بحث في صيغة أفعل بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية

مصطفى أحمد النماس

مقدمة

بحث في صيغة أفعل1 بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في اللغة 2 لفضيلة الدكتور مصطفى أحمد النماس المدرس بكلية اللغة العربية –جامعة الأزهر مقدمة: الحمد لله رب العالمين خالق الألسن واللغات واضع الألفاظ للمعاني بحسب ما اقتضته حكمه البالغات وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه رحمة للعالمين واصطفاه بلسان عربي مبين، وجعل فصاحته في ربوة ذات قرار ومعين وبعد فقد جاءت صيغة أفعل في اللغة العربية متداولة في الاستعمال في أغراض شتى وأنواع متعددة فجاءت فعلا متعدد المعاني مما جعل العلماء يعنون به ويؤلفون فيه كتبا كثيرة تحمل هذا الاسم (فعلت وأفعلت) أو (فعل وأفعل) فألف فيه أبو زيد الأنصاري المتوفى سنة 216 هجري (وقيل سنة 214، 215) وأبو عبيدة المتوفى سنة 211 هجري والأصمعي المتوفى سنة 215 هجري والفراء المتوفى سنة 257 هجري وثعلب في فصيحه المتوفى سنة 291 هجري والزجاج المتوفى سنة 311 هجري وأبو علي القالي المتوفى سنة 356 هجري، (والآمدي المتوفى سنة 370 هجري وكمال الدين بن الأنباري المتوفى سنة 577 هجري وابن مالك المتوفى

_ 1 هذه هي الحلقة الأولى من هذا البحث. سبقتها في النشر الحلقة الثانية بعدد المجلة رقم 49 للسنة 13 بصفحة 266 سهوا، فرأينا نشر الحلقة الأولى في هذا العدد، وتليها إن شاء الله الحلقة الثالثة –فإلى هذا نلفت انتباه القراء الكرام. والله الموفق (تحرير المجلة) . 2 هذا البحث يجمع ما تفرق من أحكام السماع والقياس والشذوذ والندور وما إليها من الأحكام اللغوية لهذه لصيغة.

سنة 672 هجري وفي أدب الكاتب لابن قتيبة المتوفى سنة 267 هجري فصل خاص به من شرح الجواليقي المتوفى سنة 465 هجري وفي المخصص لابن سيدة المتوفى سنة 458 هجري فصل خاص به، وقد عنى بصيغة أفعل في نهاية كل باب (الميداني المتوفى سنة 518 هجري في كتابه مجمع الأمثال) ومن يمعن النظر في هذه الكتب يلاحظ العناية بهذه الصيغة نظرا لما يستفاد منها من المعاني المتفرقة، ويلاحظ أنها جاءت اسما وصفة وعلما واستعملت في تراكيب شتى كالتعجب وأفعل التفضيل. وربما بعض الأفعال أدى وظيفة خاصة به كأصبح وأمسى من أخوات كان وأعلم وأرى من أخوات ظن لكنهما ينصبان مفاعيل ثلاثة وبعض الأسماء والصفات له علاقة ببعض الأبواب في النحو كباب ما لا ينصرف وباب الجموع لذا كرست جهدي في جمع حبات العقد المنفرط ليكون أمام القارئ فلا يحتاج إلى إعمال فكر وكد ذهن وقد جعلت حديثي عن هذه الصيغة من ناحية فعليتها أولا واسميتها ثانيا ذاكرا ما يتعلق بها من أحكام متفرقة من السماع والقياس والشذوذ والندور وما إليها من الأحكام اللغوية لهذه الصيغة العربية والله أسأل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم وأن يجنبني الخطأ والزلل وأن يجعل لي من الفهم عنه وعن رسوله ما أبلغ به منازل الصديقين وأحشر في زمرة العلماء العاملين إنه سميع قريب مجيب الدعوات. ومبلغ الرجاء أن يكون هذا البحث قد حقق ما قصدت إليه من تقريب تلك الآثار العلمية لاستعمال هذه الصيغة إلى جمهرة اللغويين والمنتفعين كي يزدادوا باللغة العربية استمساكا وإعزازا حتى تكون لسانا مبينا لحضارة عصرهم كما كانت حضارة أسلافهم الزاهرة بلسان عربي مبين خاصة وأنها وعاء القرآن الكريم كلام رب العالمين.

صيغة (أفعل) بين العربية وأخواتها في السامية

صيغة (أفعل) بين العربية وأخواتها في السامية جاءت هذه الصيغة في اللغات السامية وقد لوحظ أن اللغات الحبشية والسريانية والنبطية والتدمرية واللهجات العربية القديمة كالصفوية واللحيانية والثمودية تعبر عن كثير من المعاني بوزن (أفعل) كاللغة العربية الحالية. وتعبر بعض اللهجات الآرامية عن هذه المعاني بوزن (هفعل) وأيضا في اللهجتين العربيتين الجاهليتين وهم الثمودية واللحيانية ونجد أن صيغة (أفعل) كانت مستعملة في اللغة السبئية وبعض اللهجات الآرامية ... وكانت اللغات الأكدية تعبر عن بعض المعاني التي

تستفاد من (أفعل) في العربية بصيغة أخرى تقترب منها هي شفعل المستخدم في اللغة السريانية بجانب وزن (أفعل) وكانت اللغات الحضرمية والقتبانية والأوسانية تعبر بصيغة هي (سفعل) غير أنه توجد آثار استخدام وزن (هفعل) في بعض اللهجات. ويستدل عن وجود هذه الصيغ المختلفة في اللغات السامية على أن تلك الصيغ (أفعل- هفعل- شفعل – سفعل) كانت مستخدمة جميعا عند الجماعات السامية الأولى للدلالة على المعاني المختلفة، وأخذت بعض تلك الصيغ تضيع من الاستعمال في بعض اللهجات وتهمل لأسباب تتفق وطبيعة تلك الشعوب. كما أخذت كل جماعة من الجماعات السامية تكتفي بصيغة واحدة من هذه الصيغ للدلالة على المعاني المختلفة التي تستفاد منها. وقد بقيت بعض آثار الصيغ الأخرى في كثير من اللغات السامية لكي تدل على أن الصيغ المهملة كانت في القديم متداولة وشائعة بين الجماعات السامية الأولى، وتوجد في اللغة العربية آثار لبعض الأوزان الأخرى، وقد فطن النحويون واللغويون العرب لذلك، فقد جاء في كتاب المقتضب للمبرد المتوفى سنة 285 هجري: أرقت وهرقت وإياك وهياك1. وجاء في كتاب الأفعال لابن القوطية المتوفى سنة 367 هجري ما يلي: وهرقت الماء هرقا، وأهرقته ويقال إن الهاء في هرقت مبدلة من همزة فيكون حينئذ رباعيا مستقبله أربعة وقالوا أهريقه2. وجاء في كتاب المنصف لابن جني المتوفى سنة 392 هجري (وقد قيل إن الهاء في هجرع وهو الطويل فالهاء زائدة كأنه من الجرع وهو المكان السهل المنقاد. وهو من معنى الطول، وكذلك هبلع وهو الأكول مأخوذ من البلع أما هركولة وهو المرأة الجسيمة فذهب الخليل فيما حكاه عنه أبو الحسن إلى أن الهاء زائدة ووزنه هفعولة أخذه من الركل وهو الرفس بالرجل كأنها لثقلها تركل في مشيتها أي ترفع رجلها وتضعها بقوة كالرفس3. وجاء في شرح المفصل لابن يعيش المتوفى سنة 643هجري ما يلي: اعلم أنهم قالوا: أهراق فمن قال هراق فالهاء عنده بدلا من همزة أراق على حد هردت أن أفعل في أردت ونظائره4

_ 1 انظر المقتضب تحقيق العلامة الشيخ عضيمة ج 1 ص154. 2 انظر الأفعال لابن القوطية ص 12. 3 انظر المنصف ص 25. 4 شرح المفصل ج 10 ص 5.

وجاء في شرح المفصل أيضا ما نصه: ومن ذلك هات الشيء أي أعطينيه، وهو اسم لأعطيني وناولني ونحوهما وهو مبني لوقوعه موقع الأمر وكسر لالتقاء الساكنين (الألف والتاء) وكأنه من لفظ (هيت) ومعناه، وقال بعضهم هو من آتى يؤاتي والهاء فيه بدل من الهمزة ويعزى هذا القول إلى الخليل واستدل على ذلك بتصريفه ويلحقونه ضمير التثنية والجمع لقوة شبه الفعل به1. وجاء في القاموس المحيط مادة (جزع) والهجزع كدرهم الجبان هفعل من الجزع كما جاء فيه أيضا في مادة هزرف ... والهزرف كزنبور وعلابط وقرطاس الظليم السريع الخفيف وهزرف أسرع. وجاء في كتاب المزهر للسيوطي المتوفى سنة 911 هجري: وهذه أمثلة من كتاب الإبدال ليعقوب بن السكيت (المتوفى سنة 244 هجري) فمن إبدال الهمزة هاء أيا وهيا، وإياك وهياك، وأتمأل السنام وأتمهل إذا انتصب، وأرحت دابتي وهرحتها وأبزت له2 وهبزت له وأرقت الماء وهرقته. وبعد هذا العرض نلاحظ أن اللغة العربية كغيرها من اللغات السامية كانت تستخدم في الزمن القديم الهمزة والهاء والسين والشين في أوائل الأفعال للدلالة على التعدية وبعض المعاني الأخرى التي سأذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى. وقد فضلت اللغة العربية الهمزة بعد ذلك وأهملت الحروف الأخرى لأسباب تتفق مع طبيعتها اللغوية ... ولكن بعض آثار استعمال هذه الحروف ما زال باقيا في بعض الأفعال والأسماء والصفات أو أن اللغة العربية تأثرت بأخواتها من السامية ... أما الهمزة في صيغة (أفعل) المزيدة فاستخدمت في اللغة العربية وفي لهجاتها القديمة والحديثة للدلالة على التعدية في الأكثر، وعلى التعريض للشيء وعلى الصيرورة كما دلتا على وجود الشيء على صفته، ودلت على السلبية وجاءت أخيرا متضمنة معنى فعل الخ، وجاءت بعض الأفعال رافعة للاسم ناصبة للخبر وبعضها ناصبة لمفاعيل ثلاثة الخ. الفصل الأول: ورود (أفعل) المستعمل فعلا الفعل في اللغة العربية باعتبار التعدي واللزوم نوعان: لازم وهو القاصر الذي لا ينصب المفعول به بنفسه مباشرة بل يتعدى إليه بوسائل معروفة في باب (التعدي واللزوم) مثل جلس وقعد الخ، النوع الثاني المتعدي وهو الذي يتعدى إلى المفعول به بدون واسطة

_ 1 شرح المفصل ج4 ص 30. 2 أبزلفة في هبز إذا مات فجأة ولم أجد فيما بين أيدينا من كتب اللغة أبز له وهبز له وفي الأمالي أبزت له وهبزت له فهو تصحيف.

فتارة يتعدى إلى مفعول واحد مثل الفعل (سمع) تقول سمع محمد الخبر، الفعل (قرأ) تقول: قرأ محمد القرآن، وتارة يتعدى الفعل الثلاثي إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر كالفعل (كسا) تقول: كسوت الفقير ثيابا، والفعل (أعطى) تقول: أعطيت الفقير مالا، وقد ينصب الفعل الثلاثي مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر كأفعال القلوب والرجحان واليقين في باب (ظن وأخواتها) هذا شأن الفعل الثلاثي. وقد تدخل الهمزة على هذا الفعل الثلاثي زائدة فتغير حاله وتنقل معنى الفعل إلى مفعوله ويصير بها الفاعل مفعولا ولا تقتضي في الغالب تمهلا ولا تكرارا، فإدخال الهمزة على أول الفعل الثلاثي تكسبه معنى النقل والتعدية وهذا هو المعنى الغالب لاستعمال صيغة (أفعل) .

معنى التعدية وأثرها

معنى التعدية وأثرها ومما يجدر ملاحظته أن التعدية في اللغة العربية نوعان: تعدية عامة وهي التي نشاهدها في الأفعال المتعدية بطبيعتها ولا تحتاج إلى واسطة تتعدى بها كالأفعال كسا، وأعطى، وقرأ، وأكل، وما شاكلها فالتعدية في هذه الأفعال تعدية عامة. النوع الثاني من التعدية تعدية خاصة وهي التي نشاهدها في الأفعال التي تتعدى بالهمزة كثيرا ويجوز أن تتعدى بالباء فإدخال الهمزة على أول الفعل الثلاثي وهي همزة تنقل معنى الفعل إلى مفعوله ويصير الفاعل مفعولا فما كان فاعلا للفعل اللازم يصير مفعولا لمعنى الجعل وهو في الوقت نفسه فاعل لأصل الحدث على ما كان عليه فهو وإن كان مفعولا للجعل فاعل من ناحية المعنى قال الشاعر وهو أعشى باهلة: فإن جزعنا فإن الشر أجزعنا ... وإن صبرنا فإنا معشر صبر فالفعل جزع لا يتعدى ولكنه بالهمزة التي للنقل صار متعديا إلى مفعول به من أثر الهمزة التي للنقل وهو الفاعل للذهاب من ناحية المعنى ... وتقول: لبس محمد الثياب وألبست محمدا الثياب فقد أثرت الهمزة في الفعل المتعدي إلى مفعول واحد وجعلته متعديا إلى مفعولين أولهما مفعول الجعل، والثاني مفعول لأصل الفعل، ولكن الأول في رتبة مقدمة على الثاني لأن مرتبة المجعول مقدمة على مرتبة أصل الفعل قال سيبويه في الكتاب1: "هذا باب فعلت وأفعلت في الفعل للمعنى يقول: دخل وخرج وجلس فإذا أخبرت أن غيره صيره إلى

_ 1 انظر سيبويه ج 2 ص 233.

