تحريم نكاح المتعة

المقدسي، ابن أبي حافظ

تحريم نكاح المتعة

تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ بَابُ بَيَانِ النَّصِّ الْوَارِدِ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَبُطْلَانِهِ، وَفَسَادِهِ، وَخَطَإِ فَاعِلِهِ، وَإِثْمِهِ، لِمُخَالَفَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى: بِاتِّبَاعِهِ، وَاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ، وَقَبُولِ نَوَاهِيهِ، وَزَوَاجِرِهِ 1 - أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ الْمِيمَاسِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ بِعَسْقَلَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ وَصِيفٍ الْغَزِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ الْحَسَنُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 2 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ الْخَشَّابِ السِّمْسَارُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ» 3 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَشْنَوِيُّ الصُّوفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مُتَيَّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بَهْلُولِ بْنِ حَسَّانٍ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَلُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ بِخَيْبَرَ»

4 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَشْنَوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا النَّاقِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ» ، قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 5 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبْرُونِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الرَّسْعَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَينُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ

أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ» 6 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَقْدِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّرَسُوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقَيْسَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِرَجُلٍ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ عَامَ خَيْبَرَ» 7 - وَأَنْبَأَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْضِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَطِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَسَنٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ:

أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ بِخَيْبَرَ»

8 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْرُونِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَسِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ، وَرَجُلٌ يَذْكُرُ الْمُتْعَةَ، مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ، «نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ خَيْبَرَ، وَعَنِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 9 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَكْحُولٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَرَّمَ الْمُتْعَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 10 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ الصُّوفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ

فِرَاسٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» 11 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ، فِيمَا أَجَازَنِي لَفْظًا، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْجُودِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَينِ الْمَقْرِيُّ النَّقَّاشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّسَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» 12 - وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَينِ الْبَصِيرُ، قَالَ:

حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 13 - وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 14 - وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، أَيْضًا، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 15 - وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ:

أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّرِيفِينِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الْمُتْعَةِ» 16 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ الرَّهَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى الْكَرَجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي حَسَنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَبْنَاءُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ لِابْنِ

عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ» 17 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزْنِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ»

18 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَفْصٍ الْأَنْدَلُسِيُّ، فِيمَا أَجَازَنِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّرْخَسِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامٍ الدَّارَمِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحُسَينِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» وَهِذِهِ كُلُّهَا طُرُقٌ صِحَاحٌ مُتَّصِلَةٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَتَحْرِيمِهِ، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا كَانَ يُرَخِّصُ فِيهِ وَمَنْعِهِ مِنْهُ، وَقَدْ ثَبَتَ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ بِكَلَامِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ بَصَّرَهُ اللَّهُ، وَوَفَّقَهُ لِدِينِهِ، وَاسْتِعْمَالِ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِوَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسِوَاهُ فِي ذَلِكَ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ إِلَّا مَنْ يَتَوَلَّى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا وَيُحِبُّهُ، فَكَيْفَ اسْتَجَازُوا مُخَالَفَتَهُ مَعَ ذَلِكَ؟ وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، فَعُلَمَاءٌ ثِقَاتٌ يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ تَصْدِيقُهُمْ، وَالثِّقَةُ بِنَقْلِهِمْ، وَبِهِمْ وِبَأَمْثَالِهِمْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا شَرِيعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا قَبُولَ أَخْبَارِهِمْ، وَكَذِلِكَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، لَا يَتَّسِعُ لَهُ

هَذَا الْمَوْضِعُ، وَلَا يُخَالِفُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ، وَيُرَكِّبُ مُخَالَفَتَهُ سَائِرَ الْأُمَّةِ إِلَّا مَنْ بَخَسَ فِي الدِّينِ حَظَّهُ، وَخَالَفَ رُشْدَهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ التَّوْفِيقِ 19 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ الْجُهَنِيَّ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ عَامَ الْفَتْحِ» 20 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ السَّبْرِيِّينَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ فَلَا تَقْرَبُوهَا، وَمَنْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مَنْهَا، فَلْيَدَعْهَا» 21 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزْنِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو خَلِيفَةَ

الْفَضْلُ بْنُ الْحَبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَذَاكَرْنَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْهَا فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ» 22 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ»

23 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ» وَهِذِهِ أَيْضًا نُصُوصٌ تُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى صِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهَا، وَتَحْرِيمِهَا. اعْتَرَضُوا عَلَى جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِاعْتِرَاضٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ اسْتِدْلَالِنَا مِنْهَا، وَهُوَ أَنْ قَالُوا: رَوَيْتُمْ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا عَامَ خَيْبَرَ، وَفِي حَدِيثِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَرُوِيَ عَامَ الْفَتْحِ، وَكَانَ عَامُ خَيْبَرَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحِجَّةُ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ، وَالْفَتْحُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَهَذَا اضْطِرَابٌ يَمْنَعُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِ التَّحْرِيمِ، مَعَ الاتِّفَاقِ عَلَى التَّحْرِيمِ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّتِهِ، لِأَنَّ الْجَمِيعَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى التَّحْرِيمِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَبَ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ الَّذِي اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَضُرَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ خِلَافِ الزَّمَانِ، كَمَا لَوْ

شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ، أَنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَلْفٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يَضُرَّ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الزَّمَانِ، كَذِلِكَ هَاهُنَا. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْعَامِ الَّذِي حَرَّمَهَا فِيهِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَهْلِ بِوَقْتِ التَّحْرِيمِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ إِثْبَاتِ التَّحْرِيمِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ نَقَلَا التَّحْرِيمَ، وَلَمْ يَنْقُلَا وَقْتَ التَّحْرِيمِ، وَقَالَا: نَسِينَا وَقْتَ التَّحْرِيمِ، لَكَانَ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ وَاجِبًا، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ نَقَلَا حُكْمًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُلٍ، وَاخْتَلَفَا فِي اسْمِهِ أَوْ فِي وَقْتِهِ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَقَدْ وُجِدَ مِثْلُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُوِيَ حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، فَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ حُبَيْشٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، فَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْخَبَرُ

وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا حَقًّا وَصِدْقًا، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صِدْقًا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ يَكُونَا جَمِيعًا كَذِبًا، وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَا مَعًا كَذِبًا، لِصَدْقِ الرُّوَاةِ لَهُمَا، وَصِحَّةِ طُرُقِهِمَا، وَمَعْرِفَةِ الْعُلَمَاءِ بِهِمَا، وَاسْتِقَامَةِ إِسْنَادِهِمَا، وَاتِّصَالِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَطَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَذِبًا لِهَذَا الدَّلِيلِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا صِدْقًا وَحَقًّا، وَلَيْسَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ تَقَدُّمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَيَكُونُ نَاسِخًا لَهُ وَلَا مُبْطِلًا، بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لَهُ وَتَقْوِيَةٌ لَهُ، وَزِيَادَةُ دَلِيلٍ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وَتَصْحِيحٌ لَهُ، وَإِبْطَالٌ لِمَا خَالَفَهُ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا عَامَ خَيْبَرَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيهَا عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، أَوْ عَامَ الْفَتْحِ لِحَاجَةٍ كَانَتْ بِهِمْ إِلَيْهَا، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ حَرَّمَهَا بَعَدَ ذَلِكَ، فَتَكُونُ رِوَايَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرِوَايَةُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ حَقًّا وَصَوَابًا، وَلَا يَمْتَنِعُ إِبَاحَةُ الشَّيْءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَنَسْخُهُ عِنْدَ

الْغَنَاءِ عَنْهُ، وَثُبُوتُ النَّاسِخِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ تَرْكَ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِنْزَالٌ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» أَيْ: الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ عِنْدَ إِنْزَالِ الْمَاءِ، وَكَانَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ لَهُمْ إِلَيْهِ، وَعَدَمِ إِمْكَانِ الْغُسْلِ لَهُمْ بِهِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْحَاجَةِ، وَكَثْرَةِ الْكِسْوَةِ، وَعَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ لِقِلَّةِ الْكِسْوَةِ، فَقَالَ: «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ هُوَ الْغُسْلُ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ هَذَا يَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ بَيَانِهَا، فَكَذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِثْلُهُ، وَأَنَا أَذْكُرُ صِحَّةَ نَسْخِهَا، وَالنَّصَّ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبَيَانَ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهَا، وَتَحْرِيمَ ذَلِكَ بَعْدَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَجَوَابٌ آخَرُ: فِي التَّعْلِيقِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّحْرِيمِ كَانَ بِخَيْبَرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّحْرِيمِ بِمَكَّةَ، فَهُوَ إِخْبَارٌ عَنِ التَّحْرِيمِ الْمُتَقَدِّمِ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَحْرِيمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا بِالتَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْكُفْرِ عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ، وَأَسْلَمُوا، أَرَادَ النَّبِيُّ

