تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة

البيروني

تمهيد

تمهيد بسم الله الرحمن الرحيم حين شرعت في كتابة مقدمة هذا الكتاب ظننت الأمر سهلا. فلما دخلت عالم البيروني وجدته عبقريا وبحرا هائجا مائجا تقف على شاطئه فلا تدرك مداه. وتغوص فيه فلا تسبر اغواره ويسحرك فلا تستطيع رجعة وتستنجد بما كتب عنه من التناقض في تواريخ اخباره وهكذا تصبح اسيره. ولن تعرف اخباره وصفاته وشخصيته ما لم تقرأه فتنقي من مصنفاته ما تشاء. فهذا كتاب «تاريخ الهند» فهو «تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل او مرذولة» يعتبر مرجعا اساسيا كاملا للحضارة الهندية. لم يترك شيئا إلا وكتبه. ويقول المستشرق بيلر عن هذا الكتاب «كتبه ... وهو ينظر بعقل الفيلسوف والرياضي العارف بمناهج البحث عند ارسطو وافلاطون وبطليموس وجالينوس ... » ويعترف البيروني «ولقد اعيتني المداخل فيه مع حرصي الذي تفردت به في ايامي» ولقد اراد البيروني كتاب «تاريخ الهند» ان يكون لكل مسلم راعب في مناقشة الهنود. فيكون حوار الند للند؟. اسمه ولقبه ومولده: ولد البيروني في 4 أيلول عام 973 م قريبا من كيفا «كات» ويقال إنه لا يعرف نسبته ولا اباه ولا جده اما كلمة بيرون الفارسية فتعني «القريب او الخارج» . مما

استاذه:

يدل على انه لم يكن من افراد مجتمع مستقر لربما كان ذلك من كثرة تجوال اهله كتجار، او لإقامتهم خارج اسوار المدينة تجنبا لدفع الضرائب. استاذه: ومن حسن حظ البيروني ان يكون استاذه الفلكي المشهور ابو نصر المنصور بن علي بن العراق (تلميذ ابي الوفاء) الذي تنبه الى نبوغه ودربه ثم نشأت بينهما مودة وثقة عظيمتان. حياته وعصره: ترعرع البيروني في خوارزم وسنذكر قليلا من تاريخ هذه المنطقة وصفات اهلها. حين استقر الحكم للأمويين او عز الحجاج ابن يوسف سنة 704 الى والي خراسان المقيم في مرو القائد قتيبة بن حلم ان يعبر نهر «اموداريا» (جيحون آنذاك) ويفتح بلاد ما وراء هذا النهر الذي توقفت عنده جيوش عثمان بن عفان، كان هذا النهر يفصل بين قوميات تتكلم الفارسية واقوام تتكلم التركية (التركمان) . بعد عمليات رائعة دامت 8 سنوات اخضع قتيبة الاقاليم الشمالية الشرقية (بخارى، طشقند وسمرقند) كما اخضع الاقليم الشمالي الغربي (خوارزم) . ولقد دمر قتيبة كثيرا من الاصنام والمعابد. جاء هذا الفتح بعواقب محمودة إذ مهد لنمو مراكز علمية وثقافية عظيمة ساهمت في تقدم الحضارة العالمية الممثلة آنذاك بالعرب. لعل القارئ يذكر ان عباقرة ما قبل الزمخشري والخوارزمي ولدوا في خوارزم وكذلك البيروني وما بين بحر خوارزم (ارال) وبحر قزوين الى الغرب عاش البيروني النصف الأول من حياته. واشتهرت في خوارزم انذاك مدينتان: كات والجرجانية الى الشمال كلاهما

على نهر اموداريا وتعرفان اليوم باسمي كيفا (خيفا) واورغنج وهما في روسيا حاليا. ويقول ياقوت عن خوارزم: أهلها علماء فقهاء اذكياء اغنياء فهي لعمري بلاد طيبة فيهم جلد وقوة غالب عليهم الطول والضخامة وفي رؤوسهم عرض ولهم جبهات واسعة مرنوا على القناعة بالشيء اليسير (والمترفون مثل الفقراء) ونستنتج ايضا انهم ذو تعلق شديد بوطنهم. ويقول لنا المقريزي «1» أيضا: الجرجانية مدينة عجيبة إذ كل اهلها اجناد حتى البقال والقصاب والخباز والحائك وأهلها أهل الصناعات الدقيقة يغلب عليهم ممارسة علم الكلام في الاسواق والدروب يناظرون بلا تعصب وينكرون من احد ذلك قائلين: (ليس لك إلا الغلبة بالحجة) . وعاش البيروني ايضا في جرجان (ايران) على بحر قزوين وهي (مدينة حسنة على واد عظيم، سهلية، جبلية، بحرية، أودية هائلة، وجبال عالية، إذا غدا القناص راح بما اشتهى) . وقضى البيروني مدة كبيرة من حياته في غزنة (افغانستان) وكان عصر البيروني عصر مظلم لما اشتعلت فيه من فتن إنما يذهل بما جمع من علماء. هذا ابن يونس (متوفي 1009) عبقري الفلك وحساب مثلثات ابتكر الرقاص الكروي. ويستعمله مقياسا للزمن وذاك ابن الهيثم نابغة الرياضيات والفيزياء يطور علم البصريات، والعدسات. وهناك علي بن عيسى اشهر جراح ومصنف في حقل البصر والعيون. ولا ننسى الفيلسوف الطبيب ابن سينا. هؤلاء قلة من علماء المشرق. ويقول المؤرخ سارطون الذي قوّم حضارات الأمم وعدد منجزاتها في كتابه الضخم «المقدمة الى تاريخ العلوم» ان النصف الاول للقرن الحادي عشر ينبغي

ان يسمى (عصر البيروني) لانه ملأ عصره وفاق معاصريه إذ حلق قلما يلحق به احد. اما الناحية السياسية لعصر البيروني فكان مرحلة الهوان والانحلال للخلافة العباسية.. ولا ريب في ان تشرده وهربه من فتنة ضربت (كات) حين غزاها وحاصرها والي الجرجانية المدينة الثانية والكبيرة في خوارزم، وضم كات وما حولها الى سلطانه. كان البيروني يناصر والي بلده فهرب. يقول البيروني في كتابه (الآثار الباقية عن القرون الحالية) انه لجأ الى الري «1» وكان في بؤس وفقر مدقع مما اثار عليه سخرية احد المنجمين، لكنهما تصاحبا بعد ذلك ثم دعاه الأمير البويهي فخر الدولة فبنى له مزولة كبيرة على جبل مشرف على الري وسماها باسم الأمير. وفي هذه المدة عمل في مناطق كثيرة حول بحر قزوين. حين مات محمد بن مأمون الذي منه هرب البيروني وخلفه ابنه علي كانت الأحوال السياسية والحزازات الشخصية قد هدأت، فدعاه علي ليرجع الى خوارزم فرجع لما نعرفه عن البيروني من تعلق بمنطقته وقبوله دعوة علي الذي ألحقه بحاشية أخيه الأمير ابن العباس مأمون. وبعد رحيل البيروني عن قابوس عصفت الفتن بجرجان وأودت بحياة قابوس خلال سنوات قليلة. وبعد وفاة علي حوالي سنة 1009 خلفه أبو العباس الذي زاد من اعباء البيروني، إذ عينه مستشارا سياسيا مقيما في القصر وسفيرا معتبرا لرجاحة عقله وطلاقة لسانه وقوة حججه في الاقناع، ويقول بتذمر البيروني لأن ارصاده تأثرت وأعماله في مجلس العلوم خفت، فيقول في كتاب (تحديد ... ) ووفاء كرهت من احوال الدنيا

مصنفاته:

على ما حسدني عليه الجاهل ... ثم تفرغت قليل التفرغ في ايام الشهيد ابي العباس» لكن اشغاله لا تثنيه عن انهاء ما بدأه سنة 995 من قياسات لارتفاع الشمس، ولا سيما ان وليّ نعمته وهبه مالا لينشئ جهازا يرصد به أوج الشمس. ويقوم بذلك ما بين 7 حزيران و 7 كانون الاول سنة 1016. وفي هذه الفترة المزدهرة يصمم «نصف كرة» قطرها 5 امتار لتكون جهازا يبيّن الحلول بالخطوط البيانية لمسائل تتعلق بعلم هيئة الأرض وقياس خواصها كالمساحة مثلا.. وتأبى الفتن إلا تخريب عمله فتهب فتنة يذهب مأمون ضحيتها وكما يقول البيروني «اسفر عقباها من امن لا يتسع للعود الى الحال الأول والاشتغال بما هو يمثل اولى ... » . عندئذ يثأر محمود الغزنوي لعهده فيحتل خوارزم في 3 تموز 1017. ويسوق من في البلاط اسرى بمن فيهم البيروني في ربيع 1018 وهكذا ينتهي هذا العالم الى غزنة عاصمة محمود في افغانستان. لكن البيروني ليس بالرجل الذي يهدأ أو تعيقه المصائب عن مهماته فيبدأ بالكتابة وهو في طريقه الى الاسر. وبعد وفاة محمود في 1030 خلفه ابنه مسعود الذي تغلب على اخيه وتحسنت احوال البيروني المادية وزادت حريته، فتمكن من زيارة بلده سنة 1032، و 1034 وامتازت هذه الفترة بغزارة التصنيف في حقول مختلفة.. مصنفاته: في سنة 1036 ينهي فهرسا باعماله حتى هذا التاريخ، فلا يشكل على أحد ويقول بلغة الواثق المتيقن من اهمية اعماله: «ينبغي عليك ان تعلم فيما عددته من كتبي بما عملته في حداثتي وازدادت المعرفة بفنه بعد ذلك فلم اطرحه او استرذله فإنها جميعا ابنائي والاكثر بابنه وشعره المفتون» . ثم يذكر اسماء الكتب التي اتفق لي عملها سنة 427 للهجرة وقد تم عمري 65 سنة قمرية و 63 سنة شمسية وتعرف انه كتب 180 مصنفا او أكثر نوجز الحديث عن بعض منها. «كتاب تحديد الاماكن لتصحيح مسافات المساكن» فرغ في تصنيفه في 28

وفاته:

آب 1025 والكتاب سفر قيم لقياس خطوط الطول والعرض وموقع البلدان على الكرة الارضية. (كتاب القانون المسعودي) فهو موسوعة ضخمة تلخص قواعد البيروني وابتكاراته وفي الموسوعة خزانة كبيرة لتاريخ الأمم وتقاويمها من (يوم آدم) الى يوم البيروني فليراجعه من يشاء.. وفاته: في سنة 1040 يثور قواد مسعود ويذبحون الأمير ويخلفه ابنه (مودود) الذي يقدم اليه آخر مصنفاته (الصيدنة في الطب) وفي هذا الكتاب يذكر انه نيف الثمانين وخف سمعه وبصره وتقل اخباره بعد سنة 1048 لكن الثابت من اقواله في كتاب (الصيدنة في الطب) انه كان حيا ذلك العام ولربما توفي حوالي 1050. بعض مآثره: كان له من العزم ما جعله يقوم بحسابات وحل معادلات لا تعالج اليوم إلا بالأدمغة الالكترونية. اختار اصعب المسائل وحلها وتسمى هذه المسائل الهندسية والرياضية «مسائل البيروني» وقدم طريقة بسيطة للرسم على الأوراق اشكالا هندسية من أدوات البعد الثالث، كالاجسام الكروية. ومن أهم اعماله الفلكية ابتكاره نظرية خاصة لتقدير «النسبة التقريبية» الضرورية لحساب مساحات ومحيطات الدوائر. وتمكن من تقدير محيط الكرة الارضية وقطرها. يجد البيروني قيمة النسبة التقريبية 14174، 3 والصحيحة هي 14159، 3. هو إذن مبتكر القاعدة المعروفة بقاعدة البيروني وهي معادلة رياضية تستخدم في حساب نصف قطر الأرض استنادا الى معرفة محيطها. المعادلة بسيطة شأنها شأن القواعد الجليلة ... ويقول نللينو « ... معادلة البيروني لقياس محيط الأرض هي من الاعمال العلمية المجيدة المأثورة» صمم جهازا بسيطا لقياس

الغرب يبعثه:

الوزن النوعي (الكثافة) لبعض المعادن والجواهر، ونتائجه تشهد عليه: الذهب 26، 19، وهذه هي اليوم ويقول ان الذهب سمي كذلك «لأنه سريع الذهاب بطيء الاياب على الاصحاب!» . وهو أول من استعمل الوحدة (نسبة واحد) للنسب المعروفة في حساب المثلثات، وهذا الاستعمال قائم حتى الآن ... مصنفاته باستثناء القليل ذات اسلوب واضح لا لبس فيه ولا ابهام، وان كان غير سلس. يحب الايجاز فيقول انه يكتب « ... لمن له دراية واجتهاد، ومحب العلم ... ومن كان على غير هذه الصفة فلست أبالي أفهم أم لم يفهم. الغرب يبعثه: كان المستشرق نيكولاس دي فانيكوف اول من نبه اوروبا الى البيروني عام 1866. وسرعان ما تتدفق الكتب «حساب المثلثات عند البيروني، جغرافية البيروني» . ومن اعظم المحققين كان الالماني ساخاو الذي ترجم الى الالمانية والانجليزية كتابين ضخمين (الآثار الباقية عن القرون الخالية عام 1879 وتاريخ الهندسة عام 1888) ويقول ساخاو « ... البيروني اعظم عقلية ظهرت في التاريخ ... » وبعد أن اطلع الخبراء على كتبه عن الهند قال أحدهم « ... محاولة فريدة من رجل مؤمن يدرس بنزاهة وتجرد حضارة وثنية ... ومن جهة تاريخية جاءت هذه الدراسة اكبر ظاهرة علمية في تاريخ الاسلام ... وجميع ما كتب من قبل هو أشبه بألعاب الاطفال ... » لذلك اهتم الهنود بالبيروني وفي عام 1913 قامت بعثة لتجميع آثاره وكذلك الفرس. وما ان دخل النصف الثاني من القرن العشرين حتى كثرت المهرجانات

والكتب وأخذت الدول تتنازع شرف الانتماء إليه، فتحسبه من ابنائها. روسيا تسمى جامعة ومدينة على اسمه وتقيم له تمثالا في جامعة موسكو. وتكرمه الهند وايران وأفغانستان. وجامعات في اميركا والمانيا واليونسكو تصدر فهرسا بالمآثر العربية، ومن بينها أعماله. حتى تركيا تريده، لأنها تظن ان البيروني سليل الاتراك الذين انتشروا بين بحري آرال وقزوين. علي صفا

مقدمة المؤلف

مقدّمة المؤلّف «1» بسم الله الرحمن الرحيم إنّما صدق قول القائل «ليس الخبر كالعيان» لأنّ العيان هو إدراك عين الناظر عين المنظور إليه في زمان وجوده وفي مكان حصوله، ولولا لواحق آفات بالخبر لكانت فضيلته تبين على العيان والنظر لقصورهما على الوجود الذي لا يتعدّى آنات الزّمان وتناول الخبر إيّاها وما قبلها من ماضي الأزمنة وبعدها من مقتبلها حتّى يعمّ الخبر لذلك الموجود والمعدوم معا. والكتابة نوع من أنواعه يكاد أن يكون أشرف من غيره، فمن أين لنا العلم بأخبار الأمم لولا خوالد آثار القلم؟ ثمّ إنّ الخبر عن الشيء الممكن الوجود. في العادة الجارية يقابل الصدق والكذب على صورة واحدة وكلاهما لاحقان به من جهة المخبرين لتفاوت الهمم وغلبة الهراش والنّزاع على الأمم. فمن مخبر عن أمر كذب يقصد فيه نفسه فيعظّم به جنسه لأنّها تحته أو يقصدها فيزري بخلاف جنسه لفوزه فيه بإرادته، ومعلوم أنّ كلا هذين من دواعي الشهوة والغضب المذمومين. ومن مخبر عن كذب في طبقة يحبّهم لشكر أو يبغضهم لنكر، وهو مقارب للأوّل فإنّ الباعث على فعله من دواعي المحبّة والغلبة. ومن مخبر عنه متقرّبا إلى خير بدناءة الطبع أو

متّقيا لشرّ من فشل وفزع. ومن مخبر عنه طباعا كأنّه محمول عليه غير متمكّن من غيره وذلك من دواعي الشرارة وخبث مخابىء الطبيعة. ومن مخبر عنه جهلا، وهو المقلّد للمخبرين وإن كثروا جملة أو تواتروا فرقة بعد فرقة فهو وهم وسائط فيما بين السامع وبين المتعمّد الأوّل، فإذا أسقطوا عن البين بقي ذاك الأوّل أحد من عددناه «1» من التخرّصين والمجانب للكذب المتمسّك بالصدق هو المحمود الممدوح عند الكاذب فضلا عن غيره، فقد قيل «قولوا الحقّ «2» ولو على أنفسكم «2» » وقال المسيح عليه السّلام في الإنجيل ما هذا معناه: «3» لا تبالوا بصولة الملوك في الإفصاح بالحقّ بين أيديهم فليسوا يملكون منكم غير البدن، وأمّا النفس فليس لهم عليها يد «3» وهذا منه أمر بالتشجّع الحقيقيّ، فالخلق الذي تظنّه العامّة شجاعة إذا رأوا إقداما على المعارك وتهوّرا في خوض المهالك هو نوع منها، فأمّا جنسها العالي على أنواعها فهو الاستهانة بالموت، ثم سواء كانت في قول أو كانت في فعل، وكما أنّ العدل في الطباع مرضيّ محبوب لذاته مرغوب في حسنه كذلك الصدق إلّا عند من لم يذق حلاوته أو عرفه وتحاماه كالمسؤول من المعروفين بالكذب: هلّ صدقت قطّ؟ وجوابه: لولا أنّي أخاف أن أصدق لقلت لا، فإنّه العادل عن العدل والمؤثّر للجور وشهادة الزور وخيانة الأمانة واغتصاب «4» الأملاك بالاحتيال والسرقة وسائر ما به فساد العالم والخليقة. وكنت ألفيت الأستاذ أبا سهل «5» عبد المنعم بن عليّ ابن نوح التفليسيّ أيّده الله مستقبحا قصد الحاكي في كتابه عن المعتزلة الإزراء عليهم في قولهم: «إنّ الله تعالى عالم بذاته» ، وعبارته عنه في الحكاية أنّهم يقولون إنّ الله لا علم له تخييلا إلى عوامّ قومه أنّهم ينسبونه إلى الجهل، جلّ وتقدّس عن ذلك وعمّا لا يليق به من

الصفات، فأعلمته أنّ هذه طريقة قلّ ما يخلوا منها من يقصد الحكاية عن المخالفين والخصوم، ثم إنّها تكون أظهر فيما كان عن المذاهب التي يجمعها دين واحد ونحلة لاقترابها واختلاطها، وأخفى فيما كان عن الملل المفترقة وخاصّة ما لا يتشارك منها في أصل وفرع وذلك لبعدها وخفاء السّبيل إلى تعرّفها، والموجود عندنا من كتب المقالات وما عمل في الآراء والدّيانات لا يشتمل إلّا على مثله، فمن لم يعرف حقيقة الحال فيها اغترف منها ما لا يفيده عند أهلها والعالم بأحوالها غير الخجل إن هزّت بعطفه الفضيلة أو الإصرار واللجاج إن رخّت فيه الرذيلة، ومن عرف حقيقة الحال كان قصارى أمره أن يجعلها «1» من الأسمار والأساطير يستمع لها تعلّلا بها والتذاذا لا تصديقا لها واعتقادا؛ وكان وقع المثال في فحوى الكلام على أديان الهند ومذاهبهم فأشرت إلى أنّ أكثرها هو مسطور في الكتب هو منحول وبعضها عن بعض منقول وملقوط مخلوط غير مهذّب على رأيهم ولا مشذّب، فما وجدت من أصحاب كتب المقالات أحدا قصد الحكاية المجرّدة من غير ميل ولا مداهنة سوى أبي العبّاس الإيرانشهريّ، إن لم يكن من جميع الأديان في شيء بل منفردا بمخترع له يدعو إليه ولقد أحسن في حكاية ما عليه اليهود والنصارى وما يتضمّنه التوراة والإنجيل وبالغ في ذكر المانويّة وما في كتبهم من خبر الملل المنقرضة، وحين بلغ فرقة الهند والشمنيّة صاف سهمه عن الهدف وطاش في آخره إلى كتاب زرقان ونقل ما فيه إلى كتابه، وما لم ينقل منه فكأنّه مسموع من عوامّ هاتين الطائفتين ولمّا أعاد الأستاذ أيّده الله مطالعة الكتب ووجد الأمر فيها على الصّورة المتقدّمة حرّص على تحرير ما عرفته من جهتهم ليكون نصرة لمن أراد مناقضتهم وذخيرة لمن رام مخالطتهم، وسأل ذلك ففعلته غير باهت على الخصم ولا متحرّج عن حكاية كلامه وإن باين الحقّ واستفظع سماعه عند أهله فهو اعتقاده وهو أبصر به. وليس الكتاب كتاب حجاج وجدل حتّى استعمل فيه

بإيراد حجج الخصوم ومناقضة الزائغ منهم عن الحقّ، وإنّما هو كتاب حكاية فأورد كلام الهند على وجهه وأضيف إليه ما لليونانيّين من مثله لتعريف المقاربة بينهم، فإنّ فلاسفتهم وإن تحرّوا التّحقيق فإنّهم لم يخرجوا فيما اتّصل بعوامّهم عن رموز نحلتهم وموضعات ناموسهم، ولا أذكر مع كلامهم كلام غيرهم إلّا أن يكون للصوفية أو لأحد أصناف النصارى لتقارب الأمر بين جميعهم في الحلول والاتّحاد، وكنت نقلت إلى العربيّ كتابين أحدهما في المبادىء وصفة الموجودات، واسمه «سانك» والآخر في تخليص النفس من رباط البدن ويعرف «بياتنجل» وفيهما أكثر الأصول التي عليها مدار اعتقادهم دون فروع شرائعهم، وأرجوا أنّ هذا ينوب عنهما وعن غيرهما في التقرير ويؤدّي إلى الإحاطة بالمطلوب بمشيئة الله.

أ- في ذكر أحوال الهند وتقريرها أمام ما نقصده من الحكاية عنهم

أ- في ذكر أحوال الهند وتقريرها أمام ما نقصده من الحكاية عنهم يجب أن نتصوّر أمام مقصودنا الأحوال التي لها يتعذّر استشفاف أمور الهند، فإما أن يسهل بمعرفتها الأمر وإمّا أن يتمهّد له العذر، وهو أنّ القطيعة تخفي ما تبديه الوصلة، ولها فيما بيننا أسباب: منها أنّ القوم يباينوننا بجميع ما يشترك فيه الأمم، وأوّلها اللغة وإن تباينت الأمم بمثلها ومتى رامها احد لازالة المباينة لم يسهل ذلك لأنّها في ذاتها طويلة عريضة تشابه العربيّة يتسمّى الشيء الواحد فيها بعدّة أسام مقتضبة ومشتقّة، وبوقوع الاسم الواحد على عدّة مسمّيات محوجة في المقاصد إلى زيادة صفات إذ لا يفرّق بينها إلّا ذو فطنة لموضع الكلام وقياس المعنى إلى الوراء والأمام، ويفتخرون بذلك افتخار غيرهم به من حيث هو بالحقيقة عيب في اللغة؛ ثمّ هي منقسمة إلى مبتذل لا ينتفع به إلّا السوقة، وإلى مصون فصيح يتعلّق بالتّصاريف والاشتقاق ودقائق النّحو والبلاغة لا يرجع إليه غير الفضلاء المهرة، ثم هي مركّبة من حروف لا يطابق بعضها حروف العربيّة والفارسيّة ولا تشابهها بل لا تكاد ألسنتنا ولهواتنا تنقاد لاخراجها على حقيقة مخارجها ولا آذاننا تسمع بتمييزها من نظائرها وأشباهها ولا أيدينا في الكتبة لحكايتها، فيتعذّر بذلك إثبات شيء من لغتهم بخطّنا لما نضطرّ إليه من الاحتيال لضبطها بتغيير النقط والعلامات وتقييدها باعراب إمّا مشهور وإمّا معمول؛ هذا مع عدم اهتمام الناسخين لها وقلّة اكتراثهم بالتصحيح والمعارضة حتى يضيع الاجتهاد

ويفسد الكتاب في نقل له او نقلين ويصير ما فيه لغة جديدة لا يهتدي لها داخل أو خارج من كلتي الأمّتين، ويكفيك معرّفا أنّا ربّما تلقفنا من أفواههم. اسما واجتهدنا في التوثقة منه فاذا أعدناه عليهم لم يكادوا يعرفونه إلا بجهد؛ ويجتمع في لغتهم كما يجتمع في سائر لغات العجم حرفان ساكنان وثلاثة وهي التي يسمّيها أصحابنا متحرّكات بحركة خفيّة، ويصعب علينا التفوّه بأكثر كلماتها وأسمائها لافتتاحها بالسواكن؛ وكتبهم في العلوم مع ذلك منظومة بأنواع من الوزن في ذوقهم قد قصدوا بذلك انحفاظها على حالها وتقديرها وسرعة ظهور الفساد فيها عند وقوع الزيادة والنقصان ليسهل حفظها فإنّ تعويلهم عليه دون المكتوب، ومعلوم أنّ النظم لا يخلو من شوب التكلّف لتسوية الوزان وتصحيح الانكسار وجبر النقصان، ويحوج إلى تكثير العبارات، وهو أحد أسباب تقلقل الأسامي في مسمّياتها؛ فهذا من الأسباب التي تعسّر الوقوف على ما عندهم. ومنها أنهم يباينوننا بالديانة مباينة كلّيّة لا يقع منّا شيء من الإقرار بما عندهم ولا منهم بشيء مما عندنا، وعلى قلّة تنازعهم في أكر المذاهب بينهم بما سوى الجدال والكلام دون الإضرار «1» بالنفس أو البدن أو الحال ليسوا مع من عداهم بهذه الوتيرة وإنما يسمّونه «مليج» وهو القذر لا يستجيزون مخالطته في مناكحة ومقاربة او مجالسة ومؤاكلة ومشاربة من جهة النجاسة، ويستقذرون ما تصرّف على مائه وناره وعليهما مدار المعاش، ثمّ لا مطمع في صلاح ذلك بحيلة كما يطهر النجس بالانحياز إلى حال الطهارة، فليس بمطلق لهم قبول من ليس منهم إذا رغب فيهم أو صبا إلى دينهم، وهذا ممّا يفسخ كلّ وصلة ويوجب أشدّ قطيعة. ومنها أنّهم يباينوننا في الرسوم والعادات حتى كادوا أن يخوّفوا ولدانهم بنا وبزيّنا وهيآتنا وينسبوننا إلى الشيطنة وإيّاها إلى عكس الواجب وإن كانت هذه النسبة لنا مطلقة وفيما بيننا بل وبين الأمم بأسرهم مشتركة؛ وعهدي ببعضهم وهو ينقم منّا بأنّ أحد ملوكهم هلك على يد عدو

له قصده من أرضنا وخلّف جنينا، ملّك بعده وسمّي «سبكر» «1» وحين الإيفاع سأل أمّه عن حال أبيه فقصّت عليه القصّة وامتعض لها فبرز من أرضه إلى أرض العدوّ واستوفى نزّته من الأمم حتى ملّ الإثخان والنكاية فألزم البقايا هذا التزبّي بزيّنا تذليلا لهم وتنكيلا فشكرت فعله لمّا سمعته إذ لم يسمنا التهنّد والانتقال إلى رسومهم. ومما زاد في النفار والمباينة أنّ الفرقة المعروفة بالشمنيّة على شدّة البغضاء منهم للبراهمة هم أقرب إلى الهند من غيرهم، وقد كانت خراسان وفارس والعراق والموصل إلى حدود الشام في القديم على دينهم إلى أن نجم «زردشت» من اذربيجان ودعا ببلخ إلى المجوسيّة وراجت «2» دعوته عند «كشتاسب» وقام بنشرها ابنه «إسفنديار» في بلاد المشرق والمغرب قهرا وصلحا ونصب بيوت النيران من الصين إلى الروم، ثمّ استصفى الملوك بعده فارس والعراق لملّتهم فانجلت «الشمنّية» عنها إلى مشارق بلخ وبقي المجوس إلى الآن بأرض الهند ويسمّون بها «مك» ؛ وكان ذلك بدو النفار عن جنبة خراسان فيهم إلى أن جاء الإسلام وذهبت دولة الفرس، فزادهم غزو أرضهم استيحاشا لمّا دخل محمّد بن القاسم بن المنبّه أرض السّند من نواحي سجستان وافتتح بلد «بمهنوا» وسمّاه «منصورة» وبلد «مولستان» وسمّاه «معمورة وأوغل في بلاد الهند إلى مدينة «كنوج» ووطئ أرض القندهار وحدود كشمير راجعا يعارك مرّة ويصالح اخرى ويقرّ القوم على النحلة إلا من رضي منها بالنّقلة «3» ؛ وغرس ذلك في قلوبهم السخائم، وإن لم يتجاوز بعده من الغزاة حدود كابل وماء السند أحد إلى أيّام الترك حين تملكوا بغزنه في أيّام السامانيّة ونابت الدولة ناصر الدين سبكتكين فآثر الغزو وتلقّب به وطرّق لمن بعده في توهين جانب الهند طرقا سلكها يمين الدولة محمود رحمهما الله نيّفا وثلاثين سنة فأباد بها خضرآءهم وفعل من الأعاجيب في

بلادهم ما صاروا به هباء منثورا وسمرا مشهورا، فبقيت بقاياهم المتشرّدة «1» على غاية التنافر والتباعد عن المسلمين بل كان ذلك سبب انمحاق علومهم عن الحدود المفتتحة وانجلائها إلى حيث لا يصل إليه اليد بعد من كشمير وبانارسي وأمثالهما مع استحكام القطيعة فيها مع جميع الأجانب بموجب السياسة والديانة. وبعد ذلك أسباب ذكرها كالطعن فيهم ولكنّها حافية «2» في أخلاقهم غير خفيّة، والحمق دآء لا دوآء له؛ وذلك أنّهم يعتقدون في الأرض أنّها أرضهم وفي الناس أنّهم جنسهم وفي الملوك أنّهم رؤساؤهم وفي الدين أنّه نحلتهم وفي العلم أنّه ما معهم فيترفّعون ويتبظرمون «3» ويعجبون بأنفسهم فيجهلون، وفي طباعهم الضنّ بما يعرفونه والإفراط في الصيانة له عن غير أهله منهم فكيف عن غيرهم، على أنّهم لا يظنّون أنّ في الأرض غير بلدانهم وفي الناس غير سكّانها وأنّ للخلق غيرهم علما حتى أنّهم إن حدّثوا بعلم أو عالم في خراسان وفارس استجهلوا المخبر ولم يصدّقوه للآفة المذكورة، ولو أنّهم سافروا وخالطوا غيرهم لرجعوا عن رأيهم؛ على أنّ أوائلهم لم يكونوا بهذه المثابة من الغفلة، فهذا «براهمهر» أحد فضلائهم حين يأمر بتعظيم البراهمة يقول: «إنّ اليونانيين وهم أنجاس لمّا تخرّجوا في العلوم وأنافوا «4» فيها على غيرهم وجب تعظيمهم فما عسى نقوله في البرهمن إذا حاز إلى طهارته شرف العلم؟» وكانوا يعترفون لليونّانيين بأنّ ما أعطوه من العلم أرجح من نصيبهم منه، ويكفيك دليلا عليه من مادح نفسه وهو يقرئك السلام؛ إنّي كنت أقف من منجّميهم مقام التلميذ من الأستاذ لعجمتي فيما بينهم وقصوري عمّا هم فيه من مواضعاتهم، فلمّا اهتديت قليلا لها أخذت أوقّفهم على العلل وأشير إلى شيء من البراهين والوّح لهم الطرق الحقيقيّة في الحسابات فانثالوا عليّ

متعجّبين وعلى الاستفادة متهافتين يسألون: عمّن شاهدته من الهند حتى أخذت عنه؟ وأنا أريهم مقدارهم وأترفّع عن جنبتهم مستنكفا، فكادوا ينسبونني الى السخر ولم يصفوني عند أكابرهم بلغتهم إلا بالبحر والماء يحمض حتى يعوزا «1» الخلّ، فهذه صورة الحال، ولقد أعيتني المداخل فيه مع حرصي الذي تفرّدت به في أيّامي وبذلي الممكن غير شحيح عليه في جمع كتبهم من المظانّ واستحضار من يهتدي لها من المكامن ومن لغيري «2» مثل ذلك إلا أن يرزق من توفيق الله ما حرمته في القدرة على الحركات عجزت فيها عن «3» القبض والبسط في الأمر والنهي طوي عنّي جانبها، والشكر لله على ما كفي منها؛ وأقول: إنّ اليونانيين أيّام الجاهلية قبل ظهور النصرانية كانوا على مثل ما عليه الهند من العقيدة، خاصّهم في النظر قريب من خاصّهم وعامّهم في عبادة الأصنام كعامّهم، ولهذا أستشهد من كلام بعضهم على بعض بسبب الاتّفاق وتقارب الأمرين لا التصحيح فإنّ ما عدا الحقّ زائغ والكفر ملّة واحدة من أجل الانحراف عنه، ولكنّ اليونانيّين فازوا بالفلاسفة الذين كانوا في ناحيتهم حتى نقّحوا لهم الأصول الخاصة دون العامّة لأنّ قصارى الخواصّ اتّباع البحث والنظر وقصارى العوامّ التهوّر واللجاج إذا خلوا عن الخوف والرهبة يدلّ على ذلك سقراط لمّا خالف في عبادة الأوثان عامّة قومه وانحرف عن تسمية الكواكب «آلهة» في لفظه كيف أطبق قضاة أهل اثينية الأحد عشر على الفتيا بقتله دون الثاني عشر حتى قضى نحبه غير راجع عن الحقّ؛ ولم يك للهند أمثالهم ممّن يهذّب العلوم فلا تكاد تجد لذلك لهم خاصّ كلام إلا في غاية الاضطراب وسوء النظام ومشوبا في آخره خرافات العوامّ من تكثير العدد وتمديد المدد ومن موضوعات النحلة التي يستفظع أهلها فيها المخالفة، ولأجله يستولي التقليد عليهم وبسببه أقول فيما هو بابتي منهم أنّي لا «4» أشبّه ما في كتبهم من

الحساب ونوع التعاليم إلا بصدف مخلوط بخزف «1» أو بدرّ ممزوج ببعر أو بمهى مقطوب بحصى، والجنسان عندهم سيّان إذ لا مثال لهم لمعارج البرهان؛ وأنا في أكثر ما ساورده من جهتهم حاك غير منتقد إلا عن ضرورة ظاهرة، وذاكر من الأسماء والمواضعات في لغتهم ما لا بدّ من ذكره مرّة واحدة يوجبها التعريف، ثمّ إن كان مشتقا يمكن تحويله في العربيّة إلى معناه لم أمل عنه إلى غيره إلا أن يكون بالهندية أخفّ في الاستعمال فنستعمله بعد غاية التوثقة منه في الكتبة، أو كان مقتضبا شديد الاشتهار فبعد الإشارة إلى معناه، وإن كان له اسم عندنا مشهور فقد سهل الأمر فيه؛ ويتعذّر فيما قصدناه سلوك الطريق الهندسي في الإحالة على الماضي دون المستأنف، ولكنه ربّما يجيء في بعض الأبواب ذكر مجهول وتفسيره آت في الذي يتلوه، والله الموفّق.

ب- ذكر اعتقادهم في الله سبحانه

ب- ذكر اعتقادهم في الله سبحانه إنّما اختلف اعتقاد الخاصّ والعامّ في كلّ أمّة بسبب أنّ طباع الخاصّة ينازع المعقول ويقصد التحقيق في الأصول، وطباع العامّة يقف عند المحسوس ويقتنع بالفروع ولا يروم التدقيق وخاصّة فيما افتنّت فيه الآراء ولم يتّفق عليه الأهواء؛ واعتقاد الهند في الله سبحانه أنه الواحد الأزلي، من غير ابتداء ولا انتهاء المختار في فعله القادر الحكيم الحيّ المحيي المدبّر المبقي الفرد في ملكوته عن الأضداد والأنداد لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء؛ ولنورد في ذلك شيئا من كتبهم لئلا تكون حكايتنا كالشيء المسموع فقط، قال السائل في كتاب «باتنجل» : من هذا المعبود الذي ينال التوفيق بعبادته؟ قال المجيب: هو المستغني بأوّليّته «1» ووحدانيّته عن فعل لمكافاة عليه براحة تؤمّل وترتجي أو شدّة تخاف وتتّقي، والبريء عن الأفكار لتعاليه عن الأضداد المكروهة والأنداد المحبوبة، والعالم بذاته سرمدا إذ العلم الطارئ يكون لما لم يكن بمعلوم وليس الجهل بمتّجه عليه في وقت ما أو حال؛ ثمّ يقول السائل بعد ذلك: فهل له من الصفات غير ما ذكرت؟ ويقول المجيب: له العلوّ التامّ في القدر لا المكان فإنّه يجلّ عن التمكّن، وهو الخير المحض التامّ الذي يشتاقه كلّ موجود، وهو العلم الخالص

عن دنس السهو والجهل؛ قال السائل: أفتصفه بالكلام أم لا؟ قال المجيب: إذا كان عالما فهو لا محالة متكلم؛ قال السائل: فإن كان متكلّما لأجل علمه فما الفرق بينه وبين العلماء الحكماء الذين تكلّموا من أجل علومهم؟ قال المجيب: الفرق بينهم هو الزمان فإنّهم تعلّموا فيه وتكلّموا بعد أن لم يكونوا عالمين ولا متكلّمين ونقلوا بالكلام علومهم إلى غيرهم فكلامهم وإفادتهم في زمان، وإذ ليس للأمور الإلهية بالزمان اتّصال فالله سبحانه عالم متكلّم في الأزل، وهو الذي كلّم «براهم» وغيره من الأوائل على أنحاء شتّى، فمنهم من ألقى إليه كتابا ومنهم من فتح لواسطة اليه بابا ومنهم من أوحى إليه فنال بالفكر ما أفاض عليه؛ قال السائل: فمن أين له هذا العلم؟ قال المجيب: علمه على حاله في الأزل، وإذ لم يجهل قطّ فذاته عالمة لم تكتسب علما لم يكن له، كما قال في «بيذ» الذي أنزله على براهم: احمدوا وامدحوا من تكلّم ببيذ وكان قبل بيذ: قال السائل: كيف تعبد من لم يلحقه الإحساس؟ قال المجيب: تسميته تثبت إنّيّته فالخبر لا يكون إلا عن شيء والاسم لا يكون إلّا لمسمّى، وهو وإن غاب عن الحوسّ فلم تدركه فقد عقلته النفس وأحاطت بصفاته الفكرة وهذه هي عبادته الخالصة وبالمواظبة عليها ينال السعادة؛ فهذا كلامهم في هذا الكتاب المشهور. وفي كتاب «كيتا» وهو جزوء من كتاب «بهارت» فيما جرى بين «باسديو» «1» وبين «آرجن» : إنّي أنا الكلّ من غير مبدأ بولادة أو «2» منتهى بوفاة، لا أقصد بفعلي مكافاة ولا اختصّ بطبقة دون أخرى لصداقة او عداوة، قد اعطيت كلّا من خلقي حاجته في فعله، فمن عرفني بهذه الصفة وتشبّه بي في إبعاد الطمع عن العمل انحلّ وثاقه وسهل خلاصه، وعتاقه، وهذا كما قيل في حدّ الفلسفة: إنّها التقيّل بالله ما أمكن، وقال في هذا الكتاب: أكثر الناس يلجئهم الطمع في الحاجات إلى الله، وإذا حقّقت الأمر لديهم وجدتهم من معرفته في مكان سحيق

لأن الله ليس بظاهر لكلّ أحد يدركه بحواسّه فلذلك جهلوه؛ فمنهم من لم يتجاوز فيه المحسوسات، ومنهم من إذا تجاوزها وقف عند المطبوعات، ولم يعرفوا أنّ فوقها من لم يلد ولم يولد ولم يحط بغير «1» إنّيّته علم احد وهو المحيط بكلّ شيء علما. ويختلف كلام الهند في معنى الفعل فمن اضافه إليه كان من جهة السبب الأعمّ لأنّ قوام الفاعلين إذا كان «2» به كان هو سبب فعلهم فهو فعله بوساطتهم، ومن أضافه إلى غيره فمن جهة الوجود الأدنى. وفي كتاب «سانك» قال الناسك: هل اختلف في الفعل والفاعل أم لا؟ قال الحكيم: قد قال قوم إنّ النفس غير فاعلة والمادّة غير حيّة فالله المستغني هو الذي يجمع بينهما ويفرق فهو الفاعل والفعل واقع من جهته بتحريكهما كما يحرّك الحيّ القادر الموات العاجز؛ وقال آخرون: إنّ اجتماعهما بالطباع فهكذا جرت العادة في كل ناش بال، وقال آخرون: الفاعل هو النفس لأنّ في «بيذ» أنّ كلّ موجود فهو من «پورش» وقال آخرون: الفاعل هو الزمان فإنّ العالم مربوط به رباط الشاة بحبل مشدود بها حتى تكون حركتها بحسب انجذابه واسترخائه، وقال آخرون: ليس الفعل سوى المكافاة على العمل المتقدّم؛ وكلّ هذه الآراء منحرفة عن الصواب وإنّما الحقّ فيه أنّ الفعل كلّه للمادّة لأنّها هي التي تربط وتردّد في الصور وتخلّي فهي الفاعلة وسائر ما تحتها أعوان لها على إكمال الفعل، ولخلّو النفس عن القوى المختلفة هي غير فاعلة. فهذا قول خواصّهم في الله تعالى ويسمّونه «ايشفر» أي المستغنى الجواد الذي يعطي ولا يأخذ لأنهم رأوا وحدته هي المحضة ووحدة ما سواه بوجه من الوجوه متكثرة ورأوا وجوده حقيقيّا لأنّ قوام الموجودات به ولا يمتنع توهم ليس فيها مع «أيس» «3» فيه كما يمتنع توهّم ليس فيه مع «أيس» فيها، ثمّ إن تجاوزنا طبقة الخواصّ من الهند إلى عوامّهم اختلف الأقاويل عندهم وربّما سمجت كما

يوجد مثله في سائر الملل بل وفي الاسلام من التشبيه والإجبار وتحريم النظر في شيء وأمثال ذلك ويوجب «1» التهذّب «1» ، مثاله أنّ بعض خواصّهم يسمى الله تعالى «نقطة» ليبرئه بها عن صفات الأجسام، ثمّ يطالع ذلك عامّيّهم فيظنّ أنه عظمه بالتصغير ولا يبلغ به فهمه إلى تحقيق النقطة فيتجاوز سماجة التشبيه والتحديد بالتعظيم إلى قوله: إنّه يطول اثنى عشر إصبعا في عرض عشر أصابع تعالى عن التحديد والتعديد، ومثل ما حكيناه من إحاطته بالكل حتى لا يخفى عليه خافية فيظن عامّيّهم أنّ الإحاطة تكون بالبصر والبصر بالعين والعينان أفضل من العور فيصفه بألف عين عبارة عن كمال العلم؛ وأمثال هذه الخرافات الشنعة عندهم موجودة وخاصّة في الطبقات التي لم يسوّغ لهم تعاطي العلم على ما يجيء ذكرهم في موضعه.

ج - في ذكر اعتقادهم في الموجودات العقلية والحسية

ج- في ذكر اعتقادهم في الموجودات العقليّة والحسيّة إنّ قدماء اليونانيّين قبل نجوم الحكمة فيهم بالسبعة المسمّين «أساطين الحكمة» وهم آ «سولن» الأثيني ب و «بيوس» الفاريني ج و «فارياندروس» القورنتي د و «ثالس» المليسوسي هـ و «كيلون» اللقاذوموني «1» و «فيطيقوس «2» لسبيّوس» ز و «قيليبولوس لنديوس» وتهذّب الفلسفة عندهم بمن نشأ بعدهم كانوا على مثل مقالة الهند، وكان فيهم من يرى أنّ الأشياء كلّها شيء واحد، ثمّ من قائل في ذلك بالكمون ومن قائل بالقوّة وأنّ الإنسان مثلا لم يتفضّل عن الحجر والجماد إلا بالقرب من العلّة الأولى بالرتبة وإلا فهو هو، ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقيّ لعلّة الأولى فقط لاستغنائها بذاتها فيه وحاجة غيرها إليها وأنّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره فوجوده كالخيال غير حقّ والحقّ هو الواحد الأوّل فقط، وهذا رأي السوفيّة وهم الحكماء فإنّ «سوف» باليونانيّة الحكمة وبها سمّى الفيلسوف «بيلاسوبا» أي محبّ الحكمة ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سمّوا باسمهم ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكّل إلى «الصفّة» وأنّهم أصحابها في عصر النبيّ صلى الله عليه وسلّم، ثمّ صحّف بعد ذلك فصيّر من صوف التيوس؛ وعدل أبو الفتح البستيّ عن ذلك أحسن عدول في قوله:

تنازع الناس في الصوفيّ واختلفوا ... قدما وظنّوه مشتقّا من الصوف ولست أنحل هذا الاسم غير فتي ... صافي فصوفي حتى لقّب الصوفيّ وكذلك ذهبوا إلى أنّ الموجود شيء واحد وأنّ العلّة الأولى تترايا فيه بصور مختلفة وتحلّ قوّتها في أبعاضه بأحوال متباينة توجب التغاير مع الاتّحاد، وكان فيهم من يقول: إنّ المنصرف بكلّيّته إلى العلّة الأولى متشبّها بها على غاية إمكانه يتّحد بها عند ترك الوسائط وخلع العلائق والعوائق؛ وهذه آراء يذهب إليها الصوفيّة لتشابه الموضوع، وكانوا يرون في الأنفس والأرواح أنّها قائمة بذواتها قبل التجسّد بالأبدان معدودة مجنّدة تتعارف وتتناكر وأنّها تكتسب في الأجساد بالخيرورة ما يحصل لها به بعد مفارقة الأبدان الاقتدار على تصاريف العالم ولذلك سمّوها «آلهة» وبنوا الهياكل بأسمائها وقرّبوا القرابين لها؛ كما يقول جالينوس في كتاب «الحثّ على تعلّم الصناعات» : ذوو الفضل من الناس إنّما استأهلوا ما نالوه من الكرامة حتى لحقوا بالمتألّهين بسبب جودة معالجتهم للصناعات لا بالإحصار والمصارعة ورمى الكرة، من ذلك أنّ «أسقليبيوس» و «ديونوسيوس» إن كانا فيما مضى إنسانين ثمّ إنّهما تألّها أو كانا منذ أوّل أمرهما متألّهين فانّهما إنّما استحقّا أعظم الكرامة بسبب أنّ أحدهما علّم الناس الطبّ والآخر علمهم صناعة الكروم؛ وقال جالينوس في تفسيره لعهود ابقراط: أمّا الذبائح باسم «اسقليبيوس» فما سمعنا قطّ بأنّ أحدا قرّب له ما عزا من أجل أنّ غزل شعره لا يسهل وأنّ الإكثار من لحمه يصرع لرداءة كيموسه، وإنّما يقرّبون ديكة كما قرّبها أبقراط «1» فإنّ هذا الرجل الإلهيّ اقتنى للناس صناعة الطبّ وهي أفضل ممّا استخرجه «ديونوسيوس» أعني الخمر و «ذيميطر» أعني الحبوب التي يتّخذ منها الخبز ولذلك تسمّى الحبوب باسم هذه «2» ، وشجرة الكرم باسم هذا؛ وقال

أفلاطن في «طيماوس» : «الطي» الذين يسمّيهم الحنفاء «آلهة» بسبب أنّهم لا يموتون ويسمّون الله «الإله الأوّل» هم الملائكة، ثمّ قال هو: إنّ الله قال للآلهة إنّكم لستم في أنفسكم غير قابلين للفساد أصلا وإنّما لن تفسدوا بموت أنّكم نلتم من مشيئتي وقت إحداثي لكم أوثق عقد؛ وقال فيه في موضع آخر: الله بالعدد الفرد لا آلهة بالعدد المكثّر؛ فعندهم على ما يظهر من أقاويلهم يقع اسم الآلهة من جهة العموم على كلّ شيء جليل شريف يوجد ذلك كذلك عند أمم كثيرة حتى يتجاوزون «1» به إلى الجبال والبحار وأمثالها، ويقع من جهة الخصوص على العلّة الأولى وعلى الملائكة وأنفسهم «2» وعلى نوع آخر يسمّيها أفلاطن «السكينات» ، ولم تبلغ عبارة المترجمين فيها إلى التعريف التامّ فلذلك وصلنا منها إلى الاسم دون المعنى؛ وقال يحيى النحويّ في ردّه على «ابروقلس» : كان اليونيّون يوقعون اسم «الآلهة» على الأجسام المحسوسة في السماء، كما عليه كثير من العجم، ثمّ لمّا تفكّروا في الجواهر المعقولة أوقعوا هذا الاسم عليها؛ فباضطرار يعلم أنّ معنى التألّه راجع إلى ما يذهب إليه في الملائكة، وذلك في صريح كلام جالينوس في ذلك الكتاب: إن كان الأمر حقّا في أنّ «اسقليبيوس» كان فيما مضى إنسانا ثمّ إنّ الله أهّله لأن جعله ملكا من الملائكة فما عداه هذيان، وفي موضع آخر منه يقول: إنّ الله قال «للوفرغوس «3» » إنّي في بابك بين أمرين بين أن أسمّيك إنسانا وبين أن أسمّيك ملكا وإلى هذا أميل فيك؛ ولكنّ من الألفاظ ما يسمج في دين دون دين ويسمح «4» به لغة وتأباه «5» أخرى ومنها لفظة التألّه في دين الإسلام فإنّا إذا اعتبرناها في لغة العرب وجدنا جميع الأسامي التي سمّى بها الحقّ المحض متّجهة

على غيره بوجه ما سوى اسم «الله» فإنّه يختصّ به اختصاصا قيل له إنّه اسمه الأعظم، وإذا تأمّلناه في العبريّة والسريانيّة اللتين بهما الكتب المنزلة قبل القرآن وجدنا «الربّ» في التوراة وما بعدها من كتب الأنبياء المعدودة في جملتها موازيا لله في العربيّ غير منطلق على أحد بإضافة كربّ البيت وربّ المال ووجدنا الإله فيها موازيا للربّ في العربيّ، فقد ذكر فيها: إنّ بني أولوهيم نزلوا إلى بنات الناس قبل الطوفان وخالطوهنّ، وذكر في كتاب «أيوب الصدّيق» : إنّ الشيطان دخل مع بني أولوهيم إلى مجمعهم، وفي توراة موسى قول الربّ له: إنّي جعلتك إلها لفرعون، وفي المزمور الثاني والثمانين من زبور داود: إنّ الله قام في جماعة الآلهة يعني الملائكة، وسمّي في التوراة الأصنام «آلهة غرباء» ولولا أنّ التوراة حظرت عبادة كلّ ما دون الله والسجود للأصنام بل ذكرها أصلا وخطرها على البال لقد كان يتصوّر من هذه اللفظة أنّ المأمور به هو رفض الآلهة الغرباء دون التي ليست بعبريّة «1» والأمم الّذين كانوا حول أرض فلسطين هم الّذين كانوا على دين اليونانيّين في عبادة الأصنام، ولم تزل بنو إسرائيل كانوا يعصون الله بعبادة صنم «بعلا» وصنم «استروث» الّذي للزهرة؛ فالتألّه على وجه التملّك عند أولئك كان يتّجه على الملائكة وعلى الأنفس التي اقتدرت وبالاستعارة على الصور المعمولة بأسماء أبدانها وبالمجاز على الملوك والكبار، وهكذا اسم «الأبوّة» والنبوّة فإنّ الإسلام لا يسمح بهما إذ الولد والابن في العربيّة متقاربا المعنى وما وراء الولد من الوالدين والولادة منفى عن معاني الربوبيّة وما عدا لغة العرب يتّسع لذلك جدّا حتى تكون المخاطبة فيها بالأب قريبة من المخاطبة بالسّيد، وقد علم ما عليه النصارى من ذلك حتى أنّ من لا يقول بالأب والابن فهو خارج عن جملة ملّتهم والابن يرجع إلى عيسى بمعنى الاختصاص والأثرة وليس يقصر عليه بل يعدوه إلى غيره فهو الذي يأمر تلاميذه

في الدعاء بأن يقولوا: يا أبانا الذي في السماء ويخبرهم في نعي نفسه إليهم بأنّه ذاهب إلى أبيه وأبيهم ويفسّر ذلك بقوله في أكثر كلامه عن نفسه: إنّه ابن البشر، وليست النصارى على هذا وحدها ولكنّ اليهود تشركها فإنّ في سفر الملوك: إنّ الله تعالى عزّى داود على ابنه المولود له من امرأة «أوريا» ووعده منها ابنا يتبنّاه، فإذا جاز بالتبنّي بالعبريّ أن يكون سليمان ابنا جاز أن يكون المتبنّي أبا، و «المنّانيّة» تشابه النصارى من أهل الكتاب وصاحبهم «ماني» يقول في هذا المعنى في كتاب «كنز الأحياء» : إنّ الجنود النيّرين يسمّون أبكارا وعذارى وآباء وأمّهات وأبناء وإخوة وأخوات لما جرى به الرسم في كتاب الرسل، وليس في بلدة السرور ذكر ولا أنثى ولا أعضاء سفاد وكلّهم حاملون للأجساد الحيّة والأبدان الالهوت لا يختلفون بضعف وقوّة ولا طول وقصر ولا صورة ومنظر كالسرج المتشابهة المسرجة من سراج واحد، موادّ أغذيتهم واحدة، وإنّما سبب تلك التسمية تعاني «1» المملكتين، فالسفليّة المظلمة لمّا نهضت من غورها ورأتها الملكوت العالية النيّرة أزواجا ذكرانا وإناثا صوّرت أبناءها الظاعنين إلى الحرب من ظاهر بصور كذلك فأقامت «2» كل جنس بإزاء جنسه؛ والخواصّ من الهند يأبون هذه الأوصاف وعوامّهم وكلّ من كان في فروع النحلة يفرطون في إطلاقها ويتجاوزون المقدار المذكور إلى الزوجة والابن والابنة والإحبال والإيلاد وسائر الأحوال الطبيعية ولا يتحاشون عن التجازف في ذكرها، ولا معتبر عليهم ومذاهبهم وإن كثرت فإنّ قطبها ما عليه البراهمة وقد رشّحوا لحفظه وإقامته وهو الّذي نحكيه ونقول: إنّهم يذهبون في الموجود إلى أنّه شيء واحد على مثل ما تقدّم فإنّ «باسديو» يقول في الكتاب المعروف «بكيتا» : أمّا عند التحقيق فجميع الأشياء إلهية لأنّ «بشن» جعل نفسه أرضا ليستقرّ الحيوان

عليها وجعله ماء ليغذّيهم وجعله نارا وريحا لينميهم وينشئهم وجعله قلبا لكلّ واحد منهم ومنح الذكر والعلم وضدّيهما على ما هو مذكور في «بيذ» ، وما أشبه قول صاحب كتاب «بليناس» في علل الأشياء بهذا وكأنّه مأخوذ منه: إنّ في الناس كلّهم قوّة إلهيّة بها تعقل الأشياء بالذات وبغير الذات كما سمّى بالفارسيّة «خذا» بغير ذات واشتق للانسان من ذلك اسم؛ فأمّا الّذين يعدلون عن الرموز إلى التحقيق فإنّهم يسمّون النفس «بورش» ومعناه الرجل بسبب أنّها الحيّ في الموجود ولا يرون منها غير الحياة ويصفونها بتعاقب العلم والجهل عليها وأنّها جاهلة بالفعل وعاقلة بالقوّة تقبل العلم بالاكتساب وأنّ جهلها سبب وقوع الفعل وعلمها سبب ارتفاعه، وتتلوها المادّة المطلقة أعني الهيولى المجرّدة ويسمّونها «أبيكت» أي شيء بلا صورة وهي موات ذات قوى ثلاث بالقوّة دون الفعل أسماؤها «ست» و «رج» و «تم» وسمعت أنّ عبارة «بدّهودن» عنها لقومه الشمنيّة «بدّ دهرم «1» سنك» وكأنّها العقل والدين والجهل، فالأولى «2» منها راحة وطيبة منها الكون والنماء والثانية تعب ومشقّة منها الثبات والبقاء والثالثة فتور وعمه منها الفساد والفناء، ولهذا تنسب «3» الأولى إلى الملائكة والثانية إلى الناس والثالثة إلى البهائم، وهذه أشياء تقع فيها قبل وبعد وثمّ من جهة الرتبة وتضايق العبارة لا من جهة الزمان: وأمّا المادّة خارجة إلى الفعل بالصور والقوى الثلاث الأول فإنّهم يسمّونها «بيكت» أي المتصوّرة ويسمّون مجموع الهيولى المجرّدة والمادّة المتصوّرة «پركرت» ولا فائدة في هذا الاسم لاستغنائنا عن ذكر المطلقة ويكفينا المادّة في العبارة فليس إحداهما في الوجود بغير الأخرى؛ وتتلوها الطبيعة ويسمّونها «أهنكار «4» » واشتقاقه من الغلبة والازدياد والصلف من أجل أنّ المادّة

عند لبس الصور تأخذ في إنماء الكائنات عنها والنموّ لا يكون إلا إحالة الغير وتشبيهه بالنامي فكأنّ الطبيعة تغالب في تلك الإحالة وتستطيل على المستحيل؛ ومن البيّن أنّ كلّ مركب فله بسائط منها يبدو التركيب وإليها يعود التحليل، والموجودات الكلّيّة في العالم هي العناصر وهم على رأيهم السماء والريح والنار والماء والأرض وتسمى «مهابوت» أي كبار الطبائع، ولا يذهبون في النار إلى ما يذهب إليه من الجسم الحارّ اليابس عند تقعير الإيثر وإنّما يعنون بها هذه الموجودة على وجه الأرض من اضطرام الدخان؛ وفي «باج پران» : إنّ في القديم كان الأرض والماء والريح والسماء وإنّ براهم رأى شررة تحت الأرض فأخرجها وجعلها أثلاثا، فالأوّل «بارتب» وهي النار المعهودة التي تحتاج إلى حطب ويطفئها الماء، والثاني «دبت» وهو الشمس، والثالث «بدد» وهي البرق فالشمس تجذب الماء والبرق يمض من خلال الماء وفي الحيوان نار في وسط الرطوبات تغتذى بها ولا تطفئها؛ وهذه العناصر مركّبة فلها بسائط تتقدّمها تسمّى «بنج ماتر» أي أمّهات خمسة ويصفونها بالمحسوسات الخمسة فبسيط السماء «شبد» وهو المسموع وبسيط الريح «سپرس» وهو الملموس وبسيط النار «روپ» وهو المبصر وبسيط الماء «رس» وهو المذوق وبسيط الأرض «كند» وهو المشموم، ولكلّ واحد من هذه البسائط ما نسب إليه وجميع ما نسب إلى ما فوقه فللأرض الكيفيّات الخمسة والماء ينقص عنها بالشمّ والنار تنقص عنها به وبالذوق والريح بهما وباللون والسماء بها وباللمس، ولست أدري ماذا يعنون بإضافة الصوت إلى السماء وأظنّه شبيها بما قال «أوميروس» شاعر اليونانيّين: إنّ ذوات اللحون السبعة ينطقن ويتجاوبن بصوت حسن، وعنى الكواكب السبعة، كما قال غيره من الشعراء: إنّ الأفلاك المختلفة اللحون سبعة متحرّكات أبدا ممجدات للخالق لأنّه ماسكها محيط بها إلى أقصى نهاية الفلك غير المكوكب، وقال «فرفوريوس» في كتابه في آراء أفاضل الفلاسفة في طبيعة الفلك: إنّ الأجرام السماوية إذا تحرّكت على متقن أشكالها وهيآتها وترنّمها بالأصوات العجيبة على ما قاله «فوثاغورس» و

«ديوجانس» دلّت على منشئها الّذي لا مثل له ولا شكل، وقيل: إنّ ديوجانس للطافة حسّه كان اختصّ باستماع صوت حركة الفلك؛ وهذه كلّها رموز مطّردة بالتأويل على القانون المستقيم، وذكر بعض من تبعهم من القاصرين عن التحقيق: إنّ البصر مائيّ والشمّ ناريّ والطعم أرضيّ واللمس من إفادة الروح كلّ البدن بالاتصال به، وما أظنّه نسب البصر إلى الماء إلّا لما سمع من رطوبات العين وطبقاتها والشمّ إلى النار بسبب البحور والدخان والطعم إلى الأرض بسبب طعامه الذي تزقمه وفنيت العناصر الأربعة فعاد في اللمس إلى الروح؛ ثمّ نقول: إنّ الحاصل ممّا بلغ التعديد إليه هو الحيوان وذلك أنّ النبات عند الهند نوع منه كما أنّ أفلاطن يرى أنّ للغروس حسّا لما يرى في النبات من القوّة المميّزة بين الملائم والمخالف والحيوان حيوان بالحس، والحواس خمسة تسمّى «اندريان» وهي السمع بالأذن «1» والبصر بالعين والشمّ بالأنف والذوق باللسان واللمس بالجلد، ثمّ إرادة تصرّفها على ضروب المضارب محلّها منه القلب وسمّوها به «من» والحيوانيّة تكمل بأفاعيل خمسة ضروريّة له يسمّونها «كرم اندريان» أي الحواسّ بالفعل فإنّ الحاصل من الأولى علم ومعرفة ومن هذه الأخرى عمل وصنعة ولنسمّها «ضروريّات» وهي التصويت بصنوف الحاجات والإرادات والبطش بالأيدي للاجتلاب والاجتناب والمشي بالأرجل للطلب والهرب ونفض فضول الأغذية بكلي المنفذين المعدّين له، فهذه خمسة وعشرون هي النفس الكلّيّة والهيولى المجرّدة والمادّة المتصوّرة والطبيعة الغالبة والأمّهات البسيطة والعناصر الرئيسيّة والحواسّ المدركة والإرادة المصرّفة والضروريّات الآليّة، واسم الجملة «تتو «2» » والمعارف مقصورة عليها ولذلك قال «بياس بن براشر» : أعرف الخمسة والعشرين بالتفصيل والتحديد والتقسيم معرفة برهان وإيقان لا دراسة باللسان ثمّ ألزم أيّ دين شئت فإنّ عقباك النجاة.

د- في سبب الفعل وتعلق النفس بالمادة

د- في سبب الفعل وتعلّق النفس بالمادّة الأفعال الإراديّة الموجودة من بدن الحيوان لا تصدر عنه إلا بعد وجود الحياة فيه ومجاورة الحيّ إيّاه، وقد زعموا أنّ النفس بالفعل جاهلة بذاتها وبما تحتها من المادّة توّاقة إلى الإحاطة بما لا تعرف ظانّة أن لا قوام لها إلا بالمادّة فتشتاق إلى الخير الذي هو البقاء وتروم الاطّلاع على ما هو منها مستور فتنبعث للإتحاد بها لكنّ الكثيف واللطيف إذا كانا على أقصى أفق صفتيهما امتنع تقاربهما وامتزاجهما إلا بالوسائط التي تناسبهما كتوسّط الهواء فيما بين النار والماء المتضادّين بكلتي الكيفيّتين فإنّه يناسب كلّ واحد منهما باحدى الكيفيّتين فيمكّنه بها من مخالطته، ولا تباين أشدّ بعدا ممّا بين الجسم واللاجسم ولذلك لن تبلغ النفس مرامها كما هي إلا بأمثال تلك الوسائط وهي ارواح ناشئة من الأمّهات البسيطة في عوالم «بهورلوك» و «بهوبرلوك» و «سفرلوك» سمّوها بازاء الأبدان الكثيفة الكائنة من العناصر «أبدانا لطيفة» تشرق النفس عليها فتصير مراكب لها بذلك الاتّحاد كانطباع صورة الشمس وهي واحدة في عدة مرايا منصوبة على محاذاتها أو مياه مصبوبة في أوان موضوعة على موازاتها ترى في كلّ واحد منها بالسواء ويوجد فيه «1» أثرها بالحرّ والضياء فإذا حصلت الأبدان الأمشاجيّة المختلفة وتركّبت من الذكر والأنثى، أمّا من الذكر فما

فيها من العظام والعروق والمني، وأمّا من الأنثى فما فيها من اللحم والدم والشعر واستعدّت لقبول الحياة اقترنت بها تلك الأرواح وكانت لها كالقصور المهيّأة لصنوف مصالح الملوك، وداخلتها الرياح الخمسة التي باثنتين منها جذب النفس وإرساله، وبالثالثة اختلاط الأغذية في المعدة، وبالراعبة طفرة البدن من موضع إلى آخر، وبالخامسة انتقال الإحساس من طرف البدن إلى آخر؛ والأرواح عندهم غير مختلفة في الجوهر مطبوعة على التساوي وإنّما يختلف أخلاقها وآثارها من جهة اختلاف الأجساد التي تقترن بها بسبب القوى الثلاث التي تتغالب فيها وتفاسدها بالحسد والغيظ، فهذا هو السبب الأعلى في الانبعاث للفعل؛ وأمّا السبب الأسفل من جهة المادّة فهو طلبها الكمال وإيثارها الأفضل الذي هو الخروج من القوة إلى الفعل، وبما في سنخ الطبيعة من المباهاة ومحبّة الغلبة تعرض ما فيها من أصناف الممكن على من تعلّم وتردّد النفس في ضروب النبات وأنواع الحيوان، وشبهّوها «1» برقّاصة حاذقة بصناعتها عارفة بأثر كل وصل وفصل فيها حضرت مترفا شديد الحرص على مشاهدة ما معها فأخذت في أنواع صناعتها «2» تبرزها واحدا بعد آخر وصاحب المجلس يطالعها إلى أن فنى ما معها وانقطع ولوع الناظر فانخزلت «3» باهتة إذ ليس معها غير الإعادة والمعاد مرغوب عنه فسرحها وارتفع الفعل على مثال رفقة في مفازة قطع عليها وتهارب أهلها سوى ضرير كان فيها ومقعد بقيا بالعراء آيسين من النجاء ولمّا التقيا وتعارفا قال الزّمن للضرير أنا عاجز عن الحركة وقادر على الهداية وأمرك فيهما بخلاف امري فمكّني من عاتقك واحملني لأدلّك على الطريق ونخرج معا من الهلكة ففعل وتمّت الإرادة بتعاونهما وانفصلا عند الخروج من الفلاة؛ ثم تختلف العبارة عندهم في الفاعل

كما ذكرنا فقد قيل في «بشن پران» : إنّ المادّة أصل العالم وفعلها فيه بالطباع على مثال فعل البذر للشجرة بالطباع من غير قصد واختيار وكتبريد الريح للماء من غير قصد لغير الهبوب، إنّما الفعل الإرادي لبشن؛ وهذه إشارة منه إلى الحيّ الذي يعلو المادة وبه تصير المادّة فاعلة تسعى له سعي الصديق لصديقه من غير طمع، وقد بنى عليه «ماني» قوله: سأل الحواريّون عيسى عليه السلام عن حياة الموات فقال لهم إنّ الميّت إذا فارق الحيّ المخالط إياه وبان على حدته عاد ميّتا لا يحيى والحيّ الذي فارقه حيّا لا يموت، وأما في كتاب «سانك» فإنه ينسب الفعل إلى المادّة من أجل أنّ ما يعرض من الصور مختلفة في اختلافها بسبب القوى الثلاث الأول وغلبتها فرادي ومزدوجة أعني الملكيّة والإنسيّة والبهيمية وهذه القوى لها دون النفس، والنفس لتعرف أفعالها بمنزلة النّظّارة على مثال أحد السابلة؟؟؟ قعد في قرية للاستراحة وكلّ واحد من أهلها ساع في غير ما يسعي فيه الآخر فهو ينظر إليهم ويعتبر أحوالهم فيكره بعضها ويحبّ بعضها ويعتبر بها فهو مشتغل من غير أن يكون له حظّ فيها ولا سبب في إثارتها: وإنّما ينسب الفعل إلى النفس مع تبرّئها «1» منه على مثال رجل اتّفقت له مرافقة مع جماعة لم يعرفهم وكانوا لصوصا راجعين من قرية قد كبسوها وخرّبوها ولم يسر معهم إلّا قليلا حتّى لحقهم الطلب واستوثق من الجماعة وحمل ذلك البريء في جملتهم وعلى مثل حالهم قد أصابه ما أصابهم من غير مشاركة إيّاهم في فعلهم؛ وقالوا: إن مثال النفس مثال ماء المطر النازل من السماء على حاله وكيفيّة واحدة فإذا اجتمع في أوان له موضوعة مختلفة الجواهر من ذهب وفضّة وزجاج وخزف وطين وسبخة فإنّه بها يختلف في المرأى والمذاق والمشمّ كذلك النفس لا تؤثر في المادة سوى الحياة بالمجاورة فإذا اخذت المادّة في الفعل اختلف ما يظهر منها بسبب القوة الغالبة من القوى الثلاث ومعاونة الأخريين

المستترتين إيّاها على صنوف الأنحاء تعاون الدهن الرطب والذّبالة اليابسة والنار المتدّخنة على الإضاءة، فالنفس في المادّة كراكب العجلة يخدمها الحواسّ في سوقها على إرادته ويهديها العقل الفائض عليها من الله سبحانه فقد وصفوه بأنّه ما ينظر به إلى الحقائق ويؤدّي إلى معرفة الله تعالى، ومن الأفعال إلى كلّ محبوب إلى الجملة ممدوح عند الكافّة.

هـ- في حال الأرواح وترددها بالتناسخ في العالم

هـ- في حال الأرواح وتردّدها بالتناسخ في العالم كما أنّ الشهادة بكلمة الإخلاص شعار إيمان المسلمين والتثليث علامة النصرانيّة والإسبات علامة اليهوديّة كذلك التناسخ علم النحلة الهنديّة فمن لم ينتحله لم يك منها ولم يعدّ من جملتها فإنّهم قالوا: إنّ النفس إذا لم تكن عاقلة لم تحط بالمطلوب إحاطة كلّيّة دفعة بلا زمان واحتاجت إلى تتّبع الجزئيّات واستقراء الممكنات وهي وإن كانت متناهية فلعددها المتناهي كثرة والإتيان على الكثرة مضطرّ الى مدّة ذات فسحة ولهذا لا يحصل العلم للنفس إلّا بمشاهدة الأشخاص والأنواع وما يتناوبها من الأفعال والأحوال حتّى يحصل لها في كل واحد تجربة وتستفيد بها جديد معرفة، ولكنّ الأفعال مختلفة بسبب القوى وليس العالم بمعطّل عن التدبير وإنّما هو مزموم وإلى غرض فيه مندوب فالأرواح الباقية تتردّد لذلك في الأبدان البالية بحسب افتنان الأفعال إلى الخير والشرّ ليكون التردّد في الثواب منبها على الخير فتحرص على الاستكثار منه وفي العقاب على الشرّ والمكروه فتبالغ في التباعد عنه ويصير التردّد من الأرذل إلى الأفضل دون عكسه لأنّه يحتمل كليهما ويقتضي اختلاف المراتب فيهما لاختلاف الأفاعيل بتباين الأمزجة ومقادير الازدواجات في الكمّيّة والكيفيّة، فهذا هو التناسخ إلى أن يحصل من كلتي جنبتي النفس والمادّة كمال الغرض أمّا من جهة السفل ففناء ما عند المادّة من الصورة إلّا الإعادة المرغوب عنها وأمّا من جهة العلوّ فذهاب شوق النفس بعلمها ما لم تعلم

واستيقانها شرف ذاتها وقوامها لا بغيرها واستغناءها عن المادّة بعد إحاطتها بخساستها وعدم البقاء في صورها والمحصول في محسوسها والخبر في ملاذّها فتعرض عنها وينحلّ الرباط وينقصم الاتّصال ويقع الفرقة والانفصال والعود إلى المعدن فائزة من سعادة العلم بمثل ما يأخذه السمسم من العدد والأنوار فلا يفارق دهنه بعد ذلك ويتحد العاقل والمعقول ويصير واحدا. وحقيق علينا أن نورد من كتبهم شيأ من صريح كلامهم في هذا الباب وما يشبهه من كلام غيرهم فيه، قال «باسديو» «لارجن» يحرضه على القتال وهما بين الصفّين: إن كنت بالقضاء السابق مؤمنا فاعلم أنّهم ليسوا ولا نحن معا بموتى ولا ذاهبين ذهابا لا رجوع معه فإنّ الأرواح غير مائتة ولا متغيّرة وإنّما تتردّد في الأبدان على تغاير الإنسان من الطفولة إلى الشباب والكهولة ثمّ الشيوخة التي عقباها موت البدن ثمّ العود، وقال له: كيف يذكر الموت والقتل من عرف أنّ النفس أبديّة الوجود لا عن ولادة ولا إلى تلف وعدم بل هي ثابتة قائمة لا سيف يقطعها ولا نار تحرقها ولا ماء يغصّها ولا ريح تيبّسها لكنّها تنتقل عن بدنها إذا عتق نحو آخر ليس كذلك كما يستبدل البدن اللباس إذا خلق فما غمّك لنفس لا تبيد ولو كانت بائدة فأحرى أن لا تغتمّ لمفقود لا يوجد ولا يعود فإن كنت تلمح البدن دونها وتجزع لفساده فكلّ مولود ميّت وكلّ ميّت عائد وليس لك من كلي الأمرين شيء إنّما همنا إلى الله الذي منه جميع الأمور وإليه تصير، ولمّا قال له «ارجن» في خلال كلامه: كيف حاربت براهم في كذا وهو متقدّم للعالم سابق للبشر وأنت الآن فيما بيننا منهم معلوم الميلاد والسنّ؟ إجابة وقال: أمّا قدم العهد فقد عمّني وإيّاك معه فكم مرّة حيينا معا قد عرفت أوقاتها وخفيت عليك وكلّما رمت المجيء للإصلاح لبست بدنا إذ لا وجه للكون مع الناس إلا بالتأنّس؛ وحكى عن ملك أنسيت اسمه أنّه رسم لقومه: أن يحرقوا جثّته بعد موته في موضع لم يحرق فيه ميّت قطّ، وإنّهم طلبوا موضعا كذلك فأعياهم حتى وجدوا صخرة من ماء البحر ناتية فظنّوا أنّهم ظفروا بالبغية، فقال لهم «باسديو» : إنّ هذا الملك أحرق على هذه الصخرة مرّات كثيرة فافعلوا ما تريدون

فإنه إنّما قصد إعلامكم وقد قضيت حاجته؛ وقال «باسديو» : فمن يأمل الخلاص ويجتهد في رفض الدنيا ثمّ لا يطاوعه قلبه على المبتغى إنّه يثاب على عمله في مجامع المثابين ولا ينال ما أراد من أجل نقصانه ولكنّه يعود إلى الدنيا فيؤهل لقالب من جنس مخصوص بالزهادة ويوفّقه الإلهام القدسيّ في القالب الآخر بالتدرّج إلى ما كان إرادته «1» في القالب الأوّل ويأخذ قلبه في مطاوعته ولا يزال يتصفّى في القوالب إلى أن ينال الخلاص على توالي التوالد، وقال باسديو: إذا تجرّدت النفس عن المادّة كانت عالمة فإذا تلبّست بها كانت بكدورتها جاهلة وظنّت أنّها الفاعلة وأنّ اعمال الدنيا معدّة لأجلها فتمسكت بها وانطبعت المحسوسات فيها فإذا فارقت البدن كانت آثار المحسوسات فيها باقية فلم تنفصل عنها بالتمام وحنّت إليها وعادت نحوها وقبولها التغايير المتضادّة في تلك الأحوال يلزمها لوازم القوى الثلاث الأوّلة فماذا تصنع إذا لم تعدّ وهي مقصوصة الجناح؟ وقال أيضا: أفضل الناس هو العالم الكامل لأنّه يحبّ الله ويحبّه الله وكم تكرّر عليه الموت والولادة وهو في مدد عمره مواظب على طلب الكمال حتى ناله وفي «بشن دهرم» قول «مار كنديو» عند ذكره الروحانيّين: إنّ كل واحد من «براهم» و «كارتكيو بن مهاديو» و «لكشمي» «2» مخرج الهناءة من البحر و «دكش» الذي ضربه «مهاديو» و «أماديو» امرأة مهاديو هم في وسط هذا «الكلپ» وكانوا كذلك مرارا كثيرة «3» وقال «برا «3» همهر» في: «أحكام المذنّبات» : وما يصيب الناس عند ظهورها من الدواهي الملجئة إلى الجلاء عن الديار ناحلين من الضنى مولولين من البلاء آخذين بأيدي الأطفال يسيرونهم متناجين إنّا أخذنا بذنوب ملوكنا ومتجاوبين بل هذا جزاء ما كسبناه في الدار الأولى قبل هذه الأبدان. وكان «ماني» نفي من «إيرانشهر» فدخل أرض الهند ونقل التناسخ منهم إلى نحلته، وقال في «سفر

الأسرار» : إن الحواريين لمّا علموا أنّ النفوس لا تموت وأنّها في الترديد منقلبة إلى شبه كل صورة هي لابسة لها ودابّة جبلت فيها ومثال كلّ صورة أفرغت في جوفها سألوا المسيح عن عاقبة النفوس التي لم تقبل الحقّ ولم تعرف أصل كونها فقال: أيّ نفس ضعيفة لم تقبل قرائنها من الحقّ فهي هالكة لا راحة لها، وعنى بهلاكها عذابها لا تلاشيها فإنّه قال ايضا: قد ظنّ «الديصانية» أنّ عروج نفس الحياة وتصفيتها هو في جيفة البشر ولم يعلموا عداوة الجيفة النفس ومنعها إيّاها عن العروج وأنّها لها حبس وعذاب مؤلم ولو كانت صورة البشر هذه حقّا لم يدعها خالقها أن تبلى وتحدث فيها المضرّة ولم يحوجها إلى التناسل بالنطف في الأرحام وأمّا في كتاب «باتنجل» فقد قيل: إنّ مثال النفس فيما بين علائق الجهل التي هي دواعي الرباط كالأرزّ «1» في ضمن قشرة فإنه ما دام معه كان معدا للنبات والاستحصاد متردّدا بين التولّد والايلاد فإذا أزيل القشر عنه انقطعت تلك الحوادث عنه «2» وصار له «2» البقاء على حاله، وأمّا المكافاة فوجودها في أجناس الموجودات التي يتردّد النفس فيها بمقدار العمر في الطول والقصر وبصورة النعمة في الضيق والسعة، قال السائل: كيف يكون حال الروح إذا حصلت بين الأجور والآثام ثم اشتبكت بجنس المواليد للإنعام أو الانتقام؟ قال المجيب: تردّد بحسب ما قدّمت واجترحت فيما بين راحة وشدّة وتصرّف بين ألم ولذّة، قال السائل: إذا اكتسب الإنسان ما يوجب المكافاة في قالب غير قالب الاكتساب فقد بعد العهد فيما بين الحالين ونسي الأمر؟ قال المجيب: العمل ملازم للروح لأنّه كسبها والجسد آلة لها ولا نسيان في الأشياء النفسانية فإنها خارجة عن الزمان الذي يقتضي القرب والبعد في المدّة والعمل بملازمته الروح يجبل خلقها وطباعها إلى مثل الحال التي

تنتقل إليها فالنفس بصفائها عالمة ذلك متذكّرة له غير ناسية وإنّما تغطّي نورها بكدورة البدن إذا اجتمعت معه على مثال الإنسان المتذكر شيئا عرفة ثم نسيه بجنون أصابه او علّة اعترته أو سكر ران على قلبه أما ترى الصبيان والأحداث يرتاحون للدعاء لهم بطول البقاء ويحزنون للدعاء عليهم بعاجل الفناء وماذا لهم وعليهم فيهما لولا أنّهم ذاقوا حلاوة الحياة وعرفوا مرارة الوفاة في مواضي الأدوار التي تناسخوا فيها لوجود المكافاة. وقد كان اليونانيّون موافقين الهند في هذا الاعتقاد، قال سقراط في كتاب «فاذن» ، نحن نذكر في أقاويل القدماء أنّ الانفس تصير من هاهنا إلى «ايذس» ثم تصير أيضا الى ما هاهنا وتكون الأحياء من الموتى والأشياء تكون من الأضداد فالذين ماتوا يكونون في الأحياء فأنفسنا في ايذس قائمة، ونفس كلّ إنسان تفرح وتحزن للشيء وترى ذلك الشيء لها، وهذا الانفعال يربطها بالجسد ويسمّرها به ويصيّرها جسديّة الصورة، والتي لا تكون نقيّة لا يمكنها ان تصير إلى ايذس بل تخرج من الجسد وهي مملوءة منه حتّى إنها تقع في جسد آخر سريعا فكأنّها تودع فيه تثبت ولذلك لا حظّ لها في الكينونة مع الجوهر الإلهي النقيّ الواحد، وقال: إذا كانت النفس قائمة فليس تعلّمنا غير تذكّر ما تعلّمنا في الزمان الماضي لأنّ انفسنا في موضع ما قبل ان تصير في هذه الصورة الإنسيّة، والناس إذا رأوا شيئا قد اعتادوا استعماله في الصبى أصابهم هذا الانفعال وتذكروا من الصنج مثلا الغلام الذي كان يضربه وكانوا نسوه فالنسيان ذهاب المعرفة والعلم تذكّر لما عرفته النفس قبل أن تصير إلى الجسد، وقال «بروقلس» : التذكّر والنسيان خاصّان بالنفس الناطقة وقد بان أنّها لم تزل موجودة فوجب أن تكون لم تزل عالمة وذاهلة أمّا عالمة فعند مفارقتها البدن وأمّا ذاهلة فعند مقاربتها البدن فإنّها في المفارقة تكون من حيّز العقل فلذلك تكون عالمة وفي المقاربة تنحطّ عنه فيعرض لها النسيان لغلبة ما بالقوّة عليها، وإلى هذا المعنى

ذهب من الصوفيّة من قال: إنّ الدنيا نفس نائمة والآخرة نفس يقظانة وهم يجيزون حلول الحقّ في «1» الأمكنة كالسماء والعرش والكرسي، منهم من يجيزه في جميع العالم والحيوان والشجر والجماد ويعبّر عن ذلك بالظهور الكلّي وإذ أجازوا ذلك فيه لم يك لحلول الارواح بالتردّد عندهم خطر.

و - في ذكر المجامع ومواضع الجزاء من الجنة وجهنم

و - في ذكر المجامع ومواضع الجزاء من الجنّة وجهنّم المجمع يسمّى «لوك» والعالم ينقسم قسمة أوّليّة إلى علوّ وسفل وواسطة فيسمّى العالم الأعلى «سفر لوك» وهو الجنّة والعالم الأسفل «ناكلوك» أي مجمع الحيّات وهو جهنّم ويسمّى أيضا «نزلوك» وربّما سمّوه «پاتال» أي أسفل الأرضين، وأمّا الأوسط الذي نحن فيه فيسمّى «مات «1» لوك» و «مانش لوك» أي مجمع الناس وهو للاكتساب والأعلى للثواب والأسفل للعقاب فيهما يستوفي جزاء العمل من استحقّهما مدّة مضروبة بحسب مدّة العمل والكون في كلّ واحد منهما للروح وحده مجرّدة عن البدن، وللقاصر عن السموّ إلى الجنّة أو الرسوب إلى جهنّم لوك آخر يسمّى «ترجكلوك» وهو النبات والحيوان غير الناطق يتردّد الروح في أشخاصها بالتناسخ إلى أن تنتقل إلى الإنس على تدريج من أدون مراتب النامية إلى عليا مراتب الحسّاسة، وكونها فيه على أحد وجهين إمّا لقصور مقدار المكافاة عن محلّى الثواب والعقاب وإمّا لرجوعها من جهنّم، فعندهم أنّ العائد إلى الدنيا متأنّس في أوّل حالته والعائد إليها من جهنّم متردّد في النبات والحيوان إلى أن يبلغ مرتبة الإنسان؛ وهم من جهة الأخبار يكثرون عدد جهنّمات وصفاتها وأساميها ويفردون لكل ذنب منها محلا، وقيل في «بشن پران» : إنّها ثمانية وثمانون ألفا

ونحكي منه ما ذكر فيه، قال: إنّ المدّعي بالكذب والشاهد بالزور والمعاون لهما والمستهزئ بالناس يصيرون إلى «رورو» من الجهنّمات، وسافك الدم بغير حقّ وغاصب حقوق الناس والمغير عليهم وقاتل البقر يصيرون إلى «روده» منها وإليه أيضا يصير الحنّاق، وقاتل البرهمن وسارق الذهب ومن صحبهم والأمراء الذين لا ينظرون لرعاياهم ومن يزني بأهل أستاذه أو يضاجع صهرته يصيرون إلى «سبّت كنب «1» » ، والذي يغضي على فاحشة زوجته طمعا والذي يزني بابنته أو زوجة ابنه أو يبيع ولده أو يبخل على نفسه بما يملك فلا ينفقه يصيرون إلى «مهاجال» ، والذي يردّ على أستاذه ولا يرضى به ويستخفّ بالناس والذي يأتي البهائم والذي يستهين ببيذ والپرانات أو يكتسب بها في الأسواق يصيرون إلى «شول» والسارق والمحتال والمخالف طريقة الناس المستقيمة والذي يبغض أباه ولا يحبّ الله والناس والذي لا يكرم الجواهر التي عزّزها الله ويسوى بينها وبين سائر الأحجار يصيرون إلى «كرمش» ، الذي لا يعظّم حقوق الآباء والأجداد ولا يوجب للملائكة والذي يعمل السهام والنصول يصيرون إلى «لارپكش» ، وصانع السيف والسكّين يصير إلى «بشسن» ، والذي يخفي ما يملك طمعا في صلات الولاة والبرهمن إذا باع لحما أو دهنا أو سمنا أو صبغا أو خمرا يصيرون إلى «أذومك» والذي يسمّن الدّجج والسنانير والأغنام والخنازير والطير يصير إلى ردهراند» ، أصحاب الملاعب ومنشدو الشعر في الأسواق وحافرو الآبار للاستقاء ومن يجامع امرأته في الأيّام المعظّمة والذي يرمي بيوت الناس بالنار والذي يغدر برفيقه فيقبله طمعا في ماله يذهبون إلى «رودر» ، والذي يشتار العسل يصير إلى «بيترن» ، وغاصب الأموال والنساء بسكر شبابه يصير إلى «كرشن» ، وقاطع الأشجار يصير إلى «أسپتربن» ، والصيّاد وعامل الفخاخ والحبائل يصير إلى «بهنجال» ، ومهمل الرسوم والسنن ومبطل الشرائع وهو شرّهم يصير إلى

«سندنشك» ؛ وإنّما عددنا هذا لنعرّف من الذنوب ما يكره عندهم من الأفعال، ومنهم من يرى الواسطة التي للاكتساب هي الإنسانيّة والتردّد فيها بالمكافاة القاصرة عن الثواب والعقاب ثمّ يرى الجنّة عالية عليها للنعيم المستوجب مدّة على حسن الصنيعة، والتردّد في النبات والحيوان سافلا عنها للعذاب والعقاب المستأهل مدّة على سوء الصنيعة ولا يرى جهنّم إلّا هذا الانحطاط عن البشريّة؛ وهذه كلّها من أجل أنّ طلب الخلاص من الرباط ربّما لم يكن على طريقه المستقيم المؤدّي إلى العلم اليقين بل على طرق مظنونة وبالتقليد مأخوذة، ولن يضيع عمل عامل هو خاتمة أعماله بعد الموازنة بين نوعي الاكتساب ولكنّ الجزاء يكون بحسب المقصود فينا له على مراتب إمّا في قالبه الذي هو فيه وإمّا في الذي ينتقل إليه وإمّا بعد خروجه عن قالبه وقبل أن يحصل في غيره، وهذا موضع انقلابهم عن البحث النظري إلى الخبر الملّىّ من أمر معدني الثواب والعقاب والكون فيهما غير متجسّم ببدن والعود بعد استيفاء أجر العمل إلى التجسّد والتأنّس ليستعدّ لما هو له، ولهذا لم يعدّ صاحب كتاب «سانك» ثواب الجنّة خيرا بسبب الانقضاء وعدم التأبّد وبسبب مشابهة الحال فيها حال الدنيا من التنافس والتحاسد لأجل تفاضل الدرجات والمراتب فإنّ الغلّ والحسرة لا يزول إلّا بالتساوي، والصوفيّة لا يعدّونها خيرا من جهة اخرى وهي التلهّي بغير الحقّ والاشتغال عن الخير المحض بما سواه. وقد قلنا: إنّهم يرون الروح في هذين المحلّين مجرّدة عن الجسميّة؛ لكنّ هذا رأي خاصّتهم الذين يتصوّرون النفس قائمة الذات وأمّا من ينحطّ عن رتبتهم ولا يكاد يتصوّر قوامها بغير جسد فإنّهم يرون في ذلك آراء مختلفة، فمنها أنّ سبب النزع هو انتظار الروح قالبا معدّا فلا تفارق البدن إلّا بعد وجود متعلّق يشبه فعله وكسبه ممّا أعدتّه الطبيعة جنينا في الأرحام أو بزرا نابتا في بطن الأرض فحينئذ تترك البدن الذي هي فيه، ومنهم من يقول من جهة الأخبار إنها ليست تنتظر ذلك وإنّما تفارق قالبها لرقّته وقد هيّئ لها من العناصر بدن يسمّى «آت باهك» وتفسيره «الكائن بسرعة، لأنّه لا يحصل على وجه الولاد فيكون فيه سنة

جرداء في أشدّ شدّة سواء كان مثابا أو كان معاقبا فهو كالبرزخ بين الكسب وبين نيل الأجر، ولذلك يقيم وارث الميّت عندهم رسوم السنة على الميّت ولا تنقضي إلّا بانقضائها لأنّ الروح تذهب حينئذ إلى المحلّ المعدّ لها؛ ونحن نذكر هاهنا أيضا من كتبهم ما يصرّح بهذه المعاني، ففي «بشن پران» : إنّ «ميتري» سأل «پراشر» عن الغرض في جهنّم والعقاب به؟ فأجابه بأنّ ذلك لتمييز الخير من الشرّ والعلم من الجهل وإظهار العدل، وما كلّ مذنب يدخل جهنّم فإنّ منهم من ينجو بتقديم التوبة والكفّارات وعظماها التزام ذكر «بشن» في كلّ عمل، ومنهم من يتردّد في النبات وخشاش الطير ومرذول الهوامّ وقذرها «1» من القمل والدود إلى مدّة الاستحقاق؛ وفي كتاب «سانك» : أمّا من استحقّ الاعتلاء والثواب فإنّه يصير كأحد الملائكة مخالطا للمجامع الروحانيّة غير محجوب عن التصرّف في السماوات والكون مع أهلها أو كأحد أجناس الروحانيّين الثمانية، وأمّا من استحقّ السفول بالأوزار والآثام فإنّه يصير حيوانا أو نباتا ويتردّد إلى أن يستحقّ ثوابا فينجو من الشدّة أو يعقل ذاته فيخلّي مركبه ويتخلّص وقال بعض من مال إلى التناسخ من المتكلّمين: إنّه على أربع مراتب هي النسخ وهو التوالد بين الناس لأنّه ينسخ من شخص إلى آخر، وضدّه المسخ ويخصّ الناس بأن يمسخوا «2» قردة وخنازير وفيلة، والرسخ كالنبات وهو أشدّ من النسخ لأنّه يرسخ ويبقى على الأيّام ويدوم كالجبال؛ وضدّه الفسخ وهو للنبات المقطوف «3» والمذبوحات لأنّها تتلاشى ولا تعقب؛ وذهب أبو يعقوب السجزي الملقّب «4» في كتاب له وسمّاه بكشف المحجوب إلى أنّ الأنواع محفوظة وأنّ التناسخ في كل واحد منها غير متعدّ إلى نوع آخر؛ وقد كان هذا رأي اليونانيّين فإنّ يحيى النحوي يحكي عن أفلاطن

أنّه كان يرى أنّ الأنفس الناطقة تصير إلى لباس أجساد البهائم، وأنّه أتبع في ذلك خرافات فيثاغورس؛ وقال سقراط في كتاب «فاذن» : الجسد أرضيّ ثقيل رزين والنفس التي تحبّه تنقل وتتجذّب إلى المكان الذي تنظر إليه لجزعها ممّا لا صورة له ومن «ايذس» مجمع الأنفس فتتلوّث وتدور حول المقابر ومواضع الدفن فقد أريت فيه أنفس ما قد تخايلت بصورة الظلّ والخيال من الأنفس التي لم تفارق مفارقة نقيّة بل فيها جزوء من المنظور إليه، ثم قال يشبه ألّا تكون هذه أنفس الأخيار بل أنفس أهل الشرّة فتتحيّر في هذه الأشياء نقمة تنتقم منها لرداءة غذائها الأوّل ولا تزال كذلك حتى تربط أيضا في جسد بشهوة الصورة الجسميّة التي تبعتها ويكون رباطها في أبدان أخلاقها كالأخلاق التي كانت لها في العالم مثل من ليس له غير الأكل والشرب فيدخل في أجناس الحمير والسباع، والذي قدّم الظلم والتغلّب ففي أجناس الذئاب والبزاة والحدآن «1» ، وقال في المجامع: لو لم أرني صائرا أوّلا إلى آلهة حكماء سادة أخيار ثمّ من بعد إلى ناس ماتوا خير ممّن هاهنا لكان تركي الحزن على الموت ظلما، وقال في محلّى المثوبة والعقوبة: إنّ الإنسان إذا مات ذهب به «ذامون» وهو من الزبانية إلى مجمع القضاء ويحمله مع المجتمعين فيه قائد مأمور إلى «ايذس» حتى إذا أقام فيه ما ينبغي من الزمان أدوارا كثيرة وطويلة، وقد قال «طيلافوس «2» » : إنّ طريق «ايذس» مبسوطة، قال وأنا أقول لو كانت مبسوطة أو واحدة لا ستغنى القائد فيها، فأمّا النفس التي تشتهي الجسد أو كان عملها سيّئا غير عدل ومتشبّهة بالأنفس القاتلة هربت من هناك وتحيّزت في كلّ نوع إلى أن يمرّ عليها أزمنة فيؤتى بها ضرورة إلى المسكن الذي يشبهها، وأمّا الطاهرة فإنّها تصادف مرافقين وقوّادا آلهة وسكن الموضع الذي ينبغي، وقال: من كان من الموتى متوسّط السيرة فإنّهم يركبون على مراكب معدّة

لهم في «اخارون» فإذا انتقم منهم ونقوا من الظلم اغتسلوا وقبلوا كرامات ما أحسنوا من الصنيع بقدر الاستئهال، وأمّا الذين ارتكبوا الكبائر مثل السرقة من قرابين الآلهة أو غصب الأموال العظيمة أو القتل بظلم وتعمّد مرارا على خلاف النواميس فإنّهم يلقون في طرطارس «1» » ولا يخرجون منه أبدا، وأمّا الذين ندموا على ذنوبهم مدّة عمرهم وقصرت آثامهم عن تلك الدرجة وكانت كالارتكاب من الوالدين وقهرهما بالغضب وقتل خطأ فإنّهم يلقون في طرطارس «1» سنة كاملة يتعذّبون، ثمّ يلقيهم الموج إلى موضع ينادون منه خصومهم يسئلونهم الاقتصار منهم على القصاص لينجوا من الشرور فإن رضوا عنهم وإلّا أعيدوا إلى طرطارس «1» ولم يزل ذلك دأبهم في العذاب إلى أن يرضى خصومهم عنهم، والذين كانت سيرتهم فاضلة يتخلّصون من هذه المواضع من هذه الأرض ويستريحون من المحابس ويسكنون الأرض النقيّة، وطرطارس «2» شقّ كبير وهويّة يسيل إليها الأنهار، وكلّ إنسان يعبّر عن عقوبة الآخرة بأهول ما هو معروف عند قومه، وناحية المغرب مأوفة بالخسوف والطوافين، على أنّه يصفه بما يدلّ على التهاب النيران فيه وكأنّه يعني به البحر أو قاموسا فيه «دردور» ولا شك أنّ هذه عبارات أهل ذلك الزمان عن عقائدهم.

ز- في كيفية الخلاص من الدنيا وصفة الطريق المؤدي إليه

ز- في كيفيّة الخلاص من الدنيا وصفة الطريق المؤدّي إليه إذا كانت النفس مرتبطة في العالم ولرباطها سبب فإنّ خلاصها من الوثاق يكون بضدّ ذلك السبب لكنّا حكينا مذهبهم في أنّ سبب الوثاق هو الجهل فخلاصها إذن بالعلم إذا أحاطت بالأشياء إحاطة تحديد كلّيّ مميّز مغن عن الاستقراء ناف للشكوك لأنّها إذا فصلّت الموجودات بالحدود عقلت ذاتها وما لها من شرف الديمومة وللمادّة من خسّة التغيّر والفناء في الصور فاستغنت عنها وتحقّقت أنّ ما كانت تظنّه خيرا ولذّة هو شرّ وشدّة فحصلت على حقيقة المعرفة وأعرضت عن تلبّس المادّة فانقطع الفعل وتخلّصتا «1» بالمباينة؛ قال صاحب كتاب «پاتنجل» : إفراد الفكرة في وحدانيّة الله يشغل المرء بالشعور بشيء غير ما اشتغل به ومن أراد الله أراد الخير لكافّة الخلق من غير استثناء واحد بسبب، ومن اشتغل بنفسه عمّا سواها لم يصنع لها نفسا مجذوبا ولا مرسلا، ومن بلغ هذه الغاية غلبت قوّته النفسية على قوّته البدنية فمنح الاقتدار على ثمانية أشياء بحصولها يقع الاستغناء، فمحال ان يستغني أحد عمّا يعجزه، واحد تلك الثمانية التمكّن من تلطيف البدن حتى يخفى عن الأعين والثاني التمكن من تخفيفه حتّى يستوي عنده وطئ الشوك والوحل والتراب والثالث التمكّن من تعظيمه حتّى يريه في صورة

هائلة عجيبة والرابع التمكّن من الإرادات والخامس التمكّن من علم ما يروم والسادس التمكّن من الترؤس على أيّة فرقة طلب والسابع خضوع المرؤوسين وطاعتهم والثامن انطواء المسافات بينه وبين المقاصد الشاسعة وإلى مثل هذا إشارات الصوفيّة في العارف إذا وصل إلى مقام المعرفة فإنّهم يزعمون أنّه يحصل له روحان، قديمة لا يجري عليها تغيّر واختلاف بها يعلم الغيب ويفعل المعجز، وأخرى بشريّة للتغيّر والتكوين؛ ولا يبعد عن مثله أقاويل النصارى: قالت الهند: فإذا قدر على ذلك استغنى عنه وتدرّج إلى المطلوب في مراتب، أولاها معرفة الأشياء اسما وصفة وتفاصيل غير معطية للحدود والثانية تجاوز ذلك إلى الحدود الجاعلة جزئيّات الأشياء كلّيّة إلا إنّه لا تخلو فيها من التفصيل والثالثة زوال ذلك التفصيل والإحاطة بها متّحدة ولكن تحت الزمان والرابعة تجرّدها عنده عن الزمان واستغناؤه فيها عن الأسماء والألقاب التي هي آلات الضرورة، وفيها يتحد العقل والعاقل بالمعقول حتى تكون شيئا واحدا، فهذا ما قال «پاتنجل» في العلم المخلص للنفس ويسمّون خلاصها بالهنديّة «موكش» أي العاقبة، وبه يسمّون أيضا تمام الأنجلاء في الكسوفين لأنّه عاقبة الكسوف ووقوع المباينة بين المتشبّثين؛ وعندهم أنّ المشاعر والحواسّ جعلت للمعرفة وجعلت اللذّة فيها باعثة على البحث كما جعلت لذّة الأكل والشرب في الذوق لتبقية الشخص بالغذاء ولذّة الباءة لتبقية النوع بالإيلاد فلولا الشهوة لما فعلهما الحيوان أو الانسان لهذين الغرضين؛ وفي كتاب «كيتا» : إنّ الإنسان مخلوق ليعلم ولاستواء العلم أعطي الآلات بالسويّة، ولو كان مخلوقا ليعمل لتفاوتت الآلات كاختلاف الأعمال باختلاف القوى الثلاث الأول، لكنّ الطباع الجسداني يسرع إلى العمل لما فيه من مضادّة العلم فيروم ستره بملاذّ هي بالحقيقة آلام والعلم هو الذي يترك هذا الطباع منجدلا ويجلّي النفس من الظلام جلاء الشمس من الكسوف او الغمام؛ وهذا مثل قول سقراط: إنّ النفس إذا كانت مع الجسد وأرادت ان تفحص عن

شيء خدعت حينئذ منه «1» وبالفكرة يستبين لها شيء من الهويّات ففكرتها في الوقت الذي لا يؤذيها فيه شيء من سمع أو بصر أو وجع أو لذة ما إذا صارت بذاتها وتركت الجسد ومشاركته بقدر الطاقة، فنفس الفيلسوف خاصّة هي التي تتهاون بالبدن وتريد مفارقته، فلو أنّا في حياتنا هذه لم نستعمل الجسد ولم نشاركه إلّا عن ضرورة ولم نقتبس طبيعته بل تبرأنا منه لقاربنا المعرفة بالاستراحة من جهله ولصرنا أطهارا لعلمنا بذواتنا إلى أن يطلقنا الله، وخليق أن يكون هذا هو الحقّ، ثمّ نعود نحن إلى سياقة الكلام فنقول: كذلك سائر المشاعر هي للمعرفة ويلتذّ العارف بتصريفها في المعارف حتى تكون جواسيسه، والشعور بالأشياء مختلف الأوقات، فالحواس التي تخدم القلب تدرك الشيء الحاضر فقط، والقلب يتفكّر في الحاضر ويتذكّر الماضي، والطبيعة تستولي على الحاضر وتدّعيه لنفسها في الماضي وتستعدّ لمغالبته في المستأنف، والعقل يعرف مائيّة الشيء غير متعلّق بوقت وزمان ويستوى عنده الغابر والمستقبل، وأقرب أعوانه إليه الفكرة والطبيعة وأبعدها الحواسّ الخمس، فمتى ما اوصلت إلى الفكرة شيئا من المعارف جزئيّا هذّبته من الأغلوطات الحسّية وسلّمته إلى العقل فجعله كلّيّا وأوقف النفس عليه فصارت به عالمة؛ وعندهم أنّ العلم يحصل للعالم على أحد ثلاثة أوجه، أحدها بإلهام وبلا زمان بل مع الولادة والمهد مثل «كپل» الحكيم فإنّه ولد مع العلم والحكمة والثاني بالهام بعد زمان كأولاد «براهم» فإنّهم ألهموا لمّا بلغوا أشدّهم والثالث بتعلّم وبعد زمان كسائر الناس الذين يتعلّمون إذا أدركوا؛ والوصول الى الخلاص بالعلم لا يكون إلّا بالاتّزاع عن الشرّ، ففروعه على كثرتها راجعة إلى الطمع، والغضب ولجهل وبقطع الأصول تذبل الفروع، ومدار ذلك على إمامة قوّتي الشهوة والغضب اللّتين هما أعدى عدوّ وأوتغه للإنسان تغرّانه باللذّة في المطاعم والراحة في الانتقام وهما بالتأدية إلى الآلام والآثام أولى وبهما يشابه

الإنسان السباع والبهائم بل الشياطين والأبالسة، وعلى إيثار القوة النطقيّة العقلية التي بها يشابه الملائكة المقرّبين، وعلي الإعراض عن أعمال الدنيا وليس يقدر على تركها إلّا برفض أسبابها من الحرص والغلبة وبذلك تنخزل القوّة الثانية من الثلاث الاول، إلّا أنّ ترك العمل يكون على وجهين، أحدهما بالكسل والتأخير والجهل على موجب القوّة الثالثة وليس هذا بالمطلوب فإنّه مذموم المغبّة والثاني بالاختيار والتبصرة وإيثار الأفضل للخيرورة وهو المحمود العاقبة، وترك الأعمال لا يتمّ إلّا بالعزلة والانفراد عن الشاغلات ليتمكّن من قبض الحواسّ عن المحسوسات الخارجة حتى لا يعرف أنّ وراءه شيء وتسكين الحركات والتنفّس، فقد علم أنّ الحريص ساع والساعي تعب والتعب ضابح فالضبح إذن نتيجة الحرص وبانقطاعه يصير التنفّس على مثال تنفّس المستغني عن الهواء في قرار الماء وحينئذ يستقرّ القلب على شيء واحد وهو طلب الخلاص والخلوص إلى الوحدة المحضة؛ وفي كتاب «كيتا» : كيف ينال الخلاص من بدّد قلبه ولم يفرده لله ولم يخلص عمله لوجهه؟ ومن صرف فكرته عن الأشياء إلى الواحد ثبت نور قلبه كثبات نور السراج الصافي الدهن في كنّ لا يزعزعه فيه ريح وشغله ذلك عن الإحساس بمؤلم من حرّ أو برد لعلمه أنّ ما سوى الواحد الحقّ خيال باطل؛ وفيه أيضا: إنّ الألم واللذّة لا يؤثران في العالم الحقيقي كما لا يؤثر دوام انصباب الأنهار إلى البحر في مائه، وهل يقدر على تسنّم هذه الثنيّة إلّا من قم؟؟؟ الشهوة والغضب وأبطلهما؟ ولأجل هذا الذي ذكر يجب ان تتّصل الفكرة اتّصالا يزول عنها العدد لأنّ العدد يقع على المرّات والمرّات لا تكون إلّا بسهو يتخلّلها فيفصل ما بينها ويمنع عن اتّحاد الفكرة بالمتفكّر فيه، وليست هذه هي الغاية المطلوبة إنّما هي اتّصال الفكرة وإليها يتدرّج إمّا في القالب الواحد وإمّا في القوالب بالتزام السيرة الفاضلة وتعويد النفس فيها حتّى تصير لها طبيعة وصفة ذاتيّة، والسيرة الفاضلة هي التي يفرضها الدين، وأصوله بعد كثرة الفروع عندهم راجعة إلى جوامع عدة هي أن لا يقتل ولا يكذب ولا يسرق ولا يزني ولا يدّخر ثم يلزم القدس

والطهارة ويديم الصوم والتقشّف ويعتصم بعبادة الله تسبيحا وتمجيدا ويديم إخطار «اوم» التي هي كلمة التكوين والخلق على قلبه دون التكلّم به، وذلك أنّ ترك الإماتة في الحيوان هو نوع جنسه الكفّ عن الإيذاء والإضرار، ويدخل فيه اغتصاب ما للغير والكذب بعد ما فيه من القبح والنذالة، وفي ترك الادّخار نفض التعب والأمان من طالب الفضلة وحصول الراحة من ذلّ الرّقّ بعزّ الحرّيّة، وفي لزوم الطهارة وقوف على قذر البدن وداعية إلى بغضه وحبّ النفس الطاهرة، وفي تعذيب النفس بالتقشّف تلطيفه وتسكين شرّته وتذكية حواسّه، كما قال «فيثاغورس» لرجل ذي عناية بإخضاب بدنه وإنالته الشهوات: إنك غير مقصّر في تشييد محبسك وتقوية رباطك وإيثاقه، وفي الاعتصام بذكر الله تعالى والملائكة تألّف معهم ففي كتاب «سانك» : إنّ كلّ شيء يظنّه الإنسان غاية له فإنّه لا يتعدّاه، وفي كتاب «كيتا» : كلّ ما أدام الإنسان التفكّر فيه والتذكّر له فمنطبع فيه حتى أنّه يهدى به من غير قصد ولأنّ وقت الموت هو وقت التذكّر لما يحبّه فإذا فارق الروح البدن اتّحد بذلك الشيء واستحال إليه، وكلّ ما له ذهاب وعود فالاتّحاد به ليس بالخلاص الخالص، على أنه قيل في هذا الكتاب: إنّ من عرف عند موته أنّ الله هو كلّ شيء ومنه كلّ شيء فإنّه متخلّص وإن قصرت رتبته عن رتب الصدّيقين، وفيه أيضا: اطلب النجاة من الدنيا بترك التعلّق بجهالاتها وإخلاص النّية في الأعمال وقرابين النار لله من غير طمع في جزاء ومكافاة واعتزال الناس الّذي حقيقته أن لا تفضل واحدا لصداقة على آخر لعداوة وتخالف الغفلة في النوم وقت انتباههم والانتباه وقت رقادهم فإنّه عزلة عنهم على شهادة «1» معهم، ثم حفظ النفس عن النفس فإنّها العدوّ إذا اشتهت ونعم الولي إذا عفّت، وقد قال سقراط عند قلّة اكتراثه بالقتل وفرحه بالوصال إلى ربّه: ينبغي ان لا تنحطّ رتبتي عند أحدكم عن رتبة «قوقنس» «2» الّذي يقال إنّه طائر «آبلون الشمس» وإنّه يعلم الغيب لذلك وإنّه إذا

أحسّ بموته أكثر الإلحان طربا وسرورا بالمصير إلى مخدومه ولا أقلّ من أن يكون فرحي كفرح هذا الطائر بوصولي الى معبودي، ولهذا قالت الصوفيّة في تحديد العشق: إنّه الاشتغال بالخلق عن الحقّ، وفي كتاب «پاتنجل» : نقسم طريق الخلاص إلى أقسام ثلاثة، أحدها العملي بالتعويد ومداراة على قبض الحواسّ من خارج الى داخل حتى لا تشتغل إلّا بك، وقد اطلق لمن رام هذا الكفاف، ففي كتاب «بشن دهرم» : إنّ «پريكش» الملك الّذي من نسل «پرك» سأل «شتانيك» رئيس جماعة من الحكماء حضروه عن معنى من المعاني الإلهيّة؟ فأجابه بأنّه لا يقول فيه إلّا ما سمعه من «شونك» وهو عن «اوشن» وهو عن «براهم» : إنّ الله هو الّذي لا أوّل له ولا آخر لم يتولّد عن شيء ولم يولد شيئا إلّا ما لا يمكن ان يقال إنّه هو لا يمكن ان يقال إنّه غيره، وأنّى يكون لي طاقة بذكر من الخير المحض في رضاءه والشرّ المحض في سخطه؟ وهل يمكن إدراك معرفته حتى يعبد حقّ عبادته إلّا بالاشتغال به عن الدنيا بالكلّيّة وإدامة الفكرة فيه؟ فقيل له: إنّ الإنسان ضعيف وعمره نزر طفيف ولا تكاد نفسه تطاوعه على ترك الضروريّات في معاشه فيمنعه ذلك عن طريق الخلاص فلو كان في الزمان الأوّل حين امتدّت الأعمار إلى آلاف السنين وطابت الدنيا بعدم الشرور لكان يؤمّل عمل الواجب فأمّا في آخر الزمان فمادا تراه له في الدنيا الدائرة حتى يتمكّن من عبور البحر وينجو من الغرق؟ قال براهم: لا بدّ للإنسان من الغذاء والكنّ واللباس فلا بأس به فيها ولكّن الراحة ليست إلّا في ترك ما عداها من الفضول ومتاعب الأعمال فاعبدوا الله خالصا واسجدوا له وتقرّبوا إليه في موضع العبادة بالتحف من الطيب والزهر وسبّحوه وألزموه قلوبكم حتى لا تزايله وتصدّقوا على البراهمة وغيرهم وانذروا إليه النذور الخاصّة كترك اللحم والعامّة كالصوم، والحيوانات له فلا تميّزوها عنكم فتقتلوها واعلموا أنّه كلّ شيء فما تعملونه فليكن لأجله وإن تنعّمتم بشيء «1» من زخارف الدنيا فلا تنسوه في النيّة وإنّ غرضكم فيه التقوى والاقتدار

على عبادته فبهذا تنالون الخلاص دون غيره، وقد قيل في «كيتا» : من أمات شهوته لم يتجاوز الحاجات الاضطراريّة ومن لزم الكفاف لم يختز ولم يسترذل، وقيل فيه أيضا: إن كان الإنسان غير مستغن عمّا تضطرّ الطبيعة إليه من مطعوم يسكّن نائرة المسغبة ونوم يزيل عادية الحركات المتعبة ومجلس يهدأ فيه فمن شريطته النظافة والوثارة والتوسّط في الارتفاع عن وجه الأرض والكفاية من انبساط البدن عليه وموضع معتدل المزاج غير مؤذ ببرد أو وهج مأمون فيه اقتراب الهوامّ فإن ذلك معين على تحديد القلب لإدامة الفكرة في الوحدانيّة لأنّ ما عدا الضروريّات في المأكول والملبوس ملاذّ وهي شدائد مستورة والاسترواح إليها منقطع وإلى أشقّ مشقّة مستحيل وما اللّذة إلّا لمن أمات العدوّين اللذين لا يطاقان أعني الشهوة والغضب في حياته دون مماته واستراح من داخله دون خارجه فاستغنى عن حواسّه، وقال «باسديو، لأرجن» : إنّ كنت تريد الخير المحض فاحرس أبواب بدنك التسعة واعرف الوالج فيها والخارج واحبس فؤادك عن نشر أفكاره وسكّن النفس بتذكّر كوّة اليافوخ التي انسدّت واشتدّت بعد لينها فلم يحتج اليها ولا تر الإحساس إلّا طباعا في آلات الحواسّ حتى لا تتبعه، والقسم الثاني الغفليّ بمعرفة سوءة الموجودات المتغيّرة والصور الفانية حتى ينفر القلب عنها وينقطع الطمع دونها ويحصل الاعتلاء على القوى الثلاث الأول التي هي سبب الأعمال واختلافها، وذلك أنّ المحيط بأحوال الدنيا يعلم أنّ خيرها شرّ وراحتها مستحيلة في المكافاة إلى شدة فيعرض عمّا يؤكّد الارتباك ويولد المقام، وفي كتاب «كيتا» : إنّ الناس قد ضلّوا في الأوامر والنواهي ولم يهتدوا لتمييز الخير من الشرّ في الأعمال فتركها والتخلّي عنها هو العمل، وفيه أيضا: إنّ طهارة العلم تفوق طهارة سائر الأشياء لأنّ بالعلم استئصال الجهل واستبدال اليقين بالشكّ الذي هو مادّة العذاب فلا راحة لشاكّ؛ ومعلوم من ذلك أنّ القسم الأوّل آلة للقسم الثاني ثم القسم الثالث أولى أن يكون آلة لكليهما وهو العبادة ليوفّق الله لنيل الخلاص ويؤهّل لقالب ينال فيه التدرّج إلى السعادة، وقد قسم العبادة صاحب كيتا على

البدن والصوت والقلب، فعلى البدن الصوم والصلاة وموجبات الشريعة وخدمة الملائكة وعلماء البراهمة وتنظيف البدن والتبرّؤ من القتل أصلا ومن ملاحظة ما للغير من النساء وغيرهنّ، وعلى الصوت القراءة والتسبيح ولزوم الصدق وملاينة الناس وإرشادهم وأمرهم بالمعروف، وعلى القلب تقويم النيّة وترك التعظّم ولزوم التأنّي وجمع الحواسّ مع انشراح الصدر، ثمّ اتّبعها بقسم رابع خرافيّ ويسمّى «رساين» وهي تدابير بأدوية تجري مجرى الكيمياء في تحصيل الممتنعات بها، وسيجيء لها ذكر وليس لها بهذا «1» الفنّ اتّصال إلّا من جهة العزيمة وتصحيح النيّة بالتصديق لها والسعي في تحصيلها. وإنّما ذهبوا في الخلاص إلى الاتّحاد لأنّ الله مستغن عن تأميل مكافاة أو خشية مناواة، بريء عن الأفكار لتعاليه عن الأضداد المكروهة والأنداد المحبوبة، عالم بذاته لا بعلم طاريء لما لم يكن له بمعلوم في حال ما، وهذا أيضا صفة المتخلّص عندهم فلا ينفصل عنه فيها إلّا بالمبدإ فإنه لم يكن في الأزل المتقدّم كذلك من أجل أنّه كان قبله في محلّ الارتباك عالما بالمعلوم وعلمه كالخيال مكتسب بالاجتهاد ومعلومه في ضمان الستر، وأمّا في محلّ الخلاص فالستور مرفوعة والأغطية مكشوفة والموانع مقطوعة والذات عالمة غير حريصة على تعرّف شيء خفي منفصلة عن المحسوسات الداثرة متّحدة بالمعقولات الدائمة، ولذلك سأل السائل في خاتمة كتاب «پاتنجل» عن كيفيّة الخلاص؟ فقال المجيب: إن شئت فقل هو تعطّل القوى الثلاث وعودها إلى المعدن الذي صدرت عنه، وإن شئت فقل هو رجوع النفس عالمة إلى طباعها؛ وقد اختلف الرجلان فيمن حصلت له رتبة الخلاص، فسأل الناسك في كتاب «سانك» لم لا يكون الموت عند انقطاع الفعل؟ قال الحكيم: من أجل أنّ الموجب للانفصال حالة نفسانيّة والروح بعد في البدن ولا يفرّق بينهما إلّا حال طبيعيّ مفرّق للالتئام وربّما بقي التأثير بعد زوال المؤثر مدّة يفتر فيها ويتراجع إلى

أن يفني مثل الحرّار الذي يدير دوّارته بخشبة حتى يحتدّ دورانها ثمّ يتركها وليست تسكن مع إزالة الخشبة المديرة عنها وإنّما يفتر «1» حركتها قليلا قليلا إلى أنّ تبطل فكذلك البدن بعد ارتفاع الفعل يبقى فيه الأثر حتى ينصرف في الشدّة والراحة إلى انقطاع القوّة الطبيعية وفناء الأثر المتقدّم فيكون كمال الخلاص عند انجدال البدن، وأمّا في كتاب «پاتنجل» فالذي يشهد لمثل ما تقدّم قوله فيمن قبض حواسّه ومشاعره قبض السلحفاة اعضاءها عند الخوف: إنّه ليس بموثوق لأنّه حلّ الرباط ولا متخلّص لأنّ بدنه معه، والذي يخالفه من كلامه قوله: إنّ الأبدان شباك الأرواح لاستيفاء المكافاة والمنتهي الى درجة الخلاص. قد استوفاها في قالبه على ماضي الفعل ثمّ تعطّل عن الاكتساب للمستأنف فانحلّ عن الشبكة واستغنى عن القالب وتقلقل فيه غير مشتبك فهو قادر على الانتقال الى حيث أحبّ ومتى اراد لأعلى وجه الموت فإنّ الأجسام الكثيفة المتماسكة غير ممانعة لقالبه فكيف جسده لروحه؛ وإلى قريب من هذا يذهب الصوفيّة فقد حكى في كتبهم عن بعضهم: إنّه وردت علينا طائفة من الصوفيّة وجلسوا بالبعد عنّا وقام أحدهم يصلّي فلمّا فرغ التفت وقال لي يا شيخ تعرف هاهنا موضعا يصلح لأن نموت فيه؟ فظننت أنّه يريد النوم فأومأت إلى موضع وذهب وطرح نفسه على قفاه وسكن فقمت إليه وحرّكته وإذا أنّه قد برد، وقالوا في قول الله تعالى «إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ» «2» : إنّه إن شاء طويت له وإن شاء مشى على الماء والهواء يقاومانه «3» فيه ولا تقاومه الجبال في القصد. وأمّا من تخلّف عن رتبة الخلاص مع اجتهاده فتختلف درجاتهم، وقيل في «سانك» : إنّ المقبل على الدنيا مع حسن السيرة الجواد بما يملك منها مكافى في الدنيا بنيل الأمانّي والإرادة والتردّد فيها على السعادة مغبوطا في البدن والنفس

والحال فإنّ حقيقة الدولة أنّها مكافاة على الأعمال السابقة في ذلك القالب او غيره، والزاهد في الدنيا من غير علم يفوز بالاعتلاء والثواب ولا يتخلّص لعوز الآلة، والقانع المستغني إذا اقتدر على الثمانية الحال المذكورة واغترّ بها وتنجّح وظنّها الخلاص بقي عندها، وضرب مثل «1» للمتفاضلين في درجات المعرفة برجل غلّس مع تلاميذه في حاجة فاعترض لهم في الطريق شخص منتصب حجز ظلام الليل عن معرفة حقيقته فالتفت الرجل إلى تلاميذه وسألهم عنه واحدا بعد آخر، فقال الأوّل: لا أدري ما هو وقال الثاني: لا أدريه ولا قدرة لي على درايته، وقال الثالث: لا فائدة في معرفته فإنّ طلوع النهار يبديه فإن كان مخفيا انصرف بالاصباح وإن كان غيره اتّضح لنا أمره، فجميع الثلاثة قاصرون عن المعرفة، أوّلهم بالجهل والثاني بالعجز وآفة في الآلة والثالث بالتراخي والرضاء بالجهل وأمّا الرابع فلم يجد جوابا قبل التّثبّت فقصده وحين قاربه رأى يقطينا عليه ملتفّ «2» فعلم أنّ الانسان الحيّ المختار لا يبقى في موضعه قائما إلى أن يحصل عليه ذلك الالتفات وتحقّق أنّه موات منصوب، ثم لم يأمن أن يكون مخبئا لمزبلة شيء فدنا منه وركله برجله حتى سقط وزالت الشبهة في أمره وعاد إلى أستاذه بالخبر اليقين وقد فاز من يديه «3» بالمعرفة. وأمّا مشابه كلام اليونانيّين لهذه المعاني فإنّ «امّونيوس» حكى عن فيثاغورس قوله: ليكن حرصكم واجتهادكم في هذا العالم على الاتّصال بالعلّة الأولى التي هي علّة علّتكم ليكون بقاؤكم دائما وتنجون من الفساد والدثور، وتصيرون إلى عالم الحسّ الحقّ والسرور الحقّ والعزّ الحقّ في سرور ولذّات غير منقطعة، وقال فيثاغورس: كيف ترجون الاستغناء مع لبس الأبدان وكيف تنالون العتق وأنتم فيها محبوسون؟ وقال «امونيوس» : أمّا «انباذقلس» ومن تقدّمه إلى «هرقل» فإنّهم رأوا أنّ الأنفس الدنسة تبقى بالعالم متشبّثة حتى تستغيث بالنفس

الكلّيّة فتتضرّع لها إلى العقل والعقل إلى البارئ فيفيض من نوره عليه ويفيض العقل منه على النفس الكلّية وهي في هذا العالم فتستضيء به حتى تعاين الجزئيّة الكلّيّة وتتصل بها فتلحق بعالمها إلّا أنّ ذلك بعد دهور كثيرة تمرّ عليها ثمّ تصير الى حيث لا مكان ولا زمان ولا شيء ممّا في هذا العالم من تعب او سرور منقطع؛ وقال سقراط: النفس بذاتها تصير إلى القدس الدائم الحياة الثابت على الأبد بما فيها من المجانسة عند ترك التحيّز فتصير مثله في الدوام لأنّها منفعلة منه بشبه التماسّ ويسمّى انفعالها عقلا، وقال ايضا: النفس مشابهة جدّا للجوهر الإلهي الذي لا يموت ولا ينحلّ والمعقول الواحد الثابت على الأزل، والجسد «1» على خلافها، فإذا اجتمعا أمرت الطبيعة البدن أن يخدم والنفس ان ترأس، فإذا افترقا ذهبت النفس إلى غير مكان الجسد وسعدت بما يشبهها واستراحت من التحيّز والحمق والجزع والعشق والوحشة وسائر الشرور الإنسيّة، وذلك أنّها إذا كانت نقيّة وللجسد باغضة، وأمّا إذا انتجست بموافقة الجسد وخدمته وعشقه حتى تسخّر الجسد منها بالشهوات واللذّات فإنّها لا ترى شيئا أحقّ من النوع الجسميّ وملامسته؛ وقال «ابروقلس» : الجرم الذي حلّته النفس الناطقة قبل الشكل الكريّ كالأثير «2» وأشخاصه والذي حلّته وغير الناطقة قبل الاستقامة كالانسان، والذي حلّته غير الناطقة فقط قبل الاستقامة بانحناء كالحيوانات غير الناطقة، والذي خلا عنهما ولم يوجد فيه غير القوّة الغاذية قبل الاستقامة وتمّ انحناؤه بالانتكاس وانغرس رأسه في الأرض كالحال في النبات، وإذ صار على خلاف الانسان فالانسان شجرة سماويّة أصلها نحو مبدئها وهو السماء كما صار أصل النبات نحو مبدئه وهو الأرض؛ وذهب الهند في الطبيعة إلى شبه من ذلك قال «ارجن» : كيف مثال براهم في العالم؟ قال «باسديو» : توهّمه شجرة «اشوت» «3» وهي معروفة

عندهم من كبار الأشجار وأحرارها معكوسة الوضع، عروقها في العلوّ وغصونها في السفل قد غزر غذاؤها حتى غلظت وانبسط فروعها «1» وتشبّثت بالأرض فعلقت بها وتشابه في الجهتين فروعها وعروقها فاشتبهت، فبراهم من هذه الشجرة عروقها العليا وساقها «بيذ» وغصونها الآراء والمذاهب وأوراقها الوجوه والتفاسير وغذاؤها بالقوى الثلاث واستغلاظها وتماسكها بالحواسّ، وليس للعاقل سوى قطعها نفاس وقيع هو الزهد في الدنيا وزخارفها فإذا تمّ له قطعها طلب من عند منشئها موضع القرار الذي يعدم فيه العود، وإذا ناله فقد خلّف أذى الحرّ والبرد وراءه ووصل من ضياء النيّرين والنيران إلى الأنوار الإلهية؛ وإلى طريق «پاتنجل» ذهبت الصوفيّة في الاشتغال بالحقّ فقالوا: ما دمت تشير فلست بموحّد حتى يستولى الحقّ على إشارتك بافنائها عنك فلا يبقى مشير ولا إشارة، ويوجد في كلامهم ما يدلّ على القول بالاتّحاد كجواب احدهم عن الحقّ: وكيف لا أتحقّق من هو «أنا» بالإنّيّة و «لا أنا» بالأينيّة، إن عدت فبالعودة فرقت وإن أهملت فبالاهمال خففت وبالاتّحاد ألفت، وكقول ابي بكر الشبلي: اخلع الكلّ تصل إلينا بالكلّيّة فتكون ولا تكون إخبارك عنّا وفعلك فعلنا، وكجواب ابي يزيد البسطامي وقد سئل بم نلت ما نلت: إنّي انسلخت من نفسي كما تنسلخ الحيّة من جلدها ثمّ نظرت الى ذاتي فإذا أنا هو، وقالوا في قول الله تعالى «فقلنا اضربوه ببعضها» «2» : إنّ الأمر بقتل الميّت لاحياء الميّت إخبار أنّ القلب لا يحيى بأنوار المعرفة إلّا بإماتة البدن بالاجتهاد حتى يبقى رسما لا حقيقة له وقلبك حقيقة ليس عليه أثر من المرسومات، وقالوا: إنّ بين العبد وبين الله ألف مقام من النور والظلمة وإنّما اجتهاد القوم في قطع الظلمة الى النور فلمّا وصلوا إلى مقامات النور لم يكن لهم رجوع.