شيء من هذا قلت: أخرجه، وأدخله، وأجلسه وتقول: فزع وأفزعته، وخاف وأخفته، وجال وأجلته، وجاء وأجأته، فأكثر ما يكون على فعل (بتثليث العين) إذا أردت أن غيره أدخله في ذلك يبني الفعل منه على أفعلت ومن ذلك أيضا مكث (بضم العين) وأمكثته، وقد يجيء الشيء على فعلت (بتشديد العين) فيشرك أفعلت وذلك قولك فرح وفرحته وإن شئت قلت: أفرحته" انتهى كلام سيبويه. وقال الرضى في شرح الشافية1: "فاعلم أن المعنى الغالب في أفعل للتعدية تعدية ما كان ثلاثيا وهي أن يجعل ما كان فاعلا للازم مفعول لمعنى الجعل فاعلا لأصل الحدث على ما كان، فمعنى (أذهبت زيدا) جعلت زيدا ذاهبا فزيد مفعول لمعنى الجعل الذي استفيد من الهمزة، فاعل للذهاب كما كان في (ذهب زيد) فإن كان الفعل الثلاثي غير متعد صار بالهمزة متعديا إلى واحد هو مفعول لمعنى الهمزة (أي الجعل والتصيير) كأذهبته ومنه أعظمته أي جعلته عظيما باعتقادي بمعنى استعظمته، وإن كان متعديا إلى واحد صار بالهمزة متعديا إلى اثنين أولهما مفعول الجعل، والثاني لأصل الفعل نحو أحفرت زيدا النهر أي جعلته حافرا له فالأول مجعول والثاني محفور ومرتبة المجعول ومرتبة مقدمة على مرتبة مفعول أصل الفعل لأن فيه معنى الفاعلية وإن كان الثلاثي متعديا إلى اثنين صار بالهمزة متعديا إلى ثلاثة أولهما للجعل والثاني والثالث لأصل الفعل وهو فعلان فقط: أعلم وأرى. وقد يجيء الثلاثي2 متعديا ولازما في معنى واحد نحو فتن الرجل أي صار مفتتنا وفتنته أي أدخلت فيه الفتنة. وحزن وحزنته أي أدخلت فيه الحزن ثم تقول: أفتنته وأحزنته فيهما لنقل فتن، وحزن اللازمين لا المتعديين فأصل معنى أحزنته جعلته حزينا كأذهبته وأخرجته وأصل معنى حزنته جعلت فيه الحزن وأدخلته فيه، ككحلته ودهنته أي جعلت فيه كحلا ودهنا، والمغزى من أحزنته وحزنته شيء واحد، لأن من أدخلت فيه الحزن فقد جعلته حزينا إلا أن الأول يفيد هذا المعنى على سبيل النقل والتصيير لمعنى فعل آخر وهو (حزن) دون الثاني. وقولهم: لأسرع وأبطأ في سرع وبطؤ ليس الهمزة فيهما للنقل بل الثلاثي والمزيد فيه معا غير متعديين، لكن الفرق بينهما أن سرع وبطأ أبلغ لأنهما كأنهما غريزة كصغر وكبر،" انتهى كلام الرضى على الشافية. وقال ابن هشام في المغني: "مبحث الأمور التي يتعدى بها الفعل القاصر: وهي سبعة أحدها همزة (أفعل) نحو أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا، ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين، {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} وقوله تعالى: {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} ، وقد ينقل المتعدي

_ 1 انظر الشافية ج 1 ص 86. 2 انظر سيبويه ج 2 ص 234 والشافية ج 1 ص 87، والأشموني ج 2 ص 125 تحقيق محي الدين.

إلى واحد بالهمزة إلى التعدي إلى اثنين نحو: ألبست زيدا أثوابا ولم ينقل متعد إلى اثنين بالهمزة إلى التعدي إلى الثلاثة إلا في رأي وعلم وقاسه الأخفش في أخواتهما الثلاثة القلبية نحو ظن وحسب وزعم وقيل النقل بالهمزة كله سماعي وقيل قياسي في القاصر والمتعدي إلى واحد والحق أنه قياسي لأن القاصر سماعي في غيره وهو ظاهر مذهب سيبويه" فابن هشام يرى فيه ثلاثة أقوال: قول يقول إنه التعدية بالهمزة سماعي مطلقا أي في المتعدي إلى واحد وإلى اثنين وفي القاصر. والقول الثاني يقول بقياسية التعدي بالهمزة في القاصر وفي المتعدي لواحد فقط، والقول الثالث يقول إن التعدية بالهمزة قياسي في القاصر فقط سماعي في غيره سواء كان متعديا إلى واحد أو إلى اثنين فيسوغ لك أن تبني على أفعلته للتعدية من الفعل القاصر من غير أن ينكر عليك أحد ذلك وإن لم تكن سمعت تعديته بالهمزة عن العرب وقال سيبويه1 في مباحث (فعّلت) بالتضعيف: "هذا باب دخول فعّلت بتضعيف العين على فعلت لا يشاركه في ذلك (أفعلت) تقول كسرتها وقطعتها فإذا أردت كثرة العمل قلت: كسّرته وقطّعته ومزّقته ومما يدلك على ذلك قولهم: علطت البعير وإبل معاطة وبعير معلوط وجرحته وجرّحته (بتضعيف العين) أكثرت الجراحات في جسده. ومن شواهد القرآن لأفعل التي للتعدية قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} وقوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} وقوله تعالى: {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} 2. وقوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} الهمزة للتعدية والمعنى حملهما على أن زلا وهذا قول أبي حيان في البحر المحيط3. وقوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْن} الهمزة للتعدية4 ويعدى بالتضعيف أيضا وقوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنّ} قال أبو حيان: الإتمام الإكمال والهمزة فيه للنقل5 وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} قال أبو حيان: في أعجز للتعدية كما قال ولن نعجزه هربا لكنه كثر فيه حذف المفعول (البحر ج5 ص169) . وقد يجيء الثلاثي والمزيد فيه بالهمزة لازمين نحو أسرع وسرع وأبطأ وبطؤ والفرق بينهما أن سرع وبطؤ أبلغ كأنهما عريزة كصغر وكبر وجعل منه أبو حيان قوله تعالى: {فَإِذَا

_ 1 انظر سيبويه ج 2 ص 237. 2 انظر المغني لابن هشام ص 150 ج 2 مبحث الأمور التي يصير اللازم بها متعديا. 3 انظر البحر المحيط ج 1 ص 160. 4 البحر المحيط ج 1 ص 198. 5 انظر البحر المحيط ج 1 ص 372.

أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} فالفعل فاض وأفاض بمعنى واحد (وانظر البحر المحيط ج2 ص83) همزة أفعل قد تكون للتعدية فقط ولا تفيد غيره: وقد صرح المالقي والمتوفى سنة 702 هجري1 في كتابه رصف المباني بما يبين أن صيغة (أفعل) تستعمل أحيانا للتعدية فقط على وجه خاص قال الموضع الثامن أن تكون التعدية خاصة إذا كان الفعل ثلاثيا لا يتعدى لو نطق به فتقدر أن الهمزة فيه زائدة كقولك: (ألقيت ما في يدي) وقال تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِك} 2. وقال الشاعر: 3 فألقت عصاها واستقر بها النوى ... (كما قرّ عينا بالإياب المسافر) كان الأصل في هذا الفعل أن يقال فيه: (لقيت ما في يميني) إلا أنه لم ينطق به إلا بالهمزة، وحكمنا أن الهمزة زائدة لأنه من اللقاء فالأصل اللام والقاف والياء فعلمنا بذلك أنه لا معنى لدخول الهمزة وزيادتها إلا تعدية الفعل الثلاثي الذي لم يستعمل النطق به وحده للمفعول، وهذه الهمزة تعدي ما لا يتعدى إلى واحد نحو ما ذكر وما يتعدى إلى واحد إلى اثنين نحو: ألفيت زيدا قائما ومنه (قوله) : فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا4 وما يتعدى إلى اثنين إلى ثلاثة كقولك أعلمت زيدا عمرا قائما ومنه: أنبئت عمرا غير شاكر نعمتي ... (والكفر مخبثة لنفس المنعم) ثم انتقل إلى همزة (أفعل) التي لم تستعمل إلا لنقل الفعل من مادة الثلاثية إلى مادة الرباعية خاصة قال: الموضوع التاسع: أن تكون للنقل خاصة ومعنى ذلك أنها تنقل الفعل من الثلاثي إلى الرباعي فإن كان متعديا في أصله بقى كذلك بعد النقل فالهمزة لا تفيد فيه شيئا سوى النقل خاصة، وقد ينطق بثلاثية وقد لا ينطق نحو: أشكل الأمر فهذا لا ينطق بثلاثية، في

_ 1 انظر رصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي ص 48، 49، 50 وتحقيق الخراط. 2 سورة طه 69. 3 قال في اللسان: مادة (عصا) نسب إلى معقر بن حمار أو عبد ربه السلمي أو سليم بن ثمامة وجاء في القرطبي ص 474. 4 البيت لأبي الأسود الدؤلي وهو في ديوانه /123، والكتاب ج 1 ص 169 وثعلب /123 واللسان (عتب) الإنصاف ص 159 وابن يعيش ج 9 ص 254. 5 البيت لعنترة وهو في ديوانه ص 214 وفي حماسة البحتري /110، انظر المرجع السابق ص 50.

القاموس وأشكل الأمر التبس وشكَل وإن كان الأصل من حيث أن حروفه أصول ووزن أشكل (أفعل) فالهمزة زائدة لمجرد النقل وتقول لاح البرق، وألاح فهذا ينطق بثلاثية قبل الهمزة وهو غير متعد، وتدخل الهمزة عليه فيبقى كذلك فيعلم أن الهمزة لا معنى لها فيه إلا مجرد النقل خاصة. وسواء كان الفعل غير متعد كما ذكر أو متعديا كقوله: وقفت الدابة وأوقفتها ومهرت المرأة وأمهرتها، وسقيته وأسقيته فهذا يستعمل بغير الهمزة متعديا وبالهمزة كذلك فعلم أن الهمزة ليس لها معنى إلا مجرد النقل خاصة قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} . وقال الشاعر: 1 سريت بهم حتى يكل مطيهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان وقال آخر:2 سقى قومي بني بكر وأسقى ... نُميرا والقبائل من هلال ثم ذكر بعد ذلك أن الهمزة في صيغة (أفعل) تفيد التعدية والنقل معا قال:3 الموضع التاسع: أن تكون للتعدية والنقل معا وذلك أكثر من أن يحصى وذلك إذا كان الفعل في أصله ثلاثيا لا يتعدى فيصير بالهمزة رباعيا يتعدى ويكون متعديا إلى واحد فيصير إلى اثنين، ويكون إلى اثنين فيصير إلى ثلاثة وذلك نحو قام زيد، وأقمت زيدا وكرم زيد، وأكرمته وعطى زيد الكأس، وأعطيتها عمرا، وعلمت زيدا منطلقا، وأعلمت عمرا زيدا منطلقا قال الله تعالى: {وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} والأصل: ترفوا، وقال تعالى: {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} والأصل تبع بعضهم بعضا وعليه {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} وقال الشاعر:4 فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم ... غوارِب رمل ذي ألاءٍ وشِبرق

_ 1 البيت لامرئ القيس ديوانه ص 93، الكتاب ص 489 ومعاني القرآن ج 1 ص 133 واللسان (مطا) وابن يعيش ج 5 ص 79 والمغني والأشموني وشواهد المغني ص 374. 2 البيت للبيد ديوانه ص 93، ونوادر أبي زيد ص 213، واللسان (مجد) والخصائص ج 1 ص 370 باب في لفصيح يجتمع في كلامه لفتان فصاعدا. 3 انظر المرجع السابق ص 151. 4 البيت لامرئ القيس ديوانه ص 169، وطرفي عيني، غوارب الرمل: أوائله، الالأ: الشجر وكذلك الشبرق.

وقال آخر:1 فأتبعتهم فيلقا كالسرا ... ب جاءوا تُتْبِع شُخْبا ثَعْولا فجمع بينهما. واعلم أن هذه الهمزة تقوم مقام الباء في التعدية ولا تجمع معها ويجري مجراها التضعيف الخ ... قال أحمد فارس في الجاسوس على القاموس نجز حاجته بالفتح ينجزها بالضم نجزا قضاها يقال أنجز حر ما وعد، ونجز الوعد فيكون نجز لازما ومتعديا وقد استطردته هنا لبيان أن العرب تعدي بالهمزة ما يتعدى بنفسه كما تقدم ومثل فاظ فإنه لازم ومتعد ثم تقول أفاظه، ومثله نشر الموتى نشورا حيوا ونشرهم الله يتعدى ولا يتعدى ثم يعدى بالهمزة أيضا فيقال أنشرهم الله، ومثله حسر البعير أي أعيا وحسرته أنا وأحسرته، وساغ الشراب وأسغته وهدر الدم وهدرته وأهدرته. 2_ المعنى الثاني من معاني (أفعل) الصيرورة أي تكون لصيرورة ما هو فاعل (أفعل) صاحب شيء وهو على وجهين: إما أن يصير صاحب ما اشتق منه نحو ألحم فلان أي صار ذا لحم وأطفلت المرأة أي صارت ذا طفل، وأعسر وأيسر وأقل أي صار ذا عسر ويسر وقلة، وأغد البعير أي صار ذا غدة2 وأراب أي صار ذا ريبة، وكأن (أفعل) هنا تفيد النسب بمعنى ذي كذا قال ابن قتيبة: وأجرب الرجل وانحز وأحال صار صاحب جرب ونحار وحيال في ماله، وإما أن يصير صاحب شيء هو صاحب ما اشتق منه نحو: أجرب الرجل أي صار ذا إبل ذات جرب، وأقطف صار صاحب خيل تقطف (أي أساءت السير وأبطأت) وأخبث أي صار ذا أصحاب خبثاء3. ومن القسم الأول أحصد الزرع أي صار ذا حصاد وبعضهم جعل هذا قسما آخر فقال يجئ (أفعل) بمعنى حان وقت يستحق فيه فاعل (أفعل) أن يوقع عليه أصل الفعل مثل أحصد الزرع، وأجدّ النخل أي حان له أي يجد (أي يقطع ثمره) ، وأقطع النخل (حان قطاعه) 4.

_ 1 لبيت لزهير ديوانه ص 201، والفيلق: الكتيبة وشبهها بالشراب اللون الجديد: جأواء علاها لون الصدأ والحديد شخب خروج اللبن من ضرع الناقة. 2 الغدة عقدة بها شحم. 3 انظر سيبويه ج 2 ص 235، والشافية ج 1 ص 88. 4 انظر سيبويه ج 2 ص 236، والشافية ج 1 ص 89، وأدب الكاتب لابن قتيبة ص 475 قال: أركب المهر حان أن يركب، وأحصد الزرع حان أن يحصد، وأقطف الكرم حان أن يقطف وكذلك يقال أقطف القوم حان أن يقطفوا كرومهم، وأجزوا وأوجدوا وأغلوا كذلك وانتجت النخيل حان نتاجها.

