله محمد بن مسلم بن شهاب الزّهري، صنعة محمد بن يحيى بن فارس الذّهلي. 16- ومسند أبي داود سليمان بن داود الطّيالسي. 17- ومختصر أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد من كتاب أبي جعفر الطحاوي. 18- وكتاب الأحكام الصغرى لأبي محمد عبد الحق الإشبيلي. 19- وأخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم لأبي محمد عبد الله بن حيان الأصبهاني. 20- ومسند محمد بن مخلد بن حفص العطار الدوري. 21- وكتاب الشهاب للقاضي محمد بن سلامة القضاعي. ومن كتب الأغربة: 22- غريب القرآن شرفه الله تعالى لأبي بكر محمد بن عزيز السّجستاني 23- والغريبان لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي. 24- والمشرع الروي في منزع كتاب الهروي لمحمد بن علي المعروف بابن عسكر المالقي. 25- وكتاب الدلائل لأبي محمد قاسم بن ثابت بن عبد العزيز السرقسطي. 26- وغريب الحديث للخطابي. ومن كتب شرح الحديث: 27- المنتقى لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي على الموطأ. 28، 29- والتمهيد والاستذكار لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر على الموطأ أيضا. 30- وكتاب أبي الحسن علي بن بطّال على البخاري. 31- وأعلام الحديث لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي على البخاري أيضا.

32- ومعالم السنن له أيضا على كتاب أبي داود. 33- والمعلم لأبي عبد الله محمد بن علي المازري على مسلم. 34- والاكمال للقاضي عياض بن موسى بن عياض عليه أيضا. 35- ومشارق الأنوار على الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم له أيضا. 36- وعارضة الأحوذي على كتاب الترمذي لأبي بكر ابن العربي. 37- وشرح العمدة لمحمد بن علي بن وهب بن مطيع، شهر بابن دقيق العيد. 38- وكشف مشكل الصحيحين لأبي الفرج عبد الرّحمن بن علي بن محمد بن علي الجوزي. 39- وعلل الحديث لأبي الحسن علي بن عمر بن مهدي الدارقطني. 40- وتفسير ما استعجم من غوامض الأسماء في الأحاديث لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الأنصاري القرطبي. ومن كتب ضبط الأسماء: 41- الاشتقاق لأبي بكر محمد بن أبان بن سيد. 42- وجامع كتب الاشتقاق، لا أعلم من ألفه. 43- والمؤتلف والمختلف للحافظ عبد الغني بن سعيد بن علي بن مروان. ومن كتب الأنساب: 44- جماهر أبي عبيد القاسم بن سلّام. 45- وجماهر أبي محمد علي بن أحمد بن حزم. 46- واقتباس الأنوار لأبي محمد عبد الله بن علي بن عبيد الله الرّشاطي. 47- والموالي والعرب لعمرو بن بحر الجاحظ. ومن كتب الفقه: 48- التهذيب لأبي سعيد خلف بن أبي القاسم الأزدي البراذعي. 49- وكتاب أبي بكر محمد بن عبد الله بن يونس.

50- والتبصرة لأبي الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللّخمي. 51- وكتاب التنبيهات للقاضي أبي الفضل عياض. 52- والبيان والتحصيل للقاضي أبي الوليد ابن رشد. 53- وكتاب المقدمات له. 54- والكافي لأبي عمر ابن عبد البر. 55- والجواهر لعبد الله بن محمد بن شاس. 56- والشهاب الثاقب في شرح كتاب ابن الحاجب لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد. 57- وشرح الكتاب المذكور للقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام التونسي. 58- وشرح الرسالة لموسى بن علي الزناتي. 59- والتبصرة للتّلمساني في شرح كتاب ابن الحاجب. 60- والأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام. 61- والأموال لأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي. 62- وأقضية النبي صلّى الله عليه وسلم، لمحمد بن فرج الطّلّاع. 63- والفرائض لأبي القاسم محمد بن خلف الحوفي. 64- وكتاب الإشراف لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر. 65- والأحكام السلطانية لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي. 66- والمحلّى لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم. 67- وحجة الوداع له. 68- وجوامع السيرة له. ومن كتب أصول الفقه: 69- تنقيح الفصول في علم الأصول لشهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي.

ومن كتب الأوزان والأكيال الشرعية: 70- جواب أبي محمد ابن عطية على سؤال في ذلك. 71- وإثبات ما ليس منه بدّ لأبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد العزفي. 72- ومقالة لأبي يحيى أبي بكر بن خلف بن المواق. 73- ومقالة لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان. 74- ومقالة لولده حسن بن علي بن محمد. 75- ومقالة لأبي العباس أحمد بن عثمان بن البنّاء الأزديّ المراكشي. ومن كتب التصوف والوعظ: 76- كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى. 77- وسراج المريدين لأبي بكر ابن العربي. 78- والمدهش لأبي الفرج الجوزي. 79- ورسالة القشيري. ومن كتب السير والتواريخ: 80- السير لأبي عبد الله محمد بن إسحاق. 81- وشرحه لأبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي الحسن السّهيلي المسمّى بالروض الأنف. 82- وغريبه لأبي ذرّ محمد بن مسعود الخشني. 83- وخلاصة السير لأحمد بن عبد الله الشريف الطبري. 84- ومختصر السير لعز الدين بن عبد العزيز بن جماعة. 85- والدرّ المنظم في مولد النبي المعظم لأبي العباس العزفي. 86- والاكتفاء لأبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي. 87- والاستيعاب في ذكر أسماء الأصحاب لأبي عمر ابن عبد البر. 88- وذيل الاستيعاب لأبي بكر محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون. 89- والتاريخ الكبير للبخاري.

90- وكتاب الصفوة لأبي الفرج الجوزي. 91- وطبقات الفقهاء لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشّيرازي. 92- والكامل لأبي الحسن علي بن محمد بن الأثير. 93- وأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء للقاضي محمد بن سلامة القضاعي. 94- والعمدة لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن موسى التلمساني. 95- وبهجة النفس لهشام بن عبد الله بن هشام الأزديّ. 96- وبلغة الظرفاء في تاريخ الخلفاء لأبي الحسن علي بن محمد بن أبي السرور. 97- وتاريخ بغداد لأبي بكر أحمد بن ثابت الخطيب. 98- وكتاب معرفة مصر ومن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم تأليف أبي سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس الصدفي. 99- وطبقات الفلاسفة لسليمان بن جلجل. 100- وطبقات الفلاسفة لصاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسيّ. 101- ونفحة الحدائق والخمائل، لا أعلم مؤلفه. ومن كتب اللغة: 102- الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري. 103- والمحكم لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده. 104- والمخصص له. 105- وديوان الأدب لأبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابي. 106- وجامع اللغات لأبي عبد الله محمد بن جعفر التميمي القزّاز. 107- ومختصر العين لأبي بكر محمد بن الحسن الزّبيدي. 108- والغريب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام. 109- وإصلاح المنطق لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت. 110- وأدب الكتاب لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة.

111- والاقتضاب في شرح أدب الكتاب لأبي محمد عبد الله بن السيد. 112- وفقه اللغة لأبي منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثّعالبي 113- والتأنيث والتذكير لأبي زكريا يحيى بن زكرياء الفراء. 114- والفصيح لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب. 115- واليواقيت لأبي عمر محمد بن عبد الواحد المطرز. 116- وخلق الإنسان لعبد الملك بن قريب الأصمعي. 117- ونوادر ابن الأعرابي. 118- وخلق الأنساب لقطرب بن المستنير. 119- ولحن العامة لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني. 120- ولحن العامة لأبي بكر الزّبيدي. 121- والمقصور والممدود لأبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي. 122- والمقصور والممدود لأبي بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز ابن القوطية. 123- وكتاب الأفعال لابن القوطية المذكور. 124- والأفعال لأبي مروان عبد الملك بن طريف. 125- والأفعال لأبي عثمان سعيد بن محمد السرقسطي المعروف بالحمار. 126- ومختصر زاهر ابن الأنباري، صنعة أبي القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزجّاجي. 127- وكتاب الزينة لأبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي في منزع كتاب الزاهر. 128- والمنتظم لأبي الحسن علي بن الحسن المعروف بالكراع. 129- ومعجم ما استعجم لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري. 130- والمستوعب لأسماء خيل العرب لأبي عبيد البكري أيضا. 131- ومجمل اللغة لابن فارس. 132- والفرق بين الحروف الخمس المشتبهة لأبي محمد ابن السيد. 133- وكتاب المثلث له أيضا.

134- وكتاب الجمل المعقبة لأبي عبد الله محمد بن عيسى بن المناصف. 135- وكفاية المتحفظ لإبراهيم بن إسماعيل الطرابلسي عرف بابن الأجدابي. ومن كتب العربية: 136- المفصل للزمخشري. 137- والتسهيل لأبي عبد الله محمد بن مالك. 138- وشرحه لأبي عبد الله محمد بن علي بن هانيء اللخمي. 139- والبسيط في شرح كتاب الجمل لأبي الحسن بن أبي الربيع. 140- وشرح الجزولية للأبذي. ومن كتب الأدب: 141- الكامل لأبي العباس محمد بن يزيد المبرّد. 142- والبيان والتبيين للجاحظ. 143- والمراتب والأخطار له. 144- والعقد لأبي عمر أحمد بن محمد بن عبدربه. 145- وعيون الأخبار لابن قتيبة. 146- والمعارف له. 147- وكتاب زهر الآداب للحصري. 148- وكتاب الوشاح لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد. 149- وبهجة المجالس لأبي عمر ابن عبد البر. 150- والكتاب المنسوب للمظفر أبي بكر محمد بن عبد الله بن مسلمة المعروف بابن الأفطس صاحب بطليوس. 151- وحلية المحاضرة للحاتمي. 152- والخريدة لأبي حامد محمد بن محمد العماد الأصبهاني. 153- وصناعة الكتابة لأبي جعفر أحمد بن محمد بن النّحّاس. 154- وصناعة الكتابة لابن قتيبة.

ومن كتب الأشعار: 155- شعر حاتم الطائي شرح ابن السكيت. 156- وشعر الأعشى ميمون بن جندل. 157- والحماسة لحبيب بن أوس الطائي، ترتيب الأعلم. 158- والحماسة ليوسف بن إبراهيم البيّاسي. 159- والورقة في أشعار الخلفاء لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي. 160- وأشعار الستة ليوسف بن سليمان الأعلم. 161- وكتاب العمدة في محاسن الشعر وآدابه لأبي علي حسن بن رشيق القيرواني. 162- وشرح ابن السيد لسقط الزند من شعر المعري. ومن سائر الكتب: 163- ترتيب الأعمال السلطانية في الدول الأندلسية لأبي الحسن علي بن خيرة السموري الميورقي. 164- والتحفة الفارسية في الآلات الفارسية التي ألفت في سنة أربع وخمسين وسبعمائة. 165- وتفسير الألفاظ الطبية لابن الحشا. 166- وكتاب الكفاية والغناء في أحكام الغناء تأليف محمد بن عمر بن محمد السبتي المعروف بالدرّاج.

كمل والحمد لله حمدا كثيرا. أكملته ولله الحمد والمنة والشكر على ما أولى، وأستزيده من فضله وكرمه كل خير من الدنيا والآخرة، فهو الجواد الذي لا يبخل، والغني الذي لا يفتقر، والمعطي الذي لا ينقضي عطاؤه، والمنعم الذي ينعم بغير حساب، جلّ وتعالى، وبه الاستعانة، وأستجير به في خطوب الدنيا والآخرة، وأستودعه نفسي وعقلي وديني ونعمته لديّ ورحمته بي ولطفه بي، إنه لا تجب ودائعه. والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، وأسأله متوسلا بهذا الرسول الكريم عليه أن يصلي عليه في كل وقت ويسلم عليه وعلى آله وأصحابه، وأن يهب لنا العفو والرضى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكان الفراغ من نسخه في أواخر ربيع الثاني من عام ستة وسبعين وثماني ماية رزقنا الله خيره وخير ما بعده، لا ربّ غيره ولا معبود سواه «1» .

_ (1) هذه الخاتمة وردت في آخر النسخة م.

فهارس الكتاب فهرس الآيات القرآنية فهرس الأحاديث النبوية فهرس الكتب التي اعتمدها المؤلف فهرس القوافي فهرس الأعلام فهرس الجماعات فهرس الأماكن والوقائع والأيام فهرس متنوعات (حيوانات، أسلحة، نقود ... إلخ) كشاف المصادر والمراجع محتويات الكتاب

فهارس الكتاب

فهرس الآيات القرآنية الآية/ الصفحة البقرة (2) 48/ واتّقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا/ 519 157/ أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة/ 108 159/ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ/ 736 174/ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ/ 736 189/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ/ 89 219/ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ/ 89 222/ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً/ 89 255/ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ/ 120 258/ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ/ 111 282/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ../ 287 آل عمران (3) 28/ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ/ 779 75/ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ/ 617 118/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ/ 779، 781 135/ وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ/ 700 144/ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ/ 38 180/ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ/ 539 200/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ/ 254

النساء (4)

النساء (4) 6/ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً/ 287 15/ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ/ 288 20/ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً/ 617 المائدة (5) 4/ يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ/ 89 11/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ/ 418 51/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ/ 220، 780 67/ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ/ 458 93/ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا/ 309 94/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ/ 731 96/ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ/ 733 106/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ/ 287 الأنعام (6) 2/ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ/ 270 الأعراف (7) 157/ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ/ 289 الأنفال (8) 41/ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ/ 532 60/ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ/ 384

التوبة (9)

التوبة (9) 2/ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ/ 208 3/ وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ/ 112 19/ أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ/ 162 41/ انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا/ 769 79/ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ/ 738 103/ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ/ 108، 539 118/ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا/ 232 هود (11) 114/ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ/ 701 يوسف (12) 43/ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ/ 104 ابراهيم (14) 37/ رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ/ 597 الحجر (15) 21/ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ/ 581 النحل (16) 106/ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ/ 96 120/ إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ/ 281 126/ وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ/ 360

الإسراء (17)

الإسراء (17) 4/ وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ/ 270 23/ وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ/ 270 64/ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ/ 403 80/ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً/ 269 مريم (19) 19/ قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا / 196 طه (20) 14/ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي/ 129 72/ قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ/ 270 الحج (22) 78/ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ/ 332 النور (24) 4/ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً/ 288 الفرقان (25) 48/ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً/ 143 الشعراء (26) 227/ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً/ 222- 223 القصص (28) 26/ قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ/ 553

الأحزاب (33)

الأحزاب (33) 5/ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ/ 512 فاطر (35) 12/ وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ/ 733 فصلت (41) 30/ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ/ 515 الحجرات (49) 2/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ/ 236 4/ إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ/ 227 5/ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ/ 227 الرّحمن (55) 5/ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ/ 262 66/يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ / 553 المجادلة (58) 12/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً/ 603 الحشر (59) 5/ ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ/ 496 6/ وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ/ 591 7/ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ... / 532 8/ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ... / 532 9/ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ/ 532

الممتحنة (60)

الممتحنة (60) 1/ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ/ 197 الطلاق (65) 2/ فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ/ 288 نوح (71) 10/ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً/ 165 11/ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً/ 165 12/ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً/ 165 المطففين (83) 3/ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ/ 587 الليل (92) 1/ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى / 61، 146 2/ وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى/ 61 الهمزة (104) 1/ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ/ 738

فهرس الأحاديث النبوية

فهرس الأحاديث النبوية الحديث الصفحة آخر صلاة صلّاها رسول الله مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر 112 ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام 200 أبو ذرّ في أمتي على زهد عيسى بن مريم 638 أتانا رسول الله في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب، فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكّها بالعرجون ثم قال ... 135 أتانا مصدّق النبيّ فأخذت بيده وقرأت في عهده: لا يجمع بين مفترق ولا يفرّق بين مجتمع خشية الصدقة 540، 541 أتحسن السريانية؟ إنه تأتيني كتب 218 أتعجز إحداكنّ أن تتخذ تومتين ثم تلطخهما بعبير أو زعفران 136 اتقي الله واصبري ... 66 أتي النبي بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد ... 582- 583 أتيت المدينة فسألت الله أن ييسر لي جليسا صالحا فيسر لي أبا هريرة 74، 142 أتيت النبي فأسلمت وعلّمني الإسلام وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم 522 اثبت فإنما عليك نبيّ وصديق وشهيدان 203 اجتمعت غنيمة عند رسول الله فقال: يا أبا ذر أبدها 637 أجرى رسول الله فرسه الأدهم مع خيول المسلمين 401 أحبّ الحديث إليّ أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين 258 احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين 354 احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمرّ جنود الله فيراها 355 احتجم رسول الله، حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه 740

الحديث/ الصفحة أدركه فخذ الراية فكن أنت الذي تدخلها 344، 369 إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق 59 إذا أرسلت كلابك المعلّمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك 725 إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع 688 إذا رأيتم من يبتاع أو يشتري في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك 140 إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله تعالى فإن وجدته قد قتل فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك 728- 729 إذا مات كسرى فلا كسرى بعده 213 إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل: اخوك البكريّ ولا تأمنه 654 ارجع فلن أستعين بمشرك 782 ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتنّ بأنفسكن 361 ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلا السيف 350 أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدّهم في أمر الله عمر ... 294 أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله فسلّمت عليه وقلت له: إني أريد الخروج إلى خيبر، فقال: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا 651 ارم فداك أبي وأمي 459 استأجر رسول الله وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خرّيتا 441 استعمل رسول الله رجلا من الأزد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللّتبية 261 استقبلهم النبيّ على فرس عري ما عليه سرج وفي عنقه سيف 417 أشبهت خلقي وخلقي يا جعفر 486 اشترى مني النبي بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين ... 586، 601 أشمّي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج 751 أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى النبي فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قطّ أنفس منها فكيف تأمرني به؟ 566 أصبت حكم الله فيهم 347 أعطى رسول الله خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع 595، 625 أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل 281

الحديث الصفحة أعنّي على نفسك بكثرة السجود 70 أفرض أمتي زيد بن ثابت 182 أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبيّ بعدي 337 أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسّنح حتى نزل فدخل المسجد ... فقال: بأبي أنت يا نبي الله ... 38 أقبلنا من عند رسول الله فأتينا على حيّ من العرب فقالوا: إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم دواء أو رقية ... 675 أقرأ أمتي أبيّ 120 اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام من الناس 239 ألا تعلّمين هذه رقية النملة؟ 85 التمس ولو خاتما من حديد 285 الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر الآن من مكاني 498 الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس.. 498 الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن.. 498 الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له 571 اللهم اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى 674 اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني 457 اللهم أخرج ما في صدره من غلّ 54 اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد 653 اللهم اهد قلبه وسدّد لسانه 272 اللهم أيّد الإسلام بأبي الحكم بن هشام 54 اللهم بارك لهم فيما رزقتهم 396 اللهم بارك لهم في مكيالهم وصاعهم ومدهم 619 اللهم سدّد سهمه وأجب دعوته 263 اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب 172 أما إنّك لا تجني عليه ولا يجني عليك 672 أما إنه نعم الغلام 182

أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم 258 أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتيني فيقول: هذا ما لكم وهذا هدية أهديت لي ... 261 أمر رسول الله أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه 109، 111 أمر رسول الله ببناء المساجد في الدور 135 أمرنا رسول الله أن نحفر الخندق، عرض لنا فيه حجر لا يأخذ فيه المعول.. 498 أمرني ربي بحبّ أربعة ... علي وأبوذر والمقداد وسلمان 101 أمرني رسول الله أن أتعلّم كتاب يهود 219 أمرني رسول الله أن أقوم على بدنه وأن أتصدّق بلحومها وجلودها وأجلّتها وألا أعطي أجر الجازر منها 742 إن أبا بكر دخل على عائشة وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان بالدفّ ورسول الله مسجّى بثوبه 756 إن أبا بكر كان يصلّي بهم في وجع رسول الله 109 إن أباكم مضر خرج إلى بعض رعائه فوجدوا إبله قد تفرّقت ليلا 413- 414 إن إبراهيم عليه السلام حرّم مكة ودعا لأهلها، وإني حرّمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة 620- 621 إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر 138 إن أحبّ الناس إليّ من أنعم الله عليه وأنعمت عليه 514 إن أخاكم لا يقول الرّفث 229 إن أسامة لأحبّ الناس إليّ وإني لأرجو أن يكون من صالحيكم 447 إن أسماء سألت النبي عن غسل المحيض فقال: تأخذ إحداكن ... 90 إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنّة حيث يشاء 487 إن الله أمرني أن أقرأ عليك 120 إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكلّ داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام 664 إن الله بعثني رحمة وكافة فأدّوا عنّي يرحمكم الله 194 إن الله حرّم مكة ولم تحلّ لأحد قبلي ولا لأحد بعدي، وإنما حلّت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ... 714

إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضينّ حتى تسمع من الآخر 272 إن الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق.. 305 إن امرأة سألت رسول الله شيئا فأمرها أن ترجع إليه فقالت فإن لم أجدك؟ .. 44 إن امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد أو شابا فقدها رسول الله ... 137 إن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه.. 114 إن أمنّ الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر 46 إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم 125 إن جبريل أتى النبيّ فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم، قال: بسم الله أرقيك.. 673 إن الجود شيمة أهل ذلك البيت 352 إن حقّا على الله ألا يرتفع شيء من هذه الدنيا إلا وضعه 629 إن خياطا دعا رسول الله لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله.. 709 إن رجلا أتى رسول الله فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل.. 104 إن رسول الله أرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض.. 223 إن رسول الله استعمل رجلا على خيبر فجاء بتمر جنيب.. 533 إن رسول الله أمر خالد بن الوليد فدخل من الليط من أسفل مكة 376 إن رسول الله باع حلسا وقدحا وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح 704 إن رسول الله باع قدحا وحلسا في من يزيد 704 إن رسول الله بعث أبا عبيدة إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله هو صالح أهل البحرين.. 520 إن رسول الله بعث بكتابه رجلا إلى عظيم البحرين 212 إن رسول الله جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك.. 285 إن رسول الله حرّق نخل بني النضير وقطع.. 496 إن رسول الله حين قفل من خيبر أسرى حتى إذا كان من آخر الليل عرّس وقال لبلال: اكلأ لنا الصبح.. 129 إن رسول الله صلّى في المسجد ذات ليلة فصلّى بصلاته ناس ثم صلّى في القابلة فكثر الناس.. 118

الحديث الصفحة إن رسول الله عقد رايات الأنصار وجعلها صفراء 364 إن رسول الله كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه فأعطى الآهل حظين وأعطى العزب حظا.. 242، 251، 260، 582، 787 إن رسول الله كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي بإصبعه هكذا.. 674 إن رسول الله كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي.. 212 إن رسول الله لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثياب بياض 688 إن رسول الله نزل على بسر السلمي فأتوه بطعام فكان يأكل التمر ويضع النوى على ظهر إصبعه 396 إن روح القدس لا يزال يؤيدك 223 إن الشيطان ليخاف منك يا عمر 762 إن صاحب هدي رسول الله قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ .. 157 إن العاقب والسيد صاحبا نجران أتيا رسول الله فأرادا أن يلاعناه.. 520 إن عبد الرّحمن بن عوف جاء إلى رسول الله فأخبره أنه تزوج.. أولم ولو بشاة 613 إن عكرمة يأتيكم فإذا رأيتموه فلا تسبوا أباه 208 إن عمارا ملىء إيمانا إلى مشاشه 96 إن لنا طلبة: فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا.. 467 إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه 231 إن ناسا من أصحاب النبي أتوا على حيّ من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك.. 675 إن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله المدينة فاجتووها.. 632 إن النبيّ رأى على عبد الرّحمن بن عوف أثر صفرة فقال ما هذا.. أو لم ولو بشاة 613 إن النبي دعا أبيّا فقال: إن الله أمرني أن أقرأ عليك.. 120 إن النبيّ كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث 674

إن النبي كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا 151 إن النبي كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث كتابه إليه مع دحية الكلبي.. 195 إن النبي كوى سعد بن معاذ من رمية 679 إن النبي لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة.. 185 إن النبي لما وجه (معاذا) إلى اليمن أمره أن يأخذ من كلّ حالم دينارا أو عدله من المعافر 520- 521 إن النبي مرّ عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: لعن الله الذي وسمه 640 إن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب.. 374 إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينوّرها لهم بصلاتي عليهم 137 أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي 274 انتهيت إلى رسول الله وهو يخطب فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسألك عن دينه.. 89- 90، 149 انحرها ثم اغمس نعلها في دمها.. 157 انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم 162 انزل أبا وهب.. انزل فلك تسيير أربعة أشهر 208 أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء 668 أنزل هؤلاء حيث ينزل الوفد 656 انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس 458 انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا 379 أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا 650 أنكحت عائشة ذات قرابة لها رجلا من الأنصار فقال رسول الله: أهديتم الفتاة؟ ألا بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم 760 إنما أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وانكحوا إليه 740 إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، فلعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته.. 270 إنما أنت فينا رجل واحد فخذّل عنّا إن استطعت فإن الحرب خدعة 478

الحديث الصفحة إنما خلّفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى 337 إنما الصبر عند الصدمة الأولى 66 إنما هي طعمة أطعمكموها الله.. 726 إنه تأتيني كتب من أناس لا أحبّ أن يقرأها كلّ أحد، فهل تستطيع أن تعلّم كتاب السريانية؟ .. 219 إنه قد شهد بدرا.. وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر 198 إنه لا طبيب لنا إلا الله بل أنت رفيق 668 إنه لبحر 401 إنها كانت تأتينا أيام خديجة 747 إني رأيت فيما يرى النائم كأن عتاب بن أسيد أتى باب الجنة فأخذ بحلقة الباب ... 139، 269 إني كنت كاتب رسول الله يوم الحديبية وكتبت: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو.. 188 إني لأوقد تحت القدور بلحوم الحمر إذ نادى منادي رسول الله: إن رسول الله ينهاكم عن لحوم الحمر 309 أيما رجل مات من أصحابي ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة 342 اهتزّ العرش لموت سعد بن معاذ 347 أوجب طلحة 426، 470 أولم ولو بشاة 613، 689 أيّ آية معك في كتاب الله أعظم؟ 120 أيّ الناس أحب إليك؟ قال: عائشة.. 46 أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثي هذا ثم يجمعه إلى صدره فإنه لن ينسى شيئا سمعه.. 736 أيكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟ .. 135 أيها الناس لا غشّ بين المسلمين، من غشّنا فليس منا 304 بارك الله فيك يا سعد 127 بعت من رسول الله رجلا من سراويل قبل الهجرة بثلاثة دراهم فوزن لي فأرجح لي 598 بعث رسول الله بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان 467 بعث رسول الله بكتابه رجلا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين 195

الحديث الصفحة بعث رسول الله عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين 195، 212 بعث رسول الله عمر على الصدقات فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله فقال رسول الله: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد ... 541 بعث النبيّ إلى أبيّ طبيبا فقطع منه عرقا 668، 678، 679 بعث النبي خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة.. 321 بعث النبيّ عليا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا.. 573 بعثنا رسول الله فأمّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره (العثور على العنبر) .. 733- 734 بعثني رسول الله إلى اليمن فأمرني أن آخذ من كلّ ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر 542 بعثني رسول الله مصدقا (أبي بن كعب) 542 بلغنا مخرج رسول الله ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه.. 485 بينا نحن عند رسول الله جلوس في المسجد إذ دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال: أيكم محمد ... هذا الأبيض المتكىء 71- 72 تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون 715 تعلّم كتاب يهود فإني ما آمن يهود على كتابي 219 تعلموا الفرائض وعلّموها الناس فإنها نصف العلم 293 تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض 293 تقتل عمارا الفئة الباغية 97 تهادوا تحابوا 23 تهادوا تزدادوا حبا 23 تهجّد رسول الله في بيتي فسمع صوت عبّاد بن بشر فقال: يا عائشة صوت عباد بن بشر هذا؟ 465

