تاريخ الأنطاكي
الأنطاكي، يحيى بن سعيد
مقدمة التحقيق
مقدّمة التحقيق يعتبر تاريخ الانطاكي المعروف ب «صلة تاريخ أوتيخا»، من أهم المصادر التاريخية الأساسية في التراث العربي التي تؤرّخ لحقبة هامّة من تاريخ الإنسانية، في العالم الإسلامي بجناحيه المشرقي والمغربي على حدّ سواء، وفي تاريخ الإمبراطورية البيزنطية وعلاقاتها بالعالم الإسلامي من جهة، وببلاد البلغر والروس والكرج والأرمن، من جهة أخرى. ويتناول التاريخ مفصّلا في القرنين الرابع والخامس الهجريّين-العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وبالتحديد بدءا من سنة 326 هـ. / 938 م. وانتهاء بسنة 425 هـ. /1035 م. ولا أغالي إذا قلت إنّ هذا الكتاب هو مصدر أساسيّ لا غنى للباحثين عنه، خاصّة لمن أراد التأريخ للدولة الفاطمية في مصر والشام، ولمن أراد دراسة دولة بني حمدان وعلاقاتها بالروم، ولمن أراد أن يدرس أيام سيف الدولة وصراعه مع البيزنطيين، ولمن أراد أن يؤرّخ للحاكم بأمر الله بشكل خاصّ، ولمن أراد أن يدرس علاقات المسلمين والنصارى واليهود ببعضهم في القرنين الرابع والخامس الهجريين-العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وقبيل ظهور الإرهاصات التي مهّدت لقيام الحركة الصليبية وقدوم الحملات الأوربية إلى المشرق العربي الإسلامي. أهمّيّة الكتاب وتأتي أهمّيّة هذا الكتاب كمصدر أساسيّ، كون مؤلّفه «يحيى بن سعيد الأنطاكي» المتوفى سنة 458 هـ. /1067 م. كان معاصرا للحقبة التي أرّخ لها
مادة الكتاب
وعاش أحداثها عن كثب، ولمصداقيّته في عرضه للتاريخ، رغم أنه كان بطريركا على الإسكندرية، فلم يتعصّب، بل عرض الوقائع والأحداث كما جرت، وأظهر حياديّة في جميع ما دوّنه، وكان صادقا مع نفسه، أمينا على رسالة المؤرّخ المدقّق، وقد أكّد لنا ذلك، حين قام بتنقيح كتابه وتعديل مادّته أكثر من مرّة قبل أن تصلنا النسخة الأخيرة التي اعتمدها، وأثبت فيها الحقائق التاريخية التي ارتضاها. وقد وضع الأنطاكيّ كتابه بناء على رغبة بعض أصحابه-كما يقول في مقدّمته-فانتهج النهج الذي سار عليه سلفه «سعيد بن البطريق» بطريرك الإسكندرية، وذكر أيام الملوك والخلفاء والوزراء والكتّاب والأمراء والقادة، وتواريخ وفياتهم، كما ذكر أسماء بطاركة الإسكندرية وبيت المقدس وأنطاكية والقسطنطينية، وأعمارهم، وبعد تأليفه للكتاب قام بتغييره وألّفه تأليفا جديدا، ثم انتقل من الإسكندرية إلى أنطاكية سنة 405 هـ. /1016 م. فوقف فيها على مصادر جديدة لأخبار ندّت عنه من قبل، فقام بتنقيح كتابه وأجرى عليه تعديلا كبيرا، فحذف بعضه، وزاد عليه جديدا، حتى قرّ رأيه على ما صنّفه، ونبّه إلى نسخته الأخيرة المزيدة والمعدّلة، وأشار إلى عدم الاعتناء أو الاهتمام بالنسخ الأخرى التي سبق أن صنّفها، واستهلّ كتابه بوصل ما انقطع من كتاب سلفه «ابن البطريق» فبدأ بالفصل الأخير من كتابه المعروف ب «تاريخ أوتيخا»، معتمدا على آخر نسخه أيضا، والتي وصل فيها إلى خلافة الراضي العباسي سنة 326 هـ. /938 م. مادّة الكتاب والكتاب بحقّ، مصدر أساسيّ لكل من يدرس تاريخ الحقبة المعروفة بالعصر الوسيط، لغنى المادّة التاريخية التي يحتوي عليها، من جهة، ولاتّساع المساحة الجغرافية التي يغطّي أحداثها، فهو لا غنى عنه-كما أسلفت-في دراسة تاريخ الدولة الفاطمية، وأخبار الدولة العباسية، وأخبار الحمدانيين، والصراع بين المسلمين والبيزنطيين، وأخبار الصراع بين الأتراك السلاجقة، وبني بويه الدّيالمة، والعلاقات بين المسلمين والنصارى واليهود، وظهور الدعوة الدرزيّة، وعلاقات
طريقة المؤلف وأسلوبه
المسلمين ببعضهم من سنّة وشيعة ودروز. وعلاقات النصارى ببعضهم أيضا، من ملكيّة ويعقوبية ونساطرة وغيرهم. وبين القبائل المشرقية والقبائل المغربية، والعرب والبربر، والروم والروس والكرج والبلغار والأرمن وغيرهم، وحركات القرامطة، وحركات أمراء القبائل والأعراب، وغزوات الأباطرة والقادة البيزنطيين إلى بلاد الشام، وحركات الثائرين والخارجين على الخلافة في المشرق والمغرب الإسلامي، وأخبار الدولة الإخشيدية وسقوطها، وأخبار النكبات الطبيعية من زلازل وسيول ورعود وبرق ووباء وغلاء، والمعلومات الكثيرة عن عادات وتقاليد النصارى في الاحتفالات بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، وأخبار ملوك الروم ونزاعاتهم مع قادتهم أو أولياء عهدهم، وحروبهم مع جيرانهم، في الشمال والشرق والجنوب، والمؤامرات والدسائس التي كانت تحاك في العالم الإسلامي وعالم الروم وبلاد الغرب على السواء ضدّ الخلفاء والملوك والأباطرة، وغير ذلك من الكمّ الهائل الذي حشده المؤلّف بكل دقّة، وطول باع، مع التحليل والتعليق في مواضع عدّة، ممّا ينمّ عن حصافة في الرأي وحسن تفهّم للحقائق، وإحاطة شاملة بأحداث العصر ومجرياته. فضلا عن وقوفه بشكل مباشر على عدّة سجلاّت رسمية ومراسلات ملكية قام بإثبات نصوصها في مواضعها من الكتاب، مما يجعله مصدرا وثائقيا أيضا. أما المساحة الجغرافية التي يغطّيها كتاب الأنطاكي، فتمتدّ من بلاد المغرب الأقصى حتى بلاد الروس وبلاد الخزر البلغار، لتشمل بلاد المغرب وإفريقية وبرقة ومصر وبلاد النوبة وبلاد الشام والحجاز والعراق وآسية الصغرى وأرمينية الكبرى وبلاد الكرج والبلغار والروس والروم، وجزر البحر المتوسط، صقلّية، وأقريطش، وقبرس. طريقة المؤلّف وأسلوبه أما طريقة المؤلّف في عرض الأحداث، فقد جهد في أن تكون أخباره متسلسلة متتابعة زمنيّا، ولكنّ هذه الطريقة كانت تفرض عليه أن يقطع السرد المتتابع لينتقل من أخبار دولة إلى أخرى ومن ولاية إلى إمارة أخرى، ومن كرسيّ
البطركيّة، إلى أخبار نكبات الطبيعة، وبهذا يحشد في السنة الواحدة أحداثا جرت في عدّة أماكن من عالم ذلك العصر، فينتقل من أقصى المغرب إلى أقصى العراق، ومن بلاد البلغر إلى بلاد النّوبة، وهذا يصبّ في اتّجاه التاريخ الحولي والتاريخ العالمي، فهو لا يفرد أخبار كل دولة، أو كل عهد لخليفة أو سلطان أو إمبراطور، على حدة، أي أنه لا يسير في تاريخه بشكل عمودي، بل يتناول التاريخ الأفقيّ للعالم، بحيث يرصد أحداث كل سنة، هنا وهناك وهنالك، على امتداد الرقعة الجغرافية الواسعة. ولكنّه يشذّ عن هذه القاعدة حين يضع تاريخا- عموديا-للدولة الفاطمية، فهو يؤرّخ لهذه الدولة منذ بداية الدعوة الفاطمية حتى إعلان الخلافة في المغرب، أي من سنة 270 هـ. حتى وفاة الخليفة المهديّ سنة 322 هـ. دون انقطاع. وبرأينا، فإنّ الأنطاكيّ سمح لنفسه أن يشذّ عن منهجيّته التأريخية، لأحد أمرين، أو للأمرين التاليين معا، وهما: أولا: إنّ الفترة التاريخية من سنة 270 هـ، إلى سنة 322 هـ. تعتبر خارج الإطار الزمني لمادّة الكتاب الأساسية، إذ اشترط المؤلّف على نفسه أن يكون كتابه متمّما لكتاب ابن البطريق الذي انتهى عند سنة 326 هـ. /938 م. ثانيا: إنّ الأنطاكيّ، بحكم موطنه في مصر، ومعاصرته للدولة الفاطمية، رأى أن يؤرّخ لبداية الدعوة الفاطمية حتى قيام الدولة وإعلان الخلافة، ممهّدا لأخبار الفاطميّين ودخولهم مصر واتّخاذهم القاهرة عاصمة لخلافتهم فيما بعد. وكأنّه بذلك يؤدّي التزاما أدبيا نحو الدولة التي يعيش في أكنافها. ... وإذا عدنا إلى طريقته في عرض الأحداث، فإنّنا نجده في كثير من الأحيان يقطع تتابع الأخبار في بقعة معيّنة، وفي سنة محدّدة، ليعود إلى أحداث سنة أو سنتين، وربّما أكثر سابقة لها، ليصل تلك الأحداث ببعضها ويجعل قارئه يسير مع مجريات الوقائع في كلّ البلاد دون تفاوت زمنيّ كبير.
فهو في أول خلافة العلويّين-مثلا-يذكر حوادث سنة 365 ثم ينتقل إلى سنة 367 هـ. ليعود بعدها إلى سنة 365 ثم سنة 366 ثم سنة 367 هـ. ليعود من جديد إلى سنة 366 ويتابع سنة 367 ثم يعود مرة أخرى إلى سنة 366 هـ. وهذا لاتّساع رقعة الأحداث وتلاحقها واختلاف أماكنها مشرقا ومغربا بحيث لا يمكن حصرها في سنة واحدة. وكذلك تتزاحم الأحداث والوقائع وتتواصل في بلاد الروم والبلغر والروس، وتتلاحق الحروب بين ملوك تلك البلاد، وبين القادة المتمرّدين على ملوكهم، لتفرض على الأنطاكي متابعة تلك الأخبار من سنة 375 حتى سنة 380 هـ. فيسردها دون انقطاع، ثم يعود مجدّدا إلى سنة 377 هـ. ليؤرّخ لبلاد المسلمين في العراق والحجاز ومصر وبلاد الشام. وفي موضع لاحق. يؤرّخ لحوادث سنة 405 هـ. ثم يعود إلى أحداث سنة 399 و 402 و 403 هـ. ويصل إلى حوادث سنة 405 هـ. مرة أخرى. وهذا الأسلوب في العرض، هو الأسلوب الذي اتّبعه المؤرّخ ابن الأثير في «الكامل في التاريخ». وعلى الأرجح، فإنّ تاريخ الأنطاكي كان من بين مصادر ابن الأثير. أما «ابن العديم الحلبي» فهو ينقل في كتابه «زبدة الحلب من تاريخ حلب» عن تاريخ الأنطاكي بشكل مؤكّد. ونجد أصداء لمادّة الأنطاكي عند المؤرّخين المعاصرين له، والمؤرّخين المتأخّرين عن عصره، بحيث تتّفق بعض الأخبار عنده وعندهم، وذلك في كتابي: «الولاة والقضاة»، وكتاب «ولاة مصر» للكندي، وكتاب «العيون والحدائق في أخبار الحقائق» لمؤرّخ مجهول، وكتاب «تكملة تاريخ الطبري» للهمذاني، وكتاب «تجارب الأمم وتعاقب الهمم» لمسكويه، وكتاب «ذيل تجارب الأمم» للروذراوري، وكتاب «ذيل تاريخ دمشق» لابن القلانسي، وكتاب «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» لابن الجوزي، وكتاب «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» للذهبي، وكتاب «إتّعاظ الحنفا بأخبار الأئمّة الفاطميين الخلفا» للمقريزي، وكتاب «المواعظ والاعتبار» المعروف بالخطط للمقريزي أيضا، وكتاب «الدّرّة المضيّة في أخبار الدولة الفاطمية» لابن أيبك الدواداري، وكتاب «المغرب في حلى المغرب» لمؤرّخ مجهول، وكتاب «البيان
لغة الكتاب
المغرب في أخبار الأندلس والمغرب» لابن عذاري، وكتاب «المبتدا والخبر» المعروف بتاريخ ابن خلدون، وكتاب «عيون الأخبار وفنون الآثار» للداعي المطلق، وكتاب «مآثر الإنافة في معالم الخلافة» للقلقشندي، وكتاب «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» لابن تغري بردي، وكتاب «تاريخ الأزمنة» للدويهي. وكان يمكن لمحقّق كتاب الدويهي هذا أن يرمّم النّقص الحاصل في النسخة التي نشرها وحقّقها لو اعتمد على تاريخ الأنطاكي، إذ هو ينقل عنه. لغة الكتاب تتميّز لغة المؤلّف في كتابه أنها تتوسّط بين اللغة الجيّدة واللغة الركيكية، وإن كان معظم الكتاب أقرب إلى الفصحى، رغم الأغلاط النحوية واللغوية التي نبّهت إليها وصحّحتها وصوّبت ألفاظها في حواشي الكتاب. مع أن ثقافة المؤلّف عربية، فهو لا يعرف اليونانية كما يفترض بحكم موقعه، ونستدلّ على ذلك من أنه اطّلع على نصّ الكتاب الذي كان قد كتبه الأبجر ملك الرّها إلى السيد المسيح عليه السلام وردّه عليه أن ترجما له عن اليونانية، حيث يقول إن الملك رومانوس عني بترجمة الرسالتين من السريانية إلى اليونانية، «وترجمها لنا إلى العربي الناقل الذي تولّى نقلهما إلى اليوناني على هيئتهما ونصّهما». وقد عمد الأنطاكيّ إلى كتابة كلمة «ثلث» و «ثلثة» و «ثلثمائة» بحذف الألف في جميع المواضع، فقمت بإثباتها لتّتفق مع الرسّم المألوف، أما بقية الأغلاط فقد قمت بإثباتها كما هي في المتن، وعمدت إلى تصويبها وتصحيحها في الحواشي، إلاّ في بعض الأحيان، حيث أثّبتّ الألفاظ الصحيحة في المتن، وأشرت في الحاشية إلى أنها كانت غلطا في الأصل المخطوط. ... بقي أن أشير في هذا المجال إلى أنّ أخبار الحاكم بأمر الله استغرقت نحو ثلث تاريخ الأنطاكي، ولم يكتف المؤلّف بسرد الأخبار والوقائع التي جرت في أيامه، بل نراه يقوم بوضع دراسة تحليلية لشخصية الحاكم وأسلوبه في الحكم
مخطوطات الكتاب والنصوص المنشورة
وتصرّفاته المتقلّبة، أكّد فيها على الخلل العقلي الذي يعتريه، والمزاجيّة المسيطرة على أحكامه. وهو موضوع خطير لا يزال مطروحا للمناقشة حتى الآن. ومن أهمّ ما يلاحظ في تاريخ الأنطاكي هو توقّفه المفاجيء عند حوادث سنة 425 هـ/1034 م. مع أنّ المؤلّف وعد في أواخر كتابه أن يذكر بنود معاهدة الصلح بين الخليفة الفاطمي الظاهر والإمبراطور البيزنطي ميخائيل، التي تمّت سنة 427 هـ. فهو يقول في هذا الصدد: «. . ولم يذعن رومانوس الملك إلى الرجوع عمّا اشترطه في معنى حلب، وجزم أنه لا يعقد الهدنة إلاّ عليه، وتردّدت المكاتبة بين الجهتين في هذا المعنى في أيامه. وفي أيام ميخائيل الملك بعده مدّة ثلاث سنين ونصف إلى أن استقرّ الأمر فيها على ما يأتي فيما بعد ذكره». ومن المؤسف أن الكتاب ينتهي بحوادث سنة 425 هـ. /1034 م. أي قبل أكثر من ربع قرن من وفاة الأنطاكي، مما يجعلنا نرجّح أنّ هناك جزءا ضائعا من آخر الكتاب، وهذا الجزء يمكن أن نقدّره بما يساوي ربع الكتاب، ومقياسنا في هذا، هو تقسيم المؤلّف نفسه لكتابه إلى جزءين، حيث ينتهي الجزء الأول بنهاية عهد الحاكم بأمر الله سنة 411 هـ. /1021 م. أي أنّ الجزء الأول يتناول أحداث نحو خمس وثمانين سنة، بينما لم يصلنا من الجزء الثاني سوى أحداث أربع عشرة سنة فقط. وهذا تقسيم مخلّ في توازن الكتاب من حيث الشكل والمضمون، وهذا أيضا، يؤيّد وجهة نظرنا في أنّ جزءا كبيرا من الكتاب ضاع ولم يصلنا بسبب نجهله. ... مخطوطات الكتاب والنصوص المنشورة توجد عدّة نسخ مخطوطة من تاريخ الأنطاكي موزّعة بين دمشق ولندن وباريس وموسكو وتعتبر النسخة البريطانية النسخة الأمّ لكلّ المخطوطات الأخرى، وهي محفوظة بمكتبة الجامعة البريطانية تحت رقم (137)، وتتألّف من
(191) ورقة، مسطرتها (31*21 سم.)، وتحتوي الصفحة الواحدة على (19) سطرا. وكانت في الأساس بحلب، وتاريخ نسختها هو سنة 1658 م. وقد حصل عليها راعي الأبرشية «باولو زعيم ماكاري» بطريرك أنطاكية، في سنة 1670 م. وقام بنقلها إلى مكتبة الجامعة البريطانية. ثم قام البارون «كارّادوقو» بنقل نسختين عنها وضعتا في المكتبة الوطنية بباريس، إحداهما تحت رقم (MS .882) وهي برمز، (A) والأخرى تحت رقم (MS .192) وهي برمز. (B) ولكنّ نقصا لحق بآخر هاتين النسختين، إذ يوجد بياض في النسخة الأولى (A) بين وجهي الأوراق (220 - 234)، وفي النسخة الثانية (B) بين وجهي الأوراق (274 - 291). أما النسخة الدمشقية فقد نسخها عن البريطانية أيضا «غابريل (جبرائيل) جبارة»، الذي تولّى منصب الأرشمندريت في البطريركية الأنطاكية للروم الكاثوليك مدّة 60 عاما، ووضعها في مكتبة البطريركية اليونانية بدمشق سنة 1860 ليقوم بالإطّلاع عليها الطلبة الشرقيّون، تحت اسم (Trium Lanerum) وهي تتألّف من (278 صفحة)، وفي الصفحة (19 سطرا)، مسطرتها: (23*19 سم.) رقمها (210)، وقد وصف «جوليان كالنداري» الملحوظات التي وضعها «غابريل جباره» على النسخة البريطانية بأنها جيّدة،. ولقد قام البارون «كارّادوقو» بوضع تصويبات على إحدى النسختين الباريسيّتين، فجاءت في (15 ورقة) بآخر النسخة ذات الرقم (291) والتي رمز إليها بحرف - B) ب)، وهي نسخة الأصل من وجه (82 ب) حتى (137 ب). كما قام «حبيب الزّيّات الدمشقي» بوضع تصويبات على النسخة الباريسية الثانية التي رمز إليها بحرف - A) س)، ووضعها في الإسكندرية. واعتبارا من خلافة القائم بأمر الله يوجد نقص في النسخة (س) حتى بداية الخلافة الفاطمية. كذلك فإنّ النسخة (ب) يوجد بها نقص وخاصّة نصّ الرسالتين المتبادلتين بين بطريرك أنطاكية أغابيوس، وبطريرك الإسكندرية إيليا.
وهناك أيضا نقص في النسخة (ب) من ورقتي 223 و 224 وذلك اعتبارا من نهاية نصّ الكتاب الذي كتبه الخليفة الحاكم إلى الراهب ابن سليمان، وحتى وفاة الحاكم. وقد عمد «الزيّات» إلى التأكيد على إثبات التاريخ الروماني في النسخة التي قام بتصويبها، وذلك في كل سياق يرد فيه تأريخ. وفي سنة 1883 نشر المستشرق «قون روزن» نصوصا مختارة من تاريخ الأنطاكي عن المخطوطة الأم، في بتروبولي Petropoli بموسكو، تؤرّخ للإمبراطور البيزنطي «باسيل» وعلاقاته بالبلغار، واهتمّ إلى جانب نشر تلك النصوص بوضع تصويبات للأغلاط الموجودة في المخطوطة الأساسية، فجاءت في كتابه من الصفحة 298 إلى الصفحة 331. كما اعتمد المؤرّخ «شليمبرجر» على تاريخ الأنطاكي، فنقل نصوصا منه ضمّنها كتابه «الملاحم البيزنطية حتى نهاية القرن العاشر» وخصوصا في المجلّد الثاني، والذي طبع بباريس سنة 1900. واستعان المشرق «ماريوس كانار» أيضا بعدّة نصوص من تاريخ الأنطاكي، فأثبتها في كتابه الذي جمع فيه أخبار سيف الدولة الحمداني، ونشره في الجزائر سنة 1934. وقد وجد كتاب الأنطاكي طريقه إلى الطبع مرتين، كانت أولاهما على يد الأب «لويس شيخو»، حيث نشر النسخة التي أتى بها من مكتبة بطرس بموسكو، وهي في (331 صفحة)، صدرت عن المدرسة الأرثوذكسية اليونانية ببيروت سنة 1909، ملحقة بالتاريخ المجموع لابن البطريق، ووضع «شيخو» ملحقا في آخر تاريخ الأنطاكي صوّب فيه أخطاء النسخة، استغرق الصفحات 332 - 363 ولكن الكتاب جاء خلوا من أيّ تحقيق لمادّته. أما الطبعة الثانية لتاريخ الأنطاكي فكانت في باريس على يد المستشرقين: «كاراتشوفسكي» و «قاسيليف» سنة 1924، وهي من غير تحقيق أيضا.
الملحق بتاريخ الأنطاكي
ولما كانت نسخة مكتبة بطرس غير كاملة، وتنتهي بنهاية الجزء الأول، حسب تجزئة المؤلّف، فإنّ النقص استعيض عنه باعتماد النّص الذي في المخطوطة البريطانية، اعتبارا من خلافة الظاهر لإعزاز الله (أي الجزء الثاني)، ولهذا كان الخط مختلفا في الجزءين، وقد رمزنا إلى هذه القطعة المضافة بحرف (ر)، وتنتهي عند خبر وفاة الملك قسطنطين في سنة 419 هـ. ... الملحق بتاريخ الأنطاكي هذا، وكان البارون «كارّادوقو» قد عثر على جزء صغير، اعتقد أنّه مختصر تاريخ الأنطاكي، فألحقه بآخر النسخة - B) ب) الباريسية، من وجه الورقة 212 ب حتى وجه الورقة 218 ب. وحين نشر الأب لويس شيخو تاريخ الأنطاكي، ألحق به هذا الجزء الصغير، دون أن يتحقّق إن كان مختصرا لهذا التاريخ، أم أنه مختصر لكتاب آخر، وجاء في طبعته أنّ الملحق يتناول التاريخ الهجري من سنة 349 إلى سنة 370 (960 - 980 م.). وفي الواقع، إن الملحق يتناول أحداثا تصل إلى سنة 400 هـ. وليس إلى سنة 370 هـ. فقط. كما أنّ الملحق، ليس كلّه، يعتبر مختصرا من تاريخ الأنطاكي، كما أنه ليس لمؤلّف واحد، ففي الملحق أكثر من خبر لا نجده في تاريخ الأنطاكي. ولغة الملحق وأسلوب صياغته ليست على وتيرة واحدة، على صغره، فهو في قسمه الأول حتى خلافة المعزّ يتّفق بأسلوبه مع تاريخ الأنطاكي إلى حدّ بعيد. أما القسم الثاني منه، واعتبارا من خلافة المعزّ، فيختلف أسلوب كاتبه اختلافا واضحا، حيث نجده يطلق لقب «أمير المؤمنين» على الخليفة الفاطمي، ويقرن اسمه بقوله: «صلوات الله عليه»، وبقوله: «عليه السلام»، مما يعني أنّ الكاتب من الإسماعيلية الفاطميين. وبهذا يمكن القول إن «الملحق» هو نسخة ملفّقة لأكثر من مؤلّف، به ثغرات
تاريخية كثيرة وواسعة، فقراته مضّطربة، وأخباره مبتورة ومشوّشة، في أكثرها، وبه أوهام ونقص وتحريف، وتقديم وتأخير. وقد اجتهدت في تحقيق نصوصه وتوضيح ما غمض منها بما توفّر لي من المصادر. ... ولما كان كلّ من الأب لويس شيخو، والمستشرقين كاراتشوفسكي وفاسيليف، لم يعتنوا بتحقيق تاريخ الأنطاكي عند نشره كما يقتضي التحقيق العلمي، من تعريف وترجمة للأعلام، وضبط للتواريخ، وتقييد للأسماء، وشرح للمصطلحات والألفاظ اللغوية، ومقارنة النصوص بالمصادر الأساسية، وتحديد المواقع والأماكن بالرجوع إلى معاجم البلدان، وتصحيح للأخطاء، وتصويب للأغلاط، وما إلى ذلك من مقتضيات التحقيق والتعليق والشرح. فقد رأيت أن أتوفّر لهذا العمل، مقدّما «تاريخ الأنطاكي» إلى المكتبة العربية، محقّقا لأول مرة، مع فهرسة شاملة للأعلام، والأماكن، والمصطلحات، والمصادر والمراجع. راجيا من الله التوفيق والسداد فيما وطّدت النفس عليه من بعث للتراث العربي. شاكرا لمؤسّسة «جرّوس برسّ» بطرابلس، حسن عنايتها بإخراج هذا الكتاب ونشره. والله الموفّق. المحقّق عمر عبد السلام تدمري طرابلس الشام الجمعة في 9 ربيع الآخر 1409 هـ. 18 تشرين الثاني 1988 م.
[الجزء الأول]
بسم الله الرحمن الرحيم /82 ب/الكتاب الذي صنّفه يحيى بن سعيد الأنطاكي تتبّعا لتاريخ سعيد ابن (¬1) بطريق [الجزء الأول] [نبتدي بعون الله وحسن توفيقه بكتابة الكتاب الذي صنّفه يوحنا ابن سعد (¬2) الأنطاكي تابعا لتاريخ سعيد ابن بطريق] (¬3). قصدي في هذا الكتاب أن أذكر جمل ما انتهى إليّ وصحّ عندي من الأخبار السالفة والحوادث الكائنة، منذ المدّة التي انتهى إليها [تاريخ] (¬4) سعيد بن بطريق [بطريرك الإسكندرية] (¬5) إلى زماننا هذا، توخّيا (¬6) لقضاء (¬7) حقّ من سألني تأليفه وتصنيفه وحرّضني (¬8) على جمعه ونظمه، والله يحرسه ويقيه ما يتخوّفه. وذلك أنّ سعيد بن بطريق انتهى في تاريخه إلى السنة الخامسة من خلافة الراضي، وهي سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة للهجرة، [ومات في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وسأذكر تاريخ اليوم والشهر من السنة التي مات فيها في موضعه من كتابي هذا، [وأن أرى ذلك على النحو الذي رتّبه] (¬9) فأقصد فيه المناهج التي قصدها فأضيف أسماء جميع الخلفاء ¬
والملوك الذين وقفت على أسمائهم، ومدّة أيّام ملك كلّ واحد منهم، وأضيف إلى ذلك جملا ممّا انتهى إليّ من أخبارهم وسيرهم، والحوادث التي كانت في أيامهم، وأتجنّب فيها الإطالة في الشرح، والإيجاز في الاختصار، وأسلك الطريق المتوسّطة بين الطريقين، فإن النّفوس إلى معرفة الأخبار القريبة العهد أكثر تطلّعا وأعظم تشوّقا (¬1)، وأذكر فيه [أيضا] (¬2) أسماء بطاركة الإسكندرية، وبيت المقدس، وأنطاكية، والقسطنطينية، وأعمارهم في كراسيّهم نحو ما فعل في تاريخه، ويكون جزءا مفردا مضافا إلى كتابه. وأما بطاركة رومية فلم يحصل لي أسماؤهم على التحقيق، وذلك أنّ سعيد بن بطريق [البطريرك] (¬3) ذكرهم على الولاء من بطرس رأس الحواريّين إلى غابيوس (¬4) البطريرك الذي كان في زمن رئاسة (¬5) المجمع السادس (¬6) [وهو المائتا وتسعة وثمانون] (¬7) في القسطنطينية في زمن ملك قسطنطين ابن قسطس (¬8) ملك الروم، في (أيّام) (¬9) خلافة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فلم يذكر من صار بعده، وقد ذكر ذلك في النصف الثاني من كتابه، فقال: ولم يقع لنا أسماء بطاركة رومية منذ مات غابيوس بطريركها (¬10) ولا شيء من أخبارهم من ذلك الوقت إلى أن وضعت هذا الكتاب، فلم يزل غابيوس هذا يذكر في الذبتيخن (¬11) منذ اجتماع المجمع السادس إلى بعد وفاة سعيد بن ¬
بطريق بمدّة طويلة ليست يعرف (¬1) مقدارها، وذكر بعده اسم بطريرك [آخر] (¬2) يدعى بناديكطس (¬3)، فلم يزل اسمه مذكورا في الذبتيخن إلى سنة نيّف وتسعين وثلاثمائة للهجرة، وقد كان صيّر بعد بناديكطس هذا بطاركة عدّة إلاّ [أنّه] (¬4) لم يرفع لأحد منهم في بلاد مصر والشام اسم ولا ذكر (¬5) [لانقطاع أخبارهم وبعد بلادهم] (¬6) واقتصروا على اسم بناذكطس (¬7) المتوفّى. /83 أ/وفي زماننا هذا صيّروا عليها بطريركا يسمّى يوحنا، ورفعوا اسمه وأسقطوا اسم بناديكطس، فهذا هو السبب المانع من تدوين أسمائهم (¬8) والعذر في الإضراب عن ذكرهم. وكنت ألّفت هذا الكتاب لمن كلّفني بتأليفه، ووقع إليّ (¬9) بعد ذلك تواريخ لم أكن وقفت عليها عند شروعي في عمله، فغيّرته بأجمعه وبدّلت نظمه وألّفته تأليفا ثانيا، ثم أيضا بعد انتقالي إلى مدينة أنطاكية في سنة خمس وأربعمائة للهجرة تصفّحته تصفّحا (¬10) ثانيا، وتحصّل لي تواريخ أخر، فخرّجت منها ما ألحقته به وأضفته إليه، وغيّرت بعضه، وقرّرت الأمر على هذه النسخة [وأحببت التنبيه على ذلك لكيما إذا وجد لهذا الكتاب نسخ أخر مختلفة عرف السبب فيه] (¬11). فكنت (¬12) عزمت أيضا أن أصلح تاريخ ¬
سعيد بن بطريق وألحق فيه من الأخبار ما طواه وأغفله (¬1) وأغيّر منه ما تحرّف عليه منها ولم يقف على صحّته فأورده على غير حقيقته، فرأيت أنّ ذلك يطول، ويضطرّ (¬2) إلى عظم الكتاب وتغيير (¬3) جميع ما فيه، فأهملته [وتصفّحت قبل شروعي في تأليف هذا الكتاب عدة نسخ لكتاب سعيد بن بطريق، فألفيت (¬4) بعضها يتضمّن التاريخ إلى صدر من خلافة القاهر، وهي السنة التي صيّر فيها سعيد بن بطريق بطريركا على الإسكندرية بل قد أضيف إلى بعضها زيادات بسبب من مضيف الكتاب ولا هي في نسخة أصلية. ورأيت نسخة الأصل نفسها ونسخ (¬5) أخر للكتاب غيرها، ونهاية (¬6) ما فيها إلى خلافة الراضي، وذلك سنة ستّ وعشرين وثلاث مائة للهجرة، وعلى هذه النسخة خاصة أنشئت (¬7) هذا الكتاب، إذ كان أتمّ النّسخ شرحا، وأقربها عهدا (¬8). وأظنّ السبب في نقصان أواخر بعض هذه النسخ وقصورها عن أسباب (¬9) ما في نسخة أصله (¬10) أن الكتاب استنسخ في حياة مؤلّفه في أوقات مختلفة من الزمان، واشتهرت نسخته في أيدي الناس، وبقيت كل واحدة من النسخ على جملتها تتضمّن (¬11) التاريخ إلى الزمان الذي كتبت فيه] (¬12). [وهذه هي نهاية تاريخ سعيد بن بطريق إلى خلافة الراضي سنة ستّ وعشرين ¬
[سنة 326 هـ.]
وثلاثمائة للهجرة] (¬1) وأنا مثبت هاهنا الفصل (¬2) الأخير من النسخة التي هي (أصح من جميع نسخه) (¬3) وأتمّ وأكمل (¬4) وأتلوه بما ألّفته، مستعينا بالله طالبا منه التوفيق فيما قد قصدت إليه وعزمت عليه، وهو المرشد لذلك بفضله/ وكرمه. [سنة 326 هـ.] قال سعيد بن بطريق: وفي سنة ستّ وعشرين وثلثمائة كان بين الروم والمسلمين هدنة، وكان بينهم فداء خلق كثير (¬5). [رسالة بطريرك القسطنطينية إلى بطاركة الإسكندرية وأنطاكية وبيت] وفي هذه السنة وجّه ثوفيلكطس (¬6) بطريرك القسطنطينية برسول من قبله ومعه كتب إلى أنبا أفتيشيوس (¬7) بطريرك الإسكندرية، وإلى أنبا تاودوسيوس (¬8) بطريرك أنطاكية، وإلى أنبا خريصطودللس (¬9) بطريرك بيت المقدس يسألهم أن يذكروا اسمه في صلواتهم وقدّاساتهم، فأجابوه إلى ما سأل، وهذا كان قد انقطع من وقت خلافة بني أميّة، وهذا آخر ما سيّر سعيد بن بطريق البطريرك، ووجد في نسخة أصله (¬10) تمام خلافة الراضي أبي العبّاس محمد بن المقتدر. ¬
[الخليفة الراضي يقلد ابن راشد إمرة الأمراء]
[الخليفة الراضي يقلّد ابن راشد إمرة الأمراء] وقلّد الراضي لمحمد بن رايق إمرة الأمراء، وفوّض إليه تدبير دولته، وأمر أن يخطب له على سائر المنابر التي في مملكته، [ابن رائق يستولي على أمور الدولة العباسية] واستولى ابن رايق (¬1) على الأمور، واستكتب أحمد بن علي الكوفي، ونظر فيما كان الوزراء ينظرون فيه، وبطل منذ ذلك الوقت أمر الوزراء، فلم يكن للوزير نظر في شيء من الأشياء، ولا كان له غير اسم الوزارة، وكذلك سائر من تقلّد الإمارة لخلفاء بني العبّاس بعد ابن رايق، وإلى (¬2) هذه الغاية، وصارت أموال النّواحي تحمل إلى خزائن الأمراء، فيأمرون فيها وينفقون ما يرون، ويطلقون لنفقات السلطان ما يريدون، وعطّلت بيوت الأموال. [ابن رائق يولّي بجكم التركي على الأهواز] وولّى محمد بن رايق (¬3) الأهواز لغلام تركي يسمّى (¬4) بجكم (¬5) فعظم حاله وكثر ماله وتوفّر جيشه، فسار إلى بغداد لمحاربة ابن رايق، والتقيا بموضع يعرف بديالى (¬6) [في ذي القعدة من سنة 326] (¬7)، فانهزم ابن رايق، [دخول بجكم بغداد ووزارته للراضي] ودخل بجكم إلى بغداد، وأكرمه الراضي وخلع عليه وجعله أمير الأمراء (¬8)، واستكتب [بجكم] (¬9): محمد بن يحيى بن شيرزاد (¬10) يدبّر الأحوال، فقام مقام الوزراء من غير تسمية بوزارة. [سنة 327 هـ.] [وفاة الفضل بن جعفر وزير الراضي] ومات الفضل بن جعفر (¬11) وزير/83 ب/الراضي بالرملة [في جمادى ¬
[وزارة أحمد بن محمد البريدي]
الأول سنة 327] (¬1) [وزارة أحمد بن محمد البريدي] واستوزر الراضي أحمد بن محمد البريدي [يوم الأحد لستّ خلون من رجب من السنة] (¬2) وكان اسم الوزارة واقعا عليه، والقائم بتدبير الأحوال بجكم وابن شيرزاد (¬3) كاتبه. [سنة 328 هـ.] [وفاة سعيد بن بطريق بطريرك الإسكندرية] واعتلّ بمصر سعيد بن بطريق، وهو أفتيشيوس بطريرك الإسكندرية، وكان متمهّرا (¬4) بصناعة الطبّ، فحدس أنها علّة موته، فصار إلى كرسيّه إلى الإسكندريّة، وأقام بها أيام (¬5) عدّة عليلا، ومات يوم الاثنين سلخ رجب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (¬6)، وله في الرئاسة سبع سنين وستة أشهر (¬7) [شقاق أسقف تنّيس وأسقف الفرما على ابن البطريق] وكان في أيامه انشقاق عظيم وشرّ متّصل بينه وبين شعبه، وذلك أنّ جماعة من أطبّاء فسطاط مصر وشيوخهم كانوا كارهين لرئاسته، وكان على تنّيس (¬8) إذ ذاك ¬
أسقف يسمّى ميخائيل (¬1) ويعرف بابن النخيلي (¬2) وكان أيضا كارها له فوثب عليه (¬3) جماعة من الملكيّة (¬4)، واستنفر سائر من كان منهم بمصر وأوحشهم منه، فقطع اسمه في عدّة كنائس وكراسي منها تنّيس والفرما (¬5). وكان أيضا بالفرما أسقف يعرف بابن بليحا (¬6) شرّير وعلى طريق غير محمودة ولا مأثورة، فعاضد (¬7) ميخائيل (¬8) بن النخيلي أسقف تنّيس على مقاومة البطريرك أفتيشيوس، فجهد (¬9) البطريرك في استصلاحهما وأن يرجعا عمّا هما عليه من مقاومته ومنازعته، فلم يتّفق (¬10) ذلك. وكان أسقف الفرما هذا أخذ برطيل (¬11) منه، وغرض أسقف تنّيس إزالته عن الرئاسة. ومات ميخائيل أسقف تنّيس في صفر سنة اثنين وعشرين وثلثمائة، وحمل إلى تنّيس وقبر بها في كنيسة أبي (¬12) جلبة، وكفى البطريرك أمره، وتمكّن من تنّيس. وانقسم أهل مصر قسمين، وكذلك أهل تنّيس، وتحزّبوا حزبين، فصار حزب من الكهنة والعلمانيّين مع البطريرك، وحزب منهم عليه. وكان كل فريق منهم يصلّي في كنيسة مفردة. ثم أصلح البطريرك على تنّيس عوضا من ابن النخيلي ¬
[ابن الأحول يمنع الصلاة في كنيسة تنيس ويقبض على أسقفها]
أسقفا من أهلها يسمّى ثاوفيلس (¬1) ويعرف بابن الشقيّ (¬2) واجتمع إليه بنوه (¬3) وإخوته وجماعة من أهل البلد، وقصد استصلاح من كان نافرا، وجعل يقصد منازلهم راجلا، وخفض جناحه لهم، ولاطفهم، فلم يغنه ذلك شيئا، وقام لكلّ حزب من الحزبين غرض في نصرة هواه، حتى كان الأب لا يكلّم ابنه، ولا المرأة (¬4) تخاطب بعلها، وانتشت الحرومات (¬5) بينهم، وصارت القرابين تنتقل (¬6) من هيكل إلى هيكل وتكسر على المذابح، ويستعين كلّ فريق منهم على الآخر بالسلطان. [ابن الأحول يمنع الصلاة في كنيسة تنّيس ويقبض على أسقفّها] وخرج جماعة من النافرين (¬7) عنه من أهل تنّيس من النّصارى إلى الإخشيد محمد بن طغج (¬8) بمصر ساعيين (¬9) به رافعين عليه، وكان رجلا ظالما يصغي كثيرا إلى سماع السعايات وقبولها، ويهلك المسعيّ به (¬10) ويأتي عليه، فوجّه معهم قائدا يكنّى بأبي الحسين ويعرف [بصاحب علي بن] (¬11) الأحول (¬12) وضمّ إليه جماعة من الرّجّالة، فأنزلوه بكنيسة أبي (¬13) جبلة، وهي كنيسة أهل الملّة الجامعة التي الأسقف نازل (¬14) بها، فختمها ومنع الصّلوات فيها، وقبض على تاوفيلس أسقف تنّيس وعلى أفتيشيوس/84 أ/البطريرك، وكانا جميعا يومئذ بتنّيس، ووكّل بهما، وأحضر جماعة من مشايخ الإسلام وشيوخ النصارى، وفتح خزائن الكنيسة ¬
وأخرج سائر آلاتها وجميع صياغاتها [ونحاسها] (¬1) وستورها (¬2) عن آخرها، وكانت كثيرة متوفّرة (¬3) حتى أنّ ذهبها وفضّتها لكثرتها وزنا في القرسطقون (¬4) أي القبّان، وعظم تعجّب من حضر من الأمم [من المخالفين في الديانة] (¬5) من كثرة ما شاهدوا ورأوا منها (¬6) وعبّى (¬7) القائد الذي حضر من مصر جميع المأخوذ في أقفاص، وكتب إلى الإخشيد مطالعة بما وجد ويستأذنه بحمله إلى مصر، فأذن له بحمل الجميع إليه، والاستقصاء والبحث عمّا عسى أن يكون قد خفي، فأحضر البطرك (¬8) والأسقف جميعا، وطالبهما بإخراج ما بقي للكنيسة من الآلات، فأعلماه أنّهما لا يعرفا (¬9) أنه بقي لها شيء، فلم يقنع منهما بذلك، وضرب [الأسقف] (¬10) ثاوفيلس ثمانية عشرة درّة، وقدّم البطريرك ليضرب أيضا، فبكى الناس الحاضرون (¬11) وكثر ضجيجهم، فعفي (¬12) عن الضرب، وحمل جميع متاع الكنيسة بأسره إلى مصر، [وخرج الأسقف والبطريرك إلى مصر] (¬13) وقصد الأسقف وجماعة من الكتّاب النّصارى (¬14)، وسألهم [السفارة] (¬15) في توسّط حالهم مع الإخشيد ¬
(بعد ما خرج الأسقف والبطريرك معا إلى مصر) (¬1) فسعوا في ذلك، وتوسّطوا أمر البطريرك والأسقف، على أن يفوا (¬2) له بخمسة آلاف دينار، وأعاد (¬3) المأخوذ، وانحدر الأسقف ثاوفيلس ووضع يده في بيع العقار و [الأوقاف التي] (¬4) للكنائس، فباع منه ما يساوي ألوفا كثيرة بخمسة آلاف دينار، وطمع (¬5) كلّ واحد في البطريرك والأسقف، وامتدّت العين إليهما، واضطرّ إلى استكفاء شرّ كلّ أحد [منهم وإرضائه] (¬6)، فلم يبق من الوقف والرّحل إلاّ ما لا قدر (¬7) له. ثم استرمّت كنيسة أبو مينا التي في تنّيس (¬8) هدمها الأسقف ثاوفيلس، وأقام عمدها وأساطينها وزاد في سمكها وبنا (¬9) جملها (¬10)، وباع لأجل (¬11) عمارتها من الآلات [الكنيسة] (¬12) وأوقافها شيء كثير (¬13) فانتهى ذلك إلى الإخشيد، وعرف أنه كان يبيع ما يساوي مائة دينار مثلا بخمسين دينارا، ¬
[المسلمون واليهود يهدمون كنيسة بعسقلان]
فصيّر (¬1) إلى تنّيس صاحبا له من الكتّاب يعرب بابن الفهمي، وتقدّم إليه ببيع ما بقي منها، وأن يستظهر على مشتريين (¬2) أوقاف الكنائس (¬3) يأخذ النصف من الثمن، فمن (¬4) كان ابتاع شيئا بمائة دينار قبض منه للسلطان (¬5) خمسين دينارا، فأخذ من الناس مالا واسعا [وجعل من ذلك جملة كثيرة] (¬6)، وهرب جماعة من منازلهم خوفا من الغرم والمصادرة. ولمّا شاهد النّصارى تفاقم الحال والهلاك الواقع بوقف تنّيس عدل بعضهم بعضا (¬7)، واتّفقت كلمتهم، ورجعوا إلى كنيسة واحدة، إلاّ أنّ نفوس أكثر أهل تنّيس لم تزل مستوحشة من الأسقف ثاوفيلس بن الشقيّ. [المسلمون واليهود يهدمون كنيسة بعسقلان] وثار المسلمون (¬8) بعسقلاّن على كنيسة كبيرة بها تعرف بكنيسة مريم الخضرا، فهدموها ونهبوا جميع ما فيها وأحرقت، وعاضد المسلمين اليهود في هدمها، وكان اليهود يشعلون النار في الحطب ويجرّونه بالبكر إلى أعلى السقوف حتى يحرقونها وينحلّ رصاصها ويقع عمدها. وخرج أسقفها إلى مدينة السلام متوسّلا/84 ب/في ردّها، فلم ينجح له في ذلك سعي وخربت الكنيسة وبقيت على حالتها. وتوافق المسلمون من أهل عسقلان أن لا يمكث (¬9) بهذا، فأقام بالرملة إلى أن مات (¬10). ... ¬
[ابن رائق يستولي على حمص ودمشق والرملة ويهزم الإخشيد]
[ابن رائق يستولي على حمص ودمشق والرملة ويهزم الإخشيد] وأما محمد بن رايق لمّا خرج من العراق منهزما سار إلى حمص فملكها، ثم توجّه إلى دمشق وإلى الرملة وملكها، وبلغ إلى عريش مصر، فخرج إليه الإخشيد محمد بن طغج (¬1) من مصر وحاربه [يوم الأربعاء النصف من شهر رمضان سنة 328] (¬2) فانهزم الإخشيد، واشتغل أصحاب ابن رايق (¬3) واطمئنّوا (¬4)، [الإخشيد يهزم ابن رائق إلى دمشق] فجمع الإخشيد بعد هزيمته أصحابه وغلمانه وقصد ابن (¬5) رايق وسار (إلى دمشق) (¬6) وهم بالعريش، فوقع بهم وهزمهم، وأفلت ابن رايق في سبعين رجلا، وسار إلى دمشق منهزما. وتأهّب الإخشيد للمسير إلى دمشق للقائه، ووجّه أخاه أبا النّصر الحسن بن طغج في جماعة من الغلمان والقوّاد والأولياء إلى اللّجّون (¬7) ليكونوا على مقدّمته، واتّصل ذلك بابن رايق (¬8) فأسرع (¬9) إليهم في جماعة من الغلمان، وجدّ في المسير، [ابن رائق يقتل أخا الإخشيد عند اللّجّون] ونزل أبو النّصر في اللّجّون [صباح يوم الثلاثاء لإحدى عشر ليلة خلت من ذي القعدة من السنة] (¬10). وهم لا يعلمون، فكبسهم بن (¬11) رايق، ووقع بينهم وقعة عظيمة هناك، وانهزم أصحاب أبي النصر ابن طغج، وأسر وجوه قوّاده، وقتل أبو النّصر (¬12) في الحرب، فأخذه محمد بن رايق ¬
[الإخشيد يوسط أبا الفتح ابن رائق في الصلح مع أبيه]
[الإخشيد يوسّط أبا الفتح ابن رائق في الصلح مع أبيه] وغسّله وكفّنه وحنّطه وحمله في تابوت إلى أخيه الإخشيد، وأنفذ معه أبا الفتح مزاحم (¬1) ابنه، وكتب معه كتابا إليه يعزّيه بأخيه ويعتذر مما جرى، ويذكر أنه لم يؤثر قتله، وأنه قد أنفذ إليه ابنه أبا الفتح ليفديه به إن أحبّ ذلك، فتلقّى الإخشيد فعله هذا بالجميل، وخلع على أبي الفتح مزاحم (¬2) بن محمد بن رايق، وردّه إلى أبيه مسلّما (¬3)، فجعله واسطة بالصلح (¬4) بينهما. [صرف أحمد بن محمد البريدي عن الوزارة] [وصرف عن الوزارة أحمد بن محمد البريديّ (¬5) يوم الخميس لعشر بقين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتقلّدها سليمان بن الحسن (¬6) بن مخلد في ذلك اليوم. وكان اسم الوزارة واقع (¬7) عليه، وابن شيرزاد (¬8) المدبّر للأحوال (¬9). ثم قبض بجكم على ابن شيرزاد (¬10)، واستكتب أحمد بن عليّ ¬
[سنة 329 هـ.]
لكوفيّ (¬1)، فلم يزل قايم (¬2) بتدبير المملكة إلى (أن) (¬3) قتل بجكم] (¬4) [سنة 329 هـ.] [وفاة الخليفة الراضي] وتوفّي الراضي في ليلة (¬5) السبت لأربع عشرة (¬6) ليلة بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، [في علّة الاستسقاء الزقّي (¬7) وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة، ودفن بالرّصافة] (¬8). وكانت خلافته ستّ سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام. (¬9) ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
(خلافة المتقي لله)
(خلافة المتّقي لله) ونفذت الكتب إلى بجكم (¬1) وهو يومئذ بالواسط (¬2) بتعرفة (¬3) موت الراضي، واستيذانه فيمن يبايع له بالخلافة، فأنفذ بجكم كاتبه أحمد بن علي الكوفي لينظر من يقع اختيار الجماعة عليه فيبايع له، فورد إلى بغداد فجمع الوزراء والقضاة ووجوه أهل المملكة، وشاورهم فيمن يبايع له بالخلافة، [مبايعة المتّقي لله بالخلافة] فوقع اختيار الجمع على أخي الراضي [أبي إسحاق] (¬4) إبراهيم المقتدر (¬5) وبويع له يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة، ولقّب بالمتّقي بالله (¬6). [إقرار سليمان بن الحسن بن مخلد في الوزارة] [وأقرّ (¬7) أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد على الوزارة (¬8). ... [الغلاء العظيم بمصر] وحدث بمصر غلاء عظيم في هذه السنة، وعزّ القمح وسائر الحبوب وعدم البتّة، ولحق الناس [من الجوع] (¬9) شدّة شديدة، وتبعه وباء عظيم، ولم يزل الغلاء إلى أن دخلت الغلّة الجديدة، وحدث أيضا ببغداد مثل ذلك، وأكل بها الناس النخالة والحشيش، وكثر الموت فصار يدفن جماعة في قبر واحد بغير صلاة ولا غسل، ورخص العقار والقماش ببغداد، حتّى صار يباع ¬
[مقتل بجكم التركي]
ما ثمنه دينار/85 أ/بدرهم (¬1). ... [مقتل بجكم التركي] وقتل بجكم التركي بواسط [يوم الأربعاء لسبع بقين من رجب] (¬2). وكان سبب قتله أنه خرج يوما يتصيّد، فلقي قوما من الأكراد فقتلوه ولم يعلموا أنه بجكم (¬3). [صرف سليمان بن الحسن واستيزار أحمد بن ميمون] واستتر (¬4) كاتبه أحمد بن علي الكوفي، وصرف المتّقي (¬5) عن الوزارة سليمان بن الحسن، واستوزر أحمد بن ميمون (¬6) يوم الأحد، لثالث خلون من شعبان سنة تسع وعشرين وثلثماية (¬7). [حركة أحمد بن محمد البريدي لبلوغ الوزارة] وصعد أحمد بن محمد البريديّ (¬8) من واسط إلى بغداد ملتمسا تقليد الوزارة، وراسله المتّقي في العودة إلى واسط، وامتنع عن الرجوع، وطلب الدخول إلى بغداد وتقليد الوزارة (¬9)، وكان (في) (¬10) جيش عظيم وغلمان عداد (كذا). فعلم الوزير أحمد بن ميمون أنه إلّم يجاب (¬11) إلى ما التمس ¬
[كورتكين الديلمي يهزم البريدي ويتولى إمرة الأمراء]
آل (¬1) الحال معه إلى أحوال تذمّ عواقبها ولا يومن غوايلها، فاستعفا (¬2) وأزال عن نفسه اسم الوزارة يوم السبت لستّ خلون من شهر رمضان، ونسبت إلى البريدي (¬3). [كورتكين الديلمي يهزم البريدي ويتولّى إمرة الأمراء] وكان مع (¬4) البريدي جماعة من الغلمان الأتراك والديلم وروس الديلم عليهم كورتكين (¬5) الديلمي، وروس الأتراك أيضا عليهم بكسل (¬6). وانحاز الديلم إلى دار السلطان وتفرّق عنه الأتراك واجتمعوا إلى تكين، وتضافروا (¬7) جميعا، وعلوا بهم (¬8) العامّة، وقصدوا بجميعهم التربيدي (البريدي)، فهرب إلى واسط قبل الظهر من يوم الاثنين سلخ شهر رمضان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، فخلع المتّقي على كورتكين (¬9) الديلمي يوم الخميس لثلاث خلون من شوّال، وصيّروه أمير الأمراء (¬10). وأقام المتّقي: عبد الرحمن بن عيسى لتدبير الأمور من غير تسمية بوزارة (¬11)، [محمد بن أحمد القراريطي يتقلّد الوزارة] ثم قلّدوا الوزارة أبا إسحاق محمد بن أحمد القراريطي (¬12) يوم ¬
[كورتكين يقبض على القراريطي ويقلد الوزارة محمد بن قاسم الكرخي]
السبت لاثني عشر ليلة خلت من شوّال من السنة بعينها (¬1). [كورتكين يقبض على القراريطي ويقلّد الوزارة محمد بن قاسم الكرخي] وقبض عليه (¬2) كورتكين الأمير ليلة الأحد لخمس بقين من ذي القعدة. وقلّد الوزارة لأبي جعفر محمد بن قاسم الكرخي (¬3). [المتّقي يرسل إلى بجكم بالعودة إلى بغداد] وكتب المتّقي بعد قتل بجكم (¬4) إلى ابن رايق يستدعي حضوره من الشام إلى بغداد، فسار إلى أن بلغ الموصل، وجرى بينه وبين الحسن (¬5) بن عبد الله بن حمدان مراسلة، [الحسن بن عبد الله بن حمدان يؤدّي مالا لبجكم] وحمل ابن حمدان إلى ابن (¬6) رايق مائة ألف دينار (¬7). [الحرب بين بجكم وكورتكين وهزيمة كورتكين] وانحدر يريد بغداد، ولما قرب منها خرج كورتكين إلى عكبرا (¬8) في جيوشه للقايه، وتحاربا أيام (¬9) متتابعة. ودخل ابن (¬10) رايق إلى بغداد يوم الخميس، لتسع بقين من ذي الحجّة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وسار إلى دار الخلافة، ووافى (¬11) كورتكين في جيشه من عكبرا (¬12)، فلما وصل كورتكين إلى دار السلطان دوفع عنها ورمى أصحاب ابن (¬13) رايق بالنّشّاب ¬
[ابن رائق يتقلد إمرة الأمراء من جديد]
لأصحاب كورتكين، واستتر وتمزّق أصحابه (¬1). [ابن رائق يتقلّد إمرة الأمراء من جديد] وخلع المتّقي على ابن (¬2) رايق وقلّده أمر الأمراء (¬3)، وعاد إلى ما كان عليه في أيام الراضي، وظهر كاتبه أحمد بن الكوفي من الاستتار (¬4)، وعاد إلى خدمته أيضا، ودبّر الأمر من غير تسمية وزارة (¬5). ... [سنة 330 هـ.] [الأتراك يشغبون ببغداد على ابن رائق وينحازون إلى ابن البريدي] وشعّث (¬6) الأتراك بمدينة السلام على ابن رائق (¬7)، وسار نحو واسط، وانحازوا إلى أحمد بن البريدي (¬8)، واحتاج ابن (¬9) رايق إلى ملاطفته وكاتبه بالوزارة يوم الخميس النصف من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين ¬
[إزالة البريدي عن الوزارة وإعادتها إلى القراريطي]
وثلثمائة (¬1)، [إزالة البريدي عن الوزارة وإعادتها إلى القراريطي] وأنفذ إليه خلعا سلطانية، فنهض البريديّ (¬2) للإصعاد إلى بغداد، فغلظ ذلك على المتّقي، وابن رايق، فأزالا اسم الوزارة عنه (¬3) وأعاداها إلى أحمد بن محمد القراريطي (¬4). [البريدي يستولي على دار الخلافة ببغداد] وسار البريديّ (¬5) إلى بغداد، واتّصلت الحروب بينه وبين بن (كذا) رايق، وخرج المتّقي إلى نهر ديالى (¬6)، ودخل البريدي إلى بغداد، وملك دار السلطان (¬7). [المتّقي وابن رائق يستنجدان بابن حمدان] وسار المتّقي وبن (كذا) رايق إلى الموصل مستنجدين (¬8) بعليّ والحسين (¬9) ابني حمدان. وقصد بن (كذا) رايق الحسين (9) بن حمدان ليسلّم عليه، فأمر به الحسين وضربه الحسين بن أبي العلا بن حمدان بسيفه فقتله، وخلع المتّقي على الحسين (9) بن حمدان هذا ولقّبه ناصر الدولة، وجعله أمير الأمرا، [استكتاب محمد بن علي الكوفي] واستكتب أيضا محمد بن علي الكوفي، فكان القائم بتدبير الأمور مقام الوزرا من غير تسميته بوزارة (¬10). [المتّقي وناصر الدولة بن حمدان يدخلان بغداد ويهزمان البريدي] وسار المتّقي وناصر الدولة بن حمدان إلى بغداد، فبلغ ذلك البريدي (¬11)، فخرج عن بغداد، وأقام البلد ثلاثة أيام بغير سلطان، ففتحت السجون، وشلّح الناس نهارا في الطرقات. ودخل المتّقي وناصر الدولة إلى ¬
[البريدي يسير إلى البصرة]
بغداد. وأصعد (¬1) جيش البريدي (¬2)، وعاد إليها، فسار علي بن حمدان للقايه في ذي القعدة سنة ثلاثين وثلاثمائة فهزمه وأسر جماعة من غلمانه، وانحدر إلى واسط (¬3). [البريدي يسير إلى البصرة] وسار البريدي (¬4) إلى البصرة. [المتّقي يلقّب علي بن حمدان بسيف الدولة] ولقّب المتّقي علي بن حمدان بسيف الدولة وخلع عليه (¬5). [القبض على القراريطي ومصادرته] وقبض ناصر الدولة على الوزير محمد بن أحمد القراريطي وصادره. [سنة 331 هـ] [أحمد بن عبد الله الأصفهاني يتقلد الوزارة] وقلّد المتّقي وزارته لأحمد بن عبد الله الأصفهاني يوم الثلاثا لاثني عشر ليلة بقيت من رجب سنة أحد وثلاثين وثلاثمائة، فكان اسم الوزارة واقع عليه، والمدبّر للأمور أحمد بن علي الكوفي بواسط (¬6). وشعّث الأتراك (بواسط) (¬7) على سيف الدولة، فخرج عنها (¬8)، وروّسوا (كذا) عليهم غلاما منهم يسمّى بورون (¬9)، وخافه ناصر الدولة، فخرج من بغداد، واستتر كاتبه أحمد بن علي الكوفي (¬10). ¬
[القراريطي يدبر الأمر بعد استتار الكوفي]
[القراريطي يدبّر الأمر بعد استتار الكوفي] ودبّر الأمر محمد بن أحمد القراريطي بن أسد (¬1) الفزاري، من غير تسمية وزارة (¬2). ثم استوزر المتّقي أبا الحسين (¬3) علي بن محمد بن مقلة يوم الثلاثا لثمان خلون من شهر رمضان سنة أحد وثلاثين وثلاثمائة (¬4). [عودة توزون إلى واسط واستكتابه ابن شيرزاد] وطلع بورون (¬5) من واسط إلى بغداد، وخلع المتّقي عليه، وجعله أمير الأمرا، وردّ إلى كاتبه محمد بن القاسم الكرخي النظر (¬6) في الأمور على ما كان عليه أحمد بن علي الكوفي، فنظر فيها من [غير] تسمية بوزارة (¬7)، ثم أفرد فيها أبو الحسين (¬8) علي بن محمد بن مقلة، وردّ التدبير وسائر الأعمال إليه (¬9). وعاد بورون (¬10) إلى واسط، وسار كاتبه محمد بن القاسم الكرخي معه، وبعد (¬11) استكتب محمد بن يحيى بن شيرزاد (¬12) ونظر في الأمور كلّها كما كان الكرخي ينظر (¬13)»] (¬14). ... وأمّا كرسي الإسكندرية فلبثت بعد أنبا أفتيشيوس بغير بطريرك سنة ¬
[غزوة الروس إلى القسطنطينية]
واحدة، ووقع اختيار جماعة النصارى الملكية من أهل مصر على راهب من المصّيصة يسمّى إسحاق يسكن في بريّة طورسينا، وكان رجلا زاهدا (¬1) أديبا متقشّفا، فلما بلغه ذلك هرب إلى الشّراة (¬2)، وسكن في طور بها يعرف بطور أيوب، فأنفذوا من أشخصه عن أمر السلطان من الموضع الذي كان فيه، إلى أن أحضره إلى بيت المقدس، وخرج الأساقفة المقيمون في أعمال الإسكندرية إلى بيت المقدس، ولم يكن لهم بذلك رسم متقدّم، فصلّى عليه خريصطودلس (¬3) بن مهران بطريرك بيت المقدس مع الأساقفة (¬4)، وصار (¬5) من هناك إلى عمله، وأقام في الرئاسة ثلاث عشرة سنة، ومات. ... [غزوة الروس إلى القسطنطينية] وفي هذه السنة غزا الروس القسطنطينية وبلغوا إلى باب أقروبلي في بحر الخزر، وقاتلهم الروم وطردوهم [واستظهروا عليهم] (¬6) ... [الروم يغزون ديار بكر] وفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وافت جيوش (¬7) الروم إلى ديار بكر وسبوا من أهلها جماعة كثيرة، وفتحوا أرزن (¬8) وأخربوا عامّة بلدها، وبلغوا قرب نصيبين (¬9) والتمسوا من أهل الرّها أن يدفعوا لهم أيقونة المنديل (¬10) ¬
[المتقي يستفتي الفقهاء في طلب الروم لمنديل المسيح عليه السلام]
الذي كان سيّدنا يسوع المسيح مسح به وجهه وصارت صورة وجهه فيه، وبدل (¬1) لهم الروم أنهم إذا سلّموهم هذا المنديل أطلقوا من الأسارى (¬2) المسلمين الذين بيدهم عدادا (¬3) ذكروه لهم، فكاتبوا المتّقي ببغداد (¬4) بذلك، [المتّقي يستفتي الفقهاء في طلب الروم لمنديل المسيح عليه السلام] وعرض الوزير أبو الحسن بن مقلة على المتّقي الوارد في هذا المعين (¬5) واستأذنه فيما يعمله، فأمره بإحضار القضاة والفقهاء واستفتاءهم (¬6) في ذلك، والعمل بما يقولون، فاستحضرهم الوزير أبو الحسن بن مقلة، واستحضر عليّ بن عيسى والوجوه من أهل المملكة، وعرّفهم ما ورد في هذا المعين (¬7) وسألهم عمّا عندهم فيه، وجرى في ذلك خطب عظيم (¬8) ذكر فيه بعض من حضر حال هذا المنديل، وأنه منذ الدهر الطويل (في كنيسة الرّها) (¬9) لم يلتمسه ملك من ملوك الروم، وإنّ في دفعه غضاضة على الإسلام، والمسلمون أحقّ بمنديل عيسى عليه السلام وفيه صورته، فقال عليّ بن عيسى (¬10): إنّ خلاص المسلمين من الأسر وإخراجهم من دار الكفر معما يقاسونه من الضّنك والضرّ أوجب وأحق، ووافقته جماعة من حضر على قوله، وأشار هو وغيره من قضاة المسلمين بتسليم (¬11) الأسارى منهم، وتسليم المنديل إليهم إذ لا طاقة للسلطان بهم ولا له حيلة في استنفاذ (¬12) ¬
الأسارى من أيديهم، وعمل في ذلك محضرا، وأخذ خطوط الجماعة الذين حضروا، وعرض على المتّقي، فأمر (¬1) بكتب الجواب بالعمل (¬2) بذلك، واستقرّ الأمر بين أهل الرّها وبين الروم على أن دفعوا لهم مائتي نفس من المسلمين ممن كانوا أسروهم (¬3) الروم، وشرط أهل الرّها عليهم ألاّ يعبروا (¬4) فيما بعد على بلدهم، وعقدوا بينهم هدنة مؤبّدة، وتسلّموا (¬5) الروم المنديل وحملوه إلى القسطنطينية/85 ب/ودخل به إليها فى اليوم الخامس عشر من شهر آب. وخرج أسطفان (¬6) والبطريرك تاوفيلقطس أخوه، وقسطنطين أولاد رومانوس الملك إلى باب الذهب مستقبلين له، ومشوا (¬7) أهل الدولة بأجمعهم بين يديه بالشمع الكثير، وحمل إلى الكنيسة العظمى أجيّا صوفيا ومنها إلى البلاط. وذلك في السنة الرابعة والعشرون (¬8) منذ ملك رومانيوس (¬9) الشيخ مع قسطنطين بن لاون. ولم تزل هذه الهدنة مستمرّة بين الروم (¬10) وبين أهل الرّها إلى أن نقضها سيف الدولة في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فإنه (¬11) ألزم أهل الرّها (¬12) الغزو معه في سنة غزاة المصّيصة، فهلك فيها كثير منهم (¬13). ¬
[سنة 332 هـ.]
[سنة 332 هـ.] [الروم يستولون على مدينة دارا] ثم عاد (¬1) الروم إلى ديار بكر في هذه السنة وفتحوا مدينة دارا يوم الخميس لعشر خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، وأقاموا فيها يومين، ورجعوا دفعة أخرى [الروم يدخلون رأس عين] ودخلوا رأس عين يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة (¬2) اثنين وثلاثين وثلاثمائة، فأقاموا فيها يومين، وسبوا من أهلها زهاء (¬3) ألف نفس وانصرفوا (¬4). ... وتوفّي (¬5) ثاودوسيوس بطريرك أنطاكية وله في الرئاسة سبع سنين، وخيّر (¬6) بعده تاوخاريسطوس (¬7) بطريركا على أنطاكية، أقام أربع سنين وتوفّي (¬8). ... ¬
[المتقي يستوحش من توزون ويخرج إلى بني حمدان بالموصل]
[المتّقي يستوحش من توزون ويخرج إلى بني حمدان بالموصل] واستوحش المتّقي من توزون (¬1) فخرج من بغداد، وأمر الكتّاب والقوّاد بالخروج معه، وصار (¬2) إلى الموصل وقصد بني حمدان، واتّصل ذلك بتوزون (¬3) فجرّد موسى بن سليمان في ألف رجل إلى بغداد، فأقبل إلى باب الشمامسة ونزل هناك، وأقام توزون بواسط أياما وصعد إلى بغداد وملكها، فتوجّه سيف الدولة لحربه، فالتقيا أسفل تكريت، وتحاربا أياما، فانهزم سيف الدولة (¬4)، وملك توزون تكريت، وعاد سيف الدولة إليه وجرى بينهما وقعة ثانية، وانهزم سيف الدولة أيضا إلى الموصل. وصار (¬5) المتّقي وناصر الدولة وأخوه سيف الدولة والجماعة عن الموصل إلى نصيبين (¬6) ورحلوا عنها إلى الرّقّة (¬7)، وملك توزون الموصل. وأنفذ المتّقي من الرّقّة إلى توزون يلتمس منه الصلح، فأجاب إلى ذلك، وأحضر توزون القضاة والعدول والعبّاسيين (¬8) ومشايخ الكتّاب، وحلف بين أيديهم (¬9) للمتّقي، وكتب بذلك كتابا وقّعت فيه شهادة من حضر على توزون (¬10) بالصلح (¬11). ¬
[الإخشيد يمثل أمام المتقي في الرقة فيجدد ولايته على مصر والشام]
[الإخشيد يمثل أمام المتّقي في الرّقّة فيجدّد ولايته على مصر والشام] وكان الأخشيد عندما اتصل به توجّه المتّقي إلى الرّقّة قد خرج من مصر قاصدا إلى حضرته، ووصل إليه وهو بالرقّة، فأعظمه المتّقي غاية الإعظام، ووقف الإخشيد بين يديه وقوف الغلمان وفي واسطة صلاحه (¬1)، وركب المتّقي ومشى الإخشيد بين يديه، وأمره بالركوب، فلم يفعل. وما زال على تلك الحال مختلطا بالناس إلى أن نزل المتّقي من ركوبه، فجدّد ولايته على مصر وأعمالها، والشّامات وأكنافها، والثغور وما والاها (¬2)، وجعل ذلك له ولولده بعده ثلاثين سنة بعده. وحمل إليه الإخشيد أموالا وهدايا كثيرة، واجتهد به في المسير معه إلى مصر، فامتنع المتّقي (¬3). [توزون يخلع المتّقي من الخلافة ويحبسه حتى مات] ولمّا توثّق من توزون انحدر من الرّقّة في الفرات يريد بغداد (¬4) ومعه ثلاثة غلمان فقط، فوصل إلى هيت (¬5) وأقام بها، وأنفذ قوما إلى توزون حتى جدّدوا عليه الأيمان والعهود والمواثيق (¬6)، وعادوا/86 أ/إلى المتقي وعرّفوه أنهم (¬7) أحكموا الأمر مع توزون، فردّهم المتّقي ومعهم غيرهم ليزيدوا في ¬
التوثّق منه، فساروا إليه وبالغوا في الاحتياط والثقة، وخرج توزون (¬1) من موضع يعرف بالسّنديّة (¬2) ليلقى المتّقي، وأصبحوا في غد ذلك اليوم، وكان بين توزون وبين المتّقي نحو فرسخ، ووافت خزائن المتّقي، ووافى جميع الناس على طبقاتهم، وبينما هم على تلك الحال إذ رأوا غبرة عظيمة (¬3) إلى أن صارت بإزائهم، وإذا توزون قد أقبل إلى المتّقي وترجّل له وقبّل الأرض، ثم قبّل يده ورجله، وركب وسارا (¬4) جميعا، وفي الحال وكّل توزون بالمتّقي وبالوزير، وتحرّم (¬5) المتّقي جماعة من الدّيلم والغلمان إلى أن نزلوا بهم، وتحزّم المتّقي في مضرب توزون، وأمر توزون بقيّة الناس بالإنحدار، فساروا إلى السّنديّة (¬6)، ونزل العسكر بإزائهم، فارتجّت الدنيا بالنّهب، ونهب قماش الناس وأمتعتهم (¬7) وقبض توزون على المتّقي وخلعه من الخلافة في ذلك اليوم، وهو يوم السبت لعشرين (¬8) بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهر (¬9). وسملت عيناه يوم الأحد عند خلعه، وكان عمره يومئذ ستّ (¬10) وثلاثين سنة. وحبس ووكّل به، وأقام بعد أن خلع أربعا وعشرين سنة (وسبعة أشهر) (¬11) ومات بداره. ¬
وكان القاهر أوّل خليف (¬1) سمل (¬2) في الإسلام، ثم المتّقي ثانية (¬3). ¬
(خلافة المستكفي)
(خلافة المستكفي) [مبايعة المستكفي بالخلافة وتوزير محمد بن علي] ولمّا قبض توزون على المتّقي أحضر أبا القاسم عبد الله بن المكتفي بالله وبايع له بالخلافة بالسندسيّة (¬1) ولقّب بالمستكفي بالله، وذلك في اليوم الذي خلع فيه المتّقي، [ودخل (¬2) بعد ما بويع له بيومين، واستوزر محمد بن علي (¬3)، فلم يكن له من الوزارة سوى اسمها. وابن شيرذاذ كاتب توزون مدبّر المملكة] (¬4). ... [خلع الملك رومانوس عن العرش] وأمّا رومانوس الشيخ ملك الروم فإنّه كبر وضعف، ورأى ولده أصطفان أن يخرجه من البلاط ويزيله عن الملك، ووافقه على رأيه أخوه قسطنطين، وأعلما قسطنطين ابن لاون صهرهما ما عملا (¬5) عليه. [سنة 333 هـ] ولمّا كان يوم الإثنين السادس عشر من كانون الأوّل [سنة ألف ومائتين ¬
[قسطنطين بن لاون يستولي على العرش البيزنطي]
وستّ وخمسين لاسكندر المكدوني] (¬1) وهو لأربع ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وثبا (¬2) به ولداه أصطفان وقسطنطين وخواصّهما، وأخرجاه من البلاط على أقبح صورة وأسوء (¬3) حال، وسيّراه في المراكب إلى الجزيرة المعروفة بالأبروتي، أي الأولى، ورهّباه فيها. وكان مدّة ملك رومانوس ستّ (¬4) وعشرين سنة، [قسطنطين بن لاون يستولي على العرش البيزنطي] وفي الحال صيّر قسطنطين بن لاون لبردس (¬5) الفقاس ماجيسطرس (¬6) وجعله ذومستيقس، وهو قائد الجيش (¬7). وعوّل أصطفان وقسطنطين ابنا رومانوس على أن يوقعا بقسطنطين صهرهما وينفردا بالملك دونه، وشعر قسطنطين بما في أنفسهما، فأحضرهما (¬8) طعامه، وأعدّ قوما من أصحابه وتقدّم (¬9) إليهم بأن يقبضوا عليهما، [نفي رومانوس وولديه إلى الجزائر اليونانية] ونفاهما إلى بعض الجزائر القريبة، ورسمهما شمامسة، ووكّل بهما. /86 ب/وكان (¬10) مدّة مقامهما في الملك بعد أن نفيا أباهما أحد (¬11) وأربعين يوما. وانفرد قسطنطين بالملك [ودعى لابنه رومانوس يوم الأحد ثالث وعشرون أشباط من السنة]، (¬12) والتمس أسطفان وأخوه من قسطنطين الملك بعد مديدة (¬13) من نفيهما أن يشاهدا أباهما، فحملا إلى جزيرة الأبروتي وشاهداه راهبا، فبكوا ¬
[فشل مؤامرة تستهدف الإطاحة بقسطنطين]
بكاء مرّا يقصر عنه الوصف و (¬1) نفي كلّ واحد منهما إلى جزيرة (¬2) ووكّل بهما، وكان لاخريصطوفور (¬3) أخيهما المتوفّى قديما ولد يسمّى ميخائيل فجعل شمّاسا بعد أن نزعت الخفاف (¬4) الحمر من رجليه، وفي مدّة كون رومانس في الجزيرة توافق ثاوفيلقطس (¬5) البطريرك ولده وثاوفانس البطريق البراكيمومنس (¬6) على إعادته إلى البلاط، وأطلعاه على ما عزما (¬7) عليه وألزماه القبول منهما، وكانا يتوقّعان وقتا يجدان فيه السبيل إلى أن يفعلا ما همّا به، وذاع ما شرعا فيه، واتّصل بقسطنطين بن لاون فنفى تاوفانس البطريق (البراكونومس) (¬8) وضرب قوما آخرين ممن وقف (¬9) على ذلك، وحلق شعورهم وأشهرهم في المدينة ونفاهم. [فشل مؤامرة تستهدف الإطاحة بقسطنطين] [وفي شهر كانون الأوّل من سنة ألف ومائتي (¬10) وتسع وخمسين للإسكندر عمل قوم أيضا على إخراج إصطفان بن رومانوس من الجزيرة التي كان منفيّا بها (¬11) وحمله إلى البلاط، فانتهى ذلك إلى قسطنطين الملك (¬12) فقبض عليهم وقطع أنوف بعضهم وآذان بعضهم، وضرب (¬13) منهم قوما كثيرين آخرين ضربا وجيعا، وأشهروا في المدينة على حمير] (¬14) وأما ¬
[مقتل قسطنطين بن رومانس]
قسطنطين بن رومانس فإنه كان همّ بالعصيان في الجزيرة التي كان منفيّا بها [مقتل قسطنطين بن رومانس] والتمس من المتوكّلين به بأن يطابقوه على ما عوّل عليه، فادعوا (¬1) به وقتلوه. [موت رومانوس الملك المخلوع] ومات (¬2) رومانوس في جزيرة البروتي (¬3) في الخامس عشر من شهر تموز سنة ألف ومائتين [و] (¬4) تسع وخمسين، وهو الرابع من المحرّم سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وحمل جسده للقسطنطينية ووضع في ديره. ... [سنة 334 هـ] [موت توزون التركي] ومات توزون التركي في دائرة (¬5) ببغداد في المحرّم سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة (¬6). [ابن شيرزاد يتولّى رآسة الأتراك] وعقد الأتراك (¬7) الرئاسة لكاتبه بن (¬8) شيرزاد. ولقّب المستكفي نفسه بعد موت توزون المستكفي بالله، وضرب ذلك على سكّته. [المستكفي يجعل ابن بويّه أمير الأمراء ويلقبه] وكان أحمد بن بويه الدّيلمي الأقطع قد احتوى على الأهواز، فسار إلى ¬
[معز الدولة بن بويه يستكتب ابن شيرزاد]
بغداد ودخلها (¬1). واستتر ابن شيرزاد، وخلع المستكفي على أحمد بن بويه وجعله أمير الأمراء، ولقّبه معزّ الدولة، وظهر بن (¬2) شيرزاد من الأستار (¬3)، [معزّ الدولة بن بويه يستكتب ابن شيرزاد] واستكتبه (¬4) معزّ الدولة، ثم (¬5) انحدر معزّ الدولة إلى دار السلطان على عادته، فلمّا جلس المستكفي على سريره ودخل (¬6)، فوقفوا بين يديه على مراتبهم، دخل (¬7) معزّ الدولة فقبّل الأرض، وقبّل يد المستكفي على الرسم ووقف، وكان قد واطأ قوما من الدّيلم على الوثوب بالمستكفي، فلمّا أن تكامل الناس في المجلس، وجلس كلّ إنسان منهم في مرتبته [خلع المستكفي من الخلافة وسمل عينيه] تقدّم اثنان من الدّيلم الذي (¬8) كان معزّ الدولة وافقهم، فمدّا يديهما (¬9) إلى المستكفي وأعلنا أصواتهما (¬10) بالفارسية، فظنّ أنهما يريدان تقبيل يده، فمدّها إليهما، فجذباه وطرحاه إلى الأرض، ووضعا عمامته في عنقه وجرّاه فنهض عند ذلك معزّ الدولة واضطرب النّاس، وضرب (¬11) بالبوق، وارتفعت الزعقات، وافتتنت دار السلطان، وانصرف معزّ الدولة إلى داره، وساقوا المستكفي من دار السلطان إلى دار معزّ الدولة واعتقل بها، ونهبت دار السلطان/87 أ/حتى لم يبق فيها شيء، وذلك يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فقبض عليه معزّ الدولة وخلعه من الخلافة وسمل عينيه. وكانت ¬
[وفاة المستكفي في حبسه]
خلافته سنة واحدة وأربعة شهور (¬1)، وعمره يومئذ ثلاث وأربعين (¬2) سنة، [وفاة المستكفي في حبسه] ومات بعد أن خلع بأربع (¬3) سنين وعشرة أشهر. وكان موته في الحبس بدار السلطان [يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقين من [شهر] (¬4) ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة] (¬5). ¬
(خلافة المطيع لله)
(خلافة المطيع لله) [مبايعة الفضل بن المقتدر بالخلافة وتلقّبه بالمطيع لله] ولمّا قبض معزّ الدولة على المستكفي أحضر أبا القاسم الفضل بن المقتدر بالله إلى دار الخلافة يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وخوطب بالخلافة وبويع له، ولقّب المطيع لله، ثم أحضر إليه المستكفي، فوقف بين يديه وسلّم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع، وسملت عيناه واعتقل (¬1). ... وأفرط الغلاء في هذه السنة ببغداد حتى عدم الناس الخبز وأكلوا النّوى والميتة (¬2)، وكان إذا راث (¬3) الدّابّة اجتمع إلى الروث جماعة ففتّشوه ولقطوا ما يجدون فيه من شعير ويأكلونه. وكان يؤخذ بزر القطونا ويضرب بالماء ويبسط على طابق حديد، فيوقدوا تحته النار إلى أن يقبّ ويأكلوه (¬4)، إلى أن لحق الناس من ذلك فساد مزاج أحشائهم، فتورّم أجسادهم ويموتون، ومن بقي منهم كان في صورة الموتى. وكان الناس يقفون على الطريق (¬5) ويصيحون: الجوع الجوع، إلى أن يسقطوا موتى. وكثر الموتى ولم يلحق دفنهم. وكانت الكلاب تأكل لحومهم، فخرج الضعفاء إلى البصرة خروجا مفرطا ليأكلوا التمر، فتلف أكثرهم في الطريق، وأنّ (¬6) امرأة هاشميّة سرقت ¬
[وفاة القائم بأمر الله صاحب المغرب]
صبيّا فشوته وهو حيّ في تنّور وأكلت بعضه فضربت رقبتها وطرحت جثّتها في الدجلة، ووجدت امرأة أخرى وأخ لها قد أخذا صبيّا وشقّاه نصفين، وطبخا أحد النّصفين سكباجا والآخر وضعاه بماء وملح، فقتلا أيضا. ووجدت امرأة ثالثة قد سرقت صبيّا وأكلت بعضه فقتلت. ثم زالت الشدّة ودخلت الغلاّت الجديدة وانحلّت الأسعار، ولم تزل تنقص إلى أن رجعت إلى المعهود بعد فناء خلق كثير من الناس (¬1). ... [وفاة القائم بأمر الله صاحب المغرب] ومات أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبو القاسم (¬2) بن المهدي صاحب المغرب يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شوّال سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وعمره خمس وخمسين سنة، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة وسبعة أشهر (¬3)، وسترت وفاته إلى أول سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة (¬4). وكان قد ثار عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد (¬5) البربري (¬6) الزناتي، ¬
[سنة 336 هـ.]
وخرج في سنة اثنين وثلاثين وثلاثمائة، ووقع بينه وبين جيوش القائم وقايع، وقتل منهم خلقا، وتغلّب على إفريقية والقيروان وأكثر المغرب، وسار إلى المهديّة (¬1) وحاصر القائم بها ولم يزل محاصرا له إلى أن مات (¬2). [سنة 336 هـ.] [أبو الطاهر إسماعيل الملقّب بالمنصور يتولّى خلافة المغرب] وكان القائم قد ولّى عهد (¬3) لولده/87 ب/أبا (¬4) الطاهر (¬5) إسماعيل، فجلس في الخلافة بعد أبيه وتلقّب بالمنصور، وكان فصيحا حادّ الذّهن [المنصور يقتل أبا يزيد بعد محاربته] حاضر الجواب بعيد الغور (¬6) جيّد الحدس، وخرج إلى أبي يزيد مستهلّ المحرّم سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة، وواقعه وحاربه، وهزم أبا يزيد وفرّق جيوشه، وظفر به المنصور وأخذه أسيرا (¬7) وقتله (¬8). [سنة 337 هـ.] وقيل إن كان عدد من وقح عليه الإحاص (¬9) من قتل في الحرب ¬
[المنصور يعمر المنصورية ويغزو بلاد الروم]
أبا (¬1) يزيد من الفريقين أربعمائة ألف، وصفح المنصور عن من ناشبه الحرب وسعى (¬2) في الفتنة، وأطلق جميع المخلّدين في الحبوس، [المنصور يعمّر المنصورية ويغزو بلاد الروم] ونزل المدينة المنصورية وعمّرها واستوطنها في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة (¬3)، وغزا بلاد الروم وفتح في أرض قلّورية (¬4) فتوحات عظيمة (¬5). ¬
[تاريخ الخلفاء الفاطميين] [سنة 260 - 289 هـ.]
[تاريخ الخلفاء الفاطمييّن] [سنة 260 - 289 هـ.] [المؤلّف يعرض لبداية ظهور الفاطميين وقيام دعوتهم] قال مؤلّف هذا الكتاب وجامعه: إذ قد ذكرنا موت القائم بأمر الله ومدّة خلافته فيجب أن نذكر موت ابنه أبي محمد عبد الله ومدّة خلافته أيضا، ونقدم قبل ذلك ذكر مولده ونسبه (¬1) ونشرح كيف كان ظهوره وقيام دعوته، ونورد جملا من أخباره، إذ كان أوّل الخلفاء العلويين والأيمة الفاطميين، [مسير المهديّ إلى اليمن لينشر الدعوة الفاطمية] وهو عبد الله المنتهي نسبه إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وأصله بالمشرق، وميلاده كان بسلمية، وقيل ببغداد في سنة ستّين ومائتين. وكانت تربيته ونشوه بسلمية، ولمّا ترعرع سيّره أبوه أعني أبو المهدي (¬2) إلى اليمن في سنة ثمان وسّتين ومائتين، والمهديّ يومئذ طفل عمره ثمان سنين، واسم الداعي أبو القاسم الحسن بن الفرج (¬3) بن جوشب (¬4) بن دادان الكوفي، وسيّر معه تبعا له أبا الحسن بن الفضل (¬5)، فقصدا جميعا بلدا في اليمن يعرف بلاعة (¬6) وأقاما يدعيان سنتين سرّا، ¬
[ظهور الدعوة سنة 270 باليمن]
[ظهور الدعوة سنة 270 باليمن] وظهرت دعوته باليمن في سنة سبعين ومائتين. وسيّر أبو المهديّ أيضا أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن زكريا، ورسم قصد أبي القاسم بن جوشب، واجتمع معه، وخرج أبو عبد الله من اليمن إلى الحجّ بمكة في سنة ثمان وسبعين ومائتين، والتقى أبو عبد الله بمنى (¬1) جماعة من كتامة، وأنس إليهم وأكثر الالتمام (¬2) بهم، ورأوا فيه من العلم والرواية للحديث ما نفق عليهم وعظم محلّه في نفوسهم، لأنّ من شأن كتامة (¬3) وإلى الآن تعظيم من تلمّم بشيء من العلم والرفع من قدره. ولمّا انقضى (¬4) الحجّ وساروا إلى مصر، [مسير أبي عبد الله الشيعي مع كتامة إلى مصر والمغرب] وسار أبو عبد الله في جملتهم، وعرف منهم في مدّة اجتماعهم من أخبار بلدهم وقبائلهم ما أطمعه فيهم وأمّل به بلوغ ما يرجوه منهم، وخرج معهم إلى المغرب فوصل إلى بلد كتامة (¬5) في سنة ثمانين ومائتين، ونزل بين قبائلهم، وفاض ذكره فيهم، واشتهر عندهم بالعلم والزّهد وكثروا (¬6) القاصدون إليه، [إظهار الدعوة للمهديّ في بلاد كتامة] وأظهر الدعوى (¬7) للمهديّ ببلد كتامة (¬8)، وأخذ على عدد كثير منهم، فتنكّر جماعة من رؤساء قبائلهم وقصدوا القبض عليه وإصرافه من بلدهم/88 أ/فاستنهض (¬9) أهل دعوته لمحاربتهم، ودفعهم عنه فأطاعوه، وأظهروا الطّاعة واستظهروا على أضدادهم وقتلوا منهم خلقا وغنموا مالهم ¬
[الحرب بين عبد الله بن الأغلب وأبي عبد الله الشيعي سنة 287 هـ.]
[الحرب بين عبد الله بن الأغلب وأبي عبد الله الشيعي سنة 287 هـ.] وتكاثروا (¬1) الداخلون في طاعته رغبة ورهبة، وتوفّرت جموعه وقوي أمره، فسيّر عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الأغلب صاحب إفريقيّة يومئذ عسكرا لمحاربته مع ابنه محمد في آخر سنة سبع وثمانين ومائتين، واجتمع إليه سائر القبائل المنافرة لأبي عبد الله، فاستظهر على أبي عبد الله استظهارا عظيما. ثم أبو عبد الله (¬2) بأخرة (¬3) ظفر بعسكره وغنم منه غنائم [و] (¬4) تقوّى هو وأصحابه [بها] (¬5). وعاد محمد بن عبد الله بن الأغلب إلى إفريقية هزيما، فأعاده أبوه أيضا بعسكر أقوى من الأوّل، ولقيه أبو عبد الله بأصحابه، وجرى بين الفريقين حرب شديد، وانهزم عسكر محمد بن عبد الله ابن الأغلب أيضا، وغنم منه أبو عبد الله ورجاله غنائم جليلة، وتحيّز (¬6) كلّ واحد من العسكرين إلى جهته، [مقتل عبد الله بن الأغلب] وفي الحال توثّب على عبد الله ابن (¬7) إبراهيم بن أحمد الأغلب غلمانه وقتلوه (¬8)، ونصبوا في الإمارة ابنه زيادة الله [فاستدعى زيادة الله] (¬9) أخاه (¬10) محمد، والعسكر الذي معه بإزاء أبي عبد الله خوفا من مخالفته عليه، فسار نحوه، ومع وصوله إليه قتل (¬11)، وقتل زيادة الله أيضا بقيّة إخوته وعمومته، واضطربت أموره، وانتقل إلى رقّادة (¬12) وبنى صورها وأقام بها، وانعكف على ¬
[المهدي الفاطمي]
شرب القهوة وسماع الأغاني والخلاعة، وأهمل الاهتمام بأبي (¬1) عبد الله، وهو مع ذلك في كلّ يوم يستأنفه يزداد قوّة ومنعه (¬2) ويتّسع في الأعمال والبلدان. [المهديّ الفاطميّ] [خروج المهديّ من سلمية إلى القيروان] ولمّا استفاض ظهور دعوة المهديّ كثر الطلب له، فسار من سلمية إلى دمشق، وإلى الرملة، وإلى مصر في سنة تسع وثمانين ومائتين، وخرج من مصر إلى المغرب، واستصحب معه ولده محمد، وهو يومئذ ابن (¬3) عشر سنين، وخرج معه أيضا أبو العبّاس أحمد أخو أبي عبد الله الدّاعي، وهما في زيّ (¬4) التجّار، وقطع اللصوص على الرفقة التي كانوا فيها في الموضع المعروف بالطّاحونة، ووصلوا إلى مدينة طرابلس المغرب (¬5)، وقدم المهديّ أبو العبّاس إلى القيروان (¬6)، فلقي المكاتبات من مصر قد تقدّمته بالإنذار بنفي (¬7) المهديّ إلى هناك وصفته والتأكيد في طلبه، فعيّن (¬8) زيادة الله ابن عبد الله بن إبرهيم الأغلب بالتقفّي (¬9) عن خبره، فذكر له بعض من رافقه حاله وتأخّره بطرابلس، وأنّ أبا العبّاس من أصحابه، فقبض على أبي العبّاس، فقرّره فلم يعترف (¬10) فحبسه برقّادة، وكتب إلى طرابلس في طلب المهديّ، فوردت المكاتبة بعد خروجه منها، وعرف المهديّ في طريقه حبس أبي العبّاس وإيقاع الطلب عليه، وكان متوجّها إلى أبي عبد الله، فعدل عن ¬
[وقوع أبي العباس الداعية الشيعي أسيرا بيد الأغالبة]
قصده لئلاّ يحقّق على أبي (¬1) العبّاس التّهمة فيعطبه، وسار إلى سجلماسة (¬2) وأقام بها متنكّرا متظاهرا بالتجارة، ورقا (¬3) إلى زيادة الله حصوله بها/88 ب/ [وقوع أبي العباس الداعية الشيعي أسيرا بيد الأغالبة] وكاتب صاحب أمرها أليشع (¬4) بن مدرار بحاله، فأعلمه أنّ الرجل الذي يدعو [إليه] (¬5) أبو عبد الله منتسب إليه، فقبض عليه أليشع وعلى محمد ولده وحبسهما، ولما رأى زيادة الله بن الأغلب أمر أبي عبد الله [يتفاقم] (¬6) سيّر عسكرا كبيرا لقتاله، والتقى الفريقان واقتتلا قتالا شديدا، وانهزم عسكر زيادة الله وقتل عدد كثير (¬7) متوفّر من أصحابه، واستولى أبو عبد الله على ما فيه من المال والسلاح وغير ذلك، وافتتح بلدانا كانت معتصمة عليه، وأعاد زيادة الله ابن الأغلب إليه عسكرا أوفر عددا من الأوّل، فجرى أمره مجرى ما تقدّمه، واستعدّ زيادة الله عسكرا ثالثا جمع فيه سائر رجاله، وبذل العطاء في القبائل، واجتذب الناس ورغّبهم وأنفق فيهم أموالا كثيرة، واجتمع (¬8) إليه جيش عظيم، وسيّره نحو أبي عبد الله (¬9)، وتوقّف عن المقاتلة ستّة أشهر، وزحف أبو عبد الله إلى أن قرب من رقّادة، ولقيه جيش بن (¬10) الأغلب (¬11)، وغنم أبو عبد الله أيضا سايره، وورد خبر الهزيمة إلى زيادة الله بن الأغلب وهو برقّادة، فخاف على نفسه وأخذ أولاده وحرمه وما أطاق حمله من أمواله وآلاته (¬12)، ¬
[هزيمة زيادة الله وفراره إلى مصر]
[هزيمة زيادة الله وفراره إلى مصر] وسار في خواصّ غلمانه وأصحابه في الليل هاربا إلى مصر، ونهب النّاس بعد هروبه قصوره برقّادة ودور أصحابه السائرين معه وأتوا على جميع ما فيها. [سنة 290 هـ-298 هـ.] [أبو عبد الله الشيعي يدخل رقّادة سنة 290 هـ.] ودخل أبو عبد الله إلى رقّادة يوم السبت لعشرة خلون من رجب سنة تسعين ومائتين (¬1) وأمّن النّاس كافّة، وكاتب أهل البلدان والأعمال التي كانت في طاعة (أبي عبد الله) (¬2) زيادة بن الأغلب يجتذبهم إلى طاعته، وزاد في الأذان يوم دخوله «حي على خير العمل»، ومنع من شرب المسكر، وجمع أموال زيادة الله وعبيده، وضرب السّكّة، ولم ينقش عليها اسم أحد، وأقام على ما كان عليه من الحسن (¬3) ولم يغيّر أحدا (¬4) من أصحابه. وكان أبو العبّاس أخوه قد هرب من جيش زيادة الله (¬5) وجعل الرصد عليه، فخاف على نفسه أن يخرج إلى ناحية أخيه أن يظفر به، فتسلّل (¬6) إلى سجلماسة، وهرب أليشع بن مدرار من (¬7) سجلماسة، وأخرج المهديّ لمحمد (¬8) ولده من الحبس، [إعلان إمامة وخلافة المهديّ سنة 296 هـ.] وأظهر أمر المهديّ ذلك اليوم، وهو يوم الأحد لسبع خلون من ذي الحجّة سنة ستّ وتسعين ومائتين، وسلّم عليه بالإمامة والخلافة، وأعلم جماعتهم أنه صاحبهم الذي يدعو إليه، وأمر المهديّ أن يتبع أليشع بن مدرار، [مقتل أليشع بن مدرار صاحب سجلماسة] فتفرقت العساكر في طلبه، وأعيد هو وجميع أصحابه، وضرب أليشع بالصوط (¬9) وطيف (¬10) به بالعسكر بمدينة سجلماسة وقتله وقتل سائر أصحابه ¬
[المهدي يدخل رقادة ويستميل الناس لدعوته]
وأخذ أموالهم، وأقام بسجلماسة أربعين يوما، وسار إلى إفريقية، ووصل إلى رقّادة (¬1) [المهديّ يدخل رقّادة ويستميل الناس لدعوته] وأظهر المهديّ التواضع والخشوع، وواصل الجلوس للناس والمخاطبة لهم والتودّد ووعد (¬2) المواعيد التي تسرّهم، وولّى جماعة من وجوه كتامة أعمال إفريقية وأفضل عليهم وأحسن إليهم وأمرهم/89 أ/بالتزيّن والتجمّل في ملابسهم ومراكبهم، وأخذ إليه الأموال التي جمعها أبو عبد الله، وطلب أموال زيادة الله بن الأغلب وأموال أصحابه، وتقصّى على ما نهب من رقّادة، واستخلص من أيدي النّاس أموالا كثيرة، واصطنع جماعة من كتامة، وأثبت (¬3) الموالي والعبيد من الروم والسّودان، وأقام منهم عسكرا، ونظر في المظالم، وباشر جميع الأمور بنفسه، واستمال الناس، وانحرفوا عن أبي عبد الله، ولم يجعل له نظرا في شيء من الأشياء، فتقدّمه أبو العباس أخوه على تسليمه الأمور إلى المهديّ وقال له: قصدت أمرا جليلا، فلمّا وصلت إليه وإلى ملتمسك جئت بمن أزالك عنه وأخرجك منه ورفضك واضطّهدك، فكان الواجب أن يدعك بما كنت عليه من تدبير الأمور والنظر إليها، ويتشاغل هو بأحوال نفسه، ولا يقيمك من الذلّ والعار في مثل هذا العام (¬4). [أبو عبد الله الشيعي ينصح المهديّ بإطلاق يده في الدعوة] وعوّل أبو عبد الله على أن يستدرك ما فرّط منه، فقال للمهديّ على سبيل النصيحة: يا مولاي إنّي قد خبرت أخلاق كتامة، وقوّمتهم بتقويم وأجريتهم على سياسة فبلغت منهم بذلك (¬5) ما بلغت (¬6) والذي فعلته أنت الآن من الإحسان إليهم فولّيتهم (¬7) الأعمال والبلدان، وما أمرتهم به من الزّينة والتجمّل (¬8) فهو فساد ¬
لخروجهم عن عبادتهم، ولو تركتني أباشرهم (¬1) على ما دعوتهم كان أحرى في خبرتك بهم وأنفع فيما يحتاجون إليه منهم ومن غيرهم، وتكون أنت [وادعا] (¬2) في قصرك لا يصل منهم أحد إليك ولا غيرهم إلاّ في الأوقات التي ينبغي، فإنّ ذلك أحبب (¬3) لك وأسدّ لأمرك وأقرب لما ترجوه من تمامه وكماله. فاستراب المهديّ بكلامه، وساء ظنّه (¬4)، وزاد في انحرافه عنه، وخبث أبو العبّاس جماعة من الدّعاة ومن وجوه كتامة وأوقع في نفوسهم الشّبهة في المهديّ، وكاشفه مقدّم الدّعاة (¬5) بالنّفاق وقال للمهديّ: إنّا قد شككنا فيك فآتينا (¬6) بآية إن كنت المهديّ (¬7) كما تزعم لنصدّقك، فامتعض من قوله وقتله، فاستحكم حينئذ سوء ظنّ أبي عبد الله، وتأكّدت الوحشة في نفسه وفي نفس أبي العبّاس أخيه، وفي نفوس جماعة من وجوه كتامة، وعوّلوا على إعمال الحيلة على المهديّ (إن أخرج أكثرهم) (¬8) وواطأهم على ذلك أكثر (¬9) كتامة، فتلطّف المهديّ إلى أن أخرج أكثر (¬10) الأعمال والبلدان وفرّق جمعهم (¬11) وأذعن إلى ثقاته (¬12) بقتل أبي عبد الله وأبي العبّاس، فخرجا يوما يريدان نزهة على عادتهم، فقتلا جميعا (¬13) في نصف جمادى الآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين، وقتل أيضا جميع القوم الذين عهدوا بالمواطأة له في البلدان ¬
[القتال بين الأغالبة والكتاميين في إفريقية]
التي أنفذهم إليها وفي رقّادة بصنوف من القتل. [القتال بين الأغالبة والكتاميّين في إفريقية] وتخوّف بنو الأغلب أنسباؤهم (¬1) الذين تأخّروا بإفريقية عن المسير مع زيادة الله أن يغدر بهم المهديّ كما غدر بأبي عبد الله وأخيه، وحذروا على نفوسهم، وكان سائرهم في القصر القديم، فوقع يوما بين بعض السّوقة وبين بعض الكتاميّين/89 ب/ وأخرجوهم من القصر القديم وأغلقوا أبوابه وقتلوا جماعة فيه، وأظهروا الخلاف، فأحاط بالقصر القديم جماعة من كتامة، وحاربهم بنو الأغلب وقتلوا منهم عددا كثيرا، وأنفذ المهديّ ففرّق كتامة عنهم وأظهر الإنكار عليهم، فانصرفوا، [المهديّ يقتل وجوه بني الأغلب ويحبس بعضهم] وقبض المهديّ بعد مدّة على جماعة من وجوه بني الأغلب وقتلهم ضرّا، وقبض بعد مدّة أخرى على قوم آخرين منهم، فقتل بعضهم، وحبس باقيهم، ولم يزالوا في الحبس إلى أيّام المنصور فأطلقهم. وجرى أيضا بين بعض الكتاميين وبعض أهل القيروان منازعة برقّادة فقاموا على من كان داخلها من الكتاميين فقتلوا [منهم] (¬2) في ساعة واحدة زهاء سبعمائة رجل، وكان الذي فعل ذلك الرعراع (¬3) ومن لا يوجد ولا يفرق (¬4) إذا طلب فأمسك عنهم هيّنا وصادر جماعة منهم، وقتل آخرين (¬5). وثار من بلد كتامة عبد الله الماوطاني (¬6) مع بقيّة المنافقين عليه (¬7) وزعموا أنّه المهديّ ونحلوه (¬8) النبوّة، وذكروا أنّ الوحي يأتيه، وأنّ الكتب ¬
[القائم بأمر الله ابن المهدي يقتل الماوطاني]
تنزّل عليه من الله تعالى، ونصب له دعاة [كدعاة] (¬1) أبي (¬2) عبد الله، وقال: أبو عبد الله حيّ لم يمت، وأباح الزناء والمحارم (¬3)، وانضمّوا (¬4) إليه عامّة من بلد كتامة وزحف به إلى ميلة (¬5) وأخذها، [القائم بأمر الله ابن المهديّ يقتل الماوطاني] وسيّر المهديّ ابنه القائم بأمر الله (¬6) فقتلهم ومزّقهم، أخذ الماوطاني وقدم به على أبيه أسيرا (¬7)، فقتله وقتل جماعة أسرهم معه من أهل بيته خاصّة (¬8). [سنة 300 هـ.] وخالف عليه أهل طرابلس الغرب، فسيّر إليهم القائم أيضا وفتحها عنوة في رجب سنة ثلاثمائة، وقتل الذين عقدوا الخلاف بها من رؤسائها واستصفا (¬9) أموالهم وعفى (¬10) عن عامّة أهلها (¬11). [حباسة يفتح برقة للمهديّ ويستولي على الإسكندرية والفيّوم] وأنفذ المهديّ أحد قوّاده يقال له حباسة في جيش كبير، فافتتح (¬12) برقة، وانهزمت من بين يديه الجيوش التي كانت للمقتدر، وسار حباسة (¬13) إلى الإسكندرية فملكها وملك الفيّوم (¬14). ¬
[سنة 302 هـ.]
