بيان أخطاء المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي

شاكر ذيب فياض

ملخص البحث:

مُلَخَّصُ البَحْثِ: يتطرق هذا البحث إلى بيان أهمية كتاب " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي " في مجال تخريج الأحاديث النبوية، لكنه على أهميته وقع في أخطاء، لعل منشأها طول المدة التي كتب فيها، وكثرة العاملين عليه، مع اختلاف قدراتهم العلمية والعملية. ولما لوحظ ـ فيما كتب من دراسات حول المعجم ـ من بيان إيجابياته، والتجاوز عن سلبياته، أو ما لا يمكن اعتباره مُوفِيًا بالغرض، أو مُبَيِّنًا ـ بحق ـ لهذه السلبيات. ولما يمكن أن يعقب هذا العمل الضخم من أعمال مماثلة يجب ألا تقع في الأخطاء ذاتها، كان لا بُدَّ من بيان أخطاء " المعجم " في هذا البحث الوجيز. ويمكن تقسيم هذه الأخطاء إلى ثمانية أقسام هي: النقص في الكلمات الأصول وعدم المنهجية في إسقاط بعض الكلمات؛ وسقوط أحاديث بكاملها؛ وورود ألفاظ في " المعجم " غير ألفاظ الأحاديث النبوية؛ والمشقة في الإفادة من الإحالات؛ والأخطاء اللغوية؛ والجمع بين المقاطع المختلفة؛ والتفريق بين المقاطع المتشابهة؛ وذكر مقاطع لا تدل على النصوص المطلوبة. تطرق البحث لكل هذه المجالات، ذاكرًا بعض الإِثباتات عليها على سبيل المثال لا الحصر أو الاستيعاب. إِنَّ الحمدلله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أَنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أَنَّ محمدًا عبده ورسوله. وبعد

تمهيد:

تَمْهِيدٌ: لا أظن أحدًا ينازع في القول بأن " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي " يعتبر من أهم الكتب التي يستفاد منها في مجال الدلالة على مواضع الأحاديث النبوية. ذلك أن الكتب المتقدمة ـ عموماً ـ والتي يستفاد منها أيضًا في مجال تخريج الأحاديث النبوية، بَنَتْ مناهجها على نمط ذي فائدة مُحَدَّدَةٍ، فكتابا " تحفة الأشراف " و " ذخائر المواريث "، اعتمدا على معرفة الصحابي راوي الحديث، وكتابا " الجامع الصغير " و " الجامع الكبير " (قسم الأقوال منه) اعتمدا على معرفة بدايات الأحاديث. ففي حالة عدم معرفة اسم الصحابي أو بداية الحديث يصعب الوصول إلى الحديث المطلوب. أما الكتب التي يمكن الوصول إلى الأحاديث فيها عن طريق معرفة موضوعاتها، فلا يمكن الاستفادة منها، إذا لم يكن معنى الحديث واضحاً لدى الباحث. ثم إِنَّّ الحديث قد يتضمن أكثر من معنى، فيضعه المصنف في باب حسب أحد المعاني ولا يكرره في مواضع أخرى حسب المعاني الأخرى. كما أنه قد ينقدح معنى ما أو استنباط جديد في ذهن المصنِّف فيضعه حيث يرى، ولا يظهر هذا المعنى أو ذاك الاستنباط للمراجع. كل هذه الأمور وغيرها تجعل العثور على الحديث شَاقًًّا في بعض الأحيان (¬1). إلا أن طريقة " المعجم المفهرس " كانت رائدة في هذا المجال؛ ذلك أن معرفة أية لفظة، أو مقطع من أي حديث، يمكن أن تدل على مواضع وجوده بدقة. فهو يذكر اسم الكتاب ورقم الباب أو رقم الحديث، أو يذكر رقم الجزء والصحيفة في المصادر الحديثية المعتمدة عنده. وهذه المصادر التي تعتبر أهم دواوين السنة النبوية عند المحدثين ـ تضيف أهمية جديدة كبيرة لكتاب " المعجم المفهرس " ¬

_ (¬1) يمكن التوسع في معرفة مزايا " المعجم المفهرس "، وكيفية استعماله، وكذا كتب التخريج والمآخذ عليها بالنظر في كتابي " أصول التخريج " [1] و " طرق تخريج الحديث [2].

مشكلات واجهت " المعجم ":

