تحرير الكلام في مسائل الإلتزام

الرعيني، الحطاب

تمهيد

تمهيد: هذا الكتاب يأبى الإمام الحطاب إلا أن يثبت أنه لم يآل جهداً في خدمة العلم وتقييده والحفاظ عليه، ممن يبين مهامه ومشاغله في علوم الفقه ومسائله وتفريعاته وما يتعلق به من أحكام، والتدريس للطلبة وما يستلزمه من وقت وجهد يجد الإمام الحطاب رحمه الله فسحة من الوقت ليسجل فيها خلاصة قراءاته فيما يتعلق بمسائل الإلتزام حيث يقرر الحطاب نفسه في مقدمة كتابه الذي هو بين أيدينا اليوم بأنه فريد من نوعه إذ يقول "ولم يكن له في كتب أهل المذهب (¬1) باب فصل مقرر، ولاعلمت فيه مصنفاً يؤخذ حكمه منه ويحرر بل مسائله (¬2) متفرقة في الكتب والأبواب (¬3) فاستخار الإمام الحطاب الله في أن يعينه على القيام بمهمة جمع ما تيسر له من مسائله، وضبط أقسامه، وتبين شكله وتحرير احكامه، وهو تأليف حسن في نوعه لم يسبقه أحد إلى مثله كما صرح بذلك الشيخ أحمد بابا في كتابه كفاية المحتاج (¬4)، وبذلك يثبت أن الإمام الحطاب في حلبة الفقه فارس مغوار، وكفاك دليلاً على ذلك كتابه تحرير الكلام .. ¬

(¬1) يعني مذهب الإمام مالك. (¬2) يعني مسائل الإلتزام بالنسبة لكتب السادة المالكي. (¬3) انظر النسخة الأصلية ورقة رقم (1) وجه. (¬4) انظر ورقة 190 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 14597.

المبحث الأول الأسلوب

وبدون شطط أو تكلف يمكننا أن نعتبر هذا التأليف مثلاً من الأمثلة الحية الرائعة التي ضربها لنا أسلافنا من العلماء العاملين في استغلال طاقاتهم، وتسخير جهودهم في خدمة العلم فهم حق جنوداً في ميدانه لهم منا عظيم التقدير وجزيل الثناء. المبحث الأول الأسلوب المتتبع لكتاب الحطاب يلاحظ من حيث منهجه فيجده في الجملة بسيط لا تعقيد فيه فنرى الإمام الحطاب رحمه الله قد اختار الأسلوب الذي يفهمه العامة والخاصة على حد سواء، هدفه من وراء ذلك كله الإمتثال لأمر الله بإشاعة العدل بين الناس فيما يتعلق بالمعاملات، ووسيلته الوحيدة لبلوغ هذا الهدف هو اجتهاده الشخي من جهة، وجهود علماء التوثيق أمثال المنيطي وابن سلمون، وابن زرب، وابن سهل، والبرزلي، وابن عبد الرفيع، وابن هشام، وغيرهم من جهة أخرى. أما من حيث محتويات الكتاب فنرى المصنف رحمه الله قد قسم كتابه إلى مقدمة، وأربعة أبواب وخاتمة، أما المقدمة ففي بيان معنى الإلتزام لغة وشرعاً، وبيان أركانه وشروط كل ركن منه. أما الباب الأول ففي الإلتزام الذي ليس بمعلق، والباب الثاني في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم، والباب الثالث في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم له. أما الباب الرابع ففي الإلتزام المعلق على غير فعل الملتزم والملتزم له. وفي الخاتمة تحدث عن مسائل إسقاط الحق قبل وجوبه، ومسائل الشروط المخالفة لمقتضى العقد، والله المستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل. المبحث الثاني مصادر الكتاب المطبوع منها والمخطوط استقى الإمام الحطاب مادة كتابه هذا الذي بين أيدينا "تحرير الكلام" من عدد لابأس به من المصادر جلها أن لم نقل كلها من الكتب المعروفة المشهورة في المذهب، وإليك حصولك لبعض ما تيسر لنا الإطلاع عليه منها:

1 - الموطأ الذي رواه عن الإمام مالك العديد العلماء، لا يقدم عليه غيره كما قال أبو الحسن الصغير المتوفى سنة 719 صاحب الشرح على تهذيب المدونة (¬1) في معرض كلامه على المدونة، وأنها بعد الموطأ. 2 - المدونة الكبرى رواية سحنون بن سعيد القيرواني المتوفى سنة 240 هـ قال أبو الحسن الصغير: المدونة أفضل كتب المالكية ومقدمة على غيرها من الدواوين بعد الموطأ، ولا بعد الموطأ ديوان في الفقه أفيد من المدونة، وهي عند أهل الفقه الكتاب سيبويه عند أهل النحو، وهي التي تسمى الأم، وتعرف بالمدونة المختلطة (¬2)، أما تسميتها بالمدونة فظاهر لأنها دون فيها الفقه، وأما تسميتها بالمختلطة فلأن سحنون مات قبل تهذيب كل أبوابها إذا هذب منها البعض دون البعض. 3 - المستخرجة: وهي العتبية لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد العزيز القرطبي المتوفي سنة 255 هـ، وهي تتناول مسائل من الشمكلات في فقه المالكية. 4 - البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل لابن رشد الجد محمد بن أحمد المتوفى سنة 520 هـ كتبه على المستخرجة، وقفت على ¬

(¬1) انظر النشرة العلمية للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين ص 7/ 8 العدد 4 العام 76/ 77 بحث للكتور/ محمد الشاذلي النيفر عميد الكلية بعنوان "موطأ ابن زياد والمهات". (¬2) يقول الشيخ محمد الشاذلي النيفر في بحث له ممتاز عن الزيتونة في ماضيها وحاضرها دراسة علمية ممتازة بمناسبة ذكرى تأسيسها يقول في حديثه عن ابتداء التأليف الإفريقي أن أبو العرب يروي كتاب خالد ابن أبي عمران الذي دونه عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وسليمان بن يسار عن كبار التابعين المرجوع إليهم في الفتوى في عاصمة الدين الإسلامي المدينة المنورة فابتداء تاريخ كان من تونس العاصمة الثانية الإفريقية في العصر الأول، وتأليف خالد بن أبي عمران هو الذي بعث أسد بن الفرات أولاً على أن يؤلف مدونته الأسدية كما دعت سحنون بن سعيد ان يجمع تأليف المدونة المختلطة نشر هذا البحث بجريدة الصباح عدد 9398 لسنة 29 السنة 22ديسمبر 1979 م الموافق 3 صفر 1400 ص 12، 13.

نسخة منه في خمسة أجزاء بدار الكتب الوطنية بتونس الجزءان الأول والثاني متواليان. الجزء الأول ثم يليه الثاني مذكور في آخره. قال محمد بن رشد وقع في بعض الكتب ... عند أهل المدينة تحت رقم 10610 والجزء الثالث نجد في أول سطر من الورقة الأولى ... ابن القاسم أيضاً برواية ابن أبي جعفر، وفي آخره ولا شيء لأن غايته فهم .. إلخ مسجل تحت رقم 010611 أما الجزء الرابع ففي افتتاحيته أول كتاب القسمة، وينتهي بنهاية كتاب الحدود رقمه 10612 والجزء الخامس أوله كتاب الحمالة والحوالة وجاء في آخره ثم كتاب القراض بحمد الله وحسن عونه رقم تصنيفه بدار الكتب 010613 5 - النوادر لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المتوفى سنة 386 هـ ويعرف بكتاب النوادر والزيادات، وقفت عليه يقع الكتاب في ستة أجزاء الخامس منها غير موجود، ويحتوي المجلد الخامس فيما أذكر على جملة أبواب منها الجعل، ولهبة، أما بقية الأجزاء فمتوالية، وأرقام تصنيفها بدار الكتب التونسية كالآتي: الجزء الأول 12371 والجزء الثاني 12372، والجزء الثالث 12731 والجزء الرابع 5730 والجزء السادس 5770. 6 - مختصر ابن الحاجب الفقهي المسمى بكتاب "الجامع بين الأمهات" وهذه الأمهات كثيرة، والمشهور منها البعض دون البعضن وهو ما اعتنى به الكاتبون ودونوا عليه الدواوين شرحاً وتعليقاً اختصر فيه ابن الحاجب المسائل بأسلوب مبتكر إمتاز به حتى قيل أن كتابه هذا على اختصاره وصغر حجمه جمع أربعين ألف مسألة، ذكر ذلك ابن دقيق العيد، وقد أبدع فيه غاية الابداع توجد نسخة منه في دار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 17791 اطلعت عليها. 7 - مختصر خليل بن إسحاق الجندي المتوفى سنة 776 هـ اختصر لتبين ما به الفتوى، وما هو الراجح، فطرح الاختلافات باعتماد ما تحرر لديه وكان في

تعيينه للراجح المعتمد عليه موفقاً غاية التوفيق، وبذلك امتاز على كل المختصرات، وأصبح متعلق بحب الناس حتى بلغ ما كتب عليه ما يزيد عن مائة كتاب (¬1). 8 - نوازل ابن الحاج: وهو محمد بن أحمد بن خلف التجيبي المعروف بابن الحاج، قاضي الجماعة بقرطبة المتوفى سنة 529 هـ وكتابه في نوازل الأحكام متداول بأيدي الناس لم نتمكن من الاطلاع عليه، وهذا الكتاب لدليل من الدلائل العظمى على تقدم ابن الحاج وبراعته. 9 - الطرر لابن عاث والمؤلف أحمد بن أبي محمد هرون بن أحمد يعرف بان عاث، وشهرته عند مؤرخها الأندلسي بالحديث وحفظه. توفى سنة 906 هـ في واقعة العقاب مع الناصر الموحدي. 10 - معين الحكام لإبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي قاضي القضاة بتونس المتوفى سنة 733 هـ، ومعين الحكام نحا فيه ابن عبد الرفيع إلى اختصار المتيطية مخطوط بدار الكتب الوطنية اطلعت عليه له رقم جديد 3103 وقديم 823 بتونس. 11 - الإعلاان بنوازل الأحكام لعيسى بن سهل الأزدي أبو الأصيغ قال عنه ابن فرحون في الديباج بأنه كتاب حسن عول عليه شيخ الفتوى والحكام (¬2). مخطوط توجد نسخة منه بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 18393 من رصيد مكتبة حسن حسني عبد الوهاب. 12 - اختصار النهاية لابن هارون الأصل الذي اختصره ابن هارون هو ¬

(¬1) يقول الشيخ الشاذلي النيفر عميد الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بهامش بحث ألقاه بمناسبة مرور ثلاثة عشر قرناً على تأسيس جامع الزيتونة بعنوان الزيتونة في عصرها الثاني وقد اعتنى بجمع ما كتب عن خليل محمد بن عثمان السنوسي التونسي وهو في خزاة كاتبه وذيلت على هذا الكتاب ورتبته وتوسعت فيه في كتاب خاص سهل الله إخراجه نشر بالصباح عدد 9896 سنة 29 الخميس 27 ديسمبر 1979 م 8 صفر 1400 هـ ص 12/ 13. (¬2) أنظر الديباج جـ 2 ص 70 وما بعدها.

كتاب النهاية والتمام للمتيطي، ويعرف الكتاب بإسمه، والمتيطي هو علي بن عبد الله الأنصاري اشتهر بالمتيطي المتوفى سنة 570 هـ، وكتابه هذا النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام في أربعة أسفار اختصره ابن هارون الكتاني التونسي المتوفى سنة 750 هـ يعتبر بحق من مجتهدي المذهب المالكي. اطلعت على نسخة من هذا المختصر بدار الكتب الوطنية تونس رقم تصنيفها 18696. 13 - تبصرة اللخمي هو علي بن محمد الربعي يعرف باللخمي المتوفى سنة 468 هـ قيرواني نزل صفاقس، والتبصرة قال فيها ابن فرحون هي تعليق كبير على المدونة. نسخة منها مخطوطة بمكتبة الجامع الأعظم بمدينة تازة بالمغرب الشقيق رقم تصنيفها 213، 14، 15، 219. 14 - التوضيح للشيخ خليل هو شرح للشيخ خليل على جامع الأمهات لابن الحاجب انتقاه من ابن عبد السلام. توجد منه نسخة مخطوطة اطلعت عليها بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم جـ 1 (12255)، جـ 2 (12256). 15 - الشامل لبهرام، وهو من أجل تصانيفه جمعاً وتحصيلاً، وشرحه في عشرة أجزاء ضاع من أثنائه جزء وأوراق من مواضع شتى. قال الشيخ زروق: وجمع كل ما حصله في شامله، اطلعت على جزء منه بالمكتبة الوطنية بتونس مسجل تحت رقم 13762. 16 - نوازل ابن رشد الجد وهو محمد بن أحمد قاضي الجماعة بقرطبة المتوفى سنة 520 هـ جمعها تلميذه الفقيه أبو الحسن محمد بن أبي الحسن كذا في آخر النسخة التي اطلعت عليها والمعروف في تلاميذ ابن رشد وهو أبو الحسن سهل بن محمد بن سهل بن مالك راوي مؤلفات ابن رشد في أسانيد، ولا أحب أن يكون جامع هذه الفتاوى غيره (¬1). هذه النسخة موجودة في دار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12397. ¬

(¬1) هذا التقييد للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور وجدته على النسخة رقم 12397 من نوازل ابن رشد ورقة 11.

17 - اختصار نوازل ابن رشد لابن هارون اطلعت على نسخة منها بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189. 18 - نوازل البرزلي: أو ديوان البرزلي، أو فتاوى البرزلي، وعنوانه جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام، وهو أهم أثر من آثار البرزلي ذلك العالم الفذ العملاق الحافظ الفاهم كما وصفه أستاذه، وشيخه الإمام ابن عرفة حيث قال في كلمته المشهورة "كيف أنام وأنا بين أسدين ارن بفهمه وعقله، والبرزلي بحفظه وثقله" وقفت على نسخة منه مخطوطة بدار الكتب الوطنية بتونس في أربعة أجزاء أرقامها كالآتي الجزء الأول 12792 والجزء الثاني 12793 والجزء الثالث 12794 والجزء الرابع 12795 وللكتاب نسخ متعددة (¬1) " وقد وصف ابن مريم هذا الكتاب بأنه الديوان الكبير في الفقه والفتوى وهو من كتب المذهب الأصلية أجاد فيه البرزلي ما شاء (¬2). 19 - مختصر جامع الدعوى والإقرار والإنكار لأبي عبد الله محمد بن الحسن الوعيني، وقفت على نسخة مخطوطة منه بمكتبة الأوقاف العامة بطرابلس تحت رقم ع - 599 حـ ار 255. 20 - مختصر ابن عرفة الفقهي. المتوفى سنة 803 هـ ذكر الرصاع في كتابه الهداية الكافية الشافية في المسألة الثانية من المسائل العشرة التي صدر بها كتابه هذا في معرض حديثه عن ابن عرفة في أول مختصره بعد خطبة الكتاب أن جملة ما اشتمل عليه تأليف مختصره الذي أعجز الفحول عن مثله بجمعه ومنعه تعريف ماهيات الحقائق الفقهية الكلية لما عرض من النقل والتخصيص (¬3). وما أشار إليه الرصاع هو أحد مميزات هذا ¬

(¬1) توجد نسخة منه بخزانة عميد الكلية الزيتونة للشريعة وأصول الدين الشيخ الشاذلي النيفر. (¬2) أنظر ابن مريم البستان ص 152. (¬3) أنظر شرح حدود ابن عرفة للرصاع ص 6 وما بعدها الطبعة الأولى بالمطبعة التونسية عدد 57 سوق البلاط عام 1350 هـ.

المختصر الذي حد المسائل الفقهية بحدود هي في غاية الضبط والإحكام وكانت حدوده هي المعتمدة في أوائل الكتب الفقهية في الأكثر الغالب لما ظهر من تحريرها وانطباقها على الباب جمعاً ومنعاً. هذا ويشتهر الكتاب المشار إليه بحدود ابن عرفة مع ذلك يوجد كتاب بنفس العنوان للإمام ابن عرفة وهو مختصر ابن عرفه الفقهي اطلعت على نسخة خطية منه مختلفة الأجزاء بدار الكتب الوطنية بتونس أرقام الأجزاء التي وقفت عليها كالآتي: جـ 1 (10844). جـ 2 (12147). جـ 3 (10846). جـ 7 (10847). اعتمد الإمام الحطاب في نقله كثيراً على هذه الأجزاء وغيرها لم نتمكن من الوقوف عليها من نفس المختصر. 21 - شرح الرسالة لابن ناجي، هذا الشرح وصفه النيل بأنه حسن مفيد، وكان يبالغ في الثناء عليه. 22 - ابن ناجي على المدونة يعرف بالشرح الكبير للمدونة، ويوصف بهذا الوصف لأنه شرح المدونة بشرحين أحدهما توسع فيه بذكر لنا من تعرضوا للمؤلف بالترجمة أنه في أربعة أسفار، وقفت على ثلاثة منها بدار الكتب الوطنية بتونس أرقامها كالآتي: جـ 1 (12517). جـ 2 (12518). جـ 3 (1376). وثانيهما أوجز فيه وهو في سفرين ضخمين يسمى الأول بالشتوي، والثاني بالصيفي (¬1). 23 - الجواهر لصاحبه أبو محمد عبد الله بن شاس عالم من علماء المالكية وأحد العلماء الذين جمعوا بين العلم والعمل حيث أنه مات بدمياط حين ذهب إليها بقصد الجهاد لما أخذها العدو، وكانت وفاته سنة 610 هـ. وكتابه الذي ألفه على طريقة الغزالي سماه الجواهر الثمينة في ¬

_ (¬1) أنظر النشرة العلمية للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين ص 120، وما بعدها العدد الأول عام 71. بحث للدكتور الشيخ عميد الكلية الشاذلي النيفر بعنوان تراجم خليل لعظوم والطرق التقريبية للفقه.

مذهب عالم المدينة، قال ابن فرحون وفيه دلالة على غزارة فضائله والطائفة المالكية بمصر عاكفة عليه لحسنه وكثير فوائده، وقفت على مخطوطة منه رقم تصنيفها بدار الكتب الوطنية بتونس حسب الأجزاء الأول 13482 والثاني 13483. 24 - الوثائق المجموعة. كتب الوثائق متعددة ولعله يقصد أشهرها وهي وثائق ابن الهندي أحمد بن إبراهيم الهمداني المتوفى سنة 399 هـ وكتابه في الوثائق مفيد جامع، وعليه اعتماد الموفقين والحكام بالأندلس والمغرب، أو يقصد الوثائق المجموعة لابن فتوح عبد الله بن فتوح بن موسى المتوفى سنة 462 هـ ووثائقه كتاب حسن في الوثائق والأحكام وهو كتاب مفيد أيضاً. 25 - 26 الذخيرة والفروق للإمام القرافي المتوفى سنة 684 هـ قال ابن فرحين فيهما ألف كتباً مفيدة العقد على كمالها لسان الاجماع وتشنفت بسماعها الأسماع منها كتاب الذخيرة، في الفقه من أجل كتب المالكية توجد نسخة منها في ستة أجزاء بمعهد إحياء المخطوطات العربية مصورة عن دار الكتب المصرية 35 فقه مالكي في 146 - 365. وكتاب الأحكام في الفرق بين الفتاوى والحكام اشتمل على فوائد غزيرة (¬1). 27 - تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون المتوفى سنة 789 هـ مطبوع في جزئين وصف الكتاب صاحب شجرة النور الزكية محمد مخلوف بقوله لم يسبق لمثله وفيه من النوادر ما هو معروف، وعلى هامشها العقد المنظم لابن سلمون. 28 - وثائق ابن سلمون وهو أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله الكتاني صاحب التأليف في الأحكام المسمى العقد المنظم للحكام فيما يجرى بين أيديهم من الوثائق والأحكام المتوفى سنة 777 هـ منه نسخة مخطوطة بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 6068. ¬

(¬1) أنظر الديباج المذهب جـ 1 ص 237.

29 - المقدمات لابن رشد هو محمد بن أحمد بن رشد المتوفى سنة 520 هـ يقول صاحب التأليف نفسه في مقدمة كتابه، أنه تأليف مفيد لم يسبقني أحد ممن تقدم إلى مثله وسميته بكتاب "المقدمات الممهدات (¬1) " مطبوع بمطبعة السعادة بمصر. 30 - الأحكام الكبرى والصغرى لعبد الحق وهو أبو محمد عبد الحق ابن عبد الرحمن بن عبد الله الصقلي المتوفى سنة 581 هـ وهو كتاب مفيد في علم الحديث. 31 - التنبيهات المستنبطة على كتب المدونة للقاضي عياض المتوفى سنة 544 هـ يقول صاحب شجرة النور الزكية أنه جمع فيه من غريب ضبط الألفاظ، وتحرير المسائل فوق ما يوصف توجد منه نسخة خطية بخزانة ابن يوسف بمراكش رقم تصنيفها 524. 32 - اختصار الواضحة هو أبي سعيد خلف بن القاسم المكنى بأبي سعيد الأزدي البرادعي من حفاظ المذهب، من مؤلفاته المشهورة التهذيب واختصار المدونة، ظهرت بركته، وعليه عول الناس. 33 - المدينة لعبد الرحمن بن دينار اختصره ابن ربيع الكلبي المتوفى سنة 404 هـ اختصاراً حسناً. 34 - الموازية: لابن المواز وهو محمد بن إبراهيم بن زياد الاسكندري المتوفى سنة 266 هـ قال ابن فرحون له كتابه المشهور الكبير وهو أجل كتاب ألفه المالكية، وأصحه مسائل، وأبسطه كلاماً وأوعبه، وقد رجحه القابسي على سائر الأمهات (¬2). 35 - مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان. هو أبو إسحاق محمد ابن القاسم بن شعبان بن محمد المتوفى سنة 355 هـ. ¬

(¬1) أنظر المقدمات لابن رشد ص 3. (¬2) أنظر الديباج المذهب جـ 2 ص 166.

36 - السليمانية لابن الكحالة وهو القاضي أبو الربيع سليمان بن سالم القطان المتوفى سنة 291 هـ ألف كتابه المشهور السليمانية مضافة إليه. 37 - وثائق ابن مغيث: المتوفى سنة 429 هـ لم أقف على كتاب له بهذا الاسم لكن كتب اللتراجم تذكر أنه جمع مسائل ابن زرب فلعل هذا هو المقصود والله أعلم. 38 - وثائق ابن العطار هو أبو عبد الله محمد بن أحمد المتوفى سنة 399 هـ ألف كتاباً في الشروط عليه عول أهل زمانه، ولازال محط إهتمام. 39 - الدمياطية لعبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي المتوفى سنة 226 هـ. له مؤلفات حسنة، وهي معروفة باسمه تسمى الدمياطية. 40 - المنتقى شرح الموطأ للباجي: هو أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي المتوفى سنة 474 هـ وهذا الكتاب مختصر من كتابه الاستيفاء من أحسن الكتب في مذهب مالك، شرح فيه أحاديث موطأ مالك، وفرع عليهما المسائل الفقهية تفريعاً حسناً، وهو مطبوع على نفقة السلطان عبد الحفيظ بمطبعة السعادة في سبع مجلدات سنة 1332 هـ ولم يعد طبعه. 41 - التعقيب على التهذيب لعبد الحق يقول صاحب تاريخ الأدب العربي أن لعبد الحق كتاب بعنوان "تهذيب الطالب، وفائدة الراغب على المدونة" (¬1) توجد منه نسخة بمكتبة جامع القرويين بفاس تحت رقم 854. 42 - الواضحة لعبد الملك بن حبيب المتوفى سنة 238 هـ. 43 - مفيد الحكام لابن هشام: هو القاضي أبو الوليد هشام بن عبد الله بن هشام الأزدي المالكي المتوفى سنة 606 هـ وعنوان الكتاب "مفيد ¬

(¬1) أنظر تاريخ الأدب العربي جـ 3 ص 283 لكارل بروكلمان نقله إلى العربية الدكتور عبد الحليم النجار طبعة دار المعارف 1969 م.

الحكام فيما يعرض لهم من نوازل الحكام" وهو مجلد ضخم في الفروع على مذهب المالكية. وقفت على نسخة منه بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 3462، وتوجد نسخة منه خطية كذلك ضمن مجموع بزاوية "نتغملت" بإقليم بني هلال تحت رقم 506 بالمغرب. 44 - شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب: هو أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الهواري التونسي قاضي الجماعة المتوفى سنة 749 هـ. لطه طريقة في التأليف ومزاولة التدريس تظهر جلية واضحة فيما خلفه لنا من أثر نفيس في الفقه المالكي، هو شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي، فإنه كان خلاصة دروسه وجاء فيه اسلوب مبتكر في التعليم ملك فيه طريقة التعليل وتوليد البحوث مما أصبح به فزيداً في نوعه، وهو في أربعة أسفار (¬1). ووصفه ابن فرحون بأنه شرح حسن وقع عليه القبول، وهو أحسن شروحه، وتولد من هذا الشرح شرح خليل المصري المسمى بالتوضيح الذي تولد منه مختصره الفقهي الملتزم فيه مأبة الفتوى، وقد أصبح هذا المختصر متعلق بحث الناس فيما بعد حتى بلغ عدد ما كتب عليه من شروح وتعليقات يزيد عن مائة كتاب. وقفت على نسخة خطية من شرح ابن عبد السلام بدار الكتب الوطنية في خمسة أجزاء أرقامها كالأتي الجزء الأول والثاني منهما متواليان وبين الثاني والثالث تكرار يسير جـ 1 (12242)، جـ 2 (12243) وأما الجزء الثالث فينتهي إللا أثناء الكلام عن الطلاق في آخره، وليس كحد شارب الخمر وتردد بعض المتأخرين "الرقم 12244 والجزء الرابع بيد القاضي فإنه يضرب له أجل". وفي آخره وإذا لم يلزمه ذلك لم يكن للقاضي أن يؤاجره أبداً وهذا مذهب الشافعي" رقم الجزء 12245 أما الجزء الخامس مبدؤ بباب أحياء الموات وينتهي إلى الختم رقم التصنيف 12246. 45 - جامع ابن يونس: وهو أبي عبد الله بن يونس المتوفى في حدود سنة 522 هـ. ¬

(¬1) نسخة في أربعة أسفار بخزانة فضيلة الشيخ الشاذلي النيفر عميد الكلية الزيتونية تونس.

قال صاحب كتاب تاريخ الأدب العربي أنه يوجد منه نسخة خطية بمكتبة القروين بفاس رقمها 810، 811 بعنوان "شرح المدونة" (¬1) ووقفت أنا عل نسخة مماثلة في جزئين بدار الكتب الوطنية بتونس بينهما تكرار، فالجزء الأول رقمه 12923 ويبدأ بقوله "وان نكحها بشرة لم يبدو صلاحها" وفي آخره "يتلوه في الرابع روى يحيى بن يحيى أما الجزء والثاني منه يبدأ بكتاب العتق الأول وينتهي بقوله "ثم كتاب النكاح الثاني" رقم النسخة 12924. 46 - تقيد أبو الحسن على المدونة: هو أبو الحسن الصغير المتوفى سنة 550 هـ أو بعدها بقليل، ذكر هذا الكتاب كارل في تاريخ الأدب العربي تحت عنوان "شروح المدونة بعنوان" التقيد على الموطأ" مشيراً إلى رقم النسخة بمكتبة القرويين بفاس (¬2). ووقفت أنا أيضاً على نسخة خطية منه بدار الكتب الوطنية بتونس وصفها كالآتي الجزء الأول منها ينتهي إلى كتاب الاعتكاف، والجزء الثاني يبدأ بكتاب الحج الأول وينتهي إلى كتاب الرضاع، ويليه الجزء الثالث وينتهي إلى كتاب المكاتب، والرابع يبدأ بكتاب الحوالة وينتهي إلى الختم وأرقام تصنيف هذه النسخة كالآتي على التوالي 12096، 12097، 12098، 12099. 47 - تكميل التقيد: صنف أبو عبد الله بن غازي المتوفى سنة 958 هـ على الكتاب المشار إليه قبل قليل، وشرحه لابن عرفة المتوفى سنة 803 هـ كتاب سماه "إتحاف ذوي الذكاء والمعرفة بتكميل تقييد أبي الحسن وتحليل تقييد ابن عرفة" وكان بعض معاصريهمن العلماء يقول أما التكميل فقد كمله، وأما التعقيد فما حله، والمعاصرة كما يقولون حجاب. توجد نسخة منه بمكتبة القرويين بفاس رقمها 801 على ¬

(¬1) أنظر تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان جـ 3 ص 282. (¬2) نفس المصدر، ونفس الجزء، والصفحة.

المبحث الثالث محتويات الكتاب على وجه الإجمال

ما ذكره كارل (¬1). وقفت على نسخة منه بدار الكتب الوطنية تونس في أربعة أجزاء متتالية رقم الجزء الأول 15157، والجزء الثاني 15158، والجزء الثالث 15159 والجزء الرابع 15140. 48 - التفريع لأبي الجلاب: هو عبيد الله بن الحسين بن الحسين ابن الجلاب البصري المتوفى سنة 378 هـ توجد نسخة منه (¬2) بالمتحف البريطاني أول 228 رقم 21 والجزائر أول 1036 ومدريد أول (2، 74، 102، 135)، ومكتبة القرويين بفاس 804، 900 ووقفت على نسخة خطية منه بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 3499. هذا وفوق ما ذكرنا من الكتب والمراجع التي اعتمد عليها الإمام الحطاب في تأليف كتابه هذا النظائر لابن عمران السجوراني والتنبيه لابن بشير، واللباب لابن راشد، ومختصر الوقار، والمشذالي في حاشيته على المدونة، ومختصر الحوفي، والرجراجي في شرحه على المدونة مخطوط بمعهد المخطوطات العربية القاهرة في جزئين ق 459 - 434 - 192 فقه مالكي 95 مصورة عن دار الكتب الوطنية المصرية. وكذلك مسائل ابن زرب، وعارضة ابن العربي، وكتاب الإرشاد للتناءي ووثائق الباجي، والبسوط لإسماعيل القاضي، وشرح مناسك خليل للمؤلف نفسه، وخلافه من الكتب المشهورة في المذهب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سعة إطلاع الإمام الحطاب، وغزارة علمه وسعة أفقه في مجال البحث والاستقراء والله ولي التوفيق. المبحث الثالث محتويات الكتاب على وجه الإجمال افتتح الإمام الحطاب كتابه بتمهيد بليغ تحدث فيه عن السبب الذي دعاه وحمله على تأليفه مبرزاً أن موضوع الإلتزام لم يكن له في كتب أهل المذهب باب ¬

(¬1) أنظر تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان جـ 3 ص 282/ 283. (¬2) نفس المصدر ونفس الجزء ص 285.

ولا فصل مستقل ومقرر ومشيراً إلى أنه تأليف مبتكر لم يسبقه أحد إلى مثله فاستخار الله في جمع ما تيسر من مسائله، وضبط أقسامه وتبيين مشكله وتحرير أحكامه فرتبه على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة. 1 - أما المقدمة ففي بيان معنى الالتزام، وبيان أركانه وشروط كل ركن منها. 2 - فالباب الأول في الالتزام الذي ليس بمعلق، وهو إلزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف من غير تعليق على شيء. فدخل في ذلك الصدقة، والهبة، والحبس، والعارية، والعمري، والعرية، والمنحة، والارفاق والاخدام والاسكان، والنذر إذا كان غير معلق والضمان والالتزام بالمعنى الأخص أعني بلفظ الالتزام، تحدث في شيء من التفصيل على هذه المسائل في فصول تحتها فروع. 3 - أما الباب الثاني: فخصصه في الالتزام المعلق على فعل الملتزم بكسر الزاي، وهو على نوعين: أ- إما أن يكون القصد بالالتزام والامتناع من ذلك الفعل المعلق عليه كقوله لزوجته إن تزوجت عليك فلك ألف دينار. ب- وإما أن يكون القصد منه حصول ذلك الفعل، ويكرر الشيء الذي ألزمه شكر لله تعالى على حصوله كقوله إن قدمت من هذا السفر فلفلان على ألف درهم، أو إن أتممت هذا الكتاب، وهذا الثاني من باب النذر، وقد تقدم حكم النذر في الباب الأول، على أن النوع الأول هو المعقود له هذا الباب ويسمى يميناً، واختلف في القضاء به، والمشهور من المذهب أنه لا يقضي به سواء كان الملتزم له بفتح الزاي معيداً أم لا، ما لم يحكم بصحة الالتزام المذكور حاكم فإذا حكم حاكم بصحته أو بلزومه فقد تعين الحكم به لأنه إذا حكم بقول لزم العمل به، وارتفع الخلاف.

4 - يليه الباب الثالث: تكلم فيه عن الالتزام المعلق على فعل الملتزم له بفتح الزاي وهو على سبعة أنواع: أ- النوع الأول: في الالتزام المعلق على الفعل الذي ليس بإختياري كقوله لزوجته إن ولدت غلاماً فلك كذا وكذا، وحكمه إذا وجد المعلق عليه حكم الالتزام المعلق في اللزوم والقضاء به. ب- النوع الثاني في الالتزام المعلق على الفعل الواجب على الملتزم له بفتح الزاي كقوله إن جئتني بعبدي الآبق أو بعيري الشارد، أو متاعي الضائع، وخلافه فلك عندي كذا وكذا. فإن ذلك غير لازم للملتزم، ولا يحكم به عليه هذا إذا كان واجباً عليه على التعيين "أي فرض عين" أما ما كان واجباً على الكفاية فيلزم الالتزام المعلق عليه كقوله: إن غسلت هذا الميت فلك كذا وكذا والله أعلم. جـ- النوع الثالث: في الالتزام المعلق على فعل محرم على الملتزم له كقوله إن قتلت فلانًا، أو شربت خمراً فلك عندي كذا وكذا، وحكمه أن ذلك غير لازم. د- النوع الرابع: في الالتزام المعلق على الفعل الجائز الذي لا منفعة فيه لأحد كقوله لرجل إن صعدت هذا الجبل فلك كذا وكذا. وهو من باب الجعل، وقد اختلف فيه هل يشترط أن يكون في العمل المجعول عليه منفعة أم لا يشترط وذلك على قولين، والمشهور منهما اشتراط المنفعة للجاعل. هـ - النوع الخامس: في الالتزام المعلق الذي فيه منفعة للملتزم بكسر الزاي وهو على أربعة أوجه. الوجه الأول: أن يكون الفعل المعلق عليه، اعطاء الملتزم للملتزم أو لغيره شيئاً أو تمليكه إياه نحو أن أعطيتني عبدك، أو دارك أو فرسك فقد التزمت لك بكذا.

الوجه الثاني: أن يكون الفعل المعلق عليه اعطاء الملتزم به للملتزم، أو لغيره منفعة شيء من دار، أو دابة وغيرها نحو إن أسكنتني دارك سنة فلك كذا وكذا فهذا من باب اإجارة فيشترط فيه توفر شروط الإجارة. الوجه الثالث: أن يكون الفعل المعلق عليه عملاً بعمله الملتزم له للملتزم أو لغيره، نحو إن حضرت لي بئراً في أرض فلك كذا وكذا فهذا من باب الجعل فيشترط فيه ما يلزم من الشروط في الجعل. الوجه الرابع: أن يكون الفعل المعلق عليه بأن يترك الملتزم له حقاً من حقوقه لأجل ما التزم له الملتزم نحو قول الشخص للحاضنة إن أسقطت حقك من الحضانة فلك كذا وكذا، وهذا يشبه أن يكون من باب الجعل، وقد اندرج تحت كل وجه من هذه الوجوه الأربعة فروعاً. و- النوع السادس: في الالتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة للملتزم له بفتح الزاي كقولك لشخص إن تزوجت فلك كذا وكذا وحكمه حكم الالتزام المعلق على غير فعل الملتزم له فهو لازم إذا وقع المعلق عليه إلا أنهم لاحظوا في هذا كونه في معنى العوض عن تلك المنفعة فجعلوه لازماً لا يفتقر إلى حيازة. ز- النوع السابع: في الالتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة لغير الملتزم والملتزم له نحو قولك إن أسكنت فلان دارك سنة فلك عندي كذا وكذا وهو كالنوع الخامس فهو إما من باب هبة الثواب أو من باب الإجارة، أو من باب الجعل فيشترط ما يلزم في كل نوع شروطه. ومن هذا الباب أيضاً ما إذا بذل شخص لرجل على أن يطلق ذلك الرجل زوجته، والتزم له بحال إن فعل ذلك فإنه يلزمه ذلك المال.

5 - ثم الباب الرابع: جملة في الالتزام المعلق على غير فعل الملتزم والملتزم له، وحكمه حكم الالتزام المطلق فيقضي به إذا وجد المعلق عليه إذا كان الملتزم له معيناً، وإن لم يكن معيناً فلا يقضي به وفروعه كثيرة وأكثر مسائلة من باب النذر المعلق، ومن باب الضمان وتقدم في الباب الثاني إشارة إلى نحو ما ذكرنا. 6 - الخاتمة: في التنبيه على مسائل حكم فيها بعدم اللزوم لكونها من باب اسقاط الحق قبل وجوبه، أو لكون الالتزام فيها مخالفاً لمقتضى العقد، وفيها فصلان: أ- الفصل الأول: في اسقاط الحق قبل وجوبه، تندرج تحت هذا العنوان عدة مسائل. 1 - المسألة الأولى: اسقاط الشفعة قبل بيع الشريك. 2 - المسألة الثانية: إجازة الورثة الوصية بأكثر من الثلث أو لبعض الورثة. 3 - المسألة الثالثة: من ترك إرثه من شخص في حياة ذلك الشخص أو هبة لشخص آخر. 4 - المسألة الرابعة: إذا وهبت الزوجة يومها لضرتها أو لزوجها أو اسقطت حقها من القسم فلها الرجوع متى شاءت. 5 - المسألة الخامسة: الأمة إذا كانت تحت العبد، وقالت أشهدوا أني متى أعتقت فقد اخترت زوجي، أو اخترت نفسي. 6 - المسألة السادسة: فيمن شرط لزوجته أن تزوج عليها أو تسرر أو أخرجها من بلدها فأمرها بيدها. 7 - المسألة السابعة: إذا أبرأت زوجها من الصداق في نكاح التفويض قبل البناء، وقبل أن يفرض لها. 8 - المسألة الثامنة: إذا أسقطت المرأة عن زوجها نفقة المستقبل. 9 - المسألة التاسعة: إذا أسقطت الحاضنة حقها في الحضانة.

10 - المسألة العاشرة: إذا قال شخص لآخر إن قتلتني فقد وهبت لك دمي أو فقد أبرأتك. 11 - المسألة الحادية عشرة: إذا عفى المجروح عما يؤول إليه جرحه. 12 - المسألة الثانية عشرة: إذا أعتق أمته على أن تتزوجه لزمه العتق، ولا يلزمها النكاح. 13 - المسألة الثالثة عشرة: من أسقط يميناً قبل وجوبها. 14 - المسألة الرابعة عشرة: من أسقط حقه على القيام بالعيب قبل أن يعلم به فلا يلزمه. 15 - المسألة الخامسة عشرة: إذا أخر صاحب الدين الضامن بعد حلول الحق، أو بلوغ الأجل فهو تأخير للغريم. 16 - المسألة السادسة عشرة: فيمن أسقط القيام بالجائمة بعد عقد البيع وقبل حصول الجائمة لم يلزمه ذلك. 17 - السابعة عشرة: إذا أسقط العهدة قبل عقد البيع إذا كانت العادة جارية بها فقيل يوفى بذلك وقيل لا يوفى. ذكر لفظ هذه المسألة والتي قبلها في الفصل الثاني من الخاتمة الآتي ذكره حالاً بعد هذا الذي ذكرت. ب- الفصل الثاني: في الشروط المنافية لمقتضى العقد وفيه مسائل: 1 - المسألة الأولى: في الشروط المتعلقة بالنكاح مقسمة إلى ثلاثة أقسام: فالقسم الأول: فيما يقضيه العقد كشرط أن ينفق على زوجته أو يكسوها، وحكمه جائز لا يوقع ذكره في العقد خللاً ولا يكره اشتراطه ويحكم به. أما القسم الثاني: فيما يكون مناقضاً لمقتضى العقد كشرطه على المرأة ألا يقسم لها أو ألا ينفق عليها فهذا القسم لا يجوز اشتراطه في

عقد النكاح ويفسد به النكاح أن شرط فيه مع خلاف في الفسخ قبل الدخول وبعده. القسم الثالث: مالا يقتضيه العقد ولا ينافيه، وللزوجة فيه غرض، كشرطه ألا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من بلدها فهذا النوع لا يفسد به النكاح ولا يقتضي الفسخ لا قبل الدخول ولا بعده. 2 - المسألة الثانية: في الشروط في الخلع. 3 - المسألة الثالثة: في الشروط المتعلقة بالبيع وهي على أربعة أقسام: فالقسم الأول: شرط ما يقتضيه العقد كتسليم البيع، والقيام بالعيب وخلافه. فهذا القسم من الشروط صحيح لازم يقضى به مع الشرط ولا يقضى به بدون شرط إلا ما كان ما يقتضيه العقد فإنه يقضى به ولو لم يشترط، وإنما يتأكد مع الشرط. والقسم الثاني: ما يؤول إلى الاخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع كشرط ما يؤدي إلى جهل، وغرر في العقد، أو في الثمن، أو في الثمون وخلافه. القسم الثالث: ما يكون منافياً لمقتضى عقد البيع لأن فيه تحجيراً على المشتري في السلعة التي اشتراها مثل بيوع الثنايا. وأخيراً القسم الرابع: ما يكون الشرط فيه غير صحيح إلا أنه خفيف فلم تقع له حصة من الثمن فيصح البيع، ويبطل الشرط مثل الذي يبتاع الحائط بشرط البراءة من الجائمة وتحت هذا النوع فروعاً عشرة. 4 - المسألة الرابعة: في الشروط المتعلقة بالفرض فقسمها إلى ثلاثة فالقسم الأول: يفسد به القرض. القسم الثاني: لا يفسد به القرض ويلزم الوفاء به. القسم الثالث: اختلف فيه.

5 - المسألة الخامسة: في الشروط المتعلقة بالرهن، والوديعة، والعارية. أما الشروط المتعلقة بالرهن فهي أيضاً على ثلاثة أقسام: قسم يبطل به الرهن. وقسم لا يبطل به، ويلزم الوفاء به. وقسم لا يبطل به الرهن، ولا يلزم الوفاء به. وحكم العارية في الضمان حكم الرهن يضمن المستعير ما يغاب عليهن ولا يضمن مالا يغاب عليه. ثم تنى بذكر فروع ثلاثة تحت هذه المسألة فيما يتعلق بالقراض والوقف والهبة. 1 - الفرع الأول: في شروط القراض: قسمها إلى ثلاثة أقسام: (الأول): ما يفسد به القراض. (الثاني): مالا يفسد به القراض ولكنه لا يلزم. (الثالث): مالا يفسد العقدن ويلزم الوفاء به. 2 - الفرع الثاني: في الشروط في الوقف فقسمها إلى ثلاثة أقسام: (الأول): مالا يفسد به الوقف. (الثاني): ولا يفسد الوقف به ولا يلزم الوفاء به. (الثالث): مالا يفسد الوقف ويلزم الوفاء به. 3 - الفرع الثالث: في الشروط في الهبة فقسمها إلى أربعة أقسام: (الأول): ما تفسد به الهبة. (الثاني): ما يخير الواهب في اسقاطه فتصح الهبة أو التمسك به متبطل. (الثالث): مالا يفسدها لا يلزم الوفاء به. (الرابع): مالا يفسدها ويلزم الوفاء به. وتحت هذه المسائل فروعاً وتنبيهات.

المبحث الرابع مدى حاجة الكتاب للتحقيق

وبعد الحمد لله والتصلية على النبي صلى الله عليه وسلم أشار الإمام الحطاب إلى ختم. هذا التأليف القيم المفيد في بابه الفريد في نسجه عرضاً وتحليلاً وتوثيقاً فقال "وقد تم الكلام فيما حررته في مسائل الالتزام وانتجز الغرض الذي قصدت فيه من بيان الأنواع والأقسام فجاء بحمد الله كتاباً مفيداً في بابه عظيم النفع لمن أمعن النظر فيه من طلابه، جمعت فيه فوائد عديدة، وتحقيقات مفيدة ..... إلخ. ثم حمد الله على إتمامه على هذا الوضع، والتوصيف، وبذلك فأتي إلى الختم رحم الله مؤلفه رحمة واسعة، وجزاه عن العلم، وأهله خير جزاء يجازي به العاملون المخلصون وبالله التوفيق. المبحث الرابع مدى حاجة الكتاب للتحقيق إن الاهتمام بتحقيق نوادر المخطوطات لتكون بجانب ما تم تحقيقه بالفصل من كتاب التراث الإسلامي نواة لمكتبة تجمع تراث السلف. لهو عمل عظيم حقاً تفتخر به المكتبة الإسلامية لا سيما كتابات الإمام الحطاب ومصنفاته الشهيرة بحيث لا ينكر منصف بحال من الأحوال دورها في إثراء المكتبة الإسلامية، وأنها قامت وتقوم بدور فعال وملحوظ في خدمة طلاب العلم المعرفة، من ذلك كتابه الذي بين أيدينا الآن "تحرير الكلام" والذي أبرز بالفعل نوعاً خصاصاً من الابتكار، وطريقه غير الطرق السلوكية في التأليف الفقهي فهو جدير بأن ينال حظاً من حيث التحقيق، والدراسة ثم من بعد النشر كي يشق طريقه إلى ذوي الاختصاص من المنخرطين في سلك القضاء، والمهتمين به خصوصاً وأنه بحث دقيق مهم يحتاج إليه أهل القضاء والفتوى من رجال الفقه المالكي، ومما يدل على أهمية الكتاب منذ عصر المؤلف إلى يومنا هذا كثرة نسخ الكتاب وانتشارها شرقاً وغرباً واختلاف تواريخ النسخ حتى أن الشيخ عليش أدرج هذا البحث في فتاويه المشهورة (¬1) عندما سئل عن مسألة ¬

(¬1) أنظر فتح العلي المالك جـ 1 ص 217 وما بعدها الطبعة الأخيرة 1958 مطبعة الحلبي.

تتعلق بالالتزامات فأجاب بما حواه هذا الكتاب من المقدمة إلى الخاتمة ولكي يظهر هذا التأليف جلياً في أتم صورة وأحسنها، وحتى نتعرف على مدى عناية السلف بعلم الفقه لا في عصر النهضة العلمية بل في العصور التي لا تبعد عنا كثيراً، وهي من عصور التقهقر العلمي لا في ربوعنا خاصة (¬1) بل في ربوع العالم الإسلامي قاطبة. وكذلك نتعرف عن كتب أن هذه العناية لم تكن مقصورة على الجمع والاغارة على الغير كما هو موجود عند بعض العلماء. لكن الأمر هنا على العكس من ذلك تماماً بل هي عناية فيها إبراز للشخصية بمالا ينكر لأنه في وضعه هذا المؤلف الرائع أتى بطريقة لم يتبع فيها أحداً، ويصح أن ننعتها بأنها طريقة خاصة به لأنها ذات خصائص غير موجودة ولا متوفرة في غيرها يمكن لي أن صح التعبير أن نسميها طريقة لتقريب المسالك الفقهية أي الطريقة التقريبية للفقه على الباحث من جهة، والمتخصص من جهة أخرى حتى لا يتيه في صحراء كأنها لا نهاية لها لكثرة تشعب المسائل، وصعوبة استخراجها من الأمهات، لذا كان من المفيد جداً العمل على نشر هذا الكتاب بعد إعطائه حقه بحثاً وتحقيقاً حتى يتضح لذوي البصائر محاولة هذا الفقيه الفريدة من نوعها، وما أبدأه له تفكيره المتطور المتحرر المتفتح في استخراج مسائل الالتزام من كتب الأمهات، وما أكثرها عداً، وضم الشوارد لبعضها وما أكثرها متناثرة هنا وهناك حتى تكون سهلة لمتناولها ينهل منهما متى شاء وحيث شاء لا تصده مشقة، ولا يحول بينه وبين ما يريد تشتت مسائل مبعثرة، وبذلك ينتفع الدارسون ويجد الباحثون من طلبة العلم ورواد المعرفة بغيتهم في يسر وسهولة. والله ولي التوفيق. ¬

(¬1) كان القرن العاشر الهجري بالنسبة لليبيا عصر ظلمات سياسياً وعلمها لإستيلاء الأسبان على البلاد سنة 916 هـ وللتقهقر العام فالصورة قاتمة مهزوزة دون شك.

المبحث الخامس قيمة الكتاب العلمية

المبحث الخامس قيمة الكتاب العلمية إن الفقه الإسلامي من أثرى العلوم لما توفر له من أفكار عملت طوال قرون على تنميتة للإجتهاد الذي كان ميداناً للأفكار والكشف عنهما، ولكن هذه الثروة الفقهية بقدر اتساعها كانت عسيرة على الباحثين إلا من أوتي قوة في الحفظ مثل الإمام الحطاب على سبيل المثال لا الحصر المتخصص في ذلك، ومن قبله الإمام البرزلي. وهذه الناحية المستعصبة في الفقه لم تخفى على علماء الإسلام تحاولوا تقريب الفقه بوسائل وطرق خاصة حتى يجد الباحث ضالته، ويظفر بالمسألة بسهولة ويسر، والملاحظ أن الأمر الذي حمل علماء السلف، ودعاهم إلى هذا التقريب الشعور البالغ منهم بمدى قيمة وأهمية هذه البحوث المستعدة من صميم الأصول الإسلامية والمعتمدة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والصالحة في أصولها وفروعها لمسايرة العقل البشري على مختلف العصور والأزمان، فلهذا بقيت معتمدة لا من المسلمين فحسب بل من غيرهم أيضاً كما تشهد به المقارنات المثبتة والتي تشير بوضوح إلى أن أهم القوانين الوضعية في العالم، وهي القوانين الفرنسية اقتبست من الفقه الإسلامي، واعتمدته أصلاً، وبخاصة الفقه المالكي حيث اهتمت الجامعات الفرنسية بدراسة موطأ مالك، وكانت تحرض الطلبة العرب المهتمين بالشريعة الإسلامية على أن تكون بحوثهم منصبة على دراسة وترجمة موطأ (¬1) الإمام مالك. ولكي ندرك ضرورة التقريب في علم الفقه بالخصوص، ونعرف كنهها نأتي بما أشار إليه الإمام الحطاب في مقدمةكتابه تحرير الكلام ونصه وبعد فقد ¬

(¬1) يقول كارل في وصف الموطأ هو ليس من كتب الحديث فحسب بل من كتب الفقه يبين أحكام العبادات والمعاملات في ضوء إجماع أهل المدينة وما انتشر بينهم من الحديث والسنةن كما يتعرض للخلافات الخارجية عن ذلك، وفي بعض الفروع لا يسوق مالك حديثاً واحداً يعتمد عليه بل يذكر فتاوى المجتهدين ثم يصدر هو حكمه ويخبر عن إجماع أهل المدينة. أنظر تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان جـ 3 ص 275.

شاع عن مذهب الإمام مالك رضي الله عنه الحكم بالالتزام، وكثر السؤال عن ذلك عند التشاجر والخصام، ولم يكن له في كتب أهل المذهب باب، ولا فصل مقرر، ولا علمت فيه مصنفاً يؤخذ حكمه منه، ويحرر بل مسائله متفرقة في الكتب، والأبواب كثيرة التشعب والاضطراب، وليس الحكم به على الإطلاق بصواب فاستخرت الله تعالى في جمع ما تيسر من مسائله وضبط أقسامه، وتبيين مشكله، وتحرير أحكامه هذا مع علمي بأن المصنفين في الأبواب المقررة والمسائل المشتهرة يقع منهم الخطأ في عده من المسائل، وفي كثير من التوجيهات والدلائل فكيف بالتصنيف في باب لم تحصر مسائله تصنيفاً، ولم تضبط قواعده تأليفاً لكن قصدت أن أفتح الكلام في هذا الباب .. فربما يأتي شخص يبين ما في كلامي من خطأ أو صواب، ويضم إلى ما ذكرت مما شاء كله من المسائل فتحصل بذلك الفائدة للمستفيدين، ويتحرر بذلك الصواب للمسترشدين (¬1). أهـ. مختصراً وفي الجملة يعتبر هذا الكتاب هو أحسن كتاب من نوعه في موضوع الالتزام فقد أفاض مؤلفه القول في ذلك إفاضة تامة لم أراها اغيره من علماء الفقه، وأرى من جانبي أن هذا الكتاب مفيد جداً في بابه عظيم النفع في مجاله، فهو بحق من الكتب الممتازة التي يفخر بها ويعتز بها المسلمون، وينتفع بها الدارسون والمشتغلون في سلك القضاء على اختلاف طبقاتهم، وفي الختام أؤكد بأن هذه المحاولات على تنوعها للتقريب الفقهي ذات جدوى عظيمة لأنها تقريب لكنز ثمين، ولكن غفل عنه الغافلون. ¬

(¬1) أنظر نسخة الأصل ورقة 1 أ - ب وجه وظهر.

الخاتمة

الخاتمة مقدمة التحقيق الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على من أوتي فصل الحكم، وجوامع الكلم، وآله وصحبه الذين إهتدوا بهديه، وساروا على أثره، ومن تبعهم ممن أناروا السبيل بمشاعل العلم ومصابيح المعرفة، فقادوا الإنسان إلى الهدى والرشاد وانطلقوا بهم على حجة الحق والسداد، وجنبوهم مزالق الفتنة ومهاوي الضلالة فسلمت للناس عقيدتهم، وصحت لهم شريعتهم فكانوا على بينة من أمر دينهم عقيدة وشريعة. فقد أقاموا بعلومهم مستثمرين في ذلك، ومستخدمين نضجهم العقلي وسلامة تفكيرهم صرح الدين وعموده، ودونوا لنا نتائج فكرهم وثمرات عقولهم ومضمون دراساتهم وأبحاثهم تراثاً ضخماً خالداً ينير طريق الحق والصواب، ويأخذ بيد المسلمين على أساس ثابت من العلم، وأصل متين من المعرفة. ومن هؤلاء الرجال الإمام الحطاب، وهو غني عن التعريف فمجهوده هذا الذي نقدمه بين يد القراء والباحثين والدارسين لجدير بأن يضع الإمام الحطاب في مكان الصدارة بين أقرانه رحمه الله رحمة واسعة، ونفعنا الله بعلمه هذا، وقد كان سندي في إخراج هذا الكتاب ما يأتي: 1 - مخطوطة بمكتبة الأوقاف بطرابلس: رقم المخطوط (ع / 516 خ و 251). عدد الورقات 130 ورقة. المقاس 20 × 14. المسطرة 24. البداية: المقدمة.

النهاية: دعاء ختم الكتاب. حالة المخطوط: جيدة. الخط: مغربي جيد. اسم الناسخ: عبد العزيز بن الحاج علي بن عبد القادر الفطيسي. تاريخ النسخ: يوم الأربعاء التاسع من شهر ربيع الأول سنة 1184 هـ، ورمزنا لها بكلمة (الأصل) عند التحقيق. 2 - مخطوطة بمكتبة الأوقاف طرابلس: رقم المخطوط (ع / 608 خ أو 255). عدد الورقات: 68 ورقة. المقاس: 22 × 15. المسطرة: 21. البداية: قال في المدونة في كتاب التجارة إلى أرض الحرب على أن الأمر وقع مبهماً لم يبين فيه أنه إن مات الصبي أتى البائع بآخر. النهاية: فرع - قال ابن رشد في آخر الرسم الأول من سماع أشهب من كتاب العيوب: إذا قال الرجل إن كان فلاناً قد اعترى هذا النقص بكذا، فقد سلمت له الشفعة، فهذا لا يلزمه التسليم إن اشترى. حالة المخطوط: حسنة، لكن به نقص في أوله وبتر في آخره. الخط: مغربي واضح جميل ورمزنا لها بحرف (ع). الناسخ: غير مذكور. 3 - مخطوطة بدار الكتب الوطنية (¬1) بتونس: رقم المخطوط: أحمدية رقم قديم (3145) والرقم الجديد (14885). ¬

_ (¬1) وقفت على عدة نسخ للكتاب مخطوطة اخترت من بينها النسخة الموضحة آنفاً لأن أثر المقابلة عليها واضح حيث ذكر أنها قوبلت على نسخة صحيحة، وهي تتفق تماماً وإلى حد بعيد مع نسخة مكتبة الأوقاف المشار إليها بالأصل، وهي أيضاً عليها أثر المقابلة على نسخة صحيحة لذلك أعتمدها كأصل للتحقيق وأرقام النسخ بدار الكتب الوطنبة (540)، (573)، (570)، (2836)، (3132)، (1666) .. كذلك توجد نسخة منه بمكتبة الجامع الكبير بمكناس وأخرى بدار الكتب المصرية رقمها (19946/ ب).

عدد الورقات: 130 ورقة. المقاس: 22 × 15. المسطرة: 23. البداية: مقدمة الكتاب. النهاية: دعاء ختم الكتاب. حالة المخطوط: حسنة. الخط: مغربي حسن. الناسخ: غير مذكور. تاريخ النسخ: في حدود 1186 هـ وتاريخ تحبيسه 1268 هـ على جامع الزيتونة. رمزنا للنسخة: بحرف (م). ... إن أعماق الأمة الإسلامية زاخرة بالكنوز التي دبجتها براعة السلف الصالح، فمن لهذه الكنوز يخرجها إلى دنيا المسلمين لتنير حياتهم، وترشد أجيالهم، وتجعلهم على الجادة سائرين؟ هل من مجيب؟ هذا والذي يستعين به طالب العلم على فتح ما انغلق وكشف ما التبس إخلاص النية، واغتنام الفوائد، والحرص على الزيادة والرغبة إلى الله في التوفيق والهداية.

(القسم التحقيقي) المقدمة. الباب الأول: في الالتزام الذي ليس بمعلق. الباب الثاني: في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم -بكسر الزاي-. الباب الثالث: في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم له -بفتح الزاي-. الباب الرابع: في الإلتزام المعلق على غير فعل الملتزم والملتزم له. خاتمة، وفيها فصلان: الفصل الأول: في إسقاط الحق قبل وجوبه. الفصل الثاني: في الشروط المنافية لمقتضى العقد.

(القسم التحقيقي) بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد والذين معه وسلم. قال سيدنا وشيخنا الإمام العالم العلامة أبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام العالم العلامة أبي عبد الله محمد (¬1) الحطاب المغربي المالكي رحمه الله تعالى، ونفعنا ببركتهما في الدنيا والآخرة. الحمد لله الذي ألزم عباده المؤمنين بالوفاء (¬2) بالعقود، وأمرهم في كتابه وعلى لسان نبيه [محمد] (¬3) صلى الله عليه وسلم بحفظ المواتيق والعهود ومدح نفسه وكثيراً من خواصه بالوفاء بالوعد ووصف بضد ذلك أبليس ومن وافقه من ذوي البعد والطرد (¬4). ¬

(¬1) هو الإما الحطاب رحمه الله المصنف. (¬2) احترام الشريعة للعقود وإلزام المتعاقدين الوفاء بها حتى يتحقق الغرض المقصود منها كما تدل على ذلك الآيات الكريمة: أ ... قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود" سورة المائدة 1/ 120. ب ... وقال الله تعالى "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا" سورة الإسراء الآية رقم 34/ 110. أنظر نظرية الخيار في عقد البيع للدكتور عبد الحميد الغفاري أستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر ص 5 مذكرة لطلبة الدراسات العليا. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) الطرد: الابعاد والنفي - انظر مختار الصحاح ص 413 والقاموس المحيط جـ 1 ص 311 ط مؤسسة الحلبي للنشر والتوزيع القاهرة.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وأصحابه أولى الصدق والوفاء ما لاح نجم في الآفاق واختفى. وبعد قد شاع (¬1) عن مذهب الإمام مالك رضي الله عنه الحكم بالالتزام (¬2) وكثر السؤال عن ذلك عند التشاجر والخصام، ولم يكن له في كتب أهل المذهب باب ولا فصل مقرر، ولا علمت فيه مصنفاً يؤخذ حكمه منه ويحرر. بل مسائله متفرقة في الكتب والأبواب، كثيرة التشعب والاضطراد، وليس الحكم به على الاطلاق بصواب، بل منه ما يقضي به على الشخص ويحكم ومنه ما يؤمر به المكلف فقط ولا يقضي به عليه ولا يلزم، ومنه باطل لا يؤمر ملتزمة بالوفاء به بل يحرم ذلك عليه ويأثم. فاستخرت الله تعالى في جمع ما تيسر من مسائله وضبط أقسامه وتبيين مشكله، وتحرير أحكامه بحسب ما أدى إليه فهم (¬3) الفاتر، وعلم (¬4) القاصر، مع إعترافي بقلة الفهم وكثرة الخطأ والزلل، وقصور الباع وخلو الرباع من العلم، ومن صالح العمل هذا مع علمي بأن المصنفين في الأبواب المقررة والمسائل المشتهرة يقع منهم الخطأ في عدة من المسائل وفي كثير من التوجيهات والدلائل فكيف بالتصنيف في باب لم تحصر مسائله [تصنيفاً] (¬5)، ولم تضبط قواعده تأليفاً لكن قصدت أن أفتح الكلام في هذا الباب فربما يأتي (¬6) شخص ¬

(¬1) شاع يشيع شيعاً وشيوعاً: بمعنى ذاع وفشا - أنظر القاموس المحيط جـ 3 ص 47 (¬2) لفظ الإلتزام قد استعمله الفقهاء المسلمون من القديم بمعناه الحديث اليوم في الاصطلاح القانوني فقد جاء في الموافقات للشاطبي المالكي بمناسبة الكلام عن خطاب الشارع (أن من شرط تعلق الخطاب إمكان فهمه لأنه إلزام يقتضي التزاماً) انظر الموافقات في مبحث المانع جـ 1 ص 285. (¬3) في الأصل فهم. (¬4) في الأصل وعلم. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) في م يأتي.

بين ما في كلامي من خطأ أو صواب، ويضم إلى ما ذكرت مما شاكله من المسائل فتحصل بذلك الفائدة للمستفيدين، ويتحرر بذلك الصواب للمسترشيدين. وسميته (تحرير الكلام في مسائل الالتزام) (¬1) وأسأل الله العظيم أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع بذلك ويجعله موجباً للفوز بالقربة من (¬2) جنة النعيم ورتبته على مقدمة، وأربعة أبواب وخاتمة. ¬

(¬1) عبارة م في جنات. (¬2) عنوان الكتاب.

المقدمة

(المقدمة) أما المقدمة ففي بيان معنى الالتزام، وبيان أركانه، وشروط كل ركن منها فأقول: مدلول الالتزام لغة: الزام (¬1) الشخص نفسه ما لم يكن لازماً له وهو بهذا المعنى شامل للبيع، والاجارة، والنكاح، والطلاق، وسائر العقود وأما في عرف الفقهاء فهو - الزام (¬2) الشخص نفسه شيئاً من المعروف مطلقاً أو معلقاً على شيء - بمعنى العطية، وقد يطلق في العرف على ما هو اخص من ذلك وهو التزام المعروف بلفظ الالتزام، وهو الغالب في عرف الناس اليوم. وأركان الالتزام أربعة (¬3) كأركان الهبة الملتزم بكسر الزاي، والملتزم له والملتزم به والصيغة فيشترط في كل ركن منها ما يشترط في الهبة كما تدل (¬4) على ذلك مسائلهم. فأما الركن الأول وهو الملتزم بكسر الزاي فيشترط فيه أن يكون أهلاً للتبرع، وهو المكلف الذي لا حجر عليه بوجه وليس بمكره فلا يلزم التزام المحجور عليه كالسفيه، والمأذون له في التجارة، والمكاتب، والمعتق بعضه ومن أحاط الدين بماله، والمكره والزوجة، والمريض فيما زاد على الثلث. نعم سيأتي في الباب الثالث أن من أنواع الالتزام ما يكون من باب المعاوضة فيشترط فيه أي في الملتزم أهلية المعاوضة فقط، وذلك الرشد وعدم الاكراه. ¬

(¬1) تعريف الالتزام في اللغة. (¬2) تعريف الالتزام في الشرع وفق رأي الحطاب. (¬3) هذا التقسيم وفق رأي الحطاب في الالتزام. (¬4) في م تدل.

وأما الركن الثاني وهو الملتزم له فهو من يصح أن يملك، أو يملك الناس الانتفاع به كالمساجد والقناطر. وأما الركن الثالث وهو الملتزم به فهو كل ما فيه منفعة سواء كان فيه غرر أم لا ألا فيما كان من باب المعاوضة ويشترط فيه انتفاء الغرر كما سيأتي. وأما الركن الرابع وهي الصيغة فهي لفظ أو ما يقوم مقامه من أشارة أو نحوها تدل (¬1) على الزام الشخص نفسه ما التزمه. وأعلم إن الالتزام إذا لم يكن على وجه المعاوضة فلا يتم إلا بالحيازة ويبطل بالموت والفلس قبلها كما في سائر التبرعات، وسيأتي التنبيه على ذلك. وينقسم الالتزام إلى أربعة أقسام لأنه أما معلق أو غير معلق، والمعلق أما معلق على فعل الملتزم بكسر الزاي، أو على فعل الملتزم له بفتح الزاي أو على غير ذلك، فانحصر الكلام فيه في أربعة أبواب وأما الخاتمة ففي ذكر مسائل اسقاط الحق قبل وجوبه، ومسائل الشروط المخالفة لمقتضى العقد. ¬

(¬1) في م يوجد بالهامش تنبيه نصه (نسخة باسقاط مما) وهي مثبتة في م.

الباب الأول في الالتزام الذي ليس بمعلق

(الباب الأول) في الالتزام الذي ليس بمعلق وهو الزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف من غير تعليق على شيء، فدخل في ذلك الصدقة، والهبة، والحبس، والعارية، والعمري، والعرية، والمنحة، والافاق، والاخدام، والاسكان والنذر إذا كان غير معلق، والضمان والالتزام بالمهنى الاخص أعني بلفظ الالتزام. والفرق بين هذه الحقائق إنما هو بأمور أعتبارية اعتبرها الفقهاء في كل باب. فخصوا الصدقة، والهبة بتمليك الرقاب وجعلوا الأولى فيما كان لقصد الثواب من الله تعالى خاصة، والثانية فيما كان لقصد ثواب من المعطي أو الوجه المعطى لصداقة أو قرابة، ونحو ذلك. وخصوا الحبس (¬1) وما بعده إلى الاسكان باعطاء المنفعة فإن كان ذلك على التأبيد فهو الحبس، وإن كان ذلك مدة حياة المعطى فهو العمري، وإن كان محدوداً بمدة أو غير محدود فهو العارية فإن كان ذلك في عقار أطلق عليه الاسكان وإن كان ذلك في ثمرة أطلق عليه العرية، وإن كان في غلة حيوان أطلق عليه المنحة، وإن كان في خدمة عبد أطلق عليه الاخدام، وإن كان في منافع تتعلق ¬

(¬1) يعني بالإضافة إلى الحبس العارية، والعمري، والعرية، والمنحة، والارفاق، والاخدام، والاسكان بدخول الغاية.

بالعقار أطلق عليه (¬1) الافاق، وخصوا الضمان بالتزام الدين لمن هو له، أو التزام احضار من هو عليه لمن هو له. وخصوا النذر المطلق بالتزام طاعة الله تعالى بنية القربى، والالتزام الأخص بما كان بلفظ الالتزام كما تقدم، وتخرج العدة لأنه لا التزام فيها وسيأتي الكلام على ما يقضي به منها، وما لا يقضي إن شاء الله تعالى، وهذا القسم يقضي به على الملتزم ما لم يفلس أو يمت أو يمرض مرض الموت إن كان الملتزم له بفتح الزاي معيناً، ولا أعلم في القضاء به خلافاً إلا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول، وهو خلاف معروف في المذهب بل نقل ابن رشد (¬2) الاتفاق على لزوم الهبة بالقول وإن كان الملتزم له غير معين فسيأتي الكلام عليه في فصل مستقل بعد هذا إن شاء الله تعالى. قال ابن عرفة (¬3): والمعروف لزوم العطية بمقدها ابن زرقون. قال المازري: للواهب الرجوع في هبته قبل حوزها عند جماعة. وفي قوله شادة ¬

(¬1) في م - عليها. (¬2) هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المالكي يكنى أبو الوليد قرطبي له مؤلفات منها البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، وكتاب المقدمات لأوائل كتب المدونة وغيرها كثير ولد في شوال سنة خمس وأربعمائة، وتوفي رحمه الله ليلة الأحد ودفن عشية الحادي عشر من ذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة ودفن بمقبرة العباس وصلى عليه ابن القاسم وشهده جمع عظيم من الناس كان الثناء عليه حسناً جميلاً انظر الديباج المذهب لابن فرحون تحقيق الدكتور محمد الأحمدي أبو النور طبعة دار التراث القاهرة جـ 2 ص 248 وما بعدها. (¬3) هو الإمام العلامة المقرئ الفروعي الأصولي المنطقي البياني شيخ الشيوخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة المالكي مذهباً الورغي نسباً التونسي مولداً ومنشأ له تصانيف كثيرة منها تأليفه الفقهي لم يسبق به في تحقيقه وتهذيبه وجمعه وأبحاثه الرشيقة، وحدوده الدقيقة، وله في أصول الدين تأليف عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي، واختصر كتاب الحوفي، وله تأليف في المنطق زد على ذلك تأليفه الفرض وغير ذلك من املاءته في الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية، والأحكام الشرعية ولد سنة ستت عشر وسبعمائة، وتوفي رحمه الله عام ثلاثة وثمانمائة. انظر: الديباج المذهب لأبي فرحون جـ 2 ص 331 وما بعدها وكذلك شرح حدود ابن عرفة لقاضي الجماعة ابن عبد الله محمد الأنصاري المشهور بالرصاع التونسي المتوفى سنة 894 هـ ص 4 وما بعدها.

عندنا، وحكاها الطحاوي (¬1) عن مالك، وحكاها ابن خويز منداد (¬2) عن مالك. ابن عرفة تقدم في الحبس نقل ابن رشد الاتفاق (¬3). أ. هـ. هذا حكم مطلق العطية، والالتزام نوع منها بل ربما كان أقوى من حيثية دلالة لفظ الالتزام على الايجاب والامضاء، وقال (¬4) مالك (¬5) في كتاب الحمالة من المدونة وأن أشهد رجل على نفسه أنه ضامن بما يقضي به لفلان على فلان، أو قال أنا كفيل بما لفلان على فلان وهما حاضران أو غائبان، أو أحدهما لزمه ما أوجبه على نفسه من الكفالة والضمان لأن ذلك معروف والمعروف من أوجبه على نفسه لزمه (¬6). أ. هـ. ¬

(¬1) هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأسدي الطحاوي من كبار أئمة الحنفية في الحديث والفقه والخلاف، وإليه أنتهت رياسة الحنفية بمصر صنف كتباً مفيدة منها أحكام القرآن، واختلاف العلماء، والشروط ولد في طحا من صعيد مصر سنة تسع وعشرين وقيل ثمان وقيل تسع وثلاثين ومائتين توفي في مستهل ذي القعدة سنة احدى وعشرين وقيل اثنين وعشرين وثلاثمائة. انظر ترجمته في مرآة الجنان جـ 2 ص 281 (¬2) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن جويز منداد الفقيه المالكي أخذ الفقه عن الأبهري، له مؤلفات قيمة منها كتاب في الخلاف وكتاب في أصول الفقه أعده الزركشي من جملة المصادر التي اعتمد عليها في أصول المالكية عند تأليفه لكتابه البحر المحيط. انظر ترجمته في ترتيب المدارك جـ 3 ص 606 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 103 وطبقات الشيرازي ص 142 والديباج جـ 1 ص 299. (¬3) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 22 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133. (¬4) في م بل قال. (¬5) هو الإمام المشهور أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي نسبة إلى ذي أصبح قبيلة كبيرة باليمن سموا باسم جدهم أصبح اختلف في تاريخ ميلاده فقيل سنة 90 هـ وقيل 93 هـ وقيل 95 هـ وتوفي رحمه الله بالمدينة المنورة سنة 179 هـ وقيل سنة 178 هـ. انظر ترجمته في المدارك جـ 1 ص 102، والديباج جـ 1 ص 82 وما بعدها، والإمام مالك للشيخ أبو زهرة. (¬6) انظر المدونة جـ 13 ص 109 طبعة مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هـ لصاحبها محمد إسماعيل.

وقال في كتاب المديان ومن ضمن لرجل ماله على ميت ثم بدا له فقد لزمه ذلك لأن المعروف كله إذا أشهد به على نفسه لزمه (¬1). أ. هـ. قلت: وذكر الاشهاد هنا ليس شرطاً في اللزوم، وإنما خرج مخرج الغالب كما يظهر ذلك مما قبله، ومما سيأتي والله تعالى أعلم. وقال في آخر سماع أشهب (¬2) من كتاب العارية قال أشهب: سمعت مالك يسئل عن رجل قال لبيعه بع ولا نقصان عليك فقال لو قال له قولاً بيناً ثم رجع لم أر له ذلك، ورأيته لازماً. قال ابن رشد: وهذا كما قال أنه إذا قال له بعد االبيع بع ولا نقصان عليك يلزمه لأن معنى قوله بع ولا نقصان عليك بع والنقصان علي فهذا أمر قد أوجبه على نفسه، والمعروف على مذهب مالك وجميع أصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه ما لم يمت أو يفلس، وسواء قال له ذلك قبل أن ينقد أو بعد ما انتقد (¬3) إلا أن يقال له قبل أن ينتقده انتقدني وبع ولا نقصان عليك فلا يجوز ذلك لأنه يدخله بيع وسلف. أ. هـ. وهذه المسألة من مسائل الالتزام المعلق على فعل الملتزم له الذي فيه منفعة له فهي من مسائل النوع السادس من الباب الثالث، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى هناك مع ذكر الفروع المتعلقة بها. ¬

(¬1) انظر المدونة جـ 13 ص 68 طبعة السعادة. (¬2) هو الإمام أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم أبو عمر القيس العامري الجعدي من ولد جعدة بن كلاب بن ربيعة بن عامر اسمه مسكين وهو من أهل مصر من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك، وأشهب لقب. قال فيه الشافعي (ما رأيت أفقه من أشهب) انتهت إليه الرياسة بمصر بعد ابن القاسم وقال ابن عبد البر لم يدرك الشافعي بمصر من اصحاب مالك إلا أشهب، وابن عبد الحكم وأخذ عن الشافعي هو وابن عبد الحكم، ولد أشهب سنة أربعين ومائة وقيل سنة خمسين ومائة، وتوفي رحمه الله بمصر سنة أربع ومائتين بعد الإمام الشافعي بثمانية عشر يوماً وكان بينهم صحبة أنظر: الديباج جـ 1 ص 307 وما بعدها - والإمام مالك لأبي زهرة ص 252، 253. (¬3) انظر مواهب الجليل للإمام الحطاب جـ 6 ص 56 طبعة السعادة 1329 هـ.

مسألة من التزم الإنفاق على شخص مدة معينة،

وقال أبي عرفة في كتاب العارية، والوفاء بها لازم لأنها معروف وفيها من ألزم معروفاً لزمه (¬1) أ. هـ. وقد يتبادر إلى الفهم أن النص الذي ذكره ابن عرفة عن المدونة في باب (¬2) العارية وليس هو فيه، وإنما المذكور في المدونة ما تقدم في كتاب الحمالة، وكتاب المديان، وقد اغتر بذلك بعض طلبة العلم فنسب اللفظ المذكور لكتاب (¬3) العارية من المدونة وليس هو فيه. مسألة من التزم الإنفاق على شخص مدة معينة، أو مدة حياة المنفق أو المنفق عليه، أو حتى يقدم زيد أو إلى أجل مجهول لزمه ذلك ما لم يفلس أو يمت لأنه [قد] (¬4) تقدم في كلام ابن رشد أن الحروف على مذهب مالك وأصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه ما لم يفلس أو يمت. وقال في كتاب (¬5) الشركة من المدونة: في مسألة تعدى أحد الشريكين في وديعة عنده إذا علم شريكه بالعداء ورضي بالتجارة بها فلهما الربح والضمان عليهما، وإن لم يعلم فالربح للمتعدي والضمان عليه، وقال غيره إن رضي الشريك وعمل معه فإنما له أجر مثله فيما أعانه، وإن رضي ولم يعمل معه فلا شيء له ولا ضمان عليه ولا يوجب الرضا دون بسط اليد ضمان ولا ربحاً إلا من وجه قول الرجل للرجل لك نصف ما أربح في هذه السلعة فله طلبه بذلك ما لم يفلس أو يمت. قال في التنبيهات: كتبت عن بعض شيوخي أنه يقوم من هذا أنه من التزم نفقة فلان هذه السنة أنه يلزمه ما لم يمرض أو يفلس. أ. هـ. ونقله أبو الحسن والفروع الآتية [كلها] (¬6) صريحة في القضاء بذلك. ¬

(¬1) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 3 ص ورقة 48 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10846. (¬2) في م كتاب. (¬3) انظر المدونة جـ 15 ص 162 طبعة السعادة. (¬4) ساقطة من م. (¬5) انظر المدونة جـ 12 ص 77، 78 طبعة السعادة 1323 هـ. (¬6) ساقطة من الأصل.

فرع واختلف الشيوخ هل تدخل الكسوة في النفقة أم لا؟

فرع واختلف (¬1) الشيوخ هل تدخل الكسوة في النفقة (¬2) أم لا؟ قال ابن سهل في أحكامه (¬3) قال ابن زرب (¬4) في مسائله فيمن التزم الانفاق على رجل وأبى أن يكسوه، وقال إنما أردت الانفاق لا الكسوة وطلب الملتزم له الكسوة مع النفقة (¬5) فشغلت بالي مدة ثم ظهرت لي فالزمته أن ينفق عليه ويكسوه، والحجة في ذلك قوله تعالى (وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضمن حملهن) [الطلاق: 6/ 65] فأجمع أهل العلم (¬6) على أنه ينفق عليهما ويكسوها فالكسوة داخلة في النفقة. قال ابن سهل: في قوله نظر لأن هذا إنما هو في كا نفقة يحكم بها كنفقة الزوجات والآباء والبنين والعبيد، وعامل القراض إذا كان المال كثيراً والسفر بعيداً، وأما من التزم الانفاق على أحد احساناً إليه وقال إنما أردت الاطعام لا الكسوة وقال الآخر قد التزمت لي انفاقاً مجملاً فاكسني كما تطعمني فهذا لا يلزمه عندي بدليل قول مالك في كتاب الرواحل (¬7) من المدونة لا بأس أن يستأجر العبد السنة على أن على الذي استأجره نفقته وكذلك الحر. فقلنا لمالك فلو اشترط الكسوة فقال: لا بأس بذلك فقوله فلو اشترط الكسوة بعد قوله ¬

(¬1) خلاف مشهور بين ابن سهل وابن زرب في هذه المسألة انظر تفصيل ذلك مجملاً في كتاب شرح حدود ابن عرفة للرصاع التونسي المتوفى سنة 894 هـ. (¬2) في الأصل: هل تدخل النفقة في الكسوة هنا تقديم وتأخير ربما نتيجة سهو من النسخ. (¬3) انظر الاعلام بنوازل الأحكام لابن سهل ورقة 23 ضهر ص 125 وما بعدها صورة طبق الأصل مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18394، عن رصيد مكتبة حسن حسني عبد الوهاب. (¬4) هو محمد بن يبقى بن زرب القاضي أبو بكر قرطبي كان ابن زرب أحفظ أهل زمانه لمذهب مالك، كان مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله في رمضان سنة احدى وثمانين وثلاثمائة انظر ترجمته في جـ 2 ص 2301 وكذلك تاريخ قضاة الأندلس ص 77 وما بعدها. (¬5) عبارة الانفاق. (¬6) انظر تفسير القرطبي جـ 18 ص 168. طبعة دار الكتب. (¬7) انظر المدونة جـ 11 ص 113 طبعة السعادة ..

استأجره على أن عليه نفقته يدل على أن النفقة لا تقتضي الكسوة، وإن كانت عنده مقتضية لها لقال له إذا سأله عنها لفظ النفقة يقتضيها، ويؤيده أيضاً أنه لو التزم الانفاق على انسان فأنفق عليه شهراً أو سنة وقال هذا الذي أردت ولا أزيد على ذلك، وطلب الآخر الانفاق عليه حياته لصدق الملتزم، ولا يلزمه (¬1) أكثر مما ذكر أنه أراده لا يجوز غير هذا وفي كتاب الصدقة (¬2) من المدونة من تصدق على رجل بحائطه وفيه ثمرة مأبورة أو طيبة وقال إنما تصدقت بالأصل لا الثمرة فهو مصدق بلا يمين وكذا روى أشهب في كتاب ابن المواز (¬3) أنه لا يمين عليه وقد يتخرج من [بعض] (¬4) مسائل هذا المعنى أنه يحلف وفي [كتاب] (¬5) سماع أشهب من استرعى أنه متى أعتق عبده أو متى حبس داره [التي] (¬6) بموضع كذا ثم أعتق أو حبس لم يلزمه وإن لم تعرف البينة ذلك وصدق فيما يدعيه ويذكره، وقد مر في متابنا هذا من كلام ابن زرب أن كل متطوع مصدق وأما إذا قال ملتزم الإنفاق لم تكن لي نية في مطعم ولا ملبس فإنه يقال له قم بهما جميعاً أ. هـ. مختصراً من الأحكام الكبرى والصغرى، ونقله ابن عرفة باختصار، وقال بعده هذا اقرار منه بدخول الكسوة في مسمى النفقة لأنه إن (¬7) كان من مسماها لزم ولا ينفعه قوله إنما أردت الاطعام كما لو قال ما أردت إلا الكسوة لم يقبل. قال ابن عرفة ثم رأيت للمتيطي أثر قوله قيل له قم بهما جميعاً لعل جواب ابن زرب في هذا وهو محل نظر، وإذا لم يتناول لفظ النفقة ¬

(¬1) عبارة م وما يلزم بأكثر. (¬2) انظر المدونة جـ 15 ص 115 وما بعدها. (¬3) هو محمد بن إبراهيم بن زياد الاسكندري المعروف بابن المواز كان راسخاً في الفقه والفتيا عالماً في ذلك، وله كتابه المشهور الكبير المعروف بالموازية وهو أجل كتاب ألفه المالكيون واصحه مسائل وأبسطه كلاماً وأوعبه، وقد رجحه القابسي على سائر الأمهات في هذا الكتاب جزء تكلم فيه على الشافعي وعلى أهل العراق بمسائل من أحسن كلام وأجل وله كتاب الوقوف كان مولده في رجب سنة ثمانين ومائة وتوفي رحمه الله بدمشق لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة تسع وستين ومائتين وقيل سنة إحدى وثمانين. انظر الديباج جـ 2 ص 166/ 167 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 68. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من م. (¬6) ساقطة من الأصل .. (¬7) في م إذا.

الكسوة على ما قال ابن سهل (¬1) فكيف تلزمه الكسوة مع عدم النية، وأما إذا ادعى نية فبين أنه (¬2) لا يقضي إلا بما نوى. قال المتيطي (¬3) ثم رأيت في الموازية مثل قول ابن زرب. قال مالك ومن أوصى بنفقة رجل حياته أخرج له من الثل ما يقوم به منتهى سبعين سنة من ماء، وحطب، وطعام وكسوة ثم قال ابن عرفة هذا واضح يعني كلام المتيطي إلا قوله إنما يقضي عليه بما نوى بل [بما] (¬4) يدل عليه ظاهر لفظه، وفي (¬5) كتاب (¬6) الشركة ما نصه: أرأيت المتفاوضين كيف يصنعان في نفقتهما قال: قال مالك تلغى نفقتهما معاً وفي كتاب (¬7) المتفاوضين [لما] (¬8) قال مالك تلغى النفقة ¬

(¬1) هو القاضي أبو الأصبغ عيسى بن سهل عبد الله الأسدي القرطبي الإمام الفقيه الموثق النوازلي الحافظ المشاور تفقه بابن عبد الله بن عتاب ولازمه وأخذ عن ابن القطان وغيرهما، وأجازه ابن عبد البر كان يحفظ المدونة والمستخرجة، وتفقه به جماعة منهم القاضي أبو محمد بن منصور وغيره كان جيد الفقه مقدم في الأحكام وله في الأحكام كتاب حسن (الأعلام بنوازل الأحكام) عول عليه شيوخ الفتيا والحكام، وله فهرسة مولده سنة 413 هـ وتوفي رحمه الله سنة ست وثمانين واربعمائة بغرناطة انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 70 وما بعدها، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 121، وتاريخ قضاة الأندلس ص 96 وما بعدها. (¬2) في - م - ان. (¬3) هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الأنصاري يعرف بالمتيطي وبه اشتهر صاحب الوثائق المشهورة، ومتيطة قرية من أجوار الجزيرة الخضراء بالأندلس، لازم بمدينة فاس خاله أبو الحجاج المتيطي، وبين يديه تعلم عقد الشروط، واستوطن مدينة سبتة ولازم بها مجلس أبي محمد عبد الله بن القاضي أبي عبد الله ابن عيسى للمناظرة والتفقه، ألف كتاباً كبيراً في الوثائق سماه (النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام) اعتمده المفتون والحكام، واختصره أعلام منهم ابن هارون، لم نعثر على تاريخ ميلاده. توفي رحمه الله في شعبان سنة سبعين وخمسمائة. انظر ترجمته في نيل الابتهاج بتطريز الديباج على هامش الديباج ص 199 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 163، والفكر السامي جـ 2 ص 266، ومعجم المؤلفين جـ 7 ص 129. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل (¬5) عبارو - م - وفيها. (¬6) انظر المدونة جـ 12 ص 68 طبعة السعادة. (¬7) في - م - في باب. (¬8) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

بينهما علمنا أن ما أنفقا إنما هو من مال التجارة وتلغى الكسوة لأن مالك قال تلغى النفقة والكسوة مثل النفقة (¬1). أ. هـ ومجموعه دليل لابن زرب، وسئل ابن رشد عمن طاع (¬2) بالتزام نفقة ريبيه مدة الزوجية ثم طلق [أمه] (¬3) ثم راجعها بعد عدتها هل تعود عليه نفقة الربيب، وهل تلزمه معها الكسوة؟ فأجاب ببقاء لزومها ما بقي من طلاق (¬4) ذلك المملك شيء، ولا تلزمه الكسوة إن حلف أنه إنما أراد [به] (¬5) الطعام دون الكسوة وكان ابن زرب وغيره من الشيوخ يوجبون الكسوة مع الطعام محتجين بالإجماع على أنها مندرجة في قوله تعالى (فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق: 6/ 65] ولا أرى ذلك لأن النفقة وإن كانت من ألفاظ العموم فقد تعرفت عند أكثر الناس في الطعام دون كسوة (¬6). أ. هـ قال ابن عرفة حاصله أن النفقة عنده موضوعة للطعام والكسوة ثم تخصصت عنده عرفاً بالطعام فقط، وتقرر في مبادئ أصول الفقه (¬7) أن الأصل عدم النقل (¬8) أ. هـ. كلام ابن عرفة. قلت: الذي يظهر من كلام ابن رشد أن لفظ النفقة يطلق في العرف على الطعام والكسوة وعلى الطعام فقط، وأن الأول هو الأشهر فإذا أطلق الملتزم النفقة (¬9) ولم تكن له نية حمل على الأول لأنه الأشهر وأن ادعى الملتزم أنه أراد ¬

(¬1) انظر المدونة جـ 12 ص 69. (¬2) طاعة: انقاد انظر القاموس المحيط جـ 3 ص 65. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) انظر المدونة جـ 4 ص 47 ط السعادة. (¬5) ساقطة من م. (¬6) انظر نوازل ابن رشد ورقة 15 ضهر سطر 11 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12397. (¬7) في م الفقهية وهو تصحيف ظاهر. (¬8) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 103 وجه مخطوط رقم 12147، بدار الكتب الوطنية تونس. (¬9) في م اللفظ.

المعنى الآخر قبل قوله مع يمينه، وإلى هذا يرجع كلام ابن سهل والمتيطي غير أن في قول ابن رشد عند أكثر الناس مسامحة، والأولى أن يقول عند كثير لأنه لو كان المعروف عند أكثر الناس المعنى الثاني لا نبغي أن يحمل اللفظ عليه بلا يمين فتأمله، وقد ذكر ابن رشد في مسائل الحبس من (¬1) نوازله أنه يجب أن يتبع قول المحبس فما كان من نص جلي أو كان حياً فقال أنه أراد ما يخالفه لم يلتفت إلى قوله ووجب أن يحكم به ولا يخالف حده فيه ألا أن يمنع منه مانع من جهة الشرع. وما كان من كلام محتمل لـ وجهين فأكثر حمل على أظهر (¬2) محتملاته ألا أن يعارض أظهرها أصل فيحمل على الأظهر من باقيها إذا كان المحبس قد مات ففات أن يسأل عما أراد بقوله من محتملاته فيصدق فيه إذ هو أعرف بما أراد وأحق ببيانه من غيره (¬3) أ. هـ. فعلم منه أنه إذا كان المحبس حياً وفسر اللفظ بأحد محتملاته قبل تفسيره به (¬4) ولو كان خلاف الأظهر، ولا يقبل قوله في الصريح أنه أراد به خلاف معناه، وقول ابن عرفة أثر كلام ابن سهل هذا أقرار منه بدخول الكسوة في مسمى النفقة لأنه إذا كان هو مسماها لزم، ولا ينفعه قوله أنما (¬5) أردت الإطعام كما لو قال ما أردت إلا الكسوة فيه نظر لأنه إنما يلزم ذلك إذا كان لفظ النفقة لا يطلق إلا على الإطعام والكسوة وأما إذا كان يطلق على ذلك، ويطلق على الإطعام وحده، وأدعى الملتزم أنه أراده فإنه يقبل قوله، وإن كان ذلك الاطلاق مرجوحاً لأنه متطوع وكل متطوع مصدق كما تقدم في كلام ابن سهل عن ابن زرب فلا يلزم بأكثر مما أراد إذا كان لفظه صالحاً لما ادعاه، وأما إذا قال ما أردت إلا الكسوة فلا يقبل قوله لأن لفظ النفقة لا يطلق على الكسوة فقط فتأمله وقول ابن عرفة أيضاً أثر كلام ابن رشد أن الأصل عدم النقل صحيح لكن إذا ¬

(¬1) في م في. (¬2) في م أكثر. (¬3) انظر اختصار نوازل ابن رشد ورقة 66 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189. (¬4) في م له. (¬5) في م وإنما.

فرع قال في مختصر المتيطة وإن طاع الزوج لزوجته بجميع مؤنة ولدها من غيره

ثبت النقل عمل به، وكلام ابن رشد يقتضي ثبوت ذلك عنده، وهو الظاهر الذي يشهد له الاستعمال والله أعلم. فرع قال في مختصر المتيطة وإن (¬1) طاع الزوج لزوجته بجميع مؤنة ولدها من غيره من كسوة وغيرها مدة الزوجية بينهما لزمه، ولا يكون هذا الشرط إلا على الطوع لما فيه من الغرر، وإن (¬2) كان في عقد النكاح لم يجز ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده بالأدون من صداق المثل أو المسمى قال أبو بكر (¬3) بن عبد الرحمن: ألا أن يكون إلى أجل معلوم فيجوز لإنتفاء الغرر فأن مات الولد رجعت بنفقة بقية الأجل، وتلزمه لأنه من صداقها، وإنما تأخذه على حسب ما شرطت. وقال ابن زرب لا يجوز وإن كان الأجل معلوماً، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل (¬4) زاد في المتيطية ويسقط الشرط، وقوله في مختصرها أولاً وثبت بعده بالأدون (¬5) من صداق المثل أو المسمى كذا في النسخ (¬6) التي رأيتها. وصوابه وثبت بعده بالأكثر من صداق المثل أو المسمى، ولفظ المتيطية ¬

(¬1) في - م - وإذا. (¬2) في - م - ولو وهو الصحيح. (¬3) هو أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الجولاني القيرواني شيخ فقهائها في وقته مع أبو عمران الفاسي الإمام الفقيه الحافظ المبرز العالم العامل المجاب الدعوة، تفقه بابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي ولزمه وانقطع إليه وكلهم أجازوه، وانتفع به الناس وكان أصحابه نحو المائة والعشرين كلهم يقتدى بهم وتفقهوا عليه كابن محرز والتونسي وغيرهما كان يصوم رمضان بالمنستير، وكانت له مناقب جمة حاز الذكر والرياسة في المغرب مع صاحبه في وقته حتى لم يكن لأحد معهما في المغرب اسم يعرف. توفي رحمه الله سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 7 - والديباج جـ 1 ص 177 - 178. (¬4) مختصر المتيطية ص 42 سطر 16 وما بعدها - مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696 لمحمد بن هارون الكناني التونسي المتوفى سنة 750 هـ. (¬5) عبارة - م - بالدون. (¬6) في - م - النسخة.

ولو كان يعني الشرط في عقد النكاح لم يجز ويفسخ (¬1) قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل وبطل الشرط، لأن الغالب أن تكون المرأة حطت من صداق مثلها لأجل هذا الشرط فإن كان صداق مثلها أقل من المسمى لم تنقص عنه، قلت: وأصل مسألة اشتراط ذلك في العقد في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم (¬2) من كتاب النكاح في المرأة تشترط على زوجها أن ينفق على ابن لها صغير، أو على من لا تلزمه النفقة عليه من خدمها أنه نكاح فاسد يفسخ قبل البناء، وإن اسقطت المرأة شرطها على المشهور ويثبت بعده بصداق المثل لما وضعت. وعن أصبغ أن النكاح لا يفسخ إذا أسقطت المرأة شرطها. قال ابن رشد: والفساد فيه بين للاشتراطها نفقة مجهولة غير محدودة بمدة (¬3) معلومة قال وقد روي [عن] (¬4) ابن الشقاق أن مالكاً كره هذا النكاح من غير الوجه الذي كرهه منه ابن القاسم لأن مالكاً قال لا أرى ذلم وليس من عمل الناس، وقال ابن القاسم ولعل الصبي لا يعيش شهراً أو يعيش عشرين سنة فعند مالك ¬

(¬1) في - م - وفسخ. (¬2) هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي بالولاء الإمام المشهور، والفقيه المالكي جمع بين الزهد والعلم، وتفقه بالإمام مالك رضي الله تعالى عنه ونظرائه، وصحب مالك عشرين سنة، وانتفع به أصحابه مالك بعد موت مالك وهو صاحب المدونة وهي من أجل كتبهم، وعنه أخذ سحنون، وقد اثنى عليه العلماء الأعلام ففي الديباج قال النسائي: ابن القاسم رجل صالح ثقة سبحان الله ما أحسن حديثه، وأصحه عن مالك ليس يختلف في كلمة ولم يروى أحد الموطأ أثبت من ابن القاسم وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله قيل له فأشهب قال ولا أشهب ولا غيره وهو أعجب من العجب في الفضل والزهد وصحة الرواية وحسن الحديث يشهد له، وكانت ولادته رضي الله تعالى عنه في سنة اثنتين وقيل سنة ثلاثة وثلاثين ومائة وقيل سنة ثمان وعشرين ومائة، وتوفي رحمه الله بمصر سنة احدى وتسعين ومائة ليلة الجمعة لبع ليال مضين من صفر الخير ودفن خارج باب القرافة الصغرى بجوار قبر أشهب الفقيه المالكي، وفي الديباج أيضاً قال ابن سحنون توفي ابن القاسم وهو ابن ثلاث وستين سنة وهو بهذا يكون قد ترجح لدينا أن مولده سنة ثمان وعشرين ومائة. انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 465 وترجمته في مقدمة الجزء الأول من المدونة ص 9، 20 طبعة السعادة 1323 هجرية. (¬3) في - م - لمدة. (¬4) ساقطة من الأصل.

سواء ضرب لذلك أجل أم لا وعلى قول ابن القاسم أن ضرب أجلا فلا بأس به واستبعد ابن رشد ما قاله ابن الشقاق (¬1) قائلاً إذ لا وجه لفساده إلا الجهل بمقدار النفقة المشترطة على الزوج (¬2) أ. هـ مختصراً، وقوله وثبت بعده بصداق المثل لما وضعت يدل على أنها لو لم تضع من صداقها شيئاً للشرط بل كان المسمى أكثر من صداق مثلها لم ينقص منه شيئاً للشرط كما تقدم عن المتيطية وذلك بين لأن الزوج رضي بالمسمى مع الشرط فيتعين أن يرضى به مع اسقاط الشرط، ولعل ابن زرب لحظ المعنى الذي ذكره ابن رشد عن ابن الشقاق فمنعه ولو كان الأجل معلوم بل لعل ابن الشقاق إنما أخذه من كلام ابن زرب فإنه متأخر عنه، أو يكون ابن زرب لحظ ما يأتي عن الشيوخ من أنهم اسقطوه لموت الزوج سواء طوعاً أو شرطاً. وقال في معين (¬3) الحكام: إذا طاع الرجل بنفقة ابن امرأته أمد الزوجية جاز بعد ثبوت العقد، وإن كان ذلك في العقد لم يجز للغرر، وفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل، وبطل الشرط فإن كان ذلك إلى مدة معلومة في أصل ¬

(¬1) هو أبو محمد عبد الله بن سعيد بن عبد الله القرطبي شيخ المفتين بها المعروف بابن الشقاق قال أبو مروان كان ابن الشقاق أحد علماء الأندلس المبرزين في العلم والفتية مولده سنة أربع وستين وثلاثمائة وتوفي في شهر رمضان سنة 426 هـ. انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 437، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 113. (¬2) انظر البيان والتحصيل في جـ 2 ورقة 16 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬3) انظر معين الحكام لابن عبد الرفيع التونسي ص 33 مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 823 رقم قديم. وهو أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع التونسي أخذ عن الجماعة الوافدين على تونس من الأندلس وسمع منهم وعن أبي عمر وشقرون. ألف معين الحكام في مجلدين غزير الفائدة كثير العلم نحا فيه اختصار المتيطية، وله رد على ابن حزم في اعتراضه على مالك في أحاديث خرجها في الموطأ، وله اختصار أجوبة ابن رشد وله البديع في شرح التفريع لابن الجلاب ولد سنة سبع وثلاثين وستمائة وتوفي في رمضان سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 207.

فرع وللزوج الرجوع على المرأة بما أنفق بالشرط على ولدها،

النكاح ومات الولد قبل المدة رجع ذلك إلى الأم، وإنما تأخذه على حسب ما شرطت (¬1). أ. هـ. وقال ابن سلمون (¬2) في صفة كتب الوثيقة فإن التزم الزوج إجراء النفقة على الابن قلت وتطوع الزوج بحضانة ابن الزوجة من غيره وإجراء النفقة عليه من ماله بطول الزوجية بينهما لاسقوط ذلك شرعاً، وذلك لازم للزوج لأنه معروف التزمه فإن مات المتطوع سقط الطوع، وإن كان لمدة معلومة وبقي من المدة شيء لأنها هبة لم تقبض، ولا يرجع على الزوج بشيء منها لأنه معروف منه وصلة للربيب، ولم تترك الأم من حقها شيئاً وقع ذلك للشيوخ فأجمعوا عليه سواء كان ذلك طوعاً أو شرطاً (¬3). أ. هـ. قلت: أما إذا كان تطوعاً فظاهر لأن الهبة تبطل بموت الواهب قبل قبضها، وأما إذا كان شرطاً في العقد واجزناه إذا كان لمدة معلومة على ما قال أبو بكر بن عبد الرحمن، ورجحه ابن رشد فينبغي ألا يسقط وأن يحل بموت الزوج فتأمله. فرع وللزوج الرجوع على المرأة بما أنفق بالشرط على ولدها، أو على من لا تلزمه نفقته من خدمها إلى حين فسخ النكاح أو تصحيحه بصداق المثل قاله ابن رشد في الرسم المذكور. ¬

(¬1) نفس المرجع السابق ونفس الصفحة. معين الحكام لابن عبد الرفيع. (¬2) هو أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني المعروف بابن سلمون صاحب التأليف في الأحكام المسمى العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من الوثائق والأحكام. يقول الزركشي في تاريخ الدولتين وفي الثالث عشر لجماد الأولى سنة سبع وستين وسبعمائة توفي قاضي الجماعة بغرناطة الفقيه الموثق أبو القاسم كان مولده سنة 688 هـ انظر ترجمته في تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية ص 103، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 214 والديباج جـ 1 ص 397، 398. (¬3) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ص 12 مخطوط رقم 6068.

فرع قال البرزلي

فرع قال البرزلي (¬1) وفي الطرر رأيت في بعض الكتب إذا كان الطوع بنفقة الولد لمدة [أمد] (¬2) الزوجية فإنما يلزم الزوج الانفاق على الربيب ما دام صغيراً لا يقدر على الكسب (¬3) أ. هـ. [وحزم به ابن سلمون ونصه: وإن كان الطوع لمدة الزوجية فإنما يلزم الزوج الانفاق على الربيب ما دام صغيراً لا يقدر على الكسب] (¬4) قلت وهذا خلاف ظاهر ما تقدم عن مختصر المتيطي، ومعين الحكام ويحتمل أن يكون هذا تقييداً له وهو الظاهر فتأمله والله أعلم. فرع قال البرزلي في مسائل الأنكحة: قال في الطرر إذا اختلف الزوج وزوجته في نفقة ابنها من غيره ¬

(¬1) هو أبو القاسم أحمد بن محمد المعتل البلوي القيرواني ثم التونسي الشهير بالبرزلي الإمام المشهور نزيل تونس مفتيها وفقيهها وحافظها العلامة أحد الأئمة في المذهب، صاحب الديوان المشهور في الفقه والنوازل من كتب المذهب أجاد فيه ما شاء، ذكر في فتاويه أنه لازم ابن عرفة نحو أربعين عاماً فأخذ هدية، وعلمه وطريقته، وجالس غيره كثيراً في الفقه والرواية في الحديث وغيره وحصل بذلك علماً كثيراً. أ. هـ. قال السخاوي كان البرزلي أحد أئمة المالكية ببلاد العرب وصاحب الفتاوى المتداولة قدم القاهرة حاجاً سنة ست وثمانمائة، وكان موصوفاً بشيخ الإسلام وهو آخر من في القسم الأول من معجم الحافظ ابن حجر وممن أخذ عنه الشيخ أبو القاسم بن ناجي، والثعالبي، والرصاع، والشيخ حلولو وغيرهم. اختلف المترجمون لحياة الإمام البرزلي رحمه الله فمن قائل بأنه توفي بتونس سنة اربع وأربعين وثمانمائة، وقيل سنة ثلاث وأربعين وقيل سنة اثنين وأربعين والراجح أن وفاته رحمه الله كانت سنة ثلاث وأربعين لسببين الأول ذكر الشيخ أحمد بابا أنه عاش مائة وثلاث سنين والثاني كان مولده على ما قال السخاوي في حدود سنة أربعين وسبعمائة. أنظر ترجمته في تذييل الديباج للشيخ أحمد باب نخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 14596. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل وكذلك م. (¬3) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 8 وجه مخطوط دار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬4) ما بين القوسين ساقط من - م -.

فقالت شرطت عليك الانفاق وأنكر ذلك فإنه يحلف قاله ابن الهندي (¬1) ولابن فتحون (¬2) لا يمين عليه (¬3) أ. هـ. قلت إن ادعت أنه شرط في العقد فلا يمين عليه إلا على القول بصحة العقد مع ذلك إذا كان لمدة معلومة، وألا فهي مدعية بفساد النكاح فالقول قول الزوج كما قالوا فيما إذا ادعت أنه تزوجها في العدة وقال الزوج بعدها إلا أن يشهد العرف لها فيكون القول قولها كما سيأتي قريباً في كلام ابن رشد أن القول قول من ادعى الشرط لشهادة العرف له، وإن ادعت عليه أنه التزم ذلك بعد العقد فيجري الخلاف في توجيه اليمين على الخلاف فيمن أدعى على شخص أنه وهبه. قال ابن عرفة: وفي ايجاب دعوى هبة معين بيمين الواهب قول الجلاب (¬4) ونقل الباجي (¬5) عن ظاهر المذهب قائلاً دعوى المدين هبة رب الدين دينه توجب يميه اتفاقاً. ¬

(¬1) هو أحمد بن سعيد بن إبراهيم الهمناني المعروف بابن الهندي قال ابن حيان كان واحد عصره في علم الشروط أقر له بذلك فقهاء الأندلس وله في ذلك كتاب مفيد جامع يحتوي على علم كثير، وعليه اعتماد الموثقين والحكام بالأندلس والمغرب، سلك فيه الطريق الواضح لم نعثر على تاريخ مولده لكن وفاته رحمه الله كانت سنة تسع وتسعين وثلاثمائة انظر الديباج جـ 1 ص 172 - 173. (¬2) في - م - ابن فتوح. هو أبو بكر محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون الأوربالي اعتنى بالحديث كثيراً له استلحاق على الاستيعاب في الصحابة في سفرين استمد منه صاحب الاصابة وغيره توفي سنة عشرون وخمسمائة انظر ترجمته في الفكر السامي جـ 2 ص 220. (¬3) انظر نوازل البرزولي جـ 2 ورقة 8 وجه السطر الرابع قبل الأخير مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬4) هو أبو القاسم عبيد الله بن الحسن بن الجلاب فقيه مالكي ويقال ابن الحسن بن الحسن تفقه بالأبهري وغيره وله كتاب في مسائل الخلاف وكتاب التفريع في المذهب مشهور توفي رحمه الله سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة أنظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 461 والوفيات ص 234 (¬5) هو سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي ولقبه القاضي أبو الوليد أصله من بطليوس ثم انتقلوا إلى باجه أعني باجه بالأندلس، ثم باجه أخرى بمدينة أفريقية وباجه أخرى ببلاد أصبهان بالعجم أخذ بالأندلس عن أبي الأصبغ وغيره ورحل سنة ست وعشرين فأقام بالحجاز مع أبي ذر ثلاثة أعوام وحج أربع حجج، ورحل إلى بغداد فأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويسمع الحديث، دخل أبو الوليد الشام وسمع بها من ابن السمار ودخل الموصل فأقام بها عاماً يدرس على السمعاني الأصول وسمع بمصر من أبي محمد بن الوليد ثم رحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة على ما قال صاحب الوافيات وأخذ عنه أبو عمر بن عبد البر صاحب الاستيعاب ولأبي الوليد مؤلفات مشهورة منها كتاب الاستيفاء في شرح الموطأ، وكتاب المنتقى في شرح الموطأ وكتاب مسائل الخلاف وكتاب المهذب في اختصار المدونة، وكتاب شرح المدونة، وكتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول وكتاب تفسير القرآن الكريم وكتاب التشديد إلى معرفة طريق التوحيد اختلف المترجمون لحياة الإمام الباجي رحمه الله في تاريخ ميلاده فقيل أنه ولد يوم الثلاثاء 15 من ذي القعدة سنة 403 هجرية بمدينة بطليوس وقيل أنه ولد سنة 404 هجرية وتوفي رحمه الله سنة أربع وسبعين وأربعمائة. انظر ترجمته بالديباج جـ 1 ص 377 وما بعدها وكذلك ترجمته في القسم الدراسي من رسالة الدكتورا للدكتور عمران علي أحمد العربي بعنوان تحقيق كتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول ص 33 وما بعدها ..

