تحرير الأقوال في صوم الست من شوال

ابن قُطْلُوْبَغَا

جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1422 هـ - 2001 م دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع هاتف: 702857 - فاكس: 704963/ 009611 بيروت- لبنان ص ب 5955/ 14 e-mail: [email protected]

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فهذا كُتيب خفيف الوقع عظيم النفع -إن شاء الله- في موضوع ما زال الجدل يدور حوله، وهو صوم الست من شوال، من حيث مشروعيته أو كراهته كما نُقل عن بعض المذاهب ... ومسألة التتابع في صومها بعد الفصل بينها وبين رمضان بيوم العيد، أو تفريقها على شهر شوال، أو على السنة كلها. وقد استوفى المؤلف الفقيه المحدث قاسم بن قطلوبغا هذا الموضوع من جوانبه الفقهية والحديثية، وأجاب عن الشبهات التي أثيرت حوله. وقد قمت بتحقيقه لتيسير الاستفادة منه وإسهامًا في حسم الجدل المثار حول هذه الرغيبة، مراعيًا ما تتطلبه أصول التحقيق دون إسهاب يحجب شخصية المؤلف ويذهب بالوجازة التي قصدها. وفيما يأتي نبذة عن المؤلف توخيت فيها التفصيل لمؤلفاته التي زادت عن المائة لأنه لم يسبق كتابة ترجمة وافية عنه فيما نُشر من كتبه، وهي أربعة

أ- ترجمة المؤلف

كتب فقط فيما أعلم (¬1)، ثم أوردت بيانات عن الكتاب والمخطوطة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. أ- ترجمة المؤلف (¬2) اسمه، ونسبه، وشهرته: هو زين الدين أبو العدل قاسم بن قطلوبغا بن عبد الله الجمالي، ومعنى (قطلوبغا) الفحل الميمون. و (الجمالي) نسبة إلى جمال الدين سودون الشيخين الجركسي نائب السلطنة، وهو الذي أعتق قطلوبغا بعد أن كان مملوكًا له، وهو من المماليك المستقدمين للجيوش من القوقاس كما قال الكوثري رحمه الله. قال السخاوي: وربما لُقِّب (شرف الدين). وشهرته (قاسم الحنفي) وهكذا كان يعرِّف نفسه في أوائل كتبه أو خواتمها. مولده: وُلد في المحرم سنة (802 هـ- 1399 م)، ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيمًا. ¬

_ (¬1) هي ذات الأرقام 22 و 33 و 61 و 91 من أصل 105 كتب هي مؤلفاته كما سيأتي بيانها. (¬2) الضوء اللامع، للسخاوي 6/ 184، شذرات الذهب، لابن العماد 7/ 326، البدر الطالع، للشوكاني 2/ 45، فهرس الفهارس، للكتاني 2/ 321، هدية العارفين، للبغدادي 1/ 830، وليام آلوورد 9/ 438، بروكلمان 2/ 82 وملحقه 2/ 93، وتقديم الكوثري لكتاب المؤلف "منية الألمعي".

نشأته العلمية وشيوخه

نشأته العلمية وشيوخه: سمع تجويد القرآن على الزراتيتي، وبعض التفسير على العلاء البخاري، وحفظ كتبًا عرض بعضها على العز بن جماعة. وأخذ علوم الحديث عن التاج أحمد الفرغاني النعماني قاضي بغداد، والحافظ ابن حجر. وأخذ الفقه عن العلاء البخاري، والسراج قارئ الهداية، والمجد الرومي، والنظام السيرامي، والعز عبد السلام البغدادي، وعبد اللطيف الكرماني. وأخذ أصول الفقه عن العلاء البخاري، والسراج قارئ الهداية، والشرف السبكي. وأخذ أصول الدين عن العلاء البخاري، والبساطي. وقرأ سنة 832 هـ على السعد بن الديري شرحه لعقائد النسفي. وأخذ الفرائض والميقات عن ناصر الدين البارنباري وغيره، واستمد فيها وفي الحساب كثيرًا بالسيد علي تلميذ ابن المجدي. وأخذ العربية عن العلاء البخاري، والتاج الفرغاني، والمجد الرومي، والشرف السبكي. والصرف عن البساطي، والمعاني والبيان عن العلاء البخاري، والنظام السيرامي، والبساطي. وأخذ المنطق عن الشرف السبكي. واشتدت عنايته بملازمة ابن الهمام بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ عنده في هذه الفنون وغيرها، وذلك من سنة 825 هـ حتى مات. وكان معظم انتفاعه به. ومما قرأ عليه الربع الأول من شرحه للهداية، وقطعة من "توضيح" صدر الشريعة، وجميع "المسايرة".

تلاميذه

تلاميذه: قال السخاوي، وهو أحد تلاميذه: تصدى للإفتاء والتدريس قديمًا، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة. وأسْمَعَ من لفظه جامعَ مسانيد أبي حنيفة بمجلس الناصري ابن الظاهر جقمق بروايته له عن التاج النعماني بسنده عن مؤلفه الخوارزمي، وكان الناصري ممن أخذ عنه واختص بصحبته، بل هو فقيه أخيه الملقب بعد بالمنصور. قال السخاوي: وممن كتب عنه من نظمه ونثره البقاعيُّ وبالغ في أذيته ... وعظم انتفاع الشرف المناوي به، وكذا البدر بن الصوَّاف ... ثم مسه منهم غاية المكروه ... وقد صحبْتُه قديمًا وسمعت منه مع ولدي ... شمائله: قال السخاوي في الضوء اللامع (6/ 188): هو إمام علامة قوي المشاركة في فنون، ذاكر لكثير من الأدب ومتعلقاته واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه وخباياه، متقدم في هذا الفن طلق اللسان قادر على المناظرة وإفحام الخصم لكن حافظته أحسن من تحقيقه، مغرم بالانتقاد ولو لمشايخه حتى بالأشياء الواضحة والإِكثار من ذكر ما يكون من هذا القبيل بحضرة كل أحد ترويجًا لكلامه بذلك مع شائبة دعوى ومشاححة، كثير الطرح لأمور مشكلة يمتحن بها وقد لا يكون عنده جوابها، ولهذا كان بعضهم يقول: إن كلامه أوسع من علمه، وأما أنا فأزيد على ذلك بأن كلامه أحسن من قلمه. مع كونه غاية في التواضع وطرح التكلف وصفاء الخاطر جدًّا وحسن المحاضرة لا سيما في الأشياء التي يتحفظها، وعدم اليبس والصلابة، والرغبة في المذاكرة للعلم وإثارة الفائدة، والاقتباس ممن دونه

معيشته

مما لعله لم يكن أتقنه. وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن وصار بينهم من أجلة فرسانه .. وقُصد بالفتاوى في النوازل والمهمات ... معيشته: قال السخاوي: تكسب بالخياطة وقتًا، وبرع فيها، بحيث كان -فيما بلغني- يخيط بالأسود في البغدادي فلا يظهر! وقال السخاوي أيضًا: لم يَلِ -مع انتشار ذكره- وظيفةً تناسبه، بل كان في غالب عمره أحد صوفية الأشرفية. نعم استقر في تدريس الحديث بقبَّة البيبرسية عقب ابن حسان، ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا (ابن حجر). وقرره جانبك الجداوي في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة، ثم صرفه وقرر فيها غيره. ولكنه كان قبيل هذه الأزمان ربما تفقده الأعيان من الملوك والأمراء ونحوهم فلا يدبر نفسه في الارتفاق بذلك، بل يسارع إلى إنفاقه ثم يعود لحالته، وهكذا مع كثرة عياله وتكرر تزوجه. وبالجملة فهو مقصر في شأنه .. وكان مسكنه ضيقًا فعرض بعض أصحابه عليه السكنى في مكان أوسع لكنه لم يوافق. ورتب بعضهم له معاليم مالية إلَّا أنه أدركته الوفاة قبل ذلك. مكانته العلمية: أثنى عليه من ترجموا له، وبخاصة السخاوي وقد رد على البقاعي الذي تكلم فيه بما لا ينبغي. وقد ذكروا أنه مهر في علوم العربية والقراءات والتفسير والحديث والفقه والأصول والمنطق والكلام وسائر العلوم. وكان واسع الحفظ حتى قيل: إنه كان يحفظ عن ظهر قلب زوائد الدارقطني أو رجاله الزائدين عن رجال السِّتَّة، من غير مراجعة الكتب.