ح- في أجناس الخلائق وأسمائهم

ح- في أجناس الخلائق وأسمائهم هذا باب يصعب تحصيله على التحقيق لأنّا نطالعه من خارج وأولئك لا يهذّبونه ولاحتياجنا إليه فيما بعده نقرّر منه جميع المسموع إلى وقت تحرير هذه الأحرف ونحكي أوّلا ما في كتاب «سانك» منه، قال «الناسك» : كم أجناس الأبدان الحيّة وأنواعها؟ قال الحكيم: أجناسها ثلاثة، هي الروحانيّون في الأعلى والناس في الوسط والحيوانات في الأسفل، وأمّا أنواعها فهي أربعة عشر منها للروحانيّين ثمانية هي براهم وإندر و پرجاپت وسومي «1» وكاندهرب وجكش وراكشس و پيشاچ، ومنها للحيوانات خسمة، هي بهائم ووحش وطير وزحّافة ونابتة أعني الأشجار، والإنس نوع واحد، وقد عدّدها صاحب هذا الكتاب في موضع آخر منه بأسماء أخر هكذا براهم، أندر، پرجاپت، كاندهرب، جكش، راكشس، پتر، پيشاچ، وهؤلاء قوم قلّما يراعون الترتيب ويجزفون جدّا في التعديد فالأسماء عندهم كثيرة والميدان خال؛ وقال «باسديو» في «كيتا» : إنّ القوّة الأولى من الثلاث الأول إذا غلبت انعقدت على العقل وتصفية الحواسّ والعمل للملائكة ولذلك صارت الراحة من توابعها والخلاص من نتائجها، وإذا غلبت الثانية انعقدت على الحرص وأدّت «2» ، إلى التعب وحملت على الأعمال

لجكش وراكشس ويكون الجزاء فيها يحسب العمل، وإذا غلبت الثالثة انعقدت على الجهل والا؟؟؟ خداع بالأمانيّ حتى تولّد السهر والغفلة والكسل وتأخير الواجب ودوام السنة فإن عمل فلأجناس «بهوت» و «پيشاج» ، الأبالسة ولپريت حاملي الأرواح في الهواء لا في الجنّة ولا في جهنّم وعقباها العقاب والانحطاط عن رتبة الإنس إلى الحيوان والنبات وقال في موضع آخر منه: الإيمان والفضيلة من الروحانيّين في «ديو» ولهذا صار من يجانسهم من الإنس مؤمنا بالله معتصما به مشتاقا إليه، والكفر والرذيلة في الشياطين المسمّين «أسر» و «راكشس» ومن شابههم من الإنس كان كافرا بالله غير ملتفت إلى أوامره معطّلا للعالم عنه مشتغلا بما يضرّ في الدارين ولا ينفع. فإذا جمع بين هذه الأقاويل ظهر الاضطراب منها في الأسماء وفي الترتيب، فأمّا المشهور فيما بين الجمهور من أجناس الروحانيّين الثمانية فهو «ديو» وهم الملائكة ولهم ناحية الشمال واختصاصهم بالهند، وقد قيل: إنّ «زردشت» ناكر الشمنيّة في تسمية الشياطين باسم أشرف صنف عندهم وبقي ذلك في الفارسيّة من جهة المجوسيّة، ثمّ «ديت دانو» وهم الجنّ الذين في ناحية الجنوب وفي قسمتهم كلّ من خالف نحلة الهند وعادى البقر، وعلى قرب القرابة بينهم وبين الملائكة زعموا: لا ينقطع التنازع بينهم ولا تهدأ حروبهم، ثمّ «كاندهرب» أصحاب الألحان والأغانيّ بين أيدي الملائكة وتسمى قحابهم «آپسرس» ، ثمّ «جكش» خزّان الملائكة، ثمّ «راكشس» شياطين مشوّهون، ثمّ «كنّر» على صورة الناس ما خلا رؤوسهم فإنّها رؤوس الأفراس على خلاف قنطور سات اليونانيّين فإنّ صورة الفرس في نصف البدن الأسفل منها وصورة الإنسان في نصفها «1» الأعلى ومنها صورة برج القوس، ثمّ «ناك» وهي على صورة الحيّات، ثمّ «بدّاذر» وهم جنّ سحرة لا يدوم رواج سحرهم، فالقوّة الملكيّة في الطرف الأوّل والشيطنة في الطرف الأسفل والامتزاج فيما بين الطرفين،

وإنّما اختلفت صفاتهم لأنّهم نالوا هذه الرتبة بالعمل والأعمال مختلفة بحسب القوى الثلاث، وطال بقاؤهم بسبب تجرّدهم عن الأبدان وزال التكليف عنهم وقدروا على ما عجز الإنس عنه فخدموهم في المطالب وتقرّبوا إليهم في المآرب؛ ولنعلم ممّا حكيناه عن «سانك» أنّه غير محصّل فليس «براهم» و «إندر» و «پرجاپت» أسماء لأنواع، إنّما براهم و پرجاپت متقاربا المعنى تختلف أسماؤهما باختلاف صفة ما، و «إندر» هو رئيس العوالم، وأيضا فإنّ «باسديو» قد عدّ «جكش» و «راكشس» معا في طبقة واحدة من الشيطنة و «الپرانات» تنطق في جكش: إنّهم خزّان وخدم خزّان. فنقول بعد هذا: إنّ الروحانيّين المذكورين طبقة قد نالوا رتبتهم بالعمل وقت التأنّس وخلّفوا الأبدان وراءهم فإنّها أثقال مزيلة للقدرة مقصّرة للمدّة، واختلفت صفاتهم وأحوالهم بحسب غلبة القوى الثلاث الأول عليهم فاختصّ بأولاها وحصلت لهم الراحة والهناءة ورجح فيهم تصوّر المعقول «ديو» أعني الملائكة بلا مادّة كما رجح في الإنس تصوّر المحسوس في المادّة واختص «پيشاج» و «بهوت» بالثالثة، والمراتب التي بينها بالثانية، وقالوا في عدد ديو: إنّه ثلاثة وثلاثون كورتي منه لمهاديو أحد عشر ولذلك صار هذا العدد لقبا من ألقابه واسمه دالّا عليه ويكون جملة العدد المذكورة للملائكة ... ،..،..، 33، ثمّ جوّزوا عليهم معنى الأكل والشرب والجماع والحياة والموت لأنّهم في حيّز المادّة وإن كانوا منها في الجانب الألطف الأبسط ولأنّهم قد نالوا ذلك بالعمل دون العلم، وفي كتاب «پاتنجل» : إنّ «ثندكشيفر» «1» أكثر القرابين لمهاديو فانتقل إلى الجنّة بقالبه الجسدانيّ، وإن «اندر» الرئيس زنى بامرأة «نهش» البرهمن فمسخ حيّة على وجه العقوبة؛ وتحتهم مرتبة «پترين» الآباء الموتى وتحت هؤلاء «بهوت» أناس قد اتّصلوا بالروحانيّة وتوسّطوا، فأمّا من جاز الرتبة غير مجرّد عن البدن فيسمّون «رش» و «سدّو «؟ من» ويتفاضلون

بالصفات ويتمايزون وسدّ هو الذي نال بعمله الاقتدار على ما شاء في الدنيا واقتصر على ذلك ولم يجتهد في طريق الخلاص وله الترقّي إلى مرتبة «رش» وإليها يتدرّج البرهمن فيسمّى «برهمرش» وإذا تدرّج إليها «كشتر» سمّى «راج رش» وليس ذلك لمن دونهما، و «رشين» هم الحكماء الذين على إنسيّتهم أفضل من الملائكة بسبب العلم ولذلك يستفيده الملائكة منهم فليس فوقهم إلّا براهم، ويسفل عن هؤلاء طبقاتهم الموجودة فيما بيننا ولذكرهم باب على حدة. وكلّ هؤلاء تحت المادّة فأمّا التصوّر ما «1» علاها فقلنا «2» : إنّ الهيولى واسطة بين المادّة وبين التي فوقها من المعاني النفسانيّة والإلهيّة وإنّ فيه القوى الثلاث الأول بالقوّة فكأنّ الهيولى بما فيه جسر من العلوّ إلى السفل فما يسري فيه على القوّة الأولى خالصا يسمّى «براهم» و «پرجاپت» وأسماء أخر كثيرة من جهة الشرع والأخبار ومعناه راجع إلى الطبيعة في عنفوان فعلها لأنّ الإنشاء حتى خلق العالم منسوب إلى براهم عندهم، وما يسري فيه على القوّة الثانية يسمّى «ناراين» في الأخبار ويرجع معناه إلى الطبيعة عند انتهاء فعلها غايته فإنّها تجتهد حينئذ في الإبقاء كذلك اجتهاد ناراين في إصلاح العالم ليبقى، وما يسري فيه على القوّة الثالثة يسمّى «مهاديو» و «شنكر» وأشهر أسمائه «ردر» وهو للإفساد «3» والإفناء كالطبيعة في أواخر فعلها وفتور قوّتها، وإنّما تختلف أسماؤهم بعد السريان في هذه المعارج والمدارج الى السفل فتختلف أفعالهم فأمّا قبل ذلك فالمنبع واحد ولذلك يجمعونهم فيه ولا يفرقون أحدهم عن الآخر ويسمّونه «بشن» وهذا الاسم بالقوّة الوسطى أولى بل لا يفرقون بينها وبين العلة الأولى ويذهبون مذهب النصارى في تمييز أسامي الأقانيم بالأب والابن وروح القدس بعضها من بعض وجمعها بجوهر واحد، فهذا ما يلوح من كلامهم عند النظر والتحصيل فأمّا على وجه الخبر

والرواية التي يكثر فيها الخرافة فسيجيء ذكره في خلال الكلام، ولا يتعجّب «1» من أقاويلهم في طبقة «ديو» التي عبّرنا عنها بالملائكة «2» وتجويزهم عليهم ما لا تجوّزه العقول ممّا نزّههم متكلّمو الإسلام عن مباحه فضلا عن محظوره فإنّك إذا جمعت بين أقاويلهم تلك وأقاويل اليونانيّين في ملّتهم زال الاستغراب، وقد قدّمنا أنّهم كانوا سمّوا الملائكة «آلهة» فطالع ما ورد لهم في «زوس» حتى تتحقّق ما قلناه أمّا ما هو صادر فيه عن مشابه الحيوانيّة والإنسيّة فقولهم: إنّه لمّا ولد رام أبوه أكله وقد تقدّمت الأمّ بلفّ حجر في خرق فألقمته إيّاه حتى انصرف، وقد ذكر ذلك جالينوس في «كتاب الميامر» في قوله: إنّ «فيلن «3» » ألغز بوصف معجون «فلونيا» في شعره فقال: خذ شعرا أحمر «4» من الشعر الذي يفوح منه رائحة الطيب وهو قربان الآلهة ودمه فتزن منه أوزانا بقدر عقول الناس، وعنى بذلك الزعفران خمسة مثاقيل لأنّ الحواسّ خمس، وذكر سائر الأخلاط بأوزانها على أنواع من الرموز فسّرها جالينوس وفيها: ومن الأصل المكذوب عليه الذي نشأ في البلد الذي ولد فيه «زوس» فقال: إنّ هذا هو السنبل لأنّه مكذوب عليه في اسمه قد سمّي «سنبلا» وليس بسنبل وإنّما هو أصل، وأمر أن يكون «اقريطيّا» لأنّ أصحاب الأمثال يقولون في «زوس» إنّه ولد في جبل «ديقطاون» في «قريطي» حيث كانت والدته تخبؤه «5» من أبيه «قرونس» لئلا يبتلعه كما ابتلع غيره، ثمّ ما في التواريخ المشهورة من تزوّجه بالنّساء المعروفات واحدة بعد أخرى وإحبال بعض منهنّ مغصوبات غير منكوحات ومنها «آورقّة بنت فونيكوس» الذي «6» أخذها منه

«اسطارس» ملك «اقريطى» وأولدها بعده «مينوس» و «ردمنتوس «1» » وذلك بعيد زمان خروج بني اسرائيل من التيه إلى أرض فلسطين، وما ذكر أنّه مات بأقريطى ودفن بها في زمان «شمسون» الإسرائيليّ وله سبع مائة وثمانون سنة وأنّه سمّي «زوس» لمّا طال عمره بعد أن كان يسمّى «ديوس» وأنّ أوّل من سمّاه بهذا الاسم «ققرفّس» الملك الأوّل بأثينية والحال بينهما في المواطأة على ما مالا إليه من تسريح الزّبّ يمينا وشمالا وتسهيل قياد القيادة على شبه حال «زردشت» مع «كشتاسب» فيما راماه من تقوية الملك والسياسة، وقد زعم المؤرّخون أنّ الفضائح في القوم جرت من ققرفّس ومن قام بعده من الملوك وعنوا بذلك مشابه ما في أخبار الإسكندر أنّ «نقطينابوس» ملك مصر لمّا هرب من «أردشير» الأسود واختفى في مدينة «ماقيدنيا «2» » يتنجّم ويتكهّن احتال على «أولمفيذا» امرأة «بيلبس» ملكها وهو غائب حتى كان يغشاها خداعا ويري نفسه على صورة «أمون» الإله في شبح حيّة ذات قرنين كقرني الكبش إلى أن حبلت بالإسكندر وكاد «بيلبس» عند رجوعه ان ينتفي منه وينفيه فرأى في المنام أنّه نسل الإله أمون فقبله وقال لا معاندة مع الآلهة وكان حتف «نقطينابوس» على يد الاسكندر على وجه الإعناق «3» في النجوم ومن ذلك عرف أنّه كان أباه، وأمثال هذا كثير في أخبارهم وسنأتي «4» بنظائره في مناكح الهند، ثمّ نقول وأمّا ما لا يتّصل بالبشريّة في أمر «زوس» فقولهم: إنّه المشتري ابن زحل لأنّ زحل عند أصحاب «المظلّة» على ما قال جالينوس في «كتاب البرهان» : أزليّ البقاء وحده غير متولد، ويكفي ما في كتاب «اراطس» في «الظاهرات» فإنّه يفتتحه بتمجيد زوس: وإنّه الذي نحن معشر الناس لا ندعه ولا نستغني عنه، الذي ملأ الطرق ومجامع الناس وهو

رؤوف بهم، مظهر للمحبوبات، ناهض بهم إلى العمل، مذكر بالمعاش،؟ مخبر بالأوقات المختارة للحفر والحرث للنشوء الصحيح ومن نصب في الفلك من العلامات والكواكب، ولهذا نتضرّع إليه أوّلا وأخيرا؛ ويمدح «1» الروحانيّين بعده، ومتى قايست بين الطبقتين كانت هذه أوصاف براهم؛ ومفسّر كتاب «الظاهرات» زعم أنّه خالف الشعراء في ابتدائهم بالآلهة أنّه أزمع أن يتكلّم على الفلك، ثمّ نظر أيضا كما نظر جالينوس في نسب «اسقليپيوس» فقال: نحبّ نعرف أيّ زوس عنى أراطس الرمزيّ أم الطبيعيّ لأن «اقراطس» الشاعر سمى الفلك «زوس» وكذلك قال «أوميرس» : كما تقطع قطع الثلج من زوس، وأراطس سمّى الأيثر «2» والهواء زوس في قوله: إنّ الطرق والمجامع مملوءة منه وإنّ كلّنا محتاجين إلى استنشاقه، ولهذا زعم أنّ رأي أصحاب «الأسطوان» في زوس أنّه الروح المنبثّة بالهيولى المناسبة لأنفسنا أي الطبيعة السائسة لكلّ جسد طبيعيّ، ونسبه إلى الرأفة لأنّه علّة الخيرات فبحقّ زعم أنّه ليس أولد الناس فقط بل الآلهة أيضا.

ط- في ذكر الطبقات التي يسمونها ألوانا وما دونها

ط- في ذكر الطبقات التي يسمّونها ألوانا وما دونها كلّ أمر صدر عن مستهتر طبعا بالسياسة، مستحقّ بفضله وقوّته للرئاسة، ثابت الرأي والعزيمة، معان بدولة في الأخلاف بتركهم الخلاف بالأسلاف فقد تأكّد ذلك الأمر عند مأمور به تأكّد الجبال الرواسي وبقي فيهم مطاعا في الأعقاب على كرور الأيّام ومرور الأحقاب، ثمّ إن استند ذلك إلى جانب من جوانب ملّة فقد توافى فيه التوأمان وكمل الأمر باجتماع الملك والدين وليس وراء الكمال غاية تقصد؛ وقد كان الملوك القدماء المعنيّون بصناعتهم يصرفون معظم اهتمامهم إلى تصنيف الناس طبقات ومراتب يحفظونها عن التمازج والتهارج ويحظرون الاختلاط عليهم بسببها ويلزمون كلّ طبقة ما إليها من عمل أو صناعة وحرفة ولا يرخّصون لأحد في تجاوز رتبته ويعاقبون من لم يكتف بطبقته؛ وسير أوائل الأكاسرة تفصح بذلك فلهم فيه آثار قويّة لم يقدح فيه تقرّب بخدمة ولا توسّل برشوة حتى أنّ «أردشير بن بابك» عند تجديده ملك فارس جدّد الطبقات وجعل الأساورة وأبناء الملوك في أولاها، والنسّاك وسدنة النيران وأرباب الدين في ثانيتها، والأطبّاء والمنجّمين وأصحاب العلوم في ثالثتها، والزرّاع والصنّاع في رابعتها، على مراتب في كلّ واحدة منها تميّز الأنواع في أجناسها على حدة بحيالها، وكلّ ما كان على هذا المثال صار كالنسب إن ذكرت أوائله ونشبا «1» إن

نسيت أسبابه وقواعده، والنسيان لا محالة بتطاول الأمد وتراخي الأزمنة وتكاثر القرون مقرون، وللهند في أيّامنا من ذلك أوفر الحظوظ حتى أنّ مخالفتنا إيّاهم وتسويتنا بين الكافّة إلّا بالتقوى أعظم الحوائل بينهم وبين الإسلام، وهم يسمّون طبقاتهم «برن» أي الألوان ويسمّونها من جهة النسب «جاتك» أي المواليد، وهذه الطبقات في أوّل الأمر أربع، علياها «البراهمة» قد ذكر في كتبهم أنّ خلقتهم من رأس «براهم» وأنّ هذا الاسم كناية عن القوّة المسمّاة «طبيعة» والرأس علاوة الحيوان فالبراهمة نقاوة الجنس ولذلك صاروا عندهم خيرة الإنس، والطبقة التي تتلوهم «كشتر» خلقوا بزعمهم من مناكب براهم ويديه ورتبتهم عن رتبة البراهمة غير متباعدة جدّا ودونهم «بيش» خلقوا من رجلي براهم، وهاتان المرتبتان الأخيرتان متقاربتان، وعلى تمايزهم تجمع المدن والقرى، أربعتهم مختلطي المساكن والدور، ثمّ أصحاب «1» المهن دون هؤلاء غير معدودين في طبقة غير الصناعة ويسمّون «أنتز» وهم ثمانية أصناف بالحرف ويتمازجون بما يشابهها من الحرف الأخر سوى القصّار والإسكاف والحائك فإنّه لا ينحطّ إلى حرفتهم سائرهم وهم القصّار والإسكاف واللعّاب ونسّاج الزنابيل والأترسة والسفّان وصيّاد السمك وقنّاص الوحوش والطيور والحائك فلا يساكنهم الطبقات الأربع في بلدة وإنّما يأوون إلى مساكن تقربها وتكون خارجها، وأمّا «هادي» و «دوم» و «چندال» و «بدهتو» فليسوا معدودين في شيء وإنّما يشتغلون برذالات الأعمال من تنظيف القرى وخدمتها، وكلّهم جنس واحد يميّزون بالعمل كولد الزناء فقد ذكر أنّهم يرجعون إلى أب «شودر» وأمّ «برهمن» خرجوا منهما بالسفاح فهم منفيّون منحطّون، ويلحق كلّ واحد من أهل الطبقات سمات وألقاب بحسب فعله وطريقته كالبرهمن مثلا فإنّ هذه سمته مطلقة إذا لزم بيته في عمله فإذا لزم خدمة نار واحدة لقّب «آيشتهي» وإذا خدم ثلاثا من النيران فهو «آكن هو تري» وإذا قرّب للنار مع ذلك فهو «ديكشت» ، فكذلك هؤلاء إلّا أنّ «هادي» أحمدهم

لأنّه يترفّع عن القاذورات ويتلوه دوم لأنّه يجنكي «1» ويطرب ومن بعدهما يترشّح للقتل والعقوبات صناعة ويتولّاها «2» وشرّهم «بدهتو «3» » فإنّه لا يقتصر بأكل الميتة المعهودة ولكنّه يتجاوزها إلى الكلاب وأمثال ذلك، وكلّ طبقة من الأربع فإنّها تصطفّ في المؤاكلة على حدة ولا يشتمل صفّ على نفرين مختلفي الطبقة فإن كان في صفّ البراهمة مثلا نفران منهم متنافران وتقارب مجلساهما فرق بين المجلسين بلوح يوضع فيما بينهما أو ثوب يمدّ أو شيء آخر بل إن خطّ بينهما تمايزا، ولأنّ الفضلة من الطعام محرّمة فإنّها توجب الانفراد بالمأكول لأنّه إذا تناوله أحد المؤاكلين في قصعة واحدة صار ما بقي بتناول الآخر وانقطاع أكل الأوّل فضلة محرّمة. فهذه حال الطبقات الأربع وقد قال «باسديو» حين سأله «آرجن «4» » عن طباع الطبقات الأربع وما يجب أن يتخلّقوا به من الأخلاق: يجب أن يكون «البرهمن» وافر العقل، ساكن القلب، صادق اللهجة، ظاهر الاحتمال، ضابطا للحواسّ، مؤثرا للعدل، بادي النظافة، مقبلا على العبادة، مصروف الهمّة إلى الديانة، وأن يكون «كشتر» مهيبا في القلوب، شجاعا، متعظّما، ذلق اللسان، سمح اليد غير مبال بالشدائد حريصا على تيسير الخطوب وأن يكون «بيش» مشتغلا بالفلاحة واقتناء السوائم والتجارة؛ و «شودر» مجتهدا في الخدمة والتملّق، متحبّبا إلى كلّ أحد بها؛ وكلّ من هؤلاء إذا ثبت على رسمه وعادته نال الخير في إرادته إذا كان غير مقصّر في عبادة الله، غير ناس ذكره في جلّ أعماله، وإذا انتقل عمّا إليه إلى ما إلى طبقة أخرى وإن شرفت عليه كان إثما بالتعدّي في الأمر؛ وقال أيضا لأرجن «5» مشجّعا إيّاه على قتال العدوّ: أما تعلم يا

طول الباع أنّك «كشتر» وجنسك مجبول على الشجاعة والاقدام وقلّة الاكتراث لنوائب الأيّام ومخالفة النفس في حديثها بالاهتمام إذ لا ينال الثواب إلّا بذلك فإن ظفر فإلى الملك والنعمة وإن هلك فإلى الجنّة والرحمة، ووراء ما تظهره من الرقّة للعدوّ والجزع على قتل هذه الطائفة انتشار خبرك بالجبن والفشل وذهاب صيتك عمّا بين الجبابرة والشجعان البزّل وسقوطك عن أعينهم واسمك عن جملتهم، ولست أعرف عقابا أشدّ من هذا الحال فالموت خير من التعرّض لما يورث العار، فإن كان الله أمرك وأهّل طبقتك بالقتال وخلقك له فاصدع بأمره وانفذ بمشيئته بعزيمة مجرّدة عن الأطماع ليكون عملك له؛ وأمّا الخلاص فقد اختلفوا فيمن هو معدّ له من هذه الطبقات فقال بعضهم: إنّه ليس لغير «البراهمة» و «كشتر» ما لا يمكنهم فقط من تعلّم «بيذ» ، وقال المحققون منهم: إنّ الخلاص مشترك الطبقات ولجميع نوع الإنس إذا حصلت لهم النيّة بالتمام، وذلك بدلالة قول «بياس» : أعرف الخمسة والعشرين معرفة تحقيق ثمّ انتحل أيّ دين شئت فإنّك متخلّص لا محالة، وبدلالة مجيء «باسديو» من نسل «شودر» وقوله لأرجن «1» : إنّ الله مليّ بالمكافاة من غير حيف ولا محاباة يحتسب بالخير شرّا إذا نسي فيه وبالشرّ خيرا إذا ذكر فيه ولم ينس وإن كان فاعله «بيشا» أو «شودرا» أو امرأة فضلا أن يكون «برهمنا» أو «كشترا» .

ي- في منبع السنن والنواميس والرسل ونسخ الشرائع

ي- في منبع السنن والنواميس والرسل ونسخ الشرائع قد كانت اليونانيّة تأخذ السنن والنواميس من حكمائهم المنتدبين لذلك المنسوبين إلى التأييد الإلهيّ مثل «سولن» و «دروقون» و «فيثاغورس» و «مينس» وأمثالهم، وكذلك كان يفعله ملوكهم فإنّ «ميانوس» لمّا تسلّط على جزائر البحر و «الأقريطيّين» وذلك بعد أيّام موسى بقريب من مائتي سنة وضع لهم نواميس على أنّها مأخوذة من «زوس» وفي ذلك الزمان وضع «مينس» النواميس وفي زمان «دارا» الأوّل الذي كان بعد «كورش» أنفذ الروم إلى أهل «أثينية» رسلا وأخذوا منهم النواميس في اثني عشر كتابا إلى أن ملكهم «فنفيلوس» وتولّى وضع السنن لهم وصيّر شهور السنة اثني عشر بعد أن كانت لهم عشرة ويدلّ على إكراهه إيّاهم أنّه وضع معاملاتهم بالخزف والجلود بدل الفضّة فإنّ ذلك يكون من الحنق على من لا يطيع؛ وفي المقالة الأولى من «كتاب النواميس» لأفلاطن قال الغريب من أهل أثينية: من تراه كان السبب في وضع النواميس لكم أهو بعض الملائكة أو بعض الناس؟ قال «الأقنوسيّ» : هو بعض الملائكة أمّا بالحقيقة عندنا فزوس وأمّا أهل «لاقاذامونيا» فإنّهم يزعمون أنّ واضع النواميس لهم «أفوللن» ، ثمّ قال في هذه المقالة: إنّه واجب على واضع النواميس إذا كان من عند الله أن يجعل غرضه في وضعها اقتناء أعظم الفضائل وغاية العدل، ووصف نواميس أهل «أقريطس» بهذه الصفة وأنّها مكملة لسعادة من استعملها على

الصواب لأنّه يقتني بها جميع الخيرات الإنسيّة المتعلّقة بالخيرات الإلهيّة، وقال «الأثينيّ» في المقالة الثانية من هذا الكتاب: لمّا رحم الآلهة جنس البشر من أجل أنّه مطبوع على التعب هيّؤا لهم أعيادا للآلهة وللسكينات ولأفوللن مدبّر «السكينات» ولديونوسيس مانح البشر الخمرة دواء من عفوصة الشيخوخة ليعودوا فتيانا بالذهول عن الكآبة وانتقال خلق النفس من الشدّة إلى السلامة، وقال أيضا: إنّهم ألهموهم «1» تدابير الرقص والإيقاع المستوي الوزن جزاء على المتاعب وليتعوّدوا معهم في الأعياد والأفراح، ولذلك سمّى نوع من أنواع الموسيقى في الرمز لصلوات الآلهة «تسابيح» ؛ فهذا كان حال هؤلاء وعلى مثله أمر الهند فإنّهم يرون الشريعة وسننها صادرة عن «رشين» الحكماء قواعد الدين دون الرسول الذي هو «ناراين» المتصوّر عند مجيئه بصور الإنس ولن يجيء إلّا لحسم مادّة شرّ يطلّ «2» على العالم أو لتلافي واقع ولا عوض في شيء من أمر السنن وإنّما تعمل «3» بها كما تجدها فلأجل هذا وقع الاستغناء عن الرسل عندهم في باب الشرع والعبادة وإن وقعت الحاجة إليهم في مصالح البريّة؛ فأمّا نسخها فكأنّه غير ممتنع عندهم لأنّهم يزعمون أنّ أشياء كثيرة كانت مباحا قبل مجيء «باسديو» ثمّ حرّمت ومنها لحم البقر، وذلك لتغيّر طباع الناس وعجزهم عن تحمّل الواجبات ومنها أمر الأنكحة والأنساب فإنّ النسب كان وقتئذ على أحد ثلاثة أصناف، أحدها من صلب الأب في بطن الأمّ المنكوحة كما هو الآن عندنا وعندهم والثاني من صلب الختن في بطن الابنة المزفوفة إذا شورط على أن يكون الولد لأبيها فيكون حينئذ ولد الابنة للجدّ المشارط دون الأب الزارع والثالث من صلب الأجنبيّ في بطن الزوجة لأنّ الأرض للزوج فيكون أولاد المرأة لزوجها إذا كانت الزراعة برضا

منه، وعلى هذا الوجه كان «پاندو» منسوبا إلى بنوّة «شنتن» وذلك أنّه عرض لهذا الملك بدعاء بعض الزّهاد عليه ما منعه عن اقتراب نسائه مع عدم الولد فسأل «بياس بن پراشر» أن يقيم له من نسائه ولدا يخلفه ووجّه بإحداهنّ إليه فخافته لمّا دخلت عليه وارتعدت فحبلت منه بحسب تلك الحالة مسقاما مصفارّا، ثمّ وجّه بالثانية إليه فاحتشمته وتقنّعت بخمارها فولدت «درت راشتر» أكمه غير صالح، ووجّه بالثالثة وأوصاها برفض الهيبة والحشمة فدخلت ضاحكة مستبشرة وحبلت ببدر الذي فاق الناس في المجون والشطارة، وقد كان لأولاد «پاندو» الأربعة زوجة مشتركة فيما بينهم تقيم عند كلّ واحد شهرا، بل في كتبهم: إنّ «پراشر» الزاهد ركب سفينة فيها للسفّان ابنة وإنّه عشقها وراودها عن نفسها «1» حتى لانت عريكتها إلّا أنّه لم يكن على الشط ساتر عن الأبصار وإنّ «طرفاء» نبت من ساعته لتسهيل الأمر فضاجعها خلف الطرفاء وأحبلها بابنه هذا الفاضل «بياس» وذلك كلّه الآن مفسوخ منسوخ، فلهذا يتخيّل من كلامهم جواز النسخ، فأمّا هذه الفضائح في الأنكحة فيوجد منها الآن وفي مواضي الجاهليّة فإنّ ساكني الجبال الممتدّة من ناحية «پنچهير» إلى قرب «كشمير» يفترضون الاجتماع على امرأة واحدة إذا كانوا إخوة؛ وكان نكاح العرب في جاهليّتها على ضروب، منها أنّ أحدهم كان يرسم لامرأته أن ترسل إلى فلان وتستبضع منه، ثمّ يعتزلها أيّام حملها رغبة منه في نجابة الولد، وهذا هو القسم الثالث للهند، ومنها أنّه كان يقول للآخر أنزل عن امرأتك لي وأنزل لك عن امرأتي، فيفعلان بالبدال، ومنها أنّ النفر كانوا يغشونها فإذا وضعت ألحقته بأبيه، فإن لم تعرفه عرفته القافة، ومنها «نكاح المقت» بامرأة الأب أو الابن واسم الولد منه «ضيزن» ؛ ولا يبعد عن اليهود فقد فرض عليهم أن ينكح الرجل امرأة أخيه إذا مات ولم يعقب ويولد لأخيه المتوفي نسلا منسوبا إليه دونه لئلا يبيد من العالم ذكره، ويسمّون فاعل ذلك بالعبريّة «يبمّ» ؛ وكذلك

المجوس ففي كتاب «توسر هربذ الهرابذة» إلى «پدشوار «1» كرشاه» جوابا عمّا تجنّاه على «أردشير بن بابك» : أمر الإبدال عند الفرس إذا مات الرجل ولم يخلّف ولدا أن ينظروا فإن كانت له امرأة زوّجوها من أقرب عصبته باسمه، وإن لم تكن له امرأة فابنة المتوفّي أو ذات قرابته فإن لم توجد خطبوا على العصبيّة من مال المتوفّي فما كان من ولد فهو له، ومن أغفل ذلك ولم يفعل فقد قتل ما لا يحصى من الأنفس لأنّه قطع نسل المتوفّي وذكره إلى آخر الدهر؛ وإنّما حكيت هذا ليعرف بإزائه حسن الحقّ ويزداد ما باينه عند المقايسة قباحة «2» .

يا- في مبدإ عبادة الاصنام وكيفية المنصوبات

يا- في مبدإ عبادة الاصنام وكيفية المنصوبات معلوم أنّ الطباع العامّي نازع إلى المحسوس نافر عن المعقول الذي لا يعقله إلّا العالمون الموصوفون في كل زمان ومكان بالقلّة، ولسكونه إلى المثال عدل كثير من أهل الملل إلى التصوير في الكتب والهياكل كاليهود والنصارى «1» ثم المنانية خاصّة، وناهيك شاهدا على ما قلته: أنّك لو أبديت صورة النبي صلى الله عليه وسلّم أو مكّة والكعبة لعامّتي أو امرأة لوجدت من نتيجة الاستبشار فيه دواعي التقبيل وتعفير الخدّين والتمرّغ كأنّه شاهد المصوّر وقضى بذلك مناسك الحج والعمرة، وهذا هو السبب الباعث على إيجاد الأصنام بأسامي الأشخاص المعظّمة من الأنبياء والعلماء والملائكة مذكّرة أمرهم عند الغيبة والموت مبقية آثار تعظيمهم في القلوب لدى الفوت الى ان طال العهد بعامليها ودارت القرون والأحقاب عليها ونسيت أسبابها ودواعيها وصارت رسما وسنّة «2» مستعملة، ثم داخلهم اصحاب النواميس من بابها إذ كان ذلك أشدّ انطباعا فيهم فأوجبوه عليهم وهكذا وردت الأخبار فيمن تقدّم عهد الطوفان وفيمن تأخّر عنه وحتّى قيل أنّ كون الناس قبل بعثة الرسل أمّة واحدة هو على عبادة الأوثان، فأمّا اهل التوراة فقد عيّنوا أوّل هذا الزمان بأيام «ساروغ» جدّ

أب» «ابراهيم» ، وأمّا الروم فزعموا أنّ «روملس» و «روماناوس» الأخوين من أفرنجة لمّا ملكا بنيا «رومية» ثم قتل روملس أخاه وتواترت الزلازل والحروب بعده حتى تضرّع روملس فأرى في المنام أنّ ذلك لا يهدأ إلّا بأن يجلس أخاه على السرير، فعمل صورة من ذهب وأجلسه معه، وكان يقول أمرنا بكذا، فجرت عادة الملوك بعده بهذه المخاطبة وسكنت الزلازل، فاتخذ عيدا وملعبا يلهي به ذوي الأحقاد من جهة الأخ، ونصب للشمس أربعة تماثيل على أربعة أفراس، أخضرها للأرض، واسما نجونها للماء وأحمرها للنار وأبيضها للهواء، وبقيت إلى الآن قائمة برومية، وإذ نحن في حكاية ما الهند «1» عليه فإنّا نحكي خرافاتهم في هذا الباب بعد أن نخبر أنّ ذلك لعوامّهم فأمّا من أم نهج الخلاص أو طالع طرق الجدل والكلام ورام التحقيق الذي يسمّونه «سار» «2» فإنّه يتنزه عن عبادة أحد ممّا دون الله تعالى فضلا عن صورته المعمولة، فمن تلك القصص ما حدّث به «شونك» الملك «پريكش» قال: كان فيما مضى من الأزمنة ملك يسمّى «انبرش» نال من الملك مناه، فرغب عنه وزهد في الدنيا وتخلّى للعبادة والتسبيح زمانا طويلا حتى تجلّى له المعبود في صورة «إندر» رئيس الملائكة راكب فيل وقال: سل ما ما بدا لك لأعطيكه، فأجابه بأنّي سررت برؤيتك وشكرت ما بذلته من النجاح والإسعاف لكنّي لست أطلب منك بل ممّن خلقك، قال «اندر» : إنّ الغرض في العبادة حسن المكافاة عليها فحصّل الغرض ممّن وجدته منه ولا تنتقد قائلا لا منك بل من غيرك، قال الملك: أمّا الدنيا فقد حصلت لي وقد رغبت عن جميع ما فيها وإنّما مقصودي من العبادة رؤية الربّ وليست إليك فكيف أطلب حاجتي منك، قال اندر: كلّ العالم ومن فيه في طاعتي فمن أنت حتى تخالفني، قال الملك: انا كذلك سامع مطيع إلّا أنّي اعبد من وجدتّ أنت هذه القوّة من لدنه

وهو ربّ الكلّ الذي حرسك من غوائل الملكين «بل» و «هرثكش» فخلّني وما آثرته وارجع عني بسلام، قال اندر: فإذ أبيت إلّا مخالفتي فإنّي قاتلك ومهلكك، قال الملك: قد قيل إنّ الخير محسود والشر له ضدّ ومن تخلّى عن الدنيا حسدته الملائكة فلم يخل من إضلالهم إيّاه وأنا من جملة من اعرض عن الدنيا وأقبل على العبادة ولست بتاركها ما دمت حيّا ولا اعرف لنفسي ذنبا أستحق به منك قتلا فإن كنت فاعله بلا جرم منّي فشأنك وما تريد على أنّ نيّتي إن خلصت لله ولم يشب يقيني شوب لم تقدر على الإضرار بي وكفاني ما شغلتني به عن العبادة وقد رجعت إليها ولمّا اخذ فيها تجلّى له الربّ في صورة إنسان على لون النيلوفر الأكهب بلباس اصفر راكب الطائر المسمّى «كرد» في إحدى أيديه الأربع «شنك» وهو الحلزون الذي ينفخ فيه على ظهور الفيلة وفي الثانية «جكر» «1» وهو السلاح المستدير الحادّ المحيط الذي إذا رمي به حزّ ما أصاب وفي الثالثة حرز وفي الرابعة «بذم» وهو النيلوفر الأحمر، فلمّا رآه الملك اقشعرّ جلده من الهيبة وسجد وسبّح كثيرا فآنس وحشته وبشّره بالظفر بمرامه، فقال الملك: كنت نلت ملكا لم ينازعني فيه أحد وحالة لم ينغصها علّى حزن أو مرض فكأنّي نلت الدنيا بحذافيرها ثمّ اعرضت عنها لما تحققت ان خيرها في العاقبة شرّ عند التحقيق ولم اتمنّ غير ما نلته الآن ولست أريد بعده غير التخلّص من هذا الرباط، قال الربّ: هو بالتخلي عن الدنيا بالوحدة «2» والاعتصام بالفكرة وقبض الحواس إليك، قال الملك: هب أني قدرت على ذلك بسبب ما أهّلت له من الكرامة فكيف يقدر عليه «3» غيري ولا بدّ للإنسان من مطعوم وملبوس وهما واصلان بينه وبين الدنيا فهل غير ذلك؟ قال له: استعمل بملكك وبالدنيا على الوجه القصد والأحسن واصرف النيّة إليّ فيما تعمله من تعمير الدنيا وحماية اهلها وفيما تتصدّق به بل وفي كلّ الحركات فإن غلبك نسيان الانسيّة

فاتخذ تمثالا كما رأيتني عليه وتقرّب بالطيب والأنوار إليه واجعله تذكار لي لئلّا تنساني حتّى إن عنيت فبذكري وإن حدّثت فباسمي وإن فعلت فمن أجلي، قال الملك: قد وقفت على الجمل فأكرمني بالبيان والتفصيل، قال: قد فعلت وألهمت «بسشت» قاضيك جميع ما يحتاج إليه فعّول في المسائل عليه، ثمّ غاب الشخص عن عينه ورجع الملك إلى مقرّه وفعل ما أمر به؛ قالوا: فمن وقتئذ تعمل الأصنام بعضها ذوات أربع ايد «1» كما وصفنا وبعضها ذوات يدين بحسب القصّة والصفة وبحسب صاحب الصورة، وأخبروا أيضا بأن لبراهم ابن يسمّى «نارذ» لم تكن له همّة غير رؤية الربّ وكان من رسمه في تردّده إمساك عصا معه إذ كان يلقيها فتصير حيّة ويعمل بها العجائب وكانت لا تفارقه وبينا هو في فكرة المأمول إذ رأى نورا من بعيد فقصده ونودي منه أنّ ما تسأله وتتمنّاه ممتنع الكون فليس يمكنك ان تراني إلّا هكذا ونظر فإذا شخص نوراني على مثال اشخاص الناس، ومن حينئذ وضعت الأصنام بالصور؛ ومن الاصنام المشهورة صنم «مولتان» باسم الشمس ولذلك سمّى «آدت» وكان خشبيّا ملبّسا بسختيان أحمر في عينيه ياقوتتان حمراوان، يزعمون أنه عمل في «كرتاجوك» الأدنى فهب أنّه كان في آخر ذلك الزمان ومنه إلينا من السنين 216432، وكان محمّد بن القاسم بن المنبّه لمّا افتتح المولتان نظر إلى سبب عمارتها والأموال المجتمعة فيها فوجد ذلك الصنم إذ كان مقصودا محجوبا من كلّ أوب، فرأى الصلاح في تركه بعد أن علّق لحم بقر في عنقه استخفافا به وبنى هناك مسجد جامع، فلمّا استولت «القرامطة» على المولتان كسر «جلم ابن شيبان» المتغلّب ذلك الصنم وقتل سدنته وجعل بيته وهو قصر مبنىّ من الآجرّ على مكان مرتفع جامعا بدل الجامع الأوّل وأغلق ذاك بغضا لما عمل في أيّام بني أميّة، ولمّا أزال الأمير المحمود رحمه الله أيديهم عن تلك الممالك اعاد الجمعة إلى الجامع الأوّل وأهمل هذا الثاني فليس الآن إلّا بيدار

لصبر الحنّا، وإذا اسقطنا المئين وما دونها بسبب تقدّم وقت ظهور «القرامطة» أيّامنا على أنّ ذلك خول مائة سنة بقي 216000 وهو ما بين آخر «كرتاجوك» إلى قريب من أوّل الهجرة فكيف بقاء الخشبة عليها مع نداوة الهواء والأرض هناك! والله اعلم؛ ومدينة «تانيشر» عندهم معظّمة وكان صنمها يسمّى «جكر سوام» أي صاحب جكر الذي وصفناه من الأسلحة وهو من صفر قريب القدر من مقدار الانسان هو الآن ملقى في الميدان بغزنة مع رأس «سومنات» الذي هو صورة مذاكير «مهاديو» ويسمّى هذه الصورة «لنك» وسيجيء خبر سومنات في موضعه، فأمّا جكر سوام فقد قالوا: إنّه عمل في أيّام «بهارث» تذكرة من تلك الحروب، وفي داخل «كشمير» على مسيرة يومين أو ثلاثة من القصبة نحو جبال «بلور» بيت صنم خشبي يسمّى «شارد» يعظّم ويقصد. ونحن نذكر جوامع باب من كتاب «سنكهت» في عمل الأصنام تعين على معرفة ما نحن فيه، قال «براهمهر» : إنّ الصورة المعمولة إذا كانت لرام بن دشرت او لبل بن بروجن فاجعل القامة مائة وعشرين إصبعا من اصابع الصنم ولغيرهما بنقصان عشر ذلك اعني مائة وثمانيا «1» واجعل ايدي صنم «بشن» ثمانيا او أربعا أو اثنين وعلى جنبه الأيسر تحت الثندؤة صورة امرأة «شري» فإن عملته ذا أيد «2» ثمان فاجعل «3» في اليمنى سيفا وفي الثانية عمود ذهب أو حديد وفي الثالثة سهما والرابعة كأنّها مغترفة وفي اليسرى ترسا وقوسا وجكرا وحلزونا، وإن عملته ذا أربع فأسقط القوس والسهم، وإن جعلته ذا يدين فليكن اليمنى مغترفة وفي اليسرى حلزون، وإن كانت الصورة «بلديو» أخ «ناراين» فشنّف أذنيه وأسكر عينيه، وإن عملت كلتي الصورتين فاقرن بهما أختهما «بهكبت» ويدها اليسرى على خاصرتها متحافية عن

الجنب وفي يمناها نيلوفر، وإن عملتها ذات «1» أربع أيد ففي اليمين سبحة وكفّ مغترفة وفي اليسار دفتر ونيلوفر، وإن عملتها ذات ثمان ففي اليسار «كمندل» وهو جرّة ونيلوفرة وقوس ودفتر وفي اليمين سبحة ومرآة وسهم وكفّ مغترفة، وإن كانت الصورة لسانب ابن بشن فاجعل في يده اليمنى عمودا فقط، وإن كانت لپردّمن ابن بشن ففي يده اليمنى سهم وفي اليسرى قوس، وإن عملت امرأتيهما فضع في اليمنى سيفا وفي اليسرى ترسا، وصنم «براهم» ذو أربعة أوجه في الجهات الأربع على نيلوفر وفي يده جرّة، وصنم «اسكند بن مهاديو» صبيّ راكب طاؤس في يده «شكد» وهو كالسيف قاطع في الجانبين ومقبضه في وسطه على هيئة دستج المهراس وفي يد صنم «إندر» سلاح يسمّى «بجر» من الألماس وهو مثل «شكد» في المقبض ولكن في كلّ جانب منه سيفان مجتمعان عند المقبض واجعل على جبهته عينا ثالثة وأركبه فيلا أبيض ذا اربعة أنياب، وكذلك فاجعل في جبهة صنم «مهاديو» عينا ثالثة منتصبة وعلى رأسه هلالا وفي يده سلاحا يسمّى «شول» شبيها بالعمود ذا ثلاث شعب وسيفا ويسراه قابضة على امرأته «كور بنت هممنت» وهو يضمّها الى صدره من جانب جنبه، وأمّا صنم «جن» وهو «البدّ» فبالغ في تحسين وجهه واعضائه واجعل أسرار كفّه وباطن قدميه على شكل النيلوفر جالسا على مثله أكهب الشعر هشّاشا كأنّه أب الخلق، وإن عملت «ارهنت» وهو صورة بدن آخر للبدّ فاجعله شابّا عريانا حسن الوجه خيّرا قد بلغت يداه ركبتيه وصورة «شري» المرأة تحت ثندؤته اليسرى، وصنم «ريوتت «2» ابن الشمس» راكب فرس كالمتصيّد، وصنم «جم» ملك الموت على جاموس ذكر وبيده عمود، وصنم «كبير» الخازن متوّجا عظيم البدن واسع الجنبين راكب إنسان، وصنم الشمس احمر الوجه مثل لبّ النيلوفر الأحمر مشرقا كالجوهر بارز الأعضاء

مشنّف الأذنين مقلّد العنق بلآلئ مسبلة على صدره متوجّا بتاج ذي شرف في يديه نيلوفرتان ملبّسا لباس اهل الشمال مرسلا «1» إلى كعبه، وإن عملت الأمّهات السبع فاجمع بينهنّ، أمّا «برهمان» فذات اربعة أوجه في الجهات الاربع، وأمّا «كومار» فذات ستّة اوجه، وأمّا «بيشنب» فذات اربعة أيد «2» ، وأمّا «باراه» فرأسها رأس خنزير على بدن إنسان، وأمّا «ايندران» فذات اعين كثيرة وبيدها عمود، وأمّا، «بهكبت» فجالسة كالرسم، وأمّا «جامند» فمشوّهة بارزة الأنياب مضمّرة البطن، ثمّ اقرن اليهنّ ابني «مهاديو» أمّا «كشيتربال» فمقشعرّ الشعر كالح الوجه مشوّه الخلقة، وأمّا «بنايك» فرأسه رأس فيل على بدن إنسان ذي أربع ايد «3» كما تقدّم، وعند جماعة هذه الأصنام يقتل الأغنام والجواميس بالكتارات ليغتذين بدمائها؛ ولجميع الأصنام مقادير بأصابعها مقدّرة لأعضائها وربما اختلف في بعضها فإذا حافظ الصانع عليها ولم يزد ولم ينقص فيها بعد عن الإثم وأمن من صاحب الصورة أنّ يصيبه بمكروه فإن جعل الصنم ذراعا ومع كرسيّه ذراعين أنال السلامة والخصب وإن زاد عليهما كان محمودا بعد أن يعلم أنّ الإفراط في تعظيم الصنم وخاصّة صنم الشمس مضرّ بالوالي وتصغيره مضرّ بصانعه وتضمير بطنه يوالي الجوع في الناحية وإضناؤه يفسد الأموال. فإن زلّت يد الصانع حتى أثّر فيه بضربة وقع له أيضا في جسده ضربة يقتل بها وإن قصرّ في التسوية حتى ارتفع أحد منكبيه على الأخرى هلكت امرأته، وإن قلب عينه إلى فوق عمي في حياته أو إلى أسفل كثرت وساوسه وهمومه؛ ومتى كان الصنم المصوّر من أحد الجواهر كان خيرا من الخشب والخشب خير من الطين فإنّ عوائد الجوهر تشمل «3» رجال المملكة ونساءها، والذهب يخصّ صاحبه بالقوة والفضّة بالمديح والنحاس بالزيادة في الولاية والحجر بامتلاك الأرضين، والصنم يشرّف بصاحبه لا بجوهره

فقد ذكرنا أنّ صنم «مولتان» كان خشبيّا وكذلك «لنك» الذي نصبه «رام» عند الفراغ من قتال الشياطين هو من رمل نضده بيده فتحّجرت استعجالا من أجل أنّ اختيار الوقت لنصبه كان سبق فراغ الفعلة من نحت الحجري الذي كان أمر به؛ فأمّا بناء بيته والرواق حوله وقطع الشجر من أجناس لها أربع واختيار الوقت لنصبه وإقامة الرسوم له فأمر يطول ويبرم، ثمّ أمر باقامة حدم وسدنة له من فرق شتّى، أمّا لصورة «بشن» ففرقة «بهاكبت» ولصورة الشمس فرقة «مك» أي المجوس ولصورة «مهاديو» فرقة «ابرار» «1» وهم زهّاد يطوّلون الشعور ويرمّدون الجلود، ويعلّقون عظام الموتى من أنفسهم ويسبحون في الغياض ولهشت ما ترين «البراهمة» ولبدّ «الشمنيّة» ولآرهنت» فرقة «تكن» «2» ، وبالجملة لكلّ صنم قوم صوّرته فإنّهم أهدى لخدمته، وكان الغرض في حكاية هذا الهذيان أن تعرف الصورة من صنمها إذا شوهد وليتحقّق ما قلنا من انّ هذه الأصنام منصوبة للعوامّ الذين سفلت مراتبهم وقصرت معارفهم فما عمل صنم قطّ باسم من علا المادّة فضلا عن الله تعالى وليعرف كيف يعبّد «3» السّفل بالتمويهات ولذلك قيل في كتاب «كيتا» : إن كثيرا من الناس يتقرّبون في مباغيهم إليّ بغيري ويتوسّلون بالصدقات والتسبيح والصلاة لسواي فاقوّيهم عليها واوفّقهم لها وأوصلهم إلى إرادتهم «4» لاستغنائي «4» عنهم، وقال فيه أيضا «باسديو» لأرجن: ألا ترى أنّ أكثر الطامعين يتصدّون في القرابين والخدمة أجناس الروحانيّين والشمس والقمر وسائر النيّرين فإذا لم يخيّب الله آمالهم لاستغنائه عنهم وزاد على سؤالهم وآتاهم ذلك من الوجه الذي قصدوه أقبلوا على عبادة مقصوديهم لقصور معرفتهم عنه وهو المتمّم لأمورهم على هذا الوجه من التوسيط ولا دوام لما نيل بالطمع

والوسائط إذ هو بحسب الاستحقاق وإنّما الدوام لما نيل بالله وحده عند التبرّم بالشيخوخة والموت والولاد، فهذا ما في كلام باسديو؛ وهؤلاء الجهّال إذا وجدوا نجاحا بالاتفاق أو العزيمة وانضاف إلى ذلك شيء من مخاريق السدنة بالمواطأة قويت غياياتهم لا بصائرهم وتهافتوا على تلك الصور يفسدون عندها صورهم باراقة دمائهم والمثلة بأنفسهم بين أيديها. وقد كانت اليونانية في القديم يوسّطون الأصنام بينهم وبين العلّة الأولى ويعبدونها بأسماء الكواكب والجواهر العالية إذ لم يصفوا العلّة الأولى بشيء من الإيجاب بل بسلب الأضداد تعظيما لها وتنزيها فكيف ان يقصدوها للعبادة! ولمّا نقلت العرب من الشام أصناما إلى أرضهم عبدوها كذلك ليقرّبوهم إلى الله زلفى؛ وهذا أفلاطون يقول في المقالة الرابعة من كتاب «النواميس» : واجب على من اعطى الكرامات التامة ان ينصب بسرّ الآلهة والسكينات ولا يرئّس «1» أصناما خاصّة للآلهة الأبوية، ثم الكرامات التي للآباء إذا كانوا أحياء فإنّه اعظم الواجبات على قدر الطاقة، ويعني بالسرّ الذكر على المعنى الخاصّ وهو لفظ يكثر استعماله فيما بين «الصابئة الحرنانيّة» و «الثنويّة المنانيّة» ومتكلّمي الهند، وقال جالينوس في كتاب «أخلاق النفس» : إنّ في زمان «قومودس» «2» من القياصرة وهو قريب من خمس مائة ونيّف للاسكندراتى رجلان إلى بائع الأصنام فساوماه صنم «هرمس» واحدهما يريد نصبه في هيكل ليكون تذكرة لهرمس والآخر يريد نصبه على قبر ليذكر به الميّت ولم يتّفق إحدى التجارتين فأخّرا أمره الى الغد وأرى بائع الأصنام تلك الليلة في منامه كأنه الصنم يكلّمه ويقول له: أيّها المرء الفاضل! أنا صنيعتك قد استفدت بعمل يديك صورة تنسب الى كوكب فزالت عني سمة الحجريّة التي كنت أسمّي بها فيما سلف وعرفت بعطارد فالأمر إليك الآن في تصييري تذكرة لشيء لا يفسد أو لشيء قد فسد؛ وتوجد رسالة لأرسطو طالس في الجواب عن مسائل للبراهمة انفذها إليه الاسكندر

وفيها: أمّا قولكم إنّ من اليونانية من ذكر أنّ الأصنام تنطق وأنّهم يقرّبون لها القرابين ويدّعون فيها الروحانية فلا علم لنا بشيء منه ولا يجوز أن نقضي على ما لا علم لنا به، فإنّه ترفّع منه عن رتبة الأغبياء والعوامّ وإظهار من نفسه أنّه لا يشتغل بذلك؛ فقد علم أنّ السبب الأول في هذه الآفة هو التذكير؟ والتسلية ثمّ ازدادت إلى ان بلغت الرتبة الفاسدة المفسدة، وإلى السبب الأول ذهب معاوية في أصنام «سقلية» لمّا فتحت في سنة ثلاث وخمسين في الصائفة وخمل منها أصنام الذهب مكلّلة مرصّعة بالجواهر فبعث بها إلى «السند» لتباع هناك من ملوكهم فإنّه رأى بيعها قائمة أثمن الدينار «1» دينارا وأعرض عن الآفة الأخيرة في حكم الإيالة لا الديانة.

يب- في ذكر بيذ والپرانات وكتبهم الملية

يب- في ذكر بيذ والپرانات وكتبهم الملّيّة «بيذ» تفسيره العلم لما ليس بمعلوم، وهو كلام نسبوه إلى الله تعالى من فم «براهم» ويتلوه «البراهمة» تلاوة من غير أن يفهموا تفسيره ويتعلّمونه كذلك فيما بينهم يأخذه «1» بعضهم من بعض ثمّ لا يتعلّم تفسيره إلّا قليل منهم وأقلّ من ذلك من يتصرّف في معانيه وتأويلاته على وجه النظر والجدل؛ ويعلّمونه «كشتر» فيتعلّمه من غير أن يطلق له تعليمه ولو لبرهمن، ثم لا يحلّ لبيش ولا لشودر أن يسمعاه فضلا عن أن يتلفّظا به ويقرآه وإن صحّ ذلك على أحدهما دفعته البراهمة إلى الوالي فعاقبه بقطع اللسان؛ ويتضمّن بيذ الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب بالتحديد والتعيين والثواب والعقاب، ومعظمه على التسابيح وقرابين النار بأنواعها التي لا تكاد تحصى كثرة وعسرة؛ ولا يجوّزون كتبته لأنّه مقروء بألحان فيتحرّجون عن عجز القلم وإيقاعه زيادة أو نقصانا في المكتوب ولهذا فاتهم مرارا فإنّهم يزعمون أنّ في مخاطبات الله تعالى مع براهم في المبدإ على ما حكاه «شونك» ناقله كوكب الزهرة عنه: إنّك ستنسى «بيذ» في الوقت الذي يغرق فيه الأرض فيذهب إلى أسفلها ولا يتمكّن من إخراجه غير السمكة فأرسلها حتى يسلّمه إليك وأرسل الخنزير حتى يرفع الأرض بأنيابه ويخرجها من الماء؛ ويزعمون أيضا أنّ

بيذ كان اندرس في جملة ما اندرس من رسوم دينهم ودنياهم في «دواپر» الأدنى وهو زمان نذكره في بابه حتى جدّدها «بياس بن پراشر» وفي «بشن پران» : إنّه يتجدّد في أوّل كلّ زمان من أزمنة «منّنتر» صاحب نوبة يملك أولاده كلّ الأرض ورئيس يرؤس العالم وملائكة يعمل لهم الناس قرابين النار و «بنات نعش» يجدّدون بيذ البائد في آخر كلّ نوبة، ولأجل ذلك انتدب بالقرب من زماننا «بسكر «1» » الكشميريّ من أجلّاء البراهمة لتفسير بيذ وتحريره بالكتبة واحتمل من الوزر ما كان يتحرّج عنه غيره إشفاقا عليه أن ينسى فيضيع عن الخواطر وذلك لما رأى من فساد نيّات الناس وقلّة رغبتهم في الخير بل في الواجب؛ ثمّ يزعمون أنّ فيه مواضع لا تقرأ في العمارات خوفا من إسقاط حبالى الناس والبهائم فيصحرون لقراءتها ولا يخلو منسوق من أمثال هذه التهاويل؛ وقد كنّا قدّمنا من كتبهم أنّها مقدّرة بأوزان كالأراجيز وأكثرها بوزن يسمّى «شلوك» للسبب الذي قدمناه، وجالينوس يرتضي ذلك ويقول في كتاب «قاطاجانس» : إنّ الحروف المفردة لأوزان الأدوية تفسد بالنسخ وتفسد أيضا بتعميه الحاسد ولهذا استحقّ «ديمقراطيس» أن تختار كتبه في الأدوية ويشهر أمرها وتحمد لأنّها مكتوبة بشعر موزون في اليونانيّة لكان جميلا، وهذا لأنّ المنثور أقبل للفساد من المنظوم، وليس «بيذ» على ذلك النظم السائر بل هو بنظم غيره، فمنهم من يقول: إنّه معجز لا يقدر أحد منهم أن ينظم مثله، والمحصّلون منهم يزعمون أنّ ذلك في مقدورهم لكنّهم ممنوعون عنه احتراما له؛ وقالوا: إنّ «بياس» قطعه أربع قطع هي: «ركبيذ» و «جزّربيذ» و «سام بيذ» و «اثر بن بيذ» وكان له أربعة «شش» وهم «3» التلامذة فعلّم كلّ واحد واحد أو حمّله إيّاه وهم على ترتيب القطع المذكورة: «پير» «بيشنپاين» «جيمن» «سمنت» ، ولكلّ واحدة من القطع

الأربع في القراءة نهج، فأمّا الأولى فهي ركبيذ فهو مركّب من نظم يسمى «رج» قطاع غير متساوية المقادير وركبيذ سمّى بها كأنّه جملة رج وفيه قرابين النار، ويقرأ بثلاثة أصناف من القراءة أحدها بالاستواء كالرسم في جميع المقروءات والثاني بالوقوف عند كلمة كلمة والثالث وهو أفضلها الموعود عليه جزيل الثواب أن يقرأ منه قطعة صغيرة بكلمات معلومة ويعاد عليها ويضاف شيء من غير المقروء إليها ثمّ يعاد على هذا المضاف وحده فيقرأ ويضاف إليه آخر ولا يزال يفعل ذلك فيتكرّر المقروء عند انتهائه؛ وأمّا «جزّربيذ» فنظمه مركّب من «كانري» ، واسمه مشتقّ منه أي جملة كانري، والفرق بينه وبين الأوّل أنّ هذا يمكن قراءته متّصلا ولا يمكن في الأوّل، وفيه ما في ذلك «1» من أعمال النار والقرابين، وسمعت في سبب انفصال «ركبيذ» عن الاتّصال في القراءة أنّ «جاكملك» كان عند معلّمه وللمعلّم رفيق من البراهمة أراد سفرا وسأله أن يوجّه إلى داره بمن يقيم الشروط على «هوم» أعني ناره ويحفظها عن الخمود أيّام غيبته، فكان المعلّم يوجّه إليها تلاميذه بالنوبة وجاءت نوبة جاكملك وكان حسن المنظر نظيف اللباس فلمّا أخذ فيما أرسل له بمحضر من امرأة الغائب كرهت زينته وفطن جاكملك لما أسرّت فلمّا فرغ وأخذ الماء بيده ليرشّه على رأس المرأة فإنّ ذلك قائم مقام النفث بعد الدعاء فالنفث عندهم مكروه منجّس، قالت المرأة: رشّه على تلك الأسطوانة ففعل واخضرّت الأسطوانة من ساعتها فندمت المرأة على ما فرط منها وجاءت إلى المعلم في اليوم الثاني تسأله توجيه الموجّه بالأمس وأبى جاكملك أن يذهب إلا في نوبته ولم ينجع فيه الالحاح ولم يحفل بغضب المعلّم لكنّه قال له: فارتجع منّي ما علّمتنيه، ولما قال ذلك أنسي ما كان يعلم فقصد الشمس وسألها أن تعلّمه «بيذ» ، قالت الشمس: كيف يمكن ذلك مع ما أنا فيه من دوام الحركة وعجزك عن مثلها! فتعلّق جاكملك بعجلة الشمس وأخذ في تعلّم بيذ منها واضطرّ إلى تقطيع القراءة لأجل الاضطراب في حركة العجلة؛ وأمّا «سام بيذ»

ففيه القرابين والأوامر والنواهي ويقرأ بلحن كالغناء وبذلك سمّي، فإنّ «سام» هو طيبة الحديث وسبب الحانه أنّ «ناراين» لما جاء بصورة «بامن» وأتى «بل» الملك جعل نفسه «برهمنا» وأخذ في قراءة سام بيذ بلحن شجيّ أطربه به حتى كان من أمره ما كان؛ وأمّا «أثربن» فهو متّصل ليس من النظمين الأوّلين ولكنّه من ثالث يسمّى «بهر» ويقرأ بلحن مع غنّة، ورغبة الناس فيه أقلّ، وفيه أيضا قرابين النار وأوامر في الموتى وما يجب أن يعمل بهم. وأمّا «الپرانات» وتفسير «پران» الأوّل القديم، فإنّها ثمانية عشر وأكثرها مسمّاة بأسماء حيوانات وأناس وملائكة بسبب اشتمالها على أخبارهم أو بسبب نسبة الكلام فيها أو الجواب عن المسائل إليها، وهي من عمل القوم المسمّين «رشين» والذي كان عندي منها مأخوذا من الأفواه بالسماع فهي: «آدبران» أي الأوّل و «مج پران» أي السمكة و «كورم پران» أي السلحفاة و «براه پران» أي الخنزير و «نارسك پران» أي الإنسيّ الذي رأسه رأس أسد و «بامن پران» أي الرجل المتقلّص الأعضاء بصغرها و «باج پران» أي الريح و «نندپران» وهو خادم لمهاديو و «اسكند پران» وهو ابن «مهاديو» و «آدت پران» و «سوم پران» وهما النّيران و «سانب پران» وهو ابن «بشن» وبرهماند پران» وهو السماوات و «ماركنديو پران» وهو «رش» كبير و «تاركش پران» وهو العنقاء و «بشن پران» وهو «ناراين» و «براهم پران» وهو الطبيعة الموكّلة بالعالم و «ببّش پران» وهو ذكر الكائنات في المستأنف؛ وما رأيت منها غير قطع من «مجّ» «وآدت» و «باج» ؛ ثمّ قرئت عليّ من بشن پران على هيئة أخرى فأثبتّها أيضا كالواجب فيما مرجعه إلى الأخبار وهي: «براهم» «بذم» أي النيلوفر الأحمر «بشن» «شب» وهو «مهاديو» «بهكبت» أي «باسديو» «نارذ» وهو ابن «براهم» «ماركنديو» «آكن» وهو النار «بهبّش» وهو ما سيكون «برهم بيبرت»

أي الريح «لنك» وهو صورة عورة مهاديو «براه» «أسكند» «بامن» «كورّم» «متس» أي السمكة «كرد» طائر هو مركب «بشن» «برهماند» ، فهذه أسامي «الپرانات» من «بشن پران» ؛ وأمّا كتاب «سمرت» فهو مستخرج من «بيذ» في الأوامر والنواهي، عمله أبناء براهم العشرون وهم: «1» «2» ولهم كتب في فقه ملّتهم وفي الكلام وفي الزهد والتألّه وطلب الخلاص من الدنيا مثل كتاب عمله «كور» الزاهد وعرف باسمه، ومثل «سانك» عمله «كپل» في الأمور الإلهيّة، ومثل «پاتنجل» في طلب الخلاص واتحاد النفس بمعقولها، ومثل «ناييهاش «3» » لكپل في «بيذ» وتفسيره وأنّه مخلوق وتمييز الفرائض فيه من السنن، ومثل «ميمانس» عمله «جيمن «4» » في هذا المعنى، ومثل «لوكايت» عمله «المشتري» في الأخذ بالحسّ وحده في المباحث، ومثل «آكست مت» عمله «سهيل» في العمل فيها بالحسّ والخبر معا، ومثل كتاب «بشن دهرم» وتفسير «دهرم» الأجر لكنّها عبارة عن الدين فكأنّ الكتاب دين الله منسوبا إلى «ناراين» ؛ وكتب تلاميذ «بياس» وهي: «ديبل» «شكر» «بهاركو» «برهسبت» «جانج بلك» «من» ؛ والكتب في جميع الفنون تكثر فمن يجامعها بأسمائها وخاصّة إذا كان غريبا عن أهلها؛ ولهم كتاب يبلغ من تفخيمهم «5» شأنه

أنّهم يبتّون الحكم بأنّ ما يوجد في غيره فهو لا محالة موجود فيه وليس كلّ ما فيه بموجود في غيره واسمه «بهارث» عمله «بياس بن پراشر» في أيّام الحرب الكبير بين أولاد «پاندو» وبين أولاد «كورو» ويشار إلى تلك الأيّام بهذا الاسم أيضا، والكتاب مائة ألف «شلوك» في ثمان عشرة قطعة تسمّى كلّ واحدة «پرب» فالأولى «سبها پرب» أي مقرّ الملك والثانية «آرن» وهو الأصحار ببروز أولاد «پاندو» والثالثة «برات» وهو اسم ملك كانوا في مملكته وقت الاختفاء والرابعة «أودّوك» وهو الاستعداد للقتال والخامسة «بهيشم» والسادسة «درون» البرهمن والسابعة «كرن بن الشمس» والثامنة «شل» أخ «درجوثن» وهؤلاء من كبار الشجعان تولّوا القتال واحد بعد قتل الآخر، والتاسعة «كذ» وهو الجرز والعاشرة «سوپتك» وهو قتل النيام حين بيّت «أشتام بن درون» مدينة «پانچال» وقتل أهلها والحادية عشر «چلپردانك» وهو سقى الماء باسم الموتى غرفة غرفة وذلك بعد الاغتسال من نجاسة تناولهم ومباشرتهم والثانية عشر «ستري» وهو نياح النساء والثالثة عشر «شأنت» أربعة وعشرون ألف «شلوك» في سلّ السخائم عن القلوب وهو أربعة أقسام: «رازدهرم» في ثواب الملوك و «دان دهرم» في ثواب الصدقات و «آب دهرم» في ثواب المضطريّن والممتحنين و «موكش دهرم» في ثواب المتخلّص من الدنيا والرابعة عشر «اشميذ «1» » وهو قربان الدابّة الموسّلة مع الجند تجول العالم وينادى عليها بأنّها لملك العالم ومن أبى ذلك فليبرز و «البراهمة» تتبعها لإقامة قرابين النار عند مراثها والخامسة عشر «موسل» وهو تقاتل «جادو» قبيلة «باسديو» والسادسة عشر «أشر من باس «2» » أي ترك الوطن والسابعة عشر «پرستان» وهو ترك الملك لطلب النجاة والثامنة عشر «سفرك روهن» وهو القيام نحو الجنّة، ويتلو هذه الثمان عشرة قطعة واحدة أخرى تسمّى «هربنش پرب» فيها أخبار «باسديو» ، وفي هذا الكتاب مواضع كالمعميات محتملة في اللغة

عدّة معان «1» ، زعموا أنّ سببها طلب «بياس» من «براهم» من يكتب له «بهارث» وهو يمليه فجعل ذلك إلى ابنه «بنايك» الذي يصوّر رأس صنمه برأس فيل فشارطه على أن لا يفتر عن الكتبة وشارطه بياس أن لا يكتب إلّا ما يعلم فكان يورد في خلال ذلك ما يضطر له الكاتب الى التفكّر فيه وبذلك كان يستريح المملي

يج- في ذكر كتبهم في النحو والشعر

يج- في ذكر كتبهم في النحو والشعر هذان الفنّان من العلوم آلة لبواقيها والمقدّم عندهم منهما علم اللغة المسمّى «بياكرن» وهو نحو تصحّح كلامهم واشتقاقات تؤدّي بهم إلى البلاغة في الكتابة والفصاحة في الخطابة، ولسنا بمهتدين لشيء منه فإنّه فرع أصل قد عدمناه أعني نفس اللغة، والذي سمعته من أسماء كتبهم في هذا الباب هو: كتاب «ايندر» منسوب إلى «إندر» رئيس الملائكة، وكتاب «چاندر» عمله «چندر» وكان من المحمّرة اصحاب البدّ، وكتاب «شاكت» باسم صاحبه ويسمّى أيضا قبيلته به «شاكتاين» ، وكتاب «پانرت» باسم صاحبه، وكتاب «كاتنتر» عمله «شرب برم» وكتاب «شديوبرت» «1» عمله «ششديو» ، وكتاب «دوركويرت» ، وكتاب «شكهت پرت» عمله «اوكربوت» وحكى لي أنّ هذا الرجل كان مؤدّب الشاه في زماننا «انندپال بن جيپال» ومخرّجه وأنّه أنفذ هذا الكتاب لمّا عمله إلى «كشمير» فلم يجعل به أهلها لزهوهم في ذلك، ونخوتهم فتألّم الرجل بذلك إلى الشاه فضمن له بحقّ التلمذة تبليغه مراده وأمر بانفاذ مائتي ألف درهم وهدايا تشبهها «2» إلى كشمير للتفرقة فيمن اشتغل بكتاب استاذه فكلّهم تهافتوا فيه ونسخوا غيره

بنسخه وتذلّلوا بالطمع واشتهر الكتاب وارتفع؛ وقالوا في أوّليّة هذا العلم: إنّ أحد ملوكهم واسمه «سملواهن» وبالفصيح «ساتباهن» كان يوما في حوض يلاعب فيه نساءه فقال لإحداهنّ: «ماودكندهي» أي لا ترشّي عليّ الماء فظنّت أنّه يقول: «مودكندهى» أي احملي حلوى فذهبت فأقبلت به فأنكر الملك فعلها وعنّفت هي في الجواب، وخاشنت في الخطاب فاستوحش الملك لذلك وامتنع عن الطعام كعادتهم، واحتجب إلى أن جاءه أحد علمائهم وسلّى عنه بأن وعده تعليم النحو وتصاريف الكلام وذهب ذلك العالم إلى «مهاديو» مصلّيا مسبّحا وصائما متضرعا إلى أن ظهر له وأعطاه قوانين يسيرة كما وضعها في العربّية أبو الأسود الدئليّ ووعده التأييد فيما بعدها من الفروع فرجع العالم إلى الملك وعلّمه إيّاها وذلك مبدأ هذا العلم؛ ويتلوه «جند» وهو وزان الشعر المقابل لعلم العروض لا يستغنون عنه فإنّ كتبهم منظومة وقصدهم فيها أن يسهل استظهارها ولا يرجع في العلوم إلى الكتاب إلّا عن ضرورة وذلك لأنّ النفس توّاقة إلى كل ما له تناسب ونظام ومشمئزةّ عمّا لا نظام له ومن أجل هذا ترى أكثر الهند يهترون لمنظومهم ويحرصون على قراءته وإن لم يعرفوا معناه ويفرقعون أصابعهم فرحا به واستجادة له ولا يرغبون للمنثور وإن سهلت معرفته، وأكثر كتبهم «شلوكات» إنّا منها في بلايا فيما أمثّله للهند من ترجمة كتاب «اوقليدس» و «المجسطي» وأمليه في صنعة الأصطرلاب عليهم حرصا منّي على نشر العلم وأن يقع إليهم ما ليس لهم وعندهم فيشتغلون بعملها شلوكات لا يفهم منها المعنى لأنّ النظم محوج إلى تكلّف يتّضح عند ذكرنا اعدادهم وإلّا جهم بكتبتها كما هي منثورة فيستوحشون، والله ينصفني منهم؛ وأوّل من استخرج هذه الصناعة كان «پنكل» و «چلت» والكتب المعمولة في هذا الباب كثيرة وأشهرها كتاب «كيست» باسم صاحبه حتى لقّب العروض أيضا به وكتاب «مركلانچن» وكتاب «پنكل» وكتاب «اولياند» ولم أطّلع على شيء منها ولا على كثير من المقالة التي في «براهم سدهاند» في حسابها بحيث أتحقّق قوانين عروضهم ولا أستجيز مع ذلك الاعراض عمّا أتنسمّ

رائحة إحالة الى وقت الإحاطة؛ وهم يصوّرون في تعديد الحروف شبه ما صوّره الخليل بن أحمد والعروضيّون منّا للساكن والمتحرّك وهما هاتان الصورتان: فالأوّل وهو الذي عن اليسار من أجل انّ كتابتهم كذلك يسمّى «لك-» وهو الخفيف والثاني الذي عن اليمين «كر» وهو الثقيل ووزانه في التقدير أنه ضعف الأوّل لا يسدّ مكانه إلّا اثنان من الخفيف، وفي حروفهم ما يسمّى أيضا طويله ووزانها وزان الثقيلة وأظنّها التي تعتلّ سواكنها وإن كنت إلى الآن لم أستيقن حال الخفيف والثقيل بحيث أتمكنّ من تمثيلها في العربية لكنّ الأغلب على الظنّ أنّ الأوّل ليس بساكن والثاني ليس بمتحرك بل الأوّل متحرّك فقط والثاني مجموع متحرّك وساكن كالسبب في عروضنا وإنّما أتشكّك في الأمر ممّا أجدهم من جمعهم عدّة كثيرة متوالية من علامات الخفيف والعرب «1» لم تجمع بين ساكنين وأمكن ذلك في سائر اللغات وهي التي سمّاها عروضيّو الفارسية متحرّكات خفيفة الحركة فإنّ ما جاوز الثلاثة منها يصعب على القائل بل يمتنع التلفّظ بها ولا تنقاد انقياد المتحرّكات المجتمعة في مثل قولنا: «بدنك كمثل صفتك وفمك بسعة شفتك» ، وأيضا فعلى صعوبة الابتداء بالساكن أكثر أسامي الهند مفتتحة بما ان ليس بساكن فهو من الخفيّات الحركات وإذا كان أوّل البيت كذلك أسقطوا ذلك الحرف من العدد لأنّ شرط الثقيل أن يتأخّر ساكنه لا أن يتقدّم ثمّ أقول كما أن اصحابنا عملوا من الأفاعيل قوالب لأبنية الشعر وأرقاما للمتحرك منها والساكن يعبّرون بها عن الموزون فكذلك سمّى الهند لما تركّب من الخفيف والثقيل بالتقديم والتأخير وحفظ الوزان في التقدير دون تعديد الحروف ألقابا يشيرون بها إلى الوزن المفروض وأعني بالتقدير أنّ «لك» ماتر واحد أي مقدار و «كر» ماتران فلا يلتفت إلى التعديد في الكتابة دون التقدير مثل ما يحسب المشدّد ساكنا ومتحرّكا والمنوّن متحرّكا وساكنا وإن كان كلّ واحد منهما في الكتبة واحدا، فأمّا هما بانفرادهما فإنّ الخفيف يسمّى

أيضا «لا» وكل» و «روپ» و «چامر» و «كره» والثقيل يسمّى أيضا «كا» و «نيور» و «نيم انشك» فلا محالة أنّ أنشك التامّ يكون «كرين» أو ما يوازنهما، وهذه الأسامي من أجل النظم لنفس كتب العروض ولذلك أكثروا الألقاب ليوافق أحدها إن لم يوافق الآخر؛ وأمّا المزدوجات فإن الثنائيّة منها بالتعديد والتقدير معا هذه: وبالتعديد دون التقدير هي: «1» ويسمّى «» ثانيهما «كرتك» ، وإذا صرفا إلى التقدير كانت ثلاثيّة هكذا:، وأمّا الرباعيّة فأسماؤها على اختلافها في كلّ كتاب: «پكش» وهو نصف الشهر، «چلن» أي النار، «مذ» «پربت» أي الجبل ويسمّى أيضا «هار» و «رس» «كهن» وهو المكعّب، والخماسيّة وإن كثرت صورها فإنّ المسمّاة منها: «هست» أي الفيل، «كام» أي المراد، «2» «2» ، «كسم» والسداسيّة:، ومنهم من يعبّر عنها بآلات الشطرنج فيسمّى چلن «فيلا» ومذ «رخا» و پربت «بيذقا» وكهن» «فرسا» : وفي كتاب لغويّ سمّاه «هرؤدّ» باسمه هذه الازدواجات الثلاثيّة من الخفيف والثقيل ملقّبة بحروف مفردة من حروفهم وهي المكتوبة بازائها:

عرّف بها كيفيّة عمل الازدواجات بالاستقراء وقال: ضع أحد النوعين صرفا في الصفّ الأوّل ثمّ امزجه بالنوع الثاني وضع منه واحدا في أول الصفّ الثاني والباقيان من النوع الأوّل ثمّ ضع هذا الممزوج في وسط الصّف الثالث وضعه في آخر الصفّ الرابع وقد فرغت من النصف الأوّل ثمّ ضع النوع الثاني أيضا صرفا في الصفّ الأسفل وامزج بالصفّ الذي فوقه واحدا من النوع الأوّل تضعه في أوّله وفي وسط الذي فوقه وآخر الذي يعلوهما وقد تمّ النصف الآخر ولم يبق من الازدواجات الثلاثيّة شيء، فأمّا التركيب فهو منتظم ولكنّ ما أورد من الحساب لمعرفة رتب الصفوف غير مطّرد عليه وهو أنّه قال: ضع لكلّ واحد من حروف الصفّ اثنين أصلا أبدا فيكون هكذا: 222 واضرب الأيسر في الأوسط وما بلغ في الأيمن فإن كان الضرب في حصّة خفيف فاترك المجتمع على حاله وإن كان في حصّة ثقيل فانقص من المجتمع واحدا؛ ومثّل للصفّ السادس وهو: بأن ضرب اثنين في اثنين ونقص من المجتمع واحدا ثمّ ضرب الثلاثة في الاثنين الباقيين «1» فاجتمع ستّة، ولكنّ ذلك لا يصحّ في أكثر الصفوف وكأنّه وقع في النسخة فساد فأمّا الوضع فإنّه إذا كان هكذا:

وهو أن يكون مزاج السطر الأيمن بالإغباب واحدا من آخر ومزاج السطر الأوسط اثنين من نوع واثنين من آخر ومزاج الأيسر أربعة من ذا وأربعة من ذاك بحسب أزواج الزوج في مزاجات الأسطر ثمّ زيد في الحساب المذكور أنّ ابتداء الصفّ إن كان بحصّة ثقيل نقص منها قبل الضرب واحد وإن كان الضرب في حصّة ثقيل نقص من المبلغ واحد حصل المطلوب من عدد رتبة الصفّ: وكما أنّ أبيات العربيّة تنقسم لنصفين بعروض وضرب فإنّ ابيات أولئك تنقسم لقسمين يسمّى كل واحد منهما رجلا «1» وهكذا يسمّيها اليونانيّون ارجلا «2» «2» ما يتركّب منه من الكلمات سلابي والحروب بالصوت وعدمه والطول والقصر والتوسّط: وينقسم البيت لثلاث أرجل ولأربع وهو الأكثر وربّما زيد في الوسط رجل خامسة ولا تكون مقفّاة ولكن إن كان آخر الرجل الأولى والثانية حرفا واحدا كالقافية وكذلك آخر الثالثة والرابعة أيضا حرفا واحدا سمّي هذا النوع «ارل» ويجوز في آخر الرجل ان يصير الخفيف ثقيلا وإن كان بناء الجنس على الختم بالخفيف؛ ويحوز شعرهم وشعوبها وأقسامها أبحرا «3» كثيرة جدّا، والذي هو ذو خمس أرجل فإنّ الخامسة تتوسّط فيما بين الأوليين والأخريين وبحسب عدد حروفها تختلف الألقاب فيه وبحسب ما يتبعه أيضا فإنّهم لا يحبّون أن تكون أبيات القصيدة كلّها من صنف واحد ولكنّهم يجعلونها من أصناف كثيرة لتكون ديباجة موشّاة، فأمّا وضع الأرجل الأربع في ذي الأربع فإنّه يكون على هذه الصورة: وهذا المثال لنوع من موزوناتهم يسمّى «اسكند» ذي «4» أربع أرجل «5» وهو نصفان في كلّ واحد منهما ثمانية «أنشك» ، ولا يجوز من أفرادها في الأوّل

والثالث والخامس أن تكون «مذ» أعني، وفي السادس بالوجوب يكون إمّا مذ وإمّا «كهن» أيّهما اتّفق ولا يجوز غيرهما فإذا حصلت هذه الشريطة جاز في سائر «أنشك» أن يكون كيف اتّفق أو أريد أن لا تنقص عن التقدير ولا تزيد، فإذا صحّحت قوالب الأرجل بالأنشكات وضعت الأرجل الأربع حينئذ هكذا: الأولى «1» الثانية الثالثة الرابعة ثمّ ركّب الموزون عليها، وتكون علامات القوالب العربيّة بهذه الأرقام خلاف التي على المتحرّك والساكن ومثاله أنّا نعبّر عن قوالب الخفيف السالم التامّ بأبنية الأفاعيل في كلّ واحد من عروضه ونقول:

فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن وعلاماته: وبأرقام الهند: وهي مقلوبة؛ وقد قدّمت العذر وكرّرته انّه لم يحصل لي من هذا الفنّ ما يصلح للتعريف إلّا أنّي مع ذلك أبذل فيه جهد المقلّ وأقول: إنّ كلّ ذي أربع أرجل يتشابه أرقامها بالتقدير والتعديد على التحاذي حتى إذا عرفت رجل واحدة عرفت سائرها بسبب أنّها أمثالها فإنّه يسمّى «برت» وعندهم أنّه لا يجوز أن تكون حروف الرجل أقلّ من أربعة إذ ليس في «بيذ» رجل إلّا كذلك وعلى هذا يكون أقلّ عدد حروفه أربعة وأكثره ستّة وعشرين «1» وعدد «پرت» ثلاثة وعشرين والأوّل من أربعة أحرف ثقال ولا يجوز أن يقام بدل أحدها خفيفان واشتبه الأمر في الثاني فتركناه وأمّا الثالث فإنّ قالبه «كهن، پكش:» والرابع «كران» ، ولكان، وثلاثة كر:» ولو قيل «پكش، چلن، پكش» لكان أحسن والخامس «كرتكان، چلن، پكش: «2» » والسادس «كهن» مذ، پكش:» والسابع «كهن، پربت، چلن:» والثامن «كام، كسم، جلن، كر:» والتاسع «پكش، هست، چلن، مذ، كر:» والعاشر «پكش، پربت، چلن، مذ، پكش:» والحادي عشر «پكش، مذ، جلنان «3» ، هست:» والثاني عشر «كهن؛ جلن، بكش، هستان «4» :» ولثالث عشر «پربت،

كام، كسم، مذ، چلن:» والرابع عشر «هست، پكش، پربت، كسم، پربت، لك، كر:» والخامس عشر «پكشان «1» ، پربت، كسم، كامان «2» ، كر: والسادس عشر «پكش، پربت، كام، كسم، پكش، لك، كر:» والسابع عشر «پكشان «1» ، پربت، كهن؛ چلن، پكش، كسم:» والثامن عشر «پكشان «1» ، پربت، كهن، چلن، كامان «3» : «3» » والتاسع عشر «كر، پكشان «1» ، پربت، كهن، چلن، كامان «2» كر: «4» » والعشرون أربعة «پكش، چلن، مذ، پكش، مان «5» كر:» والحادي والعشرون أربعة «پكش ثلاثة، چلن، مذان «5» ، كر:» والثاني والعشرون أربعة «پكش، كسم، مذ، چلن، مذان «5» ، كر:» والثالث والعشرون ثمانية «كر، عشرة لك، كام، جلن، لك، كر:» ؛ وإنّما طوّلت في الحكاية وإن

نزرت عائدتها ليشاهد اجتماع الخفاف فيعلم أنّها متحرّكات لا سواكن وليحاط بكيفيّة قوالبهم وتقطيع أبياتهم وليعرف أنّ الخليل بن أحمد كان موفّقا في الاقتضابات وإن كان ممكنا أن يكون سمع أنّ للهند موازين في الأشعار كما ظنّ به بعض الناس، وتكلّفنا ذلك ليتقرّر به شريطة «الشلوك» من أجل انّ مباني الكتب عليه فنقول: إنّه من ذوات الأربع أرجل كلّ واحدة ذات ثمانية أحرف لا تتشابه في الأرجل وتكون أواخر الأربع من جنس واحد وهو الثقيل، ومن شرطه أن يكون الحرف الخامس في جميع أرجله خفيفا أبدا والسادس فيها ثقيلا والسابع في كلّ واحدة من الرجل الثانية والرابعة خفيفا وفي الباقيتين ثقيلا ثمّ سائر الأحرف كيف اتّفقت او أريدت، ولكي تعلم كيفيّة استعمال الحساب فيه نقول حاكين عن «برهمكوپت» : إنّ أوّل أجناس الشعر هو «كايتر» وهو ذو رجلين فإذا فرضنا عدد حروف هذا الجنس أربعة وعشرين وأقلّ عدد حروف الرجل اربعة كان الرجلان هكذا: 44 على أقلّ ما يمكن لكنّ المفروض لهما 24 فالباقي 16 نزيده على الرجل اليمنى حتى تصيرا 20: 4، ولو كان ذا ثلاث ارجل لكانت 16: 4: 4 فإنّ الرجل اليمنى متميّزة أبدا مسمّاة باسم على حدة وما قبلها من الأرجل مجتمعة جملة واحدة وباسم على حدته مسمّاة ولو كان ذا اربع ارجل لكانت 12: 4: 4: 4، فإن لم نعمل على الأربعة التي هي أقلّ ما يمكن في الرجل وأردنا الازدواجات الحادثة في ذي الرجلين من الأربعة والعشرين حرفا زدنا على الرجل اليسرى واحدا ونقصنا من اليمنى واحدا ووضعنا الحاصلين تحتهما كلّ واحد في جانبه ولا يزال يفعل ذلك إلى أن ينتهي إلى مثل العددين اللذين في أول السطرين متبادلين على مثال هذه الصورة: وعدد هذه الازدواجات سبعة عشر كفضل ما بين العددين الأوّلين مزيدا عليه واحد؛ وأمّا ذو الثلاث الأرجل على العدد المفروض فإنّ أوّله الموضوع على الأقلّ كما ذكرنا يكون 16: 4: 4 فتقام اليمنى والوسطى مقام رجلي ذي الرجلين ويعمل

بهما ما تقدم من نقصان الواحد في اليمنى وزيادته في الوسطى حتى يحصل العددان الأوّلان متبادلين، ولا يفعل باليسرى غير التكرير حتى يحصل على هذه الصورة ثلاثة عشر ازدواجا: ولكنّها بالتقديم والتأخير تصير ستّة أمثال ذلك وهو ثمانية وسبعون أعني أن يكون اليمنى في مكانه وتبادل الباقيات حتى تصير اليسرى وسطى والوسطى يسرى ثمّ تنقل اليمنى وتجعل فيما بين الباقيين ثابتين على حالهما ومبدولين ثمّ تنقل اليمنى الى الجانب الوحشي من اليسرى بثبات وضعي الباقيين وبتبديلهما، ولأنّ التفاضل في اعداد الرجل يكون كزوج الزوج فإن العدد الذي هو بعد الأربعة فيها هو الثمانية فيجوز ان توضع «1» حروف الأرجل الثلاث هكذا: 8: 8: 8 إلّا أنّ الخواصّ

العدديّة تكون لها على قانون آخر وذو الأربع على قياس ذي الثلاث؛ ولم أطالع من المقالة المذكورة إلّا ورقة واحدة وهي لا محالة مشتملة على نفائس من الأصول العدديّة والله يوفّق ويرزق بمنّه، واليونانيّون على ما أتفرّس من كتبهم كانوا يذهبون في أرجل الشعر مذهبهم فإنّ جالينوس يقول في كتاب «قاطاجانس» : إنّ الدواء المتّخذ باللعابات التي استخرجها «ماناقراطيس» قد وصفه «ديمقراطيس» بشعر موزون ذي ثلاثة مصاريع.

يد- في ذكر كتبهم في سائر العلوم

يد- في ذكر كتبهم في سائر العلوم العلوم كثيرة وبتناوب الخواطر إيّاها متزايدة متى كان زمانها في إقبال وعلامته رغبة الناس فيها وتعظيمهم لها ولأهلها وأولاهم بذلك من يليهم فإنّ فعله يفرّغ القلوب المشتغلة بضرورات الدنيا ويهزّ «1» الأعطاف للازدياد من الإحماد والرضا فالقلوب مجبولة على حبّ ذلك وبغض ضدّه، وليس زماننا بالصفة المذكورة بل بنقيضها إن كان ولا بدّ فمتى ينشو فيه علم أو ينمو ناش وإنّما الموجود فيه بقايا وصبابات من الأزمنة التي كانت على تلك الصفة، وإذا عمّ الأرض شيء أخذت كلّ فرقة عليها بنصيبها والهند إحداها ومعتقدهم في تراجع الأيّام وفق ما هو موجود بالعيان؛ وعلم النجوم فيهم أشهر لتعلّق أمور الملّة به ومن لا يعرف الأحكام منهم لا يقع عليه بمجرّد الحساب سمة التنجيم، والذي يعرفه أصحابنا «سندهندا» هو «سدّهاند» أي المستقيم الذي لا يعوجّ ولا يتغيّر ويقع هذا الأسم على كلّ ما علت رتبته عندهم من علم حساب النجوم وإن كان عندنا قاصرا عن زيجاتنا وهو خمسة: أحدها «سورج سدّهاند» منسوب الى الشمس تولّاه «لات» والثاني «بسشت سدّهاند» منسوب إلى احد كواكب بنات نعش عمله «بشنچندر» والثالث «پلس سدّهاند» منسوب إلى «بولس» اليونانيّ من مدينة «سينتر» وأظنّها

الإسكندرية» عمله «پلس» والرابع «رومك سدّهاند» منسوب إلى الروم عمله «اشريخين» والخامس «براهم سدّهاند» منسوب الى براهم عمله «برهمكوپت بن جشن» في مدينة «بهلّمال» وهي فيما بين «مولتان» وبين «انهلواره» ستّة عشر «جوژنا» ، واستناد جميعهم إلى كتاب «پيتامة» المنسوب الى الأب الأوّل وهو براهم، وقد عمل «براهمهر» زيجا صغير الحجم سمّاه «پنچ سدّهاند ك» ويوجب الاسم احتواءه على ما في الخمسة وليس كذلك ثمّ ليس خيرا منها حتى يقال إنّه أصح الخمسة والاسم يثبت الخمسة لعددها، ثمّ يقول «برهمكوپت» : إنّ السدّهاند كثير منها «سورج» ومنها «اند» ومنها «بلس» ومنها «رومك» ومنها «بسشت» ومنها «جبن» أي اليونانيّة وعلى كثرتها لا تختلف إلّا باللفظ دون المعنى فمن تأمّلها حقّ تأمّل عرف اتّفاقها، ولم يحصل لي إلى الآن نسخة إلّا الذي لپلس والذي لبرهمكوبت من غير أن تمّ لي بعد ترجمتها، وأذكر فهرست أبواب «براهم سدّهاند» فإنّ ذلك نافع في المعارف: آفي أحوال الكرة وهيئة السماء والأرض، ب في أدوار الكواكب ومزاولة الأزمنة واستخراج اوساط الكواكب وعمل الجيوب للقسيّ، ج في تقويم الكواكب، د في الأسولة الثلاثة التي هي الظلّ والماضي من النهار والطالع واستخراج بعضها من بعض، هـ في ظهور الكواكب من شعاع الشمس واختفائها به، وفي رؤية الهلال وحال قرنيه، ز في كسوف القمر، ح في كسوف الشمس، ط في ظلّ القمر، ى في اجتماع الكواكب واقترانها، يا في عروض الكواكب، يب في انتقاد ما في الكتب والزيجات وتمييز الصحيح من السقيم، يج في الحساب ومزاولته في المساحات وغيرها، يد في تحقيق اوساط الكواكب، يه في تحقيق تقويم الكواكب، يو في تحقيق الأسولة الثلاثة، يز في انحرافات الكسوف، يح في تحقيق رؤية الهلال وقرنيه، يط في «كتك» وهو الدقّ على معنى تشبيه الاجتهاد في الطلب بدقّ ما يستخرج منه الدهن وهو في الجبر والمقابلة بالمقرنات وفي مطالب أخر عدديّة، ك في أمور الظلّ، كا في حسابات اوزان الشعر وعروضه، كب في الدوائر والآلات،

كج في الأزمان والمقادير الأربعة أعني الشمسيّ والطلوعيّ والقمريّ والمنازليّ، كد في علامات الأعداد والأرقام في خلال المنظومات، فذلك أربعة وعشرون بابا، قال والخامس والعشرون «دهانكر هادّها» الذي «1» يخرج فيه «2» المطالب بالفكرة دون مزاولة الحساب ولم أذكره هاهنا لأنّ العلل انزاحت بالحساب وأظنّ أنّ ما أشار إليه هو براهين الأعمال وإلّا فمتى يستخرج شيء من هذه الصناعة بغير حساب؛ وكلّ ما انحطّ عن رتبة «سدّهاند» فيسمّى أكثره إمّا «تنتر» وإمّا «كرن» فأمّا تنتر فمعناه المتصرّف تحت يد العامل وأمّا كرن فمعناه التابع أي لسدّهاند وأيضا فإن عاملوه هم «آجارج» «أعني العلماء الزهّاد وهم تبّع براهم، ولكلّ واحد من «آرجبهد» و «بلبهدر» ، «تنتر» معروف ولبها نرجس كتاب «رساين تنتر» ورساين مفسّر في بابه وأمّا «كرن» منسوب إلى اسمه، ولبرهمكوپت «كرن كندكاتك» وهذا اسم لنوع من الحلوى عندهم وسمعت في سبب تسميته بذلك أنّ «سكريم الشمنيّ» عمل زيجا سمّاه «ددّساكر» أي بحر «الماست» وعمل تلميذ له زيجا سمّاه «كورببيا» أي جبل من أرزّ ثمّ عمل «اند» لون مشت» أي كفّ ملح فلهذا سمّى «برهمكوبت» كتابه بالحلوى ليتمّ الطعام وما فيه فهو على رأي «آرجبهد» ولذلك تلاه بكتاب سمّاه «اوتر كندكاتك» أي تحقيقه، ويتلوه كتاب آخر لا أتحقّق أهو له أو لغيره يسمّى «كندكاتك تپّا» فيه علل الأعداد المستعملة فيه وما هي على أنّي أظنّ ظنّا أنّه لبلبهدر، ولبجيانند المفسّر في بلد «بارانسي» زيج يعرف بكرن تلك أي غرّة التوابع، ولبتّيشّفر بن مهدتّ من بلد «ناكرپور» زيج سمّاه «كرن سار» أي المستخرج من التوابع، ولبها نرجس كتاب «كرن برتلك» يستخرج به، زعموا مقوّمات الكواكب بعضها من بعض، ولاوپل الكشميريّ «راهنر اكرن» أي كاسر التوابع، و «كرن پات» أي قاتل التوابع، و «كرن جورامن» ولا اعرف صاحبه؛ ثمّ كتب اخر بأسماء اخر مثل «مانس» الكبير من

عمل «من» وتفسير «اوپل» ومثل مانس الصغير اختصره «پنچل» من الناحية الجنوبيّة، ومثل «دشكيتك» لآرجبهد، و «آرجاشتشت» له، ومثل «لوكانند» باسم صاحبه، ومثل كتاب «بهتّل» البرهمن باسمه، وما لا يكاد يحصى من هذا الجنس؛ وأمّا كتبهم في أحكام النجوم فإنّ لكلّ واحد من «ماندبّ» و «پراشر» و «كرك» و «براهم» و «بلبهدر» و «دبياتت» و «براهمهر» كتاب «سنكهت» ، وتفسيره: المجموع يشتمل على نيف من كل شيء كالتذكرة السفريّة من إحداث الجوّ وأمور الدول والاختيارات ثمّ الفراسة والتعبير والزجر فعلماؤهم به مؤمنون وجرى رسم منجّميهم ان يعبّروا عن علم إحداث الجوّ والعالم بسنكهت، ولكلّ واحد من «پراشر» و «ستّ» و «منتّ» و «چيبشرم» و «مو» اليونانيّ كتاب «جاتك» أي المواليد، ولبرهمهر منه اثنان صغير وكبير فسّره بلبهدر ونقلت أنا أصغرهما إلى العربّي، وفي باب المواليد كتاب لهم كبير يسمّى «ساراول» أي المختار شبه «الپزيدج» عمله «كلان برم» الملك وكان يرجع إلى فضيلة علميّة، وكتاب أكبر منه جامع في كلّ باب من الأحكام يعرف بجبن اي الذي لليونانّيين، ولبراهمهر كتب صغار منها «ختّ پنچاشك» ستّة وخمسون باب في المسائل، وكتاب «هوربنج هتري» فيها ايضا، وفي الأسفار كتاب «زوك زاتر» وكتاب «تكني ژاتر» ، وفي العرس والتزويج كتاب بباهپتل «1» وفي الأبنية كتاب «2» ، ثمّ «2» فيما يشبه الزجر والفأل كتاب «سروذو» وهو على ثلاث نسخ، إحداها منسوبة إلى «مهاديو» وصاحب الثانية «بملبدّ» وصاحب الثالثة «بنكال» ، وكتاب «جورامن» اي علم الغيب عمله «البدّ» صاحب المحمّرة الشمنيّة، وكتاب «پرشن جورامن» أي مسائل علم الغيب عمله «اوپل» ؛ ومن علمائهم ما لم يمرّ اسمه مع كتاب: «پردّمن» و «سنكهل» و «دباكر» و «پريسفر» و «سارسفت» و «پيروان» و «ديوكيرت» و

«پرتوتك سوام» ؛ وعلم الطبّ مع علم النجوم في قرن لولا اشتباك ذاك بالملّة، ولهم كتاب يعرف بصاحبه وهو «چرك» يقدّمونه على كتبهم في الطبّ ويعتقدون فيه أنّه كان «رشا» في «دواپر» الأدنى وكان اسمه «اكن بيش» ثم سمّى «چرك» أي العاقل لمّا حصّل الطبّ من الأوائل اولاد «سوتر» وكانوا رشين وهؤلاء اخذوه من «اندر» وأخذه اندر من «اشوني» احد طبيبي «ديو» وأخذه هذا من «پرچابت» وهو براهم الأب الأوّل، وقد نقل هذا الكتاب للبرامكة إلى العربّي، ولهم فنون من العلم أخر كثيرة وكتب لا تكاد تحصى ولكنّي لم أحط بها علما وبودّي إن كنت اتمكّن من ترجمة كتاب «بنج تنتر» وهو المعروف عندنا بكتاب «كليلة ودمنة» فإنّه تردّد بين الفارسيّة والهنديّة ثمّ العربيّة والفارسيّة على ألسنة قوم لا يؤمن تغييرهم إيّاه كعبد الله بن المقفّع في زيادته باب «برزويه» فيه قاصدا تشكيك ضعفي العقائد في الدين وكسرهم للدعوة إلى مذهب «المنانيّة» وإذا كان متّهما فيما زاد لم يخل عن مثله فيما نقل.