[سنة 302 هـ.] [القائم يخرج مددا لحباسة ويصل إلى الجيزة سنة 302 هـ.] وأنفذ المهديّ ابنه القائم إلى المغرب (في جيش آخر مددا لحباسة، وساروا إلى أن بلغوا الجيزة وعادوا إلى المغرب في سنة اثنين وثلاثمائة) (¬1). وملك الإسكندرية أيضا وأكثر أعمال (¬2) الصّعيد (¬3)، ثم رجع إلى المغرب (¬4). وقد تقدّم شرح جمل الأخبار التي جرت له في أعمال مصر في مسيره إليها في الدّفعة الأولى والثانية، في الجزء الذي قبل هذا، وذلك في أيّام خلافة المقتدر، ولهذا أنا مستغني (¬5) عن إعادتها. [308 هـ.] [المهديّ يبني مدينة المهديّة وينتقل إليها سنة 308 هـ.] وبنى بالغرب مدينة وسمّاها المهديّة، مشتقّة من اسمه، وانتقل إليها في شوّال سنة ثمان وثلاثمائة (¬6)، [القضاء على حركة أهل برقة] وخالف عليه جماعة بالمغرب منهم أهل برقة، فجرّد إليهم قائدا (¬7) من قوّاده يعرف بغنا (¬8) ففتحها، وأتاه بأكثر أهلها الذين عقدوا الخلاف فقتلهم (¬9). وخالف عليه أهل سقلية وروسوا (¬10) عليهم أحمد بن قرهب (¬11) فسيّر ¬
[القضاء على حركة أهل تاهرت]
إليهم بغنا أيضا، فقتل رجاله وأسره وحمله إلى المهديّ فقتله (¬1). [القضاء على حركة أهل تاهرت] وخالف عليه أهل تاهرت (¬2) فبعث بغنا أيضا ففتحها، وقتل أماثل الذين خالفوا عليه (¬3). [سنة 322 هـ.] [وفاة الخليفة المهديّ سنة 322 هـ.] ومات المهديّ ليلة الثلاثاء/90 أ/النصف من ربيع الأوّل سنة إثنتين وعشرين وثلاثمائة، وعمره (¬4) اثنتين (¬5) وستّون سنة، وكانت خلافته خمسة وعشرين سنة وثلاثة أشهر (¬6)، وسترت وفاته إلى يوم الثلاثاء لخمس بقين من جمادى الأول من السنة [المذكورة] (¬7). [القائم بأمر الله الفاطمي] وجلس في الخلافة بعده ابنه وليّ عهده أبو القاسم محمد القائم بأمر ¬
[مقتل الثائر ابن طالوث بطرابلس الغرب]
الله، وأظهر الحزن عليه أيام حياته، ولم يركب، ولا خرج من باب قصره (¬1). [مقتل الثائر ابن طالوث بطرابلس الغرب] وثار عليه ثائر من كتّاب العرائف (¬2) يعرف بابن طالوث (¬3)، وانتهى إلى وريش (¬4) وقصد ناحية طرابلس، وزعم البربر أنّه ابن المهديّ فاتّبعه خلق عظيم منهم، وزحف بهم إلى مدينة طرابلس ليأخذها، فقاتل أهلها، فهزموه وقتلوا جماعة من أصحابه، ورأى البربر انحلال أمره فقتلوه وأتوا برأسه إلى القائم (¬5) ... ¬
[عودة إلى أخبار الدولة العباسية] [سنة 335 هـ.]
[عودة إلى أخبار الدولة العباسية] [سنة 335 هـ.] [الحرب بين معزّ الدولة بن بويه وناصر الدولة بن حمدان] والتمس (¬1) معزّ الدولة (¬2) من ناصر الدولة (¬3) أن يحمل إليه من المال عن البلدان التي في يده مثل ما كان يحمله إلى من تقدّمه من الأمراء ببغداد، فامتنع ناصر الدولة أن يحمل إليه من المال شيئا، وعوّل معزّ الدولة على المسير إلى الموصل لحربه، وصار (¬4) ناصر الدولة إلى بغداد، [الصلح بين معزّ الدولة وناصر الدولة] وانضافت الأتراك إليه، وانتشب الحرب (¬5) بينه وبين معزّ الدولة، وانهزم ناصر الدولة إلى عكبرا (¬6)، وأرسل [إلى] (¬7) معزّ الدولة يلتمس منه الصّلح إن توافق (¬8) الأتراك على ذلك، فأجابه معزّ الدولة إليه، وتمّ الصّلح في المحرّم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (¬9). [وثوب الأتراك على ناصر الدولة وترئيسهم لتكين الشيرازي] ولما عرف الأتراك ما استقرّ بينهما من الصلح ومساترة ناصر الدولة ¬
[معز الدولة ينجد ناصر الدولة وهزيمة تكين وسمل عينيه]
إيّاهم وطيّة (¬1) إيّاه عنهم عزموا على الوثوب بناصر الدولة، فهرب إلى الموصل، وجمع الأتراك وقرّوا (¬2) عليهم تكين الشيرازي (¬3)، وساروا إلى الموصل يطلبون ناصر الدولة، وانهزم إلى الزّاب (¬4)، [معزّ الدولة ينجد ناصر الدولة وهزيمة تكين وسمل عينيه] وكتب إلى معزّ الدولة يبذل له الطاعة وحمل المال إليه وسأله أن ينجده، فأنفذ إليه معزّ الدولة جيشا، والتقى تكين الشيرازي وناصر الدولة، فانهزم تكين وأسر وجوه أصحابه وقتل خلقا كثيرا من رجاله، ولحقوا (¬5) بنو نمير وأسروه، فأتوا به إلى ناصر الدولة فسمله (¬6). [سنة 334 هـ.] [وفاة الإخشيد محمد بن طغج سنة 334 هـ.] ومات الإخشيد محمد بن طغج (¬7) صاحب مصر بدمشق في [يوم الثلاثاء لثمان بقين من] (¬8) ذي الحجّة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة (¬9). ¬
[أخبار سيف الدولة الحمداني] [سنة 335 هـ.]
[أخبار سيف الدولة الحمداني] [سنة 335 هـ.] [سيف الدولة الحمداني يملك دمشق ويدخل الدولة] وسار سيف الدولة إلى دمشق وملكها في صفر سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وسار إلى الرملة ودخلها، ورافقه غلمان الإخشيد بالأردن وهزموه إلى حلب (¬1) ... [غلمان الإخشيد بالأردن يهزمون سيف الدولة إلى حلب] وكان على بعض أعمال صعيد مصر الأعلى والي (¬2) يسمّى غلبون (¬3)، وأظهر الخلاف بعد موت الإخشيد، وسار إليه جيش من مصر، فكسره وقوي أمره، وعاد إلى الفسطاط من الجانب الشرقي [يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة 335] (¬4) ووقع بينه وبين الإخشيديّة وقعة عظيمة بطرا (¬5) وقتل فيها جماعة من الإخشيديّة وانهزم باقوهم (¬6) إلى موضع يعرف بمنا جعفر (¬7). ودخل غلبون إلى الفسطاط يوم الأربعاء [لسبع بقين منه] (¬8) ¬
[الإخشيدية يهزمون غلبون العامل على الصعيد]
[الإخشيديّة يهزمون غلبون العامل على الصعيد] ونزل دار الإمارة، وأقام فيها نحو أربع ساعات، فاتّفق أنّ وصل في ذلك اليوم غلام من الإخشيديّة يقال له مرتاح الشراي (¬1) في عدّة من الغلمان الإخشيديّة، فلقي من كان انهزم من مصر من الجند فردّهم، واجتمعوا/90 ب/ جميعا ورجعوا إلى غلبون، فخرج إلى بستان الأمير، حيث القاهرة الآن، في عدّة يسيرة، وواقعه الإخشيديّة، فانهزم وخرج هاربا. وكان أصحابه عند دخولهم مصر قد تفرّقوا في البلد للنهب، فقتل العوامّ بعد هزيمته عدد (¬2) متوفرا (¬3) منهم، [مقتل غلبون وأسر أصحابه] وسارت الجيوش في طلبه، والتقوا وتحاربوا، وقتل غلبون في جملة من قتل، وأسر عددا (¬4) من أصحابه، وحمل رأسه إلى فسطاط مصر وطيف بها البلد [في ذي الحجّة من السنة] (¬5) مع من أسر (¬6). [كافور الإخشيدي ينتقل من دمشق إلى مصر] ودخل كافور الخادم الإخشيديّ إلى مصر قادما من دمشق، فأجلس (¬7) أبا القاسم (¬8) مولاه في الإمارة، وكان كافور الغالب على الأمور والمدبّر لها. ... [سنة 336 هـ.] [ظهور الكوكب المذنّب] وظهر في السماء كوكب مذنّب طوله نحو الذّراعين، ليلة الجمعة لسبع خلون من صفر سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة، وخفي بعد عشرة أيام من ظهوره (¬9). ¬
[سيف الدولة يحاصر حصن برزويه]
[سيف الدولة يحاصر حصن برزويه] ونزل (¬1) سيف الدولة على حصن برزويه فحاصره في سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة [وفيه يومئذ أبو تغلب الكرديّ] (¬2) ونزل لاون [بن] (¬3) بردس الدومستيقس الفوقاس (¬4) على الحدث (¬5) ووافى نفير (¬6) الحدث إلى سيف الدولة يستعينون به، فأقسم أنّه لا رحل عن حصن برزويه (¬7) أو يفتحه. [لاون بن بردس ينازل الحدث ويفتحه] وفتح لاون حصن الحدث بالأمان (¬8) وأخرب سوره. [سنة 337 هـ. و 338 هـ.] [سيف الدولة يفتح حصن برزويه ويسير إلى ميّافارقين] وفتح سيف الدولة حصن برزويه في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وسار إلى ميّافارقين، واستخلف بحلب محمد بن ناصر الدولة، ونزل لاون ¬
[سيف الدولة يوغل في بلاد الروم إلى ما وراء خر شنة]
[سيف الدولة يوغل في بلاد الروم إلى ما وراء خر شنة] على [حصن بوقا] (¬1)، وخرج محمد بن ناصر الدولة للقائه (¬2) فأوقع لاون لمحمد ولجماعة (¬3) من أصحابه، وقتل منهم زهاء أربعمائة رجل، وأسر خلقا كثيرا، وذلك في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة (¬4). [339 هـ.] [الروم يوقعون بجيش سيف الدولة ناحية الحدث ويهزمونه] وفي شهر ربيع الأوّل من هذه السنة فتح الروم مدينة كيليكية (¬5) وملكوها وهدموا سورها، وأعطوا أهلها الأمان، وانصرفوا عنها، وتأهّب سيف الدولة للغزو إلى بلد الروم، واستعدّ استعدادا كثيرا، وجمع جموعا عظيمة، ودخل إلى بلد الروم يوم الأحد النصف من ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وأوغل فيه، وبلغ إلى وراء خرشنة (¬6) بمرحلتين، وفتح حصون الروم وسبى عددا كثيرا منهم، فلمّا أراد الخروج أخذ الروم عليه الدروب والدرب الذي أراد [أن] (¬7) يخرج منه، وهو المعروف بمقطع الأنفار (¬8) المسمّى بدرب الكيكرون (¬9) بناحية الحدث، فأوقعوا به، ومات جميع من كان معه من المسلمين أسرا وقتلا، وارتجع الروم السّبي الذي كان المسلمون ¬
[ملك النوبة يغير على الواحات من أعمال مصر]
غنموه، وأخذوا سواده وكراعه (¬1) وأمواله، وغنموا غنيمة عظيمة، وأفلت سيف الدولة في نفر يسير [منهزما] (¬2) وذلك في جمادى الأخرى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وسمّى الثغريّون هذه الغزاة غزاة المصيبة (¬3). ... [ملك النّوبة يغير على الواحات من أعمال مصر] وفي (¬4) هذه السنة توجّه ملك النّوبة إلى الواحات من أعمال مصر وقتل وسبى وأحرق وأفسد أشياء كثيرة (¬5). ... [ردّ الحجر الأسود إلى مكة المكرّمة بعد أن انتزعه الجنابي سنة 317 هـ.] وفي ذي الحجّة من هذه السنة ردّ إلى مكّة الحجر الأسود الذي كان في ركن بيت الحرام بمكة، (وكان أخذه سليمان بن الحسن الجنّابي (¬6) عند دخوله إلى مكة) (¬7) ونهبه لها وذلك في ذي الحجّة سنة سبع عشرة وثلاثمائة، ¬
[سنة 340 هـ.]
وأعيد إلى مكة فكأنّه (¬1) مكسور نصفين (¬2) (¬3) /91 أ/. ... [سنة 340 هـ.] [الزلزلة بمصر وأعمالها وانشقاق منارة الإسكندريّة] وحدث بمصر [وأعمالها] (¬4) زلزلة في الليلة التي صباحها [يوم] (¬5) الاثنين لعشر خلون من ربيع الآخر سنة أربعين وثلاثمائة، وتساقطت منها عدّة دور، ومات منها خلق من الناس، وانفجرت عيون ماء (¬6) في غير موضع، وانشقّت منها منارة الإسكندرية (¬7). ... ¬
[خلافة المعز لدين الله] [سنة 340 هـ.]
[خلافة المعزّ لدين الله] [سنة 340 هـ.] [وفاة المنصور بالله صاحب المغرب] ومات المنصور بالله أمير المؤمنين صاحب المغرب يوم الجمعة سلخ شوّال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وعمره تسعة وثلاثون سنة. وكانت خلافته سبع سنين [وستة عشر يوما] (¬1) وسترت وفاته شهرا وسبع (¬2) أيام (¬3) [جوهر الصّقلّي يفتح أفكان ويقتل أميرها الذي تسمّى بأمير المؤمنين] وجلس في الخلافة بعده ابنه أبو تميم معدّ (¬4) الملقّب المعزّ لدين الله، وسيّر جوهر صاحبه إلى أفكان (¬5) ففتحها [في سنة 347] (¬6) وقتل ¬
[جوهر يفتح فاس ويأسر أميرها]
أميرها يعلي (¬1) بن أحمد (¬2) بن الفتح، وكان قد سمّي بأمير المؤمنين، [جوهر يفتح فاس ويأسر أميرها] ولقّب نفسه الشاكر لله، وضرب ذلك على سكّته (¬3) وسار إلى فاس (¬4) ففتحها وأسر أميرها أحمد بن بكر (¬5). [الأساطيل الفاطمية تغزوا وتغنم] وغزا (¬6) أساطيل كثيرة رجعت كلّها غانمة (¬7) ... ¬
[عود إلى أخبار سيف الدولة] [سنة 342 هـ.]
[عود إلى أخبار سيف الدولة] [سنة 342 هـ.] [غزوة سيف الدولة إلى زبطرة وعرقا] وغزا سيف الدولة في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وغار على زبطرة (¬1) وعرقا (¬2)، والتقاه قسطنطين بن بردس الفوقاسي (¬3) على درب موزار (¬4) وقتل من الفريقين خلق [كثير] (¬5). ¬
[سيف الدولة يعبر الفرات إلى بطن هنزيط ويدخل سميساط]
[سيف الدولة يعبر الفرات إلى بطن هنزيط ويدخل سميساط] وعبر سيف الدولة الفرات، وسافر إلى بطن هنزيط (¬1)، ودخل سميشاط (¬2)، وبلغه أنّ الدومستيقس بردس الفوقاسي (¬3) قد خرج إلى ناحية الشام فلحقه سيف الدولة وراء مرعش، فأوقع سيف الدولة بعسكره، وأسر قسطنطين ابنه، وقتل لاون [بن الملالي] (¬4) البطريق في الحرب، [موت قسطنطين بن بردس في حلب] وحمل قسطنطين بن الدومستيقس إلى حلب ومات فيها من علّة أصابته، وأمر سيف الدولة النصارى فتولّوا أمره، وكفّن بكفن فاخر، وجعل في تابوت في بعض الكنائس، وكتب إلى أبيه يعزّيه (¬5) به (¬6). [سنة 343 هـ.] [سيف الدولة يوقع الهزيمة بالروم عند حصن الحدث] ونزل سيف الدولة في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة على حصن الحدث ¬
[سيف الدولة يبني حصن الحدث]
لبنائه، وقصده الدومستيقس بردس الفوقاسي، واقتتل الفريقان من أول النهار إلى وقت العصر، واستظهر المسلمون على الروم وأسروا أعوزحرم (¬1) وجماعة من رؤساء الروم وقتلوا خلقا منهم. واختفى نقفور ابن بردس الفوقاسي في قناة الحدث باقي نهاره، ولمّا كان في الليل خرج ولحق بأبيه، [سيف الدولة يبني حصن الحدث] وأقام سيف الدولة على الحدث إلى أن بناها (¬2). [سنة 344 هـ.] [بردس الفوقاس يهاجم حصن الحدث وينقب سوره] وعاد الدومستيقس بردس الفوقاسي ونزل على الحدث سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وحاصره ونقب سوره (¬3)، وسار سيف الدولة لقتاله، ولمّا قرب انصرف الدّومستيقس. [سنة 345 هـ.] [سيف الدولة يفتح تلّ بطريق ويستظهر على ابن الشمشيق] وغزا سيف الدولة إلى بطن هنزيط (¬4) في سنة خمس وأربعين وثلثمائة، ونزل على شاطىء نهر أرسناس (¬5)، وعبر إلى الجانب الآخر في الزواريق، وكان يأنس بن الشمشقيق (¬6) في تلّ بطريق (¬7)، فكبسه سيف الدولة فانهزم ¬
[لاون البطريق يأسر أبا العشائر بن حمدان ويموت في الأسر]
ابن الشمشقيق، وفتح سيف الدولة تلّ بطريق، وانثنى (¬1) سيف الدولة قافلا (¬2) إلى الدّرب الذي يقال له درب الخيّاطين (¬3) وألفى (¬4) الدومستيقس وابن الشمشقيق قد أخذا الدرب وأشحناه بالرجال، فانتشب القتال بينهم، واستظهر سيف الدولة عليهم (¬5). [لاون البطريق يأسر أبا العشائر بن حمدان ويموت في الأسر] وكان سيف الدولة قد خلّف بدلوك (¬6) أبا العشائر الحسين بن عليّ بن حمدان (¬7)، ورسم بالنزول/91 ب/على حصن عراموس (¬8) فخرج لاون البطريق ابن الدومستيقس، ولقيه أبو (¬9) العشائر، فأسره لاون وحمله إلى القسطنطينية ومات في الأسر (¬10). ... [وزارة الحسن بن محمد المهلّبي] [واستوزر معزّ الدولة للمطيع الحسن بن محمد المهني! (¬11) يوم الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة 345] (¬12) ¬
[ملك النوبة يخرب أسوان فيرد عليه العسكر في البر والبحر]
[ملك النّوبة يخرّب أسوان فيردّ عليه العسكر في البرّ والبحر] وفي ذلك العصر خرج ملك النّوبة أيضا حتى بلغ أسوان وخرّبها، وقتل وسبى (¬1) منها. وسارت العساكر إليه من مصر برّا وبحرا وقتلت وسبت من النّوبة عددا كثيرا، وولّى باقوهم (¬2) منهزمين، وفتح حصن من حصونهم يعرف بابريم (¬3). ... [سيف الدولة يحاصر حصن زياد] وغزا سيف الدولة في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وأنفذ سرّيته إلى سمندو (¬4) فوجدوا ستراتيغوس بن الباغنطس (¬5) فأسروه، وقتل وأحرق، وعاد سيف الدولة وقصد حصن زياد وحاصره (¬6)، واتّصل به أنّ الدّومستيقس (¬7) متوجّها (¬8) إلى الشام فتسرّع للقائه (¬9) ودفعه (¬10). [سنة 346 هـ.] [الدومستيقس يستولي على حصن الحدث ويخرّبه] ونزل الدّومستيقس على حصن الحدث وفتحه صلحا في ربيع الأول ¬
[سنة 347 هـ.]
سنة ستّ وأربعين وثلثمائة وآمن أهله، وانصرفوا إلى حلب، وأخرب الدومستيقس حصن الحدث (¬1). [سنة 347 هـ.] وسار يانس (¬2) بن الشمشقيق إلى ناحية آمد وأرزون (¬3) وميّافارقين، ونزل على حصن يقال له اليمانيّ من عمل آمد في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، [هزيمة نجا غلام سيف الدولة أمام ابن الشمشقيق] وسيّر إليه سيف الدولة (غلامه نجا) (¬4) الكاسكي (¬5) في عشرة آلاف، والتقاهم ابن الشمشقيق، وانهزم نجا وقتل الروم من عسكره زهاء خمسة آلاف وأسروا ثلاثة آلاف، واستولوا على جميع سواد نجا (¬6). وسار أيضا بسيل البراكيمومنس (¬7) ويانيس بن الشمشقيق ونزلا على سميساط وفتحاها (¬8) [في بعض يوم] (¬9) ورحلا عنها إلى رعبان (¬10) وحاصراها، فسار سيف الدولة (¬11) والتقاهما واستظهر الروم (¬12) عليه استظهارا ¬
[الحرب بين ناصر الدولة بن حمدان ومعز الدولة]
عظيما، وانهزم سيف الدولة، وتبعه ابن الشمشقيق [فأوقع بعسكره وقتل] (¬1) وأسر من [أهله] (¬2) وأصحابه ووجوه غلمانه ما يكثر عدده، وذلك في شعبان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وأدخل إلى القسطنطينية من الأسرى ألف وسبعمائة فارس وطوّف بهم (وهم) (¬3) ركّاب خيولهم ولابسون (¬4) سلاحهم (¬5). [الحرب بين ناصر الدولة بن حمدان ومعزّ الدولة] وكان ناصر الدولة قد دافع معزّ (¬6) الدولة بحمل المال الذي قرّر عليه حمله عن الأعمال التي في يده، ولما أصيب سيف الدولة (¬7) طمع معزّ الدولة في ناصر الدولة لعلمه بالنكبة التي لحقت سيف الدولة، فإنّه مشغول بنفسه عن نصرته، فخرج معزّ الدولة إلى الموصل قاصدا لحربه [في النصف من جمادى الأول سنة 347] (¬8) ولمّا بلغ ناصر الدولة خروجه سار من الموصل إلى نصيبين، ودخل معزّ الدولة إلى الموصل ورحل منها إلى نصيبين، ووصل (إلى) (¬9) برقعيد (¬10) وبلغه أنّ أبا المرجّا (¬11) وهبة الله ابني ناصر الدولة بسنجار في عسكر معهما، فأنفذ معزّ الدولة إليهما سريّة فكبسهما ¬
[ناصر الدولة يستجير بأخيه سيف الدولة]
بغتة، فانصرفا فيمن معهما وتركوا خيمهم ورحلهم (¬1) بحاله لضيق الوقت عن حمل شيئا (¬2) منه، وأسرع أصحاب معزّ الدولة إلى الغارة والنّهب (¬3) ونزلوا في خيم أبي المرجّا وأخيه وأصحابهما، ولمّا استقرّوا رجع أبو المرجّا وأخوه في أصحابهما وكبسوهم وأسروا جماعتهم وقتلوا بعضهم. [ناصر الدولة يستجير بأخيه سيف الدولة] وسار معزّ الدولة إلى نصيبين ودخل ناصر الدولة ميّافارقين ومنها إلى حلب مستجيرا بأخيه (¬4) /92 أ/سيف الدولة، فتلقّاه أخوه سيف الدولة أجمل لقاء وخدمه بنفسه، وتولّى نزع خفّه بيده، وأجلسه على سريره (¬5) وجلس بين يديه، [سيف الدولة يتوسّط بين أخيه ومعزّ الدولة] وتوسّط سيف الدولة الحال بين ناصر الدولة ومعزّ الدولة، وأعاد إليه ناصر الدولة الأسرى الذين أسرهم ولداه بعد أن خلع عليهم وأحسن إليهم (¬6) وانكفأ معزّ الدولة من الموصل إلى بغداد، وعاد ناصر الدولة إلى الموصل (¬7). ... [غارة الروم على قورس] وغارت الروم على قورس (¬8) وسبوا خلقا [من أهلها] (¬9)، وأسرى لهم (¬10) سيف الدولة واستخلص الأسرى (¬11). ... ¬
[سنة 348 هـ.]
[سنة 348 هـ.] [موت قسطنطين بن لاون ملك الروم] وفي هذه السنة مات قسطنطين بن لاون ملك الروم في تشرين الثاني سنة ألف ومائتين وإحدى وسبعين (¬1) وذلك (¬2) في شعبان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وكان جملة ما ملك منذ مات عمّه الإسكندر وإلى أن شاركه في الملك رومانس الشيخ وولداه [وصفيّ له] (¬3)، وما انفرد به إلى أن مات ثمان وأربعين سنة، منها مدّة ملكه مع أمّه زوي (¬4) سبع سنين، ومع رومانوس حميّه ستّ وعشرين سنة، وملك منفردا خمس عشرة سنة، وملك بعده ابنه رومانوس وذلك في خمس عشرة سنة [من خلافة] (¬5) المطيع. [لاون يسير إلى نواحي طرسوس ويستولي على الهارونيّة] وصيّر لاون بن بردس الفوقاس دومستيقس على المشرق، وصيّر نقفور أخوه دومستيقس على المغرب. وسار لاون إلى نواحي (¬6) طرسوس وسبى وقتل وفتح (¬7) الهارونيّة (¬8) في أوّل شوّال سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة (¬9). ... ¬
[خريسطوفورس يتولى بطريركية أنطاكية]
[خريسطوفورس يتولّى بطريركيّة أنطاكيّة] وفي أربع عشرة سنة من خلافة المطيع صيّر خريسطوفورس بطريرك (¬1) على إنطاكية، أقام عشرة سنين وقتل. ... [لاون يغير على ديار بكر ويأسر محمد بن ناصر الدولة] و [في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة] (¬2) ورد لاون الدومستيقس إلى ناحية ديار بكر (¬3)، وتوجّه سيف الدولة من حلب إلى هناك، ورحل الدومستيقس إلى ناحية الشام، وقتل من أهله عددا متوافرا، وأخرب حصونا كثيرة، وأسر محمد بن ناصر الدولة (¬4). [سنة 349 هـ.] [حركة العوّام والرعاع في مصر وتعرّضهم للكنائس] ووردت (¬5) الأخبار بذلك إلى مصر يوم الأحد لثلاث خلون (¬6) من المحرّم سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فشعّثت عوام (¬7) مصر ورعاعهم شعثا عظيما، وأغلق النصارى الكنائس في ذلك اليوم، وأصبح الرعاع يوم الاثنين غدوة (¬8) وقصدوا كنيسة ميخائيل الملاك التي للملكيّة في قصر الشمع، وكسروا أبوابها وهتكوا الكنيسة ونهبوا ما ظفروا به منها، ورجعوا إلى كنيسة أبي قير التي لليعقوبية (¬9) بقصر الشمع، ففعلوا بها مثل ذلك. فلمّا كان يوم الجمعة بعد صلاة الظهر لثمان خلون من المحرّم [من السنة] (¬10) وقعت صيحة (¬11) في الجامع العتيق ورجفة، فنهب عالم (¬12) من الناس وأخذت ¬
[غرق عدة مراكب حربية في دار الصناعة بمصر]
ثيابهم وعاد الرعاع إلى كنيسة ميخائيل وكسرت أبوابها أيضا، ونهبت الكنيسة وشعّثت. وكذلك أيضا كنيسة كانت لليعقوبية برأس الخليج على اسم السيدة، وهي المعروفة بابريس، ففعل بها مثل ذلك. [غرق عدّة مراكب حربية في دار الصناعة بمصر] وتهيّأت (¬1) المسلمون للغزو إلى بلاد الروم، وركب كافور الإخشيد إلى دار الصناعة، ووقف ليطرح مركبا حربيا عظيما كان بها إلى (¬2) البحر، وكان على الشطّ مركب آخر مرسّى، فاجتمع الناس فيه وجلسوا على حافّته (وتزاحموا عليه) (¬3) لينظروا (¬4) نزول المركب الآخر إلى البحر، فانفلت (¬5) ذلك المركب الذي كانوا مجتمعين فيه بهم، ومال عليهم فقتلهم بأجمعهم، /92 ب/وغرق عدّة من المراكب اللاصقة (¬6) له في البحر مملوءة أناسا، وهلك جميع من كان فيها، ومات من الناس زهاء خمسمائة رجل [وذلك يوم السبت لتسع خلون من صفر سنة 349 ولم يبقى (¬7) بمصر سكة إلاّ وكان فيها ماثمان] (¬8). ... [وفاة بطريرك الإسكندرية] ومات أيوب بطريرك الإسكندرية بمصر (¬9)، ودفن في كنيسة مار تادرس، وله في الرئاسة ثمان سنين، وأقام الكرسيّ بعده بغير بطرك (¬10) أربع سنين. ... ¬
[وفاة أنوجور بن الإخشيد]
[وفاة أنوجور بن الإخشيد] ومات أبو القاسم أنوجور (¬1) ابن الإخشيد صاحب مصر (¬2) يوم السبت لتسع خلون من ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلثمائة، وتقلّد الإمارة بعده أخوه أبو الحسن عليّ بن الإخشيد، وكان اسم الإمارة واقعا عليه، والغالب على الأمور كافور الخادم غلام أبيه. ... [غزوة سيف الدولة بلد الروم وهزيمته أمام لاون] وفي هذه السنة غزا سيف الدولة (بلد الروم) (¬3) في زهاء ثلاثين ألفا وسبى (¬4) سبيا عظيما وغنم غنائم جليلة، ولمّا رجع وجد لاون الدّومستيقس ابن بردس الفوقاس قد سبقه إلى الدّرب المعروف بدرب مغارة الكجك (¬5) وأخذ عليه المضايق وحاربه وأوقع بعسكره، وارتجع السبي والأسارى للروم، وأخذوا جميع كراعه وخزائنه، وتخلّص سيف الدولة في نفر يسير ومضى (¬6) باقي أصحابه أسرى وقتلا (¬7)، وكانت الوقعة يوم الخميس النصف من شهر رمضان (¬8) سنة تسع وأربعين وثلثمائة، ووصل سيف الدولة إلى الخوانق (¬9) منهزما بعد الغنيمة، وبات بها وسار منها إلى المصّيصة ومنها إلى حلب (¬10). ¬
[غزوة نقفور إلى جزيرة إقريطش]
[غزوة نقفور إلى جزيرة إقريطش] وغزا نقفور دومستيقس المغرب إلى جزيرة إقريطش في أسطول ونازلها في النصف من [جمادى الآخر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وحاصرها ثمانية أشهر وفتحها يوم الخميس النصف من] (¬1) المحرّم سنة خمسين وثلاثمائة، وخرّب ما فيها من المساجد، وسبى من أهلها خلقا كثيرا، [العوامّ والرّعاع يخرّبون الكنائس في مصر] وورد الخبر بذلك إلى مصر يوم الجمعة ليلة سبت [لثمان خلون من صفر من السنة وهو يوم عيد] (¬2) العازر [الذي قبل الشعانين] (¬3)، بيومين (¬4)، فتجمّع في الحال خلق من رعاع أهل مصر وعوامّها، وقصدوا أيضا كنيسة ميخائيل التي للملكيّة (بقصر الشمع) (¬5) فشعّثوها وأخربوها خرابا عظيما [ونهبوا جميع ما فيها] (¬6)، ونهبوا كنيستي النسطوريّة، وكنيسة مار تادرس، وكنيسة السيّدة [مرت مريم] (¬7) المعروفة بكنيسة البطريرك، وشعّثوها أيضا، وكانت يومئذ في يد اليعقوبية وهي اليوم للروم (وذلك أنّ أرسانيوس البطريرك الإسكندريّ أخذها من اليعقوبية في أيام العزيز بالله، وهو يومئذ مطران القاهرة) (¬8). ولمّا تزايدت ¬
[سنة 350 هـ.]
الفتنة في ذلك اليوم ركب أحد القوّاد الإخشيدية في جماعة من الغلمان وفرّق الجموع وسكّن الفتنة. (فأمّا كنيسة ميخائيل فبقيت مغلقة خرابا مدّة طويلة، وكانت صلوات النصارى الملكيّة في كنيسة إيسيدرس التي عند مسجد القبّة في قصر الشمع، ولم تزل كنيسة ميخائيل مغلقة وأبوابها مطمورة بالتراب إلى أن صيّر إيليّا بطريركا على الإسكندرية، فإنّه لم يزل يتلطّف ويجتهد إلى أن فتحها، لأنّ المسلمين كانوا قد منعوا من فتحها، وقلع الرّدم وعمّر ما أمكنه منها، ورجع الملكيّة يصلّون فيها) (¬1). ونقل رومانوس نقفور دومستيقس المغرب بعد فتحه لإقريطش (¬2) وصيّره دومستيقس/93 أ/على المشرق، وسيّره (¬3) إليه. [سنة 350 هـ.] [غزوة نقفور إلى عين زربة] ونزل على عين زربة (¬4) وحاصرها، فسار إليه نفير طرسوس مع واليها رشيق النّسيمي (¬5) والتقاهم، وانهزم الطرسوسيّون وقتل منها زهاء خمسة آلاف رجل، وأسر نحو أربعة آلاف، وعاد إلى عين زربة وفتحها بالأمان في ذي القعدة سنة خمسين وثلاثمائة وهدم سورها، وانتقل أهلها إلى طرسوس. وعاد سيف الدولة وبنى سورها وردّ (¬6) إليها أهلها (¬7). ¬
[سنة 351 هـ.]
[سنة 351 هـ.] [استيلاء الروم على دلوك ورعبان ومرعش] وفتح الروم (¬1) حصن دلوك (¬2) ورعبان (¬3) ومرعش (¬4) في شهر ربيع الأوّل سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة (¬5). وغارت الروم أيضا على منبج، وصادفوا أبا فراس (¬6) الحارث (¬7) بن سعيد بن حمدان، وكان متقلّدا لها، فأسروه وحملوه إلى القسطنطينية (¬8). ووافى نقفور (الدومستيقس) (¬9) إلى مدينة حلب، وكانت موافاته لها كبسة لم (¬10) يعلم سيف الدولة (بخبره) (¬11) إلى أن قرب منه، ولمّا علم بدنوّه أنفذ نجا غلامه في جمهور عسكره للقائه. وأقام سيف الدولة على حلب في بقيّة عسكره، ولقي يانيس بن الشمشقيق (¬12) لنجا في ناحية عزاز (¬13) وحمل ¬
عليه ابن الشمشقيق وضربه بسيفه، فانهزم نجا وعاد إلى معسكر سيف الدولة ليقاطع نقفور ويحصل من ورائه، فيكون سيف الدولة ومن بقي معه من عسكره، وأهل حلب مقيمين بالمدينة (¬1)، فإذا قرب عسكر نقفور أطبقا عليه وأوقعا به. وسار نقفور إلى حلب (¬2)، وأشرف نجا على عسكره فهابه وبعد (¬3) عنه، ووقف سيف الدولة خارج (أحد) (¬4) أبواب حلب، وهو المعروف بباب اليهود، واستنفر (¬5) أهل المدينة فخرج إليه منهم زهاء مائة ألف، ووافت مواكب الروم، وحمل يانيس (بن الشمشقيق) (¬6) على سيف الدولة فحاربه ساعة، وانهزم (¬7) سيف الدولة وقصد طريق بالس (¬8) واتّبعه ابن (¬9) الشمشقيق ولم يزل في أثره إلى ضيعة يقال لها سبعين (¬10)، فاتكا (¬11) في عسكر سيف الدولة، وقتل صاحب مطرده وجماعة من وجوه أصحابه، وانهزم العامّة، وقتل الروم (¬12) ألوفا، وازدحموا على باب اليهود ليدخلوا منه [إلى المدينة] (¬13) فمات في الضغطة خلق. ¬
[نقفور يخرب دار سيف الدولة ويدخل حلب]
[نقفور يخرّب دار سيف الدولة ويدخل حلب] ونزل نقفور على مدينة حلب يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وكان سيف الدولة قد أنشأ دارا في (ظاهر) (¬1) حلب (¬2) في الموضع المعروف بالحلبة، وشيّدها وتباها (¬3) في عمارتها، فأمر نقفور بخرابها وحاز ما فيها، وخرج إليه يوم الاثنين شيوخ المدينة باستدعاء منه لهم، وجرى بينه وبينهم خطاب على أن يؤمّنهم ويحملوا إليه مالا ويخلوا له المدينة (¬4) ويدخل عسكره من باب ويخرج من باب آخر وينصرف عنهم، فقال لهم نقفور: أظنّكم قد رتّبتم مقاتلتكم (¬5) في الأزقّة وقصدتموني تطلبون (¬6) مني الأمان، فإذا دخل أصحابي المدينة نفرتم عليهم وأوقعتم بهم، فحلف له بعضهم أنّه ما بقي أحد في المدينة يحمل سلاحا، فقال لهم: انصرفوا اليوم واخرجوا إليّ في غد ليتقرّر ما بينكم وبيني، وأعطيكم أمانا، /93 ب/فعادوا إلى المدينة. ولمّا كان في عشيّة ذلك اليوم رأوا (¬7) الروم سور المدينة قليل الحرّاس، فركبوا سورها وفتحوها في السّحر من نحو الميدان، ودخلوا إليها، وزحفوا إلى القلعة، وقاتلوا من فيها. وكان فيها جماعة من الدّيلم، فدفعوا الروم عنها. وأقام نقفور بحلب بعد فتحه المدينة ثمانية أيام، وسراياه تضرب في ظاهر المدينة وتسبي وتغنم، ورحل عنها يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة، وقد تزوّد وتزوّدوا (¬8) أصحابه من الأموال وصنوف المتاع [والعدد] (¬9) والسلاح والكراع ما لا يحصى، ودخل إلى القسطنطينيّة (¬10). ... ¬
[سنة 352 هـ.]
[سنة 352 هـ.] [موت رومانس ملك الروم] ومات رومانس الملك [ليلة الاثنين] (¬1) في سادس عشر آذار سنة ألف ومائتين وأربع وسبعين [للإسكندر] (¬2) وهو لستّ خلون من صفر سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وله في الملك ثلاث سنين وأربعة أشهر [وستة أيام] (¬3)، وجلس في الملك بعده ولداه باسيل وقسطنطين، وكانا طفلين غير بالغين، بل كان عمر باسيل سبع سنين، وعمر قسطنطين خمس سنين، وتولّى تدبير المملكة والدتهما تاوفانوا (¬4) وباسيل البراكونومس، ورأت الملكة أم الصبيّين أن يكون نقفور يدبّر [أمر] (¬5) المملكة لما ظهر من سداده وحسن تدبيره [وتتابع فتوحه] (¬6) فحضرت إلى الكنيسة مع ولديها وسلّمتهما إليه بحضرة ثاأفيلكطس (¬7) بطريرك القسطنطينية وسائر من حضر، ورسمت له أن يدبّرهما ويدبّر ملكهما ويتّقي الله تعالى فيهما. وقرّر نقفور الدّومستيقس أن يكون [باسيل] (¬8) البركونومس (¬9) على رسمه (¬10) مقيما (¬11) في البلاط يحفظه ويحفظ ¬
[نقفور يتولى العرش البيزنطي ويتزوج أرملة رومانوس]
الملكة والملكين ولديها إلى أن يبلغوا مبالغ الرجال، وأن يكون بردس (¬1) الفوقاس أبوه ولاون أخوه يحفظان المدينة. وأقرّ كلّ واحد من أصحاب الدواوين والخدم على ما كان عليه في أيام رومانوس الملك، وأن يكون هو متوفّرا على الغزوات، فحسن ما قرّره في نفوس الجماعة، وخرج إلى مرج قيساريّة ليجمع العساكر ويتّفق فيها، وعلى أن يكون مقامه دائما هناك ليقرب عليه ما يريده من ديار المسلمين، ورأى أنّ استيلائه (¬2) على الملك أبلغ هيبة (¬3) وأحمد في السياسة ولبس الخفّ الأحمر، ودعي له بالملك في قيساريّة [لثمان خلون من أيلول من السنة] (¬4)، وعاد إلى القسطنطينية [في السادس عشر من شهر آب] (¬5)، وشاور (¬6) البطريرك [باليقطس] (¬7) في الحال بأن يتزوّج (نقفور بالملكة) (¬8) تاوفانوا والدة الصبيّين ويكون مشاركا لهما في الملك، وإن أولد منها ولدا يكون الملك صايرا له بعد وفاتهما، فاستصوب الجماعة ذلك، وألبسه البطريرك التاج وباركه في آجيّا صوفيّا (¬9)، [نقفور يتولّى العرش البيزنطي ويتزوّج أرملة رومانوس] وتزوّج تاوفانوا حرمة رومانوس الملك، وتسلّم ولديهما باسيل وقسطنطين، ودعي له معهما بالملك، وجعل أباه قيصرا ورسم له المقام بالقسطنطينية يضبطها (¬10) وصيّر أخاه لاون قر البلاط (¬11)، وكان مدّة تدبير ثاوفانو ¬
[حركة الخارجي السلمي في برية الشراة]
والبراكونوماس المملكة منذ مات [رومانوس] (¬1) الملك وإلى أن ملك نقفور خمسة أشهر (¬2). وكان ملك نقفور في تسع عشرة سنة من خلافة المطيع وذلك في رجب سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وصيّر يانيس بن الشمشقيق دومستيقس (¬3). ... [حركة الخارجيّ السلميّ في برّيّة الشّراة] وخرج (¬4) في بريّة الشّراة (¬5) خارجيّ من بني سليم يسمّى محمد بن أحمد السّلمي، واجتمع إليه كثير من العرب ومن غيرهم من [المتطوّعة] (¬6) أهل الطمع/94 أ/وقوي أمره وكثر جمعه، فبلغ كافور الإخشيد صاحب مصر خبره. وكان (¬7) الشام يومئذ بيده، ففاق لذلك، وأنفذ عسكرا قوّى (¬8) به الشام خوفا من حادث يحدث بها، وتقدّم إلى أصحابه أن لا يبتدوه بحرب ولا قتال، وطال مقامته وإيّاهم على تلك الحال، فأسرى عليه في بعض الليالي رجل من العرب يعرف بثمال (¬9) الخفاجيّ من بني عقيل وأخذه أسيرا وحمله إلى مصر، فشهّر بها راكبا فيلا (¬10) واعتقل مدّة، ثم عفي [عنه] (¬11) وخلّي سبيله (¬12). ... ¬
[الزلزلة بمصر واحمرار الشمس]
[الزلزلة بمصر واحمرار الشمس] وحدثت (¬1) زلزلة بمصر ودويّ عظيم ليلة أربعة عشر من ربيع الآخر سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة، وأصبحت الشمس محمرّة [في اليوم الذي بعدها] (¬2) وبعده إلى السّواد، فابتهل الناس إلى الله (¬3). ... [وفاة الوزير الحسن المهلّبي] ومات الوزير الحسن بن محمد المهلبي السبت لثلاث بقين من شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، ونصب معزّ الدولة العباس بن الحسن الشيرازي ومحمد بن العباس فسانحس لمدبّر الأمور من غير تسمية لأحدهما بالوزارة] (¬4). [مرض سيف الدولة] ومرض سيف الدولة مرضا شديدا من استرخاء عرض له، وآيس الناس منه، وأشرف على الموت، وأخذ نجا قطعة من عسكره وسار إلى حرّان (¬5) وصادر أهلها، وتوجّه إلى ميّافارقين، وكانت حرمة سيف الدولة أمّ أبي المعالي بها، فلم تمكّنه من الدخول، وأمرت بغلق الأبواب في وجهه، [خروج نجا عن طاعة سيّده سيف الدولة ومهاجمته للبلاد] وأظهر الخلاف على مولاه والخروج عن طاعته، وسار إلى خلاط وملكها، وأوقع بأبي الورد صاحبها، وهو رجل من العرب في يده بعض بلدان أرمينية، وقتله وملك قلاعه وبلاده، وسار إلى منازكرد (¬6) وملكها، ورجع إلى ¬
[يوحنا بن جمع يتولى بطريركية بيت المقدس]
ميّافارقين وحاصر حرمة مولاه وقاتلها وشتمها أقبح شتيمة. وكتب سيف الدولة إلى القوّاد الذين معه يأمرهم بقتله [فعصى] (¬1) عليه أهل منازكرد (¬2) فسار إلى خلاط (¬3) وعصى عليه غلامه المقيم فيها، ودفعه عن ما كان فيها من الأموال [التي غنمها] (¬4). وطالبه الجند بأرزاقهم، فلم يكن معه ما يعطيهم فشغبوا (¬5) عليه وتفرّقوا عنه (¬6). ... [يوحنّا بن جمع يتولّى بطريركية بيت المقدس] [وفي تسع عشرة سنة من خلافة المطيع صيّر يوحنا ابن جميع بطريرك على بيت المقدس، أقام سنتين ونصف وقتل وأحرق] (¬7). ... [سنة 353 هـ.] [الموقعة بين نقفور الملك وأهل طرسوس عند أدنة] وفي هذه السنة، وهي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة خرج نقفور الملك ونزل بالقرب من أدنة [في أول ذي الحجة سنة 352] (¬8)، ولقيه نفير طرسوس في جمع كثير فهزمهم وقتل منهم زهاء أربعة آلاف، فانهزم الباقون ¬
[ورود الخراساني إلى حلب لمعاضدة سيف الدولة في حرب الروم]
إلى تلّ بالقرب من أدنة وحصلوا فوقه، وأحاط بهم الروم (وقاتلوهم) (¬1) من جميع نواحي التل، وقتلوهم بأسرهم، وهرب أهل أدنة إلى المصّيصة، (ونزل يانيس بن الشمشقيق على المصّيصة) (¬2) وحاصرها (¬3) [أياما] (¬4) ونقب في سورها عدّة نقوب ولم يقدر عليها، وضاقت به الميرة، فانصرف بعد أن أحرق وأخرب ما حواليها، وخرّب الملون (¬5) وما حواليها، وسبى وقتل منه ومن هذه البلدان ما يكثر عدده (¬6). ... [ورود الخراساني إلى حلب لمعاضدة سيف الدولة في حرب الروم] وورد في هذا الوقت إلى حلب إنسان من خراسان في عسكر معه قاصدا لغزو الروم، فاجتمع رأيه ورأي سيف الدولة على المسير للقاء جيش الروم النّازل على المصّيصة (وكان سيف الدولة عليلا، فسار محمولا في قبّة، فلقي الروم قد انصرفوا عن المصّيصة) (¬7) وتفرّقت جموع (¬8) الخراساني لعظم الغلا في الثغر وفي حلب، ورجع أكثرهم إلى بغداد وعادوا إلى خراسان، وانتقل ¬
[استيلاء الروم على قبرس]
من الثغر إلى دمشق وإلى الرملة وإلى غيرهما من البلدان/94 ب/خلق كثير هربا (من الغلاء والخوف) (¬1) من الروم (¬2). [استيلاء الروم على قبرس] واستولت الروم بعد فتحهم قريطش على جزيرة قبرس (¬3)، وذلك أنّ أهلها كانوا يحملون مالها إلى الروم وإلى المسلمين صلحا، وغزاها في هذه المدّة من مصر جمع كثير في اثنين وثلاثين مركبا حربيّة، فاستظهروا (¬4) الروم عليهم، وقتلوا منهم وأسروا خلقا كثيرا، وأخذوا مركبا منهم بسائر رجاله، وعاد الباقون منهزمين (¬5). [سيف الدولة يصفح عن غلامه نجا] وورد على سيف الدولة رسول من نقفور ملك الروم فتجمّل (¬6) سيف الدولة لدخوله عليه وجلس على سرير ولبس تاجا مرصّعا بالجوهر (¬7). وسار سيف الدولة إلى ميّافارقين وأرسل (¬8) إلى نجا يأمره بالمسير إليه وأمّنه على نفسه وماله، وسار نجا إليه، فصفح عنه وأقام عنده وشرب بين يديه، فلمّا سكر شتم الغلمان وغلظ عليهم في القول، فاغتاظوا عليه، وكانت حرمة سيف الدولة أشدّ غيظا عليه بحصاره (¬9) لها وشتمه إيّاها، فصاح سيف ¬
[سنة 354 هـ.]
الدولة على نجا، وأمر أن يقام من بين يديه، فوثب الغلمان إليه بالسيوف وقتلوه (¬1). وعاد نقفور الملك إلى الثغر في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وضرب مضاربه على أدنة، وكان أهلها قد هربوا منها (إلى المصّيصة) (¬2) فحاصر المصّيصة نيّفا عن (¬3) خمسين يوما، وسراياه تضرب إلى [حلب و] (¬4) أنطاكية، ولم تحمله البلد لشدّة الغلاء، فانصرف إلى قيساريّة، وعظم حال الغلاء والوباء في المصّيصة وفي طرسوس حتى بلغ الأمر بالنّاس إلى أكل الميتة (¬5). [سنة 354 هـ.] [نقفور يحاصر المصّيصة] وعاد نقفور إلى المصّيصة وحاصرها وفتحها بالسيف يوم الخميس [إحدى عشرة ليلة خلت من] (¬6) رجب سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهرب الناس من المصّيصة إلى كفربيّا (¬7) (وملك الروم المصّيصة، ووقع القتال على الجسر الذي بين المصّيصة وكفربيّا (¬8) وانهزم المسلمون، وملك الروم أيضا كفربيّا، وساقوا جميع أهل المصّيصة إلى بلد الروم، واجتازوا بهم إلى طرسوس حتى نظرهم أهلها، وسار الملك من المصّيصة إلى طرسوس وحاصرها، وكان فيها رشيق (¬9) النّسيمي، والتمس أهلها الأمان فأمّنهم، وسلّموا له المدينة [يوم ¬
[أهل أنطاكية يسلمون مدينتهم لرشيق النسيمي]
الأربعاء] (¬1) في نصف شعبان من السنة [المذكورة] (¬2) وتلقّى أهلها بالجميل (وأطعمهم من) (¬3) طعامه وخلع عليهم وأحسن إليهم، وخرجوا عنها، وأمر أن يحمل كلّ واحد من ماله ورحله ما يطيق حمله، ففعلوا ما أمرهم، وساروا، وسيّر معهم جماعة من أصحابه يحمونهم في طريقهم ويدفعون عنهم، إلى أن وصلوا إلى أنطاكيّة، وحمل بعضهم في البحر إلى حيث أرادوا، وقلّد الملك للمصّيصة واليا من قبله، وقلّد طرسوس أيضا واليا [من جهته] (¬4) وتقدّم إليه بعمارتها وتحصينها وجلب الملك الميرة إليها من كلّ جهة، فعمرت ورخص السعر بها وتراجع إليها [جماعة من] (¬5) أهلها (¬6). [أهل أنطاكية يسلّمون مدينتهم لرشيق النسيميّ] وكان سيف الدولة عند مسيره إلى ميّافارقين قد خلّف بحلب غلامه قرغويه (¬7) الحاجب، فخلّف بأنطاكية غلاما يدعى فتح، ووثب أهل أنطاكية على فتح وأخرجوه [منها] (¬8) وسلّموها إلى رشيق النّسيمي الوارد من طرسوس، والتصق به إنسان من أهل أنطاكية يعرف بالحسن الأهوازيّ، وتولّى تدبير أمره/95 أ/وأطمعه أنّ سيف الدولة لا يعود إلى الشام (¬9). ¬
[الديلم يستأمنون لرشيق]
[الدّيلم يستأمنون لرشيق] واستأمن إلى رشيق [دزبر] (¬1) الدّيلمي وجماعة من الدّيلم [الذين كانوا مع قرغويه] (¬2). [الحرب بين رشيق ودزبر الديلمي وقرغويه] وسار رشيق وابن الأهوازي إلى حلب، وجرى بين رشيق وبين قرغويه (¬3) حروب كثيرة. ودخل رشيق إلى مدينة حلب، وقاتل القلعة، ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وقتل رشيق بعد ذلك، وانهزم أصحابه إلى أنطاكية، وجعلوا دزبر الدّيلميّ أميرا عليهم، وابن الأهوازي المدبّر له. وقصد قرغويه إلى أنطاكية، وجرت بينهما وقعة وانهزم قرغويه وعاد إلى حلب. وسار دزبر (¬4) (الدّيلمي) (¬5) في أثره، إلى حلب، ولقيه أصحاب قرغويه وحاربوه ودفعوه، ورجع إلى أنطاكية (¬6). ورأى خريصطوفورس بطريرك أنطاكية [في مدّة هذا الخلف والعصيان أن يبعد عن أنطاكية] (¬7) لئلاّ يتعلّق عليه فيما بعد تهمة من سيف الدولة أو من (¬8) أصحابه، فسار إلى دير سمعان الحلبيّ وأقام به، وقصد ابن الأهوازيّ إساءته، فلم يضطرب لذلك، وبقي في دير سمعان إلى أن عاد سيف الدولة. [سنة 355 هـ.] [وفاة عليّ بن الإخشيد وانفراد كافور بالأمر] ومات (¬9) عليّ بن الإخشيد بمصر في [يوم الأحد لإحدى عشر ليلة خلت من] (¬10) المحرّم سنة خمس وخمسين وثلاثمائة (¬11)، وافترد كافور بالأمر، ¬
[مضايقة الصناجي لبطريرك بيت المقدس]
وامتنع من التسمّي (¬1) بالإمارة، ورأى أن يجري على رسمه في المخاطبة بالأستاذيّة، وجعل الحسن بن عبيد الله بن طغج (¬2) على الشام مستخلفا من قبله (¬3). [مضايقة الصنّاجي لبطريرك بيت المقدس] وكان في بيت المقدس والي (¬4) يعرف بمحمد بن إسماعيل الصّناجي وكان كثير الأذيّة ليوحنا (بن) (¬5) جميّع بطريرك بيت المقدس [والمطالبة له من الألطاف] (¬6) بأكثر ممّا كان الرسم جاريا به. وكان البطريرك يدفع له كلّما التمسه منه (¬7)، ولما تزايدت أذيّته له شخص إلى مصر، وقصد كافور، واعتضد بالكتّاب النّصارى، وشكا ما هو مبليّ به من الصّناجيّ وغيره، [فكتب كافور إلى الحسن بن عبيد الله بن طغج خليفته على الشام يأمره بمنع الصّناجي عنه وغيره من أذيّة [البطريرك] (¬8) وقبض يده] (¬9) عن مطالبته بما لا يجب له عليه، وإعلامه أنّ له عناية وكيدة. ولم تزل مكاتبة كافور (¬10) متّصلة [إلى (الحسن) (¬11) بن عبيد الله] (¬12) بذلك، وابن عبيد الله كاتب (¬13) ¬
الصّناجيّ بمضمونها، فلم ينقلع عمّا هو عليه، وقرب عيد العنصرة (¬1)، فوجّه الصّناجيّ يلتمس منه أشياء زائدة عن رسومه التي كان يحملها إليه في ذلك العيد، وطالبه مطالبة شديدة، فنزل البطريرك إلى الرملة وعرف بن (¬2) عبيد الله الحال، وأنّ المكاتبة لا تغنيه شيئا، فوجّه معه قائدا من قوّاده يسمّى تكين (¬3) وأوعز إليه أن يحفظ النّصارى وصيانتهم (¬4)، وأن لا يمكّن الصّناجيّ ولا غيره من استضامتهم وألاّ يظلموا، فعظم على الصّناجيّ (تحامي البطريرك عليه، وأنفذ يستدعي ما التمسه منه، فاحتمى البطريرك عليه بتكين القائد ولم يدفع إليه ما طلبه، فعظم على الصّناجيّ) (¬5) ذلك، فجمع عشيرته وتبّاعه (¬6) وغيرهم من أفناء الناس، وأنفذ رسولا إلى البطريرك يستدعي حضوره إليه، وبلغه حال الجمع (¬7)، فتخوّف على نفسه وتثاقل (¬8) عن المضيّ، فقال للرسول: أليس قد تقدّم إليه دفعات بالمنع عن أذيّتي ومطالبتي بما لا يجب له عليّ، وقد أنفذ أبو محمد [الحسن] (¬9) بن عبيد الله معي من يشدّ على أيدي (¬10) ويحميني ويمنعه عنّي، وليس يمكنّي المصير إليه في وقتي هذا، ولطف بالرسول إلى أن انصرف، وأدّى إلى الصّناجيّ جوابه، وتقدّم البطريرك بأن تغلق أبواب الكنيسة القيامة، وتحصّن فيها، وركب الصّناجيّ في الحال مع جموعه، وقبض على تكين القائد/95 ب/الذي أنفذه ابن عبيد الله لحماية البطريرك وأخذه إليه، وأنفذ إلى البطريرك يستدعي نزوله ¬
[مقتل بطريرك بيت المقدس]
إليه، وأعطاه الأمان، فلم تثق إليه نفسه لما تداخله من الفزع، ولم يردّ على الرسول جوابا، واجتمعوا على الأبواب فضربوا أبواب ماري قسطنطين بالنّار، [مقتل بطريرك بيت المقدس] ودخلوا منها إلى القيامة، وألفوها مغلقة، وأحرقوا أبوابها، وسقطت قبّة القيامة، ودخلوا الكنيسة ونهبوا ما قدروا عليه. وتوجّه الرعيّة إلى كنيسة صهيون وأحرقوها ونهبوها في اليوم بعينه، وذلك يوم الاثنين الذي قبل العنصرة، [وهو الثالث والعشرون من أيار سنة ألف ومائتين وسبع وسبعين يونانية، لخمس ليال خلت من جمادى الأخرى سنة 355] (¬1). وهدم اليهود وخرّبوا أكثر من المسلمين. فلمّا كان يوم الثلاثاء تالي (¬2) ذلك اليوم التقوا البطريرك مختفيا في جبّ من جباب الزيت في كنيسة القيامة، فقتلوه وجرّوه إلى صحن مار قسطنطين وأحرقوه [بالنار على بعض العمد] (¬3)، وصيّر بعده بطريرك آخر من أهل قيساريّة يسمّى حبيب، ويدعى (¬4) خريصطودلس (¬5)، فأقام أبواب كنيسة القيامة، ورمّم المذبح، وشرع في عمارتها، فعاجله الموت. وفي [زمن] (¬6) رئاسة أنبا توما البطريرك أعاد ما انخرب وجدّده (واهتم بذلك رجل) (¬7) كاتب نصرانيّ يعقوبي يسمّى عليّ بن سوار (¬8)، ويعرف بابن الحمّار، فبنى قبّة القيامة. وكان هذا الرجل [قد وصل] (¬9) مع أفتكين التركي من العراق عند تغلّبه على الشام، وكان ذا ثروة وحال واسع، وقتل ¬
[بناء قبة كنيسة القيامة]
في هزيمة الحرب عند انهزام أفتكين، وكان ذلك قبل استكماله [عمارة] (¬1) القيامة، وأقيم على القيامة سنقل يعرف بصدقة بن بشر في أيام رئاسة يوسف وارستس (¬2)، فعمل فيه الباسلكين وأكمل ما كان بقي وأتمّه (¬3) إلاّ جمل (¬4) مار قسطنطين لأنه كان عظيما جدّا، فبقي مكشوفا. [بناء قبّة كنيسة القيامة] وفي أيام تدبير أرسانيوس بطريرك الإسكندريّة لكرسي بيت المقدس بعد خروج أخيه أرستس (¬5) إلى القسطنطينية عمل جمل ماري قسطنطين وأعيد إلى ما كان عليه، واستكملت الكنيسة (¬6) بأسرها قبل خرابها الذي أتى عليها في صفر سنة أربعمائة للهجرة بمدّة قريبة. ... [الفداء بين سيف الدولة ونقفور] والتمس سيف الدولة من نقفور الملك المفاداة بمن عنده (¬7) من المسلمين وبمن عنده أسرى من الروم، فأجابه إلى ذلك، وسار سيف الدولة من ميّافارقين إلى سميساط، وأقام الفدى (¬8) أعلى شاطىء [نهر] (¬9) الفرات في يوم الخميس مستهلّ رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وفادى بمحمّد بن ناصر الدولة وأبي (¬10) فراس وغيرهما من بني حمدان، وبالقاضي أبي الهيثم (¬11) بن أبي الحصين، وزهير، وقطاس (¬12)، وغيرهم من بني غلمانه ¬
[وقوع دزبر وابن الأهوازي في أسر سيف الدولة ومقتلهما]
ممن أسروه (¬1) الروم من بلاده، وكان أبو العشائر (¬2) قد مات بالقسطنطينية في الحبس ودفع لهم [أعور حرم (¬3) وابن بلبيطس] (¬4) (¬5) وجميع ما عنده من أسارى الروم (¬6). ولما لم يبق عند سيف الدولة من الروم من (¬7) يفادي به اشترى بقيّة أسرى المسلمين، وكان عددهم ثلاثة آلاف نفس (¬8) بمائتي (¬9) وأربعين ألف دينار رومية، وأجحف ذلك به (¬10)، وقصد جماعة ممن فادى بهم من المسلمين (دزبر (¬11) الدّيلميّ) (¬12) وساروا (¬13) في جملته، [وقوع دزبر وابن الأهوازي في أسر سيف الدولة ومقتلهما] وانصرف سيف الدولة من الفدى (¬14)، ودخل/96 أ/حلب وأقام بها ليلة واحدة، وخرج وهو عليل من الاسترخاء المعارض له، محمول (¬15) في قبّة ومعه قرغويه (¬16) الحاجب، فواقع دزبر (¬17)، وابن الأهوازي (¬18) في ضيعة في ¬
[خروج الروم إلى آمد]
طريق بالس (¬1) تعرف بسبعين (¬2)، وانهزم أصحاب دزبر (¬3)، وحمل هو وابن الأهوازي أسيرين في يد سيف الدولة، وحملهما إلى حلب، وقتلهما وقتل جماعة معهما (¬4)، وولّى على أنطاكية تقيّ الدّين غلامه (¬5). [خروج الروم إلى آمد] وخرج الروم إلى آمد، وقتلوا وأسروا عددا كثيرا، وانصرفوا إلى دارا وقربوا من نصيبين، وهرب أهلها خوفا منهم (¬6). وتوجّه نقفور الملك إلى نحو الشام، وسار سيف الدولة إلى شيزر (¬7). ونزل نقفور على منبج [يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شوال من السنة] (¬8)، واستدعى من أهلها القرميدة وأخرجوها إليه، فأخذها منهم وأكرمهم، ولم يعرض (¬9) لهم بمكروه، ورحل عنها إلى وادي بطنان (¬10) وأخذ منه (¬11) من الأسارى عددا كثيرا، وجاءت سريّة إلى بالس (¬12) وأخذت من ¬
[سيف الدولة يقرب بطريرك أنطاكية اليه]
المدينة زهاء ثلاثمائة نفس. وسار الملك إلى قنّسرين (¬1)، وعاد ونزل على تيزين (¬2) ففتحها وسبى أهلها، وفتح حصن أرتاح (¬3)، وعبر بأنطاكية ونزل عليها [عشيّة يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة] (¬4) وأرسل إلى أهلها في أن يسلّموا إليه المدينة ويؤمّنهم على أنفسهم وأهاليهم وأموالهم، وأن يوصلهم إلى حيث أحبّوا آمنين، ولا يحوجوه إلى مقاتلتهم، فلم يجيبوه إلى ما أعرضه عليهم، وحاربهم سبعة أيام، وضاقت به العلوفة، ورحل في اليوم الثامن [من نزوله عليها] (¬5) وعاد إلى بلد الروم [قافلا] (¬6). [سيف الدولة يقرّب بطريرك أنطاكية اليه] وقصد خريصطوفورس بطريرك أنطاكية سيف الدولة إلى حلب فأحسن قبوله وشكره (¬7) على ما فعله في (¬8) بعده عن المخالفين عليه، وقدّمه وتخصّص به، ونقم سيف الدولة على شيوخ أنطاكية بسبب إخراجهم فتح غلامه وتسليمهم المدينة إلى رشيق النّسيميّ، وقبض عليهم وصادرهم، وتشفّع البطريرك إليه في بعضهم وتواسط أمرهم معه، فأجاب مسألته فيهم، وتوكّد (¬9) في نفوسهم ممّا شاهدوا من تمكّن حاله عند سيف الدولة حسدا له وحقدا عليه. ¬
[سنة 356 هـ.]
[سنة 356 هـ.] [وفاة سيف الدولة] ومات سيف الدولة بن عبد الله بن حمدان يوم الجمعة لخمس بقين من صفر سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة، (وعمره أربع وخمسين سنة) (¬1) [شمسية] (¬2) وسار غلامه تقيّ المقيم بأنطاكية إلى حلب (وأخذ (¬3) تابوت سيف الدولة معه إلى ميّافارقين ليدفن هناك (¬4)، وكان حريمه وولده مقيمين بها) (¬5). ولما خرج تقيّ من أنطاكية اجتمع رأي أهلها على أن لا يمنّوا أحدا من الحمدانيّة من الدخول إليها، وولّوا أمرهم علّوش الكردي (¬6). ... [قدوم محمد بن عيسى من خراسان إلى حلب] وورد إلى حلب رجل من أهل خراسان يسمّى محمد بن عيسى في زهاء خمسة آلاف، قاصدين غزو الروم، وساروا إلى أنطاكية ولقيهم أهلها أجمل لقاء فقويت نفوسهم بهم واتّفق رأي ثلاثة من شيوخ أنطاكية وأماثلها ممن كان البطريرك توسّط أمرهم (¬7) وشفع فيهم عند سيف الدولة وهم (¬8): ¬
[ابن مانك يقتل بطريرك أنطاكية ويستولي على مخلفاته]
ابن مانك، وابن محمد، وابن دعامة على الإيقاع بخريصطوفورس (¬1) البطريرك، وتألّف العامّة عليه ليوقعوا به، ووقف على ما/96 ب/همّوا به صديق للبطريرك من وجوه المسلمين يعرف بابن أبي عمر، وكشف له ما تحرّكوا (¬2) عليه، وحدّثه به، وأشار عليه أن يأخذ لنفسه (¬3) ويخرج من باب المدينة آخر النّهار، فإنه ما يصبح إلاّ وهو في أعمال حلب، ويكون قد تخلّص ممّا يحاذر (¬4) من أعدائه، فشكره البطريرك على نصيحته إيّاه وأعلمه أنّه ينظر في أمره ويفعل ما يقتضيه الصّواب. [ابن مانك يقتل بطريرك أنطاكية ويستولي على مخلّفاته] واستقرّ رأي البطريرك (على) (¬5) أنه يقصد ابن مانك لثقته (¬6) بما بينهما (¬7) من وكيد المودّة، فأرسله (¬8) البطريرك يسأله الإذن له في المصير إليه واجتماعه به، فأجابه ابن مانك بجواب يحتجّ عليه فيه باشتغاله في وقته ذلك، وأنه إذا تفرّغ أنفذ فأعلمه. ولمّا تصرّم الثلث الأوّل من الليل وافى رسول (من) (¬9) ابن مانك إلى البطريرك يستدعي حضوره إلى داره، فسار إليه ثقة (¬10) منه به ولقيه ابن مانك لقيا جميلا وقال له: ما بالك يا بطريرك (¬11) وأنت واحد من أهل هذه البلد (¬12) ومساكن (¬13) تسيء الرأي فينا وتعمل علينا؟ فقال له البطريرك: وكيف ذلك يا سيّدي؟ فأجابه: لأنّك تكاتب الروم وتستنهضهم إلى قصدنا وتطمعهم فينا، ¬
فحلف له البطريرك إنه ما كاتب الروم قطّ ولا كاتبوه، وسأله عن الدّليل على ما اتّهمه به، فنهض ابن مانك كأنّه يطلب كتابا، واستدعى قوما من الخراسانيين كان أعدّهم للإيقاع بالبطريرك، واستنفرهم عليه (¬1)، فوثبوا عليه بالخناجر (¬2) وأقامه واحد منهم قائما، وضربه آخر بالخنجر فأنفذه في بطنه، فسقط إلى الأرض، ومع سقوطه قطع رأسه وطرح فى أتّون حمّام بجوار (¬3) دار ابن مانك، وحملت جثّته وأخرجت في الوقت من باب المدينة وطرحت في النهر، وذلك في [ليلة الأربعاء] (¬4) ثاني عشرين أيّار سنة ألف ومائتين وثمان وسبعين، وهو لعشر خلون من جمادى الأخرى سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة (¬5). وأنفذ ابن مانك قبل الصبح قوما إلى كنيسة القسيان وقبضوا على ما وجدوه في منزل البطريرك وفي خزانة الكنيسة، وعاقبوا الخازن إلى أن أظهر لهم آنية كانت مستورة، وأخذوا (¬6) الفضّة (والقماش) (¬7) وغيره (¬8)، ولم يتركوا غير النّحاس ومصاحف ليس بكثيرة، وأخذوا إليهم كرسيّ مار بطرس (السليح) (¬9)، وهو كرسيّ من خشب النّخل مصفّح بفضّة، وحفظوه في دار شيخ من شيوخهم يعرف بابن عمر (¬10) ولم يزل في داره إلى أن ملكوا (¬11) الروم المدينة، وبعد ثمانية أيام من قتل البطريرك ظهرت جثّته على جزيرة من ¬
[أبو المعالي بن سيف الدولة يستولي على حلب]
النهر، فخرج قوم من النّصارى وأخذوها سرّا ودفنوها في الدّير المعروف بارسانا (¬1) خارج (¬2) المدينة. ولبث كرسيّ أنطاكية بعد قتل خريصطورفورس (¬3) بغير بطريرك سنتين وتسعة أشهر. [أبو المعالي بن سيف الدولة يستولي على حلب] ووصل أبو المعالي (¬4) بن سيف الدولة من ميّافارقين إلى حلب واستولى عليها، وعوّل على قرغويه (¬5) الحاجب غلام أبيه على تدبير الأمور (¬6). ... [وفاة معزّ الدولة ابن بويه] [ومات أمير الأمرا معزّ الدولة (¬7) أحمد بن بويه (¬8) الدّيلميّ بمدينة السلام في (¬9) شهر ربيع الآخر سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة، وخوطب [بالإمارة] (¬10) /97 أ/بعده لابنه عزّ الدولة أبي منصور بن بختيار، وقلّد الوزارة للعبّاس بن الحسن الشيرازي] (¬11). ... ¬
[وفاة كافور الإخشيد والخلاف بين الإخشيدية]
[وفاة كافور الإخشيد والخلاف بين الإخشيديّة] ومات كافور (¬1) الإخشيد (¬2) الخصيّ صاحب مصر في (¬3) جماد الأولى من السنة، ونصّب في الإمارة بعده بمصر أبو الفوارس أحمد بن علي الإخشيد، وكان طفلا عمره إحدى عشرة سنة، على أن يخلفه ابن عمّ أبيه الحسن بن عبيد الله بن طغج، وكان يومئذ بالشام، ويكون تدبير الرجال إلى شمول، وتدبير الأموال إلى الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات (¬4) [بن خيران (¬5) وزير كافور] (¬6) وانفرد بتدبير البلد أبو الفضل الوزير، وقبض على جماعة وصادرهم، واضطرب عليه التدبير، وطالبه (¬7) الجند بأرزاقهم، فاستتر دفعة واثنتين، ونهبت داره ودور جماعة من حاشيته، ولم ترض الإخشيديّة أن يكون شمول (¬8) مدبّرا لهم، وصار كلّ واحد منهم يتسمّى بالأمير، وكثر حسد بعضهم لبعضهم، وكتب جماعة منهم ومن وجوه البلد إلى المعزّ لدين الله صاحب المغرب يستدعون منه إنفاذ جيوشه إلى ¬
[سنة 357 هـ.]
مصر ليتسلّمها وضمنوا له المعونة والمساعدة على (¬1) أن يملك البلد بغير حرب ولا قتال (¬2). ... [سنة 357 هـ.] [الغلاء والوباء في مصر] واضطربت الأسعار بمصر، وتزايدت أثمان الحبوب والأقوات، واقترن بذلك وباء عظيم [وكان بدؤه من سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وأفرطت الشدّة في [سنة] (¬3) سبع [وثمان] (¬4) وخمسين (¬5)، وهلك الضعيف من الناس وأكلوا الميتة والجيف (¬6) وكانوا يسقطون موتى من الجوع (¬7)، وزاد الوباء وكثر الموت (¬8) ولم يلحق دفنهم، وكان يحفر لهم حفرا ويرمى (¬9) فيها عدّة كثيرة ويردم عليهم التراب من غير صلاة ولا غسل ولا كفن، ولم يزل أمرهم على تلك الصورة إلى سنة إحدى وستّين وثلاثمائة، وبعد ذلك انحلّت الأسعار، ولم تزل تنقص إلى أن عادت إلى المعهود. وكان سبب ذلك أنّ النيل لم يزل من سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة إلى سنة سبع وخمسين ناقصا] (¬10). ... ¬
[البلغر يغيرون على أطراف الروم]
[البلغر يغيرون على أطراف الروم] وكان البلغر (¬1) قد انتهزوا الفرصة بتشاغل نقفور الملك بغزو بلدان المسلمين وأعاثوا في أطراف أعماله، وغاروا على ما يجاورهم من بلدانه، فقصدهم وأنكى (¬2) فيهم، وسالم الرّوس وكانوا حزبا له، ووافقهم (¬3) على غزو البلغر (¬4) والإيقاع بهم، وانتشت العداوة، وشغل بعضهم بحرب بعض، واستظهر الرّوس على البلغر، وكبسوا مدينتهم المسمّاة طلسيرا (¬5) وهي دار ملكهم (¬6) وأخذوها بالأمان، وأخذوا ولدين كانا فيها لصموئيل (¬7) ملك البلغر (¬8). ... [الخراسانيّون يغيرون على أعمال الروم ويعودون بالغنائم] وغزا الخراسانيّون (¬9) الواردون إلى أنطاكيّة في مدّة تشاغل نقفور الملك بحرب البلغر، وقصدوا أعمال الروم، فظفروا وغنموا وأسروا وأتوا (¬10) بالسبي إلى أنطاكية، وانضمّ إليهم جمع كثير من متطوّعة (¬11) المسلمين، وعادوا (¬12) الخراسانيّون إلى بلد الروم واستظهروا استظهارا بيّنا (¬13). ¬
[الروم يفتكون الأسرى من الخراسانية]
[الروم يفتكّون الأسرى من الخراسانية] وكان نقفور الملك قد رجع من غزاته فأنفذ غلامه بطرس الإصطرطوابدرج (¬1) وهو المعروف بالأصطراباذي (¬2) فلقيهم بناحية اسكندرونة (¬3) وهي بين المصّيصة وأنطاكية/97 ب/وقد عادوا من غزاتهم، فأوقع بهم وقتل صناديدهم، وأسر سلاّر (¬4) العسكر وجماعة منهم، واشتراه الأنطاكيّون بمال جسيم وثياب كثيرة، وبالأسارى الذين كانوا أسروهم متقدّما (¬5)، ولما تخلّص السلاّر ووصل إلى أنطاكية تلقّاه أهلها بالإكرام والتعظيم، وتسلّط رجاله الذين سلموا من القتل على الأنطاكيّين وصاروا يتخطّفون (¬6) أموالهم ورحالاتهم (¬7) عنوة، فاستوحشوا منهم وقاتلوهم وأخرجوهم عن المدينة (¬8). [انسياح نقفور في ديار مضر وبلاد أرّزن وميّافارقين] وفي آخر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة خرج نقفور الملك إلى ديار مصر (¬9) ورجع إلى بلاد أرزن (¬10) وميّافارقين، وبلغ إلى كفرتوثا (¬11) وقتل وسبى ¬
[نزول نقفور على طرابلس وحصاره عرقة]
من أهل هذه البلاد خلقا عظيما، وانصرف وتوجّه (¬1) إلى الشام، فخافه أبو المعالي [بن سيف الدولة] (¬2) فخرج عن حلب إلى بالس (¬3) واستخلف فيها قرغويه الحاجب، ونزل الملك على أنطاكية [يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة من السنة] (¬4) وأقام [عليها] (¬5) يومين ورحل في اليوم الثالث ونزل على معرّة مصرين (¬6) وآمن أهلها من القتل، وكانت عدّتهم ألف (¬7) ومائتي نفس [نزول نقفور على طرابلس وحصاره عرقة] وسيّرهم إلى بلد الروم، وفتح معرّة النّعمان وحماة وحمص وأخذ منها رأس القدّيس يوحنّا المعمداني (¬8). وسار إلى طرابلس ونزل عليها يوم عيد الأضحى (¬9) وهو العاشر من ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، وأقام عليها تلك الليلة، وأحرق ربضها، وحاصر مدينة عرقة (¬10) تسعة أيام، وكان ¬
لها حصن منيع، ففتحه بالسيف وأخذ منه (خلقا) [كثيرا] (¬1) كانوا التجأوا إليه من البلاد المجاورة له، وأخذ منه مالا كثيرا. وكان في الحصن أمير طرابلس [وهو أبو الحسن أحمد بن نحرير الأرغليّ (¬2) لأنّ أهل طرابلس كانوا] (¬3) قد طردوه لجوره، وكان موسرا (¬4) وكان معه ضبنة (¬5) كثيرة ومال (¬6) جزيل، فأسره وأخذ جميع ماله، ورجع إلى بلدان الساحل فأتى عليها، وحصل في ¬
[نقفور يصالح أصحاب اللاذقية ويبني حصن بغراس]
يده من السبي ما لا يحصى عدده، وفتح حصن أنطرطوس (¬1) ومرقيّة (¬2) وحصن جبلة (¬3) وصالح أصحاب اللاذقية عليها، وخرّب من القرى ما لا يحصى (¬4)، وعبر بأنطاكية وميّز السبي الذي معه، وأعتق (¬5) عليها من الشيوخ والعجائز زهاء ألف نفس. [نقفور يصالح أصحاب اللاذقية ويبني حصن بغراس] وبنى حصن بغراس (¬6) مقابل أنطاكية في فم الدرب (¬7) ورتّب فيه رئيسا يقال له ميخائيل البرجي، ورسم لسائر أصحاب الأطراف طاعته، ورتّب معه ألف رجل (¬8). [بطرس الخادم يغير على نواحي أنطاكية] ورجع الملك إلى القسطنطينية وأعاد إلى أنطاكية غلامه بطرس ¬
[عصيان قرغويه على أبي المعالي بحلب]
الإسطراطوبدرخ (¬1) الخادم، ولمّا وصل إليها دعا (¬2) سائر زروع رساتيقها وأتى عليها، وقوّى حصن بغراس بالرجال، ورتّب في المقاطعات (¬3) عيشلش (¬4) السرياني في جماعة معه يغيرون (¬5) على أنطاكية وما يليها. ... [عصيان قرغويه على أبي المعالي بحلب] وعصى قرغويه الحاجب على أبي المعالي بحلب (¬6) وعاد أبو المعالي إلى ميّافارقين (¬7). ... [ورود القرامطة إلى دمشق وحربهم مع ابن طغج بظاهر الرملة] وورد القرامطة إلى دمشق وأتوا عليها وعلى سائر أعمالها، وساروا إلى الرملة، ولقيهم الحسن بن عبيد الله بن طغج، ووقع بينهم حرب (¬8) عظيمة بظاهر الرملة في [يوم الخميس لاثنتين خلتا من] (¬9) ذي الحجّة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، فانهزم ابن (¬10) عبيد الله من الشام، ودخل إلى مصر [في المحرّم سنة 358] (¬11) واستولت القرامطة على الرملة واستباحوها [يومين] (¬12) وقاطعهم أهلها على مائة وخمسة وعشرين ألف دينار مصرية شروا بها أنفسهم منهم/98 أ/وأخذوا من أعمالهم بشرا كثيرا (¬13). ¬
[ابن طغج يقبض على الوزير ابن حنزابة ثم يطلقه]
[ابن طغج يقبض على الوزير ابن حنزابة ثم يطلقه] وقبض الحسن بن عبيد الله بن طغج على الوزير [أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بن حنزابه (¬1)] بمصر وصادره، وتولّى أبو عبيد الله تدبير البلد [واستوزر ابن الرياحي وأقام ثلاثة أشهر] (¬2) ثم أطلق الوزير أبا الفضل بن حنزابه (¬3) وفوّض إليه تدبير البلد، وعاد ابن عبيد الله إلى الشام (¬4) ... [سنة 358 هـ.] [وفاة بطريرك بيت المقدس] [ومات اخرسطوذولا بطريرك بيت المقدس بمصر يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر سنة 358 وله في الرياسة سنتين ونصف ودفن في كنيسة مار تاذرس، وصيّر بعده توما بطريركا على بيت المقدس، أقام عشر سنين ومات] (¬5). ¬
[المعز لدين الله]
[المعزّ لدين الله] [مسير جوهر الصّقلّي إلى مصر] وسيّر المعزّ لدين الله جيوشه من إفريقية إلى مصر مع غلامه [القائد] (¬1) جوهر [يوم الأحد لست بقين من شهر ربيع الآخر] (¬2) سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأقام في الطريق ثلاثة أشهر، ووصل إلى منية (¬3) الصيّادين من عمل مصر [في شعبان من السنة] (¬4) واضطرب أهل مصر لقدومه، واجتمع رأي الإخشيديّة والكافوريّة على التسليم إليه من غير قتال [ولا حرب] (¬5) بعد أن يؤخذ (¬6) لهم ولأهل البلد الأمان، فخرج إليه قاضي مصر أبو الطّاهر (¬7) محمد بن أحمد [بن محمد] (¬8) وجماعة من شيوخ المدينة وصدورها ولقوه بأحسن قبول (¬9)، وعرّفوه ما تم رأي الجماعة عليه، فأجابهم إلى ما التمسوه، وأخذوا خطّه بذلك، وأوقعوا شهادتهم عليه (¬10) ¬
[الحرب بن الإخشيدية وجوهر الصقلي]
[الحرب بن الإخشيدية وجوهر الصّقلّي] ورجعوا إلى الفسطاط وأنهوا إليهم ما جرى، فانثنى رأيهم عمّا كانوا عزموا عليه من المسالمة وترك القتال، واتّفقوا على المحاربة وأمّروا عليهم نحرير شويزان (¬1)، وسار بالعسكر إلى الجزيرة (والجيزة) (¬2)، وأنفذ عشاريات (¬3) إلى منية الصيّادين (¬4) ليمنع من يعبر من عسكر جوهر إلى الفسطاط، فاستأمن أكثرهم إليه، وانضوى إليه تبر (¬5) الإخشيدي وابن أبي الأعزّ وساقا إليه عشاريّات أخر، فعاد جماعة من عسكر جوهر من منية الصيّادين، وبلغ ذلك الإخشيديّة فمضوا بجميع العسكر إلى منية شلقان (¬6) بإزائهم [يوم ¬
[جوهر يدخل مصر وفرار الإخشيدية والكافورية إلى الشام]
الأحد النصف من شعبان] (¬1) ووقع الحرب بها، وقتل جماعة من الإخشيدية [جوهر يدخل مصر وفرار الإخشيدية والكافورية إلى الشام] وانهزم عسكرهم عن آخره إلى مصر عشيّة ذلك اليوم أقبح انهزام. وأقبل (¬2) نحرير شويزان (¬3) إلى داره، فحمل من المال ونفيس المتاع ما أطاق حمله، وخلّف الباقي، وأباح العامّة والرعيّة نهبه، وخرج في الليل إلى الشام هاربا ومعه جماعة من الإخشيديّة والكافوريّة، وأصبح الناس يوم الإثنين من الفزع (¬4) والوجل، (وكثرت الرجفات ونهبت) (¬5) البلد، وقتل (فيه ناسا (¬6) كثيرا) (¬7) وأنفذ الوزير أبو الفضل بن [حنزابة] (¬8) جماعة من غلمانه وأصحاب الشّرط، فداروا البلد وبين أيديهم (¬9) بنود عليها اسم المعزّ لدين الله، ومناد ينادي بالأمان. فلمّا كان يوم الثلاثاء [ثالث عشر لسبع عشرة ليلة خلت من] (¬10) شعبان [سنة ثمان وخمسين وثلثمائة] (¬11) دخل جوهر والعساكر التي معه إلى مصر، وشقّ البلد وسار خارج مضرب (¬12) المضارب حذاء (¬13) جنان كافور، حيث القاهرة اليوم، وكانت يومئذ فضاء خالية صحراء (¬14). ¬
[زوال الدولة الإخشيدية]
[زوال الدولة الإخشيدية] وزالت حينئذ دولة الإخشيديّة، وكان ملكهم أربع (¬1) وثلاثين سنة وعشرة أشهر [وأربعة وعشرين يوما] (¬2). ورجع جماعة من الإخشيديّة فاستأمنوا إلى جوهر فقبض على سبعة (¬3) أنفار من وجوههم (¬4)، ووضع يده على جميع نعم الإخشيديّة والكافوريّة. [بناء القاهرة] وأنشأ قصر الخلافة بالقاهرة، وبدأ ببنائه في شهر رمضان من السنة، وتقدّم إلى أصحابه أن يبني كلّ واحد منهم من أحبّ دارا (¬5) ومنزلا، ووضع الناس أيديهم في العمارة بها (¬6). ... [أبو المعالي يقاتل قرغويه بحلب] [وكان قرغويه الحاجب قد عصى على أبي المعالي بحلب فعاد أبو المعالي إلى ميّافارقين سنة 357 ثم عاد إلى] (¬7) حلب في شهر رمضان في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وأقام بها ثلاثة أشهر مقاتلا (¬8) لقرغويه (¬9) /98 ب/الحاجب (¬10). ... ¬
[الرغيلي يغتال علوش الكردي ويستولي على أنطاكية]
[الرغيلي يغتال علّوش الكردي ويستولي على أنطاكية] وكان قد ورد من مصر إلى أنطاكية رجل أسود ممّن أفلت من صعاليك الطرسوسيّين (¬1) يعرف بالرغيلي (¬2) في نفر يسير ليغزو بهم إلى أطراف (¬3) الروم، وأقام بها مدّة مع علّوش (¬4) الكردي الذي كان متولّي أمرها، ودخل الزغيلي على علّوش مسلّما عليه واغتاله وقتله، وهرب أصحاب علّوش، وكانوا كثيرين، واستولى الرغيلي على أنطاكية (¬5)، ووافى في الحال بطرس الإسطراطوبدرج (¬6) ومعه عسكر ضخم (¬7)، ونزل على أنطاكية واجتمع إليه ميخائيل البرجي (¬8) المقيم بحصن بغراس (¬9). [استيلاء الروم على أنطاكية] وكانت أنطاكية ضعيفة ممّا تقدّم من الغارات على أعمالها وضجع (¬10) أهلها في حراستها، لأنهم ما كانوا يشعرون أنها تقصد في ذلك الوقت، ولم يتمكّنوا من جمع رجال يصعدون إلى الجبل ليحفظوا السّور (¬11)، فرآه الروم خاليا، فبادروا بالطّلوع إليه، فلم يروا أحدا فيه، واستدعوا إليهم قوما آخرين من أصحابهم. وكان الذين طلعوا إليه ميخائيل البرجي وإسحاق بن بهرام وغلام أسود للبرجي، وملكوا المدينة يوم الخميس ثالث عشر [ليلة خلت من] (¬12) ذي الحجّة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة [وهو في اليوم الثامن والعشرون من شهر تشرين الأول سنة 1281 ¬
[359 هـ.]
للإسكندر] (¬1) وطرح المسلمون النار لتحول (¬2) بينهم وبين الروم، وفتحوا باب البحر، وخرج منه جماعة من أهلها، وأسروا (¬3) الروم جميع من فيها وأطلقوا من كان بها من النصارى، وأقرّوهم فيها. وأفلت ابن مانك [قاتل خرسطوفورس البطريرك] (¬4) وخفي أمره أياما، ولقيه في الطريق (بموضع يعرف بالأقرع) (¬5) عصابة رجال سريان (¬6) ممن كانوا يغزون (¬7) على عمل أنطاكية، فقبضوا عليه، ولمّا عرف أبو المعالي فتح أنطاكية رحل عن حلب إلى حمص وأقام بها [359 هـ.] [حصار الروم لحلب وتقرير الصلح مع أهلها] وسار [بطرس] (¬8) الأصطراطوبودرج إلى حلب فتحصّن أهلها في القلعة، ونازل الروم المدينة وحاصروها سبعة وعشرين يوما، وتردّدت المراسلات بينه وبين أهلها، إلى أن تقرّر الأمر على صلح وهدنة مؤبّدة، ومال يحمل في كلّ سنة إلى ملك الروم عن حلب (¬9) وحمص وجميع أعمالها من المدن والقرى، وهو ثلاثة قناطير ذهب عن حقّ الأرض، وسبعة قناطير ذهب عن خراج هذه الأعمال، وعن (¬10) كلّ رجل حالم دينار واحد في السنة، سوى ذوي العاهات، وأن يكون لملك الروم صاحبا مقيما بحلب يستخرج أعشار الأمتعة الواردة إليها من البلاد (¬11) ويرفعه إلى الملك، وكتب بينهم بذلك كتاب وسلّموه إليه شهادة (¬12) على حمل المال، وانصرف عنهم، ¬
[مقتل ابن مانك وابن محمود وابن دعامة]
وذلك في صفر سنة تسع وخمسين وثلاثمائة (¬1)، [مقتل ابن مانك وابن محمود وابن دعامة] وعاد إلى أنطاكية وأحضر إليه أهل الغارة ابن مانك أسيرهم، فحبسه أياما، ثم أخرجه إلى جسر باب البحر حيث طرحت جثّة البطريرك خريصطوفورس وقطعه بالسيف عضوا عضوا، ورمى بكلّ ناحية منها قطعة، وأمّا ابن (¬2) محمود (¬3) وابن دعامة (¬4) المشاركان له في قتل البطريرك، فإنّهما كانا قد حملا إلى سجن طرسوس وبقيا فيه مدّة طويلة، ومات ابن محمود في الحبس، وبقي ابن (4) دعامة إلى أن ورد إلى أنطاكية ميخائيل البرجي (البطريق) (¬5) فأحضره إلى أنطاكية وثقّله بحجارة وطرحه في النهر. ولمّا فتحت أنطاكية سار ميخائيل البرجي وإسحاق بن بهرام إلى حضرة الملك نقفور مبشّرين له بفتحها، وشكرهما (¬6) في/99 أ/ذلك وأملأ إليهما إحسانه، ثم تنكّر عليهما لفجعته بحريق المدينة وفتحها على تلك السبيل، فحقدا عليه (¬7). ... [الروم يستولون على منازكرد] وفي هذه المدّة أيضا، فتح الروم منازكرد (¬8) من أعمال أرمينية بالسيف، وكانت في أيدي المسلمين، [ازدياد هيبة نقفور لسعة توسّعه في بلاد المسلمين] ولم يشكّ أحد في أنّ نقفور الملك يفتح (¬9) ¬
جميع الشامات وديار مضر وديار ربيعة وديار بكر وتحصل (¬1) في يديه، وذلك أنه كان قد بنى أمره على قصد (¬2) سواد المدن والقرى التي يمرّها (¬3) فيغزوها ويحرقها ويسبي أهلها ومواشيها، وإذا بلغ وقت الحصاد للزروع (¬4) خرج وأحرق جميع الغلاّت، وترك أهل المدن يموتون جوعا، وكان لا يزال يفعل ذلك بهم سنة بعد سنة إلى أن تدفعهم (¬5) الضرورة إلى تسليم المدن إليه، فملك بذلك الثغور الشامية بأسرها والثغور الجزرية، وقتل من أهلها وسبى ما لا يحيط بعدده (¬6) إلاّ الله تعالى حتى كانت غزواته قد صارت كالنزهة له ولأصحابه لأنه لم يكن يقصد (لهم أحد ولا يخرج بين أيديهم وكان يقصد) (¬7) حيث يشاء ويخرّب [كيف أراد] (¬8) من غير أن يلقاه أحد من المسلمين يدافعه عمّا يريده (¬9). وقصد العرب دفعات فاستظهر عليهم، وأتى على جماعة منهم، فهابوه بعد ذلك وامتنعوا من الدّنوّ منه، فهابه المسلمون أكثر هيبة، ولم يكن يقف بين يديه أحد ولا تحدّ به (¬10) نفسه بأن يجوز له أن يكتب إليه، فضلا عن أن يقاومه (¬11). ¬
[الخلاف بين الملك نقفور وزوجته على ولاية العهد]
وسلّط الروس على بلدان البلغر وملّكهم إيّاها من قبله، حتى صار الجميع من تحت يده، وساس أمره أحسن سياسة وأصوبها. وقد ذكرنا جملا من أخبار غزواته وفتوحه فيما تقدّم من كتابنا هذا. [الخلاف بين الملك نقفور وزوجته على ولاية العهد] فلمّا انتظم (¬1) له التدبير وتمّ له ما أراد قتل. وكان السبب في قتله أنه عزم على أن يغزو ويخلّف أخاه لاون القربلاط (¬2) في القسطنطينيّة نائبا عنه (¬3) ويخلّف الصبيّين باسيل وقسطنطين [ابني رومانس] (¬4) عنده، ولمّا عرفت أمّهما الملكة ثاوفانوا (¬5) ما عزم الملك عليه قالت له: إنّي أتخوّف عليك الحوادث (¬6) ولا أطمأن (¬7) إلى أخيك على ولديّ ولا آمن به، لأنه إذا رأى نفسه منفردا بتدبير الأمر في البلاط أخاف أن يتغلّب على الملك دونهما، ولا سيما وله أولاد، فأعلمها الملك أنه ممّن لا يفعل ذلك، وقد كان أهلا أن يستراب به ولا يطمأنّ إليه، وتردّد الخطاب بينهما في ذلك إلى أن انتهرها وقال لها مغضبا: إنّك الآن تضطّريني إلى أن أخصي الصبيّين وأجعل الملك لأخي. فأمسكت عن معاودته، ثم سألته عمّن يكون بين يديه في سفره، فقال لها: يانس بن الشمشقيق. فأشارت عليه أن يزوّجه ليكون له بالقسطنطينيّة بيت، فذكر أنه كان قد أعرض عليه الزّيجة بأخت الملك نقفور (¬8) (فامتنع من الزواج لأجل ملازمته للحروب) (¬9) فاستأذنته في إحضاره إليها (¬10) ومخاطبته في ذلك، وضمنت لها ¬
أنّها تتلطّف به إلى أن يجيب إلى الزّيجة ويتمّمها قبل مسيره، فاستصوب الملك رأيها واستدعى يانس بن الشمشقيق وتقدّم إليه بالمضيّ إلى حضرة الملكة فانفردت به وكشفت له ما في نفسها من الخوف على ولديها من لاون أخي الملك، /99 ب/ (فتلطّفها إلى أن وصل إليها) (¬1) والتمست منه حيلة (¬2) أن يساعدها على قتل نقفور الملك، وضمنت له أنّها تتزوّجه وتنصّبه في الملك مع ولديها عوضا منه، فأجابها إلى ما التمسته منه واستحلفته عليه، وحلفت له، وسارت (¬3) إلى الملك وقالت له: إنّي قد قرّرت معه [أمر الزواج] (¬4) وقد مضى ليستعدّ للعرس (¬5). فسرّ الملك بذلك، وحصّلت عندها بعد أيام يسيرة سرّا من الملك ثمانية نفر من أهل المملكة تثق بهم ميخائيل البرجي وإسحاق بن بهرام اللذان تولّيا فتح أنطاكية [لأنهما كانا حاقدان (¬6) على الملك] (¬7) فأصعدت في الليل ابن الشمشقيق مع غلام له من طاقة في البلاط على البحر، وأوصلتهم (¬8) إلى الملك في نصف الليل وهو في مرقده، فقتلوه ليلة السبت حادي عشر من كانون الأول سنة ألف ومائتين وإحدى وثمانين للإسكندر، وهو لليلتين بقيتا من المحرّم سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. وكانت مدّة ملك نقفور ستّ سنين وأربع (¬9) أشهر [وستة وعشرين يوما] (¬10) ودعي لابن الشمشقيق بالملك في تلك الليلة، وأصبح ورتّب الناس وأبقى من يومه لثاوفانوا الملكة أمّ باسيل وقسطنطين. وحضر ¬
[الملكة تدبر مقتل الملك نقفور]
[إلى الكنيسة] (¬1) بوليفكطس (¬2) [البطريرك] (¬3) وقال له: لم غدوت بالملكة وقد أجمع (¬4) الناس أن الملك لولديها؟ فقال: أنا عبدهما وأخدم بين أيديهما إلى أن يشتدّا ويصلحا للقيام بأمّتهما (¬5) كما وافقتها، وأمّا الملكة فما كنت بالذي أتركها معي في البلاط لأنّني أتخوّف أن تعمل معي كما فعلت بنقفور، [الملكة تدبّر مقتل الملك نقفور] فأعلمه البطريرك أنّ البلاط محتاج إلى ملكة تكون فيه، وأن تكون ثقة على الملكين (¬6)، فاتّفق الرأي على أن يتزوّج (¬7) ثاوذورة (¬8) عمّة الصّبيّين، وشرط لها وله أنّه متى ما جاءها ولد يكون ملكا بعد الصبيّين، وحلف بعضهم لبعض على ذلك، ودعي لها معه بالملك، وتمّت الزّيجة في ذلك اليوم، وسلّم البلاط إليها [وذلك في خمس وعشرين سنة من خلافة المطيع وهي سنة 359] (¬9) وقبض يانس (¬10) بن الشمشقيق في الليلة التي قتل فيها نقفور على لاون القربلاط أخي نقفور ونفاه، وبعد مدّة من نفيه في أحد غزوات يانس ابن الشمشقيق وغيبته عن القسطنطينية تحيّل لاون إلى أن دخل إلى المدينة سرّا، وحصل في البلاط متنكّرا مع قوم آخرين بموافقة جرت بينهم وبينه طمعا بأن يستولي على البلاط ويملك، فانكشف أمره [وظفر به في ليلته] (¬11) وقبضت عليه ثاوذوره الملكة وكحّلته (¬12)، ولم تزل ثاوفانوا أمّ ¬
[يانس بن الشمشقيق يتولى عرش الروم والقبض على لاون أخي نقفور بعد نفيه]
باسيل وقسطنطين في النفي (¬1) إلى أن مات ابن الشمشقيق، فأعادها باسيل إلى مستقرّها (¬2) [من حضرته] (¬3). [يانس بن الشمشقيق يتولّى عرش الروم والقبض على لاون أخي نقفور بعد نفيه] ولمّا ملك يانيس بن الشمشقيق (¬4) عصى عليه بردس بن لاون القربلاط وهو ابن أخي نقفور الملك، واجتمع إليه خلق كثيرون، ونزل بقرب القسطنطينية، فجرّد (¬5) إليه يانس الملك، وأرسل إليه بردس السقلاروس (¬6) في جيوش ضخمة فهزمه، والتجأ إلى بعض الحصون، فأخذه السقلاروس من الحصن بعد أن أخذ له الأمان من الملك، ولمّا أن حصل بحضرة الملك أنفاه وامرأته وأخاه (¬7) إلى أحد الجزائر، ولم يزل منفيّا مدّة ملك ابن الشمشقيق إلى أن أخرجه باسيل الملك فاصطنعه (¬8). وفي السنة الأولى من ملك يوحنّا (¬9) ابن الشمشقيق [وهي سنة 359] (¬10) صيّر راهب يسمّى ثاودورس (¬11) بطريركا على أنطاكية يوم الأحد ثالث وعشرين ¬
كانون الثاني سنة ألف ومائتين وإحدى وثمانين للإسكندر، وهو لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، ولمّا وصل إليها (¬1) خرج إلى كنيسة أرشايا (¬2)، وحمل جسد القدّيس خريسطوفورس البطريرك (الشهيد إلى كنيسة) (¬3) القسيان (¬4) وأقام في الرئاسة ستّ سنين وأربعة أشهر وخمسة أيام وتوفّي (¬5). /100 أ/ [وفي السنة الثانية من ملكه سيّر باسيل بطريركا على القسطنطينية أقام ثلاث سنين وشهرا واحدا ونفي، وفي السنة الخامسة من ملكه صيّر أنطونيوس بطريركا على القسطنطينية بدلا من باسيل، فأقام أربع سنين وشهرا واحدا] (¬6). واتّصل بابن الشمشقيق أنّ الروس الذين كان نقفور [ووافقهم على غزو البرغل] (¬7) سالمهم معوّلون على قصده ومحاربته والمطالبة بثأر (¬8) نقفور، فبادرهم ابن الشمشقيق (وتوجّه نحوهم) (¬9) وحاصرهم في مدينة طايسيرا (¬10)، وأقام منازلا لها مدّة ثلاث سنين، فسأل ملك الروس لابن الشمشقيق أن يؤمّنه ويفسح له ولمن معه في الخروج عن المدينة والعودة إلى بلادهم، فأجابهم إلى ذلك وتسلّم منه (¬11) المدينة وما يليها من الحصون، لأنّ هذه المدينة كان أخذها الرّوس من البلغر، وتسلّم منه ولدي صموئيل ¬
[جعفر بن فلاح يفتح الرملة ودمشق]
ملك البلغر اللّذين كانا عنده، وولّى على الحصون (ولاة) (¬1) من قبله، وعاد إلى القسطنطينية (¬2). ... [جعفر بن فلاح يفتح الرملة ودمشق] وأمّا جوهر فسيّر جعفر بن فلاح من مصر إلى الشام في جيش عظيم في (صفر) (¬3) سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وفتح الرملة [في شهر ربيع الآخر] (¬4) وأسر منها [الحسن بن عبيد (¬5) الله و] (¬6) جماعة من الإخشيديّة [وأنفذهم إلى مصر، فاعتقلوا مدّة، ثم حملوا إلى حضرة المعزّ لدين الله بالمغرب، فعفى عنهم] (¬7). وسار ابن فلاح إلى دمشق وفتحها. [سنة 360 هـ.] [صرف العباس بن الحسن الشيرازي عن الوزارة وعودته] وصرف عن الوزارة ببغداد العباس بن الحسن (¬8) الشيرازي وتقلّدها ¬
[سنة 359 هـ.]
محمد بن ضيامحس (¬1) يوم الأربعاء لأربع خلون من جمادى الآخر من سنة 359 وقبض عليه وصودر، وقلّد الوزارة العباس بن الحسن الشيرازي دفعة ثانية ليلة (¬2) بقيت من رجب سنة 360] (¬3). ... [سنة 359 هـ.] [حركة تبر الإخشيدي والقبض عليه في البحر وقتله] [وفي شعبان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة سار تبر (¬4) الإخشيديّ بناحية الأرض السفلى من عمل مصر (¬5)، فحشد وكبس الفرما (¬6) وأخذ واليها ونهب ماله، وملك الأرض السفلى، وسيّر إليه جوهر الجيوش من مصر. وسار تبر حتى بلغ صهرجت (¬7) [فوافته العساكر بها انهزم تبر ونهبت صهرجت وافتقر (¬8) (الا) جماعة من الناس بها] (¬9). ومضى هاربا وركب البحر يريد بلد الروم، فخرج عليه إنسان من أهل صور يعرف بابن أبان في جماعة، وأخذه ¬
[سنة 360 هـ.]