مؤلفاته

مؤلفاته: قال السخاوي: وقد أقبل على التأليف -كما حكاه لي- من سنة عشرين وهلم جرًّا (أي سنة 820 هـ وعمره 18 سنة). أ- التفسير والقراءات: 1 - تعليقة على تفسير البيضاوي، بلغ بها إلى قوله تعالى: {فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} سورة البقرة (كشف الظنون 1/ 193). 2 - شرح البسملة (هدية العارفين 1/ 830). 3 - الأصل في بيان الفصل والوصل (كشف الظنون 1/ 107). ب- الحديث وشروحه: 4 - شرح مصابيح السنَّة للبغوي (كشف الظنون 2/ 1698 وذيله 2/ 490). 5 - حاشية على مشارق الأنوار للصاغاني (كشف 2/ 1690). 6 - تعليق مسند الفردوس والذي خرجه منه قليل جدًّا. 7 - ترصيع الجوهر النقي في تلخيص سنن البيهقي، وقد رتبه على حروف المعجم، وبلغ فيه إلى أثناء التيمم (كشف الظنون 2/ 1007، والضوء اللامع 6/ 887). 8 - مسند عقبة بن عامر رضي الله عنه نزيل مصر (ولعله اهتم به لكونه له مشهد، وقد دفن فيه أبواه ثم دفن المؤلف فيه أيضًا). 9 - الأمالي على مسند أبي حنيفة، في جزأين (الكشف 2/ 1680). 10 - ترتيب مسند أبي حنيفة للحارثي، رتبه على أبواب الفقه. 11 - ترتيب مسند أبي حنيفة لابن المقري. 12 - عوالي الليث بن سعد. 13 - عوالي القاضي بكار. 14 - عوالي الطحاوي.

ج - مصطلح الحديث

ج - مصطلح الحديث: 15 - شرح قصيدة ابن فرح الإِشبيلي في مصطلح الحديث (كشف 2/ 1329). قال السخاوي: قال إنه بحث فيه مع العز بن جماعة (الضوء اللامع 6/ 186). 16 - تعليقة على شرح نظم نخبة الفكر للشمني والشرح لابنه التقي الشمني المسمى: العالي الرتبة في نظم النخبة (كشف 2/ 1937). 17 - شرح منظومة ابن الجوزي في الحديث. شرحها في مجلدين ولم يكمل، جمع في شرحه من كل نوع، حتى خرج عن أن يكون شرحًا لهذا النظم القليل، وكان يقول إنه زردخانتي، إشارة إلى أنه جمع فيه كل ما عنده (كشف 2/ 1866). 18 - حاشية على فتح المغيث شرح الحافظ العراقي على ألفيته (الكشف 1/ 156). د- التخريج لأحاديث كتب مشهورة: 19 - إتحاف الأحياء بما فات من تخريج أحاديث الإِحياء. لعله استدراك على كتاب الحافظ العراقي. وسمي في بعض المراجع "تحفة الأحياء" (ذيل الكشف 1/ 14). 20 - بغية الراشد في تخريج أحاديث شرح العقائد، وهي عقائد النسفي. 21 - شرح غريب أحاديث شرح الأقطع المتوفى 474 هـ على متن القدوري (الكشف 2/ 1634). 22 - منية الألمعي فيما فات من تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (الكشف 2/ 1885)، وهو مطبوع بتحقيق الشيخ محمَّد زاهد الكوثري، مطبعة السعادة 1950 م. 23 - تخريج أحاديث أصول البزدوي (الكشف 1/ 113).

هـ - أصول الدين

42 - تخريج أحاديث الاختيار شرح المختار لابن مودود الموصلي في مجلدين (الكشف 2/ 1623، والضوء اللامع 6/ 186). 25 - تخريج أحاديث الشفا للقاضي عياض (الضوء اللامع 6/ 186). 26 - تخريج أحاديث تفسير أبي الليث (الكشف 1/ 441). 27 - تخريج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي. 28 - تخريج أحاديث منهاج العابدين للغزالي. 29 - تخريج أحاديث الأربعين في أصول الدين للغزالي. 30 - تخريج أحاديث جواهر القرآن للغزالي. 31 - تخريج أحاديث بداية الهداية للغزالي. 32 - تخريج أحاديث فرائض السجاوندي (الكشف 2/ 1250). هـ - أصول الدين: 33 - شرح المسايرة للكمال بن الهمام. مطبوع بهامش شرح المسايرة للكمال بن أبي شريف. وهو شرح على المواطن المحتاجة للشرح، وفيه تحقيقات وتعقبات على شيخه ابن الهمام، وغيره (كشف 2/ 1667). 34 - من يكفر ولم يشعر. لعله في الألفاظ الموجبة للردة؟ (كشف 2/ 1887). 35 - حاشية على شرح العقائد (الضوء اللامع 6/ 187). و- أصول الفقه: 36 - حاشية على شرح تنقيح الأصول لنقره كار عبد الله بن محمَّد الحسيني 750 هـ، والتنقيح لصدر الشريعة (الكشف 1/ 499). 37 - حاشية على شرح ابن ملك للمنار (الكشف 2/ 1825). 38 - شرح مختصر المنار لابن حبيب (الكشف 2/ 1825).

ز- الفقه الحنفي

39 - شرح الورقات لإمام الحرمين (الكشف 2/ 2006)، نقل السخاوي (6/ 187) عن المؤلف أن تصنيفه له كان في أواخر سنة 820 هـ (أي عمره 18 سنة). 40 - تبصرة الناقد في كيد الحاسد. وهو للدفاع عن مذهب أبي حنيفة (الكشف 1/ 12). 41 - الإِجابة عن اعتراضات ابن أبي شيبة على أبي حنيفة (الكشف 1/ 12). 42 - مختصر المنار، ومختصر المختصر (الضوء اللامع 6/ 187). 43 - أجوبة عن اعتراضات العز بن جماعة على أصول الحنفية (الضوء 6/ 187). ز- الفقه الحنفي: 44 - شرح المختار للموصلي (الكشف 2/ 1623). 45 - الترجيح والتصحيح على القدوري. تقيد فيه بكونه من رواية أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والطحاوي والكرخي (الضوء 6/ 187). 46 - شرح النقاية لصدر الشريعة. لم يكمل (الكشف 2/ 1971). قال السخاوي: وكان شيخنا الشمني يذكر أنه سلخ (نقل) فيه شرحه لهذا، ولذا أعرض المتقي عن شرحه المسلوخ منه وابتكر شرحًا آخر لم يفرغ منه إلَّا قُبيل موته (الضوء اللامع 6/ 187). 47 - شرح مختصر الطحاوي (ذيل الكشف 2/ 449). 48 - أجوبة عن اعتراضات العز على الهداية (الضوء 6/ 187). 49 - الأسوس في كيفية الجلوس (الكشف 1/ 91).

50 - إجارة الإقطاع (الكشف 1/ 10). 51 - العصمة، عن الخطأ في نقض القسمة (الكشف 2/ 142)، وقال: ذكرها المقدسي أيضًا في فتاواه، في مسألة وقف الأولاد. 52 - الفتاوى القاسمية (الكشف 2/ 1227). 53 - الفوائد الحيلة في مسألة اشتباه القبلة (الكشف 2/ 1296). 54 - القمقمة، في مسألتي الجزء والقمقمة. 55 - القول القاسم في بيان حكم الحاكم (ذيل الكشف 2/ 251). 56 - القول المتبع، في أحكام الكنائس والبِيَع (الكشف 2/ 1364). 57 - النجدات، في بيان السهو في السجدات (الكشف 2/ 1935). 58 - دفع المضرات عن الأوقاف والخيرات (الكشف 1/ 757). 59 - تحرير الأنظار في جواب ابن العطار، وهو في قول المحققين من أئمة الحنفية أن النفي والإثبات إذا تعارضا وكان النفي مما يعلم بدليله فإنه يقضي على المثبت (الكشف 1/ 356). 60 - رفع الاشتباه عن مسائل المياه (الكشف 1/ 909). 61 - رد القول الخائب في القضاء على الغائب. مطبوع (الكشف 1/ 837 ومعجم المطبوعات). 62 - موجبات الأحكام (الكشف 2/ 1898). 63 - رسالة في مسائل الشيوع. (منه مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 2152 فقه حنفي). 64 - البسملة. 65 - رفع اليدين. 66 - تخريج الأقوال في مسألة الاستبدال. 67 - الأصل في الفصل والوصل. يعني وصل التطوع بالفريضة.

ح - الفقه المقارن

ح - الفقه المقارن: 68 - شرح درر البحار للقونوي، في المذاهب الأربعة. جمع فيه القونوي بين مجمع البحرين للساعاتي الحنفي، ومذهب أحمد والشافعي ومالك (الكشف 1/ 746). قال السخاوي: وهو في تصنيفين قال أن المطول منهما لم يتم (الضوء 6/ 187). ط- علم الفرائض: 69 - شرح فرائض "مجمع البحرين للساعاتي" وقال: إنه مزج. 70 - جامعة الأصول في الفرائض. قال: إن تصنيفه له كان في سنة 820 هـ - (أي عمره 18 سنة). 71 - شرح فرائض السجاوندي. 72 - نزهة الرائض في أدلة الفرائض. 73 - شرح مختصر الكافي في الفرائض لابن المجدي. 74 - شرح فرائض الكافي. 75 - شرح رسالة السيد في الفرائض وقال إنه مطول (الضوء 6/ 187). ي- علم الحساب: 76 - قال السخاوي: له أعمال في الوصايا والدوريات وإخراج المجهولات (الضوء اللامع 6/ 187). ك- علم الرجال: 77 - الاهتمام الكلي بإصلاح "ثقات العجلي" (ذيل الكشف 1/ 151). 78 - زوائد العجلي. 79 - الإِيثار برجال معاني الآثار للطحاوي (الكشف 2/ 1728).