ثبت ملكه 215 ثم قال لي بعني جملك هذا، قال قلت: لا بل هو لك يا رسول الله.. 609 جاء أبو بكر يستأذن على النبي فوجد الناس جلوسا.. 63 جاء بلال إلى النبي بتمر برنيّ فقال له النبي: من أين هذا.. 649 جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم 756 جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء.. هو الطهور ماؤه الحل ميتته 485 جاء رجل إلى النبيّ فقال: إن الآخر وقع على امرأته في رمضان.. 624 جاء رجل إلى النبيّ فقال: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة.. 239 جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب فقال لغلام له قصّاب: اجعل لي طعاما يكفي خمسة فإني أريد أن أدعو النبي.. 742 جاء عمار يستأذن على النبي يوما فعرف صوته.. 96 جاءت أم سليم إلى النبي فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق.. 90 جاءت امرأة إلى رسول الله فقال: يا عائشة أتعرفين هذه؟ فقالت: لا يا نبي الله، قال: هذه قينة بني فلان، تحبين أن تغنيك.. 768 جاءت امرأة ببردة قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها النبي محتاجا إليها.. 707 جاءت امرأة إلى رسول الله فعرضت نفسها عليه فقال لها: اجلسي.. 285 جرح وجه رسول الله وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه [يوم أحد] 430 جزاؤك على الله جلّ اسمه الجنة يا حسّان 224 جعل رزقي تحت ظلّ رمحي وجعل الذلّ والصغار على من خالف أمري 421، 785 جعل رسول الله على الرجّالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا، عبد الله بن جبير 379 جلبت أنا ومخرفة العبديّ بزّا من هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله يمشي فساومنا بسراويل.. 586 جمّروا مساجدكم 136

جمع القرآن على عهد رسول الله أربعة كلّهم من الأنصار 183 حبس النبيّ رجلا في تهمة ثم خلّى عنه 321 حججت مع النبيّ حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي والآخر رافع ثوبه يستره من الحر.. 407، 447 حكيم أمتي أبو الدرداء 98 حمى رسول الله النقيع لخيل المسلمين 642 الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله 272 حمزة سيد الشهداء ولولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع 360 الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به طيبة نفسه أحد المتصدقين 581 الخال وارث من لا وارث له 571 خذ الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك 343 خذ يا جابر فصبّ عليّ وقل بسم الله 152 خذوا القرآن من أربعة 144 خذوها خالدة تالدة إلى يوم القيامة يا بني طلحة 161 خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة 160 خرج رسول الله في بعض مغازيه فلما انصرف جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف 761- 762 خرج رسول الله في مرط مرحل من شعر أسود 365 خرجنا مع رسول الله في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه 464 خرجنا مع رسول الله إلى غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة قال رسول الله: اخرصوا.. 554 خلّ بينه وبين جرابه 501 خير فرساننا أبو قتادة وخير رجّالتنا سلمة بن الأكوع 727، 728 دخل رسول الله مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة 419

دخل عليّ أبو بكر وجاريتان من جواري الأنصار تغنيان.. 756 دخل عليّ النبي وأنا عند حفصة فقال: ألا تعلّمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة 676 دخل النبي عام الفتح وعلى رأسه المغفر فقيل له: ابن خطل متعلّق بأستار الكعبة.. 430 دخلت على رسول الله وهو متكىء على وسادة فأدناها إلي ثم قال.. 73 دخلت المسجد فرأيت رسول الله قائما على المنبر يخطب 365 دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يتغنين فقلت: أنتم أصحاب رسول الله وأهل بدر يفعل هذا عندكم؟! 760 دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين، وكان ظئرا لإبراهيم، فأخذ رسول الله إبراهيم فقبله وشمه 715، 754 دعاني رسول الله وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش.. 654 الدينار أربعة وعشرون قيراطا (إسناده غير صحيح) 607 دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته على رقبة.. أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك 607 ذبحت لرسول الله شاة قال: ناولني الذراع فناولته الذراع 744 ذهب علقمة إلى الشام فأتى المسجد فصلى ركعتين فقال: اللهم ارزقني جليسا صالحا.. 71، 146 ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وجع فدعا لي ومسح برأسي ثم توضأ فشربت من وضوئه، ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه كأنه زر الحجلة 523- 524 رأى رسول الله حمارا موسوما فأنكر ذلك قال: فو الله لا أسمه إلّا في أقصى شيء من الوجه 640 رأيت رسول الله متكئا على وسادة 72 رأيت عن يمين رسول الله وعن شماله يوم أحد رجلين 53 رأيت الناس في عهد رسول الله إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤوه إلى رحالهم 699 رأيت النبي متكئا على وسادة 72

رأيت يد طلحة التي وقى بها رسول الله قد شلّت 470 رحم الله الأنصار فإن المواساة منهم ما علمت لقديمة 361 رحمك الله أي عمّ فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات 360 رمتكم مكة بأفلاذ كبدها 160 رمي أبيّ يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله 679 رمي سعد بن معاذ في أكحله فحسمه النبي بمشقص ثم ورمت فحسمه ثانية 679 رمي سعد يوم الأحزاب فقطع أكحله فحسمه رسول الله 347 رويدا يا أنجشة رفقا بالقوارير 412 الزبير ابن عمتي وحواريّ من أمتي 551 زفّت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي: يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو 760 سابق رسول الله بين الخيل التي قد أضمرت فأرسلها من الحفياء 400 سألت رسول الله عن صيد البازي فقال: ما أمسك عليك فكل 725 سألت رسول الله عن المعراض فقال إذا أصاب بحدّه فكل 729 سألت رسول الله فقلت: يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها 665- 666 سألت عائشة كم كان صداق رسول الله 610، 612 سبق درهم مائة ألف، قالوا: يا رسول الله وكيف؟ .. 598 ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقم فيها أحد منكم 554 سلوني عما شئتم 213 سمعت أنس بن مالك يحدث أن أمّه حين ولدت انطلقت بالصبي إلى النبي يحنكه فإذا النبي في مربد يسم غنما 639 سمعت عليا يقول: ما جمع رسول الله أبويه لأحد غير سعد بن مالك 459 سهر رسول الله مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة 311، 456

الحديث/ الصفحة شهدت مع رسول الله حنينا فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلّ الشجر 393- 394 شهدت مع رسول الله يوم حنين في يوم صائف شديد الحر 393 الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي 666 صقلت سيف النبيّ ذا الفقار وكانت قبيعته من فضة 420، 421، 439 صلّى رسول الله في مرضه خلف أبي بكر 112 صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة 770 ضربت في ناحية الخندق فغلظت عليّ ورسول الله قريب مني، فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان عليّ نزل فأخذ المعول.. 497 طبخت للنبي قدرا وكان يعجبه الذراع فناولته الذراع ثم قال ناولني الذراع فناولته ثم قال ناولني الذراع فقلت: يا رسول الله وكم للشاة من ذراع؟ .. 744 العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته 538 عامل النبي خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر 556 العباس صنو أبي 166 عبد الرّحمن بن عوف أمين في السماء وأمين في الأرض 452، 453 عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد 137 عرّق الله وجهه في النار 347 على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الرجال ولا الطاعون 318 على مثل جعفر فلتبك البواكي 487 علّمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست بمال وأرمي عليها في سبيل الله.. 84 علّمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتاب 85، 87 عمّ الرجل صنو أبيه 166

الحديث الصفحة غدوت إلى رسول الله بعبد الله بن أبي طلحة ليحنّكه 639 غزا رسول الله تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن 331 غزا رسول الله تسع عشرة غزوة غزوت منها معه سبع عشرة 695 غزوت مع رسول الله سبع عشرة غزوة 331 غزوت مع النبي غزوة كذا وكذا فضيّق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبيّ الله مناديا في الناس: إن من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له 309 فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون 44 فصل ما بين الحلال والحرام الدفّ في النكاح 760 قال لي رسول الله: ناوليني الخمرة من المسجد.. 132 قد كان في الأمم قبلكم محدّثون.. 55 قدمت الشام فدخلت مسجد دمشق فصليت ركعتين ثم قلت: اللهم ارزقني جليسا صالحا 61 قل شعرا تقتضيه الساعة 229 قلت: يا رسول الله أين ننزل غدا- في حجته- فقال: وهل ترك لنا عقيل منزلا، ثم قال: نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة 449- 450 قولوا نستغفر الله ونتوب إليه 443 كان أبو طلحة يتترّس مع النبيّ بترس واحد 431 كان أنجشة يحدو بالنساء وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال 409 كان خاتم النبي من حديد ملويّ عليه فضة 193 كان إذا اشتكى رسول الله رقاه جبريل، قال: بسم الله يبريك 673 كان رسول الله إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم قال: اذهب الباس ربّ الناس.. 674 كان رسول الله إذا ذهب إلى قباء يدخل على أمّ حرام بنت ملحان فتطعمه 489 كان رسول الله لا يتطير ولكن يتفاءل 340، 341 كان رسول الله من أجرأ الناس وأجود الناس وأشجع الناس.. 417

الحديث الصفحة كان رسول الله يأمرنا بالصدقة فما يجد أحدنا شيئا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق فيحمل على ظهره 739 كان رسول الله يتبرز لحاجته فآتيه بالماء 142 كان رسول الله يتوضأ بثلث المدّ ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد 614 كان رسول الله يستعذب له الماء 151 كان رسول الله يضع رأسه في حجر إحدانا.. 132 كان على ثقل رسول الله رجل يقال له كركرة 449 كان على النبي درعان في يوم أحد، فنهض إلى الصخرة فلم يستطع 426 كان عندنا داجن فإذا كان عندنا رسول الله قرّ وثبت مكانه ولم يجىء ولم يذهب، فإذا خرج رسول الله جاء وذهب 730 كان لرسول الله ترس يقال له الزلوق 431 كان لرسول الله ثلاث جباب يلبسها في الحرب 428 كان لرسول الله مغفر من حديد يقال له الموشح 430 كان لرسول الله منطقة من أديم مبشور 429 كان لرسول الله مؤذنان 122 كان لواؤه يوم دخول مكة أبيض 364 كان معنا ليلة نام رسول الله عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس حاديان 409 كان النبيّ إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام معنا إداوة من ماء 143 كان النبي سهر فلما قدم المدينة قال: ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة 456 كان النبي في سفر وكان معه غلام أسود يقال له أنجشة يحدو.. 410 كان النبي يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم 785 كان النبي يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب ولا يدري أيهم هو (بناء دكان من طين) 719 كان النبي يصلّي على الخمرة 132 كان النبي يغدو إلى المصلّى والعنزة بين يديه تحمل 133 كان نقش خاتم النبيّ: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر 191 كان وساد رسول الله من أدم حشوه ليف 72

الحديث الصفحة كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله 384، 415، 528، 590، 785 كانت راية النبي من مرط مرحّل 365 كانت لي شارف من نصيبي من المغنم، وكان النبي أعطاني شارفا من الخمس، فلما أردت أن أبتني بفاطمة.. 714 كانت نعل سيف رسول الله فضة وقبيعة سيفه فضة وما بين ذلك حلق فضة 419 كأنه بحر 401 كأني أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث تقصف أصلاب المشركين 696، 697 كلّ بدنة عطبت من الهدي فانحرها 157 كلّ نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ 348 كم من ضعيف مستضعف ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه 411 كنا تاجرين على عهد الرسول فسألنا رسول الله عن الصرف فقال: إن كان يدا بيد فلا بأس وإن كان نسيئا فلا يصلح 694 كنا مع رسول الله فسرنا في يوم قائظ شديد الحر.. 393 كنا مع رسول الله يوم خيبر فبايع اليهود الأوقية الذهب بالدينارين والثلاثة فقال رسول الله: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن 610 كنا مع رسول الله يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى 376، 380 كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم 666 كنت آتي رسول الله كلّ غداة فإذا تنحنح دخلت 148 كنت أشوي لرسول الله بطن الشاة وقد توضأ للصلاة فيأكل منه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ 746 كنت رجلا مذّاء فكنت أستحيي أن أسأل.. 90 كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة وكان خمرهم يومئذ الفضيخ فأمر رسول الله مناديا ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت 309 كنت عند رسول الله وهو عليل فدعاه بلال إلى الصلاة.. 44

الحديث الصفحة كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له كم غزا النبي من غزوة 331 كنت مع النبي في سفر فقال: يا مغيرة خذ الإداوة 428 كنت وافد بني المنتفق إلى رسول الله فلم نصادفه في منزله وصادفنا عائشة أم المؤمنين فأمرت لنا بخزيرة فصنعت.. 634 كيف تقضي إذا عرض لك القضاء؟ 273 كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه 595 لا أبا لك خلّ بينه وبينه 500 لا تستضيئوا بنار أهل الشرك ولا تنقشوا في خواتمكم عربيا 779 لا تعجل عليّ يا رسول الله، إني كنت امرءا ملصقا في قريش.. 197 لا حمى إلا لله ورسوله 642، 643 لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم 239 لا يؤمّ الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه 107 لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله 275 لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله يفتح الله على يديه 342، 343 لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يدعه 703 لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود 100 لقد رأيت يوم أحد عن يمين رسول الله وعن يساره رجلين 53 لقد سقيت رسول الله بقدحي هذا الشراب كلّه 153 لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل 347 لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب.. 138 لقيت بلالا مؤذن رسول الله بحلب فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله.. 649 لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة 381 لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى 664 لكنّ حمزة لا بواكي له 360، 361 لم أومر بشيء ولو أمرت بشيء ما شاورتكما 350 لم يأمرني النبي أن أنزل الأبطح حين خرج من منى 449

الحديث الصفحة لما أراد الرسول أن يكتب إلى الروم فقيل له إنهم لن يقدروا كتابك إذا لم يكن مختوما.. 191 لما أراد النبيّ أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم.. 185 لما ثقل رسول الله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس.. 111 لما رأى رسول الله حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق 360 لما سار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان و.. يلتمسون الخبر 343، 354، 463 لما غزا رسول الله غزوة تبوك خلّف عليا بالمدينة فقالوا فيه: ملّه وكره صحبته.. 337 لما قدم النبيّ المدينة دعا بميزان فوزن لي وزادني.. 586 لما كسفت الشمس على عهد رسول الله نودي أن الصلاة جامعة 309 لما ولدت أم سليم قالت لي يا أنس انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئا حتى تغدو به إلى رسول الله 639 لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها 347 له غنمه وعليه غرمه 502 لو دخل بطنها لم تدخل النار 360 لو كان الدين في الثريا لناله سلمان 101 ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء 138 ليس في أقلّ من عشرين مثقالا من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم صدقة 607 ليس في حبّ ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق.. 625 ليس في ما دون خمس أواق من الورق صدقة 601، 610 ليس فيما دون مائتي درهم زكاة.. 610 ما أدري بأيهما أنا أسرّ: بفتح خيبر أم بقدوم جعفر 485، 487 ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر 638 ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء 664 ما بعث من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان 59 ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أرق حلّة.. من مصعب بن عمير 83 ما صمتّ إلا ليقدم إليه بعضكم فيضرب عنقه 179

الحديث الصفحة ما لي لا أسمع أنين العباس؟ .. 163 ما مات نبيّ حتى يصلي وراء رجل من قومه 112 ما من أصحابي أحد إلا لو شئت وجدت عليه إلا أبا عبيدة 381 ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمن فتنطحه بقرونها 539 ما من وال إلا وله بطانتان 59 ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم 222 مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد.. 693 مثّل لي جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من درّ كل واحد منهم على سرير.. 487 مخيريق خير يهود 561 مرّ النبي بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري 65 مرحبا بالراكب المهاجر 208 مررنا فاستنفجنا أرنبا بمرّ الظهران فسعوا عليه فلغبوا، فسعيت حتى أدركتها، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها فبعث بوركيها وفخذيها إلى رسول الله 729- 730 مرضت مرضا فأتاني رسول الله يعودني، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي، فقال: إنك رجل مفؤود 667 مروا أبا بكر يصلي بالناس 45 مزّق ملكه 213 المسألة أخر كسب الرجل 549 المعتدي في الصدقة كمانعها 538 المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة 596 من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع.. 538 من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله 595 من أبغض عمارا أبغضه الله 96 من أحبّ أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة 470 من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذه بعد ذلك فهو غلول 785 من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة 539

الحديث الصفحة من استعملناه منكم على عمل فليجىء بقليله وكثيره 539 من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله 595، 699 من اشتكى منكم شيئا أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الذي في السماء تقدّس اسمك 674 من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه 454 من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني 21 من رجل يخرج بنا على غير طريقهم 443 من رجل يخرج بنا على القوم من كثب 442 من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع.. أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة 480 من سرّه أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا 35 من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر 638 من سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك 140 من ظلم من الأرض شبرا طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين 472 من عاذ بالله فقد عاذ 271 من غشّ فليس منا 304 من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه 118 من قتل كافرا فله سلبه 697، 770 من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلا في بني قريظة 215 من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحرى أن ينقلب منه كفافا 271 من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه 274 من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنما أخرج كرها 476 من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها 129 من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا 59 من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين 88 من يزيد في مسجدنا؟ ... 204 من يشتري بئر رومة فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم وله بها شرب في الجنة 204 ناج ربك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك 214

الحديث الصفحة نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه 88 نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها 89 نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من سيوف الله سلّه الله على الكفار والمنافقين 374 نهى رسول الله أن يتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد 705 نهى رسول الله عن تناشد الأشعار في المسجد 140 نهى رسول الله عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه 640 هجاهم حسان فشفى وأشفى 223 هذا أمين هذه الأمة 520 هذا الحمال لا حمال خيبر 739 هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة في وجهك نكت من المسألة أو خموش من المسألة 703 هذا سيّد أهل الوبر 548 هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها 164 هذا ما اشترى العدّاء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله 288 هذا ما اشترى محمد رسول الله من العداء بن خالد 289 هل مرّ بكم أحد؟ .. 215، 216 هلّا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه 388 هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا 734 هو الطهور ماؤه الحل ميتته 733 والله إنها للحطّة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها 443 والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع.. (حديث طويل عن أبي هريرة في البخاري) 681- 682 وأنت فثبتك الله يا ابن رواحة 230 وجدته بحرا 417 الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة 596، 600 وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل 53

الحديث الصفحة وفدنا على معاوية بن أبي سفيان وفينا أبو هريرة فكان كل رجل يصنع طعاما يوما لأصحابه وكانت نوبتي فقلت: يا أبا هريرة اليوم نوبتي.. 376 وقف رسول الله على حمزة وقد قتل ومثّل به 360 وما يدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم 198 ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير 410 يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله قريشا 345 يا أبا يزيد إني أحبّك حبّين.. 245 يا ابن رواحة انزل فحرّك الركاب 409 يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير 409 يا أيها الناس الحقوا بملاحقكم فإن الله قد عصمني 458 يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد 123 يا بلال إني دخلت الجنة فسمعت فيها خشفا.. 123 يا بني بلغني أن النبي قدمت عليه أقبية فهو يقسمها فاذهب بنا إليه.. 252، 428 يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا.. 562، 718 يا جابر ناد بوضوء.. 152 يا جابر ناد من كان له حاجة بماء.. 152 يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون.. 480 يا ربيعة سلني أعطك.. 70 يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله.. 94 يا رسول الله رجل أهدى إليّ قوسا ممن كنت أعلمه.. 84 يا سعد إذا لم تر بلالا فأذن 127 يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي إليه بالوسادة إكراما له إلا غفر الله له 73 يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك 653 يا علي كم ترى أن يكون حدّ هذه الصدقة 604 يا عمر أما شعرت أن عمّ الرجل صنو أبيه 541 يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء برتوة 281

الحديث الصفحة يقولون إن أبا هريرة قد أكثر والله الموعد، يقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون بمثل أحاديثه.. 736 يوم وفاء وبر، خذوها خالدة تالدة لا ينازعكموها إلا ظالم 159

فهرس الكتب التي اعتمدها المؤلف

فهرس الكتب التي اعتمدها المؤلف آداب السماع لأبي الفرج الأصبهاني: 763 آداب القضاة لابن يونس: 526 إثبات ما ليس منه بد لمن أراد الوقوف على حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد لأبي العباس العزفي: 597، 599، 602، 607- 610، 614- 616، 619- 625، 793 الأحكام السلطانية للماوردي: 244، 245، 249، 283، 284، 562، 627، 628، 792 الأحكام الصغرى لأبي محمد عبد الحق الاشبيلي: 219، 760، 790 أحكام القرآن لأبي بكر ابن العربي: 52، 53، 63، 108، 283، 284، 296، 325، 779، 780، 781، 789 الاحياء لأبي حامد الغزالي: 759، 761، 793 أخبار الخوارج للقاسم بن محمد المهلبي: 398 اختصار الزجاجي لزاهر ابن الأنباري: انظر: مختصر الزاهر لابن الأنباري أخلاق النبي لابن حيان الأصبهاني: 63، 71- 73، 151، 340، 365، 366، 393، 394، 419، 421، 425، 432، 439، 719، 790 أدب الكاتب (الكتّاب) لابن قتيبة: 86، 390، 401، 430، 493، 645، 794 ارتشاف الضرب لأبي حيان الجياني: 631 الاستذكار لابن عبد البر: 598- 600 الاستعارات لعبد المهيمن الحضرمي: 766 الاستيعاب لابن عبد البر: 35، 42- 45، 47، 49، 50، 54- 56، 64، 65، 68- 70، 74، 80- 82، 84- 87، 91- 93، 96- 102، 105، 106، 119- 121، 123- 127، 130، 134، 141، 143- 145، 154، 160، 161، 163- 165، 171- 176، 178- 185، 189، 193، 195، 197- 200، 207- 210، 214، 218، 222، 226- 231، 235، 236، 238، 240، 242، 245، 247، 250، 254، 263، 268، 272- 279، 281، 282، 288، 290، 291، 294، 296، 300، 307، 308، 312، 326، 331، 332، 335، 338، 341، 344، 347- 351، 358، 361، 364، 372- 375، 378- 381، 385، 390- 392، 396، 397، 403- 409، 411، 412، 432- 436، 439، 444، 445، 447، 450- 454، 458- 461،

464، 465، 467- 477، 486- 490، 500- 506، 509، 510، 512- 515، 523، 524، 534، 535، 541، 544- 547، 550- 552، 557، 562، 564، 568، 583- 586، 588، 637، 638، 656، 661، 664، 670- 672، 687- 689، 691، 692، 695- 697، 702، 715، 716، 723، 724، 727، 728، 740، 744، 747، 749، 752- 755، 786، 787، 793 الاستيعاب لابن عبد البر (نسخة بخط أبي علي الغساني عليها طرر من تعليقاته) : 65، 86، 100، 106، 121، 122، 217، 242، 348، 391، 412، 470، 490، 631، 661، 672، 677، 723 الاشتقاق لمحمد بن أبان بن سيد «1» : 35، 81، 82، 106، 125، 126، 190، 200، 234، 335، 371، 408، 412، 438، 490، 495، 661، 728، 738، 791 الاشراف لابن المنذر: 127، 253، 304، 519، 649، 792 أشعار الستة بشرح الأعلم: 43، 148، 249، 311، 368، 391، 428، 499، 537، 706، 797 إصلاح المنطق لابن السكيت: 218، 739، 794 أعلام الحديث للخطابي: 111، 112، 597، 790 الأفعال لابن طريف: 36، 40، 45، 57، 89، 93، 95، 103، 106، 130، 136، 151، 159، 240، 251، 253، 273، 315، 343، 353، 362، 395، 423، 431، 437، 438، 455، 515، 516، 532، 544، 567، 587، 593، 594، 626، 669، 673، 698، 713، 716، 730، 732، 734، 736، 749، 761، 771، 795 الأفعال لابن القوطية: 108، 249، 370، 412، 414، 423، 430، 458، 483، 515، 536، 549، 563 (أو للسرقسطي) ، 569، 574، 587، 591، 605، 635، 657، 795 الأفعال للسرقسطي: 110، 111، 437، 594، 795 اقتباس الأنوار للرشاطي: 80، 264، 268، 412، 791 الاقتضاب لابن السّيد: 86، 247، 248، 430، 795 أقضية النبي لابن الطلاع: 564، 792 الاكتفاء لأبي الربيع ابن سالم: 37، 55، 56، 81، 91، 263، 303، 319، 382، 389، 442، 443، 541، 656

_ (1) اختصر فيه كتاب ابن دريد وكتاب قطرب وكتاب ابن النحاس وكتاب ابن قتيبة في الأدب (408) .

الاكتفاء في شرح الموطأ للداودي: [187] 615، 616 [621، 622] الاكمال للقاضي عياض: 44، 107، 122، 155، 156، 271، 509، 528، 544، 562، 641، 758، 759، 785، 791 الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام: 211، 243، 254، 294، 529- 532، 535، 575، 576، 582، 596، 607، 621، 642، 644، 788، 792 الأموال لأحمد بن نصر الداودي: 187، 584، 599، 620، 792 أنباء الأنبياء لمحمد بن سلامة القضاعي: 63، 66، 67، 171، 172، 290، 365، 482، 501، 550، 569، 572، 794 البارع لأبي علي القالي: 540 البسيط في شرح الجمل لابن أبي الربيع: 58، 796 بغية الأديب لعلي بن محمد الحراني: 767 بلغة الظرفاء لابن أبي السرور الروحي: 66، 794 بهجة المجالس لابن عبد البر: 323، 685، 796 البهجة لابن هشام: 66، 67، 218، 452، 786، 794 البيان والتبيين للجاحظ: 491، 796 البيان والتحصيل لابن رشد: 112، 113، 136، 220، 221، 297، 305، 526، 703، 792 تاريخ ابن أبي خيثمة: 65 تاريخ ابن الأثير: 97، 189، 243، 276، 313، 314، 386، 478، 491، 502، 553، 573، 591، 634، 786، 794 تاريخ أحمد بن محمد بن عيسى: 661 تاريخ بغداد للخطيب: 61، 101، 102، 241، 794 تاريخ خليفة بن خياط: 166، 214، 408 التاريخ الكبير للبخاري: 97، 182، 193، 219، 300، 365، 439، 593، 793 التبصرة في شرح كتاب ابن الحاجب للتلمساني: 610، 792 التبصرة للصيمري: 577 التبصرة للخمي: 288، 608، 792 التحبير في تفسير أسماء الله تعالى للقشيري: 58 التحفة الفارسية: 395، 797 ترتيب الأعمال السلطانية في الدول الأندلسية لعلي بن خيرة الميورقي: 248، 797 تسهيل الفوائد لابن مالك: 57، 796 التعريف برجال الموطأ لابن الحذاء: 677 تفسير الألفاظ الطبية لابن الحشاء: 47، 797 تفسير الثعالبي (الثعلبي) : 268، 269، 312، 314، [700] ، 789 [تفسير غريب الحديث للحربي] «1» : [141، 187، 236، 316، 389، 594،

_ (1) لم يذكره المؤلف في ثبته، ويبدو أنه ينقل عنه بالواسطة.

