تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب

مقبل بن هادي الوادعي

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فإني أحمد الله على ما وفقني لطلب العلم النافع، ويسر لي سبله، ووفقني للسنة الغراء، فالفضل له وحده، فهو الذي هداني لطلب العلم، وهو الذي صبّرني على دفع المشاكل التي وقفت في طريق كثير من طلبة العلم، وهو الذي قنّعني عن زخارف الدنيا ولذاتِها، وهو الذي عافاني في جسدي حتى تَهيأ لي مواصلة طلب العلم، وهو الذي كبت أعدائي وحُسَّدي وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرًا، ولم يستطيعوا أن يحولوا بيني وبين العلم النافع، وهو الذي يسر لي بزوجين صالحتين أم شعيب وأم سلمة تقومان بخدمتي وبمساعدتي في البحث عما أريده، وأعظم من هذا إخوان أفاضل علماء يجيبون على فتاوى المستفتين، ويقومون بتدريس إخوانِهم في جميع فنون العلم النافع. وهو سبحانه الذي يسر لطلبة العلم وأسرهم أقواتَهم وصدقت ياربنا إذ تقول: {وَإِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصُوهَا (¬1)}، ولو لم يكن من هذه النعم إلا عطف قلوب قبيلتي وادعه فجزاهم الله خيرًا على ما قاموا به من الدفاع عني ¬

(¬1) سورة إبراهيم، الآية: 34.

وعن الدعوة وإني أعتقد أنه لا يوجد مكان مثل دماج نستطيع أن نكتب ما نرى أنه يرضي الله ونخطب بما نرى أنه ينفع الإسلام والمسلمين ونسأل الله أن يتممها بخير. وهذه الأسئلة والأجوبة من بقاع شتى تدل على وثوق أهل السنة في المجتمع المسلم بدعوة أهل السنة باليمن وقد نشر بحمد الله الشيء الكثير من المحاضرات والأجوبة على أسئلة المستفتين منها: - • " الفواكة الجنية في الخطب والمحاضرات السنية". • " المصارعة". • " قمع المعاند". • " قرة العين". • " غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة". • " فضائح ونصائح". • " الباعث على شرح الحوادث". • " مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني" وسيعاد طبعها إن شاء الله عند الأخ سعيد وإخوانه حفظهم الله. وقد أبقيت هذه الأسئلة وغيرها على ما هي عليه من تكرار ولي أسوة بالقرآن الكريم فربما يكرر القصة الواحدة مرارًا وأيضًا فإنَّها تذكر في أوقات مختلفة فلا بد من التكرار والله من وراء القصد. والحمد لله رب العالمين. أبوعبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي

فضائل آل بيت النبوة

فضائل آل بيت النبوة (¬1) (الحمد لله، وسلام على عباده الّذين اصطفى)، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الكرام الشرفاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ... أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ياأيّها النّبيّ قل لأزواجك إن كنتنّ تردن الحياة الدّنيا وزينتها فتعالين أمتّعكنّ وأسرّحكنّ سراحًا جميلاً * وإن كنتنّ تردن الله ورسوله والدّار الآخرة فإنّ الله أعدّ للمحسنات منكنّ أجرًا عظيمًا * يانساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرًا * ومن يقنت منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحًا نؤتها أجرها مرّتين وأعتدنا لها رزقًا كريمًا * يانساء النّبيّ لستنّ كأحد من النّساء إن اتّقيتنّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا * وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن الله ورسوله إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا * واذكرن ما يتلى في بيوتكنّ من آيات ¬

(¬1) تم التسجيل في 2 ذي الحجة 1417هـ.

الله والحكمة إنّ الله كان لطيفًا خبيرًا (¬1). وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثمّ قال: وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي)). وروى البخاري في "صحيحه" عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه موقوفًا عليه: ارقبوا محمّدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أهل بيته. وقال أبوبكر رضي الله عنه: والله لأن أصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحبّ إليّ من أن أصل قرابتي. ففي هذا دليل على علو منْزلة أهل بيت النبوة، وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها: دعا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاطمة وحسنًا وحسينًا فجلّلهم بكساء وعليّ خلف ظهره فجلّله بكساء ثمّ قال: ((اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرًا)). وهذا الحديث من طريق مصعب بن شيبة وقد قال فيه النسائي: إنه منكر الحديث، لكن الحديث مروي عن سلمه بن الأكوع بهذا المعنى، وجاء أيضًا عن جماعه من الصحابة كما في "تفسير ابن كثير"، ومصعب بن شيبة وإن كان قال فيه النسائي: إنه منكر الحديث، فقد وثقه غيره، وزيادة على هذا أن الدارقطني انتقد على البخاري ومسلم أحاديث، ولم ينتقد هذا الحديث. ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 28 - 34.

وهذا الحديث من الأحاديث التي تدل على منْزلة أهل بيت النبوة الرفيعة وذلك الفضل في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعده إلى أن يأتي المهدي، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في شأن المهدي وهو من ولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أي ينتسب إلى فاطمة وعلي: ((إنّه سيخرج ويملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت ظلمًا وجورًا)). وفي هذا الحديث رد على من قال إن أهل بيت النبوة قد انقرضوا وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخلف أحدًا، واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم (¬1)، يقولون: فعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخلف أحدًا ولا يجوز أن ينتسب إليه أحد. ولكن هذه للحسن والحسين ولمن انتسب إليهما، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)). وهذا الحديث يعتبر علمًا من أعلام النبوة، فقد حقن الله دماء المسلمين بسبب الحسن بن علي فقد وجد جيشان جيش مع الحسن وجيش مع معاوية، فرأى الحسن أنه سيفني المسلمون وتنازل لله عز وجل وترك الإمارة لمعاوية. فهذا دليل على أن الحسن والحسين ينتسبان إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وجاء في "مسند الإمام أحمد" عن ابن عبّاس قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام بنصف النّهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبّع فيها شيئًا، قال: قلت: يا رسول الله ما هذا؟ قال: ((دم الحسين وأصحابه، لم أزل أتتبّعه منذ اليوم)). ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 40.

فهذا دليل على أن الحسنين تجوز نسبتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بخلاف بقية الناس فإن الشاعر يقول: بنونا بنوأبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد يعني: بنونا أولاد أبنائنا هم أولادنا، أما بناتنا إذا تزوّجن فأولادهن أولاد أزواجهن. لكن هذه خصوصية للحسنين. وجاء في "مسند الإمام أحمد": كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثمّ قال: ((صدق الله ورسوله: إنّما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصّبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما)). وجاء في "صحيح البخاري": أن رجلاً سأل ابن عمر عن دم البعوض إذا قتله الشخص وهو محرم فأصابه الدم فقال: ممّن أنت، فقال: من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسمعت النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((هما ريحانتاي من الدّنيا)). وجاء في "صحيح البخاري" من حديث البراء رضي الله عنه قال: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم والحسن بن عليّ على عاتقه يقول: ((اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه)). وجاء في "جامع الترمذي" من حديث حذيفة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة)). فمنْزلتهما رفيعة، وقد ذكر العلماء رحمهم الله الشيء الكثير من مناقب أهل بيت النبوة. فالحسن والحسين وذريتهم المستقيمين منْزلتهم رفيعة.

أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ألا ترضى أن تكون منّي بمنْزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس نبيّ بعدي)). رواه البخاري. فهذا الحديث يدل على فضل علي، ولا يدل على أنه أحق بالخلافة، فإن هارون كان نبيًا. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعلي: ((أنت منّي وأنا منك)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((عليّ منّي وأنا منه وهو يقضي ديني)). ودعا بعض الأمويين سعد بن أبي وقاص ليسب عليًا، فما فعل، قالوا: ما منعك أن تسب عليًا؟ قال: أمّا ما ذكرت ثلاثًا قالهنّ له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلن أسبّه؛ لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النّعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول له خلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: يا رسول الله خلّفتني مع النّساء والصّبيان!! فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا ترضى أن تكون منّي بمنْزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس نبيّ بعدي))، وسمعته يقول يوم خيبر: ((لأعطينّ الرّاية رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله)) قال: فتطاولنا لها، فقال: ((ادعوا لي عليًّا)) فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الرّاية إليه، ففتح الله عليه ولمّا نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم (¬1) دعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال: ((اللهمّ هؤلاء أهلي)). أما الحديث الأول فهو في "الصحيحين" من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطينّ الرّاية غدًا رجلاً يفتح على ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 61.

يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله))، فبات النّاس ليلتهم أيّهم يعطى، فغدوا كلّهم يرجوه، فقال: ((أين عليّ))؟ فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه، فقال: أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا. فقال: ((انفذ على رسلك حتّى تنْزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النّعم)). وهذا الحديث يعتبر علمًا من أعلام النبوة. وفي "مسند الإمام أحمد" قال: حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني الحسين بن واقد، حدّثني عبد الله بن بريدة، حدّثني أبي بريدة، قال: حاصرنا خيبر فأخذ اللّواء أبوبكر فانصرف ولم يفتح له، ثمّ أخذه من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له، وأصاب النّاس يومئذ شدّة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّي دافع اللّواء غدًا إلى رجل يحبّه الله ورسوله، ويحبّ الله ورسوله، لا يرجع حتّى يفتح له)) فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غدًا، فلمّا أن أصبح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلّى الغداة ثمّ قام قائمًا فدعا باللّواء، والنّاس على مصافّهم، فدعا عليًّا وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللّواء، وفتح له. قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها. وجاء في "مسند أبي يعلى" من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخذ الرّاية فقال: ((من يأخذها))؟ فقال الزّبير: أنا، فقال: ((أمط))، ثمّ قال النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من يأخذها))؟ فقال رجل: أنا. فقال له النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أمط)) ثمّ قال النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من يأخذها))؟ فقال رجل آخر: أنا. فقال: ((أمط)) فأعطاها علي بن أبي طالب وفتح الله على يديه خيبر. وقد خرج مرحب وهو سيّد أهل خيبر يخطر بسيفه ويقول:

قد علمت خيبر أنّي مرحب ... شاكي السّلاح بطل مجرّب إذا الحروب أقبلت تلهّب فبرز له عامر بن الأكوع فقال: قد علمت خيبر أنّي عامر ... شاكي السّلاح بطل مغامر قال: فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له، فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه. فخرج عليّ فقال: أنا الّذي سمّتني أمّي حيدره ... كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصّاع كيل السّندره قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثمّ كان الفتح على يديه. وهكذا عمرو بن ود العامري فقد قتله علي بن أبي طالب وشارك في قتل ثلاثة من صناديد قريش وأنزل الله عز وجل: هذان خصمان اختصموا في ربّهم (¬1). فهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي اجتمعت فيه الشجاعة والفقه في الدين والزهد في الدنيا، وارتفعت منْزلته حتى صار مستشارًا لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بسبب ما أعطاه الله من الفقه. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في علي بن أبي طالب: ((من كنت مولاه فعليّ مولاه)). رواه الترمذي من حديث زيد بن أرقم. وجاء عن ستة من الصحابة: ((من ¬

(¬1) سورة الحج، الآية: 19.

كنت وليّه فعليّ وليّه)). وليس في هذا الحديث أن عليًا أحق بالخلافة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يوص بالخلافة، وإنما أشار إشارات أنّها لأبي بكر الصديق وهو حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ادعي لي أباك وأخاك، حتّى أكتب كتابًا، فإنّي أخاف أن يتمنّى متمنّ ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر)). وهذا كما يقول الإمام الشافعي والطحاوي رحمهما الله: إن الحديث لا يدل على أن عليًا أحق بالخلافة، وإنما هو ولاء الإسلام كقوله تعالى: إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون (¬1)، وكقوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (¬2) فإن قال قائل: فلم خصّ علي؟. فالجواب: أن خصوصية علي دليل على منْزلته الرفيعة. ففرق بين علو المنْزلة، وبين الاستحقاق للخلافة، فقد يكون رجلاً من أعلم الناس، ولكن ليس لديه بصيرة بالخلافة، فهل تسلم الخلافة إلى هذا الشخص الذي يعتبر من أعلم الناس، وقد يكون من أشجع الناس، ولكنه قد لا يكون لديه بصيرة لسياسة الرعية. فالسياسة شيء والعلم والزهد والشجاعة شيء آخر. فهذه بعض الأحاديث الواردة في فضل علي رضي الله عنه. وأما فاطمة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((فاطمة بضعة منّي يغضبني ما يغضبها، ويريبني ما أرابها)). رواه البخاري من حديث مسور بن مخرمة. ويقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 55. (¬2) سورة التوبة، الآية: 71.

وفاطمة بنت محمّد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، رضي الله عنهنّ أجمعين)). وجاء في "مسند الإمام أحمد" من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: ((مرحبًا بابنتي)) ثمّ أجلسها عن يمينه، أو عن شماله، ثمّ إنّه أسرّ إليها حديثًا فبكت، فقلت لها: استخصّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديثه ثمّ تبكين؟! ثمّ إنّه أسرّ إليها حديثًا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن، فسألتها عمّا قال، فقالت: ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. حتّى إذا قبض النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم سألتها فقالت: إنّه أسرّ إليّ فقال: ((إنّ جبريل عليه السّلام كان يعارضني بالقرآن في كلّ عام مرّةً، وإنّه عارضني به العام مرّتين، ولا أراه إلاّ قد حضر أجلي، وإنّك أوّل أهل بيتي لحوقًا بي، ونعم السّلف أنا لك)) فبكيت لذلك، ثمّ قال: ((ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأمّة، أو نساء المؤمنين))؟ قالت: فضحكت لذلك. فهذه فاطمة التي كانت في غاية من الزهد واختار الله عز وجل لها علي ابن أبي طالب، فقد خطبها غير واحد، منهم: أبوبكر، وخطبها بعده عمر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّها صغيرة)) ثم خطبها علي بن أبي طالب فزوجه بها. وكان مهرها درع علي بن أبي طالب الحطمية. فهذه الأدلة المتكاثرة تدل على فضل أهل بيت النبوة. وبقي: من هم أهل بيت النبوة؟. إنّهم: آل علي، وآل عقيل، وآل عباس، ومن حرمت عليهم الصدقة، فإن

قال قائل: فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((اللهمّ هؤلاء أهل بيتي)) وأشار إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين، فهذا يدل على منْزلتهم الرفيعة، ولكنه لا يدل على أن الآخرين ليسوا من أهل البيت، ونساؤه أيضًا داخلات في أهل البيت، لأنّهن في السياق، حتى كان عكرمة مولى ابن عباس يخرج في الأسواق ويصيح: من شاء باهلته أن أهل بيت النبوة هم نساؤه. فلا، ليس الأمر كما يقول عكرمة، بل نساؤه من أهل بيته. وقال بعضهم: لو كان نساؤه من أهل بيته لقال الله سبحانه وتعالى: (إنّما يريد الله ليذهب عنكنّ الرّجس، ولأتى بضمير المؤنث. فالجواب: أن أهل البيت ذكور وإناث، وغلّب الذكور كشأن كثير من الآيات كقوله تعالى: وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة (¬1)، يشمل الرجال والنساء. وهذه الفضائل المتقدمة هل هي تشمل من لم يكن مستقيمًا؟ فإما أن يكون مبغضًا للسنة، وإما أن يكون هاشميًا وقد أصبح شيوعيًا، أو بعثيًا، أو مرتشيًا، أو مديرًا للضرائب والجمارك، أو موظفا في البنك الربوي، فهل يشمله هذا؟ فأقول: إننا لا نستطيع أن ننفي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن الفضيلة لا تشمله. بل الفضيلة للمتمسكين بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أهل بيت النبوة، وأسعد الناس من كان من أهل بيت النبوة وهو من أهل السنة. فنحن ندعوهم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما إذا كان من أهل بيت النبوة وهو مقدام في الشر، فبنو هاشم هم أول من أدخل التلفزيون إلى منطقة ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 43.

(دماج)، وهم أول من أتى بنسائهم إلى الانتخابات في (دماج)، وأما القبائل فقد أصبحوا يستحيون من هذا الفعل. فإذا كان الأمر كذلك فهل نقول: إن هؤلاء لهم شرف أهل بيت النبوة؟ لا، لا، لا، قال الله سبحانه وتعالى في شأن نوح عند أن قال: ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين * قال يانوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين (¬1). وقال سبحانه وتعالى: فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (¬2). وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: يانساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين (¬3). وقال الله سبحانه وتعالى: ضرب الله مثلاً للّذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين (¬4). والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه))، ويقول أيضًا لبني هاشم: ((لا يأتيني النّاس بأعمالهم، وتأتوني بأنسابكم)). وفي "الصحيحين" من حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّ آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنّما وليّي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلّها ببلاها)) يعني ¬

(¬1) سورة هود، الآية: 45 - 46. (¬2) سورة المؤمنون، الآية: 101. (¬3) سورة الأحزاب، الآية: 30. (¬4) سورة التحريم، الآية: 10.

أصلها بصلتها. وأما حديث: ((كلّ سبب ونسب ينقطع إلاّ سببي ونسبي))، وظاهره التعارض مع قول الله عز وجل: فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (¬1)، وهو حديث صحيح وقد كنت أقول بضعفه، لأنني لم أستوعب طرقه. وهذا الحديث يدل على أن من كان مستقيمًا في هذا الزمن، فإنه يشمله هذا الحديث، وليس مجرد زهد وهو يختلس أموال الناس بالحروز والعزائم. فنريد أن نسلك مسلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفاطمة الزاهدة التقية، وهكذا الحسن والحسين رضي الله عنهما. والذي يسب الصحابة ليس له نصيب في هذه الفضيلة، يقول الله سبحانه وتعالى في شأن الصحابة: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى (¬2). فلا يشغلوك بمعاوية ولا بفلان وفلان بل اشتغل بنفسك فهل أنت راض عن نفسك؟ ولقد أحسن من قال: لعمرك إن في ذنبي لشغلاًعلى ربي حسابهم جميعًاوليس بضائري ما قد أتوه ... بنفسي عن ذنوب بني أميّةإليه علم ذلك لا إليّهإذا ما الله يغفر ما لديّه ¬

(¬1) سورة المؤمنون، الآية: 101. (¬2) سورة الحديد، الآية: 10.

أما مسألة سب الصحابة فإن الله عز وجل يقول: والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنّات تجري تحتها الأنْهار خالدين فيها أبدًا (¬1). ويقول: لقد تاب الله على النّبيّ والمهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثمّ تاب عليهم (¬2). فالذي يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدخل في هذه الفضيلة، وكذلك الذي يسب السنة ويتبرم من السنة ويؤذي أهل السنة. ومازال العلماء في اليمن منذ القدم وهم يعانون الأذى من الشيعة. وأول من أدخل التشيع والاعتزال إلى اليمن هو الهادي المقبور بصعدة، وقد دخل في زمن عبد الرزاق قبل الهادي، لكنه دخل دخولاً خصوصيًا لعبد الرزاق نفسه، أما الذي نشره في اليمن فهو الهادي. أما بالنسبة للتشيع فيجب أن نكون كلنا من شيعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأن التشيع بمعنى الإتباع، فنحن من أتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما حديث: ((ياعليّ أنت وشيعتك في الجنة))، فإنه حديث موضوع، ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات". وأما الاعتزال فهو نسف للعقيدة، فإن المعتزلة لا يؤمنون بأسماء الله وصفاته كما هي، وهم قريبون من الخوارج يحكمون على صاحب الكبيرة بأنه مخلد في النار، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((يخرج من النّار من قال: لا إله إلاّ الله، وفي قلبه وزن ذرّة من خير)). ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 100. (¬2) سورة التوبة، الآية: 117.

فهذه الأدلة المتقدمة خير من الأكاذيب والترهات التي تلقى علينا من أمثال: ((أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى))، ومثل: ((عليّ خير البشر، من أبى فقد كفر)). وعلى قولهم هذا فعليّ خير من الأنبياء والناس أجمعين. وهذا الذي تقدم من فضائل أهل بيت النبوة هو قطرة من مطرة، لأن محاضرة واحدة لن تستوعب فضائل أهل بيت النبوة، فقد ألف الدولابي كتابًا بعنوان "الذرية الطاهرة"، وألف الإمام أحمد كتابًا في فضائل الصحابة وذكر الشيء الكثير من فضائل أهل بيت النبوة، وألف المحب الطبري كتابًا بعنوان "ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى"، وهو كتاب جمع فيه الصحيح والضعيف والموضوع وما لا أصل له، لأن صاحبه ليس بمحدث، والشوكاني له كتاب بعنوان "در السحابة في فضائل الصحابة والقرابة"، ولم يتحر الأحاديث الصحيحة. من أجل هذا نتمنى أن الله يوفق طالب علم ويكتب في فضائل أهل بيت النبوة بعنوان "الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة" (¬1). فأهل السنة يحبون أهل بيت النبوة حبًّا شرعيًا، فهم يحبون علي بن أبي طالب ويحبون الحسنين وفاطمة، وعلي بن الحسين الملقب بزين العابدين، ومحمد بن علي الملقب بالباقر وجعفر الصادق وزيد بن علي، يحبونهم حبًا شرعيًا، ونعتبرهم من أئمتنا؛ فلم يكن عندهم تشيع ولا اعتزال، من أجل هذا فقد روى البخاري ومسلم لعلي بن الحسين، ومحمد الباقر وروى مسلم لجعفر الصادق، وروى أصحاب السنن لزيد بن علي رضي الله عنهم جميعًا، وقد ¬

(¬1) ثم قد وفق الله أم شعيب الوادعية جزاها الله خيرًا.

ذكرنا شيئًا من فضائلهم وثناء أهل العلم عليهم في كتابنا "إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن". أما كفانا أن أحمد بن سليمان من أئمة الزيدية له كتابان بعنوان "الحكمة الدرية" والثاني "حقائق المعرفة"، فيهما السب الصراح لأبي بكر وعمر، حتى نستورد من كتب أهل إيران، ولكن هذه الكتب التي تستورد من كتب أهل إيران تعتبر دعوة لأهل السنة لأن فيها الكفر والشرك، ففيها: أن الشمس قالت لعلي بن أبي طالب: السلام عليك يا أول ياآخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شيء عليم. وفيها أيضًا أن علي بن طالب قال وحاشا عليًا أن يقول: أما تعلم أنني أعلم السر وأخفى، وأنني أعلم ما في الأرحام. وإذا أردت أن تحصل على الكتاب الذي فيه هذا الكلام، فكلم شخصًا حالق لحية، مغبّر يديه كأنه يشتغل في الأسمنت، فإنّهم لن يعطوك إذا كنت ذا لحية، ثم يذهب إلى المكتبات في صعدة ويقول لهم: أريد كتاب "عيون المعجزات"، وكذلك كتاب "سلوني قبل أن تفقدوني"، وهو كتاب في مجلدين، وهذا الكتاب الضال فيه وهو يصف علي بن أبي طالب: أهلك عادًا وثمود بدواهيه ... كلّم موسى فوق طور إذ يناجيه وفيه أن رجلين اختصما: هل علي أفضل أم أبوبكر؟ ورضيا بأول داخل يدخل من الباب أنه الحكم، فدخل داخل وقالا له: إننا قد اختصمنا أيهما أفضل أبوبكر أم علي؟ فقال: علي أفضل لأنه خلق أبا بكر! والكتاب يباع، تبيعه في صنعاء (مكتبة اليمن الكبرى)، عجل الله

بإحراقها، فإنّها تريد أن تزعزع عقيدة اليمنيين. فيا أهل السنة تمسكوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واحمدوا ربكم الذي أنجاكم من فتنة الانتخابات، فإن بعضهم ليس عنده دين ولا شيمة ولا قبيلة، يأخذ امرأته معه فتمسك طابورًا أمام صناديق الانتخابات. فأهل السنة أنعم الله عليهم والفضل في هذا لله وحده، ليس بحولنا ولا بقوّتنا. فأهل بيت النبوة نحبهم حبًا شرعيًا ونعترف بفضائلهم حتى من كان موجودًا الآن وهو مستقيم يجب أن نحترمه ونرعى حقه، ونعرف له منْزلته وقربه من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما الذي أصبح يسب الدعاة إلى الله ويقول: هؤلاء وهّابية جاءوا بدين جديد، وهو لا يعرف شيئًا عن الدين، وقلبه معلق بالمحكمة، ولصّ من اللصوص في اختلاس أموال الناس. فقد كان هناك حاكم (بالصفراء) يأكل أموال القبائل، فقيل له: حرام عليك! فقال: لا، فالقبيلي يقول: هو يهودي ما يفعل، ويفعل، والقبيلي يقول: امرأته طالق ما يفعل، ويفعل، والقبيلي يقول كذا وكذا، فأموالهم حلال لنا. وأعظم من هذا أن المهدي صاحب "المواهب" يعتبر بلاد اليمن بلادًا خراجية بمعنى أنّها ملكهم لأنّهم طهروها من المطرفيّة. وهكذا علم الكلام، واقرءوا "الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم" إذ يقول عن القاسم العياني: إن القاسم العياني يقول: كلامي أنفع للناس من كلام الله، لأنّهم قد أجمعوا على أن علم الكلام أشرف العلوم، وأنا أفضل من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأني أعلم منه بعلم الكلام. علم الكلام الذي يقول فيه الإمام الشافعي: حكمي أن يضرب أهل علم

الكلام بالجريد ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة. ودخل البلاء حتى على المذهب، فهم يقولون: إنّهم الفرقة الناجية، وعلى مفهومهم هذا فالفرقة الناجية من منطقة (العمشية) إلى (ضحيان) (¬1)، وهي التي ستدخل الجنة. أما العلماء الأفاضل كمحمد بن إبراهيم الوزير ومحمد بن إسماعيل الأمير وهما من أهل بيت النبوة ولهم ردود على كتب الزيدية والمعتزلة، حتى أن محمد ابن إسماعيل الأمير كان يقول لأصحابه: لا ندري من نحن متبعون؟ فتارة يقولون للهادي، وأخرى لزيد بن علي، فنظمه إسحاق بن المتوكل وقال: أيها الأعلام من ساداتناخبّرونا هل لنا من مذهبأم تركنا هملاً نرعى بلافإذا قلنا ليحيى قيل: لا، وإذا قلنا لزيد قيل: لا، قرّروا المذهب قولاً خارجًاثم من ناظر أو جادل أو رامقدحوا في دينه واتخذوا ... ومصابيح دياجي المشكليقتفى في القول أو في العملسائم نقفوه نهج السّبلههنا النصّ لزيد بن عليإنّ يحيى قوله النص الجليعن نصوص الآل فابحث وسلكشفًا لقذى لم ينجلعرضه مرمى سهام المنصل ويقول بعضهم: ائتني بزيديّ صغير أخرج لك منه رافضيًا كبير. فطغت علينا كتب الرافضة من العراق، فالقاضي جعفر بن أحمد بن ¬

(¬1) إسمان لموضعين من لواء صعدة.

عبد السلام، لعله من علماء القرن السادس أو السابع ذهب يدرس في العراق، والذي أرسله هو أحمد بن سليمان وما رجع إلا بشر مستطير، أهل العراق الذين يعتبرون من عبدة قبر الحسين وقبر علي بن أبي طالب ومن الغلاة في جعفر، حتى إن هارون بن سعد العجلي يقول وقد كان شيعيًّا: ألم تر أن الرافضين تفرّقوافطائفة قالت: أمام ومنهمومن عجب لم أقضه جلد جفرهمبرئت إلى الرحمن من كل رافضإذا كفّ أهل الحقّ عن بدعة غداولو قيل إن الفيل ضبّ لصدّقواوأخلف من بول البعير فإنهفقبّح أقوام رموه ... بفرية ... فكلهم في جعفر قال منكرًاطوائف سمته النّبيّ المطهرابرئت إلى الرحمن ممن تجفّرابصير بعين الكفر بالدين أعوراعليها وأن يغدوا إلى الحق قصّراولو قيل زنجيّ تحوّل أحمراإذا هو وجه للإقبال وجه أدبراكما قال في عيسى الفرى من تنصّرا والمتأخرون غيّروا وبدّلوا وظلموا المتمسكين بالسنة، فقد كان هناك رجل في ذمار من بيت الديلمي متمسك بالسنة، فجاء إليه رجل من بيت عقبان وهو يدرّس في البخاري فلطمه ثم تضاربا في المسجد، فخرج الشيعي يصيح في الأسواق: البخاري في المسجد، فجاء العامة، وكان المسجد قد أغلق خوفًا على الديلمي من أن يقتله العامة، وكان قد ذهب مع العامة شخص وهو لا يدري ما هم عليه، فقالوا: ما هو البخاري؟ قال: (ساع الدّم مهْفل) (¬1). فهم ظلموا أهل السنة، وما انتشرت السنة إلا في هذه الأزمنة، وهذا من ¬

(¬1) باللغة العامية ومعناه: مثل الهر شعره طويل.

فضل الله تعالى، فأهل بيت النبوة يقول الله تعالى فيهم: إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا (¬1). والرجس: الإثم والعصيان، ولكن هل هذه إرادة كونية أم إرادة شرعية؟ والجواب: أنّها إرادة شرعية، ولو كانت إرادة كونية لوقعت كما أراد ربنا عز وجل. والذي أنصح به إخواننا الأفاضل من أهل بيت النبوة أن يحمدوا الله فإننا ندعوهم إلى التمسك بسنة جدهم، ولا نقول لهم: تمسكوا بسنة جدنا، فمن نحن ولا نستحق أن ندعو إلى التمسك بسنتنا، ولا بسنة أجدادنا، لكن نقول لهم: تعالوا حتى نتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي هو جدكم ويعتبر شرفًا لكم. كما ننصحهم أن يلتحقوا بمعاقل العلم ويدرسوا الكتاب والسنة، فما رفع الله شأن محمد بن إبراهيم الوزير ومحمد بن إسماعيل الأمير، وحسين بن مهدي النعمي، وهؤلاء الثلاثة من أهل بيت النبوة، ومحمد بن علي الشوكاني وهو قاض، ما رفع الله شأنهم إلا بالعلم وتمسكهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما التحكم والكبر فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر)). فترى الرجل منهم له بنات ربما يعجّزن ولا يزوّج القبائل، ولقد قال محمد ابن إسماعيل الأمير عند أن ذكر أن الكفاءة في الدين: اللهم إنا نبرأ إليك من شرط ربّاه الهوى، وولده الجهل والكبرياء، شرط ليس في كتاب الله، ولا في ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 33.

سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولقد حرمت الفاطميات في يمننا ما أحل الله لهن، ثم ذكر حديث فاطمة بنت قيس التي قال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أنكحي أسامة)) وأسامة ليس بقرشي. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه))، وكان أبا هند رجلاً حجّامًا. ولقد قرأت في كتاب اسمه "المحبّر"، وإذا جمْع من النساء الفاطميات قد تزوّجن بمن ليس بفاطمي، وهذا أمر يخالف حتى المذهب الزيدي، على أننا نقول: إن المذهب الزيدي مبنيّ على الهيام ولنا شريط في ذلك، ففي ما قرأناه في "متن الأزهار": (والكفاءة في الدين، قيل: إلا الفاطمية)، بصيغة التمريض: (قيل: إلا الفاطمية)، وإلا فالكفاءة في الدين يقول الله تعالى: ياأيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم (¬1)، وعلي بن أبي طالب زوج ابنته بعمر بن الخطاب. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج ابنته بعثمان فلما توفيت زوّجه الأخرى، فلما توفيت الثانية قال: ((لو أنّ لنا غيرها لزوّجناك ياعثمان)). فهذا ظلم للفاطميات، وهم يسمونها عندنا (شريفة)، لكن إذا جاءت الانتخابات خرجوا إليها وهم أول من سن هذه السنة السيئة (¬2). فإذا أراد إخواننا أهل بيت النبوة أن نحبهم وأن نعظمهم فليسلكوا مسلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. تنبيه: قد يسأل سائل عن معنى كلمة ناصبي، فنقول: هو من نصب ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 13. (¬2) حتى كاد يسقط الشيخ فيصل مناع في الانتخابات الأولى بسبب ما تدفق من نساء بني هاشم (الشرايف).

العداوة لآل بيت محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو الحرب سواء بيده أم بلسانه، فهذا معنى الناصبي. والمحدثون وأهل السنة يعدون الناصبي مبتدعًا، كما يعدون الشيعي مبتدعًا. تنبيه آخر: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما، كائنًا من كان))، وقد كان بويع لعلي بن أبي طالب، ثم خرج عليه من خرج رضوان الله عليهم أجمعين، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أبشر عمّار تقتلك الفئة الباغية)). فمعاوية وأصحابه يعتبرون بغاة لأنّهم خرجوا على علي بن أبي طالب وهو أحق بالخلافة، لكن لا يخرجهم بغيهم عن الإسلام قال الله سبحانه وتعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما (¬1)، فسماهم مؤمنين. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار)) فسماهم مسلمين. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخوارج الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقول في آخر الحديث: ((تقتلهم أولى الطّائفتين بالحقّ))، فقتلهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فعلي بن أبي طالب هو المصيب في جميع حروبه، ورحم الله عمر بن عبد العزيز وقد سئل عن هذه الفتن فقال: تلك فتنة طهّر الله منها سيوفنا، فلا نقذّر بها ألسنتنا. وهذه مجموعة أسئلة لها تعلق بالموضوع: السؤال1: يقال: إن هذه الآية التي يقول الله تعالى فيها: {إنّما وليّكم الله ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 9.

ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون (¬1)}، نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهل هذا صحيح؟ الجواب: ذكرت هذا في كتاب "الطليعة في الرد على غلاة الشيعة" وذكرته في "المصارعة" وأنه ليس بصحيح، فإنه من طريق محمد بن السائب الكلبي، وله طريق أخرى لا تثبت. والآية بصيغة الجمع: {إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون (¬2)}، أي خاضعون لله عز وجل، وليس كما جاء أن عليًا تصدق بخاتم وهو راكع، فسبب نزول الآية في علي ابن أبي طالب لا يثبت. السؤال2: ما صحة ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((أنا مدينة العلم وعليّ بابها))؟ الجواب: اختلف أهل العلم في هذا الحديث فمنهم من يصححه، ومن يحكم عليه بالحسن، ومنهم من يحكم عليه بالضعف، ومنهم من يحكم عليه بالوضع، والصحيح أنه موضوع، لأن علي بن أبي طالب روى أحاديث كما روى غيره، فأبوهريرة روى نحو خمسة آلاف حديث أو أكثر، وعلي بن أبي طالب روى نحو ستمائة حديث، فرواية أبي هريرة أكثر وإن كان علي بن أبي طالب ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 55. (¬2) سورة المائدة، الآية: 55.

أعلم من أبي هريرة، وأفقه من أبي هريرة. لكن الحديث في سنده أبوالصلت الهروي واسمه عبد السلام بن صالح وقد سرقه منه جمع. السؤال3: هل عائشة تعد من أهل بيت النبوة؟ الجواب: قد تكلمنا على هذا فيما سبق وهو أن نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم داخلات، ومن أهل العلم من يقول: إن أهل بيت النبي هن أزواجه، وليس بصحيح، بل هن داخلات في أهل بيت النبوة. السؤال4: ما هو يوم الغدير الذي يحتفل به الشيعة؟ الجواب: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند رجوعه من حجة الوداع جمع الناس بماء يدعى خما ثم قال: ((وأنا تارك فيكم ثقلين أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور ... )). وليس فيه أننا نحتفل بذلك اليوم، ولسنا ندري أي يوم هذا، فما ثبت في السّنة أنه اليوم التاسع أو العاشر، ولكن المسألة مسألة فخر وكبرياء وإبراز عضلات. السؤال5: هل يجوز أن نطلق على من يرجع نسبه إلى أهل البيت بأنّهم سادة؟ الجواب: لا، هذا ليس بمشروع، وهذا لم يأت إلا في القرن السادس من بعض المتزلفين إلى أهل بيت النبوة ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خصهم. والسيد في اللغة من ساد قومه، وأما إذا كان ليس له من السيادة شيء فلا. وفي مكة ربما يطلقون عليه الشريف، وهذه تسميات ما أنزل الله بها من سلطان، والتابعون لم يقولوا عن سيدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل

يقولون: عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال6: هل قولك إنه قد يكون عند الرجل شجاعة وفقه في الدين وليس مؤهلاً للخلافة لأنه ربما لا يعرف في السياسة فهل يقتضي ذلك أن عليًا رضي الله عنه لم تكن عنده سياسة؟ الجواب: عندنا أبوهريرة يحفظ خمسة ألف حديث وخالد بن الوليد لعله يحفظ قدر عشرة أحاديث، فخالد بن الوليد بطل المعارك وأبوهريرة بطل حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وللحروب أقوام بها عرفوا ... وللدفاتر كتّاب وحسّاب وانظروا إلى أبي بكر فقد اجتمعت عليه الدنيا في زمن الردة وجعل الله له فرجًا ومخرجًا حتى قال له عمر: اجلس في المدينة. فقال أبوبكر: أتقول هذا ياعمر؟ والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقاتلتهم. والفتوحات في عصر عمر بن الخطاب لعلها لم تكن أكثر منها في العصر الإسلامي من أوله إلى آخره ثم أتى بعد ذلك عثمان وعلي ولكنهما شغلا بالحرب، فليس معنى هذا أن عليًا لم تكن عنده سياسة، فأقصد من هذا أن العالم قد يكون عالمًا ولا يكون عنده سياسة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((النّاس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلةً)). فلا تكاد تجد شخصًا صالحًا للإمامة وكريمًا شجاعًا وعالمًا، فقد يكون فيه نقص من جانب أو من جوانب. السؤال7: إذا شك شخص هل هو من أهل البيت أم لا؟ فماذا يفعل وهل تعلمون من وسيلة يتأكد بها الشخص ما إذا كان من أهل البيت أم لا؟

الجواب: الأحوط ألا يلحق نسبه بأهل البيت إلا إذا كان متأكدًا والله المستعان. السؤال8: ما معنى (المذهب الزيدي مبني على الهيام)؟ الجواب: الهيام معروف، فإذا كنت تبني بناءً على هيام فإنه سيسقط، ومعنى هذا أن المذهب الزيدي ليس له كتب، "فالمجموع" الفقهي والحديثي من طريق عمرو بن خالد الواسطي يرويه عنه إبراهيم بن الزبرقان، فأما عمرو فكذاب وأما إبراهيم بن الزبرقان ففيه ضعف، يرويه عنه نصر بن مزاحم وقد قال الذهبي فيه: كان كذابًا زائغًا عن الحق. فالكتاب لا يثبت، وهكذا كتاب "القراءات" من طريق أبي حيان التوحيدي علي بن محمد ويعتبر من زنادقة الإسلام، بل يقول ابن الجوزي: زنادقة الإسلام ثلاثة: أبوالعلاء المعري، والراوندي، وأبوحيان التوحيدي، قال: التوحيدي أضر الثلاثة لأنّهما بيّنا، ومجْمج. فعلى هذا لا توجد كتب تثبت نسبتها إلى زيد بن علي رضي الله عنه ورحمه الله. ولست أدعوكم إلى الانتقال من المذهب الزيدي إلى المذهب الحنبلي أو المذهب الشافعي أو إلى المذهب الحنفي أو المذهب المالكي، بل ندعوكم من الانتقال من المذهب الزيدي والشيعي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال9: هل من السنة أن نقول: علي كرم الله وجهه؟ الجواب: لم يثبت أن نخصص عليًا بـ (كرم الله وجهه) أو (عليه السلام) لكن لا يصل إلى حد البدعة، أما (عليه السلام) فقد وجد في "البخاري" وفي

"مسند أحمد" والأحسن أن يجرى علي رضي الله عنه كإخوانه من الصحابة وأن نقول: علي رضي الله عنه. ****** وهذه تكملة للموضوع وهو موضوع واسع الأطراف لا تفي به محاضرة ولا محاضرتان ولا ثلاث ولا أربع، ذلك أنه ليس مقتصرًا على فضائل أهل بيت النبوة، بل فيه تعرض لمن بدّل وغيّر منهم. فقد جاء عن وكيع بن الجراح رحمه الله أنه قال: أهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل البدعة لا يكتبون إلا ما لهم. فأهل السنة يلازمون العدالة قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬1)}، وقال الله سبحانه وتعالى: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬2)}، وقال سبحانه وتعالى: {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان (¬3)}. وقال سبحانه وتعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬4)}. وفي "الصحيحين" من حديث عبادة بن الصّامت قال: بايعنا رسول الله ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 135. (¬2) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬3) سورة النحل، الآية: 90. (¬4) سورة المائدة، الآية: 8.

صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحقّ أينما كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم. وفي "مسند أحمد" من حديث أبي ذر، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن يقول الحقّ ولو كان مرًّا. فأهل السنة في القديم والحديث يتحرون غاية التحري فلا يقدحون إلا فيمن يستحق القدح، ولا يعدلون إلا لمن يستحق التعديل، من أجل هذا أمنهم الناس واعتد الناس بأقوالهم، فمن جرحوه فهو المجروح، ومن عدلوه فهو المعدل، لأنّهم ليس لهم أغراض، وبما أن الأمر كذلك فقد بقيت أحاديث نذكرها في فضائل أهل بيت النبوة منها: ما روى مسلم في "صحيحه" عن علي رضي الله عنه أنه قال: والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة إنّه لعهد النّبيّ الأمّيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق. ومعنى الحديث أنه لا يحب عليًا لكونه ناصر الإسلام إلا مؤمن ولا يبغض عليًا لكونه ناصر الإسلام إلا منافق. وقد جاء في فضائل الأنصار ذلك الحديث: ((لا يحبّهم إلاّ مؤمن، ولا يبغضهم إلاّ منافق)). وجاء في "صحيح البخاري" عن بريدة: قال بعث النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليًّا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليًّا قال: فأخذ عليّ جاريةً من الخمس لنفسه فقال خالد بن الوليد: دونك قال: فلمّا قدمنا على النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعلت أحدّثه بما كان، ثمّ قلت: إنّ عليًّا أخذ جاريةً من الخمس؟ قال: وكنت رجلاً مكبابًا (¬1) قال: فرفعت رأسي فإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد تغيّر! فقال: ((يا ¬

(¬1) وهذه اللفظة خارج الصحيح، ومعنى مكبابًا أي: لا أنظر إلى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنظر إلى الأرض.

بريدة أتبغض عليًّا))؟ فقلت: نعم، قال: ((لا تبغضه وإن كنت تحبّه فازدد له حبًّا فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك)). وورد في فضائل أحد الحسنين والحديث في "البخاري" أن كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي فجاء وجلس على ظهر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأطال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم السجود، فسأله الصحابة بعد انتهاء الصلاة عن إطالته السجود فقال: ((لكنّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعجّله)). وورد في "صحيح البخاري" عن ابن عباس قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعوّذ الحسن والحسين، ويقول: ((إنّ أباكما كان يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق، أعيذكما بكلمات الله التّامّة، من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلّ عين لامّة)). فهذه من الفضائل التي تدل على فضائل الحسنين رضي الله عنهما. ومحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعلت ستارًا يتستر بها الرافضي، والرافضة أئمة شيعة اليمن يضللونهم، بل عدّهم الإمام المهدي من الثنتين والسبعين فرقة الهالكة، فالرافضة لهم قرآن فيه زيادة على كتاب الله، ويعتبرون سبّابين للصحابة. أما أئمة شيعة اليمن الذين هم مقتدون بهم فمثل: الهادي، وأحمد بن سليمان، والمهدي، ويحيى بن حمزة. فأما الهادي فإنه رائي، يقدم الرأي على النص، فقد قرأت في بعض كتبه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ولا يبعْ حاضر لباد)) فيقول الهادي: إذا جاءت امرأة فالأحسن أن تضع بضاعتها في دكان الحاضر، والحديث لا ندري أيصح أم لا يصح. اهـ كلامه. وهذا الحديث متفق عليه. ويستدلون بأحاديث ضعيفة وموضوعة يصححون ما يشاءون ويضعفون

الأحاديث التي في "الصحيحين" فقد زادوا في حديث: ((ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي))، فزادوا: ((ليست)) وهذا في بعض كتبهم الصغيرة التي هي على طريقة السؤال والجواب، قرأناه في (جامع الهادي) عند أن كنت أدرس عندهم. ويعمدون إلى أحاديث متفق عليها ويقولون: لا يصح، إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: كنّا جلوسًا عند النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: ((إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)). فقال حابس في "شرح الثلاثين المسألة": حديث لا يصح، جرير بن عبد الله كان يخون أمير المؤمنين. أقول: وحاشا جريرًا من خيانة أمير المؤمنين، بل هو من محبي أمير المؤمنين في حياة علي وبعد وفاته. وقال أيضًا: قيس بن أبي حازم ناصبي. قلت: والحديث مروي عن أبي هريرة وأبي سعيد بل يمكن أنه جاء عن نحو ثلاثين صحابيًا كما في "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" للحافظ ابن القيم رحمه الله. فهم يصححون الحديث إذا كان موافقًا لأهوائهم ويضعفون الحديث إذا كان يخالف معتقدهم ولو كان في غاية من الصحة. وشيعة اليمن الذين يسبون الصحابة يقتدون بزياد بن المنذر أبي الجارود، وهو كوفي وقد قيل إنه همداني، فلا يمنع أن يكون نزل إلى الكوفة، أو نزل أهله إلى الكوفة، فهو كذاب سباب شتام كما في ترجمته من "ميزان الاعتدال" وقد قال هذا الكلام يحيى بن حمزة في كتابه "الرسالة الوازعة للمعتدين في

سب صحابه سيد المرسلين" قال: إن السبابة ليسوا مقتدين بأئمة اليمن ولكنهم مقتدون بزياد بن المنذر وبمن يماثله من الكوفيين. فالتشيع جعل ستارًا، فالمكارمة الذين هم أكفر من اليهود والنصارى يتسترون بالرفض، وهم يسكنون بنجران ومنهم أناس يسكنون بنقم بصنعاء، وفي حراز وعراس، ولا فرق بين المكرمي والشيوعي والملحد، ويسميهم البغدادي في "الفرق بين الفرق" ونقل ذلك عن العلماء بالدهرية. ويقول شيخ الإسلام في النصيرية: إنّهم يتسترون بالرفض وهم يبطنون الكفر المحض. وهم يتسترون بمحبة أهل البيت، وإذا سمعوا الرعد قالوا: سبحانك، هذا علي بن أبي طالب في السحاب. ويقولون بتناسخ الأرواح. فهؤلاء يتسترون بمحبة أهل البيت: سارت مشرّقةً وسرت مغرّبًا ... شتّان بين مشرّق ومغرّب فشتان بين أهل بيت النبوة وبين أولئك الذين يتأكلون بالدين. والخميني ومن على شاكلته وعبدة القبور، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الّذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذّباب شيئًا لا يستنقذوه منه ضعف الطّالب والمطلوب (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما ¬

(¬1) سورة الحج، الآية: 73.

استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير (¬1)}. وقد درست بصعدة قدر ثلاث سنوات فما وجدتهم إلا صمًا بكمًا عميًا فهم لا يعقلون، يقولون: قد قال سيدي فلان، وقال القاسم وقال كذا وكذا، أما قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يوجد عندهم. وبما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار))، فنستطيع أن نقول: التشيع في النار، ولسنا نعني أفراد الشيعة، ونستطيع أن نقول: الرفض في النار، ولسنا نعني أفراد الرافضة، ونستطيع أن نقول: الباطنية في النار، فالذي يعرف الباطنية ويعتقد مذهبها ويعتنقه فالأفراد في النار، لأنّهم يعتبرون كفارًا. والمبتدعة إن تكلم فيهم أهل السنة يبقون حيارى، فهم إن ردوا صاروا مدافعين عن فضائحهم وعلم الناس أن هذه الفضائح موجودة عندهم حتى الحزبيون وإن سكتوا علم الناس أنّهم عاجزون مبطلون، فأنتم على خير ياأهل السنة، حتى ردودهم تعتبر نصرًا ورفعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولا تسأل عن حالة السفيه الكذاب محمد المهدي (¬2)، فربما يجن فهو في حيرة، فكثير ممن كانوا معه ذهبوا ودخلوا في الانتخابات، وهو يحب هذا لكنه يخشى من لطمات أهل السنة. فيجب أن تحمدوا الله يا أهل السنة، فالله هو الذي نصركم وأيدكم، ¬

(¬1) سورة فاطر، الآية: 13 - 14. (¬2) الحمد لله وضح أمر هذا السفية الكذاب، فحُكِّم في قضية هو واثنان معه وحكموا على المخطئ أن يذبح عند المُخطأ عليه أربعة أثوار وهذا ذبح لغير الله. والله أعلم ماهي نِهاية محمد المهدي.

فليس بقوتكم ولا فصاحتكم ولا كثرة علمكم. فإن رد عليكم خصومكم صار نصرًا لكم، فقد أتاني ذات مرة أخ بشريط للمكارمة الذين في نجران ردّ عليّ، وهذا الأخ المسكين يقول: نريد منك أن ترد على هذا الشريط، فلما سمعته فإذا هو شريط سفيه من سفيه فقلت: أأرد على مثل هذا، والآن مات الشريط وليس له ذكر. ورافضة صعدة ألفوا كتابًا بعنوان "فصل الخطاب في الرد على المفتري الكذاب" فجاء بعض الأخوة وقالوا: نريد منك أن ترد على هذا؟ فقلت: أمثلي يرد على هذا، وأنا يعجبني الهجوم وليس المدافعة. ثم بلي الكتاب وضاع والحمد لله. أما البيضاني المسكين فقد ألف كتابًا وجاء بعض الناس يقولون: تراجع يا أبا عبد الرحمن عن هذا قبل أن يخرج الكتاب، فلما قرأت الكتاب إذا هو هراء وكذب وحاله كما قلنا قبل مثل الذي يقول {فويل للمصلّين (¬1)}، فنحن لا نصلي، وكما قال الشاعر: دع المساجد للعبّاد تعمرهاما قال ربك ويل للألى سكروا ... واعمد بنا حانة الخمّار يسقيناوإنما قال: ويل للمصلينا ونحن بحمد الله نعتبره نصرًا للسنة وبيانًا لأحوالهم. والذي أنصح به أهل السنة أن يلازموا العدالة. ومن فضائل أهل بيت النبوة، الصلاة عليهم مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اللهم صل ¬

(¬1) سورة الماعون، الآية: 4.

على محمد وعلى آل محمد، ونحن بحمد الله نكتبها في كتبنا ونذكرها في خطبنا، والإمام الشافعي يقول: ياأهل بيت رسول الله حبّكمكفاكم من عظيم القدر أنكم ... فرض من الله في القرآن أنزلهمن لم يصلّ عليكم لا صلاة له وأما الصدقات التي أكلها أصحاب رحبان وأهل صعدة، هاشمي علوي وهو يأخذ الزكوات للشريفة الفلانية والشريفة الفلانية. وقد حرم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصدقة عليهم، فهو يعتبر تشريفًا لهم، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث أبي هريرة في "الصحيحين" وقد رأى الحسن بن علي وقد أكل تمرة من الصدقة فأدخل إصبعه في فيه وأخرجها وقال: ((كخْ كخْ، أما تعرف أنّا لا نأكل الصّدقة))، وصار تحريمها على أهل بيت النبوة لشيء آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا الناس يتصدقون وأخذ منها فربما يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض: هو يدعو الناس إلى الصدقة وهو يأخذها. كما يقول الله عز وجل: {ولا يسألكم أموالكم * إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (¬1)}، فتحريم الصدقة على أهل بيت النبوة يعتبر شرفًا لهم. وبقى شيء وهو أن بعض الناس يقول: إن الأتباع كلهم من آل محمد، وكل الأمة من آل محمد لأنّهم يعتبرون أتباعًا له، واستدلوا بقوله تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب (¬2)}. فهذا استدلال ليس بصحيح لأن النبي ¬

(¬1) سورة محمد، الآية: 36 - 37. (¬2) سورة غافر، الآية: 46.

صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((اللهمّ هؤلاء أهل بيتي))، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حرم الصدقة على أهل بيته، فعلى هذا فهي محرمة على جميع المسلمين لأنّهم يعتبرون من آل محمد فهو استدلال في غير موضعه. ومن فضائل علي رضي الله عنه قتل عمرو بن ود العامري، وأما حديث: ((إنّ قتْل عمرو بن ودّ العامري يعدل عبادة الثّقلين))، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي وغير واحد: إنه موضوع، لأن عبادة الثقلين يدخل فيها الأنبياء، ويدخل فيها أهل بيت النبوة. فالحديث موضوع، وأما أصل القصة فلها طرق متكاثرة في "مستدرك الحاكم" لا نستطيع أن نحكم بضعفها بل هي ثابتة إن شاء الله. السؤال10: ما معنى قولك إن أفراد الباطنية في النار؟ الجواب: نعم هم في النار لأنّهم كفار، ونحن الآن نقول إن اليهود والنصارى في النار، بخلاف الشيعة، فنحن نقول: التشيع في النار، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار))، لكن لا نستطيع أن نحكم على الأفراد بأنّهم من أهل النار. لكن هؤلاء الباطنية يعطّلون جميع الشرائع، وقد أظهر هذا علي بن الفضل القرمطي لا رحمه الله عند أن استولى وكانت له سلطة في اليمن، والهادي من أعظم الناس قتالاً للقرامطة. السؤال11: كيف بالذي هنا (¬1) من بني هاشم وليس له طعام إلا من الصدقات التي تأتي من أهل الخير؟ ¬

(¬1) في دار الحديث بدماج.

الجواب: الذي ينبغي أن يعلم أن أكثر الذي يأتي إلى هنا هو من الزكوات، فربما كتبوا عليه بأنه من الزكوات، ومنه ما ليس من الزكوات بل هي مساعدة لطلبة العلم، وعلى الفرض أنه كله من الزكاة فإن شاء الله يكون صدقة لمن ليس بهاشمي وهدية من إخوانه الذين ليسوا بهاشميين على الهاشمي كما دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد طلب طعامًا فقدموا له طعامًا غير مأدوم فقال: ((ألم أر البرمة)) فقيل: لحم تصدّق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصّدقة، قال: ((هو عليها صدقة ولنا هديّة)). السؤال12: ما تقول في صوفية حضرموت عندما يأكلون الصدقة، وهل يجوز لنا مضاربتهم عندما يدخلون بالدفوف المسجد؟ الجواب: صوفية حضرموت أغلبهم من العلويين، وأعجب من الذين يقولون: نحترم الهاشميين وأهل البيت، وهذا ينفق عند أهل صعدة، فعند أن جاء علي سالم البيض إلى صعدة يقولون: مرحبًا بأبي هاشم. فصوفية حضرموت إذا قويت السنة هنالك فإنّهم سيذوبون، وأما نحن فقد بقي عندنا في صعدة بعض المغفلين من مشايخ القبائل، فربما يعطونه عشرين ألفًا ويخرج ببندقيته يدافع عنهم، وإلا فإننا كنا قد استرحنا من قبة الهادي والمهدي وفلان وفلان، فتصير المعركة بيننا وبينهم، ونحن عازمون إن شاء الله على خراب القبة إن شاء الله اليوم أو غدًا أو بعد غد. لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر علي بن أبي طالب أن لا يدع قبرًا مشرفًا إلاّ سوّاه، ولا صورةً إلاّ طمسها، وأنا متأكد لو خرج علي بن أبي طالب وحدث بهذا الحديث لقالوا له: أنت وهابي.

فصوفية حضرموت ليسوا كشيعة صعدة، شيعة صعدة قلوبهم مملوءة بالحقد على السنة وعلى أهل السنة منذ عرفناهم، لكن أولئك إذا انتشرت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمن الممكن أن يعودوا إلى السنة، وعلى كل إذا كانوا يضربون بالدفوف في المساجد واستطعتم أن تخرجوهم أخرجتموهم، ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))، وإذا لم تستطيعوا تحذرون من هذا الفعل الشنيع في مساجد أخرى، وإذا لم تستطيعوا فبقلوبكم، وأحسن من هذا أن تجتهدوا في التعليم فما تشعرون إلا وقد ذابوا. والحمد لله فهم ليس فيهم الشر مثل شيعة صعدة الذين قلوبهم حاقدة على السنة وعلى أهل السنة. السؤال13: يقول بعض الناس: إنما حرمت عليهم الزكاة لأنه كان لهم الخمس، وأما الآن والخمس قد عدم فيعطون منه شيئًا إن وجد، فيجوز أن يعطوا من الزكاة الآن؟ الجواب: هذا قولهم لكنه مصادم لحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تحلّ الصّدقة لآل محمّد)). وليس فيه حديث: "إذا منعوا من الخمس فإنّهم يباح لهم الزّكاة"، بل يحترفون فأبواب الرزق كثيرة والمكاسب كثيرة، فهو خير لهم من أن يأكلوا من شيء حرّم عليهم، قال بعضهم: لأن يأكل من الميتة أهون من أن يأكل من الزكاة.

السؤال14: ما معنى تناسخ الأرواح؟ الجواب: معناه أن الشخص إذا مات انتقلت روحه إلى فلان، فمثلاً شخص يكون معروفًا بالبطولة ومات قالوا: انتقلت روحه إلى فلان الآخر الحي، وهذا ليس بصحيح وما أنزل الله بهذا من سلطان، والروح تعذب مع الجسد أو تكرم مع الجسد. وقد قالت بتناسخ الأرواح النصيرية. السؤال15: كيف نجمع بين حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي))، وبين ما هم عليه الآن أو أكثرهم؟ الجواب: تقدم أن قلنا إن الآيات والأحاديث تنْزل على المستقيمين الذين هم أهل سنة، وأما من انحرف فلا يدخل في هذا. السؤال16: اتسعت دعوة النسبة لأهل البيت في هذه الأزمنة حتى بلغوا في إيران ثمانية ملايين شخص وكذا كثير منهم لا سند عنده وإن وجد فسنده ضعيف، فهل يقال: لا بد من إثبات السند وإلا اتسعت الدعوة، وهل يعتبر بالشهرة؟ الجواب: أما هذه الكثرة الكاثرة فنحن متأكدون أنّهم ليسوا كلهم من أهل بيت النبوة، لكن لا يجوز لنا أن نطعن في شخص بمفرده إلا بإثبات صحيح أنه ليس من أهل بيت النبوة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((اثنتان في النّاس هما بهم كفر، الطّعن في النّسب، والنّياحة على الميّت)). فلا يجوز لأحد أن يطعن في نسب أحد ويقول: أنت لست من بيت

القاسم، فإن كان عندك دليل مثل الشمس أنه ليس من بيت القاسم قلته، وإلا فلا يجوز لأنك ترتكب كبيرة، لكن تقول له: إن نسبك هذا لا ينفع إلا إذا كنت مستقيمًا على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأهل الأهواء ربما يستدلون بقوله تعالى: {ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم (¬1)}. ويقول إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يخلّف أحدًا، فنقول: إن هذه مكابرة، فقد سمى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحسن والحسين ابنيه. السؤال17: هل زكاة الهاشميين تحل للهاشميين، لأن شيخ الإسلام أفتى بجوازها عليهم على انتفاء علة عدم الشرع في التلصص؟ الجواب: لا يوجد دليل صحيح على أن زكاة الهاشمي تحل للهاشمي، نعم يوجد حديث ضعيف، فلا تحل لهم الزكاة على عمومها. السؤال18: صوفية زبيد لهم شبهة، حيث يقولون: نحن هاشميون ولا تجوز لنا الصدقة نحن نفتي الناس ونأخذ عليها أجرة لأنه لا يوجد لنا ما يسد حاجتنا؟ الجواب: في "صحيح مسلم" في كتاب الزكاة أن شخصين أتيا إلى علي بن أبي طالب أحدهما هاشمي والآخر من موالي الهاشميين، وقال لهما علي: أين تذهبان؟ قالوا: نريد أن تكلّم لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستعملنا كما يستعمل الناس حتى نصيب مالاً ونتزوج، فقال علي: لا أفعل، فقالا: ما يمنعك إلاّ الحسد! فقال علي: فاذهبا. فذهبا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يريدان العمل على ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 40.

الصدقة من أجل أن يحصل لهما شيء من المال ليتزوجا، فأبى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم دعا خادمه وأمره أن يزن لهما مالاً ليتزوجا، وأبى أن يستعملهما. فلا يجوز أن يستعمل من هو هاشمي على الصدقة من أجل أن يصيب مالاً. السؤال19: أنا من قبيلة يزعمون أنّهم ينتسبون إلى آل البيت ولهم في نسبهم هذا كتاب، فهل يجوز لي أن أنتسب بنسبهم؟ الجواب: لا أعلم مانعًا من هذا، بل واجب عليك ألا تأكل من الصدقة وأن تتمسك ما استطعت بالكتاب والسنة. هذا إن ثبت النسب، وقد ادعى العلوية كثير. السؤال20: ما رأيك في مرتضى محطوري الذي يقوم بتشديد حركة التشيع في اليمن وهو مقيم في صنعاء، وهو يؤيد الرجل الذي ادعى النبوة المسمى مول؟ الجواب: هذا رجل درس في الأزهر وحصل على رسالة الماجستير، ثم حضّر رسالة دكتوراه وتكلم على حديث من طريق عمرو بن العاص: ((إنّ آل أبي ليسوا بأوليائي إنّما وليّي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلّها ببلاها)). فقال في هذا الحديث: يكفينا في رده أنه من حديث عمرو بن العاص وهو مقدوح العدالة، فلا نتكلف في البحث عن سنده، فأوقفوا رسالته الدكتوراه حتى يصحح ما فيها من الأخطاء، والتزم أن يصحح ما فيها من الأخطاء، فهو رجل مدعوم من جهة من الجهات، وسيره ليس بعادي، لكن كما يقول ربنا عز وجل في تلك الجهات التي تمول الباطل: {فسينفقونها ثمّ تكون عليهم

حسرةً (¬1)}. والحمد لله فدعوته ليس لها أثر، وإلا فقد صار ينطح ويركض ويذهب إلى المحابشة وحجور وغيرهما من المناطق، لكن أصل الدعوة مدبرة. والآن دعوة التشيع في دبور، وكذلك دعوة الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، فأنصح كل أخ ألا يحشر نفسه مع المدبرين، والحمد لله فدعوة أهل السنة في قبول والناس مستجيبون لهذا، والله المستعان. السؤال21: ذكرت أن غير الملتزمين من أهل البيت ليس لهم الفضل، أم الذين ارتدوا عن الإسلام؟ الجواب: الذين خرجوا وصاروا شيوعيين أو بعثيين أو ناصريين ليس لهم الفضل البتة، بل الإثم عليهم أكثر، والذين صاروا فسقة أو ماديين، أو في وظائف محرمة فلا يدخلون في هذا الفضل، إلا أنّهم يتفاوتون، فالفاسق ليس كالكافر المرتد. ***** وبعد الانتهاء من المحاضرة وقفت على ترجمة عالم من علماء اليمن في كتاب "هجر العلم ومعاقله في اليمن" لأخينا في الله القاضي إسماعيل الأكوع حفظه الله، والكتاب قبل هذا كتاب مفيد إلا أنه ينتقد عليه أمران ونذكر هذين الانتقادين من أجل أنه إذا أعاده في طبعة أخرى لعل الله يوفقه لحذف ما اشتمل عليه هذان الانتقادان: ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية: 36.

أحدهما: الصور، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة))، متفق عليه من حديث أبي طلحة، وأمر علي بن أبي طالب أن لا يدع قبرًا مشرفًا إلاّ سوّاه، ولا صورةً إلاّ طمسها، وفي رواية: ولا تمثالاً إلاّ طمسه. ولنا بحمد الله رسالة مطبوعة بعنوان "الحكم في صور ذوات الأرواح" وكان الحامل لنا على كتابة هذه الرسالة مع أنه قد كتب في تحريم الصور، أن بعض أهل العلم قد أصبح يلبس عليهم الإخوان المسلمون، فالإخوان المفلسون ابتلى الله الدعوات بهم. والحكومات لا تستغني عن الإخوان المسلمين، لأن الإخوان المسلمين يلبّسون على الشعوب، فإذا كانت الحكومة تهوى أمرًا ما، أو أمريكا تهوى أمرًا ما، فيخرج لنا أناس من ذوي اللحى والعمائم وثوبه الذي إلى وسط الساق واللحفة، يلبّسون على الناس ويقولون: قد قال الله عز وجل كذا وكذا، فالحكومات إذا أرادت أن تنفذ أمرًا أوعزت إليهم أن يمهدوا له. فقد جاء (راشد الغنوشي) لا بارك الله فيه ولا فيمن أتى به من أجل أن يمهد للديمقراطية. ومن أجل تلبيسهم على أهل العلم كتبت الكتاب بالأسانيد والحكم على الأحاديث على أحسن ما يرام فيما أعلم. أما الانتقاد الثاني على كتاب: "هجر العلم ومعاقله في اليمن": فهو ثناؤه على بعض الشيعة، وقد سبقه الشوكاني أيضًا في "البدر الطالع" فهو يقول: مولانا، وسيدنا، والسيد فلان.

ويجب على أهل السنة أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى على ما هم عليه الآن، فهم يستطيعون أن يقولوا ما يريدون، وهذا أعظم من المواجهة بالمدفع والرشاش، ولسنا بحمد الله نواجههم بالمدفع والرشاش فإننا نعتقد أنّهم مسلمون مبتدعون. وكذلك بعض الصوفية ربما يثني عليهم، فهو يحتاج إلى نظر في هذا الكتاب. وأخونا إسماعيل رجل محب للسنة، ونرجو أن الله سبحانه وتعالى يوفقه لإزالة هذه الأمور. ثم إنه بلغني أنه قد أصبح من المستشارين في حزب الإصلاح فبئس ما صنع، ونعوذ بالله من سوء الخاتمة. ومقالة هذا العالم البطل التي وجهها إلى الإمام يحيى بن محمد حميد الدين، نوجهها الآن إلى حكومات المسلمين. إن كانت تملك من الأمر شيئًا، وإن كانت مستعبدة لأمريكا فلا حول ولا قوة إلا بالله، نوجهها أنه يجب عليهم أن يزيلوا ما اشتمل عليه هذا المقال الذي يصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)). ثم إننا نستفيد من هذا المقال، أو من هذه الكلمة التي هي كلمة حق، أننا نستطيع أن نكتب ونخطب، والسبب في هذا أن الله سبحانه وتعالى أزال الدولة الشيعية عن اليمن وإلا فمن كان يستطيع أن يخطب أو يكتب أو يخالف ما يريدون. قال القاضي إسماعيل بن علي الأكوع حفظه الله في كتابه "هجر العلم ومعاقله في اليمن" (ج4 ص2088 - 2094): يحيى بن محمد بن لطف بن محمد شاكر: إمام مبرز في علوم الحديث

والتفسير، مشارك مشاركةً قويةً في النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والقراءات، مع معرفة قوية بالفقه والفرائض وعلم الأصول. اجتهد في طلب العلم وتحصيله حتى فاق أقرانه، وزاحم شيوخه فتخطاهم، ولما عرف أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحدهما هو الحق الذي يجب أن يتبع، نبذ التقليد وانقطع لدراسة علوم الكتاب والسنة حتى صار مجتهدًا مطلقًا، وأخذ يدعو إلى ترك التقليد، كما نعى على علماء عصره تمسكهم به، وأنكر على الإمام يحيى بن محمد حميد الدين أمورًا يعملها على أنّها من الدين، وهي ليست من الدين في شيء -كما قال- وذلك في رسالة وجهها إليه وعدّ بعض تلك الأمور نوعًا من الشرك والكفر، وانتقد المذهب الزيدي لتسامحه في تلك الأمور، فاستشاط الإمام يحيى منه غيظًا واستدعاه إلى صنعاء، وكلف أحمد بن عبد الله الكبسي وأحمد بن علي الكحلاني وعبد الله بن محمد السرحي ومحمد بن محمد زبارة بالاطلاع على تلك الرسالة الموجهة إلى الإمام ومناظرته والردّ عليه، وقد اجتمعوا به بحضور محمد بن حسن الوادعي وعبد الرحمن بن حسين الشامي لمراجعته للعدول عن رأيه، ولكنه أصرّ على تمسكه بما جاء في رسالته وعزّزها برسالة إلى أولئك العلماء (¬1) هذا نصها: الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .. حفظكم الله تعالى وعافاكم، وكفاكم مهمات الدارين آمين. لم أرد بما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا ما أراده الله ورسوله، ¬

(¬1) كان الإمام يحيى يريد من العلماء أن يجدوا مسوغًا شرعيًا لقتله، ذلك لأنه كفَّره، ولكنهم كانوا يوافقون صاحب الترجمة في كثير مما ذهب إليه. (الأكوع).

فأنا غير مخطئ ولا آثم بذكرهما يقينًا لا أشك فيه، وقد أشتهر أن الإمام حفظه الله منصف وسيظهر صدق ذلك من كذبه الآن. فأقول: لا يمكن إزالة ما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا بعد حصول أحد ثلاثة أمور: أحدهما: إزالة جميع المنكرات والبدع الموجودة الآن، من قبب (قباب جمع قبّة) ومشاهد (شواهد القبور) ومكوس (جمع مكس وهو ما يؤخذ على التجار من ضرائب مقدار عشرة في المئة) وإسبال (عدم ضم اليدين في الصلاة) وجمع بين الصلاتين (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء) وتكفير أهل السنة، وإيثار قراءة غير الكتاب والسنة وما يوصل إليهما. فإذا أزيلت هذه الأمور، وأمر الإمام بالمعروف، ونهى عن كل منكر وبدعة تحت وطأته بادرت بإزالة ما في الرسالة من شرك وكفر، وإن كان حقًا، فإن زعم عدم قدرته على إزالة ما ذكر فهو كاذب يكذبه كلّ عاقل. ثانيًا: أن تعرض الرسالة على جميع العلماء الذين هم تحت وطأة الإمام فإذا أجمعوا على أن ذكر الشرك والكفر مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، قلت لهم: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (¬1)}، أنا أو هم. ثالثًا: إنّهم إذا تأبّوا عن المباهلة رقم كل واحد منهم شهادته على بطلان ما ذكرته، وأن الإمام مصيب في كل ما فعله، ولفظ الشهادة التي يرقمونها: ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 61.

نشهد لله أن ما ذكره فلان من الشرك والكفر في رسالته باطل، وأنه مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، ونشهد لله أنه لا يلزم الإمام رفع شيء من المكوس التي يأخذها على المسلمين، ولا يلزمه هدم القبب والمشاهد، ولا نهي الناس عن التسريج عليها وقبول النذر لها، ولا يلزمه إزالة أي بدعة من هذه البدع الموجودة الآن من الإسبال في الصلاة والجمع بين الصلاتين تقديمًا، وتكفير أهل السنة وإيثار غير الكتاب والسنة عليهما، ولا يلزمه شيء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فمتى رقموا هذه الشهادة، وكتب كل عالم من علماء دولة الإمام علامته، وسلّمت إليّ محوت الشرك والكفر، أو أحرقت الرسالة بالكلية فإن أبوا عن الشهادة للإمام بأنه لا يلزمه شيء إلى آخر فليرقموا شهادتهم عليه بأنه يلزمه ما ذكر من إزالة المكوس وغيرها. فإن لم يحصل شيء مما ذكر البتة، وكذا إذا اختار الإمام أحد الثلاثة -أي الأمور- وأخل بشعبة من شعب ذلك الأمر الذي اختاره فلا يمكن، فإن ادعى أنه لا يمكنه إزالتها دفعةً، بل على التدريج فليفعلها على التدريج، ومتى أكملها فعلت المشار إليه، وإلا فلا يمكن محوها البتة، لو فعلوا بي ما فعلوا فإني من ديني على بصيرة، فلا قلق من شيء البتة لو أجتمع عليّ أهل الأرض ما باليت بهم في ذات الله لأني أعلم من نفسي أن هواي مع الله ورسوله لا مع نفسي أو مع أحد من المخلوقين، كما هو دين أكثر أهل العصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر آخر (محرم سنة 1357). من يحيى بن محمد بن لطف، لطف الله به .. آمين.

فلما قرأ هؤلاء العلماء هذه الرسالة صاروا في أمر مريج، فهم لم يكونوا من الشجاعة في قول الحق ما يجعلهم يقفون إلى جانب صاحب الترجمة، ولا هم من ضعف الإيمان بالدرجة التي تجعلهم ينكرون على صاحب الترجمة ما جاء في رسالته جملة وتفصيلاً. وقد انتهى الأمر بأن أبلغ العلماء الإمام بموقف صاحب الترجمة وإصراره على عقيدته في الإمام، فما كان منه إلا أن أذن له بالعودة إلى معمرة ليبعده عن صنعاء فعاد بعد أن أدى ما أوجب الله عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولكنه بقي في نفس الإمام عليه من الكره والحقد والألم مالا تستطيع السنون محوه، ولهذا فإنه ما كاد الخلاف بين صاحب الترجمة وبين بعض علماء معمرة المتعصبين لمذهبهم الزيدي الهادوي يستطير لإعلانه وجوب التمسك بالعمل بالكتاب وصحيح السنة كالأذان بالتربيع وحذف (حي على خير العمل) والرفع والضم والتأمين في الصلاة حتى تصدى له حسين بن محمد الشرفي ومنعه من الأذان في المسجد فكان يؤذن من سطح داره أذان أهل السنة، وكان إذا قال في الصلاة آمين ومدّ بها صوته عارضه حسين الشرفي بقوله: (طاعون!) مما حمله بعد أن لاقى من المتاعب في سبيل نشر السنة ما لاقى أن وصف "شرح الأزهار" -كما أخبرني أخوه القاضي لطف بن محمد ابن لطف بن محمد شاكر- بأنه طاغوت الزيدية، وذلك لما يوجد فيه من مسائل مخالفة لنصوص الكتاب والسنة، فقد يذكر في المسائل الخلافية الأدلة من الكتاب أو من السنة أو كليهما فإذا لم يأخذ المذهب بها فإن أتباعه

يقولون: والمذهب بخلافه، أي أن الواجب العمل بالمذهب وليس بالأدلة النقلية. هذا وقد اغتنم الإمام يحيى فرصة الخلاف بينه وبين بعض العلماء المقلدين الذين يقال: إنه هو الذي أذكى أواره، فأرسل جنودًا من عنده من صنعاء إلى معمرة لإحضاره إليه وحضر في الوقت نفسه مناوؤه ليقيموا عليه دعاويهم فلما مثلوا بين يدي الإمام خاطبه الإمام بقوله: ما الذين بينك وبين هؤلاء العلماء؟ فأجاب عليه بأنه ليس بينه وبينهم إلا ما يقع عادة بين العلماء، ولا يريد لهم إلا الخير، ثم قال للإمام: ولكنك غريم الخاص والعام والغني والفقير لأنك ترسل جنودك على الناس من أجل نفر (¬1) ذرة من زكاة الفطر إذا تأخر تسليمها إليك أو إلى عمالك، مع أن الله أمر على لسان رسوله أن تدفع تلك الزكاة إلى الفقراء قبل صلاة عيد الفطر طهورًا للصائم. فأمر الإمام بأن يبقى في صنعاء كمعتقل ولا يسمح له بالخروج منها، فاستأذن المؤرخ محمد بن أحمد الحجري أن ينْزل عنده في بيته فوافق الإمام، وبقي في صنعاء حتى أذن له الإمام بعد مراجعة من أخيه لطف بن محمد ومن غيره على أن يلزم بيته في معمرة، فكان طلبة العلم الراغبين في دراسة علم السنة يقصدونه إلى بيته للأخذ عنه. وكان قد سبق لصاحب الترجمة أن عانى من المتاعب الشديدة، والصعاب الجمة، وذلك حينما وفقه الله إلى نبذ التقليد وتحوله لدراسة علوم الكتاب والسنة على شيخه العلامة المجتهد الكبير أحمد بن عبد الله الجنداري الذي ¬

(¬1) النفر: مُدّان.

وصفه بقوله: وله عليه المنة العظمى في تهذيبه وتعليمه وإنقاذه من هوّة الجهل المركب فرحمه الله ورضي عنه ونوّر ضريحه. حتى ضاق جده لطف بن محمد شاكر به ذرعًا، لأنه رغم علمه الواسع بعلوم العربية -كما بينا ذلك في ترجمته في علمان- إلا أنه كان غارقًا في التقليد يكره من يعمل بالكتاب والسنة مجتهدًا فكان يقول لحفيده صاحب الترجمة: أختر أحد أمرين: إما وتقتصر على الدراسة عندي في علمان، وإما واقتصرت على الجنداري والانقطاع إليه في العنسق. فاستخار الله تعالى فقضت إرادته جلت قدرته أن يختار الذهاب شيخه الجنداري في العنسق الذي زوجه ابنته فخرج منه هذا العالم الجليل الزاهد التقي الشجاع في إعلاء كلمة الله. وقد رحل إلى الحجاز فأخذ عن كبار علماء الحرمين وانتفع بهم، ومن قبل رحل إلى صنعاء فأخذ عن كبار علمائها واستجاز من شيوخه فأجازوه كما بيّنا ذلك في ترجمته بقلمه. مولده سنة (1305) تقريبًا، ووفاته في عاهم يوم (18 شوال، سنة 1370). في ثاني يوم من خروجه من معمرة، وكان في طريقه إلى مكة المكرمة للحج. اهـ. قال أبوعبد الرحمن: فالشيعة لا يؤمنون بأن الله مستو على عرشه، ولا يؤمنون بأن لله وجهًا يليق بجلاله، ولا يؤمنون بأن لله يدين، ولا يؤمنون بأن الله يتكلم بما شاء إذا شاء بل يقولون: يخلق الكلام، ولا يؤمنون بخروج الموحدين من النار إلى الجنة، وهم أصحاب الكبائر الذين استحقوا النار، ولا يؤمنون بأن الله يرى في الآخرة بلا كيف، ويجيزون دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله،

ويجيزون النذر للأموات، ويدعون إلى بناء القباب على القبور ويحاربون سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويحاربون أهل السنة. كل هذا موجود في كتبهم، وفي كتب أهل السنة في الردود عليهم وهم لا ينكرون شيئًا من هذا فعلى هذا إذا كان الأمر كذلك فقول من يقول من الإخوان المفلسين: نحن متفقون في الأصول ومختلفون في الفروع، قول جويهل أو ملبّس. فهل هذه الأشياء التي ذكرت قبل هي أصول ديننا -ولا أقول: من الأصول- أم هي من القشور عند الإخوان المفلسين. وأنا أظن أن الأصول عندهم هو التمسك بما عليه حسن البنا المبتدع وما خالفه فليس بأصول، فكما قلنا قبل كل هذه الأشياء موجودة عند الشيعة فبناء القباب المشيدة، وعداوة أهل السنة، حتى أنّهم قاموا وفرحوا بصدام صدمه الله بالبلاء، عند أن هجم على الكويت وعلى حدود السعودية، وعند أن كان القتال بينه وبين إيران كانوا يقولون: إنه بعثي، فلما هجم على الكويت وعلى حدود السعودية قالوا: الله ينصر أبا هاشم، وهكذا علي سالم البيض بيض الله عيونه لا يطمئن ولا يستريح إلا إذا وصل إلى ضحيان وباقم بين الشيعة ويقولون: مرحبًا بأبي هاشم. فهم مستعدون أن يتعاونوا مع الشيطان على أهل السنة. وأقبح من هذا هو استقبالهم كتب أصحاب إيران التي فيها الكفر البواح، وأذاهم لأهل السنة فأنظر لما حصل لنشوان الحميري، ومحمد بن إبراهيم الوزير وصالح بن مهدي المقبلي، ومحمد بن إسماعيل الأمير، ومحمد بن علي الشوكاني، وأخيرًا ذلك العالم البطل الذي تقدمت ترجمته من بيت شاكر جزاه الله خيرًا.

وعلى كل فنستطيع أن نقول: أن شيعة العصر قد غيروا وبدلوا وما بقي إلا من كان سنيًا، حتى المهدي نفسه سيكون سنيًا، وهو من أهل بيت النبوة ولكنه على مذهب أهل السنة، لأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت ظلمًا وجورا، وليس من القسط والعدل أن يسبّ أبوبكر وعمر! ومن العجائب والغرائب أن الهادي يقول: لا نسبهما ولا نترضى عنهما ذكر هذا يحيى بن حمزة في كتابه "الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين"، فكيف لا تترضى عنهما، وقد رضي الله عنهما وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن أبا بكر وعمر من أهل الجنة، كما في حديث سعيد بن زيد وغيره. فينبغي أن يعلم هذا حتى لا يلبس علينا الملبسون، وحتى يكون كلام الإخوان المسلمين عندنا مثل البعر ليس له قيمة، وإلا فعندهم ما هو أقبح من هذا فقد خطبوا خطبًا كثيرةً يؤيدون فيها الخميني الضال، ولكنهم انْهزاميون فلما عرف الناس ضلال الخميني تراجعوا، فلا يستحيون أن يقولوا اليوم قولاً ويرجعون عنه غدًا ثم يرجعوا إليه بعد غد. وأضرب لكم مثالاً على ذلك، فقد كان عبد المجيد الزنداني يقول: الشيوعيون كفار، وقد احتلوا البلاد، فلما حصلت الوحدة إذا هم يقولون: الأخ فلان، وفعل الأخ علي سالم البيض كذا. وينكرون عليّ أنني أكفر علي سالم البيض، فأقول: هو عندي كافر من قبل ومن بعد، فنقول: إنه ليس للإخوان المسلمين مبدأ، بل مبدؤهم هو ما عليه الجمهور. والحمد لله رب العالمين.

أسئلة بعض المغتربين في أمريكا

أسئلة بعض المغتربين في أمريكا الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فنتقدم بهذه الأسئلة إلى الشيخ المحدث أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى، والأسئلة تتعلق بقضايا المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية، نرجو الإجابة عليها لما لها من أهمية لمن يقيم في تلك البلاد وهو حريص على التمسك بكتاب الله تعالى، وبسنه نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال22: ما حكم التجارة في الحلال، والتعاون مع البنوك المحلية والأجنبية؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعد: أما التجارة في الحلال، فقد جاء في "مسند الإمام أحمد" من حديث رافع بن خديج قال: قيل: يارسول الله أيّ الكسب أطيب؟ قال: ((عمل الرّجل بيده، وكلّ بيع مبرور)). أما التعاون مع البنوك المحلية والأجنبية، فان كان يأخذ أرباحًا، فهذا يعد

ربًا، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ (¬1)}. وجاء في "صحيح مسلم" من حديث جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمآكل الرّبا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه. فالتعامل بالربا وأخذ الزيادة يعتبر محرمًا، وإذا كان لا يأخذ زيادة فهو يعينهم على استخدام نقوده وأخذ أرباحها، والله عز وجل يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬2)}. فلا يجوز له أن يضع ماله في البنك إلا إذا خشي عليه من اللصوص، بشرط ألاّ يأخذ أرباحًا، فان أخذ أرباحًا فإن الله يقول: {يمحق الله الرّبا ويربي الصّدقات (¬3)}. السؤال23: كيف يتعامل الوالد مع ولده المغترب في أمريكا وهو يعمل فيما حرّم الله، وهو يعلم ذلك والعكس، فما حكم مكتسباتهم من الأموال؟ الجواب: أما المباشر للعمل فهو مرتكب لإثم، وواجب على والده النصيحة بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالله سبحانه وتعالى يقول: {لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 275. (¬2) سورة المائدة، الآية: 2. (¬3) سورة البقرة، الآية: 276.

وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (¬1)}. فالواجب على الأب أن يأمر ولده بالمعروف، وينهاه عن المنكر، وإذا لم يستطع لهذا فعليه بالنصيحة، فإن الدين النصيحة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)). وننصح الوالد ألا يأخذ من أموال ولده شيئًا، من باب الورع حتى لا يشجعه على التعامل بالربا، أو المكتسبات المحرمة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته)). بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة (¬2)}. وفي "الصحيحين" من حديث معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمقال: ((ما من عبد استرعاه الله رعيّةً، فلم يحطها بنصحه إلاّ لم يجد رائحة الجنّة)). فواجب عليه أن ينصح لولده فإذا أبى الولد والوالد محتاج إلى مال حاجة ضرورية فالإثم على المباشر، مع أن الورع هو الترك، والعكس كذلك. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((أيّما جسد نبت على سحت فالنّار أولى به)). السؤال24: هل تقبل هدية من يعمل في الحرام، أو تبرّعه ببناء المساجد أو غير ذلك من أعمال الخير؟ الجواب: الورع ألا يقبل، وإلا فالإثم على المباشر كما تقدم، وقلنا إن الإثم ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 78. (¬2) سورة التحريم، الآية: 6.

على المباشر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمكان يتعامل مع اليهود، وهم يتعاملون بالربا، وربما يدعون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمفيجيب دعوتهم وهم يتعاملون بالربا. السؤال25: ما حكم من كانوا شركاء في محل حرام، والآخر حلال، فكيف يكون دخلهم؟ الجواب: بقدر الحرام حرام، وبقدر الحلال حلال، فمثلاً يبيع لحم خنْزير، ليس عليه إلا التوبة، وماله يستعمله، وإن أحب أن يتصدق منه تصدق، وأما اغتصاب حقوق الناس فلا بد أن يردها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها)). ويقول: ((إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)). حتى الخيانة للكافر تعتبر إساءة إلى الإسلام فإنّهم سيسيئون الظن بالمسلمين، ويفرحون بمثل هذه الأمور التي تحصل من المسلمين، من أجل أن يشنّعوا بها على الإسلام. السؤال26: ما هي الشروط للإقامة بين ظهراني المشركين؟ الجواب: الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا * إلاّ المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً (¬1)}. فإذا كان يستطيع أن يقيم دينه هنالك وهو آمن على أولاده وأهله، فلا بأس. وإن كنت أرى أنه لن يستطيع أن يأمن على أولاده؛ فلا بد أن يذهب ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 97 - 98.

بهم إلى مدارس نصارى، والولد لو هرب من أبيه تستلمه الحكومة، وليس لأبيه عليه سلطة، وكذلك المرأة، فأنا أرى أنه لا يجوز أن تسكن تلك البلاد إلا للضرورة، أو شخص ذهب يدعو إلى الله سبحانه وتعالى وهو آمن على نفسه من الفتنة، من فتنة النساء، ومن فتنة الدنيا، فقد أخبرني من ذهب إلى بلجيكا عند أن رجع وقد استفيد منه فقلت له: لماذا لم تبق عندهم حتى ينتفعوا بك؟ فقال: فتنة. فقلت: تأخذ أهلك معك، فقال: ليس فتنة النساء وحدها، بل فتنة الدنيا وفتن أخرى كثيرة، فإذا كان يخشى على نفسه من الفتنة فيجب عليه أن يفر بدينه. السؤال27: ما حكم التأمين على النفس والمال وفيها حيل لأخذ الأموال من الكفار؟ الجواب: التأمين هذا لا يجوز، لأن أعداء الإسلام يستغلون الأموال لصالحهم في البنوك الربوية، ويربحون أموالاً كثيرة، اللهم إلا أن يكون مفروضًا عليك، فنحن نسلم الضرائب والجمارك على السيارات وغيرها ونحن نعتقد حرمتها. وإذا كان مفروضًا عليك فإياك والخداع مع الكفار، فلا تخادعهم، فإذا كانوا يحاربون في المعركة فلك أن تفعل ما تستطيع فالحرب خدعة، أما أن تخدعهم في الأموال فإنّهم يسيئون الظن بالإسلام والمسلمين. السؤال28: ما حكم تزويج المسلم من المشركة والإنجاب منها، وتركهم عندها فيصبحون على دينها؟ الجواب: في هذه الحالة يعتبر محرمًا، وإلا فإذا تزوج بكتابية سواءً كانت يهودية أو نصرانية فهذا جائز، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {والمحصنات

من الّذين أوتوا الكتاب (¬1)}. فهو مما أبيح، لكن بشرط أن يحافظ على أولاده، وأما أن يترك أولاده عندها فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة: ((كلّ مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمفيما يرويه عن ربه: ((إنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم وإنّهم أتتهم الشّياطين فاجتالتهم عن دينهم)). وقد رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمالحسن وقد أكل تمرةً فأخرجها من فيه وقال: ((كخ كخ إنّها من الصّدقة)). فالواجب علينا أن نحرص على تربية أبنائنا تربية إسلامية. أما بهذه الصورة التي ذكرت فلا يجوز ويعتبر محرمًا. السؤال29: رجل مسلم زنا بامرأة غير مسلمة فحملت منه، وبعد أن أنجبت له طفلاً أسلمت فما حكم الولد هل يعتبر شرعيًا؟ الجواب: الولد ليس بشرعي، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) فالولد تابع لأمه، والعاهر، أي الزاني له الخيبة والندامة. وبالنسبة للزواج منها، إذا علم أنّها قد تابت فيما بعد، فلا بأس بذلك، وإلا فإن الله عز وجل يقول: {وحرّم ذلك على المؤمنين (¬2)}. أي: نكاح الزانية، أو إنكاح العفيفة الزاني. فإذا علم أنّها قد تابت من الزنا وأسلمت، فلا بأس أن يتزوجها. السؤال30: رجل عرف بانحرافه وهو في أمريكا، فإذا أتى إلى اليمن تظاهر ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 5. (¬2) سورة النور، الآية: 3.

بالصلاح فأنفق ماله في طرق البر وهو من حرام؟ الجواب: هذا ليس له إلا كلام الناس، أما الأجر من عند الله فلا، إذا كان يتظاهر بهذا، فإن الله عز وجل يقول: {ألا لله الدّين الخالص (¬1)}، ويقول: {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين (¬2)}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من سمّع سمّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)). على أن المرائي لا يستطيع أن يثبت على العبادة. السؤال31: ما حكم من أدخل زوجته وأولاده أمريكا، ويلتحقون بمدارس يتعلمون فيها منهجهم المنحرف المسيحي؟ الجواب: هو مسئول أمام الله عز وجل عن هذا الأمر، والطفل يعتبر المدرس مثالاً عاليًا فيقتدي بالمدرس، سواء كان صالحًا أو غير صالح، فضلاً عن أن يأتي بهم إلى النصارى، وهم حريصون على أن ينصرونا ونحن في بلدنا، دع عنك وقد وصل الشخص إلى بلدهم، فالدراسة في تلك المدارس الجاهلية لا تجوز، لاسيما مع الاختلاط الرجال بالنساء، فهي تعتبر فتنة. وكان الواجب على الحكومات الإسلامية أن تفتح المدارس والجامعات على الشريعة، أما مدرسة أو جامعة وفيها اختلاط فإنّها تعتبر إساءة إلى التعليم وإلى الدارسين والمدرسين، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء)). ويقول: ((ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء)). ويقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)). ولنا شريط في ¬

(¬1) سورة الزمر، الآية: 3. (¬2) سورة البينة، الآية: 6.