وحمله إلى ابن فلاح بالشام، وسيّر به إلى جوهر بمصر، فأشهر بها [في شوال من السنة] (¬1) وسجن ثمانية أشهر، ومات في السجن، وسلخ ميتا، وصلب عند المنظر بين مصر والقاهرة] (¬2). [سنة 360 هـ.] [فتّوح غلام ابن فلاح يحاصر أنطاكية] وسيّر جعفر بن فلاح من دمشق عسكرا عظيما مع فتّوح غلامه إلى ¬
[زلزلة أنطاكية]
أنطاكية في سنة ستّين وثلاثمائة، ونازلها خمسة أشهر، ولم يتمّ له فيها شيء ولا حيلة. وكان يومئذ يانس (¬1) بن الشمشقيق غازيا في البلغرية (¬2). [زلزلة أنطاكية] وتوجّه الأغثم (¬3) القرمطيّ (¬4) إلى الشام، فأنفذ ابن فلاح واستدعى فتّوح والعسكر (الذي) (¬5) معه ليقوى به على القرمطي، فانصرفوا عن أنطاكية بعد أن عظم استضرار أهلها بحصاره لها. وبعد منصرفه حدث بأنطاكية زلزلة، فسقطت (¬6) قطعة كبيرة من سورها (¬7)، وأنفذ الملك يانيس بن الشمشقيق لميخائيل (¬8) البرجي في اثني عشر (آلاف) (¬9) بنّاء وفاعل، وبنى ما سقط من السّور وردّه إلى مثل ما كان عليه (¬10). [سنة 361 هـ.] [القرمطيّ يستولي على دمشق ويهزم ابن فلاح] [ووافى الأغثم القرمطيّ إلى دمشق، والتقاه جعفر بن فلاح، ووقع القتال بينهم، وانهزم بن فلاح، واستولى القرمطيّ، ثم سار إلى مصر، ونزل بعين شمس، [الحرب بين القرامطة والمغاربة خارج القاهرة] وخرجت إليه العساكر، وانتشبت (¬11) الحرب بينهم خارج القاهرة، [يوم الجمعة مستهل ربيع الأول من 361] (¬12) وقتل من المغاربة ¬
[انهزام القرامطة إلى الرملة]
عدّة متوافرة [انهزام القرامطة إلى الرملة] ووقع [بينهم] (¬1) وقعة ثانية [يوم الأحد لثلاث خلون من الشهر بعينه] (¬2)، وانهزم القرمطيّ عند مغيب الشمس، ونهبت المغاربة سواده، وسار إلى الرملة (¬3). [القبض على بقيّة الإخشيدية والكافورية بمصر] ونادى جوهر بمصر فيمن بقي من الإخشيديّة (¬4) والكافوريّة أن يجتمعوا [يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شهر ربيع الآخر من السنة ذاتها] (¬5) فاجتمع منهم زهاء ألف غلام، وقبض عليهم وقيّدهم وحبسهم في حبس كان أعدّه لهم. [القرامطة يهزمون المغاربة ويقيمون بالرملة] وكان جوهر قد سيّر إلى الشام بعد انهزام القرمطيّ إبراهيم (¬6) بن أخيه في عسكر ضخم/100 ب/فلقيه وتحارب العسكران، وانهزم المغاربة عن آخرهم ودخلوا إلى مصر في شهر رمضان (سنة إحدى) (¬7) وستين وثلاثمائة، وكثر (¬8) ما يحمل ثقلهم ورحالاتهم البقر لعوزهم الدّوابّ، وأقام القرمطيّ بالرملة] (¬9). ¬
[سنة 362 هـ.]
[سنة 362 هـ.] [دخول المعزّ إلى القاهرة] وسار المعزّ لدين الله من مدينة القيروان قاصدا إلى مصر في [يوم الخميس لخمس خلون من] (¬1) شهر صفر سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، ووصل إلى مصر يوم الثلاثاء] (¬2) في سابع شهر رمضان من السنة، ودخلها واستوطنها وجعلها دار ملكه، وأطلق جميع الإخشيديّة والكافوريّة الذين اعتقلهم جوهر، وخلّى سبيلهم (¬3). ... [غزوة ابن الشمشقيق إلى بلاد الشام] ولمّا عاد ابن الشمشقيق من البلغرية غزا إلى بلاد الشام (¬4) وعبر الفرات بناحية ملطية [في ذي الحجّة سنة 361] (¬5) وسار إلى ديار ربيعة في جيش ضخم، ودخل نصيبين [يوم السبت مستهلّ المحرّم سنة 362] (¬6) [وقوع الدومستيقس في الأسر] وقتل وسبى وأحرق وأقام بنصيبين إلى أن تقرّر الحال بينه وبين أبي تغلب بن ناصر الدولة بن الحسن بن عبيد الله (¬7) بن حمدان على هدنة ومال يحمل إليه في كل سنة، وتعجّل (¬8) منه مال سنة (¬9). وسار إلى قرب ميّافارقين والتمس أن تسلّم إليه، فلم يتمّ له ما أراده من ذلك، فانصرف وخلّف غلاما له دومستيقا (¬10) على المشرق في بطن هنزيط (¬11) فسار بعد انصراف الملك من ¬
[اضطراب بغداد ومهاجمة دار السلطان]
هذه النواحي (ونزل على آمد) (¬1) ووقع بينه وبين المسلمين وقعة عظيمة في سنة (¬2) اثنين وستّين وثلاثمائة، وقتل في الوقعة عدد كثير من الفريقين، واستؤسر الدّومستيقس وجماعة معه، وغنم المسلمون غنائم جليلة من السلاح والعدد، وبقي الدّمستيقس في الأسر في أيدي أبي تغلب إلى أن مات في [جمادى الأخرى] (¬3) سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة (¬4). [اضطراب بغداد ومهاجمة دار السلطان] ولمّا جرى على نصيبين ما جرى من الروم قلق أهل الموصل وعوّلوا على الانحدار إلى بغداد (فمنهم أبو تغلب (¬5) بن حمدان، وورد الخبر بذلك إلى بغداد) (¬6) واضطرب أهلها اضطرابا عظيما، وثار العامّة، وساروا إلى دار السلطان بالمصاحف المنشورة وضجّوا، ثم هجموا عليها (¬7) وجرّدوا الحديد في دار السلطان، وراموا الوصول إليه، وهمّوا على تلك الحالة، فأمر بإخراجهم ودفعهم، ورموا بالنشّاب، وانصرفوا بعد أن قتل منهم جماعة، وبقي البلد على اضطرابة وفتنة (¬8). وكان عزّ الدولة بختيار سار عن بغداد إلى الكوفة، فسار إليه جماعة من أشياخ تلك البلاد ولقوه وشكوا إليه (¬9) ما بهم وبأهل بغداد من خوف الروم، وأنّه لا طاقة لهم بهم إن عادوا إلى حربهم، وسألوه الدّفع عنهم، فعرّفهم أنه ¬
[استنفار المسلمين لحرب الروم وإظهار السلاح]
مزمع على الغزو [وأنّه صائر إلى بغداد ونافر منها] (¬1) إلى بلاد الروم، وأنّه صاير إلى بغداد ومنها إلى الروم. [استنفار المسلمين لحرب الروم وإظهار السلاح] وأنفذ محمد بن بقيّة (¬2) إلى بغداد برسالة إلى سبكتكين الحاجب بالتقدّم إليه والاستعداد للغزو معه والتّقدّم إلى أهل البلد بإعداد السلاح والنهوض معه، فوافى ابن بقيّة (¬3) إلى بغداد ونادى في العامّة باستعداد ما أطاقوا من قوّة وسلاح وروسل إلى العامة في أن يشهروا السلاح ويسيروا بين يديهم، ليبلغ الروم قوة المسلمين على قصدهم وكثرة الجمع للقائهم. وأظهر الحاجب سبكتكين سلاح عظيم (¬4) وآلات للحرب قويّة، وركب معه أبو طاهر وأبو إسحاق أخوا بختيار وجماعة الأمراء والقوّاد، وشقّوا الشوارع والأسواق/101 أ/، وظهر من العامّة الشباب والأجلاد زهاء ستّين ألف رجلا (¬5) بالسّلاح، وكان يوما عظيما إلاّ أنّ ذلك عاد بفساد وجرّأت العامّة على إظهار السلاح وقلّة هيبة منهم للسلطان، لإظهار حاجته إليهم والاعتضاد بهم، فتحزّبوا، [الحرب بين السّنّة والشيعة] وصار أهل السّنة طائفة، والشيعة طائفة أخرى، ولعن بعضهم بعضا، وتركوا ذكر الروم وأعرضوا عنه جانبا، وأخذ يقاتل بعضهم بعضا (¬6)، وصارت بينهم حروب عظيمة، ووقع القتل في الفريقين، وأعجز السلطان ضبطهم (وردعهم) (¬7) وصاروا يقطعون الطرق ويأخذون ثياب الناس جهارا بالنّهار ويكبسون دكاكين التجّار ومنازلهم جهارا، وتفاقم الأمر في ذلك وعظم جدّا، ولقي الناس منه شدّة شديدة، وتعطّلت الأسواق. ووصل عزّ الدولة بختيار إلى بغداد فرجا (¬8) أنّ الفتنة تسكن بقدومه ¬
[السلطان يطرح النار ببغداد للقضاء على الفتنة]
وتقع الهيبة بقلوبهم بحضوره، فكان الأمر بالضدّ من ذلك، وجعل العيّارون (¬1) وأهل العيث الفتنة معيشة لهم، ولم يكن أحد يملك نفسا (¬2) ولا شيئا من ماله معهم. [السلطان يطرح النار ببغداد للقضاء على الفتنة] ولمّا تزايدت الحال في الفتن ببغداد وتفاقمت (¬3)، دعت الضّرورة إلى أن طرح السلطان النّار في الجانب الغربي من البلد [يوم السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة 362] (¬4) وأحرق باب البصرة وما يليه من حدّ بركة زلزل إلى السمّاكين، ومنع الناس من إطفائها، وأخذت يمينا وشمالا، واحترق عالم من الرجال والنساء والصبيان والبهائم، وكان أمرا فظيعا (¬5)، ولم ير مثله ولا سمع به. وانتقل الناس من الجانب الغربي من المدينة إلى الجانب الشرقي منها، لأنّه كان ساكنا والغربيّ مفتتنا. ثمّ أخذ السلطان ثمانية عشر رجلا من العيّارين وأهل الفتنة، وقتل أربعة نفر (¬6) منهم، وأعطى من بقي منهم الأمان ووعدهم بالرزق، وكفّ البلاء قليلا، وسكنت الفتنة. [عزّ الدولة يقع في ضائقة المال ويصادر أهل الذّمّة] ولحق عزّ الدولة إضاقة بالمال (¬7)، وطالبته الأولياء والجند بأرزاقهم، فسأل المطيع لله إسعافه، وكان أيضا مضيّقا، وتقرّر الحال بينهما على أن يحمل إليه أربعمائة وعشرين ألف (¬8) درهم، فباع شيئا من كسوته وآلات من دار خلافته، حتى قام له بذلك. وتراقى الأمر بعزّ الدولة إلى أن صادر أهل الذّمّة وأهل الملّة من العدول والتجّار والمتصرفين (¬9). ¬
[صرف الشيرازي عن الوزارة وتقليد ابن بقية]
[صرف الشيرازي عن الوزارة وتقليد ابن بقيّة] وصرف عن الوزارة العبّاس بن حسين (¬1) الشّيرازي وقبض عليه وصادره، وقلّد لمحمد بن محمد بن بقيّة [في اليوم بعينه وهو يوم الأحد لخمس خلون من ذي الحجّة سنة 362] (¬2) وخلع عليه المطيع ولقّبه النّاصح (¬3). ... [سنة 363 هـ.] وعاد الأغثم (¬4) القرمطيّ في جيوشه إلى مصر، وخرج إليه الأمير عبد الله بن المعزّ لدين الله، وكان المعزّ قد ولاّه عهده، فواقعه وقتل من الفريقين عدد كثير، وكانت الوقعة في موضع يعرف بالكوم الأحمر عند الجبّ (¬5) من أعمال مصر [يوم الخميس لخمس خلون من شعبان سنة 363] (¬6) [هزيمة القرامطة أمام المصريين] وانهزم القرمطيّ إلى الشام، وأسر من أصحابه واللفيف (¬7) الذي كان اجتمع عليه ألف وأربعمائة وخمسين رجلا، ودخل الأمير عبد الله مع العساكر إلى مصر، وأشهر المأسورين واعتقلهم، ثم قتلهم عن آخرهم في [ليلة الجمعة لخمس بقين من] (¬8) شهر رمضان سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة (¬9). ¬
[عز الدولة يقبض على إقطاع سبكتكين]
[عزّ الدولة يقبض على إقطاع سبكتكين] وتزايد عزّ الدولة بختيار الإضاقة، واشتدّ مطالبة الجند له بأرزاقهم ورسومهم، وثقل عليه ما ينصرف/101 ب/إلى سبكتكين الحاجب من الإقطاعات والأموال. وكان الأتراك مجتمعين إليه وهو معتضد بهم ومستولي (¬1) عليهم، فاستوحش عزّ الدولة من ذلك، وعمل على القبض على الأتراك، وتشتّت شملهم، وكان وزراؤه أشدّ ضيقة يحسّنون له القبض على سبكتكين، وأنه لو زال (¬2) أمره لاتّسع بما يتخذ (¬3) من إقطاعاته وأمواله وخزائنه وكراعه وأموال أصحابه (¬4) وأشياعه اتّساعا عظيما. وكان قد جرى بينهما وحشة مرّة (¬5) أخرى. [فكانت الحال يصلح في الظاهر ثم يعود وينقضي ويعود ويخلف في النفوس الاستيحاش (¬6) الكامن (¬7)]. ثم عزم على القبض على إقطاعاته وأمواله، فانحدر عزّ الدولة بختيار إلى الواسط [في شعبان سنة [سبكتكين يتغلّب على بغداد] 363] (¬8) وخرج منها إلى الأهواز، وخلّف ببغداد الخليفة المطيع لله والحاجب سبكتكين وأخويه (¬9) إبراهيم وأبا طاهر بني معزّ الدولة وحرمه ووالدته وخزائن سلاحه وعدده، وقبض على إقطاع سبكتكين، وأسقط عنه ذكر لقب الحجابة، وكتب إليه بأن يخرج من بغداد، وقبض على جماعة من الأتراك ونادى في باقيهم ألاّ يقيموا، وأنفذ رسولا إلى ولده المرزبان بن بختيار، وكان مقيما بالبصرة، بأن يقبض على كلّ (¬10) من عنده من الأتراك وأن ينادي في باقيهم بالإنصراف عنها [ففعل لك] (¬11). وانتهى إلى سبكتكين ¬
[الفتنة بين الشيعة والسنة]
جميع ما جرى وهو ببغداد، فاستنصر (¬1) من الغلمان من كان حاضرا معه، [الفتنة بين الشيعة والسّنّة] واستحضر من كان غائبا عنه، وتغلّب على مدينة السلام، وانحاش (¬2) إليه طوائف العوامّ المنتسبة إلى السّنّة. ولما انبسط هذا الصنف من العامّة استضاموا أضدادهم من الشيعة، وكانوا مبغضين لبختيار، وناصبوهم الحرب. وتحزّب كلاّ (¬3) من الفريقين، وكانت الشيعة أقلّ، فتحصّنوا في أرباض الكرخ من الجانب الغربي من مدينة السلام، واتّصلت (¬4) الحرب وسفكت دماء كثيرة، واستبيحت المحارم [المحصورة] (¬5) وأحرق الكرخ حريقا ثانيا بعد الحريق الأول، وافتقر التجّار، وغلبهم العيّارون (¬6) على أموالهم وحريمهم ومنازلهم، ونادى أهل الشيعة بأشعار لبختيار (¬7)، ونادى أهل السّنّة بأشعار لسبكتكين [والأتراك] (¬8)، واحتوى سبكتكين على الخزائن والسلاح والعدد، وأخرج إبراهيم وأبا ظاهر أخوي بختيار ووالدته وجميع عياله، وأحرق منازلهم ونهبت دورهم، وأباح العامّة ذلك. [الأتراك يجبرون المطيع لله على خلع نفسه من الخلافة] وعزم المطيع لله على الخروج من بغداد هربا من الفتنة، فقبض عليه الأتراك وجيوشه ودعوه إلى تسليم الأمر إلى ولده أبي بكر عبد الكريم، فأجاب إلى ذلك خوفا منهم وعهدا (¬9) إليه، وبرّيء من الخلافة، وخلعه (¬10) وأشهد على نفسه بالعجز عنها، وأنّه قد انخلع منها طوعا، وأنّه قد جعلها في ¬
ابنه أبي بكر، فشهدوا (¬1) عليه (¬2) وذلك في [يوم (¬3) الأربعاء لثلاث عشر ليلة خلت من] (¬4) ذي القعدة سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة [وأحد عشر يوما وتوفّي] (¬5) وكانت خلافته تسع (¬6) وعشرين سنة وخمسة (¬7) أشهر [وأحد عشر يوما] (¬8). وتوفّي بدير العاقول (¬9) [يوم الإثنين لثمان خلون من المحرّم] (¬10) سنة أربع وستّين وثلاثمائة (¬11). ¬
(خلافة الطائع لله)
(خلافة الطائع لله) [عزّ الدولة بختيار يجمع أصحابه لحرب سبكتكين] وأجلس سبكتكين [مقدّم الأتراك] (¬1) في الخلافة أبا بكر عبد الكريم بن المطيع لله، ولقّب الطائع لله (¬2) وخلع (¬3) [على] (¬4) سبكتكين في اليوم الثالث من خلافته ولقّبه ناصر الدولة، وجعله أمير الأمراء، واستعدّ بختيار للقائه فسار من الأهواز راجعا إلى واسط وكتب إلى/102 أ/عمّه ركن الدولة الحسن بن بويه [بالريّ] (¬5) وإلى ولده عضد الدولة (فنّاخسرو) (¬6) يستصرخ بهما (¬7) ويشكو إليهما ما نزل به ويسأل النجدة والمعونة. وكتب إلى زوج ابنته عضد الدولة ابن ثعلب بن ناصر الدولة بن حمدان بالموصل، وإلى سائر ولاة الأطراف والبلدان بذلك. وتعذّر على عمّه ركن الدولة السير (¬8) لكبر سنّه وضعفه عن الحركة، وأنفذ إليه صاحبه عليّ بن محمد بن العميد في جيوشه، وعوّل على ولده عضد الدولة فنّاخسرو [في] (¬9) نجدته وعونه (¬10) وجدّ (¬11) سبكتكين [في] (¬12) الاستعداد للحرب، وعمل على المسير إلى ¬
[خروج سبكتكين إلى دير العاقول ووفاته بها]
واسط وحمل المطيع معه وانتهيا إلى دير العاقول، ومع وصولهما توفّي المطيع لله، [خروج سبكتكين إلى دير العاقول ووفاته بها] وهجمت على سبكتكين علّة فمكث بدير العاقول أربعة أيام عليلا ومات) (¬1) فأمّر الأتراك عليه عوضا منه غلاما آخر تركيا يقال له الفتكين الشّرابي (¬2) وعقدوا له الرئاسة عليهم. (وساق (¬3) جيوشه ونزل على دون الفرسخ من واسط، والتقوا العسكران (¬4) وأقام (¬5) الحرب بينهم في الجانب الغربيّ من واسط ثمانية وأربعين يوما، [انهزام الأتراك عن بغداد] فانهزم الأتراك عن واسط إلى مدينة السلام. ووصل عضد الدولة فنّاخسرو إلى أعمال العراق للنجدة، وتلقّاه بختيار وأخواه مترجّلين ومقبّلين الأرض، واستقرّ الرأي بينهم على أن سار فنّاخسرو إلى مدينة السلام في (¬6) الجانب الشرقيّ، وسار بختيار في الجانب الغربيّ (¬7). [سنة 364 هـ.] وعقد الأتراك جسورا على النهر المعروف بديالى، وجعلوا سوادهم من ورائهم، وساروا جريدة (¬8) واحدة للقاء عضد الدولة فنّاخسرو، قتوجّه نحوهم يوم (السبت) (¬9) رابع عشر [من] (¬10) جمادى الأول سنة أربع وستّين ¬
[الحرب بين عضد الدولة والأتراك]
وثلاثمائة، [الحرب بين عضد الدولة والأتراك] وانتشب (¬1) الحرب بينهم من الضّحى إلى العصر، وانهزم الأتراك وعبروا تلك الجسورة فهلك منهم ومن العوامّ خلق كثير بالقتل وبالغرق، وصاروا هازمين (¬2) والطائع معهم ونزلوا تكريت ونهب جميع رحالهم. [دخول عضد الدولة فنّاخسرو بغداد] ودخل فنّاخسرو وبختيار إلى بغداد يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأول من السنة. فلمّا تمّ هذا الفتح على يد فنّاخسرو تطلّعت نفسه على الاستيلاء على مملكة العراق، فأعمل الحيلة على بختيار وإخوته إلى أن حصلوا في داره، وقبض عليهم يوم الجمعة لخمس ليال بقين من جمادى الأخرى من السنة. وكاتب المرزبان بن بختيار إلى البصرة عن أبيه (¬3) بتسليم البصرة إلى صاحبه عضد الدولة، والإصعاد إلى مدينة السلام، فقبض على الرسول ولم يجب (¬4) [وأقرّ فناخسروا (¬5) محمد بن بقيّة الوزير على أمره وعوّل في الأعمال وجمع الأموال على نظره] (¬6) وتقرّر رأي الفتكين (¬7) والأتراك على الإنهزام (¬8) إلى الشام (ورأى (¬9) الطائع والباقون على الإنكفاء إلى مدينة السلام. [عضد الدولة يعمّر دار الخلافة] وتقدّم عضد الدولة بعمارة دار الخلافة وتجديد فرشها (¬10). ¬
[عودة الطائع إلى بغداد]
[عودة الطائع إلى بغداد] [وأقبل الطائع راجعا فخرج الجيش متلقيا له، واستقبله عضد الدولة في يوم الخميس لثمان خلون من رجب من السنة. (فعزل) (¬1) فناخسروا (¬2) أبا منصور، ابن بقيّة يتقلّد واسط وتكريت وعكبرا وقلّد محمد بن بقيّة واسط وتكريت وعكبرا (¬3) وعقد جميع ذلك عليه، ولم ينقصه من جميع عادته إلا اسم الوزارة فقط. [عضد الدولة يحارب ابن بقيّة] وأنفذ فنّاخسرو إلى واسط عسكرا لطلب ابن (¬4) بقيّة، فخرج للقائه وتصادموا، وانهزم ابن (4) بقيّة وتراجع من هزيمته إلى مكانه وتحصّن به، واضطربت الأحوال على فنّاخسرو وانتهى إلى ابنه ركن الدولة قبضه على بختيار وأخويه، وتفرّد (¬5) بالأمر دونهم، فأنكر ذلك عليه. فتهدّده إن لم يطلق سبيلهم وينصرف عنهم إلى بلده، فأنفذ إليه فنّاخسرو عليّ بن محمد (¬6) بن العميد متحمّلا/102 ب/رسالة (¬7) يعلمه أنّ الجند والأولياء كارهين لبختيار، وأنّهم طالبوه بأرزاقهم، فنفر في وجوههم وأوحشهم، فخاف عليه منهم وصانه في داره، وأنّه-يعني بختيار-قد التمس الاعتزال عن الأمر والاستعفاء عنه (¬8)، فعاد عليّ بن العميد بجواب الرسالة بالتقدّم إليه بتفويض (¬9) التدبير إلى بختيار والإنصراف عنه وتخلية سبيله، وتقرّر الحال بين فنّاخسرو وبين ¬
[اضطراب الأحوال على عضد الدولة فناخسرو]
بختيار بتوسّط ابن (¬1) العميد على أن يستنزل بختيار وأخاه (¬2) إبراهيم في خلافته على جميع الكور والمدائن الذي (¬3) كان بختيار يليها وينصرف عنها، وعلى أن يقيما له الدعوة بعد ركن الدولة ثم لنفوسهم، وعلى أن يسمعا له ويطيعاه ولا يحلاّن (¬4) ولا يعقدان إلاّ بعد مطالعته وإذنه، وحلفا (¬5) له بعد (¬6) ذلك. وكتب فيما بينهما وثيقة على عدّة نسخ، وأشهدا على أنفسهما به، وخلع عليهما فنّاخسرو وعلى أخيهما أبي ظاهر خلعا ولبسوها (¬7)، وقبّلوا (¬8) رجله وبساطه وانصرفوا إلى دورهم [يوم الجمعة لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة 364] (¬9). [اضطراب الأحوال على عضد الدولة فنّاخسرو] واجتمع إلى بختيار جيشه وعوامّ البلد متعصّبين (¬10) له وارتفع (¬11) صياحهم سرورا بتخليته، وأثاروا الفتنة على عضد الدولة فنّاخسرو (¬12) خروج عضد الدولة إلى شيراز بسبب الفتنة فخرج [عن المدينة] (¬13) قاصدا إلى. بلاده بشيراز من أعمال فارس [يوم الجمعة لخمس ليال خلون من شوّال من السنة] (¬14). ¬
[بختيار يمنح الألقاب لأصحابه]
[بختيار يمنح الألقاب لأصحابه] وخرج (¬1) حينئذ ابن (¬2) بقيّة من واسط إلى مدينة السلام، فزاد بختيار [في] (¬3) إكرامه ولقّبه نصر الدولة مضافا إلى لقبه الأول النّاصح، ولقّب عليّ بن ركن الدولة فخر الدولة [ولقّب ولده المرزبان بن بختيار إعزاز الدولة] (¬4) ولقّب عمران (¬5) بن شاهين معين الدولة، ولقّب عليّ ابن محمد بن العميد ذا الكفايتين) (¬6). [الفتكين التركي يتغلّب على دمشق] وأمّا الفتكين التركي وصل مع من تبعه (¬7) من أصحابه إلى أن قربوا من دمشق، وكتبوا إلى المعزّ لدين الله [صاحب المصر] (¬8) يستأذنوه (¬9) في المسير إلى حضرته، فإلى أن يرى رأيه غلبوا على دمشق في آخر شعبان سنة أربع وستّين وثلاثمائة (¬10). ... [غزوة ابن الشمشقيق إلى الشام] وفي هذه السنة غزا يانيس بن الشمشقيق إلى الشام ونزل على بعلبك [في شهر رمضان من السنة] (¬11) وفتحها [يوم السبت] (¬12) في نصف رمضان من السنة وأخربها وأخذ جماعة من أهلها، وأسر جيش (¬13) بن الصمصام (¬14) ¬
[ابن الشمشقيق يستولي على بيروت وتمتنع عليه طرابلس]
وقاطع أهل دمشق على ستّين ألف دينار يحملونها إليه في كل عام، وكتب عليهم بذلك كتابا، وأخذ فيه خطوط الأشراف [والناس على طبقاتهم] (¬1)، وأخذ جماعة منهم رهينة عنده، واستدعى خروج الفتكين إليه، فخرج في أربعة غلمان، فأكرمه الملك [ولقبه بكامل] (¬2) وضرب له مضربا مفردا، وأفطر عنده في تلك الليلة، فخلع عليه الملك ووهب له ما أخذ به خطوط أهل دمشق من المال، وأطلق أيضا الرهاين، وحمله على فرس بسرج ولجام (¬3). [ابن الشمشقيق يستولي على بيروت وتمتنع عليه طرابلس] وسار الملك على طريق الساحل وفتح بيروت وأسر أميرها نصر (¬4) الخادم، وحمله إلى بلد الروم (¬5)، ونزل على طرابلس وقاتلها ولم يتمّ له فيها شيء (¬6)، وأخذ حصن بانياس (¬7) وحصن جبلة، وتسلّم أيضا حصن برزويه (¬8)، وحصن صهيون (¬9)، وذلك أنّ كليب النّصراني كاتب رقطاس (¬10) ¬
[تعيين كليب بطريقا]
سلّمها إليه، وولّى على هذه الحصون ولاة من قبله، (وصارت للروم منذ ذلك الوقت وإلى هذه الساعة) (¬1). [تعيين كليب بطريقا] وصيّر الملك كليب بطريقا (¬2)، وكان له ولدان فجعل لهما (أيضا) (¬3) مراتب وصيّره أيضا باسليقا (¬4) /103 أ/على أنطاكية، وأقطعه نعمة كبيرة) (¬5). ... [سنة 365 هـ.] [تحصيل أموال طائلة على أملاك الإخشيدية والكافورية] وطولب بمصر الإخشيدية والكافوريّة ومن يجري مجراهم عن عقاراتهم (¬6) وأملاكهم بأن يؤدّي كلّ واحد منهم على مقدار ما يملك، وتفرّغ الأمر في ذلك إلى أنّ عمّت المطالبة لسائر الناس، وطولبوا مطالبة حثيثة، ووكّل على جماعة منهم واعتقلوا، وأخرج من الناس في مدّة أربعة شهور [أولها ذو القعدة سنة 364 وآخرها ربيع الأول سنة 365] (¬7) زهاء مائة ألف دينار. ... [وفاة المعزّ لدين الله] واعتلّ المعزّ لدين الله [في شهر ربيع الأول سنة 365] (¬8) وزالت ¬
المطالبة [عنهم] (¬1) بعلّته، وكان قوم قد تحمّلوا ثقل الأجعال في تلك المدّة، فلما مضى زالت عنهم (¬2) [المطالبة] (¬3) ومات المعزّ لدين الله [ليلة الجمعة] (¬4) لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة خمس وستّين وثلاثمائة، (وعمره ستّة وأربعين (¬5) سنة) (¬6)، وله في الخلافة ثلاث وعشرون سنة وخمسة أشهر (وأربعة أيام) (¬7). ¬
(أول خلافة العلويين خلافة العزيز بالله)
(أوّل خلافة العلويّين خلافة العزيز بالله) [نزار بن معد يتولّى الخلافة ويلقّب بالعزيز بالله] وكان المعزّ قد ولّى عهده لابنه أبي منصور (¬1) نزار واستخلفه، واستحضر إليه [يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر] (¬2) قبل وفاته بيوم إخوته وعمومته وسائر أهله وجماعة المقدّمين لولايته، وسلّموا عليه بولاية العهد. وأقامت وفاة المعزّ مكتومة ثمانية أشهر، فلمّا كان عيد النحر [العاشر من ذي الحجّة سنة 365] (¬3) ظهرت وفاة المعزّ، وصلّى بالمسلمين ذلك اليوم وسلّم عليه بالإمامة والخلافة، ولقّب العزيز بالله. ... [وفاة يانيس بن الشمشقيق ملك الروم] ومات يانيس بن الشمشقيق ملك الروم يوم الثلاثاء لأحد عشر يوما (¬4) من كانون الثاني سنة ألف ومائتين (وسبع وثمانين للإسكندر) (¬5) وهو لسبع خلون من جمادى الأولى سنة خمس وستّين وثلاثمائة. وكانت مدّة ملكه ستّ سنين وشهر واحد (¬6). [باسيل بن رومانوس ينفرد بالملك مع أخيه] وافترد (¬7) باسيل وقسطنطين ابنا رومانوس حينئذ بالملك وتدبير الأمور، وانفرد بسياسة المملكة منهما (¬8) باسيل وهو أكبر سنّا من أخيه قسطنطين، ¬
[غارة ميخائيل البرجي على طرابلس]
وعمره يومئذ ثماني عشرة سنة. وعوّل باسيل على البركونومس (¬1) في التدبير، وأعاد والدته ثاوفانوا (¬2) من النفي إلى البلاط. [غارة ميخائيل البرجي على طرابلس] وسيّر العساكر مع ميخائيل البرجي للغزو إلى بلاد الإسلام، وغاروا على طرابلس، وغنموا غنائم كثيرة، وعاد إلى أنطاكية (¬3). وجمع العساكر للغزو ثانية. وكان باسيل الملك قد ولّى بردس (¬4) السقلارس (¬5) بطن هنزيط (¬6) والخالديّات، فلمّا حصل هناك كبس ملطية (¬7) وقبض على الباسليق المقيم بها، فأخذ منه ما وجده معه من المال، وكان مبلغه ستّة قناطير، وعصى على الملك ودعا لنفسه بالملك، واجتمع إليه خلق كثير من الروم ومن الأرمن ومن المسلمين، واستولى على تلك الجهة بأسرها و [لما سمع باسيل الملك ذلك] (¬8) كتب الملك إلى ميخائيل البرجي بأنطاكية ينزل للغزو والاجتماع مع ابن الملاييني (¬9) البطريق، وهو يومئذ والي طرسوس، للقاء السقلاريوس، فالتقياه (¬10) بجيحان (¬11) فهزمهما، وسار ابن الملاييني إلى بيته بالقبادق (¬12). ¬
[بردس السقلارس يعصي الملك ويستولي على هنزيط والخالديات]
[بردس السقلارس يعصي الملك ويستولي على هنزيط والخالديات] وتحصّن البرجي في حصن له في بلاد الناطليق (¬1) ونزل عليه السقلاروس (¬2) وأخرجه منه بالأمان، وصار معه ورتّبه ماجسطرس. [السقلاروس يهزم ميخائيل البرجي وابن الملاييني] وكان البرجي قد خلّف ابنه الأكبر بأنطاكية، فخلّفه (¬3) وكاتبه سرّا قبل أخذ السقلاروس له يستدعيه إلى (ما قبله وتقدّم إليه) (¬4) بتسليم المدينة إلى الباسليق كليب البطريق، فامتثل ابن البرجي ما رسمه له أبوه/103 ب/وسار السقلاروس بعساكره إلى بلد الكبادوق (¬5) وقصد ابن الملاييني (ليأخذه معه فلم يجتمع به ابن الملايني) (¬6). وكان مع السقلاروس شيخ متنصّر بطريق يسمّى عبيد (¬7) الله من أهل ملطية، فجعله ماجسطرس، وأنفذه إلى أنطاكية (¬8)، وأنفذ معه غلاما له خادما [لنتتيش] (¬9) بسليقا (¬10) عليها، كليب يسلّم أنطاكية لقائد السقلاروس ولمّا وصل إلى أنطاكية (¬11) سلّم إليهما المدينة كليب، وصارت أنطاكية حينئذ والثغور وسائر بلاد المشرق للسقلاروس، وسيّر عبد الله الماجسطرس بكليب البطريق وبرؤساء المدينة إلى حضرة السقلاروس بالكبادوق. هزيمة الأطرابازي وابن الملاييني أمام السقلاروس وجرّد باسيل ¬
[سنة 367 هـ.]
الملك بطرس الإسطراطوبدرج المعروف بالأطرابازي (¬1) [الخادم] (¬2) الذي كان فتح أنطاكية في عسكر ضخم، ورسم له الاجتماع بابن الملاييني ولقاء السقلاروس، والتقوا في الكبادوق، وقتل الأطرابازي الذي كان فتح أنطاكية، وانهزم ابن الملاييني، وقوي السقلاريوس وعظم حاله. وأنفذ كليب إلى ملطية باسليقا عليها، وأعاد إلى أنطاكية رؤساء أهلها الذين كانوا (أخرجوا إليه) (¬3). [سنة 367 هـ.] [هزيمة بردس الفوقاس أمام السقلاروس] ولمّا تفاقم الأمر للسقلاروس اصطنع باسيل الملك بردس الفوقاس (¬4) بن لاون أخي نقفور الملك، وأحضره من الجزيرة التي كان منفياّ بها (بعد مقامه في النّفي سبع) (¬5) سنين فجعله دومستيقس (¬6) الأسلحون وهو قائد الجيوش والعساكر، وضمّ إليه جيوشا (¬7) وسيّره للقاء السقلاروس [وذلك في السنة الثانية من العصيان] (¬8) وخرج بردس الفوقاسي إلى السقلاروس، والتقيا في بنعاليا (¬9)، وانهزم بردس الفوقاس يوم الأربعاء لعشر خلون من ذي القعدة سنة سبع وستّين وثلاثمائة وتفانى بينهما خلق كثير. [وفاة تاودورس بطريرك أنطاكية] وكان باسيل الملك في أوّل عصيان السقلاروس قد أنفذ إلى تاودورس (¬10) بطريرك أنطاكية يستدعيه إلى القسطنطينية، وأرسل إليه شلندي (¬11) يسير فيه البحر، فسار وهو عليل، ولما بلغ طرسوس مات (في ¬
[الأسقف أغابيوس يعد الملك باستلام أنطاكية]
اليوم الثامن والعشرين من شهر أيار سنة 1287 للإسكندر) (¬1). [الأسقف أغابيوس يعد الملك باستلام أنطاكية] وكان بحلب أسقف يسمّى أغابيوس، فبعث أهل أنطاكية [بعد وفاة ثاودورس بطريركهم] (¬2) يلتمسون (¬3) بطريركا يكون عليهم ويتولّى تدبيرهم، فاستقرّ الأمر على أن يكتبوا [كتابا] (¬4) إلى باسيل الملك يسألون في بطريرك يصير عليهم، فأسموا (¬5) في الكتاب جماعة وقع اختيارهم عليهم، وعوّلوا على أغابيوس أسقف حلب في التفرّد (¬6) به، وسألهم أن يضيفوا اسمه إلى جملة الأسماء [المذكورة] (¬7) فأجابوه إلى ذلك، وشخص بالكتاب إلى حضرة الملك، وأنهى إليه حال المدينة وصورة حال أهلها وتمسكهم بطاعته [وموالاته] (¬8) وأعلمه أنّ الصواب يقتضي أن يكون للمدينة بطريرك يدبّرها ويثبّت أهلها على طاعته، فشكر له الملك سعيه (¬9)، وحسن منه موقع فعله، وضمن له أغابيوس العودة إلى أنطاكية واستمالة عبيد الله الماجسطرس إلى طاعته، وإزالة اسم السقلاروس [وإعادة الدعوة له] (¬10) وقرّر الملك معه أنّه إذا أنجز (¬11) ما ضمنه كان هو بطريركا على أنطاكية. وكتب الملك باسيل على يده إلى عبيد الله كتابا ناطقا (¬12) بخطّه يستميله ويعده فيه بالإحسان إليه ويضمن له ¬
[نجاح أغابيوس في مهمته وتعيينه بطريركا على أنطاكية]
أنّه يقرّه في ولايته في أنطاكية مدّة حياته، وأنّه يفي (¬1) له بجميع ما يقوله عنه أغابيوس/104 أ/الأسقف ويرسم له أنّه إذا تمّ ما استقرّ بينهما أن يصيّره بطريركا على أنطاكية. [نجاح أغابيوس في مهمّته وتعيينه بطريركا على أنطاكية] وسار أغابيوس متنكّرا بزي (¬2) راهب إلى أن حصل في ظاهر أنطاكية، وكان قد نقر دفّة مصحف كان معه ودفن فيها كتاب الملك، وألصق عليها ورقة من المصحف، حتى استتر أمر الكتاب، فلمّا وصل إلى المدينة فتّش فلم يوجد معه ما يستراب به، فاجتمع بعبيد الله وخلا به وقرّر الأمر معه على ما ورد فيه، وأحضر (¬3) كتاب الملك وقبّله ودعا للملك وقطع اسم السقلاروس، بردس السقلاروس يهاجم أنطاكية لاستعادتها وصيّر أغابيوس بطريركا على أنطاكية (يوم الأحد ثاني وعشرين كانون الآخر سنة 1289 (¬4) للإسكندر وهي سنة 367، وذلك في) (¬5) السنة الثانية من ملك باسيل. وحين عرف بردس السقلاروس أن قد دعي لباسيل [وقسطنطين] (¬6) الملك بأنطاكية سيّر إليها ابن بهرام ليستميل أهلها إلى طاعته ويعاد (¬7) الدعوة له، فلم يمكّنه الأنطاكيّون من الدخول إلى المدينة، فحاصرهم وحاربهم واستاق أموالهم ومواشي كانت لهم كثيرة في ظاهرها، [الماجسطرس يهزم ابن البغيل] ورحل عنها، وانضوى إلى السقلاروس (محفوظ بن حبيب بن البغيل) (¬8) وضبط حصن أرتاح (¬9) وقصد أنطاكية في عسكر جمعه من الأرمن ¬
[الأرمن يثيرون فتنة في أنطاكية]
واللفيف (¬1)، وخرج عبيد الله الماجسطرس وقاتله، وانهزم ابن البغيل إلى حلب وعاد إلى طاعة باسيل الملك. ... [الأرمن يثيرون فتنة في أنطاكية] وأثار الأرمن الذين بأنطاكية فتنة داخل المدينة وفي ظاهرها، وكانوا جميعهم منقادين إلى رجل منهم يسمّى سموئيل (¬2)، وقصدوا عبيد الله الماجسطرس في داره بغتة ليوقعوا (¬3) به، فاستخبر عبيد الله من غلمانه وأصحابه إن كان أهل المدينة معه أو عليه، فأعلموه أنهم معه، فقويت نفسه وخرج للقاء الأرمن، فاجتمع إليه أهل المدينة وقاتلوا الأرمن وبذلوا السيف فيهم، فانهزموا وهرب سموئيل من بين يديهم. ... [مراسلة أغابيوس لبطريرك الإسكندري] ولمّا استقر أمر أغابيوس البطريرك في رئاسته كتب إلى أنبا إيليا بطريرك الإسكندريّة كتابا يسأله فيه بالتقدّم إلى أهل عمله برفع اسمه في الدبتيخن (¬4) على ما جرى به الرسم، وأنفذه إليه على يد راهب من قبله يسمّى يوحنّا وقرن (¬5) به أمانته، وهي الأمانة التي جرى الرسم بها أن يكتبها البطريرك المتقلّد الرئاسة عند تصيّره ليعلم منها أنّه معتقد الأمانة التي اتّفق عليها أصحاب (السبعة المجامع) (¬6) المقدّسة، فوقف أنبا إيليا على كتابه، وكتب إليه جوابا عنه ينكر عليه فعله ويخطّيء رأيه إذ كان قد فعل ما لم يجز، [بطريرك الإسكندرية يعترض على ترقية أغابيوس] وتعدّى إلى خلاف ما أحلّ، وأطلق في الناموس (ما لا يجوز) (¬7) من نقلته من الأسقفية إلى البطريركية، وأنّه لا يجد سبيلا إلى إجازة رئاسته وبطركيّته ورفع اسمه إذ كانت حالته هذه حال (¬8) سيّدنا المسيح قال: من طلّق زوجته فقد ¬
(رد جواب أغابيوس بطريرك أنطاكية على إيليا بطريرك الإسكندرية)
جعلها أن تفجر، وإن (¬1) تزوّج مطلّقة فإنّه يفجر، وإنّ درجة الكهنوت مرتّبة على مثال طغمات الملائكة وشبيهة بها، (وهي) (¬2) التي كلّ طغمة منهم يحفظون مرتبتهم (¬3) ولا يتعدّون (¬4) إلى غيرها، وأنها أيضا على مثال النجوم والكواكب التي هي لازمة نظامها (¬5) ومواضعها لا ينتقل أحدها من موضعه إلى غيره، والتمس منه محضرا من أهل مدينته أنطاكية يذكر فيه صورة الحال وكيف الرضى (¬6) وخطوط كهنة البلد وشيوخه بالشهادة به. فوصل الجواب إلى أغابيوس البطريرك، فأجاب عنه بكتاب هذه نسخته: (ردّ جواب أغابيوس بطريرك أنطاكية على إيليا بطريرك الإسكندرية) (¬7) بسم الله الرحمن الرحيم كتابي أيّها الأب الروحاني الطاهر المشارك في الخدمة المساوي في الرتبة المتّحد في الروحانية من الكرسي السلّيحي بمدينة الله الفائزة بفخر اسمه، المحفوظة بتلميذه، وأوّل رسله، يوم السبت السابع من كانون الأول عن سلامة بيع الله المقدّسة وأولادها قبلي، وسلامتي (من) (¬8) بعدهم، والحمد لله على ما منّ وأولى، وهو المسؤول أن يتمّ إسبال ستره على هذا ¬
الشعب وإكمال نعمته على هذه الأمّة قبلي وقبلك وقبل كلّ راع استرعاه في كلّ موضع ارتضاه بمنّه (وكرمه) (¬1). وقد وصل كتابك أيّها الأب الروحاني الطاهر، على يد أنبا يوحنا الراهب المنفذ (¬2) من مسكنتنا إلى قدسك، وأحطتّ علما بمشتمله (¬3) وسررت بأخبار سلامتك وما استدللت عليه من الاستقامة قبلك (¬4)، ثمّ طار (¬5) بعد ذلك فكري، وتعسّف ذهني، وذهل عقلي، وتقطّعت خواطري، متأمّلا ما كتبته ومتبحّرا ما (¬6) أحببته، ولا أدري ما السبب الذي حملك على دفع غير مدفوع، وإنكار غير منكر، والاحتجاج بما لا يساغ (¬7)، وفعل ما لا يليق، وقد كان ينبغي إذ عرفت موضع ابتدائي وإيثاري التبارك بمشاركتك، وإنفاذي رسولي (¬8) إليك في وقت (كان) (¬9) يكاد أن يتعذّر (¬10) فيه عبور الطيور من جهتنا إلى جهتكم، فضلا عن الرسل والكتب (ألاّ كنت) (¬11) تكتب بما كتبت به دون أن تتحقّق أنّك فيه على حقّ لا ينحلّ، وحجة لا تبطل، وصواب لا ينكر، وقاعدة لا ينسب أهلها إلى هوى (¬12) ولا غيّ (¬13) ولا قصد ولا حال من الأحوال التي قدسك متبرّي (¬14) منها ومرتفع عنها. ¬
وأمّا أن تذكر أيّها الأب الروحاني غمّك بما صار إليه حالي، وقلقك (¬1) بما ترى عليه أمري، وإيثارك الموت دون السماع بمثله فهذا ما كان يليق، إذ كان لم يجر بحمد الله هاهنا أراسيس (¬2) ولا فساد مقالة، ولا نقص (¬3) سنّة، ولا حالة غير معروفة. والذي جرى فهو (¬4) أمر صغر حالي عنه، وبعد موضعي منه لارتفاعه عنّي وعظمه عليّ، وقلّة قيامي به، وتفاوت (¬5) نقص استحقاقي له، إلاّ أنه لم يكن منّي، ولا أتى (بسعيي إلاّ) (¬6) ما اختاره أصحابي ورضي به شعبي (¬7)، وأمضاه رؤساء الدولة، وعرفه علماء الملّة في المدينة العظمى التي عليها يعوّل (¬8) ومنها يقتبس، وكيف يجوز أن ينكر واحد تجتمع عليه هذه الطبقة وترضى (¬9) به هذه الأمّة، وهو أمر مشهور عندنا مستعمل بيننا على قديم الزمان إلى حيث انتهينا. والذي ذكرته أيّها الأب الروحاني في هذا الباب أنا أعلم أنّك لم تذكره إلاّ لبعد العهد بهذا الحال ببلدك (¬10) ولعدم الكتب التي تنبيء بمثله في ناحيتك، ولقلّة من يستعملها ويقتبسها في موضعك للأحوال التي دفع إليها أهل تلك الديار، ممّا نسأل الله المعونة عليه، وإذا أنت رجعت إلى الفحص عن ذلك وجدته أمرا لم يبدأ (¬11) منّا، ولا يتناهى فينا، (وذلك أنّك تجد ¬
القدّيس أفسطاتيوس) (¬1) (بطريرك مدينتي هذه) (¬2) وقد نقله السينودس المقدّس (¬3) بنيقية (¬4) من حلب إلى أنطاكية ووجدت القدّيس ملاتيوس منقولا من لاريصه إلى حلب، ومن حلب إلى أنطاكية، وقد حضر السينودس (¬5) الثانية بالقسطنطينية، ونقل (القدّيس غريغوريوس) (¬6) الثاولوغس (من نازينزو وكرّسه) (¬7) على كرسيّها (¬8). ووجدت (¬9) أودوكسيوس (¬10) قد نقل من مرعش إلى أنطاكية، ومنها إلى القسطنطينية. ووجدت أوسابيوس قد نقل من بيروت إلى نيقوميدية، ومنها إلى القسطنطينيّة. ووجدت جماعة آخرين منقولين إلى مواضع عدّة. هذا بعد مار بطرس السليح الذي هو أساس البيعة ورأس الشريعة ومقامه اثنتي عشرة سنة بأنطاكية، وانتقاله بعد ذلك إلى رومية. وكفاك به من شاهد. وتناهى بمن ذكرناه قليلا من كثير [من] (¬11) قدوة يقتدى (¬12) بها، وأصلا يرجع إليه. وإذا كان ذلك كذلك فقد عرفت منّا أيّها الأب الروحاني ما طلبته، ووجدت ما ابتغيته (¬13)، إذ كان التماسك في كتابك أن يوجد في هذا الباب أصل يرجع إليه، وطريق تفسح لك في قبول (السنن) (¬14) ورفع ¬
الإسم، لا سيما مع علمك بأنّ هذا ليس هو ممّا تدعو إليه حاجة ضرورية، وإنّما يراد به اتحاد البيع المقدّسة بالروحانية، ومن طلب أن يتّحد مع قدسك ويشارك خدمتك، فليس يجوز أن تنفرد عنه بالحجج التي احتججت بها، ويتّضح حلّها ويقوم البرهان بصحّة غيرها. من ذلك تشبيه هذا الأمر بمن تزوّج ابنة ثمّ تركها وأخذ والدتها، وقد ارتفع الكهنوت الإلهي (¬1) عن التشبيه بالتزويج البشري، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان إذا توفّي أسقف وكان له أخ يستحقّ رئاسته لا يجوز له أن يرجع (¬2) موضعه، كما لا يجوز للأخ أن يأخذ زوجة أخيه بعد وفاته، والتشبيه بمن طلّق امرأة وأخذ غيرها يبعد أيضا عمّا نحن فيه، ولا يليق أن يشبّه به، وإلاّ لم يكن بالجائز للمدينة أن يصير عليها (غير) (¬3) أسقفين، كما لا يجوز للإمرأة أن تتزوّج أكثر من زوجين (¬4). فأمّا قول السيّد المسيح بأنّه من طلّق امرأته فقد جعلها أن تفجر، ومن تزوّج مطلّقة فإنّه يفجر، فلم يكن (مقولا) (¬5) على الكهنوت، وإنّما كان كلامه على (¬6) اليهود لما حضروه مجرّبين له، فأراهم (¬7) بعد طباعهم (¬8) عمّا يوجبه ناموس الطبع اللطيف والعقل الحصيف من المحافظة على الزوجة البشريّة والتمسّك بحبّها (¬9)، لأجل أنّ الإثنين قد صارا جسدا واحدا، كما قال الكتاب، حتى أظهر عيونهم وأحوجهم إلى أن قالوا لقد كان خيرا (¬10) للرجل أن لا يتزوّج بالكليّة. ومن كان ¬
كذلك فأيّة مناسبة بين هذا المعنى وبين الكهنوت الإلهيّة التي هي درجات تتراقى من الدون إلى التي فوقها. فأمّا تشبيه هذه الدرجات في طغمات (¬1) الملائكة التي تحفظ كلّ طغمة منها موضعها ولا تتعدّاه (¬2) إلى غيرها، فهذا أيضا مما لا يشبه في (حال) (¬3) النقلة، وإلاّ لم يكن بالجائز للأنغنسط (¬4) أن يصير أيبودياكن، ولا للإيبودياكن (¬5) أن يصير تامّا، ولا للتامّ أن يصير قسّيسا، ولا للقسّيس أن ينتقل إلى ما فوق. فأمّا تشبيهها بالنّجوم فإنّ الكواكب لازمة نظامها ومواضعها، لا ينتقل أحدها إلى موضع [آخر] (¬6) غيره فهذا أيضا بعيد لا يليق، لأنّ الكواكب أجرام غير ناطقة رتّب الباري كلّ واحد منها في موضعه، وجعل طبيعته لا تتغيّر عن حالته، فأمّا الإنسان فإنّه جعله حيوانا ناطقا متحرّكا من حال إلى حال، ومن أمر إلى أمر، والخليق (¬7) به أن يكون انتقاله إلى ما هو أشرف، وحركته إلى ما هو أعلى، فمن هذا جاز أن ينتقل من ذكرنا نقله. وقد قامت الشواهد بهذه الحال. فأمّا ما التمسته أيها الأب الروحاني من إحضار محضر من المدينة الشريفة يذكر فيه كيف جرت (¬8) هذه الحالة والرضى بها، فلم يجر بذلك رسم، ولا فعل هذا من تقدّمني فأفعله أنا بعده، ولولا تعذّر الطريق في هذا الوقت إلى ما هناك لقد كان ذلك سهلا. فأمّا إنفاذ خطوط كهنة الكرسيّ وشيوخه بالرضى فهذا نريد (¬9) أن يكون لو لم يتمّ الأمر، وحينئذ تكون ¬
الشبهة لاحقة في مثل هذا، فأمّا بعد تمامه ومضيّ سنته (¬1) عليه، فأنت تعلم أنّه لو لم يحصل في الأول خطوط ويقع إجماع (¬2) ورضى قبل التوجّه إلى المدينة المتملّكة لما كان تمّ. وكان بعد تمامه [يقع] (¬3) اضطراب، ولم يقع بعده سكون، فنحن كنيستنا بحمد الله واحدة، والمشاركة فيها من كلّ جهة واقعة، والمحبّة بين أولادها تامّة كاملة، وليس هاهنا خلف ولا انفراد ولا انشقاق، ولا حال فيها شبهة تحتاج (¬4) إلى إنفاذ ما التمسته وطلبته مثل هذا في غير موضعها، تجري مجرى المعاياة، والإجابة إلى مثل ذلك [ففيهما] (¬5) نقص وإيقاع شبهة، فأمّا الحقّ (¬6) بالمودّة الإلهية والأليق (¬7) بالأحوال الروحانية أن تدع التماس ما لم تجر العادة بالتماسه، والاحتجاج بما قد بطل وبمثله (¬8)، والرجوع إلى الواجب في توكيد المودّة وإتمام اتّحاد الخدمة والمشاركة حتّى يزول الشكّ ويرتفع سبب الفساد ولا يقع في البيعة انشقاق. وأنت أيّها الأب الروحاني تأتي في ذلك (¬9) الواجب، وقد أردت إنفاذ البركة على ما جرى به الرسم والعادة، ولم تتأخر إلاّ لبعد الطريق وصعوبة الوقت، (وأنا أرصد الفرصة لإنفاذها وأراقب نفوذ من يصلح لحملها وأنفذها وأتبارك بإصدارها، وإنّي في ذلك على الرسم) (¬10) الذي أنا قلق لتأخّره (¬11). ¬
[هزيمة جوهر أمام الفتكين التركي]
وأنت أيّها الأب الروحاني تأتي في قبولها عند وصولها ما جرت فيه العادة (¬1) التي تتبع الرّوحانيّات، ولا ينقصها تأخيرها، ولا يزيد فيها تقدّمها مع إبهاجي (¬2) بكتابك عاجلا، متضمّنا (¬3) من أخبارك واستقامة أحوال من (¬4) قبلك ما أسرّ به، ومن حاجاتك ومهمّاتك ما أقوم فيه بواجب المودّة والأخوّة الروحانية والمشاركة إن شاء الله. سلام ربّنا وإلهنا يسوع المسيح يكون معك وعندك حافظا ومواقيا وكافيا ومشدّدا (¬5) من الآن وإلى كلّ أوان وإلى دهر الداهرين آمين. ولمّا وصل هذا الكتاب لأنبا إيليا بطريرك الإسكندرية قبّله ورفع اسمه. ... [هزيمة جوهر أمام الفتكين التركي] وأمّا الفتكين (¬6) التركي فتوجّه جوهر من مصر إلى الشام لمحاربته في شهر رمضان سنة خمس وستّين وثلاثمائة [فوصل إلى دمشق في أول ذي الحجّة منها] (¬7) (وكان بينهما وقعات كثيرة. ... [سنة 366 هـ.] ورجع جوهر من دمشق إلى الرملة منهزما) (¬8) [في جمادى الأولى سنة 366] (¬9). [وفاة الأعثم القرمطي بالرملة بعد دخولها] ووافى الأعثم (¬10) القرمطيّ من الإحساء ودخل الرملة [يوم الأحد لاثني عشر ليلة بقيت من رجب من السنة] (¬11) ونزل بدار الإمارة ومات بها [لسبع بقين من رجب منها] (¬12). ¬
[الحرب بين الفتكين وجوهر الصقلي]
[الحرب بين الفتكين وجوهر الصّقلّي] وكان جوهر قد التجأ إلى عسقلان وتحصّن فيها، ووصل الفتكين التركي إلى الرملة وتوجّه إلى عسقلان نحو جوهر، ووقع بينهما حرب، وقتل من الفريقين خلق كثير. وأقام (¬1) التركي على عسقلان محاصرا لجوهر [ودخل إلى عسقلان وتحصّن فيها وتبعه الفتكين وحاصره بها] (¬2) سنة وثلاثة أشهر إلى أن هلك أكثر عسكر جوهر من الجوع. [سنة 367 هـ.] [الصلح بين الفتكين وجوهر] (ولمّا طال حصار الفتكين له وعظم عندهم الجوع وعدم القوت سألوا التركي (¬3) الصلح وإطلاق سبيلهم فأجابهم (¬4) إلى ذلك، وتقرّر الحال بينهم على أن يكون من غزّة إلى مصر للمغاربة، وأن يكون من عسقلان وما يليها من أعمال الشام إلى التركي (¬5)، وعلى أنّ الدعوة (¬6) تقام في هذا الموضع (¬7) العزيز، ويكون مالها محمولا للتركي، فتراضيا بذلك. وعلّق التركيّ سيفا مجرّدا على باب حصن عسقلان، وخرج جوهر وأصحابه من تحت السيف ودخلوا إلى مصر [في شعبان من السنة 367] (¬8) فلم يرضى (¬9) العزيز بالصلح، وسار بنفسه/104 ب/إلى الشام في جميع جيوشه، (واستخلف بمصر جبر بن القاسم (¬10) ¬
[سنة 368]
ووافى العزيز) (¬1) إلى الرملة (وترتّب بها) (¬2). [سنة 368] [خروج العزيز بالله لقتال الفتكين] وكان التركيّ قد سار إلى الشام (¬3) راجعا [ونزل] (¬4) فراسله العزيز بالله، وأرسل (¬5) إليه أمانا ليكون تحت الطاعة، وبذلك له مالا جزيلا، فلم يجب التركيّ ودعا إلى الحرب، فتوجّه العزيز بالله إليه، موقعة نهر الطواحين بين العزيز بالله والفتكين والتقيا على نهر الطواحين [يوم الخميس] (¬6) في سابع المحرّم سنة ثمان وستّين وثلاثمائة، ووقع بينهم يومهم (¬7) ذلك حرب شديد، وقتل من الفريقين مقتلة عظيمة، وانهزم التركي، [وقوع الفتكين في الأسر] وأسرعت العرب في طلبه، فأخذته أسيرا بين قلنسوة (¬8) وكفرسابا (¬9) وجاؤا به إلى العزيز، وقد ناله من الضرب والّلطم حال عظيم حتى أشرف على الهلاك، فخرج العزيز بالله واستنفذه من بين يديهم، وأمّنه على نفسه، ودفع إليه خاتمه (¬10) واستسقى التركيّ ماء (¬11) فأمر العزيز بإحضار قدح شراب جلاّب وأتيا (¬12) بالقدح، فتوقّف التركيّ عن شربه خوفا أن يكون فيه سمّ قاتل، وتبيّن العزيز ذلك فأخذ القدح وشرب منه وسقاه باقيه، وأفرد له خيمة، ¬
[العزيز بالله يستوزر ابن كلس]
وتقدّم بأن يحمل إليه جميع ما يحتاج إليه وحمله على دوابّه وأمره بالركوب على مركبه (¬1)، وسأله عن (أناس ممّن يأنس بهم) (¬2) فالتمس إحضار قوم من أصحابه، فأتى بهم إليه من الأسارى (¬3). وكان أبو ظاهر أخو بختيار قد قتل في الحرب وأسر أخوه إبراهيم، واستأمن المرزبان بن بختيار إلى العزيز بالله، فسأل التركيّ كونهما معه في خيمته، فأجيب إلى ذلك، ورجع العزيز إلى مصر وتقدّم إلى جميع مقدّمي أهل دولته وقوّاده وأمرائه بإكرام التركيّ وإجلاله، فلم يبق أحدا (¬4) من وجوههم إلاّ دعاه إلى داره وحمل إليه وخلع عليه [وأفرد له خيمة وسائر ما يحتاج إليه وحمله على دوابّه، وعاد إلى مصر] (¬5). ... [العزيز بالله يستوزر ابن كلّس] [واستوزر العزيز بالله يعقوب بن يوسف بن كلّس يوم الاثنين لاثني عشر ليلة بقيت من شهر رمضان سنة ثمان وستين وثلاثمائة وتقدّم بكتب اسمه في جميع الاستعمالات أن يبتدي باسمه في المكاتبة إلى من يكاتبه] (¬6). ... [عضد الدولة لا يحظى سوى بالدعاء على منابر العراق] وأمّا عضد الدولة فنّاخسرو فلم يقم له عزّ (¬7) الدولة بختيار بشيء ممّا شرطه إلاّ إقامة الدعوة على منابر العراق، فإنه أجراها على الموافقة (¬8). ¬
[عودة لسنة 366 هـ.]
[عودة لسنة 366 هـ.] [موت ركن الدولة الحسن بن بويه] ومات ركن الدولة الحسن بن بويه في أول سنة ستّ وستين وثلاثمائة (¬1)، وبعد وفاته انتحل بختيار الرئاسة على أهل بيته وبني عمّه، وكتب عن الطائع كتابا مبنيّا على تعظيمه بختيار وتقدّمه على سائر المملكة وتخصّصه بالرئاسة دون غيره من جماعتهم، فانتهى ذلك إلى عضد الدولة، الحرب بين عضد الدولة وبختيار فاستعدّ للخروج للعراق لمحاربة بختيار، وسيّر جيوش مقدّمته من فارس إلى العراق مع وزيره المطهّر بن عبد الله [في شعبان سنة 366] (¬2)، وهابه بختيار وسار إلى الأهواز، وحمل الطائع على الخروج معه لتوسّط الحال بينهما، واستنجد بجميع (¬3) الأولياء والأطراف، واستعدّ للقائه، فلمّا رأى الطائع الحال قد أفضت إلى حرب امتنع من المقام، وبرز متوجّها إلى بغداد واجتهد به بختيار وابن بقيّة أن يقيم، فامتنع، والتقى العسكران بالأهواز [يوم الأحد لأحد عشر ليلة خلت من ذي القعدة سنة 366] (¬4)، وقتل جماعة من أصحاب بختيار، واستأمن كثير منهم، وانهزم باقوهم (¬5). وملك فنّاخسرو قصبة الأهواز وجميع كورها، فتوجّه بختيار إلى البطائح، [367 هـ.] [بختيار يقبض على ابن بقيّة] وسار/105 أ/ابن بقية يستصغر بختيار ويتطاول عليه، وغلب على جيوشه، وشغب الجند عليه بسببه، فتخوّف بختيار أن يتوثّب عليه، أو ينفرد بالأمور دونه، فأشار على بختيار بعض أصحابه وخواصّه بالقبض عليه، وأعلمه ¬
عضد الدولة يقتل ابن بقية
أنّه يستصلح بذلك فنّاخسرو ويكسر حميّة غضبه، وأن يجعل ذلك السبيل إلى استعطافه وألاّ يستوزر بعده وزيرا فنجح إلى هذه المشورة، عضد الدولة يقتل ابن بقيّة وقبض على ابن (¬1) بقيّة، وهما يومئذ بواسط، وحمله إلى مدينة السلام وكحّله [ليلة الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة 367] (¬2)، وأنفذه إلى عضد [الدولة] (¬3) فنّاخسرو، فأشهره في عسكره على جمل، وطرح إلى الفيلة فخبطته وقتلته، وصلب لوقته على شاطىء الدجلة. والتمس عزّ الدولة بختيار من عضد الدولة فنّاخسرو أن يمكّنه من الخروج إلى أعمال الشام، فأجابه إلى ذلك بعد أن أشرط عليه أن يكتب اسمه على راياته وأعلامه، أعني اسم عضد الدولة، ويقدّم الخطبة له في [أيّ] (¬4) بلد ملكه أو فتحه. وحمل إليه خلعا، ووقع النّداء بمدينة السلام برجوع بختيار للطاعة (¬5). [عضد الدولة يملك البصرة] وسار عضد الدولة فنّاخسرو من الأهواز إلى البصرة، فدخلها وملكها [في أول سنة 367] (¬6)، وتوجّه إلى مدينة السلام، وتلقّاه الطّائع، ودخل إليه [في يوم الاثنين لأربع ليال خلون من شهر ربيع الآخر منها] (¬7) [الطائع لله يزيد في ألقاب عضد الدولة] ولقّبه تاج الملّة مضافا إلى عضد الدولة [في جمادى الأول سنة 367] (¬8)، وأضاف إلى لقبه بعد ذلك وليّ النّعم (¬9). واجتمع إلى بختيار كثير من الغلمان، وتراجع إليه جماعة من الدّيلم، ¬
[هزيمة بختيار عند قصر الجص ومقتله]
واستجدّ سلاحا وكراعا، وسار في عسكر قويّ استظهر به، واجتمع مع صهره أبي تغلب (¬1) بن حمدان، واتّفقا على المعاضدة في المزاحمة إلى الحرب، فنهض عضد الدولة إليهما، وقبض الطائع معه، والتقى الفريقان بقصر الجصّ (¬2) [الذي بإزاء (¬3) سرّ من رأى غداة يوم الأربعاء لاثني عشر ليلة خلت من شوّال] (¬4). [هزيمة بختيار عند قصر الجصّ ومقتله] وانهزم جيش بختيار، وظفر بعض العسكر من الأكراد ببختيار وأخذ سلبه وهو لا يعرفه، فعرفه غلام تركيّ من غلمان فنّاخسرو، وكان الوقت شديد القيظ قويّ (¬5)، فلحقه عطش شديد ولم يمكنه المسير فوقف وقتل (¬6). [اختلاف الروايات حول مقتل بختيار] واختلفت الحكايات في قتله، فقال طائفة: إنّه سقط من اللهث. وقال آخرون: إنّ قوما من الدّيلم عرفوه، وأرادوا أن يغلّبوا التركيّ عليه، فيكونوا (المتقرّبين) (¬7) به، فوقعت بين الفريقين المشاحنة فيه، فقتلوه وقتلوا (¬8) جماعة كثيرة من أصحابه. ¬
[انهزام أصحاب بختيار إلى الفتكين بدمشق]
[انهزام أصحاب بختيار إلى الفتكين بدمشق] وانهزم أبو تغلب (¬1) بن حمدان إلى الموصل فأفلت إبراهيم وأبو طاهر أخوا بختيار والمرزبان بن بختيار ومن اتّبعهم إلى دمشق، ولحقوا بالفتكين، فلقاهم (¬2) وأحسن إليهم [وكان وصولهم إلى دمشق لثلاث بقين من ذي القعدة من السنة] (¬3). [عودة الطائع لله إلى بغداد] وعاد الطّائع إلى مدينة السلام. [عضد الدولة فنّاخسرو يملك الموصل] وسار فنّاخسرو إلى الموصل فملكها وسائر ما اتّصل بها من الأعمال والدّيار (¬4). [سنة 366 هـ.] وأمّا أبو المعالي بن سيف الدولة فإنّ بكجور (¬5) سار إليه من حلب، وهو يومئذ بحمص، فخلع عليه أبو المعالي وولاّه (حلب، وعاد بكجور إلى حلب) (¬6)، وأقيمت له الدعوة فيها وفي سائر أعمالها، (ووافق بكجور لسائر غلمان الدولة على القبض على قرغويه (¬7) وسار أبو المعالي إلى حلب وقلعه من حمص [القبض على قرغويه] وقبض على قرغويه) (¬8). [أبو المعالي يفتح المعرّة] وسار أبو المعالي من حلب (¬9) وفتح ¬
[سنة 367 هـ.]
المعرّة وما يليها في شوّال سنة ستّ وستّين وثلاثمائة (¬1). [سنة 367 هـ.] [أبو المعالي يأخذ حلب من بكجور ويولّيه حمص] ونزل إلى حلب/105 ب/ومعه بنو كلاب، ووقع القتال بينه وبين بكجور، واستظهر أبو المعالي عليه (ودخل حلب في شهر ربيع الآخر سنة 367) (¬2) واستقرّ [الأمر] (¬3) بينه وبين بكجور على (ولاية) (¬4) حمص وسيّره إليها (¬5). [أبو المعالي يهنّيء عضد الدولة بعودته إلى بغداد] وأرسل أبو المعالي إلى عضد الدولة (بالتهنئة بحصوله) (¬6) ببغداد ويعلمه أنّه في طاعته، فأعاد رسوله إليه بالخلع (والطوق (¬7) ولقّبه سعد الدولة. (ولقّب وزيره أبا صالح (¬8) بن نابا (¬9): السّديد) (¬10) [وذلك في شعبان سنة 367] (¬11) وأقيمت الدعوة بحلب للطائع ولعضد الدولة، ثم لسعد الدولة. وتتبّع أبو الوفاء كاتب عضد الدولة أبا تغلب (¬12) بن حمدان بعد هزيمته من الموصل، فخاف على نفسه، فأخذ طريق الجزيرة. وكتب إلى بردس السقلاروس يستنجده. وكان السقلاروس قد واصله (¬13) واعتضد به على منازعة باسيل (¬14). ¬
[انشغال السقلاروس بمواجهة جيوش باسيل الملك]
واتّفق (¬1) أنّ كتبه وردت إليه وقد توجّهت جيوش باسيل الملك مع بردس الفوقاس، [انشغال السقلاروس بمواجهة جيوش باسيل الملك] فشغل السقلاروس عن أبي تغلب بنفسه، وأنفذ إليه ميرة كثيرة، وأشار عليه بأن يلحق به ليجتمعا على حرب خصومه، وإذا انهزموا واستظهروا (¬2) عليهم عاد فنصره، فلم تسكن نفس أبي تغلب إلى أن تلقّاه وأنفذ إليه طائفة من عسكره على سبيل النّجدة (¬3)، وأقام بحصن زياد ينتظر ما ينكشف عنه الحال (¬4). [سنة 368 هـ.] [هزيمة السقلاروس أمام بردس الفوقاس] والتقى بردس الفوقاس وبردس السقلاروس دفعة أخرى [في الجمعة] (¬5) فانهزم السقلاروس يوم الأحد (لثمان بقين من) (¬6) شعبان سنة ثمان (وستّين) (¬7) وثلاثمائة، واتّصل خبر هزيمته بأبي تغلب (وهو في حصن زياد) (¬8)، فعاد إلى بلاد الشام (ونزل بآمد (¬9)، وأحاطت به جيوش عضد الدولة، فانصرف إلى الرحبة) (¬10) وحاصر أبو الوفاء ميّافارقين (¬11) وفتحها وملكها، وملك آمد وباقي ديار بكر، وجميع قلاع بني حمدان (¬12). وأمّا السقلاروس فإنه بعد هزيمته أخذ معه أخاه قسطنطين وولده رومانوس وسار إلى ديار بكر وأنفذ أخاه قسطنطين إلى عضد الدولة يلتمس منه ¬
النجدة والمعونة وبذل له الطاعة والموالاة وتطاول مقامه. وانتهى إلى الملك باسيل حاله، فأنفذ إلى عضد الدولة كاتبا له وجيها يسمّى نقفور (ويعرف بالأواريون (¬1) وهو الذي صار أخيرا (¬2) ماجسطرس، وولّى أنطاكية) (¬3)، مترسّلا عنه فيما يفسد على السقلاروس ما شرع فيه مع عضد الدولة ومالا واسعا يستعين به على قصده، ورسم له بأن يرغّب عضد الدولة بما يبذله له فيه، (ويعده) (¬4) إخراج كلّ أسير في بلاد الروم، وأن يتلطّف بإحضار (¬5) السقلاروس إليه ولو بابتياعه وابتياع من معه من الروم، ويضمن له أنّه يؤمّنهم ولا يسيء إلى أحد منهم. وأوعز عضد الدولة إلى صاحبه المقيم بميّافارقين سرّا بأن يقبض على السقلاروس. وأظهر عضد الدولة الإنكار للحال والغضب على صاحبه لما فعله وكاتبه بأن يحمله إلى بغداد، وحمل معه ولده رومانس وسائر أصحابه، وكان عددهم تقدير ثلاثمائة نفس، ولمّا وصل السقلاروس أنزله عضد الدولة دارا خليت له، ووسّع عليه الجراية (مديدة، ثم اعتقله) (¬6) /106 أ/واحتاط عليه ووعده بإطلاقه وتجريد عسكرا (¬7) معه، وأرسل عضد الدولة إلى باسيل الملك صاحبا له يعرف بابن سهرا (¬8) في معنى السقلاروس (¬9)، وقصده (بأن يبذل له و) (¬10) يسلّم إليه حصونا ممّا افتتحه الروم وانتزعوه من أيدي المسلمين، ويستدعي منه أن يسلّم إليه تلك ¬
[عضد الدولة يقبض على رسول باسيل]
الحصون وإلاّ هو يمدّ السقلاروس بالعساكر ويعضده على ما التمسه منه (¬1). فأعلمه باسيل الملك قلّة عنايته به، وأنّ ذلك ممّا لا ينزعج منه. [عضد الدولة يقبض على رسول باسيل] ورقي إلى عضد الدولة أنّ نقفور رسول باسيل الملك الوارد في طلب السقلاروس مجتهدا عند أياسه (من أخذه) (¬2) أن يسمّه ويميته ليكفي صاحبه أمره، فوكّل به أيضا واعتقله، فقبض على جميع ما ورد معه من المال والمتاع (¬3). [وفاة عضد الدولة] واعتلّ عضد الدولة وشغل عنه وعن غيره بنفسه ومات (¬4). وبقي جماعتهم معتقلين ببغداد مدّة ثمان سنين إلى صدر من (أيام ولده) (¬5) صمصام الدولة، وانتهى أمرهم إلى ما سنشرحه مستأنفا (¬6). ... وفي السنة (¬7) الرابعة من ملك باسيل صيّر نيقولاس [كريسوبرجز] (¬8) بطريركا على القسطنطينية أقام اثنتي عشرة سنة ومات. ¬
[معرفة مصنف أخبار القديسين]
[معرفة مصنّف أخبار القدّيسين] وفي هذه المدّة عرف سيمن (¬1) الكاتب اللوغوتاتيس (¬2) الذي صنّف أخبار القدّيسين وأعيادهم. ... [قسّام يمنع أبا تغلب الحمداني من دخول دمشق] فتوجّه أبو تغلب إلى دمشق بعد هزيمة السقلاروس، فوجد فيها رجلا من أهلها يقال له قسّام قد تحصّن بها وغلب عليها وخالف على العزيز بالله، فلم يتمكّن من دخولها ونزل في ظاهرها، ووقع بينه وبين أصحاب قسّام (¬3) هذا ثورة، [أبو تغلب يطلب المساعدة من العزيز بالله] وأنفذ أبو تغلب بن حمدان كاتبه إلى العزيز بالله يلتمس منه النّجدة (¬4)، فوعده بكلّ ما أحب، وسيّر (إليه) (¬5) العزيز بالله إلى الشام الفضل بن صالح (¬6) وهو من وجوه قوّاده ليحتال على قسّام ويفتح البلد، فسار إلى طبريّة وقرب من أبي تغلب، وتراسلا في الاجتماع، فسار الفضل إليه، وتلقّى أبا (¬7) تغلب في الصّنّبرة (¬8) ووعده عن العزيز [بالله] (¬9) بكلّ ما تسكن نفسه إليه وافترقا وعاد كلّ واحد (منهم) (¬10) إلى موضعه. ثم رحل الفضل إلى دمشق ولم يتمّ له الحيلة على قسّام، فرجع إلى الرملة على طريق الساحل. [سنة 369 هـ.] [ظهور مفرّج بن دغفل بالرملة] وكان بالرملة مفرّج بن دغفل بن الجرّاح [الطائي] (¬11) وهو رجل بدويّ ¬
[أجناد بني عقيل تستنجد بأبي تغلب على ابن دغفل]
استولى على هذه الناحية وأظهر طاعة العزيز (¬1) بالله إظهارا من غير أن يتصرّف على أحكامها، وكبرت حاله والبوادي معه، فسار إلى أجناد (¬2) عقيل المقيم بالشام ليوقعها ويخرجها عن تلك البلاد، فلجأت إلى أبي تغلب وسألته يطرفها (¬3)، وكتب إلى ابن (¬4) الجرّاح يسأله أن لا (¬5) يفعل ذلك، فرحل ونزل جوار عقيل على أنّه مانع لها من المسير، فأوحش اجتماعه معها ابن الجرّاح والفضل وخافاه (¬6)، [أجناد بني عقيل تستنجد بأبي تغلب على ابن دغفل] وضجر أبي (¬7) تغلب من طول مقامه في انتظار النّجدة من مصر، [الحرب بين أبي تغلب وابن دغفل بظاهر الرملة] فسار مع أجناد (¬8) عقيل إلى الرملة [في المحرّم سنة 369] (¬9) فهرب ابن (¬10) الجرّاح والفضل من بين يديه حتى بعدوا، وجمع الفضل جيوش السواحل وجمع ابن (10) الجرّاح العرب، وأحشدوا ووقع بين ابن الجرّاح وبين أبو (¬11) تغلب/106 ب/الحرب بظاهر الرملة [في صفر من السنة] (¬12) [ابن دغفل يقتل أبا تغلب] وانهزم أبو تغلب وأخذه ابن الجرّاح أسيرا. وركب الفضل إليه ليستنقذه، فخاف ابن (¬13) الجرّاح أن يسير به إلى مصر فيجري أمره مجرى الفتكين التركيّ في الإحسان إليه [والاصطناع] (¬14) فقتله، فوافاه الفضل ثم ¬
[سنة 370 هـ.]
جاء الفضل فأخذ رأسه وسائر من أسر من أصحابه، وحملهم إلى مصر (¬1). [سنة 370 هـ.] [العزيز بالله يمنع صلاة القنوت (التراويح)] (وتقدّم) (¬2) العزيز بالله بمصر في شهر رمضان سنة (سبعين) (¬3) وثلاثمائة بقطع صلواة القنوت، وهي صلاة يصلّيها المسلمون في المصلّيات (¬4) الجامعة في شهر رمضان بعد صلواة العتمة، وعظم ذلك على كافّة أهل السّنّة من المسلمين (¬5). [ملك الروم يمتلك حصن رعبان بحيلة امرأة أرمنيّة] وفي هذه المدّة [سنة 370] (¬6) ملك الروم قلعة ابن إبراهيم في بلد رعبان (¬7)، وهي قلعة حصينة جدّا. وكان استيلاؤهم عليها بحيلة، وذلك أنّه كان فيها امرأة أرمنيّة أسيرة مستعبدة لصاحب القلعة ولها (في رعبان) (¬8) إخوة وأخت، فزارتها أختها في أحد الأيام وأقامت عندها مديدة (¬9)، وشاهدت القلعة مخلاة غير متحفّظ بها، فإنّه إن تحيّل عليها ملكت، فقدّرت طولها من الموضع الذي يتّجه الدّخول إليها منه إلى الأرض بخيط مغزلها، وعادت إلى ¬
[الملك باسيل يرد إلى كرمروك ولاية اللاذقية لغارته على طرابلس]
منزلها وأخبرت (¬1) إخوتها بحال القلعة وما عنّ (¬2) لها من الفكر فيها، وأنّها قليلة الحرس، وإن دبّروا عليها أخذوها، وسهّلت أمرها في نفوسهم وبعثتهم على إصلاح سلّم بطول الخيط الذي قدّرتها به، وساروا إليها بالليل ومعهم السلّم الذي أعدّوه، وأسندوه إليها وطلعوا عليه مع من استصحبوه من رجالهم. وكان صاحب القلعة قد عنّ له في تلك الليلة أن يخلو بحرمه (وأن يشرب) (¬3) معهنّ، وتقدّم إلى الحرّاس أن يريحوه فيها من صياحهم ولا يزعجوه بحرسهم (¬4)، فتفرّق أكثرهم، ومن بقي منهم نام موضعه. ومع حصول إخوة الإمرأة وأصحابهم في القلعة (التقوا) (¬5) أحد الحرّاس نائما، فقتلوه وهجموا على صاحب القلعة في مجلسه وهو على (سريره) (¬6) فقتلوه ولولده، ونادوا (¬7) في الحال باسم الملك باسيل [ودعوا إليه] (¬8) وحين شعر بهم من في القلعة خرجوا منها هاربين (واستولى الأرمن عليها وملكوها) (¬9) وسلّموها إلى الملك باسيل، فأحسن إليهم وأنعم عليهم، وتقدّم بالزيادة في عمارتها وتحصينها إلى أن صارت لا ترام بقتال ولا تؤخذ بحرب (¬10). [الملك باسيل يردّ إلى كرمروك ولاية اللاذقيّة لغارته على طرابلس] وردّ باسيل الملك ولاية اللاذقيّة إلى كرمروك (¬11) لخدم جليلة سبقت منه ¬
[نزال وابن شاكر يحاصران اللاذقية]
من (¬1) غارة شنّها (¬2) على بلد طرابلس وما يليه (¬3) وأسر وقتل فيها من أهلها ومن المغاربة خلقا كثيرا وغنم غنائم جليلة (¬4). [نزّال وابن شاكر يحاصران اللاذقية] وورد عسكر المغاربة إلى عمل أنطاكية مع أمير لهم يعرف بالصنهاجي، وخلّف سواده وكراعه (¬5) في بعض الطريق، فأسرى (¬6) كرمروك وأخذ السواد، وقصد العسكر واستظهر عليه، وأسر وقتل جمعا من أهله. فسار نزّال (¬7) (وابن) (¬8) شاكر (¬9) من طرابلس إلى اللاّذقية في سنة سبعين وثلاثمائة، وحاصر [ها وحاصر حصنها] (¬10). [وقوع كرمروك أسيرا وحمله إلى مصر] وتوجّه كرمروك في مقدّمة العسكر فحمل (عليه يونس) (¬11) /107 أ/ابن شاكر وطعن فرسه، فسقط عنه، وأخذ كرمروك أسيرا وحمل إلى مصر وفودي (¬12) به فيما بعد (¬13). ¬
[سنة 371 هـ.]
[سنة 371 هـ.] [الحرب بين بردس الفوقاس وسعد الدولة الحمداني عند حلب] وسار بردس الفوقاس الدّومستيقس إلى حلب في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، ووقع الحرب على باب اليهود في اليوم الثاني من نزوله، وطالب (¬1) سعد الدولة بمال الهدنة، وتردّدت المراسلة بينهما، واستقرّت على أن يحمل للروم في كلّ سنة أربعمائة ألف درهم فضّة نقيّة صرف (كلّ) (¬2) عشرين درهما بدينار. ورحل في اليوم الخامس من وصوله (¬3). [وفاة بطريرك بيت المقدس] [وفي السنة الخامسة من خلافة العزيز صيّر يوسف بطريركا على بيت المقدس، وكان طبيبا. وأقام في الرياسة ثلاث سنين وثمانية أشهر، ومات بمصر ودفن في كنيسة مار ثاوذرس مع أنبا خرسطوذولا] (¬4). [عضد الدولة يحارب أخاه بهمذان ويستولي على مهرون] وأمّا (¬5) عضد الدولة فإنه سار من بغداد إلى همذان لحرب أخيه فخر الدّولة عليّ بن ركن الدولة (¬6) فهزمه، وعاد إلى بغداد واستقامت له الأمور وجرّد عساكره إلى مهرون (¬7) وكانت مستعصمة منذ قديم الأيام على من تقدّمه من السلاطين وفتحت وملكها. [مخاطبة عضد الدولة بالشاهنشاه] وجعل المخاطبة له والمكاتبة عنه بالملك بشاهنشاه عضد الدولة وتاج الملّة ووليّ النعم. [زواج الطائع لله من ابنة عضد الدولة] وتزوّج ابنته (¬8) الطائع ونقلها ¬
[عضد الدولة يحتوي على سائر بلاد فارس والعراق والموصل وديار بكر]
إليه، [عضد الدولة يحتوي على سائر بلاد فارس والعراق والموصل وديار بكر] واحتوى على سائر بلد فارس والعراق والموصل وديار بكر، ورسم (¬1) له في نفوس (¬2) الناس وفي جميع أهل (¬3) مملكته هيبة عظيمة، حتّى أنّ لعظم هيبته وشدّة سطوته أنفذ وزيره المظهر بن عبد الله إلى البطيحة (¬4) لإصلاح أحوالهم، فجرى على غير الصواب من غير تعمّد، فتخوّف على نفسه منه [الوزير المظهر يفصد نفسه بيده ويموت خوفا من رهبة عضد الدولة] واستدعى متطبّبه وأمره أن يفصده لينزف (¬5) دمه إلى أن يتلف، فأعلمه المتطبّب أنّه غير محتاج إلى الفصد، وأحاده عمّا قصده، فصرفه وخلا بنفسه وأخذ سكّين دواته وقطع شرايين ذراعيه جميعا، وجرح نفسه في مقاتله وقضى لوقته. [عضد الدولة يفوّض أبا الريّان تدبير الأمور] وفوّض (¬6) عضد الدولة تدبير الأمور بعده إلى أبي الرّيان (¬7) أحمد بن محمد منتسبا إلى خلافة أبي منصور نصر بن هرون النّصراني لضرورات كانت بين المظهر وبينه، فلمّا مضى المظهر لسبيله انفرد [منها] (¬8) وأبو منصور، فاعتلّ عضد الدولة ودعى في علّته ابنه الأكبر أبا الفوارس شرف الدولة وزين الملّة من شيراز إلى بغداد. [سنة 372 هـ.] وكان لعضد الدولة غلام خصيّ أسود يسمّى شكر مستوليا على جميع أموره، فلم يمكن أحد من أولاده الدخول عليه في علّته مع تطاولها، واستشعر شرف الدولة أنّ أباه قد مات وأنّ شكر يكتم موته، فهجم ودخل إلى الموضع الذي عضد الدولة منضجعا (¬9) فيه، فرآه في حال الحياة، وخرج ¬
[وفاة عضد الدولة]
ولم يعد يدخل إليه، فاستوحش أبوه منه ونفاه إلى كرمان. [وفاة عضد الدولة] ومات عضد الدولة بعلّة الصّرع يوم الثلاثاء عاشر شوّال سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة (¬1) وأجلس في الإمارة المرزبان (¬2) صمصام الدولة وشمس الملّة، وولّى أخاه أبا ظاهر شيراز والأهواز، وولّى أبا الحسين أحمد أخاهما واسط. [شرف الدولة يقبض على وزير أبيه ويملك شيراز] وحين اتّصل بشرف الدولة وفاة أبيه وحصول الإمارة لأخيه صمصام الدولة جمع غلمانه وأصحابه وغيرهم، فتوجّه من كرمان إلى شيراز وملكها، وقبض على أبي منصور نصر بن هرون وزير أبيه، وتقوّى بآلات وسلاح وأموال أخذها من قلاعها، وصار بجيوشه قاصدا إلى بغداد ملتمسا الإمارة بها /107 ب/والاحتواء على مدينة السلام، [الحرب بين شرف الدولة وأخيه صمصام الدولة] وانتشب (¬3) الحروب بينه وبين أخيه صمصام الدولة مدّة، ثم تقرّر الحال بينهم أن تكون (¬4) مدينة السلام وأعمالها في يد صمصام الدولة، وتقدّم اسم شرف الدولة قبل اسمه في الدعوات والسّكّة لكبر سنّه، واصطلحا على ذلك، وكتبا بينهما كتابا بالرضاء، وتحالفا وتعاهدا على الوفاء بمضمونه، وذلك في صفر سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة (¬5). ¬
[عود إلى سنة 371 هـ.]
[عود إلى سنة 371 هـ.] [رشيق العزيزيّ يهزم ابن دغفل ويطرده عن الشام] [وكان بالرملة مفرّج ابن دغفل بن الجرّاح الطائي، وهو رجل بدوي قد استولى على هذه الناحية، وأظهر طاعة العزيز بالله من غير أن يتصرّف على أحكامها، وكبرت حاله والبوادي معه. ثم إنه خالف] (¬1) مفرّج (¬2) بن دغفل بن الجرّاح على العزيز بالله وجاهر بخلع الطّاعة، فسيّر إلى الشام رشيق العزيزي (خال ولد [الوزير] (¬3) يعقوب بن يوسف) (¬4) في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فلقيه وطرده عن الشام وهزمه (¬5). [ابن دغفل يقطع طريق الحجّ ويقتل مفلح قائد العزيز بالله] وسار ابن (¬6) الجرّاح بعد هزيمته يريد الحجيج ليقطع عنهم عند رجوعهم، فأنفذ العزيز مفلح الوهباني (¬7) مع عسكر معه ليلقاهم ويدفع عنهم، فأوقع به ابن (¬8) الجرّاح بأيده (¬9) وقتله وجميع من معه. [عودة الحجيج إلى مصر] ولمّا انتهى إلى الحجيج خافوا على أنفسهم وعدلوا إلى وادي القرى (¬10)، [رشيق يهزم ابن دغفل] فأقاموا بها خمسة وأربعين يوما، ثم دخلوا إلى مصر. وعاود (¬11) ابن الجرّاح إلى الشام فلقيه رشيق (الحمداني) (¬12) دفعة (¬13) ثانية وهزمه، ودخل إلى البريّة والتجأ إلى بكجور (¬14) بحمص، فأجاره وأضافه، وقصد أنطاكية ملتمسا من باسيل ¬
[العزيز بالله يؤمن ابن دغفل]
الملك النّجدة، فأطلق له صلة ودفعه، فرجع إلى الشام، [العزيز بالله يؤمّن ابن دغفل] والتمس من العزيز الأمان، فأجابه إلى ذلك (¬1). [سنة 373 هـ.] [بلتكين يحاصر دمشق ويحمل قسّاما إلى مصر أسيرا] وتوجهت جيوش العزيز من مصر إلى دمشق مع بلتكين (¬2) للقاء قسّام المتغلّب عليها، ونزل بظاهر دمشق في الموضع المعروف بالدّكّة (¬3)، وحاربه أهل البلد وحاصرهم مدّة، [العزيز بالله يعفو عن قسّام ويطلق سراحه] وخرج قسّام إلى بلتكين وحمل قسّام وابنه وخال ولده إلى مصر، وأشهروا بها على بغال [في شهر ربيع الآخر سنة 373] (¬4) واعتقلوا إلى نصف (¬5) ذي الحجّة، وأطلقهم العزيز وعفا عنهم وأحسن إليهم (¬6). ... [عصيان بكجور بحمص على سعد الدولة واستنجاده بالعزيز بالله] وعصى بكجور بحمص على سعد الدولة واستدعى جيوش العزيز، فسارت معه ونزل (على حلب) (¬7) على باب اليهود [في مستهلّ شهر ربيع الآخر سنة 373] (¬8) وتحاربوا يومين (¬9). [بردس الفوقاس يهاجم حلب ويأخذ المال من سعد الدولة] وسار بردس الفوقاس الدّومستيقس إلى حلب، وورد خبره على بكجور فرحل إليه [عنها ليلة الأربعاء لثمان خلون من الشهر] (¬10) ونزل بردس الفوقاس [يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت منه] (¬11) على باب اليهود، ومفرّج معه، ¬
[بردس يسبي أهل حمص ويسير إلى تل خليفة]
فوقع القتال، وجرى بينه وبين سعد الدولة مراسلة، واستقرّ الحال بينهم على أن يحمل إليه سعد الدولة مال سنتين أربعين ألف دينار. [بردس يسبي أهل حمص ويسير إلى تلّ خليفة] وسار بردس الفوقاس [يوم الاثنين لثلاث بقين من الشهر] (¬1) وقصد حمص وسبى أهلها وأحرق بها جماعة [كانوا قد] (¬2) اعتصموا في مغاير. وسار إلى تلّ خليفة (¬3) وجاز به (¬4). [بكجور يستولي على دمشق ويقتل أحداثها] وسار بكجور إلى دمشق وتقلّدها وقبض بعد ذلك على أحداثها (¬5)، وقتل منهم (¬6) زهاء ثلاثة آلاف، وصلب بعضهم، وبنى على بعض منهم (¬7). ... [توقّف النيل واضطراب الأسعار وشدّة الغلاء والوباء بمصر] وتوقّف (¬8) النّيل بمصر في سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة، واضطربت الأسعار بمصر، وتزايدت أثمان الحبوب والأقوات، واشتدّ الغلاء في سنة ¬
[العزيز بالله يقبض على وزيره يعقوب بن يوسف]
ثلاث وسبعين، وفقد الخبز، واقترن بذلك وباء عظيم، فهلك فيه عالم من البشر (¬1). ... [العزيز بالله يقبض على وزيره يعقوب بن يوسف] وقبض العزيز على وزيره يعقوب بن يوسف في تلك السنة [يوم الأحد لاثني عشر ليلة بقيت من شوال سنة 373] (¬2)، [القبض على الفضل بن صالح وأخويه ومصادرة ثروته] وعلى الفضل بن صالح، وعلى أخوي الفضل، أفرد كلّ واحد منهم في مكان، وافتتن (¬3) بلد مصر في ذلك النّهار، وأخذ ثياب جماعة في طريق القاهرة، فأغلقت أسواق المدينة، وركب/108 أ/ولاة الشرط وسكّتوا الناس، وقبض على جميع ما يملكه الوزير، وحمل من دار الفضل بن صالح من آلة ومتاع، وحمل من دار (¬4) العزيز مائة ألف دينار عينا، فأقرّت في خزانة القصر. وكانت الدّواوين في دار الوزير، فنقلت إلى دار العزيز. [العزيز بالله يفرج عن الوزير وجميع المعتقلين ويردّ إليهم ثرواتهم] وكان الوزير يحبّ أهل العلم والأدب ويقرّبهم ويتفضّل (¬5) عليهم. [وبلغني أنه عرض على العزيز عند قبضه] (¬6) عليه جريدة بأرزاق الوزير على قوم من أهل العلم وورّاقين ومجلّدين (¬7) الدفاتر، مبلغها (¬8) ألف دينار في كلّ شهر، فأمر العزيز بإجرائها عليهم ولا يقطع شيئا منها. وقاموا في الإعتقال شهرين، وأطلقهم، وأمر بحمل المائتين (¬9) ألف دينار إلى الوزير، وردّ ما ¬
[سنة 375 هـ.]