630، 631، 645، 677، 785] تفسير القرآن للفخر الرازي: 48، 789 تفسير ما استعجم (استبهم) من غوامض الأسماء لابن بشكوال: 114، 501، 507، 508، 700، 701، 711، 791 التمثيل والمحاضرة للثعالبي: 693 التمهيد لابن عبد البر: 136، 519، 607 التنبيهات للقاضي عياض: 109، 122، 130، 792 تنقيح الفصول لشهاب الدين القرافي: 88، 792 التهذيب لأبي سعيد البراذعي: 220، 784، 791 جامع اللغات للقزاز: 60، 155، 156، 367، 402، 418، 424، 429، 502، 503، 565، 566، 575، 576، 719، 726، 734، 764، 767، 775، 776، 778، 794 الكتاب الجامع لمؤلف مجهول «1» : 408، 490، 532، 564، 791 الجماهر لابن حزم: 82، 105، 106، 117، 124، 126، 143، 145، 200، 209، 215، 231، 235، 236، 308، 391، 408، 436، 458، 477، 500- 502، 509- 512، 552، 651، 670، 791 جماهر الأنساب لأبي عبيد القاسم بن سلام: 117، 256، 391، 408، 509، 669، 791 الجمل المعقبة لابن المناصف: 419، 420، 796 جواب ابن عطية عن سؤال سئله «2» : 599، 602، 604، 793 جوامع السير (والعدل) لابن حزم: 113، 290، 550، 792 الجواهر الثمينة لابن شأس: 243، 525، 529، 559، 570، 602، 603، 608، 780، 787، 791 حجة الوداع لابن حزم: 449، 792 حلية المحاضرة للحاتمي: 224، 796 الحماسة لأبي تمام (ترتيب الأعلم) : 256، 427، 605، 797 حماسة البياسي يوسف بن إبراهيم: 614، 797 خلاصة السير للشريف أحمد بن عبد الله الطبري: 388، 629، 793 الخريدة للعماد الأصبهاني: 264، 448، 765- 767، 796 خلق الإنسان للأصمعي: 652، 795 خلق الإنسان لقطرب: 430، 652، 795 الخيل لأبي عبيدة: 758 الخيل للأصمعي: 758 الدر المنظم في مولد النبي المعظم للعزفي: 53، 110، 793 الدلائل لقاسم بن ثابت السرقسطي: 187، 366، 401، 420، 660، 790

_ (1) هو جامع لما في كتاب المبرد وكتاب ابن دريد وكتاب ابن النحاس وكتاب ابن جني في الاشتقاق. (2) كان ذلك سنة 616.

ديوان الأدب للفارابي: 36، 43، 48، 50، 52، 60، 64، 82، 95، 103، 106، 111، 116، 127، 130، 134، 143، 148، 150، 154، 157، 187، 198- 201، 206- 208، 215، 216، 225، 234، 253، 264، 271، 280، 286، 292، 298، 309، 311، 315، 323، 335، 337، 339، 343، 354، 362، 363، 381، 401، 410، 412، 414، 418، 419، 423، 425، 431، 437، 442، 448، 454، 455، 458، 464، 466، 478، 481، 490، 495، 499، 502، 506، 508، 515، 516، 534، 536، 537، 540، 549، 555، 564، 565، 568، 569، 577، 581، 588، 593، 605، 608- 610، 618، 619، 625، 628، 635، 670، 672، 675، 685- 687، 692، 694، 709، 710، 713، 728، 730، 732، 735، 738، 745، 752، 764، 767، 770، 771، 775، 776، 778، 784، 794 ديوان شعر الأعشى: 109، 797 ديوان شعر ذي الرمّة: 617 الذيل على الاستيعاب لابن فرحون: 115، 232، 267، 291، 370، 391، 435، 436، 450، 501، 504، 562، 568، 651، 567، 664، 700، 711، 716، 721، 747، 753، 755، 793 [الذيل والتكملة لابن عبد الملك] : 767 رحلة ابن جبير: 697 الرسالة القشيرية: 763، 793 الروض الأنف للسهيلي: 37، 84، 110، 130، 251، 302، 338، 434، 435، 443، 495، 501، 504، 561، 564، 686، 717، 719، 751، 793 الزاهر لابن الأنباري «1» : 298، 402 زهر الآداب للحصري: 698، 796 الزينة لأبي حاتم الرازي: 85، 795 سراج المريدين لابن العربي: 53، 665، 668، 793 سنن أبي داود: 59، 84، 135، 137، 138، 151، 242، 251، 260، 272، 286، 289، 290، 309، 312، 321، 364، 393، 394، 407، 509، 520، 522، 538، 540، 542، 559، 566، 582، 586، 596، 600، 634، 637، 642، 649، 651، 654، 664، 667، 668، 674، 675، 678، 679، 785، 787، 789 سنن الترمذي: 74، 75، 88، 112، 140، 219، 220، 250، 271، 288، 289، 294، 304، 305، 311، 321، 384، 385، 417،

_ (1) يبدو أن المؤلف يعني مختصر الزاهر.

419، 426، 430، 538، 542، 571، 572، 590، 614، 665، 703، 725، 760- 762، 789 سنن الدارقطني: 131 سنن النسائي: 58، 59، 61، 88، 89، 107، 112، 132، 140، 149، 150، 157، 188، 195، 212، 213، 236، 285، 293، 337، 364، 396، 409، 498، 520، 539، 586، 596، 598، 601، 613، 703، 704، 739، 744، 746، 760، 768، 789، السير (السيرة) لابن اسحاق وابن هشام: 37، 38، 41، 54، 81، 82، 91، 99- 101، 172، 175، 181، 184، 186، 189، 194- 196، 199، 202، 207، 210، 213، 215، 224، 228، 230، 231، 236، 237، 240، 241، 267، 274، 301، 322، 334- 336، 338، 342- 344، 346، 348، 349، 355- 361، 363- 365، 368، 369، 373، 376- 379، 381، 385، 404، 415، 416، 418، 422، 423، 432، 434، 435، 437، 438، 441- 443، 446، 447، 455- 457، 459، 462- 465، 467- 469، 473، 474، 477- 479، 484، 485، 491، 493، 495- 503، 506، 511، 512، 541- 543، 552، 557، 558، 561، 573، 593، 603، 622، 623، 653، 657- 659، 663، 664، 668، 686، 691، 712، 717، 718، 727، 728، 740، 747، 769، 777، 793 السير ليحيى بن سعيد الأموي: 346 شرح التسهيل لابن هانىء السبتي: 57، 796 شرح الجزولية للأبذي «1» : 796 شرح الرسالة للزناتي: 131، 792 شرح سقط الزند لابن السيد: 658، 797 شرح شعر حاتم لابن السكيت: 67، 395، 499، 546، 797 شرح صحيح البخاري لابن بطال: 191، 526، 527، 583، 783 شرح العمدة لابن دقيق العيد: 56، 791 شرح غريب القرآن لمنذر بن سعيد: 617، 789 شرح مختصر ابن الحاجب لابن عبد السلام «2» : 792 شرح المقامات لابن ظفر: 767 الشفا للقاضي عياض: 397، 730 الشمائل للترمذي: 72، 191، 744، 789 الشهاب للقضاعي: 23، 699، 790 الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب لابن راشد: 559، 560، 791 الصحاح للجوهري: 36، 40، 43، 45، 49، 62، 64، 67، 71، 72، 74، 79، 93، 95، 99، 103،

_ (1) لم يرد ذكر لهذين المصدرين إلا في الثبت الذي جعله المؤلف في آخر كتابه. (2) لم يرد ذكر لهذين المصدرين إلا في الثبت الذي جعله المؤلف في آخر كتابه.

108، 109، 116، 124، 128، 130، 135، 136، 139، 141، 143، 147، 150، 156، 157، 159، 166، 167، 184، 187- 189، 191، 200، 206، 217، 220، 225، 229، 231، 233، 235، 238، 240، 242- 244، 249، 251، 253، 256، 259، 262، 280، 286، 298- 300، 304، 305، 310، 312، 315، 318، 320، 323، 333، 339، 351، 354، 362، 370، 382، 383، 387، 389، 395، 401، 402، 405، 410، 413، 417، 420، 421، 424- 431، 436- 439، 448، 450، 452، 455، 464، 466، 475، 478، 483، 486، 488، 491، 494، 495، 502، 503، 515، 516، 519، 523، 532- 534، 536، 537، 539، 547، 549، 552- 557، 563- 565، 568، 569، 571، 574، 576، 577، 581، 587- 589، 591، 595، 605، 606، 609، 611، 613، 619، 622، 626، 628، 631، 632، 635- 638، 640، 641، 643، 645، 650- 652، 654، 655، 657- 659، 663- 666، 668، 669، 674، 675، 679، 685- 687، 689، 690، 693، 699، 705، 707- 710، 713، 715، 716، 720، 721، 723، 728، 737، 739، 740، 745، 748، 755، 757، 758، 761، 762، 764، 767، 768، 770، 771، 775- 778، 781، 784، 794 صحيح البخاري: 38، 59، 64- 66، 68، 71، 101، 111، 114، 132، 133، 138، 140، 143، 146، 153، 183، 185، 186، 191، 195، 212، 213، 219، 225، 229، 239، 240، 252، 258، 261، 276، 289، 307، 309، 321، 331، 341، 343، 354، 374، 379، 385، 400، 410، 417، 421، 428، 431، 441، 443، 449، 450، 456، 463، 464، 470، 484، 486، 506، 520، 524، 538، 555، 556، 563، 566، 573، 573، 581، 582، 590، 595، 601، 619، 624، 639، 642، 644، 649، 664، 666، 675، 681، 687- 689، 694، 703، 705، 707، 709، 714، 715، 717، 725، 742، 754، 757، 760، 783، 784، 789، صحيح مسلم: 44، 46، 53، 63، 72، 88- 90، 104، 107، 109، 111، 122، 129، 132، 135، 137، 138، 140، 142، 149،

152، 153، 162، 183، 195، 197، 212، 213، 223، 224، 226، 239، 261، 285، 295، 304، 307، 331، 376، 377، 380، 415، 428، 429، 446، 449، 456، 459، 467، 473، 496، 509، 510، 516، 524، 528، 539، 541، 543، 586، 595، 601، 607، 609، 610، 612- 614، 620، 625، 632، 639، 640، 663، 664، 666، 673، 674، 679، 699، 705، 725- 729، 733، 736، 756، 781، 785، 789 صناعة الكتابة لابن قتيبة: 248، 796 صناعة الكتابة لابن النحاس: 48، 191، 192، 390، 480، 796 صفوة التصوف للمقدسي: 760 صفوة الصفوة: انظر مختصر حلية أبي نعيم طب العرب لابن حبيب: 671 طبقات الفقهاء للشيرازي: 252، 291، 398، 794 طبقات الفلاسفة لابن جلجل: 668، 671، 678، 794 طبقات الفلاسفة لصاعد: 671، 794 عارضة الأحوذي لابن العربي: 271، 291، 292، 557، 791 العبارة لعلي بن سعيد الخولاني: 104، 105 العقد لابن عبدربه: 583- 585، 763، 796 علل الحديث للدارقطني: 148، 457، 791 العمدة لابن رشيق: 413، 455، 797 العمدة للتلمساني: 67، 218، 279، 452، 584، 794 العين للخليل بن أحمد: 187، [133، 147، 324، 349، 365، 759] عيون الأخبار لابن قتيبة: 61، 262، 796 غريب الحديث للخطابي: 289، 314- 316، 348، 549، 592، 594، 643، 757، 790 غريب السير للخشني: 322، 358، 475، 481، 549، 606، 643، 793 غريب القرآن للعزيزي: 108، 519، 552، 743، 790 الغريب المصنف لأبي عبيد: 388، 401، 587، 605، 612، 636، 645، 794 كتاب الغريبين للهروي: 40، 41، 50، 52، 59، 60، 79، 83، 89، 108، 110، 157، 166، 167، 187، 191، 192، 228، 251، 271، 280، 281، 298- 300، 305، 317، 325، 332، 356، 375، 401- 403، 486، 493، 507، 544، 575- 577، 581، 587، 618، 628، 631، 634، 730، 750- 752، 771، 790 الفرائد في التشبيهات للأصبحي: 765 الفرائض لأحمد بن خلف الحوفي: 293، 792 الفرق بين الحروف الخمسة لابن السيد: 605، 795 الفصيح لثعلب: 777، 784، 795 فقه اللغة للثعالبي: 370، 397، 402، 417، 425، 645، 659، 795

الكافي لابن عبد البر: 525، 791 الكامل للمبرد: 36، 115، 116، 149، 398، 399، 567، 568، 796 كتاب أبي بكر بن يونس: 526، 561، 562، 583، 610، 791 كتاب ثابت: 187 (لعله: قاسم بن ثابت) » الكتاب لسيبويه: 120، 122، 242، 259، 569، 577، 589، 604، 736 الكتاب المظفري: 243، 263، 572، 664، 762، 796 الكشاف للزمخشري: 59، 138، 268، 269، 458، 780، 789 كشف مشكل الصحيحين لابن الجوزي: 72، 79، 143، 317، 791 كفاية المتحفظ لابن الأجدابي «2» : 796 الكفاية والغناء لابن الدراج: 758، 797 لحن العامة لأبي بكر الزبيدي: 429، 795 لحن العامة لأبي حاتم: 390، 795 المثلث لابن السيد: 48، 155، 201، 402، 403، 563، 716، 778، 795 المجمل لابن فارس: 401، 795 المحكم لابن سيده: 35، 37، 40، 41، 43، 49، 52، 57، 64، 69، 74، 79، 85، 95، 106، 108، 109، 120، 122، 127، 141، 146، 150، 155- 157، 159، 166، 187، 192، 235، 238، 240، 242، 243، 247، 253، 264، 270، 280، 284، 295، 305، 310، 322، 323، 326، 332، 333، 343، 351، 353، 366- 368، 372، 387، 401، 402، 408، 410، 413، 415، 418- 420، 427، 428، 431، 432، 436، 438، 442، 468، 481، 483، 493، 496، 498، 499، 532، 555، 563- 569، 576، 577، 581، 587، 588، 593، 595، 605، 606، 610، 618، 619، 626، 630، 631، 635، 636، 641، 650، 657، 659، 665، 668، 669، 679، 680، 682، 685، 692- 694، 697، 699، 701، 704- 711، 719- 721، 726، 732، 736، 737، 739، 740، 742، 743، 750، 752، 757، 762، 763، 770، 771، 775، 776، 778، 784، 794 المحلى لابن حزم: 602، 608، 792 مختصر الشيخ أبي محمد ابن أبي زيد: 751 مختصر الطحاوي لابن رشد: 218، 219، 597، 790 مختصر حلية أبي نعيم للجوزي: 47، 68، 70، 176، 183، 241، 402، 497، 667، 670، 786، 794

_ (1) ثابت هو الذي أكمل كتاب «الدلائل» لابنه قاسم. (2) لم يذكره المؤلف في المتن واكتفى بذكره في ثبت مصادره.

مختصر الزاهر لابن الأنباري: 48، 115، 795 (وانظر الزاهر) مختصر السير لابن جماعة: 37، 64، 68، 74، 113، 115، 156، 196، 210، 213، 267، 269، 332، 335، 364، 366، 386، 405- 407، 416، 422، 423، 425- 431، 450، 629، 634، 649، 719، 728، 793 مختصر الصفوة: 497 (يبدو وهما، انظر مختصر الحلية) مختصر العين للزبيدي: 388، 389، 423، 436، 437، 731، 768، 794 المخصص لابن سيده: 46، 418، 421، 436، 604، 652، 659، 660، 764، 794 المدهش لابن الجوزي: 95، 793 المدونة: 529 المذكر والمؤنث للفراء: 493، 795 المراتب والأخطار للجاحظ: 706، 796 مسامرة الأمراء لأبي بكر الصابوني: 766 المستوعب في خيل العرب للبكري: 387، 388، 400، 623، 635، 795 مسند أبي بكر ابن أبي شيبة: 129، 219، 516 مسند أبي داود الطيالسي: 393، 394، 409، 790 مسند الزهري تصنيف الذهلي: 308، 501، 523، 558، 790 مسند محمد بن مخلد الدوري العطار: 590، 591، 790 المشارق للقاضي عياض: 37، 40، 41، 43، 56، 57، 67، 80، 83، 91، 99، 106، 108، 109، 111، 119، 121، 127، 128، 132، 137، 141، 143، 148، 153- 157، 175، 181، 182، 187، 188، 199، 200، 202، 206، 208، 217- 219، 246، 253، 270، 289، 293، 299- 301، 315، 318، 323، 325، 339، 342، 348، 356، 358، 362، 365- 368، 380، 385، 400، 402، 405، 410، 429، 430، 443، 450، 454، 466، 469، 473، 475، 481، 486، 488، 490، 492، 496، 503، 515، 521، 522، 524، 532، 534، 539، 540، 543، 549، 555، 556، 563، 566، 568، 581، 610، 612- 614، 618- 620، 622- 625، 630- 633، 638، 640، 641، 643، 644، 650، 669، 674، 675، 680، 690، 693، 697، 702، 705، 707، 710، 714، 720، 722، 728- 730، 734، 735، 738، 740، 741، 743، 750، 755، 757- 759، 762، 768، 777، 778، 784، 785، 787، 791 المشرع الروي لابن عسكر المالقي: 40، 148، 217، 253، 257، 307، 318، 429، 520، 549، 605، 720، 790 المصايد والطرائد لكشاجم: 726، 731

المعارف لابن قتيبة: 66، 115، 116، 173، 210، 215، 326، 459، 460، 514، 542، 543، 670، 671، 687، 691، 709، 796 معالم الحديث للخطابي: انظر أعلام الحديث معالم السنن للخطابي: 85، 132، 600، 602، 791 معاني القرآن للفراء: 58، 789 معجم ما استعجم للبكري: 103، 151، 175، 201، 203، 206، 216، 225، 272، 280، 282، 302، 303، 314، 315، 320، 322، 324، 327، 337، 342، 358، 363، 371، 392، 412، 445، 455، 463، 464، 491، 492، 496، 503، 555، 556، 565، 566، 568، 588، 592، 594، 632، 638، 643- 645، 650، 655، 662، 697، 720، 795 معرفة علماء مصر لأبي سعيد الصدفي: 584، 585، 794 المعلم للمازري: 528، 539، 544، 562، 791 المفصل للزمخشري: 59، 543، 587، 796 مقالة في الأوزان والمكاييل أملاها علي بن محمد بن القطان: 615، 627، 793 مقالة في تقدير المكاييل الشرعية لابن البناء: 603، 616، 793 مقالة في المكاييل والموازين للمواق: 620، 621، 793 مقالة في المكاييل والموازين لحسن بن على القطان: 614- 616، 793 المقدمات لابن رشد: 109، 115، 792 المقصور والممدود لابن القوطية: 225، 499، 555، 569، 606، 630، 658، 680، 757، 795 المقصور والممدود للقالي: 470، 566، 593، 757، 795 المنتظم لكراع: 402، 778، 795 المنتقى لأبي الوليد الباجي: 243، 259، 271، 313، 612، 619، 624، 625، 751 الموالي للجاحظ: 66، 791 المؤتلف والمختلف للحافظ عبد الغني: 81، 358، 404، 448، 503، 791 موطأ ابن وهب: 644 موطأ مالك: 94، 118، 119، 125، 129، 141، 157، 242، 270، 285، 485، 488، 523، 533، 556، 559، 621، 624، 644، 657، 668، 750، 789 نفحة الحدائق والخمائل لمجهول: 49، 51، 482، 493، 495، 498، 721، 794 النكت لأبي اسحاق الشيرازي: 614 نوادر ابن أبي زيد: 751 نوادر ابن الأعرابي: 795 الواضحة لابن حبيب: 221 الوجيز لابن عطية: 108، 159، 162، 247، 458، 520، 603، 618، 731، 733، 779- 781، 789 الورقة في أشعار الخلفاء للصولي: 252، 797 الوشاح لابن دريد: 709، 723، 796 اليواقيت للمطرز: 57، 257، 283، 397، 613، 761، 763، 795

فهرس مؤلفين لم تذكر أسماء كتبهم

فهرس مؤلفين لم تذكر أسماء كتبهم ابن اسحاق: 411، 482 ابن الأعرابي: 57، 283، 299، 351، 365، 372، 398، 438، 532 ابن الأنباري: 324، 349 ابن جني: 577، 604، 726 ابن حزم: 622 ابن الحذاء: 641، 676، 677 ابن حبيب: 106، 179، 464، 525، 782 ابن دريد: 421، 483، 616، 617، 680، 706، 739، 743 ابن رشد: 607، 620، 711 ابن السكيت: 40، 421، 427، 431، 506، 521، 547، 605، 659، 663، 715، 770 ابن السيد: 388، 399، 625 ابن عبد البر: 44، 482، 508، 620، 622 ابن عبد السلام التونسي: 560 ابن عطية: 160 ابن قتيبة: 57، 122، 151، 187، 413، 496، 555، 619، 676، 677 ابن وهب: 123، 184، 214، 318، 489، 490، 501، 724 ابن يونس: 526 أبو بكر [ابن العربي] : 570 أبو حاتم الرازي: 390 أبو حاتم السجستاني: 49، 246، 660 أبو حنيفة الدينوري: 147، 299 أبو داود (صاحب السنن) : 131، 623 أبو الربيع ابن سالم: 37 أبو زيد اللغوي: 238، 421، 493، 506، 553، 612، 636، 651، 665، 737، 755، 761 أبو عبيد القاسم بن سلام: 89، 132، 133، 166، 253، 306، 349، 402، 421، 441، 598، 599، 612- 615، 621، 707، 758، 771 أبو عبيدة معمر بن المثنى: 41، 136، 163، 179، 271، 425، 426، 758، 759، 761 أبو عمر ابن عبد البر: انظر ابن عبد البر أبو علي [القالي] : 385 أبو عمرو الشيباني: 695 أبو عمرو بن العلاء: 367، 562، 716 أبو محمد بن أبي زيد: 615، 621 أبو مروان ابن سراج: 348، 349 أبو الوليد الباجي: 302، 622 الأخفش: 225، 262، 395 الأصمعي: 41، 46، 57، 133، 135، 257، 288، 420، 425، 427، 453، 503، 507، 547، 588، 612، 640، 641، 645، 737، 755، 775 الأصيلي: 217، 219، 777

ثعلب: 57، 115، 235، 397- 399، 488 حمزة (يروي عن ابن السكيت) : 659 الخطابي: 107، 607 الخليل بن أحمد: 402، 408، 475، 503، 626 الدارقطني: 176، 760 الدولابي: 110، 695 الزبير بن بكار: 47، 125، 126، 174، 214، 279، 346، 381، 413، 434، 436، 452، 453، 455، 468، 469، 488، 505، 506، 564، 692، 749 الزجاج: 79 الزجاجي: 733 الطبري: 126، 391، 528، 657، 664، 755، 783 الطحاوي: 534 الطوسي: 48 العقيلي: 390، 524 عمر بن شبة: 361، 607 عياض القاضي: 599 الفرّاء: 155، 166، 188، 238، 259، 488، 757، 764 القابسي: 356، 643 قاسم بن أصبغ: 341، 399، 676 الكسائي: 43، 442، 557، 643، 650، 737 اللحياني: 69، 79، 123، 516، 567، 576، 611، 650 مالك بن أنس: 112، 114، 123، 127، 129، 136، 175، 184، 204، 205، 209، 220، 306، 320، 349، 461، 507، 522، 526، 531، 559، 610، 620- 622، 630، 644، 657، 724، 763، 782 الماوردي: 700 المبرد: 425 المدائني: 64، 281، 359، 404، 770 المصعب الزبيري: 64، 126، 291 مكي بن أبي طالب: 700 المهلب (بن أحمد التميمي) : 566 موسى بن عقبة: 193، 215، 349، 359، 381، 400، 404، 469، 480، 496، 535، 691، 727، 762 النضر بن شميل: 89، 365 الهروي: 700 الواقدي: 47، 65، 83، 120، 125، 181، 182، 199، 200، 213، 268، 296، 351، 361، 385، 403، 404، 450، 460، 468، 469، 471، 484، 485، 562، 656، 657، 695 يعقوب ابن السكيت: انظر ابن السكيت يونس (اللغوي) : 686

فهرس القوافي

فهرس القوافي القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة بقاءها/ الطويل/ قيس بن الخطيم/ 256 الجزاء/ الوافر/ حسان بن ثابت/ 223 كداء/ الوافر/ حسان بن ثابت/ 370 الفداء/ الرجز/-/ 410 يرزؤها/ المنسرح/ ابن هرمة/ 130، 188 لواء/ الخفيف/ الحارث بن حلزة/ 356 خضراء/ الخفيف/ الحارث بن حلزة/ 355 وسماء/ الطويل/-/ 650 الآراء/ الكامل/ أحمد بن الحسين الأرجاني/ 264 آيائه/ الرجز/-/ 651 لجاء/ الخفيف/ ضرار بن الخطاب/ 345 وأصلابا/ البسيط/-/ 47 جنوب/ الطويل/ علقمة بن عبدة/ 148، 311 ورسوب/ الطويل/ علقمة بن عبدة/ 417 ألاعبه/ الطويل/-/ 313 جوانبه/ الطويل/- 315 خرب/ البسيط/ حسان بن ثابت/ 205 الكتب/ البسيط/ ذو الرمة/ 708 قسيب/ المنسرح/ عبيد بن الأبرص/ 565 الميثب/ المتقارب/ أم حكيم/ 565 الضرائب/ الطويل/ حاتم الطائي/ 499 يعبوب/ البسيط/ سلامة بن جندل/ 394 والحرب/ الكامل/ عمران العنزي/ 398

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة الأحساب/ الكامل/ نافع بن الأسود/ 178 شاحب/ السريع/-/ 178 فالميثب/ المتقارب/ النابغة الجعدي/ 565 دلالات/ الرجز/-/ 441 الخريت/ الرجز/ رؤبة بن العجاج/ 442 غنت/ الطويل/ المجنون/ 757 ألوياتها/ الرجز/-/ 367 الطلحات/ الخفيف/ ابن قيس الرقيات/ 89 العوج/ الطويل/ يحيى بن صاعد/ 766 سبج/ البسيط/ يوسف بن هارون الرمادي/ 765 مولجا/ الرجز/ العجاج/ 46 مدمجا/ الرجز/-/ 565 وفلجا/ الرجز/ العجاج/ 565 بالخزرج/ الكامل/ حسان بن ثابت/ 355 حرج/ المقتضب/-/ 763 كالسبج/ المقتضب/-/ 764 ورمحا/ الكامل المجزوء/-/ 417 بريحا/ المتقارب/ أبو ذؤيب الهذلي/ 310 فاضحه/ الرجز/-/ 605 الناصحه/ الرجز/-/ 255 أروح/ الطويل/ ذو الرمة/ 424 راجح/ الطويل/ كثير عزة/ 608 ذبحوا/ البسيط/ أيمن بن خريم/ 205 رامح/ الطويل/ ابن مقبل/ 589 ملواح/ الرجز/-/ 387 وجلد/ الرجز/-/ 255

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة الجند/ الرجز/-/ 273 أرادا/ الوافر/ أبو الدرداء/ 98 [موعدا] / الكامل/ الأعشى/ 423 خدودا/ الكامل/ أبو تمام/ 765 سعدا/ الرجز/ كبشة بنت رافع// 348 ملتبدا/ الرجز/-/ 125 كيدا/ الرجز/-/ 732 عباده/ مجزوء الرمل/-/ 351 العدّ/ الطويل/ الحطيئة/ 36 العبد/ الطويل/ حسان بن ثابت/ 226، 227 وخالد/ الطويل/ أبان بن سعيد/ 174 قاعد/ الطويل/ زياد الأعجم/ 752 شهود/ الطويل/ قيس بن سعد/ 588 البلد/ البسيط/-/ 284 والكمد/ البسيط//-/ 284 مدد/ البسيط/ قيس بن سعد/ 352 لبود/ الوافر/ لبيد/ 762 زيد/ الرجز/ أبو طلحة/ 769 المتوقد/ الطويل/ حسان بن ثابت/ 226 الخفيدد/ الطويل/ طرفة بن العبد/ 383 موعد/ الطويل/ طرفة بن العبد/ 499 مرصد/ الطويل/ زهير بن أبي سلمى/ 313 والصغد/ الطويل/-/ 427 العدد/ البسيط/ النابغة الذبياني/ 262 والعمد/ البسيط/ النابغة الذبياني/ 324 الأمد/ البسيط/ النابغة الذبياني/ 390 بموجود/ البسيط/ أوس بن حجر/ 49 رود/ البسيط/-/ 410 المداد/ الوافر/-/ 248 أجيادي/ الكامل/ الأسود بن يعفر/ 47