ل- التاريخ والتراجم

80 - أسئلة الحاكم للدارقطني. 81 - الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة أربع مجلدات (الكشف 1/ 522). 82 - رجال موطأ الإِمام محمَّد بن الحسن. 83 - رجال الآثار، للإِمام محمَّد بن الحسن. 84 - تقويم اللسان في الضعفاء، مجلدان. 85 - فصول اللسان. 86 - حاشية على التقريب للحافظ ابن حجر. 87 - حاشية على مشتبه النسبة. 88 - كتاب فيمن روى عن أبيه عن جده (الكشف 2/ 1494). 89 - ترتيب "التمييز" للجوزقاني. ل- التاريخ والتراجم: 90 - تلخيص السيرة النبوية لمغلطاي (الكشف 2/ 1013). 91 - تاج التراجم مختصر جمعه من تذكرة شيخه المتقي المقريزي، ومن الجواهر المضية مقتصرًا على ذكر من له تصنيف وهم 330 فقيهًا. مطبوع (الكشف 1/ 269 و 2/ 1098 ومعجم المطبوعات). 92 - منتقى درة الأسلاك في دولة الأتراك لبدر الدين بن حبيب 779 هـ (الكشف 1/ 737). 93 - معجم الشيوخ. جمع فيه شيوخه (الكشف 2/ 1735). 94 - ترتيب "الإِرشاد في علماء البلاد" للخليلي. رتبه على الحروف بعد أن كان مرتبًا على ترتيب البلاد (الكشف 1/ 70).

م- علوم العربية

95 - تراجم مشايخ المشايخ في مجلد (الضوء 6/ 187). 96 - تراجم مشايخ شيوخ العصر. لم يتم (الضوء 6/ 187). م- علوم العربية: 97 - حاشية على شرح التفتازاني لتصريف الزنجاني (الكشف 2/ 1140، والضوء 6/ 187). 98 - اختصار تلخيص المفتاح. 99 - شرح الأندلسية في العروض، لابن أبي الجيش 549 هـ (الكشف 2/ 1135). 100 - تعليقة على القصاري في الصرف (الضوء 6/ 187). 101 - حاشية على شرح العزي في الصرف (الضوء 6/ 187). 102 - شرح مخمسة العز عبد العزيز الديريني في العربية (الضوء 6/ 187). ن- المنطق: 103 - ميزان النظر في المنطق (الكشف 2/ 1921). 104 - تقويم اللسان في شرح الميزان، في مجلدين (الكشف 1/ 470). 105 - شرح منار النظر في المنطق لابن سينا (الضوء 6/ 187). من نظمه: ذكر السخاوي أنه نقل كثيرًا من نظم المؤلف. وأورد من ذلك رده على من قال: إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فعليك إثم أبي حنيفة أو زُفَر الواثبين على القياس تمردًا ... والراغبين عن التمسك بالأثر

وفاته

وذلك بقوله: كذب الذي نسب المآثم للذي ... قاس المسائل بالكتاب وبالأثر إن الكتاب وسنة المختار قد ... دلَّا عليه فدع مقالة من فشر وفاته: توُفِّي ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة 879 عن سبع وسبعين سنة. وصلي عليه من الغد تجاه جامع المارداني في مشهد حافل. ودفن على باب المشهد المنسوب إلى عقبة بن عامر رضي الله عنه عند أبويه وأولاده. قال السخاوي: تعلل (مرض) الشيخ مدة طويلة بمرض حاد، وبحبس الإِراقة (البول) والحصاة وغير ذلك. وتنقل لعدة أماكن إلى أن تحول قبيل موته بيسير بقاعة بحارة (¬1) الديلم فلم يلبث أن مات. ب- الكتاب اسم الكتاب: جاءت تسمية الكتاب بـ "تحقيق الأقوال في صيام الست من شوال" على ظهر المخطوطة الأصل ... كما إنها هي التسمية التي وردت في كل من الضوء اللامع وكشف الظنون. وهي تسمية مطابقة لمضمونه كاشفة عن غرض المؤلف، فهو قد حقق الأقوال المتعلقة بهذا الموضوع، ولم يقتصر فيه على مذهب الحنفية، بل عنى ببيان أقوال الفقهاء من المذاهب الأخرى الأئمة الأربعة وغيرهم. موضوع الكتاب، ومضمونه: لم يقتصر الكتاب على موضوع واحد، بالرغم من إيلاء الأهمية لمسألة ¬

_ (¬1) كذا في الضوء اللامع 6/ 189.

سبب تأليف الكتاب

مشروعية صوم الست من شوال التي كانت السبب في تأليفه، بل تناول مسائل أخرى ذات بال، مثل: التتابع وعدمه في صيام الست من شوال، ومسألة التشبه بأهل الكتاب، وبخاصة النصارى، في الزيادة على العبادات المشروعة وكونها منتفية هنا بحصول الفصل بين رمضان وما بعده بتحريم الصوم يوم العيد، ورد دعوى نسخ صوم رمضان لأي صوم آخر، والكلام عن صوم الدهر ومسألة التشبيه به وكونها لا تفيد التحريم، وإنما تفيد ما هو الوجه المقصود من التشبيه وهو حصول الثواب الكبير من غير تحمل المشقة التي تحصل بصيام الدهر .. ومسائل أخرى. وأهم ما تضمنه الكتاب تحقيق قضيتين هما تصحيح ما نُقل عن أئمة مذهب الحنفية وأنه محمول على عدم الفصل بين صيام الست من شوال وصيام رمضان، ثم تعزيز ذلك بالنقل عن أشهر فقهاء المذهب إلى عصر المؤلف بتأكيد استحباب صوم الست من شوال. وقد ألحقت بآخر الكتاب نماذج من نصوص فقهاء الحنفية بعد عصر المؤلف. وفضلًا عن الجانب الفقهي للموضوع حفل الكتاب بالجانب الحديثي له، وذلك بالكلام عن الحديث المثبت لمشروعية صيام المست من شوال ببيان طرقه ودرجة رواياته، والمؤلف من كبار المحدثين وهو الذي استدرك على الحافظ الزيلعي صاحب نصب الراية بتخريج ما عجز عنه ورمز له بقوله (غريب)، حيث قام ابن قطلوبغا بتخريج ما استغربه الزيلعي وألف كتاب "منية الألمعي بتخريج ما فات الزيلعي". سبب تأليف الكتاب: جاء بيان سبب تأليف الكتاب في المقدمة التي وضعها أحد تلامذة المؤلف، والمشتملة على عرض المسألة التي حصل الجدل في شأنها، وقيام

أسلوب الكتاب

أحد المشتغلين بالعلم وهو أبو عبد الله محمَّد بن طنبغا بالبحث عنها في كتب الحنفية، وقد عثر على ما ظنه حاسمًا في الأمر وهو التحريم أو الكراهة ولا ندري لِمَ اقتصر ذلك الباحث على الاتجاه المانع دون المثبت مع أنه متداول في كتب المذهب الحنفي كما أثبت المؤلف. فكان الجواب على ما عرض على المؤلف مما اختاره ابن طنبغا من كتاب جلال الدين التّبَّاني هو السبب لتأليف هذا الكتاب. أسلوب الكتاب: نهج المؤلف في كتابه منهجًا جامعًا بين أسلوب الردود والمعارضات، وأسلوب البيان المستأنف، فقد قام بتجزئة ما جاء في السؤال إلى فقرات ثم كرَّ عليها بالنقد الشديد لكنه نقد علمي هادف لم تعكر صفوه تلك الشدة التي اقتضاها المقام ... كما إنه جمع بين طريقتي المنقول والمعقول، ولم يستنكف عن الاستشهاد بأقوال الفقهاء من المذاهب الأخرى. وقد طبَّق المؤلف ما يطلق عليه في أصول الإِفتاء (أسلوب الحكيم) وهو الزيادة عما ورد في السؤال إذ لم يكتف بتفنيد الشبهات والادعاءات الواردة فيه، بل أضاف إليها الردّ على ما أثير في الموضوع من غير الجلال التّبَّاني. أهمية الكتاب، ومصادره: لا تخفى أهمية الكتاب في تصحيح ما وقع من وهم في تحرير مذهب الحنفية، فضلًا عن تصحيح المقصود من التحرز الذي وقع للإمام مالك، إذ ليس فيه معنى الحكم بالكراهة أو التحريم، وإنما هو من قبيل سدّ الذرائع، والذرائع إذا أمكن سدَّها بالتوعية والتوضيح لا يصار إلى سدِّها بالمنع. ومصادر المؤلف للبيانات التي أوردها هي كتب الفقه وكتب الحديث وشروح الأحاديث، ولم يقتصر على مراجع مذهب الحنفية وحدها. ولا أعلم أن لهذا