ومن هذا النوع أي صيرورته كذا، دخول الفاعل في الوقت المشتق منه (أفعل) أصبح (وأمسى) وأفجر، وأشهر، أي دخل في الصباح والمساء والفجر والشهر وكذلك أضحى أي دخل في الضحى. ملحوظة: الأفعال: أمسى، أصبح، أضحى قد تستعمل ناقصة أي تدل على حدث ناقص (معنى مجرد ناقص) لأن إسناده إلى مرفوعة لا يفيد الفائدة الأساسية المطلوبة من الجملة الفعلية إلا بعد مجيء الاسم المنصوب، فالاسم المطلوب المنصوب (الخبر) هو الذي يتمم المعنى الأساسي المراد، ويحقق الفائدة الأصلية للجملة وهذا يخالف الأفعال التامة فإن المعنى الأساسي يتم بمرفوعها الفاعل أو نائب الفاعل فالفعل (أصبح) مع اسمه يدل على مجرد دخوله في وقت الصباح وليس هذا هو المقصود من الناقصة فإذا جاء الخبر كان كفيلا بتحقيق المراد ... وليس السبب في تسميتها ناقصة أنها تتجرد للزمان وحده ولا تدل معه على حدث (معنى) كما يقول بعض النحاة وقد أشار إلى ذلك بإيجاز طيب ومنطق مقبول سليم الأمير على المغني في الباب الثالث1 ... فإذا استعملنا الأفعال الأخيرة بمعنى النقصان فلها أحكام تخصها في باب كان وأخواتها فهي تفيد مع معمولها اتصاف اسمها بمعنى خبرها اتصافا يتحقق مساء في أمسى ويتحقق صباحا في أصبح ويتحقق وفي وقت الضحى من أضحى. هذا وقد وردت أصبح وأمسى زائدتين في كلام عربي قديم نصه: (الدنيا ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفأها) وهذا لا يقاس عليه. وقد جاء أفعل بمعنى الدخول في القرآن الكريم ومن شواهد ذلك قوله تعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي داخلين في وقت الشروق فهي كأصبح إذا دخل في وقت الصباح، وقال أبو عبيدة المتوفى سنة 211 هجري فأتبعوهم نحو الشرق فهو كأنجد إذا قصد نجدا2. ومن قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ} الهمزة في أصعد للدخول أي دخلتم في الصعيد وذهبتم فيه كما تقول أصبح زيد إذا دخل في الصباح فالمعنى إذ تذهبون في الأرض3.

_ 1 انظر المغني ج 2 الباب الثالث عند الكلام على تعلق الظرف والجار والمجرور بالفعل الناقص. 2 انظر البحر المحيط ج 3 ص 83. 3 انظر البحر المحيط ج 3 ص 83.

ومنه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} أي داخلون في الظلام كما تقول أعتمنا وأسحرنا أي دخلنا في العتمة والسحر1. ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} أي آت بما يلام عليه يقال ألام فلان إذا فعل ما يلام عليه وفي البيضاوي وهو مليم أي داخل في الملامة يعني بناء أفعل للدخول في الشيء نحو أحرم إذا دخل في الحرم2. ومنه قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} من أعصرت أي دخلت في حين العصر فحان لها أن تعصر3. المعنى الثالث (لأفعل) التعريض فتفيد الهمزة أنك جعلت ما كان مفعولا معرضا لأن يقع عليه الحدث سواء صار مفعولا له أم لا. تقول: أقتلته أي عرضته لأن يكون مقتولا ... قتل أو لا، وأبعت الفرس أي عرضته للبيع وأسقيته أي جعلت له ماء وسقيا شرب أم لم يشرب وأقبرته أي جعلت له قبرا، قبر أو لا وقبرته ودفنته، وأشفيته عرضته للشفاء4 وفي كتاب فعلت وأفعلت للزجاج وقال النحويون أبعته عرضته للبيع وأنشدوا. ورضيت ألاء الكميت فمن يُبِع ... فرسا فليس جوادنا بُمباع قالوا معناه يعرض للبيع ومعنى ألاء الكميت نعم الكميت جعل نجاءه به من المهالك نعما5. المعنى الرابع (لأفعل) السلب أي أنك تسلب عن مفعوله ما اشتق منه نحو أشكيته أي أزلت شكواه وأعجمت الكتاب أي أزلت عجمه وقد يكون لسلب الفعل عن الفاعل إذا كان لازما كقولهم: أقسط أي أزال عنه القسط وهو الجور ويحتمل هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} مضارع أخفى بمعنى ستر والهمزة للإزالة أي أزلت الخفاء وهو الظهور6 وإذا أزلت الظهور صار للستر كقوله أعجمت الكتاب أزلت عنه العجمة بوضع النقط

_ 1 انظر البحر ج 7 ص 335. 2 انظر حاشية الجمل ج 3 ص 548. 3 انظر البحر ج 8 ص 411. 4 انظر سيبويه ج 2 ص 235، والشافية ج 1 ص 88. 5 انظر شرح أدب الكاتب للجواليقي ص 313، وأدب الكاتب لابن قتيبة ص 472. 6 الخفاء من الأضداد يقال خفيت الشيء، إذا أظهرته.

والحركات وقال أبو علي هذا باب السلب ومعناه أزيل عنها خفاءها وهو سترها1 قال أحمد تيمور في رسالة السماع والقياس أفعل الذي همزته للسلب مثل شكى فأشكيته أي أزلت شكواه وجاء بعكسه، أحمأت البئر. في القاموس أحمأت البئر ألقيت فيها الحماة (الطين الأسود) وحمأتها كمنعتها نزعت حمأتها2. المعنى الخامس (لأفعل) أنه يأتي لوجود مفعوله على صفة وهي كونه فاعلا لأصل الفعل نحو أكرمت فاربط أي وجدت فرسا كريما وأسمنت أي وجدت سمينا وأبخلته أي وجدته بخيلا، أو كونه مفعولا لأصل الفعل نحو أحمدته أي وجدته محمودا3. وجاء هذا المعنى في القرآن الكريم قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} معنى أغفلنا قلبه وجدناه غافلا4. وقال عمرو بن معديكرب لمشاجع السلمي5: "لله دركم يابني سليم قاتلناكم فما أجبلناكم (أي فما وجدناكم جبناء) ، وسألناكم فما أبخلناكم (أي ما وجدناكم بخلاء) ، وهاجيناكم فما أفحمناكم (أي فما أسكتناكم) " وجاء في الشعر قوله6: لا يصعب الأمر إلا ريث يركبه ... وكل شيء سوى الفحشاء يأتمر ومعناه لا يصعب الأمر لآ يجده صعبا كقولهم أبخلته وجدته بخيلا فهو لا يجد الأمر صعبا إلا وقت ركوبه. وقد عقد الجواليقي بابا خاصا بأفعلت الشيء أي وجدته على صفته وقال ابن جني في الخصائص ج3 ص253: واذكر يوما وقد خطر لي خاطر مما نحن بسبيله فقلت: لم أقام إنسان على خدمة هذا العلم ستين سنة حتى لا يحظى منه إلا بهذا الموضع لما كان مغبونا فيه ولا منتقص الحظ ولا السعادة به وذلك قول الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ولن يخلو {أَغْفَلْنَا} هنا من أن يكون من باب أفعلت

_ 1 انظر البحر المحيط ج 6 ص 232 والعكبري ج 2 ص 63. 2 انظر رسالة أحمد تيمور باشا في السماع والقياس ص 69 موجود بمكتبة الجامعة الإسلامية العامة. 3 انظر سيبويه ج 2 ص 236 والشافية ج 1 ص 90. 4 انظر البحر المحيط ج 6 ص 119، وأمالي الشجري ج 1 ص 149. 5 انظر أدب الكاتب لابن قتيبة ص 473. 6 انظر أمالي ابن الشجري ج 1 ص 226، وشرح أدب الكاتب ص 313.

الشيء أي صادفته ووفقته كذلك كقوله: (وأهيج الخلصاء من ذات البرق) 1 أي صادفها هائجة النبات وقوله: (فمضى وأخلف من قتيلة موعدا2) أي صادفه مخلفا. وقوله:3 أصم دعاء عازلتي تحجّي ... بآخرنا وتنسى أولينا وقوله:4 فأصممت عمرا وأعميته ... عن الجود والمجد يوم الفخار أي صادفته أعمى: وحكى الكسائي: دخلت بلدة فأعمرتها أي وجدتها عامرة ودخلت بلدة فأخربتها أي وجدتها خرابا ونحو ذلك. ثم يعقب ابن جني بعد هذا بقليل بقوله: وإذا صح هذا الموضع ثبت به لنا أصل شريف يعرفه من يعرفه ولولا ما تعطيه العربية صاحبها من قوة النفس ودربة الفكر لكان هذا الموضع ونحوه مجوزا عليه غير مأبوه له. وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب5: باب أفعلت الشيء وجدته كذلك أتيت فلانا فأحمدته وأذممته وأخلفته أي وجدته محمودا مذموما ومخلافا للوعد، وأتيت فلانا فأبخلته وأجبنته وأحمقته وأنوكته وأوهجته إذا وجدته كذلك وأقهرته إذا وجدته مقهورا. وأنشد: تمنى حصين أن يسود جذاعه ... فأمسى حصين قد أندَّ وأقهر الخ المعنى السادس المستفاد من صيغة (أفعل) للدعاء نحو: أسقيته أي: دعوت له بالسقيا،والأكثر إذا في استعمال الدعاء فع َّل نحو جّدَّعه وعَقَّره فهو دعاء عليه. المعنى السابع المستفاد من صيغة (أفعل) الإعانة كأحلبت فلانا وأرعيته أي أعنته على الحلب والرعي6. المعنى الثامن المستفاد من أفعل المطاوعة (لفعّل) كفطرته فأفطر وبشرته فأبشر7 وقد يكون مطاوعا (لفعل) المتعدي بغير تشديد العين –فيكون أفعل لازما بالهمزة وبغير

_ 1 لرؤبه من أرجوزة التي أولها: وقاتم الأعماق خاوي المخترق والحديث عن حمار الوحش والخلصاء، والبرق جمع لبرقة وهي مكان فيه حجارة ورمل. 2 الأعشى من قصيدته التي هذا البيت مطلعها وصدره: أثوى وقصر ليله ليزودا. 3 لابن أحمر وقوله: (تحجي بآخرنا) أي تسبق إليهم باللوم. 4 لم أعثر على نسبته وذكره ابن قتيبة في المعاني الكبير ص 521. 5 انظر أدب الكاتب ص 472. 6 انظر اللمع ج 2 ص 161. 7 انظر سيبويه ج 2 ص 235، والشافية ج 1 ص 89.

الهمزة يكون متعديا مثل عرضت الشيء أي أظهرته فأعرض أي ظهر، وكبه الله على وجهه فأكب، وقد ذكر السيوطي في الأشباه والنظائر جملة منها1 وكذلك الفيومي في خاتمة المصباح. وجاء أيضا بعضها في المزهر2 قال السيوطي: ليس في كلامهم (أفعل الشيء) وفعلته إلا أكب وكببته، وأقشعت الغيوم وقشعتها الريح، وأنسل الريش والوبر ونسلتها وأنزفت البئر ونزفتها، وأشنق البعير رفع رأسه وشنقته بزمامه. ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} قال أبو حيان3: من أكب وهو لا يتعدى وكب متعد قال تعالى: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} والحديث "وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" فقال يكب بالفتح، وقد عقد لها ابن جني بابا في الخصائص4 قال هذا هو الحديث أن تنقل بالهمز فيحدث النقل تعديا لم يكن قبله، غير أن ضربا من اللغة جاءت فيه هذه القضية معكوسة مخالفة فتجد (فعل) فيها متعديا و (أفعل) غير متعد وذلك قولهم: أجفل الظليم وجفلته الريح، وأشنق البعير إذا رفع رأسه وشنقته وأنزف البئر إذا ذهب ماؤها ونزفتها، وأقشع الغيم وقشعته الريح، وانسل ريش الطائر ونسلته وأمرت الناقة إذا در لبنها ومريتها (أي مسحت ضرعها لتدر) ونحو من ذلك ألوت الناقة بذنبها، ولوت ذنبها، وصرّ الفرس أذنه، وأصر بأذنه5 وكبه الله على وجهه وأكب هو. وعلوت الوسادة وأعليت عنها. فهذا نقض عادة الاستعمال لأن فعلت فيه متعد وأفعلت غير متعد وعلة ذلك عندي أنه جعل تعدي (فعلت) وجمود (أفعلت) كالعوض (لفعلت) من غلبة (أفعلت) لها التعدي نحو جلس وأجلسته. وقال العلامة أحمد تيمور باشا في رسالة السماع والقياس ص 69 أفعل الذي همزته للتعدية دخول هذه الهمزة على بعض أفعال وجعلها لها لازمة انظر مادة (حجم) في اللسان، وانظر فائدة في ذلك في آخر نسخة السعد على التصريف العزى ص 127 -131، وانظر ضرّه وأضرّ به في القاموس، وانظر باب نقض العادة في الخصائص ج 2 ص 32 وانظر فقه اللغة للصاحبي

_ 1 انظر الأشباه ج 1 ص 312 وانظر الخصائص ج 3 ص 253، ص 254 باب فيما يؤمنه علم العربية من لاعتقادات الدينية. 2 انظر المزهر ج 2 ص 82. 3 انظر البحر المحيط ج 8 ص 303. 4 انظر الخصائص ج 2 ص 215 باب في نقض العادة، وانظر الأشباه ج 1 ص 338. 5 أي سوى أذنه ونصبها للاستماع وذلك إذا جد في السير.