يه- في ذكر معارف من تقديراتهم ليسهل ذكرها في خلال الكلام

يه- في ذكر معارف من تقديراتهم ليسهل ذكرها في خلال الكلام التعديد منطبع في الانسان، والشيء يصير معلوم المقدار إذا أضيف الى الذي يسمّى من جنسه واحدا بالوضع وبذلك يصير فضل ما بينه وبين آخر يجانسه معلوما، فأمّا الوزن فبه يعرف قدر الأثقال من جهة النقل عند موازاة عمود الآلة الأفق وقلمّا يحتاج الهند إلى ميزان لأنّ دراهمهم عدديّة وكسورها بالفلوس أيضا معدودة وسكك كليهما مختلفة حتى ينسب بها الى بلادها وحدودها وإنّما يزنون بالميزان الذهب مطبوعا أو مطبوعا غير مضروب ويستعملون فيه مقدارا يسمّونه «سورن» ويسمّى ثلاثة أرباعه «توله» ويكثر استعمالهم توله على قياس استعمالنا للمثقال وبحسب ما عرفته منه من جهتهم يوازن من دراهمنا بوزن سبعة ثلاثة دارهم فيكون توله من مثاقيلنا مثقالين وعشر مثقال واعظم أجزاء توله اثنا عشر وتسمّى «ماشات» وهي لسورن ستّة عشر ماشه وكلّ ماشه منها أربعة «اندي» وهو بزر شجرة تسمّى «كرو» وكلّ اندي أربعة «جو» وكلّ جو ستّة «كل» وربع كل «1» وكلّ كل أربعة «باذه» وكلّ پاذه أربعة «مدري» فإذن في كلّ سورن 16 ماشة 64 اندي 256 جو 1600 كل 6400 باذه 25600 مدري وتسمّى كلّ ستّةّ من الماشات «دركشم» وإذا سئل عن مقداره زعموا أن اثنين «2» منه مثال وهو خطأ فان

ماشات المثقال خمسة وخمسة اسباع ماشة وإنّما النسبة بين دركشم وبين المثقال نسبة العشرين إلى الأحد والعشرين فدركشم مثل المثقال ومثل ربع خمسة فكأنّ المجيب أراد المثقال بسبب التقريب فعبّر عنه بضعفه فبعد ذلك التقريب، ولأنّ الواحد ليس بواحد بالحقيقة في هذه الأشياء بل هو مقدار مصطلح على وحدانيّته فإنّه يقبل التجزئة فعلا ووهما ويختلف أجزاوه في الأمكنة في زمان واحد وفي الأزمنة في مكان ويتغيّر أساميها فيهما عند تغاير اللغات الأصليّ وتبدّلها العرضيّ، فقد ذكر بعض من كان سكناه بقرب «سومنات» : إنّ مثقالهم هو مثقالنا ويتجزّأ بثمانية «روه» وكلّ روه «پالان «1» » وكلّ پال ستّة عشر «جو» أي شعيرة فالمثقال إذن ثمانية روه وستّة عشر بال ومائتا «2» وستّة وخمسون «3» شعيرة، وقد علم من هذا أنّه غلط في التسوية بين مقداري المثقالين وأنّ الذي عندهم هو «توله» وأفاد للماشه اسما آخر وهو روه، ومن تعسّف في هذا الباب فإنّه زعم على ما ذكر «براهمهر» في تقدير صنعه الأصنام: إنّ كلّ عشر هباءات «4» واسمها «رين» تسمّى رج» وكلّ ثمانية رج تكون» «5» بالاك» وهو رأس الشعرة وثمانية منه «ليك» «6» وهو الصّؤابة في الشعر وثمانية منها «ژوك» وهو القملة وكلّ ثماني قمل تكون جواعني شعيرة، ويذهب منها هناك إلى تقدير المسافة فأمّا في الأوزان فيوافق ما تقدّم ويقول: إنّ كلّ أربع شعيرات «اندي» وكلّ أربعة اندي «ماشه» وكلّ ستة عشر ماشه «سورن» وهو الذهب وكلّ أربعة سورن «بل» ، فأمّا في الأشياء اليابسة فكلّ أربعة «بل» «كرب» وكلّ أربعة كرب «برست» وكلّ أربعة برست «آرها» ، وأمّا في الرطبة فكلّ ثمانية بل كرب وكلّ ثمانية كرب پرست وكلّ أربعة پرست آرها

وكلّ أربعة آرها «درون» ، وفي كتاب «چرك» من هذه الأوزان ما سأحكيه ناقلا من النسخة العربيّة لم أتلقّفه من لسان وما أظنّه إلّا فاسدا فساد سائر الأشياء التي أعرفها فانّ هذا في خطّنا ضروريّ وخاصّة عند أهل زماننا الذين لا يهتمّون لتصحيح ما ينقلون قال: قال «اطري» إنّ ستّ ذرّات يعني هباءات تكون «ميرچ» وستّة ميرج خردلة وثماني خردلات أرزّة حمراء وأرزّتان حمراوان مجّة عظيمة ومجّتان «اندي» وهو ثمن الدانق على أنّ الدرهم سبعة دوانيق وأربعة اندي «ماشه» وثمانية ماشه «جهان» واثنان من جهان «كرش» وهو «سورن» ويزن درهمين وأربعة من سورن پل وأربعة بل كرب وأربعة كرب پرست وأربعة پرست آرها وأربعة آرها درون ودرونان «شرپ» «1» واثنان من شرپ «1» «جنا» ؛ ومقدار پل في مبايعات الهند مستعمل إلّا أنّه مختلف في السلع وفي البلدان ايضا ويقولون إنّه ثلث خمس «منا» ، ثمّ من زاعم أنّه أربعة عشر مثقالا وليس المنا مائتي وعشرة مثاقيل، ومن قائل إنّه ستّة عشر وليس المنا مائتي وأربعين مثقالا، ومن قائل إنّه خمسة عشر درهما وليس «المنا» مائتي وخمسة وعشرين درهما إلّا أن يكون عدده في المنا أو عدد المنا منه غير ذلك، ومن قول أطري: يكون «آرها» أربعة وستّين «پل» ومائة وثمانية وعشرين درهما وذلك موازن للرطل، ولكن «اندي» متى يكون ثمن دانق فإنّ «سورن» يحوي منه اربعة وستّين فحصّة الدرهم عنده اثنان وثلاثون فان كانت اثمان دوانيق فهي اربعة دوانيق وضعفها درهم وثلث قاصر عن الدرهمين، وهذا من نتائج التجزيف في الترجمة وخلط الآراء المختلفة من غير معرفة، وأمّا القول الأوّل المبنيّ على أن سورن ثلاثة دراهم من دراهمنا ولم يختلفوا في أنّه ربع پل فانّه يكون اثنى عشر درهما وإن كان ثلث خمس المنا فانّه مائة وثمانون درهما وهذا موهم أنّ سورن ثلاثة مثاقيل من مثاقيلنا لا دراهم؛ وقال «براهمهر» في موضع آخر من «سنكهت» : اعمل آنية مدوّرة قطرها ذراع وسمكها

كذلك وضعها للمطر إلى ان يقلع وكل «1» ما اجتمع فيها من الماء بمكيال يسع مائتي درهم فكلّ اربعة منه آرها وهذا مقول بالتقريب لأنّ آرها يكون على ما تقدّم من تحديده سبعمائة وثمانية وستّين إمّا دراهم كما قالوا وإمّا مثاقيل كما «2» تفرّسته، وحكى «شريپال» عن براهمهر: إنّ خمسين پل تكون مائتي وستّة وخمسين درهما وذلك آرها وقد أخطأ في الحكاية فليست هذه دراهم وإنّما هي عدد ما في آرها من سورن وما فيه من پل فهو اربعة وستّون لا خمسون، فأمّا تفصيل «جيبشرم» لهذه المقادير على ما سمعته منه فانّ أربعة «پل» تكون «كرب» وأربعة كرب «پرست» وأربعة پرست «آرها» وأربعة آرها «درون» وعشرون درون «خار» وقبل هذا يجب ان يعلم أنّ ستّة عشر «ماشه» هو «سورن» فان كان الوزن للحنطة والشعير فانّ أربعة سورن تكون بل وإن كان للماء والدهن فانّ ثمانية سورن تكون «3» بل؛ وموازين الهند للسلع «قرسطونات» ثابتة الرمّانات متحرّكة المعاليق على الأرقام والخطوط ويسمّى الميزان منها «تله» ومبادئ الخطوط فيها لآحاد الوزن إلى خمسة ثمّ تصير بعد الخمسة العشرة ثمّ العشرين على تحطّي عشرة عشرة ويزعمون في سبب ذلك أنّه قول «باسديو» : إنّي لن أقتل «ششپال» ابن خالتي بغير جرم وأعفو «4» عنه إلى عشرة ثمّ أؤاخذه وسنذكر حديثه فيما بعد، وقد استعمل «الفزاري» في زيجه اسم پل مكان دقائق الأيّام ولم أجد له ذكرا في كتب القوم سوى أنّهم يسمّون التعديل به، ولهم مقدار في الوزن يسمّى «بهار» ويجيء ذكره في المغازي وفتوح «السند» وهو حاصل من ألفي بل لأنّهم يقولون إنّه مائة مرّة عشرين «5» بل وكأنّه وقر ثور فهذا ما تخبّطت فيه من أمر الأوزان، وأمّا الكيل فانّه

لمعرفة الجثّة والحجم عند امتلاء المكيال بحيث لا يسعه أكثر على أن لا يكون في الطرح أو المسح أو الوضع اختلاف حال فاذا كان المكيلان من جنس واحد كانا مع تساويهما في الحجم متساويين في الوزن وإن اختلف جنساهما لم يحصل غير تساوي الجثّتين فقط، ولهم مكيال يسمّونه «سبى» «1» قد ذكره كلّ واحد من «الكنوجيّين» و «السومناتيّين» فأما الكنوجي فانّه ذكر أنّ اربعة اضعافه تسمّى «پرست» وأنّ ربعه يسمّى «كرو» وأمّا السومناتي فانّه ذكر في تضاعيفه أنّ ستّة عشر منه «پت» واثنى عشر بت تسمّى «موره» وفي تضاعيف سبى أيضا من وجه آخر أنّ اثنى «2» عشر منه تسمّى «كلسى» وربعه «مان» وأشار في وزنه من الحنطة الى قريب من خمسة «أمناء» فيكون سبى عشرين منا وذلك مشابه للسخّ بخوارزم على رسمهم القديم وكلسى مشابه للغور فانّه اثنا عشر ضعفا للسخّ؛ وأمّا الذرع فهو للمسافات بالخطوط المستقيمة وللمساحات في البسائط، ومقتضى القياس في البسائط أن تمسح بجزء منها بسيط مثلها إلّا أن ذرع الخطوط التي هي نهاياتها ينوب عنها، وكنّا عند الحكاية عن «براهمهر» لمّا بلغنا قدر الشعيرة انحرفنا عنه إلى الأوزان فاستعملناه في الثقل وعدنا الآن لاستعماله في الأبعاد فنقول: إنّ ثماني شعيرات منضمّة تكون «انكل» وهو إصبع وأربع أصابع تسمّى «رام» وهو القبضة وأربع، وعشرون إصبعا «هتّ» وهو ذراع ويسمّى أيضا «دست» وأربعة أذرع «دهن» أي قوس من قسيّهم ويساويها الباع وأربعون قوسا تكون «نلّ» وخمسة وعشرون نلّ تكون «كروش» والحاصل من هذا أنّ أذرع «كروه» أربعة آلاف وأذرع الميل عندنا كذلك فالميل إذن مساو لكروه، وكذلك ذكر «پلس» اليوناني في «سدّهانده» أنّ كروه أربعة آلاف ذراع، والذراع مقياسان يعني أربعا وعشرين إصبعا فانّ الهند يقدّرون «شنك» وهو المقياس بأصابع «البدّ» لا

أنهم «1» يسمّون نصف سدس المقياس بالاطلاق إصبعا كما نعمله نحن ولكنّ مقياسهم يكون شبرا أبدا والشبر هو ما بين طرفي الابهام والخنصر بعد مدّ الكفّ والأصابع بغاية ما يمكن ويسمّى «بتست» وأيضا كشك» فان قيس رأس البنصر إلى رأس الابهام سمّى البعد بينهما بعد المدّ «كوكرن» وإن قيس رأس السبّابة إليه فهو «الفتر» ويسمّى كرب، «2» ويقدّر بثلثي الشبر وأمّا قياس رأس الوسطى برأس الابهام فانّ بعد ما بينهما يسمّى «تال» وبه زعموا يكون صاحبه ثمانية أضعاف سواء قصرت القامة أو امتدّت كما قيل في القدم إنّها سبع القامة؛ وفي عمل الأصنام من كتاب «سنكهت» جعل عرض الراحة ستّة في طول سبعة وطول وسطى الأصابع خمسة والبنصر مثلها والسبّابة أنقص بالسدس والخنصر بالثلث والابهام مثل ثلثي الوسطى متساويى «3» القسمين، وهذه التقديرات والأعداد بأصابع الصنم؛ وإذ تحقّق مقدار «كروش» الذي قلنا إنّه مساو للميل فليعلم أنّ لهم في المسافات مقدارا يسمّى «جوژن» ويشتمل على ثمانية أميال فهو إذن اثنان وثلاثون ألف ذراع، وربّما ظنّ بعض الناس أنّ «كروه» ربع الفرسخ فيزعم أنّ فراسخ الهند مقدّرة بستّة عشر ألف ذراع وليس كذلك فانّما تلك أنصاف جوژن، وهذا المقدار هو المذكور في زيج الفزاري اجوانا «4» لمحيط الأرض، وكلّ أوائلهم في دور الدائرة على أنه ثلاثة أمثال القطر ففي «مجّ بران» لمّا ذكر جوزنات قطري الشمس والقمر قال: والدور ثلاثة أمثال القطر، وفي «آدت بران» أيضا لمّا ذكر جوزن عرض «الديبات» وهي الجزائر وما يستدير بها من البحار قال: والدور ثلاثة أمثال القطر، وكذلك في «باج بران» لكن متأخّروهم فظنوا للكسر التابع للأمثال، و «برهمكوبت» يذهب فيه إلى السبع لكنّه يأخذ مأخذا آخر وهو أنّ جذر

العشرة لمّا كان ثلاثة وسبعا بالتقريب صارت نسبة كلّ قطر إلى دوره نسبة الواحد إلى جذر العشرة فلهذا يضرب القطر في مثله وما بلغ في عشرة ويأخذ جذر المجتمع فيكون الدور اصمّ كصمم جذر العشرة لكنّه على كلّ حال يخرج أرجح من الواجب فقد حصره «ارشميدس» فيما بين عشرة أجزاء من سبعين وبين أحد عشر من سبعين، وحكى برهمكوبت عن «آرجبهد» منتقدا عليه: أنّه فرض الدور 3393 ثم زعم في موضع: أنّ قطره يكون 1080 وفي آخر 1050، أمّا القول الأوّل فيقتضي النسبة كواحد إلى ثلاثة وسبعة عشر جزءا من مائة وعشرين من واحد وذلك أقلّ من السبع بجزء من سبعة عشر جزءا من سبع، وأمّا القول الثاني فلا شك في فساده بالنسخة دون صاحبه ويقتضي في النسبة كواحد إلى ثلاثة وأزيد على ربع الواحد، وأمّا «بلس» فانّه يستعمل هذه النسبة كواحد الى ثلاثة وقعز من 1250 من واحد، وذلك أيضا أقلّ من السبع بما هو أقلّ من رأي «ارجبهد» وذلك مقتبس من الرأي القديم الذي حكاه يعقوب بن طارق في «تركيب الأفلاك» عن الهندي في جوزن دور فلك البروج: إنّها 1256640000، وفي جوزن قطره: إنّها 400000000، وذلك أنّ النسبة تكون كواحد إلى ثلاثة و 56640000 إلى 400000000 وينطويان بوفق 360000 فيصير الكسر 177 والمخرج 1250 وذلك ما اعتصم به بلس.

يو- في ذكر معارف من خطوطهم وحسابهم وغيره وشيء مما يستبدع من رسومهم

يو- في ذكر معارف من خطوطهم وحسابهم وغيره وشيء مما يستبدع من رسومهم إنّ اللسان مترجم للسامع عمّا يريده القائل فلذلك قصر على راهن الزمان الشبيه بالآن، وأنّى كان يتيسّر نقل الخبر من ماضي الزمان إلى مستأنفه على الألسنة وخاصة عند تطاول الأزمنة لولا ما انتجته قوّة النطق في الانسان من إبداع الخطّ الذي يسرى في الأمكنة سرى الرياح ومن الأزمنة إلى الأزمنة سريان الأرواح؟ فسبحان متقن الخلق ومصلح امور الخلق؛ وليس للهند عادة بالكتبة على الجلود كاليونانيّين في القديم فقد قال سقراط حين سئل عن تركه تصنيف الكتب: لست بناقل للعلم من قلوب البشر الحيّة إلى جلود الضأن الميّتة، وكذلك كانوا في أوائل الاسلام يكتبون على الأدم كعهد الخيبريّين من اليهود وككتاب النبيّ صلى الله عليه وسلّم إلى كسرى وكما كتبت مصاحف القرآن في جلود الظباء والتوراة تكتب فيها أيضا، فقوله تعالى «يجعلونه قراطيس» «1» أي طوامير فانّ القرطاس معمول بمصر من لبّ «البردي» يبرى «2» في لحمه، وعيه صدرت كتب الخلفاء إلى قريب من زماننا إذ ليس ينقاد لحكّ شيء منه وتغييره بل يفسد به، والكواغذ لأهل الصين وإنّما أحدث صنعتها بسمرقند سبي منهم ثمّ عمل منه في بلاد شتّى فكان سدادا من عوز؛ فالهند أمّا في

بلادهم الجنوبية فلهم شجر باسق كالنخل والنارجيل ذو ثمر يؤكل «1» وأوراق في طول ذراع وعرض ثلاث أصابع مضمومة يسمّونها «تاري» ويكتبون عليها ويضمّ كتابهم منها خيطّ ينظمها من ثقبة في أوساطها فينفذ في جميعها، وأمّا في واسطة المملكة وشمالها فانّهم يأخذون من لحاء شجرة «التوز» الذي يستعمل نوع منه في أغشية القسيّ ويسمّونه «بهوج» «2» في طول ذراع وعرض أصابع ممدودة فما دونه ويعملون به عملا كالتدهين والصقل يصلب به ويتملّس ثمّ يكتبون عليها وهي متفرّقة يعرف نظامها بأرقام العدد المتوالي ويكون جملة الكتاب ملفوفة «3» في قطعة ثوب ومشدودة بين لوحين بقدرهما واسم هذه الكتب «بوتي» ورسائلهم وجميع أسبابهم تنفذ في التوز أيضا؛ فأمّا خطّهم فقد قيل فيه إنّه كان اندرس ونسى ولم يهتمّ له أحد حتى صاروا أمّيّن وزاد ذلك في جهلهم وتباعدهم عن العلم حتّى جدّد «بياس بن براشر» حروفهم الخمسين بالهام من الله واسم الحرف «اكشر» وذكر بعضهم أنّ حروفهم كانت أقلّ ثمّ تزايدت وذلك ممكن بل واجب فقد كان «آسيذس» صوّر «4» لتخليد الحكمة ستّة عشر رقما وذلك في زمان تسلّط بني اسرائيل على مصر ثمّ قدم بها «قيمش» و «اغنون» إلى اليونانيّين فزادوا فيها أربعة أحرف واستعملوها عشرين وفي الأيّام التي فيها سمّ سقراط زاد «سمونون» فيها اربعة اخرى فتمّت عند اهل «أثينية» حينئذ أربعة وعشرين وذلك في زمان «اردشير بن دارا بن اردشير بن كورش» على رأي مؤرّخي اهل المغرب، وإنّما كثرت حروف الهند بسبب إفراد صورة للحرف الواحد عند تناوب الاعراب إيّاه والتجويف والهمزة والامتداد قليلا عن مقدار الحركة والحروف فيها ليست في لغة مجموعة وإن تفرّقت في لغات وخارجة من مخارج قلّما تنقاد لاخراجها آلاتنا فانّها لم تعتده

بل ربّما لا تشعر أسماعنا بالفرق بين كثير من اثنين منها، وكتابتهم من اليسار نحو اليمين كعادة اليونانيّين لا على قاعدة ترتفع منها الروس وتنحطّ الأذناب كما في خطّنا ولكنّ القاعدة فوق وعلى استقامة السطر لكلّ واحد من الحروف ومنها ينزل الحرف وصورته إلى أسفل فان علا القاعدة شيء فهو علامة نحويّة تقيم إعرابه؛ فأمّا الخطّ المشهور عندهم فيسمّى «سدّماترك» وربّما نسب إلى «كشمير» فالكتابة في اهلها وعليه يعمل في «بارانسي» وهو وكشمير مدرستا علومهم ثمّ يستعمل في «مدّديش» أعني واسطة المملكة وهي ما حول «كنوج» في جهاته ويسمّى أيضا «آرجافرت» ، وفي حدود «مالوا» أيضا خطّ يسمّى «ناكر» لا يفاصل ذاك إلّا بالصور فقط ويتبعه خطّ يسمّى «آرد ناكري» أي نصف ناكر لأنّه ممزوج منهما ويكتب به في «بهاتيه» وبعض بلاد «السند» وبعد ذلك من الخطوط «ملقاري» في «ملقشو» في جنوب السند نحو الساحل، و «سيندب» في «بمهنوا وهي «المنصورة» و «كرنات» «1» في «كرنات ديش» التي منها الفرقة المعروفون في العساكر بكنّره و «انتري» في «انترديش» و «دروري» في «درورديش» و «لاري» في «لارديش» و «كوري» في «بورب ديش» أي ناحية المشرق و «بيكشك» في «اودنپور،» هناك وهو خطّ «البدّ» ؛ ومفتتح الكتب عندهم باوم الذي هو كلمة التكوين كافتتاحنا باسم الله تعالى وهذه صورة اوم «؟» وليس من حروفهم وإنّما هي صورة مفردة له للتبرّك مع التنزيه كاسم الله عند اليهود فانّه يكتب في الكتب ثلاث ياءات عبريّة وفي التوراة «يهوه» بالكتبة و «اذوني» باللفظ وربّما قيل «يه» فقط ولا يكتب الاسم الملفوظ به وهو اذوني؛ وليسوا يجرون على حروفهم شيئا من الحساب كما نجريه على حروفنا في ترتيب الجمّل، وكما أنّ صور الحروف تختلف في بقاعهم كذلك أرقام الحساب وتسمّى «انك» ، والذي نستعمله نحن مأخوذ من أحسن ما عندهم ولا فائدة في الصور إذا

ما «1» عرف ما وراءها من المعاني، وأهل «كشمير» يرقمون الأوراق بأرقام هي كالنقوش أو كحروف أهل «الصين» لا تعرف «2» إلّا بالعادة وكثرة المزاولة ولا تستعمل «3» في الحساب على التراب؛ وممّا اتّفق عليه جميع الأمم في الحساب هو تناسب عقوده على الأعشار فما من مرتبة فيه إلّا وواحدها عشر واحد التي بعدها وعشرة أضعاف واحد التي قبلها، وقد تتّبعت أمر أسامي المراتب ممّن ظفرت به من الأمم المختصّين باللغات فوجدتهم يرجعون فيها من الألوف كالعرب وهو الأصوب وبالأمر الطبيعي أشبه وقد أفردت في ذلك مقالة وأمّا الهند فانّهم تجاوزوا مرتبة الألوف في التسمية باختلاف يقتضب فيها بعض ويشتق بعض ويخلط أحدهما بالآخر بعض وامتدّت الأسامي إلى المرتبة الثامنة عشر لأسباب مليّة أعان اصحابها عليها أهل اللغة باشتقاق الأسامي واسم المرتبة الثامنة عشر «برارد» أي نصف السماء وبالتحقيق نصف ما فوق وذلك أنّ التركيب إذا كان من «كلپ» كان واحد تلك المرتبة نهارا لله تعالى وإذ ليس وراء السماء شيء فهو اعظم الأجسام وشبّه نصفه «4» بنصف اعظم الأيّام وبتضعيفه ينضاف ليل إلى نهار ويتّم اليوم الأعظم ولا محالة أنّ اسم برارد يرتفع عنه ويصير «برار» «5» هو السماء كلّها؛ فأمّا أسماء المراتب إلى الثامنة عشر فهي ما في هذا الجدول: وأنا واصف اختلافاتهم؛ واحدها أنّ بعضهم زعم أنّ وراء «برارد» تاسعة عشر تسمّى «بهوري» ثمّ ليس وراءها حساب وليس الحساب بمتناه إلّا وضعا حتى يكون أيضا لمراتبه نهاية وكأن العبارة بالحساب هي «6» عن الاسم وقد علم انّ واحد

تلك المرتبة خمس اليوم الأعظم ولم ينقل عنهم في هذا الباب شيء خبريّ وإنّما بقي في الأخبار تركّب شيء من اليوم الأعظم كما سنذكر فهذا إذن من زيادات المتكلّفين، ومنها أنّ بعضهم زعم أنّ غاية الحساب إلى «كورتي» ومنها يعاد إلى إضافته إلى العشرات والمئين والألوف من أجل أنّ عدد «ديو» فيها فانّهم يقولون إنّهم ثلاثة وثلاثون كورتي ولكلّ واحد من «براهم» و «ناراين» و «مهاديو» أحد عشر كورتي فأمّا الأسامي التي بعد الثامنة فانّما عملها النحويّون لما ذكرنا، ومنها أنّ المشهور عندهم في الخامسة «دش سهسر» وفي السابعة «دش لكش» لأنّ ما ذكرنا من اسميهما يقلّ في الاستعمال، وفي كتاب «آرجبهد الكسمبوريّ» أسماء المراتب من عند عشرات الألوف إلى عشرات كورتي هكذا: «اجوتم، نجوتم، برجوتم، كوتي «1» بذم، بربذم» ، ومنها أنّ بعضهم يزاوج بين كثير منها فتسمّى «2» السادسة «نجوت» نسقا على اسم الخامسة وتسمّى الثامنة «اربد» فينسق عليها التاسعة كما أنّ الثانية عشر على الحادية عشر منسوقة وتسمّى الثالثة عشر «شنك» «3» والرابعة عشر «مهاشنك» وكان القياس يوجب أن يتلو «مهابذم» أيضا

«بذم» ؛ وهذا من اختلافاتهم ممّا له محصول والذي لا محصول له كثير ومتولّد من إملاء الأسامي غير مراعى فيها الترتيب أو من بغض «1» لفظة «لا أدري» فانّها تثقل على كلّ منسوق «2» ، والمنقول لنا من «بلس سدّهاند» بعد «سهسرن» «3» الرابعة هو «ايوتن» الخامسة «نيوتن» السادسة «بريوتن» السابعة «كوتي» «4» الثامنة «اربدن» التاسعة «خرب» «5» العاشرة وما بعدها على ما في الجدول المتقدّم؛ وأمّا استعمال الأرقام في الحساب فعلى الرسوم التي عندنا وقد عملت مقالة فيما عسى يكون عندهم فيها من زيادة، وتقدّم من إخبارنا عنهم أنّهم ينظمون الكتب «شلوكات» فإذا احتاجوا أن يعبّروا في زيجاتهم عن عدد في مراتب عبّروا عنه بكلمات موضوعة لكلّ عدد في مرتبة أو مرتبتين لكنّهم قد وضعوا لكلّ عدد عدّة كلمات حتى إن عسر إيراد كلمة في موضع أبدلت بما يسهل من أخواتها، «برهمكوبت» : إذا أردتم أن تكتبوا واحدا فعبّروا عنه بكلّ شيء هو واحد كالأرض والقمر وعن الاثنين بكلّ ما هو اثنان كالسواد والبياض وعن الثلاثة بكلّ ما يحوي الثلاثة وعن الصفر بأسماء السماء وعن الاثني «6» عشر بأسماء الشمس، وقد أودعت الجدول ما كنت أسمعه منهم فانّه اصل عظيم في حلّ زيجاتهم ومتى وقفت على تفاسير الأسماء ألحقتها بها إن شاء الله. «1» «2» «3» «4» «1» «2» «3» «4» «1» «2» «3» «4» «5»

وأمّا المستبدع من رسومهم فمعلوم أنّ غرابة الشيء تكون لعزّة وجوده وقلّة الاعتياد في مشاهدته وأنّ ذلك إذا أفرط صار نادرة وآبدة ثمّ تشتدّ الأعجوبة ممّا هو خارج عن العادات الطبيعيّة فيكون مستحيل الكون قبل المشاهدة، وفي سير الهند ما يخالف رسوم أهل بلادنا في زماننا مخالفة تصير بها عندنا أعجوبة ويخيّل إلينا منهم في قلبها تعمّد فإنّ تساوينا معا في هذا العكس ونسبته إلى الغير؛ فمنها أنّهم لا يحلقون شيئا من الشعر وأصلهم العري لشدّة الحرّ كيلا تعلّي رؤوسهم بالانكشاف، ويضفرون اللحي ضفائر صيانة لها، ويعملون «1» في ترك شعر العانة أنّ حلقها مهيّج للشهوة زائد في البليّة ثمّ لا يحلقها المولع منهم بالباءة الحريص على المباضعة، ويطوّلون الأظفار فخرا بالتعطّل فانّ المهن لا تتأتّي معها واسترواحا إليها في حكّ الرأس وفلي الشعر، ويأكلون أوحادا فرادى على مندل السرقين ولا يعودون إلى ما فضل من الطعام ويرمون بأواني المأكول إذا كانت خزفيّة، ويحمّرون الأسنان بمضغ الفوفل بعد تناول ورق التنبول والنورة، ويشربون الخمر على الريق ثم يطعمون، ويحسون بول البقر ولا يأكلون لحمها، ويضربون الصنوج بمضراب، ويتسرولون بالعمائم ثم المفرّط منهم يكتفي من اللباس بخرقة قدر إصبعين يشدّها على عورته بخيطين والمفرط يلبس سراويل محشوّة بقطن يكفي عدّة لحف وبرادع مسدودة «2» المنافذ لا يبرز منها القدمان والتكّة إلى خلف، وصدرهم بالسراويل أشبه ومشدّها بالشفاسق نحو الظهر، ويشقّون أذيال القراطق الى اليمين واليسار، ويضيّفون الخفاف حتى يبتدأ في لبسها وهي مقلوبة من السوق قبل الأقدام، ويبتدئون في الغسل بالرّجل قبل الوجه، ويغتسلون ثمّ يجامعون، ويقفون في الباءة كعريش الكرم، والنساء يرهزن عليهم من تحت إلى فوق كما يقمن بأمور الحراثة وأزواجهنّ في راحة،

ويتضمّخون في الأعياد بالأحثاء بدل العطر، ويلبس ذكورهم ملابس النساء من الصبغات والشنوف والأسورة وخواتيم الذهب في البناصر وفي أصابع الأرجل، ويترحمون على المأبون والمخنّث منهم ويسمّى «بشندل» يلتقم الأير بفمه ويستفرغ المني ويبلعه، ويتوجّهون نحو الحائط في الغائط ويكشفون السّوءة نحو المار، ويعبدون «لنك» وهو صورة أير «مهاديو» ويركبون بغير سرج وإن أسرجوا ركبوا عن يمين الدابّة ويحبّون الارداف في المسير، ويشدّون «الكتارة» وهي الخنجر في أوساطهم من الجانب الأيمن ويستشيرون النساء في الآراء والعوارض، ويحسنون وقت الولادة إلى الرجال دون النساء، ويفضّلون أصغر الابنين وخاصّة في مشارق أرضهم زاعمين انّ كون أكبرهما عن شهوة غالبة والأصغر عن قصد وفكرة وتؤدة ويأخذون اليد في المصافحة، من جهة ظهر الكفّ، ولا يستأذنون للدخول في البيوت ثمّ لا يخرجون من غير استئذان، ويتربّعون في المجالس ويبزقون بالنّخاعة غير محتشمين الكبراء ويقصعون القمل بين أيديهم، ويتيمّنون بالضّرطة ويتشاءمون بالعطاس، ويستقذرون الحائك ويستنظفون الحجّام وقاتل المستميتة منهم بالأجرة إغراقا وإحراقا، ويسوّدون الواح المكاتب للصبيان ويكتبون في طولها دون عرضها بالبياض ومن اليسار نحو اليمين كأنّ القائل عناهم بقوله شعر: وكاتب قرطاسه من حممه «1» ... يكتب فيه بالبياض قلمه يكتب في ليل نهارا ساطعا ... يسديه إلّا أنّه لا يلحمه ويكتبون اسم الكتاب في آخره ومختتمه دون أوّله ومفتتحه، ويعظّمون الأسماء

في لغتهم بالتأنيث كما يعظّمها العرب بالتصغير، وإذا نوولوا شيئا أرادوه مرميّا إليهم كما يرمى إلى الكلاب، ويتلاعب المقامران منهم بالنرد يضربه ثالث بينهما، ويستطيبون سكر الفيل المغتلم إذا سال على خدّيه وهو أنتن شيء: ويجرون الفيل في عرصة الشطرنج إلى أمامه دون سائر الجهات بيتا واحدا كالبيذق ونحو الزوايا كالفرزان بيتا واحدا في الأربع الزوايا ويقولون إنّ هذه البيوت هي مواقع أطرافه من الخرطوم والقوائم الأربع، ويلعبون الشطرنج بالفصيّن فيما بين اربعة أنفس أمّا تعبئة الأمتعة في الرّقعة فعلى هذه الصورة: ومن أجل أنّ ذلك غير معهود عندنا فاني أذكر ما اعرف منه وهو أنّ الأربعة النفر المتلاعبين به يجلسون على تربيع حول النّطع ويتناوبون ضرب الفصّين فيما بينهم على دور ويبطل من أعداد الفصّ الخمسة والستّة فيؤخذ بدل الخمسة واحد وبدل الستّة اربعة من اجل انهما هكذا يصيران في التصوير: 65: 4321 ويقع اسم الشاه على «الفرزان» ويصير كلّ واحد من أعداد الفصّ لتحريك واحد من الأدوات فالواحد

إمّا للبيذق وإمّا للشاه وحركتهما بحسب التي لهما في الشطرنج المشهور والشاه يؤخذ ولا يطالب بالتنحّي عن موضعه والاثنان للرخّ وحركته إلى ثالثة على القطر كحركة الفيل عندنا في الشطرنج والثلاثة للفرس وحركته كالمعهودة المورّبة إلى ثالثة والأربعة للفيل وحركته على استقامة كحركة الرخّ المعهودة إلّا أن يحجب عن الزحف وربّما كان محجوبا فيرفع أحد الفصّين عنه الحجاب حتى يزحف وأقلّ حركاته بيت واحد وأكثرها خمسة عشر لأنّه ربّما جاء في الفصّين اربعتان او ستّتان أو ستّة وأربعة فيتحرّك بأحد العددين الضلع كلّه على حاشية الرقعة وبالآخر الضلع الآخر على الحاشية الأخرى إذا لم يكن محجوبا ويحصل بالعددين على طرفي القطر واللآلات قيم تؤخذ الحصص بحسبها من الخطر «1» لأنها تؤخذ فتحصل في الأيدي وقيمة الشاه خمسة وقيمة الفيل اربعة والفرس ثلاثة والرخّ اثنان والبيذق واحد ومتى أخذ آخذ شاها فله خمسة وللشاهين عشرة وللثلاثة خمسة عشر إذا لم يكن مع الآخذ شاهه فإن كان معه واستولى على الشاهات الثلاثة فله أربعة وخمسون وهذه خاطية بالمواطأة دون الحساب، فإن ادّعوا المخالفة علينا كما ادّعيناه عليهم جعلنا الامتحان في صبيانهم حكما فما وجدتّ غلاما هنديّا قريب العهد بالوقوع الى بلاد الإسلام غير متدرّب برسوم اهلها إلّا ويضع الصندلة بين يدي صاحبه مخالفة لوضعها الحقيقي أعني اليمنى للرجل اليسرى ويطوي الثياب مقلوبة ويفرش الفرش معكوسة وأمثال ذلك لما في الغريزة من انعكاس الطبيعة ولست أفرد الهند بالتوبيخ على الجاهليّة فقد كان العرب في مثلها يرتكبون العظائم والفضائح من نكاح الحيض والحبالى واجتماع النفر على إتيان امرأة واحدة في الطهر الواحد وادّعاء الأدعياء وأولاد الأضياف ووأد الأبنة دع ما في عباداتهم من المكاء والتصدية وفي طعامهم من القذر والميتة وقد فسخها الإسلام كما فسخ أكثر ما في ارض الهند التي أسلم أهلها والحمد الله.

يز- في ذكر علوم لهم كاسرة الأجنحة على أفق الجهل

يز- في ذكر علوم لهم كاسرة الأجنحة على أفق الجهل السحر هو إظهار شيء للاحساس على خلاف حقيقته بوجه من وجوه التمويه، فإن نظر إليه من هذا الوجه وجد في الناس شائعا، وإن اعتقد فيه اعتقاد العوامّ أنّه إيجاد الممتنعات فقد خرج أمره عن التحقيق فإذا امتنع الشيء لم يوجد أيضا فالكذب ظاهر في حدّه فالسحر إذن غير داخل في العلم بتّة؛ ومن أنواعه «الكيمياء» وإن لم يسمّ به ألا ترى أنّ أحدا لو تناول قطنة وأراها غيره نقرة لم ينسب إلّا إلى السحر وليس بينه وبين أن يتناول فضّة ويريها ذهبا فرق إلّا من جهة العادة؛ ولم يختصّ الهند بالخوض في أمر الكيمياء فليس يخلو منه أمّة وإنّما يزيد بعضها على بعض في الولوع به، وذلك غير محمول منها على عقل أو جهل فإنّا نجد كثيرا من العقلاء مستهترين به وكثيرا من الجهلاء مستهزئين به وبهم، أمّا أولئك العقلاء فهم غير مذمومين بتعاطيه وإن أشروا «1» فيه لأنّ حاملهم عليه فرط الحرص على اجتلاب الخير واجتناب الضير، وقد سئل بعض حكماء عن سبب غشيان العلماء أبواب الأغنياء وإعراض الأغنياء عن قصد أبواب العلماء فأجاب بأنّه علم هؤلاء بمنافع المال وجهل أولئك بشرف العلم، وأمّا أولئك الجهلاء فهم غير محمودين على النفور عنه وإن أصمّوا لأنّ بواعثهم عليه أسباب هي موادّ الشرّ

ومخرجات نتائج الجهل من القوّة إلى الفعل؛ وأصحاب هذه الصناعة مجتهدون في إخفائها ومنقبضون عمّن ليس من أهلها فلذلك لم يتّفق لي من جهة الهند الوقوف على طرقهم فيها وإلى أيّ أصل يرجعون منها من المعدنيّات أو الحيوان أو النبات إلّا أنّي كنت أسمع منهم التصعيد والتكليس والتحليل وتشميع الطلق وهو بلغتهم «تالك» فأتفرّس فيها أنّهم يميلون إلى الطريق المعدنيّ؛ ولهم فنّ شبيه بهذا الباب قد اختصّ الهند به ويسمّونه «رساين» وهو اسم مشتقّ من الذهب فإنّه «رس» وهو لصناعة مقصورة على تدابير ومعاجين وتراكيب أدوية أكثرها من النبات وأصوله تعيد «1» الصحّة إلى مرضى قد أيس منهم والشباب إلى المشايخ الفانين حتى يصيروا في حال المراهقين من اسوداد الشيب وذكاء الحواسّ والقوّة على البطش والجماع بل نيلهم البقاء في الدنيا أزمنة طويلة ولم لا وقد حكينا فيما تقدّم عن «باتنجل» أنّ أحد وجوه الخلاص هو رساين ومن الذي يسمع هذا ويصغي إلى صدقه ثمّ لا يخرؤ «2» في سراويله فرحا وطربا ولا يزقم أستاذه من طريّه لقما، ومن المذكورين في هذا الباب «ناكارجن «3» » من قلعة تسمّى «ديهك» بالقرب من موضع «سومنات» وكان فيه مبرّزا عمل كتابا موفيا على غيره نادرا وعهده لا يتقدّم زماننا إلّا بقريب من مائة سنة، وقد كان في أيّام «بكرمادت» الملك وسيجيء ذكر تأريخه بمدينة «أوجين «4» » رجل يسمّى «بياري» صرف إلى هذا الفنّ همّته وأفنى فيه عمره وقنيته ولم يجد عليه جهده بما يسهل عليه مقصده فلمّا اضطرّ في النفقة تبرّم بما تقدّم له فيه الاجتهاد وجلس على شطّ نهر متحسّرا مغتمّا ضجرا وبيده قراباذينه «5» الذي منه كان يأخذ نسخ الأدوية وجعل يطرح في

الماء منه ورقة بعد ورقة واتّفق أن كان على شطّ ذلك النهر في أسافله بعض الزواني وممرّ الأوراق عليها فكانت تجمعها وتطّلع منها على «رساين» وهو لا يراها إلى أن فنيت الأوراق فأتته سائلة عن سبب فعله بكتابه فأجابها لأنّي لم أنتفع به ولم أصل إلى شيء من أربي وأفلست بسببه بعد الذخائر الجمّة وشقيت بعد الأمل الطويل في نيل السعادة، قالت الزانية: لا تعرض عمّا أفنيت فيه عمرك ولا تيأس عن وجود شيء قد أثبته الحكماء قبلك فربّما كان الحائل بينك وبين الوصول إلى حقيقته أمرا اتّفاقيّا «1» يتّفق زواله أيضا ولي أموال كثيرة معتقدة وكلّها لك مبذولة لتنفقها على ارتياد مطلوبك، فعاد الرجل إلى عمله، وكتب أمثال هذه الفنون مرموزة فكان يقع له في نسخة الدواء غلط من جهة اللغة في الدهن ودم الإنسان يحتاج إليهما فيه فإنّ المكتوب «ركتامل» ويظنّهما أملجا أحمر ويستعمله فيخلف الدواء ولا ينجح فلمّا أخذ في طبخ الأدوية أصابت النار رأسه ويبست دماغه فتدهّن بدهن أكثر صبّه على الهامة وقام من عند المستوقد لشغل فوافق سمت رأسه من عوارض السقف وتد ناتئ فشجّه بالصدمة وأدماه وعاد مطرقا للألم الذي عراه وتقطّر من يافوخه إلى الطنجير قطرات دم ممزوجة بدهن وهو لا يفطن لذلك إلى أن أدرك الطبيخ واطّلى به للامتحان هو والمرأة فطارا في الهواء وأخبر «بكرمادت» بذلك فخرج من قصره إلى الميدان ليعاينهما فناداه الرجل: أفتح فمك لبزاقي، فلم يفعل الملك ذلك أنفة ووقع البزاق عند الباب فامتلأت السدّة ذهبا وذهب هو مع المرأة إلى حيث أراد طائرا وعمل في هذا الفنّ كتبا مشهورة وهو معها إلى الآن حتى لم يمت زعموا؛ ومن مشابه هذا الحديث أنّ في مدينة «دهار» قصبة «مالوا» التي يملكها في زماننا «بجديو» على باب الوالي في دار الامارة قطعة فضّة خالصة مربّعة مستطيلة فيها تخاييل أعضاء الإنسان وقد ذكروا في أمرها أنّ رجلا قصد ملكا كان لهم في مواضي الأزمنة برساين إذا عملها بقي حيّا لا يموت مظفّرا لا يغلب قادرا على ما يروم

ويطلب فاستخلى الملك موعده وأمر بإحضار جميع ما طلبه وأخذ الرجل في إغلاء دهن أيّاما حتى بلغ قوامه وقال للملك: ارم بنفسك فيه حتى أتمّم لك الأمر، فهال الملك ما رأى وكاع عن الغرر بنفسه فلمّا أحسّ الرجل بفشله قال له: فإن كنت لا تجترىء عليه ولا تريده لنفسك فهل ترضاه لي حتى أفعله بنفسي، قال الملك: ذاك إليك، فأخرج الرجل صرر أدوية وعرّفه علامات تظهر منه ليلقي عليه عند ظهور كلّ واحدة صرّة منها معيّنة وقام الرجل إلى الدهن وتردّى فيه فتفسّخ وتهرّأ وأخذ الملك يفعل ما مثّله له إلى أن قرب التمام وبقيت صرّة غير ملقاة فأشفق الملك منه على ملكه إذا انبعث كما ذكر فتوقّف عن إلقاء الصرّة وبرد القدر والرجل مجتمع فيها وهو تلك النقرة؛ ويتحدّثون في «بلب» ملك مدينة «بلبه» وقد ذكرنا تأريخه في بابه أنّ رجلا ممّن نال مرتبة «السدّيّة» كان سأل بعض الرعاة عن نبات يسمّى «توهر» وهو من جملة اليتوعات التي تسيل لبنا عند القطف هل شاهد منه ما يسيل دما بدل اللبن؟ فقال: نعم، ورضخه الرجل بشيء ليدلّه عليه ففعل وحين رآه أشعل النار فيه ورمى بكلب الراعي إليها فحرد الراعي وأخذ الرجل وفعل به وفعله بكلبه وتربّص إلى خمود النار ووجد كليهما ذهبيّين فأخذ كلبه وترك الرجل فعثر عليه بعض الرستاقيّة وقطع إصبعه وأتى بها إلى بقّال كان يلقّب برنك «1» أي الفقير إذ كان أشدّ المقترين إقتارا وأظهرهم إدبارا واشترى منه ما احتاج إليه وعاد إلى الرجل الذهبيّ فوجد إصبعه قد نبتت وعادت إلى حالها فأخذ يقطعها ويشتري بها من ذلك البقّال ما يريد حتى استعلمه البقّال أمرها فدلّه بحماقته عليها وعمد «رنك «1» » إلى بدن «السدّ» فحمله على عجلة إلى داره واستغنى بمكانه حتى أنّه استولى على أملاك البلد وطمع «بلب» الملك فيه وطالبه بمال فامتنع عليه ثمّ خاف احتقاده فلجأ إلى صاحب «المنصورة» وبذل له أموالا واستنجده بجيش الماء في السفن فأجابه إلى ذلك وأنجده فبيّت بلب الملك وقتله وأتى على قومه وخرّب بلده فيقال

إنّه إلى الآن يوجد في أرضه ما يوجد في البقاع المخرّبة بالبيات والمغافصة؛ ويبلغ من حرص جهّال ملوكهم على هذا الباب أنّ بعضهم ربّما رام أمرا فعرض له قتل عدّة من الصبيان الصغار الصباح فلا يبالي بالعظيمة فيهم ويعكف على إلقائهم في النار، ومثل هذا المطلب النفيس لو أحيل من الأمكنة إلى ما لا ينتهى إليه لكان أصوب فمن جملة كلام «أسفندياذ» عند موته كان «كاووس» أوتي المقدرة والأمور المعجبة المذكورة في كتاب الدين إذ ذهب إلى جبل قاف هرما قدحناه الكبر فانصرف منه شابّا طربا معتدل القامة ممتلئا من القوّة قد اتّخذ السحاب مركبا بإذن الله؛ فأمّا العزائم والرّقي فإيمانهم بها صادق وجمهورهم إليها مائلون والكتاب الذي لها مسند إلى «كرد «1» » وهو من بين الطيور مركب «ناراين» فبعضهم يصفه بصفات تدلّ على الصفرد ويستدلّ على فعله وذلك أنه عدوّ السمك بالصيد وفي طباع الحيوانات النفار عن الضدّ والاحتراس من العدوّ ثمّ إنّه إذا رفرف فوق الماء وصاح برز السمك من قرار الماء إلى وجهه وسهّلت عليه صيدها كأنّه ربطها بسحره، ومنهم من يصفه بصفات لا تعدو القلق، ووصف في «باج بران» بالصفرة وهو أقرب إلى اللقلق من الصفرد لما هو مجبول عليه من إهلاك الحيّات؛ وأكثر الرّقى ينصرف إلى السليم ويبلغ من إفراطهم في هذا الباب أنّي سمعت بعضهم يزعم أنّه رأى ملسوعا مات فرقي بعد موته حتى عاش وبقي في العالم حيّا يتردّد كغيره، وسمعت آخر يزعم أنّه رأى ملسوعا ميّتا قام بالرقية وتكلّم وأوصى ودلّ على الودائع وعرّف الأشياء ولمّا استنشق رائحة الطعام خرّ ميّتا هامدا، ومن رسمهم أنّ اللّسعة إذا نكأت في صاحبها ولم يظفر براق أن يشدّوا السليم على حزمة قصب ويضعون عليه ورقة مكتوبا فيها «دعاء لمن عثر عليه وأنقذه بالرقية من الورطة» ؛ ولست أدري ماذا أقول على عدم تصديق هذه الفنون وقد سمّ بعض من يسوء ظنّه بالحقائق فضلا عن الخرافات فحدّثني أنّه وجّه إليه بهنود موصوفين بهذا الشأن

يلحنون عليه بالرقي فكان يستروح إلى ذلك ويحسّ بالشفاء في إشاراتهم بالأيدي والقضبان، وقد رأيتهم أنا في صيد الظباء وأخذها باليد، وادّعى بعضهم أنّه يسوقها من غير أخذ ويقودها إلى المطبخ، فلم أجد عندهم فيه غير التعويد والتدريج والثبات على التلحين الواحد ونجد قومنا كذلك في صيد الأيائل وهي أشمس من الظباء إذا رأوها رابضة أخذوا في الدوران عليهم يلحنون بصوت واحد لا يتغيّر إلى أن تعتاده ثمّ يأخذون في تضييق الدارة إلى أن تبلغ مقدار التمكّن من الضربة وهي ساكنة، بل صيّادوا القطا بالليل يضربون أواني الصفر بإيقاع لا يتغيّر فيصيدونها به باليد وإذا تغيّر الإيقاع طارت كلّ مطار؛ وهذه خواصّ ليس للرقي فيها مدخل، وربّما نسب السحر إليهم من جهة الخفّة في الملاعب على الخشب المنصوبة والحبال الممدودة، فقد تساوى «1» في هذا المعنى جميع الأمم.

يح- في معارف شتى من بلادهم وأنهارهم وبحرهم وبعض المسافات بين ممالكهم وحدودهم

يح- في معارف شتّى من بلادهم وأنهارهم وبحرهم وبعض المسافات بين ممالكهم وحدودهم تصوّر في المعمورة أنّها في نصف الأرض الشماليّ ومن هذا النصف في نصف فالمعمورة إذن في ربع من أرباع الأرض، ويطيف به بحر يسمّى في جهتي المغرب والمشرق «محيطا» ويسمّي اليونانيّون ما يلي المغرب منه وهو ناحيتهم «أوقيانوس» وهو قاطع بين هذه المعمورة وبين ما يمكن أن يكون وراء هذا البحر في الجهتين من برّ أو عمارة في جزيرة إذ ليس بمسلوك من ظلام الهواء ومن غلظ الماء ومن اضطراب الطرق وعظم الغرر مع عدم العائدة ولذلك عمل الأوائل فيه وفي سواحله علامات تمنع عن سلوكه، وأمّا من جهة الشمال فالعمارة تنقطع بالبرد دونه إلّا في مواضع يدخل إليها منه ألسنة وأغباب، وأمّا من جهة الجنوب فإنّ العمارة تنتهي إلى ساحل البحر المتّصل بالمحيط في الجانبين، وهو مسلوك والعمارة غير منقطعة عنده وإنّما هو مملوّ من الجزائر العظام والصغار، وهذا البحر مع البرّ يتنازعان الوضع حتى يلج أحدهما في الآخر، أمّا البرّ فإنّه يدخل البحر في النصف المغربيّ ويبعد ساحله في الجنوب، فيكون في تلك البراريّ «سودان» المغرب الذين يجلب الخدم من عندهم و «جبال القمر» التي منها منابع نهر النيل، وعلى الساحل والجزائر أجناس الزنج، ويدخل في هذا النصف المغربيّ من البحر خلجان في البرّ كخليج «بربرا» وخليج «قلزم» وخليج «فارس» ويدخل أرض الغرب فيه فيما بين هذه الخلجان دخولامّا، وأمّا في النصف

المشرقيّ فإنّه يدخل في برّ الشمال دخول ذلك البرّ في الجنوب وربّما أمعن بأغباب منه وأخوار إليه، وهذا البحر يسمّى في أكثر الأحوال باسم ما فيه أو ما يحاذيه ونحن نحتاج منه إلى ما يحاذي أرض الهند فيسمّى بهم؛ وبعد ذلك فتصوّر في المعمورة جبالا شاهقة متّصلة كأنّها فقار ظهر فيها تمتدّ في أواسط عروضها على الطول من المشرق إلى المغرب فتمرّ على «الصين» و «التبّت» و «الأتراك» ثمّ «كابل» و «بذخشان» و «طخارستان» و «باميان» و «الغور» و «خراسان» و «الجبل» و «أذربيجان» و «أرمينية» و «الروم» و «فرنجة» و «الجلالقة» ، ولها في امتدادها عرض ذو مسافة وانعطافات تحيط ببراريّ وسكّان فيها ويخرج منها أنهار إلى كلتي الجهتين، وأرض الهند من تلك البراريّ يحيط بها من جنوبها بحرهم المذكور ومن سائر الجهات تلك الجبال الشوامخ، وإليها مصابّ مياهها بل لو تفكّرت عند المشاهدة فيها وفي أحجارها المدملكة الموجودة إلى حيث يبلغ الحفر عظيمة بالقرب من الجبال وشدّة جريان مياه الأنهار وأصغر عند التباعد وفتور الجري ورمالا عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر لم تكد تصوّر أرضهم إلّا بحرا في القديم قد انكبس بحمولات السيول، وواسطتها هي ما حول بلد «كنوج» ويسمّونها «مدّديش» أي واسطة الممالك وذلك من جهة المكان لأنّها فيما بين البحر والجبل وفيها بين الجروم والصرود وفيما بين حدّيها الشرقيّ والغربيّ ومن جهة الملك فقد كان كنوج مسكن عظمائهم الجبابرة الفراعنة، وأرض «السند» منها في غربها والوصول من عندنا إلى السند من أرض «نيمروز» أعنى أرض «سجستان» وإلى الهند من جانب «كابل» على أنّ ذلك ليس بواجب فالوصول إليها ممكن من كلّ صقع عند ارتفاع العوائق، ويكون في الجبال المحيطة بأرضهم قوم منهم أو مقاربون إيّاهم متمرّدون إلى الحدود التي ينقطع عندها جنسهم، وبلد كنوج موضوع على غرب نهر «كنك» كبير جدّا وأكثره الآن خراب معطّل لزوال مقرّ الملك عنه إلى بلد «باري» وهو في شرق كنك وبينهما مسيرة ثلاثة أيّام أو أربعة، وكما أنّ «كنوج» اشتهر بأولاد «پاندو» كذلك اشتهرت مدينة

«ماهوره» بباسديو وهي على غرب «1» نهر «جون» وبينهما ثمانية وعشرون «2» فرسخا، «وتانيشر» فيما بين النهرين شماليّ عنهما يبعد عن كنوج بقريب من ثمانين فرسخا وعن ماهوره بقريب من خمسين، ونهر كنك يخرج من تلك الجبال المذكورة ويسمّى مخرجه «كنك دوار» ، وكذلك مخارج أكثر أنهارهم منها، كما ذكرنا في موضعه؛ فأمّا بلدانهم ومسافات ما بينها فالمعوّل لمن لم يشاهدها على الاخبار، ولا يزال «بطلميوس» يتألّم من حملتها وحرصهم على التخريص فيها، وقد وجدت لكذبهم قانونا آخر وهو أنّ الهند ربّما فرضوا لحمل الثور ألفي منا وثلاثة آلاف فيضطرّ لذلك إلى ترديد القافلة فيما بين طرفي كلّ مرحلة أيّاما كثيرة حتى ينقل الثور وقره كلّه من أحد الجانبين إلى الآخر ثمّ يحسبون المسافة بين البلدين مسيرة أيّام مجموعة من الترديدات، ولا حيلة لنا في تصحيح الأخبار إلّا بغاية الاجتهاد والاحتياط وقبح ترك ما نعلم لما لا نعلم فلنبسط في الاضطراب عذرنا ونقول حينئذ: إنّ الآخذ من «كنوج» إلى الجنوب فيما بين نهري «جون» و «كنك» يبلغ من المواضع المعروفة إلى «ججّمو «3» » وهو على اثني عشر فرسخا وكلّ واحد من الفراسخ أربعة أميال أعني «كروه» ثمّ «آبهاپوري» على ثمانية فراسخ ثم «كرهه» على ثمانية ثمّ «برهمشل» على ثمانية ثم شجرة «پرياك» على اثني عشر وهي على مصب ماء «جون» إلى «كنك» وعندها يمثّل الهند بأنفسهم بالمثلات المذكورة في كتب المقالات ومنها الى مصبّ كنك إلى البحر اثنا «4» عشر، ويأخذ من تلك الشجرة نحو الجنوب بقاع أخر نحو الساحل فمنها إلى «أرك تيرت» اثنا «4» عشر، وإلى مملكة «أرريهار» أربعون وإلى «أوردبيشو» على الساحل خمسون، ومنه على الساحل نحو المشرق وهي الممالك التي يليها الآن «جور»

وأوّلها «درور» أربعون وإلى «كانجي» ثلاثون وإلى «مليه» أربعون وإلى «كونك» ثلاثون وهو آخرها، وإذا أخذت من «باري» مع كنك على جانبه الشرقيّ فإنّ منه إلى «أجودهه» خمسة وعشرون وإلى «بنارسي» المعظّم عندهم عشرون، ثمّ تنحرف عن سمت الجنوب إلى المشرق فإلى «شروار» خمسة وثلاثون وإلى «پاتلي پتر» عشرون وإلى «منكيري» خمسة عشر وإلى «جنپهـ» ثلاثون وإلى «دوكم پور» خمسون وإلى «كنكاساير» مصبّ كنك في البحر ثلاثون، وأمّا من «كنوج» على سمت المشرق فإلى «باري» عشرة وإلى «دوكم» خمسة وأربعون وإلى مملكة «شلهت» عشرة وإلى بلد «بهت» اثنا «1» عشر، ثمّ ما تيامن فإنّه يسمّى «تلوت «2» » ، وأهلها «ترو» في غاية سواد اللون فطس على صورة الترك ويبلغ إلى جبال «قامرو» الممتدّة إلى البحر، وما تياسر فهو مملكة «نيپال» ، وذكر بعض من سلك تلك البقاع أنّه تياسر عن استقبال المشرق وهو بتنوت وأنّه سار إلى نيپال عشرين فرسخا أكثره صعود وأنّه بلغ من نيپال إلى «بهوتيشر» في ثلاثين يوما وذلك قريب من ثمانين فرسخا للصعود فيها على الهبوط فضل، وهناك ماء يعبر مرّات بجسور من ألواح مشدودة بالحبال من خيزرانين ممدودين فيما بين الجبلين من أميال مبنيّة هناك وتعبر «3» الأثقال عليها على الأكتاف والماء تحتها على مائة ذراع مزبد كالثلج يكاد يحطم الجبال وتحمل الأثقال بعد ذلك على ظهور الأعنز وزعم أنّه رأى هناك ظباء ذوات أربع «4» أعين فإنّ جنسها كذلك لا أنّه في بعض من غلط «5» الطبيعة، وبهوتيشر أوّل حدّ «التبت» وفيه يتغيّر اللغة والزيّ والصورة ومنه إلى رأس العقبة العظمى عشرون

فرسخا ومن قلّتها ترى أرض الهند سوداء تحت ضباب والجبال التي دون العقبة كالتلال الصغار وأرض «التبّت» و «الصين» حمراء والنزول إليها يقصر عن الفرسخ، ومن «كنوج» أيضا فيما بين المشرق والجنوب على غرب «كنك» إلى مملكة «ججاهوتي» ثلاثون فرسخا وقصبتها «كجوراهه» وفيما بينهما قلعتا «كوالير» و «كالنجر» من مذكور «1» القلاع وإلى «دهال» وقصبتها «تيوري» وصاحبها الآن «كنكيو» وإلى مملكة «كنّكره» عشرون وبعد ذلك «أبسور» ثمّ «بنواس» على الساحل، ومن كنوج فيما بين الجنوب والمغرب إلى «آسي» ثمانية عشر وإلى «سهنيا» سبعة عشر وإلى «جندرا» ثمانية عشر وإلى «راجوري» خمسة عشر وإلى «بزانه» قصبة «كزرات» عشرون ويعرفها أصحابنا بناراين ولمّا خربت انتقلوا إلى بلد آخر «جدوره «2» » والمسافة بين كلّ واحد من «ماهوره» وكنوج أو ماهوره وبزانة «3» واحدة ثمانية وعشرون «4» ، ومن قصد «أوجين» من ماهوره كان طريقه على قرى متقاربة لا تتباعد إلّا بخمسة فراسخ وأقلّ ويبلغ على خمسة وثلاثين فرسخا إلى بلد كبير يسمّى «دودهي» ثمّ «بامهور» على سبعة ثمّ «بهايلسان» على خمسة وهو ظاهر عندهم واسمه اسم صنمه ثمّ «أردين» على تسعة واسم صنمه «مهكال» ثمّ إلى «دهار» سبعة، ومن بزانه «4» نحو الجنوب إلى «ميقار» خمسة وعشرون وهي مملكة فيها قلعة «جترور» ومن القلعة إلى «مالوا» والقصبة «دهار» عشرون ومدينة «أوجين «5» » شرقيّة عن دهار بسبعة فراسخ ومن أوجين «1» إلى «بهايلسان» وهو من «مالوا» عشرة ومن دهار نحو

الجنوب إلى «بهومهره «1» » عشرون وإلى «كندوهو» عشرون وإلى «نماور «2» » على شطّ نهر «نرمد» عشرة وإلى «اليسپور» عشرون وإلى «مندكر» على شطّ نهر «كوداور» ستّون وأيضا فمن دهار في الجنوب إلى وادي «نميّه» سبعة وإلى «مهرت ديش» ثمانية عشر وإلى ولاية «كنكن» وقصبتها «تانه» على الساحل خمسة وعشرون. ويذكرون أنّ في براريّ كنكن المسمّاة «دانك» دابّة تسمّى «شرو» ذات أربع قوائم وعلى ظهرها شبه القوائم أربع أخرى نحو العلو ذات خرطوم صغير وقرنين عظيمين تضرب «3» بهما الفيل فتقطعه بنصفين وهي على هيئة الجاموس أعظم من «كنده» ، ويزعمون أنّها ربّما نطحت دابّة ما وشالت بها أو بعضها نحو ظهرها فوقعت فيما بين قوائمها العليا فعفنت وتدوّدت فأخذت في ظهرها ولم تزل تحاكّ الأشجار حتى تعطب، ويقولون إنّها ربّما سمعت بصوت الرعد فظنّته حيوانا وقصدته وقلّت قلّة الثنايا نحوه ووثبت منها إليه فتردّت وانحطمت: فأمّا كنده فإنّه كثير بأرض الهند وخاصّة حول «كنك» على هيئة الجاموس أسود الحلد مفلسه ذو غباغب وذو ثلاثة حوافر في كلّ قائمة صفر واحد كبير إلى قدّام واثنان من الجانبين ذنبه غير طويل وعيناه منحطّتان عن الموضع المعهود إلى الخدّ وعلى طرف أنفه قرن واحد له انعطاف إلى فوق، ويختصّ «البراهمة» بأكل لحمه، وشاهدت فتيّا منه ضرب فيلا اعترض له فجرح «4» بالقرن عضده ونطحه، وكنت أظنّ أنّه الكركدّن حتى أخبرني بعض من ورد من «سفالة الزنج» أنّ «الكرك» المستعمل قرنه في نصب السكاكين هناك قريب من هذه الصفة ويسمّى بالزنجيّة «إنپيلا» بألوان شتّى على هامته قرن مخروطيّ واسع الأسفل قليل الارتفاع سهمه في الداخل أسود والباقي أبيض وعلى جبهته قرن آخر

أطول على صفة الأوّل ينتصب وقت العمل والنطح وهو يحدّده على الأحجار حتى يصير قاطعا ثاقبا وله حوافر وذنب كذنب الحمار شعرانيّ؛ ويوجد التماسيح في أنهار الهند كما هي بالنيل حتى ظنّ الجاحظ بسلامة قلبه وبعده عن معرفة مجاري الأنهار وصور البحار أنّ نهر «مهران» شعبة من «النيل» ، ولقد يوجد «1» فيها أيضا حيوانات عجيبة من التماسيح و «مكر» وصنوف السمك المستغربة وحيوان كالزقّ يظهر للسفن ويعوم ويلعب يسمّونه «برلو» وأظنّه الدلفين أو نوعا منه فقد قيل إن على رأسه شق للتنفّس كما للدلفين؛ وفي أنهارهم الجنوبيّة حيوان يسمّى «كراه» وربّما يسمّى «جلتنت «2» » ، وأيضا «تندوه» وهو دقيق طويل جدّا، زعموا أنّه يرصد من يدخل الماء ويقف فيه إنسانا كان أو بهيمة فيقصده ويأخذ في الدوران عليه بالبعد منه إلى أن يفنى طوله ثمّ ينقبض وينعقد على أرجله ويصرعه ويهلكه، وسمعت بعضهم يحكي عن المشاهدة أنّ له رأسا كرأس كلب وذنبا ذا شعب كثيرة طويلة يلفّها على الحيوان عند الغفلة ثمّ يجريه بها إلى الذنب حتى يلويه عليه ويستحكم الأمر فلا ينجو منه. فنعود إلى ما كنّا فيه ونقول: إنّ من «بزانه» فيما بين الجنوب والمغرب إلى مدينة «أنهلواره» ستّون وإلى «سومنات» على الساحل خمسون ومن انهلواره نحو الجنوب إلى «لارديش» وقصبتها «بهروج» و «رهنجور «3» » اثنان وأربعون وهما على الساحل عن شرق «تانه» ومن بزانه «4» ، نحو المغرب إلى «مولتان» خمسون وإلى «بهاتي» خمسة عشر ومن بهاتي فيما بين الجنوب والمغرب إلى «أرور» خمسة عشر وهي بلدة فيما بين شعبتي ماء «السند» وإلى «بمهنوا» المنصورة عشرون وإلى «لوهراني» المصبّ ثلاثون، ومن «كنوج» نحو الشمال منحرفا قليلا نحو المغرب إلى «شرشارهه» خمسون

وإلى «ينجور» ثمانية عشر وهو على الجبل وبحذائه في البرّيّة بلد «تانيشر» وإلى «دهماله» قصبة «جالندهر» عند السفح ثمانية عشر وإلى «بلّاور» عشرة ثم نحو المغرب إلى «لدّه» ثلاثة عشر ثمّ إلى قلعة «راجكري» ثمانية ومنها نحو الشمال إلى «كشمير» خمسة وعشرون، ومن «كنوج» نحو المغرب إلى «ديامو» عشرة وإلى كتي» عشرة وإلى «آهار» عشرة وإلى «ميرت» عشرة وإلى «پانپت» عشرة وبينهما نهر «جون» وإلى «كويتل» عشرة وإلى «سنّام» عشرة، ثمّ فيما بين المغرب والشمال إلى «آدّت هور» تسعة وإلى «ججّنير «1» » ستّة وإلى «مندهوكور» قصبة «لوهاور» على شرق نهر «ايراوه» ثمانية وإلى نهر «جندراهه» اثنا «2» عشر وإلى «جيلم» على غرب ماء «بيتّ» ثمانية وإلى «ويهند» قصبة «القندهار» على غرب ماء «السند» عشرون وإلى «برشاور» أربعة عشر وإلى «دنبور» خمسة عشر وإلى «كابل» اثنا «2» عشر وإلى «غزنه» سبعة عشر؛ فأمّا كشمير فإنّها برّيّة يحيط بها جبال عالية منيعة جنوبها وشرقها للهند وغربها لملوك أقربها «بلورشاه» ثمّ «شكنان شاه» و «وخان شاه» إلى حدود «بذخشان» وشمالها وبعض الشرق للترك من «الختن» و «التبّت» ومن ثنيّة «بهوتيشر» إلى كشمير على أرض التبّت قريب من ثلاث مائة فرسخ؛ وأهل كشمير رجّالة ليس لهم دوابّ ولا فيلة ويركب كبارهم «الكتوت» وهي الأسرّة ويحملون على أعناق الرجال ويعتهدون حصانة الموضع فيحتاطون دائما في الاستيثاق من مداخلها ودروبها ولذلك تعذّرت مخالطتهم وقد كان فيما مضى يدخلها الواحد والاثنان من الغرباء وخاصّة من اليهود والآن لا يتركون هنديّا مجهولا يدخلها فكيف غيرهم، وأشهر مداخلها من قرية «ببرهان» وهي على منتصف الطريق بين نهري «السند» و «جيلم» ومنها إلى قنطرة على مجتمع ماء «كسناري» وماء «مهوي»

الخارجين من جبال «شميلان» الواقعين إلى ماء جيلم ثمانية فراسخ ومنها مدخل الشعب الذي يخرج منه ماء جيلم مسيرة خمسة أيّام في آخره بلد «دوار» المرصد على جانبي النهر ثم يخرج إلى الصحراء وينتهي إلى «ادّشتان» قصبة كشمير في يومين ينزل فيهما بلد «أوشكارا» وهو وبلد «برامولا» عن جانبي الوادي» ومدينة «كشمير» أربع فراسخ مبنيّة بالطول على حافّتي ماء جيلم وبينهما الجسور والزواريق ومخرجه من جبال «هرمكوت» التي منها أيضا مخرج «كنك» وهي صرود غير مسلوكة لا تذوب ثلوجها ولا تفنى ووراءها «مهاجين» أي الصين العظمى فإذا خرج ماء جيلم من الجبال وامتدّ مسيرة يومين اخترق ادشتان ثمّ يدخل على أربعة فراسخ منه بطيحة مقدارها فرسخ في فرسخ مزارعهم على شطوطها وما يكبسون منها ثمّ يخرج من البطيحة إلى بلد أوشكارا ويفضي إلى الشعب؛ وأمّا ماء «السند» فإنّه يخرج من جبال «أننك» في حدود «الترك» وذلك أنّك إذا أصحرت من شعب المدخل كان عن يسارك جبال «بلور» و «شميلان» على مسيرة يومين أتراك يسمّون «بهتّاوريان» وملكهم «بهتّ شاه» وبلادهم «كلكت» و «اسوره» و «شلتاس» ولسانهم التركيّة، وكشمير من إغاراتهم في بليّة، والسالك على اليسار يمتدّ في العمارات إلى القصبة وعلى اليمين إلى قرى متّصلة على جنوب القصبة ويفضي إلى جبل «كلارجك» وهو كالقبّة شبيه بجبل «دنباوند» لا ينحسر عنه الثلج ويرى دائما من حدود «تاكيشر» و «لوهاور» وبينه وبين صحراء «كشمير» فرسخان، وقلعة «راجكري» عن جنوبه وقلعة «لهور» عن غربه، وما رأيت أحصن منهما، وعلى ثلاثة فراسخ منه بلد «راجاوري» وإليه يتّجر تّجارنا ولا يتجاوزونه، فهذا حدّ أرض الهند من جهة الشمال؛ وفي الجبال الغربيّة منها أصناف الفرق الأفغانيّة إلى أن تنقطع بالقرب من أرض السند» ؛ وأمّا الجهة الجنوبيّة منها فإنّها البحر ويأخذ ساحله من «تيز» قصبة «مكران» ظاعنا إلى ما بين الجنوب والمشرق نحو ناحية «الديبل» أربعين فرسخا، وبينهما «غبّ توران» والغبّ هو كالزاوية والعطفة يدخل من البحر إلى البرّ ويكون للسفن فيه

مخاوف وخاصّة من جهة المدّ والجزر، و «الخور» هو شبه الغبّ ولكن ليس من جهة دخول البحر وإنّما هو من مجيء المياه الجارية واتّصاله بالبحر ساكنا، ومخاوف السفن فيه من جهة العذوبة التي لا تستقلّ بالأثقال استقلال الملوحة بها؛ وبعد الغبّ المذكور «منّهه» الصغرى ثم الكبرى ثمّ البوارج لصوص ومواضعهم «كج «1» » و «سومنات» وسمّوا بهذا لأنّهم يتلصّصون في الزواريق واسمها «بيره» ؛ ومن ديبل إلى «تولّيشر» خمسون وإلى «لوهراني» اثنا «2» عشر وإلى «بكه» اثنا «3» عشر وإلى «كج «4» » معدن المقل و «باروي» ستّة وإلى «سومنات» أربعة عشر وإلى «كنبايت» ثلاثون ثمّ إلى «أساول» في يومين وإلى «بهروج» ثلاثون وإلى «سندان» خمسون وإلى «سوباره» ستّة وإلى تانه» خمسة؛ ثمّ يفضي إلى أرض «لاران» وفيها «جيمور» ثمّ «بلبه» ثمّ «كانجي» ثمّ «درود» ويجيء غبّ عظيم وفيه «سنكلديب» وهي جزيرة «سرنديب» وحوله بلد «پنجياور» وقد خرب فبنى «جور» ملكهم بدله على الساحل نحو المغرب بلدا سمّاه «پدنار» ؛ ثم يجيء «أومّلناره» ثمّ «راميشر «5» » بحذاء سرنديب وبينهما في الماء اثنا «5» عشر فرسخا ومن پنجياور إلى راميشر «5» أربعون فرسخا ومن راميشر «5» إلى «سيت بند» أي قنطرة البحر فرسخان، وهو سدّ «رام بن دشرت» إلى قلعة «لنك» وهو الآن جبال منقطعة بينها البحر، وعلى ستّة عشر فرسخا منه نحو الشرق «كهكند» وهي جبال القردة يخرج ملكها كلّ يوم مع الجماعات ولهم مجالس مهيّأة وقد هيّأ أهل تلك الأرض لهم الأرزّ المطبوخ فيحملونه إليها على أوراق فإذا طعمت رجعت إلى الغياض وإن «6» تغوفل عنها كان في ذلك هلاك

الناحية لكثرتها وصولتها، وعندهم أنّها أمّة من الناس ممسوخة لأجل معونة رام على محاربة الشياطين وأنّ تلك القرى أوقافه عليها وأنّ من وقع إليها فأنشد شعر رام لها ورقي رقياته عليها أصاخت لها وسكنت إلى استماعها وأرشدت الضالّ وأطعمت وسقت، فإن كان من هذا شيء فهو من جهة اللحن كما تقدّم في باب الظباء؛ فأمّا الجزائر الشرقيّة في هذا البحر وهي إلى حدّ الصين أقرب فإنّها جزائر «الزابج» ويسمّيها الهند «سورن ديب» أي جزائر الذهب، والغربيّة جزائر «الزنج» ، والمتوسّط جزائر «الرمّ» و «الديبجات» ومن جملتها جزائر «قمير» ، ولجزائر «ديوه» خاصيّة هي أنّها تنشؤ فتظهر من البحر قطعة رمليّة لا تزال تعلو وتنبسط وتنمو حتى تستحكم وأخرى منها على الأيّام تضعف وتذبل وتذوب حتى تغوص وتبيد فإذا أحسّ أهلها بذلك طلبوا جديدة متزايدة الطراوة فنقلوا إليها النارجيل والنخل والزرع والأثاث وانتقلوا إليها، وتنقسم هذه الجزائر إلى قسمين بما يرتفع منها فتسمّى «ديوه كوذه» أي ديبجات الودع يجمعونها من أغصان نارجيل يغزرونها في البحر، و «ديوه كنبار» الغزل المفتول من ليف النارجيل لخرز المراكب؛ وجزيرة «الوقواق» من جملة قمير وهو اسم لا كما تظنّه العوامّ من شجرة حملها كرؤوس الناس تصيح ولكنّ قمير قوم ألوانهم إلى البياض قصار القدود على صور الأتراك ودين الهنود مخرّمي الآذان وأهل جزيرة «الوقواق» منهم سود الألوان والناس فيهم أرغب ويجلب منهم الأبنوس الأسود وهو لبّ شجرة تلقي حواشيها فأمّا «الملمّع» و «الشوحط» والصندل الأصفر فمن الزنج، وقد كان في غبّ «سرنديب» مغاص لآلىء فبطل في زماننا ثمّ ظهر بسفالة الزنج بعد أن لم يكن فيقولون إنّه هو قد انتقل اليها؛ وأرض الهند تمطر مطر الحميم في الصيف ويسمّونه «برشكال» وكلّما كانت البقعة أشدّ إمعانا في الشمال وغير محجوب بجبل فهذا المطر فيها أغزر ومدّته أطول وأكثر، وكنت أسمع أهل «المولتان» يقولون: إنّ برشكال لا يكون لهم فأمّا فيما جاوزهم إلى الشمال واقترب من الجبال فيكون حتى أنّ في «بهاتل» و «اندربيذ» يكون من عند شهر «آشار»

ويتوالى أربعة أشهر كالقرب المصبوبة وفي النواحي التي بعدها حول جبال «كشمير» إلى ثنيّة «جودري» وهي فيما بين «دنبور» وبين «پرشاور» يغزر شهرين ونصفا أوّلها «شرابن» ويعدم فيما وراء هذه الثنيّة وذلك لأنّ هذه الغيوم ثقيلة قليلة الارتفاع عن وجه الأرض فإذا بلغت هذه الجبال صدمتها وعصرتها فسالت ولم تتجاوزها ولأجل هذا تعدمه كشمير والعادة فيها أنّ تتوالى الثلوج في شهرين ونصف أوّلها «ماك» فإذا جاوز نصف «جيتر «1» » توالت أمطار أيّاما يسيرة فأذا بت الثلوج وأطهرت الأرض وهذا فيها قلّما يخطئ فأمّا ما خرج من النظام فلكلّ بقعة منه نصيب.

يط- في أسماء الكواكب والبروج ومنازل القمر وأمثال ذلك

يط- في أسماء الكواكب والبروج ومنازل القمر وأمثال ذلك قد قدّمنا في أوّل الكتاب أنّ لغة الهند تتّسع جدّا في الأسامي مقتضبة ومشتقّة حتى يسمّى مسمّى واحد فيها بأسماء كثيرة فقد سمعتهم يزعمون أنّ عدد أسماء الشمس عندهم ألف ولا محالة أنّ لكلّ كوكب منها مثل أو ما يقاربه من الكثرة إذ لا بدّ منها: وأسماء أيّام الأسبوع عندهم هي اسماء الكواكب السبعة بأشهر أسمائها ويسمّون الموقع من الاسبوع «بار» فيتبع اسم الكواكب على هيئة اتباع «شنبه» في الفارسيّة عدد اليوم من الأسبوع فيوم الأحد «آدت بار» أي للشمس ويوم الاثنين «سوم بار» أي للقمر ويوم الثلثاء «منكل بار» أي للمرّيخ ويوم الأربعاء «بدبار» أي لعطارد ويوم الخميس «برهسبت «1» بار» أي للمشتري ويوم الجمعة «شكر بار» أي للزهرة ويوم السبت «شنيشجر «2» بار» أي لزحل، ويعود الأمر إلى الشمس؛ والمنجّمون منّا يسمّونها أرباب الأيّام ومأخذ الأمر فيها بعدّ الساعات من عند ربّ اليوم على ترتيب أفلاك الكواكب بانحدار نحو السفل، مثاله: إنّ الشمس ربّة يوم الأحد وهي أيضا ربّة الساعة الأولى ثمّ تكون الثانية للكوكب الذي فلكه أسفل فلك الشمس وهو الزهرة والثالثة لعطارد والرابعة للقمر وقد فني

الانحدار في الأثير «1» فيعود الأمر في الخامسة إلى زحل وعلى هذا تكون الخامسة والعشرون «2» للقمر وتلك هي الأولى من يوم الاثنين فالقمر ربّها وربّ اليوم وليس بين هؤلاء وأولئك اختلاف إلّا في شيء واحد وهو أن منجّمينا «3» يستعملون في ذلك الساعات المعوجّة فيكون الثالث عشر من ربّ اليوم ربّ الليل التالي للنهار وهو الثالث من ربّ النهار على عكس ذلك التعديد أعني بصعود نحو العلو، وأمّا الهند فيجعلون ربّ النهار ربّ اليوم كلّه فيتبع الليل النهار غير مخصوص بربّ على حدة وهذا هو طريق جمهورهم؛ وربّما يخيّل من مواضعاتهم أمر الساعات المعوجة فانهم يسمّون الساعة «هور» وبهذا الاسم يسمّون أيضا نصف البرج في عمل «النيمبهرات» ، ورأيت في بعض زيجاتهم في استخراج ربّ الساعة أن يقسم ما بين الشمس وبين درجة الطالع بدرج السواء على خمسة عشر ويزاد على ما خرج من الصحاح واحد ويلغي الكسر إن كان فيه ثمّ يعدّ ذلك المبلغ من ربّ اليوم على توالي الأفلاك نحو السفل، وهذا إلى العمل بالساعات المعوجّة أقرب منه بالمستوية؛ وقد صار للهند في ترتيب الكواكب بالأيّام عادة يسرعون إليها في زيجاتهم وكتبهم ويعرضون عن سائر الترتيبات وإن كانت أقرب إلى الحقّ، وللكواكب عند اليونانيّين صور تثبت بها الحدود في الاسطرلابات للتخفيف وليست من أرقام الحروف وكذلك يفعل الهند في الاختصار لكنّ الصور غير مقتضبة ولكنّها الحرف الأوّل من اسم كل كوكب مثل الألف من «آدت» للشمس والجيم من «جندر» «4» للقمر والباء من «بد» لعطارد، ونحن نضع في هذا الجدول صدرا من أسامي الكواكب السبعة: «1» «2» «3» «4» «5» «6» «7»

وهذه الأسامي الكثيرة للشمس دعت أصحاب النحلة إلى تكثير جرمها حتى زعموا أنّ الشموس اثنتا عشرة تطلع منها في كلّ شهر واحدة، وقيل في كتاب «بشن دهرم» : إنّ «بشن» وهو «ناراين» الذي لا أوّل له في الزمان ولا آخر قسم نفسه من أجل الملائكة اثنى «1» عشر قسما صارت أبناء «لكشّب» وهي الشموس الطالعة في كلّ شهر، فزعم من لا يرى سبب ذلك كثرة الأسامي أنّ سائر الكواكب كثيرة الأسامي وأجرامها واحدة، ومع ذلك فليست اسامي الشمس اثنى «1» عشر فقط بل أكثر وهي مشتقّة من معان «2» ومنها «آدت» وهو الابتداء لأنّها مبدأ الكلّ ومنها «سبت» وهو اسم يقع على كلّ من ولد له ولمّا كانت مواليد العالم منها سمّيت به ومنها «رب» لأنّها تنشف الرطوبات وذلك أنّ الماء الذي في النبات يسمّى «رس» ومن يأخذه يسمّى «رب» ؛ ثمّ القمر قرينها وتلوها وأساميه أيضا كثيرة فمنها «سوم» لأنّه سعد والسعود تسمّى «سوم كره» والنحوس «باب كره» ومنها «نشيش» أي صاحب اليل و «نكشترنات» أي صاحب المنازل و «دجيشفر» اي صاحب البراهمة و «شيتانش» اي بارد الشعاع لأنّ كرته مائيّة وفيها الهناءة فإذا وقع عليه الشعاع برد كبرودته وانعكس فأضاء الظلمة وبرّد الليل وأطفأ ما أفسدته الشمس بالاحراق ولهذا ايضا سمّي «جندر» وهو عين «ناراين» اليسرى كما أنّ الشمس عينه اليمنى، وقد اودعت هذا الجدول شموس الشهور، وآفة الاختلاف فيها من مثل ما تقدم في تعديد الأرضين: «1» «2» «3» «4» «5»

والذي هو محكيّ من كتاب «بشن دهرم» مظنون به أنه متحفّظ الترتيب من أجل انّ لباسديو في كلّ شهر اسما ومعظّموه يفتتحون الشهور من «منكهر» واسمه فيه «كيشو» وإذا عدّت اساميه اتّفق اسمه في شهر «جيتر بشن» كما هو في بشن دهرم، وقد قال أيضا في «كيتا» : أنا مثل «بسنت» أي الاعتدال في أسداس السنة، فقد شهد ذلك على صحة ما في اول الجدول: وأمّا اسماء الشهور فمشاركة لأسماء المنازل قد اختصّ كلّ شهر بعدّة منازل يكون اسمه مشتقّا «1» من أحدها، وقد كتبنا ذلك في الجدول بالحمرة ليظهر الاشتراك، وأيضا فإنّ المشتري إذا شرق في أحد المنازل كان الشهر الذي ذلك المنزل في حوزته صاحب السنة ونسبت السنة كلّها إلى ذلك الشهر، وإن وجد في أسماء الشهور خلاف ما تقدّم «2» فليعلم أنّ ذلك من جهة أنّ ما تقدم هو باللفظ العامّيّ وهذا بالفصيح:

وللبروج أسام «1» تقتضيها الصور كما هي عند جميع الأمم؛ واسم البرج الثالث «متن» وهو اسم يقع على صبّي وصبيّة معا وذلك معنى التوأمين اللذين هما صورة البرج، وذكر «براهمهر» في كتاب المواليد الكبير: إنّه على صورة رجل قابض على بربط وعمود، وكأنّه ذهب الى صورة الجبّار كما ذهب جمهور العوامّ اليه حتى اشتهر البرج بالجوزاء التي ليست صورته؛ وذكر في صورة البرج السادس أنّها سفينة وبيدها سنبلة، وكأنه سقط من نسختنا شيء فليس للسفينة يد، واسم البرج عندهم «كن» وهو الجارية العذراء، وكأنّه قيل عذراء في سفينة بيدها سنبلة، وهو السماك الأعزل ويظنّ بالسفينة أنّها كواكب العوّاء الذي هو من منازل القمر فإنّه على سطر ينعرج طرفه، وقال في صورة البرج السابع: إنّها نار واسمه «تله» وهو القبّان؛ وقال في البرج العاشر: إنّ وجهه وجه عنز والباقي «مكر» ومتى قيل مكر استغنى عن وجه العنز وإنّما يحتاج اليه اليونانيّون لأنّهم ركّبوا الصورة من حيوانين ما فوق الصدر منها عنز وما تحته سمكة والحيوان البحريّ المسمى مكر هو كذلك على ما وصفوا مستغن عن التركيب، وقال في صورة البرج الحادي عشر: إنّها جرّة واسمه «كنب» «2» موافق لما قال إلّا أنّ تعديدهم إيّاه أو بعضه في صور الناس دليل على أنّهم يذهبون فيه مذهب اليونانيّين من الرجل الساكب للماء؛ وذكر في البرج الأخير أنّه على صورة سمكتين وإن كان اسمه يقتضي سمكة واحدة في جميع اللغات؛ وذكر للبروج أسامي بلغتهم غير معهودة وضعناها في هذا الجدول. ومن عادتهم إذا أثبتوا البروج بالأعداد لم يبتدءوا بالصفر للحمل والواحد للثور ولكنّهم يبتدءون بالواحد للحمل والاثنين للثور حتى تكون الاثنان عشر للحوت. «1» «2»

ك- في ذكر برهماند

ك- في ذكر برهماند تفسير «برهماند» هو بيضة «براهم» وتقع بالحقيقة على كلّ الأثير من جهة استدارته وشكل حركته بل على كلّ العالم من جهة انقسامه إلى الأعلى والأسفل، وهم إذا عدّوا السماوات قالوا: إنّ جملتها «برهماند» وهؤلاء ممّن عدموا الرياضة بعلم الهيئة ولم يتصوّروها حقّ التصوّر فلا يرون للسماوات غير السكون وخاصة لأنهم يجعلونها قرار الطوائف يظنّون بها النقل والاعتماد نحو السفل إذا وصفوا نعيم الجنّة بشبه المشاهد في الدنيا على الأرض، وفي مرموزاتهم الخبريّة: إنّ الماء كان قبل كلّ شيء وموضع العالم ممتلئ به، ولا محالة أنّ ذلك في أوّل نهار النفس وابتداء التصوّر والتركيب، قالوا: وإن الماء أزبد بالتموّج فبرز منه شيء أبيض خلق البارئ منه بيضة «براهم» فمنهم من يقول: إنّها انفلقت وخرج منها براهم وصار السماء من أحد نصفيها والأرض من الآخر والأمطار من كسيرات ما بينهما، ولو قالوا الجبال لكانت أليق بها من الأمطار وأشبه، ومنهم من يقول إنّ الله تعالى قال لبراهم: إنّي خالق بيضة أجعلها لسكناك فيه، وخلقها من زبد الماء المذكور فلمّا نضب وغاض كسر البيضة حينئذ بنصفين؛ وإلى قريب منه ذهب اليونانيون في «اسقليبيوس» «1» المستنبط لصناعة الطبّ فانّهم على ما ذكر «جالينوس» إذا صوّروه

وضعوا في يده بيضة لتكون إشارة إلى كريّة العالم ومثال الكلّ وأنّ العالم كلّه محتاج إلى الطبّ، وليس اسقليبيوس «1» بأدنى مرتبة من براهم فإنّهم ذكروا فيه: إنّه قوّة إلهيّة اشتقّ لها هذا الأسم من فعلها، وهو منع اليبس لأن الموت عارض عند غلبة اليبس والبرد، وإن كانوا في النسبة الطبيعيّة يقولون فيه: إنّه ابن «افوللن» وإنّه ابن «فلاغوراوس» وإنّه ابن «قرونس» وهو كوكب زحل، كلّ ذلك لقوّة التثليث؛ فأمّا تقدّم الماء عند الهند في الخليفة فمن أجل أنّ به تماسك كلّ متهّب «2» ونموّ كل نام «3» وقوام الحياة في كلّ ذي روح فهو للصانع آلة وأداة إذا قصد الصنعة من مادّة وبمثله نطق التنزيل في قول الله سبحانه وتعالى: «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ» «4» سواء حمل من ظاهر اللفظ على جسم معيّن مسمّى بهذا الاسم مأمور بتعظيمه أو حمل على تأويل بالملك وما أشبهه فالمعنى أنّه لم يكن وقتئذ بعد الله غير الماء وعرشه «5» ، ولولا ان كتابنا مقصور على مقالات فرقة واحدة لأوردنا من مقالات الفرق الذين كانوا ببابل وحولها في القديم ما يشبه حديث هذه البيضة ويزيد سخافة عليه؛ وأمّا إشارة الهند إلى تنصيف البيضة فهي من جهة أنّ صاحب هذا الكلام عامّيّ لم يعرف إحاطة السماء بالأرض كاحاطة قشر «برهماند» بمخّها لكنّه تصوّر الأرض سفلا والسماء علوا من إحدى جهاتها فقط ولو تحقّق الأمر لم يحتج إلى فلق البيضة إلّا أنّه رام أن يبسط نصفها أرضا وينصب النصف الآخر عليها قبّة ففاضل «بطلميوس» في تسطيح الكرة ولكنّه لم يفضله، وما زالت المرموزات كذلك يتناولها في التأويل كلّ آخذ «6» بما يوافق عقيدته، قال «أفلاطن» في كتاب «طيماوس» ممّا يشابه أمر برهماند: إن

البارئ قطع خيطا مستقيما بنصفين وأدار من كلّ واحد منهما دائرة تلاقيا على نقطتين وقسم إحداهما بسبعة أقسام، فأشار الى الحركتين وإلى اكر الكواكب على وجه الرمز كعادته؛ وقال «برهمكوبت» «1» في المقالة الأولى من «براهم سدّهاند» حين عدّد السماوات وجعل القمر في اولاها وصعد بالكواكب الى السابعة فجعل زحل فيها: إنّ الكواكب الثابتة في الثامنة وإنّها جعلت مدوّرة لتدوم فيثاب فيها المحسن ويكافي المسيء إذ ليس وراءها شيء، فأشار في هذا الفصل إلى أنّ السماوات هي الأفلاك وفي ترتيبها إلى مخالفة ما في كتبهم الملّية الخبريّة على ما سنحكيه في موضعه وفي التدوير إلى بطء «2» التأثّر وإلى ما عليه «ارسطوطالس» في المدوّر وفي الحركة المستديرة وإلى أنّ ليس وراء الأفلاك جرم موجود، وإذا كان كذلك لم يخف أنّ «برهماند» هو مجموع الأفلاك اعني الأثير «3» بل الكلّ لأنّ المكافاة عندهم تكون في حشوه أيضا؛ وقال «بلس» في «سدّهانده» : إنّ كلّيّة العالم هي «4» جملة الأرض والماء والنار والريح والسماء خلقت فيما وراء الظلمة ورئيت السماء لازورديّة اللون لقصور شعاع الشمس عنها حتى تستضيء به استضاءة الأكر المائية غير النيّرة أعني بها أجرام الكواكب والقمر التي إذا وقع شعاع الشمس عليها ولم ينته ظلّ الأرض إليها ذهب سوادها وظهر بالليل أشخاصها فالمضيء واحد وسائرها مستضيئة منه، أشار في هذا الفصل إلى النهاية المدركة وسمّاها سماء وجعلها في ظلمة بما ذكر من كونها في الموضع الذي لا يبلغه الشعاع والبحث عن اللون الأكهب المرئيّ يطول جدّا؛ وقال برهمكوبت في المقالة المذكورة: اضرب أدوار القمر وهي 000 300 753 57 في «جوزنات» فلكه وهي 000 324 فتجتمع 000 000 200 069 712 18 وتلك جوزنات فلك البروج، فأمّا مقدار جوزن من المسافة فهو مذكور في بابه، وأمّا ما

ذكر فقد اخذناه تقليدا إذ لم يذكر شيئا يوجبه، فأمّا «بسشت» ، فانّه قال: إنّ «برهماند» محيط بالأفلاك وهذه الأعداد مقداره من أجل ان فلك البروج متّصل به، وأمّا، بلبهدر» المفسّر فإنّه قال: لسنا نجعل هذه الأعداد مقدار السماء فإنّا لا نقدر على تحديد عظمها ولكنّا نجعلها لمنتهى البصر فلا محسوس أرفع منه مع تفاضل سائر الأفلاك في العظم والصغر، وقال اصحاب «آرجبهد» يكفينا معرفة الموضع الذي يبلغه الشعاع ولا نحتاج إلى ما لا يبلغه وأن عظم في ذاته فما لا يبلغه الشعاع لا يدركه الإحساس وما لا يحسّ به فليس بمعلوم؛ والذي يحصل من كلام هؤلاء أمّا من قول بسشت فهو أنّ برهماند كرة محيطة بالفلك الثامن الموسوم بالبروج وفيه الكواكب الثابتة وهما متماسّان وإلى الفلك الثامن كنّا نضطرّ فأمّا فيما فوقه فليس شيء يضطرّ إلى إيجاب فلك تاسع والناس مختلفون فيه فمنهم من يوجبه لأجل الحركة الغربيّة متحرّكا بها قاهرا لما يحويه عليها ومنهم من يوجبه لأجلها وهو ساكن، أمّا الفرقة الأولى فغرضهم معلوم ولكنّ «أرسطوطالس» قد بيّن أنّ كلّ متحرّك فإنّما يتحرك من محرّك ليس فيه، ولابدّ لذلك الفلك التاسع من محرّك خارج فما المانع عن تحريكه الأفلاك الثمانية من غير توسيط التاسع، وأمّا الفرقة الثانية فكأنهم سمعوا ما حكيناه وأنّ المحرّك الأوّل غير متحرّك فجعلوا فلكهم التاسع ساكنا والحركة الغربيّة صادرة عنه، لكنّ ارسطوطالس قد بينّ ايضا أنّه ليس بجسم فصفته بالكريّة والفلكية والإحاطة والسكون توجب جسميّته فقد تأدّى الفلك التاسع إلى المحال، وفي هذا المعنى يقول «بطلميوس» في صدر كتاب «المجسطي» : فالعلّة الأولى لحركة الكلّ الأولى إذا توهّمنا الحركة مفردة رأينا أنّها إله لا مرئيّ ولا متحرك وسمّينا صنف البحث عنه إلهيّا وهذا الفعل نعقله في اعلى علو العالم فقط مباينا البتّة للجواهر المحسوسة فهذا ما يقوله بطلميوس في المحرّك الأوّل من غير أن يشير إلى الفلك الذي حكاه عنه يحيى النحويّ في ردّه «بروقلس» وذكر أنّ «افلاطون» لم يكن يعرف الفلك التاسع الذي ليس فيه كوكب وهو الذي فهمه بطلميوس زعم؛ فأمّا أقاويل القابلين فيما وراء النهاية المتحرّكة من جسم ساكن او خلاء غير متناهيين او نفي الخلاء والملا عنه معا

فغير متّصلة بما نحن فيه؛ وأمّا «بلبهدر» فإنّه يراح منه رائحة من يرى أنّ السماء او السماوات جسم مستحصف مقاوم للاثقال حاملها أنّه فوق الأفلاك، ويسهل عليه إيثار الخبر على العيان كما يصعب علينا تقديم الشبه على البرهان، والحقّ مع اصحاب «آرجبهد» وكأنّهم اصحاب الاجتهاد حقّا فقد استبان أنّ «برهماند» هو الأثير «1» بما في حشوه من المطبوعات.

كا- في صورة الأرض والسماء على الوجوه الملية التي ترجع إلى الأخبار والروايات السمعية

كا- في صورة الأرض والسماء على الوجوه الملّيّة التي ترجع إلى الأخبار والروايات السمعيّة إن القوم الذين وقعت الإشارة إليهم في ترجمة الباب قد ذهبوا في الأرضين إلى أنّها سبع طباق واحدة فوق الأخرى وفي تقسيم علياها إلى التسبيع، لا على ما يذهب إليه المنجّمون عندنا من الأقاليم أو الفرس من «الكشورات» ونريد بعد أن نورد تصريح أقاويلهم المستخرج من جهة أرباب شرائعهم أن ينتصب للإنصاف فإن لاح لنا فيه شيء أو اتّفاق مع غيرهم وإن لم يصيبوا فيه معا قرّرناه لا على وجه الذبّ عنهم بل قصدا لإذكاء الطباع لمطالعها «1» ؛ ولم يختلفوا في عدد الأرضين ولا في عدد أقسام العليا وإنّما اختلفوا في أساميها وفي ترتيب الأسامي فربّما أحمل ذلك الاختلاف على سعة اللغة فإنّهم يسمّون الشيء الواحد بأسماء كثيرة جدّا والمثال بالشمس فإنّهم سمّوها بألف اسم على ما ذكروا كتسمية العرب الأسد بقريب من ذلك بعضها مقتضبة اقتضابا «2» وبعضها مشتقّة من الأحوال المتغايرة «2» فيه أو الأفعال الصادرة، وهم ومن شابههم يتبجحون بذلك وهو من أعظم معايب اللغة فموضوعها إيقاع اسم على كلّ واحد من الموجودات وآثارها بمواطأة بين نفر يعرف بها بعضهم عن بعض غرضه عند إظهار ذلك الاسم بالنطق، فإذا كان الاسم الواحد بعينه واقعا على عدّة مسمّيات دلّ على ضيق اللغة وأحوج السامع إلى سؤال

القائل عمّا يعنيه بلفظه فسقط ذلك الاسم إمّا بآخر مثله يغني وإمّا بتفسير معرّف للمعنى، وإذا كان للشيء الواحد أسماء كثيرة ولم يكن سبب ذلك استبداد كلّ قبيلة أو كلّ طبقة بواحد منها وكان في الواحد منها كفاية اتّصفت الباقية بالهمر والهذيان والهذر وصارت سبب التعمية والإخفاء أو تحمل المشاقّ لحفظ الجملة بلا فائدة غير ضياع العمر، وربّما وقع في خلدي من جهة أرباب الكتب والأخبار أنّهم أعرضوا عن الترتيب واقتصروا على ذكر الأسامي أو أنّ النسّاخ تجازفوا فإنّ المعبّرين لي بالترجمة كانوا ذوي قوّة على اللغة وغير معروفين بالخيانة بلا فائدة، وسأضع في الجدول ما حصل لي من أسامي الأرضين، والاعتماد منها على المنقول من «آدت پران» فإنّه وضع لها قانونا وجعل كلّ واحدة «1» من الأرضين والسماوات على عضو عضو من أعضاء الشمس فكانت السماوات من الهامة إلى البطن والأرضون من السرّة إلى القدم، فظهر بذلك الترتيب وزال الاشتباه: «1» «2» «3» «4» «5»

ويتلو الأرضين السماوات السبع الطباق وتسمّى «لوكات» ولوك هو المجمع والمحفل وقد كان اليونانيّون على مثله في تصيير السماوات مواضع للمجامع؛ قال يحيى النحويّ في ردّه على «برقلس» : إنّ قوما من المتكلّمين رأوا في الفلك المسمّى «غلقسياس» أي اللبن وهو المجرّة أنّه منزل ومستقرّ للأنفس الناطقة، ويقول «أوميرس» الشاعر: إنّك جعلت السماء الطاهرة مسكن الأبد للآلهة لا تزعزعه الرياح ولا تبلّه الأمطار ولا تتلفه الثلوج بل فيه الصّحو البهيّ بلا سحاب يغشاه «1» ، وقال «أفلاطون» : قال الله للسبعة الكواكب السيّارة أنتنّ آلهة الآلهة وأنا أبو «2» الأعمال صانعكم صنعا لا انتقاض فيه فإنّ كلّ مربوط وإن كان محلولا فإنّ الفساد غير لاحق بما جاد نظامه، وقال «أرسطوطالس» في رسالة له إلى الاسكندر» : إنّ العالم هو نظام الخلق كله وأمّا ما علاه وأحاط به من أقطاره فهو محل الآلهة والسماء مليئ من أجسادهم التي نسمّيها للعبارة كواكب، ويقول في موضع آخر منها: الأرض محصورة بالماء والماء بالهواء والهواء بالنار والنار بالأثير «3» ولهذا صارت البلدة العليا محلّ الآلهة وقدّرت السفلى محلّ الدوابّ المائيّة، وفي «باج پران» ما يشبهه وهو: أنّ الأرض يمسكها الماء والماء يمسكه النار المحض والنار يمسكها الريح والريح يمسكها السماء والسماء يمسكها ربّها، ولم يخالف إلّا في الترتيب، ولم يقع في أسامي «اللوكات» من الخلاف مثل ما كان وقع في الأرضين ونحن نضع أيضا أسماءها في جدول كالأوّل: وهذه كلّها متّفقة إلّا ما وقع لمفسّر كتاب «پاتنجل» فإنّه كان سمع أنّ «يترين» وهم الآباء مجمعهم في فلك القمر وهو كلام مبنيّ على أقاويل المنجّمين فصيّر مجمعهم أوّل السماوات وكان يجب أن يجعله مكان «بهور لوك» ولم يفعل لكنّه

أسقط «سفرلوك» بتلك الزيادة وهو موضع الثواب، ثمّ عمل شيئا آخر وهو أنّ «ستّ لوك» السابعة سمّيت في «الپرانات» «برهم لوك» فجعلها فوقها وجعل الواحد المسمّى باسمين آنس وكان الواجب عليه أن يترك برهم لوك جانبا ويقيم «پترلوك» مقام الأولى ولا يسقط «سفر لوك» ؛ فهذا ما في الأرضين السبع والسماوات السبع. فلنذكر أيضا أقسام وجه الأرض العليا ثمّ ما يجب بعد ذلك أن نتليها ونقول: إنّ «ديب «1» » بلغتهم اسم الجزيرة و «سنكلديب «2» » هو الذي نسمّيه «سرنديب» لأنّه جزيرة والديبجات كذلك لأنّها جزائر كثيرة تهرم بعضها وتتحلّل وتنبسط فيعلوها الماء وتغيب وتظهر أخرى حديثة كقطعة رمل لا تزال تزداد

وتعلو وتتّسع فينتقل سكّان الأولى إليها ويعمرونها: والذي عليه الهند من جهه الأخبار الملّيّة فهو أنّ الأرض التي نحن عليها مستديرة يحيط بها بحر وعلى البحر أرض كالطوق وعلى تلك الأرض بحر مستدير أيضا كالطوق وعلى هذا النظام إلى أن يستتمّ كلّ واحد من عدد الأطواق اليابسة المسمّاة جزائر وعدد البحار سبعة على شريطة هي أن يكون كلّ واحد من أحد الجنسين ضعف الذي في ضمنه من جنسه أعني الذي يليه فيحيط به فيتوالى مقادير كلّ واحد منهما على توالي أعداد زوج الزوج فإذا كانت الأرض الوسطى واحدا كانت جملة الأرضين السبع المتطوّقة 127 وإذا كان البحر المحيط بالأرض الوسطى واحدا كانت جملة البحار السبعة المتطوّقة أيضا 127 وكانت جملة البحار والأرضين معا 254، لكنّ مفسّر كتاب «پاتنجل» فرض للأرض الوسطى مائة ألف «جوژن» فيكون ما لجملة الأرضين 12700000 وفرض للبحر المحيط بالأرض الوسطى مائتي ألف وللذي بعده أربع مائة ألف فيجتمع للبحار 25400000 وجملة ذلك 38100000 ولم يذكر الجملة حتى نقابلها بهذه إلّا أنّه ذكر في باج پران» : أنّ قطر جملة الديبات ولجزائر 37900000 وهو غير موافق للأوّل بل لا وجه له إلّا أن تكون البحار ستّة وفي التضاعيف من الأربعة مبتدئة، فأمّا عدّة البحار فيمكن أن تحمل على أنّه ترك ذكر السابع لأنّه قصد اليبس ومتى ذكره احتاج إلى ذكر ما يحيط به وأمّا الابتداء بالأربعة في التضاعيف فلا أرى له في القانون الموضوع وجها، ولكلّ واحد من الديبات والبحار اسم نضع ما معنا منه في جدول ليقبل عذرنا: «1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8»

وليس للعقل في هذا مدخل ولا أعرف للاختلاف سببا سوى التجازف في التعديد كيف اتّفق، وأولى هذه الأقاويل ما في «مجّ پران» من أجل أنّه عدّد الجزائر والبحار واحدا بعد آخر على موجب الترتيب من إحاطة بحر كذا بجزيرة كذا ثمّ إحاطة جزيرة كذا ببحر كذا من الواسطة إلى الحاشية؛ ولنحك الآن ما يشابه ذلك ويطابقه وإن اتّصل بمواضع أولى به وهو أنّ مفسّر كتاب «پاتنجل» لمّا أراد تحديد العالم ابتدأ من أسفله وقال: إنّ مقدار الظلمة «كورتي» واحد وخمسة وثمانون «لكش جوزن» وذلك 18500000 وفوقها «نرك» «1» وهو جهنّمات ثلاثة عشر كورتي واثنا عشر «لكش» وذلك 131200000 ثمّ ظلمة لكش واحد وذلك 100000، وفوقها أرض «بزر» لصلابتها وهو الألماس أو الصاعقة المنسبكة 34000، ثمّ «كرب» وهو الواسطة 60000، وفوقها الأرض الذهبيّة 30000، وفوقها الأرضون السبع، كلّ واحدة عشرة آلاف «2» فذلك 70000 علياها ذات الديبات والبحار، ووراء بحر الماء العذب «لوكالوك» وتفسيره لا مجمع أي التي لا عمارة فيها ولا أنيس، وبعده أرض الذهب كورتي واحد وذلك 10000000 «3» ، وفوقها «پترلوك» 6134000 وجملة اللوكات السبع التي تسمّى جملتها «برهماند» خمسة عشر كورتي وذلك 150000000، وفوق ذلك ظلمة «تم» مثل السفلى 18500000، وقد كنّا نستثقل ذكر السبعة البحار «4» مع الأرضين حتى خفّف عنّا هذا الرجل بزيادة أراض «5» تحتها؛ وأمّا في «بشن پران» عند مثل هذا الفنّ فإنّه زعم: انّ تحت الأرض السابعة السفلى حيّة تسمّى «شيشاك» معظّمة عند الروحانيّين وتسمّى أيضا «أننت» ذات ألف رأس تحمل

الأرضين من غير أن يؤودها ثقلها، وأنّ هذه الأرضين المطبق بعضها على بعض ذوات خيرات ونعمة مزيّنة بالجواهر مشرقة بشعاعها دون النيّرين فإنّهما لا يطلعان فيها ولذلك يعتدل أهويتها ويدوم الرياحين ونور الأشجار والثمار بها، ويخفي الأزمنة على أهلها إذ لا يحسّون بحركات بعدّها ومقدارها سبعون ألف «جوزن» كلّ واحدة عشرة آلاف «1» ، وأنّ «نارذ» الرش وردها للنظارة ومشاهدة من يسكنها من جنسي «ديت» و «دانو» فاستنزر نعيم الجنّة بجنب نعيمها وعاد إلى الملائكة يقصّ ذلك عليهم ويعجّبهم من صفتها؛ قال: وإنّ وراء البحر العذب أرض الذهب ضعف جميع الديبات والبحار غير عامرة بإنس أو جنّ، ووراءها «لوكالوك» وهو جبل ارتفاعه عشرة آلاف «1» جوزن في مثل ذلك من العرض وجملة ذلك 1500000000 أعني خمسين «2» «كورتي» ، وهذه الجملة كلّها تسمّى بلغتهم مرة «دهاتر» أي ماسك جميع الأشياء ومرة «بدهاتر» أي مخلّيها وتسمّى أيضا مستقرّ كلّ حيّ، وما أشبه هذا بما عليه المختلفون في الخلاء وتصيير مثبتيه إيّاه علّة جذب الأجسام إليه وتصيير نفاته عدمه؛ ثمّ عاد إلى اللوكات فقال: إنّ كلّ ما أمكن أن تطأه رجل أو تجري فيه سفينة فهو «بهرلوك» ، فكأنّه أشار بذلك إلى وجه الأرض العليا. قال وما بين الأرض والشمس من الهواء الذي يتردّد فيه «سد» و «من» و «كندهرب» أصحاب الجنة فهو «بهربرلوك» ويسمّى مجموع الثلاثة «الثلاثة پرتوي» وما فوقها «بياس مندل» أي ولاية بياس، ومن الأرض إلى موضع الشمس مائة ألف «جوزن» ومن موضع الشمس إلى موضع القمر مثل ذلك ومن القمر إلى عطارد لكشان أي مائتا ألف ومنه إلى الزهرة كذلك ومنها إلى المرّيخ ثمّ المشتري ثمّ زحل أبعاد متساوية كلّ واحد مائتا ألف ومن زحل إلي بنات نعش مائة ألف ومن بنات نعش إلى القطب ألف جوزن وفوق ذلك «مهرلوك» عشرون

ألف ألف وفوقه «جن لوك «1» » ثمانون ألف ألف ثمّ «بترلوك» أربع مائة وثمانون ألف ألف وفوقه «ست لوك» ، وهذه الجملة أكثر من ثلاثة أضعاف التي حكيناها عن مفسّر كتاب «پاتنجل» ، وهذه عادة النسّاخ في كلّ لغة وما أبرّئ منها أصحاب الپرانات فإنّهم ليسوا من أصحاب التحصيل.

