تأملات فى الأناجيل والعقيدة

بهاء النحال

تأملات فى الأناجيل والعقيدة دكتور / بهاء النحال الطبعة الثانية 1994

SCIENTIFIC AND HISTORICAL STUDY IN THE GOSPELS I dedicate this book to: any one looks for the truth Second edition 1994 Dr. Bahaa El-Nahhal Preface to the second edition

This book is the result of quantitative and qualitative analysis of the Gospels. I collected here the valid studies that done by western and eastern scientists of the Bible. Without magnification , this book mentions to historical , scientific, geographical and medical faults of the Gospels. The knowledge is my only aim, Dr. Bahaa El-Nahhal Zagazig, 1994

مقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة: لقد شدت انتباهي ملحوظة كانت هي الدافع وراء هذا البحث الموضوعي فى الأناجيل والعقيدة المسيحية، أن عصر النهضة الذي أرسى فيه الإنسان قواعد ما نشاهده الآن من تقدم علمي هائل وتفكير عقلاني منهجي، كان بداية الإلحاد والابتعاد عن المسيحية. ولقد كانت السواعد التي شيدت أسس الحضارة هي نفسها التي حملت المعاول لهدم تلك الديانة ففى ألمانيا كان هناك إيمانويل كانط وجوته وهرمان رايماروس وليسنج وشيلر ومن ورائهم الملك فريدريك الأكبر، وفى فرنسا تزعم فولتير تلك الحملة الضارية على الكنيسة رافعا شعار حاربوا الرجس والخرافات (¬1)، وكان معه دنيس ديدرو وروسو وهلفشيوس والبارون دي هولباخ ولامترى ودالمبيرث وجريم وريشار سيمون والأب جان مسلييه وفى انجلترا كان هناك جون ملتون وجون لوك وهوبز وتيندال وجون تولند وكولينز وغيرهم من الذين هاجروا من المسيحية إلى الربوبية (¬2) [ Deism] . ويفرض هنا سؤال نفسه، لماذا كانت يقظة العقل هي بداية الابتعاد عن المسيحية؟ ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت. (¬2) أزمة الضمير الأوروبي: بول هازار. الربوبية: هى الإيمان بوجود إله ولكن ليس هذا الإله الذي تجسد فى صورة إنسان وصلب كما تعتقد المسيحية.

وقد أهداني أصدقائي وأحبائي كتابهم المقدس فطالعته بنظرة علمية حيادية ورؤية عقلانية بعيدا عن التعصب والهوى فولد هذا البحث. وقد حرصت على الابتعاد عن الميتافيزيقيات التي لا يجني من ورائها سوى الجدل العقيم والسفسطة.

الأناجيل

الأناجيل تعريف: كلمة انجيل لفظة يونانية معربة ومعناها البشري أو الخبر السار. ومن المتفق عليه أن السيد المسيح لم يكتب إنجيلا ولم يطلب من تلاميذه أن يكتبوا (¬1). ونجد الآن بين أيدينا أربعة أناجيل لكل من (متى) و (مرقس) و (لوقا) و (يوحنا) ونتساءل كيف وصلت إلينا تلك الأناجيل بصورتها الحالية؟ الإنجيل الشفهي: يقول أ. كولمان فى كتابه العهد الجديد (¬2): بقي الإنجيل طيلة ثلاثين أو أربعين عاما فى شكله الشفهي فقط على شكل اقوال وروايات منعزلة وقد نسج المبشرون كل على طريقته وبحسب شخصيته الخاصة واهتماماته اللاهوتية الخاصة، الروابط بين هذه الروايات، أى أن إطار الأناجيل أدبي الطابع وليس له أساس تاريخي ويؤكد ذلك القمص ميخائل مينا قائلا: لسنا نوضح خافيا إذا قلنا أن الكنيسة لبثت مدة طويلة بلا أسفار محررة بوحي إلهي فهى ولا ريب كانت فى هذه الفترة تسير بحسب التعليمات التي تسلمتها شفويا من الرسل (¬3). وهو نفس رأي الكنيسة البروتستانتية ¬

_ (¬1) سيرة المسيح: إصدار كنيسة قصر الدوبارة. (¬2) دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة: موريس بوكاي. (¬3) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا.

الذي يقول: وقبل تدوين الإنجيل كتابة كان الإنجيل الشفهي، أى نقل البشري شفهيا على لسان الرسل وتلاميذهم (1). وتؤكد ذلك مقدمة الترجمة المسكونية للعهد الجديد، فتقول: وبهذا جمع المبشرون وحرروا كل حسب وجهة نظره الخاصة، ما أعطاهم إياه التراث الشفهي. إذاً من المتفق عليه كما رأينا أن أقوال المسيح وأخبار الأحداث التي مر بها تناقلت شفاهة معتمدة على الذاكرة فقط لمدة طويلة كما يصفها القمص ميخائيل مينا وبفترة من ثلاثين إلى أربعين عاما كما يحددها أ. كولمان. ويقرر وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو أن انجيل مرقس هو أقدم الأناجيل المكتوبة ويحدد تاريخ تحريره بالعام 65م (¬1). ويذكر ليون موريس فى تفسيره لإنجيل لوقا أن معظم الكتاب يقرون أن إنجيل مرقس هو أول البشائر الأربع ويعتقدون أن الأولوية لهذا الإنجيل (¬2)، ويؤكد ذلك الرهبان اليسوعيون حيث يذكرون أن تاريخ كتاب إنجيل مرقس كانت ما بين عام (65:70م) (¬3) ويقول العقاد: إن الترتيب المفضل عند المؤرخين أن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل ثم يليه إنجيل متي ثم إنجيل لوقا ثم إنجيل يوحنا (¬4). ¬

_ (¬1) تفسير انجيل مرقص: وليم باركلي صـ14 (¬2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ46. (¬3) تفسير الرهبان اليسوعيون: الجدول التاريخي صـ31. (¬4) عبقرية المسيح: العقاد

حاملوا الإنجيل الشفهي:

ويحدد د. أ. نينهام تاريخ كتابة إنجيل مرقس بالعام الخامس والستين أو السادس والستين الميلادي (¬1). وحيث أن المسيح قد توفاه الله عن ثلاثة وثلاثين عاما فتكون الفترة بين وفاة المسيح وتحرير أول انجيل وهو مرقس تبلغ اثنين وثلاثين عاما على الأقل. نخلص من هذه الشهادات السابقة أنه قد اعتمد على الذاكرة وحدها لمدة اثنين وثلاثين عاما (32 عاما) على الأقل لحفظ أقوال وسيرة السيد المسيح. ويقول ول ديورانت: لا يسع الإنسان إلا أن يشك فى تفاصيل الأحداث التي تناقلها الناس مشافهة ثم دونوها بعد وقوعها بزمن طويل (¬2). حاملوا الإنجيل الشفهي: من المؤكد أن تلاميذ المسيح الاتثى عشر الذين سمعوا أقوال المسيح مباشرة وعايشوا الأحداث التي مر بها، هم ناقلي التراث الشفهي أو الإنجيل الشفهي للآخرين. ونتساءل هل كان كل هؤلاء التلاميذ على مستوى تلك المسئولية من قوة الفهم وثبات الإيمان والإخلاص لمعلمهم وتعاليمه؟ ¬

_ (¬1) كتب انجيل مرقس بعد مقتل بطرس وبولس سنة 64، 66م. (¬2) قصة الحضارة: ول ديورانت.

إن الأناجيل تروى لنا أن السيد المسيح كان دائم التوبيخ لهؤلاء التلاميذ لسوء فهمهم وقلة إدراكهم وضعف إيمانهم وتشككهم الدائم فيه، رغم أنهم أقرب الناس إليه. يقول إنجيل مرقس: "فقال لهم المسيح أفأنتم أيضا هكذا غير فاهمين" صح7: 18 فى إصحاح آخر (فقال لهم كيف لا تفهمون) صح 8: 21 وفى إصحاح ثالث "لأنهم لم يفهموا إذ كانت قلوبهم غليظة" صح 6: 52 كذلك يخبرنا إنجيل متي أن المسيح قال لتلاميذه "أحتى الآن لا تفهمون" صح 16: 8 وفى إصحاح آخر "فقال يسوع هل أنتم ايضا حتى الآن غير فاهمين" صح 15: 16 كما يخبرنا انجيل لوقا ما يؤكد ما سبق "وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا" لوقا 18: 34. وعندما تكلم عن ايليا النبي (¬1) فهم التلاميذ خطأ أن يوحنا المعمدان (¬2) هو ايليا وقد عاد ثانية إلى الأرض "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" متي 17: 11 على الرغم أن يوحنا المعمدان أعلنها صريحة فى بداية رسالته (لست المسيح ولا إيليا ولا النبي) انجيل يوحنا: 2. ¬

_ (¬1) أيلياهو الياس أو الياسين كما ذكر فى القرآن. (¬2) يوحنا المعمدان أو المغتسل هو النبي يحي بن زكريا.

كذلك كان سوء فهمهم لملكوت السموات الذي كان يبشر بقدومه السيد المسيح، فرغم بلوغ دعوة المسيح ختامها فقد أدرك التلاميذ خطأ أن المسيح سيأتي بملكوت أرضي وبدولة بني اسرائيل وقد أملوا فى أن يبوأوا عروشا فى هذا الملكوت القادم (¬1) ونتج عن هذا التوبيخ المستمر لتلاميذه خوف هؤلاء التلاميذ من سؤال السيد المسيح واستيضاح ما لم يدركوه بعقولهم "وأما هم فلم يفهموا القول وخافوا أن يسألوه" مرقس 9: 32 وقد بلغ هذا التوبيخ الذروة فى قول المسيح "ألا تشعرون بعد ولا تفهمون، أحتي الآن قلوبكم غليظة، ألكم أعين ولا تبصرون ولكم آذان ولا تسمعون ولا تذكرون" مرقس 8: 17. أما عن إيمان هؤلاء التلاميذ فدعنا نستعرض أقوال المسيح عن ذلك، يقول إنجيل متي (ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه - شيطان فى جسد غلام - فال لهم يسوع لعدم إيمانكم) 17: 19. وفى مناسبة أخرى "فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان" متي 16: 8 ووبخ المسيح تلاميذه قائلا "أيها الجيل غير المؤمن الملتوى، إلى متى أكون معكم، إلى متى احتملكم" متى 17: 14 وكذلك (كيف لا إيمان لكم) مرقس صح 4: 40 كما أن المسيح انتهر بطرس أحد هؤلاء التلاميذ قائلا له (اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس) مرقس 8: 33. ¬

_ (¬1) أهداف المسيح وتلاميذه: هرمان رايماروس: أستاذ اللغات الشرقية فى أكاديمية همبورج.

ووبخه قائلا (يا قليل الإيمان لماذا شككت) متى 14: 31 وتذكر الأناجيل أن هذا البطرس قد تنكر لمعلمه السيد المسيح وأنكر معرفته ثلاث مرات. (فتفرست فيه وقالت وهذا كان معه فأنكره قائلا لست أعرفه يا امرأة) لوقا 22: 56 - 57 وفى الليلة التي أراد فيها اليهود القاء القبض على المسيح وكان الحزن والاكتئاب والخوف يسيطرون عليه، لم يشاركه التلاميذ أحزانه ولم يخففوا من حالته النفسية، بل تركوه وحيدا يصلي داعيا الله أن يعبر به تلك الأزمة وينقذه من أيدي أعدائه، وراحوا هم فى سبات عميق (ثم جاء إلي التلاميذ فوجدهم نياما فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة) متى 26: 40 ورغم هذا التنبيه والتوبيخ لم يعروه التفاتا واستمروا فى نومهم (ثم جاء فوجدهم أيضا نياما) متى 26: 43. وعندما أقبل اليهود والجنود الرومانيون للإمساك بالمسيح (حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا) متى 46: 56 حتى أن أحد التلاميذ عندما أمسكه الجنود من ردائه تركه لهم وهرب عاريا (فتركه الجميع وهربوا وتبعه شاب لابسا ازارا على عريه فأمسكه الشبان فترك الإزار وهرب منهم عريانا) مرقس 14: 50. هكذا تخلى التلاميذ عن معلمهم وفروا مذعورين كل يحاول النجاة بنفسه فصدق فيهم قوله: (لماذا تفكرون فى أنفسكم يا قليلى الإيمان) متى 16: 8. وبالطبع لا أحد ينسى خيانة يهوذا الأسخريوطي أحد هؤلاء التلاميذ للمسيح مقابل القليل من الفضة (حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي

الى رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم: فجعلوا له ثلاثين من الفضة) متى 26: 14 - 15. إذا كان تلاميذ المسيح الاثني عشر هم حاملي التراث أو الإنجيل الشفهي، فهكذا كان فهمهم وهكذا كان إيمانهم. ننتقل إلى عامل آخر من العوامل التي أثرت على هذا التراث الشفهي سلبيا ألا وهو اضظهاد التلاميذ ومطاردتهم من قبل اليهود والرومان. فلا ريب ان تعرض التلاميدوالمسيحيين الاوائل الى السجن والتعديب قد اثر على الداكرة كما وكيفا. ان الاعتماد على الداكرة وحدها لمدة 32عاما على الاقل فى حفظ الانجيل الشفهى بالاضافة الى سوء فهم التلاميد وضعف ايمانهم والاضطهاد وعدم الاستقرار وتدخل وجهات النظر المختلفة لكتاب الاناجيل كل دلك تضافر ليؤدى الى وجود متناقضات فى نصوص الاناجيل وامور غير معقولة ودعاوى معاكسة لامور تم التحقق منها. ويؤكد وجود المتناقضات القمص ميخائيل مينا وينسب اليها تعدد المداهب المسيحيه. ومما هو جدير بالذكر أن المسيحيين فى القرن الأول الميلادي تداولوا عشرات النسخ من الأناجيل ثم اعتمد آباء الكنيسة أربع نسخ منها فقط وذلك فى مجمع هيبو عهام 393م وفى مجمع قرطاجنة عام 397م وتم استبعاد ورفض أى أناجيل أخرى، ويتساءل فولتير (¬1) فى مقال بعنوان المتناقضات: من خول الكنيسة سلطة الحكم بأن ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت

ملحوظة:

أربعة فقط من الخمسين إنجيلا التي دونت فى القرن الأول هى وحدها - أى الأربعة المعتمدة - موحي بها من عند الله؟ (من الأناجيل المستبعدة: إنجيل بطرس - إنجيل اندراوس - إنجيل فيلبس - إنجيل برتولماوس - إنجيل توما - إنجيل يعقوب - إنجيل ماتياس - إنجيل المصريين -- إنجيل برنابا - انجيل العبريين - انجيل نيقوديموس - انجيل الطفولة (¬1) .. . إلخ. ملحوظة: ذكرنا هنا أن السيد المسيح قد عاش ثلاثة وثلاثين عاما وهذا العمر طبقا لما جاء فى إنجيل يوحنا، ولكن إجماع متى ومرقس على أن دعوة المسيح استغرقت عاما فقط يؤدي إلى أن عمر المسيح كان واحد وثلاثين عاما (¬2). ¬

_ (¬1) Combridge Encyclopedia Page 511 (¬2) Encyclopedia Judaica vol, 6page 10

الأخطاء التاريخية للأناجيل

الأخطاء التاريخية للأناجيل - الأناجيل وتاريخ الميلاد - ليسانيوس .. وخطأ لوقا - حنان وقيافا .. وخطأ لوقا - التاريخ ومحاكمة السيد المسيح. - رقصة سالومى وراس يوحنا المعمدان

الأخطاء التاريخية للأناجيل قد عكف الباحثون على دراسة مصداقية الأناجيل التاريخية وكانت للمدرسة الألمانية (ابتداءا من "يوليوس فلهاوزن" و "ويز" إلى "شويتزر" و "رودلف بولتمان") الدور الأكبر فى تلك الدراسات وقد قام الدكتور القس/ حنا الخضري بتلخيص نتائج تلك الأبحاث الألمانية نقلا عن كتاب ( La vie de jesus: Goguel) : 1- إن قصص الأناجيل عبارة عن عناصر متناثرة لا تتبع تسلسلا عضويا تكوينيا وأنها سطحية. 2 - عدم اعتبار الأناجيل كمستندات تاريخية بحتة أى أن الأناجيل لم تكتب كوثائق تاريخية بل كرسائل دينية وتقوية لتثبيت إيمان المؤمنين. 3 - من الصعب التمييز بين العناصر التاريخية وبين العناصر الغير تاريخية الخاصة بحياة يسوع فى الأناجيل ومن الصعب التأكد مما إذا كانت هذه الأقوال هي فعلا أقوال المسيح أم هي اضافات من الكنيسة الأولي.

الأناجيل وتاريخ ميلاد المسيح

الأناجيل وتاريخ ميلاد المسيح متى ولد السيد المسيح؟ هذا السؤال لم تستطع الأناجيل أن تعطي له إجابة حيث أنها تقدم لنا معطيات تؤدي إلى تواريخ متضاربة لهذا الميلاد ويعلق على هذا البرت شويتزر قائلا إن كل جهد للوصول إلى بناء حياة ليسوع من الناحية التاريخية لا يقودنا إلا إلى سلسلة من المتناقضات التي لا يمكن حلها (¬1) 1 - يقول إنجيل متى (ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى أيام هيرودس الملك) إصحاح 2: 1 أى أن السيد المسيح عيسى بن مريم (أو يسوع وبالعبرية يشوع) (¬2) ولد قبل وفاة الملك هيرودس الملقب بالكبير. ¬

_ (¬1) التقويم المسيحي الحالي الذى نستعمله الآن لا يدل على ميلاد المسيح الحقيقي ويرجع ذلك إلى خطأ واضع هذا التقويم وهو الراهب دينسيوس عام532 وقد تعدر اصلاح هدا الخطأ بعد دلك. (¬2) يشوع اسم عبري مكون من يهوه وشع ويعنى الرب خلاص أو خلاص الله، وقد أطلق هذا الاسم على عشر رجال فى الكتاب المقدس (العهد القديم) قبل المسيح أكثرهم شهرة هو (يشوع ابن نون) خادم موسى عليه السلام و (يشوع بن سيراخ) أحد حكماء اليهود، كذلك (يشوع) رئيس اورشليم فى أيام الملك (يوشيا) وكان أيضا (يشوع) الكاهن رئيس الفرقة التاسعة. كدلك يسوع باراباس سئ السمعة الذي فضله اليهود على يسوع المسيح وأطلقوا سراحه فى عيد الفصح.

الاكتتاب: التعداد السكاني

ومن المؤكد تاريخيا أن الملك هيرودس هذا قد توفى فى السنة الرابعة قبل الميلاد (4ق. م) 2، (¬1)، (¬2) فى أواخر شهر مارس فى مدينة أريحا. وعلى ذلك يكون ميلاد السيد المسيح قبل السنة الرابعة قبل الميلاد إذا سلمنا بمصداقية انجيل متى. 2 - بقول إنجيل لوقا (وهذا الاكتتاب الأول جرى إذا كان كيرينيوس والي سوريا. فصعد يوسف ... ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد) الإصحاح 2: 1 - 6. الاكتتاب: التعداد السكاني يوسف: هو زوج مريم أم عيسى عليه السلام يخبرنا هنا لوقا أن ولادة المسيح تمت فى عهد بوبليوس سلبيتيوس كيرينيوس والي سوريا، ومن المعروف أن الحاكم الروماني هذا كما ذكر المؤرخ يوسيفوس فى مؤلفه قديمات اليهود (18: 1) لم يكن واليا لسوريا إلا بعد الميلاد بستة أعوام (6 ب. م) (¬3)، (¬4) اى أنه لم يعاصر الملك هيرودس. وعلى ذلك يكون الميلاد قد تم بعد السنة السادسة للميلاد (6ب. م). ¬

_ (¬1) تاريخ العلم: جورج سارتون الجزء السادس صـ56. (¬2) تفسير إنجيل متى: لجنة برياسة الانباغريغوريوس صـ53 (¬3) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ79. (¬4) تفسير الرهبان اليسوعيين: الجدول التاريخي صـ29.

3 - وبالنسبة غلى التعداد السكاني الذي اشار إليه إنجيل لوقا فقد ذكر المؤرخ ترتليانوس أنه جرى فى عهد سنتيوس ساتورنينوس والي سوريا (من 9 ق. م: 4 ق. م) (¬1). ويحدد وليم باركلي تاريخ هذا التعداد بالعام 8 قبل الميلاد (¬2) هكذا أخطأ إنجيل لوقا فى اسم والي سوريا الذي أجرى فى عهده التعداد السكاني هذا. بناء على ذلك يكون ميلاد المسيح فى السنة السابعة قبل الميلاد (7ق. م) 4 - ويخبرنا أيضا لوقا (فى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيبريروس قيصر ... ابتدأ يسوع وكان له نحو ثلاثين سنة) الإصحاح 3: 1 - 22 يخبرنا هنا لوقا أن المسيح قد بلغ الثلاثين من عمره فى السنة الخامسة عشرة من حكم طيبريوس قيصر ابن اغسطس قيصر بالتبني (¬3) وقد استقل طيبريوس قيصر بالحكم بعد وفاة أغسطس قيصر فى التاسع عشر من شهر أغسطس عام (14ب. م) فى مدينة نولا (¬4) وحكم لمدة ثلاثة وعشرون عاما، وقد توفي عام (37 ب. م) (¬5) ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة المسيحية صـ137. (¬2) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ53 (¬3) اختار اغسطس قيصر طيبريوس ابن زوجته ليفيا من زوجها الأول لخلافته. (¬4) موسوعة تاريخ العالم: وليم لانجلر الجزء الأول صـ277 (¬5) تاريخ الحضارات العام: اندريه ايمار المجلد الثاني صـ780

وبذلك يكون العام الخامس عشر من حكمه موافقا سنة تسع وعشرين ميلادية، فيكون ميلاد المسيح فى السنة الأولي قبل الميلاد (1 ق. م) 5 - إذا كان لوقا يقصد السنة الخامسة عشرة من مشاركة طيبريوس أبيه أغسطس قيصر فى الحكم فى العام الثاني عشر للميلاد (12 ب. م) 1، 2 بذلك بلوغ المسيح لعامة الثلاثين قد تم فى العام السابع والعشرين بعد الميلاد ويكون المسيح قد ولد فى السنة الثالثة فبل الميلاد (3 ق. م) 6 - ويقول متي (فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه، الحق أقول لكم أنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض) متى (24: 2) يشير المسيح هنا إلى هيكل سليمان حيث تنبأ بهدمه وخراب مدينة أورشليم وإن كانت الأناجيل قد أخطأت (كما سنرى فيما بعد) فى الربط بين خراب أورشليم وقيام الساعة ونهاية العالم والمجئ الثاني للمسيح إلى الأرض، ويهمنا هنا الآن هو خراب أورشليم. وقد حدد المسيح حدوث ذلك بمضي جيل من الزمن (لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله) متى 24: 34.

ليسانيوس ... وخطأ لوقا:

ومن الثابت تاريخيا أن هدم الهيكل وخراب أورشليم قد تما فى سنة سبعين ميلادية (70م) (¬1)، (¬2) على يد القائد الروماني تيطس ابن الامبراطور فاسباسيان .. وفى عهده. وبما أن الجيل يقدر بثلاثين عاما (¬3)، فإن هذه النبؤه لم تكن قد قيلت قبل العام الأربعين للميلاد وتذكر الأناجيل أن المسيح قد أخبر بتلك النبؤه فى نهاية رسالته أى وهو فى الثالثة والثلاثين من عمره. ويترتب على ما مضي أن تاريخ الميلاد ليس قبل السنة السابعة بعد الميلاد (7 ب. م) وهكذا تتخبط الأناجيل فلا يستدل منها على تاريخ ميلاد صاحب الرسالة، أو على حسب ادعائهم تاريخ تجسد الله على الأرض فاين الوحي الإلهي والإلهام السماوي فى كتابه الأناجيل؟ ليسانيوس ... وخطأ لوقا: يقول إنجيل لوقا (وفى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر إذ كان بيلاطس البنطى واليا على اليهودية وهيرودس رئيس ربع على الجليل وفيلبس أخوه ¬

_ (¬1) دارئرة المعارف البريطانية 1960 م المجلد الثاني. (¬2) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي صـ342 (¬3) قاموس اكسفورد.

رئيس ربع على ايطورية وكورة تراخونيتس، وليسانيوس رئيس ربع على الأبلية) لوقا 3: 1 السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر تقابل السنة التاسعة والعشرين ميلادية (29م) رئيس ربع: يعنى حاكما على ربع إقليم ثم أطلق هذا اللقب بعد ذلك على أى أمير صغير، حيث انقسمت دائرة ملك هيرودس الكبير بعد موته. هيرودس: هو هيرودس انتيباس ابن الملك هيرودس الكبير من زوجته ملثاكي. فيلبس: هو هيرودس فيليبس ابن الملك هيرودس الكبير ولكن من زوجته كليوباترا اورشليم وكان زوجا لسالومي ابنة هيروديا وقد مات عام 34 ب. م الأبلية: كورة محيطة بمدينة (أبيلا) التي تبعد ثمانية عشر ميلا إلى الشمال الغربي من دمشق. يخبرنا هنا لوقا أن ليسانيوس كان يتولي الحكم عام (29م) كرئيس ربع فى أبلية. ويذكر المؤرخ يوسيفوس فلافيوس فى تاريخه (قديمات اليهود) أن ليسانيوس حاكم (ابلية) قد قتل عام (36 ق. م) على يد مارك انطونيو.

ويعلق ليون موريس (¬1) على خطأ لوقا هذا قائلا: بالنسبة إلى ليسانيوس فهذه مشكلة، ويضيف لقد انتهي البعض إلى أن لوقا قد جانبه الصواب بصدد هذا الاسم. ويقول وليم باركلي: لا نعلم شيئا يذكر عن ليسانيوس هذا (¬2) ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ92 (¬2) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ47.

حنان وقيافا ... وخطأ لوقا:

حنان وقيافا ... وخطأ لوقا: يقول إنجيل لوقا (وفى السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر، إذ كان بيلاطس البنطي واليا على اليهودية ... فى أيام رئيس الكهنة حنان وقيافا كانت كلمة الله على يوحنا بن زكريا فى البرية) لوقا (3: 1 - 2) وفى النسخة الإنجليزية ( annas and caiaphas priesthood of (During the high يذكر لنا لوقا أن فى عام (29م) وأثناء ولاية بيلاطس الروماني كان هناك رئيسان للكهنة هما حنان وقيافا. يعلق على ذلك د. قس ابراهيم سعيد فيقول إن الشريعة اليهودية لم تسمح بوجود غير كاهن واحد فى وقت واحد (¬1) ويذكر ليون موريس (¬2): أن رئيس الكهنة حنان قد عزله الحاكم الروماني (_جراتيوس) عام (15م) ثم أصبح خمسة من أولاده رؤساء كهنة بالترتيب أما بالنسبة لقيافا فقد كان رئيسا للكهنة (من 18: 36 م) وكان صهرا لحنان. ¬

_ (¬1) تفسير إنجيل لوقا: إبراهيم سعيد صـ67. (¬2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ92

ويقول باركلي (¬1): لم يكن فى يوم ما رئيسان للكهنة فى آن واحد، وفى وقت يوحنا المعمدان كان حنان خارجا عن رئاسة الكهنوت وخلفه ما لا يقل عن أربعة من أولاده، أما قيافا فكان زوج ابنته. ويسجل المؤرخ يوسيفوس فى تاريخه (قديمات اليهود) الكتاب (18: 2: 2) أن الوالي الروماني فاليريوس جراتيوس (15: 26م) قد عزل حنان من منصبه الذي شغله من (6: 15م) وقد عاصر يوسف قيافا رئيس الكهنة بنطيوس بيلاطس فى ولايته التي كانت (من 26: 36م) ويضيف ويسلي (¬2): ما كان ممكنا أن يجلس على كرسي رئاسة الكهنوت سوى رئيس كهنة واحد. ويذكر إنجيل متى أن قيافا كان رئيسا للكهنة فى ذلك الوقت ولا يذكر شيئا عن حنان ولم يشر إليه مطلقا: (والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلي قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ) متى (26: 57) كذلك (حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذي يدعي قيافا) متى (26: 3) ويذكر المؤرخ يوسيفوس أسماء رؤساء الكهنة بالتتابع من حنان إلى قيافا كالآتي: ¬

_ (¬1) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ48 (¬2) تفسير انجيل لوقا: ويسلي صـ48.

التاريخ ومحاكمة السيد المسيح:

بعد عزل حنان عام (15م) تم تعيين اسماعيل بن فابي ثم اليعازر بن حنان ثم سمعان بن كميثوس ثم قيافا من 18م حتى عام 36م. وقد تم تعزل قيافا بأمر من فيتليوس والي سوريا وخلفه يوناثان بن حنان. (¬1) وإلى الآن لم يقدم تبرير لخطأ لوقا هذا. التاريخ ومحاكمة السيد المسيح: يتساءل الجميع على اختلاف انتماءاتهم الدينية، هل رواية الأناجيل الخاصة بمحاكمة السيد المسيح لها أسانيد تاريخية؟ يقر د. قس حنا الخضري (¬2) أن الامبراطورية الرومانية حرصت على الاحتفاظ بسجلات المحاكمات التي أجراها الولاة فى الأقاليم التابعة لها، وقد خلت تلك السجلات من أية إشارة لمحاكمة السيد المسيح، مما أدي إلى تساؤل المؤرخين: كيف يمكن أن يصدر بيلاطس الوالي الروماني حكمه باعدام شخص فى أمة خاضعة لسلطة روما دون أن يرسل تقريرا مفصلا أو حتى موجزا عن هذه القضية؟! ¬

_ (¬1) Encyclopedia Judaica Vol. 3P.19 (¬2) تاريخ الفكر المسيحي: د. قس حنا الخضري صـ339

ويعلق ف، براندون (¬1) على رواية الأناجيل فيقول: إن الأناجيل بصورتها الحالية تقدم لنا وصفا لما أسمته محاكمة المسيح وقد أعيد كتابته بطريقة جعلت تلك المحاكمة غير موثوق فيها من وجهة النظر التاريخية. تذكر الأناجيل أن محاكمة المسيح وصلبه حدثا فى يوم الجمعة الموافق 15 نيسان ونظرا لتضارب تواريخ الميلاد التي قدمتها الأناجيل كذلك اختلاف قيمة عمر السيد المسيح من إنجيل لآخر، فلا أحد يعلم على وجه الدقة السنة التي اختفى فيها المسيح من مسرح الأحداث، لذلك قام Finegan (¬2) بالبحث عن يوم الجمعة الموافق 15 نيسان فى القترة الزمنية من 27 م إلى 34م والمتوقع حدوث وفاة المسيح خلالها. وطبقا للحسابات الفلكية التي أجراها Finegan فإن 15 نيسان لم يوافق يوم الجمعة خلال تلك الفترة. ونذكر هنا أيضا دراسة أخرى قام بها S. Smith (¬3) وجاءت النتائج كالآتي: 15 نيسان عام 27 م كان يوافق الأربعاء 15 نيسان عام 28 م كان يوافق الإثنين (¬4) ¬

_ (¬1) F. Brandon: The trial of Jesus (¬2) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ406 (¬3) S. Smith: Jesus of Nazare (¬4) 28 م هو التاريخ المرجح لموت المسيح: موسوعة تاريخ الحضارات العام المجلد الثاني صـ780

ونضيف الأسباب التالية لعدم مصداقية محاكمة المسيح التاريخية:

15 نيسان عام 29م كان يوافق الأحد 15 نيسان عام 30م كان يوافق الخميس 15 نيسان عام 31م كان يوافق الثلاثاء 15 نيسان عام 32م كان يوافق الإثنين يبدو أن الاختبار هنا للأعوام (27، 28، 29) جاء بناء على اعتماد تاريخ الميلاد الذي جاء فى إنجيل متى (5 ق. م)، وعمر السيد المسيح الذي ذكره يوحنا (33 عاما) هكذا توافقت نتائج ( Finegan) مع ما توصلت إليه دراسة ( Smith) وهو أن 15 نيسان لم يوافق يوم جمعة طوال السنوات الخاضعة للبحث. ونضيف الأسباب التالية لعدم مصداقية محاكمة المسيح التاريخية: 1 - تشير الأناجيل إلى اجتماع المجمع المقدس اليهودي (السنهدرين) (71 عضوا)، ليلا فى بيت رئيس الكهنة لمحاكمة المسيح، وتنفي ذلك دائرة المعارف اليهودية وتذكر أنه لم يحدث فى تاريخ (السنهدرين) أن اجتمع فى بيت رئيس الكهنة، ويؤكد ذلك أيضا Blingler. 2- ذكرت الأناجيل أن تهمة السيد المسيح كانت ادعاؤه أنه ملك اليهود أى (مسيح) وتعلق على ذلك دائرة المعارف اليهودية (¬1) ... أن الشخص الذي كان يتهم بادعائه أنه مسيح Pretender Messianic كان يسلم مباشرة إلى ¬

_ (¬1) Encyclopedia Judaica: Vol. 6 p10

رقصة سالومى وراس يوحنا المعمدان:

السلطات الرومانية (لاعتبارها جريمة سياسية) بدون فتوى أو حكم من المجمع المقدس اليهودي (السنهدرين). 3 - ذكرت الأناجيل أن (السنهدرين) قد عقد ليلا لمحاكمة المسيح ومن المعروف أن تعليم (المشنا) (¬1) تحرم المحاكمة الليلية عن التهم التي عقوبتها الإعدام، ويؤكد ذلك ر. ت. فرانس (¬2) رقصة سالومى وراس يوحنا المعمدان: كان هيرودس زوج هيروديا ووالد سالومي ابنا للملك هيرودس الكبير من زوجته (مريم) ابنة رئيس الكهنة الإسكندري (سيمون بن بوثيوس) (¬3) وقد تورط هيرودس هذا مع أخيه غير الشقيق (أنتيباتر) ابن دوريس فى مؤامرة ضد والدهما الملك هيرودس الكبير عام (5ق. م) 1 مما أدي إلى استبعاده من وصية الملك وحرمانه من حقوقه الوراثية. وانتقل هيرودس للعيش فى مدينة قيصرية كمواطن بسيط، ثم هجرته زوجته هيروديا، ابنة اريستوبولس بن هيرودس الكبير من زوجته (مريمنة) الحاشمونية، وتزوجت أخاه هيرودس انتيباس عام (31م) 1وكان هذا الزواج مرفوضا دينيا حيث أن الشريعة اليهودية تحرم زواج الأخ من مطلقة أخيه. ¬

_ (¬1) المشنا: هى الجزء من التلمود المختص بتفسير وشرح القوانين والاحكام الشرعية التي جاءت فى التوراة. (¬2) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ419 (¬3) Encyclopedia Judaica Vol. 6 P. 388

رواية الأناجيل:

رواية الأناجيل: تخبرنا الأناجيل أن هيرودس أنتيباس قد القي القبض على يوحنا المعمدان وزج به فى حصن (ماكريوس) فى عبر الأردن بعد أن وبخه يوحنا على زواجه من مطلقة أخيه، كما تذكر الأناجيل أن قتل يوحنا بعد ذلك كان مكافأة لسالومي عن إجادتها الرقص فى حفل عيد ميلاد هيرودس انتيباس زوج أمها، وتعلق دائرة المعارف اليهودية1 على تلك الرواية وتقرر أنه لاتوجد أيه أسانيد تاريخية لها. ويؤكد المؤرخ يوسيفوس فلافيوس (¬1) أن مقتل يوحنا المعمدان كان لأسباب سياسية حيث أن عدد أتباعه وتلاميذه كان كبيرا فكان خوف الحاكم من قيام يوحنا بتزعم حركة مسيانية هو الدافع للتخلص منه. ومما يدل على عدم واقعية رواية الأناجيل هو أن مقتل يوحنا المعمدان كان فى عام (28م) كما تجمع تفاسير الأناجيل (¬2) أو عام (29م) كما تشير دائرة المعارف اليهودية فى حين أن زواج هيرودس انتيباس من هيروديا كان فى عام (31م) (¬3) أى أن القبض على يوحنا وسجنه وقتله قد تم قبل الزواج وليس بعده أو بسببه كما تخبرنا الأناجيل. وتعلق على ذلك Cambridge Encyclopedia (¬4) فتقول: ¬

_ (¬1) قديمات اليهود: يوسيفوس فلافيوس الكتاب (18) صـ116 إلى 119 (¬2) تفسير انجيل متى: لجنة برئاسة الأنبا غريغوريوس صـ84 كذلك تفسير إنجيل متى: إصدار دار الثقافة صـ40 كذلك تفسير إنجيل مرقس: اصدار دار الثقافة صـ102 (¬3) Encyclopedia Judaica Vol. 6 P. 388 (¬4) Compridge Encyclopedia: P. 639

إن ما تذكره الأناجيل عن يوحنا المعمدان يخالف ما يؤكده المؤرخ يوسيفوس، كما أن الاناجيل أخطأت أيضا فى اسم زوج هيروديا ووالد سالومي حيث ذكرت أنه كان يدعي (فيليبس). انظر مرقس (6: 17)، لوقا (3: 19)، متى (14: 30) ويذكر ( Schalit) شاليت (¬1) الخمسة عشر اسما لأبناء وبنات الملك هيرودس الكبير من زوجاته العشرة وليس بينهم من يسمي (فيليبس)!! ولكن يوجد ابناً واحدا فقط يسمى (هيرودس فيليبس) وكانت امه هى كليوباترا (أورشليم)، وهذا كان زوجا لسالومي وليس والدها، وقد عين رئيس ربع على ايطورية وتراخونيتس بعد وفاة أبيه الملك هيرودس عام (4ق. م)، وقد توفي هيرودس فيليبس عام (34م) وقد اعترف ليون بهذا الخطأ (¬2) وكذلك وليم باركلي (¬3) وتفسير الرهبان اليسوعيين (¬4) حيث ذكروا أن زوج هيروديا ووالد سالومي كان يدعي (هيرودس) فقط كما ذكر المؤرخون. ¬