قال ابن عرفة قلت وكذا هبة ما بيده من معين (¬1).أ. هـ. قلت وقد صرح بذلك الوعيني (¬2) في كتاب الدعوى والانكار ونصه: ومن ادعى على أحد من الناس هبة لله تعالى أو صدقة أو عطية أو نحلة أو عارية إلى أجل أو سكنى أو عمرى أو حبس أو اخدام عبد أو وصية، وكان (¬3) ذلك بيد المدعى عليه وعجز المدعي عن اثبات البينة على دعواه فلا يمين على المدعى عليه إذا أنكر، وإن كانا أخوين أو خليطين بأي خلطة كانت وإن كانت هذه الأشياء بيد المدعي بما ذكرنا، وقام صاحبها يريد أخذها فادعى عليه المدعي ما ذكرناه وأنكر المدعى عليه ذلك حلف وأخذ متاعه استحساناً والقياس أنه أولى بمتاعه بلا يمين، وقد قال مالك في رجل تصدق على رجل بنخل وهي مثمرة فادعى المتصدق عليه الثمرة وقال المتصدق إنما تصدقت بالأصل دون الثمرة فأراد أن يحلفه على ذلك فقال القول قوله واليمين عليه فإن أبى أن يحلف حلف المدعي، وكانت له دعواه فإن أبى أن يحلف لم يكن له شيء ورد إلى ربه (¬4) ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 22 ظهر رقم المخطوط 11133. (¬2) هو أبو عبد الله محمد بن الحسن الرعيني لم أتمكن من الترجمة له رقم كثرة المصادر التي اطلعت عليها في هذا الصدد. (¬3) في م وكل. (¬4) انظر مختصر جامع الدعوى والاقرار والانكار ورقة 9 وجه وظهر مخطوط بمكتبة الأوقاف طرابلس الرقم العام 599 والرقم الخاص 1ر 255.

فرع قال البرزلي وقعت مسألة وهي امرأة لها أولاد تأخذ نفقتهم من أبيهم، وتزوجت رجلا

وما ذكره في مسألة الصدقة مخالف لما في كتاب (¬1) الصدقة من المدونة ونصه ومن تصدق بحائطه على رجل وفيه ثمرة فزعم أنه لم يتصدق بثمرتها فإن كانت الثمرة يوم الصدقة لم تؤبر فهي للمُعْطَى، وإن كانت مأبورة فهي للمُعطِي، ويقبل قوله ولا يمين عليه، وكذلك الهبة وذكر [الشيخ] (¬2) أبو الحسن مواضع من المدونة تقتضي الخلاف في توجيه اليمين ثم قال في آخر كلامه فيقوم القولان في دعوى المعروف من الكتاب، وهما منصوصان في دعوى الهبة (¬3) وتفصيل الرعيني وابن عرفة ظاهر فسيعتمد والله تعالى أعلم. فرع قال البرزلي وقعت مسألة وهي امرأة لها أولاد تأخذ نفقتهم من أبيهم، وتزوجت رجلاً وشرطت (¬4) عليه نفقته الأولاد أجلاً معلوماً أو تطوع به بعد العقد مدة الزوجية، وأرادت الرجوع (¬5) بذلك على أبيهم فوقعت الفتيا إن كان ذلك مكتوباً من حقوقها بحيث لها الرجوع متى شاءت واسقاطه لزوجها فلها أن ترجع بنفقتهم على أبيهم، وإن كان ذلك للولد فلا رجوع [لها] (¬6) على أبيه (¬7) بشيء وهو جار على الأصول، وكأنه شيء وهب للولد فنفقته على نفسه لا على أبيه، والأول مال وهب لأمه فإذا أنفقته على الولد رجعت به على أبيه (¬8) أ. هـ. ¬

(¬1) انظر المدونة جـ 15/ 115/116 ط السعادة (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) انظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة من 177 ظهر و 178 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099 - تنمية اصطلاح هذا الكتاب في الحروف كالأتي: الضاد للقاضي عياض، والشين: لابن رشد، والخاء: للخي، والميم: لابن يونس، والقاف والعين لعبد الحق وربما استغنى بالقاف، والشيخ: لأبي الحسن صاحب هذا الكتاب. (¬4) في - م - واشترطت. (¬5) عبارة - م - بذلك الرجوع. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) في - م - أبيهم. (¬8) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 7 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793.

فرع قال ابن ناجي: في باب زكاة الفطر من شرح الرسالة من التزم نفقة من ليس بقريبه

قلت: وللأب أن يمنع (¬1) من قبول انفاق الزوج على ولده كما صرحوا بذلك في كتاب (¬2) الأيمان في مسألة من حلف لا أكل فلاناً طعاماً فدخل ابن الحالف على المحلوف له (¬3) فأعطاه خبزاً إلخ وهذا واضح والله تعالى أعلم. فرع قال ابن ناجي (¬4): في باب زكاة الفطر من شرح الرسالة من التزم نفقة من ليس بقريبه كالربيب أو قريب لا تلزمه نفقته بالأصالة فإنه لا يلزمه أن يخرج عنه زكاة الفطر باتفاق (¬5). أ. هـ. فرع قال البرزلي وسئل ابن رشد عمن زوج عبده وأشهد على نفسه أنه (¬6) تطوع بعد العقد أنه ينفق عليها مدة الزوجية ثم مات هل توقف تركته لذلك وكيف إن كان في أصل العقد أو اختلفا في ذلك؟ فأجاب بأنه لا شيء في تركة السيد إن مات لأنه متطوع وإنما تجب عليه مدة الزوجية ما دام حياً وبعد الموت ¬

(¬1) عبارة م يمتنع. (¬2) لابن يونس - انظر مواهب الجليل للحطاب جـ 6 ص 54 طبعة السعادة (¬3) في - م - عليه. (¬4) هو قاسم بن عيسى بن ناجي أبو الفضل أبو القاسم شارح المدونة، والرسالة الشيخ العالم الفقيه الحافظ الزاهد الورع القاضي، أخذ بالقيروان عن ابن عرفة وكثير من أصحابه كالابي والبرزلي ولي القضاء بمواضع كباجة، وجربة، والقيروان، وكان معه تفقه عظيم وقيام تام على المدونة واستحضار للفروع له شرح على الرسالة حسن مفيد، ويذكر أن المقيلي بالغ في الثناء على هذا الشرح، ويقول له المهذب وشرحان على المدونة الشتوي أربعة أسفار والصيفي في سفرين، أخذ عنه الشيخ حلولو وغيره هذا ولم نعثر على تاريخ ميلاده لكن وفاته رحمه الله على ما قاله الونشريسي في وفاياته كانت سنة سبع وثلاثين وثمانمائة انظر ترجمته في تذييل الديباج ورقة 139 للشيخ أحمد بابا مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 14596 وكذلك أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي ص 100 وما بعدها وكذلك الحلل السندسية في الأخبار التونسية جـ 1 ص 707، 708. (¬5) انظر شرح ابن ناجي على الرسالة جـ 1 ص 343 طبعة الجمالية 1323 هـ (¬6) هذه الكلمة لا وجود لها في أصل النص ولعلها زيادة من النسخ وهي غير واردة في - م وعبارة م وأشهد على نفسه تطوعاً.

هبة لم تقبض ولو شرط (¬1) في أصل النكاح لكان فاسداً يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل ويبطل الشرط وتكون على العبد، وقيل لا يفسخ، قيل إذا اسقط الشرط والنفقة على الزوج ووجه الأول الغرر، ولو شرط أنه إن مات قبل انقضاء العصمة رجعت على العبد لجاز ولو اختلفا هل كان شرطاً أو تطوعاً فالقول قول من ادعى الشرط لشهادة العرف (¬2) [له] (¬3). أ. هـ. وقال ابن رشد في رسم حلف ألا يبيع سلعة سماها من سماع (¬4) ابن القاسم من كتاب النكاح اختلف قول مالك في شرط النفقة في النكاح على أبي الصغير حتى يبلغ وولى السفيه حتى يرشد فأجازه مرة وكرهه أخرى وقال بكل منهما كثير من أصحاب مالك وحكى، ابن حبيب (¬5) عن ابن الماجشون ¬

(¬1) في م اشترط. (¬2) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 7 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) الأسمعة كالأبواب للكتاب والرسوم التي هي التراجم بمنزلة الفصول للأبواب فمثلاً ترتيب العتبية على أبواب الفقه حيث جمع في كل كتاب من كتب الفقه ما في هذه الدفاتر من المسائل المتعلقة بذلك الكتاب فلما تكلم على كتاب الطهارة مثلاً جمع ما عنده من مسائل الطهارة كلها وبدأ بما كان في سماع ابن القاسم ثم بما كان في سماع أشهب وابن نافع، ثم بما في سماع محمد بن خالد ثم بما في سماع زوزنان وهو عبد الملك بن الحسن ثم بما في سماع محمد بن أصبغ ثم بما في سماع أبي زيد هذا تفسير اصطلاح العتبي وابن رشد في البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليم. انظر الحطاب علي خليل جـ 1 ص 41/ 42. (¬5) هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جناهمة بن عباس ابن مرداس السلمي يكنى أبي مروان أصله من طليطلة، وانتقل جده سليمان إلى قرطبة وانتقل أبوه أبو حبيب وأخوته في فتنه الربض إلى البيرة، رحل سنة ثمان ومائتين فسمع ابن الماجشون ومطرف وإبراهيم بن المنذر، وأصبغ بن الفرج وانصرف إلى الأندلس سنة ست عشرة وكان عبد الملك حافظاً للفقه على مذهب مالك ألف كتاب حسن في الفقه وكذلك في التاريخ والأدب منها كتابه المسمى بالواضحة لم يؤلف مثلها وغيرها كثير توفي ابن حبيب رحمه الله سنة ثمان وثلاثين وقيل تسع وثلاثين ومائتين وقبره بمقبرة أم سلمة وصلى عليه القاضي أحمد بن زياد. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 8 وما بعدها ..

وابن وهب (¬1) عن مالك أجازه ذلك، وزاد لزوم ذلك ما عاش الأب والزوج مولى عليه، وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يقع بيان إن مات الأب قبل بلوغ الصبي، أو الولي قبل رشد اليتيم فسقطت النفقة بموتهما هل تعود في مال الصغير، ومال اليتيم أو لا تعود عليهما إلى بلوغ الصغير ورشد اليتيم فإن شرط عودها في مالها جاز النكاح اتفاقاً، وإن شرط سقوطها إلى بلوغ الصبي ورشد اليتيم كان النكاح فاسداً اتفاقاً، وإنما الخلاف إذا وقع الشرط مبهماً، وعلى القول بفساده قال ابن القاسم إن دخل جاز وكانت النفقة على الزوج، ولم يبين هل هو بالمهر المسمى أو بصداق المثل وهو الأظهر. قلت: والقول بفساد النكاح وفسخه قبل البناء هو قول ابن القاسم في الرسم المذكور وروايته عن مالك، ثم قال ابن رشد ولو شرطت النفقة في نكاح الكبير المالك أمر نفسه في نفس العقد على غيره فسخ قبل البناء. قال ابن حبيب إلا أن ترضى المرأة يكون النفقة على الزوج، ويثبت بعده وتكون النفقة على الزوج ولا يدخله الخلاف الذي في المسألة الأولى لظهور الغرر والفساد في هذه، ولا يجوز النكاح على إعطاء حميل بالنفقة أنها ليست بدين ثابت في ذمته كالمهر فإن وقع النكاح على ذلك كان فاسداً يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بمهر المثل إن كان أكثر من المسمى إذ لم ترض بالمسمى إلا لأجل ما اشترطته من الحمالة، وتسقط الحمالة ولو وقع في مسألة اشتراط النفقة على غير الزوج بيان رجوعها على الزوج إن مات من شرطت عليه أو طرأ عليه دين، أو ما يبطل النفقة عنه جاز النكاح على قياس ما تقدم، وقيل يفسخ قبل البناء على كل حال لأن شرطها على غير الزوج ¬

(¬1) هو أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم الإمام الجامع بين الفقه والحديث أثبت الناس في الإمام مالك الحافظ الحجة، روى عن أربعمائة عالم منهم الليث وابن دينار، وابن حزم ومالك وبه تفقه، صحبه عشرين سنة له تأليف حسن عظيم المنفعة منها سماعه من مالك، وموطأه الكبير والصغير، وجامعه الكبير والمجالسات روى عنه سحنون وابن عبد الحكم وأبو مصعب الزهري وجماعة خرج عنه البخاري وغيره كان مولده في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ومائة ومات بمصر في شعبان على المشهور الأصح من الأقوال سنة سبع وسبعين ومائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 58/ 59 وترتيب المدارك جـ 3 ص 228 وما بعدها.

خلاف السنة، ويمضي بعده بمهر المثل ويبطل الشرط، وإليه نحى الأبهري (¬1)، وما قلناه أظهر وأبين (¬2). أ. هـ. وقال في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ (¬3) من كتاب الصدقات والهبات: سمعت ابن القاسم يقول فيمن ضمن عن ابنه نفقة سنين سماها بدنانير سماها في كل سنة، أو لم يسم دنانير ألا أنه عرف وجه النفقة فضمن نفقة سنين، وذلك كله بعد عقد النكاح مثل أن يراد أن يقام بإبنه ليفرق بينهما فضمن ذلك عنهأبوه، أرى ذلك يلزمه ما كان حياً فإذا مات يسقط (¬4) ذلك عنه. وقال أصبغ وهو الحق وكذلك نفقة المطلقة إذا ضمن الابن هذه الحقوق تقضي فقد افترضت، وليس هذا كالذي يضمن في النكاح النفقة ذلك شيء لم يأت، ولم يفرض، ولم يجب، ولا أمد له، ومجهول كله يكون ولا (¬5) يكون، ومتى يفترقان أو يموتان قال محمد بن رشد جعل الضمان بالنفقة لا يجب إلا بالحياة من أجل أنها لم تجب بعد فما وجب منها في حياته لزمه، وما وجب منها بعد وفاته لم يلزمه بخلاف الحمالة لما قد وجب من الحقوق ذلك يجب في حياته وبعد وفاته لأنها خرجت على عوض وهو ما رضي المتحمل له من ترك ذمة ¬

(¬1) هو محمد بن عبد الله الأبهري إمام المالكية في عصره حدث عنه جماعة منهم القاضي أبو القاسم التنوخي، وأبو محمد بن نصر، تفقه على أبي بكر بن الجهم، والقاضي أبي الفرج، وأبي المنتاب وابن بكير، له تصانيف كثيرة منها شرح المختصرين الكبير والصغير لابن الحكم وإجماع أهل المدينة، لم ينجب العراق بعد إسماعيل القاضي مثله، ولد قبيل 290 هجرية وتوفي ببغداد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 206 وشجرة النور جـ 1 ص 91. (¬2) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 7 وجه وظهر و 8 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬3) هو أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سعيد من أجل أصحاب ابن وهب تلميذ مالك، كان فقيهاً مناظراً ومن أعلم الناس بفقه مالك. توفي يوم الأحد سنة خمس وعشرين وقيل ست وعشرين ومائتين. انظر ترجمته في فقه الإمام سعيد بن المسيب بتحقيق الدكتور هاشم جميل عبد الله جـ 4 ص 287. (¬4) في م - سقط. (¬5) عبارة - م - أو لا.

فرع سئل ابن رشد عمن خالع امرأته

غريمه، وأما إذا تحمل بالنفقة في أصل عقد النكاح فإنها تجب في حياته وبعد وفاته لأن المرأة لم ترض أن تتزوجه إلا بشرط الحمالة فوجب أن تلزمه في الحياة وبعد الوفاة، وإن لم تكن وجبت بعد. أ. هـ. قلت: قوله وأما إذا تحمل بالنفقة في أصل عقد النكاح ..... إلخ مشكل أما أولاً فلأنه مخالف لما تقدم عنه قريباً، وتقرر من أن النكاح يفسد باشتراط حميل بالنفقة، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده بمهر المثل للغرر وتسقط الحمالة، وأما ثانياً فلأنه لو فرض صحة النكاح والاشتراط لسقط ذلك بالموت لما تقدم من أن اشتراط النفقة على غير الزوج يبطل بالموت، وقد قال ابن رشد في نوازله في آخر باب النحلة لما سئل عمن تطوع بالنفقة على آخر حياته أو مدة ما ثم توفي المتطوع فقام الآخر يطلب النفقة في تركته، وهل إن كان هذا سفيهاً أو جائز الأمر في طلب النفقة سواء، وهل تعرف فيه خلاف في المذهب.؟ فأجاب إذا مات المتطوع بالإنفاق سقط عنه ما بقي من المدة لأنها هبة لم تقبض تسقط بالموت، ولا خلاف في هذا احفظه في المذهب وسواء كان المتطوع عليه سفيهاً أو جائز الأمر (¬1). أ. هـ. فرع سئل ابن رشد عمن خالع امرأته على أن تحملت بنفقة ابنه منها على الحلم ثم راجعها بنكاح جديد هل تبقى النفقة عليها أم لا؟ ولو طلقها ثانياً هل تعود عليها؟ فأجاب: إذا راجعها سقط عنها ما تحملت به ولا تعود عليها أن طلقها إلا إن تجدد التحمل (¬2). أ. هـ. قلت: وهذا على القول بجواز الخلع على أن تلتزم المرأة نفقة الولد بعد مدة الرضاع وهو قول أشهب وابن نافع وسحنون، وابن الماجشون والمخزومي، قال ابن عرفة وقاله المغيرة والمشرقيون كلهم، قال ابن حبيب وبه ¬

(¬1) انظر اختصار نوازل ابن رشد جمع تلميذه ابن هارون ورقة 22 وجه سطر 17 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189. (¬2) انظر اختصار نوازل ابن رشد جمع تلميذه ابن هارون ورقة 22 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189.

نقول وعليه جماعة الناس، وقاله ابن دينار، وقال ابن سلمون وبذلك جرى العمل، وقال ابن سهل وعلى قول سحنون (¬1) ومن وافقه العمل وجرت الفتوى في (¬2) جواز المبارأة على التزام الزوجة أو غيرها النفقة على الولد أعوام تزيد على ما في الرضاع، وعليه وضع الموثقون وثائقهم (¬3). أ. هـ ومذهب مالك رضي الله تعالى عنه وابن القاسم أن ذلك لا يجوز ابتداء كما صرح بذلك الخمي وابن سلمون وغيرهما. فإن وقع تم الخلع وسقط الزائد على الحولين. قال في كتاب ارخاء المستور من المدونة وإن خالعها على أن عليها نفقة الولد ورضاعه ما دام في الحولين جاز ذلك وإن (¬4) ماتت كان الرضاع والنفقة في مالها، وإن مات الغلام قبل الحولين فلا شيء للزوج عليها، قال مالك لم ار أحداً طلب ذلك (¬5).أ. هـ قال ابن رشد في رسم حلف من سماع ابن القاسم من طلاق السنة ولا رجوع للأب عليها بشيء إذا مات الولد قبل انقضاء أمد الرضاع إذا كان إنما تحمل على أن أبرأته من مؤنة ارضاعه بإفصاح وبيان [قال] (¬6) واختلف إذا ¬

(¬1) هو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون باسم طائر حديد الدهن بالمغرب يسمونه سحنون لحدة ذهنه في المسائل وذكائه الفقيه المالكي قرأ على الإمام عبد الرحمن بن القاسم، وابن وهب وأشهب ثم انتهت إليه الرياسة في العلم بالمغرب صنف كتاب المدونة في مذهب الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وأخذها عن ابن القاسم وعليها يعتمد أهل القيروان، وكان أول من شرع في تصنيف المدونة أسد بن الفرات الفقيه المالكي بعد رجوعه من العراق وأصلها أسئلة سئل عنها ابن القاسم فأجابه عنها وجاء بها أسد إلى القيروان، وكتبها عنه سحنون، ولد الإمام سحنون سنة ستين ومائة، وتوفي رحمه الله سنة أربعين ومائتين، انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 30، وما وبعدها ومقدمة المدونة ص 11/ 12 طبعة السعادة 1323 هـ. (¬2) عبارة - م - بجواز وهو تصحيف. (¬3) انظر الأعلام بنوازل الأحكام ورقة 62، 58 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 18394. (¬4) في - م - فإن .. (¬5) انظر المدونة جـ 5 ص 27 طبعة السعادة 1323 هـ. (¬6) ساقطة من الأصل.

وقع الأمر مبهماً فحمله مالك في المدونة (¬1) على ما تأوله عليه ابن القاسم إنه إنما أبرأته من مؤونة رضاعه فلا يرجع عليها بشيء. وفي المختصر (¬2) الكبير لو طلب ذلك لكان له فيه قول (¬3).أ. هـ. ثم قال في المدونة وإن شرط عليها نفقة الولد بعد الحولين أمداً سمياه، أو اشترط الزوج (¬4) عليها نفقة نفسه لسنة أو سنتين تم الخلع ولزمتها نفقة الولد في الحولين فقط ولا يلزمها ما ناف عن (¬5) الحولين من نفقة الولد ولا ما شرط الزوج من نفقة نفسه. وقال المخزومي (¬6) يلزمها جميع ذلك كالخلع بالغرر (¬7) أ- هـ. قال ابن عرفة بعد عزوه قول المخذومي للجماعة المتقدم ذكرهم وكان ابن لبابة (¬8) لا يرى كلام ابن القاسم ولا روايته ويقول الخلق على خلافه ويذكر في ¬

(¬1) انظر المدونة جـ 5 ص 27 طبعة السعادة. (¬2) ويسمى بالمختصر وبالمختصر الكبير لعبد الله بن عبد الحكيم المتوفى سنة (214) هـ يقال أنه نحا به إلى اختصار كتب أشهب وله أيضاً المختصر الأوسط والمختصر الصغير. (¬3) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 10 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬4) عبارة - م - عليها الزوج. (¬5) في - م - على. (¬6) هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قال عنه يحيى هو ثقة وكان مدار الفتوى في زمان مالك على المغيرة ومحمد بن دينار وكان ابن أبي حزم ثالثهم، وعتمان بن كنانة، وكان بين مالك وبينه أول مرة معارضة ثم زالت، وجالسه وكان لمالك مجلس يقعد فيه والي جانبه المغيرة لا يجلس فيه سواه وإن غاب المغيرة. وعرض عليه الرشيد القضاء بالمدينة وجائزته أربعة آلاف دينار فأبى أن يلزمه ذلك، وقال والله يا أمير المؤمنين لأن يختنقني الشيطان أحب إلي من القضاء فقال الرشيد من بعد هذا شيء وأعفاه وأجازه بألفي دينار وكان فقيه المدينة بعد مالك، وله كتب قليلة في أيدي الناس ولد سنة أربع وعشرين ومائة وتوفي رحمه الله سنة ثمان وثمانين ومائة انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 343 وما بعدها وترتيب المدارك جـ 3 ص 2 وما بعدها. (¬7) انظر المدونة جـ 5 ص 27. (¬8) هو محمد أبو عبد الله بن عمر بن لبابة مولى آل عبيد الله القرطبي كان ممن برع في الحفظ للرأي، ودارت عليه الأحكام نحو ستين سنة وناظر قاسم بن محمد قال أبو الوليد الباجي ابن لبابة فقيه الأندلس قال الصدفي كان محمد بن لبابة من أهل الحفظ للفقه، والفهم به أفقه الناس وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك وعمر وشاهد القضايا والأحكام مع تمييز وإدراك كان يختم القرآن في رمضان ستين خاتمة وكان مأموناً ثقة حافظاً لأخبار الأندلس له حظ من النحو والشعر لم نعثر على تاريخ ميلاده لكن وفاته رحمه الله كانت ليلة الاثنين لأربع باقين من شعبان سنة أربع عشرة وثلاثمائة وهو ابن ثمان وثمانين سنة. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 189 وما بعدها.

ذلك نظائر، وأما المخالعة على رضاع الولد خاصة فلا خلاف في جواز ذلك وإن كان فيه غرر قاله ابن رشد وقال في مختصر المتيطية وإن التزمت له مؤنة حمل إن ظهر [لها] (¬1) أو مؤنة حملها الظاهر جازه وإن التزمت له مع ذلك ارضاع الولد ومؤنته إلى فطامه جاز ولزمها فإن ماتت أخذ من تركتها. قال بعض القرويين (¬2) يريد يوقف منها قدر مؤنة [حمل] (¬3) الابن إلى انقضاء المدة فإن ولدت توأمين لزمها ارضاعهما فإن مات الولد في خلال العامين فلا شيء للأب عليها. قال مالك ولم أر أحداً طلب ذلك، قال بعضهم لأن المقصود من التزامها براءة الأب من مؤنة ابنه هذا هو المشهور من المذهب، وبه القضاء وروى أبو الفرج (¬4) عن مالك أنه يرجع عليها في موت الولد ومثله حكى القاضي أبو محمد (¬5). تنبيه أول فإن أريد عقد الخلع على اشتراط نفقة الولد مدة تزيد على الحولين أو على ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) يشار بهم إلى شيوخ القيروان كأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي، وأبي عبد الله بن الأجدبي. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) هو عمرو أبو الفرج بن محمد بن عمر الليثي القاضي نشأ ببغداد وأصله من البصرة تعلم الفروسية والثقافة حتى كان يفوق الفرسان ثم رجع من بغداد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة في رفقة فقطع بهم أعراب بني تميم فاجتاحوها وذهب أبو الفرج فيمن ذهب ومات عطشاً في البرية - من كتبه الكتاب المعروف بالحاوي في مذهب مالك وكتاب اللمع في أصول الفقه توفي سنة 331 هـ انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 127. (¬5) انظر اختصار المتيطية ورقة 57 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696.

اشتراط النفقة على غيره وأن يجوز [ذلك] (¬1) على مذهب مالك وابن القاسم فيشترط ثبوت النفقة بعد وفاة المنفق عليه كثبوتها قبلها قاله في المتيطية، وعبارة مختصرها (¬2) إذا شرط نفقة الولد أو غيره أعواماً [مدة] (¬3) معلومة عاش المنفق عليه أو مات جاز لإنتفاء الغرر، كما لو باع داراً على أن ينفق المشتري عليه مدة معلومة فهو جائز، وإذا جاز في البيع فهو في الخلع أولى. تنبيه ثاني قال في المتيطية ومما يجمع به أيضاً بين القولين أن ابن حبيب حكى في كتابه عن ابن القاسم فيمن بارأ امرأته على أن سلمت ولدها منه إليه فإن أرادت أخذه منه فلا يكون ذلك لها إلا بأن تلتزم نفقته وتسقط عن الأب مؤنته إن ذلك خلع تام لازم حكى مثله أبو عمران (¬4) عن فضل (¬5) بن مسلمة (¬6).أ. هـ. فما ذكره ابن رشد من أن الزوج إذا راجع زوجته تسقط عنها النفقة ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) انظر مختصر المتيطية ورقة 57 ظهر. ص 145 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) هو موسى أبو عمران بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي وغفجوم فخذ من زنانة وهي قبيلة من البربر وأصله من فاس استوطن القيروان وحصلت له بها رياسة العلم تفقه بأبي الحسن القابسي ثم رحل إلى قرطبة فتفقه بها عند الأصيلي ورحل إلى المشرق وحج ودخل العراق درس الأصول على القاضي أبي بكر الباقلاني قال حاتم بن محمد كان أبو عمران من أحفظ الناس وأعلمهم جمع حفظ المذهب المالكي إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم له كتاب التعليق على المدونة كتاب جميل لم يكمل توفي أبو عمران رحمه الله سنة ثلاثين وأربع مائة انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 337/ 338. (¬5) هو فضل بن مسلمة بن جرير الجهني قال أبو محمد بن حزم الظاهري كان من أعلم الناس بمذهب مالك، ومن مؤلفاته مختصر المدونة ومختصر الواضحة وغير ذلك توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 82 والديباج جـ 3 ص 137/ 138. (¬6) انظر مختصر المتيطية ورقة 57 ظهر ص 145 رقم المخطوط بدار الكتب التونسية 18696.

فرع وعلى قول أشهب ومن معه قال ابن سلمون: إن ماتت الأم وقف من مالها

[إنما] (¬1) يأتي (¬2) على قول أشهب، وابن نافع (¬3) وسحنون ومن معهم المتقدم في هذه الصورة. وأما الصورة الأولى أعني إذا شرط ثبوت النفقة بعد الوفاة (¬4) كثبوتها قبلها فالظاهر أنها لا تسقط عنها بالمراجعة فتأمله. على أنه لم يظهر لي وجه سقوط النفقة عنها بمراجعته إياها فيما إذا خالعها على إن تحملت بنفقة الولد إلى الحلم، إلا أن يكون فهم عنها أنها إنما التزمت النفقة على الولد ما لم تكن في عصمة الزوج، قلت: وفهم مما (¬5) ذكره المتيطي أن المرأة إذا التزمت نفقة أولادها على أن يكونوا عندها ولو تزوجت إن ذلك لازم، وسيأتي [بيان] (¬6) ذلك في النوع الخامس من الباب الثالث فرع وعلى قول أشهب ومن معه قال ابن سلمون: إن ماتت الأم وقف من مالها بقدر ذلك وأحرى (¬7) [في] (¬8) نفقة الابن إلى أن يحتلم، وللزوج محاصة غرماء المرأة بنفقة ابنه المشترطة عليها في الخلع فإن اعدمت الأم في خلال المدة فإن النفقة تعود على الأب ثم إن أيسرت رجعت النفقة عليها وهل يتبعها الوالد ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - يتأتى. (¬3) هو أبو عبد الله بن نافع مولى بني مخزوم المعروف بالصائغ كنيته أبو محمد كان صاحب رأي مالك ومفتي المدينة بعده كان أصم أمي لا يكتب قال صحبت مالك أربعين سنة ما كتبت عنه شيء وإنما كان حفظاً أحفظه وهو الذي سمع منه سحنون وكبار أتباع أصحاب مالك، والذي سماعه مقرون بسماع أشهب في العتبية وهو الذي ذكره وروايته في المدونة قال أشهب ما حضرت لمالك مجلساً إلا وابن نافع حاضر، ولا سمعت، إلا وقد سمع لأنه كان لا يكتب فكان يكتب أشهب لنفسه وله وجلس مجلس مالك بعد ابن كنانة وكان أبوه صائغاً له تفسير في الموطأ رواه عنه يحيى بن محمد توفي سنة ست وثمانين ومائة انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 409. (¬4) عبارة - م - بعد وفاة الولد. (¬5) في - م - ما. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في - م - فأحرى. (¬8) ساقطة من - م -.

فرع قال ابن سلمون: وفي مسائل ابن رشد في رجل اختلعت له امرأته وأسقطت عنه مؤنة حمل إلى فطام

بما أنفق على ابنه مدة عدمها أم لا؟ في ذلك قولان أحدهما أنه يتبعها بذلك وهو المشهور والذي جرى به القضاء وحكى أصبغ أنه لا يتبعها بشيء (¬1).أ. هـ. وقال قبله وإن مات الولد فلا شيء للأب على الزوجة لأن مقصود التزامها (¬2) ابراء الأب من مؤنته وقيل للأب (¬3) إن يرجع عليها، والأول هو المشهور وبه القضاء (¬4). فرع قال ابن سلمون: وفي مسائل ابن رشد في رجل اختلعت له امرأته وأسقطت عنه مؤنة حمل إلى فطام ثم أثبتت أنها عديمة أيلزم الزوج النفقة على الحمل أم لا يلزمه حتى تضع (¬5) وكيف إن كانت قد أشهدت على نفسها أنها موفورة الحال (¬6)، وأنها متى أثبتت أنها عديمة فذلك باطل؟ فأجاب إذا ثبت عدمها لزم الزوج الانفاق [عليها] (¬7) ويتبعها بما أنفق إذا أيسرت وإن كانت قد أشهدت بالوفور كما ذكرت فلا تنتفع بما يشهد (¬8) لها من العدم حتى يشهد بمعرفة ذهاب مالها، ووفور حالها الذي أقرت به (¬9). قلت: وهذا والله تعالى أعلم حيث يكون حال المرأة مجهول، ولم يشهد ¬

(¬1) انظر ديوان ابن سلمون في الأحكام والوثائق ورقة 26وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 6068. (¬2) في - م - الزامها. (¬3) عبارة - م - له. (¬4) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة. (¬5) في - م - يضع. (¬6) عبارة - م - المال وهو الصحيح حيث صححت على هامش - م -. (¬7) ما بين القوسين ساقطة من الأصل. (¬8) في - م - شهد. (¬9) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ورقة 260 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 6068 وكذلك نوازل ابن رشد ورقة 15 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12327.

فرع قال في آخر سماع ابن القاسم من كتاب التخيير، وسئل مالك عمن طلق امرأته وهي حامل

بعدمها إلا شاهدان أو نحو (¬1) ذلك. أما إذا كانت معلومة بالأعسار والعدم بحيث يشهد بذلك غالب من يعرفها، ويغلب على الظن إنما أشهدت به من الوفور كذب محض فلا يلتفت إلى الاشهاد (¬2) بالوفور ولا إلى قولها أنها متى أثبتت أنها عديمة فذلك باطل، ويلزم الزوج الانفاق عليها وهذا ظاهر والله تعالى أعلم. فرع (¬3) قال في آخر سماع ابن القاسم من كتاب التخيير، وسئل مالك عمن طلق امرأته وهي حامل فأقام شهرين ثم بارأها على أن عليها رضاع ولدها فطلبت نفقتها لما مضى من الشهور قبل المبارأة فقال ذلك لها قيل: أرأيت إن قالت إنما بارأتك على رضاعه فأما نفقة حمل فلا قال: أما نفقة حملها قبل المبارأة فذلك لها، وأما بعد مبارأتها فإنه يعرف أنه لم يكن يمنعها الرضاع، ويعطيها هذا. قال محمد بن رشد: أما ما مضى من نفقة حملها قبل المبارأة فبين أن ذلك لها كما قال لأنها قد وجبت لها عليه فلا تسقط [عنه] (¬4) إلا بما تسقط به الحقوق الواجبة عمن وجبت عليه، وأما نفقة ما بقي من الحمل بعد المبارأة فجعلها تبعاً لما التزمت له (¬5) من رضاعة بما دل على ذلك من العرف والمقصد فإن وقع الأمر مسكوتاً عليه فلا شيء لها، وإن اختلفا في ذلك فالقول قول الزوج [مع] (¬6) يمينه وهذا نحو قولهم فيمن أكرى داراً مشاهرة أو مساناة أن دفع كراء سنة أو شهر براءة للدافع مما قبل ذلك، وكذلك لو طلقها وهي حامل ولم يخالعها فدفع إليها نفقة الرضاع لكان ذلك براءة له من (¬7) نفقة الحمل المتقدمة. أ. هـ. كلام ابن رشد. ¬

(¬1) في - م - ونحو. (¬2) عبارة - م - أشهادها. (¬3) في - م - فرع آخر. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - به. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) في - م - عن.

ولم يحكي في ذلك خلافاً وقال اللخمي (¬1) في كتاب ارخاء الستور واختلف إذا شرط أن لا (¬2) نفقة للولد إذا ولدته هل يكون لها [الآن] (¬3) نفقة الحمل؟ فقال في كتاب محمد: لا نفقة لها الآن وقال ابن القاسم في كتاب ابن سحنون والمغيرة وابن الماجشون (¬4) في مختصر ما ليس في المختصر لها نفقة الحمل لأنها لم تذكر وهو أحسن لأن لها حقين خالعت على أن اسقطت (¬5) أحدها فلم يسقط الآخر. أ. هـ. وقال الباجي في [المنتقى] (¬6) ومن خالع امرأته على أنها إن ولدت منه فعليها نفقته في الحولين فإن أرادت (¬7) أن تطلبه بنفقة الحمل وبصداقها عليه ¬

(¬1) هو الإمام أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي وهو ابن بنت اللخمي القيرواني نزل سفاقص تفقه بابن محرز وأبي الفضل ابن بنت خلدون وأبي الطيب وأبي إسحاق التونسي اشتهر في أيامه وانتشرت فتاويه، وكان فقيهاً فاضلاً متفنناً حافظاً بقي بعد أصحابه محرزاً للرياسة بإفريقية، وتفقه به جماعة منهم الإمام أبو عبد الله المازري وأبو الفضل النحوي، له تعليق كبير محاذياً للمدونة سماه التبصرة حسن مفيد لكنه ربما اختار فيه وخرج فخرجت اختياراته عن المذهب توفي رحمه الله سنة ثماني وسبعين وأربعمائة بصفاقص وقبره بها معروف. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 104/ 105 وفي مقدمة الحطاب علي خليل جـ 1 ص 35 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 117 والوفيات ص 258. (¬2) عبارة - م - أن لا. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون كنيته أبو مروان ويقال دينار، والماجشون هو أبو سلمة والماجشون المورد بالفارسية سمي بذلك لحمرة في وجهه، وقيل أنهم من أهل أصبهان، انتقلوا إلى المدينة وحكى أن ماجش: موضع بخراسان نسبوا إليه كان عبد الملك فقيهاً فصيحاً دارت عليه الفتوى في أيامه إلى أن مات وعلى أبيه قبله فهو فقيه ابن فقيه وكان مفتي أهل المدينة في زمانه تفقه بأبيه ومالك، وأخذ عنه ائمة أجلاء كأحمد المعذل، وابن حبيب وسحنون، قال يحيى بن أكتم القاضي عبد الملك بحر لا تكدره الدلاء وأثني عليه سحنون، وابن حبيب وكان الأخير يرفعه في الفهم على أكثر أصحاب مالك. توفي رحمه الله سنة ثلاث عشرة وقيل أربع عشرة ومائتين وهو ابن بضع وستين سنة .. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 6 وما بعدها ومرآة الجنان جـ 2 ص 53. (¬5) عبارة - م - تسقط أحدهما ولم تسقط. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) عبارة م فأرادت.

ففي المبسوط (¬1) عن مالك ليس لها صداق ولا نفقة حمل، وقال المغيرة لها نفقة الحمل ولا شيء لها من الصداق، ووجه قولهما أنه لا شيء لها من الصداق لأنها لم تشترط بقائه فكان الظاهر اسقاطه لأن لم يرض منها بترك ما في ذمته حتى زادت نفقة الحمل، ولم يكن في ذمته، ووجه قول مالك في أنه لا نفقة لها أنها قد اسقطت نفقة الولد بعد الولادة فبأن تسقط ما وجب لها قبل ذلك بسنة أولى كما قلنا في الصداق أنها إذا أسقطت نفقة الحولين اقتضى ذلك اسقاط الصداق، ووجه قول المغيرة أنها أسقطت عنه نفقة مقررة (¬2) وهي نفقة الحولين فلا يتعدى الاسقاط إلى غيرها وإلى ماليس في (¬3) جنسها ولا وجب بسببها لأن نفقة الحمل في غير مدة الحولين ومن غير جنس [نفقة] (¬4) الحولين، وواجبة بغير سببها ولا يشبه هذا ما سقط من الصداق لأنه أمر قد وجب لها وتقرر ونفقة الحمل لم تجب فلا تسقط إلا بالنص عليها (¬5).أ. هـ كلام الباجي. وهو مشكل فإنه يقتضي الاتفاق على سقوط الصداق، وقد ذكر اللخمي في [كتاب] (¬6) ارخاء الستور أن المدخول بها إذا خالعت زوجها على أن تعطيه عشرة دنانير أن للزوج العشرة، ولها صداقها كاملاً سواء قالت ذلك مطلقاً أو شرطت العشرة من صداقها، وظاهر كلامه أن ذلك متفق عليه فإنه لما ذكر الخلاف في غير المدخول بها إذا خالعته على عشرة ولم تقل من صداقها فهل يقتضي ذلك سقوط نصف الصداق، وترد الصداق جميعه إن كانت قبضته، ¬

(¬1) المبسوط للقاضي إسماعيل وهو القاضي إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن زيد الأسدي كان أحد الأعلام المشهورين والقضاة العاملين من بين مؤلفاته المبسوط هذا من أفضل الكتب الفقهية وأعظمها على الإطلاق وهو من الدواوين الكبرى المشهورة في المذهب، ومن هذا الكتاب العظيم عرف الفقهاء طريقة البغداديين من المالكية في الفقه والتأليف. له مؤلفات أخرى منها شرح الموطأ، وأحكام القرآن وغيرها توفي رحمه الله سنة 282 هـ انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 282 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 65. (¬2) في - م - مقدرة. (¬3) في - م - من وهو الصواب. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل .. (¬5) انظر المنتقى شرح موطأ مالك للباجي جـ 4 ص 63 طبعة السعادة 1332 هـ. (¬6) ما بين القوسين ساقط من م.

وهو قول ابن القاسم، وهو المشهور أو لا يقتضي ذلك سقوط النصف فلها نصف الصداق سواء قبضته أو لم تقبضه، وله عليها العشرة التي خالعته عليها وهو قول أشهب، أو يفرق بأن (¬1) تكون قبضته فيكون لها نصف الصداق، وإن لم تقبضه فلا شيء لها، وهذا قول أصبغ واستحسن قول أشهب بعدم سقوط نصف الصداق [وقال] (¬2) لأن قولها اخلعني، أو بارئني، أو تاركني إنما يتضمن خلع النفس والابراء من العصمة والمتاركة فيها ليس إلا إنخلاع من المال، ولا الابراء منه، ولا المتاركة [فيه] (¬3) ولو كان ذلك لسقط عنه الصداق إذا كانت مدخولاً بها، وكذلك غيره من ديونها، وقد أجمعوا على أن هذه الألفاظ الانخلاع، والمبارأة، والمتاركة، إنما يراد بها بعد الدخول النفس دون المال فوجب أن يكون حقها في النصف قبل الدخول ثابتاً وكذا إن لم (¬4) يدخل بها وكان لها عليه دين فقالت اخلعني، أو بارئني لا خلاف إن دينها باق فكلامه صريح في أن المدخول بها لا يسقط صداقها بلا خلاف، وكذلك ذكر ابن الحاجب (¬5) أن من ¬

(¬1) عبارة - م - بين أن. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) عبارة - م - إن لم يكن دخل .. (¬5) هو أبو عمر جمال الدين عثمان بن عمر بن أبي بكر يونس المعروف بابن الحاجب المصري ثم الدمشقي، ثم الإسكندري الفقيه الأصولي المتكلم النظار خاتمة الأئمة المبرزين الأخيار، أخذ عن أبي الحسن الإبياري وعليه اعتماة وقرأ على الإمام الشاطبي القراءات وعلى الإمام الشاذلي الشفاء وغيره، وعنه جلة منهم الشهاب القرافي، والقاضي ناصر الدين بن المنير، وأبو علي ناصر الدين الزواوي، وهو أول من أدخل المختصر الفرعي ببجاية، ومنها انتشر بالمغرب حدث عنه الشرف الدمياطي وغيره. له التصانيف البالغة غاية التحقيق والإجادة منها مختصره الفرعي اعتنى العلماء بشرحه شرقاً وغرباً، وبالغ الشيخ ابن دقيق العيد في مدحه أوائل شرحه عليه يقال أنه اختصره من ستين ديوان، وفيه ست وستون ألف مسألة، ومنها مختصره الأصولي ثم اختصره، والمختصر الثاني هو كتاب الناس شرقاً وغرباً سماه منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل في كشف الظنون، ومنها الكافية في النحو والشافية في التصوف والأمال في النحو، وشرح المفصل للزمخشري وله غير ذلك في فن القراءات مولده سنة سبعين وخمس ومائة وتوفي بالإسكندرية سنة ست وأربعين وستمائة. انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 167/ 168 والديباج جـ 2 ص 86.

خالعت زوجها على شيء أعطته إياه من مالها عبداً أو غيره، وسكتت عن الصداق فإن كانت غير مدخول بها سقط صداقها على المشهور، وإن كانت مدخولاً بها لم يسقط صداقها، ولم يحك في ذلك خلافاً (¬1).أ. هـ. غير أن الشيخ خليل (¬2) قال في التوضيح لما تكلم على المدخول بها وأن صداقها لا يسقط ما نصه: لتقرره بالدخول وسواء قبضته أولاً نص على ذلك سحنون، وقال ابن عبدوس: إنما ذلك إذا قبضته، وإن كانت لم تقبضه فلا شيء لها منه. أ. هـ. فكلامه يقتضي أنها إذا قبضته لم يسقط بلا خلاف، وإن لم تكن قبضته فكذلك على قول سحنون خلافاً لابن عبدوس (¬3).أ. هـ. ويظهر من كلامهم (¬4) ترجيح قول سحنون، وبه صدر في الشامل (¬5)، وعطف الثاني بقيل ثم ذكر في التوضيح القولين الذين ذكرهما الباجي عن ¬

(¬1) انظر مختصر ابن الحاجب في الفقه ورقة 104 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 17791. (¬2) هو خليل بن إسحاق الجندي من العلماء المجمع على فضله وديانته أستاذاً ممتعاً من أهل التحقيق ثاقب الذهن أصيل البحث مشاركاً في فنون من العربية والحديث والفرائض فاضلاً في مذهب مالك، صحيح النقل تخرج بين يديه جماعة من الفقهاء الفضلاء، وتفقه بالإمام العالم العامل أبي عبد الله المنوفي ن أخذ عن شيوخ مصر علماً وعملاً، وكان الشيخ خليل من جملة أجناد الحلقة المنصورة يلبس زي الجندي المتقشفين من ذوي الفضل والزهد كان منقبضاً عن أهل الدنيا جمع بين العلم والعمل، وأقبل على نشر العلم فنفع الله به المسلمين ألف شرح جامع الأمهات لابن الحاجب شرحاً حسناً وضع الله عليه القبول وعكف الناس على تحصيله ومطالعته وسماه التوضيح، وألف مختصراً في المذهب قصد فيه إلى بيان المشهور مجرداً عن الخلاف، وجمع فيه فروعاً كثيرة جداً مع الإيجاز البليغ، وله شرح على المدونة لم يكمل وصل فيه إلى أواخر الزكاة وله ترجمة شيخه عبد الله المنوفي، وله شرح على ألفية ابن مالك توفي رحمه سنة ست وسبعين وسبعمائة انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 357/ 358. (¬3) انظر التوضيح جـ 1 ورقة 152 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬4) في - م - كلامه. (¬5) انظر الشامل للشيخ بهرام مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13762.

فرع قال البرزلي: في مسائل الخلع

المبسوط ثم قال: قال بعضهم معناه والله تعالى أعلم أنها لم تكن قبضته، وأما لو قبضته لم ينزع منها (¬1).أ. هـ. فتحصل من هذا أن صداق المدخول بها إذا كان باقياً على الزوج لا يسقط ولو خالعته على أن أعطته شيئاً من عندها، أما اتفاقاً أو على الراجح فأجري إن (¬2) خالعته على أن تحملت بنفقة الولد، وكذلك نفقة ما مضى من مدة الحمل قبل الخلع، وأما نفقة الحمل بعد الخلع فاختلف فيها، والراجح سقوطها كما جزم به ابن رشد، ولم يحك فيه خلافاً. تنبيه قول ابن رشد في كلامه المذكور [في] (¬3) أول الفرع إن دفع (¬4) كراء سنة أو شهر براءة للدافع مما قبل ذلك مراده يدفع سنة او شهر المكتوب الشاهد بدفع كراء سنة أو شهر. قلت: ومثل ذلك يقال في الاشهاد على [شخص] (¬5) مستحق وقف موصول (¬6) معلوم شهراً أو سنة أنه شاهد للدافع بوصول ما قبل ذلك والله تعالى أعلم. فرع قال البرزلي: في مسائل الخلع وفي نوازل ابن رشد إذا عمم المبارأة بعد عقد الخلع فهل ترجع بجميع الدعاوى كلها مما يتعلق بالخلع أو غيره، وهو فتوى ابن رشد، وعن ابن الحاج (¬7) ترجع إلى أحكام الخلع خاصة، ¬

(¬1) انظر التوضيح جـ 1 ورقة 152 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬2) في - م - إذا. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) بهامش - م - إذا ذكر ولم يشر إلى التصحيح. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) عبارة - م - موصول بمعلوم. (¬7) هو محمد بن محمد أبو عبد الله العبدري المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي من العلماء العاملين من أصحاب الشيخ أبي محمد بن أبي جمرة، كان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك سمع بالمغرب من بعض شيوخه وقدم القاهرة، وسمع بها الحديث وحدث بها، وهو أحد المشايخ المشهورين بالزهد والخير والصلاح، صنف كتاباً سماه المدخل إلى تنمية الأعمال لتحسين النيات، والتنبيه على كثير من البدع المحدثة والفوائد الممتحنة وهو كتاب جمع فيه علماً غزيراً والإهتمام بالوقوف عليه متعين وله غير ذلك توفي رحمه الله سنة سبع وثلاثين وسبعمائة انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 3229321

فرع إذا خالعها [زوجها] على نفقة الولد إلى الحلم

وهو عندي يجري على الخلاف في مسألة العام إذا خرج على سبب هل يقصر على سببه أم يعم، وإذا تعقب الجمل استثناء أو صفة أو قيد أو غير ذلك مما يمكن تعلقه بالكل، أو بالبعض على ما يحمل؟ وبين الأصوليين خلاف في ذلك (¬1).أ. هـ. ونص ما في نوازل ابن رشد من مسائل الطلاق وسئل في عقد انعقد بخلع في أشياء سميت فيه وتضمن قطع الدعاوى بينهما فيه فقال: إنما يرجع قطع الدعاوى فيه إلى جميع ما يتعلق بالذمة مما سمي فيه وما لم يسم، وقال فيها أبو القاسم، وأضبغ قطع الدعاوى بينهما في العقد إنما يرجع إلى ما سمى فيه من الخلع (¬2).أ. هـ. فرع إذا خالعها [زوجها] (¬3) على نفقة الولد إلى الحلم على القول بجوازه فبلغ مجنوناً أو زمناً (¬4) عادت نفقته على الأب، ولو قال إلى حين سقوط النفقة على الأب لزمت المرأة النفقة حينئذ (¬5) قاله في المتيطية والله أعلم. فرع قال ابن سلمون: فإن عقد الخلع على اليتيمة، أو غيرها ولي أو أجنبي ¬

(¬1) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 19 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬2) انظر مختصر نوازل ابن رشد ورقة 28 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس رقم 12189. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) الزمانة: آفة في الحيوان، ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة وهي العاهة. انظر لسان العرب جـ 13 ص 199، وتاج العروس جـ 9 ص 228. (¬5) انظر مختصر المتيطية ورقة 20 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696.

فلها الرجوع على زوجها والطلاق ماض، وهل يرجع الزوج على الذي عقد معه الخلع إذا لم يضمن ذلك أم لا؟ في ذلك ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه يرجع عليه، وإن لم يكن ضمن له لأنه هو أدخله في الطلاق وهو قول ابن القاسم، وروايته عن مالك في [كتاب] (¬1) الصلح وقول أصبغ في الواضحة والعتبية. والثاني: أنه لا رجوع له عليه إلا أن يلتزم له الضمان وهو ظاهر قول ابن القاسم وروايته عن مالك في كتاب ارخاء المستور من المدونة، وقول ابن حبيب أيضاً. والثالث: أنه إن كان اباً، أو ابناً، أو أخاً، أو من قرابة الزوجة ضامن وإلا فلا وهو قول ابن دينار (¬2) (¬3).أ. هـ. ونقل الأقوال الثلاثة ابن عرفة في [كتاب] (¬4) الخلع، وظاهر (¬5) كلامهم أن الطلاق يقع بائناً وهو الظاهر (¬6).أ. هـ. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ورقة 26 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 6068. (¬3) هو محمد بن إبراهيم بن دينار الجهيني كنيته أبو عبد الله يروى عن ابن أبي ذئب، وموسى بن عقبة، ويزيد بن أبي عبيد، وغيرهم، وصحب مالك وابن هرمز، روى عنه ابن وهب، وأبو مصعب الزهري ومحمد بن مسلمة وغيرهم وكان مفتي أهل المدينة مع مالك، وعبد العزيز وبعدهما وكان فقيهاً فاضلاً له بالعلم رواية وعناية. قال ابن حبيب كان هو والمغيرة أفقه أهل المدينة وهو ثقة، وقال أشهب والشافعي ما رأينا في أصحاب مالك أفقه من ابن دينار ودرس مع مالك عن ابن هرمز توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 155 وترتيب المدارك جـ 3 ص 18 وما بعدها. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) في - م - فالظاهر. (¬6) انظر المختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 32 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

فرع ثم قال ابن سلمون وإن عقدت المرأة الخلع وضمن الزوج وليها أو غيره ما يلحقه من درك في الخلع المذكور

فرع ثم قال ابن سلمون وإن عقدت المرأة الخلع وضمن الزوج وليها أو غيره ما يلحقه من درك في الخلع المذكور ثم ظهر ما يسقط التزامها من ثبوت ضرر أو عدم أو غير ذلك ففي ذلك قولان: أحدهما أن الضامن يغرم للزوج ما التزمه، والثاني أنه لا شيء عليه وكذلك في البيع الفاسد (¬1).أ. هـ. ص 105/ وقال في اختصار (¬2) المتيطية إذا أخذ الزوج على المرأة ضامناً بما التزمت له، وأسقطت عنه ثم أعدمت أخذ الزوج بالنفقة على بنيه، وطالب الحميل بما يرجع به عليه، وإن ثبت أنها في ولايته فحكى فضل عن ابن الماجشون إن لم يعلم الزوج سفهها فحقه على الحميل، وإن لم يعلم بذلك الحميل لأنه دخل فيما لو شاء كشفه لنفسه، وإن علم الزوج بذلك لم يرجع على الحميل، ولا عليها بشيء علم بذلك الحميل أم لا، [وقال أصبغ في العتبية يلزم الحميل ما تحمل به للزوج (¬3)] (¬4).أ. هـ. فرع إذا خالع زوجته على أن تتحمل بالولد مدة معينة، وشرط عليها ألا تتزوج فلا يخلو من أن يكون شرط عليها ألا تتزوج في الحولين مدة الرضاع أو فيما بعد ذلك، فإن شرط عليها أن لا تتزوج في الحولين ففي سماع أشهب من كتاب التخيير عن مالك أن ذلك لا يلزمها، ولها أن تتزوج وقال يشترط عليها تحريم ما أحل الله أرأيت لو قال لها لا تتزوج خمسين سنةن ولمالك في كتاب ابن المواز أن ذلك يلزمها ولا تنكح حتى تفطم ولدها، وقاله ابن نافع في سماع أشهب المذكور. قال ابن رشد: في السماع المذكور ويأتي على ما في المدونة من أن المرأة إذا أجرت نفسها ضئراً فليس لها أن تتزوج أنه ليس ¬

(¬1) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ورقة 26 ظهر مخطوط رقم 6068. (¬2) في - م - مختصر. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) انظر مختصر المتيطية ورقة 85 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696.

للمصالحة على رضاع ولدها أن تتزوج في الحولين، ولو لم يشترط ذلك عليها، وما في رسم الرهون من سماع عيسى من كتاب التخيير أنه ينظر في ذلك فإن كان لا يضر بالصبي لم يحل بينها وبين التزويج قول رابع، وأما استراطه عليها ترك النكاح بعد أمد الحولين مدة قريبة أو بعيدة لا (¬1) اختلاف أن ذلك لا يلزمها كما لا يلزم الزوجة اشتراط ذلك (¬2).أ. هـ. ونص ما في رسم الرهون الذي أشار إليه: قال في رجل بارأ امرأته على مال، وعلى رضاع ولدها سنتين هل تتزوج؟ قال: إن كان لا يضر بالصبي خلى بينها وبين التزويج، وإن كان في ذلك ضرر لم تترك بمنزلة من استرضع امرأة لا زوج لها، وأرادت التزويج فينظر في ذلك على ما وصفت لك قال [محمد] (¬3) بن رشد مضى الكلام عليها في سماع أشهب وما ذكره ابن رشد من الاتفاق على أنه لا يلزمها ترك النكاح فيما بعد الحولين مخالف لما ذكره ابن سلمون عن كتاب (¬4) الاستغناء ونصه قال: ابن رشد إذا صالحت المرأة على رضاع ولدها فدليل ما في المدونة [على] (¬5) أنها ممنوعة من التزويج حتى تتم مدة الرضاع، وفي كتاب الاستغناء إذا التزمت الأم حضانة ابنتها (¬6) وتزوجت فسخ النكاح حتى تتم أمد الحضانة، قال بعضهم يريد قبل البناء وقال الأبهري شرطه باطل ولا يجوز، وتتزوج إن أحبت، والمعروف من قول مالك في المستخرجة أنها تتزوج، وإن شرط عليها في عقد الخلع ألا تتزوج مدة الرضاع، ثم ذكر بقية الأقوال الأربعة المتقدمة في كلام ابن رشد، ولا شك أن ما قاله ابن رشد وإن لم يكن متفق عليه فهو الظاهر وفي كلام ابن سلمون ترجيح القول بأنه لا يلزم ¬

(¬1) في - م - فلا وهو الصحيح. (¬2) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ورقة 26 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 6068. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) انظر ديوان ابن سلمون في الوثائق والأحكام ورقة 26 وجه رقم المخطوط 6068. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الصل. (¬6) في م - بنيها.

فرع وأما عكس هذه المسألة

ولا (¬1) في مدة الرضاع، وهو الظاهر، وهو خلاف ما يظهر من كلام ابن رشد فتأمله والله تعالى أعلم. فرع وأما عكس هذه المسألة فذكر في رسم سعد من سماع ابن القاسم من كتاب التخيير في رجل صالحته زوجته على أن يفارقها وتعطيه شيئاً من مالها على ألا ينكح أبداً فإن عمل رد إليها مالها. قال مالك له ما أخذ منها والشرط باطل. قال ابن رشد هذا بين لأنه إذا لم يلزم بالشرط ألا يتزوج عليها فأحرى أن لا يلزمه أن يرد إليها ما أخذ منها إن نكح لأن الخلع يؤل بذلك إلى فساد إذ لا تدري (¬2) هل يرجع إليها فيكون سلفاً أو لا يرجع. ويلزم في هذه المسألة [على] (¬3) قياس ما في سماع عيسى من طلاق السنة في المخالع بثمرة لم يبدو صلاحها أن يمضي الخلع ويكون له خلع مثلها وهذا إذا عثر عليه قبل ان تدفع إليه ما خالعته عليه، وأما إن لم يعثر على ذلك حتى دفعت إليه ما خالعته عليه وغاب عليه، فينفذ الخلع ويبطل الشرط لأن فسخه ورده إلى خلع مثلها تتميم للفساد الذي اقتضاه الشرط (¬4). قلت: وفي قوله إن فسخه ورده إلى خلع المثل تتميم للفساد نظر قال ابن عرفة ويلزم عليه كون البيع الفاسد بعد فوته بالقيمة تتميم للفساد وذكر ابن عرفة هذه المسألة في الخلع (¬5)، وذكر المشذالي في كتاب الوصايا الأول كلام ابن ¬

(¬1) لعل الواو زائدة والصحيح إلا في مدة الرضاع. (¬2) في - م - يدري. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 34 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. وكذلك البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 95 وجه، 108 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬5) انظر المختصر لابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 34 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

فرع وأما إعطاء الرجل زوجته أو أم ولده شيئا على ألا تتزوج

رشد هذا، وكلامه في سماع أشهب باختصار، ويأتي في الباب الثاني إن شاء الله تعالى [مثله في كلام ابن رشد من هذا المعنى والمشهور جواز الخلع بالغرر] (¬1). فرع وأما إعطاء الرجل زوجته أو أم ولده شيئاً على ألا تتزوج فذلك جائز وكذا عكسه ولا يمنعان من الزواج، ولكن يرجع عليهما بما أخذتا قال في كتاب الوصايا من المدونة. ومن أسند وصيته إلى أم ولده على ألا تتزوج جاز ذلك فإن تزوجت عزلت، وكذلك لو اوصى لها بألف درهم على ألا تتزوج فأخذتها فإن تزوجت أخذت منها، قال أبو الحسن وكذلك إذا أوصى لزوجته على ألا تتزوج جاز ذلك ابن يونس (¬2) كما جاز أن تعطي المرأة زوجها مالاً على ألا يتزوج عليها، وإن كان ذلك حلالاً لهما إلا أنهما منعا أنفسهما من الانتفاع بالنكاح لإنتفاعهما بالمال فمتى رجعا عن ذلك رجع عليهما بما أخذا (¬3).أ. هـ. وقوله عزلت قال عياض (¬4) يسقط إيضاؤها بالعقد بخلاف الحضانة لا تسقط حضانتها إلا بالدخول. أ. هـ. ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) هو الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي كان فقيهاً عالماً نظاراً فرضياً أخذ عن أبي الحسن الحصائري وعتيق بن الفرضي، وابن أبي العباس، وكان ملازماً للجهاد موصوفاً بالنجدة ألف كتاباً جامعاً لمسائل المدونة وأضاف إليها غيرها من النوادر، وعليه اعتمد طلبة العلم، توفي رحمه الله سنة إحدى وخمسين وأربعمائة يعبر عنه ابن عرفة بالصقلي في مختصره الفقهي. أنظر: ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 111 ومقدمة الحطاب علي خليل جـ 1 ص 35. (¬3) انظر المدونة جـ 15 ص 24. (¬4) هو القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليصبحي الشيخ الإمام قاضي الأئمة وشيخ الإسلام وقدوة العلماء الأعلام، وشهرته تغني عن التعريف به، خصت ترجمته بالتأليف منها ازهار الرياض. أخذ عن جلة منهم ابن رشد وابن الحاج وابن المعذل، وأجازه أبو بكر الطرطوشي، والإمام المازري، وابن العربي، وعنه جماعة منهم ابن محمد وابن غازي، وابن زرقون، ألف التآليف المفيدة البديعة منها مشارق الأنوار تفسير غريب الموطأ، والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ وكتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة، وترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك وغير ذلك. ولد في شهر شعبان سنة ست وسبعون وأربعمائة وتوفي في شهر جماد الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 140، 141 والديباج جـ 2 ص 46 وما بعدها.

فرع قال عبد الحق ولو أوصى لأم ولده بعرض على ألا تتزوج فباعته

فرع قال عبد الحق (¬1) ولو أوصى لأم ولده بعرض على ألا تتزوج فباعته أو وهبتهن ثم تزوجت ففعلها ماض ويرجع عليها بقيمته، وقال بعض شيوخنا (¬2) إذا باعته فليس عليها إلا الثمن قال ولو ضاع العرض بأمر من الله تعالى لم تضمن أبو الحسن هذا إذا ما قامت البينة على الضياع. أ. هـ. فرع إذا طلبت نفقة ولدها على (¬3) أبيه فادعى أبو الولد أن أباها التزم نفقة الولد فقالت الزوجة أنفق على ولدك حتى يثبت لك ما تدعيه على ابي، فأفتى أيوب (¬4) بن سليمان، ومحمد بن وليد (¬5) وعبيد الله بأنه ينفق على ولده إلى أن ينظر بينه وبين جد الصبي ذكره ابن سهل. ¬

(¬1) هو أبو محمد عبد الحق بن محمد بن هارون القرشي الصقلي الإمام الفقيه الحافظ العالم المتفنن تفقه بشيوخ القيروان كأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران القابسي وابي عبد الله بن الأجدابي، وشيوخ صقلية كأبي بكر بن العباس وتفقه مع التونسي وحج ولقي القاضي عبد الوهاب وحج ثانية ولقي إمام الحرمين أبا المعالي بمكة سنة 450 هـ فباحثه وسئله عن مسائل مشهورة نقلها الونشريسي في معياره كان مليح التأليف ألف كتاب النكت والفروق امسائل المدونة وكتابه الكبير المسمى بتهذيب الطالب وله استدراكات على تهذيب البرادعي وجزء في ضبط ألفاظ المدونة توفي بالإسكندرية سنة ست وستين وأربعمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 116، والديباج جـ 2 ص 56. (¬2) يقصد بشيوخه الذين تتلمذ عليهم انظر شيوخ عبد الحق الواردة أسمائهم في ترجمته المذكورة أعلاه. (¬3) في - م - من وهو الصواب. (¬4) هو أبو صالح أيوب بن سليمان بن صالح المعافري القرطبي الإمام الجليل الفقيه الحافظ العالم دارت عليه الشورى مع صاحبه ابن لبابة سمع من العتبي وابن مزين وغيرهمان وعنه أبو بكر اللواتي، وأحمد ابن مطرف بن عبد الرحمن وغيرهما مات سنة إحدى وثلاثمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 85، 86 زالديباج جـ 1 ص 303. (¬5) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن الوليد بن محمد القرشي المعيطي كان حافظاً للفقه عالماً بمذهب مالك وأصحابه، ولي الشورى وهو ابن ثلاثين سنة وكان ورعاً زاهداً متبتلاً معتزلاً عن جميع الناس، يصوم النهار ويقوم الليل إلى أن مات، وهو الذي أكمل كتاب الاستيعاب مع أبي عمر الأشبيلي كان قد ابتدأه بعض أصحابه القاضي إسماعيل توفي في ذي القعدة سنة سبع وستين وثلاثمائة. انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 99 والديباج جـ 2 ص 225، 226.

فصل

(فصل) قد تقدم أن هذا الالتزام المطلق يقضي به على الملتزم ما لم يفلس أو يمت أو يمرض، وهذا إذا حصل شيء من هذه الأمور قبل حوز الشيء الملتزم به كما في الهبة، فإن التزم شخص لشخص السكني في دار مدة فأسكنه إياها ثم مات الملتزم لم تبطل السكنى، لأن الحوز قد حصل. قال البرزلي: في مسائل الأنكحة عن نوازل ابن الحاج فيمن زوج ابنته وإلتزم لصهره الإسكان مدة العصمة ثم رهقه دين ثم مات فقام أرباب الديون يطلبون ديونهم، وذهبوا لبيع الدار، وإبطال السكنى أنه إذا حاز الزوج السكنى بالفعل قبل الدين وجبت له، ولا تباع الدار حتى تنقضي مدة العصمة بموت أو طلاق (¬1).أ. هـ. (فصل) يصح إلتزام المجهول كما تقدمت الإشارة إليه في الكلام على الأركان لأنه كالهبة وهبة المجهول صحيحة. قال في التوضيح: في شرح قول ابن الحاجب من كتاب القراض ولو شرط الربح لغيرهما حاز، قال ابن عبد السلام وهل يلزمه الوفاء بذلك إن كان المشترط له ذلك معيناً فأصل المذهب أنه يلزمه (¬2) الوفاء به، ويقضي به على الملتزم إن امتنع، وأمناً إن كان غير معين كالمساكين فالمشهور أنه لا يقضي به إن امتنع، وعلى ما في الموازية ينبغي أن يقضي [قال] (¬3) خليل والمشهور مذهب المدونة لأن فيها إذا اشترط المتفاوضان عند معاملتهما (¬4) ثلث الربع للمساكين جاز ذلك، ولا أحب لهما الرجوع فيه ولا يقضي بذلك عليهما (¬5).أ. هـ. كلام التوضيح. ¬

(¬1) انظر نوازل البرزلي جـ 1 ورقة 248 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12792. (¬2) في - م - يلزم. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) تصحيح بهامش - م - تعاملهما. (¬5) انظر التوضيح للشيخ خليل جـ 2 ورقة 125 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

فرع قال في كتاب القراض من المدونة إن لم يشغل العامل المال حتى نهاه ربه عن العمل

قال أبو الحسن: في شرح مسألة كتاب القراض هذا كمن نبذر للمساكين مالاً أو جعل ذلك في يمين ويعني إذا كانوا غير معنينين، وأما لو كانوا معينين لقضى (¬1).أ. هـ. ومثله ما تقدم عن كتاب الشركة من المدونة إن الرجل إذا قال للرجل لك نصف ما أربح في هذه السلعة لزمه ذلك، وله طلبه بذلك ما لم يفلس أو يمت. فرع قال في كتاب القراض من المدونة إن لم يشغل العامل المال حتى نهاه ربه عن العمل فتعدى فتجر [فيه] (¬2) فالضمان عليه والربح له. قال ابن يونس عن ابن حبيب: إلا أن يقر أنه اشترى للقراض فالربح للقراض ولا يدفع (¬3) ذلك عنه حكم الضمان (¬4).أ. هـ. قال في التوضيح لأن العامل إلتزم لرب المال (¬5) نصيبه من الربح فيلزمه الوفاء به قال: وقال ابن عبد السلام وفي ذلك نظر لإحتمال أن يقال لم يلتزم العامل ذلك إلا على شرط [عدم] (¬6) الضمان (¬7).أ. هـ. قلت: وقول ابن حبيب في مسألة القراض خلاف لمذهب المدونة كما مشى عليه الشيخ خليل في مختصره وصاحب الشامل. فرع قال البرزلي في مسائل الأقضية في أخ إلتزم لأخيه، وأخته مثل ما إلتزم لهما أخ لهم رابع في قطع دعواه عنهما من ميراث بينهم، ولم يكن الرابع بين للأخ ¬

(¬1) في - م - يقضى. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) عبارة - م - ولا يدفع عنه حكم الضمان (بإسقاط ذلك). (¬4) انظر المدونة جـ 12 ص 129 طبعة السعادة. (¬5) في - م - القراض. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) انظر التوضيح للشيخ خليل ورقة 125 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

فرع

جميع ما إلتزم، فلما علم بذلك ذهب إلى أنه لم يقصد إلا أشياء بعينها (¬1) لاغير فأفتى ابن أبي عيسى (¬2) وأكثر أصحابه أنه لا يلزمه إلا ما نص وفسر، وقال ابن خلف (¬3) الذي اعتقده أنه يلزمه ما إلتزمه أخوه (¬4) قلت: إن كان الأخ الملتزم أولاً قد ذكر لأخيه بعض أشياء مما إلتزمه وأفهمه أن ذلك جميع ما إلتزمه فلا اشكال أنه لا يلزم (¬5) الملتزم ثانياً إلا ما بين له، وكذا إن دل سياق الكلام والبساط على إلتزام أشياء معينة ثم ذكروا له أشياء أجنبية عن ذلك، وإن كان الأمر على خلاف ذلك فالظاهر ما قاله ابن خلف وانه يلزمه جميع ما إلتزمه أخوه فتأمله والله تعالى أعلم. فرع ويقرب من هذا ما وقع في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب الإيمان بالطلاق قال سئل مالك عن رجل قال لرجل أحلف ويميني مثل يمينك ¬

(¬1) في - م - معينة. (¬2) هو محمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى المعروف بابن أبي عيسى القاضي أبو عبد الله قرطبي من بيت بني يحيى بن يحيى ابن أبي عيسى قال القاضي عياض قال ابن الحارث في كتاب القضاة ولم يزل محمد بن عيسى مشهور بالفضل ظاهر السؤدد طالباً للعلم مجمع على تفضيله، ولقد جالسته غير مرة فرأيته محمود التصرف جميل المذهب كريم الأخلاق. أخذ العلم عن عم ابن عبد الله ومحمد بن لبابة، وأحمد بن خالد وغيرهم ورحل سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة فحج وسمع من ابن المنذر وغيره ولي القضاء وإلتزم ابن ابن عيسى في قضائه الصرامة في تنفيذ الحقوق وإقامة الحدود والكشف عن أحوال الشهود والصدع بالحق في السر والجهر وبسلوكه هذا المسلك بسط الحق وأحيا العدل، ونصر المظلوم وقمع الظالم، ولم يطمع شريف في حيفه، ولا يأس وضيع من عدله، وإلى جانب ذلك كان شاعراً يقول الشعر بطبع حسن وتصرف في ضروبه وله في ذلك الشأو البعيد، ولقد ذكره ابن عبد الرؤوف في كتاب الشعراء بالأندلس. ولد سنة أربع وثمانين ومائتين وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة حيث دفن بطليطلة انظر ترجمته في ترتيب المدارك بتحقيق الدكتور أحمد بكير محمود جـ 4 ص 405 وما بعدها. (¬3) لم نتمكن من الترجمة له رغم كثرة المصادر التي رجعت إليها في هذا الصدد. (¬4) انظر نوازل البرزلي جـ 3 ورقة 80 ظهر مخطوط رقم 12794. (¬5) في - م - يلتزم.

فرع قال أبو الحسن اختلفوا في إلتزام المتسلف التصديق في القضاء دون يمين تلزم المسلف في دعوى القضاء

فحلف بالعتق، والطلاق فأنكر ذلك قال محمد (¬1) إذا أنكره مكتنه فذلك له وإن صمت لزمته اليمين، قال محمد بن رشد قوله إن ذلك له إذا أنكره مكانه معناه إذا ادعى أنه إنما ظن أن يحلف بالله، وأنه لم يرد إلا ذلك على ما في رسم سلف من سماع عيسى، وعلى ما حكى ابن حبيب في الواضحة، ويكون (¬2) عليه اليمين في ذلك على ما حكاه ابن حبيب وهذا أيضاً إذا كانت للحالف زوجة إن كان حلف بالطلاق، أو عبداً إن كان حلف بالعتق على ما في سماع ابن زيد (¬3) لأنه إنما أراد أن يكون عليه مثلما عليه فإذا لم يلزم الحالف في يمينه شيء لم يلزم هذا شيء إلا أن يقول مثل قوله كحاكاة له، أو يقول على مثل ما حلفت به فيلزمه ذلك على ما قاله ابن حبيب في الواضحة فالروايات كلها مفسرة بعضها لبعض لا يحمل شيء منها على الخلاف. وبالله التوفيق. [تنبيه] (¬4) ومن إلتزام المجهول ما يأتي في فصل العدة فيمن اشترى من رجل كرماً فخاف الوضعية فأتى إلى البائع (¬5) يستوضعه فقال له بع وأنا أرضيك وسيأتي كلام ابن رشد فيها مستوفي إن شاء الله تعالى. فرع قال أبو الحسن اختلفوا في إلتزام المتسلف التصديق في القضاء دون يمين تلزم المسلف في دعوى القضاء فأجازه ابن العطار على الطوع وقال ابن سعد (¬6) ¬

(¬1) في - م - مالك وهو الصواب. (¬2) في - م - وتكون. (¬3) هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني الفقيه النظار الحافظ الحجة أما م المالكية في وقته كان واسع العلم كثير الحفظ والرواية كتبه تشهد له بذلك فصيح القلم يقول الشعر ويجيده مع صلاح وورعن وعفة، إليه انتهت رياسة الدين والدنيا، وإليه الرحلة من الآفاق تفقه بفقهاء بلده وعول على ابن اللباد، وأخذ عن ابي العرب، والقطان وسعدون الخولاني وجماعة وأجازه ابن شعبان والأبهري والمروزي وتفقه عن جماعة منهم أبو سعيد البرادعي وابن الأجدابي له تأليف سماه كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور أزيد من مائة جزء وكذلك مختصر المدونة مشهور وعلى كتابه المحول في المذهب، وكتاب تهذيب العتبية، وكتاب الاقتداء بأهل المدينة، وكتاب الدب على مذهب مالك، وكتاب الرسالة المشهور وسئله تاليفها الشيخ محرز بن خلف ألفها وسنة سبعة عشر عاماً وهي أول تأليفه ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب وترجمت إلى الفرنسية وغير ذلك مما هو كثير. توفي سنة ست وثمانيين وثلاثمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 96 والديباج جـ 1 ص 427 .. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) عبارة - م - فأتى إليه المشتري. (¬6) هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي بالولاء الحصري إمام أهل مصر في الفقه والحديث أصله من خراسان ولد سنة أربع وتسعين هجرية بقلقشنده وهي قرية قريبة من القاهرة، وروى عن الزهري ونافع وطبقتهما، وعنه ابن شعيب وابن مبارك، وآخرون توفي رحمه الله سنة خمس وسبعين ومائة انظر ترجمته في الوفيات ص 139.

إن كان شرط فهو سلف جر نفعاً، وإن كان بعد العقد فهدية مديان فلا يجوز عنده مطلقاً، وقال في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب المديان فيمن صالح رجلاً في (¬1) دراهم كانت عليه على أن يعطيه خمسة دراهم كل شهر، وليس للذي عليه الحق أن يستحلف الطالب إن ادعى أنه دفع إليه شيئاً بغير بينة، قال مالك هذا الشرط غير جائز، وإن قيم عليه حلف ولم ينفعه شرطه. قال محمد بن رشد: كان الشيوخ يحملونها على الخلاف لما في آخر الرسم الول من سماع اشهب من كتاب العيوب من أعمال الشرط بإسقاط اليمين، ولما في رسم أخذ يشرب خمراً من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع من التفرقة بين المأمون وغيره، والذي يبيع لنفسه وغيره (¬2)، ويحصلون (¬3) في المسألة ثلاثة أقوال: أعمال الشرط، وإبطاله، والتفرقة بين المامون والذي يبيع [لغيره] (¬4)،وبين الذي ليس بمأمون ويبيع لنفسه، والذي أقول به أنها ليست بخلاف لأن المعنى فيها مختلف تلك اسقاط اليمين إن كانت قد وجبت قبل ان يعلم بوجوبها وهذه أسقط اليمين فيها قبل وجوبها، فلا يدخل الخلاف فيها إلا بالمعنى من أجل أن اسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه في المذهب لا من هذه المسألة وقد مضى بيان هذا مستوفي في سماع أشهب من كتاب العيوب فقف عليه هناك (¬5).أ. هـ. قلت: والذي في سماع أشهب من كتاب العيوب هو قوله فيمن باع رقيقاً بالبراءة واشترط على المشتري أنه لا يمين على البائع إن وجد المشتري عيباً وأراد أن يحلف البائع أنه ما علم أن الشرط عامل (¬6).أ. هـ. ¬

(¬1) في - م - على. (¬2) في - م - ولغيره. (¬3) في - م - فيحصلون. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل .. (¬5) انظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 181 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613. (¬6) انظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 49 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612.

والذي في سماع ابن القاسم من كتاب البضائع هو قوله في مسألة بيع الرقيق بالبراءة إن الشرط عامل في الرجل المأمون وفي الذي يبيع لغيره كالوصي والوكيل، وأما غير المأمون إذا باع انفسه فلا يفيده الشرط قال ابن رشد في سماع أشهب من كتاب العيوب فالخلاف بين الروايتين في الذي ليس بمأمون إذا باع لنفسه يعني فلم يرى الشرط نافعاً له في سماع ابن القاسم من كتاب البضائع، ورأه نافعاً له في هذا السماع، قال وكان من ادركنا من الشيوخ يذهبون إلى أن المعنى في هذه المسألة وفي مسألة اشتراط التصديق في الاقتضاء [التي] (¬1) في سماع ابن القاسم من كتاب المديان سواء. فيأتي فيها ثلاثة أقوال: إعمال الشرط، وإبطاله والفرق بين المأمون والذي يبيع لغيرهن وبين الذي ليس بمأمون ويبيع لنفسه والصواب أنهما مسألتان مفترقتا المعنى لا تحمل إحداهما على الأخرى لأن التي في هذا السماع أعني سماع أشهب من كتاب العيوب وفي سماع ابن القاسم من كتاب البضائع اشترط فيها اسقاط اليمين إن كانت قد وجبت حين الشرط ولم يعلما بوجوبها، والتي في كتاب المديان اشترط فيها إسقاط يمين يعلم أنها لم تجب بعد فالأولى بمثابة أن يقول الرجل إن كان اشترى فلان هذا الشقص بكذا فقد سلمت له الشفعة فهذا يلزمه التسليم إن كان قد اشترى، والثانية بمثابة أن يقول إن اشترى فلاناً الشقص [بكذا] (¬2) فقد سلمت له الشفعة فهذا لا يلزمه التسليم إن اشترى لأنه أسقط حقه قبل أن يجب له فلا يدخل الخلاف في مسألة التصديق في اقتضاء الديون دون يمين من مسألة كتاب العيوب ولا فيها نص خلاف. قال في الواضحة وكل من وضع يميناً قبل ان تجب فهي موضوعة، وإنما يدخل الخلاف فيها بالمعنى لأن إسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه (¬3).أ. هـ. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) انظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 49 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612.

قلت: فحاصل كلام ابن رشد أن الذي يختاره أن مسألة اشتراط التصديق في اقتضاء الدين دون يمين المنصوص فيها إن ذلك لا يفيد واليمين لازمة كما تقدم في سماع ابن القاسم من كتاب المديان، وكما قال في الواضحة (¬1) وأنه ليس في ذلك خلاف منصوص، وإنما يخرج (¬2) الخلاف في ذلك من مسألة إسقاط الحق قبل وجوبه، ولم يذكر ما حكاه أبو الحسن عن ابن العطار، وأما مسألة من باع رقيقاً واشترط أنه لا يحلف إذا ادعى عليه بعيب قديم فذلك لازم في الرجل المأمون وفي الذي يبيع لغيره، وأما غير المأمون إذا باع لنفسه ففيه القولان، وانظر [إلى] (¬3) كلام الواضحة الذي استدل به ابن رشد فإن الظاهر أن فيه سقطاً، وهذه طريقة ابن رشد وطريقة غيره أن الخلاف جار أيضاً في شرط التصديق، وفي السلف والبيع كما ذكره هو عمن تقدمه من الشيوخ. قال في التوضيح في باب الرهن لما تكلم على شرط المرتهن عدم الضمان فيما يغاب عليه ما نصه: وقد اختلف [في] (¬4) المذهب في البائع بثمن إلى أجل يشترط في عقد البيع أنه مصدق في عدم قبض الثمن هل يوفى له أم لا أو يوفى للمتورعين عن الأيمان دون غيرهم على ثلاثة أقوال، وعلى أنه يوفى فهل يجوز مثله في القرض قال بعضهم لا يجوز لأنه سلف جر منفعةن والصحيح الجواز لأنه شرط ينشأ عنه توثيق فكان كالرهن والحميل (¬5).أ. هـ. وأصله لابن عبد السلام وقال بدل قوله والصحيح الجواز والحق. وقال ابن ناجي في شرح قوله في المدونة في كتاب الشهادات ومن أقسام شاهدين على حق له فليس عليه ان يحلف مع شاهديه إلا أن يدعي المديان أنه قضاه فيما بينه ¬

(¬1) تعتبر من بين أمهات الكتب الكبيرة القيمة التي اعتمد عليها المذهب المالكي: وهي المدونة والموازية، والعتبية، والواضحة. (¬2) في - م - يتخرج. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) ساقطة من - م -. والواقع أنها زيادة مقحمة. (¬5) انظر التوضيح للشيخ خليل علي مختصر ابن الحاجب الفقهي جـ 2 ورقة 90 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

وبينه فإنه يحلفه (¬1) فإن نكل حلف المطلوب وبرئ. ظاهر قوله إلا أن يدعي أنه قضاه أن الحكم كذلك، ولو شرط عليه التصديق في دعى القضاء دون يمين وهو كذلك سواء كان مأموناً أم لا وهو أصل (¬2) الأقوال الثلاثة، وقيل يعمل على الشرط مطلقاً فلا يحلف، وعليه العمل وقيل مثله إن كان مأموناً (¬3).أ. هـ. قلت: وذكر الأقوال الثلاثة المتيطي في الكلام على شرط المغيب في شروط النكاح، وفي السلم في الكلام على [شرط] (¬4) التصديق ثم ذكر عن الباجي أن الاختلاف (¬5) فيه إنما هو إذا كان في أصل العقد، وإما إذا كان على الطوع فلا اختلاف فيه (¬6) أ. هـ. بالمعنى فإذا كان في أصل العقد فالقول بعدم إعمال الشرط نص الرواية عن مالك كما تقدم وابن رشد يحكي الاتفاق عليه فهو أرجح والله تعالى أعلم. وقال الشيخ أبو الحسن (¬7) الصغير في كتاب الرهون في شرح قوله ويجوز ¬

(¬1) في - م - يحلف. (¬2) في - م - أحد وهو الصواب. (¬3) انظر ابن ناجي على المدونة جـ 3 ورقة 72 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13760. (¬4) ساقطة من الصل. (¬5) في م - الخلاف. (¬6) انظر اختصار المتيطية ورقة 119 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬7) هو القاضي أبو الحسن علي بن عبد الحق الزرويلي الشهير بالصغير الشهير عند أهل إفريقيا بالمغربي بيته مشهور بفاس انتهت إليه رياسة الفقه بها والأصول أحد الأقطاب الذين دارت عليهم الفتيا وولى القضاء بتازا ثم بفاس فأقام الحق على الكبير والصغير حتى أمراء بني مرين، له شرح على التهذيب للبرادعي قال ابن مرزوق ونسخه مختلفة جداً، ويقال إن الطلبة الذين يحضرون مجلسه هم الذين كانوا يقيدون عنه ما يقوله في كل مجلس وهذا سبب الاختلاف الموجود في النسخ لأن الشيخ لم يكتب شيئاً بيده، وأكثر إعتماد أهل المغرب على تقييد الفقيه الصالح أبو محمد عبد العزيز القروي فإنه من خيار طلبته علماً وديناً كما ينسب له شرح على الرسالة قيده عنه تلميذه أيضاً مطبوع أقوال كان مولده في حوالي سنة 599 هـ وتوفي سنة تسع عشرة وسبعمائة استقراء حيث ذكر أنه عاش نحو مائة وعشرون عاماً انظر ترجمته في الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي جـ 2 ص 237/ 238 وشجرة النور الزكية ص 215 والديباج جـ 2 ص 119 وما بعدها.

رهن المصحف ولا يقرأ فيه أخذ منه إن المسافر إذا شرط على المتسلف اسقاط يبين القضاء أنه لا يجوز لأنه سلف جر منفعة (¬1).أ. هـ. وقال في كتاب الوديعة في شرح قوله ولو شرط الرسول أن يدفع إلى من أمر به بغير بينة لم يضمن ما نصه: ولو شرط أن لا يبين عليه قال عبد الحق لم ينفعه ذلك لأن اليمين إنما ينظر فيها وقت [وجوب] (¬2) تعلقها فكأنه اشترط (¬3) اسقاط أمر لم يكن [بعد] (¬4) (¬5).أ. هـ. وما ذكر عن عبد الحق هو في كتاب النكت (¬6). تنبيهات الأول: قال المتيطي في الكلام على شرط المغيب من [شروط] (¬7) النكاح لما ذكر الخلاف المتقدم في اشتراط التصديق ولو زاد العاقد في الشرط بأثر قوله فأخذ بقول من يرى منهم سقوط اليمين لعلمه، وتحققه بثقة رب الدين وأمانته سقطت اليمين بلا خلاف في ذلك (¬8) أ. هـ. ¬

(¬1) انظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 19 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) في - م - شرط. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 207 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬6) اسم الكتاب: النكت والفروق لمسائل المدونة وهو كتاب جليل استفاد منه القرافي في تأليفه كتاب الذخيرة. (¬7) ساقطة من - م -. (¬8) أنظر اختصار المتيطية ورقة 18 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696.

فصل للشخص الرجوع عن وصيته بلا خلاف

قلت فكان اليمين عنده يمين تهمة فحيث أقر بأمانته رب الدين وديانته سقطت. الثاني: قال المتيطي في الكلام على شرط التصديق في السلم وقولنا مصدق بلا يمين هذا (¬1) الذي يسقط عنه اليمين، وأما لو قال مصدق ولم يقل بلا يمين ففيه اختلاف من قول مالك فمرة قال [لا] (¬2) يصدق ويحلف، ومرة قال يصدق ولا يحلف، وقال سحنون لا (¬3) يصدقه إذا حلفه (¬4) قلت والظاهر [هو] (¬5) القول الثاني لأنه إذا حلف لم يكن لشرط التصديق فائدة لأنه لو لم يشترطه لم يتوجه عليه إلا اليمين فتأمله والله تعالى أعلم. (فصل) (¬6) للشخص الرجوع عن وصيته بلا خلاف فإن إلتزم عدم الرجوع عنها فالأصح أنه يلزمه. قال ابن عرفة في مختصره الفقهي: فلو إلتزم عدم الرجوع ففي لزومه خلاف بين متأخري فقهاء (¬7) تونس ابن علوان (¬8) ثالثهما إن كانت بعتق (¬9) ¬

(¬1) في - م - هو. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) عبارة - م - لم. (¬4) انظر اختصار المتيطية ورقة 119 / ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) بهامش - م - مسألة إلتزام عدم الرجوع في الوصية. (¬7) يشار بهم إلى ابن راشد القفصي، وابن عبد الرفيع، وابن علوان. (¬8) هو أبو العباس أحمد بن علوان التونسي الشهير بالمصري الفقيه العالم الزاهد الإمام المؤلف المحقق العمدة العابد أخذ عن أبي العباس أحمد بن إسماعيل، وعنه ابن أبو الطيب وغيره. من مؤلفاته لباب اللباب على الجلاب واختناء الزهر من كتاب الطور، ومختصر المدارك، واختصار كتاب أنوار القلوب في العلم الموهوب، وكتاب التشوف إلى أهل التصوف وغير ذلك نحو من أربعين تأليفاً. توفي بالإسكندرية سنة سبع وثمانين وسبعمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 226. (¬9) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 7 ورقة 174 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10847.

وقال في مختصر الحوفي (¬1) فإن إلتزم عدم الرجوع لزمه على الأصح وقال في التوضيح: قال في الوثائق المجموعة إذا قال اشهدوا أني قد أبطلت كل وصية تقدمت فإنها تبطل إلا وصية قال فيها لا رجوع فلا تبطل حتى ينص عليها. قلت: ونحوه في الشامل، وظاهره يقتضي أن له الرجوع ولو إلتزم عدم الرجوع فهو جار على مقابل الأصح إذ لا فرق بين قوله لا رجوع لي فيها وبين إلتزامه عدم الرجوع. وكذا قال المشذالي (¬2) في حاشيته على المدونة، وقال ابن رشد في المذهب للموصي الرجوع عن وصيته ولو قال لأرجعة (¬3) لي فيها على ظاهر المذهب، وقد ¬

(¬1) هو القاضي أبو القاسم أحمد بن محمد بن خلف الحوفي الفقيه الحافظ العالم الإمام الفوضى من بيت علم اخذ عن ابن العربي وقاضي الحرمين وغيرهما، وروى عنه أبو سليمان وغيره له في الفرائض تصانيف كبير ومتوسط ومختصر، استقضى بأشبيلية مرتين وكان لا يأخذ أجراً على القضاء وأنه كان يعيش أيام قضائه من صيد السمك وبيعه مرة كل أسبوع توفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 159 والديباج جـ 1 ص 221/ 222. (¬2) هو أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد المشذالي وبه عرف البجائي عالمها وفقيهها وخطيبها ومفتيها المحقق النظار العلامة الورع الزاهد شهر بالمشذالي بفتح الميم المعرفة وشد الدال نسبة لقبيلة من زوارة. أخذ عن أبيه وشاركه في شيوخه وكان إماماً كبيراً مقدماً على أهل عصره في الفقه وغيره ووجاهة عند صاحب تونس. ألف تكملة حاشية أبي المهدي الوانرغي على المدونة في غاية الحسن والتحقيق تدل على إمامته في العلوم ذكر في أخره أنه فرغ منه سنة سنت وثلاثين. ومنها مختصر البيان لابن رشد على مسائل ابن الحاج، وجعله شرحاً له أسقط النكرار عنه، ورد كل مسألة إلى موضعها من الحالات في أربعة أسفار جاءت في غاية الإتقان - والتيسير يقول أحمد بابا في مقدار تسعين كراسة وقفت على ماعدا الثاني منها، ومنها اختصار أبحاث ابن عرفة في مختصره المتعلق بكلام ابن شاش وابن الحاجب وشرحه مع زيادة شيء يسير في بعض المواضع مما لم يطلع عليه ابن عرفة، وهو في مجمله نحو سبعة عشر كراسة من القالب الكبير وله فتاوى نقلها في المازونية، والمعيار لم نعثر على تاريخ ميلاده لكنه توفي رحمه الله سنة ست وستين وثمانمائة انظر ترجمته في تذييل الديباج ورقة 117 وجه ص 214 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 14596. وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 263 طبعة دار الكتاب العربي. (¬3) في - م - رجوع.

يتخرج فيها قول بعدم الرجوع من قولهم [في] (¬1) أنت طالق واحدة لا رجعة لي فيها، ومن شرط التصديق في القضاء وهو خلاف قول ابن عرفة في اختصار الحوفي فلو إلتزم عدم الرجوع لزمه على الأصح وفي بعض النسخ على المشهور. أ. هـ. ثم ذكر المشذالي كلام ابن عرفة في مختصره الفقهاء (¬2) ثم قال وللفقهاء المشاهير بإفريقية عليها أجوبة منها للبرجين (¬3) والبرقي (¬4) وابن البراء (¬5)، وابن شعيب (¬6) قائلاً المنقول لزوم الإلتزام. ونقل عن التونسي وصاحب الأكمال، والمتيطي باللزوم. قلت وفي (¬7) كتاب التونسي في أول كتاب التدبير: ولو قال في ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - الفقهي وهو الصواب. (¬3) هو أبو محمد عبد السلام البرجيني الإمام الفقيه الفاضل العمدة الكامل أخذ عن الإمام المازري وغيره له فتاوى مشهورة كان حياً سنة ست وستمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 168. (¬4) هو أبو زكريا يحيى البرقي المهدوي الإمام الفقيه العالم الفاضل امتحن باستدعائه لحاضرة تونس مع تلميذه أبي على الحسن ثم رجع للمهدية، وبها توفي في خلافه أبي عبد الله محمد المنتصر الذي بويع له بالخلافة سنة سبع وأربعين وستمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 170. (¬5) هو القاضي أبو القاسم بن علي بن عبد العزيز بن البراء التنوخي المهدوي الإمام العالم أحد علماء الإسلام والحافظ المشارك في أنواع العلوم إليه انتهت رياسة العلم ولد بالمهدية في حدود سنة ثمانين وخمسمائة، وتوفي بتونس سنة سبع وسبعون وستمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 190. (¬6) هو أبو عبد الله بن شعيب الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل الجليل الفاضل المجتهد العابد من أهل العلم والعمل، له التفنن في العلوم عالم بالفقه والتصوف محصل لمذهب مالك كما يجب كان يحفظ كتاب التبصرة للخمي عن ظهر قلب، ولي القضاء في بلدة القيروان ولكن سرعان ما عزل بسبب موقفه من قضية المكس حيث أفتى في نازلة وقعت بين شخصين أحدهما مكاس قال ليس في الشريعة مكس وضرب المكاس وطيف به، فأمر الوالي بعزله توفي سنة 561 هـ لم اقف على تاريخ مولده انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 163 وعنوان الدراية ص 190 وما بعدها. (¬7) في - م - ونص كلام ..

الوصية لا رجوع لي فيها، وفهم (¬1) منه إيجاب ذلك على نفسه لكانت كالتدبير، ولم يكن له رجوع (¬2) عن ذلك. أ. هـ. فشهر (¬3) أن اللزوم هو الأصح كما قاله ابن عرفة ولا فرق بين قوله لا رجوع لي فيها، أو إلتزم عدم الرجوع والله تعالى أعلم. تنبيه ذكر ابن ناجي في شرح المدونة الخلاف في هذه المسألة بين المتأخرين من التونسيين وغيرهم، وإن المتأخرين من التونسيين ألفوا فيها ثم قال وإذا فرعنا على أن له الرجوع واشترط ألا يرجع (¬4) بعد أن عرف بإختلاف العلماء فأخذ بقول من يرى العمل بذلك أي بعدم الرجوع فقال شيخنا حفظه الله تعالى يعني البرزلي يعمل على ما اشترط عليه، وقال شيخنا أبو مهدي (¬5) له الرجوع لما ذكرناه أولاً. أ. هـ. قلت: وكأنهم لم يقفوا على نص في المسألة وقد قال المتيطي لما ذكر اشتراط التصديق في قبض الدين وذكر الخلاف فيه، واختلف إذا قال العاقد في شرط التصديق بعد أن عرف بإختلاف أهل العلم في وجوب اليمين وسقوطها [فأخذ بقول من يرى سقوطها] (¬6) هل ينفع ذلك رب الدين ويخرج به من الخلاف ¬

(¬1) في - م - أو. (¬2) في - م - الرجوع. (¬3) في - م - فظهر. (¬4) في - م - أن لا. (¬5) هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري الفقيه العالم بالحديث وأسماء الرجال لازم مالكاً وأخذ عنه وانتفع به وروى عنه ابن وهب وابن خنبل، وأبو ثور، وكان الشافعي يرجع إليه في الحديث. خرج عنه البخاري ومسلم لازم مالكاً فأخذ عنه كثيراً من الفقه والحديث وله معه حكايات منها قال ابن المديني كان ابن مهدي يذهب إلى قول مالك وكان مالك يذهب إلى قول سليمان بن يسار وكان سليمان يذهب إلى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه. مولده سنة خمس وثلاثين ومائة. وتوفي رحمه الله بالبصرة سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 58 والديباج جـ 1 ص 463 وما بعدها. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل

أم لا، فذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك ينفعه وتسقط (¬1) عنه اليمين، ويخرج به من الخلاف، ويقضي عليه بما قضى به على نفسه، وذهب بعضهم إلى أن ذلك لا ينفعه، ولابد له من اليمين، وليس للغريم أن يتخير على الحاكم ويحكم على نفسه بقول قائل من أهل العلم حتى يكون الحاكم هو الذي يقضي بما ظهر [له] (¬2) من الاختلاف في ذلك، ذكر ذلك في الكلام على شروط النكاح لما ذكر شرط المغيب في كرره في باب السلم أيضاً لما تكلم على اشتراط التصديق في قبض المسلم إليه، وعزى القول الأول الابن الهندي، والثاني لابن العطار (¬3)، وذكر عن ابن بشير (¬4) من الموثقين أنه صوب الأول قلت: ونظير هذه المسألة ما يأتي في الباب الثاني في الالتزام المعلق على فعل الملتزم بكسر الزاي الذي يقصد به الامتناع من الفعل، فإن المشهور أنه لا يقضي به كما يأتي بيانه فلو إلتزم شخص عالماً بالخلاف مقلداً للقول باللزوم فهل يحكم عليه به أم لا يدخل ذلك الخلاف المذكور هنا، وفي كلام اللخمي في كتاب العاريو، وفي كتاب الرهن إشارة إلى أن الراجح عدم اللزوم، وسيأتي كلامه في الفصل ¬

(¬1) في - م - ويسقط. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن العطار الأندلسي كان متفنن في علوم الإسلام، عارفاً بالشروط أملى فيها كتاباً عليه عول أهل زماننا اليوم. رحل سنة 383 هـ فحج ولقي أعلاماً أخذ عنهم، ولقي بالقيروان ابن أبي زيد فناظره، وعنه أخذ ابن الفرضي ولد سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وثلاثمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 101 والديباج جـ 2 ص 231. (¬4) هو إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير المكني بابن طاهر التنوخي المهدوي، كان رحمه الله تعالى إماماً عالماً فقيهاً جليلاً، فاضلاً محترماً حافظاً للمذهب المالكي. تفقه على أبي الحسن اللخمي، وكانت تربطه به صلة قرابة وتعقبه في كثير من المسائل، ورد عليه اختياراته الواقعة في كتاب التبصرة، وتحامل عليه في كثير منها .. له مؤلفات كثيرة منها كتاب جامع الأمهات، وكتاب أنوار البديعة إلى أسرار الشريعة، وكتاب التنبيه، وكتاب التهذيب على التهذيب وكتاب المختصر وكان كثيراً ما يستنبط أحكام الفروع من قواعد أصول الفقه وعلى هذا مشى في كتابه التنبيه. لم نعرف تاريخ وفاته إلا أنه قد ذكر في كتابه المختصر أنه فرغ من تأليفه سنة ست وعشرين وخمسمائة هجرية انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 256، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 126.

فرع وشبه مسألة الرجوع في الوصية [مسألة] اعتصار الأبوين الهبة

الثاني من الخاتمة في الكلام على الشروط المتعلقة بالرهن والعارية. قلت: وهذا هو الظاهر أعني أن تقليد ذلك القول القائل باللزوم لا يوجب القضاء عليه بذلك بل ليس للحاكم أن يحكم به إذا كان مرجوحاً عنده لأنه إنما يحكم بالراجح عنده وإن كان خلاف ما يعتقده المحكوم عليه أو له ألا ترى أنه لو عقد شخصان عقداً يعتقدان جوازه من بيع أو غيره ثم طلب أحدهما فسخه ورفع الأمر إلى حاكم يرى فسخه فإنه يحكم بالفسخ فتأمله. وهذا الكلام كله في هذه المسألة تفريع على القول المرجوح فإن الراجح فيها (¬1) اللزوم كما تقدم والله تعالى أعلم. فرع وشبه مسألة الرجوع في الوصية [مسألة] (¬2) اعتصار الأبوين الهبة من ولدهما حيث يجوز لها الاعتصار فلو إلتزم الواهب منهما عدم الاعتصار فالظاهر لزوم ذلك له، ولم اقف عليه منصوصاً والله تعالى أعلم. فرع الوكالة إن لم يتعلق به (¬3) حق للغير فله عزل وكيله، والظاهر أن له ذلك ولو إلتزم عدم عزله، وأما ما تعلق بها (¬4) حق اغير فالراجح أنه ليس للموكل عزل الوكيل. قال في التوضيح: في شرح قول ابن الحاجب في كتاب الوكالة ومهما شرع في الخصومة فلا ينعزل ولو بحضورهما ما نصه: لما ذكر العزل وأفهم كلامه أن للموكل العزل بين هنا أن العزل مشروط بأن لا يتعلق بالوكالة حق للغير (¬5).أ. هـ. وقال في الذخيرة في كتاب الرهون عن الجلاب: إذا وكلت في بيع الرهن ¬

(¬1) في - م - منها. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في - م - بها وهو الصواب. (¬4) في - م - بها (¬5) أنظر التوضيح جـ 3 ورقة 109 مخطوط بدار الكتب الوطنية التونسية تحت رقم 13353.

فليس لك عزل الوكيل إلا برضلي المرتهن (¬1) لأن القاعدة أن الوكالة عقد جائز بين الجانبين مالم يتعلق بها حق للغير، وفي المبسوط أن لك العزل كسائر الوكالات. أ. هـ. ونحوه للباجي في المنتقى (¬2)، وذكر الخلاف أيضاً في كتاب الرهن (¬3) من التوضيح، وقال في الشامل (¬4) وليس للراهن عزل من وكله في بيعه على الأظهر إلا بإذن مرتهنه، وعلى القول بأن للموكل أن يعزل وكيله ولو تعلق بالوكالة حق للغير فإذا إلتزم الموكل عدم عزل الوكيل فالظاهر أنه يلزمه كما يظهر (¬5) من كلام ابن عبد السلام (¬6) الذي نقله في التوضيح في باب المسلم في مسألة ما إذا أسلم على شيء على أن يقبضه ببلد آخر وأنه يخرج المسلم إليه بغير العقد أو يوكل من يوفى للمسلم قال ما نصه ابن عبد السلام: هل من شرط الوكالة في هذه المسألة أن يلتزم الموكل أن لا يعزل الوكيل حتى يقضي حق المشتري أو لا يفتقر ¬

(¬1) انظر التفريع في الفروع لابن الجلاب ورقة 151 وجه ص 301 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 3499. (¬2) انظر المنتقى للباجي جـ 5 ص 255 طبعة السعادة. (¬3) انظر التوضيح جـ 2 ورقة 89 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬4) انظر الشامل ورقة 146 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13762. (¬5) في - م - يفهم. (¬6) هو أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الهواري التونسي قاضي الجماعة بها الشيخ الفقيه القائل بالحق الحافظ المتبحر في العلوم العقلية والنقلية العمدة المحقق المؤلف المدقق سمع أبا العباس النطرني وأدرك جماعة من الشيوخ الأجلة كأبي عبد الله بن هارون، وابن جماعة. تخرج بين يديه جماعة منهم القاضي أبو حيدرة وابن عرفة وخالد البلوي، وأثنى عليه في رحلته كثيراً، وابن خلدون. من مؤلفاته شرح له على مختصر ابن الحاجب الفرعي بديع جداً في خمسة أجزاء كبيرة، ويعتبر هذا الشرح بالنسبة للشروح التي عليه كالعين من الحاجب تولى التدريس والفتوى، وكانت ولايته القضاء سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. توفي رحمه الله سنة تسع وأربعين وسبعمائة عندما أصيب بمرض الطاعون الجارف. انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 210. وكذلك ابن ناجي على المدونة باب الأقضية حيث أشار إلى تولية ابن عبد السلام القضاء بتونس. أنظر ابن ناجي على المدونة جـ 3 ورقة 2 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 13760 ..

فصل

لذكر هذا الشرط لأن الحكم يقتضيه بسبب حق المشتري فلو عزله لم ينعزل، وفي المسألة قول ثالث أنه يجوز العزل إلى بدل (¬1) أ. هـ. فيفهم منه انه إذا إلتزم الموكل عدم عزل الوكيل لزمه والله تعالى أعلم. فصل تقدم أن صيغة الإلتزام تقدم أن صيغة الإلتزام مادل عليه من لفظ أو غيره، ونحو ما تقدم في الكلام للتونسي في مسألة الرجوع عن الوصية، ومنه من أعتق رضيعاً فإنه إن كان له أب حر [ملي] (¬2) كان رضاعه ونفقته على أبيه فإن لم يكن له أو كان له أب وكان عبداً، أو معدماً فإن رضاعه ونفقته على سيده (¬3) قال ابن رشد في أخر سماع ابن القاسم من كتاب الرضاع لأن من أعتق ضغيراً ليس له من ينفق عليه فنفقته عليه. زاد وفي رسم باع غلاماً من سماع ابن القاسم في كتاب النكاح إلى أن يبلغ لأنه يهتم أن يكون إنما أعتقه ليسقط عن نفسه نفقته (¬4).أهـ. تنبيهان الأول قوله حتى يبلغ ظاهره حتى يبلغ الحلم، وهو الذي يفهم من كلامه في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم من كتاب التجارة إلى أرض الحرب الأتي قريباً في الفرع الذي بعد هذا، بل هو كالصريح في ذلك لكنه مخالف لما صرح به هو في غير هذا الموضع، ولما صرح به غيره من أنه إنما تجب نفقته إلى حين قدرته على الكسب ولو بالسؤال. قال ابن رشد: في شرح المسألة السادسة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع فيمن أعتق رضيعاً وباع أمه واشترط رضاعه على المشتري ما نصه وإذا انقضى الرضاع كانت نفقته على سيده الذي أعتقه حتى يبلغ حد الأثغار، لأن ¬

(¬1) انظر التوضيح جـ 2 ورقة 83 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) عبارة - م - على معتقه. (¬4) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 18 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611، وكذلك ورقة 88 وجه من الجزء نفسه.