ج- المخطوطات

الكتاب سابقة لغير المؤلف، بالرغم من توافر التقرير للحكم الذي انتهى إليه، وذلك في شتى الكتب الفقهية وكتب الآداب الشرعية التي تُعنى ببيان الرغائب والفضائل. والله أعلم. ج- المخطوطات لقد قمت في البداية بتحقيق هذا الكتاب عن مخطوطة واحدة، بحيث كانت هي الأصل، وهي من مخطوطات العم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله وهي ضمن مجموع يضم عدة كتيبات. ثم يسَّر الله تعالى عن طريق الأخ الشيخ محمَّد بن ناصر العجمي العثور على مخطوطتين أخريين، جزاه الله خيرًا، بحيث يصبح مرجع التحقيق لهذا الكتاب ثلاث مخطوطات، هي: 1 - المخطوطة (الأصل): وهي من مخطوطات العم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله وهي في ضمن مجموع رقمه 58 بين مخطوطاته وعدد صفحاتها (11) صفحة وناسخها- على ما يظن- من أهل العلم، وهو أحمد بن علي بن أحمد الشهير بابن الملا الشافعي. وتاريخ نسخها عام 978 هـ. ومسطرتها مختلفة ما بين 18 - 20 سطرًا بحسب الصفحات ومقاسها 17 × 12 سنتيمتر. وتجدر الإِشارة إلى أنه لم تشتمل آخر صفحات هذا الكتاب في المخطوطة على اسم الناسخ وتاريخ النسخ، بل جاء في الرسالة التي قبلها من المجموع المشار إليه، دون أي فارق في طريقة النسخ والخط، مما يدل على وحدة التاريخ أو تقاربه. والعنوان الذي كُتب في صفحة الغلاف من هذه المخطوطة هو: تحرير الأقوال في صوم الست من شوال، للشيخ قاسم الحنفي رحمه الله تعالى. ومن المعتاد للمؤلف اختياره هذه التسمية لنفسه (قاسم الحنفي) نسبة إلى مذهبه ... 2 - المخطوطة الثانية نسخة م: وهي من مخطوطات مكتبة الحرم

المدني رقم (7/ 80) مجاميع، وهي الرسالة الثانية من هذا المجموع، وعدد صفحاتها (6) صفحات، وناسخها محمَّد مقيم بن إبراهيم السندي المدني، وتاريخ نسخها سنة 1161 هـ. 3 - المخطوطة الثالثة نسخة ع: وهي من مخطوطات مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، رقمها (138 قديم، 75 جديد) مجاميع، وعدد صفحاتها (11) صفحة، ولم يعلم ناسخها ولا تاريخ نسخها. * * *

مخطوطاات ممم صورة العنوان من النسخة الأصل

صورة الصفحة الأولى من نسخة الأصل

صورة الصفحة الأخيرة من مخطوطة الأصل

صورة الصفحة الأولى من نسخة م

صورة العنوان من نسخة ع

صورة الصفحة الأولى من نسخة ع

صورة الصفحة الأخيرة من نسخة ع

[بيان سبب التأليف]

بسم الله الرحمن الرحيم [بيان سبب التأليف] (¬1) وبعد، لمَّا شاع في القاهرة المحروسة ذكر صوم الست من شوال أنه مكروه، فطلب ذلك العدل الرضا المحصِّل أبو عبد الله بن طيبغا الحنفي، عامَله الله بلطفه الخفي، من كتب السَّادة الحنفية. [مقالة الجلال التَّبَّاني (¬2) في حكم صيام الست من شوال]: فوجد مقالة الشيخ الإِمام العالم الجلال التّبَّاني الحنفي في منظومته: "وفي صيامِ السِتِّ من شوالِ ... كراهةٌ عند أُولي الأَفضالِ" ¬

_ (¬1) لا يخفى أن هذه المقدمة هي من كلام أحد تلامذة المؤلف، للتوطئة. وبداية كلام المؤلف بعد صفحتين. (¬2) التَّبَّاني: نسبة إلى التبانة، وهي محلة بظاهر القاهرة، نسب إليها لنزوله بها. واسمه: رسولا بن أحمد بن يوسف، فقيه أصولي نحوي، له مؤلفات في أصول الفقه والعقيدة والنحو والبيان، ومن مؤلفاته في الفقه: شرح الهداية، وفتاوى في أربع مجلدات، ومنظومة في الفقه، وشرحها له. تُوُفِّي التَّبَّاني عام ... أورد البغدادي أسماء مؤلفاته (1/ 367) وأشار إليه صاحب كشف الظنون 2/ 1867، وله ترجمة في الدرر الكامنة، لابن حجر 1/ 545، =

وقوله في شرحها (¬1): "أي يكره صوم الست من شوال متتابعًا ومتفرّقًا عند أبي حنيفة. وعن أبي يوسف يكره متتابعًا (¬2). وقال مالك: يكره على كل حال (¬3)، وهذا وظيفة الجُهال (¬4)، وكل حديث فيه فهو موضوع، ذكره في كتاب التفسير. وصوم شهر رمضان نسخ كل صوم كان قبله، والأضحية نسخت كل دم كان قبلها، كالعتيرة والأكيرة (¬5)، وقيل: لا يكره. وهو قول ¬

_ = والشذرات، لابن العماد 0/ 327، والبدر الطالع، للشوكاني 1/ 186، وبغية الوعاة 213، وحسن المحاضرة 1/ 269، وهدية العارفين 1/ 367، وله ترجمة في معجم المؤلفين لكحالة في ثلاثة مواطن (2/ 209، 3/ 152، 3/ 157). (¬1) أي في شرح منظومة التَّبَّاني، وهو له أيضًا. وقد ذكروا أنه في أربع مجلدات. (¬2) في (ع)، (م): "ومتفرقًا"، والصواب حذفها؛ بدلالة فصله رأيَ أبي يوسف عن أبي حنيفة، وانظر صفحة 38. (¬3) الذي في الموطأ، في آخر كتاب الصام: "قال يحيى: وسمعت مالكًا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إنه لم ير أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها. ولم يبلغني عن أحد من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يُلحق برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك". الموطأ، رواية يحيى الليثي 206 - 207، ط الشعب. ومن رواية القعنبي 230. (¬4) هذه الجملة ليست من كلام الإمام مالك كما سيبين المؤلف وقد آخذ التَّبَّاني على إدراجها بما يوهم أنها من كلام مالك. (¬5) العتيرة: شاة كان أهل الجاهلية يذبحونها في رجب لأصنامهم. =

عرض دعوى الكراهة على المؤلف

محمَّد. والأول أصح؛ لما فيه من التشبُّه بأهل الكتاب، لأنهم يلحقون بالفرض ما ليس منه". [عرض دعوى الكراهة على المؤلف] (¬1): فسأل عن ذلك سيِّدنا الإِمام العالم بقية السَّلف زين الدِّين أبا المعالي قاسمًا بن قطلوبغا الحنفي، رحمه الله تعالى. [الجواب: رد دعوى الكراهة وإثبات استحباب صوم الست من شوال] فأجاب -بعد البسملة والحمد لله والصلاة [والسلام] على النبي بما نصّه: وبعد، فإنَّ الفقير إلى رحمة ربّه الغني، قاسم الحنفي يقول: قد رَفَعَ إليَّ العدل الفاضل أبو عبد الله محمَّد بن طنبغا الحنفي قول الشيخ الجلال التّبَّاني، في منظومته، وشرحه (¬2)، ما ذُكر بحروفه حرفًا حرفًا، فقلت: ¬

_ = وأما الأكيرة فلعلها تحريف عن الوكيرة، إذ لم أجد في عدد من المعاجم ذكرًا لها. والوكيرة هي الوليمة لأجل بناء البيت. وقد ذكرها الفقهاء دون نكير، مثل القليوبي على شرح المنهاج (3/ 294) وغيره. (¬1) اهتمَّ المؤلف بدحض دعوى الكراهة عند الحنفية، ولم يتكلَّم عمَّا عند المالكية في ذلك. وفحوى ما في كتبهم: أنَّ الكراهة ليست على كل حال -كما ادَّعى التَّبَّاني- بل هي مقيدة بالظرف الذي يوهم أنَّها من رمضان. وقد أفردت ملحقًا في آخر هذه الرسالة لبيان حقيقة مذهب المالكية. (¬2) سقطت من (ع)، (م).

هذا رجل قد عمد إلى تعطيل ما فيه الثواب الجزيل، بدعوى كاذبة بلا دليل، واعتمد الضعيف والمؤوّل، وترك ما عليه المعوّل، وصحح ما لم يُسبق إلى تصحيحه ولا عوّل أحد عليه، مع النقل المختل والألفاظ الزائدة، وذكر ما ليس له في هذا المحل فائدة. وبيان ذلك: أن في قوله: "يكره صوم الست ... "، إلى قوله: "بكل حال" تكرارًا بلا فائدة. وقوله: "عند أبي حنيفة" هذا ما ذُكر (¬1) في "المحيط البرهاني" (¬2) و "الذخيرة البرهانية" (¬3) بصيغة تدل على أنه خلاف الأصول، وعقَّبه في الذخيرة بأن الصحيح خلافه [وفي المحيط كذلك] (¬4) كما سيأتي (¬5). وأما قوله: "وعن أبي يوسف (¬6) ... " إلخ. فنقل مختل، فقد ¬