كب- في ذكر القطب وأخباره

كب- في ذكر القطب وأخباره القطب بلغتهم «دربّ «1» » والمحور «شلاك» وقلّما تسمع من غير منجّميهم إلّا قطبا واحدا لما تقدّم من ذكر اعتقادهم في قبّة السماء، وفي «باج پران» : إنّ السماء تستدير على القطب كدوّارة الخزّاف والقطب يدور على نفسه ولا يتحرّك من مكانه ويستوفي الدوران في ثلاثين مهورتا أي في يوم بليلته، ولم أسمع منهم في القطب الجنوبيّ إلّا أنّ ملكا كان لهم يسمّى «سومدتّ» قد استحقّ الجنّة بحسن أعماله ولم يطب قلبه بنزع بدنه عن نفسه عند انتقاله فقصد «بسشت» الرش وأعلمه أنّه يحبّ بدنه ولا يريد مفارقته فآيسه عن حمل البدن الأرضيّ من الدنيا إلى الجنّة، وعرض أيضا حاجته على أولاد بسشت فجبهوه ببزقهم «2» وسخروا به وصيّروه جندالا مشنّف الأذنين بقرطق جديد، فجاء إلى «بشفامتر» الرش على تلك الحالة فاستفظعها وسأله عنها فأخبره بها وقصّ عليه القصّة بأجمعها، فغضب امتعاضا له وأحضر البراهمة لعمل قربان كبير وأولاد بسشت فيهم وقال لهم: إنّي أريد أن أعمل عالما آخر وجنّة أخرى بسبب هذا الملك الصالح يبلغ فيها مشتهاه، وابتدأ بعمل القطب وبنات نعش التي في

الجنوب، وخافه «اندر» الرئيس والروحانيّون فجاؤوا إليه متضرّعين يسألونه إهمال ما ابتدأ فيه على أن يحملوا سومدت ببدنه كما هو إلى الجنّة وفعلوا ذلك، فترك عمل العالم الثاني إلّا ما كان عمل منه إلى وقتئذ؛ ومعلوم أنّ القطب الشماليّ يوسم عندنا ببنات نعش والجنوبيّ بسهيل إلّا أنّ في بعض من يشبه العوامّ من أصحابنا من يزعم أنّ في ناحية الجنوب من السماء بنات نعش على هيئة الشماليّ تدور حول ذلك القطب، وليس ذلك بممتنع ولا مستبدع إن حصل خبره من جهة ممعن في أسفار البحر أمين ثقة، وقد يظهر في البقاع الجنوبيّة ما لا نعرفه من الكواكب، فقد زعم «شريبال «1» » أنّه يظهر في الصيف بمولتان كوكب أحمر منخفض عن مدار سهيل يسمّونه «شول «2» » ، وهو خشبة الصلب وأنّ الهند يتشاءمون به ولذلك إذا كان القمر في «پوربا بترپت» لم يسافروا نحو الجنوب فإنّه فيه، وذكر «الجيهانيّ» في «كتاب المسالك» : انّ في جزيرة «لنكبالوس» يرى كوكب ضخم يعرف بذي الحمّة في الشتاء وقت السحر من جهة مشرق الشمس «3» على ارتفاع كقامة الدّقل وقد يتألّف من ذنب الدبّ الأصغر ومؤخّره وكواكب صغار هناك شكل مستطيل يسمّى «فأس الرحا» ، و «برهمكوپت» يذكره بالسمكة، وللهند في تصويرها على هيئة حيوان مائيّ ذي أربع أرجل «4» ، يسمّونه «شاكور» ويسمّى أيضا «ششمار» أخبار جزافيّة، وأظنّ ششمار هذا هو الضبّ الكبير فإنّ اسمه بالفارسيّة «سسمار» وبينهما مشابهة، ومنه مائيّ مثل التمساح والإسقنقور، فمن تلك الأساطير أنّ «براهم» لمّا أراد إيلاد البشر قسم نفسه بنصفين اسم الأيمن «براز» واسم الأيسر «من» وهو الذي سمّيت النوبة باسمه «منّنتر» ، وصار لمن ابنان أحدهما «بريربت» والآخر «أوتانپاذ» الملك الأحنف

الرجل، وله ابن اسمه «دربّ «1» » لحقه استخفاف من امرأة أبيه فأعطي لأجله القدرة على إدارة الكواكب كلّها كما يريد وكان ظهوره في «منّنتر سواينبهب» وهي أوّل النوب وبقي في مكانه على الأبد، وفي «باج پران» : انّ الريح تحرّك الكواكب حول القطب وهي مربوطة به برباطات لا يراها الناس فتتحرّك على مثال الخشبة التي تدار في معاصر الدّهانين فإنّ أصلها كالثابت وطرفها دائر، وفي كتاب «بشن دهرم» : انّ بجر» الذي هو من أولاد «بلبهدر» أخي «2» «ناراين» سأل «ماركنديو» الرش عن القطب، فأجابه بأنّ «براهم» لمّا عمل العالم كان مظلما موحشا فعمل حينئذ كرة الشمس نيّرة وأكر الكواكب مائيّة لنورها قابلة من الوجه الذي تواجهها به ووضع منها حول القطب أربعة عشر على هيئة «ششمار» تدير سائر الكواكب حول القطب فمنها نحو الشمال من القطب على اللحي الأعلى أوتّانپاذ وعلى الأسفل «جكم» وعلى الرأس «دهرم» وعلى الصدر «ناراين» وعلى اليدين نحو المشرق كوكبا «اشون» الطبيبين وعلى الرجلين «برن» و «ارجم» نحو المغرب وعلى المبال «سنبجّر «3» » وعلى الدبر «متر» وعلى الذنب «اكن» و «مهيندر» و «مريج» و «كشب» ، قال: والقطب هو «بشن» المطاع في أهل الجنّة وهو أيضا الزمان الذي ينشئ وينمي ويبلي ويفني، ثمّ قال: ومن قرأ هذا وعرفه بالتحقيق غفر الله له سيّئات يومه وزيد في عمره المقدّر أربع عشرة سنة: ما أسلم قلوب القوم فعندنا من يحيط بألف ونيّف وعشرين من الكواكب ولا يؤخذ بأنفاسه ويقتطع من عمره إلّا لذلك، وهذه الكواكب دائرة كيف ما كان وضع القطب منها ولو ظفرت من الهند بمن يشير إليها ببنانه لتمكّنت من نقلها إلى ما نعرفه من صور اليونانيّين والعرب للكواكب أو ما يقاربها إن لم تكن «4» منها.

كج- في ذكر جبل ميرو بحسب ما يعتقده أصحاب الپرانات وغيرهم فيه

كج- في ذكر جبل ميرو بحسب ما يعتقده أصحاب الپرانات وغيرهم فيه نبتدئ بصفة هذا الجبل إذ هو واسطة الديبات والأبحر ووسط «جنب «1» ديب» منها، قال «برهمكوپت» : قد كثرت أقاويل الناس في صفة الأرض وجبل «ميرو» وخاصّة ممّن يدرس الپرانات والكتب الشرعيّة، فمنهم من يصف هذا الجبل بأنّه يعلو وجه الأرض علوّا مفرطا وأنّه تحت القطب والكواكب تدور حول سفحه فيكون منه الطلوع والغروب، وسمّى ميرو لاقتداره على ذلك ولأنّ الرأس إنّما يكشف النيّرين بقوّته، ونهار سكّانه من الملائكة يكون ستّة أشهر وليلهم ستّة أشهر، وقال: إنّ في كتاب «جن» وهو «البدّ» : انّ جبل «ميرو» مربّع ليس بمدوّر؛ وقال «بلبهدر» المفسّر: من الناس من يقول: إنّ الأرض مبسوطة وإنّ جبل ميرو مضيء منير، قال: ولو كان كما زعموا لما دارت السيّارة حول افق من يسكن ميرو، ولو كان له شعاع لرئي «2» من أجل علوّه كما يظهر القطب الذي فوقه، ومنهم من يقول: إنّه من ذهب، ويقول آخرون: إنّه من جوهر، و «آرجبهد» يرى أنّه ليس تعالى وإنّما يرتفع جوزنا واحدا على تدوير لا تربيع وهو مملكة الملائكة وإنّما صار غير مرئيّ مع شعاعه لأنّه بعيد عن البلاد شماليّ في جميع المواضع في الصرود في وسط برّيّة تسمّى «نندن من» ، ولو كان عظيم الارتفاع

لما عرض في عرض ستّة وستّين أن يظهر مدار السرطان كلّه فتدور الشمس فيه ظاهرة لا تغيب؛ وبلبهدر واهي الكلام والمعنى فلا أدري كيف انتدب للتفسير على أنّ تفاسيره كذلك فأمّا إبطاله بساطة الأرض بدوران الكواكب حول أفق ميرو فهو إلى الإثبات أقرب بل لو كانت بسيطة والقامات لعمود الجبل موازية لما تغيّر الأفق ولكان هو معدّل النهار في جميع المواضع؛ ولما حكى عن آرجبهد فليكن كرة الأرض: اب على مركز: هـ، و: امسكن عرضه ستّة وستّون جزءا، ونفرز قوس: اب مساوية للميل الأعظم، فيكون: ب الموضع الذي يسامته القطب، ونجيز على نقطة: اخطّ: اج مماسّا للكرة فيكون في سطح الأفق الحسيّ حيث تمرّ الأبصار حول الأرض، ونصل: اه ونخرج: 5 ب ج يلقي: اج على: ج وننزل عمود: اط على: هـ ج، فمعلوم أنّ: اط جيب الميل الأعظم و: ط ب سهمه و: ط هـ جيب نمام الميل الأعظم، ولأنّا نخاطب «آرجبهد» فإنّا نعمل الجيوب أيضا بكردجاته فيكون: اط 1397 و: ط هـ 3140 و: ب ط 298، ولقيام زاوية: 5 اج تكون نسبة: 5 ط إلى: ط 1 كنسبة: ط اإلى: ط ج، ومربّع: اط 1951609 ومقسومه على: ط 6225، وفضل ما بينه وبين: ط ب 324 وذلك: ب ج، ونسبته إلى: ب هـ على أنّه الجيب كلّه وهو: 3438 كنسبة «جوزن» : ب ج إلى جوزن: ب هـ، وهي عند آرجبهد ثمان مائة ومضروبها في الفضل المتقدّم: 259290 ومقسومه على الجيب كلّه: 75، وذلك جوزن: ب ج ويكون أميالا ستّمائة وفراسخ مائتين «1» ، ومتى كان عمود الجبل مائتي فرسخ كان المرتقي إليه قريبا من ضعفه ومهما كان «ميرو» على هذا المقدار لم يظهر منه شيء في عرض ستّة وستّين ولم يستر من مدار السرطان شيئا بتّة، وإذا كان هناك تحت الأفق فهو في المساكن التي عروضها أنقص من ذلك العرض منحطّ عن الآفاق، فهب أنّه الشمس ضياء فهل ترى وهي تحت الأرض غائبة؟ ولهذا الجبل

بها أسوة، وليس يخفى عنّا الجبل لبعده في الصرود ولكن لسفوله عن الأفق بسبب كريّة الأرض وانجذاب الأثقال نحو وسطها؛ وأيضا فإنّ استدلاله على قلّة ارتفاع الجبل بظهور مدار السرطان فيما ساوى عرضه تمام الميل الأعظم غير لازم، لأنّا إنّما عرفنا خواصّ المدارات وغيرها في تلك المواضع بالبرهان من غير عيان أو نقل خبر فإنّ تلك المواضع غير مسكونه وطرقها غير مسلوكة، فإن كان جاءه من هناك من أخبره بظهور هذا المدار في ذلك العرض فقد جاءنا من أخبرنا بخفاء بعضه، وليس لذلك ساتر غير هذا الجبل وأنّه لو لاه لكان يظهر كلّه، فمن جعل أحد هذين الخبرين أولى بالقبول؟ وفي كتاب «آرجبهد» الذي من «كسمپور» : انّ جبل «ميرو» في «هممنت» وهو الصرود لا يزيد على «جوزن» ، ووقع في الترجمة: انّه لا يزيد على هممنت أكثر من جوزن، وهذا الرجل ليس بآرجبهد الكبير وإنّما هو من أصحابه فإنّه يذكره ويقتفيه، ولا أدري أيّ السميّين يعني «بلبهدر» . وبالجملة فإنّ خواصّ موضع هذا الجبل عندنا معلومة بالبرهان والجبل نفسه عندهم بالأخبار سواء جعلوه جوزنا أو أكثر وسواء جعلوه مربّعا أو مثمّنا؛ فلنذكر الآن ما قال الرشين فيه، أمّا في «مجّ پران» فإنّه قيل: إنّه ذهبيّ مضيء كالنار الصافية من كدر الدخان ذو أربعة ألوان في جوانبه الأربعة فلون الشرقىّ منها أبيض

كلون البراهمة ولون الشماليّ أحمر كلون «كشتر» ولون الجنوبيّ أصفر كلون «بيش» ولون الغربيّ أسود كلون «شودر» ، وارتفاعه 86000 «جوزن» وما دخل منه الأرض فهو 16000 وكلّ ضلع من ترابيعه 34000، يجري فيه أنهار عذبة، وفيه مساكن ذهبيّة طيّبة يسكنها من الروحانيّين «ديو» ومغنّوهم «كندهرب» وقحابهم «ابسرس» ، وفيه أيضا من جنس «آسر، ديت» و «راكشس» ، وحوله حوض «مانس» وحول الحوض في جهاته الأربع «لوكپال» وهم حفظة العالم وأهله؛ ولجبل «ميرو» سبع عقد هي جبال عظام وأسماؤها: «مهيندر، ملو، سج، شكدبام، ركش بام، بند، پارزاتر» فأمّا الجبال الصغار فلا تكاد تحصى كثرة وهي التي يسكنها الناس، وأمّا العظام حول ميرو فمنها «هممنت» يعلوه الثلج دائما وفيه راكشس و «بشاج» و «جكش» ، ومنها «همكوت» الذهبيّ وفيه «كندهرب» واپسرس، ومنها «نشذ» يسكنه «ناك» - الحيّات، وأسماء رؤسائها السبعة: «أننت، باسك، دكشك، كركوتك، مهاپذم، كنبل «1» ، أشوتر» ، ومنها «نيل» طاؤوسيّ كثير الألوان يسكنه «سدّ» وبرهمرشين الزهّاد، ومنها جبل «أشويت» يسكنه «ديت» و «دانو» ، ومنها جبل «أشرنكونت» فيه «پترين» آباء ديو وأجدادهم وبقربه من جهة الشمال ثنايا مملوءة جواهر وأشجار تبقى من الأزمنة كلپاوفي وسط هذه الجبال «الابرت» وهو أسمقها ويسمّى الجملة «پرش پربت» ، وما بين جبلي «هممنت» و «أشرنكونت» يسمّى «كيلاس» موضع ملاعب «راكشس» و «اپسرس «2» » ؛ وفي «بشن پران» : إنّ جبال الأرض الوسطى العظام «شري پربت، ملي پربت، مالّونت، بند تركوت، تربرانتك، كيلاس» وأنّ أهلها يشربون ماء الأنهار وهم دائموا الفرح؛ وذكر في «باج پران» من مقادير ترابيعه وارتفاعه مثل ما

تقدّم، ثمّ قيل: إنّ في كلّ جهة منه جبلا مربّعا فالذي عن شرقه هو «مالين» والذي عن شماله «آنيل» وعن غربه «كندمادن» وعن جنوبه «نشذ» ؛ وذكر في «آدت پران» في ضلعه ما تقدّم، ولم أقف على ارتفاعه منه، وقيل: إنّ جانبه الشرقي من ذهب والغربيّ من فضّة والجنوبيّ ياقوت أحمر والشماليّ جواهر مختلفة؛ وهذه المقادير المفرطة للجبل لا تستمرّ إلّا مع المقادير المفرطة التي ذكروها للأرض، وإذا لم يكن التجزيف محدودا كان ميدان البهت للمجزّف مفتوحا كمفسّر كتاب «پاتنجل» فإنّه جاوز التربيع فيه إلى الاستطالة وجعل أحد ترابيعه خمسة عشر «كورتي جوزن» وذلك 150000000 والآخر خمسة كورتي على ثلث الأوّل وذكر في جوانبه الأربعة أنّ في مشرقه جبل «مالو» والبحر وبينهما ممالك تسمّى «بهدراس» وعن شماله جبل «نير» و «شيت» و «شرنكادر» والبحر وبينهما ممالك «رميك «1» » و «هرنمايّ» و «كر» ، وعن مغربه جبل كندمادن والبحر وبينهما مملكة «كيتمال» ، وعن جنوبه جبال «مرابرت» و «نشذ» و «هيمكوت» و «همكر» والبحر وبينهما ممالك «بهارث برش» و «كينپرش» و «هرپرش» ؛ فهذا ما وجدت من أقاويل الهند فيه، ولأنّي لم أجد كتابا للشمنيّة ولا أحدا منهم استشفّ من عنده ما هم عليه فإنّي إذا حكيت عنهم فبوساطة «الإيرانشهريّ» وإن كنت أظنّ أنّ حكايته غير محصّلة أو عن غير محصّل، وقد ذكر عنهم في «ميرو» : أنّه وسط عوالم أربعة في الجهات الأربع، مربّع الأسفل مدوّر الأعلى، طوله 80000 «جوزن» نصفه ذاهب في السماء ونصفه غائص في الأرض، وجانبه الجنوبيّ الذي يلي عالمنا من ياقوت آسمانجونيّ وهو سبب ما يرى من خضرة السماء وباقي الجوانب من يواقيت حمر وصفر وبيض، فهذا جبل ميرو المتوسّط للأرض؛ فأمّا «قاف» الذي يسمّيه عوامّنا فإنّه عند الهند «لوكالوك» يزعمون أنّ الشمس تدور منه نحو جبل ميرو ولا

تضيء منه غير جانبه الداخل الشماليّ فقط، وإلى مثله ذهب مجوس «السغد» بأنّ جبل «ارديا» حول العالم وخارجه «خوم» شبيه انسان العين، فيه من كلّ شيء ووراءه خلاء وفي وسط العالم جبل «كرنغر» هو بين إقليمنا وبين الأقاليم الستّة كرسيّ الملكوت وفيما بين كلّ إقليمين رمل محرق لا يستقرّ عليه قدم والافلاك تدور في الأقاليم كالرحا وفي إقليمنا مائلة لأنّه فوق وفيه الناس.

كد- في ذكر الديبات السبعة بالتفصيل من جهة البرانات

كد- في ذكر الديبات السبعة بالتفصيل من جهة البرانات يجب أن لا يلتفت إلى اختلاف الأسامي والمعاني التي أوردها، أمّا ما في الأسامي فسهل الاصلاح لاختلاف اللغات، وأمّا ما في المعاني فامّا أن يحصل منه شيء يرغب في فهمه وموضوعه وإمّا أن يعرف به تناقض كلّ ما لا أصل له، وقد ذكرنا حال الجزيرة الوسطى حيث ذكرنا ما حول الجبل الذي في وسطها، وسمّيت «جنب ديب» «1» باسم شجرة فيها تمتدّ فروعها مائة «جوزن» ، وعند ذكر المعمورة وتقسيمها يكون تمام صفتها. وسنذكر الآن سائر الجزائر المحيطة بها ونعتمد في ترتيب الأسامي ما في «مجّ بران» للعلّة التي ذكرناها بعد أن نذكر في الوسطى شيئا هو في «باج بران» وهو أن في «مدّدش» زعم جنسان يسمّى احدهما «كينبرش» ويعرف رجالهم بلون الذهب ونساؤهم «سرينيا» يعيشون عيشا طويلا لا يمرضون مدّة حياتهم ولا يرتكبون وزرا ولا يتحاسدون وغذاؤهم ما يعصرونه من ثمرة نخل يسمّى «مدبه» ، والجنس الآخر «هربرش» على لون الفضّة يعمرون أحد عشر ألف سنة لا يلتحون وطعامهم قصب السكّر. فمن جهة ما ذكر من عدم اللحية ولون الذهب والفضّة ذهب الخاطر إلى الترك ولكن «2» من جهة التغذّي

بالتمر والقصب انحرف عنهم الى نواحي الجنوب وأنّى يوجد هذان اللونان في أهلها إلّا لون السيمسختج، وفي الزنج شيء من ذلك وهو أن لا غمّ لهم ولا تحاسد فيهم إذ لا يملكون شيئا به يقع ذلك، والعمر فيهم لا محالة أطول منه في بلادنا ولكن قليلا لا يبلغ الأضعاف، وإن كان الزنج ببلادتهم لا يعرفون موتا طبيعيّا وإنّما ينسبونه الى السمّ فقط ويتبعونه بالتهم إن لم يكن الميّت مقتولا بسلاح وهذه متى «1» نفثه مصدور؛ فلنجيء الآن إلى «شاك ديب» «2» وفيه على ما في «مج بران» أنهار عظام سبعة واحد منها مواز في الطهارة «3» لكنك وفي البحر الأوّل سبعة جبال ذوات جواهر يسكن بعضها «ديو» وبعضها شياطين ومنها ذهبيّ شامخ منه يرتفع السحاب ثم يأتينا فيمطر ومنها ذو الأدوية كلّها ومنه يأخذ «اندر» الرئيس المطر ومنها واحد يسمّى «سوم» ومن قصّته: انّه كان لكشب امرأتان إحداهما «كدر» أمّ الحيّات والأخرى «بنت» أمّ الطيور وكانتا في الصحراء وبها فرس أشهب، فقالت أمّ الحيّات: هو أدهم وتراهنتا على استرقاق الكاذبة وأخرتا الفحص إلى الغد فوجّهت أمّ الحيّات بالليل أولادها السود حتى التووا عليه وستروا لونه فاسترقّت أمّ الطيور زمانا، ولها ولدان احدهما «انور» حافظ رخّ الشمس المجرور بالأفراس والآخر «كرر» «4» فقال هذا لأمه: سلي أولاد ضرّتك بماذا يمكن إعتاقك، ففعلت، وقالوا لها: بالهناءة التي عند «ديو» ، وحينئذ طار «كرر» «5» الى ديو وطلبها منهم، فأجابوه بأنّ الهناءة من خصائصهم وإذا حصلت لغيرهم بقي بقاءهم، فتضرّع إليهم في تمكينه منها ريث ما يعتق بها أمّه ثمّ يردّها، فرحموه ودفعوها إليه فأتى جبل «سوم» وهم «6» به فأعطاهم إيّاها واعتق أمّه ثم قال

لهم: لا تقربوا من الهناءة حتى تغتسلوا في نهر «كنك» فذهبوا لذلك فتركوها مكانها، فردّها كرر «1» على ديو ونال الكرامة بذلك حتى ملك الطيور وصار مركب «بشن» ؛ قال: وأهل تلك الأرض أخيار معمّرون قد استغنوا بترك التحاسد والتنازع عن سياسة الملوك، وزمانهم كلّه «تريتا جوك» لا يتحوّل، وفيهم الألوان الأربعة أعني الطبقات المتمايزة لا يتصاهرون ولا يتخالطون وهم دائما فرحون لا يحزنون؛ وفي «بشن بران» : انّ اسماء الطبقات فيهم «ارجك» علياها ثمّ «كرر» ثمّ «ببنش» ثمّ «بها نشجت» ، وأنّهم يعبدون «باسديو» ؛ ثمّ الجزيرة الثالثة «كش» وفيها على ما في «مج بران» جبال سبعة ذوات جواهر وفواكه وأنوار ورياحين وزروع، واحدها يسمّى «درون» فيه أدوية جليلة خاصّة «بشلّكرّن» وهو يلحم كلّ جراحه من ساعته، و «مرد سنجيبن» وهو يحيى الموتى، وجبل آخر يسمّى «هر» مثل السحاب الأسود وفيه نار تسمّى «مهش» خرجت من الماء وسكنته إلى وقت فناء العالم وهي التي تحرقه، وفيها سبع ممالك وأنهار لا تحصى تسيل الى البحر فيأخذها «اندر» للامطار ومن عظامها «جون» مطهر من الآثام، ولم يذكر فيه من أهلها شيء؛ وفي «بشن بران» : انّهم ابرار لا يأثمون يعمر كلّ واحد منهم عشرة آلاف «2» سنة وأنّهم يعبدون «جناردن» «3» ، وأسماء الطبقات فيهم «دمن ششمن، سين، منديه» ؛ ثمّ الجزيرة الرابعة «كرونج ديب» «4» ، فيها على ما في «مج بران» جبال ذوات «5» جواهر، وأنهار هي شعب من «كنك» وممالك اهلها بيض الألوان اخيار اطهار؛ وفي بشن بران: انّ الناس بها مجتمعون في موضع واحد لا يتمايزون، ثمّ قيل في اسماء الطبقات: إنّها

پشكر، بشكل، دهنّ، تشاكه» ، وهم يعبدون جناردن «1» ، ثمّ الجزيرة الخامسة «شالمل ديب» «1» ، فيها على ما في مج پران جبال وانهار وساكنوها اطهار معمّرون حلماء لا يغضبون ولا يجدبون «2» ، يأتيهم الطعام بارادتهم من غير زرع أو كد ويحصلون من غير تناسل، لا يمرضون ولا يغتمّون، قد استغنوا عن الملوك برفض التنافس في القنية وقنعوا فأمنوا واختاروا الحسن واحبّوا الخير، لا يتغيّر الهواء عندهم بحرّ او برد فيحوجهم إلى وقاية ولا يمطرون وإنّما يفور عندهم الماء من الأرض ويرشح من الجبال، وهكذا حال ما وراءها من الديبات، وهم جنس واحد لا يتمايزون بالطبقات ويعمر كلّ واحد منهم ثلاثة آلاف «3» سنة؛ وفي بشن بران: انّهم حسان الوجوه، يعبدون «بهكبنت» ويقرّبون للنار ويعمر كلّ واحد عشرة آلاف «3» سنة، وأسماء الطبقات فيهم «كبل، آرن، بيت، كرشن» ؛ ثمّ الجزيرة السادسة «كوميذ ديب» «4» ، فيها على ما في «مج بران» جبلان عظيمان يسمّى احدهما «سمنا» أسود حالك يحيط بأكثر الجزيرة، والآخر «كمد» ذهبيّ اللون شامخ جدّا وفيه كلّ الأدوية، وفيها أيضا مملكتان؛ وفي بشن بران» : انهم أبرار لا يأثمون ويعبدون «بشن» وأسماء الطبقات فيهم «مك، ماكد، مانس، مندك» ، ويبلغ من نزهتها أنّ أهل الجنّة ينتابونها للطيبة، ثمّ الجزيرة السابعة «بشكرديب» «4» ، وفي شرقها على ما في مج بران جبل «جترسان» أي منقّش السطح، له قرون من جواهر وارتفاعه 34000 «جوزن» وإحاطته 25000، وفي غربه جبل «مانس» مضيء كالبدر، ارتفاعه 3500، وله ابن يحفظ أباه من جهة المغرب، وفي شرقه مملكتان يعمر كلّ واحد من أهلهما عشرة آلاف «4» سنة، تفور مياههم من الأرض وترشح من الجبال فلا يمطرون ولا يجري عندهم نهر ولا يصيفون ولا يشتون، وهم جنس واحد لا يتباينون ولا يجدبون «5» ولا يشيخون،

يأتيهم ما يريدون، فهم في راحة واستئناس لا يعرفون غير الخير فكأنّهم في ربض الجنّة قد اعطوا الحسن مع طول العمر وزوال التفاضل فلا خدمة ولا ملك ولا إثم ولا حسد ولا خلاف ولا قيل ولا قال ولا كدّ في زرع ولا جهد في تجارة؛ وفي «بشن بران» : انّ «بشكر ديب» «1» سمّيت باسم شجرة عظيمة بها تسمّى أيضا «نكرذ» وتحتها «براهم روب» أي صورته ويسجد لها «ديو» و «دانب» ، وأهلها متساوون لا يتفاضلون سواء كانوا ناسا أو كانوا مع ديو، وليس فيها غير جبل واحد يسمّى «مانسوتن» يستدير على استدارتها ويرى سائر الديبات من قلّته فإنّ ارتفاعها 50000 «جوزن» وعرضه كذلك.

كه- في ذكر الأنهار ومخارجها وممارها على الطوائف

كه- في ذكر الأنهار ومخارجها وممارّها على الطوائف ذكر في «باج بران» : الأنهار التي تخرج من الجبال العظام المشهورة التي ذكرنا أنّها عقود جبل «ميرو» وقد وضعناها في جدول للتخفيف: «1» «2» «3» «4» «5»

وذكر في «مج بران» و «باج بران» الأنهار الجارية في «جنب ديب» «1» وأنّها تخرج من جبال «هممنت» ، ولم نراع «2» فيها ترتيبا بل تعديدا فقط، فيجب أن نتصوّر في أرض الهند أنّ الجبال محيطة بحدودها، فالتي عن شمالها هي هممنت ذوات الثلوج، وأرض «كشمير» في وسطها وتتّصل بأرض «الترك» ، ولا يزال يزداد صردها إلى منقطع العمارة وإلى جبل «ميرو» ولأنّ امتداد هذه الجبال في الطول فإنّ ما يخرج منها نحو الشمال يجري في أرض «الترك» و «التبّت» و «الخزر» و «الصقالبة» ويقع في بحر «جرجان» أو بحيرة «خوارزم» أو بحر «بنطس» أو بحر «الصقالبة» الشماليّ، وما خرج منها نحو الجنوب فإنّه يجري في أرض الهند وينصبّ الى البحر الأعظم إنّ بلغه مفردا أو مزدوجا؛ فمياه ارض الهند إمّا من الجبال الشماليّة الباردة، وإمّا من الجبال الشرقيّة وهي تلك بعينها قد امتدّت إلى الشرق وانعطفت نحو الجنوب الى ان بلغت البحر الأعظم وداخلته قطعا بعد قطع عند المعروف بسدّ «رام» ، وإنّما تنفصل بالحرّ فيها والبرد؛ وقد أودعنا أسامي الأنهار هذا الجدول:

ويخرج من الجبال المصاقبة لمملكة «كايبش» وهو «كابل» ماء يلقّب بشعبه «غوروند» ينضاف إليه ماء ثنيّة «غوزك» وماء شعب «بنجهير» أسفل من بلد «بروان» وماء «شروت» و «ساو» المارّة على بلد «لنبكا» ، وهو «لمغان» ، وتجتمع عند قلعة «دروته» ويقع إليه ماء «نور» و «قيرات» فيكون منها بحذاء بلد «برشاور» نهر عظيم يعرف بالمعبر وهو قرية «منهاره» على شطّه الشرقي ويقع إلى ماء السند عند قلعة «بيتور» أسفل مدينة «القندهار» وهي «ويهند» ؛ ثمّ يجيء ماء «بيتّ» المعروف بجيلم في غربه وماء «جندراهه» ويجتمعان فوق «جهراور» بقريب من خمسين ميلا ويمرّان على غرب «المولتان» ، ويمرّ ماء «بياه» على شرقه ويقع إليهما؛ ويجيء ماء «ايراوه» فيقع إليه نهر «كج» الخارج من «نغركوت» التي في جبال «بهاتل» ؛ ثمّ ماء «شتلدر» ، فإذا اجتمعت أسفل المولتان في موضع يسمّى «بنج ندّ» أي مجتمع الأنهار الخمسة عظم مقداره ويبلغ من طموّه

وقت المدّ أنّه ينبسط قريبا من عشرة فراسخ ويغرق أشجار المفاوز حتى يرى غثاء السيل مجتمعا على أعالي اغصانها كأوكار الطيور، ويسمّى عندنا إذا جاوز مجتمعا بلد «ارور» من بلاد «السند» نهر «مهران» ويمتدّ هاديا منبسطا صافيا يحيط بمواضع كالجزائر حتى يبلغ «المنصورة» وهي فيما بين شعبه وينصبّ الى البحر في موضعين أحدهما عند مدينة «لوهاراني» والآخر إلى الشرق أميل في حدود «كج» ويعرف بسند ساكر أي بحر السند؛ وكما سمّي هاهنا مجتمع الأنهار الخمسة كذلك الأنهار السائلة من الجبال المذكورة نحو الشمال كما إذا اجتمعت عند الترمذ وصار منها نهر «بلخ» سمّيت مجتمع الأنهار السبعة، ومزج مجوس السغد كلا «1» الأمرين فقالوا: إنّ جملة الأنهار السبعة «سند» وأعلاه «بريديش» ، من نزلها رأى زوال الشمس عن يمينه إذا استقبل المغرب كما نراه هاهنا عن يسارنا؛ فأمّا نهر «سرّست» فإنّه يقع في البحر عن شرق «سومنات» بمقدار غلوة، وماء «جون» ينصبّ الى نهر «كنك» أسفل مدينة «كنوج» وهي على غربه ثمّ تقع الجملتان الى البحر الأعظم عند «كنكاساير» ، وفيما بين مصبّي نهري سرست وكنك مصبّ نهر نرمذ» يأتي من جبال شرقيّة ويمتدّ على الجنوب الى الغرب ويقع في البحر بالقرب من بلد «بهروج» وهو عن شرق سومنات بقريب من ستّين جوزنا، ووراء ماء كنك ماء «رهب» وماء «كويني» يجتمعان الى ماء «سرو» بالقرب من بلد «باري» ؛ ومن اعتقاد الهند في نهر كنك: انّ مجراه كان في القديم على أرض الجنّة، وسيجيء خبر هبوطه إلى الأرض؛ وقيل في «مج بران» : إنّ كنك لمّا حصل على الأرض انقسم سبع شعب وسطاها عموده المعروف بهذا الأسم، ثلاث جرت نحو المشرق وأسماؤها: «نلن، لادن، باون» وثلاث جرت نحو المغرب وأسماؤها: «سيت، جكش، سند» ، فأمّا نهر سيت فإنّه إذا خرج من «هممنت»

يمرّ على ممالك «سلل، كرسنب، جين، بربر، جبر، به يشكر، كلت، منكل، كور، سنكونت» ثمّ يقع في بحر المغرب؛ وعن جنوبه نهر «جكش» يسقى ممالك «جين، مرو، كالك، دهولك، تخار؛ بربر، كاج بلهو، باروانجت «وأمّا نهر سند» فإنه يخترق، ممالك «سند» درذ، زندتند، كاندهار، رورس، كرور، سببور، اندر، مرو، بسات سيندو «1» ، كبت، بهيمرور، مر،، مرون، سكورد» ، ونهر «كنك» الذي هو العمود الأوسط، يمرّ على «كند هرب- المغنّين-، كنّر، جكش، راكشس، بدّاذر، اوركان أي الزّحافة على صدورها وهم الحيّات، كلاب، كرام أي قرية الأخپار، كنبرس، كشان وهم الجبليّون، كرات، بلندان وهم صيّادون في الصحاري لصوص، كرون، بيروت، بنجالان، كوشك، مجّان، مكدان، برهموتّران، تاملبّتان» وهؤلاء اخيار وأشرار يمرّ عليهم كنك ويدخل بعد ذلك في شعاب جبل «بند» معدن الفيلة ومنشئها «2» ويقع بعد ذلك في بحر الجنوب؛ وأمّا شعبها الشرقيّة فإنّ نهر «لادن» يمرّ على «نشب، أوبكان، دهيور، برشك، نيلمخ، كيكر، ارشت! كرن أي الذين انقلبت شفاههم كآذانهم، كرات، كاليذر، ببرن أي الذين لالون لهم من شدّة السواد، كشكان، سفرك بهوم أي كأرض الجنّة،» ثمّ يقع في بحر المشرق؛ وأمّا نهر «باون» فإنه يسقي «كبت- المتباعدين عن الآثام- الندرردّمن سران أي حياض اندردّمن الملك، كربت، بيتر سنكبتان» ، ويخترق برّيّة «أوجانمرور» ويجتاز على «كشبراورن» «3» الذين يلبسون حشيشة بناصر البراهمة، ثمّ على «اندرديبان» ويقع بعد ذلك في البحر الأجاج، وأمّا نهر «نلن» فإنّه يمرّ على «تامران، هنسمارك «4» ، سموهك، بورن» وهم كلّهم صلحاء

متنزّهون عن الشرّ، وبعد ذلك يتوسّط جبالا ويمرّ على «كرن برابرن أي الواقع آذانهم على أكتافهم، اشمك أي الذين وجوههم كأوجه الدوابّ، بربت مر- الصحاري ذوات الجبال- رومي مندل،» ثمّ يقع في البحر: وأمّا في «بشن بران» فإنه ذكر أنّ كبار أنهار الأرض الوسطى المنصبّة الى البحر هي: «انوتبت، شخ، دياب، تردب، كرم، امرت، سكرت» .

كو- في صورة السماء والأرض عند المنجمين منهم

كو- في صورة السماء والأرض عند المنجّمين منهم قد جرى أمر الهند فيما بينهم على خلاف الحال بين قومنا، وذلك أنّ القرآن لم ينطق في هذا الباب وفي كلّ شيء ضروريّ بما يحوج إلى تعسّف في تأويل حتى ينصرف إلى المعلوم بالضرورة كالكتب المنزلة قبله، وإنّما هو في الأشياء الضروريّة معها حذو القذّة بالقذّة وباحكام من غير تشابه، ولم يشتمل أيضا على شيء ممّا اختلف فيه وأيس من الوصول إليه ممّا يشبه التواريخ، وإن كان الاسلام مكيدا في مبادئه بقوم من مناويه أظهروه بانتحال وحكوا لذوي السلامة في القلوب من كتبهم ما لم يخلق الله منه فيها شيئا لا قليلا ولا كثيرا فصدّقوهم وكتبوها عنهم مغترّين بنفاقهم وتركوا ما عندهم من الكتاب الحقّ لأنّ قلوب العامّة إلى الخرافات أميل فتشوّشت الأخبار لذلك؛ ثمّ جاءت طامّة أخرى من جهة الزنادقة أصحاب «ماني» كابن المقفّع وكعبد الكريم ابن أبي العوجاء وأمثالهم فشكّكوا ضعاف الغرائز في الواحد الأوّل من جهة التعديل والتجوير وأمالوهم إلى التثنية وزيّنوا عندهم سيرة ماني حتى اعتصموا بحبله، وهو رجل غير مقتصر بجهالاته في مذهبه دون الكلام في هيئة العالم بما يبين عن تمويهاته، وانتشر ذلك في الألسنة وانضاف إلى ما تقدّم من المكايد اليهودية فصار رأيا منسوبا إلى الاسلام- سبحان الله عن مثله- والذي يخالفه ويتمّسك بالحقّ المطابق للقرآن فيه موسوما بالكفر والإلحاد، محكوما على دمه بالإراقة، غير مرخّص في سماع كلامه، وهو دون ما

يسمع من كلام فرعون: «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى» «1» ، «ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي» «2» ؛ وتطاول العصبيّة ربّما نميل به عن الطريقة المثلى للحميّة، والله يثبت قدم من يقصده ويقصد الحقّ فيه؛ وأمّا الهند فإنّ كتبهم الملّيّة والبرانات الخبريّة تنطق كلّها في هيئة العالم بما ينافي الحقّ الواضح عند منجّميهم إلّا أنّ القوم بها مضطرّون في إقامة السنن وحمل السواد الأعظم عليها إلى الحسابات النجوميّة والتحذيرات الأحكاميّة، فيظهرون الميل إليهم والقول بفضلهم والتيمّن بلقياهم والقطع عليهم أنّهم من أصحاب الجنّة لا يدخل جهنّم منهم أحد ومنجّموهم يكافونهم بالتصديق والمطابقة على ما هم عليه وإن خالف أكثره الحقّ ويقومون لهم بما يحتاج إليه منهم ولهذا امتزج الرأيان على الأيّام فاضطرب الكلام الحاصل عند المنجّمين وخاصّة عند من يقلّد ويأخذ الأصول بالأخبار ولا يذهب فيها مذهب التحقيق وهو أكثرهم، فلنحك الآن ما هم عليه ونقول: إنّ السماء والعالم عندهم مستديران والأرض كريّة الشكل، نصفها الشماليّ يبس ونصفها الجنوبيّ مغمور بالماء ومقدارها عندهم اعظم ممّا هو عند اليونانيّين، وممّا وجده المحدثون ويجدونه قد انحرفوا فيها عن ذكر البحار والديبات والجوزن الكثيرة المقدّرة لها واتّبعوا اصحاب الملّة فيما ليس بقادح في الصناعة من كون جبل «ميرو» تحت القطب الشماليّ وجزيرة «بروامخ» تحت القطب الجنوبيّ، أمّا الجبل فسواء كان هناك أو لم يكن اذ المحتاج إليه منه هو خواصّ الدوران الرحاويّ وهي بسبب المسامتة موجودة للموضع من بسيط الأرض ولما هو على سمته في الهواء، وأمّا الجزيرة الجنوبيّة فكذلك خبر غير ضارّ، على أنّه ممكن بل كالواجب تقاطر ربعين من أرباع الأرض يابسين وتقاطر الآخرين في الماء مغمورين، فيرون الأرض في الوسط والأثقال مرجحنّة نحوها فلا محالة أنّهم يرون السماء لذلك كريّة

الشكل، ونحن نحكي أقاويلهم في ذلك بحسب ترجمتنا فان خالفت الألفاظ ما جرت عليه العادة فليعتبر بها المعاني فانّها المطلوبة؛ قال «بلس» في «سدّهانده» إنّ بولس «1» اليونانيّ ذكر في موضع: انّ الأرض كريّة الشكل، وقال في موضع آخر: إنّها طبقيّة، وقد صدق في كليهما لأنّ الاستدارة في سطحها والاستقامة في قطرها، ولم يعتقد فيها غير الكريّة بدلائل كثيرة من كلامه وإجماع العلماء على ذلك مثل «براهمهر» و «آرجبهد» و «ديو» و «اشريخين» و «بشنجندر» «2» و «براهم» فانّها لو لم تكن مستديرة لما انتطقت عروض المساكن ولا اختلف النهار والليل في الصيف والشتاء ولا وجد أحوال الكواكب ومداراتها على ما وجدت عليه؛ وأمّا موضعها فهو الوسط، نصفها طين ونصفها ماء، وجبل «ميرو» في نصفها اليابس مسكن «ديو» الملائكة، وفوقه قطب الشمال، وفي نصفها المغمور بالماء تحت قطب الجنوب «بروامخ» وهو يبس كالجزيرة يسكنه «ديت» و «ناك» أقرباء الملائكة الذين في ميرو، ولهذا سمّى أيضا «ديتانتر» والخطّ الفاصل بين نصفي الأرض اليابس والرطب يسمّى «نلكش» أي الذي لا عرض له وهو خطّ الاستواء، وفي جهاته الأربع أربع مدن كبار، أمّا في الشرق فزمكوت وأمّا في الجنوب فلنك «3» وفي الغرب «رومك» وفي الشمال «سدّبور» ؛ والأرض مضبوطة بالقطبين والمحور يمسكها، وإذا طلعت الشمس على الخطّ المارّ على «ميرو» و «لنك» كان ذلك الوقت نصف نهار «زمكوت» ونصف ليل الروم، وعشيّة سدّبور، وكذلك يقول آرجبهد؛ وقال «برهمكوبت ابن جشن» البهلّماليّ في «براهم سدّهاند» : إنّ أقاويل الناس قد كثرت في هيئة الأرض وخاصة ممّن يدرس البرانات والكتب الشرعيّة، فمنهم من يرى أنّها كالمرآة مستوية، ومنهم من يرى أنّها كالقصعة مقعّرة، ومنهم من يزعم أنّها مسطّحة

كالمرآة يحيط بها بحر ثمّ أرض ثم بحر إلى آخرها مستديرة كالأطواق، ومقدار كلّ بحر منها أو أرض ضعف الذي في داخله حتى تكون الأرض القصوى أربعا وستّين مرّة مثل الأرض الوسطى والبحر المحيط الأقصى أربعة وستّين مثلا للبحر المحيط الأدنى، ولكنّ اختلاف الطلوع والغروب حتى يرى من في «زمكوت» الكوكب الواحد في الوقت الواحد على أفق المغرب ويراه حينئذ من بالروم على أفق المشرق طالعا هو ممّا يوجب للسماء والأرض شكل الكرة، وكذلك رؤية من في «ميرو» الكوكب الواحد في الوقت الواحد على الأفق في سمت «لنك» «1» موطن الشياطين ورؤية من في «لنك» «1» إيّاه فوق رؤوسهم تدلّ على مثله، ثم لا تصحّ الحسابات إلّا به، فبالضرورة نقول: إنّ السماء كرة لوجودنا خواصّها فيها وإنّ هذه الخواصّ لا تصحّ في العالم إلّا مع كونه كرة، فلا يخفى حينئذ بطلان سائر الأقاويل فيه؛ و «آرجبهد» يبحث عن العالم ويقول: إنّه الأرض والماء والنار والريح وهي كلّها مدوّرة؛ وكذلك يقول «بسشت» و «لات» : إنّ العناصر الخمسة التي هي الأرض والماء والنار والريح والسماء مستديرة؛ و «براهمهر» يقول: إنّ الأشياء الظاهرة المحسوسة تشهد لها بالكريّة وتنفي عنها سائر الأشكال؛ وقد أجمع «آرجبهد» و «بلس» و «بسشت» و «لات» على أنّه إذا كان نصف النهار في «زمكوت» «2» كان حينئذ نصف الليل بالروم وأوّل النهار في «لنك» «2» وأوّل الليل في «سدّبور» ، وهذا لا يمكن إلّا على التدوير، وكذلك أزمان الكسوفات لا تطّرد إلّا عليه؛ وقال «لات» : كلّ موضع من الأرض فإنّه لا يرى فيه إلّا نصف كرة السماء، وبحسب العرض في الشمال يرتفع «ميرو» والقطب على الأفق كما ينخفضان بحسب العرض في الجنوب وفي كليهما ينخفض معدّل النهار عن سمت الرأس بحسب العرض، وكلّ من هو في جهة من جهتي الشمال والجنوب فإنّه لا

يرى إلّا القطب الذي في جهته ويخفى عنه الذي في خلاف جهته؛ فهذه أقاويلهم في كرّيّة السماء والأرض وما بينهما وكون الأرض في وسط العالم بمقدار صغير جدّا عند المرئيّ من السماء، وهي مبادئ علم الهيئة التي يتضمّنها المقالة الأولى، من المجسطي وما شابهها من سائر الكتب وإن لم تكن بالتحصيل والتهذيب الذي نذهب إليه، وذلك أنّ الأرض أثقل من الماء والماء سيّال كالهواء والشكل الكريّ للأرض بالضرورة طبيعيّ إلّا أن يخرجها عنه أمر إلهيّ، فليس بممكن أن يتنّحى الأرض نحو الشمال والماء نحو الجنوب حتى يكون نصف الجملة يبسا ونصفها ماء إلّا بعد تجويف اليابس، وأمّا نحن فوجودنا الاستقرائيّ يقتضي اليبس في أحد ربعيها الشماليّين ونتفرّس لأجله في الربع المقاطر له مثل ذلك ونجوّز جزيرة «بروامخ» ولا نوجبها لأنّ أمرها وأمر ميرو خبريّ؛ وأمّا خطّ الاستواء فليس في الربع المعلوم عندنا على الفصل المشترك بين البرّ والبحر فإنّ البرّ يزاحم البحر في مواضع فيدخله دخولا يتجاوز به خطّ الاستواء كبراريّ «سودان» المغرب لأنّها ناطحت البحر ودخلت فيه إلى مواضع وراء جبال القمر ومنابع النيل، لم نتحقّقها لأنّها من جهة البرّ قفرة غير مسلوكة ومن جهة البحر وراء سفالة الزنج كذلك، لم يرجع منها سفينة غرّرت بنفسها حتى تخبر بما شاهدت، وكذلك يدخله من أرض الهند فوق بلاد السند قطعة عظيمة يتخيّل فيها أنّها تجاوز خطّ الاستواء إلى الجنوب، وفيما بين ذلك أرض العرب واليمن على هذه الصورة من غير إيغال في البحر تجاوز به خطّ الاستواء، وكما أنّ البرّ يلج في البحر كذلك البحر يلج في البرّ ويخرقه في مواضع ويصيّره أغبابا وخلجانا «1» كما بسط عن غرب أرض العرب لسانا إلى قرب واسطة الشام واستدقّ عند القلزم فعرف به وآخر أعظم منه عن شرق أرضهم يعرف ببحر «فارس» ، وانعطف أيضا فيما بين أرضي الهند والصين انعطافا إلى الشمال كثيرا، فخرج شكل الساحل بذلك عن أن يلزم خطّ الاستواء أو أن يكون على بعد

عنه غير متغيّر، والكلام «1» على المدن الأربع آت في موضعه؛ والذي ذكر من اختلاف الأوقات فهو من نتائج استدارة الأرض ولزومها وسط العالم، فان ذكر معها سكّانها ولا بد للمدن من المتمدّنين كان ذلك من نتائج نزوع الأثقال نحو مركزها وهو وسط العالم؛ ويقاربه ما في «باج بران» : انّ نصف النهار بأمراود يكون طلوعا على «بيبسوت» ونصف ليل على «سخ» وغروبا عن «ببه» وما في «مج بران» وهو أنّه ذكر فيه أن من جبل «ميرو» نحو المشرق مدينة «امراود بور» وهي لاندر الرئيس وفيها زوجته، ونحو الجنوب مدينة «سنجمن بور» فيها «جم» ابن الشمس يعاقب بها الناس ويثيبهم، ونحو المغرب مدينة «سكّ بور» فيها «برن» أعني الماء، ونحو الشمال للقمر «ببهاون بور» ، والشمس والكواكب تدور حول ميرو، فإذا كانت الشمس على نصف نهار أمراود بور كان أوّل النهار في سنجمن بور ونصف الليل في سكّ وأوّل الليل في بپهاون بور، وإذا كانت على نصف نهار سنجمن بور كانت طالعة على سكّ بور وغاربة عن امراود بور وعلى نصف ليل ببهاون بور، فقوله: إنّ الشمس تدور حول ميرو، يعني رحاويّا على من به، وليس هناك مشرق ولا مغرب بسبب صورة الحركة ولا الشمس تشرق فيه من موضع واحد معيّن بل من مواضع مختلفة، وإنّما أشار إلى سمت مدينة فسمّاه مشرقا وإلى سمت أخرى فسمّاه مغربا، ويمكن ان تكون هذه الأربع المدن هي التي ذكرها منجّموهم، فلم يوضح البعد بينها وبين الجبل، وسائر ما حكينا عنهم هو الحقّ الذي يوجبه البرهان؛ ولكن من عادتهم أن لا يذكروا القطب إلّا وذكر هذا الجبل معه في قرن؛ وهم يعتقدون في السفل ما نعتقد فيه أنّه مركز العالم لولا أنّ العبارة عنه ركيكة وخاصّة فإنّه من مسائل الفحول التي لا يقوم بها إلا كبار الرجال؛ قال «برهمكوبت» : إنّ العلماء زعموا أنّ كرة الأرض في وسط السماء، ومنها جبل «ميرو» مسكن «ديو» ، وأسفل منه «بروامخ» مسكن مخالفيهم من

«ديت» و «دانب» ، ولم يذهبوا من هذا السفل إلّا إلى الرتبة، وإلّا فحال الأرض من جميع جهاتها واحدة وكلّ من عليها فمنتصبون نحو العلو، والأشياء الثقيلة تقع إليها طبعا كما في طبعها إمساك الأشياء وحفظها وفي طبع الماء السيلان وفي طبع النار الإحراق وفي طبع الريح التحريك، فإنّ رام شيء عن الأرض سفولا فليسفل فلا سفل غيرها، والبذور تنزل إليها حيث ما رمي بها ولا تصعد عنها؛ وقال «براهمهر» : إنّ الجبال والبحار والأنهار والأشجار والمدن والناس والملائكة كلّها حول كرة الأرض، ولا يمكن أن يقال في تقابل «زمكوت» و «الروم» إنّه. تسافل إذ لا سفل، وكيف يقال في أحدها إنّه أسفل وحاله كحال الآخر، فليس أحدها بالسقوط أولى بل كلّ واحد في ذاته وعند نفسه قائل أنا العالي والباقون أسفل، وجميعهم حول الكرة على مثال خروج الأنوار على أغصان الشجرة المسمّاة «كذنب» فإنّها تحتفّ عليه، وكلّ واحد في موضعه على مثال الآخر لا يتدلّى أحدها ولا ينتصب غيره، فالأرض تمسك ما عليها لأنّها من جميع الجهات سفل والسماء في كلّ الجهات علو، فكلام القوم في هذا الباب كما ترى صادر عن معرفة بالقوانين الصحيحة وإن داهنوا اصحاب الأخبار والنواميس، فإنّ «بلبهدر» المفسّر يقول: إنّ أصحّ الأقاويل على كثرتها واختلافها هو أنّ الأرض و «ميرو» وفلك البروج مدوّرات، ويقول «آبت بران كار» أي الصادقون الذين يتبعون البران: إنّ الأرض مثل ظهر السلحفاة لا تدوير لها من تحت، قال: وقد صدقوا، فإنّ الأرض في وسط الماء، والذي يظهر منه هو على صورة ظهر السلحفاة، والبحر الذي يحيط بها غير مسلوك، فأمّا تدوير فلك البروج فمشاهد بالعيان؛ فانظر كيف صدّقهم في تدوير الظهر وتغافل عن نفيهم التدوير عن البطن وتشاغل بحديث لا يتّصل بذلك، فقال: إنّ بصر الإنسان لا يبلغ من الأرض وتدويرها خمسة آلاف «1» «جوزن» إلّا إلى جزء من ستّة وتسعين جزء مّنه ذلك اثنان

وخمسون جوزنا فلهذا لا يحسّ بالتدوير وذلك سبب اختلاف الأقاويل فيه، ولم ينكر أولئك الصادقون تدوير ظهر الأرض بل أثبتوه بمثال ظهر السلحفاة، وإنّما نفاه «بلبهدر» عن قولهم لإنّه حمل معناه على إحاطة الماء بها، والبارز من الماء جائز أن يكون كريّ الوجه وأن يكون مسطّحا مرتفعا عن الماء كدفّ مقلوب أعني قطعة من اسطوانة مستديرة، وأمّا خروج الاستدارة عن الشعور بها لصغر قامة الإنسان فغير صحيح من اجل أنّ القامة لو كانت مثل عمود أعظم جبل ثمّ كان التأمّل من موضع واحد عليها دون اللنتقال واستعمال طريق القياس فيما يوجد فيها من اختلاف الأحوال لم ينفع طولها ولم يشعر باستدارة الأرض وحدّها؛ ولكن كيف اتّصال هذا الكلام بمقالة القوم ولو كان أثبت الاستدارة للأرض في الجانب المقابل للاستدارة اعني الذي تحت بالاستعارة ثمّ ذكر ما ذكر حتى يريه معقولا مستفادا من الحسّ لكان لقوله وجها ما؛ فأمّا تعيينه المقدار المبصر من الأرض فليكن له كرة الأرض: اب على مركز: هـ ونقطة: ب منها موقف الناظر إلى ما حوله والقامة: ب ج ويخرج: ج امماسّا للارض فمعلوم أنّ المبصر هو: ب اولنفرضه جزءا من ستّة وتسعين جزءا من الدور وذلك ثلاثة أجزاء ونصف وربع جزء إذا كان الدور ثلاث مائة وستّين، فالمثل ما تقدّم في باب جبل «ميرو» نقسم مربع: ط اوهو 50625 على: 5 ط وهو 3431 فيخرج: ط ج. ى «1» د م 5 ويكون: ب ج القامة: «1» ز م 5، وذلك على أنّ: هـ ب الجيب كلّه: 3438، لكنّ نصف قطر الأرض بحسب ما ذكر من دورها: 795 ك ز ى و، فإذا حوّلنا: ب ج إليه كان جوزنا واحدا «2» وستّة كروش وألفا وخمسا «2» وثلاثين ذراعا، وإذا فرضنا: ب ج أربعة أذرع كانت نسبته إلى: اط بمقدار الجيب كنسبة 57035 «3» ، وهي أذرع ما خرج للقامة إلى: اط بمقدار الجيب وهو 225، فإذا

استخرجناه كان. «1» . «1» اج وقوسه كذلك، لكنّ حصّة الجزء الواحد من تدوير الأرض كما ذكر ثلاثة عشر جوزنا وسبعة كروه وثلاث مائة وثلاث وثلاثون ذراعا وثلث ذراع، فالمبصر إذن من الأرض مائتان وإحدى وتسعون ذراعا وثلثا ذراع؛ والوجه الذي أوتى منه «بلبهدر» ما في «بلس سدّهاند» حين قطع الجيب لربع الدائرة على أربع وعشرين كردجة ثم قال: إن سأل سائل عن علّة ذلك فليعلم أنّ الكردجة الواحدة من هذه جزء من ستّة وتسعين جزءا من الدور ودقائقها 225، ولمّا استخرجنا جيبه كانت دقائقه 225، فعلمنا من ذلك أنّ الجيوب تساوي قسيّها فيما هو أصغر من هذه الكردجة، ولمّا كان الجيب كلّه عند «بلس» و «آرجبهد» على نسبة القطر إلى دور الثلاث مائة والستّين أوهم «بلبهدر» من هذه المساواة العدديّة فظنّ أنّ القوس قد استقامت وما لم يكن فيه «1» حدّبة نتوّ يمنع البصر عن المرور ولم يتصاغر فهو مدّرك: وهذا هو الغلط العظيم فالقوس قطّ لا تستقيم ولا

الجيب وإن صغر يساوي قوسه، وإنّما يكون ذلك في الأجزاء المفروضة للاستعمال وأمّا في اجزائها فمّرهيّا وهلمّ جرّا إلى اقصى الصين؛ وأمّا قول بلس في الأرض: إنّ المحور يمسكها، فليس يعني به أنّ محورا هناك لو لم يكن لسقطت الأرض وكيف يقول هذا وهو يرى المدن الأربع حول الأرض مسكونة، وذلك موجبات نزول الأثقال إلى الأرض من جميع الجوانب؟ ولكنّه ذهب فيه إلى أنّ حركه ما على المحيط علّة لسكون ما في المركز والحركة في الكرة لا تكون إلّا على قطبين والخطّ الواصل بينهما وهما هو المحور، فكأنّه يقول: إنّ حركة السماء ماسكة للأرض في مكانها، مصيّرة إيّاه طبيعيّا لها لا يمكن أن تكون في غيره، وهي على محور الحركة ثمّ على وسطه لأنّ سائر أقطار الكرة ممكن أن تتوهم «1» محاور فإنّها كذلك بالقوّة ولو لم تكن في الوسط لأمكن وجود محور عنها فكأنّها في الصورة مدّعمة بالمحاور؛ وأمّا سكون الأرض وهو أيضا أحد مبادئ علم الهيئة الذي يعسر حلّ الشّبه العارضة فيه فإنّهم أيضا على اعتقاده، قال «برهمكوبت» في «براهم سدّهاند» : إنّ من الناس من زعم أنّ الحركة الأولى ليست في معدّل النهار وإنّما هي للأرض، فردّ عليهم «براهمهر» بأنّ ذلك يوجب ان لا يرجع طائر إلى وكره مهما طار عنه نحو المغرب، وهو كما قال، ثمّ قال برهمكوبت في موضع آخر منه: إنّ اصحاب «آرجبهد» يقولون: إنّ الأرض متحركة والسماء ساكنة، فقيل في الردّ عليهم: إنّ ذلك لو كان لسقطت عنها الأحجار والأشجار، ولم يرض برهمكوبت ذلك وقال: إنّه لا يلزمهم، وكأنّه عني بذلك من جهة أن الأثقال منجذبة إلى مركزها قال: بل لو كان ذلك لم تسارق دقائق السماء «بران» الأزمان؛ وربّما كان التخليط في هذا الفصل من جهة المترجم فإنّ دقائق السماء هي: 21600 «2» وتسمّى برانات أي انفاس لأنهم يزعمون أنّ كلّ دقيقة من معدّل

النهار فإنّها تدور في زمان نفس معتدل من أنفاس الناس. ونهب أنّ ذلك صحيح وأنّ الأرض تدور الدورة التامة نحو المشرق في هذا العدد من الأنفاس كما يدورها السماء عنده فما العائق فيها عن الموازنة والموازاة؟ ثمّ ليست حركة الأرض دورا بقادحة في علم الهيئة شيئا بل تطّرد أمورها معها على سواء، وإنّما تستحيل من جهات أخر ولذلك صارت اعسر الشكوك في هذا الباب تحليلا، وقد أكثر الفضلاء من المحدثين بعد القدماء الخوض فيها وفي نفيها، ونظنّ أنّا قد أربينا عليهم في المعنى لا الكلام في كتاب «مفتاح علم الهيئة» .

كز- في الحركتين الأوليين عند منجميهم وعند أصحاب البرانات

كز- في الحركتين الأوليين عند منجّميهم وعند أصحاب البرانات أمّا عند المنجّمين منهم فالأمر كما نذهب إليه نحن في أكثر الأمر، ونحن نحكي أوّلا أقاويلهم فيه وإن كان ما وجدناه من ذلك نزرا جدّا، قال «بلس» : الريح تدير فلك الكواكب الثابتة ويحفظه القبطان وحركته التي إلى المغرب يراها سكّان جبل «ميرو» من اليسار الى اليمين ويراها سكّان «بروامخ» من اليمين إلى اليسار، وقال في موضع آخر: إن سأل سائل عن جهة حركة الكواكب معما يراه من طلوعها من المشرق ودورانها نحو المغرب إلى أن تغيب، فليعلم أنّ الحركة التي نراها لها نحو المغرب مختلفة الوجهة بحسب إدراك أهل المساكن إيّاها فسكّان جبل «ميرو» يرونها من اليسار إلى اليمين وأهل جزيرة «بروامخ» يجدونها بعكس ذلك من اليمين إلى اليسار وسكّان خطّ الاستواء نحو المغرب فقط ومن فيما بين هذه المواضع منحطّة بحسب عروض المساكن، وهي في الجملة صادرة عن الريح التي تدير الأفلاك حتى تلزم الكواكب وغيرها طلوعا من المشرق وغروبا في المغرب بالعرض وأمّا بالذات فإنّ حركاتها نحو المشرق، وهذه الحركة هي التي تكون من الشّرطين نحو البطين فإنّ البطين عن الشرطين في جهة المشرق، فإن لم يعرف السائل منازل القمر وعجز عن قياس الحركة الشرقيّة عليها فليتأمّل القمر نفسه في تباعده عن الشمس أوّلا فأوّلا ثمّ اقترابه منها كذلك إلى أن يجامعها ليتصوّر من ذلك حركته الثانية؛ وقال «برهمكوبت» : إنّ الفلك خلق متحرّكا على قطبين بأسرع

حركة تمكن فلا يلحقها فتور، وخلقت الكواكب حيث لا بطن حوت ولا شرطين أي في الفصل المشترك بينهما وهو الاعتدال الربيعيّ؛ وقال «بلبهدر» المفسّر: إنّ جميع العالم معلّق بقطبين ومتحرّك باستدارة تبتدىء «1» من «كلب» «2» وتنتهي إلى كلب «2» فلا يجوز أن يقال في العالم بسبب اتصال حركته: إنه لا أوّل له ولا آخر؛ وقال «برهمكوبت» : الموضع الذي لا عرض له وهو المقسوم بستّين كهريا هو أفق لمن في «ميرو» ويكون الشرق فيه غربا ووراء هذا الموضع في الجنوب «بروامخ» والبحر يحيط به، فإذا دارت الأفلاك والكواكب صار معدّل النهار أفقا مشتركا للملائكة ولديت يرونه معا، واختلفت جهة الحركة بينهم فما رآه الملائكة منها متيامنا رآه «ديت» متياسرا وبالعكس على مثال من كان بيمناه شيء فإنّه إذا نظر في الماء رآه في يسراه، وسبب هذه الحركة المستوية التي لا تزيد ولا تنقص هي ريح وليست بالريح المشاهدة عندنا فإنّ هذه تسكن وتهتاج وتختلف وتلك لا تسكن؛ وقال أيضا في موضع آخر: والريح تدير جميع الكواكب الثابتة والسيّارة نحو المغرب دورة واحدة، والسيّارة تتحرّك نحو المشرق حركة يسيرة على مثال ذرّة تتحرّك على دوّارة الخزّاف في خلاف جهة التحريك فإنّ الذي يرى من حركتها هو التحريك ولا يحسّ بحركتها الذاتيّة، وهذا قول أجمع عليه «لات» و «آرجبهد» و «بسشت» إلّا قوما رأوا الحركة للأرض والسكون للسماء، فأمّا الحركة التي يعتبرها الناس من المشرق إلى المغرب فإنّ الملائكة يرونها من اليسار الى اليمين وديت من اليمين إلى اليسار. فهذا ما طالعته من كتبهم فيها، فأمّا الريح التي يشيرون إليها في التحريك فما أظنّها إلّا للتقريب من الافهام فإنّها مشاهدة في تحريك الآلات ذوات الأجنحة والديدانجات إذا هبّت عليها، وإذ كانت الاشارة إلى المحرّك الأوّل عادوا في نفي التشبيه عنها بالريح الطبيعيّة التي تختلف باختلاف

أسبابها فإنّها وإن كانت محرّكة للأشياء فليست من ذاتها ولا بغير مماسّة لأنّها جسم ولها حوافز من خارج تكون حركتها بحسب حفزها إيّاها، ونفيهم السكون عنها إشارة منهم إلى دوام التحريك لا إلى السكون والحركة اللذين يكونان للجسم، وكذلك نفي الفتور عنها دلالة على تبرّئها عن الأحوال المختلفة فإنّ الفتور واللغوب لا يكون إلّا للمركّب من المتضادّات في الكيفيّة، وأمّا حفظ القطبين لفلك الثوابت فمعناه على النظام لا عن أن يسقط، وكان حكى عن بعض قدماء اليونانيّين أنّه رأى في المجرّة أنّها كانت في بعض الأزمنة طريقة للشمس ثمّ انتقلت عنها، وهذا هو زوال الحركات عن النظام الجائز أن يضاف إلى حفظ الأقطاب؛ وأمّا قول «بلبهدر» في تناهي الحركة فمعناه أنّ الخارج إلى الوجود الواقع تحت العدد لا محالة متناه «1» من جهة مبدئه لأنّ العدد كائن من تراكيب الواحد وتضاعيفه وهو يتقدّمها لا محالة، ومن جهة الموجود منه في الآن من الزمان، وذلك ضرورة فإن كانت الأيّام والليالي متزايدة العدّة بدوام الكون فلها أوّل منها ابتدأت، وإن جحد جاحد وجودها في الفلك فزعم أنّ النهار والليل كائنان بالاضافة إلى الأرض وسكّانها وأنّها إذا رفعت عن وسط العالم وهما ارتفع الليل والنهار بارتفاعهما وزال التعديد عن المركّبات من مجموعاتهما وهي الأيّام عدل بلبهدر عن الاستدلال بموجب الحركة الأولى إلى موجب الثانية وهو أدوار الكواكب فإنّها بحسب الفلك دون الأرض وعبّر عنها بكلب «2» لأنّه الجامع لها والذي يبتدئ جميعها من أوّله، وأمّا قول «برهمكوبت» في معدّل النهار: إنّه المقسوم بستّين، فهو بمنزلة قول قائل لو كان من أصحابنا: إنّه المقسوم بأربعة وعشرين، وذلك أنّه الكائل للأزمنة والعادّ لها ودوره مشتمل على أربع وعشرين ساعة كما يشتمل عند الهند على ستّين كهريا ولهذا حسبوا مطالع البروج بالكهريات دون أزمان معدّل النهار؛ وأمّا قوله

في الريح المديرة للكواكب الثابتة والسيّارة ثمّ تخصيصه السيّارة بالحركة اليسيرة نحو المشرق فهو موهم منه أنّه لا يرى للثابتة حركة وإلّا فهي تتحرّك أيضا حركة يسيرة نحو المشرق كالسيّارة، لا يباينها فيها إلّا بالمقدار وبالتحيّر العارض لتلك في الرجوع؛ وقد حكى قوم عن القدماء: أنّهم لم يكونوا يفطنون لحركاتها إلى أن دلّتهم الأزمنة المتطاولة عليها، ويؤكّد ذلك الوهم خلوّ الأدوار في كتبه عن ذكر أدوار للثوابت وتعليقه ظهورها واختفاءها بدرجات للشمس لا تتغيّر؛ وأمّا نفيه التيامن والتياسر عن الحركة الأولى على من يسكن خطّ الاستواء فليعلم أنّ الساكن تحت أحد القطبين أينما توجّه فإنّه يستقبل المتحرّكات، ولأنّها إلى جهة واحدة فإنّها بالضرورة آخذة من محاذاة إحدى يديه نحو وجهة وجهه ومنها إلى محاذاة اليد الأخرى، ويتبادل الأمر في اليدين عند الساكنين تحت كلا «1» القطبين بسبب تقابلهما تبادله في الماء والمرآة فإنّ البصر إذا انعكس منهما صار كإنسان آخر مقابل لهذا الناظر يدرك بأيمنه أيسره وبأيسره أيمنه، وكذلك سائر المساكن ذوات العروض الشماليّة يستقبلها أهلها المتحرّكات نحو الجنوب، والجنوبيّة يستقبل أهلها المتحرّكات نحو الشمال فيكون أمر الحركة عندهم على قياس ساكني «ميرو» و «بروامخ» وأمّا الكائن على خطّ الاستواء فإنّ المتحرّكات تدور عليه بالتقريب فلا يستقبلها في جهة وأمّا بالتحقيق فإنّها تبعد عنه قليلا، فإن استقبلها في الجهتين على صورة واحدة كانت حركة الشماليّات عليه من اليمين إلى اليسار والجنوبيّات بخلاف ذلك، فجمع خاصيّة القطبين معا وحصل التبادل له مع نفسه دون غيره، وأمّا ما دار على سمت رأسه فهو الذي أومى إليه «برهمكوبت» من الأقسام. وأمّا أقاويل أصحاب البرانات فقد «2» صيّروا السماء قبّة على الأرض ساكنة والكواكب بذواتها من المشرق إلى المغرب سائرة، فمتى يكون لهم علم

بالحركة الثانية وإن كان فمتى يجوّز لهم الخصم تحرّك شيء واحد إلى جهتين مختلفتين حركتين بالذات؟ ونحن نذكر ما وقع إلينا «1» من جهتهم لا لإفادة فلا فائدة فيها، فقد قيل في «مج بران» : إنّ الشمس والكواكب تمرّ نحو الجنوب في سرعة السهم، تدور حول ميرو، ودوران الشمس على مثال خشبة ملتهبة الطرف إذا أسرعت إدارتها، وهي لا تغيب في ذاتها وإنّما تخفى عن قوم دون آخرين من المدن الأربع التي في الجهات الأربع من الجبل، وهي تدور حوله عن شمال جبل «لوكالوك» لا تجاوزه ولا تنير جانبه الجنوبيّ، وخفاؤها بالليل لبعدها، وقد يراها الإنسان من ألوف «جوزن» ثمّ يخفيها عنه شيء صغير إذا كان الشيء قريبا من العين. فإذا سامتت الشمس «بشكرديب» «2» تحرّكت في ثلاثة أخماس ساعة جزءا من ثلاثين من الأرض فيكون لهذه المدّة أحد وعشرون «3» لكشا وخمسون «4» ألف جوزن وذلك 2150000، ثمّ تميل إلى الشمال فيصير مسيرها ثلاثة أضعاف ما كانت ولذلك يطول النهار، ودوران الشمس في اليوم الجنوبيّ تسعة «كورتي» وعشرة آلاف «5» وخمسة وأربعون «6» جوزن، فإذا عادت إلى الشمال ودارت على «كشير» أي البحر اللبنيّ كان يومه ثلاثة كورتي وأحدا وعشرين «لكش» ؛ فانظر إلى اضطراب هذه الأقاويل في الموضوع، لأنّ قوله في مرور الكواكب: إنّها تسرع كالسهم وإن كان على وجه المبالغة في الصفة للفهم العامّيّ فإنّ الجنوب لا تختصّ بها دون الشمال، وإذا كانت لها في الجهتين غايتان للتردّد وتساوي زمان مرورها من الغاية الجنوبيّة إلى الغاية الشماليّة زمان مرورها بينهما بالعكس كان مرورها إلى الشمال أيضا في سرعة السهم، ولكنّ ذلك دليل على اعتقاده في

القطب الشماليّ أنّه العلو وجهة الجنوب متسافل عنه فالكواكب تمرّ إليها كالصبيان في الزحلوقات، فإن كان يعني بهذا المرور الحركة الثانية وذلك هو الأولى فإنّ الكواكب بها لا تمرّ حول «ميرو» وإنّما تميل عن أفقه قريبا من نصف سدس الدور؛ ثمّ ما أبعد مثاله في حركة الشمس بالخشبة الملتهبة، ولو كنّا نرى الشمس المتحرّكة طوقا مستديرا متّصلا لكان مثاله نافعا في تعريفنا أنّه ليس كذلك، فأمّا ونرى الشمس قطعة في السماء كالواقفة فإنّ مثاله هذر، وإن كان يعني بذلك أنّها تعمل مدارا مستديرا فالالتهاب في خشبته حشو فإنّ الحجر المعلّق من رأس خيط يعمل مدارا مثله إذا أدير فوق الرأس، وطلوع الشمس على قوم وغيبتها عن آخرين حقّ لولا ما ذكرناه من عقيدته، ويشهد عليه جبل «لوكالوك» ووقوع شعاع الشمس عليه من جانبه الإنسيّ الذي سمّاه شمالا والوحشيّ جنوبا، وليس خفاء الشمس بالليل للبعد وإنّما هو بساتر هو الأرض عندنا وجبل ميرو عنده ولكنّه تصوّر المدار حول الجبل ونحن منه في جانب فاختلف الأبعاد منّا إليه. وما بعد ذلك من الكلام يشهد أنّه في الأصل هكذا وخفاؤها بالليل ليس لبعدها، فأمّا الأعداد التي ذكرت فأظنّها فاسدة متغيّرة وليس لنا معها عمل ولكنّه جعل مسير الشمس في الشمال ثلاثة أضعاف مسيرة في الجنوب وصيّر ذلك علّة طول النهار وقصره ومجموع النهار وليله أبدا على حاله وهما في الشمال والجنوب يتكافئان، فيجب أن يكون ما ذكر مقولا على العرض الذي نهاره الصيفيّ خمسة وأربعون كهريا والشتويّ خمسة عشر، ومع ذلك فإسراع الشمس في الشمال محتاج إلى إيراد علّة له فإنّ أوضاعه تضيق المدارات الشماليّة لاقترابها من القطب وتوسّع الجنوبيّة لاقترابها من الذيل، وإذا أسرعت الشمس في المسافة الصغرى قصر زمانها عن زمان المسافة الكبرى وقد أبطأت فيها أيضا والأمر بالعكس، ثمّ قوله: إنّها إذا دارت على «بشكرديب» «1» عبارة عن مدار المنقلب الشتويّ وقد صيّر النهار فيه

أكثر مقدارا ممّا عداه سواء كان المنقلب الصيفيّ أو غيره، فجميع الكلام غير مفهوم، ومثله ما في «باج بران» أنّ النهار في الجنوب اثنا عشر «مهورت» وفي الشمال ثمانية عشر وهي تميل فيما بين الشمال والجنوب 17221 «جوزن» في 183 يوم فيكون حصّة اليوم 94 جوزن، فأمّا مهورت فهو أربعة أخماس ساعة والقضيّة مقولة على عرض أطول نهاره أربع عشرة ساعة وخمسا ساعة، وما ذكر من عدد الجوزنات فإنّ ظاهر الأمر يقتضي أن تكون حصّة ضعف الميل من الفلك والميل عندهم أربعة وعشرون جزءا فجوزنات كلّ الفلك إذن 129157 ونصف جوزن، والأيّام التي تقطع فيها الشمس ضعف الميل هي نصف سنتها مجبور الكسر فإنّه قريب من خمسة أثمان يوم، وفي باج بران أنّ الشمس في الشمال تبطئ بالنهار وتسرع بالليل وفي الجنوب بعكس ذلك ولهذا يطول النهار في الشمال ويبلغ ثمانية عشر مهورتا، وهذا كلام من لا يعرف الحركة الشرقيّة أصلا ولا يهتدي لتقدير قوس النهار بالعيان؛ وفي كتاب «بشن دهرم» أنّ مدار بنات نعش دون القطب وتحته مدار زحل ثمّ المشترى ثمّ المرّيخ ثمّ الشمس ثمّ الزهرة ثمّ عطارد ثمّ القمر وهي تدور نحو المشرق كالرحا بحركة مستوية المقدار في كلّ كوكب لأنّ منها سريع ومنها بطيء وقد تكرّر الموت والحياة عليها في القديم ألوف مرّات، وهذا الكلام إن أريد إجراءه على مناهج الصواب مضطرب لأنّا إذا ذهبنا في تحتيّة بنات نعش عن القطب إلى أنّ موضع القطب هو العلو سفل بنات نعش عن سمت رؤوس أهل «ميرو» وصدق فيه ثمّ كذب في السيّارة فإنّ تحت فيها مقول على القرب والبعد من الأرض، ولن يطّرد على ذلك «1» إلّا إذا كان زحل أعظم الكواكب ميل مجرى «2» عن معدّل النهار ثمّ المشترى ثمّ باقيها الأوّل فالأوّل ومع ذلك ثابتة على ذلك المقدار من الميل، وليس ذلك في الوجود كذلك، وإن حملنا

الجميع على أمر واحد صدق فإنّ الثوابت فوق السيّارة لكنّ القطب لا يعلوها؛ وأمّا الدور الرحاويّ فإنّه بالحركة الأولى نحو المغرب دون الثانية التي أشار اليها، والكواكب عنده أنفس أشخاص نالت العلو بالكسب وعادت إليه عند تمام المدّة، وأظنّ أنّه أشار الى العدد بالألوف من أحد وجهين إمّا بسبب الوجود والخروج من القوّة إلى الفعل وإمّا بسبب أنّ منها ما تخلّص وفيها ما يتخلّص فعددها يتناقص وكلّ ما قبل النقصان فمتناه.

كح- في تحديد الجهات العشر

كح- في تحديد الجهات العشر انبساط الأجسام في الأقطار على ثلاثة سموت أحدها للطول والثاني للعرض والثالث للعمق أو السمك، والامتداد الموجود لا الموهوم متناه في سموته فخطوط هذه السموت الثلاثة إذ هي متناهية ذوات نهايات ستّ هي الجهات، وإذا توهّم في وسطها أعني تقاطعها حيوان وجهه إلى أحدها صارت له أماما ووراء ويمينا ويسارا وفوقا وتحتا، وإذا أضيفت إلى العالم حصلت لها أسام «1» أخر، ولأنّ الطلوع والغروب في الأفق والحركة الأولى به تظهر فإنّه أولى بالجهات أن تحدّ فيه، والأربع التي هي المشرق والمغرب والشمال والجنوب مشهورة والتي فيما بين كلّ اثنتين منها أقلّ اشتهارا، وهي معها تصير ثمانيا ومع الفوق والتحت اللذين لا نشتغل بذكرهما عشرا، فأمّا اليونانيّون فإنّهم كانوا يذهبون فيها إلى مطالع البروج ومغاربها ثمّ ينسبونها إلى الرياح فيكون عددها ستّة عشر، وكذلك العرب نسبوا الجهات الأربع إلى مهابّ الرياح منها وما هبّت بين اثنتين منها فهي «نكباء» بالإطلاق وفي الغرائب الخاصّة مسمّاة بأسماء خاصّة، وأمّا الهند فإنّهم لم يعتبروا فيها هبوب ريح وإنّما سمّوا الجهات الأربع أوّلا بأسماء ثمّ اتّبعوها بتسمية ما بين كلّ جهتين منها فصارت في الأفق ثمانيا كما في هذه الصورة:

«1» وبقي لقطبي الأفق اثنتان هما فوق وتحت واسم فوق «أوبر» واسم أسفل «أد» وأيضا «تال» وهذه والتي لغيرهم هي جهات بالوضع وإذ الأفق منقسم بما لا يتناهى فالسموت فيه من المركز كذلك. وكلّ قطر فممكن أن تفرض «2» نهايتاه إمّا ما قبل وما وراء أو عكسهما فتكون «2» نهايتا القطر القائم عليه يمينا وشمالا، ومن أجل أنّهم لا يذكرون شيئا معقولا أو موهوما إلّا ويقيمون له شخصا محسوسا ويسرعون إلى تزويجه وتعجيل زفافه وحبله وولادته فإنّ في كتاب «بشن دهرم» : انّ «أتر» وهو الكوكب الذي يلي البنات من النعش تزوّج بالجهات التي هي واحدة وإن عدّت ثمانيا فولد له منها القمر، وقال غيره: إنّ «دكش» الذي هو «پرجاپت» زوّج «دهرم» وهو الثواب عشرا من بناته وهنّ الجهات وفيهنّ واحدة تسمّى «بس» فأولدها أولادا كثيرة يسمّون «بسون» واحدهم القمر، ولا محالة أنّ

أصحابنا يضحكون من ولادة القمر فإنّي أزيدهم من هذه السلعة، قالوا: إنّ الشمس هي ابن «كشّب» وأمّها «آدت» ولد في «منّنتر» السادس على منزل «بشاك» والقمر هو ابن «دهرم» ولد على منزل «كرتكا» والمرّيخ هو ابن «پرجاپت «1» » ولد على منزل «پورباشار» وعطارد ابن القمر ولد على منزل «دهنشت» والمشتري ابن «آنكر» ولد على منزل «پورباپلكنى» والزهرة ابنة «برك «2» » ولدت على منزل «3» «پش «4» » وزحل ابن الشمس ولد على منزل «ريوتي» وذو الذنب هو ابن «جم» ملك الموت ولد على منزل «أشليشا» والرأس ولد على منزل ريوتي، وجعلوا للجهات الثمان في الأفق أربابا كعادتهم وضعناها في جدول:

ولهم في الاختيار للقمار بالجهات الثمان شكل يسمّونه «راه جكر «1» » أي شكل الرأس وهو هذا: والعمل به أن تعرف ربّ اليوم الذي أنت فيه ومكانه من الصورة ثمّ تعرف الثمن الذي أنت فيه من أثمان النهار وتعدّ الأثمان على الخطوط الآخذة من أرباب الأيّام على التوالي الذي هو من المشرق إلى الجنوب إلى المغرب فتنتهي إلى ربّ ذلك الثمن، مثاله إذا أردنا صاحب الثمن الخامس من يوم الخميس وربّ اليوم المشتري في الجنوب والخطّ الخارج من هذه الجهة ينتهي إلى ما بين المغرب والشمال فصاحب الثمن الأوّل هو المشتري وصاحب الثمن الثاني زحل والثالث

الشمس والرابع القمر والخامس عطارد في الشمال وعلى هذا تمتدّ الأثمان إلى كمال النهار وتدخل في الليل التالي باتّصال إلى تمام اليوم. وإذا علمت جهة الثمن الذي أنت فيه فاعلم أنّها منسوبة عندهم إلى الرأس فاجعلها في الجلوس للعب وراء ظهرك فإنّك تظفر بزعمهم، ولا عليك أن تستهين بالمختار من عدّة ملاعب في الضربة الواحدة من أجل هذا الاختيار ويكفيك أن تكل أمر الفصوص إليه.

كط- في تحديد المعمور من الأرض عندهم

كط- في تحديد المعمور من الأرض عندهم في كتاب «بهوبن كوش» الرش: انّ الأرض المعمورة من «هممنت» نحو الجنوب وتسمّى «بهارث برش» ، سمّيت باسم رجل بهارث كان يسوسهم ويمونهم، وأهل هذه المعمورة هم الذين يقع عليهم الثواب والعقاب دون غيرهم، وتنقسم هذه المعمورة تسعة أقسام تسمّى «نوكند پرثم» أي التسع القطع الأول، وفيما بين كلّ اثنتين من تلك القطع بحار يعبر فيها من واحد إلى آخر، وعرض المعمورة من الشمال إلى الجنوب ألف «جوزن» ، فإشارته هاهنا إلى هممنت هي إلى الجبال التي في الشمال عند منقطع العمران من البرد والعمارة ضرورة في جنوبها، وإشارته إلى أهلها أنّهم هم المكلّفون دليل على زوال التكليف عن غيرهم، وزواله لا يكون إلّا بالارتفاع عن الإنسيّة إلى رتبة الملائكة الذين هم ببساطة جواهرهم ونقاء طباعهم لا يعصون أمرا ولا يسأمون العبادة أو بالانحطاط عنها إلى رتبة البهائم التي لا تعقل، فليس ممّا عدا المعمورة إذن أحد من الناس، وليس بهارث برش أرض الهند فقط كاعتقاد الهند فيها أنّها الدنيا وأنّهم الناس فقط فليس تخترق أرضهم بحر تميّز به فيها قطعة عن قطعة، ولا يذهب في القطع إلى الديبات فقد صرّح بأنّ تلك البحار يعبر فيها من جانب إلى جانب، ولزم من قوله أنّ أهل الأرض كلّهم والهند في لزوم التكليف شرع واحد، وإنّما سمّيت هذه القسمة «پرثم» أي أوّل لأنّهم يقسمون أرض الهند بها أيضا وحدها فتكون

قسمة المعمورة أولى وهذه ثانية، ومنجّموهم يقسمون كلّ مملكة بها فتكون قسمة ثالثة، وذلك عند نظرهم في مواقع المناحس والسعادات منها؛ وفي «باج پران» مثل ما حكيناه وهو قوله: إنّ وسط «جنب ديب» يسمّى «بهارث برش» ومعناه الذين يقنتون ويتقوّتون، ويكون عندهم الجوكات الأربعة ويلزمهم الثواب والعقاب، و «هممنت» شماليّ عنه، وهو مقسوم بتسعة أقسام فيما بينها بحار مسلوكة وطوله تسعة آلاف «1» «جوزن» وعرضه ألف جوزن، ولأنّه يسمّى أيضا «سمنار» فإنّ من يملكه كلّه يسمّى باسمه سمنار، وصورة أقسامه التسعة هكذا: ثمّ يأخذ في صفة الجبال التي في القطعة المتوسّطة بين المشرق والشمال والأنهار التي تخرج منها صفة لا يتعدّاها فيوهم أنّ تلك القطعة هي المعمورة، وتناقض بقوله في موضع آخر: إنّ «جنب «2» ديب» هو الواسطة في «نوكند پرثم» وسائرها في الجهات الثمان وفيها الملائكة والناس والحيوان والنبات، فكأنّه يشير إلى

الديبات هاهنا، وإذا كان عرض المعمورة ألف «جوزن» وجب أن يكون طولها بالتقريب ألفين «1» وثمان مائة جوزن بالتقريب «2» ، ثمّ ذكر ما في كلّ جهة من البلاد والنواحي، وسنذكرها في الجداول معما ذكر غيره فإنّ ذلك أسهل فيها، وقد قلنا فيما تقدّم: إنّ القطعة التي فيها العمارة تشبّه بالسلحفاة من جهة استدارة حافّاتها ومن جهة بروزها عن الماء وإحاطة الماء بها ومن جهة الانحداب في سطحها الكريّ، ويجوز أن يكون من جهة أنّ منجّميهم يقسمون الجهات على المنازل فتنقسم البلاد عليها ويصير الشكل مشابها للسلحفاة ولذلك سمّي «كورم جكر» أي دائرة السلحفاة أو شكلها، وهكذا هو في كتاب «سنكهت براهمهر» :

وقد سمّى «براهمهر» كلّ قسم في «نوكند» «برك» ، قال: وبها ينقسم «بهارث برش» أي نصف الدنيا بتسعة أقسام أوّلها الواسطة ثمّ المشرق ثمّ يمرّ نحو الجنوب ويدور كلّ الأفق، ويدلّ على أنّه قصد أرض الهند وحدها قوله: إنّ لكلّ برك ناحية يقتل ملكها إذا حلّتها النحوس، فللأوّل الذي هو الواسطة ناحية «پانجال» وللثاني «مكد» وللثالث «كلنك» وللرابع «أفنت» وهو «أوجين «1» » وللخامس «أننت» وللسادس السند و «سوبير «2» » وللسابع «هارهور» وللثامن «مدر» وللتاسع «كولند» ، وهذه كلّها نواحي أرض الهند دون غيرها، فأمّا أسماء البلاد فأكثرها غير ما تعرف به الآن، وقد فسّر «أوپل» الكشميريّ كتاب «سنكهت» فقال في هذا الباب: إنّ أسماء البلاد تتغيّر وخاصّة في الجوكات فإنّ «مولتان» كانت تسمّى «كاشّب پور» ثمّ سمّيت «هنس پور» ثمّ «بك «3» پور» ثمّ «سانب پور» ثمّ «مولستان» أي الموضع الأصليّ فإنّ «مول» هو الأصل و «تان» هو الموضع، وأمر الجوك مديد الزمان ولكنّ الأسماء سريعة التغيّر عند استيلاء قوم على الموضع غرباء مخالفي اللغة فإنّ ألسنهم ربّما تتلجلج فيها فيحيلونها إلى لغتهم كعادة اليونانيّين ويأخذون بالمعنى فتتغاير الأسامي ألا ترى أنّ الشاش هو مأخوذ من أسمه بالتركيّة وهو «تاش كند» أي قرية الحجارة وهكذا اسمه في كتاب جاوغرافيا «برج الحجارة» فهكذا تختلف إذا عبّروا عنها بمعانيها أو يقلبونها إلى ما يسهل عليهم من الحروف والألفاظ كفعل العرب في تعريب الأسامي فتصير ممسوخة مثل «پوشنك «4» » في كتبهم إيّاها «فوسنج» ومثل «سكلكند» فإنّه في دواوينهم «فارفز» ، وما أبعد الأمر وأطمّ بل قد نجد اللغة الواحدة بعينها في أمّة واحدة بعينها تتغيّر فيصير فيها أشياء غريبة لا يفهمها إلّا الشاذّ وذلك في سنين بسيرة ومن غير أن يعرض لهم شيء يوجب ذلك، على أنّ الهند يقصدون تكثير الأسامي واستعمال الاشتقاق فيها ويفتخرون بها، فأمّا ما ذكر في «باج پران» من أسامي

البلاد ففي الجهات الأربع فقط وما في «سنكهت» فهو للجهات الثمان، وحال جميعها الحال الذي تقدّم وهي في هذه الجداول: «1» «2» «1» «2» «3» «1» «2» «3» «1» «2» «3» «1» «2» «1» «2» «3»

«1» وأمّا منجّموهم فقد حدّوا طول المعمورة بلنك «2» في وسطها على

خطّ الاستواء و «زمكوت» في مشرقها و «رومك» في مغربها و «سدّبور» في مقاطرتها، ودلّ ما ذكروه من أمر الطلوع، والغروب فيها على أنّ بين زمكوت وبين الروم نصف دور، وكأنّهم عدوّا بلاد المغرب من جملة الروم لتقابلهما على الساحلين وإلّا فبلاد الروم ذوات عروض وفي الشمال ممعنة وليس منها شيء يسير العرض فضلا عن أن يكون على خطّ الاستواء كما ذكروا، وقد فرغنا من ذكر «لنك» «1» فأمّا زمكوت فهو في الموضع الذي يذكر يعقوب والفزاريّ أنّ في البحر فيه مدينة تسمّى «2» «تاره» ، ولم أجد لهذا الاسم في كتب الهند أثرا بتّة. ولأنّ «كوت» اسم القلعة و «زم» هو ملك الموت فإنّه يراح منها روائح «كنكدز» الذي يذكر الفرس أنّ «كيكاوس» أو «جم» بناه في أقاصي المشرق وراء البحر وأنّ «كيخسرو» عبر إليه في أثر «فراسياب» التركي وإليه ذهب وقت التزهّد والخروج من الملك، وذلك لأنّ «دز» بالفارسيّة اسم القلعة وعلى هذا الموضع وضع أبو معشر البلخيّ زيجه؛ وأمّا سدّبور فلا أدري من أين استخرجوه، ولا يخالفوننا في أنّ وراء نصف الدور المعمور بحار غير مسلوكة؛ وأمّا في العرض فلم ينته إلى منهم قول في تحديده. والقول بأنّ طول المعمورة نصف دور من الآراء الشائعة فيما بين اهل الصناعة وإنّما تختلف فيه من جهة المبدأ، فرأي الهند إذا اعتبر من جهة ما هو معلوم عندنا وهو بلد «اوجين» الذي وضعوه على الربع من النهاية الشرقية، وحدّ تتمّة الربع الثاني قبل انقطاع العمارة في جهة المغرب، كما سنذكر ذلك فيما بين الطولين، ورأي المغربيّين على نوعين أحدهما مأخوذ من ساحل البحر المحيط وتتمّة الربع منه تكون حول «بلخ» ولذلك لمّا جمع فيه ما لا يجتمع صيّر الشبورقان، واوجين «3» على نصف نهار واحد، وهيهات لما لا يتحقّق،

والرأي الآخر من جزائر السعداء وتمام الربع منه يكون حول «جرجان» و «نيسابور» وكلا «1» النوعين بمعزل عن رأي الهند، وسيتّضح ذلك فيما بعد و «2» إن نسأ الله في الأجل أفردت لطول «نيسابور» مقالة باحثة عن ذلك.

ل- في ذكر «لنك» وهو المعروف بقبة الأرض

ل- في ذكر «لنك» وهو المعروف بقبّة الأرض إنّ منتصف العمارة في الطول على خطّ الاستواء يعرف عند المنجّمين بقبّة الأرض، والدائرة العظيمة الخارجة إليها من مسامتة القطب تسمّى نصف نهار القبّة، ومهما كانت الأرض على شكلها الطبيعي لم يستحقّ منها موضع دون موضع اسم القبّة إلّا أن يكون تشبيها من جهة تساوي بعد نهايتي العمارة عنها في جهتي الشرق والغرب كتساوي أبعاد الذيول من رأس الخيمة أو القبّة ولكن الهند لا يستعملون فيها لفظا يقتضي في لغتنا معنى القبّة وإنّما يزعمون أنّ لنك «1» فيما بين نهايتي المعمورة عديم العرض وهو الذي تحصّن فيه «راون» الشيطان حين اختطف امرأة «رام بن دشرت» وحصنه الملتوى يسمّى «ثنكت برد» «2» وهو الذي يسمّى في ديارنا «جاون كث» وربّما نسب إلى «رومية» وأعني به هذا الذي صورته: وإنّ «رام» عبر البحر إليه بأنّ سدّه مائة «جوزن» بجبل في موضع سمّي «سيت بند» أي قنطرة البحر وهو عن شرق «سرنديب» وقاتله وقتله وقتل أخوه أخاه على ما هو موصوف في قصّة «رام» وراماين» ثمّ قطع السدّ بالرشق في عشرة مواضع،

فيزعمون أنّ «لنك» «1» قلعة الشياطين وارتفاعها عن الأرض ثلاثون جوزنا يكون ذلك ثمانين فرسخا وطولها من الشرق إلى الغرب مائة «جوزن» وعرضها من الشمال الى الجنوب مثل ارتفاعها، وبسببها وبسبب جزيرة «بروامخ» يتشاءمون بجهة الجنوب ولا يعملون فيها شيئا من أعمال البرّ ولا يخطون فيها خطوة نحوها وإنّما يجعلونها لأعمال الشرّ؛ وعلى الخطّ الذي عليه الحسابات النجوميّة فيما بين «لنك» «2» وبين «ميرو» على السمت المستقيم مدينة «أوجين» «3» في حدود «مالوا» ،

وقلعة «روهيتك» بالقرب من حدود المولتان وهي الآن خربة، ويمرّ على «كركيتر» وهي برّيّة «تانيشر» في واسطة ممالكهم وعلى نهر «جمن» الذي عليه بلد «ماهوره» وعلى «هممنت» الجبال التي تدوم الثلوج عليها وخروج أنهارهم منها، ووراء ذلك جبل ميرو ومدينة اوجين» «1» وهي التي تذكر في جداول البلدان «ازين» على البحر وإنّما بينها وبين الساحل قريب من مائة جوزن، وليس أيضا كما ظنّه من لا يميز من منجّمينا انّها على نصف الشبورقان التي هي من كور الجوزجان فإنّها شرقيّة عن هذه الكورة بأزمنة من معدّل النهار كثيرة، وإنما يختلط أمرها عند من يخلّط الآراء المختلفة في مبادئ طول المعمورة في جهتي المشرق والمغرب ولا يهتدي لتمييزها؛ ولم يخبرنا أحد ممّن جال البحر حول الموضع المشار إليه لهذه القلعة وسافر على سمته بخبر منها يطابق أخبارهم أو يشابهها حتى تصير بالسمع أقرب الى الإمكان، بل يخيّل إلىّ من اسم «لنك» «2» شيء آخر وهو أنّ القرنفل يسمّى «لونك» بسبب أنّه يجلب من أرض تسمّى لنك» والمتّفق عليه عند البحريّين أن المراكب تجهّز إليها ثمّ يحمل في القوارب ما اعدّ لها من الدنانير المغربيّة العتق ومن السلع كالفوط والملح وما جرى به الرسم ويصبّ في الساحل على أنطاع مكتوب عليها اسماء أربابها ويتنحّى عنها نحو المراكب فإذا كان كالغد وجد القرنفل على الأنطاع بدل الأثمان بحسب سعته عندهم بالكثرة وضيقه بالقلة، فيقال: إنّ هذه المبايعة مع الجنّ ويقال مع اناس متوحّشين؛ ويعتقد الهند المقاربون لتلك البقاع في الجدريّ أنّها ريح تنزعج من جزيرة لنك نحو البلاد لاستلاب الأرواح، وحكى أنّ منهم من ينذر بانزعاجها قبل كونه ثمّ يوقّت بلوغها بقعة بعد بقعة، وإذا ظهر الجدريّ عرفوا بعلامات لها كيفيّتها أسليمة هي أم مهلكة واحتالوا للمهلكة حتى تفسد عضوا واحدا بدل الروح ويتداوون منها بالقرنفل سقيا

مع برادة الذهب وشدّ الذكران القرنفل الشبيه بنوى التمر على الأعناق حتى أنّه لا يخرج من عشرة منها إلّا واحدة، فيخطر بالبال أنّ لنك الذي يذكره الهند وإن لم يكن على صفاتهم هو هناك، ثمّ لا يسلك إليه فإنّه يقال: إنّه إن تخلف من التجار في هذه الجزيرة أحد لم يوجد له بعد ذلك أثر، وممّا يقوّى الظن أنه ذكر في كتاب «رام وراماين» أنّ وراء السند المذكور قوما يأكلون الناس، ثمّ من المعلوم عند أهل البحر أنّ سبب توحّش أهل جزيرة «لنكبالوس» هو أكلهم الناس.

لا- في فصل ما بين الممالك الذي نسميه «فصل ما بين الطولين»

لا- في فصل ما بين الممالك الذي نسمّيه «فصل ما بين الطولين» إنّ من يحوم حول التحقيق في هذا الباب فإنّه يقصد ما بين فلكي نصفي نهاري البلدين، أمّا أصحابنا فإنّهم يأخذون الأزمان وهي تكون من معدّل النهار ويشابهها ما بين الدائرتين المذكورتين من مدار احد البلدين ويسمّونها «فصل ما بين الطولين» لأنّهم يأخذون طول كلّ بلد بعده في مداره عن الدائرة العظمى المارّة بقطب معدّل النهار المختارة على نهاية العمران والاختيار منهما بالغربيّة، وسواء أخذت هذه الأزمان على أنّ الدور ثلاث مائة وستّون أو أخذت على أنّه ستّون ليكون دقائق الأيّام أو أخذت فراسخ أو جوزنات بحسب ما لكلّ الدائرة؛ وللهند في ذلك أعمال لم يستقرّ ما عندنا فيه على امر واحد بل اختلفت، وعلى اختلافها فالظاهر من حالها أنّها منحرفة عن الصواب، وكما انّا نحفظ لكلّ بلد طوله كذلك هم يحفظون له جوزن بعده عن نصف نهار مدينة «اوجين» غربيّة تستحقّ الزيادة أو شرقيّة تستحقّ النقصان ويسمّونها «ديشنتر» أي فصل ما بين الممالك ويضربونها في مسير الكوكب بالوسط ليوم ويقسمون المبلغ على 4800 فيخرج ما يخصّ تلك الجوزنات من مسير الكوكب اعني ما يجب أن يزاد على وسطه الخارج لنصف نهار اوجين أو ليله حتى يتحوّل منه الى البلد المقصود، فأمّا العدد الذي يقسمون عليه فهو جوزن دور الأرض لأنّ نسبة ما بين فلكي نصفي نهاري البلدين من المسافة الى مسافة دور الأرض كلّه كنسبة ما يسير الكوكب فيما بين البلدين

بالوسط الى ما يسيره في كلّ الدورة اليوميّة حول الأرض، ومتى كان الدور 4800 كان القطر قريبا من 1527 على أنّه عند «بلس» 1600 وعند «برهمكوبت» 1581 بالجوزنات اعني كلّ واحد منها ثمانية اميال وهو في زيج الاركند 1050، لكنّ هذا العدد في حكايات ابن طارق هو لنصف قطر الأرض والقطر كلّه 2100 على أنّ الواحد منها أربعة أميال ودورها 6596 وتسعة أخماس اخماس، فأمّا برهمكوبت فإنّه استعمل عدد 4800 في زيج «كندكاتك» وأمّا في تصحيحه فإنّه استعمل دور الأرض المقوّم بدله موافقا لبلس، وتقويمه ان يضرب جوزن دور الأرض في جيب تمام عرض البلد ويقسم المبلغ على الجيب كلّه فيخرج دور الأرض المقوّم وذلك جوزن مدار البلد وربّما سمّى «طوق المدار» ، ومن أجل هذا ربّما يسبق الى الوهم انّ 4800 هو دور الأرض المقوّم لمدينة «اوجين» لكنّا اذا اعتبرناه خرج عرضه ستّة عشر جزءا وربع جزء وليس عرض اوجين كذلك فإنّما هو أربعة وعشرون جزءا، وذهب صاحب زيج «كرن تلك» في هذا التقويم الى ضرب قطر الأرض في اثني عشر وقسمة المجتمع على ظلّ الاستواء في البلد ونسبة المقياس الى هذا الظلّ كنسبة نصف قطر مدار البلد الى جيب عرض البلد لا الى الجيب كلّه، وإنّما ذهب صاحب هذا العمل الى تكافىء النسبة التي يسمّيها الهند «بيستت راشيك» وتفسيره المواضع بالتراجع، ومثالهم فيه أنّه إذا كان أجرة «1» الزانية وهي ابنة خمس عشرة مثلا عشرة دراهم فكم يكون إذا صارت ابنة اربعين؟ وطريقه أن يضرب الأوّل في الثاني ويقسم ما بلغ على الثالث فيخرج الرابع أجرتها عند الاكتهال ثلاثة دراهم ونصف وربع، كذلك هو لمّا وجد ظلّ الاستواء متزايدا على ازدياد العروض وقطر المدار متناقصا ظنّ انّ بين هذا التزايد والتناقص تناسبا ولذلك وضع تناقص قطر المدار عن قطر الأرض بحسب زيادة ظلّ الاستواء ثمّ استخرج الدور المقوّم من القطر المقوّم فإن استخرج ما بين البلدين في الطول

برصد كسوف قمريّ وعرف ما بين وقته في البلدين من دقائق الأيّام ضربها «بلس» في دور الأرض وقسم المبلغ على ستّين التي هي دقائق الدور اليوميّة فيخرج جوزن ما بين البلدين وهو صحيح ولكنّه يخرج ما يخرج في الدائرة العظمى التي عليها «لنك» «1» ، وكذلك يفعل «برهمكوبت» فيضرب في 4800 وقد تقدّم ذكره: وقد علم الى هذا الموضع قصدهم وأغراضهم صحّ عملهم فيه أو سقم، فأمّا استخراج «ديشنتر» من عرضي البلدين فقد ذكره الفزاريّ في زيجه وهو أن يجمع مربّعا جيبي عرضي البلدين ويؤخذ جذر المبلغ فتكون الحصّة ثمّ يربّع فضل ما بين هذين الجيبين ويزاد على الحصّة ويضرب الجملة في ثمانية ويقسم المجتمع على 377 فيخرج المسافة الجليلة بينهما ثم يضرب فضل ما بين العرضين في جوزنات دور الأرض ويقسم المبلغ على ثلاث مائة وستّين، ومعلوم أنّ هذا هو تحويل ما بين العرضين من مقدار الدرج والدقائق الى مقدار الجوزن، قال: وينقص مربّع ما يخرج من مربّع المسافة الجليلة ويؤخذ جذر الباقي فيكون الجوزنات المستقيمة، وظاهر أنّها ما بين نصفي نهاري البلدين في المدار ويعلم منه انّ الجليلة هي مسافة ما بين البلدين، ويوجد هذا العمل في زيجات الهند موافقا لما قصصنا إلّا في شيء واحد وهو أنّ الحصّة المذكورة هي جذر فضل ما بين مربّعي جيبي العرضين لا مجموعهما، وكيف ما كان العمل فإنّه منحرف عن الصواب وقد استوفيناه في عدّة كتب لنا قصرت على هذا المعنى ويعلم منها أنّ بمجرّد العرضين لا يعرف مسافة ما بين البلدين ولا طول ما بينهما إلّا أن يكون أحد هذين معلوما فيعلم منه ومن العرضين ذاك الآخر ووجد على مثال هذا العمل غير مسند الى صاحبه أنّه إن ضرب جوزن ما بين المملكتين في تسعة وقسم المبلغ على ما بين واحد جذر فضل ما بين مربّعه وبين مربّع فضل ما بين العرضين وقسم على ستّة خرج دقائق أيّام ما بين الطولين، ومعلوم انّه يأخذ في الأوّل المسافة فيحوّلها الى

دور الدائرة ولكنّا ان عكسنا فحوّلنا اجزاء الدائرة العظمى بعمله الى جوزن خرج 3200 وذلك ناقص عمّا حكيناه عن الاركند بمائة جوزن لكنّ ضعفه وهو 6400 قريب ممّا ذكر ابن طارق لا يقصر عنه إلّا بقريب من مائتي جوزن. فلنقل الآن على ما صحّ عندنا من عروض بعض المواضع.. «1» والمتّفق عليه في زيجاتهم انّ الخطّ الواصل بين «لنك» وبين جبل «ميرو» ينصف العمران في الطول ويمرّ على مدينة «اوجين» وقلعة «روهيتك» ونهر «جمن» وبرّيّة «تانيشر» والجبال الباردة، ومن هذا الخطّ تؤخذ ابعاد المدن في الطول، لم أجد بينهم فيه خلافا سوى ما في كتاب «آرجبهد» الكسمبوريّ وهذا لفظه: الناس يقولون انّ «كرّكيتر» يعني برّيّة تانيشر على الخطّ المارّ من لنك الى ميرو على مدينة اوجين ويحكونه عن «بلس» ، وهو أفضل من ان يخفى عليه ذلك فإنّ اوقات الكسوف تكذّب ذلك، و «برت سوام» يزعم أنّ فضل ما بين الطولين فيه مائة وعشرون جوزنا، فهذا ما قاله آرجبهد؛ وأمّا يعقوب بن طارق فإنّه قال في «تركيب الأفلاك» : انّ عرض اوجين اربعة اجزاء وثلاثة أخماس، ولم يذكر لنا في الشمال هي ام في الجنوب، ثمّ حكى فيه عن الاركند انّه أربعة أجزاء وخمسا جزء، وأمّا نحن فوجدناه في الاركند في مثال لما بين اوجين وبين المنصورة وعبّر عنها ببرهمناباذ وهي «بمهنوا» ، أمّا عرض اوجين فاثنان «2» وعشرون «3» جزءا وتسع وعشرون «4» دقيقة وأمّا عرض المنصورة فأربعة وعشرون، جزءا ودقيقة، وذكر للوهانية وهي «لوهارني» ظلّ الاستواء انّه خمس اصابع وثلاثة أخماس اصبع، والمتّفق عليه في الزيجات من عرض اوجين انّه اربعة وعشرون جزءا تسامتها الشمس في المنقلب الصيفيّ؛ وذكر «بلبهدر» المفسّر انّ عرض «كنوج» كوله

وعرض «تانيشر» ل يب، وكان العالم أبو أحمد بن جيلغتكين «1» قاس عرض مدينة «كرلي» فوجده كح. وعرض تانيشر كز وبينهما على العرض ثلاث مراحل، ولست أعرف سبب الخلاف، وفي زيج «كرن سار» : انّ عرض «كشمير» لدط وظلّ الاستواء بها ح ز، وقد وجدت انا عرض قلعة «لوهور» لدى، ومنها الى قصبة كشمير ستّة وخمسون ميلا نصفها حزن ونصفها سهل، والذي امكنني رصده من العروض فإنّ «غزنه» لج له و «كابل» لج مز و «كندي» رباط الأمير لج نه و «دنبور» «2» لدكو «لمغان» لدمج و «برشاور» لد مد و «ويهند» لدل و «جيلم» لج ك وقلعة «نندنة» لب. وبينها وبين «مولتان» قريب من مائتي ميل و «سالكوت» لب نح و «مندككور» لان و «مولتان» كط م، ومتى كانت العروض معلومة والمسافات بينها مقدّرة امكن الوصول الى ما بينها في الطول على ما في الكتب التي احلنا عليها، ولم نجاوز هذه المواضع المذكورة في أرضهم ولا وقفنا على الأطوال والعروض من كتبهم، والله المعين على تحصيل المطالب!