_ (¬1) A. Schalit: Koenig Herodes der Mann and Sein Wor, Berlin 1969 (¬2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ97 (¬3) تفسير إنجيل لوقا: وليم باركلي صـ52 (¬4) تفسير الرهبان اليسوعيين: الجدول التاريخي صـ29

إنجيل لوقا وظهور آدم على الأرض

إنجيل لوقا وظهور آدم على الأرض عندما استعرض انجيل لوقا نسب السيد المسيح فإنه قام بتتبع جذور ذلك النسب إلى أدم عليه السلام مرورا بنوح وإبراهيم عليهم السلام. إن لوقا قد صنع سلسلة محكمة من الأنسال مستخدما تعبيرا (فلان ابن فلان) للوصول إلى آدم ( ... بن أخنوخ بن يارد بن مهليل بن قينان بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله) لوقا 3: 38. وكان من السهل بالنسبة لآباء الكنيسة ترجمة هذه السلسلة من الأنسال المتتابعة إلى قيمة زمنية وذلك بالرجوع إلى العهد القديم (التوراه والأنبياء) ففى سفر التكوين (وعاش آدم مائة وثلاثين سنة وولد ولدا على شبهه كصورته ودعا اسمه شيثا وكانت أيام آدم بعدما ولد شيثا ثماني مائة سنة وولد بنين وبنات، فكانت كل أيام آدم التي عاشها تسع مائة وثلاثين سنة ومات. وعاش شيث مائة وخمسة سنين وولد أنوش ... ) صح 5: 3 - 33. هكذا يعطي سفر التكوين هذا مدة حياة كل سلف وعمر الأب عند ميلاد الابن. وقد قدر آباء الكنيسة الفترة الزمنية بين بداية ظهور آدم على الأرض وميلاد المسيح بأربعة آلاف وأربع سنوات (4004) ويعتبر هذا التقدير هو أساس التقويم اليهودي المتبع والساري إلى الآن، حيث أراد الحاخامات اليهود وضع تقويم على أساس

ديني فجعلوا بداية الخليقة هي نفسها بداية التاريخ اليهودي، وقد بدء فى استخدام هذا التقويم فى ختام القرن الثاني بعد المسيح (¬1) هنا حدث الاصطدام بين إنجيل لوقا وبكل من علم التاريخ وعلم الأركيولوجي. فبالنسبة إلى التاريخ، يقول بول هازار (¬2) فياللسماء، ما أوسع هوة الاختلاف بين علماء التاريخ. ورجال الدين، إننا نجد أمتين تنسفان حدود هذا التاريخ، إن تاريخهما لا يقف عند أربعة آلاف عام، فهي حقبة من التفاهة بمكان - بل يمتد بهما إلى عشرات الآلاف من الأعوام (يشير إلى المصريين والصينيين) ويضيف قائلا أن آدم يبدو مثل قادم متأخر بجانب أمراء الصين الأولين. إن ما يقرره إنجيل لوقا وكذلك سفر التكوين (أحد أسفار التوراة الخمسة) عن بداية وجود الإنسان على الأرض (آدم) منذ أربعة آلاف وأربع سنوات فقط قبل الميلاد غير مقبول علميا إطلاقا. ويؤكد بريان. م. فاجان (¬3): إن الإنسان بصورته الحالية (¬4) والذي يعرف علميا باسم (هومو سابينز سابينز) (¬5) بدأ وجوده على الارض منذ (40.000) أربعين ألف سنة ¬

_ (¬1) تاريخ العلم: جورج سارتون الجزء الخامس صـ194. (¬2) أزمة الضمير الأووبي: بول هازار (¬3) People of the Earth: Brian M. Fagan (¬4) يقصد إنسان ذو نمو عقلي كامل وجبهة مرتفعة وحاجبين بغير نتؤ عظمى ولا يوجد تقوس فى عظام الفخذ أو الساعدين. (¬5) Homo Sapiens Sapiens

قبل الميلاد فقد أثبتت الحفريات فى القارة الأمريكية تواجد الإنسان على جزيرة سانتا روذا بجنوب كاليفورنيا منذ 40000 سنة ق. م (بادا وهلفمان سنة 1975). وفى الجنوب الغربي لفرنسا عاش الإنسان منذ 33000 سنة ق. م مشتغلا بالصيد وجمع الثمار (بريان. م. فاجان). وعلى ضفاف النيل فى (كادان) نشأت حضارة منذ (12500 سنة ق. م) حيث عاش الإنسان فى تجمعات سكانية وقد تم العثور على الأحجار المستخدمة فى طخن الحبوب وأدوات حجرية حادة للصيد (ونروف - 1968) وفى شمال أسوان تم العثور على أدوات لصيد الأسماك يرجع تاريخها إلي ما بين 16300 سنة ق. م إلى 15000 سنة ق. م ويبدو أن الإنسان هناك تعلم الزراعة حيث عثر على بقايا متفحمة للشعير والقمح (وندروف وسشيلد سنة 1981) كما أنه استغل الأصداف البحرية والخضروات إلى جانب الصيد (ايكاوا وسميث 1980) وفى استراليا عثر على هياكل عظمية لأناس عاشوا هناك منذ 33000 سنة قبل الميلاد ويعتقد أنهم انتقلوا إلى تلك القارة من جنوب شرق اسيا (بولر، جونز، ألين وثورن - 1970م) إنجيل يوحنا والكلمة (اللوجوس)

ويشير الإنجيل هنا إلى مذهب الخلق بالكلمة، فكيف نشأ هذا المذهب الفلسفي؟

افتتح القديس يوحنا إنجيله هكذا (فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله) صح 1: 1 - 3 ويشير الإنجيل هنا إلى مذهب الخلق بالكلمة، فكيف نشأ هذا المذهب الفلسفي؟ 1 - الكلمة عند المصريين القدماء: يقول العقاد (¬1) إن البداية كانت عند المصريين القدماء، حيث أن العقل الذي خطر له أن الله يخلق بكلمة ولا يخلق بجهد من جهود الحركة المادية قد استعار هذه الفكرة من شئ رآه لا من شئ بحثه واستقصاه، وأقرب هذه الأشياء المرئية إليه هى قدرة الساحر على التأثير بكلمة يقولها والسيطرة على الأجسام والأجرام الضخام بالهمهمة والتعزيم وهي ضرب من الكلام، ومن هنا نشأت عقيدة بتاح (أو فتاح) عند المصريين (¬2) القدماء، وكان بتاح اله منف كما جاء فى إحدي صلواته هو الفؤاد واللسان للآلهة ومنه يبدأ الفهم والمقال فلا ينبعث من ذهن ولا لسان فكر أو قول بين اللآلهة أو الناس ألا وهو من وحي بتاح، وما وجد شئ من الأشياء قط إلا بكلمة من لسانه صورت عن خاطر فى فؤاده فكلمته هي الخلق والتكوين (¬3). أى أن بتاح كان الواسطة بين الإله ومخلوقاته وهو المعبر عن أفكار الإله وأداته للخلق. ¬

_ (¬1) الله: العقاد (¬2) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين (المصريون يقصدون بالفؤاد شيئا أكثر شبها بالعقل والإدراك). (¬3) الديانة فى مصر الفرعونية: د. محمد عبد القادر

2 - الكلمة عند هيراقليطس اليوناني:

ويجمع كل من أ. و. توملين وجيمس هنري برستيد على أن عقيدة بتاح هي أساس مذهب الخلق بالكلمة عند اليونانيين وعند فيلون السكندري ومن ثم إنجيل يوحنا. 2 - الكلمة عند هيراقليطس اليوناني: اعتبر هيراقليطس أن الكلمة هي مساك الوجود كله وإنها هى قانون الأضداد الذي يكسبها توازنا وانسجاما ووحدة (¬1) وتكاد الكلمة عن هيراقليطس أن تكون مرادفة لمعنى الله فهى النظام الذي يضع كل شئ فى موضعه. وكان خطأ أسلوب التفكير عند هيراقليطس هو عدم تمييزه بين الذات والموضوع أو بين الذات العارفة وموضع المعرفة أو بين المفكر وفكرته، فقد تكلم عن الكلمة تارة بمعناها الموضوعي المستقل عن الذات وتارة يعنى بها العقل بالمعني الذاتي، وقد وقع كاتب إنجيل يوحنا فى نفس الخطأ كما سنرى. 3 - الكلمة عند انكسجوراس (496ق. م: 427ق. م) قام انكسجوراس بتعميم كلام هيراقليطس عن الكلمة وسماها العقل ووصفه بأنه جوهر مجرد خالد واحد لا يتعدد وهذا العقل هو الصلة بين الله والعالم وأداته للخلق والتكوين. 4 - الكلمة عند فيلون السكندري (30 ق. م إلى 40 م): ¬

_ (¬1) الفلسلفة عند اليونان: د. أميرة حلمي مطر

كان يدين فيلون باليهودية وكانت نظريته فى الله وصلته بالوجود تتلخص فى أن يهوا (الله عند اليهود) وهو الإله المتعالي اللامتناهي فى صفات الكمال، لا يؤثر مباشرة فى العالم بل يؤثر عن طريق وسائط هي: 1 - الكلمة 2 - الحكمة الإلهية (صوفيا) 3 - الملائكة 4 - الجن أما صلة الكلمة بالله فهو واسطته إلى الخلق ورسوله إلى الناس وهو الذي ينقل إليه تضرعاتهم فهو ابن الله ورسوله وهو وسيلته فى خلق العالم. وقد أثرت هذه النظرية فى العقيدة المسيحية وظهرت آثارها فى انجيل يوحنا الذي يرجح أن يكون قد كتب فى أوائل القرن الثاني وتأثر كاتبه بهذا الفيلسوف اليهودي الذي عاش فى الاسكندرية (¬1)، (¬2) عند فيلون أن الله يستجيب دعاء الكلمة للمخلوقات الأرضية وأن (موسى) عليه السلام هو اللوجوس الذي استجاب الله دعاءه فى سيناء وهو الذي خلص من شوائب المادة فلحق بالطبيعة الإلهية. ¬

_ (¬1) الفلسفة عند اليونان: د. أميرة حلمي مطر (¬2) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين

5 - الكلمة فى إنجيل يوحنا:

وأن الكلمة كانت فى عقل الله قبل جميع الأشياء وهى متجلية فى جميع الأشياء. وقد جاء فى انجيل يوحنا اعتراف اليهود بأن موسي هو كلمة الله (إصحاح 9: 29 (نحن نعلم أن موسي كلمة الله) يوحنا صح 9: 29 ويظهر بوضوح تأثر فيلون بفلسفة أفلاطون الذي يقول بضرورة وجود واسطة وأداة للخلق حيث لا يليق بالاله الخالد أن يخلق ما هو فان. 5 - الكلمة فى إنجيل يوحنا: كما ذكرنا أن يوحنا قد تأثر بفلسفة فيلون عن الكلمة ولكنه جعلها وصفا لعيسى وليس لموسى عليهما السلام. والكلمة فى إنجيل يوحنا هي أيضا وسيلة الله وواسطته للخلق والتكوين (كل شئ به كان) يوحنا 1: 3 وكذلك هى المعلنة والمعبرة عن فكر الله كما كان (بتاح) لسان الآلهة عند المصريين القدماء، والكلمة فى إنجيل يوحنا نجدها أحيانا موضوعا أو فكرة يعقلها الله (والكلمة كان عند الله (يوحنا 1:1) وكذلك (هذا كان فى البدء عند الله) يوحنا 1: 2 وأحيانا نجد الكلمة فى هذا الإنجيل (ذاتا) أو (عقلا) كما فى قول الإنجيل (وكان الكلمة الله) يوحنا 1: 3 إن الخلط وعدم التمييز بين الموضوع والذات أو بين المعقول والعقل خطأ شاع بين الفلاسفة الأقدمين كما بينا عند هيراقليطس وظلت هذه المشكلة إلى أن جاء ديكارت ليؤكد ثنائية الموضوع والذات.

ومن البديهي ان الكلمة ليست من جوهر قا ئلها والموضوع لا يتساوي مع الذات، إن كاتب إنجيل يوحنا (¬1) قد اقتبس فى انجيله مذهب الخلق بالكلمة بأخطائه مما ينفي الوحي والإلهام فى تحرير الأناجيل. ¬

_ (¬1) نذكر هنا تعبير كاتب انجيل يوحنا لأننا لا نعرف على وجه التحقيق كاتب هذا الإنجيل: أ. و. توملين

تاريخ عائلة داؤد المفقود ونسب السيد المسيح المزعوم

تاريخ عائلة داؤد المفقود ونسب السيد المسيح المزعوم أولا: وجهة النظر اليهودية نظرا لأن اليهود هم المرجع الوحيد لتاريخ عائلة الملك داؤد، نجد أنه من الضرورى هنا تسجيل عدم ثقة دائرة المعارف اليهودية (¬1) فيما أوردته الأناجيل عن نسب السيد المسيح وانتمائه للملك داؤد: ( No histocial validity can be attributed to the these new testament genealogies which are mutually contradictory in their artificiality) إن سلسلتا النسب فى العهد الجديد تفتقدان الثقة التاريخية، كما أنهما متناقضتان ومصطنعتان. وتضيف دائرة المعارف اليهودية: ( There is no information cerning the house of David between the 4th century B.C. and the 2nd century C.E) لا توجد معلومات تتعلق بنسل داؤد فى الفترة ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الثاني بعد الميلاد. ¬

_ (¬1) Encyclopedia judaica page 1390, 1343 , 1344

وتؤكد ذلك مرة أخرى:

وتؤكد ذلك مرة أخرى: ( After the beginning of the fourth (4th) century B.C., the fate of the house of David is unknown) . بعد بداية القرن الرابع قبل الميلاد أصبح مصير عائلة داؤد مجهولا بناءا على ذلك يتساءل ر. ت فرانس (¬1): أى مصدر استخدمه (متى) بالنسبة لفترة ما بعد زربابل (¬2)؟! ثانيا: نسب السيد المسيح فى الأناجيل يذكر كل من إنجيل متى فى أصحاحه الأول وانجيل لوقا فى اصحاحه الثالث شجرة نسب يوسف النجار (زوج السيدة مريم) باعتبارها هي أيضا شجرة نسب السيد المسيح!! ويعلق على ذلك الأب جان مسلييه (¬3) (راعي أبرشيه أتربيني فى شمبانيا وقد توفي ملحدا تاركا نقدا لاذعا للأناجيل والعقيدة نشر بعد وفاته) متسائلا لماذا تنته سلسلتا النسب فى انجيلي (متى) و (لوقا) بيوسف النجار إذا كان سيعفى سريعا من إنجاب عيسى؟! ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت فرانس صـ70 (¬2) فى عهد درايوس الأول قام الأمير زوربابل وهو من نسل داود بإعادة بناء الهيكل اليهودي فى القدس عام 515 ق. م (¬3) قصة الحضارة: ول ديورنت

ثالثا: الاختلاف بين إنجيلي متى ولوقا فى بيان نسب السيد المسيح:

ويقول فولتير3: أى سهو فاضح أن يتحدث الكتاب المقدس عن مولد المسيح من مريم العذراء ثم يتعقب نسبه إلى داود الزاني (كما يخبرنا العهد القديم) عن طريق يوسف خطيب أمه؟! وبما أن السيد المسيح ليس له أب آدمي فإنه من المنطقى أن يكون نسبه من جهة أمه مريم فقط. ثالثا: الاختلاف بين إنجيلي متى ولوقا فى بيان نسب السيد المسيح: 1 - يذكر إنجيل متى أن يوسف النجار ابن يعقوب فى حين يذكر لوقا أنه ابن هالي. 2 - يذكر إنجيل متى أن يوسف النجار من نسل سليمان ابن داود ويذكر لوقا أنه من نسل ناثان بن داود 3 - يذكر متى أن شلتائيل بن يكنيا ويذكر لوقا انه ابن نيري 4 - يذكر متى أن اسم ابن زوربابل هو ابيهود ولكن لوقا يذكر أن اسمه ريسا. 5 - يذكر متى ستة وعشرين جيلا من داود إلى المسيح عليهما السلام بينما يذكر لوقا واحدا وأربعين جيلا. ويعترف ر. ت. فرانس بهذا الاختلاف الواضح فيقول: تختلف سلسلة نسب المسيح بحسب انجيل لوقا اختلافا كبيرا عن تلك الواردة فى إنجيل متى من ناحية الأسماء التي تضمنتها.

رابعا: تبرير الاختلاف والرد عليه:

وإذا افترضنا أن عائلة يوسف النجار تحتفظ بسجلات خاصة بأسلافها فكيف استطاعت هذه السجلات أن تقدم لنا سلسلتين من الأنساب تختلفان إلى هذا الحد؟ ويتفق معه ليون موريس ووليم باركلي. رابعا: تبرير الاختلاف والرد عليه: ذكر القس الأمريكي (سوجار) فى مناظرته مع أحمد ديدات، كذلك د. قس منيس عبد النور (¬1) والقس منسي يوحنا (¬2) تبريرا واهنا لهذا الختلاف وهو: أن شجرة النسب المذكورة بلوقا تختص بمريم وأن هالي هو والد السيدة مريم ونسب إليه يوسف النجار حيث كان اليهود ينسبون الرجل لوالد زوجته. ويعترض على هذا الرأي د. قس حنا الخضري (¬3) فيقول: سلسلتا النسب فى متى ولوقا يذكران شجرة نسب يوسف النجار وليس شجرة نسب مريم وهذا أمر طبيعي لأن العهد القديم لا يعطي لنا فى أشجار النسب الا التسلسل الذكرى. ويعلق على هذا التبرير أيضا (تفسير العهد الجديد) (¬4) قائلا: إن هذا القول تخميني وغير محقق. ¬

_ (¬1) شبهات وهمية حول الكتاب المقدس: د. قس منيس عبد النور (¬2) حل مشاكل الكتاب المقدس: القس منسي يوحنا. (¬3) تاريخ الفكر المسيحي د. قس حنا الخضري صـ173، صـ182 (¬4) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة.

وبمقارنة سلسلة النسب المذكورة عند متي مع ما جاء فى العهد القديم نجد ما يلي:

ويضيف ر. ت. فرانس (¬1): هذا أمر غير محتمل لأنه لم تجري العادة على تتبع سلسلة الأنساب من ناجية الأم، ويؤكد ذلك ليون موريس (¬2) فيقول أن سلاسل الأنساب لا تسلسل من ناحية الجانب النسائي ونضيف أن والد السيدة مريم كان اسمه (يواقيم) (¬3) وبمقارنة سلسلة النسب المذكورة عند متي مع ما جاء فى العهد القديم نجد ما يلي: 1 - أغفل متى أنسال يورام رقم 20 الذين يقول لنا سفر أخبار الايام الأول صح 3:11 أنهم أخاذياس ويواش وأمصيا. 2 - ذكر متى أن اسم ابن ذربابل هو ابيهود فى حين يذكر سفر الأيام الأول صح 3: 19 أسماء أولاد ذربابل وليس فيها ابيهود المذكور فى متى ولا ريسا المذكور فى لوقا!! 3 - ذكر متى أن يكنيا رقم 28 هو ابن يوشيا رقم 27 على حين يقول لنا العهد القديم (أخبار الايام الأول) أنه يهوياقيم ومكانه بين يوشيا ويكنيا. ويقول إنجيل متي (فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود اربعة عشر جيلا ومن داود إلى سبى بابل اربعة عشر جيلا ومن سبى بابل إلى المسيح اربعة عشر جيلا) صح 1: 17. ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متي: ر. ت. فرانس صـ70 (¬2) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ99 (¬3) تفسير إنجيل يوحنا: لجنة برياسة الأنبا غريغوريوس إصدار دار المعارف صـ 637 وهذا الاسم له عدة صيغ مثل يهوياقيم، والياقيم.

ويقول موريس بوكاي لقد عدل متي فى تسلسل النسب المذكور فى العهد القديم كي يقدم مجموعة مصطنعة من اربعة عشر اسما بين داود والنفى إلى بابل، ويعترف تفسير العهد الجديد بترك متى لأسماء ثلاثة ملوك من ملوك يهوذا وكذلك يهوياقيم وكذلك حذف آخرين وبرر ذلك بجعل التقسيم عددا واحدا أى أربعة عشر لكل قسم لأجل تسهيل الحفظ. وهذا المبرر غير مقنع لأنه ليس منطقيا تسهيل الحفظ على حساب دقة المادة العلمية المراد حفظها. ويذكر د. قس منيس عبد النور مبررا آخر لحذف إنجيل متى لاسم يهوياقيم من سلسلة النسب وهو أن يهوياقيم كان ألعوبة فى يد ملك مصر. وسنعتبر هذا التبرير من باب الدعابة والفكاهة. وفى الحقيقة كان حذف إنجيل متى لأسماء العديد من أجداد يوسف النجار للحصول على ثلاث مجموعات كل منها يحتوى على أربعة عشر اسماء، وهذا القيمة العددية (14) هي القيمة الحسابية لاسم داود بالعبرية. (دود) بفتح الدال= 4+6+4=14

4 - المجموعة الثالثة من سبى بابل إلى المسيح التي يقول متي أنها تحتوى على أربعة عشر اسما تحتوى على (ثلاثة عشر اسما فقط) (¬1) وأخيرا سواء كان حذف متى لأسماء من سلسلة النسب ليوسف النجار سهوا أو تعمدا فالنتيجة واحدة فى الحالتين وهي إثبات عدم وجود الوحي والإلهام فى تحرير الأناجيل. ¬

_ (¬1) شبهات وهمية حول الكتاب المقدس: منيس عبد النور، حل مشكلات الكتاب المقدس: منسي يوحنا

إنجيل متى ونجم بيت لحم وأساطير الميلاد

إنجيل متى ونجم بيت لحم وأساطير الميلاد يقول إنجيل متي (ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى ايام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي اورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه فى المشرق وأتينا لنسجد له) صح 2: 1 - 2 المجوس: الكهنة الفارسيون ويقال أنهم من أتباع زرادشت بيت لحم: مدينة صغيرة تبعد نحو ستة أميال جنوب أورشليم وتعني بالعربية (بيت الخبز) ويستطرد إنجيل متى (وإذا النجم الذي رأوه فى المشرق يتقدمهم حتي جاء ووقف فوق حيث كان الصبي) صح 2: 9 يخبرنا هنا إنجيل متى أن الفرس تنبأوا بمولد ملك اليهود حيث ظهر لهم نجم فى المشرق (بلاد فارس) وقد جاءوا يقدمون له فروض الطاعة والولاء. ونتساءل متى كان يسوع ملكا لليهود؟ إن الأناجيل وكتب السيرة المسيحية تذكر لنا أن يسوع نشأ فى أسرة فقيرة يعولها يوسف النجار زوج أمه. وقد عمل يسوع ايضا بالنجارة وعرف بيسوع النجار وعندما بلغ الثلاثين من عمره وابتدأ رسالته هجر مهنة النجارة ليتفرغ للنبوة واعتمد على الإعانات والتبرعات من أصدقائه وصديقاته حيث جاء فى إنجيل لوقا (وآخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن) 8: 3

وعندما بدأ السيد المسيح رسالته وأجرى الله على يديه المعجزات تعجب واندهش جيرانه مستكثرين عليه نعمة النبوة قائلين (اليس هذا هو النجار ابن مريم) مرقس صح 6: 3 وقد ذاق السيد المسيح الأمرين طوال رسالته التي استغرقت ثلاثة أعوام ونصف فإخوته لم يؤمنوا به كما يقول إنجيل يوحنا (لأنه اخوته لم يكونوا يؤمنون به) يوحنا 7: 5 واقاربه اتهموه بالاختلال العقلي. كما يخبرنا إنجيل مرقس (ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل) صح 3: 21 وتلاميذه تخلوا عنه وتنكروا له كما رأينا. وقد اعتبر اليهود أن السيد المسيح يسخر الشياطين لإجراء معجزاته (فقال له اليهود قد علمنا الآن أن بك شيطانا) يوحنا 8: 52 كذلك (أجاب اليهود وقالوا له ألم نكن على صواب إذ قلنا انك سامري وبك شيطان) يوحنا 8: 48 وما أكثر الإهانات التي تلقاها (حينئذ بصقوا فى وجهه ولكموه وآخرون لطموه) إنجيل متى صح 26: 67 وكذلك (وبصقوا عليه وأخذوا القصبة وضربوه على راسه) متى 27: 30 ويخبرنا لوقا أيضا (فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأ به) 23: 11. ويقول إنجيل مرقس (فابتدأ قوم يبصقون عليه ويغطون وجهه ويلكمونه ويقولون له تنبأ وكان الخدام يلكمونه) 14: 65

هكذا قبل الرسالة كان السيد المسيح نجارا فقيرا وبعد الرسالة أهانه اليهود واستهزءوا به متهمين إياه بالسحر والشعوذة وتسخير الشياطين حتى أقاربه قالوا أنه مختل وأخوته لم يؤمنوا به وتلاميذه تخلوا عنه ... فمتى أصبح يسوع ملكا لليهود؟ وإذا افترضنا جدلا أن يسوع كان سيصبح ملكا لليهود مثل داود أو سليمان ويؤسس دولة يهودية مستقلة عن الامبراطورية الرومانية التي كانت تحتلها وقتئذ، فما الذي يدفع بالمجوس للمجئ من بلاد فارس وتحمل مشاق السفر للاحتفال بمولود سيصبح ملكا لأمة أخرى غير أمتهم الفارسية؟. وإذا افترضنا أنهم تنبأوا بنبوته أو ألوهيته (على حسب اعتقاد المسيحية) فكيف يحتفلون بمولود نبي الله أو ابن الله وهم وثنيون لا يدينون بدين سماوى، أن المجوس كانوا يعبدون أهورا مازدا ويقدسون النار ثم انتقلوا إلى عبادة (مثرا) إله الشمس واستمرت هذه العبادة إلى عدة قرون بعد الميلاد. من الواضح أن كلا من انجيل متى وإنجيل لوقا قد تأثرا بالقصص الأسطورية التي كانت تحيط دائما بمولد الزعماء الدينيين من أمثال بوذا (¬1) وزرادشت (¬2) وكنفوشيوس (¬3) وميثرا وديونيسوس وغيرهم. يقول أ. و. توملين (¬4): يسجل التراث البوذي حادثة مماثلة تماما لتلك الزيارة التي قام بها المجوس إلى بيت لحم، ففى اليوم الذي ولد فيه البوذا لاحظ الحكيم كلاديفالا أن ¬

_ (¬1) ولد بوذا 563 ق. م. (¬2) ولد زرادشت. 66 ق. م (¬3) ولد كنفوشيوس 551 ق. م (¬4) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين

الآلهة التي على صلة بها فى حالة غير عادية من البهجة وعلم منها أن ابنا للملك قد ولد وأن هذا المولود سيصير المنقذ والعليم بكل الأمور أو البوذا الذي كانت رسالته هى خلاص العالم، فهرع الحكيم لزيارته. وعن ولادة الاله مثرا (إله الشمس عند الفرس) تقول Encyclopedia Cambridge (¬1) : تجسد مثرا على الأرض مولودا من صخرة نائية فى مكان منفرد لم يعلم بمولده احد غير طائفة من الرعاة ألهموا معرفته فتقدموا إليه بالهدايا والقرابين، وتتشابه عبادة مثرا كذلك مع المسيحية فى التعميد. ويقول لوقا عن زيارة الرعاة للمسيح عند ولادته (وكان فى تلك الكورة رعاة .. فإذا ملاك الرب ووقف بهم وقال لهم .. أنه ولد لكم اليوم مخلص .. فقال الرعاة ... لنذهب إلي بيت لحم وننظر هذا الأمر) لوقا 2: 8 - 16 ويقول متى (ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبا ولبانا ومرا) متى 2: 11 وكما وضع ديونيسيس اله الخمر والشمس عند اليونانيين فى مذود عند ولادته، يذكر اانجيل لوقا أيضا عن المسيح (فولدت ابنها البكر وقمطته واضجعته فى المذود إذ لم يكن لهما موضع فى المنزل) لوقا 2: 7 وكان يحتفل اليونانيين بعيد الاله ديونيسيس فى اليوم السادس من شهر يناير وهو نفس اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسة الشرقية بعيد ميلاد السيد المسيح. ¬

_ (¬1) Campridge Encyclopedia page 799

ونعود إلى نجم بيت لحم مرة أخرى:

ومما هو جدير بالذكر أن أتباع الإله مثرا كانوا يفردون لعبادته يوم الشمس وهو الأحد الذي يحتفظ إلى الآن بهذا الاسم فى اللغة الانجليزية وهو نفس اليوم المقدس فى المسيحية ( Sunday) ويقول أ. و. توملين (¬1): على شاكلة يسوع بدأ زرادشت رسالته فى الثلاثين تقريبا كما حظى كونفوشيوس بمولد اعجازى مصحوبا بمعجزات سماوية. ونعود إلى نجم بيت لحم مرة أخرى: يقول متى (وإذا النجم الذي رأوه فى المشرق يتقدمهم حتي جاء ووقف فوق حيث كان الصبي) متى 2: 9 فإذا علمنا أن أقرب نجم إلى الأرض هو الشمس وهو كذلك أصغر نجم فى مجرتنا (درب التبانة) فإن القول بأن نجما يتحرك فى السماء أمام أناس يسيرون على الأرض ليدلهم على مكان ما، لهو من السذاجة التي تدفع إلي الضحك، كذلك وقوف النجم فوق المكان الذي كان يرقد فيه المسيح أمر غير عقلاني حيث ان النجوم ليست لها مساقط على الارض. إن الدافع لمجئ المجوس غير مقنع، وتحركات النجم ووقوفه أمر خيالي، ويبدو أن القصة كلها من خيال كاتب إنجيل متى كما يقول. ¬

_ (¬1) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين.

(فولتير) (¬1). ويؤكد ذلك ر. ت فرانس فيقول يتمتع القديس متى بخيال خصب حيث أنه ما من ظاهرة فلكية معروفة تفسر لنا تحرك النجم بالوصف الذي جاء فى إنجليه ويستطرد قائلا: يجد المؤرخون بعض الصعوبات فى التفصيلات الخاصة بموضوع النجم الذي كان يتقدم المجوس (¬2) وتذكر دائرة معارف كامبردج تحت عنوان نجم مدينة بيت لحم أن الأساطير قد أشارت إلي أن ميلادي الإله مثرا والاسكندر فاروس كانا مصحوبين بظهور نجما لامعا أيضا (¬3) وتروى اساطير مماثلة عن نيرون الروماني وزرادشت الفارسي. ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت. (¬2) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس. صـ68، صـ81 (¬3) Cambridge Encycolopedia: Page 1150

إنجيل متى ومذبحة أطفال بيت لحم المزعومة

إنجيل متى ومذبحة أطفال بيت لحم المزعومة يقول متى (حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فارسل وقتل جميع الصبيان الذين فى بيت لحم وفى كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس) صح 2: 16 يخبرنا هنا متى أن الملك هيرودس عندما علم من المجوس بمولد يسوع وأنه سيصبح ملكا لليهود خاف على عرشه فقام بقتل جميع الأطفال الذين ولدوا فى بيت لحم والقرى المحيطة بها ويذكر تفسير إنجيل متى (¬1) أن عدد هؤلاء الأطفال الضحايا كان بضعة آلاف وقيل أنهم يلغوا مائة وأربعة وأربعين ألفا. إن أى إنسان يطالع فى إنجيل متى أمر تلك المذبحة الرهيبة فى مدينة بيت لحم وما حولها من قرى سيندهش ويتعجب عندما يجد أن الأناجيل الثلاثة الأخرى (لوقا) و (مرقس) و (يوحنا) قد أغفلت تماما ذكر تلك المذبحة. ونتساءل كيف علم متي وحده بتلك الكارثة التي حلت بأطفال أبرياء دون كتاب الأناجيل الثلاثة الأخرى؟! إن إنجيل لوقا تعرض باسهاب شديد لطفولة السيد المسيح ابتداءا من أول أيام الحمل (وها أنت ستحبلين وتدلين ابنا وتسمينه يسوع) لوقا 1: 3 ¬

_ (¬1) تفسير انجيل متى: لجنة رياسة الانبا غريغوريوس صـ135

ثم ختانه (ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع) لوقا 2: 21 ثم تقديمه للرب على حسب شريعة موسى (ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب) لوقا 2: 24 إن لوقا فى استعراضه لطفولة المسيح لم يشر إطلاقا إلى تهديد الملك هيرودس لحياة هذا الطفل أو غيره من أطفال مدينة بيت لحم. ويخبرنا متى فى انجيله أن المجوس هم الذين نبهوا الملك هيوردس المقيم باورشليم إلى ولادة المسيح فسعى للبحث عنه ليقتله مما دفع ابويه إلي الذهاب إلى مصر (إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلي مصر (¬1) متى 2: 13 فى حين يذكر لوقا أن يوسف النجار ومريم أخذا يسوع بعد اربعين يوما من ولادته (فترة التطهير من الولادة) وذهبوا الي الهيكل فى أورشليم ليقدموه للرب) ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسي صعدوا به إلي أورشليم ليقدموه للرب) لوقا 2: 22 ويذكر لوقا أن رجلا بارا اسمه سمعان وكذلك نبية تسمى حنة بنت فنوئيل قد تعرفا على الطفل يسوع وأعلنا لجميع الحاضرين فى الهيكل الموجود بأورشليم مقر إقامة الملك هيرودس بأن هذا الطفل هو المسيح المنتظر (وقفت تسبح الرب - النبية حنة - وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداءا فى أورشليم) لوقا 2: 38 ويقول لوقا ¬

_ (¬1) يقول وليم باركلي: روت القصص أخبارا وحكايات كثيرة عن مجئ المسيح إلى مصر ولا نستطيع أن نجزم بصحتها (تفسير العهد الجديد) صـ41.

(ولما اكملوا كل شئ حسب ناموس الرب رجعوا إلي الجليل إلي مدينتهم الناصرة) 2: 39. إذا رواية لوقا تنفى أى تهديد لحياة الطفل يسوع ولا تذكر الذهاب إلي مصر ولا إشارة لمذبحة بيت لحم. كما أن من الواضح أن سكان أورشليم تنبهوا إلي ميلاد المسيح من سمعان والنبيه حنة وليس من المجوس كما ذكر متى. يقول اميل لودفيج (¬1) أن المؤرخ يوسيفوس لم يذكر خبر هذه المذبحة فيما أحصاه من آثام الملك هيرودس، ويؤكد ذلك ايضا يوسابيوس القيصري فى كتابه (تاريخ الكنيسة). ويقول العقاد (¬2) لم يذكر خبر هذه المذبحة فى غير إنجيل متى ويعترف بذلك ايضا ر. ت فرانس فى تفسيره لهذا الإنجيل ويضيف أن هدف متى هو خلق التشابه بين ما عاناه يسوع فى طفولته وما عاناه موسى من تهديد على يد فرعون. إن متى هو الوحيد الذي ذكر تلك المذبحة دون كتاب الأناجيل والمؤرخين التاريخيين (¬3)، يقول إميل لودفيج: قد سبقت روايات كهذه عن النمروز وفرعون مصر وغيرهما من الملوك الذين أنذرتهم النبوءات بظهور أعدائهم قبل مولدهم. ¬

_ (¬1) المسيح: اميل لودفيج (¬2) عبقرية المسيح: العقاد (¬3) تفسير العهد الجديد: اصدار دار الثقافة: يعترف بأن البشير متى هو الوحيد الذي ذكر أمر تلك المذبحة صـ4.

