تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار

ابن باز

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن من أفضل ما يتخلق به الإنسان وينطق به اللسان الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، وتسبيحه، وتحميده وتلاوة كتابه العظيم، والصلاة والسلام على رسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه، مع الإكثار من دعاء الله سبحانه وسؤاله جميع الحاجات الدينية والدنيوية، والاستعانة به، والالتجاء إليه بإيمان صادق وإخلاص وخضوع، وحضور قلب يستحضر به الذاكر والداعي عظمة الله وقدرته على

كل شيء وعلمه بكل شيء واستحقاقه للعبادة. وقد ورد في فضل الذكر والدعاء والحث عليهما آيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر ما تيسر منها، قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا - وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا - هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 41 - 43] وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] وقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} [الأحزاب: 35] إلى أن قال سبحانه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 190 - 191] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45] وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] وقال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9] وقال تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37] وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10] والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى ودعاءه سبحانه مستحب في جميع الأوقات والمناسبات وفي الصباح والمساء وعند النوم واليقظة ودخول المنزل والخروج منه. وعند دخول المسجد والخروج منه. لما سبق من الآيات الكريمات، ولقوله تعالى أيضاً: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55] وقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39] وقوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52] وقوله تعالى:

{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] وقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ - وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 48 - 49] وقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ - وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 17 - 18] وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] الآية، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 55 - 56] وقال سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] الآية. وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم. فقلنا يا رسول الله نحب ذلك. قال: أفلا يغدو

أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل» وفي صحيح البخاري عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وفي صحيح مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» . وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال: كأنهما غمامتان أو ظلمتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما» وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن (ألف) حرف و (لام) حرف و (ميم) حرف» رواه الترمذي بسند حسن. وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على فضل الذكر والتحميد والتهليل والتسبيح والدعاء والاستغفار كل وقت وفي طرفي الليل والنهار، وفي أدبار الصلوات الخمس بعد السلام نذكر بعضها. فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون. قالوا يا رسول الله: من المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات» رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» رواه مسلم. وفي صحيح مسلم أيضاً عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: علمني كلاماً أقوله قال: " قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم " فقال: يا رسول الله إن هؤلاء لربي فما لي؟ قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني» . وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: «الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجه النسائي، وصححه ابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وقال عليه الصلاة والسلام: «ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله» أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم. قالوا: بلى يا رسول الله قال: ذكر الله» رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما. وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل» متفق عليه من حديث أبي أيوب رضي الله عنه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر» . وفي الصحيحين أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» . وخرج الترمذي وغيره بإسناد حسن عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا الله فيه عز وجل، ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم» .

وقالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه» خرجه مسلم في صحيحه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» خرجه مسلم في صحيحه. وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم» وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدعاء هو العبادة» أخرجه أصحاب السنن

الأربعة بإسناد صحيح. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك» رواه مسلم في صحيحه. وعنه رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء» رواه النسائي وصححه الحاكم. وعن بريدة رضي الله عنه قال: «سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» أخرجه الأربعة وصححه ابن حبان. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة

أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر» أخرجه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي كل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما ينفعني» . رواه النسائي والحاكم. وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في

اليوم أكثر من سبعين مرة» رواه البخاري. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي وتب على إنك أنت التواب الغفور» رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» رواه البخاري في صحيحه. والآيات والأحاديث في فضل الذكر والدعاء والاستغفار كثيرة معلومة. وقد رأيت جمع ما يسر الله تعالى مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار والأدعية المشروعة عقب الصلوات الخمس، وفي الصباح والمساء، وعند النوم

واليقظة، وعند دخول المنزل والخروج منه، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الخروج للسفر والقفول منه. وقد سميتها " تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة من الأدعية والأذكار " مقتصراً على ما صحت به الأخبار عن النبي دون غيره لتكون زاداً للمسلم وعوناً له بمشيئة الله تعالى في المناسبات المذكورة مع أحاديث أخرى في فضل الذكر والدعاء، مع نصيحتي لكل مسلم ومسلمة بالعناية بالذكر والدعاء في جميع الأوقات عملاً بما تقدم من الآيات والأحاديث في ذلك، والله أسأل أن ينفعني بها وجميع المسلمين إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. المؤلف

فصل في بيان الأذكار المشروعة بعد السلام في الصلوات الخمس

[فصل في بيان الأذكار المشروعة بعد السلام في الصلوات الخمس] فصل في بيان الأذكار المشروعة بعد السلام في الصلوات الخمس لقد ثبت عن رسول صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا سلم من صلاة الفريضة استغفر الله ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ويسبح الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمده مثل ذلك، ويكبره مثل ذلك ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويقرأ آية الكرسي و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " و " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " و" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " بعد كل صلاة.» ويستحب