لب- في ذكر المدة والزمان بالإطلاق وخلق العالم وفنائه

لب- في ذكر المدة والزمان بالإطلاق وخلق العالم وفنائه قد حكى محمّد بن زكريّاء عن أوائل اليونانيّين قدمة خمسة أشياء منها البارئ سبحانه ثمّ النفس الكلّيّة ثمّ الهيولى الأوّلة ثمّ المكان ثمّ الزمان المطلقان «1» وبنى هو على ذلك مذهبه الذي تأصّل عنه، وفرّق بين الزمان وبين المدّة بوقوع العدد على احدهما دون الآخر بسبب ما يلحق العدد به من التناهي كما جعل الفلاسفة الزمان مدّة لما له أوّل وآخر والدهر مدّة لما لا أوّل له ولا آخر، وذكر انّ الخمسة في هذا الوجود الموجود اضطراريّة فالمحسوس فيه هو الهيولى المتصوّرة بالتركيب وهي متمكّن فلا بدّ من مكان، واختلاف الأحوال عليه من لوازم الزمان فإنّ بعضها متقدّم وبعضها متأخّر وبالزمان يعرف القدم والحدث والأقدم والأحدث ومعا فلا بدّ منه، وفي الموجود احياء فلا بدّ من النفس، وفيهم عقلاء والصنعة على غاية الاتقان فلا بدّ من البارئ الحكيم العالم المتقن المصلح بغاية ما أمكن الفائض قوّة العقل للتخليص؛ ومن أصحاب النظر من جعل معنى الدهر والزمان واحدا وأوقع التناهي على الحركة العادّة لها، ومنهم من جعل السرمد للحركة المستديرة فلزمت المتحرّك بها لا محالة وحاز الشرف بالبقاء الدائم ثمّ ترقّى من المتحرّك الى محرّكه ومن المتحرّك المحرّك الى المحرّك الأوّل الذي لا

يتحرّك، وهذا بحث يدقّ جدّا ويغمض ولولا انّه كذلك لما صار المختلفون فيه في غاية التباعد حتى قال بعضهم: ان لا زمان اصلا، وقال بعض: انّه جوهر قائم بذاته، ويقول الاسكندر الافروذيسيّ: انّ «ارسطوطاليس» برهن في كتاب «السماع الطبيعيّ» انّ كلّ متحرّك فإنّما يتحرّك عن محرّك، ويقول «جالينوس» في وجهه: انّه لم يبيّنه فضلا ان يبرهنه؛ وأمّا الهند فكلامهم في هذا الباب نزر وغير محصّل، قال «براهمهر» في أوّل كتاب «سنكهت» عند ذكر ما له القدمة: قد قيل في الكتب العتيقة انّ أوّل شيء وأقدمه الظلمة التي ليست السواد وإنّما هي عدم كحال النائم ثمّ خلق الله هذا العالم لأجل «براهم» قبّة له وجعله قسمين أعلى وأسفل وأجرى فيه الشمس والقمر، وقال «كبل» لم يزل الله والعالم معه بجواهره وأجسامه لكنّه هو علّة للعالم ويستعلي بلطفه على كثافته، وقال «كنبهك» : انّ القديم هو «مهابوت» أي مجموع العناصر الخمسة، وقال غيره القدمة للزمان وقال بعضهم للطباع وزعم آخرون انّ المدبّر هو «كرم» أي العمل، وفي كتاب «بشن دهرم» انّ «بحر» قال لماركنديو: «1» بيّن لي الأزمنة، فأجابه بأنّ المدّة هي «آتم بورش» أي روحة وبورش صاحب الكلّ ثمّ اخذ يبيّن له الأزمنة الجزئيّة وأربابها على ما أوردنا كلّ واحد في بابه، والهند قسموا المدّة الى وقتي حركة قدّرت الزمان وسكون جاز ان يقدّر بالوهم على موازاة المقدّر الأوّل المتحرّك وصار دهر البارئ عندهم مقدّرا غير معدود لأجل انتفاء التناهي عنه على انّ توهّم مقدّر غير معدود عسر جدّا وبعيد، وسنذكر من أقاويلهم في هذا الباب بحسب معرفتنا ما يكون فيه كفاية؛ فأمّا ما يجري فيما بينهم من ذكر الخلق فهو عامّيّ لأنّا قد حكينا رأيهم في قدم المادّة فليسوا يعنون بالخلق ابداعا من لا شيء وإنّما يعنون به الصنعة في الطينة وإحداث تأليفات فيها وصور وتدابير مؤدّية الى مقاصد فيها وأغراض ولذلك يضيفون الخلق الى الملائكة والجنّ بل الإنس إمّا قضاء لحقّ منعم وإمّا تشفّيا

بسبب الحسد والتنافس كقولهم: انّ «بسفامتر» الرش خلق الجواميس ليتوسّع الناس بمرافقها، وهذا كقول «افلاطن» في «طيماوس» : الطي اي «1» الآلهة الذين تولّوا خلق الإنسان لمّا امرهم أبوهم أخذوا نفسا غير مائيّة فجعلوها ابتداء ثمّ خرطوا عليها بدنا مائيّا، وها هنا مدّة يسمّيها اصحابنا «سنى العالم» على مذهب الهند، فيظنّ منها انّ الخلق والفناء على طرفيها على وجه الإبداع، وليس موضوع القوم ذلك وإنّما هو «2» نهار «براهم» ويتلوه مثلها ليل له لأنّ «3» براهم موكّل بالإنشاء، والنشوء حركة في الناشىء من غيره وأظهر اسبابها المحرّكات العلويّة اعني الكواكب، ولن تكون هي فيما تحتها مؤثّرة تأثيرات معتدلة الّا مع تحرّكها وتبدّل اشكالها في كلّ جهة، وذلك مقصور على نهار براهم لأنّ الكواكب عندهم فيه سائرة وأفلاكها دائرة على النظام المقدّر لها والنشوء لذلك دائم على وجه الأرض، وفي ليل براهم تسكن الأفلاك عن «4» حركاتها وتستقرّ الكواكب كلّها في موضع واحد بأوجاتها وجوزهراتها وتصير الأحوال الأرضيّة لذلك حالة واحدة لا تختلف، فيبطل النشوء بسكون المنشئ وتعطّل الفعل والانفعال وتستريح العناصر عن الاستحالات والممازجات استراحتها الآن في ... «5» وتستعدّ بخلوصها للأكوان المستأنفة «6» في النهار المستقبل، ويدور الأمر على ذلك مدّة عمر «براهم» كما سنحكيه في موضعه؛ فالخلق وفناؤه عندهم إنّما يقع من هذا الوجه على وجه الأرض من غير ان يحصل بالخلق في الموجودات وجود طينة لم تكن ولا عند الفناء عدم طينة قد كانت، وأنّى يكون عندهم إبداع وقد قالوا بقدم

المادّة، وعبّروا لعوامّهم عن المدّتين المذكورتين بيقظة براهم ورقدته، ولا يستنكر لفظهم لوقوعه على ذي أوّل وآخر في مدّته، وجملة عمر براهم على تناوب الحركة والسكون في العالم فيه تحسب للوجود لا للعدم من جهة حصول الطينة فيها بل الصورة ايضا معها، وعمر براهم كلّه نهار لم يعله «1» ، فإذا مات انحلّت المركّبات في ليله وتعطّل ما الى الطبيعة حفظه لتلاشيها، وتلك راحة «بورش» ومراكبه، وقد اتّبع عوامّهم ليل بورش بليل براهم في الصفة، ولأنّ بورش اسم الرجل الحقوا به النوم واليقظة ووضعوا للفناء من نومه غطيطا ينقصف به كلّ متّصل وعرق جبين يغرق فيه كلّ قائم، وأمثال ذلك ممّا تحيله العقول وتمجّه الآذان، ولذلك لم يشاركهم فيه خواصّهم علما منهم بحقيقة النوم وأنّ البدن المركّب من الأخلاط المتضادّة يحتاج اليه للراحة وعود كلّ محتاج الى مكانه الطبيعيّ كاحتياجه لأجل التحلّل الدائم الى الأكل لاعادة المنحلّ ولأجل تفانيه الى الجماع لإبقاء النوع بالبدل وسائر الشرور التي نضطرّ اليها ممّا يستغنى عنه الجواهر البسيطة ومن فوقها الذي ليس كمثله شيء؛ وزعموا أيضا في الفناء وفساد العالم أنّه باجتماع الشموس الاثنتي «2» عشرة التي تتناوب الآن في الشهور وإلحاحها على الأرض بالإحراق والتكليس ونشف الرطوبات والتيبيس ثمّ اجتماع انواع الأمطار الأربعة التي تتناوب الآن في الفصول حتى يجذبها المتكلّس بالسوق الى نفسه وينحلّ به ثمّ زوال النور وتسلّط الظلمة والعدم حتى يتهبّى ويتفرّق؛ وفي «مج بران» : انّ النار المحرقة للعالم خرجت من الماء وسكنت جبل «مهش» في «كش ديب» الى وقتئذ وسمّيت باسم ذلك الجبل؛ وفي «بشن بران» انّ «مهرلوك» فوق القطب وأنّ مدّة المقام فيه «كلب» لأنّ اللوكات الثلاثة إذا احترقت أذى من فيه الحرّ والدخان فارتفعوا وانتقلوا الى «جن لوك» وفيه أبناء براهم السابقون «3»

للخلق وهم «سنك وسنند وسنندناد واسر وكبل وبود «1» وبنج شك» ؛ ومعلوم من ضمن هذه الحكايات انّ هذا الفناء في آخر كلب، ورأي أبي معشر في الطوفان عند اجتماع الكواكب مقتبس منها لأنّ هذا الشكل لها كائن في آخر كلّ «جترجوك «2» » وفي أوّل كلّ «كلجوك» وإن لم يكن على غاية الكمال فلا جرم انّ الطوفان لا يكون ايضا لتمام الإبادة والإهلاك، وكلّما امعنّا في الأبواب ازدادت هذه المعاني انفتاحا وهذه الأسامي والألفاظ اتّضاحا وانشراحا، وحكى الإيرانشهريّ عن الشمنيّة ما يشابه هذه الخرافات انّ في جهات جبل «ميرو» اربعة عوالم تتناوبها العمارة والخراب، فخرابه يكون بتسلّط النار عليه عند طلوع شمس بعد شمس الى تمام سبع ييبس ماء العيون ويتمكّن النار المضطرمة من دخوله، وعمارته بخروجها عنه الى آخر، وإذا خرجت قوى الريح فيه وحملت السحاب وأمطرته حتى يصير بحرا ويتولّد من زبده صدف يتّصل بها الأرواح ويكون منها الناس عند نضوب الماء، وإنّ منهم من يرى أنّه يقع في ذلك العالم انسان من العالم الآخر ويستوحش فيه من وحدته ويتكوّن له زوج من فكرته ويبتدئ النسل منهما.

لج- في أصناف اليوم ونهاره وليله

لج- في أصناف اليوم ونهاره وليله «اليوم» في العرف والعادة عندنا وعند الهند وغيرهم هو مدّة ما بين مفارقة الشمس نصف دائرة عظيمة الى عودها بحركة الكلّ الى ذلك النصف منها بعينه، واليوم ينقسم للعيان الى «نهار» هو مدّة كون الشمس ظاهرة لأهل مسكن على الأرض مفروض وإلى «ليل» هو مدّة كونها غائبة عنهم، والظهور والغيبة لا يكونان إلّا بالاضافة الى الأفق، ومعلوم أنّ أفق خطّ الاستواء ويسمّيه الهند «المملكة التي لا عرض لها» يقطع المدارات الموازية لمعدّل النهار بنصفين فلذلك يستوي فيها النهار والليل ابدا، وأنّ الآفاق التي تقاطع المدارات من غير ان تمرّ على قطبها تقسم الصغرى منها بقسمين غير متساويين فيختلف النهار لذلك وليله في مساكنها إلّا في وقتي الاعتدالين فإنّهما يعمّان جميع الأرض ما خلا «ميرو» و «بروامخ» في استواء النهار بها مع ليله حتى يشارك مساكنها حينئذ مساكن خطّ الاستواء ثمّ يباينها في غيرهما: ومبدأ النهار هو طلوع الشمس من الأفق ومبدأ الليل هو غروبها فيه، والنهار عند الهند مقدّم على ليله وهو الذي يتلوه، ولهذا سمّوه «سابن» أي يوما طلوعيّا وسمّوه ايضا «منوش هوراتر» أي يوم الناس لأنّ جمهورهم لا يعرفون غيره، وإذا علم هذا اليوم جعلناه أصلا لما عداه ومعيارا في تقدير ما سواه وقلنا: انّ الذي يتلو يوم الناس هو «بترين هوراتر» أي يوم الآباء الأقدمين لاعتقادهم في أرواحهم أنّها في فلك القمر، وهذا يوم يحصل

نهاره وليله بالنور والظلام دون الظهور والغيبة اللذين بحسب الآفاق، وذلك انّ ضوء القمر اذا كان في أعاليه نحوهم كان ذلك نهارا لهم وإذا كان الضوء في أسافله كان ليلا لهم، وظاهر انّ نصف نهارهم يكون وقت الاجتماع ونصف ليلهم هو الاستقبال، فيومهم اذن هو الشهر القمريّ كلّه ومبدأ النهار فيه هو منتصف الضوء في جرمه زائدا ومبدأ الليل هو منتصف الضوء في جرمه ناقصا، وذلك على سبيل الوجوب من نصفي النهار والليل وعلى سبيل التشبيه فإنّ انتصاف الضوء في القمر مماثل لطلوع نصف قرص الشمس من الأفق وغروب نصفه فيه، فنهار الآباء اذن هو من التربيع الأخير في الشهر الى التربيع الأوّل في الشهر الذي يتلوه وليلهم من التربيع الأوّل الى التربيع الثاني في الشهر الواحد بعينه ومجموعهما هو يومهم، وهكذا ذكره صاحب «بشن دهرم» جملة وتفصيلا وتحديدا ثمّ عاد بقلّة التحصيل فجعل نهار الآباء النصف الأسود من الشهر وهو من الاستقبال الى الاجتماع والنصف الآخر الأبيض ليلهم، والصواب في الموضوع هو ما تقدّم، وحتى انّ في موضوعهم التصدّق على الآباء يوم الاجتماع وصرّحوا بأنّ نصف النهار هو وقت التغذّي ولأجل ذلك تصل الصدقة اليهم في وقت اغتذائهم؛ ويتلو يوم الآباء «دبّ هوراتر» وهو يوم الملائكة، ومعلوم ان افق غاية العروض التي هي تسعون جزءا عند مسامتة القطب الرأس هو معدّل النهار بالتقريب لأنّه اسفل قليلا من الأفق الحسّيّ لموضع جبل «ميرو» من الأرض فأمّا لقلّته وما بينها وبين سفحه فيمكن ان يكون معدّل النهار نفسه وأن يسفل الأفق الحسّيّ عنه، وظاهر انّ منطقة البروج تنتصف بتقاطعها «1» مع معدّل النهار فيقع نصفها فوق الأفق ونصفها تحته فما دامت الشمس في البروج الشماليّة الميل فإنّها تدور دورا رحاويّا لأجل موازاة المدارات اليوميّة الأفق كالمقنطرات، أمّا على من تحت القطب الشماليّ فظاهره فوق الأفق ولذلك يكون نهارا له، وأمّا على من تحت القطب الجنوبيّ فخفيّة تحت الأفق

ولذلك يكون ليلا له، فإذا انتقلت الشمس الى البروج الجنوبيّة دارت رحاويّة تحت الأفق فكان ليلا لمن تحت القطب الشماليّ ونهارا لمن تحت القطب الجنوبيّ، وتحت كلى القطبين مساكن «ديبك» أي الروحانيّين فنسب اليوم اليهم، قال «آرجبهد» الكسمبوريّ «1» : انّ «ديو» يرون نصف سنة الشمس و «دانب» يرون نصفها الآخر و «بترين» يرون نصف شهر القمر والناس يرون نصف الآخر، فقد اشتملت دورة الشمس في فلك البروج على نهار وليل لكلّ واحد من ديو ودانب ومجموعهما يوم، فسنتنا اذن هي يوم «دب» وليس نهاره بمسا ولليله من جهة انّ الشمس تبطئ في النصف الشماليّ الميل حوالي اوجها فيكون النهار اوفر مقدارا، وليس يكافئه ما بين الأفق الحسّيّ وبين الأفق الحقيقيّ من التفاوت فإنّه في كرة الشمس غير محسوس به، وأيضا فإنّ سكّان ذلك الموضع عندهم مرتفعون عن وجه الأرض لأنّهم في جبل «ميرو» ، والمعتقد لهذا الرأي يعتقد في علوّ هذا الجبل ما هو مذكور في موضعه وذلك العلوّ يوجب للأفق مقدارا من الانحطاط يتضاعف به زيادة النهار على الليل، ولولا انه خبر شرعيّ وغير متّفق عليه مع ذلك لاشتغلنا باستخراج ذلك المقدار الذي لا فائدة فيه: ومن عوامّ الهند من سمع ذكر النهار لهذا اليوم في الشمال والليل في الجنوب مع استعماله قسمي السنة بنصفي فلك البروج الصاعد من المنقلب الشتويّ منسوبا الى الشمال والهابط من المنقلب الصيفيّ منسوبا الى الجنوب فجعل نهار هذا اليوم في النصف الصاعد وليله في النصف الهابط وخلده في الكتب، ومثل صاحب «بشن دهرم» فإنّه قال: انّ النصف الذي أوّله الجدي وهو نهار «آسر» وهم «دانب» وأوّل ليلهم برج السرطان بعد ان قال: انّ النصف الذي من اوّل الحمل نهار «ديو» ولم يفطن لأنّه لا يعرض عند القطبين سوى التبادل، لكنّ تحقيق العارف بالقصّة العالم بالهيئة يكون بمعزل عن هذه القضيّة، ويتلو يوم «دب براهم هوراتر» وهو يوم براهم،

وليس بمأخوذ من نور وظلام ولا من ظهور واكتتام وإنّما هو من موجب الطبيعة في المطبوعات بالحركة والسكون في النهار والليل، ومقدار يوم براهم من سنينا 8640000000 نصفه نهار يكون فيه الأثير «1» بما فيه متحرّكا والأرض عامرة وتصاريف الكون والفساد على وجهها مستمرّة ونصفه ليل يكون الأمر فيه بخلاف ما في النهار والأرض غير متغيّرة لسكون المغيّرات وبطلان المحرّكات على مثال استراحة المطبوع بالليل وفي الشتاء وتجمّعه مستعدا للكون الجديد بالنهار وفي الصيف. وكلّ واحد من نهار براهم وليله «كلب» وهو الذي يسمّيه اصحابنا «سنى السند هند» وبعد هذا اليوم «بورش هوراتر» أي يوم النفس الكلّيّة ويسمّى «مها كلب» أي الكلب الأعظم فأمّا هم فلا يضعونه إلّا تقديرا للمدّة بما يقوم مقام الوقت من غير ان يفصّلوه بنهار أو ليل، ويتخيّل منه انّ نهاره هو مدّة تعلّق النفس بالهيولي وليله مدّة انفصالهما وجمام الأرواح وأنّ الحال الموجب لها التعلّق والاتّصال عائد عند تمام هذا اليوم، وفي كتاب «بشن دهرم» : أنّ عمر «براهم» هو نهار «بورش» ومثله ليله، وقد اتّفقوا في عمر «براهم» على مائة سنة من سنيه، وتركيب السنين عندهم من تضاعيف الثلاث مائة والستّين، وقد تقدّم مقدار يوم براهم، فسنته بسنينا 3110400000000 ومائة سنة له بسنينا مثل ذلك بزيادة صفرين حتى يكون جملتها عشرة اصفار وذلك نهار «بورش» ويومه ضعف ذلك وهو 622080000000000، وفي «بلس سدّهاند» : انّ عمر براهم هو نهار بورش لكنّه ذكر ان نهار بورش هو «برارد كلبي» ، وقد قالوا أيضا: انّ برارد كلبي هو نهار «كأ» اي النقطة عنوا بها العلّة الأولى العالية على جميع الموجودات، وذلك «كلب» موضوع في المرتبة الثامنة عشر من مراتب الحساب، فإنّ هذا

اسمها وتفسيره نصف السماء فضعف ما فيها يكون كلّ السماء فضعف ما فيها يكون كلّ السماء وهو اليوم كلّه، فيوم كأ اذن هو 864 بعد اربعة وعشرين صفرا عن اليمين حتى يكون بسنينا، وهو اولى ان يكون للتوقيت دون تركيب العدد لأنّه لا محالة مأخوذ من التركيب والتحليل والايجاد والإعدام.

لد- في ما يقصر عن اليوم من أجزائه المتصاغرة

لد- في ما يقصر عن اليوم من أجزائه المتصاغرة هذه الأجزاء من أجل انّهم يتعسّفون في تدقيقها مختلف عندهم فيها اختلافا لا الى حدّ، فلا تكاد تطالعها من كتابين أو تسمعها من نفرين على حال واحدة، فمنها انّ اليوم ينقسم الى ستّين دقيقة يسمّى كلّ واحدة منها «كهري» ، وقد ذكر في كتاب «سروذو» الذي لأوبل الكشميريّ: انّه اذا حفرت خشبة حفرا اسطوانيّا يكون قطر حفرها المستدير اثني «1» عشر اصبعا وسمكه ستّة اصابع وسع ثلاثة امناء من الماء، فإن ثقب في اسفلها ثقة تسع ستّ شعرات مفتولة من شعر شابّة من النساء لا عجوز ولا صبيّة خرج الثلاثة الأمناء ماء منها في مدّة «كهري» واحد؛ ثمّ انّ كلّ دقيقة من اليوم تنقسم لستّين ثانية تسمّى كلّ واحدة منها «جشك» أو «جكك» وتسمّى ايضا «بكهتك» ، وكلّ واحدة من هذه الثواني تنقسم لستّة اقسام يسمّى كلّ واحد منها «بران» أي نفس، وفي كتاب «سروذو» المذكور من تحديده: انّه نفس نائم قد رقد على حال اعتدل غير مريض ولا حاقن ولا جائع ولا ممتلئ ولا مشغول الفكرة بهمّ أو وجل، وذلك لأنّ الأعراض النفسانيّة التي من رغبة أو رهبة والجسدانيّة التي من خوى او امتلاء أو عارض مفسد للمزاج المحمود تغيّر نفس النائم، وسواء اخذ مقدار بران كما ذكرنا او أخذ في كلّ كهري ثلاث مائة

وستّين أو أخذ في كلّ درجة من درجات الفلك ستّين، وإلى هذا الموضع لا يختلفون في معنى وإن اختلفوا في الأسماء فإنّ «برهمكوبت» سمّى الثواني التي هي جشك «بناري» ، وكذلك سمّاها «آرجبهد» الكسمبوريّ لكنّه سمّى دقائق اليوم ايضا «بناري» وكلاهما «1» لم ينحطّا عن بران الموازية لدقائق الفلك، فإنّ «بلس» يقول: انّ دقائق الفلك التي هي 21600 مشابهة لأنفاس «2» الانس المتوسّطة في وقتي الاعتدالين وعلى حال الصحّة فيدور من الفلك دقيقة ويمضي من الزمان مدّة نفس؛ ومنهم من وسّط فيما بين الدقائق وبين الثواني مقدارا سمّاه «كشن» وهو ربع دقيقة، وجعل كلّ واحد منه خمسة عشر قسما سمّى كلّ واحد «كل» وهو سدس عشر الدقيقة الذي هو «جشه» إلّا انه سمّى كل، وفي اسافل هذه القسمة ثلاثة أسام «3» لم يختلف في ترتيبها، فأعلاها «نميش» وهو مدّة انفتاح العين طبعا فيما بين الطرفتين، وأوسطها «لب» ، وأسفلها «توتي» وهو فرقعة السبّابة من باطن الإبهام عند إعجابهم بشيء واستحسانهم إياه فأما النسبة بينها فمتفاوتة جدّا لأنّ كثيرا منهم يزعمون أنّ كلّ اثنين من توتي هو لب وكلّ اثنين من لب نميش، ثمّ في عدد نميش الذي نجعله لما فوقه نوعا يختلفون فمنهم من يجعله خمسة عشر، ومنهم من يجعله ثلاثين، ومنهم من يجعل اعداد هذه الأسامي الثلاثة كلّ واحد ثمانية، وكذلك هي في «سروذو» واليه ذهب «شمّى» وهو من محصّلي منجّميهم، وزاد في الدّقة زاعما ان اسفل توتي اسم آخر وهو «انّ» وكلّ ثمانية منه توتي واحد، فأمّا فوق نميش فهو «كاشت «4» » ، و «كل» ، امّا كل فقد قلنا: انّ بعضهم سمّى جشه به وجعله ثلاثين كاشت «4» وكلّ كاشت «4» خمسة عشر نميش وكل نميش اثنين من لب وكلّ لب اثنين من توتي، ومنهم من

جعل «كل» جزءا من ستّة عشر من دقيقة اليوم وكلّ واحد منه ثلاثين «كاشت» «1» وكلّ كاشت «1» ثلاثين من «نميش» وما تحته كما قلنا، وبعض جعل كلّ «جشه» ستّ نميش وكلّ نميش ثلاثة «لب» ، وانقضى حديثه «2» : وفي «باج بران» : انّ كلّ «مهورت» ثلاثون «3» «كل» وكلّ كل ثلاثون «3» كاشت «1» وكلّ كاشت «1» خمسة عشر نميش، ولم ينحطّ الى ما دونه، وليس الى تحقيق هذا المعنى سبيل، فالأجود ان نأخذ فيه بما ذهب اليه «اوبل» و «شمّى» من انقسام ما تحت «بران» بالأثمان فيكون في كلّ بران ثمانية نميش وفي كلّ نميش ثمانية لب وفي كلّ لب ثمانية «توتي» وفي كلّ توتي ثمانية «انّ» كما في هذا الجدول: واليوم ايضا يقسم قسمة عاميّة لثمانية «برهر» اي نوب في الحراسة وفي بعض بلادهم بنكانات على الكهري مسوّاة يرصد بها مياه النوب الثمان، فإذا مصت نوبة وكهرياتها «4» سبعة «5» ونصف ضربوا بالطبل أو نفخوا في الحلزون الملتوي الذي

يسمّونه «شنك» وبالفارسيّة «سبيد مهره» ؛ ورأيت ذلك ببلد «برشور» ، وعليها وعلى القوام بها اوقات وجرايات؛ واليوم ايضا يقسم لثلاثين مهورتا وأمرها مشتبه فمرّة يظنّ بها انّها متساوية في التقدير اذا اضافوها الى الكهري وقالوا: كلّ كهريين فهو «مهورت» او إلى النوب فقالوا: كلّ «نوبة» فهي ثلاثة مهورت وثلاثة أرباع، وبذلك يجري امرها على مجاري الساعات المستوية، لكنّ عدد هذه الساعات يختلف في نهار كلّ مدار ذي ميل وليله فلذلك يظنّ بمهورت انّ مقداره في النهار غير مقداره في الليل، ثمّ اذا عدّوا اربابها انقلب الظنّ فإنهم في كلّ واحد من النهار والليل يجعلونها خمسة عشر، وبذلك يجري امرها على مجاري الساعات المعوجّة الزمانيّة، ويؤكّد ذلك عمل لهم في معرفة مهورت من اصابع ظلّ الشخص في الوقت اذا القى منه اصابع ظلّ نصف النهار وأدخل الباقي في الجدول الأوسط الذي نقلناه من شعرهم: بل يصرّح مفسّر «سدّهاند بلس» بهذا الرأي الأخير وينكر على من يطلق القول في مقدار «مهورت» : انّه كهريان، زاعما انّ عدد «كهري» النهار يختلف في السنة وعدد مهورت لا يختلف، وإن كان يكذّب نفسه في تعليل مقدار مهورت، وإنّه انّما جعل سبع مائة وعشرين برانا لأنّ النفس مركّب من «آبان» وهو جذب الهواء ومن «بران» وهو إرساله، ويسمّيان ايضا «نشاس» و «اوشاس» ، لكنّ احدهما اذا ذكر تضمّن «1» الآخر كالليالي في ذكر الأيّام اذا ذكرت، فهو هو

ثلاث مائة وستّون جذبا ومثلها ارسالا، ولهذا اقتصر في مقدار كهري بأحد النوعين فجعل ثلاث مائة «1» وستّين نفسا مطلقا، ومتى كان مهورت مقدّرا بالأنفاس كان على معايير كهري والساعات المستوية، لكنّه يأبى ذلك ويخاصم مخالفيه الذين يزعمون ان مهورت انّما يكون للنهار خمسة عشر اذا كان العادّ لها على خطّ الاستواء او كان في وقتي الاستوائين على غير خطّ الاستواء بأنّ «ابجتي» يقع على نصف النهار وابتداء النصف الآخر فلو كان عدد مهورت في النهار مختلفا لكان عددها للاسم المذكور لنصف النهار مختلفا، وقد قال «بياس» في مولد «جذشتر» : انّه كان في النصف الأبيض نصف النهار في مهورت الثامن، فإن ظنّ الخصم من ذلك انّه كان يوم الاعتدال فقد قال فيه «ماركنديو» : انّه كان على تمام البدر من شهر «جيرت» ، وهذا عن وقت الاعتدال بعيد، وقال بياس ايضا في مولد «باسديو» أنّه كان في «آبجتي» عند مضيّ شباب الليل وانتصافه في ثامن النصف الأسود من شهر «بهادربت» «2» وذلك أيضا بعيد عن وقت الاعتدال: وقال «بسشت» : ان في آبجتي قتل «باسديو» «ششبال» ابن اخت «كنس» ، وزعموا في قصّته انّه كان ولد بأربع أيد ونوديت أمّه من العلو «ان قاتله من اذا مسّه سقطت يداه الزائدتان» فأخذوا يضعونه في حجر كلّ من حضر فلمّا مسّه باسديو سقطت يداه كما قيل، فقالت له الخالة: انت لا شكّ قاتل ولدي، قال باسديو وهو في عدد الصبيان: لست فاعلا ذلك الّا ان يستحقّه بجرم يتعمّده ولا اؤاخذه الّا بعد ان يتجاوز سيّئاته عشرا، وبعد زمان كان «جذشتر» في عمل قربان للنار وقد حضره كلّ مذكور فاستشار «بياس» في ترتيب الحاضرين وما يستحق المقدّم عندهم من تقريب الماء والورد في طست اليه، فأشار بتقديم باسديو وكان ابن خالته حاضرا فأخذ في العربدة وأنّه احقّ بالإكرام من باسديو، وتجاوز الفخر الى

التناول من والد باسديو، فأشهد الناس على سوء ادبه وتركه الى ان طال الأمر وجاوز العدد العشر، فأخذ الطست حينئذ ورماه به على هيئة رميهم الجكر من الأسلحة وحزّ رأسه، فهذا حديث المذكور؛ وليس المحتجّ بما وصفنا بنجيح في حجته إلّا بعد ان يصحّح انّ آبجتي يقع على نصف النهار ويقع ايضا على نصف الثامن «مهورت» سواء، فإنّه اذا لم يفعل فلمهورت عرض في المدّة مع قلة اختلاف الأيّام والليالي بأرض الهند يحتمل ان يكون نصف النهار في الأوقات البعيدة عن الاعتدالين على احد طرفي ثامن «مهورت» ويكون في ضمنه، ومن الدليل على سوء تحصيل المحتجّ انّه حكى في جملة حججه عن «كرك» قوله: انّ الظلّ يعدم في «آبجتي» خطّ الاستواء فإنّ ذلك لا يكون فيه الّا في يومي الاعتدالين فقط بل لو كان كذلك ابدا فما له فيما هو فيه من ذلك، فأمّا ارباب مهورت فإنّها في هذا الجدول: وليس يستعمل الساعات من الهند الّا منجّموهم في أرباب الساعات التي هي سبب ارباب الأيّام، ويكون ربّ اليوم ربّ الليل ايضا لا يفصلون النهار منه ولا يذكرون الليل اصلا، ثم يرتّبون الأرباب في الساعات المستوية، واسم الساعة «هور» فيفتح هذا الاسم استعمال الساعات المعوجّة وذلك انّ انصاف البروج التي نعرفها بالنيمبهر يسمّونها ايضا هور، وكان ذلك من جهة انّ طوالع كلّ واحد من النهار والليل يكون ستّة بروج ابدا، وإذا كانت الساعة موسومة باسم نصف البرج كانت الساعات في كلّ واحد من النهار والليل اثنتي «1» عشرة فهي اذن في ارباب الساعات معوجّة كما تستعمل في بلادنا وتوسم في الاسطرلابات لأجلها؛ ويؤكّد ذلك قول «بحيانند» في «كرن تلك» اي غرّة الزيجات حين ذكر معرفة ربّ السنة والشهر: وأمّا «هوراتبت» اي ربّ الساعة فاجعل ما طلع منذ الغداة الى درجة الطالع دقائق كلّه وأقسمها على تسع مائة فما خرج فعدّة من ربّ اليوم على

«1» ترتيب الأفلاك الى السفل فتنتهي الى ربّ الساعة، وكان يجب ان يقول: فما خرج فزد عليه واحدا ثمّ عدّة من ربّ اليوم، ولو قال: خذ ما طلع من الأزمان، لآل الأمر الى الساعات المستوية؛ وأيضا فللساعات المعوجّة عندهم اسام «2» قد وضعناها في هذا الجدول، ونظنّ انّها من «سروذو» : وقد ذكر في كتاب «بشن دهرم» في جملة الناكات وهي الحيّات حيّة تسمّى «ناك كلك» ، ولها في ساعات الكواكب اقسام معلومة منحوسة يضرّ ما يؤكل فيها

ولا ينفع، والمتعالجون فيها بالسموم لا ينجحون بل يموتون ويهلكون، ولا ينفع فيها رقية الراقي من اللسع فإنّ الرقي تكون بذكر «كرر» وفي تلك الأوقات المشؤومة لا ينفع اللقلق نفسه فضلا عن ذكره؛ وهذه تلك الأوقات على أنّ الساعة منقسمة بمائة وخمسين قسما:

له- في أصناف الشهور والسنين

له- في أصناف الشهور والسنين «الشهر الطبيعيّ» هو من الاجتماع الى الاجتماع، وإنّما صار طبيعيّا لمشابهة أحواله أحوال الطبيعيّات التي لا تخلو من مبدإ لها كأنّه من العدم ومن تزايد وارتفاع في النشوء والنموّ وكالوقوف عند الاعتلاء ثمّ انحطاط يتبعه نحو البلى والدثور وتناقض في النشوء والنموّ الى أن يعود الى ذلك العدم، كذلك نور القمر في جرمه على هذا النهج اذا بدا من المحاق هلالا ثمّ قمرا ثمّ بدرا وتراجع منه كذلك الى السرار الذي هو كالعدم بالإضافة الى الحسّ، فأمّا المكث في المحاق فمعلوم عند الكافّة وأما في الامتلاء فربّما اشتبه على بعض الخاصّة حتى إذا عرف صغر جرم القمر وعظم الشمس علم أنّ القطعة المنيرة منه تربى على المظلمة وذلك ممّا يوجب مدّة مكث ما على الامتلاء بدرا بالضرورة، وأيضا فمن جهة تأثيره في الرطوبات وظاهر انفعالها به حتى يدور معه أمور الزيادة في المدّ والجزر والنقصان فيهما لا يخفى ذلك على ساكني السواحل وركّاب البحر، كما لا يخفى على الأطبّاء تأثيره في اخلاط المرضى ودوران بحارينهم معه، وعلى الطبيعيّين تعلّق أمور الحيوان والنبات به، وعلى أصحاب التجارب أثره في المخاخ والأدمغة والبيض ودرديّ الشراب في دنانه وخوابيه وما يهيجه في رؤوس النيام في فخته ويجلبه على ثياب الكتّان الموضوع في ضوءه، وعلى الفلّاحين ما يظهره في المقاثئ والمباطخ والمقاطن وأمثال ذلك حتى يتجاوزونها الى معرفة أوقات البذر

والزرع والغرس والإلقاح والإنتاج وأشباه ذلك، وعلى المنجّمين من أحداث الجوّ بأشكاله في حركاته، فهذا هو الشهر واثنا «1» عشر منه سنة بالاصطلاح تسمّى «قمريّة» ؛ وأمّا «السنة الطبيعيّة» فإنّها مدّة عودة الشمس في فلك البروج لأنّها تشتمل «2» على أكوان الحرث والنسل الدائرة في الفصول الأربعة وبها تعود أشعّة الشمس من الكرى «3» وأظلال المقاييس بعينها الى مقاديرها وأوضاعها وجهاتها التي تأخذ فيها أو منها، فهذه هي السنة وتسمّى «شمسيّة» لأجل القمريّة؛ وكما أنّ الشهر القمريّ كان نصف سدس سنته كذلك الجزء من اثني عشر من سنة الشمس شهر لها بالوضع اذا كان المأخذ من حركتها الوسطى، وإن كان من حركتها المختلفة فشهرها هو مدّة كونها في برج، فهذه هي الشهران والسنتان المشهورة؛ والهند يسمّون الاجتماع «أواماس» والاستقبال «يورنمه» والتربيعين «آتوه» ، فمنهم من يستعمل في السنة القمريّة شهوره القمريّة وأيّامه، ومنهم من يستعمل الشهور الشمسيّة برءوس البروج، ويسمّى الانتقال فيها «سنكرانت» ، وذلك على وجه التقريب لأنّه لو استمرّ عندهم لاستعملوا سنة الشمس نفسها وشهورها فاستغنوا بذلك عن كبس السنة بالشهور؛ ومستعملو شهور القمر منهم من يفتتحها بالاجتماع وهو المذهب المرضيّ، ومنهم من يفتتحها بالاستقبال، وسمعت أنّ «براهمهر» يفعل ذلك ولم أتحقّقه من كتبه بعد، وذلك منهيّ عنه، وكأنّه قديم فإنّ في «بيذ» : أنّ الناس يقولون تمّ البدر وتمّ بتمامه الشهر، وذلك من جهلهم بي وبتفسيري فإنّ خالق العالم ابتدأ به من النصف الأبيض دون الأسود، وقد يجوز أن يكون هذا المحكيّ من قول الناس؛ ثمّ «4» الشهر من جهة أنّ العدد بعد الاجتماع مفتتح باسم «بربه» من الأيّام القمريّة كافتتاحه به بعد الاستقبال، وكلّ

يومين بعداهما عنهما واحد فإنّ اسمهما أيضا واحد، ويكون فيهما النور والظلمة في جرم القمر متكافئين وساعات الطلوع في أحدهما والغروب في الآخر متساويتين، ولهم حساب لها وهو أن يضرب الأيّام القمريّة الماضية من الشهر ان كانت أقلّ من خمسة عشر أو زيادتها على الخمسة عشر ان كانت أكثر منها في عدد «كهري» تلك الليلة ويزاد على المبلغ اثنان أبدا ويقسم المجتمع على خمسة عشر فيخرج كهري وما يتبعها لما بين أوّل الليل وبين غروب القمر في الأيّام البيض أو بين طلوعه في الأيّام السود، وهذا لأنّ تفاضل هذه المدّة في الليالي بدقيقتين ومقادير الليالي حائمة حول الثلاثين دقيقة فإذا أخذ لكلّ يوم ثلاثون دقيقة «1» وقسم المبلغ على نصفها خرج لكلّ واحد دقيقتان إلّا أنّه وفق لاختلاف الليالي فضرب في مقدار الليلة وكان أدقّ أن يضرب في نصف مجموع هذه الليلة والأولى من الشهر، ولا فائدة في زيادة الدقيقتين فإنّها مقام رؤية الهلال ولو كان الشهر مأخوذا منها لانتقل بهما الى الاجتماع؛ ولأنّ الشهور تتركّب من الأيّام فإنّ أنواع الشهور تكون بحسب أنواع أيّامها، وكلّ واحد منها ثلاثون «2» ، وأمّا بالطلوعيّة التي هي المعيار فإنّ الشهر القمريّ بحسب ادوار النيّرين في «كلب» عندهم تسعة وعشرون يوما و 189005 من 356222 من يوم، وهو ما يخرج من قسمة أيّام كلب على شهور القمر فيه، وشهور القمر فيه هو فضل ما بين ادوار النيّرين فيه وذلك 53433300000، وأمّا الشهر بأيّام القمر فهو ثلاثون لأنّ هذا هو العدد الموضوع للشهر كما أنّ العدد الموضوع للسنة ثلاث مائة وستّون، والشهر الشمسيّ بأيّامها ثلاثون وبالأيّام الطلوعيّة ثلاثون يوما و 1362987 من 3110400، وشهر الآباء ثلاثون شهرا من شهورنا وأيّامها الطلوعيّة 885 و 163410 من 178111، وشهر الملائكة ثلاثون سنة وأيّامها الطلوعيّة 10957 و 241 من 320، وشهر «براهم» ستّون كليا وأيّامها الطلوعيّة

94674987000000، وشهر «پورش» هو ألفا ألف ومائة وستّون ألف «كلب» وذلك بالأيّام الطلوعيّة بعد تسعة أصفار عن اليمين 3408299532، وأيّام شهر «كأ» الطلوعيّة بعد ثلاثة وعشرين صفرا عن اليمين 94674987؛ فإذا ضربنا كلّ واحد من هذه الشهور في اثنى عشر اجتمعت أيّام سنتها، أمّا السنة القمريّة فإنّها تحصل بالأيّام الطلوعيّة ثلاث مائة وأربعة وخمسين يوما و 65364 من 178111، وأمّا السنة الشمسيّة فيحصل أيّامها ثلاث مائة وخمسة وستّين يوما و 827 «1» من 3200، وأمّا سنة الآباء فهي ثلاث مائة وستّون شهرا قمريّة وأيّامها الطلوعيّة 10631 و 1699 من 178111، وأمّا سنة الملائكة فهي من سنينا ثلاث مائة وستّون وأيّامها الطلوعيّة 131493 و 3 «2» من 80، وأمّا سنة «براهم» فإنّها سبع مائة وعشرون كلپاوأيّامها الطلوعيّة بعد ستّة أصفار عن اليمين 1136099844، وأمّا سنة «پورش» فإنّها 25920000 كلپاوأيّامها الطلوعيّة بعد تسعة أصفار 40899594384، وأمّا سنة كأ فإنّ أيّامها الطلوعيّة بعد ثلاثة وعشرين صفرا 1136099844، على أنّه ذكر في كتبهم أنّه لا يتركّب من يوم پورش شيء لأنّه الأوّل والآخر الذي لا أوّل لأوّليّته ولا آخر لأبديّته، وسائر الأيّام التي يتركّب منها الشهور والسنون لمن دونه من المحدودي المدّة، وهذا منهم على وجه التنزيه «3» لما فوق النفس فإنّهم لا يفرقون بينه وبينها إلّا في الترتيب، ويذكرونه بشبه أقاويل الصوفيّة أنّه «4» ليس بالأوّل وليس «4» غيره، لكنّ المدّة إذا قدّرتها من عند الآن الموجود الى كلّ واحدة من جنبتيه أعني الماضي المفقود والمستأنف الذي في القوّة لم يأباه الوهم وإذا احتمل بعضها تقديرا باليوم لم يمتنع الوهم في أضعافه من سمة الشهر والسنة، وإنّما غرضهم أنّا نضيف سنيهم الى

أعمار لهم مبتدئة بالكون ومختتمة بالفساد والموت، والبارئ سبحانه يتعالى عنهما وكذلك الجواهر البسيطة فلذلك نقتصر على يومه ولا نتجاوزه؛ ثمّ نقول: أنّ ما لا يكون ضروريّا فإن للاختلاف والتفريع الاصطلاحيّ اليه مساغ فيكثر فيه الأقاويل، فمنها ما يتّفق له نظام وقانون ومنها ما لا يكون ذلك له، ومن ذلك كلام وقع إليّ وقد أنسيت معدنه قال: انّ ثلاثا «1» وثلاثين ألف سنة من سني الناس تكون سنة لبنات نعش وستّا «2» وثلاثين ألف سنة من سني الناس تكون سنة لبراهم وتسعا «3» وتسعين ألف سنة من سني الناس تكون سنة للقطب، فأمّا سنة «براهم» فقد قال «باسديو» لأرجن «4» في المعركة بين الصفّين أنّ يوم براهم هو كلپان، وفي «براهم سدّهاند» حكاية عن «بياس بن پراشر» وعن كتاب «سمرت» : انّ «كلب» نهار لديبك وهو براهم ومثله ليل له؛ فإذن هذا القول ظاهر البطلان، وإنّما الستّ والثلاثون ألف سنة مدّة دور الثوابت في فلك البروج دورة واحدة إذا كان قطعها كلّ درجة في مائة سنة وبنات نعش منها إلّا أنّهم من جهة الأخبار يميّزونها منها ويجعلون لها من الأرض بعدا مخالفا لبعدها فلذلك تختصّ بحالات غير حالاتها، فإن كان عنى بسنتها دورة لها فما أسرعها وأكذبها للوجود وليس للقطب دورة تجعل له سنة، وإنّما اتخيّل من ذلك أنّ قائله كان بعيدا جدّا عن العلوم ومتصدّرا في جملة النوكي وأنّه أضاف هذه السنين الى من ذكرهم على وجه التعظيم، فكان يجب أن يكثر العدد ليكون أبلغ في التفخيم.

لو- في المقادير الأربعة التي تسمى «مان»

لو- في المقادير الأربعة التي تسمّى «مان» «مان» و «پرمان» هو المقدار، وهذه الأربعة هي التي ذكرها يعقوب بن طارق في «تركيب الأفلاك» من غير تحقّق لها وبتصحيف «1» لأساميها ان لم يكن وقع ذلك في النسخ، وهي «سورمان» اي المقدار الشمسيّ و «سابن مان» أي الطلوعيّ و «جندر «2» مان» أي القمريّ و «نكشترمان» أي المنازليّ، ويكون من كلّ واحد منها يوم هو هو على حدة فإذا قيس الى غيره اختلف مقداره، وعدد الثلاث مائة والستّين يعمّها، والأيّام الطلوعيّة أصل لاعتبار غيرها بها وتقديرها؛ فأمّا سورمان فقد علم انّ السنة الشمسيّة بالأيّام الطلوعيّة ثلاث مائة وخمسة وستّون يوما و 827 «3» من 3200، فإذا قسمت على ثلاث مائة وستّين أو ضربت في عشر ثوان «4» خرج يوم واحد طلوعيّ و 5609 من 384000 «5» وهو مقدار اليوم الشمسيّ، وفي كتاب «بشن دهرم» أنّه قطع الشمس بهتها، وأمّا «سابن مان» فهو الموضوع يوما واحدا ليقاس اليه غيره، وأمّا «جندر «6» مان» فاليوم القمريّ

يسمّى «تت» ، وإذا قسمت سنته على ثلاث مائة وستّين أو شهره على ثلاثين خرج مقدار اليوم القمريّ 10519443 «1» من 10686660 «1» من يوم طلوعيّ، وفي كتاب بشن دهرم: أنّه المقدار الذي يرى فيه القمر إذا بعد عن الشمس، وأمّا «نكشترمان» فهو مدّة قطع القمر منازله السبعة والعشرين وهي سبعة وعشرون يوما و 11259 من 35002 أعني مقسوم أيّام «كلب» على أدوار القمر فيه، فإن قسمت هذا المدّة على سبعة وعشرين خرجت مدّة قطعة المنزل الواحد يوما واحدا طلوعيّا و 417 من 35002، وإن ضوعفت تلك المدّة اثنتي عشرة مرّة كما فعل بشهر القمر حصل من ذلك بالأيّام الطلوعيّة ثلاث مائة وسبعة وعشرون يوما و 15051 من 17501، وإن قسمت مدّة قطع القمر منازله على ثلاثين خرج 318771 من 350020 من يوم طلوعيّ، وذلك مقدار اليوم المنازليّ على أنّ صاحب بشن دهرم زعم أنّ شهر نكشتر سبعة وعشرون يوما وشهور سائر المانات ثلاثون يوما وإن ركّب منه سنة كانت ثلاث مائة وسبعة وعشرين يوما و 15051 من 17501؛ فأمّا «سورمان» فإنّه يستعمل في السنين التي بها يقدّر «كلب» والجوكات الأربعة في «جترجوك» وفي سني المواليد وفي الاستوائين والانقلابين وفي أسداس السنة وفي اختلاف ما بين النهار والليل في اليوم، فإنّ هذه الأشياء كلّها تقدّر بالسنين والشهور والأيّام الشمسيّة، وأمّا «جندر «2» مان» فإنّه يستعمل في الكرنات «3» الأحد عشر وفي تعرّف شهر الكبيسة وما يجتمع من أيّام النقصان وفي الاجتماع والاستقبال للكسوفين، فإنّ هذه كلّها بالسنين والشهور والأيّام القمريّة المسمّاة «تت» وأمّا «سابن مان» فعليه يحسب «بار» وهو أيّام الأسبوع و «آهركن» أعني أيّام التواريخ وأيّام الغرس والصيام و «سوتك» وهي أيّام نفاس النفساء ونجاسة دور الموتى وأوانيهم و «جكتس» وهي في الطبّ ما يفرض

للأدوية من الشهور والسنين و «پرايشجت» وهي أيّام الكفّارات التي يفرضها البراهمة على محتقب اثم أوقاتا يغرم صياما واطّلاء بالسمن والإخثاء، فإنّ هذه كلّها بالسنين والشهور والأيّام الطلوعيّة، وليس يجري على المقدار الرابع المنازليّ شيء وهو داخل في القمريّ، وكلّ مقدار من الزمان قد اصطلحت طائفة على تسميته يوما فهو من جملة المانات، وقد تقدّم ذكر بعضها، إلّا أنّ الأربعة بالإطلاق هي ما قصّرنا عليها هذا الباب.

لز! في أبعاض الشهر والسنة

لز! في أبعاض الشهر والسنة من أجل أنّ السنة عودة في فلك البروج فإنّها منقسمة بأقسامه، وفلك البروج ينقسم بنصفين على نقطتي المنقلبين، فالسنة أيضا منقسمة بإزائهما بقسمين يسمّى كلّ واحد منهما «آين «1» » والشمس اذا فارقت نقطة المنقلب الشتويّ اخذت مقبلة نحو القطب الشماليّ، ولذلك نسب هذا القسم من السنة وهو قريب من نصفها الى الشمال فقيل «أوتراين» ويشتمل على مدّة قطع الشمس ستّة بروج أوّلها الجدي، ولذلك قيل لهذا النصف من فلك البروج «مكراد» أي الذي أوّله الجدي، وإذا فارقت الشمس نقطة المنقلب الصيفيّ أخذت مقبلة نحو القطب الجنوبيّ، ولذلك نسب النصف الآخر من السنة الى الجنوب فقيل «دكشناين» ويشتمل على مدّة قطع الشمس ستّة بروج أوّلها السرطان، ولذلك قيل لها «ككراد» أي الذي أوّله السرطان، وإنّما استعمل العامّة هذين النصفين لظهور أمر المنقلبين لهم عيانا؛ وينقسم أيضا فلك البروج بنصفين بحسب جهة الميل عن معدّل النهار قسمة أخصّ اعني أنّ العامّة لا تعرفها معرفتهم الأولى لاستناد هذه الى القياس والنظر، ويسمّى كلّ واحد من نصفيه «كول» ، فالذي ميله شماليّ يسمّى «أوتركول» ويسمّى أيضا «ميساد» أي الذي أوّله الحمل والذي

ميله جنوبيّ يسمّى «دكش كول» ويسمّى أيضا «تلاد» أي الذي أوّله الميزان؛ وانقسم فلك البروج بكلتي القسمتين أرباعا سمّيت مدد قطع الشمس ايّاها «فصول السنة» وهي الربيع والصيف والخريف والشتاء، وبروجها بإزائها منسوبة إليها، إلّا أنّ الهند ذهبوا في تبعيض السنة الى التسديس دون التربيع وسمّوا أسداسها «رت» ، وكلّ واحد من رت يشتمل على شهرين شمسيّين هما مدّة كون الشمس في برجين متتاليين، وأسماؤها وأربابها مثبتة في هذا الجدول بالرأي الشائع، وسمعت أنّ في حدود أرض «سومنات» يستعملون أثلاث السنة كلّ واحد أربعة أشهر أوّلها «برشكال» ومبدؤه من شهر «أشار» والثاني «ستكال» أي الشتاء والثالث «أشنكال» أي الصيف: «1» وأظنّ أنّهم قسموا فلك البروج بفتحة التسديس وهو نصف القطر من عند نقطتي المنقلبين فاستعملوا أسداسه، فإن كان كذلك فقد قسمناه نحن من نقطتي المنقلبين مرّة ومن نقطتي الاستوائين أخرى واستعملنا أنصاف الأسداس في

أرباعه؛ وأمّا الشهور فإنّها مبعّضة بالأنصاف التي فيما بين الاجتماعات والاستقبالات، ولأنصاف الشهور أرباب مذكورة في كتاب «بشن دهرم» وضعناها في هذا الجدول:

لح- فيما يتركب من اليوم الى تتمة عمر «براهم»

لح- فيما يتركّب من اليوم الى تتمّة عمر «براهم» النهار يسمّى «دمس» وبالفصيح «دبس» والليل «راتر» واليوم الذي يجمعهما «أهوراتر» ، والشهر يسمّى «ماس» ونصفه «پكش» ، وأوّل النصفين يوصف بالبياض فيقال «شكل پكش» لأنّ أوائل لياليه مقمرة في الأوقات التي لا ينام الناس فيها ونور القمر في جرمه الى الازدياد والسواد الى النقصان، والنصف الآخر بالسواد فيقال «كرشن پكش» لأنّ أوائل لياليه مظلمة وإن استنار منها أوقات نوم الناس، ويكون نور القمر في جرمه الى التناقص والسواد الى التزايد، ومجموع شهرين «رت» وذلك مقول بالتقريب فإنّ الشهر المتضمّن اثنين من «بكش» هو قمريّ والذي ضعفه رت هو شمسيّ، وستّة رت هو سنة للناس شمسيّة وتسمّى «بره» وبرخ» و «برش» فإنّ هذه الأحرف الثلاثة ربّما تبادلت في لغتهم، وثلاث مائة وستّون سنة من سنى الناس سنة للملائكة وتسمّى «دبّ بره» واثنتا «1» عشرة ألف سنة من سنى الملائكة «جترجوك» ، لا خلاف فيه وإنّما يختلف في أجزائه الأربعة وفي تضاعيفه التي منها يتمّ «مننتر» و «كلب» ، وذلك موصوف في موضعهما، وكلبان يوم لبراهم، وسواء قلنا كلپان أو قلنا ثمانية

وعشرون منّنترا فإنّ الثلاث مائة والستّين «1» ضعفا لها تكون سنة لبراهم وهي امّا سبع مائة وعشرون كلپاوإمّا عشرة آلاف وثمانون منّنترا «2» ، ثمّ قالوا في عمره: أنّه مائة سنة من سنيه فهو أمّا اثنان وسبعون ألف كلب وإمّا ألف ألف وثمانية آلاف منّنتر؛ وهذا ما جعلناه غاية في هذا الباب، وفي كتاب «بشن دهرم» حكاية عن «ماركنديو» وسائله «پجر» : انّ «كلب» هو نهار «براهم» ومثله ليل له، فكلّ سبع مائة وعشرين كلپاله سنة وعمره منها مائة سنة، وهذه المائة نهار لپورش ومثله ليل له، وأمّا كم «براهم» تقدّمه فلا يعرف ذلك إلّا من يقدر على إحصاء رمل «كنك «3» » أو تعديد قطر الأمطار.

لط- فيما يفضل على عمر براهم

لط- فيما يفضل على عمر براهم كلّ ما كان عديم النظام أو مناقضا لسابق الكلام نفر عنه الطبع وملّه السمع، وهؤلاء قوم يذكرون أسماء كثيرة تتّجه بزعمهم على الواحد الأوّل أو على واحد دونه مشار اليه، فإذا جاءوا الى مثل هذا الباب أعادوا تلك الأسماء لكثيرين وقدّروا لها الأعمار وطوّلوا الأعداد، فهذا غرضهم والميدان خال والعدد غير واقف الّا بالفعل والإيقاف، ثمّ لا يتّفقون فيها أيضا على شيء واحد لنتصرّف معهم فيه كيف تصرّفوا، ولكنّهم يختلفون فيها كاختلافهم في أبعاض اليوم المنحطّة عن الأنفاس، ففي كتاب «سروذو» لأوپل: انّ «منّنتر» هو عمر «اندر» الرئيس وثمانية وعشرين منّنترا يوم لبيتامه وهو براهم، وعمره مائة سنة وهي يوم لكيشب، وعمره مائة سنة وهي يوم لمهاديو، وعمره مائة سنة وهي يوم لا يشر المقرّب، وعمره مائة سنة وهي يوم لسداشو، وعمره مائة سنة وهي يوم لبيزنجن الأزليّ الدائم الباقي مع فناء هذه الخمسة؛ وقد تقدّم أنّ عمر «براهم» 72000 كلپا، وجميع ما نذكره الآن من الأعداد فهي «كلب» ، وإذا كان هذا العمر يوما لكيشب «1» فسنته على أنّ السنة «1» ثلاث مائة وستّون يوما 25920000 «2» وعمره بزيادة صفرين،

وذلك يوم «مهاديو» فعمره اذن على هذا القياس بعد تسعة أصفار 93312، وذلك يوم «ايشر» وعمره بعد اثنى عشر صفرا 3359232، وذلك يوم «سداشو» وعمره بعد خمسة عشر صفرا 120932352، وذلك يوم «بيرنجن «1» » وقد صار «پرارد كلپي» جزءا صغيرا منه بالإضافة اليه؛ وكيف ما كان الأمر فإنّه شبه المنتظم لبنائه على اليوم وعلى المائة سنة من أوّله الى آخره، ولكنّ غيره يبنون فيه على أبعاض اليوم المتصاغرة التي ذكرنا، فيختلفون في المتركّب كاختلافهم في المتجزّىء، ونذكر واحدا منها للذين ذهبوا الى أنّ «كهرى» ستّة عشر «كل» وكل ثلاثون «2» «كاشت «3» » وكاشت «3» ثلاثون «3» «نميش» ونميش اثنان «4» من «لب» ولب اثنان «4» من «توتي» ، وقد زعموا أنّ سبب هذه التجزئة هو تركّب يوم «شو» ممّا يشابهها وذلك أنّ عمر براهم كهري لهر وهو «باسديو» ، وعمره مائة سنة وهي كل لردر وهو مهاديو وعمره مائة سنة وهي كاشت «5» لا يشر وعمره مائة سنة وهي نميش لسداشو وعمره مائة سنة وهي «لب» لشكت وعمره مائة سنة وهي «توتي» لشو، فإذا كان عمر «براهم» 72000 كلپافإنّ عمر «ناراين» يكون 000 000 520 155 وعمر «ردر» بعد أحد عشر صفرا 712 747 53 وعمر «ايشر» بعد ستّة عشر صفرا 016 278 256 557 وعمر «سداشو» بعد اثنين وعشرين صفرا 664 409 271 899 332 17 وعمر «شكت» بعد ثمانية وعشرين صفرا 781 523 758 978 449 782 10، وذلك توتي، إذا ركّب منه اليوم بحسب هذا الموضوع كان بعد أحد وثلاثين صفرا 187 458 589 126 147 264 37 «5» ، وذلك يوم «شو» ووصفوه بأنّه

الأزليّ البريء من الولاد والإيلاد وعن الكيفيّات والأوصاف الواقعة على المخلوقات، ومراتب هذا العدد سنّة وخمسون ولو زاول هؤلاء الوصّاف حسابها لما أفرطوا في الإكثار، والله حسبهم.

م- في ذكر «سند» وهو الفصل المشترك بين الأزمنة

م- في ذكر «سند» وهو الفصل المشترك بين الأزمنة سند الأصليّ هو الذي فيما بين النهار وبين الليل وهو الفجر بالغدوات ويسمّونه «سند أدو» أي الذي من الطلوع وهو الشفق بالعشيّات ويسمّونه «سند استمن» أي الذي من الغروب، والحاجة اليهما ملّيّ لاغتسال البراهمة فيهما وفي الظهيرة بينهما للطعام حتى أنّ من لا علم له بذلك ظنّ أنّه سند ثالث، فأمّا غيره فلا يعدوهما؛ وفي الپرانات من حديث «هرنّكش» الملك الذي من جنس «ديت» : أنّه كان أطال العبادة حتى استحقّ الإجابة، وسأل البقاء فأجيب الى طوله لأنّ الديمومة من صفات البارئ سبحانه، ولمّا لم ينلها سأل لموته ان لا يكون على يد إنسيّ أو ملك أو جنّيّ وأن لا يكون على الأرض أو السماء وأن لا يكون في ليل أو نهار، كلّ ذلك احتيال للهرب من الموت الذي لا بدّ منه، فأجيب الى ملتمسه، وهذا كسؤال ابليس الإنظار الى يوم القيامة لأنّه يوم بعث عن الموت، ولذلك لم يجب إلّا الى يوم الوقت المعلوم الذي قيل فيه: أنّه آخر أيّام التكليف، وكان له ابن يسمّى «برهراد» سلّمه الى المعلّم لمّا ترعرع، فاستدعاه يوما ليعلم ما هو فيه فأنشده شعرا معناه: أن ليس إلّا «بشن» فقط وما سواه باطل، وذلك بخلاف مراد الأب فإنّه كان يبغض بشن فأمر بتبديل معلّمه وأن يعلم من الوليّ ومن العدوّ، فمكث برهة ثمّ سأله فقال: تعلّمت ما أمرت به ولكنّي لا أحتاج اليه فالكافّة عندي في الولاية سواء لا أعادي أحدا، فغضب الأب وأمر بسقيه

السموم، فتناولها باسم الله وذكر بشن فلم يضرّه، قال: أو تعرف السحر والرقي؟ قال: لا ولكنّ الله الذي خلقك وأعطاك يحفظني، فازداد غيظه وأمر بطرحه في لجّة البحر، فلفظه وعاد الى مكانه، وألقاه بين يديه في نار عظيمة مؤجّجة فلم تحر قه، وأخذ يناظره وهو في لهبها في الله وقدرته، فجرى على لسانه: أنّ بشن في كلّ مكان، قال أبوه: فهل هو في هذه السارية من الرواق؟ فقال: نعم، ووثب الأب اليها وضربها فخرج منها «نارسنك» كرأس أسد على بدن انسان لا على صورة انسيّ ولا ملك أو جنّيّ، وأخذ هو وأصحابه في مدافعته وهو يندفع لأنّ الوقت كان نهارا الى أن أمسوا وحصلوا في «سند» الشفق لا في نهار ولا في ليل فحينئذ أخذه ورفعه الى الهواء وقتله فيه لا في أرض ولا في سماء، وأخرج ابنه من النار وملّكه مكانه؛ والمنجّمون منهم محتاجون الى هذين الوقتين لقوّة بعض البروج فيها كما ينخبر عنه في موضعه، فيستعملونهما على ظاهر الأمر ويجعلون زمان كلّ واحد منهما «مهورت» أعني كهريين وذلك أربعة أخماس ساعة، وأمّا «براهمهر» فهو لفضله في الصناعة لم يعرف غير النهار والليل ولم يستجز لنفسه اتّباع الرأي العامّيّ في سند، فأبان عنه بما هو الحقّ وزعم أنّه وقت كون مركز جرم الشمس على حقيقة دائرة الأفق وجعله وقت قوّة تلك البروج؛ وبعد ذلك تجاوز المنجّمون وغيرهم سندي اليوم الطبيعيّ الى غيره بما هو بالوضع دون الطبع أو الحسّ، فجعلوا لكلّ واحد من «اين» أعني نصفي السنة الصاعدة فيهما الشمس والهابطة سندا هو سبعة أيّام قبل حلول أوّله، يتخيّل اليّ فيه شيء ممكن غير بعيد وهو أن يكون هذا محدثا غير قديم ومقولا بالقرب من سنة ألف وثلاث مائة للاسكندر عند عثورهم على تقدّم الانقلاب حسابهم، فإنّ «پنجل» صاحب كتاب «مانس» الصغير يقول: أنّ في 854 من «شككال» تقدّم الانقلاب حسابه ستّ درجات وخمسين دقيقة وسيكون ذلك في المستأنف متزايدا في كلّ سنة دقيقة، وهذا كلام صادر عن راصد مدقّق أو معتبر بأرصاد قديمة معه كثيرة قطع منها بمقدار التفاوت كلّ سنة، ولا شكّ أنّ غيره أيضا تفطّن له أو لما هو قريب منه من

جهة قياس اظلال نصف النهار، ولذلك قبله منه «أوپل» الكشميريّ وصدّقه فيه، ويؤكّد هذا الظنّ اجراءهم «سند» المنقلبين في كلّ واحد من أسداس السنة حتى صارت أوائلها من الدرجات الثالثة والعشرين من البروج التي قبل بروجها، ووضعوا أيضا فيما بين الجوكات سندا كما وضعوا مثله بين المنّنترات، وكما أنّ هذه الأصول وضعيّة كذلك فروعها وضعيّة، وسيجيء من ذكرها في مواضعها ما يكون فيه كفاية.

ما- في الإبانة عن «كلب» و «جترجوك» وتحديد أحدهما بالآخر

ما- في الإبانة عن «كلب» و «جترجوك» وتحديد أحدهما بالآخر إنّ سنة «دبّ» قد اتّضح مقدارها واثنا عشر «1» ألف سنة منها جترجوك وألف جترجوك هو كلب وهي المدّة التي يجتمع في طرفيها الكواكب السبعة وأوجاتها وجوزهراتها في أوّل برج الحمل، وأيّامه تسمّى «كلب آهركن» أي جملة أيّام كلب فإنّ «آه» الأيّام و «اركن» هو الجملة، ولأنّها طلوعيّة فإنّها تسمّى أيضا «أيّام الأرض» لأنّ الطلوع يكون من الأفق والأفق من لوازم الأرض، وبذلك الاسم أيضا يسمّى الماضي منها الى الوقت المفروض، وأصحابنا يسمّونها «أيّام السندهند» و «أيّام العالم» وهي 1577916450000 وبسني الشمس 4320000000 وبسني القمر 4452775000، وبالسنين التي كلّ واحدة منها ثلاث مائة وستّون يوما طلوعيّة 4383101250 «2» وبسني «دب» 12000000، وقيل في «آدت پران» : أنّ «كلپن» هو مركّب من «كل» وهو وجود الأنواع في العالم ومن «پن» وهو فسادها وبطلانها، ومجموع هذا الكون والفساد هو «كلب» ؛ وقال «برهمكوپت» : من أجل أنّ كون الكواكب السيّارة والناس في العالم كان في أوّل نهار «براهم» وفسادها وفسادهم في آخره فمن الواجب ان نأخذ

هذا اليوم كلپادون غيره، وقال أيضا: أنّ ألف «جترجوك» نهار لديبك أي براهم ومثله ليل له، فيكون اليوم ألف جترجوك» وكذلك يقول «بياس بن يراشر» : أنّ من اعتقد أنّ ألف جترجوك نهار ومثلها ليل فهو الذي يعرف براهم؛ وفي ضمن كلب كلّ أحد وسبعين جترجوكا هو «من» أي «منّنتر» وهو نوبة من وأربعة عشر من هو أيضا تكون كلپا، فإذا ضرب أحد وسبعون في أربعة عشر اجتمع للمنّنترات من جترجوك تسع مائة وأربعة وتسعون والباقي الى تمام كلب ستّة منها، لكنّها اذا قسمت على خمسة عشر من أجل أنّ ما يحتفّ بالأشياء المتوالية من جانبيها يكون عدده أزيد على عددها بواحد خرج خمسان، فإذا ابتدأنا من أوّل المننترات ووضعنا قبله خمسي جترجوك وكذلك فيما بين كلّ منّنترين فنيت الأخماس عقب فنائها وحصل في آخرها خمسان، كما وضعنا في أوّلها فهي «سند» بينها أعني فصل مشترك، وبها يتمّ كلب ألف جترجوك كما قيل؛ ويطّرد أحوال كلب شاهدة بعضها لبعض فإنّ أوّله مفتتح بالاستواء الربيعيّ وبيوم الأحد وباجتماع الكواكب وأوجاتها وجوزهراتها بحيث لا «ريوتى» ولا «أشّوني» أي بينهما وبأوّل شهر «جيتر» وبالطلوع على «لنك» ، ومتى غيّر احدى هذه الشرائط اضطربت الأخرى وانفسخت، وقد ذكرنا أيّام «كلب» وسنيه، فمعلوم أنّ أيّام «جترجوك» وقد وضع عشر عشر عشر كلب 1577916450 وسنوه 4320000، فقد علمت النسبة فيما بين كلب وجترجوك وعرف مقدار أحدهما بمعرفة الآخر، وهذا كلّه على رأي «برهمكوبت» واستشهاداته على وضعه، وأمّا عند «آرجبهد» الكبير و «بلس» وقد ركّبا «منّنتر» من اثنين «1» وسبعين جترجوكا وركّبا كلب من أربعة عشر منّنترا منها تركيبا لم يتخلّله شيء من «سند» فمعلوم أنّ عدّة جترجوكات كلب عندهما 1008 وسنو كلب بسني «دب» 12096000 وبسني الناس 4354560000، وقد ذكر بلس في أيّام جترجوك الطلوعيّة أنّها

1577917800، فتكون أيّام كلب بحسب رأيه 1590541142400، وكذلك استعملها، ولم أجد شيئا من كتب آرجبهد، وما عرفت من جهته فبحكايات برهمكوبت عنه، وقد ذكر عنه في مقالة «الانتقاد على الزيجات» انّ أيّام جترجوك عنده 1577917500 بنقصان ثلاث مائة يوم ممّا عند بلس، فبحسب الحكاية تكون أيّام كلب عنده 1590540840000، وافتتاح كلب وجترجوك عندهما من نصف الليل بعد «1» النهار الذي من أوّله مفتتحهما عند «برهمكوبت» ، وقد ذكر «آرجبهد» الذي من «كسمبور» في كتاب له صغير في النتف وهو من شيعة أرجبهد الكبير أنّ ألف وثمانية «جترجوك» يكون نهار «براهم» ، ونصفه الأوّل الذي هو خمس مائة وأربعة يسمّى «أوجربن «2» » والشمس فيه الى الارتفاع والنصف الآخر يسمّى «آب سربن» والشمس فيه الى الانحطاط، وتسمّى نهاياتهما أمّا المنتصف فهو «سمّ» وهو التساوي لأنّه نصف النهار وأوّله وآخره يسمّيان «درتم» ، وهذا مطّرد لما بين النهار وبين «كلب» من التشبيه سوى ارتفاع الشمس وانحطاطها، فإن كان عنى بها شمس يومنا وجب عليه أن يبيّن كيفيّتهما لها وإن كان عنى شمسا تختصّ بنهار براهم فيجب أن يريناها أو يشير اليها وكأنّه ذهب في معناها الى اقبال الأمور وتزايدها في النصف الأوّل وإلى ادبارها وتراجعها في النصف الأخير.

مب- في تقسيم جترجوك بالجوكات الأربعة وذكر ما فيها من الاختلاف

مب- في تقسيم جترجوك بالجوكات الأربعة وذكر ما فيها من الاختلاف قال صاحب كتاب «بشن دهرم» : انّ الف ومائتي سنة من سني «دب جوك» اسمه «تشّ» ، وضعفه «دوابر» وثلاثة اضعافه «تريت» وأربعة اضعافه «كريت» والجملة اثنا عشر «1» الف سنة وذلك جترجوك اي الجوكات الأربعة ومعناها الجمل، قال واحد وسبعون «2» جترجوكا هو «منّنتر» وأربعة عشر منّنتر مع «سند» فيما بين كلّ اثنين منها يساوي مدّته مدّة «كريتاجوك» يكون كلبا، وكلبان يوم لبراهم وعمره منه مائة سنة وهي نهار «بورش» الرجل الأوّل الذي لا يعرف له اوّل ولا آخر، قال: وهذا ممّا اخبر به «برن» صاحب الماء «رام بن دشرت» في الزمن الأوّل اذ كان عارفا به حقّ المعرفة، وكذلك اخبر به «بهاركو» الذي هو «ماركنديو» فقد بلغ من معرفته بالأزمنة أنّه لم يقاومه احد من الأعداد، وكان لهم مثل ملك الموت يفنيهم بالتخت الذي معه وهو «ابردرش» ، وقال «برهمكوبت» : انّ كتاب «سمرت» ينطق بأنّ أربعة آلاف «3» سنة من سني «ديبك» هو كريتا جوك وأربع مائة سنة معه سند وأربع مائة «سدّهانش» والجملة 4800 وهي «كريت» ثمّ ثلاثة آلاف «3» سنة «تريتا جوك» وثلاث مائة سند وثلاث مائة سدّهانش

والجملة 3600 وهي «تريت» ، ثمّ الفا «1» سنة «دوابر» ومائتا سنة سند ومائتا «2» سدهانش والجملة 2400 وهي دوابر، ثمّ الف سنة «كل» ومائة سنة سند ومائة سدّهانش والجملة 1200 وهو «كلجوك» ؛ فهذا ما حكاه عن الكتاب، وتحويل سني «دبّ» الى سني الناس يكون بضربها في ثلاث مائة وستّين، فالجوكات الأربعة تكون بسني الناس امّا كريتاجوك فهو 1440000 وكلّ واحد من سند وسدّهانش 144000 والجملة 1728000 وذلك «كريت» ، وأمّا «تريتاجوك» ، فهو 1080000 وكلّ واحد من «سند» و «سدهانش» 108000 وجملة ذلك 1296000 وهو «تريت» ، وأمّا «دوابر» فهو 720000 وكلّ واحد من سند وسدهانش 72000 والجملة 864000 «3» وذلك دوابر، وأمّا كل» فهو 360000 وكلّ واحد من سند وسدهانش 36000 والجملة 432000 وذلك «كلجوك» ، ويكون مجموع كريت وتريت 3024000 ومع دوابر 3888000 «4» ؛ ثم حكى «برهمكوبت» عن «ارجبهد» انّه يرى في الجوكات الأربعة انّها ارباع «جترجوك» بالسويّة، فيخالف ما حكينا من «سمرت» والمخالف معاد «5» ، قال: وأما «بولس» فإنّه محمود على ما فعل اذ لم يخالف سمرت لأنّه نقص من 4800 التي لكريتاجوك ربعها ولم يزل ينقصه ممّا يبقى فحصلت الجوكات موافقة لسمرت وإن لم يكن فيها سند وسدهانش، على أنّ الروم خارجون من سنّة سمرت فإنّهم لا يكيلون الزمان بجوك و «منّنتر» و «كلب» ، فهذا ما يقوله؛ ومعلوم انّ سني جترجوك كلّه غير مختلف فيه، فيكون بحسب هذا مقدار كلّ «جوك» فيه عند ارجبهد بسني «دب» 3000 وبسني الناس 1080000، وسنو جوكين بسني دب 6000 «6» وبسني الناس 2160000، وسنو الجوكات الثلاثة بسني دب 9000 وبسني الناس 3240000؛ وأمّا ما حكى عن «بولس» فإنّه في «سدّهانده» لا يزال يقنّن

للاعداد قوانين بعضها مستحسنة وبعضها مستكرهة، فلقانون الجوكات وضع ثمانية وأربعين اصلا ونقص منها ربعها فبقى ستّة وثلاثون، ونقصه بعينه منها لأنّه جعله اصلا للنقصان فبقي اربعة وعشرون ونقصه ايضا منها فبقى اثنا عشر، ثمّ ضرب كلّ واحد من البواقي في مائة فحصلت سنو الجوكات بسني، «دب» ولو انه جعل الستّين اصلا لأنّ مدار اكثر الأمور عليها وجعل خمسها اصلا للنقصان او جعل النقصان كسورا متوالية من «1» الخمس متراجعة اعني نقص من الستّين خمسها وممّا بقي ربعه وممّا بقي بعد ذلك ثلثه ثم ممّا بقي نصفه يحصل له ما حصل اوّلا، ويمكن ان يكون ذلك منه حكاية رأي من الآراء غير الذي هو عليه، فما اتّفق خروج كتابه بأسره الى العربي من اجل انّ العقيدة هي التي تبدو في المقاصد العمليّة؛ وقد عدل «بلس» عمّا اورد من القانون لمّا اراد ان يجعل ما مضى قبل كلبنا هذا من عمر «براهم» سنين بسنينا، وذلك بتقدير سنيه ثماني «2» سنين وخمسة اشهر وأربعة ايّام يكون بتقدير «كلب» 6068 «3» ، فصيّرها اوّلا جترجوكات بضربها في عدّة جترجوكات كلب عنده وهي 1008 فاجتمع 6116544 ثمّ جعلها جوكات بأن ضربها في اربعة فصارت 24466176، وجعلها سنين بأن ضربها في سني «جوك» واحد عنده وهي 1080000 فاجتمع 26423470080000 وهي السنون الماضية من عمر «براهم» قبل كلبنا؛ وممكن ان يخطر ببال اصحاب «برهمكوبت» انّه لم يجعل الجترجوكات جوكات وإنّما جعل الجترجوكات ارباعا ثمّ ضرب الارباع في سني ربع واحد، فلسنا نسأله عن الفائدة في تصييرها ارباعا وليس معها كسر يقتضي هذا التجنيس، وضرب عدد الجترجوكات الصحاح في سني الواحد الصحيح منها وهي 4320000 كأن يكون مجزيا عن التطويل، ولكنّا نقول له: انّ ذلك جائز ان يفعله لولا أنّه لمّا اراد

اضافة الماضي من سني كلبنا اليها ضرب المنّنترات الماضية التامّة في اثنين وسبعين كاعتقاده وما بلغ في سني «جترجوك» فاجتمع سنوها 1866240000 وضرب عدّة الجترجوكات التامّة الماضية من المنّنتر المنكسر في سني واحد منها فاجتمع 116640000، وقد مضى من الجترجوك المنكسر ثلاثة من الجوكات وسنوها عنده 3240000، وهذا العدد هو ثلاثة ارباع سني جترجوك، واستعملها كذلك في اعتبار الموقع من الأسبوع بأيّامها مستشهدا، ولو كان يعتقد القانون المتقدّم لاستعمله في موضع الحاجة ولأخذ للجوكات الثلاثة تسعة اعشار جترجوك، فقد استبان ان لا اصل لما حكاه «برهمكوبت» عنه ورضيه وإنّما عمى عن هذا لبغضه «آرجبهد» وإفراطه في الدقّ عليه، وهو و «بلس» على امر واحد من هذا المعنى، يشهد لقولي قوله: انّ ارجبهد نقص من ادوار الرأس وأوج القمر ففسدت اعمال الكسوف بفساد الأدوار، ومثّله في جهله بذلك مثل السوس تأكل الخشبة فيتصوّر فيها من تأكلها ما يشبه الحروف وهي لا تعرفها ولا تقصدها، ولكنّ من تحقّقها قام بازاء «ارجبهد» و «اشريخين» و «بشنجندر» كالأسد حيال الظباء، فلم يمكنهم ان يظهروا له ويروه وجوههم، وبهذا الصلف انحى على ارجبهد وظلمه؛ وقد ذكرنا مقدار «جترجوك» بالأيّام الطلوعيّة عند الثلاثة، فزيادة رأي «بلس» على رأي «برهمكوبت» في الأيّام 1350 لكنّ عدد سني جترجوك عندهما واحد، فأيّام السنة الشمسيّة عند بلس لا محالة اكثر منها عند برهمكوبت، وبحسب حكايته عن ارجبهد يكون نقصان رأيه عن رأي بلس في الأيّام 300 وزيادة رأيه على رأي برهمكوبت فيها 1050، فأيّام سنة الشمس عنده تكون اكثر منها عند برهمكوبت وأقلّ منها عند بلس.

مج- في خواص الجوكات الأربعة وذكر كل «1» المنتظر «1» في آخر رابعها

مج- في خواصّ الجوكات الأربعة وذكر كلّ «1» المنتظر «1» في آخر رابعها كانت اليونانيّة تعتقد في اسم الأرض وليكن المثال بواحدة منها، انّ الآفات التي تنتابها من فوق ومن تحت مختلفة في الكيفيّة وفي الكمّيّة وإنّه ربّما غشيها منها ما يفرط في احداهما او كلتيهما «2» فلا ينفع معه حيلة ولا عنه هرب واحتراس، فيأتي عليها وذلك كالطوافين المغرقة والرواجف المهلكة بالخسف او التغريق والتحريق بما يفور منها من المياه او يرمي به من الصخور المحمّاة والرماد ثمّ الصواعق والهدّات والعواصف ثمّ الأوبية والأمراض والموتان وما اشبه ذلك، فإذا خلت بقعة عريضة عن امّتها ثمّ انتعشت بعد هلكتها عند انكشاف تلك الآفة عنها اجتمع اليها قوم متفرّقون كأمثال الوحوش المتعصمين قبل ذلك بالمخابىء ورؤوس الجبال، وتمدّنوا متعاونين على الخصم سواء كان من السباع او كان من الإنس ومساعدين بعضهم بعضا على تزجية العيش في أمن وسرور الى ان يكثروا، فينغض التنافس المرفرف عليهم بجناحي الغضب والحسد طيبة عيشهم، وربّما انتمت جماعة من تلك الجماعات في النسب الى واحد كان اوّل من حضر منهم او مختصّا بحال تميّزه منهم فلا يعرفون على مرّ الأيّام غيره، ويذكره «فلاطن» في

«كتاب النواميس» لليونانيّين» زوس» وهو المشتري وينتهي اليه نسب «بقراط» المثبت في آخر فصوله خارج الكتاب، إلّا انّه نفرون يسيره فإنّها اربعة عشر، وذلك انّه قيل فيه: «بقراط بن غنوسيذيقوس بن نبروس بن سسطراطس بن ثيوذورس «1» بن قليوميطادس «2» بن قريسامس «3» ابن دردنس «4» بن سسطراس بن املوسوس «5» بن ابولوخس بن بوذاليرس «6» ابن ماخاون «7» بن اسقليبيوس «8» بن افلّون بن زوس بن قرونس» وهو زحل؛ وأخبار الهند قريبة من ذلك في «جترجوك» فإنّهم يرون الطيبة والأمن، والخصب والبركة والصحّة والقوّة وغزارة العلم وكثرة «9» البراهمة في اوّله اعني اوّل «كريتاجوك» ، حتى يكون الثواب فيه تامّا اربعة ارباع والعمر اربعة آلاف «10» عام بالتساوي بين الجميع في جميع ذلك، ثمّ يتناقص ذلك ويخالطه اضداده الى ان يكون الخير في اوّل «تريتاجوك» على ثلاثة اضعاف الشرّ الهاجم والثواب على ثلاثة ارباع، والكثرة في «كشتر» دون البراهمة والقمر كما تقدّم اوّلا على ما في «بشن دهرم» وكان القياس يوجب نقصانه بقدر نقصان الثواب، وفيه في قرابين النار يأخذون في قتل الحيوان وقطف النبات من غير ان تناولوا ذلك قبله، وكذلك يتزايد الشرّ الى ان يكون في اوّل «دوابر» مع الخير على قسمة متساوية وينتصف الثواب وفيه يختلف الأهواء ويكثر القتل ويتباين

الأديان، فيقلّ الأعمار وتصير «1» على ما في الكتاب المذكور اربع مائة سنة، وفي اوّل «تشى» الذي هو «كلجوك» يكون الشرّ ثلاثة اضعاف الباقي من الخير، وقد مرّ لهم في «تريت» ودوابر اخبار معروفة مثل «رام» الذي قتل «راون» ومثل «برش رام» البرهمن الذي قتل من ظفر به من كشتر اذ كان موتورا منهم بأبيه، وعندهم انّه حيّ في السماء وقد جاء احدى وعشرين مرّة وسيعود، ومثل حرب اولاد «باندو» مع اولاد «كورو» ؛ وأمّا في كلجوك فإنّ الشرّ يزداد الى ان يمخض في آخره بفناء الخير اصلا، وذلك وقت هلاك ساكني الأرض وعود النسل من اجتماع المتفرّقين في الجبال والمختفين في المغارات للعبادة هاربين من شياطين الانس الأشرار، ولهذا سمّي ذلك الوقت «كريتاجوك» اي الفراغ من الأعمال للذهاب، وفي خبر «شونك» ناقلة الزهرة من «براهم» انّ الله تعالى اسمعه قوله: اذا دخل كلجوك ارسلت «بدّهودن بن شدّهودن» الصالح لبثّ الخير في الخلق، فيبدّل «المحمّرة» المعتزون اليه ما اورد ويذهب قدر البراهمة من حينئذ حتى يجترئ عليهم «شودر» خادمهم ويقاسمهم و «جندال» الهبات والأعطية، وينصرف همم الناس الى الجمع من الجرام والادّخار لا يبالون باجتراح السيّئات فيها والآثام، وأوردهم ذلك الى عصيان الأصاغر اكابر هم والأولاد آباءهم والخدم مواليهم وأربابهم، ويتهارج الألوان حتى تفسد الأنساب وتبطل الطبقات الأربع وتكثر الأديان والمذاهب، والكتب المعمولة فيها كثرة يتفرّق بها الجماهير المجتمعة قبله على امر واحد اشخاصا افرادا ويهدم الديوهرات ويخرب المدارس، ويرتفع العدل حتى لا يعرف الملوك غير الظلم والهضم والأخذ والقصم كأنّهم يأكلون الناس أكلا مغترّين بالآمال الطوال غير معتبرين بقاصر الأعمار بحسب الأوزار واستيلاء الأوبية بقدر فساد النيّة، وزعموا انّ اكثر الحكم فيه على النجوم تخلف وتكذب؛ فأخذ ذلك «ماني» وقال: اعلموا انّ امور العالم قد تبدّلت وتغيّرت وكذلك الكهانة قد تغيّرت لتغيّر

«اسفيرات» السماء اي افلاكها ولا يتهيّأ للكهّان من معرفة النجوم في دائرتها ما كان يتهيّأ لآبائهم، ولكنّهم يضلّلون بالخدع، وبما يتّفق ما يقولون وربّما لا يكون؛ والذي في كتاب «بشن دهرم» ما هو زيادة على ما ذكرنا انّهم يجهلون مائيّة الثواب والعقاب وينكرون معرفة الملائكة بالحقيقة، ويختلف اعمارهم فيخفي عليهم مقاديرها، ويموت بعضهم جنينا وبعض طفلا وشابّا، ويخترم المخلصون ولا يعمرون ومن عمل السيّئات وكفر بالدين بقي اكثر، ويصير الملوك في «شودر» فيكونون كالذئاب الخاطفة يسلبون غيرهم ما يرونه، ويشابههم البراهمة في الفعل ويكون الكثرة في شودر وفي اللصوص، ويحبس حقوق البراهمة، ويشار الى من اتعب نفسه بالتقشّف بالأنامل لعزّته ويستخفّ بهم، ويتعجّب ممّن يخدم «بشن» بعد ان كانوا كذلك جملة، ولذلك يسرع الاجابة ويعظم الاثابة على يسير العمل وينال المكان والمكرمة بقليل العبادة والخدمة، وتكون عقبي الأمر في آخر «جوك» عند بلوغ الشرّ غاية مداه خروج «كرك بن جشو» البرهمن وهو «كل» الذي لقّب جوك به بقوّة لا يقاومها احد وبحدّة بكلّ سلاح يكون الفرد فيها، فيجرّد سيفه على الأخلاف الخلف ويطهّر وجه الأرض من دنسهم ويخليها منهم، ويجمع الأطهار البررة للانسال، ويعيد منهم «كريتاجوك» ويعود الزمان والعالم الى النزهة والخير المحض والطيبة، فهذه احوال الجوكات دائرة في «جترجوك» ؛ وفي كتاب «جرك» حكاية عليّ بن زين الطبريّ عنه: انّ الأرض لم تزل في قديم الدهر خصبة سليمة و «مهابوت» الاسطقسات معتدلة، والناس متحابّون مؤتلفون لا حرص فيهم ولا تنازع ولا تباغض ولا تحاسد ولا شيء ممّا يسقم النفس والبدن، فلمّا جاء الحسد عقبه الحرص، وحين حرصوا اجتهدوا في الجمع فاشتدّ على بعضهم وسهل على بعض ودخلت عليهم الأفكار والمتاعب والغموم ودعت الى الحرب والمخادعات والكذب، فقست القلوب وتغيّرت الطبائع، وحلّت الأسقام وشغلت عن عبادة الله وإحياء العلم، فاستحكم الجهل وعظمت البليّة، فاجتمع الصلحاء الى ناسكهم

«فبرس «1» بن اطري» حتى صعد الجبل وتضرّع فعلّمه الله علم الطّب. وما حكيناه عن اليونانيّين مماثل لذلك، فانّ، «اراطس» «2» يقول في ظاهراته ورموزه على البرج السابع: تأمّل تحت رجلي البقّار «3» اي العوّاء في الصور الشمالية العذراء التي تأتي وبيدها السنبلة المنيرة يعني السماك الأعزل، وهي امّا من الجنس الكوكبيّ الذي يقال انّه ابو الكواكب وإمّا متولّدة من جنس آخر لا نعرفه، وقد يقال انّها كانت في الزمن الأوّل مع الناس في حيّز النساء غير ظاهرة للرجال واسمها عندهم «العدل» وكانت تجمع المشيخة والقوّام في المجامع والشوارع وتحثّهم بصوت عال «4» على الحقّ، وتهب الأموال التي لا تحصى وتعطي الحقوق، والأرض حينئذ تسمّى «ذهبيّة» ، وما كان احد من اهلها يعرف المراء المهلك في فعل او قول ولا كان فيهم فرقة مذمومة، بل كانوا يعيشون عيشا مهملا وكان البحر مرفوضا غير مركوب بسفن، وإنّما كانت البقر تأتي بالمير، فلمّا انقرض الجنس الذهبيّ وجاء الجنس الفضّيّ عاشرتهم غير منبسطة واختفت في الجبال غير مخالطة للنساء كما كانت قبل، ثمّ كانت تأتي عظام المدن وتنذر اهلها وتعيّرهم على سوء الأعمال وتلومهم على افساد الجنس الذي خلّفه الآباء الذهبيّون، ويخبرهم بمجيء جنس شرّ منهم وكون حروب ودماء ومصايب عظيمة، فإذا فرغت غابت عنهم إلى الجبال ان انقرض الفضّيّون وصار الناس من جنس نحاسيّ، فاستخرجوا السيف الفاعل للشرّ وذاقوا لحم البقر وهم اوّل من فعل ذلك، فأبغضت العدل جوارهم وطارت الى الفلك؛ وقال مفسّر كتابه: انّ هذه العذراء هي بنت «زوس» ، وكانت تخبر الناس في المجامع بالشرائع العامّيّة والناس حينئذ خاضعون للحكّام غير عارفين بالشرّ والخلاف، لا يخطر ببال احدهم شغب ولا

حسد، يعيشون من الحرث ولا يسلكون البحر في تجارة او حرص، وهم على طبيعة في الصفاء كالذهب، فلمّا انتقلوا من تلك السيرة وصاروا غير حافظين للحقّ لم تعاشرهم العدل ولكنّها كانت تشاهدهم وتسكن الجبال، فإذا اتت محافلهم بكراهة هدّدتهم لأنّهم كانوا ينصتون لقولها كآبائهم ومن اجل ذلك لم تكن تظهر للذين يدعونها كما كانت تفعل اوّلا، فلمّا اتى الجنس النحاسيّ بعد الفضّي واشتبكت الحروب وفشا الشرّ عزمت على أن لا تكون معهم البتّة وأبغضتهم وصارت الى الفلك، وقد قيل فيها اقوال كثيرة منها انّها «ديميطر» لانّ معها سنبلة وبعض يقول انّها «البخت والاتّفاق» ، فهذا ما ذكر «ارطس» ؛ وفي المقالة الثالثة من «نواميس افلاطن» : قال الأثينيّ: انّه كان في الأرض طوفانات وامراض وشدائد لم يتخلّص فيها من البشر إلّا رعاة وجبليّون هم الباقون من النوع غير متدرّبين بالمكر ومحبّة الغلبة، قال الاقنوسي، انّهم في اوّل الأمر يتحابّون عن خلوص لوحشة خراب للعالم ولأن عراءهم لا يضيق بهم ولا يحوج الى الجهد، فالفقر عندهم معدوم ولا قنية لهم ولا عقاد، فليس فيهم شحّ ولا فضّة لهم ولا ذهب، فليس منهم اغنياء ولا فقراء؛ ولو وجدنا لهم كتبا لكثرت الشواهد.

مد- في ذكر المننترات

مد- في ذكر المنّنترات كما أنّ اثنين وسبعين ألف كلپامقدّرة لعمر «براهم» فكذلك «منّنتر» الذي معناه نوبة «من» مقدّر لعمر «أندر» ينقضي رئاسته بانقضائه، ويكون قد بلغ رتبته آخر «فيرءس «1» » العالم في المنّنتر الجديد، قال «برهمكوبت» : من زعم أن لا سند فيما بين كلّ منّنترين وحسب كلّ واحد منها أحدا وسبعين جترجوكا نقص «كلب» عنده ستّة جترجوك والنقصان فيه من الألف مثل الزيادة عليها في مخالفة كليهما كتاب «سمرت» ، ثم قال: أنّ «آرجبهد» ذكر في كتابين له يسمّى أحدهما «دسكيتك» والآخر «آرجاشتشت» أنّ كلّ «منّنتر» فهو اثنان وسبعون جترجوكا، فيكون كلب على قوله ألف وثمانية جترجوكات، وفي كتاب «بشن دهرم» من جوابات «ماركنديو» لبجر: أمّا «بورش» فهو صاحب الكلّ وأمّا كلب فصاحبه براهم الذي هو صاحب الدنيا وأمّا منّنتر فصاحبه «من» ، وهم أربعة عشر وملوك الأرض في أوّله أولادهم، وقد وضعنا اسماءهم في الجدول: والذي وقع في أسامي المنّنترات المستأنفة وهي التي دون السابع فما أظنّه إلّا من جهة ما تقدّم من مثله في الديبات من قصد القوم الأساميّ دون الترتيب «1» «2» «3» «4» «5»

والاعتماد هاهنا على المنقول من «بشن پران» إذ كان عددها فيه وسمّاها ووصفها بأشياء أوجبت الركون فيه الى الترتيب وأعرضنا عن حكايتها لقلّة عائدتها، وفيه أنّ «ميتري» الملك وكان كشترا سأل «براشر» أبا «1» «بياس» عن المنّنترات الماضية والباقية فذكر ما عرف به كلّ «من» كما وضعناها نحن في الجدول، وزعم أنّ أولاد كلّ من هم الذين يملكون الأرض وسمّى من أوائلهم ما اثبتنا أساميهم، وزعم أنّ من كان في منّنتر» الثاني والثالث والرابع والخامس من أولاد «بريابرت» وكان زاهدا كثير التقرّب الى «بشن» فأكرم أولاده بهذه الرتبة.

مه- في ذكر بنات نعش

مه- في ذكر بنات نعش أنّ بنات نعش تسمّى بلغتهم «سبّت رشين» أي السبعة الرش، ويذكرون أنّهم كانوا زهّادا طلبوا رزقهم من الحلال ومعهم امرأة صالحة هي «السهى» ، فاجتنبوا سوق النيلوفر من الحياض ليتغذّوا بها، وجاء الدين فأخفاها عنهم واستحيا كلّ واحد منهم من الآخر، فحلف بأيمان استحسنها الدين، ورفعهم الى الموضع الذي يرون فيه تكرمة لهم: وكنّا اخبرنا أنّ كتب الهند منظومة بشعر وبحسب ذلك يولعون بالتشبيهات والمدائح البديعة عندهم، وفي «سنكهت براهمهر» صفة بنات نعش قبل الحكم عليها، وذلك بحسب نقلنا: له ناحية الشمال متبرّجة بهذه الكواكب تبرّج الحسناء بعقد لآلىء منظومة وقلادة من النيلوفر الأبيض مرصوفة، بل هي فيها كجوار «1» راقصة تدور حول القطب كما يأمرهنّ، وأقول حاكيا عن «كرك» الهرم القديم أنّ كواكب بنات نعش كانت في «مك» عاشر منازل القمر و «جذشتر» ملك الأرض وكان «شككال» بعد ذلك بألفين «2» وخمس مائة وستّ وعشرين سنة، وتمكث في كلّ منزل ستّ مائة سنة وطلوعها فيما بين المشرق والشمال، فالذي يلي المشرق حينئذ منها هو «مريج» ونحو

المغرب منه «بسشت» ثمّ «انكر» ثمّ «أتر» ثمّ «بلست» ثمّ «بله» ثمّ «أكرت» وبقرب بسشت امرأة عفيفة تسمّى «أرندهت» ؛ وربّما اشتبهت هذه الأسامي فنعرّفها بما يعرّفه في صورة الدبّ الأكبر: فمريج هو السابع والعشرون منها وبسشت هو السادس والعشرون وانكر هو الخامس والعشرون وأتر هو الثامن عشر و «اكرت» هو السادس عشر وبله هو السابع عشر وبلست هو التاسع عشر، وهذه كواكب تأخذ في زماننا وشككال فيه 952 من درجة وثلث من الأسد الى ثلاث عشرة درجة ونصف من السنبلة، وبحسب المسير الذي نجده لكواكب الثايتة كانت في زمان جذشتر من ثماني «1» درج وثلثين «2» من الجوزاء إلى عشرين درجة وخمسة أسداس من السرطان، وبحسب المسير الذي عمل عليه القدماء و «بطلميوس» كانت حينئذ من ستّ وعشرين درجة ونصف من الجوزاء الى ثماني «3» درج وثلثين «4» من الأسد والمنزل المذكور آخذ من أوّل الأسد الى تمام ثمان مائة دقيقة منه، فهذا الزمان أولى بأن ينسب فيه بنات نعش الى «مك» من زمان «جذشتر» ، وإن ذهبوا فيه الى الكوكب قلب الأسد فإنّه كان حينئذ في أوائل السرطان، ولا وجه أصلا لما ذكره «كرك» بل يدلّ على قلّة اهتدائه لما يحتاج اليه في إضافة الكواكب بالعيان أو الآلات الى درجات البروج: ورأيت في دفاتر السنة التي تحمل من كشمير معمولة «5» لسنة 951 «6» من «شككال» أنّ بنات نعش في منزل «أنّراد» منذ سبع وسبعين سنة، هذا المنزل يأخذ من ثلاث درجات وثلث من العقرب الى تمام ستّ وعشرة درجة وثلثين «6» منه، وبنات نعش تتقدّمه قريبا من

برج وعشرين درجة؛ ومن الذي يمكنه تحصيل أقاويلهم المختلفة على ظهر المغيب عنهم! فنهب أوّلا ان كرك صادق وإن لم يبيّن الموضع من مك فنضعه نحن أوّله وضعا وذلك أوّل الأسد، ومن زمان جذشتر الى سنتنا التي هي 1340 للاسكندر 3479، ونصدّق أيضا «براهمهر» في مكث بنات نعش في كلّ منزل ستّ مائة سنة، فيكون موضعه لسنتنا في الميزان ستّ درجات وسبع عشرة دقيقة «1» وذلك في منزل «أسوات» عشر درج وثمان وثلاثين دقيقة، فإن فرضنا ما وضعنا في نصف «مك» انتهينا الى ثلاث درج وثمان وخمسين دقيقة من «بشاك» ، وإن فرضناه في آخر مك انتهينا الى عشر درجات وثمان وثلاثين دقيقة من بشاك، فليس ما ذكر في التقويم الكشميري بموافق لما «2» في «سنكهت» ، وكذلك ان جعلنا الموضع ما في التقويم ورجعنا منه بهذا المسير الى الوراء لم ننته الى مك بتّة؛ وقد كنّا نستعظم سرعة الثوابت في زماننا وبطوءها فيما تقدّم ونتطلب لها وجوها في هيئة الفلك، وحركتها عندنا درجة في كلّ ستّ وستّين شمسيّة، فصار أمر «براهمر» أعجب لأنّه يقتضي حركتها درجة في خمس وأربعين سنة وزمانه يتقدّم زماننا بقريب من خمس مائة وخمس وعشرين سنة؛ وفي زيج «كرن سار» لحركة بنات نعش ومعرفة موضعه أمر صاحبه ان ينقص من «شككال» 821، فيبقى الأصل وهو ما زاد على تمام أربعة آلاف «3» سنة من أوّل «كلجوك» ، ثمّ يضرب الأصل في 47 ويزاد على المبلغ 68000، ويقسم المبلغ على عشرة آلاف «3» ، فيخرج بروج وما يتلوها وذلك موضع بنات نعش، أمّا الزيادة فهي بالضرورة موضع بنات نعش لأوّل الأصل مضروب في عشرة آلاف «3» ، فإن قسمت الزيادة عليها خرج ستّة بروج وأربع وعشرون درجة؛ ومعلوم أنّا قسمنا العشرة الآلاف «3» على السبعة والأربعين خرجت مدّة حركة البرج الواحد في مائتين «4» واثنتي عشرة سنة وتسعة

أشهر وستّة أيّام شمسيّة، فحركة الدرجة تكون في سبع سنين وشهر وثلاثة أيّام والمنزل في أربع وتسعين سنة وستّة أشهر وعشرين يوما، فشتّان بين «براهمهر» و «بتيشفر» ان لم يكن في النقل خطأ، وإذا امتثلنا هذا العمل لسنتنا خرج في «انراد» تسع درجات وسبع عشرة دقيقة، وكان أهل «كشمير» يعتقدون في حركة بنات نعش أنّها للمنزل مائة سنة، فقد كان في التقويم المذكور انّ الباقي له الى تمام المائة ثلاث وعشرون سنة؛ وهذا كلّه من عدم الرياضة بأحوال الهيئة وتمزيجه بالأخبار الملّيّة، فأصحابها منهم يعتقدون في بنات نعش أنّه أعلى من مواضع الثابتة ويزعمون أنّ في كلّ «منّنتر» يتجدّد «من» فيملك أولاده الأرض ويتجدّد بأندر الرئاسة وكذلك طوائف الملائكة وبنات نعش، أمّا الحاجة الى الملائكة فليعمل الناس لهم قرابين ويوصلون الى النار انصباءهم وأمّا الحاجة الى بنات نعش فليجدّدوا «بيذ» فإنّه يبيد في آخر كلّ منّنتر، وهذا الفصل هو من «بشن بران» ، ومنه نقلنا ما وضعناه في الجدول من أسماء بنات نعش في كلّ منّنتر:

«1» «2» «3»

مو- في «ناراين» ومجيئه في الأوقات وأسمائه

مو- في «ناراين» ومجيئه في الأوقات وأسمائه ناراين عندهم قوّة من القوى العالية غير قاصدة الإصلاح بالأصلح ولا الافساد بالفساد وإنّما هي دافعة للفساد والشرّ بما أمكن، والصلاح عندها مقدّم على الفساد فإن لم يطّرد ولم يمكن فبالفساد الذي لا بدّ منه، كفارس توسّط زرعا، فإنّه إذا راجع نفسه وتخرّج ورام الخروج من رداءة فعله لم يتمكّن من مرامه إلّا بصرف الدابّة الى الوراء والخروج من حيث دخل وفي خروجه من الفساد مثل ما كان في دخوله وأكثر ولا وجه للتلافي غير ذلك، ولا يميّزون بينها وبين العلّة الأولى، وقد يكون لها في العالم حلول بشبه أهله من التجسّم والتبدّن والتلوّن اذ لا يمكن غير ذلك؛ فمن مرّات مجيئه عند انقضاء «منّنتر» الأوّل لانتزاع رئاسة العوالم من «بالكل» الذي سمّا لها وأراد تناولها، فإنّه جاء وسلّمها الى «شتكرت» الذي يتمّ القرابين مائة وجعله اندرا، ومنها مجيئه عند انقضاء المنّنتر السادس التي فيها دمّر على الملك «بل بن بيروجن» الذي استوزر الزهرة وملك الدنيا، فإنّه لمّا سمع من أمّه فضل أيّام أبيه على أيّامه اذ كان الى أوّل «كريتاجوك» «1» أقرب والناس في الراحة أغرق ومن التعب أبعد هزّته الهمّة على التنافس في ذلك، فأخذ في أعمال البرّ وبثّ الأعطية وتفريق الأموال وتقريب

القرابين التي يستحقّ عند استتمام مائة منها رئاسة الجنّة والعالم، فلمّا قارب التمام أو كاد بالفراغ من تسعة وتسعين منها أشفق الروحانيّون على مكانتهم وعلموا أنّ ما لهم من الناس منقطع اذا استغنوا عنهم، فاجتمعوا الى «ناراين» مستصرخين به، فأجابهم الى ملتمسهم ونزل الى الأرض في صورة «بامن» وهو الإنسان الذي يقصر يداه ورجلاه عن مقدار بدنه حتى يستسمج لذلك هيئته، وجاء الى «بل» الملك وهو في عمل القربان والبراهمة عنده حول النيران والزهرة وزيره بين يديه وقد فتحت الخزائن وصيبت «1» الجواهر صبرا للصلات والهبات والصدقات، فأخذ بامن كالبراهمة في قراءة «بيذ» من الموضع الذي يسمّى الآن «سام بيذ» بلحن شج «2» مطرب هزّ الملك على السخاوة له مما اراد واقترح،؟؟؟ سارّته الزهرة بأن هذا ناراين قد جاء لاستلاب ملكك فلم يحفل بقولها لشدّة طربه وسأله عمّا يريد فقال: مقدار أربع خطوات من ملكك اتعيّش فيها، فقال: اختر ما تريد وكيف تريد، وطلب الماء ليصبّه على يده فينفذ بذلك ما أمر به، وهو رسم لهم، ودخلت الزهرة الإبريق لشدّة محبّتها للملك وسدّت بلبلته لئلّا تخرج «3» الماء فتحبس ثقبة البلبلة بحشيشة خاتم البنصر، وعور عين الزهرة ونحاها فسال الماء، وخطا بامن واحدة الى المشرق وأخرى الى المغرب وثالثة الى فوق بلغت «سفر لوك» ، ولم يبق للرابعة من الدنيا موضع فاسترقّه بها ووضع رجله بين كتفيه لسمة الاستعباد وغوّصه في الأرض حتى ساخ الى «پاتال» أسفل السافلين، وأخذ العوالم منه وسلّم الرئاسة الى «پرندر» : وفي «بشن پران» : أنّ «ميتري» الملك سأل «براشر» عن الجوكات، فأجابه: أنّها ليشغل «بشن» فيها نفسه، فيجيء في «كريتاجوك» في صورة «كبل» مجرّدا للعلم وفي «تريتاجوك» في صورة «رام» مجرّدا للشجاعة وقهر الأشرار وحفظ اللوكات الثلاثة بقوّة وغلبة

والإحسان اليها وفي «دوابر» في صورة «بياس» ليجعل «بيذ» ارباعا ويفرّعه تفريعا، وفي آخر دوابر على صورة «باسديو» لإفناء الجبابرة وفي «كلجوك» على صورة «كل بن جشو» البرهمن لقتل الكلّ وإعادة الدور في «جوك» ، فهذا شغله، وفي موضع آخر من هذا الكتاب: أنّ بشن وهذه عبارة عن «ناراين» أيضا يجيء في آخر كلّ دوابر لتربيع بيذ من جهة ضعف الناس وعجزهم عن مراعاة كلّه، ويكون في مجيئاته على صورة بياس، وإن اختلفت اسماؤه وأوردها في الجترجوكات الماضية من هذا المنّنتر السابع فوضعناها في جدول: «1» «2»

«1» «2» و «كرش دبيباين» هو «بياس بن «3» براشر» ، والتاسع والعشرون مستقبل لم يكن بعد، وفي كتاب «بشن دهرم» : أنّ أسماء «هر» وهو «ناراين» تختلف في الجوكات، فتكون: «باسديو، سنكرشن، بردّمن، آنردّ» ، وأظنّ أنّه لم يراع «3» فيها الترتيب فإنّه في آخر الجوكات الأربع كان «باسديو» ؛ وفيه أيضا: أنّ ألوانه تختلف فيها، فيكون في «كريتاجوك» أبيض وفي «تريتاجوك» أحمر وفي «دوابر» أصفر وهو أوّل تجسّمه في صورة انسان وفي «كلجوك» أسود، وهذه الألوان كألوان القوى الثلاث الأول فإنّهم يزعمون أنّ «ست» بيضاء مشفّة و «رج» حمراء و «تم» سوداء؛ ونحن نذكر بعد هذا حال مجيئه الأخير.

مز- في ذكر «باسديو» وحروب «بهارث»

مز- في ذكر «باسديو» وحروب «بهارث» انّ العالم معمور بالحرث والنسل، وكلاهما «1» متزايدان على الأيّام والتزايد غير محدود والعالم محدود، ومهما ترك التزايد ووتيرته في نوع واحد من النبات والحيوان وكلّ منهما لا يكون ولا يفسد مرّة ولكنّه يولد مثله بل امثاله مرّات استولت نوع شجرة واحدة او نوع حيوان واحد على الأرض ما وجد للانتشار والنشر موضعا، والزرّاع يتنقّى زرعه فيترك فيه ما يحتاج اليه ويقلع ما عداه، والناطور يترك من الأغصان ما يعرف فيه النجابة ويقلم ما سواه، بل النحل يقتل من جنسه من يأكل ولا يعمل في كوّارته، والطبيعة تفعل كذلك ولكنّها لا تميّز لأنّ فعلها واحد، فنفسد من الشجر ورقها وثمرها وتمنعها عن الفعل المعدّ لها فتزيحها، كذلك الدنيا اذا فسدت بكثرة او كادت ولها مدبر وعنايته بالكلّيّة في كلّ جزء منها موجودة فإنّه يرسل اليها من يقلّل الكثرة ويحسم موادّ الشرّة؛ ومن ذلك على ما يزعم الهند «باسديو» فإنّه ورد في المرّة الأخيرة على صورة الانس مسمّى بباسديو حين كثرت الجبابرة في الأرض وامتلأت من الظلم حتى كانت تميد من الكثرة وترتجّ من شدّة الوطأة، فولد ببلد «ماهوره» لبسديو من اخت «كنس» واليه حينئذ، وهم من جنس «جتّ» اصحاب المواشي وطيئه «شودر» ، وكان عرف كنس انّ هلاكه من جهته بنداء سمعه وقت عرس اخته فوكلّ بها من يحمل اليه

احمالها إذا وضعت، وكان يقتل ذكرها وأنثاها الى أن ولد لها «بلبهدر» فأخذها «جسو» زوجة «نند» «1» البقّار وربّته واحتالت لاخفاء امره على الموكّلين، ثم ولد لها بعده في البطن الثامن «باسديو» في ليلة مطيرة كانت ثامن النصف الأسود من «بهادربت» والقمر في منزل «روهنى» في الطالع، فغفل الحرّاس بنوم أثقلهم وسرقه ابوه وحمله الى «نندكول» اي موضع مربط البقر الذي لنند زوج «جسؤ» وهو قريب من «ماهوره» وبينهما نهر «جون» وأبدله بابنة لنند كان اتّفق ولادتها وقت بلوغ باسديو اليهم، وحمل الابنة الى الحرّاس بدل الابن، فأراد «كنس» الوالي قتلها فطارت في الهواء وذهبت، وتربّى باسديو في يد جسو المرضعة في غير ان تعلم انّه بدل ابنته واطّلع كنس على امره، فكاده بكلّ كيد ومكر رجعت كلّها عليه حتى طلبه من ابويه للصراع بين يديه، فأناف في فعله على الجميع بعد ان فعل في الطريق ما اغاظ به الخالة من قهر حيّة كانت موكلّة بحفظ «نيلوفر» حوضه وزمّها في منخريها، ومن قتل قصّاره لمّا امتنع من اعارته ثيابا للمصارعة، ومن سلب الصندل صاحبته الموكّلة بتضميخ المصارعين به، ثمّ قتل الفيل المغتلم المهيّأ لقتله على بابه، وبلغ من عمل الغيظ في كنس ان انشقّت مرارته وهلك لوقته، وملك باسديو ابن اخته مكانه، وله في كلّ شهر اسم، وتبعه يفتتحونها بشهر «منكهر» وباليوم الحادي عشر من كلّها فإنّ خروجه كان فيه: ثمّ امتعض لذلك صهر الميّت ودلف الى «ماهوره» واستولى على ملك «باسديو» وأجلاه الى البحر، وظهرت له قلعة «باروى» ذهبيّة بقرب الساحل فسكنها؛ وكان اولاد «كورو» على بني العمومة، وأضافهم وقامرهم فقمرهم جميع ما ملكوا حتى بلغ الأمر ان شرط عليهم الانجلاء عن الوطن بضع عشرة سنة والاختفاء في آخرها بحيث لا يعرفهم احد، وإنّهم ان لم يفوا لزمهم المعاودة مثل تلك السنين، ففعلوا

«1» الى ان حان وقت بروزهم، وأخذ كلّ واحد من الفريقين في الاحتشاد والاجتهاد في الاستنجاد حتى اجتمع في برّيّة «تانيشر» من الجموع ما لا يكاد يحصى، وكانوا ثمانية عشر «اكشوهني» ، واستنجد كلّ واحد من الفريقين باسديو فعرض نفسه وحده او أخاه «بلبهدر» مع الجيش، فآثره اولاد «باندو» ، وهم خمسة: «جذشتر» رئيسهم و «ارجن» اشجعهم و «سهاديو» و «بهيمسين» و «نكل» «2» ، ومعهم سبعة اكشوهني وخصومهم اقوى، لولا حيل باسديو وتعليمه ايّاهم ما يحصل لهم به الظفر حتى تفانت تلك الجماهير ولم يبق غير الإخوة الخمسة، فانصرف حينئذ باسديو الى مركزه ومات هو وقبيلته المعروفة، بجادو والإخوة الخمسة قبل تمام السنة وحؤول الحول على الفراغ من تلك الحروب؛ امّا باسديو

فإنّه جعل بينه وبين ارجن اختلاج العضد والعين اليسريين علامة لحدوث حادثة به، وكان في ذلك الزمان رش زاهد يسمّى «درباسه» وإخوة باسديو وقبيلته شطّار مجّان، فاستبطن احدهم تحت ثيابه مقلاة حديد وسأل الزاهد عن حبله ساخرا به، فقال في بطنك ما هو سبب هلاكك وهلاك جميع اهلك، وسمع «باسديو» ذلك فاغتمّ له لمعرفته بصدق قوله، وأمر بأن يسحل ذلك المقلي بالمبرد ويلقى في الماء، ففعل ذلك، وبقيت بقيّة استنزرها من تولّي ذلك وألقاها كما هي؛ فابتلعتها سمكة صيدت ووجدها الصيّاد في بطنها، فاستصلحها لسهمه نصلا، ولمّا حان الوقت المقدّر كان باسديو في الساحل نائما تحت ظلّ شجرة وإحدى رجليه فوق الأخرى فظنّه الصائد ظبيا ورماه فأصاب قدمه اليمنى، وكانت الجراحة سبب موته، واختلج يسار «ارجن» فعضده، وأوصاه اخوه «سهاديو» ان لا يمكّنه من العناق لئّلا يستلب قوّته، فأتاه وهو لما به لم «1» يمكّن من عناقه، فطلب قوسه وناولها اياه فجرّب بها قوّته، وأوصاه في جسده وأجساد قبيلته بالإحراق وفي نسائه بأن يحملهم من القلعة ومات؛ وأمّا البرادة فإنّها انبتت برديّا وجاء «جادو» إليها وشدّوا منها حزما للجلوس وشربوا، فوقعت بينهم عربدة تقاتلوا فيها بحزم البرديّ وقتل بعضهم بعضا، وذلك كلّه بالقرب من مصبّ نهر «سرستي» في البحر عند منصب «سومنات» ، وفعل «2» ارجن جميع ما امر به، وحمل نساءه فقطع عليهم اللصوص، ولم يتمكّن ارجن من ايتار قوسه ففطن لذهاب قوّته، وأخذ يدير القوس فوق رأسه فما كان تحتها نجا وما خرج منها ظفر به السرّاق، وعلم وإخوته ان لا فائدة لهم في الحياة فذهبوا الى ناحية الشمال ودخلوا الجبال التي لا يذوب ثلوجها، فقتلهم البرد واحدا بعد آخر إلى ان بقي «جذشتر» ، فاستقبل بتكرمة الجنّة بعد ان يعبر على جهنّم لكذبة واحدة كذبها بطلب اخوته و «باسديو» ذلك

منه، وهو قوله بمسمع من «درون» البرهمن: مات «اشتّام» الفيل، ووقوفه بين اللفظتين حتى اوهم درون انّه يعني ابنه، فقال جذشتر للملائكة: ان كان ولا بدّ من ذلك فلتقبل شفاعتي في اهل جهنّم وليعتقوا منه، فأجيب الى ذلك وذهب به الى الجنّة.