ويقول الدكتور القمنى تعرض إبراهيم للقتل فى طفولته على يد النمروذ بن كنعان وكذلك سرجون الأول ملك أكاد وهذا تموز إله الخصب يتعرض لمحنة الموت والنبي موسى يلقي فى الماء لينجو من فرعون وهو رضيع (¬1). ويذكر الكتاب المقدس للهندوسية (الريج فيدا) أن الملك (كامسا) كان ينتظر ولادة الإله المتجسد كريشنا ليقتله حيث حذره صوت سماوى بأن نهايته ستكون على يد من ستلده (ديفاكي) أخته (¬2). وتروى الأساطير أن (روميلوس) مؤسس مدينة روما قد حملت به أمه العذراء (سلفيا) من الإله (مارس) ولم يسلم بهذا الادعاء عمها الملك (اموليوس) لأنه كان يخشي على ملكه من هذا المولود فأمر بإغراق هذا الطفل الإله فى النهر ولكن (ذئبة) قد عثرت عليه هو وأخيه وقامت بإرضاعهما وحراستهما (¬3) كذلك (ديونيسوس) ابن الاله (زيوس) قد تعرض للقتل فى طفولته على يد زوجة ابيه (هيرا) التي كانت تتربص به دائما فاقترح (زيوس) أن يرتدي (ديونيسوس) ملابس الحريم لحمايته من انتقام (هيرا) (¬4) وها هو هرقل البطل الأسطورى ابن الاله جوبيتر يتعرض للموت وهو بعد رضيعها فى المهد، على يد زوجة أبيه (جينون). ¬

_ (¬1) النبي ابراهيم والتاريخ المجهول: د. سيد القمني. (¬2) اساطير العام: لاروس صـ218 (¬3) الفلكولور فى العهد القديم: جيمس فريزر الجزء الثاني صـ534. (¬4) أساطير العالم: لاروس صـ218

ملحوظة:

فهل تأثر متى بتلك الروايات فنسج من خياله قصة تلك المذبحة؟ ويعلق على ذلك جاندري قائلا: الميلاد العذراوى وزيارة المجوس لبيت لحم والهروب إلى مصر ومذبحة الأطفال ما هي إلا قصص مستلهمة من الخيال أو حت بها إلى خيال متى الخصب النصوص التي سردها من خلالها (¬1). (يقصد قصة إبراهيم وموسى فى العهد القديم). ملحوظة: الملك هيرودس الكبير: هو ابن الوزير انتيباتر الأدومى، وقام بمعاونة الامبراطورية الرومانية ضد الفرس لفرض سيطرتها على فلسطين فكافأته بتنصيبه ملكا على اليهودية والسامرة والجليل سنة 37 ق. م (¬2) وقد مات فى السنة الرابعة قبل الميلاد 2 (4 ق. م) وقد أنجب أرخيلاوس من زوجته (مالثاكي) الذي حكم اليهودية لمدة عشر سنين من 4 ق. م إلى 6 ب. م ثم عزله أغسطس قيصر ونفاه إلى بلاد الغال. وأنجب كذلك من نفس الزوجة (مالثكي) هيردس انتيباس الذي قتل يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا) وكان يحكم الجليل كما أنجب فيلبس الذي حكم مشارف الشام من زوجته كليوباترا (أورشليم) وأنجب ابنا من زوجة أخرى هى مريم البوسوثين سماه أيضا هيرودس وهو زوج هيروديا وقد اخطات الاناجيل فى دلك حيث دكرت ان ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لانجيل متى: ر. ت. فرانس صـ86 (¬2) تاريخ العلم: جورج سارتون الجزء الخامس صـ57

وقام بالتأريخ لعصر الميلاد هؤلاء المؤرخون:

هيروديا كانت زوجة فيلبس (وطرحه فى السجن من أجل هيروديا امرأة فيلبس أخيه) متى 14: 13 أى أن هيرودس زوج هيروديا أخ غير شقيق لهيرودس انتيباس، وبعد عزل ارخيلاوس تولي حكام رومان حكم اليهودية (مملكة يهوذا) إلى عام 31م ثم حكمها أجربا حفيد هيرودس. وقد أحصى المؤرخون أثام الملك هيرودس الكبير حيث قام بقتل زوجته (مريمنة المكابية) وأمها اسكندره وولديه من هذه الزوجة وهما ارستوبولس واسكندر، وقتل كذلك ابنه انتباتر من زوجته (دوريس) (¬1) وقام بالتأريخ لعصر الميلاد هؤلاء المؤرخون: 1 - يوسيفوس فلافيوس (30 - 100م) 2 - نيكولاوس انتيباتروس الدمشقي (64ق. م) 3 - سوتينوس الروماني ولد فى عام 75 4 - تاسيتوس الروماني (55 - 120م) 5 - ترتليانوس الروماني (160 - 220م) 6 - جستوس الطبرى 7 - بلينوس الاصغر (60 - 113) ¬

_ (¬1) موسوعة مختصر التاريخ القديم: هارفي بورتر.

الأناجيل وإخراج الشياطين والخرافات الطبية

الأناجيل وإخراج الشياطين والخرافات الطبية يقول متى (ولما جاء إلي العبر .. استقبله مجنونان خارجان من القبور .. واذا هما يصرخان قائلين ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلي هنا لتعذيبنا. وكان بعيدا منهم قطيع خنازير كثيرة ترعي. فالشياطين طلبوا إليه قائلين إن كنت تخرجنا فأذن لنا أن نذهب إلي قطيع الخنازير .. فخرجوا ومضوا إلي قطيع الخنازير وإذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلي البحر) متى 28 - 32. ويقول متى فى إصحاح آخر (إذا إنسان أخرس قدموه إليه فلما أخرج الشياطين تكلم الأخرس) متي9: 32. كذلك. قائلا يا سيد ارحم ابني فإنه يصرع ويتألم شديدا .. فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان فشفى الغلام من تلك الساعة) متى 17: 14 أيضا (لأن امرأة كان بابنتها روح نجس .. فسألته أن يخرج الشيطان من ابنتها) مرقس 7: 25 ويقول لوقا (وكان فى المجمع رجل به روح شيطان نجس ... فانتهره يسوع قائلا اخرس واخرج منه) لوقا 4: 33 كذلك (وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريره وأمراض) لوقا 8: 1.

أيضا (وكانت شياطين ايضا تخرج من كثيرين) لوقا 4: 14. وفى إصحاح آخر (المعذبون من أرواح نجسة) لوقا 6: 18. ويقول مرقس (ظهر أولا لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين) 16: 9 كذلك (قال يا معلم قد قدمت إليك ابني به روح أخرس. . . فنتهر الروح النجس قائلا له أيها الروح الأخرس الأصم أنا آمرك، أخرج منه ولا تدخله أيضا) مرقس 9: 18. ويضيف متى فى إنجيله (ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها) متى 10: 1. كذلك (قدموا إليه مجانين كثيرين فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضى شفاهم) متى 8: 28. ويقول لوقا (وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشرة سنة) لوقا 13: 10. روح ضعف: أى روح شرير نجس سبب لها الضعف والمرض. تمتلئ الأناجيل بقصص الذين يعانون من الأرواح النجسة وحلول الشياطين بأجسادهم مما أدى إلي إصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية كالجنون والصراع والخرس ... إلخ.

يقول موسكاتي : عند البابليين والآشوريين كان المرض أشيع مظهر لوجود الشيطان

وكان هذا الاعتقاد الخاطئ سائدا لجهل الإنسان بطبيعة الأمراض عامة والأمراض العصبية والنفسية خاصة فكان يعزو المرض لدخول الشياطين والأرواح النجسة إلي جسم الإنسان وكان هناك شيطان للحمي وآخر للصداع، وشيطان للصمم وآخر للبكم وهكذا كان لكل مرض شيطان خاص به. يقول موسكاتي (¬1): عند البابليين والآشوريين كان المرض أشيع مظهر لوجود الشيطان فى جسم الإنسان وكان المريض صاحب خطيئة (مرتكب إثم) وكان مرضه راجعا إلى وجود شيطان فى جسمه ويتم الشفاء بطرد هذا الشيطان، وكان شيطان الراس الذي يسبب الصداع يسمى (أشكو) كما كان للحمى سبعة شياطين. ويقول ول ديورانت (¬2): وكان المرض فى اعتقاد المصريين القدماء نتيجة تقمص الشياطين الجسم، وقد حدد المصريون ستة وثلاثين موضعا يمكن أن يدخل منها الشيطان كما تنوعت واختلفت أعمال الشياطين وتخصصاتهم. وإذا قرأنا الكتابات البابلية التي عثر عليها فى مكتبة الملك اشور بأنيبال وهي الكتابات المحتوية على صيغ سحرية لطرد الشياطين من أجساد البشر لوجدنا تطابق بينها وبين القصص التي ذكرتها الأناجيل حيث تنص على: وكان من المستطاع اقناع الشياطين بالرقية الصحيحة بترك ضحيتها البشرية وتقمص جسم حيوان - كجسم طير أو خنزير أو حمل. ¬

_ (¬1) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي صـ77. (¬2) قصة الحضارة: ول ديورانت.

ونتساءل ماذا تقول تفاسير الأناجيل عن تلك الشياطين والأرواح؟

هكذا تأثر كتاب الأناجيل بالمعتقدات الخاطئة والخرافات السائدة وقتئذ ونقلوها إلي الأناجيل. ونتساءل ماذا تقول تفاسير الأناجيل عن تلك الشياطين والأرواح؟ يقول وليم باركلي (¬1) أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو: إن هذه الأقوال الخاصة بالأرواح النجسة وسكناها وخروجها ودخولها وغير ذلك من الأمور تعرضنا لعدة مشكلات قد أوقفت الكثيرين أمامها فى حيرة وارتباك إذ ثارت أمامهم مشكلة الاعتقاد بالأرواح الشريرة التي يعتبرها الفكر الحديث نوعا من الخرافات، والأمر الذي زاد من حيرتهم أنهم رأوا فى الإنجيل ما يدل على اعتقاد المسيح فى الأرواح الشريرة أو على الأقل موافقته على ذلك، ويستطرد قائلا يختلف الشراح والمفسرون وهم يتناولون معجزات إخراج الشياطين بسبب موقفهم من فكرة حلول الشياطين بأجساد البشر حيث أنهم يعتقدون أن عملها يقتصر على غواية الإنسان، ويضيف شيلدون كاشدان (¬2) لأن الإنسان البدائي كان يجهل تشريحه وجوانبه الفسيولوجية تراه عجز عن أن يفسر السلوك الغريب على أساس من العوامل الطبيعية وأنه نسبها إلى أرواح غريبة كان لها القدرة على الدخول إلى الجسم بطريقة ما. إن لدينا أدلة تشير إلي أن إنسان العصر الحجرى لم يكتف بالإيمان بالأرواح الشريرة، بل حاول إخراج تلك الأرواح المحبوسة داخل الشخص بإحداث فجوات فى جمجة الإنسان (عملية التربنة). ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي صـ433. (¬2) Abnormal psychology: Sheldon Cashdan

ويقول شيلدون أن الإنجيل يتضمن عدة إشارات إلي أنواع السلوك التي نرى فيها اليوم أمارات على اختلال الشخصية من ذلك مثلا الاكتئاب والاندفاعات الانتحارية وغيرها من الاضطرابات التي كان يظن أنها تتسبب عن أرواح شريرة يرسلها الله. وللأسف ازدهرت النظرية الشيطانية للأمراض العصبية والنفسية وتقوت تحت حماية العقائد الكنسية وأخذت مهمة الكنيسة تتحدد وتتضح وهى تحرير الإنسان من قوى الشيطان الخفية وحلت الصلوات محل العلاج الطبي.

إنجيل متى والاستشهاد بعبارة وهمية

إنجيل متى والاستشهاد بعبارة وهمية يقول متى (وأتى وسكن فى مدينة يقال لها ناصرة ليتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصريا) متى 2: 23 يخبرنا متي أن السيد المسيح بسكناه فى مدينة الناصرة قد حقق نبؤة قيلت عنه فى العهد القديم وهى (سيدعى ناصريا) وإذا راجعنا أسفار الأنبياء كبارا وصغارا لا نجد لهذه النبؤة أثرا. ويعلق على ذلك وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو باسكتلندا: هذه النبوءة تواجه المفسرين بصعوبة كبيرة، ذلكم لأنه لا يوجد آية فى العهد القديم بهذا المعني - وحتى مدينة الناصرة نفسها غير مذكورة على الإطلاق فى العهد القديم. ولم يوجد حل كاف لهذه المشكلة ويؤكد ذلك أيضا ر. ت فرانس فى تفسيره (¬1) حيث يقول: مدينة الناصرة لم يأت ذكرها فى العهد القديم أو أية كتابات يهودية معاصرة أخرى وعبارة (أنه سيدعى ناصريا) لا نجدها فى العهد القديم. ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ 87

انجيل لوقا وشهر ميلاد المسيح

انجيل لوقا وشهر ميلاد المسيح يقول القمص ميخائيل مينا (¬1) عن الشهر الذي ولد فيه السيد المسيح قد وقع اختلاف عظيم فى أول الأمر على انتخاب اليوم الذي يعين لعيد ميلاد السيد المسيح. وسبب هذا الاختلاف إنما هو كون اليوم أو الشهر الذي ولد فيه المسيح غير معروف بالتحقيق، ولكن الأيام التي ترجح حفظها له هى اليوم السابع من يناير (كانون الثاني) وقد اختارت الكنائس الشرقية هذا اليوم للاحتفال بعيد الميلاد، وقد اختارت الكنائس الغربية اليوم الخامس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) للاحتفال بعيد الميلاد. ويقول كتاب ريحانة النفوس: وبالتدريج تغلب اليوم الخامس والعشرون من ديسمبر لهذا الاحتفال. وقد جاءت عبارة فى انجيل لوقا تشير أن ولادة السيد المسيح لم تكن فى شهر يناير أو ديسمبر. يقول لوقا (وكان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم وإذا ملاك الرب وقف بهم .. فقال لهم .. إنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص) 2: 8 متبدين: يقيمون فى البادية ¬

_ (¬1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا صـ88

يخبرنا هنا لوقا أن ملاك الرب جبريل جاء إلى رعاة يتناوبون فى حراسات الليل واخبرهم بمولد المسيح. ولما كانت القطعان لا تترك فى السهول فى الليل بين أمطار الخريف والفصح يستدل من ذلك أن ولادة السيد المسيح كانت بين آذار (مارس) وتشرين (اكتوبر) (¬1). أى شهور الربيع والصيف ولكن آباء الكنيسة لم يأخذوا هذه الإشارة فى الحسبان وانقسموا كما رأينا إلي فريق يحتفل فى ديسمبر وآخر فى فى يناير (كالكنيسة القبطية) هل اعتبرت الكنيسة رواية لوقا عن زيارة الرعاة للسيد المسيح كزيارة المجوس التي أوردها انجيل متى للسيد المسيح عند ولادته نوعا من الأساطير التي تحيط بميلاد الزعماء الدينيين كما أشرنا من قبل كبوذا ومثرا وزرادشت وغيرهم فلم تأخذ بها كسند له قيمة تاريخية؟ ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: اصدار دار الثقافة صـ138

الإضافة والحذف فى نصوص الأناجيل

الإضافة والحذف فى نصوص الأناجيل أولاً: انجيل متى: - النسخة الانجليزية تستبعد أربع عشرة عبارة موجودة فى النسخة العربية لهذا الإنجيل. - ما استبعدته النسخة العربية من انجيل متى. - نهاية انجيل متى المختلقة. ثانيا: إنجيل مرقس: - النسخة الإنجليزية تستبعد اثنتي عشرة عبارة واردة فى النسخة العربية لهذا الإنجيل. - نهاية إنجيل مرقس الدخيلة. ثالثا: إنجيل لوقا:

- النسخة الإنجليزية تستبعد ست عشرة عبارة واردة فى النسخة العربية. رابعا: الفقرة التائهة فى إنجيل يوحنا. خامساً: لوقا ومتى يحرفان إنجيل مرقس.

أولا: إنجيل متى:

الإضافة والحذف فى نصوص الأناجيل هذا الجزء من الكتاب مهدى إلي الذين يتسائلون: أين التحريف فى الأناجيل؟ وما هى العبارات التي أضيفت؟ ومن أضافها؟ ومتى أضيفت؟ أولا: إنجيل متى: 1 - من يطالع إنجيل متى فى النسخة الإنجليزية للكتاب المقدس (¬1) يفاجأ بأن تلك النسخة الإنجليزية قد استبعدت اربع عشرة عبارة (14) وردت فى النسخة العربية لهذا الإنجيل، ولا يوجد مبرر لحذف تلك العبارات سوى عدم الثقة فى أصالتها وانتمائها إلي الإنجيل. مواضع الاستبعاد من إنجيل متى:- الإصحاح 5: 25 ... الإصحاح 5: 44 الإصحاح 6: 6 ... الإصحاح 6: 13 الإصحاح 9: 33 ... الغصحاح الإصحاح 15: 14 الإصحاح 16:1 ... الإصحاح 18:10 ... الإصحاح 17: 20 الإصحاح 19: 9 ... الإصحاح 18: 15 الإصحاح 23: 13 ... الإصحاح 21: 43 الإصحاح 27: 35 ¬

_ (¬1) The new English Bible: The Bible Societies in association with Oxiford university press and Combridge university press (Fifteenth impression, 1985)

أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل متى:

2 - النسخة العربية لإنجيل متى تحذف من النسخة الإنجليزية كلمتين فقط فى الموضعين: (إصحاح 13: 35) وهى كلمة (إشعياء) (اصحاح 27: 16) وهى كلمة (يسوع) من الاسم (يسوع باراباس) أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل متى: 1 - تقول النسخة العربية فى الإصحاح 5: 44 (أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلي مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكى تكونوا أبناء أبيكم الذي فى السموات) وتخبرنا النسخة الإنجليزية أن السيد المسيح قال: ( Love your enemies and pray for your persecutors, only so can you be children of your heavenly father.) أى أنها أسقطت (باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلي مبغضيكم) كذلك و (يطردونكم) 2 - تقول النسخة العربية فى الاصحاح 6: 13 (ولا تدخلنا فى تجربة. لكن نجنا من الشرير، لأن لك الملك والقوة والمجد إلي الأبد. آمين)

وجاءت تلك العبارات فى النسخة الإنجليزية كالآتي:

وقد أسقطت النسخة الإنجليزية الجزء الأخير من العبارة السابقة رغم أنه يمثل خاتمة الصلاة المسيحية وقد اكتفت بما يلي: ( And do n't bring us to the test, but save us from the evil one.) يقول وليم باركلي: هذه الخاتمة تذكر فى بعض النسخ القديمة. 3 - تقول النسخة العربية لإنجيل متى الإصحاح 9: 33، 34: (فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس. فتعجب الجموع قائلين لم يظهر قط مثل هذا فى اسرائيل، أما الفريسيون فقالوا برئيس الشياطين يخرج الشياطين) صح 9: 33، 34. وفى النسخة الانجليزية نجد العبارة 33 فقط وقد أهملت العبارة 34 كالآتي: the devil was cast out and the patient recovered his speech. Filled with amazement the onlookers said, Nothing like this has ever been seen in Israel.) Page 732. 4- تقول النسخة العربية لإنجيل متى فى الإصحاح 16: 1 إلى 4 (وجاء إليه الفريسيون والصدوقيون ليجربوه فسألوه أن يريهم آية من السماء فأجاب وقال لهم اذا كان المساء قلتم صحو. لأن السماء محمرة وفى الصباح اليوم شتاء لأن السماء محمرة بعبوسة. يا مراؤون تعرفون أن تميزوا وجه السماء وأما علامات الأزمنة فلا تستطيعون. جيل شرير فاسق يلتمس آية ولا تعطي له آية إلا آية يونان النبي ثم تركهم ومضى) متى 16: 1 إلى 4 وجاءت تلك العبارات فى النسخة الإنجليزية كالآتي:

( The pharisees and Sadducees came, and to test him they asked him to show them a sign from heaven. His answer was: it is a wicked generatiom that asks for a sign; and the only sign that will be given it is the sign of Jonah' so he went off and left them) page741. هكذا اسقطت النسخة الانجليزية من كلام السيد المسيح (إذا كان المساء قلتم صحو ... وأما علامات الأزمنة فلا تستطيعون). وأشارت إلى أن بعض النسخ لإنجيل متى تضيف العبارات السابقة لنص الإنجيل صـ741. 5 - تقول النسخة العربية لانجيل متى فى الإصحاح 17: 20، 21: (فالحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم، وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم) متى 17: 20، 21 لكن النسخة الإنجليزية تسقط العبارة 21 وتكتفى بالآتي: ( you will say to this mountain "move from here to there" and it will move; nothing will prove impossible for you.) page 742. 6- تقول النسخة العربية فى الاصحاح 18: 10، 11:

(لأني أقول لكم أن، ملائكتهم فى السموات كل حين ينظرون وجه أبي الدى فى السموات لان ابن الانسان قد جاء لكى يخلص ما قد هلك. النسخة الإنجليزية قد استبعدت العبارة رقم 11 واكتفت بالآتي: ( I tell you they have their guardian angels in heaven, who look continually on the face of my heavenly father.) 7- تقول النسخة العربية فى الإصحاح 19: 9: (وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى. والذي يتزوج بمطلقة يزنى) تخبرنا النسخة الإنجليزية أن السيد المسيح قد قال النصف الأول من العبارة فقط لذلك استبعدت النصف الثاني من تلك العبارة وهى (والذي يتزوج بمطلقة يزنى). ونص النسخة الإنجليزية ورد كالآتي: ( If a man divorces his wife for any cause other than unchastity, and marries another he commits adultery) page 744. 8- تقول النسخة العربية فى الإصحاح 21: 43، 44: (لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمه تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه).

هنا تستبعد النسخة اإنجليزية العبارة 44 وتذكر فقط العبارة 43 وهى بالإنجليزية كما يلي: ( I tell you, the kingdom of God will be taken away from you, and given to a nation that yields the proper fruit.) 9- تقول النسخة العربية فى الإصحاح 23: 13، 14: (لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون. ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل، ولعله تطيلون صلاواتكم لذلك تأخذون دينونة أعظم) تستبعد النسخة الإنجليزية العبارة 14 ابتداء من (ويل لكم أيها الكتبة .... دينونة أعظم) وتكتفى بالعبارة رقم 13 فقط، صـ748. 10 - تقول النسخة العربية لإنجيل متى: الإصحاح 27: 35 (ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها، لكي يتم ما قيل بالنبي: اقتسموا ثيابي وعلى لباسي ألقوا قرعة) متى 27: 35 وفى النسخة الانجليزية لهذا الإنجيل وردت تلك العبارة رقم 35 كالآتي:

ما استبعدته النسخة العربية من إنجيل متى:

( after festening him to the cross they divided his clothes among them by casting lots) هكذا أسقطت النسخة الإنجليزية عبارة (لكي يتم ما قيل بالنبي ... ألقوا قرعة) ويقول آدم كلارك إن هذه العبارة ليست موجودة فى النسخ المعتبرة لإنجيل متى. ويعترف بذلك د. قس منيس عبد النور قائلا: نعم لم توجد هذه العبارة فى بعض النسخ وربما كانت مكتوبة بهامش الإنجيل للتفسير ثم انتقلت عند النسخ إلى متن الإنجيل. 11 - تقول النسخة العربية الإصحاح 15: 14 (اتركوهم. هم عميان قادة عميان) وجاء فى النسخة الإنجليزية: ( They are blind guides.) وتم استبعاد ( of blind men) ما استبعدته النسخة العربية من إنجيل متى: 1 - تقول النسخة الانجليزية صح (13: 35) ( this was to fulfile the prophecy of Isaiah: I will open my mouth in parables; I will utter things kept secret scince the world was made) Mathew 13: 35

وبعد الاستبعاد اصبحت النسخة العربية كالآتي:

ونجد النسخة العربية أسقطت اسم النبي إشعياء فأصبحت كالآتي: (لكى يتم ما قيل بالنبي القائل سأفتح بأمثال فمى وأنطق بمكتومات منذ تأسيس العالم) ووجود اسم النبي إشعياء فى النسخة الإنجليزية خطأ لأن العبارة المستشهد بها هنا مأخوذة من المزمور 78: 2 (لآساف) هكذا تنبهت النسخة العربية لخطأ الإنجيل فتداركته واستبعدت اسم النبي (اشعياء) 2 - تقول النسخة الإنجليزية لإنجيل متى صح 27: 16. ( There was then in custody a man of some notoriety, called jesus Bar Abbas, when they were assembled pilate said to them which would you like me to release to you Jesus Bar Abbas or Jesus called Messiah? وقد استبعدت النسخة العربية من اسم السجين سئ السمعة (يسوع باراباس) كلمة يسوع حتى يظل السيد المسيح هو الوحيد فى العهد الجديد الذي يدعى يسوع أى (المخلص) ويتخذ الاسم دليلا على دوره الذي جاء ليقوم به على الأرض (كما يعتقدون). وبعد الاستبعاد اصبحت النسخة العربية كالآتي:

نهاية إنجيل متى المختلقة:

(وكان لهم حينئذ أسير مشهور يسمى باراباس، ففيما هم مجتمعون قال لهم بيلاطس من تريدون أن أطلق لكم، بارباس أم يسوع الذي يدعى المسيح) صح 27: 16، 17. نهاية إنجيل متى المختلقة: ينتهي إنجيل متى هكذا: (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر) متى 28: 19 - 20. يقول ر. ت فرانس (¬1): قيل إن هذه الكلمات لم تكن أساسا جزءا من النص الأصلي لإنجيل متى، لأن يوسابيوس اعتاد فى كتاباته السابقة لمجمع نيقية أن يقتبس من متى (28: 19) فى صيغتها المختصرة: (اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمي). ومن المتفق عليه أنه عندما كتب إنجيل متى سنة (85م) لم يكن الثالوث المقدس بمحتواه الأقنومي قد تبلور بعد ولم يشر إليه المسيح فى حياته ولم يذكره الرسل بعد رحيله وحتى كلمتي (الثالوث) و (الأقانيم) لم يذكرا على الإطلاق فى العهد الجديد (¬2). ويؤكد ذلك الأب متى المسكين: بسبب عدم وجود قاعدة عقائدية محددة قبل مجمع نيقية كانت بعض الكتابات لبعض الآباء تخرج عن الأصالة العقائدية كما عرفتها الكنيسة بعد المجامع (¬3) ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس صـ462. (¬2) علم اللاهوت النظامي: هنرى ثيسن صـ156. (¬3) التقليد وأهمته فى الإيمان المسيحي: الأب متي المسكين.

إن صيغة التثليث كما وردت فى نهاية إنجيل متى (الأب والابن والروح القدس) لم تعرف بصورتها تلك إلا بعد مجمع القسطنطينية الأول عام 381م لذلك فإن يوسابيوس (264م: 340م) لم يطلع عليها فى إنجيل متى كما ذكر ر. ت فرانس لأنها لم تكن قد أضيفت إلى الإنجيل بعد. يقول هنري ثيسن (¬1): أوضح مجمع نيقية عام 325م عقيدة ألوهية المسيح (الأقنوم الثاني) وتم تأليه الروح القدس (الأقنوم الثالث) فى مجمع القسطنطينية عام 381م. وهكذا تكون الثالوث المسيحي. نص قانون الإيمان الذي أصدره مجمع (نيقية) عام 325م: (نؤمن بإله واحد، الله الأب، ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يرى وما لا يرى، نؤمن برب واحد يسوع المسيح، المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للأب فى الجوهر، الذي كل شئ به كان، هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس، وصلب على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقبر وقام من بين الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب، وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه، وأيضا يأتي فى مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه إنقضاء) نص قانون الإيمان الصادر عن مجمع ¬

_ (¬1) هنري ثيسن: علم اللاهوت النظامي صـ171

ثانيا: المستبعد من انجيل مرقس:

القسطنطينية الأول عام (381م) (¬1) الذي قام بتألية الروح القدس واعتبارها الأقنوم الثالث المقدس: (نؤمن بإله واحد، أب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يرى ومالا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الأب قبل كل الدهور .... وبالروح القدس الرب المحيى المنبثق من الأب الذي هو مع الأب والابن مسجود له وممجد، الناطق بالأنبياء.) ومن المنطق والبديهي أنه لو كانت هذه العبارة التي تذكر الثالوث المقدس بوضوح وصراحة كاملة وما يترتب على ذلك من تألية للابن والروح القدس (حيث إن الثالوث يجب أن يتكون من عناصر من نفس الجوهر) لها نفس أقدمية الإنجيل (85م) ما كانت هناك ضرورة لانعقاد المجامع المسيحية لمناقشة وإقرار عقيدة حسمها نص إنجيلي فى زمن مبكر. يقول د. قس حنا الخضري (¬2): مجمع القسطنطينية قد أضاف بعض العبارات غير الموجودة فى قانون الإيمان النيقي مثل (الروح القدس الرب المحيى المنبثق من الأب). ثم فى مجمع توليدو فى أسبانيا عام 589م حدث التعديل الآتي: ( ... أؤمن بالروح القدس الرب والمحي المنبثق من الأب والابن) ثانيا: المستبعد من انجيل مرقس: ¬

_ (¬1) الدولة والكنيسة: د. رأفت عبد الحميد، الجزء الثاني صـ180. (¬2) تاريخ الفكر المسيحي: د. قس حنا الخضري. الجزء الأول صـ 664، صـ665.

أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل مرقس:

تستبعد النسخة الإنجليزية للكتاب المقدس اثتني عشرة (12) عبارة وردت فى نص النسخة العربية لإنجيل مرقس، ومواضع الاستبعاد هى: الإصحاح (7: 3) ... الإصحاح (7: 15) الإصحاح (9: 43، 44) ... الإصحاح (9: 45، 46) الإصحاح (9: 29) ... الإصحاح (10: 24) الإصحاح (10: 40) ... الإصحاح (11: 25، 26) الإصحاح (13: 33) ... الإصحاح (14:39) الإصحاح (14: 68) ... الإصحاح (15: 27، 28) أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل مرقس: 1 - تقول النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الإصحاح السابع (7: 16) (ليس شئ من خارج الإنسان إذا دخل فيه يقدر أن ينجسه. لكن الأشياء التي تخرج منه هى التي تنجس الإنسان. إن كان لأحد أذنان للسمع فليسمع) وتستبعد النسخة الإنجليزية لإنجيل مرقس العبارة رقم 16 ويصبح النص كالأتي: ( Nothing that goes into a man from outside can defile him; no, it is the things that came out of him that defile a man.) 2- تذكر النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الاصحاح التاسع (9: 43، 44): (وإن أعثرتك يدك فاقطعها خير لك أن تدخل الحياة اقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلي جهنم إلي النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ).

وقد حذفت النسخة الإنجليزية العبارة رقم 44 واكتفت بالآتي: ( If your hand is your undoing, cut it off; it is better for you to enter into life maimed than to keep both hands and go to hell and the unquench-able fire) Mark 9: 43. 3- تخبرنا النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الإصحاح التاسع (9: 45، 46) (وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح فى جهنم فى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ) وقد أسقطت النسخة الإنجليزية العبارة 46 ونصت علي: ( And if your foot is your undoing, cut it off; it is better to enter into life a cripple than to keep both your feet and be thrown into hell.) Mark: 9: 45 4- تروى لنا النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الإصحاح العاشر (10: 24): (فأجاب يسوع أيضا وقال لهم يا بني ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله) وهذا النص ورد بالنسخة الإنجليزية هكذا: But Juses insisted children. How hard it is to enter the kingdom od God!) Mark 10: 24

5 - تذكر النسخة العربية فى الإصحاح الحادي عشر (11: 25، 26) (ومتى وقفتم تصلون فاغفروا إن كان لكم على أحمد شئ لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي فى السموات زلاتكم. وإن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي فى السموات أيضا زلاتكم) وتستبعد النسخة الإنجليزية لإنجيل مرقس العبارة 26 كاملة كالآتي: ( And when you stand praying, if you have a grievance against anyone, forgive him, so that your father in heaven may forgive you the wrongs you have done) Mark 11: 25. 6- تقول النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الإصحاح الخامس عشر (15: 27، 28) (وصلبوا معه لصين واحدا عن يمينه وآخر عن يساره، فتم الكتاب القائل وأحصى مع أثمة) تستبعد النسخة الإنجليوية لإنجيل مرقس العبارة 28 وتعطينا النص التالي: ( Two bandits were crucified with him , oe on his right and other on his left) . 7- تقول النسخة العربية لإنجيل مرقس فى الإصحاح الرابع عشر (14: 68): (وخرج خارجا إلي الدهليز، فصاح الديك).

نهاية إنجيل مرقس الدخيلة:

وتسقط النسخة الإنجليزية (فصاح الديك) وتعتبرها دخيلة على النص: ( then he went outside into the branch) Mark 14: 68. نهاية إنجيل مرقس الدخيلة: ينتهي إنجيل مرقس فى نسخته العربية بالإصحاح السادس عشر الذي يحتوى على عشرون عبارة (الإصحاح 16: 20) يقول وليم باركلي (¬1): هناك حقيقة مثيرة فى انجيل مرقس وهى أنه يتوقف فى نسخه الأصلية إلى حد الإصحاح 16 عبارة 8 أما الاعداد الباقية من الإصحاح (العبارات من 9: 20) فليست موجودة فى أقدم النسخ وأصحها، ويضيف: كما أن أسلوبها اللغوى يختلف فى بقية الإنجيل حتى أنه يستحيل أن يكون كاتبها هو نفس كاتب الإنجيل، ويؤكد ذلك تفسير العهد الجديد فيقول خاتمة هذا الإصحاح إضافة مختلفة الأسلوب فى الإنشاء عما سبق (¬2) وتشير النسخة الإنجليزية (¬3) لإنجيل مرقس إلي ثلاث نهايات لهذا الإنجيل. أ- نسخ قديمة جدا موثوق منها تنتهي عند الإصحاح 16 عبارة 8. ب- نسخ تنتهي عند الإصحاح 16 عبارة 20 مثل النسخة العربية. ¬

_ (¬1) تفسير إنجيل مرقس: وليم باركلي صـ14 (¬2) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة صـ128. (¬3) The new English Bible: Bible socities

ثالثا: إنجيل لوقا:

جـ- نسخ تنتهي بالإصحاح 16 عبارة 21 والتي تنص على: ( And they delivered all these instructions briefly to peter and his companions. Afterwards Juses himself sent out by them from east to west the sacred and imperishable messge of eternal salvation.) ويؤكد جوش ماكدويل (¬1) أن النسخة السينائية (التي عثر عليها فى سيناء) للكتاب المقدس لا تحتوى على العبارات من (9 - 20) من الإصحاح 16 لإنجيل مرقس ويرجع تاريخ تلك النسخة إلى عام (350). هكذا يكتنف الغموض نهاية انجيل مرقس، ويتضح أن العبارات الاثني عشر قد أضيفت بعد كتابة الأنجيل بمايقرب من ثلاثمائة عام. ثالثا: إنجيل لوقا: تستبعد النسخة الإنجليزية لإنجيل لوقا عبارات فى غاية الأهمية من النسخة العربية لهذا الإنجيل. وتتمثل أهمية تلك العبارات المحذوفة فى أنها يستدل بها فى تأسيس القربان المقدس وهو من اسرار الكنيسة السبعة (انظر لوقا 22: 19) كذلك تثبت صعود المسيح إلي السماء (لوقا 51:24)، وهناك عبارة هى جزء من نص الصلاة المسيحية ... إلخ. وقد استبعدت النسخة الإنجليزية ست عشرة عبارة (16) من النسخة العربية لإنجيل لوقا، ومواضع الاستبعاد هي:- ¬

_ (¬1) ثقتى فى الكتاب المقدس: جوش ماكدويل صـ38.

أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل لوقا:

الإصحاح (8: 43) ... الإصحاح (22: 61) الإصحاح (9: 55) ... الإصحاح (23: 16) الإصحاح (9: 56) ... الإصحاح (24: 40) الإصحاح (11: 4) ... الإصحاح (24: 5) الإصحاح 11: 11) ... الإصحاح (24: 11) الإصحاح (11: 33) ... الإصحاح (24: 36) الإصحاح (17: 35) ... الإصحاح (24: 51) الإصحاح (22: 19) ... الإصحاح (24: 52) أمثلة من العبارات المستبعدة من إنجيل لوقا: 1) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الثامن (8: 43): (وامرأة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة وقد أنفقت كل معيشتها للأطباء ولم تقدر أن تشفى من أحد) وتستبعد النسخة الإنجليزية هذه العبارة (وقد أنفقت كل معيشتها للأطباء) وأصبح النص كما يلي:

( A woman who had suffered from haemorrhages for twelve years: and nobody had been able to cure her.) luke 8: 43 2) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح التاسع (9: 55، 56): (فالتفت وانتهرهما وقال لستما تعلمان من أى روح أنتما، لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص. فمضوا إلي قرية أخرى) وقد استبعدت النسخة الإنجليزية (كل ما هو فوق الخط) وأصبح النص كما يلي: ( But he turned and rebuked them, and they went on to another village) luke 9: 55 3) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الأصحاح الحادي عشر (11:4): (ولا تدخلنا فى تجربة، لكن نجنا من الشرير) وقد استبعدت النسخة الإنجليزية (لكن نجنا من الشرير) رغم أنها جزء من الصلاة المسيحية، والنص الإنجليزي لهذه العبارة: ( And don't bring us to the test.) luke 11: 4 4) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الحادي عشر (11: 11): (فمن منكم وهو أب يسأله ابنه خبزا فيعطيه حجرا، أو سمكة أفيعطيه حية بدل السمكة) وقد استبعدت النسخة الإنجليزية الجزء الأول من العبارة 11 وجاء النص كالآتي:

( is there a father among you who will offer his son a snake when he asks for fish) luke 11:11 5) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح السابع عشر (17: 35، 36): (تكون اثنتان تطحنان معا فتؤخذ الواحدة وتترك الأخرى، يكون اثنان فى الحقل فيؤحذ الواخد ويترك الآخر) 17: 35، 36. وتستبعد النسخة الإنجليزية العبارة 36 كلها وتعرض النص كالآتي: ( There will be two women together grinding corn: one will be taken, the other left.) 6- تصف النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الثانى العشرين (22: 16، 20) العشاء الأخير وتأسيس القربان المقدس: (وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري. وكذلك الكأس أيضا بعد العشاء قائلا هذه الكأس هى العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم). وتفاجئنا النسخة الإنجليزية باستبعاد العبارة (20) كلها (وكذلك الكأس .. يسفك عنكم). كذلك استبعدت (الذي يبذل عنكم) وأيضا (اصنعوا هذا لذكري) من العبارة رقم (19).