باب ما روي في تحريم المتعة مما سوى ما تقدم ذكره

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي كَانَ جَائِزًا عِنْدَهُمْ وَعِنْدَهُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ حُرِّمَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ مُحَرَّمٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ بَابُ مَا رُويَ فِي تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ مِمَّا سِوَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ 24 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْبَصِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ» 25 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» 26 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ الرَّهَاوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ

مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ» 27 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْكِرَامِ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بُنْدَارٍ الْأَنْطَاكِيُّ، قَاضِي أَدْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِيلٍ، إِمَامُ جَامِعِ أَنْطَاكِيَةَ بِأَنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، وَالْحَسَنَ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَاهُ، أَنَّ أَبَاهُمَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُمَا، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» 28 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ نَظِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ

الْوَاقِفِيُّ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِفِيُّ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: تَكَلَّمَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» 29 - وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَينِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَامَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» 30 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ»

باب صحة نسخ السنة كما يصح نسخ القرآن، وثبوت حكم الناسخ، وبطلان حكم المنسوخ

بَابُ صِحَّةِ نَسْخِ السُّنَّةِ كَمَا يَصِحُّ نَسْخُ الْقُرْآنِ، وَثُبُوتِ حُكْمِ النَّاسِخِ، وَبُطْلَانِ حُكْمِ الْمَنْسُوخِ 31 - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ البَيْلَمَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَادِيثَنَا يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَنَسْخِ الْقُرْآنِ» 32 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي، لَحَدَّثَنِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

«كَانَ يَقُولُ الْقَوْلَ، ثُمَّ يَلْبَثُ حِينًا، ثُمَّ يَنْسَخُهُ بِقَوْلٍ آخَرَ، كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ بَعْضُهُ بَعْضًا» 33 - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَنْطَرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَبِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبْرُونُ بْنُ وَاقِدٍ، بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَامِي لَا يَنْسَخُ كَلَامَ اللَّهِ، وَكَلَامُ اللَّهِ يَنْسَخُ كَلَامِي، وَكَلَامُ اللَّهِ يَنْسَخُ بَعْضُهُ بَعْضًا»

باب نسخ نكاح المتعة

بَابُ نَسْخِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالنَّسْخُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ، قَدْ وَرَدَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَوُجِدَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَشْرَعُ لِعَبْيدِهِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَنْسَخُهُ بِغَيْرِهِ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُمْ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ ثَبَتَ النَّسْخُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَتَحْرِيمُهُ لَازِمٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَتَحْرِيمِ الصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حِينَ نُسِخَتْ بَالْكَعْبَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِنَسْخِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَأَنَا أَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ نَسْخِ الْمُتْعَةِ مِمَّا لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ، وَيَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ قَبُولُهُ، وِبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. 34 - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ: فَقَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو

الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَكِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُتْعَةِ» ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَتْ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَلَمَّا أُنْزِلَ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعِدَّةُ، وَالْمِيرَاثُ عَنِ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ نُسِخَتْ 35 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حَرَّمَ أَوْ هَدَمَ، الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعِدَّةُ، وَالْمِيرَاثُ»

36 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الفَارِقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَخَّصَ فِي الْمُتْعَةِ، قَالَ: فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، إِذَا هُوَ يُحَرِّمُهَا أَشَدَّ تَحْرِيمٍ، وَيَقُولُ فِيهَا أَشَدَّ قَوْلٍ " 37 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزْنِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحَبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ " غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، قَالَ: فَأَقَمْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ مَا بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، فَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلِي عَلَيْهِ فَضْلٌ فِي الْجَمَالِ مَعَ

كُلِّ وَاحِدٍ مِنَا بُرْدٌ، أَمَّا بُرْدِي فَبُرْدٌ خَلِقٌ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي فَبُرْدٌ جَدِيدٌ، حَتَّى إِذَا كُنَّا أَسْفَلَ مَكَّةَ أَوْ بِأَعْلَاهَا، فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ الْبَكْرَةِ الْعَنَطْنَطَةِ، فَقُلْنَا: هَلْ يَسْتَمْتُعُ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ ، فَقَالَتْ: وَمَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ، فَإِذَا رَآهَا صَاحِبِي تَنْظُرُ إِلَيَّ عَطَفَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا: بُرْدُ هَذَا خَلِقٌ، وَبُرْدِي جَدِيدٌ غَضٌّ، فَتَقُولُ: بُرْدُ هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمْتَعْتُ مِنْهَا، فَلَمْ نَخْرُجْ حَتَّى حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 38 - وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَا: كُنَّا فِي حُنَيْنٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنِ اسْتَمْتِعُوا، فَاسْتَمْتِعُوا»

39 - وقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ تَوَافَقَا، فِعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ، فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا، أَوْ يَتَتَارَكَا، فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً، أَوْ لِلنَّاسِ عَامَّةً» ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَيِهِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ بَيَّنَهُ عَلِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ مَنْسُوخٌ 40 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَدَّادِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَفْصٍ الْبَهْرَانِيُّ، فِيمَا أَجَازَنِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي شُرَيْحٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، يُقَالُ لَهُ: السَّبْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْمُتْعَةِ، قَالَ: فَخَطَبْتُ أَنَا وَرَجُلٌ امْرَأَةً، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَدَ ثَلَاثٍ، وَإِذَا هُوَ يُحَرِّمُهَا أَشَدَّ التَّحْرِيمِ، وَيَقُولُ فِيهَا أَشَدَّ الْقَوْلِ، وَيَنْهَى عَنْهَا أَشَدَّ النَّهْيِ " 41 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ

الْكَرَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: عَلَى يَدِي دَارَ الْحَدِيثُ، تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ يُحِلُّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَزَلَ

مَنَازِلَ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأْبُوا نِكَاحَ هَذِهِ النِّسَاءِ، فَلَا أُوتَى بِرَجُلٍ مِنْكُمْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ، إِلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ» 42 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءَ، فَنِكَاحٌ مِنْهَا: نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ، فَيَصْدُقَهَا ثُمَّ يُنْكِحَهُ، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ، فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، وَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ، يُسَمَّى: نِكَاحُ الِاسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ: أَنْ يَجْتَمِعَ الرَّهْطُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ، كُلٌّ يُصِيبُهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ

حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهَمْ أَنْ يَمْتَنِعْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ، فَتُسِمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ، فَيَلْتَحِقُ بِهِ وَلَدُهَا، وَنِكَاحٌ رَابِعٌ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ الْبَغَايَا، كُنَّ يَنْصُبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ، يَكُنَّ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا، جَمَعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، قَالَ: فَالْتَاطَهُ، وَدُعِيَ ابْنُهُ لَا يَمْتَنِعُ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ "، 43 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَيُعْرَفُ بِابِنِ الْحَدَّادِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنَّ الْيَمَانَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيَّ، أَخْبَرَهُ فِيمَا أَجَازَ لَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطَّابُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ الْمُغِيثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَخَالَفَنَا مُخَالِفُونَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ، عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَمْتَعُوا مِنْ يَهُودِيَّاتٍ وَفِي دَارِ شِرْكٍ، فَكُرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ، لَا عَلَى تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَمْتَعُوا عَامَ الْفَتْحِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لَهُ: الْحَدِيثُ عَامَ الْفَتْحِ فِي النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَلَى الْأَبَدِ، أَبْيَنُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلِذَا لَمْ يَثْبُتْ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ بِالْإِرْخَاصِ فِي الْمُتْعَةِ، وَهِيَ مَنْهِيٌ عَنْهَا كَمَا رَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ عِنْدَنَا عَلَى التَّحْرِيمِ، إِلَّا أَنْ تَأَتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَا تَحْرِيمٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ: " أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ دَلَالَةٌ عَلَى نَاسِخٍ وَلَا مَنْسُوخٍ، الْإِرْخَاصُ فِيهَا أَوْلَى، أَمِ النَّهْيُ عَنْهَا؟ , قُلْنَا: بَلِ النَّهْيُ عَنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟ ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5-6] ، فَحَرَّمَ النِّسَاءِ، إِلَّا بِنَكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَقَالَ فِي الْمَنْكُوحَاتِ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] ، فَأَحَلَّهُنَّ بَعْدَ التَّحْرِيمِ بِالنِّكَاحِ، وَلَمْ يُحَرِمْهُنَّ إِلَّا بِالطَّلَاقِ، وَقَالَ فِي الطَّلَاقِ:

{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] ، وَقَالَ: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: 20] ، فَجَعَلَ إِلَى الْأَزْوَاجِ فُرْقَةَ مَنْ عَقَدُوا عَلَيْهِ النِّكَاحَ، فَكَانَ بَيِّنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَنْسُوخًا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فِي النَّهْيِ عَنْهُ، لِمَا وَصَفْتُ، لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً مُدَّةً، ثُمَّ يَفْسَخَ نِكَاحَهُ بِلَا إِحْدَاثِ الطَّلَاقِ مِنْهُ، وَفِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ إِبْطَالُ مَا وَصَفْتُ، مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ إِلَى الْأَزْوَاجِ مِنَ الْإِمْسَاكِ وَالطَّلَاقِ، وَإِبْطَالِ الْمَوَارِيثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَحْكَامِ النِّكَاحِ الَّتِي حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا مِنَ الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءِ، وَاللِّعَانِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ قَبْلَ إِحْدَاثِ الطَّلَاقِ " 44 - أَنْبَأَنِي أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِيمَا أَجَازَنِي، قَالَ: أَنْبَأَنِي أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْجُودِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْمَقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُرِّيُّ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ» ، فَقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى النِّكَاحَ،