مح- في الابانة عن مقدار «اكشوهني»

مح- في الابانة عن مقدار «اكشوهني» كلّ اكشوهني فإنّه يحوي عشرة «انيكني» ، وكلّ انيكني فإنّه يشتمل على ثلاثة «جم» ، وكلّ جم على ثلاثة «برتن» ، وكلّ برتن على ثلاثة «باهن» ، وكلّ باهن على ثلاثة «كن» ، وكلّ كن على ثلاثة «كلم» ، وكلّ كلم على ثلاثة «سينامخ» «1» ، وكلّ سينامخ «1» على ثلاثة «بتّ» ، وفي كلّ بت «رتو» واحد وهو المسمّى في الشطرنج رخّا؛ وكانت اليونانيّون يسمّونها «مراكب القتال» ، وأوّل من احدثها عندهم «منقالوس» بمدينة «اثينية» وأهلها يزعمون انّهم اوّل من ركبوها، وكان قبل ذلك ابدعها «افروذيسي» الهندي بمصر لمّا ملكها وذلك بعد الطوفان بقريب من تسع مائة سنة، وعملها بفرسين يجريانها، ومن اساطير اليونانيّين: انّ «ايفسطس» عشق «اثينا» وراودها فدافعته حفظا للعذرة، واختفى لها في بلاد «اثينية» وأراد القبض عليها فطعنته بحربة حتى تركها، وأرسل النطفة على الأرض فكان منها «ارقتونيوس» ، وإنّه جاء على عجلة مثل رخّ الشمس ومعه ممسك الأعنّة راكب، وما في الميدان في زماننا من رسوم الركض والجري في الرخاخ فهو تشبيه به، ويكون فيه ايضا فيل واحد وثلاثة فوارس وخمسة رجّالة؛ وهذه الترتيبات بسبب التعبئة والنزول والرحيل، فمهما اجتمع من

الرخاخ 21870 ومن الفيلة مثلها ومن الفرسان 65610 ومن الرّجالة 109350 فهو «اكشوهني» ، لكن في كلّ رخّ اربعة افراس، وسائسها ورئيس العجلة الناشب وحليفاه الزارقان وحافظ الرئيس من ورائه والموكّل باصلاح العجلة، وعلى كلّ فيل قائده وخليفته من ورائه وسائقه خلف السرير والرئيس فيه الناشب وحليفاه الزارقان وملاعبه «هوهو» الذي يعدو بين يديه، فقد زاد في الناس من جهة الرخاخ والفيلة 284323 «1» ، وفي الأفراس 87480، فجملة الفيلة في اكشوهني 21870 ومثلها من العجلات والدوابّ 153090 «2» والناس 459283، وعدّة جميع الحيوانات في اكشوهني من الفيلة والدوابّ والناس 634243 «3» وفي جملة الثمانية عشر اكشوهني 11416374 منها الفيلة 393660 والدوابّ 2755620 والناس 8267094؛ فهذا «4» تفصيل اكشوهني وتفسيره.

مط- في التواريخ بالاجمال

مط- في التواريخ بالاجمال بالتواريخ تصير الأوقات المشار اليها في الزمان معلومة، والهند وإن لم يستثقلوا كثرة العدد بل تبجّحوا بها فإنّهم يضطرّون في الاستعمال الى تقليلها، فمن تواريخهم مبدأ كون «براهم» ، ومنها اوّل نهار يومه الآن وهو مبدأ «كلب» ومنها اوّل «منّنتر» السابع الذي نحن فيه، ومنها اوّل «جترجوك» الثامن والعشرين وهو الذي نحن فيه، ومنها اوّل الجوك الرابع منه ويسمّى «كلكال» اي وقت «كل» ، فإن الجوك معروف به وإن كان وقته في آخره ولكنّهم يعنون به مبدأ «كلجوك» ، ومنها «باندوكال» وهو وقت حروب «بهارث» وأيّامه، وكلّ هذه التواريخ متقادمة قد جاوزت سنوها المئين الى الألوف وما بعدها، فاستثقلها المنجّمون فضلا عن غيرهم؛ ونحن لتعريفها نجعل المثال الأوّل سنة الهند الواقع اكثرها في سنة اربع مائة ليزدجرد، فإنّ مئيها تجرّدت عن الآحاد والعشرات فاختصّت بذلك وتميّزت عن سائر السنين، ثمّ اشتهرت بانهداد امنع الأركان وانقراض مثل السلطان محمود أسد العالم ونادرة الزمان رحمة الله عليه قبلها بأقلّ من سنة، فأما سنة الهند فإنّه يتقدّم نوروزها باثنى عشر يوما ويتأخّر عن النعي المذكور عشرة أشهر فارسيّة تامّة، وإذا كان ما فرضناه معلوما فإنّا نسوق السنين الى هذا الاجتماع الذي هو مفتتح سنة الهند فإنّها تتمّ عنده والنوروز المذكور قريب منه وهو يتبعه؛ وفي كتاب «بشن دهرم» : إنّ «بجر» سأل «ماركنديو» عمّا مضى من عمر

«براهم» ، فأجابه بأنّ الماضي منه ثماني «1» سنين وخمسة اشهر وأربعة ايّام وستّة «منّنتر» وسبعة «سند» وسبعة وعشرين جترجوكا وثلاثة «جوك» من الثامن والعشرين وعشر سنين من سني «دبّ» الى وقت «اشميت» الذي عملته انت قال ومن احاط بتفصيل ذلك وتصوّره حقّ التصوّر كان عارفا والعارف هو الذي يخدم الربّ الواحد ويطلب جوار مكانه المسمّى «برم بذ» ، وإذا كان ما ذكره معلوما وقد اشرنا الى مقادير هذه الأشياء اشارة كافية يستبين منها انّ الماضي من عمر «براهم» الى الوقت الذي فرضناه للمثال بسنينا 26215732948132 «2» ، ومن يومه الذي هو «كلب» النهار 1972948132 ومن منّنتر السابع 120532132، وهو ايضا تأريخ حبس «بل» الملك لأنّه كان في اوّل «جترجوك» من منّنتر السابع؛ وكلّ ما ذكرناه ونذكره في التواريخ فهو سنوها التامّة اذ لم يجر لهم رسم باستعمال السنة المنكسرة فيها، وفي كتاب «بشن دهرم» : قال «ماركنديو» في جواب «بجر» : قد مضى عليّ ستّة كلب ومن السابع ستّة منّنتر ومن السابع ثلاثة وعشرون «تريتا جوك» وفي الرابع والعشرين قتل «رام» «راون» وقيل «لكشمن» اخو «3» «رام كهنبكرن» اخا «3» راون وقهرا جميع «راكشس» ، وحينئذ عمل «بالميك» «4» الرش حديث «رام وراماين» وخلّده في الكتب، وحدّثت انابه «جذشتر بن باندو» في مشجرة «كامكبن» ؛ فأمّا تعديده «تريتاجوك» فلانّ الأحوال المذكورة كانت فيه وأيضا فإنّ التعديد بالواحد اولى من واحد يفصح بأربعة، وآخر تريتاجوك اولى بتلك الأحوال من اوّله لاقترابه من الشرّ، ولا شكّ انّ تأريخ «رام وراماين» عندهم معلوم ولكنّه لم يقع الينا، وسنو ثلاثة وعشرين جترجوكا تكون 99360000 وإلى آخر تريتاجوك تكون 102384000، فإذا

نقصناها من تأريخ «منّنتر» لسنتنا بقي 18148132 وهو تأريخ رام بحسب التفرّس الى ان يعاضده سماع موثوق به، ومن «جترجوك، الثامن والعشرين 3892132، وهذا كلّها على تقديرات «برهمكوبت» ، وهو و «بلس» متّفقان في انّ «كلب» عمر «براهم» قبل كلبنا 6068، وإنّما الشتات «1» في جترجوكاتها، فإنّها عند بلس 6116544 وعند برهمكوبت بنقصان 48544، فإذا عملنا لمذهب بلس على أنّ منّنتر 72 جترجوك بلا «سند» وكلب 1008 جترجوك وكلّ «جوك» ربعه كان الماضي من عمر براهم لوقت مثالنا 26425456200000 ومن كلب 1986124132 ومن منّنتر 119884132 ومن جترجوك 3244132، وأمّا ما بعد «كلجوك» فلا خلاف في سنيه التامّة، فيكون عند كليهما من كلجوك 4132 وهو «كلكال» ومن حروب «بهارث» وهو «باندوكال» 3479؛ ولهم تأريخ يسمّى «كال جمن» لم اتحقّقه الّا انهم زعموا انه كان في آخر «دوابر» الأدنى، وكان جمن المذكور متغلّبا على ارضهم مفسدا لدينهم، وكلّ هذه التواريخ كثيرة العدد بعيدة المبدأ، ولذلك اعرضوا عنها وجاءوا الى تواريخ «شري هرش» وبكرمادت» و «شق» و «بلب» و «كوبت» ، فأمّا شري هرش فيعتقدون فيه انّه كان يتأمّل الأرض فيبصر ما في بطنها الى السابعة من الكنوز المكنوزة والدفائن المذخورة يستخرجها ويستغنى بها عن اعنات رعاياه، ويستعمل تأريخه بما هوره ونواحي «كنوج» ، ومنه الى بكرمادت اربع مائة سنة على ما ذكر بعض اهل تلك الناحية، ورأيته في التقويم الكشميريّ متأخّرا عن بكرمادت 664، فحصلت على الشكّ ولم يجله بعد يقين، ومستعملو تأريخ بكرمادت في البلاد الجنوبيّة والغربيّة في ارض الهند يضعون 342 ويضربونه في ثلاثة ابدا فيجتمع 1026، ثم يزيدون عليه الماضي من «شدبد» وهو السنبجرّ الستّيني فيكون ذلك تأريخ بكرمادت، ووجدت اسمه في كتاب «سروذو»

لمهاديو «جندربير» ، وفيما يعملونه تكلّف اوّلا ولو انهم وضعوا في اوّل الأمر 1026 كما وضعوا 342 بغير علّة موجبة لكان مجزيا، وهب انّه اطّرد في «سنبجر» واحد فما الطريق فيه اذا تضاعف؟ وأمّا تأريخ شق وهو «شككال، فهو متأخّر عن بكرمادت 135، وكان شق المذكور متغلّبا على ما بين نهر السند وبين البحر من ارضهم قد جعل مستقرّة «آرجابرت» في الواسطة، وحظر عليهم الانتساب الى غير الشقيّة، فمنهم من زعم انّه كان شودرا من مدينة المنصورة ومنهم من زعم انّه لم يكن هنديّا وإنّما جاءهم من ناحية المغرب، وكانوا منه في بلاء شديد الى ان اتاهم الغياث من نواحي المشرق بقصد «بكرمادت» ايّاه حتى هزمه وقتله بناحية «كرور» التي بين «مولتان» وقلعة «لوني» ، فاشتهر الوقت بحسب الاستبشار بقتله وأرّخ به وخاصّة المنجّمون منهم، وألحقوا «شري» باسم بكرمادت اجلالا له، ولامتداد المدّة بين «1» التأريخ الذي اضفناه اليه وبين مقتل «شق» اظنّ انّه ليس بالقاتل وإنّما هو سمّي له؛ وأمّا تأريخ «بلب» وهو صاحب مدينة «بلبه» وهي جنوبيّة عن مدينة «انّهلواره» بقريب من ثلاثين «جوزن» ، فإنّ اوّله متأخّر عن تأريخ شق بمائتين «2» وإحدى وأربعين سنة، ومستعملوه يضعون «شككال» وينقصون منه مجموع مكعّب الستّة ومربّع الخمسة، فيبقى تأريخ بلب، وخبره آت في موضعه، وأمّا «كوبت كال» فكانوا كما قيل قوما اشرارا اقوياء فلمّا انقرضوا ارّخ بهم، وكأنّ بلب كان اخيرهم فإنّ اوّل تأريخهم ايضا متأخّر من شككال 241، وتأريخ المنجّمين يتأخّر عن شككال 587، وعليه بنى زيج «كندكاتك» لبرهمكوبت وهو المعروف عندنا بالأركند؛ فإذن سنو تأريخ «شري هرش» لسنتنا الممثّل «3» بها 1488 وتأريخ بكرمادت 1088 وشككال 953 وتأريخ بلب الذي هو ايضا كوبت كال 712 وتأريخ زيج كندكاتك 366 وتأريخ «بنج سدهاندك»

لبراهمهر 526 وتأريخ «كرن سار» 132 وتأريخ «كرن تلك» 65، وهذه التواريخ المنسوبة الى الزيجات هي التي استصلحها اصحابها لسياقة الحساب من عندها، ويمكن ان تكون في ازمنتهم كما انّه ممكن ان تتقدّمهم؛ وعوامّ الهند يعدّون السنين مائة مائة ويسمّونه «سنبجر» المائة، فكلّما انقضت مائة تركوها واخذوا في تعديد مائة بعدها، وسمّوه «لوككال» اي تأريخ الجمهور، واختلفوا في الأخبار عن ذلك اختلافا زال معه التحقيق عنّي له، وبقدر اختلافهم فيه اختلفوا في مبدأ السنة ومفتتحها، وانا اورد منه ما سمعته بعينه الى ان يسفر فيه الأمر عن قانون؛ وأقول انّ من يستعمل تأريخ «شق» وهم المنجّمون فإنّه يفتتح السنة بشهر «جيتز» وقيل انّ اهل «كنير» المصاقبة لكشمير يفتتحونها من شهر «بهادربت» وتأريخهم لسنتنا 84، وأنّ من يسكن فيما بين «بردري» وبين «ماري كله» يفتتحونها من شهر «كارتك» وتأريخهم لسنتنا 110، وزعم في الكشميري انه ستّ من المائة الجديدة وهو مذهب اهل «كشمير» وأنّ من يسكن «نيرهر» وراء مارى كله الى آخر حدود «تاكيشر» و «لوهاور» يفتتحونها من «منكهر» وتأريخهم لسنتنا 108، وأهل «لنبك» اعني «لمغان» يتبعونهم في ذلك، وسمعت اهل «مولتان» يقولون انّ هذا كان رأي السند واهل «كنوج» وإنّهم كانوا يفتتحون السنة من عند اجتماع منكهر وإنّ اهل مولتان تركوا ذلك منذ سنين قليلة وانتقلوا الى رأي اهل كشمير ووافقوهم على افتتاحها باجتماع جيتر؛ وقد قدّمت العذر في هذا الفصل، وأنّ تواريخه غير محقّقة من اجل ما فيها من الزيادة على المائة، على أني شاهدتهم في سنة قلع «سومنات» وهي اربع مائة وستّ عشرة للهجرة و «شككال» فيها 947، إذا قصدوه وضعوا 242 وتحته 606 99، ثمّ يجمعونها فيكون شككال، فكان يتخيّل الى انّ 242 هي سنو تأخّر ابتدائهم بالمائة وأنّهم ابتدأوا في ذلك من «كوبت كال» وأنّ 606 هي سنبجرات المائة التامّات ويوجب ان يكون كلّ واحد 101 وأمّا 99 فهي السنون الماضية من الناقص، وهو كذلك وتحقّقه ورقة وجدتها من زيج عمله «درلب» المولتاني يقول فيها: ضع 848 وزد عليه «لوكك كال» اي تأريخ

الجماعة فيجتمع شككال، وإذا وضعنا شككال لسنتنا وهو 953 ونقصنا منه 848 بقي «لوكك كال» 105 ويكون لسنة قلع «سومنات» 98، قال والمبدأ من «منكهر» وعند منجّمي المولتان من «جيتر» . وقد كان لهم ملوك بكابل اتراك قيل في اصلهم انّهم كانوا من التّبت، جاء اوّلهم وهو «برهتكين» ودخل غارا بكابل لا يمكن دخوله الّا مضطجعا زاحفا «1» ، وفيه ماء ووضع هناك طعاما لأيّام، وهذا الغار الآن معروف هناك يسمّى «بفر» ، ويدخله من يتيمّن به ويخرج معه من ذلك الماء بجهد، وكان على بابه جماعات من الفلّاحين يعملون، ومثل هذه الأشياء لا يمكن ولا يروج «2» إلّا بمواطأة مع واحد، وكان من واطأه حمل القوم في العمل على المواظبة بالليل والنهار بالنوب لئلّا يخلوا الموضع من الناس، وعند مضيّ ايّام على دخوله احد يخرج من الغار والناس مجتمعون وهم يرونه كما يولد من الأمّ، وعليه زيّ الأتراك من القباء والقلنسوة والخفّ والسلاح، فعظّم تعظيم انسان مخترع وللملك مخلوق واستولى على تلك المواضع متّسما بشاهية «كابل» وبقي الملك في اولاده قرونا عددها حول الستّين، ولولا انّ الهند في امر الترتيب متساهلون وعن نظام تواريخ الملوك في التوالي متغافلون وإلى التجازف عند الحيرة والضرورة ملتجئون لأوردنا ما ذكره قوم منهم، على اني سمعت انّ ذلك النسب على ديباج وجد في قلعة «نغركوت» وحرصت على الوقوف عليه فامتنع الأمر لأسباب؛ وكان من جملتهم «كنك» وهو الذي ينسب اليه البهار الذي ببرشاور، فيقال «كنك جيت» ، زعموا انّ «رأى كنوج» اهدى اليه في جملة ما اهدى ثوبا فاخرا بديعا، وأنّه اراد قطعة ثيابا لنفسه فأحجم الخيّاط عن عمله وقال: هاهنا صورة قدم انسان وكيف ما اجتهد لا يجيء إلّا على ما بين الكتفين، وفي ذلك ما ذكرناه في قصة «بل» فعلم كنك انّ صاحب كنوج قصد اذلاله والاستخفاف به وركب من فوره مع

جنوده يركض نحوه، وسمع راي ذلك فتخيّر ولم يكن له به طاقة، فاستشار وزيره فقال الوزير: قد هيّجت ساكنا وفعلت ما لا يجب، فاقطع الآن انفي وشفتي ومثّل بي لأجد الى المكر سبيلا فلا وجه للمجاهرة، وفعل به راي ما قال وتركه ومضى الى اقاصي المملكة، فلمّا عثر الجند على الوزير وعرفوه جاءوا به الى كنك فسأله عن حاله، فقال الوزير: كنت انهاه عن المخالفة وادعوه الى الطاعة وانصحه، فاتّهمني ومثّل بي، ومرّ على وجهه الى موضع يطول اليه سلوك الجادة ويسهل من جهة تعسّف فلاة بيننا وبينه ان امكن حمل الماء لكذا يوم، قال «كنك» : هذا سهل وحمل الماء كما قال واستدلّه على السمت، فتقدمه وأدخله مفازة لاحدّ لأطرافها، فلمّا انقضت الأيام ولم يفن الطريق سأل الوزير عن الحال، فقال: لا لوم عليّ في حماية صاحبي وإتلاف عدوّه، وأقرب المخارج من هذه الفلاة ما دخلت منه، فافعل بي ما شئت فلا مخلص لأحد منها، فركب كنك وأجرى فرسه حول موضع منخفض، ثم غرز رمحه في وسطه ففار الماء فورانا كفى الجند شربا وزادا! فقال الوزير: أنا ما قصدت بالحيلة الملائكة القادرين وإنّما قصدت بها الناس العاجزين، وإذ الأمر كذلك فاقبل شفاعتي في وليّ نعمتي واصفح عنه، قال كنك: انا من هذا المكان منصرف الى الوراء، قد اجبتك الى الملتمس، فقد امضى في صاحبك ما وجب، وانصرف وذهب الوزير الى صاحبه «راى» فوجده قد سقطت يداه ورجلاه في اليوم الذي غرز فيه كنك الرمح في الأرض؛ وكان آخرهم «لكتورمان» ووزيره من البراهمة «كلّر» ، قد ساعده الزمان فوجد بالاتفاق دفائن استظهر بها وقوى، وبحسب ذلك اعرضت الدولة عن صاحبه لتقادم عهدها مع اهل بيته «1» ، فساء ادب لكتورمان وقبحت افعاله حتى كثرت الشكايات الى وزيره، فقيّده وحبسه للتأديب ثمّ استحلى الخلوّ بالملك ومعه آلة ذلك من الأموال فاستولى عليه، وملك بعده البراهمة «سامند» ثمّ «كملو» ثمّ «بهيم» ثمّ «جيبال» ثمّ،

انندبال» ثمّ «تروجنبال» ، قيل في سنة اثنتي عشرة وأربع مائة للهجرة وابنه «بهيمبال» بعده بخمس سنين، وانقضت الشاهيّة الهنديّة ولم يبق من اهل ذلك البيت نافخ نار، وكانوا مع البسطة لهجين بالمكارم وحسن العهد والاصطناع، ولقد استحسنت من انندبال مراسلته الأمير محمود والحال بينهما في غاية الخشونة بأنّي سمعت خروج الترك عليك وانتشارهم بخراسان، فإن شئت جئتك في خمسة آلاف «1» فارس وضعفها رجّالة ومائة فيلة، وإن شئت وجّهت اليك بابني في ضعف ذلك، وليس في «2» ذلك اعتداد بموقع ذلك عندك، وإنّما انا كسيرك فلا اريد ان يغلبك غيري، وكان هذا شديد البغض للمسلمين من لدن اسر ابنه وكان ابنه تروجنبال بخلافه.

ن- في أدوار الكواكب في كل واحد من «كلب» و «جترجوك»

ن- في أدوار الكواكب في كلّ واحد من «كلب» و «جترجوك» إن من شرائط كلب ان يكون الكواكب السيّارة فيه مجتمعة في أوّل برج الحمل اعني نقطة الاعتدال الربيعيّة مع اوجاتها وجوزهراتها، فيكون لكلّ واحد منها في أيّام كلب ادوار تامّة لا محالة، وفي زيج الفزاريّ ويعقوب بن طارق تلك الأدوار مستفادة عن الرجل الهنديّ الذي كان في جملة وفد السند على المنصور في سنة اربع وخمسين ومائة للهجرة، وإذا قسنا بينها وبين ما عليه الهند وجدنا بينهما خلافات لست اعرف سببها، أهو من نقل الرجلين؟ أم هو من املاء الهنديّ؟ أم هو من تصحيح «برهمكوبت» أو غيره لها؟ فلا محالة انّ من كان متيقّظا يهمّه ما يراه في الكواكب من اضطراب الحساب فيجتهد لتصحيحه مثل محمّد بن اسحاق السرخسيّ، فإنّه وجد في حساب زحل تخلّفا ودوام على الاعتبار حتى استيقن انّه ليس من جهة التعديل، ثمّ اخذ يزيد على ادواره دورا ويستقرئ الى ان وافق الحساب منها عيانه، فأثبتها كذلك في زيجه، وحكى برهمكوبت عن «آرجبهد» في ادوار اوج القمر وجوزهره خلافا نذكره كما حكى اذ لم نطالع ذلك الّا تقليدا له، وفي هذا الجدول جميع ذلك ليحاط به ان شاء الله تعالى: وهذه الأدوار بالحركات الوسطى، ولأنّ «جترجوك» عشر عشر عشر «كلب» عند «برهمكوبت» فإنّا إذا أخذنا من كلّ واحد من هذه الأدوار جزءا من ألف جزء منه كان هو الحركة في جترجوك، كما انّا إذا أخذنا بدل هذا الجزء جزءا

من عشرة آلاف «1» جزء منه كان هو بالحركة في «كلجوك» لأنّه عشر جترجوك، وكلّ ما انكسر بكسر فإنّ الجبارة تكون في تضاعيف مساوية لمخرج الكسر ان كان في جترجوك فجترجوكات وإن كان في كلجوك فكلجوكات، وقد وضعنا ذلك في جدول مفرد لهما دون المنّنترات وإن حوت جترجوكات تامّة فإنّ «سند» المطيف بها يعسّر العمل بها: «2»

وكما انّا حصّلنا حصّتي «جترجوك» «1» و «كلجوك» «2» من الأدوار التي في «كلب» عند «برهمكوبت» فكذلك نحصّل من الأدوار التي في «جترجوك» عند «بلس» الأدوار التي تكون في «كلب» على أنّه الف جترجوك وعلى أنّه الف وثمانية، ونضعها في هذا الجدول: «3» «4»

ومن العجائب انّ الفزاريّ ويعقوب ربّما سمعا من الهنديّ في الأدوار انّه حساب «سدهاند» الكبير وأنّ حساب «آرجبهد» على جزء من الف جزء منه، فلم يفهما منه حقّ الفهم وظنّا انّ آرجبهد هو اسم الجزء، والهند يخرجون هذا الدال فيما بينها وبين الراء، فانتقل الى الراء وصار «آرجبهر» ، ثمّ صحّف من بعدهم وصيّر الراء الأوّلة زايا، فإن اعيد الى الهند لم يعرفوه؛ وقد أورد أبو الحسن الأهوازيّ حركات الكواكب في سنى الارجبهر أي في «جترجوك» ، وأنا أثبتها في جداول كما ذكر فإنّي اتفرّس فيها أنّها إملاء ذاك الهنديّ، فعسى انّها على رأي «آرجبهد» ، وبعضها يوافق ما أثبتناه لجترجوك «1» من أدوار «برهمكوبت» ومنها ما يخالفه ويوافق رأي «بلس» ومنها ما يخالفهما وتأمّل الجميع يوضح لك: «2» «3»

نا- في تقرير امر «ادماسه» و «اونراتر» و «الأهركنات» المختلفة الأيام

نا- في تقرير امر «ادماسه» و «اونراتر» و «الأهركنات» المختلفة الأيّام من أجل أنّ شهور الهند قمريّة في السنين الشمسيّة فبالضرورة يتقدّم أوّل سنتهم موقعه من السنة الشمسيّة في كلّ سنة بفضل ما بين سنتي النيّرين، فإذا تمّ من «1» ذلك التقدّم شهر واحد فعلوا به ما يفعل اليهود من تصيير سنة العبور ثلاثة عشر شهرا بتكرير «اذار» ومثل فعل العرب في الجاهليّة بسنة النسىء من تأخير أوّل السنة حتى تصير المتقدّمة لها ثلاثة عشر شهرا؛ والهند يسمّون السنة التي يتكرّر فيها شهر أمّا في المبتذل فملماسه، و «مل» هو الفتيل من الوسخ على الكفّ، فإنّه يرمى به كما يرمى هذا الشهر من الحساب فيبقى عدد شهور السنين على الاثنا عشريّة، وأمّا في الكتب فتسمّى ادماسه، والذي يتكرّر من الشهور فهو يتمّ فيه حساب الشهر منهما، فإن تمّ في أوّله قبل دخوله وقبل أن يمضي منه شيء كرّر ذلك الشهر دون غيره فإنّه وإن لم يكن دخله فليس التمام ايضا في الشهر الذي قبله، وإذا تكرّر الشهر سمّى الأوّل منهما باسمه وألحق بالثاني من أوّله «درا» فرقا بينه وبين الأوّل، وكأنّه للمثال تكرّر شهر «اشار» فيكون اسم اوّلهما اشار والثاني «در اشار» والأوّل هو المطروح، والذي يتشاءم به ولا يقام فيه شيء «2» ممّا يقام في سائر الشهور، وأنحس اوقاته يوم تكملة حسابه؛ وقال صاحب كتاب «بشن دهرم» : انّ نقصان «جندر» من «سابن» أي نقصان المقدار القمريّ عن الطلوعيّ ستّة أيّام

وهو «اونّراتر» ، ومعنى «أون» هو النقصان، وإنّ زيادة «سور» على جندر احد عشر يوما فيجتمع منه في سنتين وسبعة أشهر شهر «ادماسه» الزائد، وكلّ هذا الشهر منحوس يجب ان لا يعمل فيه شيء؛ وهذا كلام هو بالجليل، وإنّما تحقيقه انّ سنة القمر بأيّامه ثلاث مائة وستّون وسنة الشمس بها ثلاث مائة وأحد وسبعون يوما وأحد وثلاثون جزءا من أربع مائة وثمانين جزءا من يوم، فبحسب الفضل بينهما يجتمع ثلاثون يوما لأدماسه في 976 و 4156 من 47799 من يوم قمريّ وذلك اثنان وثلاثون شهرا اعني سنتان، وثمانية اشهر وستّة عشر يوما ثمّ الكسر الذي ذكرناه وهو بالتقريب خمس دقائق وثلاث عشرة ثانية؛ وأمّا الأمر الشرعيّ الموجب لذلك فقد قرىء علينا من «بيذ» ما هذا معناه: إذا مضى يوم الاجتماع وهو أوّل الأيّام القمريّة من الشهر خاليا عن انتقال الشمس من برج الى برج ثمّ كان في اليوم التالي لها انتقال فإنّ الشهر الذي قبله ساقط من الحساب، وهذا لا يصحّ وكان الأمر فيه من القارئ المترجم، وذلك انّ الشهر بالأيّام القمريّة ثلاثون يوما ونصف سدس السنة الشمسيّة بهذه الأيّام ثلاثون يوما و 5311 من 5760، وذلك بدقائق الأيّام نه يط كب ل، فإذا فرضنا للمثال الاجتماع في أوّل برج فأخذنا نزيد هذه الكسور على وقت ذلك الاجتماع مرّة بعد اخرى ظهرت اوقات انتقالات الشمس في البروج بعده، ولأنّ فضل ما بين شهري النيّرين هو كسر اقلّ من اليوم فإنّ من الممتنع أن يخلو يوم في الشهر عن انتقال بل ربّما اجتمع انتقالان متواليان في يوم منه بعينه، وذلك حين يتّفق المتقدّم منهما من اليوم في أقلّ من. د م لز ل فإنّ التالي يتّفق «1» ضرورة في مثل ذلك الكسر المذكور لا يفي بإتمامه يوما، فإذن الحكاية عن «بيذ» غير صحيحة؛ والذي اتفرّس في صحّتها انّها هكذا إذا مضى شهر ولم يكن للشمس فيه انتقال من برج إلى آخر فإنّ ذلك الشهر ساقط عن الحساب، وذلك لأنّ الانتقال إذا اتّفق من اليوم التاسع والعشرين فيما ليس بأقل من د م لز ل تقدّم الانتقال الشهر الذي بعده فخلا عن الانتقال

من اجل انّ الانتقال الثاني يقع في اليوم الأوّل من الشهر الثالث، وإذا استقريت «1» الانتقالات المتوالية التي ركّبتها على اجتماع المثال وجدّت الذي في الشهر الثالث والثلاثين في ل ك من اليوم التاسع والعشرين والذي يتلوه في كه لط كب ل من اليوم الأوّل من الشهر الخامس والثلاثين، وعلم مع ذلك سبب التشاؤم بهذا الشهر الملغى، لأنّه يتعرّى عن الوقت المرشح لاكتساب الثواب؛ وأمّا «ادماسه» فإن كان اشتقاق الاسم من الشهر الأوّل لأنّ «آد» هو المبدأ، فقد يجيء هذا الاسم في كتابي يعقوب بن طارق والفزاريّ «بذماسه» و «بذ» «2» هو النهاية فيجوز ان يسمّيه هند بهما كذلك على أنّ الرجلين مصحّفان لا يعتمد روايتهما، وإنّما ذكرت هذا لأنّ «بلس» صرّح في الأخير من الشهرين السميّين بأنّه الزائد؛ وأمّا الشهر من الاجتماع الى مثله فإنه عودة للقمر حاصلة متباعدة عن الشمس على توالي البروج إليها وهو الفضل بين حركتيهما لأنّهما الى جهة واحدة، فعودات الشمس في «كلب» أعني أدوارها إذا القيت من عودات القمر فيه تبقى الشهور القمريّة في كلب لا محالة، وكلّ ما كان في كلّ كلب فلنسمّه بالكل تسهيلا وما كان في بعضه فبالجزء، وشهور السنين الشمسية اثنا عشر شمسيّة، وشهور القمر كذلك امّا في سنة نفسه فإنّه يستغرقها، وأمّا في سنة الشمس فللفضلة التي بين السنتين تصير شهور السنة في «ادماسه» ثلاثة عشر، فمعلوم انّ فضل ما بين شهور النيّرين الكليّة هي تلك الشهور الزائدة التي بها تصير السنة ثلاثة عشر شهرا، فهي اذن شهور ادماسه الكليّة؛ فأمّا شهور الشمس الكليّة فهي 51840000000 وأمّا شهور القمر الكليّة فهي 53433300000، وفضل ما بينهما وهو شهور ادماسه 1593300000 «3» ، فإذا ضرب كلّ واحد من ذلك في ثلاثين صار أيّاما امّا أيّام الشمس فإنّها 1555200000000

وأيّام القمر 1602999000000 وأيّام شهور ادماسه 47799000000، وإذا أردنا تقليل الأعداد قسمناها على العدد المشترك بينها وهو 9000000، فصارت كلّ واحدة من شهور الشمس من أيّامها 172800 وكلّ واحد من شهور القمر وأيّامه 178111 وكلّ واحد من شهور «ادماسه» وأيّامها 5317؛ وإذا قسم واحد من الأيّام الشمسيّة والطلوعيّة والقمريّة كليّة على شهور ادماسه الكلّيّة كان ما يخرج هو عدد الأيّام التي فيها يتمّ هذا الشهر بأيّام ذلك الجنس أمّا الشمسيّة فتكون 976 وأمّا القمريّة فتكون 1006 ويتبع كلّ واحد منهما كسر هو 464 من 5311 «1» وأمّا الطلوعيّة فتكون 990 و 3663 من 10622 «2» ، وهذا كلّه بحسب المقادير التي براها «برهمكوبت» في «كلب» والأدوار فيه؛ وأمّا ما عليه «بلس» في «جترجوك» «3» فإنّ شهور الشمس 51840000 وشهور القمر 53433336 وشهور ادماسه 1593336، وتكون أيّام شهور الشمس 1555200000 وأيّام شهور القمر 1603000080 وأيّام شهور ادماسه 47800080، فإذا أردنا تقليل هذه الأعداد كان اشتراك هذه الشهور على أربعة وعشرين فصارت شهور الشمس 2160000 وشهور القمر 2226389 وشهور ادماسه 66389، وأمّا أيّامها فإنّها كلّها تشترك بالسبع مائة والعشرين فتصير أيّام الشمس 2160000 وأيّام القمر 2226389 وأيّام شهور ادماسه 66389، وإذا امتثلنا فيها ما تقدّم خرج لتمام ادماسه من الأيّام الشمسيّة 976 ومن القمريّة 1006 ويتبع كلّ واحد منهما كسر هو 4336 من 66389 ومن الأيّام الطلوعيّة 990 و 21465 من 66389، فهذه أصول في ادماسه معدّة لما بعده. وأمّا الحاجة الى أيّام النقصان فهي أنّه إذا كانت سنة أو سنون مفروضة وأخذ لكلّ واحدة منها اثنا «4» عشر شهرا كانت عدّة الشهور

الشمسيّة فيها ومضروبها في ثلاثين هي أيّامها الشمسيّة، ومعلوم انّ القمريّة اعني الشهور او الأيّام تكون فيها كهذه العدّة مع زيادة يحصل منها شهر «ادماسه» وشهورها، فإذا ألّف من تلك الزيادات ما يخصّ السنين المفروضة من ادماسه بنسبة شهور الشمس الكلّيّة الى شهور ادماسه الكلّيّة وزيد ان كان شهورا على شهور السنين وإن كان أيّاما على أيّامها حصلت الأيّام القمريّة الجزئيّة اعني التي بإزاء السنين المعطاة، لكنّها ليست المطلوب، لأنّه هو أيّامها الطلوعيّة وهي انقص من القمريّة في العدد لأنّ واحدها أعظم من واحد القمريّة، فيحتاج الى نقصان عدد منها ليحصل المطلوب وهذا النقصان هو المسمّى «اونّراتر» ، والذي يخصّ الأيّام القمريّة الجزئيّة منه يكون على نسبة نقصان الأيّام الطلوعيّة الكلّيّة عن الأيّام القمريّة الكلّيّة الى الأيّام القمريّة الكلّيّة، والأيّام القمريّة الكلّيّة 1602999000000، وفضلها على الطلوعيّة الكلّيّة 25082550000 وهو النقصان الكلّيّ، ونعدّهما «1» معا 450000، فينطويان به وتصير أيّام القمر الكلّيّة 3562220 وأيّام النقصان الكلّيّ 55739؛ وأمّا في «جترجوك» على رأي «بلس» فالأيّام القمريّة 1603000080 وأيّام النقصان فيه 25082280، والعدد المشترك بينهما للتقليل 360، وبه تصير الأيّام القمريّة 4452778 وأيّام النقصان 69673، وهذه أصول لمعرفة النقصان يحتاج اليها فيما يستأنف من «2» عمل «اهركن» ، وتفسيره جملة الأيّام و «آه» هو الأيّام و «اركن» الجملة؛ وقد غلط يعقوب ابن طارق في مأخذ الأيّام الشمسيّة وزعم ان حصولها بنقصان ادوار الشمس في «كلب» من أيّامه الطلوعيّة اعني الكلّيّة، وليس كذلك، فإنّما هو يضرب ادوارها في اثني عشر لتصير شهورا ثمّ ثلاثين حتى تصير أيّاما أو يضرب الأدوار في ثلاث مائة وستّين، ولزم في أيّام القمر الصواب فضرب شهوره في ثلاثين ثمّ عاد الى الغلط في مأخذ أيّام النقصان، وزعم أنّها تحصل بنقصان أيّام الشمس من أيّام القمر والصواب فيها ان ينقص الأيّام الطلوعيّة من أيّام القمر.

نب- في عمل «اهركن» بالإطلاق أعني تحليل السنين والشهور الى الأيام وعكس ذلك بتركيبها سنين

نب- في عمل «اهركن» بالإطلاق أعني تحليل السنين والشهور الى الأيّام وعكس ذلك بتركيبها سنين العمل العامّ في التحليل ان تضرب السنون التامّة في اثنى «1» عشر ويزاد عليها الشهور الماضية «2» من السنة المنكسرة ويزاد عليها الأيّام الماضية من الشهر المنكسر، فما اجتمع فهو «سورآهركن» أي جملة الأيّام الشمسيّة وهي الجزئيّة، فيوضع في موضعين، ويضرب أحدهما في 5311 وهو العدد النائب عن أيّام ادماسات الكلّيّة، ويقسم ما بلغ على 172800 وهو العدد النائب عن الأيّام الشمسيّة الكلّيّة، فما خرج من الأيّام الصحاح زيد على الموضع الآخر فيجتمع «جندر اهركن» أي جملة الأيّام القمريّة الجزئيّة، وليوضع في مكانين، ويضرب أحدهما في 55739 وهو العدد النائب عن أيّام النقصان الكلّيّة ويقسم المجتمع على 3562220 وهو النائب عن الأيّام القمريّة الكلّيّة، فما خرج من الأيّام الصحاح نقص من المكان الآخر فيبقى «سابن آهركن» أي جملة الأيّام الطلوعيّة المطلوبة؛ ولكنّه يجب ان يعلم أنّ هذا الحساب مسوق من وقت يتمّ فيه «أدماسه» وأيّام النقصان معا ولا يكون لهما فيه كسر، فإن كانت السنون المعطاة مبتدئة من أوّل «كلب» أو أوّل «جترجوك «3» » أو أوّل «كلجوك «4» » صحّ هذا

العمل فيها، وإن ابتدأت السنون المعطاة من وقت آخر أمكن أن يصحّ العمل فيها اتّفاقا وأمكن أن يدلّ على حضور ادماسه ثمّ لا يكون أو عكس ذلك الّا أن يكون موقع السنين من هذه الثلاثة معلوما فيفرد له عمل خاصّ كما يجيء أمثاله فيما بعد؛ ونمثّل هذا العمل لأوّل سنة الهند و «شككال» 953 وهو الذي جعلناه مثالا لأعمالنا، ونأخذ من أوّل عمر «براهم» على قوانين «برهمكوپت» ، وقد قلنا أنّ الماضي منه قبل كلپنا 6068 كلب، وأيّام كلب معلومة فجملة أيّامها 9574797018600000، وإذا ألقيت أسابيع فضل منها خمسة فإذا رجعنا بها من يوم السبت الذي هو آخر يوم من كلب الذي يتقدّم كلپنا إلى الوراء انتهينا الى يوم الثلثاء وهو أوّل عمر «براهم» ، وقد أشرنا الى أيّام «جترجوك «1» » وأنّ «كريتا جوك «2» » أربعة أعشاره فأيّامه 631166580، و «منّنتر» أحد وسبعون «3» ضعفا له فأيّامه 112032067950، وأيّام ستّة منّنتر وسبعة كريتاجوك سندا لها 676610573760، وإذا ألقيت أسابيع بقي اثنان، فاختتامها بيوم الاثنين وافتتاح منّنتر السابع بيوم الثلثاء، والماضي منه سبعة وعشرون جترجوكا «4» وأيّامها 42603744150، وفضلها على الأسابيع اثنان، فافتتاح جترجوك «5» الثامن والعشرين بيوم الثلثاء، وأيّام الجوكات «6» الماضية منه 1420124805 «7» ، فافتتاح «كلجوك» بيوم الجمعة؛ ثمّ نعود الى مثالنا والسنون الماضية له من «كلب» 1972948132، فنضربها في اثنى عشر لتصير شهورا فتكون 23675377584، وليس في المثال شهر فنزيده عليها، ولكنّها نضربها في

ثلاثين فتصير «1» 710261327520 وهي أيّام، وليس في مثالنا شيء منها نلحقه بها، ولهذا لو ضربنا تلك السنين في ثلاث مائة وستّين لحصل منها ما حصل الآن وهي الأيّام الشمسيّة الجزئيّة، نضربه في 5311 ونقسم المبلغ على 172800، فيخرج أيّام «أدماسه» 21829849018 «2» ويبقى 103 من 120 من يوم، ولو كنّا استعملنا الشهور في الضرب والقسمة لخرجت شهور أدماسه ولكان مضروبها في ثلاثين مساويا لهذه الأيّام؛ ثمّ نزيد أيّام «أدماسه» الأيّام الشمسيّة الجزئيّة فتصير «3» 732091176538 وهي الأيّام القمريّة الجزئيّة، نضربها في 55739 «3» ونقسم المجتمع على 3562220 فيخرج أيّام النقصان الجزئيّ 11455224575 ويبقى 1747541 من 1781110، وننقص صحاح هذه من الأيّام القمريّة الجزئيّة فيبقى 720635951963 وهو الأيّام الطلوعيّة لمثالنا، وإذا ألقيناها أسابيع يبقى أربعة وهو آخر هذه الأيّام، فافتتاح سنة الهند هو يوم الخميس، وإن أردنا حال أدماسه قسمنا ما خرج لها على ثلاثين فيخرج 727661633 وهو عدد أدماسات الماضية ويبقى «4» للمنكسرة كح نال «4» ، وهو ما مضى من شهرها والباقي الى أن يتمّ تكملته الى الثلاثين أح ل؛ وقد استعملنا أيّام الشمس والقمر وأدماسه والنقصان لكلب في الماضي منه، وكذلك نستعملها في الماضي من «جترجوك «5» » ويجوز أن نستعمل ما لجترجوك «6» منها في كلّ واحد منه ومن «كلب» فإنّ ذلك يؤدّي الى شيء واحد متى كان العمل على رأي واحد ولم يخلط بآراء كثيرة ثمّ كان كلّ «كنكار» مع «بهاكابهاره» اللذين ذكرنا معا، والأوّل من

هذين الاسمين يعمّ كلّ مضروب فيه في جميع الأعمال، وربّما يجيء في زيجاتنا وزيجات الفرس «كنجار» ، والثاني من الاسمين يعمّ كلّ مقسوم عليه وهو الذي يجيء في الزيجات «بهجار» ، ولا فائدة في أن نمثّل بجترجوك «1» على مذهب «برهكوپت» لأنّه جزء من ألف جزء من «كلب» ، فيسقط له من جميع ما ذكرنا ثلاثة أصفار ويرجع بالوفق الى الأعداد المذكورة، ولكنّا نعمله على رأي «بلس» لأنّه وإن كان في «جترجوك «2» » فإنّه يشابه العمل في كلب، ولوقت مثالنا يكون الماضي عنده من سني جترجوك «2» 3244132 وأيّامها الشمسيّة 1167887520، فإذا ضربنا شهورها في شهور «أدماسه» التي في جترجوك «2» أو في عدد الضرب النائب عنها وقسمنا المبلغ على شهور الشمس فيه أو عدد القسمة النائب عنها خرج شهور أدماسه 1961525 «3» ويبقى 44837 من 45000، ويكون بها أيّامها القمريّة 1203783270، وإذا ضربناها في أيّام النقصان لجترجوك «4» وقسمنا المبلغ على الأيّام القمريّة فيه خرج أيّام النقصان 18835700 ويبقى 598055 من 2226389 ويصير بها الأيّام الطلوعيّة من أوّل جترجوك «4» 1184947570 «5» وهي المطلوب؛ فننقل الآن من «پلس سدّهاند» عمله في مثل ما عملناه ليزيد المعنى ظهورا وفي القلب رسوخا، قال پلس: نضع ما مضى قبل كلب من عمر «براهم» وذلك 6068 كلپا، ونضربها في عدّة جترجوكات «6» كلب وهي 1008، فيجتمع 6116544، ثمّ في عدّة جوكات «7»

جترجوك «1» وهي أربعة فتصير 24466176، ثمّ في سني جوك «1» واحد وهي 1080000 فيجتمع 080000 «2» 26423470 «2» ، وهي سنوه قبل كلپنا، نضربها في اثنى عشر فيجتمع من الشهور 317081640960000، نضعها في موضعين، ونضرب أحدهما في عدّة شهور «أدماسه» التي في «جترجوك «3» » وهي 1593336 أو العدد الذي قدّمناه قائما مقامها ونقسم المبلغ على شهور الشمس في جترجوك «3» وهي 51840000، فيخرج شهور أدماسه 84 «4» 97457097507 «4» ، نزيدها على الموضع الآخر فيجتمع 326827450710784 «4» ، ونضربه في ثلاثين فيصير 4820521323520 «5» 980 «5» وهي أيّام قمريّة، نضعها في مكانين، ونضرب أحدهما في نقصان جترجوك «5» الذي هو فضل ما بين أيّامه الطلوعيّة والقمريّة ونقسم المبلغ على أيّامه القمريّة، فيخرج 153416869240320 «5» وذلك أيّام النقصان، فنلقيها من المكان الآخر فيبقى 9651403652083200 وهي الأيّام الماضية من عمر «براهم» قبل كلپنا أعني أيّام 6068 «كلب» لكلّ واحد 1590541142400، وإذا القيت تلك الأيّام أسابيع لم يبق منها شيء، فقد تمّت بيوم السبت وابتدأ هذا الكلب من يوم الأحد، ومعلوم أنّ مقتضى هذا أنّ أوّل عمر براهم يوم الأحد أيضا قال؛ وقد مضى من كلب المنكسر ستّة «منّنتر» كلّ واحد منها اثنان وسبعون جترجوكا «6» كلّ جترجوك «6» 4320000، فيكون جملة سنيها 1866240000، نفعل بها مثل ما تقدّم في غيره، فيحصل أيّام ستّة

«منّنتر» تامّة 681660489600 «1» ، وإذا ألقيت أسابيع بقي ستّة، فقد تمّت بيوم الجمعة وصار مفتتح السابع بيوم السبت، وقد مضى منه سبعة وعشرون جترجوكا «2» يكون أيّامها بمثل العمل المتقدّم 42603780600، وتمامها بيوم الاثنين وافتتاح الثامن والعشرين بيوم الثلثاء، وقد مضى منه جوكات «3» ثلاثة سنو جملتها 3240000، فبمثل ما تقدّم يكون أيّامها 1183438350 مقتضية بيوم الخميس وابتدأ «كلجوك «4» » يوم الجمعة، ويكون أيّام ما مضى من «كلب» 725447708550 وأيّام ما مضى من عمر «براهم» إلى أوّل كلجوك «4» الذي نحن فيه 9651219099791750، وبحسب الحكاية عن «آرجبهد» دون مشاهدة كتاب له إذا كان أيّام «جترجوك «5» » عنده 1577917500، كان ما مضى من كلب الى أوّل كلجوك «5» 725447570625، وإلى يوم مثالنا 725449079845، والأيّام الماضية من عمر براهم قبل كلينا 9651401817120000. فهذا هو الطريق المستوي في تحليل السنين وإليه يقاس سائر ما يرد فهما، وقد أشرنا الى غلط يعقوب في مأخذ أيّام الشمس والنقصان الكلّيّين، وإذ «6» كان ناقلا عن لسان الهنديّ حسابا لم يفهم علله فلا أقلّ من أن كان يمتحنه ويستقرئ أوضاعه، وذكر في كتابه عمل «آهركن» أيضا أعني تحليل السنين لكنّه أخطأ في قوله: أضرب شهور السنين المعطاة فيما مضى من شهور «أدماسه» الى الوقت الذي تريد على ما هو مبين في أدماسه، فما بلغ من شيء فأقسمه على شهور الشمس، فما خرج لك فهو عدد ما مضى من أدماسه الى

الوقت الذي تريد وأجزائها، والخطأ في هذا ممّا يقف عليه الناسخ كتابة فكيف الحاسب الذي يحسبه اذا ضرب في أدماسه الجزئيّة بدل الكلّيّة؛ وفي كتابه عمل آخر للتحليل حسن وهو أنّ شهور السنين إذا حصلت ضربت في شهور القمر وقسم المبلغ على شهور الشمس، فيخرج شهور أدماسه مضافة الى شهور السنين، وإذا ضربت في ثلاثين وزيد على ما مضى من أيّام الشهور المنكسر، اجتمعت الأيّام القمريّة، وإن قدّم ضرب الشهور الأوّلة في ثلاثين وزيد عليها ما مضى من الشهر حتى يجتمع الأيّام الشمسيّة الجزئيّة ثمّ فعل بها ما تقدّم خرجت أيّام أدماسه مضافة الى الأيّام الشمسيّة؛ وعلّة هذا أنّا إذا ضربنا كما تقدّم في شهور أدماسه الكلّيّة وقسمنا على شهور الشمس الكلّيّة فخرج حصّة ما ضربناه من أدماسه، ومعلوم أنّ شهور القمر هي مجموع شهور الشمس مع شهور أدماسه فإذا ضربنا فيها والقسمة بحالها، كان الخارج أيضا هو مجموع المضروب مع المطلوب وذلك هو الأيّام القمريّة، وقد تقدّم أنّها إذا ضربت في أيّام النقصان الكلّيّ وقسم المبلغ على الأيّام القمريّة الكلّيّة أنّه تخرج حصّتها من أيّام النقصان، لكنّ الأيّام الطلوعيّة في «كلب» تنقص عن القمريّة بأيّام النقصان، فنسبة ما معنا من الأيّام القمريّة اليها منقوصا منها حصّتها من النقصان كنسبة كلّ الأيّام القمريّة إليها منقوصا منها كلّ النقصان وذلك هو الأيّام الطلوعيّة الكلّيّة، فإذا ضربنا ما معنا في الأيّام الطلوعيّة الكلّيّة وقسمنا المجتمع على الأيّام القمريّة الكلّيّة خرج أيّام التأريخ المعطى طلوعيّة وهو المطلوب، وينوب عن كلّ الأيّام الطلوعيّة في الضرب 3506481 وعن كلّ الأيّام القمريّة في القسمة 3562220؛ وللهند في هذا الباب عمل آخر وهو أنّهم يضربون ما مضى من سنى «كلب» في اثنى عشر ويزيدون على المبلغ ما مضى من السنة من الشهور التامّة، ويضعون المبلغ على 69120 وما خرج ينقصونه من الأوسط، ويقسمون ضعف الباقي منه على 65، فيخرج شهور «أدماسه» الجزئيّة، ويزيدونها على الأعلى، ثمّ يضربون الجملة في ثلاثين ويزيدون عليها ما مضى من الشهر، فيجتمع الأيّام الشمسيّة الجزئيّة، ويضعونها

في موضعين، ويضربون أسفلهما في أحد عشر ويضعون ما بلغ أسفل منه، ويقسمونه على 403963 فما خرج يزيدونه على الأوسط، ثمّ يقسمونه على 703 فيخرج أيّام النقصان الجزئيّ، وينقصونه من الموضع الأعلى فيبقى الأيّام الطلوعيّة المطلوبة؛ وعلّة هذا العمل أنّه إذا قسمت شهور الشمس على شهور أدماسه الكلّيّين خرج مقدار أدماسه الواحدة منها 32 شهرا وكسر من شهر هو 8544 من 15933، وضعف ذلك 65 شهرا 1155 من 15933، فإذا قسم عليه ضعف شهور السنين المعطاة خرج ادماسات الجزئيّة، لكنّ القسمة إذا كانت على صحاح معها كسور وأريد أن يلقى من المقسوم قطعة تكون قسمة ما يبقى منه على الصحاح فقط مع استواء الأمر فيهما كانت نسبة المقسوم عليه كلّه الى كسره الذي يتبعه كنسبة المقسوم الى تلك القطعة، فإذا جنّسنا المقسوم عليه في مثالنا كان 1036800 والكسر 1155 وبعدهما الخمسة عشر فيصير الأوّل 69120 والثاني 77؛ وكان يمكن أن يعمل هذا على «ادماسه» الواحدة دون ضعفها حتى لا يحتاج الى تضعيف البقيّة، وكأنّه آثرها هذا تقليل العددين من أجل أنّ الكسر في الواحدة 8544 ومجنّس الجملة 518400 ويتّفقان في 96، فيصير الأوّل المضروب فيه 89 والثاني المقسوم عليه 5400، فقد استبان بلطفه في ذلك وعلّة عمله حتى حصّل الأيّام القمريّة الجزئيّة وصيّر المضروب فيه أقلّ؛ وأمّا عمله في استخراج أيّام النقصان فإنّ الأيّام القمريّة الكلّيّة إذا قسمت على أيّام النقصان الكلّيّ خرج ثلاثة وستّون يوما ويبقى ما ينطوي بوفق 450000، فيصير الكسر 50663 من مخرج 55739 وذلك من الأيّام القمريّة ما يتمّ فيه يوم من أيّام النقصان، فإن جعل مخرج الكسر أحد عشر صار كسره تسعة و 55642 من 55739 من واحد من أحد عشر من يوم وذلك بالدقائق. نط ند، فلقربه من الانجبار تساهلوا وصيّروه عشرة من أحد عشر، وتمّ اليوم عندهم من أيّام النقصان في ثلاثة وستّين يوما قمريّة وعشرة أجزاء من أحد عشر من يوم وذلك بعد التجنيس 703 من أحد عشر، فإن كانت الأيّام القمريّة تعود بالحقيقة من ضرب أيّام النقصان التي بإزائها في ثلاثة وستّين

و 50663 من 55739 فإنّ ما يعود فضربها في ثلاثة وستّين يوما وعشرة أجزاء من أحد عشر يكون لا محالة أكثر، ولهذا اذا أريد قسمة الأيّام القمريّة على 703 على أن يكون الخارج من القسمة مساويا للأوّل وجب أن يزاد عليها قطعة وهي التي استخرجها على وجه التقريب دون التحقيق، فإنّا إذا ضربنا أيّام النقصان الكلّيّ في 703 اجتمع 17633032650000 وذلك أزيد من الأيّام القمريّة الكلّيّة، ومضروب هذه في أحد عشر هو 17632989000000، وفضل ما بينهما 43650000، فإن قسم عليه مضروب أيّام القمر الكلّيّة في أحد عشر خرج 403963، وهذا هو العدد الذي استعمله، ولو لم يبق منه بقيّة لكان العمل محقّقا، ولكنّه يبقى 405 من 4365 وذلك 9 من 97 وهو مقدار التساهل، فإذا أخذه بغير كسر وقسم عليه مضروب الأيّام القمريّة الجزئيّة في أحد عشر خرجت تلك الزيادة الواجبة من جهة ازدياد الجزء المقسوم «1» ، وباقي العمل ظاهر؛ ومن أجل أنّ جمهور الهند يحتاجون في أمر سنيهم الى «أدماسه» فإنّهم يفصّلون هذا العمل ويأخذون بصفة الذي لمعرفتها دون معرفة أيّام النقصان ودون جملة الأيّام فإنّها لا تهمّهم، ومن طرقهم في ذلك من سني «كلب» أو غيره من «جترجوك «2» » و «كلجوك «3» » انّهم يضعون السنين في ثلاثة مواضع، ويضربون الأعلى في عشرة والأوسط في 2481 والأسفل في 77139، ويقسمون كلّ واحد من الأوسط والأسفل على 9600 فيخرج من الأوسط أيّام ومن الأسفل «أبم» ، ويجمعون ما يخرج منهما ويزيدونه على الأعلى، فيجتمع أيّام ادماسات التامّة الماضية ومجموع ما بقي من الموضعين الآخرين هو كسر المنكسرة فإذا قسمت الأيّام على ثلاثين صارت شهورا؛ وقد ذكر يعقوب هذا العمل صحيحا على وجهه، ومثاله لوقت مثالنا الذي سنو «كلب» فيه 1972948132، وضعناها في ثلاثة

مواضع، وضربنا «1» الأعلى في عشرة «2» فازداد فيه عن اليمين صفر، وضربنا الأوسط في 2481 فبلغ 4894884315492، وضربنا الأسفل في 7739 فبلغ 15268645593548، قسمنا كلّ واحد منهما على 9600 فخرج من الأوسط 509883782 وبقي 8292 وخرج من الأسفل 1590483915 «3» وبقي 9548، ومجموع البقيّتين 17840 ويرتفع منهما واحد، فيصير جملة صحاح ما في المواضع الثلاثة 21829849018 وهي أيّام «ادماسه» وبقيّة اليوم المنكسر 103 من 120 «4» ، وإذا رفعنا هذه الأيّام الى الشهور تمّ منها 727661633 وبقي من الأيّام 28 وتسمّى «5» «شدّ» ، وهي ما بين أوّل «جيتر» غير المطروح وبين الاعتدال الربيعيّ، وأيضا فإذا جمع ما خرج من الأوسط الى السنين صارت 2482831914، وإذا ألقيت أسابيع «6» بقي ثلاثة، فحلول الشمس الحمل في هذه السنة يكون يوم الثلثاء؛ فأمّا العددان المفروضان للضرب في الموضع الأوسط والأسفل فإنّ أيّام كلب الطلوعيّة إذا قسمت على ادوار الشمس فيه خرجت حصّة السنة منها وفضلها على ثلاث مائة وستّين هو خمسة أيّام ويتبعها 1116450000 من 4320000000، وينطويان بوفق 450000 فيصيران 2481 من 9600، على أنّ هذين أيضا ينطويان بالثلاث إلّا أنّه أريد بتركهما على هذا المقدار أن يكونا وما بعدهما من جنس واحد، وإذا قسم أيّام النقصان الكلّيّ على سني الشمس في «كلب» خرجت حصّة السنة خمسة أيّام ويتبعها 3482550000 من 4320000000، وينطويان بذلك الوفق أيضا فيصيران 7739 من 9600،

وكلا «1» مقداري الشمس والقمر ثلاث مائة وستّون ومقدارهما الطلوعيّان حول ذلك زائدا أحدهما وناقصا الآخر، وأحد الطرفين وهو سنة القمر هي المستعملة والطرف الآخر وهو سنة الشمس هي المطلوبة، فمجموع الخارجين هو ما بين السنتين، وفي مجموع الأيّام الصحاح ضرب الأعلى وفي كلّ واحد من الكسرين ضرب الأوسط والأسفل؛ ومتى أردنا الاختصار ولم نرد ما أرادوه من استخراج وسطي النيّرين جمعنا عددي الضرب للموضع الأوسط والأسفل، فكان 10220، وزدنا عليه للموضع الأعلى مضروب الجزء المقسوم عليه في عشرة وذلك 96000 فيجتمع 106220 منسوبة الى 9600، وينطويان بالنصف فيصير المنسوب 5311 وإليه 480، وقد استبان ممّا تقدّم أنّا اذا ضربنا الأيّام في 5311 وقسمنا المبلغ على 172800 خرج أيّام ادماسات، فإذا ضربنا عدد السنين بدل الأيّام كان المجتمع جزءا من ثلاث مائة «2» وستّين ممّا كان يجتمع بالأيّام، فإن أردنا أن يخرج من القسمة ما خرج أوّلا وجب ان يقسم على جزء من ثلاث مائة وستّين ممّا كنّا قسمنا عليه وذلك 480؛ ومن أشباه ذلك ما أمر به «پلس» من وضع الشهور الجزئيّة في موضعين، وضرب أحدهما في 1111، وقسمة المبلغ على 67500، ونقصان ما يخرج من الآخر ثمّ قسمة ما يبقى على 32، فيخرج شهور «أدماسه» وما يبقى فهو الماضي من المنكسرة، وإذا ضرب في ثلاثين وقسم ما بلغ على 32 خرج أيّامها وما يتبعها؛ وعلّة ذلك أنّ شهور الشمس في «جترجوك «3» » إذا قسمت على شهور ادماسه فيه عنده يخرج 32 ويبقى 35552 من 66389، فإذا قسمت الشهور عليها خرج شهور أدماسه التامّة في الماضي من جترجوك «3» أو «كلب» ، لكنّه قصد القسمة على الصحاح فقط، فاحتاج الى نقصان شيء من المقسوم كما تقدّم في مثله، ومجنّس المقسوم عليه في مثالنا هذا

2160000 والكسر وحده 35552 وبعدهما الاثنان والثلاثون، فيصير الأوّل 67500 والثاني 1111؛ وقد عمل پلس عمله هذا بالأيّام الشمسيّة الحاصلة من التأريخ بدل الشهور، فقال: يوضع هذه الأيّام في موضعين، ويضرب أحدهما في 271 ويقسم المبلغ على 4050000، وينقص ما خرج من الآخر ثمّ يقسم الباقي على 974، فيخرج شهور ادماسه وما تلاها من الأيّام وكسورها، ثمّ قال: وذلك أنّ أيّام جترجوك «1» إذا قسمت على شهور ادماسه خرج 976 وهي أيّام وبقي 104064، والوفق بينه وبين المقسوم عليه 384، فإذا قسمناهما عليه صارا 2050000271؛ وأنا أتّهم فيه النّسخة أو المترجم فإنّ «پلس» أجلّ من أن يسهو «2» في مثله، وذلك أنّ الأيّام المقسومة على شهور «ادماسه» هي الشمسيّة بالضرورة، والخارج من صحاحها صحيح والباقي كما ذكر، وينطوي الكسر مع مخرجه بوفق أربعة وعشرين، فيصير الكسر 4336 والمخرج 66389، فإذا امتثلنا ما تقدّم في الشهور وجنّسنا مقدار ادماسه صار 47800000 «3» ، والوفق بينه وبين كسره 16، وبه يصير أمّا المضروب فيه 271 وأمّا المقسوم عليه 00000 28، وأمّا العدد الذي وضعه للقسمة فإنّا إذا ضربناه في الوفق الذي ذكر وهو 384 اجتمع 1555200000 وهي أيّام الشمس في «جترجوك «4» » ، ويمتنع أن يكون في هذا القسم من العمل مقسوما عليه، وهذا العمل إن بني على أصول «برهمكوپت» فقسم شهور الشمس الكلّيّة على شهور ادماسه حصل ما تقدّم في الطريق الذي استعمل فيه ضعف ادماسه؛ ثمّ يمكن أن يعمل مثل هذا الطريق لأيّام النقصان بوضع أيّام القمر الجزئيّة في مكانين، وضرب أحدهما في 50663 وقسمة المبلغ على 3562220، وإلقاء ما يخرج من المكان الآخر ثمّ قسمة

الباقي على 63 مجرّدة، لا فائدة فيما ازداد طولا وخاصّة مع الاحتياج الى «أبم» وهو بقيّة النقصان الجزئيّ فإنّ البقيّتين من القسمتين منتسبتان الى مخرجين مختلفين. ومن أحاط بما تقدّم في التحليل اهتدى الى التركيب إذا فرض له الماضي من أيّام «كلب» أو «جترجوك «1» » معلوما، ولكنّا نكرّر ذكره احتياطا ونقول أنّ المطلوب إذا كان هو السنون والمعطي هو الأيّام فإنّها بالضرورة طلوعيّة وهي فضل ما بين القمريّة وبين نقصانها، ونسبة هذا الفضل الى نقصانه كنسبة فضل ما بين الأيّام القمريّة الكلّيّة وبين أيّام النقصان الكلّيّة وذلك 1577916450000، الى أيّام النقصان الكلّيّة، وينوب عن ذلك 3506481، فإذا ضرب المعطي في 55739 وقسم ما بلغ على 3506481 خرج أيّام النقصان الجزئيّ، وإذا زيدت على الطلوعيّة تحوّلت قمريّة هي مجموع الشمسيّة الجزئيّة مع أيّام «ادماسه» الجزئيّة، ونسبة هذه الشمسيّة الى أيّام ادماسه التي فيها كنسبة مجموع أيّام الشمس وأيّام ادماسه الكلّيّين وذلك 160299900000 الى أيّام ادماسه الكلّيّة، وينوب عن ذلك 178111، فإذا ضرب ما حصل من أيّام القمر الجزئيّة في 5311 وقسم المبلغ على 178111 خرج أيّام ادماسه الجزئيّة، وإذا نقصت من هذه الأيّام القمريّة بقيت الشمسية، فترفع حينئذ الى الشهور بالقسمة على ثلاثين والشهور الى السنين بالقسمة على اثني عشر، وذلك هو المطلوب؛ وللمثال كانت الأيّام الطلوعيّة الجزئيّة للوقت الذي مثّلنا به 720635951963، فكأنّا اعطيناها وطلب كم سنة هنديّة وشهر تكون، فضربناها في 55739 وقسمنا ما اجتمع على 3506481، فخرج أيّام النقصان 11455224575، زدناها على الطلوعيّة، فاجتمعت الأيّام القمريّة 732091176538، وضربناها في 5311 وقسمنا ما بلغ على 178111، فخرج أيّام «ادماسه» 21829849018 نقصناها من الأيّام القمريّة، فبقي

710261327520 وهي الأيّام الشمسيّة الجزئيّة قسمناها على ثلاثين، فخرج 23675377584 وهي شهور شمسيّة رفعناها بالاثنى عشر، فارتفع 1972948132 وهي السنون الهنديّة قد عادت كما كانت أوّلا في المثال؛ ولذلك أيضا وجه ذكره يعقوب وهو أن يضرب الأيّام الطلوعيّة المعطاة في أيّام القمر الكلّية ويقسم المبلغ على الأيّام الطلوعيّة الكلّيّة، ويوضع ما يخرج في موضعين، ويضرب أحدهما في شهور ادماسه الكلّيّة ويقسم ما يجتمع على أيّام القمر الكلّية، فيخرج شهور ادماسه، وينقص مضروبها في ثلاثين من الموضع الآخر، فيحصل فيه الأيّام الشمسيّة الجزئيّة، فترفع الى الشهور والسنين، وذلك لأنّا قلنا قبل أنّ الأيّام المعطاة هي فضل ما بين قمريّتها ونقصانها كما أنّ الأيّام الطلوعية الكلّيّة هي فضل ما بين قمريّتها ونقصانها الكلّيّين، فهي متناسبة، ولذلك يخرج الأيّام القمريّة الجزئيّة التي نضعها في موضعين، وإذ هي مساوية لمجموع شمسيّتها وأيّام ادماستها كما أنّ أيّام القمر الكلّية مساوية لمجموع أيّام الشمس وأيّام ادماسه الكلّيين، فإنّ ادماسه الجزئيّة والكلّيّة على نسبتهما سواءا كانتا معا شهورا أو كانتا أيّاما؛ وأمّا ما ذكر يعقوب من استخراج أيّام النقصان الجزئيّ من قبل شهور ادماسه الجزئيّة وهو في جميع النّسخ: بضرب ما مضى من ادماسات وأجزاء المنكسرة في أيّام النّقصان الكلّيّ ويقسم المجتمع على شهور الشمس الكلّيّة، فما خرج يزيده على ادماسه، ويكون ذلك عدد ما مضى من النقصان، فأظنّه مجرّدا لا عن معرفة ولا استبثاق منه باستقراء وتجربة، فإنّ شهور «ادماسه» في الماضي من «جترجوك «1» » على رأي «بلس» الى وقت مثالنا 1196525 و 1337 من 1500، فإذا ضربناها في نقصان جترجوك «1» اجتمع

30022600068626 و 51 من 125، وإذا قسمناه على شهور الشمس خرج 578946، وإذا جمعناه الى ادماسه حصل 1775471، وليس هو بالمطلوب، فإنّ أيّام النقصان 18825700، ولا أيضا مضروبها في ثلاثين، فإنّه 53264130، وكلاهما «1» بعيدان عن الصواب.

نج- في تحليل السنين بأعمال جزئية مفروضة لأوقات

نج- في تحليل السنين بأعمال جزئية مفروضة لأوقات التواريخ التي تحلّ الى الأيّام في الزيجات ربّما لم يتّفق اوائلها من الأوقات التي فيها يكمل ادماسه وأيّام النقصان، فيحتاج اصحابها الى اعداد مفروضة في عملها تزاد او تنقص حتى يلحق العمل بنظامه، ونحن نذكر ما وقفنا عليه من ذلك فيما اتّفق مطالعته من زيجاتهم، ونقدّم اوّلا ما في زيج «كندكاتك» لأنّ هذا الزيج اكثر اشتهارا ومنجّميهم «1» له اشدّ ايثارا؛ قال «برهمكوبت» : ضع «شككال» وانقص منه 587 واضرب الباقي في اثني عشر وزد عليه ما مضى من السنة من الشهور التامّة، واضرب الجملة في ثلاثين وزد عليه ما مضى من الشهر من الأيّام، فيجتمع الأيّام الشمسيّة الجزئيّة فضعها في ثلاثة امكنة، وزد على كلّ واحد من الأوسط والأسفل خمسة واقسم اسفلها على 14945، فما خرج فانقصه من الأوسط والغ ما يبقى في القسمة، ثمّ اقسم الأوسط على 976، فما خرج فشهور «ادماسه» التامّة وما بقي فهو الماضي من ادماسه المنكسرة، واضرب تلك الشهور في ثلاثين وزد ما بلغ على المكان الأعلى، فيجتمع الأيّام القمريّة الجزئيّة فاتركها في الأعلى وأنزل مثلها الى الموضع الأوسط واضربه في احد عشر وزد عليه 497، وما اجتمع فضعه ايضا في الأسفل، ثمّ اقسم ما بلغ على 111573؛ فما

خرج فانقصه من الأوسط وألغ الباقي؛ ثمّ اقسم ما في الأوسط على 703 فيخرج ايّام النقصان وما بقي فهو «ابم» ، وانقص ايّام النقصان من الأعلى، فيبقى الأيّام الطلوعيّة، وهي «اهركن كندكاتك» ، وإذا القيته اسابيع بقي موقع يومك من الأسبوع، مثال ذلك لوقت المثال المذكور انّ «شككال» له 953 نقصنا منه 587 فبقي 366، ضربناه في مضروب الاثني «1» عشر في ثلاثين لخلوّه عن الشهور والأيّام، فصار 131760 وهي الأيّام الشمسيّة وضعناها في ثلاثة مواضع، وزدنا على المنحطّين منها خمسة فصار كلّ واحد 131765، وقسمنا الأسفل على 14945، فخرج 8 نقصناه من الأوسط فبقي 131757، وألغينا ما بقي من القسمة، ثم قسمنا الأوسط على 976، فخرج 134 وهي شهور، وبقي 973 من 976، ضربنا الشهور في ثلاثين فاجتمع 4020 زدناه على الأيّام الشمسيّة فتحوّلت قمريّة 135780، وضعناها اسفل منه وضربناها في احد عشر وزدنا عليه 497، فصار 1494077، وضعناه اسفل من ذلك وقسمناه على 111573، فخرج 13 وألغينا ما بقي وهو 43628، ونقصنا الخارج من الموضع الأوسط، فبقي فيه 1494064، قسمناه على 703، فخرج 2125 وبقي «ابم» وهو 189 من 703، نقصنا هذا الخارج من الأيّام القمريّة فبقي 133655، وهي الأيّام الطلوعيّة المطلوبة، وإذا القيناها اسابيع بقي اربعة، وأوّل «جيتر» يوم الأربعاء «2» ، وأوّل تاريخ «يزدجرد» قبل مبدأ هذا التأريخ وبينهما من الأيام 11968، فأيّام تأريخ يزدجرد اذن 145623، وإذا قسمناها على سنة الفرس وشهورهم وافق اليوم الثامن عشر من «اسفندار مذماه» سنة تسع وتسعين وثلاث مائة ليزدجرد، وقد بقي الى ان يتمّ شهر «ادماسه» ثلاثين يوما هو خمسة من الكهري وذلك ساعتان، فالسنة «كبيسة» والشهر المكرّر فيها جيتر؛ وهذا العمل هو الذي في زيج الأركند بنقل

فاسد وهو: إذا اردت ان تعلم الأركند يعني «اهركن» فخذ تسعين واضربها في ستّة وزد عليها ثمانية وسني ملك السند وهي الى صفر سنة سبع عشرة ومائة وهو جيتر مائة وتسع سنين، وألق منها 587 فيبقى سنو «الشخ» ، وأيسر من ذلك: ان تأخذ سني يزدجرد التامّة فتلقي منها 33 ابدا، فيبقى سنو الشخ، او تأخذ اصل سني الأركند التسعين، فتضربها في ستّة وتزيد عليها اربعة عشر، ثمّ تزيد عليها سني يزدجرد وتلقي منه 587، فيبقى سنو الشخ، وما اظنّ هذا الشخ الّا «شق» ، ولكنّ ما يحصل من التأريخ ليس بتأريخه وإنّما هو تأريخ «كوبت كال» الذي يحلّ ايّاما، ولو كان يضع هذه التسعين مضروبة في ستّة مزيدا عليها ثمانية وذلك 548 غير متغيّر بازدياد السنين لكان الأمر سواء وبعد عن التكلّف، وصفر الذي اشار اليه موافق الأوّل ليوم الثامن من «ديماه» سنة 103 ليزدجرد، ولهذا علّق امر «جيتر» بالهلال الواقع في ديماه، لكنّ شهور الفرس تقدّمت منذ ذاك بسبب اهمال «1» ربع اليوم فيها، ويقتضي الموضوع تقدّم تأريخ ملك السند الذي ذكر تأريخ «يزدجرد، بسبع سنين، فيكون سنوه لوقت مثالنا 405، ومع سني الأركند التي هي اصله اعني 548 تكون 953 وهو «شككال» ، وبالنقصان الذي امر به منه يصير «كوبت كال» ، وما بقي من العمل في التحليل فهو على ما حكيناه عن «كندكاتك» ، وربّما وجد في بعض نسخه قسمة على الف بدل القسمة على 976 وذلك غلط في النسخ لا انّه وجه؛ ونتبع هذا بعمل «بجيانند» في زيجه المعروف بكرن تلك وهو هذا: ضع شككال ونقص منه 888 واضرب الباقي في اثني عشر وزد على ما اجتمع ما مضى من السنة من الشهور التامّة، وضع المبلغ في مكانين، واضرب احدهما في 900 وزد على ما اجتمع 661 ثمّ اقسم الجملة على 29282، فيخرج شهور «ادماسه» ، وزدها على المكان الآخر واضرب ما بلغ في ثلاثين وزد على المجتمع ما مضى من ايّام الشهر، فيكون جملتها الأيّام القمريّة، فضعها في موضعين،

واضرب احدهما في 3300 وزد عليه 64106 واقسم المجتمع على 210902، فيخرج ايّام النقصان ويبقى «ابم» ، ثمّ انقص ايّام النقصان من الأيّام القمريّة، فيبقى «اهركن» محسوبا من نصف الليل؛ مثاله لمثالنا، انّا نقصنا من «شككال» 888 فبقى 56، وشهوره 710، وضعناها في مكانين، وضربنا احدهما في 900 وزدنا عليه 661 وقسمنا المبلغ على 29282، فخرج شهور «ادماسه» ثلاثة وعشرين وبقي 29175 «1» من 29282، امّا العدد المضروب فيه فهو ثلاثون ليصير الشهور ايّاما، لكنه ايضا مضروب في ثلاثين، وأمّا المقسوم عليه فهو مضروب 976 مع كسر يتبعه في ثلاثين ليكونا من جنس واحد، ثمّ زدنا ما خرج من الشهور على ما معنا منها، وضربنا المبلغ في ثلاثين فاجتمعت الأيّام القمريّة 24060، وضعناها في موضعين، وضربنا احدهما في 3300 فاجتمع 79398000، وزدنا عليه 64106 فصار 79462104، قسمناه على 210902 فخرج ايّام النقصان 376 وبقي ابم 162952 «2» من 210902، نقصناها من ايام القمر التي في الموضع الآخر فبقي آهركن الطلوعي 23684؛ والذي في «بنج سدهاندك» لبراهمهر فهو هذا: ضع شككال وانقص منه 427، وما بقي فاجعله شهورا بالضرب في اثني عشر، وضعها في موضعين، واضرب احدهما في 7 واقسم ما بلغ على 228، فيخرج شهور «ادماسه» ، فزدها على الموضع الآخر واضرب المجتمع في ثلاثين وزد عليه الماضي من الشهر المنكسر، وضع ما بلغ في مكانين، واضرب اسفلهما في احد عشر وزد عليه 514 واقسم المبلغ على 703، وانقص ما يخرج من المكان الآخر فيبقى الأيّام الطلوعيّة، وهذا زعم طريقة «سدّهاند» الروم؛ ومثاله لوقت مثالنا، انّا انقصنا من «شككال» 427، فبقي 526 وشهوره 6312، والذي يخرج من شهور ادماسه هو 193 ويبقى 15 من

19، امّا الشهور فهي مع الشهور 6505 وأيّامها وهي القمريّة 195150 «1» ، امّا الزيادات في العمل فتكون موجبات الكسور لوقت افتتاح التأريخ المفروض، وأمّا السبعة المضروب فيها فليصير العدد اسباعا، وأمّا المقسوم عليه فهو اسباع مدّة ادماسه واحدة وقد اخذها اثنين «2» وثلاثين شهرا وسبعة عشر يوما وثمانية «كهري» وأربعة وثلاثين «جشه» بالتقريب، ثمّ وضعنا الأيّام القمريّة في موضعين، وضربنا اسفلهما في احد عشر وزدنا عليه 514، فاجتمع 2147164 «3» ، وقسمناه على 703 فخرج 3054 «4» وهي ايام النقصان وبقي 202 من 703، نقصنا الأيّام من الموضع الاخر فبقي 192096 «5» وهو الأيام الطلوعية للتأريخ الذي وضع عليه الكتاب، ورأيه في ادماسه اقرب الى رأي «برهمكوبت» لأن بقيّتها هاهنا 15 من 19 وهي فيما عملناه من اوّل «كلب» 103 من 120 وذلك بالتقريب 15 من 17؛ ويوجد في زيج اسلامي يوسم بزيج الهرقن هذا العمل مسوقا من تأريخ آخر يقتضي ان يتأخّر اوّله عن اوّل تأريخ، يزدجرد» 40081، ويكون اوّل سنة الهند له يوم الأحد الحادي والعشرين من «دي ماه» سنة عشر ومائة ليزدجرد، والمؤامرة فيه هكذا: ضع 72 واجعلها شهورا بالضرب في 12 ويكون 864، وزد عليه ما مضى من اوّل شعبان في سنة مائة وسبع وتسعين الى اوّل شهرك الذي انت فيه شهورا، وضع المبلغ في مكانين، واضرب الأسفل في 7 واقسمه على 228، فما خرج فزده على الأعلى واضرب ما اجتمع في ثلاثين، وزد عليه ما مضى من ايّام الشهر الذي انت فيه، ثمّ ضع هذا المبلغ في موضعين، وزد على الأسفل 38 فما بلغ فاضربه في احد عشر، واقسمه على 703 فما خرج فانقصه من الأعلى، فيبقى

في الأعلى الأيّام الطلوعية وفي الأسفل «ابم» ، وإذا زيد عليها واحد وألقيت اسابيع، بقيت علامة اليوم من الأسبوع، وكان هذا العمل يصحّ ان لو كانت شهور الاثنين والسبعين سنة قمريّة، ولكنها شمسية يلزمها من الكبس قريب من سبعة وعشرين شهرا زائدة على 864؛ فلنجر فيه ايضا مثالنا وهو لغرّة شهر ربيع الأوّل سنة اربع مائة واثنتين وعشرين للهجرة، ويكون ما بين اوّل شعبان المذكور اليه من الشهور 2695، ومع الشهور الموضوعة 3559، وضعناها في موضعين، وضربنا احدهما في 7 وقسمناه على 228، فخرج شهور «ادماسه» 109، زدناها على الموضع الآخر فصار 3668، وضربناه في ثلاثين فاجتمع 110040، وضعناه في مكانين، وزدنا على الأسفل 38 فصار 110078، ضربناه في احد عشر وقسمنا مبلغه على 703، فخرج 1722 وبقي 292 وهو «ابم» ، ثمّ نقصنا ما خرج من الأعلى فبقي فيه 108318 وهي الأيّام الطلوعيّة؛ وتصحيح هذا العمل هو أن يعلم انّ من اصل التأريخ الذي وضع الى اوّل شعبان الذي ارّخ من الأيّام 25958 وتكون شهورا عربيّة 876 اعني ثلاثا «1» وسبعين سنة وشهرين، ففي مثالنا اذا زاد على هذه الشهور شهور ما بين اوّل شعبان وبين اوّل شهر ربيع الأوّل اجتمعت الشهور 3571 ومع شهور «ادماسه» 3680 وأيّامها 110400، ويخرج ايّام النقصان 1727 ويبقى ابم 319، ويكون الأيّام الطلوعيّة 108673، ويصحّ حينئذ اذا نقصنا منها واحدا وألقينا الجملة اسابيع فإنه يبقى اربعة كما هو في مثالنا؛ وأمّا عمل «درلب» المولتاني فإنه وضع 848 وزاد عليه «لوكك كال» فاجتمع «شككال» ، ونقص منه 854 وجعل الباقي شهورا، ووضعها مع الشهور الماضية من السنة في ثلاثة مواضع، وضرب الأسفل في 77 وقسم مبلغه على 69120، ونقص ما خرج من الأوسط وأضعف الباقي وزاد عليه 29، وقسم المجتمع على 65 ليخرج شهور ادماسه، زادها على الأعلى وضرب الجملة في

ثلاثين، ووضعها مع الأيّام الماضية من الشهر في مكانين، وضرب الأسفل في احد عشر وزاد عليه 686، ووضع المبلغ اسفل منه، وقسمه على 403963 وزاد ما يخرج على الأوسط، وقسم المجتمع على 703، فخرج ايّام النقصان، ونقصها من الأعلى، فبقي «اهركن» الطلوعيّ؛ وقد تقدّم هذا العمل كليّا، ولمّا فرضه الرجل لوقت زاد فيه الزيادات والباقي على حاله؛ وأما ما في «كرن سار» فقد منع عن ايراد ما فيه عدول صاحبه عن التحليل الى طريق آخر، وفساد الترجمة فيما حصل منه، والذي يمكن حكايته هو أنّه نقص من «شككال» 821، فبقي الأصل، وهو لمثالنا 132، وضعه في ثلاثة مواضع، وضرب الأوّل في 132 درجة، فاجتمع لمثالنا 17464 «1» ، وضرب الثاني في 46 دقيقة فاجتمع 6072، وأمّا الثالث فضربه في 34 فصار 4488 وقسمه على 50 فخرج دقائق وما اراد ان يتلوها وذلك فط مو، ثمّ زاد على الدرج المجتمعة في الأعلى 112 «2» ورفع ما ارتفع من المجتمعات الى ما فوقها والدرج الى الأدوار، فحصل بعد ثمانية وأربعين دورا شكح ما مو، وذلك وسط القمر لوقت دخول شمس الحمل، فقسم درج وسط القمر على اثني عشر، فخرج ايّام، وضرب الباقي في ستّين وزاد عليه بدقائق الوسط القمر، وقسم الجملة على اثني عشر فخرج «كهري» وعلى هذا القياس ما بعدها، وكان ما خرج لنا كز كج كط وذلك ايّام «ادماسه» ولا شك انّها الماضي من ادماسه التي نحن فيه في توليد مقدارها انّه قسم اعداد القمر التي ذكرنا وهي قلب مولد على اثني عشر فخرجت حصّة السنة يا ج نب ن وحصّة الشهر منها. نه يط كدى، واستخرج مدّة اجتماع ثلاثين يوما من هذه الحصّة فكانت سنتين «3» وثمانية اشهر وستّة عشر يوما وأربعة «كهري» وخمسا «4» وأربعين «جشه»

ثمّ ضرب الأصل في 29 فصار 3828، وزاد عليه 20 وقسم المبلغ على 36 «1» ، فخرج أيّام النقصان 106 و 8 من 9، ولمّا لم اهتد لكيفيّة العمل تركته على حاله فانّ حصّة «ادماسه» الواحدة من النقصان خمسة عشر يوما و 7887 من 10622.

ند- في استخراج اوساط الكواكب

ند- في استخراج اوساط الكواكب اذا كانت الأدوار في «كلب» او «جترجوك» «1» معلومة والماضي فيه معلوما فإنّ نسبة كلّ الأيّام فيه الى كلّ الأدوار كنسبة الأيّام الماضية منه الى حصّتها من الأدوار، فالعمل العامّ فيها ان يضرب الأيّام الماضية من كلب او جترجوك «1» في ادوار الكوكب او الأوج او الجوزهر فيه، ويقسم المبلغ على كل ايّام كلب او جترجوك «1» بأيّهما كان العمل، فيخرج ما تمّ من ادواره، وليس يحتاج اليها فتلغى، ثمّ يضرب الباقي في اثني «2» عشر ويقسم ما بلغ على كلّ الأيّام التي قسمت عليها، فيخرج بروج، ويضرب ما بقي في ثلاثين ونقسمه على ما قسمت عليه، فيخرج درج، ويضرب الباقي في ستّين ونقسمه على ما قسمت عليه، فيخرج دقائق، وكذلك الى ما اريد ممّا بعدها، وذلك موضع ذلك الكوكب بوسط المسير او ذلك الأوج او الجوزهر؛ وهذا هو الذي ذكره «بلس» ايضا على منهاج آخر وهو أنّه لمّا خرجت «3» له الأدوار التامّة قسم ما بقي منها على 131493150، فخرج بروج الوسط وقسم البقيّة على 4383150، فخرج درج، وقسم اربعة اضعاف ما يبقى على 292207، فخرج دقائق، وبعد ذلك ضرب البقايا في ستّين وقسم

المبالغ على هذا العدد الأخير، فخرج ثوان «1» وما بعدها الى حيث اراد، وذلك هو الوسط المطلوب، وهذا لأنّه احتاج في البقيّة من الأدوار الى ضربها في اثني «2» عشر وقسمه المجتمع على أيّام «جترجوك» «3» لأن عمله عليه فقسم بدل «4» ذلك على مقسوم ايام جترجوك «4» على اثني عشر، وهو العدد الأوّل من الأعداد الثلاثة، واحتاج في بقيّة البروج الى ضربها في ثلاثين وقسمة المبلغ على ما قسم عليه فقسم بدل ذلك على مقسوم العدد الأوّل على ثلاثين، وهو العدد الثاني، وعلى هذا القياس اراد ان يقسم بقيّة الدرج على مقسوم العدد الثاني على ستّين، لكنّه لمّا قسمه عليه خرج 73051 وبقي ثلاثة ارباع، فضرب الجملة في اربعة لينجبر المكسّر، ولهذا استعمل ايضا اربعة اضعاف البقيّة فلمّا لم ينفذ له الأعداد على ما أشير اوّلا عاد الى الضرب في ستّين؛ وان اردنا سلوك هذه الطريقة في «كلب» على مذهب «برهمكوبت» كان العدد الأوّل الذي يقسم عليه بقيّة الأدوار 131493037500، والثاني الذي يقسم عليه بقيّة البروج 4383101250، والثالث يكون 37051687 «5» ، ويبقى نصف يحوج الى التضعيف، حتى يصير 146103375 ويقسم عليه ضعف البقيّة؛ وقد عدل «برهمكوبت» عن «كلب» و «جترجوك» «6» بكثرة ايّامها الى «كلجوك» تخفيفا، فمتى عمل بتأريخه ما تقدّم من التحليل على مذهبه وضربت ايّامه في ادوار الكوكب في كلب، وزيد عليه اصله وهو بقيّة الأدوار التي كانت له في اوّل كلجوك «7» وقسم المبلغ على ايّام كلجوك «7» الطلوعيّة وهي 157791645، خرجت ادواره التامّة الملغاة، ثمّ عمل

بما يبقى ما تقدّم فيخرج وسطه، فأمّا هذه الأصول فإنّها للمرّيخ 4308768000، والعطارد 4288896000، وللمشتري 4313520000، وللزهرة 43044448000، ولزحل 4305312000، ولأوج الشمس 933120000، ولأوج القمر 1505952000، وللرأس 1838592000، وأمّا الشمس والقمر فكانا بوسط مسيرهما في اوّل الحمل ولم يكن لأدماسه ولا لأيّام النقصان فصل؛ وأمّا في الزيجات التي ذكرناها فإنّما تضرب «اهركن» اعني ايام التأريخ لكلّ كوكب في عدد مفروض، وتقسمه على آخر مفروض، فيخرج الأدوار التامّة وما تلاها من الوسط، فربّما تمّ منهما؛ وربّما كان تمامه بالعود الى ايّام التأريخ وقسمتها امّا كما هي وإمّا بعد ضرب في عدد على عدد آخر، وإلحاق ما يخرج بالأوّل، وربّما يفرض اعداد كالأصل تزاد او تنقص ليصير الوسط في اوّل التأريخ مسوقا من اوّل الجمل، وهذه هي طريقة «كندكاتك» وكرن تلك» فأمّا في «كرن سار» فإنّه يخرج الأوساط للاستواء الربيعيّ ويكون اهركن من عنده، ولأنّ تلك طرق جزئيّة وغير واقفة عن التكاثر، فإن حكايتها تطول بلا فائدة، ثمّ ما بعد ذلك من التقويم وسائر الأعمال فليس لها بما نحن فيه اتّصال.

نه- في ترتيب الكواكب وأبعادها وأعظامها

نه- في ترتيب الكواكب وأبعادها وأعظامها قد تقدّم في ذكر اللوكات حكاية عن «بشن بران» وعن تفسير «باتنجل» ما يوجب سفول الشمس عن القمر في ترتيب الأفلاك، وذلك رأيهم الملّيّ، وخاصّة فقد قيل في «مج بران» : إنّ بعد السماء عن الأرض بمقدار نصف قطر الأرض، والشمس أسفل الجميع، والقمر فوقها والمنازل وكواكبها فوق القمر، وفوقها عطارد ثمّ الزهرة ثمّ المرّيخ ثمّ المشترى ثمّ زحل ثمّ بنات نعش ثمّ القطب فوقها، والقطب متّصل بالسماء، وممتنع ان تقع الكواكب تحت احصاء الانسان، ومن ذبّ عن هذا الرأي زعم أنّ القمر يخفى بالاقتران من الشمس كما يخفى السراج في ضوءها ثمّ يظهر بالتباعد عنها، فنذكر الآن بعض ما في كتب هذا الرأي من صفات النيّرين والكواكب ثمّ نتبعه بالرأي النجوميّ وإن لم يقع الينا منه إلّا شيء يسير، قد قيل في «باج بران» : إنّ الشمس كريّة الشكل ناريّة الطبع ذات الف شعاع بها تأخذ الماء فيكون منها للمطر اربع مائة وللثلج ثلاث مائة وللجوّ ثلاث مائة، وقيل في موضع آخر منه: انّ بعضها لتعايش «ديو» بالهناءة وبعضها لتعايش الناس بالمرافق وبعضها للآباء، وقسمها ايضا في موضع آخر على اسداس السنة فقال: انّها تضيء الأرض في الثلث الذي من اوّل الحوت بثلاث مائة شعاع وتمطر في الثلث الذي يليه بأربع مائة شعاع وتبرد وتثلج في الثلث الباقي بثلاث مائة، وفيه ايضا: انّ شعاع الشمس والريح يرفعان الماء من البحر الى الشمس، فلو تقطّر من

عندها لكان حارّا، ولكنّها تدفعه الى القمر ليقطر من عنده باردا فيحيي به العالم، وفيه أيضا: انّ حرارة الشمس وضياءها ربع حرارة النار وضيائها، وإنّها في الشمال تقع في الماء بالليل ولهذا يحمّر، وفيه ايضا: انّه كان في القديم الأرض والماء والريح والسماء، فرأى «براهم» تحت الأرض شررة، فأخرجها وجعلها اثلاثا، فثلث منها هي النار المعهودة المحتاجة الى الحطب المنطفئة بالماء، وثلث هي الشمس وثلث هي البرق، وفي الحيوان ايضا نار وهذه غير منطفئة بالماء، فإنّ الشمس تجذب الماء والبرق يلمع من خلال المطر والتي في الحيوان هي بين الرطوبات وتغتذى بها، وكأنّهم ذهبوا في هذا الى اغتذاء الأجرام العلويّة بالبخارات كما حكى «ارسطوطالس» ذلك عن قوم، وذلك انّ صاحب «بشن دهرم» صرّح بأنّ الشمس تغذي القمر والكواكب، ولو لم يكن الشمس لما كان كوكب ولا ملك ولا انس؛ واعتقادهم في اجرام الكواكب كلّها انّها كريّة الشكل مائيّة السخ غير مستنيرة والشمس من بينها ناريّة السخ مضيئة بالذات منيرة غيرها بالعرض اذا واجهها، وفي جملة الكواكب بالرؤية ما ليس بكواكب بالحقيقة وإنّما هي انوار قوم مثابين مجالسهم في علو السماء على كراسيّ بلّور، وقيل في بشن دهرم: انّ الكواكب مائيّة وشعاع الشمس ينيرها بالليل، ومن حصّل بصالح عمله في العلوّ مكانا جلس فيه على عرشه فإذا استنار عدّ من الكواكب، وسمّى جميعها «تاره» وهو اسم مشتقّ من «ترن» وهو المجاز، والمعبر امّا هؤلاء فكأنّهم جازوا شرّ الدنيا وحصلوا في النعيم وأمّا الكواكب فلأنّها تعبر السماء بالدوران، واسم «نكشتر» مقصور على كواكب المنازل، ولأنّ جميعها توسم بالكواكب الثابتة فيتناول جميعها ايضا اسم نكشتر فإنّ معناه انّه لا يزيد ولا ينقص، وأمّا أنا فأظنّ انّ هذه الزيادة والنقصان يتّجه على العدد والأبعاد فيما بينها ولكنّ صاحب الكتاب صرفه الى النور، فقال: كما يزيد القمر وينقص، ثمّ قال والكلام لماركنديو: انّ الكواكب التي لا تفسد قبل تمام «كلب» هي في مرتبة «نخرب» يعني 100000000000، والتي تنزل قبل تمام كلب غير معلومة العدد، لا يكاد يعرفه

إلّا من مكث في العلو مدّة كلب، قال «بجريا» : «ماركنديو» انت قد بقيت ستّة كلب، وهذا هو سابعك، فلم لا تعرفها؟ قال: لو كانت ثابتة على حالها لا تتبدّل الى مدّتها لما جهلتها، ولكن لا تزال تصعد واحدا من الأخيار وتنزل آخر، فلذلك لا أضبطهم؛ فأمّا اقطار النيّرين والظلّ فقد قيل في «مج بران» : انّ قطر جرم الشمس تسعة آلاف «1» «جوزن» وقطر القمر ضعف ذلك والرأس مثل جملتهما، وكذلك هو في «باج بران» إلّا انّه قيل في الرأس: انّه اذا كان مع الشمس فهو مثلها وإذا كان مع القمر فهو مثله، وقال غيره في الرأس: انّه خمسون الف «جوزن» وأمّا أقطار الكواكب السيّارة فقد قيل في «مج بران» : انّ تدوير الزهرة جزء من ستّة عشر جزءا من تدوير القمر فإنّ تدوير المشترى ثلاثة أرباع تدوير الزهرة وتدوير كلّ واحد من زحل والمرّيخ ثلاثة أرباع تدوير المشترى وتدوير عطارد ثلاثة أرباع تدوير المرّيخ، وكذلك هو في «باج بران» ، وأمّا الكواكب الثابتة ففيهما انّ تدوير الثوابت العظام مساو لتدوير عطارد، والذي هو أصغر من ذلك هو خمس مائة جوزن ثمّ تتصاغر بمائة الى ان تبلغ المائتين، لا يكون فيها اصغر من مائة وخمسين، وهذا ما في باج بران، فأمّا في مج بران فإنّه قيل: ثمّ تتصاغر بمائة الى أن تبلغ المائة، ولا يكون فيها أقلّ من نصف جوزن، وأتّهم هذا من جهة النسخة؛ وقال صاحب «بشن دهرم» حكاية عن «ماركنديو» : انّ «ابهج» النسر الواقع و «آردر» الشعري اليمانية و «روهني» الدبران و «بونربس» رأسا التوأمين و «بش» و «ريوتي» و «اكست» «2» وهو سهيل وبنات نعش وصاحب «باج» وصاحب «اهربدن» وصاحب «بسشت» كلّ واحد خمسة جوزن، والباقي كلّ واحد اربعة جوزن، ولا اعرف ما لا يعدّ بعدها، فهي من دون اربعة جوزن الى كروهين اعني ميلين، وما قصر عن كروهين لم يره الناس وإنّما يراه «ديو» ووجد

لهم رأي في مقادير الكواكب لم يسند الى انسان معروف وهو: أنّ كلّ واحد من قطري النيّرين سبعة وستّون جوزنا والرأس مائة والزهرة عشرة والمشترى تسعة وزحل ثمانية والمرّيخ سبعة وعطارد ستّة. وهذا ما وقفنا عليه من تخاليطهم في هذا الباب، فلنعدل عنها الى آراء المنجّمين منهم وليس بيننا وبينهم في ترتيب الكواكب وأنّ الشمس واسطتها وزحل والقمر طرفاها والثوابت اعلاها خلاف، وقد مرّ منها طرف في خلال الحكايات المتقدّمة، قال «براهمهر» في كتاب «سنكهت» «1» : القمر أبدا تحت الشمس فهي «2» تلقى شعاعها عليه وتنير نصف جرمه ويبقى النصف الآخر مظلما ذا ظلّ مثل الجرّة اذا نصبتها لعين الشمس، حتى تضيء نصفها المقابل للشمس ويبقى النصف الذي لا يواجهها مظلما، والقمر مائيّ في الأصل فلذلك يعكس الشعاع الواقع عليه كما يعكسه الماء والمرآة الى الجدار، فإذا كان القمر مع الشمس كان البياض منه اليها والسواد الينا، ثم ينحدر البياض نحونا قليلا قليلا بحسب بعد القمر عن الشمس، وكلّ من كان له محصول من اصحاب اخبارهم فضلا عن المنجّمين فإنّه يرى انّ القمر تحت الشمس بل تحت جميع الكواكب؛ والذي كان وقع الينا من أخبارهم عن ابعاد الكواكب هو ما ذكره يعقوب بن طارق في كتابه في «تركيب الأفلاك» : وقد استفادها عن الهنديّ في سنة احدى وستّين ومائة للهجرة، وقنّن فيه اصلا هو: أنّ الاصبع ستّ شعيرات بالعرض مصفوفة، والذراع اربع وعشرون اصبعا، والفرسخ ستّة عشر الف ذراع، لكنّ الهند لا يعرفون الفرسخ فهذا المقدار كما قدّمنا نصف «جورن» ، ثمّ ذكر: انّ فراسخ قطر الأرض 2100 ودورها 6596 «3» و 9 من 25، وعليه حسب الأبعاد على ما اثبتناها في الجدول، وليس ما ذكره من مقدار الأرض بالمتّفق عليه عند الهند، فإنّ قطرها عند «بلس» بالجوزن 1600 ودورها

5026 و 14 من 25 وعند «برهمكوبت» «1» 1581 ودورها 5000، فإذا أضعفت هذه الأعداد وجب ان تساوي ما ذكر يعقوب وليس يساويه، لكنّ الذراع والميل متّفق عليه بيننا وبين الهند، وأميال «2» نصف قطرها بحسب وجودنا 3284، فإن اخذنا لكلّ ثلاثة اميال كالعادة في بلادنا فرسخا كانت 6728، وإن أخذنا لكلّ ستّة عشر الف ذراع فرسخا كما ذكر يعقوب كانت 5046، وإن أخذنا لكلّ اثنين وثلاثين الف ذراع جوزنا كانت 2523، وفي هذا الجدول ما في كتاب يعقوب: «3» «4» «5» «1» «2» «3» «4»

«1» «2» «3»

وهذا رأي مخالف لما بنى عليه «بطلميوس» أمر الأبعاد في «كتاب المنشورات» واتّبعه عليه القدماء والمحدثون، فإنّ اصلهم فيها على أنّ ابعد بعد كلّ كوكب هو أقرب بعد الذي فوقه وليس فيما بين كرتيهما موضع معطّل عن الفعل، وفي هذا الرأي يكون فيما بين الكرتين موضع خال عنهما فيه ماسك كالمحور عليه الدوران، وكأنّهم اعتقدوا في الأثير «1» شيئا من الثقل حتى احتيج الى ماسك للكرة الداخلة يمسكها في وسط الخارجة؛ وممّا هو معلوم فيما بين أهل الصناعة انّه لا سبيل الى تمييز اعلى الكوكبين من اسفلهما إلّا من جهة السّتر أو من. جهة زيادة اختلاف المنظر فأمّا الستر فهو قليل الاتّفاق وأمّا اختلاف المنظر فهو في غير القمر غير محسوس به، لكنّ الهند ذهبوا في ذلك الى تساوي الحركات واختلاف المسافات، فصار سبب بطوء العالي اتّساع فلكه وسرعة السافل تضايق فلكه، فالدقيقة في فلك زحل مائتان واثنان وستّون ضعفا للدقيقة في فلك القمر، ولهذا اختلف زمان قطعهما فيهما مع تساوي الحركتين؛ ثمّ لم أر كلاما في هذا الباب إلّا ما يجيء في خلال الكتب من ذكر عدد فاسد فيها، كجواب «بلس» عمّن يعترض عليه في تصييره دور فلك كلّ كوكب احدا «2» وعشرين الفا وستّ مائة ونصف قطره ثلاثة آلاف «3» وأربع مائة وثمانية وثلاثين مع قول «براهمهر» في بعد الشمس انّه 2598900 وفي بعد الثوابت انّه 321362683، انّ الأوّل بالدقائق والأخير بالجوزن مع قوله انّ بعد الثوابت ستّون مرّة مثل بعد الشمس، وكان يجب ان يكون بعد الثوابت 155934000؛ فأمّا الطريق الذي اشرنا اليه من جهتهم فهو مبنيّ على اصل هو عندي مجهول بحسب ما عرفته الى ان يسهّل الله ترجمة كتبهم، وذلك الأصل هو أنّ مساحة الدقيقة في فلك القمر خمسة عشر جوزنا «4» ،

وكيف ما فسّره «بلبهدر» فإنّ حقيقته لم تتّضح، وذلك أنّه قال: قد رصد زمان مرور القمر على الأفق اعني من لمعان أوّل جرمه الى طلوع كلّه او من ابتداء غروبه الى تمام مغيبه، فوجد في اثنتين وثلاثين دقيقة من دور الفلك، وإن كان رصد الدرج عسرا فضلا عن الدقائق، فرصد «جوزن» قطر جرمه فوجد 480، وقسمت على دقائق جرمه فخرجت حصّة الدقيقة خمسة عشر جوزنا «1» وضرب ذلك في دقائق الدور فاجتمع 324000، وهو مساحة فلك القمر بالجوزن التي يقطعها في كلّ دورة، فإذا ضربت في ادواره في «كلب» أو «جترجوك» «2» اجتمع ما يقطعه منها فيه، وذلك عند «برهمكوبت» في مدّة كلب 1871206920000000، ويسمّيها «جوزن فلك البروج» ، ومعلوم انّها اذا قسمت على ادوار كلّ كوكب في كلب يخرج جوزن دورة الواحدة، لكنّ حركة الكواكب عندهم كما قلنا بالمسافة واحدة، فالخارج هو مساحة فلك ذلك الكوكب، ولأنّ نسبة القطر الى الدور عنده بالتقريب نسبة 12959 الى 40980 فإنّ مساحة فلك الكوكب اذا ضرب في 12959 وقسم المبلغ الى 81960، يخرج نصف القطر وهو بعده من مركز الأرض، وقد استخرجنا ذلك على رأيه ووضعناه في الجدول: «1» «2»

ولأنّ عمل «بلس» بجترجوك «1» فإنّ مضروب مساحة دور فلك القمر في أدواره فيه 18712080864000 وهو يسمّيها «جوزن السماء» ، وهي ما يقطعه القمر في كلّ «جترجوك «2» » ، ونسبة القطر عنده الى الدور نسبة 1250 إلى 3927 «3» ، فمتى ضرب دور فلك كلّ كوكب في 625 وقسم المبلغ على 3927 خرج بعد الكوكب من مركز الأرض، وقد فعلنا بها مثل ما تقدّم وأثبتنا ما حصل على رأيه في جدول أيضا، فأمّا انصاف الأقطار فإنّا الغينا الكسور القاصرة عن النصف فيها وجبرنا الزائدة عليه، ولم نفعل مثل ذلك في المحيطات بل حقّقناها من أجل أنّه يحتاج اليها في المسيرات، وذلك أنّ جوزن السماء في «كلب» أو جترجوك «4» اذا قسمت على أيّامه الطلوعيّة خرج 11858 ويبقى لبرهمكوبت 25498 من 35419 ولبلس 209554 من 292207، وهذا ما يقطعه القمر كلّ يوم الّا أنّ الحركة واحدة فهو اذن ما يسيره كلّ كوكب كلّ يوم، ونسبته الى جوزن محيط فلكه كنسبة حركته المطلوبة الى الدور على أنّه ثلاث مائة وستّون «4» ، فإذن متى ضرب المسير المشترك لجميع الكواكب في ثلاث مائة وستّين وقسم المجتمع على جوزن محيط الكوكب المقصود خرج بهته «5» الأوسط «6» وهو وسطه ليوم «6» :

«1» «2» «3»

وكما أنّ الموجود من دقائق قطر القمر ناسب 21600 التي هي دقائق الدور على نسبة حصيّتها من «جوزن» وهو 480 الى جوزن كلّ دور فلكه كذلك عمل للموجود من دقائق قطر الشمس فكان جوزنه عند «برهمكوپت» 6522 وعند «پلس» 6480، ولمّا حصل لپلس دقائق جرم القمر 32 وهي زوج زوج قسمه للكواكب بالتنصيف الى الواحد، وصيّر للزهرة نصفها وللمشتري ربعها ولعطارد ثمنها ولزحل نصف ثمنها وللمرّيخ ربع ثمنها، وكأنّه استحسن النظام وإلّا فليس قطر الزهرة نصف قطر القمر بالرؤية ولا المرّيخ نصف ثمنها؛ وأمّا عمل جرمي النيّرين في كلّ وقت بحسب بعدهما من الأرض وهو القطر المعدّل الذي يحصل في عملي تقويميهما، فليكن له أب قطر جرم الشمس وج د قطر الأرض وج د هـ مخروط الظلّ وسهمه هل، ونخرج ج ر موازيا لدب فيكون أر فضل ما بين أب ج د وعمود ج ط بعد الشمس الأوسط أعني نصف قطر فلكه المستخرج من جوزن السماء، وقطر الشمس المعدّل يخالف دائما فيزيد عليه وينقص منه، وليكن ج ك وهو لا محالة بأجزاء الجيب، ونسبته الى ج ط على أنّه الجيب كله كنسبة جوزن ج ك الى جوزن ج ط، وبهذا يتحوّل اليها، وجوزن أب الى جوزن كج كنسبة دقائق أب الى دقائق كج على أنّه الجيب كلّه، فاب بدقائق الفلك معلوم لأنّ الجيب كلّه مأخوذ بقدر الدور، ولهذا قال پلس: أضرب جوزن نصف قطر فلك الشمس أو القمر في قطره المعدّل واقسم المجتمع على الجيب كلّه، وأقسم على ما يخرج للشمس 22278240 وللقمر 1650240، فيخرج دقائق قطر جرم المعمول له، وهذان العددان هما مضروبا «جوزن» قطري النيّرين في 3438 وهي دقائق الجيب كلّه، وكذلك قال «برهمكوبت» : أضرب جوزن النيّر في 3416 وهي دقائق الجيب كلّه، واقسم ما بلغ على جوزن نصف قطر فلكه، وهذا من القسمة غير صحيح لأنّ مقدار الجرم بها لا يتغيّر، ولذلك رأى «بلبهدر» المفسّر كما رأى «بلس» أن تكون القسمة على القطر المعدّل المحوّل؛ ولمعرفة قطر الظلّ المسمّى في زيجاتنا «مقدار فلك الجوزهر» قال برهمكوبت: انقص جوزن قطر

الأرض وهي 1581 من جوزن قطر الشمس وهو 6522، فيبقى 1941 المحفوظ للقسمة، وذلك في الشكل ار «1» ، ثمّ اضرب قطر الأرض في قطر الشمس المعدّل الحاصل عند تقويمها، واقسم ما بلغ على المحفوظ، فيخرج القطر المقوّم، فأمّا تشابه مثلّثي أر ج ج د هـ فهو ظاهر، إلّا أنّ عمود ج ط غير متغيّر عن مقداره والقطر المعدّل هو الذي يتغيّر به رؤية أب مع ثباته على مقداره، فليكن هذا القطر ج ك، ويخرج أي ر وموازيين وي كو على موازاة اب، فهو مساو للمحفوظ، ويخرج ي ج م، فيكون م، رأس مخروط الظلّ لوقتئذ، ونسبة ي والمحفوظ الى كج القطر المعدّل كنسبة ج د قطر الأرض الى م ل «2» الذي سمّاه قطرا مقوّما ويكون بدقائق الجيب، لأنّ كج- لهذا أتّهم ما بعده بسقوط شيء من النسخة فإنّه قال: فأضربه في قطر الأرض، فيجتمع ما بين مركز الأرض الى طرف الظلّ، فانقص منه قطر القمر المعدّل واضرب الباقي في قطر الأرض، واقسم ما اجتمع على القطر المقوّم، فيخرج قطر الظلّ في فلك القمر، فيفرض «3» قطر القمر المعدّل لس وفن من فلك القمر الذي نصف قطره لس، وإذ كان خرج لم بدقائق الجيب فنسبته الى ج د على أنّه ضعف الجيب كلّه كنسبة مس بدقائق الجيب الى عص «4» بدقائق الجيب، ولكنّي أظنّ أنّه رام تحويل لم القطر المقوّم الى مقدار «جوزن» وذلك يكون بضربه في جوزن قطر الأرض وقسمة المبلغ على ضعف الجيب كلّه، فسقط ذكر القسمة عن الأصل أو يكون ضرب القطر المقوّم في قطر الأرض فضلة زائدة لا يحتاج اليها في العمل، وأيضا: فإنّ لم إذا حصل بالجوزن وجب ان يكون لس القطر المعدّل محوّلا أيضا اليها ليكون مس بذلك المقدار، وعلى هذا فإنّ ما يخرج من قطر الظلّ يكون جوزنا، قال: ثمّ اضرب الظلّ الخارج في الجيب كلّه

واقسم المبلغ على قطر القمر المعدّل، فيخرج دقائق الظلّ المطلوبة؛ ولو كان الظلّ الخارج له بالجوزن لوجب ان يضربه في ضعف الجيب كلّه ويقسم المجتمع على جوزن قطر الأرض فيخرج له دقائق الظلّ، وإذ لم يفعل فقد علم أنّه اقتصر في العمل على القطر المقوّم دقائق من غير أن يحوّله الى الجوزن، واستعمل القطر المعدّل غير محوّل اليه، فخرج له الظلّ في الدائرة التي نصف قطرها لس القطر المعدّل وهو محتاج اليه في الدائرة التي نصف قطرها الجيب كلّه، ونسبة صع الخارج له الى سل القطر المعدّل كنسبة صع بالمقدار المطلوب الى سل على أنّه الجيب كلّه، فعلى هذا حوّله؛ ثمّ أنّه في موضع آخر قال: أنّ قطر الأرض 1581 وقطر القمر 480 وقطر الشمس 6522 وقطر الظلّ 1581، فانقص «جوزن» الأرض من جوزن الشمس فيبقى 4941، واضرب هذا الباقي في جوزن قطر القمر المعدّل واقسم المجتمع على جوزن قطر الشمس المعدّل، فما خرج فانقصه من 1581 فيبقى مقدار الظلّ في فلك القمر، فاضربه في 3416 واقسم المجتمع على جوزن نصف قطر فلك القمر الأوسط، فيخرج دقائق قطر الظلّ، ومعلوم أنّه اذا نقص جوزن قطر الأرض من جوزن قطر الشمس كان الباقي أر أعني ي و «1» ، ويخرج و «2» ج ف وعمود كج على استقامته الى ح، فنسبة فضلة ي وإلى كج قطر الشمس المعدّل كنسبة صف الى حج وقطر القمر المعدّل، وسواء كان هذان المعدّلان محوّلين أو غير محوّلين فإنّ صف يخرج بمقدار الجوزن، ويجعل عن مساويا لح ف، فيساوي ح ن بالضرورة قطر ج د ومطلوبه صع، فيجب ان ينقص ما يخرج له من قطر الأرض ليبقى صع؛ وليس صاحب العمل بمتّهم في مثله وإنّما التهمة على النسخة الفاسدة، ولسنا نعدوها لخفاء ما في الصحيحة منه علينا؛ فأمّا المقدار المفروض الظلّ الذي أمر بالنقصان منه فلا يمكن أن يكون أوسط لأنّ الأوسط يكون واقفا بين النقصان وبين الزيادة، ولا

يمكن أيضا أن يتوهّم أعظم مقادير الظلّ لتسقط الزيادة عليه من أجل أنّ صف الذي هو النقصان هو قاعدة مثلّث يلاقي ضلع فج منه سل في جهة الشمس لا في جهة طرف الظلّ، فليس لصف أيضا مدخل في الظلّ، وبقي أنّ النقصان من قطر القمر، ثمّ تكون نسبة صع الحاصل له بالجوزن الى سل «جوزن» قطر القمر المعدّل كنسبة صع بالدقائق الى سل على أنّه الجيب كلّه، فبهذا يحصل مطلوبه على الصحّة دون القسمة على نصف قطر فلك القمر الأوسط وهو المستخرج من جوزن فلك السماء: وأمّا في زيجاتهم فمعرفة مقدار قطري النيّرين في «كندكاتك» وفي «كرن سار» هو العمل الذي في زيج الخوارزميّ، وقطر الظلّ أيضا في كندكاتك مثل الذي فيه وأمّا في كرن سار فإنّه ضرب «بهت» القمر في أربعة وضرب بهت الشمس في ثلاثة عشر، وقسم فضل ما بين المجتمعين على ثلاثين فخرج قطر الظلّ، وأمّا في «كرن تلك» فإنّه في قطر الشمس أمر بتنصيف «بهت» الشمس ووضع النصف في مكانين، وقسمة أحدهما على عشرة وزيادة ما يخرج على المكان الآخر،

فيكون دقائق قطر الشمس، وأمّا في القمر فإنّه وضع بهته وزاد عليه جزءا من ثمانين منه وقسم المبلغ على خمسة وعشرين، فخرج دقائق قطره، وأمّا في الظلّ فإنّه ضرب بهت الشمس في ثلاثة ونقص من المبلغ جزءه من أربعة وعشرين، ونقص من المبلغ جزءه من أربعة وعشرين، ونقص الباقي من بهت القمر وقسم ضعف الباقي على خمسة عشر، فخرج دقائق الجوزهر، ولو ذهبنا نورد ما في زيجاتهم لخرجنا به عمّا نحن فيه، وإنّما نورد منها فيما يتّصل بما نحن فيه ما يستغرب أو لا يكون موجودا عند أصحابنا وفي ديارنا.