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة منضود/ الرجز/ ذو الرمة/ 413 ببرده/ الرجز/ دكين الراجز/ 383 يدي/ المتقارب/ ابن جاخ/ 766 صدر/ الرجز/ العجاج/ 366 الأكر/ الرجز/ العجاج/ 732 درر/ المتقارب/ النمر بن تولب/ 167 الغدر/ المتقارب/ امرؤ القيس/ 710 تيسرا/ الطويل/-/ 299 المزعفرا/ الطويل/ المخبل السعدي/ 547 السنّورا/ الطويل/ النابغة الجعدي/ 614 أرى/ الطويل/ الطغرائي/ 767 والغارا/ المديد/ عدي بن زيد/ 315 حمارا/ الوافر/ ابن أحمر/ 617 مكسرا/ الكامل/ المتنبي/ 264 الأزورا/ الرجز/-/ 368 هرّا/ الرجز// 772 المستوره/ الرجز/ أبو دهبل الجمحي/ 126 بالسمسره/ الرجز/-/ 705 طارها/ المتقارب/ ابن حمديس/ 758 والدساكر/ الطويل/ ذو الرمة/ 103 ذخر/ الطويل/ حاتم/ الطائي/ 273 يطير/ الطويل/ زفر بن الحارث/ 493 ومعصر/ الطويل/ عمر بن أبي ربيعة/ 562 مواطره/ الطويل/ الفرزدق/ 57 وأعاصره/ الطويل/-/ 690 وشعيرها/ الطويل/ أبو ذؤيب الهذلي/ 555، 626 شجر/ البسيط/ الحطيئة/ 323 البصر/ البسيط/ عبد الله بن رواحة/ 229 مدخر/ البسيط/ العباس/ بن مرداس/ 435

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة سفسير/ البسيط/ النابغة أو أوس بن حجر/ 537، 705 مضمار/ البسيط/-/ 757 مستطير/ الوافر/ حسان بن ثابت/ 496 مستعار/ الوافر/ بشر بن أبي خازم/ 716 دارها/ الرجز/-/ 216 المشاعر/ الطويل/-/ 513 الصنوبر/ الطويل/-/ 553 صفر/ الطويل/ ذو الرمة/ 617 الجدر/ الطويل/-/ 632 مجاور/ الكامل/ حسان بن ثابت/ 53 إزاري/ الكامل/ ضمضم السلمي/ 240 نور/ الكامل/-/ 766 والأباعر/ الرجز/-/ 420 النجار/ الرجز/-/ 761 المعذر/ الرجز/-/ 752 مكيسا/ الرجز/-/ 324 اعلنكسا/ الرجز/ العجاج/ 665 بسبس/ الرجز/ ابن أبي الزغباء/ 473 الكاسي/ البسيط/ الحطيئة/ 323 ترسي/ البسيط/ المتنبي/ 431 المخلس/ الكامل/ المرار الأسدي/ 383 المجلس/ الكامل/ الحطيئة/ 149 المحشّ/ الرجز/-/ 613 عيشي/ المنسرح/-/ 58 التقاطا/ الرجز/ نقادة الأسدي/ 218 الوقع/ الرجز/ جساس بن قطيب/ 167

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة كنع/ الرجز/-/ 438 والوجعا/ البسيط/ الأعشى/ 109 مجمع/ الطويل/ أبو الحسحاس/ 43 شرّع/ الطويل/ العباس/ بن عبد المطلب/ 164 متتعتع/ الطويل/ كعب/ بن مالك/ 231 يتصدّع/ الطويل/ ذو الرمة/ 636 ساطع/ الطويل/ عبد الله بن رواحة/ 229 الأضالع/ الطويل/ العباس بن مرداس/ 434 كانع/ الطويل/ العباس بن مرداس/ 436 كانع/ الطويل/ الأحوص/ 438 البيع/ البسيط/ الزبرقان بن بدر/ 227، 546 تتبع/ البسيط/ حسان بن ثابت/ 228 المرتع/ الكامل// الفرزدق/ 120 يقطع/ الكامل/ العباس بن مرداس/ 435 قطاع/ البسيط/ ضرار بن الخطاب/ 387 لكاع/ الوافر/ الحطيئة/ 149 الوداع/ مجزوء الرمل/-/ 761 كالخرف/ الرجز/ أبو النجم/ 85 السيوفا/ الوافر/ كعب بن مالك/ 232 صرفا/ الرجز/-/ 255 الزلفه/ المتقارب/-/ 551 تقصّف/ الطويل/-/ 698 سلف/ البسيط/ أوس بن حجر/ 576 الغطارف/ الطويل/-/ 349 المخالف/ الطويل/-/ 349 الصيارف/ البسيط/ الفرزدق/ 694 لمستعطف/ المتقارب/-/ 589 دفقا/ البسيط/ زهير بن أبي سلمى/ 750

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة الصديق/ الكامل/ ابن أبي عزة/ 42 الخلائق/ الطويل/ معن بن أوس/ 771 موفق/ الكامل/ كعب بن مالك/ 384 مغلق/ الكامل/ الشافعي/ 455 بالأوساق/ الكامل/ سلامة بن جندل/ 626 أعناقها/ الكامل/ عمر بن إبراهيم التجاني/ 766 أينق/ الوافر/ يوسف بن هارون الرمادي/ 765 معلاق/ الخفيف/ مصقلة بن هبيرة/ 291 الحوائك/ الطويل/ كثير عزة/ 611 لبك/ البسيط/ زهير بن أبي سلمى/ 768 الأجل/ الطويل/ حارثة بن شراحيل/ 512 يعتمل/ الرجز/-/ 737 [وعجل] / الرمل/ لبيد/ 502 فعلا/ البسيط/ حسان بن ثابت/ 46 والعويلا/ الوافر/ المرار الفقعسي/ 375 تظليلا/ الكامل/ ابن هانىء/ 448 مظلّه/ الرجز/-/ 659 الصقله/ الرجز/ ابن الصعق/ 439 اعتدلا/ المنسرح/ العرجي/ 662 النعل/ الطويل/ زهير بن أبي سلمى/ 43 قائله/ الطويل/ الحطيئة/ 150 غوائله/ الطويل/ الفرزدق/ 758 قبيلها/ الطويل/-/ 750 وينتعل/ البسيط/ صهبان بن شمر/ 233 العويل/ الوافر/ كعب بن مالك/ 361 زجله/ الرجز/ أبو النجم العجلي/ 758 الرسائل/ الطويل/ نصر بن سيار/ 41 الفضل/ الطويل/ حمزة بن عبد المطلب/ 358

والعقل/ الطويل/ هند بنت أثاثة/ 366 اطلال/ الطويل/ الشماخ/ 636 المعلل/ الطويل/ امرؤ القيس/ 249 بالمتنزل/ الطويل/ امرؤ القيس/ 394 نبلي/ الوافر/ سعد بن أبي وقاص/ 459 النزيل/ الوافر/-/ 657 الحرمل/ الكامل/ عنترة/ 423 المكيال/ الرجز/-/ 57 المختال/ الرجز/-/ 402 بالعقال/ الرجز/-/ 568 للقائل/ السريع/-/ 283 الاسحل/ المتقارب/ عبد الرّحمن بن حسان/ 147 الغنم/ الرمل/ خداش بن زهير/ 623 مرجما/ الطويل/ جرير/ 388 يترحما/ الطويل/ عبدة بن الطبيب/ 549 الحليما/ الوافر/ قيس بن عاصم/ 549 الصمّه/ الرجز/-/ 433 حرمه/ الرجز/-/ 636 معصم/ الطويل/-/ 459 يتوسّم/ الكامل/ طريف بن مالك/ 259 المعاصم/ الطويل/ الحطيئة/ 401 وهاشم/ الطويل/ الفرزدق/ 516 بالطعم/ الطويل/ أبو خراش الهذلي/ 699 فسلمي/ الطويل/-/ 50 المحرّم/ الطويل/ الوليد بن يزيد/ 252 أعجم/ الطويل/ عدي بن الرقاع/ 192 وأعجم/ الطويل/ ابن أبي مياس/ 278 النعام/ المديد/ الطرماح/ 660 والرغام/ الوافر/ نصيب/ 303 المستلئم/ الكامل/ عنترة/ 391

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة للأخرم/ الرجز/-/ 255 درهام/ الرجز/-/ 604 الحرم/ المنسرح/-/ 174 لانهدام/ الخفيف/ الكميت بن زيد/ 279 الترسين/ الرجز/-/ 431 أبن/ الرجز/ سالم بن دارة/ 720 وقرآنا/ البسيط/ حسان بن ثابت/ 205 العالمينا/ الوافر/ الحطيئة/ 149 الكافرينا/ الوافر/ عبد الله بن رواحة/ 230 لاعبينا/ الوافر/ عمرو بن كلثوم/ 564 المؤمنينا/ الوافر/ أم الهيثم النخعية/ 279 اهتدينا/ الرجز/ عبد الله بن رواحة/ 409 حصينا/ الرجز/ أمية بن أبي الصلت/ 492 غضونا/ المتقارب/ كعب بن زهير/ 641 والسفن/ البسيط/-/ 483 العيون/ الوافر/ حسان بن ثابت/ 233 ثمين/ الكامل/ الطغرائي/ 448 الحسان/ الخفيف/ أبو الحسين بن يلمش/ 765 تزينه/ الخفيف/ خزيمة بن ثابت/ 278 أردانها/ المتقارب/ قيس بن الخطيم/ 167 اليدان/ الطويل/ امرؤ القيس/ 368 حسن/ البسيط/ الفضل بن أبي لهب/ 278 بأرجان/ الوافر/-/ 264 رماني/ الوافر/ معن بن أوس أو غيره/ 424 الحزين/ الوافر/ المثقب العبدي/ 650 المطين/ الوافر/ المثقب العبدي/ 721 زينها/ الكامل/-/ 766 بالأردنّ/ الرجز/ أبو دهلب/ 282 التغضن/ الرجز/ أبو الأخزر/ 426

القافية/ البحر/ الشاعر/ الصفحة فيه/ الرجز/-/ 585 ميله/ الرجز/ رؤية بن العجاج/ 631 المكاويا/ الطويل/ ابن أحمر/ 669 تناديا/ الطويل/ المعذل البكري/ 697 الدواهيا/ الطويل/-/ 731 العصيّ/ الوافر/ امرؤ القيس/ 488

فهرس الأعلام

فهرس الأعلام «1» آمنة (أم الرسول) : 210 أبان بن سعيد بن العاصي: 171، (174- 175) ، 177، 178، 202 إبراهيم (ابن الرسول) : 198، 451، 564، 585، 715، 749، 754 إبراهيم الخليل: 281، 597، 620، 621، 657، 751 إبراهيم التيمي: 530 إبراهيم النخعي: 112، 113، 312، 620، 621 إبراهيم بن عقبة: 544 ابن أبي خيثمة: 717 ابن أبي الزناد: 65 ابن الأكوع: 567 ابن أم مكتوم (عمرو بن قيس بن زائدة) : 122، (124- 125) ابن بحدل: 493 ابن جاخ: 766، 768 ابن الجارود: 289 ابن جريج: 351، 360، 576 ابن جميل: 541، 542 ابن حبيب الهاشمي: 110 ابن رمح التجيبي (محمد) : 496 ابن سراج: 316 ابن السكن: 534 ابن شهاب الزهري: 44، 47، 68، 118، 129، 165، 173، 186، 190، 193، 194، 209، 215، 231، 252، 274، 338، 400، 403، 404، 411، 469، 474، 506، 514، 519، 523، 561، 562، 642، 687، 688، 691، 763، 782 ابن عباس: 38، 46، 61، 62، 64، 104، 116، 165، 212، 239، 246، 248، 366، 386، 397، 432، 482، 504، 512، 595، 634، 640، 642، 666، 700، 705، 714، 761، 763، 769 ابن عبد الحكم: 561 ابن العرقة: انظر: حبان بن العرقة ابن عفير: 444 ابن العلماء: 554، 556 ابن عمر: 122، 133، 250، 271، 272، 274، 289، 304، 306، 307، 309، 350، 398، 400،

_ (1) يكاد اسم الرسول الكريم أن يذكر في كل صفحة من صفحات الكتاب، ولهذا لم تكن ثمة ضرورة لذكره في فهرس الأعلام.

402، 421، 447، 449، 475، 487، 496، 512، 556، 595، 596، 597، 600، 618، 621، 625، 642، 650، 695، 785 ابن القاسم (صاحب مالك) : 114، 123، 184، 461، 570 ابن القصّار: 175 ابن الكلبي: 179، 269، 482، 491، 568، 651، 659 ابن اللتبية: 261 ابن لهيعة: 214، 408 ابن الماجشون: 204، 526، 530 ابن ماهان: 643 ابن مزين (يحيى) : 612 ابن مسكين المدني: 491 ابن المسيب: انظر: سعيد بن المسيب ابن المنذر: 527 ابن نافع: 291، 525، 724 ابن وضاح: 291، 730 ابن يزيد: 432 أبو إدريس الأودي: 283 أبو إدريس الخولاني: 98 أبو إسحاق السبيعي: 331، 400، 551 أبو الأسود الدؤلي: 279 أبو أسيد الساعدي: 386، 401، (404) أبو أمامة بن سهل بن حنيف: 571 أبو أيوب الأنصاري (خالد بن زيد) : 457، (460- 461) ، 718 أبو بحر: 643 أبو بردة الأشعري: 485 أبو بردة بن نيار: 386، 387 أبو بكر الصديق: (35، 36، 38- 42، 44- 47) ، 49، 53- 55، 63، 65، 66، 95، 101، 104، 105، 109- 114، 118، 123، 124، 127، 155، 156، 173، 175- 177، 183- 186، 189، 193، 201، 203، 223، 226، 232، 233، 236، 238، 242، 246، 247، 251، 268، 274، 294، 312، 317- 320، 340- 342، 346، 351، 353، 370، 375، 381، 382، 433، 441، 446، 447، 456، 466، 543- 546، 558، 576، 583، 584، 629، 637، 667، 670، 671، 681، 687، 688، 695، 700، 717، 718، 733، 756، 762، 770، 786 أبو بكر البيهقي (أحمد بن الحسين) : 622، 623 أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة: 50 أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: 472 أبو بكرة (نفيع) : 669، 670 أبو بلتعة (عمرو بن راشد السهمي) : 197 أبو جعفر (لغوي) : 495 أبو جعفر المنصور: 614 أبو جعفر (محمد بن علي) : 653 أبو جهل بن هشام: 123، 357، 362، 552، 630 أبو الجهم بن حذيفة العدوي: 198، 502، (505- 506) أبو حازم (سلمة بن دينار) : 404 أبو حثمة (عبد الله بن ساعدة) : 86، 87، 557، (558)

أبو حزابة (الوليد بن نهيك) : 438 أبو الحكم الصيقل الحمصي: 439 أبو الحكم بن هشام: 54، 552 أبو حميد الساعدي: 261، 554، 555 أبو حنيفة (الإمام) : 527، 620، 621، 782 أبو الحوراء السعدي (ربيعة بن شيبان) : 590 أبو خزامة بن يعمر: 665 أبو خيثمة (صحابي) : 442، 443 (وانظر أبو حثمة) أبو الخير الملك: 670 أبو الدرداء: 61، 71، 95، (97- 99) ، 146، 230، 280، 638، 664، 674 أبو ذر الغفاري (جندب بن جنادة) : 98، 101، 327، 539، (637- 638) ، 719 أبو رافع (مولى الرسول) : 296، 297، 449، (450- 451) ، 585، 712، 713، 746، 749 أبو رجاء العطاردي: 288 أبو رفاعة العدوي: 89، 149 أبو رمثة (رفاعة بن يثربي) : 668، (671- 672) أبو رهم الأشعري: 485 أبو رهم السمعي: 460 أبو الزبير (محمد بن مسلم الأسدي) : 331، 347 أبو زرعة: 281، 397 أبو الزناد (عبد الله بن ذكوان) : 165، 252، 628 أبو زيد الأنصاري: 57، 183 أبو سعيد الخدري: 46، 59، 275، 533، 625، 649، 673، 675، 688 أبو سفيان (محدث) : 679 أبو سفيان بن الحارث: 222، 226، 712 أبو سفيان (صخر بن حرب) : 101، 172، 173، 202، 211، 295، 297، 343- 345، 354، 355، 360، 463، 467، 473، 474، 479، 480، 501، (504- 505) ، 654 أبو سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف: 38، 453، 610، 612 أبو سيف القين (البراء بن أوس) : 715، (716) ، 754 أبو الشحم اليهودي: 425 أبو شعيب الأنصاري: 742 أبو صالح (محدث) : 482 أبو طالب بن عبد المطلب: 163، 227، 274، 486 أبو طلحة الأنصاري (زيد بن سهل) : 309، 417، 431، 697، 730، 747، (769- 771) أبو طيبة (دينار) : 740، 741 أبو عامر الراهب: 360 أبو العباس العذري (أحمد بن عمر) : 641 أبو العباس ابن سريج: 601، 602 أبو عبد الرّحمن الفهري: 393، 394 أبو عبد الله ابن رشيد: 682 أبو عبيد (مولى ابن عوف) : 703 أبو عبيد (مولى الرسول) : 744 أبو عبيدة (محدث) : 237

أبو عبيدة ابن الجراح: 39، 43، 294، 369، 373، (380- 381) ، 520، 521، 571، 573، 583، 585، 733، 734، 769، 786 أبو عثمان النهدي: 100، 101 أبو علي ابن السكن (سعيد بن عثمان) : 65 أبو عمرو الحرمازي: 367 أبو عمير (صاحب النغير) : 748 أبو الغيوث: 435، 436 أبو قتادة (الحارث بن ربعي بن بلدمة) : 726، (727) أبو قحافة (والد أبي بكر) : 35، 382 أبو كثير جلاح الأموي: 507 أبو لهب: 712 أبو لؤلؤة (فيروز) : 55، 105 أبو ليلى ابن كعب بن عمرو الأنصاري: 503 أبو مجلز (لاحق بن حميد) : 535 أبو محذورة (أوس بن معير الجمحي) : 122، (125- 126) أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي: 682 أبو مسعود الأنصاري: 107، 739، 742، 760 أبو معاوية (المحدث) : 111، 113 أبو معشر (المحدث) : 84 أبو مكين (نوح بن ربيعة) : 193 أبو المنهال: 694 أبو موسى الأشعري (عبد الله بن قيس) : 95، (99- 100) ، 120، 412، 464، 485، 486، 488، 581، 687، 688، 693، 779- 781 أبو النجم العجلي: 85 أبو نيزر: 567، 568 أبو هريرة: 59، 68، 69، 74، 88، 94، 102، 118، 129، 137، 138، 140، 142، 176، 200، 214، 229، 244، 274، 275، 285، 286، 293، 304، 317، 321، 360، 376، 380، 485، 487، 533، 534، 538، 541، 595، 598، 606، 618، 624، 664، 681، 682، 699، 703، 719، 736، 737، 744 أبو هند (مولى فروة البياضي) : 740 أبو الهياج الأسدي (حيان بن حصين) : 454 أبو وائل (شقيق بن سلمة) : 112 أبو وجزة: 254 أبو يوسف القاضي: 527، 620، 622 أبي بن خلف: 422، 432، 622 أبيّ بن كعب: 95، 96، (119- 121) ، 144، 171، 172، 181، 182، 294، 542، 545، 618، 678، 679، 688 أحمد بن أبي خالد: 284 أحمد بن حنبل: 281، 460، 623، 752 أحمد بن زهير: 752 أحمد بن صالح المصري: 87 الأحنف بن قيس: 189، 391، 548 الأخنس بن شريق: 473 إدريس الأودي: 457 إدريس النبي: 93 أروى بنت أويس: 472 أسامة بن زيد بن حارثة: 407، (447) ، 449، 514

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: 488، 748 إسحاق بن منصور: 72 إسرائيل (المحدث) : 72 أسلع بن شريك بن عوف: 405 أسلم (مولى عمر) : 313، 314، 591، 592، (593) أسماء بن حارثة: 68، (69) أسماء بنت عميس: 104، (105- 106) ، 487، 749 إسماعيل (محدث) : 107 إسماعيل النبي: 751 إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة: 404 إسماعيل بن إسحاق: 583 الأسود: 111- 113 أسيد بن حضير: 39، 40، 301، 360، 465 الأشعث بن قيس: 189، 201 أشهب (صاحب مالك) : 184، 526 الأصبغ بن ثعلبة الكلبي: 453 الأعمش: 111- 113، 312، 482، 679 الأقرع بن حابس: 66 أكثم بن صيفي: 178 أم أيمن (بركة مولاة الرسول) : 447، 448، 514 أم أيوب (زوجة أبي أيوب الأنصاري) : 461 أم بردة بنت المنذر (مرضعة إبراهيم) : 716، 754، 755 أم حبيبة (أم المؤمنين) : 211، 296، 297، 484 أم حرام بنت ملحان: 489 أم الحصين (الصحابية) : 407، 446 أم حكيم بنت الحارث: 208 أم خالد بنت خالد بن سعيد: 544 أم زفر (ماشطة) : 747 أم سلمة (أم المؤمنين) : 90، 201، 270، 454، 640، 687 أم سليط: 153، 154 أم سليم (بنت ملحان الأنصارية) : 144، 457، 639، (747- 748) ، 771 أم سيف: انظر: أم بردة المرضعة أم عبد (بنت سود الهذلية) : 144 أم عطية (نسيبة بنت الحارث الأنصارية) : 751، (752- 753) أم عمارة الأنصارية (نسيبة بنت كعب) : 752 أم عمرو (بنت أنس بن مالك) : 145 أم الفضل (زوج العباس) : 712، 713 أم كلثوم بنت الرسول: 203 أم كلثوم بنت علي: 153، 279 أم مكتوم (عاتكة بنت عبد الله المخزومية) : 124 أمية بن خلف: 552 أنجشة الحادي: 409، 410، (412) أنس بن مالك: 63- 65، 68، 69، 71، 72، 109، 112، 120، 125، 137، 142، 143، (144- 145) ، 153، 165، 167، 176، 182، 183، 191، 236، 294، 305، 309، 374، 389، 409، 411، 417، 419، 430، 431، 457، 458، 465، 488، 538، 582، 613، 614، 619، 632، 639، 697، 704، 709، 715،

717، 718، 729، 740، 747، 754، 769- 771، 779 أنسة مولى الرسول: (64- 65) أنيس الأسلمي: 94 الأوزاعي: 689، 782 أوس بن حذيفة: 660 أوس بن عوف: 466 إياس بن الحارث بن معيقيب: 193 باذام (باذان) بن ساسان الفارسي: 267، (269) باقول (باقوم) (النجار) : 115، 711 الباوردي: 267، 268 بديل بن سلمة (بن أم أصرم) : 338 بديل بن ورقاء الخزاعي: 343، 354، 463، 502، (506) البراء بن أوس بن خالد: انظر: ابو سيف القين البراء بن عازب: 185، 274، 379، 498، 694، (695) البراء بن مالك: 409، (411- 412) بريدة بن الحصيب الأسلمي: 274، 275، 340، (341- 342) ، 366، 573 بريرة (مولاة عائشة) : 601 بسبس بن بشر: 473 بسر السلمي (المازني) : 396، 397 بسر بن سفيان الخزاعي: (338) ، (474) بسر بن سفيان الكعبي: 338، 442 بسيس بن عمرو الجهني: 467 بسيسة (بسبس بسبسة) بن عمرو الجهني: 467، (473) ، 474 بشر (مولى علي) : 67 بشر بن سفيان الكعبي: انظر: بسر بن سفيان الكعبي بشر بن المفضل: 289، 290 بشير بن سويد: 445 البكائي: 359 بكير بن عبد الله بن الأشج: 130 بكير بن عبد الله بن الشداخ: 635، 636 بلال بن رباح: 44، 66، 101، 122، (123- 124) ، 125، 127، 129، 130، 393، 394، 407، 447، 530، 584، 585، 587، 609، 649، 658، 660، 661، 723 بلال بن الحارث: 182 بلال بن حمامة: انظر: بلال بن رباح بلقيس: 686 بنت مخزوم (فاطمة بنت عمرو) : 227 بهز بن حكيم: 321 بهية (بهيمة) بنت بسر المازنية- الصماء: 396، 397 تجوب الحميري: 279 تماضر بنت الأصبغ: 453 تميم الداري: 134، 386 ثابت بن أنس بن مالك: 467 ثابت بن عبيد: 183 ثابت بن قيس بن الشماس: 227، 235، (236- 238) ، 547 ثعلبة بن أبي مالك: 153 ثمامة بن أثال: 195، 199، 200، 321، 322 ثوبان بن يجدد (مولى الرسول) : 656، (661)

ثويبة (مرضعة الرسول) : 359، 362 جابر بن سمرة: 72 جابر بن عامر: 426 جابر بن عبد الله: 63، 114، 135، 152، 162، 274، 331، 347، 352، 360، 364، 403، 418، 462، 586، 601، 607، 609، 610، 640، 651، 664، 668، 678، 679، 733، 760 جارية بن ظفر: 300 جارية بن مضرب: 531 جالوت: 426 جبار بن صخر: 230، 303 (557- 558) جبلة بن الأيهم الغساني: 199 جبلة بن حارثة: 513 جبير بن مطعم: 244، (245- 246) ، 359، 505 الجثجاث أبو عقيل (صاحب الصاع) : 738 الجد بن قيس بن حصن: 657 جذيمة الأبرش: 491 جروة بن الحارث (اليمان) : 240، 242 جرير بن حازم: 211 جزء بن مرداس: 256 جزء بن معاوية: 389، (391) جعفر بن أبي طالب: 100، 106، 210، 245، 374، 484، 485، (486- 488) ، 514 جعفر بن سليمان: 645 جعفر بن محمد: 425 جندب بن مكيث: 445 جهيم بن الصلت المطلبي: 550 (551- 552) جيفر بن الجلندى: 195، 200 الحارث بن أبي شمر الغساني: 195، 199، 416، 417 الحارث بن الحارث بن كلدة: 670 الحارث بن حسان بن كلدة: 365 الحارث بن الخزرج: 301 الحارث بن صبيرة: 723 الحارث بن الصمة: 422، (432- 433) ، 436 الحارث بن عبد كلال الحميري: 196، 201 الحارث بن كلدة: 47، 667، (669- 671) الحارث بن عبد الله بن ربيعة (القباع) : 758، 759 حارثة بن شراحيل: 512، 513 حاطب بن أبي بلتعة: 195، 196، (197- 198) ، 305 حام بن نوح: 482 حبان بن العرقة: 346، 348، 663 حبيب بن حيان (أبو رمثة) : 672 حبيب بن ذؤيب: 276 حبيب بن عمرو السلاماني: 656 الحجاج بن عبد الله الصريمي: 116 الحجاج بن علاط: 164، 416 الحجاج بن يوسف الثقفي: 86، 324، 403، 628 حجر بن أم قطام: 355 حذيفة بن اليمان: 61، 71، 74، 95، 97، 100، 142، 239، (240-

241) ، 242، 246، 300، 468، 474، 480، 550، 552 حرب بن عبد الله بن عمير الثقفي: 522 حريث القضاعي: 641 حزابة (أبو قطن) : 435، 436 حزانة بن أبي قطن: 438 (انظر: أبو حزابة) حسان بن ثابت: 198، 222- 224، (225- 228) ، 232، 233، 235، 238، 323، 547، 763، 764، 777 الحسن البصري: 45، 86، 102، 178، 365، 381، 505، 548، 609، 779 الحسن بن عثمان: 727 الحسن بن علي: 148، 352، 568، 591 الحسن بن محمد: 582 حسيل بن جابر العبسي: 240 حسين بن عبد الله بن عبيد الله: 763 الحسين بن علي: 568 الحصيب بن عبد الله الأسلمي: 342 حصين بن الحارث بن عبد المطلب: 363 الحصين بن نمير (بشير) : 290، 291 الحطيئة: 149، 150 حفص بن غياث: 111، 113 حفصة (أم المؤمنين) : 85، 87، 247، 566، 567، 676 حفصة بن أنس بن مالك: 145 الحكم بن أيوب: 389 الحكم بن عمرو بن وهب: 466 حكيم بن جبلة: 477، 478 حكيم بن حزام: 66، 204، 343، 354، 463، 505، 506، 512 حكيم بن قيس بن عاصم: 548 حماد بن سلمة: 394 حمامة (أم بلال) : 123، 584 حمران (مولى عثمان) : 67 حمران بن حارثة: 69 حمزة بن عبد المطلب: 227، 357، (358- 362) حميد بن هلال: 89، 149، 786 حنش السبائي الصنعاني: 507 حنظلة بن الراهب: 360 حنظلة بن الربيع: 171، (178- 179) حويطب بن عبد العزى: 204 خارجة بن حذافة: 116، 117 خارجة بن زيد بن ثابت: 291 خارجة بن حصن: 657 خارجة بن الصلت: 675 خالد بن سعيد بن العاصي: 171، 174، 542، (544- 545) ، 658، 660 661 خالد بن الوليد: 82، 92، 96، 238، 244، 369، (373- 375) ، 376، 380، 381، 411، 443، 541، 573، 653 خالد بن هشام المخزومي: 534 خباب بن الأرت: 54، 66، 83 خديجة (أم المؤمنين) : 124، 274، 512، 747 خراش بن أمية الخزاعي: 202 (206) ، 629، 630 خراش بن حارثة: 69 خزيمة بن ثابت: 386 الخنساء بنت عمرو السلمية: 254- 256