وَالطَّلَاقَ، وَالْمِيرَاثَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا، نُسِخَتْ، وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّرْسِيُّ الْكُوفِيُّ: أَلَا يَا صَاحِ فَأَخْبِرْنِي ... بِمَا قَدْ قِيلَ فِي الْمُتْعَهْ وَمَنْ قَالَ حَلَالٌ هِيَ ... كَمَنْ قَدْ قَالَ فِي الرُّجْعَهْ كَذَبْتُمْ لَا يُحِبُّ اللَّهُ ... شَيْئًا يُشْبِهُ الْخُدْعَهْ لَهَا زَوْجَانِ فِي طُهْرٍ ... وَفِي طُهْرٍ لَهَا سَبْعَهْ إِذَا فَارَقَهَا هَذَا ... أَخَذَهَا ذَاكَ بِالشُّفْعَهْ فَهِيَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ ... لَهَا فِي رَحِمِهَا مُتْعَهْ

باب تحريم النبي صلى الله عليه وسلم نكاح المتعة بعد نسخه، وتأكيد التحريم إلى يوم القيامة

بَابُ تَحْرِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ بَعْدَ نَسْخِهِ، وَتَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ 45 - أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْفَرْضِيُّ، بِقَرَاءَتِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ، قَالَ: «اسْتَمْتِعُوا بِهَذِهِ النِّسَاءِ» ، قَالَ: فَجِئْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي إِلَى امْرَأَةٍ بِبُرْدَينِ، فَنَظَرَتْ، فَإِذَا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي خَيْرٌ مِنْ بُرْدِي، وَإِذَا أَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، قَالَتْ: بُرْدٌ كَبُرْدٍ، قَالَ: فَتْزَوَّجْتُهَا، فَاسْتَمْتَعْتُ مِنْهَا عَلَى

ذَلِكَ الْبُرْدِ أَيَّامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْحِجْرِ وَالرُّكْنِ، فَقَالَ: «إِنِّي كُنْتُ قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهَذِهِ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ اسْتَمْتَعَ مِنِ امْرَأَةٍ فَلَا يَرْجِعْ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ أَجَلِهَا شَيْءٌ، فَلَا يَأْخُذْ مِمَّا أَعْطَاهَا» 46 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرِّحْمِنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ الْحَلَبِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَينِ بْنِ صَالِحٍ السَّبِيعِيُّ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثَ مِائَةِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ اللَّخْمِيُّ الْقَابُوسِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ هَانِي الْمَدَنِيُّ الشَّجَرِيُّ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ مَعْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى كُنَّا بِعُسْفَانَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «تَمَتَّعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ» ، قَالَ: وَكَانَ مَعِي بُرْدٌ، وَمَعَ أَخِي بُرْدٌ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدِي، وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، فَلَمَّا

قَدِمْنَا مَكَّةَ، خَطَبْنَا امْرَأَةً، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: بُرْدٌ مِثْلُ بُرْدٍ، فَزَوَّجَتْنِي نَفْسَهَا، فَأَقَمْتُ مَعَهَا، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الظُّهْرِ، رُحْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِهَذِهِ الْمُتْعَةِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُنَّ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا» 47 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ يَعْقُوبُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ

سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي السِّيَاقِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَ: خَرْجَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَتْحِ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ» ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي، وَمَعَهُ بُرْدَةٌ، وَمَعِي بُرْدَةٌ، وَبُرْدَتُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدَتِي، وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، فَلَقِيَتْنَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ عَيْطَاءُ، فَعَرَضْنَا عَلَيْهَا أَنْفُسَنَا، فَرَأَتْنِي أَشَبَّ مِنْهُ، فَقَالَتْ: بُرْدَةٌ كَبُرْدَةٍ، فَتَزَوَّجْتُهَا، وَكَانَ الْأَجَلُ بَيْنَنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا غَدَوْتُ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يَخْطُبُ النَّاسَ حِذَاءَ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّا أَذَنَّا لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا، أَلَا وَإِنَّهَا حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

باب ذكر المدة التي رخص فيها النبي صلى الله عليه وسلم في المتعة ثم حرمها بعد ذلك، ونسخها إلى يوم القيامة

بَابُ ذِكْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي رَخَّصَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَةِ ثُمَّ حَرَّمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَنَسَخَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ 48 - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ عَامَ أَوْطَاسٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا»

49 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْضِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا كَانَتْ مُتْعَةُ النِّسَاءِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، مَا كَانَتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، زَمَنَ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

باب ذكر السبب الذي لأجله رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتعة، ثم نسخت وحرمت حين زال ذلك السبب، كنظائر ذلك في الشريعة

بَابُ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَةِ، ثُمَّ نُسِخَتْ وَحُرِّمَتْ حِينَ زَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، كَنَظَائِرَ ذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ 50 - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ ذَلِكَ لِلنَّاسِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّسَاءُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، ثُمَّ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ، فَلَا أَقْدِرُ عَلَى أَحَدٍ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَتَحِلَّ بِهِ الْعُقُوبَةُ "

51 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِأَنْطَاكِيَةَ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ثُمَّ الْعَجْلَانِيِّ، قَالَ: «إِنَّمَا رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ فِي الْمُتْعَةِ، لِعُزُوبَةٍ كَانَتْ بِالنَّاسِ شَدِيدَةٍ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ» 52 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُسْأَلُ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَرَخَّصَ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: " إِنَّمَا ذَاكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ "

53 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَسْرُورٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَحِلُّ الْمُتْعَةُ إِلَّا لِمُضْطَرٍّ، يَعْنِي أَنْ لَيْسَ هَذَا فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، إِنَّمَا هُوَ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ الَّذِي فُسِخَ إِلَى الْعُمْرَةِ»

باب تخصيص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة المتعة لهم دون سائر الناس بعدهم

بَابُ تَخْصِيصِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ لَهُمْ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ بَعْدَهُمْ 54 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبْرُونِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هِشَامٍ أَبُو مَعْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «وَاللَّهِ مَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ إِلَّا لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، لَيْسَتْ لِسَائِرِ النَّاسِ إِلَّا لِمُحْصَرٍ» 55 - قَالَ: وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ الرَّهَاوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «إِنَّ مُتْعَةَ النِّسَاءِ كَانَتْ كَرَامَةً أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ رُخْصَةً لَهُمْ دُونَ النَّاسِ»

باب من سمى نكاح المتعة سفاحا والسفاح زنا

بَابُ مَنْ سَمَّى نِكَاحَ الْمُتْعَةِ سِفَاحًا وَالسِّفَاحَ زنًا 56 - أَنْبَأَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ، بِحَرَّانَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي جَامِعِهَا، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الصَّيْرَفِيُّ، بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلٌ هُوَ ابْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجَارُودُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ

قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الْمُتْعَةِ، مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ» 57 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيْبَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ، قَالَ: «لَا أَعْلَمُهَا إِلَّا السِّفَاحَ» يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ 58 - أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ نَصْرٍ الْكَشِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ " {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: 25] ، قَالَ: الْمُسَافِحَاتُ: هِيَ الْبَغِيُّ الَّتِي تُؤَاجِرُ نَفْسَهَا مَنْ عَرَضَ لَهَا، وَأَمَّا الْمُتَّخِذَاتُ الْأَخْدَانَ: فَذَاتُ الْخِدْنِ الْوَاحِدِ، نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نِكَاحِهَا جَمِيعًا "

59 - أَنْبَأَنِي أَبُو الْفَرَجِ النَّحْوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْجُودِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَينِ الْمَقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْأَبْزَارِيُّ، بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ " عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا السِّفَاحَ "

باب من رأى العقوبة على من ارتكب ما حرم عليه من نكاح المتعة

بَابُ مَنْ رَأَى الْعُقُوبَةَ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ 60 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَفْصٍ الْبَهْرَانِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْتَمْلِي الْبَلْخِيُّ، بِبَلْخٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقَيْلٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ عُمَرَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ نَاسًا مِنَ النَّاسِ يَتَزَوَّجُونَ بِالْمُتْعَةِ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْهِي عَنْهُمَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا، مُتْعَةُ الْحَجِّ، فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَمُتْعَةُ

النِّسَاءِ، فَوَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عُمَرُ، لَا أُدَلُّ عَلَى رَجُلٍ قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى شَرْطٍ إِلَّا غَيَّبْتُهُمَا كِلَاهُمَا فِي الْحِجَارَةِ، فَأَبِتُّوا تَزْوِيجَ النِّسَاءِ» ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى عُمَرَ، لَوْلَا أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، لَكَانَ الزِّنَا جَهَارًا 61 - وَأَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَينِ الْبَصِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ مُوَلَّدَةٍ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَزِعًا، فَقَالَ: «هَذِهِ الْمُتْعَةُ، وَلَوْ كُنْتِ تَقَدَّمْتِ فِيهِ لَرَجَمْتُهُ» 62 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ، فِيمَا أَجَازَنِي رِوَايَتَهُ عَنْهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْجُودِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَينِ الْمَقْرِيُّ النَّقَّاشُ، وَذَكَرَ رِسَالَتَهُ الْمَشْهُورَةَ عَنْهُ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَحَلَّ لَنَا الْمُتْعَةَ ثَلَاثًا، ثُمَّ

حَرَّمَهَا عَلَيْنَا، وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ، لَا أَجِدُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ تَمَتَّعَ مُحْصَنًا إِلَّا رَجَمْتُهُ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَشْهَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّهَا بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهَا» 63 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ مَسْرُورٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْبَصْرِيِّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَيْقٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ، حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّ الْمُتْعَةَ ثَلاثًا، ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا، وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمًا بَارًّا، أَنْ لَا أَجِدَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَحْصَنَ مُتَمَتِّعًا، إِلَّا رَجَمْتُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّهَا بَعْدَ مَا حَرَّمَهَا، وَلَا أَجِدَ رَجُلًا مِنَ

الْمُسْلِمِينَ مُتَمَتِّعًا لَمْ يُحْصَنْ، إِلَّا جَلَدْتُهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّهَا بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهَا»

باب ذكر إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم نكاح المتعة سوى ما تقدم بيانه عنهم

بَابُ ذِكْرِ إِجْمَاعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عَنْهُمْ 64 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ حَفْصٍ الْبَهْرَانِيَّ، أَخْبَرَهُ فِيمَا أَجَازَ لَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو لَبِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: نَهَى عُمَرُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ «عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَمُتْعَةِ الْحَجِّ» وَأَنْبَأَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا زَاهِرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو لَبِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَامَ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا حَصِّنُوا فُرُوجَ هَذِهِ النِّسَاءِ، وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ قَدِ

انْطُلِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرَخِّصُ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَهَا، نَهَى عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا، وَغَلَّظَ أَمْرَهَا، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا، وَنَهَى عَنْهَا وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَلَمْ يُعَارِضْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ، وَبَيَانِ الْوَاجِبِ وَرَدِّ الْخَطَإِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ وَرَسُولَهُ فِي ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَارَضَهُ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَقَدْ عَارَضَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي رَجْمِ الْحَامِلِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ لَكَ سَبِيلٌ عَلَيْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَكَ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَكَذَلِكَ عَارَضَتْهُ الْمَرْأَةُ حِينَ قَالَ: لَا يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ عَلَى خَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمِثْلِهِمُ الْمُدَاهَنَةُ فِي الدِّينِ، ولَا السُّكُوتُ عَلَى اسْتِمَاعِ الْخَطَإِ، لَا سِيَّمَا فِيمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الشَّرِيعَةِ، ثَابِتٌ فِي أَحْكَامِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَمَّا سَكَتُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ نَسْخِ

الْمُتْعَةِ وَتَحْرِيمِهَا، كَمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، فَصَارَ ذَلِكَ كَأَنَّ جَمِيعَهُمْ قَرَّرُوا تَحْرِيمَهَا، وَتَثَبَّتُوا نَسْخَهَا، فَكَانَتْ حَرَامًا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سِوَى عُمَرَ، فَرُوِيَ تَحْرِيمُهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِبَاحَتِهَا لِمَا بَانَ لَهُ مِنْ صَوَابٍ فِي ذَلِكَ، وَنُقِلَ إِلَيْهِ تَحْرِيمُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَا أَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ مَذْهَبُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ أَجْمَعِينَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ، إِلَّا وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ مُخَالِفٌ، لَوَجَبَ عَلَيْنَا الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ، وَالْمَصِيرُ إِلَى عِلْمِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ ثَاقِبٍ، وَرَأْيٍ صَائِبٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» ، وَقَدْ أَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ: فَكَانَ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ، وَاسْتَحَلَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ مُعَانِدًا لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ

65 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْرُونِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ زُرَيْقٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهَرٍ الدِّمْيَاطِيُّ، بِثَغْرِ الْفَرَمَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَينِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةٍ مِنِّي مَاضِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةً مِنْي مَاضِيَةً، فَمَا قَالَ أَصْحَابِي، إِنَّ مَثْلَ أَصْحَابِي كَمَثَلِ النُّجُومِ، فَبِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ، وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ» ، وَإِبَاحَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فِي إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَلَا قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ وَلَا الْعُلَمَاءِ، بَلْ فِي كُلِّ ذَلِكَ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ، وَمُنِعَ مِنْهُ فَكَانَ الْأَخْذُ بِخَلَافِهِمْ ضَلَالًا

باب وجوب الأخذ بأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونواهيه وقد تقدم في تحريم نكاح المتعة ما فيه كفاية، ومقنع لمن وفقه الله تعالى للرجوع إلى شريعته، ودينه، وترك المعصية، والأخذ بما لا علم له به، وجانب تقليد غيره في ارتكاب الحرام، فالرجوع إلى ما بيناه من الشريعة أولى به من غيره

بَابُ وُجُوبِ الْأَخْذِ بِأَوَامِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَوَاهِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَمَقْنَعٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْرُجُوعِ إِلَى شَرِيعَتِهِ، وَدِينِهِ، وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْأَخْذِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَجَانَبَ تَقْلِيدَ غَيْرِهِ فِي ارْتِكَابِ الْحَرَامِ، فَالرُّجُوعِ إِلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ 66 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزَّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»

67 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْرُونِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَسِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الْمُقْتَدِرِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنُ نَصْرٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَجَّادَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزَّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتْرُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، وَمَعَ هَذَا فَسَبِيلُ الْعَاقِلِ أَنْ يَنْظُرَ لِدِينِهِ، وَيَجْتَهِدَ فِي إِخْلَاصِ مُهْجَتِهِ، وَيَسْتَعْمِلَ الْوَرَعَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، فَيَأْخُذَ بِالْأَحْوَطِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، فَكَيْفَ بِمَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ، فَمَنْ تَوَقَّى الشُّبْهَةَ كَانَ لِلْحَرَامِ أَوْقَى، وَمَنْ بَاشَرَ الشُّبُهَاتِ، وَدَخَلَ فِي التُّرَّهَاتِ كَانَ فِي الْحَرَامِ أَوْقَعُ، وَإِلَيْهِ أَنْزَعُ وَفِيهِ أَرْغَبُ 68 - كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ الصُّوفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ،

قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ يَزِيدُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَلَالٌ بَيِّنٌ وَحَرَامٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شَكَّ فِيهِ مِنَ الْإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ لَهُ أَتْرَكُ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا شَكَّ فِيهِ مِنَ الْإِثْمِ، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ لَهُ، وَالمْعَاصِي حِمَى اللَّهِ، وَمَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَوْ يُوَاقِعَ»

باب ذكر ما ورد في تحريم المتعة من القياس والاستدلال

بَابُ ذِكْرِ مَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ مِنَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَهُوَ أَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ إِذَا جَازَ إِطْلَاقُهُ، لَمْ يَجُزْ تَقْيِيدُهُ بِمُدَّةٍ كَالْبَيْعِ، وَإِذَا جَازَ تَقْيِيدُهُ بِمُدَّةٍ، لَمْ يَجُزْ إِطَلَاقُهُ كَالْإِجَارَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ مُقَيَّدًا كَالْبَيْعِ، وَلَوَجَبَ إِذَا جَازَ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ أَنْ لَا يَجُوزَ مُطْلَقًا كَالْإِجَازَةِ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَلِأَنَهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكِ مُدَّةً لِلْوَطْءِ، لَمْ يَجُزْ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُتْعَةُ إِلَى أَجَلٍ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ، فَإِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ بَاطِلَةً أَيْضًا، وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِبُضْعٍ إِلَى أَجَلٍ، كَمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ انْتَفَاعٌ بِعِوَضٍ إِلَى أَجَلٍ، وَإِذَا حُرِّمَتِ الْإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ، حُرِّمَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ

أَيْضًا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهِيَ الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَالْإِيَلَاءُ، وَاللِّعَانُ، وَالْمُوَارَثَةُ، وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَالِاسْتِبَاحَةُ لِلْزَوْجِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بيَانُهُ، وَهِذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهَا، وَإِنْ شِئْتَ حَرَّرْتَ قِيَاسًا، وَجَعَلْتَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَصْفًا، فَتَقُولُ: لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ الطَّلَاقُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَقَعَ بِهِ الِاسْتِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْإِيلَاءُ، أَوْ لَا يَصِحُّ فِيهِ الظِّهَارُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ.