ص 69، مادة جفل من المصباح (جفلته فأجفل على العكس من المشهور) وله نظائر تأتي في الخاتمة أي في الفصل الذي أورده في الثلاثي اللازم وتعديته وهو ثالث فصل في الخاتمة، وفي مادة (قشع) منه (قشعته فأقشع) من النوادر وفي كببته فأكب، وهمع الهوامع ج 2 ص 81 ذكر كببته فأكب وأقشع الغيم وانسل الطائر، وقد يكون عكس ذلك قال ابن قتيبة ص 483 باب أفعلته ففعل تقول أدخلته فدخل، وأخرجته فخرج، وأجلسته فجلس، وأفزعته ففزع، وأخفته فخاف، وأجلته فجال، وأمكثته فمكث هذا القياس وقد جاء في هذا انفعل وافتعل قال الكميت: ولا يدرى في حميت السكن تندخل. وقال آخر: وأبى الذي ورد الكلاب مسوما ... بالخيل تحت عجاجها المنجال والقياس تدخل والجائل.

أفعل بمعنى فعل عند أهل اللغة

أفعل بمعنى فعل عند أهل اللغة ويجيء أفعل بمعنى فعل كثيرا في اللغة والأصل اختلاف معنييهما وقد ألفت كتب كثيرة تحمل هذا الاسم فعلت وأفعلت، أو فعل وأفعل والكتب التي تناولت هاتين الصيغتين من الفعل الواحد حين تتفقان في المعنى أو تختلفان أو لا يرد للعرب إلا إحداهما وأول من ألف في هذه الصيغة الخاصة من الأفعال قطرب المتوفى سنة 206 هجري والفراء المتوفى سنة 207 هجري ثم أبو عبيدة ستة 210 هجري، والأصمعي سنة 213 هجري وأبو زيد الأنصاري سنة 215 هجري وأبو عبيدة القاسم بن سلام سنة 224 هجري وورد في أبواب من الغريب المصنف وقد خص أبو عبيدة هاتين الصيغتين بالأبواب الأولى مما خصصه الأفعال وعالجهما حين يتفق معناهما أو يختلف، أو يختلفان في التعدي واللزوم وقد تأثر به ابن قتيبة في ذلك إلا أنه أحسن تصنيفهما وتوسع ابن السكيت أيضا وعنى بموقف العامة. ثم عالج أبو عبيدة صيغة (أفعل) وحدها وألف فيها أيضا أبو محمد عبد الله بن محمد التوزي سنة 233 هجري ويعقوب السكيت توفى سنة 246 هجري وقد أفرد بابين من إصلاح لمنطق لخلط العامة بين هاتين الصيغتين1، وأبو حاتم سهل بن محمد السجستاني توفى سنة 255 هجري تقريبا، وأبو العباس الأحول تلميذ ابن الأعرابي، وخصص له ابن قتيبة توفى سنة 276 هجري أبوابا من كتاب الأبنية في أدب الكاتب، وألف فيه من أهل القرن الرابع الزجاج سنة

_ 1 انظر إصلاح المنطق ص 251، 311.

311 هجري وابن دريد سنة 321 هجري وابن درستويه سنة 347 هجري وأبو علي القالي سنة 356 هجري وأبو بكر محمد بن عمر المعروف بابن القوطية سنة 367 هجري ثم ألف فيه أبو البركات بن الأنباري سنة 577 هجري ثم القاسم بن القاسم الواسطي سنة 626 هجري كما ألف فيها أيضا ابن سيدة في كتابه المخصص فقد عقد أبوابا في السفر الخامس عشر وقد شغل 133 صفحة تقريبا وابن القطاع سنة 455 هجري في كتابه الأفعال الذي عنى بفعل وأفعل في أول كل باب. فمن ذلك ما رواه أبو زيد الأنصاري في النوادر قال: وأمهرت وأصدقت واحد قال أبو الحسن أخبرني أبو العباس محمد بن يزيد قال ومهرت المرأة هي المشهورة الفصيحة وأمهرت لغة وليست في جودة الأولى وأنشدنا المازني عن الرياحي لقحيف العقيلي. أخِدْن اغتصابا خطبة عجرفية ... وأمهرن أرماحا من الخط ذُبَّلا قال وكذلك زففت المرأة هي اللغة الجيدة وأزففت لغة وقال في ص 212 –213: وقالوا بقرة فارض من بقر فوارض وهي السمينة وبقرة عوان من بقر عون وهي التي نتجت بعد بطنها البكر ويقال أعوان بقرتكم أم لا؟ يقول أنتجتموها بعد البطن الأول شيئا قال أبو الحسن هكذا قال أنتجتموها وهو صواب صحيح والمحكي من غيره وهو الشائع نتجت الناقة فهي منتوجة قال الأصمعي ولا يخبر عنها بفعل البتة إلا أن تضع هي وحدها فتعاني ذلك من نفسها فيقال خلت فأنتجت قال وإلا فالمسموع نتجت الناقة ونتجها أهلها وقوله أنتجت يجوز أن يكون في معنى نتجت1 ويجوز أن يكون جعلت لها نتاجا فقط قالوا في أسقاه الله أنه في مهنى سقاه الله وأنشدوا قول لبيد: سقى قومي بني نجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال وقال الأصمعي هما يفترقان وهذا الذي أذهب إليه قال معنى سقيته أعطيته ماء لشفته ومعنى أشقيته جعلت له ماء يشربه، أو عرضته لذلك، أو دعوت له كل هذا يحتمل هذا اللفظ وأنشد قول ذي الرمّة2: وقفت على ربع لمية ناقتي ... فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه

_ 1 بفتح النون من نتجت. 2 انظر كتاب النوادر لأبي زيد بن أوس الأنصاري ص 208.

قال أسقيه أدعو له بالسقيا وهذا أشبه بكلام العرب وقال ابن الأعرابي أسقيه من دمعي وهذا غير بعيد من ذلك المعنى أي أجعله له سقيا من دمعي على سبيل الإغراق والإفراط. وقال ابن القطاع1 وسقيتك شرابا وأسقيتك والله تعالى عباده وأرضه كذلك ويقال سقاه لشفته وأسقاه لماشيته وأرضه، وسقاه جلدا أعطاه إياه يتخذه سقاء عن الأصمعي. وقد ذكر ابن القطاع2 بابا لما جاء على أفعل وفعل والمعنى متفق قال في مادة (رمل) رملت الحصير رملا، وأرملت نسجته ورمل في السير رملا أسرع، وأرمل القوم فنى زادهم والمرأة صارت أرملة. وفي مادة ركس: ركس الله العدو ركسا وأركسه رده وقلبه على رأسه وقرئ بهما. وفي مادة رشق رشقت بالسهم رشقا وأرشقت به رميته ورغت إلى الشيء رغا وأرغت أصغيت. وردحت الخباء وأردحته وسعته بردحة في آخره وهي الشقة، ورعدت السماء وأرعدت، ورفل في مشيته وأرفل تبختر ومشى مختالا. وقال في الجزء الثالث مادة وحده وحدت الشيء وأوحدته، ووقف الشيء وقفا ووقوفا ثبت وأوقفت الدار والدابة لغة تميمية. وبرقت السماء برقا وبروقا وأبرقت لمعت والرجل تهدد والثلاثي في السماء أفصح والثاني لغة. فهذه جولة في كتاب الأفعال لابن القطاع المتوفى سنة 515 هجري تثبت مجيء فعل وأفعل بمعنى واحد. وبالنظر في كتاب الأفعال لابن القطاع نجد ما لا حصر له من هذا المعنى المتفق لأفعل بمعنى فعل ومثله كتاب فعلت وأفعلت للزجاج قال في مقدمة كتابه هذا كتاب نذكر فيه ما تكلمت به العرب على لفظ فعلت وأفعلت والمعنى واحد وما تكلمت به العرب على لفظ فعلت وأفعلت والمعنى مختلف، وما ذكر فيه أفعلت وحده مما يجري في الكتب والمخاطبات وهو مصنف مبوب على حروف المعجم ثم قال باب الباء من فعلت وأفعلت والمعنى واحد تقول: بشرت الرجل بخير وأبشرته، أبشر وأبشره وبشرته مشددا وبشرته أيضا من البشارة، وإنما قيل البشارة لأن الرجل إذا سمع ما يحب حسنت بشرة وجهه.

_ 1 انظر كتاب الأفعال ج 2 ص 162 سقى. 2 انظر باب الراء على فعل وأفعل باتفاق معنى ج 2.

ويقال بل من مرضه وأبل يبل، يبِّل، ويقال بدأ الله الخلق يبدأهم بدءا وأبدأهم إبداء قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ} فهذا من أبدأ وقال جرير: بدأنا بالزيارة ثم عدنا ... فلا بدئى حضرت ولا معادي وقال أيضا: هنيئا للمدينة إذ أهلت ... بأهل الملك أبدأ ثم عادا ويقال بكر الرجل في حاجته يبكر قال زهير: بكرن بكورا واستحرن بسحرة ... فهن لوادي الرّس كاليد للفم وأبكر إبكارا، قال ابن أبي ربيعة: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر ويقال تم الله عليه النعمة وأتم عليه إذا أسبغها، وتبع الرجل الشيء وأتبعه بمعنى واحد، قال الله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} وقال تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} وأتربت الكتاب وتربته جعلت عليه التراب. قال أبو عبيدة وأبو الخطاب يقال ثوى بالمكان وأثوى إذا أقام به وأنشد بيت الأعشى: أثوى وقصّر ليله ليرودا ... فمضى وأخلف قيلة الموعودا ويقال ثاب إلى الرجل جسمه وأثاب إليه جسمه إثابة إذا رجع، وثرى المكان وأثرى إذا ندي بعد يبس وكثر فيه الندى، وكذلك ثرى القوم وأثروا إذا كثرت أموالهم، وثلجت السماء وأثلجت من الثلج. يقال جدي الرجل واجدي إذا انتصب ... ويقال جنة الليل وأجنة وجن عليه الليل إذا أظلم عليه وستره جنونا وجنانا وإجنانا، وجننت الرجل وأجننته إذا دفنته، ويقال جلى الرجل بثوبه وأجلى إذا رمى به، وجلى القوم عن ديارهم وأجلوا إذا تركوها وخرجوا عنها، وجنب الرجل من الجنابة وأجنب، وحفل القوم وأحفلوا إذا انهزموا بجماعتهم، وكذلك جفل النعام يجفل جفلا وأجفل إجفالا، ويقال جفأت الباب أجفؤه جفا، وأجفأته إذا أغلقته، ويقال جد في الأمر وأجد فيه إذا ترك الهوينات ولزم فيه القصد والاستواء ومن هذا قيل جاد

يجيد، وجاح الله مال العدو وأجاحه إجاحة وجرم الرجل وأجرم إذا كسب جرما فهو جارم ومجرم. وجرى الرجل إلى الشيء وأجرى إليه إذا قصد إليه وجاز الرجل الوادي وأجازه إذا قطعه ونفذه –وقال الأصمعي جزته نفذته وأجزته قطعته. وجفا الوادي وأجفأ إذا رمى بغثائه، وجبرت الرجل على الأمر وأجبرته أكرهته عليه، وجهدت الفرس وأجهدته إذا استخرجت جهده، وكذلك جهدت في الأمر وأجهدته إذا بلغت جهدي فيه، وجدعت غذاء الصبي وأجدعته إذا أسأت غذاءه، وجدعت أنفه وأجدعته إذا قطعته وجدب البلد وأجدب إذا لم ينبت شيئا، وجحد الرجل وأجحد إذا أقل خيره، وجمت الحاجة إذا حضرت. وجم الفرس وأجمّ، وجهشت نفسه وأجهشت، وجال الرجل بالشيء وأجال به إذا طاف به، وجلب الجرح وأجلب إذا أخذ في البرء وصارت فيه جلدة رفيعة، وجنح الليل وأجنح إذا مال، وجلد الموضع وأجلد من الجليد وجمر الفرس وأجمر إذا وثب في القيد. يقال حسنه وأحسنه إذا أغضبه ومثله في معناه حمسه وأحمسه بالسين، وحببت الشيء وأحببته في معنى واحد وهو محبوب ومحب، وحققت الحديث وأحققته إذا تبينته وحال الرجل في ظهر دابته وأحال إذا وثب واستوى على ظهرها، وحل الرجل من الإحرام وأحل إذا خرج منه قال الله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وقال زهير: جعلن القنان عن يمين وحزنه ... ومن بالقنان من محل ومحرم فهذا من أحل، وحصب القوم يحصبون إذا ولوا عنه وأحصبوا عنه إحصابا، وحدق القوم بالشيء وأحدقوا به إذا صاروا حوله، وحزنني الأمر وأحزنني وأمر محزن وحازن، وحمت الحاجة وأحمت إذا دنت، وحدت المرأة على زوجها وأحدت إذا تركت الزينة، وحشمت الرجل، أحشم وأحشمته احتشاما إذا جلس إليك فأذنته وأسمعته مكروها وحشت يده وأحشت إذا يبست، وحمى الرجل المكان وأحماه إذا منعه، وحفت الماشية من الربيع إذا سمنت وأحفت مثله، وضربه فما حاك فيه السيف وما أحاك، وحنكت السر وأحنكته، وحنكه أيضا التشديد وحكم الرجل الدابة وأحكمها إذا جعل لها حكمة وحصر غائطه إذا احتبس، ويقال للرجل من حصرك هاهنا ومن أحصرك، وحر النهار يحرّ حرا وأحر إحرارا مثله، وحاط الرجل بالشيء وأحاط به وحدثت الدابة في السفر وأحدثتها إذا أهزلتها

وكذلك حدث الرجل نفسه وأحدثها إذا أتعبها وأذابها ورى في الحديث "فما فعلت نواضحكم قالوا حدثناها يوم بدر" (أي أهزلناها) ، وحتر الرجل الحبل وأحتره إذا شد فتله وأحكم عقده. وحال الرجل وأحال إذا أتى عليه الحول، وحالت الناقة والنخلة إذا لم تحمل حملا، وحكك الأمر على الرجل وأحكك إذا أشكل، وحسى الولد في بطن أمه وأحسى إذا يبس وحبس الرجل دابته في سبيل وأحبسها وحقن الرجل بوله وأحقنه، وحرمت الرجل عطاءه وأحرمته ألغيتها، وحسرت الناقة وأحسرتها. ويقال خلس الرجل وهو خليس وأخلس فهو مخلس إذا اختلط البياض بالسواد، وخطئت الشيء أخطؤه خطا وخطاء وأخطأت أخطئ في معنى واحد، وخضعه الكبر وأخضعه خضعا وإخضاعا، وخفق الطائر بجناحه وأخفق أي صفق بهما، وخنب الرجل وأخنب إذا هلك، وخم اللحم وأخم إخماما أي تغيرت رائحته وخلق الثوب وأخلق صار خلقا، وخلف فم الصائم وأخلف فم الصائم وأخلف وعده فهو خالف والنبيذ مثله إذا خالف تقديرك فيه، وخرطت الشاة وأخرطت إذا انحدر لبنها في ضرعها، وخدجت الناقة وأخدجت إذا ألقت ولدها غير تام، وخدر الأسد وأخدر فهو خادر ومخدر إذا استتر في حبسه، وخلى الرجل على الشيء وأخلى عليه إذا لم يخالط به غيره، وخلد الرجل إلى الأرض وأخلد أي مال إليها ولزمها ورجل مخلد إذا أبطأ عنه الشيب والفعل منه أخلد لا غير، وخصب المكان وأخصب إذا كثر الخصب فيه، وخمس الرجل القوم وأخمسهم أي صاروا خمسة وخبيت الخباء وأخببته إذا عملته، وخسرت الميزان وأخسرته ويقال خنست وأخنست أي أسأت في القول. يقال دجى الليل وأدجى أي أظلم، ودجن الغيم وأدجن إذا لبس الأرض ودام مطره فهو يدجن وداجن، ودير بالرجل وأدير به فهو مدور به ومدار به، وديم به، وأديم به مثله ودبر الليل وأدبره أي ولى وداد الطعام وأداد إذا وقع فيه الدود، ودسمت القارورة وأدسمتها أي شددت رأسها، واسم ما يشد به الدسامة مثل الصمانة، ودخنت النار وأدخنت. تقول ذرا ناب الفحل يذر ذروّا، وأذرى يذري إذراء إذا كل ورق قال أوس بن حجر: إذا مقرم منا ذرا حدّنا به ... تخمط فينا ناب آخر مقرم وقال آخر: فيا راكب إما عرضت فبلغن ... على النأي عني اليوم عمر بن أخرقا رسالة من لا يرتجي العطف منكم ... إذا الحرب أذرى نابها ثم حرقا وذرت الريح التراب تذروه ذروا وأذرته إذراء إذا رمته.