فصل في أذكار الصباح والمساء

تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات: بعد صلاة الفجر، صلاة المغرب لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ". عشرِ مرات لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان إماماَ انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثاً. وبعد قوله: " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " ثم يأتي بالأذكار المذكورة، كما دل على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم. كل هذه الأذكار سنة وليست فريضة. [فصل في أذكار الصباح والمساء] فصل في أذكار الصباح والمساء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما

جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه» رواه مسلم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر وإذا أصبح قال ذلك أيضاً أصبحنا وأصبح الملك لله» رواه مسلم. وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر

الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» رواه البخاري. وعن عبد الله بن حبيب قال: «خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال: قل فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل فلم أقل شيئاً، تم قال: قل: فقلت: يا رسول الله ما أقول، قال: قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء» رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي بإسناد حسن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلم أصحابه يقول: «إذا أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، وإذا أمسى فليقل اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير» .

رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، واسناده عند أبي داود وابن ماجه صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: «يا رسول الله، مرنى بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال: قل: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِ نفسي وشر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم. قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك» رواه الِإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح، وهذا لفظ أحمد والبخاري. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات

فيضره شيء» رواه الِإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث صحيح وهو كما قال رحمه الله. وعن ثوبان خادم النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحينِ يمسي ثلاث مرات رضيت بالله ربا وبالِإسلام ديناَ وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة» رواه الِإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد حسن، وهذا لفظ أحمد. ولكنه لم يسم ثوبان وسماه الترمذي في روايته، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة بلفظ أحمد. وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة» . وروى مسلم في صحيحه أيضاً عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذاق طعم الِإيمان من رضي بالله رباً وبالِإسلام دينا وبمحمد رسولاً» .

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك، وملائكتك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار. ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار. ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار» رواه أبو داود بإسناد حسن، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة بسند حسن، ولفظه: «من قال حين يصبح: اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه ذلك اليوم من النار، فإن قالها أربع مرات أعتقه الله ذلك اليوم من النار» . وعن عبد الله بن غنام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي

من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه، ومن قال ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته» رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن، وهذا لفظه لكنه لم يذكر " حين يمسي " وأخرجه ابن حبان بلفظ النسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح. اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقى، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي» أخرجه الِإمام أحمد في المسند، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، من قالها عشر مرات حين يصبح كتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكانت له عدل رقبة، وحفظ بها يومئذ حتى يمسي. ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك» رواه الِإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن. وعنه رضي الله عنه أيضاً قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال إذا أمسى ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضره حمة تلك الليلة» رواه الِإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن. والحمة سم ذوات السموم كالعقرب والحية ونحوهما. وأخرج مسلم في صحيحه عن خولة بنت حكيمِ رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نزل منزلاَ فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك»

وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبيه عن أبيه رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى: أصبحنا على فطرة الِإسلام وعلى كلمة الِإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلماً وما كان من المشركين» أخرجه الِإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح. وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: «يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة " اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني فيِ بصري لا إله إلا أنت " تعيدها ثلاثا حين تصبح وثلاثا حين تمسي، وتقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت، تعيدها حين تصبح ثلاثاً وحين تمسي ثلاثاً، قال: نعم يا بني إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأحب أن أستن بسنته» رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.

فصل فيما يقال عند دخول المنزل

ويشرع لكل مسلم ومسلمة أن يقول في صباح كل يوم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة حتى يكون في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي لما تقدم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، كتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر.» [فصل فيما يقال عند دخول المنزل] فصل فيما يقال عند دخول المنزل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت

فصل فيما يقال عند الخروج من المنزل إلى المسجد أو غيره

لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء» رواه مسلم. وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله» خرجه أبو داود بإسناد حسن. [فصل فيما يقال عند الخروج من المنزل إلى المسجد أو غيره] فصل فيما يقال عند الخروج من المنزل إلى المسجد أو غيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «من قال إذا خرج من بيته بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له حينئذ كفيت ووقيت وهديت وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي

فصل فيما يشرع عند دخول المسجد والخروج منه

ووقى» رواه أبو داود والنسائي والترمذي بإسناد حسن. وقالت أم سلمة رضي الله عنها: «ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليَّ» رواه الِإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وهذا لفظ أبي داود وإسناده صحيح. [فصل فيما يشرع عند دخول المسجد والخروج منه] فصل فيما يشرع عند دخول المسجد والخروج منه عن أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسالك من فضلك» رواه مسلم وأبو داود، واللفظ لأبي داود. وعن عبد الله بن عمر وأبي العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ

فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند النوم واليقظة

بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم - قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم» خرجه أبو داود بإسناد حسن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: " اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم» أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح. [فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند النوم واليقظة] فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند النوم واليقظة عن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: اللهم باسمك أموت وأحيا " وإذا استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» رواه البخاري. وأخرج عن أبي ذر رضي الله عنه مثله.