أخذه له جميعا، وردّ أيضا إلى الفضل بن صالح وأخويه ما أخذه لهم، وأعاد كلّ واحد منهم إلى ما كان عليه (¬1). [سنة 375 هـ.] [العزيز بالله يعيّن خال ابنته بطريركا على بيت المقدس] وفي شهر رمضان سنة خمس وسبعين وثلاثمائة صيّر أريستس خال السيّدة ابنة العزيز بالله بطريركا على بيت المقدس، أقام عشرين سنة ومات بالقسطنطينية. وصيّر أخوه أرسانيوس (¬2) أيضا مطرانا على القاهرة ومصر. وكان لهما جميعا محلاّ لطيفا من العزيز بالله وتقدّما في مملكته [وجلالة قدره] (¬3). [أبو المعالي يدفع سعد الدولة عن حمل المال للروم] ودافع أبو المعالي سعد الدولة عن حمل المال المقرّر عليه للروم، [بردمس الفوقاس يستولي على كلّز ويقاتل أفامية] فسار بردس الفوقاس الدّومستيقس إلى كلّز (¬4) وقاتلها وفتحها (بأمان السيف) (¬5) وسبى أهلها (في صفر سنة 375 وأوقع (¬6) بجماعة من الحمدانية تصرّموا (¬7) عسكره) (¬8) ونزل على أفامية (¬9) ونصب عليها المنجنيقات، وهدم ¬
[قرعويه يفتح دير سمعان الحلبي]
بعض أبرجة حصنها، وقاتلها أشدّ قتال. [قرعويه يفتح دير سمعان الحلبي] وسار قرعويه (¬1) إلى دير سمعان الحلبي، وهو في آخر عمل أنطاكية [بردس الفوقاس يوقع بجماعة العرب والحمدانية] وأول عمل حلب، فحاصره ثلاثة أيام وقاتله أشدّ قتال، وفتحه بالسيف [يوم الأربعاء الثامن من أيلول سنة 1297 وهو لاثني عشر ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة 375] (¬2) وقتل جماعة من رهبانه، وكان ديرا آهلا عامرا، وسبى خلقا [كثيرا كانوا قد] (¬3) التجأوا إليه من أنطاكية ومن عمله، ودخلوا بهم إلى حلب وأشهروا بها. [الملك باسيل يأمر بردس بالإنصراف عن أفامية] وأنفذ بردس [الفوقاس] (¬4) الدومستيقس سريّة من عسكره إلى كفرطاب (¬5) فأوقعت بجماعة العرب والحمدانيّة. ولمّا اتّصل بالملك باسيل ما جرى على دير سمعان الحلبي كاتب بردس بالإنصراف عن أفامية. [المغاربة يستولون على حسن بلنياس] وفي هذه المدّة استولت المغاربة على حصن بلنياس (¬6) فولّى باسيل الملك أنطاكية لاون الماجسطرس المليسنوس (¬7)، [لاون الماجسطرس ينازل بلنياس] وسار بالعسكر ونازل بلنياس، وفي الحال أساء (¬8) باسيل الملك الظنّ بالبراكمومنوس (¬9) وأبعده عنه وأمره باللزوم داره، فأرجف (¬10) في العسكر بأنّ عصيانه قد تجدّد، فرحل ¬
[المليسنوس يسترجع بلنياس من المغاربة]
العسكر عن بلنياس، [المليسنوس يسترجع بلنياس من المغاربة] وأغضب ذلك باسيل الملك على المليسنوس، وخيّره في إحدى حالتين وهما (¬1): إمّا يعود إلى الحصن ويسترجعه. أو يقوم له بالمال الذي أنفق في العسكر (¬2)، ويسير غيره لأخذ الحصن. فضمن أنّه يعود يأخذه، وعادت معه العساكر، وعمل كبشا وصدم به السّور (¬3)، فسقط منه برج وبدنة، والتمس من كان فيه من المغاربة الأمان، [الملك يولّي بردس على أنطاكية وسائر المشرق] وانصرفوا عنه، وجدّد المليسنوس ما (خرب به وأحاط) (¬4). وحطّ الملك بردس الفوقاس عن الدومستيقس وجعله دوقاس (¬5) على المشرق (وولاّه على أنطاكية/108 ب/وعلى سائر بلاد المشرق) (¬6). [سنة 376 هـ.] [تجديد الهدنة بين بردس وأبي المعالي بحلب] وعقد بردس الفوقاس مع (أبي المعالي) (¬7) ابن حمدان هدنة مجدّدة في سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة، واستقرّ الحال بينهما على أن يحمل الحلبيّون إلى الملك باسيل في كلّ سنة الأربعمائة ألف درهم (الفضّة) (¬8) التي وافقهم عليها، وكتب بينهم بذلك كتابا (¬9). [هرب ولدي صموئيل ملك البلغر] وتحيّل ولدا صموئيل ملك البلغر اللذان كان يانيس الشمشقيق (¬10) ¬
[البلغر يقتلون ابن صموئيل الأكبر خطأ]
أخذهما واعتقلهما في البلاط، وهربا من حبسهما على فرسين كانا قد تقدّما بإعدادهما لهما، فلمّا حصلا في الدرب النافذ إلى البلغرية وقف المركوبان اللذان تحتهما [فنزلا عنهما] (¬1) واستخفيا في الجبال خوفا من أن يلحقا، [البلغر يقتلون ابن صموئيل الأكبر خطأ] وسارا راجلين، وسبق الكبير منهما أخاه الصغير في طريقهما، وكان متنكّرا، فشعر به قوم من البلغر (¬2) يحفظون ذلك الجبل من (متلصّصة الروم) (¬3)، فرماه أحدهم-وهو لا يعرفه-بفردة فقتله، [البلغر يملّكون ابن صموئيل الأصغر عليهم] ووافاه (¬4) أخوه الصغير في الأثر وعرّفهم بنفسه، فأخذوه ثم ملّكوه عليهم. وكان له غلام يعرف بالقمطوفلس (¬5) فشدّ معه، واجتمع إليه البلغر، وغزوا بلدان الروم، فتوجّه الملك نحوهم في عساكر جسيمة ونزل على مدينتهم المسمّاة أبارية (¬6) وقاتلها، ووقع الصوت في عساكره بالليل بأنّ الدّرب قد أخذ عليهم، [البلغر يهزمون الملك باسيل عند أبارية] فانهزم الملك وجميع [من في] (¬7) عسكره [يوم الثلاثاء سابع عشر من سنة 1297 وهو لسبع خلون من ربيع الآخر سنة ست وسبعين وثلاثمائة] (¬8) وطلبوا الدّرب، وتبعه البلغر ونهبوا (¬9) سواده وخزائنه، وهلك خلق كثير من عسكره، وذلك في السنة العاشرة من ملكه، [السقلاروس يطلب من صمصام الدولة إطلاقه لمحاربة الملك] واتّصل ذلك بالسقلاروس، فراسل صمصام الدولة [بن عضد الدولة] (¬10) يسأله إطلاق سبيله لينتهز الفرصة، والتمس منه أن ينجده بالرجال والعدد، وبذل (¬11) له القيام بما كان شرطه ¬
[السقلاروس يأخذ ملطية ويقبض على كليب البطريق]
لوالده عضد الدولة، فجنح إلى ذلك، وأخذ على السقولاروس، وعلى أخيه قسطنطين، وعلى رومانوس بن السقولاروس العهود والمواثيق بالوفاء بذلك، وأفرج [عنه و] (¬1) عن سائر أصحابه [وعنهم جميعا] (¬2)، وكانوا زهاء ثلاثمائة رجل [في شعبان من السنة] (¬3)، وأطلق لهم دوابا وسلاحا ممّا كان أخذه منهم، وأحضر بني المسيّب رؤساء بني عقيل ليسيروا معه، وبرز به إلى ظاهر مدينة السلام، فثقل على كثير من المسلمين إطلاقه، وأكثروا (الكلام) (¬4) في معناه، وانتهى الكلام إلى السقولاروس (¬5) فتخوّف أن يتعقّب الأمر في بابه، فسأل العرب أن يهربوا به (¬6) سرعة، فساروا به وبسائر أصحابه إلى حللهم، واستدعوا (¬7) أيضا قوما من بني غير وسلكوا به في البريّة إلى أن وصلوا به إلى الجزيرة، وعبر (¬8) الفرات وحصل في ملطية في [1 شباط سنة 1298 وهو] (¬9) شوّال سنة ستّ وسبعين وثلاثمائة. [السقلاروس يأخذ ملطية ويقبض على كليب البطريق] وكان كليب البطريق الذي سلّم حصن برزويه حينئذ بملطية باسليقا عليها وناظرا فيها، فقبض عليه السقولاروس وأخذ ما عنده من المال والكراع والكسوة [والآلات] (¬10)، [السقلاروس يدعو لنفسه بالملك] وقوي به، ودعا لنفسه بالملك، وتحيّل أيضا نقفور (الأوريون) (¬11) الذي أرسل (¬12) به الملك إلى عضد الدولة في باب السقولاريوس، واستدعى رجلا من البادية ¬
[باسيل الملك يسير بردس الفوقاس لقتال السقلاروس]
وأخذه وأوصله إلى بلد الروم، وعاد إلى [حضرة] (¬1) باسيل الملك وتفاقم أمر السقولاروس، واجتمع إليه من العرب العقيليّين والنّميريّين الواردين/109 أ/ معه عدد كثير، ومن الأرمن، واستنجد أيضا بباذة (¬2) الكردي صاحب ديار بكر، وأنفذ (¬3) إليه أخاه أبا عليّ في عسكر قويّ. واضطر باسيل الملك إلى أن أعاد بردس الفوقاس إلى الدومستيقيّة [في ذي الحجّة من السنة] (¬4) [باسيل الملك يسيّر بردس الفوقاس لقتال السقلاروس] وسيّر إليه الجيوش، ورسم إليه لقاء السقولاروس بعد أن أنفذ إليه من استخلفه بجميع الآثار (¬5) المقدّسة، وأخذ عليه العهود والمواثيق (بمناصحته) (¬6) وموالاته والمحافظة على طاعته، فكتب الفوقاس إلى السقلاروس يلتمس منه أن ينفذ إليه أخاه قسطنطين، وهو زوج أخت بردس الفوقاس، فأنفذه إليه [اتفاق السقلاروس وبردس على قتال الملك باسيل] وأرسل (¬7) به بردس الفوقاس إلى أخيه السقلاروس ليقرّر معه أن يتّفق جميعا على منازعة باسيل الملك وحربه فيحوزان ملكه ويقتسمانه (¬8) بينهما، ويكون الفوقاس في مدينة القسطنطينية، والسقلاروس خارجا عنها، فأجابه السقلاروس إلى ما أراد، وتحالفا وتعاهدا عليه. ولمّا استقرّ بينهما ما عقداه على أن يجتمع العسكران أنكر ذلك رومانوس (بن) (¬9) السقلاروس، ولم يوافق أباه على رأيه، وأعلمه أنّها مكيدة من الفوقاس عليه، ولم يقبل منه أبوه، فتخلّى رومانوس ابنه عنه، [ابن السقلاروس يكشف للملك باسيل المؤآمرة] وقصد باسيل الملك، وكشف له ما شرع القوم فيه، وما تقرّر بين أبيه وبين بردس الفوقاس. وسار الفوقاس إلى ¬
[بردس الفوقاس يقبض على السقلاروس]
جيحان، [بردس الفوقاس يقبض على السقلاروس] واجتمع مع السقلاروس وتفاوضا فيه (¬1) ما يحتاجان إليه، وانفصلا على وعد أن يجتمعا أيضا. وعاد السقلاروس أيضا (إليه) (¬2)، وعند اجتماعهما قبض الفوقاس على السقلاروس وحمله إلى حصن كانت حرمته مقيمة فيه، فاعتقله هناك، وقال له: تكن (¬3) مقيما على حالك في هذا الحصن حيث حرمتي، فإذا أنا بلغت ما أقصد واستوليت على الملك وفيت (¬4) لك ما وافقتك عليه ولم أغدر بك. [بردس الفوقاس يدّعي الملك لنفسه] وكاشف بردس الفوقاس بالعصيان، ودعي له بالملك يوم [الأربعاء] (¬5) عيد الصليب [وهو رابع عشر أيلول سنة 1298] (¬6)، الموافق لثلاث عشرة ليلة [بقيت] (¬7) من جمادى الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. وملك بلد الروم إلى دروليّة (¬8) وإلى شاطىء البحر، وبلغت عساكره إلى خريصوبولي (¬9)، [اتّساع سيطرة بردس إلى ذروليّة وخريصوبولي] واستفحل أمره، وجزع (¬10) باسيل الملك منه لقوّة جيوشه واستظهاره عليه، فنفدت أمواله، فدعته الضرورة إلى أن أرسل إلى ملك الروس وهم أعداؤه يلتمس منهم المعاضدة على ما هو بصدده (¬11) فأجابه إلى ذلك، [الملك باسيل يزوّج أخته لملك الروس ليساعده على حرب بردس] وعقدا (¬12) بينهما مصاهرة، وتزوّج ملك الروس أخت باسيل الملك بعد أن أشرط عليه ¬
[الملك باسيل يرسل المطارنة لعمادة ملك الروس الملحد]
أن يعتمد هو وسائر أهل بلاده وهم (¬1) أمّة عظيمة. وكان الروس يومئذ لا ينتمون إلى شريعة ولا يعتقدون ديانة. [الملك باسيل يرسل المطارنة لعمادة ملك الروس الملحد] وأنفذ إليه باسيل الملك فيما بعد مطارنة وأساقفة وعمّدوا (¬2) الملك وجميع من تحويه أعماله [ثم أرسل إليه باسيل الملك]] (¬3) أخته. [جيش الروس ينضمّ إلى جيش الروم لقتال بردس الفوقاس] وبنت (¬4) كنائس كثيرة في بلد الروم ولما استقرّ بينهما أمر التزويج وردت جيوش الروس أيضا، وانضافت إلى عساكر الروم التي لباسيل الملك، فتوجّهت بأجمعهم (¬5) للقاء بردس الفوقاس برّا وبحرا إلى خريصوبولي (¬6)، فاستظهروا على الفوقاس، واستولى باسيل الملك على ناحية البحر، [باسيل يستولي على المراكب البحرية لفوقاس] وملك سائر المراكب التي في يد الفوقاس. وكان باسيل الملك بعد نزول [جيوش] (¬7) الفوقاس على ظاهر مدينة القسطنطينيّة واحتوائه على ناحية المشرق، وقد سيّر الطاروني الماجسطرس في البحر إلى طرابزندة، وجمع خلقا وتوجّه إلى شاطيء الفرات، [بردس يستنجد بملك الجرزان ويهزم الطاروني قائد الروم] فأنفذ بردس الفوقاس ولده نقفور المعوجّ (¬8) إلى داود (¬9) ملك (الجرزان) (¬10) يستنجده على الطاروني، فسيّر معه غلاما له في ألف فارس وسار معه أيضا ابنا بقراط البطريقان صاحبا الخالديّات (¬11) في ألف فارس، فلقوا الطاروني وهزموه، فاتّصل بهم في الحال ¬
[سنة 378 هـ-]
استظهار عساكر باسيل الملك على الفوقاس في البحر في خريصوبولي (¬1)، فعاد غلام داود الخرزي (¬2) برجاله، وكذلك ابنا بقراط إلى مواضعهم، واحتجّوا عليه بأنّهم قد فعلوا ما أراده منهم من هزيمة الطاروني. [سنة 378 هـ-] [لاون بن بردس يخرج اغابيوس البطريرك من أنطاكية] وتفرّق العسكر الذي مع نقفور بن الفوقاس فسار إلى والدته وهي مقيمة بالحصن الذي فيه السقلاروس معتقلا، وكان بردس الفوقاس قد خلّف ابنه لاون بأنطاكية، ورسم له أن يتلطّف في إخراج أغابيوس البطريرك عن المدينة لئلاّ يتمّ عليه منه حيلة، فاستركبه لاون إلى ظاهر المدينة وأوهمه أنّه يحتاج أن يفاوضه في أمر يهمّه، واستدعى أيضا جماعة من أهل أنطاكية، وعاد لاون إلى أنطاكية ومنع أغابيوس البطريرك ومن خرج معه من الدخول [وذلك يوم السبت ثامن شهر آذار سنة 1300 وهو لسبع ليال بقين من ذي القعدة سنة 378] (¬3). [الملك باسيل يظفر ببردس الفوقاس ويقتله] وخرج باسيل الملك وأخوه قسطنطين في عساكرهما وفي جيوش الروس [ووافوا] (¬4) بردس الفوقاس في أبدوا (¬5) وهو بالقرب من عبر (¬6) القسطنطينيّة، وظفروا بالفوقاس، وقتل يوم السبت [ثالث عشر نيسان من السنة وهو لثلاث ليال خلون من] (¬7) المحرّم سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، وحمل رأسه إلى القسطنطينيّة وأشهر بها. وكانت مدّة عصيانه سنة واحدة وسبعة أشهر. [امرأة بردس الفوقاس تطلق سراح السقلاروس] (ولمّا سمعت امرأته خبر قتله) (¬8) أطلقت السقلاروس من الاعتقال، فاجتمع إليه سائر من كان مع الفوقاس من المخالفين على باسيل الملك، ¬
[السقلاروس يوسط قسطنطين عند أخيه الملك باسيل]
وعاد لبس الخفّ الأحمر (¬1)، وانضوى إليه نقفور المعوجّ بن بردس الفوقاس، [السقلاروس يوسّط قسطنطين عند أخيه الملك باسيل] وراسل (السقلاروس إلى قسطنطين الملك أخي باسيل الملك) (¬2) في أن يتوسّط حاله مع أخيه باسيل في رجوعه إلى طاعته، ويصفح له عن سائر ما سلف منه والعفو [عنه وعن من تحيّز إليه من العصاة] (¬3)، (وضمن له عنه الإحسان التامّ، [الملك باسيل يصفح عن السقلاروس وأصحابه] فأجابه إلى ذلك ونزع الخفّ الأحمر عن رجله يوم الجمعة حادي عشر تشرين الأول سنة 1301 وهو مستهلّ رجب سنة 379) (¬4) فأحضره قسطنطين الملك إلى أخيه باسيل ووطيء بساطه (وقبّل الأرض بين يديه) (¬5). واستقرّت الحال على أن جعل باسيل الملك لبردس السقلاروس قربلاط (¬6)، ورتّب أخاه وجميع أصحابه (¬7)، وأقطعه بلد الأرميناقوين (¬8) ورعبان (¬9) جزيا (¬10) وخراجا مضافا إلى نعمته القديمة، وصفح عن نقفور بن بردس الفوقاس وأقطعه نعمة حسنة، [لاون بن الفوقاس يقم بأنطاكية مخالفا للملك] فأمّا أخوه لاون بن الفوقاس فإنّه أقام بأنطاكية على الخلاف، وتحصّن في مرقب في أعلى سورها من ناحية الجبل وحصّنه، وكان معه جماعة من الأرمن ومن المسلمين [واستنفر المسلمون والتمس منهم أن ينجدوه] (¬11). واجتمع إليه أهل أنطاكية، ودخل المنفيّون أيضا، وقاتلوه أربعة أيّام، وأنزلوه/110 أ/في اليوم الخامس بالأمان [وهو ¬
[ميخائيل البرجي يحمل لاون إلى باسيل الملك]
يوم الأحد ثالث تشرين الآخر سنة 1301 وهو لستّ بقين من رجب سنة 379] (¬1) [ميخائيل البرجي يحمل لاون إلى باسيل الملك] وأنفذ باسيل الملك ميخائيل (¬2) البرجي الماجسطرس إلى أنطاكية وحمل لاون بن [بردس] (¬3) الفوقاس، ونفاه الملك إلى بلد أدرليّة (¬4). [الملك باسيل ينقم على أغابيوس البطريرك صداقته لبردس] ونقم (¬5)؟؟؟ باسيل الملك على أغابيوس بطريرك أنطاكية ونفاه، وألزمه المقام في إحدى ديارات القسطنطينيّة، وله يومئذ بالرئاسة اثنتا عشرة سنة. وكان السبب في تنكّره عليه أنّه وجد في أحدى صناديق بردس الفوقاس بعد الوقوع به كتابا إليه من أغابيوس البطريرك يصوّب فيه رأيه ويقوّي عزيمته في أمر شاوره فيه من غير إيضاح (¬6) بذكره، فسبق إلى نفس باسيل أنّ تلك المشورة كانت فيما أتاه من العصيان عليه، وصدق به علامات (¬7) متقدّمة رقيت إليه في هذا المعنى. وأقام أغابيوس في النفي دون السبع سنين، وهو في مدّتها يعمل الشّرطونيّات لكرسيّه ويمتثل أمره فيه (¬8). [الزلازل في القسطنطينية ونيقوميدية] و (في (¬9) السنة الرابعة عشر من ملك باسيل [وهي سنة 379] (¬10) حدث بالقسطنطينيّة زلازل عظيمة، ووقع فيها ثلث كنيسة آجيا صوفيّا وخسف بدور كثيرة في نيقوميدية على سكّانها. وجدّد الملك ما سقط في آجيا صوفيّا، وردّه إلى ما كان عليه في السنة الثامنة عشر من ملكه. ¬
[باسيل يحقد على ملك الجرزان وصاحبي الخالديات لإنجادهم الفوقاس]
[باسيل يحقد على ملك الجرزان وصاحبي الخالديات لإنجادهم الفوقاس] وحقد باسيل الملك على داود ملك الجرزان (¬1) صاحب مدينة النيّ (¬2)، وعلى ابني بقراط صاحبي الخلديات (¬3) لإنجادهم (¬4) الفوقاس، وأنفذ عسكرا ليغزوهم مع بطريق يعرف بالجاكروس (¬5)، وقصد ابني بقراط وقتل الكبير منهما، ونفى الصغير. [ملك الجرزان يلتمس العفو من باسيل ويدعو له بالملك في بلاده] والتمس داود ملك الجرزان من الملك باسيل العفو والصّفح وبذل (¬6) له الطاعة والعبودية وأن يكون (¬7) (بلاده بعد موته-إذ لم يكن له ولد يرثه) (¬8) -مضافة إلى ملكه [إذ هو شيخ كبير ولا ولد له ولا وارث غيره] (¬9) ويستأذنه في إنفاذ رؤساءه (¬10) إلى حضرته (¬11) ليأخذ عليهم ويتوثّق منهم في أن يتسلّموا البلاد بعد وفاة صاحبها، فحسن موقع فعله في نفس الملك باسيل وجعله قربلاط، وأنفذ إليه بثياب مزيّنة فلبسها، ودعى (¬12) في بلاده لباسيل الملك. وسيّر كاثوليكوس الجرزان (¬13) إلى حضرته مع جماعته (¬14) من رؤساء بلاده، فرتّبهم الملك وأحسن إليهم (وعاد جماعتهم إلى داود) (¬15). ¬
[سنة 380 هـ.]
[سنة 380 هـ.] [البلغر يغزون بلاد الروم إلى سالونيكا] وفي مدّة عصيان الفوقاس واشتغال الملك باسيل بحربه انتهز البلغر الفرصة وغزوا بلد الروم دفعات، وأتوا إلى بلد صالونيكي (¬1) وتطرّقوا أعمال الروم التي في المغرب، فتأهّب باسيل الملك لغزوهم وخرج إلى ديوطمه في سنة ثمانين وثلاثمائة. [باسيل يتأهّب لحرب البلغر] وفيها ثبت (¬2) السقلاروس وجمع العساكر فيها، واستدعى السقلاروس ليسير معه في غزواته، وكان هو وأخوه جميعا مريضين مدنفين، وحمل السقلاروس إلى حضرته في سرير وألقى نفسه على رجلي الملك، ولمّا شاهد الملك حاله رسم له المقام في بيته ووصله (¬3) بقنطار دنانير ليصّدّق به، وتوّجه الملك إلى البلغريّة. [موت السقلاروس وأخيه قسطنطين] وبعد أيام يسيرة مات السقلاروس [وكان موته يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة] (¬4)، ومات أخوه قسطنطين بعده بخمسة أيام. (وكان بين قتل بردس الفقاس (¬5) وبين موت [بردس] (¬6) السقلاروس دون سنتين) (¬7). [باسيل يهزم البلغر ويأسر ملكهم] ولقي باسيل الملك البلغر وهزمهم، وأسر/110 ب/ملكهم وأعاده إلى حبسه الذي هرب منه، وأفلت (¬8) القمطوفليس صاحب جيوشه وضبط مملكة البلغريّة، وأقام باسيل الملك مناصبا لهم وغازيا لبلادهم مدّة أربع سنين. ¬
[استيلاء باسيل على عدة حصون وتخريب مدينة باريا]
[استيلاء باسيل على عدّة حصون وتخريب مدينة باريا] وكان في الشتاء يخرج إلى أطراف بلد البلغر يغزوا (¬1) ويسبي فيها. وفتح في هذه المدّة عدّة حصون من حصونهم، فتمسّك ببعضها، وأخرب منها ما ظنّ أنّه لا ينضبط له، وأخرب مدينة باريا في جملة ما أخرب. ... [عود إلى سنة 377 هـ.] [شرف الدولة يعود لمحاربة أخيه ويستولي على بغداد وشيراز] وأمّا (¬2) شرف الدولة فإنّه عاد إلى محاربة أخيه صمصام الدولة، ولمّا قرب من بغداد استأمن إليه أكثر عسكر أخيه (خرج صمصام الدولة) (¬3) وقصده، فلمّا حل عنده قبض عليه وسمله (¬4)، وسار إلى بغداد، وملكها في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وحمله إلى سيراف (¬5) وحبسه في قلعة بها، واستولى على شيراز وبغداد (¬6). ... ¬
[سنة 378 هـ.]
[سنة 378 هـ.] [المغاربة يفتحون حصن وادي القرى] وفي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة فتح المغاربة حصن وادي القرى من أعمال الحجاز، وكان خبر فتحه أنّ بلتكين (¬1) العزيزيّ حجّ (¬2) من مصر إلى مكة في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، ونزل عليه في عودته وهتك حصنه، وكان في يد إنسان يعرف بابن أبي حازم، فقتله وملك جماعة من أهله، وأقام فيه واليا من قبل العزيز بالله (¬3). ... [378 - 379 هـ.] [رعد وبرق وريح شديدة تضرب مصر] وحدث بمصر يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجّة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة رعد وبرق وريح شديدة، ولم تزل إلى نصف الليل، ثم اسودّت (¬4) منه المدينة، وكان سواد لم ير مثله إلى وجه الصبح، وخرج من السماء مثل عمود نار، واحمرّت منه السماء والأرض احمرارا شديدا، وكان ينثر من الجو (¬5) غبارا كثيرا شبيها بالفحمة (¬6) يأخذ بالنفس. ولم يزل كذلك إلى الساعة الرابعة من النهار، وظهرت الشمس مغيّرة اللّون، ولم تزل تطلع مغيّرة إلى [يوم الثلاثاء] (¬7) ثاني المحرّم سنة تسع وسبعين وثلاثمائة (¬8). ... ¬
[بكجور يتسلم الرقة من غلام سعد الدولة]
[بكجور يتسلّم الرّقّة من غلام سعد الدولة] وسار بكجور (¬1) من دمشق إلى الرقّة، تسلّمها من غلام لسعد الدولة كان فيها مقيما، وأقام بكجور بها. [منير الخادم يدخل دمشق] وحصل (¬2) بدمشق منير الخادم الصقلبي غلام الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس (¬3). ... [ظهور الكوكب ذو الذؤآبة بالمغرب] وظهر كوكب ذو ذوأبة في المغرب ليلة الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، فأقام نيّف عشرين (¬4) يوما وغاب (¬5). ... [وفاة شرف الدولة أبي الفوارس وانتقال الإمارة لأخيه أبي نصر] ومات شرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة في سنة ثمانين ¬
[وفاة الوزير يعقوب بن كلس]
وثلاثمائة (¬1)، وجلس على الإمارة أخوه أبو نصر (¬2) فيروز بهاء الدولة، وأضيف إلى لقبه [هذا] (¬3) ضياء الملّة وغياث الأمّة [عظيم الهيبة] (¬4). ... [وفاة الوزير يعقوب بن كلّس] ومات الوزير يعقوب (¬5) بن يوسف بن كلّس بمصر [يوم الاثنين لستّ خلون من ذي الحجة سنة 380] (¬6)، وكان رجلا جيّد العقل حسن السياسة كبير الهمّة خبيرا بتدبير المملكة، وكان يهوديّا في أول أمره متصرّفا حديثه مع بعض التجّار، ثم أسلم في أيام كافور الإخشيد، وتصرّف (¬7) في بعض خدمته، وخرج بعد موته إلى المغرب وقصد المعزّ لدين الله، وعند دخوله إلى مصر قلّده خراجه، ولم يزل ينظر فيه إلى أن ندبه العزيز بالله/111 أ/ بالوزارة، وركب العزيز إلى داره بعد موته وصلّى عليه، وكشف عن وجهه وبكى عليه بكاء شديدا [وحزن على موته حزنا عظيما] (¬8) وكان أهلا لذلك. ¬
[الزلزلة بدمشق وبعلبك]
وكان صنّف له كتاب فقه ونسب إليه (¬1)، وروى ما فيه عن العزيز بالله وعن آبائه الأئمة وحمله إلى الجامع العتيق بمصر، وأخذ الناس بالعويل (¬2) عليه، وأمر الفقهاء بالفتيا منه، فأكثر الناس الكلام في ذلك، ولم ير أكثرهم العمل به، وتبيّن ذلك منهم فأعفاهم منه. ... [الزلزلة بدمشق وبعلبك] وحدث بدمشق زلزلة عظيمة يوم السبت سابع عشر المحرّم سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وسقط منها زهاء ألف دار، ومات تحت الردم خلق عظيم، وخسف في تلك الليلة بقرية من قرى بعلبك. وكانت الزلازل بدمشق وأعمالها وبعلبك (¬3)، وخرج الناس من دورهم إلى الصحراء والخيم، وقامت الزلازل متتابعة إلى يوم الجمعة السابع عشر من صفر من السنة (¬4). ... [بكجور ينازل بالس ويرحل عنها] وسار بكجور من الرقّة طالبا لحلب في المحرّم سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، ونزل على بالس وقاتلها ونقب فيها نقوبا كثيرة، وأشرف على أخذها، فسدّوا النقوب واشتدّوا في قتاله، فرحل عنها، وسار سعد الدولة للقائه في جميع عسكره وبني كلاب وفي ناشئة (¬5) استدعاها من أنطاكية، [سعد الدولة يهزم بكجور بأرض الناعورة] واجتمعوا في أرض الناعورة (¬6) [في انسلاخ المحرّم] (¬7) وانهزم بكجور وأسرته ¬
[مقتل بكجور]
العرب، [مقتل بكجور] واشتراه سعد الدولة منهم. ولما حصل عنده أمر بضرب عنقه (وطيف برأسه وعلّق منكّسا، ثمّ صلب) (¬1). [سعد الدولة يملك الرّقّة ويستولي على الرحبة] وسار سعد الدولة إلى الرقّة وملكها، ورحل منها إلى الرّحبة واستولى عليها وعاد إلى حلب (¬2). ... [عصيان منير الصقلبي بدمشق] وعصى منير الصقلبي بدمشق بعد موت مولاه الوزير يعقوب بن يوسف، [العزيز بالله يسيّر بنجوتكين ومعه نزّال والي طرابلس لقتال منير] فسيّر العزيز بالله إليه بنجوتكين (¬3) التركي ولقّبه أمير الجيوش المنصورة [في شعبان سنة 381] (¬4)، ورسم له محاربته، [نزّال والي طرابلس يأخذ منير أسيرا] وتقدّم إلى نزّال والي طرابلس بالاجتماع معه على لقاء منير وأخذه، [بنجوتكين يحمل منير إلى مصر ثم يعفى عنه] فسار نزّال إلى دمشق ولقيه قبل وصوله بنجوتكين، فانهزم منير وأخذه نزّال أسيرا، وقتل من أهل دمشق مقتلة عظيمة، ووصل بنجوتكين إلى [دمشق ثاني يوم الوقعة وتسلّم منير، وحمله إلى مصر وأشهر بها في ذي الحجّة من السنة] (¬5) وأعفي عنه (¬6). ... [بهاء الدولة يخلع الطائع لله من الخلافة ويعتقله] وأمّا بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة فإنه مدّ عينه إلى مال جمعه الخليفة الطائع (بن) (¬7) عبد الكريم بن المطيع (¬8)، وسيّره إليه، وركب إلى دار السلطان، وقبض على الطائع بغير ذنب وخلعه من الخلافة يوم السبت ¬
ثاني عشر شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وكانت خلافته سبع عشرة سنة وتسعة (¬1) أشهر [وسبعة وعشرين يوما] (¬2) واستولى على جميع ماله وقطع أذنه واعتقله في دار السلطان مدّة إلى أن مات (¬3). ¬
(خلافة القادر بالله)
(خلافة القادر بالله) وبويع بالخلافة في اليوم الذي خلع فيه الطائع لله لأبي العباس أحمد بن إسحاق ابن المقتدر، ولقّب القادر بالله، ونودي بذلك في مدينة السلام، وكان القادر مقيما بالبطيحة، وحمل إلى بغداد، وجلس في الخلافة في [يوم الثلاثاء لسبع خلون من] (¬1) شهر رمضان من السنة (¬2). [خروج بهاء الدولة لقتال أخيه صمصام الدولة بالبصرة] (وانحدر بهاء الدولة إلى البصرة لقتال أخيه صمصام الدولة المكحول، وجرت بينهما حرب) (¬3). [وفاة سعد الدولة أبي المعالي بحلب] ومات سعد الدولة أبو المعالي بن سيف الدولة بحلب في (خامس عشرين) (¬4) رمضان/111 ب/من السنة (¬5)، وجلس في الإمارة ابنة أبو الفضائل. [بنجوتكين يأخذ حمص من أبي الفضائل] وتوجّه بنجوتكين من دمشق إلى حلب وفتح حمص، [أبو الفضائل يستنجد بميخائيل البرجي والي أنطاكية] والتمس أبو الفضائل من والي أنطاكية وهو يومئذ ميخائيل البرجي [الماجسطرس] (¬6) أن ينجده، فجمع ميخائيل العساكر التي قريبة منه ونزل على فسطون، وراسله ¬
[البرجي يعتقل رسول بنجوتكين]
بنجوتكين يعلمه أنّ قصده إلى حلب خاصّة، وأنه لا يتطرّق (¬1) إلى شيء من أعمال الروم، ولا يرخّص في فساد يجري من أحد من أصحابه في بلدهم [البرجي يعتقل رسول بنجوتكين] فقبض البرجي على رسوله واعتقله. [سنة 382 هـ.] [هزيمة الحمدانيّة أمام بنجوتكين] ووقع القتال بين بنجوتكين والحمدانية على أفامية، وانهزم الحمدانية في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وقتل وأسر جماعة منهم. [بنجوتكين يفتح حصن عمّ للبرجي ويهاجم أنطاكية] ونزل ينجوكتين على حلب بناحية باب (اليهود ووقع الحرب في (¬2) جميع جوانب المدينة) (¬3) وأقام على حلب ثلاثة وثلاثين يوما، ورحل عنها ودخل إلى أعمال الروم بسبب اعتقال البرجي لرسوله، ونزل على حصن عم (¬4) ضيعة البرجي في بلد أرتاح (¬5) فقاتله وفتحه، وسبى وقتل [ونهب] (¬6)، وسار إلى أنطاكية ونزل عليها، وضرب خيمة حمراء على باب فارس، وأحاط بالسور من باب فارس إلى باب البحر وناشبهم القتال، فرشقه الأنطاكيّون بالنّشّاب، وأقام نصف يوم، [ميخائيل البرجي يجبن عن قتال بنجوتكين] وأشرف البرجي على عسكر بنجوتكين فاستعظمه، ورأى أنّه أوفر وأعظم (¬7) من عسكره، واعتزل عنه وعاد بنجوتكين إلى منازلة حلب، وراجع القتال مدّة سنة وشهر (¬8). وسار (¬9) عنها إلى دمشق [في رجب من السنة] (¬10). ¬
[باسيل الملك يطلق سراح رسول بنجوتكين]
[باسيل الملك يطلق سراح رسول بنجوتكين] وكان باسيل الملك مقيما في بلاد الغرب لغزو البلغر، ولمّا انتهى إليه ما فعله البرجي برسول بنجوتكين أنكره عليه، واستدعى الرسول إليه وشاهده وخاطبه وأطلق سبيله (¬1). [عصيان المسلمين في اللاذقية وسبي البرجيّ لهم] وعصى المسلمون في بلد اللاذقية، وسار البرجي إليهم وسباهم وحملهم إلى بلد الروم (¬2). [سنة 383 هـ.] [وفاء الخادم يسلّم أفامية لبنجوتكين] وعاد بنجوتكين من دمشق ونزل على أفامية (¬3) فسلّمها إليه وفاء خادم سيف الدولة [يوم الخميس لعشر خلون من] (¬4) رجب سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، [بنجوتكين يتسلّم شيزر من غلام سعد الدولة] ورحل إلى شيزر (¬5) وقاتلها، وتسلّمها من سوسن غلام سعد الدولة (¬6) [يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب من السنة] (¬7). [بنجوتكين يعود لمنازلة حلب] وعاد إلى منازلة حلب، [الحلبيّون يستنجدون بالملك باسيل] فراسل الحلبيّون الملك باسيل يسألونه النجدة وأن يعينهم على دفع بنجوتكين عنهم، فتقدّم إلى الماجسطرس ميخائيل البرجي والي أنطاكية ينجدهم ويدفع بنجوتكين عن حلب، وجمع البرجي ¬
[تحالف ميخائيل البرجي والحمدانيين لمحاربة بنجوتكين]
العساكر، وأنفذ الملك إليه لاون الماجسطرس المليسنوس (¬1) في عسكر آخر مددا له، ورتّب البرجي قوما يغيرون على أعمال حلب، فأسروا وسبوا، وهربوا (¬2) الذين كانوا يحملون الميرة والعلوفة إلى عسكر بنجوتكين خوفا منهم، وضيّق عليهم، ونزل البرجي والمليسنوس بالعساكر في الأرواج (¬3)، وانضاف إليهم عسكر الحمدانيّة، ورحل بنجوتكين عن حلب وتوجّه لقتالهم، ونزل على شاطيء النهر [المعروف بالمقلوب أي العاص] (¬4) مقابل عسكر الروم والحمدانيّة، والنهر بينهما، [تحالف ميخائيل البرجي والحمدانييّن لمحاربة بنجوتكين] ولمّا رأى البرجي عسكر بنجوتكين ووفوره لم ير أن يناشبه القتال بمن (¬5) معه، فألزمه الحلبيّون بأن يلقاه وهوّنوا أمره عليه/112 أ/، ونزل الروم على مخاضة والحلبيّون على مخاضة، واستعدّوا للعبور عليه (¬6)، [بنجوتكين يهزم الروم والحمدانيّة عند نهر العاصي] فأنفذ بنجوتكين العرب الذين كانوا معه مع قطعة من عسكره للقاء الحلبيّين، وانتصب هو (وبقية) (¬7) عسكره لقتال الروم. ولمّا أشرف العرب على الحلبيّين انهزم الحلبيّون عن المخاضة، وتبعهم العرب ونهبت سوادهم، فلمّا شاهد الروم ذلك انهزموا أيضا، وتخلّوا عن البرجي والمليسنوس واضطرّا إلى الهزيمة، وقتل من عسكر الروم زهاء خمسة آلاف، وذلك يوم (الجمعة لستّ ليال خلت من شعبان) (¬8) سنة أربع وثمانين ¬
[بنجوتكين يعود لمنازلة حلب ويفتح حصن أعزاز]
وثلاثمائة. وعاد البرجي والمليسنوس إلى أنطاكية. وسمّيت هذه الوقعة وقعة المخاضة (¬1). [بنجوتكين يعود لمنازلة حلب ويفتح حصن أعزاز] وعاد بنجوتكين إلى منازلة حلب ومحاصرتها، وفتح حصن اعزاز، وملك سائر أعمال حلب، وولّى عليها، وبنى حصنا مقابل حلب [واستخرج الخراج] (¬2). [عود إلى سنة 383 هـ.] [العزيز بالله يردّ النظر بالأمور إلى ابن الفرات ثم إلى ابن نسطورس] وردّ العزيز النظر في الأمور إلى أبي الفضل (¬3) جعفر بن الفرات (¬4)، فنظر في الأمور [في شهر ربيع الأول سنة 383] (¬5) ووقف عليها (¬6) وعجز عن القيام بما عوّل عليه فيه فاعتفى (عن ذلك بعد أربعة أشهر) (¬7) وردّ العزيز ¬
[الحلبيون يستغيثون بالملك باسيل وهو يغزو البلغر]
النظر في الأمور إلى عيسى بن نسطورس النّصرانيّ، وخوطب بسيّدنا الأجلّ (¬1)) (¬2). [الحلبيّون يستغيثون بالملك باسيل وهو يغزو البلغر] ولمّا عظم استضرار الحلبيّين بمحاصرة بنجوتكين استغاثوا بالملك باسيل، وكان جملته (¬3) مقيما في غزو البلغر، فخرج من البلغرية جريدة (¬4) لنصرتهم، ووافى أنطاكية في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ولم يعلم به، وحصل بمرج دابق. [استجابة الملك باسيل للحلبيين وانهزام بنجوتكين إلى دمشق] وبلغ بنجوتكين ورود الملك، فانهزم إلى دمشق [مستهلّ ربيع الآخر من السنة] (¬5) بعد أن أحرق الحصن الذي بناه، وأحرق جميع ما معه من الخيم والعدد والسّلاح (¬6). وكان مدّة مقامه على حلب سبعة أشهر [ونصف] (¬7). [نزول الملك بحلب وسبيه لأهل رفنية وحمص] ونزل الملك على حلب (فخرج إليه أبو الفضائل [بن سعد الدولة] (¬8) ولؤلؤ وطرحا أنفسهما على رجليه، فأعادهما إلى حلب) (¬9)، ووهب لهما مال الهدنة التي كانت تؤخذ في [كلّ سنة من] (¬10) السنين الماضية، وسار إلى رفنية (¬11) وحمص وسبى سبيا كثيرا، ¬
[منازلة باسيل لطرابلس]
وأحرق وغنم، وغار على عسكره جماعة من العرب طمعا في أنّ خيول الروم لا تلحقهم، وكمن لهم فأسر البلغر منهم أربعين رجلا، فأمر الملك بقطع يديهم (¬1) وتخلية سبيلهم، فهابته البادية، ولم يعد يلمّ بعسكره أحد منهم. [منازلة باسيل لطرابلس] ونزل على طرابلس وحاصرها، وخرج إليه المظهر (¬2) بن نزّال وجماعة من وجوه أهلها، وطرحوا أنفسهم بين يديه، وأعلموه أنّهم في طاعته، فخلع عليهم وأحسن إليهم، وعادوا إلى البلد على أن يسلّموه إليه. [أهل طرابلس يطردون واليهم ابن نزال] وكان في البلد قاض يعرف بعليّ بن عبد الواحد بن حيدرة (¬3)، من أهله، فأغلق هو والرعيّة الباب في وجوههم، وأخرج عيال المظهر بن نزّال من البلد، فأخذهم وسار ¬
[الملك باسيل يولي ذاميانوس بطريقا على أنطاكية ويسخط على البرجي]
مع الملك، ونزل على حصن أنطرطوس (¬1) وعمّره في ثلاثة أيام (وكان قبل ذلك خرابا) (¬2)، وشحنه بالأرمن المقاتلة، ورحل إلى (¬3) أنطاكية، [الملك باسيل يولّي ذاميانوس بطريقا على أنطاكية ويسخط على البرجي] وولّى عليها بطريقا ذوقسا يسمّى ذاميانوس (¬4) ويعرف بالدلاسيوس (¬5)، وردّ إليه ولاية الشرق (¬6)، وسخط على ميخائيل البرجي وألزمه بيته. (وعاد الملك إلى القسطنطينية) (¬7). [ذاميانوس يغزو إلى طرابلس ثم إلى عرقة] وغزا ذاميانوس الدوقس (¬8) في أوّل سنة من ولايته طرابلس، وكبسها ليلا وأخذ ربضها، وأسر كثيرا، وعاد بعد ثلاثة أشهر إلى عرقة (¬9) وسبى جماعة منها. [سنة 386 هـ.] [ذاميانوس يغزو ثانية إلى طرابلس ورفنية وعوج ويأخذ حصن اللكمة] وغزا في السنة/112 ب/الثانية من ولايته إلى طرابلس وسبى من بلدها كثيرا، وتوجّه إلى رفنيّة وعوج (¬10) واللكمة (¬11) وفتح حصن اللكمة (¬12) وسبى وأخرب (¬13). ... ¬
[تعيين بطريرك القسطنطينية]
[تعيين بطريرك القسطنطينية] (وفي إحدى وعشرين سنة من ملك باسيل صيّر سنيس (¬1) الماجسطرس بطريركا على القسطنطينية [يوم الفصح وذلك في اثني (¬2) عشر يوما من نيسان سنة 1307] (¬3) وكان الكرسيّ قد قام مخلاّ قبل تصيّره أربع سنين لاشتغال الملك في غزو البلغرية، أقام سنتين [وأربعة أشهر] (¬4) [وفاة أغابيوس البطريرك] ومات) (¬5)، والتمس الملك من أغابيوس البطريرك أن يكتب خطّه بالزهد في (رئاسة الكهنوت أي رئاسة) (¬6) أنطاكية واعتزاله عنها، فامتنع من ذلك امتناعا شديدا، إلى أن لطف به، وقرّر الحال معه على أن جعل له ديرا بالقسطنطينيّة يعرف بالافرنذيو (¬7) يستغلّ منه قنطار دنانير في كلّ عام، وأن يحمل إليه في كلّ سنة من مستغلّ بيعة أنطاكية أربعة وعشرين رطل دنانير برسم نفقة مائدته، فجنح إلى ذلك وكتب خطّه في شهر أيلول [سنة 1307] (¬8)، وكان (¬9) شهر رمضان (يومئذ) (¬10) سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة، وأشرط أن لا يقطع اسمه. وصيّر الملك عوضا عنه بطريركا يسمّى يوحنّا من أهل قسطنطينيّة. وكان خرطوفيلاكس (¬11) في بيعة (¬12) آجيّا صوفيّا، (وذلك في يوم الأحد رابع تشرين الأول سنة 1308 (¬13) وهو سابع (¬14) شهر رمضان سنة ستّ وثمانين ¬
[قائد الروم نقفور يظفر برئيس البلغر وينتصر عليهم]
وثلاثمائة) (¬1) أقام أربع (¬2) وعشرين سنة وتسعة أشهر ومات. ورسم الملك أن يرتّب بيعة القسّيان بأنطاكية على مثال آجيّا صوفيا بالقسطنطينية وبعد تصيّره بسنة واحدة مات أغابيوس البطريرك (يوم الأحد ثامن أيلول سنة 1309 (¬3)، وهي السنة الثانية والعشرون من ملك باسيل) (¬4). وكانت جملة (¬5) رئاسته مع مدّة مقامه في النفي ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر [وسبعة عشر يوما] (¬6). وجعل باسيل الملك نقفور الأورنون (¬7) الماجسطرس دومستيقس (¬8) (وهو القيقلس (¬9) الذي كان نفذ به إلى بغداد بعد هزيمة السقلاروس) (¬10) [قائد الروم نقفور يظفر برئيس البلغر وينتصر عليهم] وسيّر به لقتال البلغر، ولقي القمطوفيلس (¬11) رئيسهم فظفر به وقتل من البلغر مقتلة عظيمة، وأدخل إلى القسطنطينية ألف رأس منهم، واثني عشر ألف أسير، فكتب القمطوفيلس إلى الملك باسيل يتعبّد له ويبذل له الطاعة ويسأله أن يصطنعه، وعوّل الملك على إجابته. [موت ملك البلغر ودعوة رئيسهم بالملك لنفسه] واتّفق أنّ ملك البلغر الذي كان في حبس (يوحنّا) (¬12) الملك بالقسطنطينية مات، واتّصل موته بغلامه القمطوفيلس (¬13) رئيس البلغر، فدعا لنفسه (¬14) بالملك، [نقفور الماجسطرس يغزو بلاد البلغر ثانية] فأعاد الملك باسيل ¬
[العزيز بالله يأمر بإنشاء الأسطول ليسير إلى طرابلس]
نقفور الماجسطرس لغزو البلغر، فتوسّط بلادهم، ولم يلتقه أحد منهم، ولبث ثلاثة أشهر يخرّب ويحرق، ثم عاد إلى القسطنطينية (¬1). ... [العزيز بالله يأمر بإنشاء الأسطول ليسير إلى طرابلس] وأمّا العزيز فإنّه بعد خروج الملك باسيل إلى الشام، برز إلى منى (¬2) جعفر من أعمال مصر في سائر جيوشه، وأظهر قوّة العزم على الغزو إلى بلاد الروم، وتقدّم إلى عيسى بن نسطورس بإنشاء أسطول يسير معه بمسيره في البحر إلى طرابلس، فجمع ابن نسطورس الأخشاب من سائر النواحي، وأنشأ أسطولا في دار الصناعة بمصر، وحمل إليه جميع الآلات والسلاح والعدد، [الحريق يلتهم ستة عشر مركبا بدار الصناعة بمصر] وعزم على تسييره بعد صلاة الظهر من نهار الجمعة (لسبع عشرة ليلة بقيت من) (¬3) ربيع الآخر سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة، فوقع فيه نار في ذلك اليوم [الذي عوّل على تسييره (¬4) فيه) (¬5) وأحرق منه ستّة عشر مركبا، [اتّهام تجّار الروم بحرق المراكب وثورة الرعيّة بمصر] واتّهم الرعيّة بحريقه تجّار الروم/113 أ/والقلافطة (¬6) الواردين بالبضائع إلى مصر، فثار عليهم الرعيّة والمغاربة وقتلوا منهم مائة وستّين رجلا، ونهبوا دار مانك الذي في الرّفّائين بمصر، وكان فيها مال عظيم لهؤلاء الروم، لأنّهم كانوا نازلين فيها، ونهبت كنيسة ميخائيل التي للملكيّة بقصر الشمع، وأخذ منها آلة ورحل وآنية ذهب وفضّة ما يساوي جملة كثيرة، وشعّثت الكنيسة، ونهبت كنيسة النّسطوريّة، وجرح أسقف بها لهم يسمّى يوسف (الشيزري) (¬7) جراحات مات منها (¬8). وركب ابن نسطورس وقت النّهب، ونزل إلى مصر ¬
[ابن نسطورس يعمل على تهدئة الثورة]
[ابن نسطورس يعمل على تهدئة الثورة] وتقدّم بكفّ (¬1) الأذيّة عن الروم والمنع من معارضتهم (¬2) ونودي في البلد بأن يردّ كلّ واحد من النّهّابة جميع ما أخذه، فردّ البعض من ذلك، وأحضر من سلم من تجّار الروم من القتل، ودفع لكلّ واحد منهم ما اعترفه، وقبض على ثلاثة وستّين رجلا من النّهّابة واعتقلوا، وأمر العزيز بالله بإطلاق ثلثهم وضرب ثلثهم وقتل ثلثهم، [الاقتصاص من النّهابة] فكتب رقاع منها: تضرب، ومنها تقتل، ومنها تطلق، وتركت تحت إزار، وتقدّم كلّ واحد منهم وأخذ رقعته، وكان يعمل به بحسب ما يخرج فيها (وذلك يوم الخميس لثمان خلون من جمادى الأولى من السنة) (¬3). [بنجوتكين يغزو إلى أنطاكية وينازل حلب وأنطرسوس] وعاد بنجوتكين غازيا إلى نحو (¬4) أنطاكية وبلغ إلى بابها، ثمّ سار (¬5) إلى حلب ونازلها أياما، ورحل عنها إلى أنطرسوس وقاتل الحصن أياما. [مسير الدوقس الدلاسينوس للدفاع عن أنطرسوس] وسار الدّوقس الدلاسينوس (¬6) من أنطاكية قاصدا إلى أنطرسوس ليدفع عنها (¬7). [ابن نسطورس يعيد بناء الأسطول] وكان عيسى بن نسطورس بمصر قد شرع في إنشاء أسطول آخر عوضا ممّا كان احترق، فجمعت الأخشاب أيضا من كلّ الجهات، وقلعت صوار (¬8) كبار كانت مسقّفة على دار الضّرب بمصر، بجانب دار الشرطة وفي البيمارستان ¬
[وفاة العزيز بالله ببلبيس]
(أسفل) (¬1) الذي في سوق (¬2) الحمام، ونشروا (¬3) جميعها، وأعدّوا (¬4) أسطولا عدده أربعة وعشرون مركبا، وشحن بالرجال، وسيّر معه رشيق، ووصل إلى أنطرسوس وبنجوتكين منازل لها، وحدث في البحر ريح (¬5) عظيمة فكسرت الأسطول، وخرج رجال المراكب إلى البرّ. وكان الدّوقس قد (قرب من) (¬6) أنطرسوس، فأرجف (¬7) في عسكر التركيّ أنّ (¬8) عساكر الروم قد وافتهم، فانهزم بنجوتكين وجميع عسكره. وخرج المقيمون في أنطرسوس، وأخذوا ما سلم من المراكب، وأسروا من رجالهم (¬9) خلقا (¬10). [وفاة العزيز بالله ببلبيس] وكان العزيز قد بلغ في تبريزه إلى بلبيس (¬11) واعتلّ بها، ودخل إلى الحمّام هناك وهو عليل، فقضي بالحمّام يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة ستّ (¬12) وثمانين وثلاثمائة، وحمل من بلبيس إلى قصره بالقاهرة [فوصل نهار يوم الأربعاء] (¬13) وكان عمره ثلاث (¬14) وأربعين سنة، (وستّة ¬
أشهر) (¬1). (وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وسبعة وعشرين يوما) (¬2) [منها سبعة أشهر وسبعة وعشرين يوما يخاطب بوليّ العهد) (¬3). (وكانت علّته الحصى (¬4) والقولنج) (¬5). ¬
(خلافة الحاكم بأمر الله)
(خلافة الحاكم بأمر الله) وبويع لأبي علي المنصور بن العزيز بالله، ولقّب بالحاكم بأمر الله (وجلس يوم الخميس سلخ شهر رمضان سنة (¬1) 386) (¬2)، وعمره يومئذ إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر. ودخل إليه جماعة من مقدّمي (¬3) كتامة وشرطوا لأنفسهم ألاّ ينظر في أمورهم أحد من المشارقة، [انتداب الحسن بن عمّار الكتامي للنظر في أمور الكتاميّين] فندب شيخا من شيوخهم يقال له الحسن بن عمّار (¬4) /113 ب/للنظر في الأحوال وتدبير ¬
[رد جماعة من الأتراك هربوا إلى الشام خوفا من ابن عمار]
الأمور (¬1)، ولقّب بأمين الدولة (يوم الأحد لثلث خلون من شوّال) (¬2). [ردّ جماعة من الأتراك هربوا إلى الشام خوفا من ابن عمّار] وهرب إلى الشام جماعة من الأتراك خوفا من ابن عمّار، فردّوا من (بعض) (¬3) الطّريق. [سنة 387 هـ.] [ابن عمّار يرفع المكوس الزائدة] وكان عيسى بن نسطورس قد رسم أيام نظره رسوما جائرة (¬4) [في المكوسات] (¬5) وأحدث (¬6) مكوسا زائدة على ما جرى الرسم بأخذه، فحذف ابن عمّار جميع ذلك، وردّ الأمور إلى ما كانت عليه، [ابن عمّار يعتقل ابن نسطورس ويقتله] وقبض على ابن نسطورس (يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوّال من السنة) (¬7) واعتقله ثم قتله (في صفر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة) (¬8). واستولت المغاربة على تدبير الدولة بابن عمّار، ووقفت أمور المشارقة، واستبدل جماعة (¬9) من أصحاب الولايات بقوم من المغاربة (¬10). ... [الملك باسيل يرفض الاستجابة لنجدة بنجوتكين] واستوحش بنجوتكين وكتب إلى باسيل الملك يتعبّد له ويبذل له الطّاعة ويستميله بنجدته (¬11) وإمداده بعساكره، فلم ير أن ينجده على مولاه ولا يعاضده على الخلاف عليه، [بنجوتكين يخرج مع العرب إلى مصر لنصرة المشارقة] فلمّا آيس من نجدة الملك سار من دمشق مع من كان معه [واجتمع إليه] (¬12) من العرب وغيرهم، قاصدا إلى مصر لنصرة ¬
[إنهزام بنجوتكين بظاهر عسقلان أمام المغاربة]
المشارقة، فجرّد إليه ابن عمّار أبا تميم سليمان بن فلاح وأخاه (للقائه) (¬1) [إنهزام بنجوتكين بظاهر عسقلان أمام المغاربة] واجتمعوا به بظاهر عسقلان في [يوم الجمعة لأربع خلون من] (¬2) جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فانهزم التركيّ، إلى دمشق، وقتل من غلمانه وأصحابه جماعة في الوقعة، فلما وصل إلى دمشق ثار عليه أهلها وطردوه منها، فخرج هاربا مع عدّة من غلمانه، ونهبت الرعيّة داره ودور جماعة من القوّاد (¬3). [بنجوتكين يلتمس الأمان ويدخل مصر] والتمس التركيّ الأمان والدخول إلى مصر، فأمّنه ابن فلاح، وسيّر معه ولده، فوصلا إلى مصر [يوم الجمعة] (¬4) لثمان بقين (¬5) من رجب من السنة، فخلع عليه وأحسن إليه، فتوجّه ابن فلاح إلى دمشق، فانتشب بينه وبين أهلها حرب شديدة، ثم دخل إليها على صلح، واستولى الكتاميّون على الدولة استيلاء تامّا، فجرى بين نفر منهم وبين نفر من المشارقة كلام آل الأمر فيه إلى أن قتل واحد من المغاربة، فطلبوا الجاني ليفتدوا به، واستقرّت الحال على أن يدفع إليهم ألف دينار، فركب الكتاميّون ووثبوا على الجاني وقتلوه، [الحرب بين المشارقة والمغاربة في دمشق] وثارت المشارقة ووقع بينهم وبين المغاربة وقعة عظيمة [وجرت يوم الاثنين لسبع بقين من شعبان سنة 387] (¬6)، وأقاموا على الحرب ثلاثة أيام (¬7) ثم [الكتاميّون يلزمون ابن عمّار بالخروج إلى الحرب] دخل الكتاميّون على ابن عمّار، وألزموه أن يخرج معهم إلى الحرب، وقوي القتال بينهم، وانهزم الكتاميّون (ونهبت (¬8) دار ابن عمّار (¬9) ودور جماعة من الكتاميّين، ¬
[خوف ابن عمار على نفسه واختفائه إلى أن قتل]
[خوف ابن عمّار على نفسه واختفائه إلى أن قتل] وخاف ابن عمّار على نفسه فنزل إلى داره بالمدينة واستخفى بها مدّة، ثم قتل (¬1) [في شوال سنة 390] (¬2). [الحاكم يردّ النظر إلى برجوان الخادم] وردّ الحاكم النظر في الأمور إلى برجوان الخادم عند احتجاب ابن عمّار، وعوّل برجوان على كاتبه أبي العلاء فهد بن إبراهيم النّصرانيّ في النيابة عنه، ولقّب بالرئيس، فقام بتدبير الأمور واستولى عليها، ونفذ أمره في جميع أعمال المملكة، وردّ أرزاق جماعة من الكتّاب وغيرهم كان ابن عمّار قطعها) (¬3). [ابن فلاح يهرب من دمشق أمام ثورة أهلها والمشارقة] وثار أهل دمشق مع من كان فيها من الأولياء المشارقة على ابن فلاح (¬4) فخرج عن البلد هاربا وانهزم إلى مصر. [الأحداث يتغلّبون على دمشق برئاسة الدهيقين] وتغلّب الأحداث على دمشق ورأسهم/114 أ/رجل منهم يعرف بالدّهيقين (¬5). [خروج العلاّقة بصور على الحاكم] وخرج (¬6) على الحاكم أيضا بصور رجل خارجيّ يعرف بعلاّقة، وتغلّب عليها، واجتمع إليه أحداثها ورعاعها، [العلاّقة يضرب السّكّة باسمه ويستنجد بملك الروم باسيل] وضرب السّكّة باسمه ونقش ¬
[الدهيقيق يدخل مصر طائعا]
عليها هكذا: «عزا بعد فاقة للأمير علاّقة» (¬1)، واستنجد بباسيل الملك، وضمن له تسليم البلد إليه، فسيّر إليه بنجدة (¬2)، في البحر. وكان ابن حمدان وفايق الخادم [البراز] (¬3) وجماعة من العبيد مع أسطول تقدّم من مصر محاصرين صور. وكانت جيوش الحاكم قد سارت إلى دمشق مع جيش [بن] (¬4) محمد ابن الصمصام (¬5) للقاء الدمشقيّين والدّهيقين المتغلّب على دمشق فعدلت إلى صور، [الدهيقيق يدخل مصر طائعا] وصار الدّهيقين المتغلّب على دمشق إلى مصر متطوّعا، فخلع عليه وعفي عنه (¬6). [فتح صور وأسر مركب للروم وقتل العلاّقة بمصر] وفتحت صور بالسيف في جمادى الأخرى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وأخذ مركب من أسطول الروم، وفيه مائتي نفس، فقتلوا عن آخرهم، وأخذ علاّقة أسيرا، ونهبت المدينة، وقتل وسبي جماعة من أهلها ممن كان اجتمع مع علاّقة، وحملوا إلى مصر. [وكان وصولهم في شعبان من السنة] (¬7) وأشهر علاّقة بمصر وسلخ وصلب بالموضع المعروف بالمنظر بين القاهرة ومصر، وقتل المأسورون (¬8). ¬
[احتراق قلعة أفامية]
[احتراق قلعة أفامية] وفي هذه السنة وقع في قلعة أفامية نار واحترقت (¬1) كلّ (¬2) ما كان فيها من القوت وغيره، فسار أبو الفضائل بن سعد الدولة صاحب حلب ولؤلؤ في عسكر الحلبيّين [الحلبيّون يقاتلون المغاربة بأفامية لتخليصها منهم] ونزلوا على فامية (¬3) وقاتلوها مدّة [ليخلّصوها من المغاربة] (¬4)، فلما تحقّق داميانوس الدلاسنوس (¬5) دوقس أنطاكية خلوّها من القوت والسّلاح سار (¬6) إليها، [الحلبيّون يقدّمون القوت والسلاح لأهل أفامية دفعا لدميانوس عنها] فدفع الحلبيّون جميع ما معهم من الأقوات والسّلاح إلى أهل أفامية قوّة لهم وإشفاقا عليهم من ملك الروم، وعادوا إلى حلب، [دميانوس يشدّد الحصار على أفامية] ونزل عليها الدّوقس في جيش منيع وحاصرها أشدّ حصار وأشرف على ¬
[جيش بن الصمصامة يهب لنجدة أفامية]
أخذها، [جيش بن الصمصامة يهبّ لنجدة أفامية] فكتب المقيم بها ويعرف بالملايطي (¬1) إلى جيش بن صمصام (¬2) بدمشق (الذي كان قد أرسله الحاكم إليها) (¬3) يستغيث به ويستنجده، فسار إليه في عساكر ضخمة [في شعبان من السنة] (¬4) وانتشب الحرب بينهم، [دميانوس يستظهر على عسكر المغاربة ويهزمهم إلى بعلبك] واستظهر عليه الدّوقس وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذت البادية سواد عسكر المغاربة، وبلغت الهزيمة إلى بعلبك، وفي حال الهزيمة وقع في الدّوقس طعنة في جنبه وقتل [يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر تموز سنة 1309] (¬5)، [مقتل دميانوس ونزول الهزيمة بالروم] فعادت الهزيمة على الروم، فقتل منهم زهاء ستّة آلاف، وأسر أبناء الدّوقس وجماعة من رؤساء العسكر، وحملوا إلى مصر، [أبناء دميانوس يقعون في أسر المصريين ثم يفادى بهم] وأقاموا بها عشر سنين، ثم فودي بهم ورجعوا إلى بلاد الروم (¬6). [جيش بن الصمصامة ينازع أهل أنطاكية ويعود] وسار جيش (بن) (¬7) (محمد) (¬8) بن صمصام (¬9) بعد أن قتل الدّوقس إلى أنطاكية ونزل على باب الجنان منها، وجرت بينه وبين أهلها منازعة (¬10) وأقام أربعة أيام، ثم عطف راجعا إلى بلد الإسلام (¬11). [سنة 389 هـ.] [الملك باسيل يغزو بنفسه إلى شيزر ويأخذها من ابن كراديس] ثم خرج الملك بنفسه غازيا إلى بلد الإسلام ونزل بجسر الجديد (¬12) ¬
[باسيل يشحن شيزر بالأرمن ويأخذ حصن أبي قبيس ومصياف]
[لستّ ليال خلون من] (¬1) شوّال سنة تسع وثمانين وثلاث مائة. وسار إلى شيزر ونزل عليها وحاصرها [في النصف من ذي القعدة من السنة] (¬2) وكسر سكّة (¬3) الماء عن من فيها (¬4). وكان بها وال مقيم (¬5) من قبل الحاكم يسمّى حملان (¬6) ويعرف بابن كراديس، فراسله الملك في أن يفتح البلد ورغّبه، فلم يجب/144 ب/. ولمّا تطاول أمره [ومنازله] (¬7) وانقطاع الماء عن أهل الحصن التمس ابن كراديس (¬8) الأمان منه، وأشرط عليه أنّه لا يطأ له بساطا عند خروجه من البلد ولا يعترضه ولا لأحد من أصحابه ممّن يختار المسير معه، فأجابه إلى ذلك، وأنفذ إليه صليبه. وفتح ابن كراديس الباب وانصرف مع جماعة من أهلها إلى حماة، ومنها إلى حلب. [باسيل يشحن شيزر بالأرمن ويأخذ حصن أبي قبيس ومصياف] وشحن الملك شيزر بالأرمن، وسار عنها إلى حصن أبي (¬9) قبيس، فأخذه بالأمان، وسار إلى حصن مصيات (¬10)، فملكه أيضا وأخربه، [باسيل يحرق رفنية وينازل حمص] وسار إلى رفنيّة (¬11) فأحرقها وسبى أهلها، وتوجّه يحرق ويخرب ويسبي إلى أن بلغ حمص فنزلها، [قادة عسكر باسيل يحرقون كنيسة حمص] وتحصّن منها نفر في كنيسة مار قسطنطين التي فيها تحرّما بها (¬12) فلمّا علم الرؤس من أهل عسكره أحرقوها. وكانت كنيسة معجزة وحمل نحاسها ورصاصها. [وصول باسيل إلى قرب بعلبك] وسار ¬
[جيش بن الصمصامة يطلب من الحاكم إنجاده بالعساكر]
الملك إلى قرب بعلبك. [جيش بن الصمصامة يطلب من الحاكم إنجاده بالعساكر] واستصرخ (¬1) جيش [ابن محمد بن صمصامة القائد بدمشق للحاكم (¬2) بأمر الله (¬3)] من دمشق إلى مصر بكتبه، ووصف كثرة الجموع التي للروم وتهيّبه (¬4) للقائهم، فاستدعى ما يتقوّى (¬5) به من مال ورجال وسلاح، فجرّدت إليه عساكر عدّة، وأنفذ إليه كلّ ما التمس، وكوتب كلّ (¬6) والي (¬7) بالشام بالمسير معه، فأسر جميعهم [اجتماع الجيوش بدمشق] حتى اجتمع بدمشق من العساكر ما أظنّ أنّه لم يجتمع قطّ فيها للإسلام. [باسيل يحفر خندقا لعسكر ويقطع قناة الماء عن حصن طرابلس] ورجع الملك على طريق الساحل، وأحرق عرقة (¬8) وهدم حصنها، ثمّ نزل على طرابلس في [يوم الثلاثاء لستّ بقين من] (¬9) ذي الحجّة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وزحف (¬10) عسكره الحصن [يوم الخميس] (¬11) ثالث يوم نزوله، وحفر خندقا حول عسكره، وقطع عن الحصن قناة الماء، [وصول شلندييّن يحملان إليه الميرة في البحر] ووافى إليه شلنديان (¬12) يحملان (¬13) زادا وعلوفة فاتّسع بها عسكره، [باسيل يسيّر سريّة إلى بيروت وجبيل] وسيّر سريّة إلى بيروت وجبيل فظفرت بأقوام سبتهم، وشحن الشّلنديّان بالأسارى وسيّرهما (¬14) إلى بلاده (¬15). وانتشب الحرب بين أصحابه وبين أهل حصن ¬
[فشل باسيل أمام طرابلس ورحيله إلى أنطاكية]
طرابلس برّا وبحرا، وتحاربوا يوم الثلاثاء مستهلّ المحرّم سنة تسعين وثلاثمائة، فقتل وجرح من أصحابه جماعة كثيرة، [فشل باسيل أمام طرابلس ورحيله إلى أنطاكية] ثم رحل عنهم يوم السبت لخمس ليال خلت من المحرّم من السنة متوجّها إلى أنطاكية على طريق اللاذقية. وكان مدّة مقام الملك في أرض الإسلام منذ حصوله على الجسر الجديد ورحيله عن طرابلس شهرين [غير يوم واحد] (¬1). [باسيل يولّي نقفور الماجسطرس على أنطاكية] وولّي أنطاكية نقفور الماجسطرس، وهو (القنطس) (¬2) الذي كان رسل ¬
[باسيل يتسلم بلاد الخزر لوفاة الملك داود]
به إلى عضد الدولة فنّاخسرو ببغداد (وقت حضور السقلاروس عنده) (¬1)، [باسيل يتسلّم بلاد الخزر لوفاة الملك داود] فأقام الملك بعساكره في أعمال المصّيصة وطرسوس ستّة أشهر معتزما على العودة إلى بلاد الإسلام، فورد إليه الخبر بموت داود القربلاط ملك الخزر (¬2) [في مدينة النيّ] (¬3)، فسار الملك إلى هناك، فتبعه الماجسطرس والي أنطاكية بالعساكر، وتسلّم الملك سائر بلاد الخزر (¬4) وولّي عليها روما (¬5) من قبله. [باسيل ينعم على أمير الأكراد ممهّد الدولة بلقب دوقس المشرق] وقصد [الملك] (¬6) أمير الأكراد ممهّد الدولة أبو منصور سعيد (¬7) بن مروان صاحب ديار بكر، ووطيء بساطه، وجعله الملك ماجسطرس ودوقس المشرق، وأحسن إليه وأنعم عليه وأعاده (¬8) إلى بلاده (¬9). ¬
[باسيل يرسل رسولين لتقرير الهدنة والصلح مع الحاكم]
[باسيل يرسل رسولين لتقرير الهدنة والصلح مع الحاكم] /115 أ/وكان الملك قبل توجّهه إلى بلاد (¬1) الإسلام قد أنفذ رسولين إلى الحاكم يقرّر الهدنة بينهما والصلح، فسار الواحد منهما بجواب الرسالة التي ورد فيها، وتأخّر الآخر بمصر لانتظار (¬2) الجواب، فلمّا وقف الرسول المتأخّر على خروج الملك إلى ديار الإسلام وما أثّره فيها وفتحه منها خاف على نفسه، وسأل إطلاق سبيله في الرجوع إلى صاحبه، فدفع عن ذلك دفعات (¬3)، إلى أن تواترت الأخبار برحيل الملك عن بلاد الإسلام وعودته إلى دياره، فأجيب الرسول إلى ما التمس، [انتداب الحاكم بطريرك بيت المقدس لتقرير الهدنة مع باسيل] وانتدب أريسطس (¬4) بطريرك بيت المقدس للمسير مع الرسول لتقرير الهدنة وعقد المسالمة وجمع بينه وبين الرسول بحضرة برجوان (ناظر أمور الدولة) (¬5) وقيل للرسول (¬6) ما قرّره (¬7) هذا البطريرك فإنّ مولانا ممضي (¬8) ومرتض به، وخلع على كلّ واحد منهما خلعا نفيسة، ودفع لهما صلة واسعة، وسارا (¬9) إلى حضرة [الملك] (¬10) [بطريرك بيت المقدس يعقد الهدنة بين باسيل والحاكم] وعقد [أرستوس] (¬11) البطريرك بينهما هدنة عشر سنين، [البطريرك يقيم بالقسطنطينية حتى وفاته] وأقام بالقسطنطينية أربع سنين ومات (¬12). ¬
[باسيل يعود إلى غزو بلاد البلغر ويمتلك حصونا عدة]
[باسيل يعود إلى غزو بلاد البلغر ويمتلك حصونا عدّة] ولمّا استقرّت الهدنة بين الملك والحاكم عاد الملك إلى البلغرية غازيا، ولبث (بها) (¬1) أربع سنين، واستظهر على البلغر استظهارا عظيما سبيا وقتلا، وهرب من بين يديه القمطوفيلس (¬2) ملكهم، وملك حصونا عدّة من حصونهم، وأخرب منها بعضا، وتمسّك بالبعض [الآخر] (¬3). [الحاكم يقتل برجوان الخادم ويقرّ كاتبه فهد النصرانيّ] وفي يوم الخميس لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسعين وثلاثمائة (قتل (¬4) الحاكم برجوان الخادم، وأقرّ كاتبه فهد بن إبراهيم النّصرانيّ [على جملته] (¬5) الرئيس في الخدمة، [الحاكم ينصّب الحسين بن جوهر قائد القوّاد] ونصّب معه الحسين بن جوهر، ولقّب بقائد القوّاد (¬6). ومات [أنبا] (¬7) إيليا البطريرك الإسكندريّ بمصر (في رابع جمادى الأولى) (¬8) سنة تسعين وثلاثمائة، وحضر الصلاة عليه أرسانيوس الأسقف أخو أريسطس بطريرك بيت المقدس، فوافى يعقوب حضوره رسولا (¬9) من خواصّ غلمانه، وتقدّما إلى سائر النّصارى الملكيّة بتصيّر أرسانيوس بطريركا على الإسكندرية، فأجابوه بالسّمع والطاعة. حمل أنبا إيليا إلى الإسكندرية [ثاني ¬
[تعيين سرجس المانويلس بطريركا على القسطنطينية]
يوم وفاته واستحضر أنبا أرسانيوس الأساقفة الذين لكرسيّ الإسكندرية وحملهم] (¬1) وصلّوا (¬2) عليه الأساقفة [نهار يوم الاثنين لأحد عشر ليلة خلت من] (¬3) رجب سنة تسعين وثلاثمائة. وعاد طاف (على) (¬4) سائر عمله وكراسيّه، ورجع إلى مصر، ولم يزل مقيما بها إلى أن قتل (¬5). [تعيين سرجس المانويلس بطريركا على القسطنطينية] [وفي سنة 26 من ملك باسيل صيّر سرجس المانويلس بطريركا على القسطنطينية، أقام 19 سنة ومات] (¬6). [سنة 392 هـ.] [الحاكم يواصل النزول إلى شوارع مصر بالليل متنكّرا] وواصل الحاكم النزول إلى مصر [ليلا] (¬7) متنكّرا، وداول صرفة الأزقّة والشوارع في نفر يسير من خواصّه. [التجار يوقدون على حوانيتهم ودورهم ويبتاعون بالليل] وتقدّم أصحاب الأعمال بمصر إلى التجّار بوقيد القناديل على حوانيتهم ودورهم، وأن يكونوا يبتاعون (¬8) في الليل، فصارت الشوارع والأسواق في الليل بمنزلة النهار في العمارة. وتطاول هذا الحال مدّة (¬9). ¬
[الحرب بين أحداث مصر وأحداث القاهرة]
[الحرب بين أحداث مصر وأحداث القاهرة] وكان الرعايا والرّعاع يجتمعون في الأسواق بين يديه، فيتصارعون ويتدافعون (¬1) ويتلاكمون، فاقتضى ذلك وقوع حرب شديد (¬2) بين أحداث مصر (¬3) وأحداث القاهرة [في يوم الخميس لستّ بقين من جمادى الأولى سنة 392] (¬4) لأنّ صار عصبة (¬5) لرجلين كانا يتصارعان بين يديه وقعت الحرب بينهم في موضع البحر أي (¬6) تعرف بقبر الحمّار، وافترقوا في ذلك اليوم (وبعد ثلاثة/115 ب/أيام) (¬7) اجتمعوا [يوم السبت ثالث ذلك اليوم] (¬8) على وعد كان بينهم في اللقاء، وقد حملوا السّلاح وأعدّوا آلات الحرب، واقتتلوا قتالا شديدا. وقتل من الفريقين جماعة كثيرة، وانهزم أهل مصر، وتبعهم أهل القاهرة، وأخذوا ثياب النّظّارة (¬9) ونهبوا القرافة والمعاقر (¬10) ¬
[الحاكم يقتل فهدا النصراني ويقر ابن جوهر على نظر الأمور]
[الحاكم يقتل فهدا النصرانيّ ويقرّ ابن جوهر على نظر الأمور] وقتل الحاكم فهد بن إبراهيم الرئيس [يوم الأربعاء لسبع خلون من جمادى الأولى سنة 393] (¬1) وأقرّ حسين بن جوهر على النظر في الأمور (¬2). [الحاكم يقبض على كتّاب الدواوين النصارى] وقبض الحاكم على كتّاب الدواوين من النصارى واعتقلوا [يوم الاثنين لأربع عشر ليلة خلت من جمادى الآخر من السنة] (¬3) [الطبيب سهل بن مقشّر ينجح في إطلاق سراح المعتقلين] ثم أطلقوا بعد أسبوع بمسألة أبي الفتح سهل (¬4) بن مقشر (¬5) النّصرانيّ طبيبه، وكان له من الحاكم خاصّيّة بل ومن العزيز محلّ لطيف وموضع مكين [وتقدّم في الدولة وجلالة] (¬6) وردّ كلّ واحد منهم إلى ما كان ينظر فيه]. [المسلمون يهدمون كنيسة لليعقوبية بظاهر مصر] وكان النّصارى اليعقوبية (¬7) قد شرعوا في تجديد كنيسة قديمة مندرسة بظاهر مصر في الموضع المعروف براشدة فثار قوم من المسلمين فهدموا ما بني، وأنشأ (¬8) الحاكم مكانها مسجدا عظيما جامعا (¬9)، وهدموا أيضا كنيستين ¬
[بناء الجامع الأزهر]
كانتا في جواره، إحداهما لليعقوبية والأخرى للنّسطورية (¬1)، وبناهما مسجدين (¬2) آخرين (¬3). [بناء الجامع الأزهر] وكان للملكيّة (¬4) الروم حارة بالقاهرة يسكنون بها (¬5)، فأخرجوا منها، وهدم ما كان لهم فيها من المنازل، مع كنيستين كانتا بها، وعملت جميع الحارة مسجدا واحدا، وسمّاه الأزهر، وحوّل الروم إلى الموضع المعروف بالحمراء (¬6)، [الروم ينشؤون ثلاثة كنائس بدل الكنائس المهدّمة] وعملوا لهم بها حارة، وأنشأوا (¬7) بها ثلاث كنائس عوضا من الكنائس التي هدمت لهم في تلك الحارة. [الحاكم ينهى عن بيع النبيذ] ونهى الحاكم عن بيع النّبيذ، وأن لا يظهر شيء منه، وكسر جميع ما ¬
[الحاكم يحظر على النساء كشف وجوههن ويمنع البكاء على الميت]
كان للخمّارين وأصحاب المواخير، وأريق (¬1) وأزيل المواضع التي كان فيها أهل الفساد والفجور يأوون (¬2) إليها ويجتمعون بها، وفرّق جموعهم (¬3). [الحاكم يحظّر على النساء كشف وجوههنّ ويمنع البكاء على الميت] وحظّر على النّساء كشف وجوهنّ وراء الجنائز، ومنع من البكاء والعويل وخروج النّوائح بالطّبل والزّمر على الميت، [ومن التعرّض لسائر القيان] (¬4). [سنة 395 هـ.] [ظهور الأصفر بأعمال حلب ومنازلته شيزر] وفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ظهر في أعمال حلب إنسان غاز يسمّى أحمد بن الحسين ويعرف بالأصفر (¬5) فتزيّا بزيّ الفقراء، وتبعه خلق من المغرب وسكان القرى من المسلمين، وصحبه (¬6) رجل من وجوه العرب يعرف بالجملي (¬7)، ونازل شيزر، وأسرى في جماعة من العرب وغيرهم ممّن اجتمع إليه، ولقي عسكر الروم [وأخذه] (¬8) [الأصفر يكبس والي أرتاح ويسير نحو الجسر الحديد] وكبس والي أرتاح، وسار نحو جسر الجديد يريد أنطاكية [نحو جسر الحديد] (¬9)، [غلام السقلاروس يهزم الأصفر ويقتل صاحبه الجملي] فلقيه في مهرونة بطريق يقال له بيغاس غلام السقلاروس في عسكر كان معه، فقتل المعروف بالجملي، وانهزم الأصفر إلى بلد سروج (¬10)، فانتهى إلى الماجسطرس أنّ الأصفر ساكن الجزيرة في ضيعة تعرف بكفر عزوز (¬11) من بلد سروج، وهي ¬
[هرب الأصفر وهزيمة الأعراب أمام الماجسطرس]
ضيعة أهلها كثير، ذات سور، فقصدها الماجسطرس في (جمع من) (¬1) عساكر الأطراف، وعبر الفرات، ونازل كفر عزوز (¬2)، [هرب الأصفر وهزيمة الأعراب أمام الماجسطرس] وكان قد اجتمع إليها أكثر أهل تلك البلاد (¬3) لحصانتها، وأقام عليها ثمانية وعشرين يوما، وفتحها وأخذ منها اثني عشر ألف أسير، و (غنم) (¬4) غنائم كثير جدّا، وأخذ حرم الأصفر. وأمّا هو فهرب بالليل. /116 أ/وكان قد اجتمع سائر عرب بني نمير وبني كلاب مع وثّاب بن جعفر صاحب سروج في زهاء (ستّة) (¬5) آلاف فارس على الماجسطرس، فلقيهم وهزمهم، وعاد إلى أنطاكية ظافرا غانما. [سنة 397 هـ.] [الماجسطرس يجدّ في طلب الأصفر] وجدّ الماجسطرس في طلب الأصفر، والتمسه من وثّاب صاحب الجزيرة، فلم ير أن يسلّمه إليه خوفا من إرهاج المسلمين عليه، [لؤلؤ صاحب حلب يتدخّل فيعتقل الأصفر بقلعتها] فتوسّط الحال بينهما لؤلؤ [الكبير] (¬6) صاحب حلب يومئذ، على أن يكون الأصفر معتقلا عنده بقلعة حلب أبدا، وحمله إليها [في شعبان سنة 397] (¬7)، فقيّده لؤلؤ واعتقله في القلعة. ولم يزل معتقلا بها إلى أن حصلت حلب للمغاربة في سنة ستّ وأربعمائة (¬8). ¬
[الحاكم يأمر النصارى واليهود بلبس الزنانير والعمائم السود]
[الحاكم يأمر النصارى واليهود بلبس الزنانير والعمائم السّود] وأمر الحاكم في يوم الجمعة ثالث عشر المحرّم سنة خمس وتسعين وثلاثمائة أن يلبس [ساير] (¬1) النّصارى واليهود دون الخيابرة الزنانير في أوساطهم، والعمائم السّود على رؤوسهم، فامتثل ذلك في سائر [أعمال] (¬2) مملكته (¬3). [الحاكم يتقدّم بكتابة سبّ الصحابة على الجوامع والحيطان] وتقدّم أيضا بأن يكتب على الجوامع والمساجد والحيطان والدروب (¬4) لعن أبي بكر (وعمر) (¬5) وعثمان ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصّحابة، وسائر خلفاء بني العبّاس وعظم ذلك على المسلمين المنتسبين إلى مذهب السّنّة، ونالهم كلّ استخفاف وهوان) (¬6). [الحاكم يمنع شرب الفقّاع وأكل البقلة والسمك غير المقشّر] وأنكر التعرّض لشرب الفقّاع وأكل البقلة الملوكية (والبقلة) (¬7) ¬
[الحاكم يمنع دخول الحمامات دون مئزر]
المعروفة بالجرجير، وأكل الطلينس (¬1) وسائر السمك العديم القشر. وكان متى وجد أحد (¬2) قد تعرّض لبيع شيء من ذلك أو (¬3) لابتياعه عوقب وأشهر. وقلّ (¬4) من نجا منهم من القتل (¬5). [الحاكم يمنع دخول الحمّامات دون مئزر] وتقدّم ألا يدخل أحد [إلى] (¬6) الحمّام إلاّ بمئزر في وسطه يستر عورته، وهجمت الحمّامات دفعات، وأخذ منها جماعة بغير مآزر، فأدّبوا وأشهروا (¬7). [الحاكم يبذل سيفه في شيوخ الكتاميّين ووجوه دولته] وبذل سيفه في إراقة الدماء (في) (¬8) سائر الناس على طبقاتهم حتّى أفنى شيوخ الكتاميّين ووجوه دولته وأصاغرهم (¬9). ¬
[الحاكم يعطي الأمان لسائر الرعايا من مسلمين ويهود ونصارى]
وقتل جميع من في الحبوس. وبقيت مدّة [طويلة] (¬1) خالية. وكان متى وقع أحد في تهمة صغرت أم كبرت (¬2) قتله وأحرقه. واستمرّ على هذا الفعل مدّة، فاجتمع الكتاميّون واستغاثوا إليه، وكذلك سائر الكتّاب والعمّال (¬3) والجند والتجّار والرعايا والنصارى واليهود وسألوه العفو عنهم، [الحاكم يعطي الأمان لسائر الرعايا من مسلمين ويهود ونصارى] فكتب لكلّ طائفة منهم أمانا، وأعطى لأهل (¬4) كلّ سوق (مثله، ولكلّ) (¬5) من الرعايا الأمانات (¬6). [الحاكم يأمر بقتل سائر الكلاب إلاّ كلاب الصيد] وتقدّم بقتل سائر ما في مصر من الكلاب إلاّ كلاب الصيد من أجل أنّها تنبح بالليل إذا عبر بالشوارع والطرقات (¬7) [وذلك في شهر ربيع الأول سنة 395] (¬8) [الحاكم ينقل إلى القاهرة «دار العلم» ويبيح للناس نسخ كتبها] [وفي هذه السنة] (¬9) أورد بالقاهرة «دار العلم» وحمل إليها من خزائنه كتبا كثيرة تحتوي على سائر العلوم والآداب، وقرّ فيها خزّانا وبوّابين، وأجرى عليهم الأرزاق من ماله، وأباح سائر الناس كافّة نسخ ما أحبّوا وأرادوا قراءته، ورتّب فيها أيضا قوما يدرّسون النّاس العلوم (¬10). وبعد مديدة قتل بعضهم ¬
[ظهور الوليد بن هشام المعروف بأبي ركوة في برقة]
واستخفى الباقون منهم خوفا من القتل. [الوليد بن هشام] [ظهور الوليد بن هشام المعروف بأبي ركوة في برقة] وظهر بأرض برقة رجل أندلسيّ يعرف بالوليد بن هشام (¬1) وذكر أنه من ولد عثمان بن عفّان، فنزل في بيوت البربر القاطنين بذلك الصقع، وكانوا يعتقدون مذهب السّنّة من مذهب المسلمين، وصار/116 ب/معلّما لأولادهم، فأخذ في مدّة مقامه عندهم يقوّيهم ويرغّبهم في مساعدته على الحرب وأن يقاتلوا بين يديه، وأظهر لهم أنّه غير راغب في إحادة (¬2) ملك لنفسه وأنّ غرضه نصرة دين الإسلام والامتعاض من السبّ واللعنة لأصحاب صاحب الشريعة [وأزواجه] (¬3) إذ هم الأيمة وعماد الدين، وبهم قامت مملكة الإسلام، ووعدهم متى تمّ له ما يرجوه من الملك خوّل كلّ (¬4) واحد منهم وملّكه وأفضل عليه بقدر استحقاقه وما يظهر من فعله، واستمال هواهم وانقادوا إلى ما التمسه منهم، واجتذب القبيلة من العرب المعروفين ببني قرّة، ورغّبهم أيضا وخاطبهم بمثل ما خاطب به البربر [واستمالهم وحصلوا في جملته أيضا، وأخذ البيعة على العرب والبربر] (¬5) بموضع يعرف بعيون النظر من جبل برقة [يوم السبت لسبعة عشر ليلة خلت من جمادى الآخر سنة ¬
395] (¬1). ثم رجعوا بأجمعهم إلى برقة ونزلوا عليها في [عشيّة يوم الخميس] (¬2) سلخ (جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة) (¬3) وحاربوا تلك الليلة عسكرا كان للحاكم مقيما بها مع والي (¬4) من قبله خادم يسمّى صندل، فقتل من عسكر الحاكم جماعة كثيرة، وعادوا إلى معسكرهم تحت الجبل القبليّ، [فلما كان يوم الجمعة مستهلّ رجب رجعوا] (¬5) إلى المدينة وأظهروا بنود الوليد بن هاشم (¬6) الخارجيّ، ونزلوا على السّور (¬7) في قبليّ المدينة، فتحصّن الناس بالمدينة وأغلقوا أبوابها. ووقع (¬8) بين العسكرين حرب شديد ببابها القبليّ، ووقع الحرب بينهم ثلثة أيام، وقتل من الفريقين خلق كثير، وارتحلوا عن المدينة في اليوم الرابع، وبلغهم أيضا عن عسكر اللواتين (¬9)، وهم قبيلة من البربر، مع رجل يعرف بابن طيبون قد وافى قادما إلى برقة لنصرة أهلها، فسار الخارجيّ بجيوشه للقائهم، واجتمعوا بموضع من الطريق يعرف بأسقفية (¬10) وتحاربوا حربا شديد (¬11)، فانهزم عسكر اللواتين، وقتل منهم عددا (¬12) كثير، وقتل ابن (¬13) طيبون (¬14) في جملة من قتل، ونهبت رحالاتهم، وهرب من سلم منهم على وجهه. ¬
وعاد الوليد بن هشام بجيوشه إلى برقة وقد تقوّى بما أخذه ونهبه (¬1) من السلاح، [يوم الأربعاء لثلاثة عشر ليلة خلت من رجب] (¬2)، ثم عادوا فلقوا أهل المدينة قد بنوا السور وحفروا الخنادق في مدّة غيبته وأنفسهم قويّة، فخوّفهم ورغّبهم في الدخول في طاعته، فأبوا عليه وقذفوه، فقاتلهم أشدّ قتال. وكان يفرّق العسكر على أسوار المدينة ويباطش الحرب بنفسه، ويتولّى الطّوف (¬3) حول المدينة بالليل، ويقتل من وجده قد خرج عنها متعيّشا (¬4) [بأشدّ قتل ليرهب الناس] (¬5) وعمل ثلاث عرّادات ونصبها للقتال، وقاتل بها في مدّة أيامه كلّها، وضيّق على الناس، ومسك عليها الطّرقات، وحظر (¬6) أن يدخل المدينة شيء من الأقوات وغيرها، فاشتدّ الأمر على أهل المدينة، وضاق عليهم الحال وفرغ ما كان عندهم من القوت. وأقام محاصر (¬7) المدينة على هذا الحال خمسة أشهر (¬8) [إلاّ عشرة أيام]. وكان الحاكم قد جرّد للقائه (¬9) جيشا كبيرا من مصر، مع غلام تركيّ يسمّى ينال (¬10) الطويل، فسار إلى أن قرب من أعمال برقة، وتوجّه الخارجي للقايه بجميع من تبعه من العرب والبربر، وكانوا زهاء خمسة آلاف رجل، والتقوا في الموضع المعروف بعيون النظر (¬11) من عمل/117 أ/برقة، وهو ¬
[سنة 396 هـ.]
المكان الذي بايعه [العرب] (¬1) البربر فيه، وتحارب العسكران ثلاثة أيام متوالية [وذلك في ذي القعدة سنة 395] (¬2) فقتل أكثر من في عسكر ينال (¬3)، وأخذ ينال (¬4) أسيرا وقتل، وتتبّعت العرب من نجا من عسكره، فلم يبقوا على واحد ممّن ظفروا به، فلمّا اتّصل ذلك بأهل برقة من العسكريّة والرعيّة، معما كانوا فيه من الضّعف والحصار لم يستطيعوا المقام بها، فهربوا وهرب صندل الوالي، وركبوا البحر، فتوجّه بعضهم إلى مصر، وقصد بعضهم طرابلس المغرب [في البحر] (4). ودخل الوليد بن هشام المدينة يوم الأربعاء ثالث ذي الحجّة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وأظهر فيها مذهبه وهو مذهب السّنّة [من مذاهب القوم] (¬5)، وسمّي بأمير المؤمنين الناصر لدين الله، وضرب ذلك على سكّته، وأقام الدعوة لنفسه، ولقّبه أهل مصر بأبي ركوة، ووضع يده على نعم أهل برقة وأموالها وحازها، ولقوا منه شدّة شديدة (¬6). وكان ببرقة وفي سائر المغرب في تلك السنة غلاء عظيم ووباء شديد حتى فقد الخبز ببرقة (¬7). [سنة 396 هـ.] [هياج ريح شديدة في مصر مع رعد وبرد عظيم] وفي أوّل ليلة من رجب سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة هاجت ريح شديدة بمصر في الليل حتى استغاثت الناس إلى الله عزّ وجلّ، وكان يرى في أركان السماء حمرة شديدة كالنّار الملتهبة. وحدث يوم الجمعة ثالث ذلك اليوم ¬
[ظهور كوكب عظيم يسطع كالقمر استمر أربعة أشهر]
بمصر أيضا رعد شديد، ووقع على الأرض [حصا] (¬1)، برد عظيم المقدار لم ير مثله ولا عهد شبهه بمصر. وكان حدّه حوالي مصر والقاهرة فقط (¬2). [ظهور كوكب عظيم يسطع كالقمر استمرّ أربعة أشهر] وظهر في السماء كوكب عظيم ليلة الثلاثاء لليلتين خلت من شعبان من السنة، وكان له شعاع مبهر واضطراب متكاثر وضوء ساطع كضوء القمر، [وكان في الليالي غير المقمرة يضيء وينير كضوء القمر] (¬3)، ولبث أربعة أشهر على هذا الحال، ثم اضمحلّ وغاب. [ظهور كوكب عظيم آخر في الغرب] وظهر أيضا كوكب عظيم ذو ضوء شديد في الغرب وقت سقوط الغموض (¬4) في ليلة السبت التاسع من شوّال من السنة، وطال وعظم، ثمّ افترق ثلاثة أجزاء وغاب (¬5). [خسف مدينة الدّينور وهلاك كثير من أهلها] وفي هذه السنة خسف بلد (¬6) في المشرق يعرف بدينور (¬7) وهلك من ¬
[العرب والبربر يرحلون عن برقة لشدة الغلاء وانعدام القوت]
أهله خلق [كثير] (¬1) ... [العرب والبربر يرحلون عن برقة لشدّة الغلاء وانعدام القوت] وأمّا الوليد بن هاشم (¬2)، فلما عظم الغلاء ببرقة وتزايد به وبمن معه، عدم القوت سار عنها في جماعة العرب الملمّين به والبربر المجتمعين إليه بنسائهم (¬3) وأولادهم، وبدوابّها (¬4) ومواشيهم كأنّهم منتقلين من (موضع إلى موضع) (¬5) ولم يتخلّف منهم إلاّ اليسير، وساروا من برقة حتى انتهوا إلى أعمال الإسكندرية، وسيّر الحاكم للقائهم غلاما يعرف بقابل من الأرمنية (¬6) في عسكر (معه) (¬7)، فأوقعوا بذات الحمام من أعمال الإسكندرية، وقتل قابل وكثير من أصحابه (¬8). ونزل أبو ركوة على مدينة الإسكندرية، وقاتل عليها قتالا شديدا، فلم ¬
[الحاكم يحشد العرب والمشارقة والمغاربة لقتال أبي ركوة]
يتمّ له فيها شيء، فاستحضر الحاكم العرب [التميميّين] (¬1) الذين في البراري بالشام واستدعى المفرّج بن دغفل (¬2) بن الجرّاح ثلاثة من أولاده وهم: عليّ، وحسّان، ومحمود، وسيّر معهم عدّة جمّة من العرب، [الحاكم يحشد العرب والمشارقة والمغاربة لقتال أبي ركوة] ففيّضهم (¬3) الحاكم الأرزاق، وفرّق عليهم السلاح، وندب الفضل بن صالح للخروج للقائه [ولسياقة الجيوش] (¬4) وضمّ جيشا كثيرا جمع فيه جلّ (¬5) رجال المملكة من المشارقة والمغاربة، والتقى طوالع العسكرين/117 ب/ في ذي القعدة من السنة في موضع يعرف بتروجة (¬6) من أعمال الإسكندرية، [أبو ركوة يملك الفيّوم ويباغت ابن فلاح بالجيزة] وانتشب (¬7) الحروب بينهم، ونفذت جيوش أبي ركوة إلى الفيّوم وملكوه، وما والاه من الضّياع [وأخربوها ونهبوا ما فيها] (¬8) واضطرب أهل مصر وخافوا خوفا شديدا، وجرّد الحاكم عسكرا إلى الجيزة مع عليّ بن فلاح لحفظها [وضبطها] (¬9)، فبلغ أبا ركوة ذلك، فسيّر سريّة (¬10) من العرب الملمّين (¬11) به، وقصدوا الجيزة، وكبسوا ابن فلاح في عسكره [يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة من السنة] (¬12) وانتشب (¬13) الحرب بينهم في الموضع المعروف بأرض الخمسين، وقتل من عسكر ابن فلاح عددا ¬
[اضطراب المعيشة في مصر خوفا من أبي ركوة]
كثيرا (¬1) وانهزموا، وغرق في النّيل جمع منهم، وملك أصحاب أبي ركوة ما كان مع ابن فلاح من العدد والآلات، وانصرفوا [آخر نهار ذلك اليوم] (¬2) (وصاروا) (¬3) إلى الفيّوم، واجتمعت عساكرهم بها. [اضطراب المعيشة في مصر خوفا من أبي ركوة] وازداد اضطراب أهل مصر [ووجلهم] (¬4) وتزايدت أسعارهم، فنودي: «أيّ أحد زاد في السّعر فقد أوجب على نفسه القتل»، فتراجعت الأسعار إلى حدّها (¬5). وصار الفضل بن صالح بالجيوش المنضمّة إليه إلى الفيّوم، [للقاء أبي ركوة] (¬6). والتقيا (¬7) الفريقان [يوم الجمعة لثلاث خلون من ذي الحجة سنة 396] (¬8) بموضع من أرض الفيّوم يعرف برأس البركة، فانهزم أبو ركوة ومن معه من العرب، وقتل أكثر البربر، ولم يفلت إلاّ نفر قليل من النساء والصّبيان، وحملوا إلى مصر وأطلق سبيلهم، ووقع فيهم الجدريّ والوباء، فلم يعش منهم أحد، ومن كان تخلّف منهم ببرقة اشتدّ به الجوع وهلك بعد أن أكل بعضهم بعض (¬9) من الجوع، وهرب أبو ركوة مع العرب. [بنو قرّة يرفضون تسليم أبي ركوة للفضل بن صالح] وأرسل الفضل بن صالح إلى بني قرّة يسألهم أن يسلّموه إليه، وبذل لهم على ذلك مالا جزيلا، ولم يجيبوا إلى تسليمه وتفرّقوا عنه، وانبثّت (¬10) الجيوش في ¬
[سنة 397 هـ.]
نواحي الصعيد في طلبه، فلما تطاول مقامهم دخل العرب التميميّون (¬1) إلى مصر، فأحسن إليهم، وانصرفوا إلى مواطنهم. [سنة 397 هـ.] [أبو ركوة يلجأ إلى دير في النوبة] وانتهى إلى فضل بن صالح أنّ العرب قد حملت أبا ركوة إلى طرف بلاد النّوبة، وهو على (نيّة) (¬2) الدخول إليها، فأنفذ إلى هنديل (¬3) أمير العرب المتدبّر ناحية السودان (¬4) يبذل له في أخذ أموالا وإقطاعا (¬5)، فسار الهنديل في طلبه إلى أعمال صاحب الخيل، وهو المقيم في أوّل عمل النّوبة، وأعلمه حال الخارجيّ وحصوله في أعمالهم ووروده في طلبه، وأنّه إن لم يسلّمه إليه وردت العساكر إلى بلادهم وأفسدت فيها، فقال له إنّه (¬6) لم يعبر إلاّ نصرانيّان راكبين جملين بجاويين، فقال له: فلهما (¬7) اطلب، فقال له: إن وجدتهما خذهما، فطلبهما وعرف حصولهما في بعض الدّيارات، فقصد ذلك الدّير فألقى البجاويين [ومعهما غلام، فسأله عن صاحبه فإذا هو (¬8) قد أقبل وعلى رأسه زبيل بين البجاويين] (¬9). فقال له عند ذلك: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فانقطع في يده وقبض عليه وكتّفه، وأحضره إلى الفضل، فحمله إلى مصر أسيرا، فأشهر بها [يوم الأحد لثلاث عشر ليلة بقيت من جمادى الآخر سنة 397] (¬10) ثم قتل [في ذلك اليوم] (¬11) في موضع يعرف بمسجد تبر، وصلب فيه وأحرق بالنار. وكان من اليوم الذي ¬
[بيع الفقاع والملوكية والسمك غير المقشر في مصر]
بويع له فيه ببرقة إلى اليوم الذي قتل فيه سنتين (¬1). [بيع الفقّاع والملوكية والسمك غير المقشّر في مصر] وفي المدّة التي ثار فيها أبو ركوة تراجع/118 أ/الرعيّة بمصر إلى بيع الفقّاع (¬2) والملوكية (¬3) والطلنيس (¬4) وسائر الأسماك التي بلا (¬5) قشر، وجميع ما نهي عنه من غير تقدّم (¬6) لهم في ذلك. وفي تلك المدّة رسم الحاكم (¬7) كشط الكتابة التي على الدروب وغيرها بلعن (¬8) أبي بكر، ومن كان اسمه قد كتب. وقد كنّا ذكرنا أنّه كان حظّر على النبيذ، ونهى عن المظاهرة به وهجره وامتنع من شربه. وكان طبيبه أبو الفتح منصور بن سهلان (بن مقشر (¬9)) (¬10) قد توفّي ¬
[الحاكم يشرب النبيذ بإشارة طبيبه ويعيد الملاهي إلى مجلسه]
[الحاكم يشرب النبيذ بإشارة طبيبه ويعيد الملاهي إلى مجلسه] واستطبّ (بعده) (¬1) أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن أنسطاس (¬2)، فأشار عليه بشرب النّبيذ، وذكر له ما فيه من المنافع، فجنح إلى مشورته، وأغضى عمّا كان عليه من النّهي عنه، واستدعى جماعة من المغنّيّين (¬3) وأصحاب الملاهي إلى مجلسه، وشرب على غنائهم (¬4) وخلع العذار معهم، وأحسن إليهم، ورجع الحال بالناس إلى ما كانوا عليه في السالف (من بيع الفقّاع والملوكية والطلنيس وسائر الأسماك بغير قشر) (¬5). وبعد مدّة مات أبو يعقوب بن أنسطاس الطبيب (¬6) فرجع عن ذلك ¬
ومنع عن شرب النبيذ أشدّ منع وتشدّد فيه وقت (¬1) بعد وقت، حتّى أنه منع من بيع الزّبيب (¬2) والعسل ومن حملها (¬3)، وأحرق منهما (¬4)، وغرّق في النيل شيئا كثيرا للتجّار بمال عظيم، وكسرت الظروف التي يوعى فيها النبيذ، ومنع من عملها (¬5). ¬
[الخلف بين النصارى على موعد عيد الفصح]
[الخلف بين النصارى على موعد عيد الفصح] وفي سنة سبع وتسعين وثلاثمائة الموافقة لسنة ألف وثلاثمائة وثمانية عشرة للإسكندر كان بين سائر النصارى خلف [عظيم وشك كثير] (¬1) في سائر الأقاليم في حساب الفصح (¬2)، وذلك أنّ بعضهم رأى أنّ فصح النّصارى في السنة المذكورة في ستّة أيام تخلوا من نيسان [من شهور الروم] (¬3) وهو الخامس عشر من [هلال] (¬4) رجب، ورأى بعضهم أنّ الفصح فيها يوم الأحد الذي يليه، وهو الثالث عشر من نيسان، وهو الثامن والعشرين (¬5) من [هلال] (¬6) رجب. وكان سبب هذا الشكّ حساب فصح اليهود، إذ (¬7) من المتعارف أنّ حساب فصح النّصارى مستخرج من حساب فصح اليهود، وأنّه أيّ يوم اتّفق فيه فصح اليهود من أيام الجمعة كان (يوم الأحد) (¬8) الذي يليه فصح النّصارى، مثل أن يكون فصح اليهود يوم السبت، فيكون فصح النّصارى يوم الأحد غده، أو يكون فصح اليهود يوم الأحد، فيكون ذلك الأحد هو الشعانين (¬9)، والأحد الذي يليه فصح ¬
[بطريرك الإسكندرية يدبر كرسي بيت المقدس لخلوه]
النّصارى لأنهما لا يفصحان يوما واحدا أبدا. وكان بعض حسباناتهم (¬1) التي يعوّلون على استخراج ذلك منها يوجب أن يكون فصح اليهود يوم السبت في خمسة أيام تخلوا من نيسان، الموافق لليوم الرابع عشر من هلال رجب. [بطريرك الإسكندرية يدبّر كرسي بيت المقدس لخلوّه] وكان فصح النّصارى على هذا يوجب أن يكون في الأحد [الذي] (¬2) غده (وكانت بعض الحسبانات أيضا يوجب) (¬3) أن يكون فصح اليهود يوم الأحد في ستّة [أيام] (¬4) من نيسان، الموافق للخامس عشر من رجب. فأوجب الحساب على هذا الرأي [أيضا] (¬5) أن يكون فصح النصارى في الأحد الذي يليه [وكان بعض الجداول المسيّر فيها حساب الفصح يوجب قول الفريق الأول. وبعضها يحقّ (¬6) قول الفريق الثاني. وتطاول (¬7) مدّة الخلف بينهم. ووردت كتب ساير الأمكنة بعضهم لبعض يتعرّفون منهم صحيح ما وقفوا عليه من ذلك، فكانت كتب هؤلاء نافذة إلى هؤلاء، وكتب هؤلاء صادرة إلى هؤلاء، يستعملون ما وقف (¬8) اتفاقهم عليه، وذلك في السنة السابعة من رياسته. ولم يكن على بيت المقدس يومئذ بطريرك، وذلك منذ موت أورسطس ¬
[استمرار الخلاف على عيد الفصح]
بطريرك بيت المقدس بالقسطنطينية صار أرسانيوس بطريرك الإسكندرية مدبّر (¬1) لكرسي بيت المقدس. [استمرار الخلاف على عيد الفصح] وكان يصلح المطارنة والأساقفة لهذا الكرسي بيت المقدس. وكان يصلح الرؤساء للكرسي. فكتب أيضا رؤساء اليعقوبية والنسطورية إلى أصحابهم المقيمين في الشام وغيره يعرّفونهم ما اتفق عليه أهل مصر، وأنه الصواب. فوصلت الكتب وقبلها كل أحد إلاّ أهل بيت المقدس، فلم يوافقوهم على رأيهم، ورأوا أن الرأي الذي اعتمدوا عليه هو الصحيح. واتصل ذلك بأرسانيوس البطريرك على الإسكندرية، فكتب إليهم يفنّد رأيهم ويعرّفهم أنّهم على غلط فيما اجتمعوا عليه، وأن الصحيح ما اتفق عليه أهل مصر، فوصلت كتبه إليهم عشيّة يوم الخميس من الجمعة التي تهجر الملكية فيها أكل اللحوم المنسوب صوما إلى هرقل الملك. وكان أهل بيت المقدس قد افترضوا تلك الأيام الأربعة وأكلوا اللحم فيها قبل أن تصل إليهم كتب البطريرك وعوّلوا على أن يكون صومهم وفصحهم على ما اتفق عليه] (¬2). حينئذ اتّفق جميع النصارى الذين بمصر من الملكية والنّسطورية واليعقوبيّة على أنّ/118 ب/فصح اليهود يوم السبت في خمسة أيام نيسان، وهو الرابع عشر من رجب، وفصح النّصارى يوم الأحد غده. ورأى أهل بيت المقدس الرأي الثاني، واعتمدوا عليه، ووصلت كتبهم وكتب أهل الشام إلى مصر يتعارفون منهم ما اتّفقوا عليه. وكتب أرسانيوس بطريرك الإسكندريّة إلى أهل بيت المقدس بما صحّ عنده فيما اتّفق عليه رأي أهل مصر، وأنه الصواب الذي يجب أن يعوّل عليه (¬3). فلمّا وصلت إليهم كتبه قبلوها [ورجعوا عن ذلك وصاموا يوم الجمعة ¬
[المؤلف يعد بوضع مقالة يبين فيها الشبهة حول موعد الفصح]
غد ذلك اليوم ورفعوا اللحم عنه تلك الليلة] (¬1)، واتّفق أهل أنطاكية على ما اتّفق عليه أهل مصر. وعيّد اليهود المقيمون بالشام وبمصر يوم السبت الخامس من نيسان، وهو الرابع من رجب. وكان فصح جميع النصارى في ساير الأمكنة] (¬2) في يوم الأحد وهو السادس من نيسان والخامس عشر من رجب، إلاّ قوم من اليعاقبة (¬3) من أهل صعيد مصر، فإنّهم فصحوا (¬4) في (¬5) الأحد الذي يليه. [المؤلّف يعد بوضع مقالة يبيّن فيها الشبهة حول موعد الفصح] وأنا مزمع أن أعمل مقالة مفردة أبيّن فيها الوجه الذي دخلت منه هذه الشبهة، وكيف ينبغي أن يتحذّر منها، وأنبّه على السنين التي يتّفق فيها، وكنت عزمت على أن أورد من كتابي في هذا الموضع (¬6) هذا أجمل (¬7) ما أريد أضمّنه تلك المقالة، فرأيت أنّ ذلك خارجا عن الغرض الذي أيّاه قصدت. [ولولا أن ما ذكرته من هذا داخل في جملة الحوادث التي ينبغي أن تسطّر في التواريخ والسير لتخطيته، وأنا أرشد من يحب يقف على معرفة استخراج فصح النصارى وصومهم بشرح طويل إلى المقالة الثانية من كتاب سعيد بن بطريق البطريرك الذي تأليفنا هذا تال له ومضاف إليه، فإن تلك المقالة بأسرها قد أفردها في معرفة أصل حساب فصح اليهود وكيف يستخرج منه فصح النصارى وصومهم، لاسيما النسخة الثانية التي غيّرها وقرّر الأمر عليها، فإنها تتضاعف وتزيد على مقدار النسخة الأولا (كذا) التي غيّرها وبدّلها] (¬8). ¬
[اضطراب الأسعار بمصر]
فلنرجع الآن إلى ما كنّا فيه من التاريخ. وانتهت زيادة النّيل في سنة سبع (¬1) وتسعين وثلاثمائة إلى أربعة عشر ذراع وستّة عشر إصبع (¬2)، وانصرف (¬3)، فاضطربت الأسعار بمصر من الحنطة وسائر الحبوب [والأقوات] (¬4) وتزايدت (¬5). [اضطراب الأسعار بمصر] واقترن بغلو (¬6) السّعر أمراض حادة (¬7) ألمّت بالناس وعلل وأوبئة ألقت خلقا من أهل مصر (¬8). [سنة 398 هـ.] [المطر والبرد والسيل الجارف بمصر] وحدث بمصر مطر عظيم، وسقط برد كثير في الليل في شهر (¬9) رجب سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. ولم يزل إلى وقت مغيب الشّفق. وبعد رقدة من الليل نزل من الجبل سيل عظيم إلى القاهرة، وطرح بالحارة المعروفة كانت بالروم، ثم عرفت (¬10) بالكتاميين زهاء ثلاثمائة دار، ومات تحت الردم عدد متوافر من الناس، وطرح أبنية من قصر الخلافة ومواضع عدّة من حارة عبيد الشرا. [وقتل أيضا من الناس عدد كثير] (¬11). وكان رسم النّصارى في بيت المقدس جاريا في كلّ عام بحمل شجرة [عزيمة] (¬12) من شجر الزيتون في عيد الشعانين من الكنيسة (المعروفة) (¬13) ¬
[الحاكم يضع يده على أوقاف الكنائس والأديرة بمصر]
بالعازرية إلى كنيسة القيامة وبينهما مسافة بعيدة، وأن يشقّ بها شوارع المدينة بالقراءة (والصلوات، حاملين) (¬1) الصّليب (مشهورا) (¬2) ويركب والي البلد في جميع مواكبه معهم ويذبّ عنهم. [الحاكم يضع يده على أوقاف الكنائس والأديرة بمصر] وكان الرسم بمصر وسائر البلاد أيضا أن تزيّن الكنائس في هذا العيد بأغصان الزيتون [في هذا اليوم] (¬3) وقلوب النخل، ويفرّق منها على الناس [في هذا اليوم] (¬4) على سبيل التبرّك (¬5) بها، فمنع الحاكم في هذه السنة أهل بيت المقدس من رسمهم ذلك، وأمر أن لا يعمل ذلك في شيء من أعمال مملكته في ذلك اليوم، ولا يحمل ورقة من ورق (¬6) الزّيتون ولا من سعف النّخل في كنيسة من [سائر] (¬7) الكنائس، ولا يلحظ شيء منها في يد مسلم ولا نصرانيّ [ولا غيرهما من جميع الناس] (¬8) (وحظّر عليهم أشدّ تحظير) (¬9). ووضع اليد في يوم السبت العاشر من/119 أ/ [هذه] (¬10) السنة على أوقاف الكنائس والديارات الحديثة والعتيقة بمصر خاصّة دون غيرها من البلدان، وجعلها باسمه [وذلك يوم السبت لعشر خلون من رجب سنة 398] (¬11). ... ¬
[عزل القائد ابن جوهر وتعيين الدويداري]
[عزّل القائد ابن جوهر وتعيين الدويداري] [وعزل قائد القوّاد الحسين بن جوهر عن النظر في تدبير الأمور، ونصب لذلك صالح بن علي [الدويداري في (¬1) شعبان سنة 398] (¬2) ولقّبه [في شهر رمضان سنة 399] (¬3) بثقة الثقات السيف والقلم (¬4)] (¬5). ... [الحاكم يعاقب الكتّاب بالقتل والتعذيب لسعاية بعضهم] وسعى بعض الكتّاب بكاتب يعرف بمنصور بن عبدون (¬6) النّصرانيّ، وكان متولّي (¬7) ديوان الشام، وبجماعة من كتّاب دواوين مصر، ونفر من الكتّاب المسلمين، وطولبوا بحساب ما كانوا يتولّونه، وصودروا، وتقدّم الحاكم بمعاقبة النّصارى منهم خاصّة، وعلّق جماعة منهم بأيديهم، وأخذ جميع ما كان لهم، ولبثوا أياما معلّقين في برد الهواء وحرّ الشمس وإهطال المطر، إلى أن مات عدّة منهم تحت العذاب. ثم أسلم نفر منهم وأطلقوا وعفي عن باقيهم بالإسلام، وأزيلت المطالبة لهم، وجدّ في تخليتهم منصور بن عبدون من غير أن يكون أسلم (¬8). ... [نقض ماء النيل وانقطاع سير المراكب] (ونقص ماء النيل نقصا فاحشا حتى انقطع سير المراكب في البحر الشرقيّ من تنّيس ومن المحلّة، وصار مخائض تخوضة الدوابّ، وتغيّرت رائحته، حتى كان الناس يستقون (¬9) ما يشربونه من بحر الجيزة (¬10) [خارج المختارة مقابل بولاق] (¬11). ¬
[سنة 399 هـ.]