نو- في منازل القمر

نو- في منازل القمر مأخذ المنازل عندهم بالحقيقة كمأخذ البروج في انقسام منطقة البروج بها بسبعة وعشرين قسما متساوية كانقسامها في البروج باثني عشر قسما متساوية، وتكون حصّة كلّ منزل من الدرج ثلاث عشرة وثلثا «1» ومن الدقائق ثمان مائة، فالكواكب السيّارة تلج فيها وتخرج منها وتتردّد بالعرض في شمالها وجنوبها، ويختّص كلّ منزل من جهة صناعة احكام النجوم ما يختّص به البروج من صفة وطبيعة ودلالة وخاصّيّة، ومأخذ هذا العدد هو ان القمر يقطع المنطقة كلّها في سبعة وعشرين يوما وثلث يوم يستحقّ الإلغاء، كما ان مأخذ العدد الذي عند العرب من اوّل الرؤية الغربية الى آخر الرؤية الشرقيّة، وطريقة ان يزاد على الدور مسير الشمس في الشهر القمري، وينقص من الجملة مسير القمر لليومين المخصوصين بالمحاق، ويقسم الباقي على مسير القمر ليوم، فيخرج سبعة وعشرون وأرجح من ثلاثين وهو مستحقّ للجبر، ولكنّ العرب قوم امّيّون لا يكتبون ولا يحسبون، وإنّما يعوّلون على العدد والعيان، اذ لا يعرفون غير الرؤية ولا يحدّون المنازل بغير الكواكب التي فيها من الثوابت، وإذا رامت الهند مثل ذلك من التحديد وافقوا العرب في بعض الكواكب وخالفوهم في بعض، على ان العرب لا يبعدون عن

طرائق القمر ولا يستعملون من الثوابت الّا ما يقارنه القمر او يقاربه، والهند لا يلتزمون هذه الشريطة ولكنّهم يعتبرون فيها المحاذاة والمسامتة، ثمّ يدخلون النسر الواقع في الجملة فيصير العدد به ثمانية وعشرين، ولهذا أوهم منجّمونا ومؤلّفو كتب الأنواء في هذا المعنى وذكروا انّ المنازل عند الهند ثمانية وعشرون وأنّهم اسقطوا واحدا هو المستتر دائما بشعاع الشمس، كأنّهم سمعوا الهند يسمّون المنزل الذي فيه الشمس «محترقا» والذي فارقته «مفترقا بعد العناق» والذي امامها «متدخّنة» ، ومن اصحابنا من نصّ على سقوط الزباني ثمّ علّله بأمر الطريقة المحترقة في آخر الميزان، وأوّل العقرب، كلّ ذلك منهم ظنّ بأنّ المنازل عند الهند ثمانية وعشرون ثمّ يلحقها الإسقاط، وليس كذلك فإنها سبعة وعشرون ثمّ يلحقها الازدياد، وقد حكى «برهمكوبت» انّ في كتاب «البيذ» ممّن يسكن جبل «ميرو» انّه يرى شمسين وقمرين والمنازل اربعة وخمسين ويتضاعف عليه الأيّام ايضا، ثمّ اخذ في مناقضته بأنّا لا نرى سمكة القطب دائرة في اليوم مرّتين بل مرّة واحدة، وأمّا انا فاعيتني الحيل في توجيه وجه لهذه القضية الكاذبة؛ فأمّا معرفة موضع كوكب او درجة مفروضة من المنازل فهو: ان يجعل بعده من اوّل الحمل كلّه دقائق وتقسم على ثمان مائة، فيخرج منازل تامّة سابقة للذي هو فيه، ويبقى ما قطع من المنزل المنكسر، فإمّا ان تنسب الى الثمان مائة كما هما وإمّا مطويّين «1» بالوفق وإمّا ان ترفع الدقائق الى الدرج وإمّا ان تضرب في ستّين ويقسم المجتمع على ثمان مائة فيخرج ما قطع منه على انّ المنزل واحد مقسوم بستّين، وهذه كلّها تعمّ القمر والكواكب وغيرها، ثمّ تخصّ القمر بأن يقسم مضروب البقيّة في ستّين على بهته فيخرج ما مضى من اليوم المنازليّ؛ والهند في امر الكواكب الثابتة قليلو المحصول ولم اظفر منهم بمن يعرف كواكب المنازل عيانا ويشير اليها بنانا، وإنّما اجتهدت غاية الاجتهاد في تحصيل اكثر ذلك بالقياسات

وأودعته مقالة لي في تحقيق منازل القمر، وسأذكر ما يليق بهذا الموضع من اقاويلهم، بعد ان نثبت مواضع كواكبها في الطول والعرض وأعدادها بحسب ما في زيج «كندكاتك» ونسهلها بجداول هي هذه: «1» «2» «3» «4» «1» «2»

ثمّ يقع للقوم تخاليط من جهة الاعتبار بالكواكب، مع قلّة الدربة بالرصد والقياس وعدم الاهتداء لحركات الثوابت، فمنها قول «براهمهر» في كتاب «سنكهت» : المنازل الستّة التي اوّلها ريوتي» وآخرها «مركشير» يسبق فيها العيان الحساب فيكون حلول القمر المنزل منها عيانا قبل حلوله ايّاه حسابا، وفي الاثني «1» عشر التي مبدأها «آردر» ومنتهاها «انّراد» يصير السبق نصف منزل فيكون بالعيان في النصف من المنزل وبالحساب في اوّله، وفي المنازل التسعة التي

ابتداؤها من «جيرت» وانتهاؤها الى «اوترابتربت» يتأخّر العيان عن الحساب فلا يحلّ القمر احدها بالعيان الّا مع خروجه منه الى الذي يليه بالحساب؛ فمصداق ما وصفتهم به غير ظاهر عليهم قوله مثلا في الشرطين وهو من جملة الستّة المنازل انّ العيان يسبق فيه الحساب وكوكباه في زماننا في ثلثي الحمل وزمان براهمهر يتقدّمنا بقريب من خمس مائة وستّ وعشرين سنة، وبأيّ رأي عمل في حركة الثوابت فإنّهما لا يتقدّمان ثلث الحمل، فهب انّهما فيه في زمانه او بالقرب منه على ما في «كندكاتك» وحساب النيّرين فيه صحيح لم يستبن فيه بعد ما استبان في زماننا من تخلّفه ثماني «1» درج، فكيف يسبق العيان فيه الحساب والقمر اذا قارنهما كان قد قطع من المنزل الأول قريبا من ثلثيه؟ وعلى هذا القياس سائرها؛ وإنّما تتسع المنازل وتتضايق من جهة سماتها اعني الكواكب دون ذواتها فإنّها متساوية، وليس يعرف ذلك من شأن الهند معما حكينا عنهم في بنات نعش، وقال «برهمكوبت» في «اوتر كندكاتك» اي تصحيحه: انّ من المنازل ما يفضل مقداره على مقدار وسط القمر ليوم بنصفه، فيكون المنزل يط مه نب يح، وهي ستّة منازل اسماؤها روهني، بونربس، اوترابلكني، بشاك، اوتراشار، اوترابتربت» وجملتها قيح له يج مح، ومنها ستّة قصار كلّ واحد منها يقصر عن وسط القمر ليوم بنصفه، فيكون المنزل وله يزكو، وأسماؤها «بهرني» آردر، اشليش، سوات، جيرت، شدبش «2» » ، وجملتها لط لا مد لو، والخمسة عشر «3» الباقية يساوي «4» كلّ واحد منها وسط القمر ليوم، فيكون المنزل يج ى لد نب، وجملتها قصر «5» لح مج، وجملة الجمل الثلاث شنه مه ما كد ويبقى الى تمام الدور د يد يح لو وهو حصّة

«ابهج» المتروك اعني النسر الواقع، وقد انعمت الفحص عن ذلك في المقالة المذكورة؛ وأمّا قلّة هداية الهند لحركة الثوابت فيكفي شاهدا عليه قول «براهمهر» في «سنكهت» : انّه ذكر في كتب الأوائل انّ المنقلب الصيفي في نصف اشليش والشتوي في اوّل «دهنشت» ، وكان ذلك حينئذ صحيحا، فأمّا الآن فالصيفي من المنقلبين في اوّل السرطان والشتويّ في اول الجدي، فإن تشكّك في ذلك احد وزعم انّه كما ذكر الأوائل دون ما ذكرناه فليصحر الى مكان مستوحين يتفرّس اقتراب المنقلب الصيفيّ، وليدر فيه دائرة وينصب على مركزها شخصا يقوم عمودا على الأفق، ويعلم على رأس ظلّه حتى يوافي محيط الدائرة في احد جانبي المشرق والمغرب، ويعود كالغد حول مثل ذلك الوقت الأمسيّ ويرصد مثل ما رصد اوّلا فإن وجد رأس الظلّ في الخيط زائلا عن العلامة الأولى نحو الجنوب فليعلم انّ الشمس قد تحرّكت نحو الشمال ولم ينقلب بعد، وإن وجده زائلا نحو الشمال علم انّ الشمس قد تحرّكت نحو الجنوب وانقلبت، وإذا رصد ذلك دائما ووقف على يوم الانقلاب تحقّق ما ذكرناه؛ وهذا دليل من «براهمهر» على انه لم يعرف انّ للكواكب الثابتة حركة نحو المشرق، فجعلها كاسمها وحرّك المنقلب نحو المغرب، وبسبب هذا التخيّل خلّط الأمرين في المنازل فلنميّز بينهما لتزول الشبهة ويتهذّب الكلام، وذلك انّ البروج اذا ابتدئ فيها من نصف سدس المنطقة الذي من التقاطع نحو الشمال على توالي الحركة الثانية، فإنّ المنقلب الصيفي يكون ابدا على رأس البرج الرابع، والشتويّ على رأس البرج العاشر، وفي المنازل اذا ابتدئ بثلث تسع المنطقة الذي من اوّل البرج الأوّل، كان المنقلب الصيفيّ على ثلاثة ارباع المنزل السابع ابدا والشتوي على ربع المنزل الحادي والعشرين، لا يتغيّر ذلك طول مدّة العالم، فأمّا اذا وسمت المنازل بكواكب وسمّيت بأسماء تابعة للكواكب فلا بدّ من انتقالها معها، وكواكب البروج والمنازل كانت في الأقسام التي قبلها في سوالف الأزمنة، ثم انتقلت الى هذه

وستنقل فيما يستأنف الى اثلاث الاتساع التي بعدها حتى تستقرّ «1» بها كلّها، وكواكب «اشليش» بزعمهم في ثمان عشرة درجة من السرطان، فبالمسير الذي رآه القدماء لها كانت منذ الفين «2» وثمان مائة سنة على اوّل البرج الرابع وصورة السرطان ايضا كانت في البرج الثالث مع المنقلب، فثبت المنقلب، وانتقلت الكواكب بعكس ما تخيّله «براهمهر» .

نز- في ظهور الكواكب من تحت الشعاع وذكر قوانينهم ورسومهم عنده

نز- في ظهور الكواكب من تحت الشعاع وذكر قوانينهم ورسومهم عنده أمّا عملهم في رؤية الكواكب والهلال فهو الذي تضمّنه ازياج السندهند عندنا، ويسمّون الدرجات المفروضة لوجوب «1» الرؤية «كالانشك» وهي على ما ذكر صاحب «غرّة الزيجات» : أمّا لسهيل واليمانية والواقع والعيّوق والسماكين وقلب العقرب فثلاث عشرة درجة وإنّما للبطين والهقعة والنثرة و «اشليش» و «شدبش» و «ريوتي» فعشرون درجة وللباقية اربع عشرة «2» ، فقد انقسم الأمر فيها الى ثلاثة حدود يسبق الى الوهم منها أنّ الحدّ الأوّل مقصور على الكواكب المعدودة عند اليونانيّين في العظم الأوّل والثاني والحدّ الأوسط على المعدودة في العظم الثالث والرابع والحدّ الأخير على المعدودة في العظم الخامس والسادس، وهذا التفصيل كان اولى ببرهمكوپت في تصحيحه «كندكاتك» ولم يفعل، لكنّه تجازف فجعل درج الرؤية للمنازل كلّها اربع عشرة درجة قال «بجيانند» : ومن الكواكب ما لا يخفيها الشعاع ولا يضربها الشمس وهي العيّوق والسماك الرامح والنسران و «دهنشت» و «اوترابترپت» وذلك من اجل كثرة عرضها في الشمال مع كثرة عرض البلاد فإنّها فيما كان اشدّ ايغالا ترى في طرفي الليل الواحد بعينه ولا

تخفى؛ ولهم في طلوع «آكست» اعني سهيل طرق، وهم يرونه عند حلول الشمس منزل «هست» ومغيبه عند حلولها منزل «روهني» ، قال «بلس» : اضعف اوج الشمس، فمتى ساواه مقوّم الشمس كان وقت اختفائه، وأوج الشمس عنده برجان وثلثا برج، ويقع ضعفه في ثلث السنبلة وهو أوّل منزل هست، ونصف الأوج يكون في ثلث الثور وهو اوّل منزل روهني، وأمّا «برهمكوبت» فإنّه زعم في تصحيح كندكاتك انّ موضع سهيل في سبع وعشرين درجة من الجوزاء وعرضه في الجنوب احد وسبعون جزءا، ودرجات رؤيته اثنتا عشرة، وموضع «مركبياذ» وهو الشعري اليمانية في ستّ وعشرين درجة من الجوزاء وعرضه في الجنوب اربعون جزءا، ودرجات رؤيته ثلاث عشرة، فإن اردت وقت طلوعهما فهب انّ الشمس في موضع الكوكب، والماضي من النهار هو درجات رؤيته، وأقم الطالع على ذلك، فمتى حصلت الشمس في درجة هذا الطالع رثى الكوكب أوّل رؤيته، ولمعرفة وقت مغيبه فزد على درجة الكوكب ستّة بروج، وانقص من المبلغ درجات رؤيته وأقم الطالع على ما بقى، فإذا حلّت الشمس درجته كان وقت مغيبه؛ وفي «سنكهت» ذكر قرابين ورسوم تقام عند طلوع بعض الكواكب، ونحن نحكيها بحسب ترجمتنا النفي بالشريطة في استيفاء الحكايات على وجهها، قال «براهمهر» : لمّا طلعت الشمس في المدا وسامتت جبل «بند» الشامخ في مرورها انكر علوّها وبعثه الكبرياء على الانبعاث اليها ليمنعها عن قصدها ويحبس عجلتها عن المرور فوقه، فارتفع حتى قرب من الجنّة ومواطن «بدّاذر» الروحانيّين، فأسرعوا اليه لطيبته ونزهة بساتينه ورياضه واستوطنوه فرحين يتردّد فيه نساؤهم ويتلاعب اولادهم، حتى اذا هبّت الريح على ثياب بناتهم البيض تحرّكت كالرايات الخافقة ويرى السباع والأسود في شعابه حالكة الألوان من كثرة الحيوان المسمّى «برمر» واجتماعه عليها مشتاقا الى ما تلوّثت به ابدانها عند التحاكّ بالبراثن المتلطّخة، يسكر الفيلة المغتلمة التي ناوشتها، وترى القرود والدببة تعلو قرونه وثناياه السامية كأنّها تقصد السماء في

مطاعمها، وترى الزهّاد في غياضه مقتصرين على التغذّي بثماره، مع مفاخر له تفوت الاحصاء، ولمّا رأى «اكست بن برن» وهو سهيل بن الماء ذلك من فعل الجبل عرض عليه الصحبة فيما أمّه وسأله المقام والتثبّت ريث ما يعود اليه حتى قناه بذلك عمّا كان فيه من السمر، وأقبل على البحر يبلع ماءه حتى غاض وبدت سفوح جبل بند، فتشبّث «مكر» ودوّاب الماء به تخدشه حتى ثلمته بالحفر وثقبته اخاديد بقيت الجواهر واللآلئ فيها، حتى تزيّن بها وبالأشجار البارزة على ذيوله «1» والحيّات المتردّدة بالتواء على وجهه، واعتاض بظلم سهيل ايّاه ما اكتسب من الزينة التي استفاد الملائكة منها امثلة تيجانهم وأكاليلهم، كما اعتاض البحر بنضوب مائه حسن لمعان السمك عند اضطرابها فيه وظهور الجواهر في قراره وتردّد الحيّات والفيلة في باقي مائه، فإذا علاه السمك والحلزون والصدف طننته حياضا قد غطى النيلوفر الأبيض وجه مائها في سدس «شرد» وفصل الخريف، ولم تكد تميّز بينه وبين السماء لتزيّن البحر بالجواهر زينة السماء بالكواكب ومشابهة الحيّات الكثيرة الرءوس خيوط الشعاع المنبعث من الشمس ومماثلة البلّور فيه جرم القمر والبخار الأبيض الذي تعلوه سحائب السماء، فكيف لا اثنى على من فعل هذا الفعل العظيم ونبّه الملائكة على حسن التيجان وجعل البحر وجبل «بند» خزانة لهم! ذاك سهيل الذي يطهر به الماء من الأوساخ الأرضيّة التي تخالطه طهارة قلب الرجل الصالح ممّا ران عليه في صحبة الأشرار، فمهما طلع ونقص الماء في الأنهار والأدوية في اوانه رأيت الأنهار تقدم الى القمر ما على وجه الماء من انواع النيلوفر الأبيض والأحمر والفيلجون ويسبح فيه من الوان البطوط والنحام قربانا له مثل ما تقدّم الفتاة من الورد والتحف عند دخولها، ولم يشبّه وقوف ازواج النحام الحمر على الحافّتين وتردّد البطوط البيض في الوسط مصوّتة الّا بشفتي الحسناء قد برزت ثناياها بضحك الفرح، بل لم يشبّه النيلوفر النيليّ بين ابيضه وتهافت

«برمر» عليه حرصا على ارج ريحه الّا بسواد حدقتها بين بياض المقلة متحرّكة بالغنج والدلال قد احتفّ بها شعر الحاجب، فإذا رأيت الحياض حينئذ قد أشرق عليها ضياء القمر فأضاء ماؤها الراكد وانفتح ما انضمّ على برمر من نيلوفرها الأبيض ظننتها وجه حسناء تنظر بعين دعجاء من مقلة بيضاء، فإن كان الأتيّ من سيول «برشكال» قد سال اليها بالحيّات والسموم والقاذورات فإنّ طلوع سهيل عليها يطهّرها من النجاسة ويخلّصها من الآفة، ولئن كان خطرة ذكر سهيل على باب الإنسان ماحية لآثامه الموجبة العقاب فانطلاق اللسان بمدحه ابلغ في حطّ الأوزار واكتساب الثواب! وقد ذكر اوائل الرشين ما يجب من القربان عند طلوع سهيل، وأنا أتحف الملوك بحكايته وأجعلها قربانا له، وأقول: انّ طلوعه يكون في الوقت الذي يظهر فيه بعض ضياء الشمس من المشرق ويجتمع ظلمة الليل في المغرب، وأوّل ظهوره يكون عسر الإدراك لا يهتدي له كلّ ناظر اليه، فسل المنجّم وقتئذ عن سمت مطلعه، وقدّم القربان المسمّى «ارك» الى تلك الجهة وافرش الأرض بما يتّفق من الورد والرياحين الأرجة بحسب تلك البقعة، وألق عليها ما بدا لك من الذهب والثياب والجواهر البحريّة وقدّم البخور والزعفران والصندل والمسك والكافور مع ثور وبقرة وطعام كثير وحلاوى، واعلم انّ من فعل ذلك سبع سنين متوالية بنيّة صالحة واعتقاد قويّ وثقة ملك بعدها كلّ الأرض والبحر المحيط بها من الجهات الأربع ان كان «كشتري» فإن كان «برهمنا» نال مراده وتعلّم «بيذ» وملك امرأة حسناء ورزق منها اولادا نجباء وإن كان «بيش» حصّل اراضي كثيرة وحوى «1» دهقنة جليلة، وإن كان «شودرا» اصاب مالا، ثمّ يعمّ جميعهم الصحّة والأمن وزوال الآفات وحصول الثواب، فهذا ما ذكر من قربان سهيل؛ وأمّا احكام «روهني» فقد قال «براهمهر» فيها انّ «كرك» و «بسشت» و «كشب» و «براشر» حدّثوا تلامذتهم انّ جبل «ميرو» مبنيّ من صفائح الذهب، وقد نجم

من خلالها أشجار كثيرة الزهر والأنوار طيّبة الروائح، يطوف عليها «برمر» دائما بزمر لذيذ المسمع ويتردّد فيه قحاب «ديو» بأغانيّ مطربة وملاه «1» ملهية وفرح دائم، وهذا الجبل في برّيّة «نندن بن» وهو بستان الجنّة، قالوا، وإنّ المشترى كان فيه وقتا فسأله «نارد» الرش عن احكام «روهني» حتى بيّنها له، وأنا احكيها بواجبها «2» ، فلينظر في الأيّام السود من شهر «آشار» الى بلوغ القمر روهني وليطلب في جهة الشمال من البلد أو في مشرقه موضع عال «3» ، ويقصده البرهمن الموكّل بدور الملوك، ويوقد فيه نارا ويصوّر الكواكب والمنازل حولها بألوانها، ويقيم الواجب من قراءة ما لكلّ واحد منها وإعطائه نصيبه من الورد والشعير والدهن وإرضائه بإلقائها في النار، وليكن حولها في الجهات الأربع ما امكن من الجواهر والجرار المملوءة اعذب المياه وما يكون في ذلك الوقت من الثمار والأدوية وأغصان الأشجار وأصول النبات، ويفرش هناك حشيشا مجزورا بالمنجل للمبيت، ثمّ يجمع الوان البزور والحبوب ويغسلها بالماء ويجعل في وسطها ذهبا ويودعها جرّة، ويضعها ناحية ويعمل «هوم» وهو القاء الشعير والدهن في النار مع قراءة مواضع من «بيذ» منسوبة الى جهات وهي «بارن منتر» و «بايب منتر» و «سوم منتر» ، وينصب «دند» وهو رمح طويل عال «4» يعلّق من رأسه عذبتان احداهما مساوية للرمح والثانية مثل ثلاثة أضعافه، وليعمل جميع ذلك قبل بلوغ القمر «روهني» حتى اذا بلغه كان متفرّغا لتقدير ازمنة هبوب الريح وجهات مهابّها، وتعرّف ذلك من عذبات الرمح، فإنّ الريح اذا هبّت في ذلك اليوم من قلوب الجهات الأربع حمد امرها وإن هبّت ممّا بينها ذمّ، وثباتها على جهة واحدة بقوّة من غير اختلاف محمود ايضا، وزمان هبوبها يقدّر بأثمان اليوم ويجعل لكلّ

ثمن نصف شهر، ثمّ اذا خرج القمر من منزل روهني نظر الى البزور الموضوعة ناحية، فما نبت منها فهو الذي يزكو في تلك السنة، وينظر في يوم مقاربته روهني، فإن اصحت السماء ولم يعترها فساد وصفت الريح فلم تهج قياما يؤذي وحسنت اصول الوحوش والطيور كان محمودا، ويتأمّل السحاب، فإن تموّج كغصون البطن وظهر منه وميض البرق للعين وانفتح انفتاح النيلوفر الأبيض وأحاط به كشعاع الشمس وتلوّن تلوّن الكحل أو «برمر» او الزعفران او أطبقت السماء بالسحب وومض البرق من خلالها كالذهب واستدارت قوس قزح ملوّنة كحمرة «1» الشفق وألوان كثياب العروس وقصف الرعد كالطاوس الصائح او الطائر الذي لا يقدر على شرب الماء الّا من المطر النازل فيصيح فرحا به كما يفرح الضفادع بملآنة الأحواض فتزيد في النقيق ورأيت اضطراب السماء كاضطراب الفيلة والجواميس في الغيضة اذا التهبت النار في اطرافها وتحرّكت السحب تحرّك اعضاء الفيل وتلألأت تلالؤ اللآلئ والحلزون والثلج بل شعاع القمر كأنّه اعارها البريق والرونق دلّ ذلك على كثرة الغيث والغياث بالخصب، قال ويكره في الوقت الذي يكون البرهمن جالسا وسط جرار الماء انقضاض الكواكب ولمعان البروق والصواعق والحمرة في الجوّ والهدّة والزلزلة، ونزول البرد وتصويت الوحوش، فإن نقص الماء من جرّة في ناحية الشمال امّا بذاته وإمّا بثقب او رشح عدم المطر في شهر «شرابن» وإن نقص من جرّة في ناحية المشرق عدم في «بهادربت» ، ومن جرّة جنوبيّة في «اسوجج» ومن غربيّة في «كارتك» ، وإن لم ينقص منها شيء كمل المطر الصيفيّ، وكذلك يستدلّ من الجرار على الطبقات، فجرّة الشمال للبراهمة وجرّة المشرق لكشتر وجرّة الجنوب لبيش وجرّة المغرب لشودر، وإذا كتب على الجرار اسماء قوم وأحوال استدلّ عليها بما يحدث فيها من الانكسار والنقصان؛ وأمّا احكام «سوات» و «اشاربن» فعلى مثال احكام «روهني» ، وفي الأيّام البيض

من شهر «آشار» اذا كان القمر في أحد آشارين اعني «بورب» و «اوتر» «1» فاختر موضعا كما اخترته لروهني واتّخذ ميزانا من ذهب، وهو الأجود، وإن كان من فضّة كان متوسّطا، وإن لم يكن فاعمله من خشب يسمّونه «خير» وكأنّه الكذر او من نصل سهم حديديّ قد قتل به انسان، والقدر الأصغر في طول عموده هو الشبر، وكلّما زاد عليه كان أجود وما نقص منه لم يحمد، وخيوطه اربعة كلّ واحد عشرة اصابع، وكفّتاه من كتّان «2» بمقدار ستّ اصابع، وسنجانه من ذهب، وزن بها مقادير متساوية من كلّ واحد من ماء الآبار وماء الحياض وماء الأنهار وأنياب الفيلة وشعور الدوّاب وقطاع ذهب عليها اسماء الملوك وقطاع سمع عليها اسماء غيرهم من الناس ومن الحيوانات او السنين او الأيّام او الجهات أو الممالك، واستقبل المشرق في الوزن وضع السنجة في الكفّة اليمنى والموزونات في اليسرى، وأنت تقرأ عليها وتقول للميزان: انت المستوى وأنت «ديو» وزوجة ديو، وأنت «سرسفت بنت براهم» تظهر الحقّ والصدق، انت اصحّ من نفس الاستواء، وأنت كالشمس والكواكب في مرورها من الشرق الى الغرب على وتيرة واحدة، بك استقام نظام العالم وفيك اجتمع ما لجميع الملائكة والبراهمة من الصدق والصحّة، انت بنت براهم وأهل بيتك «كشّب» وليكن هذا الوزن بالعشيّ، ثمّ ضعها ناحية وأعد وزنها بالغداة، فما رجح وزنه كان زاكيا مقبلا في تلك السنة وما نقص كان رديّا مدبرا، ولا تقتصر بهذا الوزن دون ان تفعله في «روهني» وفي «سوات» وإن كانت السنة «ادماسه» واتّفق الوزن في الشهر المكرّر كرّرت العمل فيها، فإن اتّفقت احكامها فذلك، وإلّا فخذ بما يقتضيه روهني فإنّه اغلب.

نح- في المد والجزر المتعاقبين على مياه البحر

نح- في المدّ والجزر المتعاقبين على مياه البحر أمّا في سبب بقاء ماء البحر على حاله فقد قيل في «مج بران» : انّ ستّة عشر جبلا كانت في القديم ذوات اجنحة تطير بها وترتفع فأحرقها شعاع «اندر» الرئيس حتى سقطت حول البحر مقصوصة الأجنحة في كلّ جهة اربعة- فالشرقيّة «رشبه» بلاهك، جكر، ميناك» والشماليّة «جندر، كنك، درون، سمّه» والغربيّة «بكر، بدهر، نارذ، برنت» والجنوبيّة «جيمود، دراون، ميناك، بهاشير» ، وفيما بين الثالث والرابع من الجبال الشرقيّة نار «سمرتك» التي تشرب ماء البحر، ولولا ذلك لامتلأ بدوام انصباب الأنهار اليه، قالوا وهي نار ملك كان لهم يسمّى «أورب» وهو أنّه ورث الملك من ابيه وقد قتل وهو جنين، فلمّا ولد وترعرع وسمع خبر ابيه غضب على الملائكة وجرّد سيفه لقتلهم بسبب إهمالهم حفظ العالم مع عبادة الناس إيّاهم وتقرّبهم اليه، فتضرّعوا اليه واستعطفوه حتى امسك، وقال لهم: فماذا اصنع بنار غضبي؟ فأشاروا عليه بإلقائها في البحر، وهي التي تتشرّب مياهه، وقالوا ايضا: انّ ماء الأنهار لا يزيد في البحار من اجل انّ اندر الرئيس يأخذها بالسحابة ويرسلها امطارا؛ وقيل ايضا في مج بران: انّ المحو الذي يسمّى «ششلكش» اي صورة الأرنب هو انعكاس صور الجبال الستّة عشر المذكورة بضوء القمر الى جرمه، وفي كتاب «بشن دهرم» : انّ القمر يسمّى «ششلكش» لأنّ كرة جرمه مائيّة تقبل صورة الأرض كما يقبلها المرآة، وفي الأرض جبال وأشجار

متفاوتة الأشكال يتصوّر منها فيه صورة ارنب، ويسمّى ايضا «مرك لانجن» اي علامة الظبي لأنّ قوما شبّهوا المحو في وجهه بصورة ظبي؛ وقالوا في منازل القمر انّها بنات «برجابت» وإنّ القمر تزوّج بهنّ، ثمّ اولع من بينهنّ بروهني فآثرها عليهنّ، وحملت الغيرة اخواتها على شكايته الى ابيهنّ، فاجتهد عليه في التسوية بينهنّ ووعظه فلم ينجع فيه، وحينئذ لعنه حتى برص وجهه، وندم القمر على فعله فجاءه تائبا عن ذنبه فقال له برجابت: قولي واحد لا رجوع فيه ولكنّي استر فضيحتك من كلّ شهر نصفه، قال القمر: فالذنب السالف كيف ينمحي عنّي اثره؟ قال: بنصب صورة «لنك مهاديو» مخدوما لك، ففعل، وهو حجر «سومنات» و «سوم» هو القمر و «نات» الصاحب فهو «صاحب القمر» ، وقد قلعه الأمير محمود رضي الله عنه في سنة ستّ عشرة وأربع مائة للهجرة، وكسر اعلاه وحمله مع علاقه الذهبيّ المرصّع المكلّل الى مستقرّه بغزنين، فبعضه مطروح في ميدانها مع «جكر سوام» الصنم الشبهيّ المحمول من «تانيشر» ، وبعضه على باب جامعها يمسح به الأقدام من التراب ومن البلل؛ فأمّا لنك فهو صورة ذكر مهاديو، وسمعت في سببه: انّ رشا رآه عند امرأته فساء ظنّه به ودعا عليه بإعدام الذكر، فباينه وصار ممسوحا من ساعته، ثمّ اقام عند ذلك الرش علامات براءته وصحّحها بالحجج، حتى زال عن قلبه ما خامره وقال: فسأكافيك بأن أجعل صورة العضو الذي فارقك معظّما في الناس يتوسّل به ويتقرّب اليه؛ وذكر «براهمهر» في صنعته: بعد اختيار الحجر له سليما من المعايب ان يؤخذ الطول الذي يراد ان يعمل له، ويقسم اثلاثا، ويربّع الثلث الأسفل منه كأنّه مكعّب او اسطوانة مربّعة، ويثمّن الثلث الأوسط بإسقاط اركانه الأربعة، ويدوّر الثلث الأعلى ويلملم رأسه حتى يصير شبيها بالكمرة، وفي النصبة يجعل الثلث المربّع منه في بطن الأرض ويجعل للثلث المثمّن غلاف يسمّى «بند» مربّع من خارجه مطابق التربيع للذي دخل الأرض منه، ومثمّن الداخل مهندم في الثلث الأوسط البارز من الأرض، ويبقى المدوّر خارج الغلاف، ثمّ

قال وتصغير هذا المدوّر او تدقيقه مفسد للأرض مظهر للشرّ في أهل النواحي الذين عملوه، والقليل من الغور فيه او النتوّ منه يمرّضهم، فإن ضرب وقت الصنعة بوتد تلف الرئيس وأهل بيته، وإن صدم في طريق حمله وأثّرت «1» فيه الصدمة هلك صانعه وانتشر الفساد والأمراض في تلك الأرض؛ وفي البلاد الجنوبيّة الغربيّة عن بلاد السند يكثر هذه الصورة في البيوت المفروضة لعبادتهم إلّا ان «سومنات» كان المعظم منها، والمحمول اليه كلّ يوم من ماء «كنك» جرّة ومن رياحين «كشمير» سلّة، واعتقادهم فيه انّه يشفي من العلل المزمنة ويبرئ من كلّ داء عياء ليس له دواء، واشتهر لأنّه فرضة للسابلة في البحر ومنزل للمتردّدين فيما بين سفالة الزنج وبين الصين. وأمّا أمر المدّ والجزر في هذا البحر والمدّ بلغتهم «بهرن» والجزر «وهر» ويعتقدون امّا عامّتهم انّ في البحر نارا اسمها «بروانل» دائمة التنفّس، ويكون المدّ منها بجذب النفس والانتفاخ بالريح ويكون الجزر بإرسالها النفس، وزوال الانتفاخ عنها كمثل ما أعتقده «ماني» لمّا سمع منهم انّ في البحر عفريتا يكون المدّ والجزر من تنفّسه جاذبا ومرسلا، وأمّا خاصّتهم فيعرفونهما في اليوم بطلوع القمر وغروبه وفي الشهر بزيادة نوره ونقصانه وإن لم يهتدوا للعلّة الطبيعيّة فيهما؛ وهما ألزما «سومنات» اسم القمر وذلك انّ هذا الحجر كان منصوبا على الساحل غربيّا عن مصبّ نهر «سرستي» في البحر بأقلّ من ثلث ميل وشرقيّا عن موضع قلعة «باروي» الذهبيّة التي كانت ظهرت لباسديو حتى سكنها وقريبا من مقتله ومقاتل قبيلته وموضع احتراقهم، وكلّما طلع القمر وغرب ربا ماء البحر بالمدّ فغرّقه، وإذا وافى فلك نصف النهار والليل نضب بالجزر فأظهره، فكأنّ القمر مواظب على خدمته وغسله، ولذلك نسب اليه، وأمّا الحصن المبنيّ حوله وحول خزائنه فليس بقديم وإنّما عمل منذ قريب من مائة سنة؛ ومذكور في «بشن بران» : انّ غاية

ارتفاع ماء المدّ الف وخمس مائة اصبع، وذلك كثير فإنّ اللّجة ووسط الماء اذا ارتفع بنيّف وستّين ذراعا غشى الشطّ والأرجل منه اكثر ممّا هو مشاهد، وليس ايضا من البعد عن الكون بحيث يدخل في الامتناع، وأمّا ظهور القلعة من الماء فليس ببديع في ذلك البحر وذلك انّ جزائر الديبجات على هذا المثال تنشؤ وتبرز من الماء ككثيب رمل مجتمع، وتزداد ارتفاعا وانبساطا وتبقى حينا من الدهر، ثمّ يصيبها الهرم فتنحلّ عن التماسك وتنتشر في الماء كالشيء الذائب وتغيب، وأهل تلك الجزائر ينتقلون من الجزيرة الهرمة التي ظهر فسادها «1» الى الفتيّة الطريّة التي قرب وقت ظهورها، وينقلون النارجيل اليها ويعمرونها ويسكنونها، ونسبة القلعة ايضا الى الذهب ممكن ان يكون اسما وضعيّا، وممكن ان يكون وصفا حقّيّا فإنّ جزائر الزنج «2» تسمّى «ارض الذهب» لأنّ الذهب الكثير يرسب في غسالة التراب القليل منه.

نط- في ذكر كسوف الشمس والقمر

نط- في ذكر كسوف الشمس والقمر أمّا أنّ كاسف القمر هو ظلّ الأرض وكاسف الشمس هو القمر، فقد تحقّقه منجّموهم وعليه بنوا في الزيجات وغيرها حساباتهم، وقال «براهمهر» في كتاب «سنكهت» : أنّ بعض العلماء زعم أنّ الرأس كان من جملة «ديت» وأمّه «سنكهك» ، وأنّ الملائكة لمّا استخرجوا الهناءة من البحر سألوا «بشن» توزيعها بينهم، ففعل وجاء الرأس متشبّها بالملائكة في الصورة وداخلهم، ولمّا ناوله بشن بالقسم من الهناءة تناوله وشربه، وعرف بشن أمره فضربه بالجكر المستدير وحزّ رأسه، فبقي الرأس حيّا بسبب الهناءة التي في الفم ومات البدن اذ لم يكن بلغته ولا انتشرت «1» فيه قوّتها «1» ، فتضرّع الرأس قائلا بأيّ ذنب فعل بي هذا؟ فعوّض بالرفع الى السماء وتصييره من جملة أهلها، وقال بعضهم أنّ للرأس جرما كما للنيّرين إلّا أنّه أسود مظلم فلذلك لا يرى في السماء، وقد أمره «براهم» الأب الأوّل ان لا يظهر في السماء أصلا إلّا في وقت الكسوف، وقال بعض أنّ له رأسا كرأس الحيّة وذنبا كذنبها، وقال آخرون أنّه لا جرم له سوى هذا السواد الذي يرى؛ ولمّا فرغ «براهمهر» عن حكايات الخرافات قال: لو كان للرأس جرم لكان فعله بالمماسّة وقد نجده يكسف بالبعد اذا كان بينه وبين القمر ستّة بروج، وليس

يزداد سيره أو ينقص حتى يتوهّم ذلك من بلوغ ذاته الى موضع كسوف القمر، وإن ذهب الى ذلك ذاهب بارتكاب فليخبر لماذا عملت الأدوار لمسيره ولم صحّت باستوائه، وإن تصوّر فيه الحيّة ذات الرأس والذنب فلم لا يكسف فيما هو أقلّ من ستّة بروج أو أكثر؟ وجسده هناك حاضر فيما بين رأسه وذنبه وهما به متّصلان، فلا يكسف شيئا من النيّرين ولا من كواكب المنازل الّا ان يكون رأسين متقابلين كاسفين، ولو كان كذلك ثمّ طلع القمر منكسفا بأحدهما وجب أن يغرب الشمس منكسفة بالآخر، وكذلك اذا غرب القمر منكسفا طلعت الشمس منكسفة، وليس من ذلك شيء موجود كذلك، فكسوف القمر على ما ذكره العلماء المؤيّدون من عند الله هو دخوله في الظلّ وكسوف الشمس هو ستر القمر ايّاها عنّا، ولهذا لا يكون بدور الكسوف في القمر من جانب المغرب ولا في الشمس من جانب المشرق، وقد يمتدّ من الأرض ظلّ مستطيل كامتداد ظلّ الشجرة مثلا، فإذا قلّ عرض القمر وهو في البرج السابع من الشمس ولم يكثر مقداره في شمال أو جنوب دخل ظلّ الأرض وانكسف به، ويكون أوّل المماسّة من جهة المشرق، وأمّا الشمس فإنّ القمر يأتيها من جهة المغرب فيسترها ستر قطعة من السحاب ايّاها، ويختلف مقدار الستر في البقاع، ولأنّ ساتر القمر عظيم فإنّ ضوءه يضمحلّ عند انكساف نصفه وساتر الشمس ليس بعظيم ولذلك يكون قويّ الشعاع مع الكسوف، وليس لذات الرأس في نفس الكسوفين مدخل، وعلى هذا اتّفاق العلماء في كتبهم؛ ولمّا فرغ «براهمهر» من صفة مائيّة الكسوفين بحسب علمه تألّم من الجاهلين بها فقال: ولكنّ العامّة يكثرون الشغب في نسبة الكسوف الى الرأس ويقولون لولا ظهور الرأس وتولّيه الكسوف لما اغتسلت البراهمة حينئذ غسل وجوب، قال براهمهر: وسبب ذلك أنّ الرأس لمّا تضرّع عند الحزّ «1» قسم له «براهم» حصّة من قربان البراهمة للنار وقت الكسوف، فهو يقرب من موضع

الكسوف طالبا حصّته، فكثر لذلك ذكر الناس ايّاه وقتئذ ونسبوا الكسف اليه وليس إليه من جهته فيه شيء وإنّما هو من استواء طريقة القمر أو انحرافه؛ وهذا من براهمهر معما تقدّم من دلائل تحقّقه هيئة العالم مستنكر، لولا أنّه يمالئ البراهمة احيانا فإنّه منهم ولا بدّ له من جملتهم، ثمّ لا يعاب مع ثبوت قدمه على الحقّ وتصريحه به، مثل ما حكينا عنه أيضا في كيفيّة «سند» ، وليت جميع الفضلاء يقتدون به! ولكن انظر الى «برهمكوپت» وهو أفضل هذه الطبقة منهم، فإنّه لمّا كان من البراهمة الذين يقرءون من پراناتهم سفول الشمس عن القمر فيحتاجون الى رأس يعضّ على الشمس حتى يكسفها رفض الحقّ وعاضد الباطل وإن كان من الممكن أن يكون من شدّة الامتعاض بهم هازئا أو مضطرّا كالمغشيّ عليه من الموت، وهذا كلامه في المقالة الأولى من «براهم سدّهاند» : أنّ من الناس من يرى أنّ الكسوف ليس من الرأس، وذلك رأي محال فإنّه الكاسف وجمهور أهل العالم يقولون أنّ الرأس هو الذي يكسف، وفي «بيذ» الذي هو كلام الله من فم «براهم» أنّ الرأس يكسف وكذلك هو في كتاب «سمرت» الذي عمله «من» وفي «سنكهت» الذي عمله «كرك بن براهم» ، فأمّا «براهمهر» و «اشريخين» و «آرجبهد» و «بشنجندر» فإنّهم يزعمون أنّ الكسوف ليس من الرأس وإنّما هو من القمر ومن ظلّ الأرض، وهذا منهم مخالفة للجمهور ومعاداة للكلام المذكور، فإنّ الرأس اذا لم يكن الكاسف كان ما يعمله البراهمة من الاطّلاء بالدهن المسخّن وسائر رسوم العبادات المرسومة لوقت الكسوف هدرا لا ثواب عليه، وفي ابطال ذلك خروج عن الإجماع وهو غير جائز، وقد قال من في سمرت: إذا أخذ الرأس أحد النيّرين بالكسف طهر جميع ما على الأرض من المياه وصارت كماء «كنك» في الطهارة، وفي بيذ: أنّ الرأس هو ابن امرأة من بنات «ديت» اسمها «سينك» ، ولأجل هذا يعمل ما يعمل من أعمال البرّ فواجب على هؤلاء ترك عناد الجمهور لأنّ جميع ما في «بيذ» و «سمرت» و «سنكهت» صحيح؛ وإذا كان «برهمكوپت» في هذا الموضع ممّن قال الله تعالى فيهم «وجحدوا بها واستيقنتها

أنفسهم ظلما وعلوّا «1» » لم نحاجّه بشيء سوى أنّا نسارّه في صماخه بأنّ ترك معاداة الكتب الملّيّة ان كان واجبا على القوم فلم أمرت الناس بالبرّ ونسيت نفسك؟ وأخذت بعد هذا الكلام في استخراج مقدار قطر القمر ليكسف به الشمس ومقدار قطر الظلّ ليكسف به القمر؟ وعملت كسوفهما بموجب رأي هؤلاء المعاندين دون رأي من رأيت «2» موافقتهم؟ وإن كانت البراهمة مأمورين بإقامة عبادة أو شيء آخر عند كون الكسوف فالكسوف لها وقت لا أنّ الفعل لأجله، كما أمرنا نحن بالصلوات ونهينا عنها عند احوال للشمس وضيائها جعلت علامات لأوقاتها من غير أن يكون للشمس في عبادتنا مدخل؛ ثمّ قوله أنّ الجمهور على ذلك، أن كان يعني به جملة أهل المعمورة فما أبعده عن تتبّعها بعلم أو خبر، وبلاد الهند بالقياس الى جملتها يسيرة قليلة ومن يخالف الهند رأيا وديانة أكثر ممّن يوافقهم، وإن كان يعني به جمهور الهند فعوامّهم أكثر من خواصّهم والكثرة في كتبنا المنزلة مذمومة وبالجهل والشكّ وقلّة الشكر موصوفة، وما أظنّ برهمكوپت قاده الى ما قال الّا شعبة من بليّة سقراطيّة منى بها على وفور علمه وذكاء قريحته مع صغر سنّه وحداثته، فقد عمل «براهم سدّهاند» وهو ابن ثلاثين سنة، فإن كان هذا عذره فقد قبلناه والسلام؛ وأمّا القوم المذكورون الذين لا يجب مخالفتهم فمتى ينقادون لموضوع المنجّمين في كسف القمر الشمس وقد وضعوه في پراناتهم فوق الشمس والأعلى لا يستر الأسفل عمّن هو أسفل منهما، فاحتاجوا الى قابض على النيّرين قبض الحوت على الرغيف وتشكيله ايّاه بشكل المنكسف منهما، ولا يخلو أمّة عن جهّال ورؤساء لهم أجهل «يحملون أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم «3» » ويزيدون أذهانهم صدى الى صداهم؛ ثمّ من الأعجوبة ما حكاه «براهمهر» عن أوائل

يجب صفحهم «1» ان لم يجب خلافهم أنّهم كانوا يستدلّون على كون الكسوف بصبّ مقدار يسير من الماء مع مثله من الدهن في آنية واسعة مسطوحة الأسفل فى اليوم الثامن من الأيّام القمريّة، وتأمّل مواضع اجتماع الدهن وتفرّقه، فكانوا ينسبون أوّل الكسوف الى المجتمع وآخره الى موضع التفرّق، وحكى عن بعض أنّه كان يظنّ بسبب الكسوف أنّه اجتماع الكواكب المتحيّرة وأنّ بعضهم كان يستدلّ على كونه من كوائن المناحس التي هي الانقضاض والشهب والهالة والظلمة والعصوف والهدّة والزلزلة، قال وهذه الأشياء لا تكون دائما مع الكسوف ولا هي سبب كونه وإنّما تشاركه في طباع المنحسة، وطريقة العقل بمعزل عن هذه الخرافات؛ والرجل مع تحصيله على طباع قومه في خلط الماش بالدرماش والدرّ بالبعر فإنّه قال غير حاك «2» عن أحد: ان هبت ريح شديدة وقت الكسوف كان الكسوف الذي يتلوه بعده بستّة أشهر، وإن انقضّ كوكب كان الكسوف التالي له بعد اثنى «3» عشر شهرا، وإن اغبرّ الجوّ فبعده بثمانية عشر شهرا، وإن زلزلت الأرض فبعد أربعة وعشرين شهرا، وإن أظلم الهواء فبعده بثلاثين شهرا، وإن سقط برد فبعد ستّة وثلاثين شهرا، وأرى السكوت عن هذا جوابا، ولكنّي أقول أنّ ما في زيج الخوارزميّ من ألوان الكسوف وإن انتظم في الكلام فهو مخالف للعيان والذي عليه الهند منه أصحّ وأصوب وهو أنّ الكسوف القاصر عن نصف جرم القمر يكون دخانيّ اللون فإذا استتمّ نصفا حلك لونه وإذا زاد على النصف خالط حلوكته حمرة حتى إذا تمّ كان بعد ذلك أصفر فيه شقرة.

س- في ذكر «برب»

س- في ذكر «برب» انّ الحدود التي فيها يمكن كون الكسوف وما بينها من الشهور مستوفي بالبرهان في المقالة السادسة من المجسطي، والهند يسمّون المدّة التي بين الكسوفات القمريّة التي على طرف هذه الحدود «پرب» وهذا ما منه في «سنكهت» ، قال «براهمهر» : في كلّ ستّة أشهر پرب فيه امكان الكسوف، ودورها على السبعة ولكلّ واحد منها صاحب وحكم هو في هذا الجدول: «1»

واستخراج «پرب» الذي أنت فيه بحسب ما في زيج «كندكاتك «1» » : ان يوضع «اهركن» المعمول من هذا الزيج في موضعين، ويضرب أحدهما في خمسين ويقسم المجتمع على 1296 ويجبر كسره ان لم يقصر عن النصف، ويزاد على الحاصل 1063 وما اجتمع على الموضع الآخر ثمّ يقسم المبلغ على 180، فما خرج من الصحاح فهو پرب التامّة، ويطرح أسابيع فما يبقى ليس بأكثر فيعدّ من أوّلها وهو الذي لبراهم، وما بقي من القسمة أقلّ من 180 فهو الماضي من «پرب» الذي أنت فيه، ويلقى من مائة وثمانين، فإن بقي أقلّ من خمسة عشر فكسوف القمر ممكن ثمّ واجب وإن بقي أكثر فهو ممتنع، وعلى هذا فيجب أن يعتبر الماضي بمثله؛ ووجد في موضع آخر: خذ «كلب اهركن» أعني ما مضى من أيّام كلب، وانقص منها 96031 وضع ما بقي في موضعين، وانقص من أسفلهما 84 وأقسم ما بقى على 561، فما خرج فانقصه من الأعلى واقسم الباقي على 173، فما خرج فاطرحه وما بقي فاقسمه على سبعة، فيخرج پرب وأوّلها «برهماد» ، وليس بين العملين اتّفاق، وكأنّه سقط من العمل الثاني شيء أو تغيّر بالنسخ؛ والذي ذكره «براهمهر» من أحكام پرب مخالف لما كان فيه من حسن التحصيل، وذلك أنّه قال: ان لم يكن في پرب المفروض كسوف ثمّ كان في الدور الآخر عدمت الأمطار وسما الجوع والقتل، وهذا ان لم يكن وقع من المترجم فيه سهو يعمّ كلّ پرب متقدّم الكائن فيه كسوف، وأعجب من هذا قوله: إذا تقدّم العيان في الكسوف وتأخّر الحساب قلّ المطر وانسلّ السيف، وإن تأخّر العيان وتقدّم الحساب كان وباء وموت وفساد في الزروع والثمار والرياحين، قال وهذا ممّا وجدته في كتب الأوائل فنقلته، وأمّا من أحسن الحساب وأتقنه فليس يقع فيما يحسب تقدّم أو تأخّر، وإذا كسفت الشمس خارج پرب وأظلمت فاعلم أنّ ملكا يسمّى «توشت» قد كسفها، وهذا شبيه بقوله في موضع آخر: متى كان

الانقلاب الى الشمال قبل حلول الشمس الجدي فسدت ناحيتا الجنوب والمغرب، وإذا كان الانقلاب الى الجنوب قبل حلولها رأس السرطان فسدت ناحيتا المشرق والشمال، وإن وافق الانقلاب حلولها أوّل هذين البرجين أو كان بعده عمّت السلامة الجهات الأربع وازداد فيها الصلاح، وظواهر هذه الأقاويل تشبه «1» كلام المجانين ان لم يكن وراءها نكت لا نعرفها، وحقيق ان نذكر بعد هذا أصحاب الأزمنة لأنّها كذلك ادوار تدور ونذكر معها ما يشبه ذلك.

سا- في ارباب الأزمنة شرعا ونجوما وما يتبع ذلك من امثاله

سا- في ارباب الأزمنة شرعا ونجوما وما يتبع ذلك من امثاله المدّة المطلقة منسوبة الى البارئ سبحانه لأنّها دهره الذي لا يحدّ بطرفين وبه ازليّته، وربّما رسموها «1» بالنفس المسمّاة «بورش» ، وأمّا الزمان المعدود بالحركات فينسب اجزاؤه الى من دون البارئ سبحانه ودون النفس من المطبوعات، وقد نسبوا «كلب» الى «براهم» لأنّه نهاره او ليله وعمره مقدّر به، وكلّ «منّنتر» فله صاحب يسمّى «من» ويعرف بصفة مخصوصة ذكرت في بابه، ولم اسمع للجترجوكات ولا للجوكات ما يشبه ذلك؛ وقال «براهمهر» في «كتاب المواليد الكبير» : انّ «ابد» وهو السنة لزحل و «اين» نصفها للشمس و «رت» سدسها لعطارد و «الشهر» للمشتري و «بكش» اي نصفه للزهرة و «باسر» وهو اليوم للمريخ و «مهورت» للقمر، وذكر في هذا الكتاب لأسداس السنة: انّ اوّلها من عند المنقلب الشتوي لزحل والثاني للزهرة والثالث للمريخ والرابع للقمر والخامس لعطارد والسادس للمشتري؛ ونحن فقد وصفنا ارباب الساعات ومهورت وأنصاف الأيّام القمريّة وكلّها في نصفيه الأبيض والأسود وأرباب «برب» الكسوفيّة و «منّنتر» كلّ واحد في بابه، وما بقي من ذلك فنذكره الآن، ونقول انّ الهند لا يذهبون في «ربّ» السنة» الى ما يذهب اليه اهل المغرب في استخراجه

من طالع السنة، ويعرف شرائطه ولكنّه صاحب نوبة من الزمان وحال صاحب الشهر على مثله وهما «1» مقيسان على نوب ارباب الساعات والأيّام فإذا قصدت معرفة ربّ السنة فحصلّ ايّام التأريخ على ما في زيج، كندكاتك» فإنّه المستعمل فيما بين جمهورهم، وانقص منها 2201 واقسم بالباقي على 360، فما خرج فاضربه في ثلاثة وزد على المبلغ ثلاثة ابدا، وألق الجملة اسابيع، فما بقيّ ليس بأكثر من اسبوع فعدّه من يوم الأحد، فاليوم الذي انتهيت اليه يكون ربّه ربّ السنة، وما بقي من القسمة فهي الأيّام الماضية من تدبيره، وأمّا الباقية منه فهي تكملة الماضية الى ثلاث مائة والستّين، وسواء فعلت ما ذكرنا او زدت على الأيّام المذكورة 319 بدل النقصان منها؛ وإن قصدت «ربّ الشهر» فانقص من أيام التأريخ 71 واقسم ما بقي على 30، فما خرج فزد على ضعفه واحدا، وألق المبلغ اسابيع وعدّ الباقي من يوم الأحد، فتنتهي الى يوم «ربّ الشهر» وما بقي من القسمة فهو الماضي من تدبيره، وتكملته الى الثلاثين هو الباقي منه، وسواء فعلت ذلك او زدت على ايّام التأريخ 19 بدل النقصان ثمّ زدت على ضعف الخارج اثنين بدل الواحد؛ ولا فائدة في ذكر «ربّ اليوم» فانّه حاصل من القاء ايّام التأريخ اسابيع ولا في ذكر «ربّ الساعة» فإنه حاصل بقسمة الدائر من الفلك على خمسة عشر، ومن ذهب منهم الى «المعوجّة» قسم ما بين درجة الشمس الى درجة الطالع بدرج السواء على خمسة عشر، وفي كتاب «سروذو مهاديو» : انّ لكلّ واحد من اثلاث النهار والليل صاحب، فصاحب الثلث الأوّل من كلّ واحد منهما «براهم» وصاحب الثاني منهما «بشن» وصاحب الثالث منهما «ردر» وذلك على نظام القوى الثلاث الأول؛ وللهند رسم آخر وهو انّهم يذكرون مع «ربّ السنة السنة» واحدا من الناكات اعني الحيّات وهي مفروضة الأسامي لكلّ كوكب، وقد وضعناها في هذا الجدول.

وقد نسب القوم الكواكب السيّارة الى الشمس لتعلّق امورها بها والكواكب الثابتة الى القمر لأنّ منازله من جملتها، ومعلوم فيما بين منجّميهم ومنجّمينا انّ الكواكب تلي ربوبيّة البروج، فجعلوا لها ايضا من الوحانيّين اربابا نضمّنها هذا الجدول كما في كتاب «بشن دهرم» : «1»

«1» وفي هذا الكتاب ايضا لمنازل القمر ارباب على هيئة ارباب الكواكب نضمّنها هذا الجدول: جدول ارباب المنازل «2»

«1» «2» «3»

سب- في «السنبجر» الستيني ويسمى ايضا «شدبد»

سب- في «السنبجّر» الستيني ويسمى ايضا «شدبد» هذا السنبجّر تفسيره السنون وكان معناه ادوار السنين معمول على مسير المشترى والشمس مبتدئا فيه من تشريقه، ويدور في ستّين سنة ولذلك سمّي «شدبد» اي ستّون سنة، وقد قدّمنا انّ اسماء المنازل مقسومة على اسماء الشهور لا يخلو شهر من ان يكون له سمّي «1» من المنازل في قسمته، ووضعنا ذلك للتسهيل في جدول، ومتى عرفت المنزل الذي يشرق فيه المشتري من تحت الشعاع وطلبته في ذلك الجدول وجدت الشهر المستولي على تلك السنة مكتوبا عن يمينه بإزائه، فانسب السنة اليه وقل انها سنة «جيتر» مثلا او سنة «بيشاك» او غيرهما، ولكلّ واحد منها قضايا واحكام معروفة في كتبهم؛ فأمّا معرفة منزل التشريق فقد قال «براهمهر» في كتاب «سنكهت» : ضع «شككال» واضربه في احد عشر وما اجتمع في اربعة وسواء فعلت ذلك او ضربت شككال في اربعة وأربعين، وزد على ما اجتمع 8589 واقسم المبلغ على 3750، فما خرج فسنون وشهور وأيّام وما يتلوها، وزدها على شككال واقسم المبلغ على ستّين، فيخرج جوكات «2» كبار ستّينيّة وهي شدبد التامّة وليس يحتاج اليها، وما بقي فاقسمه على

خمسة فيخرج جوكات صغار خماسيّة تامّة، وما بقي اقلّ فاسمه «سنبجّر» اي السنة، فضعه في مكانين، واضرب احدهما في تسعة وزد على ما بلغ نصف سدس المكان الآخر، ثمّ خذ ربع ما اجتمع فتكون منازل تامّة وما يتبعها من بعض المنزل المنكسر، وعدّها من «دهنشت» فالمنزل الذي تنتهي اليه هو موضع تشريق المشتري، فاعرف منه شهر السنة كما تقدّم، وهذه الجوكات الكبار مفتتحة بتشريق المشتري في اوّل منزل دهنشت وأوّل شهر «ماك» ، وللصغار في كلّ كبير منها نظام يقع على عدّة سنين وله صاحب ينسب اليه، وقد وضعناها في جدول؛ فمتى عرفت موقع سنتك من الجوك الكبير ووجدت عدده في اعداد السنين في اعالي الجدول الفيت بازائه تحته اسم السنة واسم صاحبها. «1» «2»

و «1» كذلك لجميع السنين الستّين اسم على حدة وللجوكات اسام «2» هي اسماء اصحابها، وقد وضعناها في جدول، ووجود المطلوب منه على مثال ما تقدّم بحذاء عدد السنة من اسمها، فأمّا تفاسير الأسامي وأحكامها فتطول، وهي في كتاب «سنكهت» . «3» «4» «5»

«1» «2» «3» «4» «5» فهذا هو الطريق المدوّن في كتبهم، وقد رأيت منهم من ينقص من تأريخ «بكرمادت» ثلاثة ويقسم «6» الباقي على ستّين، ويعدّ ما يبقى من اوّل الجوك

الكبير، وليس ذلك بشيء؛ وسواء فعل ذلك أو زاد على تأريخ «شق» اثني عشر، وكان وقع اليّ نفر من نواحي «كنوج» ذكروا انّ دور السنبجّر عندهم 1248 وأنّها اثنا عشر كلّ واحد 104، واقتضى خبره ان ينقص من «شككال» 554 ويدخل بما يبقى في هذا الجدول، فيعرف في ايّ «سنبجر» هو وما مضى منه: ولمّا سمعت فيها اسماء امم واشجار وجبال اتّهمتهم وخاصّة اذ كانت مقدّمة حاجتهم تمويها وتزويرا كاللحية المخضوبة الشاهدة على صاحبها بالكذب، واحتطت في مسائلة واحد واحد وتكرير السؤال وتغيير الترتيب، فما اختلفوا فيه والله اعلم!

سج- فيما يخص البرهمن ويجب عليه مدى عمره ان يفعله

سج- فيما يخص البرهمن ويجب عليه مدى عمره ان يفعله عمر البرهمن بعد مضيّ سبع سنين منه منقسم لأربعة أقسام، فأوّل القسم الأوّل هو السنة الثامنة يجتمع اليه البراهمة لتنبيهه وتعريفه الواجبات عليه وتوصيته بالتزامها واعتناقها ما دام حيّا، ثمّ يشدّون وسطه بزنّار ويقلّدونه زوجا من «جنجوى» وهو خيط مفتول من تسع قويّ وفرد ثالث معمول من ثوب، يأخذ من عاتقه الأيسر الى جنبه الأيمن، ويعطى قضيبا يمسكه وخاتم حشيشة يسمّى «دربهى» يتختّم به في البنصر اليمنى، ويسمّى هذا الخاتم «ببتر» ، والغرض فيه التيمّن والبركة في عطاياه من تلك اليد، والتشديد فيه دون التشديد في أمر «جنجوى» فإنّ جنجوى ممّا لا يفارقه البتّة، فإن وضعه حتى أكل أو قضى حاجته خاليا عنه كان بذلك مذنبا لا يمحضه عنه غير الكفّارة بصوم أو صدقة؛ وقد دخل في القسم الأوّل الى السنة الخامسة والعشرين من سنيه «1» ووجدت ذلك في «بشن يران» الى السنة الثامنة «2» والأربعين، والذي يجب عليه فيها هو أن يتزهّد ويجعل الأرض وطاءه ويقبل على تعلّم «بيذ» وتفسيره وعلم الكلام والشريعة من أستاذ يخدمه آناء ليله ونهاره، ويغتسل كلّ يوم ثلاث مرّات ويقيم قربان النار في طرفي النهار، ويسجد لأستاذه بعد القربان، ويصوم يوما ويفطر يوما مع الامتناع عن

اللحم أصلا، ويكون مقامه في دار الأستاذ ويخرج منها للسؤال والكدية من خمسة بيوت فقط كلّ يوم مرّة عند الظهيرة أو المساء، فما وجد من صدقة وضعه بين يدي استاذه ليتخيّر منه ما يريد، ثمّ يأذن له في الباقي، فيتقوّت بما فضل منه، ويحمل الى النار حطبها من شجرتي «پلاس» و «درب» لعمل القربان، فالنار عندهم معظّمة وبالأنوار مقتربة وكذلك عند سائر الأمم، فقد كانوا يرون تقبّل القربان بنزول النار عليه ولم يثنهم عنها عبادة أصنام أو كواكب أو بقر وحمير أو صور، ولهذا قال بشّار بن برد: «1» والنار معبودة مذ كانت النار: وأمّا القسم الثاني فهو من السنة الخامسة والعشرين الى الخمسين وفي بشن پران بدل هذه الخمسين سبعون، وفيه يأذن له الأستاذ في التأهّل، فيتزوّج ويقيم الكذ خذاهيّة ويقصد النسل على أن لا يطأ امرأته في الشهر اكثر من مرّة عقب تطهّر المرأة من الحيض، ولا يجوز له أن يتزوّج بامرأة قد جاوز سنّها اثنتى عشرة، ويكون معاشه أمّا من تعليم البراهمة و «كشتر» وما يصل اليه منه فعلى وجه الإكرام لا على وجه الأجرة وإمّا من هديّة تهدى اليه بسبب ما يعمل لغيره من قرابين النار وإمّا بسؤال من الملوك والكبار من غير الحاح منه في الطلب أو كراهة من المعطي، فلا يزال يكون في دور هؤلاء برهمن يقيم فيها أمور الدين وأعمال الخير، ويلقّب «برهت» ، وإمّا من شيء يجتنيه من الأرض أو يلتقطه من الشجر، ويجوز له أن يضرب يده في التجارة بالثياب وبالفوفل وإن لم يتولّها واتّجر له «بيش» كان أفضل لأنّ التجارة في الأصل محظورة بسبب ما يداخلها من الغشّ والكذب، وإنّما رخّص فيها للضرورة إذا لا بدّ منها، وليس يلزم البرهمن للملوك ما يلزم غيره لهم من الضرائب والوظائف، فأمّا التتابع بالدوابّ والبقر والاصباغ والانتفاع بالربا فإنّه محرّم عليه، وصبغ النيل من بين الأصباغ نجس اذا مسّ جسده وجب عليه الاغتسال، ولا يزال يقلس ويقرأ على النار ما هو مرسوم لها؛ وأمّا القسم الثالث فهو من السنة الخمسين الى

الخامسة والسبعين وفي «بشن پران» بدل الخمسة والسبعين تسعون، وفي هذا القسم يتزهّد ويخرج من الكذ خذاهيّة ويسلّمها والزوجة الى أولاده ان لم تصحبه الى الإصحار، ويستمرّ خارج العمران على السيرة التي سارها في القسم الأوّل، ولا يستكنّ بسقف، ولا يلبس إلّا ما يواري سوءته من لحاء الشجر، ولا ينام إلّا على الأرض بغير وطاء، ولا يتغذّى الّا بالثمار وبالنبات وأصوله، ويطوّل الشعر ولا يتدهّن؛ وأمّا القسم الرابع فهو الى آخر العمر، يلبس فيه لباسا أحمر ويأخذ بيده قضيبا، ويقبل على الفكرة وتجريد القلب من الصداقات والعداوات ورفض الشهوة والحرص والغضب، ولا يصاحب أحدا البتّة، فإذن قصد موضعا ذا فضل طلبا للثواب لم يقم في طريقه في قرية أكثر من يوم وفي بلد أكثر من خمسة أيّام، وإن دفع له أحد شيئا لم يترك منه للغد بقيّة، ولم يكن له غير الدؤوب على شرائط الطريق المؤدّي الى الخلاص والوصول الى «موكش» الذي لا رجوع فيه الى الدنيا؛ وأمّا ما يلزمه في جميع عمره بالعموم فهو أعمال البرّ وإعطاء الصدقة وأخذها، فإنّ ما يعطي البراهمة راجع الى الآباء، ودوام القراءة وعمل القرابين والقيام على نار يوقدها ويقرّب لها ويخدمها ويحفظها من الانطفاء ليحرّق بها بعد موته، واسمها «هوم» ، والاغتسال كلّ يوم ثلاث مرّات في «سند» الطلوع وهو الفجر وفي سند الغروب وهو الشفق وفي نصف النهار بينهما، أمّا بالغداة فمن أجل نوم الليل واسترخاء المنافذ فيه، فيكون طهرا من «1» كائن النجاسة واستعدادا للصلاة، والصلاة هي تسبيح وتمجيد وسجدة برسمهم على الإبهامين من الراحتين الملتصقتين نحو الشمس، فإنّها القبلة أينما كانت خلا الجنوب، فليس يعمل شيء من أعمال الخير نحو هذه الجهة ولا يتقدّم اليها إلّا في كلّ شيء رديء، وأمّا وقت زوال الشمس عن نصف النهار فإنّه مرشّح لاكتساب الأجر، فيجب ان يكون فيه طاهرا، والمساء وقت العشاء والصلاة ويجوز ان يفعلهما فيه من غير اغتسال،

فليس أمر الاغتسال الثالث مثل الأوّل والثاني في التأكّد، وإنّما الاغتسال الواجب عليه بالليل في أوقات الكسوفات بسبب اقامة شرائطها وقرابينها؛ وتغدّى البرهمن في جميع عمره في اليوم مرّتين عند الظهيرة والعتمة، فإذا أراد الطعام ابتدأ بإفراز الصدقة منه لنفر أو نفرين وخاصّة للبراهمة المستوحشين الذين يجيئون وقت العصر للسؤال، فإنّ التغافل عن اطعامهم اثم عظيم، ثمّ للبهائم والطير وللنار، ويسبّح على الباقي ويأكله، وما فضل منه فيضعه خارج الدار ولا يقرب منه إذ لا يحلّ له وإنّما هو لمن سنح واتّفق من محتاج اليه سواء كان انسانا أو طائرا أو كلبا أو غيره، ويجب أن يكون آنية مائة على حدة وإلّا كسرت، وكذلك آلات طعامه، وقد رأيت من البراهمة من جوّز مؤاكلته أقاربه في قصعة واحدة وأنكر ذلك سائرهم؛ ويلزمه ان يسكن فيما بين نهر «السند» نحو الشمال وبين نهر «جرمنمت» نحو الجنوب، ولا يتجاوزهما الى حدود الترك وحدود كرنات والبحر في جانبي المشرق والمغرب، فقد ذكر أنّه لا يحلّ له المقام في أرض لا تنبت الحشيشة التي يتختّم بها في البنصر ولا ترتعي «1» فيها الغزلان السود الشعر، وتلك صفة ما وراء الحدود المذكورة، فإن اجتازها الى ما وراءها كان مذنبا ولزمته الكفّارة، فأمّا البلاد التي لا يطيّن فيها جميع أرض البيت المهيّأ للطعام ولكن يجعل لكلّ واحد من الآكلين مندل بصبّ الماء على موضع وتطيينه بأخثاء البقر فيجب أن يكون شكل مندل البرهمن مربّعا، وقد زعم من يعمل المندل في سببه: أنّ موضع الأكل يتنجّس بالأكل؛ وأنّه إذا فرغ منه غسل وطيّن ليطهر، فإن لم يكن الموضع النجس معينا تحسب سائر المواضع لأجل الاشتباه، ومحرّم عليه بالنّص خمسة أصناف من النبات هي: البصل والثوم والقرع وأصل نبات كالجزر يسمّى «كرنجن» ونبات آخر ينبت حول حياضهم يسمّى «نالي» .

سد- فيما لغير البرهمن من الرسوم في عمره

سد- فيما لغير البرهمن من الرسوم في عمره أمّا «كشتر» فإنّه يقرأ «بيذ» ويتعلّمه ولا يعلّمه، ويقرّب للنار ويعمل بما في البرانات، وإن كان فيما ذكرنا من المواضع التي يعمل فيها مندل للأكل عمله مثلّثا، ويسوس الناس ويقاتل عنهم فإنّه مخلوق لذلك، ويقلّد فردا من «جنجوى» المثلّث وفردا آخر كرباسيّا، وذلك عند استتمام اثنتي عشرة سنة من سنّه، وأمّا «بيش» فإليه الفلاحة والعمارة ورعى السوائم وإزاحة علل البراهمة، ويجوز ان يتقلّد جنجوى واحدا فقط معمولا من خيطين، وأمّا «شودر» فهو للبرهمن كعبد يتصرّف في أشغاله ويخدمه، وإن أراد للتقشّف ان لا يخلو من جنجوى تقلّد الكرباسيّ فقط، وكلّ عمل يخصّ البرهمن من التسابيح وقراءة بيذ وقرابين النار فهو محظور عليه حتى أنّه وبيش أن صحّ عليهما أنّهما قرءا بيذ رفعتهما البراهمة الى الوالي فقطع لسانهما، وأمّا ذكر الله وعمل البرّ والصدقة فهو غير ممنوع عنه، وكلّ من تعاطى ما ليس لطبقته ان يتعاطاه كالبرهمن التجارة و «شودر» الفلاحة فهو آثم وإن قصر مقدار اثمه عن السرقة؛ وقد ذكروا في أخبارهم: أنّ الأعمار كانت في أيّام «رام» الملك طويلة مقدّرة معلومة، ولذلك «1» لم يمت فيها ولد قبل والده، وأنّه اتّفق موت ابن لبرهمن وهو حيّ،

فحمله أبوه الى باب الملك وقال له: انّ هذا لم يبتد في أيّامك إلّا بفساد في الأرض ووزير يرتكب في مملكتك، فأخذ رام في الفحص عن ذلك إلى أن دلّ على «جندال» يجتهد في العبادة وتعذيب النفس، فركب اليه ووجده على شطّ نهر «كنك» قد علّق نفسه منكوسا، فأوتر رام قوسه وضرب بالسهم قتبته فأنفذه، وقال: هو ذا! اقتلك على خير ليس إليك فعله، ورجع وقد عاش ابن البرهمن الموضوع على بابه؛ ثمّ سائر الناس دون جندال ممّن ليسوا من الهند يسمّون «امليج» أي انجاس وهم الذين يقتلون ويذبحون ويأكلون لحم البقر، وهذه كلّها من تفاضل الدرجات التي يتّخذ فيها بعضهم لبعض سخريّا، وإلّا فقد قال «باسديو» في طالب الخلاص: أنّ العاقل قد سوى عنده البرهمن وجندال والصديق والعدوّ والأمين والخائن بل الحيّة وابن عرس، فإن كان العقل هو الذي سوى فالجهل هو الذي فصل وفضل، وقال باسديو لأرجن: إذا كانت عمارة العالم هي المقصودة ولم يطّرد السياسة فيها إلّا بالقتال لقمع الفساد وجب علينا معشر العقلاء ان نعمل ونقاتل لا لإتمام نقصان فينا ولكن لوجوبه من جهة الإعلاج ونفي الخراب، ثمّ يتأسّى بنا الجهّال في الفعل تأسّي الصغار بالكبار من غير أن يعرفوا حقائق الأغراض في الأفعال، فإنّ طباعهم عن الطرق العقليّة نافرة وإنّما يستعملون قهرا حتى يعملوا بحسب ما يثير لهم حواسّهم من الشهوة والغضب، ويكون العاقل العارف على خلافهم.

سه- في ذكر القرابين

سه- في ذكر القرابين انّ اكثر «بيذ» مشتمل على قرابين النار وصفة كلّ واحد منها، وتختلف في المقدار حتى لا يقدر على بعضها الّا كبار الملوك، مثل «اسميت» المعمول بالدابّة المسرّحة في العالم ترتعي من غير مانع والجنود تتبعها وتسوقها وتنادي عليها: انّها لملك العالم فليبرز اليها من يأبى ذلك، والبراهمة خلفها تقيم قرابين النار عند روثها، فإذا جالت أكناف العالم كانت طعمة للبراهمة ولصاحبها، وتخلف أيضا في المدّة حتى لا يقدر عليها إلّا من طال عمره وذلك معدوم في هذا الزمان، فلذلك تعطّل كثير منها وبقي القليل للاستعمال، والنار عندهم اكّالة لجميع الأشياء، ولذلك تتنجّس من مداخلة النجاسات ايّاها كالماء، وبسبب ذلك لا يتساهل الهند فيهما اذا كانا عند من ليس منهم لتنجّسهما به، وما أطعمت النار من نصيبها فهو راجع الى «ديو» لأنّها تخرج من أفواههم، والذي يطعمها البرهمن هو دهن وحبوب مختلفة من حنطة وشعير وأرزّ يلقيها فيها، ويقرأ من بيذ ما هو مفروض لذلك إن كان القربان لنفسه، ولا يقرأ شيئا عليها ان كان لغيره؛ وذكر في كتاب «بشن دهرم» : انّه كان فيما مضى من جنس «ديت» رجل قويّ شجاع وفي الملك متوسّع يسمّى «هرناكش» ، وله ابنة تسمّى «دكيش» دامت على الاجتهاد في العبادة وامتحان «1» النفس بالصوم والزهادة، فاستحقّت الإثابة

بمكان في العلو، وتزوّج بها «مهاديو» ، فلمّا خلا بها- ومن شأن «ديو» ان يطيل المباشرة ويبطئ الإنزال- فظنت النار للأمر وغارت خوفا أن يتولّد منهما نار مثلهما، فقصد بهما للتكدير والافساد، وحين رآها مهاديو عرق جبينه من شدّة الغيظ حتى سال على الأرض، فتشرّبته وحبلت منه بالمرّيخ وهو «اسكند» صاحب جيش ديو، وتناول «ردر» المفسد نطفة مهاديو ورمى بها، فتفرّقت في بطن الأرض وهي الرقيق الرخراخ، وأمّا النار فإنّها برصت وساخت من فرط الخجل والتشوير الى «پاتال» الأرض السفلى، ولمّا افتقدها ديو أقبلوا على طلبها والبحث عنها، فدلّتهم الضفدع عليها، وحين رأتهم فارقت مكانها واختفت في شجرة «أشوت» ودعت على الضفدع أن تكون ناقصة الصياح مبغّضة الى القلوب، ثمّ دلّتهم الببغاء على مكانها، فدعت عليها بانقلاب اللسان حتى يكون أصله نحو طرفه، وقال لها ديو: ان انقلب لسانك فكوني بالمآنس ناطقة وللطيّبات آكلة، وهربت النار من شجرة شوت الى شجرة «شمّى» ، فغمز بها الفيل، فدعت عليه أيضا بانقلاب اللسان، فقال له ديو: ان انقلب لسانك فكن مشاركا للإنس في مطاعمهم فطنا لكلامهم، ثمّ عثروا على النار فتلكّت «1» عن الكون معهم وهي برصاء، فأصلحوها وأزالوا برصها وأعادوها اليهم مكرّمة، جعلوها فيما بينهم وبين الناس واسطة تأخذ انصباءهم منهم وتوصلها اليهم.

سو- في الحج وزيارة المواضع المعظمة

سو- في الحجّ وزيارة المواضع المعظّمة ليس الحجّ عندهم من المفروضات وإنّما هو تطوّع وفضيلة، وهو ان يقصد الحاجّ أحد البلاد الطاهرة أو أحد الأصنام المعظّمة أو أحد الأنهار المطهّرة، فيغتسل بها ويخدم الصنم ويهدي اليه ويكثر التسبيح والدعاء ويصوم ويتصدّق على البراهمة والسدنة وغيرهم ويحلق رأسه ولحيته وينصرف؛ فأمّا الحياض الطاهرة المعظّمة فإنّها في الجبال الباردة حول «ميرو» ، والذي في «باج بران» وفي «مج پران» معا من ذكرها: ان في سفح ميرو «آرهت» وهو حوض عظيم جدّا يوصف بضياء القمر، ويخرج منه نهر «زنب» طاهرا «1» جدّا يجري على الذهب الإبريز، وعند جبل «شويت» حوض «أوترمانس» حوله اثنا عشر حوضا كلّ واحد كالبحيرة يخرج منها نهرا «شاندي» و «مدّوي» الى كنبرش» ، وعند جبل «نيل» حوض «بيوذ» ذو النيلوفر، وعند جبل «نشد» حوض «بشن پذ» يخرج منه وادي «سارسفت» وهو «سرست» ، ويخرج منه أيضا نهر «كندهربّ» ، وفي جبل «كيلاس» حوض «مند» عظيم كبحر يخرج منه نهر «منداكن» ، وبين الشمال والمشرق من «كيلاس» جبل «جندربربت» في سفحه حوض «آجود» يخرج منه نهر آجود، وبين المشرق والجنوب من كيلاس

جبل «لوهت» وفي سفحه حوض يسمّى به ويخرج منه نهر «لوهت ند» ، وفي جنوب كيلاس جبل «سرپوشذ» في سفحه حوض «مانس» ويخرج منه نهر «سرج» ، وعن غرب كيلاس جبل «أرن» دائم الثلج لا يستطاع ارتقاؤه وفي سفحه حوض «شيلود» ، يخرج منه نهر شيلود «1» ، وفي شمال كيلاس جبل «كور» وفي سفحه حوض «بندسر» أي الذي رمله ذهب، وعنده تزهّد «بهكيرث» الملك؛ وذلك: أنّه كان لملك لهم يسمّى «سكر» من الأولاد ستّون ألف ابن كلّهم دعّار وأشرار، واتّفق ان ضلّت لهم دابّة، فنشدوها وأداموا الركض في طلبها حتى انهارت الأرض من شدّة ركضهم على ظهرها، ووجدوا دابّتهم في جوفها واقفة بين يدي «2» رجل مطرق غاضّ الطرف، فلمّا قربوا منه ازلقهم ببصره فاحترفوا مكانهم وحصلوا في جهنّم بسوء أعمالهم، وصار الموضع المنهار من الأرض بحرا وهو البحر الأعظم، ثمّ كان من نسل هذا الملك ملك يسمّى بهكيرث سمع بخبر أسلافه فرقّ لهم، وذهب الى الحوض المذكور الذي قراره ذهب مسحول وأقام هناك صائما أيّامه قائما في العبادة لياليه، حتى سأله «مهاديو» عن حاجته، فقال: أريد نهر «كنك» الجاري في الجنّة علما منه بأنّ من جرى ماؤه عليه مغفور له ذنوبه، فأجابه الى ملتمسه، وكانت المجرّة السماويّة مجرى كنك وقد اعجب بنفسه ولم ير أحدا يقدر عليه، فأخذه «مهاديو» ووضعه على رأسه، فلم يقدر على البراح وغضب من ذلك وتموّج وتغطمط، فتماسك به «3» مهاديو حتى لم يمكنه الغوص فيه، ثمّ أخذ منه قطعة وأعطاه «بهكيرث» حتى أجرى الشعبة الوسطانيّة من شعبه السبع «4» على عظام أجداده ونجوا بذلك من العذاب، ولهذا يلقي فيه عظام موتاهم المحترقة، ولقّب نهر كنك باسم هذا الملك الذي جاء به؛

وقد حكينا عنهم أنّ في الديبات انهارا طاهرة كطهارة كنك، وفي كلّ موضع يوصف بفضيلة يعمل الهند حياضا تقصد للاغتسال، وصار ذلك لهم صناعة يبالغون فيها حتى أنّ قومنا اذا رأوها تعجّبوا منها وعجزوا عن صفتها فضلا عن عملها، فإنّهم يعملونها من صخور عظام جدّا شديدة الهندام مشدودة بأوتاد حديدة غلاظ درجا كالرفوف تدور الدرجة في جوانب الحوض على سمك أطول من قامة الرجل، ثمّ يعملون على الوجه الذي فيما بين الدرجتين مراقي كالشرف، فتصير الدرجات الأولى كطرق والشرف درجات، لو نزل نفر كثير وصعد آخرون لما التقوا ولما انسدّ عليهم طريق لكثرة الدرجات ويمكن الصاعد فيها من الانحراف الى غير التي ينزل عليها النازل، فيزول بذلك مشقّة الازدحام؛ وبالمولتان حوض يعبدون فيه بالاغتسال اذا لم يتعرّض لهم، وفي «سنكهت براهمهر» أنّ بتانيشر حوضا يقصده الهند من بعيد ويغتسلون بمائه، ويزعمون أنّ سببه زيارة مياه سائر الحياض المكرّمة ايّاه وقت الكسوف، وأنّ الاغتسال فيه لأجل ذلك ينوب عن الاغتسال في واحد واحد منها، ثمّ يقول حاكيا: ويقولون لولا أنّ الرأس هو كاسف النيّرين لما زارت الحياض ذلك الحوض؛ واشتهار الحياض بالفضيلة يكون إمّا باتّفاق أمر جليل فيها أو نصّ وارد في الكتب والأخبار، وقد ذكرت كلاما حكاه «شونك» ، ناقله الزهرة عن «براهم» أنّه خوطب به، وفي ذلك الكلام ذكر «بل» الملك وما سيفعله الى أن يغوّصه «ناراين» في الأرض السفلى، وفي ذلك الكلام: إنّي إنّما أفعل به ذلك ليزول ما يرومه من التساوي من الناس وليتفاضلوا في الحال فينتظم العالم بذلك ولينصرفوا عن عبادته الى عبادتي والإيمان بي، وكما أنّ تعاون المتمدّنين لا يكون إلّا مع التفاضل ليحتاج أحدهم الى الآخر كذلك خلق الله العالم مختلف الطباع متفاوت البقاع واحدة صرودا «1» وأخرى جروما «2» وواحدة طيّبة التربة والماء والهواء وأخرى سبخيّة أو عفنة آسنة الماء وبيّة الهواء، وكذلك

سائر الاختلافات في كثرة النعم وقلّتها وتواتر الآفات وعدمها ممّا يدعو المتمدّنين الى اختيار الأمكنة لبناء المدن من أجلها، وهذا بسبب الرسوم الجارية، لكنّ الأوامر الشرعيّة أقوى منها وأغلب على الطباع من الرسوم والعادات، ألا ترى أنّ علل هذه مطلوبة وهي بحسبها مأخوذة أو مرفوضة وعلل تلك متروكة غير مطلوبة يتمسّك بها الأكثرون تقليدا، ولا يحتجّون فيه بأكثر ممّا يحتجّ به ساكن البقعة النكدة اذا ولد بها ولم يشاهد غيرها من حبّ الوطن وصعوبة النقلة عن المسكن، ثمّ اذا كان تفاضل البقاع من جهة أمر ملّيّ فقد حصل عند العاملين به ما لا ينقلع عن افئدتهم الى الأبد؛ وللهند مواضع تعظّم من جهة الديانة مثل بلد «بارانسي» ، فإنّ زهّادهم يقصدونه ويلزمونه لزوم مجاوري الكعبة مكّة، ويحرصون على أن تأتيهم «1» فيه آجالهم لتكون عقباهم بعد الموت خيرا، ويقولون أنّ سافك الدم مأخوذ بذنبه مكافي على حوبه الّا أن يدخل بلد بارانسي فينال فيه العفو والغفران، ويزعمون في سببه: أنّ «براهم» كان ذا أربعة أرؤس في الصورة، وأنّه وقع بينه وبين «شنكر» وهو «مهاديو» شرّ تأدّت المنازعة بينهما فيه الى اقتلاع أحد تلك الأرؤس منه، وكانت العادة وقتئذ أن يتّخذ رأس المقتول بيد القاتل ويبقى معلّقا منها للخزي والعلامة، وكذلك التحم «2» فخفّ رأس براهم بيد مهاديو وكان يطوف به في مقاصده ومتصرّفاته، لا يزايله فيما دخل من البلاد الى أن بلغ بارانسي، وسقط الرأس من يده لمّا دخله وبان عنها؛ ومن أمثال تلك البلاد «بوكر» ، وسببه: أنّ براهم كان يقيم فيه للنار قربانا فخرج منها خنزير، ولذلك جعلوا صنمه على صورة خنزير، وعمل خارج البلد في ثلاثة مواضع منه حياض مبجّلة هي متعبّدات، ومنها «تانيشر» ويسمّى «كركيتر» أي أرض «كر» وكان رجلا فلّاحا زاهدا صالحا، يعمل العجائب بالقوّة الإلهيّة، فنسبت الأرض

اليه وعظّمت لأجله، ثمّ اتّفق فيها أعمال «باسديو» في حروب «بهارث» وهلاك المفسدين فيها، فازدار محلّه، ومنها بلد «ماهوره» المشحون بالبراهمة، وتعظيمه بسبب ولادة باسديو فيه وتربيته في «نندكول» بالقرب منه، و «كشمير» الآن مقصود، وكان «المولتان» كذلك قبل تخريب بيت صنمه.

سز- في الصدقة وما يجب في القنية

سز- في الصدقة وما يجب في القنية الصدقة عندهم واجبة كلّ يوم بما امكن، ولا يترك المال حتى يحول عليه حول أو يمرّ شهر فإنّ ذلك احالة على مجهول لا يعرف الإنسان هل يبلغه، فأمّا ما يحصل له من جهة الغلّات أو المواشي فالواجب فيه أن يبتدئ للوالي بأداء الخراج الذي يلزم الأرض أو المرعى، وبالسدس أجرة له على الذياد عن الرعيّة وحفظ أموالهم وحريمهم، وذلك بعينه يلزم السوقة إلّا أنّهم يكذبون فيه ويخونون، ويلزم التجارات الضرائب لمثله، وكلّ ما ذكرناه فمنحطّ عن البرهمن دون غيره؛ ثمّ الحاصل بعد إخراج ذلك من القنية منهم من يرى فيه التسع للصدقة، لأنّه يرى في ثلثه الادّخار كي يطمئنّ اليه القلب وفي ثلثه ان يصرف في التجارة ليثمر بالربح وفي ثلثه الباقي ان يتصدّق بثلثه وينفق ثلثاه في الدار، ويكون الأمر فيما يخرج من الربح على هذا القانون، ومنهم من يرى قسمته أرباعا، يكون منها ربع للنفقة وربع للتجمّل وإقامة المروّة وربع للصدقة وربع للذخيرة ان كان وافيا بالنفقة في ثلاث سنين، فإن جاوز ربع الادّخار هذا المقدار افرز منه ما لا يقصر عن النفقة في ثلاث سنين وتصدّق بما يفضل، وأمّا الربا في المال بالمال فهو محرّم، وإثمه بقدر الزيادة الموضوعة على رأس المال، وليس فيه رخصة إلّا لشودر على أن لا يجاوز الربح خمس عشر رأس المال.

سح- في المباح والمحظور من المطاعم والمشارب

سح- في المباح والمحظور من المطاعم والمشارب الإماتة في الأصل محظورة عليهم بالاطلاق كما هو على النصارى والمانويّة، ولكنّ الناس يقرمون الى اللحم وينبذون فيه وراء ظهورهم كلّ امر ونهي، فيصير ما ذكرناه مخصوصا بالبراهمة لاختصاصهم بالدين ومنع الدين ايّاهم عن اتّباع الشهوات، كالمثال فيمن هو فوق اساقفة النصارى من «مطران» و «جاثليق» و «بطرك» دون من يسفل عنهم من «قسّ» و «شمّاس» الّا من ترهبن منهم زيادة على رتبته، وإذا كان الأمر على هذا ابيحت الإماتة بالتحنيق وإمساك النفس في بعض الحيوان دون بعض، وحرّمت الميتة من المباحات اذا ماتت حتف انفها؛ فأمّا المباحات فهي الضأن والمعز والظباء والأرانب و «كنده» القرنيّ الأنف والجواميس والسمك والطير المائيّة والبرّية منها كالعصافير والفواخت والدراريج والحمام والطواويس وما لا يعافه النفس ممّا لم يرد به حظر، والمنصوص على تحريمه البقر والخيل والبغال والأحمرة والأبعرة والفيلة والدجج الأهليّة والغربان والببغاء والشارك وبيض جميعها بالاطلاق والخمر الّا لشودر؛ فإنّ شربها مباح له وبيعها محظور عليه كبيع اللحم؛ وقد قال بعضهم انّ البقر كان قبل «بهارث» مباحا ومن القرابين ما فيه قتل البقر الّا انّه حرّم بعد بهارث لضعف طباع الناس عن القيام بالواجبات كما جعل «بيذ» وهو في الأصل واحد اربعة اقسام تسهيلا على الناس، وهذا كلام قليل المحصول فإنّ تحريم البقر ليس بتخفيف

ورخصة وإنّما هو تشديد وتضييق، وسمعت غير هؤلاء يقولون انّ البراهمة كانت تتاذّى بأكل لحمان البقر، لأنّ بلادهم جروم وبواطن الأبدان فيها باردة والحرارة الغريزيّة فيها فاترة والقوّة الهاضمة ضعيفة يقوّونها بأكل اوراق التنبول عقب الطعام ومضغ الفوفل، فيلهب التنبول بحدّته الحرارة وينشف ما عليه من النورة البلّة ويشدّ الفوفل الأسنان واللثة ويقبض المعدة، ولمّا كان كذلك حظروه للغلظ والبرودة، وأنا اظنّ في ذلك احد امرين، امّا السياسة فإنّ البقر هي الحيوان الذي يخدم في الأسفار بنقل الأحمال والأثقال وفي الفلاحة بالكرب والزراعة وفي الكذخذاهيّة بالألبان وما يخرج منها، ثمّ ينتفع بأخثائه بل في الشتاء بأنفاسه، فحرّم كما حرّمه الحجّاج لمّا شكى اليه خراب السواد، وحكى لي انّ في بعض كتبهم: انّ الأشياء كلّها شيء واحد وفي الحظر والإباحة سواسية، وإنّما تختلف بسبب العجز والقدرة، فالذئب يقتدر على حطم الشاة فهي اكلته والشاة تعجز عنه وقد صارت فريسته، ووجدت في كتبهم ما شهد بمثله إلّا انّ ذلك يكون للعالم بعلمه اذا حصل فيه على رتبة يستوي فيها عنده البرهمن و «جندال» وإذا كان كذلك استوت عنده ايضا سائر الأشياء في الكفّ عنها، فسواء كانت كلّها حلالا اذ هو مستغن «1» عنها او كانت حراما فإنّه غير راغب فيها، فأمّا من له فيها ارب باستحواذ الجهل عليه فبعض له حلال وبعض عليه محرّم والسور بينهما مضروب.

سط- في المناكح والحيض وأحوال الأجنة والنفاس

سط- في المناكح والحيض وأحوال الأجنّة والنفاس النكاح ممّا لا يخلو منه امّة من الأمم لأنّه «1» مانع عن التهارج المستقبح في العقل وقاطع للاسباب التي تهيّج الغضب في الحيوان حتى يحمل على الفساد، ومن تأمّل تزاوج الحيوانات واقتصار كلّ زوج منها بزوجة وانحسام اطماع غيره عنهما استوجب النكاح واحتوى السفاح انفة للقصور عن رتبة ما هو دونه من الحيوانات؛ ولكلّ امّة فيه رسوم وخاصّة من ادّعى منهم شريعة وأوامر له إلاهيّة، ومن شأن الهند ان يكون التزويج فيهم على صغر السن ولذلك يعقده الأبوان لأبنائهم، فيقيم البراهمة فيه رسوم القرابين ويبثّ فيهم وفي غيرهم الصدقات، وتظهر آلات الأفراح، ولا يسمّى بينهما مهر، وإنّما يكون فيه للمرأة صلة بحسب الهمّة ونحلة معجلة لا يجوز ارتجاعها إلّا ان تهبها المرأة بطيبة من نفسها، ولا يفرق بين الزوجين إلّا الموت اذ لا طلاق لهم، وللرجل ان يتزوّج بأكثر من واحدة الى اربع، وما فوق الأربع محرّم عليه إلّا ان تموت احدى من تحت يده منهنّ فيتمّم العدد بغيرها ولا يتجاوزه، وأمّا المرأة اذا مات زوجها فليس لها ان تتزوّج، وهي بين احد امرين- إمّا ان تبقى ارملة طول حياتها وإمّا ان تحرق نفسها وهو افضل حاليها لأنّها تبقى في عذاب مدّة عمرها، ومن رسمهم في نساء ملوكهم

الإحراق شئن او أبين احتراسا عن زلّة تندر منهنّ، ولا يتركون منهنّ إلّا العجائز او ذوات الأولاد اذا تكفّل الابن بصيانة الأمّ وحفظها؛ والقانون في النكاح عندهم انّ الأجانب افضل من الأقارب، وما كان ابعد في النسب من الأقارب فهو افضل ممّا قرب فيه، فأمّا ما جرى على استقامة الى اسفل اعني ابنة الأولاد وأولاد الأولاد وإلى اعلى من امّ وجدّة وأمّهاتهنّ فمحرّم اصلا، وأمّا ما «1» انحرف عن الاستقامة وتفرّع الى الجانبين من اخت وبنت اخت وعمّة وخالة وبناتهما فكذلك في التحريم إلّا ان يتباعد بالأنسال خمسة ابطن متوالية في الولاد، فيزول التحريم حينئذ مع بقاء الكراهة، ومنهم من يرى عدّة النساء بحسب الطبقات حتى يكون للبرهمن اربعا ولكشتر ثلاثا ولبيش اثنتين ولشودر واحدة، ويجوز لكلّ واحد من اهل الطبقات ان يتزوّج في طبقته وفيما دونها ولا يحلّ له ان يتزوّج من طبقة فوق طبقته، ويكون الولد منسوبا الى طبقة الأمّ دون الأب، فإن كانت امرأة البرهمن مثلا برهمنا كان الولد كذلك وإن كانت شودرا كان شودرا، ولكنّ البراهمة في زماننا وإن حلّ لهم ذلك لا يفعلونه ولا يتجاوزون في التزويج غير طبقتهم؛ وأمّا الحيض فإنّ اكثره بالرؤية ستّة عشر يوما وبالتحقيق هو الأربعة الأيّام الأولى، وإتيان المرأة فيها محظور بل قربها في البيت كذلك فإنّها حينئذ نجسة، فإذا انقضت الأيّام الأربعة واغتسلت طهرت وحلّ اتيانها وإن لم ينقطع عنها الدم فإنّ ذلك ليس بحيض وإنّما هو مادّة للاجنّة وواجب على البرهمن اذا اراد اتيان النساء طلبا للولد ان يقيم قربانا للنار يسمّى «كربادهن» وإنّما لا يفعل لأنّه يحتاج فيه الى حضور المرأة والحياء يمنع عن ذلك، فيؤخّر ويجمع الى الذي يتلوه في الشهر الرابع من الحبل ويسمّى «سيمنتونن» فإذا وضعت المرأة حملها اقيم قربان ثالث بين الولادة وبين الارضاع يسمّى «جات كرم» ولا يسمّى باسم إلّا بعد انقضاء ايّام النفاس، وقربان الاسم يسمّى «نام كرم» ، وما دامت المرأة نفساء لم تقرب من آنية ولم يؤكل في دارها

شيء ولم يوقد نارا فيها «برهمن» ، وتلك الأيّام تكون لبرهمن ثمانية ولكشتر اثني «1» عشر ولبيش خمسة عشر ولشودر ثلاثين، ومن دونهم فغير معدود ليس له في الرسوم حدّ محدود، وأكثر الرضاع ثلاثة احوال من غير وجوب، والعقيقة في الثالثة وثقب الأذن في السابعة او الثامنة؛ ويظنّ الناس بالزناء انّه مباح عندهم، كما شرط «اصبهبذ كابل» ايّام فتحها وإسلامه ان لا يأكل لحم بقر ولا يتلوّط، وليس الأمر عندهم كما يظنّ ولكنّهم لا يشدّدون في العقوبة عليه، والآفة فيه من جهة ملوكهم، فإنّ اللواتي تكنّ في بيوت الأصنام هنّ للغناء والرقص واللعب لا يرضى منهنّ «برهمن» ولا سادن بغير ذلك، ولكنّ ملوكهم جعلوهنّ زينة للبلاد وفرحا وتوسعة على العباد، وغرضهم فيهنّ بيت المال ورجوع ما يخرج منه الى الجند اليه من الحدود والضرائب، وهكذا كان عمل عضد الدولة وأضاف اليه حماية الرعيّة عن عزاب الجند.

ع- في الدعاوي

ع- في الدعاوي القاضي يطالب المدّعي بالكتاب المكتوب على المدّعي عليه بالخطّ «1» المعروف المرشح لأمثاله والبيّنة المثبتة فيه، فان لم يكن فالشهود بغير كتاب، ولا اقلّ في عددهم من اربعة فما فوقها إلّا ان تكون عدالة الشاهد مقررة عند القاضي فيجيزها ويقطع الحكم بشهادة ذلك الواحد من غير ان يترك التجسّس في السرّ والاستدلال بالعلامات في العلانية وقياس بعض ما يظهر له الى بعض والاحتيال لاستنباط الحقيقة كما كان يفعله اياس بن معاوية، فإن عجز المدّعي عن اقامة البيّنة لزم المنكر اليمين ويجوز ان يصرفه الى المدّعي ويقبله عليه فيقول له: احلف انت على صحّة دعواك حتى اخرجها اليك؛ والأيمان اجناس كثيرة بحسب مقدار الدعوى، فبالشيء اليسير مع رضاء الخصم باليمين يقول بين يدي خمسة نفر من علماء البراهمة: ان كنت كاذبا فله من ثواب اعمالي ما يساوي ثمانية اضعاف ما يدّعيه عليّ، وفوق هذه اليمين: ان يعرض عليه شرب «البيش» المعروف ببرهمن وهو شرّ انواعه فإنّه ان كان صادقا لم يضرّه شربه، وفوق هذه: ان يجاء به الى نهر شديد الجري عميق القرار، او الى بئر بعيدة القعر كثيرة الماء فيقول للماء: انت من اطهار الملائكة عارف بالسرّ والعلانية فاقتلني ان كنت كاذبا

واحرسني ان كنت صادقا، ثمّ يحتوشه خمسة نفر ويلقونه فيه، فإنّه ان كان صادقا لم يغرق فيه ولم يمت، وفوق هذه: ان يوجّه القاضي كلي الخصمين الى موضع اشرف اصنام تلك المدينة او المملكة، فيصوم المنكر عنده ذلك اليوم، ثمّ يلبس ثيابا جددا بالغد ويقف هناك مع خصمه، ويصبّ السدنة على الصنم ماء ويسقونه ايّاه، فإنّه ان كان كاذبا قاء الدم من ساعته، وفوق هذه: ان يوضع المنكر في كفّة الميزان ويعادل بما يوازيه من الأثقال ثمّ يخرج منها ويترك الميزان على حاله، فيستشهد على صدقه الروحانيّين والملائكة والأشخاص السماويّة واحدا بعد آخر ويثبت جميع ما يقوله في كاغذه ويشدّ على رأسه، ويعاد بحاله الى الكفّة، فإنّه ان كان صادقا ثقل عن الوزن الأوّل، وفوق هذه: انّه يؤخذ سمن ودهن حلّ بالسويّة ويغليان في قدر، ويطرح فيها لعلامة الإدراك وردة يكون ذبولها واحتراقها تلك العلامة، وإذا بلغ غايته «1» طرح في تلك القدر قطعة ذهب ويؤمر المنكر بإخراجها بيده، فإنّه ان كان محقّا اخرجها، ثمّ عظمى الأيمان: ان تحمي زبرة حديد الى حدّ تكاد تذوب وتوضع بالكلبتين على كفّ المنكر ليس بينها وبين الجلد سوى ورقة عريضة من اوراق النبات تحتها حبّات ارزّ في قشورها قليلة متفرّقة، ويؤمر بحملها سبع خطوات ثم يرمي بها الى الأرض.

عا- في العقوبات والكفارات

عا- في العقوبات والكفّارات مثال الحال فيهم على شبيه بحال النصرانيّة فإنّها مبنيّة على الخير وكفّ الشرّ من ترك القتل اصلا ورمي القمصان خلف غاصب الطيلسان وتمكين لاطم الخدّ من الخدّ الأخرى والدعاء للعدوّ بالخير والصلوات عليه، وهي لعمري سيرة فاضلة ولكنّ اهل الدنيا ليسوا بفلاسفة كلّهم، وإنّما اكثرهم جهّال ضلّال لا يقوّمهم غير السيف والسوط، ومذ تنصّر «قسطنطينوس» المظفّر لم يسترح كلاهما «1» من الحركة فبغيرهما لا تتمّ السياسة، كذلك الهند، فقد ذكروا انّ امور الايالة والحروب كانت فيما مضى الى البراهمة وفي ذلك كان فساد العالم من جهة انّهم اجروا السياسة على مقتضى كتب الملّة من السيرة العقليّة ولم يطرد ذلك لهم مع ذوي العيث والزعارّة، وكاد الأمر يعجزهم عن القيام بما اليهم من امر الديانة فتضرعوا الى ربهم فيه، حتى افردهم «براهم» لما اليهم وجعل السياسة والقتال الى «كشتر» ، ولذلك صار معاش البراهمة من السؤال والكدية، وحصلت العقوبات في الناس بالذنوب من جهة الملوك لا العلماء؛ فأمّا امر القتل فإنّ القاتل اذا كان برهمنا والمقتول من سائر الطبقات لم يلزمه إلّا كفّارة وهي تكون بالصوم والصلاة والصدقة، وإن كان المقتول برهمنا ايضا كان امره الى الآخرة ولم يجزه

كفّارة اذ الكفارة تمحو الذنوب وليس شيء يمحو من البرهمن كبائر الآثام وعظماها قتل البرهمن ويسمّى وزره «برهم هت» ثمّ قتل البقر ثمّ شرب الخمر ثمّ الزناء وخاصّة مع من هو لأبيه او لأستاذه، على انّ الولادة لا يقتصّون من «برهمن» او «كشتر» ولكنّهم يستصفون ماله وينفونه من ممالكهم، وأمّا من دون البراهمة وكشتر فإن قتل بعضهم بعضا يكفّر بكفّارة ولكنّ الولاة يقيمون فيهم القصاص للاعتبار؛ وأمّا السرقة فعقوبة السارق بمقدارها، فإنّها ربّما اوجبت التنكيل بالافراط والتوسّط وربّما اوجبت التأديب، والتغريم وربّما اوجبت الاقتصار على الفضيحة والتشهير، فإن كان المقدار عظيما سمل الولاة البرهمن او قطعوه من خلاف وقطعوا كشتر ولم يسملوه وقتلوا غيرهما، وعقوبة الزانية ان تخرج من بيت الزوج وتنفى؛ وكنت اسمع انّ من يهرب من المماليك الهنديّين عائدا الى بلادهم ودينهم يفرض عليه للكفّارة صيام وينقع في اخثاء البقر وأبوالها وألبانها ايّاما معدودات حتى يختمر فيها، ويخرج من النجاسة ويطعم ما يشبه ما هو فيه وأمثال ذلك، فسألت البراهمة عنه فأنكروه وزعموا ان لا كفّارة له ولا رخصة في اعادته الى ما كان فيه وكيف والبرهمن اذا طعم في بيت «شودر» ايّاما يسقط عن طبقته ولا يعود اليها!

عب- في المواريث وحقوق الميت فيها

عب- في المواريث وحقوق الميّت فيها الأصل عندهم في المواريث سقوط النساء منها ما خلا الابنة، فإنّ لها ربع ما للابن بنصّ على ذلك في كتاب «من» ، فإن لم تكن متزوّجة انفق عليها الى وقت التزويج وكان جهازها من ميراثها، ثمّ قطعت النفقة حينئذ عنها، وأمّا الزوجة فإنّها ان لم تحرق نفسها وآثرت الحياة كان على الوارث رزقها وكسوتها ما دامت، وديون الميّت على الوارث يقضيها ممّا ورث او من صلب ماله سواء خلّف الميّت شيئا او لم يخلّف، وكذلك النفقات المذكورة تلزمه على كلّ حال؛ والأصل في الورثة وهم ذكران لا محالة انّ الاسفل عن الميّت او كد امرا وأحقّ بالإرث من الذي يعلوه اعني انّ الابن وأولاده اولى من الأب والأجداد، ثم ما كان في جنبة واحدة من السفل والعلو فالأقرب الى الميّت اولى من الأبعد عنه اعني انّ الابن اولى من ابن الابن والأب اولى من الجدّ، وما عدل عن الاستقامة النسليّة كالإخوة فأضعف ولا يرثون الّا عند عدم الأقوى، فمعلوم من ذلك انّ ابن الابنة اولى من ابن الأخت وأنّ ابن الأخ اولى من كليهما، فإن كانوا عدّة في جنس واحد كالأبناء او كالاخوة فالقسمة بينهم بالسويّة، وخنثاهم في جملة الذكران، فإن لم يكن للميّت وارث كانت التركة الى بيت مال الوالي إلّا ان يكون الميّت برهمنا، فليس للوالي على تركته سبيل ولكنّها تكون للصدقة فقط؛ وأمّا ما لزم الوارث اقامته من حقوق الميّت في السنة الأولى فهو ستّ عشرة ضيافة يطعم فيها ويتصدّق منها في كلّ واحد من

اليوم الحادي عشر والخامس عشر من يوم موته وفي كلّ شهر مرّة، وللتي في سادس الشهور منها مزيّة على غيرها في الكثرة والجودة، وقبل تمام السنة بيوم وهي تكون له وللاجداد ثمّ خاتمة السنة وقد انقضت حقوقه بانقضائها، فان كان الوارث ابنا وجب عليه الحداد والحزن واجتناب النساء طول هذه السنة ان كان ولد حلال ومن مغرس طيّب، ويجب ان يعلم انّ الطعام يحرم على الورثة يوما واحدا من اوّل هذه السنة، ويجب عليهم معما ذكرنا من الصدقات الستّ عشرة ان يهيّئوا فوق باب الدار شبه رفّ بارز من الجدار مكشوف للسماء يضعون عليه كلّ يوم قصعة طبيخ وكوز ماء الى تمام عشرة ايّام من وقت الموت، عسى ان الروح لم تستقرّ بعد فتتردّد حول الدار في جوع او عطش؛ وإلى قريب منه اشار «سقراط» في كتاب «فادن» في النفس الحائمة حول المقابر لما عسى ان يكون فيها من بقيّة المحبّة الجسدانيّة، وفي قوله: قد قيل في النفس انّ من عادتها ان تجمع من كلّ واحد من اعضاء الجسد شيئا ينضمّ ويكون في هذا العالم سكناه وفي الذي بعده اذا فارقت الجسد وانحلّت منه بموته، ثمّ في عاشر هذه الأيّام يتصدّق باسمه طعام كثير وماء بارد، وبعد اليوم الحادي عشر يوجّه كلّ يوم من الطعام ما يكفي نفسا واحدة ودرهم معه الى بيت «برهمن» ويداوم ذلك طول ايام السنة ولا يقطع الى آخرها.