من أعتق صغيراً لزمته حتى يستغني بنفسه، ويقدر على الكسب عليها ولو بالسؤال هذا معنى ما قاله محمد بن المواز فيمن أعتق صغيراً أو إلتقط لقيطاً. أ. هـ. وقال الشيخ أبو إسحاق التونسي (¬1) في آخر البيوع الفاسدة: أن من أعتق صغيراً فعليه رضاعه ونفقته إلى القدر الذي يستطيع فيه [على] (¬2) التكسب وصرح في مختصر الوقار (¬3) بأن نفقته تسقط إذا بلغ القدرة على الكسب وسيأتي لفظه قريباً. ونقل البرزلي في مسائل الأنكحة وفي مسائل الهبة أن نفقته تلزم ما دام لا يقدر على السؤال والكسب (¬4).أ. هـ والقدرة على الكسب ولو بالسؤال ممكنة في سن الإثغار (¬5) فهذه النقول موافقة لما تقدم من كلام ابن رشد في جامع البيوع. قال بعده اللخمي القياس أن لا نفقة على سيده، وتكون مواساة (¬6) على أهل بلده وسيده أحدهم قال ¬

(¬1) هو أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن إسحاق التونسي الإمام الفقيه الحافظ الأصولي المحدث العالم العامل الصالح المجاب الدعوى تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمنن وأبي عمران الفاسي، ودرس الأصول على الأسدي وغيرهم، وتفقه به جماعة منهم عبد الحميد بن سعدون وعبد الحميد الصايغ، وعبد الحق له شروح حسنه وتعاليق مستعملة متنافس فيها على كتاب ابن المواز والمدونة. إمتحن سنة 438 هـ، ورحل للممنستير ثم رجع للقيروان وفيها توفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وحضر جنازته المعز بن باديس رثاه جماعة منهم ابن رشيق انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 108/ 109 والديباج جـ 1 ص 269. وترتيب المدارك جـ 4 ص 766 وما بعدها. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) هو أبو بكر محمد بن أبي يحيى زكريا الوقار الإمام الفقيه الحافظ تفقه بأبيه، وابن عهبد الحكم، وأصبغ، وروى عن إسحاق بن إبراهيم بن نصير وغيره. ألف كتاب السنة، ورسالة في السنة، ومختصرين في الفقه الكبير منهما في سبعة عشر جزء، وأهل القيروان يفضلون مختصره على مختصر ابن عبد الحكم كانت وفاته سنة تسع وستين ومائتين انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 68. (¬4) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 61 وجه رقم المخطوط 5430 تونس. (¬5) سقوط الأسنان روى عن جابر ليس في سن الصبي شيء إذا لم يثغر ومعناه عند النبات بعد اسقوط والإثغار يكون في النبات والسقوط. انظر تاج العروس جـ 3 ص 76. (¬6) في - م - مواساته.

المتيطي: وهو الذي في وثائق ابن العطار. [قال] (¬1) المتيطي ثم حكى ابن العطار جواب مالك في شرط السيد نفقته، وقال هذا يدل على أن نفقته عليه (¬2) أ. هـ كلام ابن عرفة. ذكره في الكلام على بيع وشرط، وذكر بعد ذلك في الكلام على التفرقة بين أم وولدها كلام ابن رشد في رسم الشريكين الأتي قريباً، ولم ينبه على ما بينهما من المخالفة وكلام اللخمي الذي ذكره ابن عرفة هو في كتاب التجارة إلى أرض الحرب ونصه وفي كتاب محمد أن على من أعتق صغيراً نفقته لعجزه عنها، والقياس [أن] (¬3) لا شيء عليه، ويكون مواساة على من بذلك البلد والسيد أحدهم، وإن كان بيت مال أنفق عليه منها فتحصل في نفقته الصغير إذا أعتق ثلاثة أقوال. الأول أن نفقته على من أعتقه حتى يقدر على الكسب والسؤال، وهو المنصوص في كتاب ابن المواز وغيره، وهو المأخوذ من المدونة. الثاني أنها [على من أعتقه] (¬4) إلى البلوغ وهو الذي يفهم من كلام ابن رشد في كتاب النكاح وكتاب التجارة إلى أرض الحرب، ومما نقله البرزلي عن ابن عرفة الأتي في التنبيه الثاني والثالث ألا (¬5) نفقة على سيده، ونفقته في بيت المال أو على المسلمين وهو الذي في وثائق ابن العطار، وقال اللخمي أنه القياس إلا أن يحمل كلام ابن رشد في رسم الشريكين على أن مراده إذا لم يقدر على الكسب في سن الإثغار، وما بعده فتستمر نفقته إلى البلوغ، [وقد قال ابن عبد السلام في باب الحضانة وزمان النفقة على هذا الصغير المعتق أقل الأجلين ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 156 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - أنه.

إما بلوغه الحلم وإما بلوغه قدر ما يسعى على نفسه ما يكفيه (¬1).أ. هـ. ونقله عنه الشيخ في التوضيح (¬2) وقبله، وكذلك ابن عرفة بل قال في أثناء بحثه معه في مسألة وزمن النفقة هو كما ذكروا إذا كان الأمر كذلك] (¬3) فلا يكون في المسألة إلا قولان [أحدهما أن النفقة على معتقه إلى حين قدرته على الكسب على نفسه ولو بالسؤال، فإن استمر عجزه استمرت النفقة إلى البلوغ وهذا هو الراجح من المذهب. والقول الثاني أن نفقته في بيت المال، أو على المسلمين، ومقتضى كلام ابن عبد السلام أن النفقة تسقط بالبلوغ ولو استمر عاجزاً وهو الظاهر على القول بأن من أعتق زمناً لا تلزمه نفقته، وأما على القول بأنها لازمة للمعتق فالظاهر لزومها (¬4)]. الثاني (¬5) جعل ابن رشد نفقة هذا الصغير كالدين فلم يسقطها بالفلس، وتوقف في ذلك الشيخ أبو إسحاق التونسي فقال في آخر كتاب البيوع الفاسدة انظر لو فلس يعني معتق الصغير هل تباع أمه ويشترط رضاعه ومؤنته على المشتري، وإن نقص ذلك من حق الغرماء، ويكون ذلك أوجب من نفقته على ولده الذين لم (¬6) يترك لهم من ماله إلى أن يقدروا على أنفسهم. أ. هـ. وقال ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع بعد أن ذكر كلام أبي إسحاق، والذي أقول به [في] (¬7) ذلك أنه لا يلزم أن يشترط على المشتري ذلك فيكون قد بدأ على الغرماء بجميع حقه ولا يبطل [أيضاً] (¬8) ¬

(¬1) انظر شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب جـ 4 ورقة 83 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12245. (¬2) انظر التوضيح جـ 2 ورقة 49 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. مع وجود بياض هنا عوضناه بالنسخة م. (¬5) في - م - الثالث. (¬6) في - م - لا يترك. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) ساقطة من الأصل.

حقه [جملة] (¬1) بتبدئة الغرماء كهبة لم تقبض حتى قام الغرماء على الواهب، ولكن يحاص [به] (¬2) الغرماء بمبلغ نفقته الواجبة له عليه بعتقه إياه وهو صغير لأنه أضر به في ذلك فصارت نفقته كالدين الواجب له عليه قلت وإذا قال بذلك في الفلس فأحرى في الموت فيؤخذ من تركته قدر رضاعه، ومؤنته حتى يقدر على الكسب، ويوقف ذلك ليصرف عليه فإن مات الصغير قبل استكماله ما وقف له رجع ذلك للورثة، وكذلك في مسألة الفلس يوقف وإن (¬3) مات رجع للغرماء هذا ما قاله ابن رشد، وذكر البرزلي عن ابن عرفة أنه اختار ذلك، واختار هو أنه لا يلزم تركته شيء قلت وهو الظاهر عندي، وكذلك عندي في مسألة الفلس لأن هذا من باب المعروف وفي كلام البرزلي فائدة أخرى فلنذكره بلفظه قال بعد أن ذكر كلام ابن رشد في كتاب طلاق السنة الأتي في الفرع بعد هذا ما نصه قال شيخنا يعني ابن عرفة قول ابن رشد لا تلزمه نفقته إلا أن يكون عنده يقوم منه أن من أوصى بعتق صغير لا يلزم الموصى نفقته في تركته، وكانت نزلت أيام قضاء شيخنا ابن عبد السلام في مدبرة، ولم يوجد عنده ولا عند غيره نص فيها بعد البحث عنه، وتوقف في إيجاب نفقتها في ثلث مدبرها قلت ما ذكره [عن] (¬4) ابن عرفة فهو في كتاب الحضانة من مختصره قال البرزلي ووقعت في عصرنا في رجل أعتق صغيراً قبل أن يبلغ أن يسأل فأختار شيخنا أنه يؤخذ من تركته معتقه ما يبلغه إلى بلوغه، وأشك أن القاضي حكم بذلك، ويجري على ما قال أبو حفص (¬5) أنه يؤخذ منه قدر ما يبلغه إلى القدرة على السؤال، وكان ظهر لي أنه لا يلزم تركته شيء من مسألة ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في - م - فإن. (¬4) ساقطة من الأصل .. (¬5) هو أبو حفص عمر بن محمد التميمي شهر بالعطار الفقيه الإمام العالم كان على سمة المجتهدين المبرزين أخذ عن أبي بكر بن عبد الرحمن وغيره، وكان من اقران ابن محرز وأبي إسحاق التونسي ونظرائهم وإنتفع به خلق كثير منهم عبد الحميد الصائغ، وابن سعدون. له تعليق على المدونة قيل أملاه سنة 427 هـ أو سنة 428 هـ مات قبل شيخه المذكور بالقيروان وقيل بالمنستير ودفن بها انظر ترجمته ف شجرة النور الزكية جـ 1 ص 107.

فرع قال البرزلي قال اللخمي ولمالك في مختصر ما ليس في المختصر أن أعتق الصغير

كتاب الجعل في الذي مات بعد أن دفع نفقة ولده الصغير أنها يسترجعها الورثة، وما وجب بالنسب أقوى مما وجب بالإفتراق (¬1)، وفي المذهب مسائل تشهد لذلك إلا أن يقال أن مالزم رد هذا لأن الشرع إنما أوجب عليه النفقة مدة حياته، وهذا لما إلتزم العتق فكأنه إلتزم لوازمه لكن هذا مشروط بالحيازة لأن كل ما يتبرع به من الأموال شرطه الحيازة في الصحة وليس المرض، والموت، والتفليس (¬2) زمن حيازة، فلهذا اخترنا أنه لا يلزمه شيء ويصير من فقراء المسلمين كما إذا إفتقر الحر فنفقة ولده الصغير (¬3) على جميع المسلمين (¬4).أ. هـ. قلت وهذا هو الظاهر عندي، ولا يقال أن هذا حق وجب للصغير لأنه لو وجب له لورث عنه إذا مات ولا قائل به. فعلمنا أنه إنما يستحقه شيئاً فشيئاً مادام المعتق لم يفلس ولم يمت فإذا فلس أو مات لم يجب عليه شيء، ويبعد أن يقال أن من أعتق صغيراً ومات وخلف عشرة دنانير فقط وترك أولاد صغار أن العشرة دنانير توقف للصغير الذي أعتقه، ويترك أولاده بلا شيء، وقد تقدم فيمن إلتزم لزوجة ابنه نفقة سنين سماها [بدنانير سماها] (¬5) أنه إذا مات يسقط ذلك عنه فتأمله منصفاً والله تعالى أعلم. فرع قال البرزلي قال اللخمي ولمالك في مختصر ما ليس في المختصر أن أعتق الصغير وأمه مملوكة وأمها حرة فتنازعاه فأمه دنية أحق به إلا أن يكون ذلك مضر به، ومثله في العتبية. قلت وهذه المسألة في رسم صلى نهاراً من سماع ابن ¬

(¬1) جاء في تعبير البرزلي في نوازله قوله وما وجب بالنسبة أقوى مما وجب بالاعتراف هذا وفي جميع النسخ وفق الثابت بالصلب. (¬2) في - م - الفلس. (¬3) في - م - الصغار. (¬4) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 7 ظهر، 8 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الصل.

القاسم من كتاب طلاق السنة قال ابن رشد إنما أرى (¬1) أنه لا يفرق بينه وبين أمه ورأها أحق بالحضانة من جدته الحرة لأجل أن سيدها هو الذي ينفق عليه من أجل أنه أعتقه صغيراً إلا (¬2) أن قول مالك وغيره في المدونة وغيرها أن من اعتق صغيراً وأمه عنده أنه لا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقتهن ليكون مع أمه في نفقة سيدها، ولا أدري لما أوجبوا ذلك، وما المانع من أن يكون عند المشتري مع أمه، وتكون نفقته على البائع ورضاعه، اللهم إلا أن يقال أن نفقته لا تلزمه إلا أن يكون عنده فيكون [المعنى] (¬3) في المسألة على هذا إنما وجب ألا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقته إذا لم يرد هو أن يخرج نفقته من عنده وهو عند المشتري ويلزم على هذا في (¬4) الذي أعتق الصغير وأمه عنده وله جدة حرة أن تكون الجدة أحق بحضانته إذا أوصى (¬5) المعتق أن ينفق عليه وهو عندها أو رضيت هي بإلتزام نفقته فانظر ذلك. وقال قبله القياس أن تكون الجدة الحرة أحق بالحضانة من الأم من أجل سيدها كما أنها أحق بالحضانة من الأم من أجل الزوج لأن حكم السيد على أمته أقوى من حكم الزوج على زوجته (¬6)، وقال المشذالي بعد أن ذكر [بعض] (¬7) كلام ابن رشد هذا فعلى هذا قوله في كتاب، ويشترط على الآمر (¬8). وقال القابسي (¬9) عن بعض الشيوخ ¬

(¬1) في - م - رأى. (¬2) عبارة - م - ألا ترى. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) في م - أن. (¬5) في - م - إذا رضى وهو الصواب. (¬6) انظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 8 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬8) هنا بياض بالأصل عوضناه بكلمة من - م -. (¬9) هو أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بابن الحسن القابسي، الفقيه النظار الأصولي المتكلم الإمام في علم الحديث وفنونه وأسانيده كان عليه الاعتماد مؤلفاً جيداً ثقة وكان من الصالحين وكان أعمى لا يرى شيئاً وهو مع ذلك من أصح الناس كتباً وأجودهم ضبطاً وتقييداً، له مؤلفات كثيرة بديعة مفيدة منها كتاب الممهد في الفقه، وكتاب أحكام الديانة، وكتاب المنقد من شبه التأويل وكتاب المنبه للفطن من عوائل الفتن، وكتاب مناسك الحج، وكتاب ملخص الموطأ مولده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وتوفي رحمه الله بالقيروان سنة ثلاث وأربعمائة ودفن بباب تونس. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 101 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 97.

[يريد] (¬1) أنه يجوز وليس بواجب بل تجوز أن يشترط عدم التفرقة وتكون النفقة على البائع المعتق، ويجوز اشتراطها على المشتري ومسألة المدونة التي ذكرها ابن رشد في كتاب البيوع الفاسدة منها وفي كتاب التجارة إلى أرض الحرب. قال في أخر كتاب البيوع الفاسدة ومن باع أمه ولها ولد حر رضيع وشرط عليهم رضاعه ونفقته سنة فذلك جائز إذا كان إن مات الصبي أرضع له أخر (¬2) وقال في كتاب التجارة إلى أرض الحرب: ومن أعتق ابن أمته الصغير فله بيه أمه ويشترط على المبتاع نفقة الولد ومؤنته وإلا يفرق بينه وبين أمه ونحوه في كتاب (¬3) الشريكين من سماع ابن القاسم من كتاب التجارة إلى أرض الحرب وزاد فيه قال مالك وإن بيعت بغير رضاها فلا ارى به بأساً قال ابن رشد معنى المسألة أن البائع أعتق الولد وهو صغير، ومن أعتق صغيراً فعليه نفقته حتى يبلغ فلما كانت على البائع نفقته ولم يجز له التفرقة لم يجز له أن يبيع الأم إلا ممن يشترط عليه أن لا يفرق بينهما، وأن تكون عليه مؤنته يريد إلى أن يبلغ حد التفرقة. قال ابن القاسم في العشرة يريد فترجع عليه هو النفقة إذا بلغ حد التفرقة حتى يبلغ، وفي جواز هذا البيع اختلاف أجازه هنا وفي كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة قال في العشرة استحسان لئلا يترك الصبي من غير نفقة فيهلك ويمنع (¬4) السيد من البيع فيضر به قال فإن مات الصبي لم يجب للبائع على المشتري شيئاً لأنه لم يرد بذلك إلا كفاية المؤنة لا الزيد (¬5) في الثمن، وقال سحنون لا يجوز البيع إلا عند الضرورة من فلس أو شبه ذلك، وقيل أن البيع لا يجوز بحال لأنه غرر لأنه لا يدري هل يعيش الصبي إلى حد التفرقة أو يموت ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬2) انظر المدونة جـ 9 ص 167. (¬3) في - م - رسم. (¬4) في - م - أو يمنع. (¬5) في - م - التزيد.

قبل ذلك وقيل البيع جائز وإن مات الولد قبل الإثغار رجع البائع على المبتاع بقدر ذلك من قيمة الأم، ولو اشترط أن تكون النفقة مضمونة إلى حد الإثغار، وإن مات الولد قبل ذلك جاز البيع بإتفاق. أ. هـ. [وهذا] (¬1) كلام ابن رشد الموعود به. تنبيهات الأول حمل ابن رشد كلامه في المدونة في كتاب التجارة إلى أرض الحرب على أن الأمر وقع مبهماً لم يبين فيه أنه إن مات الصبي أتى البائع بآخر، وإن ماتت الأم أتى المشتري بأخرى وعلى أنه إذا وقع الأمر [مبهماً] (¬2) يحمل على أن المقصود منه رضاع الصبي، وأنه إذا مات لم يرجع البائع على المشتري بشيء كما قاله ابن القاسم في العشرة، وهذا الذي حمله عليه خلاف ما تقدم في نص المدونة في البيوع الفاسدة، أنه إنما يجوز إذا كان إن مات الصبي أرضع له آخر، وخلاف ما نقل ابن يونس عن ابن المواز أنه فسر كلام المدونة في كتاب التجارة إلى أرض الحرب بأن البيع وقع على أنه إن مات الصبي كان للبائع أن يأتي بمثله، وقبل ابن يونس تفسيره بذلك، وكذلك الشيخ أبو الحسن الصغير. والعجب من ابن يونس، والشيخ أبو الحسن كيف نسباه لابن المواز وهو نص المدونة في أخر البيوع الفاسدة، وفسر المشذالي في حاشيته كلام المدونة في كتاب التجارة إلى أرض الحرب بذلك، ولم يعزه [لأحد] (¬3) وصرح ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع بأنه أنها اشترطوا رضاع الصبي على المشتري فإنه يجوز بشرطين: أن يكون ذلك مضموناً على المشتري إن ماتت الأم أتى بأخرى، وأنه إن مات الصبي أتى البائع بأخر. وأنه شرط ذلك في عين الصبي لم يجز لأنه غرر وأنه إن (¬4) وقع الأمر مبهماً ولم يشترط على المشتري أنها إن ماتت أتى بأخرى إختلف فيه، فحمله ابن القاسم على المضمون ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) في - م - إذا.

وأجازه وحمله سحنون على أنه في عين الأمة فيبطل بموتها فلم يجزه إلا على وجه الضرورة مثل أن يرهقه دين فتباع به (¬1)، وذكر بعد ذلك في رسم سلعة سماها من السماع المذكور قول ابن القاسم في العشرة الذي تقدم ذكره، وقال أنه بعيد، قلت: فما [ذكره] (¬2) في رسم الشريكين وحمل عليه المدونة غير ظاهر، بل يتعين حملها على ما حملها عليه هو وغيره وسيأتي كلامه الذي في جامع البيوع في الفصل الثاني من الخاتمة في الكلام على الشروط في البيع، وذكر ابن عرفة ص 141/ كلام ابن رشد في رسم الشريكين المتقدم في الكلام على التفرقة بين الأم وولدها، وقال بعد قوله ولو شرط أن تكون النفقة مضمونة إلى حد الإثغار، وإن مات الولد قبل ذلك لجاز البيع بإتفاق ما نصه. قلت: هو معنى نقل الصقلي (¬3) عن محمد شرط بيعه أنه إن مات قبل الإثغار أتى بمثلة وليس للأم تركه، وإن كانت له جدة. قلت: لأنه حق على البائع في عين الأمة (¬4).أ. هـ. كلام ابن عرفة. فقبل تفسير ابن يونس المدونة بكلام ابن المواز، ولم يتعقبه بأنه نص المدونة في البيوع الفاسدة كما تقدم، ولم يتعقب كلام ابن رشد بأنه خلاف (¬5) ما قاله في جامع البيوع مع نقله لذلك أيضاً في الكلام (¬6) على بيع وشرط. الثاني قول ابن عرفة لأن ذلك حق على البائع في عين الأمة يقتضي أن يجوز أن يشترط الرضاع في عين الأمة، وإن ماتت أتى المشتري بخلافها وهو خلاف ما قاله ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع، وأن ذلك لا يجوز لما فيه من التحجير على المشتري في الأمة التي اشتراها إذ لا يقدر على التصرف فيها بما يجوز لذي الملك في ملكه من أجل الشرط، واصله للشيخ أبي إسحاق التونسي في شرح المدونة في آخر كتاب البيوع ¬

(¬1) في - ع-، م - فيه. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م - .. (¬3) هو الإمام ابن يونس يعبر عنه ابن عرفة في مختصره الفقهي بالصقلي. (¬4) انظر مختصر ابن عرفة جـ 2 ورقة 156 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬5) في - م - بخلاف. (¬6) عبارة - م - قبل الكلام.

فرع قال في المدونة: وإن أعتق الأم جاز له أن يبيع الولد

الفاسدة وذكره ابن يونس في أخر البيوع الفاسدة أيضاً بلفظ قيل، ثم قال بعده راداً له (¬1) أنه يقدر على بيعها بأن يشترط على المبتاع الرضاع أيضاً. أ. هـ. قد قلت: ظاهر كلام ابن رشد أنه لو اشترط (¬2) الرضاع مضموناً جاز للمشتري أن يبيع الأم [ويأتي بمرضعة للصبي خلافها، وليس كذلك للتفرقة بين الأم (¬3)] وولدها، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الفصل الثاني من الخاتمة الكلام على مسألة اشتراط رضاع الصبي بأوسع من هذا والله تعالى أعلم. الثالث قال اللخمي وإن سافر المشتري بالأم سافر بالولد معها والكراء على المشتري ونقله أبو الحسن الصغير وقال أنه إلتزم مؤنته ومن جملتها ما يحمله عليه في السفر. فرع قال في المدونة: وإن أعتق الأم جاز له أن يبيع الولد من يشترط عليه إن لا يفرق بينه وبين أمه، قال ابن يونس قال ابن المواز ونفقة الأم على نفسها، وقال اللخمي إذا أعتق الأم وأخرجها من حوزة ترك الولد في حضانتها إن كان لا خدمة له وإن كانت له خدمة كان مبيته عندها ويأوي إليها في نهاره في وقت لا يحتاجه السيد للخدمة، وإن باعه يشترط (¬4) على المشتري كونه عندها، وللمقتري أن يسافر به وتتبعه الأم حيث كان. أ. هـ. قلت: وهذا إلى زمن التفرقة فإذا انقضى فله التفرقة بينهما وانظر إذا تزوجت هل له أن يأخذه منها، ويفرق بينه وبينها أم لا والظاهر الأول لأن الزواج يسقط حق الحضانة من الحاضنة، وفي كلام ابن عبد السلام وابن عرفة في باب الحضانة إشارة إلى نحو هذا [فتأمله] (¬5) والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) في - ع- زاد له. (¬2) في - م -، ع- شرط. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) في - م، ع - شرط. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

فرع قال الشيخ أبو الحسن الصغير في كتاب التجارة إلى أرض الحرب

فرع قال الشيخ أبو الحسن الصغير في كتاب التجارة إلى أرض الحرب في شرح المسألة المتقدمة أقام [بعض] (¬1) الشيوخ من هذه المسألة أن من أعتق زمناً كانت نفقته عليه ومثله في كتاب محمد (¬2)، وقيل نفقته على المسلمين وهو واحد منهم، أو على السلطان. أ. هـ. ونقله المشذالي في حاشيته على المدونة قلت: واختار صاحب الطراز سقوط نفقة الزمن بعتقه ونصه في باب زكاة الفطر زمانه العبد ليست سبباً للعتق إجماعاً. نعم لو أعتقهم السيد منذ زمانتهم صح [منه] (¬3) عتقهم إجماعاً وهل تسقط نفقتهم عنه ذكر عبد الحق فيه اختلافا، والقياس سقوطهت لأن الحكم الغير مؤبد إذا ثبت لعلة زال بزوالهان والنفقة غير مؤبدة ولهذا تسقط بعتق الصحيح وموجبهها الملك، وقد زال بالعتق إجماعاً حتى لا يجوز وطئ المعتقة، ونظيره الزوجة إذا زمنت فطلقها سقطت عنه مؤنتها لزوال ملكه من نكاحها. أ. هـ. قلت: وما قاله ظاهر من جهة النظر، ولكن الجاري على ما تقدم في الصغير ما ذكره أبو الحسن عن الموازية، وهذا إذا لم يقدر على الكسب ولو بالسؤال فإن قدروا على ذلك فالظاهر سقوط النفقة على (¬4) السيد حينئذ بلا خلاف والله تعالى أعلم. فرع من أعتق صغيراً فإنه يخرج عنه زكاة الفطر لأن نفقته وجبت بسبب الرق السابق. قال في مختصر الوقار في باب زكاة الفطر ويخرج الفطرة على (¬5) المرضع ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من - م، ع-. (¬2) المراد به محمد بن أصبغ صاحب السماع المذكور في العتبية والبيان والتحصيل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) في - م - عن. (¬5) في - م، ع - عن.

فرع ومن الإلتزام ما يكون بمقتضى العادة

الذي (¬1) أعتقه حتى يبلغ الكسب عن (¬2) نفسه فتسقط عنه نفقته، أ. هـ. ومن أعتق زمناً فيجري على الخلاف في سقوط نفقته عنه ووجوبها عليه والله تعالى أعلم. فرع ومن الإلتزام ما يكون بمقتضى العادة قال في مسائل النكحة من البرزلي: سئل أبو عمران، وابن عبد الرحمن (¬3) عمن تزوج بكراً من أبيها بمائتي دينار والعادة الجارية أنه إذا بذل الزوج هذا العدد أن يعطيه الأب مائة وخمسين، ثم مات الأب ولم يدفع للزوج شيئاً قبل البناء ثم دخل بها ثم فارقها فطلبت منه المائتين فطلب المائة والخمسين لأجل العادة وعليها انعقد النكاح فهل يجب على الزوج المائتان، وهل يتبع تركة الب بالمائة والخمسين؟ جوابها: إذا كانت سنة البلد لا يكتب الزوج المائتين إلا على إعطاء الأب مائة وخمسين تكون ملكاً للزوج يدفعها إليه عيناً أو عروضاً بها فهو فاسد يفسخ قبل [البناء] (¬4) ويثبت بعده (¬5) بصداق المثل، وإن كان إنما يعطيه الأب لتجهيز ابنته فالنكاح جائز وللزوج القيام بذلك، وأما مسألتك فقد مات أبو الزوجة ورضي الزوج بالبناء بها فلا قيام له بعد، وتلزمه المائتان جميع صداقها (¬6).أ. هـ. فعلم منه أن بموت أبي الزوجة بطل إلتزامه ويبقى الخيار للزوج أن يستمر على النكاح بالصداق المذكور، أو يرجع عنه إلا أن يدخل بعد علمه بذلك فيلزمه الصداق، ولا كلام له والله تعالى أعلم. فرع ومن ذلك من تزوجت وهي ساكنة في بيت لها أو بالكراء فسكن الزوج ¬

(¬1) في - م، ع - إذا. (¬2) في - م، ع - على. (¬3) في - م - أو ابن عبد الرحمن. (¬4) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬5) في - م - بعد. (¬6) انظر نوازل البرزلي جـ 1 ورقة 257 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تحت رقم 12792.

معها فلا كراء عليه إلا أن تبين [له] (¬1) أنها ساكنة بالكراء فتقول (¬2) له أما أديت أو خرجت. قال اللخمي بأن العادة جارية أن ذلك على وجه المكارمة، وإن سكن بها في مسكن لأبيها أو أمها كان كمسكنها لا شيء لها عن مدة كانت في العصمة، وأما الأخ والعم فالأمر فيهما مشكل فيحلف ويستحق إلا أن تطول المدة والسنون وهو لا يتكلم على شيء فلا شيء له، ومثله إذا سكن عند أبويه ثم طلبا الكراء فلا شيء لهما، وكذلك لأخيه وعمه أن لم يقم دليل على المكارمة، واختلف إذا طلقها الزوج فطلبته بالكراء في مدة العدة فقال ابن القطان (¬3)، والأصيلي (¬4)،لا يلزمه ذلك وذهب ابن عتاب (¬5)، واللخمي إلى اللزوم لأن المكارمة قد زالت بالطلاق، وذكر الشيخ خليل في مختصره القولين. قلت: والظاهر اللزوم لأنها لو كانت باقية في العصمة وطلبت منه الكراء في المستقبل لكان لها ذلك، ونقل المتيطي أنه الأقيس فتأمله والله سبحانه وتعالى أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م، ع - وتقول. (¬3) هو القاضي أبو الأسود موسى بن عبد الرحمن المعروف بالقطان الفقيه الإمام الحافظ سمع ابن سحنون، ومحمد بن عامر الأندلسي وغيرهما، وعنه تميم ابن أبي العرب وغيره كان من الفقهاء المعدودين، والأئمة المشهورينن وله أوضاع كثيرة في العلم كان يحسن الكلام في الفقه على مذهب مالك وأصحابهن ولي قضاء طرابلس فنفذ الحقوق. ألف أحكام القرآن في اثني عشرة جزءاً فضائله جمة ألف الناس فيها، مولده سنة اثنين وثلاثين ومائتين، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة انظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 81 والديباج جـ 2 ص 235/ 236 (¬4) هو القاضي أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي الإمام العالم المتفنن العارف بالحديث والسنة النبوية رئيس علماء الأندلس. ألف كتاب الدلائل إلى أمهات المسائل شرح به الموطأ ذاكراً فيه خلاف مالك، وأبي حنيفة والشافعي، وله نوادر حديث خمسة أجزاء توفي رحمه الله سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 433/ 434، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 100/ 101. ومرآة الجنان جـ 2 ص 444 .. (¬5) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عتاب القرطبي شيخ المفتين بها الإمام الفقيه الحافظ المحدث العالم الزاهد له فهرسته. مولده سنة 383 هـ، وتوفي سنة 462 هـ. انظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 241/ 242، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 119.

فرع وقد يكون الإلتزام النفسي.

فرع وقد يكون الإلتزام النفسي. قال ابن رشد في نوازله: فيمن عزل لمسكين معيناً شيئاً وبتله له بقول أو نية فلا يجوز له أن يصرفه إلى غيره وهو ضامن له إن فعل، وسواء كان المال من عنده أو جعل له تفرقته. قال ولو نوى أن يعطيه ولم يبتله له بقول ولا نية كره له أن يصرفه إلى غيره (¬1).أ. هـ والله تعالى أعلم. قلت: ومعنى بتله (¬2) له أي جعله له من الآن. (فصل) وتقدم أن الملتزم له من يصح أن يملك. فيصح الإلتزام للحمل، ولمن سيولد (¬3) كما تصح الصدقة عليه والهبة. فمن إلتزم لحمل بشيء لزمه وقف (¬4) ذلك الشيء فإن ولد حياً وعاش كان ذلك له، وإن استهل صارخاً ثم مات كان لورثته، وإن خرج ميتاً أو انفش الحمل بقي الشيء على ملك صاحبه كما قال المتيطي في مسائل الحبس: وتجوز الصدقة على الحمل فإن ولد حياً نفذ له وإن مات بعد ولادته حياً وإستهل صارخاً ورثت الصدقة عن الحمل وإن خرج ميتاً أو انفش الحمل بقي المال المتصدق على ما كان بيده (¬5).أ. هـ. فرع ومن إلتزم لمن سيوجد بشيء صح الإلتزام إذا وجد الملتزم له والملتزم حياً لم يفلس، وكان الشيء الملتزم به بيده لم يفوته كما لو قال شخص إن ظهر لفلان ولد فهذه الدار له، [أو هذا العبد (¬6)]، أو [هذا (¬7)] الثوب ونحو ذلك فإن أراد ¬

(¬1) انظر اختصار نوازل ابن رشد ورقة 78 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189. (¬2) انظر لسان العرب جـ 11 ص 42. (¬3) في - م - ع - سيوجد. (¬4) في - م - ووقف. (¬5) انظر اختصار المتيطي ورقة 246 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - ع -. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

فرع قال في كتاب العتق من المدونة: ومن قال لأمته في صحته كل ولد تلدينه فهو حر لزمه عتق ما ولدت،

الملتزم تفويته ببيع أو غيره قبل وجود الملتزم له فالظاهر من قول مالك أن ذلك له. قال مالك من حبس على ولده ولا ولد له ثم هو في سبيل الله فله بيع ما حبسه ما لم يولد له، وقال ابن القاسم ليس له أن يبيع حتى ييأس من الولد. قال ولو أجزت له أن يبيع لا جزت له إن كان له ولد وماتوا أن يبيع ولا ينتظر أن يولد له. قال وإن مات قبل أن يولد له صار ميراثاً، وقال ابن الماجشون يحكم بحبسه ويخرج إلى يد ثقة ليصح الحوز، وتوقف ثمرته فإن ولد له فلهم، وإن لا فلأقرب الناس إليه. قال الباجي (¬1) متمماً لقول ابن الماجشون: وإن ولد له رد الحبس إليه لأنه هو الحائز لولده. ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن الحاجب في كتاب الوقف (¬2)، وقبلها (¬3) الشيخ خليل في التوضيح، وذكرها ابن عرفة (¬4)، وعلى الأول منها اقتصر الشيخ خليل في مختصره (¬5). فرع قال في كتاب العتق من المدونة: ومن قال لأمته في صحته كل ولد تلدينه فهو حر لزمه عتق ما ولدت، وإستثقل مالك بيعها، وقال كيف بوعده، وأنا أرى بيعها جائز إلا أن تكون حاملاً حين قال ذلك أو حملت بعد قوله، أو يقول ما في بطنك حراً، وإذا وضعته فهو حر فإن الأمة لا تباع حتى تضع إلا أن يرهقه دين فتباع فيه، ويرق الجنين قال أبو الحسن الإستثقال بمعنى الكراهة، وإباحة ابن القاسم من غير كراهة، ولو قال ما في بطنك حر وليس في بطنها شيء فلم يبيعها حتى حملت فله بيعها ولا عتق عليه، فإن تبين بعد قوله بها حمل ¬

(¬1) انظر المنتقى شرح موطأ مالك جـ 6 ص 149. (¬2) انظر مختصر ابن الحاجب الفقهي ورقة 181 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 17791. (¬3) انظر التوضيح جـ 2 ورقة 141 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11256. (¬4) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 3 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133. (¬5) انظر مختصر الشيخ خليل ص 236.

فصل وإن كان الملتزم له بفتح الزاي غير معين كالمساكين والفقراء

ولا يدري كان (¬1) بها يوم القول أو حدث فلا عتق [عليه] (¬2) إلا أن تضعه لأقل من ستة أشهر من يوم القول (¬3).أ. هـ. وسيأتي في الباب الرابع شيء من هذا. تنبيه قال المشذالي في حاشية (¬4) المدونة قلت لشيخنا ظاهر المدونة وغيرها فيمن علق العتق على الوضع أنه يعتق ولو من سفاح، قال الذي عندي أنه مخصوص بوطء جائز، وأما وضعها من زنا فلا يعتق. قال المشذالي قلت: له هذا منقوض بقول المشاور (¬5) وغيره فيمن شرط لزوجته طلاقها إن تزوج عليها فزنى أن لها الأخذ بشرطها فهذا يؤيد ما قلته من العموم. أ. هـ. بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى. وما قاله من ان ظاهر المدونة وغيرها العموم ظاهر، وما قاله شيخنا (¬6) بعيد وما ذكره عن المشاور في مسألة من شرط لزوجته طلاقها إن تزوج عليها فلم اقف عليه لغيرهن وانظر إذا أراد السيد الرجوع عما إلتزمه قبل حمل الجارية فهل له ذلك كما له التصرف بالبيع وغيره، أو ليس له ذلك وهذا هو الظاهر، ولا يأخذ جواز ذلك مما سيأتي في الخاتمة عن اللخمي إن شاء الله تعالى في الكلام على ما إذا زوج أمته وشرط للزوج أن أولادها أحراراً، [وسننبه عليه إن شاء الله تعالى هناك] (¬7) والله تعالى أعلم. (فصل) وإن (¬8) كان الملتزم له بفتح الزاي غير معين كالمساكين والفقراء ونحو ذلك ¬

(¬1) في - م، ع - أكان. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) انظر المدونة جـ 7 ص 56 وما بعدها. (¬4) عبارة ع - م - في حاشيته على. (¬5) المراد به أبو بكر بن الرجال لم أتمكن من الترجمة له على الرغم من كثرة المصادر التي رجعت إليها في هذا الخصوص. (¬6) في - م - شيخه. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬8) في - م - إذا.

فالمشهور من المذهب أنه يأمر بالوفاء لما إلتزمه ولا يقض به. قال في المدونة في كتاب الهبات: ومن قال داري صدقة على المساكين أو رجل (¬1) في يمين فحنث لم يقض عليه بشيء وإن قال ذلك في غير يمين فينقضي عليه إن كان لرجل بعينه قال أبو الحسن على هذا اختصرها أكثر المختصرين (¬2) وفي كتاب ابن سهل فليخرجه السلطان إذا كان للمسلمين (¬3) أو لرجل بعينه، وعلى هذا اختصرها ابن ابي زيد، وابن أبي زمنين، ثم قال الشيخ أبو الحسن وحيث قال يؤمر به ولا يجبر ليس لأنه لا يجب عليه بل هو واجب عليه فيما بينه وبين الله تعالى، وذكر عن ابن رشد أنه قال إنما لم يقضي عليه وإن كان آثماً في الإمتناع من الإخراج لأنه لا أجر له في الحكم عليه [بها] (¬4) وهو كاره، وسيأتي كلام ابن رشد في الباب الثاني، ثم ذكر فيما إذا جعل ذلك لمسجد معين قولين، وإلى هذه المسألة أشار الشيخ خليل بقوله في آخر كتاب الهبة من مختصره: وإن قال داري صدقة بيمين مطلقاً أو بغيرها ولم يعين لم يقضي عليه بخلاف المعين، وفي مسجد معين قولان (¬5). وقال ابن عرفة في كتاب القراض بعد ذكر مسألة المدونة المتفي اشتراط ثلث الربح للمساكين قال ابن رشد في آخر مسألة من رسم الشجرة من سماع ابن القاسم في كتاب الحبس إن كانت الصدقة والهبة لغير معين ففي لزومها والحكم عليه بها إختلاف، والقولان في المدونة على إختلاف الرواية فيها. قلت: والمشهور عدم الحكم (¬6) به. أ. هـ. كلام ابن عرفة. [وسيلأتي في الباب الثاني إن شاء الله تعالى شيء من الكلام على هذا] (¬7). ¬

(¬1) في - م - وعلى رجل. (¬2) انظر المدونة جـ 15 ص 90. (¬3) في - ع- للمساكين. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) انظر مختصر خليل ص 24. (¬6) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 3 ورقة 122 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

فرع

فرع (¬1) من هذا الباب المسألة التي في رسم إغتسل على غير نية من سماع ابن القاسم من جامع البيوع فيمن اشترى طعاماً ثم غلا السعر فجاء الناس يخبرونه بذلك فقال أبي جزع (¬2) الناس تغبطونني أشهدكم أنه للناس بما أخذته قال ابن رشد: الأظهر أن قوله هو للناس بما أخذته دليل على أنه اشتراه للحكرة، ولم يصبه من حرثه، ومعنى ذلك أنه اشتراه في وقت [لا] (¬3) يضر شراؤه بالناس (¬4) إذا لو كان في وقت يضر شراؤه بالناس لكان ما فعل من إعطائه لهم بما اشتراه به هو الواجب عليه إذ لا خلاف (¬5) في أنه لا يجوز إحتكار شيء من الأطعمة في وقت يضر إحتكاره بالناس، فأما (¬6) إحتكارها في وقت لا يضر إحتكارها فيه بالناس ففيه أقوال: أحدهما إجازة إحتكارها كلها كالقمح والشعير وسائر الأطعمة وهو مذهب ابن القاسم [في المدونة (¬7)] والثاني المنع من إحتكارها كلها جملة من غير تفصيل للأثار الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يحتكر إلا خاطئ) (¬8) وهو مذهب مطرف، وابن الماجشون. والثالث إجازة إحتكارها كلها ماعدا القمح والشعير وهو دليل رواية أشهب عن مالك في رسم البيوع الأول من كتاب جامع البيوع. والرابع المنع من إحتكارها كلها ماعدا الإدام والفواكه والعسل والسمن، والتين والزبيب وشبه ذلك، وقد قال ابن أبي زيد ¬

(¬1) هذا الفرع بالكامل ساقط من الأصل. (¬2) في - م - أيجوع الناس. (¬3) ساقطة من -ع- للناس. (¬4) في -ع- للناس. (¬5) في -ع- اختلاف. (¬6) في - ع - م - وأما. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - ع-. (¬8) أخرجه مسلم في صحيحه جـ 3 ص 1228، وأبو داود جـ 9 ص 313/ 314 وابن ماجة جـ 2 ص 728، وأحمد بن حنبل جـ 6 ص 400، جـ 3 ص 453/ 454. انظر المعجم المفهرس جـ 1 ص 489.

فصل وهذا حكم النذر المطلق

فيما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون من أنه لا يجوز إحتكار شيء من الأطعمة معناه في المدينة إذ لا يكون الإحتكار فيها أبداً إلا مضراً بأهلها لقلة الطعام بها فعلى قوله فهم متفقون على أن علة المنع من الإحتكار تغلية الأسعار، وإنما إختلفوا في جوازه لإختلاف في إجتهادهم في وجود العلة وعدمها، ولا خلاف بينهم في أن ماعدا الأطعمة من العصفر والكتان، والحناء وشبهها من السلع يجوز إحتكارها إذا لم يضر ذلك بالناس وبالله التوفيق. تنبيه (¬1) وهكذا حكم النذر المطلق فإن كان لمعين قضى به، وإن كان لغير معين لم يقض به على المشهور. قال في المقدمات النذر أن يقول الرجل لله علي كذا وكذا نذراً أو لا يلفظ بذكر النذر فيقول لله علي كذا وكذا الحكم في ذلك كله سواء على مذهب مالك، ومن اهل العلم من ذهب إلى أنه إن قال لله علي كذا وكذا ولم يقل نذراً أن ذلك لا يلزمه لأنه إخبار بكذب، وما ذهب إليه مالك هو الصحيح، وذلك أن الذي يقول لله علي كذا وكذا لا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدهما أن يريد بذلك النذر. والثاني أن يريد بذلك الإخبار. والثالث ألا يكون له نية فإن أراد بلك الإخبار فلا إختلاف أن ذلك لا يلزمه، وإن أراد بذلك النذر فلا يصح أن يحمل علي الإخبار، ولو جاز ذلك لجاز أن يحمل قوله على نذر كذا وكذا على الإخبار، وإن لم تكن له نية كان حمله على النذر الذي له فائدة وفيه طاعة أولى من حمله على الكذب الذي لا فائدة فيه بل هو معصية (¬2). (فصل) وهذا (¬3) حكم النذر المطلق فإن كان لمعين قضى به وإن كان لغير معين لم يقض به على المشهور. وقال (¬4) في المدونة إثر المسألة المتقدمة ولو قال كل مال (¬5) أملكه صدقة على المساكين لم أجبره على صدقة ثلث ماله وأمر بصدقة (¬6) ¬

(¬1) هذا التنبيه ساقط من - ع-. (¬2) انظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 307 طبعة السعادة القاهرة. (¬3) في - م - وهكذا. (¬4) في - م، ع- قال. (¬5) في - م - كل ما أملكه. (¬6) في - م، ع- وأمر بإخراج صدقة.

فرع يجب الوفاء بنذر العتق ولا يقضي به ولو كان المنذور عتقه معينا

ثلثه من عين وعرض ودين، ولا شيء عليه في أم ولده ومدبرته، وأما المكاتبون فيخرج الثلث قيمة كتابتهم فإن رقوا يوماً ما نظروا لقيمة رقابهم فإن كان ذلك أكثر من قيمة كتابتهم يوم أخرج ذلك فليخرج ثلث الفضل، وإن لم يخرج ثلث ماله [حتى ضاع ماله (¬1)] كله فلا شيء عليه فرط أو لم يفرط، وكذلك إن قال ذلك في يمين فحنث فلم يخرج ثلثه حتى تلف جل ماله فليس عليه إلا إخراج ثلث ما بقي في يديه (¬2) قال أبو الحسن في شرح قوله لم أجبره على صدقة ثلث ماله عبد الحق عن بعض شيوخه، ولو كان ذلك على رجل بعينه لزمه إخراج جميع ماله يريد أن تعيينه للصدقة به على رجل كما لو عين شيئاً فجعله صدقة أنه يخرجه كله ولو كان جميع ماله، قال ويترك له منه شيئاً [كما] (¬3) يترك لمن فلس ما يعيش به هو وأهله الأيام ابن المواز كالشهر. ذكره في غير هذا الموضع. أ. هـ. ونحوه في التوضيح في باب النذور، وقال ابن عرفة في أواخر كتاب النذور الباجي عن محمد عن ابن القاسم وأشهب لو امتنع من جعل ماله في سبيل الله من إخراج ثلثه إن كان لمعين أجبر عليه، ولغير معين في جبره عليه قولا ابن القاسم، وأشهب بأنه لا يستحق طلبه معين ويلزمه في الزكاة، وأجاب ابن عرفة بأن لها طلب معين وهو الأيام (¬4).أ. هـ. فرع يجب الوفاء بنذر العتق ولا يقضي به ولو كان المنذور عتقه معيناً كقوله لله علي أن أعتق عبدي فلاناً قال ابن الحاجب ويجب بالنذر ولا يقضى [به] (¬5) إلا بالبت قال في التوضيح يعني يجب العتق بالنذر سواء كان معلقاً كقوله إن فعلت كذا فعلي عتق رقبة أو كقوله علي لله عتق رقبة لقوله تعالى (أوفوا ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) انظر المدونة جـ 15 ص 91. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) انظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 1 ورقة 203 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10844. (¬5) ساقطة من - م -.

بالعقود) (¬1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه (¬2) ...) ولا يقضى إلا بالبت أي إذا بتل العتق وفي بعض النسخ يعني نسخ ابن الحاجب ولا يقضى إلا بالبينة والحنث فيفيد كلامه بالمعين، وقوله بقيام البينة أي في النذر المعلق لأنه الذي يتصور فيه الحنث، وهذه (¬3) المسألة (¬4) وقعت في أول عتق المدونة فقيهاً على إختصار ابن يونس ومن قال لله علي عتق رقيقي هؤلاء فليفي بما وعدهم، وإن شاء حبسهم ولا يجبر على عتقهم لأن هذه عدة جعلها لله من عمل البر فيؤمر بها ولا يجبر عليها، وإنما يعتقهم عليه عليه السلطان أن لو حلف بعتقهم فحنث أو أبت عتقهم بغير نذر، وأما إذا كان نذراً أو موعداً (¬5) فإنه يؤمر أن يوفى به ولا يجبر عليه (¬6)، وقال أشهب إذا قال لله علي عتق رقيقي فأمر بعتقهم وإن قال (¬7) لا أفعل قضى عليه بعتقهم، وإن قال أفعل يترك (¬8) فإن مات قبل أن يفعل لم يعتقوا عليه في ثلث ولا غيره قال ابن عبد السلام وهو أقرب لتعلق حق الآدمي بذلك وهو معين لاسيما (¬9) وذلك الحق عتق والشرع متشوف (¬10) إليه. أ. هـ. كلام [صاحب (¬11)] التوضيح. ¬

(¬1) قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود. سورة المائدة الآية رقم 1. (¬2) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه) أخرجه أبو داود جـ 9 ص 113، والبخاري جـ 14 ص 397/ 398، والترمذي جـ 7 ص 5، والنسائي جـ 7 ص 15، وابن ماجه جـ 1 ص 687، وموطأ مالك جـ 2 ص 476، ومسند الإمام أحمد بن حنبل جـ 6 ص 36، 41، 224. انظر المعجم المفهرس جـ 6 ص 401. (¬3) في - م - فهذه. (¬4) انظر المدونة جـ 7 ص 2. (¬5) في م - موعدة وهو تصحيف. (¬6) يعني كلام ابن المواز. (¬7) عبارة - م - وقال بإسقاط أن والصواب فقال. (¬8) في - م - ترك وهو الصواب. (¬9) في - م، ع- ولا وهو الصواب. (¬10) انظر التوضيح جـ 2 ورقة 183 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬11) ما بين القوسين ساقط من الصل.

قال (¬1) في مختصره ووجب بالنذر ولم يقض إلا ببت معين قال (¬2) في أول كتاب العتق من المدونة والإيمان بالعتق من العقود التي يجب الوفاء بها والوصية بالعتق عدة (¬3) إن شاء رجع فيها فمن أبت عتق عبده أوحنث بذلك في اليمين أعتق عليه بالقضاء، ولو وعده بالعتق أو نذر عتقه لم يقض عليه بذلك، وأمر بعتقه (¬4).أ. هـ. وقال في أخر سماع يحيى من كتاب النذور في الرجل يقول علي نذر إن أعتق عبدي فلاناً ماذا عليه؟ قال أحب إلي الوفاء بما جعله (¬5) لله ولا أرى ذلك لازماً كالحنث فيه، وإنما هو رجل نذر ليفعلن خيراً قال ابن رشد ليس قوله أحب إلي على ظاهره من أن ذلك مستحب فهو تجوز في العبارة لأن من نذر طاعة فالوفاء عليه بها واجب، وقوله لا أرى ذلك لازماً معناه لا يحكم به عليه إلا أن ذلك ليس بلازم له فيما بينه وبين خالفه بل هو واجب عليه [ولازم له (¬6)] فيما بينه وبين ربه من الحنث إذ لم يختلف أهل العلم في وجوب ما لله فيه طاعة بالنذر، وإختلفوا في وجوب ذلك باليمين، وأشهب يرى [أن (¬7)] الحكم بالعتق على من نذره وهو أظهر (¬8).أ. هـ. [بالمعنى (¬9)]. وقال ابن يونس في أوائل كتاب العتق الأول قال مالك ومن قال لعبده لأعتقنك إن قدمت من سفري فهو موعد فأرى (¬10) أن يعتقه ابن يونس لما نهى ¬

(¬1) في - م، ع- وقال (¬2) في - م - وقال. (¬3) عبارة - م - إنشاء عدة. (¬4) انظر المدونة جـ 7 ص 2. (¬5) في - م، ع- جعل. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م. (¬8) انظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 347 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10610. (¬9) ما بين القوسن ساقط من - م. (¬10) عبارة - م - ولا أرى وهو تصحيف.

عن ذلك من خلف الموعد قال ابن المواز ولا يقضي عليه به. قال أبو محمد ولو أراد النذر لسلامته وقدومه لزمه أن يعتقه بالفتوى في قول ابن القاسم، وبالقضاء في قول أشهب إن إمتنع وأما إن قال أنت حر إن قدمت من سفري فهذا يعتق بالقضاء في قوليهما قال مالك ولو قال لزوجته إن قدمت من سفري [هذا] (¬1) لأطلقنك فلا شيء عليه إذ طلاقها ليس طاعة (¬2) لله عز وجل فيؤمر بها وأما العتق فهو طاعة لله عز وجل (¬3) أ - هـ. قلت: فتحصل من هذا أن من قال لله علي عتق عبدي فلان أو عبيدي، أو إن قدمت من سفري فلله [علي] (¬4) عتق عبدي أو عبيدي أنه يجب عليه الوفاء به ولا يقضي عليه به عند مالك وابن القاسم خلافاً لأشهب (¬5) وهذا بخلاف ما إذا قال إن فعلت كذا فعبدي فلان حر، أو فعبيدي أحرار فهذا يلزمه ويقضى عليه به إذا حنث وعلى هذا إذا قال السيد لعبده إلتزمت إن أعتقك الآن، أو بعد شهر أو إن فعلت كذا فقد إلتزمت عتق عبدي أو عبيدي ثم حنث فيجب عليه الوفاء بذلك ولا يقضي عليه بذلك على مذهب مالك وابن القاسم، ويقض عليه [بذلك] (¬6) على قول أشهب لأن الإلتزام كالنذر، ولا إشكال أنه إذا قال أعتقك بعد شهر، أو إن فعلت كذا فأنا أعتقك أن ذلك عدة بالعتق لا يقضي عليه بذلك إلا على القول بالقضاء بالعدة مطلقاً وهو ضعيف كما سيأتين وأما إذا نذر عتقه فحمله مالك وابن القاسم على أنه من باب العدة كما تقدم في كلامه وحمله أشهب على الإلتزام. وقال (¬7) في ¬

(¬1) ما بين القوسن ساقط من - م، ع. (¬2) عبارة - م - إذ ليس طلاقها طاعة لله. (¬3) انظر جامع ابن يونس جـ 2 ورقة 1 ظهر، 2 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12924. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) بهامش - م - تصحيح نصه (ولا يقض عليه بذلك على مذهب مالك وابن القاسم، ويقض عليه بذلك على قول أشهب). (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في - م - فقال.

فصل وأما العدة

التنبيهات (¬1) في توجيه عدم جبره عند مالك وابن القاسم لأنه إذا أجبره فهو بخلاف نذره لأن القصد بالنذر نية القربة، وإذا أجبر لم يكن فيه نية ولا ثواب، وكان ذلك تفويتاً لنذره فيترك وما قصد فلعله يفعله، وأشهب يرى جبره (¬2) إذا قال لا أفعل، وإن قال أفعل ترك وهو إلتفات إلى تعليلنا لقول ابن القاسم. أ. هـ. ونقله أبو الحسن فتأمله. تنبيه يجب الوفاء بنذر العتق وإن لم يكن في ملك الناذر حينئذ ما يعتقه قال في كتاب النذور من المدونة [قال مالك] (¬3) فيمن نذر عتق رقبة فلم يستطيعها أن الصوم لا يجزئه (¬4) فهذا يدل على أنه يلزمه الوفاء به، وإن لم يكن في ملكه ما يعتقه. وقال في رسم الصبرة من سماع يحيى من كتاب العتق في رجل جعل على نفسه رقية من ولد إسماعيل (¬5) قال مالك ليعتق رقبة قيل له أتجزئه رقبة من الزنج قال ليعتق رقبة أقرب الرقاب إلى ولد إسماعيل، قال ابن رشد وهذا كما قال لأن للشريف في النسب حرمة توجب التنافس في العتق من أجلها، والزيادة في ثمنها (¬6)، والأجر على قدر ذلك. أ. هـ. (فصل) وأما العدة فليس في (¬7) إلزام الشخص نفسه شيئاً الآن، وإنما هي كما قال ابن عرفة: إخبار عن إنشاء المخير معروفاً في المستقبل (¬8). ولا خلاف في إستحباب الوفاء بالوعد، وقد قال مالك في رسم باع غلاماً من سماع ابن ¬

(¬1) التنبيهات للقاضي أبو الفضل عياض وعنوان الكتاب هذا التنبيهات المستنبطة في شرح مشكلات المدونة والمختلطة جمع فيه غرائب وفوائد (¬2) في - م، ع- اجباره. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) انظر المدونة جـ 3 ص 111 وما بعدها. (¬5) هو إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام. (¬6) في - م - في الثمن. (¬7) في - م، ع- فيها (¬8) انظر الحدود لابن عرفة شرح الرصاع التونسي ص 428/ 429 وهو حد العدة.

القاسم من كتاب الحج، ومن كتاب العدة بتخفيف الذال فيمن هلك وعليه مشى إلى بيت الله عز وجل فسأل ابنه أن يمشي عنه فوعده بذلك فقال (¬1) مالك: أما إذا وعده فأنا (¬2) أحب له أن لو فعل ذلك ولكن ما ذلك رأى أن يمشي أحد عن أحد، ولكني أحب له إذا وعده أن يفعل ذلك قال ابن رشد: المعنى في هذه المسألة أن مالك استحب له أن يفي لأبيه بما وعده به من المشي عنه، وإن كان ذلك عنده لا قربة فيه من ناحية [إستحباب] (¬3) الوفاء بالوعد في الجائزات التي لا قربة فيها. فالوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف، وإختلف في وجوب القضاء بها على أربعة أقوال حكاها ابن رشد في كتاب جامع البيوع، [وفي كتاب العارية (¬4)] وفي كتاب العدة، ونقلها عنه غير واحد فقيل يقض بها مطلقاً، وقيل لا يقض بها مطلقاً، وقيل يقض بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك أريد أن أتزوج، أو أن أشتري كذا أو أن أقض غرمائي فأسلفني كذا، أو أريد أن أركب غداً إلى مكان كذا فأعرني دابتك أو أن أحرث أرضي فأعرني بقرتك فقال نعم ثم بدا له قبل أن يتزوج، أو أن يشتري، أو ان يسافر فإن ذلك يلزمه ويقضي عليه به ما لم تترك الأمر الذي وعدك عليه، وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه أنا أسلفك كذا، أو أهب لك كذا لتتزوج، أو لتقضي دينك أو نحو ذلك فإن ذلك يلزمه ويقضي عليه (¬5) به ولا يقضي بها إن كانت على غير سبب كما إذا قلت أسلفني كذا ولم تذكر سبباً، أو اعرني دابتك، أو بقرتك ولم تذكر [سبباً (¬6)] سفراً ولا حاجة فقال نعم ثم بدا له أو قال هو من نفسه أنا أسلفك كذا، أو أهب لك كذا ولم يذكر سبباً ثم بدا (¬7) له. ¬

(¬1) في - م - قال. (¬2) في - م، ع- فإني. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬5) عبارة - م - به عليه. (¬6) ساقطة من - م، عت. (¬7) بدا بدوا وبدا: ظهر له في الأمر كذا: جد له فيه رأى يقال فعل كذا ثم بدا له وفي المثل (ماعدا مما بدا). انظر المعجم الوسيط جـ 1 ص 44 طبعة إيحاء التراث العربي - بيروت لبنان.

والرابع يقي بها إن كانت على سبب ودخل الموعود بسبب العدة في شيء، وهذا هو المشهور من الأقوال. قال في أخر الرسم الأول من سماع أصبغ من جامع البيوع قال أصبغ سمعت أشهب وسئل عن رجل إشترى من رجل كرماً فخاف الوضيعة فأتى ليستوضعه فقال له بع وأنا أرضيك، قال فإن باع برأس ماله أو بربح فلا شيء عليه، وإن باع بوضيعة كان عليه أن يرضيه فإن زعم أنه أراد شيئاً سماه فهو ما أراد، وإن لم يكن أراد شيئاً أرضاه بما شاء وحلف بالله [الذي لا إله إلا هو (¬1)] ما أراد أكثر من ذلك، وإن لم يكن أراد شيئاً يوم قال ذلك. قال أصبغ: وسألت عنها ابن وهب فقال عليه رضاه بما يشبه ثمن تلك السلعة والوضعية فيها. قال أصبغ وقول ابن وهب هو أحسن عندي، وهو أحب إلي إذا وضع فيها قال محمد بن رشد: قوله بعه (¬2) وأنا أرضيك عدة إلا أنها عدة علي سبب وهو البيع، والعدة إذا كانت على سبب لزمت لحصول السبب في المشهور من الأقوال وقد قيل أنها لا تلزمه بحال، وقيل أنها تلزمه على كل حال وقيل أنها تلزم إذا كانت على سبب وإن لم يحصل السبب وقول أشهب إن زعم أنه أراد شيئاً فهو ما أراد يريد مع يمينه، ومعناه إذا لم يسمى شيئاً يسيراً لا يشبه أن يكون أرضاه والدليل على أنه يحلف على مذهبه إذا قال أردت كذا وكذا لما يشبه قوله أنه إن لم يكن أراد شيئاً أرضاه بما شاء، وحلف أنه ما أراد أكثر من ذلك، وجوابه هذا على أصله في كثير من مسائله إذ لا يؤخذ أحد بأكثر مما يقر به على نفسه واليمين في هذا يمين تهمة إذ لا يمكن المستوضع أن يدعي بينة فيحقق الدعوى عليه بخلاف ما ذكر أنه أراده فيدخ فيه (¬3) من الخلاف ما يدخل في يمين التهمة وأما ابن وهب فأخذه بمقتضى ظاهر لفظه وألزمه إرضاؤه إلا أن لا يرضى بما يقول الناس فيه أنه أرضاه فلا (¬4) يصدق أنه لم يرض ويؤخذ بما يقول الناس فيه أنه أرضاه، هذا معنى قوله ولو حلف ليرضينه لم يبر إلا بإجتماع الوجهين وهما أن يضما عنه ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من -. (¬2) في - م - بع. (¬3) في - م، ع- فيها. (¬4) في - م - ولا ..

ما يرضى به، وما يقول (¬1) الناس فيه أنه أرضاه، وقد مضى ما يدل على هذا في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب النذور في الحالف ليرضين غريمه من حقه. أ. هـ. [قلت] (¬2): وهذا القول (¬3) الذي شهره ابن رشد قال الشيخ أبو الحسن في أول كتاب العتق الأول، وفي كتاب الغرر أنه مذهب المدونة لقولها في آخر كتاب الغرر وإن قال إشترى عبد فلان وأنا أعينك بألف درهم فإشتراه لزمه ذلك الوعد (¬4) أ. هـ. وهو قول ابن القاسم في سماعه من كتاب العارية وقول سحنون في كتاب العدة ونصه في سماع عيسى قلت لسحنون ما الذي يلزم من العدة في السلف والعارية قال ذلك أن يقول الرجل للرجل إهدم دارك وأنا أسلفك، أو أخرج إلى الحج وأنا أسلفك، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، وعزاه له ابن رشد في رسم طلق ابن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب العارية، وقال القرافي (¬5) في الفرق الرابع عشر بعد المائتين قال سحنون الذي يلزم من الوعد ¬

(¬1) في - م - تقول. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) في القضاء بالعدة إذا دخل بسببها في شيء. (¬4) انظر أبو الحسن على المدونة جـ 3 ورقة 186 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12098. (¬5) هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري الإمام العلامة الحافظ الفهامة، وحيد دهره وفريد عصره المؤلف المتفنن شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ ومصنفاته شاهدة له بالبراعة والفضل أخذ عن جمال الدين بن الحاجبن وعن الشيخ الإمام العلامة الملقب بسلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام الشافعي، والإمام العلامة شرف الدين محمد بن عمران الشهير بالشريف الكوكبي. ألف كتباً مفيدة إنعقد على كمالها لسان الإجماع منها كتاب الذخيرة في الفقه من أجل كتب المالكية، وكتاب الفروق والقواعد لم يسبق إلى مثله ولا أتي واحد بعده يشبهه، وشرح التهذيب وشرح الجلاب، وشرح محصول الإمام فخر الدين الرازي، وكتاب التعليقات على المنتخب وكتاب التنقيح في أصول الفقه وهو مقدمة الذخيرة، وكتاب الأحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام، والعقد المنظوم في الخصوص والعموم وغير ذلك توفي رحمه الله في جماد الأخرة سنة أربع وثمانين وستمائة انظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 236. وما بعدها وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 188/ 189.

فرع إذا قال له [أن] غرمائي يلزمونني بدين فأسلفني أقضيهم

مثل إهدم دارك وأنا أسلفك ما تبني به، أو أخرج إلى الحج وأنا أسلفك، أو أشتري سلعة، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك [وعزاه له ابن رشد] (¬1) لأنك أدخلته بوعدك في ذلك ومجرد (¬2) الوعد فلا يلزم الوفاء به بل الوفاء به من مكارم الأخلاق (¬3).أ. هـ. وقال اللخمي في كتاب الشفعة لما ذكر حجة مقابل المشهور والقائل (¬4) بلزوم إسقاط الشفعة قبل الشراء ما نصه ولو قال اشترى هذا الشخص والثمن علي فإشتراه للزمهللزمه أن يغرم الثمن الذي إشتراه به لأنه أدخله في الشراء وهذا قول مالك وابن القاسم والقول بأنه يقضي بها إذا كانت على سبب وإن لم يدخل بسببها في شيء هو قول أصبغ في كتاب العدة، وقول مالك في رسم طلق (¬5) ابن حبيب من سماع ابن القاسم وهو قوي أيضاً والقول بعدم القضاء بها مطلقاً في سماع أشهب من كتاب العارية، والقول بالقضاء بها مطلق لم يعزه ابن رشد، وهذان القولان ضعيفان [جداً] (¬6) والله تعالى أعلم. فرع إذا قال له [أن] (¬7) غرمائي يلزمونني بدين فأسلفني أقضيهم فقال نعم ثم بدا له فقال أصبغ في سماع عيسى من كتاب العدة يلزمه ذلك ويحكم (¬8) به عليه وهو جار على قوله بلزوم العدة إذا كانت على سبب وإن لم يدخل بسببها في شيء، وقال ابن القاسم إنما يلزمه إذا اعتقد (¬9) الغرماء منه على وعد أو أشهد ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من - م - ع. (¬2) عبارة - م، ع- أما .. (¬3) انظر الفروق للقرافي جـ 4 ص 25 طبعة دار إحياء الكتب العربية طبعة أولى سنة 1346 هجرية. (¬4) في - م - القائل. (¬5) انظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 231 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬8) عبارة - م - ويقضي. (¬9) عبارة - م - اقتعد.

فرع قال في سماع أشهب من كتاب العارية فيمن حلف ليوفين غريمه إلى أجل

به (¬1) على نفسه وذلك على أصله في أنه لا يقضي بالعدة إلا إذا دخل بسببها في شيء، ولو قال أشهدكم أني فاعل أو أفعل فظاهر كلام مالك في سماع ابن القاسم من العارية أنه تردد في الحكم عليه بذلك، وأن الظاهر اللزوم، وقال (¬2) ابن رشد ولو قال أشهدكم أني قد فعلت لما وقف في إيجابه عليه ولزوم القضاء (¬3) به. فرع قال في سماع أشهب من كتاب العارية فيمن حلف ليوفين غريمه إلى أجل فلما خشى الحنث ذكر ذلك لرجل فقال لا تخف ائتني هذه العشية أعطيكها، فلما كان العشي (¬4) جاءه فأبى أن يعطيه فقال [له] (¬5) غررتني حتى خفت أن يدخل على الطلاق أتراه له لازماً (¬6)؟ فقال لا والله ما ارى ذلك لازماً له، ولا (¬7) هو من مكارم الأخلاق ولا محاسنها. قال محمد بن رشد: قد قيل أنه يلزمه وهو الأظهر لأنه غره ومنعه أن يحتال لنفسه بما يبر به من سلف أو غيره (¬8).أ. هـ قلت: فالقول الأول مبني على أن العدة لا يقضي بها ولو كانت على سبب ودخل في السبب وقد تقدم أنه في سماع أشهب من العارية والثاني مبني على انه يقضي بها إذا كانت على سبب، وعلى المشهور أيضاً لأنه قد أدخله بسبب العدة في عدم الإحتيال لنفسه حتى خشى الحنث والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) عبارة - م، ع- بإيجاب ذلك. (¬2) في - م - قال. (¬3) انظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 231 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613. (¬4) في - م - العشية. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) عبارة - م - لازماً له. (¬7) في - م، ع- وما وهو تصحيف. (¬8) انظر البيان والتحصيل جـ 4 وقة 232 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613.

فرع قال أصبغ في سماع عيسى من كتاب العدة لو سألك مديانك أن تأخره إلى أجل

تنبيه وأما الفرق بين ما يدل على الإلتزام وما يدل على العدة فالمرجع فيه إنما هو على ما يفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال فحيث دل الكلام على الإلتزام، أو على العدة حمل على ذلك ولهذا قال الشيخ خليل في مختصره في باب الخلع، وألزمت البينونة إذا قال أن أعطيتني ألفاً فارقتك أو [قال] (¬1) أفارقك أن فهم الإلتزام أو الوعد إن ورطها (¬2) فالشرط فالشرط في قوله إن ورطها راجع إلى الوعد. قال في التوضيح كما لو باعت قماشها، أو كسرت حليها والله تعالى أعلم. ولا يفرق بين العدة والإلتزام بصيغة الماضي والمضارع كما يتبادر للفهم من كلام ابن رشد في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق وسيأتي في الباب الثالث إن شاء الله تعالى ذكره بتمامه فإن الإلتزام قد يكون بصيغة المضارع إذا دلت القرائن عليه كما يفهم من كلام الشيخ خليل الماضي في مسألة الخلع، ومن كلام ابن رشد المتقدم قريباً، ومن كلام أصبغ الأتي في الفرع [الذي] (¬3) بعد هذا نعم صيغة (¬4) الماضي دالة على الإلتزام وإنفاذ العطية، والظاهر في صيغة المضارع الوعد إلا أن تدل قرينة على الإلتزام كما يفهم من كلام ابن رشد المتقدم والأتي قريباً (¬5) فتأمله والله تعالى أعلم. فرع قال أصبغ في سماع عيسى من كتاب العدة لو سألك مديانك أن تأخره إلى أجل كذا وكذا فقلت أنا أؤخرك لزمك تأخيره إلى الأجل قلت: سواء قلت أنا أؤخرك أو قد أخرتك، قال نعم سواء في الحكم عليك غير ان قولك أنا أؤخرك عدة تلزمك وقولك قد أخرتك شيء واجب عليك كأنه في أصل حقك لم تبتدئه الساعة وكلاهما يلزمك الحكم به غير أن قولك قد أخرتك أوجبهما وأوكدهما. أ. هـ. ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل (¬2) انظر مختصر خليل ص 121. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - ع، م -. (¬4) على هامش - ع- تعليق يقول قف وتأمل في صيغة الماضي والمضارع. (¬5) عبارة - م - الأتي في الفرع بعده.

فرع قال في رسم حلف ليرفعن من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح: سئل مالك عن رجل كانت تحته امرأة فخطب أختها إلى ابنه

ونقل هذا في الذخيرة واقتصر عليه وهو جار على قول أصبغ في القضاء بالعدد إذا كانت على سبب وإن لم يدخل بسببها في شيء. وأما على المشهور [فلا] (¬1) فإنما يلزمه في قوله أنا أؤخرك إذا أورطه بذلك في يمين أو حنث أو ما اشبه ذلك، أو دلت قرينته على أنه أراد اشتراط (¬2) التأخير لا الوعد به فتأمله وهو يبين لك ما ذكرته من ان صيغة الماضي دالة على الإلتزام، وصيغة المضارع إنما تدل على مع قرينة ولم يتكلم ابن رشد على هذه المسألة بشيء بل قال مضى تحصيل القول فيها في سماع ابن القاسم من كتاب العارية، ويشير إلى ما تقدم من ذكر القوال الأربعة في القضاء بالعدة. فرع قال في رسم حلف ليرفعن من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح: سئل مالك عن رجل كانت تحته امرأة فخطب أختها إلى (¬3) ابنه فقالت له عمتها على صداق أختها فقال لن أقصر بها إن شاء الله فزوجوه ثم أن الابن طلقها قال أيقر هو بذلك؟ قال نعم قد قلت هذا القول ووعدتهم، ولم اوجب على نفس صداق فرأيته يراه عليه قال [مالك (¬4)] مرة فيصطلح وكأنه يراه عليه تشبيهاً بالإيجاب ولم يبينه قال (¬5) ابن القاسم أرى ذلك عليه إذا زوجوه على ذلك، وكذلك لأنه إنما تزوج على المكافأة قال سحنون مثله. قال محمد بن رشد أما (¬6) إذا كان قولهم قد زوجناك جواباً لقوله لن اقصر بها عن صداق أختها [فبين أن ذلك يلزمه (¬7)]، وأما إن قطع ما بين الكلامين فالأمر محتمل، والأظهر إيجاب ذلك عليه كما ذهب إليه مالك، وإن كان لم يبينه لأن ذلك أقوى من العدة ¬

(¬1) ساقطة من - م، ع-. (¬2) عبارة - ع، م - إلتزم. (¬3) في - م، ع- على. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - وقال. (¬6) في - ع، م - هذا. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م -.

الخارجة على سبب، وفي التفسير ليحيى عن ابن القاسم أنه يحلف ما أراد إيجاب ذلك على نفسه ولا يلزمه شيء فإن نكل غرم نصف الصداق، ووجه ذلك أنه رأى قوله لم أقصر بها إن شاء الله عدة لا تلزم فلم يلزمه شيء إذا حلف أنه لم يرد إيجاب ذلك على نفسه، وحلف بالتهمة دون تحقيق الدعوى ولذلك لم يرد اليمين في ذلك فقوله على القول بلحوق يمين التهمة وأنها لا ترجع، وقد اختلف في الوجهين (¬1).أ. هـ. والله سبحانه وتعالى أعلم. ¬

(¬1) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 12 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611.

الباب الثاني في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم بكسر الزاي

((الباب الثاني)) في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم بكسر الزاي وهو على نوعين [لأنه] (¬1) لا يخلو إما أن يكون القصد بالإلتزام الامتناع من ذلك الفعل المعلق عليه كقوله لزوجته إن تزوجت عليك فلك [ألف] (¬2) دينار، وإما أن يكون القصد حصول ذلك الفعل ويكون الشيء الذي إلتزمه شكراً لله تعالى على حصوله كقوله إن قدمت من هذا السفر فلفلان علي ألف درهم، أو إن أتممت هذه الدار أو هذا الكتاب فعلى كذا وهذا الثاني من باب النذور، وقد تقدم حكم النذر وقد ذكروا في باب النذر أن من علق العتق، أو الهدى، أو الصدقة على الملك يلزمه مثل أن يقول إن ملكت عبد فلان فهو حر فإنه يلزمه العتق إذا ملكه وذكر ابن عبد السلام وغيره في باب التفليس [أن المفلس (¬3)] إذا إلتزم عطية شيء أن ملكه أنه يلزمه إذا ملكه بعد ذلك ولم يكن عليه دين قلت: وهذا في العتق لازم ويقضي به، واما الهدى فإنه لازم، ولا يقضي به لأن الكفارات والهدايات واجبة على التراخي، وأما الصدقة فإن كانت على وجه اليمين فهي النوع الأول المعقود له هذا الباب (¬4). والذي سيأتي للكلام عليه، وإن لم يكن [ذلك] (¬5) على وجه اليمين، وإنما القصد بها القربة فهي لازمة ويقضي بها إن كانت لمعين، ولا يقضي بها إن كانت لغير ¬

(¬1) ساقطة من ع. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من م وع.

معين على المشهور وسيأتي إن شاء الله تعالى في المسألة الثانية (¬1) من الفصل الأول من الخاتمة شيء من هذا، والنوع الأول هو المعقود له هذا الباب ويسمى يميناً، واختلف في القضاء به، والمشهور من المذهب أنه لا يقضي به سواء كان الملتزم له بفتح الزاي معيناً أم لا. قال في كتاب الهيبات من المدونة: ومن قال داري صدقة على المساكين، أو على رجل بعينه في يمين فحنث لم يقض عليه بشيء (¬2).أهـ وتقدمت المسألة بتمامها في الباب الأول في فصل الإلتزام لغير معين وقال في كتاب النكاح الثاني (¬3) من المدونة: ومن نكح امرأة بالف درهم على أنه إن كانت له امرأة أخرى فصداقها ألفان لم يجز كالبعير الشارد، وإن نكح بألفين فوضعت عنه في عقد النكاح ألفا على ألا يخرجها من يلدها أو نكحها بألف على أنه إن أخرجها من بلدها فمهرها ألفان فله أن يخرجها، وليس لها إلا الألف، وهو كالقائل لزوجته أن أخرجتك من الدار فلك ألف فله أن يخرجها بغير (¬4) شيء. أهـ قال الشيخ أبو الحسن الصغير: قوله فله أن يخرجها بغير شيء. قال أبو عمران: لأن هذه ليست على وجه البر وإنما قصد بها اليمين وما كان من الهبة (¬5) لمعين على وجه اليمين فإنه لا يقضي به لأن الهبة التي يقضي بها لمعين إنما هي التي يقصد بها وجه البر والصلة (¬6) لامعنى اليمين، وكل شيء إذا خرج عن حكمه يبطل (¬7) حكمه وقد علم أنه لم يقصد نفس العطية والهبة وإنما حرم على نفي ما أحل الله [له] (¬8) وأما الذي يقول إن شفاني (¬9) الله من مرضي فلك ¬

(¬1) في م وع الثالثة. (¬2) أنظر المدونة جـ 15 ص 90. (¬3) الثالث. (¬4) أنظر المدونة جـ 4 ص 219. (¬5) في م وع الهبات. (¬6) في م والصدقة هكذا صححت بالهامش. (¬7) في م وع بطل. (¬8) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬9) عبارة م أن شفي الله مريضي.

فرع

ألف درهم فهذا يقضي عليه فيها لأنها بر وما كان على هذا الوجه يقضي به على قائله، وكذلك الذي يقول أن قدمت فلك ألف درهم لأن هذه عطية محضة غير متعلقة بيمين ولا معارضة ونحوه في التنبيه (¬1).أهـ تنبيه وظاهر (¬2) ما تقدم عن المدونة أنه فرق بين ما إذا أتزوجها بألف، وإن كانت له زوجة فألفان فجعله من النكاح الفاسد وأما (¬3) إذا تزوجها بألف وإن أخرجها من بلدها فمهرها ألفان فلم يجعله فاسداً وعلى ذلك حملها بعضهم، واستطهره أبو الحسن: قال وفرق بعضهم بين المسألتين بأنهما قادران على رفع الغرر في الأول بالبحث هل له زوجة أم لا. وأما الثانية فالأمر فيها مستقبل لا يدري ما يكون منه، وعلى هذا مشى الشيخ خليل في مختصره. ونظر في ذلك الشيخ بهرام (¬4) وحملها بعضهم على أن المسألتين سواء، وأن ذلك يرجع (¬5) إلى الغرر وهو الذي يؤخذ من المسألة الآتية من سماع يحيى من رسم المكاتب [من البيان فتأمله (¬6).] فرع قال في رسم الأقضية: من سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات قال ¬

(¬1) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 115 وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12097. (¬2) في م ظاهر. (¬3) في م وما. (¬4) هو بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر السلمي الدميري القاهري تاج الدين أبو البقاء من فقهاء المالكية بمصر. ولد سنة 734 هـ وأخذ عن الشيخ خليل وغيره ودرس وأفتى وناب في القضاء من تصانيفه شرح مختصر شيخه الشيخ خليل، والشامل في الفقه، وشرحه المناسك في مجلد وشرحها في ثلاثة أسفار وأصول ابن الحاجب، وشرح ألفية ابن مالك وشرح منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل. توفي في جماد الآخرة وقيل في ربيع الأول سنة (805) هـ أنظر ترجمته في معجم المؤلفين جـ 3 ص 80 ونيل الإبتهاج ص 101، 102 وكشف الظنون 1885 والضوء اللامع في أعيان القرن التاسع جـ 3 ص 19. (¬5) عبارة م من باب الغرر. (¬6) ما بين القوسين ساقط من م وع.

يحيى عن ابن وهب سمعت عن مالك يقول وهو الذي أخذ به أن الصدقة إذا كان أصلها على وجه الصلة وطلب البر والمكافأة، وما أشبه ذلك من الوجوه المعروفة بين الناس في احتسابهم أو حسن معاشرتهم فإن صاحبها لا يرجع فيها، وإن خاصمه المتصدق بها عليه قضى له عليه بها. قال وأما كل صدقة تكون في يمين الحالف أو لفظ منازع، أو وجواب يكذب صاحبه فهي باطلة لا يقضي بها للمتصدق بها عليه في بعض هذه الوجوه وما شابهها إلا أن المتصدق بها يوعظ ويؤتم فإن تطوع بإمضائها كان ذلك الذي يستحب له، وإن شح لم يحكم عليه فيها بشيء. قال ابن رشد: مثل هذا في كتاب الهبات من المدونة أن ما كان من الصدقة على وجه اليمين للمساكين أو لرجل بعينه فلا يجبره السلطان على إخراجها وهو المشهور في المذهب، وذلك لأن الحالف إنما قصد الإمتناع بما (¬1) حلف أن لا يفعله لا [إخراج (¬2)] الصدقة (والأعمال بالنيات (¬3)) لكنه إذا فعل الذي حلف [عليه (¬4)] بالصدقة [وإن كان إثماً (¬5)] فقد اختار إخراجها (¬6) [على ترك الفعل (¬7) ] فلذلك قال يوعظ ويؤتم، وإنما كان (¬8) لا يقضي عليه بالصدقة وإن كان آثماً في الامتناع من الإخراج (¬9) لأنه لا أجر له في الحكم عليه وهو كاره فيذهب ملكه في غير منفعة تصير إليه، ولهذا [المعنى (¬10)] لا يحكم على من نذر ¬

(¬1) في م مما. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه). أخرجه البخاري جـ 14 ص 381 ومسلم في صحيحه = جـ 3 ص 1515/ 1516 وأبو داود جـ 6 ص 284 والترمذي جـ 7 ص 150، 151 والنسائي جـ 581 ص 137 وابن ماجه جـ 2 ص 1413، وأحمد ابن حنبل جـ 1 ص 25، 43. انظر المعجم المفهرس جـ 7 ص 55. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) عبارة إخراج الصدقة. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل .. (¬8) عبارة لأن من كان. (¬9) عبارة م إخراجها. (¬10) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

نذراً بالوفاء به. وفي المدينة لابن دينار (¬1) فيمن شرط لامرأته أن تسرر عليها فالسرية صدقة عليها أن الصدقة بالشرط تلزمه، وأنه إن أعتقها بعد أن اتخذها لم ينفذ عتقه وكانت لها صدقة بالشرط، ولابن نافع في المدينة أيضاً فيمن باع من رجل سلعة (¬2)، وقال إن خاصمتك فهي صدقة عليك فخاصمه فيها أن الصدقة تلزمه فإن كان يريد بقوله أن الصدقة تلزمه أنه يحكم بها عليه فهو مثل قول ابن دينار خلاف المشهور في المذهب، وأما ما كان من الصدقات المبتلة لله تعالى على غير يمين فيحكم بها إن كانت لمعين بإتفاق وإن كانت للمساكين أو في سبيل الله على اختلاف الرواية في ذلك في المدونة أهـ قلت: قوله في النوادر لا يحكم به يريد إذا كان لغير معين، وأما إذا كان لمعين فقد تقدم في فصل النذر في الباب الأول أنه يقضي به وتقدم أيضاً أن المشهور فيما كان لغير معين كالمساكين أنه لا يقضي به والله تعالى أعلم. وقال في كتاب الهبات من النوادر قال محمد بن عبد الحكم (¬3) ومن حلف ¬

(¬1) هو عبد الرحمن بن دينار كان فقيهاً عالماً حافظاً يكنى أبا زيد كانت له رحلتان استوطن في إحداهن المدينة، وهو الذي أدخل الكتب المعروفة بالمدينة إلى المغرب سمعها منه أخوه عيسى ثم خرج بها عيسى فعرضها على ابن القاسم فرد فيها أشياء من رأيه. كان عبد الرحمن من الحفاظ المتقدمين، والخيار الصالحين وبنوا دينار معروفون بالعلم. توفي سنة سبع وعشرين ومائتين. أنظر ترجمته في الديباج جـ 1 ص 473. (¬2) عبارة م باع سلعة من رجل. (¬3) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال عنه ابن الحارث: كان من العلماء الفقهاء، مبرزاً من اهل النظر والمناظرة، والحجة فيما يتكلم فيه ويتقلده من مذهب وإليه كانت الرحلة من المغرب في العلم والفقه من الأندلس. سمع من أبيه وابن وهب وأشهب وابن القاسم وغيرهم من أصحاب مالك وكان محمد من أصحاب الشافعي ممن يتعلم منه. له مؤلفات كثيرة في فنون العلم، والرد على المخالفين كلها حسان لكتاب أحكام القرآن، وكتاب الوثائق والشروط وكتاب الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب والسنة، وكتاب الرد على أهل العراق، والكتاب الذي زاد فيه على مختصر أبيه، وكتاب أدب القضاة وكتاب الدعوى والبيان، وكتاب إختصار كتب أشهب وكتاب الكفالة، وكتاب الرجوع عن الشهادات وغيره. وأما محنته في القرآن فذكر أبو إسحاق الشيرازي أنه حمل في المحنة بالقرآن إلى بغداد إلى ابن أبي داود ولم يجب إلى ما طلب منه فرد إلى مصر، وقيل أنه ضرب في ذلك وأدخل الكبريت تحت ثيابه وأوقد على جوانب ثيابه فاحترقت ثيابه فتنحوا عنه فهرب واستتر في دار امرأة، ولد في منتصف ذي الحجة سنة اثنين وثمانين ومائة، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة منتصف سنة ثمان وستين ومائتين، وقيل سنة تسع أنظر: ترجمته في ترتيب المدارك للقاضي عياض جـ 4 ص 157 وما بعدها وطبقات الشافعية الكبرى جـ 2 ص 67 وما بعدها والديباج المذهب جـ 2 ص 163 وما بعدها.

بصدقة مال بعينه أو بغير عينه على رجل بعينه، أو على المساكين أو في سبيل الله أو حلف بحبس داره، أو بحملان خيله في سبيل الله، أو بأبله بدنا (¬1) أو بقرة، أو غنمه هدايا ثم حنث أقر بذلك أو قامت عليه بينة فلا يقضي عليه بشيء من ذلك إنما نأمره بذلك أمراً فإن لم يفعل لم يكره على ذلك. أهـ وقال الباجي: بعد أن ذكر أن الهبة تلزم بالقول ما نصه: إذا ثبت ذلك فإنه على ضربين: ضرب لا يقضى به وضرب يقضى به. فأما ما لا يقضى به فما كان من صدقة، أو هبة، أو حبس على وجه اليمين على معنيين أو غير معينين انفق أصحابنا ابن القاسم وأشهب وغيرهما على أنه لا يقضى عليه بذلك، ولكنه يؤمر به، ووجه ذلك أنه لم يقصد [به] (¬2) البر وإنما قصد به اللجاج (¬3) وتحقيق ما نازع فيه فيؤمر به ولا يقضى عليه [به] (¬4) ومثله ماروى ابن المواز عن ابن القاسم فيمن قال لأمرأته كل جارية أتسرر بها (¬5) عليك فهي صدقة عليك، وإن وطأت جاريتي هذه فهي صدقة عليك فتسرر أنه لا شيء عليه. ¬

(¬1) البدنة: ناقة أو بقرة تنحر بمكة قرباناً وكانوا يسمونها لذلك والثوب يشق فتلبسه المرأة من غير جيب ولا كمين - بدن قال الله تعالى (والبدن جعلناها لكم شعائر الله) انظر المعجم الوسيط جـ 1 ص 44 .. (¬2) ساقطة من م. (¬3) اللجاج واللجاجة هو التمادي في الخصومة وقيل هو الإستمرار على المعارضة في الخصام وفي التوشيح اللجاج هو التمادي في الأمر ولو تبين الخطأ. أنظر تاج العروس جـ 2 ص 92. (¬4) ساقطة من م. (¬5) السرية الجارية المتخذة للملك والجماع وقد اختلف أهل اللغة في الجارية التي يتسراها مالكها لم سمت سرية فقال بعضهم نسبت إلى السر وهو الجماع وضمت السين للفرق بين الحرة والأمة توطأ فيقال للحرة إذا نكحت سراً أو كانت فاجرة سرية وللملوكة يتسراها أصاحبها سرية مخافة اللبس وقال أبو الهيثم السر السرور فسميت الجارية سرية لأنها موضع سرور الرجل قال وهذا أحسن ما قيل فيها وقال الليث السرية من قولك تسررت، ومن قال تسريت فإنه غلط قال الأزهري وهو الصواب والأصل تسررت ولكن لما توالت ثلاث رائات أبدلوا احداهن باء كما قالوا قصيت أظفاري والأصل قصصت. انظر تاج العروس جـ 3 ص 264 ولسان العرب جـ 4 ص 358.

[قال محمد بن زيد لا يقضي عليه بها، وأما ما كان من ذلك بغير يمين فإنه يجبر على إخراجها إذا كانت لمعين وإن كانت لغير معين (¬1)] قال ابن القاسم يجبر [على إخراجها (¬2)] وحكى محمد عن أشهب لا يجبر على إخراجها إلا إذا كانت على معين بلا خصومة لا للمساكين، ووجه قول ابن القاسم أن هذه صدقة على وجه البر فوجب أن يقضى عليه بإخراجها كالأحباس، ووجه قول أشهب ما إحتج به من أنه إذا كانوا غير معينين لم يستحق أحد المطالبة بها فيقضى له (¬3).أهـ قلت: وما حكاه (¬4) عن ابن القاسم هو أحد القولين اللذين في المدونة على اختلاف الرواية فيها. كما تقدم في الباب الأول في فصل الإلتزام لغير معين. وذكر الشيخ خليل هذا القول في أول كتاب الهبات (¬5) من التوضيح (¬6) واقتصر عليه، وهو خلاف ما شهره في مختصره، وشهره ابن عرفة كما تقدم في الفصل المذكور وحكاية الباجي الإتفاق على عدم اللزوم فيما إذا كان على وجه اليمن غير مسلمة لوجود الخلاف في ذلك. كما تقدم. وكما سيأتي، ونقل صاحب الذخيرة كلام الباجي في آخر كتاب الهبة باختصار مخل ولعل الإسقاط من الناسخ. وقال ابن عرفة في باب الهبة وهي لمعين دون يمين ولا تعليق يقضي بها ابن رشد اتفاقاً، وعلى غير معين كذلك فيها لا يقضي [بها] (¬7) ابن رشد في القضاء بها قولان على إختلاف الرواية فيها، وعلى معين في يمين أو تعليق فيها ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من م وع. (¬3) أنظر المنتقى للباجي جـ 6 ص 108. (¬4) في م ما. (¬5) في م الهبة. (¬6) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 143 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. تنبيه يوجد خلط في تسفير النسخة المشار إليها فأحذره. (¬7) ساقطة من الأصل.

فرع قال في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب النكاح وسألته عن الرجل تشترط عليه امرأته عند عقده النكاح أن تسرر عليها فالسرية صدقة على امرأته

لا يقضي بها ابن رشد هذا هو المشهور، ولمحمد بن دينار من تسرر على امرأته وذكر كلام ابن رشد المتقدم عن بن دينار، وابن نافع [ثم (¬1)] قال وفي القضاء بالمعلق (¬2) بيمين لغير معين نقل ابن زرقون (¬3) عن أصبغ والمعروف (¬4). أهـ فرع قال في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب النكاح وسألته عن الرجل تشترط عليه امرأته عند عقده النكاح أن تسرر عليها فالسرية صدقة على امرأته قال إن علم قبل البناء فسخ، وإن [كان (¬5)] بنى بها فالشرط باطل ولا صدقة لها قال محمد بن رشد: قوله أن الشرط باطل ولا صدقة لها صحيح على ما في المدونة وهو المشور في المذهب من أن الصدقة بيمين لا يحكم بها، وإن كانت لرجل بعينه وحكم للنكاح بحكم ما فسد لصداقه من أجل أن للشرط تأثيراً فيه فيفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل، وهذا إن كانت التسمية في العقد على الشرط، وأما إن كان تزوجها نكاح تفويض دون تسمية صداق ثم سمى لها بعد ذلك صداقاً فالنكاح ثابت، والشرط باطل، ¬

(¬1) ساقطة من ع. (¬2) في الأصل بالعتق والواقع أنها تصحيف. (¬3) هو أبو الحسن محمد بن محمد بن سعيد يعرف بابن زرقون العالم الفقيه الحافظ المبرز كان متعصباً لمذهب مالك قائماً عليه سمع من أبيه، وأخذ عنه جلة منهم أبو الربيع بن سالم. من تأليفه المعلي في الرد على المحلي والمحلي لابن محمد بن حزم وقطب الشريعة في الجمع بين الصحيحين، وله كتاب في الفقه لم يكمله سماه تهذيب المسالك في تحصيل مذهب مالك. ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وتوفي رحمه الله سنة إحدى وعشرين وستمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 178. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفة جـ 4 ورقة 22 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 11133. (¬5) ساقطة في م وع.

والصداق المسمى [لها] (¬1) لازم وفي المدينة لمحمد بن دينار (¬2) أن الصدقة بالشرط تلزمه، وأنه إن أعتقها بعد إن اتخذها لم ينفذ عتقه وكانت لها (¬3) صدقة بالشرط، وإن شرط أن اتخذها فهي عليها أو حرة فاتخذها كان مخيراً بين عتقها والصدقة بها. ولابن نافع أيضاً (¬4) من باع سلعة من رجل وقال إن خاصمتك فيها فهي صدقة عليك فخاصمه فيها أن الصدقة تلزمه. فعلى قولهما في لزوم الصدقة بالشرط ينبغي أن يكون النكاح جائزاً والشرط لازماً كسائر الشروط اللازمة، واستدل بعض الشيوخ من هذه المسألة على أن من إلتزم لامرأته إن تسرر عليها فأمر السرية بيدها إن شاءت باعتها عليه، وإن شاءت أمسكتها له أن البيع لا يلزمه فيها خلاف ما ذهب إليه ابن العطار، ووجه هذا الاستدلال أن الصدقة إذا كانت لا تلزمه فأحرى أن لا يلزمه البيع، وليس ذلك يبين لأن المعنى في الصدقة والبيع مفترق، وإنما الوجه في أن البيع لا يلزمه أنها وكالة منه لها وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة متى شاء، وهذا الذي حفظناه عن الشيوخ في ذلك، ولا يبعد عندي أنه لا يكون له أن يعزلها عن هذه الوكالة لأنه لما نكحته على ذلك فقد أخذ عليه عوضاً فيلزمه كالمبايعة (¬5).أهـ ونقل ابن عرفة في (¬6) هذه المسالة في الكلام على الشروط في النكاح (¬7) وعزاها لسماع أصبغ ولم أراها فيه والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) كتاب المدينة لعبد الرحمن بن دينار وليس كما هو وارد هنا وللأهمية وجب التصحيح. أنظر الديباج جـ 1 ص 473. (¬3) في م له. (¬4) عبارة م فيها أن. (¬5) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 64 ظهر و 65 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10611 وكذلك ورقة 52 ظهر و 53 وجه من الجزء نفسه. (¬6) بإسقاط في من النسخة م ولعلها زيادة من الناسخ للأصل. (¬7) أنظر مختصراً ابن عرفة جـ 2 ورقة 6 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147.

وما ذكره في الرواية من فساد النكاح مخالف لظاهر ما تقدم عن المدونة وما مشى عليه الشيخ خليل في مختصره كما تقدم التنبيه على ذلك قلت: ومثل مسألة ابن نافع التي ذكرها ابن رشد ما يكتب الآن في مستندات البيع أن البائع إلتزم للمشتري متى قام وادعى في الشيء المبيع أو خاصمه فيه كان عليه للمشتري، أو [عليه (¬1)] للفقراء كذا وكذا فلا يحكم عليه بذلك على المشهور، ويحكم بذلك (¬2) على قول ابن نافع [فتأمله (¬3)] والله تعالى أعلم. تنبيه قد تقدم في الباب الأول في فصل الإلتزام لغير المعين في كلام أبي الحسن أنه حيث يؤمر ولا يجبر (¬4) ليس ذلك لأنه لا يجب عليه بل هو واجب فيما بينه وبين الله تعالى، وتقدم عن ابن رشد في هذا الباب أنه آثم بعدم الإخراج، وقال في كتاب الهبات من النوادر قال محمد: وما لم يجبر عليه (¬5) فيخرجه كما أوجبه قال محمد: قال مالك: لا رخصة له في تركه، وقال البرزلي: في مسائل الأيمان وفي أحكام ابن الحاج إذا قال في عقد (¬6) متى قام بجائحة فعليه كذا لمرضى قرطبة، وقام بها أمر بإعطاء ذلك، ولا يحكم عليه بذلك ويأثم. قال البرزلي ظاهر نقل ابن يونس في أوائل كتاب العتق أن الوفاء على جهة الإستحباب (¬7).أهـ قلت: ولعلهم فهموا الإستحباب من ظاهر سماع يحيى من كتاب الهبات المتقدم. ثم قال البرزلي: وفي أحكام ابن الحاج ومثله دليل إلتزم أن زاد شيئاً على نصف دينار (¬8) فعليه للمرضى كذا فثبتت عليه الزيادة رجاء معه وكيل ¬

(¬1) ساقطة في م وع. (¬2) في م وع به. (¬3) ساقطة من م وع. (¬4) في ع وم ولا يقضى عليه. (¬5) في م فيه. (¬6) في عقده شيء. (¬7) أنظر نوازل البرزلي جـ 1 ورقة 198 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12792. (¬8) في م درهم وهو تصحيف ظاهر.

فرع وهذا كله فيما عدا العتق فإنه يقضى به ولو كان في يمين.

المرضى فأفتى ابن رشد بعدم لزومه ويؤمر بذلك وهي كالصدقة على وجه اللجاج كالتي في سماع يحيى (¬1).أهـ ومراده بما في سماع يحيى المسألة المتقدمة. فرع وهذا كله فيما عدا العتق فإنه يقضى به ولو كان في يمين. قال في [كتاب (¬2)] العتق الأول من المدونة، ومن أبت عتق عبده أو حنث بذلك في يمين أعتق عليه بالقضاء، ولو وعده بالعتق أو نذر عتقه لم يقض عليه بذلك وأمر بعتقه (¬3).أهـ وقد تقدم ذلك في فصل النذر. فرع ثم قال فيها ومن قال لعبد إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فإشتراه أو بعضه عتق عليه جميعه ويقوم عليه نصيب شريكه، وإن اشتراه بيعاً فاسداً أعتق عليه، ولزمته قيمته ورد الثمن كمن ابتاع عبداً يتوب فأعتقه ثم استحق التوب فعليه قيمة العبد (¬4).أهـ ومن قال لعبده إن بعتك فأنت حر ثم باعه عتق على البائع ورد الثمن. قال عبد الحق في النكت ومال العبد هنا للبائع لأن العتق وجب، وقد صح المال للبائع قال عبد الحق ولو كان المشتري استثنى ماله كان المال تبعاً للعبد لأن شراء المشتري قد انتقض من أجل العتق فلم يصح له المال والبائع لم يبقه لنفسه فكان تبعاً للعبد. أهـ ¬

(¬1) نفس المصدر ونفس الورقة والجزء. (¬2) ساقطة في م وع. (¬3) أنظر المدونة جـ 7 ص 2. (¬4) أنظر المدونة جـ 7 ص 3.

فرع قال في النكت: قال بعض شيوخنا ولو قال إن بعت هذا الشيء فهو صدقة

فرع (¬1) [قال] (¬2) في المدونة بعد قوله ومن قال لعبده إن بعتك فأنت حر ولو قال رجل مع ذلك إن ابتعتك فأنت حر فابتاعه فعلى البائع يعتق لأنه مرتهن بيمينه (¬3).أهـ فرع قال في النكت: قال بعض شيوخنا ولو قال إن بعت هذا الشيء فهو صدقة فباعه فإنه لا ينتقض (¬4) البيع بخلاف اليمين بالعتق لأن الصدقة لا يجبر على إخراجها كانت على رجل بعينه أو على المساكين لأنها يمين، وإنما يفترق هذا فيما كان يتله بغير يمين وتستحب له الصدقة بالثمن الذي قبض، وأما العتق فهو محكوم عليه به فهذا مختلف. أهـ ونحوه لابن يونس: وهو الذي تقدم في كلام البرزلي عنه أن الوفاء بذلك على جهة الاستحباب (¬5) وتقدم ابن رشد، وأبي الحسن الصغير أن ذلك واجب وهو الظاهر. والله تعالى أعلم. فرع قال في كتاب الكفالة من المدونة: ومن ادعى قبل رجل حقاً فقال له رجل أنا كفيل لك به إلى غد فإن لم آتك به غداً فأنا ضامن للمال. قال ابن يونس ويسمى وعداً فإن لم يأت به في غد فلا يلزم الكفيل شيء حتى يثبت الحق ببينة فيكون حميلاً بذلك وإن أنكر المدعى عليه ثم قال للطالب أجلني اليوم فإن لم أوافيك غداً فالذي تتدعيه قبلي حق فهذه مخاطرة ولا شيء عليه (¬6).أهـ ¬

(¬1) يوجد هذا السؤال على هامش النسخة ع ونصه من قال لعبده إن بعتك فأنت حر وقال رجل إن ابتعك فأنت حر على من يكون العتق أ. (¬2) قال: ساقطة في ع. (¬3) أنظر المدونة جـ 7 ص 3. (¬4) في م ينقض. (¬5) أنظر نوازل البرزلي جـ 1 ص 198 مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12792. (¬6) أنظر المدونة جـ 13 ص 105.

فرع (¬1) قال في مفيد الحكام لابن هشام (¬2): وسئل عيسى عن الخصمين يشترط أحدهما لصاحبه [أنه (¬3)] إن لم يوافه عند القاضي إلى أجل سمياه (¬4) فدعواه باطلة إن كان مدعياً، أو دعوى خصمه حق إن كان مدعى عليه فيتخلف هل يلزمه هذا الشرط فقال لا يوجب هذا الشرط حقاً لم يجب، ولا يسقط حقاً قد وجب (¬5).أهـ وقال أبو الحسن: في أواخر كتاب الخيار في شرح قوله ولو شرط أنه إن لم يأت بالثوب قبل غروب الشمس بعد أن تكلم على مسألة الشيخ ومن ذلك ما يقول الناس اليوم من لم يحضر مجلس القاضي وقت كذا فالحق عليه لا يلزم من إلتزمه. أهـ قلت: ولم أقف في هذا والفرع الذي قبله على قول باللزوم، والظاهر أنه لا يدخلهما (¬6) الخلاف المتقدم الذي في اليمين بالصدقة فلا يأتي فيهما قول ابن دينار المتقدم ويؤخذ ما تقدم لأنها صدقة ولهذا كان يؤمر بها بإتفاق، وإنما الخلاف في القضاء بها، ومثل ذلك قول أحد الخصمين إن لم آت بالبينة أو بمستندي في ¬

(¬1) في هامش ع على من الحكم إذا قال أحد أن لم يوافه عنه القاضي إلى أجل سماه فدعواه باطلة لا يوجب بهذا الشرط شيء. (¬2) هو القاضي أبو الوليد هشام بن عبد الله بن هشام الأزدي صاحب كتاب مفيد الحكام فيما يفرض لهم من نوازل الأحكام في الفروع على مذهب الإمام مالك وهو مجلد ضخم. رتب ابن هشام كتابه هذا على عشرة فصول. توفي رحمه الله سنة ست وستمائة، ولم أقف على ترجمة واسعة لابن هشام فيما بين يدي الساعة من كتب تراجم الرجال. انظر ترجمته في كشف الظنون جـ 2 ص 1778. (¬3) ساقطة من الأصل وهي زيادة مقحمة من الناسخ. (¬4) في م سماه. (¬5) أنظر مفيد الحكام لابن هشام ورقة 9 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 3462. (¬6) في م يدخله.

فرع قال في المفيد أيضا وسئل عن الخصمين يتواعدان إلى الموافاة عند السلطان

وقت كذا فدعواي باطلة، أو دعوى خصمي حق فهذا [كله (¬1)] لا يلزم ولا أعلم فيه خلافاً فينبغي أن يحكم ببطلانه، ولو حكم به حاكم إلا ان يوجد قول باللزوم فيه، وقد كثر الحكم به من جهلة قضاء المالكية فينبغي التنبيه له، وأما إذا إلتزم المدعي عليه [للمدعي] (¬2) أنه إن ام يوفه حقه في وقت كذا فله عليه كذا وكذا فهذا لا يختلف في بطلانه لأنه صريح الربا وسواء كان الشيء الملتزم به من جنس الدين أو غيره وسواء كان شيئاً معيناً أو منفعة وقد رأيت مستنداً بهذه الصفة وحكم به (¬3) بعض قضاة المالكية الفضلاء بموجب الإلتزام وما أظن ذلك إلا غفلة [منه (¬4)] وأما إذا إلتزم أنه إن لم يوفه حقه في وقت كذا فعليه كذا وكذا لفلان أو صدقة للمساكين فهذا [هو محل الخلاف (¬5)] المعقود له هذا الباب فالمشهور أنه لا يقضى به كما تقدم وقال ابن دينار: يقضى به، وأما مسألة المدونة المتقدمة أعني قوله لزوجته إن أخرجتك من الدار فلك ألف فالظاهر أنها من صور هذا الباب ويدخلها الخلاف المذكور وإن لم أر من صرح به فيها [فتأمله] (¬6) والله تعالى أعلم. فرع قال في المفيد أيضاً وسئل عن الخصمين يتواعدان إلى الموافاة عند السلطان وهو على بعد منهما فيقول أحدهما أخاف أن تخلفني فيقول إن أخلفتك فكراء الدابة علي ثم يخلفه. قال (¬7) لا أرى لك يلزمه (¬8). أهـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة في م وع. (¬3) في م فيه. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل وفي م بإسقاط هو. (¬6) ساقطة من الأصل ومن م. (¬7) تعليق بهامش النسخ ع يرى لزوم بكراء على المتخلفة ونصه على الخصمين يتواعدان على المواقفه عند السلطان ويتخلف أحدهما إذا كانا على بعد يلزم المتخلف كراء الدابة. (¬8) عبارة م فقال أرى ذلك يلزمه وهو تصحيف ظاهر. أنظر مفيد الحكام لابن هشام ورقة 9 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 3462.