خوات بن جبير: 379 خولة بنت المنذر: انظر: أم بردة بنت المنذر خيثمة بن أبي سبرة: 74، 142 داود (النبي) : 426، 427، 759 دحية بن خليفة الكبي: 194- 196، 212، 213، (214- 215) دحيم: 397 دليم بن حارثة: 350 الدمون الصدفي: 491 ذو الرمة: 103، 611 ذؤيب بن حارثة: 69 رافع (مولى بديل) : 506 رافع بن خديج: 538 الربيع بن أنس: 458 ربيعة بن أبي البراء: 386 ربيعة بن أبي عبد الرّحمن: 112، 306 ربيعة بن أمية بن خلف: 314 ربيعة بن كعب الأسلمي: 68، (69- 70) الرشيد (هارون) : 126، 420، 620، 622 رفيدة الأسلمية: 663، 664، 668 رقية (بنت الرسول) : 203 رملة بنت ربيبة: 252 رملة بنت الحارث النجارية: 656، 657 رؤبة بن العجاج: 425 رومان بن سرحان: 204 زاذويه: 116 زاهر الأسلمي: 309 الزبرقان بن بدر: 149، 227، 238، 319، 320، 323، 543، (546- 547) ، 549 الزبير بن الخريت البصري: 388 الزبير بن عبد المطلب: 227 الزبير بن العوام: 39، 67، 197، 254، 301، 317، 343، 344، 346، 352، 354، 368، 376، 377، 380، 422، 426، 470، 530، 535، 536، (550- 551) ، 688، 689 زر بن حبيش: 275 زرارة بن عدس: 238 زفر بن الحارث: 493 الزهري: انظر: ابن شهاب الزهري زياد بن أبي سفيان: 69، 116، 636، 669، 670 زياد بن لبيد الأنصاري: 201 زيد بن أرقم: 274، 331، 694، (695) زيد بن أسلم: 644، 668 زيد بن ثابت: 85، 88، 95، 97، 120، 171، 172، 181، (182- 184) ، 218- 221، 294، 303، 397، 526، 527، 572، 584، 585 زيد بن حارثة: 374، 487، 488، (511- 515) ، 544 زيد بن خالد الجهني: 94 زيد بن وهب: 312 سارة (زوج إبراهيم) : 751 سالم (مولى أبي حذيفة) : 144 سالم بن عبد الله: 125، 306، 307، 699 سالم بن نوح: 482 السائب بن خباب: 320 السائب بن هشام العامري: 180

السائب بن يزيد: 140، 308، (523) ، 768 سباع الخزاعي: 359 سباع بن عرفطة: (335) سحنون: 291، 526 سخبرة بن جرثومة: 190 السدّي: 618 سديف (مولى أبي بكر) : 66 سراج (مولى تميم الداري) : 134 سراج بن عبد الملك: 521 سراقة بن مالك المدلجي: 185، 186 سعد القرظ (سعد بن عائد) (المؤذن) : 122، (127) ، 702 سعد بن إبراهيم: 53 سعد بن أبي وقاص: 53، 67، 74، 142، 164، 263، 275، 311- 313، 317، 337، 347، 357، 390، 456، (458- 460) ، 507، 508، 530، 545، 667، 670 سعد بن الربيع: 689 سعد بن زيد الأنصاري: 385، 415، 416 سعد بن زيد مناة: 349 سعد بن عائذ: انظر: سعد القرظ سعد بن عبادة: 39، 40، 115، 334، 335، 334- 346، (349- 351) ، 352، 354، 368، 369، 507، 508، 630، 711 سعد بن مالك: انظر: سعد بن أبي وقاص سعد بن معاذ: 249، 344، 346، (347- 348) ، 349، 350، 360، 365، 456، 457، 460، 465، 663، 679، 680 سعد بن هذيم: 349، 354 سعدى بنت ثعلبة: 512 سعيد بن أبي حبيب: 671 سعيد بن زيد العدوي: 468، 469، (471- 473) سعيد بن سعد (جد أبي وداعة) : 723 سعيد بن سعد بن عبادة: 351 سعيد بن سعيد بن العاص: (307) سعيد بن العاص بن أمية: 99، 100، 193، 451 سعيد بن المسيب: 124، 129، 306، 348، 501، 504، 533، 534، 556، 575، 624، 645، 657، 736 سعيد بن نصر: 44 سفيان بن عيينة: 184، 197، 404، 454، 531، 674، 689، 692، 762 سفيان بن وهب الخولاني: 530 سفينة (المحدث) : 614 سلام بن أبي مطيع: 47 سلامة بن عمير الأسلمي: 474 سلمى (مولاة الرسول) : 451، 585، (749) سلمان الفارسي: 66، 73، 74، 95، (100- 102) ، 142، 402، 491، 497، 724 سلمان بن ربيعة الباهلي: 389، (390) ، 391 سلمة بن الأكوع: 275، 343، 727، 728 سليط بن عمرو العامري: 195، 196، (199)

سليمان (محدث) : 679 سليمان بن أبي حثمة: 86، 87، 308 سليمان بن داود: 192 سليمان بن عبد الملك: 80، 685 سليمان بن موسى: 787 سليمان بن يسار: 556 سماك بن حرب: 72، 364، 598 سمراء أم الحارث بن عبد المطلب: 227 سمراء بنت نهيك الأسدي: 308 سمرة بن جندب: 250 سمية أم أبي سفيان بن الحارث: 226، 227 سمية (أم زياد) : 669، 670 سمية (أم عمار) : 96 سنان بن سبيع الجهني: 474 سهل بن أبي حثمة: 557 سهل بن حماد: 193 سهل بن حنيف: 535، 584 سهل بن سعد الساعدي: 275، 285، 388، 400، (403- 404) ، 429، 707 سهل بن معاذ الجهني: 309 سهم بن منجاب: 177 سهيل بن عمرو: 188، 199 سواد بن غزية: 533، 534 سويبط بن حرملة: 687 سويد بن غفلة الجعفي: 540، 541، 543 سويد بن قيس العبدي: 586 سويد بن مقرن: 371 السيرافي (أبو سعيد) : 652 سيف بن عمر: 391 الشافعي (الإمام) : 519، 527، 621، 782 شبيب بن نجدة الأشجعي: 277، 280 شجاع بن وهب الأسدي: 195، 196، (199) شديد (مولى أبي بكر) : 66 شرحبيل بن غيلان بن سلمة: 466 شرف الدين الدمياطي: 332 شريح القاضي: 300، 390 شريك بن عبد الله: 621 شعبة: 107، 112، 551، 639 الشعبي (عامر) : 46، 61، 62، 297، 397، 421، 485، 546، 725، 727 الشفاء بنت عبد الله: 50، 85، (87) ، 308، 675 شمر (اللغوي) : 299 شهر بن باذان: 269 شيبة بن ربيعة: 359، 363، 552 شيبة بن عثمان بن أبي طلحة: 159، (160- 161) صالح بن الوجيه: 787 صباح (غلام العباس) : 711 الصعب بن جثامة: 642 صفوان بن أمية: 207، 208، 209 صفوان بن اليمان: 240 صفية بنت حيي بن أخطب: 457، 747 صفية بنت عبد المطلب: 227، 360، 550، 749 الصماء: أنظر: بهية (بهيمة) بنت بسر المازنية صهبان بن شمر الحنفي: 232، 233 صهيب: 66، 101 الضحاك بن زميل الأملوكي: 176

الضحاك بن سفيان السلمي: (434- 436) ، 630 ضرار بن عبد المطلب: 227 طالب بن حجير العبدي: 419 طاهر بن عبد العزيز الرعيني: 437، 438 طاووس (ابن كيسان) : 705 طعيمة بن عدي: 359 الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب: 363 الطفيل بن عبد الله بن سخبرة: 189، 190 طلحة الطلحات: 89 طلحة بن خويلد (ذو النون) : 317 طلحة بن عبد الله بن عوف: 291 طلحة بن عبيد الله: 39، 276، 297- 299، 301، 302، 317، 426، 468، (469- 471) ، 535، 536، 691، 692 عاتكه بنت زيد: 471 العاص بن أمية: 115، 711 العاصي بن هشام بن المغيرة: 712 عاصم بن أبي النجود: 618 عاصم بن عدي: 301، 302، 738 عاصم بن عمر بن الخطاب: 771 عاصم بن عمر بن قتادة: 424 عامر بن سعد: 760 عامر (الشعبي) : انظر: الشعبي عامر بن الطفيل: 189، 296 عامر بن فهيرة: 185، 186، (189- 190) ، 192 عائذ بن عمرو: 101 عائشة (أم المؤمنين) : 38، 58، 59، 90، 105، 109، 111، 112، 118، 132، 135، 151، 223، 225، 226، 295، 311، 365، 441، 456، 465، 571، 601، 605، 610، 612، 634، 663، 667، 673، 674، 730، 756، 760، 768، 781 عائشة بنت عثمان: 205 عباد بن بشر الأشهلي: 462، (464- 465) عباد بن حصين: 759 عبادة بن دليم: 350 عبادة بن الصامت: 79، (80) ، 85- 87، 489 العباس بن عبد المطلب: 113، 115، 141، 159، 162، (163- 166) ، 226، 227، 354، 355، 359، 451، 476، 504، 541، 544، 583، 696، 711، 712، 714، 769 العباس بن المأمون: 284 عباس بن محمد الدوري: 72 العباس بن مرداس: 256، 436 عبد الحميد بن عبد الله العمري: 290 عبد الحميد بن وهب: 288 عبد خير: 150 عبد الرّحمن الحجري: 98 عبد الرّحمن الفزاري: 727 عبد الرّحمن بن أبي ليلى: 742 عبد الرّحمن بن عبد القاري: 119 عبد الرّحمن بن عمرو: 275 عبد الرّحمن بن عوف: 56، 67، 95، 249، 301، 302، 313، 314، 316، 323، 452، (453- 454) ، 613، 644، 689، 703، 738

عبد الرّحمن بن كعب: 501 عبد الرّحمن بن مروان: 507 عبد الرّحمن بن ملجم: 116، 276- 279 عبد الرّحيم بن عبد الله البرقي: 435 عبد الرزاق: 514 عبد العزيز بن مروان: 507 عبد الكريم النهشلي: 413 عبد الله الهوزني: 649 عبد الله بن أبي أويس: 763 عبد الله بن أبي بكر: 230، 433 عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي: 468، (474- 475) عبد الله بن أبي طلحة: 639، 748 عبد الله بن أبي قيس: 531 عبد الله بن أبي نجيح: 368، 369، 376، 377 عبد الله بن أبي بن سلول: 336، 695 عبد الله بن أحمد بن حنبل: 602، 603، 608 عبد الله بن أرقط: 441، 443 عبد الله بن الأرقم: 181، (184) ، 290، 584، 585 عبد الله بن أم مكتوم: 93 عبد الله بن بديل الخزاعي: 506 عبد الله بن بريدة: 331، 341، 761 عبد الله بن بسر المازني: 396، 397 عبد الله بن جبير: 379 عبد الله بن جحش: 359 عبد الله بن جعفر: 106، 297، 298 عبد الله بن حذافة السهمي: 195- 197، 212، (213- 214) عبد الله بن حميد بن زهير: 197 عبد الله بن خطل: 179 عبد الله بن داود: 111 عبد الله بن رباح: 376، 380 عبد الله بن رواحة: 222، (229- 230) ، 361، 374، 409، 411، 487، 488، 511، 514، 556- 558 عبد الله بن الزبعري: 222 عبد الله بن الزبير: 204، 205، 627 عبد الله بن زمعة: 44 عبد الله بن زيد بن عاصم: 620 عبد الله بن سعد بن أبي سرح: 171، (179- 180) عبد الله بن السعدي: 783 عبد الله بن سعيد بن العاص: 84 عبد الله بن سلمة: 96 عبد الله بن سلمة: 763 عبد الله بن شبيب: 763 عبد الله بن شداد: 459 عبد الله بن شقيق: 458 عبد الله بن عباس: انظر: ابن عباس عبد الله بن عبد الأسد: 359 عبد الله بن عبد العزى: 159، 160 عبد الله بن عبد المطلب: 227 عبد الله بن عتبة بن مسعود: 308، 523، (524) عبد الله بن عماد الحضرمي: 176، 177 عبد الله بن عمر: انظر: ابن عمر عبد الله بن عمر بن الفغواء: 654 عبد الله بن عمرو بن العاص: 144، 200، 320 عبد الله بن كعب الأنصاري: 500، 501، (503) ، 509، 510 عبد الله بن المجمر: 136

عبد الله بن محمد: 400 عبد الله بن محيريز: 126 عبد الله بن مسعود: 45، 71، 73- 75، 95، 96، 142، (143- 145) ، 146، 247، 254، 281، 293، 312، 313، 317، 319، 320، 520، 524، 535، 584، 585، 637 عبد الله بن مسلم الأسلمي: 341 عبد الله بن مغفل المزني: 500، 501، 503 عبد الله بن مقرن: 371 عبد الله بن نوفل بن الحارث: 696 عبد الله بن يسار 393 عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث: 510 عبد المطلب بن هاشم: 163، 245، 490 عبد الملك بن الماجشون: انظر: ابن الماجشون عبد الملك بن مروان: 67، 283، 403، 598- 600، 602، 628، 685 عبد مناف: 299 عبد الوارث بن سفيان: 44، 341، 676 عبد ياليل بن عمر: 465، 466 عبيد بن عمير: 687 عبيدة بن الحارث بن المطلب: 357- 359، (362- 363) ، 459 عبيد الله بن أبي رافع: 451، 585 عبيد الله بن عبد الله: 642 عتاب بن أسيد: 81، 91، 138، 139، 155، 156، 267، (268- 269) ، 558، 559 عتبة بن أبي سفيان: 504 عتبة بن ربيعة: 359، 552 عتبة بن غزوان: 176 العتبي: 402 عثمان الشحام: 288 عثمان بن أبي شيبة: 609 عثمان بن أبي طلحة: 160 عثمان بن أبي العاصي: 466 عثمان بن حنيف: 478، (535- 536) عثمان بن طلحة: 82، 159، (160) ، 161، 162، 374، 709 عثمان بن عبد الله المخزومي: 433 عثمان بن عفان: 67، 95، 99، 100، 102، 165، 166، 171- 174، 179، 180، 183، 184، 193، 202، (203- 205) ، 206، 209، 214، 241، 244- 247، 254، 271، 276، 294، 297، 298، 345، 390، 403، 451- 453، 477، 489، 503، 505، 546، 553، 558، 584، 637، 644، 691، 692، 762، 770 العداء بن خالد بن هوذة: 288، 289 عدي بن أبي الزغباء: 467، 473، (474) عدي بن حاتم الطائي: 50، 67، 319، 320، 322، 542- 544، (545- 546) ، 725، 728، 729 عدي بن عميرة الكندي: 539 عرباض بن سارية: 172 عروة بن الزبير: 111، 112، 190، 338، 474، 667، 668، 760 عطاء بن رباح: 351، 624، 700 عطاء بن السائب: 786 عطارد بن حاجب: 237

عطية بن بسر المازني: 397 عقبة بن أبي وهب: 199 عقبة بن عامر الجهني: 406، (407- 408) عقيل بن أبي طالب: 244، (245) ، 450، 486، 583، 750 عكرمة (مولى ابن عباس) : 763 عكرمة بن أبي جهل: 208، 211، 479 العلاء بن الحضرمي: 171، 175، (176- 178) ، 195، 201، 520 العلاء بن عبد الرّحمن: 472 علقمة النخعي: 71، 146 علقمة بن الفغواء: 654 علي بن أبي طالب: 39، 67، 82، 90، 95، 96، 100، 101، 106، 113، 115، 116، 148، 150، 159، 162، 164، 171، 172، 178، 180، 185، (188- 189) ، 193، 197، 222، 241، 244، 245، 253، 272، (273- 279) ، 297- 299، 301، 302، 317، 324- 326، 336، 337، 342- 344، 346، 350، 352، 364، 369، 398، 416، 417، 451، 459، 461، 470، 477، 478، 486، 531، 532، 535، 536، 544، 546، 551، 553، 567، 573، 574، 584، 585، 603، 604، 638، 653، 695، 714، 727، 742، 762، 786، 787 علي بن الحسين: 421، 426 علي بن خلف: 621، 622 علي بن عبد الله بن النعمة: 398 علي بن المديني: 503 عماد بن مالك: 176 عمار بن ياسر: 66، 71، 74، 95، (96- 97) ، 146، 242، 251، 260، 462، 464، 535، 584، 702، 721، 787 عمارة بن حزم: 200 عمر بن أبي سلمة: 771 عمر بن حبيب القاضي: 614 عمر بن الخطاب: 37- 39، 41- 46، 50، 53، (54- 56) ، 63، 66، 67، 72، 73، 80، 86، 87، 92، 95، 99، 105، 118- 120، 123، 125، 127، 136، 140، 141، 149، 150، 153، 154، 164، 165، 172، 175- 177، 183، 184، 193، 197، 198، 202- 204، 214، 241، 243- 246، 249، 254، 256، 263، 271- 273، 289، 290، 294، 298، 301- 303، 305، 308، 312- 314، 323، 342، 346، 353، 369، 375، 381، 384، 386، 389- 391، 401، 402، 409، 411، 415، 447، 452، 454، 457- 459، 471، 523، 524، 528- 532، 535، 536، 541، 543، 544، 546، 553، 558، 566، 571، 575، 576، 583، 584، 590- 594، 607، 617، 618، 628، 638، 642-

645، 670، 671، 681، 687، 688، 693، 695، 697، 700، 717، 733، 762، 770، 779- 781، 783- 787 عمر بن عبد العزيز: 50، 250، 254، 283، 528، 570 عمرو بن أبي عقرب: 268 عمرو بن أمية الضمري: 196، 210، 211، (296- 297) ، 433، 484، 486، 654 عمرو بن ثابت: 177 عمرو بن حزام: 573 عمرو بن حزم: 81، 83، 92 عمرو بن دينار: 184 عمرو بن زيد الأنصاري: 378 عمرو بن سعدى القرظي: 463 عمرو بن سعيد بن العاص: 174 عمرو بن الشريد: 255 عمرو بن شعيب: 140 عمرو بن العاص: 46، 50، 116، 117، 160، 180، 189، 195، (200) ، 222، 276، 323، 365، 374، 530 عمرو بن عوف الأنصاري: 520 عمرو بن عوف: 637 عمرو بن الفغواء: 654 عمرو بن القين بن سواد: 231 عمرو بن مرداس: 256 عمرو بن معد يكرب: 542 عمران بن الحصين: 275 عمرة: 167 عمير بن جرموز: 551 عمير بن وهب بن خلف: 207، (209- 210) عميس بن معد بن الحارث: 106 عوف بن مالك: 242، 251، 260، 582، 666، 787 عون بن جعفر بن أبي طالب: 106 عياذ بن الجلندى: 195 عيسى بن دينار الغافقي: 612 عيسى بن عبد الله الثقفي: 658 عيسى ابن مريم: 194، 198، 638 عيينة بن حصن: 66، 350، 657، 727 غالب بن عبد الله الليثي: 445 غورث المحاربي: 418، 421 فاختة بنت قرظة: 489 فاطمة (بنت الرسول) : 39، 299، 447، 487، 568، 714، 749 فاطمة بنت الخطاب: 471 فروة الأشجعي: 281 فروة بن عمرو البياضي: 740 فروة بن عمرو الجذامي: 386 فروة بن مسيك المرادي: 542 الفريعة بنت خالد الأنصارية: 225 فضالة بن حارثة: 69 فضالة بن عبيد: 507، 610 الفضل بن العباس: 510 القاسم بن محمد: 242 قبيصة المخزومي: 115، 711 قتادة: 74، 102، 125، 142، 183، 289، 482، 691

قتادة بن النعمان الظفري: 423، 424 قتيبة بن سعيد: 449، 634 قدامة بن حماطة: 177 قدامة بن عبد الله: 629 قرظة بن كعب: 760 قصي بن كلاب: 160 قطام بنت علقمة: 276- 278، 280 قنبر (مولى علي) : 67 قيس بن أبي حازم: 276، 374، 459، 470 قيس بن أبي صعصعة: 369، 378 قيس بن طلق الحنفي: 721 قيس بن سعد بن عبادة: 45، 344- 346، 350، (351- 353) قيس بن عاصم: 543، (547- 549) قيصر ملك الروم: 194، 195، 212، 214 كبشة بنت رافع: 348 كثير بن عبد الله المدني: 497 كركرة: 449، (450) كسرى: 195، 212، 213، 248، 670 كعب الأحبار: 102، 165 كعب بن الأشرف: 326 كعب بن شراحيل: 513 كعب بن عمرو الأنصاري: 501، 504 كعب بن مالك الأنصاري: 222، (231- 232) ، 372 الكلبي: انظر: ابن الكلبي كلثوم بن الهدم: 717 كوكب (رجل) : 205 كيسان (مولى عتاب) : 268 لبيد بن ربيعة: 50، 323، 657 لخم بن عدي: 197 لقمان الحكيم: 101، 581 لقيط بن صبرة: 634 لمازة بن زبار: 389 الليث بن سعد: 214، 290، 306، 310، 347، 515 مارية (أم إبراهيم) : 564، 749 مالك أبو صفوان: 598 مالك بن أوس بن الحدثان: 66، 67 مالك بن حارثة: 69 مالك بن ربيعة (أبو أسيد الساعدي) : انظر: أبو أسيد الساعدي مالك بن عوف النصري: 468 مالك بن النضر: 747، 771 مالك بن نويرة: 375 المأمون: 284 مجاشع بن مسعود السلمي: 477 مجالد: 725 مجاهد بن جبر: 398، 681، 771 مجدي بن عمرو الجهني: 357 محارب بن دثار السدوسي: 586 محاضر بن المورع: 112 محمد بن أبي حذيفة: 172، 180 محمد بن بشار: 193 محمد بن جبير بن مطعم: 44 محمد بن جعفر بن أبي طالب: 106 محمد بن جرير: 464 محمد بن حاطب: 760

محمد بن الحسن: 527 محمد بن سلام: 268، 375 محمد بن سيرين: 204، 222، 232، 470 محمد بن عبد الرّحمن الأنصاري: 607 محمد بن عبد العزيز الدراوردي: 335، 336، 534 محمد بن عمرو بن حزم: 472 محمد بن عوف: 290 محمد بن فليح: 404 محمد بن كعب القرظي: 162، 274 محمد بن مسلمة: 320، 325، (326) ، 335، 336، 463، 465 محمد بن مناذر: 392 محمد بن هشام: انظر: ابن الكلبي محمد بن يوسف: 65 محمية بن جزء: 500، 504، 509، (510) مخرفة العبدي: 586، 588 مخرمة (والد المسور) : 428 مخرمة بن نوفل: 244، (245) مخشي بن عمرو الضمري: 334 مخيريق: 561، 562 مدعم (مولى) : 450 مرارة بن ربيعة: 232 مرة بن عبيد بن مقاعس: 391 مرداس بن مروان بن الجذع: 651 مرزوق الصيقل: 420، (439) مروان بن الجذع: 651 مروان بن الحكم: 183، 258، 326، 338، 460، 470، 472، 474 مزيدة العبدي: 364 مسدد (المحدث) : 637 مسروح (زوج سمية) : 670 مسروق بن الأجدع: 112، 113، 649 مسعدة الفزاري: 727 مسعود بن عمرو القاري: 502، (506) مسعود بن معتب: 491 مسلم بن الحجاج: 760 المسور بن مخرمة: 173، 174، 245، 252، 258، 338، 428، 474 مسيلمة: 233، 375، 411 مصعب بن الزبير: 475، 627، 695 مصعب بن عمير: 81، (82- 83) 91، 93، 125، 343، 344، 346، 347، 465 مطرف بن الشخير: 526، 671 المطعم بن عدي: 359 معاذ بن جبل: 81، 83، 91، 92، 95، 96، 144، 262، 272، (281) ، 294، 520، 521، 531، 532، 542، 545، 575، 576، 618 معاذ بن عفراء: 402 معاوية (محدث) : 400 معاوية بن أبي سفيان: 69، 80، 88، 99، 115، 116، 160، 161، 171، (172- 175) ، 179، 180، 180، 200، 206، 214، 232، 245، 246، 276، 279، 291، 297- 299، 352، 376، 392، 408، 444، 447، 460، 461، 473، 489، 490، 504،

505، 536، 558، 568، 637، 671، 787 معاوية بن مرداس: 256 المعتضد العباسي: 572 المعتمد بن عباد: 51 معمر: 102، 415 معيقيب بن أبي فاطمة: (193) ، 290، 583- 585، 671 المغيرة (المحدث) : 272 المغيرة بن شعبة: 55، 66، 105، (290- 291) ، 428، 466، 660 مقاتل بن سليمان: 700 المقداد بن الأسود: 90، 101 المقدام بن معد: 595 المقنع: 435، 436 المقوقس: 195، 198، 386 مقيس بن صبابة: 179 المنذر بن ساوى: 176، 177، 195 المنذر بن عمرو الساعدي: 433 المهاجر بن أبي أمية: 196، (201) المهدي العباسي: 542 مهرة بن حيدان: 631 المهلب: 191 موسى (النبي) : 38، 230، 274، 337، 343، 591 موسى بن أنس: 176 ميمون النجار: 115، 711 ميمونة (أم المؤمنين) : 132، 296 مينا النجار: 114، 711 ناجية بن جندب الأسلمي: 443، 444 ناجية بن جندب الخزاعي: 157 ناجية بن عمر (عمير) : انظر: ناجية الأسلمي ناعم (مولى) : 640 ناعم بن عوف بن الخزرج: 302 نائل (مولى) : 67، 547 نافع (مولى ابن عمر) : 133، 250، 289، 290، 307، 350، 400، 496، 642 نافع (مولى أبي قتادة) : 726 نافع (أخو أبي بكرة) : 669، 670 نافع العبسي: 553 نبهان التمار: 700 نثلة (نثيلة) بنت خباب: 163 نثيلة (أم العباس) : 227 النجاشي (أصحمة) : 100، 160، 210، 211، 296، 297، 422، 484، 485، 568 نجدة الحروري: 432 النسفي: 643 نسيبة بنت كعب: انظر: أم عمارة الأنصارية نصر بن سيار: 57 النعمان بن عمرو بن بلدمة: 727 النعمان بن مقرن: 371 نعيم أبو هند: 112 نعيم بن عبد الله بن المجمر: 136 نعيم بن مسعود الأشجعي: 468، (477- 481) نعيمان: 687 نمير بن خرشة: 466 نوح (النبي) : 482 نوفل بن الحارث: (696- 697) نيار بن مكرم: 505 هاجر (أم إسماعيل) : 751 هارون (أخو موسى) : 274، 337، 591