_ (¬1) في (ع)، (م): "هذا مما عُزي إلى المحيط الكبير، وأما المحيط البرهاني ... ". ولم يذكر فيهما جواب أما؟ (¬2) المحيط البرهاني: هو لبرهان الأئمة الكبير، واسمه عبد العزيز بن عمر بن مازه، من أكابر أصحاب السرخسي (الجواهر المضية 1/ 560). (¬3) الذخيرة البرهانية: هو لبرهان الأئمة المشار إليه في التعليق السابق (الجواهر المضية 1/ 363). (¬4) الزيادة من (ع)، (م). (¬5) انظر النص رقم 10/ 7 من نصوص فقهاء الحنفية الآتي سردها من المؤلف. (¬6) أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، أكبر أصحاب أبي حنيفة وأعلمهم بفقهه وأتبعهم للحديث، لقي مالكًا وتناظرا ورجع أبو يوسف إلى رأي مالك في مسألة الصاع. روى عنه أحمد بن حنبل، له كتاب الخراج الذي ألفه بطلب =

[ادعاء كراهة صوم الست من شوال مخالف لنصوص فقهاء الحنفية]

اتفقت عبارات الكتب على أن المنقول عن أبي يوسف هو ما في رواية الكرخي (¬1): كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صيامًا، خوفًا أن يُلحق ذلك بالفريضة، ففهم منه صاحب الحقائق أنه كره التتابع، فهذا تأويله عنده. وقال صاحب البدائع (¬2): "الإِتباع المكروه أن يصوم يوم العيد وخمسة بعده". فهذا معنى قول أبي يوسف عنده. وقد أخذ هذا من إملاء الحسن بن زياد، كما سأذكر (¬3). وهذا معنى قولي: اعتمد الضعيف والمؤوَّل. [ادعاء كراهة صوم الست من شوال مخالف لنصوص فقهاء الحنفية] وأما أنه ترك ما عليه المعوَّل فأسوقه لك، من عهد أصحاب أبي حنيفة وإلى زمان مشايخنا قرنًا بعد قرن، فنقول: ¬

_ = الرشيد. كان قاضي القضاة في عهده. تُوُفِّي 182 هـ. (البداية والنهاية، لابن كثير 13/ 614، ومعجم المؤلفين 4/ 122). (¬1) الكرخي: هو أبو الحسين عبد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم. له مختصر مشهور في الفقه شرحه القدوري وغيره. تُوُفِّي عام 340 هـ. (شذرات الذهب 4/ 163). (¬2) صاحب البدائع هو الكاساني: أبو بكر بن مسعود. شرح به تحفة الفقهاء للسمرقندي. تُوُفِّي بحلب عام 587 هـ. (معجم المؤلفين 3/ 75). (¬3) انظر: النص رقم 2 من نصوص فقهاء الحنفية.

1 - أنه هو قول محمَّد (¬1). 2 - ونقل في الغاية عن الحسن بن زياد (¬2) أنه كان لا يرى بصومها بأسًا ويقول: كفى بيوم الفطر مفرِّقًا بينهن وبين رمضان. ومحمد والحسن بن زياد من أصحاب أبي حنيفة. وكانت وفاة محمَّد سنة (189 هـ) تسع وثمانين ومائة. ووفاة الحسن سنة (204 هـ) أربع ومائتين. 3 - وذكر الطحاوي (¬3) حديث "من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال" من طرق وأقرَّه، وكانت وفاته سنة (321 هـ) إحدى وعشرين وثلاثمائة، ومولده سنة (229) تسع وعشرين ومائتين. 4 - وقال أبو الليث السمرقندي (¬4) في كتاب "النوازل": "صوم ¬

_ (¬1) محمَّد بن الحسن الشيباني من أصحاب أبي حنيفة، وهو مدوِّن مذهبه. أصله من حرستا (من قرى دمشق وقد أصبحت جزءًا منها). وُلِد بواسط ونشأ بالكوفة. ولَّاه الرشيد قضاء الرقة. تُوُفِّي بالريِّ. من تصانيفه: الجامع الصغير، والجامع الكبير، والأصل، وغيرها. (تاج التراجم 40، ووفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 547، وبلوغ الأماني في ترجمة محمَّد بن الحسن الشيباني للكوثري). (¬2) الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، من أصحاب أبي حنيفة. ولي القضاء. من مؤلفاته: أدب القاضي، والخراج، والفرائض، والنفقات. (تاج التراجم 16، والإِمتاع بسيرة الإِمامين الحسن بن زياد، ومحمد بن شجاع للكوثري). (¬3) الطحاوي أحمد بن محمَّد بن سلامة. من كبار فقهاء الحنفية. من مؤلفاته: معاني الآثار، ومشكل الآثار، ومختصر في الفقه. (تاج التراجم 6، وفيات الأعيان 1/ 23، والحاوي في سيرة الطحاوي للكوثري). (¬4) أبو الليث السمرقندي نصر بن محمَّد بن إبراهيم، فقيه، مفسِّر، محدِّث، صوفي. من تصانيفه: النوازل، وخزانة الفقه، والتفسير، وتنبيه الغافلين.

الست بعد الفطر متتابعًا، منهم من كرهه، والمختار أنه لا بأس به، لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يُؤمَنُ [من] (¬1) أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبهًا بالنصارى (¬2)، والآن [قد] (¬3) زال هذا المعنى". وكانت وفاته سنة (373 هـ) ثلاث وسبعين وثلاثمائة (¬4). 5 - وقال الحسام الشهيد في "الواقعات" (¬5): "صوم الست من شوال متتابعة بعد الفطر، كرهه بعضهم. والمختار أنه لا بأس به". ووفاته سنة (536 هـ) ست وثلاثين وخمسمائة. 6 - وقال أبو حفص عمر النسفي (¬6): "بعد صوم رمضان إتْباع سِتَّةٍ من شوال عند مالك: يكره، وعندنا: لا يكره" فعدّه مذهبًا نَصَب فيه الخلاف. ¬

_ (¬1) سقطت من (م)، (ع). (¬2) وجه التشبه بالنصارى هو الإِلحاق بالفروض لما ليس فرضًا. (¬3) زيادة من (م)، (ع). (¬4) روي أن وفاته عام 393 هـ وليس 373 هـ كما ذكر المؤلف. (تاج التراجم 58، الفوائد البهية 220). (¬5) الحسام الشهيد: هو الصدر الشهيد حسام الدِّين عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري، وكتابه "الواقعات" جمع فيه بين "النوازل" لأبي الليث و "الواقعات" للناطفي، ويسمَّى كتابه أيضًا: "الأجناس"، لضمّه كل فرع إلى جنسه. (كشف 2/ 1998). (¬6) أبو حفص النسفي نجم الدِّين عمر بن محمَّد بن أحمد السمرقندي، فقيه، مفسِّر، أصولي، متكلم. وُلد في نسف، وسكن سمرقند. من مؤلفاته: العقائد. (تاج التراجم 34، الجواهر المضية 1/ 394).

ووفاته سنة (537 هـ) سبع وثلاثين وخمسمائة. 7 - وقال صاحب الهداية (¬1) في "التجنيس": "صوم الست من شوال بعد الفطر متتابعة، منهم من كرهه، والمختار أنه لا بأس به". ووفاته سنة (593 هـ) ثلاث وتسعين وخمسمائة. 8 - وقال في "الحقائق" (¬2): "صوم ستة (¬3) من شوال متصلًا بيوم الفطر يكره عند مالك، وعندنا لا يكره، وإن اختلفت مشايخنا في الأفضل. كذا في المختلف. وعن أبي يوسف أنه كرهه متتابعًا، والمختار أنه لا بأس به، لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يُؤمَنُ من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبهًا بالنصارى، والآن زال هذا المعنى". 9 - وقال قاضيخان (¬4): "وإن صامها متفرقة فهو أبعد من الكراهة". ووفاة قاضيخان سنة (592 هـ) اثنين وتسعين وخمسمائة. ¬

_ (¬1) صاحب الهداية هو المرغيناني: برهان الدِّين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل، له أيضًا شرح الجامع الصغير، والتجنيس والمزيد (فتاوى)، وغيرها. (هدية العارفين 1/ 702). (¬2) صاحب الحقائق هو: أبو المحامد محمود بن محمَّد اللؤلؤي البخاري، شرح به المنظومة النسفية. (كشف 2/ 1868). (¬3) في (ع)، (م): ست. (¬4) قاضيخان: الحسن بن منصور الأوزجندي، من مجتهدي المسائل عند الحنفية، من مؤلفاته: الفتاوى الخانية، وشرح الجامع الصغير، وشرح أدب القاضي للخصاف. (تاج التراجم 16، الفوائد البهية للكنوي 64).

ووفاة صاحب الحقائق سنة (671 هـ) إحدى وسبعين (¬1) وستمائة. 10 - وقال الإِمام الزوزني السديدي (¬2): "صوم الست من شوال عندنا لا يكره، واختلف مشايخنا في الأفضل، فقال بعضهم: الأفضل أن يأتي بصيام ستة أيام متفرقات في الحول، وقال بعضهم: في شوال. 11/ 1 - قال في "المحيط" (¬3): قال أبو يوسف: "يكره أن يوصل برمضان صوم ست من شوال"، وهو قول مالك والأصح أنه لا بأس به. [لأن الكراهة إنما كانت خوفًا من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبهًا بالنصارى، واليوم زال ذلك المعنى فلا يكره. ونحوه في الذخيرة] (¬4). ¬

_ (¬1) في (ع)، (م): تسعين. (¬2) الزوزني السديدي هو: محمَّد بن محمود، عماد الإِسلام، وابنه من الفقهاء أيضًا واسمه عبد العزيز. من مؤلفاته: نصاب الذرائع في الفقه، وملتقى البحار من منتقى الأخبار وهو شرح منظومة النسفي في الخلاف. (تاج التراجم 49، والجواهر المضية 2/ 312، ومعجم المؤلفين لكحالة 3/ 706). (¬3) صاحب المحيط هو: برهان الأئمة عبد العزيز بن عمر بن مازه. وينسب المحيط إليه فيقال المحيط البرهاني لتمييزه عن كتب أخرى سميت (المحيط) أيضًا. (¬4) سقط من الأصل.