مُشْكِلاَتٌ وَاجَهَتْ " المُعْجِمَ ": غَيْرَ أَنَّ ثَمَّةَ صِعَابًا واجهت المشتغلين عليه، أدت إلى وجود بعض الثغرات في هذا العمل الرائد: ـ ذلك أن ضخامة العمل في هذا المعجم تطلبت جهدًا كبيرًا دؤوبًا، حيث امتدت أيدٍ كثيرة للمساعدة والمشاركة في هذا العمل. ـ كما تطلبت وقتًا طويلاً امتد من حين نشوء فكرة " المعجم المفهرس " سَنَةَ 1916 م على يد المستشرق الهولندي ا. ج. فنسنك، إلى أَنْ صدر الجزء الأول من " المعجم " سَنَةَ 1936 م، وإلى أن صدر الجزء السابع منه سنة 1969م [3، ص239] والجزء الثامن (جزء الفهارس) سنة 1988م [4]. وهذا الوقت الطويل تَطَلَّبَ مشاركة وتعاقب الأيدي الكثيرة ووراءها العقول المفكرة المتعددة، الأمر الذي انعكس سَلْبًا على العمل في المعجم. يتحدث ا. ج. فنسنك عن منهجه في استبعاد بعض الكلمات الأصول من " المعجم المفهرس " فيقول [3، ص250]: «وغنيّ عن البيان أن نؤكد على أن هذه القاعدة، لم يكن الالتزام بها على وتيرة واحدة، وبالنمط نفسه عند جميع الأعضاء، ذلك أن العنصر الشخصي لدى كل عضو من الأعضاء، كان ـ باستمرار ـ عاملاً فعّالاً في إحداث التأثيرات المتباينة. بالإِضافة إلى ذلك، فإن هذه التأثيرات كانت تبرز أيضًا في التحرير النهائي لهذه النصوص». ويؤكد ج. ب. منسنج، الذي أشرف على العمل في " المعجم " بعد وفاة فنسنك، هذه الفكرة بقوله [3، ص254]: «وغنيّ عن البيان أن أقرر أنه مع عمل ضخم كهذا الذي نعمل فيه، حيث تلعب وجهات النظر الشخصية دورًا كبيرًا فيما يتعلق باختيار الفقرات والإِحالات. فلا شك أن مناهج عديدة تطرح نفسها في هذا المجال». كما تطلب هذا العمل الضخم أيضًا، كلفة مالية باهظة، اضطرت المشتغلين عليه إلى الاختصار، مِمَّا أدى إلى المزيد من السلبيات ـ كما سنرى ـ عند الكلام عن النقص في الكتاب. يقول فنسنك [3، ص 250]: «لقد كان من المحتم أن نقوم بعملية تقدير

أهداف البحث:

تقريبي لحجم المعجم، لكي نتمكن من حساب النفقات اللازمة. وسرعان ما اقتنعتُ بضرورة القيام بعملية اختصارٍ كبيرٍ للمواد التي جردها الأعضاء المساعدون في عناية ودقة». ولا بد هنا من القول بأن الكلفة المالية الباهظة قد تبدو عُذْرًا وَجِيهًا وَمُقْنِعًا ـ إلي حد ما ـ لاختصار " المعجم "، إلا أنه لاَ بُدَّ من تسجيل أن هذا الاختصار لم يكن هو العمل الأمثل والأفضل من الناحية العلمية البحتة. أَهْدَافُ البَحْثِ: 1 - إن الاختلال في المنهج، بتعاقب الأيدي ومن ورائها القدرات العلمية المتفاوتة، وأساليب الاختصار أدت كلها إلى وجود هفوات في المعجم، يمكن أن اعتبر إبرازها خدمة لهذا الكتاب، ومشاركة متواضعة في استكمال بنيته. 2 - إن " المعجم المفهرس "عمل فذّ رائد، يمكن أن تعقبه محاولات جريئة أخرى، فأرجو أن أنبه أي مشتغل في أي عمل جديد لتلافي أخطاء " المعجم المفهرس ". 3 - كتب محمود الطحان [1، ص89] وعبد المهدي عبد الهادي [2، ص 99] ملاحظات عامة على الكتاب، لكنها ـ في نظري ـ ليست مستوعبة أو وافية بالغرض، خاصة إذا وَازَنَّا بين ما ذكراه من المؤاخذات على " المعجم "، وبين ما ذكراه من مؤاخذات على غيره من كتب التخريج. فكان لاَ بُدَّ من هذه الدراسة المتواضعة، تِبْيانًا للحق ونَصَفَةً فيه. 4 - لقد أُلحق بـ " المعجم المفهرس " قَوَائِمُ في بيان الخطأ وصوابه، تتضمن الإِشارة إلى نواقص في الكتاب. وهذه القوائم، إضافة إلى كونها غير مستوعبة لنقص الكتاب وأخطائه الطباعية، فإنها لا تمت إلى منهج العمل في " المعجم المفهرس " بِصِلَةٍ. فأرجو أَنْ تكون هذه الدراسة عَوْنًا لكل باحث وَسَنَدًا لكل مطالع في الكتاب وناظر فيه. ولقد رأيت أن المآخذ على " المعجم المفهرس " ـ إذا ما استبعدنا الأخطاء الطباعية ـ تنتظم في النقاط الثماني التالية وهي:

[المآخذ على " المعجم المفهرس "]:

[المَآخِذُ عَلَى " المُعْجِمْ المُفَهْرِسْ "]: (¬1) أَوَّلاً: النَّقْصُ فِي الكَلِمَاتِ الأُصولِ، وَعَدَمِ المَنْهَجِيَّةِ فِي إِسْقَاطِ مَا يَسْقُطُ مِنْ كَلِمَاتٍ: يمكن لكل من يستخدم كتاب " المعجم المفهرس " أن يلاحظ أن فيه نقصًا كبيرًا ـ يكاد يوجد في كل حديث من أحاديث " الكتب التسعة " التي اعتمدها. ذلك أنه يكتفي بذكر بعض كلمات الحديث ويهمل غيرها. وهذا النقص مُتَعَمَّدٌ مَقْصُودٌ، والغرض فيه مراعاة النفقات المالية الباهظة للكتاب كما تقدم في مقدمة البحث. ويوضح ا. ج. فنسنك منهج اختيار بعض الكلمات دون غيرها بقوله [3، ص251]: «إن تجارب السنوات الأولى في هذا العمل قد أوحت إِلَيَّ باقتفاء طريق وسط سمح لي بتسجيل كل المواد المُصَنَّفَةِ ـ تَقْرِيبًا ـ وفي الوقت نفسه مَكَّنَنِي من تفادي الطول المفرط الذي قد يلحق بحجم الكتاب. وَقَدْ تَمَثَّلَتْ هذه الطريقة في أن الكلمات المُهِمَّةِ ـ أَيًّا كانت أهميتها هذه ـ عوملت معاملة الكلمات الأصول، مصحوبة بالفقرات المأخوذة من النصوص، أما الكلمات التي تتكرر في كثرة بالغة، أو الكلمات التي ليست لها أهمية متميزة، فقد سجلت فقط دون مصاحبة هذه الفقرات. وإذن فالكلمات المستبعدة هي فقط الكلمات التي لا تتميز بأية أهمية بالنسبة لهذا المعجم. وبناء على ذلك فمن المستبعد أَلاَّ نَجِدَ مَكَانًا في " المعجم " لِكَلِمَةٍ تتمتع بأية أهمية مهما كان نوع هذه الأهمية». وهذا صريح في أن الكلمات المستبعدة هي الكلمات التي لا تتميز بأية أهمية وأنها، باستبعادها، ساعدت في التقليل من حجم الكتاب المفرط. ويؤكد ويتكام ـ وهو أحد المشاركين في تأليف الجزء الثامن من الكتاب (جزء الفهارس) ـ يُؤَكِّدُ وجود النقص الكبير في حجم الكتاب غير أنه يصف الكلمات الساقطة بصفة أخرى. يقول ويتكام [5، ص ز]: «إِنَّ مساعدي فنسنك قد أسقطوا من " المعجم " الكلمات الأكثر شُيُوعًا ـ حسب آرائهم ـ وأنه لو تم إنجاز الكتاب بدون إسقاط كلمة هنا أو جملة هناك، لأخذ الكتاب حَجْمًا أكبر بكثير مِمَّا هو عليه الآن». ومهما كانت صفة الكلمات الساقطة، فيمكن تسجيل الملاحظات التالية على القولين المتقدمين: ¬

_ (¬1) [أضفت هذا العنصر لإيضاح منهجية البحث].

1 - إقرار فكرة الحذف في الكتاب، وأنه حذف لكثير من كلمات وفقرات الأحاديث النبوية. 2 - إنّ المُعَوَّلَ عليه في استعمال بعض الكلمات وإهمال البعض الآخر، هو أهمية تلك الكلمات ـ عند فنسنك ـ أو كثرة شيوعها ـ كما يراه ويتكام ـ وهما أمران خاضعان للرأي، ولا يمكن اعتباره عَمَلاً عِلْمِيًّا دَقِيقًا. إذ قد يكون بمقدورنا ـ أحيانًا ـ أن نحكم أن لهذه اللفظة أهمية ما، أو أنها أكثر شُيُوعًا من غيرها. لكننا لن نتمكن من الحكم ـ في كل الأحيان ـ على كثير من الكلمات بأنها تفوق غيرها من حيث الأهمية والشيوع والاستعمال. ويمكن توضيح ذلك بمثالين: أحدهما: حديث أخرجه مسلم في " صحيحه " [6، مج 2، ص 1010] ولفظه «ما بَيْنَ بَيْتي ومِنْبَري رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنّة». وهو يتضمن عَدَدًا من الكلمات، ولا أرى الحكم على إحداها بأنها أكثر شُيُوعًا، أو أقل أهمية من الباقيات إلا تَحَكُّمًا لا يسعفه دليل. والملاحظ هنا أن كلمة «الجَنَّة» هي الكلمة الوحيدة التي استخدمها " المعجم " [5، ص 309] ولم يستخدم أَيًّا من الكلمات الأخرى، مع إمكانية أن تكون كلها أكثر أهمية وأقل شُيُوعًا من كلمة «الجَنَّة». ثانيهما: حديث " الدارمي " [7، مج 2، ص 104] «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَحُجَّ لِلَّهِ مَاشِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ». وعند النظر في " المعجم " نجده أخرج الحديث عند أربع كلمات فقط هي: (نذرتْ)، (تَحُجَّ)، (وَلْتَرْكَبْ)، (وَلْتَصُمْ). ولم يتعرض لأي من الكلمات الأخرى مع أَنَّ بعضها ـ فيما يبدو ـ أكثر أهمية أو أقل شُيُوعًا من الكلمات المستعملة وخاصة الكلمات: (مَاشِيَةً)، (مُخْتَمِرَةٍ)، (أُخْتِي)، (أُخْتَكَ)، (مُرْ). فإذن ليس هناك ضابط مُحَدَّدٌ وَدَقِيقٌ لتقدير الكلمات الأكثر أهمية وَشُيُوعًا

ثانيا: أحاديث لم تذكر في " المعجم ":

3 - إن وجود الحذف للكثير من الكلمات والفقرات، يُفَوِّتُ علينا ـ في الواقع ـ معرفة الألفاظ الأكثر شُيُوعًا، وهو أمر بحد ذاته بَالِغُ الأَهَمِيَّةِ، كان من المفروض أَنْ يُتَوَصَّلَ ـ إليه من هذا العمل الضخم. 4 - إن الحذف المذكور لا يتناسب مع عنوان الكتاب المتضمن احتواءه على جميع ألفاظ الأحاديث النبوية في " الكتب التسعة ". 5 - سقط من «معجم الأعلام والأسماء الجغرافية» بَعْضُ الأسماء على سبيل الوهم والغلط، إذ المفروض أَنْ يستوعب «معجم الأعلام والأسماء الجغرافية» جميع الأسماء وَمِمَّا ظهر لي سقوطه. (المُتَلَمِّسُ) ـ ورد ذكره في " سنن أبي داود " [8، مج 2، ص 117]، وفي " مسند أحمد " [9، مج 4، ص 181]. (وَاسِطٌ) ـ ورد ذكرها في " صحيح البخاري " [10، مج 6، ص 197]. (الجَسَّاسَةُ) ـ ورد ذكرها في " صحيح مسلم " [6، مج 4، ص2261]. (الحَجَرُ الأَسْوَدُ) ـ لم يورده في «فهرس الأسماء الجغرافية» مع أنه عند كلمة (حَجَر) في " المعجم المفهرس " [4، مج 1، ص 425] أحاله على «فهرس الأسماء الجغرافية» ـ وهو المكان الصحيح ـ لكنه أورده عند كلمة (أَسْوَد) في " المعجم " ذاته [4، مج 3، ص 20]. (مَرْحَبْ اليَهُودِي) ـ ورد ذكره في " صحيح مسلم " [6، مج 3، ص 1440، 1441]. ثَانِيًا: أَحَادِيثٌ لَمْ تُذْكَرْ فِي " المُعْجِمْ ": وقد ظهر لي أن أحاديث لم تذكر في " المعجم المفهرس " عند أي كلمة من كلماتها الكثيرة:

ثالثا: ورود ألفاظ في " المعجم " غير ألفاظ الحديث النبوي:

- منها الحديث الذي أخرجه مالك [11، مج 2، ص 772] أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ. فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ. وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ. وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». - ومنها الحديث الذي أخرجه مسلم [6، مج 4، ص 2024] أَنَّ رسولَ الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ». - ومنها حديث الترمذي [12، مج 3، ص 310] أنَّ رسولَ الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «مَا مِنْ حَافِظَيْنِ، رَفَعَا إِلَى اللَّهِ مَا حَفِظَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَيَجِدُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الصَّحِيفَةِ وَفِي آخِرِ الصَّحِيفَةِ خَيْرًا، إِلاَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي مَا بَيْنَ طَرَفَيِ الصَّحِيفَةِ "». - ومنها الحديث الذي أخرجه الإِمام أحمد [9، مج 3، ص 182] ولفظه: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ صَلاَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: «مَا كُنَّا نَشَاءُ أَنْ نَرَاهُ مُصَلِّيًا، إِلاَّ رَأَيْنَاهُ وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْنَاهُ». - ومنها حديثه [9، مج 3، ص 365] ولفظه: أَنَّ جَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سئل: كيف كان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ بالخُمس؛ قال: «كَانَ يَحْمِلُ الرَّجُلَ مِنْهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ الرَّجُلَ، ثُمَّ الرَّجُلَ». ثَالِثًا: وُرُودُ أَلْفَاظٍ فِي " المُعْجِمْ " غَيْرَ أَلْفَاظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ: يظهر من تسمية " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي " أنه يقتصر على ذكر ألفاظ الأحاديث النبوية لاغير (¬2) لكن يلاحظ أن ألفاظًا وردت في " المعجم "، لا علاقة لها بالحديث النبوي، ووضعت فيه على قدم المساواة مع ألفاظ الأحاديث النبوية، دونما تمييز أو بيان ¬

_ (¬2) في صحيفة التنبيهات في أول الجزء السابع من " المعجم " استثنى " صحيح مسلم " من ذلك، حيث ذكر أنه لم يؤخذ من " صحيح مسلم " ما كان إسنادًا فقط.

وفي هذا معارضة لظاهر تسمية " المعجم " ومعارضة أيضا لمنهج الاختصار المتقدم عند فنسنك وغيره كما أشار ويتكام، إذ الأولى أن يكون الحذف لهذه الكلمات لا لغيرها من ألفاظ الأحاديث. ومن ذلك أنه أورد في " المعجم " عند كلمة (سَنَدٌ) [4، مج 2، ص 559] المقاطع التالية: ـ «لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ». ـ «مَا أَعْرِفُ إِسْنَادًا أَطْوَلَ مِنْ هَذَا». ـ «مَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ اللَّيْثَ عَلَى هَذَا الإِسْنَادِ [غَيْرَ ابْنِ جُرَيْجٍ]». فالمقطع الأول قول لأَبِي الصَّلْتِ عبد السلام بن صالح، أحد رُوَاةِ الإِسناد عند ابن ماجة [13، مج 1، ص 26] والمقطعان الثاني والثالث قولان للنسائي ذاته [14، مج 2، ص 133؛ مج 3، ص 86]. - ومنه إيراده في " المعجم " عند كلمة (ثَوْبٌ) [4، مج 1، ص 312] المقطع «لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الثِّيَابِ»، وهو قول للترمذي 126، مج 3، ص252]. - ومنه ما أورده في " المعجم " عند كلمة (طَرْقٌ) [4، مج 3، ص 539] وهو المقطع «الطَّرْقُ: الزَّجْرُ، وَالْعِيَافَةُ: الْخَطُّ» وهو قول لأبي داود يشرح به الحديث [8، مج 4، ص 16]. - ومنه ما ورد في " المعجم " عند كلمة (رَِشْوَةٌ) [4، مج 2، ص 262] وهو المقطع «وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ: رِشْوَتُهُ، وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ». وهو قول للإِمام مالك [11، مج 2، ص 657]. - ومنه أَيْضًا ما ورد في " المعجم " عند كلمة (زَنَى) [4، مج 2، ص 348] وهو المقطع «يَعْنِي بِمَهْرِ البَغِيِّ: مَا تُعْطَاهُ المَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا» وهو قول للإمام مالك أَيْضًا [4، مج 2، ص 348]. وغير ذلك كثير

رابعا: المشقة في الإفادة من الإحالات في " المعجم ":