هذا بعنوان "تحذير الدارس من فتنة المدارس" فلا نطيل الكلام عليه. السؤال32: ما حكم تصوير العلماء في مؤتمراتهم ومحاضراتهم، وما هو المباح من التصوير؟ الجواب: التصوير محرم، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). ويقول: ((لعن الله المصوّرين)). وفي "جامع الترمذي" من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((تخرج عنق من النّار يوم القيامة، لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إنّي وكّلت بثلاثة: بكلّ جبّار عنيد، وبكلّ من دعا مع الله إلهًا آخر، وبالمصوّرين)). وقد أبى النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلمأن يدخل حجرة عائشة وقد سترت سهوةً لها بقرام فيه تصاوير. فهذا دليل يرد على الذين يقولون: ليس هناك محرم إلا المجسمة. فقد أبى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمأن يدخل الحجرة حتى هتك الستار وقال: ((إنّ من أشدّ النّاس عذابًا يوم القيامة، الّذين يصوّرون هذه الصّور)). والذي لا بد منه مثل رخصة القيادة، وجواز السفر، والبطاقة، فالإثم على الحكومة. السؤال33: هل يجوز موادة من يعمل في الحرام، ومصافحته إلى غير ذلك من الصلات؟ الجواب: إنما الأعمال بالنيات، فإذا أظهر له البشاشة من أجل أن ينصحه وهو يرجو أنه سيقبل نصيحته فذاك، وإذا رأى أن الهجر يؤثر فيه أعظم فيهجره، فعليه أن ينظر إلى مصلحة الشخص الواقع في الحرام نفسه، فإذا رأى أن البشاشة تجره إلى الخير، فهذا أمر لا بأس به.

وأما إذا كان لا يبالي بدينه فإن الله عز وجل يقول: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله (¬1)}. ويقول الله عز وجل: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم (¬3)}. أما إذا كان لك ولد يقع في الحرام وتحبه حبًا طبيعيًا، ولم تستطع إلا أن تحبه، فالحب الطبيعي ربما لا تلام عليه، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء (¬4)}. فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميحبّ أبا طالب ويحبّ هدايته فأنزل الله هذه الآية، وفيها احتمالان: من أحببت الشخص نفسه، أو من أحببت هدايته، وليس نصًا صريحًا في هذا. السؤال34: ما حكم إقراض الذي يعمل في الحرام مع العلم به؟ الجواب: الله سبحانه وتعالى يقول:} وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬5) {. فلا يقرضه، ولا يساعده على هذا الباطل. السؤال35: هناك ذبح بالرصاص الكهربائي، يطلقونها على الثور ثم ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 22. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 28. (¬3) سورة المائدة، الآية: 51. (¬4) سورة القصص، الآية: 56. (¬5) سورة المائدة، الآية: 2.

يذبحونه، فهل يجوز هذا؟ الجواب: إذا كان يسقط حتى يتمكنوا من ذبحه فلا بأس إن شاء الله. السؤال36: هناك إخوة ملتزمون ويعملون في محطات بترول ويبيعون فيها السجائر؟ الجواب: ينصحون ألاّ يبيعوا هذا، والله المستعان. السؤال37: ما حكم من يعمل في القمار مقابل أجرة محدودة؟ الجواب: القمار محرم من حيث هو. السؤال38: ما حكم من يضع ماله في البنك، ويعطونه فوائد، فمنهم من يأخذها، ومنهم من يتركها للبنك؟ الجواب: الواجب أن يتركها للبنك، لأن السلامة لا يعادلها شيء، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((من ترك شيئا لله أبدله الله خيرًا منه)). وإذا أخذها فهو معرض للعنة: ((لعن الله آكل الرّبا وموكله، وكاتبه وشاهديه)). وقد تقدم أن قلنا: لا يضع في البنك إلا الذي يخاف على ماله من اللصوص، أو يخشى تلفه، وأما إذا كان لا يخاف، فلا ينبغي أن يضعها في البنك، لأنه يساعدهم على استعمال هذه النقود وأخذ أرباحها. السؤال39: هل تصح الوكالة وقت العقد أو الشهادة أو الطلاق بالهاتف؟ الجواب: إذا تأكد أنه صوت فلان، وإلا فقد يوجد من يقلد الأصوات، فقد أخبرت عن شخص بصنعاء يستطيع أن يقلد صوت فلان، وصوت فلان،

فهذه أمور لا يعتمد عليها لأنه قد يأتي رجل كما قلنا لديه القدرة على تغيير صوته. السؤال40: إذا هدى الله رجلاً للدخول في دين الإسلام فما الذي يقوله وما الذي يقال له؟ الجواب: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم ينصح بمجالسة الصالحين، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((مثل الجليس الصّالح والسّوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحًا طيّبةً، ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، وإمّا أن تجد ريحًا خبيثةً)). وقد أخبرنا بقضية ونحن في الجامعة الإسلامية: أن شخصًا أسلم، فانتقل من حجرة النصارى إلى حجرة المسلمين، فإذا المسلمون لا يصلون، فصار إسلامه انتقالاً من حجرة إلى حجرة أخرى، فلا بد أن يحرص على مجالسة الناس الصالحين، والكفر بعبادة المسيح، وننصحه كذلك باقتناء الكتب النافعة مثل: كتاب "رياض الصالحين"، و"فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" و"بلوغ المرام" و"تفسير ابن كثير"، وننصحه كذلك بأن يأخذ الإسلام من كتب الإسلام لا من أعمال المسلمين، فأعمالهم سيئة ربما تجد المسلم يكذب ويزني ويشرب الخمر، وهم يعرفون أن هذه الأشياء محرمة، ثم يحتجون على المسلمين بهذا، فنقول لهم: نحن لا ندعوكم إلى هذا، بل إلى التمسك بالدين الصحيح: {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء

والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون (¬1)}. وهكذا مسألة الأمانة وغيرها من المسائل التي ارتكبها المسلمون وهي مخالفة للشرع، فهم ليسوا بحجة على الإسلام، بل الإسلام حجة على المسلمين أنفسهم. فلا بد من تبيين هذا حتى لا يحتج على الإسلام بفسقة المسلمين، بل نقول لهم: نحن لا ندعوكم إلى أن تكونوا مثل هؤلاء، ولا مثل القضاة المرتشين، أو قطاع الطرق، أو الخمارين، ولا ندعوكم إلى أن تكونوا صوفية، فقد زارنا أحد الأخوة الأفاضل يدرس إما في بريطانيا أو ألمانيا، وحكى لنا أن الله هدى امرأة للإسلام، ثم رأت الصوفية يرقصون في المسجد، فاتصلت به وقالت: رأيت كذا وكذا في المسجد، فإن كان هذا هو الإسلام فلا فرق بينه وبين الدين الذي خرجت منه. فنحن لا ندعوك إلى أن تكون شيعيًا ولا صوفيًا، ولا علمانيًا، بل تعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمولو خالفك الناس كلهم. السؤال41: هل يجوز أن نسلم للنصارى مصاحف قرآن كريم مترجمة أو غير مترجمة؟ الجواب: الأحسن هو العمل بالحديث: نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمأن يسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ. السؤال42: هل يجوز حضور احتفالاتهم، مثل أعياد الميلاد وغيرها؟ ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 90.

الجواب: لا يجوز، يقول الله تعالى: {والّذين لا يشهدون الزّور (¬1)}، بل المسلمون أنفسهم إذا أقاموا مولدًا أو احتفلوا بليلة سبعة وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، أو بعيد الهجرة، أو بعيد الثورة، أو بعيد الأم، أو عيد الشجرة، وغيرها من الأعياد الجاهلية فكل هذه لا يجوز حضورها. السؤال43: لا بد للداعي أن يدعو إلى الإسلام في أمريكا، فما هي الطرق الصحيحة، والضوابط الشرعية للدعوة، مع العلم أن مجتمعهم معروف بالفساد والانحلال وغير ذلك؟ الجواب: قبل هذا ننصحه أن يتزود من العلم النافع، يقول الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬2)}. ثم يدعو إلى العقيدة الصحيحة، فلا ندعوهم إلى ترك عبادة المسيح، ثم ندعوهم إلى عبادة القبور كما يفعل الصوفية. السؤال44: ما حكم من تزوج في أمريكا مشركة من أجل الإقامة فيها؟ الجواب: هذا غير واثق بوعد الله سبحانه وتعالى: {وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلّ في كتاب مبين (¬3)}. وقوله سبحانه وتعالى: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (¬4)}. ¬

(¬1) سورة الفرقان، الآية: 72. (¬2) سورة يوسف، الآية: 108. (¬3) سورة هود، الآية: 6. (¬4) سورة العنكبوت، الآية: 60.

فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة مشركة: {لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ (¬1)}. فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة مشركة من أجل الإقامة في أمريكا، وهل أمريكا هي الجنة، بل أمريكا نفسها مهزوزة، وتخاف من الإسلام، وتخاف من المسلم أيما خوف. بقي مسألة الجنسية إذا أعطوه هل يأخذون عليه العهد في احترام القانون الأمريكي والخضوع له، فهذا لا يجوز، فلا نحترم نظام أمريكا بل نجعله تحت الأقدام، وللشيخ محمد السّبيّل رسالة قيمة قيمة يشكر عليها في مسألة التجنس بالجنسيات الكافرة، فأشكر له ما كتب، وبحمد الله فقد استفدت من تلك الرسالة وأنصح بقراءتها. السؤال45: عندما نسافر إلى أمريكا تطير بنا الطائرة من ألمانيا عصرًا، ونصل إلى أمريكا عصرًا فما حكم الصلاة؟ الجواب: لا يلزم أن تصلي صلاتين في يوم واحد، بل تكتفي بالصلاة الأولى. السؤال46: هناك بعض المنظّفات من شحم الخنْزير مثل: الصابون، ومعجون الأسنان، وغير ذلك فما حكمها؟ الجواب: لا يجوز استعمالها ما دام فيها شحم خنْزير. السؤال47: رجل مسلم تاب من شرب الخمر، ولكنه لا ينكر على أبنائه العمل في الخمر، ولحم الخنْزير؟ ¬

(¬1) سورة الممتتحنة، الآية: 10.

الجواب: هذا يعتبر عاصيًا، وهو أهون من الذي يشرب، وواجب عليه أن ينكر هذا، يقول الله سبحانه وتعالى: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬2)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا)). رواه البخاري. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب من الواجبات، بل يعتبران عماد الإسلام. السؤال48: هل يجوز الاطلاع على كتب الكفار المحرفة، مثل: التوراة والإنجيل؟ الجواب: لا ننصح بهذا، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول كما في "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة: ((لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، و {قولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا))} الآية. وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث جابر: ((فإنّكم إمّا أن تصدّقوا بباطل أو تكذّبوا بحقّ)). ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬2) سورة التوبة، الآية: 71.

والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (¬1)}. فأنا لا أنصح بهذا، ويجوز للعالم المتبحر في العلم الذي يريد أن يأخذها ويرد عليها، ويبين أخطاءها وتناقضها، فلا بأس، ويكون متضلعًا من العقيدة الإسلامية، وفي باب الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية، ولا يكون مقصوده أن يرد على أولئك حتى ولو خالف عقيدة المسلمين. السؤال49: ما حكم من يدخل أمريكا بغير اسمه؟ الجواب: يعتبر كاذبًا، ولا يجوز إلا للضرورة، فإذا قيل له: ما اسمك؟ قال: أنا عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف، فأنت عبد الله، وأبوك عبد الرحمن، وجدك عبد اللطيف، فمثل هذا يجوز، لكن لا تقل: اسمي عبد الله، بل قل: أنا عبد الله، وأبي عبد الرحمن، فمثل هذا يجوز، لأننا كلنا معبدون لله عز وجل، وإلا فيعتبر كاذبًا. السؤال50: ما حكم من أجبر على العمل مع والده فيما حرم الله عز وجل؟ الجواب: لا يجوز، وإنما الطاعة في المعروف. السؤال51: رجل مسلم تزوج نصرانية، وتم العقد في الكنيسة فما حكمه؟ الجواب: يجدد العقد عند مسلمين، إذا كان أبوها كافرًا فليس له ولاية عليها، فتنصب واحدًا من المسلمين ويجدد العقد عنده، ولو عقدوا في غير ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 75.

الكنيسة لكان أفضل، بل هو الواجب أن المسلمين يستغنون عن أعداء الإسلام، ويطالبون بهذا. السؤال52: ما حكم المرأة التي تقود السيارة في أمريكا وهي مسلمة؟ الجواب: إن كانت متسترة وليس لها من يقوم بهذا، وتكون عفيفة، وآمنة من الفتنة فلا بأس بذلك. أما إذا كان يخشى أن تمكّن من السيارة وتذهب إلى خلانها، وإلى أماكن الدعارة والفجور، فهذا أمر لا يجوز. السؤال53: توجد شركات أمريكية تدعو للاشتراك كل أسبوع على الفرد دولار، فإذا مرض ووجدوه في المستشفى دفعوا له سبعين دولارًا كل يوم حتى يخرج، وهذا من ضمن الاتفاق معهم مسبقًا، ولك أن تشترك مع أكثر من جهة فما حكم ذلك؟ الجواب: هذا كما قلنا في مسألة التأمين والاشتراكات، فهم يأخذون أرباح تلك الأموال. والذي أنصح به أن يعتمد الشخص على الله سبحانه وتعالى، إلا إذا كان مفروضًا عليه في عمله ولم يجد عملاً آخر فذاك، وبشرط ألا يتحيل، فقد أخبرت عن أناس من اليمنيين يذهبون إلى الطبيب ويقول له: ظهري يوجعني. فربما يعطيه شهرًا إجازة ويعطى أموالاً. فإن استطاع أن يستغني عنهم، وألاّ يتعامل معهم فهذا هو الذي أنصح به. السؤال54: يدخل المسلم إلى أمريكا وخاصة اليمني، فيصل إلى بلاد لا يعرفها، ولا يعرف لغة أهلها، وهي بلاد خوف، ويستقبله هناك من سبقه، وهو يعمل فيما حرمه الله تعالى، فيعمل معه وهو

مضطر لذلك، فما حكم ذلك؟ الجواب: أما أنه مضطر فليس مضطرًا، المضطر هو الذي يخشى على نفسه من التلف، أو يخشى أن يحل به أو بماله أو عرضه ما لا يتحمله. وهذا ليس مضطرًا للذهاب إلى أمريكا أصلاً، وليس مضطرًا للعمل فيما حرم الله، ولن يضيعه الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه)). وأحب أن يعرف إخواني معنى الاضطرار والإكراه، فالاضطرار هو: أن يكون خائفًا على نفسه من التلف، وهو الذي يسمى مضطرًا، والإكراه: أن يكون خائفًا على نفسه أن يحل به أو بماله أو عرضه ما لا يتحمله، فهذا هو الذي يسمى مكرهًا. أما توسع العصريين في هذا الأمر، فهو توسع غير مرضيّ. السؤال55: عند وصول اليمني إلى أمريكا يعطيه من يعرفه نقودًا بمناسبة وصوله، فهل يردها وهي من حرام؟ الجواب: تقدم الإجابة على هذا، وهو أن الورع ألا يقبلها، وإذا كان محتاجًا إلى هذا فالإثم على المباشر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمكان يتعامل مع اليهود وهو يعلم أنّهم يتعاملون بالربا. السؤال56: هل يجوز السكن مع السكران في أمريكا، أو الذين يعملون في الحرام؟ ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 60.

الجواب: لا أنصح بالسكن معه، أما مسألة الجواز فلا يوجد دليل على عدم الجواز، وحديث: ((إنّ أوّل ما دخل النّقص على بني إسرائيل كان الرّجل يلقى الرّجل فيقول: يا هذا اتّق الله، ودع ما تصنع، فإنّه لا يحلّ لك، ثمّ يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلمّا فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثمّ قال: {لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم (¬1)} إلى قوله: {فاسقون} ثمّ قال: كلاّ والله، لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذنّ على يدي الظّالم، ولتأطرنّه على الحقّ أطرًا، ولتقصرنّه على الحقّ قصرًا، أو ليضربنّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثمّ ليلعننّكم كما لعنهم)). فهذا الحديث من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود، وأبوعبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود فهو منقطع. فمسألة الجواز يجوز، لكن السكران والجاسوس أنصحك ألا تجالسهما، فالسكران ربما يقوم في ليلة من الليالي ويقتلك، وكذلك الجاسوس حتى وإن كان قريبًا لك، فتكون آمنًا في حجرتك، وربما تتكلم بأشياء والمجالس لها سقطات فمن الذي يأمن ويقول: أنا لا أتكلم إلا بالحق دائمًا، فربما تتكلم وهذا الشخص يسجل عليك كلامك، فأنصح بعدم مجالسة السكران والجاسوس. السؤال57: من اليمنيين من يعمل في المطاعم، ويقوم بطهي الخنْزير وتقديمه للزبائن، وعذرهم أنّهم لا يأكلون؟ ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 78.

الجواب: هذا العمل لا يجوز ويعتبر معصيةً وإعانة عليها. السؤال58: ما قولكم في جماعة التبليغ، وطريقتهم في الدعوة، وماذا تعرفون عنهم؟ الجواب: ألف الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رسالة أسمها "القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ" أنصح بقراءتها، وكذلك الأخ فالح الحربي، والأخ الشرقاوي من ساكني جدة، والمؤلفات كثيرة في بيان شركياتهم وصوفياتهم، وما هم عليه من الضلال، ودعوتهم دعوة ميتة، ولو لم تكن ميتة ما كانت تذهب في وقت الشيوعية إلى بلاد الشيوعية، وقد جاءنا أخ فرنسي وقلنا له: هل نستطيع أن نأتي إلى بلدكم للدعوة إلى الله، قال: لا تستطيعون إلا إذا كان باسم جماعة التبليغ، فهم مأذون لهم. ودعوتهم لو كانت في زمن أبي جهل ما أنكر عليهم، فهم يدعون إلى ست خصال، فهي دعوة مبنية على جهل، والله سبحانه وتعالى يقول: {قلْ هذه سبيلي أدْعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬1)}. وهؤلاء يدخل معهم الخمار، والعامي الذي لا يعرف شيئًا، فدعوتهم دعوة جهل وضلال، ولا أنصح بالخروج معهم، وياحبذا لو منعوا. دع عنك التوقيت، تخرج معهم ثلاثة أيام، أو شهر، أو ثلاثة أشهر، فكل هذه بدع، والله سبحانه وتعالى يقول: {فاتّقوا الله ما استطعتم} (¬2) فتخرج بحسب نشاطك واستطاعتك، وأنصح بالخروج مع أهل السنة فإنك ستستفيد ¬

(¬1) سورة يوسف، الآية: 108. (¬2) سورة التغابن، الآية: 16.

مراجعة قرآن، وحفظ أحاديث، وتحذير من الشركيات أو مذاكرة علمية، فلسنا محتاجين إلى أن نخرج معهم. السؤال59: رجل يكتب له عقد زواج بابنة أخيه عقد صوري حتى يصل إلى أمريكا فقط فهل يجوز هذا؟ الجواب: لا، لا يجوز. السؤال60: ما حكم من يدخل زوجته وأولاده أمريكا، ويستلم نفقات المعيشة مما يسمى مال الصدقة، وهو للذين لا يجدون عملاً أو لا يستطيعون العمل، وهو يعمل خفية؟ الجواب: إذا كان يقول: إنه لا يعمل، وهو يعمل خفية فيعتبر كاذبًا، والكذب لا يجوز. السؤال61: ما حكم من يغيب عن أهله خمس، أو عشر سنوات، هل لزوجته أن تطلب الطلاق أو الفسخ؟ الجواب: إذا تضررت المرأة ولو لشهر، أو ثلاثة، أو أربعة أشهر، فذهب ولم يترك لها نفقة، ولم يترك لها سكنًا، أو استوحشت في البيت لا تستطيع أن تسكن فيه وحدها، فلها أن تطلب الفسخ، فتذهب إلى الحاكم أو القاضي في بلدها وتطلب الفسخ ولها ذلك. السؤال62: يأتي إلى أمريكا من ينسب نفسه إلى أهل السنة، ومنهم عقيل المقطري، ويخطب في المساجد، وبعدها يقوم بجمع التبرعات للجمعية فما حكم ذلك؟

الجواب: دعوة الإخوان المسلمين دعوة مادية دنيوية، ولجمع الأموال، ففي ذات مرة خرجنا دعوة، وخرج معنا عبد الله النهمي رحمه الله فقد قتل في أفغانستان، وعبد الوهاب صهر حزام البهلولي، وقالوا: نحن نطلب تبرعات، فقلنا: هذه ليست من سمات أهل السنة، لكن إن أبيتم فبشرط ألا تستلموها أنتم، بل تقولون: يستلمها فلان من أهل القرية، فقد أصبح الناس الآن يسيئون الظن بالدعاة إلى الله، والله عز وجل يقول حاكيًا عن كثير من أنبيائه في سورة الشعراء: {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاّ على ربّ العالمين (¬1)}. ويقول الله سبحانه وتعالى حاكيًا عن بعض الصالحين: {اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون (¬2)} ويقول الله سبحانه وتعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودّة في القربى (¬3)}. يقول هذا لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلمفالدعوة لا بد أن تكون لله عز وجل: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬4)} وهؤلاء عندهم اليوم المبارك الذين يخرجون وقد امتلأت مخابئهم، انتفع الناس أم لم ينتفعوا، فهذه إساءة إلى العلم والدعوة. يقوم الخطيب منهم ويحثهم على التمسك بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمويحذرهم من عقاب الله، ويذكرهم بالجنة والنار، ثم يقول في النهاية: هاتوا لنا أموالاً، والله عز وجل يقول: {ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج ¬

(¬1) سورة الشعراء، الآية: 145. (¬2) سورة يس، الآية: 21. (¬3) سورة الشورى، الآية: 23. (¬4) سورة يوسف، الآية: 108.

أضغانكم (¬1)}. وقصة سعد بن الربيع، وعبد الرحمن بن عوف معروفة، عند أن قال سعد ابن الربيع: إنّي أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمّها لي أطلّقها، فإذا انقضت عدّتها فتزوّجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلّني على السّوق. فقد كان سعد بن الربيع في غاية من الكرم، وعبد الرحمن بن عوف في غاية من العفة. فالحق أنّهم شوهوا الدعوة، وأقبح من هذا أن الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة يرجعون ويحاربون بهذه الأموال إخوانهم أهل السنة، ويمسخون شباب أهل السنة، فتجد الشاب ما شاء الله يرجى أن ينفع الله به الإسلام والمسلمين، لكنه ضعيف العزيمة، وليس عنده ثبات، فيقولون له: تعال عندنا ونحن نعطيك عشرين ألف ريال يمني. فترجع هذه الأموال في محاربة دعوة أهل السنة، التي نفع الله بها، والتي شهد لها المسلمون والعلماء بحمد الله بالنجاح، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى، ولسنا نتكلم في الإخوان المسلمين لأنّهم يحلقون لحاهم، ففي الشعب اليمني من هو شر منهم، ولا لأنّهم يلبسون البنطلون، ففي الشعب اليمني من هو شر منهم، لكن نتكلم فيهم لأنّهم يلبّسون على الناس باسم الإسلام، ويحاربون دعوة إخوانهم أهل السنة، وكذلك دعوة أصحاب جمعية الحكمة أصبحت تتعاون مع الإخوان المسلمين على أذية شباب أهل السنة، والله عز ¬

(¬1) سورة محمد، الآية: 37.

وجل يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬1)}. والذي يساعدهم بالأموال، يساعدهم على محاربة أهل السنة. وأقول لعقيل: أين محاربتك للقبوريين والصوفية، على أن عقيلاً والحق يقال أحسن من محمد المهدي، وأحسن من كثير من أصحاب جمعية الحكمة، ولكن هو من النفر الذين مسخوا بسبب الدنيا، فقد كان وهو عندنا رجلاً زاهدًا، ثم فتنوه بالمال والسيارات والدنيا، وأنا لا أقول: إن كل أهل السنة قد أصبحوا كذلك، فالحمد لله الكثير الكثير، لو أكلوا ترابًا ما استجابوا لدعوة أولئك، والله عز وجل يقول: {فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا ذلك مبلغهم من العلم (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (¬3)}. وقد ساءت النيات بسبب الدنيا، فقد كان يأتيني أصحاب إب ويقولون لي: يا أبا عبد الرحمن قل للأستاذ محمد المهدي يجلس لنا في المسجد، يعلمنا العلم. وقد كنت أحسن به الظن، وهم كذلك يحسنون به الظن، فقلت له فأبى، وما عرفنا أنه جوال لجمع الدنانير والأموال، فلا تسمع به إلا في دولة قطر، وأخرى في السعودية، ومرة في أمريكا، وأنا أتحداه أن يأتي بطالب واحد من طلبته مستفيد يستطيع أن يكون مرجعًا، والتجار عليهم أن يتقوا الله، وأن ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 2. (¬2) سورة النجم، الآية: 29. (¬3) سورة الكهف، الآية: 28.

يعرفوا أين يضعون زكوات أموالهم، هلا قرءوا قوله تعالى: {إنّما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السّبيل فريضةً من الله والله عليم حكيم (¬1)}. ثم يأتي عقيل ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين)). ويأتي محمد المهدي ويقول: {وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله (¬2)}. وانظروا إلى المجلة الشحّاذة (مجلة الفرقان) هل تجدون عددًا ليس فيه شحاذة. فأنصح أهل السنة أن يقوموا بواجبهم نحو الدعوة، لوجه الله عز وجل، نحن لسنا ندعو الناس إلى اتباعنا فلسنا أهلاً لأن نتبع، بل ندعو الناس إلى أن نتبع نحن وهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولسنا ندعو الناس إلى أخذ أموالهم، ولو ذهبت إلى أي بلد من البلاد الإسلامية فلن ترى سنيًّا يقوم ويعظ الناس حتى يبكيهم، ثم بعد ذلك يفرش عمامته عند الباب. السؤال63: إذا توفي الرجل في أمريكا، وكانت له تركة فالقانون الأمريكي يعطي للمرأة حق التصرف بأموال الزوج دون الورثة، والجميع مسلمون فما حكم ذلك؟ الجواب: يجب على المسلمين وهم كثرة هناك أن يطالبوا بأن يمكنوا من إقامة شرع الله، حتى ولو في مسألة المواريث وغيرها، وهذا القانون يجب الكفر به، ونحن نقول إن القانون الأمريكي المخالف للكتاب والسنة تحت ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 60. (¬2) سورة المزمل، الآية: 20.

أقدامنا، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا وإنّ كلّ شيء من أمر الجاهليّة موضوع تحت قدميّ هاتين)). فإن كانت المرأة مسلمة فواجب عليها أن تذعن لحكم الله: {ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه (¬1)}. وواجب عليها ألا تتعدى حدود الله، فلها الربع إذا لم يكن له أولاد، ولها الثمن إذا كان له أولاد. ونسأل الله أن يزلزل أقدام أمريكا، وأن يدمرها كما دمر روسيا، فإنّها الآن باسطة يديها على بلاد المسلمين، ومتحكمة على المسلمين في بلادهم، فضلاً عمن يذهب إلى أمريكا. السؤال64: هناك شباب في أمريكا يقلدون الأمريكان في ملبسهم، وحلاقة الشعر فما حكم ذلك؟ الجواب: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول: ((من تشبّه بقوم فهو منهم)). ورأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمرجلاً لابسًا لحرير فقال: ((إنّما يلبس هذا من لا خلاق له)). ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: ((إنّها لهم في الدّنيا، ولنا في الآخرة)). والتشبه موجود الآن في اليمن، وفي أرض الحرمين، ومصر، وفي كثير من البلاد الإسلامية، يتشبهون بأعداء الإسلام. هذا وننصح إخواننا المسلمين في أمريكا، بالتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومراسلة العلماء الأفاضل مثل الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، وسؤالهم عما أشكل عليهم، وننصحهم بالابتعاد عن الحزبية، وبالابتعاد عن الذين يأتون إليهم ليختلسوا أموالهم، وإن استطاعوا أن يفتحوا ¬

(¬1) سورة الطلاق، الآية: 1.

مدارس مستقلة إسلامية لأولادهم فهذا أهم وأقدم شيء، تدريس كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فينشأ الطالب على حب الله، وعلى حب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي منْزلة رفيعة للأب والابن. كما ننصحهم بأن يجعلوا لهم وقتًا لمجالسة العلماء الأفاضل من أهل السنة، يقول الله تعالى: {يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلميقول ذات مرة لأصحابه: ((أيّكم يحبّ أن يغدو كلّ يوم إلى بطحان أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم؟)) فقلنا: يا رسول الله نحبّ ذلك، قال: ((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عزّ وجلّ، خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهنّ من الإبل)). رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتّل، كما كنت ترتّل في الدّنيا، فإنّ منْزلتك عند آخر آية تقرأ بها)). أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الماهر بالقرآن، مع السّفرة الكرام البررة، والّذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقّ له أجران)). ويقول أيضًا: ((من قرأ القرآن وعمل به، ألبس تاجًا ضوءه أحسن من ضوء الشّمس يوم القيامة، ويكسى والداه حلّتين لا تقوم لهما الدّنيا، فيقولان: بما كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن)). ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 11.

فينبغي أن يهتموا بتعليم أبنائهم، ولا يحضروهم إلى مدارس الكفر، فإنه ضرر عليهم، وعلى أبنائهم، فربما يهرب الولد من أبيه فلا يستطيع أن يرده، أو ابنته تهرب ولا يستطيع والدها أن يردها، فالواجب أن يهتموا بتربية الأبناء وأن يفتحوا المدارس التي تعلم لله. على أن بقاء الأسر هناك خطر عظيم جدًا، فالأمر يحتاج إلى جد واجتهاد من المغتربين، ومراجعة الحكومة في أن تأذن لهم بفتح مدارس لتعليم أبنائهم، ويستدعون من إخوانهم أهل السنة الذين يعلّمون لوجه الله، ولا يأتي أزهري حالق اللحية، والجبة تسحب الأرض فتسأله عن التلفزيون فيقول: (معليش)، وعن العمل في الفنادق التي فيها الخنْزير، وعن التصوير كذلك، فلا بد أن يطلبوا من إخوانهم الثابتين المتمسكين بالكتاب والسنة. فلا بد من التمسك بالكتاب والسنة، والمدارس الحكومية نفعها قليل من حيث أن المدرّس ربما تكون عنده فكرة بعثية، يريد أن يعلم الناس البعثية، وآخر عنده فكرة اشتراكية يريد أن يعلم الناس الشيوعية، وهذا صوفي، يريد أن يعلم الناس الصوفية، وهذا شيعي يريد أن يعلم الناس التشيع، وهذا مادي فلا يهمه إلا كم يرجع بدولارات إلى بلده فهم أبناء المسلمين أم لم يفهموا. فهذه مسئولية عظيمة على كواهل أهل السنة، أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يسدوا الفراغ، ويعلّموا أبناء المسلمين كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والحمد لله رب العالمين.

أسئلة شباب أندونيسيا

أسئلة شباب أندونيسيا (¬1) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فهذه أسئلة وردت من إخواننا في دولة إندونيسيا المسلمة إلى شيخنا أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله. السؤال65: ما حكم الصلاة في المسجد الذي أمامه مقبرة؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فالصلاة في المسجد الذي أمامه مقبرة خارج جدار المسجد صحيحة، لأنّ النهي عن الصلاة في المسجد الذي فيه مقبرة، كما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((الأرض كلّها مسجد، إلاّ المقبرة والحمّام)). وفي "صحيح مسلم" من حديث جندب عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا ¬

(¬1) تم تسجيله في 30 شوال 1416.

تتّخذوا القبور مساجد، إنّي أنْهاكم عن ذلك)). وحديث: أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا تصلّوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)). فهذا إذا كانت الصلاة إليها بدون حائط أو جدار. أما إذا وجد الجدار أو الحائط وهي خارج المسجد، فالصلاة صحيحة إن شاء الله. السؤال66: ما حكم الصلاة خلف المبتدع القبوري؟ الجواب: إن كان قبوريًا يعتقد أن أصحاب القبور ينفعون ويضرون مع الله، أو من دون الله، فهذا يعتبر مشركًا، فلا تصح الصلاة بعده، وأما إذا كان يتمسح بأتربة الموتى أو يجلس عند القبور ويقول: إن لهم منْزلة عند الله، ولا يعتقد فيهم نفعًا ولا ضرًا، فهذا مبتدع لا يبلغ إلى حد الشرك، لكن الغالب على الذي يجلس عند القبور ويطوف بها ويتمسح بأتربة الموتى أنه يفعل ذلك عن عقيدة، كما قال محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه القيم: "تطهير الاعتقاد" فقد أورد على نفسه سؤالاً: إنّهم يذبحون عند القبور وليس هناك عقيدة، قال: أفيأتون من مكان بعيد ليلوّثوا القبر بالدماء، ثم نقول بدون عقيدة، فما فعل هذا إلاّ عن عقيدة. اهـ فإن كان مبتدعًا لم تصل به بدعته إلى الشرك، فالذي ينبغي أن يؤخّر، وأن يصلي غيره بالناس لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {واجعلنا للمتّقين إمامًا (¬1)} في شأن عباد الرحمن. والإمامة تعتبر تشريفًا وتكريمًا، وربما يظن الجهال أنك مقرّ له على بدعته، ¬

(¬1) سورة القرقان، الآية: 74.

أو أنه رجل صالح، فعلى هذا فإن استطعت أن تنحّيه وتصلي أو يصلى رجل سنيّ فعلت، وإن لم تستطع فننصح بالصلاة في مسجد آخر من مساجد السنة، فإن لم تستطيعوا، وكان لديكم المقدرة على بناء مسجد فالأفضل أن تبنوا لكم مسجدًا، حتى تستطيعوا أن تقيموا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولن تقام سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا بالتميّز، فإذا لم يتيسر لا ذا، ولا ذاك أي: لم تستطع أن تؤخره، وتخشى من حدوث فتنة، ولم يكن هناك مسجد سنة آخر، ولم تستطع أن تبني لك مسجدًا، فإن كانت بدعته لا تصل به إلى الكفر فالصلاة صحيحة، لأنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((صلّوا فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)). السؤال67: ما هو ضابط المبتدع؟ الجواب: هو الذي يحدث في دين الله ما ليس منه، لأن البدعة في اللغة هي: ما أحدث على غير مثال سابق، وفي الشرع: أن يزيد في الشرع ما ليس منه. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ)). بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا (¬1)}. والابتداع يكون في الأمور الدينية، أما في الأمور الدنيوية فليس بمحرم. وهناك كتب أنصح بقراءتها منها كتاب "البدع والنهي عنها" لمحمد بن وضّاح الأندلسي، ومنها كتاب "السنن والمبتدعات" على أن صاحبه قد أجاد ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 3.

في ذكر البدع، ولكنه قليل البضاعة في علم الحديث، فربما يصحح حديثًا وهو ضعيف، أو يضعف حديثًا وهو صحيح، وربما يطعن في إمام من الأئمة، فقد طعن في عبد الرزاق الصنعاني، وقال: قد كذّبه عباس بن عبد العظيم العنبري، ولكن العلماء لم يقبلوا من عباس بن عبد العظيم العنبري هذا، فيستفاد من الكتاب في الحصر، لا في علم الحديث، ولا في الكلام على الرجال. السؤال68: هل يرى المؤمن ربه في المنام مع الدليل، وهل ثبت عن بعض السلف أنّهم رأوا ربّهم في المنام أم لا؟ الجواب: ليس هناك ما يمنع، وقد جاء في حديث معاذ وحديث عبد الرحمن ابن عائش وابن عباس، وبعضهم يقول: إنّها ترتقي إلى الحجية، جاء فيها أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى ربه. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" عند تفسير قول الله عز وجل: {ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون (¬1)} لأنه ذكر الحديث عنده، قال: هذه رؤيا منامية. فلا أعلم مانعًا من هذا، أي: أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى ربه في المنام. وهكذا نقل عن الإمام أحمد وعن غيره من علماء السلف أنّهم يرون الله في المنام. لكن لو رأى الإنسان ربه وأتى بشيء يخالف التشريع الإسلامي الموجود، فلا يقبل لأن الذي رآه يحتمل أن يكون رآه حقيقةً، وأن تكون وساوس نفس، كما جاء أن الرؤيا تنقسم إلى ثلاثة أقسام: رؤيا من الله، ¬

(¬1) سورة ص، الآية: 69.

وحلم من الشيطان، وحديث نفس. وزيادة على هذا أن النائم ليس بوعيه حتى يقبل ما رآه في منامه. السؤال69: رجل تزوج بامرأة من جماعة التكفير وهو لا يدري، فلما علم بالأمر طلقها وأنجبت له ولدًا، فهل يجوز له أن يأخذ ولده غصبًا عنها خشية أن يتأثر بها أم لا؟ الجواب: ننصحه أن يعظها ويذكرها بالأحاديث الواردة في ذم تكفير المسلمين مثل حديث: ((من قال لأخيه: ياكافر إن كما قال، وإلاّ رجع عليه)). وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخوارج: ((إنّهم كلاب أهل النّار)) ويقول: ((يمرقون من الدّين، كما يمرق السّهم من الرّميّة)). فيذكّرها بالله ويقص عليها ما ورد عن الخوارج وفي ذمّهم، فإن رجعت وإلا فارقها إذا خشي على أولاده، أما ابنه فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لامرأة: ((أنت أحقّ به ما لم تنكحي)). ولكن إذا خشي أن تدعو ولدها إلى البدعة وهي رأي جماعة التكفير فله أن يأخذ ولده، فإنّها ليست أهلاً لحضانته. السؤال70: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف؟ الجواب: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصّفّ))، والحديث صالح للحجية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من صلى خلف الصف أن يعيد صلاته. فهذا هو الراجح من قول أهل العلم، والجمهور لا يرون أنه يلزم أن يعيد الصلاة، ولكن حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحق بالاتباع. السؤال71: رجل اشترى سيارةً بالتقسيط، واشترط عليه البائع ألا يبيع

السيارة حتى يسدد كل ثمنها، وأوراق تمليك هذه السيارة مع البائع فأراد المشتري أن يبيع السيارة إلى رجل آخر قبل تسديد ثمن السيارة، فما حكم هذا البيع، وهل يلزمه الوفاء بذاك الشرط أم لا؟ الجواب: إذا التزم له ورضي به فالله سبحانه وتعالى يقول: {ياأيّها الّذين آمنوا أوفوا بالعقود (¬1)}. وأما حديث: ((أيّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل))، فيحمل على الشروط المخالفة، أما شخص يخشى على ضياع ماله، واشترط هذا الشرط فالذي يظهر أنه يجب الوفاء به. أما بيع التقسيط وإن كان رأي الجمهور كما في "نيل الأوطار" وكما ألف بعض علمائنا المعاصرين رسالة بجوازه، لكن الصحيح أن فيه معنى الربا، فعلى هذا لا يجوز التعامل ببيع التقسيط. السؤال72: ما حكم من يقول بخلق القرآن؟ الجواب: يعتبر مبتدعًا ضالاً، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وكلّم الله موسى تكليمًا (¬2)}، ويقول أيضًا في شأن موسى: {وكلّمه ربّه (¬3)}. وأما ما جاء من الآيات: {إنّا جعلناه قرءانًا عربيًّا (¬4)} فليس معنى ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 1. (¬2) سورة النساء، الآية: 164. (¬3) سورة الأعراف، الآية: 143. (¬4) سورة الزخرف، الآية: 3.

جعلناه: خلقناه، بل معناه: صيّرناه، لأن جعل التي بمعنى خلق لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد، والتي بمعنى صيّر تتعدى إلى مفعولين، وهذا يعتبر من المتشابه، فلا بد من ردّه إلى الأحاديث والآيات القرآنية الأخرى، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ألا رجل يحملني إلى قومه، فإنّ قريشًا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربّي)). فهو كلام الله، والقائل بأنه مخلوق يعتبر مبتدعًا ضالاً. السؤال73: ما هو القول الفصل في يوسف القرضاوي، وهل هو مبتدع أم لا، وما رأيكم فيمن يقول: بأنه عدو لله، ومن أبناء اليهود ويلقّبه: بالقرظي، نسبةً إلى بنى قريظة؟ الجواب: يوسف القرضاوي منذ عرفناه وسمعنا به، وهو حزبيّ مبتدع، أما أنه عدو للسنة فلا نستطيع أن نقول إنه عدو للسنة (¬1)، ولا نستطيع أن نقول إنه من أبناء اليهود، فلا بد من العدالة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬2)}. ويقول: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬3)}. ويقول: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬4)}. ¬

(¬1) وفي نشراته وكتبه ما يدل على عداوته لأهل السنة. (¬2) سورة المائدة، الآية: 8. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬4) سورة النساء، الآية: 135.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أبا ذر أن يقول الحقّ ولو كان مرًّا. فأنا لا أنصح باستماع أشرطته، ولا بحضور محاضراته، ولا بقراءة كتبه فهو مهوس، وله كتاب في جواز تعدد الجماعات، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((يد الله مع الجماعة))، فلم يقل: مع الجماعات. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من خرج عن الطّاعة وفارق الجماعة))، فما قال: وفارق الجماعات. ويقول كما في حديث ابن عباس: ((من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه، فإنّه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميتةً جاهليّةً)). أخرجه البخاري. وكما في حديث معاوية عندما سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الفرقة الناجية فقال: ((هي الجماعة)). فالمسلمون جماعة واحدة، فلا يجوز للقرضاوي أن يسعى في تفرقة كلمة المسلمين ويشتت شملهم، ويضعفهم بالتفرقة، يقول الله عز وجل: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬1)}، ويقول عز وجل: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء (¬2)}. وأقبح من هذا ما نشر عنه في جريدة: إننا لا نقاتل اليهود من أجل الإسلام، ولكن من أجل أنّهم احتلوا أراضينا. أفّ لهذه الفتوى المنتنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 103. (¬2) سورة الأنعام، الآية: 159.

سبيله فتربّصوا حتّى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين (¬1)}. فالدين مقدم على الوطن وعلى الأرض ولكن الحزبية تعمي وتصم. ولنا رسالة في الرد عليه بعنوان "إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي". السؤال74: ما هو مذهب السلف الصالح في معاملة الحكام؟ الجواب: الحكام لا يملكون أمورهم، ولكن الذي يملك أمر الحكام هي أمريكا، فهي تدعوهم إلى مؤتمر محاربة المتطرفين، والبطل فيهم من قام وقال: أبيدوا المتطرفين. فالحكام مساكين لا يملكون أمرهم، ولكن معاملة السلف تكفينا، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول بالحقّ أينما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم، أو يفرّق جماعتكم، فاقتلوه)). وأنا أقول: إن حكامنا ليسوا كحكام بني أمية أو العباسيين، وإن كان قد وجد في بني أمية من يشرب الخمر، ومن يستمع إلى القينات، ومن لا يبالي بالرعايا، لكن إذا دهم أعداء الإسلام بلاد المسلمين قام كالأسد، مثل الرسالة ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 24.

التي بعثها الرشيد إلى ملك الروم يقول فيها: من هارون أمير المؤمنين، إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما ترى لا ما تسمع. ونحن في هذا الوقت: الجواب ما تسمع من الإذاعة، (إسرائيل وإسرائيل) وهم معها في الباطن، حتى حكومة عدن عند أن كانت حكومةً شيوعية تقول: إسرائيل وفلسطين وكذا وكذا، وهم يذبحون المسلمين وينكّلون بالمسلمين أعظم من إسرائيل. فيجب أن نعرف ما نحن عليه، والشعوب مسلمة، فالشعب اليمني مسلم وحكومته باقية متمسكة بذيل الإسلام وهى تعتبر أحسن من غيرها، وكذلك الشعب السعودي مسلم وحكومته أيضًا، وهي تعتبر من أحسن الحكومات، ونحن مسئولون عن هذا الكلام الذي نقوله. فأقول: يجب وضع الأدلة في مواضعها، ولا نغتر بأناس يزعمون أنّهم يعرفون الواقع، وقد كتب عبد الرحمن عبد الخالق بعد الحرب العراقية الإيرانية في الجرائد: "إن صدامًا مؤمن قوي". فأقول: نعم هو مؤمن ولكن بالجبت والطاغوت. فلا أنصح بالكلام في الحكام، ولكن يجب التثبت، فلا أنصح أحدًا بالاصطدام مع حكوماتهم ولسنا دعاة فتن، فالشعوب مسلمة والدائرة ستكون على رءوس المسلمين، ولا أجيز الثورات والانقلابات والخروج على الحكام، والشعوب محتاجة إلى أن ترجع إلى الله سبحانه وتعالى ونواصي العباد بيد الله سبحانه وتعالى: {إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم (¬1)}. ¬

(¬1) سورة الرعد، الآية: 11.

السؤال75: قال عبد الرحمن بن عبد الخالق لما جاء إلى إندونيسيا بأن الأخطاء التي نبّه عليها الشيخ عبد العزيز بن باز صدرت منه في زمن سابق، ولم يقلها في هذا الزمن فما قولكم في هذا الكلام؟ الجواب: أقول: عبد الرحمن بن عبد الخالق كان في بدء أمره له مواقف طيبة وقد نفع الله به في الكويت، ثم بعد ذلك انحرف، وأعظم انحرافه هو تفرقة كلمة أهل السنة، وقد تكلمنا عليه في كتاب "المخرج من الفتنة" وفى كثير من الأشرطة، وأنصح بقراءة كتاب أخينا في الله ربيع بن هادي "جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات" فهو كاف واف. وأنا أشهد الله أنني أبغضه في الله لما افترى على دعوة أهل السنة فقد فرّق بين أهل السنة في اليمن، وفي أرض الحرمين، وفي السودان. وأقول: إنه لا يعتمد على أشرطته ولا على كتبه، وقد رأيت له كتابًا بعنوان "الفكر الصوفي"، ينقل في هذا الكتاب من "طبقات الصوفية" لأبي عبد الرحمن السلمي محمد بن الحسين وهو متهم، فكيف نأخذ منه ونستدل بذلك الكتاب وربما يكون فيه إزراء على بعض الأشخاص. أما عبد الرحمن عبد الخالق فلا أنصح بقراءة كتبه ولا باستماع أشرطته ولا أثق به، فقد قال للشيخ ابن باز: إنني قد رجعت عن هذه الأمور الأربعة التي انتقدتّها علي. وأقول: إنه لا يكفي انتقاد الشيخ عبد العزيز بن باز في قضايا يسيرة، بل الرجل أضل أممًا وفرّق كلمة أهل السنة، وغرّ الناس بديناره لا بأفكاره. فجمعية إحياء التراث بالكويت هي التي تجمع الأموال ثم ترسل

عبد الرحمن بن عبد الخالق ليضل الناس ويشتت شملهم، فالدعوة غنية عن عبد الرحمن وعن أفكاره، فعليه بالجلوس في بيته وإن كان غيورًا على الإسلام فليذهب إلى مصر، فإنّها محتاجة إلى دعاة، ولعله سيتفق مع الأزهريين في آرائهم، أفكار الضياع والميوعة. أما جمعية إحياء التراث فقد انقسمت إلى أربعة أقسام كما أفادني زائر من الكويت، وأنا أنصح عبد الرحمن أن يرجع إلى الله وأن يتوب ويأخذ كتابه ويدرس عند الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين أو الشيخ عبد المحسن العباد، وأنا أتحدى عبد الرحمن عبد الخالق أن يأتي بطالب واحد قد أصبح مؤلفًا مبرّزًا وقد رأيت رده على الشيخ ربيع فيكاد الشخص أن يضحك من ركبته، كرد أهل صعدة عليّ، فعبد الرحمن يقول: أنت قلت ياشيخ ربيع كذا، وأهل صعدة يقولون: أنت قلت يامقبل، فأقول في نفسي: أي والله لقد قلت هذا، وأحمد الله على هذا. فهو ردّ على الشيخ ربيع بردّ هزيل منهزم نفسيًّا، فجزى الله أخانا ربيعًا خيرًا. السؤال76: ما حكم التنظيم السري؟ الجواب: التنظيم السري إذا كان الشخص يحتاج إليه كأن يكون بين أعداء الإسلام أو أن الحكومة تريد البطش به؛ فلا بأس به، بشرط ألا يكون التنظيم مخالفًا للكتاب والسنة، فإذا خالف الكتاب والسنة فهو يعتبر طاغوتًا. أما أن يكون عندنا مثل الإخوان المفلسين، أو أصحاب جمعية الحكمة، فيكون عند أصحاب جمعية الحكمة اجتماع فيقولون: أنت يافلان تأتي من هذا الشارع، وأنت يافلان تأتي من ذاك الشارع، وهذا يأتي من هنا وآخر من

هناك، ولا تتركوا السيارات عند البيت. فهذه تنظيمات عقيمة عقيمة، وأقول: ماذا يحتاجون من السرية وجرائدهم تمدح الحكومة وكذلك أشرطتهم، فليست إلا وسوسة شيطانية، لصرفهم عن الكتاب والسنة. والحكومة تاركة المجال للدعوة، وكذلك لمن أراد أن يتوظف، فما سرّيتهم هذه إلا نكبة على الدعوات، والحكومة إذا عرفت دعوة سرية تحاول أن تقف على حقيقتها. ففي ذات مرة كنا في مأرب، ودخلنا نتحدث مع شيخ، وقليل حياء من الجواسيس ما شعرنا به إلا وهو واقف أمامنا، فيظن الظان أنه من أهل البيت، وهم يظنون أنه منا، ولكني كنت قد عرفته فقلت له: اخرج. وحصل منه موقف آخر هذا الشخص نفسه، فقد جاءني زائرون من أبي ظبي، ثم صعدنا إلى البيت للغداء، فما شعرنا إلا وذلك الشخص داخل، وبعد أن تغدى قلت له: إياك إياك أن تدخل بدون استئذان، ثم طردناه وهو مهين. فالحكومة تحرص كل الحرص على معرفة هذه الأعمال السرية، وما يدريهم أن رئيس الجلسة ربما يكون جاسوسًا. ودعوة أهل السنة من فضل الله بارك الله فيها، فدعوتهم في كتبهم وأشرطتهم، والحكومة تتحملهم لأنّها تعلم أنّهم لا ينافسونها على كراسيها، فالكراسي عندهم لا تساوي بعرة، يقول الله سبحانه وتعالى: {يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات (¬1)}. فعلى أهل السنة أن يشعروا المسئولين بأنّهم لا ينافسونهم على كراسيهم، ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 11.

بل يرون العلم أرفع من الكراسي، وأنّهم ليسوا راضين عن وضعهم بل وينكرونه، لكنهم يسألون الله أن يصلحهم، وأن يردهم إلى الحق ردًا جميلاً. السؤال77: هل الإخوان المسلمون يدخلون تحت مسمى الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، أهل السنة والجماعة منهجًا وأفرادًا أم لا؟ الجواب: أما المنهج فمنهج مبتدع من تأسيسه ومن أول أمره، فالمؤسس كان يطوف بالقبور وهو حسن البنا، ويدعو إلى التقريب بين السنة والشيعة، ويحتفل بالموالد، فالمنهج من أول أمره منهج مبتدع ضال. أما الأفراد فلا نستطيع أن نجري عليهم حكمًا عامًا، فمن كان يعرف أفكار حسن البنا المبتدع ثم يمشي بعدها فهو ضال، ومن كان لا يعرف هذا ودخل معهم باسم أنه ينصر الإسلام والمسلمين ولا يعرف حقيقة أمرهم فلسنا نحكم عليه بشيء، لكننا نعتبره مخطئًا ويجب عليه أن يعيد النظر حتى لا يضيع عمره بعد الأناشيد والتمثيليات، وانتهاز الفرص لجمع الأموال. السؤال78: ما هو ردكم على من يقول: بأنكم تمدحون علماء الزيدية، وعلى من ينسبكم إليهم؟ الجواب: أقول: على المدّعي البينة، وعلى المنكر اليمين، وأقول كما يقول الله سبحانه وتعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (¬1)}. والذي يقول هذا الكلام يذهب إلى صعدة ويقول: أنا من أتباع مقبل، فأنا أخشى عليه من الضرب، وقد أتوا إلى دماج يريدون الفتك بنا. ثم بعد ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 111.

ذلك نسمع هذه الترهات التي لا تنقطع. ولكن كتابنا "رياض الجنة في الرد على أعداء السنة" وكتاب "إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن" تبين ضلالهم، وكذلك ردهم عليّ في مجلد بعنوان "تحرير الأفكار"، هذا الرد الميت، ولم يبق إلا أن يقولوا بل قد قالوا: إننا عملاء لأمريكا، وعملاء للسعودية، وستتضح الحقيقة وقد اتضحت بإذن الله لكثير من الناس والفضل في هذا لله عز وجل. ولنا شريط كذلك بعنوان "المذهب الزيدي مبنيّ على الهيام". السؤال79: هل هناك فرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها مع التفصيل إن كان هناك تفصيل؟ الجواب: نعم يوجد فرق، فالمتقدمون أحدهم يعرف المحدث وما روى عن شيخه وما روى عنه طلبته ويحفظون كتاب فلان، فإذا حدث بحديث يقولون: هذا ليس من حديث فلان. وأنا أعجب من شدة انتقادهم ومعرفتهم، ففي ترجمة عبد الله بن دينار في "الضعفاء" للعقيلي، ذكر العقيلي كم روى واحد من الأئمة عن عبد الله بن دينار، مثل شعبة، ومالك، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وكذا الاختلاف بين الإمام أحمد، وعلي بن المديني في شأن أيهما أعلم مالك أم سفيان بن عيينة بالزهري، فالإمام أحمد يقول: روى ابن عيينة كذا وكذا من الأحاديث ووهم في كذا وكذا، ويقول: روى مالك أحاديث أكثر من ابن عيينة، وأوهامه أقل من ابن عيينة. فهم لا يماثهم أحد، والمعاصرون لا يعدو أحدهم أن يكون باحثًا أما

كتب "العلل" فالمعاصرون لا يتحرون في هذا، وكذلك زيادة الثقة، والشاذ، فربما يغتر أحدهم بظاهر السند ويحكم على الحديث بظاهر السند، وقد سبقه المتقدمون وحكموا عليه بأنه حديث معل. فينبغي أن تعرض كتب المتأخرين على كتب "العلل" حتى تعرف أخطاؤهم فإن لهم أخطاء كثيرة بالنسبة إلى العلماء المتقدمين، ولا يقال: كم ترك الأول للآخر، في علم الحديث. أروني شخصًا يحفظ مثل ما يحفظ البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو تكون له معرفة بعلم الرجال مثل يحيى بن معين، أو له معرفة بالعلل مثل علي بن المديني، والدارقطني، بل مثل معشار الواحد من هؤلاء، ففرق كبير بين المتقدمين والمتأخرين. السؤال80: هل كتب المصطلح كـ"مقدمة ابن الصلاح" و"تدريب الراوي" و"توضيح الأفكار" على أصول وقواعد الفقهاء والمتكلمين أم على أصول وقواعد المحدثين المتقدمين؟ الجواب: غالبها على قواعد وأصول المحدثين المتقدمين، وقد دخلها دخيل من كتب الفقهاء، من الأمثلة على هذا تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد، فهذا من كتب الفقهاء والفقه، أخذوه عن إبراهيم بن علية، وعبد الرحمن بن كيسان ابن الأصم وهما مبتدعان. و"توضيح الأفكار" فالأخذ به أكثر من كتب الفقهاء وأصول الفقه، وهكذا "فتح المغيث"، وأما "تدريب الراوي" فكتاب طيب سهل جدًا، وكذلك "مقدمة ابن الصلاح".

السؤال81: ما رأيكم فيمن يقول: بأن الزيادة من الثقة التي لا تخالف المزيد أي التي تفسّر وتوضّح وتبين المزيد مقبولة مطلقًا؟ الجواب: زيادة الثقة للعلماء فيها تفاصيل، فمنهم من قبلها مطلقًا، ومنهم من ردها مطلقًا، ومنهم من قال: إذا اتحد المجلس فلا تقبل، وإذا اختلف المجلس تقبل، ومنهم من قال كالإمام البخاري، وأحمد بن حنبل وأمثالهما: إن زيادة الثقة تقبل إذا لم يخالفه من هو أرجح منه، على أن زيادة الثقة ليس للعلماء فيها قاعدة مطردة، فرب زيادة يقبلونها، وزيادة مماثلة لها يردونها، لأنّهم كما قلنا قبل يعرفون أن هذا الحديث من حديث فلان فزاده شخص، وهم يعرفون أنه حفظ عن ذلك الشيخ فيقبلونها وربما يزيدها أناس وهم يعرفون أن هذا ليس في كتاب الشيخ فيردونها. وأما قول القائل: إنه يشترط أن تكون منافية، فلا، بل مجرد الزيادة تعتبر منافية، فمثل حديث: ((إذا قرأ فأنصتوا))، ليس فيه منافاة لحديث أبي موسى في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومع هذا فقد انتقده الدارقطني والحفاظ بأن هذه الزيادة شذّ بها سليمان بن طرخان التيمي، وأنكروها عليه فهو يعتبر شاذًا فيها. السؤال82: راو لم يوثقه معتبر وروى عن جمع من الثقات، فهل تحسنون حديثه أم لا؟ الجواب: إن كان في "الصحيحين" نقبل حديثه، وإن كان خارج "الصحيحين" نتوقف فيه، إلا إذا كان مشهورًا بالطلب، فهي كافية. السؤال83: ما هي نصيحتكم لأهل السنة السلفيين في إندونيسيا وجزاكم الله خيرًا؟

الجواب: الذي أنصحهم به أن يقبلوا على علم الكتاب والسنة، وأن يستفيدوا من أخينا الفاضل جعفر حفظه الله الذي نفع الله به في مدة يسيرة، فعليهم بالتعاون معه والله سبحانه وتعالى يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدّ بعضه بعضًا))، متفق عليه من حديث أبي موسى. ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)). فعليهم أن يحرصوا ويتزودوا من العلم، وإذا قال لهم الصوفية: أنتم تحرمون الذّكر؟ فأنصحهم أن يلقوا خطبةً في فضل ذكر الله عز وجل، أو قال الصوفية: أنتم تحرمون الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأنصحهم أن يقولوا خطبةً في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأحاديث الصحيحة. وهكذا القضايا الأخرى فإنّهم بادئون والبادئ سيتعب، ولكنني أنصحهم بالصبر فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون (¬2)}، ويقول: {وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (¬3)}. ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 2. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 200. (¬3) سورة السجدة، الآية: 24.

وأنصحهم بالصبر والتأني والرفق فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلاّ زانه، ولا ينْزع من شيء إلاّ شانه))، وكما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (¬1)}. وعليهم أن يشعروا الناس أنّهم يدعونهم من أجل مصلحتهم، لا من أجل أن يكونوا رؤساء عليهم، ولا من أجل أن يأخذوا أموالهم، ولا من أجل أن يكثر أتباعهم، لكن من أجل أداء واجب أوجبه الله تعالى عليهم وعلى طلبة العلم. كما أنصحهم بالإقبال إقبالاً كليًّا على طلب العلم، والاستفادة من الكتب مثل "رياض الصالحين" و"فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"، و"اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان"، وقبل هذا كله حفظ القرآن، ثم يأخذ من اللغة العربية ما تستقيم به الألسن، فإن القرآن عربي وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عربية، ثم لا يشتغلون بهذه الشهادات والدراسات في المدارس، بل يهتمون بتحصيل العلم: {يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات (¬2)}. أما العلم الدنيوي فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا * ذلك مبلغهم من العلم (¬3)}، ويقول أيضًا: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (¬4)}. ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 128. (¬2) سورة المجادلة، الآية: 11. (¬3) سورة النجم، الآية: 29. (¬4) سورة الروم، الآية: 7.

فليحرصوا على تحصيل العلم النافع، وحفظ ما استطاعوا من كتاب الله، وعلى التبليغ برفق ولين، وإن استطاعوا ألا يصطدموا مع أحد في أول الأمر فليفعلوا، وما أظنهم يستطيعون ولن يتركهم المبتدعة والمخرّفون والحزبيون، فإن الحزبية من جانبها تتآمر على أهل السنة ومثلها الصوفية والشيعة، والعامة على حسب ما ألفوه. فالسني يعتبر نفسه غريبًا يصدق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء)). أسأل الله العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى، ونسأله سبحانه وتعالى أن يدفع عنا وعنهم كل سوء ومكروه، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. والحمد لله رب العالمين

أسئلة أصحاب لودر

أسئلة أصحاب لودر الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم أجمعين .. وبعد: فهذه أسئلة من شباب لودر نقدمها إلى شيخنا العلامة المحدث الشيخ مقبل ابن هادي الوادعي حفظه الله. السؤال84: ما حكم سؤال الله عز وجل بصفة من صفاته، وهل هو شرك لأن الشيخ ابن عثيمين حفظه الله قد سئل عن ذلك فقال: إنه شرك، باعتبار أن الصفة زائدة على الذات، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دعاء الاستخارة: ((اللهمّ إنّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم))، وجاء في حديث آخر قوله: ((اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق))، فماذا نفعل في هذا؟ الجواب: أقسام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واردة في السنة، فكان يقول: ((لا ومقلّب القلوب))، ويقول أيضًا: ((والّذي نفسي بيده))، ((والّذي نفس محمّد بيده))، لا والله، ولم يثبت أنه أقسم بصفة زائدة، ولكن هل يبلغ إلى حد الشرك أم لا، أرى أنه لا يعد شركًا والله أعلم. والله سبحانه وتعالى يقول: {ولله الأسماء

الحسنى فادعوه بها (¬1)}. السؤال85: جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه حنّك عبد الله بن طلحة أخي أنس بن مالك، فهل التحنيك خاص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه جاء من أجل البركة، أم هو عام لمن ترجى منه البركة؟ الجواب: البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشخص، وهي في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مقطوع بها وفي غيره من الأفاضل يرجى أن يكون به بركة بسبب تحنيكه، فعلى هذا فلا بأس أن يذهب إلى الرجل الفاضل من حفظة القرآن أو من غيرهم، وأن يحنك الصبي. السؤال86: ذكرتم يا فضيلة الشيخ في مقدمة تحقيق أحد الطلبة لكتاب الشوكاني في مسألة الاستمناء: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول بفناء النار، وأن الصنعاني قد رد عليه في كتاب "كشف الأستار"، وقد قرأت هذا الكتاب ومحققه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ولم يذكر مرجع هذه المسألة عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا فعلكم فيما ذكرتم وقد وجدت لشيخ الإسلام كلامًا يناقض ذلك لما سئل عن حديث أنس بن مالك: ((سبع لا تموت ولا تفنى ولا تذوق الفناء وذكر منها: النّار))، وأجاب رحمه الله بأن هذا الخبر ليس من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونقل اتفاق السلف على عدم فنائها، وأن هذا القول مذهب طائفة من أهل ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 180.

الكلام المبتدعين كالجهم بن صفوان. فهل عندكم ما تثبتونه عليه؟ الجواب: أما القول بفناء النار فقد قال به ابن القيم في كتابه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" في آخر الكتاب فيراجع هذا. وأما قول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" بأنه لا يقول بفناء النار، فإن نقل ابن القيم أصح من "مجموع الفتاوى"، لأن "مجموع الفتاوى" جمعها شيخ عصري فاضل جزاه الله خيرًا، فنقل ابن القيم أثبت، إلا أنه إذا كان قد نقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية خلاف هذا، فلعله تراجع عن هذا الأمر. السؤال87: هل يجوز لعن المعيّن فيما ثبت فيه الدليل، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((اتّقوا اللّعّانين))، وقوله في الكاسيات العاريات: ((العنوهنّ فإنّهنّ ملعونات))، أم هو جائز على صاحب معصية أو غير جائز على الإطلاق؟ الجواب: لعن المعيّن الحي لا يجوز، حتى وإن كان كافرًا، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم عند أن قنت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولعن بعض صناديد قريش فأنزل الله: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون (¬1)}. ومن باب الأولى إذا كان مسلمًا، بل جاء في شأن النعيمان وقد شرب خمرًا فقال له بعض الصحابة: أخزاك الله ما أكثر ما يؤتى بك، فقال النبي ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 128.

صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تعينوا الشيّطان على أخيكم)). وأما ما جاء في: ((العنوهنّ فإنّهنّ ملعونات))، فأنا على ضعف الحديث، وليست الزيادة في الحديث الذي رواه مسلم، فالحديث الذي رواه مسلم ذكر فيه: ((نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهنّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))، وما جاء أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن: ((آكل الرّبا وموكله، ولعن الرّاشي والمرتشي، ولعن النّامصة والمتنمّصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة))، فهذا ليس على سبيل التخصيص. ومعنى اللعن: الطرد عن رحمة الله، وقد يستعمل بمعنى الشتم والسب حتى لو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن شخصًا وليس أهلاً لأن يلعن فإنّها تكون عليه رحمة، كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّما أنا بشر أغضب كما تغضبون، الّلهم من سببته أو لعنته فاجعلها عليه رحمة)). وأما حديث: ((اتّقوا اللّعّانين))، فمعنى هذا أنّها جرت عادات الناس وطبائعهم أن يلعنوا من فعل هذا، وليس معناه أنه يحل لهم ذلك، ولم يقله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مقرًا لهم على ذلك. السؤال88: بالنسبة لحديث: ((الكاسيات العاريات)) هل يشترط فيه اكتمال الصفات وإرادة الفعل أم لا؟ الجواب: تكون آثمة، لكن لا يشملها هذا الوعيد العظيم ((لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)). ثم إن كانت موحدة فهي تحت مشيئة الله، إن شاء غفر لها كما قال

تعالى: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (¬1)}، وإن شاء عذبها بقدر ذنبها ثم مآلها إلى الجنة ويكون معنى الحديث: لا يدخلن الجنة دخولاً أوليا. السؤال89: مسألة الدية في فقء عين الناظر في البيت ومن أراد المرور بين يدي المصلي، هل تلزم في ذلك الدية؟ الجواب: لا، لا يلزم، فإنه إذا نظر وفقئت عينه فهو هدر، ولا تلزم فيها الدية، وأما حديث المرور بين يدي المصلي: ((فليقاتله))، ليس معناه أن يقتله، ولكن لو دافعه وسقط على الأرض ومات فلا شيء عليه في ذلك. السؤال90: يؤتى بالجنازة إلى المسجد ويصلي الناس الفريضة إليها فما حكم ذلك؟ الجواب: لا أعلم مانعًا من ذلك، والنهي عن استقبال القبور، لا عن استقبال الميت، وقد جيء بسعد بن أبي وقاص إلى عائشة لتصلي عليه، وصلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ابني بيضاء في المسجد فلا أعلم مانعًا من هذا، ولا تفسد الصلاة. السؤال91: هل تستحب صلاة الاستخارة للزواج؟ الجواب: الزواج نفسه قد يكون واجبًا، ولكن عليه أن يستخير الله عز وجل فربما تكون هذه المرأة سببًا لصده عن الخير كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن يك من الشّؤم شيء حقّ ففي المرأة والفرس والدّار))، فلا بأس أن يستخير الله ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 48.

سبحانه وتعالى أيتزوج هذه المرأة أم يتزوج غيرها فربما تكون تعاسة عليه إذا تزوج بها. السؤال92: حديث: ((لا صلاة بحضرة الطّعام ولا هو يدافعه الأخبثان))، هل يؤدي من فعل ذلك إلى بطلان صلاته؟ الجواب: بحسب حالته، فإن كان انتهى به الحال إلى أنه لا يشعر بما يقول لشدة مدافعة الأخبثين، فصلاته غير صحيحة، وإن كان يستطيع أن يدافع ولا يشوش، فصلاته صحيحة مع الكراهة. السؤال93: هل يجوز للبنت أن تتزيّن أمام خالها وعمها، وتظهر مفاتنها، لأن هناك من يقول: أن عمها أو خالها سيصف محاسنها لابنه؟ الجواب: لا أعلم مانعًا من هذا، وهذا ليس بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا إنما قاله بعض علماء السلف. السؤال94: ما حكم قص الشعر للمرأة؟ الجواب: إن كانت تحتاج إلى قصه، كأن ينبت في رأسها حزاز أو جرح أو طال الشعر كثيرًا وتريد أن تقص منه، فلا بأس، وإلا فهو يعتبر زينة لها. قد جاء في "صحيح مسلم" أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قصصن شعر رءوسهن بعد وفاته حتى صار كالوفرة، أي: كالنبات المرعي، ولكن هذا من فعلهن؛ والذي ننصح به هو إبقاء شعر الرأس فإنه يعتبر زينة وجمالاً للمرأة. وأعظم من هذا إذا كان تشبهًا بأعداء الإسلام، فقد أصبح المسلمون يتشبهون بأعداء الإسلام حتى إن من النساء من أصبحت تصبغ رأسها بصباغ

أحمر، وإن رأت من النساء من يقصصن من رءوسهن فعلت ذلك، وبعض النساء ترفع رأسها كأنه سنام بعير على الرأس، وهذا هو الذي يشمله قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مائلات رءوسهنّ كأسنمة البخت)). وتقليد أعداء الإسلام في هذا الزمان يصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعنّ سنن من كان قبلكم، حذو القذّة بالقذّة، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، ويقول محذرًا عن ذلك: ((من تشبّه بقوم فهو منهم)). السؤال95: بالنسبة لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في تحديد (ربا الفضل)، وذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك الذهب بالذهب وغيره، وفيه ((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد))، ثم وجدنا الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الرسالة" ص (523 - 527) نقل الاتفاق على جواز التأجيل في البر والشعير والتمر والملح وكذا نقله ابن المنذر والحديث لا يؤيده فكيف يكون الإجماع مخالفًا لظاهر النص؟ الجواب: هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من خص ذلك بالصيرفي، الذي يتولى الصرافة كأن يذهب شخص إلى صيرفي ويقول له: أريد منك أن تصرف لي هذه النقود كدولارات أو عملة أجنبية أخرى، فيعطيه الصيرفي بعض المال ويقول له: ترجع لبعض المال في وقت آخر، فهذا يعتبر ربا. وأما مسألة البيع والشراء فمن أهل العلم من يرى أنه لا يشملها الدليل بحيث لو ذهبت وأخذت ذهبًا وقلت له: قيّده عليّ إلى مدة شهر أو شهرين، وبعد ذلك تعطيه ذهبًا، فمن أهل العلم من يرى أنه داخل في الربا، ومنهم من

يرى أنه ليس داخلاً في الربا، والذي يظهر لي أنه ليس داخلاً في الربا، لكن ننصح بالابتعاد عنه درءًا للشبهة. السؤال96: القاعدة التي تقول: الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، ما مدى صحة هذه القاعدة، ثم أليس الأولى أن يعمل كل واحد باحتماله؟ الجواب: هذه قاعدة باطلة وأكثر الأدلة من هذا النوع، فلو فتحت هذه القاعدة لتعطل كثير من الشرع، وإذا احتمل الدليل هذا وهذا فلك أن تنظر إلى مرجحات أخرى من أدلة أخرى ولكن أيضًا أن تنظر إلى الترجيح بين الاحتمالين، ثم إذا أشكل عليك الأمر تتوقف فيه. أما أن تقول: يبطل به الاستدلال فقد يصعب لديك الفهم لدى احتمالات، وآخر يفتح الله عليه بترجيح أحد الاحتمالين والعمل بأحد الاحتمالين. وما أكثر الأدلة التي تحتمل هذا وهذا، ففي هذه القاعدة إبطال للشرع، وأنا أنصح الأخوة بما نصح به الشوكاني فهو يقول: ما من قاعدة إلا وهي تحتاج إلى أن يستدل لها، لا يستدل بها، ويقول في أوائل كتابه "إرشاد الفحول": إن كثيرًا من العلماء الجهابذة أصبحوا مقلدين بسبب القواعد التي قعدها أصحاب أصول الفقه. السؤال97: ينقل العلماء الإجماع على أن مستحل الحرام كافر، فكيف نفعل في المسائل التي اختلف العلماء في الحكم عليها بالحرام أو عدمه كالغناء؟

الجواب: المراد بالحرام المقطوع به مثل أن يقول: الخمر حلال، أو الزنا حلال، أما الأمر الذي تكون فيه الأدلة محتملة واختلف العلماء المتقدمون فلا يبلغ به حد الكفر، بل لك أن تأخذ بأحد القولين تراه أقرب إلى الدليل وإلى أصول الشريعة. السؤال98: ما هو المنهج السلفي في الحكم على فرقة أو جماعة بأنّها جماعة ومتى نستطيع أن نخرجهم عن دائرة أهل السنة والجماعة؟ الجواب: منهج أهل السنة والجماعة هو الالتزام بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وقد ألف أبوإسماعيل الصابوني "عقائد السلف" فربما يذكر السلف، وربما يذكر أهل السنة، وربما يذكر المحدثين وهو يعني شيئًا واحدًا يصدق على من التزم بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شأن السلف الصالح: ((إنّ خيركم قرني ثمّ الّذين يلونهم ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السّمن)). أما متى يخرج الشخص عن منهج السلف الصالح، فإذا ارتكب البدع: ((فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء المهديّين الرّاشدين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة))، وإذا خرج عن منهج السلف إما إلى التصوف، أو التشيع أو إقامة الموالد أو الترحيب بالقوانين الوضعية، أو الولاء الضيق كالحزبية، التي هي ولاء ضيق فيوالي من أجل الحزب ويعادي من أجل الحزب. إذا كان حزب الله فلا بأس أن توالي وتعادي من أجله ولكن كما يقول ربنا

عز وجل: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا كلّ حزب بما لديهم فرحون (¬1)}. وكما يقول الشاعر: وكل يدعي وصلاً لليلى ... وليلي لا تقر لهم بذاك فإذا كان سلفيًا وهو يؤمن بالديمقراطية، فهذا ليس بسلفي ولا كرامة، وإن كان يؤمن بأن الله مستو على عرشه ويؤمن بأسماء الله وصفاته كما وردت في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال99: كيف يحذر الشباب من الحزبيات غير الظاهرة والتي لا يحذر منها إلا قليل من الناس وكيف يعرف الشاب أنه خالف منهج السلف في ذلك؟ الجواب: يعرف بالولاء الضيق، فمن كان معهم فهم يكرمونه، ويدعون الناس إلى محاضراته وإلى الالتفاف حوله، ومن لم يكن معهم فهو يعتبر عدوهم. وكما أن الناس يسألون العلماء في الصلاة والطلاق والزكاة والحج والمعاملات، ينبغي أن يسألوا أهل العلم ويصفوا لهم أصحاب الولاء الضيق، هل هي معاملة إسلامية أم ليست معاملة إسلامية وكما قال الله عز وجل: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬2)}، وقال: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (¬3)}، وقال أيضًا: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس ¬

(¬1) سورة المؤمنون، الآية: 53. (¬2) سورة النساء، الآية: 83. (¬3) سورة النحل، الآية: 43.

وما يعقلها إلاّ العالمون (¬1)}. وقال في أصحاب قارون عند أن خرج في زينته: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم * وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬2)}. وإياك أن تبيع دينك وعمرك بشيء من المال تافه زائل، فقد أضاعوا أعمارهم وأضاعوا دينهم بالجري بعد الحزبيات، سواء أكانت حزبية مغلفة أم حزبية ظاهرة، والحزبية المغلفة ستظهر عند الانتخابات فمحمد المهدي يقول: من يقنعني بأنني حزبي؟ وهكذا غير محمد المهدي. والإخوان المسلمون ضيعوا أعمارهم وفقدوا ثقة الناس بهم، ولو رجعوا إلى الكتاب والسنة وبذلوا ما يبذلونه من الركض والجري للدعوة إلى الكتاب والسنة، لرأيت الشيوعية والبعثية والناصرية ذليلين حقيرين، ولكن هم الذين اعترفوا بهم، من أجل هذا اتسع الخرق على الراقع، ثم بعد ذلك نسمعهم يقولون: خذلنا أهل السنة، وأقول: هل نضيع ديننا وأعمارنا مثلهم، فإذا دعوا واستسلموا للكتاب والسنة فأهل السنة مستعدون ألا يخذلوهم يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التّقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)). ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬2) سورة القصص، الآية: 79 - 80.

فليستسلموا للكتاب والسنة وليقولوا: كفرنا بقرارات مجلس الأمن، وقرارات الأمم المتحدة والديمقراطية، وليكونوا صادقين في هذا، ونحن وهم يد واحدة على أعداء الإسلام. أما لماذا لا نحرق أنفسنا معهم وقد احترقوا؛ فلا، فما وثق الناس بدعوة أهل السنة إلا لأنّها لا تتلون. السؤال100: ذكر الإمام النووي في "شرح مسلم" عند شرح حديث الطائفة المنصورة ما نصه: "ويحتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيموا أمر الله من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وآمر بالمعروف وغير ذلك من أنواع الخير ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز أن يكونوا مفرقين"، وذكر ذلك عنه الحافظ في "الفتح"، فهل هذا مخالف لما جاء عن أحمد ابن حنبل وأحمد بن سنان وابن المبارك وغيرهم من أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة وهل هناك راية تجتمع تحتها هذه الطائفة من حيث النسبة والانتساب أم أنّهم مفرقون بين الفرق والجماعات؟ الجواب: أما كلام النووي فهو يقصد أهل السنة، ولا يقصد أنّهم من الصوفية، ولا من الشيعة ولا من غلاة المتمذهبة، فهو كلام حق لا غبار عليه، وإن كان الإمام البخاري رحمه الله يقول: هم أهل العلم. ويقول الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم!. لكن يقال: أن أهل العلم المتمسكين بالعلم، وأهل الحديث العاملين بالحديث داخلون دخولاً أوليًا، وإلا فأنا لا أستطيع أن أقول: إنّها مقصورة

على المحدثين، لعدم الدليل، فليس هناك دليل، ولكن أهل الحديث داخلون دخولاً أوليًا، كما ذكرت هذا في كتاب "المخرج من الفتنة" وهم أحق الناس بهذا، لكن لا يمنع أن يكون هناك من هو مجاهد ومن هو فقيه في فهم الكتاب والسنة وبقية الفنون العلمية والمصالح التي ينتفع بها الإسلام والمسلمون وباب التخصص معروف، أي إذا وجد أناس يعرفون حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووجد آخرون يدرسون في الفقه الإسلامي وآخرون في اللغة العربية، وآخرون في كتب التفسير وفي علم الحديث، فلا ينبغي لطائفة أن تشنع على أخرى، وهذه هي الطوائف التي ينبغي أن يكمل بعضها بعضًا، لا الديمقراطيون وغيرهم من فرق الضلال يكمل بعضهم بعضًا، لكن الطوائف الذين تخصصوا في فنون العلم مع اعترافهم بما يقوم به الآخرون من خدمة الإسلام والمسلمين. فخالد بن الوليد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((إنّه سيف من سيوف الله)) كان لا يحفظ من الأحاديث إلا اليسيرة، وأبوهريرة يعتبر حافظ الصحابة، فهل إذا جاءت غزوة من الغزوات أمّر فيها أبوهريرة، لا، بل يؤمّر فيها خالد بن الوليد، وأصحاب السياسة مثل عمرو بن العاص، وإذا جاء الحديث فعند أبي هريرة. فهذا أمر ضيعه العصريون، كل واحد يريد أن يسحبك إلى فكرته، وإذا لم تنسحب إلى فكرته قدح فيك، وقال: هؤلاء متشددون ولا يعرفون إلا (حدثنا وأخبرنا)، أو يقول: هؤلاء شقوا عصا المسلمين. ومثل هذه الكلمات التي تقال وتنفر عن أهل السنة.

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬1)}، ويقول: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬2)}. وأقول: أين ردود الإخوان المسلمون في اليمن وأصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان على الصوفية وعلى الشيعة، وعلى الشيوعيين، وعلى الإباضية، وعلى المخرفين والقبوريين، بل أعظم الأعداء لهم هم أهل السنة، فقد سخروا جهودهم في تحطيم أهل السنة، ولكن رب العزة يقول في كتابه الكريم: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الّذي ينصركم من بعده (¬3)}. وأنصح أهل السنة بالاستقامة على الكتاب والسنة، وبالإقبال الكلي على الكتاب والسنة، وألا يشغلوا أنفسهم بهؤلاء فقد ذابوا وضاعوا. وقد كنت أريد أن أرد بل قد كتبت شيئًا بعنوان "تحذير النبيه من أكاذيب عمار السفيه" وإذا هذا الرد سيرفع من شأنه، فمن معنا؟ معنا ساقط من الساقطين، لا يساوي شيئًا وأقول: لن يراعى فليس أهلاً لأن يرد عليه. وأيضًا (البيضاني) فقد كنت عزمت على كتابة "تحذير الغبي من تلبيسات محمد البيضاني الأشعبي" فعند أن كان هاهنا في دماج تارة يقول: أحقق في جامع الترمذي، وأخرى: أكتب تفسيرًا، وأخرى كذا، مسكين ضيّع نفسه. ولن أردّ إن شاء الله إلا على بعض المسائل، وأقول للبيضاني: أتخوف ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬2) سورة المائدة، الآية: 8. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 160.

مقبلاً بما جئت به؟ ولو كنت أخاف ما كتبت هذا، بل أعتبره دلالة على كتبي، فمن الناس من لا يعرف "قمع المعاند" فيقول: نطلع عليه، ومن الناس من لا يعرف "المصارعة" أو "الفواكه الجنية"، ومن الناس من لا يعرف الأشرطة، ومن الناس من لا يعرف "الترجمة" أو "هذه دعوتنا وعقيدتنا"، مثل ما ردّ أهل صعدة فقد كتبوا ردًا بعنوان "فصل الخطاب في الرد على المفتري الكذاب" ويقولون: أنت قلت يامقبل كذا وكذا، قلت: أي والله قلت، وأحمد الله الذي وفقني للقول بذلك. أحدث نفسي وأنا أقرأ هذا الرد. السؤال101: هناك من يقول إن الجمعيات كجمعية الحكمة والإحسان شبهة وليست حزبية فما تقولون؟ الجواب: هذا إما أن يكون صاحب هوى، وإما أن يكون جاهلاً، فإن كان جاهلاً فننصحه أن يتعلم، وإن كان صاحب هوى فليعتبر بغيره الذين ضاعوا وماعوا بعد هذه الجمعيات، وأنصحه باستماع شريط "التحذير من الحزبية"، والحمد لله فالعجائز عندنا يعرفن أن جمعية الحكمة حزبية وكذلك أصحاب جمعية الإحسان، وانظروا إلى الإخلاص، فقد قرّبوا الإفطار في حضرموت في رمضان، وجاءوا بالمصور، فقال الإخوان: نحن لا نتصور، قالوا: لا بأس تأخروا ونصوّر الطعام. وهناك مبنًى في السدة بنتْه جمعية الحكمة ولم يبق معها طالب واحد، وطلبة العلم طلبة أخينا علي العروقي أهل السنة لا يجدون أين ينْزلون، وفي نشرة مجلة (الفرقة) لعمار السفيه قال: إن جمعية الحكمة عندها ملايين، وأنا أتساءل: هل أتى فاعل الخير بهذا المال ليخزن في البنوك أم لينفق على طلبة العلم؟ وهم يكذبون وعندي إثباتات محتفظ بها يزعمون أنّهم

يدعمون طلبة العلم بمعبر، وبمأرب، وبدماج، وربما لا يجد أحدهم ثمن الصابون ليغسل ثيابه، ولا يجد أحدهم ما يرجع به إلى بلده، ثم يذهبون ويخزنونها في البنوك، وهذه المجلة عندي، فلماذا لا تنفق هذه الملايين على طلبة العلم بمعبر، وبمأرب، وبدماج، وفي مفرق حبيش، وفي عدن، وحضرموت، يقولون: لا، لا بدّ أن يبايعونا إذا أرادوا أن نعطيهم، أما أن نعطيهم لله عز وجل، فلا يعطون لله عز وجل، وراجعوا المجلة. السؤال102: مع كثرة المحققين لكتب السلف في هذا العصر، تجد أن بعض المحققين من يحقق بعض الكتب ويأتي فيها بفوائد علمية وعقدية، ثم إذا اشتهر بين صفوف الشباب أتى بعجائب، فكيف يصنع الشباب مع عدم تحذير العلماء أو قلة تحذير العلماء من ذلك، ومن هؤلاء الشيخ شعيب الأرناءوط كما حصل له في تحقيق "أقاويل الثقات" للكرمي فأفاد في مقدمته مسائل في العقيدة ورد على تأويلات الأشاعرة، ثم لما علق على "صحيح ابن حبان" أتى بتأويلات لبعض الصفات وأقرها، فنرجو التحذير من ذلك، وأن تبينوا لنا حال بعض المصنفين والمحققين في هذا العصر؟ الجواب: الواجب على الإخوة أن يكتبوا إليه، وكذلك الأخ شعيب الأرناءوط الحق أنه قد أخرج كتبًا قيمة لطلبة العلم، فعلى هذا يستفاد من الكتب، فإنه قد أخرج كتبًا مفقودة أو نادرة ليست في متناولنا. فينبغي لطلبة العلم أن يكتبوا إليه وإن أحبوا أن يردوا عليه فعلوا، وإلى الله المشتكى من كثير من العصريين فإنّهم محتاجون إلى تعليم، كيف ذلك!

فأبوحاتم وأبوزرعة وغيرهما يذكران الحديث في "العلل"، فيأتي صاحبنا المحقق العصري ويقول: قلت! فمن أنت حتى تقول: قلت. يقولون هذا عندنا غير جائز ... فمن أنتم حتى يكون لكم (عند) وآخر أيضًا يقول: وأنا أخالف الذهبي، وأخالف العراقي، وأخالف السخاوي وابن كثير! فإذا كنت تخالف هؤلاء الأئمة فمن معك على هذا. فهم محتاجون إلى أن يعرفوا ويدرسوا كتب "العلل" وأن يعلموا أنه ما خاض في كتب "العلل" إلا مجموعة يعدون على الأصابع، فما كل أحد يحسنها. ويقول أحدهم: قلت: تفرد به فلان وهو ثقة، وزيادة الثقة مقبولة. فهل زيادة الثقة مقبولة مطلقًا أم يشترط ألا يخالف من هو أرجح منه، أو ألا يعلّه العلماء المتقدمون الذين هم أهل الفن. السؤال103: ذكر أبوعاصم عبد العزيز القاري في كتابه "برنامج عملي للمتفقهين" (ص25) أن أسلم وأسهل طريقة لمعرفة فقه الأحكام هي التمذهب وقال: إنه قال هذا ردًا على بعض العلماء المتأخرين وهو الشوكاني رحمه الله، فإنه دعا المتفقهين إلى التفقه بعيدًا عن هذه المذاهب الأربعة وأطال، ثم في ص (27) قال: فعليك يا متفقه أن تتخذ التمذهب وسيلة إلى التفقه في أحكام الشريعة، وشنّع في هامشها على قوم، قال عنهم المعلمين الشوكانيين، وقال في ص (40): في سلم تعلم التفسير: يبدءون "بتفسير الجلالين" ثم "تفسير البيضاوي" ثم "تفسير ابن كثير"، قال: وإن أنكرتم على تأخير "تفسير ابن كثير" بعد "الجلالين" و"البيضاوي"! فأقول:

لأن "تفسير ابن كثير" فيه إسرائيليات وروايات حديثية تحتاج إلى طالب علم وإلا فهو من أجلّ التفاسير قدرًا، وقال في الهامش عن "تفسير الجلالين" و"البيضاوي": هذان التفسيران من أجلّ التفاسير وأكثرها فائدة للمتعلم لما فيهما من عناية باللغة والإعراب وأسباب النّزول ومعاني الآيات وغيرها من أغراض التفسير مع متانة أسلوبهما ودقة عباراتهما على ما فيهما من أشعريات يتولى تنبيه المتعلم إليها شيخه. وعلق على "تفسير ابن كثير" بقوله: هذا مع أن ابن كثير قليل العناية بتفسيره بالإعراب واللغة والأحكام الفقهية وإنما يمتاز بسلامة الفكرة وصحة تفسير المعنى والاعتماد على المأثور وهو قبس من "تفسير ابن جرير" و"ابن أبي حاتم" فما قولكم في ذلك حفظكم الله تعالى؟ الجواب: ينبغي أن يعلم أن عبد العزيز القاري حنفي، ثم أين الدليل على أنه يجب عليه أن يتمذهب بل أين الدليل على التمذهب فذاك يكون شافعيًا، وذا حنبليًا، وذاك يكون مالكيًا، وذاك حنفيًا، يقول الله سبحانه وتعالى: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء (¬1)}. والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسألون عن الدليل، فجاء عن جابر رضي الله عنه أنه سئل: أأضبع صيد؟ قال: نعم، قيل له: أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قال: نعم. وفي "الصحيحين" أن أبا موسى أستأذن على عمر وكان عمر مشغولاً ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 159.

فقال بعد أن انتهى: ألم أسمع صوت الأشعري؟ قالوا: نعم، أستأذن ثم رجع، فقال: ائتوني به. فرجع فقال: ما منعك من الدخول! قال: هكذا أمرنا رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقال: لتأتيني ببينه أو لأوجعنك. فذهب أبوموسى إلى مجلس للأنصار وقالوا: لا يقوم معك إلا أصغرنا. وهو أبوسعيد فقام وشهد له بذلك، فقال عمر: أما أني لم أتّهمك بذلك ولكن أردت أن أتثبت. وفي "الصحيح" أيضًا أن عمران بن حصين قال: نزلت العمرة والتمتع في كتاب الله وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال رجل برأيه يعني عمر بن الخطاب. ولولا رحلة المحدثين لما وصل إلينا هذا الخير، وهذه المذاهب أوردت العداوة بين المجتمع كما يقول الزمخشري: وإن يسألوا عن مذهبي لم أبح بهفإن حنفيًا قلت: قالوا: بأننيوإن مالكيًا قلت: قالوا: بأننيوإن شافعيًا قلت: قالوا: بأننيوإن حنبليًا قلت: قالوا: بأننيوإن قلت من أهل الحديث وحزبهتعجّبت من هذا الزمان وأهله ... وأكتمه؛ كتمانه لي أسلمأبيح الطلا وهو الشراب المحرمأبيح لهم لحم الكلاب وهم همأبيح نكاح البنت والبنت تحرمثقيل حلولي بغيض مجسّميقولون: تيس ليس يدري ويفهمفما أحد من ألسن الناس يسلم واقرأ "السيرة" لابن كثير تجد خصامًا بين الحنابلة والحنفية وبين الشافعية والمالكية ورب شخص يطرد من بلده لأنه أبى أن يتمسك إلا بالدليل. وأما الشوكاني في كتابه "القول المفيد لأدلة الاجتهاد والتقليد" فلم يأت بشيء جديد من عنده ونحن نسأل هذا القائل: هل العامة يشملهم قول الله تعالى: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما

تذكّرون (¬1)}، أم لا يشملهم؟ الواقع أنه يشملهم. يقول الله عز وجل: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (¬2)}، ويقول: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (¬3)}، ويقول: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينًا (¬4)}. وأنا مستعد أن آتي بطالب من هنا يكون مبرزًا في العلم أحسن من عبد العزيز القاري في الفقه، لأن فنه هي القراءة فلا نغمطه عليها، فأنا مستعد أن آتي بأخ يذكر المسألة ودليلها من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثم هم يصعبون الشيء السهل فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصف الصلاة وهو على المنبر وكان عثمان يصف الوضوء للصحابة بالفعل، وكان علي بن أبي طالب يصف الوضوء أيضًا للصحابة بالفعل وأنا أسأل عبد العزيز القاري: هل عبارات "زاد المستقنع" أسهل أم عبارات "بلوغ المرام"؟ فتجد عبارات في "زاد المستقنع" ربما يتحير القارئ فيها. وقد ذكر بعض الإخوة في رسالة له أشياء طيبة في هذا، يقول: ومما قالوا: رجل يصلي وهو يحمل مزاده من فسو، فهل صلاته صحيحة أم لا؟ أو رجل يصلي وعنده ثوب من جلود الذر فهل صلاته صحيحة أم لا؟، ومن هذه ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 3. (¬2) سورة الحشر، الآية: 7. (¬3) سورة النساء، الآية: 65. (¬4) سورة الأحزاب، الآية: 36.