النص الإنجليزي: ( And he took bread, gave thanks and broke it; and he gave it to them with the words: this is my body) 7- تقول النسخة العربية لإنجيل بوقا فى الإصحاح الثاني والعشرين (22: 61، 62) (فتذكر بطرس كلام الرب كيف قال له إنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات. فخرج بطرس إلى خارج وبكى بكاء مرا) وتستبعد النسخة الإنجليزية العبارة رقم (62) كلها ويصيرالنص: ( And Peter remembered the Lord's words, tonight before the cock crows you will disown me three times) 22: 61 8) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الثالث والعشرين (23: 16، 17) (فأنا أؤدبه وأطلقه، وكان مضطرا أن يطلق لهم كل عيد واحدا فصرخوا بجملتهم) وتحذف النسخة الإنجليزية العبارة رقم 17: ( I therefore propse to let him off with a flogging. But there was a general outcry) 9- تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الرابعة والعشرين (24: 5، 6)

(قال لهن، لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام) وتستبعد النسخة الإنجليزية العبارة (ليس هو ههنا لكنه قام): ( But the men said, why search a mong the dead for one who lives?) 10) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الرابع والعشرين (24: 11، 12) (فترائي كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن. فقام بطرس وركض إلي القبر فانحني ونظر الأكفان موضوعة وحدها فمضي متعجبا فى نفسه مما كان). وتستبعد النسخة الانجليزية العبارة رقم (12) كاملة (فقام بطرس وركض .. مما كان) أى أنها لم تقتنع بتلك القصة. ( But the story appeared to them to be nonsense, and they wouldn't believe them.) Luke 24: 11 11) تقول النسخة العربية لإنجيل لوقا فى الإصحاح الرابع والعشرين (24: 39، 40) (جسونى وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه.) وتستبعد النسخة الإنجليزية العبارة رقم (40) وتعطينا النص الآتي:

إنجيل لوقا يتشفع لأعداء المسيح:

( Touch me and see; no ghost has flesh and bones as you can see that I have.) 12) تصف لنا النسخة العربية لإنجيل لوقا وداع المسيح لتلاميذه وصعوده إلي السماء وذلك فى الإصحاح الرابع والعشرين (24: 51): (وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلى السماء) وتنفى النسخة الإنجليزية صعود المسيح إلي السماء وتستبعد العبارة التي تذكر ذلك: ( And in the act of blessing he parted from them) 13) وتقول النسخة العربية فى نهاية الإصحاح الرابع والشعرين (24: 52): (فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم) وتحذف النسخة الإنجليزية (فسجدوا له) وتنفى هذا السجود: ( And they returned to Jerusalem with great joy) إنجيل لوقا يتشفع لأعداء المسيح: ينفرد لوقا دون باقي كتاب الأناجيل بذكر أن المصلوب قد طلب الغفران لليهود وهو على الصليب فى غمرة آلامه ومعاناته: فقال يسوع يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون). لوقا صح 23: 34. لماذا انفرد لوقا بهذا الصفح المسيحي والاستشفاع للأعداء؟

يقول ليون موريس (¬1) هناك شك يتعلق بشأن هذا الاستشفاع، فإننا لا نجده فى كثير من أفضل المخطوطات، ويضيف: وربما قام النساخ فى العهد المبكر بحذف هذه الكلمات اعتقادا منهم أن الله قد لا يغفر للأمة اليهودية المذنبة!! وتخبرنا النسخة الإنجليزية لإنجيل لوقا (¬2) ( Jesus said, Father, forgive them; they don't know what they are doing. (Luke 23: 34. وتعلق على هذه العبارة رقم 34 قائلة: ( some witnesses omit (jesus said, father... . Daine) أى أن بعض النسخ أسقطت تلك العبارة وأهملتها. ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل لوقا: ليون موريس صـ349 (¬2) THE NEW ENGLISH BIBLE: BIBLE SOCITIES

رابعا: الفقرة التائهة فى إنجيل يوحنا

رابعا: الفقرة التائهة فى إنجيل يوحنا. احتارت النسخ المختلفة لانجيل يوحنا فى الموضع الذي تضع فيه الإثنتي عشرة عبارة التالية: (فمضي كل واحد إلي بيته، أما يسوع فمضي إلي جبل الزيتون، ثم حضر أيضا إلي الهيكل فى الصبح وجاء إليه جميع الشعب فجلس يعلمهم، وقدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أمسكت فى زنا، ولما أقاموها فى الوسط قالوا له يا معلم هذه المرأة أمسكت وهى تزني .. فقالت لا أحد يا سيد، فقال لها يسوع ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضا). النسخة العربية لإنجيل يوحنا تضع هذه الفقرة بحيث تحتل نهاية الإصحاح السابع وبداية الإصحاح الثامن (من 7: 53 إلى 8: 11) والنسخة السينائية للعهد الجديد (350م) لم تدون فيها تلك الفقرة (¬1) وعلى ذلك تستبعدها أيضا نسخ إنجيل يوحنا المعتمدة عليها (التي نسخت منها) تقول النسخة الإنجليزية لإنجيل يوحنا صـ834: (¬2) This passage (7: 53 to 8: 11) has no fixed place in our witnesses. Some of them don't contain it at all some place it after Luke 21: 38, others after john 7: 36 or 7: 52 or 21: 24. ¬

_ (¬1) ثقتي فى الكتاب المقدس: جوش مكدويل صـ38. (¬2) THE NEW ENGLISH BIBLE: THE BIBLE SOCIETIES 1985

خامسا: لوقا ومتى يحرفان إنجيل مرقس

الترجمة: (هذه الفقرة ليس لها مكان ثابت فى نسخ العهد الجديد، بعض النسخ تحذف هذه الفقرة تماما، ونسخ أخرى تضع هذه الفقرة فى إنجيل لوقا (21: 38) وبعض النسخ تضعها فى إنجيل يوحنا (7: 36) أو (7: 52) أو (21: 24). خامساً: لوقا ومتى يحرفان إنجيل مرقس: يرى الكثير من مفسري الأناجيل أن انجيل مرقس وهو أقدم الأناجيل كان أمام كاتبي انجيل متى وانجيل لوقا أثناء تحرير انجيليهما. وقد أثبت التحليل الكمي للأناجيل أنه إذا كان إنجيل مرقس يتكون من (661) عبارة فإن إنجيل متى قد استعار منه (606) عبارة مستخدما (51%) من نفس ألفاظه أى أن إنجيل متى يحتوى على (91%) من مادة إنجيل مرقس. أما لوقا فإنه يستعير (320) عبارة مستخدما (53%) من نفس ألفاظ مرقس أى أن إنجيل لوقا يحتوى على (50%) من مادة إنجيل مرقس، بل وأكثر من ذلك فالخمسة والخمسون عبارة الباقية من مرقس التي لا يستعيرها متى نجد منها (31) عبارة فى إنجيل لوقا (1) ومن الملاحظ أن إنجيلي متى ولوقا اقتبسا عبارات كثيرة من إنجيل مرقس ولكن مع تحويرها لأهداف معينة تظهر من الأمثلة التالية: 1 - يقول مرقس: (فشفى كثيرين كانوا مرضى .. وأخرج شياطين كثيرة) مرقس 1: 34

2 - المثال الثاني:

يقول متى: (فأخرج الأرواح بكلمة وجميع المرضي شفاهم) متى 8: 16 يقول لوقا: (فوضع يديه على كل واحد منهم وشفاهم) لوقا 4: 40. مرقس: لأنه كان قد شفى كثيرين) 3: 18 متى: (وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا) 12: 15 لوقا: (لأن قوة كانت تخرج منه وتشفي الجميع) 6: 19 هكذا يحول متى ولوقا كلمة (كثيرين) التي يذكرها مرقس إلى (جميع) لإظهار قدرة المسيح اللامحدودة. 2 - المثال الثاني: يقول مرقس (ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة) 6: 5 قوة: أى معجزة. يقول متي: (ولم يصنع هناك قوات كثيرة) 13: 58. هاتان الروايتان تصفان زيارة المسيح لوطنه الناصرة ونرى متى يمتنع عن أن يذكر عجز المسيح عن القيام بأية معجزة فى مديتنه الناصرة كما ذكر صراحة مرقس، فنجده يغير الأسلوب لكي لا تكون هناك شبهة بمحدودية قوة يسوع. 3 - المثال الثالث:

4 - المثال الرابع:

لا يرد فى لوقا ومتى الأحداث التالية التى ذكرها مرقس وهى تصف الانفعالات البشرية التي كانت تعتري السيد المسيح خوفا من أن يكون فيها الإقلال من شأنه. (فنظر حوله إليهم بغضب حزينا) مرقس 3: 5 (ولما سمع أقرباؤه، خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل) مرقس 3: 21 (فلما راى يسوع ذلك اغتاظ) مرقس 10: 14 هكذا يظهر مرقس الصورة الطبيعية للسيد المسيح وأنه كان فريسة للانفعالات البشرية كالغيظ والغضب والحزن والقدرة المحدودة للقيام بالمعجزات. 4 - المثال الرابع: مرقس (أليس هذا هوالنجار ابن مريم) 6: 3 متى (أليس هذا ابن النجار) 13: 55 لوقا (أليس هذا ابن يوسف) 4: 22 يوسف هو يوسف النجار زوج مريم. هنا أيضا يخبرنا مرقس بمهنة السيد المسيح فيذكر انه كان نجارا أما متى ولوقا فامتنعا عن ذكر مهنته هوواكتفيا بمهنة أبيه يوسف. يقول ليون موريس: القديس مرقس أكثر صراحة من متى ولوقا فى وصف بشرية المسيح.

نظرا لأن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل كما أن أسلوبه فى رواية الأحداث كما رأينا لا يميل إلي المبالغة والتضخيم فإن كثيرين من المفسرين يرجحون روايته على روايات باقي الأناجيل عند اختلافها حول نفس الحادثة. على سبيل المثال يقول مرقس (حقا اقول لكم من القيام ههنا قوما لايدوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد اتى بقوة) مرقس 1:9 فى حين يقول متى (الحق اقول لكم ان من القيام ههنا قوما لايدوقون الموت حتي يروا ابن الانسان اتيا فى ملكوته) متى 28:16 هنا يستبدل متى (ملكوت الله) والمقصود به انتشار الديانة المسيحية بلقب (ابن الانسان) المقصود به السيد المسيح وعودته الى الارض. ان ما فعله متى هنا سبب العديد من المشاكل للمفسرين لان المجىء الثانى للمسيح لم يتم رغم مرور 2000 عام على موت مستمعيه. ان كاتب انجيل متى اقدم على هده الاضافه من عنده لانه كتب انجيله فى ايام الاضطهاد العنيف فاراد التخفيف من معاناة المضطهدين وتبشيرهم ان الفرج قريب. ويعترف وليم ياركلي بأن هناك عبارات قد دست فى الأناجيل لتحقيق أغراض معينة فمثلا: (إلى طريق أمم لا تمضوا والي المدينة للسامريين لا تدخلوا) متى 10: 6 يقول عنها فى تفسيره: هذه الوصية الغريبة التي يخاطب فيها يسوع تلاميذه تشتمل روحا يختلف اختلافا بينا عن تعاليم المسيح مما جعل بعض الشراح يعتقدون أن

المسيح لم ينطق بهذه العبارة وأنها مدسوسة إلي أقواله بواسطة بعض قادة الكنيسة مما كانوا ينادون ان تقتصر رسالة الإنجيل على اليهود فقط (¬1) ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي صـ358

إضافات محرر انجيل متى

إضافات محرر انجيل متى · جئت لأكمل لا لأنقض .. وإضافات متى. · الجحش والاتان ونبوءة زكريا · يهوذا الخائن والثلاين من الفضة .. وإضافات متى · آية يونان النبي .. وإضافات متي

جئت لأكمل لا لأنقض .. وإضافات متى

جئت لأكمل لا لأنقض .. وإضافات متى يقول انجيل متى على لسان السيد المسيح (لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أوالأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل) متى 5: 17 الناموس: شريعة موسى. يعلن السيد المسيح هنا أنه لن يغير شيئا من شريعة موسى أو تعاليم أنبياء بنى اسرائيل. وهذا التعهد لم يف به السيد المسيح ولا تلاميذه، حيث أن المسيح قام بالغاء قائمة المحظور والمحرم من الحيوانات والطيور النجسة التي وردت فى سفر اللاويين التي احتوت النسر والعقاب والحدأة والغراب والنعامة والبوم والهدهد والببغاء وابن عرس والفار وثعبان الماء والخنزير والجمل والأرنب .. إلخ. (لاويين صح 11). لقد احل السيد المسيح أكل ما سبق بقوله (اسمعوا وافهموا ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان) متى 15: 10 كذلك منعت المسيحية تعدد الزوجات الذي تبيحه شريعة موسى رغم أن الأناجيل لا تحتوى على أية إشارة تؤيد هذا المنع ويخبرنا الكتاب المقدس أن النبي سليمان كان له سبعمائة (700 زوجة)، وأبيه النبي داود كان له ثماني زوجات (سفر ملوك أول صح 11: 3) (سفر أخبار الأيام الأول صح 3: 1) كما قام بولس الرسول بإلغاء الختان رغم أنه كان عهدا بين إبراهيم أبي الأنبياء (عليه السلام) والله كما جاء فى سفر التكوين (قال الله لإبراهيم .. هذا هو عهدي

الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك، يختن منكم كل ذكر، فتختنون فى لحم غرلتكم) سفر التكوين 17: 9 - 11 قام بولس الذي يكن تلميذا للمسيح بإلغاء الختان لأنه كان عقبة أمام الكثير من الوثنيين لاعتناق المسيحية ضاربا بالعهد المبرم بين إبراهيم عليه السلام والله عرض الحائط فيقول: (إذ قد سمعنا أن أناسا خارجين من عندنا ازعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس، الذي نحن لم نأمرهم) أعمال الرسل 15: 24 كما ألغت المسيحية تقديس يوم السبت كما جاء فى شريعة موسى واستبدلوا به يوم الأحد ويعلق وليم باركلي قائلا: أن متى هو الانجيل الوحيد الذي ذكر تعهد المسيح بعدم نقض وتغيير شريعة موسى، وقد أثار هذا القول دهشة الناس، حتى أن البعض قالوا أن متى وهو يكتب إنجيله لليهود، أضاف هذا الكلام من عنده ليقنع ويسترضي اليهود. ونقول إذا كان السيد المسيح قد تعهد فعلا كما جاء فى إنجيل متى بالمحافظة على الشريعة الموسوية (الناموس) ورواية منى صحيحة، فإن إخلال المسيح بعد ذلك بذلك العهد يتنافى مع شخصية السيد المسيح وآداب النبوة.

الأناجيل والجحش والأتان وإضافات متى

الأناجيل والجحش والأتان وإضافات متى يقول متى: (حينئذ أرسل يسوع تلميذين قائلا لهما اذهبا إلي القرية التي أمامكما فالوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها فحلاهما وأتياني بهما) صح 21: 22 الأتان: أنثى الحمار ويقول مرقس: (ارسل اثنين من تلاميذه وقال لهما اذهبا إلي القرية التي أمامكما فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد فحلاه وأتيا به) 11: 12 ويقول لوقا: (تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه احد) 19: 30 نلاحظ اتفاق مرقس ولوقا على أن المسيح طلب جحشا فقط وأن التلميذين وجدا جحشا فقط ولكن متى يضيف أتان إلى الجحش. ونتساءل لماذا يضيف متى الأتان إلي روايتي مرقس ولوقا؟ والإجابة: أن متى كان مولعا بالبحث فى العهد القديم لاستخراج ما يثبت تنبؤ أنبياء العهد القديم بمجئ المسيح. وقد اقتبس متى (75) أية توضح أن المسيح تتميم للبركة الموعودة لابراهيم ونسله (¬1). ولقد اقحم متى عبارات العهد القديم وزج بها فى كل مناسبة ليصنع منه نبوءات عن السيد المسيح. ¬

_ (¬1) حياة يسوع: بترسن سميث. ترجمة القس حبيب سعيد صـ32

يهوذا الخائن والفضة وإضافات متى:

لقد وجد متى فى سفر زكريا بالعهد القديم آية تقول (ابتهجي جدا يا ابنة صهيون، اهتفى يا بنت اورشليم. هو ذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان) زكريا 9: 9 وقد رأى متى أن تلك الآية تنطبق على دخول المسيح لأورشليم (رغم أن المسيح لم يكن فى يوم من الأيام ملكا كما بينا من قبل) ولكن هذه الآية تحتوى على حمار وجحش فى حين رواية إنجيل مرقس الذي اعتمد عليه متي فى كتابة إنجيله تحتوى على جحش فقط كما طالعناها. فأضاف متى الأتان إلي الجحش ليحدث التطابق بين العهد القديم والإنجيل ويصنع منها نبوءة عند دخول المسيح إلي اورشليم لاحظ أن متى لم ينتبه إلي أن سفر زكريا ذكر أنه كان حمارا ذكر وأخبرنا أنها كانت أنثى (أتان) يهوذا الخائن والفضة وإضافات متى: يقول متي (حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الأسخريوطي إلي رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة) متى 26: 14 ويقول مرقس: (ثم إن يهوذا الأسخريوطي واحدا من الاثني عشر مضي إلي رؤساء الكهنة ليسلمه إليهم ولما سمعوا فرحوا ووعدوه أن يعطوه فضة) مرقس 14: 10 ويقول لوقا: (ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة) لوقا 23: 4

وهنا أيضا نجد متي قد أضاف (ثلاثين) ليصنع نبوءة من العهد القديم عن خيانة يهوذا. يقول متي (حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني اسرائيل) 27: 9 إن متى أضاف من عنده كلمة ثلاثين إلى رواية مرقس حتى تطابق الآية الموجوده فى العهد القديم والتي كان يظن متى أنها تقع فى سفر أرميا، ولكن الذاكرة قد خاتنه لأن تلك العبارة تقع فى سفر زكريا (11: 12) ويدافع البعض عن خطأ متى هذا نافيا عنه ضعف الذاكرة مرجعا السبب إلى اختلاف تقسيم وفهرسة الكتاب المقدس بين اليهود والمسيحيين، والرد على ذلك عند المؤرخ اليهودي يوسيفوس حيث يذكر لنا عدد وأسماء الأسفار القانونية للعهد القديم عند اليهود فى تاريخه (قديمات اليهود) ونقله عنه يوسابيوس القيصري (¬1) يقول يوسيفوس: عدد الأسفار عند اليهود فقط اثنان وعشرون سفرا. من 1إلى 5 أسفار موسى الخمسة (التوراة) 6 - يشوع 7 - القضاه وراعوث 8 - صموئيل 9 - الملوك ... 10 - اخبار الايام ¬

_ (¬1) تاريخ الكنيسة: يوسابيوس القيصري، الكتاب الثالث الفصل العاشر صـ134.

11 - عزرا ونحميا 12 - أستير 13 - أشعياء 14 - إرميا ومراثي إرميا. 15 - حزقيال ... 16 - دانيال 17 - الأنبياء الصغار الاثنى عشر: هوشع - يوئيل - عاموس - عوبديا - يونان - ميخا - ناحوم - حبقوق - صفنيا - حجى - زكريا - ملاخى 18 - أيوب 19 - مزامير 20 - أمثال 21 - الجامعة 22 - نشيد الأنشاد · والنسخة العبرية للعهد القديم الموجودة بين أيدينا لا تختلف عما أورده يوسيفوس ما عدا: تم

فصل سفر القضاة وراعوث إلي سفرين منفصلين · سفر الأنبياء الصغار تحول إلي اثني عشر سفرا · إرميا والمراثي تحولا إلي سفرين منفصلين أيضا. · كذلك سفر عزرا ونحميا إلي سفرين منفصلين · لذلك تحتوى النسخة العبرية على 36 سفرا (1+11+1+1=14) +22 وهناك اتفاق بين ما ذكره يوسيفوس وأوريجانوس (¬1) والنسخة العبرية الحالية على أن قسم الأنبياء يبدأ بسفر إشعياء (ذكر القس: منيس عبد النور أن قسم الأنبياء عند اليهود يبدأ بإرميا) (¬2) ونخلص إلي أن ماكتبه (زكريا) كان يتبع سفر الأنبياء الصغار الأثني عشر وليس له علاقة بسفر إرميا كما أن قسم الأنبياء بالعهد القديم كان يبدأ بإشعياء النبي وليس ¬

_ (¬1) طبعة شتوتجارت BIBLIA HEBRAICA: STUTTGART (¬2) شبهات وهمية حل الكتاب المقدس: د. قس. منيس عبد النور صـ335، صـ 336

آية يونان النبي وإضافات متى:

بإرميا كما ذكر لتبرير خطأ إنجيل متى ويبدو أن القس منيس عبد النور غير مقتنع بما ذكره فساق سببا آخر. وهو التشابه بين اسمي (إرميا) و (زكريا) باليونانية (ايريو) و (زيريو) أى أن كاتب الإنجيل قد دونها (زيريو) والنساخ نقلوها (ايريو) ولكن لم يرد فى أى مصدر من المصادر المسيحية أن هناك نسخة لإنجيل متى كتب فيها (زيريو) أى زكريا، فهل كل الناسخون ارتكبوا نفس الخطأ؟! أم أن كاتب الإنجيل نفسه هوالذي نقل الاسم خطأ من العهد القديم ولم ينبهه الروح القدس؟! ملحوظة: تذكر دائرة المعارف اليهودية (¬1) أن مخطوطات أسفار العهد القديم كانت تحفظ على شكل لفائف ( Scrolls) بحيث تختص بسفر واحد فقط، وأن الأنبياء الصغار الإثني عشر كان يشملهم سفر واحد يقع فى لفافة واحدة (ٍ Single scrolls) . وفى نهاية القرن الثاني الميلادي قام اليهود بتجميع اللفائف داخل مجلدات ( Volumes) وبعد ذلك بعدة قرون تم تجميع المجلدات داخل كتاب واحد ( Codex form) . آية يونان النبي وإضافات متى: ¬

_ (¬1) ENCYCLOPEDIA JUDAICA VOL. 2PAGE 827 من الواضح أنه فى زمن كتابة الأناجيل (القرن الأول الميلادي) لم يكن هناك فهرسة ولا ترتيب لأسفار العهد القديم لوجود تلك الأسفار حينئذ على شكل لفائف منفصلة.

يقول إنجيل مرقس (فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكى يجربوه فتنهد بروحه وقال لماذا هذا الجيل يطلب آية الحق أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية) مرقس 8: 11 الفريسيون: طائفة يهودية امتازت بالتعالي والثقة والكبرياء لاعتقادهم أنهم مميزون ومفضلون على سائر الطوائف اليهودية. وتلك الطائفة كانت تستنكر استبداد الكهان بالشعائر والمراسم الدينية وكذلك ينكرون عادات الأجانب والمتشبهين بهم. ونعود إلي نص إنجيل مرقس الذي أوضح رفض المسيح القيام بمعجزة أمام الفريسيون ولكن متي لم يسمح لفرصة كتلك تمضي دون أن يستغلها فى إثبات التطابق بين أسفار الأنبياء وحياة المسيح. يقول متى (أجاب قوم من الكتبة والفريسيون قائلين يا معلم نريد أن نرى منك آية فأجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطي له آية إلا آية يونان النبي، لأنه كمان كان يونان النبي فى بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان فى قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال) متى 12:38 - 40 يونان النبي هو النبي يونس الذي أرسله الله إلي أهل نينوي. يذكر متى أن المسيح بموته ودفنه لمدة ثلاثة أيام ثم قيامته من الأموات (على حد زعمهم) ببقاء يونان النبي فى بطن الحوت.

هل قال المسيح ما رواه إنجيل متى عنه؟ وإذا كان قد قال ذلك لماذا لم يذكره مرقس؟؟ إذا افترضنا أن المسيح قال ذلك فإننا لا نجد مشابهة بين ما حدث ليونان النبي داخل الحوت وما حدث للمسيح داخل القبر. أولاً: أن يونان النبي لم يمت فى جوف الحوت بل ظل حيا يصلي ويدعو ربه (فصلي يونان فى جوف الهه من جوف الحوت وقال دعوة من ضيقي الرب فاستجابني صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي) يونان صح2:1 - 2 تحتوى النسخة ولكن تقول الأناجيل أن المسيح قد مات على الصليب ودفن ميتا إلي أن قام من الموت فى أول الأسبوع (الأحد) ونادي يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه فى يديك استودع روحي، ولما قال هذا أسلم الروح) لوقا 46:23 ثانياً: مكث يونان فى جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال (يونان 17:1) ولكن المسيح بقى فى القبر يوما واحدا (هوالسبت) وليلتين ويعلق على ذلك وليم باركلي قائلا: هنا تعترضنا صعوبة فان السيد المسيح لم يبق فى القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال. فكيف يفسر هذا القول؟

ويؤيده ر. ت فرانس قائلا الآية (40) يجب حذفها لأنها إضافة لاحقة أعطت معني جديدا لا ينسجم مع العبارة حيث يجمع متي ومرقس ولوقا (يختلف معهم انجيل يوحنا) (¬1) على أن الصلب قد تم يوم الجمعة ودفن يوم الجمعة ليلا ويقولون أنه قد قام من الموت فجر يوم الأحد (وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر) متى 1:28 لاحظ أن أول أيام الأسبوع بالنسبة إلي اليهود هو الأحد. ثالثا: أن ما حدث ليونان النبي كان عقابا له لأنه عصى أوامر ربه. ولكن ما حدث للمسيح (وهو لم يحدث أساسا) على حد زعمهم كان بمحض إرادته وبواقع حبه للانسان الخاطئ الذي جاء لينقذه من خطيئته. إذا لا يوجد تشابه على الإطلاق بين ما حدث ليونان النبي وما يزعمون حدوثه للمسيح. ويذكر وليم باركلي أن إنجيل لوقا لم يذكر شيئا عن بقاء يونان فى جوف الحوت أو مقارنة ذلك ببقاء المسيح فى قلب الأرض، لذلك يرجح بعض الشراح أن يسوع لم يقارن نفسه بيونان من حيث بقائه فى بطن الحوت هكذا يشكك المفسرون فى رواية متى ويرجحون عليها رواية لوقا. ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لانجيل متى: ر. ت فرانس صـ234

الأخطاء الجغرافية للأناجيل

الأخطاء الجغرافية للأناجيل · مدينة يهوذا الوهمية .. وخطأ لوقا · الجبل الوهمي .. وتجربة السيد المسيح · مدينة الناصرة فوق جبل .. وخطأ لوقا · مدينة جدرا .. مدينة جرجسا .. مدينة جراسا .. وتخبط الأناجيل.

الأناجيل والأخطاء الجغرافية

الأناجيل والأخطاء الجغرافية احتوت الأناجيل على العديد من الأخطاء الجغرافية، وكان لإنجيل لوقا النصيب الأكبر من تلك الأخطاء مما دفع هانز كونزلمان (¬1) لشن هجوما عنيفا على هذا الإنجيل والقول بأن النواحي الجغرافية فى بشارة لوقا لا يجب أن ندرسها كجغرافيا، ويشك كونزلمان فى أن ما كتبه لوقا عن فلسطين كان نتاج تجربة واختبار شخصي. 1 - يقول إنجيل لوقا عن زيارة السيدة مريم لليصابات زوجة زكريا وأم النبي يحيى (يوحنا) (فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعة إلي الجبال إلي مدينة يهوذا) لوقا 39:1 وإذا أردنا معرفة أين تقع تلك المدينة التي أسماها لوقا مدينة يهوذا فإننا لن نعثر لها على أثر، فأسماء مدن مملكة يهوذا مذكورة فى سفر يشوع فى الإصحاح الخامس عشر (الاصحاح 15) وليس بينها مدينة تسمى يهوذا، كذلك مراجعة الخريطة الملحقة بالأناجيل، والموضح بها المدن والقرى التي كانت قائمة فى زمن السيد المسيح، تؤدي إلي نفس النتيجة وهى أن مدينة بهذا الاسم لا توجد إلا فى إنجيل لوقا فقط، ويعترف تفسير العهد الجديد بعدم وجود مدينة تمسي مدينة يهوذا، ويذكر أن زكريا عليه السلام كان يقيم فى مدينة (جوتا) أو (جتا). ¬

_ (¬1) THEOLOGY OF ST. LUKE: H. CONZEIMAN

2 - يقول لوقا (أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقاد بالروح فى البرية ... ثم اصعده إبليس إلي جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة) إنجيل لوقا صح 4:1 - 6 المسكونة: العالم. يحدثنا إنجيل لوقا هنا عن امتحان ابليس للسيد المسيح ويذكر لنا أن مكان التجربة أو الامتحان كان البرية الواقعة بين أورشليم والبحر الميت، ويذكر وليم باركلي (¬1) أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسكو فى تفسيره أن تلك البرية عبارة عن منبسط من الأراضي الرملية التي لا يوجد بها جبال، ويؤكد ذلك تفسير العهد الجديد (¬2) قائلا: (لا يعلم الجبل المشار إليه هنا وقال بعض المفسرين إن ما أراه الشيطان للمسيح إنما كانت رؤى عقلية لا تبصر بعين الجسد) ونتساءل إذا كانت الرؤية العقلية فما هى ضرورة الصعود إلى جبل عال؟ وكما أشرنا من قبل استحالة رؤية ممالك العالم من على جبل مهما كان ارتفاعه. إن هذا الخطأ وقع فيه إنجيل متى أيضا. 3 - يقول لوقا (فقاموا وأخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلي حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلي أسفل) لوقا 4:29 - 30 يحدثنا هنا لوقا عن زيارة السيد المسيح لمدينة الناصرة التي نشأ وتربي فيها، وقد رفض أهل مدينته دعوته ورسالته وهموا بقتله. ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي (¬2) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة.

(انفرد إنجيل لوقا دون الأناجيل الثلاثة الأخرى بذكر تلك الحادثة) ويخطئ لوقا هنا بذكره أن مدينة الناصرة مبنية فوق جبل، حيث أنه من المعروف أن تلك المدينة تقع على جانب حوض أكام حافته أعلى المدينة لا أسفلها (¬1) ويؤكد ذلك وليم باركلي فيقول: إن مدينة الناصرة تقع فى جوف تلال فى منحدرات الجليل وكان فى استطاعة الواقف على قمة أحد التلال رؤية منظرا عاما للمدينة والاتساع الكبير الذي حولها (¬2) 4 - يقول لوقا (وساروا إلي كورة الجدريين التي هى مقابل الجليل، ولما خرج إلى الأرض استقبله رجل من المدينة كان فيه شيطان .. وكان هناك قطيع خنازير كثيرة ترعي فى الجبل .. فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت فى الخنازير، فاندفع القطيع من على الجرف إلي البحيرة) 8: 26 - 33 يخبرنا هنا لوقا أن تلك الحادثة وقعت فى كورة الجدريين نسبة إلي مدينة (جدرا) المعروفة الآن باسم أم قيس. ويذكر لوقا أن تلك المدينة تطل على بحيرة طبرية مباشرة وأن قطيع الخنازير اندفع وغرق فى البحيرة. ويعترف ليون موريس (¬3) قائلا كورة الجدريين تمثل لنا مشكلة. ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة. (¬2) تفسير انجيل لوقا: وليم باركلي صـ66 (¬3) التفسير الحديث لانجيل لوقا: ليون موريس صـ159

حيث أنه من المعروف أن مدينة جدرا تقع على بعد ستة أميال من الشاطئ الجنوبي لبحيرة طبرية ويستبعد أن تكون هى المكان الذي جرت فيه تلك الحادثة (¬1) وقد وقع مرقس فى هذا الخطأ أيضا ولكن النسخة العربية لإنجيل متي ذكرت أن تلك الحادثة وقعت فى (كورة الجرجسيين) متى (28:8) التي تقع على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبرية مباشرة وبذلك تصحح خطأ كل من مرقس ولوقا. ولكنها تختلف معهما أيضا فى ذكرها أن الشياطين خرجت من مجنونين وليس واحدا كما ذكر لوقا ومرقس (راجع أيضا التعليق على هذه الحادثة تحت عنوان الأناجيل وإخراج الشياطين والخرافات الطبية) بحيرة طبرية كانت تسمي أيضا بحر الجليل. لكن النسخة الإنجليزية لإنجيل متى تفاجئنا بذكرها أن تلك الحادثة وقعت فى كورة الجدريين: ( WHEN HE REACHED THE OTHER SIDE, IN THE COUNTRY OF THE GADARENES, HE WAS MET BY TWO MEN) MATHEW 8:28 ويؤكد ذلك تفسير العهد الجديد (¬2) ذاكراً أن بعض النسخ اليونانية لإنجيل متى قد ذكرت (كورة الجدريين) كما فى النسخ العربية لإنجيلي لوقا ومرقس. ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي (¬2) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة صـ21

متى ولوقا والموتى يدفنون موتاهم وأخطاء الترجمة:

وتزيد النسخة الإنجليزية لإنجيل مرقس الطين بلة بذكرها أن تلك الحادثة جرت فى (كورة الجراسيين) نسبة إلى مدينة (جراسا) ( INTO THE COUNTRY OF THE GERASENES) MARK 5:1 ويزيل ر. ت. فرانس (¬1) هذا الغموض بذكره أن (أوريجانوس) (¬2) هو الذي أدخل كلمة (الجرجسيين) إلي بعض نسخ الاناجيل، وقد قام بهذا التعديل لعلمه أنه لا مدينة (جدرا) ولا المدينة الرومانية (جراسا) كانتا على شاطئ البحيرة مباشرة، فالأولي تبعد ستة أميال والأخرى ثلاثون ميلا عن الشاطئ. ويؤكد ذلك ليون موريس (¬3) قائلا: العلامة أوريجانوس يفضل كورة الجرجسيين لأن الإسمين الآخرين يشيران إلى أماكن بعيدة جدا. ومما هو جدير بالذكر أن النسخة الإنجليزية لإنجيل لوقا أشارت إلي حدوث ذلك فى (كورة الجرجسيين) وذكرت أن هناك نسخا لإنجيل لوقا تشير إلي (كورة الجراسيين) وبعض النسخ لنفس الإنجيل تذكر (كورة الجدريين): IN THE COUNTRY OF THE GERESENES) LUKE 8:26 SOME WITNESSES READ GERASENES; OTHERS READ GADARENES (¬4) متى ولوقا والموتى يدفنون موتاهم وأخطاء الترجمة: ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متى ر. ت. فرانس صـ174 (¬2) أوريجانوس أحد آباء الكنيسة الأوائل (185: 254م) (¬3) التفسير الحديث لإنجيل لوقا صـ160

يقول متى (وقال له اخر من تلاميذه يا سيد ائدن لي أن أمضي أولا وادفن أبي فقال له يسوع اتبعني ودع الموتي يدفنون موتاهم) 21:8 - 22 يستبعد مفسروا الأناجيل أن يكون المسيح هو القائل لنص تلك الكلمات لأنه لا الشريعة الموسوية (¬1) ولاالمبادئ الإنسانية يحثون على دفن الأموات قبل أى شئ آخر فله الأولوية المطلقة وخاصة أن المتوفي هو الأب. وقد حاول المفسرون إيجاد مخرج من هذا المأزق، هل المسيح يحرض الابن على ترك جثة أبيه واهمال مراسم الدفن ليتبعه؟ ويعلق ر. ت. فرانس قائلا إجابة السيد المسيح هنا قاسية دون داع، بل إنها تبعث على الغيظ (¬2) ونظرا لأنه لا يوجد مبرر لدعوة المسيح تلك فإن المفسرين شككوا فى الترجمة اليونانية لتعبيرات السيد المسيح التي نطقها بلغته الأرامية وقالوا: إن يسوع لم يقصد القول (دع الموتي يدفنون موتاهم) ولكنه أراد أن يقول (اتركوا الموتي ليدفنهم المختصون بأعمال الموتي) (¬3) يقول ر. ت. فرانس الرفض مازال قائما بشكله المطلق. ¬

_ (¬1) كانت من عادة اليهود سرعة دفن الموتي. (¬2) التفسير الحديث لإنجيل متي: ر. ت. فرانس صـ172 (¬3) تفسير إنجيل متى: وليم باركلي صـ309

إنجيل متى والكلاب والتعصب العرقي:

إنجيل متى والكلاب والتعصب العرقي: يقول إنجيل متى على لسان السيد المسيح (لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا الدرر قدام الخنازير) متى 6:7 الكلاب: تعبير كان يستعمله اليهود لوصف الأمم أو غيرهم من الشعوب وللأسف تذكر الأناجيل أن السيد المسيح قداستعمله أيضا وهذا محال ويتنافى مع شخصية المسيح وآداب النبوة. وقد تكرر هذا القول مرة ثانية فى متى إصحاح 26:15 (وإذا امراة' كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جدا .. فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب) متى 15: 22 - 26 يقول مفسروا الأناجيل: إن هذه العبارة تحمل دعوة عنصرية انفصالية لا تتفق مع رسالة المسيحية التي هي لجميع الناس. ويضيف ر. ت فرانس تلك الكلمات المكتوبة لا يمكن أن تعبر عن ملامح شخصية يسوع ويصف (بير) هذا القول بأنه فظيع يعبر عن إهانة بالغة ويقوم على أساس أسوأ أنواع التعصب العرقي والغلو فى القومية.