رَابِعًا: المَشَقَّةُ فِي الإِفَادَةِ مِنَ الإِحَالاَتِ فِي " المُعْجِمْ ": ترد الإحالات في " المعجم " على صورتين: الأولى: أن تحال كلمة على كلمات أخرى أكثر أهمية، وكل كلمة من الكلمات الأخرى يندرج تحتها عدد من المقاطع، وعند النظر في هذه المقاطع نجد الكلمة المحالة: ـ فكلمة (صَنَعَ) مثلاً أحالها في " المعجم " [4، مج 3، ص 417] على كلمات كثيرة منها (بِشَقَاءِ)، (تَشْكُو [إِلَيْهَا])، (الصُّوَرُ) ... ». ـ وعند النظر في كلمة (بِشَقَاءِ) [4، مج 3، ص 163] نجد مقاطع كثيرة منها المقطع الذي يحتوي على كلمة (صَنَعَ) أو مشتقاتها، وهو قوله «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا ... ». ـ وعند النظر في كلمة (تَشْكُو) [4، مج 3، ص 169) نجده يذكر المقطع «تَشْكُو إِلَيْهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ». وهو يحتوي على الكلمة المحالة. ـ وكذا عندَ النظر في كلمة (الصُّوَرِ) [4، مج 3، ص 438] نجده يذكر المقطع «وأن مَنْ صَنَعَ الصّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ القيامة» وهو أَيْضًا يحتوي على الكلمة المحالة. وما من شك في أن هذه الإِحالات تقصر من مسامحة الكتاب وتقلل حجمه وتختصره. لكن تنشأ عنها المشقة البالغة في البحث، وزيادة الوقت المستغرق فيه، خاصة إذا كانت الكلمات المحال عليها كثيرة، وإذا كانت مقاطع تلك الكلمات كثيرة أَيْضًا. ويلاحظ ذلك في مواضع كثيرة أذكر منها على سبيل المثال كلمة (شَهِدَ) [4، مج 3، ص 185] حيث ذكر مقاطعها وأحالها على 77 كلمة أخرى منها: (زَنَى)، (كَذَبَ)، (اسْتَشْهَدَ) ... ». وذكر عند كلمة (زَنَى) 73 مَقْطَعًا [4، مج 2، ص 345]. وعند كلمة (كَذَبَ) 84 مَقْطَعًا [4، مج 5، ص 548]. وعند كلمة (اسْتَشْهَدَ) 34 مَقْطَعًا [4، مج 3، ص 195]. فعلى الباحث إذن أن ينظر في 77 كلمة يندرج تحتها مثل هذه الأرقام من المقاطع حتى يجد بغيته

خامسا: اللغة:

وكذا يمكن أن يلاحظ هذا في كلمة (النِّسَاءِ) [4، مج 6، ص 433] حيث أحالها على 111 كلمة أُخرى. وكلمة (مُسْلِمٌ) [4، مج 2، ص 522] أحالها على 191 كلمة أخرى. وغير ذلك من الكلمات. وفي كل ذلك مشقة بالغة. الثانية: وهي أعسر من سابقتها وأشق، ذلك أنه يحيل الكلمة على أرقام (أرقام أبواب أو أحاديث أو صفحات)، وعندئذ لا يجد الباحث ما يساعده على تمييز النص المطلوب بذكر المقطع، فيضطر للرجوع إلى جميع المصادر المحال عليها. فمثلاً كلمة (رَأْسٌ) [4، مج 2، ص 195] أحالها على [خ علم 44، حيض 22، وضوء 38 ... م إيمان 8، طهارة 82، حيض 29 ... ] وذكر ما مجموعه 284 مَوْضِعًا. وكلمة (رَمَضَانُ) [4، مج 2، ص 305] أحالها على 576 مَوْضِعًا. وأحال كلمات (خَطَبَ) و (خَيْرٌ) و (رَكْعَتَانِ) وغيرها على مواضع أكثر مِمَّا عَدَدْتُ. ولقد سار في «فهرس الأعلام والأسماء الجغرافية» على هذا الأسلوب. وأكاد أجزم أن أي باحث عن استعمالات هذه الكلمات، سوف يعدل عن البحث عنها، عندما يجد الإِحالات بهذه الطريقة. خَامِسًا: اللُّغَةُ: ويؤخذ على " المعجم " فيها أمران: الأول: أنه يرجع الكلمة ـ في بعض الأحيان ـ إلى غير جذرها، فيترتب عليه أن يضعها في غير موضعها المناسب. من ذلك إيراده كلمة (أَرْمَلَةٌ) [4، مج 1، ص57] في باب أـ ر ـ م ـ ل. والصحيح فيها أنها من باب ر ـ م ـ ل [15، مج 11، ص 296؛ 16، مج 3، ص 387].