عج- في حق الميت في جسده والأحياء في أجسادهم

عج- في حقّ الميّت في جسده والأحياء في أجسادهم كانت أجساد الموتى فيما مضى من الأزمنة الأولى تدفع الى السماء بأن تلقى في الصحارى مكشوفة لها ويخرج المرضى اليها وإلى الجبال ويتركون فيها، فإن ماتوا كانوا كما قلنا وإن أبلّوا رجعوا بأنفسهم إلى منازلهم، ثمّ جاء بعد ذلك من «1» تولّى وضع السنن وأمرهم بدفعها الى الريح، فأقبلوا على بناء بيوت لها مسقّفة بحيطان مشبّكة يهبّ الريح منها عليها على مثال الحال في نواويس المجوس، ومكثوا على ذلك برهة الى أن رسم لهم «ناراين» دفعها الى النار فمنذ ذلك الوقت يحرقونها فلا يبقى منها شيء من وضر أو عفونة أو رائحة إلّا ويتلاشى بسرعة ولا يكاد يتذكّر؛ والصقالبة في زماننا يحرقون الموتى ويتخيّل من جهة اليونانيّين أنّهم كانوا فيهم بين الإحراق وبين الدفن، قال «سقراط» في كتاب «فادن» لمّا سأله «أقريطن» على أيّ نوع يقبره فقال: كيف ما شئتم أن انتم قدّر تم عليّ ولم أفرّ منكم، ثمّ قال لمن حوله: تكفّلوا بي عند أقريطن ضدّ الكفالة التي تكفّل هو بي عند القضاة فإنّه تكفّل على أن أقيم وأنتم فتكفّلوا على أن لا أقيم بعد الموت، بل اذهب ليهون على أقريطن إذا رأى جسدي وهو يحرق أو يدفن فلا يجزع ولا يقول: أنّ سقراط يخرج أو يحرق أو يدفن، وأنت يا أقريطن فاطمئنّ في دفن

جسدي، وافعل ذلك كما تحبّ ولا سيّما بموجب النواميس، وقال «جالينوس» في تفسيره لعهود «بقراط» : أنّ من المشهور من أمر «اسقليبيوس «1» » أنّه وقع الى الملائكة في عمود من ناركما يقال في «ديونوسس» و «ايرقلس» وسائر من عنى بنفع الناس واجتهد، ويقال أنّ الله فعل بهم ذلك كيما «2» يفنى منهم الجزء الميّت الأرضيّ بالنار ثمّ يجتذب بعد ذلك جزءهم الذي لا يقبل الموت ويرفع أنفسهم الى السماء، وهذه اشارة الى الإحراق وكأنّه لم يكن إلّا للكبار؛ وكذلك يقول الهند أنّ في الإنسان نقطة بها الإنسان انسان، وهي التي تتخلّص عند انحلال الأمشاج بالإحراق وتبدّدها، ورأوا في هذا الرجوع أنّ بعضه يكون بشعاع الشمس تتعلّق به الروح وتصعد وأنّ بعضه يكون بلهيب النار ورفعها ايّاها كما كان يدعو بعضهم أن يجعل الله طريقه اليه على خطّ مستقيم لأنّه أقرب المسافات ولا يوجد الى العلو إلّا النار أو الشعاع، وكان الأتراك الغزّيّة ذهبوا الى ما يشبهه في الغريق فإنّهم يضعون جيفته على سرير في الشطّ ويعلّقون حبلا من قائمته ويلقون طرفه في الماء ليصعد به روحه للبعث، ثمّ قوّى عقيدة الهند في ذلك قول «باسديو» في علامة المتخلّص من الرباط: أنّ موته يكون في «أوتراين» في النصف الأبيض من الشهر فيما من سرج مسرجة أي فيما بين الاجتماع والاستقبال في أحد فصلى الشتاء والربيع، وإلى هذا ذهب «ماني» في قوله: أنّ أهل الملل يعيّروننا بأنّا نسجد للشمس والقمر ونقيمهما كالوثن، لأنّهم لم يعرفوا حقيقتهما وأنّهما مجازنا وباب خروجنا الى عالم كوننا كما شهد بذلك عيسى، زعم، قالوا وقد أمر البدّ بارسال جثث الموتى في الماء الجاري، فلذلك يطرحها الشمنيّة أصحابه في الأنهار؛ فأمّا الهند فيرون من حقّ جثّة الميّت على الورثة أن تغسل وتعطّر وتكفن ثمّ تحرق بما أمكن من صندل أو حطب، وتحمل بعض عظامه المحترقة الى نهر «كنك» وتلقى

فيه ليجري عليها كما جرى على عظام أولاد «سكر» المحترقة فأنقذهم من جهنّم وحصّلهم في الجنّة، وباقي رماده يطرح في بعض الأدوية الجارية، ويقبر موضع احتراقه ببناء شبه ميل عليه مجصّص، ولا يحرق من الأطفال ما قصر سنّه عن ثلاث، ثمّ يغتسل من يتولّى ذلك مع ثيابه يومين بسبب جنابة الميّت، ومن عجز عن الإحراق مال به الى الإلقاء في الصحراء أو في الماء الجاري؛ وأمّا حقّ الحيّ في جسده فلا يميل فيه الى الإحراق إلّا الأرملة التي تؤثر اتّباع زوجها أو الذي مل حياته وتبرّم بجسده من مرض عياء وزمانة لازمة أو شيخوخة وضعف، ثمّ لا يفعله مع ذلك ذو فضيلة وإنّما يؤثره «بيش» أو «شودر» في الأوقات المرجوّة الفاضلة طلبا لحال أفضل ممّا هو عليه عند العود، ولا يجوز ذلك بالنصّ لبرهمن أو «كشتر» ولأجل هذا يقتل نفسه من يقتلها منهم في أوقات الكسوف أو يستأجر من يغرقه في نهر «كنك» ويتولّى امساكه حتى يموت؛ وعلى ملتقى نهري «جمن» وكنك شجرة عظيمة تعرف بپرياك من جنس الشجر التي تسمّى «بر» ، وخاصّيّتها أنّه يبرز من فروعها نوعان من الأغصان أحدهما الى فوق كما لسائر الأشجار والآخر الى أسفل على هيئة العروق غير مورق، فإن دخل الأرض صار للغصن بمنزلة العماد، وهيّئ ذلك لها لفرط انبساط فروعها، وعند هذه الشجرة المذكورة يقتل أولئك أنفسهم بأن يصعدونها ويرمون بأنفسهم الى ماء كنك؛ وحكى يحيى النحويّ أنّ قوما في جاهليّة اليونانيّين أنا أسميّهم زعم عبدة الشيطان كانوا يضربون أعضاءهم بأسيافهم ويلقون أنفسهم في النيران ولم يكونوا يألمون بهما، وكما حكينا عن الهند فكذلك قال «سقراط» بالسويّة: لا ينبغي لأحد أن يقتل نفسه قبل أن يسبّب «1» الآلهة له اضطرارا ما وقهرا كالذي حضرنا الآن، وقال أيضا: أنّا معشر الناس كالذين في حبس ما، وإنّه لا ينبغي أن نهرب «2» ولا أن نحلّ أنفسنا منه فإنّ الآلهة تهتمّ بنا لأنّا معشر الناس خدماء لهم.

عد- في الصيام وأنواعها

عد- في الصيام وأنواعها الصيام كلّها عندهم تطوّع ونوافل ليس منها شيء مفروض، والصوم هو إمساك عن الطعام مدّة ما، ثمّ يختلف بحسب مقدار المدّة وبحسب صورة الفعل، فأمّا الأمر المتوسّط الذي به تحصل شريطة الصوم فهو أن يعيّن اليوم المصوم ويضمر اسم من يتقرّب به إليه ويصام لأجله من الله أو أحد الملائكة أو غيرهم، ثمّ يتقدّم هذا الفاعل ويجعل طعامه في اليوم الذي قبل يوم الصوم عند الظهيرة وينظّف الأسنان بالتخليل والسواك وينوي صوم الغد، ويمتنع من وقتئذ عن الطعام، فإذا أصبح يوم الصوم استاك ثانية واغتسل وأقام فرائض يومه، وأخذ بيده ماء ورمى به في جهاته وأظهر اسم من يصوم له بلسانه وبقي على حاله الى «1» غد يوم الصوم، فإذا طلعت الشمس فهو بالخيار في الإفطار ان شاءه في ذلك الوقت وإن شاء أخّره الى الظهيرة، فهذا النوع يسمّى «أوب باس» وهو الصوم لأنّ الأكل إذا كان من الظهيرة الى الظهيرة يسمّى «يك نكد» ولا يسمّى صوما؛ ومنه نوع آخر يسمّى «كرجر» وهو: أن يطعم في يوم ما وقت الظهيرة وفي اليوم الثاني وقت العتمة، ولا يأكل في اليوم الثالث إلّا ما يدفع اليه غير مطلوب، ثمّ يصوم اليوم الرابع، ومنه نوع يسمّى «پراك» وهو: أن يجعل طعامه وقت الظهيرة ثلاثة

أيّام متوالية، ثمّ يحوّله الى وقت العتمة ثلاثة أيّام متوالية، ثم يصوم ثلاثة أيّام متوالية لا يفطر فيها البتّة، ومنه نوع يسمّى «جندراين» وهو: ان يصوم يوم الاستقبال ويتناول في اليوم الذي يتلوه من الطعام قدر مضغة ملء الفم ويضعفها في اليوم الذي بعده ويجعلها في اليوم الثالث ثلاثة أضعافها الى أن يبلغ يوم الاجتماع على هذا التزايد، فيصومه ثمّ يتراجع من المقدار الذي بلغه طعامه بنقصان مضغة مضغة «1» الى أن يفنى عند بلوغ الاستقبال، ومنه نوع يسمّى «ماسواس» وهو: أن يصوم بالوصال أيّام شهر متوالية لا يفطر فيها بتّة؛ ثمّ يفصّلون ثواب هذا الصوم في الشهور عند العود بعد الممات، ويقولون: إذا واصل صوم أيّام «جيتر» نال الغنى وقرّة العين بنجابة الأولاد، وإذا واصل «بيشاك» تراّس على قبيلته وعظم في جيشه، وإذا واصل «جيرت» حظي بالنساء، وإذا واصل «آشار» نال اليسار، وإذا واصل «شرابن «2» » نال العلم، وإذا واصل «بهادرپت» نال الصحّة والشجاعة والغنى والمواشي، وإذا واصل «أشوجج» لم يزل مظفّرا على اعدائه، وإذا واصل «كارتك» جلّ في الأعين ونال ارادته، وإذا واصل «منكهر» نال الولادة في أطيب مملكة وأخصبها، وإذا واصل «پوش» نال الحسب الرفيع، وإذا واصل «ماك» أصاب أموالا لا تحصى، وإذا واصل «بالكن» عاد محبّبا، ومن واصل جميع الشهور فلم يفطر في السنة إلّا اثنتي عشرة مرّة مكث في الجنّة عشرة آلاف «3» سنة وعاد منها الى أهل بيت ذي شرف ورفعة وحسب؛ وفي كتاب «بشن دهرم» : أنّ «ميتري» امرأة «جاكملك» سألت زوجها عمّا يفعله الإنسان حتى ينجو أولاده من الشدائد ومن عاهات البدن، فأجابها بأنّ من ابتدأ بدوي في شهر «پوش» وهو الثاني من كلّ واحد من نصفيه وصام أربعة أيّام متوالية

يغتسل في أوّلها بالماء وفي ثانيها بالسمسم وفي ثالثها بالوجّ وفي رابعها بالعطر المركّب المخلوط وتصدّق في كلّ واحد منها وسبّح بأسماء الملائكة وفعل مثل ذلك في كلّ شهر الى تمام السنة لم يصب أولاده في العود شدّة ولا آفة ونال هو مراده كما ناله «دليب» و «دشنت» و «جنات» أراداتهم لمّا فعلوه.

عه- في تعيين أيام الصيام

عه- في تعيين أيّام الصيام يجب أن يعلم بالإطلاق أنّ اليوم الثامن والحادي عشر من النصف الأبيض من كلّ شهر صوم الا في شهر الكبيسة فإنّه معطّل منحوس، واليوم الحادي عشر خاصّ بباسديو لأنّه لمّا ملك ببلد «ماهوره» وكان أهله قبله يعيّدون باسم «أندر» في كلّ شهر يوما حملهم على نقله الى الحادي عشر ليكون باسمه، ففعلوا وغضب أندر فأرسل عليهم أمطارا كالطوافين ليهلكهم ومواشيهم بها، فرفع «باسديو» جبلا بيده ووقاهم به، حتى سالت الأمطار حولهم لا عليهم ونفرت صورته، فأعلموا ذلك في جبل بقرب «ماهوره» ولهذا يصام هذا اليوم على غاية النظافة ويسهر ليله على هيئة الفريضة وإن لم يكن فرضا؛ وفي كتاب «بشن دهرم» : أنّ القمر إذا كان في منزل «روهنى» وهو الرابع من منازله في اليوم الثامن من النصف الأسود فهو يوم صوم يسمّى «جينت» ، والصدقة فيه كفّارة من جميع الذنوب، ومعلوم أنّ هذه الشريطة لا تنطلق على جميع الشهور وإنّما يختصّ بها «بهادربت» الذي ولد باسديو في هذا اليوم منه والقمر في روهني، وبسبب «ادماسه» وتأخّر السنين وتقدّمها لا يتّفق شريطتا منزل القمر واليوم من الشهر إلّا في كلّ بضع سنين مرّة، وقيل في الكتاب المذكور أيضا: أنّ القمر اذا كان في منزل «پونربس «1» » وهو سابع المنازل في اليوم الحادي عشر من النصف الأبيض

من الشهر فهو صوم يسمّى «آتج» ، وأعمال البرّ فيه تمكّن من نيل الإرادات كما تمكّن منها «سكر» و «كاكست» و «دندهمار» ونالوا الملك لمّا فعلوه، واليوم السادس من «جيتر» صوم باسم الشمس، وفي «آشار» اذا كان القمر في منزل «انّراد» وهو السابع عشر من المنازل فهو صوم لباسديو يسمّى «ديوسيني» أي أنّ «ديو» نائم لأنّه أوّل الأربعة الأشهر التي نامها، ومنهم من يزيد في الشريطة كون اليوم حادي عشر الشهر، ومعلوم أنّ ذلك لا يتّفق كلّ سنة، ومن كان من شيعة «باسديو» اجتنب فيها اللحم والسمك والحلوى واقتراب النساء وجعل أكله مرّة كلّ يوم، وجعل الأرض وطاءه من غير فرش ولا ارتفاع عنها بسرير، وقد قيل في هذه الأربعة الأشهر أنّها ليل الملائكة مستثنى من أوّله شهر للشفق ومن آخره شهر للفجر، ولكنّ الشمس تكون حينئذ قريبة من أوّل السرطان وهو نصف نهار الملائكة فلا أدري كيف يتّصل بسنديه «1» ، ويوم الاستقبال من «شرابن» صوم باسم «سومنات» ، وفي «اشوجج» اذا كان القمر في السرطان والشمس في السنبلة فهو صوم، واليوم الثامن من هذا الشهر صوم لبهكبت، وفطره مع طلوع القمر، واليوم الخامس من «بهادرو» صوم اسم الشمس يسمّى «شتّ» ، يطلون فيه على شعاعها والوالج من الكواء أنواع الطيب ويضعون عليه الرياحين والأنوار، وفي هذا الشهر إذا كان القمر في منزل «روهني» فهو صوم ولادة باسديو، ومنهم من يزيد في الشريطة كون اليوم ثامن النصف الأسود، وقد قلنا أنّ ذلك لا يدوم بالتوالي بل يتّفق، وفي «كارتك» اذا كان القمر في «ريوتي» آخر المنازل فهو صوم انتباه باسديو من رقاده ويسمّى «ديوتّيني» أي قيام ديو، ومنهم من يزيد في شرطه كونه حادي عشر من النصف الأبيض، وفيه يتلوّثون بأخثاء البقر ويفطرون بلبنها وبولها وأخثائها مقطوبة، وهذا اليوم أوّل أيّام خمسة يسمّونها «بيشم «2» بنج

راتر» ، ويصومونها لباسديو، وفي ثانيها يفطرون البراهمة ثمّ يفطرون بعدهم، وفي السادس من «پوش» صوم باسم الشمس، وفي الثالث من «ماك» صوم للنساء دون الرجال؛ ويسمّى «كورتر» يكون تمام يوم بليلته، فإذا أصبحن تبرّعن على الفصيل.

عو- في الأعياد والأفراح

عو- في الأعياد والأفراح «زاتر «1» » هو الجري في السفر بالبركة، ولهذا سمّى العيد «زاتر «1» » وأكثر الأعياد تكون للنساء والولدان، واليوم الثاني من «جيتر» عيد لأهل «كشمير» يسمّى «اكدوس» وسببه ظفر ملكها «متّي» بالترك، وعندهم أنّه كان يملك العالم كلّه، وهكذا عادتهم في أكثر ملوكهم، ثمّ يقرّبون تأريخه كما ذكرنا فيظهر كذبهم، وإن كان ممكنا أن يستولي هنديّ كما استولى يونانيّ وروميّ وبابليّ وفارسيّ ولكنّ اكثر الأخبار القريبة منّا هي كالمقرّرة عندنا، وكان هذا المذكور ملك أرض الهند بأسرها فهم لا يعرفون غيرها ولا غير أهلها، واليوم الحادي عشر من الشهر يسمّى «هندولي جيتر» يجتمعون فيه على «ديوهر باسديو» ويرجحون صنمه كما كان يفعل به في الأرجوحة وهو صبيّ، وكذلك يفعلون في بيوتهم طول النهار ويفرحون، واستقبال هذا الشهر يسمّى «بهند» وهو عيد للنساء يأخذن فيه الزينة ويقترحن على أزواجهنّ الهدايا، واليوم الثاني والعشرون من «جيتر» يسمّى «جيتر جشت» وهو عيد وفرح باسم «بهكبت» يغتسل فيه ويتصدّق، واليوم الثالث من «بيشاك» عيد للنساء يسمّى «كوتر» باسم «كور» بنت جبل «هممنت» وهي زوحة «مهاديو» ، يغتسلن ويتزيّنّ ويسجدن لصنمها ويسرجن

عنده ويقرّبن الطيب ولا يأكلن شيئا ويتلاعبن بالأرجوحة، ثمّ يتصدّقن في غده ويأكلن، وفي العاشر من «بيشاك» يبرز من البراهمة من استحضره ملوكهم الى الصحارى ويوقدون النيران العظيمة للقرابين خمسة أيّام الى الاستقبال، ويكون ايقادهم إيّاها في ستّة عشر موضعا كلّ أربعة منها على حدة، يتولّى القربان فيها «برهمن» ليكونوا أربعة بعدد «بيذ» ، ثمّ يرجعون في اليوم السادس عشر، وفي هذا الشهر يكون الاستواء الربيعيّ ويسمّى «بسنت» ، فيستخرجونه بحسابهم ويعيّدونه ويضيفون البراهمة، واليوم الأوّل من «جيرت» وهو يوم الاجتماع يعيّدونه ويطرحون باكورة الزروع في الماء على وجه التبرّك، واستقباله عيد للنساء يسمّى «روب بنجه» وأيّام شهر «آشار» كلّها للصدقة، ويسمّى «آهاري» ، وفيه تجدّد الأواني، وفي استقبال «شرابن» تقام الضيافات للبراهمة، وفي اليوم الثامن من «أشوجج» والقمر في منزل «مول» التاسع عشر من المنازل مبدأ مصّ قصب السكّر، وهو عيد باسم «مهانفمي» أخت «باسديو» يقرّبون باكور كلّ شيء من قصب السكّر وغيره الى صنمها المسمّى «بهكبت «1» » ، ويكثرون الصدقات عنده ويقتلون الجدايا، ومن لا يملك شيئا يقوم عنده ولا يجلس وربّما يقتل من لقي، وفي الخامس عشر والقمر في «ريوتي» آخر المنازل عيد «بهاي» يتصارعون فيه ويتلاعبون بالحيوانات، وهو باسم «باسديو» لمّا استدعاه خاله «كنس» للمصارعة، وفي السادس عشر عيد يتصدّق فيه على البراهمة، وفي الثالث والعشرين عيد «آشوك» ويقال له أيضا «آهوي» يكون القمر فيه في منزل «پرنربس» سابعها، وهو للفرح والصراع، وفي شهر «بهادرپت» اذا نزل القمر «مك» عاشر المنازل عيّدوه وسمّوه «بتربكش «2» » أي نصف الشهر الذي للآباء لأنّ نزول القمر هذا المنزل يكون بقرب الاجتماع، فيتصدّقون باسم الآباء خمسة

عشر يوما، وباليوم الثالث من بهادرپت عيد «هربالي» للنساء، ومن رسمهنّ أنّهنّ يتقدّمن ببضعة أيّام ويزرعن في الزنابيل من كلّ بزر ثمّ يضعنها في هذا اليوم وقد نبتت، ويطرحن عليها الورد والطيب ويتلاعبن طول الليل، فإذا كان الغداة جئن بها الى الحياض فغسلنها واغتسلن وتصدّقن، واليوم السادس من بهادرپت يسمّى «كابهتّ» يطعم فيه، واليوم الثامن وقد انتصف فيه ضوء القمر في جرمه يسمّى «دروب هر» يغتسلون فيه ويتناولون الحبوب المنبوتة ليسلم أولادهم، وتعيّده النساء بسبب الحبل وطلب الولد، واليوم الحادي عشر من بهادرپت يسمّى «بربت» ، وهو اسم خيط يعمله السادن ممّا يهدي اليه، يزعفر موضعا منه ويترك آخر، ويقدّره بقدر قدّ صنم «باسديو» ، ثمّ يلقيه في عنقه فينسدل الى قدمه، وهو عيد معظّم، واليوم السادس عشر وهو أوّل النصف الأسود أوّل سبعة أيّام تسمّى «كراره» يزينون فيها الصبيان ويطيبونهم، فيلعبون بصنوف الحيوانات، وإذا كان سابعها تزيّن الرجال وعيّدوه، وفيما بقي من الشهر يعودون الى تزيين الصبيان «1» «1» في أواخر النهار ويتصدّقون على البراهمة ويعملون الخير، وإذا كان القمر في منزل «روهني» الرابع سمّوه «كونالهيد» وعيّدوه ثلاثة أيّام وأظهروا السرور بالتلاعب فرحا بولادة باسديو؛ وحكى «جيبشرم» أنّ أهل «كشمير» يعيّدون اليوم السادس والعشرين والسابع والعشرين من هذا الشهر بسبب قطاع خشب تسمّى «كنه» يحملها ماء نهر «بيت» في هذين اليومين وسط القصبة وتدعى «ادّشتان» ، ويزعمون أنّ «مهاديو» يرسلها فيه، ومن خواصّها يزعم أنّ من تناولها ورام أخذها لم يقدر على القبض عليها لأنّها تتنحّى عنه وتتباعد، والذين شاهدتهم من أهل كشمير خالفوه في الموضع والوقت وزعموا أنّ ذلك يكون في حوض يسمّى «كودبشهر «2» » عن يسار منبع النهر المذكور وأنّ ذلك يكون في

النصف من «بيشاك» ، وهذا أقرب لأنّ بيشاك وقت زيادة الماء، وفي الأمر مشابه من خشبة «جرجان» التي تبرز وقت مدّ الماء في عينه، وذكر «جيبشرم «1» » أيضا أن في حدود «سوات» بجبال ناحية «كيري» واديا هي مجتمع ثلاثة وخمسين نهرا هناك، ويسمّى «ترنجاي» ، يبيضّ ماؤه في هذين اليومين فينسبون ذلك الى اغتسال «مهاديو» فيه؛ واليوم الأوّل من «كارتك» وهو يوم الاجتماع في برج الميزان يسمّى «دنبالي «2» » ، يغتسلون فيه ويأخذون الزينة ويتهادون بأوراق التنبول وبالفوفل ويركبون الى الديوهرات للتصدّق ويتلاعبون فرحين الى نصف النهار، وفي ليلته يكثرون من إيقاد المصابيح في كلّ موضع حتى يستنير الهواء، وسببه أنّ «لكشمي» زوجة «باسديو» تخلّى عن «بل بن بيروجن «3» » الملك المحبوس في الأرض السابعة كلّ سنة في هذا اليوم وتخرجه الى الدنيا، فيسمّى «بل راج» أي إمارة بل ويزعمون أنّه كان في «كرتاجوك» زمان الخير فنحن نفرح لأنّ يومنا مشابه لذلك الزمان، وفي هذا الشهر إذا انقضى الاستقبال أقاموا الضيافات وزيّنوا النساء طول أيّام نصفه الأسود، واليوم الثالث من «منكهر» يسمّى «كوان باتريج» وهو عيد للنساء باسم «كور» ، أيضا يجتمعن في بيوت ذوات النعم منهنّ ويجمعن من أصنام كور الفضّيّة على كرسيّ ويعطّرنها ويتلاعبن طول الليل ويتصدّقن بالغداة، ويوم الاستقبال فيه أيضا عيد للنساء، وأمّا شهر «پوش» فإنّهم يكثرون في أكثر أيّامه من «پوهول» وهو طعام حلو يتّخذونه، واليوم الثامن من نصفه الأبيض يسمّى «اشتك» يجمعون البراهمة على أطعمة متّخذة من «باست» وهو السرمق ويبرّونهم، واليوم الثامن من نصفه الأسود يسمّى «ساكارتم» يأكلون فيه السلجم، واليوم الثالث من «ماك» يسمّى «ما «4» «4»

هتريج» وهو عيد للنساء باسم «كور» ، أيضا يجتمعن في بيوت الأكابر عند صنم كور ويضعن عنده ألوان الثياب الفاخرة والعطر الطيّب والطبيخ النظيف، وفي كلّ مجمع منهنّ يوضع من أواني الماء مائة وثمانية في العدد مملوءة حتى إذا بردت مياهها اغتسلن بها أربع مرّات في أرباع هذه الليلة، ثم تصدّقن بالغداة وأقمن الولائم والضيافات، واغتسال النساء بالماء البارد عامّ لأيّام هذا الشهر، وفي آخره الذي هو اليوم «1» التاسع والعشرون عند ما يبقى من الليل ثلاث دقائق يوم وذلك ساعة وخمس ساعة يدخل الكافّة الماء وينغمسون فيه سبع مرّات، ويوم الاستقبال من هذا الشهر يسمّى «جاماهه» يوقد فيه النيران على الأماكن العالية، واليوم الثالث والعشرون منه يسمّى «مانسرتك» ويقال له أيضا «ماهاتن» يقيمون فيه ضيافة باللحوم والماش الأسود الكبار، واليوم الثامن من «يالكن» يسمّى (يورارتك» يعملون فيه للبراهمة من الدقيق والسمن ضروبا من الأطعمة، وفي استقباله عيد للنساء يسمّى «أوداد» ويسمّى أيضا «دهوله» يوقدون فيه نيرانا في موضع اخفض من مواضع جاماهه ويرمون بها الى خارج القرية، وفي الليلة التي تليها وهي السادسة عشر وتسمّى «شوراتر» يخدمون «مهاديو» طول الليل ويتهجّدون ولا ينامون ويهدون اليه الطيب والرياحين، واليوم الثالث والعشرون يسمّى «يويتّن» يأكلون فيه الأرزّ بالسمن والسكّر، ولهنود المولتان عيد يسمّى «سانب يرزاتر» يعيّدونه للشمس ويسجدون لها، ومعرفته أن يؤخذ «أهركن، كندكاتك» وينقص منه 98040، ويقسم الباقي على 365 ويلغي ما يخرج، فإن «2» لم يبق من القسمة شيء فهو وقت هذا العيد، وإن بقي شيء فهو الأيّام الماضية بعده وتتمّتها الى 365 وهو الباقي الى المستقبل.

عز- في الأيام المعظمة والأوقات المسعودة والمنحوسة المعينة لاكتساب الثواب

عز- في الأيّام المعظّمة والأوقات المسعودة والمنحوسة المعيّنة لاكتساب الثواب الأيّام تتفاضل في التعظيم بسبب صفات تنضاف اليها كالأحد فإنّه عند الهند بسبب الشمس وبسبب ابتداء الأسبوع فيه معظّم كالجمعة في الاسلام، ومن الأيّام المعظّمة «اوماس» و «بورنمة» اعني يوم الاجتماع والاستقبال وسببهما انّهما غايتان لنور القمر في الفناء والامتلاء، ويعتقدون في هذه الزيادة والنقصان انّ البراهمة يديمون قرابين النار للثواب، فيجتمع انصباء الملائكة ممّا تطعم بالالقاء فيها عند القمر ومن الاجتماع الى الاستقبال، ثم يؤخذ في تفرقته على الملائكة وتوزيعه من عند الاستقبال حتى ابلغ الاجتماع لم يبق منه بقيّة وقد قلنا ايضا انّهما نصفا نهار الآباء وليلهم، فيكون التصدق فيهما دائما هو للآباء دائما ومنها اربعة ايّام تعظّم لأنّه كان فيها زعموا مداخل الجوكات الأربعة في «جترجوك» الذي نحن فيه وهي اليوم الثالث من «بيشاك» ويسمّى «كشيريتا» وفيه زعموا دخل «كرتاجوك» ، واليوم التاسع من «كارتك» وفيه دخل «تريتاجوك» واليوم الخامس عشر من «ماك» وفيه دخل «دوابر» ، واليوم الثالث عشر من «اشوجج» وفيه دخل «كلجوك» ؛ وعلى ما اظنّ هي اعياد بأسماء الجوكات موضوعة وضعا للصدقات او إقامة شيء من الرسوم كذكارين «1» النصارى، فأمّا ان يكون دخول الجوكات فيها بالحقيقة فلا، امّا

كرتاجوك فأمره ظاهر لأنّه مبدأ ادوار الشمس والقمر لا ينكسر من احوالها شيء لأنّه مبدأ جترجوك، فهو أوّل شهر «جيتر» ووقت الاعتدال الربيعيّ معا وكذلك سائر الجوكات كلّ واحد على رأي صاحبه، لأنّ عند «برهمكوبت» ايّام جترجوك الطلوعيّة 1577916450، وشهور الشمس فيه 51840000، وشهور «ادماسه» 1593300، وأيّام القمر 1602999000، وأيّام «اونراتر» 25082550، وهذه هي الأشياء التي بها يجري التحليل والتركيب في التواريخ، ومدار امر الجوكات عنده على الأعشار ولكلّ واحد من هذه الأعداد عشر صحيح، فحال مبادئ الجوكات حال مبدأ جترجوك، وأمّا عند «بلس» فإنّ ايّام جترجوك الطلوعيّة 1577917800، وشهور الشمس فيه 51840000، وشهور ادماسه 1593336، وأيّام القمر 1603000010، وأيام «اونراتر» 25082280، ومدار امر الجوكات عنده على الأرباع ولكلّ واحد من هذه الأعداد ربع صحيح، فمبادىء الجوكات كمبدأ «جترجوك» لا يزول عن اوّل «جيتر» وعن الاستواء الربيعي، وإنّما يختلف في الأسبوع، فلا وجه اذن لما يذكرونه إلّا ان يأخذوا فيه بتأويل؛ والأوقات التي يكتسب فيها الثواب تسمّى «بنّكال» ، وقد قال «بلبهدر» في تفسيره لكندكاتك: لو أنّ رجلا جوكيّا وهو الزاهد الذي عقل البارئ وآثر الخير وكفّ عن السوء ثابر على سيرته الوف سنين لم يحلق ثوابه ثواب من تصدّق في بنّكال وأقام شروطه من الاغتسال والتدهّن والصلاة والتسابيح، ولا محالة انّ اكثر الأعياد المتقدّمة تكون من هذا الجنس، فإنّها للصدقات والضيافات، ولو لم تكن مرجوّة لما استحسن فيها الفرح والاستبشار، ثمّ من بنّكال ما يكون مسعودة مع ذلك، ومنها ما يكون منحوسة، فمن المسعودة انتقالات الكواكب من برج الى برج وخاصّة انتقال الشمس، وتسمّى هذه الأوقات «سنكرانت» ومختارها الاعتدالان والانقلابان، وأفضلها الاستواء الربيعيّ ويسمّى «بخو» و «بشو «1» »

لتبادل الحرفين وتعاقبهما، ولأنّ هذه الأوقات تمرّ مع آن من الزمان ويحتاج فيها الى عمل قربان «سانت» للنار بالدهن والحبوب فإنّهم جعلوها ذوات عرض ببدو لها اذا ماسّ حرف جرمها الشرقيّ اوّل البرج ووسط اذا وافاه مركزها وهو وقت الانتقال بالحساب وآخر اذا ماسّه حرف جرمها الغربيّ، فصار من بدو هذا الوقت الى آخره في الشمس فريبا من ساعتين؛ ولمعرفة مواقع اوقات انتقالات الشمس في البروج من الأسبوع طرق منها ما املاه «سمي» وهو أن ينقص من «شككال» 847 ويضرب ما يبقى في 180 ويقسم المجتمع على 143، فيخرج ايّام وما يتبعها من دقائقها والثواني، وهي الأصل، فأي برج اريد وقت انتقال الشمس اليه في تلك السنة أخذ ما بازائه وزيد على الأصل كلّ باب على بابه، وألقى من الصحاح ما هو سبعة او أكثر وعدّ الباقي من اوّل يوم الأحد؛ فينتهي الى وقت «سنكرانت» .

والسنون الشمسيّة تتفاضل في الأسبوع بيوم واحد والكسر التابع لسنة الشمس، ومجموعهما مجنّسا هو العدد الذي يضرب فيه ليوجد لكلّ سنة فضلتها، والذي يقسم عليه هو مخرج الكسر، فإذن الكسر التابع لسنة الشمس بحسب هذا العمل هو 37 من 143 ومقتضى مقدار السنة شسه يه لا كح و، ويبقى بعدها 102 من 143، ولست ادري رأي من هو، فإنّا اذا قسمنا ايّام «جترجوك» على سنيه عند «برهمكوبت» خرجت سنة الشمس شسه يه ل كب ل.، فكنا كاره المضروب فيه 4027 و «بهاكابهاره» المقسوم عليه 3200، وتكون لمثل ذلك عند «بلس» شسه يه لا ل. فكنا كاره 1007 وبها كابهاره 800، وعند «آرجبهد» شسه يه لا يه، فكنا كاره 725 وبها كابهاره 572؛ والذي املاه من ذلك «اولت بن سهاوي» مبنيّ على رأي بلس وهو أن ينقص من «شككال،» 918 ويضرب الباقي في 1007 ويزاد على المبلغ 79 ويقسم المجتمع على 800، ويلقي ما خرج من الصحاح اسابيع، فيبقى الأصل والزيادات عليه لكلّ برج بحسب ما تقدّم موضوعة «1» في الجدول:

وزعم «براهمهر» في «بنج سدهاندك» انّ «شراشيتمخ» موازية لسنكرانت في الفضيلة والثواب الذي لا يحصى كثرة، وهي حلول الشمس في الدرجة الثامنة عشر من برج الجوزاء والرابعة عشر من برج السنبلة والسادسة والعشرين من برج القوس والثانية والعشرين من برج الحوت، والثواب عند انتقال الشمس الى

البروج الثابتة اربعة اضعاف سائر الثواب، ولكلّ واحد من هذه الأوقات يعمل اوّل الوقت وآخره من نصف قطر الشمس على هيئة دقائق السقوط والانجلاء في الكسوف، وذلك معروف في الزيجات، ونحن لا نورد من اعمالهم إلّا ما نستغربه او نعلم انّه لم يطنّ في مسامع اصحابنا الذين لا يعرفون من اعمالهم غير ما في سندهندهم؛ ومن تلك الأوقات وقتا كسوف الشمس والقمر، وفيها زعموا يطهر مياه الأرض كلّها طهارة ماء «كنك» ، ويبلغ من تعظيمهم لهما انّ كثيرا منهم يقتلون انفسهم اختيارا للموت في الوقت الفاضل، وإنما يفعل ذلك «بيش» و «شودر» فأمّا «برهمن» و «كشتر» فإنّ ذلك محظور عليهما ولا يفعلانه، وأوقات «برب» اعني التي فيها يمكن الكسوف، وإن لم يكن فهي مناسبة للكسوف في الفضيلة، وأوقات الزوكات مثل الكسوفات، ولها باب مفرد؛ ومتى اتّفق في ضمن اليوم الطلوعيّ ان يكون القمر في آخر منزل من منازله وانتقل الى الذي يتلوه واستوفاه وانتقل فيه إلى ثالث حتى كان في ذلك اليوم في ثلاثة منازل متوالية سمّوه «تري هسبك» وأيضا «ترى هركش» ، وكان منحوسا يتشاءمون به وهو من جملة «بنكال» وكذلك الحال في اليوم الطلوعيّ الذي يشتمل على يوم قمريّ تام وأوّله على آخر اليوم القمريّ الذي قبله وآخره على اوّل الذي بعده، فإنّه يسمّى «ترهكتت» ، ويكون منحوسا ولاكتساب الثواب مختارا، ومتى تمّ من «اونّراتر» وهي ايّام النقصان يوم كان منحوسا ومن جملة بنكال محسوبا، وذلك يكون عند «برهمكوبت» من الأيّام الطلوعيّة في 62 و 50663 ومن الأيّام الشمسيّة في 62 و 182 ومن الأيّام القمريّة في 63 وكسر ككسر الطلوعية والمخرج لجميعها 55739، وعند «بلس» يكون كسر الطلوعيّة والقمريّة 63379 وكسر الشمسيّة 274 والمخرج لجميعها 69673، فأمّا «ادماسه» فالوقت الذي يتمّ فيه شهرها ويرتفع كسرها هو منحوس وليس ببنكال، وذلك انّه يكون عند برهمكوبت من الأيّام الطلوعيّة في 990 و 3663 من 10622 ومن الأيّام الشمسيّة في 976 و 464 من 5311 ومن الأيّام القمريّة في 1006 والكسر ومخرجه مثل الذين للشمسيّة؛

ومن الأوقات ما ينسب اليها النحوسة ولا يوسم بشيء من امر الثواب كوقت الزلازل، فإنّ الهند يضربون فيه كيزان دورهم على الأرض ويكسرونها تفّالا ونفيا للشؤم «1» ، وكالذي ذكر في كتاب «سنكهت» من اوقات الهدّة والانقضاض والحمرة واحتراق الأرض بالصواعق وظهور ذوات الأذناب وحدوث ما هو خارج عن الطباع والعادة من دخول الوحوش والسباع القرى ومن مجيء المطر في غير اوانه وإيراس الشجر في خلاف إبانه وانتقال خواصّ اسداس السنة من بعض الى بعض وسائر ما يشابه ذلك؛ وفي كتاب «سروذو» «2» المنسوب الى «مهاديو» : انّ الأيّام المحترقة يعني المنحوسة فإنّ هذه عبارتهم عن ذلك: يكون اليوم الثاني من كلّ واحد من النصف الأبيض والأسود من شهري «جيتر» و «يوش» واليوم الرابع من كلّ واحد من النصفين في شهري «جيرت» و «بالكن» والسادس من نصفي شهري «شرامن» و «بيشاك» والثامن من نصفي شهري «آشار» و «اشوج» والعاشر من نصفي شهري «منكشر» و «بهادرو» والثاني عشر من نصفي «كارتك» .

عح- في ذكر الكرنات

عح- في ذكر الكرنات قد ذكرنا الأيّام القمريّة المسمّاة «تت» وأنّ كلّ واحد منها اصغر مقدارا من الطلوعي فإنّ الشهر القمريّ بها ثلاثون وبالطلوعيّة ارجح قليلا من تسعة وعشرين ونصف، وكما انّها سمّيت أيّاما كذلك سمى النصف الأول من كل واحد نهارا لها والأخير ليلا ولكل واحد اسم وجملتها «كرن» ، فمن تلك الأسامي ما يجيء مرّة ولا يعود وهي حول الاجتماع وعددها اربعة وتسمّى «ثابتة» من جهة انّها لا تكون في الشهر إلّا مرّة واحدة ومن جهة انّ مواقعها لا تختلف بنهار وليل، ومنها ما يدور ويجيء في الشهر ثماني مرّات وتسمّى «متحرّكة» بسبب دورانها وبسبب انّ كلّ واحد منها يجيء بالنهار وبالليل معا، وعددها سبعة واخيرها السابع هو النحس الذي يفزّع به الصبيان ويشيّب باسمه الولدان؛ وقد استقصينا امرها في غير هذا الكتاب، ولا يخلو كتاب حسابيّ للهند عن ذكرها، فإن اردت معرفتها فقدّم معرفة الأيّام القمريّة وموقع الوقت المفروض منها وهو ان ينقص مقوّم الشمس من مقوّم القمر، فيبقى البعد بينهما فإن كان اقلّ من ستّة بروج فأنت في النصف الأبيض وإن كان أكثر فأنت في الأسود، ثمّ جنّسه دقائق واقسمها على 720، فيخرج «تتّ» وهي الأيّام التامّة القمريّة، وما بقي فاضربه في ستّين واقسم ما بلغ على البهت المعدّل، فيخرج «كهري» وما يتبعها ماضية من اليوم المنكسر، وهذا على ما في زيجاتهم، وواجب في البعد بين المقوّمين ان يقسم ايضا على البهت المعدّل، إلّا انّ ذلك يمتنع فيما كثر من الأيّام، ولهذا قسم على

فضل ما بين مسيري النيّرين ليوم على انّ الذي للقمر ثلاث عشرة درجة والذي للشمس درجة واحدة؛ والمستحبّ في امثال هذه القوانين وخاصّة الهنديّة منها ان يستعمل بوسط المسير، فيلقي وسط الشمس من وسط القمر ويقسم الباقي على 732 الذي هو فضل ما بين بهتيهما الأوسطين، ويخرج به الأيّام والكهري؛ واسم البهت من لغتهم، فإنّه «بهكتي» فإن كان بالمسير المقوّم فإنّه «بهكتي اسبت» وإن كان بالوسط فهو «بهكتي مدّهم» والبهت المعدّل «بهكتي انتر» أي فضل ما بين البهتين، وللأيّام القمرية في الشهر اسماء قد اودعتها الجدول، فإذا عرفت اليوم القمريّ الذي انت فيه وجدت عند عدده اسم اليوم وبازائه الكرن الذي انت فيه، فإن كان الماضي من اليوم المنكسر اقل من نصفه فالكرن هو النهاريّ وإن كان الماضي اكثر من نصفه فهو الليليّ، وهذا هو الجدول: «1»

وقد جعلوا لبعضها اربابا كالعادة ووضعوا فيها ما يحتاج ان يعمل في كلّ واحد منها على مثال الاختيارات النجوميّة ومتى اعدنا وضعها في الجدول نقرر «1» ما قلنا ونكرّر «2» ما ليس بمعهود فنعمت الإحاطة بها، فهذه ثمرة الاعادة والتكرير: «1» «1» «2» «3» «4»

«1» «2» ومعرفتها بالحساب ان تنقص «3» مقوّم الشمس من مقوّم القمر وتجنّس «4» ما يبقى دقائق وتقسمها «5» على ثلاث مائة وستّين، فيخرج كرنات صحيحة، وتضرب «6» ما يبقى في ستّين، وتقسمه على البهت المعدّل، فيخرج ما مضى من الكرن

الناقص، وكلّ واحد منه نصف «كهري» ، ثمّ تعود الى الكرنات الصحيحة، فان كانت اثنتين «1» او أقل فأنت في الثانية منها، فتزيد عليها واحدا وتعدّ المبلغ من «جدشبذ «2» » ، وإن كانت في تسعة وخمسين فأنت في «شكن» ، وإن كانت اقلّ من تسعة وخمسين وأكثر من اثنين فزد عليها واحدا وألق المبلغ اسابيع، وما بقي ليس بأكثر من سبعة فعدّه من اوّل دور المتحرّكة وهو «بو» ، فتنتهي الى اسم الكرن المنكسر الذي انت فيه؛ وإن اردت ان أذكرك من أمرها ما ربّما نسيته فاعلم انّ الكنديّ وأمثاله عثروا عليها غير مفصّلة، ولم يتحقّقوا موضوع المستعملين لها، فنسبوها مرّة الى الهند ومرة الى اهل «بابل» محرّقة عن سننها مصحّفة، ثمّ قاسوا فيها قياسا هو احسن نظاما من نفس الموضوع في الأصل، فصار شيئا آخر، وهو أنّهم ابتدؤوا من عند الاجتماع بنصف يوم نصف يوم، فصيّروا الاثنتي عشرة الساعة الأولى للشمس محترقة منحوسة ثمّ مثلها للزهرة ثمّ لعطارد وكذلك على ترتيب الأفلاك، فكلّما عادت النوبة الى الشمس سمّوا ساعاته الاثنتي عشرة «ساعات البست» وهو «بشت» ، ولكنّ الهند لا يكيلون ازمنتها بالأيّام الطلوعيّة بل بالقمريّة ولا يبتدءون بهذه المحترقة من عند الاجتماع، وعلى قياس الكنديّ يبتدءون بعد الاجتماع بالمشتري فتكون نوب الشمس غير محترقة، وإن ابتدأ «3» في موضوع الهند بعد الاجتماع بالشمس صارت ساعات بشت لعطارد، فلأجل ذلك فليكن هذا على حدة وذلك على حدة، ولأنّ بشت في الشهر ثمانية والجهات في الأفق ثمان فإنّا نضع في جدول ما قالوه فيها ممّا لا يخلو اصحاب الأحكام من مثله في صور الكواكب وما يطلع في اثلاث البروج: «1»

عط- في ذكر الزوكات

عط- في ذكر الزوكات هذه اوقات يستنحسها «1» الهند جدا ويمتنعون فيها عن الأعمال، وهي كثيرة، سنذكرها، لكنّ المتّفق عليه منها اثنان، وهما كون النيّرين معا على مدارين متّخذين اعني كلّ مدارين ميلاهما في جهة واحدة متساويان، ويسمّى «بيتبات» ؛ وكونهما معا على مدارين متساويين اعني كلّ مدارين ميلاهما في جهتين مختلفتين متساويان، ويسمّى «بيدرت» ، وعلامة الأوّل كون مجموع مقوّمي النيّرين من اوّل الحمل ستّة بروج سواء وعلامة الثاني كون هذا المجموع اثني عشر برجا سواء، فإذا قوّما لوقت مفروض وجمع مقوماهما فكان كاحدى العلامتين فهو وقت احدهما، وإن كان المجموع قاصرا عن مقدار العلامة او فاضلا عليه استخراج وقت المساواة بالفضلة بين هذا المجموع وبين الأجل الموضوع له وبمجموع بهتي النيّرين يدلّه البهت المعدّل وعلى مثال عمل وقت الاجتماع والاستقبال في الزيجات، وإذا عرف بعد الوقت من نصف النهار او الليل بأيّهما كان التقويم سمّي وقته «الأوسط» لأنّ القمر لو لزم فلك البروج لزوم الشمس ايّاه لكان هذا الوقت هو المطلوب، ولكنّه ذو عرض عنه، فليس يكون في هذا الوقت على مدار الشمس او المدار المساوي له بالرؤية، ولهذا تستخرج مواضع النيّرين والجوزهر للوقت الأوسط، ويعمل له ميل الشمس والقمر، فإن تساويا فهو

الوقت المطلوب، وإلّا نظر الى ميل القمر، فإن كان زيد في عمله عرضه على ميل درجته نقص عرض القمر من ميل الشمس، وإن كان نقص عرضه من ميل درجته زيد عرضه على ميل الشمس، ثمّ قوّس الحاصل في كردجات الميل وحفظت هذه القوس. وهي التي تستعمل في زيج «كرن تلك» ، ثمّ ينظر للوقت الأوسط الى القمر، فان كان من فلك البروج في الأرباع الأفراد وهي الربيعيّ والخريفي وكان ميله اقلّ من ميل الشمس فإنّ وقت استواء الميلين وهو المطلوب بعد الأوسط اعني المستقبل وإن كان ميله اكثر من ميلها فإنّ الوقت قبل الأوسط اعني الماضي، وفي الأرباع الأزواج يكون الأمر بالعكس؛ ثمّ انّ «بلس» يجمع ميلي النيّرين في «بيتبات» ان اختلفت جهتاهما وفي «بيدرت» ان اتّفقتا، ويأخذ فضل ما بين ميلي النيّرين في بيتبات ان اتّفقت جهتاهما وفي بيدرت ان اختلفتا، فيكون المحفوظ الأوّل وهو للوقت الأوسط، ثمّ يضع دقائق ايّام «ماشا» بعد ان يكون اقلّ من ربع اليوم، ويستخرج لها من ابهات النيّرين والجوزهر مسيراتها ومنها مواضعها بحسب حالها من الوقت الأوسط في المضي والاستئناف، ويعمل منها المحفوظ الثاني، ويتعرّف فيه حال المضي والاستئناف ويقيسه الى الوقت الأوسط، فإن كان وقت استواء الميلين في كليهما ماضيا او مستقبلا ففضل ما بين المحفوظين هو جزؤ القسمة وإن كان في احدهما ماضيا وفي الآخر مستقبلا فمجموع المحفوظين هو جزؤ القسمة، ثمّ يضرب دقائق الأيّام الموضوعة في المحفوظ الأوّل ويقسم المبلغ على جزء القسمة، فيخرج دقائق البعد عن الوقت الأوسط وقد كان على أنّها ماضية أو مستقبلة، فبحسب ذلك يصير وقت استواء الميلين معلوما؛ وأمّا في زيج كرن تلك فإنّه يعيد إلى قوس الميل المحفوظة، فإن كان مقوّم القمر اقلّ من ثلاثة بروج فهي هي وإن كان أكثر الى ستّة بروج نقصها من ستّة بروج وإن كان «1» «2» أكثر الى

تسعة زاد عليها ستّة بروج وإن كان اكثر من تسعة نقصها من اثني عشر برجا، فيحصل موضع القمر الثاني وقاسه الى موضع القمر لوقت التقويم، فإن كان موضع القمر الثاني اقلّ منه كان وقت استواء الميلين مستقبلا وإن كان اكثر منه كان ماضيا، ثم يضرب فضل ما بين القمرين في «بهت» الشمس ويقسم المبلغ على بهت القمر، ويزيد ما يخرج على موضع الشمس لوقت التقويم ان كان القمر الثاني اكثر من الأوّل وينقصه من الشمس ان كان القمر الثاني اقلّ، فيحصل موضع الشمس لوقت استواء الميلين، ولمعرفته يقسم فضل ما بين القمرين على بهت القمر، فيخرج دقائق ايّام وهي للبعد، فيستخرج بها مواضع النيّرين والجوزهر والميلين، فإن تساويا فهو المطلوب، وإلّا اعاد العمل وكرّره حتى يستويا ويصحّ الوقت، ثمّ يستخرج مقدار النيّرين، ويلقي نصف مجموعهما فيبقى نصف المقدارين، ويضرب في ستّين ويقسم ما بلغ على البهت المعدّل، فيخرج دقائق السقوط، ويوضع الوقت الذي صحّ في ثلاثة امكنة، وينقص دقائق السقوط من اوّلها ويزاد على اخيرها، فيكون الأوّل وقت ابتداء «بيتبات» او «بيدرت» لأيّهما كان العمل، والثاني وقت وسطه والثالث وقت انقضائه، وقد تقصّينا براهين هذه الاعمال في كتاب وسمناه بخيال الكسوفين وحقّقناها في الزيج الذي عملناه لسياوبل الكشميري وسمّيناه «كندكاتك» العربي؛ فأما «بهتّل» فإنه يستنحس يومهما كلّه وأما، براهمهر» فإنه يستحنس مدّتهما التي يخرجها الحساب، ويشبّهها بجراحة ظبي سمّ سهمها، فإن غايلته لا تعدو ما حولها فإذا قطع الموضع المسموم زال الضرر، وقد كثّروا عدد «بيتبات» بالمنازل على ما حكى «بلس» عن «براشر» ومرجعها الى ما ذكره، فإنّ النوع لم يزدد بها وإنّما كثرت اشخاصه الجزئيّة، وقال بهتل البرهمن في زيجه: انّ هاهنا ثمانية اوقات لها معايير، اذا ساواها مجموع مقوّمي النيّرين كانت، وأولها «بكشوت» ، ومعياره اربعة بروج، بروج وثلاث عشرة درجة وثلّث، والثالث، لات» وهو بيتبات المطلق، ومعياره ستّة بروج، والرابع، «جاس» ، ومعياره ستّة ابراج وستّ درج وثلثا درجة،

والخامس «بره» وربّما قيل «بره بيتبات» ، ومعياره سبعة ابراج وستّ عشرة درجة وثلثا درجة، والسادس «كالدند» ، ومعياره ثمانية ابراج وثلاث عشرة درجة وثلث، والسابع «بياكشات» ، ومعياره تسعة ابراج وثلاث وعشرون درجة وثلث، والثامن «بيدرت» ، ومعياره اثنا «1» عشر برجا، وهي مشهورة لكنّها غير راجعة الى قانون رجوع الثالث والثامن منها، ولأنّها كذلك لم يحصل لها مدّة بدقائق السقوط ولكن بتقديرات مجهولة، فمدّة كلّ واحد من بياكشات وبكشوت على ما ذكر براهمهر «مهورت» واحد ومدّة كل واحد من كنداند وبره مهورتان، ثم طوّلوا ايضا وفصّلوا بلا فائدة، وقد حكيناها في ذلك الكتاب؛ وذكر في زيج «كرن تلك» : جوكات سبعة وعشرون حسابها ان يجمع مقوّم الشمس الى مقوّم القمر ويجعل المبلغ دقائق كلّه ويقسم على ثمان مائة، فتخرج جوكات تامّة، ويضرب الباقي في ستين ويقسم ما اجتمع على مجموع بهتي النيّرين، فتخرج دقائق ايّام وما يتلوها ماضية من الجوك المنكسر، وأمّا اسماؤها وأحوالها فقد كتبتها من «شريبال» وهي في هذا الجدول: «2» «1»

ف- في ذكر اصولهم المدخلية في احكام النجوم والإشارة الى اصولهم فيها

ف- في ذكر اصولهم المدخليّة في احكام النجوم والإشارة الى اصولهم فيها انّ اصحابنا في هذه الديار لم يعهدوا طرق الهند في احكام النجوم بل لم يقفوا قطّ على كتاب لهم فيها، فلذلك يظنّون بهم الموافقة ويحكون عنهم حكايات ما وجدنا عندهم منها شيئا، وكما اشرنا فيما تقدّم الى نبذ من كل شيء كذلك نشير في هذا الباب الى ما يكون معرّفا ومسهلا مذاكرتهم، فإنا متى قصدنا من ذلك الكفاية طال الأمر مع قصدنا الجمل دون الفروع، فليعلم اوّلا انّ معوّلهم في اكثر الأحكام على ما يشبه الزجر والفراسة وعكس الواجب من الاستدلال على الكائنات بثواني «1» النجوم التي هي احداث الجوّ، فأمّا ان الكواكب سبعة فليس بيننا وبينهم فيه خلاف، ويسمّون السيّارة «كره» منها سعود بالإطلاق وهي ثلاثة المشتري والزهرة والقمر وتسمّى «سوم كره» وثلاثة نحوس بالاطلاق تسمّى «كرور كره» وهي زحل والمرّيخ والشمس، والرأس وإن لم يكن كوكبا فإنّه يذكر مع النحوس، وواحد ينقلب احواله فيضاف الى من معه سعدا كان او نحسا وهو عطارد، فإذا خلا بنفسه فهو سعد، وقد وضعنا احوال الكواكب في جدول: «1» «2» «3» «4» «1» «2» «3» «1»

والغرض فيما في جدول الترتيب في العظم والقوّة هو أنه ربّما اتّفق بين كوكبين تساو في الدلالة وتكافؤ في القوى وعدد الشهادة فحينئذ يقدّم منهما من له التقدمة في هذا الجدول ويقال اعظمهما هو أو اقواهما، وأمّا شهور الحبالى فتتمّة الجدول انهم يجعلون الشهر الثامن لطالع مسقط النطفة، ويزعمون ان الجنين فيه يأخذ لطائف الأغذية، فان استوفاها ثمّ ولد عاش وإن ولد قبل استيفائها مات بالنقصان، والشهر التاسع للقمر والعاشر للشمس، ولا يتجاوزونه في المكث فان اتّفق زعموا ان فيه آفة من الريح، فينظرون «1» في وقت مسقط النطفة المعلوم بالأخبار دون الاستخراج بالحساب الى احوال الكواكب وقواها ويحكمون في شهور نوبها بحسبها؛ وأمر الصداقة والعداوة عندهم قويّ جدّا كقوّة ربوبيّة البيت، وربّما استحالت في الوقت عن الطباع الأصلي، وسيجيء فيما بعد ذلك مثال لها ولسنيها، ولا خلاف بيننا وبينهم في البروج انّها اثنا عشر وفيما تليه الكواكب منها بالربوبيّة، وقد وضعنا في هذا الجدول ما يختصّ البروج التامة من الأحوال: «1» «1» «1» «2»

والشرف بلغتهم «أوجست» ودرجته «برموجست» ، والهبوط «نيجست» ودرجته «برمنيجست» ، وأمّا «مولتركون» فهو قوّة للكوكب هي التي يذهب اليها في فرح الكوكب في أحد بيتيه، ولا ينسبون المثلّثات الى العناصر والطبائع كما هو رسمنا وإنّما ينسبونها الى الجهات بالجملة وتفصيلها في الجدول، ويسمّون البرج المنقلب «جرراش» أي البرج المتحرّك والثابت «ستر راش» اي الساكن وذا الجسدين «دوسبهاو» أي كليهما معا، وقد وضعنا في الجدول أحوال البيوت كما وضعناها للبروج، ويعبّرون فيها عن النصف الذي فوق الأرض بجتر أي المظلّة وعن الذي تحت الأرض بناوه أي السفينة، وعن كلّ واحد من النصف الصاعد الى وسط السماء والنصف الهابط الى وتد الأرض بدهن أي القوس، ويسمّون الأوتاد «كيندر» وما يليها «پن پرو» والزائلة «أپوكلم» : «1»

وهذه هي الأصول التي عليها بالحقيقة مدار احكام النجوم أعني الكواكب والبروج والبيوت، والمقتدر على تخريج «1» دلالاتها مستحقّ سمة التخرّج والمقدّم في صناعته؛ ويتلوها تقسّم البروج الى الأجزاء وأوّلها النيمبهرات وتسمّى «هور» باسم الساعة، لأنّ طلوع نصف البرج يكون في قريب من ساعة، والنصف الأوّل من كلّ برج ذكر يكون للنحس من النيّرين أعني الشمس بسبب التذكير والأخير للسعد منهما بسبب التأنيث وهو القمر وذلك في البروج الإناث بالعكس؛ ثمّ الاثلاث وتسمّى «دريكان» ، ولا فائدة في ذكرها لأنّها التي تسمّى عندنا «دريجانات» بعينها، ثمّ النهبهرات وتسمّى «نوانشك» ، ولأنّها في كتب المداخل عندنا على نوعين فإنّا نذكر ما عليه الهند لنعرف المحرّص عليهم، وهو أن يجعل من أوّل البرج الى الدقيقة التي تراد معرفة نهبهرها دقائق كلّه ويقسم على مائتين «2» ، فتخرج اتساع تامّة معدودة من البرج المنقلب الذي في مثلّث ذلك البرج على التوالي لكلّ تسع برج فالذي ينتهي اليه نوبة الكسر يكون صاحب النهبهر المطلوب، ويسمّى التسع الأوّل من كلّ برج منقلب والخامس من كلّ ثابت والتاسع من كلّ ذي جسدين «پركوتم» أي أعظم الحظوظ؛ ثمّ الاثنا عشريّات وتسمّى «دوازدسايس» ، ومعرفتها للموضع المفروض من البرج أن يجعل من أوّله اليه دقائق كلّه ويقسم المبلغ على مائة وخمسين، فيخرج انصاف اسداس تامّة معدودة من ذلك البرج على التوالي لكلّ برج واحد فالذي ينتهي اليه الكسر يكون ربّه ربّ اثنا عشريّة ذلك الموضع؛ وبعد ذلك الدرجات وتسمّى «تري شانش» أي الدرجات الثلاثين بمنزلة الحدود عندنا، ونظامها أن يكون للمرّيخ من أوّل كلّ برج ذكر خمسة أجزاء ثمّ لزحل مثلها وللمشتري ثمانية ولعطارد سبعة وللزهرة خمسة، وأمّا البروج الإناث فيعكس فيها الترتيب المذكور أعني

يكون للزهرة من أوّل البرج خمسة أجزاء ثمّ لعطارد سبعة وللمشتري ثمانية ولزحل خمسة وللمرّيخ خمسة، فهذه هي الأصول التي يرجع اليها؛ وحال كلّ برج في النظر حال الطالع الذي «1» يطلع فوق الأفق «1» ، وقانونه أن البرج لا ينظر الى اللذين عن جنبتيه، وكلّ برجين فيما بين أوّليهما ربع الفلك أو ثلثه أو نصفه فهما متناظران، وإذا كان بينهما سدسه فالنظر الى توالي البروج فقط وإذا كان بينهما مجموع ربعه وسدسه فالنظر الى خلاف توالي البروج فقط، وللنظر مراتب فالذي بين البرج وبين رابعه «2» أو بينه وبين حادي عشره ربع نظر والذي بينه وبين خامسه أو تاسعه نصف نظر والذي بينه وبين سادسه أو عاشره ثلاثة أرباع نظر والذي بينه وبين سابعه تمام نظر، ولا يذكرون النظر في الكوكبين الغانيين في برج واحد؛ وأمّا استحالة الصداقة والعداوة فمن أصولهم أنّ عاشر الكوكب وحادي عشره وثاني عشره والبرج نفسه وثانيه وثالثه ورابعه اذا اتّفق فيها كوكب فإنّه ينتقل من حالته معه الى أحسن منها، فإن كان من أعاديه توسّط وإن كان من المتوسّطين صادق وإن كان من الأصدقاء صار أصدق، وأمّا في البروج الأخر فإنّه ينتقل من حالته معه الى أرادأ منها، فإن كان صديقا توسّط وإن كان متوسّطا عادى وإن كان عدوّا كاشح، وهذه حالة عرضيّة في الوقت متثنّية على الأصليّة؛ وإذا تقرّر هذا ذكرنا القوى الأربع التي تكون للكوكب فالأولى منها الملكيّة وتسمّى «استانبل» وحصولها للكوكب بكونه في شرفه أو بيته أو بيت صديقه أو «نهبهر» بيته أو شرفه أو مولتركونه أعني فرحه في «3» سطر السعود، ويختصّ الشمس والقمر منها بالكون في البروج السعود كما يختصّ المتحيّرة منها بالكون في البروج النحوس، والقمر خاصّة في الثلث الأوّل من شهره يعين كلّ كوكب ينظر اليه على حيازة هذه

القوّة، وهي تحصل للطالع إذا كان برجا ذا رجلين، وأمّا القوّة الثانية وتسمّى «دساپل» أي الجهتية وأيضا «دكپل» وتحصل للكوكب بكونه في الوتد الذي يقوي فيه ومن القوم من يضيف الى ذلك البيتين المطبقين بالوتد، وتحصل للطالع بالنهار إذا كان ذا رجلين وبالليل اذا كان ذا أربع قوائم وفي وقتي «سند» سائر البروج، وهذا ممّا يخصّ المواليد، فأمّا في المسائل فيزعمون أنّ هذه القوّة تحصل للعاشر إذا كان ذا أربع قوائم وللسابع اذا كان العقرب والسرطان وللرابع اذا كان الدلو والسرطان، وأمّا القوّة الثالثة فهي الغلبيّة وتسمّى «جيشتابل» وهي تحصل للكوكب بالرجوع وبالبروز من الاختفاء الى غاية أربعة بروج من الظهور وتعرّضه في الشمال ما خلا الزهرة، فإنّ الجنوب لها كالشمال لغيرها، ويختصّ البيتان فيها بالكون في النصف الصاعد مقبلين الى المنقلب الصيفيّ وكون القمر خاصّة مع الكواكب سوى الشمس فتأهب له منها، وتحصل هذه القوّة للطالع بكون صاحبه فيه أن نظرنا الى نظر المشتري وعطارد اليه وخلوّه عن نظر النحوس وكونها فيه ما خلا صاحبه، فإنّ كون النحس فيه يوهن نظر المشتري وعطارد اليه حتى يبطل غناؤهما «1» في هذه القوّة، وأمّا القوّة الرابعة فهي «كالبل» أي الوقتيّة وتحصل للكواكب النهاريّة بالنهار والليليّة بالليل، ولعطارد في سنده ومنهم من يزعم أنّ له هذه القوّة على الدوام لأنّه منسوب الى النهار والليل معا، وتحصل أيضا للسعود في النصف الأبيض من الشهر وللنحوس في الأسود، وهي تكون للطالع أبدا وبعضهم يضيف الى الاستشهاد ولأنّه أحد الأوقات الأربعة من السنين والشهور والأيّام والساعات فهذه هي القوى التي تستخرج للكواكب والطالع، ويكون الرجحان لمن عدده منها أكثر، فإن تساوى اثنان في عدّة «بل» قدّم من له «2» التقدّم في العظم، وهو المسمّى في الجدول بنسرك بل، وهو الترتيب في

العظم أو القوّة؛ والسنون الوسطى التي تستخرج للكواكب ثلاثة أنواع منها اثنان بحسب البعد عن الشرف، وقد وضعنا مقادير النوع الأوّل والثاني في الجدول، ويعمل «شداج» و «بشركح قاق» «1» درجة الشرف، أمّا الأوّل فيستخرج اذا فضلت قوى الشمس المذكورة على قوى كلّ واحد من القمر والطالع، وأمّا الثاني فإذا فضلت قوى «2» القمر على قوى كلّ واحد من الشمس والطالع، ويسمّى النوع الثالث «انشاج «3» » يستخرج عند فضل قوى الطالع على قواهما؛ فأمّا استخراج سني النوع الأوّل لكلّ كوكب اذا لم يكن على درجة شرفه ان يؤخذ بعده عنها ان كان أكثر من ستّة بروج وتكملة هذا البعد الى اثنى عشر برجا ان كان أقلّ من ستّة بروج، ثمّ يضرب في سنيه الموضوعة في الجدول، فيجتمع من البروج شهور ومن الدرج أيّام ومن الدقائق دقائق أيّام فترفع الى ما ارتفعت اليه كلّ ستّين دقيقة يوما وكلّ ثلاثين يوما شهرا وكلّ اثنى عشر شهرا سنة، فاستخراجها للطالع ان يؤخذ من بعد درجته عن أوّل الحمل لكلّ برج سنة ولكلّ درجتين ونصف شهر ولكلّ خمس دقائق يوم «4» ولكلّ خمس ثوان دقيقة يوم؛ وأمّا استخراج سني النوع الثاني للكواكب فهو أن يؤخذ بعده عن درجة الشرف بالشرط الذي تقدّم، ويضرب في سنيه التي في الجدول ويعمل بما اجتمع ما تقدّم، والطالع يؤخذ من بعد درجته عن أوّل الحمل لكلّ «نهبهر» سنة والشهور وما يتلوها بحساب ذلك، ثمّ يلقي ما خرج من السنين اثنى عشر اثنى عشر وما بقي ليس بأكثر من اثنى عشر فهو سنو الطالع؛ وأمّا «5» استخراج سني النوع الثالث للكواكب والطالع معا فهو مثل استخراج سني الطالع في النوع الثاني، أعني أن يؤخذ من بعده عن أوّل الحمل

لكلّ «نهبهر» سنة بأن يضرب «1» البعد كلّه في مائة وثمانية، فيجتمع من البروج شهور ومن الدرج أيّام ومن الدقائق دقائق إذا رفعت الى ما ارتفعت اليه، وإذا «2» ألقى السنون اثنى «3» عشر اثنى «3» عشر بقي السنون المطلوبة، ويعمّ جميع هذه السنين اسم «أجردا» وتسمّى «4» قبل التعديل «مدّهماج» وبعده «سپتاج» اي مقوّمه؛ أمّا سنو الطالع في جميع الأنواع فإنّها مقوّمة لا تحتاج الى تعديل پنوعين من النقصان أحدهما بحسب المكان من الأثير «5» والآخر بحسب الوضع من الأفق، ويختصّ النوع الثالث بتعديل الزيادة على نحو واحد، وهو أنّ الكوكب إذا كان في حظّه الأعظم أو في بيته أو «دريجان» بيته أو دريجان شرفه أو نهبهر بيته أو نهبهر شرفه أو في أكثر ذلك فإنّ سنيه تصير ضعف الوسطى، وإذا كان راجعا أو في أكثر ذلك فإنّ سنيه تصير ضعف الوسطى، وإذا كان راجعا أو في شرفه أو كليهما صارت سنو ثلاثة أمثال الوسطى، وأمّا تعديل النقصان على النحو الأوّل فإنّ سني الكوكب الكائن في هبوطه ترجع الى ثلثيها إذا كانت من النوع الأوّل أو الثاني وإلى نصفها اذا كانت من النوع الثالث، وكونه في بيت عدوّه لا يقدح في سنيه، وسنو الكوكب المختفي بشعاع الشمس عن الإيثار «6» ترجع الى النصف في الأنواع الثلاثة إلّا الزهرة وزحل فإنّ اختفاءهما لا ينقص من سببهما شيئا، وأمّا تعديل النقصان على النحو الثاني فقد اثبتنا في الجدول ما يسقط من سني النحوس والسعود بكونها في البيوت التي فوق الأرض، فإن اجتمع في بيت كوكبان أو أكثر الى أعظمها وأقواها في الترتيب، فألحق النقصان بسنيه وتركت الباقية على

حالها، ومتى اجتمع على كوكب واحد في النوع الثالث زيادتان من جهتين اقتصر على احداهما وهي العظمى، وكذلك اذا اجتمع عليه نقصانان، فإن اجتمع عليه زيادة ونقصان قدّم أحدهما وتلا الآخر «1» فإنّه لا يختلف، فتصير السنون معدّلة ومجموعها هو عمر صاحب المولد؛ وبقي الآن ان نبيّن طريقهم في النّوب، فإنّ العمر منقسم على هذه السنين والابتداء من عند الولادة بسنى النيّرين، والمقدّم منهما أكثرهما قوّة وبلاء وإن تساويا فأكثرهما حظّا في موضعه ثمّ يتلوه الآخر، وتلوها إمّا الطالع وإمّا الكوكب الكائن في الأوتاد بكثرة القوى والحظوظ، وإذا اجتمع في الأوتاد عدّة كواكب فقدّمها بحسب قواها وأنصبائها «2» ، ويتلوها الكواكب الكائنة في ما يلي الأوتاد ثمّ في الزائلة على مثال ما تقدّم حتى يعرف موقع سني كلّ كوكب من جملة العمر، وليس يستبدّ بسنيه إلّا بما «3» يصيبه من قبل «3» الشركاء وهي الكواكب الناظرة اليه، فإنّها تحاصّه التدبير وتشاركه في قسمة السنين، أمّا الكائن معه في برج واحد فمشاركته بالنصف، والذي في خامسه وتاسعه فبالثلث، والذي في رابعه وثامنه بالربع، والذي في سابعه بالسبع، فإن اجتمع في موضع واحد عدّة كواكب شارك كلّ واحد الكسر الذي أوجبه الموضع؛ وطريق استخراج سني الشركة أن يوضع لصاحب السنين واحد للكسر في مثله للمخرج لأنّه يستولي على الكلّ، ثمّ يوضع لكلّ شريك كسر مخرجه، ويضرب كلّ مخرج منها في جميع الكسور وخارجه سوى نفسه وكسره، فيحصل الكسور كلّها من مخرج واحدة، ويلقي المخرج المتساوية، ثمّ يضرب كلّ كسر في جملة السنين فيقسم ما «4» بلغ على مجموع الكسور، فيخرج سنو «قالمنوكه «5» »

كوكب، وأمّا ترتيبها بعد تقديم «1» فتناسب به الفلسفيّين «1» متفرّدا بالتدبير، فعلى مثال ما تقدّم من تقديم من في الأوتاد الأقوى فالأقوى ثمّ الذي فيما يليها ثمّ الذي في الزوائل، فقد علم ممّا ذكرنا طريقهم في استخراج العمر، ويعلم من مواقع الكواكب في الأصل وفي الوقت كيفيّة حال القسمة؛ فنردفه من أمر المواليد بما لا يشتغل به غيرهم، وذلك أنّهم ينظرون للأب وقت الولادة هل كان حاضرا ويستدلّون على غيبته بأن لا ينظر القمر الى الطالع أو ينحصر برج القمر فيما بين برجي الزهرة وعطارد أو يكون زحل في الطالع أو المرّيخ في السابع، وينظرون هل المولود لرشده الى النيّرين، فإن اجتمعا في برج ومعهما نحس أو سقط القمر والمشتري عن مناظرة الطالع أو سقط المشتري عن مناظرة النيّرين المجتمعين كان لغير رشده؛ وينظرون في أمر السراج الى برج الشمس، فإن كان منقلبا كان السراج متحرّكا ينقل من موضع إلى آخر، وإن كان ثابتا فثابتا وإن كان ذا جسدين كان متحرّكا مرّة ومستقرّا أخرى، وينظرون نسبة درجات الطالع الى ثلاثين، فبقدرها يكون المحترق من الفتيلة، وإذا كان القمر بدرا كان السراج ممتلئا من الدهن ثمّ يكون فيه بقدر النور في جرم القمر؛ ويستدلّون بالكوكب الأقوى في الأوتاد على باب الدار فإنّ جهته تكون الى جهته أو جهة برج الطالع ان خلت الأوتاد، وينظرون الى المنير «2» ، فإن كان الشمس كانت الدار منتقضة، والقمر سليمة والمرّيخ محترقة وعطارد متقوّسة والمشتري وثيقة وزحل عتيقة، ثمّ ان كان المشتري في شرفه في العاشر كانت الدار ساقين أو ثلاثة، وإذا قويت شهادته في القوس كانت ذات ثلاثة وفي سائر البروج ذوات الجسدين ذات ساقين؛ وينظرون للسرير وقوائمه الثالث ومربّعاته «3» وطوله من الثاني عشر الى الثالث، فيعرف من النحوس فساد القائمة أو الضلع بحسب النحس، ان كان المرّيخ فمن الاحتراق

وإن كان الشمس فمن الانكسار وزحل من العتق، ويكون من حضر من النساء بعدد الكواكب التي في برج الطالع وبرج القمر، وصفاتهنّ بحسب صورها، والكائن منها فوق الأرض دليل على الخارجات من الدار والتي تحت الأرض دليل على الداخلات فيها، ثمّ ينظرون في مجيء «1» الروح من صاحب «دريجان» أقوى النيّرين، فإن كان المشتري كان مجيئه من «ديولوك» والزهرة أو القمر من «پترلوك» والمرّيخ أو الشمس من «برجك لوك» وزحل وعطارد من «پرك لوك» ، وكذلك النظر في ذهاب روحه بعد الممات من الأقوى من صاحب دريجان السادس والثامن على مثال ما تقدّم، فإن كان المشتري في شرفه في السادس أو الثامن أو أحد الأوتاد أو كان الطالع الحوت والمشتري في شرفه في ووافقت أشكال وقت الوفاة أشكال وقت الولادة كان الروح متخلّصا ولم يتردّد. وإنّما حكيت هذا ليعلم تباين طرق قومنا وطرق الهند في أحكام النجوم، وأمّا طرقهم في أحداث الجوّ والعالم فمع طولها ركيكة جدّا، وكما اقتصرنا من أمر المواليد على ذكر الأعمار كذلك نقتصر من هذا الفنّ على نوع المذنّبات من قول المظنون به منهم فضل تحصيل ليقاس بها ما وراءه، ونقول أنّ اسم رأس الجوزهر «هوراه» واسم ذنبه «كيت» ، وقلّ ما يذكر الهند الذنب وإنّما يستعملون الرأس وحده، وجميع الكواكب المذنّبة الحادثة في الجوّ تسمّى أيضا «كيت» بالتعميم، قال «براهمهر» : أنّ للرأس ثلاثة وثلاثون أبناء يسمّون «تامسيلك» ، وهم أنواع المذنّبات سواءا امتدّ منهم أو لم يمتدّ، والحكم عليها

بحسب أشكالها وألوانها وأعظامها ومواضعها، وشرّها المتصوّر بصورة الغراب والمتصوّر بصورة رجل مضروب الرقبة والذي على صورة السيف والخنجر والقوس والسهم وهم أبدا حول النيّرين يحرّكون المياه حتى تكدر ويثيرون الجوّ حتى يحمرّ ويزعزعونه حتى يقلع عواصفه كبار الشجر ويضرب بالحصى سوق الناس وركبهم، وينقلون طباع الزمان حتى ينتقل فصول السنة عن مواضعها، فمتى ما كثرت المناحس والشرور من الزلازل والهدّات والتهاب الحرّ واحمرار السماء وتواتر ضجيج الوحوش وصياح الطيور فاعلم أنّ ذلك من أبناء الرأس، وإن ظهرت تلك الأحوال مع كسوف أو بروز مذنّب فاستيقن ما تفرّست ولا تشتغل في الاستدلال بغير أبناء الرأس، وأشر في موضع الشرّ الى ناحيتها من جرم الشمس في الجهات الثماني؛ قال «براهمهر» في كتاب «سنكهت» : انّي لم أتكلّم في المذنّبات الّا بعد استيعاب ما في كتب «كرك» و «براشر» و «است» و «ديبل» وما في سائر الكتب على كثرتها، وإنّما يمتنع ادراك حسابها حتى يتقدّم المعرفة وقت ظهورها واختفائها لأنّها ليست نوعا واحدا بل كثيرة، فمنها العالية المتباعدة عن الأرض التي تظهر بين كواكب المنازل وتسمّى «1» «دبّ» ، ومنها المتوسّطة البعد التي تكون بين السماء والأرض وتسمّى «أنتركش» ، ومنها القريبة من الأرض التي تقع عليها وعلى الجبال والدور والأشجار، فربّما رئي نور واقعا على الأرض وظنّ به أنّه نار فإذا لم يكن نارا فهو «كيت روب» أي «2» على صورة المذنّب، فأمّا الحيوانات التي اذا طارت في الجوّ كانت كالشرر أو النيران الباقية في دور «بيشاج» الأبالسة والشياطين أو سائر اللوامع من الجواهر وغيرها فليست من جنس المذنّبة، ولهذا يجب أن يقدّم على الحكم عليها معرفة مائيّتها لكون الحكم بحسبها، والكائن في الهواء يقع على الرايات والأسلحة والديار والأشجار

وعلى الدوابّ والفيلة والكائن من ربّ يرى بين «1» كواكب المنازل، فإذا لم يكن الذي يظهر من أحد هذين ولا من التخاييل المذكورة فهو «كيت» أرضيّ، قال: واختلف العلماء في عددها، فمنهم من قال فيه أنّه مائة وواحد ومنهم من قال أنّه ألف، وقال «نارد» الحكيم: أنّه واحد وإنّما يختلف بكثرة الصور ينخلع واحدة ويلبس أخرى، وقال في مدّة تأثيرها أنّها شهور كعدّة أيّام ظهورها «2» ، فإن زادت على شهر ونصف فألق منها خمسة وأربعين يوما، فيبقى شهور تأثيره، وإن زادت على شهرين فاجعل سني تأثيره بعدّة شهور ظهوره، ولا يعدو «3» عدد المذنّبات الفا؛ أورد ما أودعناه هذا الجدول لتسهيل التأمّل وإن لم يمتلئ بيوت الجدول لإخلال «4» ما في الكتاب بالأقسام أمّا الأصل وإمّا النسخة التي وقعت الينا، وكان قصده فيما ذكر تصديق الأوائل في العددين اللذين حكاه عنهم فيها فاجتهد حتى تمّم الألف: «1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «1» «1» «2» «3» «4»

وكان قسم المذنّبات الى ثلاثة اقسام عالية عند الكواكب، وسائلة عند الأرض ومتوسّطة في الهواء فذكر ايضا من القسم العالي والمتوسّطة ما في جدولنا كلّ واحد على حدة، وذكر ان المتوسّط اذا اتصل نوره بآلات الملوك من الرايات والمطالّ والمراوح والمذابّ دلّ على هلاك الولاة، وإن اتصل بدار او شجرة او جبل دل على فساد المملكة، وإذا اتصل بأثاث الدار هلك اهلها، وإذا اتّصل بكناسات الدار هلك صاحبها، وقال: اذا انقضّ منقضّ معترضا على ذنب المذنّب زالت السلامة وفسدت الأمطار والأشجار المنسوبة الى «مهاديو» ولا فائدة في تعديدها لأنّها غير معهودة الاسم والجسم عندنا واضطربت الأحوال في مملكة «جور» و «ست» و «هون» و «الصين» وقال: انظر الى جهة ذنب المذنّب سواءا انسدل او انتصب او مال، وإلى المنزل الذي يماسّه طرفه، واحكم بالفساد هناك وهجوم جيوش على اهلها «1» تلتقمهم التقام الطاووس الحيّات، واستثن منها ما هو دالّ على الخير، ثمّ تأمّل في الباقية المنزل الذي تظهر فيه او تحلّه اذنابها او تبلغه، واحكم بالفساد في ملوك النواحي التي يدل عليها المنازل وسائر الأشياء التي تنسب «2» اليها «3» ويصفها اهل التوراة بصفتنا الكعبة، وذكر فيه في المنقضّ انه من المثابين من قد انقضت مدّته في العلو فهبط الى الدنيا «4» وهذا هو الجدولان: «1» «2» «3» «4» «1» «1» «1»

فهذا طريقهم في المذنّبات والحكم عليها، وقليل منهم من يشتغل بالتحقيق اشتغال الطبيعيّين من اليونانيّين بالبحث عنها وعن مائيّة الآثار العلويّة فانهم لا يخلون فيها عن كلام القوّام بملّتهم، وذكر في «مج بران» انّ الأمطار اربعة والجبال اربعة وأصلها الماء، وأنّ الأرض منصوبة على اربعة من الفيلة في الجهات الأربع ترفع الماء بخراطيمها لتزكية الزروع، فترّشها امطارا في الصيف وثلوجا في الشتاء، وأن الدخان خادم المطر يرتفع اليه فيزيّن السحاب بالسواد، ولأجل الفيلة الأربعة قيل في كتاب طبّ الفيلة انّ من ذكورتها ما يقدم الناس حيلة فيتشاءم به، وهو في الرعلة غرّة ويسمّى «منكنه» ومنها ما يقدّم نابا واحدا ثمّ يكون منها ذوات انياب ثلاثة وأربعة وهي التي من نسل حاملات الأرض، ولا يتعرّض لها وإن وقعت في المصيدة خلّيت، وذكر في «باج بران» : انّ الريح والشعاع يرفعان الماء من البحر الى الشمس، فلو كان التقطّر من عندها لكان المطر حارّا ولكنّها تدفعه الى القمر حتى يتقطّر منه ويحيى بها العالم، وقيل في احداث الجوّ انّ الرعد هو صوت «ايراوت» وهو مركب «اندر» الرئيس من الفيلة اذا شرب من حوض «مانس» واغتلم فتغطمط، وأنّ قوس قزح قوس هذا الرئيس كما يضيفها عوامّنا الى رستم «1» . ونرى فيما قصصناه كفاية لمن اراد مداخلة الهند فخاطبهم في المطالب بحقيقة ما هم عليه. فلنقطع الكلام الذي املّ بطوله وعرضه. ونستغفر الله في الحكايات الّا عن حقّ، ونستوقفه للاعتصام بما يرضيه، ونسترشده الى الوقوف على الباطل لنتّقيه، انّ الخير من عنده، وهو الرؤوف بعبيده، الحمد لله رب العالمين وصلواته على النبيّ محمّد وآله أجمعين.

فهرس الأعلام (سوى الهندية)

فهرس الأعلام (سوى الهندية) الأعلام الصفحة آسيذس120: (Asidhas) : ابروقلس، برقلس، بروقلس67،34،29: (Proclus) : 163، 169 ابقراط، بقراط438،288،28: (Hippocrates) : ابن طارق يعقوب بن طارق ابن المقفع عبد الله ابن المقفع أبو أحمد بن جيلغتكين 242 أبو الأسود الدئلي 96 أبو بكر الشبلي 62 أبو الحسن الأهوازي 325 أبو الريحان البيروني محمد بن أحمد أبو سهل عبد المنعم بن علي التفليسي، الأستاذ أبو العباس الإيرانشهري 15، 183، 247 أبو الفتح البستي 27 أبو معشر البلخي 232 أبو يزيد البسطامي (رحمه الله) 62 أبو يعقوب السجزي 48 أثينا [عذراء يونانية310: (Athene) : [ اراطس، ارطس291،69،68: (Aratus) : 292 اردشير الأسود 68: (Artaxerxes the Black) :

الأعلام الصفحة اردشير بن بابك77،70: (Ardashir ,the son of BABAK) : اردشير بن دارا بن اردشيرArtaxerxes ,the son of (: ابن كورشArtaxerxes ,the son of Darius ,the son of: Cyrus) ارسطوطالس163،162،86: (Aristotle) : 169، 244، 358 ارشميدس118: (Archimedes) : ارقتونيوس310: (Erichthonios) : الإسرائيلي شمسون اسطارس، ملك اقريطي68: (Asterios ,the king of Crete) : إسفنديار بن كشتاسب، اسفندياذ137،19: (Isfandiyar ,the son of: Gushtasp) اسقليبيوس69،29،28،27: (Asclopius) : 161، 438 الاسكندر69،68: (Alexander) : الاسكندر الأفروذيسي244،169،86: (Alexander of Aphrodisias) : اصبهبذ كابل430: (Ispahbad of Kabul) : أغنون120: (Agenon) : أفروذيسي الهندي310: (Aphrodisius ,the Hindu) : افلاطن، افلاطون74،48،34،29: (Plato) : 86، 161، 163 169، 245، 287، 292 افوللن161،75،74: (Apollo) : أقراطس الشاعر69: (Krates) : اقريطن437: (Crito) : الأقنوسي292،74: (The Knossian) : أمون68: (Ammon) : امونيوس 60: (Ammonius) :

انباذقلس60: (Empedocles) : الأهوازي أبو الحسن أورقة بنت فونيكوس67: (Europa ,the daughter of Phoenix) : اوريا31: (Uriah) : اوقليدس96: (Euclid) : اولمفيذا، امرأة بيلبس68: (Olympias ,the wife of: King Philip) اوميروس شاعر اليونانيين، اوميرس169،69،33: (Homer ,the poet: of the ancient Geeks) الإيرانشهري أبو العباس اياس بن معاوية 431 ايرقلس438: (Heracles) : ايفسطس438: (Hephaestos) : برزويه [الفيلسوف الإيراني111: (Barzoya) : [ البستي أبو الفتح البستي البسطامي أبو يزيد البسطامي (رحمه الله) بشار بن برد 413 بطلميوس364،163،161: (Ptolemy) : البلخي أبو معشر بلور شاه [من ملوك كشمير146:Bolar -Shah)) [ بهت شاه ملك الأتراك147: (Bhatta -Shah) : البيروني محمد بن أحمد أبو الريحان بيلبس68: (Philip ,the king of Macedonia) : بيوس الفاريني27: (Bias of Priene) : بولس اليوناني، بلس198،116،108: (Pulisa ,the Greek) : التفليسي عبد المنعم بن علي أبو سهل توسر، هربذ الهرابذة77: (Tausar ,the great Herbadh) : ثالس المليسوسي 27: (Thales of Miletus) :

الجاحظ [أبو عثمان عمرو بن بحر] 145 جالينوس67،30،29،28: (Galenus) : 68، 69، 86، 89 106، 160، 244، 438 جلم بن شيبان 81 جم 232 الجيهاني 177 الخليل بن أحمد 97، 104 الخوارزمي [أبو عبد الله محمد بن موسى] 372، 397 دارا الأول74: (Darius I ,the successor: of Cyrus) الدئلي أبو الأسود داود النبي عليه السلام 30، 31 دروقون74: (Draco) : ديمقراطيس106،89: (Damocrates) : ديميطر292: (Demeter) : ديوجانس34: (Diogenes) : ديوس زوس (Dios Zeus) : ديونوسس، ديونوسيس، ديونوسيوس438،75،28:) (Dionysos: ذامون (هو من الزبانية49: (Daimon ,one of the: ( guardians of Hell) الرازي محمد بن زكريا ردمنتوس بن اسطارس68: (Rhadamanthus ,the son: of Asterios) رستم 503 روح القدس [جبريل عليه السلام] 66 روملس79: (Romulus) : روماناوس 79: (Romanus) :

زردشت68،64،19: (Zoroaster) : زوس، ديوس69،68،68،67: (Zeus ,Dios) : 74، 288، 292 السجزي أبو يعقوب السرخسي محمد بن اسحاق سقراط52،49،43،21: (Socrates) : 55، 61، 119 120، 436، 437، 439 سليمان31: (Salomo) : سمونون120: (Simonides) : سولن الأثيني74،27: (Solon of Athens) : الشبلي أبو بكر الشبلي [رحمه الله] شكنان شاه [من ملوك كشمير146: (Shugnan -Shah) : [ شمسون الإسرائيلي68: (Samson ,the Israelite) : الطبري علي بن زين طيلافوس49: (Telephos) : عبد الكريم ابن أبي العوجاء 196 عبد الله بن المقفع 111، 196 عبد المنعم بن علي بن نوح، أبو سهل التفليسي، الأستاذ 14، 15 عضد الدولة 430 علي بن زين الطبري [وهو أبو الحسن علي بن سهل بن زين الطبري، استاذ الرازي، وصاحب فردوس الحكمة] 290 عيسى، المسيح عليه السلام 14، 30، 37، 42 فارياندروس القورنتي27: (Periander of Corinth) : فراسياب التركي232: (Afrasiab ,the Turk) : فرعون 197،30: (Pharaoh) :

فرفوريوس33: (Porphyry) : الفزاري [أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المترجم لسند هند الكبير] 124، 127، 232 240، 320، 321 321، 322، 323 325، 328 فلاغوراوس161: (Phlegyas ?) : فنفيلوس74: (Pompilius ,Numa) : فيثاغورس، فوثاغورس60،55،49،33: (Pythgoras) : 74 فبرس بن اطري291: (Krisa ?,the son of Atreya) :؟ فيطيقوس لسبيوس27: (Pittacus of Lesbos) : فيلن67: (Philo) : قرونس (زحل161،67: (Kronos ,i.e.the planet) : ( Saturn قسطنطينوس المظفر433: (Constantine ,the Victorious) : ققرفس الملك الأول بأثينية68: (Cecrops ,thd first king: of Athens) قومودس86: (Commodus ,the Greek Emperor) : قيليبولوس لنديوس27: (Cleobulus og Lindos) : قيمش120: (Kimush) : كاووس137: (Kaus) : كسرى [انوشيروان العادل119: (Kisra ,Nushirwan the Just) : [ كشتاسب68،19: (Gushtasp) : الكندي [وهو أبو يوسف يعقوب بن اسحاق464: (al -Kindi) : [ كورش74: (Crus) : كيخسرو232: (Kaikhusrau) : كيكاوس 232: (Kaikaus) :

كيلون اللفاذوموني27: (Chilon of Lacedaemon) : لوفرغوس29: (Lycurgus) : ماناقراطيس106: (Menecrates) : ماني196،41،37،31: (Mani) : 289، 391، 438 محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني 3 محمد بن اسحاق السرخسي 320، 321، 323 محمد بن زكريا الرازي 242 محمد بن القاسم بن المنبه [فاتح السند] 19، 81 محمد النبي صلى الله عليه وسلّم 27، 78، 119، 503 محمود يمين الدولة [ابن سبكتكين] السلطان 19، 81، 312 390 المسيح عيسى عليه السلام المنصور [الخليفة العباسي] 320 منقالوس310: (Mankalus) : موسى النبي عليه السلام 30، 74 ميانوس74: (Mianos) : مينس، مينوس بن اسطارس74،68: (Minos ,the son: of Asterios) ناصر الدين سبكتكين 19 نقطينابوس68،68: (Nectanebus ,the King of Egypt) : هرقل60: (Heracles) : هرمس86: (Hermes) : الهندي، الرجل الهندي الذي كان في 118، 320، 320 جملة وفد السند على المنصور 325، 336، 360 وخان شاه [من ملوك كشمير146: (Wakhan -Shah) : [ يحيى النحوي163،48،29: (Johannes Grammaticus) : 169، 439

يزدجرد348،348،347،312: (Yazdajird) : يعقوب بن طارق 118، 232، 239 141 320، 325، 328 330، 336، 339 يمين الدولة محمود السلطان 344، 360، 361 *****

فهرس الكتب (سوى الهندية)

فهرس الكتب (سوى الهندية) الكتب الصفحة أخلاق النفس، لجالينوس 86 الإنجيل 14، 15 تركيب الأفلاك، ليعقوب بن طارق 118، 241، 266، 360 التقويم الكشميري 298، 314، 316 التوراة 15، 30، 30، 79 جاوغرافيا، لبطلميوس 119، 121، 498 الحث على تعلم الصناعات، لجالينوس 223 28 خيال الكسوفين للبيروني 470 رسالة لأرسطو طالس الى الاسكندر 169 زبور داود [عليه السلام] 30 زيج أبي معشر البلخي 232 زيج الأركند [كندكاتك لبرهمكوبت] 239، 240 315، 347 زيج اسلامي زيج الهرقن زيج الخوارزمي 372، 397 زيج الفزاري 117، 232، 320 زيج الهرقن، زيج اسلامي 350 زيج يعقوب بن طارق 320 سفر الأسرار، لماني 41

الكتب الصفحة سفر الملوك31: (The Book of Kings) : السماع الطبيعي، لأرسطو طاليس 244 السند هند [سدهاند] 107، 251، 280 382، 455 طيماؤس، لأفلاطن245،161،29: (Timaeus) : الظاهرات، لأراطس 68، 291 غرة الزيجات [كرن تلك لبجيانند] 258، 382 فاذن، لسقراط436،49،43: (Phaedo) : 437 قاطاجانس، لجالينوس106،89: (Kara yevn) : القرآن 30، 119، 196 196 كتاب أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني 3 في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة (مطبوعنا هذا) كتاب أيوب الصديق 30 كتاب البرهان، لجالينوس68: (The Book of Deduction) : كتاب بليناس32: (De Causis Rerum of Apollonius) : كتاب الدين137: (The Book of the Law) : كتاب زرقان، لماني 15 كتاب طب الفيلة 503 كتاب المسالك، للجيهاني 177 كتاب المنشورات، لبطلميوس 364 كتاب المواليد الكبير، لبراهمهر 158، 401 كتاب النواميس، لأفلاطن288،86،74: (The Book of Laws: of Plato) 292 كشف المحجوب لأبي يعقوب السجزي [الهجويري] 48

الكتب الصفحة كليلة ودمنة لعبد الله بن المقفع 111 كندكاتك العربي470: (Khandakhadyaka ,Arabic) : كنز الإحياء، لماني 21 المجسطي، لبطلميوس200،163،96: (Almajest) : 398 مفتاح علم الهيئة، للبيروني 206 الميامر، لجالينوس 67: (The Book of Speeches of Galenus) :

فهرس الأمم والأحزاب وأهالي البلاد والأماكن وغيرها (ما سوى الألفاظ الهندية)

فهرس الأمم والأحزاب وأهالي البلاد والأماكن وغيرها (ما سوى الألفاظ الهندية) الأمم والأماكن وغيرها الصفحة الآباء (بترين248،86،65: (Fathers ,i ,e.Pitaras) : ( 249، 263، 264 270، 357، 410 414، 447، 451 461 الآباء الذهبيون292: (Golden Fathers) : ابرار (فرقة) 85 الأتراك الترك الأتراك الغزية438: (Ghuzz Turks) : اثينية 21، 68، 74 120، 310، 311 اخارون50: (Acheron) : اذربيجان 19، 140 ارديا (جبل) 184 ارض الذهب جزائر الزنج ارمينية 140 ازين (اوجين235: (Uzain ,Ujain) : ( أساطين الحكمة27: (Pillars of Wisdom ,ancient: Greek philosophers) أساقفة النصارى 426

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة الأسطوان69: (Stoa) : الإسكندرية 108 الإسلام 19، 26، 27، 29 30، 67، 71 119، 132، 196 196، 350، 430 451 أصحاب آرجبهد205،164،163: (Followers of Aryabhata) : أصحاب الأسطوان69: (Philosophers of Stoa) : أصحاب الأمثال67: (Mythologists) : أصحاب البدالشمنية أصحاب البرانات 175، 179 207، 210 اصحاب برب398: (Dominants of Parvans) : أصحاب برهمكوبت 285 أصحاب ماني 196 اصحاب المظلة68: (Philosophers of Academy) : افرنجة، فرنجة140: (Franks) : أقريطس قريطي الأقريطيون 74، 74 اكاسرة70: (Chosroes ,Khusrau) : الأنبياء عليهم السلام 29، 78 أهل اثينية 21، 74، 120 اهل أقريطس الأقريطيون 310 اهل بابل 464 اهل بانجال 93 اهل التوراة 78، 498 اهل جزيرة بروامخ 207

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة اهل جزيرة لنكبتلوس 237 اهل جزيرة الوقواق 149 اهل الشمال 84 اهل الصين 119، 122 اهل الكتاب 31 اهل كشمير 95، 121، 122 146، 299، 316 446، 448 اهل كنوج 116، 316 اهل كنير 316 اهل لنبك (لمغان) 316 اهل المغرب 120، 232، 401 اهل المولتان 149، 316 اوقيانوس 139 ايذس49،49،43: (Hades) : ايرانشهر 41 بابل 161، 464، 446 باميان 140 البحر الأجاج194: (The salt sea) : البحر الأعظم 193 بحر بنطس191: (Sea Pontus ,the Black Sea) : بحر جرجان191: (Sea of Jurjan ,the Caspian Sea) : بحر الصقالبة191: (Sea of the Slavonians ,the Baltix) : بحر فارس 200 البحر المحيط232،171،139: (Comprehending Ocean) : 385 البحر المحيط الأدنى 199 البحر المحيط الأقصى 199

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة بحيرة خوارزم191: (The Sea of Khwarizm ,the Aral Sea) : بذخشان 140، 146 البرامكة 111 البراهمة، البرهمن 19، 20، 31 46، 56، 57 65، 66، 71 72، 73، 85، 86 88، 88، 90، 91 93، 110، 144 154، 176، 182 194، 268، 277 288، 289، 290 302، 303، 312 318، 385، 387 388، 394، 395 396، 398، 412 413، 414، 415 415، 415، 418 420، 424، 426 427، 429 429، 431 433، 434، 435 436، 439، 445 447، 447، 448 449، 451، 456 462، 470، 475 برج الحجارة تاش كند

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة البرزخ 48 بريديش (نهر193: (Baridish ,Eranian) : ( البلاد الجنوبية 314 البلاد الغربية 19، 232، 314 بلاد المشرق 19 بلاد المغرب البلاد الغربية بلخ 19، 19، 232 بلدة السرور31: (The country of joy) : بلور (جبال147،82: (Bolor mountains) : ( بنو إسرائيل 30، 67، 120 بنو امية 82 بنو اولوهيم30،29: (The Sons of Elohim) : بهتاوريان (اتراك147 (Bhattavaryan ,: ( Turkish tribes) بوشنك فوسنج تاش كند223: (Tashkand) : التبت 140، 142، 146 191، 317 19، 140، 142 19، 140، 142 الترك 146، 147، 149 185، 191، 229 317، 319 415، 438، 446 الترمذ230،193: (Tirmidh) : الثنوية المنانية86: (The Dualistic Manichaeans) : الجامع الأول (في مولتان) 81

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة الجاهلية 21، 76، 132 326، 439 الجبال الشرقية 191، 389 الجبال الشمالية الباردة 191 جبال القمر 139، 200 الجبل140: (Media) : جرجان 233 جزائر الزنج، ارض الذهب 173، 174، 392 جزائر السعداء233: (The Island of the Happy Ones) : الجزائر الشرقية 149 الجزائر الغربية 149 الجزائر المتوسطة 149 الجلالقة 140 الجنود النيرون:) 31 الجوزجان 236 الحنفاء 29 الحواريون 37، 42 الختن 146 خراسان 19، 19، 20 140، 319 الخزر 191 الخلفاء 119 خليج بربرا 139 خليج فارس 139 خليج قلزم 139 خوارزم 116 خوم (جبل) 184 الخيبريون 119

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة دنباوند (جبل147: (Danbawand) : ( الديبجات (جزائر392،170،149: (Maledives and Laccadives) : ( الديصانية42: (The Partisans of Bardesanes) : ديقطاون (جبل في قريطي) 67 رشين (الحكماء) 66، 75، 91 111، 174 181، 296 384 298 الرم (جزائر149: (Ramm) : ( الروحانيون 41، 48، 63، 64 65، 69، 85، 168 173، 177، 182 250، 302، 383 403، 432، 475 الروحانيون الثمانية 64 الروم 19، 79، 108 140، 199، 202 202، 232 284، 348، 446 رومية 234 الزنادقة 196 الزنج 139، 149، 186 200، 391 السامانية 19 سجستان، نيمروز 19، 140، 141 السغد 184، 193 سفالة الزنج 144، 149، 200 391

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة سقلية 87 سكلكند، فافرفز (كورة بطخارستان223: (Sakilkand) : ( السكينات75: (The Muses) : سمرقند 119 السند 19، 87، 115 121، 140، 147 192، 193، 200 223، 237، 316 348، 391 سودان المغرب 139، 200 السوفية (الحكماء) 27 السومناتوين 116 الشام 19، 86، 200 الشبورقان236،232: (Al -Shaburkan) : الشمنية، اصحاب البد 19، 19، 32 64، 85، 95 109، 110، 183 247، 438 الصائبة الحرنانية86: (Sabians of Harran) : صحراء كشمير 147 الصديقون 55 الصفة 27 الصقالبة 191، 437 الصوفية 15، 28، 44، 47 50، 56، 59، 62 الصين 19، 119، 122 143، 147، 149 200، 205، 391 498

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة طخارستان 140 طرطارس50: (Tartarus) : العجم 18، 29 العراق 19 العرب 29، 30، 76 86، 97، 110 122 131، 132، 165 178، 200، 212 223، 229، 326 350، 374 العروضيون 97، عروضيو الفارسية 97 غب توران 147 غب سرنديب 149 غزنة 19، 82، 146 242 غور 116، 140 فارس 19، 19، 20 70، 319، 446 فارفز سكلكند الفرس 19، 77، 165 229، 232، 334 347، 348 الفرق الأفغانية 147 فرق بابل وحولها 161 الفضيون291: (The Silver Race) : الفلاسفة 21، 33، 53 243

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة فلسطين 30، 68 فوسنج، بوشنك223: (Bushang) : قاف (جبل) 137، 183 قبة الأرض (لنك234،228: (The Cupola of: ( the earth i. e. lanka) القدماء 43، 206، 209 297، 364، 381 القرامطة 81، 82 قريطي، اقريطي، جزيرة اقريطس74،68: (Creta) : قلزم 200 قلعة باروي391،306: (Baroda ,Baroi) : قلعة بيتور192: (The Castle of Bitur) : قلعة جترور143: (Jattaraur) : قلعة دروته192: (The fortress of Druta) : قلعة راجكري147،146: (Rajagiri) : قلعة روهيتك241،236: (Rohitaka) : قلعة كالنجر143: (Kalanjar) : قلعة كوالير143: (Gvalior) : قلعة لنك148: (Lanka) : قلعة لهور147: (Lahur) : قمير (الجزائر149: (Kumair islands) : ( القندهار 19 القياصرة 86 كابل 19، 140، 140 146، 192، 242 317، 317، 430 كرنغر (جبل) 184 الكعبة 78، 423، 498

الأمم والأماكن وغيره الفحة الكنوجيون اهل كنوج كور الجوزجان 236 ماقيدونيا68: (Macedonia) : المانوية، المنانية 15، 31، 78 111، 426 المتكلمون 24، 48، 67 86، 169 المجوس 19، 77، 85 437 مجوس السغد 184، 193 المجوسية 19، 64 المحدثون 197، 206، 364 المحمرة الشمنية (The Muhammira Buddhists:011 ,982: i. e. the red- wearing ones) مسجد جامع (في المولتان) 81 المسلمون 20، 39، 319 مصر 68، 119، 120 310 المعتزلة 14 معمورة 19 المغربيون اهل المغرب مكة 78 مكران 147 المنانية المانوية المنجمون 20، 70، 110 151، 165، 169 176، 196، 197 197، 201، 207

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة 221، 222، 231 234، 236، 254 258، 262، 278 312، 315 316، 317 346، 360، 375 393، 396، 403 المنصورة 19، 121، 136 145، 193، 241 315 مهران (نهر193،145: (Mihran) : ( الموصل 19 النحويون 123 النصارى 15، 30، 31 52، 66، 78 426، 451 النصرانية 21، 39، 433 نهر بلخ 193 نهر السند 145، 146، 147 193، 194 نيسابور 415 النيل 139، 145، 200 نيمروز سجستان الهند 12، 15، 16، 17 19، 21، 21 23، 25، 25 27، 31، 34 43، 52، 61 64، 68، 71

الأمم الأماكن وغيرها الصفحة 75، 76 الهند 79، 86، 96 97، 102، 104 107، 112، 114 117، 119، 120 119، 119، 129 132، 133، 134 140، 141 144، 145 146، 147 149، 151، 152 161، 171، 177 178، 183، 191 193، 196، 197 200، 209، 215 220، 223، 223 232، 233، 237 238، 239، 240 244، 245، 248 249، 250، 257 258، 262، 270 288، 262، 270 312، 314، 316 317، 320، 325 الهند 325، 326، 328 332، 333، 337 339، 343، 344 350، 360، 360

الأمم والأماكن وغيرها الصفحة 364، 375، 375 379، 396، 398 402، 417 418، 422، 423 423، 433 434، 438، 439 446، 457، 458 459، 464، 468 473، 485، 492 503 الهندية 39 هنود 137، 149، 450 الوقواق (جزيرة) 149 اليمن 200 اليهود 31، 76، 78 119، 121، 146 326 اليهودية 39، 196 اليونانيون 16، 20، 20، 27 29، 30، 33 43، 48، 60 64، 67، 74 86، 89 100، 106، 107 110، 116 119، 121، 139 152، 158، 160 169، 178، 197

الأمم الأماكن وغيرها الصفحة 209، 215، 223 230، 243، 287 288، 291، 310 382، 437، 439 446، 503

الفهرس العام تمهيد 5 مقدمة المؤلف 13 أ: في ذكر أحوال الهند وتقريرها أمام ما نقصده من الحكاية عنهم: 17 ب: في ذكر اعتقادهم في الله سبحانه: 23 ج: في ذكر اعتقادهم في الموجودات العقليّة والحسّية: 27 د: في سبب الفعل وتعلّق النفس بالمادّة: 35 هـ: في حال الأرواح وتردّدها بالتناسخ في العالم: 39 و: في ذكر المجامع ومواضع الجزاء من الجنّة وجهنّم: 45 ز: في كيفيّة الخلاص من الدّنيا وصفة الطريق المؤدّي إليه: 51 ح: في أجناس الخلائق وأسمائهم: 63 ط: في ذكر الطبقات التي يسمّونها ألوانا وما دونها: 70 ي: في منبع السّنن والنّواميس والرّسل ونسخ الشّرائع: 74 يا: في مبدإ عبادة الأصنام وكيفيّة المنصوبات: 78 يب: في ذكر «بيذ والپرانات» وكتبهم: 88 يج: في ذكر كتبهم في النحو والشعر: 95 يد: في ذكر كتبهم في سائر العلوم: 107 يه: في ذكر معارف من تقديراتهم ليسهل ذكرها في خلال الكلام: 112 في ذكر معارف من خطوطهم وحسابهم وغيره وشيء ممّا يستبدع من رسومهم 119

يز: في ذكر علوم لهم كاسرة الأجنحة على افق الجهل: 133 يح في معارف شتّى من بلادهم وأنهارهم وبحرهم وبعض المسافات بين ممالكهم وحدودهم 139 يط: في أسماء الكواكب والبروج ومنازل القمر وأمثال ذلك: 151 ك: في ذكر «برهماند» : 160 كا في صورة الأرض والسماء على الوجود المليّة التي ترجع إلى الأخبار والروايات السمعيّة 165 كب: في ذكر القطب وأخباره: 176 كج: في ذكر جبل ميرو بحسب ما يعتقده أصحاب «الپرانات» وغيرهم فيه: 179 كد: في ذكر «الديبات» السبعة بالتفصيل من جهة «الپرانات» : 185 كه: في ذكر الأنهار ومخارجها وممارّها على الطوائف: 190 كو: في صورة السماء والأرض عند المنجّمين منهم: 196 كز: في الحركتين الأوليين عند منجّميهم وعند أصحاب «الپرانات» : 207 كح: في تحديد الجهات العشر: 215 كط: في تحديد المعمور من الأرض عندهم: 220 ل: في ذكر «لنك» وهو المعروف بقبّة الأرض: 234 لا: في فصل ما بين الممالك الذي نسمّيه فصل ما بين الطولين: 238 لب: في ذكر المدّة والزمان بالاطلاق وخلق العالم وفنائه: 243 لج: في أصناف اليوم ونهاره وليله: 248 لد: في ما يقصر عن اليوم من أجزائه المتصاغرة: 253 له: في أصناف الشّهور والسّنين: 261 لو: في المقادير الأربعة التي تسمّى «مان» : 266 لز: في أبعاض الشهر والسّنة: 269 لح: في ما يتركّب من اليوم إلى تتمّة عمر «براهم» : 272 لط: في ما يفضل على عمر «براهم» : 274 م: في ذكر سند وهو الفصل المشترك بين الأزمنة: 277 ما: في الإبانة عن «كلپ» و «چترجوك» وتحديد أحدهما بالآخر: 280 مب: في تفسير «جترجوك» بالجوكات الأربعة وذكر ما فيها من الاختلاف: 283 مج: في خواصّ الجوكات الأربعة وذكر كلّ المنتظر في آخر رابعها: 287 مد: في ذكر «المنّنترات» : 293

مه: في ذكر بنات نعش: 296 مو: في «ناراين» ومجيئه في الأوقات وأسمائه: 301 مز: في ذكر «باسديو» وحروب «بهارت» : 305 مح: في الإبانة عن مقدار «اكشوهني» : 310 مط: في التواريخ بالإجمال: 312 ن: في أدوار الكواكب كلّ واحد من «كلب» و «جترجوك» : 320 نا: في تقرير أمر «ادماسه» و «اونراتر» و «الأهركنات» المختلفة الأيّام: 326 نب في عمل «اهركن» بالاطلاق أعني تحليل السنين والشهور الى الأيّام وعكس ذلك بتركيبها سنين 331 نج: في تحليل السنين بأعمال جزئيّة مفروضة لأوقات: 346 ند: في استخراج أوساط الكواكب: 354 نه: في ترتيب الكواكب وأبعادها وأعظامها: 357 نو: في منازل القمر: 374 نز: في ظهور الكواكب من تحت الشّعاع وذكر قرابينهم ورسومهم عنده: 382 نح: في المدّ والجزر المتعاقبين على مياه البحر: 389 نط: في ذكر كسوف الشمس والقمر: 393 س: في ذكر «پرب» : 398 سا: في أرباب الأزمنة شرعا ونجوما وما يتّبع ذلك من أمثاله: 401 سب: في «السنبجّر السّتيني» ويسمّى أيضا «شدبد» : 406 سج: في ما يخصّ البرهمن ويجب عليه مدى عمره أن يفعله: 412 سد: في ما لغير البرهمن من الرسوم في عمره: 416 سه: في ذكر القرابين: 418 سو: في الحجّ وزيارة المواضع المعظّمة: 420 سز: في الصدقات وما يجب في القنية: 425 سح: في المباح والمحظور من المطاعم والمشارب: 426 سط: في المناكح والحيض وأحوال الأجنّة والنفاس: 428 ع: في الدعاوى: 431 عا: في العقوبات والكفّارات: 433 عب: في المواريث وحقوق الميّت فيها: 435 عج: في حقّ الميّت في جسده والأحياء في أجسادهم: 437

عد: في الصيام وأنواعها: 440 عه: في تعيين أيّام الصيام: 443 عو: في الأعياد والأفراح: 446 عز في الأيّام المعظّمة والأوقات المسعودة والمنحوسة والمعيّنة لاكتساب الثواب 451 عح: في ذكر «الكرنات» : 458 عط: في ذكر «الژوكات» : 468 ف في ذكر أصولهم المدخليّة إلى أحكام النجوم والإشارة إلى طرقهم فيها، فذلك ثمانون بابا 473 فهرس الأعلام 505 فهرس الكتب 513 فهرس الأمم والاحزاب وأهالي البلاد والأماكن وغيرها 517

§1/1