وأخرج مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه مثل حديث حذيفة المذكور. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات» متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنه أتاه آت يحثو من الصدقه وكان قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم عليها ليلة بعد ليلة. فلما كان في الليلة الثالثة قال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت ما هي؟ فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] حتى تختم الآية. فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقك وهو كذوب ذاك شيطان» . رواه البخاري.

وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» متفق عليه. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول» متفق عليه، وفي رواية لمسلم رحمه الله «واجعلهن من آخر كلامك» وعن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: «اللهم رب السموات، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان،

أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، واغننا من الفقر» رواه مسلم. وعن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ثم يقول: " اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك " ثلاث مرات» . رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد حسن. وعن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أًطعمنا وسقانا، وكفانا، وأوانا، فكم ممن لا كافي له، ولا مؤوي» خرجه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: «اللهم خلقت نفسي وأنت تتوفاها،

لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية. قال ابن عمر: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم» . خرجه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه، وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي، وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها. وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» متفق عليه واللفظ لمسلم. وعن علي رضي الله عنه «أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً فلم تجده، ووجدت عائشة رضي الله عنها فأخبرتها. قال علي: فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذنا مضاجعنا فقال: " ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما

فصل في الأذكار والأدعية المشروعة في ابتداء الشراب والأكل والفراغ منهما

فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين، فإنه خير لكما من خادم ". قال علي: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم» . متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته» رواه البخاري ومعنى قوله: " من تعارَّ " أي استيقظ. [فصل في الأذكار والأدعية المشروعة في ابتداء الشراب والأكل والفراغ منهما] فصل في الأذكار والأدعية المشروعة في ابتداء الشراب والأكل والفراغ منهما عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» متفق عليه.

وعن عائشة رضي الله عنها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله. فإن نسى أن يذكر الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الحاكم، وأقره الذهبي. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها» رواه مسلم. وعن معاذ بن أنس رضيٍ الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد حسن. وعن أبي أمامة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً

فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند رؤية البلدة أو القفول منها

مباركاً فيه غير مكفى ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا» رواه البخاري في صحيحه. [فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند رؤية البلدة أو القفول منها] فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند رؤية البلدة أو القفول منها عن صهيب رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها» رواه النسائي بإسناد حسن. وعن أنس رضي الله عنه قال: «أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذ كنا بظهر المدينة قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون. فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة» . رواه مسلم.

فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند الأذان وبعده

[فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند الأذان وبعده] فصل فيما يشرع من الذكر والدعاء عند الأذان وبعده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» متفق عليه. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة» رواه البخاري، وزاد البيهقي في آخره بإسناد حسن «إنك لا تخلف الميعاد» . وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالِإسلام

ديناً، غفر له ذنبه» رواه مسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول: ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً. ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن

فصل في مشروعية السلام بدءا وإجابة وتشميت العاطس إذا حمد الله وعيادة المريض

أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة» رواه مسلم في صحيحه. [فصل في مشروعية السلام بدءا وإجابة وتشميت العاطس إذا حمد الله وعيادة المريض] فصل في مشروعية السلام بدءا وإجابة وتشميت العاطس إذا حمد الله وعيادة المريض عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم. أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز» متفق عليه.

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه» رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: هاء ضحك منه الشيطان» متفق عليه. وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليمسك ما استطاع» . رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده

فصل ولنختم هذه الرسالة بما ورد في النصيحة لمسيس الحاجة إلى ذلك

على فيه. فإن الشيطان يدخل» رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم» رواه البخاري. وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه» رواه مسلم. [فصل ولنختم هذه الرسالة بما ورد في النصيحة لمسيس الحاجة إلى ذلك] فصل ولنختم هذه الرسالة بما ورد في النصيحة لمسيس الحاجة إلى ذلك عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه. ولرسوله. ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم في صحيحه. وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء

الزكاة، والنصح لكل مسلم» رواه البخاري ومسلم في الصحيحين. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم في صحيحه. وهذا آخر ما تيسر جمعه، وأسأل الله أن ينفع به عباده إنه سميع قريب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. حرر في 10 / 1409 هـ. عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لِإدارات البحوث العلمية والِإفتاء والدعوة والإرشاد

§1/1