هالة بنت أهيب: 227 هبيرة بن مرداس: 256 هرقل: 195، 212 الهرمزان: 244، 391 هشام الكلبي: انظر: ابن الكلبي هشام بن زيد: 639 هشام بن العاص: 200 هشام بن عبد الملك: 252 هشام بن عروة: 34، 157، 229، 354، 447، 463، 667 هلال بن أمية: 68، (69) هند بن حارثة: 68 (69) هند بنت عتبة: 172، 295، 360 هني (مولى عمر) : 644 هود (النبي) : 686 هود بن عبد الله العبدي: 419 هوذة بن علي الحنفي: 195، 199 الهيثم بن أبي سنان: 229 الهيثم بن عدي: 482 واثلة بن الأسقع: 401 واسع: 435، 436 وحشي بن حرب الحبشي: 359، 360 وكيع: 72 الوليد بن عبد الملك: 664، 685 الوليد بن عقبة: 312 الوليد بن مسلم: 114 وهب بن عمير: 207، 208، (209) وهب بن منبه: 482 وهيب (مولى زيد بن ثابت) : 584 يافث بن نوح: 482 يحيى بن أكثم: 284 يحيى بن سعيد: 290، 306، 320، 657 يحيى بن معين: 408، 752 يحيى بن النعمان: 627 يرفأ (مولى عمر) : 66، 575 يزيد بن أبي حبيب: 180، 194، 211، 530 يزيد بن أبي سفيان: 172، 173، 504، 787 يزيد بن عبد الملك: 685 يزيد بن عميرة: 98 يزيد بن كعب بن شراحيل: 513 يزيد بن معاوية: 161، 341 يسار (مولى الرسول) : 630 يعلى بن حكيم: 211 يوسف بن تاشفين: 50، 51 يوسف بن عيسى: 72

فهرس الجماعات

فهرس الجماعات آل أبي بكرة: 471 آل داود: 100 آل ساسان: 255 آل سعيد بن العاص: 542 آل شماس بن لأي: 36 آل عتبة بن ربيعة: 99 آل هاشم: 226 الأحابيش: 202، 630 الأحزاب: 101، 350، 477 الأزد: 189، 261، 345، 389، 641 أسلم: 302، 340، 341، 396، 376، 443، 663، 664 أشجع: 116 الأشعريون: 99، 100 أصبح: 204 الأعاجم: 105، 220، 244، 269، 389، 460، 568، 780 الأعجميون: 526 الأكاسرة: 627، 628 الأنباط: 218، 523 الأنصار: 39، 40، 84، 85، 90، 98، 101، 114، 152، 154، 164، 179، 205، 224، 232، 237، 240، 249، 250، 262، 274، 276، 281، 294، 297، 303، 322، 344، 345، 350، 353، 354، 355، 357، 360، 361، 364، 365، 439، 457، 468، 473، 497، 542، 622، 688، 689، 703، 711، 718، 736، 740، 742، 756، 757، 760، 762 أهل الجمل: 478 أهل الحرمين: 620، 621 أهل السواد: 530 أهل الصفة: 69، 70، 79، 80، 84، 85، 681 أهل نجد: 755 الأوس: 249، 302، 345، 349، 350، 385، 759 بجيلة: 459 البدريون (أهل بدر) : 198، 199، 203، 213، 349، 404، 727 البصريون (أهل البصرة) : 294، 753 بطارقة الروم: 787 بنو أبي الحقيق: 457 بنو أسد: 317، 509، 543 بنو أسد بن عبد العزى: 197 بنو إسرائيل: 165، 443 بنو أمية: 108، 176، 523 بنو أنمار: 668 بنو بنت مخزوم: 226

بنو بهثة بن سليم: 435 بنو بياضة: 302 بنو تغلب: 522 بنو تميم: 176، 178، 227، 228، 237، 543، 547، 657 بنو تيم: 505 بنو ثعلبة بن الفطيون: 561 بنو جذيمة بن عامر: 653 بنو جمح: 210، 510، 584 بنو الجون: 641 بنو الحارث بن بهثة: 256 بنو الحارث بن الخزرج: 89، 695 بنو الحارث بن كعب: 81، 92 بنو الحارث بن عبد مناة: 202 بنو حارثة بن الحارث: 302، 442 بنو حرام: 302 بنو حكم بن سعد العشيرة: 661 بنو حنيفة: 233، 321 بنو الديل بن بكر: 441 بنو ربيعة بن حنظلة: 438 بنو رزاح بن عدي: 308 بنو زبيد: 509 بنو زهرة: 210، 226 بنو ساعدة: 302، 467 بنو سحيم: 233 بنو سعد: 543، 547 بنو سعد بن بكر: 468 بنو سعد بن ذبيان: 575 بنو سعيد بن العاص: 174 بنو سلامان: 656 بنو سلامان بن ربيعة: 126 بنو سلمة: 230، 302، 557 بنو سليم: 261، 354، 355، 373، 374، 376، 396، 434، 436، 653 بنو سهم: 116، 340، 341، 441 بنو شريف: 178 بنو الشقيقة: 356 بنو شيبة: 161 بنو ضمرة بن بكر: 296، 334 بنو طريف بن الخزرج: 473 بنو ظفر: 360، 632 بنو عامر: 296 بنو عامر بن لؤي: 180، 195 بنو العباس: 284 بنو عبد الأشهل: 39، 240، 326، 360، 385، 415، 465 بنو عبد الدار: 161 بنو عبد شمس: 99، 199، 516، 523، 603 بنو عبد المطلب: 162 بنو عبد مناف: 516 بنو عبيد: 302 بنو عجل بن لجيم: 276، 280 بنو العجلان: 301 بنو عدي بن النجار: 505، 533، 534 بنو عفان: 205 بنو عقيل: 630 بنو عمرو: 354، 463 بنو عمرو بن عوف: 379، 717، 718 بنو العنبر بن تميم: 116 بنو عنكثة: 125 بنو عوف: 460، 547 بنو غفار: 413

بنو غنم بن كعب: 727 بنو نميرة بن عوف: 669 بنو فزارة: 727 بنو فهر: 228 بنو قتيبة بن معن: 390 بنو قحافة الخثعميون: 106 بنو قريظة: 215، 216، 322، 347، 348، 374، 385، 415، 477- 480، 496، 657 بنو قيلة: 446 بنو القين بن جسر: 322، 512 بنو قينقاع: 416، 422، 689، 690، 714 بنو كعب: 121، 338 بنو كلاب: 575، 657 بنو كلب: 214، 453، 513 بنو لؤي: 361، 496 بنو مازن: 205 بنو مازن بن منصور: 396 بنو مازن بن النجار: 369، 378 بنو مالك: 660 بنو مالك بن النجار: 81، 92، 474 بنو محارب: 418 بنو مخزوم: 96، 125 بنو مدلج بن مرة: 653 بنو مرّة: 386 بنو مروان: 283 بنو المصطلق: 202 بنو المطلب: 249، 552 بنو معن بن طيء: 512 بنو معيص: 124 بنو المغيرة: 375 بنو مقرف: 371 بنو الملوح: 445 بنو المنتفق: 634 بنو النجار: 182، 302، 467، 490، 562، 717، 718، 761 بنو نصر: 468 بنو النضير: 384، 415، 496، 528، 561، 562، 590، 785 بنو نوفل: 603 بنو هاشم: 165، 249، 278، 361، 510، 516، 528، 696 بنو هلال: 468 بنو هوازن بن أسلم: 474 بنو الهون بن خزيمة: 202 التابعون: 201، 524، 733 تميم: انظر بنو تميم تيم الرباب: 280 ثقيف (الثقفيون) : 232، 236، 290، 465، 466، 468، 491، 495، 496، 658، 660، 667 جشم: 468 جهينة: 302، 354، 359، 369، 376، 408، 474 الحبش: 686، 756، 758 الحجازيون (أهل الحجاز) : 294، 404، 503، 619، 621، 623، 625 الحمصيون (أهل حمص) : 272 حمير: 279، 661، 686، 687 الحواريون: 194 خثعم: 106 خزاعة: 202، 338 الخزر: 391

الخزرج: 345، 349، 350، 355، 385، 759 الخوارج: 115، 276، 279 دوس: 193، 232 ذبيان: 43 ربيعة: 249 الروم: 180، 191، 194، 194، 214، 336، 461، 600، 608، 628 زبيد: 542 زيد بن كهلان: 545 سليم: انظر: بنو سليم الشاميون (أهل الشام) : 130، 396، 609 الصحابة: 45، 82، 102، 120، 171، 182، 183، 210، 214، 246، 247، 263، 267، 326، 335، 351، 381، 400، 404، 435، 446، 457، 458، 461، 462، 465، 474، 524، 536، 541، 543، 551، 572، 622، 637، 671، 683، 687، 691، 733، 753، 760، 770، 782، 786 الصدف: 201، 491 طيء: 322، 416، 542، 543، 545، 546 عبيد السهام: 302 العجم: انظر: الأعاجم عدنان: 249 العراقيون (أهل العراق) : 294، 503، 536، 576، 614، 621 العرب: 39، 57، 58، 66، 136، 166، 178، 214، 224، 236، 245، 246، 248- 250، 296، 302، 317، 367، 369، 374، 376، 394، 413، 425، 461، 486، 492، 493، 498، 521، 541، 562، 591، 608، 609، 614، 618، 628، 635، 641، 653، 656، 659، 662، 667، 669- 671، 675، 698، 720، 721، 757، 758، 778 العرفاء: 253، 258، 259 عرينة (العرنيون) : 630، 632 عكل: 652 غسان: 231 غطفان: 350، 468، 478- 481، 728 غفار: 302، 354، 369، 376 فزارة: 120 القارة: 502، 506 قحطان: 249، 512 قريش: 39- 41، 43، 55، 66، 101، 141، 163، 173، 174، 179، 180، 183، 185، 197، 202، 203، 206، 209، 223، 226، 241، 245، 246، 249، 279، 332، 334، 338، 340، 343- 345، 349، 352، 357، 369، 374، 422، 441، 443، 444، 450، 454، 457، 463، 468، 474، 478- 481، 498، 501، 504- 506، 512، 541، 552، 629، 654، 663، 686، 712، 733 قضاعة: 214، 349، 641 قيس غيلان: 468

قينقاع: انظر: بنو قينقاع كلب: انظر: بنو كلب كندة: 201، 542، 695 الكوفيون (أهل الكوفة) : 390، 480، 535، 622، 695 لوذان بن سعد بن جمح: 126 لؤي: انظر: بنو لؤي المالكية: 294 المدنيون (أهل المدينة) : 353، 475، 503، 568، 596، 597، 600، 619، 622 مذحج: 197، 542، 545 مراد: 204، 279، 542 مزينة: 302، 355، 369، 376 مضر بن نزار: 249، 413، 414 معدّ: 513 المكيون (أهل مكة) : 267، 268، 357، 596، 597، 600، 601، 762 المهاجرون: 39، 54، 96، 101، 198، 199، 213، 237، 274، 276، 294، 297، 303، 344، 355، 357، 369، 453، 462، 471، 487، 497، 622، 692، 718، 736 النبط: انظر: الأنباط نزار: 427 النصارى: 220، 322، 522، 523، 780، 781 نصارى الحيرة: 780 نصارى نجران: 519 النمر بن قاسط: 163، 227 النوبة: 180 هوازن: 258، 267، 373، 374، 468 اليمانية: 240 اليهود: 101، 219، 220، 230، 446، 479، 497، 522، 523، 556، 561، 610، 690، 714، 780، 781 يهود خيبر: 591 يهود المدينة: 714

فهرس الأماكن والوقائع والأيام

فهرس الأماكن والوقائع والأيام الآري: 389 الأبطح: 449 الأبواء: 334، 357، 358، 654، 655 أبو قبيس: 349، 382 أبيورد: 268 أجنادين: 160، 175، 545 أحد: 64، 82، 98، 123، 154، 182، 189، 203، 209، 214، 229، 231، 232، 236، 241، 274، 276، 296، 347، 359، 372، 378، 379، 386، 387، 404، 416، 422، 423، 426، 430، 432، 433، 442، 451، 454، 459، 460، 469، 470، 474، 558، 561، 562، 623، 637، 727 الأحزاب: 101، 215، 347، 350، 477، 497، 679 أذاخر: 369، 370 أرجان: 264 الأردن: 175، 281، 381 أرمينية: 390 الاسكندرية: 180، 195، 198 الأصافر: 654، 655 أصبهان: 654، 102 الأعواف (الأعراف) حائط: 561، 565 أفريقية: 180، 311، 412 الأندلس: 311، 766 أنطابلس: 412 الأهواز: 264، 391، 392، 412 الأوق: 565 أيلة: 554، 556 إيوان كسرى: 102 الباب الصغير (بدمشق) : 124 باب كندة (بالكوفة) : 277 باب لد: 80 بابل: 482 البحرين: 175، 176، 178، 195، 212، 213، 244، 519، 520، 582، 583، 588، 650، 693 بدر: 45، 64، 80، 82، 84، 92، 96، 120، 123، 125، 144، 145، 163، 182، 189، 197، 198، 199، 203، 209، 214، 215، 229، 232، 241، 251، 274، 281، 296، 326، 332، 341، 344، 347، 349، 355، 359، 362، 363، 364، 369، 387، 379، 381، 385، 404، 416، 451، 453، 456، 459، 460، 465، 467، 468، 469، 471،

472، 473، 474، 476، 500، 503، 509، 510، 511، 514، 534، 551، 552، 558، 630، 637، 691، 692، 695، 696، 712، 740، 760، 769، 781 برقة: 412 برقة (حائط) : 561، 565 برن: 650 بصرى: 195، 212، 687 البصرة: 67، 69، 116، 145، 176، 177، 178، 294، 341، 389، 405، 478، 535، 536، 753، 780 البطحاء: 346 بطن قناة: 320 البطيحاء: 141 بعاث (يوم) : 756، 759 بغداد: 57، 572، 614 البغيبغة: 567 البقيع: 144، 166، 454، 460، 505، 697 بقيع الغرقد: 643 بقيع المدينة: 643 البلقاء: 196 بلنجر: 390، 391 بنو المصطلق (غزوة) : 695 البويرة: 496 البيت الحرام: 163 البيداء: 782 بئر معونة: 189، 190، 204، 296، 433 بيعة الرضوان: 69، 203، 332، 341 بينة: 303 تبوك: 164، 204، 232، 236، 274، 326، 334، 335، 336، 337، 465، 506، 545، 554، 555، 658، 691، 695 تدمر: 324 تستر: 412 تهامة: 232، 750 تيماء: 565 ثمغ: 290، 566 ثنية المدينة: 337 ثنية المرة: 357، 358 ثنية الوداع: 334، 336، 400، 761، 762 ثور (غار) : 189، 441 الجابية: 294 جبلا طيء: 554 الجحفة: 358، 552 جدة: 207، 696، 697 الجرف: 336، 447، 454، 455 الجزيرة: 482 الجصين: 342 الجعرانة: 502، 503، 506 الجمل (يوم) : 178، 241، 326، 352، 470، 471، 536، 546، 551، 695 الجمل الأول: 477، 478 الجند: 81، 91، 272، 273، 281 الجودي: 482

جوش: 322 الجوشية: 322 الجولان: 192 جي: 100، 102 الحبشة: 82، 96، 99، 100، 106، 144، 193، 199، 203، 210، 211، 213، 381، 453، 485، 487، 510، 544 حبيش (جبل) : 203 الحجاز: 294، 297، 357، 503، 614، 619، 621، 676 الحجر: 457، 458 الحجون: 345، 346 الحديبية: 144، 160، 174، 175، 188، 189، 197، 202، 203، 206، 229، 245، 274، 290، 332، 338، 339، 341، 374، 443، 444، 459، 468، 470، 474، 484، 551، 630، 651 الحرة (يوم) : 70، 609 حرة بني حارثة: 442 حرة واقم: 314، 588، 591، 593 حرة الوبرة: 781، 782 الحرمان: 620، 621 حسنى (جبل) : 566 حسنى (حائط) : 561، 566 حش كوكب: 205 حصن النجير: 201 حضرموت: 176، 177، 201، 491 الحفياء: 400 حلب: 649 حمى الربذة: 654 حمى البقيع (اقرأ: النقيع) : 643 حمى ضرية: 644، 645 حمراء الأسد: 199 حمص: 80، 272، 375، 379، 661 حنين: 126، 161، 164، 208، 240، 268، 373، 374، 393، 432، 434، 435، 468، 501، 502، 503، 504، 506، 544، 696، 697، 770 حوران: 351 الحوشية: 322 الحيرة: 278، 780 خراسان: 268، 341، 342 خرّمة: 636 خلص: 302 الخندق: 92، 101، 215، 241، 274، 290، 347، 348، 350، 451، 460، 468، 474، 477، 480، 481، 497، 498، 499، 637، 663، 695، 696 خيبر: 129، 164، 174، 193، 230، 232، 246، 274، 275، 289، 301، 302، 303، 327، 335، 342، 374، 426، 450، 451، 457، 474، 476، 484، 485، 487، 500، 501، 507، 508، 529، 531، 533، 534، 544، 552، 556، 558، 566، 567، 610، 625، 651، 739، 749 خيف بني كنانة: 449، 450

دار أبي موسى الأشعري: 346 دار الأرقم: 82، 189، 359، 362، 453 دار بنت الحارث: 322 دار بني عبد الأشهل: 360 دار بني النجار: 717 دار رملة بنت الحارث النجارية: 656، 657 دار القراء: 93، 125 دارين: 176، 693 دجلة: 566 الدلال (حائط) : 561 دمشق: 61، 99، 124، 174، 787 دومة الجندل: 335، 453، 454 ذات السلاسل: 46، 365 ذات الرقاع: 418، 462، 463، 464 ذات عرق: 638 ذباب: 336، 337 ذمار: 686 الذهاب: 565 ذو الجدر: 630، 632 ذو الطلح: 473 ذو طوى: 368، 377، 382، 474 ذو قرد (غزوة) : 727، 728 ذو القصة: 370، 371 ذو المجاز: 156 رامهرمز: 100 الربذة: 326، 327، 637، 638، 642، 644، 645 الرغام: 303 الرملة: 80، 180، 661 الروحاء: 433، 511، 515 روضة خاخ: 197، 199 الري: 695 زمزم: 162، 712، 750 زندورد: 670 السافلة: 511، 750 سجستان: 89 السراة: 64، 123، 661، 662 سرف: 423، 642، 644 السغد: 427 السقيا: 151 سقيفة بني ساعدة: 39، 41، 42، 45 السنح: 38 السند: 390 السواد: 248، 530، 531، 533 سواد الكوفة: 536 السوس: 411، 412 سوق ثمانين: 482 الشام: 55، 61، 80، 123، 124، 127، 130، 146، 172، 173، 175، 209، 244، 282، 322، 351، 381، 396، 397، 468، 469، 471، 498، 514، 530، 555، 609، 630، 637، 661، 688، 691، 747، 777، 784، 787 الشاهجان (الآري) : 389 الشجرة (أرض) : 472، 782 الشدخة (يوم) : 495 الشرف: 644، 645 الشق: 301، 302، 303

الصافية (حائط) : 561، 566 الصافية (موضع) : 566 صرار: 586، 588، 591، 593 الصغد: 427 الصفراء: 363 صفين: 96، 97، 278، 326، 352، 695 صنعاء: 269، 273، 498، 499، 545، 662 الصواري: 180 الصوارين: 215، 216 ضرية: 645 الطائف: 86، 140، 164، 208، 258، 307، 491، 492، 493، 495، 503، 505، 506، 515، 545، 670، 696، 711 الطف: 145 الظريبة: 174 الظهران: 730 العاقول: 389 العالية: 511، 564، 749، 750 العراق: 50، 55، 102، 294، 371، 503، 530، 537، 576، 577، 584، 614، 621 عرفات (عرفة) : 247، 662 عسفان: 442، 443، 474 عسقلان: 172، 180 العقبة: 281 العقبة الثانية: 232 العقيق: 460، 655 عكاظ: 259، 512 العلياء: 390 عمان: 195، 200 عمواس: 281، 282، 381 عير: 630، 632 العيص: 358 عين أبي نيزر: 567، 568 عين التمر: 67 الغابة (يوم) : 630، 632، 727، 728 غدير الأشطاط: 338، 339، 474، 475 غدير خم: 274 الغمير: 473 الغميم: 341 غور البقيع (اقرأ: النقيع) : 643 فارس: 100، 195، 264، 460، 498، 600، 609، 628، 671، 686، 692 فارع (أطم) : 763، 764 فدك: 301 الفرات: 280، 389 الفرع: 358 الفسطاط: 180، 437 فلسطين: 80 القادسية: 125، 178، 254، 459، 460 قباء: 122، 127، 489، 630، 717، 720 قبرس: 489، 490

القبلية: 182 قران: 232 قرقرة الكدر: 326، 327، 335 بنو قريظة (غزوة) : 463 القسطنطينية: 461 قصر المدائن: 498 القف: 564، 749، 750 القموص (حصن) : 457 قناة (واد) : 320، 466 قيسارية: 787 الكتيبة: 301، 302 كدى: 368، 370، 377 كداء: 223، 224، 225، 344، 370 الكديد: 445 كراع الغميم: 443 كربلاء: 553 الكعبة: 159، 160، 354، 505، 506، 513، 709 الكلاء: 470 الكوفة: 74، 100، 142، 241، 247، 278، 280، 291، 324، 389، 460، 480، 524، 535، 536، 546، 585، 622، 637، 695، 727 الليط: 369، 370، 376 المحصب: 346، 401، 450 مخيس (سجن) : 324 المدائن: 102، 241، 724 المدينة: 45، 50، 69، 70، 74، 80، 81، 82، 83، 84، 91، 92، 93، 95، 101، 102، 106، 115، 120، 122، 125، 127، 130، 131، 142، 144، 151، 152، 153، 160، 165، 166، 181، 182، 189، 193، 199، 203، 204، 206، 209، 215، 216، 218، 238، 240، 241، 245، 252، 274، 297، 303، 304، 308، 309، 310، 311، 312، 313، 314، 317، 318، 320، 322، 326، 334، 335، 336، 337، 340، 341، 347، 350، 351، 353، 357، 358، 363، 370، 371، 375، 385، 404، 417، 434، 444، 445، 447، 453، 455، 456، 460، 463، 464، 465، 467، 468، 469، 471، 472، 473، 475، 477، 481، 497، 498، 503، 511، 515، 523، 524، 541، 558، 565، 568، 586، 588، 593، 596، 597، 600، 603، 609، 614، 619، 621، 622، 623، 629، 630، 632، 638، 643، 644، 645، 655، 657، 658، 667، 688، 695، 696، 717، 718، 728، 734، 750، 754، 759، 761، 762، 769 مرج الصفر: 175، 545 مرج القلعة: 420 مر الظهران: 354، 463، 506، 729، 730

مرو: 341، 342 المريسيع: 510، 695 مسجد أسلم: 131 المسجد الأعظم (بالكوفة) : 277 مسجد بني زريق: 131، 400 مسجد بني ساعدة: 131 مسجد بني سلمة: 131 مسجد بني عبد الأشهل: 131 مسجد بني عمرو بن مبذول: 131 مسجد بني النجار (مسجد النبي) : 131 مسجد جهينة وأسلم: 31 المسجد الحرام: 141، 163 مسجد راتج: 131 مسجد النبي (مسجد الرسول) : 127، 130، 131، 140، 245، 463، 717، 718، 719، 720، 722 مسجد الشجرة: 175 مسجد العقبة: 346 مسجد غفار: 131 مسجد قباء: 717 مشربة أم إبراهيم (حائط) : 561، 564، 749 المشلل: 385 مصر: 55، 104، 117، 172، 180، 200، 201، 214، 408، 412، 530، 556، 585 المضيح: 371 معافر: 521 المقطم: 200، 201 مكة: 45، 81، 83، 91، 93، 99، 122، 123، 125، 126، 138، 139، 144، 152، 160، 161، 162 164، 172، 175، 179، 185، 193، 197، 202، 203، 206، 207، 209، 210، 225، 236، 267، 268، 272، 307، 338، 341، 344، 346، 349، 352، 357، 364، 368، 369، 370، 373، 374، 376، 377، 382، 401، 413، 419، 422، 423، 430، 445، 446، 457، 460، 474، 503، 506، 544، 552، 556، 573، 586، 596، 597، 600، 601، 602، 603، 620، 622، 623، 629، 653، 654، 655، 661، 696، 697، 726، 730، 762، 769 الملح: 565 منى: 449، 756 مناذر: 391، 392 مناذر الصغرى: 392 مناذر الكبرى: 392 مؤتة: 229، 230، 245، 374، 487، 488، 514، 557 موقان: 636 الميثب (حائط) : 561، 565 الميثب (موضع) : 565 النازيان: 363 ناعم (حصن) : 457 نجد: 175، 231، 385، 415، 750 نجران: 81، 92، 520، 573 النجف: 280 نجف الحيرة: 278، 280

نخل: 464 نطاة: 301، 302، 303 النقيع: 642، 643 نهر الحيرة: 280 نهر طبرية: 282 النهروان: 276، 352، 546، 695 هجر: 97، 586، 588 الهند: 693 وادي خاص (خلص) : 301، 302، 303 وادي السباع: 551 وادي السرير: 301، 302 وادي العقيق: 643 وادي القرى: 447، 554 وادي وج: 492 وج (الطائف) : 491 الوداع (واد) : 762 ودان: 334، 654، 655 الوطيح: 342 يافع (سجن) : 324 اليرموك: 175، 290، 504، 505 اليمامة (يوم) : 84، 195، 199، 233، 236، 238، 375، 465، 650 اليمن: 81، 91، 196، 197، 201، 207، 208، 242، 262، 267، 268، 269، 272، 281، 402، 485، 497، 498، 499، 519، 521، 542، 545، 593، 661، 670، 671، 686، 781 ينبع: 363، 568

فهرس متنوعات (حيوانات، أسلحة، نقود ... الخ)

فهرس متنوعات (حيوانات، أسلحة، نقود ... الخ) أطراف (شاة) : 634 أطلال (بغلة) : 636 أطلال (شاة) : 634 أطلال (فرس) : 635، 636 أطلال (ناقة) : 636 الأوقية: 599، 601، (610- 612) البتار (سيف) : 416 البتراء (درع) : 426 بردة (لقحة) : 630 بركة (شاة) : 634 البيضاء (حربة) : 422 البيضاء (قوس) : 423 الثعلب (بعير) : 202، 629 الجدعاء (ناقة) : 629، 630 الجعدة: (لقحة) : 630 الجمع (جعبة) : 423 الحبة: 602 الحتف (سيف) : 416 الخرنق (درع) : 426 الدانق: (608- 609) الدراهم السوداء: 599 الدرهم: (598- 606) الدرهم البغلي: 627، 628، 692 درهم الصنجة: 601 الدرهم الطبري: 599، 627، 628 الدرهم المغربي: 627 الدرهم الوازن: 600 الدرهم اليمني: 627 الدنانير الهرقلية: 608 الدينار (607) ذات الحواشي (درع) : 426، 427 ذات الفضول (ورع) : 425 ذات الوشاح (درع) : 426، 427 ذو السبوغ (مغفر) : 430 ذو الفقار (سيف) : 416، 419 الرسوب (سيف) : 416، 417 الرطل: (614- 417) الرطل العراقي: 614، 615 الروحاء (قوس) : 423 زمزم (شاة) : 634 الزلوق (ترس) : 431 الزوراء (قوس) : 423

سبحة (فرس) : 386، 388، 389 السبوغ (مغفر) : 430 السغدية (درع) : 426 سقيا (شاة) : 634 السكب (فرس) : 386- 388 سنحة (فرس) : انظر: سبحة الصاع: (620- 622) الصفراء (قوس) : 423 الصمصامة (سيف) : الضرس (فرس) : 386، 387 الظرب (فرس) : 386، 388، 401 عجوة (شاة) : 634 العرق: (624- 625) العضباء (ناقة) : 629، 630 الغصب (سيف) : 416 العنزة (حربة) : 422 العود (فرس) : 422، 623 غوثة (شاة) : 634 غيثة (شاة) : 634 الفرق: (622- 624) الفنق (ترس) : 431 القصواء (ناقة) : 629، 630 قضة (درع) : 426 القضيب (سيف) : 416 القلعي (سيف) : 416 قمر (شاة) : 634 القنطار: (617- 619) القيراط: (609- 610) الكافور (جعبة) : 423 الكتوم (قوس) : 423 الكيل: 600 اللزاز (فرس) : 386، 388، 401 اللحيف (فرس) : 386، 387 اللخيف (فرس) : 386، 387 مأثور (سيف) : 416 المثقال: (607) المثني (رمح) : 422 المثوي (رمح) : 422 المخذم (سيف) : 416، 417 المدّ: (619- 620) المرتجز (فرس) : 386، 387 مروة (لقحة) : 630 ملاوح (فرس) : 386، 387 الموشح (مغفر) : 430 النبعة (حربة) : 422 النش: 611، (612- 613) الورد (فرس) : 386 ورسة (شاة) : 634 الوسق: (625- 626) البمن (عنز) : 634