[سنة 399 هـ.] [توقّف ماء النيل واضطراب الأسعار وانتشار الوباء بمصر] وتوقّف ماء (¬1) النّيل أيضا في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وانصرف من غير أن يتمّ مقدار الحاجة إليه، فتزايد اضطراب الأسعار بمصر وعزّت الأقوات، وتظاهر قوم بأكل الكلاب والميتة، وعظم حال الوباء، ولم يزل إلى آخر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة (¬2)) (¬3). ... [الحاكم يأمر بتمييز النصارى واليهود في الحمّامات] وأمر الحاكم في هذه السنة أن يتميّز النصارى في الحمّامات من المسلمين بصليب يعلّقون (¬4) في رقابهم، وأن يتميّزوا (¬5) اليهود بجلجل مكان الصّليب، فلبثوا بذلك مدّة، ثم زال (¬6). [الحاكم يهدم كنيسة السيدة بدمشق] وكتب إلى دمشق بهدم كنيسة السيدة [الكاثوليكي] (¬7) وهي [كنيسة] (¬8) كبيرة حسنة فهدمت [في رجب من السنة] (¬9). [الحاكم يسمح بصلاة القنوت والضحى ويمنع سبّ السلف والصحابة] وأمر في شهر رمضان من السنة بأن تصلّى صلاة القنوت (¬10) التي ذكرناها أنها قطعت في سنة سبعين وثلاثمائة، وأن يجري فيها على الرسم القديم، وأن تصلّى صلاة الضّحى أيضا من شاء (¬11)، وقد كان منع منها أيضا، وأن لا يسبّ أحدا من السّلف والصحابة الذين كان أمر بإثبات أسمائهم واللعن لهم، وأن يحلف كلّ إنسان بما أراد وأحبّ من الأيمان بهواء ¬
[الحاكم يهدم كنيسة مريم بمصر]
القوم، ثم منع جميع ذلك بعد مدّة يسيرة، وقتل جماعة ممن تعرّض لهم (¬1). [الحاكم يهدم كنيسة مريم بمصر] وهدم كنيسة مريم القنطرة بمصر يوم (¬2) الأحد في (¬3) ذي الحجة من السنة، [وتقصّى هدمها] (¬4) ونهب ما كان فيها من الرحالات (¬5)، وكان بها مقابر كثيرة ومدافن للنّصارى، ففتح السودان والعبيد والرعاع جميعها، ونبشوا الموتى المدفونين فيها، وطرحت عظامهم، فأكلت الكلاب لحم من كان قريب العهد منهم. وكان بجوار هذه الكنيسة بيعة [وكنيسة] (¬6) لليعقوبية على اسم مار قزما، فامتد (¬7) إليها اليد أيضا ونقضت (¬8). ... وقبض الحاكم على سائر عقار والدته وأخته وعمّاته وحرمه/119 ب/ وخواصّه من النّساء، وأملاكهنّ وسائر إقطاعهنّ من الدّور والأجنة والحمّامات التي بمصر والقاهرة وقبضه (¬9) إليه. [الحاكم يأمر بهدم كنيسة القيامة وكنيسة ماري قسطنطين] وكتب إلى الشام إلى باروخ (¬10) بالرملة بهدم كنيسة القيامة (¬11) وإزالة أعلامها (وتقصّى قلع آثارها المكرّمة) (¬12)، فأنفذ باروخ يوسف ابنه والحسين ¬
[سنة 400 هـ.]
ابن ظاهر الوزّان وأنفذ معهما أبا الفوارس الضيف (¬1)، واحتاطوا على ما فيها من الآلات، وأنزلت بأسرها إلى القرار، إلاّ ما تعذّر هدمه [واستصعب قلعه] (¬2). وهدم الأقرانيون وكنيسة ماري قسطنطين وسائر ما اشتمل عليه حدودها، (واستقصي في إزالة الآثار المقدّسة) (¬3). [سنة 400 هـ.] [اقتلاع المقبرة المقدّسة وهدم دير السري] وجهد ابن أبي ظاهر في قلع المقبرة [المقدّسة] (¬4) ومحق (¬5) أثرها، فنقر أكثرها وقلعه. وكان في الجوار منها دير للنساء يعرف بدير السرّي (¬6) فهدم أيضا (وكان ابتداء نقضها يوم الثلاثاء لخمس (¬7) خلون من صفر سنة أربعمائة. وتركت اليد على سائر أملاكها وأوقافها، وقبض على جميع آلاتها وصياغها) (¬8). ... [صرف صالح بن عليّ عن النظر وردّ ابن عبدون] وصرف صالح بن عليّ عن النظر في الأمور [في يوم الاثنين لأحد عشر ليلة بقيت من صفر من السنة] (¬9) وردّ [النظر] (¬10) إلى منصور بن عبدون الكاتب النّصراني الذي كان صودر (¬11)، ولقّب بعد مدّة من نظره الكافي، ¬
[عادة النصارى في ليلة الحميم بمصر]
وألزم صالح بن عليّ داره عند عزله، فلبث لازما (¬1) لها ثمانية أشهر [وأيام] (¬2) وكان قد كتب له أمانا وكيدا على نفسه، وغدر (¬3) به وقتله [في شوّال من السنة] (¬4). [عادة النصارى في ليلة الحميم بمصر] (¬5) وكان رسم النّصارى قد جرى بمصر في ليلة الحميم أن يركب متولّي الشرطة السفلانيّة (¬6) في أوّل الليل في موكب كبير بزيّ مجمّل (¬7) ويوقد بين يديه الشمع الموكبيّ والمشاعل [شي كثير] (¬8) ويطوف الشوارع وينادي في الناس أن لا يختلطوا (¬9) المسلمون مع النصارى في تلك الليلة ولا ينكّدون (¬10) عليهم عيدهم. وذلك أنّ النّصارى كانوا سحر تلك الليلة يخرجون إلى شاطىء النّيل ويغطس كثير منهم فيه. وكان رسم الملكيّة خاصة في تلك الليلة يخرجون من الكنيسة القاثوليكي (¬11) التي بقصر الشمع المعروفة بكنيسة ميكائيل (¬12) في جمع ¬
[هدم دير القصير بالجبل المقطم وكنيسة دمياط]
متوافر بالقراءة الملحّنة، وبالنغمات المعلنة، والصّلبان المشهورة ووقيد الشمع (¬1) إلى شاطىء النيل بباعوث، ويصلّون، معلنا كلّ طريقهم، ويخطب الأسقف المرأس عليهم (على الشاطىء) (¬2) بالعربيّ، ويدعون للسلطان ولمن شاؤوا (¬3) من خواصّه، ويرجعون إلى بيعتهم (على تلك الهيئة) (¬4)، ويتمّمون بها صلواتهم. وحضرهم الحاكم في كثير من الأعوام متنكّرا وشاهدهم، وكان لأهل مصر وأهل الملك (¬5) والمذاهب بمصر في هذا العيد من الطّيبة والفرح ما لا يكون لهم في غيره من أيام السنة وأعيادها، فمنع الحاكم الكلّ في سنة أربعمائة من جميع ذلك، وألاّ يتعرّض أحد من سائر الناس كافّة إلى فعل شيء من ذلك في تلك الليلة، (وذلك إلى اليوم) (¬6)، وأن يعرض عنه ويصرف عن ذكره، ويجري مجرى سائر الأيام، ولا يستعدّ له ولا يحفل به. [هدم دير القصير بالجبل المقطّم وكنيسة دمياط] ورسم أيضا في يوم الثلاثاء في ثامن (¬7) شهر رمضان سنة أربعمائة بهدم دير القصير (¬8) وهو دير للملكيّة في الجبل المقطّم مبنيّ على قبر القدّيس أرسانيوس، ولينهب جميع ما فيه، وكان أرسانيوس بطريرك الإسكندرية يومئذ مقيما فيه متعبّدا، وأخرج عنه مع كلّ من كان يسكنه (¬9) من الرهبان. وكان أرسانيوس البطريرك قد أحاط على الدّير سورا منيعا وعمّره وجدّده، وأنشأ فيه (¬10) أبنية كثيرة، فهدم جميعها وخرّب الدير. وكان للنّصارى الملكيّة في ¬
[مقتل أرسانيوس بطريرك الإسكندرية]
ظاهره مقابر ومدافن/120 أ/لموتاهم، ففتح الرعايا والعبيد جميعها، ونبشوا من كان فيها، وأخذوا أيضا توابيتهم، وطرحوا أعضاءهم (¬1)، وكان أمرا فظيعا لم يشاهد مثله، ولا جرى في السالف شبهه، فانتهى ذلك إلى الحاكم فأمر بعد الفوت بالكفّ عن فتح القبور، وترك التعرّض للموتى. وأنفذ أيضا (¬2) إلى دمياط، فهدم كنيسة مرتمريم المعروفة بكنيسة العجوز. (وشرع في (¬3) خرابها يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة) (¬4). وكان أيضا بها مدافن كثيرة لنصارى (¬5) البلد الملكية، فنبشوا (¬6)، وأخربت البيعة خرابا عظيما وأزيلت آثارها جملة، ووضعت اليد على آلاتها وسائر أوقافها. ولم يكن في كثير من البلاد التي في مملكة الإسلام على ما قيل بيعة مثلها [بعد كنيسة القيامة ببيت المقدس] (¬7)، بناية حسنة، وعمارة طائلة، وآلة وآنية من ذهب وفضّة، وآلات وعقار كثير، وبني مكانها محرس (¬8) وعمل فيه مسجد. ... [مقتل أرسانيوس بطريرك الإسكندرية] وقتل أرسانيوس بطريرك الإسكندرية سرّا عشيّة الثلاثاء لثمان بقين من ذي القعدة سنة أربعمائة [وهو لأربع خلون من شهر تموز سنة 1329 للإسكندر] (¬9) وله في الرئاسة عشرة سنين [وأحد عشر يوما شمسية] (¬10). وكان قد سلك في آخر أيامه طريقة حسنة، وأخذ نفسه بالصلاة والصوم والتعبّد والنّسك، وأخذ من ذلك مأخذا عظيما) (¬11). ¬
[تزايد قتل الحاكم لرجال دولته]
[تزايد قتل الحاكم لرجال دولته] وتزايد الحاكم في القتل لسائر من في دولته، وبذل سيفه في مقدّمي أهل المملكة [ومتحيّزيها] (¬1) من الكتّاب والقوّاد والجند والرعايا، وقطع أيديهم (¬2)، وأفرط في ذلك، فاختلّت بلاده وفني رؤساء رجاله، فتخوّف الحسين بن جوهر قائد القوّاد على نفسه، ولم يكن بقي من رؤساء دولته من له ذكر ونباهة (اسم) (¬3) غيره، فهرب وأخذ معه أولاده (وصهره عبد العزيز بن محمد بن النعمان (¬4) وولديه. وكان عبد العزيز قد تولّى قاضي القضاة، ثم صرف بمالك بن سعيد (¬5) بن مالك) (¬6) وقصدوا جميعا بني قرّة في ناحية الإسكندرية وانضووا (¬7) إليهم وتحرّموا بهم، وحملوا معهم ما اتّجه لهم حمله سرّا من مال عين، فأحسنوا قبولهم وأقاموا عندهم، ووضعت (¬8) اليد على سائر أملاكهم بمصر وغيرها ¬
[الحاكم يؤمن الهاربين ويكتب لهم أمانا]
وإقطاعاتهم [وقبضت] (¬1) ونقل جميع ما في دورهم واحتيط عليه. وقد كان بلغهما دفعة أخرى قبل ذلك أنّ الحاكم يريد قتلهما، فهربا جميعا [وهرب معهما أولادهما يوم الأربعاء لأحد عشر ليلة خلت من جمادى الآخر] (¬2) (في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة) (¬3) وقصدوا الجبل المقطّم وأقاموا فيه ثلاثة أيام، فاشتدّ بهم الضرّ، وأشرفوا على الهلكة من الجوع والعطش، فعادوا وقصدوا قصره متحرّمين (¬4) به (بدلجة عميقة) (¬5) [من ليلة السبت لأربع عشر ليلة خلت منه] (¬6) وألقوا نفوسهم على بابه، فاستدعاهم إليه فاستنطقهم، فعرّفوه أنّ خوفهم ووجلهم من القتل حملهم على الهرب التماسا للنجاة، [الحاكم يؤمّن الهاربين ويكتب لهم أمانا] فطمّنهم وأصرفهم إلى دورهم، وخلع عليهم خلعا من خاصّ كسوته [وملابسه] (¬7) وكتب لهم أمانا على أنفسهم وأولادهم وعيالهم وأموالهم وجميع أسبابهم، وقريء لهم في قصر الخلافة بمحضر من أهل مملكته (¬8). ولما هرب قائد القوّاد وأولاده في هذه الدفعة الثانية أيقن جميع من بقي في الدولة بالهلكة/120 ب/، فاتّصل ذلك بالحاكم، فكتب لكلّ طائفة من الناس أمانا مجدّدا، وقرئت في قصره، وطمّن الكافّة وأمّنهم (¬9) بعفوه (¬10). ¬
[سنة 401 هـ.]
وتقدّم في الحال بالمعاودة إلى صلاة القنوت والضّحى، وأن يسقط (¬1) من الأذان عند الصلاة (حيّ على خير العمل) ولم تكن هذه الزيادة تعهد (¬2) في السالف في الأذان، وإنّما جوهر عند دخوله إلى مصر أضافها (¬3). [سنة 401 هـ.] [عزل ابن عبدون وقتله وكذلك ابن القصوري] (وعزل الكافي منصور بن عبدون عن النظر في الأمور، وقتله بعد مدّة يسيرة من عزله (¬4)، وردّ الأمور إلى أحمد بن القصوري (¬5) في ذلك اليوم بعينه، وهو [يوم الخميس] (¬6) رابع المحرّم سنة إحدى وأربعمائة، وقتله أيضا في اليوم التاسع (¬7) من نظره، [ابن نسطورس يتولّى النظر في الأمور] ونصّب مكانه زرعة بن عيسى بن نسطورس النّصرانيّ، ولقّبه بعد أيام من نظره: الشافي) (¬8). وأمّا الحسين بن جوهر فلما تطاول مقامه ومقام من هرب معه عند بني قرّة راسلهم الحاكم بالرجوع إلى حضرته، ووعدهم بالإحسان إليهم، وأعطاهم أمانا ثانيا (على أنفسهم وسائر أسبابهم) (¬9) يثقون به، (وكتب لهم سجلاّ قريء في ذلك الوقت بقصره على رؤوس الملأ، وأشهد الحاكم على ¬
[الحاكم يغدر بابن جوهر والقاضي عبد العزيز وغيرهما]
نفسه فيه بالوفاء بمضمونه قاضي (¬1) القضاة مالك بن سعيد بن مالك وجماعة من الأشراف) (¬2) فأجابوا إلى الرجوع، ودخلو إلى مصر [في المحرّم سنة 401] (¬3) (وتلقّاهم (¬4) سائر أهل المملكة بإذنه، وكتب لهم أيضا أمانا مجدّدا، وضمّنه يمينا مشدّدة، وعهودا مؤكّدة، وأشهد على نفسه بما ثبّت فيه قاضي القضاة مالك بن سعيد وجماعة من شهوده العادلة، وأعاد إليهم سائرة [المأخوذة] (¬5) منهم. [الحاكم يغدر بابن جوهر والقاضي عبد العزيز وغيرهما] وأنفذ الحسين بن جوهر نسخة الأمان إلى مكّة وعلّق بها على الكعبة، تحريصا له على الوفاء بمضمونه، ولم يجد ذلك عليهم نفعا، وغدر بهم في الشهر بعينه من السنة، وقبض على الحسين بن جوهر وعلى عبد العزيز بن النعمان، وقد ركبا إلى القصر واتّصل بأولادهما ذلك، فاستتر جعفر بن الحسين بن جوهر وطلب فلم [يوجد] (¬6) ومنعت الطرقات وجهرت (¬7)، واستقصى البحث عنه فلم يظفر به، فلمّا آيس منه حضر قاضي القضاة مالك بن سعيد واستحلف (¬8) الحسين بن جوهر وعبد العزيز أنهما لا يهربان ولا يتغيّبان ولا يستتران ولا يخرجان (¬9) عن البلد، وأيّ وقت استدعيا يحضرا، وأطلق سبيلهما. وظهر جعفر من الاستتار (¬10)، فخلع عليه وطمّنه وآنسه. ولما كان يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ركب الحسين وعبد العزيز إلى القصر على عادتهما، فقبض عليهما ¬
[ميخائيل البطريق يرفض إلتجاء أحفاد جوهر إلى أنطاكية]
وقتلا) (¬1)، وقتل معهما (¬2) إسماعيل بن صالح أخا الفضل [بن صالح] (¬3) وكان الفضل أيضا قد قتل قبلهما بمدّة مقدارها تسعة (¬4) أشهر (¬5). وهرب جعفر وأبو جعفر ولدا (¬6) الحسين بن جوهر وأخ صغير لهما دون البلوغ (¬7) يسمّى جوهر إلى الشام في وقت تغلّب ابن الجرّاح عليه، على أن يقصدوا باسيل الملك، [ميخائيل البطريق يرفض إلتجاء أحفاد جوهر إلى أنطاكية] وكتبوا إلى والي أنطاكية ميخائيل البطريق المعروف بالقطانيوس يستأذنوه (¬8) بالمجيء إلى أنطاكية، فرسم/121 أ/لهم التوقّف إلى أن يستأذن الملك فيهم، ولم يتّسع لهم الوقت للصبر، فعزموا على التوجّه إلى العراق، فظفر بهم وقتلوا، وذلك أنّهم كانوا قصدوا حسّان بن المفرّج (¬9) بن الجرّاح، فسألوه أن يسيّرهم (¬10)، [الحاكم يرشو حسّان بن المفرّج لقتل أحفاد جوهر] وبذل له الحاكم على القبض عليهم مائتي ألف دينار، فقال لهم على سبيل المكيدة: جدّوا لأنفسكم، وسيّرهم إلى أن نزلوا في موضع يعرف بالسّويداء من أعمال دمشق [على يوم منها] (¬11) وتنصّح بهم إلى مختار الدولة أبي (¬12) عبد الله بن نزّال (أن يسرع) (¬13) إليهم فقبض عليهم وقتلهم بدمشق، وحملت رؤوسهم إلى مصر في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة (¬14). ¬
[إلزام النصارى واليهود بتغيير الزنانير الملونة]
[إلزام النصارى واليهود بتغيير الزنانير الملوّنة] وأمر في المحرّم سنة إحدى وأربعمائة أن تؤخذ الذمّة من النّصارى واليهود بتغيير الزنانير الملوّنة التي يلبسونها، والاقتصار على لبس الزنانير السّود فقط (¬1) دون غيرها من الألوان والعمائم السّود (¬2). وجدّد التحذير والمنع من عمل النبيذ ومن شربه سرّا (¬3) وجهرا في شهر رمضان سنة إحدى وأربعمائة (¬4)، وتقدّم بكسر ما عند الناس (منه) (¬5) من الجرار والظروف والقراع (¬6) والدّنان وسائر الملاهي (وآلات الموسيقى) (¬7) وحذّر من استبقاء شيء من جميع (¬8) ذلك والتعرّض لعمله والعمل (¬9) به، وتوّعد (¬10) فيه بشديد العقاب، وكسر في الطرقات شيء كثير من النبيذ، وأحرقت آلات الملاهي، وامتثل ذلك في سائر مملكته. وحظّر على النّصارى تقديمه في سائر مملكته، ومنع من التقريب به في قرابينهم (¬11). وصاروا (¬12) ¬
[الحاكم يعطل المطابخ ويقتصر على طعام والدته]
النصارى يقرّبون عوضا من الخمر ماء قد نقع فيه زبيب أو عود الكرم (¬1). [الحاكم يعطّل المطابخ ويقتصر على طعام والدته] وعطّل المطابخ والموائد التي كانت تقام برسمه في كلّ يوم وكذلك السّماطات التي كانت تعمل في الأعياد الجامعة، واقتصر فيما يأكله على ما يجيئه في كلّ يوم من عند السيدة والدته (مقتصرا) (¬2). ... [الحاكم يأمر بتغريق مركب حملت هدية من الفاكهة من طرابلس] ووصل من طرابلس الشام (¬3) حمايم تحمل هديّة من فاكهة يابسة ورطبة، وغير ذلك من المأكولات، فأمر أن تغرّق جميعها في النيل في الموضع المعروف بالمقس، وقتل النّواتية (¬4) الذين كانوا فيها (¬5). [الحاكم يبطل ما يعمل برسمه من الكسوة في تنّيس ودمياط] وبطل ما كان يستعمل برسمه من الكسوة في (¬6) تنّيس ودمياط. [و] (¬7) أمّر الحاكم باروح (¬8) التركي الملقّب علم الدولة على سائر جيوشه، ولقّبه أمير الأمراء، وولاّه الشام وسيّره إليها (¬9)، وحمل باروح معه زوجته، وهي ابنة الوزير يعقوب بن يوسف بن كلّس (¬10)، وحملا معهما (جميع) (¬11) رحالاتهما وما يقتنيانه من نفيس المتاع، وسار في صحبته قافلة التجار بأموال لهم واسعة، ورحالات كثيرة، فاعترضهم في طريقهم ظاهر غزّة المفرّج (¬12) بن دغفل بن الجرّاح وأولاده، فأوقع بهم، وحاز سائر ما كان ¬
[ابن الجراح يدخل الرملة ويبيح للعرب نهبها]
معهم، وأخذ باروخ أسيرا وقتله (¬1). [ابن الجرّاح يدخل الرملة ويبيح للعرب نهبها] وسار ابن الجرّاح إلى الرملة ودخلها، وأباح للعرب نهبها، وأخذ رحالات الناس، وقبض على من كان بها وصادرهم وأخذ أموالهم، وافتقر جماعة من الناس [فيها] (¬2) هناك، [ابن الجرّاح يقيم الدعوة لأبي الفتوح أمير مكة ويضرب له السّكّة] وأقام الدعوة لأبي الفتوح (¬3) الحسن (¬4) بن جعفر الحسني أمير مكة يومئذ، وأسماه أمير المؤمنين ولقّبه الراشد لدين الله، وضرب له السّكّة، [استحواذ العرب على الشام وحصارهم لحصون السواحل] واستحوذت العرب على الشام وملكوه (¬5) من الفرما إلى طبريّة، وحاصروا حصون السّواحل مدّة طويلة، ولم يمكنهم أخذ شيء منها (¬6). [المفرّج بن الجرّاح يلزم النصارى ببناء كنيسة القيامة] وألزم المفرّج بن الجرّاح/121 ب/النّصارى ببنيان (¬7) كنيسة القيامة ببيت المقدس، وصيّر من عملها أسقفا (¬8) كان على مدينة جبال (¬9) (اسمه أنبا) (¬10) ثاوفيلس، أقام ثمان سنين ومات. وعاضد المفرّج بن الجرّاح على بناء كنيسة القيامة، وأعاد فيها مواضع بحسب إمكانه وقدرته (¬11). [استحواذ العرب على الشام وحصارهم لحصون السواحل] واستدعى ابن الجرّاح أبا الفتوح الحسني من مكة، فسار إلى الشام ووصل إلى الرملة [يوم السبت لست بقين من صفر سنة 403] (¬12) ودخلها ¬
[أبو الفتوح يعود إلى مكة ويدعو للحاكم]
راكبا فرس (¬1) بسرج ولجام حديديّ، ونزل بدار الإمارة بها، وأنشأ كتابا قريء على الناس بأن لا يقبّل (¬2) له أحد جملة (¬3) الأرض، وأنّ هذا شيء ينفرد به الله عزّ وجلّ. وجاب معه أموالا كثيرة من الحجاز، فأكلته العرب وحجزت عليه ولم يعطوه بحقّه الذي أهّلوه له، وأشرف على ضعف أمره. [أبو الفتوح يعود إلى مكة ويدعو للحاكم] وقد كان الحاكم بذل فيه أموالا جسيمة لحسّان بن المفرّج من أبيه أن يتمّ ذلك على أبي الفتوح، فأشار عليه [بالمسير] (¬4) وأنفذ معه غلاما من خواصّ غلمانه يعرف بأبي الغول إلى أن أوصله إلى مأمنه، فلمّا عاد إلى مكّة أقام بها الدّعوة إلى الحاكم على الرسم السّالف، بعد أن كان قد أقامها لنفسه، وكتب إلى الحاكم يعتذر ويغتفر، فقبل عذره ووصله وأحسن إليه (¬5). [تغلّب بني الجرّاح على الشام ونزوح النصارى منه] وحصل الشام في أيدي بني الجرّاح، وأقاموا متغلّبين عليه (¬6) إلى المحرّم سنة (أربع و) (¬7) أربعمائة، وعظمت مصادرتهم للناس مرّة بعد أخرى وتعسّفهم إيّاهم، فهرب من النّصارى المقيمين بالشام خلق كثير، وتوجّه جميعهم إلى بلاد الروم، وقصد أكثرهم اللاّذقية وأنطاكية وقطنوهما (¬8). ... ¬
[سنة 402 هـ.]
[سنة 402 هـ.] [الحاكم يستتيب المغنّين ويحذّر من بيع الزبيب والعسل] وأمر (¬1) الحاكم في [جمادى الأولى] (¬2) سنة اثنتين وأربعمائة بنفي سائر المغنيّين (¬3) وأصحاب الملاهي، [وتسييرهم في البلاد] (¬4)، فاجتمعوا واستغاثوا إليه، وسألوه عفوه عنهم، فاستتيبوا واستحلفوا (¬5) أن لا يتعاطوا ذلك فيما بعد، ولا يتعرّض أحد إلى شيء منه (¬6). وحذّر على الزبيب والعسل، ووضع اليد عليهما، وأخرجهما (¬7) شيء (¬8) بعد شيء، وبيع (¬9) العسل (¬10) خمسة أرطال فنازل، والعسل ثلاثة أرطال وما دونهما لمن يقتات منها (¬11)، وأقيم مع البيّاعين لهم أمناء لمراعاة (¬12) ذلك، فانتهى إليه أنهما يبتاعان (¬13) ويعمل منهما المسكر المنهيّ عنه، فزاد في التحذّر عليهما ومنع من بيعهما جملة، ثم أمر بحرق الزبيب، وأحرق منه بمصر زهاء خمسة آلاف قنطرة (¬14) وعدّل وغرّق العسل أيضا، وأريق في النيل ومنع من جلبهما وإظهار شيء منهما [في المستأنف] (¬15) ولمّا أدرك العنب وأخذ الناس في ابتياعه واعتصاره سرّا أمر أيضا بتغريقه في النيل، ومنع من بيعه وأكله (¬16). ¬
[سنة 403 هـ.]
[سنة 403 هـ.] [وفاة ابن نسطورس وتعيين ابن طاهر للنظر في الأمور] ومات الشافي زرعة بن عيسى بن نسطورس النصراني في [يوم الاثنين لاثني عشر ليلة خلت من صفر] (¬1) سنة ثلاث وأربعمائة (¬2)، وكان حسن السيرة، محمود الطريقة، محبوبا من سلطانه وسائر جنده وكتّابه، ونصب في النظر للأمور بعده الحسين بن طاهر (¬3) الوزّان يوم الثلاثاء حادي عشر [ليلة بقيت من شهر] (¬4) ربيع الأول من السنة، ولقّبه بعد ذلك بأمين الأمناء، وقتل يوم الإثنين حادي عشر [ليلة خلت من] (¬5) جمادى الآخرة سنة خمس وأربعمائة (¬6). ¬
[إلزام النصارى واليهود بلبس السواد]
[إلزام النصارى واليهود بلبس السواد] وتقدّم الحاكم [لثمان خلون من شهر ربيع الآخر] (¬1) في [يوم الجمعة] (¬2) سنة ثلاث وأربعمائة أن تلبس/122 أ/النصارى واليهود دون الخيابرة طيالسة سود [حالكة] (¬3) وعمائم سود، ويعلّقون في أعناقهم صلبان خشب مضافا إلى الزّنّار (¬4) [و] (¬5) ألاّ يركبوا الخيل، ويركبوا بركب خشب وسروج ولجم من سيور سود، لا يرى عليها شيء من الحلية، وأثر فضّة، ولا يستخدموا مسلما، فأخذوا بذلك في سائر أعمال مملكته، ولبسوا صلبانا طولها فتر، وغيّرها عليهم بعد شهر، وجعلها قدر شبر في شبر (¬6). [إستبدال الكتّاب النصارى بالمسلمين] وتقدّم [في الحال] (¬7) بإثبات أسماء سائر المسلمين المتعطّلين والمنصرفين من الكتّاب الذين يصلحون للخدمة في دواوينه وأعماله، ليتّخذ منهم من يستبدل به عوض النّصارى، وكان سائر كتّابه، وأصحاب خدمته، وأطبّاء مملكته نصارى، إلاّ نفر يسير من الكتّاب. وكثرت الشناعات السيّئة فيهم والأراجيف المفزعة، فاجتمع سائر من بمصر من [النصارى] (¬8) الكتّاب والعمّال والأطباء وغيرهم مع أساقفتهم وكهنتهم، وتوجّهوا إلى قصره في يوم ¬
[الأمر بتعظيم الصلبان في أعناق النصارى]
الخميس ثاني عشر ربيع الآخر من السنة، وكشفوا (عن) (¬1) رؤوسهم من (¬2) باب القاهرة، ومشوا حفاة باكين مستغيثين إليه يسألونه العفو والصّفح، ولم يزالوا (¬3) في طريقهم يقبّلون التّراب، إلى أن وصلوا إلى قصره وهم على تلك الحال، فأنفذ إليهم أحد أصحابه وأخذ منهم ورقة (¬4) كانوا كتبوها يلتمسون فيها عفوه عنهم وإزالة سخطه، فأعاد (¬5) إليهم الرسول وردّ عليهم ردّا جميلا، وخاطب الحسين بن ظاهر الوزّان شيوخهم في هذا المعنى بخطاب لطيف، ووعدهم بما وثقت به نفوسهم، واطمأنّت إليه قلوبهم، فاستشعروا صلاح حالهم وحسن النّيّة فيهم، وأخذوا يعلّلون نفوسهم بمنشور يقرأ لهم بأمنهم وطمأنيّتهم (¬6). [الأمر بتعظيم الصلبان في أعناق النصارى] فلمّا كان يوم الأحد النصف من شهر ربيع الآخر من السنة أمروا أيضا بتعظيم الصلبان التي في أعناقهم، وأن يجعل طولها (¬7) ذراع ملكي (¬8) في عرض مثله، وأن يكن فتحها ثلثي شبر، وسمكها إصبع، وقصد بذلك إضجارهم، لاسيما خواصّه من كتّاب دواوينه، و (من) (¬9) المتصرّفين في خدمته (الذين لم يكن يجد منهم بدلا) (¬10). ومن العجب العجيب أنه كان قد أمر في صفر سنة اثنين (¬11) وأربعمائة ألاّ يظهر صليب، ولا يقع عليه عين، ولا يضرب بناقوس، فنزعت الصلبان ¬
[النصارى يظهرون الإسلام واليهود يمتنعون عن ذلك]
من الكنائس وطمس آثارها من ظاهر البيع و (الكنائس) (¬1) والهياكل. ثم أمر في هذا الوقت بإظهار الصّليب هذا الظهور. ولم يكن اليهود لبسوا مع الغيار السواد شيئا من الخشب، فنودي [فيهم في الحال] (¬2) أن يعلّقوا في رقابهم أيضا أكر خشب من (¬3) خمسة أرطال إشارة إلى رأس العجل الذي عبدوه سالفا، وتهدّد (¬4) النّصارى وفزّعهم (¬5)، وكثرت الأراجيف والشناعات فيهم، [النصارى يظهرون الإسلام واليهود يمتنعون عن ذلك] فأسلم كثير من شيوخ الكتّاب والمتصرّفين وغيرهم من النّصارى، وتبعهم خلق كثير من عوامّهم، وأسلم أيضا جماعة من اليهود، وتزايدت (¬6) الأراجيف فيمن بقي من النصارى لم يسلم، (ونودي عليهم) (¬7) بأن تقطّع أعضاؤه (¬8) ويباح للعبيد (¬9) والأولياء ماله وعياله. وأوقع الطّلب/122 ب/والتوكّل على من يغيب، واستتر من الكتّاب والمتصرّفين (¬10) جماعة، ونهبت دور من المحتجبين منهم، وقبضت أملاكهم، وأسلم أكثرهم، واقتدى بعضهم ببعض، وتلاحقوا فلم يبق منهم إلاّ نفر معدودين، ولم تزل الطرقات أياما عدّة لم ير فيها نصرانيّ. وتمسّك أكثر اليهود، ولم يسلم [منهم] (¬11) إلاّ نفر يسير، وكذلك النّصارى الذين في بقيّة البلاد تمسّكوا أيضا بأديانهم، ولم يسلم في بقيّة أعمال المملكة إلا نفر يسير، إلاّ [أنّ] (¬12) أهل مصر خاصّة- [الأمر بهدم الكنائس وحيازة ما فيها] وكان حالهم ¬
[على] (¬1) ما ذكرنا-لمشاهدة الحال وقربهم منها، وتحقّق أيضا سوء النيّة فيهم وأنّه في عرض ما جرى لهم (¬2) في تلك الأيام أقطع سائر الكنائس والديارات (¬3) العتيقة والحديثة بمصر، وسائر أعمال مملكته للعسكريّة ووهبها لهم، فكانت ألوفا كثيرة بجميع آلاتها وصياغاتها ورحالاتها ليهدموها ويأخذوا أنقاضها، فهدم جميعها وعمل اليسير منها مساجد، وسجّل إلى سائر أعماله بأن تمحى معالم الكنائس من على وجه الأرض وتزال آثارها، ففعل ذلك، وقلعت أساساتها من الأرض، وأخرج عظام الموتى من الكنائس في عدّة بلدان ووقد بها الناس [في مواقد] (¬4) الحمّامات، وأحرقت المصاحف والكتب الموجودة في الكنائس، واستخرج من المتولّيّين (¬5) أمرها من النصارى في كلّ بلدة ما دفع إلى الفعلة والنّقّاضين الذين أخربوا الكنائس، وأتى على جميع ما في أعمال مملكته منها، إلاّ الدّير المشهور قديما بالإسقيط الذي في مريوط (¬6) من أعمال الإسكندرية المعروف بدير أبي مقار، والديّورة (¬7) المجاورة له، فإنّه بلغه أنّ القبيلتين (¬8) من العرب المعروفتين (¬9) ببني قرّة وبني كلاب يدفعون عنه ولا يمكّنون (أحدا) (¬10) منه لمنافع لهم فيه، فأمسك عنه (على) (¬11) كره منه. وأقطع كنائس القلزم، ودير رابة (¬12)، ودير طورسينا لإنسان من العرب يعرف بابن غياث، وأوعز إليه بهدم ¬
دير طورسينا (وبنائه مسجدا) (¬1) وهدم [بعض] (¬2) كنائس القلزم، وحاز آلات جميعها، وهدم إحدى كنيستي دير راية، وأخذ أيضا رحله وآلاته، وسار إلى دير طورسينا ليمتثل فيه ما رسم له، وكان في طورسينا يومئذ رجل كاتب ترهّب فيه وسكنه عن قريب، يسمّى سلمون (¬3) بن إبراهيم من وجوه أهل مصر ذو شيخوخة وحكمة (¬4) وعقل وسياسة، فخرج إليه وأحسن لقاءه، وأعلمه أنه (¬5) أسقفه ورهبانه مساعدوه على ما يلتمسه (¬6) وغير مانعين له منه، وسلّم إليه جميع [الآلات التي برسم] (¬7) الدير وصياغاته من ذهب وفضّة، ولطف في مخاطبته، وأبان له أنّ هدمه يصعب عليه وعلى غيره لحصانته ووثيقة (¬8) بنائه، وأنّه يحتاج في ذلك إلى إنفاق جملة كثيرة (من المال) (¬9) تفوق ما يحصل له منه، فالتمس عن (¬10) الاندفاع (عنه، وترك) (¬11) التعرّض له جملة مال، وتقرّر الحال معه على ما رضي به (وقام (¬12) له بذلك، وانصرف عنه من غير أن يتعرّض له) (¬13). ¬
[منع تقبيل الأرض والخضوع أمام الحاكم]
[منع تقبيل الأرض والخضوع أمام الحاكم] ومنع الحاكم [في رجب سنة 403] (¬1) عن تقبيل التراب بين يديه وبوس اليد والارتماء (¬2) بالسجود له إلى الأرض، وعن مخاطبته/123 أ/ بمولانا، وأن تكون المخاطبة والسلام عليه مقصورا على «أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته» (¬3)، [الحاكم يركب الحمار ويلبس الصوف ويصطنع الركابية] وأظهر الزّهد، ولبس الصّوف على ظاهر جسده والفوطة على رأسه، ثم صار يلبس عمامة صوف سوداء، وجعل سائر لباسه الصوف، وربّى شعره، واقتصر عن ركوب الخيل، وبقي يركب الحمير بسرج ولجام حديديّ مختلطا بالناس بلا مظلّة وبغير طرّادين بين يديه، ولا أحد يحجب الناس ولا يمنعهم (¬4) عنه، ويأخذ رقاعهم ويقضي حوائجهم، (ويصل من يستميحه منهم) (¬5) وأكثر الصدقات على الفقراء [والمتصدّقين] (¬6)، واصطنع عددا كثيرا من الركابية وأفاض عليهم وأحسن إليهم (¬7). وكان قد استدعى جماعة ممن يقرأون القرآن وألزمهم ¬
[نصب شاهدين في الشرطة بمصر]
قصره (¬1)، وأجرى عليهم الأرزاق والجرايات الواسعة السنيّة [والإقطاعات الجليلة] (¬2). [نصب شاهدين في الشرطة بمصر] ونصب في الشرطة بمصر وفي كلّ بلد شاهدين من الشهود عدلين (¬3). وتقدّم ألاّ يقام على كلّ ذي جريرة ومرتكب جريمة حدّ إلاّ بعد أن يصحّ عند ذينك (¬4) الشاهدين أنّه مستوجب لذلك فيقام عليه الحدّ اللازم لمثله، ويطلق سبيله، وأن لا يقطع جناية [واحد] (¬5) ولا يؤخذ على جرم دينار ولا درهم، (ومن لم) (¬6) يقم بما يدّعي به عليه ويقرف [به بيّنة] (¬7) ¬
عندهما (¬1)، ويصحّ ما نسب إليه لم يتعرّض له، وكذلك في الأحكام وسائر المطالبات. وأظهر من العدل ما لم يسمع بمثله. ولعمري إنّ أهل مملكته لم يزالوا في أيامه آمنين على أموالهم غير مطمئنّين (¬2) على نفوسهم، ولم تمتدّ يده قطّ إلى أخذ مال أحد، بل كان له جود عظيم، وعطايا جزيلة، وصلات واسعة. ولقد قتل من رؤساء دولته وأهل مملكته ممّن لهم الأموال العظيمة ما لا يقع عليه إحصاء لكثرته، فلم يتعرّض لأخذ مال أحد (منهم) (¬3) لنفسه، لاسيما من كان منهم له وارث، ومن لا وارث له كانت تركته (¬4) تستوهب منه، فيهبها على الأكثر. وأسقط جميع الرسوم والمكوس التي جرت العادة بأخذها، وتقدّم إلى كلّ من قبض منه شيء من العقار والأملاك بغير واجب أو في مصادرة في أيامه وأيام (أبيه و) (¬5) جدّه أن يطلق له (ما قبض منه) (¬6) واسترجع جماعة كثيرة من العقارات ومن الديون المنكسرة التي كانت لهم على خزائنه، وهم مويئسون (¬7) منها جملة كثيرة، وكذلك أقطع ووهب جلّ (¬8) الضياع والأعمال والعقارات والأملاك السلطانية أولا فأولا لمن كان يلتمسها منه، حتى أنه لم يبق منها إلى حين فقده إلاّ قليل. واجتذب أكثر أهل الأماكن البعيدة إلى موالاته [ومشايعته] (¬9). ودعي له بالكوفة. وبلغت دعوته إلى أبواب بغداد [وفي بلاد الري ¬
جميعها] (¬1)، وأخذ الأموال الجزيلة السنيّة إلى من في العراق من الولاة والخوارج ليجتذبهم إليه (¬2). ولقيه بعض التجار العراقيين مستعديا إليه يذكر أن كان له بضاعة، وحملها في المواضع المخوفة، وسلك بها بين البادية وقطّاع الطرقات وسلمت له، وأنه أصيب بها في بلده، وسأله أن يخلفها عليه عاجلا (¬3) إن رأى، أو يكتب له تذكرة ليخلفها عند دخوله إلى بغداد وملكه لها. وكان متحقّقا أنه يملكها وغيرها من الممالك الخارجة الآن عن قبضته، فأعجب بقوله، وأطلق له ما ذكرناه وأخذ منه مالا عينا (¬4) مبلغه آلاف دنانير] (¬5). (وأمر في شوّال من السنة بإزالة السبّ واللعن (¬6) عن أبي بكر وعمر وسائر الصحابة والسلف، ورحم (¬7) عليهم ووصف مناقبهم وما توجبه الشريعة من إجلالهم وتبجيلهم) (¬8). ¬
[سنة 404 هـ.]
[سنة 404 هـ.] [نفي المنجّمين والعفو عنهم] وتقدّم في المحرّم سنة (أربع و) (¬1) أربعمائة بنفي سائر المنجّمين وأصحاب الأحكام، فتجمّعوا بأسرهم واستغاثوا إليه، فاستتابهم (¬2) واستحلفهم ألاّ يتعرّضوا لعلم أحكام النّجوم ولا يباشروها، ولا ينظروا فيه، ومن كان منهم له عليه رزق أجراه عليه ولم يمنعه إيّاه (¬3). [الحاكم يعتق مماليكه ويحرّرهم] وفي هذا الشهر أيضا من السنة عتق سائر مماليكه/123 ب/بأسرهم من الإناث والذكور، وحرّرهم جميعا لوجه الله تعالى، وملّكهم أمر نفوسهم (والتصرّف فيما يملكونه واقتنوه منه ومن أبيه، وفوّض إليهم التصرّف في جميعه بحسب اختيارهم) (¬4). وقد كان قبل ذلك أخرج من قصره جماعة من حظاياه وأمّهات أولاده، مع كثرة شغفه (كان) (¬5) بالجماع، بل وغرّق بعضهنّ في صناديق اتّخذها لهنّ وسمّرت عليهنّ وثقّلت بحجارة وألقيت في النيل. وأخذت السيّدة إليها أمّ ولده مع ولدها أبي الحسن عليّ خوفا عليهما منه، ولم يزالا في قصرها بعيدين عنه إلى حين فقده (¬6). ¬
[الحاكم يسمح للنصارى بالتوجه إلى بلاد الروم]
[الحاكم يسمح للنصارى بالتوجّه إلى بلاد الروم] وانتهى إليه أنّ جماعة من النّصارى قد استوحشوا وخافت نفوسهم من المقام في بلاده واستثقلوا الغيار، وأنّهم يتسلّلون إلى بلاد الروم سرّا ويبذلون لأصحاب المراكز والطرقات مالا (¬1) حتى يطلقوهم، فأذن [لهم] (¬2) في صفر من السنة بعينها لجماعة النصارى واليهود بسجلّ قريء بالتوجّه إلى بلد الروم بأهلهم وأموالهم وما تحويه أيديهم، والتصرّف في ذلك على حسب اختيارهم آمنين مطمئنّين (¬3) إحسانا إليهم ورفقا بهم من غير إكراه لأحد منهم على المسير، بل جعل الاختيار في ذلك إليهم، وكتب بذلك إلى سائر أعماله ومملكته، فامتثل، وانتقل من الشام ومصر وغيرها (¬4) من النّصارى الذين ثبتوا على دينهم، ومن الذين أسلموا خلق كثير ظاهرا مكشوفا بعد أن باعوا أملاكهم ورحالاتهم التي ثقل عليهم حملها، ولم يعترضوا في ذلك (¬5) ولا فتّش عليهم، فتوجّهوا إلى اللاّذقية وأنطاكية، وإلى غيرهما من بلاد الروم (¬6). ... [إخراج الجيوش لقتال المفرّج بن دغفل] فأمّا (¬7) المفرّج بن دغفل بن الجرّاح فأقام محتويا على الشام [متملّكا له] (¬8) سنتين وخمسة أشهر، ولم يسيّر إليه الحاكم في مدّتها لا جيشا ولا عسكرا إلى المحرّم سنة أربع وأربعمائة، فسيّر للقائه عليّ بن فلاح الملقّب قطب الدولة في جيش كبير جمع فيه معظم رجال مملكته، وكوتبت الجيوش التي (¬9) كانت بدمشق والسواحل بلقائه [أيضا] (¬10)، وسارت العساكر من الجهتين نحوه، [موت المفرّج بن دغفل] فاتّفق في الحال أن مات المفرّج بن دغفل بن الجرّاح، فلمّا ¬
[قطب الدولة علي بن فلاح يدخل الرملة]
اتّصل بأولاده قصد العساكر إليهم انطردوا مع العرب إلى البريّة وتخلّوا عن الرملة وغيرها من البلاد التي غلبوا عليها، [قطب الدولة علي بن فلاح يدخل الرملة] ودخل قطب الدولة عليّ بن فلاح للرملة. وهرب [أنبا] (¬1) فيلوثاوس (¬2) البطريرك من بيت المقدس. [عودة بطريرك بيت المقدس بعد استتاره] وأقام [به] (¬3) مستترا مدّة، ثم عاد إلى القدس ولقي من قطب الدولة جميلا (¬4). ... [ولاية العهد لأبي القاسم عبد الرحيم] وولّى الحاكم عهده لأبي القاسم عبد الرحيم (¬5) بن الياس بن أحمد بن المهديّ بالله أمير المؤمنين وجعله الخليفة من بعده، وذلك في شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعمائة، ودعي له على المنابر في سائر أعمال المملكة، ونقش اسمه على السّكّة وعلى طرز الاستعمال والبنود، وأخذت له البيعة على جميع الأولياء والجند، وحمل [إليه] (¬6) مراكب الخلافة وكساءها [وجوارها] (¬7) وسائر آلاتها إلاّ المظلّة، وأذن بالتزيّي (¬8) بذلك، وكان وليّ العهد يركب مراكب الخلافة المرصّعة وكساءها (¬9) /124 أ/عليه وجوارها، والحاكم يركب على حمار، لابس (¬10) ثياب صوف بيض، ثمّ سود، وفوطة زرقاء، وعمامة سوداء على رأسه، ومركب حديديّ تحته (¬11). ¬
[إلزام النساء منازلهن]
[إلزام النساء منازلهنّ] وأمر الحاكم بلزوم النساء منازلهنّ، ومنع من خروج الحراير منهنّ والإماء من الشابّات (¬1) والعجائز إلى الطريق، والظّهور بوجه من الوجوه، وحذّر عليهنّ في ذلك أشدّ تحذيرا (¬2)، وإذا دعت الضّرورة إلى حضور (¬3) غاسلة أو قابلة لمن تلد أو تموت أو غيرهما، ممّن تسافر وتضطرّ الخروج من منزلها، استؤذن في ذلك برقعة ترفع إليه، فيوقّع على ظهرها بخطّه إلى متولّي الشرطة، فيندب (¬4) من يثق به إلى أن تخرج المرأة المستطلعة (¬5) من موضعها [فيوصلها] (¬6) إلى حيث مقصدها، ولم يزلن محصورات على هذه الصفة إلى سنة تسع وأربعمائة (¬7). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
[الحاكم يقطع يد خادمه عين ولسانه]
[الحاكم يقطع يد خادمه عين ولسانه] وكان (¬1) الحاكم قد قرّب عين (¬2) الخادم الأسود، ثم نقم عليه فقطع يده اليمنى، واختص به بعد ذلك أعظم تخصيص، ولقّبه قائد القوّاد وأستاذ الأستاذين، وكنّاه وقدّمه على جميع أهل دولته ورؤساء مملكته، وكثر ميله إليه وشغفه به، وقلّده من جليل الولايات، وسوّغه من نفيس العقارات السلطانية والإقطاعات السنيّة [وحمل إليه من الآلات المستحسنة ما يعظم مقداره] (¬3)، وبعد مديدة (¬4) تنكّر عليه أيضا، وقطع لسانه (¬5). ¬
[الحاكم يقطع يدي كاتبه الجرجرائي]
[الحاكم يقطع يدي كاتبه الجرجرائي] وقطع يدي كاتبه علي بن أحمد الجرجرائي (¬1) من المعتصمين (¬2)، وأعقب ما فعله بعين الخادم من قطع لسانه بالزّيادة في عطاياه والإنعام عليه والتقدّم له [ممّا يتضاعف على ما تقدّم منه إليه] (¬3). [الحاكم يأنس بقاضي القضاة وطبيبه ثم يقتلهم] وأنس أيضا بقاضي القضاة مالك بن سعيد (¬4). وبأمين (¬5) الأمناء الحسين بن طاهر (¬6) الوزّان. وبغياث بن سباع الطبيب (¬7)، وجماعة من أهله من ولد المهديّ، وأمرهم بملازمته في أوقات ركوبه وخلواته ومال إليهم وأنعم عليهم، وقدّمهم (¬8) تقدّما حسنا، ثم قتلهم واحد (¬9) بعد واحد حسب ما جرت به ¬
[الحاكم يقتل ركابيا له في السوق]
العادة مع من يستخصّه ويقرّبه، وقتل رؤساء دولته من الأمراء والقوّاد، وأماثل الكتّاب ومن اصطنعه من الركابيّة (¬1) جماعة يطول الشرح بتعديدهم (¬2)، [الحاكم يقتل ركابيّا له في السوق] حتى أنّه عرض له دمّل وتألّم منه، وحضر بعض عوامّ الجرائحيين من الأطبّاء، فوضع عليه بعد استحكام نضج المادّة (¬3) فيه ما فتحه، فوجد خفّة وسكونا، فاغتاظ على الطبيب الجرائحي الذي كان يتولّى علاجه من ابتداء المرض وقتله، وقتل معه غيره ممّن كان يخدمه في الوقت من الأطبّاء (¬4). وأيضا (¬5) في أحد (¬6) الليالي (جاز) (¬7) على دكّان إنسان يخلع الشّواء (¬8) ويبيعه، فأخذ ساطوره وقتل به أحد من كان يدور به من الركابيّة المحظوظين (¬9) عنده على باب شرطة مصر السفلى، قريبا من دكّان الشّوّاء، وسار في شأنه، وبقي الركابيّ المقتول في موضعه، لا يتجاسر أحد على أن يدنو (¬10) منه بقيّة تلك الليلة [وبعض نهار صباحها] (¬11) ثمّ أنفذ الحاكم كفنا جليلا وطيبا كثيرا، ورسم غسله وتحنيطه وتكفينه ودفنه، ورحم عليه، وبنى على قبره قبّة. [سنة 405 هـ.] [تقليد قضاء القضاة لأحمد بن محمد] وقلّد قضا (¬12) القضاة بعد قتله مالك بن سعيد (¬13) لأحمد بن محمد بن ¬
[توظيف العدول للشهادة]
عبد الله (¬1) في [يوم الأحد لتسع بقين م] (¬2) شوّال (¬3) سنة خمس وأربعمائة. [توظيف العدول للشهادة] فلقي الحاكم قوم/124 ب/من المصريّين، فسألوه أن يؤهّلهم للعدالة، فأذن لهم بذلك، وتشبّه بهم غيرهم في لقائه وسؤاله كمسألتهم، فأجابهم إلى مسألتهم، وعدل ألف (¬4) ومائتين ونيّفا (¬5) عليها، فأعلمه [بعد] (¬6) بذلك قاضي القضاة أحمد بن محمد أنّ كثيرا من أولئك العدول لا يستحقّون العدالة ولا يوثق بهم في الشهادة (¬7). فأذن له بتصحّفهم (¬8) وإقرار من رأى (¬9) إقراره منهم، وعدّل [قوما] (¬10) ثقات غيرهم (¬11) يزيدون على عددهم (¬12). [ردّ النظر إلى ابني أبي سيّد] وردّ النظر في الأمور بعد قتله أمين الأمناء الحسين بن طاهر (¬13) إلى ¬
[الحاكم يقتل ابن الفرات بعد انتدابه للنظر]
الحسين (¬1) وعبد الرحيم (¬2) ابني أبي سيّد (¬3) يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان من السنة، فأقاما ينظران شهرين، وقتلهما يوم الخميس النّصف من شوّال من السنة (¬4). [الحاكم يقتل ابن الفرات بعد انتدابه للنظر] وانتدب لتدبير الأحوال والنظر في الأموال الفضل (¬5) بن جعفر بن الفرات [بيوم السبت مستهلّ ذي القعدة منها] (¬6)، فأقام خمسة أيام وقتله [في اليوم السادس من نظره] (¬7) وبقي بغير واسطة مدّة أربعة أشهر، وصار أصحاب الدواوين يدخلون إلى حضرته ويستأذنون فيما يحتاجون إليه، ويأمرهم في كلّ باب بما يريد. [سنة 406 هـ.] [ولاية النظر لوليّ العهد] ثم استناب في ذلك ولي (¬8) العهد عبد الرحيم ابن الياس (¬9) [على استقبال يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة 406] (¬10) فأقام ناظرا إلى أن خرج إلى الشام (¬11). ¬
[تلقيب ختكين بداعي الدعاة]
وكان الحاكم قد أغلق باب المجلس الذي يؤخذ (¬1) فيه البيعة على شيعته، ويقرأ عليهم [فيه] (¬2) في كلّ أسبوع من علومه. ولبث مغلقا مدّة. [تلقيب ختكين بداعي الدعاة] ولقّب ختكين (¬3) الضّيف بداعي الدّعاة، وردّ إليه أمر المجلس وأن (¬4) يجري فيه الأمر على سالف الرسم، وزاد في لقبه بعد ذلك «الصادق الأمين» [المأمون ولقّب الحاكم ساير أهل دولته من الأمراء والقوّاد وأكثر الكتّاب] (¬5). ... وكان لؤلؤ غلام (ابن) (¬6) حمدان وولده منصور بن لؤلؤ قد استوليا على حلب بعد موت أبي الفضائل (¬7) بن سعد الدولة بن حمدان (¬8)، وضيّق منصور بن لؤلؤ على ابني أبي الفضائل (¬9) تضييقا كثيرا إلى أن افتديا بالخروج من حلب (¬10) وقصدا الحاكم (¬11). ¬
[أبو الهيجاء يهرب إلى باسيل ملك الروم]
[أبو الهيجاء يهرب إلى باسيل ملك الروم] وهرب أبو (¬1) الهيجاء بن سعد الدولة من حلب أيضا في زيّ النّساء، والتجأ إلى باسيل ملك الروم (¬2). [عود إلى سنة 399 هـ.] [وفاة لؤلؤ وتقرير إمارة حلب لولده مرتضى الدولة] ومات لؤلؤ في المحرّم سنة تسع وتسعين وثلاثمائة (¬3)، وتقرّرت (¬4) الإمارة لولده [مرتضي الدولة أبي نصر] (¬5) منصور بن لؤلؤ، وكرهه كثير من الحلبيّين ورغبوا في أبي الهيجاء، وكذلك أمراء بني كلاب المدّبرين بلد حلب، [الروم يساعدون أبا الهيجاء في استعادة حلب] واستنهضه صهره الماجسطرس الملقّب ممهّد الدولة أبو منصور أحمد بن مروان صاحب ديار بكر، (وهو ابن أخت نادا (¬6) الكردي) (¬7) للخروج من بلد الروم إلى حلب، وسأل الملك إطلاق أبي الهيجاء وذكر له أنه يعاضده على استرجاع الإمارة ولا يكلّف ملكه نجدة (¬8)، لا برجال ولا بمال، فأذن الملك لأبي الهيجاء في التصرّف بحسب اختياره، فسار إلى ميّافارقين، فينفذ معه (حموة) (¬9) ابن (¬10) مروان صاحبا له في دون المائتي فارس، وسار إلى الجزيرة، ولقيه جماعة أمراء بني كلاب وضمنوا له أن يشدّوا معه ويعاضدون إلى أن يتمّ له ما قصده. وخافه منصور ابن لؤلؤ ¬
[قاضي طرابلس ابن حيدرة يدخل حلب ويهزم أبا الهيجاء]
فاستصلح بني كلاب وشرط لهم (أن يعطيهم) (¬1) الإقطاعات الكثيرة ويجعلهم مشاركيه ومساهميه (¬2) في الضياع والأعمال/125 أ/التي في ظاهر البلد، واستنجد أيضا بالمغاربة، والتمس منهم المبادرة (¬3) بعسكر يرد إليه وبذل (لهم) (¬4) أن يسلّم إليهم قلعة حلب، [قاضي طرابلس ابن حيدرة يدخل حلب ويهزم أبا الهيجاء] فأسرع إليه عليّ بن عبد الواحد بن حيدرة قاضي طرابلس في عسكر منيع-وهو يومئذ المستولي (على) (¬5) النظر في طرابلس وفي سائر الحصون-فاتّفقت موافاته إلى حلب مع نزول أبي الهيجاء بالقرب منها، فأطلع به منصور بن لؤلؤ إلى القلعة وسأله أن يكتب إلى الحاكم منها على جناح الطير (¬6)، فاستعجل عليّ بن (¬7) حيدرة في الخروج إلى لقاء أبي الهيجاء ومن معه، فبادرهم وقد عوّلوا (¬8) على الجلوس (¬9) على الطعام، ومع موافاته تفرّقت بنو كلاب حسب ما استقرّ بينهم وبين منصور بن لؤلؤ سرّا، فانهزم أبو الهيجاء ونهبت خيامه وأخذ جميع ما كان معه، وعاد إلى ناحية ملطية، [باسيل الملك يسمح لأبي الهيجاء بالعودة إلى بلاده] واستأذن الملك باسيل في العودة إلى حضرته، (فتنكّر الملك عليه) (¬10) وتدارى به، وعوّل (على) (¬11) أن يصرفه من بلاده، فاتّصل ذلك بابن لؤلؤ وتوسّل إلى الملك في أن يعيده إلى مستقرّه من حضرته لئلاّ يمضي إلى بلاد المسلمين وتجتمع إليه جموع أخر ويضرّ به، فأذن الملك حينئذ لأبي الهيجاء في الرجوع إلى القسطنطينيّة، وأحسن إليه ¬
[سنة 402 هـ.]
وأنعم عليه، فلم يزل مقيما بها إلى أن مات (¬1). [سنة 402 هـ.] [ابن لؤلؤ يدفع القاضي ابن حيدرة عن حلب] فأمّا عليّ بن عبد الواحد بن حيدرة فدفعه ابن لؤلؤ عن حلب، فعاد إلى طرابلس بمن ورد معه، والتمس أيضا بنو كلاب من (منصور بن) (¬2) لؤلؤ ما ¬
[بنو كلاب يحاصرون ابن لؤلؤ في حلب]
أشرطه لهم ووعدهم به من الإقطاع والإحسان (¬1) وغيره، فدافعهم عنه [بنو كلاب يحاصرون ابن لؤلؤ في حلب] فتسلّطوا على بلد حلب، وقاتلوا ابن لؤلؤ وضيّقوا عليه تضييقا شديدا، وعجز عن مقاومتهم، وأظهر (¬2) لهم رغبته في استقامة الحال بينهم وبينه، واستدعى دخول أمرائهم ومقدّميهم إلى حلب ليحضروا طعامه ويوقّع لهم بالإقطاعات، فدخل منهم زهاء سبعمائة رجل (¬3) (فيهم جميع) (¬4) أمراء بني كلاب وذو (¬5) الرئاسة والشجاعة منهم، [لؤلؤ يغدر بالكلابيين] وتقدّم بأن يعدّ [لهم] (¬6) طعام (¬7) وينضّد سماط (¬8) ليحضروه، ومع حضورهم داره طالبوه أن يقدّم إنجاز أمورهم ويريح عليهم (¬9) من التوقيعات، فقبض بالحال على جميعهم وأمر ببذل السيف فيهم، فقتل في الوقت جماعة منهم، وحمل أمراءهم إلى القلعة، وحبسهم فيها متفرّقين مثقلين بالحديد، وأودع الحبوس (¬10) باقيهم، وذلك يوم السبت لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة. [سنة 403 هـ.] [قتل ابن لؤلؤ جماعة من وجوه الاعراب] وجفلت (¬11) بقيّة (¬12) البادية بالبيوت من ظاهر حلب، ولبثت العرب المقبوض عليهم في الحبوس سنتين، وقتل ابن لؤلؤ جماعة من وجوههم، ومات كثير منهم في (¬13) الضيقة والضرّ. واصطنع قوما منهم وأطلقهم في شوّال سنة ثلاث وأربعمائة. ¬
[سنة 405 هـ.]
[سنة 405 هـ.] [صالح بن مرداس ينجح في التخلّص من معتقله بقلعة حلب] وكان في جملة الأمراء المحبوسين في القلعة صالح بن مرداس (¬1) فتعمّد منصور ابن لؤلؤ في كثير من (¬2) أوقات شربه وسكره إيقاع المكروه به لحنقه عليه لطول إساءته (¬3) وشجاعته، فقصد صالح بن مرداس (¬4) إلى أن خلخل حجرا من حائط محبسه فقلعه (¬5) /125 ب/، وقلع بعده حجرا بعد حجر على ممرّ (¬6) الأيام، إلى أن صار له موضع يمكنه الخروج منه، وعاقه في عرض ذلك إحدى حلقتي (¬7) القيد الذي في رجله ففكّها وتصعّب عليه (¬8) إخراج (¬9) رجله الأخرى، فشدّ القيد في وسطه، وخرج من ذلك النّقب في الليل، وألقى نفسه من أعلى القلعة إلى ظاهرها [ليلة الجمعة مستهلّ المحرّم سنة خمس وأربعمائة] (¬10)، وسار ليلته، فلمّا أصبح استتر في مغارة في جبل جوشن، وكثر الطّلب له والبحث عنه، فلم يقع له على خبر، ولحق بأهله [بالحلبة] (¬11)، واجتمع مع عشيرته وقويت نفوسهم بخلاصه (¬12). ¬
[الحرب بين ابن مرداس وابن لؤلؤ]
[الحرب بين ابن مرداس وابن لؤلؤ] وبعد ستة أيام من هروبه أسر غلاما لابن لؤلؤ، وكان ابن لؤلؤ قد أعطاه سيف صالح الذي كان متقلّده يوم القبض عليه، فاسترجع سيفه منه (وأخذه صالح إليه) (¬1) واجتمع إليه بقيّة عشيرته من بني كلاب وشدّ (منهم) (¬2) وجمع شملهم، فانقاد جميعهم إلى رأيه، ونزل بالحلل بالقرب من حلب، فانتشبت الحروب (¬3) بينه وبين ابن لؤلؤ، وخرج بعض أصحاب ابن (¬4) لؤلؤ في جماعة من الغلمان [في يوم الخميس لخمس خلون من صفر] (¬5)، وأوقع بالعرب ونهب من الحلل رحالا كثيرة، وأسر من الرجال والنساء والصبيان خمسين نفسا، وعاد في يومه إلى حلب فاغترّ (¬6) ابن لؤلؤ بذلك، وجمع جنده وألزم من أمكنه من السّوقة والأوباش، ومن النصارى واليهود للمسير معه إلى أرض تلّ حاصد (¬7) لقتال صالح، وخرج بعد المغرب ليلة الخميس ثاني عشر صفر من السنة، وخرج معه أخواه أبو الجيش وأبو سالم ابنا لؤلؤ فلما أصبح لقي العرب ووقع القتال بينهم [يوم الخميس] (¬8)، فانهزم أخواه وجماعة معهم (¬9)، وأسرعوا الدخول إلى حلب، وانهزم أيضا بقيّة النّاس [ابن لؤلؤ يقع في أسر ابن مرداس] وأخذهم السيف، فقتل منهم تقدير ألفي رجل، وأسر منصور بن لؤلؤ وسالم بن مستفاد وجماعة من وجوه القوّاد والغلمان. وكان بين هروب (صالح من ¬
[شروط ابن مرداس لإطلاق سراح ابن لؤلؤ]
حبس ابن لؤلؤ إلى أن) (¬1) أسره إحدى وأربعين يوما. [شروط ابن مرداس لإطلاق سراح ابن لؤلؤ] وجرت المراسلة بين أبي الجيش بن لؤلؤ وبين صالح في أمر أخيه منصور، فتردّد الخطاب بينهما، واستقرّ الأمر على أن يدفع لصالح خمسين ألف دينار عينا ومائة (وعشرين) (¬2) رطل بالحلبيّ فضّة (¬3) آنية، وخمسمائة قطعة ثياب (من أصناف مختلفة) (¬4)، وإطلاق جميع من في الحبوس ومن في قبضته من بني كلاب وحرمهم، وشرط عليه أن يطلّق امرأتين من بني كلاب كان منصور بن لؤلؤ تزوّجهما بعد قبضه عليهم. واستثنى (¬5) صالح بأن يزوّجه منصور بن لؤلؤ بابنته، وأن يعطيه أيضا، ويعطي بني كلاب نصف بلاد حلب إقطاعا، ولا يقضي لأحد منهم حاجة إلاّ بكتاب صالح. فلمّا استقرّت الموافقة بينهم أطلقه صالح، [عودة الحرب بين ابن مرداس وابن لؤلؤ] ودخل منصور بن لؤلؤ إلى حلب يوم السبت لسبع بقين من صفر سنة خمس وأربعمائة، وعاد إلى إمارته، وباع كلّ واحد من العرب من حصل في يده من الأسارى بما اتّفق له، ولم يف (¬6) ابن (¬7) لؤلؤ بعد حصوله في حلب بما وافق صالح عليه من إعطائه وإعطاء بني كلاب نصف بلد حلب، ولا بزيجته بابنته، فعاد صالح إلى (¬8) محاربته، وضيّق على أهل حلب/126 أ/، ومنع من دخول الميرة وغيرها إليها (¬9). [ابن لؤلؤ يستعين بالملك باسيل] والتمس ابن لؤلؤ من الملك باسيل أن يعضّده برجّالة (نائشة) (¬10) ¬
[ابن مرداس يقنع الملك باسيل بالتخلي عن مساعدة ابن لؤلؤ]
يستعين (¬1) بها على قتال البادية، فينفذ إليه ألف رجل من الأرمن، فاستظهر بهم ابن لؤلؤ على محاربة العرب، [ابن مرداس يقنع الملك باسيل بالتخلّي عن مساعدة ابن لؤلؤ] فكتب صالح إلى الملك يتعبّد به ويعدّد ما (¬2) لقيه من غدر ابن لؤلؤ دفعة أخرى، مع ظفره به وإبقائه عليه، ولعلم الملك بصحّة ما ذكره صالح (عن ابن لؤلؤ أرسل ف) (¬3) استعاد الرجّالة الذين أنفذهم لمعاونته، وأشار على ابن لؤلؤ بأن يفي لصالح بما وافقه عليه، فزاد ذلك في ضعف حال ابن لؤلؤ وقويت نفس صالح بما ظهر له من جميل رأي الملك (فيه) (¬4) وأنفذ ابنه إلى حضرته محقّقا لما بذله من عبوديّته وصحيح موالاته، وضاق (¬5) ابن لؤلؤ (ذرعا) (¬6) من مقاومة صالح له، ونسب جميع ما هو فيه إلى فتح صاحبه المقيم في القلعة، وأنه لقلّة تحفّظه من صالح وتضجّعه في الاحتياط عليه تمّ هربه، وتوّعده (¬7) وعوّل على صرفه من القلعة، وأن يردّ ولايتها إلى غيره. [سنة 406 هـ.] [فتح يعلن الدعوة للحاكم ولابن مرداس] ولما تحقق فتح (¬8) ذلك من رأيه خاف (¬9) منه، وحذر أن ينزل غيظه به، جماعة من ثقاته وأصحابه المقيمين معه في القلعة على العصيان معه علي ابن لؤلؤ، وضربت البوقات والطبول على علوّ (¬10) القلعة الثلث الأخير من الليلة التي صبيحتها (¬11) يوم السبت لستّ بقين من رجب سنة ستّ وأربعمائة، ونادوا بشعار (¬12) الحاكم وصالح قائلين: حاكم يا منصور، صالح ¬
[الملك باسيل يوصي قطبان أنطاكية بحسن استقبال ابن لؤلؤ]
يا منصور. فظنّ منصور بن لؤلؤ حينئذ أنّ صالحا قد حصل في القلعة، وأن البلد قد أخذ عليه، فخرج من وقته ومعه أخواه وأولاده ومن تبعه من الغلمان على ظهر دوابّهم (¬1) هاربين من حلب إلى بلد الروم ملتجئين (¬2) إلى باسيل الملك، ونهبت دار لؤلؤ ودور إخوته من سكّان حلب (¬3) ودور بعض نصارى واليهود. ودخل ابن لؤلؤ ومن معه أنطاكية [يوم الخميس لخمس بقين من رجب من السنة] (¬4). واستولى فتح على حلب فاستدعى من عليّ بن أحمد الضيف والي أفامية مبادرته برجاله إلى حلب ليشتدّ منه، فأسرع إجابته، ووصل إلى حلب، ونزل الضيف في دار ابن لؤلؤ في المدينة، وأقام فتح في القلعة على حاله، وأخرج جميع حرم ابن لؤلؤ وحرم إخوته وأولاده (¬5) من حلب وسلّمهم إلى صالح لينفذهم إلى ابن لؤلؤ [بأنطاكية] (¬6)، فأخذهم إلى الحلّة، وضبط ابنة منصور بن لؤلؤ التي وافقه أن يزوّجه إيّاها ودخل بها، وأنفذ بقيّة الحرم إليه. وتسلّم صالح جميع الأعمال والضياع التي (كان) (¬7) تقرّر مع ابن لؤلؤ أن يدفعها إليه. [الملك باسيل يوصي قطبان أنطاكية بحسن استقبال ابن لؤلؤ] وأرسل (¬8) الملك لقطبان (¬9) أنطاكية [يأمره] (¬10) بحسن قبول منصور ¬
[الملك باسيل يمنع السفر والمتاجرة إلى الشام ومصر]
بن لؤلؤ وإجلاله، وأن لا ينقص من المحافظة والمكارمة (¬1) مما كان الرسم جاريا به في أيام إمارته بحلب، وأطلق له ولجراياته (¬2) ولأنسبائه (¬3) جرايات واسعة، ورسم لقطبان (¬4) أنطاكية أن يثبّت له جميع ما يرد إليه (¬5) من غلمانه وأصحابه وغيرهم من جند المسلمين مستأمنا، ويكونوا في جملته وبرسم خدمته، فأثبت له سبعمائة غلام خيّالة ورجّالة، وأطلق لهم الأرزاق /126 ب/والجرايات مشاهرة من مال الملك. [الملك باسيل يمنع السفر والمتاجرة إلى الشام ومصر] ومنع الملك السفر والمتاجرة من جميع بلاده إلى شيء من أعمال الشام ومصر. وسأله صالح بن مرداس إطلاق المتاجرة لأصحابه، فأطلقها لهم دون غيرهم، واستدعى الملك أبا الجيش وأبا سالم ابني لؤلؤ وأبا الغنائم وأبا البركات ابني منصور بن لؤلؤ ورتّبهم وولاّهم ولايات جليلة، وأعادهم إليه، [باسيل يقطع العقارات على ابن لؤلؤ وأقاربه] وأقطعه عقارا يستغلّه بأنطاكية، وأقطعه في ظاهرها الضيعة المعروفة بسح الأبلون (¬6) وعمّر حصنها، وانتقل إليها ليقرب عليه ما يحتاج إلى معرفته من أمور حلب. [باسيل يأمر ببناء قلعة أنطاكية] وأمر الملك في هذا الوقت أن تبنى (¬7) القلعة بأنطاكية. ولحق بعليّ بن أحمد الضّيف والي أفامية بعد حصوله بحلب بعض عساكر المغاربة. وأخذ من فتح متولّي القلعة من المال ما أنفقه فيهم. [الحمدانية والمغاربة يهدّدون بالغارة على حلّة ابن مرداس] واجتمع رأي الحمدانيّة والمغاربة (¬8) على الخروج إلى حلّة صالح بن مرداس، وحلّل العرب لنهبها، وأخذ رحالاتهم (¬9)، فراسلهم صالح أنه تحت ¬
[البدو يهزمون المغاربة]
السمع والطاعة. [البدو يهزمون المغاربة] وسارت حلل العرب تريد قنّسرين (¬1)، فخرجت المغاربة يطلبون أخذ الهوادج التي فيها الحرم، فتطاردوا طويلا، فحملت البادية على المغاربة (فهزموهم وقتلوا جماعة من وجوه المغاربة) (¬2)، واستظهروا عليهم، فكفّوا حينئذ من التولع (¬3) بالبادية ومن (¬4) الوعيد لهم. [الحاكم يمنع الألقاب لفتح وابن الضيف وابن مرداس] ولقّب الحاكم فتحا «مبارك الدولة» (¬5)، ولقّب عليّ بن أحمد الضيف «سديد (¬6) الدولة» (¬7)، ولقّب صالح بن مرداس «أسد الدولة» (¬8)، [الحاكم يعرض على فتح إقطاعه صور وصيدا وبيروت ليترك له حلب] وبذل لفتح أن يعطيه عوضا عن حلب والقلعة إذا سلّمهما إليه: صور وصيدا وبيروت إقطاعا له طول حياته، وأن يكون جميع ما في القلعة له. وعوّل فتح على ذلك، [ابن مرداس يقنع فتحا بالبقاء بحلب] فراسله صالح يشير عليه أن يقيم في القلعة، ويكون هو خارج حلب، وأن يخرج المغاربة من حلب وتتّفق كلمتهما على دفع جميع من يلتمس حلب من سائر الجهات، وعمل (¬9) فتح على ذلك، [الحلبيّون يطالبون ببقاء المغاربة ويرفضون البدو] فسمعت أهل حلب واجتمعوا تحت القلعة وقالوا: ما نريد إلاّ المغاربة، ولا رغبة لنا في البادية. وصارت فتنة واستدعى سديد الدولة الضيف (¬10) من الحاكم أن يمدّه بالعساكر ليقوى بها (¬11) على صالح بن مرداس، فورد إليه كلّ وال بالشام بالرجّالة، وورد معهم حسّان بن المفرّج بن الجرّاح وعشيرته من العرب [الطائيين] (¬12) وسنان بن سليمان أمير الكلبيّين في عشيرته أيضا، ونزلوا بظاهر ¬
[الحاكم يمنح فتح الألقاب ويعده بالإحسان]
حلب. [الحاكم يمنح فتح الألقاب ويعده بالإحسان] وأرسل الحاكم إلى فتح يمنّيه ويعده (¬1) بالإحسان والإنعام، وزاده في لقبه «مبارك الدولة وسعدها» (¬2) وعزّها. ودار (به) (¬3) أصحابه وأشاروا عليه بالتسليم، فأجاب إلى النزول من القلعة، وسلّمها إلى سديد الدولة عليّ بن أحمد الضّيف، وأخذ فتح جميع ما فيها من المال والآنية الذهب والفضّة وغير ذلك من نفيس المتاع والسلاح، وما أمكنه حمله، وسار جميع العسكرية معه، [فتح يقيم بصور] وعدل إلى صور وأقام بها (¬4) إلى أيّام الظّاهر بن الحاكم، وأخرج عنها بشناعته (¬5) العصيان بعد أن استجرّ (¬6) منه على طول المدّة جميع ما كان معه من المال، وباع أيضا ما استصحبه أوّلا فأوّلا، فأخذ منه ثمنه شيئا بعد شيء على سبيل/127 أ/القرض (للنفقة في) (¬7) العساكر، ونقل إلى ولاية بيت المقدس (¬8)، [وفاة فتح فقيرا في صور بعد أخذها مع صيدا وبيروت من يده] وأخذ منه صور وصيدا وبيروت وأقام بها مديدة وعزل عنها وأعيد إلى صور، ومات فقيرا. [سنة 407 هـ.] [الحاكم يقلّد فاتك غلام وحيد مدينة حلب] وقلّد الحاكم حلب بعد خروج فتح عنها لعزيز الدولة فاتك غلام وحيد (¬9) ولقّبه أمير الأمراء وسيّره إليها، ودخل إلى حلب يوم الأحد مستهلّ شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة. وسار سديد الدولة الضّيف عنها (¬10). ¬
[المغاربة يهاجمون دير سمعان الحلبي]
[المغاربة يهاجمون دير سمعان الحلبي] وقصد المغاربة دير سمعان (¬1) الحلبي دفعتين وقتلوا وأسروا من وجدوا فيه (وشيخ (¬2) الدير) (¬3) من الرهبان وغيرهم من النصارى (¬4). [فاتك يستولي على حلب ويصالح ابن مرداس ويتّصل بملك الروم] واستقامت الحال بين عزيز الدولة وبين صالح ابن (¬5) مرداس، وراسل عزيز الدولة الملك باسيل يبذل (¬6) له العبوديّة والموالاة، وأسقط من مكاتبته إليه وإلى من يكاتبه من ولاة الروم المجاورين (له ذكر لقبه، واستطلق منه المتاجرة إلى) (¬7) بلد الروم (المجاورين له) (¬8)، وتسوّق على الحاكم بذلك، واستولى على حلب وعلى جميع الأعمال المضافة إليها، وصرف من كان بها من ولاة الحاكم، وولّى عليها من قبله (¬9). ... [مقتل ملك البلغر] وفي سنة سبع وأربعمائة وثب أحد رؤساء البلغر، يسمّى هرون بملكهم القمطورياس غلام صموئيل (¬10) وقتله وحاز مملكة البلغر. وهرون هذا ممّن كان لأسلافه قدمة (¬11) في التملّك عليهم، وراسل إلى باسيل الملك ¬
[الملك البلغري الجديد يقدم ولاءه لملك الروم]
[الملك البلغريّ الجديد يقدّم ولاءه لملك الروم] وكاتبه يبذل له الطاعة والموالاة ويضمن له أنه يكون (التملّك) (¬1) متصرّفا في المملكة التي حازها على ما يرضيه، ولا يتخطّأ الأمر فيما يكرهه (¬2) ولبث في الملك سنة واحدة، وقتل أيضا من يد بعض أصحابه. وكاتب رؤساء البلغر للملك باسيل يتعبّدون له ويرغبون إليه في أن يتسلّم ما في أيديهم من الحصون والبلاد ويستأذنونه في الورود إلى ما قبله والتصرّف حسب أوامره (¬3)، [تبادل الزواج بين الروم والبلغر] فسار الملك (حينئذ) (¬4) إلى البلغرية (¬5) في شوّال سنة ثمان وأربعمائة، واستقبله جماعة الرؤساء بها وأخرج (¬6) أيضا امرأة هرون ملك البلغر وأولاده، وتسلّم حصونهم وأحسن إليهم، ورتّب كلّ واحد منهم على ما يقتضيه استحقاقه، واستبقى الحصون المنيعة، وولّى عليها ولاة من الروم، وأخرب (¬7) ما سواها (¬8)، وأصلح أمور البلغرية، وقرّر فيها باسليقية، وهم المتولّون لجميع (¬9) الأعمال والأموال، وصارت مملكة البلغر مضافة إلى مملكة الروم، وجعلها قطبانية (¬10)، وذلك في السنة الرابعة والأربعين من ملكه [وهي سنة 1330، وهي سنة 409] (¬11). وعاد إلى القسطنطينية وزوّج (¬12) بنات البلغر أولاد الروم وبنات الروم إلى بني البلغر، وخلطهم بهم، وأزال بذلك الضغائن القديمة التي بينهم (¬13)، وتجدّد لهم فيما بعد ما سنشرحه في موضعه. ... ¬
[الحاكم يواصل الركوب ليلا ونهارا]
[الحاكم يواصل الركوب ليلا ونهارا] وواصل الحاكم الركوب ليلا ونهارا من غير فتور ولا سكون، واقتصر على نفر يسير من خاصّته يركبون معه. [إسفاف الحاكم وعمل الفسق بحضرته] وعنّ له رأي من السّخف (¬1) ينافي (¬2) ما تظاهر به من الزّهد وهو أن يقصد أحد أسواق مصر في الليل، ويتقدّم إليه شيخ خليع يعرف بالرجاع من السفساف، فيقول له الحاكم: أرني قمرك، فيكشف عن فقحته، ويرسم الحاكم لبعض/127 ب/ركابيّته من السودان أن يبرز إحليله ويأتيه بمشهد منه ومن الجمع الحاضر، ويتفوّت (¬3) إليه ذاك المجرى من الألم الذي يزعم أنه يناله ويقسم عليه أن يأمر الأسود العالي عليه بالرفق وترك العسف له، فيضحك الحاكم من ضجيجه ويطرب له. ولبث على هذا الحال مديدة (¬4). ثم (هجره و) (¬5) اعتلّ وضعف عن الركوب، فاتّخذ له محفّة (¬6) يجلس فيها ويستلقي عليها، ويحملها أربعة من الركابيّة الذين اصطنعهم ويدور الليل والنهار، فلمّا تماثل من مرضه وتراجعت قوّته عاد إلى ركوب الحمار على رسمه، والاختلاط بالعوامّ، وجميع من له إليه حاجة (يلقاه (¬7) ويسأله ما يريده، ويستميحه من أراد استماحته، [الحاكم يقضي لأصحاب الحاجات في مواعيد محدّدة] ومن رأى أن يقضي حاجته رسم له اليوم الذي يعاود فيه لقاءه والموضع الذي بنتظره فيه، ويحمل في كمّه لكلّ واحد من أصحاب الحوائج ما التمسه من صلة أو سجل أو توقيع يقضي حاجته، ويدفعه إليه من يده في اليوم والموضع الذي حدّه له (¬8). ¬
[الحاكم يفرض الإفراد في الرقاع المرفوعة إليه]
[الحاكم يفرض الإفراد في الرقاع المرفوعة إليه] وتقدّم ورسم أن يكون عدد أسطر الرقاع التي ترفع إليه إفرادا، وأن يكون وقوف من يسلّم عليه أو يسأله حاجة من جهة اليمين منه خاصّة (¬1)، وربّى (¬2) شعره إلى أن (طال ونزل) (¬3) على أكتافه، وامتنع من تقصيصه ومن تقليم أظافره، وغيّر الثياب الصّوف البيض (¬4) التي يلبسها بسواد، والعمامة الزرقاء بسواد، وصار يلبس الكسوة الواحدة المدّة الطويلة إلى أن تتلبّد (وتتلكّد) (¬5) بما ينالها ويتداولها من العرق الدائم ويعلوها من الغبار المتّصل. وواصل تدوير (¬6) الصحارى والفيافي، وقصد الجبل المقطّم والإنفراد بنفسه عمّن معه من الركابيّة، وتأخّرهم على بعد منه (¬7) كثير والتمادي في السير وحده إلى حيث يريد، ويعود إلى الموضع (الذي فيه) (¬8) الركابيّة المنتظرة له. ويقال إنه كان في انفراده بنفسه في الجبل يتغوّث إلى الله تعالى أن يناجيه ويوحي إليه كما ناجى موسى وأوحى إليه وإلى غيره من أنبيائه. وصارت حاله غير بعيدة من حال بختنصّر ملك بابل الذي حكى دانيال النّبيّ الصّادق عنه أنّ البراري صارت مأوى له كالوحوش، [الحاكم يربّي شعره ويطيل أظافره ويلبس الكساوي الملبّدة] وزادت أظافيره (¬9) فشبّهت مخاليب العقاب، وطال شعره كالأسد (¬10) جزاء على إبادته هيكل الربّ الأورشليمي (واستباحته آلة القدس، وتشريده الشعب الإسرائيلي إلى الغربة) (¬11). وكان سبب بغيته (¬12) في جميع ما يقصده من هذه الفعال ¬
[المؤلف يحكم على الحاكم بتشوش عقله واختلاله]
العجيبة المتضادّة التي تقوم (¬1) في نفسه ويفعلها شيئا بعد شيء، [المؤلّف يحكم على الحاكم بتشوّش عقله واختلاله] وإن كان ذلك خارجا عمّا نحن بسبيله من التاريخ صنف من سوء المزاج المرضيّ (¬2) في دماغه أحدث له ضربا من ضروب المالنخوليا (¬3) وفساد الفكر منه منذ حداثته، فإنّ من المتعارف في (¬4) صناعة الطب أنه قد يكون فيمن يعتريه هذا المرض أنه يقوم في نفسه أوهام، ويتخيّل أمورا وعجائب، ويكون كلّ واحد منهم لا يشكّ أنه على (¬5) [غير] (¬6) الصواب فيما يتصوّره في جميع أفعاله، ولا يثنيه عن ذلك ثان ولا يردّه راد، وأن قد يكون منهم من يظنّ بنفسه أنّه نبيّ، ومنهم من يتوهّم أنه هو الإله بنفسه، تعالى كثيرا، ويكون يقوم (¬7) من هؤلاء من اختلاط الكلام ظاهرا واختلاله (¬8) ما ينكشف حاله عند من يشاهده ويحادثه، وتزول الشبهة فيه في أوّل وهلة، وربّما كان تخليط أحدهم في الكلام مستورا، وتكون هذه التخيّلات والخواطر الرديئة تعرض له في أمور مستورة عن العوامّ، فيكون صورته عندهم صورة العقلاء، وحسن ظنّهم به ونظرهم إليه كنظرهم إلى أفاضل الناس، فإذا أطالوا اختبارهم بان لهم ما انطوى عنهم في نقضهم (¬9). وهذه صورة حال الحاكم (¬10) /128 أ/فإنّ نقضه (¬11) كان يتبيّن لمن تطول صحبته له، (وأمّا من هو بعيد منه فإنّ أفعاله كانت توضحه له) (¬12) وقد ¬
[المؤلف يذكر بعض الأمثلة عن مزاج الحاكم المتقلب]
[المؤلّف يذكر بعض الأمثلة عن مزاج الحاكم المتقلّب] يستدلّ على حقيقة هذا المرض المستحوذ (¬1) عليه أنه كان قد عرض له في حداثته تشنّج من سوء مزاج يابس في دماغه، وهو مزاج المرضى الذي يحدث في المالنخوليات (¬2) واحتاج في (¬3) مداواته منه معما كان يعالج به جلوسه في دهن البنفسج وترطيبه به، وأنّ كثرة سهره أيضا وشغفه بمواصلة الركوب والهيمان الدائم ممّا (¬4) يقتضيه هذا السوء [المزاج] (¬5) المقدّم ذكره. وإنّ أبا يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن أنسطاس، رحمه الله، لمّا خدمه استماله إلى أن (تسامح في) (¬6) شرب النبيذ وسماع الأغاني بعد هجره لها ومنعه الكافّة منها، فانصلحت أخلاقه، وترطّب مزاج دماغه، واستقام أمر جسمه، ولمّا مات أبو يعقوب وعاد إلى الامتناع من شرب النبيذ ومن سماع الغناء، رجع إلى ما كان فيه، وتزايد الضرر به (¬7). وآل أمره إلى ما ذكرناه وإلى ما سنذكره من حاله فيما بعد. ... [عكّاويّ يدّعي إخوّته للحاكم] وورد (¬8) من الشام إلى مصر إنسان من أهل عكاء متزيّ (¬9) بزيّ الأمراء من ولد المهديّ العلويّ، وجلس في جوار قصر الحاكم يبيع المداد والأقلام، وكان شبيها بالحاكم، فوقف به الحاكم وسأله عن أمره، فذكر له أنه أخوه من جارية أخرجت من القصر حبلى من العزيز بالله وولدته، وتعمّد الحاكم الوقوف به (في الأحايين) (¬10) ومحادثته، ووهب له وأعطاه ما يقوم ¬
[موت «الشبيه» أيام الظاهر]
بحاله (¬1)، فلقّبه المصريّون «الشبيه». [موت «الشبيه» أيام الظاهر] ولم يزل لازما (¬2) الموضع الذي جلس فيه مواظبا على معيشته تلك بقيّة أيام الحاكم، ولما فقد قبض (¬3) عليه واعتقل مدّة، وأحضره الظاهر ليشاهده، فشكا إليه حاله، وأخذ يخاطبه بابن أخي (¬4)، فتنكّر عليه وأعاده إلى الاعتقال، ومات بعد أيام يسيرة. ... [الحاكم يستوزر ابن فلاح ثم يقتله] واستوزر الحاكم قطب الدولة عليّ (بن جعفر) (¬5) بن فلاح (¬6) ولقّبه «وزير الوزراء» ذا الرئاستين الأمير المظفّر قطب الدولة، ورسم له أن يسير (¬7) إلى مدينة الإسكندرية، ويدور (¬8) الأعمال القريبة المحدثة (¬9) بمصر ويشارفها (¬10)، فلما عاد قتله (¬11). [الحاكم يقلّد ابن عمّه النظر في الأمور] وأقام الحاكم ابن عمّه الأمير (إبراهيم) (¬12) أبا هاشم الملقّب بوليّ عهد ¬
[ظهور الدرزي] [سنة 408 هـ.]
أمير المؤمنين للنظر (¬1) في كثير من الأمور (¬2). وكان يحضر بحضرة الحاكم الأمير شمس الملك مسعود بن طاهر (¬3)، وهو يومئذ متولّي جميع الدواوين والناظر فيها، ويحضر معه من أماثل أصحاب الدواوين، ويؤخذ رأيهم فيما يحتاج إليه. ولم يزل الحال جاريا على هذا إلى أن فقد الحاكم. [ظهور الدرزي] [سنة 408 هـ.] وورد إلى مصر في سنة ثمان وأربعمائة داع عجميّ يسمّى محمد بن إسماعيل ويلقّب بالدّرزيّ، (قصد خدمة الحاكم) (¬4) وأحسن إليه وأنعم عليه، فدعا الناس إلى أن يعتقدوا أنّ الحاكم هو الله صانع العوالم ومبدع الخلائق، وأعلن دعوته وكاشف بمذهبه، فلم ينكر الحاكم عليه قوله. ولعمري أنه قد كان [من] (¬5) تقدّم من آبائه الخلفاء العلويّين منذ أوّل ظهورهم [بالمغرب] (¬6) دعوى إلى مذهب غير بعيد من هذا الاعتقاد، وهو أنّهم آلهة حلّوا على الأرض في أشباح بشريّة، ومن/128 ب/العليّ (¬7) ¬
[الحاكم يعمد إلى البطش والجور لنشر العقيدة العلوية]
لهم نور لاهوتي (¬1) حالّ فيهم، ويظهر (¬2) في كلّ عصر وزمان في صور شخص من الأشخاص البشريّة، وأنّ الدنيا وملوكها كلا عليهم، وأنّهم بين العالم (¬3) لا يستأهلهم. ولم يزالوا يكتمون مذهبهم هذا عن من يخالفهم، ويظهرون لغيرهم من عامّة المسلمين أنّ صاحب الأمر منهم هو إمام الله وخليفته في أرضه وحجّته على خلقه، وأنّ الإمامة أجلّ قدرا من النّبوّة، وأنّها كانت في آدم، وانتقلت إلى نوح، وإلى إبراهيم، وإلى موسى، (وإلى فلان وإلى فلان وإلى فلان) (¬4)، ومنه إلى ولده الحسين، وإلى واحد بعد (¬5) واحد من ولده مديدا إلى عبد الله المهديّ العلويّ الظاهر بالمغرب [في سنة 260 وأصله من المشرق] (¬6) ثم إلى واحد بعد واحد من القائمين بالأمر من بعده من ولده، وعلى ذلك يجري الأمر عندهم سرمدا، وأنّه سيقوم منهم من (¬7) يملك المسكونة بأسرها ويجمع الأمر على رأيه، ويخلد في ملكه إلى أن يبعث الله من في القبور (¬8). [الحاكم يعمد إلى البطش والجور لنشر العقيدة العلوية] فلمّا كان زمان الحاكم عوّل على إظهار مذهبه وإشهار ما كان (¬9) آباؤه يسترونه منه ويخفونه، ورأى أن يدرج الناس إلى ما يقصده، وأقام له (من) (¬10) الهيبة في نفوس الكافّة لشدّة سطوته وتسرّعه (¬11) إلى سفك الدماء، وأنه لا ¬
يبقى على ما صغر ذنبه (¬1) وقلّ فضلا (¬2) عمّن عظم جرمه وجلّ [واستحلّ] (¬3) ما لم يكن لغيره. ولقد كان جماعة يتعمّدون للقائه في أمور تضطرّهم إلى ذلك، فإذا أشرف عليهم سقطوا على الأرض وجلا منه، وفحموا على (¬4) خطابه، فاجتذب المسلمين على (¬5) أخذ بيعته ولا يبقى من (¬6) يرى أسلافه عداوتهم ولعنهم كأبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية بن أبي سفيان، وغيرهم، وعني بذلك وتشدّد فيه برهة من الزمان، وأظهر بعد حين (¬7) سجلاّت قرئت، رسم فيها أن يعلن كلّ واحد من المسلمين ما شاء من الاعتقاد، ويشهر بمحبّة من يرى موالاته من هؤلاء السّلف (¬8) وأغلق باب المجلس الذي تقرأ فيه علومهم، ويؤخذ البيعة على من يحضره من المتشيّعين له. واغترّ جماعة بما رخّص لهم فيه، وظنّوا أنّه عن طويّة خالصة، فأظهروا ما في ضمائرهم من الانحراف عمّا دعاهم إليه، والمحبّة لمن يرى بغضته، وعاد بعد هنيئة (¬9) ففتح (¬10) المجلس وفكّر ما تقدّم ترخيصه فيه وتتبّع من تجاهر (¬11) به وقتله. [ورفع إليه في أثناء ذلك رقعة فيها: بالجور والظلم قد رضينا … وليس بالكفر والحماقه ¬
[المؤلف يشير إلى انخداع الناس بتصرفات الحاكم]
إن كنت أوتيت علم غيب … بيّن لنا كاتب البطاقه] (¬1) [المؤلّف يشير إلى انخداع الناس بتصرّفات الحاكم] ثم (¬2) عاد أيضا بعد زمان غير بعيد ففتح لهم عود التصرّف في مذاهبهم ونحلهم على حسب إيثارهم، وعطف على النصارى واليهود فاضطهدهم في الدخول إلى دين الإسلام، فتابعه منهم من ضعفت نفسه من الصبر على شدّة وعيده وكثرة سخطه، ورخّص لهم بعد حين في النّقلة إلى بلاد الروم والعودة إلى ديانتهم (¬3) لما عرف باطنهم في ذلك وتسكّعهم فيه، لأن (¬4) كثيرا من مماليكه كانوا من أبناء الروم، وأسلموا في الاضطّهاد، وهم ممّن نسب في الهرب إلى بلاد الروم، وعتق سائر مماليكه، وملّكهم أمور نفسهم والتصرّف فيها فيما (¬5) يملكونه واقتنوه من أموالهم وأثاثهم ورباعهم على إرادتهم، وأطلق ذلك لهم من جميع/129 أ/النّصارى الذين أسلموا والذين هم متمسّكون بدينهم، وأزال التعرّض لهم ولما استصحبوه من أموالهم ورحالاتهم حسبما شرحناه فيما تقدّم. ولمّا استقرّت الأمّة التي تحت قبضته (¬6) فوجد الأكثر منها سهلة الإنقياد لما يميلها إليه ويقبلها فيه، قرب في نفسه بلوغ ما اعتمده، فتشوّق بالزّهد ¬
[الدرزي يدعوي الناس إلى مذهبه]
والورع، ورفض اللذّات الجسدانية، واقتصر على مطعمه ومشربه على ما تدعو إليه الحاجة لتماسك (¬1) الجسم دون الزيادة منه والمغالاة فيه وفي كسوته [على] (¬2) الصوف وركوبه الحمير بمراكب حديدية خسيسة، واختلط بالعامّة واجتذب الناس إليه بالعدل وإسقاط المكوس والرسوم الجائرة والهبات والعطايا الجزيلة، وانخدع كثيرون له وانحرفوا إلى متابعته، وتنافسوا في موالاته، ونسبوا كلّ قبيحة يأتيها (¬3) في عرض ذلك من القتل والسخف وغيرهما من الأعمال الذميمة إلى أجمل وجوهها، وتأوّلوا فيها ضروبا من جنس التأويل، واحتجّوا بأنّ [في] (¬4) جميع ما فعله (¬5) أسرار (¬6) خفيّة، وأعراض (¬7) غامضة لم يجعل للبشر الوقوف عليها ولا الوصول إلى معرفة أسبابها (¬8). [الدرزيّ يدعوي الناس إلى مذهبه] ولمّا ظهر الدّرزيّ (¬9) ودعا الناس إلى مذهبه (استجاب (¬10) كثير من الرّعاع إليه) (¬11) وأوهم الحاكم أن كثيرا من أهل المسكونة يعتقدون فيه كاعتقاده، وما قد دعا الناس إليه وأصغى إلى قوله وغلب هواه فيه على عقله، وأمره أن يحسن الناس (¬12) بالرقاع ويدعوهم بها إلى مذهبه، فكتب رقعة إلى ¬
[الحاكم يظهر الإنكار لدعوة الدرزي]
متولّي الغلمان الأتراك يستدعي مصيرهم إليه ليقفوا على الوحي الوارد إليه (من الله) (¬1). [الحاكم يظهر الإنكار لدعوة الدرزي] وكتب أيضا إلى جتكين (¬2) داعي الدّعاة، وإلى وليّ (¬3) عهد المسلمين، (وداعي الدّعاة، والموفّق في الدّين عميد المؤمنين) (¬4)، وإلى غيرهم يدعوهم إلى مقالته، فطالعوا الحاكم بما كاتبهم، واستخبروا منه رأيه فيما ذكره لهم، وإن كان عن أمره، فأظهر الإنكار له لما رآه من إعظامهم له ونفورهم منه. [الحاكم يقصر الألقاب على تسعة أنفار في دولته] وأسقط الحاكم بعد ذلك الألقاب والتسمية بالتأمير والتقويد لسائر من بحضرته وفي جميع أعماله، إلاّ تسعة أنفار (¬5)، وهم وليّ عهد المسلمين (¬6)، وشرف (¬7) الدولة صاحب إفريقية (¬8)، وثقة الدولة صاحب صقلّية، وولده تاج الدولة، (وشرف الدولة) (¬9) أمير الأمراء ذو الكفايتين، وقاضي القضاة أحمد بن محمد بن عبد الله، وداعي الدّعاة جتكين (¬10)، والموفّق في (¬11) الدّين عميد المؤمنين عبد الله (¬12) ابن صالح، وحطّ سائر (¬13) واجبات الإمارة والتقويد من الدواوين، وأذاع الناس أنّ (¬14) الدّرزيّ [الذي] (¬15) ¬
[مقتل الدرزي على يد غلام تركي]
أشار عليه بذلك ليجتذب به الجماعة إلى رأيه طوعا وكرها، فامتعض سائر المشارقة وكثير من المغاربة من هذا (ومن شناعته وما يراد منهم) (¬1)، [مقتل الدرزي على يد غلام تركيّ] وعمل بعض غلمان الأتراك على قتل الدّرزيّ، فوثب إليه وهو في موكب (¬2) الحاكم وقتله، ونهبت داره. وافتتنت القاهرة وأغلقت أبوابها، ولبثت الفتنة ثلاثة أيام، وقتل فيها جماعة من الدّرزيّة (¬3). وقبض بعد ذلك على التركيّ قاتل الدّرزيّ وقتل (على ذنب خلق له) (¬4). ¬
[الحاكم يعيد ألقاب الأمراء والقادة]
[الحاكم يعيد ألقاب الأمراء والقادة] وأعاد الحاكم الألقاب والتأمير (¬1) والتقويد. [زيادة النيل وغرق الضياع] وزاد النّيل في سنة ثمان وأربعمائة زيادة كثيرة، وغرق من الضياع كثير بأهلها/129 ب/، ودخل الماء القاهرة وكاد يغرّقها لو لم يعمل له مزراب (¬2) يدفعه، غرم (¬3) عليه جملة مال، ودخل الماء بمصر إلى السّوق المعروف بالصّفّين، ووقعت (¬4) دور كثيرة (بالقاهرة ومصر، وتساقطت عدّة دور فيهما) (¬5)، وأثّر خرابا كثيرا، وهلكت الأشجار والنّصوب (¬6)، ونال الناس من ذلك شدّة شديدة، ونسبوا هذا أنه سخط من الله وارد (¬7) عليهم من الكفر الذّائع بينهم (¬8). ¬
[الحاكم يحظر الدخول إليه باستثناء أحد عشر رجلا]
[الحاكم يحظّر الدخول إليه باستثناء أحد عشر رجلا] وأمر الحاكم بعد قتل الدّرزيّ ألاّ يركب معه أحد إلاّ الركابيّة فقط، ولا يدخل إلى قصره من رؤساء دولته سوى أحد عشر رجلا أسماهم، وأن يدخل أيضا الكتّاب والقرّاؤون والأطبّاء والمؤذّنون وخدّام القصر، من غير أن يختلط بهم غيرهم من الناس. [ظهور حمزة بن أحمد ودعوته الدرزية] وظهر بعد الدّرزيّ داع آخر عجميّ يسمّى حمزة بن أحمد (¬1) ولقّب بالهادي، ونزل (بظاهر) (¬2) القاهرة، في الموضع المعروف بمسجد تبر (¬3)، [الداعي الجديد يدعو إلى الإباحية وإسقاط التكاليف الدينية] ودعا الناس إلى مقالة الدّرزيّ، ولزم منزله، واصطنع جماعة من الدّعاة رتّبهم في مصر وأعمالها والشامات (وما حولها) (¬4)، ودعوا إلى الرخصة والإباحة، وفسحوا في نكاح الأمّهات والأخوات والبنات، وإلى إسقاط جميع التكليفات من الصوم والصلاة والحجّ، واستجاب لهم خلق كثير (¬5)، وصار أصحاب ¬
[الحاكم يعتني بالدرزي ويستشيره]
الهادي إذا لقوا أصحاب جتكين (¬1) داعي الدّعاة لعن بعضهم بعضا، ويكفر كل فريق منهما بالآخر. وكان أصحاب الهادي يلقون الحاكم في كلّ يوم في القرافة (¬2) للسلام عليه، [الحاكم يعتني بالدرزي ويستشيره] وهو مع ذلك يعتني بالهادي (¬3) ويسأله عن عدد ما حصل في بيته من أهل دعوته، ويظهر منه المشورة بالكثرة. (وظهر مذهب الدّرزيّ واشتهر بين الأنام، وصارت جريدته ستّة عشر ألفا يعتقدون أنّ الحاكم إلاه) (¬4). ووافى في بعض الأيام سبعة أنفار من أصحاب الهادي برقعة إلى قاضي القضاة أحمد بن محمد بن عبد الله (¬5) وهو في جامع مصر السّفلاني، وحين تصفّحها لقاها (¬6) تشتمل على شيء من كفرهم، فتنكّر منها واستعاذ بالله من مضمونها، وأعلم بذلك من حضر واشتاطوا (¬7) غيظا، ووثبوا على السبعة الدّعاة (¬8) وقتلوهم [عن آخرهم] (¬9)، فأنكر الحاكم على قاضي القضاة ما ¬
[الدرزية يلعنون الأنبياء ويضعون كتابهم «الدستور»]
جرى، وتتبّع فيما بعد جماعة من المصريّين، وقتل منهم سبعين رجلا (¬1) [الدرزية يلعنون الأنبياء ويضعون كتابهم «الدستور»] وتزايد أمر الدّرزيّة إلى أن لعنوا آدم ونوح وجميع الأنبياء ومحمدا وعليّا، وتغوّطوا (¬2) في المساجد، ولطّخوا القبلة بالقذر (¬3)، وبالوا على مصاحف القرآن، وعملوا كتابا في معنى القرآن وسمّوه الدستور، واستضاموا من خالفهم في معتقدهم، وتعزّزوا عليهم، وصار متى استعدى على أحدهم أصحاب (¬4) السلطان لا يعدى عليه ولا يتعرّض له. [الحاكم يعطّل الخطبة في شهر رمضان والعيدين] وكان الحاكم منذ بدأ أمرهم قد قطع ما جرى به رسمه من صلواته وخطبته [لجمعة] (¬5) في الجوامع في أيام الجمع في شهر رمضان وفي العيدين، وعطّل مع ذلك الحجّ إلى مكّة عدّة سنين لتغلّب (¬6) العرب وقوّة ¬
[سنة 410 هـ.]