وقال أبو الحسن: في آخر كتاب الصلح في كتاب ابن حبيب إذا قال أحد الخصمين للآخر إن لم أوافيك عند السلطان فكراء دابتك علي وكان الإمام في بعد فذلك يلزمه. قاله مطرف (¬1)، وابن الماجشون، وأصبغ والشيخ كأنه يقول أمشي للقاضي وأنا ألحقك فإن لم ألحقك فتلك الدابة أنا أعطي كراؤها. ابن يونس صواب لأنه أدخله في غرم ماله بوعده فإذا أخلف لزمه ما أوجبه [له (¬2)] على نفسه كمن قال الشتر عبد فلان وأنا أعينك فيه بكذا فإشتراه أن ذلك يلزمه لأنه أدخله فيه بوعدع. أهـ ولم أقف على كلام ابن يونس هذا الذي ذكره عنه [هنا (¬3)] أبو الحسن [أعني (¬4)] في آخر كتاب الصلح، ولعله ذكره في غير هذا الموضع بل هو ساقط من (¬5) بعض نسخ أبي الحسن قلت: وهذا الفرع مخالف لما قبله لأنه في هذا أدخله في عزم كراء الدابة بخلاف ما قبله فإنه لم يدخله في غرم شيء فلذلك اختلف في الحكم بالإلتزام [في هذا الفرع] (¬6) والظاهر ما نقله الشيخ أبو الحسن والله تعالى أعلم. تنبيه قال البرزلي: في مسائل الدعوى والأيمان وسئل بعض الفقهاء عن رجل إلتزم النفقة على حفيديه مدة أربع سنين وسكناهما مع أمهما وشرط عليها (¬7) ألا تتزوج ورضيت بذلك، وإلتزمت أنها (¬8) متى تتزوج (¬9) قبل الأربع سنين كان ¬

(¬1) هو أبو مصعب مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي المدني الثقة الأمين الفقيه المقدم الثبت روى عن جماعة منهم مالك تفقه وعنه أبو زرعة والبخاري وخرج له في الصحيحين. قال الإمام ابن حنبل كان يقدمونه على أصحاب مالك توفي سنة عشرين ومائتين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 57. (¬2) ساقطة من ع. (¬3) ساقطة من ع، وم. (¬4) ساقطة من م. (¬5) في م في. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في م وع على أمهما والمعنى واحد. (¬8) في م وع لحماها. (¬9) في م تزوجت.

لحماها (¬1) عليها مائة دينار صدقة من مال نفسها تؤمر بذلك وتجبر عليه، ثم تزوجت قبل تمام المدة فوجبت المائة للحما فأشهد أنه تصدق بها على حفيديه ثم توفي قبل رشد الولدين فقام ورثته يطلبونها إذ لم تحز عنه، وقال الحفيدان لم نزل في كفالته ولا نفتقر لحوزه، وقالت الزوجة إلتزمت شيئاً لا يلزمني فأنا متعلقة بواجب الشرع؟ فأجاب وقفت على المكتوب وجميعه غير مفيد وقصارى ما فيه الكلام على يمين المرأة وإلتزامها لحماها وتزويجها قبل المدة، وقولها تؤمر وتجبر غير لازم لها بلا خلاف علمته إذا كان بيمين كما ذكر (¬2) ولا تجبر، وإذا ثبت هذا سقط جميع ما في البطن قال البرزلي قلت: تقدم معارضتها إذا كانت بيمين لما في الأيمان والنذور إذا قال لله علي هدى فالشاة تجزئة، وإن قال [إن] (¬3) فعلت كذا فعلى هدى فحنث فإنه يخرج بدنه إلى آخرها. ويعارضه أيضاً إذا إلتزم في مسألة معينة مذهب أمام معين أنه لا يجوز له مخالفته على الكثر (¬4) ومنهم من لم يحك فيه خلافاً وانظر مسائل الشروط في النكاح وما في بعضها من الخلاف فلا يبعد جرى هذا عليه (¬5). أهـ قلت: أما ما أجاب به المفتي فهو جار على المشهور في المذهب غير أن ما ذكره من عدم الخلاف لعله تبع فيه كلام الباجي المتقدم، وقد تقدم التنبيه على ذلك. وذكر في (¬6) نوازل ابن الحاج مسألة نحو هذه، وذكر أنه أفتى فيها هو وابن رشد بعدم اللزوم ونصها امرأة خالعت زوجها على أن حطت عنه جميع كالئها (¬7) وغير ذلك مما تضمنه عقد الخلع، وعلى أنها إن تزوجت قبل ¬

(¬1) حما المرأة: أبو زوجها ومن كان من قبله من الرجال وحما الرجل أبو امرأته ومن كان من قبله من الرجال. انظر المعجم الوسيط جـ 1 ص 200 (¬2) في م ذكرت. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) عبارة م الإلتزام. (¬5) انظر نوازل البرزلي جـ 3 ص 137 ظهر و 138 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12794. (¬6) عبارة م وقد ذكر ابن الحاج في نوازله. (¬7) كائها: جاء في الحديث أه صلى الله عليه وسلم نهى عن الكالئ بالكالئ. قال أبو عبيدة يعني النسيئة، وكان الأصمعي لا يهمزه وينشد لعبيد بن الأبرص. وإذا تباشرك الهموم = فإنها كال وناجز أي منها نسيئة ومنها نقد والنسيئة التأخير. انظر لسان العرب جـ 1 ص 147.

إنقضاء عام من تاريخ الخلع فعليها مائة مثقال فنفذت الفتوى فيها بأن الخلع جائز، والشرط باطل، ولها أن تتزوج قبل العام ولا شيء عليها بذلك أفتيت أنا وابن رشد. أهـ قلت: والظاهر أنها تؤمر بالوفاء بذلك ولكن لا يقضى عليها به وهو مراده بقوله لا شيء عليها (¬1) فتأمله والله أعلم، وأما ما ذكره البرزلي رحمه الله تعالى فليس فيه شيء يعارض المسألة المذكورة. وأما النذر فقد تقدم حكمه، وأن القضاء به جار على هذا الحكم، وأما مسألة إلتزام مذهب معين فليست من مسائل الإلتزام المعلق في شيء إلا أن يريد أن الحالفة علمت أن الإلتزام المذكور يلزمها على قول، وقلدت ذلك القول وإلتزمته. ففي ذلك إختلاف تقدم في الباب الأول في فصل إلتزام عدم الرجوع عن الوصية، وتقدم أن الظاهر أن تقليد أحد القولين لا يوجب القضاء به لكن هذا المعنى بعيد من لفظه، وأما الشروط في النكاح إذا لم تعلق بطلاق أو عتق معين، أو تمليك للعصمة فقد تقدم أن المشهور عدم القضاء بها. والله تعالى أعلم. [ثم] (¬2) قال البرزلي: وسئل ابن الضابط (¬3) عن امرأة إلتزمت لزوجها (¬4) ¬

(¬1) في م عليه وهو تصحيف. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) هو أبو عمرو عثمان بن أبي بكر حمود الصفاقسي المعروف بابن الظابط الإمام المحدث الحافظ الواسع الرواية العالم المتفنن الماهر الأديب الشاعر رحل إلى المشرق وأخذ عن اعلام من حفاظ الحديث وغيره منهم أبو ذر الهروي وأبو الطيب الطبري، والحافظ أبو نعيم صحبه بأصبهان، وكتب عنه نحو مائة ألف حديث ثم توجه للأندلس سنة 436. وأخذ عن علمائها وذكر أبو عمر بن عبد البر في أسماء الرجال الذين لقيهم قال وكانت له رواية واسعة وكتب كثيرة وهو أول من أدخل الأندلس غريب الحديث للخطابي وكان بينه وبين ابن رشيق وابن شرف تراسل نثراً ونظماً. له تأليف تضمن عوالي كتبها لأبي محمد بن عتاب تعرف بعوالي الصفاقس، وله فهرست كان جم الفضائل مات عند وجهته إلى القسطنطينية سنة أربع وأربعين وأربعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور جـ 1 ص 109. (¬4) تعليق بهامش م لزوج تزوجته.

[أنها (¬1)] متى ردت زوجها الأول مدة عشرين سنة فمائة دينار عليها وقبلها وفي ذمتها للزوج الثاني ففارقها الزوج المذكور فتزوجت الأول قبل تمام المدة [فهل يلزمها ذلك؟ فأجاب إذا تزوجها قبل تمام المدة (¬2)] لزمها ما إلتزمته: قال البرزلي: قلت: هذه تعارض التي قبلها إلا أن يقال الإلتزام للزوج أشد من غيره لحديث أن أحق الشروط إلى آخره فلهذا وجه (¬3). أهـ قلت: أما معارضتها للتي قبلها فظاهرة وتقدم أن التي قبلها جارية على المشهور، وأما هذه جارية (¬4) على مقابله، ولا فرق بين الزوج وغيره والحديث الذي ذكره على عكس المسألة أعني إنما هو في اشتراط المرأة على الزوج شروطاً. ونص الحديث (أن أحق الشروط أن توفق به ما استحللتم به الفروج (¬5)) وهو في الصحيحين، ووقع في كلام ابن رشد في شرح المسألة الرابعة من كتاب التخيير والتمليك نحو المسألة الأولى، وذكر أن الحكم فيها باللزوم وإنما (¬6) يتمشى على القول بأن من حلف بصدقة شيء بعينه على رجل بعينه فحنث أنه يجبر، وقد تقدم [في] (¬7) كلامه الذي ذكرناه عن سماع يحيى أنه لا خلاف المشهور، ونص المسألة وشحر بها قال مالك: من خالع امرأته على أن تخرج إلى بلد غير بلده (¬8) أخذ منها على ذلك شيئاً أو لم يأخذ ثم أبت أن تخرج فهي على خلعها، ولا تجبر على الخروج قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأن الخلع عقد ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) أنظر نوازل البرزلي جـ 3 ورقة 148 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12794. (¬4) في م فجارية. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه جـ 2/ 1035 / 1036 وابن ماجه في سننه جـ 1 ص 628 والبخاري في صحيحه جـ 6 ص 251 وأبو داود في سننه جـ 6 ص 176 والترمذي جـ 5 ص 58 والدرامي جـ 2 ص 143 وأحمد ابن حنبل جـ 4 ص 144، 150، 152. أنظر المعجم المفهرس جـ 3 ص 99. (¬6) في م إنما وهو الصواب ولعل الواو زيادة مقحمة. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) في م بلدها هكذا صححت بالهامش.

يشبه عقد النكاح إذ تملك المرأة به نفسها كما يملك المرأة (¬1) زوجها بالنكاح. فوجب أن لا تلزم الشروط فيه بالخرج من البلد والإقامة فيه، أو يترك النكاح وما أشبه ذلك من تحجير المباح، كما لا يلزم شيء من ذلك في النكاح إلا أن يكون بعقد يمين مثل أن تقول فإن فعلت فعبدها حر، أو مالها صدقة على المساكين فيلزمها إن فعلت حرية العبد أو الصدقة بثلث مالها، ولو خالعها على أن تخرج من البلد فإن لم تفعل فعليها لغير زوجها كذا وكذا يحكم عليها بذلك على القول بأن من حلف بصدقة شيء بعينه على رجل بعينه فحنث أنه يجبر على ذلك والقولان في المدونة ولو قالت فإن لم تفعل فعليها لزوجها كذا وكذا لبطل ببطلان الشرط ولم يكن له من ذلك شيء على قياس أول مسألة من رسم سعد بعد هذا، ولو شرط عليها أن تخرج من المسكن الذي كانت تسكن فيه [معه (¬2)] لم يجز الشرط لأنه شرط حرام، ولزمها أن تسكن فيه طول عدتها ولا شيء عليها إلا أن يشترط عليها كراءة فيجوز ذلك. قاله في كتاب ارخاء الستور من المدونة (¬3).أهـ ومسألة رسم سعد تقدمت في الباب الأول، والظاهر أنه لا يصح قياس هذه عليها لأن مسألة رسم سعد صورتها أن زوجته خالعته على ان أعطته شيئاً من مالها على ألا ينكح عليها فإن فعل رد إليها مالها فقال مالك: له ما أخذ، والشرط باطل قال ابن رشد: لأنه إذا لم يلزمه بالشرط أن ألا يتزوج عليها فأحرى ألا يلزمه أن يرد إليها ما اخذ منها لأن الخلع يؤل بذلك إلى فساد إذ لا تدري هل يرجع إليها فيكون سلفاً أو لا يرجع وهذه المسألة ليس فيها ما يؤل إلى فساد فالظاهر أنه لا فرق [بين] (¬4) أن تلتزم الصدقة لزوجها أو لغيره، وأنها تؤمر بذلك ولا تجبر [بذلك] (¬5) على المشهور. وقول ابن رشد أن القولين في مسألة اليمين بالصدقة إذا كانت على معين في المدونة فيه نظر لأنه قد قدم في ¬

(¬1) عبارة م كما يملك المرأة بالنكاح زوجها. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) أنظر المدونة جـ 5 ص 26. (¬4) ساقطة من الأصل (¬5) ساقطة في م وفي ع عليه.

فرع قال في مسائل الهبات من نوازل ابن رشد فيمن وهبت زوجها هبة صحيحة وملكها أعواما

كلامه وفي كلام غيره أن مذهب المدونة عدم اللزوم وأن القول باللزوم لابن دينار في المدونة، والقولان اللذان في المدونة إنما هما إذا كانت الصدقة على غير معين بغير يمين كما تقدم [ذلك (¬1)] فتأمله. والظاهر ما ذكره في أول المسألة أنه إذا خالعها على ان تخرج من البلد أن الطلاق يقع بائناً ويسقط الشرط، وهو كذلك كما إذا خالعها على أن تخرج من مسكنها ونحوه (¬2). والله أعلم. فرع قال في مسائل الهبات من نوازل ابن رشد فيمن وهبت زوجها هبة صحيحة وملكها أعواماً ثم أعمرها للزوجة طول حياتها (¬3)، وملكها لها وبقيت في ملكها ثم تشاجرا فظن أن الزوجة منت عليه بالهبة فأقسم بالهبة صدقة على المساكين إن قبلها طول حياة الزوجة فأقسمت الزوجة أنها ما منت عليه ولا عرضت له فهل تتعلق (¬4) اليمين بالهبة؟ وهل على الزوج فيها شيء إن أمسكها؟ فأجاب تلزمه اليمين وتتعلق بالهبة، وتجب عليه الصدقة بها على المساكين إن ردتها إليه فقبلها منها إلا أنه لا يقضي عليه بذلك (¬5). أهـ فرع قال في التوضيح في كتاب الحضانة: لو طلبت الحاضنة الانتقال بالأولاد إلى موضع بعيد فشرط الأب عليها نفقتهم وكسوتهم جاز ذلك، وكذلك إن خاف أن تخرج بهم بغير إذنه فشرط عليها إن فعلت ذلك فنفقتهم وكسوتهم عليها لزمها ذلك قاله بعض الأندلسيين (¬6). قلت: لا يقال أن هذا جار على ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) عبارة م ونحو ذلك. (¬3) في م حياته. (¬4) في م يتلق وهو تصحيف ظاهر. (¬5) أنظر نوازل ابن رشد ورقة 140 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12397 وإختصار نوازل ابن رشد ورقة 74 ظهر وما بعدها رقم المخطوط 12189. (¬6) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 49 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. والأندلسيين يشاربهم إلى القاضي عبد الوهاب وابن زرب وابن سهل والباجي وابن الحاج وغيرهم.

القول بالقضاء بالإلتزام المعلق على فعل الملتزم أعني الإلتزام على وجه اليمين لأن خروجها بهم إلى المكان البعيد ليس فعلاً مباحاً لها قصدت الإمتناع منه بالإلتزام فإنه لا يجوز لها أن تخرج بهم إلا بإذن والدهم. فهو من [باب] (¬1) الإلتزام المعلق على فعل الملتزم به (¬2) الذي فيه منفعة للملتزم وذلك لأن للأب منعها من الخروج بهم إلى مكان بعيد فإلزمت الأم نفقتهم على أن أسقط (¬3) الأب حقه من منعها من الخروج بهم بل الظاهر أن خروجها بهم إلى المكان البعيد بغير إذنه يوجب نفقتهم عليها لا سيما إن تعذر على الب ردهم كما قالوا في الزوجة إذا هربت وتعذر ردها سقطت نفقتها عن زوجها، بل قد اختلف في سقوط النفقة عن الأب إذا خرجت بهم إلى المكان القريب الذي يجوز لها الخروج بهم إليه ولا تسقط حضانتها فقال في التوضيح: قال ابن راشد القفصي (¬4): حيث قلنا تخرج بهم فحقهم في النفقة باق على أبيهم في ظاهر المذهب: وحكى في الطراز (¬5) عن ابن جماهر (¬6) الطليطلي: أن الأم إذا خرجت ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في م له وهو الصواب. (¬3) في م يسقط. (¬4) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي الإمام العلامة العمدة المحقق الفهامة الفقيه الأصولي المتفنن المؤلف المحقق المتقن أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب كابن الغماز وحازم وشهاب القرافي وقرأ على ابن دقيق العيد مختصر ابن الحاجب الفرعي، تولى قضاء قفصة ثم صرف عنه أخذ عنه جماعة منهم ابن مرزوق الجد والشيخ عفيف الدين الناصري .. له تآليف مفيدة شاهدة لفضله ونبله منها الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي، والمذهب في ضبط قواعد المذهب في ستة اسفار ليس للمالكية مثلهن والفائق في الأحكام والوثائق في ثمانية أسفار والنظم البديع في اختصار التفريغ، وله غير ذلك من التقاييد والمؤلفات الحسنة، وكان بينه وبين ابن عبد الرفيع فتور سببه المعاصرة الموجبة للمنافرة. توفي في تونس سنة ست وثلاثين وسبعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 207/ 208. (¬5) الطراز للعلامة الكبير سند بن عنان وهذا الكتاب يقع في ثلاثين سفراً وهو كتاب حسن مفيد إلا أن مؤلفه توفي قبل تمامه. (¬6) هو أبو بكر محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن جماهر الحجري روى ببلده طليطلة عن عمه أبي بكر جماهر بن عبد الرحمن وابن محمد قاسم بن هلال وأبي بكر ابن العواد وغيرهم، ورحل إلى المشرق مع عمه أبي بكر سنة 452 وأدى الفريضة وسمع من ابي معشر الطبراني وغيره، وبمصر من أبي نصر الشيرازي وغيره وبالإسكندرية من أبي علي بن معافي قال ابن بشكوال كان معتنياً بالجمع والرواية عن الشيوخ لا كبير علم عنده توفي رحمه الله بمدينة طليطلة سنة 488 هـ أي بعد سقوط طليطلة بعشر سنوات أعادها الله للمسلمين. أنظر ترجمته في الحلل السند سية جـ 2 ص 24.

مسألة من إلتزم لإنسان أنه إن سافر من هذه البلدة فله عليه كذا وكذا

ببنيها إلى الصائفة (¬1) يسقط الفرض عن أبيهم مدة مقامهم (¬2). أهـ واقتصر ابن عرفة على ما حكاه صاحب الطراز (¬3)، ورجع في الشامل الأول، وحكى الثاني بقيل. والله تعالى أعلم. مسألة من إلتزم لإنسان أنه إن سافر من هذه البلدة فله عليه كذا وكذا فالمشهور أنه لا يقضي عليه بهذا الإلتزام، وعلى القول بالقضاء به فإذا أراد الملتزم السفر وشرع في أسبابه فهل للملتزم له مطالبته بما إلتزمه أو بتوكيل وكيل يدفعه عنه إذا سافر، أو ليس له ذلك لأنه لا يتحقق وجوب الشيء الملتزم به إلا بعد سفره لإحتمال موته قبل خروجه من البلد، أو حدوث عائق له عن السفر لم أر فيه نصاً، وقال سيدي الوالد (¬4) رحمه الله تعالى الظاهر أن له المطالبة بالوكيل كما في مسألة المديان إذا أراد السفر، وكان الدين يحل في غيبته، ومسألة الزوجة إذا أراد زوجها السفر وطالبته بالنفقة. ¬

(¬1) الصائفة: أوان الصيف والصائفة الغزوة في الصيف والصائفة والصيفية الميرة قبل الصيف وهي الميرة الثانية وذلك لأن أول المير الربيعية ثم الصيفية ثم الدفيئية نقله الجوهري، وصائفة القوم ميرتهم في الصيف. أنظر تاج العروس جـ 6 ص 170 ولسان العرب جـ 9 ص 201. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 49 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة رقم 113 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬4) هو محمد بن عبد الرحمن بن حسين أبو عبد الله الرعيني أندلسي الأصل الطرابلسي ثم المكي عرف بها بالحطاب ولد بطرابلس وتفقه على أحمد الفاسي، وعلى أخيه في المختصر ثم تحول مع أبويه وأخويه إلى مكة سنة سبع وسبعين، وجلس للإقراء في الفقه والعربية، ولد وقت صلاة الجمعة في العشر الأواخر من صفر سنة إحدى وستين وثمانمائة، وأخذ أيضاً عن السنهوري والشيخ عبد المعطي بن خصيب وقاضي المدينة محمد بن أحمد السخاوي والإمام أحمد زروق وغيرهم. ذكر ذلك ولده العلامة محمد الحطاب صاحب هذا التصنيف الذي بين أيدينا الآن) وأخذ عنه جماعة مولديه وغيرهما وكان حياً في حدود أربع وأربعين وتسعمائة وقيل توفي سنة 945 وضريحه بزاويته بتاجوراء. أنظر ترجمته في الديباج ورقة 235 وجه، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 269 والمنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب ص 180، وكفاية المحتاج ورقة 188 ظهر وأعلام ليبيا ص 385 ونفحات النسرين ص 104، وتاريخ ليبيا الإسلامي ص 506.

فرع

فرع إذا قلنا أن الإلتزام المعلق على فعل الملتزم الذي على وجه اليمين لا يقضى به على المشهور فإعلم أن هذا ما لم يحكم بصحة الإلتزام المذكور حاكم، وأما (¬1) إذا حكم حاكم بصحته أو بلزومه فقد تعين الحكم به لأن الحاكم إذا حكم يقول لزم العمل به وإرتفع الخلاف، ويبقى النظر فيما إذا حكم الحاكم المالكي بموجب الإلتزام المذكور فهل يحمل على أن مراده الحكم بلزومه، وهو المتبادر من حكم الحاكم أو يحمل على أنه حكم بموجبه على المشهور وهو عدم اللزوم، والذي يظهر لي [أنه] (¬2) وإن كان القاضي الحاكم من أهل العلم والدين فيحمل على أنه أراد اللزوم لموجب رجح عنده القول الذي حكم به وإن كان القاضي جاهلاً أو ليس من أهل الدين فلا يلتفت إلى حكمه ويطرح، وإن كان القاضي حياً سئل عن مراده ويعمل على قوله وهذا أيضاً فيما عدا ما تقدم ذكره مما هو على وجه المخاطرة فإني لم أقف على خلاف في عدم لزومه فلا يصح الحكم به كما تقدم. والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) في م أما. (¬2) ساقطة من الأصل.

الباب الثالث في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم له بفتح الزاي

((الباب الثالث)) في الإلتزام المعلق على فعل الملتزم له بفتح الزاي وهو على سبعة أنواع لأن [ذلك] (¬1) الفعل إما أن يكون اختيارياً أو غير اختياري، والاختياري إما أن يكون واجباً أو حراماً أو جائزاً، والجائز إما أن يكون لا منفعة فيه أو فيه منفعة والذي فيه منفعة [لا يخلو] (¬2) أما أن تكون المنفعة فيه للملتزم بكسر الزاي، أو للملتزم له بفتح الزاي، أو لغيرها. النوع الأول الإلتزام المعلق على الفعل الذي ليس باختياري، كقوله لزوجته إن ولدت غلاماً فلك كذا وكذا وحكمه إذا وجد المعلق حكم الإلتزام المطلق في اللزوم والقضاء به، قال في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق في رجل قال لامرأته: إن ولدت غلاماً فلك مائة دينار، وإن ولدت جارية فأنت طالق قد وقع عليه الطلاق، وأما المائة دينار فلا ارى أن يقضى بها لأنها ليست ههنا بصدقة ولا هبة ولا على وجه ذلك قال محمد بن رشد: قوله أن الطلاق قد وقع يريد أن الحكم يوجب أن يعجل عليه لأنه وقع بنفس اللفظ حتى انه لو مات أحدهما بعد ذلك لم يتوارثا. هذا (¬3) قول مالك في المدونة. وقال ابن الماجشون وسحنون يتأنى به وأما قوله في مائة دينار ص 197/ [أنه] (¬4) لا يقضى بها ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في م وهذا. (¬4) ساقطة من الأصل.

النوع الثاني الإلتزام المعلق على الفعل الواجب على الملتزم له

فحمله محمل العدة لما لم يقل في مالي ولا ذكر أنها هبة ولا صدقة ولا عطية فلذلك قال [أنه] (¬1) لا يقض بها إذ ليست على سبب [هو] (¬2) من فعل الموعود، والأظهر من هذا اللفظ التبتيل، وأن يحمل على أنه أراد بذلك في مالي مائة دينار عطية فيحكم لها عليه بها ما لم يذهب، أو يمت، أو يفلس كما قال غير ابن القاسم في كتاب الشركة في الذي يقول لك ما أربح في هذه السلعة وإنما العدة أن يقول الرجل أنا أفعل، وأما إذا قال قد فعلت فهي عطية، وقوله لك كذا وكذا أشبه بقوله قد فعلت منه بأنا أفعل. وبالله التوفيق أهـ. وقوله ما لم يذهب لعله يريد مالم يذهب ماله، وعلم منه أنه لو فهم من كلامه أنه أراد أن ولدت غلاماً فلك مائة دينار في مالي أو صرح بذلك لزمه بلا كلام، وأن حكمه حكم الإلتزام المطلق في القضاء به ما لم يفلس [الملتزم] (¬3) أو يمت. والله تعالى أعلم. النوع الثاني الإلتزام المعلق على الفعل الواجب على الملتزم له بفتح الزاي: كقوله إن جئتني بعبدي الآبق، أو بعيري الشارد، أو بمتاعي الضائع فلك عندي كذا وكذان وكان العبد أو البعير أو المتاع عنده أو يعلم مكانه فإن ذلك غير لازم للملتزم ولا يحكم به عليه، ورد ذلك واجب عليه، وكذلك الإعلام بموضعه، ولا يجوز له أن يأخذ على ذلك شيئاً لأن ذلك من باب الجعل، وقد قالوا أن من شروط الجعل ألا (¬4) يكون الفعل مما يلزم المجعول له عمله أما ما كان واجباً على الكفاية فيلزم الإلتزام المعلق عليه كقوله إن غسلت هذا [الميت] (¬5) فلك كذا وكذا، والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من م. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في م أن لا. (¬5) ساقطة من الأصل.

قال (¬1) في أول رسم من سماع عيسى من كتاب الحج: قال ابن القاسم في رجل قالت له امرأته، وكانت صرورة أئذن لي أن أحج، وأنا أعطيك مهري الذي عليك فقبلها وتركها تحج قال: يلزمه المهر لأنه كان يلزمه أن يأذن لها أن تحج وقد بلغني ذلك عن ربيعة (¬2) قال محمد ابن رشد: قال ابن القاسم في رواية بن جعفر (¬3) الدمياطي [عنه] (¬4) وذلك إذا لم تعلم أنه كان يلزمه أن يأذن لها، وأما إذا علمت فذلك لازم لها لأنها أعطته مالها طيبة بذلك نفسها وقوله هذا مفسر لهذه الرواية لأنها إذا علمت أنه يلزمه الإذن لها فإنما أعطته مالها على أن يأذن لها بطيب نفس راضياً بذلك غير معاقب لها على ذلك، وقد قال في الحج الثالث من المدونة أنها إذا أحرمت بغير إذن زوجها وهي صرورة (¬5) فحللها زوجها من حجتها ثم أذن لها فحجت أجزأها ذلك عن حجة الفريضة، وعن التي حللها منها زوجها فدل ذلك على أنه لا يلزمه أن يأذن لها، إذ لو لزمه ذلك لما كان له ان يحللها إلا أن معنى ذلك عندهم إذا أحرمت دون الميقات، ¬

(¬1) في م وقال. (¬2) هو أبو عثمان ربيعة بن عبد الرحمن فروخ مولى المنكدر المدني المعروف بربيعة لرأي مفتي المدينة الإمام الجليل الثقة أدرك جماعة من الصحابة وأخذ عنهم منهم أنس رضي الله عنه وعنه أئمة منهم مالك. قال مالك: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة الرأي توفي رحمه الله سنة ست وثلاثين ومائة. أنظر ترجمته في شجرة النور جـ 1 ص 46. (¬3) هو أبو زيد عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي الفقيه العلامة المحقق روى عن مالك وتفقه بكبار أصحابه كابن وهب وابن القاسم وأشهب له مؤلفات معروفة باسمه تسمى الدمياطية. روى عن يحيى ابن عمر والوليد بن معاوية توفي رحمه الله سنة ست وعشرين ومائتين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ ص 59 والديباج جـ 1 ص 471/ 472. (¬4) ما بين القوسين ساقط من م. (¬5) المعروف في الكلام رجل صرور وصرورة لم تحج قط وأصله من الصر الخبس والمنع. والصرورة في شعر النابغة الذي لم يأت النساء كأنه أصر على تركهن وفي الحديث لا صرورة في الإلسلام. وفسر أبو عبيد قوله عليه السلام أي بأنه التبتل وترك النكاح فجعله اسماً للحديث يقول ليس ينبغي لأحد أن يقول لا أتزوج يقول ليس هذا من أخلاق المسلمين وهذا فعل الرهبان، وهو معروف في كلام العرب ومنه قول النابغة: لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الاله صرورة متع أنظر تاج العروس جـ 3 ص 331.

أو قبل أشهر الحج فعلى هذا لو أعطته مهرها على أن يأذن لها بالخروج إلى الحج قبل أشهر الحج أي قبل وقت خروج الحجاج من ذلك البلد للزمها ذلك، ولم يكن لها أن ترجعه فيه إذ لا يلزمه الإذن بالخروج في ذلك الوقت (¬1). (¬2) أهـ تنبيه فعلى ما قاله ابن رشد: إذا كان الملتزم يعلم أن ذلك الفعل يجب على الملتزم له ثم علق الإلتزام عليه فإنه يلزمه، ويحمل على أنه أراد أن يرغبه في الإتيان بذلك الفعل كقوله إن صليت الظهر اليوم فلك عندي كذا وكذا. والله تعالى أعلم. وقال في الذخيرة من وجد آبقاً أو ضالاً بغير عمل فلا يجعل له وكذلك من عرف مكانه فدل عليه لأن ذلك واجب عليه، [وقال أيضاً من طلب من يعلم موضعه فلا شيء له لأن ذلك واجب عليه (¬3)] وقال في اللباب (¬4) في شروط الجعل الأول أن يكون مما لا يلزم المجعول له عمله، فإن كان مما يلزمه عمله لم يجز له أخذ الجعل عليه مثل أن يجد آبقاً من غير عمل لأن رده واجب عليه. وكذلك مالا يجوز له فعله لا يجوز له أخذ الجعل عليه كالجعل على فعل الحرام سواء كان فعلاً أو قولاً كما إذا قال له إن اشتريت هذا الإناء من الخمر فلك كذا، أو إن سبيت فلاناً فلك كذا. أهـ وقال ابن سلمون من رد آبقاً أو ضالة من غير عمل فلا جعل له على رده ولا على دلالته لوجوب ذلك عليه. (¬5) أهـ ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 2 ص 258. (¬2) أنظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 240 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10610. (¬3) هذه الجملة ساقطة من الأصل. (¬4) هذا الكتاب اسمه لب اللباب للفقيه الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي المالكي المتوفى سنة (736 هـ) وهو مطبوع بالمطبعة التونسية سنة 1346 هـ. (¬5) أنظر العقد المنظم لابن سلمون على هامش تبصرة ابن فرحون جـ 2 ص 8.

وقال في كتاب الجعل والإجازة من النوادر (¬1): وإنما يجوز الجعل على طلب عبد يجهل مكانه فأما من وجد آبقاً أو ضالاً أو ثياباً فلا يجوز له أخذ الجعل على رده ولا على أن يدله (¬2) على مكانه بل ذلك واجب عليه، فأما من وجد ذلك بعد أن جعل ربه فيه جعلاً فله الجعل علم بما جعل فيه أو لم يعلم تكلف طلب هذه الأشياء أو لم يتكلفها، وإن وجده قبل أن يجعل فيه ربه شيئاً فأنظر فإن كان ممن يطلب الآباق فقد عرف بذلك فله جعل مثله، وإن لم يكن ممن نصب نفسه لذلك فليس له إلا نفقته، وكذلك بدل أو لم يبذل ربه فيه جعلا وكذلك قال ابن الماجشون وأصبغ وكله قول مالك، وقال ابن الماجشون إذا كان ليس من شأنه طلب الآباق فلا جعل له ولا نفقة قولاً مجملاً. أهـ قلت: ما ذكره أولاً من أنه إذا جعل ربه فيه جعلاً فمن جاء به استحقه علم بالجعل أو لم يعلم تكلفه أو لم يتكلفه هو قول ابن الماجشون وأصبغ وغيرهما، وحكاه ابن حبيب عن مالك كما ذكر، وعليه اقتصر ابن الحاجب، وصدر به صاحب (¬3) الشامل. قال في التوضيح وقال ابن القاسم في العتبية (¬4) من سمعه فله الجعل سواء كان شأنه أولاً، وإن جاء به من لم يسمعه لم يكن له شيء إلا أن يكون شأنه أي فيكون له جعل مثله قال في البيان (¬5) بعد أن ذكر ¬

(¬1) عنوان الكتاب النوادر والزيادات على المدونة جمع فيه مؤلفه ابن أبي زيد القيرواني جميع ما في كتب الأمهات من المسائل والخلاف. (¬2) في م بدل. (¬3) أنظر الشامل ورقة 140 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13762. (¬4) جمعها العتبي وهو محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي جمعها من سماعه من الإمام سحنون وأصبغ وابن حبيب وقد رواها عنه أبو عبد الله محمد بن لبابة وتسمى أيضاً المستخرجة، كانت عمدة الفتوى في الأندلس ومن أجلها هجرة الواضحة. توفي رحمه الله سنة (254 هـ). أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 7 والديباج جـ 2 ص 176. (¬5) المراد به البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل لابن رشد الجد المتوفى سنة 520 هـ.

مسألة قال في نوازل ابن رشد: في مسائل الدعوى والخصومات

القولين قول (¬1) ابن القاسم أظهر أهـ (¬2). وعليه اقتصر الشيخ خليل في مختصره خليل في مختصره وقوله في النوادر وإن وجده قبل أن يجعل ربه فيه شيئاً إلى آخره هو كقول ابن الحاجب فلو احضره قبل القول، وعادته التكسب بذلك فله أجر مثله بقدر تعبهن وإن شاء ربه تركه ولا شيء له، وإن لم تكن عادته فله نفقته فقط، قال في التوضيح: قوله فله أجر مثله يريد إذا كان ربه لا يتولى ذلك بنفسه (¬3). أهـ مسألة قال في نوازل ابن رشد: في مسائل الدعوى والخصومات في رجلين لأحدهما دين على الآخر فتنازعا فسب الذين عليه الدين صاحب الدين فطلب حقه في ذلك وأراد أخذ شهادة من حضر فرغب إليه بعض الحاضرين في العفو فقال: للرلغبيب له في العفو أعقدوا لي عقداً وتشهدون فيه بما عنكم ولكم عندي ما تريدونه ففعل ذلك وشهدوا له، ثم اقتضوه ما وعدهم به من العفو فأنكر ذلك، وقال إنما أردت بقولي لكم عندي كل ما تريدونه من وجه الصلح في الدين الذي وقع فيه الطلب لا في إسقاط ما وجب عليه في سبي (¬4) فأجاب ابن رشد يلزمه العفو إن سألوه إياه بعد أن شهدوا له لأنه هو الذي سألوه أولاً فهو الذي أوجبه لهم على نفسه بقوله لكم عندي كل ما تريدونه إن شهدتم لي في ظاهر أمره فلا يصدق فيما ادعاه من أنه بذلك ما سواه (¬5). أهـ. وبالله التوفيق. فإن قيل هذا من الإلتزام المعلق على الفعل الواجب على الملتزم له لأن شهادتهم له بما سمعوه واجبة؟ فالجواب والله تعالى أعلم أن يقال: ¬

(¬1) في م وقول. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 143 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) نفس المصدر السابق ونفس الورقة والجزء. (¬4) في م من. (¬5) أنظر نوازل ابن رشد ورقة 161 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12397.

لعل الملتزم كان يعلم بوجوب الفعل على الملتزم لهم فلذلك ألزمه ابن رشد الإلتزام كما قال في مسألة المهر المتقدمةن أو يقال لما سألهم كتابة الشهادة، وأن يقعدوا له بذلك عقداً لم تكن المسألة من هذا الباب لأن الواجب عليهم أداء الشهادة إذا طلبها منهم لا أن يكتبوا له بها عقداً، أو لعل الشهادة لم تتعين على الجماعة الراغبين له في العفو لوجود غيرهمن ويمكن [أن يقال] (¬1) أن المنفعة المقصودة التي هي العفو لما كانت لغير الملتزم والملتزم له صارت المسألة من الإلتزام المعلق على فعل غير الملتزم والملتزم له، والحكم في ذلك اللزوم كما سيأتي في الباب الرابع فتأمله والله تعالى أعلم. تنبيهات (1) الأول قال في معين الحكام: ومن شرط جواز الجعل على الآبق وما في معناه أن يكون الجاعل والمجعول له جاهلين بموضعه فإن علما بموضعه لم يجز الجعل، وإن علمه الجاعل وحده كان عليه الأكثر من الجعل أو أجرة المثل، وإن علمه المجعول له وحده فلا شيء على الجاعل، وقال (¬2) ابن القاسم يعطي قدر عنائه (¬3). أهـ وقال [في] (¬4) المتيطية، وفي قوله أنهما إذا علما بموضعه لم يجز (¬5) نظر لاسيما إن كان الموضع بعيداً فالظاهر أنه جائز لأن الجعل حينئذ على الإتيان به، وسيأتي في كلام ابن رشد في رسم البراءة (¬6) من سماع عيسى من كتاب الجعل ما يدل على جواز ذلك فتأمله، والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من م. (¬2) يعني في العتبيه. (¬3) أنظر معين الحكام ورقة 58 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12243. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) أنظر اختصار المتيطية ورقة 143 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬6) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 137 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612.

وأما إذا جهله أحدهما، وعلمه الآخر فما ذكره ظاهر، وذكر ذلك في رسم العشور (¬1) من سماع عيسى من كتاب الجعل، ولم يتكلم على ما إذا علما موضعه. (2) الثاني من قال لكلفر إن أسلمت فلك عندي كذا لازم له ويحكم به عليه ولم يحكوا في ذلك خلافاً، وإنما اختلفوا هل ذلك من باب العطية فيفتقر [ذلك] (¬2) إلى الحيازة أو هو من باب المعاوضة فلا يفتقرا إلى الحيازة؟ قال ابن رشد في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهيبات حكى ابن حبيب عن مطرف أنه قال من أعطى زوجته النصرانية داره التي هو فيها ساكن على ان تسلم فأسلمت فلا أراها بمنزله العطية، لأنه ثمن أسلامها والإشهاد يجزئها عن الحيازة، وإن مات الزوج فيها قال ابن حبيب: وبه أقول وقال [أصبغ (¬3)] لا أرها إلا من العطية ولابد فيها من الحيازة، وإلا فلا صدقة لها. وفي المدينة (¬4) لابن أبي حازم (¬5) ولابن القاسم من سماع عيسى (¬6) مثل قول مطرف واختصار ابن حبيب. أهـ ¬

(¬1) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 136 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬2) ساقطة من م وع. (¬3) في م بإسقاط أصبغ. (¬4) في م صححت بالهامش المدونة. (¬5) هو عبد العزيز بن أبي حازم واسم أبي حازم سلمة بن دينار الفقيه الأعرج كنيته أبو تمام تفقه مع مالك على ابن هرمز وسمع أباه وزيد بن أسلم، ومالك وكان من جملة أصحاب مالك. روى عنه ابن وهب، وابن مهدي وجماعة، وكان صدوقاً ثقة إماماً في العلم، وكان إمام الناس بعد مالك وشور معه وقال مالك فيه أنه فقيه. توفي بالمدينة فجأة في مسجده يوم الجمعة في الروضة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وقيل خمس وقيل ست وثمانين ومائة كان مولده سنة سبع ومائة. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 23. شجرة النور جـ 1 ص 55. وترتيب المدارك جـ 3 ص 9 وما بعدها. (¬6) في م وع رواية عيسى عنه.

وذكر ابن رشد [أيضاً] (¬1) القولين في رسم (¬2) باع غلاماً من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح قلت: والظاهر أنه لا فرق بين الزوجة وغيرها، وفي كلام ابن رشد ترجيح القول بأن ذلك لا يفتقر للحوز وبذلك أفتى ابن الحاج. قال في نوازله: من تصدق بداره على زوجته على ان تسلم وماتت قبل أن تقبض الدار فهي حائزة (¬3) لها ولورثتها لأن الإسلام الدار، ولعلهم [إنما] (¬4) حكموا في هذه المسألة بلزوم الإلتزام لأن الملتزم لما كان يعلم بوجوب ذلك الفعل على الملتزم له حمل على أنه أراد الترغيب في الإتيان بذلك الفعل، ولعلهم إنما قالوا [أنه (¬5)] لا يفتقر إلى حيازة في أحد القولين لأنهم لاحظوا في هذه المسألة أنه لما كان الكافر لا يجبر على الإسلام، وأقره الشرع على دينه صار [ذلك (¬6)] شبيهاً بالفعل الجائز فتأمله. والله تعالى أعلم. (3) الثالث من قال لعبده إن تركت شرب الخمر أو الزنا فأنت حر فإن ذلك لازم له لأن من علق العتق على وجود فعل لزمه العتق إذا وجد ذلك الفعل. لكن لا يصدق العبد في قوله نركت كذا حتى يظهر صدقه قال في نوازل سحنون من كتاب الولاء في رجل قال لعبده إن تركت شرب الخمر فأنت حر فقال له بعد أيام قد (¬7) تركت شرب الخمر أن ذلك ليس له حتى يعرف (¬8) للعبد توبة عن شرب الخمر في (¬9) حالة حسنة. قال ابن رشد: هذا بين لأن العبد مدع لما يوجب الحرية فلا يصدق في ذلك حتى يعرف (¬10) صدقه بظهور صلاح حاله (¬11). أهـ. والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 18 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تحت رقم 10611. (¬3) في م حيازة. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في الأصل إذا وهو تصحيف. (¬8) في م تعرف. (¬9) في م وحالة وهو الصواب. (¬10) في م يظهر وهو الصواب. (¬11) أنظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 295 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613.

النوع الثالث الإلتزام المعلق على فعل محرم على الملتزم له

النوع الثالث الإلتزام المعلق على فعل محرم على الملتزم له كقوله إن قتلت فلاناً أو شربت الخمر فلك كذا وكذا، وحكمه أن ذلك غير لازم وسيأتي في المسألة العاشرة إن شاء الله من الفصل الأول من الخاتمة أن من قال لرجل إن قتلتني فلك كذا أو إن قتلت عبدي فلك كذا أنه لا جعل له، واختلف هل يقتل به أو يسقط عنه القصاصن وسيأتي بيان ذلك ويشبه أن يكون من هذا النوع ما وقع في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب التخيير [والتمليك (¬1)] في نصراني أسلمت امرأته فأراد أن يسلم فقالت أفتدي منك بمالي على ان لا تسلم حتى املك أمري، أو على أن لا تكون لك علي رجعة ففعل ثم أسلم قال إن افتديت منه قبل أن يسلم لم يثبت ذلك عليه ورد ما أخذ منها وكان له عليها الرجعة إن أسلم في عدتها لأنه لو طلقها وهو كافر لم يلزمه من طلاقه شيء فجعله بمنزلة طلاقه. قال فلو كانت افتدت منه على ذلك فلم يسلم، أو أسلم بعد إنقضاء عدتها أكان يكون له الذي افتدت به منه؟ قال لا أرى له شيئاً وأرى أن تأخذه منه قال ابن رشد: هذا بين لأن الخلع طلاق فلما كان طلاقه باطلاً غير لازم كان خلعه مردوداً غير ثابت (¬2). أهـ والله تعالى أعلم. قلت: إنما قلنا أنه يشبه أن يكون من هذا النوع لأن ابن رشد إنما علل ذلك ببطلان الطلاق. تنبيه ولا يتأتى [هنا (¬3)] ما ذكرناه في النوع الثاني أخذاً من كلام ابن رشد أن الملتزم بكسر الزاي إذا كان يعلم أن ذلك الفعل واجب على الملتزم له [أو مندوب (¬4)] ثم علق الإلتزام عليه أنه يلزمه، ويحمل على أنه قصد الترغيب ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من م. (¬2) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 211 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬3) ما بين القوسن ساقط من م. (¬4) ما بين القوسن ساقط من م.

النوع الرابع الإلتزام المعلق على الفعل الجائز الذي لا منفعة فيه لأحد

في إتيانه (¬1) بذلك الفعل لأن ذلك قربة ومعروف والمعروف يلزم من إلتزمه، وهذا معصية لأنه أعانه على معصية وترغيب في فعل المعصية فلا يلزم ذلك من إلتزمه، ولو قبض الملتزم له الشيء الملتزم به فهل يرده على ربه أو يتصدق به؟ يأتي فيه الخلاف الذي في حلوان الكاهن (¬2). وما تأخذه الزانية، والقواد، والمخنث ونحوهم هل يلزمهم أن يردوا ما أخذوه على من أعطاهم أو يتصدقوا به؟ ذكر البرزلي، وابن ناجي، والشيخ زروق (¬3) وغيرهم في ذلك قولين، وقد ذكرت كلامهم في شرح مناسك الشيخ خليل. قلت: والظاهر لي من القولين التصدق بذلك وعدم رده إلى من أخذ منه لأنه دفعه في غير حق فلا يرد له أدباً [له (¬4)] ولذلك قالوا أنه لا ينفع التحليل في هذه المسائل والله تعالى أعلم. النوع الرابع الإلتزام المعلق على الفعل الجائز الذي لا منفعة فيه لأحد كقولك (¬5) إن ¬

(¬1) في م الإتيان. (¬2) حلوان الكاهن هو الذي يتعاطى الأخبار عن الكائنات في المستقبل ويدعي معرفة الأسرار ونص الحديث المروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن. (¬3) هو أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي الشهير بزروق الشيخ الكامل الولي العارف بالله الواصل الصالح الزاهد الفاضل العالم العامل شيخ الطريقة وإمام الحقيقة. أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب منهم حلولو والمشذالي والرصاع والسنوسي والنور السنهوري والحافظ السخاوي وغيرهم، وعنه من لا يعد كثرة منهم الحطاب الكبير والخروبي الصغير. له تأليف محررة معروفة من وقف عليها عرف قدره في العلوم الظاهرية والباطنية منها شرحى الرسالة وشرح الإرشاد وشرح مواضع من مختصر خليل، ونيف وعشرين شرحاً على (الحكم (لابن عطاء الله والعقيدة القدسية للغزالي وقواعد في التصوفن وحوادث الوقت كتاب جليل فيه مائة فصل في بدع فقراء الوقت وتعليق لطيف على البخاري، وجزء صغير في علم الحديث وبالجملة فقدره فوق ما يذكر وهو آخر أئمة الصوفية المحققين الجامعين لعلم الحقيقة والشريعة. ولد كما قال هو يوم الخميس عند طلوع الشمس ثامن وعشرين من المحرم عام ست وأربعين وثمانمائة وتوفي رحمه الله في صفر سنة تسع وتسعين وثمانمائة بمصراته - طرابلس الغرب وقبره متبرك به وزاويته مشهورة مازالت معروفة به ومازالت مقصودة من ابناء المسلمين لفظ القرآن وتعلم علوم الشريعة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 267/ 268 والمنهل العذب ص 181/ 182 وأعلام ليبيا ص 83/ 85. (¬4) ساقطة من م. (¬5) في م كقوله.

صعدت هذا الجبل كذا وهو أيضاً من باب الجعل، وقد اختلف فيه هل يشترط أن يكون في العمل المجعول عليه منفعة أو لا يشترط ذلك على قولين؟ ذكرهما ابن الحاجب، والشيخ خليل وغيرهما قال ابن غازي (¬1): والظاهر كلام عياض في التنبيهات أن المشهور واشتراط المنفعة للجاعل لأنه قال في تعريف الجعل: هو أن يجعل الرجل للرجل أجراً معلوماً ولا ينقده إياه على عمل يعمله له معلوم أو مجهول مما [فيه منفعة للجاعل على خلاف ما في هذا الأصل على أنه إذا عمله كان له الجعل وإن لم يتم فلا شيء له مما (¬2)] لا منفعة فيه للجاعل إلا بعد تمامه، وعلى القول بإشتراط المنفعة اقتصر ابن يونس قال عبد الملك (¬3): من ¬

(¬1) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن غازي العثماني المكناسي ثم الفاسي شيخ الجماعة بها الإمام العلامة البحر الحافظ الحجة المحقق جامع شتات الفضائل خاتم علماء المغرب ذو التصانيف المفيدة العجيبة رحل الناس إليه للأخذ عنه. أخذ عن أئمة منهم كالإمام القوري وأبي عبد الله اسراج وابن مرزوق الكفيف وأخذ عنه من لا يعد كثرة منهم ابن العباس الصغير وأحمد الدقون وعلي بن هارون وغيرهم لم مؤلفات منها تقييد نبيل على البخاري، وشفاء الغليل في حل مقفل خليل من أحسن الموضوعات عليه وتكميل التقييد وتحليل التقييد كتابان على المدونة كمل به تقييد أبي الحسن الصغير وحل مشكلات ابن عرفة في مختصره في ثلاثة أسفار وكان بعض معاصريه من علماء فاس يقول أما التكميل فقد كمله وأما التعقيد فما حله والمعاصرة كما يقولون حجاب. وحاشية على الألفية وتقريرات على الشاطبية وحاشية على مختصر الخليل وغير ذلك، تولى الإمامة والخطابة بجامع القرويين ولم يكن في عصره أخطب منه. مولده سنة احدى وأربعين وثمانمائة وتوفي في جماد الأولى سنة تسعة وعشر وتسعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 276. أنظر ترجمته في ذكريات مشاهير رجال المغرب ص 22 وما بعدها دار الكتاب اللبناني عدد السلسلة 12. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) هو أبو مروان عبد الملك ويعرف بزونان بن الحسن بن زريق بن عبد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقيه الورع الزاهد العالم الفاضل قاضي طليطلة من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً. سمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم وعنه ابن وضاع وغيره وكان يحيى بن يحيى يعجب من كلامه. وكان الغلب عليه الفقه ولم يكن من أهل الحديث وكان على مذهب الأوزاعي في أول أمره ثم رجع إلى مذهب مالك توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. أنظر ترجمته في شرجة النور الزكية جـ 1 ص 74. والديباج جـ 2 ص 19.

النوع الخامس الإلتزام المعلق الذي فيه منفعة للملتزم

جعل لرجل جعلاً على أن يرقى إلى موضع (¬1) من الجبل سماه أنه لا يجوز ولا يجوز الجعل إلا فيما ينتفع به الجاعل يريد أنه من أكل أموال الناس بالباطل (¬2). (¬3) أهـ كلام ابن غازي. تنبيه وقع في كلام القاضي عياض، وكلام ابن يونس المتقدمين، وفي كلام غيرهما أن تكون فيه منفعة للجاعل، والظاهر أن قولهم للجاعل خرج مخرج الغالب فإنه (¬4) لا مفهوم له بل القصد أن يكون في ذلك الفعل منفعة سواء كانت للجاعل أو لغيره ألا ترى [أنه] (¬5) لو قال شخص لآخر إن جئت بعبد فلان الآبق فلك كذا لكان جعلاً صحيحاً وإلتزاماً لازماً. وفي الحقيقة [أنه (¬6)] لابد في ذلك من منفعة للجاعل أما عاجلاً أو آجلاً أو عاجلاً وآجلاً، ولذلك لم يمثلوا للفعل الذي لا منفعة فيه للجاعل إلا بنحو قولهم أصعد هذا الجبل وهذا ظاهر. والله تعالى أعلم. النوع الخامس الإلتزام المعلق الذي فيه منفعة للملتزم بكسر الزاي وهو على أربعة أوجه: ¬

(¬1) في م لموضع. (¬2) أنظر حاشية ابن غازي ورقة 266 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15118 وكذلك جـ 3 من تكميل التقييد ورقة 212 وجه وظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15159. (¬3) اقتباس من سورة النساء الآية 29/ 176 قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما. (¬4) في م وأنه. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) ساقطة من الأصل.

(1) الوجه الأول: أن يكون الفعل المعلق عليه إعطاء الملتزم له للملتزم أو لغيره شيئاً وتمليكه إياه نحو أن أعطيتني عبدك، أو دارك أو فرسك فقد إلتزمت لك بكذا أو فلك على كذا أو فلك عندي كذا الشيء يسميه، أو فقد أسقطت عنك الدين الذي لي عليك، أو إن أعطيت ذلك لفلان أو إن أسقطت الدين الذي لك على فلان فلك عبدي الفلاني أو داري ونحو ذلك فهذا من باب هبة التواب وقد صرحوا بأنه إذا سمى فيها الثواب أنها جائزة ولم يحك في ذلك خلافاً، وأنها حينئذ بيع من البيوع فيشترط في كل من الملتزم به والملتزمعليه ما يشترط في الثمن والمثمون من انتفاء الجهل والغرر إلا ما يجوز في هبة الثواب مما سيأتي ذكره في التنبيه الرابع، ويشترط فيها أيضاً كون كل منهما طاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه فلا يجوز أن يكون أحدهما آبقاً ولا بعيراً شارداً أو جنيناً ولا ثمرة لم يبد صلاحها، ولا يجوز أن يكون طعامين كقوله إن أعطيتني أردباً من القمر فلك عندي قنطاران من السمن إلا أن يكون ذلك في مجلس واحد والطعامان حاضران. ولا يجوز أن يكونا دينين (¬1) كقوله إن إلتزمت [لي (¬2)] بثوب صفته كذا وكذا فلك في ذمتي عشرة دنانير، أو إن أسقطت عني الدين الذي لك علي فلك في ذمتي كذا وكذان ولا يجوز أن يؤجل أحدهما بأجل مجهول، ويشترط في صحة ذلك أن يكون كل من الملتزم والملتزم له مميزاً، ويشترط في لزوم ذلك أن يكون طائعاً رشيداً. تنبيهات (1) الأول لا فرق بين أن يقول إن أعطيتني أو إن ملكتني أو إن وهبتني أو إن تصدقت علي مما يقضي تمليك الرقبة حتى لفظ الصدقة فإن الصدقة وإن كانت لا يقضى فيها بالثواب إذا اشترط (¬3) فيها الثواب لزم كما صرح به في كتاب الهبات (¬4) من المدونة وصرح به ابن رشد في أول رسم من ¬

(¬1) عبارة م ربوين. (¬2) ساقطة من م. (¬3) في م شرط. (¬4) أنظر المدونة جـ 15 ص 79 وما بعدها.

سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات في المرأة تضع عن زوجها مهرها على أن يهب لها منزله، أو يتصدق عليها أن ذلك لازم. (2) الثاني: إذا قال الملتزم بكسر الزاي إن أعطيتني عبدك فلاناً فلك عندي كذا وكذا فقال له الآخر قد أعطيتك ذلك، أو قد فعلت أو نحو ذلك مما يدل على العطاء فإن أجابه الآخر بما يدل على قبول ذلك فقد لزم كل واحد منهما ما إلتزمه بالقول الصادر منه وإن لم يحصل قبض قال ابن الحاجب: وليس له الرجوع في الثواب يعد تعيينه وإن لم يقبض. أهـ. وإن قال الأول لا ارض وإنما أردت اختبارك هل ترض أم لا؟ فإن كان ذلك في مجلس واحد فالظاهر أنه يحلف بالله ما اراد إلا اختباره ولم يرد إيجاب الإلتزام فإن حلف وإلا لزمه، كما قال في كتاب الغرر من المدونة فيمن أوقف سلعته للسوم فقال له رجل بكم؟ فقال بعشرة فقال قد وجبت فقال لا أرض أنه يحلف ما ساوم على إيجاب البيع ويبرأ، فإن لم يحلف لزمه (¬1) البيع. أهـ. وكما قال ابن أبي زمنين (¬2) فيما إذا قال البائع أنا أبيعك هذه السلعة بكذا فقال المشتري اشتريتها بذلك، فقال البائع لا أرضى، أو قال المشتري أنا أشتري سلعتك بكذا فقال البائع قد بعتك، فقال المشتري لا أرضى أنه يحلف ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 10 ص 54. (¬2) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري القرطبي الفقيه الحافظ إمام المحدثينن وقدوة العلماء الراسخين، كان من أجل أهل زمانه قدراً في العلم والرواية، تفقه بأبي إبراهيم بن مرة، وأحمد بن مطرف، وإبان بن سعيد وغيرهم. وعنه يحيى بن محمد المقاصي المعروف بالقليعي، والقاضي يوسف وأبو عبد الله بن الحصاد وجماعة له مؤلفات منها تفسير القرآن الكريم، والمغرب في اختصار المدونة وشرح مشكلها ليس في مختصراتها مثله بإتفاق، والمنتخب في الأحكام الذي ظهرت بركته وطار شرقاً وغرباً ذكره، وكتاب المهذب واختصار شرح ابن المزين للموطأ وكتاب أصول الدقائق وكتاب أصول السنة، ومنتخب الدعوة، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 101 والديباج جـ 2 ص 232.

ولا يلزمه البيع، وإن انقضى المجلس ثم جاء الملتزم له إلى الملتزم وقال قد رضيت فالظاهر أنه لا يلزم الملتزم ما إلتزمه، وأنه لا يمين عليه إلا أن يكون [أتى] (¬1) في إلتزامه بلفظ يقتضي اللزوم، ولو انقضى المجلس كقوله متى اعطيتني هذا فلك كذا وكذا، أو أي وقت، أو نحو ذلك، ولم أقف في جميع هذا على نص فليتأمل والله أعلم. (3) الثالث: إذا قلنا إن ذلك لازم بالقول فللملتزم له الامتناع من التسليم حتى يسلم له الملتزم ما إلتزمه كالبيع، ولا ينبغي أن يدخل في ذلك الإختلاف الذي في هبة الثواب لأنه حيث صرح بالعوض صار حكمه حكم البيعن على ان مذهب المدونة أن للواهب المنع من قبض الهبة حتى يقبض الثواب خلافاً لابن المواز. (4) الرابع: إذا قال إن أعطيتني عبدك، أو سلعتك فلك علي أن أرضيك فذلك جائز لأنه يجوز في هبة الثواب اشتراط الثواب دون تعينه كقوله أهبك هذا على أن تثيبني، فإن أعطاه مارض به فلا إشكال، وإن قال لا أرض بهذا فالظاهر أنه ينظر في ذلك الشيء الذي أعطاه، فإن كان دون قيمة سلعته فلا يلزمه قبوله، وإن كان قدر قيمة سلعته أو اكثر مما يقول الناس أن فيه إرضاء له فيلزمه قبوله، وقد تقدم في فصل العدة شيء من هذا فراجعه، وتأمله والله سبحانه وتعالى أعلم. (5) الخامس: إذا قال له إن بعتني سلعتك بكذا فلك عندي كذا وكذا، أو فقد إلتزمت لك بكذا وكذا فالشيء الملتزم به داخل في جملة الثمن، فيشترط فيه ما يشترط في الثمن، وكذلك إن قال إن اشتريت مني سلعة بكذا فلك عندي كذا وكذا فالشيء الملتزم به داخل في جملة البيع، فيشترط فيه شروطه، وهذا [هو] (¬2) الظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم. (2) الوجه الثاني: أن يكون الفعل المعلق عليه إعطاء الملتزم له ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل ومن م.

للملتزم، أو لغيره منفعة شيء من عبد أو دار، أو دابة، أو غير ذلك نحو إن أسكنتني دارك سنة، أو سنتين مسماة، أو اسكنت فلاناً فيها سنة، أو سنين مسماة فلك كذا وكذا، أو إن أخذتني عبدك، أو إن أعطيتني ثوبك ألبسه مدة معينة، أو إن حملتني على دابتك إلى موضع كذا فلك كذا وكذا، فهذا من باب الإجازة فيشترط فيه شروط الإجازة، وهي أن تكون المدة معلومة، والمنفعة معلومة، والشيء الملتزم به مما يصح أن يكون أجرة، فلا يجوز أسكني دارك مدة حياتي، أو حياتك، أو حياة زيد، أو إلى أن يقدم فلان، وقدومه غير معلوم ولك عندي كذا وكذا، أو إن أسكنتني دارك فلك عبدي الآبق، أو بعيري الشارد ونحو ذلك، ولا يجوز أن يقول أسكنتك داري على أن أسكن دارك، ولا أسكنتك داري بعشرة دنانير في كل سنة على أن أسكن دارك بعشرة دنانير، أو بخمسة في كل سنة حتى يبين مدة السنين. (3) الثالث: أن يكون الفعل المعلق عليه عملاً يعمله الملتزم له للملتزم، أو لغيره نحو إن جئتني بعبدي الآبق، أو بعيري الشارد، أو أن حضرت لي بئراً في أرض، أو إن جئت (¬1) بعبد فلان، أو بعيره فلك كذا وكذا فهذا من باب الجعل، فيشترط (¬2) فيه أن لا تحصل فيه منفعة للملتزم بكسر الزاي، أو لمن اشترط العمل له إلا بتمام العمل، وأن لا يضرب في ذلك أجل، وأن يكون الشيء الملتزم به معلوماً ما يجوز كونه جعلاً، وغير ذلك من شروط (¬3) الجعل. (4) الوجه الرابع: أن يكون الفعل المعلق عليه أن يترك الملتزم له حقاً من حقوقه لأجل ما إلتزمه له الملتزم، نحوقول الشخص للحاضنة إن أسقطت حقك من الحضانة، فلك كذا وكذا، وكمسألة إعطاء الزوجة زوجها شيئاً على ألا يتزوج عليها، وهذا يشبه أن يكون من باب الجعل كما تقدم. ولنذكر فروعاً من كل وجه من هذه الوجوه الأربعة. ¬

(¬1) في م إن جئتني. (¬2) في م يشترط. (¬3) عبارة م من شروطه.

فرع قال اللخمي في كتاب: إرخاء المستور وإن أعطته زوجته مالا على أن يمسكها ثم فارقها،

فرع قال اللخمي في كتاب: إرخاء المستور وإن أعطته زوجته مالاً على أن يمسكها ثم فارقها، فإن كان فراقها يقرب العطية كان لها أن ترجع وإن كان فارقها بعد أن طال الأجل، وما يرى أنها بلغت الغرض في مقامها لم ترجع، وإن طال ولم تبلغ ما يرى أنها دفعت المال لمثله كان لها من المال بقدر ذلك على التقريب فيما يرى، وهكذا قال مالك فيمن أسقطت عن زوجها صداقها على ألا يتزوج عليها فطلقها بحضرة ذلك، فلها أن ترجع عليه، وإن طلقها بعد ذلك فيما يرى أنه لم يطلقها لمكان ذلك لم ترجع عليه، قال أصبغ: إلا أن يكون الطلاق بحدثان لإسقاط يمين نزلتن ولم يتعمد، ولم يستأنف اليمين فلا شيء عليه أيضاً قال اللخمي: وأرى [لها] (¬1) أن ترجع في عطيتها وإن كان الطلاق بيمين حنث فيها لأنها إنما أسقطت صداقها لمعنى، ولتبقى زوجة في عصمته، فإذا لم يصح ذلك لها لم يلزمها ما أعطته، ولو أعطته على ألا يتزوج عليها فتزوج عليها رجعت عليه قرب تزوجيه، أو بعد. أهـ ونقله الشيخ خليل في التوضيح في باب الخلع (¬2)، ونقله ابن عرفة في الكلام على (¬3) هبة المرأة صداقها (¬4) لزوجها وقبلاه، فأما ما ذكره في مسألة ما إذا أعطته شيئاً على أن يمسكها، فقد نص عليه في سماع أشهب من جامع البيوع في الذي يسأل امرأته أن تضع عنه صداقها، فقالت أخاف أن تطلقني فقال ما افعل فضع عنه صداقها فقال مالك: أرى [لها] (¬5) أن عليه بما وضعت، إلا أن يكون طال الزمان، وتبين صحة ذلك ثم طلق، فلا أرى لها شيئاً قال ابن رشد: إذا سألها الزوج ان تضع عنه صداقها فلا فرق بين أن تضعه عنه وتسكت، أو تقول أخشى إن وضعته عنك أن تطلقني، فيقول ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 8 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة جـ 2 ورقة 1 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) عبارة م لزوجها صداقها. (¬5) ساقطة من م ..

لا أفعل أو تقول إنما أضعه عنك على أنك إن طلقتني رجعت عليكن فإن لها أن ترجع عليه إن طلقها بقرب ذلك إلا أن تقول له إنما اضعه [عنك] (¬1) على أنك لا تطلقني أبداً، أو على أنك متى طلقتني رجعت عليك بصداقي، فيكون لها أن ترجع عليه بصداقها متى طلقها كان ذلك بالقرب، أو بعد طول من الزمان، ومثل هذه المسألة [ما] (¬2) في سماع أصبغ من طلاق السنة في التي تقول لزوجها إن لم تتزوج علي فصداقي عليك صدقة، فيقبل ذلك منها ثم يطلقها بالقرب أن لها أن ترجع بصداقها، بخلاف الذي يقول لزوجته أنت طالق إن لم تضع لي صداقك فتضعه ثم يطلقها، وقد مضى الفرق بينهما هناك (¬3). أهـ. ومسألة أصبغ التي قال ابن شد أنها طلاق السنة هي التي تقدمت في كلام اللخمي، واختيار اللخمي فيها مخالف لقول مالك وأصبغ، وأما قول أصبغ إلا أن يكون الطلاق بيمين ... ألخ فظاهره أنه تقييد لقول مالك، وهو الذي يظهر من كلام ابن رشد، والشيخ خليل، وابن عرفه، ولم يزد ابن رشد في شرحها على أن ذكر الفرق بينها وبين المسألة التي معها، وهي مسألة الذي يقول لزوجته أنت طالق إن لم تضع لي صداقك، فقال الفرق بينهما أنها في المسألة الأولى تصدقت عليه بالصداق على أن يمسكها، ولا يتزوج عليها لأن هذا هو المعنى في اشتراط ألا يتزوج عليها، فإذا لم يوف لها بذلك، وطلقها بالقرب وجب لها أن ترجع عليه، كالذي يسأل زوجته أن تضع عنه صداقها فتضعه [ثم يطلقها (¬4)]. وأما المسألة الثانية فإنما هي يمين بالطلاق [قد] (¬5) لزمته لابد أن يقع عليه الطلاق إن لم تترك له الصداق، فتركها إنما هو فرار من وقوع تلك اليمين التي ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من م. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 120 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬4) ما بين القوسين ساقط من م. (¬5) ساقطة من م.

فرع وأما إذا أعطته الزوجة شيئا على أن يطلق ضرتها فطلقها،

حلف [بها] (¬1) فلا شيء لها إذا طلقها بعد ذلك إلا أن تنظر لنفسها فتقول لا أترك لك الصداق إلا على أن لا تطلقني بعد ذلك وهذا بين (¬2). أهـ وأما إذا أعطته شيئاً على ألا يتزوج عليها أو لا يتسرر، أو وضعت له شيئاً من صداقها على ذلك فظاهر كلامه في المدونة، أنه إن تزوج عليها أو تسرر فلها أن ترجع عليه سواء كان ذلك بالقرب، أو بعد بعد، وسيأتي لفظها في الفصل الثاني من الخاتمة. وصرح بذلك اللخمي كما تقدم، وهو ظاهر كلام المتيطي، وابن فتحون كما نقل ابن عرفه عنهما في فصل الصداق في الكلام على هبة المرأة صداقها لزوجها، ونصه قال المتيطي، وابن فتحون إن كانت الهبة بعد العقد على ألا يتزوج عليها أو لا يتسرر، أو لا يخرجها من بلدها تمت له ما أقام على شرطه، وله مخالفة شرطه فترجع عليه بما وضعته (¬3). أهـ ولم أقف على خلاف في ذلك إلا ما أشار إليه الشيخ خليل في التوضيح في الشروط، ونقله عن ابن عبد السلام أنه ينبغي أن يفرق في ذلك بين القرب والبعد، كما فرقوا في المسألة السابقة، وظاهر كلامه، وكلام ابن عبد السلام أنهما لم يقفا على نص في ذلك، وسيأتي كلام [صاحب (¬4)] التوضيح في الفصل الثاني من الخاتمة في الكلام على شروط النكاح، والحاصل أن المنصوص في المسألة أنها ترجع عليه مطلقاً سواء تزوج عليها بالقرب أو بعد البعد، وهو ظاهر المدونة وغيرها. فرع وأما إذا أعطته الزوجة شيئاً على أن يطلق ضرتها فطلقها، ثم أراد أن يراجعها فنص في التوضيح في الكلام على الشروط على أنه يفصل في ذلك بين ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) انظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 120 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10611. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفه في الفقه جـ 2 ورقة 7 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) ساقطة من الأصل.

فرع ومن ذلك من أعطى لزوجته شيئا على أن أسقطت حضانتها،

القرب والبعد، كما في المسألة (¬1) المتقدمة، ولم أقف على ما يخالفه. والله تعالى أعلم. فرع ومن ذلك من أعطى لزوجته شيئاً على أن أسقطت حضانتها، [وقد سئل عنها ابن رشد، وقيل له أن فقهاء تلك الجهة اختلفوا فيها، فمنهم من أجاز بيع الحضانة] (¬2) قياساً على بيع الشفعة، ومنهم من منع قياساً على [من] (¬3) منعها زوجها من الحج فبدلت له مالاً على أن أباح لها ذلك، [وعلى من نذرت صوم أيام فمنعها زوجها فبذلت له مالاً على أن أباح لها ذلك] (¬4) وكيف إن تعلق بالعوض (¬5) غرر هل يجوز ويجري مجرى الخلع؟ فأجاب الذي أراه على منهاج قول مالك الذي يعتقد صحته (¬6) أن ذلك جائز، للأن الحضانة حق للأم فيلزمها تركها للأب تركتها (¬7) له على عوض، أو على غير عوض، ولا يكون لها أن ترجع فيها، وعلى القول بأنها حق للولد لا يلزمها تركها، وترجع فيها تركتها [له] (¬8) بعوض، أو بغير عوض، ويرجع الزوج في العوض إن كانت تركتها على عوض، ومن قاس ذلك على جواز تسليم الشفعة بعد وجوبها على عوض فما أبعد القياس، وأما من منع ذلك قياساً على [مسألة] (¬9) منع الزوج من الحج ¬

(¬1) في م المسائل. (¬2) هذه الجملة ساقطة من ع. (¬3) ساقطة من م. (¬4) ساقطة هذه الجملة من ع. (¬5) في م بالمعوض. (¬6) المالكي إنما هو من ترجع عنده مذهب مالك على سائر المذاهب لمعرفته بوجوه الترجيح، أو اعتقده أنه أصح المذاهب من غير علم فسأل إليه، والعالم على الحقيقة هو العالم بالأصول والفروع لا من عنى بحفظ الفروع ولم يتحقق معرفة الأصول. راجع نوازل ابن رشد ورقة 123 ظهر و 124 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس رقم 12397. (¬7) في م تركها. (¬8) ساقطة من الأصل ومن م. (¬9) ساقطة من الأصل.

فقد أخطأ في القياس، لأنه إنما لم يسقط عنه المهر، فذلك من أجل أنه يلزمه أن يأذن [لها] (¬1) في ذلك، وذلك إذا لم تعلم أن الإذن لها في ذلك يلزمه، فإن علمت ذلك فيجوز عليها الوضيعة، والرواية بذلك منصوصة عن البن القاسم، ولو وضعت [عنه] (¬2) على أن يأذن لها بالحج قبل وقت الحج، أو في أن الحج تطوعاً سقط (¬3) عنه المهر إذ لا يلزمه أن يأذن لها في ذلك فكذلك ما أعطاها على أن تركت حضانة ولدها منه فيجوز لها، إذ لا يلزمها ذلك، وكذلك التي بذلت لزوجها مالاً على أن يبيح لها صيام الأيام التي نذرت إذا كانت أياماً يسيرة ليس له أن يمنعها من صيامها إذ لا ضرر عليه في ذلك فلا يجوز [له] (¬4) أن يأخذ منها شيئاً على ألا يمنعها، وإن كانت أياماً كثيرة للزوج أن يمنعها من صيامها لما عليه في ذلك من الضرر، وجاز له أن يأخذ منها ما أعطته على ألا يمنعها على قياس الحج. ويجوز أن تترك الحضانة على تمرة لم يبد صلاحها، وما اشبه ذلك من الغرر إذ ليس بمبايعة، وإنما هو صلح في غير مال فيشبه الخلع (¬5). أهـ قلت: وما قاله ابن رشد ظاهر، ويشهد له ما تقدم في الباب الأول عن (¬6) المدونة أنه يجوز للزوج أن يخالعها على أن تسقط حضانتها، وعلم من كلام ابن رشد: أن ذلك إذا أسقطت الحضانة بعد وجوبها لها، وأما إذا أسقطت [الحاضنة (¬7)] حقها من الحضانة قبل وجوبها ففي ذلك خلاف، وسيأتي الكلام على ذلك في الفصل الأول من الخاتمة. تنبيه ما ذكره ابن رشد من جواز الخلع (¬8) في ذلك ظاهر، ويقاس عليه ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في م لسقط. (¬4) ساقطة من م وع. (¬5) أنظر مختصر نوازل ابن رشد ورقة 28 ظهر و 29 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12189. (¬6) في م من. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) في م وع الغرر.

فرع وعكس هذه المسألة إذا سقطت حضانة الحاضنة بزواجها

ما أشبهه مثل مسألة إذن الزوج لزوجته في الحج اتطوعن والصوم، واعطاء الزوجة شيئاً لزوجها على أن يمسكها، ونحو ذلك من مسائل هذا النوع. فرع وعكس هذه المسألة إذا سقطت حضانة الحاضنة بزواجها (¬1) [أو غير ذلك (¬2)] ووجب للأب أخذ الولد منها [فأعطته شيئاً على ان يتركه عندها فهو جائز لازم، كما تقدم في الباب الأول في مسألة المخالعة على أن عليها نفقة ولدها] (¬3) وقال البرزلي في أوائل (¬4) مسائل الأنكحة: قال الرماح (¬5): إذا إلتزمت الأم نفقة البنات على ألا ينزعن منها، وإن تزوجت لم يجز ذلك، وعلى أن يكون الأمر إليها في تزويجهن، ويكون العاقد غيرها فيجوز قال البرزلي قلت في الأول نظر على القول بجواز الخلع بالغرر، وأن النفقة تلزم بعد الحولين وعلى الجواز عمل الناس اليوم في شرطها، وإن تزوجت وبدلت الأزواج مسافره كانت أو حاضرة، وإما على أن تزوجهن بنفسها ففاسد، وبغيرها فقال يجوز وهل هو من قبيل اللزوم وليس له عزلها؟ وهو ظاهر هذه الفتيا، أو يجوز له أن يعزلها؟ وترجع عليه بما أسقطت لذلك، كما إذا أسقطت له من صداقها بعد البناء على ألا يخرجها من بلدها، أو على أن يبقيها في عصمته، أو يعطيها على الأثره عليها فيه نظر، وعلى الأول ظاهر العمل في هذا الزمان أهـ. (¬6) ¬

(¬1) في م بتزويجها. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م. (¬3) عبارة م وع فأرادت إبقاءه عندها على أن تلتزم نفقته فقد تقدم في الباب الأول ف الكلام على مسألة الخلع على إلتزام الأم النفقة عن المتيطية آن ذلك لازم. (¬4) في م وع آخر. (¬5) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن القيرواني عرف بالرماح الإمام الفقيه العمدة مع ديانة وصلاحن أخذ من ابن زيتون، وعنه أبو عبد الله القلال وغيره درس العلم نحواً من ستين عاماً، توفي رحمه الله سنة تسع وأربعين وسبعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية ص 211 جـ 1. (¬6) أنظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 16 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنة بتونس تحت رقم 12793.

فرع

قلت أما إذا إلتزمت الأم نفقة الولد على ألا ينزع منها فلا يخلو إما أن يكون ذلك في عقد الخلع أو بعده، فإن كان في عقد الخلع، فيجري الكلام في لزومه على ما ذكره البرزلي من جواز الخلع على الغرر، وعلى إلتزام النفقة بعد الحولين، وعلى اللزوم العمل كما ذكره البرزلي، وكما تقدم في الباب الأول وتقدم عن المتيطية أنه إذا أريد صحة الخلع على إلتزام النفقة أكثر من الحولين على القولين أعني على القول بجواز الخلع على إلتزام نفقة الولد أكثر من حولين، وعلى المشور من منع ذلك فإنه يخالع الزوجة على ان تسقط حضانتها وتسلم الولد للأب، فإن أرادت أخذه، فلا يكون لها لذلك غلا بأن تلتزم نفقته، وتسقط عن الأب مؤنته، وأن (¬1) ذلك خلع صحيح لازم، وأما إن كان ذلك بعد الخلع كما إذا أسقطت حضانة الزوجة بزواج، أو غير ذلك ثم إلتزمت نفقة الأولاد على أن يكونوا عندها ولو تزوجت إلى البلوغ ونحو ذلك، فلا إشكال في لزوم ذلك وصحته. والله أعلم. ولعل كلام الرماح في الوجه الأول، وأما إذا إلتزمت نفقة البنات على أن يكون الأمر في تزويجهن إليها فإن كان على ان تلي ذلك بنفسها فلا إشكال في فساده كما قال، وإن كان على معنى أن النظر لها في أمرهن وتوكل من يعقد عليهن فستأتي هذه المسألة في كلام ابن رشد إن شاء الله تعالى، ومن ذلك أيضاً مسألة اشتراط الأب على الحاضنة أنها إن خرجت بالأولاد إلى موضع بعيد كانت نفقتهم عليها [وقد] (¬2) تقدم الكلام عليها في آخر الباب الثاني. فرع قال في رسم أخذ يشرب خمراً من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات، في رجل قال لرجل بلغني أنك تشتمني فقال ما قلت: فقال أحلف لي ولك كذا وكذا هبة مني [فحلف (¬3)] أترى أن له الهبة؟ قال نعم ذلك يلزمه قال محمد بن رشد: حكى ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ، أنه ترك قول ابن القاسم في إجازة الجعل فيما لا منفعة فيه للجاعل، وقال يقول ابن الماجشون أن ¬

(¬1) في م فإن. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م. (¬3) ساقطة من الأصل.

ذلك لا يجوز، وقد أجازه ابن عمر (¬1) روى عنه أنه سئل عن رجل جعل لرجل جعلاً على أن يرقى الجبل فأجازه (¬2). قال أصبغ ومن الدليل على جوازه أن مالكاً أجاز الجعل في الرجل يقول للرجل أحلف على أنك لم تشتمني، ولك كذا وكذا فحلف فألزمه مالك (¬3) غرم ما جعل له، وليس ذلك عندي ببين لأن له [فيه] (¬4) منفعة وهو تطيب نفسه من جهته وتحسين ظنه [به (¬5)] حتى لا يعتقد شراً ولا مكرهاً فيأثم في اعتقاده (¬6) ذلك فيه، وكذلك قوله في رسم أن خرجت من سماع عيسى من جامع البيوع، ولنا بيع دارك ولك كذا وكذا له فيه منفعة، وهو أن يشتري الدار من أحب، وأما قوله في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب النكاح في الذي يقول للرجل، ولني نكاح ابنتك ولك كذا ¬

(¬1) هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي أبو عبد الرحمن المكي أسلم قديماً وهو صغير، وهاجر مع أبيه واستصغر في أحد ثم شهد الخندق وبيعة الرضوان، والمشاهد بعدها روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه وعمه زيد وأخته حفصة وأبي بكر وعثمان وعلى عائشة وغيرهم، وعنه أولاده بلال وحمزة وزيد وسالم وعبد الله وعبيد الله وعمر ومولاه نافع، وأسلم مولى عمر وخلق كثير وهو من مكثري رواة الحديث وأفتى الناس ستين سنة وكان من المتمسك بآراء النبي صلى الله عليه وسلم بالسبيل المتين. له ألف وستمائة حديث وثلاثون حديثاً اتفق البخاري ومسلم على مائة وسبعين وانفرد البخاري بإحدى وثمانين ومسلم بإحدى وثلاثين، وفي الحديث الصحيح عبد الله ابن عمر رجل صالح. قال ابن الذهبي كان ابن عمر إماماً سنياً واسع العلم كثير لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وافر النسك كثير القدر متين الديانة عظيم الحرمة ذكر للخلافة يوم التحكيم وخوطب في ذلك فقال على أن لا يجري فيها دم ولم يخل كتاب من كتب السنة من الرواية عنه. وكما أعطى بسطة في العلم أعطى بسطة في الجسم فكان قوي الجهاد مع العبادة. قال أبو نعيم توفي عبد الله سنة أربع وسبعين وعمره ست وثمانون سنة وقيل مات سنة ثلاث وسبعين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 45 والتهذيب جـ 5 ص 328. (¬2) ولم نتمكن من تخريج هذا الأثر فقد رجعت إلى جميع كتب السنة الواردة أحاديثها في المعجم المغربي كذلك رجعت إلى ذخائر المواريث للدلالة على مواضع الأحاديث والنهاية لابن الأثير وشرح معاني الأثار للطحاوي. (¬3) في الأصل ذلك والواقع أنها تصحيف. (¬4) ساقطة من الأصل (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) في واعتقاد.

وكذا أنه لا يجوز، فإنما لم يجز ذلك لأن لصاحب الولية أن يعزله عما جعل إليه من ذلك، فيدخله (¬1) الغرر وقد بسطنا (¬2) القول هناك (¬3).أهـ. تنبيهات (1) الأول ليست هذه المسألة اعني قو لالرجل احلف لي ولك كذا وكذا، معارضة لمسألة كتاب الإقرار وهي ما إذا قال فللان على مائة دينار ان حلف قال سحنون لا يلزمه (¬4) لأن الملتزم في هذه المسألة طالب ليمين الحالف، وما التزمه هبة منه له معلقة على الحلف، وأما مسألة كتاب الإقرار فإنما قصده التنكيت بالمدعى، وأنه لا يتبغي أن يحلف وليس قصده الهبة والعطية، وإنما هو إقرار له بشيئ في ذمته معلق على أمر لا يدري هل يقع أم لا، فهو من نوع الإلتزام الذي يقصد به الإمتناع من الفعل، وقد تقدم أن من قال لخصمه إن لم أوفك غداً فاالذي تعدعيه [على (¬5)] حق، ان ذلك لا يلزم، وأنه مخاطرة وغرر. وقال في ترجمة الإقرار يقول فيه لإن شاء الله ونحوه من كتاب الإقرار من النوادر قال ابن سحنون (¬6)،وابن عبد الحكم إذا قال لفلان على ألف درهم إن ¬

(¬1) في م فدخله. (¬2) في م بسطت. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 53 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬4) في م لا يلزم. (¬5) ساقطة من م وع. (¬6) هو أبو عبد الله محمد بن سحنون الإمام ابن الإمام شيخ الإسلام وعلم الأعلام الفقيه الحافظ النظار مع الجلالة والثقة والعدالة تفقه بأبيه بن شعيب وأبا مصعب الزهري وغيرها. وعنه خلق كثير منهم ابن القطان وأبو جعفر بن زياد لم يكن بعصره أحذق منه بفنون العلم له مؤلفات كثيرة منها كتابه السند في الحديث، وهو كبير، وكتابه الكبير المشهور الجامع، وجمع فيه فنون العلم، والفقه فيه عدة كتب نحو الستين، وكتاب السير، وكتاب في المعلمين، والرسالة في السنة وكتاب في تحريم المسكر، ورسالة فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، ورسالة في آداب المتناظرين جزءان وكتاب الحجة على القدرية، وكتاب الحجة على النصارى، وكتاب الإمامة، وكتاب الرد على البكرية، وكتاب الورع، وكتاب الأيمان والرد على أهل الشرك، وكتاب الرد على أهل البدع ثلاثة كتب، وكتاباً في الرد على الشافعي، وعلى أهل العراق وهو كتاب الجوابات خمسة كتب وكتاب التاريخ ستة أجزاء .. قال بعضهم ألف ابن سحنون كتابه الكبير مائة جزء، وعشرون في السير، وخمسة وعشرون في الأمثال، وعشرة في آداب القضاة، وخمسة في الفرائض، وأربعة في الإقرار، وأربعة في التاريخ في الطبقات والباقي في فنون العلم، وقيل ألف في أحكام القرآن. توفي محمد بن سحنون رحمه الله ورضي عنه بالساحل سنة ست وخمسين ومائتين، بعد موت أبيه بست عشرة سنة وكانت وفاته بالساحل وجئ به إلى القيروان فدفن بها وسنه أربع وخمسون سنة ومولده سنة اثنتين ومائتين فيما قاله أبو العرب وقال ابن الحارث مولده على رأس المائتين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 70 والديباج المذهب جـ 2 ص 169 وما بعدها. وله في ترتيب المدارك ترجمة فيها الكثير من جوانب حياته جت 4 ص 204 وما بعدها.

شاء فلان فهذا باطل شاء فلان أو لم يشأ، لأنه خطر كما لو قال له على ألف درهم إن تكلم، أو دخل الدار، وقاله ابن المواز قال سحنون: وكذلك إن قال إن أمطرت السماء، أو هبت الريح، او دخل فلان الدار فهو باطل في إجماعنا، ولو قال إن حصل متاعي هذا إلى البصرة ففعل فهذه إجازة (¬1). أهـ ولنذكر مسألة كتاب الإقرار وما فيها من الكلام تتميماً للفائدة، قال في ترجمة الإقرار بشرط اليمين من كتاب الإقرار من النوادر، ومن كتاب سحنون (¬2)، ومن قال لفلان على مائة درهم أن حلف، أو إذا حلف او متى حلف، او حين حلف، أو مع يمينه، أو في يمينه، أو بعد يمينه فحلف فلان على ذلك، ونكل المقر وما ظننت أنه يحلف، فلا يؤخذ بذلك المقر في إجماعنا. قال محمد بن عبد الحكم: إذا قال لفلان على مائة أن حلف فيها أو إدعاها، أو متى حلف [فلان (¬3)] بالعتق أو بالطلاق، أو بالصدقة أو [قال (¬4)] إن حلف مطلقاً فلا شئ على المقر بهذا، وإن حلف الطالب وكذلك إن قال أن استحل ذلك، أو إن كان يعلم أنها له، أو إن أعارني دابته، أو رداءه فأعاره ذلك، أو قال إن شهد بها على فلان فشهد [فلان (¬5)] فلا شئ على المقر في هذا كله، ¬

(¬1) أنظر النوادر والزيادات جـ 4 ورقة 96 ظهر، مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5730. (¬2) في م ابن سحنون وهو الصواب. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل وهي في تصوري زيادة من الناسخ. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من م وع.

وأما إذا قال إن حكم بها فلان لرجل سماه فتحاكما إليه فحكم بها عليه لزمه ذلك، قم قال ابن سحنون: ولكن لو ادعى ذلك عليه فجحد، فقال له احلف وأنت برئ، او قال إذا حلفت، أو متة حلفت أو كلما [حلفت (¬1)] أو انت برئ مع يمينك أو بعد يمينك، أو في يمينك فحلف فهذا يلزمه ويبرأ [به (¬2)] المطلوب ولو رجع الطالب قفال لا يحلف فليس له ذلك، وكذلك إذا قال المطلوب للمدعي احلف وأنا أغرم ذلك فحلف فذلك يلزمه ولو رجع فقال لا يحلف فليس له ذلك وللمدعي أن يحلف ويثبت حقه (¬3). أهـ. فظاهر كلامه الثاني أنه معارض للأول، وفرق [بينهما (¬4)] في التوضيح (¬5) بأن الأول فيما إذا قال ذلك المقر ابتداء، ولم يتقدم من فلان دعوى [قال (¬6)] أما إذا ادعى عليه آنفاً فقال [له (¬7)] احلف وخذها فهذا يلزمه ولا رجوع له نص عليه ابن يونس قلت: وهذا ظاهر من كلام سحنون المتقدم، وعلى هذا الفرق اعتمد في مختصره [فقال (¬8)] فيما لا يلزم من الإقرار أو إن حلف (¬9) من (¬10) غير الدعوى، وذكر ابن عرفة المناقضة التي في كلام سحنون، وأجاب عنها ونصه: ونوقض قول سحنون بعدم (¬11) اللزوم في قوله إن حلف فحلف، بقوله أحلف وأنا أغرم أنه يلزمه، ومثله قول حمالتها أحلف أن الحق الذي تدعيه قبل ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) ساقطة من م. (¬3) أنظر النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات جـ 4 ورقة 103 ظهر و 104 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 5730. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 109 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. (¬6) ساقطة من م وع. (¬7) ساقطة من م. (¬8) ساقطة من الأصل. (¬9) ساقطة من م. (¬10) في م. (¬11) في م بعد وهو تصحيف.

أخي حمق، وأنا ضامن أنه يلزمه، ولا رجوع [له (¬1)] ويلزمه ذلك إن حلف المطلوب، وإن مات كان ذلك في ماله، ويجاب بأن شرط لزوم الشيء إمكانه وهو غير ثابت في قوله إن حلفت وأخوانه لما علم أن ملزومية الشيء للشيء لا تدل على امكانه، فلم يلزمه الإقرار لعدم إقراره (¬2) في لفظه بشرطه وهو الإمكان ولزومه ذلك في قوله أحلف لإتيانه بما دل على ثبوت شرط اللزوم وهو الإمكان لدلالة صيغة أفعل عليه لأن كل مطلوب يمكن (¬3). أهـ فتأمله، وما ذكره الشيخ خليل في الجمع بين كلامي سحنون أظهر. (2) الثاني مفهوم قول الشيخ خليل في غير الدعوى، أنه إذا قال له بعد الدعوى أحلف وأنا أغرم أنه يلزمه، سواء كان ذلك عند الحكم أم لا، وهو كذلك قال في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب المديان وسئل ابن القاسم عن الذي يدعي قبل رجل حقاً فيقول له أحلف لي على أن ما ادعيته عليك ليس (¬4) حقاً وأبرأ، فيقول المدعي عليه بل أحلف أنت وخذ، فإذا هم المدعي أن يحلف للمدعى عليه [ثم بدا للمدعى عليه] (¬5) قال (¬6) لا أرضى بيمين، ولم أظنك تجتري على اليمين، وما أشبه ذلك، وهل ذلك عند السلطان أو غيره سواء؟ قال ابن القاسم ليس للمدعى عليه أن يرجع، ولكن يحلف المدعي ويحق حقه على ما أحب الآخر أو كره، وقد (¬7) رد اليمين فليس له الرجوع فيها، وسواء كان ذلك عند السلطان أو غيره. إذا شهد عليه بذلك وأقره. قال ابن رشد هذه المسألة متكررة في هذا السماع من كتاب الدعوى والصلح، ومثله في كتاب الهيبات، ولا اختلاف أعلمه في أنه ليس له ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) في م وع اتيانه وهو الصواب. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفه الفهقي جـ 3 ورقة 32 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10846. (¬4) في م لي. (¬5) ساقطة من الأصل وع. (¬6) في م وقال. (¬7) في م لأنه.

فرع

أن يرجع إلى اليمين بعد أن يردها على المدعين واختلف هل له أن يرجع إليها بعد أنه نكل عنها ما لم يردها على المدعي؟ فقيل له ذلك، وهو ظاهر ما في الروايات (¬1) من المدونة، ورواية عيسى عن ابن القاسم في المدونة (¬2) وقيل ذلك له وهو قول ابن نافع في المدينة (¬3) والقولان محتملان (¬4) أهـ. وقوله أنها متكررة في هذا السماع من كتاب الدعوى يقتضي أنها في سماع عيسى ولم أقف عليها فيه، وإنما هي في آخر سماع أصبغ عن ابن القاسم باللفظ المذكور. وتكلم ابن رشد عليها بنحو كلامه المذكور حرفاً بحرف، وقال أنها ذكرت في رسم الجواب من سماع عيسى، وعلى القول بأنه لا يمكن منها أن نكل اقتصر الشيخ خليل في مختصره [فقال ولا يمكن منها أن نكل بخلاف مدعي إلتزمها ثم رجع وإن ردت على مدع وسكت زمن فله الحلف في آخر باب الشهادة] (¬5)، وقال مالك في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب الديات، في الذين تعرض عليهم الأيمان في القسامة فينكلون، ثم يقولون بعد نحن نحلف قال كل من عرضت عليه يمين فأباها فقد أبطل حقه بتركه اليمين إلا أن يكون له في تركها عذر بين. قال سحنون: يريد بالعذر مثل أن يزعموا أن الميت عليه دين، أو يكون أوصى بوصايا، وقبله ابن رشد والله تعالى أعلم. فرع من هذا النوع [ما (¬6)] قال ابن فرحون في الباب الثالث عشر من القسم الثاني من تبصرته قال المتيطي ومن (¬7) الحزم للمدعى عليه إذا طلب المدعي يمينه ¬

(¬1) في ع الديات. (¬2) في م المدونة وهو الصواب. (¬3) في م المدونة وهو الصواب. (¬4) أنظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 205 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10613. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) عبارة م من إلتزم وهو تصحيف.

فرع

أن يلتزم المدعي أنه قد أسقط بينته ما علم منها وما لم يعلم، فإن أعقد على نفسه هذا لم يكن له أن يقوم [عليه (¬1)] بعد يمينه بالبينة (¬2). أهـ فهذا إلتزام من المدعي معلق على حلف المدعى عليه، ولا يلزم المدعي إلتزام ذلك إلا أن يشاء. فرع ومنه أيضاً من ادعى على رجل بحقوق عددها، وزعم أنه لا بينة له على بعضها، وله على بعضها بينة غائبة، وطلب حلفه على ما لا بينة له عليه، وبقاءه على ماله عليه البينة لم يكن له أن يحلفه على مالا بينة له عليه، إلا أن يلتزم أنه إن عجز عن إقامة البينة فيما زعم أن له [فيه (¬3)] بينة لم يكن [له (¬4)] عليه فيه يمين، فإن إلتزم ذلك حلفه الآن على ما زعم أنه لا بينة له عليه فيه، فإن أقام بعد ذلك بينة، وإلا فلا يمين له عليه، وإن لم يلتزم ذلك لم يستعجل بيمينه حتى يقيم البينة فإن أقامها وإلا جمع دعاويه وحلف له على الجميع نقله لابن عرفه عن ابن فتوح (¬5) في كتاب الأقضية لما تكلم على مسألة من حلف خصمه ثم جاء ببينة (¬6)، ونقله ابن فرحون في تبصرته في فصل مسائل تتعلق باليمين (¬7). فرع (¬8) ومما ذكر المتيطي وابن فرحون فيما إذا وجبت على امرأته يمين لرجل وهي ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) أنظر تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون جـ 1 ص 230. (¬3) ساقطة من م. (¬4) ساقطة من م. (¬5) هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن فتوح التلمساني ثم المكناسي الفقيه الصالح الزاهد الفاضل الإمام العالم العامل وهو أول من أدخل فاساً مختصر خليل سنة خمس وثمنمائة أخذ عن أبي إسحاق المصمودي وغيره وعنه أهل فاس وانتفعوا به. توفي بمكناسة سنة ثمانية عشر وثمنمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 251. (¬6) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 140 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133. (¬7) أنظر تبصرة ابن فرحون جـ 1 ص 154/ 155 نقلاً عن الوثائق المجموعة في باب الحوالة. (¬8) هذا الفرع ساقط من ع وم وبهامش الأصل تعليق بخط الناسخ يثبت فيه عدم وقوفه على هذا الفرع في كثير من النسخ.

فرع

من أهل الستر والحجاب، ووجبت لها على الرجل يمين فذهبت إلى أن تحلفه، وإلى أن تحلف هي ليلاً فقال الرجل أخاف إن حلفت لها نهاراً أن تنكل عن اليمينوتردها على فاحلف مرتين مرة بالنهار ومرة بالليل فإن إلتزمت أنها لا ترد اليمين على الرجل حلف لها نهاراً أو حلفت هي ليلاً. أهـ فرع قال في أول رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب النكاح وسألت (¬1) ابن القاسم عن الرجل يقول للرجل: ولني نكاح وليتك ولك كذا وكذا، أو يجعل إليه ولم (¬2) يأخذ شيئاً ثم يريد أن يعزله عما جعل إليه من ذلك قال ابن القاسم: في الذي جعل ذلك يجعل لا يحل ذلك ولا يصح، ويرد الجعل على كل حال، وله عزله في الوجهين جميعاً إن شاء فإن وقع النكاح رد الجعل على كل حال، ثم إن كانت المرأة مالكة أمر نفسها ورضيت بالزوج قبل العقد، أو كانت بكراً في ولاية أبيها ثبت النكاح وإن كانت مالكة أمر نفسها (¬3) ولم يسم لها الزوج، ولم تعرفه فسخ النكاح إن كان لم يدخل وإن دخل بها رأيت أن يثبت لأن ذلك رضاً منها، وقال سحنون إذا فوضت إليه نكاحها ليزوجها ممن يشاء، فزوجها كفؤاً فالنكاح جائز سمى لها أم لا بكراً [كانت (¬4)] أو ثيباً، وقال محمد ابن رشد: إنما لم يجز الجعل في هذا، وقال أنه لا يحل ولا يصح (¬5) من أجل أن للجاعل أن يعزله عما جعل إليه من ذلك، ولو لم يكن له أن يعزله عما جعل إليه من أجل الجعل الذي جعل له فيه لجاز ذلك على مذهب سحنون في البكر والثيب، وإن لم يسم لها الزوج إذا رضيت بالأمر، وعلى مذهب مالك في البكر ذات الأب، والثيب إن كان سمى لها الزوج، وعرفته لأن غره الذي أعطى عليه المال من تزويج ولية الرجل لمن يحب (¬6) تم له فيرتفع الغرر ¬

(¬1) في م وسئل. (¬2) في م ولا. (¬3) عبارة م لنفسها. (¬4) ساقطة من م. (¬5) عبارة م لا يصلح. (¬6) عبارة م لم يجب عزله.

والخطر. وقد أجاز ابن القاسم في رسم إن خرجت من سماع عيسى من جامع البيوع، أن يقول الرجل للرجل: ولني بيع دارك [بكذا وكذا (¬1)]، ولك كذا وكذا، والوجه في إجازة ذلك أنه لم ير للمجعول له رجوعاً فيما جعل إليه بما أعطاه، إذ لم يتعلق في ذلك حق لغيره بخلاف النكاح الذي تعلق به حق للولية المتزوجة، وقد كان بعض الشيوخ يذكر في الفرق بين المسألتين فرقاً يزهو باستنباطه إياه واهتدائه إليه، وهو أنه في النكاح جعل لا منفعة فيه للجاعل، وفي البيع جعل على ما فيه منفعة إذ قد يشترط على المشتري في البيع أكثر من الجعل، فيكون قد انتفع بالزيادة التي صارت (¬2) إليه، وإن اشترط في النكاح على الزوج شيئاً لم يكن له، وكان للزوجة لأن كل ما اشترطه الولي من حباً (¬3). أو كرامة فهو للزوجة، فصار قد أعطى الجعل على مالا منفعة له فيه، وهو وهم من قائله إذ لا فرق [في هذا (¬4)] بين النكاح والبيع، لأن من وكل رجلاً على أن يبيع له سلعة فباعها، واشترط لنفسه على المشتري شيئاً يأخذه منه فلا حق له فيه، وهو لرب السلعة كما شرط الولي على الزوج فالفرق بين المسألتين هو ما ذكرناه لا سواه. ثم تكلم [عيسى (¬5)] على النكاح إذا لم تعلم (¬6) المرأة بالزوج إلا بعد العقد، وكانت مالكة أمر نفسها، وذكر أنه لا خلاف أن النكاح لا يلزمها إذا لم ترض به، واختلف إذا رضيت، والمشهور أن ذلك يجوز في القرب، ولا يجوز في البعد (¬7). أهـ والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من م .. (¬2) عبارة م جازت. (¬3) الحبة: بالضم الحب يقال نعم وحبه وكرامة وقيل في تفسير الحب والكرامه أن الحب الخشبات الأربع التي توضع عليها الحبرة ذات العروتين وإن الكرامة الغطاء الذي يوضع فوق تلك الجرة من خشب كان أو من خزف. أنظر لسان العرب ص 229 جـ 1. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) عبارة م ترضى. (¬7) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 52 ظهر و 53 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611.

فرع

فرع قال في رسم إن خرجت من سماع عيسى من جامع البيوع قال ابن القاسم: من قال [لرجل (¬1)] ولني بيع دارك ولك عندي عشرة دنانير، قال إذا فعل وسمى للدار ثمناً فالعشرة لازمة له فلا بأس بهذا، قال محمد بن رشد: قوله وسمى للدار ثمناً يريد، أو فوض إليه الاجتهاد في بيعها بما يراه من الثمن لأنه إنما بذل له العشرة على أن يتم له ما أراد من بيعها لما له من الغرض في ذلك، فلو كان لم يسم له ثمناً، ولا فوض إليه الاجتهاد فيما يبيعها به لما جاز له ذلك إذ لعله لا يرضى أبداً ببيعها بما يعطي فيها فتذهب العشرة التي أعطى باطلاً، أو يرد فيكون سلفاً رجاء منفعة فإذا ولى له بيع الدار على ما بذل فليس له أن يعزله عن ذلك قبل أن يبيع إذ لا يتعلق بذلك حق لغيره، بخلاف النكاح الذي يتعلق به حق للولية المزوجة على ما مضى في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب النكاح. فرع قال في رسم البز (¬2) من سماع البن القاسم من كتاب الجعل والإجازة: قال ابن القاسم: قال مالك: من قال دل (¬3) على من يشتري مني جاريتي ولك كذا وكذا فدل عليه فذلك لازم، ومن قال دل على من أؤاجراه نفسي ولك كذا وكذا [فدله] (¬4) فذلك له ومن قال دلني على امرأة أتزوجها ولك كذا وكذا فلا شيء له [عليه] (¬5) قال سحنون: كل ذلك عندي واحد ليس بينهما فرق، وأرى أن يلزمه في البيع والإجارة (¬6)، وقال أصبغ في كتاب البيع والصرف من ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) هكذا وجدتها في البيان والتحصيل برسمها الثابت في الصلب ولعل وجه الصواب فيها "البراءة". (¬3) عبارة دلني وهو الصواب. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) م وع في النكاح مثل ما يلزمه في البيع وهو الصواب.

سماعه مثل قول سحنون قال محمد بن رشد: [لهما] (¬1) إنما فرق مالك بين ذلك من أجل أنه لا يلزمه أن يدل عليه من يشتري منه ولا من يبيع منه، ولا من يؤاجره نفسه، ولا شيئاً من الشياء، ويلزمه أن يدله على امرأة تصلح له لأن معنى قوله دلني على امرأة أتزوجها أي أشر علي بامرأة تعلم أنها تصلح لي، وهذا لو سأله إياه دون جعل للزمه أن يفعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة" (¬2) الحديث ألا ترى أنه لو قال رجل لرجل دلني على امرأة أتزوجها فأنا (¬3) محتاج إلى النكاح فقال [له] (¬4) أنا أعلمها، ولكني لا أعلمك بها، وأدلك عليها إلا أن تعطيني كذا وكذا لما حل ذلك له، ولو قال ولك كذا وكذا [فدل عليه] (¬5) لكان له الجعل فالأصل في هذا أن الجعل لا يجوز فيما يلزم الرجل أن يفعله، وإنما يجوز فيما لا يلزمه أن يفعله مثل أن يقول: دلني على امرأة أتزوجها أو أسع لي في نكاحها على ما يأتي في رسم البراءة من سماع عيسى، وإنما قال سحنون وأصبغ أن الجعل يلزم في قوله دلني على امرأة أتزوجها لأنهما فهما من قوله دلني على امرأة أتزوجها، أنه أراد بذلك البحث لي على امرأة تصلح لي ودلني عليها ولك كذا وكذا فأوجب له الجعل إذ لا يلزم الرجل أن يبحث للرجل على من يصلح له من النساء فيدله عليها، ويلزمه إذا استرشده في أمر قد علمه أن يدله وينصح له ولا يكتمه، ولو قال دلني على من أبيع منه سلعتي، أو أزاجره نفسي ولك كذا وكذا لكان له الجعل بخلاف قوله دلني على امرأة أتزوجها ففي هذا يفترق البيع من النكاح إذ لا يلزم الرجل أن يدل الرجل على من يشتري منه سلعته إذا سأله ذلك، وإن كان عالماً بمن يصلح له، ويمكن أن يشتريها منه، ويلزم (¬6) الرجل أن يدله على امرأة يتزوجها إذا سأله ¬

(¬1) ساقطة من م وع وهي زيادة مقحمة في نسخة الأصل ولعلها زيادة من الناسخ. (¬2) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أخرجه البخاري في صحيحه جـ 1 ص 146 ومسلم في صحيحه جـ 1 ص 74. أنظر المعجم المفهرس جـ 6 ص 459. (¬3) في م فإني. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل .. (¬6) عبارة م ويلزمه.

فرع

ذلك، وكان عالماً بامرأة تصلح له ويمكن أن تتزوجه، والفرق في هذا بين النكاح والبيع أن البيع مباح، والنكاح مندوب إليه، وقد يكون واجباً ولو اضطر الرجل الغريب في موضع لا سوق فيه، إلى بيع سلعته في أمر لا بد [له] (¬1) منه فقال [لرجل] (¬2) دلني على من يشتري مني سلعتي وهو يعلم من يمكن أن يشتريها منه لما حل له أن يقول لا أدلك إلا أن تعطيني كذا وكذا لوجوب ذلك [عليه (¬3)] فهذا وجه القول في هذه المسألة وعلى هذا تتفق الروايات، ولا يكون بين النكاح والبيع [فرق] (¬4)، وإن كان ابن حبيب قد حكى من قول (¬5) ابن القاسم وروايته عن مالك أن الجعل في الدلالة على النكاح لا يلزم، وحكى [عن] (¬6) غير واحد من أصحاب مالك إجازته، وأنه سمع ابن الماجشون إجازته (¬7) عن مالك، فهذا (¬8) تأويل منه في أن ذلك اختلاف من القول، وتأويلنا أظهر (¬9). أهـ فرع قال في رسم البراءة من سماع عيسى من كتاب الجعل والإجارة قال عيسى، قلت لابن القاسم فإن قال اسع لي في نكاح بنت فلان، أو أشخص (¬10) لي في ذلك ولك كذا وكذا. قال إذا سعى في ذلك، وكان حيث هو في حاضرته، ولم يشخص فيها إلى بلد فلا بأس به إن شاء الله تعالى، وذلك يلزمه، قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال أن الجعل في ذلك جائز ولازم ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من م. (¬5) عبارة م عن ابن القاسم. (¬6) ساقطة من م وع .. (¬7) عبارة م أخبر به. (¬8) في م وهذا. (¬9) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 130 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10612. (¬10) أشخص أو شخص: ذهب من بلد إلى بلد، وقيل سار. أنظر تاج العروس جـ 4 ص 401.