كشاف المصادر

كشاف المصادر الأحكام السلطانية للماوردي، القاهرة 1960 أحكام القرآن لابن العربي (1- 4) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1957- 1958 إحياء علوم الدين للغزالي (ج: 2) طبعة المكتبة التجارية الكبرى بمصر أخبار الدولة العباسية لمجهول، تحقيق الدكتور عبد العزيز الدوري والدكتور عبد الجبار المطلبي، بيروت 1971 الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري، تحقيق عبد المنعم عامر، القاهرة 1960 اختصار القدح المعلى لابن سعيد الأندلسي، تحقيق إبراهيم الأبياري، القاهرة 1959 أخلاق النبي لابن حيان الأصبهاني أدب الكاتب (الكتّاب) لابن قتيبة، ليدن 1900 الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (1- 4) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (1- 5) القاهرة 1280 أسماء خيل العرب وأنسابها للأسود الغندجاني، حققه الدكتور محمد علي سلطاني، بيروت 1981 الأشباه والنظائر للخالديين، انظر حماسة الخالديين الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (1- 8) القاهرة 1323- 1325 إصلاح المنطق لابن السكيت شرح وتحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون، القاهرة 1956 الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني (1- 25) طبعة دار الثقافة- بيروت الأفعال لابن القوطية تهذيب ابن القطاع (1- 3) حيدرابادالدكن 1360 الأفعال للسرقسطي (1- 4) تحقيق دكتور حسين محمد محمد شرف، القاهرة 1975- 1980 الاكتفاء في مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء لأبي الربيع ابن سالم (1- 2) تحقيق مصطفى عبد الواحد، القاهرة، 1978، 1980 ألف باء البلوي (1- 2) القاهرة 1287 الأمالي لأبي علي القالي (جزءان والذيل) طبع دار الكتب المصرية الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام تحقيق محمد خليل هراس، القاهرة 1975 إنباه الرواة على أنباه النجاة للقفطي (1- 4) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1950- 1973 الأنساب للسمعاني (1- 9) حيدر أبادالدكن 1962- 1978

أنساب الأشراف للبلاذري ج: 1 تحقيق الدكتور محمد حميد الله، القاهرة 1959 ج: 3 تحقيق الدكتور عبد العزيز الدوري، فيسبادن 1978 ج: نشرة المحمودي (بيروت) أنساب الخيل لابن الكلبي، تحقيق أحمد زكي، مصر 1946 الأوائل للطبراني تحقيق محمد شكور بن محمود الحاجي امرير، بيروت 1983 البداية والنهاية لابن كثير (1- 14) ، مصر 1351- 1358 برد الأكباد في الأعداد للثعالبي (ضمن مجموعة خمس رسائل) الجوائب 1301 برنامج شيوخ الرعيني، حققه إبراهيم شبوح، دمشق 1962 البصائر والذخائر للتوحيدي (1- 4) تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني، دمشق 1964 بغية الوعاة للسيوطي (1- 2) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1964، 1965 بلغة الظرفاء لابن أبي السرور الروحي، مصر 1909 بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر (1- 2) تحقيق محمد مرسي الخولي، القاهرة 1962 البيان والتبيين للجاحظ (1- 4) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1961 البيان والتحصيل لابن رشد (1- 5) بعناية عدد من المحققين، دار الغرب الإسلامي- بيروت 1984 تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد مرتضى الزبيدي (1- 10) مصر 1307 تاريخ ابن الأثير (الكامل في التاريخ) 1- 13، بيروت 1965- 1967 تاريخ الأدب العربي لبروكلمان وتكملته (1- 5) ، ليدن 1943- 1949 تاريخ الإسلام للذهبي (ج: 3) نشر مكتبة القدسي، القاهرة تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1- 14) بيروت 1963 تاريخ الخلفاء للسيوطي، دار الثقافة- بيروت تاريخ خليفة بن خياط (1- 2) تحقيق الدكتور سهيل زكار، دمشق 1967- 1968 تاريخ الردة اقتبسه من الاكتفاء للكلاعي خورشيد أحمد فارق، دهلي الجديدة 1970 تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس لابن الفرضي (1- 2) ، القاهرة 1954 التاريخ الكبير للبخاري (1- 9) حيدر آبادالدكن 1380 تجريد التمهيد لابن عبد البر، نشر مكتبة القدسي، القاهرة 1350 تذكرة الحفاظ للذهبي (1- 4) حيدر أبادالدكن 1955 التذكرة الحمدونية لابن حمدون (1- 2) تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1983، 1984 التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني (1- 2) ، الرباط 1346 ترتيب المدارك للقاضي عياض (1- 8) الرباط

تسهيل الفوائد لابن مالك، حققه محمد كامل بركات، القاهرة 1967 التعازي والمراثي للمبرد، تحقيق محمد الديباجي، دمشق 1976 التعريف بابن خلدون، تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، القاهرة 1951 تفسير الألفاظ الطبية لابن الحشا (طبع بعنوان مفيد العلوم ومبيد الهموم) : رباط الفتح 1941 تفسير الفخر الرازي (مفاتيح الغيب) ج: 1 من طبعة المطبعة التجارية بمصر التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار (1- 2) القاهرة 1955 التمثيل والمحاضرة للثعالبي، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، القاهرة 1961 التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر (1- 10) الرباط 1967- 1981 تهذيب تاريخ ابن عساكر لعبد القادر بدران (1- 7) بيروت 1979 تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (1- 12) حيدر أبادالدكن 1325- 1327 جذوة الاقتباس لابن القاضي، الرباط 1973 جذوة المقتبس للحميدي، تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، القاهرة 1952 الجماهر لابن حزم (أي جمهرة أنساب العرب) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1962 الجماهر لأبي عبيد القاسم بن سلام (أي كتاب النسب- رواية السيرافي) نسخة آيا صوفيا رقم: 6594 جمع الجواهر للحصري، تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1953 جوامع السيرة (وخمس رسائل أخرى) لابن حزم، تحقيق الدكتور إحسان عباس والدكتور ناصر الدين الأسد، القاهرة 1959 حجة الوداع لابن حزم، تحقيق ممدوح حقي (الطبعة الأولى) الحلة السيراء لابن الأبار (1- 2) تحقيق الدكتور حسين مؤنس، القاهرة 1963 حلية الأولياء لأبي نعيم (1- 10) ، القاهرة 1938 حلية المحاضرة للحاتمي (1- 2) تحقيق الدكتور جعفر الكتاني، بغداد 1979 حماسة أبي تمام- شرح التبريزي (1- 4) القاهرة 1296- شرح المرزوقي (1- 4) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1951- 1953 الحماسة البصرية لابن أبي الفرج البصري (1- 2) تحقيق مختار الدين أحمد، حيدر أباد الدكن 1964 حماسة الخالديين (الأشباه والنظائر) (1- 2) تحقيق الدكتور السيد محمد يوسف، القاهرة 1958- 1965 الحيوان للجاحظ (1- 7) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1938- 1945

الخراج للقاضي أبي يوسف، تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1984 خزانة الأدب للبغدادي (1- 4) ، بولاق 1299 الخيل لأبي عبيدة، حيدر أبادالدكن 1358 الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني (1- 5) تحقيق الدكتور محمد سيد جاد الحق، القاهرة 1966 درة الحجال لابن القاضي (1- 3) تحقيق محمد الأحمدي أبو النور، تونس 1970- 1971 الديباج المذهب لابن فرحون (1- 2) تحقيق الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة 1972- 1976 ديوان ابن حمديس الصقلي، صححه الدكتور إحسان عباس، بيروت 1960 ديوان ابن مقبل، عني بتحقيقه الدكتور عزة حسن، دمشق 1962 ديوان ابن هانىء الأندلسي، مكتبة صادر- بيروت 1952 ديوان ابن هرمة جمع محمد جبار المعيبد، النجف 1969 ديوان أبي دهبل الجمحي، تحقيق عبد العظيم عبد المحسن، النجف 1972 ديوان أبي النجم العجلي، صنعه علاء الدين آغا، الرياض 1981 ديوان الأدب للفارابي (1- 4) تحقيق دكتور أحمد مختار عمر، القاهرة 1974- 1981 ديوان الأعشى، تحقيق غويار، بيانه 1927 ديوان أوس بن حجر، تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم، بيروت 1960 ديوان جرير (1- 2) تحقيق الدكتور نعمان أمين طه، القاهرة 1971 ديوان حسان بن ثابت (1- 2) تحقيق الدكتور وليد عرفات، لندن 1971 ديوان الحطيئة، تحقيق، نعمان أمين طه، القاهرة 1958 ديوان ذي الرمة (1- 3) تحقيق الدكتور عبد القدوس أبو صالح، دمشق 1972- 1973 ديوان رؤبة (مجموع أشعار العرب) اعتنى بتصحيحه وليم بن الورد البروسي، برلين 1903 ديوان سلامة بن جندل، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، حلب 1968 ديوان الشافعي، جمعه زهدي يكن، بيروت 1961 ديوان شعر الخوارج، جمعه الدكتور إحسان عباس، بيروت 1982 ديوان شعر المثقب العبدي، تحقيق حسن كامل الصيرفي (المجلد: 16 من مجلة معهد المخطوطات 1970) ديوان طرفة (شرح الأعلم) اعتنى بتصحيحه مكس سلغسون، شالون 1900 ديوان الطرماح، تحقيق الدكتور عزة حسن، دمشق 1968 ديوان الطغرائي، طبع الجوائب 1300 ديوان العباس بن مرداس، جمعه الدكتور يحيى الجبوري، بغداد 1968 ديوان عبد الله بن رواحة، جمعه الدكتور وليد قصاب، الرياض 1982 ديوان العجاج (1- 2) تحقيق الدكتور عبد الحفيظ السطلي، دمشق 1971

ديوان عبيد بن الأبرص، تحقيق دكتور حسين نصار، القاهرة 1957 ديوان عدي بن زيد، تحقيق محمد جبار المعيبد، بغداد 1965 ديوان علقمة (شرح الأعلم) حققه لطفي الصقال ودرية الخطيب، حلب 1969 ديوان عمر بن أبي ربيعة، دار صادر، بيروت 1961 ديوان الفرزدق (1- 2) ، دار صادر، بيروت 1966 ديوان قيس بن الخطيم، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد، دار صادر، بيروت 1967 ديوان كثير عزة، جمعه الدكتور إحسان عباس، بيروت 1971 ديوان كعب بن مالك، دراسة وتحقيق سامي مكي العاني، بغداد 1966 ديوان مجنون ليلى، جمعه عبد الستار فراج، القاهرة ديوان المعاني للعسكري (1- 2) ، القاهرة 1352 ديوان معن بن أوس، صنعه الدكتور نوري حمودي القيسي وحاتم صالح الضامن، بغداد 1977 ديوان النابغة الجعدي، نشرة المكتب الإسلامي للطباعة والنشر 1964 ديوان النابغة الذبياني، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1977 الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام (1- 8) تحقيق الدكتور إحسان عباس، الدار العربية للكتاب، ليبيا- تونس 1975 الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي: ج: 1 تحقيق الدكتور محمد بنشريفة ج: 4- 6 تحقيق الدكتور إحسان عباس (دار الثقافة- بيروت) ربيع الأبرار للزمخشري: - مخطوطة جامعة برنستون رقم 3535- ج 1- 3 تحقيق الدكتور سليم النعيمي بغداد 1976 رحلة ابن جبير بعناية وليم رايت، ليدن 1907 الرسالة القشيرية (1- 2) تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف، القاهرة رسائل المعري (ج: 1) تحقيق إحسان عباس، بيروت 1982 الروض الأنف للسهيلي (1- 7) تحقيق عبد الرّحمن الوكيل، القاهرة روضة النسرين لابن الأحمر، الرباط 1962 رياض النفوس للمالكي (1- 3) تحقيق بشير البكوش، دار الغرب الإسلامي- بيروت 1983 1984 الزاهر لابن الأنباري (1- 2) تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن، بغداد 1979

الزهد لأحمد بن حنبل: - مطبعة أم القرى 1357- تحقيق الدكتور محمد جلال شرف، بيروت 1981 زهر الآداب للحصري (1- 2) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1970 الزهرة لابن داود (ج: 2) تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي والدكتور نوري حمودي القيسي، بغداد 1974 الزينة لأبي حاتم الرازي (1- 2) تحقيق حسين الهمداني، القاهرة 1957، 1958 سراج الملوك للطرطوشي، الاسكندرية 1289 سمط اللآلي في شرح أمالي القالي للبكري (1- 2) تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة 1936 سنن أبي داود (1- 2) القاهرة 1952 سنن الترمذي (1- 5) حققه عبد الوهاب عبد اللطيف، بيروت 1983 سنن الدارقطني (1- 4) تصحيح السيد عبد الله المدني، القاهرة 1966 سنن النسائي بشرح السيوطي (1- 8) القاهرة 1930 سير أعلام النبلاء (ج: 1، 3) تحقيق شعيب الأرناؤوط وحسين الأسد، بيروت 1981 السيرة لابن هشام (1- 4 في مجلدين) تحقيق السقا والأبياري وشلبي، القاهرة 1955 سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي، نشر الخانجي، القاهرة 1924 شرح ديوان زهير، دار الكتب المصرية 1944 شرح ديوان لبيد، حققه الدكتور إحسان عباس، الكويت 1962 شرح ديوان الهذليين (1- 3) تحقيق عبد الستار فراج ومحمود محمد شاكر، القاهرة 1965 شرح السبع الطوال لابن الأنباري، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1963 شرح الشفا لنور الدين القاري (1- 5) تحقيق حسنين محمد مخلوف، القاهرة 1398 شرح المفضليات لابن الأنباري، تحقيق كارلوس لايل، بيروت 1920 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1- 20) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1959- 1964 شروح سقط الزند (وفي ضمنها شرح ابن السيد) 1- 5، دار الكتب المصرية 1947 شعر عبد الرّحمن بن حسان، جمعه الدكتور سامي مكي العاني، بغداد 1971 شعر عمرو بن أحمر الباهلي، جمعه الدكتور حسين عطوان، دمشق شعر نصيب، جمعه الدكتور داود سلوم، بغداد 1968 الشعر والشعراء لابن قتيبة، دار الثقافة- بيروت الشفا للقاضي عياض (انظر شرح الشفا)

شفاء الغليل للخفاجي، مصر 1325 الشمائل للترمذي، تعليق عزت الدعاس، حمص 1968 الشهاب للقضاعي (انظر اللباب) الصحاح للجوهري (1- 6) تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، القاهرة 1376- 1377 صحيح البخاري (1- 9) القاهرة 1958 صحيح مسلم (1- 2) القاهرة 1290) الصداقة والصديق للتوحيدي، تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني، دمشق 1964 الصلة لابن بشكوال (1- 2) القاهرة 1955 صفة الصفوة لابن الجوزي (1- 4) حيدر أبادالدكن 1355 صفوة التصوف للمقدسي، راجعه أحمد الشرباصي، القاهرة طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1- 2) صححه محمد حامد الفقي، القاهرة طبقات خليفة بن خياط، تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري، بيروت 1977 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (ج: 1) تحقيق الطناحي والحلو، القاهرة 1964 طبقات فحول الشعراء لابن سلام (1- 2) تحقيق محمود محمد شاكر، القاهرة 1972 طبقات الفقهاء للشيرازي، تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1981 طبقات الفلاسفة لابن جلجل (صوابه: طبقات الأطباء والحكماء) تحقيق فؤاد سيد، القاهرة 1955 طبقات الفلاسفة لصاعد (صوابه: طبقات الأمم) نشر الأب لويس شيخو، بيروت 1912 الطبقات الكبير لابن سعد (1- 8) بيروت 1957 عارضة الأحوذي لابن العربي (1- 13) ، دار الكتاب العربي بيروت (صورة عن الطبعة المصرية) العبر في خبر من غبر للذهبي (1- 5) تحقيق صلاح الدين المنجد وفؤاد سيد، الكويت 1960- 1966 العقد لابن عبدربه (1- 7) ، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة عقد الأجياد في الصافنات الجياد لمحمد بن الأمير عبد القادر الجزائري، الاسكندرية 1293 العقد الثمين لتقي الدين المكي (1- 8) تحقيق فؤاد سيد ثم محمود الطناحي، القاهرة 1969 العمدة لابن رشيق (1- 2) حققه محيي الدين عبد الحميد، 1972 عين الأدب والسياسة لابن هذيل، مصر 1302 عيون الأثر لابن سيد الناس (1- 2) القاهرة 1356 عيون الأخبار لابن قتيبة (1- 4) دار الكتب المصرية

غرر الخصائص للوطواط، بيروت غريب الحديث للخطابي (1- 3) تحقيق عبد الكريم إبراهيم العزباوي، دمشق 1983 غريب السير للخشني (1- 2) تصحيح بولس برونله، مصر 1929 كتاب الغريبين للهروي (ج: 1) تحقيق محمود محمد الطناحي، القاهرة 1970 الغنية (فهرست شيوخ القاضي عياض) تحقيق ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي- بيروت 1982 كتاب الفتوح لابن أعثم (ج: 4) حيدر أبادالدكن فصل المقال في شرح كتاب الأمثال للبكري تحقيق الدكتور إحسان عباس والدكتور عبد المجيد عابدين، بيروت 1971 الفصيح لثعلب، تعليق محمد عبد المنعم خفاجي، القاهرة 1949 فقه اللغة للثعالبي: - تحقيق السقا والأبياري وشلبي، القاهرة 1938- نشر الدار العربية للكتاب، ليبيا- تونس 1981 (صورة) فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي (1- 5) تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1973- 1977 الكامل في التاريخ، انظر: تاريخ ابن الأثير الكامل للمبرد (1- 4) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاتة، القاهرة 1956 الكتاب لسيبويه (1- 2) ط. بولاق 1318 كتاب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة، القاهرة 1931 الكشاف للزمخشري (1- 4) مصر 1966- 1968 كشف الظنون لحاجي خليفة (1- 2) استانبول 1941 لباب الآداب لأسامة بن منقذ، تحقيق أحمد محمد شاكر، القاهرة 1935 اللباب في شرح الشهاب تصنيف أبو الوفا مصطفى المراغي، القاهرة 1970 لحن العوام للزبيدي، تحقيق دكتور رمضان عبد التواب، القاهرة 1964 لسان العرب لابن منظور (1- 15) ، دار صادر- بيروت لقاح الخواطر لعبد الله بن يحيى بن عبد الله، مخطوطة كيمبردج رقم: 139 لقط الفرائد (ضمن كتاب ألف سنة من الوفيات) تحقيق محمد حجي، الرباط 1976 مجاز القرآن لأبي عبيدة (ج: 1) تحقيق الدكتور محمد فؤاد سزكين، القاهرة 1954

المخصص لابن سيده (1- 17) مصر 1321 مسند الإمام أحمد بن حنبل (1- 6) القاهرة 1313 مصنف عبد الرزاق الصنعاني (1- 11) تحقيق عبد الرّحمن الأعظمي، بيروت 1970 معجم البلدان لياقوت الحموي (1- 6) تحقيق وستنفلد (صور في طهران 1965) المغازي للواقدي (1- 3) تحقيق الدكتور مارسدن جونز. مطبعة جامعة اكسفورد 1966 المغني لابن قدامة (ج: 1) القاهرة 1348 المقدمات لابن رشد (1- 2) صورة بالأوفست (بيروت) عن طبعة الساسي موطأ مالك بن أنس، إعداد أحمد راتب عرموش، بيروت 1980 محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني (1- 4 في مجلدين) بيروت المحكم لابن سيده (1- 6) بعناية عدد من المحققين، القاهرة 1956- 1973 المحلى لابن حزم (1- 11) تحقيق أحمد محمد شاكر، القاهرة 1352 المدهش لابن الجوزي، بيروت 1973 المدونة الكبرى (1- 6) القاهرة 1324 المستجاد من فعلات الأجواد للتنوخي، تحقيق محمد كرد علي، دمشق 1946 المستطرف من كل فن مستظرف للأبشيهي (1- 2) مصر 1277 مستودع العلامة لابن الأحمر، تحقيق محمد التركي التونسي، تطوان 1964 مسند أبي داود الطيالسي، حيدر أباد الدكن 1321 مشارق الأنوار للقاضي عياض (1- 2) ط 1333 المصايد والطرائد لكشاجم (طبع بعنوان المصايد والمطارد) تحقيق الدكتور محمد أسعد طلس، بغداد 1954 المصباح المضيء في سيرة المستضيء، لابن الجوزي (1- 2) تحقيق ناجية عبد الله إبراهيم، بغداد 1976، 1977 المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية، تحقيق الأبياري وزميليه، القاهرة 1954 المعارف لابن قتيبة، تحقيق الدكتور ثروت عكاشة، القاهرة 1960 معاني القرآن للفراء (1- 3) ، بعناية عدد من المحققين، القاهرة 1955- 1972 المعاني الكبير لابن قتيبة (1- 3) حيدر أباد الدكن 1949 المعجم في أصحاب الصدفي لابن الأبار، مجيط 1885 المعرب للجواليقي، تحقيق أحمد محمد شاكر، القاهرة 1361 معجم ما استعجم للبكري (1- 4) تحقيق مصطفى السقا، القاهرة 1945- 1949 المعرفة والتاريخ للفسوي (1- 3) تحقيق أكرم ضياء العمري، بغداد 1974- 1976 المغرب في حلى المغرب لابن سعيد (1- 2) تحقيق الدكتور شوقي ضيف، القاهرة 1953- 1955 المفصل في علم العربية للزمخشري، دار الجيل- بيروت

المقتضب من تحفة القادم لابن الأبار، تحقيق إبراهيم الأبياري، القاهرة 1957 المكاييل والأوزان الإسلامية تأليف فالتر هنتس ترجمة الدكتور كامل العسلي، عمان 1970 المنتقى لأبي الوليد الباجي (1- 7) ، مصر 1332 المنهج المسلوك في أخلاق الملوك لعبد الرّحمن بن عبد الله (نسخة ليدن) نثر الدر للآبي (ج: 1) تحقيق محمد علي قرنة، القاهرة 1980 نثير الجمان لابن الأحمر، تحقيق الدكتور محمد رضوان الداية، بيروت 1976 نسب قريش للمصعب الزبيري، تحقيق ليفي بروفنسال، مصر 1953 نفح الطيب للمقري (ج: 3) تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1968 نكت الهميان للصفدي باعتناء أحمد زكي، القاهرة 1911 نهاية الأرب للنويري (1- 18) ط. دار الكتب المصرية هاشميات الكميت بعناية يوسف هوروفتز، ليدن 1904 الوافي بالوفيات للصفدي (ج: 2، 7) تحقيق س. ديدينغ وغيره. الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية (طبع باسم المحرر الوجيز) 1- 8، الرباط 1975- 1981 الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي تحقيق الدكتور إبراهيم العدوي والدكتور علي محمد عمر، القاهرة 1980 وفيات الأعيان لابن خلكان (1- 8) تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1968- 1972 وفيات الونشريسي (ضمن كتاب ألف سنة من الوفيات) تحقيق محمد حجي، الرباط 1976

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب الموضوع الاهداء مقدمة التحقيق 7 1- مؤلف الكتاب 7 2- كتاب تخريج الدلالات السمعية 9 3- تحقيق الكتاب 13 مقدمة المؤلف: 21 [خطبة الكتاب] 21 صورة مجملة لأجزاء الكتاب وأبوابه وفصوله 23 الجزء الأول في الخلافة والوزارة وما ينضاف إلى ذلك (7 أبواب) 33 الباب الأول في ذكر خليفة رسول الله (8 فصول) 35 الفصل الأول في ذكر اسمه وكنيته ونسبه 35 الفصل الثاني في ذكر اليوم الذي بويع له فيه 36 الفصل الثالث في ذكر بيعته الخاصة 37 الفصل الرابع في ذكر بيعته العامة 41 الفصل الخامس في ما جاء عن الرسول مما يحتج به في صحة استخلافه 43 الفصل السادس في ذكر نبذ من أخباره ومناقبه 45 الفصل السابع في ذكر وفاته وقدر مدته 47 الفصل الثامن في معنى الخليفة وأول خليفة في الإسلام 48 الباب الثاني في الوزير (4 فصول) 52 الفصل الأول في معنى الوزير واشتقاق اسم الوزارة 52 الفصل الثاني في قول الرسول وزيراي من أهل السماء ... من أهل الأرض 53 الفصل الثالث في ذكر أبي بكر وعمر 54 الفصل الرابع في ما جاء في الوزير الصالح 58

الموضوع الصفحة الباب الثالث في صاحب السرّ 61 الباب الرابع في الآذن والحاجب والبواب (4 فصول) 63 الفصل الأول في ذكر من كان يأذن على النبي 63 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 64 الفصل الثالث في البواب 65 الفصل الرابع في ذكر حجاب الخلفاء الأربعة 66 الباب الخامس في ذكر الخادم (فصلان) 68 الفصل الأول في ذكر من تولى خدمة النبي 68 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 69 الباب السادس في ذكر صاحب الوساد (3 فصول) 71 الفصل الأول في ذكر من تولى ذلك في عهد النبي 71 الفصل الثاني كيف كان يتكىء النبي ومن أي شيء كان الوساد 71 الفصل الثالث في إدناء النبي الوساد للداخل 73 الباب السابع في ذكر صاحب النعلين 74 الجزء الثاني في العمالات الفقهية وأعمال العبادات وما ينضاف إليها من عمالات المسجد وآلات الطهارة وفي الامارة على الحج (25 بابا) 77 الباب الأول في معلم القرآن (4 فصول) 79 الفصل الأول في ذكر من كان يعلم ذلك بالمدينة 79 الفصل الثاني في ذكر نسب عبادة بن الصامت 80 الفصل الثالث في ذكر من بعثه النبي إلى الجهات لتعليم القرآن 81 الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم 82 الباب الثاني في معلم الكتابة (فصلان) 84 الفصل الأول في ذكر من كان يعلم في زمن الرسول 84 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 87 الباب الثالث في ذكر المفقه في الدين (3 فصول) 88 الفصل الأول في الحض على التفقه في الدين 88 الفصل الثاني كيف كان الناس يسألون الرسول 89 الفصل الثالث في ذكر من بعثه النبي مفقها 91 الباب الرابع في اتخاذ الدار ينزلها القراء ويتخرج منه اتخاذ المدارس 93

الموضوع الصفحة الباب الخامس في المفتي (3 فصول) 94 الفصل الأول في أن الناس كانوا يستفتون أهل العلم من الصحابة في عهد النبي فيفتونهم 94 الفصل الثاني في تسمية من كان يفتي في عهد الرسول 95 الفصل الثالث ذكر أنسابهم ونبذ من أخبارهم 95 الباب السادس في العابر للرؤيا 104 الباب السابع في الإمام في صلاة الفريضة (5 فصول) 107 الفصل الأول في أن السلطان أحق بالإمامة في الصلاة 107 الفصل الثاني في استخلاف الرسول أبا بكر وكم صلاة صلاها أبو بكر 109 الفصل الثالث في ذكر الاختلاف في من كان الإمام حين خرج الرسول للصلاة وهو مريض 111 الفصل الرابع في ذكر أول من اتخذ المنبر 114 الفصل الخامس في ذكر أول من اتخذ المقصورة 115 الباب الثامن في الإمام في صلاة القيام في رمضان (3 فصول) 118 الفصل الأول كيف كان الناس يصلونها في عهد النبي وعهد أبي بكر 118 الفصل الثاني في جمع عمر الناس في قيام رمضان على إمام 119 الفصل الثالث في ذكر أبي بن كعب 119 الباب التاسع في المؤذن (5 فصول) 122 الفصل الأول في عدد مؤذني النبي 122 الفصل الثاني في ذكر بلال 123 الفصل الثالث في ذكر ابن أم مكتوم 124 الفصل الرابع في ذكر أبي محذورة 125 الفصل الخامس في ذكر سعد القرظ 127 الباب العاشر في المؤقت (فصلان) 129 الفصل الأول في أمر النبي بلالا بحفظ الوقت 129 الفصل الثاني في اقتداء مؤذني المساجد بمؤذن المسجد الجامع 130 الباب الحادي عشر في ذكر صاحب الخمرة 132 الباب الثاني عشر في الذي يحمل العنزة 133 الباب الثالث عشر في المسرج وهو الموقد 134 الباب الرابع عشر في المجمر (فصلان) 135