أيديهم، والخوف من أخذهم الحجّاج، وانقطع حمل الكسوة التي جرت بها العادة بتجهيزها إلى الكعبة، واستشعر المسلمين (¬1) بما ظهر من هذه كلّها أنّه لانحرافه عن دين الإسلام وتعمّده تقوية هذا المذهب وإظهاره. [سنة 410 هـ.] [ظهور الأبيات والقصائد المنسوبة إلى الحاكم التي تخوّف الناس وترهبهم] وظهر في أيدي المصريّين أبيات شعر وقصائد منسوبة إلى الحاكم تتضمّن وعيده لهم/130 أ/بحريق دورهم، ونهب أموالهم، وسبي حريمهم، وسفك دمائهم، وكثر الإرجاف بهم، فقريء (¬2) عليهم سجلّ بتطمينهم (¬3) ويزيل (¬4) سوء ظنّهم. وتناسخوا أيضا كتابا ذكروا أنه من الحاكم، تاريخه العشر الأخير من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة، يتضمّن (¬5) تفنيدهم على تخلّفهم عن تسليم الحقّ إلى (¬6) أهله وتركهم التشاغل بعيوب نفوسهم، واعتراضهم عليه فيما يفعله (¬7) ويشير عليهم بالمبادرة إلى الإيمان في أوانه [وقبل فواته] (¬8) ويوبّخهم على مخالفتهم إيّاه فيما قصد بهم (¬9) إليه ممّا يعود عليهم بالقرب إلى باريهم، ومجاهرتهم له بما أتوه من الخطايا وتظاهروا به من البدع، ويتواعدهم (¬10) بأنّ كلّ عقوبة سيحلّها بهم إن لم يزروا (¬11) الشّر ويعملون (¬12) الخير ويعمدوا عليه، ويسلّموا إلى إمام دهرهم، ويولجوا إليه أمرهم. ويذكّرهم بما تقدّم من إنذاره لهم، وتخويفه إياهم على مباينته، ويعد من قبل أوامره واحتذى مرضاته بالإحسان إليهم ¬
[المسلمون يكفرون الحاكم ويشتمونه في أشعارهم]
والإبقاء عليهم، ويحذّر من صبر على الأفعال المنكرة بخلاء (¬1) ديارهم، وتعفية آثارهم، وسبي نساءهم (¬2) وأولادهم، ونهب أموالهم. وأنّهم حينئذ يطلبون ناصرا فلا ينصرون (¬3) ويقسم على من وقع كتابه بيده أن يقرأه على أهله وجيرانه، ويجعلهم على علم من مضمونه. [المسلمون يكفّرون الحاكم ويشتمونه في أشعارهم] وتفاوض (¬4) المسلمون بينهم (¬5) أنّ قصده سياقتهم (¬6) إلى ما دعا إليه الدّرزيّ وأنّ حنقه عليهم إنّما هو لنفورهم منه. وأكثروا الكلام في ذلك، وعملوا أشعارا يكفّرونه فيها يشيرون بها (¬7) إليه، وترنّموا بأغاني تتضمّن شتيمة له وألفاظا قبيحة يشيرون (¬8) بها إليه، وجميعها تتّصل به [في وقتها] (¬9)، فازداد غضبا عليهم. [الحاكم يوزّع السلاح على العبيد والسودان لنهب مصر] وتقدّم في ذي القعدة سنة عشر (¬10) وأربعمائة بأن يفرّق على العبيد السودان من العسكريّة سلاح (¬11)، وأوعز إليهم بالنزول إلى مصر، وأن يتعمّدوا حرقها وسبي حريم أهلها وأولادهم، ونهب أموالهم، [الحريق يلتهم شطرا كبيرا من البلد] فبدأوا في طرح النار في طرف مصر في الموضع المعروف بالتّبّانين (¬12)، وتركوا أيديهم (¬13) في النّهب، وامتدّوا فيه إلى أن أتوا على ما في القياسر (¬14) التي يباع فيها ¬
[الحاكم يقتل غادي الخادم الذي أراد القضاء على الفتنة]
البزّ (¬1)، وعلى كثير من الحوانيت والمساكن، وأسروا خلقا من النّسوان وافترسوهنّ، وتهارب جماعة منهم إلى الجامع (تحرّما به) (¬2) فلم يحمهم، ونهبوا مواضع كثيرة من مصر، وأحرقت النّار شطرا كبيرا من البلد، ولم يتجاسر المصريّون على إطفايها (¬3) خوفا من أن يجري عليهم ما هو أعظم وأشدّ (¬4). وانتهى إلى الحاكم عظم الحادثة بمصر من الحريق والنهب والأسر، فإنّه لم يؤمن تفاقمه وخروجه إلى ما يصعب تلافيه واستدراكه، [الحاكم يقتل غادي الخادم الذي أراد القضاء على الفتنة] فتقدّم إلى غادي (¬5) الخادم الصّقلبيّ بالنزول إلى مصر في جماعة من الجند ليسكّن الفتنة، فنزل وشاهد أمرا فظيعا وحالة قبيحة، فقتل بعضا من العبيد ومن أهل الشرّ (¬6) لتوقع الهيبة فيهم، وفرّق جمعهم (¬7)، وعاد إلى الحاكم وهو حنق ممّا شاهد، وشرح له قبح النازلة وعظم الحادثة، وقال له في جملة كلامه: لو أنّ باسيل ملك الروم دخل إلى مصر/130 ب/لما استجاز أن يفعل بها مثل هذا، فنقم عليه الحاكم وقتله، فاستغاث المصريّون إليه في العفو عنهم والتقدّم بإطفاء النّار لئلاّ تهلكهم، فأذن بذلك بعد أن تلف من العقارات والرحالات ما يعظم قدره. [المؤلّف يذكر قول الناس حول سبب حريق مصر] وقال بعض النّاس إنّ السبب في ما أمر به من حريق مصر ونهبها أنّ أكثر تلك الأشعار والقصائد المنسوبة إليه أو كلّها هم نحلوه إيّاها وعملوها على لسانه، وكذلك الكتاب المكتتب عنه، وأنه قصده أن يحقق فيهم ما ¬
تفاءلوا (¬1) به على أنفسهم، وبعثه عليه أيضا ذكرهم له في أشعارهم [وأغانيهم] (¬2) وتشيرهم (¬3) له وتلقيبهم (¬4) إيّاه. وقال بعضهم: بل هو لحنقه عليهم [لتخلّفهم عن] (¬5) المسارعة إلى (¬6) الدخول في دعوة الدّرزيّ والهادي. ولعله كان للحالتين جميعا. وقريء عليهم بعد ما جرى من الحريق والنّهب سجلّ بالغم (¬7) ممّا نالهم، وأنه لم يكن بأمره ولا جرى باختياره (¬8). ¬
[أمير الأكراد يغزو الدرزية في وادي التيم]
وكان (¬1) وليّ عهد المسلمين عند حصوله بدمشق قد فسح لأهلها في شرب القهوة وسماع الأغاني، فحبّه (¬2) أهل دمشق. وأمّا الجند فكانوا ماقتين له لشحّه وقبضه يده على الإنفاق فيهم وتوفيتهم (¬3) رسومهم (¬4). [أمير الأكراد يغزو الدرزية في وادي التيم] وأذاع بعض الدّرزيّة دعوته في قوم من المسلمين في موضع يعرف بوادي (التّيم) (¬5) بين دمشق وصيدا، وأقلب دينهم، وتجاهروا بكفرهم، فغزاهم أمير الأكراد يعرف بابن تالشليل (¬6) فقتل منهم وسبى وأحرق وأهلك ¬
خلقا وأباد حضراهم (¬1)، واستشعر وليّ العهد بعد ما جرى في أمرهم إنكار الحاكم ما فعل بهم، وتحذّر أن يحقد عليه بسببهم، وخاف سطوته، فأنفذ صاحبا له يعرف بابن الخرقاني (¬2) إلى حسّان بن المفرّج بن الجرّاح ليقرّر له معه أن يكون من جهته، ومتى (ما) (¬3) احتاج إليه في أمر من الأمور، ولم يقعد عنه واستحلفه، فوجد الجند بذلك (السبيل إلى) (¬4) زوال أمره والتشفّي منه، فشعّثوا عليه بالعصيان، وقتلوا الخرقاني بدمشق، وقصدوا نهب دار وليّ العهد، فاستغاث بالدمشقيّين والغوطيّين (¬5)، فأحاطوا بالقصر الذي ينزله (¬6) بظاهر دمشق، فانتشب الحرب بينهم وبين الجند، واندفع الدمشقيّون عنه، ونهب الجند القصر. وكان عند تواصل الأخبار إلى الحاكم بعصيان وليّ العهد وكثرة الأقاويل عليه بذلك قد انتدب صاعد بن عيسى بن نسطورس للخروج إلى الشام، وردّ النظر إليه فيه، وهو ممّن ابتدى (¬7) بالإسلام في أوّل الاضطّهاد، وزادت حاله عند الحاكم، إلى أن جعله أميرا عند (¬8) الأتراك، ولقّبه: «الأمير (¬9) الظّهير شرف الملك تاج المعالي» (¬10)، وخوّله وأعطاه من خزائنه من العدد السّلطانية والآلات الجليلة ما لم يعط لغيره، وتقدّم إليه بالخروج إلى الشام، وبرز إلى عين شمس، وشيّعه الحاكم في تبريزه. وتقدّمت مكاتبة (¬11) الحاكم إلى وليّ ¬
العهد يأمره بالحضور إلى مصر. ومع وصول أمره له (¬1) بذلك بادر بالرحيل لوقته، وسار العسكر معه إلى الرملة، ولما عرف الحاكم امتثاله (¬2) لأمره زالت الشبهة عنه من نفسه، /131 أ/وكتب له يرسم له بالرجوع إلى دمشق، وقلّد تقليدا ثانيا، وردّ [صاعد بن] (¬3) عيسى بن نسطورس إلى مصر وقتله في الحال (¬4). وثار بدمشق بعد مسير وليّ العهد عنها رجل من أهلها يعرف بمحمد بن أبي (¬5) طالب الجزّار (¬6)، واجتمع إليه جمع كثير من أحداثها ومن رعاع أهل حوران امتعاضا (¬7) لوليّ العهد، وحاربوا الجند، وطرح الجند النّار في المدينة، فأحرقت منها قطعة كبيرة. ولمّا عرف محمد بن أبي طالب الجزّار عودة وليّ العهد سار للقائه، واجتمعوا في لدّ. وسار محمد بن أبي طالب إلى دمشق وقد التفّ به، واجتمع إليه خلق كثير، ودخل دمشق بغتة، وراجع الحرب واستظهر على الجند وأخرجهم من المدينة، وأرسل (¬8) إليه وليّ العهد في تسكين الفتنة، فلم يطعه، وقتل قاضي دمشق، وتسلّط هو والأحداث عليها، وقتل أيضا جماعة من الناس ونهبهم، وتوقّاه أهل السّلامة وخافوا منه، وغلت الأسعار بقيام الفتنة، فاجتمع على الناس بدمشق الجوع والحريق والنهب والقتل. وكان محمد بن أبي طالب قد سدّ الباب المعروف ¬
[سنة 411 هـ]
بباب شرقي من أبواب المدينة، فوجدوا (¬1) الدمشقيّون فرصة، وفتحوا الباب، وقبضوا على محمد بن أبي طالب (¬2) وقتلوه وصلبوه على باب الجابية، وقتلوا جماعة من الأحداث المطابقين على رأيه. واستقام بعد ذلك أمر دمشق، وصلح حال وليّ العهد، وترك يده حينئذ في مصادرة جماعة من الدمشقيّين والمتّهمين بقيام الفتنة، فتنكّروا عليه سائرهم وبغضوه، واجتمع رأي أهل البلد والجند على الكراهية له. وفقد الحاكم في الحال. [وآل أمر وليّ العهد إلى ما سنذكره فيما بعد] (¬3). [سنة 411 هـ] [الروم يتسلّمون حصن الخوابي من ابن خليد] وفي شوّال سنة إحدى عشرة وأربعمائة سلم محمد بن خليد (¬4) النهراني (¬5) إلى الروم الحصن المعروف بالخوابي (¬6) في جبل بهراء (¬7) ومدينة مرقيّة (¬8) على ساحل البحر، وكانت خرابا، فأحسن إليه (باسيل الملك) (¬9) وأنعم عليه (¬10). ¬
[الحاكم لا يتجاوب مع وشاية النصارى]
[الحاكم لا يتجاوب مع وشاية النصارى] ورفع جماعة من المسلمين إلى الحاكم عدّة دفعات أنّ النصارى يجتمعون في بيوتهم ويصلّون ويقدّسون، ويحضر معهم جماعة من [النصارى] (¬1) الذين أسلموا، ويشاركونهم في أخذ القربان [المقدس] (¬2) فلم ينكر ذلك، وأعرض عن سماع كلام السّاعين. [الحاكم يعيد الأوقاف إلى دير طورسينا] ولقيه أنبا سلمون (¬3) رئيس دير طورسينا وشكا إليه سوء (¬4) حالة رهبان طورسينا وما هم عليه من الضّرّ والفاقة، وتوسّل إليه في إطلاق الأوقاف المقبوضة برسم هذا الدير، ليستعينوا بها على ما هم بسبيله، ويغتنم (¬5) دعاهم له ما عاشوا، فأجابه إلى ذلك، وأعاد جميع أوقافهم (¬6) إليه. [عود الى سنة 410 هـ.] [تعيين بطريرك القسطنطينية] وفي سنة عشر وأربعمائة صيّر أسطاث بطريرك (¬7) على قسطنطينية (¬8) وكان خصيّا، [وفاة بطريرك بيت المقدس] فأقام خمس سنين وستّة أشهر، ومات. [سنة 411 هـ.] [تعيين النّجار الرومي بطريركا على بيت المقدس] وفي هذه السنة أيضا مات ثاوفيلس بطريرك بيت المقدس في شهر رمضان، وتوسّل إلى الحاكم قسّ نجّار من أبناء الروم العبيد يسمّى نقفور ممّن يخدم في قصره برسم النّجارة في أن يؤذن له يصير بطريركا على بيت المقدس، فأجابه إلى ملتمسه. /131 ب/وكان له ابن وبنت، وسار إلى بيت المقدس وصلّي عليه هناك يوم الأحد العاشر من تموز سنة إحدى عشرة وأربعمائة (¬9). ¬
[رئيس دير طورسينا يطالب الحاكم برد أوقاف الكنائس]
[رئيس دير طورسينا يطالب الحاكم بردّ أوقاف الكنائس] ولقي أنبا سلمون رئيس دير طورسينا الحاكم أيضا واذكره (¬1) بتمادي خراب الكنائس، وأنّ الأوقاف التي كانت برسمها قبض عليها وقد خربت واختلّت، وعرض بالمسألة في الإذن بتجديد عمارة دير القصير (¬2)، وأن يرى رأيه بالمسامحة به، وعودة الرهبان إلى سكناه، واجتماع النّصارى فيه للصلاة، ولإطلاق ما برسمه من الأوقاف (فسعفه (¬3) بطلبته، وأمر بالمسامحة بما يجب لبيت المال على الأوقاف) (¬4) المخصوصة من خراج [وواجب] (¬5) [نصّ كتاب الحاكم لرئيس دير طورسينا بردّ أوقاف الكنائس] وكتب له بذلك سجلاّ هذه نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم (¬6)، هذا كتاب من عبد الله ووليّه المنصور أبي عليّ الإمام الحاكم بأمر الله، أمير المؤمنين، لسليمان بن إبراهيم الراهب، بما رآه من إنعامه عليه، (وإسعافه بما رغب إليه من الإذن له) (¬7) في إعادة عمارة الدّير المعروف (بالقصير) (¬8) بطرا من جبل فسطاط مصر، إلى (¬9) ما كان عليه قبل هدمه، وتمكين الرهبان سكناه والمقام فيه على عادتهم، والجري على ما سلف من (عبادتهم) (¬10) وصلواتهم، وإقامة سنّة ديانتهم، والفسح في اجتماع من يطرقه من أهل ملّتهم (¬11)، وإزالة الاعتراضات عنهم، ومنع الأذى والتسلّط عليهم، وكفّ التبسّط (¬12) والحيف لهم، وردّ الأوقاف والأملاك التي كانت محبّسة عليه ومنسوبة إليه، من ضيعة، ومزرعة، ¬
ومينة (¬1)، وأرض، وحصّة، ودار، وقيسارية (¬2) وحمّام، وعرصة، وحانوت، وفاخورة، ونخيل (¬3)، وبستان، وشجرة مثمرة، وجنان، بمصر وأعمالها من جميع بلاد المملكة، أقطارها (¬4) وأطرافها، وتسليم ذلك إلى هذا الراهب ليتولّى جداه ويحوز نفعه وجناه، ويصرفه في مصالح هذا الدير، والمقيمين فيه، والقاصدين إليه، ويبسط (¬5) يده في تدبيره، ومن يسبّبه (¬6) في جميعه، وصيانة حقوق بيت المال المسلّمين منه، ويطهّره من درنه والوزر عنه، والمسامحة (¬7) بما يجب على ذلك من خراج وعشر وغرم، ورسم في سائر دواوين الحضرة المحلولة والمحبّسة، وإزالة التأوّل عنه والاضرار بسببه والتتبيع (¬8) له في هذا الوقت وما يأتي بعده من الأوقات على استقبال تاريخ هذا السجلّ، وفاء بالذّمّة وجزاء على مناصحتهم ومضامنتهم الملّة، لا يغيّره كرّحين، ولا يحيله مرّ الأحقاب (¬9) والسنين، فمن قرأه أو قريء من الأولياء والولاة ومتولّي الدواوين والضمناء والمتصرّفين في الأعمال والأحوال فليعلم ذلك من أمير المؤمنين ورسمه، وليعمل عليه وبحسبه. وكتب في شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وأربعمائة/132 أ/وليقرأ هذا المنشور في (يد) (¬10) متّخذه (¬11) حجّة له بمضمونه. ويثبت بحيث مثله إن شاء الله. ووقّع الحاكم في أعلاه (¬12)، عليه بخطّه. الحمد لله رب العالمين.». ¬
[بطريرك بيت المقدس يطلب من الحاكم حماية الكنائس ببيت المقدس]
وكان بعد وفاة تاوفيلس بطريرك بيت المقدس صيّر الحاكم قسّا نجّارا من أبناء الروم العبيد اسمه نيقيفور ممّن كان يخدم بقصره برسم التجارة بتوسّله إليه بطريركا على بيت المقدس، وكان له ابن وبنت، وسار إليها وصلّي عليه بها يوم الأحد عاشر تموز سنة 1331 وهي سنة إحدى عشرة وأربعمائة (¬1)، فعاد الآن إلى مصر وطالع الحاكم باستقامة قوم من المسلمين له ولمن يجتمع من النّصارى للصلاة في عرصة القيامة واعتداءهم (¬2) عليه، [بطريرك بيت المقدس يطلب من الحاكم حماية الكنائس ببيت المقدس] والتمس منه سجّلا بالحماية والصّيانة وحفظ الكنايس الباقية ببيت المقدس والديارة التي هي خارجة عنه، وكنيسة لدّ، والإنعام بردّ أوقافها، فكتب له سجلا: [نصّ كتاب الحاكم لبطريرك بيت المقدس بحماية كنائسها] «بسم الله الرحمن الرحيم أمر أمير المؤمنين بكتبة (¬3) هذا المنشور لنيقيفور بطريرك بيت المقدس بما رآه من إجابة رغبته وإطلاق بغيته من صيانته وحياطته والذّبّ عنه وعن أهل الذّمّة من نحلته وتمكينهم من صلواتهم على رسومهم في افتراقهم واجتماعهم، وترك الاعتراض لمن يصلّي منهم في عرصة الكنيسة المعروفة بالقيامة وخربتها على اختلاف رأيه ومذهبه، ومفارقته في دينه وعقيدته، وإقامة ما يلزمه في حدود ديانته، وحفظ المواضع الباقية في قبضته داخل البلد وخارجه والدّيارات، وبيت لحم، ولدّ، وما برسم هذه المواضع من الدّور المنضوية إليها، والمنع من نقض المصلّبات بها، والاعتراض لأحباسها المطلقة لها، ومن هدم جداراتها وسائر أبنيتها إحسانا من أمير المؤمنين إليهم، ودفع الأذى عنهم وعن كافّتهم، وحفظا لذمّة الإسلام فيهم، فمن قرأه أو قريء عليه من الأولياء، والولاة، ومتولّي هذه النواحي، وكافّة الحماة، وسائر المتصرّفين في الأعمال، والمستخدمين، على سائر منازلهم، وتفاوت درجاتهم، واستمرار خدمتهم أو تعاقب نظرهم في هذا ¬
[قيام مطرانية القاهرة وعمارة كنيسة القنطرة بمصر]
الوقت وما يليه، فليعلم ذلك من أمر أمير المؤمنين ورسمه، ويعمل عليه وبحسبه، وليحذر من تعدّى حدّه ومخالفته حكمه، ويتجنّب مباينة نصّه ومجانبة شرحه، وليقرّ هذا المنشور في يده حجّة لمودعه يستعين بها على نيل طلبته وإدراك بغيته إن شاء الله تعالى.». . وكتب في جمادى الأخرى سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وفي أعلاه بخطّ الحاكم توقيع. الحمد لله رب العالمين. [قيام مطرانية القاهرة وعمارة كنيسة القنطرة بمصر] وانفتح حينئذ باب رجعة الكنائس وردّ أوقافها إليها، واستطلق أحد أبناء الروم اسمه تاودورس كان قديما قسّا، وصار أخيرا مطرانا على بيسان من عمل بيت المقدس، واستولى على مطرنة القاهرة، وعمّر كنيسة القنطرة بمصر. وتواصلت مسألة أنبا صلمون ومسألة غيره من النصارى إليه في ردّ كنيسة كنيسة من كنائسهم، وعمارتها، وردّ أوقافها. وكتب أنبا صلمون رقاعا عن أهل البلدان البعيدة عن مثل ذلك، فأجاب كلاّ منهم إلى ملتمسه، وأطلق عمارة جميع الكنائس والدّيارات التي يستدعي منه الأذن فيها وفي عمارتها بمصر وفي سائر بلاد مملكته، وكتب لكلّ منهم بذلك سجلا في معنى سجلّ دير القصير، وإعادة أوقافها إليها، إلاّ ما كان من الأوقاف والكنائس قد بيع في وقت القبض عليها في دمشق وفي جميع بلاد الساحل، وأصرف ثمنه في النفقات السلطانية لضيق الأموال وقلّتها، أو ما كان منها قد حصل لمن يتوقّون شرّه من المسلمين. [الحاكم يتسامح مع النصارى للعودة إلى دينهم بعد إعلان إسلامهم] ولمّا تسامح الحاكم بعمارة الكنائس وتجديدها وردّ أوقافها لقيه جماعة من النّصارى الذين كانوا أسلموا في وقت الاضطهاد وطرحوا أنفسهم عليه بين يديه وهم مسترسلون للموت، وقالوا له: إنّ الذي دخلنا فيه من التظاهر بدين الإسلام لم يكن باختيارنا ولا برغبة منّا، فنحن نسأل أن تأمرنا بالعود إلى ديننا إن رأيت ذلك، أو تأمر بقتلنا، فأمرهم للوقت بلباس الزّنانير ولباس السّواد وحمل الصّلبان، وكان كلّ منهم قد أعدّ عدّة غيار ثيابه، وتقدّم إلى أصحاب
[المؤلف يعلق على خطوات الحاكم نحو النصارى]
الشرطة بحفظهم وكفّ كلّ أحد عن التعرّض لهم، فكثر الراغبون إليه في ذلك حتى صاروا يلقونه أفواجا أفواجا، وكان يطلق ذلك لهم، فعاد منهم عدد كثير، وتوقّفت الرؤساء والصدور منهم عن الرجوع إلى ديانتهم حذرا على نفوسهم من أن يكون إجابة الحاكم لمن فسح له في ذلك على سبيل الحيلة عليهم والخديعة لهم، لاستكشافه ما في ضمائرهم، وظنّا منهم أنه يتتّبعهم فيما بعد ويأتي عليهم فعاجلته المنيّة، وكفي الذين رجعوا منهم إلى النّصرانيّة ما كان أولئك يحاذرونه، وبقي كلّ من الفريقين على حاله. [المؤلّف يعلّق على خطوات الحاكم نحو النصارى] وكان ما أتاه الحاكم في هذا المعنى من تسامحه بعمارة الكنائس وتجديدها وإعادة أوقافها إليها بعد ما تقدّم من مغالاته في هدمها وتأكيده في قلع أساساتها ومحو آثارها، ومن الترخيص للنّصارى الذين تظاهروا بالإسلام في العودة إلى دينهم بعد تسع سنين، منذ تظاهروا بالإسلام مع حظر ذلك في ديانة المسلمين. وفي ناموسهم القتل على فاعله، من آيات الله المعجزة وعجائبه الباهرة الدالّة على عنايته بشعبه، وتحقيقه لسالف وعده إذ يقول إنّني لست أخليكم في كلّ عصر من أركون لكم، فجعل جلّ ثناؤه أركونهم المنقذ لهم ممّا غشاهم وألمّ بهم من كان اضطّهادهم على يده واستضامتهم من قبله. وتخوّفوا أن يعقبهم بإساءته، أو يتخطّى إليهم أحد من الرعيّة بمكروه وجزعوا، فأنهى إليه أنبا صلمون رئيس دير طورسينا ما خالطهم، وقام في نفوسهم، فكتب لهم سجلا يؤمّنهم به هذه نسخته: [نص كتاب الحاكم بتأمين النصارى] «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من عبد الله ووليّه المنصور أبي عليّ الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين ابن الإمام العزيز بالله أمير المؤمنين، لجماعة النصارى بمصر، عندما أنهوا إليه الخوف الذي لحقهم والجزع الذي هالهم فأقلقهم واستذراءهم (¬1) بظلّ الدولة، وتحرّمهم بحضور الحضرة، بما رآه وأمر به من تكميل النعمة عليهم بتوخّيه لهم ذمّة الإسلام ¬
[نهاية الحاكم]
وشرعه، من تصيّرهم تحت كنفه بحيث تصفو لهم موارد الطمأنينة، وتضفو (¬1) عليهم ملابس السكون والدّعة، وإجابتهم إلى ما سألوا فيه من كتب أمان لهم يخلّد حكمه على الأحقاب، ويتوارثه الأخلاف منهم والأعقاب، فأنتم جميعا آمنون بأمان الله عزّ وجلّ، وأمان نبيّه محمّد خاتم النّبيّين وسيّد المرسلين صلعم وعلى آله الطّاهرين، وأمان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، سلام الله عليه، وأمان الأيمة من آباء أمير المؤمنين، سلام الله عليهم، هذا على نفوسكم ودمائكم وأولادكم وأموالكم وأحوالكم وأملاككهم، وما تحويه أيديكم، أمانا صريحا ثابتا، وعقدا صحيحا باقيا، فثقوا به، واسكنوا إليه، وتحققوا أنّ لكم جميل رأي أمير المؤمنين وعاطفته، وعصرته تحميكم، وعصمته تقيكم، لا يقدم عليكم بسوء أحد، ولا تتطاول إليكم بمضرّة يد إلاّ كانت زواجر أمير المؤمنين مقصّرة من باعه، وعظم إنكاره، مضيّقا فيه من ذراعه، والله عون أمير المؤمنين على ما تعتقدونه من صلاح وإصلاح لسكّان أقطار مملكته، ومن له وسيلة الثواء في كنف دولته، وإياه يستشهد على ما أمضاه من أمانه لكم، وعهده الذي يشرفه طرفكم، وكفى بالله شهيدا. وليقرّر في أيديهم حجّة بما أسبغ من النّعم عليهم، إن شاء الله تعالى». وكتب في شعبان سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وتوقيعه أيضا بخطّه أعلاه. الحمد لله رب العالمين. [نهاية الحاكم] ومال الحاكم إلى أنبا صلمون منذ أوّل مشاهدته إيّاه، ولقياه له، وشفّعه بجميع ما كان يلتمسه منه، وتقدّم أن لا ينقبض عن مسألته في شيء مما يعود بصلاح أمور النصارى، وأن يلقاه في كلّ يوم في طريقه إلى الصحراء ليسأله عمّا يحتاج إليه، فامتثل أمره، وكثر أنسه به، حتى شنّع عليه كثير من عوامّ المسلمين، لما عرفوه من ميله إليه وتشفيعه إيّاه في ملتمساته، ومشاركته رهبان النصارى في لباس الصوف أنه قد تتلمذ لأنبا صلمون. وكان في كثير ¬
[قصة البدويين السبعة مع الحاكم]
من الأيام في نفوذه إلى البريّة يقصد دير القصير ويشاهد عمارته، ويستحثّ الصّنّاع على الفراغ منه، وأطلق له دنانير تصرف في النفقة عليه، ودفع أيضا إلى الرهبان المقيمين فيه دنانير، ورسم لهم مساعدة البنّائين لتروج عمارته، وكان يعدل أيضا إلى ديارات جدّدها اليعاقبة في ناحية القرافة، وإذا أراد الدخول إلى الجبل والطلوع إلى دير القصير أو غيره من الدّيارات تتأخّر الركابية عنه في الموضع المعروف بالقرافة وإلى الساقية، ويمضي وحده. [قصّة البدويّين السبعة مع الحاكم] وفي بعض الأيام جرى في ذلك على سالف عادته وتبعه صبيّ ركابيّ كان اصطنعه، يعرف بالقرافيّ، وأبعدا جميعا في الجبل، فلقيه سبع (¬1) نفر من البادية، والتمسوا منه صلة بجفاء في القول وغلظ في اللفظ، وفرية وشتيمة، فقال لهم: ما معي في هذا الموضع ما أدفعه لكم، لكنّني أنفذكم إلى متولّي بيت المال العميد المحسن ابن بدواس (¬2) ليدفع إليكم خمسة آلاف درهم. فقالوا: ما نمضي إليه لأنه لا يدفع لنا شيئا، وتردّد الخطاب بينهم وبينه، [إختفاء الحاكم في جبل القرافة] فالتمسوا منه أن ينفذ معهم القرافيّ الركابيّ لينجز لهم المطلق، وسار مع القرافيّ أربعة نفر منهم، وتخلف الثلاثة الباقون في الطريق، وقبض (¬3) /132 ب/أولئك الأربعة الجملة التي رسم دفعها لهم، وعاد القرافيّ يلتمس الحاكم، فأبطأ عليه عودته، فلمّا طال انتظاره له في الموضع الذي جرت عادته بموافاته إليه ساء ظنّه، ودار الجبل يطلبه، فألقى (¬4) سايحا (¬5) وسأله عنه، وذكر له صفته وصفة الحمار الذي هو راكبه، فأعلمه أنه شاهد في طريقه حمارا معرقبا، وساقه إلى الموضع حتى شاهد الحمار الذي كان معرقبا كما ذكر له. ¬
[أخت الحاكم تطلب من الأمراء والقادة البحث عن أخيها]
[أخت الحاكم تطلب من الأمراء والقادة البحث عن أخيها] وتقدّمت السيّدة أخت الحاكم إلى جميع الأمراء والقوّاد وغيرهم من الناس بالركوب إلى الصحراء واستكشاف خبره، وطلعوا إلى دير القصير (¬1) وفتّشوه لئلاّ يكون مستترا فيه، وفتّشوا أيضا سائر (¬2) المواضع التي كان يلمّ بها، فلم يقفوا له على خبر، ووجدوا بعد ذلك ثيابه الصّوف التي كان لابسها في ناحية الجبل وهي مهراة (¬3) من ضربات السكاكين وآثار الجراحات مخضّبة بالدّم، ولم توجد جثّته، فاستدلّ الأكثرون أنّ أولئك الثلاثة البوادي المتأخّرين عن اللحاق برفاقهم (¬4) وبالقرافيّ الركابيّ لقبض الصّلة المطلقة لجماعتهم عادوا إليه وقتلوه ودفنوه وأخفوا (¬5) أثر قبره (¬6). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
[تاريخ اختفاء الحاكم]
[تاريخ اختفاء الحاكم] وكان فقد الحاكم يوم الإثنين أوّل الصوم المقدّس، وهو لليلتين بقيتا من شوّال سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وعمره يومئذ سبع وثلاثون سنة، وكانت خلافته خمس (¬1) وعشرين (¬2) سنة وستّة وعشرون يوما (¬3). [تم الجزء الأوّل من التاريخ الذي صنّفه يحيى بن سعيد ويتلوه الجزء الثاني] (¬4). ¬
[الجزء الثاني]
[الجزء الثاني] خلافة الظّاهر لإعزاز دين الله (¬1) [أخت الحاكم تكتم خبر قتله عن الناس وتدعو لولده الظاهر] ولمّا فقد الحاكم كتمت السيدة أخته صحّة قتله عن الناس، وأوهمتهم أنّه قد تعمّد (¬2) لغرض له تقفون عليه فيما بعد. ولم يزل أمره مكتوما إحدى (¬3) وأربعين يوما إلى أن وافى عيد المسلمين النّحر (¬4) وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة، فأشهرت فقد الحاكم بإقامة الدّعوة (¬5) لولده أبي (¬6) الحسن عليّ (¬7)، ولقّب «الظّاهر لإعزاز دين الله» وذكر اسم الحاكم مع اسم آبائه الأموات، ورحم عليه وعليهم، وكان عمر الظّاهر يومئذ سبع عشرة سنة، وكان منذ ترعرع محجوبا في قصر السيّدة عمّته إلى حين فقد الحاكم حذرا [منها] (¬8) عليه من إساءة تلحقه من أبيه، وتنبت (¬9) به في حياة الحاكم، واعتنقت أموره منذ أفضت الخلافة إليه، وقامت بتدبير (¬10) الأمور، وعوّلت في ¬
[نص السجل بولاية العهد]
النظر في الأحوال على رئيس الرؤساء خطير (¬1) الملك عماد بن هرون، وجرى الأمر في تسمية الظّاهر بمولانا، وتقبيل/133 أ/الأرض بين يديه، والدّعاء له (بصلوات الله عليه) (¬2) على سالف الرسم في أيام أجداده. [نصّ السجلّ بولاية العهد] وأنشأ (عليه) (¬3) سجلاّ قريء على الناس يتضمّن حسن رأيه في الكافّة وتقدمته وتأكيده على كلّ من يتولّى شيئا من الخدم السلطانية، والنّظر في الأحكام والأقضية بالاعتماد (¬4) في أمورهم (على الحقّ) (¬5) وتوخّي العدل في جميع ما ينتهي إليهم، ويتعلّق بهم، وبصيانة أهل السلامة (والاستقامة، وتتبّع ذوي العيث والفساد) (¬6). وأنه انتهى إليه استشعار جماعة أهل الذّمّة من النّصارى واليهود أنّهم يستكرهون (على) (¬7) الانتقال إلى (شريعة) (¬8) الإسلام، وامتعاضهم (¬9) من ذلك، إذ كان {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} (¬10) وأن يزيلوا من أنفسهم ما تخيّلوه، ويتحقّقوا أنّهم يحملون على حكم الصّيانة والرعاية، وينزلون منزلة أهل الحياطة والحماية، ومن آثر منهم الدخول في دين الإسلام اختيارا من قلبه (وهداية من ربّه، ولم يكن غرضه التعزّز (¬11) والاستطالة) (¬12) فليدخل فيه مقبولا ومبرورا (¬13)، ومن آثر بقاءه على دينه (من غير ارتداد) (¬14) ¬
[أخت الحاكم تكتب إلى دمشق بالقبض على ولي العهدقتل ولي العهد ابن الياس بالسم]
كان عليه (¬1) ذمّته وحياطته، وعلى جميع أهل الملّة حفظه وصيانته. (وأعظم (¬2) أيضا فيه ما عرفه من ذهاب طائفة من الجهّال إلى الغلوّ في الإمامة وعدولها بالأباطيل عن موجب الحقائق، وصفتها المخلوق بصفة الخالق، وتبرّؤه (¬3) من الله في (¬4) ذلك، وانتزاعه من إطلاق اللفظ بحكاية معتقدهم، وبسط لسانه بذكر عنهم، واعترافه إلى الله أنه وأسلافه الماضين، وأخلافه الباقين، مخلوقون اقتدارا ومربوبون اقتسارا، لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة، ولا يخرجون عن قضيّة الله تعالى. وأنّ جميع من خرج منهم (¬5) عن حدّ الأمانة (¬6) والعبوديّة لله عزّ وجلّ، فعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، وأنّه قد قدّم إنذاره لهم بالتوبة إلى الله تعالى من كفرهم، ولما يعتمده من الإبقاء على الجماعة، ومن أتى ذلك فيهم، وأقام على كفره فسيف الحقّ يستأصله، ويذكر إبعاده أصحاب الأخبار والسّعايات، وأمانة الناس أجمعين من أهل الملّة والذّمّة على نفوسهم ودمائهم وأولادهم وأموالهم وأحوالهم ما سلكوا الطريق المستقيمة ولم يقصدوا المقاصد الذميمة) (¬7) فأنس النّاس بسجلّه هذا واستبشروا [به] (¬8). [أخت الحاكم تكتب إلى دمشق بالقبض على وليّ العهدقتل وليّ العهد ابن الياس بالسّمّ] وكانت (¬9) السيدة أخت الحاكم مع إياسها من أخيها وتحقّقها فقده، بادرت بإنفاذ عليّ بن داوود (¬10) وهو أحد الأمراء الكتاميين إلى دمشق ¬
[هرب عبد العزيز بن الياس إلى ابن مرداس ومن ثم إلى الملك باسيل]
بملطّفات إلى الأمراء والقوّاد ووجوه الجند بالقبض على وليّ العهد عبد الرحيم بن الياس، فسارع الجماعة إلى ذلك لكراهيتهم (¬1) له، وحمل مقيّدا وحمل أهله وأنسبائه (¬2) معه وعدّى (¬3) به إلى دمياط، واعتقل بها مدّة، ثم دخل إلى مصر، وعند وصوله قلع قيده، واحتيط عليه في القصر مكرّما مبجّلا مدّة وتنغّص (¬4) إليه الظاهر بشيء من الفاكهة مسموما، فأكل منه ومات، [هرب عبد العزيز بن الياس إلى ابن مرداس ومن ثمّ إلى الملك باسيل] وأظهر للناس أنّه قتل نفسه، وفي حين القبض عليه بدمشق هرب ولده الكبير عبد العزيز ابن (¬5) أخي وليّ العهد أحمد بن الياس (¬6)، إلى حلّة صالح بن مرداس (¬7)، وأقاما بها عشرة أشهر، فتلطّف الظاهر في عودتهما، فتخوّفا منه، وهربا إلى بلد الروم ملتجئين إلى باسيل الملك، فأحسن قبولهم (¬8). ... ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
[الخلاف بين النصارى الملكية حول بطريركية الإسكندرية]
[الخلاف بين النصارى الملكية حول بطريركية الإسكندرية] وكان النّصارى الملكيّة في مدّة إذن الحاكم بعمارة الكنائس وردّ أوقافها على حكمها وعوّلوا على تصيير بطريركا (¬1) على الإسكندرية، [انقسام النصارى بين أسقف القلزم وأسقف دمياط] ولم يكن (بقي) (¬2) في أبرشية الإسكندرية يومئذ إلاّ أسقفان (¬3)، [وهما أبا (¬4) خرسطودولا أسقف تنّيس، وأبا (4) إسحاق أسقف القلزم، وكتب كل واحد منهما خطّه للآخر أن لا يكون أحدهما بطريركا، ويشاركون الجماعة في اختيار من ينبغي أن يروس (¬5) عليهم. ونكل أبا (¬6) إسحاق أسقف القلزم عمّا كتب به خطّه، وتلطّف في أن ينجز له سجلا من الحاكم في أن يكون بطريرك (¬7) على الإسكندرية، وكره جماعة النصارى الملكية ذلك لأنّ القدّيس ¬
أرسانيوس بطريرك الإسكندرية كان قرّره لأمور تشكّاها شعبه منه وصبر عليها، ورأى النزول عن رياسته دون الإقلاع عنها، ومضى القدّيس أرسانيوس البطريرك في حال سبيله وهو غير راض عنه. واتفق رأي الجماعة على استرجاع السجلّ الذي تنجّزه والتمسوه منه فلم يدفعه إليهم وأطمع نفسه أن يصير بطريركا عليهم، فأنها أبا (¬1) سلمون ذلك إلى الحاكم مطالعة بما كتب به خطّه، وبكراهة الكافّة، فأنفذ من استرجع السّجلّ منه] (¬2). وصل في الحين إلى مصر من بلد الروم راهب قسّ (¬3) من أهل دمياط يسمّى أنبا جرجس من رهبان طورسينا، عايد من خدمة الدير [المقدّس] (¬4). واتّفق رأي الجماعة على الرضاء به (¬5) لقداسته وخيرته، فأبى قبول الرئاسة إلى أن أكرهوه وألزموه [وسأل أبا (¬6) سلمون الحاكم أن غيّر السجلّ الذي باسم أسقف القلزم وجعل باسم أبا (¬7) جورجيس، ولم يشاركهم أسقف القلزم في الرضى بارياسته (¬8) ولا الحضور للصلاة عليه] (¬9). فاختار النصارى أسقفين أحدهما على دمياط، والآخر على مصر، واجتمع اثني (¬10) عشر قسّيسا مع أسقف تنّيس أنبا خريصطودلس (¬11) وصلوا على المختار لكرسي دمياط، وصيّروه أسقفا، واتّفق أسقف تنّيس وأسقف دمياط والقسوس المقدّم ذكرهم (وصلّوا على أنبا جورجيوس) (¬12) [بوعد إقامة الدعوة للظاهر بستة أيام صيّر ¬
[مقتل الملقب بالهادي الدرزي وتتبع أتباعه]
أنبا جورجيس من رهبان دير طورسينا] (¬1) بطريركا على الإسكندرية في مصر يوم الفصح المقدّس، وهو الثاني من نيسان [سنة 1332] (¬2) وهو لستّ عشرة خلت (¬3) من ذي الحجّة سنة إحدى عشرة وأربعمائة [وذلك بعد إشهار موت الحاكم وإقامة الدعوة للظاهر بستة (¬4) أيام ف] (¬5) أقام (في الرئاسة) (¬6) خمس عشرة سنة، وتنيّح (¬7) /133 أ/وبعد تصيّره (صير (¬8) على المختار لمصر وجعله أسقفا عليها) (¬9). وأنفذت له السيّدة أخت الحاكم (¬10) ثيابا ومصاحف وكمثليا (¬11) فضّة كانت عندها لخالها أرسانيوس البطريرك القدّيس، وشدّت مع النّصارى، وقوّت همّتهم (¬12) وجدّوا في عمارة كنائسهم. ... [مقتل الملقّب بالهادي الدرزي وتتبّع أتباعه] وهرب الملقّب بالهادي (¬13) بعد فقد الحاكم وقتل بعد ذلك وقبض على جماعة من الدّعاة إلى مذهبه، ومن المعتقدين له، واستتيب (¬14) من رجع عن مذهبه، وقتل من أبى الإقلاع عنه. (وصلب، وتتبّعوا في سائر الأعمال، وجرى أمرهم على ما قدّمنا ذكره) (¬15). وهلك منهم خلق كثير لإصرارهم على الثّبات على كفرهم. ¬
[أخت الحاكم تعطل قرارات الحاكم التي سبق ونشرها]
[أخت الحاكم تعطّل قرارات الحاكم التي سبق ونشرها] وقبضت السيّدة على جميع الإقطاعات التي أقطعها الحاكم، وأعادت (¬1) المكوس إلى ما كانت عليه قبل تسامح الحاكم بها، وقطعت كثيرا من الأرزاق والرواتب التي أجراها، إلاّ عن من (¬2) كانت له خدمة ضرورية، (فبقي على رزقه أو من شملته عناية وكيدة، فأعيد إليه ما برسمه) (¬3). واستخرجت (¬4) أيضا من أوقاف الكنائس ما أمر الحاكم في سجلاّته بالمسامحة به من الخراج والأعشار والواجبات. ... [اتّهام حسين بن دوّاس الكتامي بقتل الحاكم] (وكثرت الأقاويل على حسين (¬5) بن دوّاس (¬6) الكتاميّ متولّي السّيارة بمصر أنه هو الذي عمل على قتل الحاكم لمخافته منه، لأنه رام قتله دفعات، فاحتمى عليه بمقامه في داره (¬7) [و] (¬8) بمن جمع إليها من حاشيته وأصحابه، واستعدّ من السلاح ما يدفع به عن نفسه لمن يروم أخذه قهرا، ولم ير مكاشفته، وانتظر وجود فرصة في الظّفر به، وتحيّلت السيّدة عليه إلى أن حصل في القصر، فقتلته وقبضت على جميع ما كان له، ووجد في بعض صناديقه (¬9) السّكّين التي كانت للحاكم في كمّه، وحقّق الجماعة حينئذ عليه أنه كان السبب في قتله، والمواطيء لأولئك البوادي الذين لقيوه (¬10)، واستماحوه على الإيقاع به) (¬11). ... ¬
[التظاهر بشرب النبيذ وسماع الأغاني بعد وفاة الحاكم]
[التظاهر بشرب النبيذ وسماع الأغاني بعد وفاة الحاكم] وعاد الناس بعد فقد الحاكم إلى التظاهر بشرب النبيذ وسماع الأغاني والتخرم (¬1) في لذّاتهم بمصر وغيرها. وافتتن الظاهر بذلك وتوفّر عليه، (وواصل (¬2) الركوب إلى دار رئيس الرؤساء خطير (¬3) الملك عمّار بن محمد (¬4) والمقام بها للمنادمة وسماع الأغاني (¬5)، فأنكرت السيّدة عمّته ذلك خوفا (¬6) عليه من حيلة تتمّ عليه. [مقتل رئيس الرؤساء عمّار بن محمد] وقتلت رئيس الرؤساء خطير الملك (¬7). وتولّى في الأمور بعده (¬8) الأمير الأمين شمس الملك (¬9). [النصارى يتظاهرون بأعيادهم ويخفّفون أزياءهم] وعاد النّصارى إلى التظاهر بأعيادهم، وخروج البواعيث (¬10) إلى ¬
[مقتل اليعقوبي أبي زكريا المرتد بعد إسلامه]
كنائسهم التي في ظاهر المدينة، (والتظاهر بذلك) (¬1)، والظاهر يحضر لمشاهدة اجتماعاتهم ويتقدّم بصيانتهم. وخفّفوا الغيار الذي عليهم، واقتصر الأكثرون منهم على لباس زنّار وعمامة سوداء، وأطلق لهم عمارة الكنائس (¬2)، وردّ أوقاف (¬3) لم تكن استطلقت من الحاكم. [مقتل اليعقوبي أبي زكريّا المرتدّ بعد إسلامه] (ووثب (¬4) جماعة من المسلمين بمصر على رجل يعقوبيّ يعرف بأبي (¬5) زكريّا ابن أبي غالب ممّن كان تظاهر بدين الإسلام في أيام الحاكم، وأذن له بالعودة إلى/134 أ/النّصرانية، وصاحوا عليه في الأسواق [وضربوا يدهم إليه] (¬6) واحتجّوا عليه أنه كان في أيام إسلامه ملازما للجامع متقدّما في الصلوات، ونسخ بخطّه ودرسه وكتب (¬7) الحديث والفقه، وأنّ غيره من النّصارى الذين عادوا ما عملوا كعمله والتمسوا منه أن يعيد إليهم ما كتبه واقتناه من علومهم، فأمر الظّاهر بحبّسه [في الشرطة السفلى] (¬8) ولبث في الاعتقال مدّة عشرة أيام، وفي كلّ يوم منها يجادل في العودة إلى دين الإسلام ويهدّد (¬9) ويفزّع، ولا هو (¬10) يذعن ولا يجيب، ولما أيس من رجوعه طولع الظّاهر بأمره، فأمر بقتله لكثرة الكلام عليه) (¬11). [وسيق إلى الموضع ¬
[عودة النصارى من بلاد الروم وتقديمهم الجزية كعادتهم]
المعروف بالتبّانين (¬1) ليقتل هناك، و (هو) (¬2) فرح مسرور ضاحك، إلى أن قتل] (¬3). [عودة النصارى من بلاد الروم وتقديمهم الجزية كعادتهم] وعاد من بلاد الروم جماعة من النصارى الذين أسلموا وتظاهروا بالنّصرانيّة ولم يتعرّض (لهم أحد، وأخذ منهم وممّن عاد من النّصارى بمصر أيضا) (¬4) الجزية (منذ السنة) (¬5) التي انتهى استخراجها منهم إلى السنة التي عاد فيها كلّ واحد منهم (¬6). ... [سنة 413 هـ.] [استفحال أمر عزيز الدولة فاتك بحلب بفقدان الحاكم] واستثبت حال عزيز الدولة فاتك بحلب، واطمأنّ بعد فقد الحاكم (واستفحل أمره) (¬7) وانضاف إلى لقبه بعزيز الدولة تاج (¬8) الملّة، واحتاط على نفسه احتياطا تامّا (¬9) حذرا من حيلة تتمّ عليه، واختصّ بغلمان (¬10) مماليك يدورون في [خاصّ] (¬11) خدمته ومناوبته بنوب (¬12) وأبعد عنه من يحذر أن يواطيء على مكروه يراد منه، [غلام هنديّ يقتل فاتك] [وكان له وكالة من جملة أولايك الصبيان غلام ¬
[بدر غلام فاتك يستولي على قلعة حلب]
هنديّ (¬1) يميل إليه، فدخل أول الليل على مولاه وهو نايم، وهو أعدّ معه سيفا مجرّدا مستورا (¬2) في كمّه، وألقا (¬3) عند رجليه صبيّا (¬4) آخر من رفقايه يغمزه، فارتاع الصبيّ من مشاهدة السيف وحرّك مولاه ليقبضه، فبادر الهنديّ وضرب عزيز الدولة مولاه بالسيف الذي معه ضربة أزعجته، وثنّى بأخرى فأتت عليه] (¬5)، وقتل الغلام في الأثر، وذلك ليلة السبت لأربع ليال خلت من ربيع الآخر سنة ثلث عشرة وأربعمائة (¬6). [بدر غلام فاتك يستولي على قلعة حلب] واستولى على القلعة غلام له (¬7) يسمّى بدر (¬8). ¬
[عجمي يكسر الحجر الأسود في ركن بيت الله الحرام]
وكان سديد (¬1) الدولة عليّ بن أحمد الضّيف يومئذ ناظرا في الشام، فعاد إلى حلب، ولطف ببدر، ورغّبه إلى أن قرّر معه تسليم القلعة وحلب إلى الظاهر، وسيّر به عن حلب، وولّى عليها وعلى قلعتها ولاة من قبل الظاهر (¬2). ... [عجميّ يكسر الحجر الأسود في ركن بيت الله الحرام] [وفي يوم الجمعة لاثني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة سنة ثلاثة عشر وأربع ماية ضرب إنسان عجميّ بمكة الحجر الأسود الذي في ركن البيت، بعد انقضى (¬3) الحجّ بدبّوس (¬4) وكسره وشظا فيه شظايا، وبودر وقتل هو وجماعة معه وأحرقوا بالنار. ونفر أهل مكة في طلب الحجيج، فقتل من الناس زهاء (¬5) خمس مائة، وخرج أيضا عدّة كثيرة منهم، ونهب من أموالهم جملة عظيمة (¬6). ... ¬
وردّ الظاهر النظر في الأمور إلى نجيب الدولة عليّ بن أحمد الجرجرائي (¬1) الأقطع، ولقّبه بالوزير الأجلّ صفيّ الدولة وأمير المؤمنين وخالصته (¬2)]. ... ¬
[هزيمة ملك الأبخاز أمام باسيل]
وأمّا ما تجدّد لباسيل الملك بعد أخذه البلغرية فإنه لمّا كان مشغولا هناك متوفّرا على حربهم قصد جرجس ملك الخزر (¬1) (وهو ملك الجرجان ويسمّوا بالتركيّ الكرج) (¬2) للإفساد في أطراف بلاده المجاورة له، وتغلّب على حصون وأعمال ممّا سلّمه عمّه داوود القربلاط إلى باسيل الملك (كما ذكرنا آنفا) (¬3). (ومع بلوغ باسيل الملك غرضه من البلغرية واستيلائه عليها وعودته) (¬4) إلى القسطنطينية لم ير جرجس هذا ملك الأبخاز أن يستدرك غلطه ويكفّ (¬5) عمّا هو بسبيله، ويظهر له الموالاة كما كان أبوه وعمّه، ولكنّه أعجب بنفسه وتمادى في غيّه، وكاتب الحاكم بأمر الله في أن يتعاضدا جميعا على حربه، ويقصده كل واحد منهما من جهته (¬6)، فانتهى ذلك إلى باسيل الملك، فاستشاط (¬7) غيظا منه وحنقا عليه، وسار من القسطنطينية (إلى القلميل (¬8) ولا أحد يعلم ما في نفسه) (¬9). وأظهر الاستعداد للغزو إلى بلاد الشام، [هزيمة ملك الأبخاز أمام باسيل] وجهّز الميرة والعلوفات والسلاح إلى أنطاكية (لتكون مستعدّة ¬
لغزاته) (¬1) ولم يشكّ (¬2) أحد في أنّ توجّهه (¬3) إلى الشام، فاتّفق في الحال فقد الحاكم، والملك باسيل في القلميل (¬4)، فقصد حينئذ غزو الأبخازي (¬5)، وعند معرفة (¬6) الأبخازي بذلك جمع جيوشه، واستعان بمن قدر على استعانته به من الغرباء، وخرج إلى أواخر أطرافه طمعا في لقائه للملك ومحاربته، فلمّا أن قرب الملك منه، وانكشفت له قوّة جيوشه وتوافر عسكره انهزم الأبخازي بغير حرب، وتبعه الملك إلى أن تحصّن بنهر لم يمكن العساكر الرومية عبوره، فأحرق ضياعه ونهب ما بها من الغلاّت، وأسر من بلاده وقتل كثيرين/134 ب/وأكحل (¬7) من خواصّ أصحابه زهاء مائتي (ألف) (¬8) إنسان، وأتى على جميع (الأعمال والضياع التي له) (¬9) إلاّ ما كان منها في الموضع الذي وراء النهر الذي اعتصم به، ولم يمكن العساكر الوصول (¬10) إليه، وهجم الشتاء فرجع (¬11) الملك إلى طرابزنده (¬12) ليقيم بالعساكر بها مدّة الشتاء، ويعود إلى الغزو (¬13). ¬
[ملك أسفرجان يسلم باسيل أكثر من أربعين حصنا وقلعة]
[ملك أسفرجان يسلّم باسيل أكثر من أربعين حصنا وقلعة] وفي هذا الوقت سلّم سنحاريب (¬1) ملك أسفرجان (¬2) إلى باسيل الملك جميع حصونه وقلاعه، وسائر (بلد أسفرجان) (¬3) وسلّم إليه ابن الديراني المجاور له حصونه وقلاعه، وانضافت جميعها إلى مملكة الروم، وعددها نيّف وأربعون (¬4) حصنا وقلعة، وجعلها الملك قطبانية (¬5) مفردة، وشحن الحصون بالرجال، ورتّب فيها عمّالا. وعوّض سنحاريب وابن الدّيراني وأهلهما وأنسباءهما نعما ضخمة (وأموالا جسيمة) (¬6) ومراتب جليلة. ومع وصول (¬7) الملك (وحصوله) (¬8) في طرابزنده شرع في تجهيز أسطول في البحر إلى بلد الأبخازي، فوصل إليه رسول من جرجس ملكهم يستعطفه ويعتذر (¬9) إليه ممّا (كان) (¬10) فعله، ويبذل أن يسلّم إليه الحصون وسائر البلاد التي كانت لعمّه داوود القربلاط، وأن يعطيه ولده بقراط رهنية على ذلك (ولا يحول) (¬11) ولا يتغيّر ما بقي من (¬12) العبودية (له) (¬13) والموالاة. [ملك الأبخاز يقدّم ولده رهينة لباسيل لقاء الصلح] فأجابه باسيل الملك إلى ما التمسه، وقبل منه ما بذله، وأنفذ مع رسوله جماعة من الرؤساء والقضاة، [رئيس الكهنة والأساقفة الروم يأخذون المواثيق من ملك الأبخاز] واستحلفوا جرجس الأبخازي والكاثوليكس (¬14)، وهو رئيس كهنة بلاده، وجميع الأساقفة وغيرهم (من ¬
[تحالف قائدين روميين للعصيان على الملك باسيل]
رؤسائه) (¬1)، ومتقدّمي أصحابه بسائر الأيمان المؤكّدة على الوفاء بما بذله (¬2) وشرطه (¬3)، (وتوثّق منهم بالأيمان كما يتوثّق من معتقدي الدّيانات) (¬4). [تحالف قائدين روميّين للعصيان على الملك باسيل] وسار الملك حينئذ ليتسلّم الحصون والبلاد التي بذلها له الأبخازي، ولأخذ (¬5) ولده. فاتّصل بالملك باسيل في الحال أنّ نيقيفور البطريق المعروف بالأكسفاوس (¬6) والي بلد الناطليق (¬7) قد اجتمع مع نيقيفور المعوجّ الرقبة ابن بردس الفقاس (¬8)، واتّفقا على العصيان عليه، (وذلك أنّ الأكسفاوس أطمع نفسه بالملك، وراسل الفقاس في الاجتماع معه على ذلك) (¬9) لعلمه بميل كثير من الروم إلى الفقاس ورغبتهم فيه لمحبّتهم لأسلافه، وأن يكونا متعاضدين ومشتركين في هذه الحالة. وينتهزا الفرصة ببعد باسيل الملك عن بلد الروم واشتغاله بما هو بسبيله (¬10) من حرب الأبخازي، وأضمر كلّ واحد منهما في نفسه أن يعمل على الآخر عند استتباب (¬11) الأمر الذي قصداه (وينفرد الواحد منهما بالملك دون الآخر) (¬12). [الملك باسيل يسعى للقضاء على تحالف الخارجين عليه] وبادر الملك باسيل عند معرفته بما شرعا فيه بإنفاذ الدلاسينوس (¬13) ¬
تاأوفيلكطس (¬1) الأبروطسبتار (¬2) الدريكان (¬3) إلى الناطليق (¬4) (ليكشف عن حقيقة ما بلغه، ويتلطّف (¬5) في إعمال الحيلة عليهما، وردّ إليه ولاية الناطليق) (¬6). وأنفذ معه مالا ينفقه في عسكره، وستر ذلك عن (¬7) كلّ أحد، ومع وصول [ثاوفيلقطس] (¬8) الدلاسينوس (المذكور إلى بلد الناطليق) (¬9) تحقّق (¬10) صحّة الخبر، والتقى كثيرا من رؤساء الروم وأصاغرهم منصبّين إليهما قاصدين نحوهما، بل وكثيرين (¬11) ممّن مع الملك باسيل في الغزاة عند وقوفهم على الحال خبثت نفوسهم، وعوّلوا على الهرب /135 أ/إليهما (ليدفعوا عن نفوسهم وأسبابهم ما يتخوّفونه من ملكهما إيّاها وتمكّنهما منها) (¬12). وكان قصد جميع من ورد إليهما إلى الفقاس خاصّة. فلمّا شاهد الأكسفاوس ذلك تداخله الحسد له، وعزم على الإيقاع [بالفوقاس] (¬13) وأرسل إليه في أن يركبا جميعا ليتفاوضا فيما هما بسبيله، فبادر الفقاس بالركوب على بغلة بغير استعداد، واجتمعا وتحدّثا (¬14)، وودّع كلّ واحد منهما صاحبه (¬15)، وافترقا ليعود كلّ منهما (¬16) إلى موضعه، فمع (¬17) ¬
[أحد الحليفين يقتل صاحبه]
انصراف الفقاس ضربه أحد غلمان الأكسفاوس بعاقوف بموافقة تقدّمت من الأكسفاوس إليه بذلك، فسقط من (على مركوبه، واحتزّ رأسه، وذلك في) (¬1) يوم عيد نياح السيّدة، وهو لأربع عشرة (¬2) ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة (¬3). [أحد الحليفين يقتل صاحبه] ولمّا قتل الفقاس تهارب الناس الذين اجتمعوا إليهما بأسرهم (وتفرّقوا عن آخرهم) (¬4) وعاد كلّ واحد منهم إلى موضعه، فأيس الأكسفاوس من بلوغ ما أمّله، وفزع على نفسه، فهرب هو أيضا، وأخذ رأس الفقاس، [ملك الأبخاز ينقض اتفاقية الصلح مع الروم] وأنفذه إلى باسيل الملك، واحتجّ عنده بأنه لما عرف أنّ الفقاس عوّل على العصيان عليه أظهر المشاركة له فيما شرع فيه، إلى أن تمكّن منه فقتله. ولما علم تاأوفيلكطس الدلاسينوس بهروب (¬5) الأكسفاوس تبعه إلى الموضع الذي قصده (بمن اجتمع إليه من الجند الذين أنفق فيهم) (¬6)، وقبض عليه وتوثّق منه (¬7). [سنة 414 هـ.] [ملك الأبخاز ينقض اتفاقية الصلح مع الروم] وحين عرف الأبخازي ما جرى من العصيان في بلد الروم قويت نفسه، ورجع عمّا بذله له. فعند وصول رأس الفقاس إلى الملك باسيل بادر بإنفاذه (¬8) إلى جرجس الأبخازي ليبكّته على سوء ظنّه، وظهر للملك حينئذ أنّ جميع ما فعله الأبخازي ووافقه عليه كان على سبيل الحيلة منه، وذلك أنّ وزيرا له يسمّى رفادس أشار عليه أن يجعل أيمانه بالله والتوثيق منه سببا (¬9) لإيقاع المكيدة بالملك باسيل، [ملك الأبخاز يعرض مجدّدا تسليم الحصون لباسيل مع وضع ابنه رهينة] إلاّ أنّ الملك مع حسن ظنّه بأيمان الأبخازي ¬
[باسيل ينتقم من المخالفين له]
سار (¬1) إلى بلده ليتسلّم البلاد (¬2) والحصون التي بذلها له، ويأخذ منه الرهن (¬3) [باسيل ينتقم من المخالفين له] واستظهر (¬4) بأن استصحب (معه من شجعان الرجال وذوي البأس) (¬5) من علم أنه بهم يقدر على قهر الأبخازي إن عدل عمّا وافقه عليه (ولم يف له به) (¬6)، وظنّ الأبخازي أن قد تمّ له على الملك ما قدّره، فلمّا قرب منه هجم على عساكر الملك ليهزمها ويوقع بها، فحاربه الملك، وقتل من عسكره وأسر خلقا كثيرا (وجمعا عظيما) (¬7) وهرب الأبخازي ووزيره ومن تبعه من أصحابه منهزمين، ونهب عسكر الملك جميع أموال الأبخازي وآلاته، (وما سوى ذلك من رحالات) (¬8) أصحابه، واستاق (¬9) الروم دوّابهم ومواشيهم. وعاد الأبخازي حينئذ تذلّل للملك وخضع له، وتوسّل إليه (إلى) (¬10) أن يقبل ولده ويتسلّم (¬11) الحصون والضياع المقدّم ذكرها. ووافقه على أن يقيم ولده بحضرة الملك سنتين ويعيده له. وانصرف الملك عن بلد الأبخازي متوجّها إلى بلد الروم، وذلك في السنة الثامنة والأربعين من ملكه، وهي سنة أربع عشرة وأربعمائة. وقبض الملك بعد قتل الفقاس على جميع المتظاهرين معه بالعصيان (وأخذ نعمتهم) (¬12) وقتل بعضهم، وكحّل (¬13) بعضهم، وحبس آخرين. ورهّب ¬
[عمة الظاهر توفد بطريرك بيت المقدس إلى القسطنطينية]
الأكسفاوس وألزمه ديرا خارج القسطنطينية، وراعى له سالف/135 ب/ خدم تقدّمت منه إليه في مدّة غزواته معه في البلغرية، ولأنه أيضا كان قد غلب عليه الخلط السّوداوي. ويعرض له منه في بعض الأوقات ضرب من المالنخوليا (¬1) أبقى عليه وقبض على نعمه وأمواله ولم يزل (¬2) يراعيه ويهتمّ به ممّا يحتاج إليه من أسبابه. [عمّة الظاهر توفد بطريرك بيت المقدس إلى القسطنطينية] ومع معرفة السيدة عمّة الظاهر باستظهار الملك على ملك الأبخازي وتعويله على العودة إلى بلاده تقدّمت بمسير نيقيفور بطريرك بيت المقدس إلى حضرة الملك، ليطالعه بعودة الكنائس، وتجديد كنيسة القيامة المقدّسة ببيت المقدس، وسائر البيع في جميع بلاد مصر والشام، ورجوع أوقافها إليها، واستقامة أمور النّصارى الذين تحت قبضتهم وحفظهم وصيانتهم، وأن يطلق المتاجرة من الروم إلى بلادهم، وقبول من يرد من بلاد الإسلام إلى أعمالهم. وشرع في استيثاق المسألة والموادعة، ولم يكن معه مكاتبة في ذلك. ولقي البطريرك الملك وقد وصل من غزاته وهو عائد إلى القسطنطينية، ودخل معه إليها، واستكشف أفسطاثيوس بطريرك القسطنطينية من نيقيفور بطريرك أورشليم أمانته فأوضحها له، وألفاها بحسب الرأي الأرتودكسي، فطالع الملك بذلك، وأجرى الأمر في رفع اسمه في القسطنطينية وأنطاكية على ما كان عليه قبل وصوله. [سنة 415 هـ.] [وفاة عمّة الظاهر وعودة البطريرك إلى طرابلس] واتّفق أن توفّيت السيدة عمّة الظاهر في هذه السنة، وانتهى ذلك إلى الملك، فأعلم البطريرك المرسل أنّ التي أرسلته قد توفّيت، ولا وجه للجواب عمّا ورد فيه، وتقدّم إليه في العودة، فعاد إلى أنطاكية، وسار منها إلى طرابلس في صفر سنة خمس عشرة وأربعمائة (¬3). [قطبان أنطاكية يعمّر مرقيّة والمسلمون يعمّرون العلّيقة] وفي هذه السنة سار قسطنطين الدلاسينوس قطبان أنطاكية إلى مدينة ¬
[باسيل يملك مدينة أرجيس بأرمينية]
مرقيّة التي على ساحل البحر، وهي من جملة ما سلّمه محمد بن عليّ بن حامد مع حصن الخوابي للروم، وعمّرها في المحرّم منها، وشحنها بالرجال المقاتلة، وعمّر المسلمون في طرف عملهم المجاور للروم حصن العلّيقة (¬1). [باسيل يملك مدينة أرجيس بأرمينية] وفي هذه السنة أيضا ملك باسيل الملك مدينة أرجيس من بلد أرمينية تسليما، وكانت في يدي المسلمين، وانضافت إلى حصون أسفرجان وإلى ما تحت يد قطبانه. [تعيين بطريرك أنطاكية] وفي السنة التاسعة والأربعين من ملك باسيل صيّر نيقولاس رئيس دير الأصطوديون بطريركا على أنطاكية، وصلّي عليه في القسطنطينية يوم الأحد سابع عشر كانون الآخر سنة ألف وثلاثمائة وستّ وثلاثين، وهي لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة سنة خمس عشرة وأربعمائة، بعد أن أقام الكرسيّ الأنطاكي خاليا ثلاث سنين ونصفا وأقام في الرئاسة خمس سنين وثمانية أشهر وواحدا وعشرين يوما وتنيّح (¬2). [. . .] (¬3) (1) «لولده» في النسخة (ر) وليس في (ب). (2) «رضيعها» في (ر) وليس في (ب). ¬
[حسان بن المفرج يفتح الرملة ويحرقها]
[حسّان بن المفرّج يفتح الرملة ويحرقها] وفي هذه السنة أي سنة خمس عشرة وأربعمائة فتح حسّان بن المفرّج بن الجرّاح مدينة الرملة، وأتى عليها حريقا ونهبا وأسرا (¬1). ¬
[ابن مرداس يملك حلب وقلعتها]
[ابن مرداس يملك حلب وقلعتها] وفيها أيضا فتح صالح بن مرداس (¬1) مدينة حلب والقلعة وملكهما، وذلك أنّ أمراء عرب الشام، وهم يومئذ: حسّان بن المفرّج ابن الجرّاح أمير الطّائيّين، وصالح بن مرداس أمير الكلابيّين، وسنان بن عليّان أمير الكلبيّين، تواطأوا وجدّدوا حلفا بينهم على حال قد كانوا عليها قرّروها بينهم في أيام الحاكم، وفي أول أيام الظاهر. ورجعوا عنها، [أمراء عرب الشام يتوزّعون البلاد بينهم] وهي أنّهم يتعاضدون ويتّفقون على الاحتواء على جميع أعمال الشام وحلب، ويتوزّعون البلاد، فتكون فلسطين وما برسمها لحسّان ابن الجرّاح. ودمشق وما ينسب إليها لسنان بن عليّان وعشيرته. وحلب وما معها لصالح بن مرداس وبني كلاب. ثم إنّهم طالعوا باسيل الملك بما تمّ رأيهم عليه، وتوسّلوا إليه أن ينجدهم بعساكر ليشتهر عند عدوّهم اعتضادهم به واشتمالهم واشتماله عليهم، واستنادهم إلى ملكه. فلم ير إجابتهم إلى ما رغبوا إليه فيه، إذ هم خوارج على من ينتمون إليه، فاستصلحهم الظاهر حينئذ (¬2). ... [وكانت ولاية فلسطين قد ردّت إلى سديد الدولة عليّ بن أحمد ¬
[مقتل سديد الدولة ابن الضيف]
الضيف (¬1)، [مقتل سديد الدولة ابن الضيف] وكان بمصر، وآثر العودة إلى فلسطين بحجّة يكون له في الرجوع. وكان بينه وبين حسّان بن الجرّاح، فكتب إليه ملطّفات بخطّه يشير عليه فيها بأن يعبث في الشام ويفسد لتدعو الضرورة إلى سيره. ووقعت الملطّفات في يد السيّدة عمّة الظاهر، ووقف السديد عليها وقتل بسببها (¬2). وندم بعد ذلك الظاهر على إطلاق حسّان بن الجرّاح، ودسّ عليه سمّا ليقتل به، وانكشف له ذلك، واستوحش، وعادت الحال بينه وبين الظاهر إلى فساد، [تجديد التحالف بين حسّان بن الجرّاح وسنان بن عليّان مع ابن مرداس] فجدّد اليمين والموافقة (¬3) مع سنان بن عليان-وقد كان صاهره وأعطاه حسّان أخته-مع (¬4) صالح بن مرداس على ما تقرّر بينهم متقدّما (¬5). [هزيمة أنوشتكين الدزبري أمام أمراء عرب الشام] وكانت ولاية فلسطين قد ردّت إلى منتخب الدولة نوشتكين البربري (¬6)، ¬
[ابن طوق يتغلب على معرة مصرين ويحارب حلب]
وانتشب (¬1) الحرب بينه وبين حسّان، وصالح، وسنان. واستظهر حسّان وصالح والعرب عليه، وانهزم البربري إلى عسقلان] (¬2). [ابن طوق يتغلّب على معرّة مصرين ويحارب حلب] وتغلّب أبو منصور سليمان بن طوق كاتب صالح بن مرداس (¬3) في الحال على معرّة مصرين من عمل حلب، وقبض على واليها وقيّده. وسار إلى حلب في جماعة من العرب (لسبع بقين من رجب من السنة) (¬4)، وجرى بينهم وبين واليها حرب، وهو يومئذ الأمير سديد الملك ثعبان بن محمد [بن ثعبان] (¬5) والوالي على القلعة موصوف الصّقلبيّ. وتردّدت ¬
[ابن مرداس ينهب بلاد الساحل وينزل على حلب]
الحروب بينهم في أيام متفرّقة. ووافى (¬1) صالح بن مرداس (¬2) من فلسطين، [ابن مرداس ينهب بلاد الساحل وينزل على حلب] وقد نهب في طريقه كثيرا من أعمال الساحل وأتى عليها، وقصد حلب في خيل كثير يوم الأحد لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة، ونزل على باب الجنان (¬3)، والتمس أن يخرج إليه القاضي والعدول، فلم يتّفقوا على (¬4) الخروج نحوه، فانصرف عنهم وعاد [ثاني يوم] (¬5) بالخيل والظّعن، ونزل على [باب] (¬6) حلب، واتّصلت (¬7) الحرب بينهم مدّة نيّف و (¬8) خمسين يوما، وقتل من الفريقين جماعة كثيرة (¬9). واتّهم (¬10) موصوف والي القلعة أبا (¬11) المرجّا (¬12) بن المستفاد الحمداني، ¬
[الأمير ابن ثعبان يحتمي بدار فاتك بقلعة حلب]
[الأمير ابن ثعبان يحتمي بدار فاتك بقلعة حلب] وهو يومئذ أوجه (¬1) من بقي بحلب من الحمدانية (¬2) بالإنحراف على السلطان. فدبّر على قتله، فبلغه ذلك، فاجتمع إليه جماعة من الغلمان الحمدانية وأهل البلد، وقالوا له: أنفسنا دونك ونحن بأجمعنا لك (وبين يديك) (¬3)، ومتصرّفون في (¬4) أمرك ونهيك. فلبس هو والجماعة السلاح، وركب في (¬5) وقته إلى الباب المعروف بباب قنّسرين من أبواب (مدينة) (¬6) حلب، وفتح الباب وخرج إلى صالح، وأخذ الأمان لجماعة أهل المدينة (¬7) /136 ب/ودخل صالح (إليها يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من السنة) (¬8). وطلع (الأمير) (¬9) ابن ثعبان (¬10) إلى دار كان عزيز الدولة فاتك قد عمّرها، متّصلة بالقلعة وحصّنها، ونصب (¬11) صالح القتال على القلعة ¬
[416 هـ.]
(من (¬1) يوم الأربعاء خامس يوم فتح فيه حلب) (¬2) وتقدّم إلى أهل حلب بقتال من في القلعة، وتهدّدهم متى قصّروا في ذلك، ونصب المنجنيقات والعرّادات عليها، وقاتلها قتلا شديدا، (¬3) وقتل من الفريقين عدد متوافر، ونقب في سور الدّار، وألهب النار (في وسط النقب، فسقط حائط) (¬4) الدار مع برج هناك. [416 هـ.] [حسّان بن الجرّاح يوقع بالدزبري مرة أخرى] وزحف صالح ودخل الدار (يوم السبت لعشر خلون من المحرّم سنة ستّ عشرة وأربعمائة) (¬5)، وهدم سورها، وأباح للناس نهب ما فيها، وقتل المغاربة الذين في القلعة جماعة من النّهّابة بالعرّادات، ونزلوا [على السور] (¬6) ونهبوا من الدّور القريبة ما قدروا عليه. وحفر سرداب (¬7) إلى الجبّ المعيّن في فصل (¬8) القلعة وقطع بحبال (¬9) الدلاء وطرح فيه (¬10) الحجارة والجيف وغيرها (¬11). وأوقع حسّان بن الجرّاح (بمنتخب الدّولة نوشتكين البربري الذي كان يدبّر ولاية) (¬12) فلسطين وقعة أخرى، واستظهر حسّان عليه أيضا استظهارا ¬
[ابن مرداس يطلب مساعدة قطبان أنطاكية في قتال قلعة حلب]
قويّا، [ابن مرداس يطلب مساعدة قطبان أنطاكية في قتال قلعة حلب] واستدعى من صالح (بن مرداس) (¬1) المبادرة نحوه، فدعته الضرورة إلى أن سار إليه. (واستدعى من قسطنطين الدلاسينوس قطبان (¬2) أنطاكية رجالا) (¬3) يستعين بهم على قتال من في القلعة (¬4). فأخذ إليه ثلاثمائة رجل وركّبهم على ناحية من سور المدينة، وطالع قطبان (¬5) أنطاكية باسيل (¬6) الملك بذلك، فأنكره عليه، ورسم له استعادة (¬7) الرّجالة، فأنفذهم صالح إليه. [ابن مرداس يولّي أبا المرجّا حلب ويسير إلى فلسطين] وولّى صالح أبا المرجّا سالم بن مستفاد حلب، وعوّل عليه وعلى كاتبه أبي منصور (¬8) سليمان بن طوق في قتال القلعة. وسار هو إلى فلسطين (¬9) ¬
[المحاصرون في قلعة حلب يظهرون الصلبان وينادون لباسيل ملك الروم]
(يوم الثلاثاء لثلاث خلت من ربيع الأول منها) (¬1). وأرسل (¬2) الذين في القلعة إلى سالم (¬3) بن مستفاد وسليمان بن طوق في الصلح (يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر ربيع الآخر) (¬4) والتمسوا منه أشياء، فلم ير إجابتهم إليها (¬5). [المحاصرون في قلعة حلب يظهرون الصلبان وينادون لباسيل ملك الروم] فلمّا كان آخر نهار ذلك اليوم نصبوا الصّلبان على سور القلعة وصاحوا: «باسيل (¬6) يا منصور»، وحطّوا الصّلبان بعد إشهارها (¬7)، وبقوا يصيحون ليلتهم تلك إلى الغداة (¬8)، وأعادوا نصب الصّلبان (¬9) في صباح يومهم، ولعنوا الظاهر، ودعوا لباسيل الملك، وبقيت الصّلبان منصوبة على حالها (إلى يوم الجمعة ثالث يوم أشهروها فيه، وأضافوا إليها صليبا آخر كبيرا) (¬10) [أهل حلب ينفرون لتشديد الحصار على القلعة] ونفر الناس في هذا اليوم إلى القلعة بالسلاح بعد خروجهم من صلاة الجمعة، وتحاربوا بقية يومهم وثانيه وثالثه، ونفر الناس إلى القلعة نفرا ثانيا أيضا، وحملوا المصاحف على أطراف القبطاريات (¬11) في الأسواق، ونودي بالنفير (¬12). وزحف الجماعة بأسرهم إلى القلعة لابسين السلاح، واستأمن من المغاربة الذين في القلعة جماعة، وخلع عليهم، وطيف (¬13) بهم المدينة، وطرحت الثياب الدّيباج (والسّقلاطون والفخريات) (¬14)، والعمائم ¬
[المصالحة بين المتحاربين على شروط]
والمناديل، وبذر (¬1) المال [والكسوة] (¬2) مقابل القلعة، وبذل ذلك لمن ينزل مستأمنا (¬3). [المصالحة بين المتحاربين على شروط] وجرت بعد ذلك مراسلة بين موصوف، وبين ابن مستفاد، وبين أبي منصور كاتب صالح، فاستقرّ الحال بينهم على شروط نظّمها (¬4) /137 أ/ موصوف كتبت بينهم، فأنفذ (¬5) موصوف قوما من المغاربة (وغيرهم) (¬6) واستحلفوا أبا المرجّا بن مستفاد وأبا منصور على الوفاء بما تقرّر. ... (واتّقد (¬7) كوكب عظيم بحلب ليلة الخميس لخمس بقين من شهر ¬
[الفتنة تعود إلى حلب والقبض على أعيانها]
ربيع الآخر سنة ستّ عشرة وأربعمائة، وسمع في إثره (¬1) صوت دويّ كرعد قويّ) (¬2). ... [الفتنة تعود إلى حلب والقبض على أعيانها] وكان في القلعة زمام للمصامدة (¬3) أسود يسمّى أبا جمعة، فنزل إلى الحمّام، ولمّا عاد ليطلع إلى القلعة منع من ذلك، فصعد تحت السور من ناحية السّدّ (¬4). وأجفل (¬5) الناس نافرين إلى القلعة، وتسلّقوا في الليل في السّدّ (¬6) من كلّ ناحية، وأصعدوا (¬7) المصامدة الذين في القلعة أبا جمعة زمامهم، وقدّمت السلالم، وطلع الناس، فلما شاهد موصوف الحال رمى المفاتيح من طاقة عنده، ففتحوا الباب ودخلوا القلعة (يوم الأربعاء مستهلّ جمادى الأولى سنة ستّ عشرة وأربعمائة) (¬8)، ونزلوا (¬9) المغاربة وغيرهم منها، ونهبت دورهم، وقبض على موصوف، وعلى الأمير ثعبان بن محمد [بن ثعبان] (¬10)، وعلى ابن هلال (¬11) الدّاعي، وعلى قاضي حلب أبي أسامة، واعتقلوا في المدينة مدّة ثلثة أشهر، ثم رفعوا إلى القلعة وحبسوا (في الحبس ¬
[ابن مرداس يقتل موصوفا الخادم وأبا أسامة القاضي]
الذي كان الأصفر فيه) (¬1) وأطلق (¬2) جميع المغاربة الذين كانوا في القلعة بأهاليهم وأنسبائهم، وساروا إلى ناحية القبلة، ولما حصلوا في كفرطاب تخطّف العرب أكثر ما كان معهم، ممّا سلم لهم (¬3). [ابن مرداس يقتل موصوفا الخادم وأبا أسامة القاضي] وعاد صالح من فلسطين إلى حلب (ودخلها) (¬4) [يوم السبت لثمان خلون من شعبان منها] (¬5)، وأحضر موصوفا الخادم ثاني يوم وصوله ليلا، وانفرد به وأعاده إلى محبسه (¬6)، وقتله بعد ذلك مع أبي أسامة (¬7) القاضي، ¬
[ابن مرداس يطلق سراح الأمير ثعبان وأبا هلال الداعي]
[ابن مرداس يطلق سراح الأمير ثعبان وأبا هلال الداعي] وأطلق الأمير ثعبان بن محمد بعد أن أخذ منه مالا وافقه عليه، (وأطلق أبا هلال الدّاعي (¬1)). [سنان بن عليّان يحاصر دمشق ويخرب داريّا] وحاصر سنان بن عليّان دمشق، وجرى بينه وبين أهلها حروب شديدة. وأخرب داريّا (¬2) وأعمالها، وأتى عليها، وبنى الدمشقيّون سور مدينتهم (¬3) وحصّنوها (¬4). ¬
[ابن مرداس يملك حمص وبعلبك وصيدا وحصن ابن عكار]
[ابن مرداس يملك حمص وبعلبك وصيدا وحصن ابن عكار] وملك صالح بن مرداس (¬1) حمص، وبعلبكّ، وصيدا، وحصن (ابن) (¬2) عكّار (في ناحية طرابلس) (¬3) معما (¬4) كان في يده (من الرحبة) (¬5) ومنبج، وبالس، ورفنيّة (¬6). [الظاهر يزيد في ألقاب ابن مرداس] وأنفذ بعد ذلك كاتبه أبا منصور [سليمان بن طوق] (¬7) إلى الظاهر، وعاد إليه بزيادة في ألقابه (¬8) وخلع جليلة وأطواق (¬9) ذهب له ولأولاده، ¬
[وفاة باسيل ملك الروم]
وكان من أمره في إثر هذا ما سيأتي ذكره (¬1). ... [وفاة باسيل ملك الروم] وتوفّي (¬2) باسيل ملك الروم في (تسع ساعات من نهار) (¬3) يوم الأحد ثاني عشر كانون الأول سنة ألف وثلاثمائة وسبع وثلاثين، وهو لثماني عشرة ليلة خلت من شوّال سنة ستّ عشرة وأربعمائة. وكان مدّة ملكه تسعا وأربعين سنة وأحد عشر شهرا، وعمره يومئذ ثمان وستّون سنة (¬4). (وفي يوم وفاته صيّر الكسيوس (¬5) رئيس دير الاصطوديون بطريركا على القسطنطينية) (¬6) وقبل نياحه (¬7) بأيام أحضر أخاه قسطنطين من البلاط الذي برسمه خارج القسطنطينية، ووصّى إليه بما رآه في كلّ باب، وأن لا يكفّن بشيء من الملابس الملكيّة. (وقوّم ما كفّن به نيّف وعشرون دينارا حسبما أوعز به) (¬8)، وأن لا يدفن مع الملوك، وتكون مقبرته في دير صغير عيّن هو عليه وسمّاه خارجا عن القسطنطينية على/137 ب/اسم القدّيس مار (¬9) يوحنّا الإنجيلي ويشرك بالغرباء، وكان قد أعدّ لنفسه جرنا من رخام فائق الحسن في كثرة تلوينه (¬10) (وتنبيت نقوشه) (¬11)، ونصّبه في كنيسة ¬
[قسطنطين يخلف أخاه باسيل على العرش]
الأبوصطوليّين (¬1) مع أجرنة الملوك السّالفين. ولمّا انثنى (¬2) رأيه عن أن يدفن هناك فيه، بقي الجرن (بحاله) (¬3) إلى أن دفن فيه أخوه قسطنطين الملك. ولم يزل جميع أيام ملكه مقتصرا في مطعمه ومشربه وزيّه (¬4)، لازما الحمية طول حياته، ناظرا بنفسه في سائر أمور مملكته (¬5)، ما جلّ منها وما صغر، وخلّف من المال العين (الصامت) (¬6) ستّة آلاف قنطار (ذهب مسكوكة) (¬7). وكان جميع ما وجده من المال حين (احتوى على الملك) (¬8) أربعة قناطير (لا غير) (¬9). [قسطنطين يخلف أخاه باسيل على العرش] وملك بعده أخوه قسطنطين، ودعي له بالملك منفردا (سحر يوم الاثنين) (¬10)، وأطلق جميع من في الحبوس من الموافقين (للفقاس أيضا وللأكسفاوس على العصيان) (¬11) وغيرهم من ذوي الجرائم، ورتّب الناس على طبقاتهم، وأسقط عن أهل بلد الروم المطالبات وما يستخرج منهم (زائدا) (¬12) عن الإرتفاع (¬13) وما يخرب من الضّياع الملكية (التي تجاور كلّ قوم منهم إلى) (¬14) أن تعود عمارتها. وهمّ بعض أصحابه بإعمال الحيلة ¬
[سنة 417 هـ.]
عليه، وتمليك أحد أولاد (¬1) الفقاس، ولم يكن بقي منهم غيره، فعرف حالهم وكحّلهم وكحّل جماعة غيرهم ممّن أساء بهم الظّنّ (¬2). ... [سنة 417 هـ.] [زلزال يضرب القسطنطينية] (وفي السنة الثانية من ملكه حدث بمدينة القسطنطينية (¬3) زلزلة مهولة في اليوم الرابع من كانون الأول، الموافق لسنة سبع عشرة وأربعمائة، وسقط منها (¬4) أبنية كثيرة) (¬5). ... [قسطنطين يبطش بالمتآمرين لخلعه] وكان باسيل الملك قبل وفاته (بمدّة) (¬6) قد أطلق (بقراط) (¬7) بن جرجس ملك الأبخاز (وهم الكرج) (¬8) وأعاده إلى أبيه، وبعد وصوله توفّي أبوه في أيام قسطنطين الملك. وملك بعده بقراط ابنه هذا، وهو يومئذ حدث دون البلوغ (¬9)، ودبّرت أموره أمّه ابنة سنحاريب (¬10) الذي سلّم أسفرجان إلى باسيل الملك، فحسّن أصحابه له استرجاع الحصون التي سلّمها أبوه إلى باسيل الملك والتعرّض لها. [قسطنطين يخرّب بلاد الأبخازية] فسيّر الملك قسطنطين غلامه نيقولا ¬
[بقراط ملك الأبخاز ووالدته يقدمان الطاعة لملك الروم]
البراكيمونس (¬1) بالعساكر إلى الأبخازية (في السنة الثالثة من ملكه) (¬2)، فأخربها وأحرقها، وقتل منها وسبى ما يعظم مقداره، واعتصم الباقون بجبال منيعة ومواضع حصينة لم تصل الجيوش إليها (¬3)، [بقراط ملك الأبخاز ووالدته يقدّمان الطاعة لملك الروم] فخرج إليه جماعة من رؤسائهم برسالة (¬4) الملكة ابنة سنحاريب وولدها بقراط بالتنصّل ممّا جرى، والاعتذار فيه، وبشرط (¬5) العبوديّة الصحيحة (¬6) (والموالاة الخالصة لقسطنطين الملك، ولزومهم الطريقة المرضيّة، وألاّ يعود أحد من جهتهم إلى ما يكره) (¬7)، فاستقرّ الحال بينه وبينهم على ما وقع الرضاء به، وعاد نيقولا البراكيمومنس (¬8). [اعتلال الملك قسطنطين] واعتلّ الملك قسطنطين وأيس من نفسه، فأشار عليه خواصّه بأن ينتدب للملك بعده من يراه، ويزوّجه إحدى بناته، وكان له ثلاث بنات، الكبيرة (¬9) منهنّ راهبة، فوقع اختيارهم على رومانوس البطريق (الأرجيروبولاوس) (¬10) للقرابة الواصلة بينه وبين أسلافه، (والنّسب الجامع لهما) (¬11)، [قسطنطين يزوّج ابنته لرومانوس البطريق] وذلك أنّ أبويهما جميعا أبناء خالات، (إذ (¬12) كان قسطنطين ابن لاون جدّ باسيل، وقسطنطين الملك والأرجيروبولاوس جدّ رومانوس هذا سلفين ومتزوّجين بابنتي رومانوس الشيخ الذي كان قديما بربكار (¬13). وفي الآخر شارك ¬
[رومانوس يطلق امرأته ليتزوج ابنة قسطنطين]
قسطنطين ابن لاون في الملك على ما شرحنا حاله فيما تقدّم من كتابنا. [رومانوس يطلّق امرأته ليتزوّج ابنة قسطنطين] وكانت زيجة الأرجيروبولاوس بابنة رومانوس الشيخ قبل استيلائه على الملك، ومشاركة قسطنطين ابن لاون فيه. ولمراعاة قسطنطين الملك هذه الحال الجامعة بينه وبين رومانوس الأرجيروبولاوس رفعه منذ أول ما أفضى إليه الملك، بعد موت باسيل أخيه، ونقله من الأبروطسبتارية إلى البطرقة، ومن قضاء القضاة إلى أن صيّره ايبرخس القسطنطينية، وهو خليفة الملك في النظر في أمور المدينة، وبعد ذلك جعله أقنوما للكنيسة العظمى آجيا صوفيا (¬1) فاستدعاه الملك (قسطنطين الآن في مرضه، وهدّده بالكحل، وأظهر له أنّ ذلك لأمر اتّصل به وأنه ممّن يطمع نفسه بالملك، وقد شرع في التماسه، ثم نفاه إلى خارج القسطنطينية (وفي اليوم الرابع أعاده) (¬2) وهو تامّ العزيمة، على أن يفوّض إليه الملك بعده، ويزوّجه بابنته الوسطى إيريني (¬3) إذ هو أحقّ بالملك من غيره من الناس للقرابة التي بينهما. وكان رومانوس المذكور متزوّجا (ففسح (¬4) الأكسيوس بطريرك (¬5) القسطنطينية لقسطنطين الملك في (تطليق رومانوس من امرأته للصلاح) (¬6) العائد على جميع ما تضمّنه مملكة الروم (¬7). [سنة 419 هـ.] [قسطنطين يرغم امرأة رومانوس على الترهّب] (وحسم طمع كلّ من تطمح نفسه إلى المملكة، ويروم) (¬8) المنازعة فيها بعد وفاة قسطنطين الملك، فأحضر (الملك امرأة رومانوس، وهي لا ¬
[زواج رومانوس بإيريني]
تعلم ما في نفسه) (¬1) ولا ما (¬2) عوّل عليه في أمر رجلها، وأعلمها أنه يريد [أن] (¬3) يكحّله للأمر الذي أوهم أنه قد بلغه عنه، أنه قدم عليه، فإن اختارت أن يبقي عليه تحلق شعرها وتترهّب باختيارها، ويعطيها بعد ذلك ديرا برسم الرهبانيات تستغل منه ثلاثة قناطير دنانير في كلّ سنة، فلإشفاقها على زوجها من الكحل، لأنّ كلّ واحد منهما كان مشغوفا بالآخر أزعنت (¬4) إلى ما التمسه، وأجابت إلى الرهبانية. فأمر الملك للوقت بحلق رأسها، وترهّبت، [زواج رومانوس بإيريني] وسلّم إليها الدير الذي أوعدها به، ثم أحضر زوجها رومانوس المذكور وأعلمه بما انتدبه له، وأنه قد رأى أن يزوّجه بابنته إيريني (¬5) ويردّ إليهما الملك بعده، وعرف ما جرى لامرأته الأولى. وفي الحال جعله قيصرا، وزوّجه بابنته إيريني (5) الوسطى، وصلّى البطريرك ألكسيوس عليهما في تلك الليلة، وسلّمها إليه، وذلك في يوم الخميس سابع تشرين الثاني سنة 1340 وهو لستّ عشرة ليلة خلت من شوّال سنة تسع عشرة وأربعمائة. ونفذت كتب قسطنطين الملك إلى جميع أهل مملكته بما فعله من زيجة ابنته إيريني (5) برومانوس الأرجيروبولاوس، وتفويضه الملك إليهما بعده للقرابة الجامعة لهما. [وفاة الملك قسطنطين] وبعد خمسة أيام توفّي قسطنطين الملك، وذلك يوم الثلاثاء ثاني عشر تشرين الثاني من السنة، وله في الملك بعد وفاة باسيل أخيه سنتان وأحد عشر شهرا، وعمره تسع وستّون سنة (¬6). ¬
تملك رومانوس الأرجيروبولاوس على الروم
تملّك رومانوس الأرجيروبولاوس على الروم [رومانوس يزوّج ابنة أخيه ملك الأبخاز لتوثيق العلاقات] ودعي لرومانوس (¬1) ولزوجته بالملك، ورأى أن يتمّم المسالمة مع بقراط ملك الأبخاز، على ما قرّره نيقولاس البراكيمومنس، إذ هم نصارى مستقيمو الأمانة، والديانة تقتضي مؤالفتهم وإزالة الوحشة بينه وبينهم، وأكّد الحال معهم على أن زوّج ابنة أخيه باسيل الأرجيروبولاوس إلى بقراط ملك الأبخاز، ووردت والدته ابنة سنخاريب (¬2) والكاثوليكس، أعني الجاثليق، وهو رئيس كهنة بلاده، وجماعة من رؤسائهم إلى مدينة القسطنطينية، وعقدوا ذلك، وأخذوا العروس إلى زوجها بقراط. واستقامت الحال بين الروم والأبخاز (¬3). [رومانوس يدعو مطارنة اليعاقبة لاتّباع مذهب الملكية] ورقي إلى رومانوس الملك بأنّ لليعقوبيّين بطركا يسمّى يوحنّا، يقيم في بلد مرعش، يسمّى ببطريرك أنطاكية، ويسيم (¬4) مطارنة وأساقفة للمدن، فأنفذ أشخصه وأشخص معه ستّة من مطارنته وأساقفته وتقدم إلى ألكسيوس بطريرك القسطنطينية في أن يحضرهم بمشهد ممّن اتّفق عنده من المطارنة والأساقفة الأرثودكسيّين (¬5)، ويخاطبه في الرجوع عن اعتقاده والاعتراف بالسبعة المجامع المقدّسة، وقبول من قبلته ودفع من دفعته. واستدعى نيقولاوس بطريرك أنطاكية للحضور معه، ومشاركته في الخطاب له، لأنّه كان ¬
[عصيان بطرك اليعاقبة على الملك ونفيه وهربه إلى ديار الإسلام]
يومئذ بالقسطنطينية، فأبى ذلك الأرطوقي (¬1)، وجرى بين ألكسيوس البطريرك وبين من اجتمع معه من أصحابه خطاب في هذه المعاني، [عصيان بطرك اليعاقبة على الملك ونفيه وهربه إلى ديار الإسلام] ولم يذعن يوحنّا بطرك اليعاقبة للإنثناء عن رأيه، واجتمع خلق من العوامّ وهمّوا بالإيقاع به، فدفعوا عنه. ولما أيس الملك من عودته عن اعتقاده نفاه إلى كفربا بالمغرب. واعترف من الستّة الأساقفة والمطارنة المشخصين معه ثلاثة، وثبت ثلاثة على ما هم عليه، فحبسوا في الحبس ومات يوحنّا هذا بعد ثلاث سنين من نفيه، وأقام اليعاقبة لهم بعد موته بطركا غيره، فلما عرف رومانوس الملك حاله أنفذ من يحضره، فهرب إلى ديار بكر من بلاد الإسلام (¬2). ... [حسّان بن المفرّج يواصل العيث في الشام] وتتابعت إعاثة حسّان بن المفرّج بن الجرّاح في الشام، وتواصل إفساده فيه، وحربه لأصحاب السلطان، وقصده البلاد في أوقات إدراك الغلاّت وحيازته إياها، ودخوله في الشتاء إلى البرّيّة وتزايد أمره. [سنة 419 هـ.] [وفاة سنان بن عليّان] ومات سنان بن عليّان أمير العرب الكلبيّين في جمادى الأخرى سنة 419 (¬3)، [الظاهر يصطنع رافع بن أبي الليل لقتال حسّان] ودخل ابن أخيه رافع بن أبي الليل بن عليّان إلى الظّاهر، فاصطنعه وعقد له الإمارة على الكلبيّين، وعوّضه إقطاعات سنان عمّه، وسيّر معه عسكرا، وانضافت إليه العساكر المقيمة في الشام، واجتذب أيضا جماعة من العرب، وقصدوا بأجمعهم حرب حسّان بن المفرّج بن الجرّاح (¬4). وورد إليه ¬
[سنة 420 هـ.]