لأنه في أمر مباح لا يلزم المجعول له فعله، وقد مضى بيان هذا المعنى في رسم البز (¬1) من سماع ابن القاسم، ومضى في رسم إن خرجت من سماع عيسى من جامع البيوع، ورسم الجواب من سماع عيسى من كتاب النكاح، والقول على قوله دلني إنكاح (¬2) وليتك ولك (¬3) كذا وكذا، أو ولني بيد دارك ولك كذا وكذا، وبينت المعنى في الفرق بين النكاح والبيع، فلا معنى لإعادته. وبالله التوفيق. وأما شرطه في هذه المسألة أن يكون ذلك في حاضرته، ولا يشخص فيه إلى بلد آخر فلا وجه له إذ لا منفعة للجاعل في شخوصه إلى بلد آخر إن لم يتم النكاح وهو يشخص (¬4) في ذلك رجاء أن يصح له الجعل بتمامه كما يشخص في طلب الآبق [فيها] (¬5) من بلد إلى بلد رجاء أن يجده فيجب له الجعل الذي جعل له فيه وذلك بخلاف الرجل يجاعل [الرجل] (¬6) على أن يبيع له ثوبه ببلد آخر لأنه إن لم يقدر على بيعه بذلك البلد انتفع [الجاعل (¬7)] بحمل سلعته إلى ذلك البلد، فهذه هي العلة في أن ذلك لا يجوز حسبما مضى القول فيه في أول رسم من سماع ابن القاسم، وهي معدومة في مسألة النكاح هذه فوجب أن يجوز (¬8) أهـ. وبالله التوفيق. قلت: هذا كلام ابن رشد الموعود به في الدلالة على جواز الجعل والمجعول له بموضع الآبق. والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) في م البراءة. (¬2) في م نكاح. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 52 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10611. (¬4) عبارة م شخص له. (¬5) ساقطة من م. (¬6) ساقطة من م. (¬7) ساقطة من م. (¬8) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 137 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10612.

فرع

فرع قال في نوازل ابن الحاج في رجل أراد السفر [إلى الحج (¬1)] مع أمه فقال له عمه أترك السفر مع أمك وأزوجك ابنتي، وأعطيك عشرة مثاقيل فترك السفر مع أمه ثم قام على عمه بعد سبعة أشهر يطلبه العدة، فأجاب بأنه يحكم على عمه بدفع العشرة مثاقيل إليه وينكحه ابنته إلا أن يكون قد عقد نكاحها مع أحد فلا يحل النكاح، وذلك لأنها عدة قارنها السبب (¬2) وهو ترك السفر مع أمه، وبذلك انتهى ابن رشد [أيضاً] (¬3) أهـ. وفهم من هذه المسألة أن من إلتزم لشخص أن يزوجه (¬4) ابنته، أو من له ولاية الجبر عليها فإنه يقضى عليه بذلك إلا أن يعقد نكاحها لغيره فإنه لا يفسخ فتأمله. والله تعالى أعلم. فرع قال ابن رشد في رسم مسائل البيوع والكراء من سماع أشهب من كتاب الرد بالعيوب: في شرح مسألة جواز سؤال الواحد أن يكف عن الزيادة في البيع، وعدم [جواز (¬5)] سؤال الجميع، فلو قال لواحد مف عني ولك دينار جاز ذلك ولزمه اشترى أو لم يشتر ولو قال كف عني ولك نصفها على سبيل الشركة لجاز أيضاً، وإنما لم يجز ذلك في (¬6) الرواية إذا أعطاه النصف على طريق العطية فكأنه أعطاه على أن لا يزيد عليه ويكف [عنه (¬7)] مالاً يملك، فلذلك لم يجز والله تعالى أعلم. قاله ابن فرحون وهو صحيح (¬8) أهـ ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) في م سبب. (¬3) ساقطة من م. (¬4) عبارة م بزواج. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) في م من. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 52 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10612.

ونقله ابن عرفه في الكلام على النجش، وقال في اإجازته في مسألة الدينار نظر لأن اعطاءه ليس للكف (¬1) لذاته بل لرجاء حصول السلعة [له (¬2)] وهي قد لا تحصل، وظاهر قول المازري إنما يجوز في سؤال الواحد إذا كان الترك تفضلاً، ولو كان على أن له نصفها لم يجز لأنه دلسه ومنعه (¬3) بالدينار خلاف نقل ابن رشد (¬4). أهـ قلت: والرواية التي أشار إليها ابن رشد هي ما ذكره في النوادر في ترجمة النجش عن (¬5) كتاب محمد. قال ومن كتاب محمد، ولا بأس أن يقول المبتاع لرجل حاضر كف عني لا تزيد (¬6) علي في هذه السلعة، فأما الأمر العام فلا وكره له أن يقول كف عني ولك نصفها وتدخله الدلسة (¬7). أهـ تنبيهات (1) الأول لا يشترط ظهور المنفعة بل تكفي مظنتها لأن العاقل لا يفعل إلا ما يتوقع فيه مصلحة، ولذلك أجازوا الخلع من الأجنبي وجعلوه لازماً، بل قالوا أنه لا يفتقر إلى حيازة، ولا يبطل بالموت والفلس فإذا قال الشخص لرجل طلق زوجتك ولك عندي كذا وكذا، أو علي كذا وكذا وطلقها لزمه ذلك قال في رسم باع غلاماً من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح: وسئل عن الرجل الحر يتزوج الأمة، ثم أن الرجل من أهله يأنف (¬8) من ذلك فقال له طلقها، وأنا أكتب لك كتاباً بمائة دينار في نكاح امرأة إذا بدا لك أن ¬

(¬1) عبارة م على الكف. (¬2) ساقطة من ع. (¬3) عبارة م سلعته منه. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 160 ظهر و 161 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬5) في م من. (¬6) في م لا ترد. (¬7) الدلس - الخديعة يقال مالي فيه ولس ولا دلس مالي فيه خيانة ولا خديعة. ودلس البائع: كتم عيب السلعة عن المشتري. أنظر المعجم الوسيط جـ 1 ص 292. (¬8) في م أنف. بمعنى استنكف واستكبر يقال فيهم أنفة وأنف. المعجم الوسيط جـ 1 ص 29.

تتزوج فطلقها وكتب عليه كتاباً، وأقام نحواً من ثلاثة أعوام لا يتزوج، ثم إن الجارية أعتقت وتزوجت رجلاً فطلقها زوجها فراجعها (¬1) الزوج الأول، وقد مات الذي ضمن [له (¬2)] المال أيكون ذلك في ماله؟ فقال [مالك (¬3)] قد تقادم ذلك (¬4) فلا أرى له حقاً في ماله، ولا أرى لك أن تدخل في مثل هذا قال محمد بن رشد: في قوله قد تقادم هذا فلا أرى له حقاً دليل على أنه لو لم يتقادم لوجب له ذلك في ماله، وإنما وجب له ذلك في ماله إذا تزوج بالقرب، ولم ير ذلك هبة تبطل بالموت لأنه أعطاه ذلك على شرط الطلاق، فصار ثمناً للطلاق، ويجب له بعد الموت ويحاصص الغرماء به في الموت والفلس وفي العشرة ليحيى عن ابن القاسم أنه لا شيء له في ماله بعد الوفاة فرآه كالعطية على غير عوض، وعلى هذا اختلفوا في الرجل يعطي امرأته النصرانية داره على أن تسلم هل هي ثمن لإسلامها فلا تحتاج فيها إلى حيازة، أو عطية تفتقر إلى حيازة؟ حكى ابن حبيب في ذلك قولين ومن هذا المعنى المسألة الواقعة في رسم أخذ يشرب خمراً من سماع ابن القاسم في الصدقات والهبات أحلف لي أنك لم تشتمني ولك كذا وكذا، فيدخل فيه القولان، ثم قال: وكان الأظهر في (¬5) مسألة الكتاب أن تجب له المائة تقادم الأمر أم لم يقادم لقوله فيها إذا بدا لك لأن إذا ظرف لما يأتي من الزمان، ولو علق العطية بالتزويج دون الطلاق فقال له، إن تزوجت فلك داري الفلانية، أو فلك قبلي كذا وكذا لكان ذلك أمراً لازماً له في الحياة والموت لا يحتاج فيه إلى حيازة بإتفاق، وإن تزوج بالقرب على هذه الرواية، ولو قال [له] (¬6) إن تزوجت فأنا أعطيك كذا وكذا [كانت عدة (¬7)] على سبب تجري على الإختلاف في ذلك (¬8). أهـ ¬

(¬1) في م فارتجعها. (¬2) ساقطة من م وع. (¬3) ساقطة من م. (¬4) في م هذا .. (¬5) في م من. (¬6) ساقطة من م. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 18 و 19 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10611.

وقوله ولو علق العطية بالتزويج إلى قوله لا يحتاج فيه إى حيازة، معناه إذا تزوج قبل أن يموت أو يفلس (¬1). وهذا [من] (¬2) الإلتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة للملتزم له وسيأتي في النوع السادس. (2) الثاني الإلتزام الذي من باب هبة الثواب ومن (¬3) باب الجعل لغيره لأنه من باب المعاوضة فيطلب في الشيء الملتزم به أن يكون معلوماً لا غرر فيه. قال في كتاب الجعل والإجارة من المدونة: وإن قال من جاءني به يعني العبد الآبق فله نصفه لم يجز لأنه لا يجوز بيعه لأنه لا يدري ما دخله ومالا يجوز بيعه فلا يجوز أن يكون ثمناً لإجارة، أو جعل، وإن جاء به على هذا [فله أجر مثله، وإن لم يأت به (¬4)] فلا شيء له (¬5). أهـ وقال ابن رشد: في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الجعل رأيت في مسائل منتخبة لابن لبابة قال ابن القاسم كل ما جاز بيعه جاز الإستئجار به، وأن يجعل جعلاً، وما لم يجز بيعه لم يجز الإستئجار به، ولا جعله جعلاً إلا خصلتين فيمن يجعل لرجل على أن يغرس [له (¬6)] أصولاً حتى تبلغ حد كذا ثم هي (¬7) والأصل بينهما، فإن نصف هذا لا يجوز بيعه، وفيمن يقول ألقط (¬8) زيتوني فما ألقطت من شيء فلك نصفه فهذا يجوز يريد، وبيعه لا يجوزن وقد (¬9) روى عن مالك أنه لا يجوز ولم يختلف قوله في جواز اقتض لي مائة على فلان، وما اقتضيت فلك نصفه وهما سواء. قال محمد بن رشد: الفرق ¬

(¬1) عبارة م أن يفلس أو يموت. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في م وهو من. (¬4) ما بين القوسين ساقط من م. (¬5) أنظر المدونة جـ 11 ص 100/ 101. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في م وهي. (¬8) في م لقط. (¬9) في م قال وروى.

فرع وعلى جواز الجعل في اقتضاء الدين بجزء منه

أن [في] (¬1) لقط الزيتون غرراً لأن أوله أهون من آخره ألا ترى أنه إذا كان كثيراً لقط على العشر وأقل، وإن كان خفيفاً لقط على النصف وأكثر، ولا يدري الجاعل هل يتم العامل العمل أم لا فالأظهر منع الجعل فيه، وأما المجاعلة على اقتضاء الدين بالجزء مما (¬2) يقتضي فأشهب لا يجيزه، والأظهر أنه جائز إذ لا فرق بين أوله وآخره في العناء. وأما الحصاد والجذاذ فلا خلاف بينهم في جواز المجاعلة فيه على الجزء منه، بأن يقول جذ من نخلي ما شئت، أو أحصد من زرعي ما شئت على أن لك من كل ما تجذ أو تحصد جزء كذا الجزء يسميه (¬3). أهـ ونقله ابن عرفه في كتاب الجعل (¬4). قلت: مذهب المدونة في لقط الزيتون الجواز. وحكى ابن الحاجب في مسألة الحصاد قولين وهو خلاف ما نقل ابن رشد من الإنفاق. فرع وعلى جواز الجعل في اقتضاء الدين بجزء منه: قال ابن عرفة: لو قال اقتضي لي مائة من فلان ولك نصفها، [وما اقتضيت من شيء فلك نصفه جاز ولو لم يزد] (¬5) وما اقتضيت من شيء فلك نصفه ففي جوازه قولاً ابن القاسم، وابن وهب، وابن رشد بناء على حمله على الإجارة أو الجعل (¬6) والله أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) في م بزيادة لا. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 124 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10612. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 177 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10846. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 179 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11846.

فرع لو قال إن جئتني بعبدي الآبق فلك خدمته شهرا

فرع لو قال إن جئتني بعبدي الآبق فلك خدمته شهراً أو عمله كذا كان جعلاً فاسدا الجهل عوضه (¬1). أ. هـ قاله ابن عرفه في الكلام على حد الجعل. فرع قال عبد الحق من جعل جعلاً لمن جائه بعبده الآبق نصفه فجاء به شخص وهلك بيده قبل أن يدفعه إلى ربه، فهو جعل فاسد وللمجعول له على الجاعل قيمة عنائه [في ذهابه في طلبه ونصف قيمة عنائه] (¬2) في رجوعه إلى وقت هلاكه، وللجاعل على المجعول له قيمة نصف عبده يوم قبضه، ونقله ابن عرفه وقبله، وذلك [لأنه (¬3)] بقبضه دخل في ضمانه (¬4). أهـ مسألة سئلت عنها وهي رجل أسكن شخصاً داراً له على أن أسكنه الآخر داراً له ورضي كل واحد بسكناه في دار صاحبه عوضاً عن سكنتي داره وإلتزم كل [واحد (¬5)] منهما الرضا بذلك مدة حياته، فأجبت بأن ذلك غير لازم لأنه إجارة فاسدة، لكونها إلى مدة غير معلومة والله تعالى أعلم. (3) الثالث الإلتزام هنا لغيره أيضاً في أنه لا يبطل بالموت والفلس لأنه معاوضة، وينظر في ذلك العمل، فإن مات الملتزم قبل أن يشرع والفلس لأنه معاوضة، وينظر في ذلك العمل، فإن مات الملتزم قبل أن يشرع الملتزم له في العمل فلا يلزم الورثة التمادي [وإن مات بعد أن تم العمل لزم ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 175 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تحت رقم 10846. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من م. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 177 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846. (¬5) ساقطة من م.

فرع

الجعل للملتزم] (¬1)، وإن مات في أثناء العمل فلا يخلو إما أن يكون مما لا يتبعض كطلب الآبق، وحفر الآبار فهذا ليس للورثة أن يمنعوه من تمامه وإما أن يكون مما يتبعض كالحصد واللقط، واقتضاء الدين فهذا لا يلزم ورثته الملتزم أن يبقوه على ذلك إلا أن يكون الإقتضاء يحتاج إلى شخوص من البلد، ومات الملتزم بعد أن شرع الملتزم له في الطلب والشخوص، قال ابن رشد: فهذا يجب أن يكون [له (¬2)] القيام في اقتضاء ما كان قام فيه، ولورثته إن مات يعني الملتزم له القيام مقامه والله تعالى أعلم. وهذه المسألة في سماع أصبغ من كتاب الجعل والإجارة (¬3). أهـ تنبيه قد تقدم في كلام ابن رشد الخلاف في مسألة الخلع، وفي مسألة من قال أحلف لي ولك كذا وكذا هل يفتقر للحوز قبل الموت والفلس أم لا والظاهر من كلامه ترجيح القول بأنه لا يفتقر إلى ذلك (¬4) والله تعالى أعلم. فرع قال في آخر كتاب الصلح من المدونة: وإن كان لك عليه ألف درهم حالة فأشهدت له انه إن أعطاك مائة من الألف الحالة إلى شهر فباقيها ساقط عنه، وإن لم يفعل فالألف كلها لازمة له فذلك جائز ولكما لازم (¬5). أهـ قال أبو الحسن: أي إن أتى بالحق كله للوقت فذلك لازم، وإن مضى الأجل ولم يأت به، أو بقي منه ماله بال رجع عليه بجميع حقه، وإن أتى به للوقت إلا درهماً، أو بعد الوقت بيوم فهل يلزمه أم لا في ذلك اختلاف. قال ابن يونس قال ابن حبيب: قال مطرف عن مالك فيمن قال لغريمه إن عجلت لي حقي أوالي شهر فلك وضيعة كذا فيعجله للوقت إلا درهماً، أو الشيء ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 144 ظهر و 145 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬4) في م للحوز. (¬5) أنظر المدونة جـ 11 ص 27.

التافه، أو بعد الوقت بيوم أو أمد قريب (¬1)، أن الوضعية لازمة. قال مطرف كقول مالك في السلم في ضحايا يأتي بها بعد أيام الأضحى بيوم أنها لازمة له، وإن تباعد ذلك بالأيام فهو مخير في قبولها أو يردها، ويأخذ رأس ماله، وقال أصبغ في الوضيعة لا تلزمه (¬2) إذا جاء بالحق بعد الوقت بيوم، أو ناقص درهم قال ابن حبيب: وقول مطرف أحب إلي وقال عيسى في العتبيه: كقول أصبغ إن له شرطه (¬3) ابن يونس جيد لقوله صلى الله عليه وسلم (المؤمنون (¬4) عند شروطهم (¬5) قال ابن يونس: ويدخل هذا الاختلاف في مسألة الأضاحي. أهـ وما ذكره عن عيسى هو نوازله من كتاب المديان والتفليس ونصه: وسئل عن الرجل يقول لغريمه وقد حل حقه إن عجلت لي كذا وكذا من حقي فبقيته عنك موضوع إن عجلته لي نقداً الساعة، أو إلى أجل يسمسه [فعجل له نقداً أو إلى الأجل إلا الدرهم أو النصف أو أكثر من ذلك (¬6)] هل تكون الوضيعة لازمة؟ فقال ما أرى الوضيعة تلزمه إذا لم يعجل له جميع ذلك، وأرى الذي له الحق على شرطه، قال محمد بن رشد: هذه مسألة يتحصل فيها أربعة أقوال: أحدهما: قوله في هذه الرواية وهو قول أصبغ في الواضحة، ومثله في آخر كتاب الصلح من المدونة أن الوضيعة لا تلزمه إلا أن يعجل له جميع ما شرط إلى الأجل الذي سمى (¬7)، وهو أصح الأقوال. ¬

(¬1) عبارة م أنه قريب أي. (¬2) في م يلزمه. (¬3) عبارة م أن شرطه. (¬4) في ع المسلمون وهو الصواب. (¬5) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً والمسلمون على. (وفي رواية أخرى عند) شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً) أخرجه الترمذي في سننه جـ 6 ص 104، والبخاري في صحيحه جـ 5 ص 358 وأبو داود جـ 9 ص 515/ 516. (¬6) ما بين القوسين ساقط من ع. (¬7) أنظر المدونة جـ 11 ص 27.

والثاني: أن الوضيعة لازمة له بكل حال لا ينتفع (¬1) صاحب الدين بشرطه وهو قول ابن الماجشون. ونحوه [ما] (¬2) في سماع أشهب من كتاب الضحايا في (¬3) الذي [يسلم (¬4)] في الضحايا ليأتي بها في الأضحى فلا يأتيه بها المسلم إليه إلا بعد ذلك [أنه يلزمه أخذها ولا خيار له في تركها (¬5)] وما في السلم (¬6) من المدونة في السلم ينعقد على تعجيل رأس المال فيتأخر النقد إلى حلول الأجل بهروب من السلم وهو عرض أن السلم لازم للمسلم إليه، ولا خيار له فيه. والثالث: أن الوضيعة [لا] (¬7) تلزمه إلا أن ينتقص (¬8) الشيء اليسير من شرطه، وهو على ما روى مطرف عن مالك: في الذي يسلم في الضحايا على أن يأتي بها في الأضحى، فلا يأتيه بها في الأضحى، أنه لا يلزمه [إلا (¬9)] أن يأتيه بها بقرب الأضحى بعد اليوم واليومين. والرابع: أنه يلزمه من الوضيعة بقدر ما عجل له من حقه، وهذا يأتي على ما في سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات (¬10). أهـ واقتصر في مفيد (¬11) الحكام على قول عيسى الذي صححه [ابن رشد (¬12)] والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) في م وع ولا ينتفع. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) عبارة م وع يسلف. (¬4) ساقطة من م. (¬5) ما بين القوسين ساقط من م. (¬6) عبارة م أنه من المدونة في السلم. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) في ع، م ينقص. (¬9) ساقطة من م. (¬10) أنظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 271 ظهر و 272 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10610. (¬11) أنظر مفيد الحكام ورقة 102 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 3462. (¬12) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

مسألة

تنبيه وهذا كله إذا كان الحق حالاً أو حل أجله، وأما إن (¬1) كان مؤجلاً ولم يحل الأجل، فلا يجوز أن يضع له بعض الحق على أن يعجله لأنه يدخله ضع وتعجل، فإن وقع ذلك فالحق باق إلى أجله، وله أن يأخذ ما عجله. والله تعالى أعلم. مسألة [أل] (¬2) في معين الحكام لا يجوز بيع الثنايا، وهو أن يقول أبيعك هذا الملك، أو هذه السلعة على أن أتيك بالثمن إلى مدة كذا، أو متى آتيك به فالبيع مصروف عني (¬3) ويفسخ ما لم يفت في يد (¬4) المبتاع فتلزمه القيمة يوم قبضه، وفوت الأصول لا يكون إلا بالبناء، والهدم، والغرس، ونحو ذلك هذا هو المشهور من المذهب (¬5). أهـ. وأصل [هذه (¬6)] المسألة في كتاب بيوع الآجال (¬7) من المدونة. قال فيه ومن ابتاع سلعة على أن البائع متى رد الثمن فالسلعة له لم يجز لأنه بيع وسلف. قال سحنون بل سلف جر منفعة قال أبو الحسن: معنى قوله في المدونة بيع وسلف أنه تارة يكون بيعاً وتارة يكون سلفاً، لا أنه يكون له حكم البيع والسلف في الفوات، بل فيه القيمة ما بلغت إذا فاتت [السلعة (¬8)]. أهـ. ¬

(¬1) م وع إذا. (¬2) ما بين القوسين ساقطة من الأصل. (¬3) في م على. (¬4) في م، ع بيد. (¬5) أنظر معين الحكام لابن عبد الرفيع ورقة 57 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12343. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) أنظر المدونة جـ 9 ص 133. (¬8) ساقطة من ع.

فرع

فرع قال الرجراجي (¬1) واختلف إذا أسقط مشترط الثنايا شرطه هل يجوز البيع أم لا على قولين: أحداهما: أن البيع باطل والشرط باطل وهو المشهور. والثاني: أن البيع جائز إذا أسقط شرطه وهو قوله في كتاب محمد، وقال محمد يريد إذا رضي المشتري: وقال الشيخ أبو محمد: وقد فسخا الأول. أهـ [وقال الشيخ] (¬2) أبو الحسن: اختلف إذا نزل هل يتلافى بالصحة كالببيع الفاسد أم لا على قولين. أهـ ويعني بقوله يتلافى أن يسقط الشرط كما تقدم، وقال في سماع أشهب من جامع البيوع، وسئل مالك (¬3) عمن باع أصل حائطه (¬4) من رجل على أنه متى جاءته بالثمن كان أحق بحائطه، وكان إليه رداً فأقام بيد (¬5) المشتري ست سنين ¬

(¬1) هو أبو علي عمر بن محمد الرجراجي الفاسي المولد تاج الزهاد وإمام العباد الشيخ الصالح العلامة المعظم عند الخاصة والعامة وشهرته بالصلاح أكثر من شهرته بالعلم أخذ عن جماعة من مشبخة فاس منهج أبو عمران العبدوسي وعنه جملة منهم ابن الخطيب القسطنطيني وعرف به وأثنى عليه كثيراً، وابن علال المصمودي، وتوفي سنة عشر وثمنمائة والدعاء عند قبره مجرب الإجابة. ذكر صاحب شجرة النور بهامش شخصية أخرى تشترك مع المترجم له في الإسم لعله هو المقصود هنا وهو أبو حفص الحاج عمر الرجراجي نسبة لقبيلة بالمغرب قدم لإفريقية وأنكر على أهل تونس مسائل كثيرة كتب بها إلى الإمام البرزلي وأجابه عنها مسألة مسألة أثبتها في كتابه الجامع لمسائل الأحكام بما نزل بالمفتين والحكام وعمر هذا كان عالماً زاهداً استقر أخيراً بحامة قابس وبها توفي وقبره لهذا الوقت يزار متبرك به. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 250. وتذييل الديباج ورقة 113 ظهر أو ما بعدها. (¬2) ساقطة من م وع. (¬3) في م عن رجل. (¬4) يعني بستانه. (¬5) في م وع في يد.

يستغله فجاءته بالثمن فرده إليه (¬1)، وأخذ حائطه وطلب المشتري [رب] (¬2) الحائط ما أنفق في الحائط. قال مالك: أصل هذا البيع لم يكن جائزاً ولا حسناً، وأرى للمشتري ما أكل من الثمرة بالضمان، وأرى له على رب الحائط ما أنفق في بنيان جدار أوحفر بئر قال محمد بن رشد: هذا البيع يسمونه بيع الثنايا، واختلف فيه فقيل، أنه بيع فاسد لما شرط البائع على المبتاع من أنه أحق به [من] (¬3) متى جاءه بالثمن، لأنه يصير كأنه بيع وسلف وهو قول مالك [هنا] (¬4) وفي بيوع الآجال من المدونة، فإن وقع فسخ ما لم يفت بما يفوت [به] (¬5) البيع الفاسد، وكانت الغلة للمبتاع بالضمان فإن فات صح بالقيمة، والحائط لا يفوت في البيع (¬6) الفاسد بالبناء اليسير، فلذلك قال: أنه يقوم على رب الحائط إذا رد عليه ما أنفق المبتاع في بنيان جدار، أي حفر بئر، وقد قبل قيمة ما أنفق، وليس ذلك بإختلاف قول، وإنما المعنى أنه إن كانت نفقته بالسداد رجع بما أنفق، وإن كانت بغير سداد رجع بقيمة ذلك على السداد، وقيل (¬7) فيه أنه ليس ببيع، وإنما هو سلف جر منفعة. قال ذلك سحنون في المدونة، وهو قول ابن الماجشون وغيره، لأنه كأن المبتاع أسلف البائع الثمن على أن يغتل حائطه حتى رد (¬8) إليه سلفه، فعلى هذا القول يرد الغلة للبائع لأنه (¬9) ثمن السلف فهي عليه حرام. أهـ ¬

(¬1) في م عليه. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م وع. (¬3) ساقط من الأصل. (¬4) ساقطة من م. (¬5) ساقطة من م. (¬6) عبارة م بالبيع. (¬7) عبارة م وقد قيل. (¬8) في م وع يرد. (¬9) في م وع لأنها.

فرع

تنبيه الأكثر على أن بيع الثنيا هو ما تقدم، وقال ابن رشد في المقدمات: أن بيوع الشروط كلها تسمى بيوع الثنيا (¬1). [وقال ابن عرفه عم ابن رشد لفظ بيع الثنايا] (¬2) في بياعات الشروط، وخصصه الأكثر بمعنى قولها في بيوع الآجال من ابتاع سلعة على أن البائع متى رد الثمن فالسلعة له لم يجز (¬3) أهـ. والله تعالى أعلم. فرع قال في معين الحكام: والبناء والغرس في ذلك على ثلاثة أوجه: إن كان في وجه الربع ومعظمه فذلك فوت، وإن كان في أقله وأتفهه (¬4) فليس بفوت، ويرد الجميع، وإن كان في ناحية منه ولها قدر فاتت الناحية بقيمتها ويرد الباقي (¬5). أهـ وقوله الربع بفتح الراء وسكون الباء أي العقار، وقد بين ابن رشد قدر الناحية التي تفوت بالغرس في نوازل أصبغ من جامع البيوع، وأنها الربع أو الثلث. والله تعالى أعلم. فرع قال في معين الحكام وللمبتاع ما اغتل في الملك (¬6) قبل الفسخ إلا أن يكون في الأصل (¬7) ثمر مأبور واشترطه المبتاع، فإنه يرد [مع] (¬8) الأصول إن ¬

(¬1) أنظر المقدمات المجهدات جـ 2 ص 542. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) في م أو تافهه وهو تصحيف ظاهر. (¬5) انظر معين الحكام ورقة 57 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12343. (¬6) الصواب في ذلك. (¬7) عبارة م وع الأصول وهو الصواب. (¬8) ساقطة من م.

فرع قال في المتيطية وإن علم أن أصل الشراء كان رهنا وإنما عقدا فيه البيع لتسقط الحيازة فيه،

كان حاضراً، أو مكيلته إن عملها وجده يابساً، والقيمة إن جهلت المكيلة أوجده رطباً (¬1). أهـ وقال الرجراجي: اختلف في بيع الثنيا هل هو بيع، أو رهن على قولين وفائدة الخلاف في [ذلك (¬2)] الغلة فمن رأى أنه بيع قال لا يرد (¬3) الغلة، وقد قال مالك في العتبية الغلة للمشتري بالضمان فجعله بيعاً، وأنه ضامن والغلة له، ومن رأى أنه رهن قال يرد الغلة وأنه في ضمان البائع في كل عيب ونقص يطرأ عليه من غير سبب المشنري [وما كان من سبب المشتري] (¬4) فهو ضامن له، وحكمه حكم الرهان في [سائر] (¬5) أحكامها فيما يغاب عليه. أهـ ونقله ابن سلمون قال ابن عبد الغفور (¬6) قد قيل أن بيعالثنيا فاسد مردود أبداً فات أو لم يفت لأنه حرام محرم، وهو باب من أبواب الربا ترد فيه البياعات، والصدقات، والأحباس فإن وقع إلى أجل كان فيه الكراء لأنه كالرهن، وإن وقع إلى غير أجل فلا كراء فيه، والذي عليه أكثر العلماء وهو مذهب مالك، وابن القاسم أنه لا كراء فيه كان إلى أجل أو إلى غير أجل، لأنه بيع فاسد عندهم وبذلك العمل (¬7). أهـ فرع قال في المتيطية وإن علم أن أصل الشراء كان رهناً وإنما عقدا فيه البيع لتسقط الحيازة فيه، وثبت ذلك اقرارهما عند الشهود حين الصفقة، أو بعدها ¬

(¬1) انظر معين الحكام ورقة 57 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12343. (¬2) ما بين القوسين ساقطة من الأصل. (¬3) في م - ترد. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من م. (¬6) خلف بن مسلمة بن عبد الغفور فقيه حافظ ألف كتاب الإستغناء في أدب القضاء والحكام نحو خمسة عشر جزءاً كثير الفائدة والعلم. توفي رحمه الله سنة أربعين وأربع مائة. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 113، والفكر السامي جـ 2 ص 210. (¬7) أنظر كتاب العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام جـ 1 ص 195 هامش كتاب تبصرة الحكام لابن فرحون لم نعثر على سنة الطبع واسم المطبعة.

وقبض المبتاع الملك وأغتله، ثم عثر على فساده، فإنه يفسخ ويرد الأصل مع الغلة إلى صاحبه، ويسترجع المبتاع ثمنه (¬1). أهـ قلت: ومثله بل أحرى منه إذا علم أن قصد المتبايعين إنما هو السلف بزيادة وتحيلا ببيع الثنيا على ذلك من غير قصد إلى البيع، ويثبت ذلك بإقرارهما كما قال حين الصفقة، أو بعدها وهذا ظاهر وهذا كله إذا قبض المشتري المبيع، واستغله إما بكراء أو كسنى، وأما ما يقع في عصرنا هذا وهو مما عمت به البلوى، وذلت أن الشخص يبيع الدار مثلاً بألف دينار وهي تساوي أربعة ألآف أو خمسة، ويشترط على المشتري أنه متى جاءه بالثمن ردها إليه، ثم يؤجرها المشتري لبائعها بمائة دينار في كل سنة قبل أن يقبضها المشتري، وقبل أن يخليها البائع من أمتعته بل يستمر البائع على سكناها إن كانت محل سكناه، أو على وضع يده عليها وإجارتها، وأخذ منه المشتري الأجرة [المسماة (¬2)] في كل سنة فهذا لا يجوز بلا خلاف لأن هذا صريح الربا، ولا عبرة بالعقد الذي عقداه في الظاهر، لأنه إنما حكم بالغلة للمشتري في البيع الفاسد الانتقال الضمان إليه. "والخراج بالضمان" (¬3) وهنا لم ينتقل الضمان لبقاء المبيع تحت يد بائعه فلا يحكم له بالغلة، بل لو قبض المشتري المبيع وتسلمه بعد أن أخلاه البائع، ثم أجره (¬4) المشتري للبائع على الوجه المتقدم لم يجز، لأن ما خرج من اليد وعاد إليها لغو كما هو (¬5) مقرر في بيوع الآجال، وآل الحال إلى صريح الربا، وهذا واضح لمن تدبره. والله تعالى أعلم. وقد قال البرزلي: لما تكلم على بيع الثنيا وفي المجالس إذا لم يقبضه المبتاع، وتركه عند البائع فهو كالرهن إذا لم يقبض فهو أسوة الغرماء، وإذا ¬

(¬1) أنظر اختصار المتيطية ورقة 79 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 18696. (¬2) ساقطة من م. (¬3) أخرجه أبو داود جـ 9 ص 415 - 417 والترمذي جـ 5 ص 285/ 686. والنسائي جـ 7 ص 254/ 255 وأحمد بن حنبل جـ 2 ص 753/ 754. أنظر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث جـ 3 ص 522. (¬4) عبارة م وقد وقع البيع على الوجه المتقدم. (¬5) عبارة م كما تقرر.

مسألة

قبض وأقر بذلك فسخ وبيع في الحق إن لم يكن معه ما يؤدى إليه، وهو قول شيوخ الفتوى عندهم (¬1). أهـ [بل] (¬2) سمعت من (¬3) والدي رحمه الله تعالى يحكي عن بعض من عاصروه من المفتين أنه لا يحكم للمشتري بالغلة في البيع الفاسد إلا إذا كان جاهلاً بفساده حين (¬4) العقد، وأما إذا كان عالماً بذلك وتعمده فلا غلة له، ولم أقف على ذلك منصوصاً، وظاهر أطلاقاتهم أنه لا فرق بين العلالم والجاهل بل قال ابن سلمون في أحكامه، والبيوع الفاسدة حكم الجاهل فيها حكم العامد في جميع الوجوه، ذكره فيما لا يعذر فيه بالجهل، وذكره في التوضيح أيضاً في باب النكاح في المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل (¬5) وهو وإن كان المقصود منه عكس مسألتنا، وأنه لا يعذر الجاهل فيها بسبب جهله فيفهم منه أنهما سواء، وإلا لقال حكم الجاهل فيها حكم العامد إلا في كذا وكذا فتأمله والله تعالى أعلم. مسألة قال في معين الحكام: ويجوز للمشتري أن يتطوع للبائع بعد العقد بأنه إن جاء بالثمن إلى أجل كذا فالمبيع له، ويلزم المشتري متى جاءه بالثمن في خلال الأجل، أو عند انقضاءه، أو بعده على القرب منه، ولا يكون للمشتري تفويت (¬6) في خلال الأجل فإن فعل ببيع أو هبة أو شبه ذلك نقض أن أراده البائع ورد إليه، وإن لم يأت بالثمن إلا على بعد (¬7) من انقضاء الأجل فلا سبيل له إليه، وإن لم يضربا لذلك أجلاً فللبائع أخذه متى جاءه بالثمن في قرب ¬

(¬1) أنظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 116 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 5430. (¬2) ما بين القوسين ساقط من ع. (¬3) في م سيدي. (¬4) في م وع حال. (¬5) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 134 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12255. (¬6) في م وع تفويته. (¬7) عبارةم إلا بعد انقضاء الأجل.

الزمان أو بعده ما لم يفوته المبتاع فإن فوته (¬1) فلا سبيل له إليه، فإن قام عليه حين أراد التفويت فله منعه بالسلطان إذا كان ماله حاضراً، فإن باعه بعد منع السلطان له رد البيع، وإن باعه قبل أن يمنعه السلطان نفذ بيعه (¬2) أهـ. وهو مختصر من كلام المتيطية، ونحوه لابن سلمون (¬3) وزاد بعد قوله في المدونة (¬4) إن جاءه بالثمن في الأجل، أو ما قرب منه والقرب في ذلك اليوم ونحوه، وأصل (¬5) المسألة في نوازل أصبغ من جامع البيوع، ونقلها ابن عرفة باختصار فقال الطوع بها أي بالثنيا بعد تمام العقد وقبض عوضيه دون توطئة، ولا مواعدة (¬6) ولا مراوضة (¬7) مؤقتة ومطلقة حلال في كل شيء سوى الفروج، إلا أن يجعله في الجارية إلى استبرائها (¬8). أهـ لفظ ونوازل أصبغ فذلك جائز حلال لا بأس به لازم في كل شيء من السلع والحيوان ماعدا الفروج فلا يجوز فيها الشرط الذي جعل له إلا أن يجعل ذلك في الجارية إلى استبرائها، ونحوه مما لا سبيل له فيه إلى الوطء فيجوز وما كان على غير ذلك فأرى أن يبطل إلا أن يدركها بحرارتها على نحو هذا من الأمور التي لم يخل (¬9) عليها المشتري ولم يمكن فينفذ (¬10) له أيضاً وإلا فلا، وأما ¬

(¬1) عبارة ع أفاته وهو الصواب. (¬2) أنظر معين الحكام ورقة 57 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12343. (¬3) في ع ابن المواز. (¬4) في ع المؤقتة وهو تصحيف. (¬5) في م تنبيه. (¬6) في ع مؤاخذة. (¬7) جاء في حديث ابن المسيب أنه كره المراوضة وبعض الفقهاء يجزه إذا وافقت السلعة الصيغة، وقال غيره المراوضة إن تواصف الرجل بالسلعة ليست عندك، وقيل المواضعة بالسلعة ليست عندك، ويسمى بيع مواضعة، وقيل هو أن يصفها ويمدحها عنده. أنظر لسان العرب جـ 7 ص 164. (¬8) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 155 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬9) في ع وم يخلوا. (¬10) عبارة م فينعقد.

فرع قال ابن عرفه عن ابن فتحون: إذا ادعى أحدهما في الثنيا المنعقدة بالطوع أنها كانت شرطا في العقد

إهمالهم في السلع غير الفروج هذا الفرط بلا وقت فذلك لازم ما أدركها في يده، فإن خرجت سقط، وإن وقتها فليس له أن يخرجها ولا يحدث فيها شيئاً يقطع ذلك ما بينه وبين الوقت الذي جعله على نفسه ابن رشد: هذا بين على ما قال: أن العقد إذا سلم من الشرط، وكان أمر أطاع به بعده على غير رأي (¬1) ولا مواطأة فلك جائز لأنه معروف أوجبه على نفسه، والمعروف عند مالك واجب (¬2) لمن أوجبه على نفسه ماعدا جارية الوطء إذ لا يجوز للرجل أن يطأ جارية قد أوجب على نفسه فيها شرطاً لغيره وماعدا جواري الوطء فذلك جائز، وإن (¬3) كان له أجل لزم إليه، ولم يكن للمشتري أن يفوت (¬4) قبل الأجل وإن لم يكن له أجل فذلك لازم ما لم يفوته يريد إلا أن يفوته بفور ذلك، مما يرى أنه أراد به قطع ما أوجبه على نفسه (¬5). أهـ فرع قال ابن عرفه عن ابن فتحون (¬6): إذا (¬7) ادعى أحدهما في الثنيا المنعقدة بالطوع أنها كانت شرطاً في العقد حلف الآخر على نفسيه لما عرف بين الناس من العقد في الظاهر بخلاف الباطن، ولا يسقط حلفه إلا ببينة حضرت ابتياعه على الصحة. ابن عرفه ظاهر قوله حضرت البينة ابتياعها: أن مجرد ذكره في وثيقة التبايع (¬8) لا يسقط هذه اليمين، وظاهر قول المتيطي أن ذكره في الوثيقة ¬

(¬1) في ع بياض. (¬2) عبارة م وع لازم وكلاهما صحيح. (¬3) في م وع فإن. (¬4) في م وع يفوته. (¬5) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 33 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10612. (¬6) في م وع ابن فتوح. (¬7) في م وع إن. (¬8) في م المبتاع.

فرع قال ابن عرفه: ولو ادعى البائع فيما تطوع بعد عقده بالثنيا أن المبيع رهن،

يسقطها، والصواب الأول، ونحوه حكاه في مسألة دعوى الرهن (¬1). أهـ ونحوه في معين الحكام وقال ابن سلمون فإن ادعى أحدهما أن ذلك كان شرطاً في نفس البيع، والآخر أنه كان طوعاً (¬2) ففي وثائق ابن العطار القول قول مدعي الطوع مع يمينه، وقيل لا يمين عليه مع البينة التي قامت له بالطوع. وقال سحنون: إن كان متهماً بمثل هذا فعليه اليمين وإلا فلا. وفي كتاب الإستغناء قال المشاور (¬3): ومن ادعى منهما أن ذلك كان شرطاً في نفس الصفقة حلف وفسخ البيع لما جرى من عرف الناس، وبذلك الفتوى عندنا (¬4). أهـ فرع قال ابن عرفه: ولو ادعى البائع فيما تطوع بعد عقده بالثنيا أن المبيع رهن، تحيل بطوع (¬5) الثنيا الإسقاط حوزه ففي وجوب حلف المبتاع، فإن نكل حلف البائع وثبت قوله وسقوطه ببينة العقد، ثالثهما إن كان متهماً بذلك، ورابعها إن كان من أهل العينة والعمل بمثل فالقول قول البائع مع يمينه، وإلا حلف المبتاع. القول الأول للمتيطي عن ابن لبابة (¬6) قائلاً هو قول العلماء الماضين مع يحيى (¬7) بن إسحاق قائلاً: هو قول مالك وأصحابه، والقول الثاني ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 150 ظهر و 156 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬2) في م تطوعا. (¬3) في م المازري وهو تصحيف. (¬4) أنظر كتاب العقد المنظم للحكام بهامش كتاب تبصرة الحكام جـ 1 ص 196. (¬5) عبارة م والتطوع يحيل بالثنيا. (¬6) في م ابن كنانة. (¬7) هو أبو إسماعيل يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي يعرف بالرقيعة، سمع من أبيه، ورحل فسمع بإفريقية من يحيى بن عمر، وابن طالب وبمصر من محمد بن أصبغ بن الفرج، وبالعراق من إسماعيل القاضي، وأحمد بن زهير وغيرهما ألف كتاب المسوط في اختلاف أصحاب مالك وأقواله وهو الذي اختصره، محمد وعبد الله أبناء إبان بن عيسى ثم اختصر ذلك الإختصار أبو الوليد بن رشد. توفي سنة ثلاث وثلاثمائة وقبل سنة ثلاث وتسعين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 2 ص 77 والديباج المذهب جـ 2 ص 357. وترتيب المدارك جـ 5 ص 160.

حكاه المتيطي عن غير واحد من الموثقين والعمل به. والثالث قول يحيى بن عبد العزيز (¬1) مع عبيد الله (¬2) بن يحيى وحسين ابن محمد بن أصبغ (¬3)، والرابع قول ابن أيمن (¬4) مع أيوب بن سليمان، وعزى ¬

(¬1) في م يحيى بن عمر والصواب هو يحيى بن عبد العزيز أبو زكريا يعرف بابن الخراز قرطبي سمع العتبي وعبد الله بن خالد وغيرهما من الأندلسيين رحل فسمع بمصر من المزني، والربيع بن سليمان المؤذن ومحمد بن عبد الحكم، ويونس بن عبد الأعلى، سمع بمكة من علي بن عبد العزيز وكانت رحلته مع سعد بن معاذ وشودر بقرطبة مع عبيد الله بن يحيى ونظرائه أيام الأمير عبد الله. قال ابن الفرضي، وكان يميل إلى مذهب الشافعي في فقه، كان ذا ورع وعلم كثير، ودخل القيروان فسمع مستخرجه العتبي بها وغير ذلك، سمع منه محمد بن قاسم وأبو العرب التميمي القروي، ولم يسمع منه ابنه، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين وقيل سبع. أنظر ترجمته في المدارك جـ 2 ص 157. (¬2) هو عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي فقيه قرطبة ومسند الأندلس يكنى أبا سروان الحافظ الداعية العالم الكامل الإمام الثقة الفاضل روى عن أبيه ولم يسمع من غيره بالأندلس، وهو آخر من حدث عن والده رحل حاجاً ودخل مصر وبغداد وسمع من أعلام، وعنه أخذ جماعة منهم ابن يحيى وابن أيمن ومحمد بن عبد الله بن عبد البر وغيرهم وطال عمره حتى ذهبت طبقته، كان كريماً وبكرمه تضرب الأمثال روى عن والده الموطأ وحمل عنه بشر كثير وقوله في الموطأ حدثني يعني والده. توفي رحمه الله سنة ثمان وتسعين ومائتين. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 76 والديباج المذهب جـ 1 ص 462. (¬3) لم أتمكن من العثور على ترجمة لهذا العلم ضمن ما توفر لدى الساعة من كتب التراجم .. (¬4) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي الإمام الفقيه العالم الحافظ سمع من محمد بن إسماعيل الصائغ وقاسم بن أصبغ وقاسم بن هلال وغيرهم من أهل الشرق والغرب وعنه ابن مسرة، وابن عيشون، وأبو محمد الباجي وغيرهم صنف كتاباً على سنن أبي داود كتاب حسن متفنن جمع الفقه والحديث ورحلته للشرق كانت سنة 275 مع قاسم ابن أصبغ وقصدا الحافظ أبا داود ولما بلغا العراق وجداه توفي قبل وصولهما فلما فاتهما الإجتماع به عمل كل واحد منهما مصنفاً على سننه. توفي رحمه الله سنة ثلاثين وثلاثمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 88 والديباج جـ 2 ص 313، ورتيب المدارك جـ 5 ص 185/ 186.

فرع

ابن غازي (¬1). الثالث (¬2) لسحنون وغيره. قال ابن عرفه: وتقع في بلدنا هذه الدعوى فيما عقد دون طوع بعده بالثنيا وهي أضعف مما تقدم، فيجري فيه (¬3) غير الرابع (¬4). أهـ فرع قال في التوضيح لما تكلم على بيع الخيار، وأنه يورث أقام أبو محمد صالح على ما نقله [عنه] (¬5) أبو الحسن: مين قوله في المدونة أن الخيار يورث، أن الثنيا أي الجائزة تورث إن مات المتطوع [له] (¬6) بها، واختلف إذا مات المشتري الذي تطوع بالثنيا هل يلزم ذلك ورثته وهو قول أبي إبراهيم (¬7) أولاً يلزم ورثته، وهو قول أبي الفضل راشد (¬8)، واختاره أبو الحسن، واحتج أبو إبراهيم بما نقله ابن يونس عن الموازية في الذي يقول لجاريته، إن جئتيني، بألف درهم فأنت حرة فمات أن العتق يلزم ورثته إن جاءتهم بالألف. أبو الحسن، ولا حجة فيه لأن ¬

(¬1) هو عزى بن محمد بن أحمد بن غازي الشيخ الفقيه النحوي ابن شيخ الجماعة أبي عبد الله قال تلميذه أبو عبد الله الدقاق أخذ عن أبيه وغيره، وتوفي أول يوم من ربيع الثاني يوم الأحد ودفن يوم الإثنين سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة. أهـ يقول الشيخ أحمد بابا ذكر بعض أصحابنا أنه تولى إمامة القرويين أزيد من عشرين سنة أنظر ترجمته تذييل الديباج ورقة 135 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 14596. (¬2) هنا بياض في ع. (¬3) في م وع فيها وهو الصواب. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) ما بين القوسين ساقط من م. (¬7) هو أبو إبراهيم إسحاق بن يحيى بن مطر الأعرج الورياغلي الإمام الفقيه الفاضل العالم العامل العمدة الكامل أخذ عن أبي محمد صالح وغيره، وعنه أبو الحسن الصغير وغيره. له طرر على المدونة توفي في فاس سنة ثلاث وثمانين وستمائة أنظر ترجمته في شجرة النور جـ 1 ص 202 (¬8) هو أبو الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي الإمام الفقيه الفاضل العالم القدوة الكامل أخذ عن أبي محمد الصالح وعنه أبو الحسن الصغير، وأبو زيد الجزولي، وأبو الحسن بن سليمان وغيرهم ألف كتاب الحلال والحرام، وحاشية على المدونة. توفي رحمه الله سنة خمس وسبعين وستمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 201.

هذه قطاعة (¬1) وهي من ناحية الكتابة، وهي لازمة، وفي المستخرجة أن العتق لا يلزمهم. وذكر ابن الهندي فيمن باع سلعة إلى أجل على أن يبقى الدين إلى أجله، وإن فلس المطلوب، [أو مات فمات المطلوب (¬2)] ثم مات الطالب بعده أن ورثة الطالب لا يلزمهم التأخير، وهو دليل على أن الثنيا لا تلزم ورثة المشتري (¬3). أهـ وقال ابن عرفه: ابن عاث (¬4) عن ابن (¬5) تليد (¬6) من مات وقد قال بعد وجوبه أي البيع متى جئتني بالثمن فهو مردود عليك لزم ذلك ورثته أذا أعطوا الثمن، ومن الإستغناء إن كان هذا الطوع يجري مجرى الهبة فهي هبة لم تجز (¬7) فتأمل قول ابن تليد، وقد يكون من باب العدة (¬8). أهـ قال (¬9) ولم يحك غير كلام ابن رشد (¬10) وما قاله أبو الفضل راشد ورجحه أبو الحسن وهو (¬11) الظاهر، وقد صرح ابن رشد بأن الثنيا إذا كانت [على ¬

(¬1) قطاعة بالضم ما سقط عن القطع وقطع النخالة من الجواري فصلها منه وتقاطع الشيء بأن بعضه من بعض وأقطعه إياه أذن له في قطعه. أنظر لسان العرب جـ 8 ص 266. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م. (¬3) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 68 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. (¬4) هو هارون بن أحمد بن جعفر بن عاث أبي محمد النقري الشاطبي قاضي من فقهاء المالكية استقضى بشاطبة وحمدت سيرته له تأليف. ولد سنة اثني عشر وخمسمائة وتوفي سنة اثنين وثمانين وخمسمائة. أنظر ترجمته في الأعلام جـ 9 ص 39. (¬5) هو أبا عبد الله بن سليمان بن محمد بن تليد المعافيري روى عن العتبي وابن مطرح وأبي زيد ويروي عن يونس وبني عبد الحكم ورحل إلى مكة وسمع بها، وقيل أنه دخل العراق وكان مفتي موضعه وإليه كانت الرحلة في وقته وكان رجلاً صالحاً توفي سنة خمس وتسعين ومائتين. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 223/ 224. (¬6) في م ابن قليد. (¬7) في م تحز. (¬8) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 155 ظهر وخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬9) في م وع قلت. (¬10) في م وع ابت تليد. (¬11) في م هو.

الطوع] (¬1) فهي من المعروف، والمعروف يبطل بالموت والفلس فتأمله. تنبيه قال ابن عرفه: لما تكلم على بيع الثنيا في الكلام على البيوع المنهي عنها وذكر النهي عن بيع وشرط (¬2). قلت: لا أعلم مستند الأقوال الشيوخ بصحة الطوع بالثنيا بعد العقد إلا ما في نوازل أصبغ، وفيه لمن أنصف نظراً لأن إلتزامها إن عد من جهة المبتاع عقداً [بتا] (¬3)، فهو من جهة البائع خيار فيجب تأجيله لقولهما من اشترى سلعة من رجل، ثم جعل أحدهما لصاحبه الخيار بعد تمام البيع لزمها إذا كان يجوز في مثله الخيار، وهو بيع مؤتنف لبيع (¬4) المشترى لها من غير البائع مع قولها من ابتاع شيئاً بالخيار، ولم يضرب له أمداً جاز وضرب له من الأجل (¬5) ما ينبغي في [مثل] (¬6) تلك السلعة (¬7). أهـ ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) قال ابن عرفه إلا من طريق عبد الحق قال ذكر عبد الوارث فإنه حدثنا أبو حنيفة عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط أخرجه أبو محمد عن طريق محمد بن عبد الله الحاكم فذكره ابن القطان في باب أحاديث علها عبد الحق، ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل فقال لم يقل عبد الحق بعد ذكره شيئاً، وكأنه تبرأ من عهدته فذكر إسناده وعلته ضعف أبو حنيفة في الحديث وعمر عن أبيه عن جده مذهبه أن لا يضعفه. وأضاف ابن عرفه قائلاً: وفي اختصار الشيخ المحدث جمال الدين بن عثمان الذهبي كتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال في الكتب الستة ما نصه أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه سمع عطاء والأعرج ونافعاً وعكرمة، وعنه أبو يوسف ومحمد عاش سبعين سنة خرج عنه الترمذي، قال ابن عرفه فظاهره أنه مقبول عنده. أهـ. أنظر مختصر ابن عرفه جـ 2 ورقة 153 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تحت رقم 12147. (¬3) ساقطة من ع. (¬4) في م كبيع. (¬5) تعبير م وع الأمد. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 155 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147.

فرع

قلت: الظاهر [أنه] (¬1) ليس عنا عقد بيع، وإنما هذا معروف أوجبه على نفسه. والله تعالى أعلم. فرع قال في رسم إن خرجت من سماع ابن القاسم من كتاب الهبات في امرأة قالت لزوجها: إن حملتني إلى أختي فمهري عليك (¬2) صدقة، فبدا له أن يحملها فخرجت إلى أختها من غير إذنه إن كانت خرجت مبادرة لقطع ما جعلت له فلا شيء عليه من المهر، وإن كان امتنع عن الخروج بها ثم بدا له فترجع عليه بما وضعت له قال ابن رشد: مان الشيوخ يحملون هذه المسألة على الخلاف لما في أول رسم من سماع أصبغ في التي وضعت مهرها لزوجها على أن يحججها أن ذلك حرام لأنه الدين بالدين [والصواب أنها ليست بخلاف وأنها إن وضعت له صداقها على أن يحججها من ماله فذلك لا يجوز للدين بالدين] (¬3)، وكذلك إن تصدقت عليه بمهرها، على أن يحملها إلى أختها من ماله، فالمعنى في (¬4) هذه المسألة أنها وضعت له الصداق على أن يخرج معها، لا تسير (¬5) مفردة لا على أن يحملها من ماله، أو ينفق [من ماله (¬6)] عليها في شيء من سفرها سوى النفقة الواجهة عليه في مقامها، فإذا (¬7) حملت المسألة على هذا صحت، وكانت موافقة للأصول، ولعلها لم يكن لها ذون محرم يخرج معها، فكأنها إنما بذلت له الصداق على دفع الحرج عنها لخروجه معها، وتقدم من (¬8) سماع عيسى من كتاب الحج (¬9) القول على وضعها الصداق على أن يأذن لها في ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) في م صدقة عليك. (¬3) ما بين القوسين ساقط من م. (¬4) في م من. (¬5) في م تسافر وفي ع تمضي. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) في م فإن. (¬8) في م في. (¬9) أنظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 240 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 10610.

النوع السادس الإلتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة للملتزم له

الخروج [في الحج (¬1)] ونص ما في سماع أصبغ من كتاب السلم. قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن المرأة تضع عن زوجها مهرها على أن يحجبها، قال هذا حرام لا يحل لأنه الدين بالدين: وقال (¬2) أصبغ قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال أنه فسخ الدين في الدين لأنها فسخت مالها. عليه من المهر في شيء لم تنجزه من (¬3) احجامه إياها من ماله، إما بالشراء وإما بالكراء والقيام بكل ما تحتاج إليه ذاهبة وراجعة، وقد وقع في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات معارضة لهذه في الظاهر، كان الشيوخ يحملونها على أنها بخلاف (¬4) لها، ومثل هذا لا يصح أن يختلف فيه فالواجب (¬5) أن يتأول على ما يوافق الأصول. ثم ذكر نص المسألة السابقة، ثم تأولها بما تقدم في كلامه. النوع السادس الإلتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة للملتزم له بفتح الزاي كقولك لشخص إن بنيت بيتك، أو إن تزوجت فلك كذا وكذا، وحكمه حكم الإلتزام [المعلق (¬6)] على غير فعل الملتزم والملتزم له، فهو لازم إذا وقع المعلق عليه. كما سيأتي إلا أنهم لاحظوا في هذا كونه في معنى العوض عن تلك المنفعة، فجعلوه لازماً لا يفتقر إلى حيازة كما تقدم في كلام ابن رشد في التنبيه الأول من النوع الرابع (¬7)، وكما سيأتي في كلامه الآن. قال (¬8) في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبات: وسألت ابن القاسم عن الرجل يقول لابنه أصلح نفسك، وتعلم القرآن ولك قريتي (¬9) فلانه، فيصلح نفسه ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) في م قال. (¬3) في م في. (¬4) في م وع خلاف. (¬5) عبارة م قالوا بل يتناول. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) في م البيوع وهو تصحيف. (¬8) في م إلا أن. (¬9) المصر الجامع - بلدة دون المدينة أغلب ساكنيها من الفلاحين والرعاة. أنظر المعجم الوسيط جـ 2 ص 739.

بإذن الله تعالى، ويتعلم القرآن ثم يموت أبوه وهو لم يبلغ الحوز، والمنزل (¬1) في يد أبيه هل ترى الصدقة له جائزة. قال لا إذا كان إنما هو قول هكذا إلا أن يعرف تحقيق ذلك بإشهاد ويشهد له على ذلك، أن يقول لقوم أشهدوا أنه إن قرأ القرآن، فقد وهبته أو تصدقت عليه بعبدي، أو قريتي (¬2) فيكون ذلك جائزاً له إا كان صغيراً في ولاية أبيه ويكون ذلك حوزاً له، فأما إذا لم يكن الأمر على هذا فأخاف (¬3) أن يكون ذلك منه على وجه التحريض فلا أرى ذلك للابن إلا على وجه قولي [التحريض (¬4)] [مثل (¬5)] ما وصفت لك من الإشهاد إن شاء الله تعالى. قال محمد بن رشد: فهم من قوله ولك قريتي فلانه تمليكه إياها بإصلاحه لنفسه وتعلمه القرآن، وليس بنص على ذلك ألا ترى أن أهل العلم، قد اختلفوا في العبد هل يملك أو لا يملك؟ مع إضافة النبي صلى الله عليه وسلم المال لهذه (¬6) اللام التي يسمونها لام الملك. فقال (من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) (¬7)، وقال (وأنت (¬8) ومالك لأبيك (¬9)) فلم يكن هو وماله ملك لأبيه، فلما احتمل أن يريد، بقريتي (¬10) فلأنه ¬

(¬1) عبارة م والقرية. (¬2) في م بقريتي. (¬3) عبارة م وع فإني أخاف. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من م. (¬6) في م وع بهذه. (¬7) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه). أخرجه أبو داود جـ 9 ص 299. والترمذي جـ 2 ص 252/ 253 والنسائي جـ 7 ص 296/ 297 وموطأ مالك جـ 2 ص 611 وأحمد بن حنبل جـ 2 ص 9، 78، 92. أنظر المعجم المفهرس جـ 6 ص 304. (¬8) في م وع أنت وهو الصواب والواو زيادة مقحمة. (¬9) أخرجه ابن ماجه جـ 2 ص 768/ 769 وأحمد بن حنبل جـ 2 ص 179، 204، 214. أنظر المعجم المفهرس جـ 6 ص 305. (¬10) في م وع بقوله قربتي.

فرع

تسكنها (¬1)، أو ترتقق بمرافقها، أو تنفذ أمرك فيها، وما أشبه ذلك لم ير ابن القاسم أن ينقل (¬2) ملكه عنها إلا بيقين (¬3)، وهو أن يقول له (¬4) إذا فعلت ذلك فقد تصدقت عليه بها، أو وهبتها له وما أشبه ذلك فيجوز (¬5) له الهبة، وتصح (¬6) له بحيازته إذا كان صغيراً في ولاية أبيه، ولم يجعل [له] (¬7) ما أوجب له القرية به من اصلاحه نفسه، وتعلمه القرآن عوضاً لها فتمضي له دون حيازة، وفي ذلك اختلاف. ثم ذكر مسألة من أعطى زوجته النصرانية داره على أن تسلم، وقد تقدم كلامه فيها. ثم ذكر عن عبد العزيز بن أبي حازم في رجل قال لابنه إن تزوجت فلك جاريتي فلانه هل يلزمه ذلك قال نعم إذا تزوج [فهي] (¬8) له فإذا (¬9) مات الأب أخذها من رأس المال. قال ابن أبي حازم: وإن كان على الأب دين خاص الغرماء بذلك قال عيسى قال ابن القاسم: هي له دون الغرماء إن فلس، وإن مات (¬10) أخذها من رأس المال، ولم يكن لأهل الدين فيها شيء. قال ابن القاسم ولو قال لك مائة دينار إن تزوجت كان هو والغرماء سواء في الفلس والموت، لأنه ليس شيئاً بعينه وقول ابن القاسم أنه يكون أحق بالجارية من الغرماء، وأنه يحاصصهم (¬11) بالدين هو الصحيح لا ما قاله ابن أبي حازم، ومعناه إذا وهبت له الهبة بالتزويج قبل أن يتداين الأب، وبالله التوفيق. فرع ومن هذا النوع أيضاً المسألة المتقدمة في أول الباب الأول فيما إذا قال ¬

(¬1) عبارة م يسكنها أو يرتفق. (¬2) في م ينتقل. (¬3) في م تعيين وهو تصحيف. (¬4) عبارة م وع أشهدكم أنه إذا فعل. (¬5) في ع فتجوز. (¬6) في م ويصح. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) ساقطة من م. (¬9) في م وع فإن. (¬10) في م أو مات. (¬11) عبارة م ع يحاصص.

البائع للمشتري، بع السلعة التي اشتريتها مني ولا نقصان عليك، فكأنه قال إن بعتها بأقل مما اشتريتها [به] (¬1) مني فالنقصان علي، وهذه المسألة في رسم القضاء من سماع أصبغ من كتاب البيوع، وفي آخر سماع أشهب من كتاب العارية من (¬2) سماع عيسى من كتاب العدة، وتحصيل كلام ابن رشد فيها أنه لا يخلو إما أن يبيع [الرجل] (¬3) السلعة على ذلك، أو يقول ذلك بعد تمام البيع فأما إن باع السلعة على ذلك. فقال ابن رشد: في سماع عيسى من كتاب العدة اتفق مالك وأصحابه فيما علمت أنه لا يجوز أن يبيع الرجل سلعته، أو جاريته من الرجل بشيء (¬4) يسميه له على أنه لا نقصان عليه، فإن وقع وعثر على ذلك قبل أن يفوت بوجه من وجوه الفوت (¬5) فسخ، وإن لم يعثر [عليه] (¬6) حتى فات ببيع أو حوالة سوق أو موت فإختلف هل يحكم في ذلك بحكم البيع الفاسد، أو بحكم الإجارة الفاسدة؟ فقيل أنه يحكم في ذلك بحكم البيع الفاسد، فيصح البيع في ذلك كله بالقيمة يوم القبض، وهو أحد قولي مالك، وأحد قولي عبد العزيز بن أبي مسلمة (¬7) وقيل أنه يحكم في ذلك [كله] (¬8) بحكم الإجارة الفاسدة، لأنه كأنه استأجره على بيعها بما كان [فيها] (¬9) من ربح على الثمن الذي سماه له، فتكون المصيبة فيها من البائع إن كانت، وترد إليه إن فاتت بحوالة أسواق، أو عيب من العيوب المفسدة، ويكون له الثمن الذي بيعت به، فإن فاتت بالبيع كان أقل من الثمن الذي سماه له أو أكثر، ويكون للمبتاع أجرة مثله في بيعه إياها، وهذا قول مالك في هذه الرواية، وقوله في ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في م وفي. (¬3) ما بين القوسين ساقط من م وع. (¬4) عبارة م وع بثمن. (¬5) في م الفوات. (¬6) ساقطة من م. (¬7) في م حازم هكذا صحح بالهامش. (¬8) ساقطة من م. (¬9) ساقطة من م ..

فرع فإن وقع البيع [على صفة] فوجد المشتري المبيع على خلاف الصفة،

الموطأ وقول عبد العزيز بن أبي مسلمة (¬1) في الواضحة، وأما إن لم يعثر على ذلك حتى فوتها المبتاع بهبة، أو صدقة، أو عتق إن كان عبداً، أو حمل إن كانت أمة فاختلف في ذلك على القول بأنها إجارة فاسدة، فقيل إنما يكون على المبتاع في ذلك القيمة يوم الهبة، أو الصدقة، أو العتق، أو الإحمال (¬2) مراعاة لقول من يقول أنه بيع فاسد ويراها في ضمانه بالقبض وهو [قول] (¬3) مالك في هذه الرواية وقيل أنها أي السلعة تفوت (¬4) عليه بالثمن الذي اشتراها به لأن ذلك رضاً منه بالثمن وهو قول ابن القاسم من رواية أصبغ عنه في هذه الرواية، وأما على القول بأنه بيع فاسد [فتكون عليه القيمة في ذلك يوم القبض على حكم البيع الفاسد قولاً واحداً، واختلف في هذه المسألة أيضاً قول ابن القاسم لأن ابن حبيب حكى عنه أنه بيع فاسد] (¬5) لا إجارة فاسدة، مثل قول مالك الذي رجع إليه خلاف قوله في هذه الرواية، وفي موطئه. أهـ وقبل الباجي قول مالك في الموطأ ولم يذكر في المسألة خلافاً، ويظهر من كلام ابن رشد ترجيح القول بأنه بيع فاسد، لأنه جعله القول الذي رجع إليه مالك فتأمله. فرع فإن وقع البيع [على صفة] (¬6) فوجد المشتري المبيع على خلاف الصفة، فأراد رده فقال له البائع بع ولا وضيعة عليك، فهو بمنزلة ما إذا وقع على ذلك ¬

(¬1) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي مسلمة التيمي مولاهم المدني، وقيل أبو الأصبغ فقيه حافظ ثقة يعرف بابن الماجشون ولعله من عائلة عبد الملك ابن الماجشون تلميذ الإمام مالك وقد ترجمت له فيما سبق وهو صاحب كتاب الواضحة ولعله هو بيده مه اختلاف في تاريخ الوفاة حيث توفي المترجم له سنة أربع وستين ومائة، قال ابن فنفد ناقلاً عن ابن ناصر كان من العلماء الربانيين والفقهاء المنصفين، وهو يعد من فقهاء المدينة وقدم بغداد وحدث بها إلى حين وفاته، وله تصانيف كثيرة. أنظر ترجمته في كتاب الوفيات ص 135. (¬2) في م وع الأحبال وهو الصواب. (¬3) ساقطة من م. (¬4) عبارة م وع تكون. (¬5) ما بين القوسين ساقط من م .. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل.

فرع وأما إذا قال له بعد البيع بع ولا نقصان عليك،

قال في سماع عيسى من كتاب العدة: فيمن اشترى طعاماً بعينه فلما ذهب يقبضه (¬1) وجده سوساً فسخطه، فقال له البائع بع ولا وضيعة عليك، فحمله في سفينة فغرقت، قال ابن القاسم: مصيبته من البائع [لأن البيع الأول لم يكن شيئاً، وإنما هو بيع حادث فضمانه من البائع (¬2)] ويعطي للمشتري أجرته فيما حمله وشخص به قال ابن رشد: هذا صحيح على القول بأن البيع على أن لا نقصان على المشتري يشترط (¬3) في [أصل] (¬4) العقد إجارة فاسدة تكون المصيبة فيها من البائع وللمبتاع أجرة مثله لأنه لما وجد الطعام مسوساً وجب نقض البيع فقوله [له] (¬5) بعد وجوب البيع لما وجب رده بسبب الغش [به] (¬6) بع ولا نقصان عليك بمنزلة قول ذلك [له] (¬7) في أصل العقد، لأنه الآن بيع مبتدأ. أ. هـ قلت: وعلى القول بأنه بيع فاسد فيكون ضمانه من المشتري، ويلزمه مثله. والله تعالى أعلم. فرع وأما إذا قال له بعد البيع بع ولا نقصان عليك، فقال مالك في سماع أشهب من كتاب العارية: أرى ذلك لازماً له قال ابن رشد: وهذا كما قال أنه يلزمه، لأن معنى قوله بع ولا نقصان عليك أب [بع] (¬8) والنقصان علي فهو أمر قد أوجبه على نفسه، والمعروف على مذهب مالك وجميع أصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه يحكم به عليه ما لم يمت أو يفلس، وسواء قال له ذلك قبل أن ينتقد أو بعدما انتقد إلا أن يقول له قبل أن ينتقد انقدني وبع ولا نقصان ¬

(¬1) في م القبض. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) في م وع بشرط. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) ساقطة من - م وع. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) ساقطة من الأصل.

عليك، فلا يجوز ذلك لأنه يدخله بيع وسلف. وقال في سماع عيسى من كتاب العدة أنه لا خير في ذلك لأنه يكون فيه عيوب (¬1) وخصومات (¬2). أ. هـ ونحوه في رسم القضاء من سماع أصبغ في (¬3) جامع البيوع. وكلام ابن رشد هذا صريح في أنه إذا قبض البائع الثمن جاز له أن يقول للمشتري بع ولا نقصان عليك، وقال في سماع عيسى من كتاب العدة مسألة قلت: في (¬4) الرجل يشتري من الرجل طعاماً نقداً أو إلى أجل فاستغلاه، وقال للبائع [أقلني] (¬5) فقال [له] (¬6) بع ولا نقصان عليك، ثم قال له بع عشرة أرادب فما نقص لك منها وضعت لك من كل عشرة بحساب ذلك، وكان اشترى منه مائة أردب بثلاثين ديناراً فباع العشرة بدينارين فوضع عنه عشرة دنانير، فقال هذا لا بأس به وسواء كان نقداً أو إلى أجل قبض الثمن أو لم يقبضه. قال ابن رشد: قوله يشتري طعاماً نقداً أو إلى أجل معناه يشتري من الرجل طعاماً بثمن نقداً، أو بثمن إلى أجل، وقوله في آخر المسألة أنه لا بأس به، وسواء قبض الثمن أو لم يقبض كلام فيه نظر. أما إذا لم يقبض البائع الثمن فوضع عن المبتاع منه العشرة الذي (¬7) انتقص في الطعام، فلا اشكال [في] (¬8) أن ذلك جائز لأنه يصير له (¬9) عليه ما بقي منه بعد الوضيعة، وأما إن كان قد قبض ثمن الطعام منه وغاب عليه، ثم رد إليه منه ما انتقص في ثمن الطعام فهذا لا يجوز، ودخله البيع والسلف (¬10) لأن ما رد إليه من الثمن يكون سلفاً، وما بقي منه ¬

(¬1) في - م - غبن .. (¬2) هنا بياض في - ع. (¬3) في - م، ع من. (¬4) في - م، ع- فالرجل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) ساقطة من ع. (¬7) في م وع التي. (¬8) ساقطة من الأصل. (¬9) في م به. (¬10) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في البيع ولا ربح ما لم تضمن، ولا بيع ما ليس عندك). أخرجه أبو داود جـ 3 ص 283 والترمذي جـ 2 ص 351.

يكون ثمناً للطعام، فيتهمان على القصد إلى ذلك والعمل عليه. كانا من أهل العينة (¬1) أو لم يكونا إذا كان الثمن إلى أجل، وإذا كان الثمن نقداً فلا يتهمان في ذلك إلا أن يكونا من أهل العينة، وهذا فيما يوجبه الحكم بالمنع من الذرائع فغن طلب المبتاع الوضيعة لم يحكم له بها في الموضع الذي يتهمان فيه على أنهما قصداً إلى البيع والسلف، وإن لم يعثر على ذلك حتى قبض المبتاع العشرة، فيتخرج ذلك على قولين: أحدهما: أنه يرد العشرة ولا يفسخ البيع. والثاني: [أنه] (¬2) يفسخ البيع ولا شيء عليهما في ذلك فيما بينهما وبين الله تعالى إن كانا لم يعملا على ذلك ولا قصداً إليه. أهـ فتحصل من كلام ابن رشد أنه إن كان البائع لم يقبض الثمن، فيجوز أن يقول للمبتاع بع ولا نقصان عليك إلا أن يقول [له] (¬3) أفقدني الآن الثمن ثم بع، ومهما نقص أعطيك بدله فلا يجوز ذلك لأنه بيع وسلف، وأما إن كان البائع [قد] (¬4) قبض الثمن فإن كان البيع [قد] (¬5) وقع إلى أجل في قبض الثمن، قم قال للمبتاع بع ولا نقصان عليك، فلا يجوز ذلك لأنهما يتهمان أن يكونا قصداً [إلى] (¬6) البيع والسلف، ويفهم من كلام ابن رشد أنه لا يحكم ¬

(¬1) بيع العينة لها صور كثيرة منها أن يبيع شخص سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بأقل مما باعها به بثمن حال، أو يبيع السلعة أولاً بنقد ثم يشتريها من مشتريها بأكثر مما باعها به من جنسه نسيئة وأحياناً بوسط البائع والمشتري بينهما ثالثاً كأن يبيعه سلعة بمائة وعشرين ديناراً إلى أجل ثم يبيعها المشتري إلى شخص ثالث بمائة حالة ويقبضها ثم يبيعها الثالث إلى الأول بمائة حالة، وبالجملة فهي تؤل إلى دفع مبلغ ليسترد مبلغاً أكبر منه، ولا ظاهراً بل تحيلاً. أنظر مجمل القول في حكمها في المذاهب المختلفة في نظرية العقد في الشريعة الإسلامية ص 34 للدكتور محمود شوكت العدوي عميد كلية الشريعة والقانون سابقاً بالأزهر. (¬2) ساقطة من م. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) ساقطة من الأصل

فرع

بالوضعية لأجل التهمة، وأما فيما بينهما وبين الله تعالى فلا شيء عليهما إن كانا لم يقصدا البيع والسلف، وإن كان البيع وقع نقداً ثم قال البائع للمبتاع بع ولا نقصان عليك فيجوز ذلك ويحكم به، ولا يتهمان على البيع والسلف إلا أن يكونا من أهل العينة [فإنهما] (¬1) يتهمان على ذلك فيقيد كلامه بكلامه، وفهم من كلامه الثاني حكم ما إذا قال البائع للمشتري بعد البيع وقبل [قبض] (¬2) الثمن أنقدني الثمن وبع /277/ ولا نقصان عليك، وفعل ذلك ونقده ثم باع بنقصان وهو أنه لا رجوع له على البائع بالنقصان، لأن هذه المسألة (¬3) بيع وسلف. فرع قال ابن رشد أثر الكلام السابق: فإن باع بنقصان لزمه أن يرد عليه النقصان إن كان انتقد وأن لا يأخذ منه أكثر مما باع به إن كان لم ينتقد، وهذا إذا لم يغبن في البيع غبناً بيناً أو باع (¬4) [بالقرب] (¬5)، ولم يؤخر حتى تحول الأسواق فإن أخر حتى حالت الأسواق فلا شيء له لأنه فرط. أهـ فرع قال أشهب في السماع المذكور: وسمعت مالكاً يسأل عن المبتاع يقال له بع ولا وضيعة عليك، ثم يقول وضعت كذا وكذا يصدق؟ قال: إذا جاء بما يشبه قال ابن رشد: في شرحه القول: قوله مع يمينه في النقصان إذا أتى بما يشبه كما قال لأنه أئتمنه فوجب أن يصدق إلا أن يأتي بما يستنكر. فرع ثم قال في البيان: واختلف إذا كان عبداً فأبق، أو مات فقيل أنه لا شيء له، وقيل أنه موضوع عنه، وهو اختيار ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب العدة قال فيه، وأما إن كان ثوباً، أو يغاب عليه فلا يصدق في تلفه إلا ببينة، ¬

(¬1) ساقطة من م. (¬2) ساقطة من ع. (¬3) في م السلعة هكذا صححت بهامش النسخة م. (¬4) في م وع وباع. (¬5) ساقطة من م.

النوع السابع الإلتزام المعلق [على الفعل] الذي فيه منفعة لغير الملتزم والملتزم له

ولا يحل للمشتري أن يطأها إذا (¬1) كانت أمة إذا رضي بالشرط وقبله. قاله ابن القاسم: فإن وطء لزمته الجارية بجميع الثمن ولا يتعدى على البائع بشيء لأنه لما وطء فقد ترك ما جعل له. النوع السابع الإلتزام المعلق [على الفعل] (¬2) الذي فيه منفعة لغير الملتزم والملتزم له كقولك إن وهبت عبدك لفلان فلك عندي كذا أو إن أسكنته دارك سنة فلك عندي كذا، أو إن جئت لفلان بعبده فلك عندي كذا، وهو كالنوع (¬3) الخامس فهو إما من باب هبة الثواب، أم من باب الإجارة، أو من باب الجعل فيشترط في كل نوع شروطه كما تقدم في النوع الخامس، ولذلك أجازوا أن يقول أن أعتقت عبدك فلك عندي كذا، أو خذ كذا وأعتق عبدك، وقالوا أنه لازم لأنه بيع بشرط العتق وهو جائز بخلاف خذ مائة ودبر عبدك (¬4) أو اتخذ أمتك أم ولد أنه (¬5) لا يجوز. فإن وقع لزمه التدبير ويرد المال كما سيأتي في الفصل الثاني من الخاتمة. [وقد يكون الإلتزام في هذا النوع من باب الضمان كما قال في كتاب الجعل واإجارة من المدونة: في الذي يقول لرجل اعمل لفلان عملاً، أو بعه سلعتك والثمن لك علي فالثمن في ذمة الضامن إن مات، ولا طلب على المبتاع ولا على من (¬6) عمل له]. أهـ (¬7) تنبيه من هذا الباب ما إذا بذل شخص لرجل على أن يطلق ذلك الرجل ¬

(¬1) في م وع إن. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) في م الفرع وهو تصحيف. (¬4) في م عبداً. (¬5) في م وع فإنه. (¬6) هنا بياض وقمت بملاء الفراغ بكلمة مناسبة من عندي لإتمام المعنى والله أعلم. (¬7) ما بين القوسين ساقط من م وع وعلى هامش النسخة الأصل يوجد تعليق نصه قوله وقد يكون الإلتزام إلى قوله تنبيه لو أقف عليه فيما رأيت من النسخ هـ.

زوجته وإلتزم (¬1) له بمال إن فعل ذلك فإنه يلزمه [بذلك] (¬2) المال ويقع الطلاق بائناً كما صرح بذلك في باب الخلع، ولذلك شرطوا في جواز ذلك أن لا يكون القصد بذلك اضرار المرأة بإسقاط نفقة العدة. قال لبن عبد السلام: ينبغي أن يقيد المذهب بما إذا كان الغرض من إلتزام الأجنبي [للزوج حصول مصلحة، أو درء مفسدة ترجع إلى ذلك الأجنبي (¬3)] مما لا يقصد به اضرار المرأة، أما ما يفعله أهل [هذا] (¬4) الزمان في بلدنا من إلتزام أجنبي ذلك، وليس قصده إلا اسقاط النفقة الواجبة في العدة للمطلقة على مطلقها فلا ينبغي أن يختلف في المنع [منه] (¬5) ابتداءوفي انتفاع المطلق به بعد وقوعه نظر. أهـ ونقله في التوضيح (¬6) والشامل (¬7)، وقال ابن عرفه باذل الخلع من صح معروفه والمذهب صحته من غير الزوجة مستغلاً. قلت: ما لم] يظهر] (¬8) قصد ضررها بإسقاط نفقة فينبغي رده كشراء دين العدو، وفيها من قال لرجل طلق امرأتك ولك [علي] (¬9) ألف درهم ففعل لزم ذلك الرجل (¬10). أهـ قلت: وقول ابن عبد السلام يرجع إلى [ذلك] (¬11) الأجنبي ليس بشرط، بل القصد أن لا يكون (¬12) الإضرار بالزوجة سواء كان لمصلحة تعود إلى الزوجة ¬

(¬1) في م وع أو إلتزم. (¬2) ساقط من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من م. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ما بين القوسين ساقط من م. (¬6) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 7 وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12256. (¬7) أنظر الشامل ورقة 81 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 13762. (¬8) ما بين القوسين ساقط من ع. (¬9) ساقطة من الأصل. (¬10) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 2 ورقة 32 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12147. (¬11) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬12) عبارة م وع أن يكون للإضرار.

فتكون من هذا النوع، أو تعود للزوج (¬1) فيكون من النوع السادس، أو تعود للأجنبي (¬2) الملتزم فتكون من النوع الخامس، وأما إن لم يقصد به إلا نفقة العدة فلا يجوز ذلك ابتداء فإن وقع فبمقتضى قول ابن عرفه ينبغي رده أن يبطل الإلتزام (¬3)، ويقع الطلاق رجعياً وهذا هو الظاهر. والله أعلم. ¬

(¬1) في م وع إلى. (¬2) في م وع إلى. (¬3) في م الإقرار.

الباب الرابع في الإلتزام المعلق على [غير] فعل الملتزم والملتزم له

((الباب الرابع)) في الإلتزام المعلق على [غير] (¬1) فعل الملتزم والملتزم له وحكمه حكم الإلتزام المطلق فيقضي به إذا وجد المعلق عليه، إذا (¬2) كان الملتزم له معيناً، وإن لم يكن معيناً فلا يقضى به، وفروعه كثيرة، وأكثر مسائله من باب النذر المعلق، وباب الضمان، وقد تقدم في الباب الثاني في كلام أبي الحسن [أن نحو] (¬3) إن شفاني (¬4) الله من مرضي فلك ألف درهم يقضي بذلك على قائله. وقال في باب (¬5) الكفالة من المدونة: ومن قال لرجل إن لم يوفك فلان حقك فهو علي، ولم يضرب لذلك أجلاً تلوم لذلك السلطان بقدر ما يرى ثم لزمه (¬6) المال إلا أن يكون الغريم حاضراً ملياً، وإن قال إن لم يوفك حقك حتى يموت فهو علي فلا شيء على الكفيل حتى يموت الغريم لأنه أجل ضربه لنفسه (¬7). وقال قبله ومن تكفل لرجل بما أدركه من درك في جارية ابتاعها من رجل أو دار أو غيرها جاز ذلك ولزمه الثمن حين الدرك في غيبة البائع أو عدمه (¬8). أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م، ع- إن. (¬3) ساقطة من - م - ولعلها زياة ناسخ. (¬4) عبارة - م - إن شفى الله مريضي. (¬5) في - م، ع- كتاب والكل صحيح. (¬6) في - م - ألزمه. (¬7) أنظر المدونة جـ 13 ص 132. (¬8) انظر نفس المرجع السابق ص 119.

فرع من ذلك [ما] إذا قال شخص: إذا جاء الوقت الفلاني فلك عندي كذا وكذا،

قلت: ومثل هذا ما يكتب اليوم في مستندات البيع، وإلتزم فلان [لفلان] (¬1) أنه إن قام عليه قائم [بمثله] (¬2) في هذا البيع فعليه نظير ما يغرمه فلان ونحو ذلك. فرع من ذلك [ما] (¬3) إذا قال شخص: إذا جاء الوقت الفلاني فلك عندي كذا وكذا، فإنه يلزمه إذا جاء الوقت وهو صحيح غير مفلس قال في رسم يد (¬4) من سماع عيسى من كتاب الهبات: في رجل قال لامرأته خمسون دينار من مالي صدقة عليك إلى عشر سنين إلا أن تموتي قبل ذلك فلا شيء لك، وذلك لولدي قال ابن القاسم: هو على ما قال إن بقيت المرأة إلى عشر سنين أخذتها إن كان الزوج صحيحاً، وإن ماتت قبل العشر (¬5) فلا شيء لورثتها وهي للولد إذا جاءت العشرة سنين، وهو حي صحيح، وإن مات قبل العشر فليس (¬6) للمرأة ولا للولد وإن أتت العشرة وهو مريض والمرأة باقية ثم مات من مرضه فلا شيء لها في ثلث ولا رأس مال. قال ابن رشد: هذه المسألة بينة لا إشكال فيها لأنها صدقة تصدق بها في حال صحته أوجبها على نفسه في ذمته، لامرأته إن بقيت إلى العشر (¬7) سنين، أو لولده إن ماتت قبل العشر سنين، [فإن أتت العشر سنين] (¬8) وهو حي صحيح وجبت الخمسون لها كانت مريضة أو صحيحة، وإن ماتت قبل ذلك كانت لولده صحيحاً كان الولد أو مريضاً، وإن أتت العشر سنين وهو مريض [أو مات قبل ذلك] (¬9) لم يكن لأحدهما (¬10) شيء ولا لورثته لأنها صدقة لم تحز حتى مرض أو مات. أهـ ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م -، ع. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في م، ع يدير. (¬5) عبارة م وع ذلك. (¬6) عبارة م فلا شيء. (¬7) في م وع عشر وهو تصحيف. (¬8) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬9) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬10) عبارة م وع لواحد منهما.

قلت: يريد وكذلك (¬1) لو فلس حينئذ. والله تعالى أعلم. وقد ذكر في المسألة التي بعدها وهي من قال ثلاثون ديناراً من مالي ضدقة على فلان إلى عشر سنين، أو عبدي صدقة عليه إلى عشر سنين وأنه إن أتت العشر سنين والمتصدق حي أخذها كانت دنانير أو عبيداً، وإن مات المتصدق بها قبل العشر فلا شيء للمتصدق عليه ولا لورثته عاجلاً ولا لعشر سنين، وإن استحدث المتصدق بها [ديناً] (¬2) قبل العشر سنين بيعت هذه الصدقة في دينه، وإن كانت شيئاً بعينه وبطلت الصدقة، وأما إن أراد المتصدق بها بيعها من غير دين يلحقه فإنه يمنع من ذلك ولم يكن له ذلك، وإن كانت جارية لم يطأها. قال وإن مات المتصدق عليه بها قبل العشر سنين فورثته بمنزلته. تنبيه علم من هذه المسألة أن الملتزم إذا علق الإلتزام على أجل معين كقوله بعد سنة، أو شهر، أو عشر سنين، وكان الشيء الذي إلتزم إعطاءه معيناً كالعبد، والدابة، والثوب فإنه يمنع من بيعه، وإخراجه عن ملكه وهذا بخلاف ما إذا علق الإلتزام على أجل مجهول كقوله إذا جاء أبي أو فلان الغائب فإنه لا يمنع من البيع قال في كتاب العتق (¬3) من المدونة ومن قال لعبده أنت حر إذا قدم أبي فذلك يلزمه ولا يعتق عليه حتى يقدم أبوه. قال مالك: ويوقف لينظر أيقدم (¬4) أبوه أم لا، وكان يعرض (¬5) في بيعه، وأجاز ابن القاسم بيعه ووطأها إن كانت أمه، وقال هي في هذه (¬6) كالحرة لقوله (¬7) لها أنت طالق إذا قدم فلان فله وطؤها ولا تطلق حتى يقدم فلان، وأما إذا (¬8) أعتق إلى أجل آت لابد منه ¬

(¬1) في م وع وكذا وهي اقتصار لكذلك. (¬2) ساقطة من م. (¬3) أنظر المدونة جـ 7 ص 53. (¬4) عبارة م أن يقدم. (¬5) في م يحرض وهو تصحيف ظاهر. (¬6) في م هذا. (¬7) في م وع يقول. (¬8) في م وع إن ..

كقوله أنت حرة إلى سنة، أو شهر، أو إذا مات فلان، أو إن (¬1) حضرت (¬2) فهو ممنوع من البيع والوطء، وله أن ينتفع بغير ذلك حتى يحل الأجل. قال ابن يونس قال محمد: إذا (¬3) قال أنت حرة إن قدم أبي فكان مالك (¬4) يصرح بإجازة بيعها، ويعرض في بيع التي يقول فيها إذا قدم أبي ثم جعلها (¬5) سواء ونحوه في كتاب الطلاق. قال ابن يونس: إنما فرق بين أن وإذا في أحد قوليه لأن إذا كأنها تختص بأجل يكون وقد يمكن أن لا يكون [وقد] (¬6) قال الله تبارك وتعالى "إذا الشمس كورت" (¬7) وذلك كأين لابد، وإن أغلب موضوعها (¬8) للشرط، وقد تكون بمعنى الأجل فحمل (¬9) مالك كل لفظ على الغالب من أمره ثم رجع فساوى بينهما لأن العامة لا تكاد [أن] (¬10) تفرق بينهما. أهـ قال أبو الحسن قال عبد الحميد (¬11) لا يخلو ذلك من ثلاثة أوجه: إن أراد أن أجل عتقه وقت مجيئه المعتاد المجيئ فيه، فيكون حراً إذا جاء الوقت لأنه ¬

(¬1) في م وع إذا. (¬2) في م حاضت وهو الصواب. (¬3) في م وع إن. (¬4) في م فقال. (¬5) في م وع جعلهما. (¬6) ما بين القوسين ساقط من م وع. (¬7) سورة التكوير الآية 1/ 29. (¬8) في ع موضعها. (¬9) في م فجعل .. (¬10) ساقطة من الأصل. (¬11) هو أبو محمد عبد الحميد يعرف بابن الصائغ الإماما المحقق الفهامة الحافظ العلامة الجيد الفكر القوي العارضة أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا عمران الفاسي، وتفقه بأبي حفص الحطار وابن محرز، وأبي إسحاق التونسي، وغيرهم وبه تفقه الإمام المارزي، وأبو الحسن الحوقي، وأبو بكر بن عطية. له تعليق مهم على المدونة معروف كمل فيه الكتب التي بقيت على التونسي، وأصحابه يفضلونه على اللخمي تولى الإفتاء مع قاضي المهدية أبي الفضل بن شعلان بشرط من المعز بن باديس ثم تعرض لمحنة باع من أجلها كتبه، وامتنع عن الفتوى كانت وفاته سنة ست وثمانين وأربعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 117.

فرع

معتق إلى أجل كقوله أنت حر إلى الحصاد، أو إلى مجيئ الحاج وإن أراد به نفي القدوم كأنه (¬1) يقول جاءني كتابه أنه لا يقدم، أو أراد به الشكر لله تعالى على قدومه فلا شيء عليه حتى (¬2) يقدم. أهـ وهو كلام حسن فتحصل من هذا أنه يجوز البيع سواء قال إن أو إذا على [القول] (¬3) المرجوع إليه، وإذا جاز هذا في العتق فيجوز في الإلتزام بالصدقة والهبة من باب أحرى وهذا بين. والله تعالى أعلم. فرع [ومن هذا الباب] (¬4) ما وقع في [آخر] (¬5) رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات: في امرأة تركت زوجها وولداً، وبنتاً منه، وأباها، وتركت متاعاً، وحلياً، وصداقاً على زوجها، فقال أبوها للزوج إن تصدقت بمصابك (¬6) منها من صداقها، وحليها ومتاع وغيره على ولديها فميراثي منها في جميع ما تركت صدقة عليهما، فقال الزوج قد تصدقت بجميع مصابي عليهما، وأشهد لهما بذلك فمات الجد وهو أبو الزوجة ومات أبو الولدين، والصبيان طفلان، والمتاع والحلي وجميع ما تركت بيد أبيهما والصداق عليه كما هو. قال ابن القاسم: أما ما تركت من المتاع والحلي فهو لهما لأن حوز أبيهما لهما حوز، وأما الصداق فليس لهما منه شيء لا من نصيب جدهما ولا من نصيب أبيهما لأن الجد إنما تصدق عليهما على أن يتصدق أبوهما عليهما، فإذا لم يتصدق أبوهما عليهما فليس لهما من صدقة جدهما شيء إذا لم يفرز (¬7) ذلك لهما الأب، ¬

(¬1) في م وكأنه. (¬2) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 3 ورقة 212 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12098. (¬3) ساقطة من م. (¬4) ما بين القوسين ساقط من ع وعبارة م ومن الإلتزام المعلق على فعل غير الملتزم والملتزم له. أهـ (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬6) مصاب لمصب، والمصب موضع الصب، ومصب النهر: حيث يلتقي ماؤه بماء البحر. أنظر المعجم الوسيط جـ 2 ص 507. (¬7) في م يعزل.

فرع من زوج ابنته بمائة دينار على أن يشورها الأب بمائة دينار

ويجعله على يد غيره لأن الأب إذا تصدق على ولده بناض (¬1) لم تجز صدقته إلا أن يجعل ذلك على يد غيره، ولو كان الصداق عرضاً مضموناً لم يجز لهما منه شيء لأنه لو تصدق عليهما بعبد موصوف، أو سلعة موصوفة ليست بعينها ثم مات قبل أن يحوزها لهما لم يجز لهما منها (¬2) شيء، ولو كان للأب على أجنبي عبد موصوف فتصدق به على ابنه جازت صدقته قبضها أو لم يقبضها حتى مات، وقبله ابن رشد، وقال أما تصدقه على ولده بحضه الذي يجب له بالميراث من الصداق الذي عليه [إذا مات الأب] (¬3) عيناً كان، أو عرضاً فلا اختلاف أنه لا يجوز للابن إذا مات [الأب] (¬4) وهو عليه كما هو إذ لا يكون الأب جائزاً لابنه ما هو في ذمته لو قال أشهدكم أني وهبت لابني كذا وكذا ديناراً، أوجبتها في ذمتي لم يجز ذلك وكانت باطلاً إذا مات، وهي عليه قبل أن يحضرها ثم ذكر الخلاف في كونه هل لابد من جعله على يد غيره، أو يكفي الطبع عليه. والله تعالى أعلم. ومثله ما في أول سماع أبي زيد من الكتاب المذكور: في رجل على رجل عشرة دنانير، فقال له إن تصدقت على ابنك بعشرة دنانير فعشرتي التي عليت صدقة عليه (¬5) فقال الأب أشهدوا أني تصدقت على ابني بعشرة دنانير، وابنه صغير، ولم يخرجها حتى مات، قال ذلك باطل، وترجع أنت في عشرتك لأن الأب لم يفرز العشرة، ولم يخرجها ولو وضعها على يد عدل لم يكن لك أن ترجع، وكانت للابن وقبله ابن رشد أيضاً. والله تعالى أعلم. فرع من زوج ابنته بمائة دينار على أن يشورها الأب بمائة دينار فيكون النكاح ¬

(¬1) ناض الشيء ينوضه نوضاً: أراغه لينتزعه منه. أنظر لسان العرب جـ 7 ص 247 طبعة دار صادر بيروت. (¬2) في م وع منه. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) في م عليك وهو تصحيف.

فرع ومن هذا الباب ما يترتب على عقدة البيع

[صحيحاً] (¬1) وتلزمه المائة. قال البرزلي في مسائل الأنكحة عن أبي عمران فإن لم يكن عنده شيء أتبع بها ديناً، وذكر قبل عن أبي عمران قال أو عن ابن عبد الرحمن (¬2) أنها إذا تزوجها الزوج بصداق وكانت العادة جارية بأن الأب مجهزها بنصف ذلك أو نحوه أنه يلزمه وللزوج القيام بذلك (¬3) وتقدم لفظه في الباب الأول وفيه فوائد نبهنا عليها هناك. فرع ومن هذا الباب ما يترتب على عقدة البيع فيشترط فيه حينئذ أن لا يؤدي إلى غرر فيجوز البيع بشرط تنجيز العتق، أو بشرط أن يهب المشتري المبيع لفلان أو يتصدق به عليه ناجزاً إذ لا غرر في ذلك، ولا يجوزه البيع بشرط العتق إلى أجل، أو بشرط الكتابة أو بشرط التدبير، أو بشرط أن يتخذ الأمة أم ولد، أو بشرط أن يهب المبيع لفلان أو يتصدق عليه بعد أجل بعيد أو بشرط أن لا يخرج العبد، أو الجارية في البلد الفلاني أو نحو ذلك. وسيأتي بيان ذلك والكلام عليه مفصلاً في الخاتمة في الشروط المنافية لمقتضى البيع، وكذلك يبطل هذا الإلتزام إذا علق على شيء مجهول، وكان الإلتزام مقارناً لعقد شرعي من بيع أو إجارة أو سلم ونحوه كمن استأجر داراً بأجرة معلومة مدة وإلتزم أنه إن حصل فيها خلل كان عليه جميع ما يحتاج إليه أو بعضه وكما لو اشترى داراً ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل ومن ع أيضاً. (¬2) استشكل على تحديد الإسم على وجه القطع واليقين لعدم إشارة الإمام البرزلي إلى كنيته أو شهرته والذي يترجح لدي أنه أبو القاسم عبد الرحمن بن محرز القيرواني وذلك لسبب واحد وهو أن الإمام البرزلي يقول في نقله عن أبي عمران أو ابن عبد الرحمن، وعبد الرحمن هذا تفقه على ابن عمران كما أوضحه مخلوف في كتابه شجرة النور حيث يقول: الفقيه النبيل المحدث العالم الجليل رحل للمشرق وسمع من مشائخ جله، وأخذ عنهم تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي، والقابسي وأبو حفص العطار وبه تفقه أبو الحسن اللخمي وعبد الحميد الصائغ له تصانيف حسنة فيها تعليق على المدونة سماه التبصرة، وكتابه الكبير سماه بالقصد والإيجاز كانت وفاته سنة خمسين وأربعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 110. (¬3) أنظر نوازل البرزلي جـ 1 ورقة 257 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12792.

فرع قال البرزلي في مسائل الأيمان: من إلتزم الكفارة عن غيره إذا حنث

أو غيرها بثمن معلوم وإلتزم البائع أنه إن حصل خلل في دار له أخرى كان عليه عمارته، فهذا الإلتزام باطل، والعقد المقارن له فاسد بحكم له بحكم البيع الفاسد، والإجارة الفاسدة. والله تعالى أعلم. فرع قال البرزلي في مسائل الأيمان: من إلتزم الكفارة عن غيره إذا حنث فحنث لزم الملتزم الوفاء بها، ولا شيء على الحالف (¬1). أهـ قلت: قوله ولا شيء عليه ريد أن أخرجها الملتزم، وأما إن لم يخرجها وامتنع ولم يقدر على اجباره على إخراجها فيلزم الحالف أن يخرجها، ويرجع على الملتزم متى قدر عليه. والله تعالى أعلم. وإنما ذكرت هذه المسألة في هذا الباب لأن الحنث قد يكون من غير فعل الملتزم ولا الملتزم له وأما إن كان من فعل الحالف [فهو من باب الإلتزام المعلق على الفعل (¬2)] الذي فيه منفعة للملتزم [له] (¬3) بفتح الزاي وتقدمت في النوع الثاني من الباب الثالث مسألة ابن رشد: فيمن إلتزم العفو عمن سبه إذا شهد له الشهود بالسب فراجعها والله تعالى أعلم. فرع من إلتزم ضمان ما ضاع من شورة (¬4) زوجته قال ابن رشد: أرى أن ينظر إلى الوجه الذي خرج عليه الضمان، فإن كان من أجل أنها خشيت عليه الزوجة فلا يلزمه ضمانها إن قامت البينة على تلفها من غير فعله وإن كان من ¬

(¬1) أنظر نوازل البرزلي جـ 1 ورقة 216 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12792. (¬2) ما بين القوسين ساقط من م. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) الشورة بفتح الشين المتاع وما يحتاج البيت والشورة بالضم الجمال. أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 153 وجه وقيل الشورى بفتح الشين اللباس وفي الحديث أقبل الرجل وعليه شورة حسنة وبضم الشين الجمال الحسن كأنه من الشور عرض الشيء وإظهاره ويقال فلان حسن الشورة أي حسن اللباس. أنظر تاج العروس جـ 3 ص 318/ 319.

فرع قال اللخمي في السلم الأول

أجل أنه هو خشى عليها فلا ضمان عليه إن قامت البينة على تلفها من غير فعله، ويلزمه الضمان (¬1) على كل حال إن لم توجد، وإدعى تلفها ولم (¬2) يعلم ذلك إلا بقوله (¬3). أهـ من نوازله. فرع قال اللخمي في السلم الأول: في (¬4) باب أجل السلم وأخلف إذا قال إن صار في ملكي فهو لك بكذا وكذا، ولم ينفد وأن يجوز (¬5) أحسن لأنه لا غرر فيه. أهـ والله تعالى أعلم. تنبيه ليس من هذا الباب [ما] (¬6) إذا علق شيئاً على [جهة] (¬7) الإقرار ولم يرد به انشاء المعروف. قال في كتاب الإقرار من النوادر. قال ابن سحنون، وابن عبد الحكم إذا قال لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان فهذا باطل شاء فلان أم لم يشأ لأنه خطر كم لو قال له على ألف درهم إن تكلم، أو إن دخل الدار، وقاله ابن المواز، وقال هو كمن قال فلان مصدق في شهادته فذلك لا يلزمه قال ابن سحنون: وكذلك إن قال إن أمطرت السماء أو هبت الريح، أو دخل فلان الدار فهو باطل في إجماعهم ولو قال له علي ألف. إن حمل متاعي إلى منزلي بالبصرة ففعل فهذه إجارة وهو جائز (¬8). أهـ ¬

(¬1) في م ضمانها. (¬2) في م فلم. (¬3) أنظر مختصر نوازل ابن رشد ورقة 20 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12189 وكذلك نوازل ابن رشد ورقة 137 ظهر، 138 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 12397. (¬4) في م من. (¬5) في م تجوز. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬8) أنظر النوادر والزيادات جـ 4 ورقة 96 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم 5730.

فهذا كله إذا كان على جهة الإقرار لا يلزمه شيء ولو كان ذلك على وجه (¬1) الهبة والمعروف فالظاهر لزومه. والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) في م جهة.

الخاتمة

الخاتمة وفيها فصلان: الفصل الأول: في إسقاط الحق قبل وجوبه. الفصل الثاني: في الشروط المنافية لمقتضى العقد.

الفصل الأول في إسقاط الحق قبل وجوبه

(خاتمة) في التنبيه على مسائل حكم فيها بعدم اللزوم لكونها من باب اسقاط الحق قبل وجوبه، أو لكون الإلتزام فيها مخالفاً لمقتضى العقد وفيها فصلان: (الفصل الأول) في اسقاط الحق قبل وجوبه ونذكر في ذلك مسائل: المسألة الأولى إسقاط الشفعة (¬1) قبل بيع الشريك قال في كتاب الشفعة (¬2) من المدونة، وإذا سلم الشفيع الشفعة بعد البيع فلا قيام له، ولو قال للمبتاع قبل الشراء اشتري (¬3) فقد سلمت لك الشفعة، وأشهد بذلك فله القيام بعد الشراء لأنه سلم ما لم يجب له، وإن سلم بعد ¬

(¬1) العرب في العصر الجاهلي كانوا يعرفون نظام الشفعة فقد نقل الحطاب في مواهب الجليل عن ابن رشد في مقدمته (أن الأصل في تسمية هذا الحق شفعة أن الرجل في الجاهلية كان إذا اشترى حائطاً - يعني بستاناً - أو منزل أو شقص من حائط أو منزل آتاه جاره أو شريكه فشفع له في أن يوليه إياه - يعني يتملكه من المالك بمثل ما ملك- ليتصل الملك أو يندفع عنه الضرر حين يشفعه فيه فسمى لذلك شفعة) أنظر الحطاب على خليل جـ 5 ص 310. (¬2) أنظر المدونة جـ 14 ص 114/ 115. (¬3) في - ع- إن اشتريت.

الشراء على مال أخذه جاز، وإن كان قبل الشراء بطل ورد المال وكان على شفعته (¬1). قال (¬2) ابن يونس لأن من وهب مالاً يملك لم تصح هبته. قال أشهب، وعبد الملك كمن أذن له ورثته بأن يوصي بأكثر من ثلثه في صحته فلا يلزمهم ذلك، وقال اللخمي ويختلف إذا سلمها قبل الشراء وقال له اشتري فإذا اشتريت فلا شفعة لي عليك فقيل لا يلزمه ذلك وله أن يستشفع، ويجري فيها قول آخر أنه لا شفعة له قياساً على من قال إن اشتريت عبد فلان فهو حر أو (¬3) إن تزوجت فلانة فهي طالق، ومن جعل لزوجته الخيار إن تزوج عليها فأسقطت ذلك الخيار قبل أن يتزوج عليها فقد قالوا أن ذلك لازم لها، وهو في الشفعة أبين لأنه أدخل المشتري في الشراء للإمكان الترك ولولا ذلك لم يشتري فأشبه هبة قارنت البيع، ولأنه لو قال له اشتري ذلك الشقص والثمن علي فإشتراه للزمه أن يغرم الثمن الذي اشتراه به، لأنه أدخله في الشراء وهذا قول مالك، وابن القاسم فهو في ترك الشفعة أبين، وإختلف فيمن قال لزوجته إن جئتني بمالي عليك فأنا أطلقك فجاءته به فقال (¬4) مرة يلزمه إن طلقها. أ. هـ. ونقله ابن عرفه ثم قال بعده وفي أجوبة ابن رشد الفرق بين قوله إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإن اشترى فلان شقص كذا فقد أسقطت عنه الشفعة أن الطلاق حق لله تعالى لا يملك المطلق رده إن وقع ولو رضيت المرأة برده فرده (¬5) إذ ليس هو (¬6) لها فلزم بعد النكاح [كما] (¬7) ألزمه نفسه قبله، وإسقاط الشفعة إنما هو حق له لا لله تعالى يصح له الرجوع فيه برضاء المشتري فلا يلزم إلا بعد وجوبه. ابن عبد السلام هذا الفرق ليس بالقوى ويظهر ¬

(¬1) أنظر المدونة جأ 14 ص 124. (¬2) في - م - وقال. (¬3) في - م - وإن. (¬4) في - م - ثم قال. (¬5) هناك تصحيح في هامش النسخة - م - لم ترده. (¬6) عبارة - م، ع- بحق لها. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م -.