بَابُ ذِكْرِ دَلَائِلِ الْمُخَالِفِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ شُبْهَتِهِ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} [النساء: 23] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَحَلَّ غَيْرَهُنَّ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ بِنَكَاحِ الْمُتْعَةِ حلَالًا. وَالجَوَابُ: أَنَّهُ لَا دِلَالَةٌ لَهُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ النِّسَاءَ اللَّاتِي لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُنَّ مِنَ الْقَرَابَاتِ، وَأَحَلَّ مَا عَدَاهُنَّ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَالْأَجْنَبِيَّاتِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ بَيَانُ الْعَقْدِ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَمَا يَكُونُ عَقْدًا صَحِيحًا، أَوْ يَكُونُ بَاطِلًا، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ الْأَعْيَانَ الَّتِي ثَبَتَ فِيهَا الرِّبَا، فَقَالَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ» الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَكِنْ بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ، وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمرَ بِالْمِلْحِ يَدًا

بِيَدٍ كَيْفَ شِئْتُمْ» فَأَجَازَ بَيْعَ الْجِنْسَيْنِ، إِذَا اخْتَلَفَا مُتَمَاثِلًا وَمُتَفَاضِلًا، بِخِلَافِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ كَيْفِيَّةَ الْعَقْدِ فِيهَا، فَاسْتَفَدْنَا بِذَلِكَ هَذِهِ الْإِبَاحَةَ دُونَ كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْمُبَاحَةِ، وَرَجَعْنَا فِي كَيْفِيَّتِهِ، إِلَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنَ الْإِيَجَابِ، وَالْقَبُولِ، وَالْقَبْضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَمْ يَدُلَّ نَصُّهُ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ، وُخُرُوجِهِ عَنْ بَابِ الرِّبَا، فِي وُجُوبِ الْمُمَاثَلَةِ عَلَى جَوَازِ تَمَلُّكِهِ بِالْبَيْعِ، بِغْيَرِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ، فَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَبَانَ فِيهَا الْأَعْيَانَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا كَيْفِيَّةَ الْعَقْدِ عَلَى مَا أَبَاحَهُ مِنْهَا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِذَلَكِ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فِي إِبَاحَتِهَا. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ إِبَاحَةَ مَا عَدَا مَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، لَيْسَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ تَفْتَقِرُ إِلَى مَعْنًى تَصِحُّ بِهِ الِاسْتِبَاحَةُ، ثُمَّ أَجْمَعَنَا عَلَى أَنَّهَا تَصِحُّ بِصِفَةٍ، وَهُوَ مَا وَرَدَ الشَّرَعُ بِهِ مِنَ الْخَاطِبِ، وَالْوَلِيِّ، وَالشُّهُودِ، وَإِطَلَاقِ الْعَقْدِ، وَاخْتَلَفْنَا فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِخُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَوَجَبَ رَدُّ الْآيَةِ وَحَمْلُهَا عَلَى مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ، وَسُقُوطُ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ،

فَإِنْ قَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِابْتِغَاءَ بِالْمَالِ جَائِزٌ، وَالْمُسْتَمْتِعَ يَبْتَغِي بِالْمَالِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُطْلِقِ الِابْتِغَاءَ بِالْمَالِ، وَإِنَّمَا قَالَ: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] فَأَبَاحَ الِابْتِغَاءَ بِالْمَالِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُحْصِنًا غَيْرَ مُسَافِحٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُحْصِنًا فَرْجَهُ غَيْرَ زَانٍ مُسَافِحٍ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ مَنِ احْتَجَّ بِهَذَا اللَّفْظِ يَحْتَاجُ أَنْ يُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى أَنَّهُ مُحْصِنٌ غَيْرُ مُسَافِحٍ، وَلَا يُقَدِّمُ الْمُخَالِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّلَوَاتِ بِشَرْطِ الطَّهَارَةِ، فَإِذَا قَالَ لَهُمْ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: إِذَا تَوَضَأْ بِالنَّبِيذِ، فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ، وَجَازَ أَنْ يُصَلِّيَ، كَانَ جَوَابُهُمْ عَنْ هَذَا، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ: بِالصَّلَاةِ مُتَطَهِّرِينَ، وَالنَّبِيذُ يُنَجِّسُ وَلَا يُطَهِّرُ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ النَّبِيذَ يُطَهِّرُ مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ الدَّلِيلِ، فَكَذَلِكَ جَوَابُنَا لِهَذَا الْمُسْتَدِلِّ أَنْ نَقُولَ: أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى الِابْتِغَاءَ بِالْمَالِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا مُحْصَنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْصِنٌ غَيْرُ مُسَافِحٍ، فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ الدَّلِيلِ.

فَصْلٌ: وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 24] ، قَالُوا: وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ فِيهَا إِضْمَارًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ الْعَقْدُ فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّلَذُّذُ، فَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ، وَآتَاهَا أَجْرَهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ عَقْدٍ يَتَرَاضَيَانِ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِضْمَارٍ كَانَ إِضْمَارُنَا فِيهِ، فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، وَكَانَ هَذَا الْإِضْمَارُ أَوْلَى لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَمَنْ أَضْمَرَ فِيهِ الْمُتْعَةَ فَهُوَ لَا يُبْطِلُ هَذَا الْإِضْمَارَ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يُضْمِرَ إِضْمَارَيْنِ، وَمَنْ أَضْمَرَ فِي الْآيَةِ إِضْمَارًا وَاحِدًا، كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ أَضْمَرَ إِضْمَارَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ، فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَضْمَرَ بِعَقْدٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً؟ ، قُلْنَا عَنْهُ جَوَابِانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ إِضْمَارَنَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مُبِيحٌ لِلِاسْتِمْتَاعِ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِضْمَارِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالثَّانِي: إِنَّ إِضْمَارَ النِّكَاحِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمُخَالِفُ يَزِيدُ إِلَى

أَجَلٍ مُسَمَّى، فَأَضْمَرْنَا الْقَدْرَ الَّذِي اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ، وَاسْتَقَلَّتِ الْآيَةُ، فَمَنِ ادَّعَى الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ. 69 - وَذَكَرَ الْمُخَالِفُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُ، وَهُوَ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ الشَّيْخُ الْحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ نَصْرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرَ بْنَ يَرِيمَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقْرَأُ «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى» 70 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنِي إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمُ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى» 71 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: «فَمَا

اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً» وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ، مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَلْعُونٌ» فَبَطَلَ مَا ادَّعَوْهُ، قَالَ الْمُخَالِفُ: وَهَذَا نَصٌّ فِي إِبَاحَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: «إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَلَيْسَ بِمُنَزَّلٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ لَوَجْدَنَاهُ فِيهِ، وَلَجَازَتْ قِرَاءَتُهُ فِي الْمَحَارِيبِ، وَبَيْنَ أَظْهُرِ النَّاسِ، وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بِحَالٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَفَانَا بِالْمُصْحَفِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ سُورَتَيِ الْقُنُوتِ لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَتَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ، فَكَذَلِكَ هَذَا مِثْلُهُ، وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ، فَإِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَلْقَ أُبَيًّا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ قِرَاءَةَ أُبَيٍّ كَذَلِكَ، وَأَمَّا تَفْسِيرُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَلَا يَلْزَمُ وَلَمْ يَقُلْ أَنَّهُ قُرْآنٌ، وَالْجَوَابُ عَنْ تَفْسِيرِهِ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَإِنْ قَالَ الْمُخَالِفُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَرَأَهُ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي الْمُتْعَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ الرِّوَايَةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، فَرَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتْعَةُ حَرَامٌ، كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ» 72 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِيمَا أَجَازَنِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْجُودِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَينِ الْمَقْرِيُّ النَّقَّاشُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ شَاهِينٍ السَّقَطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْحَاطِبُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا بِقَوْلِكَ فِي الْمُتْعَةِ، حَتَّى قَالَ الشَّاعِرُ فِيهَا قَوْلًا، قَالَ: وَمَا قَالَ؟ ، قَالَ: يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ هَلْ لَكَ فِي طِفْلَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٍ ... تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا رُخِّصَ فِيهَا لِلْمُضْطَرِّ إِلَيْهَا، هِيَ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا

بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ» ، وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْمُنْذِرِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ تُفْتِي بِإِحْلَالِ الْمُتْعَةِ، حَتَّى قَالُوا فِيهَا الشِّعْرَ، وَأَنْشَدَ بَعْضَ مَا قَالُوا، فَقَالَ: مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثْتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَلَّهَا إِلَّا فِي أَيَّامٍ عَلَى حَالَةِ ضَرُورَةٍ، عَلَى مِثْلِ مَا أُحِلَّتْ لَهُمُ الْمَيْتَةُ، وَالدَّمُ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ. وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ مُبَاحٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ، وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ وَهُوَ كَافٍ، فَإِذَا ثَبَتَ الرُّجُوعُ لَمْ يَصِحَّ التَّعَلْقُ بِهِ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ تَفْسِيرَ الْآيَةِ، لَوَجَبَ نَسْخُهُ بِمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، نَهَيْتُ عَنْهَا، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» وَكَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِ

نَسْخِ الْمُتْعَةِ، بِالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةِ، وَالْمِيَرَاثِ، وَالظِّهَارِ، وَالِاسْتِبَاحَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24] وَهُوَ النِّكَاحُ، وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: هُوَ النِّكَاحُ، فَإِذَا فُرِضَ النِّكَاحُ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] مِنْ إِيجَابِ الصَّدَاقِ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَقَالَ رَبِيعَةُ: ذَلِكَ النِّكَاحُ فَمَا اسْتَمْتَعْتَ بِهِ مِنِ امْرَأَتِكِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ لَمْ تُصِبْهَا إِلَّا لَيْلَةً، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] أَيْ: أَعْطَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، وَذَلِكَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمْ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ، مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وَرُوِيَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَقَدْيِرُ الصَّدَاقِ 72 - أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمَةَ الشَّاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ

الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، قَالَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إِلَى مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ. وَأَخْبَرَنِي أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ،: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24] ، قَالَ: مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُمَا " وَجَوَابٌ آخَرُ عَنِ الْآيَةِ وَهُوَ أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا مَا ذَكَرُوا مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ الْحَرَامَ مِنْ ذَلِكَ وَوَطِئَ فِيهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الْمَهْرَ يَلْزَمُ بِالْوَطْءِ فِيهِ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ الَّتِي سَقَطَ الْحَدُّ لِأَجْلِهَا عَنْهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَدَ امْرَأَةً نَائِمَةً عَلَى فِرَاشِهِ، فَوَطِئَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ، أَنَّا لَا نُوجِبُ لَهَا بِالْوَطْءِ الْمُسَمَّى، وَإِنَّمَا نُوجِبُ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، كَسَائِرِ الْمَوْطُوءاتِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَأَنَّا لَا نُوجِبُ لَهَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، بِخَلَافِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَانَ

لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَهَذَا بِخَلَافِهِ، فَإِذَا قُلْنَا بِذَلِكَ، خَرَجْنَا مِنْ عُهْدَةِ الْآيَةِ، وَبَقِيَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي لَا يَدْفَعُهَا إِلَّا جَاهِلٌ بِالْعِلْمِ أَوْ مُعَانِدٌ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ، وَإِنْ سَلَّمْنَا الزِّيَادَةَ، لَا تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي أَوَّلِهَا: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] يُرَادُ بِهِ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ دُونَ الْمُتْعَةِ، لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يَحْصُلُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: غَيْرَ مُسَافِحِينَ، وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ هُوَ السِّفَاحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَ مَا وَرَاءَ الْأَعْيَانِ الَّتِي ذَكَرَ تَحْرِيمَهَا بِشَرْطِ الْإِحْصَانِ، وَعَدَمِ السِّفَاحِ. وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْإِبَاحَةِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ نَهَى عَنْهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ الْمُعَلَقَةَ بِشَرْطٍ، هِيَ مُحَرْمَةٌ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، كَانَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ أَخْذِ الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ، لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لِأَجْلِ شُبْهَةِ الْعَقْدِ لَا يَخْلُو عَنْ عِوَضٍ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الزِّنَا

الْخَالِي عَنِ الْعِوَضِ، لِخُلُوِّهِ عَنْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ، وَوُجُوبِ الْمَهْرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، لَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ فِعْلِهِ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي حُكْمِ أَوَّلِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَصَرِيحًا فِيمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنْ غَيْرِهَا. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] فَأَخْبَرَ تَعَالَى، أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَيْدًا كَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، ثُمَّ لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ الصَّيْدِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا مِثْلُهُ فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ. فَصْلٌ: وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ، قَالَ: فَأَبَاحَ النِّكَاحَ، وَلَمْ يَخُصَّ نِكَاحًا دُونَ نِكَاحٍ، وَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ يُسَمَّى نِكَاحًا، لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْوَطْءُ، وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ الْمُؤَبَّدِ، بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْرَجُلِ الَّذِي يَمْذِي، اسْتَنْكَحَهُ الْمَذْيُ، أَيْ: لَازَمَهُ حَتَّى لَا يُفَارِقُهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ مَوْضِعُ الْخِلَافَ

تَحْتَ الْآيَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ عَامٌّ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَغَيْرِهِ، فَنَخُصُّهُ بِمَا ذَكَرْنَا. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ بِالنِّكَاحِ أَحْكَامًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، فَكَانَ ذِكْرُ هَذَا النِّكَاحِ، وَإِبَاحَتِهِ رَاجِعًا إِلَى مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ تِلْكَ الْأَحْكَامُ، وَلَيْسَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، فَلَمْ يَكُنْ مُرَادًا بِالْآيَةِ

باب ذكر ما احتج به المخالف من الأخبار

بَابُ ذِكْرِ مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنَ الْأَخْبَارِ 73 - وَاحْتَجَّ بِمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَا: خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ، فَاسْتَمْتِعُوا، يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ 74 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو

بَكْرٍ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «كُنَّا نَتَمَتَّعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالثَّوْبِ» 75 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ حَفْصٍ الْبَهْرَانِيَّ، أَخْبَرَهُ فِيمَا أَجَازَ لَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَا: خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لَكُمْ فِي الْمُتْعَةِ، فَتَمَتَّعُوا 76 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ، أَنَّ الْيَمَانَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ، أَخْبَرَهُ فِيمَا أَجَازَ لَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَطَّابُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثِ بْنِ مُغِيثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ

الْمُرَادِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَخْتَصِيَ، فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إِلَى أَجَلٍ بِالشَّيْءِ» قَالَ الْمُخَالِفُ: وَهَذَا نَصٌّ أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ مُبَاحَةً جَائِزَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ حَرَّمَ ذَلِكَ، احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ، لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا قَدْ أُبِيحَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ كَانَتْ مُدَّةً مَخْصُوصَةً، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ، وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ، لُعُذْرٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ الْحَاجَةُ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى النِّسَاءِ فِي الْمَغَازِي، وَمَا كَانَ مُبَاحًا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ لَا تَجُوزُ اسْتِدَامَتُهُ لِكُلِّ حَالٍ، وَالْمُخَالِفُ يُبِيحُ ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلِيلٌ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ ثَبَتَ مَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُ مِنَ النَّسْخِ

الصَّرِيحِ، وَتَأْكِيدِهِ بِالتَّحْرِيمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّأْكِيدِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مُتَأَخِّرٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا مِنَ الْغَزَوَاتِ مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ فِيهِ، وَيَضْطَرُّونَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَخْبَارُهُمْ مُتَقَدِمَةٌ، لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَالَةِ ضَرُورَةٍ فِي الْغَزَوَاتِ، وَهِيَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَحِجَّةِ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَاجُوا بَعْدَهُمَا إِلَى مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَهُمَا مِنَ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ، بَلِ انْقَادَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْآخَرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَضَى بِهِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُ.

77 - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ أُكِدَّ التَّحْرِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا زَائِدَةٌ، لِأَنَّ فِيهَا ذِكْرَ التَّحْرِيمِ، وَتَأْكِيدَهُ، وَتَأْبِيدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَارُهُمْ نَاقِصَةٌ، وَالْأَخْذُ بِالزَائِدِ أَوَّلَى. وَجَوَابٌ آخَرُ: هُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا مُقَيَّدَةٌ بِزَمَانٍ وَأَخْبَارَهُمْ مُطْلَقَةٌ، فَكَانَ الْأَخْذُ بِالْمُقَيَّدِ الَّذِي يُفِيدُ النَّسْخَ أَوْلَى. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا نَاقِلَةٌ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَبَعْضِ الْإِسْلَامِ، وَأَخْبَارَهُمْ مُتَبَقِّيَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، فَكَانَ النَّاقِلُ أَوْلَى كَمَا قُلْنَا فِي نَظَائِرَ ذَلِكَ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ أَخْبَارِنَا عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْبَارُهُمْ، وَمَا وَافَقَهُ عَمَلُ الصَّحَابَةِ كَانَ أَوْلَى، لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِالتَّأْوِيلِ وَالْأَحْكَامِ، فَكَانَتْ أَخْبَارُنَا أَوْلَى. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لِأَخْبَارِنَا التَّرْجِيحُ،

كَمَا ذَكَرْنَا لَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا حَاظِرَةٌ وَأَخْبَارُهُمْ مُبِيحَةٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْحَظَرُ وَالْإِبَاحَةُ قُدِّمَ الْحَظَرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ شَاةٌ مُذَكَّاةٌ بِمَيْتَةٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ الْأَخْذَ بِأَخْبَارِنَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الْخَطَرِ وَارْتِكَابِ الْفَاحِشَةِ، وَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحَابَةُ زِنًا وَبَغْيًا وَسِفَاحًا، وَالْوَرَعُ، وَالْعَقْلُ، وَالدِّينُ تَشْهَدُ لَهُ، لِمُخَالَفَتِهِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِسَائِرِ الْأُصُولِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا، فَكَانَ الْأَخْذُ بِأَخْبَارِنَا لِجَمِيعِ الْوُجُوهِ أَوْلَى. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا نُقِلَ فِيهَا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُبَاشَرَةُ التَّحْرِيمِ بِنَفْسِهِ، وَإِفَاضَةُ ذَلِكَ إِفَاضَةً شَائِعَةً عَامَّةً عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَمَجْمَعِ الْمَوْسِمِ، نَاصِبًا نَفْسَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ أُمُورَ دِينِهِمْ مُوَدِعًا لَهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْبَارُهُمْ، فَكَانَتْ أَخْبَارُنَا أَوْلَى بِالْأَخْذِ، وَبِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا مِنْهَا. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا بِلَفْظِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَارَهُمْ عَنْ مُنَاوَلَةٍ، وَلَفْظٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْلَى.

وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ مَا أُبِيحَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ حَرَّمَهُ بَعَدَ ذَلِكَ وَجَبَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ تَحْرِيمِهِ كَالْخَمْرِ فَصْلٌ 78 - وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ الْمَقْرِيُّ الْبَصْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحَلَوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُعْتَمِرًا، فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا الْمُتْعَةَ، فَقَالَ: «نَعَمْ، اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» 79 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ،

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ، وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ» وَالْجَوَابُ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ، فَعَمِلَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَلِمَ النَّسْخَ، وَالتَّحْرِيمَ مِنْ جِهَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَرَجَعَ إِلَى ذَلِكَ وَامْتَنَعَ مِنْ إِجَازَتِهَا 80 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَالْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْكَرَجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي: مُتْعَةَ الْحَجِّ، وَمُتْعَةَ النِّسَاءِ "، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَهَى عَنْهُمَا، يَعْنِي: فَلَمْ نَفْعَلْهُ بَعْدَهُ 81 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَقْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَتَاهُ آتٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ اخْتَلَفَا فِي الْمُتْعَتَيْنِ، فَقَالَ جَابِرٌ: «فَعَلْنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْ لَهُمَا» وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْهُمَا وَتَحْرِيمَهُمَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ فِعْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَصْلٌ 82 - وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا أَنْهِي عَنْهُمَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا، مُتْعَةُ النِّكَاحِ، وَمُتْعَةُ الْحَجِّ» ، فَأَخْبَرَ عُمَرُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا هُوَ، وَمَا ثَبَتَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُنْسَخْ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ تَحْرِيمُ مَا كَانَ حَلَالًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا غَلَطٌ قَبِيحٌ، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَعَ عِلْمِهِ، وَزُهْدِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ مَا أَحَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أُحَرِّمُهُ، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ، أَنَّهُ يَقْفُو فِيهَا أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يُدَّعَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُعَاقِبُ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ سُنَّتِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا، وَالْأَخْذِ بِهَا، وَالْمَنْعِ مِنْ تَعَدِّيهَا، وَمُجَاوَزَتِهَا، وَلَوْ رَامَ تَحْرِيمَ مَا أَحلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُقِرَّهُ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ، وَلَا اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ فِيهِ، كَمَا اعْتَرَضُوا فِيمَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَفُّ، فَبَطَلَ الدَّلِيلُ. وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ، أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَنُسِخَتِ الْإِبَاحَةُ، وَحُرِّمَتْ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنَّ مَنِ اسْتَحَلَّهَا وَفَعَلَهَا بَعْدَ مَا حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَسَخَهَا، عَاقَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ» وَهَذَا وَاضِحٌ، لَا لَبْسَ فِيهِ، وَلِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ، أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ مُتْعَةَ الْحَجِّ مَنْسُوخَةٌ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلرَّكْبِ الَّذِي كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَإِنَهُ أَمَرَهُمْ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، فَعَسَاهُ أَنْ

يَكُونَ بَلَغَهُ أَنَّ إِنْسَانًا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ هَمَّ بِفِعْلِهِ، وَأَمَّا مُتْعَةُ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلا فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالنَّسْخِ، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عُمَرُ عَنْهَا لِمَا يَكُونُ لَهُ مِنَ النَّظَرِ فِي أُمُورِ الدِّينِ. فَإِنْ قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُتْعَةُ الْحَجِّ مَنْسُوخَةً، وَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَقَدْ نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا، وَأَنَّهُ أَرَادَ مَا قُلْنَاهُ 83 - مَا حَدَّثَنَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرْضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْبَهْلُولِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْمُتْعَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ يُحِلُّ لِنَبِيِّهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَ نَبِيَّهُ، فَأَتِمُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَحْصِنُوا فُرُوجَ النِّسَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] «وَقَدْ أَخْبَرَ عُمَرُ أَنَّهُ» يَنْهَى عَنْهَا، وَيُعَاقِبُ عَلَيْهَا " فَالْجَوَابُ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُرِدِ الْمَنْعَ مِنَ الْمُتْعَةِ الَّتِي وَرَدَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَهُوَ التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ فَسْخَ الْحَجِّ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَفْسَخُوا إِحْرَامَهُمْ

بِالْحَجِّ، وَيُحْرِمُوا بِالْعُمْرَةِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْظِمُونَ فِعْلَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيَقُولُونَ: إِذَا عَفَا الْوَبَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرُ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجَّ، وَيَجْعَلُوهَا عُمْرَةً لِتَأْكِيدِ الْبَيَانِ، وَإِظْهَارِ الْإِبَاحَةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا فِي تِلْكَ السَّنَةِ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ وَحَرَّمَهُ، كَمَا نُسِخَتْ مُتْعَةُ النِّكَاحِ، فَأَرَادَ بِنَهْيِهِ، وَعُقُوبَتِهِ هَذِهِ الْمُتْعَةِ، دُونَ الْمُتْعَةِ الْمُبَاحَةِ مِنَ الْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ 84 - وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ النَّحْوِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُسِخَ الْحَجُّ لَنَا خَاصَّةً، أَوْ لِمَنْ بَعْدَنَا؟ ، قَالَ: «لَكُمْ خَاصَّةً»

85 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَيَانَجِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، بِالرَّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ حَاتِمٍ الْأَحْنَفُ الْوَاسِطِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: " إِنَّمَا كَانَتْ مُتْعَةُ الْحَجِّ لَنَا رُخْصَةً أَصَحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً 86 - وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَامِدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنِ يَاسِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ المُرَقَّعِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: " لَمْ تَكُنْ مُتْعَةُ الْحَجِّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهِلَّ بِحَجٍّ، ثُمَّ يَفْسَخَهَا بِعُمْرَةٍ، إِلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ أَنْكَرَ، وَأَوْعَدَ بِالْعُقُوبَةِ لِمَنِ ارْتَكَبَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَمُتْعَةِ الْحَجِّ، وَعَرَفَتِ الصَّحَابَةُ صِحَّةَ ذَلِكَ فَتَابَعُوهُ عَلَيْهِ، وَامْتَنَعُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ، وَلَا عَارَضُوهُ لِصِحَّتَهِ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا فِي عَهْدِ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ فِيمَا بَعْدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ فَصْلٌ: وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُبِيحُ الْمُتْعَةَ، وَأَنَّهُ قَرَأَ «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ وَجَوَازِهِ 87 - أَخْبَرَنِي أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِليَّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ نَصْرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قُمْقُمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى»

88 - وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْضِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ لَوْلَا أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ مَا زَنَى مُسْلِمٌ "، قَالَ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَرَى وَهُوَ بِمَكَّةَ إِبَاحَةَ الْمُتْعَةِ، وَجَوَازَ بَيْعِ الدِّينَارَيْنِ بِالدِّينَارِ نَسَاءً، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ، رَجَعَ عَنِ الْمُتْعَةِ، وَأَقَامَ عَلَى الصَّرْفِ وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ، حِينَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَرَوَوْا لَهُ التَّحْرِيمَ فِيهَا، وَالنَّسْخَ، وَكَذَلِكَ رَجَعَ عَنِ الصَّرْفِ أَيْضًا، حِينَ رَوَى لَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُفْتِيَ الْإِمَامُ، وَالعَالِمُ بِمَا يُؤَدِّي اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَنْهُ لُوُضُوحِ عِلَّتِهِ وبيان صحته، وبطلان الأول ونسخه 89 - أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي

الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْهُمَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ» 90 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخَضِرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي، بِأَنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَحَسَنٍ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمَا، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ بِالنِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ «نَهَى عَنْهَا، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» 91 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُرِّيُّ، بِدِمَشْقَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ

بْنُ فَضَالَةَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَرَجِ الْغَزِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يُفْتِي فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ «نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» 92 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ طَاهِرٍ الْقُرَشِيُّ الصُّوفِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلا سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ الْمُتْعَةِ؟ ، فَقَالَ: حَرَامٌ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ فِيهَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ»

93 - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْرِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ الْجُلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: " إِنَّ نَاسًا أَعْمَى اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، كَمَا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، يُفْتُونَ بِالْمُتْعَةِ يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَجَلِفٌ جَافِي، فَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتِ الْمُتْعَةُ تُفْعَلُ عَلَى عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، يُرِيدُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَجَرِّبْ بِنَفْسِكَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَهَا، لَأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنُ سَيْفِ اللَّهِ، أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ، جَاءَهُ رَجُلٌ، فَاسْتَفْتَاهُ فِي الْمُتْعَةِ، فَأَمَرَهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ: مَهْلًا، قَالَ: مَا هِيَ وَاللَّهِ بِحَرَامٍ، لَقَدْ فُعِلَتْ فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، قَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ: كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، لِمَنِ اضْطُرَّ

إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ أَحْكَمَ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ، وَنَهَى عَنْهَا، قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، اسْتَدَامَ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَبْلُغُهُ النَّسْخُ، وَالتَّحْرِيمُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ، رَجَعَ عَنْهُ " 94 - أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ حَفْصٍ الْبَهْرَانِيُّ، فِيمَا أَجَازَ لِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو لَبِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ السَّرْخَسِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي الْمُتْعَةِ، حَتَّى قَالَ الشَّاعِرُ: أَقُولُ وَقَدْ طَالَ الثَّوَاءُ بِنَا ... يَا صَاحِ هَلْ لَكَ فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ هَلْ لَكَ فِي طِفْلَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٍ ... تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ

فَخَرَجَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّهَا لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ» وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا قُلْنَاهُ، وَفِيهِ كِفَايَةٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَمَّا سِوَاهُ، لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ، فَاتَّبَعَ الْحَقَّ، وَخَالَفَ هَوَاهُ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، لَوْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ إِبَاحَتِهَا، وَتَحْرِيمُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، وَهَذَا يُوجِبُ تَرْكَ قَوْلِ كُلِّ أَحَدٍ خَالَفَهُ. وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، إِذَا قَالَ: هِيَ حَلَالٌ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ: هِيَ حَرَامٌ، وَأُنْكِرَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، فَكَيْفَ تَرَكَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ قَوْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ الرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَسْخِهَا، وَتَمَسَّكَتْ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ؟ ! 95 - وَأَنْبَأَنِي أَبُو الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْقٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: حَدَّثَنِي لَيْثُ بْنُ

عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ جَلِيسًا لِإِدْرِيسَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، أَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ، جَمَعَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ فِي الْمُتْعَةِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، وَإِنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَوْا تَقْوِيمِي، وَإِنِّي رَأَيْتُ رَأْيًا، وَقَدْ رَجَعْتُ عَنْ ذَلِكَ الرَّأْيِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأْيٌ رَآهُ، وَاجْتِهَادٌ اجْتَهَدَ فِيهِ، وَالرَّأْيُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهِ رَجَعَ عَنْهُ، كَمَا يَفْعَلُ سَائِرُ الْمُجْتَهِدِينَ، إِذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُمْ بِالنَّصِ الْمُخَالِفِ لَهُ. وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُخَالِفِينَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَنَّهُ احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، لَمَّا أَنْكَرَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ، وَعَرَّضَ لَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، تَزَوَّجَتْ مُتْعَةً، وَجَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلَا لَهُ، قُلْتُ: وَهَذَا أَضْعَفُ نَاصِرٍ، وَأَوْهَى دَلِيلٍ، وَأَدَلُّ عَلَى ضَعْفِ الْمُسْتَدِلِّ بِهِ، وَقِلَّةِ عِلْمِهِ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَأَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَةِ أَصْحَابِهِ، حِينَ تَرَكَ الظَّوَاهِرَ الصِّحَاحَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَدَلَ إِلَى مَا لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ السِّيرَةِ وَالتَّوَارِيخِ، نَقَلُوا أَنَّ الزُّبَيْرَ تَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِكْرًا، ثُمَّ

مَاتَ عَنْهَا، وَلَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ فِي كِتَابِ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَأَصْحَابِ التَّصَانِيفِ، وَحَافِظِي الصِّحَاحِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا حَصَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ كَانَ أَصْحَابُهُ يُعَيِّرُونَ عَبْدَ اللَّهِ، فَيَقُولُونَ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأُمِّهِ أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: وَتِلْكَ شَكَاةٌ زَائِلٌ عَنْكَ عَارُهَا، وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَاتِ النِّطَاقَينِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا صَنَعُوا سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَاجَرَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، لَمْ يَحْضُرْهَا مَا يَشُدُّونَ بِهِ السُّفْرَةَ، فَأَمَرَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ تَشُقَّ نِطَاقَهَا ثِنْتَيْنِ، وَرَبَطَتِ السُّفْرَةَ بِأَحَدِهِمَا، وَالسِّقَاءَ بِالْآخَرِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُخَالِفُ صَحِيحًا، لَمْ يَجِدِ الْحَجَّاجُ، وَأَصْحَابُهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ فِي جَوَازِ الْمُتْعَةِ، وَاعْتِقَادِهِمْ لِبُطْلَانِهَا، عَيْبًا لَعْبِدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، مِثْلَ أَنْ يُعَيِّرُوهُ بِأَنَّ أُمَّهُ تَزَوَّجَتْ مُتْعَةً، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَلَا عِنْدَكَ: هَذَا عَيْبٌ فِيكَ. وَكَانَ هَذَا أَبْلَغَ مِنْ ذِكْرِ النِّطَاقَيْنِ، الَّذِي

هُوَ مَدْحٌ لَهُ، وَهُمْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْرَدَهُ الْمُخَالِفُ فِي كِتَابٍ وَإِسْنَادٍ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَحِيحًا أَبَدًا، فَإِنَّا نَنْظُرُ فِي إِسْنَادِهِ، وَنُبَيِّنُ بُطْلَانَهُ إِنْ قَدِرَ عَلَيْهِ بِضَعْفِ نَاقِلِيهِ، وَفَسَادِ طُرُقِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا نُقِلَ وَمَا رُوِيَ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى يُنْظَرَ وَيُكْشَفَ أَمْرُهُ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَخْبَارِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْرِيمِهِ، وَصِحَّةِ نَسْخِهِ، وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَرُجُوعِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ خَاصَّةً، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَشَدُّ الصَّحَابَةِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَالزَّجْرِ عَنْهُ، وَالتَّغْلِيظِ، وَالتَّأْنِيبِ فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ أَوْلَى بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ مِنَ الشُّبْهَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا.

بَابُ ذِكْرِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ نَصَرَ قَوْلَهُمْ مِنَ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَجَازَ أَنْ يَصِحَّ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَالْإِجَارَةِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْإِجَارَةِ: أَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ التَأْقِيتِ بِالْمُدَّةِ، أَوْ بِالْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِعَشَرَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُدَّةَ، أَوْ ذَكَرَ مُدَّةً مَجْهُولَةً، فَإِنَّهَا تَبْطُلْ، فَلِذَلِكَ كَانَ التَّأْقِيتُ شَرْطًا فِيهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا، فَلِذَلِكَ بَطَلَ التَّأْقِيتُ كَالْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ يَصِحُّ مُطْلَقًا، فَإِذَا ذُكِرَ التَّأْقِيتُ فِيهِ، وَلَمْ يَصِحَّ إِلَّا مُطْلَقًا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.

وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ إِذَا عُقِدَ مُطْلَقًا صَحَّ، فَإِذَا عُقِدَ مُقَيَّدًا بَطَلَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّهَا إِذَا عُقِدَتْ مُطْلَقَةً بَطَلَتْ، فَلِذَلِكَ إِذَا عُقِدَتْ مُقَيَّدَةً صَحَّتْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. فَصْلٌ: وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ لَمْ يَجُزْ رَفْعُهُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِمَا طَرِيقُهُ النَّقْلُ، لِأَنَّ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعٌ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَاعُ هُوَ مَا اجْتَهَدُوا فِيهِ بَعْدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَدَّاهُمُ اجْتِهَادُهُمْ إِلَى أَمْرٍ فَحَكَمُوا بِهِ، وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَمَا طَرِيقُهُ النَّقْلُ يَجُوزُ نَسْخُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعُوا النِّدَاءَ كَسَرُوا

أَوَانِيَهُمْ، وَأَرَاقُوا مَا مَعْهُمْ مِنَ الْخَمْرِ، وَالنِّدَاءُ إِنِّمَا هُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ. وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَا نَقَلَ إِبَاحَةَ الْمُتْعَةِ، نَقَلَ تَحْرِيمَهَا أَيْضًا، وَحَصَلَتْ رِوَايَةُ التَّحْرِيمِ عَنْ غَيْرِ مَنْ نَقَلَ الْإِبَاحَةَ زِيَادَةً عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ إِبَاحَتُهُمْ بِنَقَلِ مَنْ نَقَلَ مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَاعِ، فَتَحْرِيمُهَا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْإِبَاحَةُ ثَبَتَ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ فَهُوَ مَا قُلْنَاهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَلَمْ يَسْتَحِلَّهَا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَعَانَدَهُ، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَمَذْمُومٌ فِي الشَّرِيعَةِ، مَلُومٌ عَلَى ارْتِكَابِهِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، وُمَرَاعَاةُ الشَّرِيعَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ النَّاسِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى السَّوَادِ الْأَعْظَمِ أَوْلَى مِنَ الِانْفَرَادِ وَالشُّذُوذِ

§1/1