- وفيه إيراده كلمة (أُصْبُعٌ) [4، مج 1، ص 64] في باب أـ ص ـ ب ـ ع. والصحيح فيها أنها من باب ص ـ ب ـ ع [15، مج 8، ص 192؛ 16، مج 3، ص48]. - وفيه إيراده كلمة (دِيبَاجٌ) [4، مج 2، ص 162] في باب د ـ ي ـ ب ـ ج. والصحيح أنها من باب د ـ ب ـ ج [15، مج 2، ص262؛ 16، مج 1، ص 187]. - ومنه أيضا كلمة (رِتَاجٌ) [4، مج 2، ص 217] أوردها بعد «رَتَّ» وقبل «رَتَبَ». فهي عنده إما مشتقة من «رَتَّ» (ومن عادته أنه يقدم الفعل المضعف باعتباره ثنائيا). وإما مشتقة من «رَتَأَ»، أو أنها على ظاهرها ر ـ ت ـ اـ ج. والصواب فيها أنها من باب ر ـ ت ـ ج كما في " لسان العرب " و " القاموس المحيط " [15، مج 2، ص 279؛ 16، مج 1، ص 190] وأن موقعها الصحيح بعد «رَتَبَ» لا قبلها. ومن هذا الضرب إيراده المقاطع التالية: (شَكُّو فِيهِ). (شَكُّوا في بَعْضِ أ َمْرِهِ). (شَكُّوا فِيَّ). (لا يَلْقَى اللهَ بِهَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ). أوردها جميعا في باب ش ـ ك ـ و [4، مج 3، ص 169 ـ 170] والصحيح فيها كلها أنها من باب ش ـ ك ـ ك، مِنَ الشَكِّ الذِي هُوَ خِلاَفُ اليَقِينِ [15، مج 10، ص 451؛ 16، مج 3، ص 309؛ 17، مج 2، ص 495]. - ومنه إيراده (شَاكِي السِّلاَحِ) في باب ش ـ ك و [4، مج 3، ص 170]. والصحيح أنها من باب ش ـ ك ـ ك. مِنَ الشِكَّةِ، وَهُوَ مَا يُلْبَسُ مِنَ السِّلاَحِ [15، مج 10، ص 452؛ 16، مج 3، ص 309؛ 17، مج 2، ص 495]. - ومنه أَيْضًا إيراده (هَنَةٌ، هَنَاتٌ، هَنَّاهُ، هَنْتَاهُ، هُنَيَّةٌ، هُنَيْهَةٌ، هُنَيْهَاتٌ) في باب «هَنَّ» الفعل المضعف [4، مج 7، ص 108، 109]. والصحيح فيها جميعا أنها من باب هـ ـ ن ـ و [15، مج 15، ص 365؛ 16، مج 4، ص 404].

سادسا: الجمع بين المقاطع المختلفة واعتبارها مقطعا واحدا:

الثاني: أنه يخطىء في قراءة بعض الكلمات، ويضبطها خطأ، ومن ثم يوردها في غير موضعها الصحيح: - من ذلك قراءته حَدِيثًا عند أحمد [9، مج 5، ص 312] على النحو التالي «هَلْ أَنَّبْتُ بَعْدُ، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوني أَنَّبْتُ». ووضع هذا المقطع في باب أـ ن ـ ب [4، مج 1، ص 123] وهو خط صوابه «هل أَنْبَتُّ بَعْدُ، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوني أَنْبَتُّ» من باب ن ـ ب ـ ت. - ومنه قراءته للحديث «الدُّنْيا سِجْنُ المؤمِنِ وَسُنَّتُهُ» وأورده في كلمة (سَنَّ) [4، مج 2، ص 556] والصواب في قراءته أنه «الدّنْيا سِجْنُ المؤمِنِ وسَنَتُهُ» وَالسَّنَةُ: العَامُ وَالقَحْطُ وَالمُجْدِبَةُ مِنَ الأَرَاضِي، وَهِيَ مِنْ بَابِ س ـ ن ـ ى [15، مج 13، ص 501؛ 16، مج 4، ص 286]، أو من باب س ـ ن ـ ت [15، مج 2، ص 47؛ 16، مج 1، ص 150] يُقَالُ: «أَسْنَتُوا: أَيْ أَجْدَبُوا». وَ «عَامٌ سَنِيتٌ: أَيْ جَدْبٌ». ويوضح ذلك شرح المناوي للحديث [18، مج 3، ص 546]. - ومن ذلك أَيْضًا قراءته لمقطع من حديث عند ابن ماجه [13، مج1، ص514] على النحو التالي «فَمَا زَالتْ سَنَةٌ، حَتَّى كَانَ حَدِيثًا فَتُرِكَ» ذكر المقطع في باب س ـ ن ـ هـ. على أن الكلمة في المقطع (سَنَةٌ) وليس كذلك، إذ الصواب فيه أن يُقْرَأَ «فَمَا زَالَتْ سُنَّةً حَتَّى كَانَ حَدِيثًا فَتُرِكَ» فهي من باب س ـ ن ـ ن ـ ويكون معنى الحديث: فما زال الأمر (وَهُوَ بَعْثُ الطَّعَامِ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ) سُنَّةٌ إِلَى أَنْ تُرِكَ فِي عَهْدٍ قَرِيبٍ. والله أعلم. سَادِسًا: الجَمْعُ بَيْنَ المَقَاطِعِ المُخْتَلِفَةِ وَاعْتِبَارِهَا مَقْطَعًا وَاحِدًا: ويؤخذ على " المعجم " أنه ـ أَحْيَانًا ـ يجمع بين المقاطع المختلفة مُعْتَبِرًا إِيَّاهَا مقطعا وَاحِدًا، ويذكر لها مصادر ـ دونما تمييز بينها ـ فيضطر الباحث عن مقطع منها إلى النظر في جميع المصادر المذكورة. ولعل صنيعه هذا نتيجة للاختصار الذي حرص عليه كما وضحت ذلك في مقدمة هذا البحث

سابعا: التفريق بين المقاطع المتشابهة:

مثال: ذكر عند كلمة (سَفَرٌ) [4، مج 2، ص 472] المقطع التالي («أَقَامَ»، «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ»، «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ»، «خَرَجْتُ»، «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ»، «رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ»، «سَافَرْتُ مَعَهُ»، «كَانَ»، «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَهُوَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ» خ صلاة 6، تيمم 1، جهاد 49، م حيض 108، مساقاة 114، 117، د جهاد 45 ... ) إلى آخره، ويلاحظ أن كل فقرة من هذا المقطع الطويل تعتبر بحد ذاتها مَقْطَعًا مُسْتَقِلاًّ، ولا يمكن معرفة المصادر المتعلقة بها إلا بعد النظر في جميع المصادر المذكورة. فَالأَوْلَى أن يذكر كل مقطع مُنْفَصِلاً عن غيره ليكون العمل أَدَقَّ عِلْمِيًّا وَأَيْسَرَ عَمَلِيًّا. مثال آخر: ذكر عند كلمة (سَبَلَ) [4، مج 2، ص 407] المقطع التالي («جَاهَدَ»، «يُجَاهِدُ»، «لِلْمُجَاهِدِ»، «مُجَاهِدًا»، «لِلْمُجَاهِدِينَ»، «الجِهَادُ»، «بِالجِهَادِ»، «وَجِهَادٌ»، «خَرَجَ»، «يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ»، «فِي سَبِيلِكَ»، خ توحيد 22، 28، 30 ... ). مثال آخر: ذكر عند كلمة (سَجَدَ) [4، مج 2، ص418] المقطع التالي: («خَرَّ»، «فَخَرَرْتُ»، «وَقَعَ»، «لِيَقَعَ»، «وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا»، خ مغازي 79 تفسير 2/ 1، 17/ 5 رقاق 51 ... ) إلى آخره. والأمثلة في هذا المجال كثيرة، وما قلته على المثال الأول يمكن أن يقال على هذين المثالين. سَابِعًا: التَفْرِيقُ بَيْنَ المَقَاطِعِ المُتَشَابِهَةِ: ويقابل ما ذكر في المأخذ السابق، أن " المعجم " يذكر ـ أَحْيَانًا ـ مقطعين متشابهين أو متماثلين عند كلمة واحدة، ويذكر لكل منهما مصادره الخاصة به، دون أن يكون أي مُبَرِّرٍ لهذا التفريق. فَالأَوْلَى في ذلك أن يجعلهما مَقْطَعًا وَاحِدًا، وأن يجمع بين مصادرهما. - مثال: عند كلمة (زَوْجٌ) [4، مج 2، ص 352] ذكر المقطع (بَابُ تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ جـ نكاح 7) والمقطع (بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ د نكاح 3، دي نكاح 32). - مثال ثانٍ: ويذكر عند كلمة (زَوْجٌ) المتقدمة مقطعين آخرين هما: (بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ مِنَ الكِبَارِ خ نكاح 11، د نكاح 33، دي نكاح 56) و (بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ د نكاح 33).

ثامنا: ذكر المقطع قد لا يدل على الحديث:

- مثال ثالث: عند كلمة (عِيدٌ) [4، مج 4، ص 423] ذكر مقطعين هما «كانَتْ تَخُرُجُ الكَعابُ مِنْ خِدْرِها ... » في العيدين حم 6/ 184) و «قَدْ كَانَتْ تَخْرُجُ الكَعَابُ مِنْ خِدْرِهَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العِيدَيْنِ» حم 6/ 184). - مثال رابع: وعند كلمة (عِيدٌ) المتقدمة أَيْضًا ذكر مقطعين هما: (" بَابٌ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي العِيدَيْنِ " ت جمعة 36) و (" بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ، خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ " دي صلاة 223). - مثال خامس: في باب (غَنَمٌ) [4، مج 5، ص 8] ذكر مقطعين هما: ( ... كانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لآلِ كَعْب بْنِ مَالِكٍ، لَهَا، لَهُ بِسَلْعٍ خ ذبائح 18، 19، دي أضاحي 11، ط ذبائح 4، حم 2/ 12، 76، 3/ 54). والمقطع الثاني (أَنَّ امْرَأَةً، جَارِيَةً كانَتْ تَرْعَى لآلِ، عَلَى آلِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ غَنَمًا بِسَلْعٍ، غَنَمًا لَهُمْ دي أضاحي 11، حم 2/ 76، 80). ففي كل مثال مِمَّا تقدم نجد المقاطع إما متماثلة، أو متقاربة جِدًّا بحيث يمكن الجمع بينها، وضم المصادر إلى بعضها. ثَامِنًا: ذِكْرُ المَقْطَعِ قَدْ لاَ يَدُلُّ عَلَى الحَدِيثِ: الأصل في إيراد المقاطع تحت الكلمات أن تدل على الأحاديث، وتميز بعضها من بعض، وعلى هذا العمل في " المعجم ". لكن يؤخذ عليه ـ أَحْيَانًا ـ أنه يذكر عند بعض الكلمات، مَقْطَعًا مَا ويذكر مصادره. وعند الرجوع إلى هذه المصادر أو بعضها فإننا لا نجد المقطع المذكور، بل نجد مَقْطَعًا مُخْتَلِفًا من حديث آخر مختلف. وما من رابطة بين المقطع والحديث إلا أن كلمة واحدة مشتركة وردت فيهما. فالأولى في هذه الحالة أن يذكر مقطع آخر عند الكلمة ذاتها يدل بحق على الحديث في المصدر. - مثال: ذكر عند كلمة (خَدٍّ) [4، مج 2، ص 12] المقطع «ليس مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ» وعزاه لمصادر منها (حم 4/ 131). لكن الذي عند أحمد هنا « ... يَنْهَى عَنْ لَطْمِ خُدُودِ الدَّوَابِّ» وهو حديث مختلف عن المقطع.