الأمور، فاحمدوا الله الذي نجاكم من التقليد. فهل قال لنا أبوحنيفة نقلده، وهل قال لنا مالك نقلده، وكذلك هل قال الشافعي نقلده وأيضًا أقال ابن حنبل نقلده! بل نهوا عن تقليدهم. فهذه مقالة قد سمعناها لبعض الناس ونحن في الجامعة الإسلامية، يقولون: الذين يدعون إلى الدليل يدعون الناس إلى الفرقة. فهل الذي يدعو الناس إلى أن يكونوا يدًا واحدة وفكرة واحدة يدعو الناس إلى الفرقة! أم الذي يوزعهم إلى شافعي ومالكي وحنبلي وحنفي!. وإنني أحمد الله فقد كنت أكتب على السبورة: أتحدى من يأتي بدليل على أننا ملزمون باتباع مذهب معين، فلا يستطيع أحد أن يأتي بدليل، ونحن في الجامعة الإسلامية. وأما بالنسبة للتفسير فالشوكاني رحمه الله يقول في "تفسير ابن كثير": وتفسيره من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها. قال ذلك في "البدر الطالع" في ترجمة ابن كثير، ويقول السيوطي كلامًا نحو ذلك قال ذلك في "طبقات الحفاظ"، فـ"تفسير ابن كثير" فيه العقيدة الحقة، فلا أعلم له نظيرًا. أما "تفسير الجلالين" فهو مضطرب، فتارةً يقول في {استوى} استوى استواءً يليق بجلاله، وتارةً يقول: استولى، لأن المؤلفين اثنان أحدهما جلال الدين السيوطي، ويقول في {العزيز الحكيم} قال: في صنعه، فنقول: لا، هو حكيم مطلق في صنعه وفي وعده ووعيده وفي جميع شئون خلقه، وهكذا "تفسير البيضاوي". فأف ثم أف لهذه المقالة، أيعادل "تفسير ابن كثير" بـ"تفسير الجلالين"

وبـ"تفسير البيضاوي"! وأنا أخشى يا عبد العزيز أن يكون هناك شيء بعد هذه الإرشادات إلى "تفسير الجلالين" و"البيضاوي" والتزهيد في "تفسير ابن كثير". ويقول في "تفسير ابن كثير": ليس فيه إعراب. فأقول: هل أنزل القرآن من عند الله لأجل الإعراب نعربه مبتدأ وخبرًا وفعلاً وفاعلاً وحالاً أم أنزل من أجل الهداية؟. والجواب: أنه أنزل من أجل الهداية وبيان الأحكام. بل الإعراب في تفسير القرآن يشغلك عن التدبر، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها (¬1)}، ويقول: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته (¬2)}. فهذا الكلام أخشى أن بعده شيئًا، ولعبد العزيز القاري رسالة طيبة في الرد على الإخوان المسلمين بعنوان: "العقيدة أولاً لو كانوا يعلمون". السؤال104: هل يشترط إقامة الحجة على مرتكب الكفر أو البدعة مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حكم على ذو الخويصرة، فقال: ((يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدّين)). وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الخوارج كلاب النّار))، وقوله: ((القدريّة مجوس هذه الأمّة))؟ الجواب: يحكم عليه بظاهر فعله، والعذر بالجهل بينه وبين الله سبحانه وتعالى، فنحن نؤمن ونعتقد أن الجاهلين يعذرون وربما يختبرون في عرصات القيامة، كما جاء في حديث أبي هريرة وفي حديث الأسود بن سريع. ¬

(¬1) سورة محمد، الآية: 24. (¬2) سورة ص، الآية: 29.

أسئلة إخوة من أمريكا

أسئلة إخوة من أمريكا الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .. وبعد: فهذه أسئلة من الإخوة في أمريكا لفضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقه للصواب، وأن يرزقه السداد مع الدعاء له بالحفظ والثبات. السؤال105: ما حكم الدراسة في كلية الإيمان لأن بعض الأخوة يظن أنّها جامعة سلفية، فهل تنصحون بالدراسة فيها؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فقد سألني غير أخ من اليمنيين عن الدراسة بكلية الإيمان، ففي الغالب أنني أتهرّب عن الجواب عمدًا، وربما أفتيت بعضهم بما سيأتي، والسبب في هذا أن اليمني لا يتحمل المشاق ويأتي من بلدة بعيدة، أما أخ يأتي من أمريكا ليدرس في كلية الإيمان، ثم يصدم فلا بد أن يبيّن له. والغالب على المؤسسات التي يقوم بها الإخوان المسلمون، أنّهم يقومون

بها من أجل أنه إذا حصلت انتخابات ينتخبهم أولئك، وقد عرفنا أن الانتخابات طاغوتية، وذكرنا هذا في غير ما شريط وهو بحمد الله في كتبنا المطبوعة مثل: مثل "قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد"، ومثل "المصارعة" ومثل "المخرج من الفتنة" و"فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار" وغيرها من الكتب، فقد بيّنا أن الانتخابات تعتبر طاغوتية، وأيضًا هناك غرض آخر هو جمع الأموال لهذه الكلية وغيرها. وكلية الإيمان لو كانت كلية إيمان، أو كلية سنية سلفية ما طرد بعض إخواننا الجزائريين منها بسبب أنّهم تظاهروا بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولما ذهب عبد المجيد الزنداني بطلبة كلية الإيمان إلى جماعة التبليغ بالحديدة ليتعلموا منهم الآداب، جماعة التبليغ الذين جمعوا بين التصوف والجهل، يقوم أحدهم ويتكلم ويضيّع الساعات على المستمعين، بكلام جهل وأحاديث ضعيفة وموضوعة. فلا ننصح بالالتحاق بها، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون (¬1)}. فطالب العلم يجب أن يكون همّه هو التفقه في دين الله، وفي "الصحيحين" عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدّين)). والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخبر عن ارتفاع العلم، وهذا يعد علمًا من أعلام النبوة فيقول: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 122.

بغير علم فضلّوا وأضلّوا))، متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا ذلك مبلغهم من العلم (¬1)}، ويقول: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (¬2)}. فينبغي أن نهتمّ بالتفقه في دين الله. والتعلم في المساجد فيه خير وبركة، وهل تخرّج من تخرّج من صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلاّ من المساجد. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلاّ نزلت عليهم السّكينة، وغشيتهم الرّحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)). ورحم الله مالكًا إذ يقول: لا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها. فأنصحك أن تنظر لمن يدرّسك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورب العزة يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (¬3)}. فهذا حاصل ما أنصح به الإخوة؛ أن يرحلوا إلى الأماكن التي يدرّس فيها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وقد بوّب الإمام البخاري في "صحيحه": باب الرحلة في طلب العلم، ثم ذكر حديث عقبة بن الحارث أنه رحل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: إنّ امرأةً سوداء جاءت، فزعمت أنّها أرضعته هو وزوجته، ¬

(¬1) سورة النجم، الآية: 29 - 30. (¬2) سورة الروم، الآية: 7. (¬3) سورة الكهف، الآية: 28.

فذكر للنّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأعرض عنه، وتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((كيف وقد قيل؟!)). السؤال106: بعض الإخوة يريدون الدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة، وشروط القبول فيها صعبة، فهل هناك جامعة أخرى تنصح بالدراسة فيها؟ الجواب: أسمع بجامعات في باكستان، وما عندي حقيقة هذه الجامعات، فينبغي أن يتنبه حتى لا تكون جامعات حنفية، أو جامعات حزبية، وأنا أنصحهم أن يرفعوا أمرهم إن استطاعوا إلى الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله تعالى فلعله يشفع لهم في ذلك، ولو تيسر لهم الالتحاق بجامعة المدينة كان خيرًا. السؤال107: في دماج لا يوجد برنامج لتعليم اللغة العربية للأعاجم فبماذا تنصحنا؟ الجواب: كان هناك إخوة جزائريون، وإخوة ليبيون يدرّسون بعض القادمين، وقد قدم إلينا إخوة من بلجيكا، وإخوة من بلاد شتى، ويقوم إخواننا بتدريسهم، ومن المؤكد أن عندنا من يحسن اللغة الإنجليزية، ويستطيع أن يدرّس لغة عربية بواسطتها، ولا يوجد عندنا الآن إلا قدر ثلاثة أو أربعة الذين لا يستطيعون التكلم باللغة العربية، وإلا فبحمد الله يوجد إخوة يحسنون التكلم باللغات الأجنبية. السؤال108: يوجد عندنا رجل يجيد اللغة العربية وهو عاميّ فهل ندرس عنده مع عدم التزامه بالسنة، ونحن في أمس الحاجة إلى اللغة العربية؟

الجواب: إذا كان سالمًا من الحزبية، وسالمًا من المذهبية، ومن انحرافات الإلحاد، فلا بأس أن يدرس عنده، ويتعلم هو أيضًا فهم يعلمونه سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يعلمهم اللغة العربية. السؤال109: بعض الإخوة يرحلون في طلب العلم الشرعي ويترك والدته، ثم بعد غياب تطلب منه المجيء إليها من باب الاشتياق إليه، وقد تكون غير مسلمة فهل يلبي طلبها؟ الجواب: نعم يلبي طلبها، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وصاحبهما في الدّنيا معروفًا (¬1)}، أما إذا لم تكن لديه إمكانيات ولا يستطيع، فلا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها، ويتصل بها بواسطة الهاتف، أو بالمكاتبات. السؤال110: بجوارنا مسجد إمامه إخواني عنده مخالفات شرعية، وإذا صلينا في هذا المسجد يستهزئون بنا، وينفرون عنا فهل نبقى ندعو في هذا المسجد، مع وجود هذا الأذى علمًا بأن المسجد السلفي بعيد؟ الجواب: إن كنتم تستطيعون الذهاب إلى المسجد السلفي فأنا أنصحكم بذلك، وتستفيدون أداء الصلاة على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأنْس بإخوانكم والفضيلة، فقد جاء في "صحيح مسلم" من حديث جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال لهم: ((إنّه بلغني أنّكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد))؟ قالوا: نعم يارسول الله قد أردنا ذلك، فقال: ((يابني سلمة دياركم ¬

(¬1) سورة لقمان، الآية: 15.

تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم)). أي: الزموا دياركم التي هي بعيدة عن المسجد من أجل أن تكتب آثاركم. وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((إذا توضّأ فأحسن الوضوء ثمّ خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصّلاة، لم يخط خطوةً إلا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه، ما دام في مصلاه: اللهمّ صلّ عليه، اللهمّ ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصّلاة)). فإذا استطاعوا أن يحضروا في المسجد السلفي، فهذا أمر طيب، وإلاّ فأنصحهم أن يتخذوا لهم مسجدًا يكون سهل التكاليف، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما أمرت بتشييد المساجد)). ويقول أيضًا: ((لا تقوم السّاعة حتّى يتباهى النّاس في المساجد)). فالسنة أن يكون المسجد متواضعًا، وإن استطعت أن يكون المسجد كمسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلت، وإن لم تستطع فلا تتكلف، ولا تتأنق في بناء المساجد فإنه مخالف للسنة، وكذلك الزخرفة، والمنارة، وكذا ما يسمونه بالمحراب، وما ينصبونه على أرباع المسجد والتي تسمى بالشرفات، هذا لم يرد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، عندما بنى في ذلك الوقت، وكذلك المنبر الطويل الزائد على ثلاث درجات. ولا إله إلا الله فإنه ما أتاني آت سواء أكان من إرتيريا، أو من إندونيسيا، أو من السودان، ومن غيرها من البلاد الإسلامية إلا وهو يشكو من أذية الإخوان المفلسين لأهل السنة. فأنا أقول: إلى الله المشتكى، فهم مستعدون أن يصطلحوا مع الشيوعي ومع الملحد، والعلماني، ومع البعثي، ومع الناصري،

ومع الصوفي، ومع الشيعي، وليسوا مستعدين أن يصطلحوا مع السني إلا في حالة إذا قربت الانتخابات، فإنّهم يقولون: اسكتوا عنا، ونحن نسكت عنكم. السؤال111: الإخوة في أمريكا يبتعدون عن المعاملة مع الكفار والعامة ينكرون عليهم ويقولون: إن المجوس أهدوا إلى الصحابة بعض الهدايا، والسؤال: كيف يتعامل المسلم مع الكفار، وهل هذه القصة صحيحة ثابتة؟ الجواب: المجوس إن أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يخضع لهم، بل هم الذين يخضعون لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما قال: ((نصرت بالرّعب من مسيرة شهر)). بخلاف معاملة المسلمين الآن مع أعداء الإسلام والكفار فإنّها معاملة ذلّ ومسكنة. فالذي يستطيع أن يستغني عنهم فنحن ننصحه بذلك، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار (¬1)}. والذي يؤخذ حقه، أو يحتاج لأمر ضروري أن يشكو إلى الحكومة الكافرة فله ذلك، على أنّ التنازل من قبل الشخص يعتبر أحسن، وعزّة النفس وسلامة القلب لا يعادلهما شيء. فمعاملة المسلمين للكفار، أنّ المسلمين لم يكونوا يخضعون حتى عند أن كانوا مهاجرين في الحبشة فقد أعزهم الله سبحانه وتعالى بذلك الملك رحمه الله وهو أصحمة النجاشي، ودافع عنهم، والله سبحانه وتعالى هو المقيض والميسر لمن أخلص لله، وعلم الله صدق نيته. السؤال112: هناك عادة سيئة تفشّت في أوساط الإخوة الملتزمين وهي أن ¬

(¬1) سورة هود، الآية: 113.

بعضهم يتزوج وبعد أيام قليلة يحدث بين الزوجين خصام وينتشر الخبر فإذا بالإخوة يشجعونه على الطلاق، حتى أنّ هناك أختًا طلّقت أربع عشرة مرة، فهذه ظاهرة منتشرة كثيرًا، وليس هناك من أهل العلم من يعودون إليه، فبماذا تنصحنا؟ الجواب: الذي أنصح الإخوة به هو ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يفرك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)). وما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال: ((استوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خلقن من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا)). وأيضًا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)) والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ))، فنقصان العقل والدين ملازم لكثير من النسوة. والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وعاشروهنّ بالمعروف (¬1)}، ويقول أيضًا: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إنّ الله كان عليًّا كبيرًا (¬2)}. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 19. (¬2) سورة النساء، الآية: 34.

فإذا كان لسوء أخلاق فيصبر، أما إذا كانت غير عفيفة فيفارقها، يقول الله سبحانه وتعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين (¬1)}. وهي في بلد الترف، وفي بلد الفسوق والفجور لا تساعد على الدين فضلاً عن الخير. فلأن يهدي الله على يديك هذه المرأة خير لك من حمر النعم. السؤال113: هناك في أمريكا يدفن الكفار والمسلمون في مقبرة واحدة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إذا مررتم بمقابر المشركين أو بمعناه، فكيف يتم العمل بهذا الحديث؟ الجواب: لا أعلم مانعًا من هذا، ولا أعلم دليلاً على أنه يجب وجوبًا أن يدفن المسلمون في مقبرة، وأن يدفن الكفار في مقبرة أخرى، وما جاء أنه يتأذى بجاره الكافر فينظر في صحته. السؤال114: هناك بنوك ربوية فهل يجوز التعامل معها والاشتغال فيها؟ الجواب: أما الاشتغال فيها فلا، إن كنت كاتبًا أو مشاركًا فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لعن الله آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه)). وإن كنت تضع نقودك فقط وأنت تخاف عليها أن تسرق، فلا تأخذ أرباحًا منها، بل يرد لك مالك كما هو، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله (¬2)}، ويقول أيضًا: {وإن تبتم فلكم ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 3. (¬2) سورة البقرة، الآية: 275.

رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (¬1)}. أما إذا كان لا يخاف على ماله فلا، لأنه يساعدهم بالأرباح، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬2)}. فلا يجوز المعاملة، ولا التعاون مع هذه البنوك، إلا في مسألة ضرورية كأن تخشى على مالك من اللصوص أو الضياع، فلك أن تضع أموالك فيها، ولا تأخذ أرباحًا. السؤال115: ما حكم الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وكيف يفعل من لا قدرة له، علمًا بأنّ هناك أماكن بأمريكا أهون من بعض الأماكن الأخرى؟ الجواب: قد نصحنا الإخوة إن كانوا يستطيعون أن يرتحلوا إلى بعض الشعاب ويقيموا فيها ليحافظوا على أهليهم وأولادهم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه)). والهجرة إلى بلاد المسلمين متعبة جدًا، فربما تصل إلى بلدة ويعتبرونك جاسوسًا، ويردونك من حيث أتيت، والفساد أيضًا موجود في جميع بلاد المسلمين، بين مستقلّ ومستكثر. فأقول: إن الذي يستقيم له دينه سواء في أمريكا أو في غيرها، وهو لا يستطيع ولا يتمكن من الهجرة، فلا شيء عليه إن شاء الله، ولو ظن أنه يستطيع أن يتمكن من الهجرة فأنا أنصحه أن يترك أولاده وأهله، حتى يذهب ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 279. (¬2) سورة المائدة، الآية: 2.

وينظر البلد هل هي صالحة لمكثه، وهل يستطيع أن يقيم بها أم سيطالبونه بالإقامات وبأشياء لا يستطيعها، فلا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها، ولا يكلف الله نفسًا إلاّ ما آتاها. والهجرة باقية إلى يوم القيامة: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا إلاّ المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً (¬1)}. السؤال116: هناك رجل حبشي الأصل يقال له: عبد الله الحبشي، يقول: بأن الذي يدعي أن الله فوق العباد فهو كافر، وينشر هذه العقيدة بين العامة، مع العلم أنه صوفي؟ الجواب: هو رجل ضال، وقد ردّ عليه الشيخ الألباني حفظه الله تعالى. ونؤمن بأن الله مستو على عرشه: {الرّحمن على العرش استوى (¬2)}، ونؤمن بأنه عال علينا، سبحان ربي الأعلى {وهو القاهر فوق عباده (¬3)}، {إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه (¬4)}، {ءأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (¬5)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسري به إلى السماء، فما أسري به إلى البحر، ولا أسري به ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 97 - 98. (¬2) سورة طه، الآية: 5. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 18،61. (¬4) سورة فاطر، الآية: 10. (¬5) سورة الملك، الآية: 16.

إلى اليمن، ولا إلى الشام، ولا إلى كذا وكذا، بل عرج به إلى السماء. فهذا رجل ضلّيل خبيث أنصحكم ألاّ تقرءوا له، وألا تثقوا بكلامه، فهو عدوّ للسنة، بل ربما يكون دسيسة لأعداء الإسلام، ليشغل المسلمين بتراهاته وأباطيله وأكاذيبه. السؤال117: ما حال حديث: ((إنّ المشرك إذا أسلم لا يقبل الله منه عملاً حتّى يهاجر إلى بلاد الإسلام))؟ الجواب: ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شأن الهجرة، فقد جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسأله عن الهجرة فقال: ((ويحك، إنّ الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل))؟ قال: نعم. قال: ((فتعطي صدقتها))؟ قال: نعم. قال: ((فهل تمنح منها شيئًا))؟ قال: نعم. قال: ((فتحلبها يوم وردها))؟ قال: نعم. قال: ((فاعمل من وراء البحار، فإنّ الله لن يترك من عملك شيئًا)). والصحابة لم يهاجروا كلهم، بل ربما يأتي الرجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويأمره بالرجوع إلى قومه، كما في قصة عمرو بن عبسة عند أن أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له: إنّه يريد أن يكون معه، فقال: ((إنّك لا تستطيع يومك هذا، ألا ترى حالي وحال النّاس، ولكن ارجع إلى قومك فإذا علمت أني قد ظهرت فأتني)). فأتاه إلى المدينة. والشخص ربما يهاجر ويصدم ويرى معاملات سيئة، فربما يرى السرقة، والتبرج والسفور، والرشوة، والبنوك الربوية، والعداوة فيما بين المسلمين، والإقبال على الدنيا بجشع، والخيانة والكذب، ويظن أن هذا هو الإسلام، والإسلام برئ من هذا، فجميع هذه الأمور حرمها الإسلام وأنكرها، ولو

سردنا أدلتها لطال الكلام. ولكنّ ضعفة الإيمان من المسلمين هم الذين يرتكبون هذه الأمور. السؤال118: ما حال حديث كفارة المجلس: ((سبحانك الّلهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك))؟ الجواب: صحيح ثابت من طرق متعددة ذكرها الحافظ ابن حجر في آخر "فتح الباري" وذكرها في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" في الكلام على المعل. والذي نتكلم عليه بأنه معل هو حديث أبي هريرة، ولكنه قد جاء عن صحابة آخرين، وحديث أبي هريرة يعلّه الإمام البخاري ويقول: لا أدري أسمعه موسى بن عقبة من سهيل بن أبي صالح أم لم يسمع؟ وقد ساق بسنده إلى موسى بن إسماعيل عن وهيب بن خالد عن عون بن عبد الله قوله من قول بعض أتباع التابعين، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حديث أبي هريرة بل هو حديث معل. أما حديث كفارة المجلس فأحاديث متكاثرة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلاّ قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرةً)). السؤال119: ما حكم الدعاء في صلاة التراويح، وما صحة حديث رفع اليدين في الوتر مع ذكر الأدلة؟ الجواب: أما الدعاء في صلاة التراويح بذلك التطويل فبدعة، بدعة، بدعة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علّم الحسن أن يقول: ((اللهمّ اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن

عافيت، وتولّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، وإنّه لا يذلّ من واليت، ولا يعزّ من عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت)). وكذا ما يحدث في الحرمين من ذلك التطويل فليس مشروعًا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما رفع اليدين فإنه من طريق: عبد الله بن نافع بن أبي العمياء، وهو ضعيف. وجاء في "مسند الإمام أحمد" من حديث أنس ولكن أصله في "الصحيحين" وليس فيه رفع اليدين، فنحن في شكّ من ثبوتها. فرفع اليدين في دعاء القنوت ليس بمشروع. السؤال120: بعض الإخوة ينكر على من يصلي بدون عمامة، فما هو الدليل على المنع، وهل لبس العمامة سنة أم لا؟ الجواب: العمامة تعتبر من عادات العرب التي أقرها الإسلام، أما أنّها تصل إلى حد السّنيّة فلا تصل إلى حد السنية، فهي تعتبر عادة، لكن إذا نويت الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تثاب على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما الصلاة بدون عمامة فصحيحة، ولا ينبغي أن ينكر على شخص يصلي بدون عمامة، لا ينكر على أحد إلاّ بدليل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والذي ننصح به هو لبس العمامة في الصلاة، وفي غير الصلاة، لكن لو خرج شخص وهو كاشف الرأس فلا ننكر عليه، ولا نقول صلاته باطلة. السؤال121: ما حكم اتخاذ السترة في الصلاة مع الدليل، وهل حديث

الخط في اتخاذ السترة صحيح أم لا، وهل من السنة أن أضع سترةً لمن لم يتخذ سترة؟ الجواب: أما اتخاذ السترة فالصحيح الوجوب لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا صلّى أحدكم، فليصلّ إلى سترة وليدن منها)). وأما حديث الخط فهو ضعيف، فمن أهل العلم من ضعّفه بالاضطراب كابن الصلاح، ومنهم من ضعفه لجهالة بعض رواته، فقد اضطرب في اسم الراوي وهو أيضًا مجهول، ولو كان ثقةً لما ضر الاضطراب في اسمه. وإذا رأيت أخًا يصلي بدون سترة ووضعت له سترةً فهذا أمر لا بأس به، وهو من باب التعاون على الخير والتعليم. السؤال122: هل صح عن ابن مسعود أنه قال: كيف ننهى عباد الله عن ذكر الله، مع العلم أن بعض الإخوة يستدلون به على جواز أذان المرأة في البيت؟ الجواب: لا أعلمه ثابتًا، ولم يثبت أن النسوة كن يؤذّنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما رفع الصوت فلا إشكال في تحريمه، لأن الله عز وجل يقول: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفًا (¬1)}. فلا ترفع صوتها لتفتن الرجال. وأما بدون رفع الصوت فلم يثبت، ولا بأس أن تقيم، على أنني لا أعلم دليلاً في شأن الإقامة. السؤال123: وأخيرًا بم تنصحنا في كيفية طلب العلم وما هي الكتب ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 32.

والأشرطة التي يحتاج إليها الطالب المبتدئ للعلم؟ الجواب: الذي ننصح به، أن يراسلوا أهل العلم، وان استطاعوا أن يرحلوا إليهم فعلوا، مثل الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، والشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ ابن عثيمين، فإن استطاعوا أن يرحلوا إليهم فعلوا، وإن لم يستطيعوا أن يرحلوا إليهم فبواسطة الهاتف والمراسلات، وإن وجد في تلك البلد التي هم فيها عالم مبرز فننصحهم أن يلتفوا حوله، وأن يدعوا الناس للالتفاف حوله، بشرط ألا يكون متمذهبًا ولا حزبيًّا، فإن الحزبي همّه أن يجمع الناس إلى حزبه، والمتمذهب يدعو الناس إلى مذهبه: {ألا لله الدّين الخالص (¬1)}. فلا بد من إخلاص الدين والدعوة لله عز وجل: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير (¬2)}، {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬3)}، {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (¬4)}. وهنا أمر لا بد من التنبيه عليه، وهو: أن بعض الحزبيين ربما يقسم لك بالله أنه ليس بحزبي، فتبقى متحيّرًا، لكن إذا دعاك للانتخابات، أو رأيته يمجّد الحزبيين ويستقبلهم، فهو موضع ريبة وشك، ينبغي أن تتنبّه له. والحمد لله رب العالمين ¬

(¬1) سورة الزمر، الآية: 3. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬3) سورة يوسف، الآية: 108. (¬4) سورة النحل، الآية: 125.

أسئلة السلفيين البريطانيين

أسئلة السلفيين البريطانيين (¬1) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فهذه أسئلة من إخواننا البريطانيين، يقدمونها إلى فضيلة شيخنا العلامة المحدث أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى من كل سوء ومكروه، راجين من المولى تعالى أن يوفقه للصواب، إنه سميع قريب مجيب. السؤال124: عندنا جماعة تسمى بحزب التحرير، ينادون بالخلافة الإسلامية ويتكلمون في العلماء، فكيف الرد عليهم، وما هو السبيل إلى الخلافة الإسلامية الراشدة؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فالناس في مسألة الحزبية ينقسمون إلى حزبين: إلى حزب الرحمن، وإلى ¬

(¬1) تم التسجيل في 13 رمضان 1416.

حزب الشيطان. فحزب الرحمن لا يجوز لهم أن يتفرقوا، يقول الله تعالى: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفرّقت النّصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقةً)) رواه أبوداود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وروى أبوداود من حديث معاوية نحوه، وفيه: ((كلّها في النّار إلاّ فرقة))، قالوا: فمن هي يارسول الله؟ قال: ((الجماعة))، -ثم قال-: ((إنّه سيأتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه)). وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكثرت الأهواء، وكثرت الحزبيات، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬2)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لتتّبعنّ سنن من قبلكم، حذو القذّة بالقذّة، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه)) قلنا: يا رسول الله اليهود والنّصارى؟ قال: ((فمن))؟. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)). أما هذه الحزبيات فتنفّر بعضها عن بعض، ويطعن بعضها في بعض، بل لو قال القائل: إنّ هذه الحزبيات تحقق ما أراده أعداء الإسلام من تفرق الأمة وتشتيت شملها، وتضعيف قواها لكان صادقًا. فحزب التحرير، حزب خبيث، ولعلكم تستعظمون هذه الكلمة إذ أذكرها في أول كلامي، وكان ينبغي أن أمهّد لها، فأقول: إنّه حزب خبيث، ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 159. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 103.

نشأ في الأردن، وكان منشقًا عن الإخوان المسلمين، فراسلوه ليرجع فأبى أن يرجع، وكان زعيمه تقي الدين النبهاني، وهم في مسألة العقائد يقولون: لا تؤخذ إلا من العقل، فإن وجد السمع فلا بد أن يكون السمع مقطوعًا به، ومن ثم ينكرون عذاب القبر، وينكرون خروج المسيح الدجال ولا يهتمون بتعليم فضائل الأخلاق ولا بالعلم، فهو حزب ينشّئ أصحابه على السياسة البحتة المخالفة للدين. وقد قيل لزعيمه: لماذا لا يرى في حزبكم مدارس تحفيظ قرآن؟ قال: إني لا أريد أن أخرج دراويش. وهم يعتمدون على السياسة فقط، ولا يعتمدون على العلم والأخلاق، ولا على الرقائق، وفي الفقهيات يجيزون للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، ويجيزون للمرأة أن تكون زعيمة، وأن تكون في مجلس الشورى، ويجيزون للكافر أن يكون في مجلس الشورى وأن يتولى الولايات العامة، فهو حزب ضليل في غاية من الضلال. وأنا أتعجب ممن يتبجح بحزب التحرير، وأنصح كل أخ بالابتعاد عنه والتحذير منه، ولو لم نعتذر لهم أنّهم متأولون لقلنا إنّهم كفار، لأنّهم ينكرون عذاب القبر، وينكرون خروج المسيح الدجال، ويقول زعيمهم: إنّه لا يحب أن يعلم طلبته القرآن لئلا يخرجوا دراويش. السؤال125: عندنا جماعة تسمى بمنتدى المركز الإسلامي، وهم متصلون بمحمد سرور ويبيعون كتبه ويتعاملون معه، وعندهم تزكية من الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين بالتعاون معهم والاتصال بهم، فما نصيحتك للمنتدى الإسلامي، وما نصيحتك

للسلفيين الذين يتعاونون معهم في الدعوة؟ الجواب: نصيحتي لهم أن يرجعوا كما كانوا إلى نشر الكتاب والسنة في مجلة (البيان)، ومجلة (السنة)، فقد فرحنا غاية الفرح بمجلة (السنة)، وكذلك مجلة (البيان)، ثم اتضحت الحقيقة أنّهم حزبيون ينفرون عن أهل العلم. وأنصحهم بعدم الاصطدام مع حكام المسلمين، وهذه الحزبية شتتت شمل الدعاة من أهل السنة إلى الله في اليمن، وفي أرض الحرمين ونجد، وفي السودان، وفي مصر، وفي كثير من البلاد الإسلامية. وهم يدعون الشخص ألاّ يهتم بالعلم، فقد كان عندنا مجموعة من طلبة العلم، ثم التحقوا بهؤلاء، فما شعرنا إلا وهم يحتقروننا ويحتقرون إخوانهم. دراسة الكتاب والسنة عندهم تقوقع، والعبادة في المسجد عندهم تعتبر كذلك تقوقعًا، المساجد التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا توضّأ فأحسن الوضوء، ثمّ خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصّلاة، لم يخط خطوةً إلا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما دام في مصلاه: اللهمّ صلّ عليه، اللهمّ ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصّلاة)). فأقول: إن كان الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين زكّيا المنتدى قبل واقعة الخليج فهما معذوران، فنحن أنفسنا قد أثنينا على مجلة (البيان) كثيرًا، ودعونا إلى التعاون معهم، وإن كان بعد قضية الخليج ولا أظن ذلك فهما يعتبران مخطئين. وأقول للشيخين: هؤلاء فرقوا المسلمين هاهنا في اليمن وأصبحوا يهاجمون ويعادون أهل السنة، بل أصبح ضررهم كبيرًا ولا أقول إن ضررهم

أعظم من الإخوان المسلمين فهم ليسوا إلا مماسح للإخوان المسلمين وهم الذين اعتدوا على كثير من مساجد أهل السنة منها مسجد بعدن وهو مسجد أصحاب البريقة إمامه الشيخ الفاضل أحمد بن عثمان، ومن الذي يذهب إلى الأوقاف أهم الصوفية؟ أم الإخوان المسلمون؟ بل هم أصحاب جمعية الحكمة، وهم الذين يقولون: حتى لو جاء صوفي، ولا هذا السني. فإن كان صدر من الشيخين تزكية فليتراجعا كما تراجعت عندما ظهر لي أمرهم في قضية الخليج، وظهر لي عداؤهم في اليمن، ومن رءوسهم: عبد المجيد الريمي، ومحمد البيضاني، وعبد الله بن فيصل الأهدل، أصبحوا يسخرون من إخوانهم، فلو قرأت قصائد عبد المجيد لوجدتها سنيّة، والآن تميّعوا وضاعوا. فأنا أنصح المشايخ أن يتراجعوا عن تزكيتهم، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إنّ الله لا يحبّ من كان خوّانًا أثيمًا (¬1)}، ويقول: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل الله يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً (¬2)}، ويقول في كتابه الكريم: {فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى (¬3)}. وهذه التزكية من أجل أن يغروا الناس، فهي غير مقبولة، إذا كانت إلى هذا الوقت، وقد ظهر منهم الطعن في الشيخ الألباني، والطعن في الشيخ ابن باز عند أن أفتى في قضية الخليج بجواز الصلح مع اليهود، وهم يفرحون بهذا لينفّروا الناس عن العلماء لأنه لم يبق معهم أحد، فهم يقولون: ليس لهؤلاء إلا ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 107. (¬2) سورة النساء، الآية: 49. (¬3) سورة النجم، الآية: 132.

أن نطعن في علمائهم، لأننا نحن العلماء. والشيخ إذا خالفهم أصبح من جماعة التكفير. وقد دعوا أبا صهيب وهو سوريّ ليعلّم عندهم، وبعد أن علّم عندهم ما شاء الله قالوا: رأينا ثمرة تعليمك راجعة إليك، فاختر أي بلد ونحن نعطيك حق التذكرة. فقال لهم: البلد بلد الله، وليست ببلدكم، واقطعوا مرتبكم فلست أريده، ثم بقي الطلبة معه والحمد لله ما خرج منهم طالب واحد. على أنّهم محترقون بحمد الله ليس لهم أثر، وأنصح الإخوة السلفيين أن يبتعدوا عن هؤلاء الحزبيين، لأنّهم لا يريدون إلا تكثير سواد حزبهم. وإذا جاء إليك عقيل المقطري، أو محمد المهدي، أو غير هذين وقالوا: هذا عالم من علماء اليمن. فلا تستضفه، ولا تستقبله، ولا تحضر محاضرته، فهو يتجول من أجل الدولارات. وقد أخبرني أخ جاء من أمريكا أنّهم كانوا يتجولون في أمريكا، ويلقون المحاضرات ويقولون: أنا وكافل اليتيم كهاتين، فقام شخص عليهم وقد كان يريد مساعدة البوسنة والهرسك فقال لهم: كافل اليتيم الذي يكفله، وليس الذي يشحذ فجرى بينهم الخصام من أجل الدنيا. والدعوة عند أن دخلتها المطامع الدنيوية قلّت بركتها: {ألا لله الدّين الخالص (¬1)}، ويقول: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدّين (¬2)}. أما مجلة الشحاذة التي نسميها مجلة (الفرقة) ويسمونها هم مجلة (الفرقان)، فأنا أتحداهم أن يأتوا بعدد من أعدادها ليس فيه شحاذة، وأتحدى محمدًا ¬

(¬1) سورة الزمر، الآية: 3. (¬2) سورة البينة، الآية: 5.

المهدي أن يأتي بطالب مستفيد، بل مسخ عبد الله بن غالب ومحمدًا البيضاني، وغير واحد، فقد كانوا طلبة علم هنا واستفادوا، ثم غرّهم. ونسيت محمدًا الهدية الذي يركض من السودان، إلى الرياض، ثم إلى جدة، ثم إلى قطر، فإلى أبي ظبي، فإلى دبي، من أجل أن يبني مسجدًا للصوفية. فأنصحكم أن تبتعدوا عن هؤلاء، ولعل قائلاً يقول: فعند من نتعلم؟ فأقول: أرى أنه واجب على إخواننا الأفاضل بأرض الحرمين ونجد أن يرسلوا لإخوانهم أناسًا ليسوا بحزبيين، وواجب علينا كذلك أن نرسل لإخواننا في بريطانيا ببعض الإخوة المستفيدين ولو ثلاثة أو خمسة أشهر. فأقول: يجب الإقبال على الكتاب والسنة، أما محاضرات المبتدعة فتراه يركض وينطح في محاضرته، ولكن بعد هذا يقول: عندنا مشروع مركز علمي، والمركز العلمي هذا في منطقة الدليل. (¬1) فأنصح الأخوة حفظهم الله أن يطلبوا من الشيخ ابن باز حفظه الله أن يرسل لهم من يعلمهم، وأنصح إخواني هاهنا أن يذهب واحد منهم ويبقى ثلاثة أشهر، ثم يرجع ويذهب غيره، وهذا ليس من باب النصح فقط، بل أعتبره واجبًا، ولكن لا يأتي الأخ إلى بريطانيا ثم تضيّعون وقته بالأسفار، أو لا يجد طلبة يدرسون عنده. فعليهم أن يتعلموا شيئًا من اللغة العربية والعقيدة ¬

(¬1) وما أظن إلا أنه سيخرب بعد أن ترك عبد الله بن غالب إدراته، ونقل إلى معهد البيحاني، لأنه قد كان به قدر عشرين طالبًا، ولأن عبد الله بن غالب نفسه مخزنٌ بالقات وهو كسول نئوم، قد رأيناه عند أن كان ههنا في دماج، فتارةً يخرج في الشمس يتضحى تارةً على هذا الجنب، وأخرى على الجنب الآخر، وبعد أن يشبع تضحي من الشمس يأتي بالبطانية ويدخل المكتبة ويمدها وينام. فأقول: لا معهد الدليل، ولا معهد البيحاني سينتج ما دام مديره عبد الله بن غالب.

والفقه الإسلامي، وأحاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال126: عندنا جماعة يقال لها: اتحاد الإسلام الصومالي، يتعاونون مع السرورية، وجماعة الجهاد، والإخوان المسلمين، ويأخذون البيعة ممن انتمى إليهم، ويدّعون أنّهم أهل السنة والجماعة؟ الجواب: جاء في "صحيح البخاري" من حديث أبي هريرة قال: بينما النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مجلس يحدّث القوم جاءه أعرابيّ فقال: متى السّاعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحدّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه، قال: ((أين أراه السّائل عن السّاعة))؟ قال: هاأنا يا رسول الله، قال: ((فإذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة)). فهذه مصيدة للشباب المغفل، وأين نهاية الجهاد الأفغاني الذي لم يقم مثله جهاد، وغير الجهاد الأفغاني. فالجهاد في سبيل الله يعتبر من أسمى شعائر الدين الإسلامي: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًّا في التّوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الّذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (¬1)}، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من مات ولم يغز، ولم يحدّث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق)). ويقول: ((لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدّنيا وما فيها)). ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 111.

وقبل أيام نشرت مجلة من باكستان من أصحاب الهوس قالوا: نحن في طريقنا إلى تحرير فلسطين، ومن عارضنا من هذه الحكومات قاتلناه، وكتبوا إليّ رسائل بهذا. وحتى الجهاد نفسه قد أصبح مسألة استرزاق، كتب كاتب في إمارة (كنر) وذكر أن بعض الذين كانوا مع (أسامة) تقدموا وأرادوا أن يحتلوا موقعًا للشيوعيين، فما شعروا إلا بالرشاشات ترشهم من خلفهم، فرجعوا وقالوا: ما هذا؟ قالوا: هكذا قال لنا القائد الأفغاني، فذهبوا إلى هذا القائد وسألوه، فقال: تريدون أن تنهوا الحرب الأفغانية، من أين يأكل هؤلاء؟ ووالله أني أود لو بقيت مائة سنة. فأصبح الجهاد مصدر رزق وتضليل للشباب، فعليهم بالإقبال على العلم النافع، وإذا وجدوا شعبًا متيقظًا مستعدًا أن يجاهد وأن يصبر صبر الصحابة. وأما أن يوجه المسلمون المدافع والرشاشات إلى بعضهم البعض ويقولون: جهاد جهاد، فلا، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النّار)) قيل: يارسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: ((إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه)). متفق عليه من حديث أبي بكرة. فأنصح الإخوة إذا دعوا إلى الجهاد أن يقولوا: نتعلّم أولاً، ثم ننظر لأي شيء نقاتل، ومن هو قائد الجهاد الذي يدعونا إلى الجهاد في سبيل الله، أهو حزبيّ يدعونا من أجل أن نلتف حوله أم هو من أصحاب ذوي الأهواء، أم مدسوس علينا، فلا يمنع أن يدسوا لنا شيوعيًا لحيته تملأ صدره، ثم يقول: الجهاد الجهاد أيها المسلمون، فيخرج المسلمون وتسفك دماؤهم. وهذا الذي نقوله ليس أمرًا خياليًا، بل هو واقع كما حصل في بعض البلاد التي استولت

عليها الشيوعية مثل تركستان، والقوقاز، وأرمينية، وسبع جمهوريات، فقد جاءهم الشيوعيون وقالوا لهم: نحرر البلاد عن الاستعمار، فكان أول من قام هم المسلمون، ثم وثب الشيوعيون على الكراسي وذبحوا الدين والمسلمين، وأخذوا أموالهم، ودمروا الإسلام والمسلمين نحو سبعين سنة حتى أذلهم الله. فيجب أن نكون حذرين، وأقول: من الذي يدعو إلى الجهاد؟ أهو الشيخ عبد العزيز بن باز، فليس عندنا شك ولا ريب أن الشيخ ابن باز حفظه الله لا يدعو الناس إلا إلى الخير، أم هو الشيخ الألباني؟ أم هو زعيم جماعة لا ندري من هو وما مقصده، فتجده مع الديمقراطيين ديمقراطي، ومع السلفيين سلفي، ومع الصوفيين صوفي، ومع الشيعة شيعي، ويحدث بحديث: ((أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى)). وأنا عياذًا بالله لا أحذر عن الجهاد، وأودّ لو أن الله ييسر بشعب بطل مثل الشعب الأفغاني الذي هزم الله على يديه الروس يهزم الله على يديه أمريكا، ولكن لا نحب أن نكون كما قيل: على كتفيه يصعد المجد غيره ... وهل هو إلا للتّسلق سلّم فلا يتسلق على ظهورنا الشيوعي، والعلماني، والبعثي، ثم نرجع إلى ما كنا فيه، بل يجب أن نكون يقظين. وأنصح الإخوة ألا يحضروا محاضرات هؤلاء، ولا يشغلوا أنفسهم بالجدال معهم. فقد جاء أن رجلاً جاء إلى محمد ابن سيرين فقال له: يا بن سيرين إني أريد أن أقرأ عليك قرآنًا؟ قال: لا، وأقسم عليك بالله أن تخرج من بيتي. فأبى ذلك الرجل أن يخرج فقام ابن سيرين يجمع ثيابه ليخرج هو من بيته، فقيل للرجل: أتريد أن تخرج الرجل من بيته. وجاء آخر إلى الإمام مالك وقال: يامالك إني أريد أن تناظرني، قال:

فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال: فإن جاء رجل آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذًا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاكّ مثلك فإني على ثبات من ديني. فلا تشغلوا أنفسكم بمناظرة الحزبيين، فهم لا يريدون الحق، لا يريدون إلا إدخال الشبهات عليكم، فعليكم بالابتعاد عنهم، ولا تجادلوهم. فإن قال قائل: فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن (¬1)}. فالجواب: نعم، لو علم أنّ هناك ثمرة، أما أن يأتيك ويضيّع عليك وقتك، فلا. وخصوصًا إذا كنت تاجرًا، فهو مستعد أن يأخذ عمامته ويمسح الغبار عن نعليك، أو كان لك من السلطة شيء، أو كنت متبوعًا، فهم مستعدون أن يتابعوك حتى يظفروا بك ويصطادوك. السؤال127: عندنا جماعة إحياء التراث الإسلامي لعبد الرحمن عبد الخالق، فما نصيحتك للشباب الذين دخلوا معهم؟ الجواب: هذه جماعة فرقة، فقد زارنا بعضهم إلى اليمن وقالوا لنا: نحن لا نستطيع أن نساعدكم إلا أن يكون لكم مركز حكومي بمعنى أن يكون معترفًا بكم من قبل الحكومة فقلنا لهم: ونحن لا نريد مساعدتكم إلا أن تساعدونا بلا شرط ولا قيد، فعمدوا إلى بعض ضعاف الأنفس واستمالوهم بالعملة الغالية الدينار الكويتي حتى زهّدوهم في أهل العلم، وقال قائل الكويتيين في مجلس وهم في صنعاء: إن دعوتنا ما انطلقت إلا بعد أن تركت العلماء. فأقول: أفّ لهذه المقالة النتنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 46.

{فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى في شأن قصة قارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: {ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلا الصّابرون (¬3)}. فأهل العلم هم الذين يعرفون ويضعون الأشياء في مواضعها، ومن شك في كلامي فليذهب إلى عبد المجيد الريمي وليقل له: أسألك بالله عند أن كنتم في مجلس مع كويتي أقال لكم: ما انطلقت دعوتنا إلا بعد أن تركنا العلماء؟ فهذه دعوة مفرّقة بين أهل السنة. وجاء في "صحيح البخاري" عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ومحمّد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرق بين النّاس)). وفي رواية: ((ومحمّد فرّق بين النّاس)). أي: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفرق بين الأب وابنه، فيكون الأب كافرًا والولد مسلمًا، أو ربما تكون المرأة مسلمة وزوجها كافر، أو العكس، وكذا الأخ وأخيه. لكن دعوة عبد الرحمن بن عبد الخالق فرّقت بين أهل السنة في اليمن، وفي مصر، وفي أرض الحرمين ونجد، وفي الكويت نفسها، وفي الإمارات، وفي غير ذلك من البلدان. فأنصح كل أخ ألا يبيع دينه بعمارة مسجد، فإذا قالوا لك: نبني لك مسجدًا فقل لهم: تبنون لي مسجدًا لله تعالى بدون شرط ولا قيد، ((من بنى ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 43. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬3) سورة القصص، الآية: 79 - 80.

مسجدًا لله تعالى يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنّة)). أما أن يقال: نبني لك مسجدًا وتكون معنا، أو مدرسة تحفيظ قرآن، وتكونون معنا لأجل أن تصوتوا لنا. فلا. وفي كتب عبد الرحمن عبد الخالق طوام، وأنصح بمراجعة كتاب أخينا الفاضل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في رده على عبد الرحمن عبد الخالق، لأن بعض الناس يظن أنه قد تراجع وتاب على يد الشيخ ابن باز، فهو قد تراجع في بعض المسائل فقط، فهل تراجع عن تفرقة المسلمين؟ وهل تراجع عن البعد عن الحزبية؟ وهل رجع إلى ما كان عليه عند أن كان في الجامعة الإسلامية؟ فقد كان على خير حتى عصفت به الأهواء يمينًا وشمالاً. فهؤلاء أناس سواء أكانوا من جماعة عبد الرحمن عبد الخالق، أم من الإخوان المسلمين، أم من السرورية قد أصبحوا مثل الأعور ولا أقول عميانًا فإنّهم مبصرون، وكما قيل: أعمى يقود بصيرًا لا أبا لكم ... قد ضلّ من كانت العميان تهديه فأقول للأخوة البريطانيين: لن يضيعكم الله سبحانه وتعالى، ومن علم شيئًا من العلم فليعلم إخوانه. وأنصحكم بالابتعاد عن هؤلاء، ومطالبة العلماء الأفاضل بإرسال من يعلمكم فإن التعليم أنفع لكم، وإذا أتى شخص مستفيد وبقي عندكم ثلاثة أشهر لكان أنفع لكم ولبلدكم. السؤال128: عندنا الإخوان المسلمون، والسروريون، وجماعة التبليغ كثيرون والسلفيون قليلون فكيف يتعامل السلفيون مع هؤلاء الجماعات؟ الجواب: تقدم التنبيه على ذلك، وهو الابتعاد عنهم، وأما جماعة التبليغ

فأنصح باقتناء كتاب الشيخ الفاضل حمود التويجري رحمه الله "القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ". السؤال129: ما نصيحتك للإخوان الذين سمعوا كلام العلماء في عبد الرحيم الطّحان وما زالوا يقلدونه، ويستمعون أشرطته؟ الجواب: أنصحهم أن يتركوا التعصب والعاطفيات العوجاء، وأن ينظروا إلى ما قال فيه أهل العلم، فهم لم يتكلموا فيه من أجل غرض دنيوي، ولكن من باب قول الله عز وجل: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬1)}. ومن باب قول الله عز وجل: {لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (¬2)}. فأهل العلم قاموا بواجب نحو ذلك الشخص الذي كان مدرّسًا في جامعة أبْها يدرّس التوحيد ثم تغير، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلّبها كيف يشاء)). وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك)). وأنا لست ضامنًا ألا أتغير، وكل أحد لا يستطيع أن يضمن نفسه من التغيّر. وما يدرينا أنه كان يبطن العقيدة الخبيثة، ثم بعد أن طرد من أبْها أظهر ما عنده من الضلال، وإنني أحمد الله فقد بلغنا أن الحكومة القطرية منعته من ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬2) سورة المائدة، الآية: 78.

الخطابة، ومن المحاضرات، وأنه باق في بيته، ويتركون له مرتبه لأنّهم أناس كرماء. وقد أحرقته الكتب والأشرطة، وأهل العلم أعطوه نصيبه وقسطه، ومن فضل الله أنه لا يقوم مبتدع، إلا ويقوم أهل العلم عليه. فهل قام الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، والشيخ محمد بن جميل زينو، وغيرهم ممن لا أذكر أسماءهم، هل قاموا عليه لأنّهم يحسدونه على دنياه، أم لأجل أن بينهم وبينه نزاعًا دنيويًا؟ بل قاموا عليه لوجه الله، ولما أظهر من البدع. وعندنا مجلة (الفرقة) التي تسمى (الفرقان)، تتباكى لأنني تكلمت في عبد الرحيم الطحان، ولماذا أتكلم في راشد الغنوشي، وفي عبد الرحمن عبد الخالق، وفي حسن الترابي. وإنني أحمد الله إذ وفّق أهل السنة بالبعد عن الحزبيات والحزبيين، وأنت أيها السني لو كنت وحدك وأنت على الحق فلا تبال، يقول الله تعالى: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين (¬1)}، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرى النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، فأنت تتمسك بالدين حتى ولو كنت وحدك. وتعجبني كلمة الشيخ الألباني أسأل الله أن يحفظه ويجزيه خيرًا، فقد قال عن دعوة الإخوان المسلمين إنّها مثل الجندي الذي يقال له: مكانك سر. وهكذا دعوة عبد الرحمن عبد الخالق والسرورية، فقد كان أهل البيضاء أفرح ما يكون بمحمد البيضاني لأن بلدهم مرتع الصوفية، ثم فشل وهرب إلى صنعاء، ثم رجع إلى البيضاء ولكنه لم يترك الحزبية، وبلاد حاشد أفرح ما تكون ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 120.

بعبد الله الحاشدي ثم هرب إلى صنعاء. فالتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى، وطلب العلم يحتاج إلى صبر، والدعوة تحتاج إلى صبر يقول الله سبحانه وتعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (¬2)}. فصبر على طلب العلم وعلى الدعوة إلى الله، وعلى العامة، وعلى المسئولين، وعلى ذوي الأهواء، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((الصّبر ضياء)). السؤال130: ما هي الكتب التي يبدأ بها طالب العلم، ثم أراد أن يتوسع؟ الجواب: الكتب التي يبدأ بها طالب العلم المبتدئ إذا كان يجيد القراءة والكتابة أن يقرأ في "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" فهو كتاب عظيم، وفي "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وفي "القول المفيد" لأخينا محمد بن عبد الوهاب الوصابي، وهكذا "بلوغ المرام" و"رياض الصالحين"، فإذا قرأت في هذه الكتب فنفسك تتوق إلى كتب أخرى، وإن استطعت أن تبدأ بحفظ القرآن فهو أفضل وأحسن، ومسألة اللغة العربية لإخواننا الأعاجم فهي مهمة جدًا، فإذا كان الشخص أعجميًّا لا يحسن اللغة العربية ربما يأتيك شخص في هيئة إسلامية، ويفسر لك القرآن على غير تفسيره، كما حصل من المعتزلة. ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 200. (¬2) سورة السجدة، الآية: 24.

السؤال131: ما هي الطريقة الصحيحة لحفظ القرآن والأحاديث؟ الجواب: أما حفظ القرآن فالناس يتفاوتون، فمن الناس من يستطيع أن يحفظ صفحة، ومنهم من يستطيع أن يحفظ ورقة، ومنهم من لا يستطيع أن يحفظ إلا نصف صفحة أو أقل، فكل على حسب قدرته، ومن الأمور التي تساعد على حفظ القرآن، التكرار والمراجعة، وقيام الليل به إن استطعت أن تقوم الليل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئًا وأقوم قيلاً (¬1)}، ويقول: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك (¬2)}. وكذلك الأخذ من المشايخ والحفظ على أيديهم، فإن لم تجد فأنصح باقتناء أشرطة القرّاء المتقنين الذين يقرءون قراءةً سليمة، ولا يمطّطون كما يصنع عبد الباسط، بل من القراء المعتدلين المتوسطين، وليست من تلك التي كرهها بعض السلف. وأما حفظ الأحاديث فهي أسهل قليلاً، إذا كانت بدون أسانيد، فيمكن أن تحفظ في اليوم أو اليومين أو الثلاثة الأيام، حديثًا واحدًا، ثم تعمل بهذا الحديث، فإن هذا يساعد على رسوخ الحديث، ثم مذاكرة الإخوان وكثرة التكرار والترداد. السؤال132: كيف يصبح طالب العلم زاهدًا في الدنيا، متواضعًا بعلمه غير متكبر، قلبه معلق بالله تعالى؟ الجواب: لا بد أن يعرف طالب العلم حالته، وضعفه، وعجزه، وفقره، إلى الله سبحانه وتعالى، ثم يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما كان عليه من التواضع، فربما ¬

(¬1) سورة المزمل، الآية: 6. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 79.

يأتيه الأعرابي ويمسكه بردائه حتى يؤثر في جنبه ويقول: يامحمد أعطني فإنك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك. فيعطيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما تواضع أحد لله إلاّ رفعه)). فسيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسيرة الصحابة تساعدك على التواضع، ومعرفتك لنفسك وما أنت عليه من الضعف والعجز، وأنك عرضة للأمراض أو غير ذلك، فهذا يساعدك على تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى. السؤال133: إذا اختلف العلماء في مسألة من المسائل، فكيف يعمل العامة مع هذا الخلاف؟ الجواب: يسألون أتقاهم عندهم عن الدليل، فإن الصحابة كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والعامي يشمله قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم (¬1)}. ويشمله قوله تعالى: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬2)}. ويشمله قوله تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله (¬3)}. ويشمله قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ من أبى)) قالوا: يارسول الله ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنّة، ومن عصاني فقد أبى)). فلا بد أن يسأل عن الدليل، وإذا كان التعليم بالفعل فهو أحسن، فقد صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على المنبر، وإذا أراد أن يسجد نزل. وقد دعا عثمان بماء ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 36. (¬2) سورة الأعراف، الآية: 3. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 153.

وكذا علي بن أبي طالب فتوضأ واحد منهما أمام الناس ليعلموهم صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهكذا الحج يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتأخذوا عنّي مناسككم)). ويقول في الصلاة: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي)). فلا بد أن تسأله عن الدليل، ولا بأس أن تسأل الآخر عن الدليل الصحيح. والحجة الكتاب والسنة. السؤال134: كيف يحافظ المسلم على إسلامه في بلاد الكفر؟ الجواب: يحافظ عليه بالحرص والتمسك بالدليل، ومجالسة الصالحين فقد جاء في "الصحيحين" عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مثل الجليس الصّالح والسّوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحًا طيّبةً، ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، وإمّا أن تجد ريحًا خبيثةً)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم في شأن أهل الجنة: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إنّي كان لي قرين يقول أئنّك لمن المصدّقين أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمدينون قال هل أنتم مطّلعون فاطّلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربّي لكنت من المحضرين (¬1)}. ويقول الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي ¬

(¬1) سورة الصافات، الآية: 50 - 57.

أولئك الذين يقولون: هذا جائز، وفلان متشدد، عليك أن تحذر منهم وتبتعد عنهم، وتطالب بالدليل: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول ياليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً ياويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا ً لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولاً (¬1)}. وبالابتعاد عن التقاليد وعما ألفْته قبل الإسلام، والنفس تميل إلى ما ألفه الشخص قبل، فينبغي أن يبتعد عن ذلك، وأن يجالس المسلمين الصالحين، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)). السؤال135: من هم العلماء الذين تنصحون بالرجوع إليهم، وقراءة كتبهم وسماع أشرطتهم؟ الجواب: قد تكلمنا على هذا غير مرة، ولكننا نعيد مرةً أخرى، فمنهم الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله، وطلبته الأفاضل مثل الأخ علي بن حسن بن عبد الحميد، والأخ سليم الهلالي، والأخ مشهور بن حسن، والشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله، والشيح محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ ربيع ابن هادي المدخلي، فهو آية من آيات الله في معرفة الحزبيين لكن لا كآيات إيران الدجالين والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله، وهكذا الأخ أبوالحسن المصري، والأخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي، وكذلك الأخ مصطفى بن العدوي، والأخ أسامة بن عبد اللطيف القوصي، والأخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين، وثلاثتهم مصريون، وهذا على سبيل المثال ليس على سبيل الحصر. ¬

(¬1) سورة القرفان، الآية: 27 - 29.

السؤال136: أيهما أفضل: الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، أو الرحلة إلى بلاد الإسلام من بلاد الكفر لطلب العلم ثم الرجوع إلى بلاد الكفر مرة أخرى؟ الجواب: هذا يختلف باختلاف الشخص، فإن كان الشخص نفسه عنده علم ويريد أن يرجع للدعوة إلى الله فأنا أنصحه بذلك، وإن كان يخشى على نفسه من الفتنة، فأنصحه بالفرار والابتعاد، يقول الله تعالى: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا (¬1)}. أما الذي لديه علم، ويريد الدعوة إلى الله وهو آمن على نفسه من الفتنة، فلا بأس أن يبقى هنالك ويدعو إلى الله سبحانه وتعالى ويحذر على أسرته من التنصّر. وقد سألني أخ عن الذهاب إلى بريطانيا للحصول على الجنسية البريطانية، وهم لا يعطون الجنسية إلا بعد اليمين والميثاق أنك مع الدستور وأن توالي الحكومة البريطانية. ويقول الله تعالى: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله (¬2)}، ويقول تعالى: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير (¬3)}. بل ينبغي للأخ الذاهب إلى هناك أن يعتز بدينه، وأن يدعو إلى الله تعالى: ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 97. (¬2) سورة المجادلة، الآية: 22. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 28.

{ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (¬1)}. السؤال137: لما جئنا إلى هنا اتضح لنا أن الإخوة في بريطانيا مقصّرون في طلب العلم فما هي نصيحتك لهم؟ الجواب: الذي أنصحهم به أن يستدعوا إخوانًا من طلبة العلم ويناشدوهم بالجلوس معهم، فرب العزة يقول في كتابه الكريم: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أولو الألباب (¬2)}. وقد فضّل الله سبحانه وتعالى صيد الكلب المعلم على غيره فأباحه، وغيره لم يبحه: {يسألونك ماذا أحلّ لهم قل أحلّ لكم الطّيّبات وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلّمونهنّ ممّا علّمكم الله فكلوا ممّا أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتّقوا الله إنّ الله سريع الحساب (¬3)}. فلا بد من طلب علم. هذا ونسأل الله العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) سورة فصلت، الآية: 33. (¬2) سورة الرعد، الآية: 19. (¬3) سورة المائدة، الآية: 4.

مع عبد الرحمن عبد الخالق

مع عبد الرحمن عبد الخالق (¬1) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .. أما بعد: فهذه أسئلة موجهة من الشباب السلفي في الكويت، وقبل أن نشرع في الأسئلة نود أن نبلغ الشيخ وطلبة العلم أن الشباب في الكويت يقرءونكم السلام، ويتمنون أن يقوموا بزيارتكم، ولكن الظروف حالت دون ذلك. والله المستعان. السؤال138: هل التكلم على الحكام من على المنابر أو الدروس العامة من منهج السلف الصالح؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬2)}. ¬

(¬1) تم التسجيل في 12 شوال 1416. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 104.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)). والعندية لا تقتضي السرية وأن يكون مع السلطان وحده. وأما حديث: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من كانت لديه نصيحة لذي سلطان فلينصحه سرًّا)). فهذا الحديث أصله في "صحيح مسلم" ولم تذكر هذه الزيادة ولفظ الحديث: ((إنّ الله يعذّب الّذين يعذّبون النّاس في الدّنيا)) ولم تذكر هذه الزيادة، فلا بد من نظر في هذه الزيادة، فإذا كانت الذي رواها مماثلاً لمن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أو من رواها أرجح ممن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أما إذا كانت زيادة مرجوحة فحينئذ تعتبر شاذة، وهذه اللفظة تعتبر شاذة. وفرق بين أن تقوم وتنكر على المنبر أعمال الحاكم المخالفة للكتاب والسنة، وبين أن تستثير الناس على الخروج عليه، فالاستثارة لا تجوز إلا أن نرى كفرًا بواحًا، كما في حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان، وعلى أن نقول بالحقّ أينما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرًّا. رواه أحمد في "مسنده". كما أمره أن يسمع ويطيع وإن تأمّر عليه عبد حبشي، فجمع بين الأمرين أبوذر، فيسمع ويطيع لعثمان رضي الله عنه. فإذا رأينا كفرًا بواحًا فهل يجب الخروج أم لا؟ يجب النظر في أحوال المسلمين هل لديهم القدرة على مواجهة الكفر البواح أم أنّهم سيقدمون أنفسهم أضحية؟ وهل عندهم استغناء ذاتي أم سيمدون أيديهم لأمريكا وغيرها من الحكومات تتركهم حتى تسفك دماؤهم ثم ينصبون لهم علمانيًا

بدل العلماني الأول أو شيوعيًا بدل العلماني أو نصرانيًا بدلاً عن المسلم، فلا بد أن يكون هناك استغناء ذاتي. ثم بعد ذلك هل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من قوات، ولا يشترط أن تكون مماثلة لقوات العدو فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم (¬1)}. وهل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من أطباء ومستشفيات أم ربما يتركون الشخص ينتهي دمه من الجرح، وكذلك ما تحتاج إليه الحرب من تغذية، فالناس ليسوا مستعدين أن يصبروا كما صبر صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الاستضعاف وعلى الخروج من الأوطان، وعلى المرض وعلى الفقر عند أن خرج الصحابة وهاجروا إلى المدينة، فالناس الآن محتاجون إلى أن يدربوا أنفسهم على ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم. فعلم الفرق بين أن يقول الشخص كلمة الحق، وبين أن يستثير الناس على الخروج على الحاكم والحق أن الحكام هم الذين لوثوا أنفسهم: من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح ... بميّت إيلام يقول الله عز وجل: {ومن يهن الله فما له من مكرم (¬2)}. ويقول الشاعر: ومن دعا الناس إلى ذمّه ... ذمّوه بالحق وبالباطل فننصح الحكام أن يرجعوا إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يصدقوا مع ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية: 60. (¬2) سورة الحج، الآية: 18.

شعوبهم، وأنا أكره أن أختلف أنا وبعض أصحابي من أجل الحاكم، ولسنا عنده إلا مثل الذباب فليس لنا عنده قيمة. ونصيحتي للشباب الكويتي أن يشغلوا أنفسهم بالعلم النافع، وبالدعوة إلى الله، وأن يتركوا هذه الوساوس، وهذه الأفكار الخاطئة، فما نصر الإسلام بالثورات والانقلابات. السؤال139: ماذا يقصد بمنهج الموازنة بين الحسنات والسيئات ومن أول من قام به وما الهدف منه؟ الجواب: القوم يعرفون أنّهم مجروحون فهم يريدون أن يستروا على أنفسهم، وأقول: المبتدع الضال لا تذكر حسناته ولا كرامة، وهكذا الكافر. أما المحب للخير ولكنه أخطأ في بعض الأشياء فلا بأس أن تذكر بعض حسناته مثل أبان بن أبي عياش إذ قال بعض معاصريه: إنه إذا حدّث أتى بأمر عظيم. وله من الفضل والعبادة، فسئل بعض معاصريه فقال: اذكر ما فيه من الخير، وحذر عنه أن يقبل حديثه. فمسألة الموازنة بين الحسنات والسيئات لا نقبلها مطلقًا ولا نردها مطلقًا، لكن حزبي يدعو إلى الحزبية وينفق الأموال الطائلة من أجل الحزبية فلا نذكر حسناته ولا كرامة. وآخر يدعو إلى الديمقراطية ومعناها الشعب يحكم نفسه بنفسه، والله عز وجل يقول: {إن الحكم إلاّ لله (¬1)}. ويقول: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون (¬2)}. ويقول أيضًا: ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 57. (¬2) سورة المائدة، الآية: 50.

{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (¬1)}. ويقول أيضًا: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله (¬2)}. وقد قلنا إنه ينبغي أن يقال لعبد الرحمن عبد الخالق: (سلفطي)، فالسين واللام سلفية، والطاء والياء ديمقراطية. فمثل عبد الرحمن عبد الخالق إذا بقي على الحال التي هو عليها ينبغي أن يذكر بالجرح ولا يذكر بالتعديل، وعند أن كان في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان مستقيمًا وكذلك في بدء أمره في الكويت. فالقوم مجروحون، فجمعية إحياء التراث مجروحة فإنّها فرّقت بين الدعاة إلى الله، وجمعيه الحكمة مجروحة، وجمعية الإحسان مجروحة، وكذلك الإخوان المفلسون. وأول من دعا إلى هذا المنهج هم الحزبيون من سرورية وإخوان مفلسين وأصحاب جمعية الحكمة، وأصحاب جمعية الإحسان. السؤال140: من من علماء السعودية تنصحون بالأخذ عنهم وحبذا لو ذكرت لنا بعض الأسماء؟ الجواب: أما الذين أنصح بالأخذ عنهم والذين أعرفهم فهو الشيخ: عبد العزيز بن باز حفظه الله، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله، والشيخ ربيع بن هادي حفظه الله، والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله مذكور بالخير وإن كنت لا أعرفه، ويمكن أن يستنصح الشيخ ابن باز لأنه أعلم وأنا بعيد عهد بتلك البلاد. ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 44. (¬2) سورة الشورى، الآية: 21.

السؤال141: إذا اتفقت مجموعة من الشباب على عمل دعوي في المنطقة فهل يجب أن يكون عليهم مسئولاً تجب طاعته؟ الجواب: لا بأس أن يجعلوا لهم مسئولاً ولا يسمى أميرًا، لأن الأمير لا يكون إلا في السفر، إلا إذا كان أمير المؤمنين الذي هو إمام المسلمين أو من أمّره إمام المسلمين، أما أن يجعلوه أميرًا فلا، وإذا كان مسئولاً عن عمل ففي حدود مسئوليته، وإذا خالف الكتاب والسنة فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (¬1)}. ويقول: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (¬2)}. لكن إذا وجد شخص أمين وأودع مال الدعوة عنده، أو وجد معلم بصير وصار مسئولاً عن التعليم وهكذا شخص له خبرة وبصر في الدعوة إلى الله فلا بأس. ولا يسمى أميرًا لكن هو مسئول في حدود مسئوليته لكن إذا أتى بشيء يخالف الكتاب والسنة فلا سمع له ولا طاعة. أما ما يفعله الحزبيون أصحاب الخلايا السرية فكل خمسة ولهم أمير لا يعرفون إلا أنفسهم، ولا يعرفون الآخرين من أصحاب تلك الدعوة، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأمير المجهول، مثل صاحب السرداب سرداب الرافضة الذي قال فيه بعض أهل السنة: ما آن للسراب أن يلد الذي ... كلفتموه بجهلكم ما آنا فعلى عقولكم العفا فإنكم ... ثلثتم ... العنقاء ... والغيلانا ¬

(¬1) سورة الشورى، الآية: 10. (¬2) سورة النساء، الآية: 59.

والحذر الحذر من التقليد فهم يحسنون ظنّهم بالشخص ثم بعد ذلك القول ما قال الشيخ، لا بل القول قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول الله عز وجل: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬1)}. فقد أودى ببعضهم إلى التقليد الأعمى وإلى الدفاع عن البدع كما يفعل بعض الإخوان المسلمين، فهم يدافعون عن المبتدع حسن البنا الذي كان يطوف على القبر، والذي كان يقوم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المولد، والذي يدعو إلى التقريب بين الشيعة وأهل السنة، وهذا موجود في كتب الإخوان المفلسين. وإذا قلت لهم: هذا أمر لا يجيزه الشرع، أجاب قائلهم: قد قال الشيخ وقال الأستاذ، وقال قائلهم أيضًا: إن للإخوان صرحًا ... كل ما فيه حسن لا تسل ... عمن ... بناه ... إنه ... البنا ... حسن فالديمقراطية عندهم حسنة، والانتخابات كذلك حسنة، والحزبية، والتقريب بين السنة والشيعة، والسكرتير النصراني. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودّوا ما عنتّم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر (¬2)}. السؤال142: تكملة للسؤال المتقدم: إذا قامت مجموعة من هذه المجموعة بالاجتماع سرًّا لإدارة وتنظيم هذه الدعوة مع العلم أنّهم من ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 3. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 118.

السلفيين فما حكم؟ الجواب: التنظيم الذي لا يخالف الكتاب والسنة لا بد منه، أما الذي يخالف الكتاب والسنة موضوع تحت الأقدام، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ)). السؤال143: ماذا تعرف عن عبد الرحمن عبد الخالق هل هو سلفي منذ نشأته أم هو من الإخوان المسلمين؟ الجواب: عبد الرحمن عبد الخالق كان في المدينة وكنت في معهد الحرم وكنا نسمع عنه خيرًا، وعند أن خرجوا وكسروا الصور التي بجوار الحرم، ثم انتقل إلى الكويت ونفع الله به في الكويت وأقام دعوة سلفية في حدود علمه، يشكر على هذا، والتف عليه الشباب الكويتي وانتفعوا به، وكان مستور الحال، حتى إنه في ذات مرة أخبرنا الشيخ الألباني حفظه الله ونحن في المدينة قال: أثير في اجتماع لهم في الجامعة أن أصحاب سلفية الكويت يكفّرون الأئمة الأربعة، أو يبدّعونهم، فقال الشيخ الألباني: أنا أعرف عبد الرحمن عبد الخالق وهو من طلبتنا وأنا أنكر هذا، وعليّ أن أحضره وليقابله من يدّعي أنه يكفّر أو يبدّع الأئمة الأربعة. وبعد أن قامت دعوة المدينة وانتفع بها الناس وصار في بعض الليالي قدر مائة وخمسين من الكويت يزورون إخوانهم بالمدينة ويستفيدون منهم في ليلة أو ليلتين، فكأنه دخله الحسد فرأى أن يشوّه سمعة دعوة أصحاب المدينة وأن يستثير الحكومة عليهم فتارة يقول: إنّهم خوارج، وأخرى يقول: إنّهم مخالفون للعلماء كالشيخ ابن باز، والشيخ السبيّل، والشيخ ابن حميد.

ثم بعد ذلك ذهب إليه بعض الإخوة وسمعوا له محاضرة وقال: إنه لا يجوز ولا ينبغي أن ندعو إلى إغلاق مصنع خمر حتى نهيّئ للعاملين عملاً يعملون فيه وإلا فمن أين يأكلون؟ فذهب إليه أخ يقال له علي جعفان وقال له: ياشيخ اتق الله فالخمر منكر يجب تغييره قال: نعم هو منكر يجب تغييره، فقال: أنت قلت كذا وكذا. قال: أخطأت. قال: فاعترف واعتذر أمام الناس. قال: إنّها ستنتزع ثقتهم بي فلا يثقون بي بعد ذلك. ثم زاره بعد ذلك إخوان وأنكروا عليه التلفزيون والصور، فقامت قيامته وكتب كتابًا صغيرًا حقيرًا بعنوان "الولاء والبراء" وأود من كل أخ أن يقرأ هذا الكتاب لينظر أي تدهور وصل إليه، ثم بعد ذلك كأنه تأثر بدعوة الإخوان المسلمين في مسألة التنظيم والانتخابات والحزبية والديمقراطية، فانتكس عبد الرحمن عبد الخالق {واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (¬1)}. ثم بعد ذلك صار يرمي إخوة أفاضل من الإخوة الكويتيين مثل الأخ عبد اللطيف الدرباس ومجموعة بأنّهم جهيمانية، وهم ليسوا جهيمانية، بل هم متمسكون بالكتاب والسنة. ثم توسع في مسألة الصور، وخرج بثورة على المنكرين، وانتقد أهل العلم الأفاضل أنّهم لا يعرفون شيئًا عن الواقع. أما أكبر كبيرة حصلت منه فهي تفرقته بين أهل السنة والدعاة إلى الله فقد ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 175 - 176.

غرهم بدينار لا بأفكاره، يركض من الكويت إلى إندونيسيا إلى مصر إلى الإمارات، وأنا أقول: إنه من الخطأ أن تسلم الأموال لجمعية إحياء التراث لأنّهم يستغلونها لتفرقة كلمة أهل السنة ففرّق بين أهل السنة في جدة وفي السودان (¬1). وعندنا في اليمن مجموعة من الغثاء غرهم بديناره لا بأفكاره، ونبشر الشباب السلفي الكويتي أن جمعية إحياء التراث تنفق الأموال الباهظة على هؤلاء الممسوخين في اليمن ومع هذا فدعوتهم ميتة ليس لها أثر. فعندنا فضائح في اليمن، فعبد القادر الشيباني ومحمد بن عبد الجليل جاء الكويتيون وسلموهم الأموال ثم أصبحا يتهاتران عليها ويتناتران، وقد زارني أخ اسمه محمد، كان مهيّئًا لتحرير مجلة "الفرقان" الكويتية فقال: ما قد لطمنا في بلدة مثل ما لطمنا في اليمن؛ فهم يأكلون من الحزب حتى تنتهي أمواله ثم ينتقلون إلى حزب آخر حتى يفقروه وهكذا، فهؤلاء الذين عندنا سيأكلون جمعية إحياء التراث حتى ينهوا ما معها، ثم ينتقلون إلى حزب آخر. فنصيحتي لعبد الرحمن عبد الخالق أن يذهب ويتعلم ويأخذ كتابًا ويجلس في حلقه الشيخ ابن عثيمين ذلك الشيخ الذي يقولون عنه: إنه لا يعرف شيئًا عن الواقع أو الشيخ ابن باز والذين يقولون أيضًا أنه لا يعرف شيئًا عن الواقع فيأخذ كتابًا ويتواضع لله عز وجل ويتعلم، وقد قلت لبعض الإخوة الكويتيين: إن دعوتكم منذ زمن بعيد ونحن بالمدينة ما أنتجت طالب علم واحدًا، قال: هذا صحيح وهو من جمعية إحياء التراث وقال: لما رأينا الأمر ¬

(¬1) حتى أنَّهم يسمون أصحابه بالجماعة المصلحيين.

كذلك أصبحنا نزج بشبابنا في جامعات السعودية. وأنصح الشباب الكويتي أن يتخلوا عن عبد الرحمن عبد الخالق وأن يبتعدوا عنه {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول ياليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً ياويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلاً لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولاً (¬1)}. فهل عبد الرحمن عبد الخالق أعلم أم أحمد بن حنبل؟، وهل عبد الرحمن عبد الخالق أتقى لله أم أحمد بن حنبل!! فلو كنا مقلدين لقلدنا أحمد بن حنبل رحمه الله، ولكننا نرى التقليد حرامًا، والشباب الكويتي سيبقى في عمًى ما داموا متابعين لعبد الرحمن عبد الخالق. عبد الرحمن عبد الخالق الذي نشرت مجلة "الفرقان" عنه أنه يقول قبل الهجوم على الكويت: صدام مؤمن. فلما صدمهم انقلب من مؤمن إلى كافر، وأما نحن فنحن بحمد الله نكفره من قبل ومن بعد. فالذي يتكلم بالعاطفة وليس متثبتًا من العلم فلا بد أن يكون هكذا. وقد يقول قائل: إن الشيخ ابن باز كتب لعبد الرحمن عبد الخالق وتراجع عبد الرحمن عبد الخالق، فأقول: هذا الذي تراجع فيه ليس بشيء بالنسبة إلى تفرقة كلمة أهل السنة فقد فرق هذا المدبر بين أهل السنة وأخشى أن يكون مدسوسًا على الدعوة، فلا يظن ظان أن الذي تراجع فيه عبد الرحمن عبد الخالق هو كل ما أنكر عليه، بل ليس بربع العشر، والسبب في هذا أنه ما تضلع من العلم. فردّ أخينا ربيع بن هادي ما أحسنه جزاه الله خيرًا فقد بيّن ما هو عليه، ¬

(¬1) سورة الفرقان، الآية: 27 - 29.

وأقول: أنه إذا قرأه منصف من الشباب الكويتي فإنه سيتبرأ إلى الله من عبد الرحمن عبد الخالق، ومن جمعية إحياء التراث التي تدعم عبد الرحمن عبد الخالق، وإلا فمن هو عبد الرحمن عبد الخالق!، ليس بشيء فإن الدينار هو الذي جعله شيئًا ويتصور في الجريدة، ويتحرك تلك التحركات فهو الدينار الكويتي وليس بعبد الرحمن عبد الخالق، وأنا أسأل عبد الرحمن عبد الخالق أين أجدر بك لو كنت مصلحًا وأحوج إليك بلدك مصر أم الكويت؟ ففي مصر قبر السيد البدوي وقبر الحسين كما يزعمون، فلو كنت تريد الدعوة عن صدق لرجعت إلى بلدك وأقمت مركزًا للدعوة هنالك في حدود ما تعلم، وتتعلم وتتزود من العلم. السؤال144: أليس لكم نيّة في الرد على عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب مطبوع؟ الجواب: لا، ليس لي نية لأن كلامه هراء لا يساوي شيئًا، وأما مجلة "الفرقان" المجلة الشحاذة عندنا باليمن والتي كتب فيها الكذاب السفيه عمار ابن ناشر، ليس لي عزم على الرد عليه، بل نرد على أهل العلم، مثل الأربعة الأحاديث التي انتقدها علي رضا في كتاب "أحاديث معلة" فرددت عليه في كتيب صغير بحمد الله، فنحن نرد على طلبة العلم. أما أصحاب الهراء فلا: لو كل كلب عوى ألقمته جحرًا ... كان الحصى كل مثقال بدينار وكما قال الآخر: أو كلما طن الذباب زجرته ... إن الذباب إذن عليّ كريم فهذه مجلة تصدر بالدينار الكويتي، وقد كان الناس يحبون عبد الرحمن

عبد الخالق وينتفعون بكتبه، والآن لم يبق إلا أصحاب المادة مثل محمد المهدي، والذين يتبعونه من السودانيين يسمون بالمصلحيين، فخاب وخسر الذي يبيع الدعوة بالدينار الكويتي {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (¬1)}، وخاب وخسر من باع الدعوة ببناء مسجد فلا بد من أن نبّين عوارهم وما هم عليه من مخالفة الكتاب والسنة. وأنا أرى أنه لا يستحق الرد وبحمد الله فقد قام الشيخ ربيع حفظه الله بما أوجبه الله عليه فيشكر على هذا. السؤال145: هل عبد الرحمن عبد الخالق مبتدع؟ الجواب: نعم مبتدع، مادام يدعو إلى الحزبية، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬2)}. وإذا كان من أهل العلم من يقول: أن المتعصب للمذاهب الأربعة أو لواحد منها يعد مبتدعًا كما ذكره الصنعاني في "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد" فالتعصب لهذه الحزبيات الساقطة تعتبر بدعة، وكذلك محاربته لإخوانه أهل السنة وتنقصه لهم، واعترافه بالديمقراطية، والذي ينكر على أهل السنة أنّهم لا يقولون بالعمل الجماعي، فهو صاحب هوس، وإلا فمن الذي ينكر العمل الجماعي ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬3)}. ¬

(¬1) سورة فصلت، الآية: 33. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 103. (¬3) سورة المائدة، الآية: 2.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)). لكن في حدود الكتاب والسنة، وليس كما يقال: أمرنا الأمير أن نحلق لحانا فنحن نحلقها. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((احفوا الشّوارب وأعفوا اللّحى)). أو أمرنا الأمير أن نتصور فنتصور، وغيرها من المحرمات، وإنني أحمد الله على الخير الذي حققه على يدي الدعاة إلى السنة من أهل السنة في اليمن، اخرجوا إلى إخوانكم الذين تزوّدونهم بالدنانير تجدوهم أمواتًا غير أحياء وما يشعرون متى يسقطون، فهم يتوقعون السقوط، بخلاف دعوة أهل السنة فإنها كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها (¬1)}. فالحمد لله دعوة أهل السنة منتشرة في اليمن وفي غير اليمن، وأبشركم أنّها تأتيني أسئلة من بريطانيا ومن أمريكا ومن ألمانيا ومن كثير من البلاد يسألون عن عبد الرحمن عبد الخالق وعن جمعية إحياء التراث، ونحذرهم غاية التحذير من الوقوع في شباكهم ونقول لهم: استعينوا بالله وادعوا في حدود ما تستطيعون وليست المسألة بالمادة فقد صبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الجوع والعري والمرض. فاصبروا وادعوا في حدود ما تستطيعون ولا تبيعوا دعوتكم من فلان وفلان. السؤال146: أيهما أشد فسادًا على الأمة الإسلامية وعلى الدعوة منهج ¬

(¬1) سورة إبراهيم، الآية: 24 - 25.

الإخوان المسلمين أم منهج اليهود والنصارى؟ الجواب: هذا أمر لا يقارن بين منهج الإخوان المسلمين واليهود والنصارى، فمنهج الإخوان المسلمين منهج مبتدع ولكن يوجد فيهم أفراد صالحون ومحبون للخير ويظنون أنّهم على خير، كما أنه يوجد في جمعية إحياء التراث أفراد صالحون محبون للخير ويظنون أنّهم على خير. فلا يقارن بين ذا وذاك بين من هم أشد عداوة للإسلام والمسلمين وهم يزحفون على بلادنا كل يوم وكل وقت، وهم ينشرون أو يدعون إلى النصرانية وإلى اليهودية وهم يقهرون المسلمين على الدخول في النصرانية ويستغلون فقر المسلمين في إفريقيا وفي كثير من البلاد الإسلامية. فلا يقارن بين ذا وذاك، حسب الإخوان المسلمين أن منهجهم منهج ضلالي ومنهج مبتدع، أما أن يقارنوا بأولئك فهذا لا يكون، ولا يقارن بينهم إلا شخص أعمى البصيرة متعصب تعصبًا أعمى، وبحمد الله فإننا في كتبنا نلازم العدالة: {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان (¬1)}، ويقول: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬2)}، {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬3)}. ونود أن الإخوان المسلمين والأخوة أصحاب جمعية إحياء التراث يتركون ما هم عليه من الحزبية (¬4)، فلا نقارن هؤلاء بأولئك فإن أهل السنة عندهم ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 90. (¬2) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬3) سورة المائدة، الآية: 8. (¬4) ولا أدري هل قرأ أصحاب جمعية إحياء التراث رسالتي إليهم في كتاب قمع المعاند.

عدالة، لكننا ننصح كل أخ ألا يلتحق بالإخوان المسلمين ولا بجمعية إحياء التراث ولا بجمعية الحكمة أو الإحسان وقد قبل النصيحة خلق لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى. والحمد لله رب العالمين.

هذه السرورية فاحذروها

هذه السرورية فاحذروها الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فالكل يجمع أن الساحة الإسلامية الآن تعج بالفتن المتنوعة حتى أصبح الحليم حيرانًا وحتى أصبح طلبة العلم حيارى أمام هذه الفتن. وعلى هذا فقد لجأ مجموعة من طلبة العلم ومن أهل السنة من شباب الحديدة، وبيت الفقيه، والحسينية، إلى الشيخ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى لنسترشد بأقواله، ومن استرشد بأقوال العلماء رمي بالتقليد من الذين يدعون إلى حزبيات وغير ذلك، وكما يقال: رمتني بدائها وانسلت، ولكننا سنستمر إن شاء الله ولا نزال نسترشد بأقوال هؤلاء العلماء ونلتف حول العلماء الذين يقودون هذه الصحوة على ضوء الكتاب والسنة، من غير تخبط حتى ننجو إلى بر الأمان. فنرجو من فضيلة الشيخ التكرم بالإجابة على هذه الأسئلة التي تدور حول المنهج. السؤال147: ما هي السرورية وما هي العلامات الواضحة لها وهل هي حقيقة

أم خيال؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فالسروية تنتسب إلى الأخ (محمد سرور زين العابدين) وقد كان بالكويت وأخرج بعض الكتب الطيبة في بيان أحوال الشيعة، وأشياء طيبة، ثم انتقل إلى ألمانيا ثم إلى بريطانيا واستقر به المقام هنالك، وأصدر مجلة (البيان)، وفرحنا بها غاية الفرح، ثم أصدر مجلة (السنة) وفرحنا بها كذلك غاية الفرح، وقلنا: هذه هي ضالتنا المنشودة وأثنى بعض إخواننا على مجلة (البيان) وأثنينا عليها قبل وقلنا: إنه لا يوجد لها نظير ولكن شأن الحزبيين أنّهم يدعون في البداية إلى الكتاب والسنة حتى يألفهم الناس، وحتى تشتد عضلاتهم، فإذا علموا أن الكلام ليس مؤثرًا فيهم أظهروا ما عندهم. ومجلة (السنة) التي ينبغي أن تسمى مجلة (البدعة) تنفر عن أهل العلم وترميهم بالجمود والعمالة وبعدم فهم الواقع. والحمد لله ظهرت حقيقة السروريين في قضية الخليج، والفضل في هذا لله عز وجل، أذكر أنني قرأت ذات مرة كلامًا فيه مهاجمة للشيخ الألباني لأنه أصدر شريطًا بعنوان "لقاء مع سروري" ثم بعد صفحات يثنون على الشيخ ابن باز، وقد عرفت مغزى هذا الثناء حتى لا يقال: إنّهم يطعنون في العلماء. وبعد أيام بعد فتوى الشيخ ابن باز حفظه الله بجواز الصلح مع اليهود، حملوا على الشيخ ابن باز فإذا هي خطة مدبرة للتنفير عن أهل العلم، وتلمح

مجلة (البيان) و (السنة) إلى أنه ينبغي أن يرجع إلى السلفيين الذين يفهمون الواقع في اليمن في شأن قضية اليمن. فأقول: يا مساكين، ما يوم حليمة بسر، ومن الذي يجهل حالة المسلمين، ولكن الشأن كل الشأن في علاج هذا الواقع. فما يحصل للمسلمين من انْهزامات ومن خوف ومن جدب هو بسبب الذنوب، يقول الله تعالى: {وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (¬1)}. فإذا كنا قد عرفنا الداء، فما هو الدواء، يقول الله سبحانه وتعالى: {وعد الله الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا (¬2)}. فالذنوب هي التي أذلت المسلمين، والتعامل بالربا وإباحة الزنا في كثير من البلاد الإسلامية، واستيراد القوانين الوضعية من قبل أعداء الإسلام والخضوع لها، وكم يعد العاد ... وتبرج وسفور، واختلاط في المدارس والجامعات. والدواء يكون بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم بالرجوع إلى العلماء، يقول الله عز وجل: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 112. (¬2) سورة النور، الآية: 55.

يستنبطونه منهم (¬1)}. فيجب علينا أن نرجع إلى العلماء: {وتلْك الأمْثال نضْربها للنّاس وما يعقلها إلاّ العالمون (¬2)}. وترى بعض الناس يحفظ له ثلاثة أو أربعة مواضيع ويقوم بها في المساجد يركض وينطح، ثم يلقبه أصحابه بشيخ الإسلام، فهل هذا هو العلم؟ بل العلم أن تجلس على الحصير حتى تحتك ركبتك ولا بد أن تصبر على الجوع والعري، وانظر إلى حالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما صبروا عليه. وأهل العلم هم الذين يضعون الأشياء في مواضعها، كما تقدم في الآية الكريمة السابقة ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ في ذلك لآيات للعالمين (¬3)}. ويقول عز وجل: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما يتذكّر أولو الألباب (¬4)}. والمصيبة التي ابتلى بها المسلمون هي جهلهم بدينهم، فمن حفظ له آيات وأحاديث وقام يتكلم بها وخصوصًا إذا أعطي فصاحة، قالوا: هذا هو الشيخ. والحمد لله تتضح الحقيقة كما قيل: إذا حمل الفصيح فلا تهبه ... فتلك الاستعارة مستعارة ولذ بالعلم والعرفان تلقى ... فصاحته انتهت من غير غارة فيجب علينا أن نزن العلماء والدعاة إلى الله بالعلم والعمل. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 83. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬3) سورة الروم، الآية: 22. (¬4) سورة الرعد، الآية: 19.

والله سبحانه وتعالى عند أن أخبرنا بقصة قارون: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون (¬1)}. فيجب أن نرجع إلى أهل العلم وأن نتعلم، كما أتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليعلم الصحابة كيف يسألون. ولن أنسى ما قاله عبد القادر الشيباني الجويهل: سنرسل إلى أبي عبد الرحمن إخوانًا يعطيهم جرعات في شهرين ثم نرسلهم إلى مراكز ونحتل الساحة على الإخوان المسلمين. فأقول: في شهرين يستطيع أن يخرج دعاة إلى الله؟ وإذا كان الجهال هم الذين يقودون الدعوات فأبشر بنكسات الدعوات. فلا بد من مجالسة العلماء، والاستفادة منهم، كما فعل علماؤنا المتقدمون، فقد جالس سلمان الفارسي أول عالم، حتى مات، والثاني والثالث، حتى لحق بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهكذا أصحاب معاذ رضي الله عنه قبل أن يموت قالوا له: إلى من نذهب؟ قال: إلى عبد الله بن مسعود. ولما طالب أحد الإخوة أحد الحزبيين بطلب العلم، قال: {منكم من يريد ¬

(¬1) سورة القصص، الآية: 79 - 82.