يقال رصدت القوم بالخبر رصدا فأنا راصد وأرصدتهم إرصادا فأنا مرصد قال الله تعالى: {وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، ورمى الرجل على الستين وأرمى عليها إذا زاد عليها في السن، ورمل الرجل الحصير رملا وأرمله إرمالا أي نسجه وركس الله العدو وأركسه أي رده وقلبه على رأسه وراح الرجل الشيء وأراحه أي شم رائحته ورذت السماء وأرذت من الإرذاذ وهو الصغير من القطر ورعشت يد الرجل وأرعشت أي ارتعدت، وراع الطعام وأراع ريعا أي زاد، وردفت الرجل وأردفته إذا ركبت خلفه، وردحت البيت وأردحته من الردحة وهي قطعة تدخل فيه وردفت الدابة وأردفتها أي جعلت لها رفادة، ورسنت الدابة وأرسنت أي جعلت لها رسنا، ورحبت الدار وأرحبت أي اتسعت، ورفث الرجل وأرفث إذا فحش ورشح الرجل عرقا وأرشح، ورشقت في الرمي وأرشقت أي رميت، ورثّ الشيء وأرثّ أي أخلق وصار رثا، ونقول كلمني فلان فما رجعت إليه كلمة وما أرجعت إليه كلمة بمعنى واحد قال أبو عبيدة رابني الشيء بمعنى واحد، ورغثت الرجل بالرمح وأرغثته إذا طعنته به مرة بعد أخرى، ورعدت السماء وأرعدت أي جاءت برعد، ورعد الرجل وأرعد إذا أوعد وتهدد، ورعظت السهم وأرعظته أي جعلت له رعظا وهو مدخل سنخ الفصل في السهم، ويقال رعصت الريح الشجرة وأرعصتها أي نفضتها. تقول زكنت للرجل بخير أو شر، وأزكنت ظننت، وزكى الزرع وأزكى أي ارتفع، وزهى النخل وأزهى إذا بدت فيه الحمرة والصفرة وزهم العظم وأزهم أي صار فيه مخ، وزحف الصبي وأزحف أي لم يقدر على النهوض مهزولا كان أو سمينا، وزفت العروس زفا وأزففتها إزفافا، وزلق الرجل رأسه وأزلقه أي حلقه، وزال الرجل الشيء يزيله وأزاله يزيله إذا محاه، وزهرت الأرض وأزهرت إذا كثرت زهرتها وزهرت عينه وأزهرت أي احمرت من الغضب ويقال زعفته وأزعفته إذا لحقته فقتلته مكانه. يقال سعد الله جُدَّه فهو مسعود وأسعده وسند الرجل في الجبل وأسند أي صعد وسكن الرجل وأسكن أي صار مسكينا، وسمح الرجل الشيء وأسمح به، وحست الرجل الشيء وأسحته إسحاتا أي استأصله وسنع البقل وأسنع إذا طال وحسن فهو سانع وسَفَنَ الرجل الباب وأسفنه إذا رده، وسملت بين القوم وأسملت أصلحت، وسمل الثوب وأسمل أي أخلق، وسقت الصداق إلى المرأة وأسقته وسرع الرجل إلى الشيء وأسرع إليه، وساس الطعام وأساس أي أكله السوس. وساست الشاة وأساست إذا صار القمل في أصول صوفها، وسنفت البعير وأسنفته إذا جعلت له سنافا وهو خيط وسير يشد به من جانبي البطان، وسريت القوم وأسريت بهم إذا سرت بهم ليلا، وسؤت بهم ظنا وأسأت به، وسفر الرجل القوم سرا وأسفرهم سرا إذا كثر فيهم السر، وسكت الرجل عن الكلام وأسكت، وسقط في كلامه وأسقط، وسلكه الطريق

وأسلكه وسقيت الرجل وأسقيته قال لبيد بن أبي ربيعة: سقى قومي بني نجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال وسقف الحوض وأسقفته، وسعطه وأسعطه قال الأصمعي: تقول العرب لا آتيك ما سمّر ابنا سمير، وما أسمرا أي ما اختلف الليل والنهار، وسفرت البعير وأسفرته من السفار وهو الحديد في أنف البعير، وسحقت الريح السحاب وأسحقته أي ذهبت به، وسفت الريح التراب وأسفته أي حملته ورمت به، وسرت الدابة وأسرته. شبرت فلانا ملا وسيعا شبرا أو شبيرا إذا أعطيته وأشبرتها مثله قال أوس بن حجر يصف درعا: واشبرنيها الهالكي كأنها ... غدير جرت في متنه الريح سلسل1 وشترت عين الرجل وأشترها إذا شققت جفنها الأعلى وشعبت الناقة وأشبعت إذا لم يكن لها حمل ولا لبن ويقال شغلني الرجل وأشغلني وأفصحهما شغلني. وشنقت الناقة وأشنقتها إذا كففتها بزمامها، وشنق الرجل القربة وأشنقها شدّ رأسها إلى عمود الخباء، وشسعت النعل وأشسعنها جعلت لها شسعا، وشمس يومنا إذا طلعت شمسه وشظظت الوعاء وأشظظته إذا جعلت فيه الشظظ، وشررت الثوب وأشررته إذا لبطته (أي نشره ليجف) وشررت الملح وأشررته إذا جففته، وشاعه الله السلام وأشاع السلام قال الشاعر: ألا يا نخلة من ذات عرق ... برود الظل شاعكم السلام وشار الرجل العسل شورا وأشاره إشارة إذا جناه، شكرت الشجرة وأشكرت إذا بدا ورقها الصغار، وشكل الأمر على الرجل وأشكل، وشط الرجل في القوم وأشط إذا جار، وشكرت الرجل وأشكرته إذا أعطيته طعاما أو غيره، وشجاني الأمر وأشجاني. قال أبو زيد صمت الرجل صمتا وأصمت إصماتا وصفحت الرجل عن حاجته إذا رددته، وصدني الرجل عن الأمر وأصدني عنه، وصففت السرج وأصففته جعلت له صفة، وصغى القمر وأصغى إذا مال للغروب، وصر الفرس أذنيه وأصر بأذنيه إذا أصغى بهما إلى الصوت، وصاب السهم وأصاب إذا وقع في الرمية وصاب السحاب الموضع وأصابه إذا أمطره، وصليته النار وأصليته إذا أدخلته النار، وصلت الناقة وأصلت إذا استرخى صلواها والصِّلوان مكنفا الذنب، وصرد الرجل السهم وأصرده إذا أنفذه.

_ 1 أنشده في بعض كتب اللغة وأشبرنيه وقال أنه لابن أحمر يصف سيفا

يقال ضاء القمر وأضاء، وضبعت الناقة وأضبعت إذا أرادت الفحل، وضررت الرجل وأضررت به وضربت عن الشيء وأضربت عنه إذا أعرضت عنه، وضبر الفرس ضبرا وأضبر إضبارا إذا جمع قوائمه ووثب. يقال طعت الرجل وطعته طوعا وأطعته بمعنى واحد وطاع النبت وأطاع إذا أمكن من رعيه، وطل دم الرجل وأطل إذا أهدر، وشطت السماء وأشطت إذا أمطرت مطرا ضعيفا، وطاف الرجل بالقوم إذا دار على القوم وطلع على القوم وأطلع عليهم إذا أشرف عليهم وطلع النخل وأطلع إذا ظهر طلعه ويقال طلق الرجل يده بخير وأطلقها بخير ويقال طال عليه الليل وأطال عليه إطالة بمعنى واحد وطفلت الشمس وأطفلت إذا دنت للغروب. وطف لك الشيء وأطف إذا سنح لك ويقال خذ ما طف لك وخذ ما أطف لك أي ما ارتفع لك وسنح. قال أبو زيد يقال ظلفت الأثر ظلفا إذا اتبعت ما غلظ من الأرض لئلا ينص أثرك، وأظفلت الأثر مثله، ويقال ظلم الليل وأظلم إذا اشتدت ظلمته. يقال عمر الله بك منزلك، وأعمر الله بك منزلك بمعنى واحد، وعرشت الكرم وأعرشته إذا جعلت له عريشا، ... غضبت الشيء وأغضبته إذا كسرته، وعلمت الشفة وأعلمتها إذا شققت العليا ... عذرت الغلام وأعذرته إذا ختنته، وعذر الرجل من نفسه وأعذر إذا أتى بالعذر، وعصفت الريح عصوفا وأعصفت إعصافا إذا اشتد هبوبها، وعجفت الدابة عجفا وأعجفت إعجافا إذا هزلت، وعاذت الناقة بولدها تعوذ عياذا، وأعاذت إعاذة إذا طافت ولزمته، ويقال عصدت العصيدة وأعصدتها إذا لويتها، وعصفت القارورة وأعصفتها إذا سددت رأسها بالعصاف وهو مثل الصمام ... وعننت الفرس وأعننته إذا جعلت له عنانا ... وعتم الليل وأعتم إذا ظلم، وعلفت الدابة وأعلفتها، وعاض فلانا إذا أعطاه عوضا من الشيء وأعاضه مثله ... وعقمت المرأة وأعقمت إذا كانت لا تحمل، وعثرت عليه أعثر وأعثرت وأعثر إذا وقفت منه على ما كان قد خفى عليك ... وعرت عين الرجل أعورها عورا وأعورتها إعوارا ... وعفّت الفرس وأعفّت إذا عظم بطنها وهي حامل، وعافاه الله وأعفاه بمعنى واحد ... وعكل عليه الأمر وأعكل إذا شكل ... وعمرت الشيء وأعمرته إعمارا ... وعدمت الشيء وأعدمته بمعنى واحد. يقال غلّ الرجل الغنيمة غلولا وأغل إغلالا إذا سرق منها، وغمدت السيف وأغمدته، ويقال غسق الليل وأغسق، وغسّى وأغسّى، وغطش وأغطش وغبش وأغبش كل هذا إذا أظلم، وغُمِي على الرجل وأغمي عليه، وغبَّ اللحم وأغبَّ إذا تغير، وغرضت الناقة وأغرضتها إذا شددتها بالغوضة وهي للناقة مثل الحزام للفرس.

وأغربت بالشيء وغربت به إذا لهجت به ولزمته، وغامت السماء وأغامت السماء وأغتمت ... وغار القوم وأغاروا أتو الغور، وغرست الشجرة وأغرستها إغراسا وغبن الرجل وأغبن الرجل إذا غشي عليه قال وكذلك إذا أحاط به الدين. يقال فلجت على الخصم وأفلجت عليه، وفرشت الرجل فراشا وأفرشته إفراشا إذا جعلت له فراشا، وفاحت الرائحة وأفاحت وفردت النصيب وأفردته، وفند الرجل وأفند فنادا إذا كذب، وفتيت الرجل وأفتيته من الفتية، وفحش الرجل عليه وأفحش عليه، وفحلته فحلا وأفحلته إفحالا إذا أعطيته فحلا ... وما فتئت أذكره وأفتأت أذكره ويقال: فاخ الرجل يفوخ ويفيخ فيخا وأفاخ إفاخة إذا خرجت منه ريح فصوتت، وفريت التمر وأفريته إذا أفتته وكل مفت مفروت، وفسح المكان وأفسح إذا اتسع، وفتكت به وأفتكت به من الفتك، ويقال: فرقت النفساء فريقة وأفرقتها إذا أطعمتها الفريقة وهي التمر يطبخ بالحلبة، وفغر الرجل فاه وأفغره إذا فتحه ... وقال الأصمعي وأبو عبيدة فريت الشيء وأفريته إذا قطعته وفشعت الرجل وأفشعته إذا ضربته بالسوط. يقال قبل الرجل الشيء وأقبله، وعام قابل ومقبل، وقلب الرجل في البيع وأقلبه ... وقدعته عني بالدال (المهملة) إذا أكفيته،،، وقصر الرجل عن المجد وأقصر، وقهيت عن الطعام وأقهيت عنه، وقهمت عنه أيضا إذا تركته ولم تشتهيه، وقبلت النعل وأقبلتها إذا جعلت لها قبالا، وقذعت الرجل بلساني وأقذعته إذا شتمته، وأسمعته ما يكره، وقرنت السماء وأقرنت إذا دام مطرها، وقوى الموضع وأقوى إذا خلا، وقتر الرجل على نفسه وأقتر إذا ضيق في النفقة، وقتر السرج وأقتر إذا لزم، وقعمت الرجل وأقعمته إذا قهرته، وقطع بالرجل وأقطع به، وقطرت عليه الماء وأقطرته، وقمّ الفحل الناقة وأقمها إذا لقمها وفرغ من ضرابها. وقبست الرجل وأقبسته، وقصّت الفرس وأقصت إذا ذهب وداقها وهو شهوتها للفحل، وقهرت الرجل وأقهرته وقصّى الرجل النسرين وأقصّه إذا ألقى عليه سكرا أو قندا، وقصرت الثوب وأقصرته إذا جعلته قصيرا، وقررت ماء في أسفل الإناء وأقررته إذا صببته، وقممت الرجل في الماء وأقممته إذا عطعطته في الماء، وقلته في البيع وأقلته وقطيت الشراب وأقطيته إذا مزجته. يقال كن الرجل كنّا وأكنه إكنانا إذا غطاه وستره، وكئب الرجل وأكأب من الكآبة إذا حزن، وكنبت يد الرجل وأكنبت إذا غلظت من علاج شيء يعمله ... وكشفت الناقة وأكشفت إذا تابعت من النتاجين، وكمأت الرجل وأكمأته إذا أطعمته الكمأة، وكمأ الرجل