الخاتمة:

- مثال ثان: عند كلمة (رِيَاءٌ) [4، مج 2، ص 203] ذكر المقطع «وَيُقاتِلُ رِيَاءً ... » م زكاة 25 ... ) لكن الموجود عند " مسلم " [6، مج 2، ص 681] «وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً». وهو مقطع من حديث آخر مختلف، ذكر في " المعجم " عقب مقطع «وَيُقاتِلُ رِيَاءً». - مثال ثالث: عند كلمة (سَكِينَةٌ) [4، مج 2، ص 494] ورد المقطع «إلا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينة»، وعزاه لكثيرين منهم (حم 2/ 319، 372، 380، 408، 418، 457، 480، 484، 506). وفي هذه المواضع جميعًا «وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ» وهو حديث مختلف، له مقطعه الخاص به أَيْضًا عند كلمة (سَكِينَةٍ) فالأَوْلى أن تُلْحَقَ المَوَاضِعُ المَذْكُورَةُ بِهِ. - مثال رابع: عند كلمة (احْتَجَمَ) [4، مج 1، ص 428] ذكر المقطع «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» وعزاه لمصادر كثيرة منها (حم 1/ 280، 286، 299، 344). لكن ما فيها حديث مختلف هو «احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ»، وله مقطعه الخاص به عند كلمة (احْتَجَمَ) أَيْضًا، فالصواب أن تلحق به هذه المواضع. كما عزا المقطع «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» إلى حم 1/ 305. لكن الذي فيه حديث ثالث مختلف هو « ... إِذَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا احْتَجَمَ». وَأَخِيرًا لاَ بُدَّ من بيان أن هذه المآخذ والملاحظات المتقدمة مهما بلغت في أهميتها، فإنها لاَ تَحُطُّ مِنْ قدر " المعجم " ولا تنزل من مكانته التي رقى إليها، بل سيظل المشتغلون بتخريج الأحاديث النبوية، بحاجة ماسة إليه، مستفيدين منه، ومعتمدين عليه حتى يقضي اللهُ أَمْرًا يُرِيدُهُ. وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين. الخَاتِمَةُ: أرجو مِمَّا سبق أن أكون قَدْ بَيَّنْتُ أهمية كتاب " المعجم المفهرس "، وأنه كتاب فَذٌّ وَرَائِدٌ في الدلالة على مواضع الحديث، وأنه ـ على الرغم من أهميته ـ لم يحظ بالدراسة الكافية، وخاصة في بيان سلبياته، حتى يمكن تلافي مثيلاتها في أي عمل لاحق

المراجع:

ولقد ظهر أن هذه السلبيات تقع في ثمانية أقسام هي: النقص في الكلمات الأصول وعدم المنهجية في إسقاط بعضها، وسقوط أحاديث بكاملها، وورود ألفاظ في " المعجم " من غير ألفاظ الأحاديث النبوية، وَالمَشَقَّةُ في الإفادة من الإِحالات، والأخطاء اللغوية، والجمع بين المقاطع المختلفة، والتفريق بين المقاطع المتشابهة، وذكر مقاطع لا تدل على النصوص المطلوبة. وأرجو أن أكون قد قدمت إثباتات على كل هذه الأمور. والحمدلله رب العالمين. المَرَاجِعُ: 1 - الطحان، محمود. " أصول التخريج ودراسة الأسانيد ". الرياض. مكتبة المعارف، 1398 هـ / 1978 م. 2 - عبد الهادي، عبد المهدي بن عبد القادر. " طرق تخريج الحديث ". القاهرة: دار الاعتصام، 1987 م. 3 - الطيب، أحمد. " ترجمة المقدمات الفرنسية للمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ". مجلة مركز بحوث السُنَّةِ والسيرة، جامعة قطر، 1 (1404 هـ / 1984 م)، 250. 4 - فنسنك، ا. ج. وآخرون. " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ". ليدن: مكتبة ومطبعة بريل، 1936 - 1969 م. 5 - ويتكام، يان يوست. " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ". الجزء الثامن (الفهارس) استانبول: دار الدعوة، 1988 م. 6 - مسلم، الإمام. " الجامع الصحيح ". تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. ط 1. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1374 هـ / 1955 م. 7 - الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن. " السنن ". القاهرة: دار المحاسن، 1386 هـ / 1966 م. 8 - أبو داود، سليمان بن الأشعث. " السنن ". تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. بيروت: دار إحياء السنة النبوية، د. ت.

9 - أحمد، الإمام. " المسند ". بيروت، دار صادر، د. ت. 10 - البخاري، الإِمام " الجامع الصحيح ". استانبول: المكتبة الإسلامية، 1979 م. 11 - مالك، الإمام. " الموطأ " تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. القاهرة: إحياء الكتب العربية، 1370 هـ / 1951 م. 12 - الترمذي، محمد بن عيسى. " السنن ". تحقيق أحمد محمد شاكر. بيروت: المكتبة الإِسلامية، 1357 هـ / 1938 م. 13 - ابن ماجة، عبد الله بن محمد بن يزيد. " السنن ". تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. القاهرة: عيسى البابي الحلبي، 1972 م. 14 - النسائي، أبو عبد الرحمن بن شعيب. " السنن ". ط 1. القاهرة: مصطفى البابي الحلبي، 1383 هـ / 1964 م. 15 - ابن منظور. " لسان العرب ". بيروت: دار صادر، د. ت. 16 - الفيروزآبادي، مجد الدين. " القاموس المحيط " القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، 1332 هـ / 1913 م. 17 - ابن الأثير، أبو السعادات. " النهاية في غريب الحديث ". تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي. ط 2. بيروت: دار الفكر، 1399 هـ. 18 - المناوي، عبد الرؤوف. " فيض القدير شرح الجامع الصغير ". ط 1. القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، 1356 هـ / 1938 م.

§1/1