11/ 2 - وقال في "الينابيع" (¬1): ولا يكره صوم الستة (¬2) المتتابعة عقب (¬3) الفطر، وقيل: يكره. والأول أصح. 11/ 3 - وذكر في "عمدة المفتي" (¬4) أنه قيل: الصحيح أنه إذا صام متتابعًا ولم يجعل اليوم الثاني (¬5) عيدًا لا يكره، وإلَّا فهو مكروه، وبه نأخذ. 11/ 4 - وقال المرغيناني: المرغوبات (¬6) صوم المحرم ورجب وشعبان وستة أيام من شوال متتابعة. وقيل: يستحب متفرقة في الأسبوع يومان (¬7). ... (¬8). ¬

_ (¬1) صاحب الينابيع هو: أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن زنكي الإسفرايني، جمع فيه المذاهب الأربعة مع الأدلة، واستخدم فيه الرموز. (كشف 2/ 2050). (¬2) (ع)، (م): الست. (¬3) (ع): عقيب. (¬4) صاحب عمدة المفتي هو: هو الصدر الشهيد حسام الدِّين عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري. تُوُفِّي عام 536 هـ. (ذيل الكشف 2/ 124). (¬5) كذا في الأصل، ولعله محرف عن (الأول) أي لم يوقع أول الأيام الست في يوم العيد. وفي (ع)، (م): الثامن. (¬6) (ع): فالمرغوبات. (¬7) أي في كل أسبوع من أسابيع شوال، بعد الأسبوع الأول الذي فيه يوم العيد، بحيث تقع كلها في شوال. (¬8) هنا زيادة في نسخة (م): [وقال القسطلاني في "مواهب الرحمان": وعلماؤنا والشافعي لم يكرهوا إتباع عيد الفطر بست من شوال؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

11/ 5 - وقال صاحب "المبتغى" (¬1): يكره صوم ست من شوال عند أبي يوسف، والأصح أنه لا بأس به، والأفضل تفريقها في الحول، وقيل: في شوال يوزع عليه. 11/ 6 - وقال الإِمام أبو بكر الإِسماعيلي (¬2) والفقيه محمد بن حامد: التتابع فيه أفضل، للأخبار. 11/ 7 - وقال في "الذخيرة" (¬3): قال أبو يوسف: كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صيامًا، خوفًا من أن يلحق بالفريضة، أراد به صوم الست. قال: هذه اللفظة تدل على الكراهة في حق العوام، لا في حق أهل العلم. ثم نقل ما تقدم (¬4). ¬

_ = "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر". رواه مسلم وأبو داود. وكرهه مالكٌ، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لاشتماله على التشبه بأهل الكتاب في الزيادة على المفروض، والتشبه بهم منهيّ عنه. وعامَّةُ المتأخرين لم يروا به بأسًا، واختلفوا فيما بينهم في الأفضل فقيل: الأفضل وصلهما بيوم الفطر لظاهر قوله: ثم أتبعه ستًّا. وقيل: تفريقها مستحب]. وهي نص تعليقة ممن بعد المؤلف؛ لأنَّ القسطلاني بعد زمنه. (¬1) صاحب المبتغى هو: عيسى بن محمد بن إينانج القرشهري. تُوُفِّي عام 734 هـ. (كشف 2/ 1580). (¬2) أبو بكر الإسماعيلي: هو أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، محدِّث فقيه شافعي. له الصحيح المستخرج على البخاري. (معجم المؤلفين 1/ 135). (¬3) الذخيرة لبرهان الدِّين عبد العزيز بن عمر بن مازه، وتسمى الذخيرة البرهانية، كما جاء في الجواهر المضية 1/ 363. (¬4) سقط من (ع)، (م) الفقرة 11/ 7.

11/ 8 - وقال في "الوافي" (¬1) و"الكافي" (¬2) و"المصفى" (¬3): يكره عند مالك، وعندنا: لا يكره. 11/ 9 - وقال في "الغاية": عامة المتأخرين لم يروا به بأسًا. واختلفوا: هل الأفضل التفريق أو التتابع؟ ". و [الزوزني السديدي] كانت وفاته في رجب سنة (710 هـ) عشر وسبعمائة. 12 - وقال صاحب "مجمع البحرين" (¬4): "ولم يكرهوا إتباع الفطر بست من شوال". وكانت وفاته سنة أربع وتسعين وستمائة (694 هـ). 13 - وقال خاتمة المتأخرين العلامة أكمل الدِّين (¬5) في "شرح المشارق": "وقد اختلف العماء في صفة هذا الصوم: فذهب مالك إلى أنه إذا كان متتابعًا يكره. وذهب الأكثرون إلى عدم ¬

_ (¬1) الوافي: هو لأبي البركات أحمد بن عبد الله النسفي (ت 710 هـ)، وهو كالهداية. (¬2) الكافي: هو شرح الوافي، للمؤلف نفسه أبي البركات النسفي أيضًا. (¬3) المصفى: هو شرح المنظوفة النسفية في الخلاف، لأبي البركات النسفي أيضًا. (¬4) صاحب مجمع البحرين هو ابن الساعاتي: مظفر الدِّين أحمد بن علي بن ثعلب، بغدادي المولد والمنشأ، فقيه أصولي أديب. (معجم المؤلفين 2/ 4). (¬5) المراد بأكمل الدِّين: البابرتي محمَّد بن محمود، وهو صاحب العناية شرح الهداية، وله كتب كثيرة. (هدية العارفين 2/ 171).

[رد دعوى نسخ رمضان لصوم الست من شوال]

كراهته (¬1)، عملًا بظاهر الحديث. وإذا كان متفرقًا في شوال فهو أبعد عن الكراهة والتشبه بالنصارى". وكانت وفاته في رمضان سنة (786 هـ) ست وثمانين وسبعمائة. هذا ما حضرني الآن من منصوصات كتب علمائنا. وبه تبين أن أحدًا ممن تقدم هذا القائل لم يقل أن الكراهة مطلقًا أصح (¬2). [رد دعوى نسخ رمضان لصوم الست من شوال] وأما الكلام الذي لا فائدة له في هذا المحل فقوله: "نسخ رمضان كل صوم ... " إلى آخره. ¬

_ (¬1) في (م)، (ع): الكراهة. (¬2) (ع): الأصح، وسقطت من (م). وقد اختار المؤلف نصوصًا لفقهاء الحنفية قبل التَّبَّاني وهي تمثل أهم كتبهم في عصر المؤلف وأوثقها، ولدى مراجعة عدد من الكتب الفقهية بعد عصر المؤلف تبين أنها لم تخرج عما أورده من نصوص فلم أجد داعيًا لسردها. وقد رأيت أن أشير إلى كلام العلَّامة ابن الهمام، المتوفَّى 861 هـ، وهو شيخ المؤلف، فقد قال في فتح القدير 2/ 78: "صوم ستة من شوال، عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهته، وعامة المشايخ لم يروا به بأسًا. واختلفوا فقيل: الأفضل وصلها بيوم الفطر، وقيل: تفريقها في الشهر. وجه الجواز: أنه قد وقع الفصل بيوم الفطر فلم يلزم التشبُّه بأهل الكتاب. وجه الكراهة: أنه قد يفضي إلى اعتقاد لزومها من العوام لكثرة المداومة، ولذا سمعنا من يقول يوم الفطر: نحن إلى الآن لم يأت عيدنا، أو نحوه. فأما عند الأمن من ذلك فلا بأس، لورود الحديث به".

إثبات استحباب صوم الست من شوال عند أهل العلم

وقوله: "وهذا وظيفة الجهال" ليس من كلام مالك، وإنما هو أول كلام نفسه (¬1). وهو كلام مردود عليه، شاهد عليه بما لا يخفى. [إثبات استحباب صوم الست من شوال عند أهل العلم] فقد قال في "المغني" (¬2) و"الغاية" (¬3) أن هذا الصوم مستحب عند كثير من أهل العلم. رُوِي ذلك عن كعب الأحبار، والشعبي، وميمون بن مهران. وبه قال عبد الله بن المبارك (¬4)، والإِمام الشافعي، والأمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومن عددناه من علمائنا. فكعب الأحبار (¬5): تابعي كبير جليل. روى عن (¬6) ¬

_ (¬1) في (م): كلامه بنفسه. (¬2) هو المغني، لابن قدامة 3/ 156، ط. العاصمة بالقاهرة، وهو لبيان مذهب الحنابلة. (¬3) لم يتَّضح لي المراد به، ولعله "الغاية القصوى في دراية الفتوى" للبيضاوي 685 هـ، فتكون الإِشارة إليه لبيان مذهب الشافعية. وذلك ليقرر أن الاستحباب هو ما عليه جمهور الفقهاء، خلافًا للمالكية. (¬4) سنن الترمذي 1/ 146، قال ابن المبارك: هو حسن، هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ثم نقل عنه اختياره أن تكون أول الشهر وجواز تفريقها. (¬5) اسمه كعب بن ماتع الحميري، له ترجمة في البداية والنهاية لابن كثير 1/ 33 - 35 وغيرها. (¬6) في الأصل: "عنه"، وهو خطأ ظاهر.