الدّنيا ومنكم من يريد الآخرة (¬1)}، يقول إن الله سبحانه وتعالى قال هذا في الصحابة، يعني أنّهم قد اعترفوا أنه لا صبر لهم على طلب العلم وعلى الجوع، وأنّهم يريدون أن يجاروا الناس في العمران والسيارات وفي الدنيا. ثم نسمعهم بعد ذلك يقولون: أنتم تطعنون في الجمعيات. فمن قال لك: إننا نطعن في الجمعيات؟ نعم، إننا نطعن في بعض الجمعيات التي اشتملت على حزبيات وعلى ولاء ضيق وعلى لصوصية واختلاس الأموال، فهذه هي التي نطعن فيها وننفر عنها. فهذه دعوة مبنية على الكذب والتلبيس وستظهر الحقيقة، فقد ظهرت دعوة علي بن الفضل، وظهرت حقيقة دعوة المعتزلة، والشيعة، والصوفية، والذي سيظهر هذا بإذن الله تعالى أهل السنة، فهذه الحزبيات المغلفة هي التي استمالت بعض ضعاف الأنفس (¬2) الذين يعرفون حقيقتها، استمالتهم بالدرهم والدينار (¬3). وبحمد الله فأهل السنة يغربلون المجتمع غربلة، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك)). فالشيخ ربيع بن هادي حفظه الله بأرض الحرمين ونجد يكشف الحزبيين ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 152. (¬2) ضعاف الأنفس الذين لا يؤمنون بالقدر، ولا يؤمنون بقول الله عز وجل: وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ. (¬3) وبعض الدعاة المغفلين في أرض الحرمين ونجد يجاهد في زعمه ويجمع لهم الأموال ليحاربوا سنة رسول الله وينفروا عنها.

ويبين ما هم عليه. والشيخ أبوالحسن بمأرب، والشيخ محمد بن عبد الوهاب بالحديدة، والشيخ محمد الإمام بمعبر، والشيخ قاسم، والأخ محمد الصوملي في جامع الخير في صنعاء. فأنصح الإخوة لأن أكثرهم بحمد الله مستفيد أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة وأن يدعوا إليهما ولا يضيعوا أعمارهم في تمجيد الشيخ فلان، ولو تركهم لقالوا: احذروه هذا من جماعة التكفير أو هو عميل للحكومة. فهذا كلام من لا يخاف الله. السؤال148: هناك جماعات تدعي أنّها سلفية، فنرجو القول الحق والفاصل فيها وهي: جماعة التكفير، وجماعة الجهاد، وجماعة عبد الرحمن عبد الخالق، وجماعة محمود الحداد، فنرجو تبيين ما هم عليه وهل يصدق عليهم اسم السلفية؟ الجواب: السلفية ليست جبة يلبسها إذا أراد، وإذا أراد خلْعها خلعها، بل هي التزام بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح، وبفضل الله قد تكلمنا على جماعة التكفير، وعلى جماعة عبد الرحمن عبد الخالق وبيّنا ما هو عليه، وهكذا جماعة الجهاد في أشرطة متكاثرة، فلا نحتاج إلى تكرير الكلام. وكذا السرورية تكلمنا عليهم في أجوبة البحرينيين (¬1)، حتى تعلم حقيقتهم. ¬

(¬1) مطبوع ضمن فضائح ونصائح.

ويقول الله سبحانه وتعالى: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به (¬1)}. فالسلفي هو الذي يلتزم بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وليس الذي عنده انتخابات وعنده ولاء وبراء ضيق، وتنفير عن العلماء. والسلفي لا يهاجم إخوانه أهل السنة، ولا يشق عصاهم من أجل دريهمات. وبعضهم يعرف الحقيقة، ولكن التوسع في الدنيا هو الذي جعلهم ينشقون عن إخوانهم كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)). وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ لكلّ أمّة فتنةً، وفتنة أمّتي المال)). خسروا وخابوا، فقد كنا نعدهم للتأليف والتحقيق مثل: عبد المجيد الريمي، ومحمد البيضاني، ومحمد المهدي، وعبد الله بن غالب، وعقيل المقطري، الذي جنّ ويحتاج إلى كيّة في رأسه، لأنه زارني بعض العامة من إخواننا السلفيين فقال: والله ما عقيل جاهل ولكنها الدنيا. السؤال149: هناك من يوزع شريطًا للشيخ الألباني في سفر وسلمان ويقول: هذا آخر شريط في سفر وسلمان، فماذا ترون في منهج سفر وسلمان، وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: أنا لم أسمع هذا الشريط، وأنصحهما بالرجوع والتوبة إلى الله عز وجل، ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 123.

ونسأل الله أن يتوب عليهما وأن يهديهما للرجوع عما كانا عليه فإنّهما ضيعا كثيرًا من الشباب، وقد جاءتني رسائل شفوية وخطية أن الشباب بعدما حصل ما حصل لسفر وسلمان رجعوا إلى الكتاب والسنة، فهما داعيان نسأل الله أن يصلحهما. السؤال150: هل التكلم في الحزبيين أو التحذير منهم يعد حرامًا؟ وهل هذا الأمر خاص بالعلماء دون طلبة العلم؟ وإن تبيّن لطلبة العلم الحق في هذا الشخص؟ الجواب: ينبغي أن يسأل أهل العلم عن هذا الأمر، لكن الشخص الذي ينفر عن السنة وعن أهل السنة وعن مجالس أهل العلم؛ يحذّر منه، والجرح والتعديل لا بد أن يكون الشخص عارفًا بأسبابهما، ولا بد أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيما يقول، فإن الأصل في أعراض المسلمين أنّها محترمة، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)). لكن المبتدعة لا بأس أن يحذر منهم طالب العلم في حدود ما يعلم بالعدالة {وإذا قلتم فاعدلوا (¬1)}، {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬2)}، {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان (¬3)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرًا. ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬2) سورة المائدة، الآية: 8. (¬3) سورة النحل، الآية: 90.

بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬1)}. فلا بد من العدالة في الكلام على الحزبيين، ولست أقصد أنك تنظر إلى مبتدع وتذكر ما له من حسنات وسيئات، فالمبتدع ليس أهلاً لأن تذكر له حسنات، وليس لنا وقت أن نذكر حسناته. وقد قلنا قبل إن أصحاب جمعية الحكمة، وأصحاب جمعية الإحسان مماسح للإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون مماسح للحكومات، وهاتان الجمعيتان مدخل إلى الإخوان المسلمين؛ لأن الشخص يذهب ويدخل مع أصحاب هذه الجمعيات مدة يسيرة ثم يراهم لا علم ولا عمل أعني عمل حركي في مجال الدعوة ولست أعني أنّهم لا يصلون فيذهب إلى الإخوان المسلمين وخصوصًا إذا كانت المادة أكثر مع الإخوان المسلمين، والأماني بالرتب العسكرية، وإدارات المعاهد. السؤال151: هل الوسائل الدعوية توقيفية على الكتاب والسنة أم هي اجتهادية؟ الجواب: أما الدعوة فالذي يظهر لي أن الدعوة نفسها توقيفية: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (¬2)}، ويقول: {قل هذه سبيلي أدعو ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 135. (¬2) سورة النحل، الآية: 125.

إلى الله على بصيرة (¬1)}. أما الوسائل فلا بأس بها ما لم تخالف الكتاب والسنة، فإذا خالفت الكتاب والسنة فهي تعتبر طاغوتية. السؤال152: ما حكم التمثيل ومن يقول به بأنه وسيلة مباحة؟ الجواب: أنصح بالرجوع إلى ما كتبه الأخ بكر بن عبد الله أبوزيد، فكتابته كافية وافية. السؤال153: بماذا تنصح من يتعاطف مع الحزبيين ولا يحذر منهم وهو من إخواننا أهل السنة؟ الجواب: أنصحه أن يستغني بالله، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبّر يصبّره الله)) وحرام عليه أن يبيع العلم والدين، فنحن لم نعده أن يكون خادمًا لأولئك، بل أعددناه ليكون مؤلفًا ومحققًا وداعيًا إلى الله على بصيرة، وهذا الشخص الذي يغض الطرف عنهم يقول الله سبحانه وتعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا (¬2)}. السؤال154: ختامًا بماذا تنصح شباب السنة في تهامة؟ الجواب: أنصحهم بالالتفاف حول إخوانهم أهل السنة، فعندهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب أخ محنك خبير بالحزبية، وعندهم الأخ محمد مقبول، ¬

(¬1) سورة يوسف، الآية: 108. (¬2) سورة النساء، الآية: 114.

وغيرهما من إخواننا المتمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنصحهم بالصبر وأن يدرسوا سيرة الصحابة كيف صبروا على الجوع والعري، وعلى المخاوف وعلى الغربة من الأوطان. وبحمد الله قد وجدنا شبابًا بتهامة في غاية من الاستقامة والصبر والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحتقر أنفسنا عندهم. وأنصحهم أن يتركوا الجدل، مع أولئك فليسوا أهلاً لأن يجادلوا، كما أنصح الشيخ محمد بن عبد الوهاب ألاّ يضيع وقته في الجدل معهم، وأنصحه أن يؤلف كتابًا في بيان ما هم عليه من البعد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويطبع وينتفع به. فهؤلاء ليسوا أهلاً لأن يجادلوا، فقد جاء رجل إلى الإمام مالك وقال: يا مالك أريد أن تناظرني قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني قال: فإن جاء شخص آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذًا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاك مثلك فإني على ثبات من ديني. فأنصح الأخ محمد بن عبد الوهاب ألا يبقى مشادًا مع هؤلاء فهم ليسوا بشيء، ولا يضرون، فالمسألة مسألة مادة ودنيا، وأنا أعتبر الكلام فيهم رفعةً لهم. وبحمد الله فكتاب "قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد" قد قمعهم، وكتاب "المصارعة" صرعهم من فضل الله. وفي هذه الأيام أرسلت برسالة بعنوان "فضائح ونصائح (¬1) " فبحمد الله الكتب تريحنا، ونحن مستمرون على دروسنا ¬

(¬1) وقد طبعت والحمد لله.

ما فرطنا في دروسنا، ولا في التأليف، ولا في الدعوة إلى الله عز وجل بل جميع هذه الأمور حاصلة، وهم يركب أحدهم سيارته من صنعاء إلى حضرموت، من أجل أن يدعو إلى جمعية الحكمة أو جمعية الإحسان. وأما (محمد المهدي) فأخشى عليه من أن يجن، فإنه يعتبر أخسر شخص في جمعية الحكمة لأن أهل إب كانوا مطيعين له ومحبين له، والآن قد تفلتوا عليه، فلم يبق معه إلا مبنى الجمعية، يصعد وينْزل فيها. فعظم الله أجر أهل السنة في محمد المهدي (¬1). وأنصح إخواني في الله ألا يميلوا إلى الدنيا، فتذهب معلوماتهم وتطمس بصائرهم ثم يزورنا الأخ بعد أيام فأقول له: أعرب يا أخانا: (إنا ههنا قاعدون)، فيقول: والله يا شيخ قد نسيت. وكنا ذات مرة في جلسة في بيت الشيخ محمد بن سعيد العنسي وكنا مدعوين فقلت: حديث كذا من صحابيه؟ ومن أخرجه؟ وما حاله؟ فجعل بعض أصحاب جمعية الحكمة يلتفت بعضهم إلى بعض فعبد المجيد الريمي يلتفت إلى أحمد المعلم، وأحمد المعلم يلتفت إلى آخر، ولا يجيب أحد منهم والذي يجيب هم إخواننا الذين كانوا معنا. أما أولئك فهمّ الشخص منهم أن يحضّر موضوعًا ويقوم ويلقيه. فننصحهم بالإقبال على طلب العلم والجد والاجتهاد في تحصيله. وهناك ¬

(¬1) وبعد هذا فقد انسلخ من السنة بل يخشى عليه أن ينسلخ من الدين فقد تدهور تدهورًا مشينًا، في هذه الأيام حدث خصام بين طرفين فحُكّم محمد المهدي ومدير الناحية وشخص ثالث يقال له عبد الكريم فحكم المحكمون بذبح أربعة أثوار عند أحد الطرفين، وهذا ذبح لغير الله، الذبح حرام والأكل منه حرام فأفٍّ لك يا محمد المهدي.

أشرطة تتعلق بهذا الموضوع مثل شريط "نصيحتي لأهل السنة" ومثل "الأجوبة على أسئلة شباب البحرين" ومثل "البراءة من الحزبية" (¬1). فأقول: نحن نقول هذا الكلام ونحن نعلم أن الحكومات تشمت وتفرح بهذه الفرقة، لكن والله كما قيل: مكره أخاك لا بطل، فقد أبى هؤلاء أن يحكموا الكتاب والسنة، وأبوا أن يسكتوا عن الدعاة إلى الله، فاضطررنا إلى أن نتكلم وأن نحذر منهم حتى لا يضيعوا الشباب. فأنصح أصحاب الجمعيتين أن يعتبروا بالإخوان المفلسين، فقد أصبح المجتمع مبغضًا للإخوان المسلمين ونافرًا عنهم. وشيء آخر هو معاملتهم السيئة والدعوة إلى الحزبية نفّرت كثيرًا من الناس عنهم. فالإخوان المسلمون في مصر انتكسوا وفازوا بكرسي واحد في هذه الانتخابات، والإخوان المسلمون ههنا لعلهم يحصلون على نصف كرسي، لأن أولئك هم الأصل والسادة. أما أصحاب الجمعية فهم في الباطن يخبرون بعض أفرادهم بجواز الانتخابات والتصويتات وتلك فتوى أحمد بن حسن المعلم موجودة، إذ أفتى بالدخول في الإصلاح والانتخاب لمرشحي الإصلاح. وهم يرمون أهل السنة بأنّهم عملاء للحكومات، فأريد منهم أن يبوحوا في جرائدهم بما يقولونه، وأنا لا أدافع عن الحكومات فرب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إنّ الله لا يحبّ من ¬

(¬1) الأول والثاني مطبوعان مع فضائح ونصائح، والأخير مطبوع مع قمع المعاند.

كان خوّانًا أثيمًا (¬1)}. وأنا أشكو إلى الله من ضياع الوقت، فيأتينا الأخ من إندونيسيا، أو من أمريكا، أو من بريطانيا، وهو يشكو من الحزبيين. ولكنني أبشركم فقد أعطيتهم قسطهم في كتاب "غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة" وأعطيتهم قسطهم في كتاب "فضائح ونصائح". كل واحد منهم يذهب يفتش الكتاب من أوله إلى آخره، هل ذكرني أبوعبد الرحمن في الكتاب. وكل هذه المسائل قد أجبنا عليها في أشرطة متقدمة وهي موجودة هنا، وموجودة في (تسجيلات اليقظة) بصنعاء. ونقول لهم الآن: اتسع الخرق على الراقع، اطّلعوا على الكتب التي أخرجت، وعلى الكتب التي ستخرج، ومنهم من يتمنى أنه ما تكلم في أهل السنة، وبلغني عن بعضهم أنه يقول: ما تكلم أبوعبد الرحمن في أحد إلا أحرقه، انظروا فلانًا، ويمثل بداعية كبير جدًا. وكما قلت: فالحكومات تفرح بهذا وبالخلاف، ولكن هل لهم أن يرجعوا، فنحن مستعدون أن نسكت عنهم، يرجعون إلى الكتاب والسنة، وليس الرجوع أن يسكتوا عنا ونسكت عنهم بل الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 107.

أسئلة البريطانيين من مدينة بارمنغهام عن جمعية إحياء التراث وحزب التحرير

أسئلة البريطانيين من مدينة بارمنغهام عن جمعية إحياء التراث وحزب التحرير (¬1) الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: السؤال155: وصلني سؤال من الإخوة المسلمين في بريطانيا حول جمعية إحياء التراث الكويتية، ويشكون بأنّها فرّقت جمعهم وشتتت شملهم. الجواب: إن هذه الجمعية أول من أنكر عليها هم أهل السنة من فضل الله، لأنه يقودها عبد الرحمن بن عبد الخالق، وكان في بدء أمره يدعو إلى الكتاب والسنة ونفع الله به أهل الكويت، وكان بينه وبين الإخوان المسلمين مهاترات، فهو يقدح فيهم وهم يقدحون فيه، ثم ظهرت منه أمور منكرة، وقد اختلط به بعض إخواننا بمدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ودخلوا بيته فوجدوا فيه التلفزيون، وأنكروا عليه ذلك لما ينشر في التلفزيون من الفساد وما فيه من الصور، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((تخرج عنق من النّار يوم القيامة لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إنّي وكّلت بثلاثة: بكلّ جبّار عنيد، ¬

(¬1) تم التسجيل في 21 شوال 1417.

وبكلّ من دعا مع الله إلهًا آخر، وبالمصوّرين)). وأهل العلم ليس لديهم وقت للتلفزيون، فنصحوه أن يخرجه من بيته فتنكر لهم ورماهم بأنّهم من جماعة التكفير، وبأنّهم خوارج، وقد ظلمهم بهذا، فهم طلبة علم يصيبون ويخطئون، ويجهلون ويعلمون. وألقى محاضرة ذات مرة وذكر فيها أنه لا يجوز لنا أن نغير المنكر في مصانع الخمر وأن نمنع الناس منها، أي من العمل فيها حتى نأتي ببديل، وإلا فمن أين يأكل العاملون فيها؟ هكذا يقول، فرد عليه الأخ علي جعفان رحمه الله وهو حضرمي برسالة قيمة، وقبل أن يرد عليه ذهب إليه مجموعة وقالوا له: أنت أخطأت، فقال: أنا أعترف بخطئي، قالوا: فنريد أن تخبر الجماهير الذين حاضرْتهم أنك أخطأت؟ قال: إذا أخبرتهم لا يثقون بي. وهو مخطئ في هذا، بل تزداد ثقتهم به. ثم ألف كتابًا بعنوان: "الولاء والبراء" وهو كتاب رديء لا يؤلفه سني ولا سلفي، يتهجم فيه على طلبة العلم فتارة يتهمهم بأنّهم خوارج، وأخرى يتهمهم بالزيغ والجهل. واتجاههم خير من اتجاه عبد الرحمن بن عبد الخالق بحمد الله، فهم يدعون إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونفع الله بدعوتهم بل ملأت الدنيا في مدة ست سنوات، ثم رحلنا إلى اليمن وبعد أن وصلنا إلى اليمن جاءني أناس من الكويت منهم الأخ عبد الله السبت وقالوا: نحن لا نستطيع أن نساعدك إلا إذا كنت مرتبطًا بمؤسسة حكومية؟ فقلت لهم: ونحن لا نبيع دعوتنا لأحد، فإن شئتم أن تساعدوا الدعوة بدون شرط ولا قيد فعلتم، وإن كان هناك شروط فيغنينا الله عز وجل عن مساعدتكم.

وأقبح من هذا أنه كانت لهم جلسة مع ضعاف الأنفس ممن يدّعون السلفية من اليمنيين وقال الكويتي الذي جمعهم: ما انطلقت دعوتنا إلا بعد أن تركنا العلماء. ونقول له: كبرت كلمةً تخرج من فيك أيها الجويهل، يقول بعض الحاضرين اليمنيين: لقد قفّ شعري من هذه المقالة الشنيعة. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلاّ العالمون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ في ذلك لآيات للعالمين (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى مبينًا لمنْزلة العلماء وأنّهم هم الذين يضعون الأشياء مواضعها عند أن خرج قارون في زينته، قال أهل الدنيا: {ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬3)}. والعلماء هم الذين يدعون الناس على بصيرة: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬4)}. والعلماء هم الذين يدعون إلى الخير: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬5)}. وهم الذين رفع الله شأنهم وأعلى قدرهم: {يرفع الله الّذين آمنوا منكم ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬2) سورة الروم، الآية: 22. (¬3) سورة القصص، الآية: 79 - 80. (¬4) سورة يوسف، الآية: 108. (¬5) سورة آل عمران، الآية: 104.

والّذين أوتوا العلم درجات (¬1)}. وهم الذين قرنهم الله بنفسه وملائكته: {شهد الله أنّه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط (¬2)}. وهم الذين يحاربون الفتن، وهم الذين يقفون في وجوه الظلمة، وهم الذين يصبرون على شظف العيش ويجالسون الأمة ويفيدونها، وأنت تزهد يا أيها الجويهل في مجالسة العلماء وفي اتباع أهل العلم، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {واتّبع سبيل من أناب إليّ (¬3)}. ويقول صاحب آل ياسين لقومه: {اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون (¬4)}. فمنْزلة العلماء منْزلة رفيعة، شئت أم أبيت، ولما كانت دعوتك مبنية على جمع الأموال، وعلى التلبيس، وعلى أفكار غربية، أصبحت منهارة، وتبرأ منها كثير من الناس ممن هم أعرف الناس بها من الإخوة الكويتيين، ودعوا الشيخ ربيع لإلقاء محاضرة في الكويت فضاقت بأصحاب جمعية إحياء التراث الأرض بما رحبت. وهم يتلونون فقد رد عليهم الشيخ عبد العزيز بن باز، ثم يأتي عبد الرحمن عبد الخالق، وأنا متأكد أنه ما أجاب بما أجاب به ولا تراجع عما تراجع عنه إلا أنه يخشى من الحكومة الكويتية فإنّها تثق بالشيخ ابن باز وتحبه، فلو قال ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 11. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 18. (¬3) سورة لقمان، الآية: 15. (¬4) سورة يس، الآية: 21.

لهم: رحّلوه، هذا لا خير فيه، لرحّل. من أجل هذا تراجع، ونحن نقول لعبد الرحمن عبد الخالق: هل تراجعت عن قولك أنه لا بأس بالتحالف مع العلمانيين، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير (¬1)}. ويقول رب العزة في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان ومن يتولّهم منكم فأولئك هم الظّالمون (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (¬3)}. وعند أن ذكر ولاء المؤمنين للمؤمنين، والكفار للكفار، قال في آخر سورة الأنفال: {إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (¬4)}. وقد عم الفساد وطم في الكويت، وعبد الرحمن عبد الخالق مشغول بمطاردة السلفيين وبتفرقة كلمتهم. وأنا أعتبر هذه أكبر جريمة له، فقد فرق كلمة أهل السنة باليمن، فبعض أهل السنة في اليمن مثل عبد المجيد الريمي، ومحمد البيضاني ومن اتبعهما أصبحوا من أتباع محمد سرور، ومثل محمد المهدي وبعض المسئولين في جمعيه الحكمة ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 28. (¬2) سورة التوبة، الآية: 23. (¬3) سورة التوبة، الآية: 71. (¬4) سورة الأنفال، الآية: 73.

اليمانية أصبحوا أتباعًا لجمعية إحياء التراث، وأنا أظن أن هذه سياسة بينهم من أجل أن يأكلوا بالجانبين من الفم من هاهنا ومن هاهنا، وقد قلت هذا من قبل بدليل اجتماعاتهم. وهؤلاء اليمنيون الموجودون هاهنا أصبحوا حربًا على أهل السنة، ويظاهرون الإخوان المسلمين، بل يؤازرونهم، بل يتمسح بهم الإخوان المسلمون ويستثيرونهم على مشاغلة أهل السنة يظنون أننا سنشتغل بمحمد المهدي، فمن محمد المهدي سفيه من السفهاء، وبحمد الله فقد أعطيناه قسطه في غير ما شريط، ونعرف من الذي يدفعه، إنّهم الإخوان المفلسون، وعبد المجيد الزنداني، وعبد الرحمن عبد الخالق وأصحاب جمعية إحياء التراث. ونقول لمحمد المهدي: مجلتك مجلة "الفرقة" ما زادت أهل السنة إلا انتصارًا، وما زادت دعوتهم إلا انتشارًا، من فضل الله، فاكتب ما شئت فأنت سفيه اليوم وغدًا وبعد غد، فهو كذاب أشر، ومحترق يحرق غيره فقد أحرق عمار بن ناشر وأصبح لا يجسر أن يرفع رأسه في تعز. أما عبد الرحيم الشرعبي فماذا أقول وهو الذي يكتب في هذه المجلة، ويدعونا إلى جمع الكلمة مع الإخوان المفلسين، عندي كلمة كبيرة تجلجل في صدري ولا أحب أن ألطمه بها، ولكن إذا كتب فإن شاء الله سنوجهها إليه. فجمعية إحياء التراث فرقت أهل السنة في السعودية، وفي السودان، حتى أنّهم يسمون أتباع عبد الرحمن عبد الخالق مثل: محمد هاشم الهدية بالمصلحيين، فقد باعوا الدعوة بالدينار الكويتي، وقد نصحناهم مرارًا وقد انفصلت عنه جماعات، وبقي محمد هاشم الهدية يركض بعد المادة من قطر إلى

الكويت، وقد رد عليّ في ذات مرة ويقول: هاأنا أدافع عنكم. فنقول له: كلامك تطير به الرياح وكيف أنشر لك كلامًا وأنت مغمور لا تعرف. فلا تستحق أن نجيب عليك، ولكن عندك ما يكفيك من الشباب السوداني فقد بينوا مخازيك ومخازي أتباع عبد الرحمن عبد الخالق وانفصلوا بحمد الله، وحاربتموهم لأنّهم قالوا: إن الاختلاط في المدارس لا يجوز، والانتخابات لا تجوز، وكذلك الدخول في المجالس النيابية لا تجوز. فقد حاربوهم وفصلوهم وما أخرجوهم من الجنة إلى النار، بل أخرجوهم من الذل إلى العزة {ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين (¬1)}، {من كان يريد العزّة فلله العزّة جميعًا (¬2)}. فالعزة لله سبحانه وتعالى ليست لمحمد الهدية ولا فلان وفلان. وفرّق أهل السنة بمصر وفرّق أهل السنة بإندونيسيا، فلا بارك الله في عبد الرحمن عبد الخالق، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أنا فرق بين النّاس))، وفي بعضها: ((ومحمّد فرّق بين الناس)). فهو يفرق بين الرجل وزوجته، فامرأته تكون كافرة ويتركها، أو الرجل يكون كافرًا وامرأته مسلمة، وبين الأخ وأخيه وبين الأب وولده، وبين القريب وقريبه لأنه كفر وإسلام في ذلك الوقت. أما هذا فقد فرّق بين أهل السنة وما أظنك إلا عميلاً لأمريكا فهي التي تريد أن تفرق كلمة الدعاة إلى الله، بل تبذل أموالاً في التفرقة، وهكذا الحكومات الموجودة الآن تحرص كل الحرص على تفرقة كلمة الجماعات وهي تعمل أعمالها. ¬

(¬1) سورة المنافقون، الآية: 8. (¬2) سورة فاطر، الآية: 10.

ولا تنسوا مدحه لصدام وأنه الرجل المؤمن فقد نشروا هذا في الصحف، فالحزبيون ليسوا بموفقين، ولمّا زحف على الكويت أصبح بعثيًا فقد انتقل من مؤمن إلى بعثي، وهو بعثي عند أهل السنة من قبل ومن بعد، فالرجل غير موفق، ودعوته منذ كنا في الجامعة الإسلامية ولها حوالي ستة وعشرون سنة، فأين ثمرة دعوته؛ وأتحدى عبد الرحمن عبد الخالق أن يأتي بطالب واحد من طلبته قد أصبح مرجعًا، فإن قال: عندي عبد الرزاق الشايجي، قلنا: هو سفيه من السفهاء يدعو إلى الديمقراطية، ويحارب أهل السنة. وهذا أمر لمسه بعض الإخوان عند أن كنا في المدينة قال: إن الإخوة الكويتيين لا يعرفون إلا عبد الرحمن عبد الخالق، وقال عبد الرحمن عبد الخالق، وفعل عبد الرحمن عبد الخالق. وعبد الله السبت عند أن أتى إلى اليمن وقلت له: لم لا تجعلون لكم معهدًا علميًا ودعوتكم لها زمن طويل ولم تنتج طالب علم! فقال: قد أحسسنا بهذا الضعف وقد أصبحنا ندفع طلابنا إلى الجامعات السعودية. وهذا كلام صحيح. فالحزبيون غير موفقين في دعوتهم بل يعتبرون نكبة على الدعوات، هذا وقد احترق عبد الرحمن عبد الخالق بحمد الله واحترق عملاؤه في اليمن بحمد الله، واحترق محمد سرور الذي كان صاحبنا قبل قضية الخليج وأصبح هو وحفنة من أتباعه يحاربون العلماء، وينفرون عن العلماء، فتارة يطعن هو وأتباعه في الشيخ الألباني وأخرى في الشيخ ابن باز، وأنّهما لا يفهمان الواقع. وأما عند التحيل من أجل التزكيات ومن أجل المال فيأتون إلى الشيخ ابن باز ويقولون: فعلنا وفعلنا، وأنا أنصح التجار نصيحة لله أن يتولوا هم توزيع أموالهم لئلا يعينوا على ضرب الدعوة الإسلامية.

وأقول لأخي السني: اصبر فقد أصبحت دعوتهم محترقة في الكويت، لا يدعمها إلا الدينار الكويتي، وكذلك الأموال التي تأتي من بعض التجار من السعودية، وإلا فقد أصبحت محترقة والله المستعان. وننتقل إلى بقية الأسئلة. السؤال156: ما هو موقف أهل السنة والجماعة من الإخوان المسلمين وحزب التحرير! بيّنوا لنا وجه انحرافهم وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: موقف أهل السنة والجماعة من الإخوان المسلمين أنّهم يحكمون على منهجهم بأنه منهج مبتدع، وعلى أفرادهم بأنه من كان يعلم بالمنهج ويلتزم به فإنه مبتدع، ومن كان لا يعلم المنهج وهو يظن أنه ينصر الإسلام والمسلمين فيعتبر مخطئًا. وأصل دعوة الإخوان المسلمين دعوة قبورية كما ذكر هذا الأخ الشحي في رسالته "حوار هادئ مع إخواني" وهي رسالة قيمة، فقد ذكر أن حسن البنا كان يطوف بالقبور، وكان يحضر الموالد، وذكر غيره بأن حسن البنا كان يهمه أن يجمع الناس، ويجمع بين المتناقضات يقول في بعض رسائله: دعوتنا سلفية صوفية. وكيف يتأتى هذا! والصوفية بمنأى عن السلفية، وقد قرأت أن سكرتيره الخاص كان نصرانيًا، وهناك كتاب طيب بعنوان "التاريخ السري للإخوان المسلمين" لعلي العشماوي أنصح بقراءته. فدعوة الإخوان المسلمين تعتبر نكبة على الدعوات لأن أكبر أعدائها هم أهل السنة، فهم يتحالفون مع الشيوعي والبعثي والناصري والعلماني والرافضي، ولكن لا يمكن أن يتعاونوا مع السّني فهو خطير وقد قال قائلهم: لو أن لي من الأمر شيئًا لبدأنا بكم ياأهل السنة قبل الشيوعية. وشاهد ذلك ما

حصل لأهل كنر في أفغانستان الشيخ جميل ومن كان معه رحمه الله، وأبادوا الدعوة وأفنوها في كنر وذبحوا رجالها. فدعوة الإخوان المسلمين نكبة على الدعوة، دعوة سياسية فهم يأتون السّني بالوجه السني إذا احتاجوا إليه، والبعثي بالوجه البعثي إذا احتاجوا إليه، والشيوعي بالوجه الشيوعي. والشيء بالشيء يذكر فعند أن كنا في الجامعة الإسلامية يصرخون ويقولون: الشيوعية احتلت البلاد وأنتم تبقون تدرسون هاهنا، ثم إذا قدمتم إلى بلدكم ستؤخذون من المطار. فهم يستغلون الفرص ويستثيرون الناس، ولما جاءت الشيوعية انسدحوا لها وأهلاً وسهلاً بالأخ علي سالم البيض، وقال الأخ علي سالم البيض كذا وكذا، وأنكروا عليّ لماذا أقول: إن علي سالم البيض كافر. فهو عندهم في أول الأمر شيوعي ثم بعد ذلك مسلم، وفي وقت الحرب كافر، فهم ليس لهم مبدأ ويمكن أن يتقربوا بالسّني إلى الولاة، أما أهل السنة فهم يتحدونهم أن قد شكوهم إلى وال من الولاة، ولكن يردون عليهم في أخطائهم لعل الله أن يهديهم ويرجعوا وبحمد الله فقد رجع كثير من شبابهم. أما حزب التحرير فهو حزب منحرف ضال يحرف في العقيدة، ويبيح المحرمات ومصافحة النساء، ويهمه الوثوب على السلطة، فهو أخبث من حزب الإخوان المفلسين وأخبث أفعل تفضيل يدل على المشاركة وزيادة فيجب أن يبتعد عنه، وقد قيل للنبهاني الذي كان مؤسّسه: لماذا لا تعلمون شبابكم القرآن؟ فقال: أنا لا أريد أن أخرج دراويش، وأجاز للمرأة الدخول في الانتخابات.

السؤال157: متى يجوز التقليد للعامة خاصة وإن كان الشخص أعجميًا ليس لديه علم؟ الجواب: التقليد حرام، لا يجوز لمسلم أن يقلد في دين الله؛ فرب العزة يقول في كتابه الكريم: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬1)}، ويقول: {ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولاً (¬2)}، ويقول: {وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون (¬3)}، ويقول قائل المشركين: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون (¬4)}. والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه "مسائل الجاهلية" عدّ التقليد أصلاً من أصول الكفر، فواجب علينا أن نربط المسلمين بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فإن قال قائل: العامي لا يفهم؟ أقول له: هل كلّ شيء كلّفه الله سبحانه وتعالى؟ فإن كان من أصحاب البيع والشراء، فيجب عليه أن يتعلم أحكام البيع والشراء، وهكذا الجهاد يتعلم كيف ومن يجاهد. فأنت تعلمه بقول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن لم يفهم قلت له: أنا سأتحرى في فعلي هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنا لست بحجة فيجب عليك أن تطالبني بالدليل فالحجة كتاب ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 3. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 36. (¬3) سورة البقرة، الآية: 170. (¬4) سورة الزخرف، الآية: 23.

الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وجزى الله شباب أهل المدينة خيرًا فقد كانوا يوزعون العوام عليهم، فكل واحد يحج بمجموعة ويتحرى أن يخبرهم بأعمال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فالتقليد لا يجوز، والذين يبيحون تقليد العامي للعالم نقول لهم: أين الدليل؟، ثم هل العامة أكثر أم العلماء؟ بل العامة أكثر. فإذا لم نربطهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد يأتي النصراني ويشككهم في دينهم أو البعثي أو الرافضي أو الشيوعي، فقد خرج أقوام يجالدون بسيوفهم مع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي ادعى النبوة، وخرج أقوام يجالدون بسيوفهم مع الخوارج الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّهم كلاب أهل النّار))، ((يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة))، وخرجت أمم بمدافعها ورشاشاتها تقاتل مع الاشتراكيين، وخرجت أمم تقاتل مع البعثيين؛ وما خسرنا مجتمعاتنا الإسلامية إلا بسبب التقليد. فعلينا أن نربط الناس بكتاب الله وبسنة رسوله الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول الله تعالى: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬1)}. والأخوة المسلمون الأعاجم معرضون للتلبيس، لأنّهم لا يفهمون كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن ثم لبّس الخميني لا رحمه الله على كثير من الناس، حتى أصبح الإخوان المسلمون يقولون: الإمام الخميني، ويقولون: علينا أن نفعل مثل الإمام الخميني. فلما عرف الناس وصاروا ينتقدونهم، قالوا: رافضي. فانظر إلى تلونهم، فما أسرع ما يتلون الإخوان المسلمون وما أسرع ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 3.

تقلّبهم. وهكذا أحمد القادياني لبس على كثير من الهنود والباكستانيين وقاموا معه واتبعه أمة، وكذلك أحمد التيجاني الصوفي الخبيث قاموا معه. والصوفية عندنا في اليمن الأسفل وفي حضرموت، والشيعة في شمال اليمن، كم من مغفّل يتخذونه كالكرة ويقوم يدافع مع الشيعة ((أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى))، ويقول: بأننا مع أهل البيت ومع الفرقة الناجية، وهذا المسكين عنده الفرقة الناجية من العمشية (¬1) إلى ضحيان، وبقية أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النار (¬2). فهذا هوس ويصدقه بعض أبناء القبائل وبعض كبار السن من أبناء القبائل على أنه قد رجع قوم كثير بحمد الله، وقد أصبح الشيعي هاهنا منبوذًا حتى قال بعض الشيعة لبعض مشايخ القبائل: إن كنتم لا تريدوننا فعاملونا معاملة اليهود فلماذا تقدّرون اليهود ولا تقدّروننا، فبحمد الله التلبيس قد انقضى وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد انتشرت والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى. أما التقليد في الأمور الدنيوية فلا بأس بذلك. وبقي حرمة تقليد الكفار في عاداتهم وهذا يستدعي وقتًا طويلاً والنبي ¬

(¬1) العمشية وضحيان: إسمان لمكانين لعل بينهما مسافة بريد ونصف بالرجل، وساعة ونصف بالسيارة، والمقصود من هذا أنَّهم تحجروا واسعًا. (¬2) فهذا هوس وأنا أعجب كيف ينفق مثل هذا التلبيس، وبعض مشايخ القبائل ذكي وهو الشيخ حمود مجلي رحمه الله تعالى قال: لما قالوا لنا: إن الفرقة الناجية من ضحيان إلى العمشية قال فقلت: والله يقول: إن الجنة عرضها السموات والأرض يقول: وأنا سأضجر لأنني رجل اجتماعي حيث سأعطى مسافة بعيدة في الجنة ولا يوجد بِها إلا أنا. فمسكوا عليه هذه العبارة وزجوا به إلى السجن لأن الدولة كانت دولتهم في ذلك الوقت ولا يستطيع أحد أن يقول شيئًا.

صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من تشبّه بقوم فهو منهم))، ولكنني أحيل الأخ القارئ على كتاب عظيم ليس له نظير في بابه وهو كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. السؤال158: هل صحيح أن الشيخ ابن باز متعصب للمذهب الحنبلي؟ الجواب: الشيخ ابن باز حفظه الله درس في المذهب الحنبلي ويعلق بذهنه وهو من فضل الله أحسن العلماء اتباعًا للكتاب والسنة، والذي يظهر أنه إذا لم يجد دليلاً أو لم يستحضر الدليل يفتي بالمذهب الحنبلي، كما أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان يدعو إلى عدم التقليد فقيل له: أنت تدعو إلى عدم التقليد وتأخذ جراية أي مكافأة من مدرسة يقول الواقف إنّها للحنابلة؟ قال: آخذ باعتبار أنني أعرف مذهب الحنابلة. فالشيخ حفظه الله تعالى ليس بمقلد، وقد ذكرنا غير مرة أن المذهب الحنبلي أقرب المذاهب إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال159: هل تجوز الصلاة خلف متعصبين من أصحاب المذاهب الأربعة؟ الجواب: إذا لم يؤدّ تعصبهم إلى رد آية قرآنية أو حديث نبوي وهم يعلمون بذلك فلا بأس بالصلاة بعدهم، أما إذا ردّوا آية قرآنية أو حديثًا نبويًا تعصبًا للمذهب وهم يعلمون ذلك فلا يجوز أن يتبعوا ولا أن يصلى خلفهم. وننصح أهل السنة أن يتميزوا وأن يبنوا لهم مساجد ولو من اللبن أو من سعف النخل، فإنّهم لن يستطيعوا أن ينشروا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا بالتميّز وإلا فالمبتدعة لن يتركوهم ينشرون السنة.

السؤال160: ما هو موقف الشيخ ابن باز والشيخ الألباني رحمهما الله من جمعية إحياء التراث؟ الجواب: أما الشيخ الألباني فهو متبرئ منها منذ زمن، والشيخ ابن باز أنكر عليهم بعض الأشياء، والحزبيون ملبسون، فيأتون المشايخ الأفاضل بمن هو موثوق به عندهم من أهل السنة ويقولون: ياشيخ قد حقق الله الخير الكثير على أيدينا وقد ذهبنا إلى إفريقيا وهم في الحقيقة ذهبوا يفرقون كلمة المسلمين وذهبنا إلى إندونيسيا وإلى باكستان وإلى كذا وكذا، والشيخ حفظه الله يصدّق، وقد رد على عبد الرحمن عبد الخالق وأنا متأكد أن الشيخ إذا اتضح له أمرهم سيتبرأ منهم. السؤال161: الذين كانوا يعتبرون على المنهج الصحيح ثم زاغوا عنه هل يجوز لنا الاستماع إلى أشرطتهم أو قراءة كتبهم المؤلفة قديمًا وكذا محاضراتهم؟ الجواب: أنا لا أنصح بقراءة كتبهم ولا سماع أشرطتهم، وتعجبني كلمة عظيمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول فيها: لو أن الله ما أوجد البخاري ومسلمًا ما ضيع دينه. فالله سبحانه وتعالى قد حفظ الدين، يقول الله تعالى: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (¬1)}. فأنصح بالبعد عن كتبهم وأشرطتهم وحضور محاضراتهم وهم محتاجون إلى دعوة، وإلى الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة ¬

(¬1) سورة الحجر، الآية: 9.

رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى من الذي حصل منهم في قضية الخليج وفي غيرها. السؤال162: إذا سئلنا من هم العلماء السلفيون في هذا العصر فكيف نجيب؟ الجواب: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك))، فمن هؤلاء العلماء الشيخ ابن باز حفظه الله، والشيخ الألباني حفظه الله، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ عبد المحسن العباد حفظهم الله، وفي اليمن مجموعة طيبة من أهل العلم، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى ففي الحديدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي تعز الشيخ أحمد الشيباني، وفي إب وما أدراك ما إب، دعوة أهل السنة منتشرة والحزبيون مطوقون ففيها الأخ نعمان الوتر، والأخ عبد المصور، والأخ أحمد بن منصور، والأخ عبد العزيز البرعي وهو رجل محنك وقد ترك الحزبيين في دوامة منذ أن نزل إلى مفرق حبيش وقد انتشرت بسببه سنن كثيرة وله كتاب قيم بعنوان "قراع الأسنة في نفي التطرف والغلو والشذوذ عن أهل السنة" وهو كتاب عظيم جدًا وهو شاعر مجيد للشعر وقد ذكرنا جملة من قصائده الطيبة في "الترجمة". وكذلك الأخ عبد الله بن عثمان بذمار واعظ مؤثر لا أعلم له نظيرًا في أهل السنة باليمن بل يعتبر خطيب أهل السنة باليمن، والأخ محمد الإمام انتفع به المسلمون وانتفع به أهل ذمار وغيرهم وطلبته بحمد الله قد أصبحوا مستفيدين ومنهم من قد أصبح في مركز من مراكز العلم يدعو إلى الله ويعلم، وهو من النفر الذين يدعون إلى الله على بصيرة والناس يحبونه حفظه الله لزهده

وتقاه وورعه. وفي صنعاء الأخ قاسم أبوعبد الله وهو أخ مستفيد وله كتاب "المواهب في الرد على كتاب أسنى المطالب في إسلام أبي طالب" وهو كتاب عظيم، وله رسالة في "تحريم التلفزيون" ورسالة أخرى في الرد على الإسماعيلية. وفي مأرب الأخ الفاضل أبوالحسن حفظه الله، وعندنا هاهنا مجموعة طيبة منهم الأخ يحيى الحجوري، وهو الذي ينوب عني إذا غبت والحمد لله. وفي عدن الأخ أحمد بن عثمان والأخ عبد العزيز الدراوردي، وفي المكلا الأخ ياسر الدبعي فدعوة أهل السنة مستقيمة وماشية على أحسن ما يرام والحمد لله. فإن قال قائل: أنت لا تذكر الحزبيين! قلت: لا أذكرهم ولا كرامة {فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين (¬1)}. السؤال163: هل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده المصري من العلماء المعتبرين وما حالهما وما هو وجه انحرافهما؟ الجواب: هما ماسونيان أفسدا الشباب بمصر في زمنهما، وبعد زمنهما، وأفسدا كثيرًا من الكتّاب ومنهم محمد رشيد رضا ولنا رسالة بحمد الله بعنوان "ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر وبيان بعد محمد رشيد رضا عن السلفية" ولا يتسع الكلام فأحيل على كتاب "منهج المدرسة العقلية في التفسير" وكتاب "جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام" فهما من أئمة الضلال وهما إلى الكفر أقرب. ¬

(¬1) سورة الصف، الآية: 5.

السؤال164: هل صح أن عبد الله بن الزبير خرج على يزيد بن معاوية وكيف الرد على السروريين المستدلين بهذه القصة؟ الجواب: بيعة يزيد بن معاوية لم تكن مأخوذة عن أهل الحل والعقد، ويعجبني ما قاله بعضهم لمعاوية وقد قال معاوية: ما رأيك في يزيد؟ فقال: إن تكلمت بالحق خفتكم وإن تكلمت بالباطل خفت الله فأنا أسكت ولا أتكلم بشيء. وممن أنكر هذه البيعة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقال: هذه بيعة قيصرية. بمعنى أنّهم هم الذين يتوارثون الملك، وأما المسلمون فينصبون خليفةً من كان أهلاً لذلك، والإمام أحمد رحمه الله يقول في يزيد بن معاوية: لا نحبه ولا نسبه. والذهبي يقول: أنه رجل سوء، ولكنه لا يبلغ إلى حد الكفر. وقد خرج عليه بعض أفاضل الصحابة الذين هم خير من يزيد ألف مرة وليس لهم حجة في خروج عبد الله بن الزبير وخروج الحسين كذلك، فإنه ارتكب كثيرًا من المحرمات على أن عدم الخروج والصبر كان أولى. السؤال165: ما هي عقيدة ابن حزم رحمه الله؟ الجواب: ابن حزم رحمه الله تعالى في بعض كتبه كـ"المحلى" و "الإحكام في أصول الأحكام" خدم الدين خدمة عجيبة وإن كان في أوائل "المحلى" بما يتعلق بالعقيدة زلت قدمه وسنتكلم عليها فيما بعد، فهو خدم الدين خدمة عجيبة ووقف في وجوه المبتدعة المقلدين، وكان أكثر تحامله على الحنفية باعتبار بعدهم عن السنة، وعلى المالكية لأنه عاش بينهم حتى إنّهم سلطوا الحكام وأحرقوا كتبه فقال رحمه الله:

فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس بل هو في صدري يسير معي حيث استقلت ركائبي ... وينْزل إذ أنزل ويدفن في قبري دعونا من إحراق رقّ وكاغد ... وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري وإلا فعودوا في المكاتب بدأة ... فكم دون ما تهوون لله من عذر وربما أغلظ القول على المبتدعة والناس ليسوا آلفين لهذا، وربما جمد على الظاهر وهذا الجمود يعتبر خطأ؛ فنحن مخاطبون بالظاهر ومن أخذ بالظاهر استراح من اختلاف الناس، لكن إذا جاء دليل يوجب تأويل الظاهر فيؤوّل. أما في العقيدة فزلت قدمه وأكثر ما ذكر هذا في كتابه "الفصل في الملل والنحل" قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في ترجمته من "البداية والنهاية": وإن هذا لعجب إذ هو جامد في العبادات والمعاملات، ومؤول في العقيدة. ففيه شيء من التجهم رحمه الله لا يجوز أن يتبع عليه. أما العالم البصير فهو يستفيد أيما استفادة من كتابه "المحلى" حتى قال ابن عبد السلام: ما أمنت على نفسي في الفتوى حتى قرأت "المحلى" لابن حزم و"المغني" لابن قدامة. السؤال166: ما هي نصيحتكم للعوام، وهل يهتمون بهذه المسائل أم لا، وإن قلت: نعم فما هو مقدار الاهتمام بهذه المسائل؟ الجواب: الذي ننصح به العوام أن يقبلوا على حفظ ما استطاعوا من القرآن الكريم ومعرفة شيء من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والاهتمام باللغة العربية فإنّها لغة القرآن ومعرفة شيء من الفقه الإسلامي كقراءة "سبل السلام" للصنعاني و"نيل الأوطار" للشوكاني، ويسألون العلماء عن فقه الكتاب والسنة ولا

يشتغلوا بالمسائل الخلافية، سواء كانت في العقائد أم فيما يتعلق بالحزبية، بل عليهم البدء في تحصيل العلم النافع والجد والاجتهاد على تربية أبنائهم تربية إسلامية، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما من مولود إلاّ يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه))، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما يرويه عن ربه: ((إنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم وإنّهم أتتهم الشّياطين فاجتالتهم)). وننصحهم بالابتعاد عن الحرام من بيع لحم الخنْزير وبيع الخمر، ولا يكن همه أن يحصل على الدولار الأمريكي، وننصحهم بالاستقامة على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين.

جلسة مع الصحفي الألماني

جلسة مع الصحفي الألماني (¬1) الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .. أما بعد: فهذه أسئلة قدّمت لشيخنا أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله، من الصحفي الألماني (باغند) وقد قام بإلقاء الأسئلة الأخ أحمد الوصابي حفظه الله. السؤال179: ما هو الاتجاه السلفي؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فقبل الإجابة على السؤال فإني أنصح الألمانيين بالإسلام فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا ¬

(¬1) تم تسجيل هذه الجلسة بعد صلاة العصر من يوم السبت (29 محرم 1417). (¬2) سورة آل عمران، الآية: 85.

وقال إنّني من المسلمين (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ملّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين (¬2)}. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والّذي نفس محمّد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهوديّ ولا نصرانيّ ثمّ يموت ولم يؤمن بالّذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النّار)). والإسلام بحمد الله ليس كالمسيحية ولا اليهودية، الذين يأتون بتشكيكات: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النّصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم (¬3)}. فالإسلام يجمع الأمة على الخير وهو طريق الجنة، فأي يهودي أو نصراني يسمع بدين الإسلام على حقيقته ثم لا يسلم فهو إلى النار. ولا ينبغي أن نعتذر بما يحصل من المسلمين من سوء معاملة كسرقة وشرب خمر، ونهب إلى غير ذلك، فالعيب في المسلمين لا في الإسلام. ونرجع إلى السؤال فنقول: إن الاتجاه السلفي، اتجاه إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح، والمراد بالسلف الصالح هي القرون المفضلة التي جاء ذكرها في حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود والمعنى متقارب: ((خير النّاس قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يأتي أقوام يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا ¬

(¬1) سورة فصلت، الآية: 33. (¬2) سورة الحج، الآية: 78. (¬3) سورة التوبة، الآية: 30.

يفون، ويظهر فيهم السّمن)). ويقول الله عز وجل كتابه الكريم: {ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرًا (¬1)}، فالصحابة هم رءوس المؤمنين، فاتباع سبيلهم هو النجاة، وقبل هذا كله اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي يقول فيه ربنا عز وجل: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (¬2)}. وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)). وكما في "الصحيحين" من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ومن رغب عن سنّتي فليس منّي)). فالطريق الصحيح للإسلام هي طريقة السلف، الذين يعبدون الله على بصيرة، ليس فيها جدل المعتزلة، ولا غلو الشيعة والصوفية، بل كتاب وسنة: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬3)}. السؤال180: كيف حالة الدين في اليمن بين السنة والشيعة؟ الجواب: الدين في اليمن على أحسن ما يرام، أما دعوة الشيعة بحمد الله قد ماتت، ولم يبق إلا دعوة أهل السنة، لأنّها الدعوة الحقة، يقول ربنا عز وجل ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 115. (¬2) سورة الحشر، الآية: 7. (¬3) سورة الأعراف، الآية: 3.

في شأن اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وإن تطيعوه تهتدوا (¬1)}، ويقول: {إنّ هذا القرءان يهدي للّتي هي أقوم (¬2)}. ثم زاد دعوة الشيعة تلويثًا الأفكار الإيرانية، فيأتون بأشياء تكون سببًا لتشويه دعوتهم، ومن الأمثلة على هذا أن هناك كتابًا يباع اسمه "عيون المعجزات" وفي هذا الكتاب: أن الشمس قالت لعلي: السلام عليك ياأول ياآخر ياظاهر يا باطن يامن هو بكل شيء عليم. وأن رجلاً قال لعلي: أشهد أنك تعلم السر وأخفى. وأن علي بن أبي طالب قال لرجل: أما تعلم أني أعلم ما في الأرحام. ومن هذه التراهات، فازداد الناس منها نفورًا، وأقبلوا على دعوة أهل السنة، ومن فضل الله فدعوة أهل السنة هي المقبولة لدى المجتمع اليمني وهي المحبوبة وهي التي يطالب بها المجتمع اليمني بالزيارات والبقاء عندهم، ويقول قائلهم: إذا جئتم لنا بطالب علم فنحن مستعدون أن نقوم بجميع ما يحتاج إليه، ويعلمنا كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأهل السنة لا يدعون إلى أنفسهم، ولكن يدعون الناس إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ بخلاف الآخرين فإنّهم يدعون إلى أنفسهم وإلى تعظيمهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تطروني كما أطرت النّصارى ابن مريم فإنّما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله))، ويقول: ((والله ما أحبّ أن ترفعوني فوق منْزلتي الّتي أنزلني الله عزّ وجلّ)). ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 54. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 9.

مع أن الله تعالى قد أنزل في رفعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سورًا، فسورة الضحى تعتبر تسليةً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك سورة {ألم نشرح لك صدرك} تسلية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورفع لمعنوياته. وكذ سورة {إنّا أعطيناك الكوثر}، رفع لمعنوية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومع ذلك يقول: ((والله ما أحبّ أن ترفعوني فوق منْزلتي الّتي أنزلني الله عزّ وجلّ)). وأولئك سواء أكانوا من الشيعة أم من الصوفية يغلون في أئمتهم، وربما نزّلوهم منْزلة الخالق وهذا موجود في كتبهم، بل قال بعضهم: لي خمسة أطفي بهم ... نار اللظى والحاطمة المصطفى والمرتضى ... وابناهما والفاطمة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في عرصات القيامة: ((نفسي، نفسي، نفسي)). ويقول لابنته فاطمة التي هي بضعة منه: ((يا فاطمة بنت محمّد سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئًا)). السؤال181: في أي بلد نجد أفضل حال للدين في المجتمع؟ الجواب: أفضل بلد هي اليمن فالدعوة منتشرة فيها، وقد أثنى عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((هناك الزّلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشّيطان)). ويخبر عن أهل اليمن أنّهم أرق أفئدة وألين قلوبًا. وهكذا في أرض الحرمين ونجد رجال صالحون محبون للخير ومحبون للدعوة، فهم على خير لكن الحركة الإسلامية ليس لها نظير في اليمن.

السؤال182: كم طالب يدرس عندك؟ الجواب: أما في سائر الوقت، فما بين الستمائة إلى التسعمائة، وأما في وقت العطلة المدرسية فربما يبلغون الألف وأربعمائة طالب. السؤال183: هل يستلمون مرتبًا، ومن يموّل هذه الدار؟ الجواب: أما المرتب فالله يعلم بحالتهم، ولكنهم أغنياء القلوب، فقد جاء في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنّ الغنى غنى النّفس)) فهم يستلمون شيئًا يسيرًا جدًا من أهل الخير سواء أكان من اليمن أو من أرض الحرمين ونجد، وأما الحكومات فليس هناك حكومة تساعد على هذا، ونسأل الله أن يغنينا عن هذه الحكومات. السؤال184: ماذا يدرسون؟ الجواب: يدرسون العلوم الدينية على اختلاف مستوياتهم، فدروسي العامة هي: "تفسير ابن كثير" و "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم" و "مستدرك الحاكم" و "أحاديث معلة ظاهرها الصحة" فلما انتهينا منه فتحنا درسًا في كتاب "الشفاعة" ودرس في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين"، والأخوة الأقوياء يدرسون إخوانهم على حسب مستوياتهم في اللغة العربية والعقيدة، والفقه، ومصطلح الحديث وغيره. السؤال185: هل هناك تدريبات عسكرية؟ الجواب: أما هذا فليس عندنا وقت، وإلا فليس بحرام علينا، بل نحن مشغولون بالكتابة في التأليف والتحقيق وتحصيل العلم، ونرى أنه أنفع للإسلام

والمسلمين، ونرى أنه يغيظ أعداء الإسلام أعظم من المدافع والرشاشات ومن الطائرات، وإلا فلماذا يأتون ويسألون عن هذا المعهد وكذلك الإذاعات والصحف تتكلم عليه، لأنه يدرّس الكتاب والسنة، والله عز وجل يقول: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك)). السؤال186: ما رأيك في الأحزاب في اليمن؟ الجواب: الأحزاب فتنة فرضتها أمريكا لا جزاها الله خيرًا وإلا فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً (¬3)}. ويقول أيضًا: {إنّما المؤمنون إخوة (¬4)}. ويقول: {ياأيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم (¬5)}. وفي "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)). ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية: 60. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 103. (¬3) سورة المؤمنون،، الآية: 52. (¬4) سورة الحجرات، الآية: 10. (¬5) سورة الحجرات، الآية: 13.

وأهل السنة بحمد الله لا يدخلون في هذه الحزبية ويقولون: نحن قد رضينا بالرئيس من دون انتخابات ولكن نطالبه بالاستقامة على الكتاب والسنة وعلى دين الله، ولسنا دعاة فتن، بل أهل السنة بعيدون عن الفتن وسفك الدماء والثورات والانقلابات، والفضل في هذا لله عز وجل. السؤال187: ما رأيك في الديمقراطية في اليمن؟ الجواب: الديمقراطية كفر، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {إن الحكم إلاّ لله (¬1)}، ويقول: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (¬2)}. ويقول: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون (¬3)}. ولسنا في حاجة الديمقراطية، بل دين الإسلام سوى بين المسلمين وآخى بينهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التّقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)). فلسنا محتاجين إلى الديمقراطية، فإن معناها: حكم الشعب نفسه بنفسه، أي: لا كتاب ولا سنة، والله عز وجل قد ضمن الكتاب والسنة من الخطأ، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح مسلم" من حديث جابر: ((وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله)) ¬

(¬1) سورة الأنعام،، الآية: 57. (¬2) سورة المائدة، الآية: 44. (¬3) سورة المائدة، الآية: 50.

ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ هذا القرءان يهدي للّتي هي أقوم (¬1)}. والديمقراطية هي التصويت بالإباحية، فقد صوتوا في بعض بلاد الكفر أنه يجوز للرجل أن يتزوج بالرجل، فالديمقراطية مسخ، وتجعل الصالح والفاسق سواء، والله سبحانه وتعالى يقول: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (¬2)}، وتجعل المرأة والرجل سواء والله عز وجل يقول: {وليس الذّكر كالأنثى (¬3)}، وقال: {تلك إذًا قسمة ضيزى (¬4)} لمن نسب إلى الله الإناث، ونزه نفسه منهن. السؤال188: هل الشورى الإسلامية تشبه الديمقراطية؟ الجواب: الشورى هي أن يجتمع مجموعة من أهل الحل والعقد ومن العلماء ومن ذوي الخبرة والسياسة وهم الذين يديرون أحوال الناس على نهج الكتاب والسنة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬5)} فالقصد أنّهم يرجعون إلى الكتاب والسنة. بخلاف الديمقراطيين فإنّهم يرجعون إلى الأكثرية والله عز وجل يقول: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (¬6)}، ويقول: {وإن تطع أكثر من ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 9. (¬2) سورة السجدة، الآية: 18. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 36. (¬4) سورة النجم، الآية: 22. (¬5) سورة النساء، الآية: 83. (¬6) سورة يوسف، الآية: 103.

في الأرض يضلّوك عن سبيل الله (¬1)}، ويقول: {وقليل من عبادي الشّكور (¬2)}، ويقول: {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (¬3)}. فالديمقراطية تأخذ بالكثرة، والإسلام يأخذ ويعتبر بالكتاب والسنة وبأهل الحل والعقد يقول الله سبحانه وتعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (¬4)}، ويقول: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (¬5)}. السؤال189: من الذي يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ الجواب: الذي يقوم به أهل العلم بأذن من المسئولين، إذا خشي الفتنة، يقول الله تعالى: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬6)}، فيقول: {ولتكن منكم} فلم يقل كونوا كلكم. ويقول سبحانه وتعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬7)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)). ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 116. (¬2) سورة سبأ، الآية: 13. (¬3) سورة الطور، الآية: 47. (¬4) سورة الشورى، الآية: 10. (¬5) سورة النساء، الآية: 59. (¬6) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬7) سورة التوبة، الآية: 71.

والأمور تختلف فبعضها لا يعرفها إلا أهل العلم فينبغي أن ترد إلى أهل العلم بشرط ألاّ يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، فإن أدى المنكر إلى ما هو أنكر منه فإن الأولى هو الترك. السؤال190: هل العنف مسموح أن يستخدم ضد الذين لا يمشون بالطريق الصحيح؟ الجواب: أما أهل السنة فإنّهم الآن ليسوا محتاجين إلى العنف، فالناس مستجيبون لهم غاية الاستجابة، لأنّهم لا يدعون إلى أنفسهم ولكن يدعون إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأهل السنة لم يستطيعوا سد ربع بل ربع عشر الفراغ في الدعوة إلى الله، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (¬1)}. فقد رأينا في بلدنا اليمنية أن الدعوة بالحكمة والموعظة أنفع للإسلام والمسلمين، ورأينا الناس بحمد الله على أحسن ما يرام، فلا ينبغي أن ننفرهم عن هذا الخير، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((يسّروا ولا تعسّروا وبشّروا ولا تنفّروا)). والذي يستعمل العنف هم الجاهلون كالحزبيين وغيرهم، أما أهل السنة فلا يستعملون العنف، ونتحدى من يقول: إن أهل السنة يستعملون العنف؛ أن يأتي بدليل على ذلك، وإذا كان في مسألة القبور فهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين فقد أمر النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليّ بن أبي طالب ألا يدع قبرًا مشرفًا إلا سوّاه ولا صورةً إلاّ طمسها. ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 125.

لكن الحزبيين هم الذين يستعملون العنف، بل ربما أن بعض مشايخ القبائل إذا خالفه شخص ولم يمش على ما يهوى يرسل له من يقتله، أما أهل السنة فإننا نتحدى من يقول: إننا أرسلنا شخصًا يقتل شخصًا، أو أننا قد آذينا شخصًا من المسلمين، بل ندعو ونعلم والاستجابة على أحسن ما يرام والفضل في هذا لله عز وجل. السؤال191: من هو المفتي الذي يستطاع أن تنشر فتواه؟ الجواب: هناك مفتون مثل الشيخ ابن باز حفظه الله تعالى، وكذلك الشيخ الألباني حفظه الله، فهما اللذان يأنس طلبة العلم بفتواهما، وليس هناك تحجّر من فضل الله فإذا ظهر لشخص في مسألة فله أن يفتي بها، والاجتهاد قد يتبعّض، ونحمد الله عز وجل فالناس في اليمن واثقون غاية الوثوق بأهل السنة وبفتاواهم. أما الشيعة والصوفية والحزبيون فقد أصبحوا أمواتًا غير أحياء، والفضل في هذا لله؛ ليس هذا بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا ولا بكثرة مالنا وعلمنا ولا بفصاحتنا ولكن هذا أمر أراده الله سبحانه وتعالى. السؤال192: من هو الذي يستطيع أن يكفّر؟ الجواب: هم أهل العلم الذين يستطيعون أن يحكموا على الشخص بأنه إما مسلم أو كافر، اللهم إلا إذا كان نصرانيًا أو يهوديًا أو شيوعيًا فهذا معلوم لدى المسلمين بأنّهم كفار، وقد وجدت جماعة يقال لها: جماعة التكفير وهي موجودة في مصر والسودان واليمن، فهذه الجماعة تكفر المسلمين بالمعصية، ولنا ردود عليهم، وهم مضيّق عليهم بالدعوة لا بالسجن والإرهاب، ولكن

بالدعوة إلى الكتاب والسنة تبين ضلالهم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أيّما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه)). فلا يجوز لمسلم أن يكفر المسلمين. السؤال193: هل الخروج ضد الحكام مسموح؟ الجواب: الخروج ضد الحكام بلية من البلايا التي ابتلى بها المسلمون من زمن قديم، وأهل السنة بحمد الله لا يرون الخروج على الحاكم المسلم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما)). وعبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول: دعانا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرةً علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان. فالخروج على الحاكم يعتبر فتنة فبسببه تسفك الدماء ويضعف المسلمون، حتى لو كان الحاكم كافرًا فلا بد أن يكون لدى المسلمين القدرة على مواجهته، حتى لا تسفك دماء المسلمين، فإن الله عز وجل يقول: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا (¬1)}. فتاريخ أهل السنة من زمن قديم لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم، ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 93.

وفي هذا الزمن الخروج على الحاكم الكافر لا بد أن يكون بشروط، فإذا كان جاهلاً لا بد أن يعلم، وألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، ولا تسفك دماء المسلمين. السؤال194: هل لديك مشاكل مع الحكومة اليمنية؟ الجواب: بحمد الله، ليس لدينا أي مشكلة بحال من الأحوال. السؤال195: كيف تستطيع أن تنشط كفاح المقاتلين في مصر والجزائر وأفغانستان؟ الجواب: نحن لا نشجع القتال في البلاد الإسلامية، بل ننكره وننهى عنه. السؤال196: ما رأيك في الجهاد الإسلامي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين؟ الجواب: أما حركة (حماس) فلن تكون نصرًا للإسلام، ففيها الشيعي والإخواني الحزبي، وقد ضحك على الناس كثيرًا ياسر عرفات مع أنه كان عميلاً لإسرائيل، ثم في النهاية باع فلسطين من خلال هذا الحكم الذاتي، ولو تركتْ حكومات المسلمين المسلمين فإنّهم هم الذين يستطيعون أن يطهروا القدس من اليهود. أما جماعة حماس فهي جماعة حزبية لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، وتنكر على أهل السنة. ولو حصل لهم نصر لفعلوا كما فعل في أفغانستان يوجه بعضهم إلى بعض المدفع والرشاش، لأنّهم ليسوا على قلب واحد. السؤال197: أنت تكلمت على أفغانستان، فما هو الحل للأفغانيين؟

الجواب: الحل أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة وأن يحكّموا العلماء، ولا يحكموا مجلس الأمن كما قاله عبد المجيد الزنداني في نصح له، وأنا أعتقد أنّها عقوبة من الله، لأنّهم قاموا على أهل السنة بكنر وأبادوهم، فعليهم بالرجوع إلى الكتاب والسنة وتحكيم العلماء، وأن يبتعدوا عن المادة فهي التي أفسدتْهم، فقد كان جهادهم المتقدم مستقيمًا وعلى خير، فلما أتتهم المادة من هنا وهنا أفسدتْهم، وكذلك مسألة الكراسي فلا ينبغي لهم أن يتقاتلوا من أجل الكراسي، لكن يقاتل الشخص لله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عزّ وجلّ)). وبعد هذا فننصحك أيها الصحفي أن تسلم إذا أردت أن تنقذ نفسك من النار، ثم تعمل بصدق وإخلاص، فإن الغالب على الصحفيين أنّهم يتلونون، فهم يمدحون الحكام من أجل أن يعطوهم أموالاً، وربما يقلبون الحقائق ويهاجمون أهل العلم، فلا بد أن يكون الشخص ذا مبدأ صادق ولا يبالي بمن خالف، أما إذا كان يتلون فحتى صحيفته لن يطمئن الناس إليها، لأنّها قد أصبحت كذابة ومع المادة، فعسى أن تعدنا أن تسلم فنحن نريد لك الخير ونحن ننصحك بهذا. الصحفي: أنا أعرف هذا، وقد جلست أمس ما يقارب الساعتين مع طلبتك وقد تكلمنا على الإسلام، لكنني لن أسلم الآن. أبوعبد الرحمن: لماذا؟ الصحفي: أنا باحث. أبوعبد الرحمن: كم لك باحث؟

الصحفي: بعض السنين. أبوعبد الرحمن: كل هذه المدة وما عرفت شيئًا عن الإسلام، هل قرأت في "صحيح البخاري" أو "رياض الصالحين" أو هل قرأت شيئًا من القرآن أو كله؟ الصحفي: لا، لم أقرأه كله. أبوعبد الرحمن: فاقرأ القرآن إن كنت باحثًا عن الحقيقة، فإن الخير كله في القرآن، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومجالسة أهل الخير لا مجالسة الحزبيين وأصحاب الكراسي. وإذا كنت صادقًا ونشرت هذا الكلام، فترسل لنا بصحيفة، وسنعطيك العنوان. الصحفي: إذا كتبت لصحيفة فسأرسل لكم بصحيفة، أما إذا كنت أكتب لإذاعة فهذا غير ممكن. أبوعبد الرحمن: أي إذاعة؟ الصحفي: أنت تعرف ( B.B.C) (¬1) ؟ فإن لدينا في ألمانيا مثل B.B.C، لكن بشكل صغير، ولدينا في كل محافظة إذاعة صغيرة، وأنا أكتب لواحدة فقط. أبوعبد الرحمن: ولكنك قلت: إنك صحفي؟ الصحفي: نعم، فأنا أكتب لإذاعة واحدة، وأكتب لمجلة وكنت مصورًا لها، وأكتب كذلك لجريدتين أسبوعيتين، فأنا مراسل حر، لا أعمل لصحيفة واحدة. ¬

(¬1) B.B.C : هي هيئة الإذاعة البريطانية.

[انتهت هذه الجلسة مع هذا الصحفي الألماني، وفي اليوم التالي وبعد صلاة المغرب عقّب شيخنا على هذه الجلسة بقوله حفظه الله تعالى ما يلي:] وبما أن هذا الزائر ادعى أنه صحفي، وغالب ظني أنه جاسوس وليس بصحفي، على أن الصحفيين يجوز أن يكون غالبهم جواسيس، ففي ذات مرة أتاني شخص من اليمنيين قد علق كاميرا التصوير، وقال: أنا صحفي أريد أن ألقي معك مقابلة، فأريد أن تخبرني بكتبك التي ألفتها، وبحالة الدعوة، وهكذا، ثم تحدثنا قليلاً، فقال: أنا أقول لك بالمفتوح الآن مع أزمة الخليج وكان هذا في أيام أزمة الخليج من أين يأتيكم المال؟ فلعلكم قد تعطلتم من المال، فإذا كان قد حصل هذا فسنطلب من الحكومة أن تساعدكم. فقلنا: له: لا، نحن بخير والحمد لله. وفي مرة أخرى أتاني أربعة أو خمسة في المكتبة القديمة وقالوا: نحن صحفيون، فهذا مندوب وزارة الإعلام، وهذا مندوب صحيفة كذا، وهذا مندوب لجريدة كذا، فقلت لهم: لا أدري أصحفيون أنتم أم جواسيس؟ فقالوا: هكذا. قلت: نعم. فقالوا: إذًا نترك المقابلة. فقلت: اتركوها. ثم رأيت واحدًا منهم في صعدة. فالغالب عليهم أنّهم يريدون أن يفتنوا بين الدعاة إلى الله، وبين الدعاة إلى الله والحكومات وكذلك مسألة الكذب فأحدهم مستعد أن يكذب ولا يبالي، وعدم الصراحة، وربنا يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا

فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬1)}. وإذا كانت مجلة "الفرقة" والتي يزعم أصحابها أنّهم من الدعاة إلى الله وهم في الواقع من المحاربين للسنة، ومن أكذب الناس، فما ظنك بشخص علماني، الله أعلم أهو يهودي أو نصراني أو شيوعي، فهل يأتي من كان بعيد لينشر لنا الإسلام؟!! وهناك في كتاب "المصارعة" فصل بعنوان: جلسة قصيرة مع عميان البصيرة. أنصح بقراءته عند أن جاءنا خمسة عشر صحفيًا، وكنا نظن أنّهم سينقلون الحقيقة والواقع فإذا هم يكذبون إلا من رحم الله منهم ولله در من قال: وأرى الصحافيين في أقلامهم ... وحي السماء وفتنة الشيطان فهم الجناة على الفضيلة دائمًا ... وهم الحماة لحرمة الأديان قلت: ينبغي أن يقال: والهاتكون لحرمة الأديان. فلربما رفعوا الوضيع سفاهةً ... ولربما وضعوا رفيع الشان ولربما باعوا الضمير بدرهم ... ولأجله اتجهوا إلى الأوثان وجيوبهم فيها قلوبهم إذا ... ملئت فهم من شيعة السلطان وإذا خلت من فضله ونواله ... ثاروا عليه بخائن وجبان ويصوّبون ... المخطئين ... تعمّدًا ... ومن المصيبة زخرف ... العنوان فمن الذي يصدقهم أو يصدق جرائدهم، أو أنّهم يريدون نشر الحقيقة، فأنصح نفسي وإخواني أنه إذا أتى صحفيون ألاّ نضيع وقتنا معهم، فهم يفرحون بالكلمة يختطفونها. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 135.

فيجب على أهل السنة أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي رفع شأنهم وقدرهم وجعل أمريكا وإسرائيل تهاب منهم. وقد كان من جملة الأسئلة التي عرضها هذا الصحفي أن قال: كيف التدريبات العسكرية عندكم؟ فقلت له: ليس لدينا وقت لهذا، وهي ليست محرمة علينا، فإن الله عز وجل يقول: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم (¬1)}. ثم سأل عن الجهاد والقتال والخروج على الحكام، فقلت له: إن الخروج على الحكام يعتبر فتنة، لكن يجب على المسلمين أن يعدوا أنفسهم لقتال الكفار، فقال: مثل من؟ فقلت: مثل اليهود والنصارى والعلمانيين والشيوعيين، فقال: ومتى يكون ذلك؟ فقلت: إذا عرف المسلمون أمور دينهم وتمسكوا بالكتاب والسنة. والشريط من فضل الله كله عليه، ولكنه كما قلت ضياع وقت؛ فنحن طلبة علم وجلوسنا مع الزائرين المسلمين أنفع للإسلام والمسلمين، فربما يأتينا أخ من أقصى حضرموت، فأقول له أنا مشغول، أو من الحديدة، وأقول كذلك: أنا مشغول. فأنا أقول: إنني ما أنصفت الزائرين، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ لزورك عليك حقًّا)). فينبغي أن نجعل لإخواننا الزائرين وقتًا فهم أحق بهذا، والله سبحانه ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية: 60.

وتعالى يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين (¬1)}. فينبغي أن نكون متحابين حتى ينفع الله بدعوتنا، وإذا زارنا الزائر ورآنا متحابين يؤثر بعضنا بعضا ويشفق بعضنا على بعض فهذه تعتبر دعوة، أما أن نؤثر هؤلاء الذين هم شرّ من الكلاب اليهود والنصارى والعلمانيين والشيوعيين والبعثيين العقائديين، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون (¬3)}. وعلينا أن نصلح أنفسنا معشر المسلمين فإن من المسلمين من يقول: ياهادياه. يعني الهادي المقبور بصعدة عجل الله بزوال قبته، ومنهم من يقول: يا ابن علوان، ومنهم من يقول: يا عمر بن سعيد، ومنهم من يقول: بوبكر بن سالم يا بخت من زاره ... ذي ما معه برهان ما شاعت اخباره فكيف نرجو أن نهزم العدو ونحن على هذه الحالة. فذاك صوفيّ، وذاك شيعيّ، وأستطيع أن أقسم بالله الذي لا إله إلا هو أنه لو جاء يهوديّ وقال: نحن نريد أن ننصر أهل بيت النبوة فقد ظلموا من زمن ¬

(¬1) سورة الشعراء، الآية: 215. (¬2) سورة البينة، الآية: 6. (¬3) سورة الأنفال، الآية: 22 - 23.

قديم، وأن نعيد الخلافة لهم لرأيت الشيعة المغفلين بعده، وقد حصل هذا منهم فقد قاموا وآزروا علي سالم البيض بيّض الله عيونه. وهكذا الصوفية فربما يبيع أحدهم الدين برؤيا مكذوبة، يقول: قد رأيت أن هذا ولي من أولياء الله، وفي الحقيقة هو شيوعي أو بعثي إلى غير ذلك. فأحوال المسلمين تحتاج إلى بناء من جديد على الكتاب والسنة حتى لا يبقى للتشيّع والتصوف أثر على المجتمع، فربما خذلوا المسلمين، ولهم مواقف أي الشيعة مع اليهود والنصارى ضد الإسلام والمسلمين كما قال هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "منهاج السنة" وقال هذا أيضًا تلميذه الذهبي في "المنتقى" وقال هذا أيضًا ابن كثير في "البداية والنهاية". ولا تنسوا جماعة التكفير، والباطنية، فالشيعة وغلاة الصوفية والباطنية يكيدون للمسلمين المتمسكين بدينهم ويودون أن الشيوعية تنتصر على المسلمين، لأن منتهى الباطنية والشيوعية واحد وهي الإباحية المطلقة. فلا بد أن يثبت المسلمون أقدامهم، وأن يقوم أهل السنة بتوعية الشعوب الإسلامية. وبحمد الله قد حصل خير كثير، وعلينا أن نمشي على مهل ولا نتعجل النتائج فقد حقق الله الخير الكثير، وأن نحرص على أن تكون أعمالنا خالصة لوجه الله، وبحمد الله فالجو الذي نحن فيه يساعدنا على هذا، لأننا لا نطلب الكراسي ولا الرتب ولا الوزارات، فأهل السنة هم الذين سيحقق الله على يديهم الخير وينصر الله بهم الإسلام والمسلمين. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لمعاذ وأبي موسى رضي الله عنهما: ((يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا)).

ويقول: ((إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين)). فعلينا أن ندعو الناس بالرفق واللين إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والحمد لله فالناس مستجيبون على أحسن ما يرام، فدعوتنا ليس دعوة فتن، والواقع يشهد، ولسنا كالذين مع الحكام في وجوههم ويمسحون أقدامهم ويقولون لهم: مرحبًا وأهلاً وسهلاً، وفي باطنهم يعتقدون أن هذا الحاكم كافر، لا، بل نحن طريقتنا واحدة كتاب وسنة، والحكام نعاملهم معاملة إسلامية، ونسأل الله أن يهديهم وأن يردهم إلى الحق ردًا جميلا. وكذلك معاملتنا للمجتمع، فإن المجتمع يحب أهل السنة اللهم إلا الحاقدين كالشيعة والصوفية، فالمجتمع يحب أهل السنة لأنّهم لا ينافسونه على الدنيا، كما قيل: الدنيا جيفة وطلابها كلاب، بل يحرصون على تعليم الناس ولا يسألونهم أجرًا على تعليمهم، ولا يقولون أيضًا: نريد أن تبايعونا على أنكم من حزبنا، وليس عندنا دفتر فمن أتى كتبنا اسمه، ولو فعلنا هذا فلا يعد حزبية، ولكن لنعرفه ونعرف بلده، فليس هذا عندنا لأن كل واحد منا مشغول بالتزود من العلم النافع. ونريد أن نكون كل يوم في ازدياد من الخير من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفانا مسلمين والحمد لله رب العالمين.

أسئلة الشباب السوداني

أسئلة الشباب السوداني الحمد لله الذي جعل العلماء نبراسًا للهدى، ومفتاحًا للسراج، لينيروا لنا الطريق ويجدّدوا لنا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وينقّحوا لنا الأحاديث، فنسأل الله أن يبيّض وجوههم يوم الحساب. ومن بين هؤلاء العلماء الذين أمرنا الله بسؤالهم لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (¬1)}، فضيلة الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي، الذي أصبح علمًا نبراسًا في نشر السنة، وسلاحًا فتّاكًا على البدعة والحزبيّة، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا، ولذلك قررنا عرض بعض أقوال أهل العلم على شيخنا، ليبين لنا هذه الإشكالات التي أشكلت علينا، نسأل الله أن يجعل الصواب دربه، والشرع ميزانه. السؤال198: قال بعض أهل العلم: ننصح المبتدئين في العقيدة بقراءة "العقيدة الواسطية"، وفي الفقه على حسب مذهب البلد، إن كان حنبليًّا ففي "زاد المستقنع"، وان كان شافعيًّا، أو مالكيًّا، فما شابه هذه الكتب، فما هي كيفية دراسة علم الفقه، وما هي الكتب التي تنصح بدراستها، ومن هو العالم الذي غالب أقواله من الكتاب ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 43.

والسنة، في أمور الفقه؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فالنصيحة بقراءة "العقيدة الواسطية" نصيحة مقبولة، لأنّها آية قرآنية، وحديث نبويّ، فهي و"القول المفيد في أدلة التوحيد" للشيخ محمد بن عبد الوهاب العبدلي، يعتبران من أحسن الكتب فيما يتعلق بالعقيدة، و"العقيدة الواسطية" فيها توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، فهو كتاب نفيس، فجزى الله شيخ الإسلام خيرًا على تأليفه. أما الرجوع إلى "زاد المستقنع"، فأرى أن يرجع إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في حجة الوداع في حديث جابر كما في "صحيح مسلم": ((إنّي تارك فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلّوا كتاب الله)). وفي "صحيح مسلم" من حديث زيد بن أرقم يقول: ((إنّي تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثمّ قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬1)}، ويقول أيضًا: {ولا تقف ما ¬

(¬1) سورة العراف، الآية: 3.

ليس لك به علم (¬1)}، ويقول أيضًا: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (¬2)}. ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ذروني ماتركتكم، فإنّما أهلك الّذين من قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم))، وفي الحديث نفسه: ((ولكن ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)). فديننا آية قرآنية وحديث نبويّ، وتمر بك عبارات في الحيض والطلاق في "زاد المستقنع" ربما تشغلك، ليس عليها دليل من الكتاب والسنة فهي تعتبر فرضيات. دع عنك أنه يحتاج منك إلى جهد طويل، وربما تحفظ القرآن في سنة واحدة ثم تحفظ ما استطعت من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتعرف صحيح السنة من سقيمها، ومعلولها من سليمها. وفرق كبير وبون شاسع، بين كتاب ربنا، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين عبارات "زاد المستقنع" أو غيره من كتب الفقه، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولقد يسّرنا القرءان للذّكر فهل من مدّكر (¬3)}. ويقول نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((بعثت بالحنيفيّة السّمحة))، ويقول: ((إنّ هذا الدّين يسر)). فالعلم ميّسر، واختلافات العلماء هي التي شغلت طلاب العلم عن الكتاب والسنة، بل صيرتْهم شيعًا وأحزابًا، ولقد أحسن من قال: ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 36. (¬2) سورة الحشر، الآية: 7. (¬3) سورة القمر، الآية: 17.

لولا التنافس في الدنيا لما وضعت ... كتب التناظر لا المغني ولا العمد يحلّلون بزعم ... منهم ... عقدًا ... وبالذي وضعوه زادت العقد وهذه المدرسة المباركة نفع الله بها في مدة يسيرة، بسبب أنّها أقبلت على كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد تكلمنا في "إقامة البرهان، على ضلال عبد الرحيم الطحان" بشيء مما ورد في ذم التقليد. والدين يؤخذ من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما قول فلان وفلان، واختلافهم، إن كنت شافعيًّا فهذا حلال لك، وإن كنت حنبليًّا أو حنفيًّا فلا يجوز لك، فهذا دليل على أنّ هذه المذاهب قد دخلها الدّخيل، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا (¬1)}. فكتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس فيهما اختلاف، والاختلاف في أفهام أهل العلم، وأهواء بعض أهل العلم. وأما العالم الذي غالب أقواله من الكتاب والسنة، فهو مثل الإمام البخاري، والإمام أحمد بن حنبل، وابن حزم على دخن فيه في العقيدة، وابن القيم، ومحمد بن إسماعيل الأمير، والشوكاني، ويوجد بحمد الله علماء غالب أقوالهم من الكتاب والسنة، وتطمئن النفس بهم، وانتفع بهم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها. السؤال199: الذي نراه أنّ قيام الأحزاب خطأ، لكن إذا اضطر الإنسان لذلك ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 82.

مثل أن يكون في بلد لا بد من قيام الأحزاب، فلا بأس أن يكون حزبًا ضد هذه الأحزاب المخالفة للإسلام، ونحن كما نعلم الحزبيات محرمة ولكن نريد تفصيلاً وبرهانًا وحجةً على ذلك؟ الجواب: قبل هذا أنصح أهل العلم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وألا يفتوا إلا بآية قرآنية أو حديث نبويّ، فما ضلّ المعتزلة إلا بسبب اعتمادهم على الرأي، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا (¬1)}، ويقول أيضًا: {ياأيّها الّذين ءامنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬2)}، ويقول أيضًا: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬3)}. والفتوى بالرأي وعدم التثبت تعتبر من أكبر الكبائر: {قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ وأن تشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (¬4)}. والمفتي يعتبر موقّعًا عن الله عز وجل، لأن الناس لا يسألونه عن رأيه، ولكن يسألونه عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فواجب عليه أن يتحرى الصواب، وأن يبتعد عن مجاراة المجتمع، فماذا حدث للبنان بسبب الحزبية، ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 70. (¬2) سورة النساء، الآية: 135. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬4) سورة الأعراف، الآية: 33.

وماذا حدث لأفغانستان بسبب الحزبية، وماذا حدث للسودان بسبب الحزبية، ينبغي أن نعتبر، فإن السعيد من اعتبر بغيره، وما جاءت الحزبية في كتاب الله إلا على سبيل الذم: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا كلّ حزب بما لديهم فرحون (¬1)}. والمسلمون كلهم يجب أن يكونوا حزبًا واحدًا: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬2)}، ويقول: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله ثمّ ينبّئهم بما كانوا يفعلون (¬3)}. وفي بلاد الإسلام والمسلمين يسمح للشيوعي أن يتبجّح بشيوعيته ويقول: أنا حزب اشتراكي، ويسمح للبعثي أن يتبجّح ببعثيته ويقول: أنا حزب بعثيّ، ويسمح للناصري أن يتبجح بحزبيته ويقول: أنا حزب ناصريّ، دع عنك حزب الوفد، وحزب العمل بمصر، ومن هذه الأباطيل. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب))، ويقول: ((أخرجوا اليهود من جزيرة العرب)). فكيف نسمح للشيوعي، والبعثي، والناصري أن يقيم حزبًا، ثم بعد ذلك يدلي برأيه، وتوزّع الحكومة، فالبعثي له وزارة، والاشتراكي له وزارة، وهكذا الناصري، وفي مصر حزب الوفد والعمل، فهو تخطيط أمريكي ليشتّتوا شمل المسلمين، ويضعفوا قواهم. ¬

(¬1) سورة المؤمنون، الآية: 53. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 103. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 159.

روى أبوداود في "سننه" من حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفرّقت النّصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقةً)). وزاد في حديث معاوية وهو في "سنن أبي داود" و"مسند أحمد": ((كلّها في النّار إلاّ فرقة))، قالوا: فمن هي يا رسول الله؟ قال: ((الجماعة)). فهل أذن لنا الله بهذا التفرّق، وهل كان هناك أحزاب في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي زمن الخلفاء الراشدين، وبني أمية، وبني العباس، وزمن الخلافة العثمانية، ولعله حصل في آخر الخلافة العثمانية. فهذا تقليد لأعداء الإسلام، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتّبعنّ سنن من قبلكم، حذو القذّة بالقذّة، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه)). فالصحيح أن الحزبية تعتبر باطلةً، وأنه لا يجوز لمسلم أن يدخل في الحزبية، بل نحن وجميع المسلمين من حزب الله إن شاء الله. وبعد ذلك ما الذي يتوقّع من هذه الحزبيات، كل حزب يؤهل نفسه للوثوب على السلطة، قتل وقتال، وفتن كما هو مشاهد. فنحن نبرأ إلى الله، ونعوذ بالله من الحزبية، وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فقد أصبح الناس يكرهون هذه الحزبيات، ولا يريدون إلاّ الكتاب والسنة، ومن دعا إلى الحزبية سقط من أعينهم، وماذا عمل الحزبيون للإسلام؟، الاعتراف بأعداء الإسلام، والمساومة بالإسلام، وهذا هو الذي حدث وحصل.

السؤال200: أرى من الواجب الدخول في الانتخابات، وأنه لا يجوز لأهل الخير أن يتخلوا عنها، لأنّهم إذا تخلوا عنها، دخل فيها من لا خير فيه، ولأنّ وجود أهل الخير في المجالس الحكومية فيه خير، لأنه سيكون لهم رأي يرشدون به في هذه المجالس، فما رأيكم في الانتخابات، وكيف الرد على من يقول بجوازها من الكتاب والسنة، وما الدليل على تحريمها؟ الجواب: يقول رب العزة في كتابه الكريم: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (¬1)}. والعالم الفاضل، والخمار، والشيوعي، صوتهم واحد، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {أم نجعل الّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وليس الذّكر كالأنثى (¬4)}. فصاحب الفضيلة صوته كصوت المرأة الفاجرة، ويقول سبحانه وتعالى: {تلك إذًا قسمة ضيزى (¬5)} حين جعلوا الملائكة بنات الله، ولهم أنفسهم ¬

(¬1) سورة السجدة، الآية: 18. (¬2) سورة الجاثية، الآية: 21. (¬3) سورة ص، الآية: 28. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 36. (¬5) سورة النجم، الآية: 22.

الذكران. وهل كانت الانتخابات على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو على عهد أبي بكر وعمر، أم الدولة الأموية والعباسية، وهكذا. وقد انتهى ببعضهم الحال في التصويت في بلاد الكفر على إباحة اللواط، وأن يتزوج الرجل بالرجل، وعلى إباحة الخمر، والبنوك الربوية. وكل شيء يمكن أن يجري تحت التصويتات والانتخابات، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون (¬1)}. فأنت مطالب بالاستقامة، والله سبحانه وتعالى يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {فاستقم كما أمرت (¬2)}، ويقول أيضًا: {فاستقيموا إليه (¬3)}. فنحن مأمورون بالاستقامة على الكتاب والسنة، يقول سبحانه وتعالى: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا (¬4)}. وما هي عاقبة الانتخابات في أفغانستان؟ وما هي ثمرات الانتخابات في كثير من البلاد الإسلامية؟ وأعظم من هذا أن الانتخابات وسيلة إلى الديمقراطية، وهذا الكلام ليس موجّهًا إلى إخواننا السودانيين، فلا يطالبني أحد بالكلام بعد أيام على الانتخابات، فإنني قد تعبت وتكلمت على الانتخابات في كتاب ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 50. (¬2) سورة هود، الآية: 112. (¬3) سورة فصلت، الآية: 6. (¬4) سورة الإسراء، الآية: 74.