إنجيل متى يناقض إنجيل مرقس:

وكلمة القدس هى كلمة (قادوس) العبرية كانت أصلا مكتوبة (قادشا) ومعناها (قرط) بالآرامية فربما عن طريق النسخ تغير المعنى وربما المعنى الأصلي كان: (لا تعطوا القرط للكلاب) هكذا يعترف شراح الأناجيل بتغيير الألفاظ وأخطاء النساخ، وهذا مثال من أمثلة كثيرة ذكرتها كتب التفسير للأناجيل. إنجيل متى يناقض إنجيل مرقس: يقول إنجيل مرقس على لسان السيد المسيح (وأما الذين هم من خارج، فبالأمثال يكون لهم كل شئ. لكي يبصروا مبصرين ولا ينظروا، ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم) مرقس 4: 11 - 12 الذين هم من خارج: أى الأمم والشعوب غير اليهود مثل الكنعانيين والفينيقيين والرومان وغيرهم. يقول وليم باركلي أن الكلام هنا يعنى أن السيد المسيح يتكلم بأمثال حتى لا يفهم الذين هم من خارج اليهود ليمنعهم من العودة إلي الله والتوبة ونوال الغفران. ويقول إنجيل متى على لسان السيد المسيح فى نفس المناسبة: (من أجل هذا أكلمهم بأمثال لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون) متى 13:13

انجيل متى يناقض نفسه فى نفس الإصحاح:

الكلام هنا يعنى أن السيد المسيح يتكلم بأمثال لمساعدة غير اليهود على فهم تعاليمه وتسهيل وصول المعاني لادراكهم نظرا لسؤ فهم هؤلاء الأمم. هكذا ما جاء فى مرقس يناقض تماما ما جاء فى متى. ويعلق على هذا وليم باركلي فيقول أن هذا الجزء من رواية إنجيل متى يظهر بنصوص مختلفة فى الأناجيل الأخرى، ويتبين لنا الصعوبة التي واجهتها الكنيسة ازاءها (1) انجيل متى يناقض نفسه فى نفس الإصحاح: يقول متى فى الإصحاح العاشر (إلي طريق أمم لا تمضوا وإلي مدينة للسامريين لا تدخلوا) متى 6:10 الأمم: تعبير كان يستخدمه اليهود لوصف غيرهم من الشعوب. السامريين نسبة إلي السامرة (عاصمة مملكة اسرائيل الشمالية): وكانت عقائدهم قد اختلطت بالعقائد والطقوس الوثنية فاحتقروا من اليهود. هنا ينادي المسيح بأن تقتصر رسالة الإنجيل على اليهود فقط. وفى نفس الإصحاح العاشر يقول متى (وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلى شهادة لهم وللأمم) 10: 16 - 22

يقول وليم باركلي: (¬1) قد رأينا المسيح فى بداية الإصحاح يوصي تلاميذه أن لا يذهبوا إلي طريق الأمم لكننا هنا نسمعه يحدثهم عن وقوفهم أمام ملوك وولاة شهادة للأمم. ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد وليم باركلي

إنجيل مرقس والخلط بين الأسماء:

إنجيل مرقس والخلط بين الأسماء: يقول مرقس (فقال لهم (يسوع) أما قرأتم ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله فى ايام أبياثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة، وأعطى الذين كانوا معه أيضا) 2: 23 - 27 هنا يخطئ مرقس بذكره أن رئيس الكهنة الذي تمت فى عهده حادثة داود هذه كان أبياثار، حيث أن هذه الحادثة مسجلة فى سفر صموئيل الأول فى الإصحاح 21 هكذا (فجاء داود إلي أخيمالك الكاهن، فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود وقال له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد .. فأجاب الكاهن داود وقال لا يوجد خبز محلل تحت يدي ولكن يوجد خبز مقدس) صموئيل الأول 21: 1 - 5 ويتضح من رواية العهد القديم أن أخيمالك بن أخيطوب هو الذي كان رئيسا للكهنة وقد قتل بسبب تلك الحادثة على يد شاول، أما أبياثار فكان ابنا لأخيمالك رئيس الكهنة وقد تولي هذا المنصب من بعده فاختلط الأمر على مرقس. كما يتضح أن داود لم يكن معه أحد. وقد ذكر كل من متى ولوقا تلك الحادثة وتجنبا الخطأ الذي وقع فيه مرقس حيث لم يذكرا اسم رئيس الكهنة. إنجيل لوقا والخلط بين الأسماء:

إنجيل متى والخلط بين الأسماء:

يقول لوقا (وفى تلك الأيام صدر أمر من أغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة. وهذا الاكتتاب الاول جرى إذا كان كيرينيوس والي سورية) لوقا 2: 21 ومن الثابت تاريخيا، كما ذكر المؤرخ الروماني ترتليانوس وكذلك باعتراف وإقرار اباء الكنيسة وشراح الأناجيل أن هذا الاكتتاب (إحصاء سكاني) كان فى عهد ساتورنينوس والي سورية. وقد أخطأ لوقا وذكر اسم كيرينيوس الذي تولي على سورية بعد ميلاد المسيح بست سنوات (¬1) كما ذكر المؤرخ اليهودي يسويفوس فى تاريخه (قديمات اليهود) الكتاب الثامن عشر. إنجيل متى والخلط بين الأسماء: يقول إنجيل متى (لكى يأتي عليكم كل دم زكى سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلي دم زكريا بن براخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح) متى 23: 35 ويقول لوقا (لكي يطلب من هذا الجيل دم جميع الأنبياء المهرق منذ إنشاء العالم من دم هابيل إلي دم زكريا الذي أهلك بين المذبح والبيت) لوقا 50:11 يحدثنا كل من متى ولوقا عن قتل اليهود للكاهن زكريا فى بيت الله. ويحدد إنجيل متى شخصيته بأنه زكريا بن براخيا والد يوحنا المعمدان (¬2) ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة صـ137 (¬2) تفسير إنجيل متى صـ231 إصدار دار المعارف (وهكذا خطأ من التفسير لأنه يوجد 500 عاما فارق زمني)

وإذا طالعنا العهد القديم عامة وسفر زكريا بن براخيا خاصة لا نجد أى إشارة عن مقتل هذا الكاهن الذي عاصر الملك داريوس. ولكن فى عهد الملك يوآش قتل اليهود كاهن اسمه زكريا بن يهودياداع. كما يحدثنا سفر أخبار الأيام الثاني. (لبس روح الله زكريا بن يهودياداع الكاهن فوقف فوق الشعب وقال لهم .. لأنكم تركتم الرب قد ترككم، ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك فى دار بيت الرب صح 24: 20 - 21 هكذا التبس الأمر على متى فخلط بين زكريا بن براخيا وزكريا ابن يهودياداع ويبدو أن لوقا قد تنبه إلي خطأ متى فذكر أنه ذكريا فقط.

الأناجيل والميلاد العذراوي:

الأناجيل والميلاد العذراوي: إن من الغريب والمدهش عدم معرفة كاتبي إنجيل مرقس ويوحنا بالإضافة إلي بولس الرسول بميلاد السيد المسيح من السيدة مريم بمعجزة إلهية أى بدون (أب بيولوجي) إن إنجيل مرقس وكذلك إنجيل يوحنا وأعمال الرسل التي حررها بولس الرسول قد خلوا تماما من أية إشارة إلي هذا الميلاد العذراوي المعجز. يقول د. بترسن سميث (¬1) أن عدم تعرض مرقس ويوحنا وبولس لذكر الميلاد العذراوي أدي إلي انكاره من جانب الأستاذ (هارنك) أكبر الثقاة فى تاريخ عصر الميلاد والقديس (كيرنثوس) وغيرهم فى العصور المختلفة وفى هذا العصر أيضا. وقد أبدي بعض المسيحيين رغبة فى حذف هذه العبارة (حبل به بالروح القدس وولد من مريم العذراء) من قانون الإيمان على سبيل الترضية لجماعة المرتابين. (!) ونتساءل كيف عرف وأذيع سر ميلاد المسيح الإعجازى؟ لا شك أنه لا خلاف على أن السيدة مريم هى التي أخبرت التلاميذ بعد وفاة السيد المسيح بهذا السر، لأن جميع الدلائل تشير إلي جهل التلاميذ والمسيحيين الأوائل بهذا الميلاد الإعجازي. أثناء حياة المسيح ويعلق على ذلك دكتور بترسن سميث: لم يفكر أحد قط من التلاميذ فى هذا الموضوع. ¬

_ (¬1) حياة يسوع: دكتور بترسن سميث صـ26 - 28، ترجمة القس: حبيب سعيد

ويخبرنا إنجيل يوحنا أن كاتبه القديس يوحنا التلميذ المقرب إلي السيد المسيح قد استضاف السيدة مريم حتى توفيت (وذلك بعد وفاة المسيح) فكيف لم تخبر السيدة مريم القديس يوحنا بسر الميلاد العذراوي وهى تعيش معه فى منزل واحد. تقول بعض الآراء المسيحية أن يوحنا ومرقس قد علما بهذا الميلاد العذراوي ولكنهما لم يسجلاه فى إنجيلهما لعدم إيمانهما به. والأرجح هو أن القديس يوحنا (تلميذ المسيح) ليس هو محرر الإنجيل المنسوب إليه (¬1)، وأن كاتبه الحقيقي لم يعلم بهذا الميلاد الإعجازى لصاحب الرسالة. وسواء علم مرقس ويوحنا وبولص بالميلاد ولم يؤمنوا به وتجاهلوه أم لم يعلموا به فهذا يشير إلي غياب الوحي عند تحرير الإنجيل. ¬

_ (¬1) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين.

تصحيح خطأ مرقس عند استشهاده بالأنبياء:

تصحيح خطأ مرقس عند استشهاده بالأنبياء: يقول مرقس (كما هو مكتوب فى الأنبياء ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك، صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب) مرقس 1: 2 - 3 الجملة الأولي التي يذكرها مرقس كنبوءة عن مجئ يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا) ممهدا الطريق للمسيح مقتبسه من سفر ملاخى والجملة الثانية مقتبسة من سفر أشعياء ويقول تفسير العهد الجديد: قرئ فى بعض النسخ والترجمات الموثوق بها (كما هو مكتوب فى أشعياء النبي .. .) وقد عدلت إلي الأنبياء لتناسب النقل من ملاخي وأشعياء (¬1) معا. ويؤكد ذلك القس تورميدا (¬2) الذي اطلع على إنجيل مرقس قبل تصحيح هذا الخطأ فيقول: (ومن كذب النصاري ما قاله مرقس فى الإصحاح الأول من كتابه (انجيله): أن فى كتاب أشعياء النبي عن الله تعالي يقول: أني بعثت لك ملاكا أما وجهك وهذا الكلام لا يوجد فى كتاب أشعياء وإنما هو فى كتاب ملاخى النبي فهذا من أقبح الكذب على أنبياء الله) وهكذا قام النساخ والمترجمون بتصحيح خطأ مرقس. ¬

_ (¬1) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة صـ90 (¬2) تحفة الأريب فى الرد على أهل الصليب: انسلم تورميدا هذا القس أسلم وسمى عبد الله الترجمان.

إنجيلي مرقس ومتى وشجرة التين المجني عليها:

ومن الغريب أن النسخة الإنجليزية لإنجيل مرقس احتفظت بهذا الخطأ حيث جاء فيها. ( IN THE PROPHET ISAIAH IT STANDS WRITTEN) MARK 1: 2 إنجيلي مرقس ومتى وشجرة التين المجني عليها: يقول إنجيل متى (وفى الصبح إذ كان راجعا (يسوع) إلى المدينة جاع، فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط، فقال لها لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد، فيبست التينة فى الحال) صح 21: 18 - 21 ويذكر مرقس هذه القصة هكذا. (لما خرجوا من بيت عنيا جاع (يسوع) فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا لأنه لم يكن وقت التين. فأجاب يسوع وقال لها لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلي الأبد .. وفى الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول) 11: 12 - 14 ويبلور وليم باركلي (¬1) الخلاف بين متى ومرقس فى نقطتين: 1 - ذكر مرقس أن الوقت لم يكن وقت التين. ¬

_ (¬1) تفسير إنجيل متى: وليم باركلي

2 - لا يذكر مرقس ما يفيد أن التينة قد يبست فى الحال كما ذكر متى ويقول وليم باركلي أن شراح الإنجيل يعتقدون أن رواية مرقس أقرب إلي الحادثة الواقعية من رواية متى على أساس أن إنجيل مرقس هو أقدم البشائر. ويضيف وليم باركلي قائلا: ثم أنه تعترضنا مشكلة أخرى تحتاج إلي تفسير، فكيف يعاقب السيد المسيح شجرة بلعنة مع أن العقاب فى الحقيقة لا يوقع إلا على الكائنات الحية التي لها عقل وإرادة والشجرة ليس لها عقل ولا إرادة، ثم إننا إذا ذكرنا ما قاله مرقس من أنه لم يكن وقت التين فلماذا يلعن المسيح الشجرة على شئ لم يكن فى قدرتها أو أمكانها؟ وهل يكلف المسيح الشجرة شيئا فوق طاقتها؟ ويتسائل أيضا القس انسلم تورميدا (¬1): كيف ينسب متى ومرقس إلى المسيح التماس التين من أشجار الناس وفى غير فصله؟ وهذا لا يفعله الصبيان والمجانين. وكيف يدعو عليها باليبس وتنقطع منفعة الناس منها فى حين أن الله جعل الأنبياء والرسل لمنفعة الخلق ومصلحتهم لا عكس ذلك؟ ونتساءل كيف يجهل المسيح وقت أثمار شجر التين وهو من أكثر الأشجار انتشارا فى فلسطين؟ ولماذا لم يسخر المسيح. ماوهبه الله من معجزات فى إثمار شجرة التين بدلا من إذبالها والقضاء عليها؟ وهل يعقل أن نبي الله يستخدم قدراته الإعجازية فى التخريب بدلا من النفع. ¬

_ (¬1) تحفة الأريب فى الرد على أهل الصليب: انسلم تورميدا صـ125

يقول وليم باركلي: يقرأ كثيرون من المؤرخين هذه العبارات وتصادفهم حيرة لأنها تعطي صورة عن المسيح لم نعهدها فيه من قبل.

الأناجيل ونهاية العالم فى القرت الأول الميلادي:

الأناجيل ونهاية العالم فى القرن الأول الميلادي: يقول انجيل متى (الحق أقول لكم أن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا فى ملكوته) صح 16: 27 - 28 ابن الإنسان: لقب كان يطلقه على نفسه السيد المسيح. هنا يتحدث المسيح عن مجيئه الثاني عند نهاية العالم (يوم القيامة) والهدف من المجئ الثاني (حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله) متى 16: 27 وقد بشر المسيح أتباعه بقرب حدوث ذلك، وأن منهم من سيبقى حيا حتى يشهد ذلك. وبالطبع مضت مئات السنين على موت مستمعي هذه البشري ولم يحدث ما تنبأ به المسيح. ويعلق ر. ت. فرانس (¬1) قائلا: توضح هذ الآية أن مجئ المسيح الثاني كملك وكقاضي سيراه بعض ممن كانوا يسمعون قوله قبل موتهم وهذه الآية تثير مشكلة عن النبؤة الواضحة عن مجئ المسيح إبان القرن الأول ويضيف وليم باركلي (¬2): تثير هذه العبارة مجالا كبيرا للمناقشة. والحقيقة أن المسيحيية فى الكنيسة الأولي كانوا يؤمنون بسرعة مجئ المسيح الثاني ويتوقعون حدوثه فى أيام حياتهم على الارض، ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لإنجيل متي: ر. ت. فرانس (¬2) تفسير إنجيل متى: وليم باركلي صـ375 الجزء الأول

نظرا لأنهم كانوا يعيشون فى اضهادات وآلام ويشتاقون إلي يوم تحريرهم وتمجيدهم وقد سقط فى الاعتقاد الخاطئ تلاميذ المسيح وبولص المدعو رسولا فنجد التلميذ يوحنا يقول (أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة، وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون، ومن هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة) رسالة يوحنا الأولي 18:2 ويعتقد بولس أنه سيبقي حيا حتى مجئ المسيح الثاني وأنه من المشار إليهم فى إنجيل متى الإصحاح 16 فيقول (أننا الأحياء الباقين إلي مجئ الرب) الرسالة الأولي إلي أهل تسالونيكي 15:4 ويقول كذلك (ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم - يقصد الأموات السابقين - فى السحب لملاقاة الرب فى الهواء) الرسالة الأولي لأهل تسالونيكي 17:4 ويؤكد بولس اعتقاده الخاطئ مرة أخرى قائلا (نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور) الرسالة الأولي لأهل كورتثيوس. ومما هو جدير بالذكر أن بطرس قد قتل على يد الرومان فى السنة الخامسة والستين (65م) ميلادية (فى عهد نيرون) (¬1) 54م-67م، كما قتل بولس سنة 66 ويقول التلميذ يعقوب (وثبتوا قلوبكم لأن مجئ الرب قد اقترب) رسالة يعقوب صح 8:5 ¬

_ (¬1) تاريخ الطبري: لأبي جعفر بن محمد بن جرير الطبري

كذلك التلميذ بطرس (إنما نهاية كل شئ قد اقتربت) الرسالة الأولي 7:4 إن هذه النبوة التي لم تتحقق حتى الآن تكررت فى مواضع كثيرة من الأناجيل وبصورة مختلفة، ونعود إلي إنجيل متى، فعندما سأل التلاميذ السيد المسيح (قل لنا متى يكون هذا - خراب أورشليم - وما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر) متى صح 3:24 فإنه يجيب قائلا (الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله) متى 34:24 ويؤكد ذلك إنجيل لوقا (فاعلموا أن ملكوت الله قريب، الحق أقول لكم أنه لا يمضي هذا الجيل حتى يكون الكل) لوقا 31:21 ويحدد هنا المسيح ميعاد انقضاء الدهور ومجيئه الثاني بجيل أو بثلاثين عاما والطبع مضت أجيال كثيرة، ولم يحدث شئ من النبوءة. ويقول فولتير (¬1) لما لم يف المسيح بوعده فى الحضور على متن سحابة فى قوة ومجد عظيم ليؤسس مملكة الله قبل أن ينقرض هذا الجيل، ما الذي عوقه؟ وفى موضع آخر يذكر متى نبوءة انقضاء الدهر والمجئ الثاني للمسيح بصورة أخرى (فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن اسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان) متى 23:10 يحدد المسيح هنا مجيئه الثاني بقبل أن يكمل تلاميذه تبشير مدن إسرائيل. وقد أكمل التلاميذ تبشير هذه المدن وغيرها ولم يجئ المسيح. ونتسائل كيف ساد هذا الاعتقاد الخاطئ بانقضاء العالم وعودة المسيح فى القرن الأول الميلادي بين كتبة الأناجيل والمسيحيين الأوائل. ¬

_ (¬1) أسئلة ذاباتا سنة 1767: فولتير

يقول فولتير: إن يسوع قبل اعتقاد كثير من اليهود الأتقياء قبله بأن العالم كما عرفوا يسير إلي نهايته وسرعان ما تحل محله مملكة الرب أى الحكم المباشر لله على الأرض (¬1). ويؤكد هذا الرأي هرمان رايماروس فيقول: أن المسيح شارك رأي بعض اليهود فى أن العالم المعروف يومها قد أشرف على نهايته وسيعقبه قيام ملكوت الله على الأرض وقد فهمه الرسل على هذا النحو. هكذا أخذ المسيحيون الاعتقاد بقرب انقضاء العالم فى ذلك الوقت عن الطوائف اليهودية خاصة الأسينيين، وأضافوا إليه المجئ الثاني للمسيح. وقد أدى هذا الاعتقاد عندئذ إلي الجرأة والتهور عند اليهود فثاروا على الاحتلال الروماني فى سنة ستة وستين (66م) (¬2) مما دفع إلي حصار أورشليم ثم تخريبها وهدم هيكل سليمان فى السابع من سبتمبر سنة سبعين (70م) فى عهد الامبراطور فلافيوس فسباسيان (69 - 79م) وعلى يد ابنه القائد تيطس) ومن ناحية أخرى دفع هذا الاعتقاد الخاطئ بقرب نهاية العالم المسيحيين الأوائل إلي حياة الزهد والتقشف والانصراف عن الملذات الدنيوية استعدادا للحياة الآخرة ويقول لوقا: (وكانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر فى الحال) صح 11:19 ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت (¬2) موسوعة تاريخ العالم: وليم لانجلر. الجزء الأول صـ287

إبليس والمسيح والجبل الوهمي:

ونتسائل كيف انساق المسيحيون وراء هذا الاعتقاد الخاطئ، وأين كان الوحي والهام الروح القدس؟! إبليس والمسيح والجبل الوهمي: يقول إنجيل متى (ثم أخذه أيضا إبليس إلي جبل عال وراء وأراه جميع ممالك العالم ومجدها) صح8:4 ويتساءل فولتير (¬1) أين كان يقع هذا الجبل العجيب الذي يستطيع من فوقه الإنسان رؤية كل ممالك الأرض؟! كما يعلق وليم باركلي (¬2) أستاذ العهد الجديد فى تفسيره قائلا: كانت هذه التجربة فى البرية الواقعة بين أورشليم والبحر الميت وهى عبارة عن منبسط من الأراضي الرملية ولا توجد جبال فى تلك المنطقة. ويضيف تفسير آخر للأناجيل (¬3): لا يعلم الجبل المشار إليه هنا. إن رؤية جميع ممالك العالم يتطلب الدوران بمركبة فضائية حول الأرض وعليناأن نتخيل كم يبلغ ارتفاع جبل فى الأردن ليتسني للواقف فوقه رؤية روما عاصمة الامبراطورية الرومانية وبابل فى العراق والاسكندرية فى مصر إذا افترضنا بلوغ قوة الإبصار نهايتها العظمى. إن إبليس بما يمتلك من قوى فوق مستوى البشر ¬

_ (¬1) أسئلة ذاباتا: فولتير (¬2) تفسير العهد الجديد: وليم باركلي صـ68 (¬3) تفسير العهد الجديد: إصدار دار الثقافة.

يستطيع تصوير ممالك العالم للمسيح وهذا لايستدعى عناء الصعود والتسلق لجبل عال جدا كما يقول متى ولكن إنجيل متى أوضح أن إبليس كان يفكر بمنطق البشر العادي ألا وهو الارتفاع عن سطح الأرض للتمكن من رؤية أكبر مساحة حوله نظرا لكروية الأرض. هكذا بالغ إنجيل متى فوقع فى حدود الخرافة واللامعقولية. إن تفاسير العهد الجديد تنفى وجود هذا الجبل جغرافيا والعقل ينفى حدوث ذلك إن وجد هذا الجبل الخيالي. ويقول أ. و. توملين (¬1): ومثلما قام الشيطان بالتغرير بالمسيح، قامت الشيطانة سيندر ماد بالتغرير بزرادشت. وكذلك عن بوذا: لقي البوذا فى مستهل عمله كمنقذ للبشرية هجوما من قوى الشر لتثنيه عن الرسالة المقدسة التي كرس نفسه لها حيث هاجمه الشيطان (مارا) وبناته الثلاث محاولين بحيلهم المختلفة أن يجعلوه يحيد عن تحقيق هدفه (¬2) ¬

_ (¬1) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين. (¬2) المعتقدات الدينية لدى الشعوب: جفري بارندر صـ218

وبتولية السيدة مريم واشقاء السيد المسيح:

وبتولية السيدة مريم واشقاء السيد المسيح: يقول متى (ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع) صح 25:1 البتول (¬1) من النساء: العذراء المنقطعة عن الزواج إلي عبادة الله. وعرف الرجل امرأته: أى عاشرها معاشرة الأزواج حيث جاء فى سفر التكوين (وعرف آدم امرأته فحبلت وولدت قايين) صح1:4 وواضح من نص إنجيل متى أن يوسف عاش مع زوجته حياة زوجية عادية بعد ولادة المسيح حيث أن الولادة مانع مؤقت للمعاشرة الزوجية، وقد أنجبت السيدة مريم من بعد المسيح أخوة وأخوات حيث قال متي (أخوته يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا) صح55:13 ويؤكد ذلك إنجيل مرقس عندما قال اليهود عن المسيح (أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان) مرقس 3:6 وكذلك (أوليست أخواته ههنا عندنا) مرقس 3:6 ويقول متى (وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجا طالبين أن يكلموه) صـ46:12 ويضيف إنجيل يوحنا أن أخوه المسيح لم يؤمنوا به (فقال له أخوته انتقل من هنا واذهب إلي اليهودية لكي يرى تلاميذك أيضا أعمالك .. لأن أخوته لم يكونوا يؤمنون به) يوحنا 7: 3 - 5 ¬

_ (¬1) العذراء بالعربية: بتول وفى العبرية بتولا وفى الأرامية: بتولتا

ووصف كل من إنجيل متى ولوقا يسوع بأنه الابن البكر لمريم، وكلمة البكر تعني الأول وهذا يدل على وجود أبناء آخرين (فولدت ابنها البكر وقمطته واضجعته فى المذود) لوقا 7:2 ونعلم أن الأناجيل قد كتبت بعد وفاة المسيح فلو كان يسوع ليس له أخوة ما كانوا وصفوه بالبكر. إن تأكيد متى ولوقا على بكورية يسوع يدل على علمهم بوجود أخوة له وإلا وصفوه بالابن الوحيد. كما الأناجيل لم تذكر أى زوجة أخرى ليوسف النجار لتقول أن يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان إخوة غير أشقاء للمسيح. هكذا يظهر واضحا أن السيدة مريم عاشت حياتها الزوجية الطبيعية وأنجبت أخوة وأخوات للمسيح وذلك لأنها كانت الأداة لتحقيق إرادة الله فى ميلاد المسيح بالمعجزة الإلهية. ويبدو أن كلمة (البكر) كانت تشكل عائقا وأشكالا للقائلين بعدم إنجاب السيدة مريم بعد ولادة المسيح فقاموا بحذفها من إنجيل متى (إصدار دار المعارف المصرية) صـ51 وأصبحت (ولم يعرفها حتى ولدت الابن) ونتساءل إذا كان مثل هذا الحذف يحدث الآن فماذا حذف فى العصور السابقة وماذا أضيف؟ يقول القديس باسيليوس (أن المسيحيين لا يطيقون أن يسمعوا بزواج العذراء بعد ولادتها السيد المسيح) ويضيف القمص ميخائيل مينا (أن القديسة مريم دائمة البتولة قبل الولادة وحال الولادة وبعد الولادة ايضا)

ونتساءل على أى أساس بنيت الآراء تلك. أن نصوص الأناجيل صريحة كما رأينا. ويروى اتباع بوذا أنه لم يكن له أخوة (لأن الرحم الذي حمل البوذا يعد بمثابة حرم ولا يمكن شغله أو استخدامه مرة أخرى (¬1) فهل تأثر المسيحيون الأوائل بالتراث الديني البوذي؟ إن التسليم بما جاء فى الأناجيل عن حياة السيدة مريم الزوجية الطبيعية وإنجابها أخوة للمسيح ستثير مشاكل عديدة مع تألية المسيح. فكيف يكون للأله أخوة بشريون تكونوا من نفس الجسد؟ وهل يعتبرون فى تلك الحالة انصاف آلهة؟ وهل سيشركهم المسيح معه فى إدارة الكون بصفتهم أخوة له؟ وهذه المشاكل قد واجهت الهندوس الذين يؤمنون أيضا بثالوث مكون من براهما وفيشنو وسيفا فعندما تجسد فيشنو فى صورة رجل يدعى راما كاندرا له ثلاثة أشقاء اضطر رجال الدين الهندوس إلي اعتبار أن الاله قد اتحد بالأربعة أجساد ولكن بنسب مختلفة فكان نصيب راما كاندرا النصف من الإله (8/ 16) وأخيه لاكشمانا الربع (4/ 16) والربع الباقي لكل من الأخوين (2/ 16)، (2/ 16)!! (¬2) إن ممارسة السيدة مريم لحياتها الزوجية سيتنافي مع تسميتها بوالدة الإله حيث يقول القديس كيرلس (إذا كان المسيح إلها فكيف يضن على الذي ولدته بلقب أم الله) وكذلك يتناقض مع إيمانهم بصعود جسدها إلي السماء حيث يقول القس بنيامين ¬

_ (¬1) فلاسفة الشرق: أ. و. ترملين (¬2) WORLD MYTHOLOGY: LAROUSSE PAGE 212

البروتستانتي (¬1) (وضع الرسل الجسد فى القبر فظهر المسيح ونقل جثتها المقدسة إلي السماء فى سحابة وهناك اتحد أيضا الجسد بالنفس وفاز بالسعادة الأبدية) ولا يوجد أى سند من الأناجيل الأربعة لصعود الجسد إلي السماء ولا يوجد بها أى أمر من المسيح بتسمية أمه مريم أو إعطائها أية ألقاب، ولكن آراء أباء الكنيسة الشخصية تطغى على نصوص الأناجيل. ويفرض هنا سؤال نفسه: هل كانت السيدة مريم التي يدعونها (أم الله) تعلم بألوهية ابنها؟ ويجيب الدكتور بترسن سميث (¬2): كلا، إن العذراء لم تفكر فى ولدها كاله. ويجيب إنجيل لوقا (وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها) صح 19:2 كذلك (وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه) لوقا 32:2 وكذلك (فلما أبصراه اندهشا) لوقا 48:2 أن مريم وزوجها كانا يندهشان ويتعجبان عند ظهور علامات النبوة (إرهاصات) على طفلهما يسوع فكيف يخطر ببالهما هذا الأمر المختلق بعد وفاته أى ألوهيته؟ لاحظ أن ماقاله لوقا هنا يناقض ما قاله فى أول إنجيله عن تنبيه ملاك الرب لمريم وتبشيرها بعلو منزلة ابنها وأهمية الدور الذي سيؤديه فى حياة الأمة اليهودية. ¬

_ (¬1) ريحانة النفوس: القس بنيمامين صـ43 (¬2) حياة يسوع: بترسن سميث

ملحوظة:

ملحوظة: تعترض الكنيسة القبطية على اعتبار (يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان) إخوة المسيح، وتذكر أنهم كانوا أبناءا لخالته زوجة كلوبا وأن اليهود كانوا يدعون أولاد الخالة وأولاد العم (إخوة) ونسوق الرد فى النقاط التالية: 1 - حيثما ذكر هؤلاء الأولاد فى الأناجيل، ذكرت مريم معهم (أمه وأخوته) ما عدا موضع واحد فى إنجيل يوحنا وهذا يؤدي إلي الأرجحية الطبيعية أنها كانت أمهم وليست خالتهم (أنظر متى 46:12 ولوقا 19:8 وأعمال الرسل 14:1 2 - استعمل مرقس وهو يهودي فى إنجيله لفظ أقرباء (ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل) صح 21:3 فلماذا يلجأ لاستعمال لفظ أخوه بصورة مجازية؟! 3 - إذا سلمنا جدلا أن اليهود تعارفوا على استعمال لفظ (أخ) مجازا للتعبير عن ابن الخالة فهل نسينا أن لوقا كاتب الإنجيل وسفر أعمال الرسل لم يكن يهوديا وقد خاطب فى إنجيله الأميين (غير اليهود) وقد استعمل مصطلحات يونانية فى صياغة الإنجيل مثل (سيد) بدلا من العبرانية (ربي) أى (معلم) كذلك الغيور بدلا من الكنعانية (القانوي) الذي استخدمها متى فى (4:10) ولم يستخدم اللفظ العبري (جلجثه) كما فعل متى وفضل اللفظ اليوناني (كرانيون)

وها هو لوقا يشير إلي إخوة المسيح أيضا:

وها هو لوقا يشير إلي إخوة المسيح أيضا: (وجاء إليه أمه وأخوته ... فأخبروه قائلين: أمك وإخوتك واقفون خارجا) لوقا 19:8 كذلك: (مع النساء ومريم أم يسوع ومع اخوته) أعمال الرسل 14:1 4 - أشار المؤرخ يوسيفوس إلي استشهاد يعقوب (62م) ذاكرا أنه أخ ليسوع الناصري ومن البديهي أن المؤرخين لا يستعملون ألفاظا مجازية (¬1). إنجيل متى ونبوءة مذبحة بيت لحم: كما رأينا أن مذبحة أطفال بيت لحم التي حدثنا عنها إنجيل متى، لم نجد لها أى ذكر أو إشارة فى الأناجيل الثلاثة الأخرى (¬2) أو عند المؤرخين الذين سجلوا حياة الملك هيرودس الكبير. إن إنجيل متى يدلل على حدوث تلك المذبحة بذكر عبارة من العهد القديم (سفر ارميا) كنبوءة بها، فلنقرأ إنجيل متي (حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل: صوت سمع فى الرامة نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين) متى 2: 17 - 18 ونعود إلي سفر ارميا المقصود (صوت سمع فى الرامة نوح بكاء مر راحيل تبكي على أولادها وتأبي أن تتعزي عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين .. أمنعي صوتك ¬

_ (¬1) ENCYCLOPEDIA JUDAICA VOL 6 PAGE 10 (¬2) إن تسجيل لوقا لطفولة المسيح بالتفصيل كما بينا يناقض ادعاء متى بحدوث هذه المذبحة.

عن البكاء وعينيك عن الدموع لأنه يوجد جزاء لعملك يقول الرب، فيرجعون من أرض العدو .. فيرجع الأبناء إلي تخمهم) ارميا 31: 15 - 18 الرامة: مدينة تقع فى إقليم اليهودية بالشمال الغربي لأورشليم، وهي من المدن التي سكنها بنو بنيامين (أحفاد راحيل) حيث جاء فى سفر يشوع (وكانت مدن سبط بني بنيامين حسب عشائرهم: أريحا وبيت حجلة ووادي قصيص وبيت العربة وصمارايم وبيت ايل وجبعون والرامة وبئيروت .. ) يشوع 21:18 راحيل: زوجة (يعقوب) عليه السلام وهى أم يوسف عليه السلام وأخيه بنيامين وهما من أسباط بنى إسرائيل الاثني عشر. ارميا: هو ارميا بن حلقيا أحد أنبياء بني إسرائيل من عنائوت فى أرض بنيامين. وقد عاصر ارميا النبي الملك يوشيا بن آمون ملك يهوذا (إقليم اليهودية) وابنه الملك (يهويا قيم) (¬1) ثم الملك صدقيا. اين يوشيا (يهويا قيم) توفي قبل الغزو 3 شهور ومن المعروف تاريخيا أن نبوخذ نصر البابلي 605 - 562ق. م قام بغزو مملكة يهوذا والاستيلاء على عاصمتها أورشليم عام 598ق. م وأسر ملكها يهوياكين ومعه آلافا من جنوده (¬2) ونقل هؤلاء الأسرى إلي بابل وهو ما عرف بالسبي البابلي الأول. وقد قام نبوخذ نصر بتعيين صدقيا ملكا على أورشليم وبذلك ظلت مملكة يهوذا تحت النفوذ البابلي لمدة أحد ¬

_ (¬1) توفي الملك قبل الغزو البابلي بثلاثة شهور فقام نبوخذ نصر بأسر ابنه وخليفته يهوياكين الذي كان فى الثامنة عشرة من عمره (الحضارات السامية: موساكتي) (¬2) يقدرهم ول ديورانت بعشرة آلاف أسير (قصة الحضارة)

عشر عاما، وبعد تلك الفترة ثارت مملكة يهوذا على الحكم البابلي تحت زعامة ملكها صدقيا، فعاجل نبوخذ نصر هذه الثورة بحملة عسكرية واستولي على أورشليم فى عام 586ق. م ودمر وأحرق هيكل سليمان وقتل وأسر الآلاف من أهلها ويعرف هذا بالسبي البابلي الكبير (¬1) وقد أعفي البابليون ارميا من قرار النفي العام لأنه كان يدعو إلي الاعتراف بنفوذ البابليين وأن بابل سوط عذاب فى يد الله. ويصف ارميا فى سفره ما أحدثه الغزو البابلي من خراب ودمار والبكاء والعويل على القتلي والمأسورين الذين بلغوا الآلاف، ثم يبشر بعودة هؤلاء الأسرى إلي وطنهم. ونعود ثانية إلي إنجيل متى، إن كاتب إنجيل متى قد ربط أحزان مدينة الرامة على اولادها أحفاد راحيل المأسورين فى بابل بأحزان مدينة بيت لحم على أطفالها المذبوحين على يد الملك هيرودس على حد ادعائه. ونتساءل هل كل بكاء وصراخ مذكور فى أسفار الأنبياء يعتبره متى مشاركة وجدانية ونبوءة بالمذبحة المزعومة؟! إن وجود فجوة زمنية تبلغ 598 عاما وفاصل جغرافي بين بيت لحم التي تقع جنوب أورشليم ومدينة الرامة التي تقع فى شمالها الغربي بالإضافة إلي اختلاف الظروف التاريخية، كل تلك العوامل تثبت عدم تحري متى الدقة فى كتابة الأنجيل والاستشهاد بعبارات العهد القديم. ¬

_ (¬1) معالم العصر التاريخي فى العراق القديم: د. نبيلة محمد عبد الحليم.