صالح بن مرداش (¬1) وبنو كلاب لمعاونته، واتّفقا على لقائهم. [سنة 420 هـ.] [موقعة الأقحوانة ومقتل ابن مرداس] تصافّوا للحرب في بلد طبريّة على نهر الأردن، في موضع يعرف بالأقحوانة (¬2) يوم الأربعاء لخمس بقين من ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة، وانتشب الحرب بين صالح وبينهم، وحسّان بن الجرّاح وعشيرته بمعزل عنه، فطعن أحد القوم صالحا وهو لا يعرفه، فسقط عن فرسه، وعرفه بعد ذلك رافع ابن أبي الليل، فقطع رأسه وبادر به إلى البربريّ (¬3) صاحب عسكر السلطان، [انهزام حسّان وعودة بعلبك وحمص وصيدا ورفنية وحصن عكار للظاهر] ومع علم حسّان والعرب بقتل صالح انهزموا بأسرهم إلى الجبال، وقتل منهم جماعة (¬4). ولمّا عرف أصحاب المقيمون في بعلبك، ¬
[نصر وثمال ابنا صالح يستوليان على حلب وأعمالها والرحبة وبالس ومنبج]
وحمص، وصيدا، ورفنية، وحصن ابن (¬1) عكّار قتله تخلّوا عن جميعها، واستعادها أصحاب السلطان. [نصر وثمال ابنا صالح يستوليان على حلب وأعمالها والرحبة وبالس ومنبج] واستولى نصر وثمال ابنا صالح على حلب وأعمالها، وعلى الرّحبة، وبالس، ومنبج (¬2). [قطبان أنطاكية يهاجم حلب وينهزم] وكان وقتئذ بأنطاكية قطبان خادم يسمّى ميخائيل ويعرف بالأسقنديلس، فجمع جيوش الروم القريبة منه، وسار من أنطاكية قاصدا لمقاتلة بلد حلب بغير أمر الملك إليه بذلك، وتلاقاه ابنا صالح ولاطفاه، فلم يرجع عن رأيه في حرب بلدهما، وقاتل بعض حصونها، فكبست العرب معسكره بغتة يوم الخميس لليلة بقيت من جمادى الأخرى من السنة، وهو نازل في قيبار (¬3) على غير استعداد للقاء، وقتل من الفريقين جماعة، وانهزم عسكر الروم إلى موضع قريب من منزل العسكر، فاستعطفه ابنا صالح واصطلحا في إثر ما جرى، واستقامت الحال بينه وبينهما (¬4). ¬
[الملك رومانوس ينكر على قطبان أنطاكية محاربته حلب]
[الملك رومانوس ينكر على قطبان أنطاكية محاربته حلب] وأنكر عليه رومانوس الملك حربه لبلد ابني صالح وتعرّضه لهما، فصرفه عن ولاية أنطاكية، وسخط عليه، وتنكّر الملك أيضا على ابني صالح وحقد عليهما، وكان أمره معهما على ما سيأتي ذكره الآن. [421 هـ.] [الملك رومانوس يحشد الجيوش لمقاتلة بني مرداس بحلب] وأثار الحقد الذي كان كامنا في نفس رومانوس الملك على ابني صالح قصده حلب وغزوها، فبرز من القسطنطينية يوم الثلاثاء آخر آذار من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعين، وهو لسبع بقين من ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وسار إلى القلميل وجمع العساكر، وحشد فيها لفيفا كثيرا وعددا متوافرا ممّن لا خبرة لهم بالحروب ولا دربة للّقاء التماسا للكثرة. وقرّب إليه جماعة من أهل عسكره أخذه لحلب، وصغّروا في نفسه حال العرب، فاغترّ بكلامهم، وصدّق مقالهم لموافقته لهواه، وصرف سمعه عن سماع مشورة المتنصّحين له بخلافه، وأغفل ما اقتضته السياسة من التحفّظ والتّيقّظ والاستظهار في كلّ باب بما يقتضيه الصواب، وأعدّ بأنطاكية الآلات والعدد التي يقاتل بها الحصون. وأنفذ إليه نصر وثمال ابنا صالح هدية قبل انفصاله عن القسطنطينية، ولقيه رسولهما في الطريق فأبى قبولها، واستصحبه معه في جميع طريقه. [حسّان بن الجرّاح يؤيّد خروج رومانوس لحرب بني مرداس] واتّصل بحسّان ابن الجرّاح ما عزم عليه الملك من الغزو إلى بلد الشام، فأنفذ إليه جماعة من أهله برسالة ومكاتبة يقوّي عزمه على ما همّ به ويبذل له الخدمة في غزاته، والمسير بين يدي جيوشه بعشيرته وأصحابه إلى حيث اتّجه. [بنو مرداس يراسلون الملك لثنيه عن حربهم] وأنفذ أيضا نصر وثمال ابنا صالح مع آل جرّاح ابن عمّهما مقلّد بن كامل بن مرداش (¬1) يبذلان مثل ذلك عن نفوسهما وعن عشيرتهما وأصحابهما، وأن يعطي جميعهم رهائنهم على مناصحتهم إيّاه ¬
[الملك رومانوس يطلق آل الجراح ويحتاط على مقلد بن مرداس]
وصحّة وفائهم له بما بذلوه، ووفد جميعهم إلى الملك. وكان قبل موافاتهم قد أنفذ رسولا قاضيا إلى ابني صالح برسالة ومكاتبة تتضمّنان إشفاقه من حيلة تتمّ عليهما لحداثة سنّهما في خروج حلب من أيديهما، كما خرجت من أيدي غيرهما، ويملكها أعداؤهما، ويلتمس منهما أن يسلّماها إليه، ويعوّضهما عنها من البلاد والأموال ما يزيد على اقتراحهما ويوفي على ما في نفوسهما، وتأكّد في تعجيل الجواب. ووافى القاضي الرسول إلى حلب، وقد اشتهر الخبر بها بقصد الملك، وحشد إلى المدينة خلق من عملها، وخرج ابنا صالح وأصحابهما وسائر من في بلدهما حاملين السلاح للقائه. ونفر العوامّ والرعاع في وجهه، ووقف ابنا صالح على ما تحمّله الرسول إليهما، فاستوحشا وساءت ظنونهما، واعتقلا الرسول ودافعا عن إعادته بالجواب عمّا ورد معه انتظارا لما يرد إليهما من جواب الملك عن المكاتبات والمراسلات النافذة إليه مع مقلّد ابن عمّهما، ومع آل جرّاح، وطمعا في رجوعه عن رأيه في حربهما وقصد بلدهما، وعدوله إلى بلد الشام. [الملك رومانوس يطلق آل الجرّاح ويحتاط على مقلّد بن مرداس] ووصل الملك إلى أنطاكية في الأثر يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر رجب من السنة، ونزل بين النهرين، وعوّل على إطلاق مقلّد وآل جرّاح، وتسيير جميعهم إلى أصحابهم، فانتهى إليه ما جرى على رسوله من الحلبيّين، فأنعم على آل جرّاح وأحسن إليهم وأطلقهم، وأنفذ معهم إلى صاحبهم في جملة ما أنفذه مطردا ملكيّا، ورسم له أن يقيم بحيث هو، وإذا عرف قربه منه نشر مطرده، ولقيه أين يأمره، وأخّر مقلّدا والرسول الوارد بالهدية بأنطاكية محتاطا عليهما، مقابلة على ما فعله ابنا صالح برسوله، ولبث الملك في ظاهر أنطاكية سبعة أيام. [المرض يستولي على عساكر الملك رومانوس بظاهر أنطاكية] ونال أهلها فيها ضنك شديد، وسار متوجّها إلى حلب يوم الإثنين سابع وعشرين تمّوز، وهو لسبع بقين من رجب، وقد استولى على عسكره المرض لشدّة الحر وحمرة القيظ. وأخرج نصر وثمال ابنا صالح حريمهما وأسبابهما من القلعة بحلب
[الملك رومانوس يستظهر على بني مرداس وينزل تبل]
إلى البريّة، [الملك رومانوس يستظهر على بني مرداس وينزل تبّل] وعاد ثمال إلى حلب لحفظ القلعة، وتوجّه نصر أخوه في عشيرته وأصحابه ومن انضاف إليه نحو عسكر الملك، فلقوه في ناحية قيبار، فتبادروهم وطاردوهم، فاستظهر الروم عليهم، [العرب ينزلون الهزيمة بالروم عند أعزاز] ونزل الملك بجيوشه على تبّل (¬1) من بلد أعزاز، في موضع قريب من الجبل لا ماء فيه، وضرب حول عسكره خندقا عظيما، ودارت الرّجالة بالتراس بجميع الخندق، حسب ما جرت به عادة الروم في عساكرهم، وحازت العرب المواضع التي فيها الماء واتّسعوا بها. وأنفذ الملك طائفة من عسكره إلى حصن أعزاز لمشاهدته وتمييزه، والعودة إليه بذكر حاله، لينفذ إليه من المقاتلة والآلات التي يقاتل بها الحصون ما ينبغي. وتبع ذلك الطائفة المتقدّرة، وجماعة من متعلّقة العسكر ولفيفه. فطاردهم العرب بعد منصرفهم من على أعزاز، فانهزم المتعلّقة، وانهزم بانهزامهم أكثر المقاتلة، وثبت بعضهم، وقاتلوا، وقتل من الفريقين جماعة، وأسرت العرب من الروم المنهزمين عددا كثيرا، وعاد الباقون إلى معسكرهم في يومهم ذلك، وهو يوم السبت ثامن آب، وخامس شعبان من السنة، وتبعهم العرب وداروا بالعسكر، وضعفت نفوس من فيه باستظهار العرب عليهم، وبهزيمة أصحابهم، وبفقد من قتل منهم وأسر. وضيّق العرب على من يروم الخروج من العسكر، وناوشوا من في أطرافه من الرجّالة أصحاب التراس، وحملوا عليهم، وتخطّوا (¬2) الخندق، وهجموا على السّوق الذي في العسكر ونهبوه وعادوا. وتخاذل (¬3) الروم عن دفعهم وحربهم، فتأكّد طمع العرب فيهم، وانضاف إلى ذلك استضرارهم بقلّة الماء، وتحقّق الملك حينئذ أنّ الوقت كان غير موافق للغزاة، وأنّ الحال قد كانت تقتضي لو أنّ ¬
الأمر جرى على غير ما هو، وعوّل على الرحيل يوم الأحد غد ذلك اليوم الذي انهزم فيه أصحاب السريّة، وأحرق المنجنيقات والعرّادات التي أشخصها. ثم رجع عن رأيه عن المسير، وأقام في الموضع الذي هو فيه (¬1). ولمّا كان يوم الاثنين ثانيه، وهو العاشر من آب، والسابع من شعبان، تمّ عزمه على العودة إلى بلده، وأمر الناس بالرحيل، وأخذوا فيه، وحملوا ¬
[الأرمن يثيرون الفتنة في جيش رومانوس]
ثقلهم، [الأرمن يثيرون الفتنة في جيش رومانوس] واضطرب العسكر اضطرابا عظيما، وكان معهم جماعة كثيرة من الأرمن، فوضعوا أيديهم في النّهب، وزادت الفتنة، وتفرّقت الرجّالة الموكّلون بالخندق لكثرة الزّحام، وشغلوا بالتماس خلاص نفوسهم عن ردم الخندق، فتساقط فيه من الدّوابّ المحمّلة كثير، واختلط العرب بالروم في موضع العسكر، [الروم ينهزمون إلى بلد قورس] واستمكن طمعهم فيهم، وأخذ الروم الطريق إلى الجبل منهزمين، وطلعوا فيه، وحصلوا في بلد قورس (¬1) عمل الروم، ولحق بعضهم بعضا، ولم يبق مع الملك إلاّ قليل منهم، وانضاف إلى الباقين معه جماعة من الرجّالة الرماة، فحموهم، فهابهم العرب وكفّوا عن تتّبعهم، وتوفّروا على النّهب وطلب الغنيمة، وأخذوا ما يجلّ قدره، فكان منذ اليوم الذي رحل فيه الملك عن أنطاكية متوجّها إلى بلاد الشام، وإلى اليوم الذي وصل فيه عائدا من تبلّ إلى بلاد الروم خمسة عشر يوما. وكان جميع من فقد من عسكر الروم من الرؤساء المشهورين ثلاثة أنفار، قتل أحدهم على أعزاز يوم الوقعة، وهو أدونهم منزلة. والإثنان الآخران أسرا في ذلك اليوم، واشتريا أنفسهما من العرب وتخلّصا، وتخلّص أكثر الأسرى المأخوذين، ولم يفقد من سائرهم إلاّ نفر يسير، وقتل في ذلك اليوم أيضا جماعة من العرب وغيرهم، من جملتهم أميران من جلّ العرب وأماثلهم. [رومانوس يدخل القسطنطينية ويوصي قائده بالاستعداد لحرب حلب] وأقام الملك في بلاد الروم بعد عودته نيّفا وأربعين يوما، ودخل القسطنطينية حذرا من حادث يجري بها، لغيبته عنها في إثر ما اتّفق عليه، وخلّف سيمون الأبروطوبستيار الخادم مع العساكر، ورسم له الاستعداد والتأهّب للغزو إلى بلاد حلب عند برد الهواء وكثرة المياه. [نصر بن صالح يستولي على حلب ويعوّض أخاه الرهبة وبالس ومنبج] ولما عاد الملك من ناحية بلاد حلب إلى بلاده سار نصر وثمال ابنا صالح لإحضار حرمهما من الحلّة إلى حلب، وسبق نصر بأهله وحرمه إليها، ¬
[نصر يكتب لرومانوس بإظهار الطاعة ويوسط قطبان أنطاكية]
واستولى عليها وعلى القلعة، ودفع أخاه ثمالا عنها، وعوّضه عن حلب بوساطة من توسّط بينهما الرحبة، وبالس، ومنبج، وأعمالها (¬1). [نصر يكتب لرومانوس بإظهار الطاعة ويوسّط قطبان أنطاكية] ثم إنّ نصر بن صالح كتب إلى الملك يتعبّد له ويستعطفه، ويعتذر إليه، ويسأله أن لا يبعده عن عبوديّته، وأن يجريه على ما كان أبوه عليه وغيره ممّن ملك حلب، مع من تقدّمه من أسلافه الملكين الماضيين باسيل وقسطنطين، ويبذل الخدمة له والمسير قدّام جيوشه وعساكره برجاله وأصحابه إلى حيث اتّجه من بلاد الشام بغير مؤنة ولا كلفة يلزمها له والمجاهرة بطاعته وموالاته، وأن يجعله في حلب كأحد ولاته الذين في بلاد مملكته، وأنه يسير تحت طاعته وإجابته، فيما يعوّل عليه فيه من خدمه. وسأل القاضي رسول الملك المعتقل عنده بحلب الشفاعة له والمكاتبة عنه بهذا المعنى. وورد إلى أنطاكية في الحال قطبان عليها نيقيطا (¬2) الخادم البطريق الرقطر، وسأله أيضا الشفاعة له، وتوسّط حاله مع الملك (¬3)، واستقرّت الحال في ذلك على ما سيأتي ذكره. [ابن مشرّف الرادوفي يستولي على جبل الروادف] وكان نصر ابن مشرّف الرادوفي قد استولى على جميع المسلمين الساكنين جبل الرواديف (¬4) وما يليه، فيما هو تحت أيدي الروم، وعلى ما في ذلك الجبل من الضياع، واستفحل أمره، [القبض على الرادوفي وحبسه] وحمل إلى أنطاكية مقبوضا عليه، وحبس مديدة واستتيب، وشرط عليه التصرّف بحسب ما يقتضيه منه لهم ¬
[استتابة الرادوفي وإطلاقه وحبسه مرة أخرى]
الطاعة والعبودية، وأطلق وعاد إلى ما هو بسبيله، وقبض عليه دفعة ثانية في أيام ميخائيل القطبان الأسقندليس، وحبسه مدّة أخرى، [استتابة الرادوفي وإطلاقه وحبسه مرّة أخرى] وبذل له خدما مرضيّة، وأن لا يعود إلى حال تكره منه، واستحلفه وأخذ منه ولده رهينة على سلوكه الطريقة المأثورة، وتنصّح إليه بأنّ في آخر عمل الروم من جبل الرواديف ضيعة تعرف بالمسقة، وهي موضع يصلح بأن يكون فيه حصن منيع، يحفظ به جميع العمل ممّن يروم الفساد فيه من المسلمين أصحاب الحصون القريبة منه، ويضيّق به على حصونهم تضييقا شديدا، وأنهم قد عوّلوا على بنائه، وإن تم لهم ذلك ملكوا الجبل، واستضرّت جميع حصون الروم المجاورة له، [الرادوفي يحسّن لقطبان أنطاكية بناء حصن المسقة] وذكر أنهم لا يمكّنون الروم من عمارته، وسأله أن يأذن له بمسابقتهم إلى بنائه ويساعده على عمارته للروم، وتكون له بذلك خدمة تظهر بها مناصحته وصحيح موالاته. فأجابه إلى ما التمسه وكتب له بذلك سجلاّ، ولم يحدث فيه حدثا في مدّة مقامه بأنطاكية، وبعد انصرافه عن ولايتها وافق نصر بن مشرّف المذكور قوما من المسلمين بالاجتماع في الموضع المذكور، وأظهر للروم أنّ اجتماعهم إنّما هو لعمارة الحصن، فسار إلى هناك جماعة من الروم لدفّعهم عمّا زعم أنهم قصدوه. ومع وصولهم إلى جبله أوهمهم نصر المذكور أنه قد صرف المسلمين بعشيرته ورجاله، بعد أن وافقهم على أن يعمّر الحصن لنفسه دونهم ودون الروم. [الرادوفي يخدع الروم فيساعدوه على بناء الحصن] والتمس من الروم أن يمدّوه ما يحتاج إليه في عمارته من الآلات والعدد والصنّاع والرجال بسرعة قبل أن يتجدّد للمسلمين رأي، وأنه يسلّمه إليهم بعد ذلك. واستوقفهم عن طلوع أحد منهم إلى ناحيته لئلاّ يستريب بهم المسلمون فيفسد عليه ما قرّره، وأظهر أنّ جميع غرضه فيما يأتيه في ذلك التقرّب إليهم، وما يرجوه من حسن المكافأة عن خدمته هذه، فاغترّ الروم بقوله وأحسنوا الظنّ به، وأذعنوا له في جميع ما التمسه منهم، ولم يمنعوه شيئا استدعاه. ولما دار عليه الحصن وأقام بابه، وصار به منعة لمن يتحصّن به، اضطّهدوه في تسليمه إليهم أو طلوعهم إليه، فدافعهم عنه واحتجّ عليهم فيه بضروب من الحجج، واعتضد بالمغاربة
[الرادوفي يبني حصن المنيقة وحصن بنكسرائيل]
واستند إليهم، [الرادوفي يبني حصن المنيقة وحصن بنكسرائيل] وشرع في عمارة حصن آخر في جبل آخر بين هذا الحصن المعروف بالمنيقة (¬1) وبين حصن جبله يعرف بنكسرائيل (¬2)، فدفعه الروم عنه وبنوا فيه حصنا منيعا جدّا، ورتّبوا فيه رجالا، وشحنوه بالغلاّت، وأصلحوا فيه صهاريج للماء، وأوقعوا بنصر بن مشرّف، وقتلوا جماعة كثيرة من أصحابه، وأتوا عليهم، [الروم يوقعون بالرادوفي ويستولون على بنكسرائيل] وأعدّوا في حصن بنكسرائيل خوابي كثيرة للماء إلى أن تمتليء الصهاريج التي فيه من ماء المطر في حينه، وعوّل في حفظه على إنسان متخلّف جدّا. ولمّا عاد رومانوس الملك من الغزاة التي قصدها على تلك الصورة استحكم طمع ابن (¬3) مشرّف، وواصل الغارات على ما يليه من أعمال الروم، وأهمل المقيم في حصن بنكسرائيل الاهتمام بالاحتكار من الماء، واقتصر هو والمقيمون فيه على الاستعمال من تلك الخوابي مع قرب الماء منهم، وضجّعوا (¬4) في ملء ما يتفرّغ منها، وألمّ بالمقيم فيه أحد المسلمين الموافقين لنصر بن مشرّف وأظهر له من الخدمة والمناصحة والملاطفة ما يغرّه على الأمن به، والاستركان إليه، والثقة به في الدخول إلى الحصن والخروج منه، والوقوف على أموره، وفرغ جميع ما في الحصن من الماء، فتنصّح هذا الرجل إلى نصر بن مشرّف، وأخبره بذلك، فبادر برجاله ولفيفه وحاصره. فدعت الضرورة للمقيمين فيه إلى تسليمه إليه لشدّة العطش، وملكه ولجميع من فيه. [بنو الأحمر يبنون حصن بلاطنس] وبنى قوم آخرون من أهل الجبل يعرفون ببني الأحمر، حصنا آخر بين اللاذقية وبلد برزويه يعرف بابلاطنس (¬5)، [بنو غنّاج وغيرهم يبنون الحصون في الجبال المحاذية للروم] وبنى قوم من أهله يعرفون ببني ¬
[الرادوفي يستنهض والي طرابلس وقاضيها لمنازلة مرقية]
غنّاج حصنا أيضا، وتشبّه بهم آخر من عشيرتهم يعرف بابن الكاشح، وعمّر حصنا آخر أيضا، فصارت خمسة حصون يقوّي بعضها بعضا، واستولوا على جميع الجبل وما يليه. واتّفق جماعتهم على قصد أعمال الروم المجاورة لهم والغارات عليها، وتفاقم أمرهم. [الرادوفي يستنهض والي طرابلس وقاضيها لمنازلة مرقيّة] ونفق نصر بن مشرّف على الظاهر صاحب مصر وعلى المسلمين، وكبر فعله عندهم. واستنهض والي طرابلس وقاضيها (¬1) إلى منازلة مرقية ومقاتلتها، وأطمعهم في أخذها، وسار إليها فيمن اجتمع معهما وانضاف إلى رجالهما من المقيمين في الحصونة، وحاصروها وقاتلوها أيّاما كثيرة (¬2). [قطبان أنطاكية ينجد مرقيّة ويهاجم عرقة] وورد إلى أنطاكية نيقيطا البطريق الرقطر قطبانا عليها، فسار في إثر وصوله إلى ناحية مرقية لنجدة المقيمين فيها ودفع المسلمين عنها، ومع وقوفهم على توجّهه نحوهم رحلوا، ووصل القطبان إليها، وجدّد ما أخربوه من الحصن، وشحنة بالرجال والغلاّت والآلات، وقصد عرقا (¬3)، وسبى منها عددا كثيرا، واستاق منها مواشي كثيرة العدد، وأخرب وأحرق، وعاد إلى أنطاكية، وعدل في طريقه إلى ضيعة من أعمال حلب تعرف بكورين، كان أهلها يكثرون العيث فيما يجاورهم من أعمال الروم، فاجتاحها، [الروم يستولون على ربض أعزاز] ووافى سيمون الأبروطوسبيتار بالعساكر لغزو أعزاز. واجتمع مع نيقيطا قطبان (¬4) أنطاكية على ذلك، وسارا إليها ونازلاها في كانون الأول سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وأربعين، وهو ذو الحجّة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وملك الروم الربض وما فيه وأخربوه، وأسروا جماعة منه، وقاتلوا الحصن وهتكوه، ¬
[سنة 422 هـ.]
واستظهروا على من فيه، وقد كان اجتمع فيه وانحشد عدد كثير من الناس، وضاق بهم المقام، وعوّلوا على التماس الأمان لنفوسهم، والخروج عن الحصن وتسليمه إلى الروم. وتسرّع جماعة من أهل العسكر فأحرقوا وأخربوا تبّل وما يليها من بلد أعزاز، وأتوا على جميعها، وقطعوا أشجارها، ورأى سيمون الأبروطوسبتيار ونيقيطا القطبان الإكتفاء بما جرى دون بلوغ الغاية والعودة إلى بلدهما. واتّصل بهما أنّ بالقرب منهما واد قد انحشد إليه واجتمع فيه آلاف من النساء والصبيان وغيرهم من أهل الضياع والقرى، وإن قصدهم العسكر أخذهم، فعدلا عنهم ولم يضرّا بشيء آخر من بلدان ابن صالح إبقاء عليه لما تقدّم من مكاتباته التي يلتمس فيها استعطاف الملك والتوسّل إليه في اصطناعه، وألاّ يبعده من موالاته والعبودية له. وشرع نيقيطا قطبان أنطاكية حينئذ في إصلاح حاله مع الملك، وتوسّط هو والرسول المقيم بحلب حاله، وقرّرا مسالمة وهدنة مؤبّدة ومالا يحمله ابن صالح إلى الملك في كلّ سنة خمسمائة ألف درهم صرف ستّين درهما بمثقال ذهب، حسب صرف الوقت بحلب، ويحمل المال في نجمين (¬1) من السنة. وكتب بذلك وثيقة على نسختين، وكتب ابن صالح خطّه، وأشهد على نفسه في إحداها لتكون في ديوان الملك، ووقّع الملك بخطّه في النّسخة الأخرى، وأنفذ معها صليبا ذهبا مرصّعا إلى ابن صالح أمانا بالوفاء بالشرط (¬2). [سنة 422 هـ.] [تبادل المحبوسين بين ابن مرداس والملك رومانوس] وأطلق من أنطاكية مقلّد بن كامل بن مرداش (¬3) وجميع من معه، وأطلق ابن صالح أيضا القاضي رسول الملك المقيم كان بحلب وسائر أصحابه. واستقامت الحال بين الجهتين، وذلك في شهر أيّار سنة 1342 وهو جمادى الأولى سنة 422، وقبل الملك هديّة ابن صالح التي كان أنفذها إليه متقدّما، ¬
[قطبان أنطاكية يفشل في استمالة العرب للطاعة]
وأجازه عنها. [قطبان أنطاكية يفشل في استمالة العرب للطاعة] واجتهد نيقيطا الرقطر قطبان أنطاكية في إصلاح نصر بن مشرّف، وبني الأحمر، وبني أبي غنّاج، ورجوعهم إلى الطّاعة، وتسليمهم الحصون التي في أيديهم، ووعدهم بالإحسان إليهم والإنعام عليهم بما يصلح حالهم طول الدّهر. فلم يذعنوا إلى ذلك ولا رغبوا فيه، [قطبان أنطاكية يتسلّم حصن بلاطنس وغيره من الحصون] فلمّا قرّر الهدنة مع نصر بن صالح وسيّر إليه ابن عمّه مقلّدا، وعاد القاضي الرسول من حلب سار بعد يومين من وصوله لقتال حصونهم، فنزل على حصن ابلاطنس (¬1) الذي أنشأه ابن الأحمر، وشرع في مقاتلته، فسلّمه إليه بالأمان على أن ينصرف هو وجميع من في الحصن إلى بلد المسلمين، فأجابه إلى ذلك، وتسلّم الحصن، وسيّر معه قوما أوصلوه إلى المأمن. وشحن الحصن بالرجال والعدد، ورسم للمقيمين فيه الزيادة في تحصينه، وإتمام ما يحتاج إليه من عمارته، ورحل عنه إلى حصن بني أبي غنّاج، فسلّموه إليه أيضا على ذلك الشرط، فأخربه إلى الأرض إذ لا فائدة فيه. ثم ملك أيضا حصن ابن الكاشح وأخربه، وسار إلى حصن المنيقة ونازله وقاتله، فلم يتمّ له أخذه، ورأى معاودته بما يقتضيه قتاله من الآلات والعدد أولى، ورحل عنه إلى عرقا (¬2)، وسبى فيها أيضا جماعة، واستاق مواشي كثيرة، وانكفأ إلى أنطاكية (¬3). وأمّا حسّان بن المفرّج بن الجرّاح فإنه لما عاد إليه وفوده من حضرة الملك وهو على أنطاكية، وأشهر المطرد الملكي الذي أنفذه إليه تسوّق على أضداده بخروج الملك إلى بلد الشام، ومسيره بين يدي جيوشه، وتواعدهم ¬
[تحالف حسان بن الجراح وابن أبي الليل ضد المغاربة]
بتمليكه بلاده. وقد كان رافع بن أبي الليل استوحش من المغاربة أيضا لأنهم كانوا قبضوا على أكثر ما سوّغوه إياه من الإقطاع ونافروه. فظاهر حسّان بن الجرّاح، واتّفق معه على معاداتهم، ووقع بينهما وبين البربريّ (¬1) صاحب جيوش المغاربة وقعة عظيمة في ناحية بصرى (¬2) بعد عودة الملك بمدّة شهرين، [تحالف حسّان بن الجرّاح وابن أبي الليل ضدّ المغاربة] واستظهر العرب عليهم وعاد المغاربة عليهم، فاندفع حسّان والعرب إلى مساكنهم في البريّة، واحتوى المغاربة على ما كان لحسّان من الإقطاع والأعمال، وأقطعوها لعرب آخرين تقوّوا بهم على حربه. ولما عاد الملك من الغزاة كتب في الحال كتابا إلى حسان بن الجرّاح يذكر فيه السبب في سرعة عودته، وأنه لقوّة الحرّ وعوز الماء، وأنه على المعاودة، ويبعثه على التمسّك بما بذله من الموالاة والعبوديّة، وأنفذه مع رسول قاصد، فتأخّر وصوله إليه مدّة طويلة لصعوبة الطريق وخطره، وألفاه في طرق السّماوة (¬3) من ناحية تدمر، وهو موغر الصدر شديد الحنق على البربريّ لطرده إياه عن دياره وضيق الأمر به، فحسّن له الرسول الوارد إليه القرب من بلد الروم، وكان هو متوقّعا وصول كتاب الملك ورسوله إليه كموقع الماء البارد من الظّاميء العطشان، [المغاربة ينتصرون على ابن الجرّاح والعرب في وقعة بصرى] فسار في جميع أهله وعشيرته بجميع حللهم ومواشيهم وبيوتهم، وسار معه رافع ابن أبي الليل أيضا، ووردا إلى بلاد حلب في زهاء نيّف وعشرين ألف إنسان، واستشعر الحلبيّون أنّ الملك استدعى آل جرّاح تعمّدا لتدبير بلادهم، وليجعلهم حربا لهم، ويشدّ منهم ويطردوا بني كلاب، [ابن الجرّاح يدخل بلاد الروم بدعوة من الملك رومانوس] ودخل آل جرّاح وآل رافع إلى بلاد الروم من عمل أنطاكية، ووصّل الملك لحسّان بن الجرّاح دفعات بصلات جارية، واستدعى علاّقا (¬4) ابنه إليه، فدخل في ¬
[رومانوس يجزل الصلات لابن الجراح ويعين ابنه بطريقا]
جماعة من أصحابه، [رومانوس يجزل الصّلات لابن الجرّاح ويعيّن ابنه بطريقا] فأحسن الملك إليهم إحسانا كثيرا وأنعم عليه إنعاما جزيلا، وجعله بطريقا وأعاده إلى أبيه (¬1). ... [وفاة الخليفة العباسي القادر بالله] وفي شهر ذي الحجّة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة كانت وفاة القادر (¬2) بالله أحمد ابن المقتدر خليفة بغداد، وله في الخلافة إحدى وأربعون سنة وأربعة أشهر، ولم تكن هذه المدّة لأحد من الخلفاء قبله، وبويع بعده لولده أبي جعفر عبد الملك، ولقّب القائم بأمر الله. ... [قطبان أنطاكية يستولي على رفنية] وعاد نيقيطا الرقطر قطبان أنطاكية غازيا إلى حصن المنيقة، وقصد أولا رفنيّة، لأنّ منها تمتار أهل الحصون الإسلامية الغلاّت ويتقوّون بها على قتال الروم. ففتح أبرجتها وعدّتها ستّة، وملك جميعها، وأخذ جميع من فيها بالأمان من القتل، وكان عددهم زهاء عشرة آلاف إنسان، وأخرب سائر الأبرجة إلى الأرض، [القطبان يفتكّ رئيسا للروم من حصن صافيتا] وسار وقدّامه المأسورون إلى بلد الروم، ونازل حصن صافيتا من عمل المسلمين في جبل نهري، واستخلص منه رئيسا كان المسلمون أسروه، وبذل في نفسه جملة كثيرة، فانتزعه منه قهرا مخلوعا عليه من المقيم في الحصن ومحسنا إليه. [استيلاء القطبان على حصن المنيقة] ثم نازل حصن المنيقة، وكان بين يدي ¬
[القطبان يحرق حصن أفامية]
الحصن واد عميق يحول بينه وبين نزول العساكر عليه، ويمنع القتال له، فردمه بالشجر العظام والعيدان الطّوال والحجارة والتراب، إلى أن ساوى الأرض، ونصب عليه المنجنيقات، وقاتله ونقب فيه نقوبا، وطرح الفصيل وبعض الأبرجة، وفتحه قهرا بعد منازلته إيّاه ثلاثة عشر يوما. وكان فتحه يوم الأربعاء أول كانون الأول سنة 1343، وهو النصف من ذي الحجّة سنة 422، وأسر منه ثمانمائة وعشرة أنفس، منهم حرمة نصر ابن مشرّف وأربع بنات له، وجماعة من أهله. وكان هو قد خرج عن الحصن عند ورود العسكر. [القطبان يحرق حصن أفامية] وألقى القطبان بعد أن ملك الحصن النّار في ذلك الوادي الذي ردمه، فاحترقت الأخشاب التي فيه، وتكلّست الحجارة. وعمّر بذلك الكلس ما تخرّب من الحصن، وأوثقه، وحرّر الوادي، وأشحن الحصن بالرجال والعدد والميرة، وانصرف عنه. وعبر بحصن بنكسرائيل وخاطب أهله في تسليمه إيّاه، وأن يطلق من أسره من حصن المنيقة من حرمهم وأهاليهم ووعدهم بالإحسان إليهم، فأبوا وتجلّدوا، فانصرف عنهم لما نال أهل العسكر من التعب وقوّة الشتاء، وتواعدهم بالعودة إليهم، وتوجّه نحو أنطاكية. وكان أهل حصن أفامية يجمعون جموعا في ضيعة كبيرة آهلة في عملهم تعرف بجريرين ويغيرون منها على ما يليهم من بلد الروم، فعدل القطبان إليها في طريقه، وقصدها في جماعة انتخبهم من العسكر، وسبى منها جماعة كثيرة وأحرقها. [القطبان يسلّم جريرين لنصر بن صالح وتضرّر أهل أفامية بذلك] ثم دخل أنطاكية ورسم لنصر بن صالح صاحب حلب بالقبض على جريرين المذكورة، فأضافها إلى عمله وبلاده، وامتثل ما أمره به، واستضرّ أهل حصن أفامية بخروجها عن أيديهم ضررا عظيما (¬1). ... ¬
[الملك رومانوس يتسلم الرها من رئيسها]
[الملك رومانوس يتسلّم الرّها من رئيسها] وفي شهر تشرين الأول سنة 1343، وهو ذو القعدة سنة 422، وهي آخر السنة الثالثة من ملك رومانوس ملك الروم مدينة الرّها بتسليم سليمان بن الكرجي المقيم بها إيّاها إليهم، بتلطّف جرجس المانياكس استراتيغوس سميساط وحصل فيها. وسار سليمان المذكور إلى حضرة رومانوس الملك بالقسطنطينية، واستصحب معه الكتاب الوارد من أبجر ملك الرّها إلى السيّد المسيح، وجواب السيّد المسيح له. وكان كلّ واحد منهما في ورقة طومار (¬1) مكتوبين بالسرياني. وخرج الملك وألكسيوس البطريرك وجميع أهل المملكة لاستقبالهما، وتسلّمهما الملك بخشوع وخضوع تعظيما لكتاب السيّد المسيح، وأضافهما إلى الآثار المقدّسة التي في بلاط الملك. وعني رومانوس الملك بترجمتها من السرياني إلى اليوناني، وترجمها لنا إلى العربيّ الناقل الذي تولّى نقلهما إلى اليوناني على هيئتهما ونصّهما. ... [القتال بين المسلمين والروم في الرّها] ولمّا تسلّم الروم مدينة الرّها والقلعة ودخلوها، امتدّت إليهم سفهاء المسلمين وتواثبوا عليهم، فدعت الروم الضرورة إلى أن يدفعوا عن نفوسهم، والتحمت الفتنة بين الفريقين، واجتمع المسلمون وتواثبوا عليهم، فطلع جند الروم إلى القلعة وتحصّنوا بها، وهاج المسلمون على النصارى الذين بينهم في الرّها، وقتلوا منهم جماعة، فتحصّن النصارى في الكنيسة، وقاتلهم المسلمون وقتلوا وأسروا منهم جماعة كثيرة، وأحرقوا باب المدينة وأخذوا حديده، وأخربوا موضعا في السّور. ونفر إليها خلق كثير من المسلمين، وتعلّم الروم المقيمون في القلعة القتال منهم، وأظهروا لهم التخشّع والخوف منهم، فاطمأنّ المسلمون واسترسلوا، فخرج الروم إليهم وكسروهم، وقتلوا ¬
[الروم يهزمون المسلمون ويعمرون ما خرب من سور الرها]
منهم عددا كثيرا، [الروم يهزمون المسلمون ويعمّرون ما خرب من سور الرّها] وولّى جماعتهم منهزمين، وعمّر الروم ما خرب من سور المدينة وأعادوا إليها أبوابها، ورتّبوا فيها من الرجال، وأعدّوا سائر ما يحتاج إليه من السلاح والميرة وغير ذلك. [الروم يهزمون العرب والعجم والأكراد ثانية عند الرّها] وعاد إليهم نفر من المسلمين أكثر عددا من النفر الأول، مجتمع من العرب والعجم والأكراد والحاضرة من أماكن بعيدة وقريبة، وحاصروا المدينة، وقاتلوا الروم، فاستظهر الروم عليهم وقتلوا منهم، ونكبوا عدّة كبيرة، فولّوا منهزمين خازين. [المسلمون يأخذون الأسرى من سميساط] وقصد جماعة منهم من بعد منصرفهم عن الرّها بلد سميساط لخلوّه من عسكر الروم، واجتماعهم في الرّها، فأتوا عليه وأسروا منه وقتلوا جماعة، وعبروا بالأسارى في الفرات، فغرق أكثرهم وهلك (¬1). [بنو نمير يستولون على حصون الجزيرة] وكان بنو نمير قد استولوا على جميع حصون الجزيرة، وحصل كلّ منها في يد أمير من أمرائهم، وتغلّب على حرّان بعض الأشراف، فاستعانوا بأحداثها وتقوّوا بهم على غيرهم. واستضاموا أهل المدينة ونهبوهم، وأفسدوا أحوالهم، وخرج أكثرهم عنها هاربين، وأخذوا أيضا مجمعا للصابئة، وهو ¬
[إسلام أكثر الصابئة على يد بني نمير]
الهيكل الذي على اسم القمر، ولم يكن بقي لهم في المسكونة هيكل سواه، وجعلوه معقلا، [إسلام أكثر الصابئة على يد بني نمير] وأسلم كثيرون ممّن في حرّان من الصابئة، وكانوا جماعة وافرة العدد مخافة منهم. [اجتماع الدرزية في جبل السّمّاق واستضامتهم المسلمين] وكان قد اجتمع في جبل السّمّاق (¬1) من بلد الروم جماعة من الدّرزيّة، وجاهروا بمذهبهم، وأخربوا ما عندهم من المساجد، وتحصّن دعاتهم وكثير من عوامّهم في مغاور شاهقة منيعة، وقصدهم وانضوى إليهم خلق من أهل نحلتهم، وتوفّر عددهم، واستضاموا المسلمين المجاورين لهم من أهل بلدان حلب والذين هم بينهم، ووعدوا أنفسهم وأطمعوا عوامّهم بقوّة أيديهم وكثرة استيلائهم على البلاد والأعمال القريبة والبعيدة. [سنة 423 هـ.] [الروم يقبضون على دعاة الدروز ويقتلون أتباعهم في المغاور] ورأى نيقيطا الرقطر قطبان أنطاكية مبادرتهم قبل تفاقم أمرهم وتخطّيهم إلى الفساد والعيث. ورسم لمن يجاورهم من طرامخته قصدهم برجالهم وأصحابهم، فتلطّفوا في أن قبضوا على دعاتهم وأماثلهم وقتلوهم، وحاصروا باقيهم في تلك المغاور، ونصبوا عليها القتال اثنين وعشرين يوما إلى أن التمسوا الأمان، وخرجوا منها هاربين، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وتتبّع الروم المسلمين في أعمالهم منهم، وأخذوهم واضمحلّوا ودثروا (¬2). ... ¬
[تعيين بطريرك أنطاكية]
[تعيين بطريرك أنطاكية] وفي هذه السنة صيّر إيليّا بطريركا على أنطاكية، وصلّي عليه بالقسطنطينية يوم السبت الكبير، وهو أول نيسان من سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وأربعين للإسكندر، وهو لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر منها، وكان راهبا في دير ببلد نيقوميدية، أقام سنة وخمسة أشهر وثمانية أيام وتنيّح. ... [تردّد الرسائل للمسالمة بين الظاهر ورومانوس] وتردّد بين البربريّ أمير جيوش الظاهر خليفة مصر، ويلقّب أمير الجيوش المظفّر، وهو يومئذ بدمشق، وبين نيقيطا قطبان أنطاكية مكاتبات ومراسلات في عقد الهدنة، والمسالمة بين الظّاهر وبين رومانوس الملك، كان ابتداؤها أنّ مع حصول حسّان بن الجرّاح في طرف بلد الروم أطمع البربريّ نفسه في فرصة ينتهزها فيه، فسار إلى ناحية أفامية، وكتب إلى من كان يتظاهر في أمراء بني كلاب بالموالاة والتصنّع للظاهر في أن يلقوه في جميع من يمكنهم من العرب، وقدّم البربريّ أمامه سريّة كبيرة، [أنوشتكين يغير على حلل آل جرّاح بأطراف بلاد الروم] ودخلت إلى طرف بلد الروم، وكبست بغتة حلل آل جرّاح بين قسطون (¬1) وبين حصن إنّب (¬2)، لأنّ حللهم كانت فيه متفرّقة في عدّة مواضع، وأخذ أصحاب السريّة جماعة منها واستاقوهم، وكان رافع بن أبي الليل قريبا منهم، فلحقهم في نفر ¬
[أنوشتكين يكاتب قطبان أنطاكية]
يسير من عشيرته ومن الطّائيّين، واستظهر عليهم، وخلّص الغنيمة عن آخرها، وقتل وجرح منهم جماعة وعادوا منهزمين. ووصل البربريّ في الحال، وعرف ما جرى، وضرب خيامه في قسطون، وبقي بقيّة يومه، ولمّا جنّ الليل رحل إلى أفامية ولم يلقه ولا ورد إليه أحد من بني كلاب، وذلك لأنّ نصر بن صالح استصلحهم واجتذبهم إليه حذرا من مكيدة يقصد بها البربريّ مدينة حلب. وتهدّد من ينحرف عنه منهم باستعانته عليهم بالروم وقبضه إقطاعهم وقصده إيّاهم. واستراب البربريّ بتأخّرهم عنه، وتحذّر أن يتّفقوا مع الطّائيين من آل جرّاح على إساءة يوقعونها به، فرحل عن أفامية ثاني يوم وصوله إليها مسرعا إلى دمشق، وعند مسيره عنها كتب إلى نيقيطا القطبان يذكر له أنه ورد إلى أفامية ليصلح أمورها، وأنه لم يتعرّض لشيء من أعمال الروم بسوء حسبما لم تزل أوامر الظاهر ترد إليه وإلى غيره من ولاته وأصحاب أطرافه، من حفظ مجاورة الروم، وترك الفساد في شيء من أعمالهم، وأطلق قوما من الأرمن كان أصحابه أخذوهم في الطريق. [أنوشتكين يكاتب قطبان أنطاكية] ثم تواصلت المكاتبة بينهما بعد سبي رفنيّة وأخذ حصن المنيقة في توسّط المهادنة، [الاتفاق على اجتماع رسولي الظاهر ورومانوس على حدود الدولتين] واستقرّت الموافقة على أن ينفذ الظّاهر رسولا من جهته إلى رومانوس الملك، ويعدل إلى البربريّ بدمشق، وينفذ الملك أيضا رسولا، ويرد إلى القطبان بأنطاكية، ويجتمع الرسولان جميعا في ناحية أنطرسوس في آخر حدّ الروم وأول بلد المسلمين، ويسير كلّ واحد منهما إلى مقصده. وسيّر الظاهر رسولين وجيهين إلى دمشق، وأنفذ الملك رسولين إلى أنطاكية، ولعلم نصر ابن مشرّف أنّ نيقيطا القطبان تامّ العزيمة على المسير إلى حصن بنكسرائيل الباقي الآن في يده لمقاتلته وأخذه، توسّل في أن يكون هذا الحصن من جملة ما يقع عليه المهادنة والموادعة، ولا تتعرّض الروم له بحرب ولا بقتال. فالتمس البربريّ ذلك من القطبان، وتشدّد فيه، وجزم في أنه لا يتخلّى عنه بوجه ولا بسبب، إذ قد سلّمه نصر ابن مشرّف إلى السلطان، وصار له دونه. فأجابه القطبان بأنّه لا يقرّر المسالمة إلاّ بعد أن
[قطبان أنطاكية يرفض التنازل عن الحصن ويحاصره]
يملك هذا الحصن، إمّا بتسليمه إليه اختيارا، أو بأخذه إيّاه بالحرب كرها، وحقّق عنده أنه سائر لمنازلته وقتاله ليرى رأيه في إتمام ما شرعا فيه من الهدنة على هذه الشريطة، أو الرجوع عنها والاستعداد للحرب. [قطبان أنطاكية يرفض التنازل عن الحصن ويحاصره] وسار القطبان في الحال إلى الحصن بجيوشه، ونازله واحتاط بجميع عسكره سورا ارتفاعه خمسة أذرع، وعرضه أربعة أذرع، مرصوفا بالحجارة والخشب والتراب. وحفر خارجا منه خندقا دائرا به، ونصب على الحصن القتال بالمنجنيقات، ولأنّ الحصن كان شاهقا ومؤسّسا على صخرة رافعة أصلح مقابله بنيّة مرصوفة أيضا بالحجارة والخشب والتراب اليابس، طولها زهاء ثلاثمائة ذراع، وعرضها ستّة وثلاثون ذراعا، شبيهة بالمزلقان إلى أن تعلو على الحصن، لتطلع المقاتلة عليها، ويحاربوا من في الحصن مواجهة. [فشل المناورات في إبعاد قطبان أنطاكية عن الحصن] وأطمع نصر بن مشرف للبربريّ في عسكر الروم، وأوهمه أنه إن قصده المسلمون رحل عن الحصن ولم يثبت عليه. فأنفذ عسكرا كبيرا من المشارقة والمغاربة والعرب إلى رفنيّة. وكاتب جماعة من أمراء بني كلاب يستدعي مجيئهم إلى العسكر والكون معه، فلم يلمّ به أحد منهم، ونزل العسكر تحت حصن أبي قبيس (¬1)، وأظهروا أنّهم على نيّة القصد لحصن إنّب ومنازلته طمعا في أن يرحل القطبان من على حصن بنكسرائيل، ليدفعهم عن حصن إنّب، فلم ينزعج لذلك، ولا اكترث بهم. وتردّد نصر ابن مشرّف نحو العسكر في جماعة معه، وأشرف عليه من أعلى الجبل دفعات، أملا أن يتمّ له شيء، فخاب ظنّه، وعاد في كلّ منها خازيا. [فشل السّرايا التي خرجت للعرب أمام الروم والأرمن] وتسرّعت أيضا سريّة من العسكر الوارد من جهة البربريّ، وسارت إلى ناحية جبلة، لتخطف من يخرج من العسكر الروميّ، ولقيها بعض أهل عسكرهم، وأوقع بها وأسر رئيسها وقوما آخرين معه، وولّى أقواهم على أعقابهم خازين، وأسرى أيضا في الحال سريّة أخرى من العرب الواردين في عسكرهم، وغيرهم من الأتراك والغلمان إلى ¬
[قطبان أنطاكية يهدم الحصن وينقل الأسرى إلى الملك]
الأرواج (¬1) ليوقعوا بحلل آل جرّاح، فلقيهم رافع ابن أبي الليل أيضا، وبعض آل جرّاح، فطاردوهم ولحق بهم الطوموخ (¬2) المقيم في حصن إنّب في جماعة من الأرمن، فوقعوا بهم، وقتلوا أميرا وجيها من الواردين في السريّة، وأسر أميرا آخر، وأطلقه، وقتل الأرمن جماعة منهم، وعاد أقوى أهل السريّة راكضين، ورحل عسكرهم بأسره في أثر ذلك عائدا إلى دمشق، [قطبان أنطاكية يهدم الحصن وينقل الأسرى إلى الملك] ولم يزل القطبان يقاتل الحصن بالمنجنيقات إلى أن سقط جميع حائطه المواجه لموضع القتال، وانكشف وخرج جماعة ممّن فيه إليه، وتطارحوا عليه، واستقرّ الأمر معهم على أن يقتل منهم ويكحّل عشرة أنفار، ويأخذ الباقين مماليك، ويؤمّنهم من القتل، ويحملهم إلى حضرة الملك ليرى فيهم رأيه، وملك الحصن في اليوم الأربعين من منازلته إيّاه، وذلك قبل أن يتمّ عمل المزلقان الذي أنشأه، وكان ملكه له يوم الجمعة السابع عشر من تمّوز سنة 1343، وهو لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة 423، وبلغ عدد من أخذ منه زهاء خمسمائة نفس، ووجد فيه مائتي قتيل بحجارة المنجنيقات، واستخلص منه اكسيرخا، وهو قائد كان يضبط حصن ابلاطنس (¬3)، وهو الحصن المأخوذ من ابن الأحمر وخرج في سريّة إلى الجبل قد توجّه القطبان بالعسكر إليه، فأخذ ابن مشرّف عليه الطريق وأسره، وبذل له في نفسه خمسمائة دينار، ورغب ابن مشرّف في المال، ولكن لم يمكّن القطبان لأصحاب الأكسيرخ من حمل المال لاستخلاصه، لما يرجوه من انتزاعه إيّاه منه قهرا، كما انتزع الأكسيرخ الأول من حصن صافيتا، وتحقّق له أمله حينئذ، وورد إلى القطبان وهو منازل الحصن رسولان من البربريّ وشاهدا من قتال الروم ما هالهما، وأنفذهما القطبان إلى جبلة، فأقاما بها إلى أن فتح ¬
[إعلان النفير للجهاد في الشام ومصر وديار بكر وربيعة]
الحصن، وأحضرهما وأراهما إيّاه، وصرفهما بجواب ما ورد معهما، وألقى النّار في ذلك المزلقان الذي عمله مقابل الحصن، فاحترق خشبه وتكلّست حجارته، وعمّر بذلك الكلس ما تخرّب وسقط من الحصن، وجدّد جميعه وحصّنه، وتوثّق منه وأعدّ فيه من الرجال والعدد والغلاّت ما يكتفي (¬1) به. وعاد إلى أنطاكية وحمل جميع الأسارى إلى الملك. واستشعر البربريّ أنّ القطبان بعد ملكه حصن بنكسرائيل على رغمه واستظهاره على سراياه، سيعود يغزو إلى بلادهم، وينازل بعض حصونهم، فأظهر الاستعداد للغزو إلى بلد الروم، [إعلان النفير للجهاد في الشام ومصر وديار بكر وربيعة] ونودي في الناس بمصر، وفي سائر بلاد الشام بالنفير إلى الغزو بسجلاّت من الظاهر قرئت في جميع بلاده، وكوتب جميع من في ديار مضر وديار بكر وديار ربيعة بالحضّ على الجهاد، امتعاضا لما جرى من أخذ الروم الرّها وسبيهم رفنيّة، وما أتوه على غيرها، لتتّفق الكلمة على قصدهم، فجمع القطبان العساكر بأنطاكية انتظارا لما يكون من البربريّ، فيكون عمله بحسبه، [تبادل الرسائل بين القطبان وأنوشتكين بشأن الهدنة] ثم كاتبه القطبان يعلمه بما تناصرت إليه الأخبار عنه، من عزيمته على الغزو إلى بلد الروم، وأنه مستعدّ للقائه إن رأى ذلك، وإن رغب في إتمام ما تقدّم تقريره من المهادنة يتقدّم في تسيير (¬2) الرسولين الواردين من الظّاهر إلى الملك لينفذ هو أيضا الرسولين الحاصلين عنده، وأن يذكر له من الجواب ما يكون العمل بحسبه. فعاد جوابه يذكر أنه لم يقع الاهتمام منهم بالغزو والحضّ عليه إلاّ انتظارا لما يكون منه، بعد أخذه حصن بنكسرائيل من معاودة الغزو إلى شيء من الأعمال، فتكون المقابلة عليه وأنه إذا كان ثابتا على ما جرت الموافقة عليه فإنه يسيّر الرسولين الواصلين من قبل الظاهر إلى ما قبله في أثر مكاتبته ويستحثّه في إنفاذ الرسولين الواردين من الملك فسار جميعهم والتقى الفريقان في الموضع الذي تقدّم ذكره. وسار كلّ واحد منهما إلى مقصده. ¬
[نصر بن صالح يدفع مال الهدنة للروم ويقدم شعر المعمدان للملك]
[نصر بن صالح يدفع مال الهدنة للروم ويقدّم شعر المعمدان للملك] وتقدّم قبل ورود رسولي الظاهر إلى الملك تسيير (¬1) نصر ابن (¬2) صالح بن مرداش (¬3) إلى الملك أيضا بمال الهدنة عن السنة الخارجة، وهدنة مجدّدة، وأنفذ فيها شعر القدّيس مار يوحنّا المعمدان. وكان هذا الشّعر في سالف الزمان في كنيسة حمص، ونقل منها إلى كنيسة القلعة بحلب إشفاقا عليه من أخذ الروم له عند تردّدهم إلى حمص. وبقي هناك إلى أن خرج منصور بن لؤلؤ من حلب إلى بلد الروم، وحصل في مدّة تغلّب فتح على القلعة عند بعض النّصارى الحلبيّين، فاستعاده نصر بن صالح منه في هذا الوقت، وتقرّب به إلى الملك، فحسن موقعه منه، وأضافه إلى الآثارات المقدّسة التي في بلاط الملك. [بنو نمير يتعهّدون بحفظ حدود الجزيرة مع الروم] ولمّا وصل إلى أنطاكية الرسولان الواردان من الظّاهر إلى الملك توجّهت العساكر المجتمعة بها إلى ناحية سميساط مع ميخائيل الأبروطوسبتيار أرخن البنتا المرأس عليها، وانضافت إلى عساكر تقدّم نفوذها إلى تلك الجهة مع سيمون الأبروطوسبتيار. وعوّل سيمون على قصد الجزيرة وإصلاح أمور الرّها، وحرب العرب النميريّين وغيرهم من المنازعين فيها، فرغب إليه شبيب ابن وثّاب أمير العرب النميريّين ومن سواه من أمرائهم في المسالمة، وأذعنوا إلى الدخول فيما يلتمس منهم، وبذلوا الطّاعة والعبوديّة للملك، وقطعوا الحدود والأعمال التي برسم الرّها، وانحازت إليها وفصلوها ممّا سواها من ضياعهم، وشرطوا حفظها والحرب لمن يقصد الفساد والعيث فيها. [وفود بني نمير وصاحب ديار بكر إلى الملك رومانوس] وأنفذوا وفودهم إلى الملك، وأنفذ ابن مروان صاحب ديار بكر أيضا رسولا من قبله يتنصّل ممّا كان منه في إنفاذه عسكره وأصحابه مع النفر النّازل على الرّها، وأنه لخوفه من المسلمين. وسار في الأثر حسّان بن الجرّاح إلى حضرة الملك، واجتمع ¬
[الملك رومانوس يجعل نصر بن صالح بطريقا]
بالقسطنطينية سائر من ذكرناه من الرسل والوفود، وحضر أيضا جماعة معهم من رسل أمير المؤمنين المستولي على الأعمال العربية، والبلاد المجاورة لأطراف بلد الروم من المغرب والمشرق، ولحق بهم في الآخر رافع ابن أبي الليل، [الملك رومانوس يجعل نصر بن صالح بطريقا] وتوسّل نصر بن صالح إلى الملك في مراسلته الصادرة مع رسوله أن يشرّفه بمرتبة ملكيّة ليشتهر عند أضداده من العرب والمغاربة انضواؤه إلى مملكة الروم، ويتحقّقوا أنه من جملة عبيدها والمنتمين إليها. ورغب إلى الملك أيضا أن لا يتخلّى عنه متى احتاج إلى نصرته ونجدته على من ينازعه في التماس حلب أو شيء ممّا يليها، فأجابه الملك إلى طلبته، وأعلم رسوله في مجلس عامّ بحضرة رسولي الظّاهر وغيرهما من الرسل والوفود الحاضرين أنه قد جعل نصر بن صالح بطريق آنتيطس بستس، وأنه منذ الآن قد صار واحدا من عبيد ملكه، ومعدودا في جملة خواصّه، وأنه ناصر له ودافع عنه من يتعمّده بسوء. [شروط الهدنة بين الظاهر والملك] وكان الملك قد اشترط على الظاهر في عقد الهدنة بينهما ثلاث (¬1) شرائط: إحداهما (¬2) أن يعمّر الملك كنيسة القيامة ببيت المقدس، ويجدّدها من ماله، ويصيّر بطريركا على بيت المقدس. وأن تعمّر النّصارى جميع الكنائس الخراب التي في بلاد الظاهر. والشريطة الثانية: أن لا يتعرّض الظاهر لحلب، ولا يروم هو ولا أحد من ذوي طاعته لقتالها، ولا التعرّض لها بمكروه، إذ هي بلد قد تقرّر عليه إتاوة، ويحمل إليه في كلّ سنة مال الهدنة. والشريطة الثالثة: أن لا يساعد صاحب صقلّية على محاربته للروم، ولا ¬
[الملك يطلب من الظاهر عدة أمور]
لغيره من جميع من يروم الفساد في شيء من أعمالهم، ولا ينجده ولا يقوّيه، وهو أيضا يلزم له مثل ذلك الشرط، لتكون المسالمة بينهم في المستأنف مستمرّة، ولا يعرض لها ما يفسدها. وبذل له رومانوس الملك إطلاق الأسرى المأخوذين بحكم الحرب في أيامه من بلاد الإسلام، عوض بناء كنيسة القيامة. وذكر له أيضا قصد حسّان بن الجرّاح لملكه وتطارحه عليه وسؤاله إيّاه نجدته، والتمس من الظّاهر أن يعيده إلى بلده وإقطاعاته القديمة التي كانت له في أيام الحاكم دون ما سواها ممّا استزاده واغتصبه في أيامه إن رأى ذلك، ويشرط عليه حسن الطاعة لزوم الطرائق الحميدة، ومتى عاد إلى ما عهد منه من الفساد في بلاده، أو التخطّي إلى ما يكره كانا جميعا حربا له. [الملك يطلب من الظاهر عدّة أمور] وعرض الملك أيضا على الظاهر أن يدفع إليه حصن شيزر، إذ هو بين عمل المسلمين، ويعطيه الظاهر حصن أفامية عوضا عنه، إذ هو قريب من بلاد الروم ومجاور لحصونهم، إن رغب في ذلك. فقبل الظاهر ما شرطه الملك من بناء كنيسة القيامة، ومن إصلاح بطريرك، ومن تجديد النّصارى بقيّة الكنائس، سوى ما كان منها قد عمل مسجدا، ويكون إطلاق الأسارى المأخوذين في أيام رومانوس الملك، عوضا عن ذلك. [الظاهر يجيب بالموافقة على بعض طلبات الملك ويمتنع عن بعضها الآخر] وقبل أيضا ما اشترطه من ترك النّجدة والمعونة لصاحب صقلّية، ولغيره ممّن يحارب مملكة الروم ويعيث ببلادهم، إذ كان قد بذل له أن يفعل معه مثله. ولم يجب إلى الشرط المشتمل على ذكر حلب، واحتجّ عليه بأنّها ثغر جليل من ثغور المسلمين، لا ينبغي أن يكون في حوز الروم، والتمس أن يهمل ذكرها بالجملة فيما تعقد عليه الهدنة (¬1). ولم ير قبول حسّان بن الجرّاح، ولا رغب في أخذ شيزر والتعويض عنها بأفامية، ولم يذعن رومانوس الملك إلى الرجوع عمّا اشترطه في معنى ¬
[سنة 424 هـ.]
حلب، وجزم أنه لا يعقد الهدنة إلاّ عليه، وتردّدت المكاتبة بين الجهتين في هذا المعنى في أيامه. وفي أيام ميخائيل (¬1) الملك بعده مدّة ثلاث سنين ونصف (¬2)، إلى أن استقرّ الأمر فيها على ما يأتي فيما بعد ذكره (¬3). ... [سنة 424 هـ.] [الغلاء في بلاد الروم والثغور الجزرية والشالمية] وحدث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة غلاء شديد في أكثر من بلد الروم، وسائر الثغور الجزريّة والشامية، وأكل جماعة من صعاليك هذه القرى والبلدان اللّحم في أيام الأصوام المقدّسة، لتعذّر ما سواه من القوت عليهم، وانجلى كثير منهم عن مساكنهم، ومات خلق كثير من الضّرّ والجوع، ولم تزل هذه الشدّة والضّيقة إلى أن دخلت الغلّة الجديدة، فاتّسع الناس وتماثل (¬4) أحوالهم (¬5). ... ¬
[سنة 425 هـ.]
[سنة 425 هـ.] [بناء سور القدس الشريف] وشرع الظاهر في هذه السنة في بناء سور مدينة القدس الشريف، بعد بناء سور الرملة، وخرّب المتولّون لعمله كنائس كثيرة في ظاهر المدينة وأخذت حجارتها، وعوّلوا على نقض كنيسة صهيون وكنائس غيرها أيضا، ليحملوا حجارتها إلى السّور، [الزلزلة تهدم الرملة وأريحا ونابلس وعكا] فحدث في البلد زلزلة مهولة لم تشاهد ولا سمع بمثلها، آخر نهار الخميس لعشر خلون من صفر سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وسقط منها نصف أبنية مدينة الرملة وعدّة مواضع من سورها، وهلك من الناس فيها ما يعظم مقداره. وانقلبت مدينة ريحا (¬1) على أهلها، وكذلك نابلس، وقرى قريبة منها، وسقطت قطعة من جامع بيت المقدس، وديارة وكنائس في عملها، وسقط أيضا أبنية في مدينة عكا، ومات فيها جماعة، وغاب ماء البحر من ميناها ساعة، ثم رجع إلى حاله (¬2). ¬
[تعيين بطريرك أنطاكية]
[تعيين بطريرك أنطاكية] وفي السنة السادسة من ملك رومانوس الملك صيّر جرجس الأسقرتط بطريركا على أنطاكية، وصلّي عليه بالقسطنطينية يوم الأحد الأول من الصيام الكبير المقدّس، وذلك ليلة الثالث من شهر آذار سنة ألف وثلاثمائة وخمس وأربعين للإسكندر، ولسبع خلون من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وسمّي يومئذ تاودورس، أقام في الرئاسة ثماني سنين وستّة أشهر وواحدا وعشرين يوما، وتنيّح. [وفاة الملك رومانوس] وتوفّي رومانوس (¬1) الملك يوم الخميس الكبير، وهو حادي عشر نيسان سنة 1345 للإسكندر، ولثمان عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة 425 بعلّة السلّ، وكان يوم وفاته قد جلس من أوّل النهار إلى ستّ ساعات مضت منه برزق أصحاب المراتب الملكيّة، وقبّض منهم بيده زهاء خمسمائة نفس، ودخل الحمّام واستحمّ ومات فيه بغتة. [ترجمة الملك رومانوس] وكان حليما، حسن العفو، وثيق الدّين، كثير الصدقة، وكان قد أنشأ في مدينة ملكه، أعني داخل القسطنطينية، ديرا عظيما، وعني بعمارته وإصلاح آلاته أتمّ عناية، وبنى (¬2) فيه بيمارستانا (¬3) للمرضى، وموضعا آخر تنزل فيه الغرباء وأوقف عليه نعمة ضخمة تنصرف في مصالحه، وتأوّل على جماعة في أخذ نعمتهم، وعوّل على إضافتها إليه وجدّد في أيامه رسوما جائرة في سائر بلاده، فثقلت وطأته على جميع من تحويه مملكته. واستبشر بموته الخاصّ والعامّ منهم، ودفن في جرن أعدّه لنفسه في ديره. وكان مدّة ملكه خمس سنين وخمسة أشهر. ¬
تم بحمده تعالى
تمّ بحمده تعالى
[ملحق]
[ملحق] مخطوطة في التاريخ مجهولة المؤلف محفوظة في المكتبة الوطنية بباريس تحت رقم AR - 882 نسخة البارون كارّا ديقو ملحقة بتاريخ الأنطاكي تتناول أحداثا في أيام الخليفة الراضي العباسي وما بعده. [سنة 349 هـ.] [حصار نقفور لجزيرة أقريطش] وفي سنة تسع وأربعون (¬1) وثلاثمائة حوصرت أقريطش (¬2)، حاصرها نقفور بن/212 ب/الفقاس الدمستق، أعني الأتابك (¬3)، وفتحها بعد حصار عشرة أشهر، وقتل فيها خلق كثير عظيم لا يحصى، وسبا (¬4) جميع أهلها، ولم يسلم منهم إلاّ نفر يسير من الرجال الذي تعلّقوا في رؤوس الجبال (¬5). ¬
[سنة 350 هـ.]
[سنة 350 هـ.] [الرعاع يهدمون وينهبون الكنائس بمصر] وورد إلى مصر الخبر ليلة الجمعة، قبل عيد الشعانين بيومين، سنة خمسين وثلاثمائة، فوثب الخرافيش (¬1) والرمادية والفواغ (¬2) إلى كنيسة ميكائيل التي بقصر الشمع، فهدموا منها، ونهبوا ما كان فيها، ونهبوا أيضا كنيسة ماري تاودورس، وكنيستي النّسطوريّة، وكنيسة القبط التي تعرف بكنيسة البطرك، وكان على النصارى حزن عظيم (¬3). [هزيمة سيف الدولة أمام الروم بغزوة طرسوس] وكان عليّ بن حمدان الملقّب بسيف الدولة قد غزا من طرسوس في البرّ في عشرين ألف نفر، وخمسة وأربعون (¬4) ألف رأس من الكراع (¬5)، فأخذ الروم عليهم الدّروب بعد أن سبوا جماعة من الروم، فلم يفلت منهم سوى ابن حمدان، في مقدار مائة فارس. ولحقه بعد ذلك تقدير ستمائة إنسانا (¬6) أكثرهم جرحى (¬7). ¬
[مقتل ابن حصين وغيره من بني نمير وبني قسير]
[مقتل ابن حصين وغيره من بني نمير وبني قسير] وفيها قتل بن (¬1) حصين. [قا] ضي الجزيرة كلّها وذلك البلد وحلب وغيرها/213 أ/وقتل أكثر بني نمير وبني قسير (¬2)، وهم أشدّ العرب (¬3). [عين زربى تسقط بيد الروم] وفي سنة خمس (¬4) وثلاثمائة فتحت عين زربة (¬5) في ذو (¬6) القعدة من سنة خمسين وثلثمائة (¬7). [مقتل ابن الزيّات صاحب طرسوس] وقتل ابن الزّيّات صاحب طرسوس (¬8). [سنة 351 هـ] [الروم يصلون إلى دلوك ورعبان ومرعش ويفتحونها] وفي شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وافا (¬9) الروم إلى دمولك ورعيان مرعش وفتحوهم (¬10). ¬
[استيلاء نقفور على حلب]
[استيلاء نقفور على حلب] وفي آخر هذه السنة، مستهلّ ذي الحجة فتح الروم حلب وسبوا أهلها ونهبوا أموالها، وحمل سقوف دار ابن حمدان إلى الملك، حمله نيقيفور، وهو الذي فتح الفتوح (¬1). [وفاة الملك رومانوس] وبعد رجوعه مات الملك (¬2) وخلّف ولدين صغار وهم (¬3) بسيل وأخوه قسطنطين، وعقدا (¬4) لهم (¬5) الملك، وصيّروهم (¬6) في حجر براميش (¬7) الخادم، وكان [باسيل] (¬8) براكيمونس. [نقفور يحشد لغزو بلاد الإسلام] وخرج نيقيفور بجيوش الروم يريد بلاد الإسلام، فكان ابراكيمونس (¬9) باتّفاق منه، والملكة أمّ الصبّيان (¬10) والبطارقة الذي (¬11). . . نيقيفور والبطارقة الذي (¬12) مع لاون وهو في وجه ال (¬13). . . في جيش عظيم أيضا أن يقتلوا ¬
[نقفور يكشف مؤامرة بقتله ويتقلد الملك]
لاون ويقتلوا نقيفور، [نقفور يكشف مؤامرة بقتله ويتقلّد الملك] فوقعت الكتب عليهم (¬1)، وكان قد انتصر على الأتراك [وقت] ل. . . /213 ب/منهم زهاء خمسين ألف (¬2)، فرجع لاون ونيقيفور إلى القسطنطينية، فاطرب (¬3) البلد، وقلّد نيقيفور الملك، وهرب أمراء الروم (¬4). ثم قلّد بن الشمشلي دمشق (¬5). [خروج نقفور إلى المصّيصة وأدنة وطرسوس] وخرج [الملك نيقفور] (¬6) إلى المصّيصة، وإلى آدنة، وإلى طرسوس (¬7). ولم يقتله، وصيّر الصبيّان في حجر ابن نيقفور الدمستق (¬8). فلقيوه المسلمين (¬9) عند أدنة، ووقع فيما بينهم الحرب، فقتل من الفريقين خلق عظيم، [هزيمة المسلمين عند أدنة] ثم انهزموا (¬10) المسلمون، وقتل منهم على باب أدنة ¬
[الروم يحاصرون المصيصة ويخربون حسن الملون]
خلق، وطرح أكثرهم أنفسهم في نهر شيحان (¬1) فغرقوا، وانفرد من عساكر المسلمين قطعة مقدار أربعة آلاف، فصعدوا على تلّ بالقرب من آدنة، [الروم يحاصرون المصّيصة ويخرّبون حسن الملون] فأحاط بهم الروم، فأقاموا يقاتلوا (¬2) عن أنفسهم يومين وليلتين، فقتل من الفريقين خلق عظيم، ثم زاد الأمر على المسلمين فقتلوا عن آخرهم، وصاروا (¬3) الروم إلى المصّيصة فحاصروها ونقبوا بها عشرين نقب (¬4). ونظر ابن الشمشلي (¬5) رئيس العسكر، فإذا ليس. . . زاد أن أقاموا، فانصرف عنهم بعد أن أخرب وأحرق، فجاز بالموم (¬6) فخرّبه وأحرقه وسبى من فيه وقتلهم (¬7). [المسلمون يبنون مسجد الشهداء] وبنوا المسلمين (¬8) على التلّ الذي قتل المسلمون عليه مسجدا، وسمّوه [مسجد] (¬9) الشهداء (¬10). [سنة 353 هـ] [صاحب الجنابي يهزم ابن ملهم بطبريّة] وفي النصف من شهر ربيع الآخر من سنة/214 أ/ثلاثة (¬11) وخمسين وثلاثمائة كان مجيء أبو نور اسمه مهدي صاحب الجناني إلى طبريّة لطلب تاره بن بلهم (¬12) بن دينار، فحاربه وهزم ملهم، وقتل ولده وخلقا من رجاله ¬
[هياج بربر الإسكندرية بمساعدة بني قرة]
وغنمهم، وانصرف، ولم يؤدي أحد (¬1) إلى من كان في عمل ملهم (¬2). [هياج بربر الإسكندرية بمساعدة بني قرّة] وفي هذا الشهر من هذه السنة (¬3) هاج بربر الإسكندريّة فأعانهم بنو قرّة، وأخرج إليهم الأستاذ كافور الإخشيديّ يمن الطّويل المعروف بالمفلحي. [المغاربة يهزمون الإخشيديين] وجاء أبو منجل (¬4) سلامة الكافوريّ في عسكر، فلما صاروا إلى محلّة حفص (¬5) كبسوهم (¬6) المغاربة في الليل، وقتلوا من الجند ومن غلمان القوّاد جماعة، وهزموا الجميع وأخذوا سبيلهم ولجوا (ونجوا) (¬7). ¬
[غرق المراكب في طريقها إلى أقريطش]
[غرق المراكب في طريقها إلى أقريطش] وغرق المراكب إلى أقريطس (¬1) وعدّتهم اثني وثلاثين مركب (¬2)، ورجعت منهم (¬3) وقد قتل وأسر منها زهاء الأربعمائة رجل، وأخذ منها (¬4). . . مراكب الوزير جعفر بن الفضل (¬5) بآلته وعدّته، [وقت] ل ثلاثمائة وثمانون رجلا، فما انفلت منهم إلاّ ستّة عشر رجلا (¬6). ... [نقفور ينازل طرسوس والمصّيصة مجدّدا] وفي ذو (¬7) القعدة سنة ثلاثة وخمسون (¬8) وثلاثمائة رجع نيقيفور في ثلاثمائة أل [ف]، فنزل على طرسوس والمصّيصة، وضرب خيمته/214 ب/ ثم أذنه، لأنّ أهلها هربوا عنها، فأقام محاصر (¬9) المدينتين نيّف (¬10) وخمسين يوما، وخيله تضرب إلى نحو أنطاكية وغيرها يمين وشمال (¬11)، ثم رجع ونزل البلد وليس فيه شجرة ولا خضرة ولا شيئا (¬12) من الماء، وغلت أشجارها (¬13) ¬
[مقتل ابن عبد الباقي بعد خروجه بأهل طرسوس والمصيصة]
بين المدينتين، وبلغ الخبز بها أوقيّتين بدرهم، ونزل العدوى بترنجة (¬1) بالقرب من طرسوس في جيوشهم، والمسلمين يرحلوا عن هذين (¬2) المدينتين شيئا بعد شيء (¬3). [مقتل ابن عبد الباقي بعد خروجه بأهل طرسوس والمصّيصة] وفي آخر صفر خرج عبد الباقي (¬4) من طرسوس والمصّيصة بأموالها ونعمتهم (¬5) وحرمهم هاربين عن البلد، فلقيهم الأرمن، فقتل ابن عبد الباقي وجماعة من المسلمين بعد أن قتلوا خلق (¬6) من الأرمن، وساقوا جماعة من القافلة إلى بلاد الروم (¬7). [الخليفة الفاطمي يهزم الروم في البرّ والبحر عند صقلّية] وبلغنا أنّ مراكب الروم في البحر وعسكر (¬8) في البرّ غزوا إلى أبي تميم معدّ صاحب الغرب إلى إفريقية ليطلبوا سقلّية، وزعموا أنه هزمهم ¬
[354 هـ]
[وقت] ل منهم مقتلة عظيمة. وذلك بعد أن كان الروم قد تملّكوا سقلّية، وأخرجهم منها، وهم مقيمين (¬1). . . داه في المجاز (¬2). [354 هـ] [استيلاء الروم على المصّيصة] وفي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة في نصف رجب فتحت المصّيصة بالسيف/215 أ/غدوة (¬3). [الروم يأخذون طرسوس صلحا] وفي أول شعبان فتحت طرسوس بالصّلح بعد أن مات نصف أهلها بالجوع، وسكنوها (¬4) الروم (¬5). [بنو سليم يتعرّضون لقوافل الحجّاج] وفي هذه السنة وهي سنة أربع وخمسون (¬6) وثلاثمائة في عشرة أيام من ذي القعدة حجّ الناس من مصر، واتّفق هم والسام. . . . عند أيلة (¬7) ثلاثة قوافل المصريين والمغاربة والساميين (¬8) في خلق عظيم، فلما صاروا بين عنبوا والحور (¬9) أخرج عليهم البادية بنو سليم، فقطعوا عليهم وأخذوا جميع ¬
[سنة 355 هـ.]
الأموال الذي (¬1) في القوافل، وانفلت الخلق عراة ورجّالة، ويزعموا أنّ (¬2) كان في القوافل من الأموال والبزّ والهدايا للسلطان وللجنّابيّ (¬3) ما لا يقدّر قدره، فإنه يقوم مقام خراج ديار مصر أربع سنين، وأنه لم يجر على المسلمين مثل هذه، لا وقعة الهبير (¬4) ولا غيرها (¬5). وذلك أنّ البغاد (¬6). . . كانوا قد عزموا على النّقلة من مصر، فقدموا أمر. . . وبعض أهاليهم. [سنة 355 هـ.] [مقتل ابن عبدون صاحب الواحات] وجاء صاحب أبي تميم معدّ إلى الواحات وقتل بن (¬7) عبدون صاحبها وساق. . . وحرمه في صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة (¬8). [سنة 357 هـ] [طواف كافور بلباس أتاه من بغداد] وكان يوم لبس بوالمشك (¬9) كافور الإخشيدي. . . /215 ب/التي ¬
[وفاة كافور الإخشيدي]
جابها (¬1) من بغداد، وطوافه في البلد، وقد زيّن له يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة سبع وخمسون (¬2) وثلاثمائة (¬3). [وفاة كافور الإخشيدي] ومات يوم الثلاثاء نصف النهار لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وقد قام الأمر له والنّهي، وهو صاحب مصر والشامات (¬4) والحرمين منذ مات الإخشيد محمد بن طغج بن حرف (¬5) إلى أن مات هو اثنين وعشرين سنة وخمسة أشهر إلاّ يومين (¬6). وتقلّد بعده الأمر الأمير أبو الفوارس ابن عليّ (¬7) بن الإخشيد، ودعي له بمصر (¬8). [تفرّق الإخشيدية بعد وفاة كافور] وتفرّق الجيش وصار أكثرهم إلى الحسن بن عبيد الله بن طغج إلى الرملة وكان واليها من قبل كافور، [و] (¬9) من قبل أبو القاسم (¬10) أونوجور بن الإخشيد محمد بن طغج، ومن قبل أبو الحسين (¬11) عليّ بن الإخشيد بعد وفاة أخيه أبو القاسم (¬12). وقوي أمر الحسن بن عبد الله بن طغج، فراسل من. . . فأجابوه، [الدعاء بالمنابر للحسن بن طغج] ودعي ¬
[القرامطة يهزمون الإخشيدية]
له على المنابر بالإمارة خلافة أبي الفوارس أحمد بن عليّ بن الإخشيد، وعقد له على أخيه اب. . . له الإخشيد عمّه مهرا (¬1). [القرامطة يهزمون الإخشيدية] وقصده القرمطيّ. . . الحسن بن أحمد ابن أبي منصور الملقب بالأعثم إلى الرملة، فانهزم منه إلى مصر، وأقام بها مدّة يسيرة، وأخذ أكثر الإخشيديّة الكافوريّة، ثم عاد إلى الرملة بعد انصراف القرمطيّ عنها (¬2)، فصار إليه من القرامطة المعروفين بسحر وكسرى (¬3)، وحاصر مدّة، [الصلح بين القرامطة وابن طغج بالرملة] وخرج بعد ذلك إليهما على صلح وانصرفا. ¬
(خلافة المعز)
(خلافة المعزّ) [سنة 358 هـ.] [دخول جوهر إلى مصر] وكان دخول جوهر الكاتب صاحب أمير المؤمنين معدّ أبي تميم المعزّ لدين الله، صلوات الله عليه، مصر في النّصف من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة الهلالية (¬1). [سنة 359 هـ.] [موقعة الطواحين بين جعفر بن فلاح والحسن بن طغج] وأنفذ جعفر بن فلاح العصمي (¬2) إلى مقابلة الحسن بن عبد الله بن طغج، فالتقوا في ظاهرة الرملة في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. فانهزم الحسن بن عبيد (¬3) الله بن طغج، وأسر بالطّواحين وهو هاربا (¬4)، [نقل ابن طغج وقادة الإخشيدية أسرى إلى المغرب] وحمل إلى مصر، ومنها إلى المغرب (¬5) ومعه جماعة من القوّاد الإخشيديّة والكافوريّة، وهم: خد (¬6) بن الخا. . . ويعرف بسويران (¬7)، وجكل (¬8) الإخشيدي، وفرج (¬9) الخا (¬10). . . الصّقلّي الكافوريّ، ولؤلؤ الطويل، ومفلح الوهباني الكافوريّ الصّقلّي، وقتل الخادم الأسود الكافوريّ/216 ب/ ومنجل (¬11) سلامة الكافوريّ، ويبلع (¬12) التركيّ الكافوريّ (¬13). ¬
[سنة 362 هـ.]
[سنة 362 هـ.] [قدوم المعزّ إلى مصر وإقامته بالقاهرة] ثمّ ورد إلى مصر من المغرب أمير المؤمنين أبو تميم معدّ يوم الثلاثا لستّ خلون من شهر رمضان سنة اثنين وستين وثلاثمائة، وسيّر معه من كان أنفذ إليه من الإخشيدية والكافوريّة وحمل معه سائر ولده وأصحابه وخواصّه (¬1). وأقام في المكان الذي بناه جوهر المعروف بالبستان، ويعرف في هذا الوقت بالقاهرة (¬2). [هزيمة القرامطة والطواف بالأسرى في مصر] ووافى الحسن بن أحمد بن الأعثم القرمطيّ المحاربة، فأخرج إليه الأمير وليّ العهد عبد الله ابن المعزّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وجوهر الكاتب، فانهزم وغلب، وقتل ممّن كان معه من الإخشيدية والدّيلم خلق كثير، وأسر فوق ألف رجل، منهم مفلح المنجحي (¬3) وغيره، وطوّف بهم على الجمال مشهورين (¬4) في الأسواق بمصر (¬5). . . ير أبو محمد إلى الشام عليّ أبو الحسن بن أحمد القرمطيّ (¬6). . . ¬
[مرور المراكب الحربية إلى الشام]
[مرور المراكب الحربية إلى الشام] مرّت المراكب الحربية في البحر إلى الشام. ... [سنة 364 هـ.] [وفاة الأمير عبد الله وليّ العهد] وتوفي الأمير. . د عبد الله في يوم الأربعاء سنة أربعة وخمسين (¬1) [وثلاثمائة] (¬2). [وفاة المعزّ لدين الله] ثم توفّي بعده أبو المعزّ أمير المؤمنين. . . روحه في يوم الأحد من رمضان سابعة من سنة. . . وخمسين وثلاثمائة (¬3) وصار الأمر إلى ولده أبو /217 أ/المنصور براد (¬4) بن أبي تميم وسمّي العزيز بالله، وسار في الناس سيرة جميلة وأنعم وأحسن إلى كثير، [مسير جوهر إلى الشام لمحاربة القرامطة وأفتكين التركي] وسيّر جوهر الكاتب ووجوه كتّابه وجماعة من الإخشيديّة الكافورية مع جوهر إلى الشام لمحاربة القرامطة وأفتكين التركيّ الوارد من بغداد إلى دمشق، فساعدوا (¬5) أهل دمشق التركيّ، [الحرب بين الدمشقيّين والمغاربة] وجرت بينهم وبين المغاربة حروب ووقايع كثيرة، وكان نزول جوهر ومن معه بالشمّاسيّة من عمل دمشق، وقتل بينهم خلق عظيم (¬6). [الحرب بين جوهر وأفتكين بالرملة] ثم عاد جوهر الكاتب إلى الرملة، وأقام أفتكين التركيّ على جملته بدمشق أياما يسيرة، ثم سار إلى الرملة، فجرت بينهم أيضا حروب قتل فيها خلق كثير، منهم شمول (¬7) الإخشيدي (¬8)، وعاد جماعة من الإخشيدية إلى مصر. ¬
[ابن أبي الأبجر يقع في قبضة أفتكين]
[ابن أبي الأبجر يقع في قبضة أفتكين] وأسر بن (¬1) أبي الأبجر السلميّ (¬2) أسره البادية في الطريق وقت عودته بالعريش، وحملو. . . التركيّ بالرملة (¬3). [جوهر يدخل عسقلان] واقتضت الحال اعت. . . ومن معه في كتامة وغيرهم دخول عسقلان وا. . . (¬4) بها. [سنة 367 هـ.] [الصلح بين أفتكين وجوهر والقرمطيّ] ثم وقع بينهم وبين أفتكين التركي صلح، وخر [ج]. . . إلى مصر (¬5)، بعد أن خرج أمير المؤمنين العزيز بالله سنة (¬6) /217 ب/الله عليه إلى عين شمس (في عسقلان) (¬7) في شعبان سنة تسع وستّين (¬8) وثلاثمائة يريد إلى الشام لما اتّصل به حال عساكره، وأنّها محصّنة (¬9) بعسقلان، فأقام أيام (¬10) بعين شمس، [أفتكين يصالح ملك الروم بناحية دمشق] ثم وافا (¬11) جوهر الكاتب ومن معه من كتامة وعبورهم (¬12) في يوم الأحد فصح النّصارى إلى عين شمس بحضرة العزيز بالله على صلح وموافقة حرب بينهم وبين أفتكين التركيّ وجعفر القرمطيّ (¬13). وكان هذا التركيّ قد صالح ملك الروم بناحية دمشق (¬14). ¬
[العزيز يسير إلى الشام]
[العزيز يسير إلى الشام] ثم سار العزيز بالله عن عين شمس إلى منى جعفر (¬1) في ذو (¬2) القعدة سنة سبع وستّين وثلاثمائة، ومنها إلى الجفار (¬3)، ومنها إلى الشام في يوم السبت لليلة بقيت من شوّال سنة سبع وستّين وثلاثمائة. ... [كسوف الشمس] نصف النهار انكسفت الشمس (¬4). [العزيز يستخلف على مصر لسفره] [فا] ستخلف على مصر حسين (¬5) بن القاسم وإليه الإشراف. . . أعمال الخراج بمصر، وهو عبد الله بن حلف (¬6)، وعليّ (بن عمر) (¬7) المعروف، بابن العدّاس المصري (¬8). [موقعة نهر الطواحين بين العزيز بالله وأفتكين] ولما وصل. . . [العزيز] (¬9) بالله أمير المؤمنين إلى الموضع المعروف بالطّواحين (¬10). . . فلسطين في عساكره لقيه أفتكين التركيّ. . . ابن جرّاح ¬
[سنة 368 هـ.]
الطّاي (¬1) إلى حضرة العزيز عليه السلام، /218 أ/فلم أجده (¬2) بما سلف من فعله، وعفا عنه وجدّد الصنيعة عنده (¬3). [سنة 368 هـ.] [عودة العزيز إلى مصر ومعه أفتكين التركي] وعاد العزيز بالله أمير المؤمنين بعساكره إلى مصر، ومعه التركيّ على إحسان وصلاح، وكان وصوله الفسطاط في يوم الإثنين لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وستّين وثلاثمائة من سنيّ الهجرة (¬4). [تسيير أبي محمود القائد إلى دمشق] وسيّر أبو محمد (¬5) إلى دمشق للمقام (¬6) بها. [سنة 369 هـ.] [الحرب بين أبي تغلب الحمداني وابن جرّاح والفضل بن صالح بالرملة] وورد المعروف بأبي تغلب بن حسين بن عبد الله بن حمدان من الموصل إلى دمشق، ومنها إلى الرملة، [مقتل أبي تغلب الحمداني] وحارب ابن جرّاح الطّاي (¬7) والفضل ¬
[ورود رسول من بغداد إلى مصر]
بن طالح (¬1)، فتبعه العزيز بالله عليه السلام (¬2) فظفر به وقتل وحمل رأسه إلى مصر (¬3). [ورود رسول من بغداد إلى مصر] وكان وصول الفضل ابن (¬4) صالح في يوم ورود رسول، فأحضروا المقيم ببغداد إلى حضر. . . العزيز بالله أمير المؤمنين، فأحسن إليه وانصرف من حضرته، وسار إلى صاحبه على حالة جميلة (¬5). [سنة 380 هـ.] و. . . العزيز بالله أمير المؤمنين أبو الفرج ابن يعقوب. . . يوسف (¬6) [تسمية أبي الفرج بالوزير الأجلّ] وسمّاه الوزير الأجلّ (¬7) (عند عودته من الم [وصل] مع التركي) (¬8) أقام سنة وشهرين وثمانية عشر يوما. . . للعزيز في يوم الإثنين لستّ خلون من ذي الحجّ [ة سنة] /218 ب/ثمانين وثلاثمائة (¬9). [سنة 386 هـ.] [وفاة الخليفة العزيز بالله] وتوفّي أبو المنصور العزيز بالله وهو في الخيم ببلبيس (¬10) في الحمّام ¬
[دخول الحاكم بأمر الله القاهرة بعد وفاة والده]
من علّة الحصا يوم الثلاثا لثلاث بقين من رمضان (¬1)، وجلس ابنه المنصور أبو عليّ الحاكم بأمر الله، وأعانه برجوان الخادم الأسود (¬2) الذي كان نصب لخدمته في يوم الأربعا لليلتين بقيتا من رمضان، [دخول الحاكم بأمر الله القاهرة بعد وفاة والده] ودخل القاهرة والتابوت الذي أبوه فيه قدّامه يوم الأربعا لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة ستة (¬3) وثمانين وثلاثمائة (¬4). [سنة 400 هـ.] [هدم كنيسة القيامة ببيت المقدس] وهدمت القيامة ببيت المقدس سنة أربع مائة، وتولّى ذلك الحسين بن طاهر الوزّان. [سنة 370 هـ] [حصول كنيسة البطريرك داخل قصر الشمع] وكان حصول الكنيسة المعروفة بكنيسة البطريرك داخل قصر الشمع لأرسانيوس الراهب الرومي أخو (¬5) زوجة أمير المؤمنين بو منصور (¬6) نزار العزيز بالله [و] (¬7) هي كنيسة مرتمريم (¬8) يوم الجمعة مستهلّ جمادى ¬
[تعيين مطران على القاهرة وتحول الكنيسة عن اليعاقبة]
الأول سنة سبعين وثلثمائة، وقدّست النصارى الملكيّة، فاغتسل مذبحها ومسحت بالميرن يوم الجمعة لثمان خلون منه. [تعيين مطران على القاهرة وتحوّل الكنيسة عن اليعاقبة] وفي يوم الأحد بعد ذلك العاشر من جمادى صيّر أرسانيوس مطران (¬1) على القاهرة في [ال] كنيسة، وزالت عن اليعاقبة، وعادت إلى أصحابها (¬2). فاختصرناه وبالله الإعانة في جميع الأمور. تم التاريخ بسلام. ¬
(بعون الله وتوفيقه انتهى تحقيق هذا الكتاب على يد طالب العلم الأستاذ الدكتور عمر عبد السلام تدمري بمنزله بساحة النجمة بطرابلس الشام المحروسة، وذلك يوم الأحد 25 رجب الفرد 1408 هـ. الموافق 13 آذار (مارس) 1988 والحمد لله وحده).
الفهارس
الفهارس 1 - فهرس الأعلام 467 2 - فهرس الأماكن والبلدان 481 3 - فهرس المصطلحات وأصحاب المناصب الوظائف 492 4 - فهرس الأمم والطوائف والشعوب والقبائل 496 5 - فهرس أصحاب الألقاب 499 6 - المصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق 503 7 - محتويات الكتاب 519 8 - الكتب الصادرة للمحقّق 577
المصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق
المصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق أولا-المخطوطات 1 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام-للحافظ الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد (توفي 748 هـ. /1348 م.) -نسخة المكتبة الوطنية بباريس (1581 مخ). 2 - تاريخ الإسلام. . -نسخة دار الكتب المصرية (396 تاريخ). 3 - تاريخ الإسلام. . -نسخة المتحف البريطاني (الجزءان 15 و 21). 4 - تاريخ الإسلام. . -نسخة آياصوفيا باسطنبول (سنوات 401 - 450 هـ). 5 - تاريخ مدينة دمشق-للحافظ ابن عساكر الدمشقي، أبي الحسن علي بن حسن (توفي 571 هـ. /1175 م.) -نسخة المكتبة التيمورية (1041 تاريخ). 6 - عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان-لبدر الدين العيني (توفي 855 هـ. / 1451 م.) -نسخة دار الكتب المصرية (1584 تاريخ). 7 - كنوز الذهب في تاريخ حلب-لابن العجمي، أبي ذرّ أحمد بن إبراهيم سبط ابن العجمي الحلبي (توفي 884 هـ. /1479 م.) نسخة المكتبة التيمورية بدار الكتب المصرية. 8 - مرآة الزمان في تاريخ الأعيان، لأبي المظفّر بن قيزوغلي سبط ابن الجوزي (توفي 654 هـ. /1256 م.) -نسخة دار الكتب المصرية (551 تاريخ).
ثانيا-المصادر القديمة (أ)
9 - نهاية الأرب في فنون الأدب-للشهاب النويري أحمد بن عبد الوهاب (توفي 733 هـ. /1333 م.) نسخة دار الكتب المصرية (549 معارف عامة). ثانيا-المصادر القديمة (أ) 10 - إتّعاظ الحنفا بأخبار الأئمّة الفاطميّين الخلفا-تقيّ الدين أحمد بن علي المقريزي (توفي 845 هـ. /1441 م.) -تحقيق الدكتور جمال الدين الشيّال-طبعة دار الفكر العربي بالقاهرة 1948. 11 - أخبار الدول المنقطعة-جمال الدين علي بن ظافر-نشره أندريه فريه- طبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة 1972. 12 - أخبار الدول وآثار الأول-أحمد بن يوسف بن سنان القرماني (توفي 1019 هـ. /1610 م.) -طبعة حجر. 13 - أخبار الراضي بالله والمتّقي لله (أو أخبار الدولة العباسية من سنة 322 إلى سنة 333 هـ.) من كتاب الأوراق لأبي بكر الصولي-نشر هيورث دن- مطبعة الساوي، القاهرة 1935 - 1936. 14 - أخبار مصر-الأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبيد الله المسبّحي-تحقيق وليم ج. ميلود-طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980. 15 - أخبار مصر-محمد بن علي بن يوسف بن جلب بن ميسّر-نشره هنري ماسّيه-طبعة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة 1919. 16 - الإشارة إلى من نال الوزارة-أمين الدين تاج الرياسة أبو القاسم علي بن منجب الصيرفي-تحقيق عبد الله مخلص-طبعة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة 1924. 17 - الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة-عزّ الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن شدّاد (توفي 684 هـ. /1285 م.) -نشره الدكتور
سامي الدهّان-طبعة المعهد العلمي الفرنسي بدمشق 1962 (الجزء الأول). 18 - الأغاني-أبو الفرج الأصبهاني-طبعة مؤسّسة جمّال ببيروت المصوّرة عن طبعة دار الكتب المصرية. 19 - أمراء دمشق في الإسلام-صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (توفي 764 هـ. /1362 م.) -تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجّد-طبعة المجمع العلمي العربي بدمشق 1955. 20 - الإنباء في تاريخ الخلفاء-جمع محمد بن علي بن محمد المعروف بابن العمراني (توفي في حدود 580 هـ.) -تحقيق الدكتور قاسم السامرّائي- نشره المعهد الهولندي للآثار المصرية والبحوث العربية بالقاهرة-طبعة ليدن 1973. 21 - الأوراق-لأبي بكر الصولي-نشره ج. هيورث دن-طبعة مصر 1935. (ب) 22 - بدائع الزهور في وقائع الدهور-محمد بن أحمد بن اياس-تحقيق محمد مصطفى- (النشرات الإسلامية لجمعية المستشرقين الألمانية بفيسبادن) - القاهرة 1961. 23 - البداية والنهاية في التاريخ-لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (توفي 774 هـ. /1372 م.) -طبعة بيروت، الرياض 1966. 24 - بغية الوعاة في طبقات النحويّين والنّحاة-جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال السيوطي (توفي 911 هـ.) -طبعة مصر 1326 هـ. 25 - البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب-لابن عذاري المرّاكشي-تحقيق ج. س. كولان، وإ. ليفي بروفنسال-طبعة دار الثقافة، بيروت 1967.
(ت) 26 - تاريخ ابن خلدون (العبر في ديوان المبتدا والخبر) -وليّ الدين أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون (توفي 808 هـ. /1405 م.) -طبعة بيروت 1958. 27 - تاريخ ابن الفرات (يعرف بتاريخ الدول والملوك) -ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن الفرات (توفي 806 هـ. /1404 م.) -تحقيق الدكتور قسطنطين زريق-بيروت 1939. 28 - تاريخ ابن الوردي (يعرف بتتمّة المختصر في أخبار البشر) -الشيخ عمر بن الوردي (توفي 749 هـ. /1348 م.) -طبعة مصر 1285 هـ. 29 - تاريخ أخبار القرامطة-ثابت بن سنان الحرّاني (توفي 365 هـ. / 976 م.) -تحقيق الدكتور سهيل زكّار-بيروت 1971. 30 - تاريخ الأزمنة-للبطريرك إسطفان الدويهي-طبعة دار لحد خاطر، بيروت. 31 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام-الحافظ الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد (توفي 748 هـ. /1346 م.) -تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري- (حوادث 351 - 380 هـ.) -طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1988 و 1989. 32 - تاريخ بغداد-لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (توفي 463 هـ.) -طبعة دار الكتاب العربي، بيروت. 33 - تاريخ بيهق-لأبي الفضل محمد بن حسين البيهقي (توفي 470 هـ.) - ترجمة الدكتور يحيى الخشاب، وصادق نشأت-طبعة دار النهضة العربية، بيروت 1982. 34 - تاريخ الخلفاء القائمين بأمر الله-لجلال الدين السيوطي (توفي 911 هـ.) -طبعة مصر 1305 هـ. 35 - تاريخ الدولتين الموحّدية والحفصيّة-لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم اللؤلؤي المعروف بالزركشي-مطبعة الدولة التونسية 1289 هـ. 36 - تاريخ الزمان-لأبي الفرج حمال الدين ابن العبري (توفي 685 هـ. /
1286 م.) -نقله إلى العربية إسحاق أرملة-قدّم له الدكتور جان موريس فييه-طبعة دار المشرق، بيروت 1981. 37 - تاريخ سنيّ ملوك الأرض والأنبياء-لحمزة بن الحسن الأصبهاني-طبعة دار مكتبة الحياة، بيروت. 38 - تاريخ الفارقي-لأحمد يوسف بن علي بن الأزرق الفارقي (توفي بعد 482 هـ.) -تحقيق الدكتور بدوي عبد اللطيف-طبعة دار الكتاب اللبناني 1974. 39 - تاريخ مختصر الدول-لأبي الفرج جمال الدين ابن العبري (توفي 685 هـ. /1286 م.) -المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1958. 40 - التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق-سعيد بن البطريق-نشره لويس شيخو-بيروت 1909. 41 - تاريخ المسلمين-للمكين جرجس بن العميد-نشره أرنييوس، طبعة لندن 1625. 42 - تاريخ اليعقوبي-أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر اليعقوبي (ت 284 هـ.) - طبعة دار صادر، بيروت 1960. 43 - تجارب الأمم وتعاقب الهمم-لأبي علي أحمد بن محمد بن مسكويه (توفي 421 هـ. /1030 م.) -طبعة المثنّى ببغداد المصوّرة عن طبعة لايدن. 44 - التذكرة الحمدونية-لمحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون (توفي 562 هـ. /1167 م.) تحقيق الدكتور إحسان عبّاس-طبعة معهد الإنماء العربي، بيروت 1983. 45 - تكملة تاريخ الطبري-محمد بن عبد الملك الهمداني-تحقيق ألبرت يوسف كنعان، بيروت 1961. 46 - التنبيه والإشراف-لأبي الحسن علي المسعودي (توفي 346 هـ.) -بيروت 1968.
(ح) 47 - حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة-جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (توفي 911 هـ.) -مصر 1327 هـ. 48 - الحلّة السّيراء في تراجم الأمراء والشعراء-محمد بن عبد الله بن الأبّار القضاعي (توفي 658 هـ. /1260 م.) -تحقيق الدكتور حسين مؤنس- القاهرة 1963. 49 - حياة الحيوان-كمال الدين محمد بن موسى الدميري (742 - 808 هـ. / 1341 - 1405 م.) -سلسلة كتاب التحرير-مصر 1966. (خ) 50 - خزانة السلاح-مؤلّف مجهول-تحقيق د. نبيل محمد عبد العزيز-القاهرة 1978. 51 - خلاصة الذهب المسبوك مختصر من سير الملوك-عبد الرحمن بن سنبط قنيتو الإربلي (توفي 717 هـ. /1317 م.) -نشره مكي السيد جاسم- بغداد. (د) 52 - الدّرّ المنتخب في تاريخ مملكة حلب-محمد بن الشحنة الحلبي-نشره يوسف سركيس، بيروت 1909. 53 - الدّرّة المضيّة في أخبار الدولة الفاطمية (من كنز الدرر) -لابن أيبك الدواداري-الجزء السادس-تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجّد-طبعة القاهرة 1961. 54 - دول الإسلام-الحافظ الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد، (توفي 748 هـ. /1246 م.) طبعة مصر. 55 - ديوان أبي فراس الحمداني-نشره الدكتور سامي الدّهّان.
56 - ديوان التهامي-لأبي الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي (توفي 416 هـ.) -تحقيق محمد زهير الشاويش-نشره المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية. 57 - ديوان الصّوري-عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون الصوري (339 - 419 هـ.) -تحقيق مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر-نشرته وزارة الثقافة والإعلام، بغداد 1980. 58 - ديوان لغات الترك-للكشغري-طبعة 1333 هـ. 59 - ديوان المتنبّي-أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي (توفي 354 هـ.) -شرح البرقوقي. 60 - ديوان المتنبّي-تحقيق الدكتور عبد الوهاب عزّام-القاهرة 1944. (ذ) 61 - ذيل تاريخ دمشق-أبو يعلى حمزة بن القلانسي (توفي 555 هـ.) -نشره آمدروز-المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1908. 62 - ذيل تجارب الأمم-أبو شجاع الروذراوري-تحقيق آمدروز-مصر 1916. (ر) 63 - رسالة الغفران-أبو العلاء المعرّي (توفي 449 هـ.) -تحقيق فوزي عطوي-بيروت 1968. 64 - الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر-محيي الدين بن عبد الظاهر (توفي 692 هـ. /1293 م.) -تحقيق الدكتور عبد العزيز الخويطر-الرياض 1976.
(ز) 65 - زبدة الحلب في تاريخ حلب-كمال الدين أبو القاسم عمر بن أحمد بن العديم الحلبي (توفي 660 هـ. /1258 م.) -تحقيق الدكتور سامي الدّهان-طبعة المعهد الفرنسي بدمشق 1945. (س) 66 - السلوك لمعرفة دول الملوك-تقيّ الدين أحمد بن علي المقريزي (توفي 845 هـ. /1441 م.) -تحقيق الدكتور محمد مصطفى زيادة-الجزء الأول-القسم الثالث-طبعة دار الكتب المصرية 1938. 67 - سير أعلام النبلاء-الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (توفي 748 هـ. /1346 م.) -الجزء 15 - تحقيق إبراهيم الزيبق-طبعة مؤسّسة الرسالة، بيروت 1983. الجزء 16 - تحقيق أكرم البوشي بيروت 1983. الجزء 17 - تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي، بيروت 1983. الجزء 18 - تحقيق شعيب الأرنؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي-بيروت 1984. (ش) 68 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب-ابن العماد الحنبلي-طبعة مصر 1351 هـ. 69 - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام-للقاضي تقي الّدين أبي الطيّب محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكّي المالكي (775 - 832 هـ.) -تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري-طبعة دار الكتاب العربي؛ بيروت 1985.