فرع

ببادئ الرأي صحة تخريج اللخمي، ثم ذكر عن شيخه ابن الحباب (¬1) فرقاً أطال فيه البحث والكلام فليراجعه [فيه] (¬2) من أراده (¬3). وقال أبو الحسن الصغير: قيل لابي عمران إذا قال له إذا وجبت لي الشفعة فقد سلمتها لك هل هي مثل مسألة الكتاب؟ قال ذلك سواء ولا يلزمه شيء بخلاف من قال إن اشتريتك فأنت حر أو (¬4) قال لزوجته (¬5) إن تزوجتك فأنت طالق أن ذلك يلزمه لأنه معلوم أن وجوب الشفعة إنما يكون بعد وجوب البيع الشيخ: ولعل الفرق بين الطلاق والعتق وبين الشفعة أن الطلاق والعتق من حق الله تعالى بخلاف الشفعة (¬6). أ. هـ وسيأتي في كلام ابن رشد نحو ما ذكره أبو الحسن عن أبي عمران. فرع قال اللخمي: وإن ترك الشفعة بشرط فقال إن اشتريت ذلك الشقص فقد سلمت لك شفعتي على دينار تعطيه إياي، فإن لم يبعه منك فلا جعل لي عليك جاز ذلك، ولو اشترط النقد لم يجز (¬7). أ. هـ ¬

(¬1) في - م - ابن الحاجب وهو تصحيف ظاهر والصواب هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عمر المعافري المعروف بابن الحباب الإمام البارع المحقق المتفنن الأصولي الجدلي المؤلف المتقن، أخذ عن ابن زيتون وغيره، وعنه جماعة منهم المقري، وابن عبد السلام، وبينهما مناظرات، وابن عرفه وكان يثني عليه بالعلم، ونقل عنه في مختصره له تقييد على مغرب ابن عصفور، وإختصار المعالم. توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 209، 210. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 72 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846. (¬4) في - ع- أو. (¬5) في - م، ع- بأمرأة .. (¬6) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 74 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬7) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 74 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099.

فرع

فرع قال ابن رشد في آخر الرسم [الأول] (¬1) من سماع أشهب من كتاب العيوب: إذا قال الرجل إن (¬2) كان فلان قد اشترى هذا الشقص بكذا فقد سلمت له الشفعة فهذا يلزمه التسليم إن كان قد اشترى فلان وأما إن قال إن اشترى فلان الشقص فقد سلمت له الشفعة فهذا لا يلزمه التسلم إن اشترى (¬3) لأنه [قد] (¬4) أسقط حقه قبل أن يجب له (¬5). أ. هـ المسألة الثانية إذا أجاز الورثة الوصية بأكثر من الثلث، أو لبعض الورثة. قال في التوضيح فلهم ثلاثة أحوال: الأول: أن يكون ذلك في الصحة من غير سبب فإجازتهم غير لازمة لهم، لأنهم كمن أعطى شيئاً قبل ملكه، أو جريان سبب ملكه بدار الكتب أشار إليه مالك في الموطأ (¬6)، وروى عن مالك أن ذلك لازم لهم، ومثله في الموازية فيمن قال ما أرث من فلان صدقة عليك وفلان صحيح قال يلزمه ذلك إذا كان في غير يمين. اللخمي والأول أشهر، وهذا أقيس لأنه إلتزم ذلك بشرط حصول الملك فأشبه من أوجب الصدقة بما يملك إلى أجل أو بلد سماه، أو بعتق ذلك، أو بطلاق من (¬7) يتزوج فيه (¬8). أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - إذا. (¬3) هنا تنتهي النسخة - ع- لوجود خرم بها في أول وأخر النسخة. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 46 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬6) أنظر موطأ الإمام مالك وشرحه تنوير الحوالك للسيوطي جـ 2 ص 133، الطبعة الأخيرة مطبعة مصطفى الحلبي 1951 م. (¬7) في - م - ما وهو الصواب. (¬8) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 192 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

وقال ابن عرفه وفي الموطأ (¬1)، والعتبية قال مالك إذا (¬2) أذن الورثة للصحيح أن يوصي بأكثر من ثلثه لم يلزمهم [ذلك] (¬3) إن مات لأنهم أذنوا في وقت لا منع لهم فيه. أبو محمد (¬4) هذا مشهور مذهبه، وعنه أنه يلزمهم. ابن زرقون في الموازية من قال ما أرث من فلان صدقة عليك وفلان صحيح لزمه ذلك إن كان في غير يمين فهذا مثل ذلك. قلت: وزاد اللخمي والأول أشهر وهذا أقيس كمن أوجب صدقة بما يملك إلى أجل، أو في بلد سماه، أو بعتق ذلك، أو بطلاق من يتزوج فيه (¬5) أ. هـ حكاه الشيخ خليل، وابن عرفة من الخلاف في هذا الوجه تبعاً لأبي عمر بن عبد البر (¬6) مخالفاً لما ذكره الباجي في المنتقى فإنه قال: إن كانت الإجازة بغير سبب فلا خلاف في المذهب إن (¬7) ذلك لا يلزم المجيز من الورثة وله الرجوع لأنه حال لم يتعلق به (¬8) حقوقهم بالتركة (¬9). أ. هـ ¬

(¬1) أنظر موطأ الإمام مالك وشرحه تنوير الحوالك جـ 2 ص 134. (¬2) في - م - إن. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) في - م - ابن عمر وهو الصواب. (¬5) أنظر مختصر ابن عرفه الفقهي جـ 3 ورقة 243 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133. وجـ 7 ورقة 179 ظهر من نسخة أخرى وقفت عليها بعين المكان تحت رقم 10847. (¬6) هو أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الإمام الحافظ النظار شيخ علماء الأندلس، وكبير مجتهديها الشهير الذكر في الأقطار شهرته تغني عن التعريف به تفقه بابن الفرضي ولازمه كثيراً، وأحمد بن عبد الملك بن هشام، سمع منه عالم كثير كأبي العباس الدلائي، وأبي عمر سفيان بن القاضي. ألف في الموطأ كتاباً مفيد كالتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لم يتقدمه فيه أحد وكذلك الإستذكار بمذهب علماء الأمصار، والإستيعاب في أسماء الصحابة، والكافي في الفقه، وكتاب فضائل مالك وأبي حنيفة والشافعي وغير ذلك مولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة وتوفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 119، والديباج جـ 2 ص 367 وما بعدها. (¬7) عبارة - م - أنه لا يلزم ذلك. (¬8) في - م - فيه. (¬9) أنظر المنتقى جـ 6 ص 181.

وصرح الرجراجي [أيضاً] (¬1) بنفي الخلاف في ذلك، وهو ظاهر كلام ابن رشد في آخر شرح المسألة الثانية من رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الهبات قال ولا يلزم الوارث على [كل] (¬2) حال ما أذن لمورثه فيه في صحته من الوصية، ولم يحك ابن يونس، وأبو الحسن في ذلك خلافاً ولفظ ابن يونس: ومن العتبية، والمجموعة، والموطأ قال مالك إذا أذن الورثة للصحيح أن يوصي بأكثر من ثلثه يلزمهم ذلك إن مات لأنهم أذنوا له في وقت لا منع لهم. أ. هـ. وظاهر كلام اللخمي أن القول الثاني مخرج من مسألة الموازية ونصه قال مالك في الموطأ إن أذن الورثة للصحيح أن يوصى بأكثر من ثلثه لم يلزمهم، لأنهم أذنوا في وقت لا منع لهم، وفي كتاب الصدقة من كتاب محمد فيمن قال ما أرثه من فلان صدقة عليك وفلان صحيح فلا يلزمه ذلك إذا كان في غير يمين، والأول أشهر وهذا أقيس. لأنه إلتزم ذلك بشرط الملك فأشبه من أوجب الصدقة بما يملك إلى أجل، أو في بلد سماه، أو بعتق ذلك، أو بطلاق من (¬3) يتزوج فيه. أ. هـ قلت: كلام اللخمي يدل على أنه خرج (¬4) القول باللزوم من مسألة الموازية، والظاهر أنه لا يتخرج لأن الوارث في مسألة الإجازة لم يهب شيئاً، وإنما أجاز فعل شخص لا يقدر على رد (¬5) فعله الأن، كما قال في الموطأ أن الشخص إذا كان صحيحاً كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما يشاء (¬6) وفي مسألة الموازية الوارث نفسه وهب ما يرثه إذا دخل في ملكه ويأتي الكلام عليها إن شاء الله مستوفي. الحال الثاني (¬7): إذا أجاز الورثة الوصية في الصحة لسبب كالسفر والغزو ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) في - م - ما وهو تصحيف. (¬4) في - م - يتخرج. (¬5) عبارة - م - رده الأن. (¬6) أنظر الموطأ وشرحه تنوير الحوالك جـ 2 ص 134. (¬7) في - م - الحالة الثانية.

قال في التوضيح لبعض ورثته [أو] (¬1) بأكثر من ثلثه، فروى ابن القاسم في العتبية أن ذلك يلزمهم (¬2)، وقاله ابن القاسم. وقال ابن وهب في العتبية كنت أقول بهذا ثم رجعت إلى أن ذلك لا يلزمهم، وقاله محمد وأصبغ وهو الصواب (¬3). أ. هـ. قلت: والمسألة في رسم نذر من سماع ابن القاسم من كتاب الوصايا واقتصر الشيخ خليل في مختصره على القول بعدم اللزوم، والذي (¬4) رجحه أصبغ وحكى في الشامل القولين من غير ترجيح. الحال الثالث (¬5): إذا أجاز الورثة الوصية في المرض، فلا يخلو المرض إما أن يكون مخوفاً أو غير مخوف، فإن كان غير مخوف فحكمه حكم الإجازة في الصحة قاله عبد الوهاب (¬6)، وقبله الشيخ خليل في التوضيح وجزم به في ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - يلزمه. (¬3) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 192 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬4) في - م - الذي. (¬5) في - م - الحالة الثالثة. (¬6) هو القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي الفقيه الحافظ الحجة النظار العالم الماهر الأديب الشاعر من أعيان علماء الإسلام. أخذ عن أبي بكر الأبهري، وحدث عنه وأجازه، وتفقه عن كبار أصحابه كابن القصار، وابن الجلاب، والباقلاني، وروى عن جماعة منهم عبد الحق بن هارون، وأبو بكر الخطيب، وكان أبو بكر الباقلاني يعجبه حفظه أبو عمران الفاسي القيرواني ويقول لو اجتمع في مدرستي هو وعبد الوهاب - صاحب الترجمة - لأجتمع علم مالك أبو عمران يحفظه وعبد الوهاب ينصره. ولي قضاء الدينور وولى قضاء المالكية بمصر أخر عمره وبها مات قاضياً. ألف في المذهب والخلاف والأصول مؤلفات كثيرة مفيدة منها كتاب النصرة لمذهب إمام دار الهجرة والمعونة لمذهب عالم المدينة، وكتاب الأدلة في مسائل الخلاف وشرح رسالة ابن أبي زيد، والممهد في شرح مختصر الشيخ أبي محمد أصبغ وشرح المدونة، والتلقين، والإفادة والتلخيص في أصول الفقه، وعيون المسائل في الفقه، وكتاب أوائل الأدلة في مسائل الخلاف، والإشراف على مسائل الخلاف، وكتاب الفروق في مسائل الفقه وغير ذلك. ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وتوفي بمصر سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 103/ 104 والديباج جـ 2 ص 26 وما بعدها.

الشامل، وإن كان المرض مخوفاً فلا يخلو أما أن يصح بعد ذلك المرض أو يموت فيه، فإن صح بعده لم تلزمهم الإجازة حتى يأذن له في المرض الثاني قاله ابن القاسم في آخر سماع يحيى من (¬1) كتاب الوصايا، وقبله ابن رشد، ونقل نحوه [عن] (¬2) ابن كنانة (¬3) [لكن] (¬4) قال بعد بعد أن يحلفوا ما سكنوا إلا غير رضا ولا يلزمهم ذلك، قال ابن رشد وهو بعيد يعني ألزامهم اليمين، وجعل الرجراجي قول ابن كنانة مخالفاً لقول ابن القاسم، وعلى قول ابن القاسم اختصر ابن الحاجب، والشيخ خليل في مختصره، وإن لم يصح بعد ذلك المرض بل مات فيه فالورثة على ثلاثة أقسام، فمن كان منهم بالغاً رشيداً بائناً عن الموصي، ولا سلطان له عليه، ولا نفقة فلا رجوع له، ومن كان منهم سفيهاً فهذا لا يجوز إذنه ولا يلزمه، ولم يحكاه أبو الحسن في هذين القسمين خلافاً، وصرح الرجراجي بنفي الخلاف في الثاني، وحكى في الأول قولين قال والمشهور اللزوم. والقسم الثالث: من كان رشيداً وهو في نفقة الموصي كزوجته وأولاده، أو له عليه دين، أو في سلطانه فلا يخلو إما أن يسألهم في الإذن أو يتبرعوا له به، فإن تبرعوا باإذن ففي لزوم ذلك لهم قولان المشهور منهما عدم اللزوم، وهو مذهب المدونة. قال في أخر كتاب الوصايا الثاني من المدونة: ومن أوصى في مرضه بأكثر من ثلثه فأجاز ورثته ذلك قبل موته من غير أن يطلبهم [الميت] (¬5)، أو طلبهم فأجازوا ثم رجعوا بعد موته قال مالك من كان منهم بائناً ¬

(¬1) في - م - في. (¬2) ساقطة من - م - .. (¬3) هو أبو عمر عثمان بن كنانة مولى عثمان بن عفان من فقهاء المدينة الذين لازموا الإمام مالك، كان يحضره مالك لمناظرة أبي يوسف عند الرشيد وهو الذي جلس في حلقته بعد وفاته. قال في حقه ابن بكير لم يكن عند مالك أضبط ولا أدرس من ابن كنانة، كان يغلب عليه الرأي ولم يكن عنده في الحديث حظ يذكر. وتوفي رحمه الله بمكة سنة ست وثمانين ومائة قال ابن بكير كان بين موت ابن كنانة ومالك عشر سنين أو نحوها وكانت وفاته بمكة وهو حاج. أنظر ترجمته في ترتيب المدارك جـ 3 ص 21/ 22. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل.

من ولد قد احتلم، أو أخ أو ابن عم فليس ذلك لهم، ومن كان في عياله من ولد قد احتلم، وبناته وزوجاته فذلك لهم، وكذا ابن العم الوارث إن كان ذا حاجة إليه ويخاف إن منعه صح أضر به في منع رفده إلى أن يجيزوا بعد الموت فلا رجوع لهم بعد ذلك، ولا يجوز إذن البكر، والابن السفيه وإن لم يرجعا (¬1). أ. هـ وإن سألهم في ذلك لم يلزمهم قولاً واحداً. قال أبو الحسن الصغير وظاهر كلام غيره أن الخلاف يجري في ذلك أيضاً (¬2). تنبيهات الأول: إذا قال الوارث بعد ان أجاز الورثة (¬3) في الحال الذي يلزمه إجازتها لم أعلم أن لي رد الوصية، فإن كان مثله يجهل ذلك حلف ولم يلزمه. قاله في التوضيح، وظاهره سواء كانت إجازة الوارث في المرض أو بعد الموت، وهذا إذا لم ينفذوها فإن نفذوها ثم ادعوا الجهل فذكر ابن رشد في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الهبات ثلاثة أقوال أحدهما أنه يرجع فيما أنفذوا، وإن علم أنه جهل، قال وهو ظاهر قول ابن القاسم في أخر كتاب الوصايا من المدونة في الابن الذي في عيال الرجل فأذن له في مرضه في الوصية من ثلث ماله ثم نفذ ذلك بعد موته، أنه ليس له أن يرجع ظاهره وإن كان جاهلاً يظن به ذلك. والثاني [أنه] (¬4) يرجع إذا كان يشبه ما ادعاه من الجهل مع يمينه وهو قوله في هذه الرواية. قال وهي يمين تهمة إلا أن يحقق عليه أنه أنفذها بعد العلم بأنه لا يلزمه، وقيل بغير يمين. ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 15 ص 75/ 76. (¬2) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 166 ظهر، 177 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬3) في - م - الوصية وهو الصواب. (¬4) ساقطة من الأصل.

المسألة الثالثة من ترك إرثه من شخص في حياة ذلك الشخص،

والثالث أنه ليس له أن يرجع إلا أن يعلم أنه جهل ذلك (¬1). أ. هـ وقال الشيخ خليل في مختصره ولزم (¬2) إجازة الوارث بمرض لم يصح بعده إلا لتبين عذر بكونه في نفقته، أو دينه أو سلطانه إلا أن يحلف من يجهل مثله أنه جهل أن له الرد لا بصحة ولو لكسفر (¬3) وهو بين مما تقدم. الثاني: إذا قلنا لا يلزم الإذن من في عياله ونحوه فهل يحلف؟ ذكر في التوضيح في الابن الكبير إذا كان في عيال أبيه أنه يحلف أنه إنما أجاز خيفة منه أن يصح فيقطع عنه معروفه (¬4). وقال في الشامل وفي الابن الكبير في عياله قولان، وعلى الرجوع يحلف ما أجاز إلا خوفاً منه وحكم غير الابن كذلك والله تعالى أعلم. الثالث: إذا أجاز الورثة الوصية بعد موت الموصي، فلا خلاف أن ذلك لازم إذا كان المجيز مالكاً لأمره (¬5). والله تعالى اعلم. المسألة الثالثة من ترك إرثه من شخص في حياة ذلك الشخص، أو وهبه لشخص آخر فقد تقدم ما في الموازية فيمن قال ما أرث من فلان صدقة عليك وفلان صحيح، وأن ذلك يلزمه (¬6)، وقال في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الهبات وسئل عن رجل حضرته الوفاة فاستوهب امرأتين له ميراثهما منه ففعلتا، ووهبتا [له] (¬7) ذلك فلم يقض فيه بشيء ثم مات فلمن تراه؟ قال أراه للمرأتين مردوداً عليهما، ولا يعجبني أن يفعل الرجل مثل هذا يسأل امرأته أن ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 15 ص 75. (¬2) أنظر مختصر خليل ص 288. (¬3) في - م - بكسفر وهو الصواب. (¬4) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 192 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬5) في - م - لأمر نفسه. (¬6) في - م - لا يلزمه. (¬7) ساقطة من الأصل.

تهب له ميراثها. قال ابن رشد هذا مثل ما قاله في الموطأ وهو بين لأن الغرض إنما هو أن يصرفه إلى من يحب من ورثته سواهما أو غيرهم، إذ لا حاجة به (¬1) إلى ميراثهما منه سوى ذلك فإذا لم يقض فيه بشيء حتى مات كان مردوداً عليهما بمنزلة ما إذا (¬2) إستأذن ورثته، أو (¬3) يوص لبعض ورثته بشيء [أكثر] (¬4) من ثلثه فأذنوا له بذلك فلم يفعل حتى مات لم يلزمهم فيما أذنوا بشيء (¬5)، وقد مضى في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الشهادات القول مستوفى في هبة [الوارث] (¬6) ميراثه في مرض الموروث أو في صحته (¬7). أ. هـ ونص ما تقدم له في الرسم المذكور ولا أعرف نص خلاف في أن هبة الوارث لميراثه في مرض الموروث جائزة، وهو بين من قول ابن القاسم في هذه الرواية، ونص من قوله في رسم الأقضية والحبس من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبات لأنه قال فيه أن ذلك يلزمه إلا أن يقول كنت أظنه يسيراً لا أعلم أنه يبلغ هذا القدر وشبه ذلك من قوله، فيحلف على ذلك ولا يلزمه، ومثله لمالك في الموطأ لأنه قال فيه أن الميت إذا قال لبعض ورثته أن فلاناً لأحد من ورثته ضعيف وقد أحببت أن تهب لي ميراثك فأعطاه إياه أن ذلك جائز إذا سماه له الميت إذ لا فرق بين أن يهب أحد الورثة ميراثه لمن سواه من الورثة، أو لأجنبي من الناس، ولا بين أن يسميه له الميت، أو لا يسميه له، وما في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات محتمل للتأويل على ما سنذكره إذا مررنا به من الناس من ذهب إلى أن هبة الوارث لميراثه في مرض الموروث (¬8) لا يجوز لأنه وهب مالا يملك بعد على ما في المدونة من أن المريض ¬

(¬1) في - م - له. (¬2) في - م - لو. (¬3) في - م - أن. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - فيه شيء. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬7) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 247 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬8) في - م - الموت.

إذا استأذن بعض ورثته في أن يوص لبعضهم فأذنوا له [لزمهم] (¬1) إذا لم يحكم لهم بحكم المالك للميراث في المرض، وإنما كان له التحجير على مورثه فإذا رفع عنه التحجير بالإذن له لزمه، وإن لم يكن مالكاً للمال، وقال أن ذلك يقوم أيضاً من قول مالك في الموطأ أن الوارث إذا وهب لمورثه في مرضه ميراثه منه فمات قبل أن يقضي فيه أنه يرجع إليه إذ لو أجاز هبته له لقال أنه لا يكون له منه إلا ميراثه منه، قال فكما (¬2) لا تجوز هبته له من أجل أنه لم يتقرر له عليه ملك فكذلك لا يجوز لغيره ليس (¬3) ذلك بصحيح، والفرق بينه وبين غيره أنه إذا وهبه لمورثه فقد علم أن القصد في ذلك إنما هو ليرفع التحجير عنه في أن يصرفه إلى من أحب من الورثة إذ لا يحتاج هو إلى هبة إن صح ولا ينتفع بها إن مات، فإذا لم يقض فيها بشيء حتى مات رجعت إلى الواهب، وإذا وهبه لغيره فقد ملكه بالهبة ما وهبه إياه ولا يقال أن ذلك لا يجوز من أجل أنه وهبه ما لم يملكه بعد لأنه لم يبتله له الأن، وإنما وهبه له بشرط ملكه له بموت مورثه كما لو قال إن ملكت فلاناً فهو حر، أو إن ملكته فهو لفلان فلا فرق في وجه القياس بين صحة الموروث ومرضه في هبة الوارث (¬4) لميراثه منه، والتفرقة بين المرض والصحة في ذلك استحسان، وتحصل (¬5) على هذا في المسألة ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع في الحالين، والفرق بينهما. أ. هـ. وقال في أول رسم من سماع عيسى من كتاب الهبات قال عيسى وسئل ابن القاسم عن رجل صالح مالك أمره تصدق على آخر مثله بميراثه من أبيه إذا مات والأب باق أيجوز له؟ فقال لا أرى أن يجوز هذا ولا أقضي به عليه وهو أعلم لأنه أمر لا يدري قدره، ولا يعلمه، ولا يدري كم يكون ديناراً أو ألف دينار فلا يدري ما هو وهو أعلم. قال محمد بن رشد قوله لا أرى أن يجوز معناه لا أرى أن يجوز هذا عليه أي لا يلزمه ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) في - م - وكما. (¬3) في - م - وليس .. (¬4) في - م - الثواب. (¬5) في - م - ويصير.

ذلك ولا أقض عليه به، وهو أعلم لأنه لا يدري قدره، ولا كم يكون [ديناراً أو ألفاً (¬1)] فإنما قال أن ذلك لا يلزمه [من أجل أنه لم يدر قدر ما وهب لا] (¬2) من أجل أنه وهب ما لم يملكه [إذ لم يهبه اليوم فيكون قد وهب ما لم يملكه (¬3)] بعد، وإنما أوجب ذلك على نفسه يوم يموت أبوه فيجب له ميراثه كمن قال إن ورث فلان أو اشتريته فهو حر يلزمه ذلك بخلاف قوله هذا اليوم حر، وقوله في هذه الرواية أن ذلك لا يلزمه خلاف ما يأتي من قوله في رسم الأقضية والحبس من سماع أصبغ أن ذلك يلزمه إلا أن يقول كنت ظننت أنه يسير ولو علمت أنه بهذا القدر ما وهبته وشبه ذلك من قوله فيحلف على ذلك، ولا يلزمه فاتفقت الروايات جميعاً على أن الواهب ميراثه في مرض الميت ليس بواهب لما لم يملكه بعد، وأنه إنما هو واهب له إذا ملكه بقوله المتقدم قبل أن يملكه، واختلف هل يلزمه إذا مات [قبل قوله (¬4)] المتقدم، فقال في هذه الرواية لا يلزمه إذا لم يدر يوم أوجبه كم يكون يوم الموت، وفي (¬5) رواية أصبغ يلزمه إلا أن يقول لم أظن أنه يكون هذا المقدار فيحلف على ذلك ولا يلزمه، ومن أهل النظر من ذهب إلى أن معنى رواية أصبغ أن الصدقة كانت بعد موت الأب فلذلك ألزمه بها بخلاف هذه الرواية التي قال فيها أن الصدقة والأب باق فإنها غير جائزة. قال وهو الذي على مذهبه في أخر الوصايا (¬6) الثاني من المدونة، لأن الوارث لا يملك ميراثه في مرض الموت فتجوز فيه هبته، وإنما له في مرضه التحجير عليه في أن يوص بأكثر من ثلثه أو يوص لبعض ورثته فهذا الذي أذن [له] (¬7) فيه لزمه على ما قاله في المدونة، وإما أن يهبه هو لأحد فلا قال وفي الموطأ ما يدل على أنه لا يجوز للوارث أن يهب له ميراثه في مرض موته قال ابن رشد: ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) في - م - وقال في .. (¬6) أنظر المدونة جـ 15 ص 75 وما بعدها. (¬7) في - م - ساقطة.

وليس ذلك عندي بصحيح بل الذي في الموطأ أن هبة الوارث ميراثه في مرض الموروث (¬1) جائز لازم، وليس عندي في المدونة ما يخالف ذلك، ولا في هذه الرواية [أيضاً] (¬2) ما يدل على خلاف ذلك، لإحتمال أن يريد أن الصدقة [قد] (¬3) وقعت في صحة الموروث قبل مرضه، وهذا أولى ما حملت عليه حتى تتفق الروايات (¬4)، لأن حمل بعضها على التفسير لبعض أولى من حملها على الخلاف، فنقول على هذا أنه إذا وهب ميراثه في صحة الموروث (¬5) لم يجز (¬6) عليه، وكان له أن يرجع عنه على معنى هذه الرواية ولا نص خلاف في ذلك، وإنما يدخل فيه الخلاف بالمعنى إذ لا فرق في حقيقة القياس في ذلك بين الصحة والمرض، وإذا وهب ميراثه في مرض الموروث (¬7) [الذي مات فيه] (¬8) لزمه، ولم يكن له أن يرجع عليه إلا أن يتصدق عليه وهو بظنه النصف أو الربع فيكون للتفرقة بين ذلك وبين الذي يجهل قدر المال [وجه] (¬9) وهو أن الذي شك فيما بين الجزئين قد رضي بهبة أكترهما فيجب أن يلزمه وبالله التوفيق. وقال في رسم الأقضية والحبس (¬10) من سماع أصبغ: سمعت ابن القاسم يقول في رجل تصدق على رجل بميراثه من أبيه بعد أن يموت أبوه، وأشهد له، وقبل ذلك منه ثم بدا للمتصدق، وقال أنني كنت حين فعلت ذلك لا أدري ما أرث نصفاً أو ربعاً، ولا أدري ما عدد ذلك من الدنانير، ولا من الرقيق، ولا ما سعة ذلك من الأرض، وعدد الأشجار فلما تبين لي مورثي من أبي وما أرث مما ترك ¬

(¬1) في - م - الموت. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في - م - الرواية. (¬5) في - م - الموروث هكذا صححت. (¬6) في - م - يجبر. (¬7) في - م - الموت وهو الصواب. (¬8) ما بين القوسين ساقط من الأصل .. (¬9) ما بين القوسين ساقط من لأصل. (¬10) أنظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 108 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613.

ذلك كثيراً وكنت ظننت بأنه دون ذلك وأنا لا أجيز الأن فقال ابن القاسم: أن تبين ما قال أنه لم يكن يعرف يسر أبيه ولا وفره لغيبة كانت عنه رأيت أن يحلف ما ظن ذلك، ويكون القول قوله وإن كان عارفاً بأبيه ويسره، وإن لم يعلم قدر ذلك جاز ذلك على ما أحب أو كره، وقال أصبغ. قال ابن رشد: قد سبق الكلام عليها [مستوفى] (¬1) في سماع عيسى قلت فتحصل من كلام ابن رشد أنه إذا وهب ميراثه بعد موت مورثه لزمه بلا خلاف، وإن وهبه في حال مرض موته (¬2) الذي مات فيه لزمه أيضاً، ولا يعرف به نص خلاف إلا ما يؤخذ من سماع عيسى وليس الأخذ عنه بصحيح، وإن وهبه في صحة مورثه فالقياس أنه يلزمه ولكنه لا يعرف نصاً في عدم اللزوم، وحمل سماع عيسى بعدم اللزوم عليه أما ما ذكره من اللزوم إذا وهبه بعد الموت، أو في المرض فظاهر وكذا ما ذكر من أن اللزوم في حالة الصحة هو القياس، وأما كونه ليس بمنصوص فليس بظاهر، وقد تقدمت مسألة الموازية، وهي نص في اللزوم في حالة الصحة. وقال في كتاب الهبة من المدونة: وإن وهبه مورثه من فلان وهو لا يدري كم هو ربع أو سدس، أو وهبه نصيبه من دار، أو جدار ولا يدري كم ذلك فذلك جائز، والغرر في الهبة لغير الثواب يجوز (¬3). أ. هـ فظاهرها سواء كان في الصحة أو في المرض، أو بعد الموت وقال المشذالي في حاشيته على المدونة: قال الوانوغي (¬4) معنى المسألة أن فلاناً مات حين الهبة، أو مرض أما لو كان صحيحاً فلا يلزم الواهب ما وهبه قال ابن القاسم: فيمن تصدق بميراثه من أبيه إذا مات والأب باق لا أرى أن يجوز هذا ولا يقضى به. ¬

(¬1) ساقطة من - م. (¬2) في - م - مورثه وهو الصواب. (¬3) أنظر المدونة جـ 15 ص 119. (¬4) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الوانوغي التوزي نزيل الحرمين الشريفين الإمام العلامة العمدة المحقق الفهامة كان آية في الذكاء والحفظ شديد الإعجاب بنفسه، والإزدراء لمعاصرية. أخذ عن ابن عرفة، وأحمد بن عطاء الله التونسي، وابن خلدون، وعنه ابن ناجي وغيره له طرر على المدونة في غاية الجودة وأسئلة في فنون من العلم بعث بها إلى القاضي البلقيني وإجابة عنها ثم رد ما قاله البلقيني وهو يشهد بفضله، وكتاب على قواعد ابن عبد السلام مولده سنة 755 هـ وتوفي بمكة سنة 819 هـ أنظر ترجمته في شجرة النور جـ 1 ص 243.

ابن رشد قوله لا يجوز أي لا يلزمه، وله أن يرجع ولا نص خلاف فيه، ولو وهب ميراثه في مرض الموت الذي مات منه لزمه، ولم يكن له رجوع إلا إذا ظنه يسيراً ثم بان أنه كثير فيحلف على ذلك ولا يلزمه، ولا نصه خلاف في ذلك أنظر تمامه. قلت: وقد أومأ بقوله (¬1) ولا نص خلاف إلى أنه لا يبعد تخريج اللزوم، وإن كثر وما أحسن قولها ولو شاء لم يجعل، وقوله في العتبة إذ لو شاء لاستتبت [وهذا بالنسبة إلى ما يتعلق بوقت الهبة] (¬2)، [وأما ما ذكره] (¬3) بالنسبة إلى كونه يجهل قدره فالمعروف من المذهب أن الجهل بقدر الموروث لا يبطل الهبة، وكلام المدونة المتقدم صريح في ذلك. وقال في النوادر بعد ذكره كلام العتبية المتقدم من (¬4) سماع أصبغ قال أبو محمد وأعرف لابن القاسم في غير موضع (¬5) أن هبة المجهول جائزة. وقال ابن عبد الحكم: تجوز (¬6) هبة المجهول وإن ظهر (¬7) أنه كثير بعد ذلك. وقال ابن عرفة بعد ذكر كلام المدونة للخمي هبة المجهول والصدقة به (¬8) ماضية ويستحب كونها بعد معرفة قدر العطية خوف الندم، ثم ذكر في لزوم هبة ما جهل قدره من أرث ناجز ثلاثة أقوال: الأول: اللزوم مطلقاً، وعزاه للمدونة مع ابن رشد، وابن عبد الحكم قائلاً ولو ظهرت كثرته. والثاني: عدم اللزوم مطلقاً، وعزاه لنقل اللخمي عن ابن القاسم والثالث: اللزوم إن عرف قدر جميع المال الموروث ولو جهل نصيبه من الميت، وعدم اللزوم إذا جهل قدر المال. ولو عرف قدر نصيبه، وعزاه لابن ¬

(¬1) في - م - في قوله. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في م - عن. (¬5) في - م - موضوع. (¬6) في - م بجواز. (¬7) في م - ظن. (¬8) ساقطة من الأصل.

فتوح عن بعضهم مع ابن رشد عن بعض المتأخرين، ثم قال حكى ابن العربي (¬1) في (¬2) عارضته في باب القطائع في جواز هبة المجهول روايتين ثم قال وفي التنبيه لابن بشير في كتاب العرايا حكى محمد الإجماع على جواز هبة المجهول، وقال من لا تحقيق عنده من الملقبين بالفقهاء في هبة المجهول قولان وهو غلط منه لما رأى من الخلاف فيمن وهب مجهولاً وقال ما ظننت هذا المقدار هل له رده أم لا (¬3). أ. هـ ويعني ابن بشير أنه لا خلاف في الجواز، وإنما الخلاف في اللزوم يبين ذلك بقيمة كلامه في التنبيه في المحل الذي ذكره ابن عرفه قال أثر كلامه المتقدم وهذا أصل ثاني لا يعود بالخلاف في صحة هبة المجهول وإنما هو خلاف في إلزامه كل ما ظهر لأنه خرج من يده ويمكن أن يكون فوق ما ظن، أو لا يلزمه إلا القدر الذي يظن أنه وهبه. أ. هـ تنبيهات الأول: يظهر من كلام ابن رشد المتقدم أن الخلاف إنما هو حيث يهب ¬

(¬1) هو القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعروف بابن العربي الإشبيلي الإمام الحافظ المتبحر خاتمة علماء الأندلس وحفاظها الجليل القدر الشهير الذكر، شهرته تغني عن التعريف به سمع أباه وخاله أبا القاسم الحسن الهوزني، ورحل للمشرق مع أبيه سنة 485 هجرية ولقي بالمهدية أبا الحسن بن الحداد الخولاني، وقرأ عليه تأليفه، ولإمام المازري، ولقي بالإسكندرية أبا بكر الطرطوشي، وصحب أبا حامد الغزالي، فانتفع به. أخذ عنه من لا يحصى كثرة منهم القاضي عياض، والإمام السهيلي، وأبو القاسم الحوفي. بقي يفتي أربعين سنة. له مؤلفات تدل على غزارة علمه وفضله منها عارضة الأحودي في شرح الترمذي، والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس وترتيب المسالك في شرح موطأ مالك وأحكام القرآن، وكتاب الخلاقيات وكتاب مشكل الكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ، والإنصاف في مسائل الخلاف. ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة واختلف المترجمون له في سنة وفاته فقيل توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقيل توفي سنة ثلاث وأربعين. أنظر ترجمته في هجرة النور الزكية جـ 1 ص 136 وما بعدها وتاريخ الدولتين ص 908. (¬2) في - م - من. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 22 ظهر و 23 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133.

ما يرثه من قريبه على الجزم من الأن، وأما لو صرح بالتعليق وقال (¬1) إن ملكت الشيء الفلاني فهو صدقة على فلان أنه يلزمه، وهو ظاهر إذا كان في غير يمين كما تقدم. الثاني: إذا وهب ميراثه لمورثه فلم يقض فيه بشيء فإنه يرجع للواهب كما تقدم في سماع ابن القاسم عن مالك. قال في المنتقى: ورواه ابن وهب أيضاً إلا أن ابن وهب روى عنه أنه قال إلا أن يكون سمى له من يهبه [له] (¬2) من ورثته فذلك له. قال الباجي: [لأنه] (¬3) قد يبين [له] (¬4) الوجه الذي سأله (¬5) إنفاذه فيه، وقد وجد الإنفاذ من الواهب الوارث ولو قال أعطيته [ما] (¬6) أوصى به لفلان فقد روى ابن عبد الحكم عن مالك في الموازية أنه [إذا] (¬7) أذن له أن يوصي به لوارث آخر فإن أنفذه مضى وإن لم ينفذه فهو رد، ثم قال في الموطأ ولو وهب له ميراثاً فأنفذ لمالك بعضه وبقي بعضه فهو رد على الواهب (¬8). أ. هـ الثالث: هبة الوارث [غير] (¬9) ميراثه لمورثه إنما يلزمه إذا لم يكن في سلطانه، كما تقدم في إجازة الوصية. قال في رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات وسئلته عن الرجل يسأل امرأته في مرضه أن تضع (¬10) عنه مهرها (¬11) وتتصدق عليه بشيء من مالها فتفعل، ثم أرادت بعد موته أو بعد أن صح الرجوع فيه هل ترى لها ذلك بمنزله الميراث قال ابن القاسم: ليس لها ¬

(¬1) في - م - وقال. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) ما بين القوسين ساقط من م. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - سمى له وهو تصحيف. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) ساقطة من - م -. (¬8) أنظر المنتقى جـ 6 ص 182. (¬9) ساقطة من - م -. (¬10) في - م - تهب منه. (¬11) في - م - أو.

المسألة الرابعة إذا وهبت الزوجة يومها لضرتها، أو لزوجها، أو أسقطت حقها من القسم فلها الرجوع متى شاءت.

ذلك، ولا يعجبني ذلك لها صح أو مات قضى فيه بشيء أو لم يقض، وليست الصدقات والديون في هذه بمنزلة المواريث، وهذا وجه الشأن فيه وهو قول مالك. قال محمد بن رشد لا اختلاف أن ما وهبت المرأة لزوجها من مالها أو من صداقها عليه فيه مرضه أو في صحته لازم لها، وليس لها الرجوع في شيء منه في حياته ولا بعد موته إلا أن يكون أكرهها على ذلك بالإخافة والتهديد مثل أن يسألها ذلك فتأبى فيقول والله لئن لم تفعلي ذلك للأضيقن عليك، ولا أدعك تأتي أهلك على ما قاله [ابن القاسم] (¬1) في رسم أخذ يشرب خمراً من سماع ابن القاسم من كتاب الدعوى والصلح، وما أشبه ذلك فلا يلزمها لأن إكراه الرجل امرأته إكراه على ما قاله في المدونة، وقوله لا يعجبني ذلك لفظ فيه تجوز ولا يسوغ له (¬2) ذلك فقد يعبرون بالمكروه عن الحرام، وأما إذا سألها في مرضه [أن تهب] (¬3) له ميراثها مما يخلفه، أو بعضه فلا يلزمها ذلك ولها أن ترجع فيه إذا مات قضى فيه بشيء أم لم يقض بخلاف الابن البائن عن أبيه يسأله أبوه في [مرضه] (¬4) أن يهب له ميراثه مما يخلفه، أو من بعضه فهذا إن قضى فيه بشيء له لزمه، ولم يكن له أن يرجع عنه. المسألة الرابعة إذا وهبت الزوجة يومها لضرتها، أو لزوجها، أو أسقطت حقها من القسم فلها الرجوع متى شاءت. قال في أخر [كتاب] (¬5) النكاح الثاني (¬6) من المدونةوإذا رضيت امرأة بترك أيامها وبالأثرة عليها على أن لا يطلقها جاز، ولها الرجوع متى شاءت فإما عدل أو طلق (¬7). أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في الأصل لها. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من - م. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) الرابع وهو الصواب. (¬7) أنظر المدونة جـ 4 ص 120.

قال اللخمي: وسواء كانت الهبة مقيدة بوقت أو للأبد لأن ذلك مما يدركها فيه الغيرة، ولا تقدر على الوفاء بما وهبت إلا أن يكون اليوم واليومين (¬1). تنبيهات الأول ظاهر كلام أبي الحسن الصغير أن ما ذكره اللخمي من استثناء اليوم واليومين تقييد للمدونة وهو (¬2) ظاهر كلام ابن عبد السلام، والشيخ خليل في التوضيح قال ابن الحاجب بعد أن ذكر هبتها لضرتها، وللزوج ولها الرجوع متى شاءت (¬3). قال ابن عبد السلام يعني في القسمين معاً سواء وهبت ذلك لضرتها أو لزوجها قالوا لأن ذلك مما لا تصبر عليه عادة، ولهذا لو وهبت اليوم واليومين لما كان لها الرجوع (¬4). ا. هـ ونحوه في التوضيح فإنه ذكر كلام اللخمي وسكت (¬5) عنه وظاهر كلامه في مختصره الإطلاق فإنه قال ولها الرجوع متى شاءت. قال ابن عرفة: بعد أن ذكر كلام اللخمي قلت ظاهرها الإطلاق (¬6). أ. هـ قلت: وهذا هو الجاري على تعليل المسألة بكونها من باب إسقاط الحق قبل وجوبه، وبذلك وجهها أبو إسحاق التونسي قال الشيخ أبو الحسن ذكر ¬

(¬1) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 2 ورقة 179 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12097. (¬2) في الأصل - وظاهر. (¬3) أنظر مختصر ابن الحاجب ورقة 106 وجه رقم المخطوط 17791 تونس. (¬4) هذه المسألة ساقطة من النسخة التي وقفت عليها من شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب فبين ذلك أثناء مقابلة مختصر ابن الحاجب لشرح ابن عبد السلام، حيث انتقل مباشرة من قول ابن الحاجب في مسألة اختلاف الزوجين في متاع البيت إلى مسألة الصلح وبعث الحكمين بعيد كتاب الطلاق بيسير، فأسقط بذلك الكلام عن الوليمة والجزء الأكبر من الكلام على القسم والنشوز. حيث موضع هذه المسألة. أنظر مختصر ابن الحاجب ورقة 105 وجه إلى 140، وكذلك شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب ورقة 216 ظهر و 217 وجه رقم المخطوط 12244 تونس. (¬5) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 6 ظهر رقم المخطوط 12256 تونس. (¬6) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 29 ظهر رقم المخطوط 12147 تونس

عبد الحميد عن أبي إسحاق قال جعل لها الرجوع لأنه شيء لم يجب لها فوهبت ما لم يتقرر [لها] (¬1) ملكه لكنه قال قال عبد الحق وفي هذه العلة نظر لأنها لو تركت المطالبة بنفقة جملها أو بنفقتها [هي (¬2)] لزمها ذلك، وإن كانت النفقة للمستقبل (¬3) فأنظره. أ. هـ قلت: ما ذكره من سقوط النفقة هو أحد القولين وسيأتي أنه الراجح منهما فلم يبقى بين هذه المسألة ومسألة اسقاط النفقة فرق إلا من جهة قوة الضرر هنا، وأنه لا يمكن الصبر عليه فيجئ ما قاله اللخمي وأنظر ما ذكره المشذالي في حاشيته على المدونة عن ابن عرفة ونصه قوله ولها الرجوع متى شاءت قال ابن عرفة: عندي أنه إذا كان ما وهبته الزمن اليسير كاليوم واليومين لا رجوع لها لقول عاريتها إذا رجع فإنه يقضى عليه بما يعار إلى مثله، وقولهم في السلف إذا طلب في الحال لجامع المعروف، قال المشذالي وهذا غير بين لأن مدرك مسألتنا راجع لضرر بدني، ولا يقاومه ما يرجع إلى أمر (¬4) مالي. أ. هـ فجعل التقييد باليومين (¬5) من عند ابن عرفة مع أنه حكاه في مختصره عن اللخمي، وإعترضه بأنه خلاف ظاهر إطلاق المدونة. الثاني: قال في التوضيح [وأنظر] (¬6) هل يقيد رجوعها في هذه المسألة بما إذا لم تدخل ضرتها الأخرى (¬7) في شيء كما قال في إعتصار الأب مال ولده (¬8). أ. هـ قلت: الذي يظهر من كلامهم عدم التقييد سواء عللنا المسألة بالضرر، ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 2 ورقة 179 ظهر مخطوط رقم 12097 تونس. (¬4) في - م - ضرر وهو الصواب. (¬5) في - م - باليوم. (¬6) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬7) هكذا صححت بالهامش في م. (¬8) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 6 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

فرع

أو بإسقاط الحق قبل وجوبه كما في الشفعة حيث لم يعتروا إدخال المشتري في الشراء وكلفته مع أنها في الغالب أعظم من كلفة الزوجة فتأمله والله تعالى أعلم. فرع إذا قلنا للمرأة الرجوع فرجعت ولم يبلغ ذلك الزوج فليس عليه قضاء ما فات قبل أن يبلغه الرجوع. قال في الجواهر وما فات قبل بلوغ خبر الرجوع فلا يقضى (¬1). أ. هـ. الثالث: قال ابن الحاجب: وإذا وهبت واحدة يومها لضرتها فللزوج الإمتناع لا للموهوبة. قال ابن عبد السلام: أن هبة الضرة (¬2) لضرتها يومها جائز، ثم للزوج الإمتناع من قبول تلك الهبة وليس للموهوبة الإمتناع منه لأن الحق في الإستمتاع بالواهبة بيد الرجل، فلو جاز للموهوبة قبول هذه الهبة بغير رضى الزوج لسقط الزوج في المتعة بالواهبة بغير رضاها وهو باطل، وكذلك لو قبل الزوج الهبة لم يكن (¬3) للموهوبة الإمتناع من القبول (¬4). أ. هـ قلت: لأن له الإستمتاع بها في كل وقت، وإنما غمتنع عليه لحق الزوجات الأخرى فلما أسقطت إحداهن يومها للأخرى، ورضي الزوج بذلك جاز ولم يكن للموهوبة في ذلك مقال (¬5). ولم ينبه في التوضيح على قول ابن الحاجب لا للموهوبة. والله تعالى أعلم. ثم قال ابن الحاجب فإن (¬6) وهبت للزوج قدرت كالعدم ولا يخصص هو [قال ابن عبد السلام، والشيخ خليل يعني إذا وهبت لضرتها بقيت أيام القسم على حالها، ويكون للموهوبة يومان، وأما إذا وهبت الزوج فإنها تكون كالعدم، ولا يخصص هو (¬7)] بذلك اليوم غيرها. زاد ابن عبد السلام فقال لأن معنى هبتها للزوج إسقاط حقها لا أنها جعلت ما كان لها بيده هكذا قالوا، وقال بعض أهل العلم إذا وهبت يومها للزوج كان مخيراً بين إسقاط يومها وبين أن يخصص به واحدة قال ابن عبد السلام قلت والأقرب سؤالها عن مرادها بالهبة هل الإسقاط أو تمليك الزوج، فإن أرادت تمليك الزوج فيكون مخيراً في جعله لمن شاء، ونقله عمن جعله إليها إذا شاء (¬8). أ. هـ. ونقل في التوضيح هذا الأخير فقال وينبغي إذا وهبت الزوج أن تسأل هل أرادت الإسقاط أو تمليك الزوج، فإن أرادت الثاني فله أن يخصص ليومها من يشاء (¬9). أ. هـ [قلت] (¬10): وهذا التفصيل هو الذي يفهم من كلام اللخمي فإنه هبة المرأة يومها جائزة، إلا أن يأبى الزوج لأن له حقاً في الإستمتاع بها وهبتها على ثلاثة أوجه فإن اسقطت يومها ولم تخص أحداً عاد القسم لثلاثاً، وإن خصت به واحدة كان لها وبقى القسم أرباعاً وقد وهبت سودة (¬11) يومها ¬

(¬1) أنظر الجواهر لابن شاس جأ 1 ورقة 145 وجه رقم المخطوط 13452 تونس. (¬2) في - م - المرأة. (¬3) عبارة - م - للزوجة الإمتناع من القبول وهو تصحيف. (¬4) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 6 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬5) نفس المصدر السابق ونفس الورقة والجزء. (¬6) في - م - فلو. (¬7) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬8) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 6 ظهر وما بعدها. تنبيه يوجد تخليط في التسفير فاحذره. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬9) نفس المصدر السابق ونفس الورقة والجزء. (¬10) ساقطة من الأصل. (¬11) سودة: هي أم المؤمنين بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود القرشية. توفي عنها زوجها السكران بن عمر فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة وهي أول امرأة تزوجها عليه السلام بعد خديجة، اختلف في تاريخ وفاتها فقيل توفيت في أخر خلافة عمر، وقيل سنة أربع وخمسين ورجحه الواقدي. أنظر ترجمتها في الإصابة جـ 4 ص 338.

لعائشة (¬1) رضي الله تعالى عنها فكان لها يومان. وقال بعض أهل العلم إن وهبته للزوج كان بالخيار بين أن يسقط [حقه] (¬2) فيه ويكون القسم لثلاثاً، أو يخص به واحداً ويكون القسم أرباعاً. أ. هـ. نقل (¬3) ابن عرفة كلام اللخمي فأجحف في اختصاره ونصه للخمي: إن أسقطت الحرة (¬4) يومها، أو وهبته لضرتها فللزوج منعها لحقه في المتعة بها فإن وافقها فالمسقطة كالعدم، واختص القسم بمن سواها، وللموهوبة يومها. وقال بعض العلماء أن وهبته له فله أن يخص به واحدة أو يخص القسم بمن سواها، ثم قال وظاهر قوله قال بعض العلماء أن المذهب خلافه وهو مقتضى قول ابن الحاجب وابن شاس (¬5) وفيه نظر إحتمال كونه كهبة أحد الشفعاء حقه ¬

(¬1) هي عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما التميمية أم عبد الله الفقيهة أم المؤمنين الربانية حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً وعن أبيها، وعمر، وحمزة بن عمر الأسلمي، وسعد بن أبي وقاص، وفاطمة الزهراء وغيرهم. روت عنها أختها أم كلثوم بنت أبي بكر، وابن أخيها القاسم، وابن ابن أخيها عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ومن أكابر التابعين خلق منهم عمرة بنت عبد الرحمن، وقال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمر قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً. توفيت في رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو هريرة. أنظر ترجمتها في التهذيب جـ 12 ص 433. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في - م - ونقل. (¬4) في - م - المرأة. (¬5) هو أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس الجدامي السعدي الفقيه المالكي الشهير كان فقيهاً فاضلاً في مذهبه عارفاً بقواعده. يقول صاحب الديباج رأيت بمصر جمعاً كثيراً من أصحابه يذكرون فضائله وصنف في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه كتاباً نفيساً سماه الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، وضعه على تركيب الوجيز لأبي حامد الغزالي وفيه دلالة على غزارة فضائله يقول الحجوي وقد تسرقه طريقته فيدخل بعض أقوال الشافعية في المذهب المالكي ومع ذلك فهو كتاب من أحسن ما صنف المالكية. كان مدرساً بمصر بالمدرسة المجاورة للجامع العتيق، وكان من أبناء الأمراء توفي مجاهداً في دمياط سنة عشر وستمائة أنظر ترجمته في الفكر السامي جـ 2 ص 230 شجرة النور الزكية جـ 1 ص 165، والديباج المذهب جـ 1 ص 434، 444.

للمبتاع، وأحد غرماء المفلس حقه له يستغرقه من سواه، أو كهبة أحد أولياء القتيل حقه للقاتل، والأول أظهر، والثاني أجرى على شرائه ذلك (¬1). أ. هـ قلت: أما قوله أن ظاهر قول اللخمي قال بعض العلماء أن المذهب خلافه فغير (¬2) ظاهر لأنه جعل المسألة على ثلاثة أوجه، وهذا هو الوجه الثالث ولم (¬3) يذكر فيه إلا ما نقله عن بعض العلماء فالذي يظهر من كلامه أنه ارتضاه، وإلا لنبه على ذلك. وأما قوله أن مقتضى كلام ابن شاس وابن الحاجب أن ما نقله اللخمي عن بعض العلماء خلاف المذهب فصحيح، بل ذلك صريح في كلامهما، ولذلك لم يذكر ابن عبد السلام والشيخ خليل خلاف ذلك إلا على سبيل البحث، وجزم الشيخ خليل في مختصره بما قاله ابن شاس، وابن الحاجب على ما في النسخ الصحيحة منه، وبذلك جزم صاحب الشامل فقال: وقدرت عدماً إن وهبت يومها له، أو أسقطته ولا يخصص هو لضرتها فله الإمتناع لا للضرة إن رضي. أ. هـ وهذا هو الذي استظهره ابن عرفة حيث قال: والأول أظهر فإنه يعني بالأول أن يكون ذلك كهبة أحد الشفعاء حقه للمبتاع، وكهبة أحد غرماء المفلس حقه للمفلس، ومسألة الشفعة ذكر ابن رشد فيها في أول كتاب الشفعة قولين أرجحهما أن نصيب الواهب يرجع لبقية الشركاء، ومسألة التفليس لا شك أن الغرماء يقسمون (¬4) حصة الواهب كما ذكر ذلك ابن عرفة، فتحصل من هذا أن الراجح من المذهب أنها إذا وهبت يومها للزوج، أو أسقطت حقها تصير كالعدم، وليس للزوج أن يخص بيومها واحدة من البواقي والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 29 ظهر، 30 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬2) في - م - غير. (¬3) في - م - لم. (¬4) في - م - يقتسمون.

الرابع: قال اللخمي [واختلف] (¬1) في بيعها اليوم وشبهه فقال مالك في كتاب محمد: لا أحب أن تشتري من صاحبتها يوماً ولا شهراً، وأرجو أن يكون في ليلة خفيفاً، قيل له فإن أرضى أحدى امرأتيه بشيء لحالها ليومها ليكون فيه عند الأخرى، فقال أن الناس لا يفعلون ذلك، وغيره أحب إلي. ومحل قوله في التفرقة بين القليل والكثير لما كانت لا تقدر على الوفاء فيما طالت مدته. أ. هـ وأنظر الخلاف الذي حكاه اللخمي ما هو فإن الذي تحصل من هذا الكلام أن مالكاً كره للضرة أن تشتري من ضرتها يوماً أو شهراً وخفف شراء الليلة، وقال في كتاب محمد في ارضاء الرجل زوجته في يومها تركه أحب إلي، والظاهر أنه أراد أن الخلاف في شراء اليوم فقال أولاً لا أحب لها أن تشتري يومها، ثم قال في الرجل يرضى امرأته بشيء ليكون في يومها عند الأخرى فقال غيره أحب إلي فظاهره أنه خفف ذلك، ولا فرق بين شراء الزوجة يوم صاحبتها، أو شراء الزوج ذلك، وقال في سماع أشهب من كتاب النكاح سأل سأل عمن يرضي إحدى امرأتيه بعطية في يومها ليكون فيه عند الأخرى قال الناس يفعلونه، قيل له أتكرهه قال غيره أحب إلي. قال ابن رشد سئل في هذا الرسم بعينه من هذا السماع من طلاق السنة عن المرأة تشتري من صاحبتها يومها فقال لا يعجبني، وإني لأكرهه أرأيت لو اشترت شهراً أو سنة، وأني لأرجو أن تكون الليلة خفيفة، فظاهر قوله أنه فرق في الليلة الواحدة بين أن يكون الرجل هو المشتري لها من امرأته، أو تمون صاحبتها هي التي اشترتها منها فجعل شراء المرأة الليلة من صاحبتها أشد في الكراهة، فيتحمل أن يكون الفرق بينهما عنده أن المرأة لا تدري ما يحصل لها بما أعطت من الإستمتاع بزوجها إذ قد يصيبها في تلك الليلة، وقد لا يصيبها والرجل يدري ما يحصل له من الإستمتاع إذ هو المالك للإصابة، وأما شراء المدة الطويلة فالكراهة فيها بينة من كل واحد منهما لأنه غرر، إذ لا يدري هل يعيش إلى تلك المدة هو، أو الذي اشترى الإستمتاع به (¬2). أ. هـ ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 23 ظهر و 24 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611.

فالذي تحصل من كلام ابن رشد أن شراء الليلة الواحدة مكروه سواء اشتراها الزوج، أو صاحبتها لكن شراء صاحبتها أشد كراهة، وأما شراء أكثر من ذلك فمكروه سواء كان المشتري هو الزوج أو الضرة، وأنظر هذا الذي ذكره ابن رشد (¬1)، والشيخ خليل في الجائزات، وشراء يومها منها (¬2) وكذا قول صاحب الشامل، وشراء ليلتها منها فجعل (¬3) ذلك جائز من غير كراهة وظاهرهما سواء كان الزوج هو المشتري أو الضرة، وكأنهما إعتمدا على ما (¬4) قاله ابن عبد السلام ونصه: واختلف في بيعها اليوم واليومين من ضرتها، أو من زوجها. قلت: والأقرب الجواز إذ لا مانع [منه] (¬5) سواء جعل العوض المأخوذ في ذلك عن الإستمتاع، أو عن إسقاط الحق وهو الأقرب. أ. هـ وإقتصر ابن عرفة على حكاية كلام ابن رشد ثم كلام اللخمي، ثم قال بعده قلت: هذا خلاف تفرقة ابن رشد (¬6). أ. هـ فكأنه يشير إلى ما ذكرنا، وهو أن اللخمي سوى بين شراء الرجل والضرة الليلة الواحدة فتأمله والله تعالى أعلم. الخامس: قال ابن عرفة عن اللخمي وليس للأمة إسقاط حقها في قسمها إلا بإذن سيدها كالعزل لحقه في الولد، إلا أن تكون غير بالغ أو يائسة، أو حاملاً، واستحسن أن أصابها مرة وأنزل أن لها أن تسقط حقها في القسم ما بينها وبين الطهر ابن عرفة يرد بإحتمال خيبتها فيها، ورجائه في تكرره (¬7). ¬

(¬1) عبارة - م - اللخمي وابن رشد مع قول الشيخ خليل. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 6 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) في - م - فحلاً. (¬4) عبارة - م - على القول. (¬5) ساقطة من - م -. (¬6) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 30 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬7) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 30 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

المسألة الخامسة الأمة إذا كانت تحت العبد، وقالت أشهد أني متى أعتقت فقد اخترت زوجي، أو اخترت نفسي

المسألة الخامسة الأمة إذا كانت تحت العبد، وقالت أشهد أني متى أعتقت فقد اخترت زوجي، أو اخترت نفسي فقال مالك في أول رسم (¬1) من سماع أشهب من كتاب الإيلاء لا أرى ذلك لازماً [لها] (¬2)، وحكى ابن حارث (¬3) عن أصبغ أن ذلك يلزمها قال ورواه ابن نافع، وسيأتي في المسألة التي بعدها بيان الراجح من القولين. المسألة السادسة فيمن شرط لزوجته إن تزوج عليها أو تسرر، أو أخرجها من بلدها فأمرها بيدها فتقول أشهد أني متى فعل زوجي ذلك فقد اخترت نفسي أو اخترت زوجي. فقال مالك في كتاب ابن سحنون ذلك لازم لها، وحكى (¬4) الباجي، وابن يونس عن المغيرة أنه لا يلزمها (¬5)، وقال ابن عرفة في الكلام على خيار المعتقة تحت العبد حصل ابن زرقون في التسوية بين هذه المسألة، والتي ¬

(¬1) هذه المسألة غير واردة في سماع أشهب من كتاب الإيلاء في النسخة التي اطلعت عليها من البيان. أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 231 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬2) ساقطة من - م. (¬3) هو أبو عبد الله محمد بن حارث بن أسد الخشني القيرواني ثم الأندلسي الفقيه الحافظ الإمام العالم المتفنن المشاور المؤرخ. تفقه بأحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، وأحمد بن يوسف وسمع من جماعة منهم ابن أيمن، وقاسم وابن لبابة، تفقه به جماعة منهم حويبل له تأليف منها كتاب الإتقان والإختلاف في مذهب مالك وكذلك كتاب رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه، وكتاب الرواه عن مالك وكتاب طبقات فقهاء المالكية، وكتاب طبقات علماء أفريقيا وكتاب مناقب سحنون كتاب الإقتباس وكتاب القضاة بقرطبة يقال أن له مائة ديوان رحل وعمره اثني عشر من القيروان بقرطبة سنة 310 واستوطنها وبها توفي في صفر الخير سنة أحدى وستين وثلاثمائة وقيل سنة أربع وستين. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 212، 213 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 94، 95. (¬4) أنظر المنتقى جـ 3 ص 296 وما بعدها. (¬5) أنظر جامع ابن يونس جـ 1 ورقة 68 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12923. تنبيه بين الجزء الأول والثاني من النسخة التي وقفت عليها تكرار يسير فاحذره.

قبلها في لزوم ما أوقعناه قبل حصول سبب خيارهما وعدمه، ثالثها التفرقة المذكورة لابن الحارث عن أصبغ مع رواية ابن نافع والباجي عن المغيرة مع فضل عن ابن حازم، ومعروف قول مالك (¬1). أ. هـ فعلم أن التفرقة بينهما هي المعروف من قول مال، وعلى ذلك مشى الشيخ خليل رحمه الله في مختصرهفي فصل الرجعة قال ابن رشد في السماع المتقدم هذه المسألة هي التي تحكى عن ابن الماجشون أنه سئل مالك رحمه الله تعالى فيها عن الفرق بين الحرة والمة فقال له أتعرف دار قدامة (¬2)، وكانت داراً يلعب فيها بالحمام معرضاً له لقلة التحصيل فيما سئل عنه، وتوبيخاً له على ترك أعمال نظره في ذلك حتى يسأل إلا في أمر مشكل، وهذا من نحو قوله لابن القاسم في شيء سئلة عنه أنت حتى الساعة هاهنا تسأل عن مثل هذا، ولعمري أن مثل الماجشون (¬3) في فهمه وجلالة قدره لحرى أن يوبخ على مثل هذا السؤال، لأن مالكاً لم يفرق بين الحرة والأمة كما قال، وإنما فرق بي خيار أوجبه الله تعالى بالشرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم للزوجات الإيماء على أزواجهن بشرط عتقهن بغير اختيار أزواجهن وبين خيار شرطه الزوج باختيار لزوجته حرة كانت أو امة، والفرق بينهما أن ما خير الله عباده فيه على شرط، وجعله شرعاً مشروعاً فليس لأحد أن يسقط ما أوجبه الله له من الخيار في ذلك قبل أن يجب له بحصول الشرط، ويوجب على نفسه أحد الأمرين من الأخذ أو الترك لأنه إذا فعل ذلك صار مبطلاً للشرع (¬4) الذي شرعه الله تعالى لعباده في حقه، وذلك مما لا يجوز، ولا يلزم (¬5) ألا ترى لو أن رجلاً غنياً قال أشهدكم أني إن افترقت فلا آخذ من الصدقات التي أباحها الله ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 64 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬2) دار قدامة: هي دار ابن مظعون في حق بني سهم ثم آلت إلى ربع بني جمح. راجع في ذلك أخبار مكة جـ 2 ص 273، 264. (¬3) رجل له قدرة هكذا صحح بهامش - م -. (¬4) في - م - للشرط وهو تصحيف ظاهر. (¬5) في - م - يلزم وهو تصحيف ..

للفقراء شيئاً، أو إن افتقرت فأنا آخذ ما أوجب الله لي من الحق فيها ثم افتقر لم يحرم عليه الأخذ إن أراد أن يأخذ، ولا يلزمه الأخذ إن أراد ألا يأخذ، وكان مخيراً بين الأخذ والترك على حكم الله تعالى في الشرع وما أوجبه الزوج لزوجته على نفسه من الخيار في نفسها بشرط (¬1) بخلاف ذلك يجب إذا اختارت نفسها أو زوجها قبل حصول الشرط بشرط حصوله أن يلزمها ذلك، لأنها إن اختارت زوجها فهو حق لها تركته إذ لا يلزمها قبول ما أعطاها زوجها، وإن (¬2) اختارت نفسها جاز ذلك عليها وعلى زوجها، ولم يكن لواحد منهما في ذلك رجوع لأنه [طلاق] (¬3) قد وقع على صفة يلزم بحصولها إذ [لا يلزم] (¬4) فرق بين أن يقول الرجل امرأتي طالق إن كان (¬5) كذا وكذا، أو تقول هي إذا تملكت الطلاق بشرط أنا طالق إن كان كذا وكذا لذلك الشرط، وهذا بين ولله الحمد. أ. هـ من أول سماع أشهب من (¬6) كتاب الإيلاء، وقد تكرر سماع أشهب في هذا الكتاب مرتين في النسخة التي وقفت عليها من البيان، وهذه المسألة في أول سماع أشهب الثاني، وذكر ابن عرفه أول كلام ابن رشد وقال بعده: سمعت في صغري والدي (¬7) رحمه الله تعالى يحكى عن بعض الشيوخ، وأظن شيخه الشيخ الفقيه أبي يحيى بن جماعة (¬8) أو الشيخ الخليب أبا محمد البرجيني ¬

(¬1) في - م - منالشرط. (¬2) في - م - فإن. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬5) في - م - إن كانت. (¬6) في - م - في. (¬7) هو محمد بن عرفة والد الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي الشيخ المجاور بالحرمين الشريفين. توفي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. أنظر ترجمته في درة الحجال في أسماء الرجال جـ 2 ص 133 والديباج جـ 2 ص 330 وما بعدها ضمن ترجمة ابنه. (¬8) هو أبو يحيى أبو بكر بن القاسم بن جماعة الهواري الفقيه الإمام العمدة العالم الفاضل القدوة. أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب منهم ابن دقيق العيد وعنه ابن عبد السلام وغيره. ألف في البيوع تأليفاً يتعين على كل متدين في معاملاته الوقوف عليه، والسبب في تأليفه أنه طلب منه أن يؤلف في التصوف فأنعم به وشرع في تأليف بيوعه. قيل له في ذلك فقال هذا هو التصوف لأن مدار التصوف على أكل الحلال، ومن لا يعرف أحكام المعاملات لا يسلم من أكل الحرام بالربا والبيوع الفاسدة، فألفه للتوصل لأكل الحلال، ومن أكل الحلال فعل الحلال. حج مع أبي الحسن المنتصر سنة 699 هجرية، وتوفي سنة 712 هجرية أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 205، 206.

أن قوله أتعرف دار قدامة تعريض له بتقدم دخول كان لابن الماجشون لدار قدامة، فاته به علم ما سأل عنه من الفرق، ونحو هذين الأمرين قول عياض قال ابن حارث كانت لابن الماجشون نفس أبية كلمه مالك يوماً بكلمة خشنة فهجره عاماً كاملاً استقضى عليه الفرق بين المسألتين، فقال له أتعرف دار قدامة؟ وكانت داراً يلعب فيها الأحداث بالحمام، وقيل بل عرض له بالعجز. أ. هـ وقال البرزلي: قيل أن مالك رمى عبد الملك بن الماجشون بدار قدامة لأنه نسبه للصغر واللعب، وقيل نسبه للبله لأنها معروفة بينة (¬1). أ. هـ ثم قال ابن عرفة [ثم] (¬2) قال ابن رشد الفرق بينهما فذكر ما تقريره تخيير العتق موجب له شرعاً [فلو لزم سابق قولها على العتق بطل التخيير به ضرورة مناقضة التخيير للزوم، وكلما بطل التخيير بطل ما أوجبه الشرع (¬3)] فلو لزم سابق قولها بطل ما أوجبه الشرع، واللازم باطل قطعاً واختيار ذات الشرط قبل حصوله لما لم يكن ملزوماً لإبطال ما أوجبه الشرع لزم لأنه إلتزام على تقدير وقوع أمر قبل وقوعه، ولو إلتزم بعده لزمه فكذلك قبله كقول الزوج امرأته طالق إن كان كذا ثم استشهد على لغو إلتزام الأمة لعتق بقوله ألا ترى لو أن غنياً قال إن افتقرت فلا أخذ الزكاة التي أباح الله للفقراء، أو إن افتقرت فأنا آخذ ثم افتقر لم يحرم أخذه، ولا يلزمه لأن الشرع خيره فيهما قال ابن عرفة قلت: فيما فرق به نظر من وجهين ¬

(¬1) أنظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 27 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من الأصل.

الأول: أنه يلزمه لغو الطلاق المعلق على العصمة قبل حصولها كقوله إن تزوجت فلانة فهي على حرام بيان الملازمة أن الشرع جعل النكاح سبب حلية الزوجة لزوجها، فإلزامه تحريمها قبله مناقض لموجب [النكاح] (¬1) الواجب بالشرع. الثاني: منع مناقضة إلزامها ما إلتزمت لما أوجبه الشرع من خيارها وسنده أن اللزوم الاحق لا يناقض التخيير الأصلي كعدم مناقضة الوجوب العارض الإمكان (¬2) الذاتي، واستشهاده بقوله لو أن غنياً ... إلخ يرد بأن الكلام في إلتزام ما يلزم غير معلق إن إلتزم معلقاً، وما جاء به لا يلزم غير معلق بحال، ومن أنصف علم أن سؤال ابن الماجشون ليس عن أمر جلي، ولذا سوى بينهما مالك مرة، وبعض أصحابه ثم قال، وفرق الصقلي أيضاً بأن خيار الأمة أنما يجب لعتقها فاختيارها قبله ساقط كالشفعة وإسقاطها قبل الشراء، والمملكة جعل لها الزوج ما كان له إيقاعه معلقاً على أمر فكذلك الزوجة. قال ابن عرفة ينتج [من] (¬3) هذا لزوم ما أوقعته من طلاق لا ما أوقعته من اختيار زوجها فتأمله. وقول ابن رشد لحري يقع بياء بعد الراء ودونها، وكلاهما صحيح. أ. هـ وإقتصر الشيخ خليل في التوضيح على الفرق الذي ذكره ابن يونس وقال في أخر باب الرجعة عن ابن يونس والفرق عندي بينهما أن الأمة إنما يجب لها أن تختار إذا أعتقت، والعتق لم يحصل بعد فقد سلمت أو أوجبت شيئاً قبل وجوبه لها فلم يلزم كتارك الشفعة قبل أن يستوجبها والحرة قد أوجب لها زوجها الشرط إن فعل وملكها منه ما كان له أن يلزمه نفسه قبل أن يفعله (¬4). أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - الإنكار. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 23 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

المسألة السابعة إذا أبرأت الزوجة زوجها من الصداق في نكاح التفويض قبل البناء وقبل أن يفرض لها

وعليه اقتصر البرزلي، وقال بعده فكأنه قال هذا جرى سبب وجوبه وإن لم يجب، والأمة لم يجب ولا جرى سبب وجوبه فهو أبعد (¬1). أ. هـ وذكر [عن] (¬2) ابن رشد أنه سئل عن الفرق بين قول الرجل إن تزوجت فلانة فهي طالق، وبين إن شاترى فلان شقص كذا فقد أسقطت الشفعة؟ فأجاب بأن الطلاق فيه حق لله من الجانبين فليس لواحد منهما إسقاطه إذا حصل موجبه، والشفعة حق لأدمي له (¬3) الرضا والرجوع ما لم يلزم بعد الوجوب (¬4). أ. هـ فتأمله. المسألة السابعة إذا أبرأت الزوجة زوجها من الصداق في نكاح التفويض قبل البناء وقبل أن يفرض لها فقال ابن شاس، وابن الحاجب يتخرج ذلك على الإبراء مما جرى سبب وجوبه قبل [حصول] (¬5) [الوجوب (¬6)] (¬7). أ. هـ [قال في التوضيح هل يلزم نظراً] (¬8) لتقدم سبب الوجوب، وهو ها هنا العقد، أو لا يلزم لأنها أسقطت حقاً قبل وجوبه (¬9). وإقتصر الشيخ خليل في مختصره وصاحب الشامل [على القول] (¬10) بأن ذلك لا يلزمها، وذكر ابن عرفة كلام ابن شاس، وقال بعده قلت: في ثاني وصاياها إن أجاز وارث في مرض مورثه وصيته بأكثر من ثلثه لزمه إن كان بائناً عنه ليس في عياله، وفي ¬

(¬1) أنظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 27 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12793. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - فله. (¬4) نفس المصدر السابق ونفس الجزء والورقة. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) أنظر الجواهر جـ 1 ورقة 142 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13482. (¬8) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬9) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 1 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬10) ساقطة من الأصل.

المسألة الثامنة إذا أسقطت المرأة عن زوجها نفقة المستقبل

حمالتها أن أخر الطالب الحميل بعد محل الحق فهو تأخير للغريب. قلت فهو اسقاط للحق، قبل وجوبه بعد سببه على المشهور في شرط طلب الحميل بتعذر الأصل (¬1). أ. هـ المسألة الثامنة إذا أسقطت المرأة عن زوجها نفقة المستقبل فحكى في التوضيح في لزوم ذلك قولين فإنه لما وجه الخلاف في المسألة السابقة، قال كما لو أسقط الشفيع شفعته قبل الشراء، وفي ذلك قولان وكالمرأة إذا أسقطت نفقة المستقبل عن زوجها هل يلزمها [ذلك] (¬2) لأن سبب وجوبها قد وجد أو لا يلزمها لأنها لم تجب بعد قولان حكاهما ابن راشد يعني القفصي وكعفو المجروح عما يأول إليه الجرح، وكأجازة الورثة الوصية للوارث أو بأكثر من الثلث لأجنبي في مرض الموصي (¬3)، وأمثلة هذا كثيرة. أما إن لم يجز سبب الوجوب لم يجز (¬4) بالإتفاق حكاه القرافي (¬5). أ. هـ وذكر ابن عبد السلام هذه النظائر، وذكر معها [مسألة] (¬6) ذات الشرط والمعتقة تحت العبد ثم قال وبعض هذه المسائل أقوى من بعض (¬7). أ. هـ قلت: وإقتصر القرافي في الفرق الثالث والثلاثين على عدم اللزوم وحكاه عن الأصحاب، ونصه المسألة السابعة إذا أسقطت المرأة نفقتها قال الأصحاب رحمهم الله تعالى أن لها المطالبة [بها] (¬8) بعد ذلك مع أنها إسقاط بعد ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 7 ورقة 180 ظهر وكذلك جـ 2، ورقة 11 ظهر وما بعدها رقم المخطوط 12147 تونس 108475 تونس (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - الموت. (¬4) يجز: بمعنى يعتبر هكذا بالأصل المنقول عنه. (¬5) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 1 ظهر رقم المخطوط 12256 تونس. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) أنظر شرح ابن عبد السلام على مختصر ابن الحاجب جـ 3 ورقة 189 ظهر، 190 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12244. (¬8) ساقطة من الأصل.

السبب الذي هو النكاح، وقبل الشرط الذي هو التمكن (¬1) أو يقال التمكن هو السبب خاصة، ولم يوجب فقد أسقطت قبل السبب والأول عندي أظهر، وإسقاط إعتبار العصمة بالكلية لا يتجه فإن التمكين بدون العصمة موجود في الأجنبية (¬2) ولا يوجب النفقة، والأحسن أن يقال هو من ملكه غير أنه يشق على الطباع ترك النفقات فلم يعتبر صاحب الشرع الإسقاط لطفاً بالنساء، لا سيما مع ضعف عقولهن، وعلى التعليلين يشكل بما إذا تزوجته وهي تعلم بفقره (¬3) قال مالك ليس لها طلب فراقه بعد ذلك مع أنه قبل العقد وقبل التمكين، والفرق أن المرأة إذا تزوجت من تعلم فقره فقد سكنت نفسها سكوناً كلياً فلا ضرر عليها في الصبر عن (¬4) ذلك، كما لو (¬5) تزوجت مجنوناً (¬6)، أو عنينا فلا مطالبة لها لفرط سكون النفس (¬7). أ. هـ وقبله ابن الشاط (¬8)، وقال ما قاله في هذه المسألة ظاهر، وما اختاره هو المختار، وما اعتذر به عن المذهب ظاهر، وما فرق به بين هذه المسألة ومسألة ما إذا تزوجته عالمة بفقره ظاهر. أ. هـ ¬

(¬1) في - م - التمكين هكذا صححت بالهامش في الأولى والثانية. (¬2) في - م - لأجنبية. (¬3) في - م - فقره. (¬4) في - م - على. (¬5) في - م - إذا. (¬6) في - م - مجبوباً. (¬7) أنظر الفروق جـ 1 ص 199. (¬8) هو أبو القاسم قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط الأنصاري نزيل سبتة، الإمام العالم الجليل وحيد دهره، وفريد عصره الحافظ النظار المؤلف المعروف بجوده أجازه أبو القاسم بن البراء وأبو محمد بن أبي الدنيا، وابن الغماز، وأبو جعفر الطباع، وأخذ عنه ابن الحباب، والقاضي أبو بكر بن شيرين. له تآليف منها أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق، وغنية الرائد في علم الفرائض، وتحرير الجواب في توفير الثواب وفهرسته حافلة. وكان مجلسه مؤلفاً للصدور من الطلبة والنبلاء من العامة، مولده في عام ثلاثة وأربعين وستمائة بمدينة سبته وتوفي بها عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة رحمه الله أنظر ترجمته في الديباج المذهب جـ 2 ص 152، 153 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 217.

وعلى ذلك حمل ابن غازي ما وقع في بعض نسخ مختصر الشيخ خليل في فصل الصداق أعني قوله لا أن أبرأت قبل الفرض، أو أسقطت فرضاً قبل وجوبه (¬1) قلت: وهذا الذي اقتصر عليه القرافي، وقبله ابن الشاط وحمل عليه ابن غازي كلام الشيخ خليل في فصل الصداق مخالفاً (¬2) لما نقله (¬3) المتيطي وغيره من الموثقين، ونقله ابن عرفة عن المتيطي أن المرأة إذا أرادت التطليق على زوجها الغائب بعدم (¬4) النفقة فلابد من حلفها على أنها لم تسقطها عنه، ومخالفاً أيضاً لما ذكره الشيخ خليل في توضيحه في الكلام على مسألة ذات الوليين لما ذكر النظائر التي لا يفيتها الدخول قال الرابعة التي تطلق بعدم النفقة ثم يكشف الغيب أنها أسقطتها عنه (¬5). ونص على ذلك أبو عمران الجوراني (¬6) في نظائره فقال: ومن طلقت عليه بعدم النفقة ثم أثبت أنها أسقطت عنه النفقة فهو أحق بها، وإن دخل بها الثاني، وذكر ذلك أيضاً غيره ممن (¬7) صنف في النظائر، وعلى ذلك اختصر الشيخ خليل في مختصره لما ذكر النظائر المذكورة في فصل المفقود وكذلك صاحب الشامل، وقال عبد الحق في تهذيبه في أواخر النكاح الثاني: ومن الواضحة إذا رفعت امرأة الغائب أمرها إلى الإمام في النفقة وله مال حاضر حلفها ما ترك لها نفقة، ولا بعث إليها نفقة، ولا وضعتها عنه ثم فرض لها ثم قال بعده بيسير لما تكلم عن هبة المرأة يومها بضرتها، وأن لها الرجوع، وأن (¬8) بعضهم علل ذلك بكونها أسقطت شيئاً قبل وجوبه فلم يلزمها كتارك الشفعة ¬

(¬1) أنظر مختصر خليل ص 113. (¬2) أنظر حاشية ابن غازي ورقة 111 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15118. وكذلك تكميل التقييد جـ 2 ورقة 68 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 15158. (¬3) عبارة - م - للمتيطي. (¬4) في - م - لعدم. (¬5) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 136 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬6) لم أتمكن من الترجمة فيما توفر لدي الآن من كتب التراجم والسير. (¬7) في - م - فيمن. (¬8) في - م - فإن ..

قبل وجوبها ما نصه: في هذه العلة نظر ألا ترى أنها لو تركت له المطالبة بنفقة حملها أو بنفقتها هي في (¬1) نفسها فيلزمها ذلك، وإن كانت النفقة المستقبلة لم تجب بعد وإنما يجب عليه ما احتاجت للوقت والحال (¬2). أ. هـ ونقله أبو الحسن وقبله، وقد تقدم ذكره في المسألة الرابعة فالذي تحصل من هذا أن المرأة إذا أسقطت هن زوجها نفقة المستقبل لزمها ذلك على القول الراجح والله تعالى أعلم. وقال البرزلي في أواخر مسائل الأنكحة: وسأل أبو زكريا البرقي عمن إلتزمت له زوجته أنها لا تطلبه بنفقة ما دام غائباً عنها، ولم يخرجها من بلدها وهي صفاقس (¬3) فغاب عنها ومستقره تونس فطول الغيبة، ولم تعلم أين هو فرفعت أمرها، وشكت الضرورة بعدم النفقة، وطول الغيبة هل لها قيام للضرورة وتطلق أم لا؟ فأجاب إسقاط النفقة بشرط عدم الخروج بها من بلدها لها الرجوع في الإسقاط، وله إخراجها هذا ظاهر المذهب. وأجاب البرجيني بأنه يسأل الشهود بينهما فإن فهموا الغيبة طالت أو قصرت، أو يعلم الغيبة المعتادة إلى الموضع المعتاد له، وإقامته فيه، أو موضع قريب منه لاسيما إذا كانت غيبة معتادة مستمرة معروفة فهذه قرينته تدل على صدق قول المرأة، ويعضده فهم الشهود لذلك فما يفهم منهما يعمل عليه (¬4). أ. هـ ¬

(¬1) في - م - بنفسها وهو الصواب. (¬2) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 2 ورقة 179 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12097. (¬3) من البلدان المشهورة بالبلاد التونسية يقول الوزير السراج نقلاً عن التيجاني في رحلته يقول دخلتها فرأيت فيها مدينة حاضرة وهي تقع شرقي المهدية ذات سورين يمشي الراكب بينهما، ويضرب البحر في الخارج منهما، وهي الأن المدينة الثانية بعد تونس العاصمة من حيث الأهمية الإقتصادية فهي مركز لـ كثير من النشاطات الإقتصادية والثقافية تبعد عن تونس العاصمة بحوالي ثلاثمائة كيلو متر تقريباً. أنظر الحلل السندسية في الأخبار التونسية جـ 1 ص 325 وما بعدها. (¬4) في - م - يحمل. أنظر نوازل البرزلي جـ 2 ورقة 65 ظهر، 66 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5430.

المسألة التاسعة إذا أسقطت الحاضنة حقها في الحضانة.

المسألة التاسعة إذا أسقطت الحاضنة حقها في الحضانة. قال المشذالي في كتاب الشفعة في تسليم الشفعة قبل الشراء قال [لي] (¬1) ابن عرفة الفتوى عندنا فيمن خالع زوجته على أن تسقط هي وأمها الحضانة أنها لا تسقط في الجدة لأنها أسقطت ما لم يجب لها، ثم قال المشذالي قال المتيطي ذكر ابن العطار في وثائقه عقد تسليم الأم ابنها إلى أبيه، وعلى إن أسلمت إليه ابنها منه، وأسقطت حضانتها فيه، وقطعت أمها فلانة، وأختها فلانة حجتها (¬2) فيما كان راجعاً إليها من الحضانة، وانتقد [ذلك] (¬3) [عليه] (¬4) ابن الفخار (¬5)، وقال الصواب أن يقال ثم قطعت حجتها فيما كان إليها من حضانة فدل بهذا اللفظ على أن الجدة قطعت حجتها بعد أن وجب لها ذلك، وإما بالواو التي لا تفيد ترتبه فلا لأنها قطعت حجتها قبل وجوب الحضانة لها فلا يلزمها والله تعالى أعلم. قال المشذالي: وتفرقة ابن الفخار بين العاطفين ضعيفة في المعنى فتأمله. ثم قال المتيطي وهذا أصل مختلف فيه على ما وقع في المدونة في غر كتاب منها. فعلم من هذا أن الراجح الذي عليه الفتوى في إسقاط الحضانة قبل وجوبها عدم اللزوم. تنبيهات الأول: ليس من ذلك (¬6) إسقاط الأم حقها في الحضانة في حال العصمة كما يفهم من الكلام السابق، وقد قال في المدونة وغيرها أنه يجوز الخلع على ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - حقها. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالكي يعرف ابن الفخار العالم النظار الفقيه الحافظ المحدث المسند العارف بالرجال، وذكر الغريب مع معرفته بالشروط. كان يحفظ صحيح مسلم وسنن أبي داود، وسمع من أبي بكر بن العربي، والقاضي عياض وشريح وغيرهم، وأخذ عنه جلة وحدثوا عنه منهم أبناء حوط الله وأبو جعفر بن عميرة. توفي بمراكش سنة 590 هجرية أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 159. (¬6) في - م - هذا.

إسقاط حضانتها، وإلا كان حكمها في ذلك حكم الجدة والخالة، وأيضاً فالحضانة واجبة للأم في حال العصمة. قال ابن عرفة في باب الحضانة ومستحقها وأبو الولد زوجان هما، وفي افتراقهما أصناف (¬1) الأول الأم (¬2) ... إلخ. وعد اللخمي من الشروط المناقضة لمقتضى العقد أن يتزوج المرأة على ألا يكون الولد عندها: وأنه إن تزوجها على ذلك فسخ النكاح قبل الدخول، وصح بعده ويسقط الشرط وليس المراد ولدها من غيره لأن شرط ذلك لازم إذا كان للولد حاضن غيرها كما ذكره الشيخ خليلي في مختصره. الثاني: إذا خالع الزوج زوجته على إسقاط حضانتها وهي حامل فالظاهر أن ذلك لازم لها كما يأخذ ذلك مما وقع في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم من طلاق السنة ونصه: وسئل مالك عمن صالح امرأته وهي حامل، وشرط عليها أن لا نفقة عليه حتى تضع فإن وضعت حملها أسلمته إلى أبيه فإن طلبته بنفقتها [هي] (¬3) ورضاعه عليها حتى تفطمه فإن لم تستقم له بذلك فهي امرأته قال مالك: الصلح جائز وكل ما شرط عليها جائز إلا ما اشترط أنها ترجع إليه فليست ترجع إليه فقد بانت منه قال ابن رشد هذا كله كما قال لأن ما شرط عليها حق لها فجائز أن يشترطه عليها حاشا الرجعة (¬4). والظاهر أن هذه المسألة ليست من باب اسقاط الحضانة قبل وجوبها لقول ابن رشد أن ذلك حق لها والله تعالى أعلم. الثالث: قال المشذالي في كتاب الشفعة قال المتيطي الذي عليه العمل، وقاله غير واحد أن الأم إذا أسقطت حقها في الحضانة بشرط في عقد المبارأة أن ¬

(¬1) في - م - اختلاف. (¬2) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 110 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 96 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611.

المسألة العاشرة إذا قال شخص لآخر إن قتلتني فقد وهبت لك دمي، أو فقد أبرأتك.

ذلك يرجع إلى الجدة والخالة، [وقاله أبو عمران، وقال غيره من القرويين (¬1) يسقط بذلط حق الجدة والخالة (¬2)] ولا كلام لهما في ذلك. الرابع: إذا قلنا لا يلزمها إسقاط الحضانة قبل وجوبها فلا فرق بين أن تسقط ذلك بعوض أو بغير عوض، وأما إذا أسقطت الحضانة بعد وجوبها فذلك لازم (¬3) لها، وسواء أسقطت ذلك بعوض أو بغير عوض كما تقدم في كلام ابن رشد في النوع الخامس من الباب الثالث. الخامس إذا أعتقت الأمة على ان أسقطت حضانتها فروى عيسى عن ابن القاسم أن ذلك لا يلزمها، وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم، وروى ابن المواز عن ابن القاسم أن ذلك يلزمها. وسيأتي الكلام في ذلك في المسألة الثانية عشر. المسألة العاشرة إذا قال شخص لآخر إن قتلتني فقد وهبت لك دمي، أو فقد أبرأتك. فحكى ابن الحاجب في ذلك قولين قال قال ابن القاسم: وأحسنهما أن يقتل بخلاف عفوه بعد علمه. قال في التوضيح: هذا الذي نسبه المصنف لابن القاسم، وذكر في الجواهر أن أبا زيد رواه عن ابن القاسم هو في العتبية لسحنون ونصها: سئل سحنون عن الرجل يقول يا ليتني أجد من يقتلني، فقال له رجل أشهد على نفسك أنك وهبتني دمك وعفوت عني، وأنا أقتلك، فأشهد علي ذلك وقتله. فقال لي قد اختلف في ذلك أصحابنا والأحسن في ذلك أن يقتل القاتل لأن المقتول عفا عن شيء لم يجب له وإنما يجب لأوليائه، ولا يشبه من قتل فأدرك حياً فقال أشهدكم أني [قد] (¬4) عفوت عنه فقيل له فلو قال أقطع ¬

(¬1) أشهرهم أبو عمران الفاسي، وابن معيشة، وابن الملجوجة. راجع في ذلك جامع القرويين في تاريخ المغرب العربي للدكتور عبد الهادي التازي جـ 2 ص 250 وما بعدها الناشر دار الكتاب اللبناني بيروت. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في - م - واجب. (¬4) ساقطة من - م -.

يدي فقطعه فقال لا شيء عليه لأن هذا ليس بنفس، وإنما هو جرح (¬1). (¬2) أ. هـ. والمسألة في أواخر نوازل سحنون من كتاب الديات قال في البيان: وفيها ثلاثة أقوال أحدها قول سحنون، والثاني أنه لا شيء على القاتل لأن المقتول قد عفى له عن دمه، فسقطت عنه تباعته على القول بجواز إسقاط الحق قبل وجوبه. والثالث أنه لا يقتص منه (¬3) لشبهة عفو المقتول له عن دمه وتكون عليه الدية في ماله، وهذا القول أظهر الأقوال (¬4). أ. هـ [وذكر ابن عرفة] (¬5) الأقوال الثلاثة التي ذكرها ابن رشد ثم قال قلت في النوادر عن ابن زيد عن ابن القاسم مثل [لفظ] (¬6) سحنون، وقال الصقلي في كتاب الجعل والإجارة وروى سحنون عنه من قال لرجل اقتلني ولك ألف درهم (¬7) فقتله لا قود عليه، ويضرب مائة ويحبس عاماً، ولا جعل له وقال يحيى بن عمر للأولياء قتله وعلله بما تقدم قال ولو قال اقتل عبدي ولك كذا وكذا أو بغير شيء فقتله ضرب مائة وحبس عاماً، وكذلك السيد يضرب ويحبس، واختلف هل يكون له على القاتل قيمة العبد أم لا والصواب أن لا قيمة عليه، كما لو قال احرق ثوبي ففعل فلا غرم عليه. قال ابن عرفة: قلت ما نقله الصقلي عن سحنون خلاف ما تقدم عنه في العتبية ولم يحك ابن رشد عنه خلاف الشيخ. وروى ابن عبدوس (¬8) قال لرجل أقطع يدي أو يد ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 169 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) أنظر الجواهر جـ 2 ورقة 102 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12924. (¬3) في - م - فيه. (¬4) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 169 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬5) ساقطة من - م -. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) في - م - دينار. (¬8) هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن عبدوس بن بشير الإمام المبرز العابد الفقيه الحافظ الزاهد المجاب الدعوة لم يكن في عصره أفقه منه، وهو رابع المحمديين الذين اجتمعوا في عصر واحد من أئمة المذهب ابن سحنون وابن عبد الحكم، وابن المواز. أخذ عن جماعة منهم سحنون وبه تفقه، وتفقه به جماعة منهم القاضي حماسي، وأبو جعفر أحمد بن نصر. ألف كتاباً شريفاً سماه المجموعة على مذهب مالك وأصحابه أعجلته المنية قبل تمامه، وله أيضاً كتاب التفاسير وهي كتب فسر فيها أصول من العلم كتفسير كتاب المرابحة، والمواضعة وكتاب الشفعة، وله أربعة أجزاء في شرح مسائل من كتب المدونة وكتاب الورع، وفضائل أصحاب مالك، ومجالس مالك أربعة أجزاء، وقد يضاف بعض هذه الكتب إلى المجموعة. أقام سبع سنين مدرس لا يخرج من داره إلا إلى الجمعة، ولم يكن في أصحاب سحنون أفقه من ابنه وابن عبدوس. توفي ابن عبدوس سنة ستين ومائتين، وقيل إحدى وستين، وصلى عليه أخوه .. مولده سنة اثنتين ومائتين أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 174، 175 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 70، وترتيب المدارك جـ 4 ص 222 وما بعدها.

عبدي عوقب المأمور إن فعل، ولا غرم عليه في الحر ولا في العبد ابن حبيب عن أصبغ يغرم قيمة العبد لحرمة القتل كما يلزمه دية الحر إذا قتله بإذن وليه (¬1). أ. هـ قلت (¬2): وفي الكلام الأخير سقط ونص ما في التوادر ومن المجموعة [لمالك] (¬3)، ومن قال لرجل إقطع يدي أو يد عبدي أو أفقأ عينيهما عوقب المأمور إن فعل، ولا غرم عليه في الحر، ولا في عبده قال ابن حبيب عن أصبغ من أمر رجلاً بقتل عبده ففعل فإنه يغرم (¬4) قيمته لحرمة القتل كما تلزمه دية الحر إذا قتله بإذن وليه فعفا عنه، ويلزم الآمر والمأمور ضرب مائة وحبس سنة (¬5). أ. هـ من كتاب الديات. تنببيهات الأول: تعليله القول الأول في مسألة إن قتلتني فقد أبرأتك بأنه إسقاط للحق قبل وجوبه لا يتم [ذلك] (¬6) لأنهم ألزموه بالعفو في مسألة قطع اليد، ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 4 ورقة 169 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 11133. (¬2) في - م - تنبيه. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في - م - يلزمه. (¬5) أنظر النوادر والزيادات جـ 6 ورقة 47 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5770. (¬6) ساقطة من - م -.

وفيها أيضاً إسقاط الحق قبل وجوبه ولم أر فيها خلافاً، ويمكن أن يفرق بينهما بأن الحق في مسألة القتل للأولياء فهو إسقاط لحق الغير، بخلاف مسألة قطع اليد فإن الحق له وأما مسألة قتل العبد فقد تقدم الخلاف فيها، وأن الصواب أنه لا قيمة للسيد لشبهها بمسألة قطع اليد، وروعي في القول الأخير حرمة القتل كما تقدم، وقال ابن رشد في سماع سحنون من كتاب الجنايات قول أصبغ إغرامه لحرمة القتل ليس بجيد لأن إغرامه القيمة إنما هو من باب العقوبة بالمال، وإذا عوقب القاتل بغرم مالا يجب عليه فالسيد أحق، ولا يعطى القيمة لجرمه في الأمر بقتل عبده، ولو قال أصبغ إنما أغرمه القيمة لإسقاطها السيد قبل وجوبها له، إذ لا يجب عليه إلا بعد قتل العبد لكان له وجه، لأن لزوم إسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه. أ. هـ. الثاني: قال في النوادر أثر كلامه السابق: قال علي (¬1) عن مالك فيمن أنكح عبده حرة على ألا تبعة لها فيما شجها به إن شجها فلا يجوز هذا، ولها طلب حقها (¬2). أ. هـ. قلت: وهذه المسألة قد يقال أنها معارضة لمسألة قطاع اليد لكن إنما يسري ذلك من ظاهر قول الشيخ خليل في مختصره إن قتلتني فقد أبرأتك، فيتوهم أن مسألة قطع اليد هي أيضاً أن يقول له إن قطعت يدي فقد أبرأتك، وأما (¬3) على ما في العتبية، والنوادر فيمكن أن يفرق بينهما بأنه في مسألة قطع اليد قال ¬

(¬1) هو أبو الحسن علي بن زياد التونسي الفقيه الحافظ الأمين المرجوع إليه في الفتوى الجامع بين العلم والورع، لم يكن في عصره بإفريقيا مثله سمع جماعة منهم الليث، والثوري، ومالك، وعنه روى الموطأ وتفقه عليه. له كتب على مذهب مالك منها كتاب يسمى خير من زنته، وبه تفقه سحنون، وله غير هذا من الكتب التي رواها عن مالك وهي كتاب البيوع، وكتاب النكاح، والطلاق وهو أول من أدخل موطأ مالك لبلاد المغرب، ومنه سمع البهلول بن راشد وأسد بن الفرات وجماعة توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة حيث عاش بعد مالك نحو خمس سنين وقبره بتونس قرب سوق الترك الأن. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 60 وطبقات الفقهاء ص 152. (¬2) أنظر النوادر والزيادات جـ 2 ورقة 47 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5770. (¬3) في - م - أمأ.

المسألة الحادية عشرة إذا عفا المجروح عما يؤل إليه جرحه

قال (¬1) إقطع يدي وإذن له في ذلك وأما في هذه المسألة فلم تأذن المرأة لزوجها في أن يشجها، وإنما أشهدت أنه إن فعل بها ذلك فلا تبعة لها عليه، ولا شك أن هذا أضعف من الأول والله تعالى أعلم. المسألة الحادية عشرة إذا عفا المجروح عما يؤل (¬2) إليه جرحه تقدم في المسألة الثامنة (¬3) في إسقاط المرأة نفقتها قبل وجوبها عن التوضيح أن الخلاف جار في ذلك، والذي في المدونة وغيرها أن ذلك لازم [كما] (¬4) قال في كتاب الديات (¬5) من المدونة، وإن قطع يده عمداً فعفا عنه ثم مات منها فلأوليائه القصاص في النفس بقسامة إن كان عفوه عن اليد لا عن النفس، وللمقتول إن يعفو عن قاتله عمداً، وكذلك في الخطأ إن حمل ذلك الثلث. قال الشيخ أبو الحسن: إن قال عفوت عن اليد فلا أشكال، وإن قال عفوت عن اليد وما ترامى إليه من نفس أو غيره فلا إشكال، وإن قال عفوت فقط (¬6) فهو محمول على انه عفا عما وجبت له في الحال وهو قطع اليد (¬7). أ. هـ وقال في النوادر في أول (¬8) كتاب الديات: ومن المجموعة قال ابن القاسم، وأشهب ومن قطع يد رجل عمداً أو خطأ فعفا عنه ثم مات من القطع، فإن عفا [عن الجرح] (¬9) لا عن النفس ففيه القود من النفس في العمد والدية في الخطأ، وذلك بقسامة قال أشهب ولو قال في عفوه عفوت عن الجرح ¬

(¬1) عبارة - م - قال له إقطع يدي فأذن له. (¬2) ثم آل هكذا في - م -. (¬3) في - م - الثانية وهو تصحيف. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) أنظر المدونة جـ 16 ص 234. (¬6) أي اليد فقط. (¬7) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 363 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬8) في - م - أوائل. (¬9) ساقطة من الأصل.

وما ترامى إليه، أو عن كل ما ترامى إليه فذلك لازم، ولا قود فيه ولا دية إذا خرجت الدية من ثلثه، وقال بعده في الجزء الثالث من الديات (¬1)، ومن كتاب ابن المواز وإذا عفا المجروح عن جرحه العمد ثم ترامى فيه فمات فلأوليائه أن يقسموا أو يقتلوا، لأنه لم يعف عن النفس قال أشهب إلا أن يقول عفوت عن الجرح وما (¬2) ترامى إليه فيكون عفواً عن النفس (¬3). أ. هـ وقال قبله ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز. قال ابن القاسم، وابن وهب: وغيره عن مالك في المقتول يعفو عن قاتله عمداً في وصيته فذلك له دون أوليائه. قال عنه ابن نافع: إلا في قتل الغيلة. قال في كتاب ابن المواز: ويجوز عفو المقتول عن دمه العمد وإن كره ذلك وليه، وكذلك لا قول لغرمائه، وإن أحاط الدين بماله (¬4) ولم يحكوا في ذلك خلافاً، وقال القرافي في الفرق الثالث والثلاثين القصاص له سبب وهو إنفاذ المقاتل، وشرط وهو زهوق الروح فإن عفا عن القصاص قبلهما لم يعتبر عفوه، وبعدهما متعذر لعدم الحياة المانع من التصرف فلم يبق إلا بينهما فينفذ إجماعاً فيما علمت (¬5). أ. هـ قلت: ولم أقف على القول الثاني بعدم اللزوم إلا ما حكاه في التوضيح كما تقدم. نعم وقع الخلاف فيما إذا صالح عن الجرح وما ترامى إليه، وكان الجرح من جراح العمد التي فيها القصاص فظاهر المدونة الجواز، ونص عليه ابن حبيب في الواضحة ونص ابن القاسم في العتبية على المنع قال في البيان: والجواز أظهر لأنه إذا كان للمقتول أن يعفو عن دمه قبل موته جاز أن يصالح عنه بما شاء، وأما (¬6) جراح العمد التي لا قصاص فيها فلا يجوز [فيها] (¬7) ¬

(¬1) في - م - الكتاب. (¬2) في - م - وعن ما. (¬3) أنظر النوادر والزيادات جـ 6 ورقة 47 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5770. (¬4) نفس المصدر السابق ونفس الجزء ورقة 46 ظهر. (¬5) أنظر الفروق للقرافي جـ 1 ص 198. (¬6) في - م - أما. (¬7) ساقطة من - م -.

الصلح على ذلك. قال في البيان: لا أعلم فيها نص خلاف. قال في رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب الديات ونقله في التوضيح في آخر كتاب الجراح قبل الكلام عن الديات بيسير (¬1) ويأخذ من كلامه إن عفوه لازم بلا خلاف لإحتجاجه به. تنبيهات الأول كلام القرافي يقتضي أن العفو إنما يلزم إذا وقع بعد إنفاذ المقاتل، ولم أر ذلك في كلام غيره بل كلام المدونة والنوادر المتقدم يدل على أن ذلك ليس بشرط، لأن فرض المسألة فيها فيمن قطعت يده، وقطع اليد ليس من المقاتل، وكذلك قوله في النوادر، وإذا عفا المجروح عن جرحه ظاهره سواء أنفذ المقاتل أو لم ينفذ، وكذلك عبارة غيرهما من كتب المذهب بل عبارة القرافي في الذخيرة كعبارة النوادر. الثاني: لو عفا [عن] (¬2) قاتله على الدية لزم ورثته كما يفهم من كلام ابن القاسم في رسم أول (¬3) من سماع أصبغ من كتاب الوصايا. الثالث: عكس هذه المسألة إذا أوصى أن لا يعفى عن قاتله، وأن يقتل فهل للورثة أن يخالفوه ويعفوا، ويأخذوا الدية. قال الشيخ أبو الحسن: توقف في ذلك أبو عمران. وقال اللخمي قال أصبغ في كتاب ابن حبيب أن ثبت القتل ببينة لم يكن للأولياء أن يعفوا، وإن ثبت بقسامة منهم كان لهم العفو لإمكان أن يكون عفوهم لشبهة دخلت عليهم في أيمانهم (¬4) قلت: المسألة منصوصة في النوادر ذكر فيها قولين. قال أشهب فيمن قال ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 169 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) هنا بياض بالأصل، وكذلك - م -، ولعل كلمة أول تفي بالغرض ويكون هناك تقديم وتأخير بحيث يكون سياق العبارة في أول رسم من سماع أصبغ. (¬4) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 363 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099.

المسألة الثانية عشرة إذا أعتق أمته على أن تتزوجه

دمى عند فلان فاقتلوه، ولا تقبلوا منه دية فأراد الورثة أخذ الدية فليس لهم ذلك، وأن أقسموا ثم عفا بعضهم لم يجز عفوه، وإن نكل بعضهم فلا قسامة فيه حتى يقسموا (¬1) جميعاً. ثم قال بعد ذلك عن أصبغ ما ذكره [اللخمي] (¬2) عن أصبغ. الرابع: قال في النوادر عن ابن حبيب قال أصبغ من قتل عمداً فوكل رجلاً فوض إليه أمر دمه، وأقامه فيه مقام نفسه فعفا عن الدم وأبلى الأولياء أو عفواً، وأبي الوكيل فإن ثبت الدم ببينة فالأمر للوكيل في العفو والقتل، وإن استحق بقسامة فالعفو والقتل للأولياء (¬3). قلت: هذا هو الجاري على قول أصبغ السابق، والجاري على قول أشهب أن الأمر فيه للوكيل لأن الوكيل قائم مقامه، وقد ذكر في الفرع السابق أنه لا كلام للأولياء إذا أوصى بالقتل ولو ثبت بقسامة فتأمله والله أعلم. وإقتصر في الذخيرة على قول أصبغ في الفرعين. المسألة الثانية عشرة إذا أعتق أمته على أن تتزوجه لزمه العتق ولا يلزمها النكاح. قال في كتاب العتق الثاني من المدونة: ومن اعتق أمته على أن ينكحها أو تنكح فلاناً فإمتنعت فهي حرة ولا يلزمها النكاح إلا أن تشاء (¬4). قال أبو الحسن قال ابن يونس: إنما قال ذلك لأن الأمة إذا أعتقت سقط إجبار السيد إياها فقد أسقطت بذلك حقها من الخيار قبل ثبوت ذلك الحق بها، فأسقطت الحق قبل وجوبه فلا يصح كالشفيع إذا أسقط حقه من الشفعة قبل ¬

(¬1) أنظر النوادر والزيادات جـ 6 ورقة 47 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5770. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) أنظر النوادر والزيادات جـ 5 ورقة 47 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5770. (¬4) أنظر المدونة جـ 7 ص 60.

بيع الشقص (¬1)، وقوله ولا (¬2) يلزمها النكاح إلا أن تشاء يريد بعقد (¬3) ثان لأن (¬4) العقد الأول فيه خيار (¬5). أ. هـ كلام الشيخ تنبيهات الأول: قال في الوثائق المجموعة ولا يجوز هذا النكاح إلا بعد تمام العتق، وملك المرأة نفسها فإن شرط عليها النكاح قبل العتق ثم نكحها ودخل عليها فسخ وكان [لها] (¬6) الصداق المسمى، وله بعد [ذلك] (¬7) نكاحها إن شاء بعد الإستبراء من النكاح الأول. أ. هـ الثاني: قال الباجي إذا اعتقت الأمة على إن تركت حضانة ولدها فروى [عيسى] (¬8) عن ابن القاسم أنه يرد إليها بخلاف الحرة تصالح الزوج على تسليم الولد إليه لأنه يلزمها، وروى عنه أبو زيد أن الشرط لازم كالحرة (¬9). أ. هـ من كتاب الأقضية. من ترجمة القضاء بالحضانة وما ذكره عن سماع عيسى هو في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب التخيير وفرضها في أم الولد، وذكر ابن رشد القولين لكنه عزاه لسماع أبي زيد مثل سماع عيسى واستظهره، وعزا القول الثاني لرواية ابن المواز عن ابن القاسم، ثم ذكر المسألة أيضاً في سماع أبي زيد من كتاب العتق وفيه أن الولد يرد إليها مثلما في سماع ¬

(¬1) الشقص بالكسر السهم قال ابن دريد يقال لي في هذا المال شقص أي سهم، ومنه الحديث من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه في ماله، فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعى غير مشقوق عليه، والشقص أيضاً النصيب من الشيء قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في باب الشفعة فإن اشترى شقصاً من دارك أراد بالشقص نصيباً معلوماً غير مفروز. أنظر تاج العروس جـ 4 ص 403. (¬2) في - م - لا. (¬3) في - م - بعد عقد ثاني. (¬4) في - م - فإن. (¬5) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 3 ورقة 216 وجه وظهر رقم المخطوط 12098 تونس. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) ساقطة من - م -. (¬9) أنظر المنتقى جـ 6 ص 19 وما بعدها.