إنجيل متي ويوحنا المعمدان وطريق الرب:

ويعلق وليم باركلي على تلك النبوءة قائلا: الصورة التي يرسمها ارميا هنا هى صورة الشعب اليهودي وهو فى طريقه إلي السبي مارا بمدينة الرامة حيث دفنت راحيل، ولكن متي يستخدم هذه النصوص ليجعلها تناسب الصورة الجديدة فى قصة ميلاد المسيح، وإن بدالنا أسلوب متى هذا غير مقنعا لنا فقد يكون مقنعا لليهود الذين كتب لهم متى بشارته ويضيف ر. ت فرانس: لم تكن بيت لحم واحدة من المدن التابعة للسبط الذي منه راحيل (¬1) إنجيل متي ويوحنا المعمدان وطريق الرب: يقول متى متحدثا عن يوحنا المعدان (النبي يحيى بن زكريا): فإن هذا هو الذي قيل عنه باشعياء النبي القائل صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة) متى 3:3 ولد النبي يحيى بن زكريا قبل ولادة المسيح بستة أشهر (إنجيل لوقا) وبدأ رسالته قبل رسالة المسيح حيث أن المسيح تعمد على يديه فى الأردن، لذلك اعتبرت الأناجيل مجئ يوحنا قبل المسيح إنما هو تمهيد وتهيئة لرسالة المسيح فاستشهدت بعبارة سفر أشعياء المذكورة. ولنقرأ سفر أشعياء (صوت صارخ فى البرية، أعدوا طريق الرب، قوموا فى القفر سبيلا لالهنا، كل وطاء يرتفع وكل جبل وأكمة ¬

_ (¬1) التفسير الحديث لانجيل متى: ر. ت. فرانس صـ87 يوحنا كلمة عبرية تعني الله حنان

ينخفض، ويصير المعوج مستقيما والعراقيب سهلا) (¬1) أشعياء 3:40 وهذا النص ينسبه العلماء إلي أشعياء. الثاني الذي قام باكمال سفر النبي أشعياء بن آموص الذي كتب التسعة والثلاثين إصحاحا الأول وهذا الأشعياء الثاني عايش الاسر اليهودي ببابل وعاني مع المأسورين هوان الاستبعاد وذل السخرة، هو هنا يرفع صوته مبشرا بنهاية الأسر وقرب العودة إلي الوطن. ويقول أشعياء أن الله سيتقدم اليهود الأسري فى طريق عودتهم من بابل ألي أورشليم كما تقدمهم في طريق خروجهم من مصر إلي فلسطين من قبل مارا بسيناء (وكان الرب يسير أمامهم نهارا فى عمود سحاب ليهديهم فى الطريق وليلا فى عمود نار ليضئ لهم لكي يمشوا نهارا وليلا) خروج 21:13 وأكد أشعياء تلك البشري قائلا: (هيئوا طريق الشعب، أعدوا السبيل، نقوه من الحجارة، ارفعوا الراية للشعب) أشعياء 10:62 هكذا يدعو أشعياء لتهيئة طريق الشعب والرب للعودة إلي أرض الوطن. ويكرر أشعياء فى إصحاح آخر (أعدوا أعدوا هيئوا الطريق ارفعوا المعثرة من طريق شعبي) أشعياء 14:57 ¬

_ (¬1) كتب أشعياء الثاني سفره منذ حوالي خمسائمة سنة قبل الميلاد (فلاسفة الشرق: أ. و. توملين)

تعرف يوحنا المعمدان على المسيح:

هكذا يتضح تماما أن اشعياء يتكلم عن الطريق بين بابل وأورشليم أى بين منطقة الأسر والمملكة اليهودية. لاحظ أن متي قد تجاهل تماما طريق الشعب وأخذ فقط من نبوءه اشعياء طريق الرب، هل هناك أية علاقة بين طريق العودة من بابل ورسالتي المسيح ويوحنا؟! وقد جاء خلاص اليهود على يد الملك كورش الفارسي الذي قام بغزو بابل 538 ق. م والسماح لليهود بالعودة إلي وطنهم، فخلع عليه اليهود لقب (مسيح) رغم أنه وثني ولا يؤمن باله سماوى (هكذا يقول الرب لمسيحه كورش .. أنا أسير قدامك والهضاب أمهد، أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف) أشعياء صح 45: 1 - 2 ويذكر لنا الكتاب المقدس للهندوس (الريج فيدا) أن (بالاراما) الشقيق الأكبر للإله المتجسد كريشنا كان يأتي قبله ليمهد له الطريق لاعبا دور الكومبارس (¬1) تعرف يوحنا المعمدان على المسيح: تذكر الأناجيل أن يوحنا تعرف على السيد المسيح عندما جاء إليه ليعتمد منه (ولكن يوحنا منعه قائلا أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلى) متى 14:3 ويقول إنجيل يوحنا (وشهد يوحنا قائلا إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس) يوحنا 32:1 ¬

_ (¬1) WORLD MYTHOLOGY: LAROUSSE

هل إنجيل متى يناقض نفسه:

ويقول متي أن صوتا من السماء قد نبه يوحنا إلي شخصية المسيح قائلا (هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت) متى 17:3 ولكننا نفاجأ بيوحنا المعمدان يرسل تلميذين إلي المسيح ليستعلما منه عن شخصه وإن كان هو المسيح المنتظر أم لا (أما يوحنا فلما سمع فى السجن (¬1) بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه وقال له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر) متى 12:11 هل إنجيل متى يناقض نفسه: أم أن يوحنا قد شك فعلا فى شخصية المسيح نتيجة موقفه المتخاذل وتخليه عنه فى ازمته وهو قريب له (كما أخبرنا لوقا) ونبي مثله؟ وهدا هو رأي الكنيسة البروتستانتية (¬2) إن التبرير الذي تسوقه الكنيسة يسئ إلي شخصية المسيح لأن التخاذل والتخلي عن الأقرباء عند الشدائد والهروب من المسئولية ليست من صفات الأنبياء أو حتى القادة، ويظهر واضحا أن سؤال يوحنا كان استفهاميا وليس استنكاريا، أن الكنيسة قد اختارت الإساءة إلي شخصية المسيح حتى لا تثبت تناقض إنجيل متى مع نفسه (وقد وقع إنجيل لوقا أيضا فى هذا الخطأ) إنجيل متى يناقض نفسه مرة أخرى: ¬

_ (¬1) قام هيرودس انتيباس بإيداع يوحنا المعمدان السجن لأنه كان يعارض زواجه من هيروديا زوجة أخيه هيرودس وليس (فيلبس كما أخطأت الأناجيل) (¬2) سيرة المسيح: إصدار كنيسة قصر الدوبارة.

يقول متى أن المسيح بشر تلاميذه الإثنى عشر قائلا (متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر) متى 28:19 إنه يبشرهم بالمجد الذي سيستمتعون به فى العالم الآخر، ويبدو أن المسيح لم يفطن ولم يتنبأ بخيانة يهوذا الأسخريوطي، ووعده بكرسي من كراسي المجد. إن إنجيل متى يلعن ذلك التلميذ الخائن (ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان، كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد) متى 24:26 هكذا إنجيل متى يبشر الرجل بالمجد ثم يلعنه ويتوعده بسوء العاقبة، إن العقيدة المسيحية تؤمن بأن الله قد تجسد فى صورة الإنسان ليصلب ويموت من أجل خطايا البشر وبذلك يكون موقف التلميذ يهوذا مشرفا وعظيما لأنه قام بمساعدة الله وتسهيل مهمته لكي يقبض عليه ويصلب. فلماذا يلعنونه ويتوعدوه بالعقاب مادام الله يريد ذلك وجاء إلى الأرض بمحض إرادته من أجل محبة البشر كما يقولون؟

متى ومرقس ولوقا وأعمى أريحا:

متى ومرقس ولوقا وأعمى أريحا: يقول إنجيل متى (وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير وإذا أعميان جالسان على الطريق، فلما سمعا أن يسوع يجتاز صرخا فائلين ارحمنا يا سيد يا ابن داود) متى 29:20 يقول مرقس (وفيما هو خارج من أريحا مع تلاميذه وجمع غفير، كان بارتيماوس الأعمي جالسا على الطريق، فلما سمع أنه يسوع ابتدأ يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني) مرقس 10: 46 - 48 هكذا يذكر متى أنهما اعميان ويذكر مرقس أنه كان أعمي واحدا وذكر اسمه تأكيدا لمعرفته، واتفق كل من متى ومرقس على حدوث ذلك عند خروج المسيح من مدينة أريحا. يقول لوقا (ولما اقترب من أريحا كان أعمى جالسا على الطريق فلما سمع الجمع مجتازا سأل ما عسى أن يكون هذا فأخبروه أن يسوع مجتاز فصرخ قائلا يا يسوع ابن داود ارحمني .. ثم دخل واجتاز فى أريحا) لوقا 18: 35، 1:19 يتفق لوقا مع مرقس فى أنه أعمي واحدا فقط ولكن لوقا يذكر حدوث ذلك عند الدخول لمدينة أريحا مختلفا مع متي ومرقس. إذا متي بالغ فى العدد، ولوقا خانته الذاكرة فى ترتيب الأحداث. الأناجيل ومسح جسد المسيح بالطيب:

يقول متى (تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح .. وفيما كان يسوع فى (بيت عنيا) فى بيت سمعان الأبرص، تقدمت إليه امرأة معها قرورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو متكئ فلما رأي تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين لماذا هذا الإتلاف) متى 6:26 ويقول لوقا (وفى اليوم التالي ذهب إلي مدينة تدعى (نايين) فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وأرسل إلي يسوع .. وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي واتكأ، وإذا امرأة فى المدينة كانت خاطية إذ علمت أنه متكئ فى بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتبل قدميه وتدهنهما بالطيب. فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك تكلم فى نفسه قائلا لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة التي تلمسه (لوقا 11:7، 7: 36 - 39. ويقول يوحنا (ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلي بيت عنيا حيث كان (لعازر) الميت الذي أقامه من الأموات، فصنعوا له هناك عشاء .. فأخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها .. فقال واحد من تلاميذه وهو يهوذا الأسخريوطي المزمع أن يسلمه. لماذا لم يبع هذا الطيب ويعط للفقراء) يوحنا 12: 1 - 4 يحدد متى ويوحنا المدينة التي حدثت فيها القصة ببيت عنيا بإقليم اليهودية فى حين يحددها لوقا بمدينة نايين بالجليل.

يختلف الثلاثة (متى ولوقا ويوحنا) فى زمن حدوث تلك القصة:

ويختلف كل من متى ولوقا ويوحنا فى صاحب المنزل الذي استضاف المسيح فالأول يقول أنه سمعان الأبرص والثانى قال أنه من الفريسيين والثالث قال أنه (لعازر) ويقول متى أن المرأة سكبت الطيب على رأس المسيح فى حين يقول لوقا ويوحنا أنه مسحت به قدميه. يختلف الثلاثة (متى ولوقا ويوحنا) فى زمن حدوث تلك القصة: يقول متى أنها حدثت قبل عيد الفصح بيومين ويقول لوقا بحدوثها قبل قتل يوحنا المعمدان أى فى بداية رسالة المسيح ويقول يوحنا بحدوثها قبل الفصح بستة أيام. ويقول متى أن التلاميذ هم الذين اغتاظوا من تصرف المرأة ويقول لوقا أن صاحب المنزل هو الذي تكلم فى نفسه ويذكر يوحنا أن تلميذا واحدا فقط هو الذي استنكر تصرف المرأة وهو يهوذا الأسخريوطي.

الأناجيل والأساطير الفرعونية

الأناجيل والأساطير الفرعونية يقول متى! وإذا السموات قد انفتحت له فرأي روح الله نازلا مثل حمامة ومقبلا عليه) 16:3 ويقول لوقا (ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة) 22:3 ويقول مرقس: (السموات قد انشقت والروح مثل حمامة) 10:1 ويقول يوحنا: (أني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه) 23:2 لاحظ الإنسان البدائي أن الطيور هي المخلوقات الوحيدة التي لها القدرة على الانتقال بسهولة من الأرض إلي السماء والعكس، لذلك اعتقد المصريون القدماء أن روح الإنسان عندما تفارقه فإنها تتخذ صورة طائر كي ترتفع إلي السماء وكان يعرف هذا الطائر أو الروح المتجسدة باسم (با) واعتقد المصريون هذا أيضا فى روح الإله (رع)، وهذه الروح الإلهية تجسدت فى الطائر (بنو) كما جاء فى كتاب الموتى (¬1) فهل تأثر كتاب الأناجيل بهذه المعتقدات الفرعونية؟ وما هى ضرورة تجسد روح الله ونزولها فوق المسيح؟ ¬

_ (¬1) THE GODS OF THE EGYPTIANS: WAIILIS

الأناجيل والأصوات السماوية:

الأناجيل والأصوات السماوية: يقول متى أن بعد تعميد المسيح على يد يوحنا (وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت) متى 17:3 استخدام اسم الإشارة (هذا) وضمير الغائب (هو) يفيدان أن المخاطب هو يوحنا المعمدان والمقصود بالإشارة هو المسيح. ويقول كل من مرقس ولوقا (كان صوت من السموات، أنت ابني الحبيب الذي به سررت) مرقس 11:1 وواضح هنا أنالمخاطب هو المسيح. ونتسائل ما هي الرواية الحقيقية هل كان الصوت يخاطب يوحنا أم المسيح؟ موقف إنجيل يوحنا: أطال يوحنا فى وصف عماد المسيح وذكر بتفصيل شديد أقوال يوحنا المعمدان عن المسيح ولكنه لم يذكر شيئا عن هذا الصوت السماوي. وفى موقف آخر: يقول متى (وفيما هو (بطرس) يتكلم إذا سحابة نيرة ظلتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب (عن يسوع) الذي به سررت له اسمعوا) 5:17 ويتفق لوقا مع مرقس فى أن الصوت قال (هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا) مرقس 7:9 وأن جملة (الذي به سررت) لم تذكر.

فمن أين جاء متى بهذه الإضافة، هل التبس عليه ما قيل أثناء تعميد المسيح مع ما قيل هنا. لاحظ أنه بالرغم من الأمر الالهي الصريح للتلاميذ (له اسمعوا) فإن التلاميذ كما رأينا من قبل تنكروا للمسيح وتخلوا عنه.

الأناجيل والعشاء الأخير والقربان المقدس

الأناجيل والعشاء الأخير والقربان المقدس يقول إنجيل متي (وفى أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلي يسوع قائلين له اين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح .. ولما كان المساء اتكأ مع الإثني عشر) 17:26 كذلك يقول مرقس (وفى اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح .. ولما كان المساء جاء مع الإثني عشر وفيما هم متكئون يأكلون ... ) مرقس 13: 12 - 18 إن متى ومرقس وكذلك لوقا يحددون ميعاد هذا العشاء الأخير أو العشاء الرباني بأول أيام عيد الفصح (¬1) مساءً. وتتفق الأناجيل على أن أول أيام عيد الفصح كان الخميس الموافق السادس من إبريل عام 29م (تفسير إنجيل متى صـ120) والواقع فى اليوم الرابع عشر من شهر أبيب (سيرة المسيح صـ426) لذلك تحتفل الكنيسة بعيد خميس العهد ويترتب على ذلك أن (الصلب) قد حدث يوم الجمعة (15 نيسان (أبيب) وقد تبين أن عيد الفصح سنة تسعة وعشرون ميلادية كان يوم الأحد وليس خميسا كما تخبرنا الأناجيل (ريتشارد هزباند) (¬2)، ويؤكد ذلك ر. ت. فرانس (¬3) نقلا عن ¬

_ (¬1) الفصح: كلمة عبرية تعني الاجتياز أو العبور وهذا العيد يحتفل به اليهود تذكارا لاجتيازهم البحر مع موسي عند خروجهم من مصر، وقد أدمج مع عيد الفطر، وكان أهم تقليد فى ذلك العيد هو ذبح خروف يأكل مع خبز أو فطير (غير مختمر) مع أعشاب مرة والشروسيث (خليط من البلح والزبيب والخل). (¬2) محاكمة المسيح: ريتشارد هازباند (¬3) التفسير الحديث لإنجيل متى: ر. ت. فرانس

FINEGEN فيقرر أنه طبقا للدراسات الفلكية فإن 15 نيسان لا يمكن أن يقع يوم جمعة بين 27م إلى 34م ويختلف إنجيل يوحنا فى تحديد ميعاد العشاء الأخير حيث يقول (أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت .. فحين كان العشاء وقد ألقي الشيطان فى قلب يهوذا أن يسلمه) يوحنا 13: 1 - 2 هكذا يحدد إنجيل يوحنا ميعاد العشاء الأخير بقبل عيد الفصح أى يوم الأربعاء وتجمع الأناجيل الأربعة أن القبض على المسيح تم بعد هذا العشاء الأخير وأن الصلب تم فى اليوم التالي للعشاء. وبذلك يؤكد متى ومرقس أن الصلب تم يوم الجمعة لذلك تحتفل الكنيسة (بالجمعة الحزينة) ويكون الصلب طبقا لإنجيل يوحنا قد تم يوم الخميس (أى فى عيد الفصح نفسه) حيث يقول (وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب) يوحنا 14: 19 - 16. إذاً الإختلاف وقع فى الساعة التي حدث فيها الصلب، مرقس (كانت الساعة الثالثة حين صلبوه) مرقس 25:15، ويقول يوحنا (نحو السادسة فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب) 14:19 ملحوظة: التوقيت المذكور هنا كان تقويما يهوديا حيث أن الساعة الثالثة تقابل الساعة التاسعة صباحا فى التوقيت الحديث والساعة السادسة تقابل الثانية عشرة

القربان المقدس:

ظهراً. أى أن الاختلاف بين إنجيل يوحنا وبقية الأناجيل يقع فى يوم الصلب وساعة الصلب ولا ننسى أن التاريخ يؤكد أن عيد الفصح سنة 29م كان يوم الأحد وليس خميس كما ذكرت الأناجيل. القربان المقدس: يقول متى (وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا) متى 26: 26 - 28 ويتفق مرقس مع متى ولكنه لا يذكر (لمغفرة الخطايا) حيث قال (هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يسفك من أجل كثيرين) مرقس24:14، ويقول لوقا (تناول كأس وشكر وقال خذوا هذه واقتسموا بينكم .. وأخذ خبزا وشكر. وكسر وأعطاهم أيضا بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم) لوقا 22: 17 - 20. كما نلاحظ أن رواية لوقا تنفرد بذكر كأسين أحدهما قبل العشاء والآخر بعده وليس كأسا واحدا كما ذكر متى ومرقس كما ينفرد لوقا بذكر كل من متى ومرقس أنهما بذلا عن كثيرين. ونكرر أن رواية متى قد انفردت بتوضيح الغائية من بذل الجسد والدم (لمغفرة الخطايا).

موقف إنجيل يوحنا:

موقف إنجيل يوحنا: يذكر إنجيل يوحنا هذا العشاء الأخير بتفصيل شديد حيث يفرد له خمسة اصحاحات كاملة من الإصحاح الثالث عشر إلي نهاية الإصحاح السابع عشر مستعملاً 154 عبارة، ومن الغريب أن يوحنا لا يذكر شيئا مطلقا عن تأسيس هذا القربان المقدس أى الخبز الذي يمثل جسد المسيح ولا كأس الخمر التي تمثل دم المسيح. ومن المدهش أن تلاميذ المسيح الاثني عشر جيعهم حضروا هذا العشاء الأخير ورغم ذلك لا تتفق الأناجيل على نص الكلمات التي نطق بها المسيح عن جسده المبذول ودمه المسفوك وأين كان يوحنا عندما تحدث المسيح عن هذا القربان المقدس. ويقول تفسير إنجيل متى صـ254 قد ناول المسيح التلاميذ جسده تحت شكل الخبز، وهو - أى الخبز أو الفطير الذي تقوم الكنيسة بصناعته - يتحول عند حلول السر الإلهي إلي جسد المسيح الحقيقي ومن يأكله تنتقل إليه كل بركات وفاعلية موت المسيح، كذلك الخمر الذي يتحول عند حلول السر إلهي إلي دم المسيح الحقيقي ومن يشربه تنتقل إليه كذلك كل بركات وفاعلية موت المسيح، هكذا يؤمن المسيحيون أن الخبز يتحول بالفعل وحقيقة بمعجزة يقوم بها آباء الكنيسة إلي جسد المسيح الحقيقي رغم أن اعينهم تراه أنه مازال خبزا وعجينا لكن عليه أن يكذب عينيه ويؤمن بالسر الإلهي الذي قام بهذا التحويل!! ونفس الوضع بالنسبة إلي الخمر. وتعتبر الكنيسة هذا سراً من أسرارها وهو سر الأفخارستيا أو سر العشاء الأخير أو سر الشكر.

ويقول الأب متى المسكين: المسيح بعدما كسر الخبز ومزج الخمر قدمها لتلاميذه لا بصفتهما مجرد تمثيل أو رمز للجسد المبذول أوالدم المسفوك، بل قال لهم هذا هو جسدي المكسور وهذا هو دمي المسفوك. هنا يؤكد متى المسكين (هذا هو لقبه) عدم وجود رمزية أوتمثيل، لذلك يعامل هذا الخبز أو الفطير بتقديس تام على أنه جسد المسيح الحقيقي!! وكان الملك فردريك الأكبر يتهكم قائلا: ما أهمية أن يسجد الناس أمام قطعة من الفطير أو أمام العجل أبيس أو أمام تابوت العهد أو أمام تمثال من التماثيل؟ لا يهم الاختيار (¬1) وسئل شيفاليه دي لابار لماذا لم يخلع قبعته أمام موكب عيد القربان أجاب بأنه لا يستطيع إدراك كيفية أن يقوم الإنسان بعبادة اله من العجين (¬2) وقد أعدم هذا الشاب بتهمة التجديف على الله والقربان المقدس. ويقول فولتير2: تأمل فى مختلف التأويلات المسيحية للقربان المقدس فالكاثوليك (والارثوذكس) يصرحون بأنهم يأكلون الرب لا الخبز واللوثريون (أتباع مارتن لوثر أى البروتستانت) يلتهمون الرب والخبز معا، والكلفنيون (أتباع كلفن) يأكلون الخبز لا ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت (¬2) خاتمة فى الفردوس: فولتير

الرب، وإذا روى لنا أحد من الكفار شيئا من مثل هذا الإسفاف والجنون لقلنا أنه يخدعنا ويلعب بعقولنا. كذلك يقول فولتير: لا يزال يزعجني ويضايقني فكرة أكل الله أنه بقايا وحشية كما أوضح فولتير فإن البروتستانت يعتقدون أن الخبز والخمر لا يستحيلان إلي جسد المسيح ودمه بل الخبز يبقى خبزا والخمر خمرا ولكن فى داخلهما جسد المسيح ودمه. ويرفض الكويكرز (أتباع جاورجيوس فكس) تناول القربان لاعتقادهم أنه من أباطيل الإنسان، ويقول لودفج فون هولبرج امام الأدب الدنمركي: الفطائر الصغيرة أو القرابين المقدسة تحمل مرورا بالشوارع ويقول آباء الكنيسة أنها آلهة والناس الذين خبزوها يحلفون بأن هذه القرابين خلقت الدنيا. وقد رفض جون تولاند (¬1) أستاذ الآداب بجامعة جلاسكو سر الأفخارستيا وكذلك بقية أسرار الكنيسة قائلا المسيحية لا أسرار فيها فالسر لفظ وثنى احتفظنا به كما احتفظنا بغيره من ألفاظ هو إما خرافة يجب أن نقضي عليها وإما صعوبة عارضة ينبغي أن نذللها. ويقول سيجموند فرويد إن أكثر من عالم قد دهشوا من التشابه الوثيق بين طقوس التناول المسيحية - حيث يتناول المؤمن رمزيا دم ولحم إلهه - وبين عيد الطوطم ¬

_ (¬1) أزمة الضمير الأوروبي

القديم حيث كان كل الأخوة يشتركون معا فى قتله وأكله فيتحد الإنسان بإلهه، وقد طورت المسيحية الطوطم الحيواني إلى الإله الإنساني (¬1). ويقول أميل لودفيج: العشاء الرباني كان معروفا فى عبادة مثرا - إله الشمس عند الفرس - على الطريقة التي عرف بها فى المسيحية، بل كان الخبز الذي يتناوله عباد مثرا فى ذلك العشاء يصنع على شكل الصليب. ويؤكد ذلك العقاد (¬2) حيث يقول تناول مثرا طعام الوداع مع ملائكة الخير وصعد إلي السماء لذلك يحتفل أتباعه فى تلك الذكرى بتناول الخبز المقدس والمسح بالماء الطهور؟ ¬

_ (¬1) الطوطمية: نظام ديني عند الشعوب البدائية لا سيما أهل أفريقيا واستراليا يجعل القبيلة منحدرة من نبات أو حيوان فهو السلف المتجسد والروح الحامية للقبيلة ومن ثم كانوا يقدسونه ويحمونه. (¬2) الله: العقاد

الأناجيل ومحاكمة المسيح

الأناجيل ومحاكمة المسيح يقول متي (والذين امسكوا يسوع مضوا به إلي قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكهنة والشيوخ .. وكان رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع كله يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه فلم يجدوا .. ولكن أخيرا تقدم شاهد زور) 26: 57 - 61 كذلك يحدثنا كل من مرقس ويوحنا عن انعقاد تلك المحاكمة الليلية واجتماع المجمع المقدس فى دار رئيس الكهنة. ويعلق على ذلك BRINZLER فيقول إن جلسات السنهدرين لم تكن تعقد فى بيت رئيس الكهنة. ولم يذكر لوقا خبر هذه المحاكمة الليلية وأخبرنا أنها حدثت نهارا (ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب رؤساء الكهنة والكتبة وأصعدوه إلي مجمعهم) 66:22 فإذا علمنا أن عدد أعضاء المجمع المقدس اليهودي المسمي (السنهدرين) (¬1) يبلغ واحد وسبعين عضوا فهل من الممكن تجميع هذا العدد الكبير من الأعضاء فى هذا الوقت المتأخر من الليل وفى أول أيام عيد الفصح. وبهذه السرعة؟ وإذا علمنا أن حكم هذا المجمع بالموت لا ينفذ إلا إذا صدر بالإجماع فى حين أن الأناجيل حدثتننا أن رئيس هذا المجمع المدعو (يايريس) قد أحيا المسيح ابنته (مرقس 22:5) وأن نيقوديموس أحد أعضاء المجمع كان صديقا ¬

_ (¬1) لفظ سنهدرين: مأخوذ عن اللفظ اليوناني (سوندريون) أى مجلس

صمت المسيح أمام الوالي:

للمسيح (كان لقبه مشير أى عضو فى السنهدرين (¬1) كذلك يوسف الذي من الرامة مشير شريف) كان تلميذا للمسيح فى الخفاء فكيف لا يوجد صوت واحد بجانب المسيح ليفسد الإجماع على معاقبته بالموت؟ ويقول العقاد إن الشريعة الموسوية تحرم المحاكمة ليلا (¬2) فكيف تمت محاكمة المسيح بالذات فى الليل؟ ويؤكد ذلك ر. ت. فرانس: طبقا لتعاليم (المشنا) فإن المحاكمات الجنائية عن تهمة عقوبتها الإعدام لا يمكن أن تعقد ليلا. وينفرد لوقا باقحام هيرودس انتيباس فى محاكمة المسيح (وحين علم بيلاطس أن يسوع من سلطنة هيرودس أرسله إلي هيرودس (لوقا 7:23) ومن المعروف تاريخيا أن سلطة القضاء كانت تخص الوالي الروماني (بيلاطس) فقط وانفرد إنجيل متي بإقحام زوجة بيلاطس فى الأحداث (أرسلت إليه زوجته قائلة إياك وذاك البار فإني توجعت الليلة كثيرا فى الحلم من أجله) متى 19:27 صمت المسيح أمام الوالي: ويقول متى (فقال له بيلاطس أما تسمع كم يشهدون عليك فلم يجبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جدا) 27:3 ¬

_ (¬1) سيرة المسيح: إصدار كنيسة قصر الدوبارة وقد تم حل السنهدرين عام 66 أى قبل هدم أورشليم عام 70م (¬2) عبقرية المسيح: العقاد

ويتفق مرقس مع متى فى صمت المسيح أمام الوالي الروماني (فلم يجب يسوع أيضا بشئ حتى تعجب بيلاطس) مرقس 5:15 ويذكر لوقا أن المسيح كان صامتا أمام هيرودس (وأما هيرودس فلما رأى المسيح فرح جدا .. وسأله بكلام فلم يجبه بشئ) لوقا 8:23 ولكن إنجيل يوحنا يذكر إجابات مطولة قالها المسيح ردا على الوالي الروماني بيلاطس (أجاب يسوع أنت تقول إني أملك لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلي العالم لأشهد للحق، كل من هو من الحق يسمع صوتي) يوحنا 18: 37 - واستأنف المسيح إجاباته (أجاب يسوع لم يكن لك على سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق، لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم) يوحنا 11:19 هكذا ينفى متي ومرقس تحدث المسيح أمام بيلاطس (ولو بكلمة واحدة) وينفرد لوقا بصمت المسيح أمام هيرودس أيضا ولكن يوحنا يفاجئنا بدفاع المسيح عن نفسه أمام بيلاطس. هل أصيب متى. ومرقس ولوقا بالصمم فلم يسمعوا دفاع ومرافعة المسيح، أم خيال يوحنا الخصب قد ألهمه تلك الإجابات فكتبها على لسان المسيح؟ وقد حرصت الإمبراطورية الرومانية على الاحتفاظ بسجلات المحاكمات التي أجراها الولاة فى الأقاليم التابعة لها، وقد خلت تلك السجلات من أية إشارة لمحاكمة السيد المسيح، وقد اعترف بتلك الحقيقة د. قس حنا الخضري ويقول: هنا يتساءل المؤرخون: كيف يمكن أن يصدر بيلاطس الوالي الروماني حكمه بإعدام

الأناجيل وشهود المحاكمة وشهود الصلب:

شخص فى أمه خاضعة لسلطة روما دون أن يرسل تقريرا مفصلا أو حتى موجزا عن هذه القضية؟؟ (¬1) الأناجيل وشهود المحاكمة وشهود الصلب: تجمع الأناجيل الأربعة على أن التلاميذ تركوا المسيح عند القبض عليه وفروا هاربين، يقول متى (حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا) 56:26 ويقول مرقس (فتركه الجميع وهربوا) 50:14 ويقول يوحنا (فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون) 18:18. وبطرس هو التلميذ الوحيد الذي حاول مشاهدة المحاكمة ولكن من بعيد ولم يفلح (فأخذوه وساقوه وأدخلوه إلي بيت رئيس الكهنة وأما بطرس فتتبعه من بعيد) لوقا 54:22 كذلك يقول مرقس (فمضوا بيسوع إلي رئيس الكهنة فاجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلي داخل دار رئيس الكهنة وكان جالسا بين الخدام) مرقس 53:14 كذلك يقول متى (وجلس بين الخدام لينظر النهاية) متى 58:21 ¬

_ (¬1) تاريخ الفكر المسيحي: الدكتور القس حنا الخضري صـ339

ويقول يوحنا (وكان العبيد والخدام واقفين وهم قد أضرموا جمرا لأنه كان برد وكانوا يصطلون وكان بطرس واقفا معهم يصطلي) يوحنا 18:18 إذاً بطرس بعدما هرب هو والتلاميذ لحظة القبض على المسيح عاد من بعيد وتابع الجمع وهو داخل إلي بيت رئيس الكهنة وجاء وجلس مع الخدام والعبيد. هل سنحت لبطرس فرصة التعرف على شخصية المقبوض عليه خاصة أن الوقت كان ليلا وهو يتابع الأحداث من بعيد؟ هل استطاع بطرس متابعة المحاكمة والاستماع لما يقال وهو واقف مع الخدام والعبيد؟ إن إنجيل متى يذكر أن هدف بطرس هو (لينظر النهاية) أى يطمئن إن كان سيطلق سراح المسيح أم سيظل سجينا ولم يطمع بطرس فى تسجيل ما يحدث فى المحاكمة والاستماع إلي ما يقال، كان كل همه معرفة الحكم النهائي، لذلك جلس بين الخدام والعبيد (أما بطرس فكان جالسا خارجا فى الدار) متى 69:26 إن بطرس هو الشاهد الوحيد للمحاكمة وواضح أنه لم ير شيئا ولم يسمع شيئا حيث كان الوقت ليلا وقد تابع الأحداث من بعيد وجلس مع الخدام والعبيد خارج قاعة المحاكمة. وهذا الشاهد الوحيد لم يستمر إلي النهاية حيث شك فيه الخدام أنه من تلاميذ المسيح فأنكر ذلك وخرج لينجو بنفسه (فجاءت إليه جارية قائلة وأنت كنت مع يسوع الجليلي، فأنكر قدام الجميع قائلا لست أدرى ما تقولين) متى 69:26

شهود الصلب:

كذلك يقول لوقا (وبعد قليل رآه آخر وقال أنت منهم فقال بطرس يا إنسان أنا ... فخرج بطرس إلي خارج وبكى بكاءً مراً) لوقا 61:22 ونتسائل من أين استقى كتاب الأناجيل معلوماتهم عن المحاكمة حيث أن التلاميذ كانوا غائبين، وبطرس لم ير ولم يسمع شيئا. ملحوظة: متى ويوحنا يقال أنهم من التلاميذ الاثني عشر. ومرقس ولوقا حررا ما كتباه نقلا عن بطرس وبولص. شهود الصلب: كما راينا أن الأناجيل الأربعة تجمع على هروب التلاميذ عند القبض على المسيح، ولم يحضر أحد منهم ليشهد محاكمة المسيح سوى بطرس ولكنه كان خارج قاعة المحاكمة جالسا مع الخدم والعبيد، وعندما شك هؤلاء الخدم فى كون بطرس من أتباع المسيح ترك بطرس المكان وولى هارباً. ولا تذكر الأناجيل شيئا عن التلاميذ أثناء عملية الصلب. ونتسائل من شاهد عملية الصلب وتعرف على شخصية المصلوب. يقول متى (وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد) متى 55:27 ويقول مرقس (وكانت أيضا نساء ينظرن من بعيد) مرقس 40:15

الحديث على الصليب:

ويؤكد لوقا (وكان معارفه ونساء كن قد تبعنه من الجليل واقفين من بعيد ينظرون ذلك) 49:23 إذاً الإجماع على أن الشهود نسوة ينظرن من بعيد. ومن الغريب كذلك عدم تطابق روايات الأناجيل الأربعة بالنسبة للعبارة المعلقة على الصليب وكذلك اللغات التي كتبت بها: ويقول متي: (وجعلوا فوق راسه علتة مكتوبة: هذا هو يسوع ملك اليهود) 37:27 يقول مرقس (وكان عنوان علته مكتوبا: ملك اليهود) 26:15 ويقول لوقا (وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود) 38:23 ويقول يوحنا (وكان مكتوبا بالعبرانية واليونانية واللاتينية: يسوع الناصري ملك اليهود) 19: 19 - 20 الحديث على الصليب: تحدثنا الأناجيل عن صلب اثنين من اللصوص مع المسيح وقد دار الحديث التالي: يقول متى (وبذلك أيضاً كان اللصان اللدان صلبا معه يعيرانه) 44:27 ولكن لوقا (وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه) 39:23

أى أن أحد اللصين فقط كان يهينه ويسبه، أما اللص الآخر فكان موقفه يختلف (فأجاب الآخر وانتهره (انتهر زميله أى اللص الأول) قائلا أو لا تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه .. ثم قال ليسوع اذكرني يارب متى جئت فى ملكوتك، فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي فى الفردوس) لوقا 23: 40 - 43 ويقول يوحنا (حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع فى الوسط) 18:19 إذاً متى ومرقس يذكران أن اللصين الاثنين كان يعيرانه ويهينانه ولكن لوقا يذكر أن اللصين الاثنين كان يعيرانه ويهينانه. ولكن لوقا يذكر ن واحدا كان يسبه ويهينه والآخر احترامه وقدسه فوعده المسيح بالجنة. ويوحنا يتجاهل كل ذلك ولا يذكر شيئا عن المعايرة أو التبشير بالجنة. ويذكر إنجيل يوحنا أن كاتبه (يوحنا) (¬1) كان أقرب الأشخاص إلي الصليب (فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه يا امرأة هو ذا ابنك) يوحنا 26:19 فلماذا لم يسمع يوحنا هذا الحديث الذي دار بين اللصين والمسيح وهو يدعى وجوده بجوار الصليب. إن متى ومرقس ولوقا يؤكدان أن جميع معارف المسيح وقفن من بعيد ونظرن من بعيد ويوحنا يخبرنا أنه كان بجوار الصليب، ولا ننسى أن يوحنا ذكر أن الصلب تم يوم الخميس وبقية الأناجيل ذكرت يوم الجمعة ويبدوا أن الكنيسة ¬

_ (¬1) تفسير إنجيل يوحنا: دار المعارف صـ636

لا تأخذ بجدية إنجيل يوحنا حيث تحتفل بخميس العهد (ذكرى العشاء الرباني) ويوم (الجمعة الحزينة) ذكرى الصلب.

صرخة المصلوب:

صرخة المصلوب: اختلفت الأناجيل فيما صرخ به يسوع قبل موته على الصليب: يقول متى (ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني (¬1) أى الهي الهي لماذا تركتني. 34:15 ويقول لوقا (ونادي يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه فى يديك استودع روحي ولما قال هذا أسلم الروح) 46:23 ويقول مرقس: (وفى الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ألوى ألوى (¬2) لما شبقتني الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني) مرقس 34:15 يقول يوحنا (فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح) 30:19 إذا هناك ثلاث روايات مختلفة لما نطق به المسيح قبل موته فأيهما الرواية الحقيقية؟ وهل هى رواية (متى ومرقس) وما بها من يأس وفزع وضعف واستغاثة أو رواية يوحنا وما بها من اطمئنان وسكينة لشخص متوقع لهذه النهاية؟ إن الأناجيل اختلفت فى العبارة التي كتبت على الصليب وكذلك اللغات التي كتبت بها واختلفت فى نص الحديث الذي دار بين المسيح والذين صلبا معه، واختلفت ¬

_ (¬1) ذكرت هذه الألفاظ الأرامية التي كان يتكلم بها السيد المسيح ما عدا كلمة (يايل) فهي عبرية (¬2) كلمة ألوى كلمة أرامية مثل بقية العبارة فهل سنحت الظروف للمصلوب بخاطبة إلهه مرة بالعبرية وأخرى بالأرامية؟!

الأناجيل كذلك فى نص آخر ما نطق به المصلوب، واختلفوا من قبل فى يوم الصلب وساعته، كما اختلفوا فيما أجاب به المسيح بيلاطس أثناء المحاكمة. واتفقت الأناجيل على عدم تواجد تلاميذ المسيح أثناء المحاكمة أو أثناء الصلب.