(ص) 70 - صبح الأعشى في صناعة الإنشا-أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي (توفي 821 هـ. /1418 م.) -طبعة دار الكتب المصرية 1963. 71 - صلة تاريخ أوتيخا (تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي) ليحيى بن سعيد الأنطاكي (توفي 458 هـ. /1066 م.) -نشره لويس شيخو-بيروت 1909. -ونسخة نشرها كارتشوفسكي وفاسيليف-باريس 1924. 72 - صورة الأرض-ابن حوقل (كتبه حوالي 367 هـ. /977 م.) -طبعة لايدن. (ط) 73 - طبقات الشافعية-جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي (توفّي 771 هـ. / 1369 م.) -تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري-بغداد 1970. (ع) 74 - العبر في خبر من غبر-للحافظ الذهبي (توفّي 748 هـ.) -تحقيق فؤاد سيّد (الجزء 3) -طبعة الكويت 1961. 75 - العقد الفريد-ابن عبد ربّه الأندلسي أبو عمر أحمد بن محمد-تحقيق أحمد أمين، وأحمد الزين، وإبراهيم الأبياري-طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر-مصر 1952. 76 - عيون الأخبار وفنون الآثار في فضائل الأئمّة الأطهار-الداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي (توفي 872 هـ.) -تحقيق الدكتور مصطفى غالب-طبعة دار الأندلس-السبع الخامس (1975) والسبع السادس (1984) بيروت. 77 - عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء-ابن أبي أصيبعة-القاهرة 1299 هـ.
78 - العيون والحدائق في أخبار الحقائق-مؤلف مجهول-تحقيق نبيلة عبد المنعم داود-طبعة النجف 1972. (ف) 79 - فتوح البلدان-أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (توفي 279 هـ.) -تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجّد-القاهرة 1956. 80 - الفخري في الآداب السلطانية-محمد علي المعروف بابن الطقطقا-طبعة دار صادر، بيروت. 81 - الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيّين-انتخبها الحافظ أبو علي محمد بن علي الصوري (376 - 441 هـ.) على أبي عبد الله محمد بن علي العلوي (367 - 445 هـ.) -تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري-طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1977. 82 - فوات الوفيات-ابن شاكر الكتبي (توفي 764 هـ. /1362 م.) -تحقيق الدكتور إحسان عباس-بيروت. (ك) 83 - الكامل في التاريخ-ابن الأثير الجزري علي بن أبي الكرم محمد (توفي 630 هـ.) -طبعة دار صادر، بيروت 1965. (م) 84 - مآثر الإنافة في معالم الخلافة-أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي (توفي 821 هـ. /1418 م.) -تحقيق عبد الستار أحمد فرّاج-الجزء الأول- الكويت 1964. 85 - المختصر في أخبار البشر-أبو الفداء اسماعيل-طبعة الحسينية بالقاهرة 1325 هـ.
86 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان في حوادث الزمان-أبو محمد عبد الله اليافعي (توفي 768 هـ. /1365 م.) -طبعة حيدر أباد 1338 هـ. 87 - مرآة الزمان في تاريخ الأعيان-أبو المظفّر بن قيزوغلي سبط ابن الجوزي (توفي 654 هـ. /1256 م.) -طبعة حيدر أباد 1952. 88 - مروج الذهب ومعادن الجوهر-أبو الحسن علي المسعودي (توفي 346 هـ.) -تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد-القاهرة 1964. 89 - معجم الأدباء-ياقوت الحموي-نشره د. مرجليوث-طبعة القاهرة. 90 - معجم البلدان-ياقوت الحموي-طبعة صادر، بيروت. 91 - معجم الشعراء-محمد بن عمران المرزباني-تحقيق عبد الستار فرّاج- طبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1960. 92 - معجم الشيوخ، لابن جميع الصيداوي (توفي 402 هـ.) -تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري-بيروت 1985. 93 - المغرب في حلى المغرب (القسم الخاص بالقاهرة المعروف بالنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة) -لمؤلّفين أندلسيّين-تحقيق الدكتور حسين نصّار- طبعة دار الكتب المصرية 1970. 94 - المقفّى-تقيّ الدين أحمد بن علي المقريزي (ت 845 هـ. /1441 م.) - تحقيق محمد اليعلاوي-طبعة دار الغرب-بيروت 1987. 95 - المنتظم في تاريخ الأمم-ابن الجوزي-طبعة حيدر أباد 1359 هـ. 96 - من حديث خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي (250 - 343 هـ.) - تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري-طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1980. 97 - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار-تقيّ الدين أحمد بن علي المقريزي (توفي 845 هـ. /1441 م.) طبعة مصر 1325 هـ. 98 - موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي-للدكتور عمر عبد السلام تدمري-بيروت 1984. 99 - المونس في أخبار إفريقية وتونس-ابن أبي دينار القيرواني.
(ن) 100 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة-جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي (توفي 874 هـ.) -طبعة دار الكتب المصرية 1963. 100 - نخبة الدهر في عجائب البرّ والبحر-محمد بن أبي طالب شيخ الربوة الدمشقي (توفي 727 هـ. /1327 م.) -نشره مهرن-طبعة لايبزغ 1864. 102 - نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة-القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي (توفي 384 هـ.) -تحقيق عبّود الشالجي-طبعة دار صادر، بيروت 1971. 103 - نكت الهميان في نكت العميان-صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (توفي 764 هـ.) -نشره أحمد زكي-القاهرة 1911. 104 - نهاية الأرب في فنون الأدب-الشهاب أحمد بن عبد الوهاب النويري (توفي 733 هـ. /1333 م.) -طبعة دار الكتب المصرية-الجزء 23 - تحقيق الدكتور محمد جابر عبد العال الحيني، مراجعة إبراهيم مصطفى، القاهرة 1984. والجزء 26 - تحقيق محمد فوزي العنتيل-مراجعة الدكتور محمد طه الحاجري-القاهرة 1985. 105 - نهر الذهب في تاريخ حلب-كامل بن حسين بن محمد البابي الحلبي الغزّي-المطبعة المارونية، حلب. (و) 106 - الوافي بالوفيات-صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (توفي 764 هـ.) -الجزء 11 - باعتناء الدكتور شكري فيصل، بيروت 1981. والجزء 15 باعتناء بيرند راتكه، بيروت 1979. والجزء 16 باعتناء الدكتوره وداد القاضي، بيروت 1982. والجزء 17 باعتناء دوروتيا كرافوسكي، بيروت 1982.
ثالثا: المراجع الحديثة (ب)
107 - الوزراء (أو تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء) -أبو الحسن الهلال بن المحسّن الصابي (359 - 448 هـ.) -تحقيق عبد الستار فرّاج-طبعة دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 1958. 108 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان-أبو العباس شمس الدين أحمد بن خلّكان (توفي 681 هـ. /1282 م.) -تحقيق الدكتور إحسان عبّاس- طبعة دار الثقافة، بيروت. 109 - ولاة مصر-أبو عمر محمد بن يوسف الكندي المصري (توفي 350 هـ.) - تحقيق الدكتور حسين نصّار-بيروت 1959. 110 - الولاة والقضاة-الكندي-نشره رفن جست-بيروت 1908. (ي) 111 - يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر-أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي (توفي 429 هـ. /1038 م) -تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد-مصر 1956. ثالثا: المراجع الحديثة (ب) 112 - البحرية في مصر الإسلامية وآثارها الباقية-الدكتورة سعاد ماهر-القاهرة 1967. (ت) 113 - تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور (عصر الصراع العربي- البيزنطي والحروب الصليبية) -الجزء الأول-الطبعة الثانية، للدكتور
عمر عبد السلام تدمري-طبعة مؤسّسة الرسالة ببيروت، ودار الإيمان بطرابلس 1984. 114 - تاريخ طرابلس السياسي والحضاري (عصر دولة المماليك) -الجزء الثاني- طبعة المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1981. 115 - تاريخ كنيسة أنطاكية-خريسوستمس بابادوبولس-تعريب الأسقف استفانس حدّاد-منشورات النور-بيروت 1984. 116 - تعريف القدماء بأخبار أبي العلاء-جماعة من الأدباء-مصر. 117 - تكملة المعاجم العربية-رينهارت دوزي-ترجمة الدكتور محمد سليم النعيمي-نشرته وزارة الثقافة ببغداد 1980 (ح) 118 - الحاكم بأمر الله الخليفة المفترى عليه-للدكتور عبد المنعم ماجد-القاهرة 1959. 119 - الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية-محمد عبد الله عنان-القاهرة 1959. 120 - الحضارة البيزنطية-ستيفن رنسيمان-ترجمة عبد العزيز جاويد-القاهرة 1961. 121 - حكايات الشطّار والعيّارين-للدكتور محمد رجب النجار-سلسلة عالم المعرفة، الكويت رقم (45). 122 - الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى-عمر عبد السلام تدمري-طبعة دار فلسطين للتأليف والترجمة، بيروت 1972. (خ) 123 - خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام-أحمد زيني دحلان-المطبعة الخيرية بمصر 1305 هـ.
(د) 124 - دائرة المعارف الإسلامية-ترجمة جماعة أساتذة-الجزء 15 - طبعة القاهرة. 125 - الدولة البيزنطية-الدكتور السيد الباز العريني-القاهرة 1960. 126 - ديوان الصوري-دراسة نقدية للدكتور عمر عبد السلام تدمري-مجلة مجمع اللغة العربية الأردني-العدد المزدوج 23 - 24 - السنة السابعة، عمّان 1984. (ر) 127 - رصيد التاريخ-رينيه غروسّه-ترجمة محمد خليل باشا-الجزء الثاني- القاهرة. 128 - الروم وصلاتهم بالعرب-الدكتور أسد رستم-بيروت. (ط) 129 - طائفة الدروز-محمد كامل حسين-القاهرة 1955. (ق) 130 - القوى البحرية والتجارية في حوض البحر المتوسّط-أرشيبالد لويس- ترجمة أحمد محمد عيسى-القاهرة 1960. (م) 131 - محيط المحيط. 132 - مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية-الدكتور سهيل زكّار-بيروت 1973. 133 - مدينة الرملة-الدكتور صادق أحمد داود جودة-1986.
رابعا: المصادر والمراجع الأجنبية
134 - مذاهب الإسلاميّين-الدكتور عبد الرحمن بدوي-بيروت 1973. 135 - المكتبة العربية الصّقلّية- (نصوص حول جزيرة صقلّية) -نشرها ميخائيل أماري-لا يبزغ 1857. 136 - مكّة وعلاقاتها الخارجية-أحمد الزيلعي-نشرته عمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك سعود-الرياض 1981. 137 - منتخبات عربية-دي ساسي-باريس 1806. (ن) 138 - نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني-ماريوس كانار-الجزائر 1934. 139 - النفوذ الفاطمي على بلاد الشام والعراق-الدكتور جمال الدين سرور- القاهرة 1955. رابعا: المصادر والمراجع الأجنبية Cambridge Mediieval History .Vol-IV . - 140 Diehl et Marc?ais-Le monde Oriental de 593 a? 1801.Paris 6391. -141 1881. Dozy-Supple?ment aux Dictionnaires arabes .V .I-Leyden -142 Joan Hussey-Oxford 6591. Ostrogorowski G .-History of the Byzantine State-Trans- -143 sie?cle-Paris 6981-5091. Schlumberger G .-L'Epope?e bizantine a? la Fin du dixie?mes -144 cephore Phocas-Paris 0981. Schlumberger-Un Empereur Byzantine au dixie?me sie?cle-Ni- -145
محتويات الكتاب
(7) محتويات الكتاب الصفحة الموضوع 5 مقدّمة التحقيق 17 مقدّمة المؤلّف (حوادث سنة 326 هـ.) 21 رسالة بطريرك القسطنطينية إلى بطاركة الإسكندرية وأنطاكية وبيت المقدس 22 الخليفة الراضي يقلّد ابن راشد إمرة الأمراء 22 ابن رائق يستولي على أمور الدولة العباسية 22 ابن رائق يولّي بجكم التركي على الأهواز 22 دخول بجكم بغداد ووزارته للراضي (حوادث سنة 327 هـ.) 22 وفاة الفضل بن جعفر وزير الراضي 23 وزارة أحمد بن محمد البريدي (حوادث سنة 328 هـ.) 23 وفاة سعيد بن بطريق بطريرك الإسكندرية 24 شقاق أسقف تنّيس وأسقف الفرما على ابن البطريق
الصفحة الموضوع 25 ابن الأحول يمنع الصلاة في كنيسة تنّيس ويقبض على أسقفّها 28 المسلمون واليهود يهدمون كنيسة بعسقلان 29 ابن رائق يستولي على حمص ودمشق والرملة ويهزم الإخشيد 29 الإخشيد يهزم ابن رائق إلى دمشق 29 ابن رائق يقتل أخا الإخشيد عند اللّجّون 30 الإخشيد يوسّط أبا الفتح ابن رائق في الصلح مع أبيه 30 صرف أحمد بن محمد البريدي عن الوزارة 30 سليمان بن الحسن بن مخلد يتولّى الوزارة 30 بجكم يقبض على ابن شيرزاد ويستكتب أحمد بن علي الكوفي (حوادث سنة 329 هـ.) 31 وفاة الخليفة الراضي -خلافة المتّقي لله- 33 مبايعة المتّقي لله بالخلافة 33 إقرار سليمان بن الحسن بن مخلد في الوزارة 33 الغلاء العظيم بمصر 34 مقتل بجكم التركي 34 صرف سليمان بن الحسن واستيزار أحمد بن ميمون 34 حركة أحمد بن محمد البريدي لبلوغ الوزارة 35 كورتكين الديلمي يهزم البريدي ويتولّى إمرة الأمراء 35 محمد بن أحمد القراريطي يتقلّد الوزارة 36 كورتكين يقبض على القراريطي ويقلّد الوزارة محمد بن قاسم الكرخي 36 المتّقي يرسل إلى بجكم بالعودة إلى بغداد
الصفحة الموضوع 36 الحسن بن عبد الله بن حمدان يؤدّي مالا لبجكم 36 الحرب بين بجكم وكورتكين وهزيمة كورتكين 37 ابن رائق يتقلّد إمرة الأمراء من جديد (حوادث سنة 330 هـ.) 37 الأتراك يشغبون ببغداد على ابن رائق وينحازون إلى ابن البريدي 38 إزالة البريدي عن الوزارة وإعادتها إلى القراريطي 38 البريدي يستولي على دار الخلافة ببغداد 38 المتّقي وابن رائق يستنجدان بابن حمدان 38 استكتاب محمد بن علي الكوفي 38 المتّقي وناصر الدولة بن حمدان يدخلان بغداد ويهزمان البريدي 39 البريدي يسير إلى البصرة 39 المتّقي يلقّب علي بن حمدان بسيف الدولة 39 القبض على القراريطي ومصادرته (حوادث سنة 331 هـ.) 39 أحمد بن عبد الله الأصفهاني يتقلد الوزارة 39 الأتراك يشغبون على سيف الدولة وخروجه من بغداد 40 القراريطي يدبّر الأمر بعد استتار الكوفي 40 المتّقي يستوزر علي بن محمد بن مقلة 40 عودة توزون إلى واسط واستكتابه ابن شيرزاد 40 تعيين أسقف الإسكندرية 41 غزوة الروس إلى القسطنطينية 41 الروم يغزون ديار بكر
الصفحة الموضوع 42 المتّقي يستفتي الفقهاء في طلب الروم لمنديل المسيح عليه السلام 43 شروط الهدنة بين المسلمين والروم 44 الروم يستولون على مدينة دارا (حوادث سنة 332 هـ.) 44 الروم يدخلون رأس عين 44 وفاة تاودوسيوس بطريرك أنطاكية 45 المتّقي يستوحش من توزون ويخرج إلى بني حمدان بالموصل 45 الحرب بين توزون وسيف الدولة الصلح بين الخليفة المتّقي وتوزون 46 الإخشيد يمثل أمام المتّقي في الرّقّة فيجدّد ولايته على مصر والشام 46 توزون يخلع المتّقي من الخلافة ويحبسه حتى مات -خلافة المستكفي- 49 مبايعة المستكفي بالخلافة وتوزير محمد بن علي (حوادث سنة 333 هـ.) 49 خلع الملك رومانوس عن العرش 50 قسطنطين بن لاون يستولي على العرش البيزنطي 50 نفي رومانوس وولديه إلى الجزائر اليونانية 51 فشل مؤامرة تستهدف الإطاحة بقسطنطين 52 مقتل قسطنطين بن رومانس
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 337 هـ.) 52 موت رومانوس الملك المخلوع (حوادث سنة 334 هـ.) 52 موت توزون التركي 52 ابن شيرزاد يتولّى رآسة الأتراك 52 المستكفي يضرب لقبه على السّكّة 52 أحمد بن بويه الديلمي يستولي على الأهواز ويدخل بغداد 53 المستكفي يجعل ابن بويّه أمير الأمراء ويلقبه 53 معزّ الدولة بن بويه يستكتب ابن شيرزاد 53 خلع المستكفي من الخلافة وسمل عينيه (حوادث سنة 338 هـ.) 54 وفاة المستكفي في حبسه -الخليفة المطيع لله- تكملة (حوادث سنة 334 هـ.) 55 مبايعة الفضل بن المقتدر بالخلافة وتلقّبه بالمطيع لله 55 الغلاء المفرط في بغداد والبصرة 56 وفاة القائم بأمر الله صاحب المغرب 57 أبو الطاهر إسماعيل الملقّب بالمنصور يتولّى خلافة المغرب (حوادث سنة 336 هـ.) 57 المنصور يقتل أبا يزيد بعد محاربته
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 337 هـ.) 57 المنصور يعمّر المنصورية ويغزو بلاد الروم -تاريخ الخلفاء الفاطميين- 59 المؤلّف يعرض لبداية ظهور الفاطميين وقيام دعوتهم 59 مسير المهديّ إلى اليمن لينشر الدعوة الفاطمية 60 ظهور الدعوة سنة 270 باليمن 60 أبو عبد الله الشيعي يلتقي الكتاميّين في الحجّ سنة 278 هـ. 60 مسير أبي عبد الله الشيعي مع كتامة إلى مصر والمغرب 60 إظهار الدعوة للمهديّ في بلاد كتامة 61 الحرب بين عبد الله بن الأغلب وأبي عبد الله الشيعي سنة 287 هـ. 61 مقتل عبد الله بن الأغلب 61 زيادة الله بن الأغلب يقتل أخاه وعمومته ويسكن رقّادة 62 خروج المهديّ من سلمية إلى القيروان 63 وقوع أبي العباس الداعية الشيعي أسيرا بيد الأغالبة 63 تتابع الحروب بين أبي عبد الله الشيعي وزيادة الله بن الأغلب 64 هزيمة زيادة الله وفراره إلى مصر 64 أبو عبد الله الشيعي يدخل رقّادة سنة 290 هـ. 64 فرار أبي العباس الداعية من أسر الأغالبة 64 إعلان إمامة وخلافة المهديّ سنة 296 هـ. 64 مقتل أليشع بن مدرار صاحب سجلماسة 65 المهديّ يدخل رقّادة ويستميل الناس لدعوته 65 أبو العباس الداعية يعاتب أخاه أبا عبد الله الشيعي 66 أبو عبد الله الشيعي ينصح المهديّ بإطلاق يده في الدعوة
الصفحة الموضوع 66 مقتل أبي عبد الله الشيعي وأخيه أبي العباس سنة 298 67 القتال بين الأغالبة والكتاميّين في إفريقية 67 المهديّ يقتل وجوه بني الأغلب ويحبس بعضهم 67 النزاع بين أهل القيروان والكتاميّين 67 ثورة عبد الله الماوطاني وإدّعاؤه النّبوّة 68 القائم بأمر الله ابن المهديّ يقتل الماوطاني 68 القائم بأمر الله يقضي على مخالفة أهل طرابلس الغرب للمهديّ سنة 300 هـ. 68 حباسة يفتح برقة للمهديّ ويستولي على الإسكندرية والفيّوم 69 القائم يخرج مددا لحباسة ويصل إلى الجيزة سنة 302 هـ. 69 المهديّ يبني مدينة المهديّة وينتقل إليها سنة 308 هـ. 69 القضاء على حركة أهل برقة 69 القضاء على حركة أهل جزيرة سقلّيّة 70 القضاء على حركة أهل تاهرت 70 وفاة الخليفة المهديّ سنة 322 هـ. -خلافة القائم بأمر الله- 71 مقتل الثائر ابن طالوث بطرابلس الغرب -عودة إلى أخبار الدولة العباسية- 73 الحرب بين معزّ الدولة بن بويه وناصر الدولة بن حمدان 73 الصلح بين معزّ الدولة وناصر الدولة 74 وثوب الأتراك على ناصر الدولة وترئيسهم لتكين الشيرازي 74 هزيمة ناصر الدولة من الموصل إلى الزّاب
الصفحة الموضوع 74 معزّ الدولة ينجد ناصر الدولة وهزيمة تكين وسمل عينيه 74 وفاة الإخشيد محمد بن طغج سنة 334 هـ. -أخبار سيف الدولة الحمداني- (حوادث سنة 334 هـ.) 75 سيف الدولة الحمداني يملك دمشق ويدخل الدولة 75 غلمان الإخشيد بالأردن يهزمون سيف الدولة إلى حلب 75 العامل على صعيد مصر يهزم الإخشيديّة ويدخل الفسطاط 76 الإخشيديّة يهزمون غلبون العامل على الصعيد 76 مقتل غلبون وأسر أصحابه 76 كافور الإخشيدي ينتقل من دمشق إلى مصر (حوادث سنة 336 هـ.) 76 ظهور الكوكب المذنّب 77 سيف الدولة يحاصر حصن برزويه 77 لاون بن بردس ينازل الحدث ويفتحه (حوادث سنة 337 هـ.) 77 سيف الدولة يفتح حصن برزويه ويسير إلى ميّافارقين 7 نزول لاون على حصن بوقا (حوادث سنة 338 هـ.) 87 لاون يقتل ويأسر جماعة كبيرة من أصحاب محمد بن ناصر الدولة 87 استيلاء الروم على مدينة كيليكية
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 339 هـ.) 78 سيف الدولة يوغل في بلاد الروم إلى ما وراء خر شنة 78 الروم يوقعون بجيش سيف الدولة ناحية الحدث ويهزمونه 79 ملك النّوبة يغير على الواحات من أعمال مصر 79 ردّ الحجر الأسود إلى مكة المكرّمة بعد أن انتزعه الجنابي سنة 317 هـ. (حوادث سنة 340 هـ.) 80 الزلزلة بمصر وأعمالها وانشقاق منارة الإسكندريّة (حوادث سنة 341 هـ.) 81 وفاة المنصور بالله صاحب المغرب -خلافة المعزّ لدين الله- 81 جوهر الصّقلّي يفتح أفكان ويقتل أميرها الذي تسمّى بأمير المؤمنين 82 جوهر يفتح فاس ويأسر أميرها 82 الأساطيل الفاطمية تغزوا وتغنم -عود إلى أخبار سيف الدولة- (حوادث سنة 342 هـ.) 83 غزوة سيف الدولة إلى زبطرة وعرقا 83 الحرب بين سيف الدولة وقسطنطين بن بردس 84 سيف الدولة يعبر الفرات إلى بطن هنزيط ويدخل سميساط 84 سيف الدولة يأسر قسطنطين بن برد ويأسر لاون البطريق 84 موت قسطنطين بن بردس في حلب
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 343 هـ.) 84 سيف الدولة يوقع الهزيمة بالروم عند حصن الحدث 85 سيف الدولة يبني حصن الحدث (حوادث سنة 344 هـ.) 85 بردس الفوقاس يهاجم حصن الحدث وينقب سوره (حوادث سنة 345 هـ.) 85 سيف الدولة يفتح تلّ بطريق ويستظهر على ابن الشمشيق 86 لاون البطريق يأسر أبا العشائر بن حمدان ويموت في الأسر 86 وزارة الحسن بن محمد المهلّبي 87 ملك النّوبة يخرّب أسوان فيردّ عليه العسكر في البرّ والبحر 87 سيف الدولة يغزو إلى سمندو ويأسر ستراتيغوس 87 سيف الدولة يحاصر حصن زياد (حوادث سنة 346 هـ.) 87 الدومستيقس يستولي على حصن الحدث ويخرّبه (حوادث سنة 347 هـ.) 88 هزيمة نجا غلام سيف الدولة أمام ابن الشمشقيق 88 الروم يهزمون سيف الدولة ويأسرون الكثير من أصحابه 89 الحرب بين ناصر الدولة بن حمدان ومعزّ الدولة 90 ناصر الدولة يستجير بأخيه سيف الدولة
الصفحة الموضوع 90 سيف الدولة يتوسّط بين أخيه ومعزّ الدولة 90 غارة الروم على قورس (حوادث سنة 348 هـ.) 91 موت قسطنطين بن لاون ملك الروم 91 لاون يسير إلى نواحي طرسوس ويستولي على الهارونيّة 92 خريسطوفورس يتولّى بطريركيّة أنطاكيّة 92 لاون يغير على ديار بكر ويأسر محمد بن ناصر الدولة (حوادث سنة 349 هـ.) 92 حركة العوّام والرعاع في مصر وتعرّضهم للكنائس 93 غرق عدّة مراكب حربية في دار الصناعة بمصر 93 وفاة بطريرك الإسكندرية 94 وفاة أنوجور بن الإخشيد 94 غزوة سيف الدولة بلد الروم وهزيمته أمام لاون 95 غزوة نقفور إلى جزيرة إقريطش 95 العوامّ والرّعاع يخرّبون الكنائس في مصر (حوادث سنة 350 هـ.) 96 غزوة نقفور إلى عين زربة (حوادث سنة 351 هـ.) 97 استيلاء الروم على دلوك ورعبان ومرعش
الصفحة الموضوع 97 غارة الروم على منبج ووقوع أبي فراس في أسرهم 97 الروم يهزمون نجا غلام سيف الدولة ويهاجمون حلب 99 نقفور يخرّب دار سيف الدولة ويدخل حلب (حوادث سنة 352 هـ.) 100 موت رومانس ملك الروم 101 نقفور يتولّى العرش البيزنطي ويتزوّج أرملة رومانوس 102 حركة الخارجيّ السلميّ في برّيّة الشّراة 103 الزلزلة بمصر واحمرار الشمس 103 وفاة الوزير الحسن المهلّبي 103 مرض سيف الدولة 103 خروج نجا عن طاعة سيّده سيف الدولة ومهاجمته للبلاد 104 شغب الجند على سيف الدولة 104 يوحنّا بن جمع يتولّى بطريركية بيت المقدس (حوادث سنة 353 هـ.) 104 الموقعة بين نقفور الملك وأهل طرسوس عند أدنة 105 ورود الخراساني إلى حلب لمعاضدة سيف الدولة في حرب الروم 105 الغلاء الشديد في الثغر وحلب وتفرّق عسكر الخراساني 106 استيلاء الروم على قبرس 106 ورود رسول من نقفور إلى سيف الدولة 106 سيف الدولة يصفح عن غلامه نجا 106 مقتل نجا بيد غلمان سيف الدولة (حوادث سنة 354 هـ.) 107 نقفور يحاصر المصّيصة
الصفحة الموضوع 108 الغلاء في المصّيصة وطرسوس 108 نقفور يستولي على المصّيصة ويتسلّم طرسوس بالأمان 108 أهل أنطاكية يسلّمون مدينتهم لرشيق النسيميّ 109 الدّيلم يستأمنون لرشيق 109 الحرب بين رشيق ودزبر الديلمي وقرغويه 109 خريصطوفورس يبتعد عن أنطاكية وقت الفتنة (حوادث سنة 355 هـ.) 109 وفاة عليّ بن الإخشيد وانفراد كافور بالأمر 110 مضايقة الصنّاجي لبطريرك بيت المقدس 112 مقتل بطريرك بيت المقدس 113 بناء قبّة كنيسة القيامة 113 الفداء بين سيف الدولة ونقفور 114 وقوع دزبر وابن الأهوازي في أسر سيف الدولة ومقتلهما 115 خروج الروم إلى آمد 115 نزول نقفور على منبج وتيزين وحصن أرتاح وأنطاكية 116 سيف الدولة يقرّب بطريرك أنطاكية اليه (حوادث سنة 356 هـ.) 117 وفاة سيف الدولة 117 قدوم محمد بن عيسى من خراسان إلى حلب 118 ابن مانك يقتل بطريرك أنطاكية ويستولي على مخلّفاته 120 أبو المعالي بن سيف الدولة يستولي على حلب 120 وفاة معزّ الدولة ابن بويه
الصفحة الموضوع 121 وفاة كافور الإخشيد 121 الخلاف بين الإخشيديّة (حوادث سنة 357 هـ.) 122 الغلاء والوباء في مصر 123 البلغر يغيرون على أطراف الروم 123 الروس يستظهرون على البلغر ويدخلون عاصمتهم 123 الخراسانيّون يغيرون على أعمال الروم ويعودون بالغنائم 123 الروم يفتكّون الأسرى من الخراسانية 123 أهل أنطاكية يخرجون الخراسانية منها 124 انسياح نقفور في ديار مضر وبلاد أرّزن وميّافارقين 124 غزوة نقفور إلى أنطاكية ومعرّة مصرين ومعرّة النعمان وحماة وحمص 125 نزول نقفور على طرابلس وحصاره عرقة 127 نقفور يستولي على أنطرطوس ومرقية وجبلة 127 نقفور يصالح أصحاب اللاذقية ويبني حصن بغراس 127 بطرس الخادم يغير على نواحي أنطاكية 128 عصيان قرغويه على أبي المعالي بحلب 128 ورود القرامطة إلى دمشق وحربهم مع ابن طغج بظاهر الرملة 128 القرامطة يستولون على الرملة 129 ابن طغج يقبض على الوزير ابن حنزابة ثم يطلقه (حوادث سنة 358 هـ.) 129 وفاة بطريرك بيت المقدس
الصفحة الموضوع -خلافة المعزّ لدين الله- 130 مسير جوهر الصّقلّي إلى مصر 131 الحرب بن الإخشيدية وجوهر الصّقلّي 132 جوهر يدخل مصر وفرار الإخشيدية والكافورية إلى الشام 133 زوال الدولة الإخشيدية 133 بناء القاهرة 133 أبو المعالي يقاتل قرغويه بحلب 134 الرغيلي يغتال علّوش الكردي ويستولي على أنطاكية 134 استيلاء الروم على أنطاكية 135 أبو المعالي ينتقل عن حلب إلى حمص (حوادث سنة 359 هـ.) 135 حصار الروم لحلب وتقرير الصلح مع أهلها 136 مقتل ابن مانك وابن محمود وابن دعامة 136 الروم يستولون على منازكرد 137 ازدياد هيبة نقفور لسعة توسّعه في بلاد المسلمين 138 الخلاف بين الملك نقفور وزوجته على ولاية العهد 140 الملكة تدبّر مقتل الملك نقفور 141 يانس بن الشمشقيق يتولّى عرش الروم 141 القبض على لاون أخي نقفور بعد نفيه 141 عصيان بردس بن لاون على يانيس بن الشمشقيق ونفيه 141 تعيين ثاودورس بطريركا على أنطاكية 142 تعيين بطريرك على القسطنطينية 142 ابن الشمشقيق يحاصر الروس ويتسلّم منهم مدينة البلغر
الصفحة الموضوع 143 جعفر بن فلاح يفتح الرملة ودمشق (حوادث سنة 360 هـ.) 143 صرف العباس بن الحسن الشيرازي عن الوزارة وعودته (عود إلى سنة 359 هـ.) 144 حركة تبر الإخشيدي والقبض عليه في البحر وقتله (عود إلى سنة 370 هـ.) 145 فتّوح غلام ابن فلاح يحاصر أنطاكية 146 زلزلة أنطاكية (حوادث سنة 361 هـ.) 146 القرمطيّ يستولي على دمشق ويهزم ابن فلاح 146 الحرب بين القرامطة والمغاربة خارج القاهرة 147 انهزام القرامطة إلى الرملة 147 القبض على بقيّة الإخشيدية والكافورية بمصر 147 القرامطة يهزمون المغاربة ويقيمون بالرملة (حوادث سنة 362 هـ.) 148 دخول المعزّ إلى القاهرة 148 غزوة ابن الشمشقيق إلى بلاد الشام 148 وقوع الدومستيقس في الأسر
الصفحة الموضوع 149 اضطراب بغداد ومهاجمة دار السلطان 150 استنفار المسلمين لحرب الروم وإظهار السلاح 150 الحرب بين السّنّة والشيعة 151 السلطان يطرح النار ببغداد للقضاء على الفتنة 151 عزّ الدولة يقع في ضائقة المال ويصادر أهل الذّمّة 152 صرف الشيرازي عن الوزارة وتقليد ابن بقيّة (حوادث سنة 363 هـ.) 152 هزيمة القرامطة أمام المصريين 153 عزّ الدولة يقبض على إقطاع سبكتكين 153 سبكتكين يتغلّب على بغداد 154 الفتنة بين الشيعة والسّنّة 153 الأتراك يجبرون المطيع لله على خلع نفسه من الخلافة -خلافة الطائع لله- 156 عزّ الدولة بختيار يجمع أصحابه لحرب سبكتكين 157 خروج سبكتكين إلى دير العاقول ووفاته بها 157 انهزام الأتراك عن بغداد (حوادث سنة 364 هـ.) 158 الحرب بين عضد الدولة والأتراك 158 دخول عضد الدولة فنّاخسرو بغداد 158 عضد الدولة يعمّر دار الخلافة 159 عودة الطائع إلى بغداد
الصفحة الموضوع 159 ابن بقيّة يتقلّد واسط وتكريت وعكبرا 159 عضد الدولة يحارب ابن بقيّة 160 اضطراب الأحوال على عضد الدولة فنّاخسرو 161 الاتفاق بين بختيار وفنّاخسرو 161 خروج عضد الدولة إلى شيراز بسبب الفتنة 161 بختيار يمنح الألقاب لأصحابه 161 الفتكين التركي يتغلّب على دمشق 161 غزوة ابن الشمشقيق إلى الشام 162 الفتكين يقدّم الطاعة لابن الشمشقيق 162 ابن الشمشقيق يستولي على بيروت وتمتنع عليه طرابلس 162 استيلاء ابن الشمشقيق على حصون بانياس وجبلة وبرزويه وصهيون 162 تعيين كليب بطريقا 163 تحصيل أموال طائلة على أملاك الإخشيدية والكافورية 163 وفاة المعزّ لدين الله -أول خلافة العلويّين- -خلافة العزيز بالله- (حوادث سنة 365 هـ.) 165 نزار بن معد يتولّى الخلافة ويلقّب بالعزيز بالله 165 وفاة يانيس بن الشمشقيق ملك الروم 165 باسيل بن رومانوس ينفرد بالملك مع أخيه 166 غارة ميخائيل البرجي على طرابلس 167 بردس السقلارس يعصي الملك ويستولي على هنزيط والخالديات 167 السقلاروس يهزم ميخائيل البرجي وابن الملاييني 167 البرجي يصبح ماجسطرسا عند السقلاروس
الصفحة الموضوع 167 كليب يسلّم أنطاكية لقائد السقلاروس 168 هزيمة الأطرابازي وابن الملاييني أمام السقلاروس (حوادث سنة 367 هـ.) 168 هزيمة بردس الفوقاس أمام السقلاروس 168 وفاة تاودورس بطريرك أنطاكية 169 الأسقف أغابيوس يعد الملك باستلام أنطاكية 170 نجاح أغابيوس في مهمّته وتعيينه بطريركا على أنطاكية 170 بردس السقلاروس يهاجم أنطاكية لاستعادتها 170 الماجسطرس يهزم ابن البغيل 171 الأرمن يثيرون فتنة في أنطاكية 171 مراسلة أغابيوس لبطريرك الإسكندري 171 بطريرك الإسكندرية يعترض على ترقية أغابيوس 172 نصّ كتاب أغابيوس إلى بطريرك الإسكندرية (عود إلى سنة 365 هـ.) 179 هزيمة جوهر أمام الفتكين التركي (حوادث سنة 366 هـ.) 179 وفاة الأعثم القرمطي بالرملة بعد دخولها 180 الحرب بين الفتكين وجوهر الصّقلّي (حوادث سنة 367 هـ.) 180 الصلح بين الفتكين وجوهر
الصفحة الموضوع 181 خروج العزيز بالله لقتال الفتكين 181 موقعة نهر الطواحين بين العزيز بالله والفتكين 181 وقوع الفتكين في الأسر 181 معاملة العزيز بالله الفتكين بالإكرام 182 العزيز بالله يستوزر ابن كلّس 182 عضد الدولة لا يحظى سوى بالدعاء على منابر العراق (عود إلى سنة 366 هـ.) 183 موت ركن الدولة الحسن بن بويه 183 الحرب بين عضد الدولة وبختيار 183 هزيمة بختيار إلى واسط (حوادث سنة 367 هـ. أيضا) 183 بختيار يقبض على ابن بقيّة 184 عضد الدولة يقتل ابن بقيّة 184 عودة بختيار إلى طاعة عضد الدولة 184 عضد الدولة يملك البصرة 184 الطائع لله يزيد في ألقاب عضد الدولة 184 بختيار يعود لجمع الجيش وحرب عضد الدولة 185 هزيمة بختيار عند قصر الجصّ ومقتله 185 اختلاف الروايات حول مقتل بختيار 186 انهزام أصحاب بختيار إلى الفتكين بدمشق 186 عودة الطائع لله إلى بغداد 186 عضد الدولة فنّاخسرو يملك الموصل
الصفحة الموضوع (عود إلى سنة 366 هـ.) 186 أبو المعالي بن سيف الدولة يولي بكجور على حلب 186 القبض على قرغويه 186 أبو المعالي يفتح المعرّة (سنة 367 من جديد) 187 أبو المعالي يأخذ حلب من بكجور ويولّيه حمص 187 أبو المعالي يهنّيء عضد الدولة بعودته إلى بغداد 187 أبو تغلب بن حمدان يستنجد ببردس السقلاروس 188 انشغال السقلاروس بمواجهة جيوش باسيل الملك (حوادث سنة 368 هـ.) 188 هزيمة السقلاروس أمام بردس الفوقاس 189 عودة أبي تغلب إلى بلاد الشام 189 جيوش عضد الدولة تمتلك جميع قلاع بني حمدان 189 السقلاروس يستنجد بعضد الدولة 189 باسيل الملك يعمل على استرضاء عضد الدولة 189 عضد الدولة يقبض على السقلاروس 189 الملك باسيل لا يستجيب لرغبة عضد الدولة 190 عضد الدولة يقبض على رسول باسيل 190 وفاة عضد الدولة 190 تعيين بطريرك الإسكندرية 191 معرفة مصنّف أخبار القدّيسين 191 قسّام يمنع أبا تغلب الحمداني من دخول دمشق
الصفحة الموضوع 191 أبو تغلب يطلب المساعدة من العزيز بالله 191 فشل الفضل بن صالح في حيلته على قسّام (حوادث سنة 369 هـ.) 191 ظهور مفرّج بن دغفل بالرملة 192 أجناد بني عقيل تستنجد بأبي تغلب على ابن دغفل 192 الحرب بين أبي تغلب وابن دغفل بظاهر الرملة 192 ابن دغفل يقتل أبا تغلب (حوادث سنة 370 هـ.) 193 العزيز بالله يمنع صلاة القنوت (التراويح) 193 ملك الروم يمتلك حصن رعبان بحيلة امرأة أرمنيّة 194 الملك باسيل يردّ إلى كرمروك ولاية اللاذقيّة لغارته على طرابلس 194 كرمروك يهزم الصّنهاجي في عمل أنطاكية 195 نزّال وابن شاكر يحاصران اللاذقية 195 وقوع كرمروك أسيرا وحمله إلى مصر (حوادث سنة 371 هـ.) 196 الحرب بين بردس الفوقاس وسعد الدولة الحمداني عند حلب 196 وفاة بطريرك بيت المقدس 196 عضد الدولة يحارب أخاه بهمذان ويستولي على مهرون 196 مخاطبة عضد الدولة بالشاهنشاه 196 زواج الطائع لله من ابنة عضد الدولة 197 عضد الدولة يحتوي على سائر بلاد فارس والعراق والموصل وديار بكر
الصفحة الموضوع 197 الوزير المظهر يفصد نفسه بيده ويموت خوفا من رهبة عضد الدولة 197 عضد الدولة يفوّض أبا الريّان تدبير الأمور (حوادث سنة 372 هـ.) 197 عضد الدولة ينفي ابنه إلى كرمان 198 وفاة عضد الدولة 198 شرف الدولة يقبض على وزير أبيه ويملك شيراز 198 الحرب بين شرف الدولة وأخيه صمصام الدولة (عود إلى سنة 371 هـ.) 199 رشيق العزيزيّ يهزم ابن دغفل ويطرده عن الشام 199 ابن دغفل يقطع طريق الحجّ ويقتل مفلح قائد العزيز بالله 199 عودة الحجيج إلى مصر 199 رشيق يهزم ابن دغفل 199 لجوء ابن دغفل إلى بكجور بحمص واستنجاده بالملك باسيل 200 العزيز بالله يؤمّن ابن دغفل (حوادث سنة 373 هـ.) 200 بلتكين يحاصر دمشق ويحمل قسّاما إلى مصر أسيرا 200 العزيز بالله يعفو عن قسّام ويطلق سراحه 200 عصيان بكجور بحمص على سعد الدولة واستنجاده بالعزيز بالله 200 بردس الفوقاس يهاجم حلب ويأخذ المال من سعد الدولة 201 بردس يسبي أهل حمص ويسير إلى تلّ خليفة 202 بكجور يستولي على دمشق ويقتل أحداثها
الصفحة الموضوع 201 توقّف النيل واضطراب الأسعار وشدّة الغلاء والوباء بمصر 202 العزيز بالله يقبض على وزيره يعقوب بن يوسف 202 القبض على الفضل بن صالح وأخويه ومصادرة ثروته 202 العزيز بالله يفرج عن الوزير وجميع المعتقلين ويردّ إليهم ثرواتهم (حوادث سنة 375 هـ.) 203 العزيز بالله يعيّن خال ابنته بطريركا على بيت المقدس 203 أبو المعالي يدفع سعد الدولة عن حمل المال للروم 203 بردمس الفوقاس يستولي على كلّز ويقاتل أفامية 204 قرعويه يفتح دير سمعان الحلبي 204 بردس الفوقاس يوقع بجماعة العرب والحمدانية 204 الملك باسيل يأمر بردس بالإنصراف عن أفامية 204 المغاربة يستولون على حسن بلنياس 204 لاون الماجسطرس ينازل بلنياس 205 المليسنوس يسترجع بلنياس من المغاربة 205 الملك يولّي بردس على أنطاكية وسائر المشرق (حوادث سنة 376 هـ.) 205 تجديد الهدنة بين بردس وأبي المعالي بحلب 205 هرب ولدي صموئيل ملك البلغر 206 البلغر يقتلون ابن صموئيل الأكبر خطأ 206 البلغر يملّكون ابن صموئيل الأصغر عليهم 206 البلغر يهزمون الملك باسيل عند أبارية 206 السقلاروس يطلب من صمصام الدولة إطلاقه لمحاربة الملك
الصفحة الموضوع 206 صمصام الدولة يستوثق من السقلاروس ويطلقه 207 السقلاروس يأخذ ملطية ويقبض على كليب البطريق 207 السقلاروس يدعو لنفسه بالملك 207 السقلاروس يجمع حوله العقيليّين والنميريّين والأرمن وصاحب ديار بكر 208 باسيل الملك يسيّر بردس الفوقاس لقتال السقلاروس 208 اتفاق السقلاروس وبردس على قتال الملك باسيل 208 ابن السقلاروس يكشف للملك باسيل المؤآمرة 209 بردس الفوقاس يقبض على السقلاروس (حوادث سنة 377 هـ.) 209 بردس الفوقاس يدّعي الملك لنفسه 209 اتّساع سيطرة بردس إلى ذروليّة وخريصوبولي 209 الملك باسيل يزوّج أخته لملك الروس ليساعده على حرب بردس 210 الملك باسيل يرسل المطارنة لعمادة ملك الروس الملحد 210 جيش الروس ينضمّ إلى جيش الروم لقتال بردس الفوقاس 210 باسيل يستولي على المراكب البحرية لفوقاس 210 بردس يستنجد بملك الجرزان ويهزم الطاروني قائد الروم (حوادث سنة 368 هـ.) 211 لاون بن بردس يخرج اغابيوس البطريرك من أنطاكية (حوادث سنة 379 هـ.) 211 الملك باسيل يظفر ببردس الفوقاس ويقتله 211 امرأة بردس الفوقاس تطلق سراح السقلاروس
الصفحة الموضوع 212 السقلاروس يوسّط قسطنطين عند أخيه الملك باسيل 212 الملك باسيل يصفح عن السقلاروس وأصحابه 212 لاون بن الفوقاس يقم بأنطاكية مخالفا للملك 212 ميخائيل البرجي يحمل لاون بأنطاكية مخالفا للملك 213 ميخائيل البرجي يحمل لاون إلى باسيل الملك 213 الملك باسيل ينقم على أغابيوس البطريرك صداقته لبردس 213 الزلازل في القسطنطينية ونيقوميدية 214 باسيل يحقد على ملك الجرزان وصاحبي الخالديات لإنجادهم الفوقاس 214 ملك الجرزان يلتمس العفو من باسيل ويدعو له بالملك في بلاده (حوادث سنة 380 هـ.) 215 البلغر يغزون بلاد الروم إلى سالونيكا 215 باسيل يتأهّب لحرب البلغر 215 موت السقلاروس وأخيه قسطنطين 215 باسيل يهزم البلغر ويأسر ملكهم 215 مقاومة القمطوفليس البلغري وغزوات باسيل 216 استيلاء باسيل على عدّة حصون وتخريب مدينة باريا (عود إلى سنة 377 هـ.) 216 شرف الدولة يعود لمحاربة أخيه ويستولي على بغداد وشيراز (حوادث سنة 378 هـ.) 217 المغاربة يفتحون حصن وادي القرى
الصفحة الموضوع (378 - 379 هـ.) 217 رعد وبرق وريح شديدة تضرب مصر 218 بكجور يتسلّم الرّقّة من غلام سعد الدولة 218 منير الخادم يدخل دمشق 218 ظهور الكوكب ذو الذؤآبة بالمغرب (حوادث سنة 380 هـ.) 218 وفاة شرف الدولة أبي الفوارس وانتقال الإمارة لأخيه أبي نصر 219 وفاة الوزير يعقوب بن كلّس 220 الترجمة للوزير ابن كلّس (حوادث سنة 381 هـ.) 220 الزلزلة بدمشق وبعلبك 220 بكجور ينازل بالس ويرحل عنها 220 سعد الدولة يهزم بكجور بأرض الناعورة 221 مقتل بكجور 221 سعد الدولة يملك الرّقّة ويستولي على الرحبة 221 عصيان منير الصقلبي بدمشق 221 العزيز بالله يسيّر بنجوتكين ومعه نزّال والي طرابلس لقتال منير 221 نزّال والي طرابلس يأخذ منير أسيرا 221 بنجوتكين يحمل منير إلى مصر ثم يعفى عنه 221 بهاء الدولة يخلع الطائع لله من الخلافة ويعتقله
الصفحة الموضوع -خلافة القادر بالله- 223 خروج بهاء الدولة لقتال أخيه صمصام الدولة بالبصرة 223 وفاة سعد الدولة أبي المعالي بحلب 223 بنجوتكين يأخذ حمص من أبي الفضائل 223 أبو الفضائل يستنجد بميخائيل البرجي والي أنطاكية 224 البرجي يعتقل رسول بنجوتكين (حوادث سنة 382 هـ.) 224 هزيمة الحمدانيّة أمام بنجوتكين 224 بنجوتكين يفتح حصن عمّ للبرجي ويهاجم أنطاكية 224 ميخائيل البرجي يجبن عن قتال بنجوتكين 224 بنجوتكين ينازل حلب ويسير إلى دمشق 225 باسيل الملك يطلق سراح رسول بنجوتكين 225 عصيان المسلمين في اللاذقية وسبي البرجيّ لهم (حوادث سنة 383 هـ.) 225 وفاء الخادم يسلّم أفامية لبنجوتكين 225 بنجوتكين يتسلّم شيزر من غلام سعد الدولة (حوادث سنة 384 هـ.) 225 بنجوتكين يعود لمنازلة حلب 225 الحلبيّون يستنجدون بالملك باسيل 226 تحالف ميخائيل البرجي والحمدانييّن لمحاربة بنجوتكين
الصفحة الموضوع 226 بنجوتكين يهزم الروم والحمدانيّة عند نهر العاصي 227 بنجوتكين يعود لمنازلة حلب ويفتح حصن أعزاز (عود إلى سنة 383 هـ.) 227 العزيز بالله يردّ النظر بالأمور إلى ابن الفرات ثم إلى ابن نسطورس (حوادث سنة 385 هـ.) 228 الحلبيّون يستغيثون بالملك باسيل وهو يغزو البلغر 228 استجابة الملك باسيل للحلبيين وانهزام بنجوتكين إلى دمشق 228 نزول الملك بحلب وسبيه لأهل رفنية وحمص 229 منازلة باسيل لطرابلس 229 أهل طرابلس يطردون واليهم ابن نزال 229 الملك باسيل يعمّر حصن أنطرطوس ويشحنه بالأرمن 230 الملك باسيل يولّي ذاميانوس بطريقا على أنطاكية ويسخط على البرجي 230 ذاميانوس يغزو إلى طرابلس ثم إلى عرقة (حوادث سنة 386 هـ.) 230 ذاميانوس يغزو ثانية إلى طرابلس ورفنية وعوج ويأخذ حصن اللكمة 230 تعيين بطريرك القسطنطينية 231 وفاة أغابيوس البطريرك 232 قائد الروم نقفور يظفر برئيس البلغر وينتصر عليهم 232 موت ملك البلغر ودعوة رئيسهم بالملك لنفسه 232 نقفور الماجسطرس يغزو بلاد البلغر ثانية 232 العزيز بالله يأمر بإنشاء الأسطول ليسير إلى طرابلس
الصفحة الموضوع 233 الحريق يلتهم ستة عشر مركبا بدار الصناعة بمصر 233 اتّهام تجّار الروم بحرق المراكب وثورة الرعيّة بمصر 233 ابن نسطورس يعمل على تهدئة الثورة 233 الاقتصاص من النّهابة 234 بنجوتكين يغزو إلى أنطاكية وينازل حلب وأنطرسوس 234 مسير الدوقس الدلاسينوس للدفاع عن أنطرسوس 234 ابن نسطورس يعيد بناء الأسطول 234 الريح تكسر الأسطول المصري عند أنطرسوس 234 بنجوتكين ينهزم من أمام الدوقس عند أنطرسوس 234 أهل أنطرسوس يستولون على بقية المراكب المصرية 235 وفاة العزيز بالله ببلبيس -خلافة الحاكم بأمر الله- 237 انتداب الحسن بن عمّار الكتامي للنظر في أمور الكتاميّين 238 ردّ جماعة من الأتراك هربوا إلى الشام خوفا من ابن عمّار (حوادث سنة 387 هـ.) 238 ابن عمّار يرفع المكوس الزائدة 238 ابن عمّار يعتقل ابن نسطورس ويقتله 238 المغاربة يستولون على أمور الدولة بابن عمّار ويوقفون أمور المشارقة 238 الملك باسيل يرفض الاستجابة لنجدة بنجوتكين 238 بنجوتكين يخرج مع العرب إلى مصر لنصرة المشارقة 239 إنهزام بنجوتكين بظاهر عسقلان أمام المغاربة
الصفحة الموضوع 239 أهل دمشق يثورون على بنجوتكن ويطردونه منها 239 بنجوتكين يلتمس الأمان ويدخل مصر 239 سليمان بن فلاح يحارب أهل دمشق ثم يدخلها صلحا 239 الحرب بين المشارقة والمغاربة في دمشق 239 الكتاميّون يلزمون ابن عمّار بالخروج إلى الحرب 239 إنهزام الكتاميّين وانتهاب دار ابن عمّار 240 خوف ابن عمّار على نفسه واختفائه إلى أن قتل 240 الحاكم يردّ النظر إلى برجوان الخادم 240 ابن فلاح يهرب من دمشق أمام ثورة أهلها والمشارقة 240 الأحداث يتغلّبون على دمشق برئاسة الدهيقين 240 خروج العلاّقة بصور على الحاكم 241 العلاّقة يضرب السّكّة باسمه ويستنجد بملك الروم باسيل 241 اجتماع الجيوش لمنازلة صور برّا وبحرا 241 الدهيقيق يدخل مصر طائعا (حوادث سنة 388 هـ.) 241 فتح صور وأسر مركب للروم وقتل العلاّقة بمصر 242 احتراق قلعة أفامية 242 الحلبيّون يقاتلون المغاربة بأفامية لتخليصها منهم 242 الحلبيّون يقدّمون القوت والسلاح لأهل أفامية دفعا لدميانوس عنها 242 دميانوس يشدّد الحصار على أفامية 243 جيش بن الصمصامة يهبّ لنجدة أفامية 243 دميانوس يستظهر على عسكر المغاربة ويهزمهم إلى بعلبك 243 مقتل دميانوس ونزول الهزيمة بالروم
الصفحة الموضوع 243 أبناء دميانوس يقعون في أسر المصريين ثم يفادى بهم 243 جيش بن الصمصامة ينازع أهل أنطاكية ويعود (حوادث سنة 389 هـ.) 243 الملك باسيل يغزو بنفسه إلى شيزر ويأخذها من ابن كراديس 244 باسيل يشحن شيزر بالأرمن ويأخذ حصن أبي قبيس ومصياف 244 باسيل يحرق رفنية وينازل حمص 244 قادة عسكر باسيل يحرقون كنيسة حمص 245 وصول باسيل إلى قرب بعلبك 245 جيش بن الصمصامة يطلب من الحاكم إنجاده بالعساكر 245 اجتماع الجيوش بدمشق 245 باسيل يعود إلى الساحل ويحرق عرقة وينازل طرابلس 245 باسيل يحفر خندقا لعسكر ويقطع قناة الماء عن حصن طرابلس 245 وصول شلندييّن يحملان إليه الميرة في البحر 245 باسيل يسيّر سريّة إلى بيروت وجبيل (حوادث سنة 390 هـ.) 246 فشل باسيل أمام طرابلس ورحيله إلى أنطاكية 246 باسيل يولّي نقفور الماجسطرس على أنطاكية 247 باسيل يتسلّم بلاد الخزر لوفاة الملك داود 247 باسيل ينعم على أمير الأكراد ممهّد الدولة بلقب دوقس المشرق 248 باسيل يرسل رسولين لتقرير الهدنة والصلح مع الحاكم 248 انتداب الحاكم بطريرك بيت المقدس لتقرير الهدنة مع باسيل 248 بطريرك بيت المقدس يعقد الهدنة بين باسيل والحاكم
الصفحة الموضوع 248 البطريرك يقيم بالقسطنطينية حتى وفاته 249 باسيل يعود إلى غزو بلاد البلغر ويمتلك حصونا عدّة 249 الحاكم يقتل برجوان الخادم ويقرّ كاتبه فهد النصرانيّ 249 الحاكم ينصّب الحسين بن جوهر قائد القوّاد 249 وفاة إيليا بطريرك الإسكندرية 249 أرسانيوس يتولّى كرسي الإسكندرية 250 تعيين سرجس المانويلس بطريركا على القسطنطينية (حوادث سنة 392 هـ.) 250 الحاكم يواصل النزول إلى شوارع مصر بالليل متنكّرا 250 التجار يوقدون على حوانيتهم ودورهم ويبتاعون بالليل 251 الحرب بين أحداث مصر وأحداث القاهرة 252 الحاكم يقتل فهدا النصرانيّ ويقرّ ابن جوهر على نظر الأمور 252 الحاكم يقبض على كتّاب الدواوين النصارى 252 الطبيب سهل بن مقشّر ينجح في إطلاق سراح المعتقلين 252 المسلمون يهدمون كنيسة لليعقوبية بظاهر مصر 253 الحاكم يبني المساجد مكان الكنائس المهدّمة 253 بناء الجامع الأزهر 253 الروم ينشؤون ثلاثة كنائس بدل الكنائس المهدّمة 253 الحاكم ينهى عن بيع النبيذ 254 الحاكم يحظّر على النساء كشف وجوههنّ ويمنع البكاء على الميت (حوادث سنة 395 هـ.) 254 ظهور الأصفر بأعمال حلب ومنازلته شيزر
الصفحة الموضوع 254 الأصفر يكبس والي أرتاح ويسير نحو الجسر الحديد 254 غلام السقلاروس يهزم الأصفر ويقتل صاحبه الجملي 254 الماجسطرس يحاصر الأصفر في كفرعزوز 255 هرب الأصفر وهزيمة الأعراب أمام الماجسطرس 255 الماجسطرس يجدّ في طلب الأصفر 255 لؤلؤ صاحب حلب يتدخّل فيعتقل الأصفر بقلعتها 256 الحاكم يأمر النصارى واليهود بلبس الزنانير والعمائم السّود 256 الحاكم يتقدّم بكتابة سبّ الصحابة على الجوامع والحيطان 256 الحاكم يمنع شرب الفقّاع وأكل البقلة والسمك غير المقشّر 257 الحاكم يمنع دخول الحمّامات دون مئزر 257 الحاكم يبذل سيفه في شيوخ الكتاميّين ووجوه دولته 258 الحاكم يعطي الأمان لسائر الرعايا من مسلمين ويهود ونصارى 258 الحاكم يأمر بقتل سائر الكلاب إلاّ كلاب الصيد 258 الحاكم ينقل إلى القاهرة «دار العلم» ويبيح للناس نسخ كتبها 259 ظهور الوليد بن هشام المعروف بأبي ركوة في برقة 259 أبو ركوة يأخذ البيعة من البربر وبني قرّة 259 أبو ركوة يحاصر برقة ويهزم عسكر الحاكم 260 مقتل ابن طيبون وهزيمة اللواتيّين أمام أبي ركوة 261 أبو ركوة يعود لتشديد الحصار على برّقة 261 مقتل ينال الطويل قائد الحاكم في حربه أبي ركوة بعيون النظر 262 أبو ركوة يدخل برقة ويتسمّى بأمير المؤمنين 262 اشتداد الغلاء والوباء في برقة وسائر المغرب (حوادث سنة 396 هـ.) 262 هياج ريح شديدة في مصر مع رعد وبرد عظيم
الصفحة الموضوع 263 ظهور كوكب عظيم يسطع كالقمر استمرّ أربعة أشهر 263 ظهور كوكب عظيم آخر في الغرب 263 خسف مدينة الدّينور وهلاك كثير من أهلها 264 العرب والبربر يرحلون عن برقة لشدّة الغلاء وانعدام القوت 264 مقتل قائد للحاكم بذات الحمام من أعمال الإسكندرية 264 أبو ركوة ينزل على الإسكندرية ويقاتل أهلها 265 الحاكم يحشد العرب والمشارقة والمغاربة لقتال أبي ركوة 265 أبو ركوة يملك الفيّوم ويباغت ابن فلاح بالجيزة 266 اضطراب المعيشة في مصر خوفا من أبي ركوة 266 هزيمة أبي ركوة أمام الفضل بن صالح ومقتل أكثر البربر 266 بنو قرّة يرفضون تسليم أبي ركوة للفضل بن صالح (حوادث سنة 397 هـ.) 267 أبو ركوة يلجأ إلى دير في النوبة 267 القبض على أبي ركوة وقتله 268 بيع الفقّاع والملوكية والسمك غير المقشّر في مصر 268 الحاكم يأمر بكشط الكتابة على الدروب بسبّ أبي بكر والصحابة وغيرهم 269 الحاكم يشرب النبيذ بإشارة طبيبه ويعيد الملاهي إلى مجلسه 269 الحاكم يتشدّد في منع النبيذ وبيع الزبيب والعسل بعد وفاة طبيبه 271 الخلف بين النصارى على موعد عيد الفصح 272 بطريرك الإسكندرية يدبّر كرسي بيت المقدس لخلوّه 273 استمرار الخلاف على عيد الفصح 274 المؤلّف يعد بوضع مقالة يبيّن فيها الشبهة حول موعد الفصح 275 اضطراب الأسعار بمصر
الصفحة الموضوع 275 الأمراض والأوبئة والعلل تقتل خلقا من أهل مصر (حوادث سنة 398 هـ.) 275 المطر والبرد والسيل الجارف بمصر 275 الحاكم يمنع الزّينة في عيد الشعانين وحمل ورق الزيتون 276 الحاكم يضع يده على أوقاف الكنائس والأديرة بمصر 277 عزّل القائد ابن جوهر وتعيين الدويداري 277 الحاكم يعاقب الكتّاب بالقتل والتعذيب لسعاية بعضهم 277 نقض ماء النيل وانقطاع سير المراكب (حوادث سنة 399 هـ.) 278 توقّف ماء النيل واضطراب الأسعار وانتشار الوباء بمصر 278 الحاكم يأمر بتمييز النصارى واليهود في الحمّامات 278 الحاكم يهدم كنيسة السيدة بدمشق 278 الحاكم يسمح بصلاة القنوت والضحى ويمنع سبّ السلف والصحابة 279 الحاكم يهدم كنيسة مريم بمصر 279 الحاكم يصادر سائر عقارات والدته وأخته وعمّاته ونسائه بمصر 279 الحاكم يأمر بهدم كنيسة القيامة وكنيسة ماري قسطنطين (حوادث سنة 400 هـ.) 280 اقتلاع المقبرة المقدّسة وهدم دير السري 280 صرف صالح بن عليّ عن النظر وردّ ابن عبدون 281 عادة النصارى في ليلة الحميم بمصر 281 احتفال النصارى الملكيّة بليلة الحميم ومنع الحاكم لهم
الصفحة الموضوع 282 هدم دير القصير بالجبل المقطّم وكنيسة دمياط 283 مقتل أرسانيوس بطريرك الإسكندرية 284 تزايد قتل الحاكم لرجال دولته 285 هرب ابن جوهر القائد وقاضي القضاة خوفا من بطش الحاكم 285 الحاكم يؤمّن الهاربين ويكتب لهم أمانا 286 الحاكم يدعو إلى صلاة القنوت والضحى ويسقط (حيّ على خير العمل) من الأذان (حوادث سنة 401 هـ.) 286 عزل ابن عبدون وقتله وكذلك ابن القصوري 286 ابن نسطورس يتولّى النظر في الأمور 286 الحاكم يراسل ابن جوهر والقاضي بالأمان ويعلّق الكتاب على الكعبة 287 الحاكم يغدر بابن جوهر والقاضي عبد العزيز وغيرهما 288 ميخائيل البطريق يرفض إلتجاء أحفاد جوهر إلى أنطاكية 288 الحاكم يرشو حسّان بن المفرّج لقتل أحفاد جوهر 288 مختار الدولة بن نزّال يقتل أحفاد جوهر بدمشق 289 إلزام النصارى واليهود بتغيير الزنانير الملوّنة 289 الحاكم يجدّد التحذير من شرب النبيذ وعمله 290 الحاكم يعطّل المطابخ ويقتصر على طعام والدته 290 الحاكم يأمر بتغريق مركب حملت هدية من الفاكهة من طرابلس 290 الحاكم يبطل ما يعمل برسمه من الكسوة في تنّيس ودمياط 291 تولية باروج التركي على الشام وتلقيبه أمير الأمراء 291 ابن الجرّاح يدخل الرملة ويبيح للعرب نهبها 291 ابن الجرّاح يقيم الدعوة لأبي الفتوح أمير مكة ويضرب له السّكّة 291 استحواذ العرب على الشام وحصارهم لحصون السواحل
الصفحة الموضوع 291 المفرّج بن الجرّاح يلزم النصارى ببناء كنيسة القيامة 291 أبو الفتوح أمير مكة يدخل الرملة بدعوة ابن الجرّاح 291 العرب تحتجز أموال أبي الفتوح 292 أبو الفتوح يعود إلى مكة ويدعو للحاكم 292 تغلّب بني الجرّاح على الشام ونزوح النصارى منه (حوادث سنة 402 هـ.) 293 الحاكم يستتيب المغنّين ويحذّر من بيع الزبيب والعسل (حوادث سنة 403 هـ.) 294 وفاة ابن نسطورس وتعيين ابن طاهر للنظر في الأمور 295 إلزام النصارى واليهود بلبس السواد 295 إستبدال الكتّاب النصارى بالمسلمين 296 الأمر بتعظيم الصلبان في أعناق النصارى 296 النصارى يظهرون الإسلام واليهود يمتنعون عن ذلك 296 الأمر بهدم الكنائس وحيازة ما فيها 299 دير طورسينا يسلم من الهدم 300 منع تقبيل الأرض والخضوع أمام الحاكم 300 الحاكم يركب الحمار ويلبس الصوف ويصطنع الركابية 301 نصب شاهدين في الشرطة بمصر 301 إظهار الحاكم للعدل في تنفيذ العقوبات 302 المؤلّف يثني على الحاكم بنظافة كفّه 302 الحاكم يعيد الممتلكات المصادرة إلى أصحابها 302 الدعوة للحاكم بالكوفة وبلاد الريّ
الصفحة الموضوع 303 الحاكم يعوّض على تاجر عراقي بصناعته 303 الأمر بإزالة سبّ ولعن الصحابة والسّلف (حوادث سنة 404 هـ.) 304 نفي المنجّمين والعفو عنهم 304 الحاكم يعتق مماليكه ويحرّرهم 304 الحاكم يتخلّى عن حظاياه وأمّهات أولاده 305 الحاكم يسمح للنصارى بالتوجّه إلى بلاد الروم 305 إخراج الجيوش لقتال المفرّج بن دغفل 305 موت المفرّج بن دغفل 306 قطب الدولة علي بن فلاح يدخل الرملة 306 عودة بطريرك بيت المقدس بعد استتاره 306 ولاية العهد لأبي القاسم عبد الرحيم 307 إلزام النساء منازلهنّ 309 الحاكم يقطع يد خادمه عين ولسانه 310 الحاكم يقطع يدي كاتبه الجرجرائي 310 الحاكم يأنس بقاضي القضاة وطبيبه ثم يقتلهم 311 الحاكم يقتل ركابيّا له في السوق (حوادث سنة 405 هـ.) 311 تقليد قضاء القضاة لأحمد بن محمد 312 توظيف العدول للشهادة 313 ردّ النظر إلى ابني أبي سيّد 313 الحاكم يقتل ابن الفرات بعد انتدابه للنظر
الصفحة الموضوع 313 ولاية النظر لوليّ العهد 314 تلقيب ختكين بداعي الدعاة 314 ابنا أبي الفضل يقصدان الحاكم بعد ضياع حلب من أبيهما 315 أبو الهيجاء يهرب إلى باسيل ملك الروم (عود إلى سنة 399 هـ.) 315 وفاة لؤلؤ وتقرير إمارة حلب لولده مرتضى الدولة 315 الروم يساعدون أبا الهيجاء في استعادة حلب 316 قاضي طرابلس ابن حيدرة يدخل حلب ويهزم أبا الهيجاء 316 باسيل الملك يسمح لأبي الهيجاء بالعودة إلى بلاده (حوادث سنة 402 هـ. و 403 هـ.) 317 ابن لؤلؤ يدفع القاضي ابن حيدرة عن حلب 318 بنو كلاب يحاصرون ابن لؤلؤ في حلب 318 لؤلؤ يغدر بالكلابيين (حوادث سنة 405 هـ.) 318 صالح بن مرداس ينجح في التخلّص من معتقله بقلعة حلب 319 الحرب بين ابن مرداس وابن لؤلؤ 320 ابن لؤلؤ يقع في أسر ابن مرداس 321 شروط ابن مرداس لإطلاق سراح ابن لؤلؤ 321 عودة الحرب بين ابن مرداس وابن لؤلؤ 321 ابن لؤلؤ يستعين بالملك باسيل 322 ابن مرداس يقنع الملك باسيل بالتخلّي عن مساعدة ابن لؤلؤ
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 406 هـ.) 322 فتح يعلن الدعوة للحاكم ولابن مرداس 322 ابن لؤلؤ يهرب من حلب ملتجئا إلى ابن مرداس 323 الملك باسيل يوصي قطبان أنطاكية بحسن استقبال ابن لؤلؤ 324 الملك باسيل يمنع السفر والمتاجرة إلى الشام ومصر 324 باسيل يقطع العقارات على ابن لؤلؤ وأقاربه 324 باسيل يأمر ببناء قلعة أنطاكية 324 المغاربة يلحقون بوالي أفامية 324 الحمدانية والمغاربة يهدّدون بالغارة على حلّة ابن مرداس 325 البدو يهزمون المغاربة 325 الحاكم يمنع الألقاب لفتح وابن الضيف وابن مرداس 325 الحاكم يعرض على فتح إقطاعه صور وصيدا وبيروت ليترك له حلب 325 ابن مرداس يقنع فتحا بالبقاء بحلب 325 الحلبيّون يطالبون ببقاء المغاربة ويرفضون البدو 325 سديد الدولة الضيف يطلب المساعدة على ابن مرداس 326 الحاكم يمنح فتح الألقاب ويعده بالإحسان 326 فتح يقيم بصور 326 وفاة فتح فقيرا في صور بعد أخذها مع صيدا وبيروت من يده (حوادث سنة 407 هـ.) 326 الحاكم يقلّد فاتك غلام وحيد مدينة حلب 327 المغاربة يهاجمون دير سمعان الحلبي 327 فاتك يستولي على حلب ويصالح ابن مرداس ويتّصل بملك الروم 327 مقتل ملك البلغر
الصفحة الموضوع 328 الملك البلغريّ الجديد يقدّم ولاءه لملك الروم 328 تبادل الزواج بين الروم والبلغر 329 الحاكم يواصل الركوب ليلا ونهارا 329 إسفاف الحاكم وعمل الفسق بحضرته 329 الحاكم يقضي لأصحاب الحاجات في مواعيد محدّدة 330 الحاكم يفرض الإفراد في الرقاع المرفوعة إليه 330 الحاكم يعيّن جهة اليمين لمن يريد أن يسأله مسألة 330 الحاكم يربّي شعره ويطيل أظافره ويلبس الكساوي الملبّدة 330 الحاكم يقصد الجبل المقطّم ويدور في الصحراء 331 المؤلّف يقارن صفة الحاكم ببختنصّر ملك بابل 331 المؤلّف يحكم على الحاكم بتشوّش عقله واختلاله 332 المؤلّف يذكر بعض الأمثلة عن مزاج الحاكم المتقلّب 332 عكّاويّ يدّعي إخوّته للحاكم 333 موت «الشبيه» أيام الظاهر 333 الحاكم يستوزر ابن فلاح ثم يقتله 333 الحاكم يقلّد ابن عمّه النظر في الأمور (حوادث سنة 408 هـ.) 334 ورود الأعجميّ الدرزي إلى مصر 334 المؤلّف يتحدّث عن عقيدة العلوييّن بالحقّ الإلهي في الحكم 335 الحاكم يعمد إلى البطش والجور لنشر العقيدة العلوية 335 الحاكم ينوّع قراراته ويلغيها بعد حين ليفرض هيبته 337 المؤلّف يشير إلى انخداع الناس بتصرّفات الحاكم 338 الدرزيّ يدعوي الناس إلى مذهبه 338 الحاكم يظهر الإنكار لدعوة الدرزي
الصفحة الموضوع 339 الحاكم يقصر الألقاب على تسعة أنفار في دولته 340 مقتل الدرزي على يد غلام تركيّ 341 الحاكم يعيد ألقاب الأمراء والقادة 341 زيادة النيل وغرق الضياع 342 الحاكم يحظّر الدخول إليه باستثناء أحد عشر رجلا 342 ظهور حمزة بن أحمد ودعوته الدرزية 342 الداعي الجديد يدعو إلى الإباحية وإسقاط التكاليف الدينية 343 الحاكم يعتني بالدرزي ويستشيره 343 مقتل سبعة من دعاة الدرزي في حضرة قاضي القضاة 344 الدرزية يلعنون الأنبياء ويضعون كتابهم «الدستور» 344 الحاكم يعطّل الخطبة في شهر رمضان والعيدين 345 تعطّل الحجّ إلى مكة وانقطاع حمل الكسوة إلى الكعبة المشرّفة (حوادث سنة 410 هـ.) 345 ظهور الأبيات والقصائد المنسوبة إلى الحاكم التي تخوّف الناس وترهبهم 345 تهديد الرعيّة بالإيمان بدعوة الحاكم أو العقوبة 346 المسلمون يكفّرون الحاكم ويشتمونه في أشعارهم 346 الحاكم يوزّع السلاح على العبيد والسودان لنهب مصر 346 الحريق يلتهم شطرا كبيرا من البلد 346 الحاكم يقتل غادي الخادم الذي أراد القضاء على الفتنة 347 المؤلّف يذكر قول الناس حول سبب حريق مصر 348 الحاكم ينشر سجلاّ يستنكر فيه الحادثة 349 وليّ العهد يفسح للدمشقيين بشرب القهوة وسماع الأغاني 349 إذاعة الدعوة الدرزية في وادي التّيم 349 أمير الأكراد يغزو الدرزية في وادي التيم
الصفحة الموضوع 350 وليّ العهد يتقرّب إلى حسّان بن المفرّج خوفا من الحاكم 350 عصيان الجند بدمشق على وليّ العهد ونهب قصره 350 الحاكم يسيّر عيسى بن نسطورس لإعادة سلطته إلى الشام 351 إعادة وليّ العهد للنظر على دمشق ورجوع ابن نسطورس إلى مصر 351 ثورة ابن أبي طالب الجزّار ومحاربته لجند دمشق 351 ابن أبي طالب يقتل قاضي دمشق ويتسلّط مع الأحداث 351 الغلاء والجوع والحريق والنهب والقتل بدمشق 352 أهل دمشق يقتلون ابن أبي طالب وجماعة الأحداث 352 أهل دمشق يتنكّرون لوليّ العهد على مصادرتهم 352 فقدان الحاكم (حوادث سنة 411 هـ.) 352 الروم يتسلّمون حصن الخوابي من ابن خليد 353 الحاكم لا يتجاوب مع وشاية النصارى 353 الحاكم يعيد الأوقاف إلى دير طورسينا (عود إلى سنة 410 هـ.) 353 تعيين بطريرك القسطنطينية 353 وفاة بطريرك بيت المقدس (سنة 411 هـ.) 353 تعيين النّجار الرومي بطريركا على بيت المقدس 354 رئيس دير طورسينا يطالب الحاكم بردّ أوقاف الكنائس 354 نصّ كتاب الحاكم لرئيس دير طورسينا بردّ أوقاف الكنائس
الصفحة الموضوع 356 بطريرك بيت المقدس يطلب من الحاكم حماية الكنائس ببيت المقدس 356 نصّ كتاب الحاكم لبطريرك بيت المقدس بحماية كنائسها 357 قيام مطرانية القاهرة وعمارة كنيسة القنطرة بمصر 357 الحاكم يأذن للنصارى في إعادة بناء الكنائس في البلاد 357 الحاكم يتسامح مع النصارى للعودة إلى دينهم بعد إعلان إسلامهم 358 المؤلّف يعلّق على خطوات الحاكم نحو النصارى 358 نص كتاب الحاكم بتأمين النصارى 359 توثّق الصداقة بين الحاكم ورئيس دير طورسينا 360 قصّة البدويّين السبعة مع الحاكم 360 إختفاء الحاكم في جبل القرافة 361 أخت الحاكم تطلب من الأمراء والقادة البحث عن أخيها 363 تاريخ اختفاء الحاكم ... الجزء الثاني -خلافة الظاهر لإعزاز دين الله- 365 أخت الحاكم تكتم خبر قتله عن الناس وتدعو لولده الظاهر 366 نصّ السجلّ بولاية العهد 367 أخت الحاكم تكتب إلى دمشق بالقبض على وليّ العهد 368 قتل وليّ العهد ابن الياس بالسّمّ 368 هرب عبد العزيز بن الياس إلى ابن مرداس ومن ثمّ إلى الملك باسيل 370 الخلاف بين النصارى الملكية حول بطريركية الإسكندرية 370 انقسام النصارى بين أسقف القلزم وأسقف دمياط 371 تعيين بطريرك الإسكندرية
الصفحة الموضوع 372 مقتل الملقّب بالهادي الدرزي وتتبّع أتباعه 373 أخت الحاكم تعطّل قرارات الحاكم التي سبق ونشرها 373 اتّهام حسين بن دوّاس الكتامي بقتل الحاكم 374 التظاهر بشرب النبيذ وسماع الأغاني بعد وفاة الحاكم 374 مقتل رئيس الرؤساء عمّار بن محمد 374 النصارى يتظاهرون بأعيادهم ويخفّفون أزياءهم 375 مقتل اليعقوبي أبي زكريّا المرتدّ بعد إسلامه 376 عودة النصارى من بلاد الروم وتقديمهم الجزية كعادتهم (حوادث سنة 413 هـ.) 376 استفحال أمر عزيز الدولة فاتك بحلب بفقدان الحاكم 376 غلام هنديّ يقتل فاتك 377 بدر غلام فاتك يستولي على قلعة حلب 378 سديد الدولة ابن الضيف ينجح في تسليم حلب للظاهر 378 عجميّ يكسر الحجر الأسود في ركن بيت الله الحرام 379 الظاهر يردّ النظر إلى الجراجرائي ويلقّبه بالوزير 380 ملك الخزر يغزو حصون الروم 380 ملك الأبخاز يعرض على الحاكم التحالف ضد الروم 381 هزيمة ملك الأبخاز أمام باسيل 382 ملك أسفرجان يسلّم باسيل أكثر من أربعين حصنا وقلعة 382 ملك الأبخاز يقدّم ولده رهينة لباسيل لقاء الصلح 382 رئيس الكهنة والأساقفة الروم يأخذون المواثيق من ملك الأبخاز 383 تحالف قائدين روميّين للعصيان على الملك باسيل 383 الملك باسيل يسعى للقضاء على تحالف الخارجين عليه 385 أحد الحليفين يقتل صاحبه
الصفحة الموضوع (حوادث سنة 414 هـ.) 385 ملك الأبخاز ينقض اتفاقية الصلح مع الروم 385 الملك باسيل يهزم الأبخازي 386 ملك الأبخاز يعرض مجدّدا تسليم الحصون لباسيل مع وضع ابنه رهينة 386 باسيل ينتقم من المخالفين له 387 عمّة الظاهر توفد بطريرك بيت المقدس إلى القسطنطينية (حوادث سنة 515 هـ.) 387 وفاة عمّة الظاهر وعودة البطريرك إلى طرابلس 387 قطبان أنطاكية يعمّر مرقيّة والمسلمون يعمّرون العلّيقة 388 باسيل يملك مدينة أرجيس بأرمينية 388 تعيين بطريرك أنطاكية 389 حسّان بن المفرّج يفتح الرملة ويحرقها 390 ابن مرداس يملك حلب وقلعتها 390 أمراء عرب الشام يتوزّعون البلاد بينهم 391 مقتل سديد الدولة ابن الضيف 391 تجديد التحالف بين حسّان بن الجرّاح وسنان بن عليّان مع ابن مرداس 391 هزيمة أنوشتكين الدزبري أمام أمراء عرب الشام 392 ابن طوق يتغلّب على معرّة مصرين ويحارب حلب 393 ابن مرداس ينهب بلاد الساحل وينزل على حلب 293 أبو المرجّا الحمداني يفتح باب حلب لابن مرداس 394 الأمير ابن ثعبان يحتمي بدار فاتك بقلعة حلب (حوادث سنة 416 هـ.) 395 ابن مرداس يدخل قلعة حلب ويهدم سورها
الصفحة الموضوع 395 حسّان بن الجرّاح يوقع بالدزبري مرة أخرى 396 ابن مرداس يطلب مساعدة قطبان أنطاكية في قتال قلعة حلب 396 الملك باسيل ينكر على قائده مساعدة ابن مرداس 396 ابن مرداس يولّي أبا المرجّا حلب ويسير إلى فلسطين 397 المحاصرون في قلعة حلب يظهرون الصلبان وينادون لباسيل ملك الروم 397 أهل حلب ينفرون لتشديد الحصار على القلعة 398 المصالحة بين المتحاربين على شروط 398 اتّقاد كوكب عظيم بحلب مع دويّ الرعد 399 الفتنة تعود إلى حلب والقبض على أعيانها 400 ابن مرداس يقتل موصوفا الخادم وأبا أسامة القاضي 401 ابن مرداس يطلق سراح الأمير ثعبان وأبا هلال الداعي 401 سنان بن عليّان يحاصر دمشق ويخرب داريّا 402 ابن مرداس يملك حمص وبعلبك وصيدا وحصن ابن عكار 402 الظاهر يزيد في ألقاب ابن مرداس 403 وفاة باسيل ملك الروم 403 تعيين بطريرك الإسكندرية 404 قسطنطين يخلف أخاه باسيل على العرش 405 قسطنطين يبطش بالمتآمرين لخلعه (حوادث سنة 417 هـ.) 405 زلزال يضرب القسطنطينية 406 قسطنطين يخرّب بلاد الأبخازية 406 بقراط ملك الأبخاز ووالدته يقدّمان الطاعة لملك الروم 406 اعتلال الملك قسطنطين 406 قسطنطين يزوّج ابنته لرومانوس البطريق
الصفحة الموضوع 407 رومانوس يطلّق امرأته ليتزوّج ابنة قسطنطين (حوادث سنة 419 هـ.) 408 قسطنطين يرغم امرأة رومانوس على الترهّب 408 زواج رومانوس بإيريني 408 وفاة الملك قسطنطين -تملّك رومانوس الأرجيروبولاوس على الروم- 409 رومانوس يزوّج ابنة أخيه ملك الأبخاز لتوثيق العلاقات 409 رومانوس يدعو مطارنة اليعاقبة لاتّباع مذهب الملكية 409 عصيان بطرك اليعاقبة على الملك ونفيه وهربه إلى ديار الإسلام 410 حسّان بن المفرّج يواصل العيث في الشام 410 وفاة سنان بن عليّان 410 الظاهر يصطنع رافع بن أبي الليل لقتال حسّان (حوادث سنة 420 هـ.) 411 موقعة الأقحوانة ومقتل ابن مرداس 411 انهزام حسّان وعودة بعلبك وحمص وصيدا ورفنية وحصن عكار للظاهر 412 نصر وثمال ابنا صالح يستوليان على حلب وأعمالها والرحبة وبالس ومنبج 412 قطبان أنطاكية يهاجم حلب وينهزم 413 الملك رومانوس ينكر على قطبان أنطاكية محاربته حلب (حوادث سنة 421 هـ.) 413 الملك رومانوس يحشد الجيوش لمقاتلة بني مرداس بحلب
الصفحة الموضوع 413 حسّان بن الجرّاح يؤيّد خروج رومانوس لحرب بني مرداس 413 بنو مرداس يراسلون الملك لثنيه عن حربهم 414 الملك رومانوس يطلق آل الجرّاح ويحتاط على مقلّد بن مرداس 414 المرض يستولي على عساكر الملك رومانوس بظاهر أنطاكية 415 الملك رومانوس يستظهر على بني مرداس وينزل تبّل 415 العرب ينزلون الهزيمة بالروم عند أعزاز 415 الملك رومانوس يعجز عن التقدّم أمام هجمات العرب حول خندقه 417 الأرمن يثيرون الفتنة في جيش رومانوس 417 الروم ينهزمون إلى بلد قورس 417 رومانوس يدخل القسطنطينية ويوصي قائده بالاستعداد لحرب حلب 417 نصر بن صالح يستولي على حلب ويعوّض أخاه الرهبة وبالس ومنبج 418 نصر يكتب لرومانوس بإظهار الطاعة ويوسّط قطبان أنطاكية 418 ابن مشرّف الرادوفي يستولي على جبل الروادف 418 القبض على الرادوفي وحبسه 419 استتابة الرادوفي وإطلاقه وحبسه مرّة أخرى 419 الرادوفي يحسّن لقطبان أنطاكية بناء حصن المسقة 419 الرادوفي يخدع الروم فيساعدوه على بناء الحصن 420 الرادوفي يبني حصن المنيقة وحصن بنكسرائيل 420 الروم يوقعون بالرادوفي ويستولون على بنكسرائيل 420 الرادوفي يستعيد بنكسرائيل إثر عودة رومانوس متراجعا 420 بنو الأحمر يبنون حصن بلاطنس 421 بنو غنّاج وغيرهم يبنون الحصون في الجبال المحاذية للروم 421 الرادوفي يستنهض والي طرابلس وقاضيها لمنازلة مرقيّة 421 قطبان أنطاكية ينجد مرقيّة ويهاجم عرقة 421 الروم يستولون على ربض أعزاز
الصفحة الموضوع 422 قطبان أنطاكية يتوسّط للصلح بين ابن مرداس والملك (حوادث سنة 422 هـ.) 422 تبادل المحبوسين بين ابن مرداس والملك رومانوس 423 قطبان أنطاكية يفشل في استمالة العرب للطاعة 423 قطبان أنطاكية يتسلّم حصن بلاطنس وغيره من الحصون 424 تحالف حسّان بن الجرّاح وابن أبي الليل ضدّ المغاربة 424 المغاربة ينتصرون على ابن الجرّاح والعرب في وقعة بصرى 424 ابن الجرّاح يدخل بلاد الروم بدعوة من الملك رومانوس 425 رومانوس يجزل الصّلات لابن الجرّاح ويعيّن ابنه بطريقا 425 وفاة الخليفة العباسي القادر بالله 425 قطبان أنطاكية يستولي على رفنية 425 القطبان يفتكّ رئيسا للروم من حصن صافيتا 425 استيلاء القطبان على حصن المنيقة 425 أهل حصن بنكسرائيل يقاومون القطبان 426 القطبان يحرق حصن أفامية 426 القطبان يسلّم جريرين لنصر بن صالح وتضرّر أهل أفامية بذلك 427 الملك رومانوس يتسلّم الرّها من رئيسها 427 رسالة الأبجر ملك الرّها إلى السيّد المسيح عليه السلام يتسلّمها رومانوس 427 القتال بين المسلمين والروم في الرّها 428 الروم يهزمون المسلمون ويعمّرون ما خرب من سور الرّها 428 الروم يهزمون العرب والعجم والأكراد ثانية عند الرّها 428 المسلمون يأخذون الأسرى من سميساط 428 بنو نمير يستولون على حصون الجزيرة
الصفحة الموضوع 429 إسلام أكثر الصابئة على يد بني نمير 429 اجتماع الدرزية في جبل السّمّاق واستضامتهم المسلمين (حوادث سنة 423 هـ.) 429 الروم يقبضون على دعاة الدروز ويقتلون أتباعهم في المغاور 430 تعيين بطريرك أنطاكية 430 تردّد الرسائل للمسالمة بين الظاهر ورومانوس 430 أنوشتكين يغير على حلل آل جرّاح بأطراف بلاد الروم 430 ابن أبي الليل يستردّ الأسرى والغنائم من أنوشتيكن 431 أنوشتكين يكاتب قطبان أنطاكية 431 الاتفاق على اجتماع رسولي الظاهر ورومانوس على حدود الدولتين 431 ابن مشرّف يصرّ على أن تشمل المهادنة بقاء بنكسرائيل بيده 432 قطبان أنطاكية يرفض التنازل عن الحصن ويحاصره 432 ابن مشرّف يزيّن لأنوشتكين القدرة على دحر الروم عن الحصن 432 فشل المناورات في إبعاد قطبان أنطاكية عن الحصن 432 فشل السّرايا التي خرجت للعرب أمام الروم والأرمن 433 قطبان أنطاكية يهدم الحصن وينقل الأسرى إلى الملك 433 القطبان يخلّص رئيسا للروم من الأسر ويعمّر حصن بنكسرائيل 434 إعلان النفير للجهاد في الشام ومصر وديار بكر وربيعة 434 تبادل الرسائل بين القطبان وأنوشتكين بشأن الهدنة 435 نصر بن صالح يدفع مال الهدنة للروم ويقدّم شعر المعمدان للملك 435 بنو نمير يتعهّدون بحفظ حدود الجزيرة مع الروم 435 وفود بني نمير وصاحب ديار بكر إلى الملك رومانوس 435 حسّان بن الجرّاح ورسل الظاهر وغيرهم يجتمعون عند الملك 436 الملك رومانوس يجعل نصر بن صالح بطريقا
الصفحة الموضوع 436 شروط الهدنة بين الظاهر والملك 437 الملك يطلب من الظاهر عدّة أمور 437 الظاهر يجيب بالموافقة على بعض طلبات الملك ويمتنع عن بعضها الآخر (حوادث سنة 424 هـ.) 438 الغلاء في بلاد الروم والثغور الجزرية والشالمية (حوادث سنة 425 هـ.) 439 بناء سور القدس الشريف 439 الزلزلة تهدم الرملة وأريحا ونابلس وعكا 440 تعيين بطريرك أنطاكية 440 وفاة الملك رومانوس 440 ترجمة الملك رومانوس -الملحق- (سنة 349 هـ.) 443 حصار نقفور لجزيرة أقريطش (سنة 350 هـ.) 444 الرعاع يهدمون وينهبون الكنائس بمصر 444 هزيمة سيف الدولة أمام الروم بغزوة طرسوس 445 مقتل ابن حصين وغيره من بني نمير وبني قسير 445 عين زربى تسقط بيد الروم 445 مقتل ابن الزيّات صاحب طرسوس
الصفحة الموضوع (سنة 351 هـ.) 445 الروم يصلون إلى دلوك ورعبان ومرعش ويفتحونها 446 استيلاء نقفور على حلب 446 وفاة الملك رومانوس 446 نقفور يحشد لغزو بلاد الإسلام 447 نقفور يكشف مؤامرة بقتله ويتقلّد الملك 447 خروج نقفور إلى المصّيصة وأدنة وطرسوس 447 هزيمة المسلمين عند أدنة 447 هزيمة المسلمين عند تلّ بالقرب من أدنة 448 الروم يحاصرون المصّيصة ويخرّبون حسن الملون 448 المسلمون يبنون مسجد الشهداء (سنة 353 هـ.) 448 صاحب الجنابي يهزم ابن ملهم بطبريّة 449 هياج بربر الإسكندرية بمساعدة بني قرّة 449 المغاربة يهزمون الإخشيديين 450 غرق المراكب في طريقها إلى أقريطش 450 نقفور ينازل طرسوس والمصّيصة مجدّدا 451 مقتل ابن عبد الباقي بعد خروجه بأهل طرسوس والمصّيصة 451 الخليفة الفاطمي يهزم الروم في البرّ والبحر عند صقلّية (سنة 354 هـ.) 452 استيلاء الروم على المصّيصة 452 الروم يأخذون طرسوس صلحا
الصفحة الموضوع 452 بنو سليم يتعرّضون لقوافل الحجّاج (سنة 355 هـ.) 453 مقتل ابن عبدون صاحب الواحات (سنة 357 هـ.) 454 طواف كافور بلباس أتاه من بغداد 454 وفاة كافور الإخشيدي 454 تفرّق الإخشيدية بعد وفاة كافور 454 الدعاء بالمنابر للحسن بن طغج 455 القرامطة يهزمون الإخشيدية 455 الصلح بين القرامطة وابن طغج بالرملة -خلافة المعزّ- (سنة 358 هـ.) 456 دخول جوهر إلى مصر (سنة 359 هـ.) 456 موقعة الطواحين بين جعفر بن فلاح والحسن بن طغج 456 نقل ابن طغج وقادة الإخشيدية أسرى إلى المغرب (سنة 362 هـ.) 457 قدوم المعزّ إلى مصر وإقامته بالقاهرة
الصفحة الموضوع 457 هزيمة القرامطة والطواف بالأسرى في مصر 458 مرور المراكب الحربية إلى الشام (سنة 364 هـ.) 458 وفاة الأمير عبد الله وليّ العهد 458 وفاة المعزّ لدين الله 458 مسير جوهر إلى الشام لمحاربة القرامطة وأفتكين التركي 458 الحرب بين الدمشقيّين والمغاربة 458 الحرب بين جوهر وأفتكين بالرملة 459 ابن أبي الأبجر يقع في قبضة أفتكين 459 جوهر يدخل عسقلان (سنة 367 هـ.) 459 الصلح بين أفتكين وجوهر والقرمطيّ 459 العزيز بالله يخرج إلى عين شمس لمساعدة جوهر 459 أفتكين يصالح ملك الروم بناحية دمشق 460 العزيز يسير إلى الشام 460 كسوف الشمس 460 العزيز يستخلف على مصر لسفره 460 موقعة نهر الطواحين بين العزيز بالله وأفتكين 460 العزيز بالله يصفح عن ابن جرّاح الطائي (سنة 368 هـ.) 461 عودة العزيز إلى مصر ومعه أفتكين التركي 461 تسيير أبي محمود القائد إلى دمشق
الصفحة الموضوع (سنة 369 هـ.) 461 الحرب بين أبي تغلب الحمداني وابن جرّاح والفضل بن صالح بالرملة 462 مقتل أبي تغلب الحمداني 462 ورود رسول من بغداد إلى مصر (سنة 380 هـ.) 462 تسمية أبي الفرج بالوزير الأجلّ 462 وفاة الوزير أبي الفرج يعقوب (سنة 386 هـ.) 462 وفاة الخليفة العزيز بالله 463 دخول الحاكم بأمر الله القاهرة بعد وفاة والده (سنة 400 هـ.) 463 هدم كنيسة القيامة ببيت المقدس (عود إلى سنة 370 هـ.) 463 حصول كنيسة البطريرك داخل قصر الشمع 464 تعيين مطران على القاهرة وتحوّل الكنيسة عن اليعاقبة ...
الصفحة الموضوع الفهارس 467 فهرس الأعلام فهرس الأماكن فهرس المصطلحات فهرس الأمم والقبائل والطوائف فهرس أصحاب الألقاب فهرس المصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق محتويات الكتاب
صدر للمحقّق 1 - الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى-طبعة دار فلسطين للتأليف والترجمة، بيروت 1973 (372 صفحة) 2 - تاريخ وآثار مساجد ومدارس طرابلس في عصر المماليك-طبعة دار البلاد للطباعة والإعلام-طرابلس 1974 (440 صفحة) 3 - تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور-الجزء الأول (عصر الصراع العربي-البيزنطي، والحروب الصليبية) -طبعة دار البلاد للطباعة والإعلام-طرابلس 1978 (500 صفحة) 4 - من حديث خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي (250 - 343 هـ.) -دراسة وتحقيق 4 مخطوطات هي: 1 - الفوائد من المنتخب من حديث خيثمة-الجزء الأول-نسخة الظاهرية بدمشق. 2 - فضائل أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه-الجزء الثالث-نسخة الظاهرية بدمشق. 3 - فضائل الصحابة رضوان الله عليهم-نسخة الظاهرية بدمشق. 4 - الرقائق والحكايات-الجزء العاشر-نسخة الظاهرية بدمشق، وتشستر بيتي بدبلن (إيرلنده الجنوبية). صدر عن دار الكتاب العربي، بيروت 1400 هـ. /1980 م. (367 صفحة) 5 - تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور-الجزء الثاني (عصر
دولة المماليك) -طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1401 هـ. /1981 م. (676 صفحة) 6 - النور اللائح والدرّ الصادح في اصطفاء الملك الصالح (إسماعيل بن محمد بن قلاوون) (743 - 746 هـ.) -تأليف: إبراهيم بن عبد الرحمن بن القيسراني القرشي الخالدي (توفي سنة 753 هـ.) -دراسة وتحقيق- نسخة المكتبة الوطنية بباريس-طبعة دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر-طرابلس 1402 هـ. /1982 م. (85 صفحة). 7 - دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجري-طبعة دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر-طرابلس 1402 هـ. /1982 م. (96 صفحة) 8 - وثائق المحكمة الشرعية بطرابلس (من تاريخ لبنان الإجتماعي والإقتصادي والسياسي) نشر السجّل الأول بمقدّمة- (1077 - 1078 هـ. /1666 - 1667 م.) (بالاشتراك مع د. خالد زيادة ود. فردريك معتوق) منشورات معهد العلوم الإجتماعية في الجامعة اللبنانية- فرع طرابلس 1982. 9 - البدر الزاهر في نصرة الملك الناصر (محمد بن قايتباي) (901 - 904 هـ. /1495 - 1499 م.) ينسب إلى ابن الشحنة-دراسة وتحقيق- نسخة المكتبة الوطنية بباريس-طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1403 هـ. /1983 م. (182 صفحة) 10 - القول المستظرف في سفر مولانا الملك الأشرف (رحلة قايتباي إلى بلاد الشام) (882 هـ. /1477 م.) -تأليف القاضي بدر الدين أبي البقاء محمد بن يحيى بن شاكر بن عبد الغني المعروف بابن الجيعان (847 - 902 هـ.) -دراسة وتحقيق: نسخة الأسكوريال بمدريد، ونسخة دار الكتب المصرية، ونسخة تورينو بإيطالية-طبعة جرّوس برسّ، طرابلس 1984 (194 صفحة). 11 - موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (عبر 14 قرنا
هجريا) -القسم الأول في 5 مجلّدات-تراجم العلماء من الفتح الإسلامي حتى سنة 499 هـ. - 1 - المجلّد الأول (509 صفحات) -تراجم حرف الألف. 2 - المجلّد الثاني (407 صفحات) -تراجم من حرف الباء حتى حرف الطاء. 3 - المجلّد الثالث (429 صفحة) تراجم حرف العين. 4 - المجلّد الرابع (375 صفحة) تراجم من حرف الغين حتى الميم (محمد بن محمد). 5 - المجلّد الخامس (341 صفحة) حرف الميم إلى الياء، والكنى والألقاب والنساء. طبعة المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، بيروت 1404 هـ. / 1984 م. 12 - معجم الشيوخ-تأليف أبي الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغسّاني الصيداوي (305 - 402 هـ.) -دراسة وتحقيق نسخة جامعة ليدن بهولندة. وبذيله: 1 - المنتقى من المعجم، بانتقاء: محمد بن سند (749 هـ.) -نسخة الظاهرية بدمشق. 2 - حديث السكن بن جميع المتوفّى سنة 437 هـ. -نسخة الظاهرية بدمشق. طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت. ودار الإيمان، طرابلس الطبعة الأولى 1405 هـ. /1985 م. (550 صفحة). الطبعة الثانية 1407 هـ. /1987 م. 13 - تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور (عصر الصراع العربي-البيزنطي والحروب الصليبية) -طبعة مزيدة-صدرت عن مؤسسة الرسالة، بيروت، ودار الإيمان طرابلس 1405 هـ. /1985 م. (725 صفحة)
14 - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام-تأليف: قاضي مكة تقيّ الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المالكي (775 - 832 هـ.) -تحقيق وفهرسة-طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1405 هـ. /1985 م. (في مجلّدين) 1 - المجلّد الأول (616 صفحة) 2 - المجلّد الثاني (618 صفحة) 15 - الفوائد العوالي المؤرّخة من الصّحاح والغرائب-للقاضي أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي (توفي سنة 447 هـ.) بتخريج الحافظ أبي عبد الله محمد بن علي الصوري (توفي سنة 441 هـ.) -دراسة وتحقيق الجزء الخامس من نسخة الظاهرية بدمشق-طبعة مؤسسة الرسالة بيروت، ودار الإيمان، طرابلس 1406 هـ. /1985 م. (225 صفحة) الطبعة الثانية 1408 هـ. /1988 م. 16 - ديوان ابن منير الطرابلسي، لمهذّب الدين أبي الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي المعروف بالرّفّاء (473 - 548 هـ.) - تقديم ودراسة وجمع وترتيب-طبعة دار الجيل، بيروت، ومكتبة السائح، طرابلس 1986 م. (348 صفحة). 17 - المنتخب من تاريخ المنبجي-لأغابيوس بن قسطنطين المنبجي أسقف منبج (من أهل القرن 4 هـ.) -دراسة وتحقيق القسم الخاص بتاريخ المسلمين من الكتاب المعروف ب «العنوان» -طبعة دار المنصور، طرابلس 1407 هـ. /1986 م. (173 صفحة) 18 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام-تأليف الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (توفي سنة 748 هـ.). تحقيق وفهرسة: نسخة آياصوفيا باسطنبول، وحيدرأباد بالهند، ودار الكتب المصرية، ومكتبة الأمير عبد الله الفيصل بالسعودية، والنسخة البريطانية، ومختصر تاريخ الإسلام، لابن الملاّ، نسخة المكتبة الأحمدية بحلب:
1 - «المغازي» مجلّد في (821 صفحة) 2 - «السيرة النبوية» مجلّد في (705 صفحات) 3 - «عهد الخلفاء الراشدين» مجلّد في (800 صفحة) 4 - «حوادث ووفيات 41 - 60 هـ.» مجلّد في (439 صفحة) 5 - «حوادث ووفيات 121 - 140 هـ.» مجلّد في (639 صفحة) 6 - «حوادث ووفيات 141 - 160 هـ.» مجلّد في (770 صفحة) 7 - «حوادث ووفيات 351 - 380 هـ.» مجلّد في (766 صفحة) 8 - «حوادث ووفيات 381 - 400 هـ.» مجلد في (534 صفحة) طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1407 - 1409 هـ. /87 - 1989 م. 19 - الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيّين-انتخبها الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري (376 - 441 هـ.) على: أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي (367 - 445 هـ.) -دراسة وتحقيق نسخة الظاهرية بدمشق. وبذيله: «فوائد في نقد الأسانيد» للحافظ الصوري، نسخة المتحف البريطاني. طبعة دار الكتاب العربي؛ بيروت 1408 هـ. /1987 م. (173 صفحة) 20 - السيرة النبويّة-تأليف أبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري المتوفّى سنة 213 أو 218 هـ. -تحقيق وتخريج وفهرسة: 1 - المجلّد الأول (440 صفحة) 2 - المجلّد الثاني (448 صفحة) 3 - المجلّد الثالث (360 صفحة) 4 - المجلّد الرابع (374 صفحة) طبعة دار الكتاب العربي، بيروت 1408 هـ. /1987 م.
يصدر للمحقّق 1 - تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام-للحافظ الذهبي: 1 - «حوادث ووفيات 61 - 80 هـ.» 2 - «حوادث ووفيات 81 - 100 هـ.». 3 - «حوادث ووفيات 101 - 120 هـ.» تصدر عن: دار الكتاب العربي، بيروت. 2 - الكامل في التاريخ-لابن الأثير: 1 - المجلّد الأول: تاريخ الرسل والأنبياء قبل الإسلام. 2 - المجلّد الثاني: من ظهور الإسلام حتى عهد الخلفاء الراشدين. يصدر عن دار الكتاب العربي، بيروت. 3 - موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (عبر 14 قرنا هجريا) -القسم الثاني في 6 مجلّدات-تراجم العلماء من سنة 500 حتى سنة 999 هـ. -القسم الثالث في 5 مجلّدات-تراجم العلماء من سنة 1000 حتى سنة 1400 هـ. تصدر عن المركز الإسلامي للإعلام والإنماء، بيروت. 4 - دراسات في تاريخ الساحل الشامي (لبنان من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية) (13 - 132 هـ.) يصدر عن دار جرّوس برسّ، طرابلس. 5 - سلسلة رجال الحديث في تاريخ لبنان الإسلامي (معاوية بن يحيى الأطرابلسي وما رواه من الحديث والفوائد والتواريخ) يصدر بالكويت