عيسى، وأعاد ابن رشد ذكر القولين وتوجيههما (¬1) بأنهما مبنيان على أنه هل وقع الإسقاط مقدماً على العتق أو بعده. قال والأظهر من جهة القياس أن ذلك لا يلزمها لأنهما وقعا معاً فوقع كل واحد قبل كمال صاحبه، وعلى هذا الأصل وقع الإختلاف في الرجل يعتق أمته على أن تتزوجه، والأظهر من جهة المعنى أن ذلك يلزمها لأنها اختارت عتقها على حضانة ولدها، كما اختارت الزوجة نفسها على ذلك فوجب أن يستويا (¬2). أ. هـ فظهر أن القول بعدم اللزوم أرجح لكونه الموافق لمذهب (¬3) المدونة في مسألة اشتراط النكاح. والله أعلم. [قال في المدونة بعد الكلام السابق ما نصه: ابن أبي زيد من كتاب العتق، وقال أن ذلك لا يلزمه كما نص عليها ابن رشد خلاف ما نقله عنه الباجي ثم ذكر ابن رشد في شرحها القولين، واستظهر عدم اللزوم من جهة القياس ثم قال والأظهر من جهة المعنى أن ذلك يلزمها لأنها اختارت عتقها على حضانة ولدها كما اختارت الحرة نفسها على ذلك والله أعلم (¬4).] وكذلك إن قال رجل لرجل لك علي ألف درهم على أن تعتق أمتك وتزوجنيها فأعتقها فهي حرة، ولها ألا تنكحه والألف لازمة للرجل قال أبو الحسن: ظاهره أن الألف لازمة كلها، وقال ابن المواز إلا أن يتبين أنه زاد على قيمتها لموضع النكاح فيرد عليه مازاد على قيمتها وقاله أصبغ واستحسنه. قال الشيخ أبو الحسن وظاهر كلام ابن يونس أنه ساق كلام محمد مساق التفسير، وحمله عبد الحق على الخلاف فقال بعد ذكره كلام محمد، واستحسان أصبغ، ووقف محمد عن قوله فيها استحسان قول أصبغ، ورأى (¬5) أن قول ¬

(¬1) في - م - وترجيحهما وهو تصحيف. (¬2) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 211 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. وكذلك الورقة 13 وجه نفس الجزء. (¬3) أنظر المدونة جـ 4 ص 197 وما بعدها. (¬4) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬5) في - م - وزاد.

مالك أصوب، وأن ذلك المال في الحرية قليلاً كان أو كثيراً ولا يدخل الإستثناء في شيء من الثمن (¬1). أ. هـ كلام الشيخ أبو الحسن. قلت: زاد عبد الحق في النكت بعد قوله ولا يدخل الإستثناء في شيء من الثمن ما نصه: مثلما لو قال [له] (¬2) رجل أعتقها ولك علي ثلاثون دينار أدفعها إليك، واستثنى لي عليها خدمة عشر سنين فأعتقها على ذلك لم يكن عليها من الخدمة شيء، ولا يرجع على السيد بما دفع عن الخدمة بشيء ألا ترى أن من اشترى نخلاً وفيها ثمر قد أبر قبل أن يطيب بمائة دينار فطاب عنده، فأصابته جائحة انه ليس على البائع في ذلك جائحة، وإن كان ثمن أصل النخل قليلاً أربعين ديناراً أو أقل فأتمه مائة دينار للثمرة لم ينظر في شيء من الثمرة، ولم يحكم فيهبجائحة لأن الثمن كله إنما يقع للأصل، والثمرة تبع. أ. هـ قلت: وحمل اللخمي ما في كتاب محمد على الخلاف، وجعل في المسألة ثلاثة أقوال ونصه: إذا قال أعتق جاريتك وزوجنيها، ولك علي ألف درهم ففعل، وأبت الجارية أن تتزوجه، فقال مالك الألف لازمة للرجل وللأمة ألا تتزوجه، وقيل للسيد من الألف قيمة الأمة، وقال أصبغ تفيض [الألف] (¬3) على قيمة الأمة، وصداق المثل فيكون للسيد ما قابل الأمة، والقول الأول أحسن لأن قوله لك ألف يقتضي أن تكون الألف للسيد فإن رضيت الأمة بالنكاح كان لها صداقها غير ما أخذ السيد إلا ان يكون القابل يجهل، ويظن أن الصداق يكون للسيد فتفيض الألف على قيمة الرقبة، وصداق المثل، وينظر إلى قيمتها إذا بيعت بشرط، وليس قيمتها إذا بيعت على البائع للملك (¬4)، ولو قال أعتقها وزوجنيها علي الألف لفظت الألف على حساب ما تقدم، وذلك بخلاف قوله ولك ألف درهم. أ. هـ بلفظه. وما قاله اللخمي ظاهر والله أعلم. ¬

(¬1) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 3 ورقة 216 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12098. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في - م - للمالك.

المسألة الثالثة عشرة من أسقط يمينا قبل وجوبها

المسألة الثالثة عشرة من أسقط يميناً قبل وجوبها كما إذا اشترط المسلف على المتسلف أنه مصدق دون يمين إذا ادعى أنه قضاه، وقد تقدم الكلام على ذلك في الباب الأول. المسألة الرابعة عشرة من أسقط حقه على (¬1) القيام بالعيب قبل أن يعلم به لا يلزمه قال ابن سلمون في أول البيوع: وإن إلتزم أن لا يقوم بعيب فلا يلزمه ذلك وله القيام إذا وجد عيباً إلا أن يسمى له كما تقدم (¬2). أ. هـ وسنذكر هذه المسألة في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى. المسألة الخامسة عشرة إذا أخر صاحب الدين الضامن بعد حلول الحق فهو تأخير للغريب كما تقدم في المسألة السابعة في كلام ابن عرفة عن المدونة في كتاب الحمالة. المسألة السادسة عشرة من أسقط القيام بالجائحة بعد عقد البيع، وقبل حصول الجائحة لم يلزمه ذلك (¬3). قاله في المقدمات في الكلام على الشروط في البيع من كتاب البيوع الفاسدة، وسيأتي لفظه إن شاء الله تعالى في الفصل الثاني. المسألة السابعة عشرة إذا أسقط العهدة قبل عقد البيع إذا كانت العادة جارية بها فقيل يوفى بذلك، وقيل لا يوفى. وسيأتي هذه المسألة في الفصل الثاني [أيضاً] (¬4). ¬

(¬1) في - م - من. (¬2) أنظر كتاب العقد المنظم ااحكام ... على هامش كتاب تبصرة الحكام جـ 1 ص 163. (¬3) أنظر المقدمات جـ 2 ص 544. (¬4) ساقطة من - م -.

تنبيهات الأول نظم بعضهم [غالب] (¬1) هذه المسائل [المذكورة] (¬2) فقال: وإسقاط حق المرأة قبل وجوبه ... حكى فيه خلفا أهل مذهب مالك ويجرى على هذا الخلاف مسائل ... يحققها أهل النهى والمدارك شريك سخى طوعاً بإسقاط شفعة ... وذلك منه قبل بيع المشارك وتارك إرث مجيز وصية ... بصحة موروث له غير هالك كذلك من أمضى وصية منفق ... عليه مريض قد غدا في المهالك وراضية بالهجر ليلة وصلها ... ومن بعد أمسى سنها غير ضاحك ومختارة من قبل عتق لنفسها ... تروم فكاكاً من فتى متماسك وتاركة للشرط من قبل عقدها ... تشكت بحال بعد ذلك حالك ومسقط حق للحضانة لم يجب ... كذا حكمه فاحذر مقالة أفك وعاف صحيح قبل قتل يناله ... تجاوز عن جان عليه وفاتك وقد كملت تسعاً واحكم نظمها ... فجاء بحمد الله سهل المالك (¬3) على أنني أن ألف بعد زيادة ... فلست لها يا صاح يوماً بتارك [وذكر بعضهم فيها هذا البيت: على أن مشهور المسائل كلها ... سقوط لزوم فاعتمد قول مالك (¬4)] ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - المدارك. (¬4) هذا الإستدراك بهامش الأصل غير موجود في - م -.

ونسب الشيخ شمس الدين التاتائي (¬1) في شرح الإرشاد هذه الأبيات [للعلامة] (¬2) الدماميني (¬3) وزاد (¬4) بعدها ثلاثة أبيات فقال: ومسقطة الأنفاق قبل وجوبه ... ومنكحة التفويض يا خير ناسك إذا أبرأت من قبل فرض لها ومن ... عفا من مآل الجرح عند (¬5) المهالك وربة شرط واحد أو معدد ... إذا أبرأت قبل الوقوع لماسك الثاني: هذا الخلاف في إسقاط الحق قبل وجوبه، وليس لأحد أن يأخذ الحق قبل وجوبه بلا خوف. قال في الرسم الأول من سماع أشهب من ¬

(¬1) هو شمس الدين محمد بن إبراهيم التاتائي المالكي العلامة قاضي القضاة بالديار المصرية كان ممن جمع بين العلم والعمل. حفظ القرآن الكريم، والمنهج في الفقه لشيخه شيخ الإسلام القاضي زكريا، وجمع الجوامع لابن السبكي، وألفية ابن مالك، وأخذ الفقه بدمشق عن شيخ الإسلام تقي الدين بن القاضي عجلون، وبالقاهرة عن القاضي زكريا والبرهان بن أبي شريف، وأخذ الحديث بدمشق عن الحافظ برهان الدين الناجي، وبمصر عن المحدث التق الأوجاقي وغيره. من تصانيفه فتح الخليل في شرح مختصر خليل في فروع الفقه المالكي، والبهجة السنية في حل الإشارات السنية، وشرح ابن الحاجب الفرعي، وشرح الإرشاد لابن عسكر وخطط السداد والرشد في شرح نظم مقدمة ابن رشد وحاشية على شرح المحلي على جمع الجوامع وله شرح عظيم على الرسالة وعدة تصانيف مشهورة. ولد في ثامن عشر جماد الأولى سنة خمس وتسعين وثمانمائة وتوفي سنة 1440 وقيل سنة 942 هجرية. أنظر ترجمته في الأعلام جـ 8 ص 194 وشذرات الذهب جـ 8 ص 224 وما بعدها. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬3) هو بدر الدين محمد بن أبي بكر الدماميني القرشي الإسكندري العمدة المتفنن في العلوم والمعارف الفهامة الأديب النحوي العارف بالشروط أخذ من أعلام منهم ابن خلدون، وابن عرفة وعنه جماعة منهم الزين عبادة ورافقه إلى اليمن وعبد القادر المكي، وغيرهما. له حاشية على مغنى اللبيب سماها تحفة الغريب ولما دخل الهند رجع عنها، وألف هناك التحفة البدرية والمزج على المغنى لم يكمل وشرح التسهيل وشرح البخاري، ومجلد في الإعراب مولده سنة ثلاث وستين وسبع مائة ومات قتيلاً بالهند سنة سبع وعشرين وثمانمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 240، 241. (¬4) هذه الأبيات للشيخ التاتائي. (¬5) في - م - قبل.

[كتاب] (¬1) طلاق السنة في الذي يقول إن طلقت امرأتي يوماً من الدهر فقد ارتجعتها ثم طلقها قال لا أرى ذلك من قوله حتى يرتجعها بعد الطلاق. قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأن الرجعة لا تكون إلا بنية بعد الطلاق لقوله تعالى (لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) (¬2) والفرق من جهة المعنى بين الطلاق قبل النكاح والرجعة قبل الطلاق أن الطلاق حق على الرجل والرجعة حق له فالحق الذي عليه يلزمه متى (¬3) إلتزمه، والحق الذي له ليس له أن يأخذه قبل أن يجب له ولا اختلاف في أنه ليس لأحد أن يأخذ حقاً قبل أن يجب، وإنما اختلفوا في اسقاطه قبل وجوبه كالشفعة له أن يسقطها قبل وجوبها على اختلاف، وليس له أن يأخذها قبل وجوبها بإتفاق (¬4). أ. هـ وقد تقدم الخلاف في الأمة إذا اختارت نفسها لتقدير عتقها وفي (¬5) اختيارذات الشرط نفسها بتقدير فعل زوجها ذلك الشرط إلا أن يقال هذا كله من إسقاط الحق بتقدير فعل زوجها ذلك الشرط إلا أن يقال هذا كله من إسقاط الحق قبل وجوبه لأن الحق الواجب لهما الخيار بعد [حصول] (¬6) العتق والشرط، وبإلتزام أحد الأمرين يسقط الخيار فتأمله. تنبيه ذكر في التوضيح عن سحنون فيمن قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) قال الله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة، واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً). سورة الطلاق الآية رقم 1. (¬3) في - م - من حين إلتزامه. (¬4) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 101 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10611. (¬5) في - م - اختيار. (¬6) ساقطة من - م -.

طالق، ثم أراد سفراً وخاف أن تحنثه في غيبته فأشهد إن دخلت الدار فقد إرتجعتها أنه لا ينتفع بذلك، ولا تكون [له] (¬1) رجعة (¬2). أ. هـ ومشى على ذلك في مختصره فقال: ولا إن قال من يغيب إن دخلت فقد ارتجعتها. والله أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 23 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

الفصل الثاني في الشروط المنافية لمقتضى العقد

((الفصل الثاني)) في الشروط المنافية (¬1) لمقتضى العقد وفيه مسائل: المسألة الأولى في الشروط المتعلقة بالنكاح والشروط في النكاح على ثلاثة أقسام: القسم الأول ما يقتضيه العقد كشرطه أن ينفق على الزوجة، أو يكسوها، أو يبيت عندها، أو يقسم لها أو لا يؤثر عليها، أو لا يضر بها في نفقة ولا كسوة، ولا في عشرة، وذلك جائز لا يوقع ذكره في العقد خالاً ولا يكره اشتراطه ويحكم به سواء شرط أو ترك فوجوده وعدمه سواء. القسم الثاني ما يكون مناقضاً لمقتضى العقد كشرطه على المرأة ألا يقسم لها، أو أن يؤثر عليها، أو ألا ينفق عليها، أو لا يكسوها، أو لا يعطيها ولدها، أو لا يأتيها إلا ليلاً، أو لا يطأها نهاراً، أو لا أرث بينهما، أو على أن أحد الزوجين بالخيار، أو على أن الخيار لغيرهما، أو على أنه إن لم يأت بالصداق [إلى أجل (¬2)] كذا فلا نكاح بينهما، أو على أن ¬

(¬1) في - م - المناقضة. (¬2) ساقطة من الأصل.

أمرها بيدها متى شاءت، أو على أن الطلاق بيد غير الزوج فهذا [القسم] (¬1) لا يجوز اشتراطه في عقد النكاح ويفسد به النكاح أن شرطه فيه. ثم اختلف في ذلك فقيل يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده، وقيل يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده، ويسقط الشرط، وهذا هو المشهور، وقيل إن أسقط مشترط الشرط شرطه صح النكاح، وإن تمسك به فسد (¬2). تنبيه من هذا القسم ما يقتضي الفسخ مطلقاً قبل البناء وبعده. قال في كتاب النكاح الثاني من المدونة: من زوج أمته، وشرط أن ما ولدت فهو حر لم يقر [على] (¬3) هذا النكاح، ويكون لها إن دخل بها المسمى (¬4) قال ابن يونس: قال بعض الفقهاء وقيل لها صداق المثل وهو أبين لأن الصداق وقع للبضع (¬5)، ولحرية الولد وما يخص كل [واحد] (¬6) من ذلك جهول فوجب لذلك صداق المثل. قال ابن يونس: ووجه القول الأول: أن الصداق إنما وقع للبضع المتبين (¬7)، والولد قد يكون وقد لا يكون. قال ابن المواز عن مالك: [إن] (¬8) نكاحها يفسخ قبل البناء وبعده سواء زوجها من حر أو عبد له أو لغيره، ويكون الولد حراً وولائه لسيد الأمة الذي أعتقه (¬9) أ. هـ. ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) في - م - فسخ. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) أنظر المدونة جـ 4 ص 197 وما بعدها. (¬5) البضع بالضم الجماع، وفي الصحاح البضع بالضم النكاح، وفي الحديث البضع يزيد في السمع والبصر أي الجماع، وقيل البضع المهر أي مهر المرأة. أنظر تاج العروس جـ 5 ص 276. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) في - م - المتيقن. (¬8) ساقطة من - م -. (¬9) أنظر جامع ابن يونس جـ 2 ورقة 100 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12924.

فرع

ونقل ابن عرفة المسألة بلفظ: وفي ثاني نكاحها من زوج أمته على أن ما ولدته حر لا يقر نكاحها بحال، ولو دخل ولها المسمى. ثم قال وقول ابن عبد السلام لم ينص على فسخه (¬1) في المدونة بعد البناء إنما قال فيها لا يقر هذا النكاح يرد لسابق نصها، ولعله اغتر بلفظ أبي سعيد (¬2) المنتقد بترك أمرهم، وقال ابن رشد لا خلاف في فسخه أبداً إلا أن يدخله الخلاف (¬3). أ. هـ قلت: يعني أن الخلاف يدخله تخريجاً من الخلاف في (¬4) النكاح المقترن بشرط لا يخل، وما ذكره ابن عرفة هو نص الأم قبل ترجمة نكاح التفويض، وهذا الموضع لم ينبه عليه عبد الحق في التعقيب على التهذيب. والله أعلم. فرع ثم قال ابن عرفة واللخمي روى محمد من زوج أمته على أن ولدها أحراراً فسخ نكاحه ولو بنى، وولده أحراراً وولائهم لسيدهم، ولا قيمة على أبيهم فيهم. محمد: إن باعها بعد ذلك وهي غير حامل فولدها رقيق، وكذلك إن لم يبعها، وفسخ الشرط، أو تفاسخا، أو رجعا فيه قبل حملها لأنه رضا بفاسد رد قبل وقوعه (¬5). أ. هـ قلت: ظاهر كلام ابن عرفة أن هذا جميعه لمحمد، والذي نقله اللخمي ¬

(¬1) عبارة - م - في المدونة على فسخه. (¬2) هو أبو سعيد أحمد بن زيد القزويني الفقيه الإمام العالم المحقق الأصولي تفقه بأبي بكر الأبهري وهو من كبار أصحابه، وأبي بكر بن عليوة وغيرهما وسمع من أبي زيد المروزي. قال الشيرازي صنف في المذهب والخلاف وكان زاهداً عالماً بالحديث، وله كتاب المعتمد في الخلاف نحو مائة جزء وهو من أهدب كتب المالكية، وله كتاب الإلحاف في مسائل الخلاف. يقول صاحب شجرة النور الزكية لم أقف على سنة وفاته وذكر غيره أنه توفي في نيف وتسعين وثلاثمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 103، والديباج جـ 2 ص 162، 163. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 5 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) في - م - من. (¬5) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 5 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

فرع

عن محمد إنما هو قوله إن باعها السيد بعد ذلك، وهي غير حامل كان ما ولدت عند المشتري رقيقاً، وهو المنقول عنه في النوادر (¬1)، ثم قال اللخمي بعده وكذلك [أرى] (¬2) إن لم يبعها ... إلخ. [وفسخ الشرط أو تفاسخاه أو رجع السيد فيه، وكل ذلك قبل أن تحمل فإنه رقيق لأنه رضا بفاسد رد قبل وقوعه فلم يلزم. فقوله فكذلك إن لم يبعها (¬3)] إنما هو من كلام اللخمي وهو ظاهر إن كان مراده أنهما تفاسخا النكاح وأما إن كان مراده أن السيد فسخ الشرط ورجع عنه مع بقاء الزوجين على النكاح كما يظهر من [آخر] (¬4) كلامه ففيه نظر فتأمله، وعلى تقدير أن ذلك له فلا يؤخذ منه أن للسيد الرجوع عن ذلك فيما إذا تبرع بذلك لأمته، ولم يشترط عليه في نكاحها كما نبهت على ذلك في الباب الأول لأنه علل ذلك (¬5) بأن الشرط فاسد. أ. هـ. فرع قال اللخمي وإن استحقت الأمة أخذها المستحق وجميع ولدها، ورد عتق ما كانت ولدت قبل رد السيد لأن العتق من السيد ليس من الأب الواطئ، فإن استحق الولد كان للمستحق أن يرد العتق. أ. هـ فرع فإن زوجها على أن أول ولد تلده حر. فقال ابن القاسم في رسم الجواب من سماع عيسى: وفي رسم الكبش (¬6) من سماع يحيى من كتاب النكاح أنه يفسخ النكاح أيضاً أبداً على كل حال، وإن طال، وقال ابن الماجشون في الواضحة: أنه يفسخ قبل البناء وبعده ما لم تلد أول ولد، فإن لم يفسخ حتى ولدت كان حراً وثبت النكاح لأن الشرط قد ذهب. قال ابن رشد في الجواب ¬

(¬1) أنظر النوادر والزيادات على المدونة جـ 2 ورقة 229 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12372. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) عبارة - م - بذلك لأن. (¬6) الكبس بالسين هكذا صححت بهامش - م، والصحيح أنها بالشين وليس العكس.

فرع

المذكور: وقوله يأتي على رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة في نكاح المريض والمريضة أنهما إذا صحا قبل الفسخ ثبتا على نكاحهما (¬1). أ. هـ وحكمهما كما تقدم فيجوز عند ابن القاسم ولسيدها أن يبيعها، وأن (¬2) يصدقها ما لم تحمل بأول ولد، ويكون الولد رقيقاً بعد ذلك، وأما إن حملت فلا يجوز له ذلك إلا أن يرهقه دين فتباع عليه في دينه وقيل لإتباع في الدين، وقد أطال ابن رشد الكلام في ذلك، وفي جواز قسمتها إذا مات سيدها وهي حامل، وفي الكلام على ما إذا باعها سيدها وهي حامل، أو أصدقها لزوجته فراجع ذلك إن أردته (¬3) في الجواب المذكور. فرع إذا زوج (¬4) أمته عبد غيره على أن ما تلده الأمة بين السيدين. فروى محمد عن مالك أن النكاح يفسد (¬5). قبل البناء وبعده، ويكون الولد لسيد الأمة وحكى أبو الفرج أن الولد بينهما نقله ابن عرفة وغيره، قالوا ويجب لها بالدخول مهر المثل. قال بعض القرويين: إن زاد مهر المثل على المسمى فعلى رواية محمد يسقط الزائد، وعلى رواية (¬6) أبي الفرج لا يسقط لحصول غرض الزوج (¬7). أ. هـ والله تعالى أعلم. القسم الثالث ما لا (¬8) يقتضيه العقد ولا ينافيه وللزوجة فيه غرض كشرطه ألا يتزوج عليها، وألا (¬9) يتضرر، وألا يخرجها من بلدها أو من ¬

(¬1) أنظر البيان والتحصيل جـ 2 ورقة 54 ظهر، 58، 59 وجه ط 10611. (¬2) في - م - بإسقاط أن. (¬3) في - م - أن أردت. (¬4) في - م - إن تزوجت. (¬5) في - م - يفسخ. (¬6) في - م - قول. (¬7) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 6 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬8) في - م - بإسقاط لا. (¬9) في - م - أو لا.

بيتها، وألا يغيب عنها فهذا النوع لا يفسد به النكاح ولا يقتضي فسخه (¬1) لا قبل الدخول ولا بعده، فإن شرط الزوج شيئاً من ذلك في العقد، أو بعدهفلا يخلو إما أن يعلقه (¬2) بطلاق أو عتق، أو تمليك أو لا. فإن علقه بطلاق، أو عتق، أو تمليك لزمه ذلك كقوله إن تزوجت عليها فهي طالق، أو فالزوجة طالق، أو فأمرها بيدها، أو بيد أبيها، أو غيره، [أو أمر الداخلة بيد الزوجة الأولى، أو بيد أبيها (¬3)] أو إن (¬4) تسريت فالسرية حرة، أو نحو ذلك، وسواء كانت أسقطت من صداقها لذلك شيئاً أو لم تسقط، وسواء شرطت ذلك في عقد النكاح أو تطوع به الزوج فإن فعل شيئاً من ذلك لزمه ما شرط ولا ترجع عليه بما أسقطته من صداقها لذلك لأن مقصودها قد حصل كما لو قالت [له] (¬5) أسقطت عنك مائة من صداقي على أنك إن تزوجت علي فأنا طالق، أو فالزوجة طالق فإن تزوج عليها لزمه الطلاق، ولا رجوع لها بما أسقطت، واختلف في جواز النكاح على ذلك ابتداء ففي الموازية [قال] (¬6) لا يحل الشرط ابتداء فإن وقع جاز النكاح ولزم الشرط، وقال ابن القاسم يكره العقد على [ذلك (¬7)] وقال اللخمي أجاز ذلك سحنون ابتداء وزوج غلامه أمته على أنه أن يسرق (¬8) زيتونه كان أمر امرأته بيده، وأنكر ابن بشير على اللخمي وجود هذا القول وقال فعل سحنون (¬9) لا يدل على أن مذهبه الجواز لأنه قد يستخف مثل هذا للضرورة، وأيضاً فإن فعل أحد لا يدل على الجواز إلا من وجبت له العصمة. قال الشيخ خليل في التوضيح: وفيما قاله ابن بشير نظر لأن العلماء لم تزل تستدل على مذهب العلماء بأفعالهم لا سيما مثل سحنون ¬

(¬1) في - م - الفسخ. (¬2) في - م - يعلقها. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في - م - وإن. (¬5) ساقطة من - م. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) في - م - سرق. (¬9) في - م - اللخمي.

الذي هو [من] (¬1) أشد الناس ورعاً، بل فعل أهل الورع أقوى في الجواز من قولهم لأنه قد يفتى لغيره بالجواز ويتورع هو عن فعله وقول ابن بشير إن فعل أحد لا يدل على الجواز أن أراد به (¬2) لا يكون حجة [فصحيح] (¬3) فذلك قوله، وإن أراد أنه لا يدل على أن مذهبه الجواز فممنوع كما ذكرنا (¬4). أ. هـ وهو كلام حسن، وأصله لابن عبد السلام، وقبله ابن عرفة وقال بعده وكذلك تلقى غير واحد من الشيوخ قول اللخمي بالقبول (¬5). أ. هـ يعني قوله عن سحنون، وقال ابن عرفة لما ذكر ابن عبد السلام تعقيب ابن بشير على اللخمي، قال الذي وجدته في التبصرة هو مانصه قال سحنون فيمن زوج أمته (¬6) عبده ... إلخ. وإذا كان هكذا فهو فتوى بالجواز، ودعوى أن ذلك للضرورة لا يلتفت إليها إلا بدليل. قال ابن عرفة: الذي وجدته في التبصرة في غير نسخو واحدة منها نسخة عتيقة مشهورة بالصحة أثار المقابلة عليها واضحة ما نصه وأجازه سحنون ابتداء وزوج غلامه أمته ... إلخ وهذا ما ذكره ابن بشير نصاً سواء. أ. هـ كلام ابن عرفة. قلت: وقد رأيت [في] (¬7) نسخة من التبصرة (¬8) فيها مثل ما ذكره ابن ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - أنه. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬5) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 6 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس رقم 12147. تنبيه هذا الجزء المشار إليه يوجد في أوله نقص نحو الكراسة من باب النكاح، ومطلع هذا الجزء شروط الصداق، وللأهمية وجب التنبيه للأخذ بالعلم. (¬6) في - م - عبده أمته والصواب فيمن زوج غلامه أمته. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) وهو تعليق مفيد، وتقييد حسن على كتاب المدونة للعلامة أبو الحسن اللخمي، وهو كتاب كبير جداً اعتنى فيه مؤلفه بتخريج الخلاف في المذهب، واستقراء الأقوال، وربما اتبع نظره فخالف بذلك المذهب فيما ترجح عنده فخرجت اختياراته في كثير منها عن قواعد المذهب وفي قبول مثل ذلك اختلاف عند الأصوليين.

عبد السلام، وإن لم يعلق ذلك بطلاق، ولا عتق، ولا تمليك فالشرط مكروه ولا يلزم، ويستحب له الوفاء بذلك وسواء وضعت لذلك شيئاً من صداقها أم لا، ولا رجوع لها عليه بما وضعته إلا أن تكون شرطت عليه هذه الشروط بعد العقد ووضعت عنه لأجل ذلك بعض صداقها فإنه إن خالف رجعت عليه بما وضعته. قال في كتاب النكاح الأول (¬1) من المدونة: ومن نكح امرأة على ألا يتزوج عليها ولا يتسرر، ولا يخرجها من بلدها جاز النكاح وبطل الشرط، وإن وضعت عنه لذلك من صداقها في العقد لم ترجع به، وبطل الشرط إلا أن يكون عنه طلاق أو عتق، ولو شرطت [عليه] (¬2) هذه الشروط بعد العقد ووضعت لذلك بعض صداقها لزمه ذلك، فإن أتى (¬3) شيئاً من ذلك رجعت عليه بما وضعته، وإن أعطته مالاً على ألا يتزوج عليها فإن فعل [ذلك] (¬4) فهي طالق ثلاثاً فإن تزوج وقع الطلاق، وبانت منه، ولم ترجع [عليه] (¬5) بشيء إذا تم لها شرطها (¬6). أ. هـ تنبيهات الأول: إذا أعطته شيئاً على ألا يتزوج عليها، أو لا يتسرر ثم فعل فلها الرجوع عليه بما أعطته كما ترجع بما أسقطته من صداقها، وإنما ذكر في المدونة إسقاط الصداق لأنه قد يتوهم أن أمره خفيف فنبه بالأخف على الأشد كما أشار إلى ذلك في التوضيح (¬7). أ. هـ الثاني: ظاهر كلامه في المدونة أن العقد على ذلك جائز. قال في التوضيح: وهو ظاهر كلام ابن الحاجب قال ومنعه في السليمانية وكتاب المدنيين ¬

(¬1) الصواب الثاني. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - أبي وهو تصحيف. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) أنظر المدونة جـ 4 ص 48. (¬7) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255.

لأن له أن يوفى وأن لا يوفى فصار ما يعطيه (¬1) تارة ثمناً وتارة سلفاً. قال ووجه الأول أنهما دخلاً على الوفاء بالشرط، وإن خالف بعد ذلك فأمر طارئ (¬2). أ. هـ الثالث: قال في التوضيح: ظاهر كلام ابن الحاجب وكلام غيره أن لها أن ترجع سواء خالف عن قرب أو بعد تحقيقاً للعوضية، وقاله ابن عبد السلام، وأشار ابن عبد السلام إلى أنه ينبغي أن يفرق في ذلك بين القرب والبعد، كما فرقوا إذا أراد طلاقها فوضعت عنه من صداقها، أو سألها الحطيطة فقالت أخاف أن تطلقني فقال لا أفعل فحطت عنه ثم طلقها، أو أعطت زوجها مالاً على أن يطلق ضرتها فطلقها ثم أراد مراجعتها وكما قالوا إذا سئل البائع المشتري الإقالة فقال له المشتري إنما مرادك البيع لغيري لأني اشتريتها برخص فقال (¬3) البائع متى بعتها فهي لك بالثمن الأول، أنه إذا باع عقب الإقالة، أو قريباً منها فللبائع شرطه، وإن باع بعد الطول، أو بحدوث سبب اقتضاه فالبيع ماض (¬4). قلت: كأنه رحمه الله لم يقف على نص في رجوعها عليه إذا تزوج عليها بعد البعد، وقد تقدم في النوع الخامس من الباب الثالث عن اللخمي أنه إذا أعطته مالاً على ألا يتزوج عليها فتزوج عليها أنها ترجع عليه قرب تزويجه أو بعد، وتقدم أيضاً ظاهر المدونة، وظاهر كلام المتيطي، وابن فتحون وغيرهما، وهذا بخلاف (¬5) ما إذا أعطته مالاً على ألا يتزوج عليها فقبل (¬6) ذلك ثم طلقها فيفصل في ذلك بين القرب والبعد كما إذا سألها وضع صداقها فوضعته، ثم طلقها فيفصل فيه أيضاً كما تقدم ببانه في النوع الخامس، وكما ¬

(¬1) في - م - تعطيه وهو الصواب. (¬2) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬3) عبارة - م - فيقول. (¬4) انظر التوضيح جـ 1 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬5) عبارة - م - الخلاف فيما. (¬6) في - م - ففعل وهو تصحيف.

سيأتي في المسألة الثانية في الكلام على الشروط في البيع، ويأتي أيضاً الكلام على مسألة الإقالة وذكر الخلاف فيها، وأن هذا يشبه أن يكون من باب الجعل، وإذا كان كذلك فالمجعول عليه في هذه المسائل عدم الزواج عليها، أو التسرر أو عدم إخراجها من بلدها أو دارها فمتى فعل شيئاً من ذلك لم يحصل المجعول عليه، لأن المتبادر أنها أرادت أنه لا يفعل ذلك مطلقاً مادامت في عصمته، والمجعول عليه في مسألة الطلاق هو ترك الطلاق والمتبادر أن مرادها عدم الطلاق الأن، أو فيما قارب ذلك كما يظهر من كلام اللخمي المتقدم في النوع الخامس من الباب الثالث فتأمله. اللهم إلا أن تدل قرينة في الصورة الأولى على عدم الزواج عليها الان أو قريباً من ذلك، أو تدل قرينة في الصورة الثانية على أرادتها عدم الطلاق مطلقاً فيتساويان، وكلامه في التوضيح المتقدم هنا في مسألة اعطائها على ألا يطلقها فيه إجمال، وقد استوفى (¬1) الكلام عليها في باب الخلع وذكرنا ذلك في النوع الخامس من الباب الثالث. الرابع: ما ذكره في المدونة (¬2) فيما إذا وضعت للشرط شيئاً من صداقها [في العقد هو المشهور، ومثاله إذا تقرر أن صداقها (¬3)] ألف ثم قالت له أنا أسقطت لك مائتين على ألا تتزوج علي، أو لا تتسرر (¬4) أو نحو ذلك فالمشهور أنها لا ترجع عليه بشيء إن خالف، ومقابله رواه أشهب عن مالك أنها ترجع بما وضعت وصوبه ابن يونس، وقيل ترجع بالأقل ما وضعت، أو من تمام صداق المثل (¬5). ذكر هذه الأقوال (¬6) في التوضيح، ووجه الشيخ أبو الحسن ¬

(¬1) في - م - استوفينا. (¬2) أنظر المدونة جـ 4 ص 219 وما بعدها. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) في - م - يتسرر. (¬5) أنظر جامع ابن يونس على المدونة جـ 2 ورقة 115 ظهر، 116 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12942. (¬6) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 155 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255.

المسألة الثانية في الشروط في الخلع

المشهور بأن النكاح مبنى على المكارمة (¬1) يعني فكل ما سقط (¬2) قبل العقد كأنه لا وجود له. فتأمله الخامس: إذا كان لا رجوع لها بما وضعته قبل (¬3) العقد [فمن باب أحرى إذا لم يتعين في العقد (¬4)] ما وضعت، وإنما خففت عنه الصداق لما شرطته كما لو قالت أتزوجك مثلاً بمائة على هذه الشروط، وعلم ان صداق مثلها مائتان فخالف فالمشهور أنها لا ترجع عليه بما خففت، وقيل لها أن ترجع بتمام صداق مثلها. المسألة الثانية في الشروط في الخلع كما إذا خالعها على ان تخرج من المسكن التي هي فيه فإن الخلع يلزمه، وتبين منه ولا تخرج من الممكن لأن خروج المعتدة من مسكنها حرام، والخلع على الحرام لا يلزم كما لو (¬5) خالعها بخمر، أو خنزير فيقع الطلاق بائناً، ولا شيء له في الخمر والخنزير، وبكسر الخمر وبقتل الخنزير سواء كان في يده أو في يدها إلا أن يتخلل الخمر فيكون حلالاً للزوج وكذلك لو خالعها على أن تسلفه، أو على أن تؤخره بدين في ذمته [حالاً] (¬6) لأن ذلك سلف جر نفعاً، وهو حرام فيلزمه الطلاق بائناً، ولا يلزمها أن تسلفه، ولا أن تؤخره، وكذلك إذا خالعها على أن يعجل لها (¬7) ما لا يجب قبوله من السلف لأنه من باب حط الضمان وأزيدك، وأما إن خالعها على أنه لا سكنى لها فإن أراد إلزامها كراء ¬

(¬1) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 2 ورقة 116 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12097. (¬2) في - م - أسقط. (¬3) في - م - في. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) في - م - إذا. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في - م - له.

فرع

المسكن وهو لغيره أو له، وسمى الكراء لزمها ذلك، وإن أراد على أن تخرج من مسكنه تم الخلع ولا تخرج، ولا كراء له عليها (¬1). قاله في كتاب إرخاء الستور من المدونة. قال اللخمي أرى عليها الأقل من كراء المسكن، أو ما كانت تكتري به إلا أن يكون انتقالها لمسكن لها أو لأبيها [ولا كراء له] (¬2) وهو خلاف المشهور ومذهب المدونة، [وتقدم الكلام] (¬3) في الباب الأول على ما إذا خالعها على [أن عليها] (¬4) نفقة نفسه، أو نفقة غيره، أو نفقة ولدها الصغير أكثر من حولين، ومن ذلك أيضاً ما ذكره في كتاب إرخاء الستور من المدونة ونصه: وإن (¬5) أعطته شيئاً على أن (¬6) يطلق ويشترط الرجعة، أو خالعها وشرط أنها إن طلبت منه شيئاً عادت زوجة، أو شرط رجعتها فشرطه باطل، والخلع يلزمه ولا رجعة له إلا بنكاح مبتدأ. قال ابن يونس: لأن شرطه لا يحل سنة الخلع قاله مالك (¬7). أ. هـ فرع ومن ذلك أيضاً ما وقع في سماع عيسى من كتاب ترجمته فيمن خالع امرأته على أن تخرج لبلد غير بلده أخذ منها على ذلك شيئاً أم لا، فأبت أن تخرج فهي على خلعها، ولا تجبر على الخروج. قال ابن رشد: لأن الخلع عقد يشبه عقد البيع تملك المرأة به نفسها كملكها زوجها بالنكاح، فوجب ألا يلزم الشرط فيه بالخروج من البلد، والإقامة فيه أو ترك النكاح وشبهه من تحجير النكاح كما هو كذلك. أ. هـ ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 5 ص 26 وما بعدها. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) ساقطةمن - م -. (¬4) ساقطةمن - م -. (¬5) في - م - إذا. (¬6) في - م - أنه. (¬7) أنظر المدونة حـ 5 ص 342.

المسألة الثالثة في الشروط المتعلقة بالبيع

المسألة الثالثة في الشروط المتعلقة بالبيع وقد جعلها ابن رشد في كتاب البيوع (¬1) الفاسدة من المقدمات على أربعة أقسام. القسم الأول من أقسام الشروط المتعلقة بالبيع: شرط ما يقتضيه العقد كتسليم المبيع، والقيام بالعيب، ورد العوض عند انتقاض البيع أو ما لا يقتضيه ولا ينافيه لكونه (¬2) لا يؤل إلى غرر، وفساد في الثمن والمثمون (¬3) ولا إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع، وفيه مصلحة لأحد المتبايعين كالأجل، والخيار، والرهن، والحميل، وبيع الدار واستثناء سكناها أشهراً معلومة أو سنة، وكبيع الدابة واستثناء ركوبها ثلاثة أيام أو نحو ذلك، أو إلى مكان قريب. فهذا القسم من الشروط صحيح لازم به مع الشرط، ولا يقضى [به] (¬4) بدون شرط إلا ما كان [مما] (¬5) يقتضيه العقد فإنه يقضى به ولو لم يشترط، ويتأكد مع الشرط فرع (¬6) قال البرزلي في مسائل الضرر عن ابن رشد: فيمن له داران باع إحداهما وشرط على المشتري ألا يرفع على الحائط الفاصل بين الدارين شيئاً مخافة أن يظلم عليه داره، ويمنعه من دخول الشمس فيها فإلتزمه أن البيع جائز والشرط لازم (¬7). أ. هـ ¬

(¬1) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 542 وما بعدها. (¬2) في - م - ككونه. (¬3) في - م - أو المثمون. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) هذا الفرع بالكامل ساقط من - م -. (¬7) أنظر نوازل البرزلي جـ 3 ورقة 138 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12794.

وانظر كلام ابن سهل فإنه ذكر في ذلك خلافاً (¬1)، وذكرها المتيطي قبل باب بيع الأرض بزرعها (¬2). فرع ومن ذلك بيع الجارية، واشتراط رضاع ولدها، ونفقته على المشتري سنة على أنه إن مات الولد أرضع له آخره وإن ماتت الجارية جاء المشتري بأخرى توضع الولد. قال ابن رشد: في شرح المسألة السادسة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع إن وقع البيع على الشرطين إن ماتت أتوا بأخرى، وإن مات الرضيع أرضعوا له آخر، وأرادوا بقولهم إن ماتت أتوا بأخرى كون الرضاع مضمون على المشتري جاز البيع اتفاقاً، وإن أرادوا بذلك كون الرضاع في عين الأمة ما لم تمت وإن ماتت أتوا بخلفها (¬3) لم يجز كما لو شرطوا أن الرضاع يبطل بموتها، أو يرجع عليه البائع بقدره لأنه إن كان في عين الأمة دخله التحجير على المشتري في الأمة إذ لا يجوز التصرف فيها بما يجوز لذي الملك في ملكه من أجل الشرط وإن شرطوه في عين الصبي ومضموناً على المشتري دخله الغرر ¬

(¬1) للفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الأول لابن دحون، وأبو علي المسيلي البيع جائز والشرط ساقط، وله أقامتها زاد المسيلي ويمنع من الضرر. الثاني أبو المطرف عبد الرحمن أن البيع جائز والشرط جائز، ويقضى على المبتاع. والثالث قال أبو عبد الله بن عتاب العقود المنعقدة في البيوع بالشروط في مذهبنا تنقسم إلى أربعة أقسام قسم منها يصح فيها البيع والشرط، وقسم ثاني يصح البيع فيه ويبطل الشرط، وقسم ثالث يبطل البيع فيه والشرط ويغلبان على فسخه، وأن هذه المسألة ليست من هذه الأقسام الثلاثة ولا من بابها، وهي من القسم الرابع الذي الشروط فيه مكروهة فإن وقع البيع به خير مشترطها إن كان البيع لم يفت في اسقاطها ويصح البيع وينفذ، أو التمسك بها ويفسخ البيع بينهما، وإن فات البيع سقط الشرط ووجبت القيمة في ذلك فإن كان الإسطوان على حاله يوم التبايع فالبائع مخير إن أحب إسقاط الشرط نفذ البيع وجاز، وإن لم يسقط فسخ البيع فيه، وإن كان الإسطوان قد فات بما تفوت به الأصول من الهدم والبناء سقط الشرط ولزمت المبتاع فيه القيمة إلا أن تكون أقل من الثمن الذي به ابتاع فلا ينقص منه لأنه قد رضى بذلك الثمن مع الشرط الذي إلتزمه فإذا سقط عنه الشرط لم تكن له حجة فإن أثبت البائع ضرر نظر له في ذلك. أ. هـ أنظر الإعلام بنوازل الأحكام ورقة 79 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18394. (¬2) أنظر المتيطية ورقة 81 ظهر، 82 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية 18696. تونس. (¬3) في - م - بخلافها.

لأنه يبطل (¬1) بموت الصبي، وأختلف إذا لم يكن لهم في الشرط نية فحمله هنا على أنه مضمون على المشتري لا في عين الأمة فأجازه وحمله بعده في أخر رسم [من سماع] (¬2) أشهب بعد هذا على أنه في عين الأمة فلم يجزه، واختلف إذا وقع البيع على [أنه] (¬3) إن مات الصبي أرضعوا له آخر، ولم ينصوا على أن الرضاع مضمون على المشتري بأن يقولوا إن ماتت أتوا بأخرى بل سكنوا على ذلك فحمله ابن القاسم في المدونة على المضمون فأجازه وحمله سحنون على أنه في عين الأمة فلم يجزه إلا على (¬4) وجه الضرورة مثل أن يرهقه دين فتباع فيه عليه، وتأول على أن القاسم أنه أجازه مع كون الرضاع في عين الأمة فإعترض عليه، وقال كيف يجيز هذا ولا يجيز الإجارة على ذلك، ولا يلزم ابن القاسم اعتراضه لأنه لم يجزه، بأن حمل الأمر في المسكوت عليه (¬5) على أن الرضاع مضمون على المشتري لا في عين الأمة. أ. هـ وقول (¬6) ابن رشد إذا اشترط الرضاع في عين الأمة بمعنى أنها ترضعه (¬7) مادامت حية فإذا ماتت أتى المشتري بخلفها (¬8) لم يجز لأن فيه تحجيراً على المشتري. أصله للشيخ أبي إسحاق التونسي في آخر كتاب البيوع الفاسدة، وذكره ابن يونس بلفظ قيل ثم قال بعده رداً له انه يقدر على بيعها بأن يشترط على المبتاع الرضاع. أ. هـ وما ذكره ابن يونس هو الظاهر أعني أنه لا يمنع من البيع بشرط أن يشترط على المشتري الثاني رضاع الصبي، ولو شرط الرضاع مضموناً على ¬

(¬1) في - م - لأنه لا يبطل. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) عبارة - م - لوجه. (¬5) في - م - عنه. (¬6) في - م - وقال. (¬7) في - م - أرضعته. (¬8) في - م - بخلافها.

المشتري كما قال (¬1) أبو إسحاق، وابن رشد لم يجز للمشتري أن يبيعها ويأتي بأخرى ترضع الصبي، لما في ذلك من التفرقة بين الأم وولدها فتأمله. وفي كلام ابن عرفة في الكلام على التفرقة بين الأم وولدها ما يقتضي أن ذلك حق في عين الأمة كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في الباب الأول. تنبيهات الأول: وقعت هذه المسألة في السماع المذكور من غير بيان كون الصبي حراً أو رقيقاً. فقال ابن القاسم (¬2): هذه وهم من مالك، أوامر رجع عنه لما فيه من التفرقة. قال ابن رشد: المعنى في هذه [المسألة (¬3)] أن الولد حر، وكذلك قال فيها في آخر البيوع (¬4) الفاسدة من المدونة وعلى ذلك أجاب مالك رحمه الله فالوهم (¬5) من ابن القاسم فيما حمل عليه المسألة، ونسب مالك إلى الوهم فيه، ومعنى المسألة أن رب الأمة أعتق ولدها ثم باعها ولم يبق من أمد رضاعه إلا سنة فاجاز له أن يشترط [بقية رضاعه على المشتري (¬6)]. [الثاني: قال سحنون لا أدري لم جوز مالك هذه المسألة، وهو لا يجيز أن يشترط (¬7)] على المرضعة إن مات الولد أن تأتي بغيره، ولكنها مسألة ضرورة (¬8) يعني مسألة الأمة. قال ابن يونس: الفرق عندي بين المسألتين أن الغرر في مسألة بيع الأمة تابع أنه انضاف إلى أصل جائز وهو بيع الأم، والغرر في مسألة الضئر (¬9) منفرد فلم يجز كقول مالك في بيع لبن شاة شهراً أو أشهراً أنه لا يجوز، ¬

(¬1) في - م - قاله. (¬2) عبارة - م - المذكور هذا وهم عن مالك. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) أنظر المدونة جـ 9 ص 167. (¬5) عبارة - م - قالوا وهم ابن القاسم. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) ساقطة من الأصل. (¬8) ضرورة بمعنى حاجة أنظر تاج العروس جـ 3 ص 349. (¬9) الضئر بالكسر مهموزاً العاطفة على ولد غيرها أي على غير ولدها المرضعة له. أنظر تاج العروس جـ 3 ص 366.

فرع

وأجاز كراء ناقة شهراً، واستثناء حلبها فالغرر إذا إنفرد يمنع بخلاف [ما] (¬1) إذا كان تبعاً والأصل فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها وقال (من باع نخلاً وفيها ثمر مؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع (¬2)) فكان للمشتري اشتراطه إذا إنضاف إلى أصل، ومنع من بيعه إذا انفرد وقد أجمعت الأمة على [جواز] (¬3) بيع الجبة محشوة [قطناً] (¬4) وإن لم ير قطنها ولا يجوز بيع قطنها منفرداً أو (¬5) وهو محشواً فيها. الثالث (¬6): تقدم في الباب الأول أن ابن رشد جعل نفقة هذا الصغير كالدين لا تبطل بالفلس، وتقدم على (¬7) الوصايا، ويحاص الغرماء بمبلغ نفقته الواجبة له عليه بعتقه إياه وهو صغير. فرع قال مالك في رسم سلعة سماها من سماع (¬8) ابن القاسم من جامع البيوع لا بأس ببيع نصف الأمة، أو الدابة على أن على المشتري نفقتها سنة، وأنه إن مات أو باعها فذلك له ثابت على المشتري. قال ابن رشد وقعت هذه المسألة على نصها في هذا السماع من كتاب السلطان ووصل بها إلى (¬9) سحنون ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) نص الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع). أخرجه أبو داود جـ 9 ص 299، والترمذي جـ 5 ص 252، 253 والنسائي جـ 7 ص 296، 297، وموطأ مالك جـ 2 ص 611 وأحمد بن حنبل جـ 2 ص 9، 78، 92، أنظر المعجم المفهرس جـ 6 ص 304. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) نسخة الأصل بإسقاط أو. (¬6) في - م - قلت. (¬7) في - م - في. (¬8) في النسخة - م من سماع عيسى. (¬9) عبارة - م - أن سحنون أنكرها.

وأنكرها، والمعنى عندي في مخالفة سحنون لمالك أن مالكاً حمل قوله إن ماتت الدابة فذلك له ثابت على أنه يأتيه في كل يوم من الطعام بما كان ينفق عليها إلى أن تنقضي السنة، فأجاز ذلك إذ لا وجه للكراهة فيها على هذا الوجه، لأنه باع نصف المة أو الدابة بثمن مسمى، ونفقة معلومة يستوفيها (¬1) كانت الأمة أو الدابة باقية، ى أو لم تكن فبعض ثمن نصفها نفقتها المعلومة لإنقضاء السنة، وحمل سحنون ذلك على أنه إن ماتت المة أو الدابة يأخذ ما بقي من النفقة حالاً، أو قيمة ذلك فأنكر جوازه لما فيه من الغرر، وعلى هذا لو وقع الأمر على أحد الوجهين بنص لا احتمال فيه لأرتفع الخلاف، ولو باع نصف الأمة أو نصف الدابة بشرط أن نفقتها على المشتري سنة، ولم يزد على النفقة شيئاً لجاز [ذلك] (¬2) على معنى قوله في المدونة يجوز بيع نصف الثوب أو الدابة على أن يبيع له المشتري النصف الآخر إلى شهر، وعلى ما في رسم البراءة من سماع عيسى فإن ماتت الأمة، أو الدابة قبل السنة رجع البائع على المشتري في قيمة النصف الذي باعه منها يوم باعه لفواته بالموت بقدر ما يقع بما بقي من النفقة من جميع الثمن لأن البائع باع نصف الوصيفة بما سمى من الثمن، وبالنفقة على نصفها الذي لم يبعه سنة، فإن كان باعه بعشرة دنانير وقيمة النفقة على نصفها الذي لم يبعه ديناران فأنفق عليه نصف السنة ثم مات وجب أن يرجع البائع على المبتاع بنصف سدس قيمة النصف الذي باعه منها يوم باعه لفواته بالموت كان أقل من دينار أو أكثر، كما لو كان باع منه نصف الجارية بعشرة دنانير، وعرض قيمته ديناران فإستحق نصفه لأن ما بطل من النفقة بموت الوصيفة كإستحقاق بعض الثمن وهو عوض، وقد قيل أنه لا يرجع عليه بشيء، وهو الذي يأتي على ما في العشرة لابن القاسم في الذي يبيع الأمة وقد أعتق ولداً لها صغيراً واشترط نفقته على المشتري حتى يثغر، ويستغني عن أمه فيموت قبل ذلك أن المشتري لا يتبع يشيء لأنه إنما أريد بهذا الشرط كفاية مؤنة الصبي، ولم يطلب به التزايد في الثمن وهو بعيد. وبالله التوفيق. ¬

(¬1) في - م - يشتريها. (¬2) ساقطة من - م - ..

القسم الثاني ما يؤل إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع

القسم الثاني ما يؤل إلى الإخلال بشرط من الشروط المشترطة في صحة البيع كشرط ما يؤدي إلى جهل، غرر في العقد، أو في الثمن، أو في المثمون أو إلى الوقوع (¬1) في ربا الفضل، أو في ربا النساء كشرط مشورة شخص بعيد، أو شرط الخيار إلى مدة مجهولة، أو إلى مدة زائدة عما قرره الشرع في السلعة المبيعة، أو شرط تأجيل الثمن إلى أجل مجهول أو شرط زيادة شيء مجهول في الثمن أو في المثمون. فهذا النوع يوجب فسخ البيع على كل حال فاتت السلعة أو لم تفت، ولا خيار لأحد المتبايعين في امضائه فإن كانت السلعة المبيعة قائمة ردت بعينها وإن فاتت ردت قيمتها بالغة ما بلغت، ويستثنى من هذا النوع مسألة، وهي البيع بشرط أن يسلف المشتري البائع، أو بالعكس فإنه لا يجوز لأنه يؤدي إلى الجهل بالثمن، فإن وقع ذلك فالمشهور أنه يفسخ مادام مشترط السلف متمسكاً به فإن أسقط مشترط السلف شرطه صح البيع، وسواء أخذ مشترط السلف سلفه وغاب عليه أم لا على المشهور. وقال سحنون إنما يصح إسقاط الشرط إذا لم يأخذ مشترط السلف ما اشترطه من السلف [ويغيب عليه (¬2)]، وأما إن أخذه وغاب عليه فلابد من فسخ ذلك ورد السلعة (¬3) لأنه قد تم ما أراده من السلف، وهذا إذا كانت السلعة قائمة بيد المشتري، فأما إن فاتت فلا يفيد الإسقاط لأن القيمة قد وجبت عليه حينئذ فلابد من فسخه، فغن كان السلف من البائع فله الأقل من الثمن أو القيمة يوم القبض، ويرد عليه السلف هذا مذهب المدونة وهو المشهور، وقاله المازري، وظاهر اطلاق ابن الحاجب وغيره أنه لا فرق بين أن يكون الإسقاط قبل فوات السلعة أو بعد فواتها. فرع قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: سمعت ¬

(¬1) عبارة - م - إلى الرجوع وهو تصحيف. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) في - م - السلف وهو تصحيف.

مالكاً يقول لا أحب البيع على أنه إذا وجد ثمناً قضاه، وإن هلك ولا شيء عنده فلا شيء عليه. قال ابن القاسم: فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها. قال محمد بن رشد: هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاء أو أبيا، ويصح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت، وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسير لقول مالك إذ قد يقول كثيراً فيما يجب فيه الفسخ لا أحب هذا، أو أكرهه وشبهه من الألفاظ فيكتفى بذلك من قوله. أ. هـ ونقله في النوادر وزاد فيه قال ابن القاسم: هذا حرام، ويرد فإن فات فعليه قيمتها يوم قبضها (¬1). أ. هـ وهو صريح (¬2) فيما قاله ابن رشد فقوله هو ظاهر قول ابن القاسم يقتضي أنه لم يقف عليه صريحاً من قوله، وقول ابن رشد فيصح في فواتها بالقيمة [فيه (¬3)] مسامحة وصوابه ويفسخ في فواتها بالقيمة لأن ذلك حكم البيع الفاسد، ولا يقال فيه صح بالقيمة لأنه لو صح مضى بالثمن. والله أعلم. تنبيه (¬4) قال ابن عرفة بعد أن ذكر ما تقدم قلت: الأظهر حمل قول مالك على الكراهة خلاف قول ابن القاسم، لأن حقيقة هذا الشرط هو مقتضى الحكم في عدم الطلب في الدنيا لقوله تعالى (فنضرة إلى ميسرة) [البقرة: 280] فإذا مات عديماً فلا ميسرة، وأما في الآخرة فهو خلاف مقتضى الحكم على ما قاله عز الدين بن ¬

(¬1) أنظر النوادر والزيادات جـ 3 ورقة 68 ظهر. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5731. (¬2) في - م - صحيح وهو تصحيف. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) في - م - فرع.

عبد السلام (¬1) أنه يؤخذ من حسنات المدين (¬2) بقدر الدين وهذا عندي غرر يسير لأن أحكام المبيعات إنما هي مبنية على المقصود منها، وقصد (¬3) الناس بها إنما هي في الأمور الدنيوية (¬4). أ. هـ مختصراً قلت (¬5): ما قاله ابن عرفة غير ظاهر لأن الحكم بإنظار المعسر إنما هو بعد الوقوع والنزول، وأما الدخول على ذلك ابتداء فهو غير جائز لأنه من بيع الغرر، وهذا فتأمله. وقال الشيخ خليل في التوضيح في باب الصداق لما تكلم على تأجيله إلى ¬

(¬1) هو الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي مولداً المصري داراً ووفاة الملقب بسلطان العماء، والملقب له هو الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد كان رحمه الله شيخ الإسلام علماً وعملاً وورعاً وزهداً لآمر بالمعروف ناهياً عن النكر في زمانه، المطلع على حقائق الشريعة العارف بمقاصدها. تفقه على الشيخ فخر الدين ابنعساكر وقرأ الأصول على الشيخ سيف الدين الآمد وغيره، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر وشيخ الشيوخ عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعيد البغدادي وغيرهم روى عنه تلامذته شيخ الإسلام ابن دقيق العيد والإمام علاء الدين أبو الحسن الباجي، والحافظ أبو محمد الدمياطي وغيرهم. درس بدمشق أيام مقامه بها ثم ارتحل إلى القاهرة ومن تصانيف الشيخ عز الدين بن عبد السلام القواعد الكبرى، وكتاب مجاز القرآن وهو مطبوع في الأستانة بإسم الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز، وهذان الكتابان شاهدان بإمامته وعظيم منزلته في علوم الشريعة واختصر القواعد الكبرى في قواعد صغرى، وله كتاب شجرة المعارف حسن جداً، وكتاب الدلائل المتعلقة بالملائكة والنبين عليهم السلام، والخلق أجمعين بديع جداً والتفسير مجلد مختصر، ومختصر صحيح مسلم والأيمان ف أدلة الأحكام والفتاوى المصرية والفتاوى الموصلية، وكتاب الفرق بين الأيمان والإسلام وخلاف ذلك من الآثار الجميلة الجليلة العظيمة طبع بعضها وبعضها الآخر يحن إلى البعث والنشور .. ولد بدمشق سنة ثمان وسبعين وخمسمائة هجرية، وتوفي سنة ستين وستمائة هجرية بالقاهرة ودفن بالقرافة الكبرى. أنظر ترجمته في طبقات الشافعية للأسنوي جـ 2 ص 197 وما بعدها، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي جـ 8 ص 209 وما بعدها، ومرآة الجنان جـ 4 ص 153، 154. (¬2) في - م - المديان. (¬3) في - م - مقصود. (¬4) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 154 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬5) في - م - فرع.

فرع

الموت، أو فراق قال شيخنا يعني الشيخ عبد الله المنوفي (¬1) يقوم منها منع من يشتري [سلعة (¬2)] إلى الميسرة كقول [بعض] (¬3) الفقراء إلى أن يفتح الله علي بالثمن، وهذا إذا صرح بذلك ابتداء، وأما إن اشتراها ولم يذكر ذلك ابتداء فهو جائز، وهو محمول على الحلول (¬4). أ. هـ وكأنه رحمه الله لم يقف على النص المتقدم وكلامه يدل على ما قلناه من الفرق والله تعالى أعلم. فرع ومثل ذلك ما إذا اشترى سلعة بثمن إلى أجل فإن مات قبله فالثمن عليه صدقة. قال في النوادر: فهو غرر لا يحل (¬5). أ. هـ والحكم فيه كما تقدم يفسخ البيع وترد السلعة إن كانت قائمة وإن (¬6) فاتت فالقيمة يوم قبضها. فرع ومن ذلك من ابتاع سلعة بثمن إلى أجل على أنه إن سافر قبل الأجل فالثمن عليه حال، فإنه يفسخ إن كانت السلعة قائمة فإن فاتت ففيها القيمة يوم ¬

(¬1) هو أبو عبد الله بن محمد بن سليمان المنوفي الفقيه الإمام الجامع بين العلم والعمل مع الصلاح والدين المتين أحد شيوخ مصر علماً أخذ عن زكي الدين محمد بن القويبع والشرف الزواوي وأبي عبد الله بن الحاج صاحب المدخل وعنه جماعة منهم أحمد بن هلال الربعي والشيخ خليل بن إسحاق الجندي، وبه انتفع وألف تأليفاً في مناقبه وكراماته. مولده سنة ست وثمانين وستمائة، وتوفي في رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 205. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) أنظر التوضيح جـ 1 ورقة 154 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12255. (¬5) أنظر النوادر والزيادات جـ 3 ورقة 68 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5731. (¬6) في - م - فإن.

فرع

قبضها. قاله في النوادر أيضاً قال ولا بأس أن يشترط عليه حميلاً إن سافر قبل الأجل. قال وإن باع عبداً إلى أجل، وشرط إن لم يقبضه الثمن في الأجل فالعبد حر، فإنه يلزمه ذلك، وليس للمشتري بيع العبد حتى يحل الأجل، فإن قضاه وإلا عتق، وإن حل وعليه دين محيط رق والبائع أحق به من الغرباء. والله تعالى أعلم. فرع ومن ذلك أيضاً ما وقع في أول سماع أشهب من جامع البيوع فيمن اشترى سلعة، وشرط على البائع عند عقد البيع أنه إن (¬1) ادعاها مدع فثمنها رد علي بغير خصومة، فقال (¬2) لا يعجبني هذا لأنه اشترط ما ليس في كتاب الله تعالى. قال ابن رشد قوله لا يعجبني يدل على أنه رأه بيعاً فاسداً لما اقترن به من الشرط وذلك بين لأنه غرر، وقوله اشترط ما ليس في كتاب الله تعالى أي خلاف ما أوجبه الكتاب وقرره الشرع المبين عن الله تعالى، وأنزله (¬3) في كتابه من أنه لا يأخذ أحد بمجرد الدعوى دون بينة. أ. هـ مختصراً. قلت: والحكم فيه كما تقدم أن ترد السلعة إن كانت قائمة فإن فاتت فالقيمة. والله تعالى أعلم. فرع ومن ذلك بيع الأرض الموظفة أي التي عليها خراج يسلمه المشتري [في] (¬4) كل سنة، وقد أطال الموثقون الكلام فيها، ولخص ابن عرفة الكلام في ذلك في آخر الكلام على الشروط في البيع، وفرق بين أن يكون ما قرر (¬5) عليها عند إحيائها، أو قرر عليها بعد الإحياء، وقال أن الذي استقر عليه العمل عندهم أنه يجوز شراء الأرض التي قرر عليها شيء عند إحيائها، قال وهي ¬

(¬1) في - م - إذا. (¬2) في - م - قال. (¬3) في - م - ما أنزله. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) في - م - قدر وهو تصحيف.

القسم الثالث من أقسام الشروط المتعلقة بالبيع: ما يكون منافيا لمقتضى عقد البيع

المسماة بأرض الخراج. قال ولا ينبغي أن يختلف في ذلك. قال وأما التي قرر عليها شيء بعد إحيائها فهي التي يسميها (¬1) الموثقون أرض الوظيف، وأرض الطبل وفيه خلاف، وقول ابن القاسم أنه لا يجوز بيعها للجهل بالثمن، وأطال في ذلك فاليراجعه من أراد ذلك (¬2). وبالله التوفيق. القسم الثالث من أقسام الشروط المتعلقة بالبيع: ما يكون منافياً لمقتضى عقد البيع لأن فيه تحجيراً على المشتري في السلعة التي اشتراها. قال في المقدمات: وهي بيوع الشروط المسماة عند العلماء [ببيوع] (¬3) الثنايا قال مثل أن يبيع السلعة على أن المشتري لا يبيعها ولا يهبها، أو على أن [يتخذ (¬4)] الجارية أم ولد، أو على ألا يخرج بها من البلد، أو على ألا يعزل عنها، أو على ألا يركبها البحر، أو على أنه إن باع المشتري السلعة فالبائع أحق بها بالثمن الذي يبيعها به، أو على أنه فيها بالخيار إلى أجل بعيد لا يجوز الخيار إليه، أو ما أبه ذلك من الشروط التي تقتضي التحجير على المشتري في السلعة التي اشتراها. قال فهذا النوع اختلف فيه إذا وقع شيء منه على قولين: أحدهما أنه يفسخ ما دام البائع متمسكاً بشرطه، فإن ترك الشرط صح البيع هذا إن (¬5) كانت السلعة قائمة، فغن فاتت كان فيه (¬6) الأكثر من الثمن أو القيمة يوم قبضه المشتري، وهذا هو المشهور في المذهب، وقيل يرجع البائع على المشتري إذا فاتت السلعة بمقدار ما نقصه من الثمن بسبب الشرط، وذلك ¬

(¬1) في - م - يسمونها. (¬2) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 157 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) في - م - إذا. (¬6) في - م - فيها.

بأن تقوم السلعة بالشرط وبغير الشرط، فما كان بين القيمتين من الأجزاء يرجع البائع بذلك الجزء من الثمن. والقول الثاني: أن حكم هذه [البيوع] (¬1) حكم البيع الفاسد يفسخ على كل حال في قيام السلعة، وتكون فيه القيمة بالغة ما بلغت في (¬2) الفوات (¬3) قال في المقدمات ويستثنى من هذا الباب على القول المشهور مسألة واحدة، وهي شراء السلعة على الخيار إلى أجل بعيد لا يجوز الخيار إليه، فإنه يفسخ فيها البيع على كل حال، ولا يمض [البيع] (¬4) إن رضى مشترط الخيار بترك الشرط، لأن رضاه بذلك ليس بترك منه للشرط، وإنما من اختيار للبيع على الخيار الفاسد (¬5). أ. هـ قلت: ولهذا ذكرنا هذه المسألة في القسم الثاني، وجعلناها (¬6) مما يؤدي إلى خلل في عقد البيع، ولم يستثنى في المقدمات إلا هذه المسألة. وقال في البيان (¬7) لما تكلم على هذه الشروط في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: هذا حكم هذا الباب إلا في مسألتين: أحدهما إذا باع الأمة وشرط على المشتري أنه لا يطأها فإن وطأها فهي حرة أو فعبده حر، أو عليه صدقة أو صيام، أو ما أشبه ذلك فهذا يفسخ على كل حال على حكم البيع الفاسد، ولا يكون للبائع أن يترك الشرط من أجل أنها يمين قد لزمت المشتري، وليس له أن يسقطها عنه على ما يأتي في رسم العشور من سماع عيسى. والثانية أن يشترط أحد المتبايعين الخيار إلى أجل بعيد ثم ذكر نحو ما تقدم في كلامه في المقدمات، وذكر ابن عرفة المسألتين (¬8) وعزا الأولى للمقدمات والثانية لرسم ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) في - م - من. (¬3) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 542. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 542. (¬6) في - م - وجعل. (¬7) في - م - المقدمات. (¬8) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 153 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

تكميل

العشور، وقد استثناهما جميعاً في رسم القبلة كما ذكرنا كلامه فيه أحسن من كلامه في المقدمات وأبين. والله تعالى أعلم. (تكميل) يستثنى من هذا القسم بيع العبد والأمة بشرط تنجيز العتق فإن ذلك جائز. قال اللخمي في كتاب البيوع الفاسدة: وذلك على أربعة أوجه لأنه إما أن يشتريه على انه حر بالشراء، أو على أنه يعتق بعد الشراء وأوجب ذلك على نفسه، أو على أن المشتري بالخيار في العتق أو يشترط العتق ولا يقيده بإيجاب ولا خيار. قال وأي ذلك كان فالبيع جائز وإنما يفترق الجوا في صفة وقوع العتق وفي شرط النقد (¬1) فأما الوجه الأول وهو ما إذا باعه على أنه حر فإنه يكون حراً بنفس البيع قال الرجراجي: ولا خيار في ذلك للمشتري، ولا يحتاج إلى تجديد عتق وإن مات بفور العقد (¬2) صار حراً يرث ويورث، ولا خلاف في ذلك في المذهب. وأما الوجه الثاني وهو ما إذا باعه على أن يعتقه المشتري وأوجب ذلك على نفسه فقال اللخمي: إذا كان الشرط على ان يعتقه المشتري وإلتزم ذلك أجبر على أن يوقع العتق، وإن ألد (¬3) أعتقه الحاكم عليه، وقال الرجراجي (¬4) إذا باعه على أن يعتقه المشتري فلا يعتق بنفس الشراء، وإنما يعتق بعتق جديد لكن يجبر المشتري على العتق لأنه على إيجاب العتق اشترى، فإما أعتقه وإلا أعتقه عليه السلطان، والنقد (¬5) في هذين الوجهين جائز بشرط أو بغير شرط. أ. هـ. وأما الوجه الثالث ما إذا باعه على أن المشتري بالخيار في العتق فإن اشترط البائع النقد فالبيع مفسوخ للغرر لأنه تارة بيع وتارة سلف، وإن لم يشترط البائع النقد فالبيع جائز وللمشتري الخيار قدر ما يستخير [فيه] (¬6) ¬

(¬1) في - م - العقد. (¬2) في - م - العتق. (¬3) في - م - لد. (¬4) عبارة - م - وأما الرجراجي قال. (¬5) في - م - والعقد وهو تصحيف. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - م -.

ويستشير، كما لو اشتراه من غير شرط [العتق] (¬1) فإن أعتقه فلا كلام، وإن لم يعتقه فللبائع الخيار في ان يرد عبده وينقض البيع، أو يترك الشرط ويلزمه البيع. وأما الوجه الرابع وهو ما إذا باعه يشرط العتق ولم يقيده بأيجاب ولا خيار اختلف في ذلك على قولين: أحدهما أن الخيار في ذلك للمشتري فإن شاء أعتق وإن ترك، وهذا قول ابن القاسم في المدونة (¬2)، وهو المشهور. والثاني أنه يجبر على العتق ويحكم عليه به كما لو اشتراه على إيجاب العتق وهو قول أشهب وبه أخذ سحنون، واختاره [اللخمي (¬3)]، واستظهره ابن رشد أيضاً فعلى هذا القول يجبر المشتري على العتق إذا امتنع [منه] (¬4) فإن لد أعتقه الحاكم كما تقدم في الوجه الثاني ويجوز النقد بشرط أو بغير شرط، وعلى (¬5) القول الأول فإن أعتق المشتري العبد أو الأمة بعد العقد أو بقرب ذلك فلا كلام للبائع، وسواء كان أعتق المشتري من نفسه، أو بعد قيام البائع عليه بذلك وطلبه منه وسواء كان العتق قبل أن يحصل في العبد أو الأمة [عيب، أو بعد حصول العيب فيهما، بل ولو مات العبد أو الأمة] (¬6) قبل عتقهما بقرب العقد فلا شيء على المشتري [ولا له] (¬7)، وإن امتنع المشتري من عتق العبد أو الأمة فإن قام البائع بعد العقد أو قربه بشهر ونحوه فليس له إلا أخذ عبده، أو أمته ونقض البيع أو ترك الشرط من غير شيء إلا أن يتفق هو والمشتري على أن يعطيه شيئاً لأجل ترك الشرط فذلك لهما، هذا إذا كان كان العبد أو الأمة صحيحين لم يدخلهما عيب، وإن دخلهما عيب فالمشتري بالخيار بين أن يعتقهما معيبين ولا شيء عليه، أو يغرم للبائع ما نقصه لأجل الشرط ويصير (¬8) العبد أو الأمة ملكاً له هذا إذا كان البائع عالماً بتأخير العتق إلى شهر ونحوه، وإن كان البائع غير عالم كان الخيار له بين أن ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) أنظر المدونة جـ 9 ص 153 وما بعدها. (¬3) ساقطة من - م. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في الأصل على بإسقاط الواو. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م - .. (¬8) في - م - فيصير.

يرضى بعتقهما معيبين ولا شيء له، أو يرجع بما نقصه من الثمن لأجل الشرط وليس للبائع أن يسترجعهما إلا أن يرضى المشتري بذلك، وإن لم يقم البائع بقرب العقد بل سكت حتى طال الأمد كثيراً كالسنة. قال ابن يونس: فإن كان عالماً بعدم عتق المشتري فلا قيام له على المشتري ولا شيء له عليه، لأن تركه المطالبة بمقتضى شرطه يؤذن بإسقاطه على المشتري (¬1) قال ابن رشد: ولا يدخل في هذا عندي الخلاف (¬2) الذي في المسكوت هل هو أذن أم لا؟ وسواء كان العبد أو الأمة صحيحين، أو دخلهما عيب، أو ماتا وإن لم يعلم البائع بذلك حتى طال الأمد فإن كان العبد والأمد صحيحين لم يدخلهما عيب فله الخيار بين أن يسترجع عبده أو أمته، أو يدعهما ويرجع بما نقصه لأجل الشرط من ثمنها، ولو رضى المشتري بعتقها بعد الطول لم يسقط ذلك عنه الرجوع بما قبضه البائع من الثمن لأجل الشرط. قال في البيان: لأنه لم يتم للبائع ما قصده بشرطه من تعجيل العتق إذ إنما أعتق المشتري لنفسه بعد أن قضى وطره من وطء الأمة، واستخدام العبد إلا أن يرضى البائع بعتق المشتري حينئذ فذلك جائز، ولا يجوز للمشتري الوطء حتى يفصل أمره مع البائع، ولو أعتق المشتري العبد أو الأمة عن ظهار أو عتق واجب عليه بعد أن حصل فيهما عيب مفيت، أو بعد طول أجزاء هذا ملخص كلام صاحب النوادر واللخمي، وابن رشد في رسم القبلة من سماع ابن القاسم. وفي رسم (¬3) العتق من سماع أصبغ من جامع البيوع، وكلام الرجراجي، ونقل ابن عرفة غالب ذلك باختصار، ويجرى ما ذكرناه من التفصيل في الوجه الثالث وهو ما إذا باع العبد أو الأمة على أن المشتري بالخيار كما صرح بذلك اللخمي، وينزل ورثة كل من المشتري والبائع منزلته، وإن دخلها عيب مفيت فليس للبائع أن يسترجعها، وإنما له الرجوع بما نقصه لأجل الشرط من ثمنها، إلا أن يتفق وهو والمشتري على عتقهما على تلك الحال، وإن لم يقم البائع إلا بعد موتهما، وقد طالت إقامتهما ¬

(¬1) عبارة - م - بإسقاط حقه. (¬2) في - م - الاختلاف. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 26 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612.

بيد المشتري (¬1) ولم يعتهما فللبائع الرجوع بما نقصه لأجل الشرط كما تقدم. قال ابن رشد: ولا يفوت العبد أو الأمة إلا بالعيوب المفسدة (¬2) كما في رواية أصبغ وقيل يحصل الفوات بحوالة الأسواق وهو بعيد لأنه ليس بيعاً فاسداً (¬3). قلت: وهذا القول الثاني عزاه اللخمي لرواية محمد بن المواز. تنبيهات الأول: قال ابن رشد في رسم القبلة المذكور: وجه العمل في التوصل إلى معرفة ما نقص الشرط من ثمن العبد أو الأمة أن يقوم المبيع بالشرط وبغير الشرط، وينظر ما نقصه الشرط [فيؤخذ بمثله من الثمن وقال أصبغ يرجع بما نقصه الشرط] (¬4) من قيمته يوم الشراء إلا أن يقارب ذلك الثمن الذي بيع به فعلى هذه الرواية إذا كانت قيمته يوم الشراء بغير شرط قريبة من الثمن الذي بيع به لم يكن للبائع على المشتري شيء، وإن كانت أكثر من الثمن بكثير رجع عليه لما زادت القيمة على الثمن الذي اشتراه به، وقول مالك أصح في المعنى من رواية أصبغ لأن البيع قد يكون بمثل القيمة أو أقل أو أكثر. أ. هـ. قلت: ما عزاه ابن رشد لمالك خلاف ظاهر المدونة. قال فيها في كتاب البيوع (¬5) الفاسدة: ومن ابتاع أمة على تعجيل العتق جاز لأن البائع تعجل الشرط بما وضع من الثمن فلم يقع به غرر، فإن أبى أن يعتق فإن اشترى على إيجاب العتق لزمه [العتق] (¬6)، وإن لم يكن على الإيجاب لم يلزمه عتق، وكان للبائع ترك العتق وتمام البيع أو يرد البيع، فإن رد البيع بعد أن فاتت فله القيمة. وقال أشهب لا يرد البيع ويلزمه العتق بما شرط. قال ابن يونس يريد له الأكثر من الثمن والقيمة يعني على قول ابن القاسم ونقله أبو الحسن، ¬

(¬1) في الأصل بيده. (¬2) عبارة - م - المفيتة. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 154 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) أنظر المدونة جـ 9 ص 250. (¬6) ساقطة من الأصل.

وقبله، وقال بعده الشيخ (¬1) وإنما قال ذلك ليكمل للبائع ما وضع من الثمن لمكان العتق، وقوله له القيمة يريد يوم البيع لأنه بيع صحيح قاله ابن عمران (¬2). أ. هـ قلت: وما ذكره ابن رشد أبين، ويفسر به كلام المدونة والله تعالى أعلم. الثاني: لا يجوز اشتراط النقد في هذا الوجه على قول ابن القاسم لأنه يصير تارة ثمناً وتارة سلفاً، وما ذكرناه من تأخير العتق إلى الأمد القريب والبعيد إنما هو بعد الوقوع، ولا يجوز الدخول ابتداء على تأخير العتق، وإنما يجوز هذا البيع على تعجيل العتق فإن وقع التراض من المشتري فيفصل فيه كما تقدم وكما أشار لذلك (¬3) ابن يونس ونقله أبو الحسن. الثالث: سوى في رسم القبلة المذكور بين الشراء بشرط العتق والشراء والعدة بالعتق. قال ابن رشد: ومساواته صحيحة لتساويهما في المعنى لأن الشرط (¬4) هو أن يقول البائع للمبتاع أبيعها منك بكذا وكذا على أن تعتقها، والعدة أن يقول المشتري للبائع بعها مني وأنا أعتقها، أو بعها مني بكذا وكذا وأنا أعتقها، وإذا قال ذلك المبتاع [للبائع] (¬5) فباعه البائع على ما وعده فكأنه قد (¬6) اشترطه إذ لم يبعه إلا على ما وعده فوجب أن يلزم، وقد قيل أن العدة بخلاف الشرط فلا يلزم المشتري لا (¬7) يكون للبائع في ذلك كلام. الرابع: هذا كله إذا باعه بشرط العتق [الناجز، وأما إذا باعه بشرط العتق] (¬8) المؤجل، أو الكتابة، أو التدبير أو اتخاذ ¬

(¬1) عبارة - م - وقال بعده أي المقيد عن الشيخ وإنما تأول ذلك. (¬2) في - م - أبو عمر. (¬3) في - م - إلى ذلك. (¬4) عبارة - م - لأن الشراء بشرط العتق. (¬5) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬6) عبارة - م - فله شرطه. (¬7) في - م - بإسقاط لا. (¬8) ما بين القوسين ساقط من - م -.

الأمة أم ولد فذلك لا يجوز للتحجير على المشتري، وللغرر والجهل لأن البائع وضع من الثمن لأمر قد يكون وقد لا يكون، والحكم في ذلك ما (¬1) تقدم فعلى المشهور يفسخ البيع مادام البائع متمسكاً بشرطه فإن ترك شرطه صح البيع وهذا ما لم يفت المبيع فإن فات كان فيه الأكثر من الثمن أو القيمة يوم القبض، وهذا قول ابن القاسم، وعلى القول الثاني لابد من فسخه وهو قول أشهب. تنبيه ما ذكرناه من عدم جواز اشتراط العتق المؤجل (¬2) قاله في كتاب البيوع الفاسدة من المدونة وأطلق، وكذا أطلق غير واحد، وقيده المشذالي في حاشية (¬3) المدونة فقال: إلى أجل بعيد وأما القريب جداً فحكمه حكم العتق الناجز. قلت: وهو (¬4) تقييد ظاهر لأنه إنما منع من ذلك للغرر وإذا كان الأجل قريباً جداً كان من الغرر الخفيف المغتفر في البيع وقد أجازوا بيع العبد واستثناء خدمته الأيام اليسيرة كالعشرة أو أقل، فكذلك هنا إذا شرط العتق إلى عشرة أيام، أو أقل جاز والله تعالى أعلم. الخامس: قال في النوادر ومن كتاب ابن المواز قال مالك لا أحب أن يأخذ الرجل من الرجل مالاً على تدبير عبده فإن نزل (¬5) مضى التدبير ويرد إلى القيمة يوم قبضه. قال محمد: جواب مالك على أنه باع عبده ممن يدبره ولو أخذ مالاً من رجل على أن يدبر عبده فدبره فاليرد المال وينفذ التدبير، وكذلك ما أخذ على اتخاذ الأمة أم ولد ثم اتخذها كما يرجع لو باعها على ذلك يرجع بما وضعه (¬6) له. أ. هـ مختصراً بالمعنى السادس: قال اللخمي والصدقة والهبة كالعتق فإن باعه على أنه صدقة ¬

(¬1) في - م - كما. (¬2) أنظر المدونة جـ 9 ص 152. (¬3) في - م - في حاشية على المدونة. (¬4) في - م - وهذا. (¬5) في - م - ترك. (¬6) أنظر النوادر والزيادات جـ 2 ورقة 103 ظهر، 104 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12372.

لفلان أو على أنه يتصدق به على فلان، وإلتزم المشتري ذلك جاز العقد والنقد، وإن كان على أن المشتري بالخيار في انفاذ الصدقة جاز العقد دون النقد، ويختلف إذا أطلق ذلك ولم يقيده بإلتزام ولا بخيار. فقال ابن القاسم في كتاب محمد فيمن باع من امرأته خادماً بشرط أن تتصدق (¬1) بها على ولده ذلك جائز ولا تلزمها الصدقة بالحكم والبائع بالخيار إن لم تتصدق بها إن شاء أجاز البيع على ذلك وإن شاء رده، وعلى قول أشهب، وسحنون تلزمها الصدقة من غير خيار. أ. هـ ونقله (¬2) ابن عرفة عن اللخمي في الكلام على بيع وشرط. قلت: وهذا إذا كانت الهبة أو الصدقة منجزة أو مؤجلة إلى أجل قريب كما تقدم في العتق وأما إن كانت مؤجلة إلى أجل بعيد فلا يجوز للغرر، ولو كان الشيء الملتزم صدقة أو هبة مما يوقن (¬3) بقاؤه كالدور والأرض، لأنه يدخله الغرر من جهة موت المشتري قبل الصدقة والهبة فيبطلان فتأمله. والله أعلم. السابع: تقدم أن من هذا القسم إذا باع السلعة على ألا يبيعها وذكر اللخمي في ذلك تفصيلاً فقال: إن باعه على ألا يبيعها جملة أو على ألا يبيعها إلا من فلان فالحكم كما تقدم، وإن كان على ألا يبيعها من فلان وحده أو من هؤلاء النفر جاز، وإن كان على ألا يبيعها (¬4) من فلان كان بيعاً فاسداً، وليس على المشتري إلا الثمن باعها به من فلان لأنه بيع ليس فيه تمكين فلا يضمنه المشتري. أ. هـ قلت: ما ذكره اللخمي من جواز البيع إذا باع السلعة على ألا يبيعها من فلان، أو من هؤلاء النفر ظاهر كلامه أنه المذهب، وعزاه ابن رشد لابن القاسم، وذكر فيه خلافاً، فإنه قال في المسألة الثالثة من رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع بعد أن قرر حكم البيع على ألا يبيع ما نصه: وإذا باع على ألا يبيع إلا من فلان فهو بمنزلة إذا باع على ألا يبيع، وأجاز ابن القاسم ¬

(¬1) في - م - يتصدق. (¬2) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 154 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬3) في - م - يؤمن. (¬4) على أن لا يبيعها هكذا في - م -.

البيع على ألا يبيع إلا من فلان في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح، وكرهه أصبغ في الواضحة وإتفقاً على كراهة البيع على ألا يبيع لمن يضر بالبائع. أ. هـ. قلت: فإذا باع سلعة من شخص على ألا يبيعها من فلان أو من هؤلاء النفر ثم باعها المشتري من فلان، أو من واحد من النفر المذكورين فإن بيعه يرد على ما يظهر من كلام اللخمي، وابن رشد. قال ابن رشد غاية ما نقل في الكراهة فقط وما ذكره ابن رشد من أنه إذا باع على أن لا يبيع إلا من فلان فهو بمنزلة [ما] (¬1) إذا باع على ألا يبيع ليس بخلاف لما ذكره اللخمي فيما إذا باع على ألا يبيع من فلان لأن الذي يظهر من كلام اللخمي أن البائع شرط (¬2) على المشتري أن يبيع السلعة من فلان، وأنه لا يبقيها (¬3) في ملكه، وأما إذا كان معناه أنه إذا أراد البيع باعها من فلان فهي مثل ما قاله ابن رشد فتأمله والله تعالى أعلم. الثامن: قال اللخمي قال في كتاب محمد: فيمن باع جارية على ألا يخرجها من بلدها، أو على أن يخرجها إلى (¬4) الشام يفسخ البيع إلا أن يضع البائع شرطه. وقال في مختصر ما ليس في المختصر: فيمن باع عبداً على أن يخرجه مبتاعه إلى بلد آخر لا بأس به وهو أبين لأن الشأن أن البائع إنما يشترط ذلك لضرورة (¬5) يتقيها من العبد إن هو بقى، فقد يكون شريراً، وقد يكون إطلع على أسراره، أو موضع ماله أو غير ذلك [من العذر] (¬6)، أو يتقي مثل ذلك من المة، وإن كان المشتري طارئاً كان أبين في [الجواز] (¬7) لأنه يفعل ذلك من غير شرط. أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) في - م - يشترط. (¬3) في - م - يبيعها. (¬4) في - م - من. (¬5) عبارة - م لضرر يتقيه. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) ساقطة من الأصل.

قلت: ظاهره أن ما ذكره عن مختصر ما ليس في المختصر خلاف لما في كتاب ابن المواز لقوله [بعده] (¬1) وهذا أبين، والظاهر أنه ليس بخلاف لأن الذي في الموازية شرط عليه أن يخرجه إلى بلد معين وهو الشام مثلاً ففيه تحجير، وأما الذي في مختصر ما ليس في المختصر فلم يشترط إلا إخراجه من البلد الذي بيع فيها فقط، ولا شك أنه خفيف فالجواز فيه كما قال اللخمي ظاهر، بل نقول (¬2) أنه ليس بمخالف لما في الموازية فتأمله. وعلى هذا فيلزم (¬3) الشرط، وللبائع أن يرد البيع إن أقام به المشتري في البلد وهو ظاهر من كلام اللخمي. والله تعالى أعلم. وقال ابن رشد في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: أجاز ابن وهب أن يبيع العبد على أن يخرجه إلى الشام، ولم يجز أن يبيعه على ألا يبيعه إلا بالشام، والوجهان على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك [سواء] (¬4) أ. هـ وهو موافق لكلام اللخمي إلا أنه زاد حكاية قول ابن وهب. التاسع: تقدم أن من الشروط التي لا تجوز إذا شرط (¬5) ألا يركبها البحر، وبذلك صرح ابن رشد في المقدمات (¬6)، وفي رسم القبلة المتقدم ذكره على أنه المذهب، ولم يذكر خلافه، ونقله (¬7) ابن عرفة وغيره أيضاً وقبلوه. وقال اللخمي: وإن شرط ألا يجيزها البحر جاز لأنه أبقى ما سوى ذلك من البلدان، ويختلف إذا شرط أن يجيزها قياساً على من شرط أن يخرجها من بلدها. أ. هـ ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) عبارة - م - على قول. (¬3) في - م - لا يلزم. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) في - م - إذا اشترط. (¬6) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 542. (¬7) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 6 وجه وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

قلت: ما ذكره في الفرع الأول خلاف ما نقل غيره أنه المذهب، وما ذكره في الفرع الثاني من القياس غير ظاهر، والظاهر فيه المنع. والله تعالى أعلم. العاشر: تقدم أن مذهب ابن القاسم أن بيع الرجل السلعة على أن المشتري إذا باعها فبائعها أحق بها بالثمن الذي يبيعها به، وبذلك صرح ابن رشد في المقدمات (¬1)، وفي رسم القبلة المتقدم ذكره، وذكر فيه إذا وقع القولين المتقدمين في هذا القسم من الشروط، وزاد في رسم القبلة قولاً ثالثاً فقال بعد ذكره القولين وروى عن ابن القاسم أنه فرق بين أن يبيع الرجل السلعة على ألا يبيعها ولا يهب وما أشبهه من الشروط وبين أن يبيعه إياها على أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن فجعل هذا بيعاً فاسداً يفسخ على كل حال، وإن رضى البائع بترك الشرط بخلاف الأول. أ. هـ فتحصل في المسألة ثلاثة أقوال، ولابن رشد اختيار نذكره قريباً يكون رابعاً. تنبيه والإقالة في هذا بخلاف البيع. قال مالك في أول رسم من سماع أشهب من جامع البيوع: فيمن أقال من حائط على أنه متى باعه [بائعة (¬2)] المستقيل فالمشتري أحق به بالثمن الذي يبيعه به، ثم باعه بعد زمان أن للمشتري أن يأخذه (¬3) بالثمن الذي باعه به آخراً، وله أن يتركه قال ابن رشد: أوجب مالك للمقيل أخذ الحائط بشرطه، وإن باعه المستقيل بعد زمان بقوله في الشرط متى باعه لأن متى لا تقتضي قرب الزمان بخلاف ما في سماع محمد بن خالد لابن القاسم، وابن كنانة من التفرقة بين القرب والبعد على أنه إن باعه من غيره فهو له بالثمن وكأن المقيل تخوف من المستقيل أنه إنما استقاله ليبيعه من غيره بزيادة أعطيها، وإنما جاز هذا الشرط في الإقالة لأنها (¬4) معروف فعله معه ¬

(¬1) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 542. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) عبارة - م - إن باعه بالثمن الذي باعه به أخرى. (¬4) في - م - لأنه.

واشترط أن يكافئه عليه بمعروف فلزم ذلك فيها بخلاف البيع، ولمحمد بن خالد (¬1) في سماعه أن الإقالة على هذا الشرط لا تجوز كالبيع والذي يوجبه القياس والنظر عندي أنه لا فرق في هذا بين الإقالة والبيع، وأنه إذا أقاله أو باعه على أنه متى باعه من غيره فهو أحق به أن ذلك لايجوز، لأن فيه إبطالاً لحق المشتري وظلماً (¬2) له في أن يؤخذ منه ما ابتاعه دون حق وأنه إن هو استقاله أو سأله البيع ابتداء فقال له أخشى أنك إنما سألتني الإقالة أو البيع لربح أعطيت في ذلك لا لرغبة فيه، فقال لا أريد إلا الرغبة فيه فأقاله، أو باعه على أنه أحق به بالثمن إن باعه أن يكون أحق به إن باعه بالقرب لأنه تيقن أنه إنما استقاله أو سأله البيع لذلك. قال ابن رشد: ولو أقاله أو باعه على أنه إن أراد بيعه فهو أحق به بالثمن الذي يعطى فيه لم يجز ذلك في البيع، ويختلف في الإقالة لأن بابها المعروف لا المكايسة (¬3). أ. هـ مختصراً وفي سماع سحنون من جامع البيوع عن ابن القاسم فيمن استقال مبتاعه فقال له أخاف أنك تريد بيعها لربح، فقال البائع إنما أردتها لنفسي فأقاله على ذلك ثم باع تلك السلعة أنه إن علم أنه استقاله ليبيعها فبيعه منتقض غير جائز، وإن باعها لغير ذلك بدا له في بيعها فطال (¬4) زمانها فبيعه جائز كقول (¬5) مالك في من طلب من امرأته أن تضع له مهرها، فقالت أخاف إن وضعته طلقتني، فقال ما (¬6) أفعل فوضعته ثم ¬

(¬1) هو محمد بن خالد بن مرتنيل مولى عبد الرحمن بن معاوية يعرف بالأشج قرطبي نبيه رحل فسمع من ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب وابن نافع ونظرائهم من المدنيين والمصريين وكان الغالب عليه الفقه ولم يكن له علم بالحديث، وقد ذكره العتبي في المستخرجة، ولي الشرطة والصلاة والسوق بقرطبة، وكان صلباً في أحكامه، ورعاً فاضلاً لا تأخذه في الله لومة لائم، محمود السيرة، ولم يزل على وتيرة إلى أن توفي سنة عشرين ومائتين وقيل سنة أربع وعشرين، وله اثنان وسبعون سنة. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 163، وترتيب المدارك جـ 4 ص 117، 118. (¬2) في - م - ظلامة .. (¬3) أنظر مختصر نوازل ابن رشد ورقة 45 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12189. (¬4) في - م - وطال. (¬5) في - م - لقول. (¬6) في - م - لا.

طلقها لها الرجوع عليه بما وضعت إلا أن يطول الزمان، ويتبين صحة ذلك فلا رجوع لها. قال ابن رشد: قوله أن البيع منتقض إذا علم أنه إنما استقاله ليبيعها صحيح لأنه إنما أقاله على أن لا يبيعها فإن باعها نقض البيع وردت إليه سلعته، ويستدل على ذلك ببيعه إياها بقرب ذلك، وإذا نقض البيع فيها انتقضت الإقالة وردت إلى المقيل، ولو أقاله على أنه إن باعها كان أحق بها بالثمن الذي يبيعها به فباعها بقرب ذلك لرد البيع فيها، وأخذها المقيل على ما مضى في سماع أشهب وتنظير ابن القاسم بمسألة الطلاق صحيح لأن قول المرأة لزوجها أخاف مثل قول المبتاع أخاف أن أقيلك ... إلخ ولو لم يجري بينهما هذا الكلام وإنما سأل الرجل زوجته أن تضع عنه الصداق فوضعته ثم طلقها بالقرب لرجعت عليه إذا علم أنها إنما وضعته رجاء استدامة صحبته، ولو سأل البائع المبتاع الإقالة فأقاله دون كلام ثم باعها البائع بالقرب لم يكن للمبتاع في ذلك قول فهنا تفترق المسألتان، ففي وضع المرأة صداقها إذا سألها الزوج ذلك لا فرق بين أن تضعه وتسكت، أو تقول أخشى إن وضعته [أن] (¬1) تطلقني فيقول لا أفعل، أو تقول إنما أضعه عنك على أنك إن طلقتني رجعت به عليك أنه لا يكون لها أن ترجع عليه إن طلقها بقرب ذلك إلا أن تقول له إنما أضعه لك على ألا تطلقني أبداً، أو على أنك متى طلقتني رجعت عليك به فيكون لها أن ترجع متى [طلقها] (¬2) كان ذلك بالقرب أو بعد طول من الزمان (¬3). أ. هـ ومسألة سحنون هذه هي التي تقدمت في كلام الشيخ خليل في المسألة السابقة في شروط النكاح لكنه ذكرها على وجه أخص (¬4)، وهو أن البائع قال للمشتري متى بعتها فهي لك بالثمن الأول، والذي في كلام سحنون أنه سأله الإقالة فقال إني أخاف أنك تريد بيعها [لربح] (¬5) فقال البائع إنما أردتها لنفسي ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) أنظر البيان والتحصيل جـ 3 ورقة 5 ظهر و 6 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10612. (¬4) عبارة - م - على وجه آخر. (¬5) ما بين القوسين ساقط من - م -.

فأقاله على ذلك، ولم يذكر فيه أنه قال له متى بعتها فهي لك بالثمن الأول، وذكر المسألة في سماع محمد بن خالد عن ابن القاسم من جامع البيوع على نحو ما ذكر صاحب (¬1) التوضيح وقال بعدها قال محمد بن خالد وكان ابن نافع يقول لا تجوز الإقالة في هذا، وهو بمنزلة البيع. قال ابن لبابة: هذا جيد من فتواه وإستحسنه قال ابن رشد: هذه مسألة قد مضى القول في شرحها في أول رسم من سماع أشهب، وفي سماع سحنون، ونقل ابن عرفة في كلامه على الشروط ما تقدم عن مالك في سماع أشهب، وما تقدم عن ابن القاسم في سماع سحنون، [وسماع] (¬2) محمد بن خالد ثم قال قلت: لما ذكر الصقلي قول ابن القاسم بالجواز. قال قال الشيخ هذا خلاف ما في الموطأ عن عمر (¬3) لا تقر (¬4) بها وفيها شرط لأحد، وفي المختصر أن ذلك في البيع لا خير فيه، والإقالة بيع. أ. هـ والحاصل أن هذا الشرط لا يجوز في البيع ويفسده كما تقدم وليس في ذلك خلاف، وأما في الإقالة فإختلف فيه فقال (¬5) مالك وابن القاسم بجوازه، ولذلك اقتصر عليه الشيخ خليل في كلامه السابق في (¬6) شروط النكاح، واقتصر عليه غير واحد من الموثقين [فإن وقعت الإقالة على ذلك ثم باعها المشتري نقض بيعه، وكانت للمقيل بالثمن الأول سواء باعها بالقرب أو بعد طول إن كان قال في شرطه متى بعتها، وأما إذا قال إن بعتها فينتقض بيعه إذا باعها بالقرب ولا ينتقض إذا باعها بعد البعد كما تقدم في كلام ابن رشد، واقتصر المتيطي على هذا التفصيل لكنه فرض المسألة فإن] (¬7)، والخلاف جار في الإقالة ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 76 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) هو أبو حفص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي المتوفى سنة ثلاث وعشرين هجرية. أنظر ترجمته في طبقات ابن سعد جـ 3 ص 265. (¬4) في - م - يقر بها. (¬5) في - م - وقال. (¬6) في - م - من. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م -.

القسم الرابع من أقسام الشروط المتعلقة بالبيع: ما يكون الشرط فيه غير صحيح

ولو كانت في الأمة فإن (¬1) المسألة مفروضة في سماع محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن يبيع أرضه أو جاريته ثم يستقيل، ومقتضى كلامهم أن ذلك لا يوجب منع البائع من وطئها بعد الإقالة وهو ظاهر فتأمله. [وقال المتيطي بعد أن ذكر المسألة وفرضها في دار وحكم العروض والحيوان في ذلك كالعقار (¬2).] (¬3) القسم الرابع من أقسام الشروط المتعلقة بالبيع: ما يكون الشرط فيه غير صحيح إلا أنه خفيف فلم تقع له حصة من الثمن فيصح البيع ويبطل الشرط. قال في المقدمات: وذلك مثل أن يبيعه السلعة ويشترط أنه لم يأت بالثمن إلى ثلاثة أيام أو نحوها فلا بيع بينهما، ومثل الذي يبتاع الحائط بشرط البراءة من الجائحة لأن الجائحة لو أسقطها بعد وجوب البيع لم يلزمه ذلك لأنه أسقط حقاً قبل وجوبه، فلما اشترط إسقاطها في عقد البيع لم يؤثر ذلك في صحته، لأن الجائحة أمر نادر فلم يقع لشرطه حصة من الثمن، ولم يلزم الشرط إذ حكمه أن يكون غير لازم إلا بعد وجوب الرجوع للجائحة وما أشبه ذلك (¬4). أ. هـ ولنذكر من هذا النوع فروعاً: الفرع الأول الذي ذكره في المقدمات وهو أن يبيع السلعة، ويشترط له إن لم يأت بالثمن إلى أجل [كذا] (¬5) فلا بيع بينهما وفيه اضطراب كثير يظهر ذلك لمن راجع كلام أهل المذهب فيه، والذي تحصل لي من كلام المدونة وشروحها كالشيخ ¬

(¬1) في - م - وإن. (¬2) أنظر مختصر المتيطية ورقة 78 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 544. (¬5) ساقطة من - م.

أبي إسحاق التونسي، وابن يونس، واللخمي، وأبو الحسن الصغير، والرجراجي، ومن (¬1) كلام ابن بشير وصاحب التوضيح، وابن عرفة وغيرهم أن في المسألة سبعة (¬2) أقوال: الأول كراهة هذا البيع ابتداء فإن وقع صح البيع ويبطل الشرط (¬3)، وهذا مذهب المدونة، وعليه اقتصر الشيخ خليل في مختصره. قال في كتاب البيوع الفاسدة منها قال مالك: ومن اشترى سلعة على أنه إن لم ينعقد ثمنها إلى ثلاثة أيام وقال أصبغ في موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع بينهما فلا يعجبني أن يعقد (¬4) البيع على هذا، وكأنه زاده في الثمن على أنه إن إنقده إلى ذلك الأجل فهي له، وإلا فلا شيء له فهذا من الغرر والمخاطرة فإن نزل (¬5) ذلك جاز البيع وبطل الشرط، وغرم الثمن الذي اشترى به، ولكني أجعل هلاك السلعة ولو (¬6) كانت حيواناً من البائع حتى يقبضها المبتاع بخلاف البيع الصحيح يحبسها البائع بالثمن (¬7) تلك هلاكها من المبتاع بعد عقده البيه (¬8). أ. هـ القول الثاني أن مفسوخ. والقول الثالث أن البيع جائز والشرط جائز. حكى هذه الأقوال القاضي عياض في التنبيهات. القول الرابع التفصيل بين قوله إن جئتني بالثمن، [قوله إن لم تأتين بالثمن فإن قال أبيعك على إن جئتني بالثمن] (¬9) فالبيع بيني وبينك فالثمن حال كأنه رأه بيعاً ثانياً، وإنما يريد فسخه بتأخير النقد فيفسخ الشرط ويعجل النقد وأما (¬10) إذا قال إن لم تأتين بالثمن فكأنه لم ينعقد بينهما بيع إلا أن يأتيه بالثمن فلا يجبر على النقد إلا إلى ¬

(¬1) في - م - من كلام. (¬2) في - م - ثلاثة بدل سبعة. (¬3) أنظر المدونة جـ 9 ص 166. (¬4) في - م - يعقد. (¬5) عبارة - م - ترك. (¬6) في - م - وإن (¬7) في - م - للثمن. (¬8) أنظر المدونة جـ 9 ص 166. (¬9) ساقطة من - م. (¬10) عبارة (م) وإذا

أجل. حكاه في التنبيهات عن الدمياطي، وحكى الأقوال الأربعة (¬1) صاحب التوضيح، والرجراجي في شرح المدونة. القول الخامس أنه يوقف المشتري فإن نقد مضى البيع، وإلا رد حكاه في التنبيهات [أيضاً] (¬2)، وحكاه ابن عرفة. القول السادس أن ذلك جائز فيما لا يسرع إليه التغيير كالربع (¬3) وما أشبهه، ويكره فيما يسرع إليه التغيير حكاه ابن بشير في كتاب التنبيه. القول السابع أنه إن كان الأجل بعيد كشهر فحكمه حكم البيع الفاسد حكاه في التنبيهات عن أبي لبابة عن ابن القاسم، ومفهومه أنه إذا كان الأجل أقل من ذلك لايكون كالبيع الفاسد، وسيأتي لفظ التنبيهات، وقال اللخمي إن دخلا على أن المبيع على ملك البائع فإن أتى بالثمن إلى ذلك الأجل أخذها كان كبيع الخيار يجوز فيه [عند الأجل] (¬4) ما يجوز في بيع الخيار، ويفترق فيه أمد السلعة من أمد الدار، ومصيبته قبل القبض وبعده من البائع، وإن دخلا على أنه مشتري فإن لم يأت بالثمن أخذ المبيع عن الثمن كان شرطاً فاسداً، واختلف في الشرط الفاسد فقيل البيع فاسد، وقيل جائز والشرط باطل، وقيل إن أسقطه جاز وإن تمسك به فسخ وهو أحسنها. أ. هـ تنبيهات الأول: فإذا (¬5) فرعنا على مذهب المدونة من جواز البيع بعد الوقوع وبطلان الشرط، فاختلف هل يجبر المشتري على نقد الثمن في الحال، أو لا شيء عليه حتى يحل الأجل. قال في التنبيهات والأول (¬6) ظاهر المدونة وحملها أكثرهم على الثاني، وحكى القولين الرجراجي في شرح المدونة وابن ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 77 ظهر - مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم (12256) (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) الربع: الدار بعينها حيث كانت كما في الصحاح، وأنشد الصاغاني لزهير بن أبي سلمى: فلما عرفت الدار قلت لربعها ... إلا أنعم صباحاً أيها الربع وأسلم أنظر تاج العروس جـ 5 ص 337. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) في - م - إذا. (¬6) في - م - أول.

عرفة وزاد ابن عرفة ثالثاً بالفرق بين قوله إن ججئتني بالثمن وإلا فلا بيع بيننا فيجبر على التعجيل، وقوله أم لم تأتين فيؤخر للأجل، وعزاه للدمياطية وهو (¬1) القول الرابع الذي ذكرناه في أصل المسألة جعله ابن عرفة مفرعاً على مذهب المدونة، وحكاه الرجراجي في أصل المسألة، وكلام التنبيهات محتمل للأمرين، والظاهر ما قاله ابن عرفة، قال اللخمي: واختلف بعد القول ان الشرط باطل هل يبقى البيع إلى أجله لأن الفساد ليس في الأج، أو يوقف الآن فإن أمضيا (¬2) البيع ودفع الثمن وإلا أفسخ (¬3)، وأرى أن يبقى البيع إلى أجله لأن الفساد ليس في الأجل، وإنما الفساد في قوله إن لم تأتين بالثمن آخذ السلعة. أ. هـ قلت: وهذا القول الثاني في كلام اللخمي هو القول الخامس الذي حكيناه في أصل المسألة، وكذلك حكاه ابن عرفة في أصل المسألة وهو الظاهر، وعلى ما قاله اللخمي فيتحصل في التفريع على مذهب المدونة أربعة أقوال أكثر الشيوخ على القول الثاني. أنه لا يجبر على النقد حتى يحل الأجل، وهو اختيار اللخمي، وعلى القول بفساد البيع فحكمه حكم البيع الفاسد، وعلى القول بأن البيع جائز والشرط جائز فحكمه حكم بيع الخيار، ويجوز فيه من الأجل ما يجوز في بيع الخيار في مثل تلك السلعة قاله الرجراجي. الثاني: وقع في عبارة الشيخ خليل في مختصره، وفي عبارة غيره في فرض المسألة أن البيع وقع على أنه إن لم يأت بالثمن إلى أجل كذا من غير بيان للأجل، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الأجل القريب والبعيد، وتقدم في كلام المدونة أن ذلك إلى ثلاثة أيام. قال وفي [موضع آخر] (¬4) إلى عشرة أيام، وقال في التنبيهات في الكتاب إلى يوم أو يومين أو عشرة أيام. قال كذا عندي، ¬

(¬1) في - م - وهذا. (¬2) في - م - أمضى. (¬3) في - م - فسخ. (¬4) ساقطة من الأصل.