الأناجيل وأحداث ما بعد الصلب والأساطير:

الأناجيل وأحداث ما بعد الصلب والأساطير: يصف متى ما حدث بعد موت المسيح (والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة (أورشليم) وظهروا لكثيرين) متى 52:27 إن متى يخبرنا أن كثير من القديسين بعثوا إلي الحياة عند موت المسيح على الصليب ولكنهم لم يغادروا القبور وظلوا بها إلي أن قام المسيح من الموت بعد ثلاثة أيام!! ويتساءل موريس بوكاي (¬1) كيف استطاعت أجساد القديسين المبعوثة إلي الحياة أن تبقي فى القبور ثلاثة ايام ولماذا؟ ويقول متي أن هؤلاء القديسين العائدين إلي الحياة ظهروا لكثيرين، فى حين أنه الوحيد من بين كتاب الأناجيل الذي ذكر ذلك ولم يشر أى من المؤرخين لمثل هذا الحدث الغريب على الإطلاق. ويروى أتباع بوذا عن وفاته (تعرضت عناصر الطبيعة لسلسلة من الانتفاضات مساوية لتلك التي حدثت عندما حملت به فكانت هناك عواصف رعدية وهزات أرضية وأمور مروعة مماثلة) (¬2) ويروى متي واصفا الأحداث بعد وفاة المسيح (والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت) 51:27 الأناجيل ووداع المسيح: ¬

_ (¬1) الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة (¬2) فلاسفة الشرق: أتوملين

يقول متى أن المسيح كان قد أخبر تلاميذه بأنه سيكون فى منطقة الجليل بعد قيامته من الأموات (ولكن بعد قيامي أسبقكم إلي الجليل) متى 31:26 ويستطرد متي قائلا: (وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلي الجليل حيث أمرهم يسوع، ولما رأوه سجدوا ولكن بعضهم شكوا) 16:28 ثم أوصاهم المسيح بنشر دعوته بين الأمم وخاتما خطابه لهم (وها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر) 20:28 ولم يذكر متى شيئا عن صعود المسيح إلي السماء وكان جبل الجليل هو مكان الوداع وكان الأحد عشر تلميذا فى وداعه. ويقول لوقا أن المسيح بعد قيامته من الأموات هو الذي حضر بنفسه إلي التلاميذ فى أورشليم بإقليم اليهودية (وفيما هم يتكلمون وقف يسوع نفسه فى وسطهم وقال سلام لكم) لوقا 36:24 ثم بعد أن تناول معهم سمكا مشويا وعسلا (أخرجهم خارجا إلي بيت عنيا وفيما هو يباركهم انفرد عنهم واصعد إلى السماء، فسجدوا له ورجعوا إلي أورشليم) لوقا 50:24 إذاً الوداع كان فى بيت عنيا بإقليم اليهودية وصعد المسيح إلي السماء وكان الأحد عشر تلميذا فى وداعه. ويقول يوحنا:

إن المرة التي ودع المسيح فيها تلاميذه كانت الثالثة لظهوره لهم بعد قيامته من الأموات (هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعد ما قام من الأموات) يوحنا 14:21 ويحدد يوحنا عدد التلاميذ الذين كانوا فى وداع المسيح بسبعة تلاميذ فقط (كان سمعان بطرس وتوما ونثنائيل الذي من قانا الجليل وابنا زبدي واثنان آخران من تلاميذه مع بعضهم) يوحنا 2:21 ويذكر يوحنا شاطئ بحر طبرية مكانا للوداع (اظهر يسوع نفسه للتلاميذ على بحر طبرية) يوحنا 1:21 وبعد أن تناول معهم سمكا وخبزا وأوصى سمعان بطرس بأن يرعى خرافه وغنمه ودعهم، ولم يذكر يوحنا صعود المسيح إلى السماء. ويقول مرقس: (وأخيرا ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم .. ثم إن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلي السماء وجلس عن يمين الله) 19:16 يخبرنا مرقس هنا أن المسيح هو الذي جاء إلي التلاميذ فى أورشليم حيث كانت هى مكان الوداع، ويذكر صعود المسيح إلى السماء، وأن الأحد عشر تلميذا كانوا فى وداعه. إذاً الصعود إلي السماء ذكره كل من لوقا ومرقس وأغفله متى ويوحنا ويذكر متى مكان الوداع جبل الجليل ويدكر لوقا مدينة (بيت عنيا) ويذكر يوحنا شاطئ بحر طبرية ويذكر مرقس أورشليم.

ويروى أتباع زرادشت عن وفاته ووداعه:

وينفرد يوحنا بذكر أن عدد التلاميذ الذي كانوا فى وداع المسيح سبعة فى حين يذكر (متى ولوقا ومرقس) أحد عشر تلميذا. ويروى أتباع زرادشت عن وفاته ووداعه: تمت وفاة زرادشت بصورة مسرحية مثلما تمت ولادته وكان شعاع من نور يحيط به ثم صعد إلى السماء. وكذلك يروى تلاميذ وأتباع أنبا دوقليس اليوناني أنه تناول معهم العشاء الأخير ثم اختفى تماما وظهر ضوءا فى السماء (¬1). وتروى الأساطير أن موت روميلوس (مؤسس روما) كان مصحوبا بهبوب عاصفة عاتية وحلول ظلام تام لفترة من الزمن وعندما عاد الضوء كان روميلوس قد اختفى (¬2) ¬

_ (¬1) الفلسفة عند اليونان: أميرة حلمى مطر. (¬2) WORL MYTHOLOGY: LAROUSSE PAGE 183

معجزات السيد المسيح

معجزات السيد المسيح تذكر الأناجيل أن المسيح قد أحيا ثلاثة اموات هم: ابنة يايرس، وابن أرملة من مدينة نايين والثالث رجل يسمى (لعاذر). لوقا (17: 11 - 17) لوقا (40:8) كذلك تروى الأناجيل أن المسيح أعاد البصر لعدة عميان بالإضافة إلى شفاء البرص وامرأة ناذفة وغيرها من المعجزات التي أعلن عنها المسيح (إن العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون) لوقا 22:7 ونتساءل ماذا كان رد فعل اليهود الذين عاينوا تلك المعجزات بأنفسهم: أ- تذكر الأناجيل أن مدناً كاملة لم تؤمن بالمسيح كنبي أو رسول بالرغم من المعجزات العديدة التي صنعها لهم لكى يؤمنوا به فأنذرهم بسوء العاقبة (حينئذ ابتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته لأنها لم تتب، ويل لك يا كورزين، ويل لك يا بيت صيدا .. وأنت يا كفر نحوم المرتفعة إلى السماء ستهبطين إلي الهاوية) متى صح 11: 20 - 23 وكذلك (ومع أنه كان قد صنع آيات هذا عددها لم يؤمنوا به) يوحنا 37:12 ب- وتخبرنا الأناجيل أن من رأى المعجزات وكان منصفا للسيد المسيح دعاه نبيا (قالوا للأعمى ماذا تقول أنت عنه من حيث أنه فتح عينيك، فقال أنه نبي) يوحنا 17:9 (فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي) يوحنا

40:7 وفى موضع آخر (فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم) يوحنا 4:6 ويذكر لوقا (فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم) 16:7 ويؤكد متى (وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبي) 64:21 جـ- وتذكر الأناجيل أن كثيرا من اليهود الذين رأوا وعاينوا معجزات السيد المسيح أتهموه بالسحر والشعوذة وتسخير الشياطين ولم تدفعهم تلك المعجزات إلى الإيمان به وبرسالته. هكذا لم تدفع المعجزات التي قام بها المسيح اليهود إلى تأليهه رغم أنهم شاهدوا تلك المعجزات بأعينهم، فأنصفوه واعترفوا بنبوته فقط فكيف يطلب من الذين لم يشاهدوا تلك المعجزات تأليه المسيح؟ إن أعظم معجزة قام بها المسيح هى أحياء الأموات، ولم يكن أول من قام بتلك المعجزة فقد قام بها حزقيال وإيليا واليسع. يقول حزقيال (فتنبأت كما أمرني فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جدا) حزقيال 10:37

وبالنسبة إلى إيليا (فتمدد على الولد ثلاث مرات وصرخ إلى الرب وقال يارب إلهي لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش) الملوك الأول 17: 21 - 23 وبالنسبة إلى السيد المسيح (ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال يا أبتاه أشكرك لأنك قد سمعت لى وأنا عالم أنك تسمع لى فى كل حين وإنما قلت ذلك من أجل هذا الجمع الواقف حولى ليؤمنوا بأنك أنت الذي أرسلتني .. فخرج الميت مربوطة يداه ورجلاه بأكفان) يوحنا 41:11 كما دعا إيليا ربه وتضرع إليه ليستجيب له بإحياء الميت كذلك فعل المسيح شاكرا إياه على ما أنعم عليه من قدرة لعمل المعجزات من أجل إقناع اليهود بأنه رسول الله إليهم وليس بساحر أومسخرا للشياطين.

دستور الإيمان المسيحي يخالف الأناجيل

دستور الإيمان المسيحي يخالف الأناجيل ينص دستور الإيمان المسيحي بأنه الله هو واحد فى ثلاثة أقانيم متساوية فى الجوهر والمجد والكرامة والقدرة وهم الأب والإبن والروح القدس (¬1) ولكن إنجيل لوقا يقول: (من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من جدف على الروح القدس فلا يغفر له) 10:12 ابن الإنسان: أى السيد المسيح وهو لقب يطلقه المسيح على نفسه. جدف: أى لعن أو سب أو إهان. الروح القدس: هو الأقنوم الثالث فى اعتقاد المسيحية ... ويقول متى (من قال كلمة على ابن الانسان يغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا فى هذا العالم ولا فى الآتي) 32:12 إذاً ما يلعن أو يسب المسيح (الاقنوم الثاني) تغفر له خطيئته تلك ولكن من يفعل ذلك مع الروح القدس لن يغفر له، فأين التساوى فى الكرامة والمجد. وهل كرامة الأقنوم الثاني (المسيح) تقبل الإهانات ولا تقبلها كرامة الروح القدس (الأقنوم الثالث) إن هذه العبارة التي جاءت فى إنجيل لوقا وأكدها إنجيل متى تخالف دستور الإيمان المسيحي. ¬

_ (¬1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا

2 - قال المسيح فى إنجيل يوحنا (أبى أعظم مني) يوحنا 28:14 إن المسيح يعترف صراحة أن الله أعظم منه فأين التساوى إذاَ فى الجوهر والمجد بين الأقنوم الأول (الأب) والثاني (المسيح) 3 - قال المسيح (هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته) يوحنا 4:17 هنا يعلنها المسيح واضحة أن هناك إله واحد بينما هو مرسل أى رسوله. 4 - قال المسيح (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبى وحده) يسوع 36:24 وكانت هذه إجابة المسيح عندما سأله تلاميذه عن ميعاد يوم القيامة، واعتراف المسيح بعدم علمه بيوم القيامة ينفى عنه تساويه فى الجوهر والقدرة مع الأب وإذا كان يعلم بميعاد يوم القيامة وانكر ذلك فهذا الكذب ينفى عنه أيضا ألوهيته أو حتى نبوته لأن الكدب لا يليق بالأنبياء ناهيك عن الإله. 5 - قال المسيح (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا) يوحنا 30:5 وأكذد ذلك مرة أخرى (الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا) يوحنا 19:5 وهذا إقرار من المسيح بأنه لم يعمل المعجزات بقوته الذاتية وأنه بالطبع أقل من قدرة الأب، ويؤكد ذلك مرة أخرى (كل شئ دفع إلى من أبي) متى 27:11

6 - قال المسيح (ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني) يوحنا 38:6 أى أن المسيح جاء لينفذ مشيئة (الأب) وأن مشيئة الأب فوق مشيئته هو ويؤكد ذلك مرة أخرى (لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني) يوحنا 30:5 7 - قال المسيح (الكلام الذي تسمعونه ليس لى بل للأب الذي أرسلني) يوحنا 24:14 يعترف المسيح بأن الكلمات التي قالها كانت إلهاما من الله (لأني لم أتكلم من نفسي لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا اقوم وبماذا أتكلم) يوحنا 49:12 8 - قام المسيح بالصوم والصلاة وحمد الله وشكره والدعاء الدائم (فبعد ما صام أربعين ليلة جاع أخيرا) متى 2:4 (صعد إلى الجبل منفردا يصلي) يوحنا 23:14 (احمدك أيها الأب رب السماء والأرض) متى 25:11 9 - قال المسيح (الجلوس عن يميني وعن يساري ليس أن أعطيه إلا الذين أعد لهم من أبي) متى 23:20 ينفى المسيح عن نفسه القدرة والسلطة لمكافأة الأخيار أو معاقبة الأشرار. 10 - قال المسيح (لا تدعوا لكم أبا على الأرض لأن أباكم واحد الذي فى السموات، ولا تدعوا معلمين لأن معلمكم واحد المسيح) متى 23: 9 - 10 ينهى المسيح أتباعه عن اتخاذ آلهة أرضية ويعلن أنه مجرد معلم لهم.

1 - إن تساهل المسيح مع من يسبه ويلعنه وعدم مغفرة ذلك لمن يسب الروح القدس ينفى ألوهيته لأن العقل لا يقر وجود إله بلا كرامة. 2 - واعتراف المسيح بأن الأب أعظم منه أى أكثر كمالا ومجدا ينفى كذلك ألوهيته لأن العقل لا يعترف بإله ليس كاملا. 3 - وإقرار المسيح بأن هناك إله حقيقي وهو مرسل من لدنه ينفي ألوهيته لأن الرسول بداهة لا يعادل مرسله. 4 - وإنكار المسيح لعلمه بيوم القيامة ينفي ألوهيته لأن العقل لا يقر بوجود إله جاهل. 5 - وتأكيد المسيح على أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئا وأن كل شئ دفع إليه من الله ينفى ألوهيته لأن العقل لا يقر بوجود اله عاجز يستعين بإله آخر. 6 - واعتراف المسيح أنه جاء لتنفيذ مشيئة الله وإرادته ينفى ألوهيته لأن العقل لا يقبل بوجود إله بلا إرادة خاضع لمشيئة إله آخر. 7 - وأيضاح المسيح أن الكلمات التي تحدث بها كانت بناءاَ علىتوصية من الله وإلهاما منه ينفى عنه الألوهية لأن العقل ينفى وجود إله واقع تحت وصاية إله آخر. 8 - قيام المسيح بأداء العبادات المختلفة من صلاة وصوم وتسبيح وشكر لله ينفى ألوهيته لأن العقل لا يقر بوجود إله يعبد إله آخر أو يعبد نفسه. 9 - إن نفى المسيح لسلطته لمكافأة تلاميذه فى الدار الآخرة ينفى عنه الألوهية لأن العقل لا يقر بوجود إله لا يثيب ولا يعاقب.

10 - إن نهى المسيح لأتباعه عن عبادة ألهة أرضية من المجسمات ينفى عنه الألوهية لأن المسيح نفسه كان جسدا أرضيا. ويقول دستور الإيمان المسيحي (ربنا يسوع المسيح إله متجسد وهو الذي يدين الأحياء والأموات فى اليوم الأخير) علم اللاهوت. ويقول إنجيل يوحنا (وإن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه لأني لم آت لأدين العالم) يوحنا 47:12

ثانيا: العقيدة المسيحية

ثانيا: العقيدة المسيحية إن العقيدة فى الديانة المسيحية مستمدة من الكتاب المقدس والمجامع المسكونية والتقليد الشريف (¬1) 1 - الكتاب المقدس: ويشمل العهد القديم المكون من 39 سفرا وكذلك العهد الجديد المكون من الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ورسائلهم، يعترف اليهود ويقدسون العهد القديم فقط ولكن يعترف المسيحيون ويقدسون كلا من العهدين القديم والجديد ويعتقدون أن كليهما وحي إلهي. 2 - المجامع الكنسية: والمقصود بها المؤتمرات التي عقدها رجال الدين المسيحي لصياغة قانون الإيمان المسيحي والبحث فى طبيعة السيد المسيح. هل هو إله أم إنسان أم إله ولكن ليس فى مرتبة الأب ... إلخ، وتعتبر هذه المجامع مقدسة وقراراتها بوحي من الله (¬2) إن هذه المجامع تعكس مدى البلبلة والتخبط الذي عانت وتعاني منه الكنيسة بسبب تأليه المسيح. ¬

_ (¬1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا (¬2) الدولة والكنيسة: الجزء الثالث. د. رأفت عبد الحميد

ويذكر المؤرخون ما يزيد على خمسين مجمعا خلال مائة سنة للوصول إلى صيغة ملائمة للعقيدة المسيحية وقرار نهائي عن طبيعة السيد المسيح، ولا نستطيع ذكر جميع هذه المجامع ولكننا سنكتفى بعينة منها. 1 - مجمعة أنطاكية عام 262م: عقد لمناقشة آراء بولس أسقف سميسطاء والذي نادي بأن المسيح مجرد إنسان وصل إلى الكمال الخلقي، وأنكر بولس هذا أقنومي الابن والروح القدس معتبرا إياهما كالعقل والتفكير فى الإنسان. 2 - مجمع روما عام 313م: عقد لمناقشة الإنشقاق الكنسى الذي حدث فى كنيسة قرطاجة الذي عرف بالإنشقاق الدوناتي. 3 - مجمع آرل عام 314م: عقد بعد رفض الدوناتيون قرارات مجمع روما السابق. 4 - مجمع الاسكندرية عام 319م: عقد لبحث آراء آريوس القس السكندري والذي نادي بخلق المسيح وجعله فى مرتبة تاليه للإله وقرر هذا المجمع إدانة آريوس وتحريم تعاليمه. 5 - مجمع الإسكندرية 324م: عقد لفض النزاع اللاهوتي الذي سببه آريوس بآرائه حول طبيعة المسيح وعلاقته بالأب. 6 - مجمع نيقية 325م: هو أول مجمع مسكوني (عالمي) وضم 318 أسقفاً يمثلون كنائس الإمبراطورية الرومانية، عقد لحسم مسألة العقيدة الآريوسية، وقد وضع هذا المجمع صيغة العقيدة التي عرفت بقانون الإيمان النيقي.

وهى قاعدة الإيمان الأرثوذكسي الآن، وتضمن العبارة الشهيرة التي لم ترد فى الأناجيل وهى الهوموسية أى أن الإبن مساو للأب فى الجوهر وقد تزعم أثناسيوس السكندري الجبهة المعارضة لآريوس. 7 - مجمع أنطاكية 330م: عقد للفصل فى النزاع العقائدي بين يوساب أسقف قيسارية فلسطين ويوستاتيوس الأسقف الأنطاكي بعد أن اتهم كل منهم الآخر بالخروج عن الإيمان النيقي. 8 - مجمع أورشليم 335م: عقد لتبرئة آريوس وقبوله فى شركة الكنيسة ثانية. 9 - مجمع صور 335م: عقد لإدانة إثناسيوس وعزله من أسقفيته. 10 - مجمع أنطاكية 341: إصدار المرسوم اللوقاني الذي رفض رأي آريوس الذي يقول أن هناك زمان لم يكن الأب أبا حيث الابن لم يكن بعد أى أن الابن أحدث زمنيا من الأب، وقد تجاهل هذا المرسوم الهوموسية (التساوى فى الجوهر بين الأب والابن) 11 - مجمع سرديكا 343م: انقسم فيه أساقفة الإمبراطورية الرومانية ولم يصلوا إلي صيغة ملائمة للعقيدة المسيحية. 12 - مجمع أنطاية 344: أدان هذا المجمع فوطين أسقف سيرميوم الذي قال أن المسيح مجرد إنسان وأنكر وجوده قبل كل الدهور، كما أصدر مرسوم إيمان جديد عرف بالمرسوم المطول أو الأنطاكي الثالث. 13 - مجمع سيرميوم الثاني 351م: اصدر وثيقة إيمان عرفت بمرسوم سيرميوم الأول وأعاد إدانة فوطين.

14 - مجمع سيرميوم الثالث 357: أصدر ما عرف بمرسوم سيرميوم الثاني الذي جاء وسطا بين قانون الإيمان النيقي وآراء آريوس، وتبني العقيدة الأنومية وهي إنكار الشبه بين الإبن والأب ويتضمن تبعية الابن للأب شأن كل الخلائق وأن الأب أعظم من الأبن فى المجد والألوهية حيث نص المرسوم على ما يلي: (لما كان البعض قد اضطرب فكره بسبب مسائل تدور حول ما يسمى بالجوهر مما قاد إلى القول بالمساواة فى الجوهر (هو موسية) أو التشابه فى الجوهر الهومويوسية لذا كان من الواجب أن لا يذكر شئ من هذا على الإطلاق وأن لا يعرض فى الكنيسة ذلك أن الكتاب المقدس لم يتحدث البتة عن أى منهما .. . ولا أحد يشك فى أن الأب أعظم فى المجد والكرامة والألوهية) وتزعم الأنومويين آيتيوس السوري وتلميذه يونوميوس (الأنوموية) أى إنكار الشبه بين الأب والابن. 15 - مجمع أنقرة عام 358: أصدر صيغة جديدة للإيمان عرفت بالهومويوسية أى التشابه بين الأب والإبن لتكون وسطا بين قانون الإيمان النيقي وآراء آريوس. 16 - مجمع ريميني 359: حضره 400 أربعمائة من أساقفة الغرب، اصدر مرسوم ريميني الذي يبرز التشابه بين الإبن والأب دون تحديد لنوعيته وهو ما عرف بالعقيدة الهوموية.

17 - مجمع سلوقية 359: حضره الآريوسيون (الأنومويون والهومويون) وأنصاف الآريوسيون وقاموا بتأييد العقيدة الهوموية (تزعم ذلك أكاكيوس) 18 - مجمع أنطاكية 361م: اصدر مرسوم إيمان جديد يعلن التخلي عن الهوموية والعودة إلى الأنوموية ثانية. 19 - مجمع أنطاكية 364: فسر اصطلاح الهوموية بأنه يعنى التشابه فى الجوهر. 20 - مجمع لامساكوس 364م: تمسك بصيغة مجمع أنقره (الهومويوسية) أى التشابه فى الجوهر. 21 - مجمع صقلية 365م: أعلن المجتمعون الإيمان بالهوموسية وإنكارهم لقرارات مجمع ريميني. 22 - مجمع كاريا 367م: عارض مصطلح الهوموسية وأقر المرسوم اللوقياني (الأنطاكي الثاني) 23 - مجمع روما 369م: أعلن التمسك بالإيمان النيقي ورفض مرسوم ويميني. هكذا تخبطت قرارات المجامع بين الهوموسية (¬1) والهومويوسية (¬2) والهوموية (¬3) والأنوموية (¬4) وبالنسبة للاقنوم الثالث (الروح القدس) (¬5) فقد ظهرت الماكيدونية التي تنتسب إلى ماكيدونيوس وتنادي بخلق الروح القدس وعدم تساويها مع الأب فى الجوهر ¬

_ (¬1) الهوموسية: التساوى فى الجوهر بين الأب والابن. (¬2) الهومويوسية: التشابه فى الجوهر بين الأب والإبن (¬3) هوموية: التشابه بين الأب والابن دون تحديد ماهية هذا التشابه. (¬4) الأنوموية: إنكار أو عدم التشابه بين الأب والإبن (¬5) تقرر تألية الروح القدس فى مجمع القسطنطينية الأول 381م

وقد شخص أسقف بواتيه الذي يدعى هيلاري (¬1) الحالة المهلهلة التي أمسى عليها اللاهوت المسيحي والعقيدة فى رسالته إلى الإمبراطور قسطنيطيوس عام 360م: (حقا إنه لشئ يرثى له أن ترى عديدا من الإيمان فكرا بين الناس عقائد كالأهواء نضع مراسيم الايمان بهوس ونفسرها بعصبية، تارة نرفض الهوموسية وأخرى نرضي عنها، ثم تتناولها من هنا وهناك أيدي المجامع والتشابه الكامل أوالجزئي بين الأب والإبن موضوع الجدال لزمان غير بعيد، مع كل فجر تخرج عقائد جديدة، نصف بها غوامض الكلم ونندم على ما دافعنا عنهم، وندين عقائد الآخرين فى أشخاصنا وعقائدنا فى ذوات الآخرين) (¬2) ¬

_ (¬1) الدولة والكنيسة: د. رأفت عبد الحميد (¬2) الدولة والكنيسة، الجزء الثالث د. رأفت عبد الحميد

آراء آريوس قس الإسكندرية التي أعلنها 318م

آراء آريوس قس الإسكندرية التي أعلنها 318م تتلخص تعاليم آريوس فى ان الأب هو الإله الحق فى مقابل الإبن الذي ليس إلها حقا، وهذا إنكار صريح للاهوت المسيح، والأب والإبن متعارضان بالضرورة على أساس التعارض بين غير المخلوق والمخلوق. والله لم يكن دائما أبا أى أنه كان وحيدا ثم أراد الله أن يخلق موجودا معينا اسماه الكلمة (اللوجس) أو الإبن، ولله قوة طبيعية ليس كمثلها شئ سرمدية، أما المسيح فهو ليس القوة الحقيقية لله وإنما هو إحدي هذه القوى وفى علاقته بالمخلوقات يعتبر الخالق أما علاقته بالأب فهو مخلوق ولا يساويه فى الجوهر. العقيدة النيقية: الصادرة عن مجمع نيقية. وقد تضمنت عبارتين فى اللاهوت المسيحي وهى الهوموسية (المساواة فى الجوهر) وكذلك عبارة (مولود غير مخلوق) وهما لم يردا فى الأناجيل. ولم يكن الخلاف منصبا على العلاقة بين الأب والإبن فقط ولكن امتد إلى شخص المسيح نفسه هل له طبيعة ومشيئة واحدة كما يقول (يعقوب براديوس) أم له طبيعتان ومشيئتان متحدتين اتحادا وثيقا (مجمع خلقدونياالاول 451 م) ويعرف هدا بالمذاهب الملكاني. وقد أيد مجمع القسطنطينية 553م مذهب الطبيعة الواحدة متجاهلا قرار مجمع خلقدونيا 451 باعتبار المسيح ذو طبيعتين (طبيعة إلهية وإنسانية).

3 - التقليد:

ثم عاد مجمع القسطنطينية 680م وأدان مذهب الطبيعة الواحدة الذي أقره 553م وقد حدث انشقاق كنسي عام 869م وتكونت الكنيسة الشرقية (أرثوذكية) والكنيسة الغربية (كاثوليكية) ثم انشقت عن الكنيسة الغربية الكنيسة البروتستانتية أى المحتجة. 3 - التقليد: كما ذكرنا يعد التقليد المصدر الثالث للعقيدة المسيحية. تعريف: التقليد هو التعاليم التي وضعها تلاميذ المسيح وأباء الكنيسة الأولون ولم تكتب فى الأسفار الموحى بها، ويتناقلها المؤمنون خلفا عن سلف (¬1) ومن أمثلة التقليد: تقديس يوم الأحد حيث خلت الأناجيل من أية إشارة إلى ذلك كذلك تعميد الأطفال وبتولية السيدة مريم. وقد رفض المسيح التقليد وندد به حيث يقول (فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم) متى 6:15 وقد رفضت بعض المذاهب المسيحية التقليد للأسباب التالية: ¬

_ (¬1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل منينا.

1 - أن التقاليد التي علمها الرسل (تلاميذ المسيح) قد كتبوها (أعمال الرسل ورسائلهم) فلا لزوم للتقليد الكنسي طالما كل شئ دون فى الكتاب المقدس. 2 - أن المسيح قد وبخ اليهود ولم يقبل التقليد (لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم) متى 3:15 3 - عدم لزوم التقليد حيث قال موسى عليه السلام (لاتزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه) سفر التثنية 4:2 كذلك (وإن أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة) رؤيا يوحنا 18:22 4 - إذا كان للتقليدات أهمية فلماذا لم ترد فى الأناجيل، ولما لم تحتو الأناجيل على كل أسس العقيدة.

الأناجيل تناقض التقليد:

الأناجيل تناقض التقليد: أ- يسمح التقليد بتعميد الأطفال فى حين تقول الأناجيل (من آمن واعتمد) حيث وضعت الإيمان شرطا للتعميد وهو غير متوفر عند الأطفال. ب- ينص التقليد على بتولية السيدة مريم رغم أن نصوص الأناجيل صريحة كما راينا فى هذا الشأن. إذاَ التقليد هو آراء شخصية واجتهادات للآباء. فهل يجوز لعقيدة دينية أن تسمتد من آراء بشرية. إن العقيدة المسيحية قد اعتمدت فى صياغتها على المصادر الثلاث: الأناجيل والمجامع الكنسية والتقليد، فما كانت النتيجة؟ يقول فولتير: إن لدى مائتين مجلد فى اللاهوت المسيحي والأدهى من ذلك أنى قرأتها كلها فكنت كأنما أقوم بجولة فى مستشفى للأمراض العقلية) (¬1) ويقول ول ديورانت (فى مقدور الإنسان الآن أن يهز كتفيه استخفافا باللاهوت المربك والمرعب) (¬2) ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت. (¬2) مفكر وأديب الماني 1981:1927

ويقول جان مسلييه راعي أبرشية أتربيني فى شمبانيا (لقد تعب الذهن البشري من اللاهوت المبهم والخرافات السخيفة والأسرار العويصة والطقوس الصبيانية) ويقول جوت هولت ليسينج: إنني أتطلع إلى زمن يختفى فيه اللاهوت كله من المسيحية فلا يبقى إلا مبدأ أخلاقي سامي من العطف الصبور والأخوة العالمية. ويقول يوهان كريستوف شيلر (¬1): لا أستطيع تقبل اللاهوت ولم أعد قادرا على الصلاة ولكنى أؤمن بإله أشعر بوجداني أنه موجود. ويقول دنيس ديدرو (¬2): إن العقيدة المسيحية أسخف واشنع ما تكون فى تعاليمها ومبادئها، كما أنها مستعصية على الفهم ميتافيزيقية مربكة غامضة إلى أبعد الحدود ومن ثم كانت أكثر تعرضا للانقسامات والشيع والانشقاقات والهرطقات. وقد سخر فولتير (¬3) فى كتابه (الملحد والحكيم) من تخبط الآراء حول طبيعة المسيح فقال: هل تؤمن بأن المسيح له طبيعة واحدة وشخصا واحدا وإرادة واحدة أو أن له طبيعتين وشخصيتين وإرادتين؟ أم أن له إرادة وطبيعة واحدة وشخصيتين أو إرادتين وشخصيتين وطبيعة واحدة؟ ¬

_ (¬1) فيلوسوف وشاعر ألماني 1787:1759 (¬2) مفكر وفيلسوف فرنسي 1768:1713 (¬3) غنى عن التعريف

المسيحية والديانات الوثنية

المسيحية والديانات الوثنية ينص دستور الإيمان المسيحي على أن الدين المسيحي هو إعلان إلهي يتضمن حقائق كانت مجهولة عند البشر لسموها عن إدراكهم، فأعلنها لهم ربنا يسوع المسيح ورسله الكرام فى كتابه الإلهي لأجل خلاصهم وسعادتهم ومن ثم يجب على العقل البشري أن يسلم بها ويخضع لها من دون أن يحكم فيها لأنها ليست من اختصاصه (¬1) والحقائق التي كانت مجهولة عند البشر وأعلنها الدين المسيحي هى عقيدة التثليث وما ترتب عليها من تألية المسيح حتى يصبح الأقنوم الثاني فى الثالوث وكذلك الروح القدس لتكون الأقنوم الثالث. والحقيقة التالية هى خطيئة آدم او الخطيئة الأصلية أو خطيئة الطبيعة وما ترتب عليها من تجسد الله فى صورة انسان (المسيح) ليخلص البشر من الخطية. إن هذه الحقائق كانت مجهولة بالفعل عند الدين السماوى الذي سبق المسيحية وهو اليهودية، فاليهود لم يعرفوا ثالوثا. ولم يرثوا خطية آدم رغم أن قصة آدم ومعصيته لربه مسجلة فى كتابهم. ولكن تلك الحقائق التي يدعى إعلانها الدين المسيحي للمرة الأولي لم تكن مجهولة عند الديانات الوثنية فعقيدة التثليث عرفت منذ مئات السنين قبل الميلاد فى مصر ¬

_ (¬1) علم اللاهوت: القمص ميخائيل مينا.

والهند والجزيرة العربية وغيرها كما أن تأليه البشر كان أمرا عاديا فى العراق القديم ومصر والإمبراطورية الرومانية وغيرها من الشعوب الوثنية، كذلك عقيدة الإله المخلص الذي يموت ثم يبعث من الأموات كانت عند المصريين وإلهم أوزوريس وعند البابليين والههم بعل واليونانيين وإلههم ديونيسيس والفرس وإلههم مثرا وعند الهنود وإلههم كرشنا والصينيين وإلههم (الأوكيون) المولود من عذراء، والفريجيين وإلههم (أتيس) والمكسيكيين وإلههم (كوتذلكوتل) (¬1) وقد كان التحول عن الوثنية إلى المسيحية لم يكن انتقالا إلى جو غريب تمام الغرابة أو شعورا بانقلاب باغت مفاجئ. إذا شابهت طقوس الديانة المسيحية وأسرارها المقدسة ما للديانة القديمة من طقوس وأسرار (¬2) ويقول ول ديورانت: عندما ذهبت النهضة الفكرية إلى ما وراء المسيحية اكتشفت الذهن الوثني فأطلقت العنان لعمل العقل، ويقول جون تولاند (¬3): إن الاعتقاد بإله ذى شخصية يرجع إلى الوثنية وإن الناس يضفون مجدا إلهيا على مخلوقات من جنسهم. ويقول فونتنل (¬4): لا أجد فرقا بين الوثنيين والمسيحيين، فالمسيحية تأبى نسبة حقائقها إلى الوثنيين، والوثنيون أورثوا المسيحيين أخطاءهم. ¬

_ (¬1) WORLD MYTHOLOGY: LAROUSSE (¬2) تاريخ أوروبا: هـ. أ. فيشر (¬3) أزمة الضمير الأوروبي: بول هازار (¬4) أزمة الضمير الأوروبي: بول هازار

التثليث بين المسيحية والوثنية

التثليث بين المسيحية والوثنية يقول هـ. أ. فيشر (¬1) إن الثالوث فكرة مستمدة من الحقيقة بأن الثلاثة هى العدد التام. فعند المصريين القدماء (الفراعنة) عرف الثالوث بصوره المختلفة: أ- الثالوث الذي يمثل الإله الواحد فى ثلاث تجليات أو مظاهر مختلفة. وهذا هو الثالوث الذي يعبده المسيحيون الآن فهم يقولون أن الله تجلى فى صورة الإبن (الرحمة) لينقذ أولاد آدم وأن الأب يمثل العدل الإلهي والروح القدس هى روح الله، المختصة بالتطهير وتنوير أرواح البشر. وقد عبد المصريون الإله رع (إله الشمس) بتجلياته ومظاهره المختلفة فهذا الإله عند الغروب يسمى (آتوم) وعند الشروق (حورس) وهكذا رع وآتوم وحورس إله واحد هو إله الشمس ولكن يسمى أتوم عند غروبه ويسمى حورس عن شروقه، ويتكلم إله الشمس فى منطقة أخرى من مصر عن نفسه قائلا: أنا الإله خيبرا فى الصباح ورع عند الظهر وآتوم عند الغروب (¬2). هنا أيضا خيبرا ورع وأتوم يمثلون إلها واحدا هو الشمس بحالاته المختلفة. ب- الثالوث الذي يمثل إله واحد وذو قدرات أو قوى ثلاث: ¬

_ (¬1) تاريخ أوروبا: هـ. أفيشر (¬2) GODS OF EGYPTIANS E,A, WALLIS

وهذا أيضا يطابق الثالوث المسيحي: الأب هو الذات الإلهية والإبن هوالكلمة أو النطق والروح القدس هى روح الله. والثالوث المصري القديم: آتوم هوالعقل وحورس هو القلب وتحوت هو الكلمة (أو اللسان) أى أنه ألها واحدا له القدرة العقلية الممثلة بأتوم وقوة الحياة الممثلة فى حورس وقدرة التعبير ونقل الأفكار للآخرين وممثلة فى تحوت. جـ- الثالوث الذي يمثل ثلاث آلهة متحدين فى الجوهر ويقوم أحدهما بخلق الاثنين الآخرين. ثالوث داندرة: حورس والابن ايحي والآلهة حتحور. ثالوث هليوبولس: (تحوت والابن نفرحور والآلهة سسشات) الثالوث المصري العام: (أوزوريس والابن حورس والآلهة ايزيس) ثالوث منف: (بتاح والإبن نفرتم والآلهة سخمت) والثالوث المسيحي: الأب والابن والروح القدس. وينص دستور الإيمان المسيحي على أن الابن مولود من الأب والروح القدس قد انبثقت من الأب كذلك.