"المصارعة" وفي "فتوى في وحدة المسلمين مع الكفار" وفي "قمع المعاند"، وفي "غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة" وكلها مطبوعة بحمد الله. فلعلّ الإخوة السودانيين لم تبلغهم الكتب والأشرطة، أما أن تأتي الانتخابات في اليمن ثم يقول القائل: نحن نريد أن تتكلم في الانتخابات؟ فأقول له: غزلت لهم غزلاً نسيجًا فلم أر ... لغزلي نسّاجًا فكسّرت مغزلي وأهل السنة بحمد الله يطالبون المسئول أن يكون مسلمًا، لا يؤمن بديمقراطية، ويصلي، ونحن لا نريد أن نأتي بغيره، نريد حاكمًا مسلمًا. ونقول للمسئولين: أصلحوا شأنكم واستقيموا، ونحن لا نريد كراسيكم، بل استقيموا على الكتاب والسنة. وأقول: يجب على المستفتي ألا يكون حاطب ليل تقول: قد قال الشيخ فلان كذا، وقال الشيخ فلان كذا، بل تتثبت من دينك، فقد كان الرجل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويسأله ويقول له: يا محمد إني سائلك فمشدّد عليك في المسألة، فلا تجد عليّ في نفسك. ولو كنا مقلّدين لقلدنا أبا بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وأحمد بن حنبل، فإنّهم أجل في نفوسنا من عالم عصري. وأريد من الأخ المستفتي أن يكون متثبّتًا من دينه، وتسأل هذا وهذا عن الدليل، وإذا رأيت الشيخ يغضب ويقول: أنت لا تثق بكلامي، كما كان يفعل علوي مالكي إذا جاءه أحد وسأله عن الدليل، قال: أنت مذهب خامس، قم من عندي، فقم من عنده، واسأل غيره. فالعالم يصيب ويخطئ،

ويجهل ويعلم، وربما يجامل المجتمع ويهاب المجتمع، فما أكثر العلماء في اليمن الذين يعرفون أننا على حق ويغبطوننا على ما نحن عليه، ومع هذا فإذا طلب منهم التصويت ذهبوا وهم كارهون، وهم علماء أفاضل جزاهم الله خيرًا، وربما نتكلم عليهم بكلام قاس، ولا يدخل في نفوسهم، ولا يغضبون لأنّهم يعرفون أن الدافع هو الدين. أما أصحاب الرد فهم أصحاب الحزبية المعقدة، الذي لو أتيته بآية وحديث يقول لك: هو حزب عالميّ لا يستطيع الفرد أن يتصرف فيه. فأقول: وهل أنت مربوط مع هذا الحزب، أم ستسأل في قبرك وحدك. فأحذّر الأخوة عن التقليد، وقد تكلمنا عليه قبل، وكذلك التقليد لعالم عصري، اسأله عن الدليل، واسأل عالمًا غيره وغيره، كما فعل سلمان الفارسي ينتقل من بلدة إلى بلدة، ومن شخص إلى شخص حتى انتهى به الحال لما علم الله صدْق نيته أن صار من أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال201: ما الفرق بين اختيار الإمام أعني إمام المسلمين، وانتخابات هذه الأيام، لأن بعض الناس يلبّس على الناس، وعلى طلبة العلم، بأنه لا فرق؟ الجواب: إمام المسلمين إما أن يأخذها بالغلبة، وإما أن يجتمع أهل الحل والعقد ولو اثنان كما في الستة أصحاب الشورى ويبايعونه على ذلك ثم يبايعه الناس، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه

الّذين يستنبطونه منهم (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم (¬2)}، ويقول: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (¬3)}. وأهل الحل والعقد هم العلماء الأفاضل، وكذلك ممن له معرفة بالسياسة يشارك في الاختيار، ولا بأس إن كانوا مجموعة قدر عشرين شخصًا أو أقل أو أكثر، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه اقتصر على ستة وهو الأولى، ولا يكون من باب الانتخابات فقد جاءتنا من قبل أعداء الإسلام، وهي وسيلة من وسائل الديمقراطية. السؤال202: وقال أيضًا في دخول الداعية في التلفاز وهذا شبيه بالسؤال الذي ذكرته في الانتخابات: "أرى أن يدخل أهل الخير فيه، ولا بد أن يدخل أهل الخير وتكون لهم برامج معينة"، والداعية الذي يظهر في المسلسلات سيقول يومًا من الأيام: إن المسلسلات حرام، فما هو الضابط في دخول الداعية في التلفاز أم هو محرم مطلقًا؟ الجواب: هل يستطيع الشخص أن يقول ما يريد في التلفزيون أم لو قلت كلامًا يخالف أهواء أصحاب السياسة لما أذاعوا به، ولا نشروه، فالمسألة ليست مسألة استحسان ولا رأي، فالتلفزيون فيه الصور والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 83. (¬2) سورة النساء، الآية: 59. (¬3) سورة النساء، الآية: 59.

((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). والتلفزيون فيه النظر إلى النساء، والنساء إلى الرجال، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كتب على ابن آدم نصيبه من الزّنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنّى، ويصدّق ذلك الفرج ويكذّبه)). والبركة من الله عز وجل، فرب كلمة تقال في مجلس صغير ينفع الله بها العباد والبلاد، فما تنتشر حتى تصل إلى أمريكا، وإلى بريطانيا وغيرها، ورب كلمة ترددها وسائل الإعلام مرارًا، وفي النهاية تصبح (فسوة سوق) ليس لها ثمرة، ولا يستفاد منها. فنحن مأمورون بالاستقامة، وألا نرتكب المعاصي من أجل إصلاح غيرنا: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬1)}. فلماذا لا يمكنونه من الإذاعة، ويتكلم بالذي يتكلم به في التلفزيون، وآسف على بعض العلماء الذين يجارون المجتمع ويجرون بعده، فالحلال ما أحله المجتمع، والحرام ما حرمه المجتمع، فيجب على العلماء ألا يتركوا العلم للجهل، والسنة للبدعة. السؤال203: يستدل بعض الناس على الانتخابات بفعل عبد الرحمن بن عوف في اختيارهم عثمان فما الجواب على ذلك؟ ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 104.

الجواب: أفاضل الصحابة أسند إليهم عمر هذا الكلام، واختاروا وتحروا في اختيارهم عثمان رضي الله عنه، فهل كان بينهم خمار، أو شيوعي، أو بعثي، أو امرأة فويسقة تمثل قومها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)). فهذا يعتبر تقليدًا لأعداء الإسلام، ورحم الله أبا محمد بن حزم إذ يقول: المقلد كالغريق يتشبث بأي شيء يستطيع أن يتمسك به. السؤال204: يقول بعض الناس: لا بأس بدخول المرء في الانتخابات لكي يكون قائدًا في مجتمعه، له سلطة وله أمر ونهي، وعليه أن يغض الطرف وأن يبتعد عن الجلوس مع المرأة، فما هو ضابط الضرورة في الدخول وما هي الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال العلماء في شأن الاختلاط، ومن هي المرأة التي يجوز لك أن تختلي بها، وما هي أضرار الاختلاط؟ الجواب: أما شأن طلابنا المختلطين مع النساء فكما قيل: ألقاه في اليمّ مكتوفًا وقال له ... إياك إياك أن تبتلّ بالماء وقد سألني طالب من طلبة جامعة صنعاء: ماذا يعمل الشخص إذا أمنى؟ فظننت أنه لا يفرّق بين المني والمذي، فقلت: لعله إذا أمذى؟ قال: لا والله إذا أمنى، فقلت له: كيف ذاك؟ قال: يحصل اصطدام في الدرج مع النساء. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء)). والله عز وجل يقول في شأن نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي شأن الصحابة الذين هم أطهر قلوبًا من قلوبنا: {وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب

ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ (¬1)}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)). ويقول أيضًا: ((فاتّقوا الدّنيا، واتّقوا النّساء، فإنّ أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النّساء)). فأقول: من أوجب عليها أن تخرج إلى الجامعة, وإلى المدرسة، وسلامة القلب لا يعادلها شيء، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا وإنّ في الجسد مضغةً، إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب)). وأخبرت أن فتيات أنصار السنة في السودان، وينبغي أن يقال: أنصار الدنيا والمال، يذهبن إلى الشيوعي يدعينه إلى أن يدخل في حزب جماعة أنصار السنة، وإلى البعثي، وإلى غيرهما من الضائعين. والمرأة ليست معصومة فربما تفتن به أو يفتن بها، ولقد أحسن من قال: كل الحوادث مبدؤها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فعلت في قلب صاحبها ... فعل السهام بلا قوس ولا وتر يسر مقلته ... ما ضر مهجته ... لا مرحبًا بسرور جاء بالضرر أما أصحاب جماعة أنصار السنة فقد أصبحوا جماعة أنصار المال. فأنصح أخواني في الله أهل السنة بالسودان أن يبتعدوا عن المدارس والجامعات التي فيها اختلاط، فإنّها تعتبر فتنة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((استفت قلبك وإن أفتاك المفتون)). ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 53.

وإذا كان سعيد بن المسيب يقول: لو ائتمنت على كذا وكذا من الذهب لوجدت نفسي عليه أمينًا ولو ائتمنت على جارية سوداء، لما وجدت نفسي عليها أمينًا. يقول بعض السلف: لا تخلون بامرأة ولو أن تعلمها القرآن. وقال الترابي -ترّب الله وجهه وقطع الله دابره- وبعض المتحذلقين: إن المتمسكين بالكتاب والسنة يحسّون هذا الإحساس لأنّهم لا يختلطون بالنساء، فإنّهم لو اختلطوا بالنساء فسيزول هذا الإحساس. فنقول: نعم لأنّها قد ماتت قلوبهم: ما لجرح بميت إيلام. والرجل يمكث مع امرأته قدر خمسين سنةً، فهل زال ذلك الإحساس؟ فأفّ لهذه التلبيسات. وأما ما هو ضابط الدخول للضرورة في هذه الجامعات المختلطة؟ فليست هناك ضرورة، فهل السيف على رقبة الشخص، أو أنه إذا لم يدخل الجامعات، زجّ به في السجن حتى يخاف على نفسه، أو ماله، أو عرضه، أن يحل به ما لا يتحمله. وأما من هي المرأة التي يجوز لك أن تختلي بها فهي المرأة التي تحرم عليك على التأبيد، ويستثنى الملاعنة فإنّها تحرم عليك على التأبيد، ولا يجوز لك أن تختلي بها. السؤال205: ما هي أقوال أهل العلم في شأن الإزار، وما هو موضع الاختلاف، وعلى ماذا يحمل وجه الاختلاف، وما حال حديث: التقصير بأربع أصابع تحت الركبة؟

الجواب: الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إزرة المؤمن إلى وسط السّاق)). فالأحسن أن يكون إلى وسط الساق، ولو ارتقع إلى تحت الركبة فلا نستطيع أن ننكر عليه، وأما الحديث الذي ورد في السؤال فالذي يظهر لي أنه ليس بصحيح، وإذا كان الثوب كذلك إلى فوق الكعبين، أو إلى الكعبين، فلا نستطيع أن ننكر عليه، لكن الأفضل أن يكون إلى وسط الساق للحديث الذي ذكرناه: ((إزرة المؤمن إلى وسط السّاق)). السؤال206: ما هي الطريقة المثلى في الدعوة إلى التوحيد، وما هو ضابط المفسدة في الدعوة إليه وهل الدعوة إلى التوحيد قائمة إلى يوم الدين؟ الجواب: أما الطريقة المثلى فهي التعليم، والاهتمام بالدعوة إلى التوحيد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أرسل معاذًا إلى اليمن قال: ((إنّك ستأتي قومًا من أهل الكتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلاّ الله)). وهذه المفسدة إن كانت متحققةً أو مظنونةً ظنًا راجحًا، فنعم، لكن نخشى أن تكون من باب الأوهام، ومن باب قول الله عز وجل: {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (¬1)}، أي: يخوفكم أولياءه. فإذا كانت المفسدة متحققة ومؤكدة، فيتأنى في الأمر، ويبدأ بالتعليم مع النية أنه إذا تمكن الشخص، فسيزيل هذه المنكرات. ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 175.

وبحمد الله فإخواننا أهل عدن حفظهم الله، عند أن قاموا بتخريب القبور، نصروا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واتضحت حقائق لأناس من أصحاب الحزبيات المغلّفة، كأصحاب جمعية الحكمة، وجمعية الإحسان الذين تبرموا وتبرءوا من هذا. فأقول: لا بد من فتنة وابتلاء، يقول الله عز وجل: {ألم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا ءامنّا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ الله الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (¬1)}. ويقول سبحانه وتعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزلزلوا حتّى يقول الرّسول والّذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إنّ نصر الله قريب (¬2)}. السؤال207: نرجو من فضيلتكم، تنبيه الإخوة السودانيين على الشريط الذي أخرجته في حسن الترابي الضال، لأن أكثر السودانيين مغترين به، فهو داعية ضلالة، يجب تبيين حاله؟ الجواب: من فضل الله أنه منذ قدم إلى اليمن، واطلعنا على بعض كتبه، وبعض النشرات التي تنشر عنه، ونحن نحذّر منه، بل ندعوه إلى أن يجدّد إسلامه، والآن تحقق وسألنا أخونا (أبوالمغيرة اللبناني) حفظه الله، وأبان بعض المسائل الكفرية التي صدرت من الترابي. وأقول: إن كثيرًا من الإخوة السودانيين أصحاب عاطفة، وأريد منهم أن ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية: 1 - 3. (¬2) سورة البقرة، الآية: 214.

يعرضوا أقوال الترابي وردود أهل العلم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا لأهل الخير والصلاح، أما الحزبي فلو جئته بكل آية. وقد انزلق بعض الناس من أرض الحرمين ونجد واغتروا به، يقول أحدهم: يعجبني ذكاؤه. فأقول له: وإبليس ذكي، فإن عنده من الذكاء أكثر مما عند حسن الترابي، وكذلك ابن الراوندي، والفارابي، وابن سيناء، فعندهم ذكاء أكثر من الترابي، فلا تغتر يا عبد الله بالذكاء، وتنسى مطاعن الترابي في الدين. وأنصح الإخوة السودانيين بقراءة ردود أهل العلم على ذلك الضال المضل. السؤال208: ختامًا، جزاكم الله خيرًا على هذه الردود النافعة، والإجابات الراشدة، ولكن ما هي نصيحتكم للشباب السوداني، وكيف يتعاملون مع أنصار السنة، الذين حقّ لهم أن يسمّوا أنصار البدعة؟ وما هي نصيحتكم لهم في كيفية طلب العلم؟ وعند من يطلبونه؟ الجواب: أنصحهم أن يطلبوا العلم، وأن يبتعدوا عن جماعة أنصار السنة، فقد أصبحوا دعاة بدعة، ودعاة مادة، وأما طلب العلم فأتمنى أن الله يوفق أخًا من إخواننا يذهب إلى هناك ويستفيد منه إخواننا السودانيون ولو مدة ثلاثة أشهر، يعلمهم كيف يستفيدون من كتب السنة، وأخبرت أن الأخ حسين عشيش مستفيد فليستفيدوا منه، وإذا استطاعوا أن يرحلوا إلى أهل العلم، فليرحلوا مثل الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، وإياكم إياكم من القرب من الحزبيين فان علمهم ليس فيه بركة، لأنّهم ليسوا مخلصين فهمّهم أن يجمعوا

الناس عندهم، وأن يقربوا الناس إليهم إذا حصلت انتخابات، أما أنت أيها السني فهمك أن تعلّم الناس كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولست تدعوهم إلى تقليدك واتباعك، بل تقول لهم: نحن وأنتم نتبع كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولا أستطيع أن أفي بما يحتاج إليه الإخوة، ولكنني أنصحهم أن يقبلوا على حفظ القرآن، وعلى الاستفادة من كتب السنة، وعلى الرحلة إن تيسرت لهم إلى أهل العلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.

النونية السبعينية في المأساة السودانية مأساة عمت دولة السودان ... من فتنة التوحيد للأديان فتن تحطم ديننا بتوحد ... مع دين كافر مشرك نصراني وكذا يهودي عدو حاسد ... لشريعة الإسلام والإيمان أنوحد الدين الحنيف وكفرهم ... كلا وربي بارئ الأكوان رباه نشكو طعنة في ديننا ... من أهل خبث من بني الشيطان من يرتضي سوى ديننا بديانة ... فهو الكفور يبوء بالكفران إن البلية هذه يا أخوتي ... هي دعوة من دعوة الأخوان هم مفلسون وخاسرون بجهلهم ... قد أغرقوا في لجة الطغيان قد قاربوا بين الضلالات التي ... هي محدثات دونما برهان لا لا كفونا جرمهم هذا الذي ... فضحوا به في ساحة الميدان لكنهم صرخوا بأنكر صيحة ... قالوا نوحد فرقة الأديان الله أكبر يا لها من ردة ... عن شرعة الإسلام والإيمان كفر صراح يرتضيه جماعة ... يدعون أهل الصلح في السودان وعلى الروس كبيرهم شيطانهم ... حسن الترابي الكفور الجاني وهناك أذناب له ودعاته ... مثل الجهول الحائر الزنداني فاعجب لدجال سفيه خائن ... وكذا لذيل خائب خسران ماذا يقول وكيف كان جوابه ... في محفل التوحيد للأديان قال الجويهل والملبس إنما ... هذا حوار تم في السودان

كالثعلب المكار في روغانه ... يحتال في خبث وفي روغان هو معجب بالرأي ليس مخالفاً ... لخليله شتان يختلفان ظلمات بعضها فوق بعض لاترى ... إلا عجائب عالم العميان كم ياضلالات طغت واستأصلت ... ناسًا بلا حصر ولا حسبان أين الجماعة والتي هي إسمها ... أنصار سنة أحمد العدناني قد صاروا أنصارًا لبدعتهم وقد ... خذلوا الشريعة أيما خذلان هم يشمتون بأهل علم صادق ... هم يلمزون الحق بالنكران وإلى انتخابات وبيعات دعوا ... وإلى الخروج على يد السلطان أيضًا دعوا للاختلاط وشره ... بين الشباب وشبة النسوان أو بعد ما كانوا على سبل الهدى ... فيما مضى وبسالف الأزمان ضلوا الطريق وصدقوا ضلاّلهم ... مثل ابن عبد الخالق الخوان ذاك الذي مسخ ابن مهدي ترى ... كيف استجاب لدعوة الشيطان قد كان داعية حكيمًا منذرًا ... ومنفرًا عن دعوة الإخوان ومحذراً من دعوة صوفية ... تدعو إلى الإيمان بالأوثان ماجت به الأمواج في ظلماتها ... والآن حزبي بلا نكران سلفية لم يتخذها منهجًا ... بل أضحى يلمز أهلها بهوان هو طاعن في نهجها وطريقها ... ودعاتها في السر والإعلان يؤذي الكرام الناشرين لسنة ... بالزور والبغضاء والبهتان أسفاه يامهدي من خذلانكم ... قد صرتم حمرًا بلا رعيان قد قالها الصديق شيخي كلمة ... مقبولة في سائر الأوطان أنت السفية كذا الكذوب حقيقة ... إن شئتها أو شوكة السعدان

ولقد تمادى الشر من جمعية ... رفعت شعارًا باسمها الخوان فشعارها نهج الكتاب وسنة ... لكنها تدعو إلى الغويان بذلت جهودًا تشتت أمة ... مربوطة بالود والإيمان رحماك يارب الأنام بأمة ... مزحومة في مسلك الشيطان عانت أليم الجهل من سفهائها ... ومن الدعاة إلى لظى النيران ومن الضلال خرافة صوفية ... وثنية عكفت على الأوثان صوفية لبست ثياب تقشف ... بحماقة وبلاهة سيان بثت سموم الشرك في إسلامنا ... ولها الدسائس في عرى الإيمان قال ابن حزم قولةً مشهورةً ... ولمثلها تصغي لها الأذنان إن التصوف والتشيع فتنة ... وبلية في شرعة الرحمن داء التصوف والتشيع مزمن ... في لب هذا الدين كالسرطان فدمامة الوجه القبيح تصوف ... متعفن من جيفة الشعراني وكذاك حلاج مضل كافر ... أيضًا كذا البدوي والتيجاني فهم الغلاة المدعون كرامة ... لكنهم قرناء للشيطان وكذاك أذناب لهم من بعدهم ... ممن ينوب منابة الأقران جعلوا المساجد مسرحًا ومراقصًا ... بالمطربات وقرعة الطيران عبدوا القبور بخشية وتضرع ... وتذللوا بصغارة وهوان هي فرقة وثنية مشئومة ... أفكارها جاءت من اليونان قولوا لمن عبد القبور بخيفة ... هذان سيفا الحق مسلولان قرآن ربي ثم سنة أحمد ... والحق يدمغ باطل العدوان فالشرك يطحن كالنوى فوق الرحى ... بمطاحن التوحيد والبرهان

سلفية هي نهجنا وطريقنا ... درب الهدى والرشد والإحسان سلفية والعز فيها خالد ... يرفع بذلك رأس ذا الإيمان لها سؤدد في نشر سنة أحمد ... في كل نادي وكل مكان فيها السعادة والسلامة والفلا ... ح لمهتد من جن أو إنسان هي خير من سلك الصراط على هدًى ... وبصيرة بأدلة القرآن علماؤها خير البرية في التقى ... بعد النبي وصحبه الرضوان سبحان رب العرش والكون الذي ... خلق العباد بلا شريك ثاني سطرت شعري في القصيدة ناظمًا ... في ليلة العشرين من رمضان سلسلتها نونا بوزن فائق ... سبعين نونًا بعدها نونان أبياتها مرصوصة في صدرها ... وكذا بعجز النظم كالبنيان وعلى النبي صلاة ربي دائمًا ... وعلى الكرام الزمرة الرضوان أبو عبد الله حمود بن قائد العديني

أجوبة الأسئلة الفرنسية

أجوبة الأسئلة الفرنسية الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فهذه أسئلة من بعض الإخوة الفرنسيين يقدّمونها لفضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن مقبل ابن هادي الوادعي حفظه الله تعالى. السؤال209: أخ فرنسي يعيش مع أمه وأخيه، وهو الوحيد الذي أسلم من عائلته، فأبوه نصرانيّ مات على نصرانيته، وأمه يهودية، وأخوه كافر، لكن أخاه ينوي أن يغادر البيت فهل لهذا الولد المسلم أن يهاجر ويترك بلاد الكفر فرارًا بدينه، ويترك أمه وحيدة؟ الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فالسؤال عن أخ أسلم بين أسرة كافرة، فأبوه نصرانيّ مات على نصرانيته، وأمه يهودية وأخوه كافر فكيف تكون معاملته لأمه؟ المعاملة تكون في حدود الكتاب والسنة، كما قال سبحانه وتعالى في

كتابه الكريم في شأن الأبوين المشركين: {وصاحبهما في الدّنيا معروفًا (¬1)}، ويقول في كتابه الكريم: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم (¬2)}، ويقول: {ياأيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان ومن يتولّهم منكم فأولئك هم الظّالمون (¬3)}. فيجب عليه أن يعامل أمه بالإحسان ما دام عندها، ودينه لا يتنازل عن شيء منه، ويبغضها لأنّها كافرة، لو أبت نفسه إلا أن يحبها، وكان حبًا طبيعيًا فإن شاء الله لا شيء عليه؛ فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن دعا أبا طالب إلى الإسلام، وأبى أبوطالب أن يسلم قال الله سبحانه وتعالى: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء (¬4)}، شاهدنا من الآية على أحد الوجهين والتأويلين: أي من أحببته، فهذا وجه، والوجه الآخر: لا تهدي من أحببت هدايته، وهو قريب لأنه ما أحب هدايته أكثر من غيره إلا بسبب قربه منه، كما قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه: إن أحدنا كان يسلم ويرى أباه كافرًا أو أمه كافرة أو قريبه فلا يطيب له العيش، إذ يموت هذا الشخص على الكفر ويدخل النار. والله عز وجل يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وأنذر عشيرتك الأقربين (¬5)}. ¬

(¬1) سورة لقمان، الآية: 15. (¬2) سورة المجادلة، الآية: 22. (¬3) سورة التوبة، الآية: 23. (¬4) سورة القصص، الآية: 56. (¬5) سورة الشعراء، الآية: 214.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صعد الصفا وقال: يا معشر قريش، يا بني عبد مناف يا بني هاشم، ودعا بطون قريش وأنذرهم. فعلى هذا الأخ أن يخلص النصح لهم، ولكن الهداية الحقيقة التي يدخلها الله في القلوب هي إلى الله، والله عز وجل يقول: {ليس عليك هداهم ولكنّ الله يهدي من يشاء (¬1)}، والله يقول في حق نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وإنّك لتهدي إلى صراط مستقيم (¬2)} أي: تدل على الصراط المستقيم، وأما الهداية التي يجعلها الله في القلب فإنّها إلى الله عز وجل. أما هل له أن يترك أمه وبلاد الكفر ويخرج فرارًا بدينه، فإذا خشي على نفسه الفتنة فله أن يعرض الإسلام على أمه فإن أسلمت وإلا فلا بأس، بل يجب عليه أن يهاجر كما يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرًا إلاّ المستضعفين من الرّجال والنّساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربّصوا حتّى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين (¬4)}. ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 272. (¬2) سورة الشورى، الآية: 52. (¬3) سورة النساء، الآية: 97 - 98. (¬4) سورة التوبة، الآية: 24.

السؤال210: أخ آخر له والدان كلّ به صمم، فهل يسئل يوم القيامة عن والديه لم لم يبلغهما الإسلام؟ الجواب: عليه أن يبلغ جهده وإلا فقد جاء في حديث الأسود بن سريع وأبي هريرة في "مسند الإمام أحمد": أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((أربعة يوم القيامة، رجل أصمّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأمّا الأصمّ فيقول: ربّ لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا، وأمّا الأحمق فيقول: ربّ لقد جاء الإسلام والصّبيان يحذفوني بالبعر، وأمّا الهرم فيقول: ربّ لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا، وأمّا الّذي مات في الفترة فيقول: ربّ ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنّه، فيرسل إليهم: أن ادخلوا النّار. قال: فوالّذي نفس محمّد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا)). وجاء في حديث أبي هريرة: ((فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها يسحب إليها)). السؤال211: امرأة لها ولد صغير مريض، وهي حامل ولكنها تجد صعوبةً في الاعتناء بأولادها، وتجد صعوبةً في الحمل، فهل لها بعد أن تضع هذا الحمل الجديد أن تستعمل حبوب منع الحمل؟ الجواب: الذي ننصحها به أن تفوض أمرها إلى الله، وإذا خشيت على نفسها التلف وقال الطبيب المتخصص المسلم في هذا: إنه ربما يصيبها التلف وتموت بسبب الحمل فلها أن تستعمل ذلك. السؤال212: هل يعتبر الكفار في فرنسا وبريطانيا وأمريكا وغيرها من أهل الفترة، مع أن عندهم شيء من العلم والمعرفة عن الإسلام، فمثلاً

يعرفون أن من أركان الإسلام الشهادتين والصلاة .. الخ، وأن الله واحد، فما هو الحكم؟ الجواب: الناس يختلفون في هذا، والكفار يختلفون في هذا، فمنهم من عرف حقيقة الإسلام فلا يعد من أهل الفترة، ومنهم من لم يعرف حقيقة الإسلام، ولم يعرف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأظن أن الأخ السائل يعيش بين أناس عندهم علم عن التاريخ، وإلاّ فيوجد في بعض البلاد الكفرية من لا يعرف عن الإسلام شيئًا. ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيئًا، ولا يعرفون إلا التنفير عن الإسلام وتبغيضه إلى المجتمع الأوروبي الكافر، أو غيره، فمثل هؤلاء نرجو أن يشملهم قول الله عز وجل: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً (¬1)}، وقول الله عز وجل: {وما كان الله ليضلّ قومًا بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون (¬2)}. السؤال213: بعض الناس إذا جلس مع أفراد أسرته الكافرة في الغداء، أو العشاء، وضعوا على طاولتهم الخمر، أو الخنْزير، وإذا ترك الجلوس معهم يتهمونه بأنه يكرههم وأنه متشدد .. الخ، فهل يجوز أن يجلس معهم والحالة هذه؟ الجواب: لا، لا يجوز أن يجلس معهم وهم يحضرون لحم الخنْزير والخمر، ولو اتّهموه بهذه التهم فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّةً (¬3)}. ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 15. (¬2) سورة التوبة، الآية: 115. (¬3) سورة الممتحنة، الآية: 7.

فعسى أن يجعل الله في قلوبهم مودة له، وخصوصًا إذا علموا صدق الشخص، وأنه ليس بمتكبر ولا يحتقرهم، على أن المسلم يجب أن يحمد الله سبحانه وتعالى فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون (¬2)}. فيجب على المسلم أن يشعر بعزة الإسلام غير متكبر على الآخرين: {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (¬3)}. وإذا طلب منه والداه أن يشتري لهما لحم خنْزير، أو خمر، أو غير ذلك فلا يطعهما، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لعن الله الخمر وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه)). فلا يطعهما في هذا حتى وإن كان الأبوان كافرين. السؤال214: بعض الإخوة يرغمه والداه على الدراسة في مدارس فرنسا المختلطة، وإن ترك الدراسة فسيدخل معهما في مشاكل كثيرة، فهل يطعهما في الدخول في هذه المدارس أم لا؟ الجواب: لا، ولنا شريط بعنوان "تحذير الدارس من فتنة المدارس"، والطاعة ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 85. (¬2) سورة الأنفال، الآية: 22 - 23. (¬3) سورة فصلت، الآية: 33.

إنما تكون في المعروف، وأما الدراسة بين فتيات متبرجات، وشابّ في أحسن شبابه، وكذلك الفتاة، فإنّها تعتبر فتنة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء)). ويقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)). فهي فتنة للمرأة، وفتنة للرجل، وتعتبر إساءةً إلى التعليم، فكيف يستطيع الشخص أن يحصّل العلم والمرأة أمامه وخلفه، وعن يمينه وشماله، فعلى هذا يحرم على المسلم أن يدرس في هذه المدارس سواء كانت في بلاد المسلمين أو في بلاد الكفر، فهذه المدارس أصبحت مفسدةً للشباب وإساءةً إلى التعليم. السؤال215: بعض الإخوة الفرنسيين الذين دخلوا في الإسلام قريبًا يسألون عن أموال اكتسبوها من المعاملات الربوية، وعن أثاث اشتروه بأموال مسروقة، فكيف يتصرفون مع هذا المال والأثاث؟ الجواب: أما المعاملة الربوية فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون (¬2)}. فعلى هذا إن تاب الشخص وله معاملات مع الناس فلا يأخذنّ إلا رأس ماله، أو تاب الشخص وليست له معاملات، لكنه قد تعامل معهم من قبل فلا بأس أن يتصدق منها إن أحب، وإذا كان محتاجًا فلا بأس أن يأخذها، لأن الله عز وجل يقول: {فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 275. (¬2) سورة البقرة، الآية: 279.

الله (¬1)}. وأما الأثاث الذي اشتراه بأموال مسروقة، فننصحه بترك السرقة، وبترك الخيانة والخداع، فإنه إذا عامل الناس معاملةً إسلامية تعتبر دعوة، فقد دخل كثير من الإندونيسيين الإسلام بسبب أنه جاءهم أناس من الحضرميين فوجدوا منهم معاملةً إسلامية فدخلوا في الإسلام. أما إذا كان المسلم يسرق ويخون ويخدع ولا يفي بالوعد وربما يشحذ فهذا يعتبر منفّرًا عن الإسلام، ويعتبر آثمًا في هذا والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا)). والمستشرقون واليهود يغتنمون هذه الأشياء ويشيعونها، من أجل أن ينفر الناس عن الإسلام، فقد أخبرني بعض إخواننا في الله أن يهودًا في أمريكا يلبسون الزي الإسلامي ويذهبون إلى الدكاكين يشحذون وليسوا من أجل الشحاذة، بل من أجل أن ينفروا عن الدين، وأن يقولوا للأمريكيين: إنكم إن أسلمتم فستكونون شحاذين. وهذه النصيحة ليست للسائل فقط، بل لجميع المسلمين الذين يعيشون بين الكفار فقد سئلت عن هذا عند أن نزلت مصرًا، وتأتي أسئلة عن هذا من كل مكان، ولم أكن قد عرفت الآثار التي تترتب على هذا، وهي التنفير عن الإسلام. وإذا كان هذا الأثاث المسروق قد اشتراه قبل أن يسلم فإن الإسلام يجبّ ما قبله، وإذا كان يعلم أنه مسروق وقد أسلم فلا يجوز له، لأن الله عز وجل يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬2)}. ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 275. (¬2) سورة المائدة، الآية: 2.

السؤال216: هل يشترط في العقد الذي تمت شروطه أن يكتب على ورقة، لأن العاقد عندنا يخشى على نفسه إن كتب عقدًا موافقًا للشريعة الإسلامية، لأن الحكومة تمنع ذلك إلا بشروط وقيود كأن يطلبوا من المتزوج مالاً أو يطلب منه إحضار زوجته في البلدية؟ الجواب: لا يلزم أن يكتب العقد في ورقة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((قد زوّجتكها بما معك من القرآن)) ولم تكتب ورقة، ولا يكتبون الورقة إلا خشية التناكر، لأن من الناس الآن من ربما يخدع أو يخون، فالورقة ليست شرطًا في صحة العقد، وإذا احتاجها ويخشى على نفسه من الحكومة، فلا تلزم. السؤال217: بعض الإخوة يفكرون في الهجرة من بلاد الكفر فيضطرون لتحصيل المال بواسطة العمل في شركات فرنسية تمنعهم من الخروج لأداء الصلاة في جماعة، لكنهم يؤدونها فرادى، وقد يسمحون لهم إن تكرموا بأداء صلاة الجمعة مع المسلمين، فهل يجوز لهم العمل في هذه الشركات إن لم يتيسر لهم العمل في غيرها؟ الجواب: إذا كانوا مضطرين فلا بأس بذلك، وصلاة الجماعة تعتبر واجبة وجوبًا مستقلاً خلافًا لأبي محمد بن حزم رحمه الله، فإن يرى أنّها شرط في صحة الصلاة، وهو يعتبر مخطئًا في هذا فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((صلاة الرّجل في الجماعة تضعّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا)). فهذا دليل على أنّها صحيحة لكنه يكون فاسقًا وآثمًا إن كان مقتدرًا على أدائها في المسجد، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم همّ أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم.

والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأذن لابن أم مكتوم أن يصلي في بيته، وقد كان رجلاً أعمى، فقال له: ((هل تسمع النّداء بالصّلاة))؟ قال: نعم، قال: ((فأجب)). ولم يجد له رخصة. ولا بد أن ينظروا إلى البلد التي يهاجرون إليها، وأن يوازنوا بينها وبين البلاد التي هم فيها فحالة المسلمين حالة سيئة، فربما يصل إلى البلاد الأخرى وهو متحمس للدين، فربما يقولون: هذا جاسوس ويطردونه، فلا بد أن يكون متمكنًا من البلد التي سيهاجر إليها. السؤال218: ما حكم اقتناء التلفاز والنظر إليه لأجل معرفة الأخبار؟ الجواب: لا يجوز من أجل الصورة، ومن أجل ما يحصل فيه من الفجور والفسوق، وتعليم السرقة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). وأراد أن يدخل حجرة عائشة فوجدها قد سترت سهوةً لها بقرام فيه تصاوير فقال: ((إنّ من أشدّ النّاس عذابًا يوم القيامة، الّذين يصوّرون هذه الصّور)). وشققها. وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: يقول الله سبحانه وتعالى: ((ومن أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرّةً، أو ليخلقوا حبّةً، أو شعيرةً)). وكذا نظر الرجل إلى المرأة، إذا كانت هي التي تلقي الأخبار، والله عز وجل يقول: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم (¬1)}. ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 30.

أو إذا كان المذيع رجلاً وكانت المرأة تنظر إليه، يقول الله عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ (¬1)}. ومن الممكن أن يشتري الشخص مذياعًا ويسمع منه الأخبار، والحمد لله. السؤال219: نرجو منكم أن تبينوا لنا شيئًا مما بلغته الدعوة في اليمن، فهي مجهولة عندنا في فرنسا، وإن أمكن أن ترسلوا لنا شيئًا من أشرطتكم، أو كتبكم وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: أما دعوة أهل السنة فمن فضل الله الناس مستجيبون لها غاية الاستجابة في جميع البلاد اليمنية، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفقه يمان)). ويقول أيضًا: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا, قال: ((هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)). فبحمد الله توجد مراكز علمية من أبنائها من يحفظ القرآن، ومنهم من حفظ "صحيح البخاري" بعد الانتهاء من حفظ القرآن، ومنهم من حفظ "اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان"، ومنهم من حفظ "بلوغ المرام"، ومنهم من حفظ "رياض الصالحين"، فالناس مستريحون لها لأن القائمين عليها طريقتهم في هذا ولا نزكي على الله أحدًا هي طريقة الأنبياء: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم (¬2)}. ويقول سبحانه وتعالى: {قل لا أسألكم عليه ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 31. (¬2) سورة سبأ، الآية: 47.

أجرًا (¬1)}. ويقول: {اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون (¬2)}. فهي طريقة الأنبياء، يؤدون واجبًا أوجبه الله عليهم، فلا يدعون الناس لأجل أن ينتخبوهم كما يفعل الحزبيون يقولون: {إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل إنّ الله نعمّا يعظكم به إنّ الله كان سميعًا بصيرًا (¬3)}، ثم يقولون: فننصحكم أن تختاروا الرجل الصالح، وأنصحكم أن تختاروني. وهذا الرجل الصالح المسكين هو الذي يدعو إلى الطاغوتية. ولا يدعون الناس بعد انتهاء الدعوة والمحاضرة ويفرشون العمائم ويقولون: {وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا (¬4)}. وقد أخبرني من أتى من أمريكا أن محمدًا المهدي وعقيلاً المقطري يقولان: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين))، ويستدلون كذلك بالآيات المتقدمة. فهذه دعوة شحاذة، لكن دعوة أهل السنة لو أكلوا التراب، ويصبرون على التمر والماء، إن وجد التمر، أو يصبر على كسر الخبز، ويخرج ويدعو إلى الله سبحانه وتعالى. فالناس يثقون بدعوة أهل السنة غاية الوثوق. السؤال220: ما هي نصيحتكم للأخوة المسلمين في فرنسا سواء الذين يستطيعون الهجرة والذين لا يستطيعون؟ ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 90. (¬2) سورة يس، الآية: 21. (¬3) سورة النساء، الآية: 58. (¬4) سورة المزمل، الآية: 20.

الجواب: أنصحهم بتقوى الله سبحانه وتعالى، فهي وصية الله لعباده: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا الله (¬1)}. وتقوى الله امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، ثم أنصحهم بالإخلاص لوجه الله عز وجل: {ألا لله الدّين الخالص (¬2)}. ويقول: {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين (¬3)}. وفي "الصحيحين" عن جندب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من سمّع سمّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)). وفي "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه)). فأنصحهم بإخلاص العمل لله عز وجل ثم بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن الله عز وجل يقول: {وإن تطيعوه تهتدوا (¬4)}. كما ننصحهم بطلب العلم واقتناء الكتب النافعة مثل: "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم" و "مسند الإمام أحمد" و "جامع الترمذي" و "سنن أبي داود" و "سنن النسائي" و "سنن ابن ماجة" وكذلك مراسلة أهل العلم، وأن يحذروا كل الحذر من الحزبيين، فإن الحزبي لا يدعوك لوجه الله بل لأجل أن تصوت له. كما ننصحهم أن يحذروا من أصحاب الجمعيات الشحاذين، الذين لا يأتون إلا من أجل جمع الأموال. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 131. (¬2) سورة الزمر، الآية: 3. (¬3) سورة البينة، الآية: 5. (¬4) سورة النور، الآية: 54.

فعليهم بالجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع وفي حفظ القرآن يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه)). ويقول: ((الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة، والّذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاقّ له أجران)) مع الفهم: {أفلا يتدبّرون القرءان أم على قلوب أقفالها (¬1)} فلا بد من الفهم. وكما قلنا قبل مكاتبة كبار العلماء مثل الشيخ الألباني والشيخ ابن باز ومن كان على شاكلتهما مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ أبي الحسن في اليمن، وكثير من إخواننا الأفاضل حفظهم الله. فعليهم أن يتصلوا بأهل العلم وإن يسألوهم, ولا يأتيهم شخص همه هو أن يجذب الناس فيحدثهم عن الجهاد في سبيل الله، فأقول: إن الجهاد في سبيل الله يعتبر من أسمى شعائر الإسلام، ولا يقوم دين إلا بجهاد في سبيل الله لكن المجتمع الذي استولت عليه أمريكا لن تتركه يجاهد في سبيل الله، أو الذي استعبده الدرهم والدينار لن يستطيع أن يجاهد في سبيل الله، أو المجتمع الذي يهمه نفسه وأن يحصل الشخص فيه على بيت وزوجة وسيارة لن يستطيع أن يجاهد في سبيل الله. وإذا درسنا سيرة الصحابة وجدناهم صبروا على العري، وعلى الجوع، وعلى المرض وعلى مفارقة الأوطان، وعلى فراق الأحبة بمكة، فهل بلغنا عشر ما بلغوه، فإذا بلغنا الربع فنحن رجال ونستطيع أن نجاهد، أما أن يأتي لنا مثل حسن الترابي ترّب الله وجهه ويدعونا إلى الجهاد، أو ضائع مائع من الإخوان ¬

(¬1) سورة محمد، الآية: 34.

المسلمين ويدعونا إلى الجهاد. فلا بد في الجهاد من إخلاص لوجه الله عز وجل، ومن استقامة، فقد هزم الصحابة في غزوة حنين بسبب أن أعجب بعضهم بكثرتهم: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين (¬1)}. وهزموا في أحد بسبب معصية: {إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهم الشّيطان ببعض ما كسبوا (¬2)}. ويقول تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسّونهم بإذنه حتّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبّون منكم من يريد الدّنيا ومنكم من يريد الآخرة ثمّ صرفكم عنهم ليبتليكم (¬3)}. فإذا كان هذا الأمر يحصل للصحابة، فما ظنك بشخص دجال يكذب على المسلمين، لا يهمه الجهاد في سبيل الله، بل همه أن يختلس أموال المسلمين، وربما همه أن يوضع علماني ينفذ لأمريكا مخططاتها، فربما يكون الحاكم الموجود لا ينفذ لها جميع مخططاتها، فهي تريد أن تأتي بابن بار لها. فإذا كانت أمريكا هي التي تسيّر الجهاد فينبغي أن نصون دماء المسلمين، وإذا كان لدينا استغناء عن أمريكا فلنفعل. وبحمد الله قد ألفت الكتب وتكلم أهل العلم على فضل الجهاد، وأنه لا عز للمسلمين إلا بالجهاد لكن كيف يستطيع إخواننا الفرنسيون أن يميزوا بين ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 25. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 155. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 152.

أهل الحق والباطل؟ بواسطة العلم فلا يأتي صوفي أو شيعي، أو شخص من الإخوان المفلسين، أو شخص من الشحاذين أصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان، أو محمد الهدية السوداني، أو غيرهم، فتستطيع أن تميز إذا عرفت عقائد السلف مثل: "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومثل: "القول المفيد" لأخينا محمد بن عبد الوهاب العبدلي اليمني حفظه الله، ومثل: "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" لبعض أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب. فلا بد أن يكون عندك ميزان تزن به الناس والدعاة إلى الله. فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وقد لدغ المؤمنون مرارًا. فننصح من استطاع من إخواننا الفرنسيين أن يهب نفسه لله عز وجل ويتعلم حتى يصبح مبرّزًا في العلم حتى يستطيع إفادة إخوانه هناك. وعليهم أن يحذروا من الصوفية، فربما تصلي خلف الصوفي وهو يدبر لك المكائد، فإنّهم يبغضون السلفيين. وكذلك الشيعي، فسيأتونهم رافضة من إيران ويقولون: إسلام إسلام، وهم مستعبدون لأمريكا، وعندهم عقيدة خبيثة، فمنهم من يعتقد أن قرآننا ناقص وأكثرهم يسب الصحابة، وعندهم الكثير من العقائد الخبيثة. وإذا حذرتم من المبتدعة ومن الحزبيين فسيقولون: أنتم تغتابون الناس، فقولوا لهم: يا أيها المغفلون هل شعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، والبخاري وأبوحاتم، وأبوزرعة فهؤلاء هم من أئمة الحديث بل لو قال قائل: إنّهم أئمة الحديث، لما أبعد عن الصواب يغتابون الناس؟. أم أنّهم يعلمون أنّهم مجروحون فيقولون: لا يجوز الكلام في الناس، وأقول: نعم لا تغتب المسلمين، لكن الدين النصيحة، إذا عرفت أنّهم لا يعرفون أن

هذا صوفي، فتبين حاله بأنه صوفي، أو عرفت بأنّهم لا يعرفون بأن هذا حزبي، فتبين حاله بأن هذا حزبي، أو عرفت بأنه ركب الطائرة وذهب إلى فرنسا ليختلس أموال المسلمين، فتقول: هذا ما جاء من أجل مصلحتنا، بل جاء من أجل الدرهم والدينار. فالدين النصيحة، وأئمة أهل السنة قد أجمعوا على جواز الجرح والتعديل، فموتوا أيها المفلسون، والسروريون، ويا أصحاب الجمعيات، موتوا بغيظكم، وبحمد الله فأشرطة الجرح والتعديل قد وصلت إلى أمريكا وأنتم تعلمون ذلك ووصلت إلى أقصى بلاد الله. فأنصح الإخوة أن يكونوا على حذر حتى يعرفوا عقيدته وأنه من أهل السنة. السؤال221: هل هناك أحد من الدعاة في السعودية تابع محمد سرور على نهجه؟ الجواب: وجد من يتابعه بكثرة، وأيّدوا فكرته الخاطئة أنه لا يجوز الاستعانة بأمريكا على رد المعتدي صدام البعثي، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ الله ليؤيّد هذا الدّين بالرّجل الفاجر)). فهناك من تابعه على فكرته وتأثر بها، مثل سلمان العودة، وكذلك سفر الحوالي، لكن سفرًا أقل تأثرًا بها، ولو جالس سفرًا إخوان صالحون فما أظنه إلا سيرجع، أما سلمان فقد خبّط خبْط عشواء، وفي اليمن أيضًا تابعه بعض المخذولين من أصحاب جمعية الإحسان. السؤال222: بعض الناس ينصح الإخوة الغرباء بالدراسة في كلية الإيمان

لأجل الحصول على الإقامة؟ الجواب: أنا لا أنصح بهذا، لأنه سيأتيك عبد الكريم زيدان، حالق اللحية، لابس الكرفتة والبنطلون ولا تميز بينه وبين النصراني (¬1)، وهكذا آخرون من أمثال عبد الكريم زيدان، وأناس من أصحاب السنة انحرفوا كعبد الله الحاشدي فأنا لا أنصح بالالتحاق بهذه الكلية. وأنا أعجب كثيرًا، فكلية الإيمان لا بأس بالدراسة فيها ويعطى الطالب إقامة، وأما دار الحديث بدماج فلا يسمحون إلا لمن أذنت له سفارته. ولكننا سنصبر ويبارك الله في الموجودين. وبهذا نكتفي ونحن وإخواننا في مسجد السنة بدماج نحو السبعمائة إلى الثمانمائة بحمد الله ويقرئون إخوانهم في فرنسا السلام، وينصحونهم بدراسة كتب السلف، وبالحذر من الحزبيين والمبتدعة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) وقد أَنكِرَ هذا الكلام عليَّ فسأقوله على رغم أنفك أيها المنكر، ولا أقصد أنه نصراني، بل أقصد أنه في شكله شكل نصراني.

من وراء التفجير في أرض الحرمين؟

من وراء التفجير في أرض الحرمين؟ (¬1) الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((العبادة في الهرج كهجرة إليّ)) أخرجه مسلم من حديث معقل بن يسار. أي: إقبالك على عبادة الله في وقت الفتن والقتل والقتال، لك فيه أجر عظيم كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وليس معناه أن لك مثل أجر مصعب بن عمير، أو عبد الله بن مسعود، لأن المشبه لا يلزم أن يكون مثل المشبه به، لكن لك فضل عظيم إذا أقبلت على العبادة في وقت الفتن. وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لأصحابه: ((تعوّذوا بالله من شرّ الفتن)). ويقول كما في "سنن أبي داود" من حديث المقداد بن الأسود: ((إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواهًا)). فالذي يبتلى ويصبر فله أجر عظيم. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحذر أصحابه من الفتن ويقول: ((ستكون فتن القاعد فيها ¬

(¬1) تم التسجيل في 18 صفر 1417.

خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من السّاعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به)). فنحن في زمن الفتن وكلما انقضت فتنة جاءت فتنة هي أعظم منها: {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عام مرّةً أو مرّتين ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون (¬1)}، ويقول تعالى: {وما نريهم من آية إلاّ هي أكبر من أختها (¬2)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((تكون بين يدي السّاعة فتن كقطع اللّيل المظلم يصبح الرّجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدّنيا)). أخرجه مسلم. وجاء في "صحيح مسلم" أيضًا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((والّذي نفسي بيده ليأتينّ على النّاس زمان لا يدري القاتل في أيّ شيء قتل، ولا يدري المقتول على أيّ شيء قتل)). وهناك علاج لهذه الفتن: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً (¬3)} أي: اجعلوا بينكم وبينها وقاية، إما بالتمسك بهذا الدين: {ومن يتّق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب (¬4)}. أو بالعزلة جاء في حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفرّ بدينه من الفتن)). ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 126. (¬2) سورة الزخرف، الآية: 48. (¬3) سورة الأنفال، الآية: 25. (¬4) سورة الطلاق، الآية: 2 - 3.

وفى "الصحيحين" أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل: أيّ النّاس أفضل يا رسول الله؟ قال: ((مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله)) قال: ثمّ من؟ قال: ((ثمّ رجل معتزل في شعب من الشّعاب يعبد ربّه)). ونحن في زمن الفتن لا ينجينا منها إلا ربنا عز وجل، والتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعتبر عصمة من الفتن، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((فإنّه من يعش منكم يرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين عضّوا عليها بالنّواجذ)). ومن أعظم الفتن التي دبرتْها لنا أمريكا دمّر الله عليها فتنة دخلت كل بيت هي فتنة الحزبية، فهذا مؤتمري، وذاك إصلاحي، وذاك بعثي، وذاك اشتراكي، وذاك من حزب حق البردقان، وآخر من حزب الأهرار: {إن هي إلاّ أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان (¬1)}. وربما يقتتل الابن وأبوه والأخ وأخوه من أجل هذه الحزبية التي فرضتها علينا أمريكا. هذه الحزبية من أعظم أسباب جهل المسلمين؛ يشتغلون بها ويتركون العلم النافع، وأنا أتحدى من يأتي لي بحزبي يقبل على علم الكتاب والسنة، لأن الذي يقبل على علم الكتاب والسنة ليس لديه وقت لهذه الأشياء، ثم تلقى هذه الحزبية شباب طائش يبني أفكاره على خيالات وقد كنت أخبرتكم قبل: أن ثلاثة نفر من الكويت أتوني فقلت لهم: إلى أين تريدون؟ قالوا: نذهب إلى إفريقيا ونهاجر، لا فتح إلا بعد هجرة. فأقول: هؤلاء الثلاثة هم الذين سيرجعون يفتحون الكويت، بل هو الهوس. ¬

(¬1) سورة يوسف، الآية: 40.

وهكذا الترف فقد ضيع علينا شبابنا، وأنت إذا قرأت كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تجد أن الترف مذموم: {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرًا (¬1)}. ولقد أحسن من قال: إن الفراغ والشباب والجده ... مفسدة للمرء أي مفسدة وكذلك إسناد الأمور إلى الجهال، فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)). كما يقال: العالم الفلاني ما يعرف عن الواقع شيئًا، أو عالم جامد، تنفير، كما تقول مجلة "السنة" التي ينبغي أن تسمى بمجلة "البدعة"، فقد ظهرت عداوتها لأهل السنة من قضية الخليج. وأقول: إن الناس منذ تركوا الرجوع إلى العلماء تخبطوا يقول الله عز وجل: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬2)}، وأولي الأمر هم العلماء والأمراء والعقلاء الصالحون. وقارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: {ياليت لنا ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 16. (¬2) سورة النساء، الآية: 83.

مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬1)}. والعلماء يضعون الأشياء مواضعها: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلاّ العالمون (¬2)}، {إنّ في ذلك لآيات للعالمين (¬3)}، {إنّما يخشى الله من عباده العلماء (¬4)}، {يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات (¬5)}. فهل يرفع الله أهل العلم أم أصحاب الثورات والانقلابات وقد جاء في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل: متى السّاعة؟ فقال: ((إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة)).رئيس حزب وهو جاهل. ومن الأمثلة على هذه الفتن الفتنة التي كادت تدبر لليمن من قبل أسامة بن لادن إذا قيل له: نريد مبلغ عشرين ألف ريال سعودي نبني بها مسجدًا في بلد كذا. فيقول: ليس عندنا إمكانيات، سنعطي إن شاء الله بقدر إمكانياتنا. وإذا قيل له: نريد مدفعًا ورشاشًا وغيرهما. فيقول: خذ هذه مائة ألف أو أكثر وإن شاء الله سيأتي الباقي. ثم بعد ذلك لحقه الدبور، فأمواله في السودان في مزارع ومشروعات من أجل الترابي ترّب الله وجهه، فهو الذي لعب عليه. ¬

(¬1) سورة القصص، الآية: 79 - 80. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬3) سورة الروم، الآية: 22. (¬4) سورة فاطر، الآية: 28. (¬5) سورة المجادلة، الآية: 11.

وكان هناك شخص مصري من أخصائه جاسوس عليه، وعليه لحية ما شاء الله، والحكومات تبحث عن المال أين يودعه فقال لهم: إن الأموال في بنك في تركيا، ثم يذهبون ويأخذون الأموال. فأنصح كل سني بأن يصبر على الفقر وعلى الأذى حتى من الحكومات، وإياك أن تحدثك نفسك وتقول: سنقوم بثورة وانقلاب، تسفك دماء المسلمين، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا (¬1)}. وأقول: إن المجتمع الذي نعيش فيه محتاج إلى تربية، ومحتاج إلى ألف شخص مثل الشيخ ابن باز، وألف شخص مثل الشيخ الألباني، يربونهم على العلم الصحيح وعلى التوحيد وعلى الدعوة إلى الله برفق ولين، وهذان العالمان الفاضلان يتنكر لهما الحزبيون، ائتوني بحزبي لا يبغض هذين الرجلين، حتى ولو جاءوا إلى الشيخ ابن باز وقالوا له: ياشيخ بارك الله فيك الحمد لله لم يبق بيننا وبين أن نصل للحكم الإسلامي إلا الانتخابات. ثم تنتهي الانتخابات فإذا هم في أسفل سافلين. وكذلك يأتون إلى الشيخ الألباني وإلى غيره، فقد غروه فأعطى للجزائريين فتوى: أن لا بأس أن تخرج المرأة متنقبة في الانتخابات، ولا بأس في الاشتراك في الانتخابات. فالشباب محتاجون إلى أمثال هذين العالمين يربيان المسلمين تربية إسلامية، ولكن تأتي لطمات للدعوة من قبل المتحمسين للدين على جهل، ومن تلك ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 93.

اللطمات (قضية الحرم)، فنحن نبرأ إلى الله منها، وبحمد الله قد كنا في اليمن. ومن تلك اللطمات بعض الثورات والانقلابات، ومشاركة أصحاب اللحى في الخروج في المظاهرات: نفديك ياصدام بالروح والدم، وهو الذي صرعهم وصدمهم إلى أسفل السافلين، فصحيح أنّها فضحت كثيرًا من طلبة العلم. وهناك سفيه من السفهاء ألا وهو (المسعري) الذي ينتمي لحزب التحرير، وهذا الحزب رائي شبيه بالمعتزلة الذين يهمهم أن يثبوا على السلطة وتشارك المرأة في الحكم وكذلك الرجل الكافر، فهو حزب منسلخ وهو حزب مبتدع ضال. والمسعري يقول: أنا لا أكفر الشيخ ابن باز ولكن أقول: إنه قارب الكفر. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أيّما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه)). فهو يقول هذا الكلام على الشيخ ابن باز الذي تهابه أمريكا، ويهابه حكام العرب، فمن أنت أيها السفيه حتى تكفره. ويقول عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: إنه ساذج لأنه لم يأخذ السلطة له، بل قام مع آل سعود حتى أخذوا السلطة عليه. ويقول كما في عدد من أعداد "الشرق الأوسط": (سنسمح للمسيحيين واليهود والهندوس بإقامة الكنائس والمعابد) كان هذا عنوان المقال، وأما التفصيلات فكما يلي: أعلن محمد المسعري المنشق السعودي للمسيحيين واليهود أن المسيحيين

واليهود لهم حق العبادة في الكنائس والمعابد في المملكة العربية السعودية، إذا تولت اللجنة التي يتزعمها ويطلق عليها اسم لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة في البلاد على حد زعمه، وقال المسعري في حديث أدلى به لنشرة شهرية تصدر بالإنجليزية في لندن اسمها (مسلم نيوز Muslim News) : إن الوضع الحالي في السعودية والذي لا يسمح للمسيحيين واليهود بممارسة شعائر العبادة علنًا سيتغير عند مجيء اللجنة إلى الحكم، وأضاف: إنه يجب منح الأقليات حقوقها بما فيها حقهم في ممارسة شعائرهم، وفى إبرام عقود الزواج وفقًا لشرائعهم الخاصة، وما إلى ذلك إضافة إلى حرية يعيشون فيها حياتهم الدينية الشخصية بالكامل سواء أكانوا يهودًا أم مسيحيين أم هندوسًا، وقال: إن إقامة الكنائس مباحة في الشريعة الإسلامية. انتهى. قال أبو عبد الرحمن: فهذا كلام هذا السفيه المسعري، وإليك حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)). ويقول: ((أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب)). وقول الله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (¬1)}. وقوله تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظةً (¬2)}. فهذا هو السفيه المسعري الذي يصدر توجيهاته لشباب هابط التوعية، ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 29. (¬2) سورة التوبة، الآية: 123.

أفمثل هذا السفيه الجاهل تقبل توجيهاته؟ وتترك توجيهات الشيخ ابن باز، وتوجيهات الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني، وغيرهم من العلماء. ونقول لأصحاب التفجيرات: هل سألتم العلماء في هذه التفجيرات، أم أنّها توجيهات هذا السفيه الجويهل؟ على أننا لسنا نقول في التفجير الأخير إنه صادر عن فلان وفلان، لكن يحتمل أنه من أصحاب المسعري وأنّه من الرافضة، وسواء أكانوا من هؤلاء أم من هؤلاء فالرافضة تقر أعينهم، الذين يحاربون السنة منذ بدأ الرفض إلى زماننا هذا، وهم يريدون أن يحارشوا بين الدعاة إلى الله وبين الحكام. فأنا آسف أن تصدر مثل هذه الأوامر عن مثل هذا السفيه، ومثل هذا المسعري يجب أن يؤخذ على يديه، وطالب العلم (¬1) لا ينبغي أن يستمع لأقوال المسعري. وهذه المهزلة التي هي مسألة حقوق الإنسان، فإن الحزبيين هم الذين يأتون بمثل هذا ليلتف الناس حولهم، أما من أجل إقامة هذا الدين فليس لهم همّ أن يقيموا هذا الدين وفاقد الشيء لا يعطيه. وآسف أيضًا أن تبقى دعوة زيادةً على ثلاثين سنة مثل دعوة عبد الرحمن عبد الخالق في الكويت ولا تخرج طالب علم يستطيع أن يكون مرجعًا في بلده، لكنها تخرج دعاة فرقة، فأفّ لك ياعبد الرزاق الشايجي و"لخطوطك العريضة"، أفّ لك أيها الكذاب، فأشهد لله بأنك كذاب، وأنك ترمي السلفيين بما ليس عندهم. فالسلفيون قوالون بالحق، {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط ¬

(¬1) وقد جلست هنالك بين الدعاة إلى الله قدر ست سنوات فما وجدت عند كثير منهم صبرًا على طلب العلم.

شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما (¬1)}، ويقول: {وإذا قلتم فاعدلوا (¬2)}. وأقول: إن مثل كتاب "الخطوط العريضة" ينبغي أن يحرّق، ويحجر على عبد الرحمن عبد الخالق فإنه يعتبر مفسدًا، لأنه أفسد بين أهل السنة باليمن، وغرهم بديناره لا بأفكاره، فقد ترك محمدًا المهدي يجري بدون عقل هنا في اليمن بعد الدينار وذلك بعد أن كان رجلاً صبورًا وداعية إلى الله، فبسبب الدينار أصبح يجري بدون عقل ويهرف بما لا يعرف. وهكذا غير محمد المهدي. وقيادة الدعوة إنما تكون بأيدي العلماء، وانظروا إلى دعوة أهل السنة باليمن، هل رأيتم سنيًا فجّر تفجيرًا واحدًا، وأما القبور المشيدة فلنا معها يوم إن شاء الله سواء رضيت الحكومة أم لم ترض، وليس على الحكومة ضرر من تخريب القبور التي تعبد من دون الله. ودعوة أهل السنة تعتبر رحمة يصدق عليها قول الله عز وجل: {وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين (¬3)}، وإن كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد مات، فإن سنته باقية وهي تعتبر رحمة، بخلاف الحزبيين فإنّهم يتربصون بنا الدوائر. وبهذا التفجير الذي يحتمل أن يكون من الرافضة، وأن يكون من الطائشين تقر به أعين أعداء الإسلام ليبقى الشباب مع حكوماتهم في صراع، ويشغلون الشباب عن مواجهة أعداء الإسلام، ثم هب أنك قتلت مائة أمريكي ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 135. (¬2) سورة الأنعام، الآية: 152. (¬3) سورة الأنبياء، الآية: 107.

فماذا عساه يفعل، فنحن نريد توعية وتجهيز جيش إلى إسرائيل أو إلى أمريكا. ثم إفزاع الآمنين فإنّهم الآن مفزوعون، ويجب على الحكومة أن تتقي الله، والله عز وجل يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى (¬1)}. فيجب عليها أن تتقي الله ولا تظلم بريئًا، بل من عرف أنه الجاني وتؤكد من ذلك أقيم عليه شرع الله، ويستفتى فيه العلماء الأفاضل مثل الشيخ ابن باز حفظه الله: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬2)}، {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان (¬3)}. وقد كان الحجاج بن يوسف الظالم يؤذي أنسًا رضي الله عنه، فيقول أنس: والله لولا أقربائي، لقلت فيه كلامًا يقتلني عليه، فهو يخشى على أقربائه. فكيف بمن يقتل عشرين أمريكيًا ثم يروّع شعبًا كاملاً، فيجب أن يبصر طلبة العلم، وهؤلاء الطائشون يجب أن يؤتى لهم بعلماء يعلمونهم مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ صالح الفوزان، وأمثال هؤلاء الأفاضل، ويبيّنوا لهم أن الدين لا يؤخذ عن مثل أسامة بن لادن، أو المسعري، أو غيرهما، بل يؤخذ عن العلماء. وكذلك الجمعيات التي ما أقيمت إلا لأجل اختلاس أموال الناس والصد عن السنة، وتهيئة أنفسهم لأن يكّونوا حزبًا، فلو عرفوا من أنفسهم أنّهم سيكونون حزبًا لرأيتهم يدخلون في الانتخابات، وكل شيء جائز عندهم. ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 164. (¬2) سورة المائدة، الآية: 8. (¬3) سورة النحل، الآية: 90.

لكن الذي هو باق على عماه فنسأل الله أن يفضحه مثل عبد المجيد الزنداني، فإنك تذهب إليه وتقول له: إخوانك أخذوا علينا المسجد الفلاني، وإخوانك ضربوا إخواننا في المسجد الفلاني، وإخوانك تكلموا في أهل السنة، فيقول: أنا أبرأ إلى الله من هذا، فإذا كنت تبرأ إلى الله فاخرج منهم ولا تبق على ما أنت عليه، ومستعد مثل أحمد المعلم أن يكون له وجه صوفي بين الصوفية، فهو الذي يثني على عبد الله الحداد، ويثني على بعض الصوفية، ووجه إصلاحي وهو وجه الوظيفة، فإنّهم لن يبقوه في مكتب التوجيه والإرشاد إلا وعنده وجه إصلاحي، وإذا دعوه إلى احتفال بالمولد هم والصوفية فسيحضر ويخطب، لا في تحذير الناس من الموالد، بل يأتي له بموضوع جانبي. وهكذا عنده وجه سلفي، إذا دخل إلى السلفيين إلى السعودية من أجل الدرهم والدينار، ونحن قد دعوناه إلى السلفية قبل أن يتورط فيما تورط فيه، أول ما جاءني إلى دماج وقال: أنا لا أستطيع أن أصبر صبركم. فالحزبي مستعد أن يكون له خمسة أوجه، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ من شرّ النّاس ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)). أما السني فإنه متمسك بدينه سواء رضي فلان أم لم يرض، بخلاف الحزبيين فإنّهم قد أصبحت عندهم فيما يزعمون سياسة، فتراه يتكلم معك ويحلف ويقول: والله ما أنا في جمعية الحكمة فلما قيل له: يا فلان اتق الله أنت تذهب معهم وأنت في جمعية الحكمة فقال: نعم أنا حلفت أنني هنا في المسجد ولست في جمعية الحكمة. كما حصل من البيضاني عند أن زرناه إلى البيضاء فيقول: حياك الله ياشيخ محمد بن عبد الوهاب أبشّرك أنني تركت جمعية الحكمة، فقط كتاب

وسنة. فنقول له: ما معنى (تركتها) وحضورك معهم وجلوسك ودعوتك معهم، فينبغي أن تتنبهوا وتتبرءوا إلى الله من كل مفسد. والرئيس علي عبد الله صالح وفقنا الله وإياه للخير وأصلحنا الله وإياه، يعرف أن دعوة أهل السنة ليست دعوة ثورات ولا انقلابات، فعندما حدثت قضية الضالع وقال: كيف تقولون أنتم ليس عندكم ثورات ولا انقلابات وعندكم الآن مدافع ورشاشات. والصحيح أن الذين قاموا بهذه القضية ليسوا من أهل السنة وهم يعرفون ذلك لكنهم يريدون أن يلبّسوا على الناس. فأهل السنة بريئون من هذا وأنتم تعلمون هذا ولكم جواسيس أن أهل السنة بريئون من هذا، وليس عندهم إلا دعوة إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويرون أن دعوتهم هزت أمريكا وأعداء الإسلام، والله سبحانه وتعالى هو الذي هيأها، لا بقوّتنا ولا شجاعتنا ولا كثرة مالنا، ولا بفصاحتنا في الخطابة أو بمكرنا على الناس وتلبيسنا عليهم. ونبشر إخواننا أهل السنة ومشايخنا الأفاضل في أرض الحرمين ونجد أن دعوة أهل السنة في اليمن ماشية على أحسن ما يرام. والإخوان المسلمون احترقوا، أحرقهم علي عبد الله صالح فقد أعطى لهم بعض الوزارات حتى كرههم الناس. أما الشيعة فقد أحرقتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومحمد البيضاني الملبّس عند أن قلنا إننا سنحرقهم، يقول: لا يعذب بالنار إلا رب النار. فأقول: نحن نريد أن تسيروا بين الناس وأنتم أموات، ولا نريد أن نتحمل أثمكم ونحرقكم.

ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء فما أردنا أن نحرقكم بالنار المعروفة، وإنما نريد أنه إذا قام محمد البيضاني في مسجد السّواديّة لا يخاطب إلا السواري والأعمدة لا يستمع له أحد من الناس. وكذلك عبد المجيد الزنداني إذا قام في مسجد لا يستمع له أحد كما حصل في مسجد في لحج فقد جاء عبد المجيد بعد زيارتنا بليلتين أو ثلاث ليال فلم يحضر إلا النفر اليسير حوالي ثلاثة صفوف. وسنزيد إن شاء الله حتى يرجعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا نقول لهم يرجعون إلى ما نريد فنحن بشر نصيب ونخطئ ونجهل ونعلم، لكننا نريد أن يرجعوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإلا فلا بد من البيان. والإمام أحمد بن حنبل وغيره يقول: إن جهاد أصحاب البدع أعظم الجهاد في سبيل الله. ونحن نعتبر أصحاب جمعية الحكمة مبتدعة وكذلك أصحاب جمعيه الإحسان، وكذلك أصحاب الإصلاح والصوفية والشيعة، لكن لا نستحل دماءهم بل نعتبرهم مسلمين، لكن لا بد أن يعرفوا قدر أنفسهم، وأحيل القارئ على ترجمة أبي حنيفة من "السنة" لعبد الله ابن أحمد، وترجمة أبي حنيفة من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، ومن "العلل" للإمام أحمد، ومن "المجروحين" لابن حبان، وكتاب "المعرفة والتاريخ" للفسوي، يجد الكلام الصريح من علمائنا، فذاك يقول: ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة.

وبحمد الله فسيخرج الكتاب محتسبًا به الأجر والثواب (¬1)، لأن كثيرًا من الدكاترة الذين كانوا يدرّسونا عمي، وإذا تكلمت في أبي حنيفة يظن أنك طعنت الإسلام، ثم تجد الكلام من الإمام أحمد في أبي حنيفة يقول: هو ضعيف ورأيه ضعيف. ويقول أبوإسحاق الفزاري: إن أبا حنيفة كان يرى السيف، أي: يرى الخروج على أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فالقصد أن علماءنا لم تكن لديهم محاباة بل إن أحدهم يتكلم في أبيه ويقول: الوالد ضعيف. وهو علي بن المديني. وآخر يتكلم في أخيه وهو زيد ابن أبي أنيسة فيقول: أخي يحيى كذاب. فينبغي تبيين أحوال أهل البدع، وأنا آسف من بعض علماءنا أن يكون طلبته لفيفًا فهذا من جمعية الحكمة، وهذا إخواني، وهذا كذا، وقد كان بعض العلماء المتقدمين يقول: أحرّج على كل بدعي في مجلسي هذا أن يقوم عنه. فأنصح طلبة العلم في أرض الحرمين ونجد أن يرجعوا إلى علمائهم، وأنصح إخواننا في الكويت بالاستفادة من أخينا في الله عبد اللطيف الدرباس، ومن أخينا بدر البدر ومن إخواننا الأفاضل الذين عندهم علم، وألا يلبّس عليهم عبد الرحمن عبد الخالق، فقد لبّس عليهم قدر ثلاثين سنة، كما أنصحهم بدعوة أخينا ربيع بن هادي المدخلي إلى زيارة الكويت من أجل أن يبين ضلالات عبد الرحمن عبد الخالق، وضلالات السرورية والقطبية. أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا، وأن يتوفانا مسلمين، والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) وقد طبع والحمد لله باسم نشر الصحيفة في الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة.

حرمة الانتخابات

حرمة الانتخابات (¬1) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الّذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها (¬2)}. وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ما يودّ الّذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزّل عليكم من خير من ربّكم والله يختصّ برحمته من يشاء (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ودّ كثير من أهل ¬

(¬1) تم التسجل في 6 ربيع الأول 1417. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 100 - 103. (¬3) سورة البقرة، الآية: 105.

الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحقّ (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولا يزالون يقاتلونكم حتّى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا (¬2)}. هذه الآيات المباركات فيها التحذير من الإصغاء إلى كلام أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين، يقول الله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم (¬3)}، وفيها التحذير من الإصغاء إلى كلام أعداء الإسلام: {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار}، ويقول سبحانه وتعالى: {ودّوا لو تدهن فيدهنون}. فمن باب النصح للمسلمين والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((الدّين النّصيحة))، بل النصح هو وظيفة من وظائف الأنبياء، فقد قال بعض أنبياء الله: {ونصحت لكم ولكن لا تحبّون النّاصحين}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب مسلم .. وذكر منها: مناصحة أئمّة المسلمين))، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الله يرضى لكم ثلاثًا ويسخط لكم ثلاثًا .. وذكر من الثلاث: أن تناصحوا من ولاّه الله أمركم)). ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}، ويقول سبحانه وتعالى: {والمؤمنون ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 109. ... سورة هود، الآية: 113. (¬2) سورة البقرة، الآية: 217. ... سورة القلم، الآية: 9. (¬3) سورة البقرة، الآية: 120. ... سورة الأعراف، الآية: 79. ... سورة آل عمران، الآية: 104.

والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬1)}. بل أعظم من هذا أن ربنا عز وجل يقول: {لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (¬2)}. ومن باب القيام بما أوجب الله على أهل العلم، فإن الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون إلاّ الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التّوّاب الرّحيم (¬4)}. وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: الرد على أهل البدع أعظم من الجهاد في سبيل الله، أو أعظم درجات الجهاد في سبيل الله. ونحن في زمن تقلّب فيه الحقائق كما أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأهل العلم الذين كان يظنّ أنّهم سيدافعون عن الإسلام وسيحمون حماه إذا الإسلام يؤتى من قبلهم، وما كنا نظن أن يبلغوا إلى هذا الحد، وأن يدافعوا عن الكفر حتى يجعلوه واجبًا، دع عنك أنّهم يجعلون البدعة سنة، والضلال هدى، والغي رشدًا، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذكر الفتن إذ يقول: ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي فيها خير من السّاعي، من ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 71. (¬2) سورة المائدة، الآية: 78 - 79. (¬3) سورة الحجر، الآية: 94. (¬4) سورة البقرة، الآية: 159 - 160.

تشرّف لها تستشرفه فمن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به))، ونحن في زمن الفتن لا ينكر هذا إلا من أعمى الله بصيرته. فنقول: إن لهم أسلافًا: {ياأيّها الّذين آمنوا إنّ كثيرًا من الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل الله (¬1)}، {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (¬2)}، {وإنّ منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (¬3)}. أولئك نزل بعدهم قرآن ففضحهم كما تقدم، ونحن الآن لا ينْزل قرآن، وإلا لرأيت أن بعض أصحاب العمائم واللحى المحناة والثوب الذي إلى وسط الساق، يمكن أن يفضحه الله كما فضح عبد الله بن أبيّ {واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (¬4)}. وثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي كلّ منافق عليم اللّسان))، ويقول أيضًا: ((إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمّة المضلّون)). فهؤلاء حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 34. (¬2) سورة البقرة، الآية: 75. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 78. (¬4) سورة الأعراف، الآية: 175 - 176.

فتارة يمثله الله عز وجل بالكلب، تنفيرًا منفرًا، وأخرى يمثله بالحمار: {مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا (¬1)}. ولا تظنوا أن هذا في أهل الكتاب فقط، بل إنه في من زاغ وانحرف من الأئمة المضلين الذين سئلوا قبل أمس عن الديمقراطية؟ فقالوا: هي كفر. وسئلوا عند أن نزلوا إلى اليمن في مجلة (المستقبل): أتوافق على الديمقراطية؟ قال: نعم، أوافق عليها أنا وعلماء اليمن. فهل أنت علماء اليمن حتى تقول هذا، من أجل النصح للمسلمين وبيان تلبيس الملبسين وقد حصل الخير الكثير واتضحت الحقيقة وصدق النبيصلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((من رغب عن سنّتي فليس منّي)). فلا يكفي أن تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى تحت اللحية. وما رفع الله شأن أهل العلم إلا لأنّهم يقفون أمام الباطل ويقولون للمصيب: أنت مصيب، ولصاحب الباطل: أنت مبطل، {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬2)}، {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان}، {وإذا قلتم فاعدلوا (¬3)}. وجزى الله أهل السنة في جميع البقاع اليمنية خيرًا، فقد اتضحت حقائق الملبسين، والمتلونين، والذين يفتون بالأمس بفتوى وغدًا بفتوى كأنّهم ¬

(¬1) سورة الجمعة، الآية: 5. (¬2) سورة النساء، الآية: 135. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 152.

مفوضون في دين الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون (¬1)}، فلسنا مفوضين في دين الله: {فذكّر إنّما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر (¬2)}، {فذكّر بالقرءان من يخاف وعيد (¬3)}. فالتذكرة واجبة أهل العلم الذين صيّروا المساجد للدعوات الأمريكية، المساجد التي يقول الله فيها: {إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلاّ الله (¬4)}، {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه (¬5)}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن هذه المساجد إنما بنيت لذكر الله)). فأيهما أعظم: الدعوة إلى الديمقراطية في المساجد أم سؤال عن بعير، فقد ضاع على أحدهم بعير على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخذ يقول في المسجد: من رأى لي البعير الأورق، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا ردّها الله عليك، فإنّ المساجد لم تبن لهذا)). فلم تبن للدعوة إلى الديمقراطية، ولا قالت إذاعة لندن، وقالت مجلة (المجلة)، وقالت صحيفة (الشرق الأوسط)، وقالت جريدة (الجمهورية) أو كذا وكذا. ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 128. (¬2) سورة الغاشية، الآية: 21 - 22. (¬3) سورة ق، الآية: 45. (¬4) سورة التوبة، الآية: 18. (¬5) سورة النور، الآية: 36.

فهذا كلام لا يجب الإنصات له، فإذا رأيت الخطيب يوم الجمعة يدعو إلى الديمقراطية وإلى الانتخابات، فلا تستمع لمثل هذا الكلام، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله (¬1)}. المسلمون محتاجون إلى من يعلمهم دينهم. أما النساء فإن الله عز وجل يقول لنساء نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وقرن في بيوتكنّ (¬2)}، ويقول: {وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب (¬3)}، فالقبيلي الذي هو على الفطرة إذا سمع هذا الكلام كره أصحاب الانتخابات، إذا قالوا له: نريد أن تخرج زوجتك للتصوير وتدلي بصوتها في الانتخابات، وهم لا يستحيون يأتون بهن زرافات ووحدانًا. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لعن الله المصوّرين))، ويقول: ((كلّ مصوّر في النّار))، ويقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم (¬4)}، وستبقى هذه الصورة في الملفات كلما اشتهى ذلك الفويسق المسئول عن الملفات فتح الملف ينظر ويتمتع بالنظر إلى صورة هذه المرأة. وفى زمن الفتن ماذا يعمل المسلم؟ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((فإنّه من يعش منكم يرى بعدي اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين ¬

(¬1) سورة الجمعة، الآية: 9. (¬2) سورة الأحزاب، الآية: 33. (¬3) سورة الأحزاب، الآية: 53. (¬4) سورة النور، الآية: 30.

عضّوا عليها بالنّواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإنّ كلّ محدثة بدعة، وإنّ كلّ بدعة ضلالة)). فإذا التبست عليك الأمور فعليك بالرجوع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّ هذا القرءان يهدي للّتي هي أقوم (¬1)}، ويقول: {وننزّل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلاّ خسارًا (¬2)}. وباسم الإسلام يهدمون الإسلام، بل أعظم من هذا أنّهم يتوعدون أهل السنة ويجعلون المساجد للفتن. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)). فمن أجل الكراسي يقتلون أهل السنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا (¬3)}. وقد قال غير واحد من الإخوان المسلمين: هؤلاء أخطر من الشيوعيين. وقال آخر: إذا انتهينا من الشيوعيين سنرجع عليهم. وقال آخر: لو أن لي من الأمر شيئًا لبدأنا بكم قبل الشيوعيين. فنقول لهم: توعدكم هذا لا يثنينا ولا نبالي بكم، وصدق القائل إذ يقول: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا ... أبشر بطيب سلامة يا مربع ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 9. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 82. (¬3) سورة النساء، الآية: 93.

ولا نحتاج إلى أن نتقاتل نحن وأنتم، بل الله عز وجل يقول: {فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (¬1)}، ويقول: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (¬2)}. وهؤلاء يسلطون سفهاءهم على أهل السنة، وما عمل المبتدعة والحزبيون عملاً يضيقون به على أهل السنة إلا ازداد الناس حبًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبصيرة بهم. ولو أنّهم كانوا يعقلون لما استبدلوا الكفر باسم الإسلام، فهذا لا يكون بأي حال من الأحوال. الديمقراطية كفر، لأن معناها الشعب يحكم نفسه بنفسه، معناها لا كتاب ولا سنة ولا إسلام، وإباحة الزنا، واللواط، ودوس كرامة اليمنيين، وهيهات أن يقبل ترهاتكم اليمنيون الذين يقول فيهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية))، ويقول فيهم أيضًا: ((أهل اليمن هم أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا))، ويدعو لهم بقوله: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا، قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا، قال: ((هناك الزّلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشّيطان)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أتاكم أهل اليمن كقطع السّحاب خير أهل الأرض)) فقال له رجل ممّن كان عنده: ومنّا يا رسول الله، قال كلمةً خفيّةً: ((إلاّ أنتم)) رواه أحمد في "مسنده" من حديث جبير بن مطعم. ولا ينكر أن في اليمنيين جشعين وقد أفقروا الحزب البعثي، والحزب ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 59. (¬2) سورة الشورى، الآية: 10.

الاشتراكي، وقد أتاني أخ في الانتخابات الأولى من العدين وقد وزعوا السيارات والأموال، فقلت: ما حالهم هناك؟ قال: وجوههم عليها غبرة ترهقها قترة، لماذا؟ لأنّها تأخرت الانتخابات وسيحتاجون إلى أموال أخرى. والأموال تأتي من أرض الحرمين ونجد من بعض المشايخ ممن يحسنون الظن ببعض الناس، ولا بد أن نكشف ما هم عليه وأن نكتب لهم بما هم عليه من الخطابة وحث الناس على أن يتبعوا الخميني، ثم من المظاهرات التي يخرجون كالأنعام السائبة، ثم قضية الخليج وقد خرجوا في الشوارع: نفديك ياصدام بالروح والدم، الخ. ثم شغل الناس بعمر البشير: هذا الحاكم المسلم، والذي بلده في خير. فقام أخ من السودان فقال: أشهد لله بأنكم كذابون، عندنا فقر مدقع. وقد وهبنا أنفسنا لله عز وجل على أن نبيّن حقيقتهم، وهم البادئون، فمن الذي قال لكم تنشرون منشورًا أن مقبلاً يجيز الانتخابات. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في شأن الكذب: ((وإيّاكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النّار، وما يزال الرّجل يكذب ويتحرّى الكذب حتّى يكتب عند الله كذّابًا))، وإذا قيل لهم: ما هو المرجع؟ قالوا: كتاب البيضاني. وأقول: إن كتاب البيضاني شأنه كشأن ذلك الرجل الذي قيل له: صل قال: لست بمصل، فإن الله عز وجل يقول: {فويل للمصلّين (¬1)}. وشأنه كما قيل: ¬

(¬1) سورة الماعون، الآية: 4.

دعْ المساجد للعبّاد تعمرها ... واعمد بنا حانة الخمار يسقينا ما قال ربّك ويل للألى سكروا ... وإنما قال: ويل ... للمصلينا وشأنه شأن الذي يقول: الناس في خسارة ويستدل بقوله تعالى: {والعصر إنّ الإنسان لفي خسر (¬1)}، فالناس عنده في خسارة، ولو أكمل السورة لعرف {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصّبر (¬2)}، فإن البيضاني يقتطف كلمة ويترك بقية السياق، فهو يقتطف هذه الأشياء. وقد كنت منذ نحو ست أو سبع سنوات في جامع الدعوة بصنعاء وقلت: إن كان ولا بد فليختاروا الرجل الصالح، فهذه زلة أستغفر الله منها، ثم إننا لم نكن قد عرفنا مجلس النواب الطاغوتي الذي فيه احترام الرأي والرأي الآخر. وكذلك في الأهداف التي وزعوها في العام الماضي: الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة، وقد أغنانا الله بالكتاب والسنة، ماذا تريد منا الأمم المتحدة؟ تريد منا أن تمسخنا، فأمريكا تتحمس لرجل واحد إذا قتل في بلدنا وهي تبيد الشعوب المسلمة كما قيل: قتل امرئ في غابة ... جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل ... مسألة فيها نظر ونقول: إن قرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تحت الأقدام، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّ أمر الجاهليّة موضوع تحت قدمي)). وأنصح بقراءة كتاب ¬

(¬1) سورة العصر، الآية: 1 - 2. (¬2) سورة العصر، الآية: 3.

شيخ الإسلام ابن تيمية "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" لتعلموا ما حصل للمسلمين من زمن قديم. والناس يسمون دعوة الإخوان المسلمين دعوة موسمية يقولون: إننا لا نراهم إلا عند الانتخابات، يقول قائلهم {إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل (¬1)}. ثم يأتي المرشح ويقول: إن شاء الله سأحقق لكم كذا وكذا، وسأفعل كذا وكذا، وقضاياكم أسدها ثم بعد أن يرشحه المساكين ويستلم السيارة والمرتب الضخم يقلب اسمه (صلاحًا) (¬2) فإذا قيل له: يافلان أين ما وعدتنا؟ فيقول: لا يوجد شيء. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين))، فلماذا لا يقولون: هذه انتخابات فرضت علينا من أمريكا، بل يخدعون الناس ويقولون: إنّها الإسلام. وأقول: أن الناس عندهم تفكير وإن كان لدى بعضهم جشع، فقد قال قائلهم وقد كان بعض الإخوان المفلسين يستصحب معه بيضة في الانتخابات الأولى ويقول: البيضة بخمسة ريالات وذلك الرجل ناصري فقال: يا عبد المجيد كنت تقول بالأمس إن البيضة بخمسة ريالات وهاهي الآن بعشرة ريالات، فماذا عملتم؟ وقبيلي آخر في ذمار قال: قد عرفناكم ماذا عملتم لنا؟ فالانتخابات لا دنيا ولا آخرة، فماذا عملت الانتخابات في الجزائر؟ ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 58. (¬2) مثلٌ صعدي لمن تحول بعد قضاء حاجته فهو سريع التلون.

انتهكت حرمات الله وقضى على الدعوة في الجزائر وكانت الدعوة في الجزائر من أحسن بلاد المسلمين. وهكذا السودان فالانتخابات أتت لنا بالترابي ترّب الله وجهه الذي يسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويسخر منه ويقول: أنا آخذ بقول النصراني في أن الذباب إذا وقع في القهوة أصبها لأنه يحمل الجراثيم ولا آخذ بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول هذا ويضحك بمعنى أنه يسخر من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأيضًا مسألة الاختلاط والحجاب والدعوة إلى وحدة الأديان. وبعض الخبثاء يقول: حوار مع الأديان. ولكن الصحف السودانية والترابي عند أن ذهب إلى الخارج يقول: سندعو إلى وحدة الأديان ونضرب بيد من حديد على من وقف في طريقنا. وآخر يقول في الصحيفة وقد قيل له: لماذا اختير السودان بالذات؟ قال: لأن هناك شبهات حول السودان، فنحب أن يعلم الناس أنه لا فرق بين المسلم والنصراني. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (¬2)}. فنقول لأهل الانتخابات: اسمعوا كلام ربكم فإن الله عز وجل يقول: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا ¬

(¬1) سورة القلم، الآية: 35 - 36. (¬2) سورة ص، الآية: 28. (¬3) سورة السجدة، الآية: 18.

الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (¬1)}. فصوت الشيوعي والبعثي والناصري والعلماني وصوت العالم الفاضل واحد، والله سبحانه وتعالى يقول: {قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون (¬2)}. وربما يكون أنجس من الكلب، يقول الله سبحانه وتعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الصّمّ البكم الّذين لا يعقلون (¬3)}، ويقول: {إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة (¬4)}. فتأتي أمريكا وتفرض علينا الانتخابات ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تطيعوا أمر المسرفين الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (¬5)}، وتفرض علينا الديمقراطية التي معناها إبطال الكتاب والسنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وقليل من عبادي الشّكور (¬6)}، ويقول سبحانه وتعالى: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (¬7)}، وهؤلاء يعتبرون بالكثرة. إنّها مصيبة ومساومة بالإسلام، فالمسلم المصلي والمتمسك بدينه يخاف منه أعداء الإسلام أعظم مما يخافون من طائراتنا ومدافعنا ورشاشاتنا ومجلس نوابنا. فأنا أقول: إنّها تحرم الانتخابات، وقد أبدلنا الله الشورى: {وشاورهم في ¬

(¬1) سورة الجاثية، الآية: 21. (¬2) سورة الزمر، الآية: 9. (¬3) سورة الأنفال، الآية: 22. (¬4) سورة البينة، الآية: 6. (¬5) سورة الشعراء، الآية: 151 - 152. (¬6) سورة سبأ، الآية: 13. (¬7) سورة يوسف، الآية: 103.

الأمر (¬1)}، {وأمرهم شورى بينهم (¬2)}. والشورى بين أهل الحل والعقد: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬3)}. فأهل العلم والحل والعقد هم الذين يبتون في الأمر، ولا تأتي لنا امرأة متأثرة بالأفكار الشيوعية أو البعثية أو العلمانية ثم نجعلها نائبة، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأةً)). فصوت المغنية الفاجرة وصوت العالم واحد! وصوت العالم والخمّار واحد عندهم، وصوت الذكر والأنثى عندهم واحد! والله يقول: {وليس الذّكر كالأنثى (¬4)}. وأهل الشر أكثر في المجتمع الإسلامي كله، فهذه دسيسة جاءتنا من قبل أعداء الإسلام من أجل أن ينفّذوا لهم مخططاتهم. فهم محترقون ونقول لهم: لا تجعلوا ما في صدوركم على أهل السنة لأنكم تستضعفونهم، فيأبى الله والمؤمنون، وما من أحد من أهل السنة إلا وهو من قبيلة، فلا يظنوا أن المسألة فوضى وأهل السنة يعملون لوجه الله، ولا يعملون لأجل الكراسي: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة (¬5)}. وهؤلاء يقولون: ادع إلى أن ينتخب فلان، وخذ هذا الكيس بل الأكياس ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 159. (¬2) سورة الشورى، الآية: 38. (¬3) سورة النساء، الآية: 83. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 36. (¬5) سورة النحل، الآية: 125.

ووزعها على الناس من أجل أن ينتخبوا فلانًا، فالذي يستحق سيارة يعطى سيارة، والذي يستحق عشرة ألف أو عشرين أو ثلاثين ألفًا أعطوه. وقد أخبرت عن شخص من قبيلة من القبائل يقول وقد أعطي ثلاثمائة ألف: لا، قد أعطوني ثلاثمائة ألف فمن أعطى أكثر صوّتّ له. أفمثل هذا يجوز أن يؤمن على دين الله وهو مستعد أن يبيع الإسلام بأربعمائة ألف أو بخمسمائة ألف له ولقبيلته؛ والدولارات الأمريكية تتحرك وقت الانتخابات فأين الديمقراطية؟ وقد قال قائلهم: لولا نحن لما كنتم في المساجد. فأشهد الله بأن هذا القائل كذاب، فلم ضربوا إخواننا بالحديدة، ولم قتلتم أخًا في تعز، ولماذا أخذتم مسجد محمد المحويتي، ولماذا تحاولون أخذ مسجد عادل العيزري، ولماذا تحاولون أخذ مسجد يقوم فيه محمد جميدة بنشر السنة. فلو تولّوا علينا لما بقي هذا الجمع المبارك، ولكن الله هو الذي يحمي أهل السنة ويدافع عنهم {إنّ الله يدافع عن الّذين آمنوا (¬1)}. ودعوة أهل السنة محبوبة لدى الناس لأنّهم يعلّمونهم العقيدة وبر الوالدين وحقوق الجار، ويقولون لهم: إن القتل والقتال بين القبائل حرام، وسفك دماء المسلمين محرم، لأنّهم يبذلون أنفسهم وأموالهم من أجل نصر دين الله، لا من أجل أن يتبعهم الناس. نحن نقول للناس: تعالوا نتبع نحن وأنتم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلسنا أهلاً لأن نتّبع، ولستم أهلاً لأن تتبعوا، بل أنتم أردى منا بكثير. ¬

(¬1) سورة الحج، الآية: 38.