وكذا في أصل شيوخه رواية يحيى بن عمر (¬1) ذكرها عنه ابن لبابة، وسقطت لفظة عشرة أيام من رواية غير يحيى وعند بعضهم أو أيام يسيرة مكانها، وفي كتاب محمد إن لم يأت بالثمن إلى شهر فلا بيع بينهما قال أما الدور والرباع فلا بأس به، وأما الحيوان فأكرهه لأنه يحول، وشرط ذلك في العروض باطل والبيع نافذ، وسوى ابن القاسم بين العروض وغيرها وأبطل الشرط وكرهه (¬2) مالك في الجميع قال ابن لبابة: وجدت لابن القاسم إذا كان إلى شهر أن سبيله سبيل البيع الفاسد. أ. هـ والظاهر على مذهب المدونة أنه لا فرق بين طول الأجل وقصره. والله تعالى أعلم. الثالث: تقدم في كلام المدونة أن ضمان المبيع في هذه المسألة من البائع، ولو كان مما [لا] (¬3) يغاب عليه كالحيوان حتى يقبضه المشتري. قال الشيخ أبو الحسن: قال الشيوخ هذه المسألة من مغربات المسائل جعل حمه قبل القبض حكم البيع الفاسد، وبعد القبض حكم البيع الصحيح لأنه أمضاه بالثمن، والصحيح أن هذا البيع عنده مكروه. أ. هـ وقال المشذالي في حاشيته على المدونة قال الشيخ أبو الحسن: وقوله لأن ذلك من الغرر والمخاطرة إنما يرجع لما علله به، وهو قوله كأنه زاده في الثمن إن لو كان ذلك حقيقة. أ. هـ ¬

(¬1) هو أبو زكريا يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الأندلسي القيرواني الإمام المبرز العابد الثقة الزاهد الفقيه الحافظ المحاب الدعوة سمع من سحنون وبه تفقه، والحارث بن مسكين، والبرقي والدمياطي وأصبغ بن الفرج وغيرهم من أهل إفريقيا والمشرق. كانت الرحلة إليه وبه تفقه خلق منهم أخوة محمد، وابن اللباد، وأبو العرب، وأحمد بن خالد. مصنفاته نحو الأربعين منها اختصاره المستخرجة، وكتاب في أصول السنن وكتاب رد فيه على الشافعي وغير ذلك كثير. مولده بالأندلس سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومائتين بسوسة، وقبره قرب باب البحر. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 73. (¬2) في - م - وكرره هكذا صححت بهامش - م -. (¬3) ساقطة من الأصل.

الفرع الثاني

الفرع الثاني إذا باع الحائط وشرط في عقد البيع أن الجائحة على المشتري فالبيع جائز والشرط باطل، وتلزم الجائحة البائع إذا نزلت وهذا الفرع هو المسألة الثانية في كلام المقدمات السابق، وأصل المسألة في رسم باع [غلاما] (¬1) من سماع ابن القاسم من كتاب المساقاة والجوائح، وتكلم عليها ابن رشد بنحو ما تقدم في كلامه في المقدمات ولم يزد، وذكر اللخمي المسألة في كتاب الجوائح، وعزا هذا القول لرواية محمد، وزاد بعده وفي السليمانية البيع فاسد قال وقال ابن شهاب (¬2) البيع جائز والشرط جائز ورأى أن يخير البائع بين أن يسقط شرطه وتكون المصيبة منه، أو يرد البيع ويكون له بعد الفوات الأكثر من القيمة أو الثمن، وإنما لم يصح الشرط لأن ما تنتقل إليه الثمرة من حلاوة ونضج مشتري، وإنما اشترى الثمرة على أنها على تلك الصفة فإشتراط الجائحة بمنزلة من اشترط أن يأخذ ثمن ما لم يكن بعد. أ. هـ. ونقل ابن عرفة ما في سماع ابن القاسم من الكلام على الجوائح (¬3) وكلام اللخمي، وذكر في التوضيح هذه المسألة والتي قبلها والخمس التي بعدها لما تكلم على أن لفظ العبد يتناول ثياب مهنته، وذكر أن المتيطي وغيره ذكر ستة مسائل قال مالك فيها بصحة البيع وبطلان الشرط، وذكر الستة الأولى ثم ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني، ويعرف بابن شهاب والزهري، وهو أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام. روى عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس وغيرهم، وروى عنه أبو الزبير المكي، والأوزاعي، ومالك، وابن عيينة وأحاديثة ألفا حديث ومائتا حديث، وكان الزهري ثقة كثير الحديث والعلم والرواية. فقيهاً جامعاً، وقد اختبر علمه وحفظه هشام بن عبد الملك فرأى ما أبهره من متانة حفظه. ولمالك عنه في الموطأ رواية يحيى مائة واثنان وثلاثون حديثاً منها اثنان وتسعون مسندة، وسائرها منقطعة ومرسلة. ولد في السنة التي توفيت فيها عائشة رضي الله عنها وهي سنة ثمان وخمسين، وتوفي رحمه الله سنة خمس وعشرين ومائة. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 46. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 2 ورقة 235 ظهر وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

أضاف إليها السابعة، لكنه لما ذكر في مسألة الجائحة القول الأول قال بعده خلافاً لما في السليمانية أنه يوفى له بالشرط هكذا نقل ابن عبد السلام، ونقل اللخمي عن السليمانية أن البيع فاسد قال وقال ابن شهاب [أن] (¬1) البيع جائز والشرط جائز (¬2). أ. هـ ولم يذكر ابن عبد السلام النظائر، وإنما استطرد مسألة الجائحة في شرح (¬3) قول ابن الحاجب، ويلزم البائع ما بقي فيتحصل في هذه المسألة أربعة أقوال: الأول: صحة البيع وبطلان الشرط، وهو قول مالك في كتاب المواز وفي سماع ابن القاسم، وعليه اقتصر ابن رشد في البيان والمقدمات، وعليه اقتصر الشيخ خليل في مختصره. الثاني: ما في السليمانية أن البيع فاسد على ما نقله اللخمي. والثالث: أن البيع جائز والشرط جائز، وهو الذي في السليمانية على ما نقله ابن عبد السلام، وهو قول ابن شهاب. والرابع اختيار اللخمي فيكون هذا الشرط من القسم [الثاني] (¬4) من أقسام الشروط في البيع وظاهر كلام المتيطي أن القول الأول لمالك في المدونة [فإنه] (¬5) لما تكلم على بيع الجارية بشرط أنها عريانة في آخر الكلام على المواضعة. قال وهذه المسألة من الست مسائل التي ذكر فيها مالك في المدونة أن البيع جائزوالشرط باطل ثم ذكرها، وأما المسألة [الأولى] (¬6) فقد تقدم كلام (¬7) المدونة فيها، وأما هذه المسألة فلم أر من عزاها للمدونة، ولعل لفظ المدونة زائد في النسخة التي وقفت عليها المتيطية فاني لم أراه في مختصرها لأبن هارون (¬8) ولم يذكره الشيخ خليل عنه في التوضيح والله تعالي أعلم. ¬

(¬1) ساقطة من الأصل. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 77 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) في - م - شرط وهو تصحيف ظاهر. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) عبارة - م الكلام فيها. (¬8) هو أبو عبدالله محمد بن هارون الكناني التونسي الإمام في الفقه وأصوله، وعلم الكلام وفصوله الملامة المتفنن المؤلف المتقن، وصفه ابن عرفة ببلوغ درجة الإجتهاد المذهبي، أخذ عن جلة منهم أبو عبدالله بن هارون الأندلسي، وعنه جلة منهم ابن عرفة، وبن مرزوق الجد. له مؤلفات مهمة منها شرح مختصر ابن الحاجب الأصلي، ومختصره الفرعي، وشرح المعالم الفقهية، وشرح التهذيب في أسفار عديدة ومختصره، وشرح الحاصل، وله مختصر المتيطية أسقط منها نحو الثلثين .. ولد سنة ثمانين وستمائة، ونال لقب المفتي في سنة 746هجرية، وبقي مفتياً إلي أن مات في عام خمسين وسبعملئة هو وزوجته في يوم واحد وحفر لهما قيران متدانيان وحضر لدفنهما السلطان أبو الحسن المريني. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 211، وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية ص 88.

الفرع الثالث

الفرع الثالث من إشترى أرضاً وفيها زرع أخضر على أن الزكاة على البائع (¬1) هكذا ذكر المسألة في التوضيح لما ذكر النظائر التي ذكر عن المتيطي وغيره أن مالكاً قال فيها بصحة البيع وبطلان الشرط، والذي في المتيطية ومختصرها لابن هارون مانصه: الثانية من باع علي أن لازكاة عليه (¬2).وهو مشكل كما سيأتي بيانه. قال في كتاب الزكاة من المدونة: ومن باع أرضه بزرعها وقد طاب [زرعها] (¬3) فزكاته على البائع، وإن كان الزرع أخضر فاشترطه المبتاع فزكاته على المشتري (¬4). قال ابن يونس قال في المستخرجة: فإن اشترطالمشترى زكاته على البئع لم يجز لأنه غرر إذ لا يعلم مقداره. أ. هـ. ونقله أبو الحسن، وما نقله عن المستخرجة هو في رسم القرية من سملع عيسى من كتاب زكاة الحبوب. قال ابن القاسم: في رجل باع أرضاً وفيها زرع لم يطب فاشترط المشترى لبزكاة على البائع قبل أن يطيب الزرع أو قد طاب. قال مالك هو على المشتري، ولا يجوز أن يشترط الزكاة قبل [أن يطيب الزرع فإذا طاب الزرع فهى على البائع إلا (¬5)] أن يشترطها على المشتري. قال ابن رشد: هذه مسألة صحيحة، إما إذا إشترى الأرض وفيها ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 77 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) أنظر إختصار المتيطية ورقة 105 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. (¬3) ساقطة في الأصل. (¬4) أنظر المدونة جـ 2 ص 345، 346. (¬5) ما بين القوسين ساقطة من - م -.

زرع لم يطب فاشترطه فالبيع جائز والزكاة عليه، فإن اشترط الزكاة على البائع فسد البيع لأنه اشترط عليه مجهول لايعلم قدره ولا مبلغه، واما إذا طاب الزرع فاشترى الأرض بزرعها فالزكاة على البائع فإن إشترطها على المشترى فذلك أجوز للبيع إذ قد قيل أنه إذا باع جميع الزرع، ولم يشترط جزء الزكاة فسد البيع لأنه باع ما ليس له وهو مذهب الشافعي (¬1). (¬2) أ. هـ واقتصر صاحب النوادر وصاحب الطراز على نقل مافي المتبية، وظاهر كلامهم، وكلام ابن يونس، وأبي الحسن أن البيع يفسد بذلك كما صرح ابن رشد بذلك، ولم أر من صرح بصحة البيع وبطلان الشرط إلا المصنف في التوضيح، وأما كلام المتيطية ومختصرها فمشكل لأنه يقتضي أن البائع هو المشترط (¬3) الزكاة على المشتري، واشتراط البائع لذلك على المشترى صحيح على كل حال، لأنه إذا كان الزرع قد طاب فالزكاة على البائع وقد تقدم نص ابن القاسم على أنه يجوز أن يشترطها على المشترى وقال ابن رشد أن ذلك ¬

(¬1) أنظر البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 185 ظهر وكذلك الورقة 180 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10610. (¬2) هو محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي الشافعي، وأمة أسدية، الإمام البعيد الصيت والذكر الجليل القدر العلامة الحافظ الحجة النظار المتفق على جلالته وفضله وعلمه، شهرته في أقطار الأرض تغنيعن التعريف به، وترجمته واسعة أفردت بالتأليف. روى عن مالك، ومسلم بن خالد، وفضل بن عياض وعمه محمد بن شافع وغيرهم، وروي عنه أحمد بن حنبل والمزني، وأبو ثور، والزعفراني ومحمد بن عبدالحكم، وغيرهم من الأتباع كثير جداً وانتشر مذهبه إنتشار مذهب أبي حنيفة، ومن دعائه اللهم يالطيف أسألك اللطف فيما جرت به المقادير، وهو مشهور بين العلماء بالإيجابة .. ولد بالشام بغزة وقيل باليمن سنة خمسين ومائة، وحمل إلى مكة وهو إبن سنتين فنشاً بها، وتردد بالحجاز والعراق وغيرهما ثم قدم مصر فاستوطنها. وكانت وفاته بمصر يوم الخميس وقيل يوم الجمعة سنة أربع ومائتين ودفنه بنو عبد الحكم في مقابرهم، وصلى عليه أمير مصر. أنظر ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى جـ 1 ص 192 وما بعدها والديباجج2 ص 156 وما بعدها، وترتيب المدارك جـ 3 ص 174 وما بعده. ومرآة الجنان جـ 2 ص 13، 14 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 28. (¬3) في- م - مشترط.

الفرع الرابع

أجوز للبيع، وصرح بالجواز إشتراط ذلك غير واحد، وإن (¬1) كان الزرع لم يطب فالزكاة على المشتري، ولو لم يشترطها البائع فاشتراطها [عليه] (¬2) صحيح لأنه من الشروط التى يقتضيها العقد فتأمله وقد مشي الشيخ خليل في مختصره على ما قاله في توضيحه، وتقدمت النصوص بخلاف ذلك والله تعالي أعلم: الفرع الرابع إذا شرط في عقدة البيع في الأمة التى تجب فيها المواضعة (¬3) أن لا مواضعة فيها فمذهب المدونة أن البيع صحيح ويبطل الشرط. قال في كتاب الإستبراء (¬4) من المدونة: وأكره ترك المواضعة وأئتمان البائع (¬5) على الإستبراء فأن فعلاً أجزأهما أن قبضها على الأمانة، وهى من البائع حتى تدخلا في أول دمها فإن قبضها على شرط الحيازة وسقوط المواضعة كالوخش (¬6) أو لم يشترط إستبراء في المواضعة، وجهلا وجه المواضعة فقبضها كالوخش، ولم يتبرأ البائع من الحمل لم يفسد البيع وألزمتها حكم المواضعة. قال الشيخ أبو الحسن الصغير إذا اشترطا إسقاط المواضعة، أو وقع الأمر مبهماً، ولم يشترطا إسقاطهما ولا وجوبها عمداً أو جهلاً، ولم يتبرأ البائع من الحمل فالبيع صحيح على مذهب الكتاب (¬7)، ويلزمهما حكم المواضعة. وفي كتاب محمد أن البيع فاسد إذا ¬

(¬1) في- م - إن بإسقاط الواو. (¬2) ساقطة في الأصل. (¬3) المواضعة الراهنة وهى مجاز ومنه الحديث ئجئت لا واضعك الرهان والمواضعة متاركة البيع، والموافقة في الأمر على الشئ تناظير فيه ويقال هلم أواضعك الرأى أى أطلعك على رأيى وتطلعنى على رأيك وقال أبو سعيد استوضع منه أي أستحط. أنظر تاج العروس جـ 5 ص 544. (¬4) أنظر المدونة جـ 6 ص 131. (¬5) في- م - المبتاع. (¬6) الوخش الردئ من كل شئ وقال الليث الوخش رذال الناس وساقطهم يقال رجل وخش وإمرأة وخش وقول وخش. أنظر تاج العروس جـ 4 ص 364. (¬7) يعنى على مذهب المدونة.

إشترطا ترك المواضعة الشيخ فعلى هذا إذا أبهما يكون (¬1) البيع صحيحاً فيتفقان في هذا (¬2). أ. هـ وحكى ابن عرفة فيما إذا شرطا ترك المواضعة خمسة أقوال فذكر القولين السابقين مذهب المدونة، وما في كتاب محمد، والقول الثالث صحة البيع ولزوم الشرط، وعزاه لإبن عبد الحكم، وهكذا ذكره ابن رشد في المقدمات، والقول الرابع إذا (¬3) شرط مع ذلك نقد الثمن بطل البيع وإلا فلا، وعزاه لابن حبيب (¬4)، والخامس أن تمسك البائع يشرطه بطل البيع وإلا فلا وعزاه للخص ,وهذا الخلاف إذا ترك شرط المواضعة، وإما إذا وقع الأمر مبهماً، ولم يشترطا إسقاط المواضعة ولا وجوبها، فالبيع صحيح بإتفاق ويلزمها حكم المواضعة (¬5) 60. هـ تنبيهات الأول: إذا وقع البيع بشرط ترك المواضعة أو مبهماً فلا يضر فيه إشتراط النقد، ويقضي بالمواضعة، وينزع الثمن من البئع على مذهب المدونة، كما يفهم من كلام ابن عرفة حيث جعل القول بالتفصيل بين إشتراط نقد الثمن وعدم نقده (¬6) مقابلاً لمذهب المدونة، وعزاه لابن حبيب وهذا بخلاف ما إذا وقع البيع بشرط المواضعة فإن إشتراط النقد يفسده حينئذ، والفرق بينهما أنهما إذا شرطا المواضعة، شرطا البائع النقد فقد دخلا على الغرر لأنه تارة يصير ثمناً وتارة [يصير] (¬7) سلفاً بخلاف ما إذا شرطا ترك المواضعة فلم يدخلا على الغرر بل على أنه ثمن. قال ابن يونس: قال أصبغ ما بيع على المواضعة، أو على ¬

(¬1) في- م - كان. (¬2) أنظر المقدمات جـ 4 ص 609. (¬3) في- م إن. (¬4) في- م - لابن الحاجب. (¬5) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهى جـ 2 ورقة 175 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬6) في- م - إشتراطه. (¬7) ساقطة من- م -.

معرفة المواضعة والإستبراء فإن شرط النقد يفسد البيع إلا أن يتطوع به بعد العقد فيجوز مايقع على البت ممن لايعرف المواضعة مثل بيع أهل مصر (¬1) ومن لايعرفها من البلدان يتبايعون على النقد، ولا يشترطون نقداً ولا مواضعة فهو بيع لازم ولا يفسخ، ويقضى عليهما بالمواضعة. قال مالك في العتبية ولوأنصرف بها المبتاع، وغاب عليها رد (¬2) على المواضعة ولا حجة للمبتاع بغيبته عليها وهو قد أئتمنه عليها (¬3). أ. هـ وقال ابن عرفة: وشرط نقد المواضعة في عقد بيعها [فيها] (¬4) يفسده وطوعه بعد جائز في بيعه بتاً وبخيار مذكور في كتاب الخيار، وروى محمد بيسع من لا يعرف المواضعة كمصر (¬5) يبيعون على النقد ولا يشترطون نقداً ولا مواضعة صحيح ويقضى بها، وينزع الثمن من البائع أن طلبه المبتاع قال ابن عرفة: قلت وأن لم يطلبه لقول محمد لا يوقف بيد البائع ولو طبع عليه، وفرق بينه وبين رهن ما لا يعرف بعينه مطبوعاً عليه بأنه في المواضعة عين حقه. أ. هـ ... قلت: وقوله في الرواية ولا يشترطون نقداً ولا مواضعة معناه لا يدخلون على المواضعة، ويشترطون تعجيل النقد، وقول ابن عرفة ينزع الثمن وإن لن يطلبه المبتاع ليس بظاهر لجواز التطوع بالنقد في بيع المواضعة. ... الثانى: قوله في المدونة ولم يتبرأ البائع من الحمل يريد وإما أن تبرأ من الحمل فإن كان الحمل ظاهراً فلا مواضعة، وإما أن [كان] (¬6) خفيفاً (¬7) فشرط ¬

(¬1) المصريون يشاربهم على ابن القاسم وأشهب، وابن وهب، وأصبغ بن الفرج وابن عبد الحكم ونظرائهم (¬2) في- م - ردت وهو تصحيف. (¬3) أنظر جامع ابن يونس على المدونة جـ 1 ورقة 97 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12932. (¬4) ساقطة من- م -. (¬5) في- م - كأهل مصر. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في- م - خفياً وهو الصواب.

البراءة منه يفسد البيع في العلية التي تحتاج للمواضعة (¬1) على المشهور للغرر، وقيل يصح البيع ويبطل الشرط قاله في كتاب ابن المواز، وقيل البيع والشرط جائزان حكاه (¬2) ابن عبد الحكم. نقل هذه الأقوال الثلاثة ابن رشد، وأبو الحسن وغيرهما في كتاب الإستبراء. ... الثالث: إذا أسقط المشترى المواضعة بعد العقد صحذلك ولو كره البائع على مذهب المدونة خلافاً لسحنون. قال في كتاب الإستبراء من المدونة: وللمبتاع قبولها في المواضعة قبل محيضها على الرضا بالحمل أن كان بها، ولا يجوز ذلك في أصل التبايع، وله أن يزوجها مكانه قبل أن يستبرأها كما كان للبائع، ويحل للزوج وطأها مكانها (¬3). أ. هـ وقال في المقدمات إذا أراد المبتاع بعد أن إشترى على المواضعة وصح عقد البيع ترك المواضعة، ويرضي بالأمة وإن كانت حاملاً كان ذلك له عند ابن القاسم، وإن كره البائع، وقال سحنون لا يجوز ووجه قوله أنه أسقط الضمان على (¬4) البائع على أن يتعجل خدمة الجارية ويدخله سلف جر نفعاً لأنه عجل له النقد بما تعجل من خدمة الجارية (¬5). ... وقال ابن عرفة: وفي صحة غسقاطها بعد العقد قولان لها وللشيخ عن ابن عبدوس قائلاً [حتى] (¬6) كأنه أسقط ضمانها عن البائع لما تعجل من خدمتها وكذا أن طاعما مما بذلك كأنه عجعل له الثمن لما (¬7) تعجل من نفعها فهو سلف ¬

(¬1) في- م - إلى مواضعة. (¬2) في - م - قاله. (¬3) أنظر المدونة جـ 6 ص 135. (¬4) في - م - عن. (¬5) أنظر المقدمات الممهدات جـ 2 ص 609، 610. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) في - م - بما.

الفرع الخامس

ينفع، وذكره ابن رشد كأنه من عنده قال ويدخله (¬1) أبتياع الضمان (¬2). أ. هـ الفرع الخامس إذا باع الأمة العلية (¬3) بشرط البراءة من الحمل الخفي، وقد تقدم الكلام عليها في المسألة الرابعة، وأن المشهور أن البيع يفسد بذلك، والله تعالى أعلم. الفرع السادس إذا كانت المادة جارية بالبيع على المهدة (¬4) فاشترط البائع في عقده البيع إسقاطها عنه فقيل يصح البيع ويوفي [له] (¬5) بالشرط، ولا عهدة عليه وقيل يسقط [الشرط] (¬6) ولا يوفي [له] (¬7) به حكي القولين اللخمي في تبصرتة واختار الأول، وخرج ثالثاً بفساد البيع لفساد الشرط، ورد المازري التخريج بأن ذلك في الشرط المتفق على فساده، وأما المختلف فيه إختلافاً مشهوراً فلا يوجب فساداً لأن الخلاف المشهور تحسن (¬8) مراعاته، وأما أن شد وضعف فتسقط مراعاته. وحكي ابن عرفة الأقوال الثلاثة عن اللخمي لكنه لم ينبه على إختياره للقول ¬

(¬1) في - م - فيدخله. (¬2) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهى جـ 2 ورقة 176 وما بعدها مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬3) العلية بالضم: علو المرتبة والرفعة والشرف، ويقال إنقطاع الدم انظر تاج العروس جـ 10 ص 250، والرائد ص 1044. (¬4) العهدة الرجعة، ومنه تقول لاعهدة لي أي لارجعة، وفي حديث ععقبة ابن عامر عهدة الرقيق ثلاثة أيام هو أن يشتري الرقيق ولا يشترط البائع البراءة من العيب فما أصاب المشترى من عيب في الأيام الثلاثة فهو من مال البائع، ويرد إن شاء بلا بينة فإن وجد به عيباً بعد الثلاثة فلا يرد إلا ببينة. وقيل العهد والعهدة بمعنى واحد تقول برأت إليك من عهدة هذا العبد أي مما يدركك فيه من عيب كان معهوداً فيه عندي، ويقال عهدته على فلان أي ما أدرك فيه من درك أي عيب فصلاحه عليه، ويقال استعهد من صاحبه إذا وصاه واشترط عليه وكتب عليه عهدة وهومن باب العهد والعهدة لأن الشرط عهد في الحقيقة أنظر تاج العروس جـ 2 ص 443. (¬5) ساقطة من - م -. (¬6) ساقطة من - م -. (¬7) ساقطة في الأصل. (¬8) في - م - تحصيل وهو تصحيف ظاهرة.

الفرع السابع

الأول، وذكر الشيخ خليل في التوضيح في الكلام على العهدة أنه وقع في بعض النسخ ابن الحاجب بعد قوله وللمشتري إسقاطها بعد العقد مانصه: وللبائع قبله كعيب غيره قال وعليهما تكلم ابن رشد فقال يعني وللبائع إسقاط المهدة قبل العقد كما له أن يتبرأ من عيوب سائر الرقيق (¬1). أ. هـ. ولم يذكر هنا [غير هذا الكلام] (¬2) ثم ثم ذكر في شرح قول ابن الحاجب والعبد يشمل ثياب مهنته النظائر التى يصح فيها البيع ولا يوفي بالشرط عن المتيطي وغيره، وذكر من جملتها هذه المسألة، ولم يذكر فيها خلافاً أيضاً، ولا نبه على أن هذا مخالف لما تقدم، واختصر على هذا القول في مختصره وقد ذكر المتيطي في الكلام على العهدة الخلاف الذي ذكره اللخمي، واقتصر في آخر كلامه على المواضعة لما ذكر النظائر على القول بصحة البيع وسقوط الشرط، وذكر صاحب الشامل في الكلام على العهدة القولين وصدر بالقول الأول، وأنه يوفي بالشرط، وعطف الثاني بقيل ثم لما ذكر النظائر إقتصر على القول الثاني الذي إقتصر عليه الشيخ خليل في مختصره، والحاصل إن كلاً من القولين قوي جداً مرجح، وأما الثالث فضعيف بل أنما هو تخريج فقط، وإلا ظهر من القولين الأولين ما إقتصر عليه الشيخ خليل في مختصره لأنه من باب إسقاط الحق قبل وجوبه. الفرع السابع إذا بيع العبد أو الأمة فإن ثياب المهنة تدخل تبعاً، ولا يدخل معها ما كان للزينة فإن اشترط البائع ثياب المهنة، وأنه يبيع العبد عرياناً والأمة (¬3) عريانة فهل يوفي له بالشرط، وهو قول عيسي ورواية عن ابن القاسم في المدونة وصححه ابن رشد في سماع أشهب من كتاب العتق (¬4) من العتبية، وفي (¬5) أول ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 7 ورقة 77 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - والجارية. (¬4) في - م - العيوب. (¬5) في - م - ففي.

رسم من سماع ابن القاسم من جامع البيوع، وذكر أنه مضت به الفتوي، أو يصح البيع ويبطل الشرط وهكذا الذي رواه أشهب عن مالك في كتاب العيوب من العتبية. [قال ابن مغيث (¬1) في وثائقه وبه مضت الفتوي (¬2)] عن الشيوخ (¬3) وذكر القولين الشيخ خليل في توضيحه ومختصره، وابن عرفة. فرع إذا باع الجارية وعليها ثياب للزينة، وأخذها فهي للبائع. قال ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع: ويلزم البائع أن يكسوها كسوة تصلح لمثلها للبدلة (¬4)، وقيل لايجب (¬5) ذلك عليه إذا لم يشترطه المبتاع فإن اشترطه المبتاع لزم البائع (¬6). أ. هـ ... ونقله ابن عرفة وقبله. فرع ... قال في سماع أشهب المتقدم لو باع الجارية على أن ينزع ما عليها ولا يكون لها إلا ثوبان خلقان (¬7) في المنزل فجاء بهما فإذا هما لا يواريانها فليس ¬

(¬1) هو القاضي أبو وليد يونس عبدالله بن محمد بن مغيث يعرف بابن الصفار أو القصار على خلاف في الرواية قرطبي. الإمام العالم الصالح الفقيه الحافظ النظار سمع أبو زرب، وابن أبي زمنين، وابن أبي العرب وغيرهم، وسمع منه جماعة منهم أبو الوليد الباجي، وابن عتاب، وابن عبدالبر. ألف كتاب الموعب في تفسير الموطأ، وجمع مسائل ابن زرب، وكتاب الإبتهاج بمحبة الله تعالي، وكتاب التهجد وفضائل المبتهجين، وكتاب التفسير، وفهرست، وغير ذلك. مما هو كثير في التصوف وغيره. توفي في رجب سنة تسع وعشرين وأربعمائة وقد ناف عن التسعين. أنظرترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 113، 114، والديباج جـ 2 ص 354، 355. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬3) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 77 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬4) البدلة بالكسر: وهو الثوب الخلق. أنظر تاج العروس جـ 7 ص 224. (¬5) في - م - لايجوز. (¬6) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 221 ظهر. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬7) خلق الثوب أي بلى. أنظر تاج العروس جـ 6 ص 336.

الفرع الثامن

له ذلك ولو إشترطه، والبيع (¬1) لازم، ويلزمه (¬2) أن يعطيها ثوباً يواريها فأما ثوبان لا يواريانها فلا. وأرى أن يعطيها أزاراً قيل فالقميص قال لا بل أزاراً أو ثوباً قال ابن رشد النظر وقياس المذهب فساد هذا البيع لأن اخلاق الثياب يختلف ولو وصفها له لم يجز إلا على إختلاف لأنهما حاضران بالبلد (¬3). أ- هـ باختصار ابن عرفة. الفرع الثامن إذا اشترط المشتري ما لا غرض فيه ولا مالية كما لو شرط (¬4) أنه أمى فيجده كاتباً، أو أنه جاهلاً فيجده عالماً ولا غرض له في ذلك فالعروف من المذهب أن الشرط يلغى، ومقابله أنه يوفي به. قال في التوضيح ومقابل المعروف ذكره صاحب البيان، وإن زرقون فلا إلتفات على قول ابن بشير لا أعلم فيه خلافاً، وقد يجرى الخلاف فيه على وجوب الوفاء بشرط ما لا يفيد (¬5). أ. هـ ذكره في أول الكلام على خيار النقيصة. قال ابن عرفة ما لا ينقص (¬6) ولا غرض فيه بوجه لغو، وتخريج ابن بشير إيجابة الخيار من الخلاف في لزوم الوفاء به تخريج للشئ على نفسه والخلاف فيه منصوص (¬7). أ. هـ والمسالة في رسم الجواب من سماع عيسى من جامع البيوع. ¬

(¬1) في- م - في البيع هكذا صححت بالهمامش. (¬2) في- م - ولزمه. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 231 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬4) في- م - اشترط. (¬5) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 68 ظهر. (¬6) في- م - ما لا يناقض وهوتصحيف ظاهر (¬7) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 171 وجه. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

الفرع التاسع

الفرع التاسع إذا اشترط البائع على المشترى في عقده البيع أنه لايرد البيع (¬1) بما يظهر فيه من العيوب القديمة، فإن البيع يصح ويبطل الشرط إلا أن يشترط البائع البراءة من العيوب التى يجهلها في الرقيق خاصة فله ذلك إذا طالت إقامته عنده. تنبيه إذا أسقط المشتري العهدة (¬2) بعد العقد لزمه ذلك كما صرح به ابن شاس، وتبعه ابن الحاجب، وابن عبد السلام والشيخ خليل في توضيحه (¬3) ومختصره، وابن عرفة، وكذلك إذا أسقط حقه في المواضعة كما تقدم عن المدونة بخلاف ماذا أسقط حقه من الجائحة بعد العقد وقبل وجودها كما تقدم في كلام ابن رشد، والفرق بينهما أن العهدة والمواضعة حقان يجبان للمشترى بالعقد فإسقاطهما بعد العقد إسقاط للحق بعد (¬4) وجوبه، بخلاف الجائحة لأنها أنما يجب الرجوع بها إذا وجد [سببها (¬5)] وهو غير محقق الوجود، وإما إذا أسقطه حقه من القيام باعيب بعد العقد وقبل ظهور العيب فقال الشيخ أبو الحسن: في كتاب الإستبراء في شرح مسألة إسقاط المواضعة بعد العقد يقوم من هنا أن من تطوع بعد عقد البيع أن لاقيام له بعيب يظهر في المبيع أنه يلزمه سواء كان مما تجوز منه البراءة أم لاتجوز منه البراءة أم لاتجوز منه البراءة، وفي كتاب ابن المواز في آخر باب البراءة من كتاب العيوب: فرق بين ما تجوز منه البراءة وما لا تجوز (¬6) ونحوه في كتاب الصلح من المدونة في مسألة الدابة إذا تبرأ من مشتريها، وقال أبو محمد ¬

(¬1) في- م - المبيع (¬2) معنى العهدة تعليق البيع بضمان البائع، والبيع فيها- يعني فيه- لازم لأخيار فيه لكنه أن سلم في مدة العهدة علم لزومه للمثبت بعيب مما، وإن اصابه نقص ثبت خيار المبتاع كعيب قديم. ابن عرفة عن الباجي جـ 2 ورقة 190 ظهر رقم الكخطوط 12147 تونس. (¬3) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 96 ظهر، 70 وجه رقم المخطوط 12256 تونس (¬4) في- م - قبل وهو تصحيف. (¬5) ما بين القوسين ساقط من- م. (¬6) في- م - يجوز.

صالح (¬1): الفرق بينهما أن مسألة الإستبراء بغير عوض، وما في الروايات في كتاب (¬2) الصلح، وكتاب ابن المواز بعوض. قال الشيخ أبو الحسن: ولا معنى لهذا الفرق لأنه لا يفرق به إلا حيث يقر بالفساد على العقد (¬3). أ. هـ ... قلت: أما مسألة كتاب الصلح فهي في أواخره، ونصها: قيل لابن القاسم فيمن باع من رجل عبداً ثم صالحه بعد العقد من كل عيب به على دارهم دفعها إليه. قال قول مالك أن المتبرئ في العقد من كل عيب بالعبد، أو مشش بالدابة لا يبرأ حتى يريه ذلك أو يبينه، وإلا لم تنفعه في ذلك البراءة ويجب للمبتاع القيام بما ظهر من العيب (¬4). أ. هـ. وأما مسالة كتاب ابن المواز فذكرها في النوادر في ترجمة بيع البراءة ونصها: ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن باع دابة ثم وضع له بعد البيع ديناراً على عيوبها فوجد عيباً فله الرد. قال أصبغ: كما لو باعها /414/ بالبراءة لم ينفعه ثم ذكر عن ابن حبيب نحو ذلك، وإنه يرد الدينار (¬5). وأما قول الشيخ أبو الحسن لامعنى للفرق الذي ذكر الشيخ أبو محمد صالح فغير ظاهر لأنه إذا أسقط حقه من القيام بالعيب بعوض فهي معاوضة مجهولة، لأن المشتري لا يدري ما الذي يظهر في السلعة المبيعة من العيوب فقد أخذ الدينار على شيء مجهول، وأما إذا أسقط ذلك بغير عوض فلا محظور في ذلك نعم إنما ينظر فيه هل هو من باب إسقاط الحق قبل وجوبه فيكون كالجائحة لا يسقط، أو إنما هو من [باب] (¬6) اسقاط الحق بعد وجوبه فيلزم، وهذا هو الظاهر فإنه (¬7) إن ¬

(¬1) هو ابو محمد صالح بن سالم الخولاني روي عن ابن وهب والشافعي، وأشهب، وكان حافظاً للفقه، وتفقه بالشافعي ثم مال إلى المالكية توفى سنة سبع وستين ومائتين .. أنظر ترجمته في ترتيب المدارك جـ 4 ص 184 (¬2) في- م - من. (¬3) في- م - قبل. (¬4) أنظر المدونة جـ 11 ص 21. (¬5) أنظر النوادر والزيادات جـ 3 ورقة 87 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5731. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في - م - لأنه.

الفرع العاشر

كان هناك عيب يوجب الرد فهو موجود غاية الأمر أن المشتري تحمله (¬1) بخلاف الجائحة فإن سببها غير موجود إلا فتأمله. فالإقالة صحيحة ويحمل كلام ابن سلمون المتقدم في المسألة الرابعة عشر من الفصل الأول على ما إذا إلتزم عدم القيام بالعيب في عقدة البيع كما يظهر ذلك من كلامه لمن تأمله، ونصه: وإذا إلتزم المشتري أن لا يقوم بعيب فلا يلزمه ذلك وله القيام به إذا وجد عيباً إلا أن يسمى له كما تقدم (¬2). أ. هـ قلت: وفي مسألة كتاب الصلح أشكال من وجه آخر حيث سوى فيها بين العبد والدابة ينظر ذلك في شرح المدونة، والمشش بميم مفتوحة ثم شينين معجمتين أولاهما مفتوحة شيء يرتفع في وظيف الدابة حتى يكون له حجم [وليس] (¬3) له صلابة العظم الصحيح، والوظيف مستدق الذراع والساق من الخيل والإبل. الفرع العاشر إذا كان لشخص على آخر دين ثم اشترى صاحب الدين من المدين سلعة بثمن من صنف الدين وبصفته فأراد صاحب الدين أن يقاصه من (¬4) ثمن سلعته بالدين الذي له فالمشهور من المذهب وجوب الحكم بالمقاصة وروى زياد (¬5) عن مالك أنه لا يحكم بها. قال ابن رشد: ومثله في كتاب الصرف من المدونة خلاف ما في النكاح الثاني، والسلم والوكالات منها، واختلف على القول المشهور بوجوب الحكم بالمقاصة إذا اشترى منه بشرط أن لا يقاصه على ثلاثة أقوال: أحدهما أن الشرط باطل ويحكم بالمقاصة، وهو قول مالك في سماع ¬

(¬1) عبارة - م - يجهله. (¬2) أنظر كتاب العقد المنظم للحكام ... على هامش كتاب تبصره الحكام جـ 1 ص 163. (¬3) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬4) في - م - في. (¬5) هو زياد بن محمد بن زياد بن عبد الرحمن الجمحي حفيد شبطون سمع من يحيى وغيره، وعنى بطلب العلم وجمعه، وكان فاضلاً ورعاً وكان مرشحاً لقضاء قرطبة وأشار الوزراء على المنذر الأمير بتوليته. توفي في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائتين. أنظر ترجمته في ترتيب المدارك جـ 4 ص 441.

أشهب من كتاب المديان (¬1)، وقيل الشرط عامل، وهو قول ابن كنانة، وابن القاسم في المدينة (¬2)، وقد تؤولت مسألة كتاب الصرف على هذا لأن الصرف لما كان على المناجزة فكأنهما شرطاً ترك المقاصة، وتعليله (¬3) يرد هذا التأويل. وقيل أن البيع فاسد إذا كان الدين حالاً لأنه إذا شرط ترك المقاصة فكأنه شرط أن يؤخره بالدين فيدخله البيع والسلف، وروى ذلك عن ابن القاسم، وقال أصبغ هو خفيف إذا لم يضرب للدين أجلاً، ولم يشترط أن لا يقتضيه (¬4) ذلك اليوم (¬5). ذكر هذا الخلاف ابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب النذور، ويشبه أن يكون قول أصبغ رابعاً فتأمله. ويظهر من كلام ابن رشد ترجيح القول [الأول] (¬6) بصحة البيع وإبطال الشرط، وكرر الكلام أيضاً في سماع أشهب من كتاب المديان والتفليس، وزاد فيه مفرعاً على القول الثاني فقال: وإذا قلنا أن البيع جائز والشرط عامل فيلزمه أن يؤخره قد ما يرى، لأن قوله لا أقاصك بمنزلة قوله أؤخرك إذ لا يكون له أن يترك مقاصته ثم يطالبه برده إليه في المجلس، كالذي يسلف الرجل سلفاً حالاً ثم يطالبه بأدائه إليه في الوقت (¬7). وذكر ابن عرفة في فصل المقاسة كلام ابن رشد في رسم العشور المذكور والله تعالى أعلم. فرع ومن هذا الباب ما إذا ابتعت سلعة بدراهم ودفعتها للبائع ثم أقالك قبل التفرق ودراهمك بيده، وشرطت عليه استرجاعها بعينها قال (¬8) الشرط ¬

(¬1) أنظر البين والتحصيل جـ 4 ورقة 109 ظهر، 110 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10613. (¬2) في - م - المدونة. (¬3) في - م - ومقابله. (¬4) في - م - تقضيه. (¬5) البيان والتحصيل جـ 1 ورقة 340 ظهر 10610. (¬6) ساقطة من - م - .. (¬7) أنظر البيان والتحصيل جـ 4 ورقة 109 ظهر، 110 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10610. (¬8) في - م - فإن.

المسألة الرابعة

لا يلزم (¬1). قاله في كتاب السلم الثاني من المدونة، ونقله في التوضيح في كتاب الصرف (¬2)، ونقل ابن يونس فيه خلافاً فانظره. المسألة الرابعة وهي على ثلاثة أقسام: 1 - قسم يفسد به القرض. 2 - وقسم لا يفسد [به] (¬3) القرض، ويلزم الوفاء به. 3 - وقسم اختلف فيه. القسم الأول كل ما جر نفعاً لغير المقترض سواء جره للمقترض، أو لغير المقرض والمقترض. قال في سماع ابن القاسم من كتاب السلم والآجال فيمن له على رجل عشرة دنانير حل أجلها فيعسر (¬4) بها فيقول [له] (¬5) رجل آخر أنا أيلفك عشرة دنانير. قال مالك إن كان الذي يعطي يكون له على الذي له الحق فلا خير فيه، وإن كان قضاء على (¬6) الذي عليه الحق وسلفاً له فلا بأس به. قال محمد بن رشد: لأنه لا يحل [له] (¬7) السلف ألا أن يريد به المسلف منفعة المتسلف لا منفعة نفسه ولا منفعة من سواه. أ. هـ بمعنى فكل شرط أدى إلى منفعة غير المتسلف فإنه يفسد به القرض كشرط ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 9 ص 72. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 56 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬3) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬4) في - م - فعسر. (¬5) ساقطة من - م -. (¬6) في - م - عن. (¬7) ساقطة من - م -.

القسم الثاني

أن يعطيه سالماً بدل عفن أو سوس، أو شرط أن يقبضه (¬1) في بلد آخر إذا كان فيه نفع للمقرض بحمل أو غيره فيفسد القرض بذلك، ويلزمه رده إن كان قائماً فإن فات رد مثل المثلى وقيمة المقوم على المشهور. القسم الثاني مالا يفسد به القرض، ويلزم الوفاء به كشرط المقرض (¬2) الرهن والحميل وكشرط المستقرض الأجل فإن اقترض إلى أجل سماه لزم بلا خلاف في المذهب وإن لم يشترط أجلاً إلى التحديد بالعادة، وليس للمقرض الرجوع قبلها على ظاهر المذهب، وعليه اقتصر ابن الحاجب، والشيخ خليل في مختصره، ولو كان الدين مؤجلاً وحل أجله، أو حالا وقال رب الدين للذي عليه أؤخرك من غير تعيين مدة التأخير لزمه التأخير قدر العادة في ذلك كما تقدم في كلام ابن رشد في الفرع العاشر إذا شرط ترك المقاصة. القسم الثالث المختلف فيه، وهو ما إذا شرط فيه ما يوجبه الحكم كما إذا شرط رد المثل. قال في الذخيرة قال سند (¬3) ومنع ابن القاسم أن يقول الرجل للرجل أقرضك هذه الحنطة على أن تعطيني مثلها، وإن كان القرض يقتضي إعطاء المثل لإظهار صورة المكايسة. قال أشهب: إن قصد بالمثل عدم الزيادة فغير مكروه، وكذلك إن لم يقصد شيئاً فإن قصد المكايسة كره ولا يفسد العقد لعدم ¬

(¬1) في - م - يقضيه. (¬2) في - م - المقترض. وهو تصحيف في الأولى والثانية. (¬3) هو أبو علي سند بن عنان بن إبراهيم الأسدي المصري الإمام الفقيه الفاضل العالم النظار العمدة الكامل، تفقه عن أبي بكر الطرطوشي وسمع منه وانتفع به، وجلس لإلقاء الدروس بعده، وروى عن أبي طاهر السلقي، وأبي الحسن بن شرف، وعنه أخذ جماعة وانتفعوا به منهم أبو الطاهر إسماعيل بن عوف. ألف الطراز كتاب حسن مفيد شرح به المدونة نحو ثلاثين سفراً، وتوفي قبل تمامه اعتمده الحطاب وأكثر من النقل عنه في شرح المختصر، وله تأليف في الجدل وغيره توفي بالإسكندرية سنة احدى وأربعين وخمسمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 125.

المسألة الخامسة في الشروط المتعلقة بالرهن والوديعة والعارية

النفع للمقرض، ونقله ابن فرحون (¬1) وقال ابن ناجي في شرح قوله في الرسالة إلا أن يقرضه قرضاً شيئاً في مثله صفة ومقداراً يؤخذ من كلامه جواز اشتراط ما يوجبه الحكم لأن الصفة والمقدار [مما] (¬2) يوجبهما الحكم وإن لم يقع الحكم (¬3) عليهما في القرض، واختلف في فساد العقد به أن وقع وشرط على ثلاثة أقوال ثالثهما المنع في الطعام فإن وقع فسخ (¬4). أ. هـ والله تعالى أعلم. ومن ذلك ما إذا إلتزم المتسلف تصديق المسلف في عدم القضاء دون يمين، وقد تقدم الكلام على ذلك في الباب الأول والله تعالى أعلم. المسألة الخامسة في الشروط المتعلقة بالرهن والوديعة والعارية أما الشروط المتعلقة بالرهن فهي أيضاً على ثلاثة أقسام: قسم يبطل به الرهن، وقسم لا يبطل به ويلزم الوفاء به، وقسم لا يبطل به الرهن ولا يلزم الوفاء به. ¬

(¬1) هو قاضي المدينة المنورة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ أبي الحسن علي بن فرحون المدني. الشيخ الإمام العمدة أحد شيوخ الإسلام وقدوة العلماء الأعلام، وخاتمة الفضلاء الكرام. كان فصيح القلم كريم الأخلاق .. أخذ عن والده وعمه، والإمام ابن عرفة وأجازه والده، وابن الحباب، وابن مرزوق الجد، وعنه ابنه أبو اليمن وغيره له شرح على مختصر ابن الحاجب الفرعي حفيل للغاية في ثمانية أسفار، وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لم يسبق لمثله وفيه من الفوائد ما هو معروف، والديباج المذهب في أعيان المذهب فيه نيف وثلاثون وستمائة نفس جمعوا من نحو عشرين مؤلفاً ودرة الغواص في محاضرة الخواص لم يسبق إلى مثله ألفه ألغازاً في الفقه ومقدمة في مصطلح ابن الحاجب، وإرشاد السالك إلى أفعال المناسك، وغير ذلك وكله نت تأليفه وهو غاية في الإجادة لإتساع علمه. عاش وهو يسكن داراً بالكراء. ولد بالمدينة بعد السبعمائة بيسير، وتوفي رحمه الله في ذي الحجة سنة تسع وتسعين وسبعمائة أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 222، وكتابه الديباج جـ 1 المقدمة والتمهيد. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) في - م - العقد. (¬4) أنظر ابن ناجي على الرسالة جـ 2 ص 156 وما بعدها.

القسم الأول

فأما القسم الأول: فكل (¬1) شرط مناف لمقتضى العقد (¬2) كشرط الراهن [أن] (¬3) الرهن يبقى بيده، أو أنه يعاد إليه، أو أنه لا يباع في الدين المرهون فيه، أو [أنه] (¬4) إن مضت مدة خرج من الرهن فأن الرهن يبطل بذلك كله فإن مات الراهن أو فلس دخل الغرماء كلهم في الرهن. القسم الثاني: وهو مالا يبطل الرهن به، ويلزم الوفاء به كشرط كون الرهن تحت يد المرتهن، أو تحت يد عدل فإن أنعقد (¬5) مبهماً فالقول قول من دعا إلى وضعه على يد عدل فإن اختلف الراهن [والمرتهن] (¬6) في الدلين فإن الحاكم ينظر في ذلك، وكذلك إن شرط المرتهن الإنتفاع بالرهن مدة معينة إذا كان الرهن في ثمن مبيع، وشرط ذلك في عقد البيع وكان الرهن مما يصح مراؤه كالدور والدواب والعبيد فإن ذلك لازم، لأنه بيع وإجارة، واجتماع البيع والإجارة جائز على المشهور، ولا (¬7) يجوزاشتراط ذلك في [عقد] (¬8) القرض ولا بعد عقد البيع لأنه إن كان ذلك بغير عوض فهو هدية مديان، وإن كان بعوض جرى ذلك على الكلام على (¬9) مبايعة المديان، وكذلك لا يجوز اشتراط منفعة الأشجار إذ لا يجوز كراؤها لأخذ ثمارها إلا أن تكون ثمرتها قد طابت فيجوز اشتراطها في ذلك العام فقط وكذلك لا يجوز اشتراط المنفعة مدة غير معينة كما لو قال له انتفع به (¬10) حتى أعطيك حقك فإن ذلك لا يجوز. [ومن الشروط اللازمة أن يشترط المرتهن أخذ غلة الرهن من دينه فيجوز ذلك في القرض ويلزم الراهن ولا يجوز ذلك في البيع إذا شرطه عقدة البيع للجهل ¬

(¬1) في الأصل - فغن الرهن. (¬2) في الأصل - الرهن. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) في - م - فإن وقع العقد. (¬6) ساقطة من الأصل. (¬7) في - م - فلا. (¬8) ما بين القوسين ساقط من - م. (¬9) في - م - في. (¬10) في - م - بها.

القسم الثالث

إذ لا يدري ما يقتضي يقل أو يكثر نص عليه في حريم البئر من المدونة] (¬1). ومن الشروط اللازمة أن يشترط المرتهن على الراهن أن الأمين يبيع الرهن عند الأجل ويوفيه حقه دون مشاورة القاضي، وسواء أذن في ذلك في عقدة الرهن أو بعده، وأما إذا اشترط المرتهن على الراهن أن يبيع الرهن وكان تحت يده فإن كان ذلك في عقد الرهن فلا يجوز، وإن كان بعده جاز القسم الثالث: وهو ما لا يبطل به الرهن، ولا يلزم الوفاء به كما إذا شرط المرتهن عدم الضمان فيما يغاب عليه، أو شرط المرتهن (¬2) على الراهن ضمان الرهن الذي لا يغاب عليه. أما الصورة الأولى وهي ما إذا شرط المرتهن عدم الضمان فيما يغاب عليه فاختلف في ذلك. فقال اللخمي قال مالك، وابن القاسم: أن شرط المرتهن أنه مصدق من غير (¬3) بينة لم ينفعه شرطه، وقال أشهب الضمان ساقط بالشرط. قال اللخمي وأرى أن يسقط الضمان مع الشرط لأنه شرط صحيح لافساد فيه فوجب الوفاء به، وهذا إذا كان الرهن شرط (¬4) في عقد البيع، وإن كان بعد تقرر الدين في الذمة كان له شرطه على كل حال لأن تطوعه بالرهن معروف منه، واسقاط الرهن (¬5) معروف ثان فأشبه العارية إذا شرط أن لا ضمان على المستعير، فإتفق ابن القاسم وأشهب أن لا ضمان عليه لأن العارية معروف، وإسقاط الضمان معروف ثان. أ. هـ ونقله ابن عرفة، ولفظه وفي لغو شرط المرتهن سقوط ضمانه، وأعماله نقل اللخمي عن ابن القاسم مع مالك وأشهب، وصوبه ثم قال وهذا إن (¬6) كان في عقد البيع والقرض، وإن كان بعدهما اعتبر (¬7) ... إلخ، ونقل في ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) عبارة - م - أو شرط الراهن على المرتهن. وهو الصواب حيث يوجد تقديم وتأخير في عبارة الأصل. (¬3) في - م - دون. (¬4) عبارة - م - مشترط. (¬5) في - م - الضمان. (¬6) في - م - إذا. (¬7) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 269 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147.

التوضيح نحو هذا عن المازري (¬1) ونصه: وقول ابن القاسم وأشهب يحسن إذا كان الرهن في عقد بيع أو سلف لأن الرهن [يكون له] (¬2) هناك حصة من الثمن في البيع، أو معناها في السلف، وأما لو كان الإشتراط في رهن تطوع به الراهن بعد عقد البيع والسلف من غير شرط فإنه هاهنا لا يحسن الخلاف لأن التطوع ها هنا بالرهن كالهبة، فإذا أضاف إلى هذا التطوع إسقاط الضمان فهو إحسان على (¬3) إحسان فلا وجه للمنع فيه ويؤكد هذا أن ابن القاسم وأشهب اتفقا على أنه يوفى له بالشرط في العارية وما ذاك إلا لأن العارية لا عوض فيها وإنما هي هبة ومعروف ونحوه للخمي (¬4) أ. هـ كلام التوضيح. وعلى قول ابن القاسم ومالك اقتصر الشيخ خليل في مختصره، ولم يذكر ما قيده به اللخمي والمازري مع أنه نقله في التوضيح، وقبله ابن عرفة [أيضاً] (¬5) كما تقدم. قلت: وظاهر المدونة خلافه قال في كتاب الرهون من المدونة (¬6): ومن ارتهن ما يغاب عليه ¬

(¬1) هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري المعروف بالإمام خاتمة العلماء المحققين والأئمة الأعلام المجتهدين الحافظ النظار كان واسع الباع في العلم والإطلاع مع ذهن ثاقب ورسوخ تام بلغ درجة الإجتهاد، وبلغ من العمر نيفا وثمانين سنة، ولم يفت بغير مشهور مذهب مالك. أخذ عن أبي الحسن اللخمي، وعبد الحميد الصائغ وغيرهما، وعنه خلق كثير منهم أبو محمد عبد السلام البرجيني وبالإجازة ابن رشد الحفيد، والقاضي عياض، وابن الحاج. له مؤلفات تدل على فضله، وتبحره في العلوم منها شرح التلقين ليس للمالكية مثله، وشرح البرهان لأبي المعالي سماه إيضاح المحصول من برهان الأصول، وكتابة الكبير التعلقة على المدونة، وكتاب الرد على الإحياء للغزالي المسمى بالكشف والأنباء على المترجم بالإحياء وغير ذلك وله فتاوى ورسائل كثيرة، وكان إماماً في الطب، وألف فيه في حكاية مشهورة فكان يفزع إليه في الطب كما يفزع إليه في الفتوى مات في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة بالمهدية، ودفن بالمنستير. أنظر ترجمته في شجرة النور الزكية جـ 1 ص 127، 128 ونوابغ المغرب العربي حيث خصصت ترجمته بتأليف مستقل. (¬2) ما بين القوسين ساقط من - م .. (¬3) في - م - إلى. (¬4) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 90 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) في - م - الرواية.

وشرط أن لا ضمان عليه فيه وأنه (¬1) مصدق لم ينفعه شرطه وضمن أن ادعى أنه ضاع (¬2). قال ابن يونس: لأن ذلك خلاف السنة. قال بعض البغداديين (¬3) لأنه شرط ينافي حكم أصل العقد فلم يصح أصله إذا شرط في الوديعة أن يضمن، وقال في النوادر ولو شرط فيما يغاب عليه أن لا يضمنه، وأن يقبل قوله فيه فقال ابن القاسم شرطه باطل وهو ضامن لأن ذلك خلاف السنة. وقال البرقي عن أشهب شرطه جائز وهو مصدق وكذلك في العارية (¬4). أ. هـ. فلم يعلل ابن القاسم بطلان الشرط إلا بأنه خلاف السنة فظاهره سواء كان الرهن في العقد أو تطوعاً كما قال الشيخ خليل، وابن الحاجب وغيرهم والله تعالى أعلم. وأما الصورة الثانية وهو (¬5) ما إذا شرط الراهن الضمان فيما لا يغاب عليه. قال في التوضيح قال في المدونة، والموازية لا يلزمه وضمانه من ربه، وقال مطرف وإن اشترط ذلك لخوف طريق ونحوه فهلكت الدابة بسبب ذلك الخوف فإنه ضامن (¬6). أ. هـ وقال ابن عرفة ولابن رشد في سماع القريتين (¬7) في تضمين الصناع: لو اشترط المعير أو الراهن ضمان مالا يغاب عليه من الحيوان فشرطه باطل من غير تفصيل قاله مالك وكل أصحابه حاشا مطرف [فإنه] (¬8) قال إن شرط لأمر ¬

(¬1) عبارة - م وإنما هو. (¬2) أنظر المدونة جـ 14 ص 9 وما بعدها. (¬3) نسبة إلى بغداد عاصمة القطر العراقي والبغداديين أو العراقيين على حد سواء فيما أعلم يشار بهم إلى القاضي إسماعيل، والقاضي أبو الحسن بن العصار، وابن الجلاب، والقاضي عبد الوهاب، والقاضي أبو الفرج والشيخ أبو بكر الأبهري ونظرائهم. (¬4) أنظر النوادر والزيادات جـ 4 ورقة 121 وجه. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 5730. (¬5) في - م - وهي. (¬6) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 90 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬7) في - م - القرويين. (¬8) ما بين القوسين ساقط من - م.

فرع حكم العارية

خافه من نهر، أو لص، أو شبه ذلك فشرطه لازم إن عطب فيما خافه، وقال أصبغ لا شيء عليه في الوجهين كقول مالك وأصحابه (¬1). أ. هـ وقال اللخمي في كتاب الرهن قال ابن القاسم إذا شرط ضمان الحيوان فإن شرطه باطل، ويجرى فيها قول آخر أنه ضامن لأن الحيوان مختلف في ضمانه فالشرط هاهنا أخذ بأحد القولين. أ. هـ فرع حكم العارية حكم العارية في الضمان حكم الرهن يضمن المستعير ما يغاب عليه، ولا يضمن ما لا يغاب عليه فإن شرط المستعير على المعير نفي الضمان فيما يغاب عليه ففي ذلك طريقان: الأولى لابن الجلاب وابن رشد وغيرهما أن شرطه باطل والضمان له لازم، وقال ابن الجلاب في كتابه العارية ومن استعار ما يغاب عليه على أنه لا ضمان عليه فالشرط باطل وهو ضامن (¬2). أ. هـ قال ابن رشد في كتاب العارية من المقدمات فإن اشترط المستعير أن لا ضمان عليه فيما يغاب عليه فشرطه باطل، وعليه الضمان قاله ابن القاسم في بعض روايات المدونة، وهو أيضاً في العتبية لأشهب وابن القاسم من رواية أصبغ عنهما في بعض الروايات من كتاب العارية وعلى ما حكى ابن أبي زيد في المختصر عن أشهب في الصائغ يشترط أن لا ضمان عليه أن شرطه جائز ولا ضمان عليه ينفعه الشرط في العارية، لأنه إذا لزم في الصانع فأحرى أن يلزم في المستعير لأن المعير إذا أعاره على أن لا ضمان عليه، فقد فعل المعروف معه من وجهين، فالأظهر إعمال الشرط وما لا لإسقاطه وجه إلا أن يكون ذلك من باب إسقاط الحق قبل وجوبه فلا يلزم على أحد القولين. أ. هـ ¬

(¬1) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 200 وجه نقل أبو الحسن هذه المسألة عن ابن رشد في باب العارية. مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099 وكذلك مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 2 ورقة 296 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12147. (¬2) أنظر التفريع في الفروع لابن الجلاب ورقة 152 وجه ص 303 مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 3499.

وقال في سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع ولابن القاسم وأشهب في سماع أصبغ من كتاب العارية أن الشرط غير عامل في الرهن والعارية ومثلة لابن القاسم أيضاً في بعض روايات المدونة في العارية، وفي كتاب الرهن منها ثم قال ولا وجه لإسقاط الشرط في العارية لأنه فعل معه معروفاً من جهتين، والرهن قريب من العارية وما لإسقاطه فيهما وجه إلا أنه من باب إسقاط حق قبل وجوبه فيجرى ذلك على اختلافهم في هذا الأصل. أ. هـ قلت: وله نحو ذلك في سماع أصبغ من كتاب العارية. الطريقة الثانية: اللخمي والمازري، وقد تقدم في كلام اللخمي في مسألة الرهن أن ابن القاسم وأشهب اتفقا على أنه لا ضمان على المستعير إذا شرط نفي الضمان، وتقدم في كلام التوضيح عن المازري نحوه وقال اللخمي في كتاب العارية واختلف إذا شرط المستعير أنه مصدق في تلف الثياب، وما أشبهها فقال ابن القاسم، وأشهب له شرطه ولا شيء عليه وقال سحنون فيمن أعطى لرجل مالاً ليكون له ربحه، ولا ضمان عليه أنه ضامن فعلى هذا يسقط شرطه الأول أحسن لأن العارية معروف، وإسقاط الضمان معروف ثان، وليس بمنزلة ما كان أصلاً (¬1) لمكايسة، أو عن معاوضة كالرهان والصناع. أ. هـ ونقل ابن عرفة كلام ابن الجلاب وابن رشد، وعبر عن كلام ابن الجلاب بقوله نقل الجلاب عن المذهب. ثم قال: وفي غير نسخة من اللخمي قال ابن القاسم وأشهب، وذكر ما تقدم ثم قال ابن عرفة قلت ما نقله عن ابن القاسم، وأشهب خلاف ما نقله (¬2) غير واحد منهما، والعجب من ابن رشد وشارحي ابن الحاجب من عدم التنبيه عليه (¬3). أ. هـ ¬

(¬1) في - م أصله. (¬2) في - م خلاف نقل. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 3 ورقة 47 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846.

قلت: ما تعجب منه ظاهر، وقد نبه على ذلك الشيخ خليل في توضيحه (¬1) فنقل كلام اللخمي والمازري في شرح التلقين، ثم قال والذي في المقدمات الضمان، ونسبه لابن القاسم، وقال في مختصره وضمن المغيب عليه إلا ببينة، وهل إن شرط [نفيه] (¬2) تردد (¬3). وأعجب مما تعجب منه ابن عرفة ما وقع في (¬4) سماع أصبغ من كتاب العارية عن أشهب، ونقل ابن رشد أن الشرط باطل في الرهن والعارية، وقد تقدم في كلام النوادر عن أشهب أن الشرط جائز في الرهن والعارية ونقله ابن يونس أيضاً من كتاب الرهون وقبله، ونقله عنه غير واحد، ونقل ابن عرفة في الرهن عن اللخمي عن أشهب أن الشرط عامل، وقبله، وكذلك الشيخ أبو الحسن الصغير والرجراجي، ونقل الشيخ أبو الحسن كلام اللخمي في كتاب الرهون، وكلام ابن رشد في كتاب العارية، ولم ينبه على ما بينهما من الخلاف في الرهن (¬5) والعارية، ونقل ابن رشد في آخر كتاب تضمين الصناع عن أشهب القولين ويفهم (¬6) من كلام ابن رشد أن الأشهر عن أشهب أن الشرط ينفعه، ولعل ابن القاسم له قولان أيضاً، فالذي تحصل من هذا أن المشهور عن ابن القاسم بطلان الشرط في الرهن والعارية، وعن أشهب أن الشرط جائز فيهما، وقد صرح الرجراجي في باب الرهن بأن المشهور من المذهب أن الضمان في العارية لا يسقط عن المستعير بشرطه. وأما قول ابن رشد أنه لا وجه لإسقاط الشرط في العارية ... إلخ فغير ظاهر لأن ابن القاسم لم يعلل ذلك إلا بكون الشرط مخالفاً لأصل السنة في العقد فلا حاجة إلى تخريجه على اسقاط الحق قبل وجوبه، بل الظاهر أنه لم ¬

(¬1) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 90 وجه وظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256. (¬2) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬3) أنظر مختصر الشيخ خليل ص 209. (¬4) في - م - من. (¬5) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 200 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬6) في - م - ولا يفهم.

يخرج (¬1) عليّ ذلك لأن الحق المسقط الذي هو ضمان المرتهن ترتب عليه بقبضةه للرهن فتأمله هذا حكم الصورة الأولى، وأما الصورة الثانية وهي ما إذا شرط المعير على المستعير ضمان مالا يغاب عليه فقال ابن رشد في المقدمات وفي سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع: وفي سماع أصبغ من كتاب العارية قول مالك وجميع أصحابه أن الشرط باطل جملة من غير تفصيل حاشا مطرف فإنه قال إن كان شرط عليه الضمان لأمر خافه من طريق مخوف، أو نهر أو لصوص، أو ما أشبه ذلك فالشرط لازم إن عطبت في الأمر الذي خافه، واشترط الضمان من أجله، وقال أصبغ (¬2) لا شيء عليه في الوجهين مثل قول مالك وجميع أصحابه. أ. هـ وقال في كتاب الرهون من المدونة، وإن (¬3) استعرت من رجل دابة على أنها مضمونة عليك [لم] (¬4) تضمنها (¬5). أ. هـ تنبيهات الأول: إذا شرط المعير على المستعير الضمان فيما يغاب عليه مع قيام البينة، فجعلها ابن رشد في المقدمات، وفي سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع كما إذا شرط المعير على المستعير الضمان فيما لا يغاب عليه وجمعهما وقال (¬6) قول مالك وجميع أصحابه أن الشرط باطل قلت: وفي عزوه بطلان الشرط لجميع أصحاب مالك نظر لأن أشهب يقول أن ضمان ما يغاب عليه من المستعير ولو قامت البينة، ولو لم يشترط المعير الضمان على المستعير [فكيف إذا شرط ذلك المعير فتأمله] (¬7). ¬

(¬1) في - م - لا يتخرج. (¬2) في - م - أشهب. (¬3) في - م - إن. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬5) أنظر المدونة جـ 14 ص 34. (¬6) في - م - فقال. (¬7) ما بين القوسين ساقط من - م -.

الثاني: حكم الرهن كالعارية قاله ابن رشد في سماع أشهب من تضمين الصناع ونصه: إذا شرط المعير أو [الراهن] (¬1) على المستعير أو المرتهن الضمان فيما لا يغاب عليه من الحيوان، أو مع قيام البينة فيما يغاب عليه فقول مالك وجميع أصحابه أن الشرط باطل حاشا مطرف، وذكر نحو ما تقدم ولم يذكر مسألة الرهون (¬2) في المقدمات. قلت: وفيه من البحث ما تقدم في مسألة العارية والله تعالى أعلم. الثالث: قال ابن رشد في المقدمات في كتاب العارية: وفي سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع وينبغي إذا شرط المعير على المستعير الضمان فيما لا يغاب عليه فأبطل الشرط بالحكم على المستعير أن يلزم إجارة المثل في استعماله العارية، لأن الشرط يخرج العارية عن حكمها وسنتها إلى باب الإجارة الفاسدة، لأن رب الدابة لم يرض أن يعيره إياها إلا بشرط أن يحرزها في ضمانه فهو عوض مجهول يرد إلى معلوم وما ذكره ابن رشد بحثاً نقله اللخمي عن أشهب، وجعله خلاف مذهب المدونة ونصه في كتاب العارية قال ابن القاسم في كتاب الرهن فيمن استعار دابة على أنه غير مصدق في تلفها شرطه باطل يريد [على] (¬3) أنها تمضي على حكم العارية، ولا ضمان عليه، ولا أجر (¬4)، وقال أشهب عليه أجرة المثل فيما استعملها فيه، ورأها أجارة فاسدة فعلى قوله ترد قبل الإستعمال ويجرى فيها قول ثالث أن المعير قبل الإستعمال بالخيار فإن أسقط الشرط وإلا ردت، فإن فاتت بالإستعمال لم يغرم شيئاً لأنه لم يدخل على أجارة، وإنما هو واهب منافع، والضياع طارئ يكون أو لا يكون، والسلامة أغلب فكان حمله على المعروف أولى. وقول رابع أنها مضمونة كما شرط لأنه الواجب في أحد قولي مالك من غير شرط فقد دخلا على إلتزام أحد القولين. أ. هـ ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) في - م - الرهن. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) في - م - أجرة.

فرع إذا شرط رب الوديعة على المودع أن يضمنها إذا ضاعت

ونقل الشيخ أبو الحسن في كتاب العارية (¬1) كلام ابن رشد، واللخمي وجعل كلام ابن رشد مخالفاً للمدونة فتأمله. فرع إذا شرط رب الوديعة على المودع أن يضمنها إذا ضاعت فشرطه باطل كما تقدم في كلام ابن يونس، لأنه مخالف لأصل سنة الوديعة، وصرح بذلك الشيخ خليل في مختصره. فرع الصناع ضامنون لما غابوا عليه عملوه بأجر أو بغير أجر إلا أن تشهد بينة بتلفه. قال في المقدمات: فإن اشترط الصانع أنه لا ضمان عليه لم ينفعه شرطه، وكان عليه الضمان هذا قول مالك في المدونة في سماع أشهب من كتاب تضمين الصناع، وينبغي على هذا القول أن يكون له الأجرة مثله لأنه إنما يرضى بالأجر المسمى بإسقاط الضمان عليه (¬2)، وقال أشهب بنفعه الشرط ويسقط عنه الضمان، فعلى قوله يكون له الأجر المسمى، ونقله ابن عرفة، وأسقط عنه لفظة ينبغي فقال بعد أن ذكر القولين ابن رشد فعلى الأول له أجر مثله، وعلى الثاني المسمى (¬3). أ. هـ وقال اللخمي قال مالك: وابن القاسم في كتاب محمد: إذا اشترط الصانع أن لا ضمان عليه فشرطه ساقط ولو مكنوا من [ذلك] (¬4) ما عمل أحد منهم حتى يشترط ذلك، ولابد للناس من عمل ثيابهم، وقال الشيخ أبو محمد ذكر عن أشهب أن لهم شرطهم يريد ما لم يكثر ذلك منهم، وإن كثر اشتراطهم سقط ولم يوف لهم بذلك، واختلف بعد القول بأنه شرط لا يوفي به فقيل ¬

(¬1) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 200 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬2) في - م - عنه. (¬3) أنظر مختصر ابن عرفة الفقهي جـ 3 ورقة 172 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846. (¬4) ساقطة من الأصل.

فرع الشروط في القراض

الإجارة لازمة وشرطه باطل، وقيل إن أسقط الصانع الشرط صحت الإجارة، وإن تمسك به فسخت إن لم يعمل فإن عمل كان له الأكثر من المسمى وأجرة المثل، ويجري فيها قول ثالث أن الإجارة فاسدة تفسخ مع القيام، وإن أسقط الشرط، ويكون له مع الفوات أجرة المثل قلت أو كثرت. أ. هـ قلت: وظهر الرواية أن الشرط باطل، والإجارة لازمة، ولا يزاد على المسمى. تنبيه ظاهر كلام ابن الحاجب أن القول بصحة الشرط رواه أشهب عن مالك وليس كذلك وإنما هو قول أشهب، وقد نبه على ذلك ابن عرفة فقال ونقله ابن الحاجب رواية وقبول ابن عبد السلام، وعزوها ابن ساش لأشهب لا أعرفه (¬1)، وسبقه إلى ذلك الشيخ خليل في التوضيح (¬2). فرع الشروط في القراض على ثلاثة أقسام: الأول: ما يفسد به القراض كإشتراط رب المال على العامل أن يكون المال بيده، أو أن يراجعه، أو أن يجعل عليه أميناً، أو يعمل العامل بيده من خياطة أو خرز، أو غير ذلك، أو اشتراط رب المال على العامل ضمان المال فهذه الشروط كلها مفسدة للقراض فيفسخ إن وقع فإن فات بالعمل فمنها ما يرجع فيه لقراض المثل، ومنها ما يرجع فيه لأجرة المثل وهذا مبين في كتاب القراض. الثاني: مالا يفسد به القراض، ولكنه لا يلزم كما إذا ضاع بعض المال بيد العامل قبل العمل أو بعده، أو خسر، أو أخذه اللصوص أو عاشر ظالماً فقال ¬

(¬1) أنظر مختصر ابن عرفة في الفقه جـ 3 ورقة 171 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 10846. (¬2) أنظر التوضيح جـ 2 ورقة 132 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12256.

فرع الشروط في الوقف

العامل لرب المال لا أعمل حتى تجعل ما بقي رأس مال وتسقط الخسارة ففعل ذلك وأسقط الخسارة فهو أبداً على القراض الأول وأن حاسبه وأحضره ما لم يقبضه منه (¬1) قاله في المدونة. الثالث: مالا يفسد العقد، ويلزم الوفاء به كما إذا شرط أن الربح لأحدهما، أو لغيرهما كما تقدم في الباب الأول، وكما إذا شرط أحدهما على الأخر زكاة الربح فإنه جائز ويلزم، فإن وجبت الزكاة أخرجت من حصة من شرطت عليه، وإن لم تجب فإنها تكون للمشترط زيادة على حصته والله تعالى أعلم. فرع الشروط في الوقف على ثلاثة أقسام: الأول: ما يفسد به الوقف كشرط النظر لنفسه، أو تخصيص البنين دون البنات (¬2). الثاني: ما لا يفسد الوقف به ولا يلزم الوفاء به كما إذا شرط الواقف عمارة ما خرب من الوقف على المستحقين للوقف فإن الشرط يبطل، ويعمر من غلته، وكما إذا شرط الواقف أن لا يبدأ بإصلاح الوقف ونفقته. الثالث: ما لا يفسد الوقف، ويلزم الوفاء به، وهو كثير مبسوط في كتب الفقهاء (¬3). ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 12 ص 99. (¬2) إختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة أقوال ذكرها المتيطي في كتاب النهاية والتمام ورقة 243 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 18696. وهي أحدها أن الحبس يفسخ على كل حال وإن مات المحبس بعد ان حيز عنه، والثاني أنه يدخل فيه الإناث وإن حيز عنه، والثالث أنه يدخل فيه البنات ما لم يحز عنه فلا بدخلن إلا برضا البنين، والرابع أن الحبس يمضي كما شرط، ولا يدخلن وهو عند مالك أشد كراهة من هبة الرجل لبعض ولده دون بعض قال بعض الشيوخ ولم يختلفوا فقوله أن الهبة لبعض الولد دون بعض جائزة نافذة، وإن كان الحبس على البنات دون الذكور جاز والذي يترجح لدى عدم تخصيص البنين دون دون البنات لأنها دعوى عفى عنها الزمن وعلى هذا جرى عمل الناس اليوم. (¬3) في - م - الفقه.

فرع الشروط في الهبة

فرع الشروط في الهبة على أربعة أقسام: الأول: ما تفسد به الهبة كشرط أن لا تحاز (¬1) عن الواهب. الثاني: ما يخير الواهب في اسقاطه فتصح الهبة، أو التمسك به فتبطل. الثالث: ما لا يفسدها، ولا يلزم الوفاء به. والرابع: ما لا يفسدها، ويلزم الوفاء به، وأختلف فيمن وهب لرجل هبة، أو تصدق [على رجل بصدقة] (¬2) على أنه لا يبيع ولا يهب على خمسة أقوال ذكرها ابن رشد في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات: الأول أن الهبة والصدقة لا تجوز إلا أن يشاء الواهب، أو المتصدق أن يبطل الشرط، وتمضي الصدقة والهبة فإن مات الواهب أو المتصدق، أو الموهوب [له] (¬3) أو المتصدق عليه بطلت الصدقة أو الهبة، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية، ومثله قول ابن القاسم في [الرجل] (¬4) الذي يتصدق على الرجل بالشيء على أنه إن باعه فهو أحق به يريد بثمن، أو بغير ثمن قال ليست هذه الصدقة بشيء، ومثله قول ابن القاسم في الذي يتصدق بعبد على أنهيخدمه يومين في كل جمعة أنها ليست بصدقة فإن مات المتصدق فالهبة على هذا القول على الرد ما لم يجيزها ويمضيها بترك الشرط. القول الثاني: أن الواهب مخير [بين] (¬5) أن يسترد هبته، أو يترك الشروط وورثته بعده ما لم ينقض أمره بموت الموهوب فيكون ميراثاً عنه، فالهبة والصدقة ¬

(¬1) في - م - يحاز. (¬2) ساقطة من الأصل. (¬3) ساقطة من - م. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) ساقطة من الأصل.

على هذا القول على الإجازة ما لم يردها الواهب أو ورثته بعده قبل فواتها بإنقضاء أمد الشرط وهو موت الموهوب له الذي حجر عليه الهبة والبيع طول حياته، وهو قول أصبغ بعد (¬1) هذا من سماعه. والقول الثالث: أن الشرط باطل والهبة جائزة وهذا القول يأتي على ما في المدونة في الذي حبس الدار على ولده واشترط أن ما احتاجت إليه من مرمتها عليهم أن الدار تكون حبساً، ولا يلزمهم ما شرط عليهم وتكون مرمتها من غلتها (¬2). وقد قال ابن المواز: إنما ذلك إذا حيز الحبس وفات بموت المحبس، وأما قبل ذلك فيرد إلا أن يسقط الذي حبسها شرطه، وتأويله بعيد في اللفظ غير صحيح في المعنى لأنه إذا جعل للمحبس حقاً في شرطه وجب أن ينزل ورثته منزلته فيه. القول الرابع: أن الشرط عامل والهبة ماضية فتكون الصدقة بيد المتصدق عليه بمنزلة الحبس لا يبيع ولا يهب حتى يموت، فإن مات ورث عنه على سبيل الميراث، وهو قول عيسى بن دينار (¬3) في هذه الرواية، وقول مطرف في الواضحة، وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب لأن الرجل له أن يفعل في ماله ما شاء إن شاء بتله للموهوب أبداً، أو المتصدق عليه من الآن، وإن شاء أعطاه المنافع طول حياته، وجعل المرجع بعد موته له يقضي منه دينه ويرثه عنه ورثته لما له في ذلك من الغرض أن يستديم الإنتفاع بما وهبه، ويرى أثر هبته عليه. ¬

(¬1) عبارة - م - بعدها. (¬2) أنظر المدونة جـ 15 ص 104، 105. (¬3) هو أبو محمد عيسى بن دينار بن وهب القرطبي الفقيه العابد الفاضل النظار القاضي العادل المجاب الدعوة انتشر علم مالك بالأندلس به وبيحيى بن يحيى، لم يسمع من مالك، وسمع ابن القاسم واقتصر عليه فإعتلت في الفقه منزلته، وله عشرون كتاباً في سماعه عنه. له تأليف في الفقه يسمى كتاب الهدية كتب به إلى بعض الأمراء قال ابن عتاب وكتاب الجدار من كتاب الهدية، وكتب إلى ابن القاسم في رجوعه عما رجع عنه من كتاب أسد بن الفرات فيما بلغه، وسأله أعلامه بذلك فكتب إليه ابن القاسم (أعرضه على عقلك فما رأيته حسناً فأمضيه، وما أنكرته فدعه) وهذا يدل على ثقة ابن القاسم بفقهه أخذ عنه ابنه إبان وغيره مات ببلدة طليطلة سنة اثنتي عشرة ومائتين أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 64 وما بهدها، وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 64، وترتيب المدارك جـ 4 ص 105 وما بعدها.

القول الخامس قول سحنون يكون ذلك حبساً على الموهوب له، أو المتصدق عليه بما شرط بأن (¬1) لا يبيع ولا يهب فإذا مات المتصدق عليه على هذا القول رجع ذلك مرجع الأحباس على الخلاف فيه، وقول سحنون (¬2) هذا معارض لقوله في نوازله في الذي يتصدق على رجل بعبد على ألا يبيعه ولا يهبه سنة، وهذه الأقوال كلها تدخل في مسألة سماع سحنون في الذي يتصدق على الرجل بالشيء على أنه أحق به أن باعه بثمن، أو بغير ثمن إلا قول سحنون هذا. أ. هـ قلت: يعني [أن] (¬3) القول بأن ذلك الشيء يكون حبساً، وهو ظاهر وكذلك مسألة نوازل سحنون أعني من وهب لرجل عبداً، أو تصدق به عليه على ألا يبيعه ولا يهبه سنة ثم هو له بعد السنة يصنع به ما شاء يجري فيها الأقوال الأربعة، ولا يجري فيها قول سحنون أنه حبس، ومثل ذلك مسألة رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ فيمن تصدق على رجل بعبد واشترط [عليه] (¬4) أن يخدمه يومين في كل جمعة قال ابن القاسم فيها ليست بصدقة. قال ابن رشد: إنما رأى أن الشرط يفسد الصدقة لأنه لما شرط من خدمته يومين [من] (¬5) كل جمعة فقد حجر عليه التصرف في صدقته ألا يبيع بالسفر بها أو الوطء لها إن مانت أمة، والتفويت فصار كمن تصدق بصدقة وشرط على المتصدق عليه ألا يبيع ولا يهب ألا ترى أن الحبس لما كان لا يباع ولا يوهب جاز فيه هذا الشرط على ما في سماع أبي زيد، وأجاز ابن كنانة هذا الشرط في الحبس والصدقة، وقال أنه لا يفسد الصدقة بل يشدها، والمعنى عندي فيما ذهب إليه أنه رآه شريكاً معه في رقبة العبد بما استثنى لنفسه من خدمته، ولذلك أجازه في الصدقة والحبس ¬

(¬1) في - م - من أن. (¬2) عبارة - م - وقول هذا ما نصه لقوله. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) ساقطة من - م -.

فأشار إلي أنها كالمسألة الأولى يجري فيها الأقوال الأربعة. قلت: وأظهر الأقوال [الأربعة] (¬1) الجاري على مذهب المدونة صحة الهبة والصدقة وبطلان الشرط لأنه شرط مخالف لمقتضى العقد لما فيه من التحجير، ألا ترى أنه لا يجوز له وطء الأمة فالظاهر بطلان الشرط، وقال في كتاب الهبة من المدونة: ومن وهب لرجل هبة على ألا يبيع ولا يهب لم يجز إلا أن يكون سفيهاً أو صغيراً فيشترط [ذلك] (¬2) عليه [في ولاية] (¬3) فيجوز وإن شرط ذلك عليه بعد زوال الولاية لم يجز كان [ذلك] (¬4) ولد الواهب أو أجنبياً (¬5). أ. هـ فتكلم على الحكم ابتداء، ولم يبين الحكم بعد الوقوع، وقال أبو الحسن الصغير: أنظر بماذا (¬6) يفسر الكتاب والأقرب أن يكون مثل ما في العتبية أنه يخير الواهب فإن بتلها وإلا نقضت (¬7). أ. هـ والقول الذي اختاره ابن رشد اختاره اللخمي أيضاً، ووجهه بما وجهه [به] (¬8) ابن رشد، ولا شك أن له وجهاً من النظر ظاهراً، لكن الأظهر عندي بطلان الشرط وصحة العقد كما تقدم. والله تعالى أعلم. تنبيه قال المشذالي قوله في المدونة في المسألة السابقة إلا أن يكون سفيهاً أو صغيراً قال أبو عمران: أنظر ما معناه والسفيه والصغير لا يجوز بيعها ولا هبتهما بشرط أم لا. قال أبو عمران لعله أراد ألا يباع عليه إذا احتاج إلى النفقة لأن لوليه بيع عروضه للنفقة فشرط ألا يباع ويباع غيرها إن وجد قال ¬

(¬1) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬2) ساقطة من - م -. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) ساقطة من - م -. (¬5) أنظر المدونة جـ 15 ص 131. (¬6) في - م - بما. (¬7) أنظر أبو الحسن على المدونة جـ 4 ورقة 185 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12099. (¬8) ساقطة من - م -.

فرع

القابسي الهبة جائزة، وهي كالحبس المعين ومن وهب هبة لسفيه أو صغير (¬1)، وشرط أن تكون يده مطلقة عليه، وأنه لا نظر لوصيه فيها نفذ ذلك الشرط. أ. هـ قلت: في هذا نظر لأنه شرط لا يجوز لأن أضاعة المال لا تجوز وإطلاق يد السفيه على المال إضاعة له فتأمله، والصواب بطلان الشرط والله تعالى أعلم. فرع قال ابن القاسم في رسم الجواب من سماع عيسى من الكتاب المذكور: فيمن تصدق بجارية على رجل على أن يتخذها (¬2) أم ولد لا يحل له وطؤها على الشرط، وإن وطأها فهي له [قلت] (¬3): حملت أو لم تحمل، ولا قيمة عليه. قال ابن رشد: يعني لا يجوز له وطؤها حتى يوقف المتصدق أما أسقط شرطه أو استرد الجارية، فإن مات قبل أن يوقف على ذلك تخرج ذلك على قولين: أحدهما أن ورثته ينزلون منزلته في ذلك فيخيرون في اسقاط الشرط أو رد الجارية ما لم تفت بالوطء على مذهب ابن القاسم، وعند أصبغ إنما تفوت بالحمل. والثاني أن الصدقة تبطل إن مات قبل أن تفوت الجارية بوطء أو حمل على اختلاف قول ابن القاسم وأصبغ، فالصدقة على القول الأول على الإجازة حتى ترد، وعلى القول الثاني على الرد حتى تجاز ويتخرج في (¬4) المسألة قول ثالث، وهو أن تجوز الصدقة ويبطل الشرط [قياساً] (¬5) على مسألة الحبس يعني اشتراط الترميم على المحبس عليهم. أ. هـ ونقل اللخمي قول ابن القاسم وأصبغ ثم قال: ولو أفاتها المعطي بعتق أو تدبير لزمته قيمتها لأنها فاتت في غير ما أعطيت له. أ. هـ ¬

(¬1) في - م - يتيم. (¬2) في - م - على أن لا يتخذها. (¬3) ساقطة من الأصل. (¬4) في - م - من. (¬5) ما بين القوسين ساقط من الأصل

فرع قال اللخمي إذا قال إن مت أنت رجع العبد إلي، وإن مت أنا قبل كان لك

قال ومن تصدق على [ولده] (¬1) الكبير بصدقة على أن (¬2) لا ميراث له منه (¬3) [فالصدقة باطلة إذا كان الشرط في أصل الصدقة، وإن كان بعد الصدقة وإن قرب] (¬4) فالصدقة جائزة والشرط باطل على ما قاله مطرف، وابن الماجشون [وأصبغ، واختلف إذا كانت الصدقة على صغير فقال أصبغ هي بمنزلة الصدقة على الكبير، واختاره ابن حبيب. وقال] (¬5) ابن الماجشون الصدقة ماضية والشرط باطل كان الشرط مع الصدقة أو بعدها. وقال مطرف إن كان الشرط مع الصدقة، أو في فورها [في اليومين] (¬6) فالصدقة باطلة، وإن تباعدا ذلك فالصدقة ماضية والشرط باطل، وهذا أضعف الأقوال وبالله التوفيق. قلت: أما بطلان الشرط إذا (¬7) كان [الشرط] (¬8) في أصل عقدها فظاهر لأنها معاوضة مجهولة فتأمله والله تعالى أعلم. فرع قال اللخمي إذا قال إن مت أنت رجع العبد إلي، وإن مت أنا قبل كان لك فإنه يمضي على ما شرط، وكانت العطية قد تضمنت عمري ووصية، فإن [مات المعطي قبل ردت إلى المعطي لأنها عمرى، وإن] (¬9) مات المعطي قبل كانت في ثلثه. قال ابن القاسم [في العتبية] (¬10) وسواء حيزت العطية أو لم تحز لأن الوصايا وسائر ما يخرج من الثلث لا يحتاج إلى حوز. قال أصبغ: وليس له أن يحولها عن حالها يريد أنه أوجب الوصية كالمدبر وإن قال أهبك العبد على إن مت أنا قبل رجع العبد إلي وإن مت أنا قبل كان لورثتك كان على ما شرط، ¬

(¬1) ساقطة من - م -. (¬2) في - م - أنه. (¬3) في - م - منها. (¬4) ما بين القوسين ساقط من الأصل (¬5) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬6) ما بين القوسين ساقط من - م -. (¬7) في - م - إن. (¬8) ساقطة من الأصل. (¬9) ما بين القوسين ساقط من الأصل. (¬10) ساقطة من الأصل.

فرع قال في المدونة ولا يعتصر الأبوان ما تصدقا به

وقال المغيرة في كتاب المدنيين فيمن وهب أمته واشترط لنفسه كل ولد تلده فهو حلال جائز، وقد يهب الرجل الحائط ويشترط ثمرته يريد اشتراط الثمرة السنة والسنتين، ولا يجوز فيما كثر ويجوز في الولد، وإن طالت السنون لأن المقصود منها المنافع والخدمة وهي للموهوب له، والولد تبع ليس بمقصود، وقد يكون أو لا يكون. أ. هـ والله تعالى أعلم. فرع قال في المدونة ولا يعتصر الأبوان ما تصدقا به (¬1). قال المشذالي: ظاهره ولو شرطا الاعتصار. المتيطي: إذا شرط الأب في صدقة الاعتصار فقال ابن الهندي له ذلك، وحكاه الباجي أيضاً في وثائقه، وقال غيره شرطه (¬2) لا يجوز ابن الهندي فإن قيل كيف يجوز له أن يشترط الاعتصار في الصدقة، وهي لا تعتصر قيل له وسنة الحبس لا يباع فإذا شرط المحبس في نفس الحبس كان له شرطه ابن رشد والاعتصار لا يكون في الصدقات إلا بشرط (¬3) فرع إذا شرط على القاضي أن يحكم بمذهب إمام معين فقال في الجواهر ناقلاً عن الطرطوشي (¬4) ما نصه: فإن شرط على القاضي أن يحكم بمذهب إمام معين ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 15 ص 136. (¬2) عبارة - م - شرط الأب لا يجوز. (¬3) أنظر مختصر المتيطية ورقة 2520 وجه - ط 18696 تونس. (¬4) هو أبو بكر محمد بن الوليد القرشي الفهري المعروف بابن زندقة الطرطوشي الإسكندري الإمام الفقيه الحافظ العالم العامل الثقة الفاضل الجليل القدر الشهير الذكر. صحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقسطه وأخذ عنه مسائل الخلاف، وكان يميل إليها، وتفقه عليه وسمع منه وأجاز له ثم رحل إلى المشرق، وحج فدخل بغداد والبصرة وتفقه عند أبي بكر الشاشي، وأبي سعيد الجرجاني وغيرهم من أئمة الشافعية وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم أبو الطاهر إسماعيل بن مكي، وسند مؤلف الطراز، وأبو بكر بن العربي، ومحمد بن مسلم المازري، والقاضي عياض بالإجازة كتب إليه يجيزه بجميع رواياته ومصنفاته. له تصانيف مفيدة منها سراج الملوك وكفى به دليلاً على فضله، ومختصر تفسير الثعالبي، وكتاب كبير في مسائل الخلاف وشرح رسالة ابن أبي زيد وتأليف عارض به الأحياء، واختصار الكشف والبيان عن تبيين القرآن، وغير ذلك كثير. ولد سنة احدى وخمسين وأربعمائة، وتوفي سنة عشرين وخمسمائة بالإسكندرية. أنظر ترجمته في الديباج جـ 2 ص 244 وشجرة النور الزكية جـ 1 ص 124، 125، ومرآة الجنان جـ 3 ص 225.

من أئمة المسلمين ولا يحكم بغيره فالعقد صحيح، والشرط باطل كان موافقاً لمذهب المشترط أو مخالفاً له. قال وأخبرني القاضي (¬1) أبو الوليد قال كان الولاة عندنا بقرطبة إذا ولو القضاء رجلاً شرطوا عليه في سجله (¬2) أن لا يخرج عن قول ابن القاسم ما وجده قال الأستاذ (¬3)، وهذا جهل عظيم منهم (¬4). أ. هـ ونقله (¬5) الشيخ خليل في التوضيح عنه وهو خلاف ما نقله ابن فرحون في تبصرته في الباب الرابع من القسم الأول عن الطرطوشي أن العقد باطل والشرط باطل سواء قارب الشرط عقد الولاية أو تقدمه ثم وقع العقد. قال وقال أهل العراق تصح الولاية ويبطل الشرط ودليلنا أن هذا الشرط مناف لمقتضى العقد لأن العقد يقتضي أن يحكم بأي شيء هو الحق (¬6) عنده وهذا الشرط قد حجر عليه (¬7) فانظر ذلك. تنبيه قال ابن فرحون وكلام الشيخ أبو بكر الطرطوشي في القاضي المجتهد ولم يتعرض للقاضي المقلد كما في زماننا، وسيأتي الكلام على ذلك (¬8). أ. هـ قلت: لأن الشرط الذي عقده منافياً لمقتضى العقد يصير في حق المقلد من مقتضيات العقد والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) يعني الباجي. (¬2) عبارة - م - في ذلك. (¬3) هو أبو بكر الطرطوشي حيث عبر عنه ابن الحاجب في مختصره الفقهي في باب العتق بالأستاذ. أنظر الحلل السندسية في الأخبار الأندلسية جـ 3 ص 20 بالهامش .. (¬4) أنظر الجواهر جـ 2 ورقة 88 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 13483. (¬5) أنظر التوضيح للشيخ خليل جـ 2 ورقة 148 وجه ط 12256 تونس. (¬6) عبارة - م - بما تحقق عنده. (¬7) أنظر تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام جـ 1 ص 16. (¬8) نفس المصدر السابق جـ 1 ص 17.

فرع

فرع قال في المدونة في كتاب العتق الثاني: ومن قال لعبده أنت حر الساعة مثلاً وعليك مائة دينار إلى أجل كذا فقال مالك وأشهب هو حر الساعة ويتبع بالمائة أحب أم كره. وقال ابن القاسم هو حر، ولا يتبع بشيء، وقاله ابن المسيب (¬1). أ. هـ وقال في النوادر من كتاب ابن المواز ومن قال لعبده أنت حر وعليك ألف درهم فلم يرض العبد فذلك عليه، وإن كره العبد قاله مالك وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وعبد الملك، وأصحابهم. قال ابن القاسم، وذكر عن ابن المسيب (¬2) أنه حر ولا شيء عليه وهو أحب إلى ابن القاسم. قال أصبغ لم أجد لهذا أصلاً وليس بشيء، ولم يختلف فيها (¬3) قول مالك وأصحابه وأهل المدينة (¬4). وقاله ابن شهاب وكأنه باعه من نفسه وهو كاره فذلك لازم كما يزوجه كرهاً وينزع ماله كرهاً قال محمد وكما له أن يلزمه ذلك من غير حرية فلم تزده الحرية إلا خيراً (¬5). أ. هـ قال ابن يونس ووجه قول ابن القاسم أنه لا يكون حراً متبوعاً إن هذا ¬

(¬1) أنظر المدونة جـ 7 ص 63. (¬2) هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن أبي وهب المخزومي المدني روى عن أبي بكر مرسلاً، وعن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص، وابن عباس وابن عمر، وابن عمرو بن العاص، وهو أثبت الرواة عن أبي هريرة وكان زوج ابنته، وروى عن عائشة أم المؤمنين، أما الرواة عنه فكثرة عد منهم في التهذيب عدداً منهم الزهري ويحيى بن سعيد، وهو رأس علماء التابعين وفقيههم. وقال أحمد مرسلات سعيد صحاح لا يرى أصح من مرسلاته، ويكفي أن مالك قدوة الجميع اعتمد مرسلاته، ومما أرسله ما رواه ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وهو أوسع التابعين علماً وأجلهم. توفي سعيد بن المسيب سنة احدى وتسعين للهجرة بالمدينة المنورة أنظر ترجمته في تهذيب التهذيب جـ 4 ص 84. (¬3) في - م - فيه. (¬4) أي المدنيون يشار بهم إلى ابن كنانة وابن الماجشون، ومطرف وابن نافع، وابن مسلمة ونظرائهم. (¬5) أنظر النوادر والزيادات جـ 2 ورقة 80 ظهر، 81 وجه ط 12372 تونس

من باب الإستسعاء (¬1)، وكما لو أعتقه على أنه يخدمه بعد العتق سنة أنه حر ولا شيء عليه (¬2). أ. هـ وقال في كتاب المكاتب من المدونة: وإن كاتبه على خدمة شهر جاز عند أشهب ولا يعتق حتى يخدم شهراً، وقال ابن القاسم إن عجل عتقه على خدمة شهر بعد العتق فالخدمة باطلة وهو حر، وإن أعتقه بعد الخدمة لزمت العبد الخدمة. مالك وكل خدمة اشترطها السيد بعد أداء الكتابة فهي باطلة، وإن شرطها في الكتابة فأدى العبد قبل تمامها سقطت (¬3). أ. هـ قال أبو الحسن الصغير قوله جاز عند أشهب، وكذلك يجوز عند ابن القاسم، ويسأله عما أراد هل تعجيل العتق أم لا. قال ابن يونس: قال ابن القاسم يسأله هل أراد تعجيل العتق أو تأخيره بعد الخدمة، وأشهب يرى [أن] (¬4) العتق مؤخر بعد الخدمة كما هو مؤخر بعد أداء الكتابة ألا إن يشترط تعجيل العتق قبل الخدمة فلا تجوز عندهما، ويعتق مكانه، وتسقط الخدمة ثم قال وكل خدمة اشترطها السيد بعد أداء الكتابة فباطل. الشيخ لأن ما يلحقه بعد الحرية هو من بقايا الرق، فهو كمن أعتق بعض عبده فيستتم عليه، قوله فأدى العبد قبل تمامها سقطت قال ابن المواز كل ما اشترطه السيد في الكتابة من خدمة بدن أو عمل يده فأدى الكتابة وبقي (¬5) ذلك العمل أو بعضه فإنه ساقط ولا يؤدي لذلك عوضاً، لأن خدمة بدنه بقية من رقه فإذا دخلت الحرية رقبته ¬

(¬1) استسعى العبد: إذا كلفة من العمل ما يؤدى به عن نفسه إذا أعتق بعضه ليعتق به ما بقي، والسعاية بالكسر ما كلف من ذلك، وفي الصحاح سعى المكاتب في عتق رقبته سعاية، واستسعيت له العبد في قيمته وفي الحديث إذا أعتق بعض العبد فإن لم يكن له مال استسعى غير مشقوق عليه. قال ابن الأثير إذا أعتق بعضه ورق بعضه يسعى في فكاك ما بقي من رقة فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه فسمي تصرفه في كسبه سعاية. أنظر تاج العروس جـ 10 ص 177، 178. (¬2) أنظر جامع ابن يونس على المدونة جـ 2 ورقة 43 ظهر مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12924. (¬3) أنظر المدونة جـ 7 ص 85. (¬4) ساقطة من الأصل. (¬5) عبارة - م - على ذلك وهو تصحيف ظاهر.

فرع

سقط كل رق بقي فيه، وكذلك من بتل عتق عبده لم يجز أن يعجل عليه خدمة يشترطها لأن خدمته بقية من رقة فكما كان (¬1) من أعتق بعض عبده يستكمل عليه بقيته حتى لا يبقى فيه شيئاً من الرق فكذلك كل خدمة تبقى على مكاتب أو على عبد بتل (¬2) سيده عتقه فهي ساقطة لأن ذلك بقية من رقه. أ. هـ فرع قال في النوادر: ومن قال لعبده أعتقتك على أن لا تفارقني كان حراً وشرطه باطل قال ابن القاسم وإن قال أنت حر، واحمل هذا العمود فهو حر ولا شيء عليه إلا أن يقول أنت حر على أن تخدمني سنة، ولم يعجل الحرية قبل الخدمة فذلك عليه (¬3). أ. هـ فرع (¬4) قال في كتاب العتق الثاني من المدونة: ومن أعتق أمة على أن ينكحها أو تنكح فلاناً فإمتنعت فهي حرة، ولا يلزمها النكاح إلا أن تشاء وكذلك إذا قال رجل لرجل لك علي ألف درهم على أن تعتق أمتك وتزوجينيها فأعتقها فهي حرة، ولها ألا تنكحه والألف لازمة للرجل (¬5). وقد تقدم الكلام على ذلك في المسألة (¬6) الخامسة عشر من الفصل الأول من الخاتمة. فرع قال في كتاب المدبر من المدونة ولا بأس أن تأخذ مالاً على أن تعتق مدبره، وولاؤه لك، ولا أحب أن تبيعه ممن يعتقه (¬7). أ. هـ ¬

(¬1) في - م - أن. (¬2) بتل الشيء: معناه ميزه عن غيره وأبانه منه. أنظر تاج العروس جـ 7 ص 330. (¬3) أنظر النوادر والزيادات جـ 2 ورقة 81 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12372. (¬4) في - م - إذا. (¬5) أنظر المدونة جـ 7 ص 61. (¬6) عبارة - م - وعلى مسألة عتقها على اسقاط حضانتها في المسألة الثانية عشر في الفصل الأول من الخاتمة. (¬7) أنظر المدونة جـ 8 ص 12.

فرع

قال الشيخ أبو الحسن أنظر قوله لا أحب هل هو على بابه أم لا؟ ونقله ابن يونس بلفظ لا يجوز أن يبيع (¬1) قال سحنون قال ابن شهاب، وعمرو بن شعيب (¬2) لا يباع إلا من نفسه قال الشيخ أبو الحسن كبيع العمر من المعمر لتخلص الرقبة له، فكذلك المدبر إذا اشترى نفسه فكأنه اشترى ما للسيد [عليه] (¬3) من الخدمة لتخلص رقبته (¬4). [فرع (¬5)] قال في كتاب المكاتب من المدونة: ومن كاتب أمته على ألف درهم نجمها عليها على أن يطأها مادامت في الكتابة بطل الشرط وجازت الكتابة، وكذلك إن أعتق أمته إلى أجل على أن يطأها، أو شرط على المكاتبة إنما ولدت في كتابتها فهو عبد فالشرط باطل والعتق نافذ إلى أجله ولا تفسخ الكتابة كما لا أفسخها من عقد الغرر بما (¬6) أفسخ به البيع، وكل ولد حدث للمكاتب من أمته، او للمكاتبة بعد الكتابة فهو بمنزلتها يرق برقها ويعتق بعتقها، وإن كاتبها أو أعتقها واشترط جنينها بطل الشرط وتم العتق (¬7). أ. هـ وقد تقدم الكلام على مسألة من إلتزم عدم الرجوع عن وصيته في الباب الأول. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. ¬

(¬1) في - م - تبيعه. (¬2) هو عمرو بن شعيب بن عبد الله بن عمرو بن العاص أبو إبراهيم السهمي المدني الطائفي، تابعي وثقة جمهور العلماء، قال الذهبي كان أحد علماء زمانه توفي بالطائف سنة ثمانية عشر ومائة. أنظر ترجمته في تهذيب التهذيب جـ 8 ص 48، والأعلام جـ 5 ص 247. (¬3) ساقطة من - م -. (¬4) أنظر أبو الحسن على المدونة ورقة 236 وجه مخطوط بدار الكتب الوطنية تونس تحت رقم 12098. (¬5) ساقطة من الأصل. (¬6) في - م - كما. (¬7) أنظر المدونة جـ 7 ص 88.

وقد (¬1) تم الكلام فيما حررته من مسائل الإلتزام، وانتجز الغرض الذي قصدت من بيان الأنواع والأقسام، فجاء بحمد الله كتاباً مفيداً في بابه، عظيم النفع لمن أمعن النظر فيه من طلابه، جمعت فيه فوائد عديدة وتحقيقات مفيدة وسفرت فيه عن نكت تستغرب، وتستبدع، وأوضحت فيه مشكلات ليس لها في كثير من المصنفات مورد، ولا مشرع، فنحمده على ما من به من إلهام هذا التصنيف وإتمامه على هذا الوضع والتوصيف ونسأله (¬2) سبحانه وتعالى أن يسهل علينا تحريره، واتقانه، وأن يعصمنا فيه من الخطأ والزلل، ولا يؤاخذنا بالتصنع في القول والعمل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. ¬

(¬1) عبارة - م - وقد انتهى الكلام. (¬2) دعاء ختم الكتاب. (وهذا آخر ما جرى به القلم من مؤلف هذا الكتاب والله أعلم بالصواب). هذا من إضافة الناسخ للنسخة الأصل.

خاتمة التحقيق

الخاتمة

وبعد فإنني أنتهي من تحقيق كتاب " تحرير الكلام في مسائل الإلتزام " للإمام الحطاب إلى النتائج الآتية (1) أكثر الحطاب من النقول عن أمهات الكتب المعتمدة في المذهب بقصد جمع مسائل الإلتزام، والكشف عنها في مظانها من كتب السلف ثم نسبة هذه النقول إلى أصحابها كل هذا يدل دلالة واضحة على أمانة الناقل في النقل. تبقى الإشارة إلى أماكن وجود هذه الكتب، وتحديد موضع هذه المسائل منها، ليتيسر للباحث الرجوع للأصل بكل يسر وسهولة إذا أراد، وقد قمت بذلك في نطاق توثيق النص وتصحيحه. (2) من المسلم به أن المخطوط تكون مصادره مخطوطة، وكثرة النسخ للمخطوط وحدها - على الرغم من أهميتها - لا تكفي لتوثيق النص بشكل يطمئن إليه الباحث، وذلك لتعاقب النساخ واختلاف ظروفهم لذلك حرصت الحرص كله أثناء توثيق النص بالرجوع للأصول المنقول عنها النص نفسه، وتحقيقاً لهذه الرغبة قمت بعدة رحلات بين ليبيا وتونس وبالفعل عثرت على جل هذه المصادر إن لم نقل كلها بدار الكتب الوطنية تونس، وقد كابدت في هذه الرحلات المشاق الكثيرة، ولكنها مع ذلك كانت لذيذة وممتعة لأنها في سبيل البحث والعلم. (3) الحطاب أول من تعرض لفكرة الإلتزام ببحث مستقل بذاته لم يسبق لمثله جمع فيه مسائله المتفرقة في كتب الفقه بالنسبة لفروع المالكية.

(4) فبنى الحطاب فكرة الإلتزام في مؤلفه هذا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف عنده هو الأمر الجائز شرعاً. (5) وضع الحطاب نظرية الإلتزام في الشريعة الإسلامية وفق مبادئ وأسس انتهى إليها الحطاب، واستخلصها منكتب الفروع يمكن ابرازها في الآتي: أ- للإلتزام عند الحطاب أركان أربعة: الملتزم، والملتزم له، والملتزم به، والصيغة. ب- قسم الحطاب الإلتزام إلى أقسام أربعة تنحصر في الآتي: الإلتزام المطلق، ويقصد به إلتزام غير المعلق على شيء، وثلاثة أقسام أخرى تشمل الإلتزام المعلق، وجعل معيار التفرقة بين هذه الأقسام الثلاثة راجعاً إلى نوع التعليق الذي قد يكون معلقاً على فعل الملتزم، أو على فعل الملتزم له، أو تعليقاً على غير فعل أي منهما، وقد ضرب الحطاب أمثلة مثيرة على ذلك تشمل جميع أقسام الإلتزام عنده. (6) انتهى الحطاب في عرض نظريته إلى تفريع لها جمع فيه مسائل حكم فيها بإسقاط اللزوم لكونها من باب إسقاط الحق قبل وجوبه، أو لكون الإلتزام فيها مخالفاً لمقتضى العقد. (7) الفقه الإسلامي هو النظام الكامل الشامل لكل ما تتطلبه الحياة العامة والخاصة للأفراد والجماعات في كل زمان ومكان ولإبراز سمو التشريع الإسلامي أقترح أن تدرس هذه النظرية من زاوية أخرى دراسة مقارنة بالقانون الوضعي تحت عنوان "نظرية الحطاب في الإلتزام في الشريعة الإسلامية" بحث مقارن تحقيقاً لمبدأ أن التشريع الإسلامي لا يقتصر نفعه على الأمة الإسلامية وحدها بل عام للإنسانية جمعاء لأنه قد أسس على قواعد يعجز عن فهمها البشر، وبنيت أحكامه على العدالة والإعتدال من غير إفراط ولا تفريط.

وفي الختام أقول أنني قد بذلت جهداً لا أدعي أنني بلغت به درجة الكمال، فالكمال لله وحده ... فإن وفقت بتوفيق من عنده وإن كانت الأخرى فحسبي أني قد بذلت وسعي وما قصرت. وأخيراً أدعو الله بقوله تعال: وبقوله تعالى "ربنا لا تآخذنا إن نسينا أو أخطأنا" "ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير" والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. عبد السلام محمد الشريف

§1/1