الثالوث فى الفلسفة:

وقد عبد الهنود ثالوثا كونوه من براهما وسيفا وفيشنو (¬1) وهو إله واحد ذوثلاث تجليات مختلفة ويعتقد الهنود أن الأقنوم الثاني أى الإله (فشنو) قد نزل إلي الأرض متجسدا فى صورة إنسان خمس مرات ومن تلك المرات الخمس مرة تحت اسم راما وأخرى تحت إسم كرشنا. وعبد البابليون (¬2) ثالوثا كونوه من أنو وأنليل وأنكي (آلهة السماء والهواء والأرض) وثالوث آخر من أجرام سماوية هى الشمس والقمر وكوكب الزهرة. وعبد الآرميون ثالوثا مكونا من الاله (هدد) والابن (سيميوس) والالهة (أترجاتيس) وفى الجزيرة العربية عبد ثالوثا من الكواكب إله الزهرة وإله القمر وإله الشمس) الثالوث فى الفلسفة: ابتكر افلوطين وهو من مؤسسي الأفلاطونية الحديثة (مع معلمه آمون ساكاس) ثالوثا من ثلاثة أقانيم ينبثق بعضها من بعض بالفيض الإلهي. وقد سمى أفلوطين الأقنوم الأول باسم الأول أو المطلق أو الخير. ووصف هذا الأقنوم بالكمال وأنه لا متناهي فى عدم تحيزه المكاني أو تحدده الكيفي، والأقنوم الثاني واسماه العقل الكلي، وهو يصدر وينبثق من الأقنوم الأول كما ¬

_ (¬1) دائرة المعارف كمبردج صـ1229، 1272 (¬2) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي

يصدر شعاع الشمس منها أو تنبعث الحرارة من النار، واستخدم أفلوطين الكلمة أو اللجوس ليعبر عن هذا العقل فى علاقته بالأقنوم الاول. الاقنوم الثالث ودعاه أفلوطين بالنفس الكلية، وتنبثق من العقل. وقد استعارت المسيحية الاصطلاح الأقنومي ونظرية الفيض الإلهي لتعبر عن انبثاق وولادة الأقانيم بعضها من بعض. ويؤكد المؤرخون أن آباء الكنيسة الأوائل قد نهلوا من معين الفلسفة اليونانية. فالقديس أوريجين (185 إلى 254) تتلمذ على يد الفيلسوف آمون ساكاس إمام الأفلاطونية الحديثة، والقديس بانطاينوس 216:179 قد جمع بين الكتاب المقدس والفكر اليوناني والخلق الرواقي والاهتمام باللوغوس، وكذلك القديس كلمنت (215:150) كان يرأس مدرسة الموعوظين بالاسكندرية خلفا لبانطاينوس، وقد درس أيضا الفلسفة اليونانية. وأيضا هرقل، ويعتبر أول من حمل لقب البابا قام بدراسة الفلسفة قبل أوريجين بخمس سنوات. إن تأثر المسيحية بالديانات الوثنية التي كانت منتشرة عند نشأتها وكذلك بالمذاهب الفلسفية الموجوده حينئذ أمر طبيعي لعدم وجود عقيدة واضحة ومحددة ومنزلة بوحى إلهى، فكثرت التأويلات وتخبطت الآراء وتعددت الانشقاقات حيث ظهرت

السوسنيانية (¬1) والسابللية (¬2) والسميسطائية (¬3) والنوفاتية والدوناتية (¬4) ناهيك عن الهوموسية والهومويوسية والهوموية والأنومية والنسطورية إلخ (¬5) ويقول فشر (¬6) أن المسيحية لم تأت بجديد فقد ورثت العهد القديم عن اليهودية وأخذت الأسرار الكنسية المقدسة عن الديانات السرية، يضاف إلى ذلك أن القول بوجود واسطة بين الله والناس أمر مألوف عند الفرس وأهل الأفلاطونية الحديثة سواء. ويقول نورمان كانتور (¬7) أن أوريجين عالم اللاهوت المسيحي الذي يعد مؤسس مدرسة الإسكندرية المسيحية قد أرسى تقليداً لتفسير العقيدة المسيحية فى اصطلاحات أفلاطونية ويضيف أن أوغسطين (430:354) قد نهل كثيرا من مورد الفلسفة الأفلاطونية فى كتاباته اللاهوتية، وعلى الصعيد العملي تركت الأفلاطونية الحديثة بصماتها على اللاهوت بأسره. ¬

_ (¬1) نسبة إلي فوستو سوذيني وينادي باخضاع الكتاب المقدس للعقل وينكر التقليد أول ظهوره على يد أريوس فى القرن الرابع. (¬2) نسبة إلى سابليوس: نادى الأقانيم الثلاثة صور مختلفة للأقنوم الأول أو أسماء لإله واحد. (¬3) نسبة إلي بولس السيمسطائي (¬4) نسبة إلي دوناتوس الكبير (¬5) نسبة إلى نسطور الذي قال أن المسيح إنسان مجرد ذو إقنومين وطبيعتين. (¬6) تاريخ أوروبا: هـ. أ. فيشر (¬7) التاريخ الوسيط: نورمان كنتور

تأليه البشر وأبناء الله

تأليه البشر وأبناء الله تعد دولة أكد السامية (2350ق. م) هى أول دولة استحدثت تأليه الملوك (¬1) حيث ارتبط اسم (سرجون) أول ملوك أكد بالصفات المقدسة ومن بعده جاء الملك نرامسن الذي كان ينادي بلقب نرامسن المقدس إله أكد (¬2) كذلك فى عصر إحياء الدولة السومرية استمر الملوك فى اكتساب الصفات الإلهية فبنيت لهم المعابد وقدمت لتماثيلهم العطايا والقرابين، وألفت الأناشيد والترانيم لتمجيدهم كما يتضح من هذا النشيد المصاغ عن الملك (شولجي): أنا ملك الأحياء الأربعة (العالم) وإله كل البلاد والإبن المولود لنن سون (اسم إلهة) أنا الذي باركني أنليل (إله الهواء) ومنحنى أنكي الحكمة (إله الأرض) كذلك ذكر الملك (جوديا) أنه ابن الألهات نن سون ونانشي (ألهة الحكمة) وجاتو مدوج. ¬

_ (¬1) الحضارات السامية القديمة: موسكاتي (¬2) معالم العصر التاريخي فى العراق القديم: د. نبيلة محمد عبد الحليم.

وكان يخاطب جوديا الإلهة جاتو قائلا: ليس لى أم أنت أمي ليس لي أب أنت أبي واستعمل اسم الملك شولجي كجزء من أسماء رعاياه مثل (شولجي إلهي) و (شولجي خالقي) و (شولجي والدي) وجاء من بعده ابنه (أمرسن) الذي قبل العطايا فى المعابد المكرسة له كما فعل أبوه وقد ظل هذا الملك فى عداد مجمع الآلهة. ومن دراسة آثار حمورابي يستدل على أنه كان يكتسب الصفة الإلهية فقد أطلق على نفسه إله الملوك (¬1) وادعي أن شرائعه المشهورة كانت وحيا من إله الشمس (شمش) وإن الإله مردوك انتدبه ليحكم البشر ومدينة بابل. وفى مصر كان اتوم أول إنسان مصري يقوم الشعب بتأليهه واعتباره إله الشمس الغاربة وهو الذي قام بخلق بقية الثالوث وهما الإله شو والإلهة تفنوت (¬2) وكما قدس المصرييون أتوم فى حياته قدسوا اوزوريس بعد مماته فكان أول إنسان يؤله بعد موته. ¬

_ (¬1) دراسات فى تاريخ الشرق القديم: د. أحمد فخري (¬2) آلهة المصريين: أ. أ. والاس

وقد ادعي فراعنة الأسرات الأولى أنهم مقدسون، وكان الفرعون نفسه مقتنعا بقدسيته الشخصية كاقتناع رعيته (¬1) وكان رعاياه مجبرين على طاعته وطائفة الكهنة منشغلة بالتوكيد الدائم لقدسيته. ففرعون مصر كان تجسيدا لإله الشمس على الأرض أى أنه إله متجسد رضى أن تكون الأرض موطنا له إلى حين (¬2) وفى الوقت نفسه ابنا للإله آمون - رع. وكان كهنة المعابد قد أعلنوا إمكانية حلول الالهة فى أجساد الملوك فأصبح كون هؤلاء الملوك آلهة أمرا مألوفا. وفى زيارة الإسكندر الأكبر لمبعد سيوه زعم كهنة هذا المعبد أنه ابنا للإله آمون رغم أن أمه كانت قد أعلنت أن الإله عطارد نفخ فيها فحبلت به أى ابنها ابنا للإله عطارد. ومنذ بداية العصر الإمبراطوري فى عهد أغسطس قيصر قامت ديانة رسمية على أساس تأليه الإمبراطور بعد مماته. ومن وجهة نظر شعبه كان أغسطس حاكما إلهيا وفى مصر لقبه المصريون باللقب الذي كانوا يلقبون به بطالستهم اى (الالهة)، وكان من ألقابه الرومانية لقب (ابن الإله)، ولقب أغسطس أى الممجد أو صاحب الجلالة وهى جميعا ألقاب للألهة. ¬

_ (¬1) فلاسفة الشرق: أ. و. توملين (¬2) قصة الحضارة: ول ديورانت

وقد أله أغسطس قيصر بعد مماته وأدمجت عبادته بعبادة الآلهة (روما) (¬1) وفى القرن الثالث الميلادي تطورت عبادة الأباطرة فاصبحوا يقدسون فى حياتهم (¬2) ولم يكن التأليه والتقديس من نصيب الملوك فقط فقد كان للفلاسفة نصيب أيضا فالفيلسوف اليوناني أنبا دوقليس (490ق. م:430ق. م) قد ادعى أنه مشتمل على روح إله (نظرية الحلول) ووصف نفسه بأنه إله خالد تحرر من الموت إلى الأبد (أى أنه خلص من عجلة الميلاد والتناسخ) وقد تبعه آلاف من الناس آملين الخلاص على يديه، وقد ألهه أتباعه بعد موته الذي تحوطه الأساطير. ويقال أنه بعد اجتماع له مع اصدقائه (مثل مثرا وكذلك المسيح فى العشاء الرباني) اختفى تماما وظهر ضوء فى السماء (¬3): وأحاطت شخصية فيثاغورس 490:570 كثير من الأساطير إذ كان مصلحا دينيا وصاحب فريق من الأتباع وتجمعهم عقيدة دينية واحدة واتجاه فلسفي واحد. وكان فيثاغورس يعتقد بأنه كائن اسمى من البشر إذ كان يقول هناك بشر وآلهة وكائنات وسط بينهما مثل فيثاغورس. وكان أتباعه يعتقدون أنه ابن الإله (أبولون) وأنه لم يمت وسيبعث بعد حين (¬4). ¬

_ (¬1) تاريخ العلم: جورج سارتون. (¬2) التاريخ الوسيط: كانتور (¬3) الفلسفة عند اليونان: د. أميرة حلمي مطر (¬4) عبقرية المسيح: العقاد

أبناء الله فى الكتاب المقدس: الأبوة الإلهية

وأحاطت الاساطير بجلجامش أحد ملوك الوركاء (أروك) بالعراق فاعتقد مواطنوه أن ثلثيه إله والثلث من البشر (¬1). وتشبه الملك انطيوخس خليفة الإسكندر به وأطلق على نفسه لقب الإلهي أو صاحب الشارة الإلهية. إذاً من الواضح أن تأليه البشر وتقديسهم باعتبارهم آلهة متأنسة (فى صورة إنسان) أو أبناء آلهة كان أمرا مألوفا عند الشعوب الوثنية وقد بدأ فى دولة أكد منذ 2350 عاما قبل الميلاد كما يقول المؤرخ موسكاتي واستمرت إلى 300 عام بعد الميلاد كما يقول المؤرخ كانتور. أبناء الله فى الكتاب المقدس: الأبوة الإلهية وردت الأبوة الإلهية للملائكة وللبشر فى مواضع كثيرة فى الكتاب المقدس (العهد القديم) جاء فى سفر التكوين أن الملائكة أبناء الله (وأن أبنا ءالله رأوا بنات الناس حسنات فاتخذوا منهن زوجات) صح 2:6 وجاء فى تفسير الرهبان اليسوعيين أن جنس العمالقة جاء نتيجة هذا التزاوج بين الملائكة وبنات الناس. وجاء كذلك فى سفر أيوب (وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب، وجاء الشيطان أيضا فى وسطهم) أيوب صح 1:2 ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت

وأطلق لقب ابن الله على شعب إسرائيل (فتقول لفرعون هكذا يقول الرب، اسرائيل ابني البكر، فقلت لك أطلق ابني ليبعدني) خروج صح 22:4 وتكرر ذلك فى موضع آخر (لما كان إسرائيل غلاما أحببته ومن مصر دعوت إبني) هوشع صح 1:11 وكذلك (ويكون عوضا عن أن يقال لهم لستم شعبي، يقال لهم أبناء الله الحي) هوشع 10:1 وكذلك (أنتم أولاد للرب إلهكم) تثنية 14:1 وأعطى هذا اللقب لداود النبي (قال الرب لى أنت ابني أنا اليوم ولدتك، اسألني فأعطيك الأمم ميراثا لك وأقاصي الأرض ملكا لك) المزمور الثاني: 7 وأطلق هذا اللقب على سليمان بن داود عليهما السلام (هو يبنى بيتا لا سمي وأنا أثبت كرسي مملكته إلي الأبد، أنا أكون له أبا وهو يكون لى ابنا) صموئيل الثاني صح 13:7 وسليمان هو الذي بنى الهيكل المنسوب إليه. وكذلك أطلق هذا اللقب على أفرايم بن يوسف ونسله، (لأني صرت لإسرائيل أبا وأفرايم هو بكري) أرميا 9:31 وشعب إسرائيل قد دعا الله أبا لهم (أنت يارب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك) اشعياء 16:63 كذلك (والآن يا رب أنت أبونا نحن الطين وأنت جابلنا) أشعياء 8:64 ونتسائل ما المقصود بالأبوة الإلهية فى الديانة اليهودية وما معنى (أبن الله) أو (أبناء الله) الذي ورد فى العهد القديم؟

ويجيب على ذلك يهودا فيلون الفيلسوف اليهودي (30ق. م إلي 40م) قائلا: ينقسم الإنسان إلي ثلاثة أقسام: وليد الأرض وهو من يطلب متاع الجسد ووليد السماء وهو من يطلب متاع الفكر ووليد الله من تجرد عن الدنيا وزهد فى متاعها وهذا فى زمرة الهداة والمرسلين، إذاً الأبوة الإلهية عند اليهود مجازية وتختلف عن تلك المعتقدة عند الوثنيين. وفى الأناجيل كثر استعمال لقب ابن الله وأطلق على تلاميذ المسيح والمسيحيين الأوائل وصانعي السلام، (طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون) متى 9:5 وعلى الرحماء (كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم)، (فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي فى السموات هو كامل) متى 48:5 وكذلك (لكى تكونوا أبناء ابيكم الذي فى السموات) متى 45:5، أيضا (فأبوك الذي يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية) متى 4:6، ومخاطبة الله فى الصلاة (ابانا الدى فى السموات) وفى إنجيل يوحنا (لنا اب واحد هو الله) 41:8 وواضح أيضا أن الأبوة الإلهية هنا مجازية، ونتسائل ما الذي أدى إلي تأليه المسيح والرجوع بالبشرية إلى الوثنية من جديد؟ ما الذي أدى إلي فهم الأبوة الإلهية بمعناها اللفظى مما أنزل الإنسان إلي عقلية الإنسان البدائي فى دولة أكد وسومر ومصرالفرعونية؟ يقول يوهان سملر أستاذ الفلسفة فى (هالة): أن المسيحية قد جرفها عن تعاليم المسيح لاهوت القديس بولس الذي لم ير المسيح قط.

ويؤكد فولتير ذلك قائلا أن المسيح كان يهوديا يتمسك بالديانة اليهودية طيلة حياته ويؤدي شعائرها ويتردد على المعبد اليهودي ولا ينطق بشئ يخالف الشريعة اليهودية، يقينا أنه ليس هو الذي أسس الديانة المسيحية، أن المسيح لم يبشر بأية خصيصة واحدة من خصائص المسيحية. وقد أعلن المسيح الهدف من رسالته (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل) متى 17:5 الناموس: شريعة موسى ويتسائل فولتير لماذا نبذت المسيحية شريعة موسى على الرغم من تكرار توكيد المسيح عليها؟ وهل كان بولس الذي نبذ هذه الشريعة له سلطة أومرجعا أقوى من المسيح؟ إن قصر الفترة الزمنية التي استغرقتها رسالة المسيح (ثلاث سنوات وبضعة شهور) لم تتح للمسيح إرساء قواعد رسالته فهى فترة زمنية غير كافية لتأسيس ونشر ديانة كما أن رحيل المسيح المفاجئ عن التلاميذ جعلهم نهبا للشكوك وفريسة لخيبة الأمل فى تأسيس دولة اليهود وتبوء مراكز قيادية فى تلك الدولة. إن الديانة المسيحية قد ولدت والديانات الوثنية محدقة بها من كل جانب، ففى مصر عبد المصريون الثالوث أوزوريس والإبن حورس والآلهة ايزيس واعتبر المصريون ايزيس أم الاله حورس فصوروا لها صورا من الجواهر وأقاموا التماثيل لها فى معبد ابنها اله الشمس، ولقد كان لهذه الأساطير والرموز الشعرية الفلسفية

أعمق الأثر فى الطقوس المسيحية وفى الدين المسيحي، حتى أن المسيحيين الاولين كانوا أحيانا يصلون أمام تمثال ايزيس الذي يصورها وهى ترضع طفلها حورس (¬1) ويقول جورج سارتون: إن طقوس عبادة ايزيس المتقنة الرهيبة قد مهدت السبيل إلي طقوس سيدتنا مريم العذراء (¬2) كما كان الاعتقاد بموت الإله أوزيريس ثم قيامته من الأموات راسخا عند الفراعنة حتى يكتسبوا هم أيضا الخلود فيبعثوا معه (¬3). ويردد المسيحيون صدى هذا الاعتقاد بقولهم: لما كان المسيح يحيا حقا سوف أحيا ولما كان المسيح لن يموت فلن أموت. وقد غزت عبادة الاله الفارسي (مثرا) الإمبراطورية الرومانية قادمة من بلاد فارس والهند وكان يمثل هذا الاله فى صورة الشاب ذي الوجه الوسيم الذي تعلوه هالة من نور ترمز إلي الوحدة القديمة بينه وبين الشمس (¬4). وكان يفرد تابعوه يوم الأحد لعبادته (يوم الشمس) ويحتفلون بمولده فى الخامس والعشرين من ديسمبر (يوم الاعتدال الخريفي) وهو نفس يوم الاحتفال بمولد السيد المسيح عند الكنيسة الغربية. كما يعتقد علماء علم مقارنة الأديان اقتباس المسيحية لطقس العشاء الرباني من هذه الديانة وكانت ديانة ديونسيس فى اليونان قد زحفت أيضا إلي الإمبراطورية ¬

_ (¬1) قصة الحشارة: ول ديورانت الجزء الثاني من المجلد الأول. (¬2) تاريخ العلم: جورج سارتون الجزء الرابع. (¬3) الديانة فى مصر الفرعونية (¬4) هذه الصورة اشتهر بها السيد المسيح

الرومانية، وقد ولد الإله ديونسيس (إله الخمر والشمس) فى مذود كما ولد السيد المسيح، كما أن أول معجزة قام بها السيد المسيح كانت تحويل الماء خمرا عرفت فى عباة ديونسيس كمعجزة من معجزاته بصفته إلها للخمر. ومن حيوانات ديونسيس المقدسة الحمل والحمار وعلى الحمار ركوبه (¬1) ونرى السيد المسيح يطلب جحشا وحمارة لدخول أورشليم (إنجيل متى) وكما أشرنا من قبل أن يوم الاحتفال بميلاد ديونسيس هو السادس من يناير. (¬2) هكذا تأثرت المسيحية بالأديان الوثنية التي كان يعج بها العالم حينئذ فتركت الوحدانية التي شددت عليها شريعة موسى واتخذت الثالوث الها، كما انبهرت بعقيده الإله المخلص الذي يموت ثم يقوم من الاموات منتصرا على الموت فأخضعت لها المسيح فاصبح فى مصاف أوزريس وبعل وأرتيس وتموز .. وغيرهم من الآلهة المخلصة التي عرفت عند الوثنيين. إن العقل المتحضر يرفض تماما فكرة تأليه المسيح، يقول جوته (¬3): أنا أنحني أمام المسيح بوصفه المظهر الالهي لأسمي مبدأ للفضيلة وكذلك أعبد الشمس كما أعبد المسيح لأنها مظهر معادل من مظاهر القوة الإلهية. لقد اعتبر جوته السيد المسيح كالشمس مخلوقا تتجلى فيه قدرة الله. فلمادا يعبد دون مخلوقات الله ¬

_ (¬1) الله: العقاد (¬2) تحتفل الكنيسة الشرقية بميلاد المسيح فى السادس من يناير. (¬3) قصة الحضارة: ول ديورانت

ويقول جوتسهولت ليسنج أن المسيح أفضل إنسان مثالي ولكن ليس تجسيدا للإله. ويقول جون تولاند (¬1) أن الاعتقاد بإله ذى شخصية إنسانية يرجع إلي الوثنية ويقول هرمان رايماروس (¬2) إن المسيح ليس ابنا لله بل هو صوفيا متحمسا. وقد أنكر يوهان شولتز وهو أحد القساوسة لاهوت المسيح فطرد من وظيفته وقد وصف كارل بارت السيد المسيح بأنه معلم عظيم فقط مثل كونفوشيوس وسقراط وسملر ومثله هو (أى كارل بارت) وقد طرد أيضا من القسوسية. ¬

_ (¬1) أستاذ الأدب بجامعة جلاسكو (رسائل إلى سيبرينا) (¬2) أستاذ اللغات الشرقية فى أكاديمية همبورج

خطيئة آدم (الخطيئة الأصلية)

خطيئة آدم (الخطيئة الأصلية) تعتبر خطيئة آدم حجر الزاوية للعقيدة المسيحية، فمن أجل إزالة إثم هذه الخطيئة التي توارثها أبناء آدم على مدي آلاف السنين (كما يعتقدون) أرسل الله ابنه أو نزل هو فى صورة الإبن ليصلب ويقتل على الصليب (كما يعتقدون). فما هي خطيئة آدم كما وردت فى التوراه (¬1) يقول سفر التكوين (وأوصى الرب الإله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلا وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها) صح 16:2 ولكن الشيطان تجسد فى شكل حية ودخل الجنة وأوعز إلي حواء فأغرت بدورها آدم فأكلا من الشجرة المحرمة. إذاً آدم وحواء عصيا الله وكان عقاب الله لهم كما يلي (فقال الرب الإله للحية لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم .. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك) وعقاب حواء كان كالآتي (وقال للمرأة كثيرا أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا) سفر التكوين صح3. وعقاب آدم (ملعونة الأرض بسببك .. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها) تكوين 3: 17 - 19 إن العقاب تمثل فى الطرد من الجنة ¬

_ (¬1) الاستشهاد هنا بالعهد القديم على اساس أن الخطيئة الأصلية بنيت على روايته لمعصية آدم لربه ولكن هذا لا يمنعنا من رؤية أمور غير معقولة مثل أكل الحية للتراب أو أن آلام الولادة عقاب من الله لحواء كما أن الارض تنبت الفاكهة بجانب الشوك.

والمعاناة والشقاء فى الرض حيث مصارعة العوامل الطبيعية من أجل البقاء. وزيادة آلام الحمل والولادة بالنسبة لحواء. وصاحب عقيدة الخطيئة الأصلية وتوارثها هو القديس بولس وهو كذلك مصمم عقيدة تأليه المسيح، ويفتخر بذلك الاكتشاف فيقول (إن كنتم قد سمعتم بتدبير نعمة الله المعطاة لى لأجلكم إنه بإعلان عرفني بالسر) الرسالة إلي أهل أفسس 2:3 ويعترف بولس أن أحد من قبله لم يعلم بما عرفه (الذي فى أجيال أخرى لم يعرف به بنو البشر) الرسالة إلي أهل أفسس 2:3 أن بولس يقول عن توارث الخطيئة التي ارتكبها آدم (كل ابن أنثى يرث خطيئة آدم وأن لاشئ ينجيه من العذاب الأبدي إلا موت ابن الله ليكفر بموته عن خطيئته) الرسالة إلي العبرانيين 26:7 ويقول بولس أن الخطيئة التي اقترفها آدم قد أفسدت طبيعة أبنائه أى الطبيعة البشرية وجعلتها شريرة (الذين نحن أيضا جميعا تصرفنا قبلا بينهم فى شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضا) فى رسالته إلي أهل أفسس. ويبدو أن بولس هذا ومن آمنوا بنظريته تلك عن توارث الخطيئة لم يقرأوا كتابهم المقدس حيث جاء فى سفر حزقيال (وإن ولد ابنا رأى جميع خطايا أبيه التي فعلها فرآها ولم يفعل مثها .. فإنه لا يموت بإثم أبيه، حياة يحيا) 14:18

وكذلك (النفس التي تخطئ هى تموت، الإبن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الإبن، بر البار عليه يكون، شر الشرير عليه يكون) حزقيال 20:18 وجاء أيضا فى سفر التثنية (ولا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء كل إنسان بخطيئته يقتل) 16:24 وكما تعارض نصوص العهد القديم مبدأ توارث الخطيئة، يعارض الفلاسفة العقلانيين والمفكرين مبدأ إفساد الخطية للطبيعة البشرية حيث يقول ايمانويل كانط متسائلا كيف بدأ الشر فى طبيعة البشر؟ إنه لم يبدأ بسبب الخطية الأصلية. فلا ريب أن أشد التفسيرات كلها سخفا لذيوع هذا الشر وانتشاره فى جميع أفراد وأجيال نوعنا هو التفسير الذي يصفه ميراثا منحدرا إلينا من أبوينا الأولين. وربما كانت النوازع الشريرة قد تأصلت فى الإنسان تأصلا قويا لأنها كانت ضرورية للبقاء فى الأحوال البدائية، وهى لا تصبح رذائل إلا فى المدينة، فى المجتمع المنظم (¬1). ويقول جوته: إنني لا أشعر إطلاقا بأنني أحمل تلك الخطيئة ولست فى حاجة إلي إله يموت كفارة عنى (¬2). ويقول جون لوك2 أرفض الاعتقاد بأن كل سلالة آدم قد حكم عليها بعذاب أبدي لا نهائي من أجل خطية الرجل الأول (آدم) الذي لم يسمع عنه قط ملايين من الناس. ¬

_ (¬1) قصة الحضارة: ول ديورانت (¬2) طبيب وفيلسوف انجليزي: أزمة الضمير الأوروبي

فكيف يعاقب الله من لا يدرك الخير والشر.

ويتفق البارون دي هولباخ مع المسيحية فى أن الإنسان نزاع إلي الإثم بطبيعته ولكنه يرفض فكرة أن هذه الطبيعة الشريرة موروثة عن خطيئة آبائنا الأولين باعتبارها فكرة سخيفة. أما بيير بايل (¬1) فيقول (أما فيما يتعلق بخطيئة ادم وما ترتب عليها فيجب أن يخضع الكتاب المقدس لمحاكمة الفلاسفة) ويقول بول هازار: إن كونفوشيوس كان يعتبر أن الطبيعة البشرية قد جاءت من السماء فى غاية الطهارة والكمال وأن الفساد قد تطرق إليها فيما بعد لذلك فإن كونفوشيوس يعتبر الشبيه الصيني للقديس بولس (¬2) ونعود إلي آدم وحواء، لقد أخطأا وعوقبا كما أخبرنا سفر التكوين، ألا يكفي هذا العقاب لمغفرة الخطيئة خاصة أنهما عندما عصيا ربهما لم يكن فى وسعهما بعد التفريق بين الخير والشر كما يقول الكتاب المقدس. فكيف يعاقب الله من لا يدرك الخير والشر. إن القديس بولس يصر على أن الخطيئة لم تغفر ولا يمحوها إلا موت ابن الله، ولا ننسى أن ابن الله هو كذلك الله نفسه ولكن فى صورة الإبن! فيقول فولتير تعليقا على ذلك إن الله يقدم نفسه قربانا لنفسه لإرضاء نفسه اى أن التضحية من الله إلى الله على الصليب. ¬

_ (¬1) جواب على أسئلة قروى. الجزء الثالث (¬2) أزمة الضمير الأوروبي: بول هازار

ويتسائل ديدرو وهل ثمة شئ أشد حمقا وسخفا من أن إلها يموت على الصليب ليهدئ من غضب الله على رجل وامرأة (آدم وحواء) ماتا منذ آلاف السنين. ويضيف جان مسلييه أى رجل عاقل يصدق أن الله لكي يسترضي البشر ويستميلهم يمكن أن يضحي بابنه البرئ الذي لم يرتكب إثماً. ويقول سيجموند فرويد (¬1): إن تضحية المخلص بنفسه كإنسان برئ تشويها متعمدا واضحا يصعب التوفيق بينه وبين التفكير المنطقى فكيف كان من الممكن أن يأخذ إنسان برئ على نفسه ذنب القاتل بأن يسلم نفسه للقتل، ويضيف فرويد بأن للتراث الأسطورى الشرقي والأفريقي أثره على تشكيل وهم الخلاص هذا. إن المنطق والعرف يقران بأن المخطئ هو الذي يقدم قربانا إلى الله تكفيرا عن خطئه ولكن العقيدة المسيحية تقول أن الله هو الذي قدم نفسه قربانا إلي نفسه وما على أولاد آدم إلا الإيمان فقط بذلك لكي تعود طبيعتهم الشريرة إلي الخيرة ويسقط عنهم العذاب الأبدي. ويقول فولتير أن الله بعث بابنه ليخلص البشر ولكن الأرض والإنسان بقيا على ما هما عليه على الرغم من تضحيته. ¬

_ (¬1) موسى ورسالة التوحيد: سيجموند فرويد صـ108

بالفعل لقد آمن ملايين المسيحيين بتلك التضحية ومازال الشر فى تصاعد وكانت حصيلة حربين عالميتين ملايين من القتلي والجرحى (¬1): ناهيك عن المذابح بين الكاثوليك والبروتستانت ويقول هوج دي جروت (¬2): كنت أرى فى العالم المسيحي أفراطا فى الحروب لو اقترفته الشعوب البربرية لكان مثارا لخجلها. إن الواقع المحسوس والمنظور يثبت إن الطبيعة البشرية لم تتغير إلي الأحسن إن لم تكن إلي الأسوأ فالجريمة منظمة والشذوذ الجنسي أصبح مباح فى أوروبا وأمريكا والذين يمارسونه أضعاف أهل لوط. والزنا تنظمه قوانين صحية ومنظمات رسمية غير الذي يمارس تحت شعار الصداقة. فأين الدم الذي سفك؟ وما كانت نتيجة الإيمان به؟ إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا) تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم. إذاً مبدأ توارث خطيئة آدم يرفضه الكتاب المقدس والعرف والعقل والقول بأن تلك الخطيئة قد أفسدت الطبيعة البشرية مردود عليه بالواقع الملموس، فلا تغير قد طرأ على وجود الشر فى الشعوب المسيحية نتيجة اعتقادها بالصلب والفداء. ¬

_ (¬1) إن كلا من دول الحلفاء والمحور يدينون بالمسيحية. خسائر الحربالعالمية الأولي من الوفيات 25 مليونا (فيشر) (تاريخ أوروبا فى العصر الحديث) صـ548 (¬2) أزمة الضمير الاوروبي: بول هازار

المسيح وكرشنا وبعل وأدونيس يهبطون إلى الهاوية

المسيح وكرشنا وبعل وأدونيس يهبطون إلى الهاوية أولا: الهاوية أو العالم السفلي: اعتقد الإنسان قديما بنزول أرواح الأموات إلي عالم سفلي كائن تحت الأرض حيث الظلام والبرد والثعابين والأشباح المخيفة والعفاريت والغيلان وغيرها من الوحوش الاسطورية وألوان العذاب المختلفة (¬1). وأطلق البابليون على هذا العالم السفلي اسم (أرالو) ( ARALLU) (¬2) ، وعند الفراعنة كان يدعى (طوات) ( TUAT) (¬3) ، وكان يسمى (تارتاروس) ( TARTARUS) عند اليونانيين وكان يحكمه الإله (هاديز) (¬4) ( HADES) ، كما اعتقد الكنعانيون أن الإله (موت) هو حاكم لهذا العالم السفلي، وعند السومريين كانت الإلهة (أريشكيجال) هى المسيطرة. وقد اقتبس اليهود هذا الاعتقاد بوجود العالم السفلي أو الهاوية من تلك الشعوب الوثنية المحيطة بهم وأطلقوا عليه (شيول) SCHEOL وأدرجوه فى الكتاب المقدس وأورثوه للمسيحية. جاء فى العهد القديم نصوصا تخبرنا أن الأشرار يذهبون إلي الهاوية: (الأشرار يرجعون إلي الهاوية، كل الأمم الناسين الله) مز 9:17 ¬

_ (¬1) الحضارات السامية القديمة: موسكاني (¬2) تاريخ العلم: جورج سارتون (¬3) GODS OF THE EGYPTIANS: E.A.WALLIS (¬4) WORLD MYTHOLOGY: LAROUSSE

(يارب لا تدعني أخزى لأني دعوتك، ليخزى الأشرار، ليسكنوا فى الهاوية) مز 17:31 وجاءت أيضا نصوصا تخبرنا أن الأبرار يذهبون إلي الهاوية: (خلصني من أجل رحمتك، لأنه ليس فى الموت ذكرك) مز 5:6 وها هو (يعقوب) عليه السلام يتطلع إلي أن ينزل إلي ابنه يوسف نائحا إلى الهاوية: (فأبي أن يتعزى وقال انزل إلي إبني نائحا إلي الهاوية) تكوين 35:37 كذلك (لأنك لن تترك نفسي فى الهاوية ولن تدع تقيك يرى فسادا) مز 10:16 ويقول ول ديورانت (¬1): (شيول) أو أرض الظلام التي تحت الأرض، لم تكن تقل. هولا عن الجحيم فى الأديان الوثنية الأخرى، وكان يلقى فى (شيول) الموتي جميعهم الطيب منهم والخبيث، ولا يستثني منهم إلا المقربين الى الله مثل (موسي) و (وأخنوخ) و (إيليا) وتلقفت المسيحية الاعتقاد بوجود العالم السفلي من اليهودية وأطلقت عليه أيضا (الهاوية) أو (الجحيم). يقول (هنرى ثيسن) (¬2): يمثل العهد الجديد أيضا كلا من الأشرار والأبرار ذاهبين إلي الجحيم، كما نزل (يسوع) ذاته إلي الهاوية. ¬

_ (¬1) قسة الحضارة: ول ديورانت صـ345 (¬2) علم اللاهوت النظامي: هنرى ثيسن صـ647

ثانيا: نزول الآلهة المتجسدة إلى الهاوية:

جاء فى انجيل متى (وأنت يا كفر ناحوم المرتفعة فى السماء، ستهبطين إلى الهاوية) متى 23:11 كذلك (أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها) متى 18:16 وجاء فى إنجيل لوقا: (فرفع عيناه فى الجحيم وهو فى العذاب) لوقا 23:16 ثانيا: نزول الآلهة المتجسدة إلى الهاوية: اعتقد الهنود أن اإلههم المتجسد ومخلصهم (كرشنا) نزل إلي الجحيم ليخلص أرواح الأموات من العالم السفلي (¬1). كما اعتقد الفرس أن زرادشت بعد موته نزل إلى الجحيم وهاهو الإله (بعل) أيضا ينزل إلى العالم السفلي بعد أن ابتلعه الإله (موت) وتروى أساطير مماثلة عن الإله (أدونيس) والبطل الأسطورى (هرقل) (¬2) ابن الإله (جوبتر) واعتقد المسيحيون كذلك بنزول المسيح إلي الهاوية أو إلى شيول أو إلى الجحيم (¬3) ما أسباب نزول المسيح إلي الجحيم؟ ¬

_ (¬1) WORLD MYTHOLOGY: LAROUSSE (¬2) الأساطير الإغريقية والرومانية (¬3) الأساطير الإغريقية والرومانية.

انقسم اللاهوتيون إلي فريقين عند الإجابة على هذا السؤال: الفريق الأول: يعتقد أن المسيح نزل ليبشر الأبرار من الأموات فقط (اليهود) الذين رقدوا فى الإيمان. والفريق الثاني: يعتقد أن المسيح نزل ليعظ ويبشر جميع الأموات يهودا كانوا أو وثنيين. وعقيدة نزول المسيح إلى الهاوية ليس لها ما يؤيدها فى الأناجيل الأربعة ولكن اللاهوتيين الذين وضعوها استندوا إلى رسالة بولس التالية: (وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضا أولا إلي أقسام الأرض السفلى) أفسس 4: 8 - 10 وكذلك رسالة بطرس: (الذي فيه أيضا ذهب فكرز الأرواح التي فى السجن) 19:3 هل نبه الروح القدس والإلهام السماوى (بولس) والتلميذ (بطرس) إلى أن العالم السفلي الواقع تحت الأرض ليس إلا من خيال البابليين والمصريين القدماء وكنعانيين وغيرهم من الشعوب الوثنية؟

إن د/ قس الخضري (¬1) يذكر لنا السبب فى عدم اقتناعه بتلك العقيدة فيقول: (إن الذين يتمسكون بنظرية نزول المسيح إلى الجحيم يقولون إن الهدف من نزوله هو أن يخلص الذين ماتوا قبل صلبه، ولكن الكتاب المقدس يخبرنا بأن الذين ماتوا قبل صلب المسيح انتقلوا إلي النعيم كما هو واضح من قصة (لعازر) والغني التي جاءت فى لوقا (19:16) وأخبرتنا أن إبراهيم عليه السلام ولعازر البار فى النعيم، كذلك من قصة تجلي (موسى وإيليا) التي جاءت فى: مرقس 9:2 - 13 متى 17: 1 - 13 لوقا: 9: 28 - 36 وهذه القصة التي وردت فى ثلاثة أناجيل تثبت أن موسى وإيليا ظهروا للمسيح وتلاميذه وهما ليسا فى حاجة للمسيح أن يطلق صراحهما من العالم السفلي. وقد جاء فى التقليد اليهودي أن الذي جاء فى الجحيم ليعلن حكم القضاء على الأرواح التي عصت وتمردت قديما هوالنبي (أخنوخ) وليس المسيح، ويؤيد هذا الرأى بعض مفسري الأناجيل مثل (موفات) (¬2) رقم الايداع بدار الكتب المصرية 5084_1991 ¬

_ (¬1) تاريخح الفكر المسيحي: حنا الخضري صـ372، 374 (¬2) تاريخ الفكر المسيحي: حنا الخضري صـ372، 374

§1/1