شهادته وأكمأها إذا كتمها، وكرن الحمار وأكرن إذا شم البول ثم رفع رأسه، وكلأت الإبل وأكلأت إذا أكلت وكل نبت يرعى فهو كلأة. يقال لاق الرجل الدواة وألاقها ... وقال أهل اللغة أصل هذا أن يحبس الأنفاس فيها، ولحفت الرجل الثوب وألحفته إياه ... ولمع بثوبه وألمع به إذا أشار به، ولحد عن القصد وألحد إذا مال، وكذلك لحدت الميت وألحدته جعلت له لحدا، ولحقت القوم وألحقتهم، ورووا: أن عذابك بالكافرين ملحق ولاحق، ولغط القوم وألغطوا إذا ضجوا ولم يأتوا بما يفهم، ولبدت السرج وألبدته جعلت له لبدا ولخوت الغلام وألخوته إذا أسعطته، ولاح السيف وألاح إذا برق قال الشاعر: وقد ألاح بعدما هجعوا ... كأنه ضرم بالكف مقبوس ولاذ الطريق بالدار وألاذ بها إذا أحاط بها ... ولاذ الرجل وألاذ به إذا دار وطاف حوله، ولظ الرجل وألظه إذا ستره، ولاثنى الشيء عن وجهي وألاثنى إذا صرفني وأمر لائث ومليث، ولبدت الخف وألبدته وخف ملبود وملبد. يقال: نعم الله به عيشنا، وأنعم بك عيشنا وقال الشاعر: نعم الله بالرسول الذي أر ... سل والمرسل الرسالة عينا ونصف النهار وانتصف، وأنصف، ونحد الفرس وأنحد إذا جرى عرقه من العدو، ونزف الرجل عبرته وأنزفها، ونكرت الشيء، وأنكرته، ونويت الصوم وأنويته نمن النية، ونويت التمر وأنويته إذا أكلت ما على النوى منه ورميت بالنوى، ونويت فلانا وأنويته إذا قضيت حاجته، ونحوت الجلد وأنحيته إذا كشطته، ونميت الشيء أنميه نماء إذا رفعته، وأنميته إنماء مثله، ونبت البقل نباتا وأنبت إنباتا، ونصع الرجل بالحق نصوعا وأنصع به إذا أقرى به، ونضر الله وجهه، وأنضر الله وجهك أي حسنه ونفله الله وأنفله إذا أعطاه، ونحا بصره إليه ينحوه وأنحى بصره ينحيه إذا رماه ببصره، وقال الأخفش: نتجت الناقة وأنتجت بمعنى واحد ... ويقال: نهد الرجل الهدية وأنهدها إذا أعظمها وأضخمها، ونسأ الله أجله، وأنسأ الله في أجله أي أخره، ونجمت السن وأنجمت إذا طلعت، ونسل الوبر نسولا وأنسل إنسالا إذا سقط. يقال وفيت بالعهد وأوفيت قال الشاعر: أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفا بقلاص النجم حاديها

ويقال وجرت الرجل وأوجرته من الجور وهو السيوط، ووتدت الوتد أتده وأوتدته أوتده ... وقد وضح الراكب وأوضح إذا بين لك ... ووقعت بالقوم في القتال وأوقعت بهم أي أثرت فيهم بالعزيمة والقتل. ووقفت الدابة وأوقفته1 بالألف زدته جدا، ووكف البيت وأوكف، ووجنت الرجل وأوجنت هو أن تكلمه بكلام تخيفه، وومأت وأومأت إليه، ووهن الله أمر فلان وأوهنه، ووغل الرجل في الأرض وأوغل فيها إذا أنفذ، وورس الرمث وأورس إذا اصفر والرمث ضرب من الشجر، ووضعت الناقة في السير وأوضعت إذا أسرعت فيه، ووبهت للشيء ووبهت له إذا انتهيت له وعلمت به، ووخفت الخطمى وأوخفته إذا بللته بالماء وضربته بيدك ليختلط، ووقذت الرجل أقذه قذة ووقذا، وأوقذته إيقاذا إذا تركته عليلا، ووترت الشيء إذا أفردته، ووسع الله على الرجل وأوسع عليه، ووهمت في الشيء وأوهمت، ووصب الرجل وأوصب إذا مرض، ووهطت في الشيء وأوهطته إذا ألقيته كسرته. يقال ألفت الشيء آلفه، وآلفته وأولفه إيلافا ... ويقال أجره الله بأجره وآجره يؤجره وهو مأجور ومؤجر وكذلك أجرت المملوك وآجرته أعطيته أجرته. وأدمت بين القوم وآدمت بينهم وأدمت الثريد وآدمته إذا خلطته باللحم، وأمرت الشيء وآمرته أي كثرته. وعلاج هذه الأبواب في اللغة العربية أن صيغة أفعل: 1_ قد تأتي بمعنى فعل عند أهل اللغة وقد حصرنا طرفا من هذه الأفعال. 2_ وقد يكون أفعل مستقلا ويرفض2 الثلاثي منه مثل رسل وأرسل أو يكون ثلاثيه قليلا. 3_ وقد يكون أفعل مستقلا بمعنى لأن فعل الثلاثي له معنى آخر يختلف عن معنى الرباعي وقد حصر العلماء طرفا من هذه الأفعال منهم الزجاج في كتابه فعلت وأفعلت والمعنى مختلف. 4_هذا وبعض المواد يكون ثلاثيا ولا يأتي منه أفعل عند أهل اللغة أو يكون لغة قليلة، فيختار فيه الثلاثي على أفعل. وقد عرضت طرفا من الأفعال التي جاءت على أفعل عند بمعنى فعل أي أن الثلاثي المجرد والمزيد بالهمزة بمعنى واحد عند أهل اللغة. ثم بينت آراء العلماء في هذا الاستعمال، كما عرضت طرفا من الأفعال التي استعمل العلماء ثلاثيها وأختير المزيد بالهمزة على الثلاثي في الاستعمال.

_ 1 انظر المزهر ج 2 وقف وأوقف وصرف وأصرف. 2 مثل، أرسل، أعرب، وأطنب، وأسهب، وأقفر المكان، وأهملت الشيء، وأبقل، وأيفع، وأورس، ,اعشب، وأغضى الليل وأمحل البلد، وأجنه الله، وأزكمه الله، وأقره الله فهو مقرور، وأحمه الله فهو محموم، وألجم، وأسحم.

أراء العلماء في فعل وأفعل بمعنى واحد

بحث في صيغة (أفعل) (بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية) لفضيلة الدكتور مصطفى أحمد النماس المدرس بكلية اللغة العربية -جامعة الأزهر الحلقة الثانية آراء العلماء في فعل وأفعل بمعنى واحد: رأى ابن درستويه في مجيء فعل وأفعل بمعنى واحد وقد أورده السيوطي في المزهر1 قال: قال ابن درستويه في شرح الفصيح2: لا يكون فعل وأفعل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن تجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعوا العرب تتكلم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة، وعلى ما جرت به عادتها وتعارفها ولن يعرف السامعون تلك العلة فيه والفروق فظنوا أنهما بمعنى واحد وأولوا على العرب هذا التأويل من ذات أنفسهم فإن كانوا قد صدقوا في رواية ذلك عن العرب فقد أخطؤوا عليهم في تأويلهم ما لا يجوز في الحكمة وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين كما بينا أو يكون على معنيين مختلفين أو تشبيه شيء بشيء على ما شرحناه في كتابنا الذي ألفناه في افتراق معنى فعل وأفعل.

_ 1 انظر المزهر ج 1 ص 384-386. وانظر تصحيح الفصيح ج 1 ص 165 تحقيق عبد الله جبوري طبعة بغداد. وقد ذكر هذا الكلام تعقيباً على الإمام ثعلب تصحيح الباب الثالث وهو باب فعلت بغير ألف، عند قوله، وأما قوله في رعد وبرق في باب فعلت إنه يقال فيه أرعد وأبرق فإن لكل واحد من هذين معنى يخصه ... الخ. 2 في تصحيح الفصيح إتمام للكلام هو: الهمزة التي تدخل لنقل الفعل الذي على فعل فيجعل على أفعل نحو كرم وأكرم وحس وحسن.

ومن ههنا يجب أن يتعرف ذلك وأن قول ثعلب: وقفت الدابة ووقفت أنا، ووقفت وقفا للمساكين لا يجوز أن يكون الفعل اللازم من هذا النحو، والمجاوز على لفظ واحد في النظر والقياس لما في ذلك من الإلباس، وليس إدخال الإلباس في الكلام من الحكمة والصواب، وواضع اللغة عز وجل حكيم عليم، وإنما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني، فلو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين أو أحدهما ضد للآخر لما كان ذلك إبانة بل تعمية وتغطية ولكن قد يجيء النادر من هذا لعلل، كما يجيء فعل وأفعل فيتوهم من لا يعرف العلل أنهما لمعنيين مختلفين وإن اتفق اللفظان، والسماع في ذلك صحيح من العرب فالتأويل عليهم خطأ وإنما يجيء ذلك في لغتين متباينتين، أو لحذف واختصار وقع في الكلام حتى اشتبه اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع وتأول فيه الخطأ وذلك أن الفعل الذي لا يتعدى فاعله إذا احتيج إلى تعديته لم تجز تعديته على لفظه الذي هو عليه حتى يُغير إلى لفظ آخر إما بأن يزاد في أوله همزة1 أو يوصل به حرف جر بعد تمامه ليستدل السامع على اختلاف المعنيين إلا أنه ربما كثر استعمال بعض هذا الباب في كلام العرب حتى يحاولوا تخفيفه فيحذفوا حرف الجر منه كقولهم: كلته -وزنته أي كلت له وزنته له فيعرف بطول العادة وكثرة الاستعمال وينوب المفعول وإعرابه فيه عن الجار والمجرور المحذوف، أو يشبه الفعل بفعل آخر متعد على غير لفظه فيجري مجراه لاتفاقهما في المعنى كقولهم حبست الدابة وحبست مالاً على المساكين. وقد استقصينا شرح ذلك كله في كتاب فعلت وأفعلت بحججه ورواية أقاويل العلماء فيه وذكر علله والقياس فيه اهـ، وقال في موضع آخر، أهل اللغة أو عامتهم يزعمون أن فعل وأفعل بهمزة وبغير همزة قد يجيئان لمعنى واحد وإن قولهم دير بي وأدير بي من ذلك وهو قول فاسد في القياس والعقل مخالف للحكمة والصواب، ولا يجوز أن يكون لفظان مختلفان لمعنى واحد إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم والآخر في لغة غيرهم، كما يجيء في لغة العرب والعجم أو في لغة رومية ولغة هندية. وقد ذكر ثعلب أن أدير بي لغة فأصاب في ذلك وخالف من يزعم أن فعلت وأفعلت بمعنى واحد، والأصل في هذا قد درت وهو الفعل اللازم ثم ينقل إما بالباء وإما بالألف فيقال: قد دير بي أو أدرت فهذا القياس. ثم جيء بالباء مع الألف فقيل: قد أدير بي كما قيل قد أسرى بي على لغة من قال

_ 1 هناك وإما بان يوصل الخ مثل ذهب بغيره، وقام وقام بأخره.

أسرى في معنى سرى لأن إدخال الألف في أول الفعل والباء في آخره للنقل خَطأ إلا أن يكون قد نقل مرتين إحداهما بالألف والأخرى بالباء1 اهـ.

_ 1 قال في لسان: أسريت بالألف لغة أهل الحجاز وجاء القرآن العزيز بهما جميعا.

رأي ابن قتيبة

رأي ابن قتيبة: وقال ابن ابن قتيبة2 باب فعلت وأفعلت بإتقان معنى. جد فلان في أمره وأجد، ويقال فلان جاد ومجد، لاق الدواة وألاقها "الفراء" أضاء القمر وضاء وأنشد غيره للعباس بن عبد المطلب عم الرسول يمدح النبي صلى الله عليه وسلم. أنت لما ظهرت أشرقت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق وقال الفراء أوحى ووحى وأومأ وومأ وقال غيره محصته السوء وأمحصته، وسلكته وأسلكته. قال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} . وقال الهذلي: حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شَلاَّ كما تطرد الجَمَّالة الشُرُدا عمَّر الله بك دارك وأعمرها، أمر الله ما له وأمر، نضر الله وجهك وأنضره، مددت الدواة وأمددتها وأمددته بالرجال لا غير، خلف الله عليك بخير وأخلف، نهج الثوب وأنهج إذا بلى، سكت القوم وأسكتو، وصمتوا وأصمتوا، خلق الثوب وأخلق، سمح الرجل وأسمح محَّ الكتاب وأمحَّ إذا درس، ينعت الثمرة وأينعت، نسل الوبر وأنسل إذا وقع، سندت في الجبل وأسندت، قطرت عليه الماء وأقطرت، خلد إلى الأرض وأخلد، نزفت البئر وأنزفتها، جلب الجرح وأجلب إذا صارت عليه جلبة، قدعته وأقدعته، فتنته وأفتنته، ساس الطعام وأساس إذا سوس، وداد وأدادا إذا دود، سريت وأسريت، كنبت يداه وأكنبت إذا اشتدت وغلظت، سوءت به ظنا وأسأت الظن، قتر الرجل وأقتر إذا قل ماله، خفقت الأمر وأخفقته وهرقت الماء وأهرقته، زها البسر وأزهى، شنقت القربه وأشنقتها إذا شددت رأسها، قصر عنه وأقصر عنه، زكا الزرع وأزكى الزرع، جمَّت الدابة وأجمت، قتله البيع وأقتله، سار الدابة وأسارها، مُطرنا وأُمطرنا، وأبو عبيدة يفرق بينهما، غسا الليل يغسو وأغسى إذا أظلم، حشمته وأحشمته، أغضبته. زننت به خيراً وأزننت، جهده السير وأجهده، جرمت

_ 1 قال في لسان: أسريت بالألف لغة أهل الحجاز وجاء القرآن العزيز بهما جميعا. 2 انظر أدب الكاتب لابن قتيبة ص 360 دار صادر بيروت.