وبحمد الله فقد ماتت دعوة الإخوان المفلسين، لا توجد إلا بعض المادة تدعم دعوتهم من بعض شيوخ نجد سيسألون عنها أمام الله عز وجل، ونحن سنكتب لهم ونبين الحقيقة، وأما دعوة أصحاب الجمعيات الحزبيات الظاهرة، فقد كنا نقول بالأمس: إنّها حزبيات مغلفة، والآن حزبيات ظاهرة، وسيقولون: تناقضتم، فلا علينا منهم. ونحن كما يقول القائل: لو كل كلب عوى ألقمته حجرًا ... كان الحصى كل مثقال بدينار وقال آخر: أو كلما طنّ الذباب زجرته ... إن الذباب أذن عليّ كريم فوالله لا نبالي بصحيفة ولا بإذاعة ولا بمجلة، ولا نبالي برادّ علينا في كتاب، بل إن بعض الأشياء نفرح بها من أجل أن تتضح الحقائق لأولئك الرادين، لأن هذه دعوة الله وهو الذي أوجدها، فليست بدعوتنا، فمن نحن حتى يقال: إننا نحن الذين استطعنا بحمد الله أن نخرج طلبة العلم وأناس كانوا مراجع في البلاد اليمنية، فهذا أمر أراده الله، وإذا أراد الله بقاءه فسيبقى وعلى رغم أنوف الحاسدين الحاقدين. * * * وهذه بعض الحقائق عن الانتخابات ودخول المجالس النيابية من أحد الإخوة يقول: {الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: أيها الإخوة الكرام يجب أن نعرف ويعرف الناس جميعًا شيئين مهمين حول فتنة الانتخابات والدخول في المجالس النيابية. الشيء الأول: لا بد أن نبين التلبيس. والشيء الثاني: لماذا نحرم الانتخابات والدخول في المجالس النيابية. فنقول: وجه التلبيس، لماذا نمنع الصالحين من الدخول على الكفرة ليبينوا لهم الحق، وليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، فهذا وجه التلبيس. والجواب على التلبيس: أننا لا نمنع الصالحين من الدخول على هؤلاء الكفرة ولكننا نمنع الوسيلة التي بها دخلوا. قال هؤلاء الكفرة للصالحين: نحن لن نسمح لكم بالدخول إلينا حتى تسجدوا لصنمنا، فإذا سجدوا لصنمهم كفروا، فحينئذ لا ينفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأصحاب الانتخابات والمجالس النيابية قالوا للصالحين: لا ندخلكم معنا حتى تؤمنوا بالديمقراطية وتعطوا الكافر اليمني من الحقوق والواجبات مثل ما هي للمسلم، فإن آمنوا بالديمقراطية وأعطوا الكافر اليمني من الحقوق والواجبات ما للمسلم فقد كفروا فحينئذ لا ينفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والشيء الثاني: لماذا نحرم الانتخابات؟ نحرم الانتخابات لأنّها تعطي الكافر اليمني من الحقوق والواجبات ما للمسلم اليمني لا فرق بين المسلم والكافر، ولهذا نحرمها من هذا الباب، ولا نحرم أن يدخل الصالحون إلى الكفرة ليبينوا لهم ويدعوهم إلى الله وليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، لكن

إذا طلب هؤلاء الكفرة من هؤلاء الصالحين وقالوا لهم: نحن لا نسمح لكم بالدخول إلينا حتى تسجدوا لصنمنا، والصنم هي الديمقراطية، فلا بد أن يؤمنوا بالديمقراطية وإلا لم يقبلوهم في هذا المجلس. ولماذا نحرم المجالس النيابية؟ لأن فيها يستهزأ بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والحكم فيها للكثرة، وليس لله عز وجل، وفيها كتاب الله رأي من الآراء، فإذا وضعنا هذه القاعدة التي قعدوها وذكرها العمراني في فتواه وقال: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالدخول على الكفرة مباح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فإذا لم يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بهذا الدخول فهذا الدخول مباح، وقد يصبح واجبًا، لأنه لا بد من الدخول إلى الكفرة ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، لكن إذا كان هذا الدخول محرم، لأنك لا بد أن تسجد لصنم الديمقراطية فهذه القاعدة لا تنطبق على هذا الكلام، وهي قاعدة فاسدة في هذا القياس، لأن الدخول أصبح محرمًا وليس مباحًا، لأنه لا بد من السجود لصنم الديمقراطية ولا بد أن يساووا بين المسلم والكافر، ويتيحوا الفرصة للكافر أن ينتخب ويرشح من يمثله في مجلس النواب، والزنداني يستدل ببيعة العقبة ويقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أخرجوا لنا اثني عشر نقيبًا)). فهذا النداء موجه للذين تبوءوا الدار والإيمان وليس موجهًا للمسلمين والكفرة، فلا ينطبق هذا الاستدلال على ما نحن عليه وفينا الكافر والمسلم. وقد نقلوا لشخص اسمه علي سالم بكير مقالاً في الصحوة التي صدرت في (11/يناير/1996م) وعنوان المقال "الجهل المركب" فنقول له: من الجاهل صاحب الجهل المركب نحن أم أنت وقد تبين لك ذلك.

وقد ألقيت محاضرة في جامعة صنعاء تكلم فيها مشايخ الانتخابات: عبد الكريم زيدان، ومحمد يوسف حربة، وعبد المجيد الزنداني، وسنعرض على شيخنا الفاضل أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله وثبته على الكتاب والسنة بعض الفقرات التي ألقيت في تلك الساحة، ليبين لنا بعد كلامهم عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقبل أن نعرض كلامهم هناك أسئلة نلقيها على شيخنا الفاضل. السؤال223: احتج أصحاب الانتخابات بقول الألباني وابن باز وابن عثيمين فما قولكم في ذلك؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فأصحاب الانتخابات هم أعداء هؤلاء المشايخ، فقد كنا بالأمس نسمع في هيئة المعاهد العلمية بصنعاء أن الألباني ماسوني، عند أن أفتى للذين في فلسطين من المسلمين بأن يخرجوا لأنّها أصبحت دار حرب، شنوا عليه الغارات وضللوه وبدّعوه. وهكذا الشيخ ابن باز عند أن أفتى في قضية الخليج هاجموه. وعند أن أفتى بالصلح مع اليهود ونحن نتكلم على هذا مع قطع النظر عن صحة هذه الفتوى، فهاجموه وحملوا عليه ومنهم يوسف القرضاوي لا بارك الله فيه، فهم يريدون إحراق أهل العلم، فلا تصلح لهم حزبية إلا إذا احتيج إلى استفتائهم، فالحزبيون يذهبون إلى مشايخهم أمثال القرضاوي وفلان وفلان، أما العلماء فلا

يذهبون إليهم بل يريدون إحراقهم. وهذه الفتوى قد اتصلت بشأنها بالشيخ الألباني حفظه الله وقلت له: كيف أبحت الانتخابات؟ قال: أنا ما أبحتها ولكن من باب ارتكاب أخف الضررين. فننظر هل حصل في الجزائر أخف الضررين أم حصل أعظم الضررين، واقرءوا ترجمة أبي حنيفة تجدون علمائنا ينهون عن الرأي والاستحسان، ويرون أنه سبيل الاعتزال وسبيل التجهم، أما فتوى الشيخ الألباني فهم يأخذونها من زمن قديم. وأما الشيخ ابن عثيمين فمن عجيب أمره أنه يحرم الأحزاب والجماعات ويبيح ما هو أعظم وأخطر منها وهي الانتخابات التي هي وسيلة إلى الديمقراطية. فأقول لهؤلاء الملبّسين: لو تراجع هؤلاء المشايخ أكنتم متراجعين عن هذا أم لا؟ ونقول: إننا نرى حرمة التقليد؛ فلا يجوز لنا أن نقلد الشيخ الألباني ولا الشيخ ابن باز ولا الشيخ ابن عثيمين، فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم (¬2)}. فأهل السنة لا يقلدون، ثم نقول للمشايخ: إن فتواكم هذه خطيرة جدًا، ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 3. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 36.

ألم تعلموا أن بوش أخزاه الله عند أن كان رئيسًا لأمريكا يقول: أن السعودية والكويت لم تطبقا الديمقراطية. فعلى المشايخ أن يتراجعوا عن هذه الفتوى، وأنا أشهدكم أنني متراجع عن أي خطأ في كتبي أو أشرطتي أو دعوتي لله عز وجل، أتراجع بنفس طيبة مطمئنة. والمشايخ لا عليهم إذا تراجعوا، بل هو الواجب عليهم، لأنّهم لا يدرون بالذي يحدث في اليمن، وما الذي يدور في المجالس النيابية، وما هو الفساد الذي يحصل بسبب الانتخابات، قتل وقتال من أجل الانتخابات، وخروج النساء متبرجات، وتصوير للنساء من أجل الانتخابات، ومساواة الكتاب والسنة والدين بالكفر من أجل الانتخابات، وأي مصلحة حققت هذه الانتخابات. فيجب على المشايخ أن يتراجعوا، وسنرسل إليهم إن شاء الله، فإن لم يتراجعوا فنحن نشهد الله أننا براء من فتواهم لأنّها مخالفة للكتاب والسنة، رضوا أم غضبوا، أعراضنا ودماؤنا فداء للإسلام، ولا نبالي بحمد الله. والقوم قد احترقوا، ويعرفون أن كلامهم ليس له قيمة، وإن شئت أرسلت رجلاً ولا يشعر الناس، ولكن لا يكون حزبيًا، ليعلموا أن الإخوان المسلمين قد احترقوا في اليمن، والفضل في هذا لله عز وجل. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتراجع ونصرة المظلوم ونصرة إخوانهم أهل السنة يعتبر واجبًا عليهم، ودعونا من الرأي والاستحسان. ونحن نقول للمشايخ: هل حصلت الانتخابات في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن اختلفوا في شأن أسامة بن زيد هل يكون هو الأمير أم غيره؟ فهل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: انتخبوا فمن حصلت له الأصوات الكثيرة فهو الأمير!؟ وهل حصلت

الانتخابات في زمن أبي بكر؟ وهل حصلت الانتخابات في زمن عمر؟ وما جاء أن عبد الرحمن بن عوف تتبع الناس حتى النساء في خدورهن، فهذا يحتاج إلى نظر لأنه خارج "الصحيح"، فلا بد من جمع الطرق، وأنا متأكد أنّها إذا جمعت الطرق سيكون شاذًا، والشاذ من قسم الضعيف، ثم بحث عنه بعض الإخوة فوجد هذه الزيادة في غاية الضعف. هل حصلت الانتخابات في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني؟ أم إنّها جاءتنا من قبل أعداء الإسلام، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((لتتّبعنّ سنن من قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلكتموه)). فهي تعتبر فرقة وتشتيت شمل وعداء وبغض، حتى بين الأسرة الواحدة، من أجل هذه الانتخابات الدخيلة، ولا يضحك علينا الإخوان المسلمون فإنّهم ربما ينتخبون شخصًا لا يصلي ويقولون: نيته طيبة أو ينتخبون شيخًا جاهلاً. ولقد كانوا يمنون الناس في الانتخابات الأولى أن ما بينهم وبين أن يحكموا الإسلام إلا أن تنتهي الانتخابات، فأين الحكم بالإسلام؟ وأين إنجازات وزاراتهم التي كانوا فيها، والإخوان المسلمون هم الذين يقولون: إننا نقرر الأمر في مجلس النواب فتأتينا الأوامر بغير ذلك، ثم نخرج بما أتتنا به الأوامر من هنا وهناك. فاتقوا الله أيها المشايخ لا تقودونا إلى اتباع أمريكا، وإلى الديمقراطية التي تبيح ما حرم الله، والتي قد أباحت اللواط في بعض الدول الكفرية، وأباحت كل محرم؛ فنحن مسلمون عندنا كتاب ربنا {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا

فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله (¬1)}. فهل لنا دين في الزمن المتقدم ودين في الوقت الحاضر أم هو دين واحد إلى أن تقوم الساعة؟ والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك)). فعسى أن يتراجع المشايخ عن هذه الفتوى، وسننظر ماذا يعمل الإصلاحيون. والله المستعان. السؤال224: الانتخابات لكافة الشعب وفيهم المسلم الملتزم التقي وفيهم تارك الصلاة والسكران وفيهم الفاجر وفيهم غيرهم من العلمانيين والشيوعيين والبعثيين والناصريين وغيرهم ممن يحاربون دين الله عز وجل فهل ديننا يأمرنا أن نشاركهم في الانتخابات وهم بهذه الصورة المختلطة؟ الجواب: قد أجبت على هذا السؤال فيما تقدم فلا داعي للتكرار ولكنني أذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفرّ بدينه من الفتن)). وما جاء من الأدلة في التحذير من الفتن منها قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، إنّ السّعيد لمن جنّب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواهًا)). وجاء في "صحيح مسلم" من حديث معقل بن يسار: ((العبادة في الهرج ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 153.

كهجرة إليّ)). فهم لا يخافون من انتخاباتكم، بل نحن نعطي الفرصة لأعداء الإسلام ليعرفوا ثقل الإسلام من عدمه. بخلاف الإقبال على العلم والتعليم، وخير دليل على هذا هو معهد دماج والذي يضم في بعض الأوقات نحو سبعمائة طالب، وفي هذه العطلة نحو ألف وأربعمائة أو نحو ذلك فلماذا أمريكا ترسل جواسيسها، وتضغط على الحكومة من أجل أن تضيّق على المعهد فهم يخافون من الدين، ولا يخافوا من الانتخابات فلو كانوا يخافون منها لما موّلوها بدولاراتهم. السؤال225: أيجوز للمرأة أن تكون مفتية، كما قاله عبد الكريم زيدان؟ الجواب: عبد الكريم زيدان فويسق، حالق اللحية لابس البنطلون والكرفتة، وأقول: إن اليمن الآن أصبح للمنبوذين، من أمثال عبد الكريم زيدان وغيره. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (¬1)}. أظلم قلبك ياعبد الكريم زيدان لا بارك الله فيك، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتّى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصّفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السّموات والأرض، والآخر أسود مربادًّا كالكوز مجخّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 6.

من هواه)). وأريد من عبد الكريم زيدان أن يجلس مع نصراني، فلا تدري أيهما النصراني من المسلم. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من تشبّه بقوم فهو منهم)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم (¬1)}، ويقول: {وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى (¬2)}. وربما يأتون بشخص متشبه بأعداء الإسلام ويرى أن طريقة أعداء الإسلام أهدى، فبالأمس يأتون براشد الغنوشي لا بارك الله فيه ويقول: إن الديمقراطية أحسن من الدكتاتورية. والإسلام بريء من الديمقراطية والدكتاتورية. فلماذا لا ندعو الناس إلى الإسلام؟ وبعد غد إذا تكلمنا على عبد الكريم زيدان سيأتون بيوسف العظم فيحتاج إلى شريط آخر، ويأتون بعده بيوسف القرضاوي، قرضه الله بالبلاء. ولولا أنّهم تعرضوا وقالوا: إنني أفتيت بذلك لما تكلمت، لأنني من فضل الله قد أشبعت الموضوع في "فتوى في وحدة مع الكفار"، وفي "قمع المعاند"، و"زجرا لحاقد الحاسد"، وفي "المصارعة"، وفي كثير من الأشرطة، مثل شريط "كيفية الصلح مع الإخوان المسلمين"، لكن الدبور جرهم إلى أن ينشروا عني بأنني أجيز الانتخابات، ولو أن هناك حكومة لرحّلت هذا المنبوذ عبد الكريم زيدان من اليمن. وأقول: إنه ينبغي ألا يعبأ بكلامه ويكون كلامه تحت الأقدام، لأنه فاسق ¬

(¬1) سورة الصف، الآية: 5. (¬2) سورة فصلت، الآية: 17.

كما قال تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (¬1)}. السؤال226: هل اشتراك المرأة في الانتخابات من باب الإفتاء؟ الجواب: اشتراك المرأة في الانتخابات من باب الفساد والإفساد، وهنيئًا لك أيتها المرأة السنية، والمرأة القبيلية، وأما أصحاب (حزب حقّ البردقان)، فقد أخرجوا نساءهم للانتخابات، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أيّما امرأة استعطرت فمرّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا خرجت المرأة أستشرفها الشّيطان)). وأهل السنة مستريحون ينتخبون لهم أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأولئك تلقى أحدهم وقد نشف ريقه بسبب المشاكل والانتخابات. فأقول: أنا لا أثق بحزبي يتلون بحال من الأحوال، والتلبيسات ستنكشف. السؤال227: يقول عبد الكريم زيدان: إن الناس في الزمن الماضي ما كانوا محتاجين إلى الانتخابات؛ لأن الانتخابات وسيلة لمعرفة أصحاب الحل والعقد فما رأيكم في ذلك؟ الجواب: أما الآن فعنده الأمر مجهول، أما يوجد ياعبد الكريم زيدان الآن علماء أجلاء، فمن قال لك أنّهم مجهولون، هل الشيخ ابن باز مجهول؟ وهل الشيخ الألباني مجهول؟ بل أنت المجهول، لأنك قمامة أتي بك إلى كلية الإيمان. وقد أخبرت أن أناسًا من الصين أرادوا أن يلتحقوا بالجامعة الإسلامية، ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 6.

فقال لهم بعض العاملين في الإغاثة: ننصحكم بكلية الإيمان، وقد قلت لكم قبل: إن هناك أناسًا مندسين في السعودية. فهم يأتون بالقمامة إلى اليمن، فزكريا التوابيتي كان خبيرًا في المعاهد وأنا أعرفه، وقد كان لا يعرف كوعه من بوعه، واليمنيون ينفقون له الدولارات، فلا يقبل مرتّبه إلا إذا كان بالدولارات. وأنا أعلم أنه يوجد مسئولون صالحون في اليمن، والمراد بأهل الحل والعقد أن يكونوا من العلماء ومن المسئولين الصالحين، وهذا هو الذي قال ربنا: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬1)}. وهم يحومون حول مصيبة لليمن، فاليمن هادئ على أحسن ما يرام، فماذا حصل بعد الوحدة والانتخابات؟ التفاهم بالمدفع والرشاش، فلماذا لا يقول هؤلاء المدبرون: قد رضينا بك يا علي عبد الله صالح ونحن نطالبك بالاستقامة على الكتاب والسنة وإغلاق البنوك الربوية والقروض الربوية، والمطالبة بقلع شجرة القات لتحسين الاقتصاد، وتطهير الدوائر الحكومية وغيرها من النساء الفاتنات، وتقرب أهل الفضل والعلم والحل والعقد عندك إذا حدث أمر. فهذه الحزبية خطيرة، وكلهم يتنافسون للوثوب على السلطة، ثم تشتعل اليمن كما اشتعلت لبنان، وحصل في كثير من البلاد الإسلامية، ولكن الله عز وجل هو الذي سيحمي اليمن ويخيب آمالهم. ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 83.

وأقول: أنّهم يخافون من الرئيس غاية الخوف، ففي تشكيل الحكومة الأولى كانوا يريدون أن يشكلوا هم، فنظر إليهم بالعين الحمراء، فقالوا: شكل الحكومة كما تريد، ثم يأتي لهم بالوزارات التي أحرقتهم. فنسأل الله أن يدفع عن اليمن الفتن وشر هذه الحزبية الدخيلة، فيجب على الحزبيين أن يتوبوا إلى الله، وأنا آيس من توبة بعضهم، مثلهم كشجرة عباد الشمس فهي تتقلب مع الشمس تارة كذا وأخرى كذا، وكذلك الحرباء الذي إن مشى في أرض بيضاء صار أبيض أو في أرض سوداء صار أسود، وإن مشى في خضرة صار أخضر، وهكذا حالة الإخوان المسلمين يتقلبون ويتلونون. السؤال228: قال عبد الكريم زيدان: لا يمكن معرفة أهل الحل والعقد إلا عن طريق الانتخابات فما قولكم في ذلك؟ الجواب: إن لم تعرفهم أنت فقد عرفهم غيرك، وما هو إلا تلبيس، وإلا فأهل الخير معروفون ولو شئت لعددت لك من أهل الخير بمصر وبالسودان وفي أرض الحرمين ونجد وفي اليمن، وهكذا لكن قل بما تريده أمريكا، وقل إن أهل الشر مغمورون فنريد أن ننعشهم. أين أنت ياعبد الكريم من حديث: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك))؟ وقد كنت أسأل الإخوة العدنيين قبل الوحدة: كم تقدرون الشيوعيين؟ قالوا: أربعة في المائة وبعضهم يقول: عشرة في المائة، ثم بعد ذلك ما شعرنا بعد الانتخابات إلا وقد غطوا اليمن كله وفتحوا مكاتب الحزب الاشتراكي

وبعض المسئولين يستقبلهم ويقول: نحن نرحب بالديمقراطية، ويحضر افتتاح المكاتب. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه (¬1)}. ولو علموا أن قبيلتك ستنتخبك خصوصًا إذا كنت متمسكًا بالدين، يحولونك إلى دائرة ثانية عند الناس الذين يبغضونك، وقد حصل هذا لسليمان الفرح، فقد كان أهل رازح سيصوتون له، فشعر بأنّهم سيرمون به في دائرة ثانية فترك وقال: أنا لا أتقدم للانتخابات. فالانتخابات سياسة مدروسة، ليست لك من أول يوم إلى النهاية فأنت مسيّر من قبل أمريكا فنسأل الله عز وجل أن يدمر أمريكا وأن ييسر لها بشعب بطل يدمرها، كما دمر الشعب الأفغاني روسيا، فلا نزال في اضطرابات ما دامت أمريكا تغزونا بدولاراتها. السؤال229: وقال أيضًا: الانتخابات جزء من النظام الديمقراطي ويجوز في الإسلام الأخذ بجزئية صحيحة من النظام الجاهلي، واستدل بمسألة الجوار وحلف الفضول، فما قولكم في ذلك؟ الجواب: أما الانتخابات ومسألة الديمقراطية فإنّها مسيّرة من قبل أعداء الإسلام، وأما ما عليه القبائل فإن الإسلام أقر كثيرًا مما عليه القبائل منها: الكرم، وإكرام الضيف، وحقوق الجار، حتى القسامة أقرها الإسلام، فالله سبحانه وتعالى أرسل إلينا نبينا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم فله أن يقر ما يرى من عند ربه: ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 85.

{وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى (¬1)}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كلّ شيء من أمر الجاهليّة موضوع تحت قدميّ)). فهل ابتعدتم عن القروض والبنوك الربوية، وهل طهرتم المستشفيات من الاختلاط أم لا زالت فوضوية، تضع المرأة مولودها والموّلد رجل، والرجل تعالجه امرأة، على أن ذينك جائزان للضرورة. فالمسلمون الآن فوضويون ليس لهم إلا الله سبحانه وتعالى. والإخوان المسلمون مفسدون غير مصلحين: {ومن النّاس من يعجبك قوله في الحياة الدّنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدّ الخصام وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنّسل والله لا يحبّ الفساد (¬2)}، {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون ألا إنّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (¬3)}. فهذه الدعايات قد عرفها الناس فذلك فرعون يقول: {ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (¬4)}. فنقول: إن الديمقراطية تحت أقدامنا، وقد أغنانا الله بهذا الدين، والله سبحانه وتعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ¬

(¬1) سورة النجم، الآية: 3 - 4. (¬2) سورة البقرة، الآية: 204 - 205. (¬3) سورة البقرة، الآية: 11 - 12. (¬4) سورة غافر، الآية: 26.

ورضيت لكم الإسلام دينًا (¬1)}. فقد أكمل الله الدين ولا نحتاج إلى أمريكا تأتي وتكمله، ولا عبد الكريم زيدان يأتي ويكمله. السؤال230: وقال عبد الكريم زيدان: الأمة مسئولة عن تنفيذ الشرع، وتمكينها من الانتخابات أمر شرعي ليتأتى لها تنفيذ هذا الواجب، فما قولكم في ذلك؟ الجواب: نحن رأينا أن الانتخابات تزيد الطين بلة، فقد رأينا الفساد ينتشر بكثرة، فالرجل من أصحاب مجلس النواب يجلس وبجانبه المرأة، بل قد ضربت امرأة في الأعوام الماضية رجلاً عالمًا من أهل زبيد، ولكنه أعمى البصيرة، فعرضك مهدد في ذلك المجلس. السؤال231: وقال أيضًا: التعدد الحزبي يجوز في مفهوم الشرع ما دام في نطاق الشرع، لأن التجمع على الخير جائز واستدل بقوله تعالى: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير (¬2)}، فما قولكم في هذا؟ الجواب: الآية حجة عليه: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬3)}، فما قال: (ولتكن منكم أمم)، بل قال: {ولتكن منكم أمّة}. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 3. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 104.

لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله (¬1)}، وقال سبحانه: {إنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاعبدون (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (¬4)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((يد الله مع الجماعة))، ويقول: ((عليكم بالجماعة))، ولم يقل: ((بالجماعات)). واقرءوا كتاب أخينا ربيع بن هادي: "جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات". السؤال232: وقال أيضًا: تعدد المذاهب السياسية كتعدد المذاهب الفقهية، فما رأيكم في هذا القياس، مع العلم أن المذاهب السياسية تضم كثيرًا من الأحزاب الكافرة؟ الجواب: أقول: قبحك الله يا عبد الكريم زيدان، أتجعل العلماني مثل الشافعي، والشيوعي مثل أحمد بن حنبل، والبعثي مثل مالك بن أنس، والصوفي المبتدع مثل سفيان الثوري والشيعي المبتدع مثل إسحاق بن راهوية. وبعد هذا نقول له: ثبت عرشك ثم انقش، فنحن لا نعترف بهذه المذاهب، فمن قال لك: إنه لا بد أن يكون منا هذا شافعي، وهذا حنبلي ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 159. (¬2) سورة الأنبياء، الآية: 92. (¬3) سورة المؤمنون، الآية: 52. (¬4) سورة الأنعام، الآية: 153.

وهذا مالكي، ورب العزة يأمرنا أن نكون أمة واحدة واقرءوا التاريخ لتروا القتل والقتال فتارة بين الحنبلي والحنفي، وأخرى بين الحنبلي والشافعي وأخرى بين الحنبلي والمالكي، والسني والشيعي. فهذه المذاهب ما أنزل الله بها من سلطان، وأتحدى من يأتي بدليل من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله أمر إخواننا الحضرميين أن يكونوا شوافع، وأمرنا هاهنا أن نكون شيعة، وأمر أتباع أبي حنيفة أن يكونوا حنفية، والحنابلة أن يكونوا حنابلة، والله عز وجل يقول: {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (¬1)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن سمع خصاماً بين أنصاري ومهاجري فقال المهاجري: ياللمهاجرين، وقال الأنصاري: ياللأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أبدعوى الجاهليّة وأنا بين أظهركم دعوها فإنّها منتنة)). يجب أن تشعر أن أخاك الأعجمي الأسود اللون أخوك وأن تتألم لألمه: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى))، ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا))، ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التّقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)). وهؤلاء الأئمة هل دعونا إلى تقليدهم أم كل واحد نهى عن تقليده؟ بل واحد نهى عن تقليده كما هو معروف في الكتب، بل كل واحد منهم ¬

(¬1) سورة فصلت، الآية: 33.

يقول إنه يصيب ويخطئ. فالإمام أحمد يقول: لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا تقلد الأوزاعي وخذ من حيث أخذنا. والشافعي يقول: إذا صح الحديث فهو مذهبي، ومالك بن أنس يقول: كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر. يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالأساس باطل وما رتبت عليه باطل. السؤال233: وقال أيضًا: أما التجمع السياسي القائم على الشرع الإسلامي فهو يتبنى نمطًا من الآراء الفكرية ويسعى لتنفيذها فعلاً، فهل هناك تجمع سياسي قائم على الشرع الإسلامي؟ الجواب: القوم مستميتون دون باطلهم، فأمريكا لا تستطيع أن تقول هذا الكلام، لكن جاءوا لنا بصورة مسلم. والحمد لله ظهر الحق: {وقل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا (¬1)}. والسياسة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم مشروع: {إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين النّاس أن تحكموا بالعدل إنّ الله نعمّا يعظكم به (¬2)}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ))، ويقول: ((ثمّ إنّها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلّوا)). فهذه هي السياسة الشرعية. ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 81. (¬2) سورة النساء، الآية: 58.

والسياسة المباحة: سياسة الزعماء لشعوبهم بما لا يخالف الكتاب والسنة. والسياسة الثالثة: سياسة شيطانية وهي السياسة التي تخالف الكتاب والسنة. السؤال234: قال الزنداني: هذا المبدأ الأول يريد به الانتخابات والدخول في المجالس النيابية إعادته للأمة وطرحه للتشاور فيما بينها في الحقيقة عودة إلى الأصل الشرعي الصحيح. فما تعليقكم على هذا؟ الجواب: قبل هذا أقول: إن عبد المجيد الزنداني ضال مضل ملبّس، سيحمل وزره كاملاً يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلهم بغير علم. فمن تضليلاته مدحه للخميني الكافر الذي يقول: إن لأئمتنا منْزلة لا ينالها نبي مرسل، ولا ملك مقرب. يعنى أن أئمة أهل البيت أفضل من الأنبياء والملائكة، ويقول أيضًا: إن نصوص أئمتنا كالقرآن. ذكر هذين القولين في كتابه "الحكومة الإسلامية". ويقول من إذاعة طهران: إن الأنبياء وأئمة أهل البيت لم ينجحوا في مهمتهم والذي سينجح في مهمته هو المهدي. ويعنى به صاحب السرداب المختفي في زعمهم منذ زيادة على ألف سنة والذي قال فيه بعض أهل السنة: ما آن للسرداب أن يلد الذي ... كلفتموه بجهلكم ما آنا فعلى عقولكم العفاء فإنكم ... ثلثتم ... العنقاء ... والغيلانا فهذه الثلاث الخصال تدل على كفر الخميني. وقد سألت جريدة (المستقبل) عبد المجيد الزنداني: هل توافق على

الديمقراطية؟ قال: أوافق عليها أنا وعلماء اليمن. وعبد المجيد يلقى الصوفي بالوجه الصوفي، ومع الشيعي بالوجه الشيعي، ومع السني بالوجه السني، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ شرّ النّاس ذو الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)). وعبد المجيد أخرج شريطين في الدفاع عن التنسيق مع البعثيين، وعبد المجيد يشارك في مؤتمر حوار الأديان وهو الذي يسميه حوار الأديان والأخوة السودانيون يسمونه الدعوة إلى وحدة الأديان. وجلس في ناد في عدن بين الراقصات المغنيات، فلما قيل له: لماذا، قال: والله كنت أظن أنّهن صغار. عبد المجيد الزنداني أحرقه علي عبد الله صالح، فقد كلفه باستقبال وفد قادم من أسبانيا أو من دولة غيرها، فإذا هم مجموعة من النساء الكاسيات العاريات، وقد نصحته لوجه الله عز وجل أن تحذر من أن يحرقوك. وعبد المجيد الزنداني في قلبه حقد على أهل السنة يسخر منهم ويصفهم بأنّهم متقوقعين في المساجد. وقد استغوى جماعة من ضعاف الأنفس كأصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان وأصبحوا يتآمرون معه على عداوة أهل السنة. وإذا ذهبت إليه وقلت له: إخوانكم ضربونا في الحديدة في مسجدنا. يقول: ارجعوا إلى فلان وفلان. أي: إلى الذي ضربهم كما يفعل آل حميدالدين فيأتي الشخص ويشكو من القاضي أو من الناظرة، فيردوه إلى ناظرة همدان وإلى خصمه.

فأنصحه أن يجلس في بيته، فإن لم يستطع أن يجلس في بيته فلينتقل إلى أرض الحرمين ونجد فعبد المجيد في أرض الحرمين ونجد، غير عبد المجيد في اليمن، فهو هناك سني، حتى أنه كان يأتينا ونحن في المدينة ويتكلم معنا، وقد كنا نفرح به باعتباره من اليمن، فإذا كبار الإخوان لا يأتون، لماذا؟ قالوا: إنه محتاج إلى جلسة خاصة، من أجل أن يعلم هو نفسه. فلا ينبغي أن يصدر الفتاوى لأن الله عز وجل يقول: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (¬1)}، لكن الذين ليسوا بأذناب لعبد المجيد، فمحمد ابن إسماعيل العمراني الذي يقول: لا يعتبرونني عالمًا إلا إذا احتاجوا إليّ. فأقول: إنّهم الآن يتمسحون بك ياقاضي محمد، فانتبه جزاك الله خيرًا، فقد أصبحت تؤيد هذه الانتخابات وتستدل لها بالباطل. وأنصح عبد المجيد أن يسأل الشيخ ابن باز والشيخ الألباني ولا يلبّس عليهم من أجل معرفة الحقيقة. كما أنصحه أن يذهب إلى مأمن له ويتعلم وينشر العلم خيرًا له من أن يضل أناسًا من اليمنيين. وقد أمر الله عز وجل أهل العلم أن يقولوا الحق، وأن يكونوا قوامين بالقسط، وما رفع الله منْزلة أهل العلم إلا أنّهم يقولون للظالم: ياظالم، وللمرتشي: أنت مرتش، ويقفون في وجه المنكر: {لولا ينهاهم الرّبّانيّون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السّحت (¬2)}. فيجب على العلماء أن ينهوا الناس عن هذه الأباطيل والفتن التي غزتنا من ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 43. (¬2) سورة المائدة، الآية: 63.

قبل أعداء الإسلام. وبعد هذا فترّاهات أهل الباطل ليس لها نهاية وأنصح كل سني وسنية أن يتمسكا بالكتاب والسنة، وسيرجع الناس إلى الكتاب والسنة، فقد رجع أناس في مأرب وأناس بصعدة وفي جميع المدن اليمنية، وهذه الترّاهات زائلة فلا نريد أن نضيع وقتنا في الكلام على هؤلاء، فعندهم أنّهم يبنون على الخيالات وعلى الأوهام والتلبيسات وقد اتضحت حقيقتهم، وقد وصلت إليّ ثلاثة أشرطة لعبد المجيد الزنداني وسنكلف من يستمعها. وأنا أرى أن نتركهم لأن هراءهم وتلبيسهم ليس له نهاية.

تحريم الانتخابات على النساء الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فمسئولية عظيمة على هذه الأمة رجالاً ونساء، ومسئولية الرجال أعظم، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى (¬2)}. وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته، الإمام راع ومسئول عن رعيّته، والرّجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيّته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيّتها، والخادم راع في مال سيّده ومسئول عن رعيّته، وكلّكم راع ومسئول عن رعيّته)). وفي "الصحيحين" من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما من عبد استرعاه الله رعيّةً فلم يحطها بنصحه إلاّ لم ¬

(¬1) سورة التحريم، الآية: 6. (¬2) سورة طه، الآية: 132.

يجد رائحة الجنّة)). وكذا قوله سبحانه وتعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين (¬1)}. وهناك أدلة خاصة بالرجل في أهله ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((استوصوا بالنّساء، فإنّ المرأة خلقت من ضلع وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج)). ووصية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمّته بالنساء دليل على أنّهن يحتجن إلى رعاية، وأنّهن يحتجن إلى محافظة عليهن. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً (¬2)}. فالرجل له القيّوميّة على امرأته وعلى النساء اللاتي استرعاه الله عليهن. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول ذات ليلة: ((ماذا أنزل من الفتن كم من كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة، أيقظوا صواحب الحجر))، أي يقمن ويصلين. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شأن النساء: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشّيطان)). فقد جعل الله للرجل مرتبة، وأمر المرأة أن تطيعه، ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إذا دعا الرّجل امرأته إلى فراشه ¬

(¬1) سورة الشعراء، الآية: 214. (¬2) سورة النساء، الآية: 34.

فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتّى تصبح)) وفي رواية لمسلم: ((إلاّ كان الّذي في السّماء ساخطًا عليها حتّى يرضى عنها)). يقول الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام": يجب على الرجل أن يشكر الله عز وجل الذي يغضب لغضبه. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تتمنّوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض (¬1)}. فللرجل مزية وفضيلة على المرأة، لأنّها ناقصة عقل ودين كما جاء في "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في شأن النساء: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ))، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرّجل))؟ قلن: بلى قال: ((فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم))؟ قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها)). فقد جعل الله لها حصانة، وجعلك أيها الرجل تأتي بما تحتاج إليه المرأة، والمرأة تعتبر سيدة البيت إذا صبرت، فهي التي تتولى شئون البيت من نفقة وغيرها إذا كانت امرأة صالحة وليست بسفيهة. وهي مسئولة أمام الله عز وجل عن هذا الدين، ولو كان زوجها لا يبالي بها أو كان يدفعها إلى الباطل يجب ألا تطيعه ((إنما الطّاعة في المعروف)). يقول الله عز وجل في كتابه الكريم لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {ولا تطع من ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 32.

أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (¬1)}، ويقول: {يوم يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه لكلّ امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (¬2)}. فزوجك أيتها المرأة لن يغني عنك من الله شيئًا إن أطعته في الباطل بل سيتبرأ منك ويفر منك، ورب امرأة صالحة تكون خيرًا من بعض الرجال وقد قرن الله الرجال والنساء في غير ما آية: {والصّادقين والصّادقات (¬3)}، وقال: {فاستجاب لهم ربّهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض (¬4)}. ومستوى المرأة في المجتمع الإسلامي هابط حتى المتخرجات من الجامعات مستواهن الديني هابط، فمن النساء من إذا ظلمها زوجها تنظر إلى السماء وتظن أن السماء هي الله سبحانه وتعالى وتقول: أنظر إلى الله ما أوسعه!!. فهذه المرأة المسكينة محتاجة إلى تعليم، لا أن نزج بها إلى الاختلاط والتبرج وقلة الحياء، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((استوصوا بالنّساء فإنّ المرأة خلقت من ضلع وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه)). وأعظم وصية هي أن تفقهها في دين الله، فقد كانت أم سليم تسأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يارسول الله إنّ الله لا يستحيي من الحقّ فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟. ¬

(¬1) سورة الكهف، الآية: 28. (¬2) سورة عبس، الآية: 34 - 37. (¬3) سورة الأحزاب، الآية: 35. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 195.

وأخرى تسأل عن الحيض: قال: ((خذي ماءك وسدرك ثمّ اغتسلي وأنقي، ثمّ صبّي على رأسك حتّى تبلغي شؤون الرّأس، ثمّ خذي فرصةً ممسّكةً)) قالت: كيف أصنع بها يا رسول الله؟ فسكت، قالت: فكيف أصنع بها يا رسول الله؟ فسكت، فقالت عائشة: خذي فرصةً ممسّكةً فتتبّعي بها آثار الدّم، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسمع فما أنكر عليها. وربما استشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم سلمة وهي المرأة الفاضلة العاقلة. فالمسئولية عظيمة على المسلمين نحو نسائهم كما جاء في الحديث: ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: ((أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح ولا تهجر إلاّ في البيت)). {أومن ينشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين (¬1)}. ودين المرأة وعقلها وبنيتها لا يؤهلها لهذه الأمور التي يزجون بها فيها، وكما قال بعضهم في المرأة: نصرها بكاء فإذا اعتدي على أهلها أو على من تحبه تكبي وبرها سرقة فهي تريد أن تبرّ أهلها فتسرق من مال زوجها. فالمرأة ضعيفة يجب أن ينظر إلى حالتها، فإذا كانت وزيرة وتغيبت وقيل: أين الوزيرة؟ قالوا: وضعت. أو أين المستشارة قالوا: جاءتْها العادة الشهرية. وهن تتغير أحوالهن مع العادة الشهرية فتحتاج إلى أن تستريح في البيت. وعند أن نزلت مصر رأيت النساء تذهب من الصباح وشنطتها في يدها إلى بعد الظهر بساعتين، فإن كانت مدرّسة فإنّها لا ترجع إلى البيت إلا وقد كرهت نفسها، وإن كانت موظفة فأقبح من ذلك يختلي بها المدير والسكرتير ¬

(¬1) سورة الزخرف، الآية: 18.

إلى غير ذلك. الله عز وجل أكرم المرأة وحافظ على عفتها وكرامتها: {ياأيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين (¬1)}، {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ (¬2)}. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كتب على ابن آدم نصيبه من الزّنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنّى ويصدّق ذلك الفرج ويكذّبه)). والمرأة تذهب إلى الانتخابات ويمسك الموظف بيدها ويقبض على أصبعها حتى يضعها في الحبر حتى تعرف أنّها قد انتخبت فلا تنتخب مرة أخرى. فعلى المرأة أن تقوم بتربية أبنائها تربية إسلامية وجزاها الله خيرًا على هذه الخدمة التي تقدمها للإسلام، ولكن أبوا إلا أن يزجوا بها ويشغلوها عما أراد الله منها. يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء))، ولا يفهم من هذا أنني أبيح الانتخابات للرجال فلسنا نقرها وقد سبق الكلام عليها، لكن الانتخابات للنساء أقبح وأقبح. فالمرأة ربما تختار شخصًا يكون صاحب عضلات وهو شيوعي أو بعثي ثم ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 59. (¬2) سورة النور، الآية: 31.

تقول هذه المرأة: هذا هو الذي يمثل الأمة، والقانون لا يمنع من هذا بل يبيح لها ذلك. يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتّبعنّ سنن من قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه)). اللهم عليك بأمريكا التي أرادت أن تفسد نساءنا بعد أن أفسدت كثيرًا من رجالنا فهي التي فرضت علينا الطاغوت وهي الانتخابات، وأقبح من هذا من يدافع عن الضلال والكفر ويقال: إنه واجب. فأقول: لا كتاب ولا سنة ولا شيمة ولا قبيلة، أن تخرج المرأة تنتخب، ثم يأتي من يدافع عنها ويقول: إنّّها مثل الحج، فيا أيها المسكين الحج أوجبه الله عز وجل وأنت أوجبت الديمقراطية الطاغوتية والتي هي زحزحة الإسلام والعقيدة الإسلامية. فأقول: كفرنا بالديمقراطية الطاغوتية، وبدا بيننا وبينها العداوة والبغضاء، ويجب على المسئولين أن يكفروا بها، بل يجب على جميع الشعب اليمني أن يكفر بها. فنصيحتي للنساء ليست خاصة للنساء اليمنيات، بل هي نصيحة لجميع نساء الأمة، فالمرأة في إندونيسيا أو في ليبيا أو في الجزائر، أو في العراق أو في سوريا أو في مصر، حكم الله واحد فليس لليمن حكم وهذه البلدان حكم: {ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً (¬1)}، فأعداء الإسلام يريدون أن نهرول بعدهم ولن يرضوا بهذا حتى نكون كفارًا مثلهم والعياذ بالله، وقد ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 89.

تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كتب على ابن آدم نصيبه من الزّنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنّى، ويصدّق ذلك الفرج ويكذّبه)). ولا تدري ماذا يحصل للمسكينة التي يعطونها في اليوم ألف ريال من أجل أن تقيد أسماء الناخبين مع زملائها ومع الرجال الذين يضيّفونها فربما تغيب يومًا أو يومين، وهذه ليست بالوساوس بل هي أمور واقعة حدثت. فأقول: إنّهم عرّضوا الدين للإهانة، فالله سبحانه وتعالى يقول في شأن شهادة النساء: {فرجل وامرأتان ممّن ترضون من الشّهداء أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى (¬1)}. فشهادة المرأتين بشهادة رجل، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وليس الذّكر كالأنثى (¬2)}، وعند أن نسبوا لله البنات قال ربنا عز وجل: {تلك إذًا قسمة ضيزى (¬3)}. فأنصح المرأة المسلمة إذا رأت زوجها لا يبالي بها أن تبتعد عن هذه الانتخابات فإنّها تعتبر طاغوتية، أو كان زوجها ضعيفًا لا يستطيع أن يدافع عنها ويلزمه شيخ القبيلة بهذا أن ترفض هذا وتقول: أنا امرأة عفيفة لا أخرج عرضة للفتنة وأتصور، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لعن الله المصوّرين))، ويقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)). ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 282. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 36. (¬3) سورة النجم، الآية: 22.

وصورتك هذه ستوضع في الملف ثم يراها الفاسق، والبعثي، والشيوعي، والرجل المذبذب فيفتن بك، فواجب علينا ألا نهرول بعد أعداء الإسلام {ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم (¬1)}، فهم لن يرضوا عنا حتى نكون مثلهم. فهل قد خرجت المرأة للانتخابات في زمن أبي بكر أو عمر أو عثمان، أو علي بن أبي طالب؟ قالوا: إن عبد الرحمن بن عوف شاور النساء!. فأقول لصاحب هذا الكلام: إنه حاطب ليل، وحاطب الليل كما يقول الشافعي: هو الذي يمد حبله ويجمع الحطب فربما يجمع الثعابين في الظلام بين الحطب، بل صاحب هذا الكلام أقبح من حاطب ليل لأنه يعلم أن هذا منكر ثم يدافع عن المنكر، وهذا الأثر لا يثبت أن عبد الرحمن بن عوف استشار النساء حتى في خدورهن. بل إن النساء الصحابيات لو طلب منهن ما يخالف الشرع لأتين إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو الوالي يناشدنه الله ويحاكمنه إلى الكتاب والسنة. فعلى المرأة ألا تغتر بوسائل الإعلام، "قد قالت الإذاعة، وقد قال الشيخ الفلاني في التلفزيون". فأقول: إن هذا الشيخ لو كان فيه خير ما دخل التلفزيون، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لعن الله المصوّرين)). وأنا لا أنفي عنه الخيرية بالكلية لكن مجلسه ذلك لا خير فيه، أو يقال: قد أفتى الشيخ أن لا بأس أن تخرج المرأة منتقبة فهل تخرج إلى الطاغوتية. بل تخرج إذا كان لها حاجة في السوق وليس هناك من يقضيها لها أو إذا كانت تحتاج ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 120.

إلى أن تحترف في زراعتها أو أعمالها. وأرجو من كل النساء اللاتي يسمعن هذا الكلام أن يأخذن البطاقة أو الورقة الانتخابية وفي التنور، حتى تنقذي نفسك من النار، فإن كثيرًا من الناس أصبحوا لا يبالون بأنفسهم، بل يهمه أن ينجح في الانتخابات ولو ضحى بالإسلام والمسلمين. فاتقي الله أيتها المرأة، وأعلمي أنك مسئولة أمام الله عز وجل، ولن ينفعك إذا وضعت في قبرك زوجك، ولا أبوك، ولا ولدك، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته الّتي تؤويه ومن في الأرض جميعًا ثمّ ينجيه (¬1)}، {ياأيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة السّاعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حمل حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد (¬2)}. فالأمر خطير، وليست المسألة مسألة تصويت فأنت بصوتك تقررين الطاغوت، فالانتخابات قد تكلمنا عليها من قبل أنّها تسوية الرجل بالمرأة ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وليس الذّكر كالأنثى (¬3)}. تسوية الصالح بالطالح، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (¬4)}، وتسوية العالم الفاضل بالمرأة. ¬

(¬1) سورة المعارج، الآية: 11 - 14. (¬2) سورة الحج، الآية: 1 - 2. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 36. (¬4) سورة السجدة، الآية: 18.

شغلت الانتخابات المسلمين، وأورثت بينهم العداوة والبغضاء، وربما لا تأتي الانتخابات إلا وقد علا المرشحين الشيب، فقد باع شخص بالحديدة عمارته ووزعها على الناس حتى ينجح في الانتخابات فلم ينجح، وهذا قليل من كثير، بل ربما يجن أحدهم على ما أنفق بسبب الانتخابات. وأهل السنة بحمد الله في جميع المناطق اليمنية لا ينتخبون، ولا يطلبون الكراسي، ولا يطالبون الرئيس أن يتنازل عن كرسيه. فقد قال الإخوان المفلسون: إننا نريد أن نأخذ الكرسي بطريقة سلمية، فأشهد لله بأنكم تعلمون أنكم كاذبون، ليست إلا تلبيسات على العوام، قولوا: نأخذ السيارات بطريقة سلميه ونأخذ المرتبات بطريقة سلمية، ونضغط على أهل السنة، لأن غالبًا القرشي قد أهّلته الانتخابات لأن يكون وزير الأوقاف ثم بعد ذلك أبعده الله وأتى بمن هو شر منه وهو أحمد الشامي. وأقول: إن ضرر نجاح الإخوان المفلسين على أهل السنة عظيم، فهم مستعدون أن يتآخوا مع الشيوعي، ومع البعثي، ومع الصوفي، ومع الشيعي، ولكنهم ليسوا مستعدين أن يتآخوا مع أهل السنة. وقد قلنا لهؤلاء المغفلين: أن الحكومة تريد أن تسلطهم على أهل السنة، فهم ليسوا إلا مماسح للحكومة، من أجل أن يكرههم أهل السنة ويكرّهوا بهم عند المجتمع. أما دعوة أهل السنة فبحمد الله لن يضروها حتى ولو أخذوا عليهم مسجدًا أو مسجدين أو ثلاثة وكذلك أصحاب جمعية الحكمة -بفتح الحاء

والكاف (¬1) - فهي جمعية الحكمة وقد قرعت علينا عقيلاً، ومحمدًا المهدي، ومحمدًا البيضاني، وعبد الله الحاشدي وجمعًا، فقد أصبحت الحكمة في أفواههم لا يستطيعون أن يقولوا كلمة الحق. فالصوفية والإخوان المفلسون وأصحاب جمعية الحكمة أصبحوا يضيّقون على إخواننا في عدن خابوا وخسروا، فهل يظنون أنّهم يستطيعون القضاء على الدعوة، بل هم بهذا يقضون على أنفسهم، ويزداد الناس بصيرة بهم. وهكذا الملبّسون من الإخوان المفلسين كعبد المجيد الزنداني ومحمد الصادق، أما صعتر فسفيه، فما قد رددت عليه في شريط ولن أرد عليه، فهو ساقط لا ينبغي أن نهتم به. هذا ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضي ¬

(¬1) والحكمة هي ما يوضع في فم الحصان من الحديد إذا أراد أن يقرعه.

وهناك قصيدة طيبة لأخينا في الله علي بن على الرصاص حفظه الله يقول فيها: طفح الكيل أخانا ... وأتانا ما أتانا من أمور مشكلات ... قد سترناها زمانا كل من يدعو لحزب ... يرفض الحق عيانا ويعادي الحقّ جهرًا ... كائنًا من أين كانا لو أتاه من رسول ... قول صدْق ما استكانا إذ يقول الله قرن ... في بيوت يا نسانا ما لكنْ في الأمر حق ... لا ولا في الحكم شانا ونرى الحزب خرو ... جًا لانتخابات فكانا بل يقول الشيخ منهم ... انتصرنا بنسانا وشهادتها تساوي نصـ ... ـف شخص قد أتانا في كتاب الله فاقرأ ... واعرف الحق أخانا أن أتينا نصلح المـ ... ـيل يقولون كفانا هذه تغضب حزبًا ... قد أطعناه زمانا أفنرجوا غير ربي ... وهو للحق دعانا وهو نور فوق نور ... وبه نرقى الجنانا ليس يوم الحشر حزب ... نافعًا أو برلمانا يارجالاً طلبوا الحـ ... ـق استجيبوا لندانا لا تطيعونا ولكن ... لنطع ربي كلانا نقرأ القرآن جمعًا ... ونطبّقه عيانا نتّبع قول إلهي ... ونعلّمه سوانا سنة المختار تضحى ... مرجع الكل أخانا فإذا صرنا على هـ ... ـذا فأنعم بخطانا فاجتهد في الحق واعمل ... بالهدى ... لا ... تتوانى

ولأخينا في الله أبي رواحة الموري حفظه الله قصيدة في الانتخابات بعنوان: ... كشف الأوراق المطويات عن مفاسد الانتخابات يايراعًا (¬1) خاض في بحر الرمل (¬2) ... وقريضًا ينشد اليوم الأمل وقصيدًا قد مضى يحدوا بنا ... يطلب الحقّ لدى أحلى جمل قد بدت أبياته في ألق ... مثل شمس أخفت اليوم زحل كلها تطلب شيئًا واحدًا ... أن نروم الحق في الأمر الجلل كشفت أوراقه في وضح ... فإذا في الأمر أصناف الخلل ذلك الأمر الذي ننكره ... انتخابات ... تراءت ... بالمقل فلنكن ياقوم صفًّا واحدًا ... نأخذ التشريع من خير الرسل ولنسر ياقوم في درب الهدى ... إن من سار على الدرب وصل إنما الشورى هي النهج الذي ... عاش فيه الناس والقوم الأول قام أهل الدين بالشورى وكم ... قام أهل العلم من عقد وحل فانتخابات تمادى زيفها ... وإذا الإفساد فيها قد حصل لم يقم فيها سوى قوم لهم ... طعن هذا الدين في ثوم الدجل كاشتراكيّ وبعثيّ ومن ... قام بالتنسيق معهم لا خجل إن مضينا سوف نلقى دفترًا ... مثخنًا بالشر شبهًا بالرّسل (¬3) إذ بها التقليد للأعدا فكم ... شابهوا في الفعل أشرار الدول ¬

(¬1) اليراع: هو القلم. (¬2) الرمل، بتشديد الراء وفتح الميم: بحر من بحور الشعر. (¬3) الرسل، بتشديد الراء وفتح السين: هي الإبل المرسلة جماعات، كناية عن تتابع الشر.

مثل أمريكا تجاروا خلفها ... يدخلون الجحر طبقا للمثل (¬1) ورسول الله ألقى بيننا ... من تشبّه صار منهم في العمل (¬2) وابن عمرو جاء في ثوب له ... ورسول الله يلقي بالجمل أبهذا أمرت أمّك أن ... تشبه الكفار في اللبس المخل قال عبد الله: هل أغسلهما؟ ... قال: بل احرقهما (¬3) تمس البطل وبها تنفيذ تخطيط مضى ... من بني صهيون أمسى معتقل وبها خوض بغير الحق في ... مال ربي أنه شيء جلل إذ روى الجعفي (¬4) عن خولة في ... مسند صدق لمعنى ما نقل أن من خاض له النار غدًا (¬5) ... وجزاء الفعل أن يبقى مغل كم عداوات بدت في أرضنا ... قطّعت شملاً غدًا فينا وصل كم جهود لدعاة ضيّعت ... بانتخاب إنه الفعل الأشل شغلوا الأمة عن تاريخها ... من علوم وحديث كالحلل جعلوها تطلب الدنيا وقد ... تطلب الناقة أيضًا والجمل تطلب الدولار من أعدائها ... وتريد النصر والنصر فشل ¬

(¬1) إشارة لما في صحيح البخاري ومسلم عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ مرفوعًا: لَتَتبَعُنَّ سَنَنَ مَن كَانَ قَبلَكُم شِبرًا شِبرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَو دَخَلُوا جُحرَ ضَبٍّ تَبِعتُمُوهُم، قُلنَا: يَا رَسُولَ الله اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟، قَالَ: "فَمَن"؟. (¬2) إشارة لما في سنن أبي داود بإسناد صحيح عَن ابنِ عُمَرَ مرفوعًا: مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنهُم، وهو في الصحيح المسند لشيخنا حفظه الله، والارواء برقم (1269). (¬3) إشارة لما في صحيح مسلم عَن عَبدِ الله بنِ عَمرٍو رضي الله عنه قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ، فَقَالَ: أَأُمُّكَ أَمَرَتكَ بِهَذَا؟، قُلتُ: أَغسِلُهُمَا!، قَالَ: بَل أَحرِقهُمَا. (¬4) المراد به الإمام البخاري. (¬5) إشارة لما في صحيح البخاري عَن خَولَةَ الأَنصَارِيَّةِ رَضِيَ الله عَنهَا مرفوعًا: إِنَّ رِجَالا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ الله بِغَيرِ حَقٍّ فَلَهُم النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ. (6/ 153)

إذ تساوي بين صدق واضح ... وعظيم الأفك فيمن قد رحل بل تساوي بين حق صادق ... ومع الباطل قامت بالعمل أتساوي بصلاً في أكله ... بالذي يشرب من ذاك العسل؟ وانتخاب قد ترامى شره ... يخرج المرأة من جحر الخجل بعد أن خاطب ربي نسوة ... أن وقرن (¬1) ذلك الفعل الأجل أمر رب خالق سبحانه ... في كتاب فهو بالحق نزل جعل الزوج ليرعى أهله ... وهو مسئول إذا شر حصل (¬2) وإذا الزوج تخلّى مرةً ... عن قوامته وأرخى للكسل عاقب الرحمن من ذا صنعه ... بعقاب قدره قدر الزلل لم يجد في دربه رائحة ... من جنان (¬3) بل تردى بالشلل كم فتاة خرجت من خدرها ... تطلب النصرة في ليت لعل إذ بها راجعة خائبة ... بعظيم الأفك باءت والفشل جعلوها سلعة معروضة ... لكلاب همها ذاك الأكل عبر تصوير حرام قد مضى ... علمًا يظهر عن خير الرسل كل من صوّر يومًا صورة ... نفخ الروح بها (¬4) يا للخجل ¬

(¬1) إشارة لقوله تعالى: وَقَرنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى سورة الأحزاب، الآية: 33. (¬2) إشارة لما رواه الشيخان عَن مَعقِلَ بنَ يَسَارٍ -مرفوعًا- مَا مِن عَبدٍ استَرعَاهُ اللهُ رَعِيَّةً فَلَم يَحُطهَا بِنُصحِهِ إِلاَّ لَم يَجِد رَائِحَةَ الْجَنَّةِ. (¬3) إشارة لما رواه الشيخان وغيرهما عَن ابنَ عُمَرَ مرفوعًا: كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ. (¬4) إشارة لما رواه الشيخان عَن ابنِ عَبَّاسٍ مرفوعًا: مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدُّنيَا كُلِّفَ يَومَ القِيَامَةِ أَن يَنفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيسَ بِنَافِخٍ.

إن شر الناس ذا منْزلة ... من يضاهي (¬1) خلقه عز وجل كم فتاة خرجت في عطرها ... في جميل اللبس في أحلى الحلل فغدت في شرعنا زانية (¬2) ... حسبها في ذلكم أن تغتسل ربما في بلدة قد رشّحت ... وإذا الشر عليهم قد هطل أنه لا يفلح القوم إذا ... سوّدوا المرأة عن ذاك الرجل (¬3) جاء مصداقًا لما قد قاله ... خير رسل الله عن هذا الخلل كم فتاة خرجت كاشفة ... وإذا الزينة تبدو والكحل فتراها ثلة مسعورة ... لا تغض الطرف إلا من غفل يترك الصندوق ذو صندوقه ... صار ولهانًا وأمسى في الغزل عجبي من ثلة خائبة ... تطلب النصرة ممن قد سفل كم قبيليّ تولى ساخرًا ... ولسان الحال يزري بالأسل أن يرى قومًا أضلوا نهجهم ... ماتت الغيرة فيهم والخجل فانتخابات حرام حسبها ... عند شيخي مثل طاغوت أطل وادعيّ الخير قولاً راشدًا ... قلته أمسى نصيرًا للأول وابن باز لو رأى آثارها ... في بلادي لارتضى الحكم الأجل لن يقر الشر في أمته ... إذ به قد صار للخير محل وصلاة الله تغشى المصطفى ... دائمًا تتلى على مر الأزل ¬

(¬1) إشارة لما رواه الشيخان والنسائي عَن عَائِشَةَ مرفوعًا: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلقِ الله. (¬2) إشارة لما رواه أحمد وأبوا داود عَن أَبِي مُوسَى مرفوعًا: أَيُّمَا امرَأَةٍ استَعطَرَت ثُمَّ مَرَّت عَلَى القَومِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ. (¬3) إشارة لما رواه البخاري في صحيحه عَن أَبِي بَكرَةَ مرفوعًا: لَن يُفلِحَ قَومٌ وَلَّوا أَمرَهُم امرَأَةً.

نصيحتي لشباب عدن

نصيحتي لشباب عدن الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فهذه رسالتي إلى إخواني في الله أهل السنة، من أهل عدن حفظهم الله ودفع عنهم كل سوء ومكروه .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إنني أحمد الله سبحانه وتعالى، ففي عدن إخوان محبون لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومحبون للعلم النافع، ويعلم الله أنني أتمنى في كثير من الأوقات أنني أسكن عندهم في الأيام الباردة من أجل إفادتهم، ومن أجل المحافظة على الصحة وإننا نستبشر بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفًا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم))، فنرجو أن يحقق الله ذلك الحديث في ذلك الشباب المبارك، الذين أنقذهم الله سبحانه وتعالى من الشيوعية، ونحن نفرح لهم إذ أنقذهم الله من الشيوعية. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)).

ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّما المؤمنون إخوة (¬1)}. ويقول أيضًا: {ياأيّها الّذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم (¬2)}. ويقول أيضًا: {ياأيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم (¬3)}. وبحمد الله فشباب عدن الذين صبروا في السراء والضراء على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى تعلم القرآن في زمن الشيوعية التي أهلكت الحرث والنسل، في ذلك الوقت الذي لم يكن هناك إخوان مفلسون، ولا جمعية الحكمة ولا الإحسان اللتان يهمهما اختلاس أموال الناس، فقد كان الشباب في ذلك الوقت يدًا واحدة وجسدًا واحدًا، فلما حصل الأمن تاقت بعض النفوس إلى الدنيا وإلى المال، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (¬4)}، ويقول أيضًا في كتابه الكريم: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد متاع قليل ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد (¬5)}، ويقول أيضًا: {فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا ذلك مبلغهم من العلم إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى (¬6)}. ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 10. (¬2) سورة الحجرات، الآية: 11. (¬3) سورة الحجرات، الآية: 13. (¬4) سورة الكهف، الآية: 28. (¬5) سورة آل عمران، الآية: 196 - 197. (¬6) سورة النجم، الآية: 29 - 30.

إنك إذا نظرت إلى هذه الحزبيات وجدتها لا تريد إلا الحياة الدنيا، وإذا نظرت كذلك إلى أصحاب الحزبيات المغلفة الذين يختلسون أموال الناس، ثم يحاربون بها سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لوجدتهم مائلين إلى الدنيا. وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فالشباب بل والشيوخ في عدن أصبحوا متجهين لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا يريدون إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولن أنسى تلك المناظر وتلك الجموع الكثيرة، وبل ذلك الازدحام حتى في الضحى وفي وقت الأكل عند أن زرنا إخواننا في عدن حفظهم الله تعالى. فنصيحتي للشباب العدني بل وللشيوخ وللعامة أن يتمسكوا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن يبتعدوا عن أهل الدنيا، ولست أقصد ألا تحترف وألا تأكل من الحلال، أو لا تبيع ولا تشتري، أو لا تزرع، بل أقصد أن تبتعد عن أصحاب الحزبيات الذين يعدونكم بالوعود سواء أكانت صادقة أم كاذبة. والأمر الذي نصحت به إخواني أهل السنة في شريط (نصيحتي لأهل السنة) هو الأمر الذي أنصح به إخواني في الله أهل عدن، وهو أن نعامل المخالفين معاملة المسلمين لأنّهم متأولون حتى وإن كانوا يقولون: نحن ديمقراطيون، إذا كان يعتقد أن الديمقراطية حق ويؤمن بها فهو كافر، لكن إذا كان متأولاً لأجل مطامع الدنيا فهو ضال. فمثل أولئك أصحاب الحزبيات وأصحاب الجمعيات المغلفة أنصح الأخوة ألا يحضروا محاضراتهم، وألا يمكنوهم من المناقشة معهم، فقد جاء رجل إلى الإمام مالك وقال: إني أريد أن أناظرك! قال الإمام مالك: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال الإمام مالك: فإن جاء رجل آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذًا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاكّ مثلك فإني على ثبات من ديني.

فالمسألة مسألة مادة، فأصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان أكثرهم درسوا عندنا ويعرفون ما نحن عليه، فلماذا مالوا؟ إنّهم لم يستطيعوا أن يصبروا على ما صبر عليه طلبة العلم هاهنا، ولا على ما صبر عليه الإخوة العدنيون. بل يركضون ركضًا من تعز، وإب، وصنعاء، إلى قطر، وإلى أرض الحرمين يقولون: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين)) ويقولون أيضًا: {وما تقدّموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا (¬1)}، ولكن الذي يهمهم هو الحصول على الدولارات. فأقول: أف لعلم عاقبته الشحاذة؛ من أجل هذا سقطوا، وجمعية الإصلاح أردى وأردى في التلصص حتى لا يظن بعض الناس أننا ساكتون عن جمعية الإصلاح، ولنا رسالة بحمد الله بعنوان "ذم المسألة"، لما رأيناهم يركضون وليس لهم همّ إلا جمع الأموال، وبعد ذلك يحاربون بها سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإخواننا الذين اجتمعوا معهم في معبر مغفلون (¬2)، فهل نسوا أننا قد اجتمعنا معهم في دماج وكتبنا معهم ورقة وخرج شريط بعنوان "تمام المنة في اجتماع أهل السنة"؟ وهل نسوا عند أن أتى إليّ (عقيل) وأنا في تعز وقال: يا أبا عبد الرحمن أنا لا أخالفك. ثم مشى معي في بقية الرحلة، ثم قام وقال: أنا قد خرجت من جمعية الحكمة. فأقول: إنّهم إذا رأوا أنفسهم قد احترقوا، قالوا: نريد اجتماعًا. فنحن برآء من هذا الاجتماع الفاشل وسيصبح (فسوة سوق) وما له ثمرة. نحن نطالبهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وأن يرجعوا إلى إخوانهم أهل السنة. ¬

(¬1) سورة المزمل، الآية: 20. (¬2) والشيخ محمد الإمام من مشايخ أهل السنة في اليمن ومن القائمين بالدعوة على علم وبصيرة، ولكنها زلة.

أما إخواننا في عدن فأنصحهم ألا يحضروا محاضرات واجتماعات الحزبيين، كما تقدم ذلك في (نصيحتي لأهل السنة). وأريد من إخواني في الله أن يعاملوهم معاملة المسلمين: السلام عليكم .. وعليكم السلام. وإذا جاء حزبي إلى أخ في الله وقال: أريد أن أناقشك؟ فليقل له: ليس عندي وقت فأنت رجل فارغ. وأنا قد طردتهم عند أن كنت في تعز وقلت لهم: أنا عندي دعوة إلى الله، وعندي تأليف وتعليم وأحب أن أتزود من العلم، وأنتم ما عندكم إلا هذا؟ فما عندي وقت لمناقشتكم، توبوا إلى الله فيما بينكم وبين الله عز وجل وأنتم إخواننا ولا نريد أن نخسركم. وكذلك ننصح إخواننا في عدن ألا يكثروا الجدل، بل يقبلوا على طلب العلم، ولينظروا إلى دراستنا في دماج كيف أزعجت الدنيا. ونبشر إخواننا فاليوم هو (30/ جمادى الأولى/ 1416) ونحن بحمد الله بخير والمسجد ممتلئ بطلبة العلم، والدعوة مستمرة على أحسن حال والفضل في هذا لله عز وجل. أما بالنسبة للصحف السخيفة فأرجو أن يراجع شريط "جلسة قصيرة مع عميان البصيرة" وهذا الشريط مكتوب في كتاب "المصارعة" فلا نحتاج إلى أن نردّ كل يوم على هذه الصحف السخيفة. فطالب العلم ليس لديه وقت لهذه المهاترات، فنحن نهيّئه للتأليف والتحقيق والدعوة إلى الله عز وجل، وأن يكون الواحد منهم يعدل ألفًا ممن مالوا إلى الدنيا. فينبغي أن نقبل على طلب العلم ونترك الجدل. وأقول لإخواننا في عدن: اتركوا الجدل، فقد روى الترمذي في "جامعه" عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما ضلّ قوم بعد هدًى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل)) ثمّ تلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الآية {ما

ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون (¬1)}. فإن قال قائل: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن (¬2)} فهذا إذا علمت الثمرة، أما أن يأتي شخص ويريد أن يأخذك ويضيعك كما ضاع، فلا، اقرأ سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم واقرأ قوله سبحانه وتعالى: {ألم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ الله الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (¬3)}. وجاء من حديث سعد بن أبي وقّاص قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أيّ النّاس أشدّ بلاءً؟ قال: فقال: ((الأنبياء، ثمّ الأمثل فالأمثل، يبتلى الرّجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتدّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتّى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)). والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ لكلّ أمّة فتنةً وفتنة أمّتي المال)). فهل تعلم أنّهم وإن أعطوك أربعة آلاف، فربما هم يتقاضون ثمانية آلاف، فعليك أن تستغني بالله والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفّه الله)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون (¬4)}. أفمن أجل أن تبقى إمام مسجد تدخل معهم في البدع وتصانع أهل ¬

(¬1) سورة الزخرف، الآية: 58. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 46. (¬3) سورة العنكبوت، الآية: 1 - 3. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 200.

البدع؟ تعلم وأقبل على العلم وبعد ذلك لو أردت مائة مسجد من فضل الله، فلا تصانع أهل البدع ولا تدخل معهم من أجل أن يبقوك إمامًا للصلاة، ولن تبقى وزارة الأوقاف مع (غالب القرشي) بل ستتحول عنه في يوم من الأيام ويكون الناس بإذن الله سواسية. وانظروا بارك الله فيكم إلى حالة (عبد المجيد الريمي) وإلى حالة (محمد البيضاني) وإلى حالة (محمد المهدي) وإلى حالة (عقيل المقطري) فقد كانوا من أبرز طلابنا وبعد ذلك أصبحوا مغلّقين على أنفسهم، يقولون: انتبهوا، وهذا جاسوس، وإذا اجتمعنا فليأت كل واحد من شارع، والسيارات لا تبقى عند باب البيت الذي نحن فيه، وهكذا، ضاعوا، والدنيا هي التي ضيعتهم، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء)) وأنا أعرف أنّها تأتيهم أموال ضخمة من هاهنا ومن هناك، فلتكن عندنا مثل البعر فإنّها لو كانت كرامة لأكرم الله بها نبيه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولما كان يجوع ويربط الحجر على بطنه، ولما كان أصحابه يخرّون على وجوههم ويغشى عليهم ويظن الظان أن بهم جنونًا وما بهم من جنون. فعلينا أن نرضى بالحالة التي نحن عليها من فضل الله، وانظروا إلى مسجد دماج ولا أقول معهد دماج ولا دار الحديث بدماج بل هو مسجد، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)). وأنا أود أن في عدن مسجدًا ومكتبة حتى إذا وفق الله وأتينا نبقى في البحث مع إخواننا والاستفادة معهم. وأفّ لكثير من التجار، فطلبة العلم

الذي لا يملك أحدهم ثمن الركوب في الباص للذهاب إلى المحاضرة، والصوفي يعطي الصوفيين، والحزبي يعطي الحزبيين، وأهل السنة حالتهم يعلمها الله، ولكن لعل الله سبحانه وتعالى اختار لنا هذه الحالة، فلو كان عندنا أموال ربما يحصل لنا مثل غيرنا. والله المستعان. وبحمد الله فيوجد في عدن طلبة علم مستفيدون منهم الأخ أحمد بن عثمان حفظه الله والأخ عبد العزيز الدراوردي وغيرهما، أنصح إخواني في الله أهل عدن بالالتفاف حول هؤلاء الإخوة وتجلسون معهم وتفتحون دروسًا في اللغة العربية وفي علم الحديث وفي المصطلح وفي العقيدة، وإذا جاءكم من يريد أن يصرفكم عن هذا فقولوا له: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، وقولوا كما قال ربنا عز وجل: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا (¬1)}، وكما قال ربنا عز وجل في صفة عباد الرحمن: {وإذا مرّوا باللّغو مرّوا كرامًا (¬2)}، وكما قال ربنا لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (¬3)}. فإن شاء الله تطلبون العلم، والعلم ميسر من فضل الله وتجلسون لإخوانكم طلبة العلم، ونحن إن شاء الله سنزوركم، ولا بد من أن يسعى إخواننا في إيجاد مكتبة وبيت للقادمين الدعاة إلى الله حتى لا يشغلوا إخوانهم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. ¬

(¬1) سورة الفرقان، الآية: 63. (¬2) سورة الفرقان، الآية: 72. (¬3) سورة الأعراف، الآية: 199.

نصيحتي لأهل السنة من الجن

نصيحتي لأهل السنة من الجن (¬1) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا الله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فقد روى الإمام البخاري ومسلم في "صحيحهما" عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على إقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والنّصح لكلّ مسلم. وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي رقيّة تميم الدّاريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الدّين النّصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم)). وهكذا أنبياء الله فهم ناصحون لأممهم فقائل منهم يقول: {وأنصح لكم (¬2)}، ويقول آخر: {ونصحت لكم ولكن لا تحبّون النّاصحين (¬3)}. ونصيحتنا هنا لإخواننا أهل السنة من الجن، والجن هم كبني آدم فيهم الصالحون وفيهم الفاسدون الأشرار المردة كما قال الله سبحانه وتعالى حاكيًا عنهم: {وأنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددًا (¬4)}، وفي آية ¬

(¬1) تم التسجيل في 19 ذي القعدة 1416. (¬2) سورة الأعراف، الآية: 62. (¬3) سورة الأعراف، الآية: 79. (¬4) سورة الجن، الآية: 11.

أخرى: {وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدًا (¬1)}. فمنهم الكافر الشرير المفسد، وفيهم الجاهل وفيهم السني، وفيهم الشيعي، وفيهم الصوفي وقد جاء جنيّ إلى الأعمش فأذن له الأعمش أن يأكل طعامًا ثم سأله الأعمش: أفيكم أحد أو شيء من هذه النحل؟ أي من أصحاب الأهواء قال: نعم، ونجد شرهم الرافضة. وكانوا ربما يأتون إلى العرب، فقد قال قائل العرب: أتوا ناري فقلت: منون أنتم؟ ... فقالوا: الجن، قلت: عموا صباحًا وكانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد أرسلهم الشيطان عند أن منعوا من استراق السمع من السماء، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجنّ يستمعون القرءان فلمّا حضروه قالوا أنصتوا فلمّا قضي ولّوا إلى قومهم منذرين قالوا ياقومنا إنّا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدّقًا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين (¬2)}. فلما أرسلهم إبليس لينظروا ما الذي حدث ومنعوا بسببه من استراق السمع ومن الصعود إلى السماء، رأوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه بوادي نخلة وهو واد بين مكة والطائف كما أخبرنا ربنا في الآيات التي تقدمت، وأيضًا ¬

(¬1) سورة الجن، الآية: 14. (¬2) سورة الأحقاف، الآية: 29 - 32.

في قوله تعالى: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرءانًا عجبًا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به ولن نشرك بربّنا أحدًا (¬1)}، فقد استجابوا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتأثروا بقراءته، ورجعوا دعاة إلى الله بسبب سماع القرآن. وأما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يخبر بهم إلا أنه أخبرته شجرة كما جاء في "صحيح البخاري" من حديث ابن مسعود. والله سبحانه قادر على أن ينطق الشجرة، ويجعلها تكلّم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد كانوا تسعة أحدهم يقال له: زوبعة. وكما أخبرنا عز وجل فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، فقد جاء في "مسند الإمام أحمد" عن ابن عبّاس قال: خرج رجل من خيبر فاتّبعه رجلان وآخر يتلوهما يقول: ارجعا ارجعا حتّى ردّهما ثمّ لحق الأوّل فقال: إنّ هذين شيطانان وإنّي لم أزل بهما حتّى رددتهما، فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأقرئه السّلام وأخبره أنّا هاهنا في جمع صدقاتنا، ولو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه. ومنهم من أسلم كما أخبرنا الله عز وجل: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلاً أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورًا (¬2)}. وقد كان الإنس يعبدون الجن كما في "صحيح مسلم" من حديث ابن مسعود فأسلم الجنيون والإنس لا يعلمون بذلك فبقي الأنس على عبادتهم ¬

(¬1) سورة الجن، الآية: 1 - 2. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 56 - 57.

للجن، فأخبر الله وسفّه الإنس الذين يعبدون الجن. ويقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {ويوم يحشرهم جميعًا يامعشر الجنّ قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الّذي أجّلت لنا قال النّار مثواكم خالدين فيها (¬1)}. وقال في آية بعدها: {يامعشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرّتْهم الحياة الدّنيا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين (¬2)}. ففي هذه الآية الكريمة أنه أرسل إليهم وقد اختلف العلماء هل من الجن رسل، أم الرسل من الأنس؟ وظاهر الآية أن منهم رسلاً، ولا يضرنا ذلك. وهم مجزيون ومحاسبون إن أحسنوا دخلوا الجنة، لأن بعض الناس يقول: إن الجن لا يدخلون الجنة، وليس عنده دليل لا من الكتاب ولا من السنة. وقد تقدم قول الله عز وجل: {يامعشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا}، فيقول بعدها: {ولكلّ درجات ممّا عملوا (¬3)}. وقول الله عز وجل: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآيات لأولي الألباب (¬4)}، ثم بعدها: {فاستجاب لهم ربّهم أنّي لا ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 128. (¬2) سورة الأنعام، الآية: 130. (¬3) سورة الأنعام، الآية: 132. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 190.

أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض (¬1)}. ويقول عز وجل في كتابه الكريم: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا إلى قوله أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحيّةً وسلامًا (¬2)}، ويقول الله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كانت لهم جنّات الفردوس نزلاً (¬3)}. فمن الجن مؤمنون، وهم مكلفون تشملهم الآيات القرآنية: {قد أفلح المؤمنون الّذين هم في صلاتهم خاشعون إلى قوله تعالى أولئك هم الوارثون الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (¬4)}. فالقول بأنّهم لا يدخلون الجنة هو قول باطل، ليس هناك دليل من الكتاب والسنة. وموضوع الجن موضوع طويل لو كتب فيه كاتب لأخرج كتابًا مثل "بلوغ المرام" أو "رياض الصالحين" من حيث انقسامهم إلى مسلمين وكافرين، ومن تسلط الشياطين والجن على بني آدم، ومن حيث وسوسة الشياطين لبني آدم، فإن المعتزلة يقولون: إن الجن لا يسلطون على بني آدم، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ (¬5)}. ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 195. (¬2) سورة الفرقان، الآية: 63 - 75. (¬3) سورة الكهف، الآية: 107. (¬4) سورة المؤمنون، الآية: 1 - 11. (¬5) سورة البقرة، الآية: 275.

وفي "صحيح البخاري" عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عبّاس ألا أريك امرأةً من أهل الجنّة؟ قلْت: بلى، قال: هذه المرأة السّوداء أتت النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: إنّي أصرع وإنّي أتكشّف، فادع الله لي. قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنّة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)). فقالت: أصبر، فقالت: إنّي أتكشّف فادع الله لي ألاّ أتكشّف، فدعا لها. ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة بعنوان "إيضاح الدلالة في عموم الرسالة" بمعنى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رسول إلى الجن والإنس. ويجوز أن يتلبس الجني بالإنسي، وهذا كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "إيضاح الدلالة": لو لم يرد دليل لما كان لنا أن ننكره، لأن الإنكار يخالف الواقع، ويخالف الدليل. وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ما من مولود يولد إلاّ والشّيطان يمسّه حين يولد، فيستهلّ صارخًا من مسّ الشّيطان إيّاه إلاّ مريم وابنها)) ثمّ يقول أبوهريرة: واقرءوا إن شئتم: {وإنّي أعيذها بك وذرّيّتها من الشّيطان الرّجيم (¬1)}. والفلاسفة ينكرون وجود الجن، وقد انزلق محمد رشيد رضا في هذا وقال: إن الجن عبارة عن الجراثيم، لأنّها لا ترى إلا بواسطة المكبر، وهو يقول هذا الكلام حتى يوافق المستشرقين من أعداء الإسلام الذين لا يؤمنون إلا بالمحسوسات. ثم تبع الفلاسفة من تبعهم من أفراخهم، ثم المعتزلة أنكروا تسلط الجن وإن ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 36.

كانوا لم ينكروا وجود الجن، وهناك كتاب قيم بعنوان "صيحة الحق" لرجل اسمه درويش تكلم على التوحيد، ولكنه زلق أيضًا وأنكر أن يتلبس الجني بالإنسي. وأقول: كيف ينكر هذا وأمثاله، ورب مصروع لا يحفظ القرآن وتجده يقرأ القرآن، ورب مصروع لا يحسن اللغة الإنجليزية وتجده يتكلم بها، ورب مصروع لا يحسن اللغة التركية فإذا صرعه الجني تكلم بها. والصرع علاجه الأذكار. وبقي: هل الجن يعلمون الغيب أم لا؟ هم لا يعلمون الغيب كما يقول ربنا عز وجل في شأن سليمان: {فلمّا قضينا عليه الموت ما دلّهم على موته إلاّ دابّة الأرض تأكل منسأته فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (¬1)}. ونرجع إلى نصيحتنا لأهل السنة من الجن، فقد يوجد من الجن من أهل السنة من هو جاهل كما يوجد من أهل السنة من الإنس من هو جاهل. فننصحهم بتقوى الله عز وجل، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد (¬3)}. وهي نصيحة الله عز وجل لعباده: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا الله (¬4)}. ¬

(¬1) سورة سبأ، الآية: 14. (¬2) سورة الأحزاب، الآية: 70. (¬3) سورة الحشر، الآية: 18. (¬4) سورة النساء، الآية: 131.

وقد تقدم قول الله عز وجل: {وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدًا وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبًا (¬1)}. ويقول ربنا عز وجل: {يامعشر الجنّ والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السّموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلاّ بسلطان فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (¬2)}. فنحن نتواصى بتقوى الله عز وجل ثم بالتعاون: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬3)}. وننصحهم بالتفقه في دين الله: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدّين)). وقد يكون الشخص منهم جاهلاً، فربما يؤذي إخوانه وهو يظن أنه سني، أو أنه مؤمن من المؤمنين الصالحين، وقد يكون مؤمنًا فاسقًا فيؤذي إخوانه كما يحدث لكثير من المصروعين، فربما يقرأ عليه القرآن والذي بداخله يسابق بالقرآن، هذا إذا كان مؤمنًا صالحًا، أما إذا كان شيطانًا فسواد بن قارب رآه عمر فقال: إن هذا على دين الجاهلية أو كان كاهن قومه عليّ به؟ فأتى به، فقال له عمر: إنك على دين الجاهلية أو كنت كاهنًا قبل، فقال الرجل: ما رأيت شرًا ما قوبل به رجل مسلم مثل اليوم، فقال له عمر: قد كنا على شر من ذلك، فقال: أما أني كنت كاهن قومي، ثم قال له عمر: متى تركك جنيّك؟ قال: عند أن قرأت القرآن فلم يأتني. ¬

(¬1) سورة الجن، الآية: 14 - 15. (¬2) سورة الرحمن، الآية: 33 - 35. (¬3) سورة المائدة، الآية: 2.

فهذا أمر مهم أن يتفقه الجن من أهل السنة في دين الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وقل ربّ زدني علمًا (¬1)}، ويقول: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى (¬2)}. وكيف يستطيع الجن أن يميزوا بين الحق والباطل إذا لم يتفقهوا في دين الله، خصوصًا ونحن في هذا العصر المظلم، فلا بد من التفقه في دين الله. فقد اغتر كثير من الإنس ببعض الدعاة إلى الله، فيرون اللحية المحنّاة والثوب إلى وسط الساق، والعمامة المبرومة، ثم يقولون: هذا هو الداعي إلى الله. ولا بد أنه يوجد في الجن من هذا النوع، وأنا أضرب لكم الأمثلة من الإنس الحزبيين الذين يوجدون عندنا والذين يحرفون الكلم عن مواضعه. كنت وعبد المجيد الزنداني عند الرئيس، فقلت لهما: أنا أتحداكما أن تثبتا برهانًا على أننا متشددون، لأنّهم يقولون أن أهل السنة متشددون. فسكت الرئيس ويشكر على ذلك فقال عبد المجيد الزنداني: أما أنا فعندي كلامك في الأشخاص، فقلت له: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لمعاذ: ((أفتان أنت يا معاذ؟)) ويقول لأبي ذر: ((إنك امرؤ فيك جاهليّة)). فالتفت الرئيس إلى عبد المجيد الزنداني بمعنى ما هو جوابك؟ فما كان من عبد المجيد الزنداني إلا أن قال: إن هذه الأدلة منسوخة. وأريد أن تسجل هذه الكلمة هنا ليعرفها علماء المسلمين الذين يدافعون عن الحزبيين كيف يحكمون على الأدلة، من سبقك ياعبد المجيد وقال: إن هذه الأدلة منسوخة؟ اسأل العلماء لو كنت موفقًا، فقد مكثت في السعودية سنين، ¬

(¬1) سورة طه، الآية: 114. (¬2) سورة الرعد، الآية: 19.

وقد نصحت أخًا ينصحه أن يدخل في جامعة من الجامعات ويستفيد. وإذا أراد الجن من أهل السنة أن يرفعهم الله فعليهم بالتمسك بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من رغب عن سنتي فليس مني)). وتعجبني كلمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهي أنه قال: إنما يرفع الله الشخص بقدر تمسكه بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإذا نظرت إلى وزير الأوقاف غالب القرشي وإلى حمود هاشم كذلك، فبسبب إعراضهما عن سنة رسول الله، وبسبب تعاونهما على سحب المساجد من أيدي أهل السنة وجدتهما في خزي وذل، وغالب القرشي ليس إلا وزير صورة أمام الناس، كما يقال: أمير ومكتّف، فليس له من الوزارة شيء، فهي بيد غيره، وهو كما يقال: أسد عليّ وفي الحروب نعامة ... فتخاء تهرب من صفير الصافر فهم أسود على أهل السنة الذين لا يريدون المشاكل يقولون: أخرجوهم من المساجد فبقاؤهم خطر فسيتكلمون وقت الانتخابات، فهناك مسجد في بير عبيد بصنعاء بني لله عز وجل ثم تأتي الأوامر من حمود هاشم لا بارك الله فيه بأن يسلم المسجد للإخوان المسلمين وأن يسجن القائمون عليه. وقد قلنا لهؤلاء المساكين قبل: إن الحكومة تريد أن تحارش بيننا وبينهم فهل يفقهون أم لا؟. وكأني بحمود هاشم وغالب القرشي بعد أيام وقد عزل كل واحد منهما عن وظيفته فذاك قد عزل عن المحافظة، والآخر عن الوزارة، كل منهما يحمل زنبيله في السوق. فلنتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((فإنّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء المهديّين

الرّاشدين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ)). وبحمد الله فما قام أحد يهاجم أهل السنة إلا سقط، وانظروا إلى عمار بن ناشر السفيه الكذاب لما نشر ذلك المقال صار نكبة عليهم، وعبد المجيد الريمي لما نشر شريطًا صار نكبة عليهم، ويعلم أنني أقرأ قصائده التي في كتاب "هذه دعوتنا وعقيدتنا" وأقول: آسف آسف على هذا الرجل الذي يقول في بعضها: صوفية القوم دوسوها بأرجلكم. فنسأل الله أن يردك ياعبد المجيد إلى السنة ردًا جميلا. فمن حارب السنة انتكس لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {مثل الّذين حمّلوا التّوراة ثمّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا (¬1)}. ومن الأشياء القبيحة أن يكون الشخص يهز المنابر ويدافع عن السنة، وبعد أيام فإذا هو ينصب العداوة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولأهل السنة فيالها من خسارة، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتّى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصّفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السّموات والأرض، والآخر أسود مربادًّا كالكوز مجخّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب من هواه)). وهم يعرفون أنّهم محترقون، فيذهبون يضاربون إخواننا في الحسينية كما قيل: اقتلوني ومالكًا ... واقتلوا مالكًا معي وكما قال الشاعر: ¬

(¬1) سورة الجمعة، الآية: 5.

ليس من مات فاستراح بميتإنما الميت من يعيش كئيبًا ... إنما الميت ميت الأحياءكاسفًا باله قليل ... الرجاء نريد عقيلاً المقطري وذوي عقيل أن يمشوا أحياء في الناس وهم أموات، لأنّهم عادوا إخوانهم أهل السنة ومالوا إلى الدنيا، وصدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((لكلّ أمّة فتنةً وفتنة أمّتي المال)). ويقول أيضًا: ((والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم)). ونرجع إلى نصيحة إخواننا الجن فننصحهم أن يحضروا دروس العلم، ولعل بعض الناس يظنون أنّهم لا يحضرون دروس العلم، فقد كان هناك رجل بصعدة يأتيه جني ويتدارس معه القرآن لكن الجني جاهل، وربما يكون شيطانًا، ولكنه يلعب على صاحبنا الصعدي، فإذا مرض أحد قال له الجني: لا بد أن يذبحوا ديكًا أسود، فقال له: هذا لا يجوز. فيقول الجني: إن هذا الداء لا يخرج إلا بذبح ديك أسود. وآخر كان يدرس في الرياض وتأتيه فتاة جنية حفظت عليه القرآن فكانت تجلس خلفه فيعطيها القهوة وتتناول القهوة وتشربها. وآخر كان يدرس في حلقات العلم، فما شعر ذات يوم إلا وصوت يقول: ياشيخ ياشيخ، والحضور لا يدرون من المتكلم، فقال الشيخ: نعم ماذا تريد؟ فقال الجني: أصحابك هؤلاء من أتى منهم رمى بعصاه وهي لا تقع إلا علينا. فلا يمنع أن يحضر الجن حلقات العلم، وقد أخبرني أخ أنه عالج شخصًا مصروعًا فقال له: أنت تقرأ عليّ وأنا من تلاميذ أبي عبد الرحمن مقبل بن

هادي الوادعي، وهذا الأخ المعالج هو الأخ ناصر الكريمي، ثم يقول له الجني: كان بيتك تحت الجبل، وهذا صحيح فقد كان الأخ ناصر ساكن تحت الجبل عند أن كان هنا في دماج. وشخص آخر في أفغانستان كذلك يقول: أنا من تلاميذ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي. فلا يمنع أن يوجد منهم من يحضر الدروس، ونقول لهم: مرحبًا بهم، لكن الذي يؤذي والشياطين: {ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون (¬1)}، فالذي يحضر من الجن يكون متأدبًا ويستفيد ويرجع ويبلغ قومه ولا يؤذي إخوانه فلا بأس، ويتعلم علمًا يعمل به ويدعو إلى الله، فالدين شامل: {ياأيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً (¬2)}. أي: خذوا الإسلام بجميع جوانبه. السؤال235: هل يجوز التعاون والاستغاثة بالجن المسلمين فيما يقدرون عليه؟ الجواب: أما مسألة التعاون فإن الله عز وجل يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬3)}، فيجوز التعاون معهم لكن الذي ينبغي أن تعرفه أن تتأكد أنه ليس بشيطان يستدرجك ثم يأمرك بالمعاصي وبمخالفة دين الله، وقد وجد غير واحد من العلماء الأفاضل الذين يخدمهم الجن. السؤال236: ما هو الدليل على تقسيم الجن إلى سلفيين وغير سلفيين؟ ¬

(¬1) سورة المؤمنون، الآية: 97 - 98. (¬2) سورة البقرة، الآية: 208. (¬3) سورة المائدة، الآية: 2.