الموضوع الصفحة الفصل الأول في تطبيب المسجد 135 الفصل الثاني في المجمر 136 الباب الخامس عشر في الذي يقمّ المسجد 137 الباب السادس عشر في الرجل يأخذ الناس بالصلاة في الجماعة 138 الباب السابع عشر في الرجل يمنع الناس من المنازعة واللغط في المسجد 140 الباب الثامن عشر في صاحب الطهور (فصلان) 142 الفصل الأول في ذكر من كان يتولى ذلك للرسول 142 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 143 الباب التاسع عشر في صاحب السواك 146 الباب الموفي عشرين في صاحب الكرسي (4 فصول) 148 الفصل الأول في اتخاذ الرسول الكرسي 148 الفصل الثاني في ذكر جلوس النبي على الكرسي 149 الفصل الثالث في اتخاذ عمر الكرسي 149 الفصل الرابع في اتخاذ علي الكرسي 150 الباب الحادي والعشرون في السقاء (4 فصول) 151 الفصل الأول في أن النبي كان يستعذب له الماء 151 الفصل الثاني في ما جاء من أنه كان يبرّد له الماء 152 الفصل الثالث في ساقي النبي 153 الفصل الرابع في سقي الماء في الغزو 153 الباب الثاني والعشرون في الامارة على الحج (فصلان) 155 الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في عهد النبي 155 الفصل الثاني في حجة الوداع 156 الباب الثالث والعشرون في صاحب البدن 157 الباب الرابع والعشرون في حجابة البيت وهي العمارة والسدانة (فصلان) 159 الفصل الأول في ذكر من وليها في زمن الرسول 159 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 160 الباب الخامس والعشرون في السقاية (3 فصول) 162 الفصل الأول في السقاية 162 الفصل الثاني في ذكر من وليها في زمن الرسول 162 الفصل الثالث في ذكر العباس عم النبي 163

الموضوع الصفحة الجزء الثالث في العمالات الكتابية وما يشبهها وينضاف إليها (13 بابا) 169 الباب الأول في كتاب الوحي (فصلان) 171 الفصل الأول في ذكر أسمائهم 171 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 172 الباب الثاني في ذكر كتاب الرسائل والاقطاع (فصلان) 181 الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها 181 الفصل في ذكر أنسابهم وجمل من أخبارهم 182 الباب الثالث في كتاب العهود والصلح (فصلان) 185 الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها 185 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 188 الباب الرابع في ذكر صاحب الخاتم (فصلان) 191 الفصل الأول في اتخاذ الرسول الخاتم ... 191 الفصل الثاني في ذكر من كان صاحب خاتمه 193 الباب الخامس في الرسول (6 فصول) 194 الفصل الأول في الرسول يبعث يدعو إلى الإسلام 194 الفصل الثاني في بعث الرسول في الصلح 202 الفصل الثاني في بعث الرسول بالأمان 207 الفصل الرابع في الرسول يبعث إلى الملك ليبعث من عنده من المسلمين 210 الفصل الخامس في الرسول يبعث إلى الملك ليزوج الإمام 210 الفصل السادس في الرسول يبعث بالهدية 211 الباب السادس في حامل الكتاب (فصلان) 212 الفصل الأول في أسمائهم 212 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 213 الباب السابع في الترجمان (3 فصول) 217 الفصل الأول في ضبط لغاته ومعناه وتصريفه 217 الفصل الثاني في ذكر من كان يترجم للنبي 218 الفصل الثالث في معنى نهي عمر عن رطانة الأعاجم ... 220 الباب الثامن في الشاعر (3 فصول) 222 الفصل الأول في ذكر شعراء النبي 222 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 225

الموضوع الصفحة الفصل الثالث في استعمال أبي بكر حسان بن ثابت للمجاوبة شعرا 232 الباب التاسع في ذكر الخطيب في غير الصلوات (فصلان) 235 الفصل الأول في ذكر من كان خطيب الرسول 235 الفصل الثاني في ذكر نسبه وأخباره 236 الباب العاشر في كاتب الجيش (15 فصلا) 239 الفصل الأول في أمر النبي بكتب الناس 239 الفصل الثاني في ذكر من تولى ذلك في عهد الرسول 240 الفصل الثالث في ثبوت العطاء في عهد الرسول 242 الفصل الرابع في وضع عمر الديوان وسبب ذلك 243 الفصل الخامس في ذكر من تولى كتابة الديوان في عهد عمر 245 الفصل السادس في بيان قولهم في عمر إنه أول من دون الدواوين 246 الفصل السابع في معنى الديوان والزمام 247 الفصل الثامن بمن يبدأ وقت كتب الديوان 249 الفصل التاسع في كم يجيز الإمام من يرسم في الديوان 250 الفصل العاشر في عرض الناس في كل سنة 250 الفصل الحادي عشر في العريش يبنى للرئيس ليشرف على العسكر 251 الفصل الثاني عشر في الدعاء وقت العرض 251 الفصل الثالث عشر في وقت العطاء 252 الفصل الرابع عشر في دفع العروض في العطاء 252 الفصل الخامس عشر في الرجل يموت بعد أن يستوجب العطاء 254 الباب الحادي عشر في ذكر العرفاء 258 الباب الثاني عشر في الرجل يدعو الناس وقت العرض 260 الباب الثالث عشر في ذكر المحاسب (4 فصول) 261 الفصل الأول في محاسبة النبي عامله على الصدقة 261 الفصل الثاني في محاسبة أبي بكر عماله 262 الفصل الثالث في استقدام عمر عماله كل سنة للمحاسبة 263 الفصل الرابع في مدح الشعراء للمحاسب بعدم المسامحة 264 الجزء الرابع في العمالات الأحكامية وما ينضاف إليها (17 بابا) 265 الباب الأول في الامارة على النواحي (فصلان) 267

الموضوع الصفحة الفصل الأول في ذكر من ولاه الرسول 267 الفصل الثاني في ذكر نسبهم وأخبارهم 268 الباب الثاني في القاضي (3 فصول) 270 الفصل الأول في قضاء الرسول بين الناس 270 الفصل الثاني في ذكر قضاة الرسول 271 الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم 273 الباب الثالث في صاحب المظالم 283 الباب الرابع في قاضي الأنكحة 285 الباب الخامس في الشهادة وكتابة الشروط (5 فصول) 287 الفصل الأول في ما جاء في القرآن من الأمر بذلك 287 الفصل الثاني في ما كتب عن رسول الله في ذلك 288 الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها من الصحابة 289 الفصل الرابع في ذكر من كان يكتبها من التابعين 291 الفصل الخامس في معنى قولهم كتابة الشروط والوثائق والعقود 291 الباب السادس في فارض المواريث (فصلان) 293 الفصل الأول في الحض على تعلم الفرائض 293 الفصل الثاني في ذكر من كان فارضا على عهد الرسول 294 الباب السابع في ذكر فارض النفقات 295 الباب الثامن في الوكيل في غير الأمور المالية (3 فصول) 296 الفصل الأول في ذكر من وكله النبي 296 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 296 الفصل الثالث في توكيل عليّ عبد الله بن جعفر في خصومة مع طلحة 297 الباب التاسع في البصير بالبناء 300 الباب العاشر في القسّام (فصلان) 301 الفصل الأول في ما جاء في ذلك عن الرسول 301 الفصل الثاني في ذكر من عين عمر لقسمة خيبر 303 الباب الحادي عشر في المحتسب (6 فصول) 304 الفصل في ما جاء عن الرسول في الحسبة 304 الفصل الثاني في ما جاء عن الرسول في التسعير 305 الفصل الثالث في نبذة من الفقه 305

الموضوع الصفحة الفصل الرابع في ذكر من ولاه الرسول السوق 307 الفصل الخامس في ذكر نسب سعيد بن سعيد بن العاصي وأخباره 307 الفصل السادس في من ولاه عمر السوق 308 الباب الثاني عشر في المنادي 309 الباب الثالث عشر في صاحب العسس في المدينة (3 فصول) 311 الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في زمن النبي 311 الفصل الثاني في ذكر من ولي ذلك أيام أبي بكر 312 الفصل الثالث في ذكر من ولي ذلك في زمن عمر 313 الباب الرابع عشر في الرجل يتولى حراسة أبواب المدينة زمن الهرج 317 الباب الخامس عشر في الرجل يكون ربيئة لأهل المدينة زمن الهرج 319 الباب السادس عشر في السجان (3 فصول) 321 الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن الرسول 321 الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن عمر 323 الفصل الثالث في ما جاء في ذلك عن علي 324 الباب السابع عشر في المقيمين للحدود (فصلان) 325 الفصل الأول في ذكر من كان يتولى ذلك في عهد الرسول 325 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 326 الجزء الخامس في العمالات الجهادية وما يتشعب منها وما يتصل بها (45 بابا) 329 الباب الأول في الامارة على الجهاد (فصلان) 331 الفصل الأول في جهاد النبي وكم غزوة غزا.. 331 الفصل الثاني في بعثة الأمراء للجهاد وعدد بعوثه وسراياه 332 الباب الثاني في الرجل يستخلفه الإمام على الحضرة إذا خرج منها (فصلان) 334 الفصل الأول في ذكر أسمائهم 334 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 335 الباب الثالث في الرجل يستخلفه الإمام على أهله إذا سافر 336 الباب الرابع في المستنفر 338 الباب الخامس في صاحب اللواء (7 فصول) 340 الفصل الأول في ذكر أول لواء رفع بين يدي الرسول 340 الفصل الثاني في ذكر نسب بريدة وأخباره 341

الموضوع الصفحة الفصل الثالث في ذكر من حمل رايته ولواءه بين يديه.. 342 الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم 346 الفصل الخامس في جواز القبائل على راياتهم.. 354 الفصل السادس في عقد الرسول لأمراء البعوث والسرايا 357 الفصل السابع في ألوان ألوية الرسول وراياته.. 364 الباب السادس في انقسام الجيش إلى خمسة أقسام 368 الباب السابع في الرجل يقيمه الإمام بمكانه من القلب يوم لقاء العدو 372 الباب الثامن في صاحب المقدمة (فصلان) 373 الفصل الأول في من تولى ذلك بين يدي النبي 373 الفصل الثاني في أنسابهم وأخبارهم 373 الباب التاسع في المقدم على الميمنة 376 الباب العاشر في المقدم على الميسرة 377 الباب الحادي عشر في المقدم على الساقة 378 الباب الثاني عشر في المقدم على الرماة 379 الباب الثالث عشر في المقدم على الرجالة (فصلان) 380 الفصل الأول في ذكر من تولى ذلك في زمن الرسول 380 الفصل الثاني في ذكر نسب أبي عبيدة ابن الجراح 380 الباب الرابع عشر في الوازع 382 الباب الخامس عشر في صاحب الخيل (5 فصول) 384 الفصل الأول في أمر الله بارتباط الخيل وإعداد الرسول لها.. 384 الفصل الثاني في ذكر سعد بن زيد 385 الفصل الثالث في ذكر خيل النبي 386 الفصل الرابع في اتخاذ عمر الخيل عدة.. 389 الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم 390 الباب السادس عشر في المسرج (فصلان) 393 الفصل الأول في ذكر من كان يسرج للرسول 393 الفصل الثاني في ذكر من أي شيء كان سرج الرسول 394 الباب السابع عشر في ذكر من أخذ بركاب النبي، وضم ثياب الفارس (4 فصول) 396 الفصل الأول في ذكر من أخذ بركاب الرسول 396 الفصل الأول في ذكر من أخذ بالركاب من الصحابة 397

الموضوع/ الصفحة الفصل الثالث في ما جاء في ضم ثياب الفارس في سرجه 397 الفصل الرابع في ذكر أول من ضرب الركب من الحديد في الإسلام 398 الباب الثامن عشر في الرجل يركب خيل الإمام يسابق بها (3 فصول) 400 الفصل الأول في أن الرسول كان يسابق بين الخيل 400 الفصل الثاني في مسابقة الرسول بخيله ومن ركبها من الصحابة 400 الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم 403 الباب التاسع عشر في صاحب الراحلة 405 الباب الموفي عشرين في صاحب البغلة 406 الباب الحادي والعشرون في القائد (فصلان) 407 الفصل الأول في ذكر من كان يقود برسول الله راحلته وبغلته 407 الفصل الثاني في أنسابهم وأخبارهم 407 الباب الثاني والعشرون في الحادي (3 فصول) 409 الفصل الأول في ذكر من حدا بمشهد من الرسول 409 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 411 الفصل الثالث في ذكر أول من حدا الإبل من العرب 413 الباب الثالث والعشرون في صاحب السلاح وفيه ذكر سلاح النبي (فصلان) 415 الفصل الأول في إعداد الرسول السلاح في سبيل الله ومن تولى النظر في ذلك 415 الفصل الثاني في ذكر سلاح النبي 416 (1) في ذكر السيوف وعددها 416 (2) في ذكر الرماح والحراب والعنزات 421 (3) في ذكر القسي والجعاب 423 (4) في ذكر الدروع 425 (5) في ذكر القباء والجباب 428 (6) في المنطقة 429 (7) في البيضة والمغفر 429 (8) في التراس 431 الباب الرابع والعشرون في حامل الحربة (فصلان) 432 الفصل الأول في حملها بين يدي الرسول 432 الفصل الثاني في نسب الحارث بن الصمة وأخباره 432 الباب الخامس والعشرون في حامل السيف 434

الموضوع الصفحة الباب السادس والعشرون في الصيقل 439 الباب السابع والعشرون في الدليل (فصلان) 441 الفصل الأول في ادلاء النبي 441 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 443 الباب الثامن والعشرون في مسهل الطريق 445 الباب التاسع والعشرون في صاحب المظلة (فصلان) 446 الفصل الأول في ذكر من ظلل الرسول بالثوب 446 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 447 الباب الموفي ثلاثين في ذكر صاحب الثقل (فصلان) 449 الفصل الأول في ذكر من كان يتولى ذلك في عهد الرسول 449 الفصل الثاني في ذكر أخبارهم 450 الباب الحادي والثلاثون في الأمين على الحرم (فصلان) 452 الفصل الأول في ذكر أنسابهم وأخبارهم 453 الباب الثاني والثلاثون في الحارس (5 فصول) 456 الفصل الأول في ذكر من حرس الرسول 456 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 458 الفصل الثالث في ذكر حراس عسكر الرسول 462 الفصل الرابع في ذكر أنسابهم وأخبارهم 464 الفصل الخامس في ذكر حراسة الظهر 465 الباب الثالث والثلاثون في التجسس (فصلان) 467 الفصل الأول في ذكر من بعثه الرسول متجسسا 467 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 469 الباب الرابع والثلاثون في الرجل يتخذ في بلد العدو عينا 476 الباب الخامس والثلاثون في المخذّل (فصلان) 477 الفصل الأول في ذكر نعيم بن مسعود ونسبه وأخباره 477 الفصل الثاني في تخذيل نعيم لبني قريظة والمشركين 478 الباب السادس والثلاثون في صانع السفن وأول من صنع السفينة 482 الباب السابع والثلاثون في استعمال السفن (3 فصول) 484 الفصل الأول في ذكر ما استعمل منها زمن الرسول 484

الموضوع الصفحة الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 486 الفصل الثالث في إخبار النبي أن ناسا من أمته يركبون البحر 488 الباب الثامن والثلاثون في صانع المنجنيق 491 الباب التاسع والثلاثون في الرامي بالمنجنيق 493 الباب الموفي أربعين في صانع الدبابات 495 الباب الحادي والأربعون في القوم يقطعون الأشجار ويحرقونها 496 الباب الثاني والأربعون في حفر الخندق 497 الباب الثالث والأربعون في صاحب المغانم (3 فصول) 500 الفصل الأول في ذكر من ولي جمعها وحفظها حتى تقسم يوم بدر 500 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 503 الفصل الثالث في ذكر من تولى بيع ما احتيج إلى بيعه من الغنائم 507 الباب الرابع والأربعون في صاحب الخمس (فصلان) 509 الفصل الأول في ذكر من ولي ذلك في زمن الرسول 509 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 510 الباب الخامس والأربعون في الرجل يبعثه الإمام مبشرا بالفتح (فصلان) 511 الفصل الأول في ذكر من بعثه الرسول مبشرا 511 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 511 الجزء السادس في العمالات الجبائية (12 بابا) 517 الباب الأول في صاحب الجزية (فصلان) 519 الفصل الأول في ذكر أول أخذ النبي الجزية وممن أخذها 519 الفصل الثاني في ذكر من تولى الجزية في زمن الرسول 520 الباب الثاني في صاحب الأعشار (4 فصول) 522 الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن الرسول 522 الفصل الثاني في ذكر من تولى ذلك زمن عمر 523 الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم 523 الفصل الرابع في حكم ما يجلبه الحربيون.. 525 الباب الثالث في الترجمان 526 الباب الرابع في متولي خراج الأرضين (3 فصول) 528 الفصل الأول في ذكر أقسام الأرضين 528

الموضوع الصفحة الفصل الثاني في ذكر رأي عمر في أرض العنوة 530 الفصل الثالث في ذكر من تولى النظر في خراج الأرض زمن الرسول 533 الباب الخامس في صاحب المساحة 535 الباب السادس في العامل على الزكاة (3 فصول) 538 الفصل الأول في فضل العامل على الصدقة بالحق وإثم مانعها 538 الفصل الثاني في ذكر من ولي العمل على الصدقات زمن الرسول وكتب العهد للمصدق 540 الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم 544 الباب السابع في من كان يكتب أموال الصدقة (3 فصول) 550 الفصل الأول في ذكر من كان يكتبها أيام الرسول 550 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 550 الفصل الثالث في ذكر من كان يكتبها في زمن عمر 553 الباب الثامن في الخارص (4 فصول) 554 الفصل الأول في خرص الرسول حديقة لامرأة 554 الفصل الثاني في ذكر من كان يخرص في عهد النبي 556 الفصل الثالث في ذكر أنسابهم وأخبارهم 557 الفصل الرابع في ذكر ما كان يخرص من الغلات 558 الباب التاسع في الأوقاف (3 فصول) 561 الفصل الأول في ذكر أوقاف النبي 561 الفصل الثاني في ذكر أوقاف عمر 566 الفصل الثالث في ذكر أوقاف علي 567 الباب العاشر في صاحب المواريث (فصلان) 570 الفصل الأول في صرف الميراث لبيت المال إذا عدمت العصبة 570 الفصل الثاني في ذكر من قال بتوريث ذوي الأرحام ومن أبطل ديوان المواريث 571 الباب الحادي عشر في المستوفي 573 الباب الثاني عشر في المشرف 575 الجزء السابع في العمالات الاختزانية وما أضيف إليها (11 بابا) 579 الباب الأول في فضل الخازن الأمين ومعنى الخزن.. 581 الباب الثاني في خازن النقدين أي صاحب بيت المال (فصلان) 582

الموضوع الصفحة الفصل الأول في تعجيل قسم النبي ما أتاه من الفيء 582 الفصل الثاني في اتخاذ الخلفاء بيت المال بعد النبي 583 الباب الثالث في الوزان 586 الباب الرابع في خازن الطعام (فصلان) 590 الفصل الأول في ذكر ما جاء في ذلك عن الرسول 590 الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن عمر 591 الباب الخامس في الكيال 595 الباب السادس في ذكر أسماء الأوزان والأكيال في عهد الرسول (3 فصول) 596 الفصل الأول في قول الرسول الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة 596 الفصل الثاني في معرفة أسماء الأوزان المستعملة في عهد الرسول 598 (1) الدرهم 598 (2) (3) ذكر الدينار والمثقال 607 (4) ذكر الدانق 608 (5) ذكر القيراط 609 (6) ذكر الأوقية 610 (7) ذكر النش 612 (8) ذكر النواة 613 (9) ذكر الرطل 614 (10) ذكر القنطار 617 الفصل الثالث في معرفة أسماء الأكيال المستعملة في عهد الرسول 619 (1) ذكر المد 619 (2) ذكر الصاع 620 (3) ذكر الفرق 622 (4) ذكر العرق 624 (5) ذكر الوسق 625 الباب السابع في صاحب السكة 627 الباب الثامن في اتخاذ الإبل (فصلان) 629 الفصل الأول في ذكر إبل الرسول 629 الفصل الثاني في إبل الصدقة 632 الباب التاسع في اتخاذ الغنم (3 فصول) 634

الموضوع الصفحة الفصل الأول في غنم الرسول 634 الفصل الثاني في ذكر غنم الصدقة 637 الفصل الثالث في ذكر أبي ذر ونبذ من أخباره 637 الباب العاشر في الوسام (3 فصول) 639 الفصل الأول في ذكر وسم الإبل 639 الفصل الثاني في ذكر وسم الغنم 639 الفصل الثالث في ذكر وسم الدواب 640 الباب الحادي عشر في الحمى يحميه الإمام (فصلان) 642 الفصل الأول في حمى النبي 642 الفصل الثاني في حمى عمر 644 الجزء الثامن في سائر العمالات (10 أبواب) 647 الباب الأول في ذكر المنفق 649 الباب الثاني في الوكيل يوكله الإمام في الأمور المالية 651 الباب الثالث في الرجل يبعثه الإمام بالمال خارج الحضرة لصرفه في وجوه 653 الباب الرابع في إنزال الوفد (5 فصول) 656 الفصل الأول في اتخاذ الدور للوفود زمن الرسول 656 الفصل الثاني في إنزال الوفد في قبة زمن الرسول 658 الفصل الثالث في إنزال الوفد عند بعض الصحابة 660 الفصل الرابع في ذكر من ولي النظر في أمر الوفد زمن الرسول 660 الفصل الخامس في ذكر أنسابهم وأخبارهم 661 الباب الخامس في المارستان (3 فصول) 663 الفصل الأول في معناه واتخاذه وما جاء عن الرسول في ذلك 663 الفصل الثاني في الأمر بالمداواة 664 الفصل الثالث في طرق المداواة 665 الباب السادس في الطبيب (فصلان) 667 الفصل الأول في ذكر من كان يعلم الطب في عهد الرسول 667 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 669 الباب السابع في الراقي (4 فصول) 673 الفصل الأول في ذكر رقية جبريل للنبي 673

الموضوع الصفحة الفصل الثاني في ذكر ما كان يرقي به النبي 673 الفصل الثالث في ذكر من كان يرقي في زمانه 675 الفصل الرابع في ذكر رقية لبعض العربيات 676 الباب الثامن في القاطع للعروق 678 الباب التاسع في ذكر الكواء 679 الباب العاشر في المكان الذي اتخذ للفقراء ... 681 الجزء التاسع في ذكر حرف وصناعات كانت في عهد النبي وذكر من عملها من الصحابة (34 بابا) 683 الباب الأول في التجارة في الأسواق (3 فصول) 685 الفصل الأول في معنى التجارة 685 الفصل الثاني في احتراف قريش بالتجارة وشهرتهم بها 685 الفصل الثالث في ذكر من كان يتجر في زمن النبي من كبار الصحابة 687 الباب الثاني في ذكر من كان بزازا من كبار الصحابة 691 الباب الثالث في العطار 693 الباب الرابع في الصراف (فصلان) 694 الفصل الأول في ذكر من كان يتجر في الصرف في عهد الرسول 694 الفصل الثاني في ذكر أنسابهم وأخبارهم 695 الباب الخامس في بائع الرماح 696 الباب السادس في بائع الطعام 699 الباب السابع في التمار 700 الباب الثامن في بائع الدباغ 702 الباب التاسع في الحطاب 703 الباب العاشر في الدلال وهو السمسار 705 الباب الحادي عشر في النساج 707 الباب الثاني عشر في الخياط 709 الباب الثالث عشر في النجار 711 الباب الرابع عشر في ناحت الأقداح 712 الباب الخامس عشر في الصواغ 714 الباب السادس عشر في الحداد (فصلان) 715

الموضوع الصفحة الفصل الأول في ذكر من كان حدادا في عهد الرسول 715 الفصل الثاني في ذكر نسب أبي سيف 716 الباب السابع عشر في البناء (3 فصول) 717 الفصل الأول في ما بناه الرسول 717 الفصل الثاني في ذكر أول بناء كان في الإسلام 721 الفصل الثالث في الرجل يحسن الشيء من أعمال البناء فيوكل بعمله 721 الباب الثامن عشر في الدباغ 723 الباب التاسع عشر في الخوّاص 724 الباب الموفي عشرين في الصياد في البر (7 فصول) 725 الفصل الأول في ذكر من كان يتصيد بالكلاب 725 الفصل الثاني في ذكر من كان يتصيد بالبزاة 725 الفصل الثالث في ذكر من صاد بالرمح 726 الفصل الرابع في الصيد بالسهم 728 الفصل الخامس في الصيد بالمعراض 729 الفصل السادس في الصيد باليد 729 الفصل السابع في الصيد بالآلات 731 الباب الحادي والعشرون في الصياد في البحر (فصلان) الفصل الأول في ما جاء في صيد البحر في القرآن 733 الفصل الثاني في ما صيد من البحر في زمن الرسول 733 الباب الثاني والعشرون في العامل في الحوائط 736 الباب الثالث والعشرون في السقاء الذي يحمل الماء على ظهره 738 الباب الرابع والعشرون في الحمل على الظهر 739 الباب الخامس والعشرون في الحجام 740 الباب السادس والعشرون في اللحام وهو الجزار والقصاب 742 الباب السابع والعشرون في الطباخ 744 الباب الثامن والعشرون في الشوّاء 746 الباب التاسع والعشرون في الماشطة 747 الباب الثلاثون في القابلة 749 الباب الحادي والثلاثون في الخافضة (فصلان) 751 الفصل الأول في ذكر الخاتنة في عهد النبي 751

الموضوع الصفحة الفصل الثاني في ذكر أم عطية 752 الباب الثاني والثلاثون في المرضعة 754 الباب الثالث والثلاثون في المغنين (5 فصول) 756 الفصل الأول في المغنين في الأعياد 756 الفصل الثاني في من غنى في وليمة نكاح 760 الفصل الثالث في ذكر من غنى عند تلقي النبي حين قدومه من سفر 761 الفصل الرابع في ذكر من غنى عند قوم وسمعه الرسول ولم ينكره 763 الفصل الخامس في ذكر قينة غنت بين يدي الرسول عن إذنه.. 768 الباب الرابع والثلاثون في الحفار للقبور 769 الجزء العاشر في معنى الحرفة والعمالة والصناعة والنهي عن استعمال غير المسلمين، وما جاء في أرزاق العمال، وذكر المصادر المعتمدة (4 أبواب) 773 الباب الأول في معنى الحرفة والعمالة والصناعة (3 فصول) 775 الفصل الأول في الحرفة 775 الفصل الثاني في الصناعة 776 الفصل الثالث في العمالة وما في معناها 777 الباب الثاني في النهي عن استعمال غير المسلمين (فصلان) 779 الفصل الأول في ما جاء ذلك في القرآن 779 الفصل الثاني في ما جاء في ذلك عن الرسول 781 الباب الثالث في ما جاء في أرزاق الخلفاء والأمراء والعمال (5 فصول) 783 الفصل الأول في أن لكل من شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق 783 الفصل الثاني في أن ما يأخذه العامل زيادة على ما يرزقه الإمام فهو غلول 785 الفصل الثالث كيف كان الرسول يفعل في نفقته ونفقة أهله 785 الفصل الرابع في أرزاق الخلفاء بعد الرسول 786 الفصل الخامس في الأموال التي يرزق منها الولاة 787 الباب الرابع في ذكر أسماء التواليف المخرج منها ما تضمنه الكتاب 789 فهارس الكتاب: 799 فهرس الآيات القرآنية 801 فهرس الأحاديث النبوية 807 فهرس الكتب التي اعتمدها المؤلف 831

الموضوع الصفحة فهرس القوافي 845 فهرس الأعلام 855 فهرس الجماعات 875 فهرس الأماكن والوقائع والأيام 881 فهرس متنوعات (حيوانات، أسلحة، نقود ... ) 889 كشاف المصادر والمراجع 891 محتويات الكتاب 901

§1/1