وأجرمت من الجرم، خلا المكان وأخلى، عسرت الرجل وأعسرته إذا طلبت الدين منه على عسرة خفق الطائر بجناحيه وأخفق، سقفت الباب وأسقفته، ثاب جسمه وأثاب، أجرت الغلام وآجرته، ذرت الريح وأذرت، لغطوا وألغطوا، وضجوا وأضجوا. نبت البقل وأنبت، رجنت الشاة وأرجنت، ثرى الرجل وأثرى إذا أيسر، رجف وأرجف إذا أعيا، سحته الله وأسحته إذا استأصله، وقرىء فيسحتكم وفيسحتكم، (بفتح الياء وضمها) ، جاح الله ماله وأجاحه، هديت العروس وأهديتها، عرض لك الخير وأعرض حدت المرأة وأحدت، فرزت الشيء وأفرزته. عقم الله رحمها وأعقمها، حدق القوم به وأحدقوا، أوخفت الخطمى ووخفته، دجنت السماء وأدجنت، جلبوا عليهم وأجلبوا إذا صاحوا، لاذوا به وألاذوا وجرته الدواء وأوجرته، صلَّ اللحم وأصلَّ، وخمَّ وأخمَّ، سعرني شرا وأسعرني، مهرت المرأة وأمهرت، شار العسل وأشار، عذر الغلام وأعذره، ضب الرجل وأضب إذا سكت، صددت الرجل وأصددته، صردت السهم وأصردته إذا أنفذته، وعيت العلم وأوعيته، وأوعيت الطعام لا غير، وفيت بالعهد وأوفيت به، وأوفيت الكيل لا غير، غللت وأغللت من الغلول، لحدت القبر وألحدته، ولحد الرجل في الدين وألحد، وقرئ يَلحدون يُلحدون (بفتح الياء وضمها) بدأ الله الخلق وأبدأ وقال عز وجل {يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} ، بشرت الرجل وأبشرته وبشرت الأديم وأبشرته إذا قشرت ما عليه. قبل وأقبل، ودبر وأدبر، وقح الحافر وأوقح، جهشت في البكاء وأجهشت، جمع القوم رأيهم وأجمعوا رأيهم، سمل الثوب وأسمل، عصفت القارورة وأعصفتها، حل من إحرامه وأحل، بل من مرضه وأبل أي نجا، ثويت عنده وأثويت، منيت وأمنيت من المني، مذيت وأمذيت، من المذي، طافوا به وأطافوا، حال في متن فرسه وأحال، صرَّ الفرس أذنه وأصرَّ، مر الطعام وأمر، وقعت بالقوم في القتال وأوقعت، نويت النوى وأنويته، إذا أكلت التمر ورميت بالنوى، غمي عليه وأغمي، مطيت عنده وأمطيت تنحيت، وكذلك مطت غيري وأمطيته، هذا قول أبي زيد وقال الأصمعي مطت أنا وأمطيت غيري لا غير، قمعت الرجل وأقمعته، صعقتهم السماء وأصعقتهم، ألقت عليهم صاعقة، قمسته في الماء وأقمسته إذا غططته، مضَّني وأمضَّني، قال الأصمعي أمضَّني بالألف ولم يعرف غيره، صليت الشيء في النار وأصليته نجوت الجلد عن اللحم، وأنجيته إذا قشرته، جننته في القبر وأجننته، ربعت عليه الحمى وأربعت، وغبت عليه وأغبت، رميت على الخمسين وأرميت زدت، كلأت الناقة وأكلأت، إذا أكلت الكلأ، حكمت الفرس وأحكمته، ورسنته وأرسنته، رحبت الدار وأرحبت

إذا اتعست، جهرت بالقول وأجهرت، خسرت الميزان وأخسرته نقصته، حصُر الرجل من الغائط وأحصر، صقعت الأرض وأصقعت من الصقيع، عَنَدَ العِرْقُ وأعند إذا سال أكثر، لخيت الغلام وألخيته إذا أوجرته الدواء، فرشته فراشاً وأفرشته، صرَّت إليَّ رأسه وأصرته إذا أملته ضنأت المرأة وأضنأت إذا كثر ولدها، هلكت الشيء وأهلكته. قال العجاج: ومهمه هالكٍ مَنَ تَعَرَّجا بمعنى مهلك، هذا قول أبو عبيد وقال غيره أي هالك المتعرجين أي من عرج فيه واحتبس هلك. جذا الشيء وأجذى إذا ثبت قائما، زلت الشيء وأزلته، رفل من مشيته وأرفل، وضعت في مالي وأوضعت، ووكست وأوكست، زحفت في المشي وأزحفت أعييت، أويته وآويته، وأويت إلى فلان مقصور لا غير، حلت في ظهر دابتي وأحلت إذا وثبت عليه، حشت عليه الصيد وأوحشت، قصرنا وأقصرنا في قصر العشىِّ. وكف البيت وأوكف، خطل في كلامه وأخطل، حاك فيه القول وأحاك أي نجح، غمدت سيفي وأغمدته، رشَّت السماء وأرشَّت، وطشَّت وأطشَّت، هلت عليه التراب وأهلت، نار الشيء وأنار، خذ ما طف لك وأطف، شمس يوماً وأشمس، حالت الدار وأحالت من الحول، وبان وأبان، حضرت حتى عنت وأعينت أي بلغت العيون، طلق يده بالخير وأطلق رملت الحصير وأرملته، وسفقته وأسفقته نسجته، برا الله حجك وأبره، وسعده الله وأسعده ونعشه الله وأنعشه، قطبت الشراب وأقطبته فرجته، شظظت الوعاء وأشظظته من الشظاظ، رجعت يدي وأرجعتها، لمحته وألمحته، تبله الحب وأتبله، جلا القوم عن الموضع وأجلوا تنحوا عنه، وأجلوتهم. قال أبو ذؤيب: فلما جلاها بالأيام تحيرت ... ثبات عليها ذُلُّها واكتئابها يعني مشتار العسل جلاها عن موضعها بالدخان ليشتاره. لاح الرجل وألح أي أشفق، سقت إليها الصداق وأسقته، جفلت الريح وأجفلت، خوت النجوم وأخوت إذا سقطت ولم تمطر، غبش الليل وأغبش أظلم، ذرق الطير وأذرق، صم الرجل وأصم، غامت السماء وأغامت، خلف فوه وأخلف، زففت العروس وأزففتها، وعزت إليك في الأمر وأوعزت، شنقت الناقة وأشنقتها، إذا كففتها بزمامها، وسنفتها وأسفنتها من السناف، بقَّت المرأة وأبقَّت كثر ولدها، وقد بقفت يا رجل وأبقفت إذا كثر كلامه.

حرست الناقة وأحرستها إذا سرت عليها حتى تهزل، قحدت الناقة وأقحدت إذا صار مقحادا وهي العظيمة السنام، وهنه الله وأوهنه قال طرفة أنني لست بموهون فقر. فقال الآخر: أقتلت سادتنا بغير دم ... إلا لتوهن آمن العظْم صغوت إلى الرجل وأصغيت، ذروت الحب وأذريته الفراء، وجملت الشحم وأجملته أذبته، نجزت الحاجة وأنجزتها قضيتها، ركست الشيء وأركسته إذا رددته قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} يروى في التفسير ردهم إلى كفرهم ابن العربي، مرأني الطعام وأمرأني، وروى لطَّ دون الحق بالباطل وألطَّ، وقول الناس الإلطاط وهو ملط من هذا، ويروى كفأت الإناء وأكفيته، ألفت المكان وآلفته، نكرت القوم وأنكرتهم، نعم الله بك عيناً وأنعم، جدب الوادي وأجدب، وخصب وأخصب، وبأت الأرض وأوبأت، وحطبت وأحطبت، وعشبت وأعشبت، وبقلت وأبقلت، وضبعت الناقة وأضبعت اشتهت الفحل، لحقته وألحقته ومنه إن عذاب بالكفار ملحق أي لاحق، قويت الدار وأقوت، زكنت الأمر وأزكنته، خطئت وأخطأت. وقال الله تعالى: {لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ} . وقال الشاعر: عبادك يخطئون وأنت ... رب بِكَفَّيْكَ المنايا لا تموت ردفته وأردفته، ملح الماء وأملح، ونتن الشيء وأنتن، أعورت عينه وعرتها، دير بالرجل وأدير من دوار الرأس، مرع الوادي وأمرع ... انتهى كلام ابن قتيبة. قال في لحن العامة1 فعل وأفعل: يخلطون بين هذين الوزنين ففي العربية أفعال جاءت على وزن أفعل ينطقونها ثلاثية على فعل فيقولون: ضج القوم، وحكّني رأسي وأحس كذا وشرعت الرمح، وعييت، وحسن الشيء ومسكت كذا وصح الله بدنك، وعازني الشيء وباده الله وخزاه.

_ 1 انظر لحن العامة للدكتور مطر طبع وزارة الثقافة المصرية ص 94.

وشبه فلان أباه وصحت السماء فهي صاحية، وجبرت فلانا على كذا، وفلان يأوي اللصوص، وكل هذه الأفعال رباعية في اللغة العربية على أفعل. وحدث عكس ما سبق أيضاً قالوا: أرفدت فلانا وأرسنت الدابة، وأردمت الباب وأسعرهم شراً، وأشملت الريح، وأشغلت فلانا، وأشفاك الله وأصرفته عما أراد، وأعناني الشيء، وأقلينا الماء، وأقست الشيء وأكريت النهر، وأكببت فلانا على وجهه، وأنعشه الله وأنجع الدواء، وأنبذت، وأوقفت دابتي، وأهديت العروس، وصواب كله على وزن فعل لا فعل وهذا الباب أعني الخلط بين فعل وأفعل قد شاع من القرن الثالث الهجري فعالجه ابن السكيت في إصلاح المنطق1، وابن قتيبة في أدب الكاتب2، وثعلب في الفصيح. وقد صنفت في باب (فعل وأفعل) كتب خاصة للأصمعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي إسحاق الزجاج3.

_ 1 من ص 225 إلى ص 228. من 333-353. 2 أبواب فعلت بغير ألف، فعلت وأفعلت، أفعل. 3 انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ج 2 ص 149.

أفعال ينطقها العامة بالهمزة والفصيح بدونه

أفعال ينطقها العامة بالهمزة والفصيح بدونه وقد عقد لها ابن السكيت في كتابه إصلاح المنطق4. تقول نعشه الله يَنْعَشَه أي رفعه الله ومنه سمى النعش نعشاً لارتفاعه ولا يقال أنعشه: وتقول: نجع فيه الدواء، وقد نجع في الدابة العلف ينجع ولا يقال قد أنجع فيه. ويقال قد نبذت نبيذاً وقد نبذت الشيء من يدي إذا ألقيته فقال: أبو محمد أنشدني غير واحد: نظرت على عنوانه فنبذته ... كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا ومنه قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} ولا يقال أنبذت نبيذاً. وقد شغلته ولا يقال أشغلته.

_ 1 من ص 225 إلى ص 228. من 333-353. 2 أبواب فعلت بغير ألف، فعلت وأفعلت، أفعل. 3 انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ج 2 ص 149. 4 انظر إصلاح المنطق ص 251 باب يتكلم فيه بفعلت مما تغلط فيه العامة فيتكلمون بأفعلت.

ويقال سعرهم شراً ولا يقال أسعرهم، وقد رعبته إذا أفزعته وكذلك رعبت الحوض إذا ملأته وهو مرعوب. قال الهذلي أبو خراش: نقاتل جوعهم بمكلاّت ... من الفُرنّى يرعبها الجميل ويقال جملت الشحم إذا أذبته وكذلك أجتملت وقال مليح بن الحكم الهذلي: بذي هيدب أيما الربا تحت ... ودقة فتروى وأيما كل واد فيرعب أيما في معنى أما. وقد هزلت دابتي وكذلك هزل في منطقه يهزل ويقال قد أهزل الناس إذا وقع في أموالهم الهزال. وقد كفأت الإناء فهو مكفوء إذا قلبته. ويقال قد قلبت الشيء وأقلبته قلباً، وقد قلبت الصبيان وصرفتهم بغير ألف. وقالوا أقلبت الخبزة إذا نضجت وأنى لها أن تقلب. وقد وقفت دابتي وقد وقفت وقفاً للمساكين، ووقفته على ذنب كله بغير ألف. وحكى الكسائي: ما أوقفك هاهنا؟ أي شيء أوقفك هاهنا؟ صيرك إلى الوقوف. قال الأصمعي: جنبت الريح وشملت وقبلت وصبت ودبرت كله بغير ألف. ويقال قد برقت السماء وأرعدت وقد برق ورعد إذا تهدد وأوعد، قال ولم يكن يرى بيت الكميت حجة لأنه عنده مولد وهو قوله. أبرق وأرعد يا يزيد ... فما وعيدك لي بضائر وحكى أبو عبيدة وأبو عمرو: برق ورعد، وأبرق وأرعد إذا تهدد وأوعد، الفراء يقال: وعدته خيرا ووعدته شرا بإسقاط الألف فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير وعدته وفي الشر أوعدته، وفي الخير الوعد والعدة وفي الشر الإيعاد والوعيد وإذا قالوا أوعدته بالشر أو بكذا أثبتوا الألف مع الياء وأنشد. أوعدني بالسجن والأداهم ... رجلي ورجلي شثنة المناسم

ويقال قد كببته لوجهه وكب الله الأبعد لوجهه ولا يقال أكب الله، ويقال قد علفت الدابة وقد رسنتها بغير الألف. وقد حششت بعيري، وقد حميت المريض وأحمية حمْيَة وقد حميت أَنَفًا أن أفعل كذا وكذا حمية ومحمية إذا أنفت أن تفعله. ويقال: عبته ولا يقال أعبته، وحدرت السفينة ولا يقال أحدرتها، وعن غير يعقوب حميت المكان وأَحْميته أي جعلته حمى لا يقرب، ومنعت الناس منه وكذلك المسمار وأحميته أنشدنا أبو الحسن ويعقوب وغيره. حمى أحماته فَتُركن قفرا ... وأحمى ما يليه من الإجام وقد رفدته ولا يقال أرفدته. وقد عقد لها الزجاج في كتاب فعلت وأفعلت باب ما تكلم فيه بفعلت دون أفعلت وما اختير فيه فعلت1 على أفعلت. يقال بهأت به وبهئت به إذا أنست به ... وبردت عيني أبردها ... وبرد الماء حرارة جوفي بردا ... وبحرت أذن الناقة شققتها وبترت الشيء قطعته من أصله. تنح بالمكان وتنأ به أقسام به وتمك السنام إذا ارتفع. ثنيت الشيء عطفته، وثلمت الشيء فهم مثلوم، وثبر الله العدو أهلكه فهو مبثور، وثروت الرجل إذا كنت أكثر منه مالاً وثلجت صدر الرجل إذا أتيته بما يسره وهو حق. وثمأت رأسه بالحجر شدخته. يقال دمعت العين تدمع ... ودرأته عن الشيء أدراه دفعته ... ودهنت الناقة ودهنت إذا قل لبنها، ودنأ يدنأ دناءه ودنوء إذا كان دنيا لا خير فيه.