الجواب: الذي هو موجود في الأنس هو موجود في الجن، فالأشخاص الذين بهم مس يتكلمون بهذا فربما يقولون: نحن من أهل السنة. السؤال237: هل بجوز للرجل المسلم أن يتزوج بجنية مسلمة والعكس؟ الجواب: اختلف العلماء كما في كتاب "حياة الحيوان" للدميري، والذي يظهر هو الجواز، وأما قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً (¬1)}، فهذا امتنان أعظم وهو أن يتزوج الإنسي بإنسية والجني بجنية، لكن لو تزوج الإنسي بجنية فليس لدينا ما يمنع، أو إنسية تزوجت بجني فليس لدينا كذلك ما يمنع من الشرع، لكن كره الإمام مالك رحمه الله أن تخرج المرأة حاملاً فيقال: من أين حملت؟ فيقال: إنّها متزوجة من الجن، وأقول: ربما يكون هذا فتح باب للزنا والفجور. السؤال238: هل يتشكل الجن على هيئة الإنس وعلى هيئه الثعابين؟ الجواب: نعم يتشكلون كما يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم (¬2)}. فيمكن أن يأتي في صورة هرّ أو في صورة كلب والكلب الأسود شيطان، أو في صورة ثعبان كما حصل لبعض الصحابة عند أن قتل حية فاضطربت على سلاحه ولا يدرى أيهما أسرع موتًا هو أم الحية فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ ¬

(¬1) سورة الروم، الآية: 21. (¬2) سورة الأعراف، الآية: 27.

للمدينة سكّانًا، فإذا رأيتم من ذوات البيوت فأنذروها ثلاثًا)). بل ربما إن الإنسي لا يستطيع أن يراهم على صورتهم وحقيقتهم، فقد أخبرت عن شخص بصعدة كان يتدارس مع شخص القرآن وهو جني فألح عليه وطلب منه أن يريه صورته، فقال: ليس من صالحك فألح إلحاحًا، فكأنه أراه صورة كريهة المنظر، فجنّ الرجل الإنسي. فلعلهم لا يرون على صورتهم التي خلقهم الله عليها. السؤال239: ما هو الفرق بين الجن والشياطين؟ الجواب: الجن يشمل الشياطين والصالحين، والشياطين خلقوا لإغواء الناس وإضلالهم، وأما الصالحون فهم متمسكون بدينهم فعندهم المساجد وعندهم الصلاة في حدود ما يعلمون إلا أن الغالب عليهم الجهل. السؤال240: هل يستطيع الجن أن يختطفوا الإنس مع الدليل؟ الجواب: نعم فقد حدث هذا في عهد عمر، وفي غير زمن عمر، أنّهم ربما يختطفون الإنسي ويبقى عندهم ما شاء الله ثم يرجع. السؤال241: ما حكم من سب الجن؟ الجواب: إن كان يعني بهم الشياطين فالأولى أن يقول: بسم الله، وأن يذكر الله فهو أولى من سبهم، وإلا فهو جائز، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إذا عثر أحدكم فليقل: بسم الله ولا يقل: تعس الشّيطان ... )). فالأذكار وقراءة القرآن والاستقامة على دين الله هي الأولى. السؤال242: من هو الأرفع الجن أم الإنس من حيث الأجر والمكانة في الجنة؟

الجواب: الإنس أرفع، فقد اختار الله من الإنس نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم القائل: ((بعثت إلى الأبيض والأسود)) والمراد بالأسود: هم الجن. هذا بناءً على التسوية في الكرامة، وإلا فالله عز وجل يقول: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم (¬1)}. وإن كانت الآية في سياق الإنس. السؤال243: بعض الناس يدعو على صديقه أو أخيه أو ولده ويقول: لك جني يأخذك، ويذكرون الجن أكثر من ذكر الله فما حكم هذا؟ الجواب: هذا لا يجوز، وكما تقدم أن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم مؤدبًا لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون (¬2)}. ولا ينبغي لنا أن نعظم الجن تعظيمًا حتى يخاف أطفالنا ونساؤنا منهم، فربما إذا عظمناهم يزعجون المسلمين كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم حاكيًا عنهم: {وأنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجنّ فزادوهم رهقًا (¬3)}، فإذا علموا أن الإنسي يخاف منهم ازدادوا رهقًا وتشجعوا عليه وآذوه، وإذا كان يعتصم بالله فإن الجني يخاف منه، فقد أمسك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جنيًا وخنقه حتى أحس برد لسانه على يده وقال: ((ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطًا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة)). وأبوهريرة أمسك الأسير الشيطان، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الشّيطان ليفرق ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية: 13. (¬2) سورة المؤمنون، الآية: 97 - 98. (¬3) سورة الجن، الآية: 6.

منك يا عمر والّذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان قطّ سالكًا فجًّا إلاّ سلك فجًّا غير فجّك)). السؤال244: هل الجن يتزوجون من الحور العين في الجنة وهل هم من أولاد آدم؟. الجواب: الذي يظهر أنّهم يتزوجون بدليل قوله تعالى: {لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ (¬1)}. وهم قبل بني آدم يقول الله تعالى: {خلق الإنسان من صلصال كالفخّار وخلق الجانّ من مارج من نار (¬2)}. السؤال245: هل الجن أرواح أم أجساد؟ الجواب: الذي يظهر أنّهم أرواح وأجساد، إلا أنّهم قادرون على التشكل والدخول من أي مكان والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمرنا بغلق الأبواب ويقول: ((إن الشّيطان لا يفتح غلقًا)). ويأمرنا بتغطية الآنية وأن نذكر اسم الله عليها، وهكذا إذا دخل إلى منْزله وقال: بسم الله. قال الشيطان: لا مبيت، وإذا أكل وقال: بسم الله. قال الشيطان: لا مبيت ولا عشاء. السؤال246: بعض من ينكر المس مثل الغزالي وغيره يقولون: لماذا لم يوجد رجل أمريكي أو سويدي أو بريطاني أو فرنسي .. الخ به مس، وبهذا يلبّسون على الناس؟ ¬

(¬1) سورة الرحمن، الآية: 56. (¬2) سورة الرحمن، الآية: 14 - 15.

الجواب: قولهم هذا ليس بصحيح بل هو موجود، فالرجل الأمريكي الكافر وكذلك البريطاني الكافر هو في أيدي الجن، ثم إذا أسلم واستقام ما يمكث أيامًا إلا ويأتيه الصرع، فعندما سألنا المختصين عن هذا فقالوا: يكون راضيًا عنه عند أن كان كافرًا، فإذا التزم الشخص يحترق الشيطان فيصرعه، وهذا قد حدث لغير واحد، حتى أن شخصًا مصريًا أتى إلى هنا جن وصار يأكل التراب، فخشيت أن يضره، فلما نزلت إلى مصر فإذا الشاب سويّ في صحة طيبة، فلما سألت عنه قالوا: إذا ذهب إلى المدارس وترك الالتزام رجعت له صحته، وإذا التزم بالدين آذاه الجني. فإذا التزم الشخص وتمسك بالدين آذاه الشيطان، بخلاف الشخص الضائع المائع الذي لا يذكر الله، فهو في قبضة الشيطان من التعامل بالربا، أو تابع للزنا، وارتكاب الفواحش والمحرمات، فالشيطان لا يتألم إلا من الصالحين، وهو أمر قد حصل وقد نطق بعضهم أنه إذا بقي هنا (¬1) سيؤذيه، وإذا ذهب من هنا فلا شيء عليه منه. السؤال247: أين يسكن الجن؟. الجواب: هم يختلفون فالجن الصالحون يسكنون في المساجد وفي الأماكن الصالحة والجن الفاسدون القذرون يسكنون في الحمامات وفي المواضع القذرة. وبعد هذا نتواصى جميعًا بتقوى الله تعالى وبالتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح، وأن نتحصن جميعًا بالأذكار. والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) أي: في دار الحديث بدماج.

رسالة إلى أهل عبس

رسالة إلى أهل عبس إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .. وبعد: فقد تقدم أهل عبس بسؤال إلى شيخ الإمام العلامة المحدث سماحة الوالد أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي محدث العالم الإسلامي والجزيرة العربية أطال الله بقاءه على الحق والسنة وأمد الله في عمره ونفع به وبعلمه الإسلام والمسلمين وحفظه ودفع عنه كل سوء ومكروه. آمين وهذا نصه: إن إمام مسجد في مدينة عبس يقول: "إن أركان الإسلام خمسة ثم ذكر نفسه وبعض من يقومون في حلقته من الصوفية، ثم قال: وأركان الردة خمسة ثم ذكر منهم خمسة من أهل السنة في مدينة عبس" فما حكم قول هذا الرجل؟ وما حكم إمامته في هذا المسجد بالناس؟ وهل تجوز الصلاة خلفه وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ومن والاه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. أما بعد: فهذه رسالتي الشفهية إلى إخواننا أهل عبس: السلام عليكم ورحمة الله

وبركاته وبعد: فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى الذي من علينا بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي يقول فيها رب العزة: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا (¬1)}، ويقول ربنا في كتابه الكريم في شأن نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم {وإن تطيعوه تهتدوا (¬2)}، ويقول { .. وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (¬3)}. وروى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((كلّ أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ من أبى)) قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنّة ومن عصاني فقد أبى)). ونحمد الله سبحانه وتعالى إذ جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنْزل عليه: {كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (¬4)}، والمنْزل عليه: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬5)}، والمنْزل عليه: {لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا (¬6)}. ثم نحمد الله سبحانه وتعالى إذ جعلنا من أهل بلدة أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان)) وأخبر عن أهل اليمن ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 21. (¬2) سورة النور، الآية: 54. (¬3) سورة الحشر، الآية: 7. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 110. (¬5) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬6) سورة النساء، الآية: 114.

بأنّهم ((ألين قلوبًا وأرقّ أفئدةً)) وروى البخاري في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا))، قالوا: وفي نجدنا, قال: ((هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)). وروى مسلم في "صحيحه" من طريق سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّي لبعقر حوضي أذود النّاس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتّى يرفضّ عليهم)) ومعنى ذلك أن الناس يزدحمون في عرصات القيامة على الحوض من العطش ومن شدة الحر فيخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعصاه يقرع الناس لئلا يزاحموا اليمنيين. وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أتاكم أهل اليمن كقطع السّحاب خير أهل الأرض)) فقال له رجل ممّن كان عنده: ومنّا يا رسول الله؟ قال كلمةً خفيّةً: ((إلاّ أنتم)). فهذه فضيلة لليمنيين يجب أن نحمد الله سبحانه وتعالى عليها، وأن نسارع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والعمل بها والدعوة إليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (¬1)}. وأنا آسف أن يوجد رجل يتحكم في المصلين أو شيخ قبيلة يتحكم فيمن ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 71.

تحت يده، أنت رجل مسلم تأكل من كسب يدك يجب أن تحمد الله عز وجل على ذلك، فقد جاء من حديث رافع بن خديج قال: قيل: يا رسول الله أيّ الكسب أطيب؟ قال: ((عمل الرّجل بيده، وكلّ بيع مبرور)). والذي ينتظر المرتب في آخر الشهر ربما يخرس لسانه، فلا يستطيع أن يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، أما أنت فبحمد الله تحترف وتأكل من مزرعتك ومن متجرك ومن عمل يدك فينبغي أن تكون قوالاً بالحق. قال عبادة ابن الصّامت: وذكر الحديث الذي في "الصحيحين" وفيه ((أن تقول الحقّ أينما كنت لا تخاف في الله لومة لائم)). أما هذا الإمام الذي يتحكم في أهل المسجد فهذه مصيبة، فربما يكون منجّمًا، وربما يكون كافرًا، وربما يكون اشتراكيًا إلى غير ذلك. فلا، ليست الإمامة وراثة، إنّها شرف وتكريم، فعباد الرحمن يدعون الله في قولهم أو في بعض قولهم {واجعلنا للمتّقين إمامًا (¬1)}. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهنّ قال إنّي جاعلك للنّاس إمامًا قال ومن ذرّيّتي قال لا ينال عهدي الظّالمين (¬3)}. فالإمامة تعتبر تشريفًا وليست بوراثة، فقد كنا نظن أنّها مقصورة على ¬

(¬1) سورة الفرقان، الآية: 74. (¬2) سورة السجدة، الآية: 24. (¬3) سورة البقرة، الآية: 124.

العلويين والقضاة، وإذا لم يجد بعضهم إمامًا يصلي بهم العيد رحلوا يأتون به، وبعد الصلاة يجمعون له نقودًا لأنه أتى يصلي بهم، كنا نظن ذلك حتى قرأنا في "صحيح مسلم" من حديث أبي مسعود البدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسّنّة، فإن كانوا في السّنّة سواءً فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأكبرهم سنًّا وفي رواية أخرى: فأقدمهم سلمًا)). هذا هو الذي ينبغي، والمبتدع لا ينبغي أن يؤم أهل السنة فإنه ينشر بدعته وتعظم في أعين الناس، يقولون: إمام المسجد الفلاني، ولو لم يكن على حق ما جعلوه إمامًا، ولو لم يكن على حق ما صلى فلان بعده. فمثل هذا المبتدع ليس أهلاً أن يؤم أهل السنة، وهذا الرجل الذي ذكر في السؤال ركن من أركان الضلال أما من أركان الإسلام فلا. فيا أهل عبس أبلغتم في الجهل أنكم لا تميزون بين أركان الإسلام وأركان الضلال ... عجوز من عجائزنا لو سألتها عن أركان الإسلام لقالت خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان، وفي رواية: وصوم رمضان، والحج. من أنت يا هذا حتى يبلغ بك التلبيس إلى أن تلبس على المؤمنين بأنك ركن من أركان الإسلام، بل أنت ركن من أركان الضلال، صوفي، ورحم الله الإمام الشافعي الذي يقول: "لو أن رجلاً دخل في الصوفية في أول يومه ما جاء آخر يومه إلا وهو أبله". فهذا رجل يستحق كية في وسط رأسه لعله قد أصيب بالماخوليا، لخلوات الصوفية وجوعهم. فإما أن يكون ملبسًا وإما أن يكون أصيب بالماخوليا فيكوى في رأسه حتى يشفى ويعرف، ويعرفه الناس أنه

كان ضالاً. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)) الصوفية أصحاب العصائد والرقص في المساجد والطارات، فقد ذكر ابن القيم أنه رآهم في منى أو في عرفة أو مزدلفة. ونحن أيضًا رأيناهم في الحرم المكي. فقد كنت ذات يوم مرهق لا أستطيع أن أتكلم فرأيت أناسًا من الأتراك حلقة كبيرة في الحرم الأعلى فإذا هم يرقصون ويدندنون بتلك الدندنة الصوفية وبقيت متحيرًا ماذا أعمل مع هؤلاء، فلو ركضني أحدهم برجله لخرجت من النافذة، أأسكت أم ماذا أعمل؟ وبقيت مترددًا، ثم دخلت في وسط الحلقة وصحت عليهم وقلت لهم: أبيوت الله تهان ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال (¬1)}، فسكتوا والحمد لله، وما شعرت إلا بمجموعة من اليمنيين الذين كانوا يرقصون معهم يقولون: (أيش تبغينا نسوي) يعني مستعدون للمضاربة، فقلت لهم: لا شيء، فجاء العسكري وفرقهم بعد ذلك والحمد لله. فهؤلاء هم الذين يرقصون في المساجد، وفي بيوت الله، بل لا تذهبوا بعيدًا فعندنا هاهنا في الحوطة في حضرموت خرجوا بالطار يرقصون في المساجد. عندهم في حضرموت الصوفية، وعندنا الشيعة بصعدة، اللهم طهر يمننا من الصوفية والشيعة. ولكني أبشركم أنّهم في خزي وفي ذعر من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وذكر أيضًا ذلك الضليل خمسة من أهل السنة، ما شاء الله علماء نابغون، وفي تهامة عندهم تفسيرات جديدة، كما قال أحد طلاب مرعي لا رعاه ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 36.

الله قال في حديث: ((منه الزّلازل والفتن ومنه يطلع قرن الشّيطان)) قال: أما المشرق نجد فهو دماج ومأرب. والله هو الذي يخذلهم حتى يتكلموا بهذه الأباطيل من أجل أن يبغضهم الناس، فمثل هذا لا تصح الصلاة بعده ولا كرامة، فهو يعتقد أنه ركن من أركان الإسلام أنه شهادة أن لا إله إلا الله، أو الصوم، أو الصلاة، أو الزكاة، أو الحج، من أنت حتى تقول إنك ركن؟ لكن الصوفية لهم تفسيرات، فربما فسروا الحج بالذهاب إلى قبور، وفسروا الصوم بالإمساك عن أسرار المشايخ، هذه تفسيرات الصوفية، وبعد أيام ستسمعون وتسمعون. وقد بلغني أن اثنين خرجا في الحديدة وقالا: نحن رسولا الله إلى الحيوانات، هم رسولا الله سبحانه وتعالى إلى الحمير والكلاب والفئران والقطط، يذهبان ويصيحان في الطرقات حتى يبح صوتهما وتنتفخ أوداجهما وهما يدعوان الحيوانات إلى الإسلام، والله المستعان. فبعضهم يكون مجنونًا، وبعضهم يكون ملبّسًا من أجل الأموال. فينبغي على أهل المسجد الذي فيه هذا الضليل أن يبتعدوا عن الصلاة خلفه، حتى ولو قال: تبت إلى الله، نقول: لا بأس، توبتك لنفسك ولا نستطيع أن نقول: توبتك ما تقبل، لكن نحن سنقدّم من يصلي بالمسلمين، وأنت تتوب وذلك ما كنا نبغي. فبسبب كثرة أهل السنة والحمد لله، وطاعة الناس لهم، ربما يقول: أنا قد تبت إلى الله، وقد أخبرت عن غير واحد ممن يرتكب الفواحش كاللواط ويكون إمام مسجد أو يكون مدرس أولاد، ويقول: أنا تبت إلى الله. فيقال له: توبتك لنفسك ونسأل الله أن يتوب عليك، ونسأل الله أن تكون صادقًا في

توبتك، ولكن نحن في شك من أمرك، نتوقف في هذا الأمر ولا نقول: إنّها لا تقبل توبتك، والله المستعان. فعسى أن يكون قد فهم إخواننا أهل المسجد ما قرأ عليهم من وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك إخواننا بعبس واجب عليهم أن يتبرءوا من هذا الضليل ومن الصلاة خلفه، وبهذا ننتهي، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. والحمد لله رب العالمين.

نصيحتي لأهل السنة

نصيحتي لأهل السنة الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربّنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .. أما بعد: ففي ليلتنا هذه المباركة ليلة تسع وعشرين من ربيع الأول نتكلم على نصيحة لأهل السنة حفظهم الله ودفع عنهم كل سوء ومكروه الداخلون دخولاً أوليًا في ما جاء في "الصحيحين" من حديث معاوية وهو مروي من حديث جماعة من الصحابة في "الصحيحين" وفي غير "الصحيحين": ((لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين، لا يضرّهم من خالفهم ولا من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم على ذلك)). أهل السنة الذي يرجى أن يدخلوا دخولاً أوليًا في ما رواه أبوداود في "سننه" من حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقةً، وافترقت النّصارى على اثنتين وسبعين فرقةً، وستفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقةً)). إن أهل السنة هم رأس هذه الفرقة وهم الداخلون فيها دخولاً أوليًا، إنّهم

هم الذين يصدق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكعب بن عجرة كما في حديث جابر وكعب بن عجرة: ((أعاذك الله من إمارة السّفهاء)) قال: وما إمارة السّفهاء؟ قال: ((أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي ولا يستنّون بسنّتي، فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فأولئك ليسوا منّي ولست منهم ولا يردوا عليّ حوضي، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فأولئك منّي وأنا منهم وسيردوا عليّ حوضي)). إن علماء السنة يعتبرون رءوس الأمة، روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه؛ ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ النّاس رءوسًا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا)). إن العلماء هم الذين يضعون الأشياء مواضعها كما يقول ربنا عز وجل في شأن قارون: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬1)}. إنّهم الذين أثبت الله لهم العقول السليمة {وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلاّ العالمون (¬2)}، {إنّ في ذلك لآيات للعالمين (¬3)} فهم الذين يعقلون آيات الله، {أفمن يعلم أنّ ما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو ¬

(¬1) سورة القصص، الآية: 79 - 80. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 43. (¬3) سورة الروم، الآية: 22.

أعمى إنّما يتذكّر أولو الألباب (¬1)}. إن الله سبحانه وتعالى حفظ الدين بأهل السنة؛ فالمعتزلة اشتغلوا بالفلسفة ونبذوا شرع الله، والرافضة كتبهم تشبه كتب اليهود والنصارى ليس لها أسانيد: (وقال عليه السلام، وقال أبوعبد الله عليه السلام)، وإن أسندوا فعن رافضي عن قبوري عن جويهل عن كذاب، أناس مجهولون أسانيدهم مجهولة. وأهل السنة رجالهم كأنّها النجوم في السماء: شعبة بن الحجاج، سفيان الثوري، محمد بن مسلم الزهري، سعيد بن المسيب. ولقد أحسن من قال: هل لهم يا قوم في بدعتهم ... من فقيه أو إمام يتبع نذكر الأبيات من أولها: ذهبت دولة أصحاب البدعوتداعى بانصرام جمعهمهل لهم يا قوم في بدعتهممثل سفيان أخي الثور الذيأو سليمان أخي التيم الذيأو فتى الإسلام أعني أحمدالم يخف سوطهم إذ خوفوا ... ووهى حبلهم ثم انقطعجمع إبليس الذي كان جمعمن فقيه أو إمام يتّبععلّم الناس دقيقات الورعترك النوم لهول المطلعذاك لو قارعه القرا قرعلا، ولا سيفهم حين لمع إن أعداء السنة من زمن قديم يتآمرون على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن ثم تجدهم مفتونين صمًا بكمًا عميًا فهم لا يعقلون، يتآمرون على أهل سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ما أشبه الليلة بالبارحة، بالبارحة أبوالهذيل محمد بن محمد، ¬

(¬1) سورة الرعد، الآية: 19.

وإبراهيم النظام، وعمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، هؤلاء همّهم الوحيد هو حرب سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن أين جاءوا؟ ماتوا وبقيت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وكم من إمام من أئمة اليمن نصب حربًا للسنة ولأهل السنة كالهادي وعبد الله بن حمزة وأحمد بن سليمان ويحيى شرف الدين، وبعد ذلك أين جاءوا ماتوا وماتت فكرتهم وبقيت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وصدق ربنا إذ يقول: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (¬1)}، الله حفظ الذكر وقيض رجالاً يحفظونه، وفي زمننا هذا تكالب الشيعة والصوفية والإخوان المفلسون وجماعة التبليغ وأصحاب جمعية الحكمة (¬2) على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أيضًا الحزب الاشتراكي (¬3) الذي أذاق إخواننا أهل الجنوب المر، وللأسف بعض المغفلين إذا رأى الأسعار ارتفعت قال: سلام الله على الحزب. والله إنك مغفل الحزب يا هذا يأخذ ابنتك من بيتك إلى مصنع الغزل والنسيج، وامرأتك ليس لك سبيل عليها تخرج إلى النوادي ولا تستطيع أن تمنعها، وإذا عرفوا منك شهامة ورجولة سروا إليك في الليل، وبعدها ... أكلك الليل! ما يدرى حي أنت أم ميت! أفي بر أم في بحر! أم حفروا لك بالحفار ودفنوك!! نحن ننكر ارتفاع الأسعار عند الحكومة، وأي شيء عند هذه الحكومة ¬

(¬1) سورة الحجر، الآية: 9. (¬2) الحَكَمَة: هي ما يجعل في فم الفرس من الحديدة ترده. وقد جعلوا في فم عقيل المقطري حكمة لا يستطيع أن يتكلم بالحق ببغاء، ببغاء. (¬3) وقد سألت الإخوة أهل عدن قبل الوحدة: كم الاشتراكيون عندكم يا إخواننا؟ ناس يقولون: لعلهم عشرة في المائة، وآخرون يقولون: لعلهم أربعة في المائة. ثم يأتي علي سالم البيض وتأتي القبائل يفتتح هذه المكاتب معهم، ويقول: (ونحن نرحب بالديمقراطية)، (والمناقشة على بساط الديمقراطية) قالها محمد بن عجلان من أهل تَهامة.

يخالف الكتاب والسنة نحن ننكره لكن كما يقال: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض والحداثيون: عبد العزيز المقالح وذووه يسخرون من أهل السنة، وكذلك العلمانيون كلهم يتآمرون على أهل السنة، ولكن رب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله وتلك الأيّام نداولها بين النّاس (¬1)}، ويقول أيضًا: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتّبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (¬2)}. وذلك الذي يأخذ بندقيته ويذهب يرمي على أهل السنة من أولياء الشيطان {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}. ويقول سبحانه وتعالى مبيّنًا لوعده لمن استقام على دينه: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (¬3)}، وقال سبحانه وتعالى: {قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربّكم أن ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 139 - 140. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 173 - 175. (¬3) سورة الأعراف، الآية: 137.

يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون (¬1)}. أنتم موعودون يا أهل السنة بالنصر لأنكم قد ظلمتم في اليمن، ففي اليمن الأعلى ظلم أهل السنة الشيعة، وفي اليمن الأسفل الصوفية؛ رب شخص يجرونه بلحيته هنا أو هناك، {وتلك الأيّام نداولها بين النّاس} أما نحن فلن نجركم معشر المبتدعة بلحاكم ولكننا نقول لكم: استقيموا على الكتاب والسنة. يا أهل السنة يجب أن تحمدوا الله كما يقول سبحانه وتعالى: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون (¬2)}. كنتم مستضعفين يا أهل السنة والآن انتشرت السنة، و ((الإيمان يمان والحكمة يمانية))، فليرحل الاشتراكيون من اليمن، وليرحل الحداثيون من اليمن، وليرحل الروافض من اليمن، ((الإيمان يمان والحكمة يمانية)). نعمة من الله على أهل السنة وإن حصل لهم متاعب فقد ((حفّت الجنّة بالمكاره وحفّت النّار بالشّهوات)). أيضًا روى الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "مسنده"، والترمذي في "جامعه": عن سعد بن أبي وقاص وجاء أيضًا عن أبي سعيد الخدري والمعنى متقارب: ((أشدّ النّاس بلاءً الأنبياء، ثمّ الأمثل فالأمثل، يبتلى الرّجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتدّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على حسب دينه)). ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 128 - 129. (¬2) سورة الأنفال، الآية: 26.

فلا بد من الابتلاء {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزلزلوا حتّى يقول الرّسول والّذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إنّ نصر الله قريب (¬1)}، {الم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ الله الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (¬2)}. ونحن مع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الرخاء والشدة ولا نرضى بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بديلاً، والذي هو مزعزع انظروا إلى ذلكم التمثيل العجيب {ومن النّاس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (¬3)}. ما نكون كذلك بل نثبت على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكلما انتشرت السنة كثر أعداؤها وكثر حسادها كما قيل: وإذا أراد الله نشر فضيلةلولا اشتعال النار في جزل الغضاء ... طويت أتاح لها لسان حسودما كان يعرف طيب نشر العود مسجد أخينا الشيخ الفاضل عبد العزيز البرعي ما يدرينا أن يكون هذا الذي يحدث له والرماية التي ترمى عليه؛ دعاية ويتعرف الناس على ذلكم المسجد، فقد خنق الحزبيين وتركهم كأنّهم مصلوبون من أجل هذا استوحشوا وقاموا بما قاموا به، وأعجب، وأعجب يا حكومة أن مركز الحكومة في مسافة قريبة، آسف، آسف، حكومة وبجانبها بيت يرمى عليه بالرصاص وهي تتفرج، يرمى أيضًا عليه بالحجارة نحو ثلثي ساعة وهي تتفرج ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 214. (¬2) سورة العنكبوت، الآية: 1 - 3. (¬3) سورة الحج، الآية: 11.

والله هذه تهمة نخشى أن يكونوا ... (¬1). أتظنون أنكم تزعزعون السني عن سنيته؟!! أتظنون أنكم تستطيعون؟! لا والله فجامع الخير في أول جمعة بعد الحادث تدفق المصلون، قالوا: نحب أن نذهب لنموت في جامع الخير، فلا جهاد في هذا الوقت. لا يظن أعداء الدعوة أنّهم يزعزعوننا بمثل هذه الأعمال {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجّلا (¬2)}، {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة (¬3)}، {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم (¬4)}. فالله هو الذي يدافع عن أهل السنة {إنّ الله يدافع عن الّذين ءامنوا (¬5)}، {إنّ وليّي الله الّذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصّالحين (¬6)}. نسأل الله أن يحقق فينا الإيمان والصلاح نحن نخشى أن نكون أوتينا من قبل ذنوبنا أو من قبل الاغترار بالكثرة فإنّه سبب للهزيمة النفسية {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ ولّيتم مدبرين (¬7)}. ينبغي لإخواننا أهل إب سواء كانوا في دار الحديث بدماج أو دار ¬

(¬1) الخبر محذوف. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 145. (¬3) سورة النساء، الآية: 78. (¬4) سورة آل عمران، الآية: 154. (¬5) سورة الحج، الآية: 28. (¬6) سورة الأعراف، الآية: 196. (¬7) سورة التوبة، الآية: 25.

الحديث بمأرب أو دار الحديث بمعبر أو بغيرها أن يؤازروا أخاهم عبد العزيز، أما عبد العزيز فلو هو ألف عبد العزيز ما كفى، فالناس يطلبونه من أماكن شتى أن يأتي إليهم ولكنه قد عزم على البقاء في مفرق حبيش، ولن يزعزعه أولئك، وله إخوان في الله يحبونه ويطلبون منا أن نأذن لهم بالذهاب، فقلنا اتصلوا به والله المستعان، على أن الحكومة ما قامت بواجبها، لو كان هذا المركز بينه وبين إب ستين كيلومترًا بالشعوب ممكن أن يقال ... ، أما بجانب المركز! ثم بعد ذلك يتفرجون، سيقال ... (¬1)، ثم أخبرني الشيخ الفاضل أنّهم بعد وقفوا وقوفًا طيبًا يشكرون عليه. نحن على وعد من ربنا أن ينصرنا {ياأيّها الّذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الّذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكّل المؤمنون (¬3)}. وأهل السنة من حرض إلى أقصى حضرموت يستنكرون الاعتداء على مركز مفرق حبيش، وعلى الشيخ العالم الفاضل. ونحن كما قلنا موعودون بإذن الله تعالى بالنصر يقول الله عز وجل: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (¬4)}، أو {إلى السّلم} قراءتان. ويقول: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون ¬

(¬1) مقول القول محذوف. (¬2) سورة محمد، الآية: 7. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 160. (¬4) سورة محمد، الآية: 35.

كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليمًا حكيمًا (¬1)}. فنحن بحمد الله نحن ندعو إلى الكتاب والسنة، ونحن واثقون من ربنا وقد أرانا سبحانه وتعالى ما تقر به أعيننا؛ إنّها سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اخترقت الشعاب وصعدت إلى رءوس الجبال، بل اخترقت الشعب اليمني إلى غيره وسمع عنها. ينبغي أن يكتب في الجرائد أنه اعتدي على مركز من مراكز أهل السنة وليس بينه وبين المركز الحكومي إلا مسافة قريبة؛ فأهل السنة ما عندهم وقت لمطاردة السفهاء، لكن الحكومة هي المسئولة عن الأمن أمام الله سبحانه وتعالى، إن هذه الفعلة تعتبر فضيحة. أول ما جاء عبد العزيز البرعي قال الكذاب الأشر محمد المهدي قال: لو قد مات الشيخ لأحرقت عبد العزيز. ثم بعد ذلك ما انتظر إلى أن يموت الشيخ وهاجم عبد العزيز وبحمد الله حاله كما قيل: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا شأوهكضرائر الحسناء قلنا لوجهها ... فالناس أعداء له وخصومظلمًا ... وبغيًا إنه ... لدميم الشيخ عبد العزيز لعل يعضكم لا يعرفه مبرز في علم السنة فقيه عنده استنباطات عظيمة، ويأتي ويسألني عن بعض المسائل يحيرني فيها، وعنده حكمة في الدعوة، فبحمد الله استطاع أن يستميل إليه الشباب الذين ما تستعبدهم المادة، والدروس عنده في مركزه على استمرار. ويعجبني ما قاله وهذه هي طريقتنا من قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 104.

الوصابي إذا رأى المبتدعة تحركوا تحرك كل ليلة قال: أرى أن لا يهتمّ بالمبتدعة، فقط تأتيهم لطمة على الطريق. وهذا هو الذي ينبغي، المبتدعة لا تهتموا بهم ويشغلوكم عن طلب العلم، تكفيهم لطمة على الطريق إذا سجلت شريطًا أو في درس أو في غيرها وإلا ركضة أو نطحة أو غير ذلك. ولا تشغل نفسك بهم جزاك الله خيرًا نحن نعدك إلى أن تكون مرجعًا للمسلمين، إلى أن تكون مؤلفًا، إلى أن تكون داعيًا إلى الله، فهذه هي وظيفة الأنبياء، ما نعدك فقط للرد على الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، ومن أصحاب جمعية الحكمة؟! حتى أننا نتشاغل بهم. وبحمد الله الأخ عبد العزيز مقبل على العلم، وأعطاه الله فهمًا وذكاءً وبحمد الله قد رمي على بيته من قبل فقال أبياتًا: قلبي رقيق الطّبع يرحم أمّتيلا لن تلين قناة قلبي برهةًولئن تفجرت القنابل غيلةًفقنابل الإيمان كنّ قواذفًاما كان هذا غير ردّ فعالهموتجلّدي للخصم أشعر رهطهأف لمن جعل التآمر مهنةً ... وعلى عدوّ الدّين كان حديدًاإنْ فجّروها نحونا تهديدًاأو سدّدوا لنحورنا تسديدًابقلوبهم والوقع كان شديدًافقلوبهم ملئت صدًا وصديدًاأنّي لريب الدّهر كنت صليدًاوكذاك إزعاج الظّعينة فيدًا والحمد لله رب العالمين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .. أما بعد: فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى نحمده على ما يسّر من انتشار سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى فليس ذلك بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا ولا بفصاحتنا في الخطابة ولا بكثرة مالنا؛ ولكن أمر أراده الله سبحانه وتعالى فكان. ومع هذا الانتشار العجيب فنحمد الله سبحانه وتعالى على الهدوء الذي يسود أهل السنة والطمأنينة التي يسر الله سبحانه وتعالى، ولقد أحسن الحسن البصري إذ يقول: "إنّنا في سعادة لو يعلم الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف". مع هذه البركة الإلهية التي بارك الله سبحانه وتعالى في دعوة أهل السنة؛ فسنة الله في خلقه أن الدعوة كلما قويت وانتشرت كثر أعداءها وحسادها. وقد حصل لصحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابتلاء من أول الدعوة إلى آخرها ونضال {أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزلزلوا حتّى يقول الرّسول والّذين آمنوا معه متى

نصر الله ألا إنّ نصر الله قريب (¬1)}. وفي "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((حفّت الجنّة بالمكاره وحفّت النّار بالشّهوات))، وكما يقول ربنا عز وجل: {فإنّ مع العسر يسرًا إنّ مع العسر يسرًا (¬2)}. وكما يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم (¬3)}. وأخوف ما نخاف على أنفسنا وعلى دعوتنا من ذنوبنا، {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير (¬4)}، وإلا دعوة ملأت الدنيا لا بد من عواصف ولا بد من عراقيل ولكننا نقول كما يقول الشاعر: عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كلّ يوم في خليقته أمر وكما قال آخر: عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب وكما قال الآخر: ربما ضاقت النفوس من الأمر ... له فرجة كحلّ العقال وكما يقال: اشتدي أزمة تنفرجي. وإننا نحمد الله سبحانه وتعالى تلكم الدعوة التي ليس لها إلا الله سبحانه وتعالى، فقد هزم التشيع والتصوف والحزبية وحق لنا أن نقول كما قال الأول: ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية: 214. (¬2) سورة الشرح، الآية: 5 - 6. (¬3) سورة محمد، الآية: 7. (¬4) سورة الشورى، الآية: 30.

ذهبت دولة أصحاب البدعوتداعى بانصرام جمعهمهل لهم يا قوم في بدعتهممثل سفيان أخي الثور الذيأو سليمان أخي التيم الذيأو فتى الإسلام أعني أحمدالم يخف سوطهم إذ خوفوا ... ووهى حبلهم ثم انقطعجمع إبليس الذي كان جمعمن فقيه أو إمام يتّبععلّم الناس دقيقات الورعترك النوم لهول المطلعذاك لو قارعه القرا قرعلا، ولا سيفهم حين لمع فنحمد الله سبحانه وتعالى هزمت جنود الباطل وحق لنا أن نتلوا قول ربنا: {وقل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا (¬1)}، وقوله: {فأمّا الزّبد فيذْهب جفاءً وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض (¬2)}. بالأمس كان لأصحاب الباطل صولة وجولة، واليوم بحمد الله لا يعرف الناس إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحقّ لهم ألا يعرفوا إلا إياها، فهي سنة حبيبنا وحبيبهم وشفيعنا وشفيعهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم القائل: ((ومن رغب عن سنّتي فليس منّي)). انتكس الإخوان المفلسون غاية الانتكاسة، بالأمس الوزارات بأيديهم، حتى أن عمار بن ناشر السفيه الكذاب يكتب في جريدة ويخاطبني ويقول: فإنّهم من ولاة الأمر والله عز وجل يقول: {أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم (¬3)}. أيها المخذول، إن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تطيعوا أمر ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية: 81. (¬2) سورة الرعد، الآية: 17. (¬3) سورة النساء، الآية: 59.

المسرفين الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (¬1)}، ويقول: {أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم}، فنحمد الله سبحانه وتعالى فلّ جموعهم وانتكست راياتهم، ونحن الآن ننصح الحكومة اليمنية وعلى رأسها علي بن عبد الله بن صالح ننصحهم ألا يدنسوا سلطانهم بالإخوان المفلسين، أهل السنة من أقصى حرض إلى أقصى حضرموت ويريد أن يتحكم فيهم الإخوان المفلسون: إما أن تنتخبوا وإما أن تعزلوا عن وظائفكم، قلنا لإخواننا: إن هذه عواصف لا بد منها وإياكم أن تكونوا كما قال ربنا في بعض الناس: {ومن النّاس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسْران المبين (¬2)}. إياك، إياك أن يكون قد بحّ صوتك بالأمس وأنت تقول: الانتخابات حرام، ثم من أجل الوظيفة أو من أجل إمامة مسجد تخطب أو تشارك في الانتخابات. لا حاجة إلى ذكر الأدلة فقد ملئت بها كتبنا والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى "الفتوى في الوحدة" "المصارعة"، "قمح المعاند"، "غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة"، وأشرطة كثيرة وإخواننا مشاركون في ذلكم و ((من ترك شيئًا لله أبدله الله خيرًا منه)). ونحن ما نطالب الرئيس أن يتنازل لنا حتى نحتاج إلى الانتخابات نحن نعتقد أن الانتخابات محرمة فليبلغ الشاهد الغائب نعتقدها من قبل ومن بعد، إننا لسنا متلونين؛ لسنا نأتي في كتبنا بالمتناقضات كما فعل عبد المجيد الزنداني في كتابه الذي ألفه، يكاد الشخص يضحك مما فعل عبد المجيد، الذي ¬

(¬1) سورة الشعراء، الآية: 151 - 152. (¬2) سورة الحج، الآية: 11.

أشبه الحاكم العبيدي المهوس صاحب مصر تارة يقول الحاكم العبيدي: الملوخية حرام ومن أكل ملوخية سيقتل. وأخرى يقول: هي مباح. وأخرى يقول: الكنائس حرام. ويبيد الكنائس في مصر، وأخرى يقول: الكنائس طيبة. ويبني الكنائس التي أبادها. إن كتاب عبد المجيد الزنداني "المرأة وحقوقها السياسية في الإسلام"؛ يذكرني بالمخضرية؛ فقدر ثلثي الكتاب يرد عليه، وذلكم صاحب المخضرية الذي كان يبيع قلاًّ (¬1)، وفي ذات مرة مرت بغلة من جانب التنكة التي فيها القلاّ، وذرقت بين القلاّ، فالتفت صاحب القلاّ يمينًا وشمالاً وما رأى أحدًا يراه، وشمر عن ساعده وصار يقول: (مخضرية، مخضرية) ويبيع على الناس أنّها مخضرية، فكتابك يا عبد المجيد مخضرية ولنا حق أن نقول: أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الإبل ونقول أيضًا كما قال الأول: فدع عنك الكتابة لست منها .. ولو سوّدت وجهك بالمداد على أنّ لجنةً هي التي ألفته، قدر ثلثي الكتاب ألفه واحد، والتصحيح والتضعيف ألفه واحد، كذلك أيضًا المرأة وحقها في الأمور السياسية ألفه واحد، فهي لجنة تعاونت مثل اللجنة التي تعاونت على "كتاب التوحيد" وفي بعض النسخ يكتب على الغلاف عبد المجيد الزنداني، مع أن الجرافي وأحمد بن سلامة تعاونوا كلهم على هذا. المهم أن ننصح الرئيس ألاّ يمكنهم من أهل السنة، ما لهم ولأهل السنة، ¬

(¬1) وهو الفول الذي يحمس على النار ثم يوضع بينه شيء من الفلافل والملح.

أهل السنة ما يتلونون نحن نقول اليوم وغدًا وبعد غد: الانتخابات طاغوتية محرمة. نحن ما نطالب الرئيس بأن يتنازل لنا ما نطالبه بل نحن نقول له: أيها الرئيس نطالبك بالاستقامة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإلا فكم نبح عبد الله صعتر يقولون له: يا شيخ الذي لا يدخل في الانتخابات وينتخب حزب الإصلاح؟ قال: مثله كمثل الذي لا يصلي. وآخر يقول: يا شيخ الذي ما يدخل في الانتخابات وينتخب حزب الإصلاح؟ قال: مثله كمثل القواعد أي النسوة القواعد اللاتي قد أصبحن عجائز، وهكذا وصفنا بأننا عملاء للاشتراكيين، وأننا عملاء للصهاينة، وأننا عملاء لأمريكا. والحمد لله الناس يعرفون من هو المتلون ومن هو العميل والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى. فإياك إياك أيها الرئيس أن تمكن هؤلاء المهوسين. والحزبية إذا فرضت عليهم أن ينقلبوا سينقلبون اليوم أو غدًا أو بعد غد. بالأمس يقولون: علي عبد الله صالح علماني كافر. وبالأمس يقولون لنا في الانتخابات التي حصلت بعد الوحدة: إذا فزنا ولم يسلمها علي عبد الله صالح سنقاتله، سنقاتله. وصعتر يقول: إذا لم يثبتوا في الدستور (المصدر للتشريع هو القرآن) -أو بهذا المعنى فكل واحد يأخذ بندقيته وعلى رأس جبل. والحكومة تعرفهم تقول: هي ناقة ولو هدرت. الناقة تهدر ثم بعد ذلك تقرّب ويعطون كرسيًا، ويعطون سيارات أو كذا وانتهى الأمر، أو يقلب عينيه فيهم وما تدري وهو خارجون: لا والله الجو مكهرب. فننصح الإخوة أهل السنة سواء أكنت مدرسًا أم كنت مدير مدرسة أم

كنت إمام مسجد أو غير ذلك ننصحك ألاّ تشارك في الانتخابات وإلا فسنيتك مزعزعة، تتركها لله لا لئلا يعيرك إخوانك، ولكن تتركها لله سبحانه وتعالى. الأمر الثاني: الفساد المنتشر في عدن جاءتني رسائل من إخوة أفاضل من أصحاب عدن: أن الخمر يباع علانية، وأن الزنا له بيوت. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (¬1)}. ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا (¬2)}. أولئك الذين يذهبون ويقتلون الأنفس البريئة من مشايخ القبائل ومن غيرهم لم لا يدخلون إلى الرئيس ويقولون: نحن مسلمون وبلدنا مسلمة والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان))، ويقول في أهل اليمن: ((إنّهم أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا))، ويقول أيضًا: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((هناك الزّلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشّيطان)). يا أهل السنة بعدن! بريطانيا وأنتم تعرفون ما فعلت بعدن وبغيرها من البلاد الجنوبية، أيضًا بعدها الشيوعية أهلكت الحرث والنسل وسبّت الله ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 104. (¬2) سورة النساء، الآية: 114.

سبحانه وتعالى جهارًا وسفكت دماء الأبرياء وشردتْهم من ديارهم ودفنت الناس أحياء، ثم الآن أتاكم بحمد الله الأمن والأمان، ولكن هذا المنكر الذي دهمكم بواسطة المنطقة الحرة يجب عليكم أن تقوموا له خطباء في المساجد وأن تشعروا الناس بهذا الأمر العظيم {لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (¬1)}، {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيز حكيم (¬2)}. تقومون ويقوم إخوانكم أهل السنة في جميع البلاد اليمنية بإنكار هذا المنكر الداهم الذي يفسد الدين ويفسد الأخلاق ويفسد أيضًا شبابنا وبناتنا إفسادًا أعظم من السرطان. لو جاء مرض من الأمراض لرأيتهم يستوردون الأطباء من الخارج لمكافحة هذا المرض، فما لهم الآن ما ينهون عن هذا المرض الخطير (الخمر) والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أتاني جبريل فقال: يا محمّد إنّ الله عزّ وجلّ قد لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها))، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة: ((لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبةً ذات ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 78 - 79. (¬2) سورة التوبة، الآية: 71.

شرف يرفع النّاس إليها أبصارهم وهو مؤمن)). نحن مسلمون، أعداء الإسلام قد سئموا هذه الحياة البهيمية، أما نحن فيجب أن تقام الحدود {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة (¬1)}. وإننا إذا ملنا عن كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن الله سبحانه وتعالى يتركنا وشأننا {ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرًا (¬2)}. فإن وفق الله المسئولين ونهوا عن هذا الأمر فذلكم ما كنا نبغي، وأصل الحكومة وضعت في الشرع الإسلامي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما تأتي بالمنكر تضع العسكري بسلاحه عند باب المنكر يحميه! وإن لم يوفقهم الله سبحانه وتعالى، فأنصح الإخوة الأفاضل أهل عدن وبقية أهل السنة أن يجتمعوا بصنعاء ويطلبوا الدخول إلى الرئيس، وبعد ذلك إن شاء الله سيرون ما يسرهم، فهذا أمر ثان. أمر ثالث: ما حصل تأثير بالمحاضرات ولا حصل تأثير بدخولهم أو ما تيسر لهم دخولهم على الرئيس، فلسنا نقول لإخواننا لا تأمروا بالمعروف ولا تنهوا عن المنكر، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولولا دفع الله النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرنّ الله من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله ¬

(¬1) سورة النور، الآية: 2. (¬2) سورة النساء، الآية: 115.

عاقبة الأمور (¬1)}، {وعد الله الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (¬2)}. والأمر كما قلنا ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))، وهذه فتوى من استطاع أن يدخل وهو قوي وقد وطّن نفسه من أول الأمر عن أي بلاء يحدث له فإنه سيصبر ويحتسب (¬3) فله ذلك، لكن بشرط ألاّ يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه. ومن أقدم على تغيير المنكر فلا يجوز لإخوانه أن يرموه بالتهور، كما أنه لا يجوز له أن يرمي إخوانه بالجبن فإن الله عز وجل يقول: {فاتّقوا الله ما اسْتطعتم (¬4)}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)). ولا تظنوا أن الخمارين صواريخ! يقول الله سبحانه وتعالى: {إنّ الّذين ¬

(¬1) سورة الحج، الآية: 40 - 41. (¬2) سورة النور، الآية: 55. (¬3) ما يكون كشخص في زمن ابن جماعة كان يتكلم على السلطان بكلام قاسٍ، فالسلطان استشار حاشيته من العلماء فأفتى بعضهم بقتله، فإذا هو يصيح ويصرخ ويبكي، قالوا: لا يقتل. ثم بعد ذلكم قال واحد منهم: يقطع لسانه حتى لا يخاطب السلطان بمثل هذا الخطاب القاسي. فرجع يصيح مرة أخرى، فأتى رجل ذكي جدًا ودخل على السلطان وهو يبكي قال: ما الذي أبكاك؟ قال: هذا الرجل الذي هو ناشف الدماغ يتكلم بالكلام الذي لا ينبغي أن يُتكلم به ويسوؤنا أن يقتل عالم من علماء المسلمين فأنا أطلب منك أن تعفو عنه. قال: قد عفوت عنه. (¬4) سورة التغابن، الآية: 19.

يحادّون الله ورسوله أولئك في الأذلّين (¬1)}، لو أصاب أحدهم عصًا أو عصوان أو دوسة على رقبة أو كسر منه عضو؛ ما رأيت خمارًا أذل منه، وهكذا أيضًا أصحاب المعاصي أذلاء، ولقد صدق الحسن إذ يقول: "إنّهم وإن هملجت بهم البغال فإن ذلّ المعصية لا يفارقهم". فالعاصي ذليل، ذل المعصية لا يفارقه؛ من أجل هذا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم (¬2)}، ويقول أيضًا: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الّذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكّل المؤمنون (¬3)}. نحن نقول وتلكم قبة الهادي بجوارنا: نتمنى نتمنى أن قد رأينا المساحي في ظهرها إلى أن تصل إلى الأرض، لكن نرى أن ليس لدينا قدرة، فنحن إن شاء الله نؤجل هذا لغد أو بعد غد، وهكذا بعض المنكرات. والخمر والزنا أضر على الشعب من مجموعة يتمسحون بأتربة الموتى حتى حالق اللحية يمر بهم وهم يتمسحون بتراب الهادي يحتقرهم ويستخفّ بهم حتى الملحد إذا مر بهم وهو يتمسحون بقبر الهادي يقول: هؤلاء خرافيون. فالناس ينكرون عليهم هذا بخلاف فساد الخمر والزنا، ربما يكون الرجل صالحًا وما تدري وقد انجرف، ولقد أحسن من قال: قل للمليحة في الخمار الأسودقد كان شمّر للصلاة ثيابهردّي عليه صلاته وصيامه ... ماذا فعلت بناسك متعبدحتى عرضت له بباب المسجد ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 20. (¬2) سورة محمد، الآية: 7. (¬3) سورة آل عمران، الآية: 160.

لا تفتنيه ... بحق رب ... محمّد ومن قال أيضًا: بيضاء تصطاد الغويّ وتستبي ... بالحسن قلب المسلم القراء وذلكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن مرّت امرأة دخل بيته وخرج والماء يقطر من رأسه قد أتى أهل واغتسل وقال كما في "صحيح مسلم" من حديث جابر: ((إنّ المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأةً فأعجبته فليأت أهله فإنّ معها مثل الّذي معها))، وفي "الصحيحين" أيضًا من حديث أبي هريرة: ((كتب على ابن آدم نصيبه من الزّنا مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنّى، ويصدّق ذلك الفرج ويكذّبه)). وذكرت شيئًا مهمًا وهو قصة يوسف {ولقدْ همّت به وهمّ بها لوْلا أن رأى برْهان ربّه (¬1)}، ومن قال: إنه همّ بضربها؛ فالأصل هو عدم التقدير فالهم غير مؤاخذ به وعصمه الله سبحانه وتعالى بأن رأى برهان ربه. وهكذا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)). أكثر الإخوة الطيبين الذين يذهبون إلى أمريكا أو إلى بريطانيا أو إلى أمكنة من هذه الأماكن إلا من رحم الله وعصمه الله يكون داعية وربما ينْزلق، في ذات مرة كانت تأتيني من ألمانيا أخبار أخ طيب من أرض الله الواسعة، ¬

(¬1) سورة يوسف، الآية: 20.

فقدم شخص من ألمانيا فقلت: أين فلان؟ قال: فلان قد انتكس، قلت له: انتكس؟! ذاك الذي بلغتنا أخباره الطيبة! قال: نعم، قد أصبح سارقًا لصًا. الفساد ضرره عظيم على القلوب، ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتّى تصير على قلبين على أبيض مثل الصّفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السّموات والأرض، والآخر أسود مربادًّا كالكوز مجخّيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب من هواه)). رواه مسلم من حديث حذيفة. فالأمر خطير قلبي وقلبك ليسا بأيدينا رب العزة يقول في الصحابة الذين هم أطهر قلوبًا منا وفي نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللاتي هن أطهر قلوبًا من نسائنا: {وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب ذلكم أطْهر لقلوبكم وقلوبهنّ (¬1)}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في حديث أسامة بن زيد المتفق عليه: ((ما تركْت بعدي فتنةً أضرّ على الرّجال من النّساء)). ولكن أننتظر من الإخوان المفلسين الذين يدعون إلى الاختلاط، وإلى (مجلس شيخات اليمن)! يالها من فضيحة، وإذا قدم (مجلس الشيوخ الأمريكي) يستقبله نساء الإخوان المفلسين ومن أضلوهن (¬2)، يستقبله (مجلس شيخات اليمن): مرحبًا وأهلاً وسهلاً على الأرض اليمنية {بلدة طيّبة وربّ غفور}، والله المستعان. إن هذه الدعوة فضيحة، ما أظن أنه قد سبق عبد المجيد في هذا ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 53. (¬2) فعادات الحكومات أن النظير يستقبل نظيره، وزير الداخلية يستقبله وزير الداخلية، ووزير الخارجية يستقبله وزير الخارجية، ورئيس الوزراء يستقبله رئيس الوزراء.

التفكير أحد. والله المستعان. هذا وأسأل الله العظيم أن يحفظنا وإياكم، والآن مع الأسئلة والمناقشة والاستفسارات. السؤال248: لو أن الشباب قاموا بتغيير المنكر، فقامت ضدهم الحكومة بالعساكر فكيف يفعلون في هذه الحالة بارك الله فيكم؟ الجواب: نحن بارك الله فيكم دائمًا ننصح إخواننا بما أن الله قد بارك في دعوتنا، فلا نحتاج إلى أن نصطدم مع صوفي ولا مع شيعي ولا مع حكومة. والحكومة ما ستغضب إذا كسرت يد الخمار أو الذي يبيع الخمر، فنحن لم نرد أن نحتل كرسيها، وهذا منكر بيننا وبين الحكومة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإلا فلتقل الحكومة: نحن لا نحكم كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والله المستعان. السؤال249: ما هي نوعية إنكار المنكر؟ الجواب: إنكار المنكر ممكن أن يكون باللّكم وممكن أن يكون بالعصا، وممكن أن يكون بأشياء توجع. وأما مسألة التفجيرات فلسنا ندعو إلى هذا، وكذلك أيضًا مسألة إطلاق الرصاص، لكن كما قلت لكم إن أصحاب المعاصي أذلاء كما قال الله عز وجل: {إنّ الّذين يحادّون الله ورسوله أولئك في الأذلّين (¬1)}. السؤال250: أنت قلت الخمر والزنا لا يجوز في بلاد المسلمين مفهوم المخالفة ¬

(¬1) سورة المجادلة، الآية: 20.

أنه يجوز في غير بلاد المسلمين؟ الجواب: النصارى دينهم يبيحه لهم واليهود أيضًا، لكن يشربون في بيوتهم لا يتباهون به أمام الناس بارك الله فيك. * * * وبعد هذا نختتم هذا الشريط بنصيحة للشعوب الإسلامية، فإن الدائرة في النهاية تكون على رءوسهم، ونحن معشر المسلمين عند أن فرطنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود كثرت الفتن، وأصبح كثير من المسلمين حيارى، وتسلط على المسلمين من لا يخاف الله فيهم، والسبب في هذا أن المسلمين كل ما جاءهم من قبل أعداء الإسلام قبلوه، وكأنه ليس عندهم كتاب من حكيم حميد ولا عندهم سنة من رسول اصطفاه الله سبحانه وتعالى، من أجل هذا سلط الله على المسلمين من لا يرحمهم. روى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا أيّها النّاس إنّكم تقرءون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم (¬1) وإنّا سمعنا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثمّ يقدرون على أن يغيّروا ثمّ لا يغيّروا إلاّ يوشك أن يعمّهم الله منه بعقاب)). وروى البخاري في "صحيحه" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((مثل القائم على حدود الله أي: المواجه لها والمبتعد عنها والواقع فيها أي: الّذي يقع فيما حرمه الله كمثل قوم ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 105.

استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا)). ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضّرّاء لعلّهم يتضرّعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشّيطان ما كانوا يعملون فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الّذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين (¬1). هذا حال الشعوب التي تتقبل من أعداء الإسلام كل ما أتوا به: تبرج وسفور، ديمقراطية، انتخابات، مظاهرات، بنوك ربوية. فهي ذنوبنا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ومن الّذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظًّا ممّا ذكّروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبّئهم الله بما كانوا يصنعون (¬2). العداوة موجودة بين الحكام أنفسهم، وبين الشعوب أنفسهم، وبين الدعوات أنفسها، وبين القبائل أنفسهم. العداوة وسفك الدماء التي يقول فيها نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ثمّ قال: لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية: 42 - 45. (¬2) سورة المائدة، الآية: 14.

بعض)). القتيل في بلد المسلمين لا يبالى به، والقتيل من أعداء المسملين سواء كان في بلدهم أم في بلاد المسلمين تنعق الإذاعات ويناشدون مجلس الخوف، وكما قيل: قتل امرئ في غابة ... جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل ... مسألة فيها نظر هذا جزاء من رضي بالتحاكم إلى أعدائه، يا سبحان الله تتحاكم إلى خصمك، عند أن كان بيننا وبين الشيعة خصام قالوا: الحاكم في هذه القضية سيدي علي العجري، قلت: مالي ولسيد علي العجري، قالوا: سيدي مجد الدين وهو شيخك. قلت أيضًا كذلك. أنت تتخاصم إلى خصمك! قضية تحدث وتذهب إلى مجلس الأمن أو تذهب إلى الأمم المتحدة أين عقول المسلمين؟!! رب العزة يقول في كتابه الكريم: أفحكم الجاهليّة يبْغون ومنْ أحْسن من الله حكمًا لقوْم يوقنون (¬1) ويقول: ومن لم يحْكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (¬2). هي الذنوب، ولو استقمنا لرأينا الأمن ورأينا الخير، ولا نبالي إذا حاصرتنا أمريكا حصارًا اقتصاديًا ما نبالي، كما ربنا يقول عز وجل: أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيء (¬3)، هذا في أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 50. (¬2) سورة المائدة، الآية: 44. (¬3) سورة القصص، الآية: 57.

لو أننا استقمنا لرأيت البركة الإلهية في زراعتنا وفي أيضًا أنعامنا كما يقول الله سبحانه وتعالى: ولو أنّهم أقاموا التّوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربّهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم (¬1)، ولو أنّهم أي: أهل الإنجيل. ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وما أرسلنا في قرية من نبيّ إلاّ أخذنا أهلها بالبأساء والضّرّاء لعلّهم يضّرّعون ثمّ بدّلنا مكان السّيّئة الحسنة حتّى عفوا وقالوا قد مسّ آباءنا الضّرّاء والسّرّاء فأخذناهم بغتةً وهم لا يشعرون ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتًا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحًى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون (¬2). فعلينا جميعًا معشر المسلمين أن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر قبل أن يحل بنا ما حل بغيرنا. ولكلّ قسطه: فسفك دماء القبائل والحروب التي بينهم والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار)) قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه))، ويقول: ((لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)). والعداوة بين الوالد وولده، وزادت الأحزاب الطين بلّةً، والعداوة بين الرجل وامرأته خصوصًا بعد أن أفتى علماء السوء بأن المرأة تخرج وتنتخب. ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية: 66. (¬2) سورة الأعراف، الآية: 94 - 99.

وربّ رجل غيور على أهله فلا يريد أن تخرج وقد لعبت بعقلها وسائل الإعلام وجلساء السوء: "تخرجين تنصرين دين الله وإذا لم ننصر دين الله فسيأخذها الشيوعيون والبعثيون" يا هذا الشيوعيون والبعثيون قد ماتوا. ما بقى إلا أن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى ونناشد حكومتنا بالاستقامة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبتطهير المجتمع المسلم اليمني الذي أثنى عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أتترقبون من جمعية العلماء أن تخرج قرارًا أنه لا يجوز أن يباع الخمر بعدن علانية! ولا يجوز أن تقرر بيوت للزنا!. يا جمعية العلماء أكلت حقوق الشعب من زمان فأين ثمراتك؟، المسألة كما قيل: عنوا يطلبون العلم في كل بلدةوصحّ لهم إسناده وأصولهفمالوا على الدّنيا فهم يحلبونهافيا علماء السوء أين عقولكم؟ ... شبابًا فلما حصّلوه وحشّرواوصاروا شيوخًا ضيّعوه وأدبروابأخلافها مفتوحها لا يصرروأين الحديث المسند المتخير؟ لسنا نتوقع منهم أن ينصروا دين الله، وأن ينكروا المنكر الموجود، هم مستعدون إذا قالت الحكومة انتخابات أن يكتبوا في الانتخابات، وإذا قالت الحكومة بتحديد النسل ينبري جماعة منهم ويقولون بتحديد النسل، وإذا قالت الحكومة: إن الربا لا بأس به ينبري صاحب ذمار ويفتي أن الربا لا بأس به وهكذا. والله المستعان. فيجب أن نتقي الله في أنفسنا وفي العامة، فإنكم يا أهل السنة أنتم المسئولون عن العامة، وإلا فمن الذي يتوقع أن ينصر دين الله! أهم الإخوان

المفلسون وهم يدعون إلى ترسيخ الديمقراطية؟ وقد رأيتم بعض ثمراتها في عدن وما هو آت أعظم. وبعد ذلك ماذا ننتظر من ربنا قال الله سبحانه وتعالى: وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون (¬1)، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنّتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربّكم واشكروا له بلدة طيّبة وربّ غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (¬2). أتتوقعون من الشيعة أن ينصروا دين الله وأن يغاروا لدين الله ولو أتاهم إبليس فضلاً عن علي سالم البيض وقال: عليكم بهؤلاء الوهابية وأنا معكم فإننا نريد أن نرد الخلافة لأهل البيت. يقولون: صدقت. ويقومون ويجالدون مع إبليس بسيوفهم وبمدافعهم ورشاشاتهم لا تنتظروا من الشيعة أن يغيّروا منكرًا ولا من الصوفية، وهم أنفسهم غارقون في المنكر، ولا من الحزبي الذي يهمه أن يتجمع الناس حوله على إسلام أو على كفر، فأنتم معشر أهل السنة تقومون بالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر في حدود ما تستطيعون لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها (¬3)، لا يكلّف الله نفسًا إلاّ ما آتاها (¬4). ¬

(¬1) سورة النحل، الآية: 112. (¬2) سورة سبأ، الآية: 15 - 16. (¬3) سورة البقرة، الآية: 286. (¬4) سورة الطلاق، الآية: 7.

فعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى، ونناشد المسئولين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى إذا أرادوا أن يحفظ الله لهم سلطانهم، وألا يلوثوا البلد اليمنية بالديمقراطية وألا يلوثوها بالفساد، فبلدنا بلد الإسلام آمنوا بعد أن أرسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاذ بن جبل، وأبا موسى الأشعري، وخالد بن الوليد، وعلي بن أبي طالب واستسلموا لدعوة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والآن يا أهل اليمن إياكم إياكم أن تستسلموا للديمقراطية. أختم كلمتي هذه بقول الله عز وجل: واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السّبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون وإذ قالت أمّة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذّبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرةً إلى ربّكم ولعلّهم يتّقون فلمّا نسوا ما ذكّروا به أنجينا الّذين ينهون عن السّوء وأخذنا الّذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فلمّا عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردةً خاسئين وإذ تأذّن ربّك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفور رحيم (¬1). هؤلاء الآيات فيها تحذير لأهل الحق أن يجاملوا أو يركنوا إلى الذين يريدون الفساد، وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والحمد لله رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل. ¬

(¬1) سورة الأعراف، الآية: 163 - 167.

الزنداني ومجلس الشيخات باليمن

الزنداني ومجلس الشيخات باليمن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .. أما بعد: فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى الذي هدانا لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحمد الله سبحانه وتعالى معشر اليمنيين خصوصًا، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان))، وهذا الحديث هو لأهله ليس للحزبيين الديمقراطيين وليس للبعثيين وليس للاشتراكيين وليس للقبوريين، نعم لمن تحقق فيه الإيمان. أهل اليمن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر عنهم بأنّهم: ((أرقّ أفئدةً وألين قلوبًا))، ودعا لهم، فقد روى البخاري في "صحيحه" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) ثلاثًا قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: ((هناك الزّلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشّيطان)). وخصّيصة أيضًا لأهل اليمن لا يشاركهم أحد غيرهم، روى الإمام مسلم في "صحيحه" من طريق سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان

رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّي لبعقر حوضي أذود النّاس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتّى يرفضّ عليهم)). ومعنى الحديث: أن الناس يزدحمون على الحوض لشدة العطش ولهول ذلكم اليوم ولدنو الشمس قدر ميل، فيخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعصاه ويقرع الناس حتى لا يزاحموا أهل اليمن، وإنّها لخصيصة يجب أن نحمد الله سبحانه وتعالى عليها. أيضًا: ((الفقه يمان)) فقد خرج من اليمن الفقهاء والمحدثون ونعني بالفقهاء والمحدثين: أهل السنة، فعبد الرزاق الصنعاني، وهشام بن يوسف الأبنائي صنعانيّ أيضًا، وهمام بن منبه، ووهب بن منبه، وأبوحمة محمد بن يوسف الزبيدي، وأبوقرة موسى بن طارق اللحجي يقال له: لحجي ويقال له: زبيدي، ومحمد بن أبي عمر العدني وغير واحد من الحضرميين. أئمة خرجوا من اليمن مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان)) فنحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك. وإن أهل اليمن بحمد الله من خدعهم يظهر حاله بعد أيام، فعلي بن الفضل القرمطي بعد أن ملك صنعاء وكثير من البلاد اليمنية استقر بمذيخرة بالعدين ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر. الصليحيون الذين يقال: "قالت أروى، وقال أحمد"، وهم باطنية أكفر من اليهود والنصارى بعد أن ملكوا أكثر اليمن أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فبحمد الله الله سبحانه وتعالى هو الذي يدافع عن اليمن وهو الذي يدافع عن اليمنيين والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى. وأما حديث: ((إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن)) فهو حديث موضوع مكذوب لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قد رحل إلى عبد الرزاق الصنعاني من علماء اليمن العلماء من نيسابور

ومن بغداد ومن كثير من الأقطار الإسلامية، ليسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية، ويحيى بن معين، وما أدراك ما هؤلاء الثلاثة رحلوا إلى عبد الرزاق الصنعاني، فنحمد الله سبحانه وتعالى أن رفع شأن أهل العلم وقد ذكرنا في غير ما شريط فضائل أهل العلم وإنني أحمد الله فلأم عبد الله الوادعية كتاب "فضل العلم والعلماء" لعله لم يؤلف مثله في بابه من حيث سرد الأدلة والفضل في هذا لله. ولكن كلامنا الآن على التحذير من علماء السوء ياأيّها الّذين آمنوا إنّ كثيرًا من الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل الله (¬1)، ياأهل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل وتكتمون الحقّ وأنتم تعلمون (¬2). والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي كلّ منافق عليم اللّسان))، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمّة المضلّون))، بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم في شأن أهل الكتاب: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (¬3)، ويقول: وإنّ منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية: 34. (¬2) سورة آل عمران، الآية: 71. (¬3) سورة البقرة، الآية: 75.

يعلمون (¬1)، ويقول سبحانه وتعالى: واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركْه يلهث (¬2). وكما أن الله رفع العلماء ورفع منْزلتهم، فإن الله سبحانه وتعالى أخزى علماء السوء وفضحهم، علماء السوء الذين يحرفون الفتاوى كما يهوى المجتمع أو كما تهوى الحكومات، يجب أن نحذرهم وأن نبتعد عنهم، والعلماء الرسميون الذين يفتون بما تشتهي الحكومات ولست أعني أن العلماء الرسميين كلهم يفتون بما تهوى الحكومات ولكن الغالب هو ذلكم الأمر، وإننا نحمد الله عز وجل فقد وقفنا في وجوه أهل الباطل ونعتبر ذلكم من أفضل القربات. جاء عن الإمام أحمد وعن شيخ الإسلام ابن تيمية وعن غير واحد: أن الرد على أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله. وذكر الأمير الصنعاني أنه أصيب بإسهال عولج منه فلم ينفع فيه علاج، وكان عنده كتاب من كتب الضلال فقال لأهله: أحرقوا هذا الكتاب واخبزوا لي خبزة عليه، وأحرقوا الكتاب وخبزوا له خبزةً عليه وأكلها وشفى بطنه بإذن الله تعالى، وهذا في ديوانه. فالرد على أهل البدع يعتبر من أفضل القربات، وإذا رجعوا إلى السنة فهم إخواننا، وإلا اليمن بلاد الإيمان، اليمن لا مجال فيها لبعثي، ولا مجال فيها ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية: 78. (¬2) سورة الأعراف، الآية: 175 - 176.

لاشتراكي، ولا مجال فيها لحداثي، ولا مجال فيها لحزبي، ولا لديمقراطي ولا لعلماني، وإن كان أهل اليمن بهم شيء من الجشع يصفقون للحزب ما دام المال عنده، وإذا نفد المال تحولوا إلى آخر، وهم أذكياء أيضًا يعرفون ما هو عليه من الضلال، ليسوا مستعدين أن يبيعوا دينهم (¬1). فهي حزبية مادة ما هي بحزبية عقيدة، نحمد الله الذي صرفهم إلى حزبية الدنيا عن حزبية العقيدة. وفي هذه الليلة وافانا شريط لعبد المجيد الزنداني ونحب أن يسمعه الإخوة وأن نعلق ما استطعنا على ذلكم الشريط، فيه دعوة للنسوة باليمن إلى أن يؤسسن (مجلس الشيخات) على غرار (مجلس الشيوخ الأمريكي). وقال الزنداني في محاضرة للنساء: " ... لكن ماذا عن إبداء المرأة لرأيها في القضايا السياسية، من حقها ذلك، فأم سلمة رضي الله عنها أم المؤمنين كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وجاء المسلمون من المدينة إلى مكة فنزلوا بالحديبية، وكانوا محرمين وقد ساقوا الأنعام لذبحها عند الكعبة، فتعرضت لهم قريش وقالت: والله لا تدخلون علينا هذا العام تشتوا نتصالح ارجعوا عن قرب مكة إلى المدينة بسنة ولا تدخلوا علينا مكة، فالرسول صلى الله عليه وسلم وافقهم على ذلك وأجري الاتفاق في صلح الحديبية بينه وبينهم، فحزن المسلمون أنّهم سيرجعون وقد أحرموا ولبسوا ملابس الإحرام، لكن بعد إقرار الاتفاقية أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحلقوا رءوسهم، وأن ينحروا هديهم وأن يلبسوا ملابسهم المعتادة، ويتركوا ملابس الإحرام أمرهم المرة الأولى فلم ¬

(¬1) هناك شخص قيل له: لم أنت في الحزب الاشتراكي؟ قال: وعدوني بسيارة ويزوجوني وما أدري ما هو الثالث الذي وعدوه به، قال الإخوان: وإذا لم يعطوك شيئًًا من هذا؟ قال: قتلت المدير.

يأتمروا، أمرهم الثانية فلم يطيعوه، فدخل إلى الخيمة غاضبًا يخاف عليهم من عقاب الله، لأنّهم عصوا رسوله وأن ينْزل بهم ما نزل ببني إسرائيل وغيرهم من الأمم، فقال لأم سلمة رضي الله عنها الأمر، ففطنت أم سلمة رضي الله عنها إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم وهم لم يطيعوه لا معصية له وإنما لأنّهم يأملون ويطمعون أن ينْزل وحي أو أن يراجع الرسول نفسه، فيبقوا في إحرامهم فقالت له: يا رسول الله اخرج وانحر هديك واحلق رأسك فإذا رأوا ذلك فعلوا مثلك. نصيحة سياسية وتدبير سياسي من أم سلمة رضي الله عنها ففعل الرسول ذلك الفعل، فنحر هديه وحلق رأسه فلما رآه المسلمون قد فعل ذلك أيقنوا أن لا عمرة ما عاد يوصلوش مكة، خلاص النبي قد تحلل من إحرامه فقام كل واحد منهم إلى الآخر يحلق لأخيه بغضب وشدة، حتى كادوا يجرح بعضهم بعضًا وقاموا ونحروا هديهم. فهذا تدبير سياسي صاحبته امرأة هي أم سلمة رضي الله عنها فمن حق المرأة أن تستشار في الأمر السياسي وفي الأمر العام للأمة، ومن حق المرأة أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن تسائل وأن تعترض على الحكام وأن تشكوا منهم، من حق المرأة أن تفتي إذا كانت عالمة وأن تتعلم وتعلم. وقد كان المسلمون يستفتون من أمهات المؤمنين، وقد وجدنا أكابر علماء المسلمين يدرسون على شيخات (¬1)، ويعطين إجازة لتلاميذهن، ويرى في سند المشايخ: "مشايخه: فلانة وفلان وفلان وفلانة". فمن حق المرأة أن تفتي، بل إن المرأة قد حملت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم ¬

(¬1) لكن هل كوّنّ (مجلس الشيخات) السياسي.

في السند سند الأحاديث من نساء نقلن إلينا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف إذًا نحقق للمرأة المشاركة في الأمر السياسي والمشاركة في الفتوى والتشريع والمشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة الحكام ومحاسبتهم ومسائلتهم كيف؟ ونجنبها معركة الولاية العامة، معركة القوامة على المجتمع والولاية العامة، كيف؟ لا طريق إلى ذلك إلا بإنشاء مجلس خاص للمرأة اليمنية، أن نقيم مجلسًا، مجلسًا للمرأة، مجلس شورى المرأة اليمنية ويعطي هذه الصلاحيات، صلاحية المشاركة في التشريع، صلاحية المشاركة في إبداء الرأي السياسي، صلاحية المساءلة لبعض المسئولين، ولكن تولية رئيس الجمهورية، تولية رئيس الوزراء والوزراء معركة صعبة (¬1) قاسية شديدة يستعمل المتنافسون فيها أساليب خبيثة وغليظة وقاسية وماكرة، ولا نريد أن نعرض المرأة لهذه المعركة الطاحنة والمعركة اللئيمة بين المتنافسين على رئاسة البلاد والقوامة. إن للمرأة بيعة (¬2) خاصة هي بيعة النساء، وهي غير بيعة الرجال بيعة أخلاقية بيعة إيمانية، والرجال لهم بيعة جهاد وقتال وولاية، إذًا لا غضاضة في ذلك ولا عيب في هذا، ففي العالم غيرنا من الدول فيها مجلسان (¬3)، مجلسان ¬

(¬1) يفهم من كلامه أنه لولا أنه صعب بسبب ما يحدث فيه من القتل والقتال لساغ لهن ذلك، ولم يبال بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. (¬2) هل في بيعة النساء: أن يلتزمن بمجلس الشيخات في اليمن؟!! ونحن نسأل هذا الملبس ما إذا قدم إلى اليمن مجلس الشيوخ الأمريكي فيستقبله نظيره في اليمن وهو مجلس الشيخات! أف لك يا عبد المجيد ولتخطيطك المشئوم. (¬3) يا عبد المجيد تستدل بالباطل على الباطل! فهل كان هذان المجلسان في عهده عليه الصلاة والسلام أم في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أم في عهد التابعين أم أنك قد صرت مغرورًا بأعداء الإسلام وبأفعالهم وبمن تابعهم، فصرت تحسّن بعض أفعالهم بل تستدل بها، وذكرت أن= =المجلس النيابي له حق التشريع، ومجلس الشيوخ له حق إبداء الرأي في التشريع، والتشريع مما اختص الله به قال تعالى: شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحًا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه، وقال سبحانه: ثمّ جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون، وقال تعالى: لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله، وقال تعالى: إن الحكم إلاّ لله. وقد قفزت قفزة سبقت بها أعداء الإسلام في مجلس الشيخات الذي تريده أن يكون في اليمن، صدق الله إذ يقول: فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور.

لتمثيل الأمة: مجلس يسمى بالمجلس النيابي، وهذا المجلس النيابي له ثلاثة حقوق الحق الأول: التشريع، الثاني: الرقابة، الثالث: التولية للحكام والعزل. ومجلس آخر هو مجلس الشيوخ وهذا مجلس الشيوخ له حقان وليس له الحق الثالث ليس له حق التولية والعزل بل له حق الإبداء، إبداء الرأي في الشتريع والسياسة، وله حق إبداء الرأي في مراقبة سلوك بعض الحكام والمسئولين ويسمى بمجلس الشيوخ وليس له حق العزل والتولية. فلماذا لا يكون هذا المجلس الثاني مجلس الشيوخ مجلس شيخات لماذا لا يكون مجلس المرأة اليمنية". أقول: نقف هنا بعض الوقفات ثم نكمل إن شاء الله الشريط. روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعظ النساء وقال فيما وعظهن: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)) قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرّجل؟)) قلن: بلى. قال: ((فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم

تصم؟)) قلن: بلى. قال: ((فذلك من نقصان دينها)). وقصة الحديبية صحيحة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثمّ احلقوا)) فما قام منهم رجل حتّى قال ذلك ثلاث مرّات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أمّ سلمة فذكر لها ما لقي من النّاس، فقالت أمّ سلمة: يا نبيّ الله أتحبّ ذلك اخرج ثمّ لا تكلّم أحدًا منهم كلمةً حتّى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلّم أحدًا منهم حتّى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتّى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا. ولكنْ هل دعا أم سلمة وعائشة وأم حبيبة وحفصة وغيرهن من النساء يكوّنّ مجلس الشيخات أو يكوّنّ مجلس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ روى الترمذي في "جامعه" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشّيطان)). يا عبد المجيد أتلبس على نسائنا أن يخرجن ويخالطن الرجال، إحدى النسوة تقول ساخرة من عبد المجيد ومن كلامه: أما أنا فلا أرضى إلا أن أكون رئيسة للدولة. ويجوز على مذهب عبد المجيد، لأنه يقول: ما تجنب الرئاسة إلا من أجل أنّها معركة صعبة قاسية شديدة ويستعمل فيها المكر والخبث إلى آخر ما قال. وهذا فيه خروج عن طبع المرأة مع ما فيه من المخالفة للأدلة الشرعية. فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح البخاري" عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأةً)). بل ربنا عز وجل يقول في كتابه الكريم: الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصّالحات قانتات حافظات

للغيب بما حفظ الله واللاّتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً (¬1). وروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((استوصوا بالنّساء فإنّ المرأة خلقت من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء))، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب الوصاية منا بالنساء خيرًا، والوصي يرعى حق الموصى عليه، يرعى حقه وينتبه له، ويرعاه رعاية إسلامية فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما من عبد استرعاه الله رعيّةً فلم يحطها بنصحه إلاّ لم يجد رائحة الجنّة)). وروى الترمذي في "جامعه" عن عمرو بن الأحوص رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا واستوصوا بالنّساء خيرًا فإنّما هنّ عوان عندكم))، أي مثل الأسير. الله قد علم بحالتها وأنّها ضعيفة وناقصة عقل ودين، أما إذا كان في يدها الحديد والنار لأساءت التصرف، ولو كان الطلاق بيدها لطلقت زوجها في اليوم عشرين مرة، وبعد أن يسكن غضبها تبكي ما تحب أن تمشي إلى أهلها وقد طلقته عشرين مرة، من أجل هذا جعل الله سبحانه وتعالى القيومية بيد الرجال، ((فإنّما هنّ عوان عندكم ليس تملكون منهنّ شيئًا غير ذلك، إلاّ أن يأتين بفاحشة مبيّنة فإن فعلن فاهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ ضربًا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً، ألا إنّ لكم على نسائكم حقًّا، ¬

(¬1) سورة النساء، الآية: 34.

ولنسائكم عليكم حقًّا فأمّا حقّكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقّهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ وطعامهنّ)). رواه الترمذي وفي سنده بعض الضعف ولكنه قد جاء بمعناه عن صحابي آخر كما في "مسند أحمد". والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهنّ خير لهنّ)). يا عبد المجيد اتق الله سبحانه وتعالى وقل سدادًا واعلم أن الناس لن يتبعوك على ضلالك، ياأيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا (¬1). هل كان هناك نسوة على زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهن (مجلس شيخات)؟ أم هو التقليد لأعداء الإسلام؟، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: ((((لتتّبعنّ سنن من قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلكتموه)). قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!)). فعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى، وأن نحسن إلى أهلينا ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))، أمن الخيرية أن تأخذ شنطتها مسكينة في الصباح بعد طلوع الشمس، ولا ترجع إليك إلا بعد الظهر الساعة الثامنة؟! معذبة، وقد جعلها الله سيدة بيتها، الرجل يخدمها ويأتي بما تحتاج إليه من سترها. والناس بين إفراط وتفريط ووسط، فمن الناس من أفرط كقاسم أمين الذي دعا إلى التبرج والسفور، وهدى شعراوي التي حرّقت الحجاب، ومن الناس من فرّط فامرأته كالنعجة لا يعلمها ولا يهيئ لها التعليم، الله عز وجل ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 70 - 71.

يقول في كتابه الكريم: ياأيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة (¬1). والإخوان المفلسون قواد شر وضلال، فيجب علينا أهل السنة أن ننهض بما أمرنا الله سبحانه وتعالى وأن نتزود جميعًا من العلم النافع، وقلْ ربّ زدْني علمًا (¬2) ما دامت الشبهات تتوارد علينا من علماء السوء. وبالأمس أوردوا علينا مهزلةً من المهازل، ألا وهي الدعوة إلى تحديد النسل، يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((تزوّجوا الودود الولود فإنّي مكاثر بكم الأمم))، وأولئك يدعون إلى تحديد النسل، لكن هي مهزلة؛ المسئولون بعضهم متزوج بأربع نسوة ومشايخ القبائل بعضهم متزوج بأربع نسوة، وبعض التجار متزوج بأربع نسوة، وابن شاجع (¬3) لا بارك الله فيه أظنه متزوج باثنتي عشرة امرأة، وعلماء السوء يدعون إلى هذا. فكونوا على حذر من علماء السوء ومن دعاياتهم، ومن علماء السوء علماء الإخوان المفلسين، ما تجد فيهم واحدًا وقّافًا عند كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأغلبهم مخادعون. أتاني القاضي محمد قطران وقال لي: يا أبا عبد الرحمن نحن نريد دولة إسلامية، فنريد أن تكون من الأولين في هذا. قلت له: تريدون دولة إسلامية (¬4) ¬

(¬1) سورة التحريم، الآية: 6. (¬2) سورة طه، الآية: 114. (¬3) أحد مشايخ القبائل (المكارمة) الباطنية. (¬4) على أننا نقول: إن دولتنا إسلامية وإن كان هناك رشوة، وإن كان هناك دعوة للديمقراطية فهم يخادعون أمريكا من أجل أن تعطيهم مالاً، اللهم دمر أمريكا، اللهم يسر لأمريكا بعشب بطل= =كما يسرت الشعب الأفغاني لروسيا ودمر روسيا، فهي التي فرضت علينا الديمقراطية وإلا فالمسئولون لا يريدونها. والله المستعان.

وأنتم خليط! قال: مستعدون أن ننقيهم ونترك خليط، نبغي الصالحين يقيمون دولة إسلامية. قلنا: هذا في الخيال لكن إذا كان الشعب متفقهًا في دين الله فهذا صحيح. وذهب القاضي محمد من عندي، وبعد أيام طويلة جاءني القاضي هلال الكبودي ولا يزال حيًا يرزق وهو رجل صادق اللسان لو سألتموه لأخبركم ويحيى الشبامي، ومحمد الصادق، وسليمان الفرح يتسمحون به باعتبار أنه شيخ وإلا فحتى المشايخ أنفسهم مساكين ما هم إلا ببغوات يقولون ما يقال لهم قالوا: يا أبا عبد الرحمن نريد دولة إسلامية. قلنا لهم: وما سبيلها؟ قالوا: الانتخابات! قلنا لهم: الانتخابات محرمة. قالوا: صحيح محرمة ولكن لا بد منها! قلنا: فإذا لم يسلمها علي عبد الله صالح؟ قالوا: حاربناه!! تحاربون علي عبد الله صالح! كلام فارغ ما همهم الدولة الإسلامية، الذي يهمهم: "البوسنة والهرسك" حتى تمتلئ الأجربة وبعدها والعاملين عليها، فالإخوان المسلمين آلة جمع أموال ينتهزون الفرصة لأي مناسبة! وقصدنا من هذا أن علماء الإخوان المفلسين ليسوا وقافين عند كتاب الله أنا أتحدى من يأتي بعالم واحد منهم وقاف عند كتاب الله وعند سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. * * * قال الزنداني مواصلاً كلامه: "وبهذا تتمتع المرأة اليمنية كما يتمتع الرجل اليمني بكامل حقوقها السياسية والاجتماعية، مع تجنيبها قسوة معركة الولاية العامة، إذا فعلنا ذلك فزنا ونجحنا ووضعنا الأمر في نصابه، وأعطينا المرأة

حقها (¬1) وأعطينا الرجل حقه وأسندنا كل شيء وفق هدي الله، فإذا فعلنا ذلك صلحت أمورنا بإذن الله. نحن الآن مقدمون أتمنى أن المرأة اليمنية لو وعت وقالت لمجلس النواب: تريد أن تكون عضوًا في مجلس النواب؟ ألتزم وأشترط عليكم يا أعضاء مجلس النواب أن تصدروا قرار مجلس شيخات اليمن، مجلس شيخات أو مجلس شورى المرأة اليمنية، فنرى مجلسًا آخر للمرأة اليمنية بجوار مجلس النواب تمارس فيه المرأة حقها وتتمتع بكامل ما لها، أتمنى أن توفق المرأة اليمنية لذلك وأن يوفق النواب للمطالبة بحق المرأة كما طالبنا (¬2) بحق الرجل، وكما استطعنا أن ¬

(¬1) يا عبد المجيد الإسلام قد حفظ حقوق المخلوقين فمن ذلك قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصّاحب بالجنب وابن السّبيل وما ملكت أيمانكم إنّ الله لا يحبّ من كان مختالاً فخورًا. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((حقّ المسلم على المسلم خمس: ردّ السّلام، وعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وإجابة الدّعوة، وتشميت العاطس)). رواه الشيخان. وقد تقدم شيء من ذلك فيما يتعلق بالمرأة، حتى الطريق لم يغفل الإسلام حقها ففي "الصحيحين" من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إيّاكم والجلوس على الطّرقات)) فقالوا: ما لنا بدّ إنّما هي مجالسنا نتحدّث فيها. قال: ((فإذا أبيتم إلاّ المجالس فأعطوا الطّريق حقّها)) قالوا: وما حقّ الطّريق؟ قال: ((غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر)) فهل الإسلام أغفل بعض حقوق المرأة، وهل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع الصحابيات بعض حقوقهن، فلم يكوّن لهن مجلس شورى أو مجلس شيخات، حتى أتيت أنت ومن يدعو بدعوتك هذه فأعطيتم المرأة ما أغفله ديننا وما منع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المرأة من الحقوق التي تدعو إليها وتتمناها، وصرت تعلق الفوز والفلاح والنجاح بخروج النساء من بيوتهن وتربعهن على كراسي مجلس النواب أو الشيخات فتقر أعين أعداء الإسلام بهذا الأمر، فأصبحتْ مخالفة الكتابة والسنة فوزًا وفلاحًا في نظرك؟!! والله يقول: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. (¬2) لستم الذين طالبتم ولكن أمريكا هي التي فرضت هذا على الشعب اليمني، ونراك تتبجح بمجلس النواب فماذا أستفاد منه الشعب اليمني، فالنائب يعتبر نفسه مشرعًا وهو لا يعرف عن التشريع= =الإسلامي شيئًا، وأيضًا التشريع ملك لله قال الله سبحانه وتعالى منكرًا على المشركين: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله.

نأخذ حق الرجل من الحكام، نأخذ حق المرأة من الرجال ونعطيها حقها وتمارس دورها في مجتمعنا، أسأل الله أن يوفقنا والمسلمين أجمعين." وبعد هذا أقول: الواقع أنّهم لن يستطيعوا أن يعملوا شيئًا؛ ففي دفترهم الذي نشروه في الانتخابات بعد الوحدة: الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة، ومن هي الأمم المتحدة؟ إنّها أمة كافرة تحكم القوانين، هذا واحد، الثاني: الاعتراف بالديمقراطية، وما معنى الديمقراطية؟ معناها الشعب يحكم نفسه بنفسه، ولو حصل التصويت أن اللواط حلال فالتصويت مقدم على الكتاب والسنة، أو حصل التصويت وقد حصل أنه يجوز لهم أن يقترضوا من البنوك الربوية فلهم بعد ذلك التصويت، وأيضًا في ذلكم الدفتر احترام الرأي والرأي الآخر، وما معنى احترام الرأي والرأي الآخر؟ إنك إذا استدللت بآية وقال ذلك الخمار أو تلكم المرأة التي لا خير فيها وعارضتك، وجاءت امرأة أخرى تؤيد رأيها؛ أن الآية القرآنية مثل رأي تلك المرأة! والمرأة الثانية ترجح قول المرأة على الآية القرآنية، إهانة للكتاب والسنة ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (¬1). وأحسن من مثل الإخوان المسلمين هو الترابي ترب الله وجهه، ففي كلية الشريعة بصنعاء قالوا له: أنت من الإخوان المسلمين؟ قال: لا، نحن اتخذناهم سلمًا لنصعد عليه ثم تركناهم. ولقد أحسن من قال: ¬

(¬1) سورة طه، الآية: 124 - 126.

على كتفيه يصعد المجد غيره ... فهل هو إلا للتسلق سلم جمال عبد الناصر لا رحمه الله تسلق على أكتافهم حتى وضعوه على الكرسي ثم بعد ذلك أودعهم السجون، وقتل أناسًا منهم لسنا نقول هذا شامتين، ولكننا نقول إنّهم هم الذين يحملون الحكام ويضعونهم على الكراسي ثم بعد ذلك يفتك بهم الحكام، وهم مفلسون في السياسة وهم أيضًا الآن أصبحوا مفلسين في الدين، فكونوا على حذر منهم، كونوا على حذر من حضور محاضراتهم ومن حضور اجتماعاتهم ودعوتهم، وهم وإن كان عندهم مال؛ فالله هو الذي اختار لنا أهل السنة الفقر، وربما لو كان عندنا مال لأطغانا المال، الله هو الذي اختار لنا هذا وهو الذي اختاره لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلنصبر ولنحتسب. ألا وإن من الناس من هو متلون والله أعلم بنهايته، ذلكم المتلون هو الشيخ عمر (¬1)، كان مع الإخوان المفلسين ثم خرج وأخذ يحذر منهم، ثم بعد ذلك ذهب إلى مكة وأخرج كتابًا بعنوان "الدليل الواضح على كفر علي عبد الله صالح" وبعد أن أخرج الكتاب رجع إلى هاهنا، وأخبرت الآن أنه قد رجع إلى الإخوان المفلسين، يا شيخ عمر عمرك قد ولى وذهب فاسأل الله أن يحسن لك الخاتمة، وإياك والتلون، إياك والتلون، فعليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى. وعلى أهل السنة أيضًا أن يتقوا الله وأن يبتعدوا عن علماء السوء، ونشر ¬

(¬1) الحق أنه بلغني أنه تكلم عند الحمدي بكلام يشكر عليه بلغني هذا عن واحد من الإخوان المفلسين.