[الرد على ادعاء أن حديث صوم الست من شوال موضوع]

عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة من الصحابة [رضوان الله عليهم] (¬1). والشعبي (¬2): أدرك خمسمائة صحابي، وسمع من ثمانية وأربعين منهم. وميمون بن مهران: تابعي أيضًا، وهو قاضي عمر بن عبد العزيز على الجزيرة (¬3). ومَن بعدهم من الأئمة المذكورين مشهور علمهم واجتهادهم. [الرد على ادعاء أن حديث صوم الست من شوال موضوع] وقوله (¬4): "وكل حديث فيه فهو موضوع" دعوى كاذبة (¬5). فقد قال الإِمام أحمد بن حنبل: "هو من ثلاثة أوجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "، يريد به أنه روي من حديث أبي أيوب، ومن حديث ثوبان، ومن حديث جابر (¬6): ¬

_ (¬1) الزيادة من (م). (¬2) هو أبو عمرو عامر بن شراحيل، له ترجمة في البداية والنهاية، لابن كثير 1/ 214 - 216. (¬3) له ترجمة في البداية والنهاية، لابن كثير 9/ 314 - 319. (¬4) أي: الجلال التّبَّاني. (¬5) المقصود غير صحيحة. والتعبير بالكذب لبيان عدم صحة القول أسلوب معروف في اللغة. (¬6) صحيح مسلم 3/ 169، وسنن الترمذي 1/ 146، وقال: وفي الباب عن جابر =

ثبوت حديث صوم الست من شوال من طريق أبي أيوب

[ثبوت حديث صوم الست من شوال من طريق أبي أيوب] 1 - فحديث أبي أيوب: رواه مسلم في صحيحه، والترمذي، وقال: حسن، وأبو داود، وابن ماجه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر" (¬1). وقد أغنى تصحيح مسلم وتحسين الترمذي عن إبداء السند. [ثبوت حديث صوم الست من شوال من طريق ثوبان] 2 - وحديث ثوبان: رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، عن الربيع بن سليمان، عن يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة (¬2)، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. وعن محمود بن خالد، عن محمد بن شعيب بن سابور، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. ¬

_ = وأبي هريرة وثوبان، وسنن أبي داود 1/ 567، وسنن الدارمي 2/ 21، وسنن البيهقي 4/ 292، وصحيح ابن خزيمة 3/ 298، وصحيح ابن حبان (موارد الظمآن) 1/ 232. (¬1) المصدر السابق. (¬2) في (م): سقطت.

ثبوت حديث صوم الست من شوال من طريق جابر

وابن ماجه عن هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان (¬1). والطبراني عن المقدام بن داود، عن أسد بن موسى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان. عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، فإن ذلك صيام سنة" (¬2). ورواه سعيد بن منصور: "من صام رمضان: شهر بعشرة أشهر، وصام ستة أيام بعد الفطر ذلك إتمام سنة". ويحيى بن الحارث وأبو أسماء الرحبي شرط الصحيح. [ثبوت حديث صوم الست من شوال من طريق جابر] 3 - وحديث جابر: رواه الإِمام أحمد من طريق عمرو بن جابر الحضرمي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان وستة من شوال فكأنما صام السنة كلها" (¬3). ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه 1/ 269 عن ثوبان. (¬2) في (م): [صيام سنة كلها] وهو خطأ سببه تداخل الكلام. (¬3) مسند أحمد 3/ 308، 324، 344 عن جابر، و 5/ 417، 419 عن أبي أيوب.

[الجواب عن شبهتي التسوية بصوم رمضان، والتشبيه بصوم الدهر المنهي عنه]

وعمرو بن جابر تكلم فيه، لكن المعنى ثابت بنص الكتاب: قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "العارضة" (¬1): من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر له صوم الدهر قطعًا بالقرآن {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (¬2) شهر بعشرة وستة أيام بشهرين، فهذا صوم الدهر. [الجواب عن شبهتي التسوية بصوم رمضان، والتشبيه بصوم الدهر المنهي عنه] وفي هذا سؤالان مشهوران: [شبهة التسوية بصوم رمضان]: أحدهما: عند الإِمام الطحاوي، في كتاب "مشكل الآثار" قال: "وقد قال قائل: إن مثل هذا لا ينبغي أن يقبل؛ لما فيه من أن صوم غير رمضان يعدل صوم رمضان". ولا خلاف في أنه لا صوم أفضل من صوم رمضان. فالجواب عن ذلك: أن لصوم رمضان فضيلة كما ذكر (¬3). من ذلك ما روي أن ¬

_ (¬1) في الأصل: "المعارضة" وهو تحريف. والمراد: عارضة الأحوذي شرح الترمذي. (¬2) سورة الأنعام: الآية 160. (¬3) (م)، (ع): ذكره.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (¬1). وروي: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (¬2). وروي أيضًا: "من صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه" (¬3). فحقيقة الحديث (¬4) على الصيام والقيام. والله أعلم. ثم إذا كان صيام رمضان مفروضا وقيامه مسنونًا، والله عزَّ وجلَّ يجود على عباده من الثواب على أداءِ فرائضه بما شاء فقد يكون الله عَزَّ وَجَلَّ يكفر عن صيام رمضان مع ذلك ما يكون منه في بقية عشرة أشهر، وعلى صومِ ستة أيام من شوال لتكون الحسنة بعشرة (¬5) أمثالها، كما قال الله تعالى في كتابه (¬6)، فيكون ذلك مع ما جاد به عزَّ وجلَّ لمن يصوم شهر رمضان كفارة للسَّنَة كلها. وبالله التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد 2/ 232، وأصحاب السنن الأربعة. (فيض القدير للمناوي 6/ 160). (¬2) أخرجه البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. (فيض القدير للمناوي 6/ 191). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده 2/ 503 عن أبي هريرة، وأورده السيوطي في الجامع الكبير 1/ 792. (¬4) نسخة (م): (فحقيقة الحث). (¬5) (ع): عشر. (¬6) يشير إلى الآية 160 من سورة الأنعام: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.

شبهة التشبيه بصوم الدهر المنهي عنه

[شبهة التشبيه بصوم الدهر المنهي عنه]: والثاني: أورده في "المغني" ونقله في "الغاية" وهو: فإن قيل: لا دليل في الحديث على فضيلتها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبه صيامها بصيام الدهر وهو مكروه. والجواب: إنما كره صوم الدهر لما فيه من الضعف، والتشبيه بالتبتل، ولولا ذلك لكان فضلًا عظيمًا، لاستغراقه الزمان بالعبادة والطاعة. والمراد بالخبر التشبه به في حصول العبادة على وجه عَرِيٍّ عن المشقة. كما قال - عليه السلام -: "من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كمن صام الدهر" (¬1)، ذكر ذلك حثًّا على صيامها وبيان فضلها، ولا خلاف في استحبابها. ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمر (¬2) عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث. ¬

_ (¬1) وقد جاء الاحتراز من التشبيه الذي قد يفهم على غير وجهه في رواية أخرى لهذا الحديث "لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله" حيث قدَّم الممنوع وهو الصيام الفعلي للدهر وألحقه بالبديل المشروع المؤدي للثواب دون مشقة. (¬2) في نسخة (ع): (عمرو)، وهو الصواب.

[جواز تفريق صوم الست من شوال أو تتابعها بعد يوم العيد]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬1) فكأنما قرأ ثلث القرآن" أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضل، لا في كراهة (¬2) الزيادة عليه (¬3). [جواز تفريق صوم الست من شوال أو تتابعها بعد يوم العيد] قال صاحب "المغني": "إذا ثبت هذا، فلا فرق بين كونها متتابعة أو متفرقة، في أول الشهر أو في آخره، لأن الحديث ورد مطلقًا من غير تقييد. ولأن فضلها لكونها تصير مع الشهر ستة وثلاثين يومًا، والحسنة بعشر أمثالها فيكون ذلك كثلاثمائة وستين يومًا، وهي السنة كلها. فإذا وجد ذلك في كل سنة صار كصيام الدهر. وهذا المعنى يحصل مع التفريق. والله أعلم" (¬4). ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص: الآية 1. (¬2) في الأصل: (كل كراهة)، والتصويب من (م)، (ع)، ولا مكان لـ (كل) هنا. (¬3) ومن الأمثلة على أن التشبيه بصيام الدهر لا يفهم منه الحرمة أو الكراهة، بل المراد منه -كما قال المؤلف- حصول الثواب الكبير من غير مشقة قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص: "وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر". أخرجه البخاري، ومسلم. (¬4) آخر الأصل.