هذا الكلام كاف وحده حتى لو لم يكن عليه تعليق كل يمني به غيرة على امرأته وغيرة على بناته سيقول نعوذ بالله من عبد المجيد الزنداني ومن آرائه وأفكاره، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ننصحه أن يتوب إلى الله. وهذا الشريط يا إخوان وصل إلينا بصوته كما سمعتم ليس مدبلجًا وليس فيه زيادة ولا نقص وأهل السنة بحمد الله ليسوا كغيرهم، أهل السنة لا يكذبون على خصومهم لكن يبلغون ما حدث وما حصل. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين. * * * وبعد هذا فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام))، هذه الدعوة التي يدعو إليها عبد المجيد فيها إثارة الفتن بين الرجل وامرأته، فكثير من الناس يحب لامرأته العفاف، بل كل الناس إلا من شذ هذا أمر. أمر آخر: إن في هذا هتك لعرض المرأة تخرج من بيتها وليست بمعصومة وتخالط الرجال! وإذا أصبحت ذات ولاية فزوجها ليس بشيء، وهذه هي الدعوة إلى التبرج والسفور والاختلاط من زمن قديم، فمحمد الصادق يقول في خطاب له نشرته جريدة "الصحوة" وقد ألقاه في جامع الدعوة بباب اليمن: "إن تصوير المرأة للانتخابات مثل تصويرها للحج"، ويا سبحان الله يا محمد تجاهلت الحج ركن من أركان الإسلام والانتخابات طاغوتية، فالفارق كما بين السماء والأرض. ومما يدل على أن دعوتهم دعوة فتنة أن علي بن سالم بكير من

حضرموت وهو يعد عندهم من أهل العلم أفتى المرأة أن تخرج إلى الانتخابات ولو لم يرض زوجها، قطع الله لسانك يا علي بن سالم. أليس محمد الصادق، وعبد المجيد الزنداني، وعلي بن سالم ومن يسلك مسلكهم، أليسوا جديرين بأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى من هذا التلبيس ومن هذه الدعوة إلى الفتنة؟!! وقد رأيت منشورًا وهو موجود عندي في هذه الأيام للإخوان المفلسين ماذا فيه؟ "يا أختي الحبيبة (¬1) تعالي!! نحن وأنت يدًا بيد!، يدًا بيد لنصرة دين الله" والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما مست يده يد امرأة قط. أخبرني بعض الإخوة من طلبة الجامعة يقول: امرأة لابسة لباسًا إسلاميًا لا يظهر منها ولا قلامة ظفر، وما تدري إلا وهي وواحد في طرف البستان يجلسان يتحدثان، أأنت معصومة من أجل أنك متسترة؟ وأنت معصوم؟ وأنت يا زينب الغزالي التي يحتجون بك أأنت معصومة؟ أأنت خير من نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي أنزل الله فيهن: وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ (¬2). وقد عرف عن بعض الإخوان المسلمين أنّهم يدعون النساء للخروج ¬

(¬1) فضائح، فضائح، خطب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم النساء فكان يقول: ((يا معشر النّساء تصدّقن فإنّي أريتكنّ أكثر أهل النّار)) فقلن: وبم يا رسول الله قال: ((تكثرن اللّعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ)). أناس جاهلون، وكما قلنا في "المخرج من الفتنة" كل إناء بما فيه ينضح. (¬2) سورة الأحزاب، الآية: 53.

وللمشاركة في الأعمال، فلتقر عينك يا أمريكا قلع الله عينك من القرار، أي لا تتحرك عينها فلتقر عينك أبشري عندك الإخوان المفلسون مستعدون أن يدعوا إلى ما تريدين، وأن يلبسوا دعوتك لباسًا إسلاميًا مستعدون لذلك، والله المستعان فنحن ننصح لهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، والمجتمع اليمني فطن ويعرف الذين يدعون إلى الكتاب والسنة لا يريدون جزاءً على دعوتهم من الذين يدعون ويتظاهرون بالكتاب والسنة وهم يريدون مقاصد بعد ذلك والله المستعان. وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مع كتابي "غارة الأشرطة"

مع كتابي "غارة الأشرطة" قد اطلعت وكذا إخواني في الله الأفاضل على كتابي "غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة" فرأينا أن فيه الثناء على بعض الأخوة الذين كانوا معنا في الدعوة والعلم والتعليم ثم انحرفوا وصاروا يحاربون أهل السنة ومالوا إلى الإخوان المفلسين، فإن شاء الله في طبعة قادمة يكون التنبيه على ذلك، على أننا قد بينا انحرافهم في الكتب المتأخرة (¬1) مثل "المصارعة"، و"قمع المعاند"، و"فضائح ونصائح" وغيرها من كتبنا الموضوعة لهذا الشأن (¬2). والحمد لله رب العالمين. ¬

(¬1) يقصد شيخنا المتأخرة تأليفًا لا طباعة "فغارة الأشرطة" مؤلَّف قبل كل ما ذكره شيخنا من مؤلفاته لكنه وللأسف تأخر في المطبعة كثيرًا فطبع عام 1419 هـ، وطبع "قمع المعاند" و"المصارعة" قبله عام 1413 هـ. ... أبو الحارث (¬2) ومنها هذا الكتاب الذي بين يديك. ... أبو الحارث

تعبير طلبة العلم عن حب الدعوة والقائمين عليها والرد على أهل البدع

تعبير طلبة العلم عن حب الدعوة والقائمين عليها والرد على أهل البدع شيخ المعالي حمداً لمن بالحُسن قد حلاكا ... وجليل حكمته فقد أعطاكا حللاً من الأخلاق حُليتم بِها ... نِعم المكارم ربُّنا أهداكا ورعاك ربي في ظلام دامس ... إذ كنت طفلا يوم أن ربَّاكا وحملت اسم أبيك في يوم مضى ... إذ كنت مقبل والعلوم عداكا ونشأت في وكر التشيع فترةً ... ما كنتُ تدري والإله رعاكا وفررت بالدين الحنيف مهاجرًا ... ورموك بالآفات يا حاشاكا ورجعت من سفرٍ فنلت معاليًا ... وعدوت في لَهَفٍ لنيل مناكا حذَّرت من شركٍ ومن بدع بدت ... ودعوتَ للتوحيد لا لهواكا أرأيتَ إذ كنت الوحيد بداره ... فردًا أعز الله مَن واساكا فشرعت في تعليم طلابٍ أتوا ... نفر قليل في فسيح رُبَاكا فتكالب الأعداء في خُبث لكم ... فدعوت ربَّك فاستجاب دعاكا في مسجد الهاديِّ قمت مُناصحًا ... فرأيتَ أوغادًا تريد عراكًا حتى رآك مِن اللئام حقيرُهم ... ومضى إليكم لا يريدُ فكاكًا وتفرَّق الجمع الغفير طرائقًا ... ما بين مِبغضكم ومَن زكاكا نجَّاك ربي من خبيث فِعالهم ... وأبي الرحيم بأن تُراق دماكا وتقلد الشيعي أخبث حلةٍ ... إذ كان ينشر في الطريق شِباكا قطعت شباك العنكبوت ومزقت ... بقذائف التوحيد نال هلاكا مات التَّشيع فالإله أماتَه ... وبفضل شيخي لا يطيق حراكًا

نصر الإلهُ خطاك يا شيخ الهدى ... إذ كنت تَنصر في الورى مولاكا فأذقتَ فاسقهم كئوس مرارةٍ ... وتحشرجت من مرهن عداكا فرقٌ تَهاوت تحت ظل قلاعكم ... أخرى تَهاب الليل من ذكراكا نظروا إلى وقع السهام فهالهم ... شابَ الحليمُ وذلَّ من رؤياكا واستسلم الفظُّ الغليظ لسنةٍ ... ومَن ابتدى في غيه ورماكا ثم امتطيت عنان صبر فائق ... حتى ارتقيت إلى نجوم سماكا ناديت في أمم أتتك تسابقًا ... وتسامعت في الصين صوت صداكا وأتوك من بلد الفرنج وفارسٍ ... وجميع أرض الله ما أغلاكا سِر يا ابن هادي في الطريق فإننا ... بالنثر والأشعار نحن فداكا فالحق نَهجكم وربِّ محمد ... لا تبتئس ممن يريدُ أذاكا لا تبتئس ممن تعدى ظلمه ... ورماك شيخي بالتشدد ذاكا سر فالطريق معبدٌ ومذللٌ ... سحقًا لمن طلب العلا فقلاكا بُعدًا لمن عرف الطريق وحاده ... أبكي عليه وتارة أتباكى ماذا أقول لمن تسَّطر شعره (¬1) ... في ذَمِّ أهل العلم ثم هجاكا نَهق الحمار بشعره في حِجرِه ... ما عزَّ سامعه وما أرداكا حَدَثٌ يريدُ من النجوم ضياءَها ... اخسأ حسيرًا فالثرى مأواكا قد كان نورك في جِنانك كائنٌ ... حتى زرعت الحقد في مَثواكا كم من فتًى قال القصائد لوعةً ... وثباتُه في الشعر قد أغراكا ما إن تقهقر في الحضيض هجاكم ... ومِن الفضائل كلها أعراكا وعنيتُ عبد الله في "قمع" أتى (¬2) ... بقصيدة وأظُنُّه أبكاكا ذاك ابن غالب قد تكدر نَهجُه ... أبياته فيكم غدين ركاكا غفراك ربي لم يجَّلوا عالمًا ... أَوَلَيس فيهم ربِّ مَن يخشاكا ¬

(¬1) محمد المهدي ولاكرامة. (¬2) قمع المعاند ص (139) قال الشيخ: أقرأ عليكم القصيدة التي أرسلها إلي (عبد الله بن غالب) وكثيرا ما أقرأها وأبكي.

أين الذين تعبَّدوا وتزهدوا ... ياربِّ لم يقفوا على تقواكا مهلاً فلست بضائرٍ شيخَ العلا ... فسيزرع الشيخ الألوف سواكا وهم الذين سينصروه بشعرهم ... والحق ما سمعت به أذناكا فاعرف لشيخكَ قدرَه ومكانه ... هو من طريق الجهل قد نجَّاكا عجز اللسان يريد وصفك قائلاً ... شيخ المعالي جلَّ مَن سواكا العيد يا شيخي بأنك سالم ... من كل داء ربنا عافاكا العيد يوم يقول ربي عبدنا ... جنات فردوس تحب لقاكا العيد يوم ترى إلهي ضاحكًا ... والفرح قد نطقت به عيناكا يا رب فاهدي ذا المسيء لسنة ... واغمره يا ربي بفيض رضاكا هذي لآلئ شاعر تعدادها ... خمسون بيتاً صارمًا فتاكا أو زد على اثنين في عدل أتت ... وتقول بعد مجيئهن كفاكا ثم الصلاة عليك يا نور الهدى ... ما شن مزن في العلا تغشاكا كتبه ونظمه/ علي بن عبد الرقيب حجاج

قوافل التحدي

قوافل التحدي قل ما أردتَ فقولك المقبولُ ... وأمرْ بشرع الله نحنُ مثولُ فلأنت في أحشَائنا ودمائِنا ... حاشا وعَمري أن يَراك دخيلُ نحن الفِداء كما علمتَ وحبُّنا ... لك والوداد فما إليك سبيلُ كم مِن يدٍ للحاقدين أبنتها ... وصدرت عنها والدِّماء تسيلُ كم شبهةٍ للمُحْدِثين أزلتها ... أنَّى لأرباب الضلال دليلُ إنا نراك وأنت تنقض جاهدًا ... للمُحْدِثين عروشهم وتصولُ أوما ترى أطلالهم تحكي لنا ... كيف الظلام يصول ثم يزولُ أوما ترى تلك السيوف وفعلها ... أوما ترى البركانَ كيف يجولُ أوما ترى الزلزالَ في طيّاته ... موت لأهل الإبتداع كفيلُ هو ما علمت فأنت سهم صائبُ ... بل أنت سيف صارم مسلولُ أوما ترى المهديّ يبكي حسرةً ... مما دهاه فإنه لجليلُ أوما ترى الريميّ يندب نفسه ... ماذا عسى بعد المصاب يقولُ هذا ابن ناشر لا يزالُ مضرّجًا ... بدم المذلة قد حذاه عقيلُ هذا المعلم والمنية خلفُه ... يعدو وكأس الحادثات يحولُ والحاشديُّ هوى بأردى خزيةٍ ... وكذا ابن موسى والشروحُ تطولُ دارت عليهم لو علمت دوائرٌ ... ما أبصرت عيني لهن مثيلُ ما كان رب العالمين بغافلٍ ... عنهم فسيف الإنتقام صقيلُ فلطالما قادوا البرية بالهوى ... لم يرتضوا إذ قلتَ قال رسولُ ولطالما احتالوا فكم من حيلة ... قال اجتهاد العارفين أصولُ فاهنأ رعاك الله شمسك لم تزل ... تزهو وشمس المبطلين أفولُ ما خاب يوماً من دعا ببصيرة ... بل ماكبا والنائبات هطول نظم/ أبي المظفر رياض بن أمين القدسي

العلم الشامخ

العلم الشامخ دعيني يا سعادُ أريقُ دمعي ... وأحكي للصبابة ما بقلبي وأملي للبرية مِن قصيدي ... لعل رضًا بِها يحلو لصب وأهدي لابن هادي نظم شعر ... يعبر نظمُه عن صدق حبي فخذها يا شِهاب الله درًا ... وأزهارًا من القلب المحبِّ فإنك ما حييت دليل وحي ... وعلمك للبرية نور درب نشيدك إنني القرآن نَهجي ... فلست بخارج عن دين ربي ولست مُسلمًا ما دمت حيًّا ... لمبتدع وضليِّل وحزبي وإن كلب هجى أعرضت عنه ... وليس الرد يُعطى كل كلبِ يرى فيك العدا قلبًا رحيبًا ... لذا طالوا عليك بكل سبِّ ولكن والذي أحياك إنا ... سنذكيها عليهم نار حربِ بدين الله لا نخشى الأعادي ... وكيف يخاف من يحميه ربي وكيف نضيعُ والقرآن فينا ... نجوز به ونقطع كل صعبِ لقد ربيتنا وأزحت عنَّا ... لَظَى الشبهات يا نعم المربي فسر بالله إنك في دمانا ... وحاشا أن يسوءَك أي خطبِ فوا لهفي، تحيَّر فيك شعري ... ووصفُك فاق تعبيرات قلبي إذا شمسًا وصفتك قلت كلا ... لأنك فقتها من دون ريبِ وإن بحرًا رأيتك أنت أعلى ... ومن يزن الأجاج بماء عذبِ فسبحان الذي أعطاك فهمًا ... وعقلاً حازمًا ونقاء لبِ وسبحان الذي لولاه كنا ... حيارى نرتمي في كل ذنب وصلى الله ما الآيات تتلى ... على المختار في شرق وغرب نظم/ أبي المظفر رياض بن أمين القدسي تاريخ 23/ محرم/ 1420هـ

السراج الوهاج لوصف دار الحديث بدماج

السراج الوهاج لوصف دار الحديث بدماج نظِّم خطوطك بالترتيب يا قلمُ ... واكتب حروفًا على الأعداء تقتحمُ وصِف لنا قلعةً للعلم شامخة ... دار الحديث مع بنيانِها الأشمُ ولا تصفْ غادةً بيضا ولا نغمًا ... وشيد بالدار ذي تَهوى لها الأممُ دعائم بالولا لله قد وضعت ... أركانُها رسّيت في أصلها القيمُ وفرشت بفنون العلم ساحتها ... وفي سماها أظل الحلم والكرم ودارنا مرتع الآلاف فيها، وسل ... يجبك البحر والقيعان والأكم ونفعها قد غدا بدوًا وحاضرة ... أصغى لها واستجاب الحل والحرم وحببت في قلوب الخلق كلهمُ ... في الأرض حتى أتاها العُرب والعجم من الشعوب لدى شيخ حوى الكرم ... وقت الدروس ترى ألفين يزدحموا أما الطغام فكم في حربِها حشدوا ... وكم أعدوا لها من نار تضطرم فالحاقدون على الإسلام دأبُهم ... اللمز فيها فلا يسكن لهم ألمُ لكنها قلعة تنفي الغثاء بِها ... كما مضى وانتفى عن طَيبَةَ الوخم وُقيتِ يادارُ من كيد العداء ومِن ... بغي البغاة ومَن في جسمه سقم نحميك من حسد الحساد لو قطعت ... رءوسنا فلكأس الموت نقتسم ودون شك نرى أن المساس بِها ... كعروة من عرى الإسلام تنفصم بِها أسود يكل الطرف نضرتَهم ... كم عامل بكتاب الله محترم ترى بِها من شيوخ العلم كوكبة ... وسنة المصطفى فيها لها عظم شبابُها للحصى والرمل قد فرشوا ... أبناء عشر وللقرآن قد ختموا سل عنهم حلقًا للعلم عامرة ... لهم مع العمر والأوقات مغتنم يا عاذلاً دارنا هلاَّ دنوت ترى ... بحور علم لهم بالله معتصم طلابُها للعلا ساروا بلا مهل ... لا العجز يثنيهمُ كلا ولا الهرم وسارعوا للهدى وجانبوا فتنًا ... كأنَّها ظلمات البحر يلتطم يا أهل دار الحديث الخير يجمعكم ... بسنة المصطفى والوحي فانتعموا صلاة ربي على من زاده ... شرفًا ... وبالتحاميد ... للرحمن ... نختتم نظم الفقير إلى عفو الله المنان: أحمد بن حسين الحجوري

وردة من شعور إلى شيخ الصقور

وردة من شعور إلى شيخ الصقور ألا مِن مبلغِ الشيخَ ابن هادي ... تحياتي وأشواق الفؤاد إلى الشيخ المبجل كن رسولاً ... بِهذا الشعر ياطير البوادي وقل للشيخ يأتينا جميعًا ... كما يأتي الغمامُ على البلاد وحقُ الشيخ أن يؤتى ولكن ... لجهل الناس صار الأمر عادي وما لي عن معاهدكم غناءٌ ... وهل تغني الجفون عن السواد ولكن ربما أمَّلتُ شيئًا ... فشاء الله لي غير المراد برغم البعد أنت لنا قريبٌ ... وصوتك صادح في كل وادِ زرعت بفضل ربي الأرض خيرًا ... فعمَّ الخير أرجاء البلادِ يحبك من أحب الله حقًّا ... ويكرهك المشمر للفساد إذا بُغض الفتى من أجل رشدٍ ... فليس البغض إلا للرشاد وحسبُك أن بذرت بكل حيٍّ ... بذور الخير لا شرك القتادِ قمعت المفترين بنور وحي ... ولم تحتج إلى حمل النجاد ولم تجنح إلى إشعال حرب ... كفعل الطامحين إلى القياد يهمهم الوصول إلى الكراسي ... بأي وسيلة من غير هادِ رأيتك قد نشرت الدين غضًا ... بدون تفلسف في كل نادِ عرضت الدين صافٍ ليس فيه ... قذًى يؤذي لشعب كان صاد هو الدين الحنيف كذا أتانا ... بلا كدرٍ طهورًا كالغواد فما كان الرسول ولا ذويه ... ولا الأصحاب من أهل التمادي فلا الصوفية الحمقى رآها ... لنا دينًا ولا الرفض المعادي

ولا سنن اليهود ولا النصارى ... وحذَّرنا من الشرك النآد وحذرنا من البدع اللواتي ... تميت الدين في قلب العبادِ مدحتك ليس عن جهل ولكن ... رأيتك خير من يغشى النوادي حسبتك أهل ذاك ولا أزكي ... على العلام من أحد أباد مدحت الحق حين مدحت سيفًا ... لوجه الله سل على الفساد ولم أمدح زعيمًا أشعبيًا ... يبيع الدين في حُمَّى المزاد وجدتك صارما كالسيف صلتًا ... وتحتاج السيوف إلى الغماد كذاك النار قد تغدوا سلامًا ... وبردًا عند أهل الإعتقاد رأيتك لم ترد مالاً وجاهًا ... وذلك دأب أهل الإنقياد أردت الله والأخرى فجاءت ... لك الدنيا حلالاً يابن هاد وما راودتَها في ذات يوم ... مضى عن نفسها والحسن باد ولكن كان منها ذاك فعلاً ... إليك فلم توفَّق للمراد سواك بعلمه قد نال حظًا ... ونلت الحب في قلب العباد وفَرقٌ بين من يدعو لحزب ... ومن يدعو إلى دين الرشاد فذاك لحزبه يدعو فلانًا ... وذاك لربه أضحى يناد لهذا نلت منا كل حب ... وتقدير على نَهج السداد ولو لم تستجر بالله حقًا ... لكنت كنافخ وسط الرماد ولم تأتِ الصقور إليك ترجوا ... لديك الصيد من كل البوادي إلا من مبلغ مني سلامًا ... جناب الشيخ قُمقَام الجهاد فقد أحببته من غير رؤيا ... وبعض الحب ينبت في البُعاد وقلت الشعر فيه ليس إلا ... فراتًا سائغًا للإرتياد وبعض الشعر ليس يهز قلبًا ... وليس يصيب أكباد الأعادي وزهر الأقحوان على ثراه ... سوى الزهر الصناعي الجماد فذاك يمده شُؤبُوبُ لون ... وذاك يمده صوب الغواد

وهذا الشعر من قلبي تمطى ... إليك الجو كالعصفور شاد يمد على سمائكمُ جناحًا ... من الشوق المرصع بالوداد صبغت جبينه بيضاء قلبي ... وبالدمع المضمخ بالسهاد إذا طالعت شعري خلت فيه ... أبا تمام يبكي بالمداد كأن البحتري على لساني ... يناجي الشام في ليل البعاد وما هز القلوب كمثل شعر ... به عبق من الماضي التلاد فكل قصيده أودعت فيها ... عصارة مهجتي وندى حصاد وما غالطت نفسي في شعور ... ولا فكرت يومًا في الحياد ولكن قلت ما أحسست فعلاً ... من الشعر المعبر عن فؤاد فإن وافقتُ عين الحق فيه ... فمن ربي التوفق للسداد وإن أخطأت عين الحق فيه ... فمن نفسي وشيطان التمادي قالها: أبو عمر عبد الكريم بن عبده بن محمد العديني

بسم الله الرحمن الرحيم تحياتي ربي في الابتدا ... على شيخنا عَلَمٌ للهدى وتسليمه أبدًا سرمدا ... وليس على ناصبين العدا وأحمد ربي أن أوجدا ... أئمة حق دعاة الهدى فمقبلنا شيخنا القائدا ... له أثر في نفوس العدا إمام الأئمة قد فنَّدا ... ضلالات من حالُه في الردى فعبد المجيد (¬1) لقد أفسدا ... وعبد المجيد خبيثًا غدا وثالثهم سافل أبدًا ... سفيه كذوب هو الفاسدا لدعوة حق هو الجاحدا ... فتبًا له ذاكمُ الحاسدا هو الجاهل الغافل الشاردا ... قرين بعير هو الحاقدا ورابعهم حضرميْ أحمدا ... معلم زيغ لقد أفسدا ومن كان منهم فقد قلدا ... سرورَ الحقير أبو البُلَدا فيا رب زد شيخنا مددًا ... وهبه جنانًا يكن خالدًا ودمر ضلالات من سودا ... كتاباته ... تاركًا ... للهدى بقلم أبي عبد الحميد حميد بن علي بن محمد بن مهدي الوصابي ¬

(¬1) عبد المجيد الزنداني. ... (2) عبد المجيد الريمي. ... (3) محمد المهدي. ... (4) أحمد المعلم الحضرمي.

القول النفيس في كشف ما عند الزنداني من التلبيس

القول النفيس في كشف ما عند الزنداني من التلبيس ردد معي يا صاحبي أوزاني ... واسمع معي ما قاله الزنداني لو كان يعرف قدره ما قالها ... لكنَّه قد صار في العُميان قد صار في بحر النساء متيمًا ... ماذا يرى في ساحة النسوان قد قال لما أن رقصنَ أمامه ... قد كنت أحسبهنْ صغار الشان إن المغالط كم يغالطُ نفسه ... ويبوء بالخذلان والخسران قد صار يدعو للتحزب جهرةً ... وكذلكم في وحدةِ الأديان ما عُدت تَفقه ما تقول لأنه ... قد صار همك في الدنا شيئان فدراهم الدنيا تسير وراءها ... وكذلك الكرسي في إدمانِ فلكم نصبت على العباد وقلت قد ... قمنا بصرف المال للجيران فكَأَنْكَ يا هذا تقول لكل من ... عشق الشحاذة فانتبه تنساني ولكم لعبت على الذنوب ولم تزل ... في الشحذ تسعى لست بالمتواني ساويت ما بين الرجال ونسوة ... قد أصبحوا في نَهجكم سيان وكذلكمُ بين الجهول وعالم ... شتان بينهما أخي شتان ودعوت للتصوير دون تردد ... وهو الحرام كما روى الشيخان لعن الإله مصِورًا ومصَورا ... فهما بِهذا الذنب مشتركان وتقول هذا للضرورة فاستحي ... من هذه الأقوال يا زنداني إن الضرورة ليس هذا مقامها ... بل للضرورة حكم آخرُ ثاني لو كنت تخشى ذا الهلاك كذا الردى ... فهنا الضرورة فانتبة يا جاني ومجالس الشيخات دَعْه فإنه ... لا دخل للنسوان في ذا الشان قد جاء نص من رسول إلهنا ... فنفيع جاء بلفظه ومعاني

لن يفلح الأقوام إن ولوا على ... أحكامهم من هذه النسوان أسفي عليك لئن جعلت عدونا ... سلفًا لنافي مجلسٍ شيطاني أما العقيدة يا أُخيَّ فإنه ... توحيده قد باء بالهجران فإذا قرأت فإن فيه عجائبًا ... الله أكبر فاسمعوا إخواني الشمس ثابتةٌ وذاك هراؤه ... والأرض دائرة وهذا الثاني هذا هراء ليس فيه منافع ... إني سددت عن الهراء آذاني ماذا استفدنا غير أن عقولنا ... بليت بذا التخريف والهذيان إنا اكتفينا بالكتاب وسنة ... قابلنا هذا الحق بالإيمان إن الخديعة دأبكم وصنيعكم ... وكذلك التلبيس يا إخواني لسنا بِهذا شامتين وإنما ... للنصح ندعو دونما أثمان لسنا لغترتنا نفرِّشها ولا ... بعد المواعظ قمنا بالتبيان عد للحقيقة يا مذبذب قبل أن ... يأتيك من شيخي صدي البركان فبوجه تأتينا وآخر غيرنا ... ورسولنا قد ذم ذا الوجهان قد كنتَ في نجد ودأبك غير ذا ... فَلِمَ اختلفت بِهذه الأوطان إن النصائح قد تكاثر عَدُّها ... من شيخنا وكذا من الإخوان لكن أبيتَ بأن تعود إلى الذي ... يمشي به ذا الباز والألباني أصبحت مخذولاً تعيش بتيهةٍ ... تمشي بِهذا الدرب كالحيران إن التحزب يا رجال مذلة ... وبه يلاقي المرء كل هوان ونِهاية ... الأبيات ... تلك صلاتنا ... تغشى النبي ... المصطفى ... العدناني تبيه: البيت الذي قلت فيه لعن الإله مصوِرًا ومصوَرًا هذا إذا كان المصوَر مقرًا لهذا راضيًا به لغير ضرورة. أبوالزبير محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك المقدم الحبشي دماج 18 ربيع ثاني 1420

الفاصلة بين الضيفين

بسم الله الرحمن الرحيم الفاصلة بين الضيفين (¬1) لما نظرت لضيفنا ... قلبي تَهلل واستقر ورأيت أن حضوره ... فيض تصبب من مطر قد جاء ينشر علمه ... علم الحديث كذا الأثر ما جاء يطلب مالنا ... بل جاء ينصح بالخبر ويبين السبل التي ... ما عابَها أهل الحفر (¬2) لما أتوا بمحاضر ... فرشوا له تلك الغتر من أجل جمع دراهم ... ويُلبّسون على البشر في أرض نجد والحجا ... ز ويذهبون إلى قطر ما يكتفون ببلدة ... بل يعزمون على السفر حين استقام محاضرًا ... الناس همهم المفر لا يبتغون كلامه ... لما رأوا ما قد صدر كم جاءهم من مغرض ... يدعو لحزب ما كفر فتفرقوا وتشتتوا ... واليوم لَمَّهُم القدر أما محاضرنا الذي ... قد جاءنا ضمن النفر ما جاء ينصر حزبه ... فالحزب عندهمُ قتر لا يَدعُوَّن لفُرقة ... فلنهجه بادٍ ظهر يدعو لشرعة ربنا ... لا يظلمن كمن عقر والناس تحدق حوله ... الكل قد أمن الخطر ¬

(¬1) المراد بالضيفين ضيف من أهل السنة والآخر مبتدع، (¬2) هم أهل الأهواء.

فالنفع منه سجية ... والضر من شيم البطر ورأيت صاحب بدعة ... قد كان يقتله الضجر مما رأى لضيوفنا ... من نصرة وكذا ظفر لا تضجرنَّ فنهجنا ... نفع كما ضوء القمر هذا مثال فاصل ... كي يفهمنَّ ذوو الفكر بين الذين تحزبوا ... وبين سني صبر ثم الصلاة ... على النبي ... خير ... البرية ... بالظفر كتبه أبوالفداء معمر بن عبد الجليل القدسي

حاشد التي رأيت

بسم الله الرحمن الرحيم حاشد التي رأيت باسمك ربنا في الشعر نبدأ ... إليك الملتجأ ياذا الجلال بحمدك قد نصرت العلم نصرًا ... عزيزًا بين أصحاب الضلال أهنت الناصبي للحق حربًا ... وصار الحق موسوع المجال فكم للشعب مكتوفًا بجهلٍ ... ومغلولاً بأنواع الحبال هو الشعب اليماني كان رهنًا ... يقودهْ كل مبتدع وغال وسبابٌ لأصحاب النبي ... ومحترف بدجل واحتيال ولم أحص الرزايا فيه جمعًا ... لأهل الزيغ منهم ضاق حالي فأعطى الله هذا الشعب حبرًا ... يفقهه بصبر واحتمال ويظهر كل علم فيه نفع ... ويجرح كل بدعيٍّ وغالِ ويرفض من تحزب أو تسمى ... باسم النهج وهو بانعزال وتكلم نعمه تسدي علينا ... من الرحمن ربي ذي الكمال أمات المبطلين بغير ذبح ... وشوَّه نَهج أصحاب الضلال بإيمان وإخلاص وصدق ... وعلم من خصومه لا يبالي حماه الله إذ كان فريدًا ... يهدد في السهول مع الجبال فلما كان محتسبًا صبورًا ... كساه الله من فيض الرجال يذودون الدروس بامتياز ... ينقون الصحاح من الهزال سعادتُهم تجدد كل يوم ... نجوم تقتفي أثر الهلال له فهم وتركيز دقيق ... ومعرفة بأحوال الرجال وما أحلى كلامهْ حيث يلقي ... دروسًا أو يجيب على السؤال لأهل العلم فضل ليس يحصى ... ولو كانوا عبيدًا أو موالي

وإني سائل لك يا إلهي ... لتشفي الشيخ من وجع السعال وتبري جسمه من كل داء ... تقبل ما رفعت من السؤال بحفظك تحفظنَّ الشيخ يحيى ... وجنِّبه عصابات الضلال ودمر من يهِّم به بسوء ... ومكر أو يريده باغتيال فغيبته تؤلم كل قلب ... وذكراه على مر الليالي نبشركم بأن الجهل ولَّى ... وأن الناس تطمع في الوصال إلى دماج في شوق وودٍّ ... لأخذ العلم صافٍ كالزلال بحاشد إذ أتيناها رأينا ... جموعًا يشرحون بكل بال إذا نادى أبوهمام فيهم ... أجابوه الجنوب مع الشمال أبوهمام داعية فصيح ... إذا ما قام يخطب في الرجال بتقوى الله يوصي كل حين ... وينهى الناس عن قيل وقال يكاد الدمع يغرق كل خد ... إذا كان الخطيب أبا بلال (¬1) ودعوته مباركة بنصح ... وإخلاص على مر الليالي ردوده من كنانته أشد ... على الجهال من وقع النبال تراه دائمًا في كل نادٍ ... يحذر من جماعات الضلال ويسعى جاهدًا في خير درب ... كما لاحظت منه ذي الخصال جزاه الله عنا كل خير ... وجنات النعيم مع الظلال وفي تلك القرى أقوام رشد ... يلبُّون النداء بإمتثال تراهم في استماع محاضرات ... قلوبًا واعياتٍ للمقال وفيهم كل ضرغام مرير ... بأصحاب الغواية لا يبالي خيار من خيار من خيار ... فهم أخذوا الشهامة والمعالي وهم للسنة الأنصار دومًا ... يذبون الأعادي بالنصال ¬

(¬1) هو أبوهمام إلا أن له ولدًا آخر اسمه بلال.

رجال الحبلة الغراء أسد ... ليوث بين غابات الجبال كذا في القبة الزرقاء قوم ... لهم صيت كبير في النضال وحق الضيف محفوظ لديهم ... محامدهم علت فوق العوالي معاذ الله لن ننسى شويطًا ... بيوت ذكرهم في الناس عالي ووادعة كذا أضحوا رجالاً ... مع نَهج النبي بإمتثال كذا حي المهاصر لا تسل عن ... مزاياهم فهم طيب المعالي وأكرم بالقطاري من أناس ... مع الإيمان في أهل ومال وفي حوث لذكر الله هبوا ... لخوفهم لظى يوم المآل وخيوان الذي فيه شباب ... إلى التعليم في شد الرحال تبارك ربنا أسدى وأعطى ... لمن شاء الهداية والنوال وصلى الله ما ظهرت نجوم ... على المختار في غسق الليالي شفيع ... للعباد ... بيوم ... حشر ... وتسليمي على صحب وآل قالها/ أبوعلي محمد بن علي الخولاني

القصيدة الخمسينية من نظرات إلى الساحة الدعوية

بسم الله الرحمن الرحيم القصيدة الخمسينية من نظرات إلى الساحة الدعوية وافيتُ صعدةَ والكرى متعثر ... بات القريض بخاطري يتجلجل كيف اللقاء بعالم أحببتُه ... في الله إن عراه لا تتفصل يا شيخنا أحييت سنة أحمد ... في واقع مر المراسِ يقلقل أعلنتها سنيَّةً سلفيَّةً ... أدخلتها بالعلم طاب المدخل طلابكم نشروا الحديث بأرضنا ... وبكل فج في البسيطة أوصلوا شدوا المقاد بحنكة ومهارة ... بل ثابروا فتُعرِضوا فتحملوا فمحمد أعني الإمام نموذج ... والعبدلي به البناء يكمل أما أبوحسن فقد أضحى بِها ... طودًا أشمًّا صار لا يتكلل فقفا ابن نوح بل وتابع نَهجه ... في الجرح والتعديل لا يتساهل يا أيها البُرْعِيْ الذي خارت له ... أوباشهم وخوى البليد الأشول حييت يا عبد العزيز فأنت من ... أعلنتها سلفية لا تسهل وهناك رهط لست أحصى عدهم ... أخذوا الزمام وأقدموا لم يقفلوا يا شيخنا والغيَّ أجمع أمره ... والجرح ينْزف والظلام مسربل حزبية غزت البلاد وبلبلت ... أفكار أمة أحمد يا مقبل من للحديث مداويًا إسناده ... من للرجال مجرح ومعدل من للمسائل قد حوى أقوالها ... من للأصول مفرع ومؤصل من للخبايا سابرًا أغوارها ... من للمتون مصحح ومعلل مات ابن باز تاركًا ميراثه ... في عهده جُليت وحل المشكل فبكى الشباب وكفكفوا عبراتِهم ... وتقرحت كل الجفون وحوقلوا مات الثقات وما أتى أمثالهم ... إلا القليل وعدهم يتضاءل يا أيها الإخوان إني مشفق ... لشبيبة من حولكم قد أجفلوا عرفوا العلوم وأتقنوا إحكامها ... لكنهم قد أزوروا وتكتلوا قرأوا الحديث وفسروه بغيره ... أثنوا على من حلقوا وتبنطلوا ثاروا على أهل الحديث وأدمنوا ... صمتًا على من شبهوا أو عطلوا

يا أيها الريمي زعْ أمَّارة ... كي ترعوي وتند عما يذهل إنا نراك خرجت عن نَهج الهدى ... وبرزت جهرًا عن صوابك تعدل قل للمعلم ما فعلت بمقبل ... أنسيت فضلاً إذ غدوت تجادل يا ليت شعري ما الذي قد غرهم ... فتنافروا نحو القمائة حولوا ولقد سمعت أبا رواحة مرة ... بشريط تسجيل يشن وينكل أحسنت يا بطل القوافي صنعه ... فلأنت فذٌّ بل أريب عاقل إن القوافي إن تعلق نظمها ... بكتاب ربي فهي سهم عيطل فرسائل الإصلاح عم بلائها ... في كل فج في بلادي أرسلوا سبحان ربي إذ تشتت شملهم ... من بعد ما صعدوا بشر بسملوا عبد المجيد وأنت من روادها ... حاربت سنة أحمد يا أرذل أصدرت للإصلاح فتوى جاهل ... فأمرتَهم أن يكتبوا ويسجلوا إن سجل الأمي صار إمامكم ... وإذا أبى فهو القمين الفاشل حزبية مذمومة ممقوتة ... منهاجها مثل الرجيم مسفل فطويلب الحمقى يسمى عالمًا ... وحمارهم قالوا حصان أبجل هلا رأيتم من رقى من صفكم ... في العلم إلا منشد وممثل حرمت يا عبد المجيد وحزبكم ... أنت الجدير من السياسة تعزل حيَّ ابن هادي إذ بساطة حاله ... لم تثنه وأصرَّ لا يتزلزل قال التصوف حيلة مجهولة ... روادها بالأنبياء تغزلوا أوما علمتم أن مرعيْ مرة ... زار ابن علوان به يتوسل يا كاتب التاريخ سجل قائلاً ... لله قوم برَّزوا وتأهلوا هذا هو الإسلام حقًا والذي ... فطر السماء لشرع ربي أمثل وكتبتها ... شفافة ... رفافة ... عن خوخة الأمجاد نعم الساحل وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. الشاعر محمد بن مهيوب السلفي الخوخي.

بسم الله الرحمن الرحيم حمدًا لغفار الذنوب الأمجد ... ربٌّ رحيمٌ جلَّ مِن متفردِ متصرفٌّ في كونه ومدبر ... وممجد من كل عبد مهتد ثم الصلاة المستجده نطقها ... تغشى المسمى بالنبي محمد أعني به خير البرية من بدا ... خير العباد وخير عبد مرشد في قوله نور ورشد بائن ... مبعوثنا في رشده متودد يارب فارزقنا الثبات بسنة ... تصفولنا من كل خبث مفسد السنة الغراء خير طريقة ... تجري بتابعها لخير المقصد نور على نور وخير هداية ... من كان فيها تابع متقيد علم أتى فيها بكل صغيرة ... متسابق للخير خير السؤدد لا تعدلن عن الطريقة نَهجنا ... فيها النجاة لكل عبد مقتد واطلب علوم الشرع وأفهم قصده ... تبقى كريمًا عابدًا متزهد وأعرض بظهرك للمهوس يا أخي ... من كل بدعي وحزب معتد واعضض على سنن النبي فإنَّها ... حصن حصين يا أخي فلتقتد بصحابة ساروا عليها واقتدوا ... بنبينا خير الخلائق أحمد واسمع لشيخ فاضل في قلبه ... نور الطريقة في أساس المعهد قد سار في نَهج الصحابة داعيًا ... نعم المطية في سلوك المهتد سلفينا شيخ تمادى علمه ... في كل أرض رغم أنف الحُسَّد هو مقبل في اسمه وبعلمه ... قد رد كل ملبس ومقلد نسألْ من الله العلي الواحد ... تثبيتنا في نَهج خير نسعد ثم الختام صلاة ربي دائمًا ... ما طار طير في السماء مغرد تغشى النبي وصحبه أهل الهدى ... أرجو بِها ... فوزًا ... ليوم ... المشهد

التبيان لبعض ما عليه الإخوان

التبيان لبعض ما عليه الإخوان اسمع هديت الرشد يا زنداني ... لكلام هذا العالم الرباني أعني به شيخ الحديث ومن له ... جلُّ القبول على مدى الأزمان هو مقبل ذا العالم النحرير في ... دماج يمكث من بني همدان وكذا اسمعن إلى كلام أئمة ... حازوا الفضيلة دون أي تواني أخذوا الفضيلة حينما إن أذعنوا ... للحق والتوحيد والقرآن رفضوا التحزب والتمذهب واقتفوا ... شرع النبي محمد العدنان واحذر من الإخوان حقًا إنَّهم ... حزب تعدى شرعة الرحمن أخذوا التلون والنفاق شعارهم ... ورضوا بتقليدٍ لذي الطغيان وأجاب توحيد الديانة يالها ... من دعوة حازت رضا الشيطان ودعوا بإسم الدين كل شبابَهم ... وتميعٌ من بعض (¬1) كالنسوان حلوق لحاهم وارتضوا بفعالهم ... فعلوا فعالاً شابَهوا النصراني والانتخاب اليوم فرض واجب ... فيه الرجال مع النسا سِيّان قد كان بالأمس القريب محرمًا ... واليوم فرض لازم الأعيان بالأمس صدام إمام ضلالة ... واليوم داع للهدى ببيان وكذا الخمينيُّ الذي قد سب من ... حاز الفضيلة من بني الإنسان دعموه بالأصوات والجند التي ... هبت تناصر ذلك الإيراني هذا الخليفة بل إمام زمانه ... هذا المجدد ما له من ثاني أفٍ لدعوة باطل ومزخرفٍ ... قد زين الكفران بالإيمان ¬

(¬1) قيدناه بالبعض لأن الإخوان المسلمين ما كلهم متميع بل البعض منهم، وهم يختلفون من بلد إلى آخر ففي بعض البلدان لا تستطيع أن تميز بين الإخواني وبين النصراني من ناحية الشكل تجد النصراني لابسًا للبنطال حالقًا للحية وكذلك الإخواني مشابِهًا له في الشكل، وفي بعض البلدان الشكل شكل أهل السنة ولكنه مخالف لأهل السنة في المنهج.

وكذا الدمقراطي إمام ضلالة ... واليوم صارت مثلما الإحسان أما التحزب يا له من واجب ... بل فرض عين مستوى الأركان في كل يوم يقلبون شعارهم ... جو تقلب في مدى الأزمان ويقلدون الغرب حين خروجهم ... بمظاهرات مشبهين الظان ويضيعون الوقت وقت شبابِهم ... وتضيع ساعات سُدًى وثواني كم طالب قد كان يحفظ مصحفًا ... فأضاعه بترنم الألحان قد صيَّروه منشدًا وممثلاً ... فأضاع علمًا يخضع القمران ويزينون نشيدهم بمحرم ... من نغمة وبعُدَّة الفنان آهٍٍ لجهل يرتضيه مقلد ... أفما له عقل من الديان وكذا التهكم بالفضائل جلها ... علم لكل مكابر خوان لو تسأل التاريخ عن هذا الذي ... ركز الأساس وقام بالبنيان هل وافق النهج السديد طريقُه ... أم كان صوفيًا من العيمان جمع التصوف والتشيع حزبه ... وأتى بكل مخالف وجبان كذب وتلبيس أساس دعاتِهم ... فاسأل خبيرًا صادقًا سوداني نشروا بأن الحكم صار خلافة ... وإذا الخليفة باء بالخسران لو تسأل السودان عن حكامها ... صاحت بأن الحكم للولهان شرك وطاغوت تفشى بأرضنا ... فانزل إذا ما شئت للميدان تشهد كلامًا كاذبًا لملبس ... قد طار في الأرجاء والبلدان دخلوا مع الميثاق ميثاق الشرف ... عقدوا به شرًا مع الحيران قاموا بتنسيق مع البعث الذي ... قد جاهر الإسلام بالعدوان أيضًا مطالبة بمجلس شيخة ... ودخولهن بجانب السلطان ويطالبون ببيعة لإمامهم ... بل يلزمون كبيعة الرضوان بالأمس قاموا ضد حزب مارق ... ضد اشتراكي كافر سكران واليوم تعقد جلسة فيشجعـ ... ـون الحزب بالتأيد بالإعلان

هل كان هذا نصرهم لمناصرٍ ... لشريعة من خالق الأكوان أم كان للكفر الصراح سفاهة ... فليحذروا من قدرة الرحمن أما الذي نصروا الشريعة إنَّهم ... قاموا عليهم قومة الغضبان قد أخرجوهم من مساجدهم وقد ... قاموا على كهل مع الشبان لو تسأل الإعلام عن إنكارهم ... حين انْهدام معالم الأوثان لأجاب إن القوم ... شنوا ... حملة ... فيها ... أبانوا ... عورة ... الإخوان نشروا البراءة من صنيع موحد ... ووشوا بِهم أيضًا إلى السنحاني (¬1) أفتوا بمسك للبريء تعصبًا ... للحزب والدنيا بلا نكران ترك العلومَ شيوخُهم وشبابُهم ... ورضوا بجهل فيه يستويان فتساقطت أركانُهم فتشبثوا ... بالصيدلي وعالم العمران والعالم المسكين يقفوا نَهجهم ... خوفًا من التنظيم والأعوان هذي القليل من المساوئ صغتها ... في هذه الأبيات للتيهان كي يفهم الشخص اللبيب مرادهم ... ويكون في حذر من الزيغان عبد المجيد جلست فيهم فترة ... ودعوت أقوامًا لحزب داني هلاَّ رجعت إلى الكتاب وسنة ... وتركت حزبًا خالف الأصلان وسلكت دربًا للنجاة وموصلاً ... سلكوه أهل العلم كالألباني ودعوت رب العرش يمحوا ما مضى ... من زلة ويمنُ بالغفران أفٍ لأحمد حين قام مدافعًا ... عن حزبِهم أفما له عينان قد كان بالأمس القريب محذرًا ... من لمزهم لأئمة فرسان قد كان سماهم خفافيش الدجى ... واليوم ناصرهم كما الصنوان ¬

(¬1) السنحاني: علي بن عبد الله بن صالح رئيس الجمهورية اليمنية، وشى الإخوان المسلمون بأهل السنة عندما خربوا القباب المشيدة على القبور عنده وذلك بعد إنتهاء الحرب مع الإشتراكيين.

واليوم أحمد يسلكن طريقهم ... بئس الطريق يسير للنقصان أفما سمعت نصيحتي يا أحمد ... وسلكت دربًا ساره العُمَرَان والحكمة، الإحسان سارت سيرهم ... هل تحسب الحزبان ينتصران جمعيتان أتت بشر واضح ... قد وافقت إخوان بالنهجان لكنهم قلبوا المسمى حينما ... بغض التحزبَ صفوةُ الإنسان سحبت عقيلاً ثم ريميًا معًا ... وكذلك المهديْ مع البيضاني فأحذر أُخيّا أن تكون متابعًا ... لطريقهم فهو الضلال الثاني مدحوا دعاة للضلال ومجدوا ... سلكوا طريقًا فيه يفترقان وأحذر أخي أن تقذفن مبرءًا ... بضلالة أو تُهمة بلسان فلتهمة جاءت عليه أضر من ... وخز يقطع قلبه بسنان واحذر من الظن الكثير فإنه ... إثم بنص كتابنا القرآن واحكم على الناس الجميع بظاهر ... واحذر من التضليل والبهتان واسمع كلام العارفين فإنَّهم ... نعم الرجال وآخِذُوا البرهان درسوا الحياة دراسة فتعلموا ... منها الدروس على مدى الأحيان والحمد لله ... الذي ... قد ... أنعما ... بِهداية ... تجلوا ... صدى ... الأذهان هذه القصيدة تبين بعض ما عليه الإخوان المسلمون من الباطل والأمور المخالفة للكتاب والسنة وبقى هناك أشياء كثيرة من ضلالات الإخوان المسلمين المخالفة للكتاب والسنة لا تحصى كثرة، فكم من معصية هونوا من أمرها، وكن من منكر وطَّئوا له ولبَّسوه لباس الإسلام ولباس الدين، فهم يطعنون الإسلام باسم الإسلام شعروا بذلك أم لم يشعروا وحق لنا أن نقول فيهم: إن للإخوان صرحًا ... جلُّ ما فيه دخن لا تسل عن بناه ... إنه البنا حسن بقلم/ أبي الفداء معمر بن عبد الجليل القدسي

الصواعق في الرد على الشيعي الناهق

بسم الله الرحمن الرحيم الصواعق في الرد على الشيعي الناهق الحمد لله حمدًا حمدا والشكر له شكرًا شكرا .. وبعد: فقد وافتني قصيدة سخيفة للشيعي الجويهل جار الله بن محمد ضيف الله، هتك في هذه القصيدة ستار العلم واعتدى على الأئمة العلماء فأحببت أن أرد عليه بِهذه القصيدة لتكون علاجًا له وكشفًا لتزويره وباطله. نسال الله المثوبة عليها {وإنْ عُدتُم عُدنا} وكما قال القائل: وإن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النعل لها جائزة قلت: يا دهر حدثني عن الطعان ... الشاعر الدجال ذو البهتان سبَّاب أهل العلم والنهج الذي ... نَهَجَ النبي وصحبه الشجعان والتابعين لهم كذا مَن بعدهم ... ممن أقاموا دولة الإيمان أعني ابن ضيف الله ذاك فإنه ... خبث خبيث تائهٌ حيران أسببت يا مخذول كل محدث ... لا ترعوي من خالق الأكوان إن كان طعنك للرجال طبيعة ... فاطعن ذوي كفر ذوي طغيان فلمن تركت الملحدين كذاك من ... رفعوا شعار المنهج العلماني وتركت شوعيًا وبعثيًا ومن ... عبدوا الصليب وعظموا الرهبان وسللت لُسْنا للدعاة شتمتهم ... هذا وربي أسوأ الخذلان وزعمت جهلاً أننا في نَهجنا ... تشبيه خالقنا بذي الإنسان كلا وربي يا جويهل إننا ... برآء مما قلت من بِهتان فصفات رب العرش نثبتها كما ... جاءت بلا شطط ولا نقصان وجه، يدان من صفات إلهنا ... نص الكتاب بأعظم البرهان في سورة الرحمن نص ظاهر ... وكذاك مائدة من القرآن فخذ النصوص ولا تؤولها كما ... فعل اليهود وعابدي الأوثان

وانقد بحق أو لتسكت خاسئًا ... واكفف عن التزوير والهذيان وزعمت يا مخذول أن سعيدنا ... قد رام فيكم بسوء بيان قد لازم الإنصاف حقًا إنه ... جبل يهز معالم الطغيان لله درك يا سعيد فأنت من ... كشف الضلال وأسوأ البطلان إن قلت من هذا فهذا وصفه ... رجل العدالة حامل الإيمان وسببت دار للحديث وإنَّها ... دار المعارف والهدى والرباني أنَّى لشعرك أن يشوه معهدًا ... أو أن يهز معاقل الإيمان وبه كتاب الله نور يُقتدى ... وبه يصول العالم الرباني أعنيه شيخ العلم أعني مقبلاً ... هو أوحد في علمه بيماني هو عالم ومجاهد ومناضل ... في الله لا يخشى من الطغيان شرح الإله له صدور عباده ... وقد امتطى دربًا رفيع الشان يا ناطحًا جبلاً ليوهنه فما ... أوهنت إلا قرنك المتواني ما أن نظمت الشعر حتى صغته ... طعنًا لكل محدث رباني وقلبت تحرير الضلال هداية ... هذا لعمري أسوأ البهتان فرياض جنة شيخنا فضح لمن ... سلكوا بدرب تائه شيطاني واقرأه يا مخذول تعرف أنه ... هدى لذي طيش وذي نكران يا خائنًا للشعر حين جعلته ... يحمي دعاة الشر والبطلان لو كان للشعراء سلطة قاهر ... لسقوك مر العيش طول زمان مجدت بدر الدين حقًا إنه ... بدر الضلالة قائد العميان أو ما علمت بأن منهج بدركم ... نَهج الروافض تابعوا إيران في الأمس يفتي للنساء تبرجًا ... بخروجهن للإنتخاب الداني أوما علمت بأن قدوة بدركم ... ذاك الخمينيْ طاعن القرآني

وإليك من قول الخميني دلالة ... من كتبه تنبيك عن زيغان قد قال قد حاز الأئمة (¬1) منْزلا ... لا لم يحزه نبينا العدنان كلا ولا ملك مقرب يرتقي ... درجًا يساوي عالمًا معوان وكذاك من زيغ الخميني إنه ... ساوى كلام الخلق بالفرقان هذا إمامكم فماذا يرتجى ... منكمْ سوى طيش كذا طغيان واعلم أيا مخذول حقًا أننا ... كشفٌ لكل مزور خوان قسمًا وربي يا شويعر إننا ... حرب لكل منافق فتان يا خائنًا للعلم حين سببته ... تُب قبل موتك توبة ببيان من قبل أن يأتي خُصيمك عالم ... في يوم حشر تغرق القدمان ياليت شعري هل سترجع تائبًا ... مما جنيت لصالح الشيطان أم أنت ممن قال فيهم ربنا ... صم وبكم ذاكم الخسران هذي قذائف شاعر سلفية ... خمسون بيتًا زادها إثنان ثم الصلاة على ... النبي ... ختامها ... ما غرد العصفور ... في الأغصان بقلم/ أبي عمرو جار الله بن أحمد بن لطف بن أويس المصمدي اليريمي ¬

(¬1) قال الخميني في كتاب الحكومة الإسلامية: إن لأئمتنا منْزلة لم يبلغها نبي مرسل أو ملك مقرب، وقال: أننا نَهاب نصوص أئمتنا كما نَهاب نصوص القرآن.

القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني

بسم الله الرحمن الرحيم القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني نظرًا للضلالة الجديدة التي أتى بِها عبد المجيد الزنداني وهي دعوته إلى إنشاء مجلس شيخات اليمن قمنا بالرد عليه في هذه القصيدة التي أسميناها: القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني، ونظرًا للخطب الذي عملته في المبتدعة قمنا بتعزيزها وأسميناها: تعزيز القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني، ثم أستكملناها بأخرى أسميناها: إستكمال القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني. وهذا من باب الجرح والتعديل ليس من باب الغيبه كما يعتقد البعض وقد بينه الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم تبت يدا أبي لهب وتب، والآيات في هذا كثيره وقد نوه عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى وسلم عندما دخل عليه رجل فقال: ((بئس أخو العشيرة .. إلى آخر الحديث))، وقد قال في هذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى: الكلام في أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله وعليه أهل السنة والجماعة. هذا ونسأل الله التوفيق ويجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم. لا تستقيمُ مع النساء معاشرة ... وإذا كثُرن فما بِهن مكاثره فلقد خلقن من اعوجاج بيِّن ... صعب الإقامة إن أقمت ستكسره لكنَّ مَن جعل النساء أمامه ... ووراءه حرسًا يُزيِّن منكره ولمجلس الشيخات أضحى داعيًا ... ويرى بأن له بذلك مفخره أتُرشح الأنثى لتصبح شيخةً ... يا أيها الضال المضل موقَّره تفتي الرعية بل تشرِّع للورى ... وتقوم كالشيطان غير مقدِّره أتريدها أن تستقيل عن الحياء ... وتقوم حولك للضلال مناوره لن ترضى عنك انجلترا وصبيها ... والفاتكان لهذه المستقذره إلا إذا تابعت كل وبائها ... ورأت وفاءك مثل أي مجنْزره أمَّا إذا لم تتبع منهاجها ... فمساعدات الغرب غير ميسَّره يا أمة الإسلام لا تستحسني ... سبل الضلال وإن تبدت عامره

يا أمة الإسلام لا تستنكفي ... عن سنة الهادي البشير النيِّره أين الرجال لأننا احتجنا لهم ... فشعوبُنا بالمحدثات مخدَّره لا لانقلاب غادر نحتاجهم ... أو أخذ حق للولاة ومجزره لكن لنصرةِ دينهم ولحفظه ... من شر كل ضلالة ومؤامره فالمفلسون جماعة تدعوا إلى ... سبل الضلال بشدةٍ ومؤازره ويزينون الإنزلاق إلى لظى ... برسالة وبندوة ومحاضره يا أَمَةَ الرحمن لا تستسلمي ... للمفلسين ولا لأهل الميسره فقضية الإسلام أضحت منجمًا ... وبه غدا للمفلسين متاجره باعوا شرائع ديننا ودعوا إلى اسـ ... ـتبدالها بشرائع متنصره ولشُغلِ أمتنا بلقمة عيشها ... وتحكُّم الكفار فيها بالذره رضيت بحكم الواقع المبني على ... فرض الحصار ولا تزال محاصره والمفلسون يتاجرون بدينها ... ويزينون لها سحيق الحافره ويطبلون لها ويشكون الأسى ... ويصورون لها الجروح الغائره وتشبهوا بالمشركين ولبسوا ... رغم الوضوح على العقول الحائره وبدا التشبه بالنصارى أو بمن ... عبدوا عزيرًا فالخطى متأثره أما احتفال محدث أو عطلة ... أو ثورة شعبية ومظاهره وبدا انتخاب قاصم ومسارح ... وبدا اختلاط كالشعوب الكافره وبدا لباسٌ من هنالك جاءنا ... كلباسِهم أشكاله مستنكره حتى وبالتدخين والتمثيل بل ... بالأكل باليسرى ونفخِ الصافره وتعاملٌ بربا البنوك ونغمة ... لفتى مغنٍ أو فتاة سافره والمفلسون السابقون لغيرهم ... في الاتباع بصولة وبجمهره وبدعوة مشبوهة وبشبهة ... هم يستغلون القلوب المضمره ويلبسون على العوام لجهلهم ... وغدًا تكون على المضلِّ الدائره وبديننا أكلوا وقام عمودهم ... وبه استزادوا المنشآت الماكره

حتى المساجد أصبحت في أسرهم ... وغدت لهم ولحزبِهم مستثمره كم من صناديقٍ بِها قد سمرت ... ومجلةٍ للإختلاس مسمره والوعظ إن قاموا بِها قد سمرت ... بمواقف الصديق تحلوا التذكره وإلى أبي الدحداح ينتقلوا بمن ... فاضت حميته وباتت ثائره أعطى لربه ما لديه ولم يكن ... ذا البخل بالدنيا بنفس مؤثره ثم إلى عثمان ينتقلون كي ... يجنوا غروسًا بالدراهم مثمره ومدارس التحفيظ وجه آخر ... للاكتساب على العباد مزوره اسم فقط للاعتماد وقبض ما ... تدعم به تلك المباني المقفره ومراكز سنية منسوبة ... للوادعي على البلاد مبعثره أكلوا بِها وبغيرها وتشبعوا ... في الابتكار بحنكة ومغامره وحكاية الأسماكِ أفصحُ شاهد ... من بين كل شواهدي المتحدره كم أسهمٍ دُفعت لهم وتنافسٍ ... بين العباد وشائعات زاخره فتأخرت أرباحُ كل مساهم ... طال انتظارهْ للوعود القاصره قد ضاع رأسُ المال يا هذا الذي ... بالربح علق قلبه والذاكره وقضى التلصص أن يضل طريقهم ... فاهجر طريق الأسهم المتبخره يا من ينادي في المساء وفي الضحى ... بوجوب رفع المرأة المتحرره أبناقصات العقل يكتمل البِنا ... أم بالخوالف قد تكون مفاخره أبناقصات الدين يرتحلُ العَنا ... عن شعبنا في الفترة المتأخره لولا المخافة إن يَكنَّ ضحية ... وتَكُنْ نتيجةُ ما أردته خاسره لجعلت إحداهن والٍ قائمًا ... بالحكم يا هذا الملبس آمره أو ما علمت بأنه قد جاءنا ... نَهيُ الرسول صراحة ومباشره عما دعوتَ إليه أمَّتَنا بلا ... خجل يردك لابتدار الآخره كم للشريعة قد طعنت ولم تزلْ ... وتظن نفسك في الشجاعة عنتره ودعوت أمَّتَنا لهجر كتابِها ... وصددت عن سنن الرسول الظاهره

ومدحت أهل الزيغ واستكملتَ ما ... به ضلَّلَ البناءُ جيل القاهره أما الموالاة التي استقبلتها ... للمشركين فلم تزل متكاثره والانتخابات التي استقبلتَها ... بنعم تعدُّ من الهوام الناخره نخرت علاقات الشعوب وفرَّقت وقضت على وجه الوئام فأصبحت ... شمل الجموع ولا تزال مدمره ولقد تساوى الناس في قانونِها ... أوطاننا للإختلاف مشمِّره والآن جئت ممهِّدًا لضلالة ... وعلى بساط الشرعة المتغيره أو ما كفاك وقاحةٌ وتلذذٌ ... مما ادخرت لنا لنصبح مسخره وتَهافتٌ خلف الهوى وتشبهٌ ... بالمحدثات أمام عين الكامره ضيعت حزبك أيها الداعي بلا ... بالمشركين أما كفاك مناصره لا لإرتكابك ما أرتكبت وخوضه ... نفعٍ واصبح يلتمسك المعذره لكنْ لأنك بت غير مميز ... فيما تخوضُ مع القوى المتآمره من أين يا عبد المجيد مزارع الـ ... بين الحقائق والفرى المستهتره من أين أرضُ الجَّرِّ أو ميدي وكم ... ـجوف الكبيرة والرياض المشجرة من أين تلك الآليات وتلكم الشـ ... لك في تَهامة من عيون ساهره من أين حفاراتك الكبرى التي ... ـركات والمستشفيات الفاخره إن شئتُ سميتُ الذين استأجرو ... أمست تجوب بلادنا المستحسره من أين بت مصدرًا وموردًا ... ها في الجبال وفي السهول الغامره أورثتها عن والديك فأعتذر ... ومصنِّعًا؟ من أين تلك الأسوره أم من قضايا المسلمين ودينهم ... وأقول عفوًا قد هفوتُ ومعذره لا تنكروا هذا لأن خطيبكم ... وتبرعات المحسنين الوافره لسنا نعاديكم على دنيا ولا ... بعد الخطابة سوف يفرش مئزره لكن حزب المفلسين يقرِّضُ الـ ... حسدًا لمن جعل الحرام ذخائره ويسخِّر الآيات في تحقيق ما ... ـدين الحنيف بمفتنيه وينحره

والخير كل الخير في علمائنا الـ ... يصبوا إليه من الأماني المزهره نحن الجماعةُ أهل سنة خاتم الـ ... أبرار أصحاب القلوب الطاهره ولنا على فضح التلصص جرءة ... ـرسل الكرام الطاهرين الخيره والوادعيُّ المستميت على الهدى ... ونرى السكوتَ عن النصيحةِ فاقره هاهوَّ ذا قد بين الزيغ الذي ... شيخ جليل ثابت كالقسوره واجتال ما أنتم عليه من الهوى ... أنتم عليهِ كل عين مبصره قطعت رقاب المحدثات وأخرست ... بمحاضرات يالها من حنجره وقضت على عبد المجيد ومثله ... صوت الضلال ولا تزال محذره وقضت على الحداد والهدار ذي الـ ... مرعِي الحديدة ذو الخطى المتعثره وقضت على المهدي فور نكوصه ... ـوجه الملبس والكثير الثرثره وعلى زعيم المفلسين وكلبهم ... وعلى التشيع في القرى والحاضره وقضت على الريمي دون تأخر ... برسالة مفهومة ومفسره وقضت على الطحَّان والسقاف بل ... وقضت على حُمْرٍ له مستنفره ومضى يدافع عن شرائع ديننا ... وعلى الترابي واستقامت زاجره يارب فاحفظ شيخنا واحفظ به ... بكتابه وبصوته والمحبره يا ربَّنا واصلح ولاة أمورنا ... سنن النبي وجُدْ له بالمغفره ثم الصلاة ... على ... النبي ... وآله ... واغفر لنا ولهم ومنك المعذره والتابعين ... وجد ... لنا ... بالمغفره تعزيز القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني لم ندعُكم لضلالة متسترة ... أو لانتخاب مرشح في دائره أو للتبرع بالدراهم أو إلى ... دين جديد تنكرون شعائره لتواصلوا إعراضَكم وصدودكم ... عنا بنعرة جاهل مستكبره إن العناد أتى على أسماعكم ... حتى غدت لكلامنا متضجره وأتى على أبصاركم فتعطلت ... وعلى مروءتكم فولت مدبره وأتى على أرواحكم حتى بدت ... للقائنا قبل الممات مغرغره

وأتى على أحوالكم فتغيرت ... وغدت لكم دنيا الدراهم آسره بل إنه أعمى البصائر فاختفى ... نور القلوب وأصبحت متحجره هل تبصرون الحق أم أنتم له ... لا تبصرون وليس فيكم مبصره أم إنكم متمسكون بزيغكم ... وعقولكم في غيِّكم متحيره لم ندِّعي ما ليس حقًا لم نقل ... كذبًا على عبد المجيد ومعشره بل إن دعوانا عليهم بُيِّنت ... بأدلة شرعية متواتره ولسوف نقصف ما تبقى عندهم ... كالمحدثاتِ من الأمور المنكره ويرى العوام عوارَهم بعد الذي ... أبدوه من شرعية متصدره فالحق أظهرَ كل داعٍ وانتهى ... تلبيس كل ملبس ذا مقدره من كان في نجد يكفر منهجًا ... ونظام حكم لا نزال نكفره واليوم أصبح ينتهجْ ما قد نفى ... ويقول إن له بذلك تبصره بل إنه سماه شورى كي يجد ... منهم قُبولاً صادقًا ومسايره لكنه لن يستطيع بفعله ... هذا بلوغ الغاية المتعذره أو ستر ما في نِهجه من بدعة ... بمكيدة كالسابقات مدبره إن التناقض لا يزال بذلكم ... حتى استساقه خلف كل مبادره يومًا يقول مؤكدًا شيئًا بدا ... وغدًا يجيء لهم بوجه مغايره ويجرد الأشياء عن أسمائها ... بمسميات عنده متوفره والناعقون بما يقوله شلة ... لبست قناع تناقضاتٍ بائره عودوا إلى المولى الجليل برغبة ... وبتوبة للسئيات مكفره وتعلموا إن لم تكونوا تعلموا ... فالعلم نور والنصيحة جوهره ولئن توحيد الإله ضرورة ... قصوى وجهل بالمصير مخاطره كان اهتمامك بالعقيدة واجبًا ... فاعمل على تصحيحها بمثابره واذهب إلى الدر النضيد ومثله ... فتح المجيد بِهمة متبحره واقرأهما وافهمهما حتى إذا ... متَّ انتفعت ودع كتابًا أصدره

فكتابه التوحيد ضيع من يرى ... إن العقيدة هاهناك مسطره لكن من درس العقيدة وارتقى ... بالعلم يرفض فيه أي مذاكره فالمشركون جميعهم لم ينكروا ... إن الهواء ضرورة مستشعره ويؤكدوا بعد السؤال بأن من ... خلق الكواكب والغيوم الممطره وبنى السماء وأوجد الشمس التي ... جعلت سراجًا للأنام وتبصره ماذا استفاد شبابكم من تلكمُ الـ ... ـكلمات ذات الرنة المتناثره وبما ستنفعكم رسومه أيها الـ ... ـمتفاعلون بشدة مستأجره بطيخة مرسومة وفواكهٌ ... حينًا وحينًا منْزل أو طائره أو كوكب أو عظم مفصل أينه التْـ ... ـتَوحيد يا ذا الشهرة المتبخره أقسام توحيد الإله ثلاثة ... في محكم التنْزيل غير مصوره أنت انطلقت بواحد من بينها ... لا ينتفعْ به مسلم أو فاجره وأتيت بالآيات في غير الذي ... دلت عليه بجرئة متهوره ترضي السياسات العميلة دائمًا ... وتؤكِّد النظريةَ المتطوره وتفسر القرآن حسب مزاجها ... ومزاج جند المحدثات البائره وتريد بالأمر اجتماعًا شاملاً ... للعالمين على الضلال وعنصره وتحبذ الصمت الطويل عن الذي ... من باقيِ الأقسام لم تتذكره فبثاني الأقسام جاء نبينا ... ودعا إليه بحكمة ومصابره وكذلك الرسل الكرام جميعهم ... جاءوا به ودعوا القرون الغابره فتميز الكفار ممن آمنوا ... بعد ائتلاف سابق ومصاهره وتميَّزت بهْ أمة القرآن عن ... أمم الضلال ولم تكن مستعمره وبه تميَّز مشركون زماننا ... بوجوه خزي في القباب معفره وبثالث الأقسام ميز بين من ... بديانة الإسلام شد أواصره فبد لنا السني ممن بدلوا ... وتفرقوا لطوائفٍ متناحره وذوي اعتقاد المحدثات ومن أتى ... بعقيدة السلف الكرام الطاهره

فاترك كتاب المفلس الغاوي الذي ... بينته فلسوف اقطع دابره واسبق إلى الجنات كل معاند ... بعقيدة السلف الكرام الزاهره فعقيدة المتحدثين لأمتي ... عن وحدة الأديان جاءت هادره ممزوجة بالمحدثات وبالولا ... للكافرين وسوف تخرج صاغره لا يجتمع زيغ وإيمان معًا ... أو سنة وضلالة مستحقره وبوحدة الأديان لستُ مرحبًا ... أو بالضلال ولن أصدق مصدره أتريد مني أن أكون أخًا لمن ... عبدوا المسيح وللجموع المفطره وأخًا لأحفاد الخنازير التي ... قد حرمت وأخًا لبيلَ وعسكره هم يقتلون المسلمين ويسرقوا ... أموالهم بيد البنوك الغادره ويكلفون ذئابَهم وكلابَهم ... بالانقضاض على الشعوب العاثره بل إنَّهم كفروا وعدوا كفرهم ... دينًا عليه شعوبُهم متظافره والدين عند الله دينُ نبينا ... وهناك نص ضد كل مهاتره ينبئْ بأن الدين عندهْ ديننا ... وسواه لاغٍ باطلٌ فلنحذره يا أيها الداعي إلى درب الردى ... بمؤلفات للضلال مسخره طلع النهار على الضلالات التي ... جئتم بِهن وعززته الهاجره وبدى السليم من السقيم ولم تعد ... للمفلسين مكانةٌ أو سيطره فارفق بنفسك لا تناطح سنة الـ ... ـمختار بالحزبية المتقهقره واعلم بأنا ضد كل ضلالة ... بعزيمة في الرد غير مقصره وبجرئة وشجاعة وبقوة ... سنذب عن سنن النبي النيِّره فالمفلسون وشيخهم في مأزق ... منذ انطلاق دعاتنا بالتذكره وطلوع شمس السنة الغراء من ... دار الحديث قوية ومؤثره لم يشعروا إلا ونحن نَهزُّهم ... بقذائف سلفية متفجره مدعومة بالبينات وبالهدى ... ولكل داع لضلالة منذره وبنقضنا التلبيس أصبح جمعهم ... في رعشة أعصابُهم متوتره

لم ندَّعي كذبًا عليكم أيها الـ ... إخوان فافشوا ما نقول ونذكره نَهج الخوارج نَهجكم وطريقكم ... وبكم من الإرجاء شيئًا نشعره وبدعوة المتناقضات دعوتمُ ... وإلى التلصص قادكم حبل الشره وتصادمت أقوالكم بفعالكم ... وغدا التناقض في التجمع ظاهره لله در الوادعيِّ مجدد الـ ... ـدين الحنيف ودر حبر دفاتره كشف الستور لما تأكد أنكم ... لا تصلحون لدعوة أو سيطره أو تصلحون لنهضة وخلافة ... لكنكم قد تصلحون لبيطره قاد الجماعة للنجاة ولم يزل ... في فترة للمفلسين معاصره ونبيها قد كان شقَّ طريقَها ... حتى أتمه في تمام العاشره من عام هجرته ليثرب فاكتفت ... بطريقه وهداه غير مغبره تأبى الخروج على الولاة لما أتى ... من نَهيه وبنهجه مستبصره وترد كل ضلالة مهما اختفت ... عن أعين المتساهلين المنكره وتسد أبواق الضلال بحكمة ... ولعمي أمتنا الغُثاء مبصره ضد التفرق والتعدد دائمًا ... منذ انطلاقتها الفتية مبحره أما ادعاؤهْ أنَّها في عصرنا ... أمست تحرم ما يباح تصوره فالحق يدحض ما يقول ويدعي ... والإحتكام إلى الكتاب سيقهره إن الجماعة في طريق نبيها ... لم تستقل بذاتِها مستقصره وولائها للمسلمين جميعهم ... ولأمة القرآن غير مؤخره لولا الأسانيد التي حُفظت بِها ... سنن الرسول على مدار الأعصره لتمكنت سبل الضلال من الذي ... جعلت له إذ لم تكن مستأثره بل بينت للمسلمين طريقهم ... وأتت لهم بالبينات النيره فأطاعها المتعبدون لربِهم ... بِهداه لا بالمحدثات الداعره وتخلف المتعبدون له بما ... وجدوا عليه العادة المتحسره يا طالب العلم الحريص على الهدى ... إياك دنيا المترفين الساحره

إياك ما يبنونه لشبابِهم ... من جامعات أو معاهد فاخره فلقد أهانوا العلم بل وتَهاونوا ... بالواجبات هناك دون محاذره واستوردوا المتحاملين على الهدى ... ولهم يقال لدى الشباب دكاتره واستعملوهم للضلال وشجعوا اسـ ... ـتمرارهم بمرتبات غامره بل شجعوا أبنائهم وشبابَهم ... وذيولهم بالحاجيات الآسره من مطعم حلوٍ وأطيب مشرب ... ومرتب ومواصلات عابره لن ينصر الإسلامَ كبرُ بطونِهم ... لكن بعلمك إن عملت ستنصره فاترك لهم دنيا المناصب والهوى ... وتعلم العلم المفيد لتنشره واصبر على حر الهجير وحدة الـ ... ـبرد الشديد وضيق عيش القنطره واصبر على خشن الثياب وناشف الـ ... أرْز المسبب قرحة للحنجره واغضب لربك لا لبطنك واحتسب ... ما أنت فيه من الظروف المعسره وادعُ إلى هذا السبيل ولا تكن ... كالضائعين ذوي الوجوه الباسره علَّ الضحايا الضاحكون يبادروا ... بالكسب ستًا فالحياة مغرره ثم الصلاة ... على ... النبي وآله ... والتابعين وجد ... لنا ... بالمغفره استكمال القصف الميداني لضلالات عبد المجيد الزنداني شهب الجماعة للضلال متبِّره ... ولصفو عيش المفلسين مكدره وإلى السلام ندائها وسهامها ... عبر العصور إلى الضلال مؤشره لا تطعنوا في نَهجها ونظامها ... بمزاعم للإمعات منفره فكتاب ربي والمحجة نَهجها ... ودليلها الأبدي كيف ستهجره وصراط ربي المستقيم طريقها ... ونظامها الإسلام هل تستأخره لم تعتمد منهاج أمريكا ولم ... تدعوا إليه ولا لشخص عاصره ودعاتُها المتمسكون بنهجها ... ونظامها ضد الضلال وقيصره

لله قاموا واستحثوا من غوى ... ليعود عن درب يضيع عابره ولسوف ينتكس الضلال وينتكس ... بوق الضلال المستجيب وصعتره ويرى الجويهل من يقول بأننا ... العملاء قدره حين يهدم منبره إفلاسكم في الأزديان وجهلكم ... بالحق دوَّى في الفضاء بزمجره مَن بيننا هُوَّ العميل أيا ترى ... أو يرتبطْ بنظام تلك الماكره أنتم أحب لها وأقرب فالذي ... تدعوا إليه قبلتموه وننكره ساويتمُ بين النساء وبينكم ... رغم الفروق برغبة ومعايره وجعلتمُ الأبرار كالفجار والـ ... ـعلماء كالكفار أهل الميسره ودعوتمُ للإختلاف ونبذ ما ... ندعو إليه ونبذ كل مصادره أنتم أحب لها ومؤتمراتكم ... تدعوا إلى سل العدا وتحذره وتجمُّع السودان يفضح مدعي الـ ... ـبأس الشديد وإن أطال تستره أما الجماعة والتي بمشايخ الـ ... ـعصر الحديث سعيدة متفاخره فدعاتُها للمسلمين يحذروا ... مما تحسنه الفتاوى الجائره ولكل تقليد وكل تشبه ... بالمشركين ترد غير مخايره وشباك أمريكا التي أنتم بِها ... متشبثون لما نرد مصدره حربًا على المتمسكين بدينهم ... سلمًا لكل مقلد لها مؤثره وعدوة للمسلمين جميعهم ... ومن الجماعة وحدها متطيره لا تدعم الإسلام حتى تعلنوا ... إن الجماعة للعمالة مضمره أو تدعم المتواثبين لحربِها ... ولحرب ما جاءت به وتدبره لكنها تعني بدعم مماسح الـ ... ـحزبية الكفرية المتفطره وبدعم كل مخرب ومميع ... ومنظمات للضلال مسيره يا ذلك الرجل الضحية لا تكن ... لمزاعم الطرف المضلل مقبره واذهب إلى دماج صعدةَ كي تقف ... وترى بعينك ما يسرك منظره جيل يكابد قسوة العيش التي ... عجزتَ أمام صموده وتصبره

ويكابد الدنيا التي لم تستطع ... إن تشتريه كما أشترتْ من غايره ترك الصراع لأهلها وعبيدها ... واستغنى عن لذاتِها المستعمره وأتى إلى دار الحديث برغبة ... للإلتحاق بشيخها ومعسكره وبِها أناخ وكان أول ما بدا ... به قبل غيره حفظ آي التذكره وبعيد حفظه للكتاب سما إلى ... خير اللغات بلهفة مستفسره فتعلم النحو المهم وهكذا ... الإملاء والخط الجميل وحبره ووعى البلاغة قارئًا ومطبقًا ... ومجندًا إحساسه ومشاعره حتى استقام لسانه وتخلصت ... ألفاظه من لحنة متوغره ووعى المعاني والترابط بينها ... بعد الغموض وزاد حجم دخائره ويشرِّح الكلمات ثم يردها ... لفساد غايتها ويحرس محوره هيهات للتلبيس أن يغتاله ... بعبارة عن غير ذاك معبره أو يمكن المتأولين خداعه ... أو يمكن المستشرقين تقهقره وإلى الحديث ونَهره الجاري الذي ... أودى بعِرض من افترى ليعكره ذهبت خطاه فما يغادر حكمة ... إلا تأكد أنَّها في الذاكره وأقام يحفظ ما يمر به من الـ ... أبواب حفظًا قل من يتصوره وإذا سألت عن الحديث وحاله ... ورواته أفتاك من تستصغره وإذا سألت عن الرجال وحالهم ... جاء الجواب من ابن عشر تحقره فالبعض يحفظ عمدة الأحكام من ... هذا الطراز وبعضهم قد غادره ووعى رياض الصالحين وبينهم ... من بات يحفظ مسلمًا ويفسره وهناك من حفظ البخاري يا له ... من جيل تقوى داس أنف معيِّره وكذا العقيدة وهو مهتم بِها ... منذ البداية فالضرورة تجبره إذ لا قبول لطاعة وعبادة ... إلا بإخلاص وكيف ستجبره إن أشرك العبد الضعيف بربه ... أولم يتابع من بوحيه أخبره وإذا أتى بعقيدة معلولة ... ردت عليه صلاته وتسحره

وكذا صيامه والقيام وحجه ... إن حج رد ولن يجد من يؤجره جيل تعلم كيف يعبد ربه ... والشيخ مقبل من يقود الباخره طلب النجاة فرحبت بقدومه ... وغدت له قبل الممات مبشره أما شباب المفلسين وجيلهم ... فلغير ربه حبه وتمعره قصد المعاهد للنجاة من الهوى ... فهوى وزادت في الضلال خسائره وغدا يطبل منشدًا مترنمًا ... ومقلدًا ألحان كل مزمره وممثلاً ألِف التلون متقنًا ... هذا المجال ومخفيًا لتحسره والمسرحيات التي ألفوا بِها ... طبع التلون لا تزال مشهره وكذلك الفيديو المحرم قد شوى ... جيل المعاهد واستحث تفطره وانظر بعينك واستمع إن لم تكن ... متعصبًا لتراه فيما لا يره وترى اندفاعه جاهلاً ومقلدًا ... رؤساءه والشائعات تسخره يجهل بأن طريقه صوفية ... ويظن أن الإنتخاب سينصره ولحب دينه أوهموه بأنه ... بطل يجاهد في سبيل تحرره ويلبسون عليه طول حياته ... وإلى الخلافة يدفعون تجاسره هم حول دنيا دائبون لجمعها ... لا حول دين كالكلاب مكشره والحق يفضح من يحاول باسمه ... زج الشباب إلى الضلال ويظهره أهل الحديث هم الجماعة والتي ... حتى القيامة سوف تبقى الظافره لن يستطيع مخالفوهم ضرهم ... أو خاذلوهم في الجموع الساخره يارب فاحفظهم ووفق شيخهم ... واكتب لنا وله الشهادة وانصره واخذل عدوا يا كريم وحسبنا ... أن ترضى عنا يا عظيم المغفره ثم الصلاة على نبيك ما على ... الدنيا حياة أو رياض مثمره قال هذه القصائد المتوالية الشاعر/ أبوزيد علي بن يحيى بن زيد الزعكري الحجوري دار الحديث بدماج جماد الآخرة 1420.

النسف البركاني لبعض ضلالات الزنداني

بسم الله الرحمن الرحيم النسف البركاني لبعض ضلالات الزنداني يا من تحلى بالنساء حِراسةً ... وتقلد الإصلاح في الأوطان ودعا لتمزيق الشريعة هازلاً ... بنصوص شرع كامل الأركان وأباح تحزيب الأنامِ سفاهة ... ولكل مسألة له قولان قد قابل الوفد الذي هو قادم ... من عند أهل الكفر والطغيان ألقى الحوار مع النساء تنازلاً ... عن عزة الإسلام والإيمان فأهان دين الله شرَّ إهانة ... أي ذاكم المدعو بالزنداني وأباح تصوير الذوات تنطعًا ... من غير ما أثر ولا قرآن فرضى به القوم اللثام لحمقهم ... ووقوعهم في فكرة الإخوان هي فكرة مدعومة بضلالة ... وجهالة وغواية الشيطان وأجاز تصويتًا وطاغوتًا يُرى ... فيه الضلال لأكمه العينان ودعا الشباب لكي يقيموا دولة ... هي دولة الإسلام والإيمان جمعوا الخبيث وشبهه فتحصموا ... تبًا لهم من معشر عميان تركوا الحديث وأهله واستبدلوا ... علم الحديث بنغمة المردان ورأوا لتمثيل قبيح شرعة ... مأخوذة من مذهب الشيطان سألوا الأنام تكثرًا فتوسعوا ... في جمع أموال مع العمران وسعى إلى السوادان سعي مغفل ... ومهوس يدعوا إلى النكران لحضور مؤتمر قبيح فاشل ... يدعوا إلى التوحيد للأديان جمع الغواية والضلالة غافلاً ... عن سنة المختار والقرآن وأحل تصوير النساء حماقة ... ودناءة ودياثة وتداني وأطم من هذا القبيح نداؤه ... للمشيخات ببلدة الإيمان نزع الحياء على المنابر جهرة ... تبًا له من غافل حيران

سبقوا بفعلهم القبيح معاشرًا ... حرصوا على الإفساد للنسوان شوعية سبقوا وبعثًا مفسدًا ... ثم الجهول الحاصر العلماني في رفعهم بعض النساء لمجلس ... هو مجلس الشورى على إعلان رفعوا النساء لكي يسن حكومة ... مبنية في شاطئ البحران سبع رفعن دماثة في مجلس ... يأوي الشرور وأقبح العصيان عرضوا الحياء لبيعة ممقوتة ... بين الأنام بأبخس الأثمان فوجوههم بين الرجال ذميمة ... هذا مآل عصابة الإخوان عقد المودة والمحبة صحة ... للساقطين بمذهب الكفران هو مذهب البعث الأثيم ممددًا ... بالكفر والإلحاد والهذيان ومع إشتراكيٍّ خبيث فاجر ... عقد العهود على مدى الأزمان وأئمة الحق الدعاة حقيقة ... هجروهم حسدًا وحقد جبان هجروا العلوم وسنة لمبشر ... للمتقين بجنة العدنان وأقام جامعة لكل مهوس ... فيها الضلال يحطم الشبان سلبت عقول المبتغين لزخرف ... فتساقطوا كتساقط الذبان كالحاشدي أتى إليها عالمًا ... ومحققًا في الناس ذا عرفان فتحطمت عزماته في فترة ... ملحوضة يتقارب الأحيان أسفًا على قوم أضاعوا علمهم ... بعد الظهور بساحة الميدان عجبًا لفعلم القبيح تنازلاً ... عن سنة المبعوث من عدنان أدعوك يا خداع دعوة ناصح ... أن تترك الإفساد والطغيان وتتوب للرحمن توبة مخلص ... إن كنت ترجوا جنة الرحمن وتقوم بين الناس قومة ثابت ... وتذم مذهبك القبيح الداني وإذا بقيت على الضلال مجاهدًا ... فأعلم بأنك جاهل حيران واعلم بأنك مُهلَك ومُدمَرٌ ... بسهام أهل العلم والعرفان وستنطوي تحت الفراش مخبأً ... من وصمة بالعار والنكران

وتعيش عيشة خائف في داره ... يخشى من الشجعان والفرسان وسترحلن من البلاد مهاجرًا ... إما إلى السودان أو إيران هلا تتوب وتتركنَّ خرافة ... أودتك يومًا في مكان دان عذرًا إليك لقد نظمت نصائحًا ... إذ كنت عيًّا عاري العرفان ولقد تركت فضائحًا ومعايبًا ... كيما تعود لخالق الأكوان هلا قبلت نصائحًا لمحدث ... ومعلم للحق والإيمان هو مقبل شيخ الحديث ببلدة ... محمودة من سالف الأزمان هو شيخنا المنصور نصرًا ظاهرًا ... بين الأنام على ذوي البهتان رزق الذكاء فكان أسرع كاشف ... للمنكرات وأقبح البطلان قمع الضلال وأهله في قامع ... لمعاند ولحامل الإفتان ورياض جنة شيخنا مع مخرج ... وإجابة للسائل اليقظان ونصائح مع باعث لحوادث ... مع حكم تصوير مع البركان ولذم مسألة كتاب قيم ... وكذا المصارعة الرفيع الشان ولغارة وقع شديد حاصل ... في صدر كل مخالف فتان كشف الإمام ضلال كل ملبس ... متهم زعيم الشر ذا الزنداني فجزاه مولانا الكريم مثوبة ... ومقامة في جنة الرضوان وإلهنا نرجوا رجاءً دائمًا ... كيما يمدد شيخنا بأمان وأقول قولاً للقصيدة خاتمًا ... صلى الإله على النبي العدنان قائلها/ أبوعبد الحميد حميد بن علي بن محمد الرعود الوصابي

بسم الله الرحمن الرحيم نداءات يوجهها الدعاء ... وصيحات يرددها الغثاء نداءات من البلهاء تعلوا ... ويرتفع الصراخ كذا البكاء ينادون الخلائق كل يوم ... بأن الشر ليس به خفاء ويشكون اليهود بكل أرض ... دعايات يروجها الرعاء وسعيهم إلى الأموال دومًا ... وباسم الدين تمتص الدماء إذا ما صب للإسلام عرق ... رأيت وجوههم فيها البهاء إذا نزلوا المساجد صاحوا فيها ... وإن صعدوا القصور لهم عواء وإن ظهرت لأمتنا جراح ... أشاعوها مرادهم الغذاء سلوا السودان ما قد حل فيها ... ستنبئكم بما فعل الغُثاء حوى البلهاء منصبهم عليها ... وفي ساحاتِهم نزل الوباء وباء عم في السودان أضحى ... به كفر وتشكيك وداء سلوا الخرطوم كيف الليل أمسى ... خطابات ترج بِها السماء خطابات من الخرطوم أمست ... يرددها السفيه الببغاء ترابي الدناءة داس شعبًا ... كريم الطبع شيمته السخاء لينْزع منه إيمانًا وصدقًا ... وتوحيدًا حقيقته صفاء أرى السودان قد أضحى عليلاً ... يقود به إلى الموت العداء تعالوا وانظروا الأتراك شعبًا ... ترأسه البغاة الأشقياء إذا نزع الحجاب بأرض قوم ... فما يرجى التورع والحياء وفي أرض الجزائر صاح طفل ... تعجب حين أن نزع الإخاء وفي قطر تلبسها ظلام ... ويوسف بات منهجه العواء جزيرتنا تنبحها كلابٌ ... وتنهشها الذئاب الأدعياء

لماذا الغش يا إخوان مهلاً ... سنفضحكم وإن سفك الدماء وفي يمن المحبة صاح ذئب ... أجابته الذئاب الأغبياء رأى صنعاء مفترشًا عظيمًا ... فحط بِها ومقصده البلاء وصاح الذئب بالتدليس نشرًا ... وراح إليه تحرسه النساء ينادي الدين بالتوحيد أصلاً ... مع الأديان يا بئس النداء ويذكر في كتابته يهودًا ... يمجدهم فهل فُقِد البراء صفات الله اثبتها بفعل ... ودون النقل منطقه الهراء يريد نساء أمتنا شيوخًا! ... وشيخات فبئس الإدعاء وتوسيعًا لذي الأكوان زعمًا ... ألا يا قوم هل طمس الذكاء ويدعو للتحزب كل وقت ... يظن الناس أنَّهم رعاء ويأخذ بيعة ليلاً وصبحًا ... ليظهر في دروبِهم الولاء ويسلب مال أمتنا عيانًا ... فيا لله قد نزع الحياء وفي عدن يشارك أهل فسق ... بميدان تقابله النساء نداءت يسطرها مدادًا ... ويفضحها الدعاة الأتقياء فيا عبد المجيد بنيت شرًا ... سينسفه الرجال الأوفياء ويا عبد المجيد إليك شعرًا ... سريع البطش غايته القضاء خداعات تزخرفها طويلاً ... وتخرجها إذا سكن الهواء سيكشفها لنا الموري يحيى ... بتأليف يسطره الضياء فمن صنعاء شد الرحل إنا ... رأينا الشر ينهيه الجلاء وسافرْ من بلاد خنت فيها ... فعارضك الأسود الأقوياء أرى دماج رشاشًا ولغمًا ... ونيرانًا يصوبُها الإباء فمقبل لم يزل صاروخ ردٍّ ... يوجهه إذا ظهر الوباء يوجهه بحكمته ابن هادي ... فحكمته يشاركها الذكاء وحكمته يسيرها برفق ... فنعم الشيخ منهجه الإخاء

ألا يا شيخ هذا الشعر حر ... يطير به الأباة الأصفياء ألا فالتسمعوا لشريط شيخ ... عظيم القدر معدنه الوفاء عظيم القدر مبدؤه أصيل ... حكيم القول يملؤه البهاء وصلى إله يارب كثيرًا ... على المختار ما هطلت سماء كذاك الآل والأصحاب دومًا ... إذا ما سار فوق الأرض ماء ناصر بن أحمد العجيلي

§1/1