[خاتمة التأليف]

[خاتمة التأليف] ولمَّا تَمَّ هذا سَمَّيتُه: "تحرير الأقوال في صوم الست من شوال". والله سبحانه وتعالى أسأل أن ينفع به ويُيَسِّر لنا العمل بما عَلّم، إنه سبحانه وتعالى أكرم مسؤول. وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله وحده (¬1). * * * ¬

_ (¬1) آخر نسخة (ع). * * * * تمت المقابلة في المسجد الحرام يوم الثلاثاء 23 رمضان المبارك قبيل أذان المغرب بين نسخة فضيلة الشيخ الدكتور عبد الستار مع النسخ الأخرى، فنسخة (الأصل) بيد الأخ الأستاذ الشيخ مساعد العبد الجادر، ونسخة (ع) بيد الشيخ رمزي دمشقيَّة، ونسخة (م) بيد الدكتور عبد الله محارب، وقام بالتصحيح والضبط كاتب هذه السطور الفقير إلى الله نظام يعقوبي. فصحّ وثبت، والحمد لله وصلى الله على سيَّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم. وكتبه نظام يعقوبي

ملحق في تحرير مذهب المالكية في حكم صوم الست من شوال

ملحق في تحرير مذهب المالكية في حكم صوم الست من شوال 1 - كلام الإِمام مالك، وشرح الزرقاني: سبق في صفحة (32) إيراد عبارة الإِمام مالك في الموطأ، بروايتي يحيى الليثي (206 - 207، ط. الشعب)، والقعنبي (230). وفيما يلي إعادتها مع شرح الزرقاني لها 2/ 190 خارج الأقواس: (قال يحيى: وسمعت مالكًا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان أنه لم ير أحدًا من أهل العلم والفقه)، والاجتهاد (يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف) الذين لم أدركهم، كالصحابة، وكبار التابعين (وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يُلحِق) بضم الياء وكسر الحاء (برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة) بالرفع، فاعل

"يلحق" (والجفاء) الغلظ والفظاظة (لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك). قال مطرف: فإنما كره صيامها لذلك، فأما من صامها رغبة لما جاء فيها، فلا كراهة. وفي مسلم والسنن عن أبي أيوب مرفوعًا: "مَن صام رمضان ثمَّ أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"، قال عياض: لأنَّ الحسنة بعشرة، والستة تمام السنة، كما رواه النسائي. قال شيوخنا: إنما كره مالك صومها مخافة أن يُلحق الجهلةُ برمضان غيره. أما صومها على ما أراده الشرع فلا يكره. وقيل: لم يبلغه الحديث، أو لم يثبت عنده، أو وجد العمل على خلافه. ويحتمل أنه كره وصل صومها بيوم الفطر، فلو صامها أثناء الشهر فلا كراهة، وهو ظاهر قوله: "ستة أيام بعد الفطر من رمضان". وقال أبو عمر [ابن عبد البر]: كان مالك متحفظًا كثير الاحتياط في الدين، والصيام عمل بر، فلم يره من ذلك خوفًا على الجهلة كما أوضحه. (انتهى). ووجه كونه لم يثبت عنده -وإن كان في مسلم- أنَّ فيه

سعد بن سعيد، ضعَّفه أحمد بن حنبل، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث، وقال ابن عيينة وغيره: إنه موقوف على أبي أيوب، أي: وهو مما يمكن قوله رأيًا، إذ الحسنة بعشرة. فله علَّتان: الاختلاف في رواية، والوقف. (انتهى). وقد عثرت على عبارة للحسن البصري قد يفهم منها عدم قوله بالاستحباب، وهي ما جاء في سنن الترمذي (1/ 146، ط. استانبول): أنَّ الحسن البصري كان إذا ذُكر عنده صيام ستة أيام من شوال فيقول: والله لقد رضي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها. وقد يكون المقصود الإِشارة إلى فضل رمضان وأنَّه وحده كصيام السنة. والله أعلم. 2 - عبارة ابن رشد الحفيد، المتوفى سنة 595 هـ: قال ابن رشد في بداية المجتهد 1/ 308: وأما الست من شوال فإنه ثبت أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"، إلَّا أنَّ مالكًا كره ذلك: إما مخافة أن يُلحِق الناس برمضان ما ليس من رمضان، وإما لأنه لم يبلغه الحديث، أو لم يصح عنده وهو الأظهر.

3 - عبارة ابن شاس، المتوفى عام 616 هـ: قال ابن شاس في عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (1/ 369، ط. دار الغرب): وورد في الصحيح صيام ستَّة أيام من شوال، إلَّا أن مالكًا اتقى أن يُلحِق الجاهل بالفرائض ما ليس منها -على أصله في كراهية التحديد- واستحب صيامها في غير ذلك الوقت، لحصول المقصود به من تضاعف أيامها وأيام رمضان حتى تبلغ عدة العام، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، صيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام سنة". ومحمل تعيين محلها في شوال عقيب الصوم على التخفيف في حق المكلف لاعتياد الصيام، لا لتخصيص حكمها بذلك الوقت، فلا جرم لو فعلها في عشر ذي الحجة -مع ما روي من فضل الصيام فيه- لكان أحسن، لحصول المقصود، مع حيازة فضل الأيام المذكورة، والسلامة مما اتَّقاه مالك رضي الله عنه. 4 - عبارة القرافي، المتوفى عام 684 هـ: قال القرافي في الذخيرة (2/ 530، ط. دار الغرب): وفي مسلم: "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كأنما صام الدهر كله"، واستحب مالك صيامها في غيره خوفًا من إلحاقها برمضان عند الجهَّال. وإنما عينها الشرع من شوال للخفَّة على المكلف بسبب قربه من الصوم، وإلَّا فالمقصود حاصل في

غيره، فيشرع التأخير جمعًا بين مصلحتين. ومعنى قوله: "فكأنما صام الدهر" أنَّ الحسنة بعشرة، فالشهر بعشرة أشهر، والسِّتة بستين كمال السَّنة، فإذا تكرر ذلك في السنين فكأنَّما صام الدهر. سؤال: يشترط في التشبيه، المساواة أو المقاربة، وهاهنا ليس كذلك؛ لأنَّ هذا الصوم عشر صوم الدهر، والأجر على قدر العمل، ولا مقاربة بين عشر الشيء وكله. جوابه: معناه: فكأنما صام الدهر أنْ لو كان من غير هذه الأمة، فإن شهرنا بعشرة أشهر لمن كان قبلنا، والسِّتة بشهرين لمن كان قبلنا، فقد حصلت المساواة من كل وجه. تنبيه: هذا الأجر مختلف الأجر، فخمسة أسداسه أعظم أجرًا؛ لكونه من باب الواجب، وسدسه ثواب النفل. فائدة: إنما قال "بستٍّ" بالتذكير، ولم يقل "بستة" رعيًا للأصل، فوجب تأنيث المذكر في العدد، لأنَّ العرب تغلِّب الليالي على الأيام لسبقها، فتقول: لعشر مضين من الشهر. 5 - عبارة الدردير، المتوفى عام 1201 هـ: قال الدردير في شرحه لكتاب أقرب المسائل "الشرح الصغير" (1/ 692، ط. دار المعارف):

وكُرِه تعيين الثلاثة البيض الثلاثة عشر وتالياه، فرارًا من التحديد، كستة من شوال إن وصلها بالعيد مظهرًا لها، لا إن فرَّقها، أو أخَّرها، أوصامها في نفسه خفية، فلا يكره؛ لانتفاء علَّة اعتقاد الوجوب. وجاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير: اعلم أنَّ الكراهة مقيدة بخمسة أمور تؤخذ من عبارة الشارح [الدردير]، والمجموع [للعلَّامة الأمير]، فإن انتفى قيد منها فلا كراهة، وعلى هذا يُحمل الحديث، وهي: 1 - أن يوصلها في نفسها، 2 - وبالعيد، 3 - مظهرًا لها، 4 - مقتدًى به، 5 - معتقدًا سُنِّيَّتها لرمضان، كالرواتب البعدية. 6 - عبارة الدسوقي، المتوفى عام 1230 هـ: قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير للدردير لمختصر خليل (1/ 517، ط. عيسى البابي)، بعد أن استعرض عبارة الدردير المذكورة أعلاه، والأمور الخمسة التي تتقيَّد بها الكراهة وأن انتفاء قيد منها تنتفي به الكراهة: وبحث فيه شيخنا [العدوي صاحب الحاشية على الخرشي] بأنَّ قضيته أنه لو انتفى الاقتداء به لم يكره ولو خيف عليه اعتقاد الوجوب، وليس كذلك. وقضيته أيضًا أنه لو انتفى إظهارها لم يكره ولو كان

يعتقد سنِّيَّة اتِّصالها، وليس كذلك، بل متى أظهرها كره فعلها، اعتقد سنِّيَّة اتِّصالها أو لا، وكذا إن اعتقد سنِّيَّته كره فعلها، أظهرها أو لا .. فكان الأولى أن يقال: فيكره لمقتدى به، ولمن خاف عليه اعتقاد وجوبها إن صامها متَّصلة برمضان متتابعة وأظهرها، أو كان يعتقد سنِّيَّة اتِّصالها، فتأمَّل. * * *

§1/1