_ 1 انظر الأفعال لابن القطاع، وإصلاح المنطق لابن السكيت وتصحيح الفصيح ج 1 ص 163 طبعة بغداد.

يقال رعف الرجل من الرعاف، ورعبت الرجل أرعبُه ورزأته أرزؤه رزءً أي أصبت منه خيرا ... وربأت القوم أربؤهم إذا كنت لهم طليعة ... ورفأت السفينة رفءً إذا قربتها من الشط ... ورقأت العين إذا جفت دمعها ... ورأيت الشيء إذا أصلحته ... ورأفت الرجل أرأف به إذا رحمته ورأس الرجل القوم صار رئيسهم. يقال زريت على الرجل أزري عليه إذا أعبته، وزرى الرجل وجهه عني، وزرى الميراث عن الورثة ... وزعيت له من المال زعية أعطيته منه قطعة، وزيده زيدا أعطاه ... وزأدت الرجل دعوته ... وزنأ في الجبل صعد وزبرت الكتاب كتبته. سحوت القرطاس وسحيته قشرته ... وسبيت العدو سبيا وسبأت الخمر شربتها ... وسأبت الرجل ختنته ... وسرأت المرأة كثر ولدها ... وسلأت السمن أَسْلَؤُهُ إذا خلصته. شريت الشيء أشريته وشريته بعته، وشملت الريح ... وشأوت القوم سبقتهم ... وشفأ الناب طلع. صرف الله عنك الأذى ... وصرفت القوم عن الشيء وصرف عن الأمر أعرض عنه ... وصمدت للشيء أصمد له وصبت الريح من الصبا ... وصبأت عن الشيء رجعت عنه وصبا الرجل في دينه صار صابئاً ... وصبأ الناب طلع وصال الطيب وغيره يصيل بالشيء إذا لزق به. ضفا الشيء إذا كثر يضفو ... وضمر الشيء فهو ضامر ... وضفرت الشعر ... وضربت إليه لجأت إليه ... وضامه يضميه إذا ظلمه ... وضبأ الرجل بالمكان إذا اختبأ ضبوءا ... وضلعت مع فلان مِلْتُ معه.

طما الشيء يطمو إذا علا ... وطمأت الشيء واريته ... وطم الشعر جزه ... وطان الكتاب يطينه ختمه بالطين ... وطبأه إلى الشيء يطبؤه دعاه إليه ... وطبن له فطن له ... وطببت له صرت طبيباً ... وطببت الطب صرت رفيقاً بالشيء فهماً به. عبأت الطيب وغيره خلطته ... وعبأت بالشيء باليت به ... وما عبأت بفلان ما باليت ... وعابني فلان وعبته بغير ألف وعرضت الجيش ... وعلفت الدابة ... وعناني الأمر يعينيني بغير ألف ... وعززت فلان بالشر ... وعدا فلان على فلان يعدو إذا ظلمه. غارهم إذا أتاهم بالميره وغار على الشيء غيرة ... وغبنته في البيع غبناً، وغلت القدر تغلي ... وغثت نفسه تغثي وغبطته أغبطه إذا أحببت أن يكون لك مثل ما له من غير أن يُسلبه. فتأت الرجل عن رأيه أفتوه صرفته عنه ... وكل شيء رددته عنك فقد فتأْته عنك. قال الشاعر: تغور علينا قدرهم فنديمها ... وتفتؤها عنا إذا حميتها غلى وفأوت رأسه شققته وفأيته أيضاً ... وفأدت الرجل أصبت فؤاده ... وفرق الرجل بين الشيئين وهو فارق بينهما فرقاً ... وفقأت عينه. قاس الرجل الشيء يقيسه ... وقلمت ظفري ... وقنا للون إذا احمر ... وقلبت الشيء ... وقلبت القوم إلى منازلهم وقريت الضيف أطعمته، وقنط الرجل قنوطاً إذا استحكم يأسه. كسبت مالاً بغير ألف أكسبه ... وكتفت الرجل أكِفُه توليت حياطته ... وكرف الحمار

إذا شم البول ورفع رأسه ... وكبا الزند يكبو إذا لم يخرج ناره ... وكفلت الرجل صرت كفيله، وكعَّ الرجل عن قرنه كبن عنه ... وكلمت الرجل إذا جرحته وكسأت وسطه قطعته بالسيف. لبأت القوم أطعمتهم اللبأ ... ولطأ الرجل بالأرض لزق بها ... ولمَّ الشَّعث أصلحته ... ولبأت اللحم من العظم قشرته ... ولززت الشيء بالشيء ألزقته ... ولددت الصبي صببت الدواء عن جانب فيه ... ولبقت الطعام خلطته ومثله لكته ... ولهف الرجل ولهث. مجن الرجل صار ماجنا ... ومأوت بين القوم أفسدت بينهم ... ومأست بينهم مثله ... ومأنت الرجل احتملت مؤنته ... ومريت الشيء مسحته ... ومقرت السمك مقراً جعلته في الخل. نفيت الرجل بغير ألف أنفيه ... ونبذت النبيذ اتخذته ... ونبذت الشيء ألقيته ... ونقل الرجل بين القوم سعى بالفساد بينهم وناء الرجل بالحمل ينوء إذا نهض به ... وناء اللحم ينئ إذا لم ينضج في الطبخ ونسأت الإبل في مشيها إذا تأخرت ... ونبأت من بلد إلى بلد خرجت ... ونكأت الجرح ... ونكيت في العدو ... وما نبس فلان بكلمة أي ما نطق ... ونوى البعير سمن. وقفت الدابة والضيعة بغير ألف ... ووصلت بين الشيئين جمعت بين طرفيهما ... ووديت الرجل أعطيته ديته ... ووراه الداءُ يريه أفسد جوفه ... ووسمت الدابة وسما ووألت من الشيء نجوت منه ... ووسقت المرأة حملت ... ووسق الإبل حملها ... ووشيت الثوب من الوشى وولب الرجل الكلام سلقه وأسرع فيه ... ووقمت العدو قمعته وقهرته ... ووأد الموؤدة دفنها وهي في الحياة ووترت الرجل من التِّرة وهي العداوة ... ووصل السيب كثر واتصل ... ووشيت الشيء إذا خرزته.

هنأته النعمة وهنأني الأمر ... وهرف القوم بالرجل أفرطوا في مدحه ... وهرقت الماء صببته ... وهتيت بالرجل إذا دعوته رافعاً صوتك ... وهمدت النار طفئت، وهمد الثوب أخلق ... وهزأت بالرجل وهرئت به سواء ... وهال التراب صبه وهالني الأمر بغير ألف ... وهجأني الطعام أشبعني. يمن الرجل القوم بيِمنهُم إذا صار ميمونا عليهم مباركاً ... ويعر الجدي يتعر يعارا إذا صاح ... ويسرت بالقداح إذا ضربت بها. أجر العظم إذا جبر على فساد ... وأفل النجم إذا غار وغاب وأبر النخل يأبرها إذا لقحها ... وأدمت الخبز أكلته بإدام وأممت القوم صرت لهم إماما ... وأجن الماء يأجن ويأجن وأسن يأسن ويأسُن إذا تغيرت رائحته، وأطر الرجل الشيء على الشيء إذا ثناه عليه ... وأصر الشيء يأصره إذا عطفه ... وأشر الرجل الشيء بالحديد يأشره ويأشره بالمنشار. (يتبع)

تعقيب على بعض المواد:

بحث في صيغة أفعل وبين نحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية لفضيلة الشيخ مصطفى أحمد النماس المدرس بكلية اللغة العربية –جامعة الأزهر الحلقة الثالثة تعقيب على بعض المواد هراق قال ابن درستويه في كتابه تصحيح الفصيح 1: وقد غلط ثعلب في وضعه قولهم: هرقت الماء في هذا الباب (باب فعلت بغير ألف) ؛ لأنه ترجمه بباب فعلت بغير ألف، وإنما هرقت من باب أفعلت بالألف عند جميع النحويين2، وإنما هذه الهاء التي في هرقت بدل من الألف التي تكون في أفعلت، لأن أصل هرقت أرقت3، فعل معتل العين من الواو، وأصله أروقت؛ لأنه من قولنا راق4 الماء يروق، وأروقته أنا، ولكنه لما اعتلت الواو في (قولنا) راق يروق وجب أن يعتل في الرباعي أيضا، فصارت ألفا وانتقلت فتحتها إلى الراء فصارت أراق، فلما كانت هذه الكلمة مما يكثر استعماله في الكلام، استثقلت الهمزة في أولها فأبدلت منها الهاء؛ لأنها ألين كما قالوا: هياك في إياك ولهنك في (لأنك) 5 وهذه الهمزة التي في أراق

_ 1 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص 163، 164 تحقيق عبد الله الجبوري طبع بغداد. 2 انظر كتاب ليس في كلام العرب ص 46 ص 189، واللسان هرق وشرح المفصل جـ1 ص5 3 انظر شرح الشافية للجابردي ص152 وسر الصناعة الورقة ص122 ب وتفسير غريب القرآن. 4 وراقني الشيء يروقني اللسان وورق وحكى الكسائي راق الماء يريق إذا نصب ص12. 5 الهاء قوله، هياك على البدل مثل أراق وهراق. وعن الفراء إنما يقولون، هياك في موضع زجر، انظر إبدال أبي الطيب جـ2 ص569. والمقتضب جـ1 ص154. وليس ص189 والتصريف الملوكي ص44 وتفسير غريب القرآن ص12 والكتاب جـ2 ص474 وشرح الرضي على الكافية جـ2 ص569. والأشباه والنظائر جـ1 ص69.

تسقط في مضارعه لئلا تجتمع همزتان فيقول: أنا أريق وأصله أؤريق1، فمن العرب من يزيد بين حرف المضارعة وبين الراء هاء ساكنة عوضا من الهمزة التي تسقط لأن الهاء ليست تستثقل مع الهمزة فيقولون أنا أهريق2. وزعم سيبوبه أن هذه الهاء عوضٌ من ذهاب حركة العين المعتلة، وإنما قال ذلك لأنهم زادوا الهاء في الماضي أيضا فقالوا: أهراق ولم تحذف من الماضي همزة فتكون عوضا منها فلما جرى ذلك في الماضي، والمستقبل جعل علتهما واحدة، وشبهها بالسين التي في اسطاع يستطيع 3 إنما هي من أطاع يطيع، فمن العرب من يقول في المستقبل: يهريق فيفتح الهاء على فتحة الهمزة التي حذفها؛ لأنها مفتوحة ومنهم من يقول: يهريق. فمن حركها فلا شك في أنه جعل لها الهاء عوضا من الهمزة، ومن أسكنها فعلى ما قاله سيبوبه. وأما الهاء التي في الفعل الماضي فلا يحركونها مع الهمزة في قولهم: أهراق، لأنها ليست ببدل من الهمزة، ومن جعل الهاء في هراق بدلا من الهمزة التي في أراق 4 ... أبدلها أيضا في الأمر منها فقال: هرق كما قال الراجز (رؤية) . يأيها الكاسر عين الأغضن ... والقائل الأقوال ما لم يلقِني هرق على خمرك أو تبين فتوهم ثعلب أن هاء هرقت وهاء هرق في الأمر من نفس الكلمة، فأدخل هرقت في باب فعلت بغير ألف، وهو خطأ.

وقف وأوقف

وقف وأوقف قال ابن درستويه5 وكذلك قوله: وقفت الدابة، وقفت وقفا للمساكين، وقفت أنا، لا يجوز أن يكون الفعل اللازم من هذا النحو، والمجاوز على لفظ واحد في النظر والقياس؛ لما في ذلك من الإلباس وليس إدخال الإلباس في الكلام من الحكمة والصواب، وواضع اللغة عز وجل حكيم عليم، وإنما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني، فلو جاوز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين، أو أحدهما ضد الآخر لما كان في ذلك إبانة، بل كان تعمية وتغطية، ولكن قد يجيء الشيء النادر من هذا لعلل، كما يجيء فعل وأفعل فيتوهم من لا يعرف العلل أنهما

_ 1 انظر ليس لابن خالوية ص 46. 2 انظر اللسان، وإبدال ابن السكيت ص 25. 3 انظر اللسان، وابن يعيش جـ10 ص5. 4 انظر الجمهرة جـ3 ص438، والممتع لابن عصفور جـ 1 ص399، وما اختلفت ألفاظه واتحدت معانيه ص32، والتصريف الملوكي ص44. 5 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص 166 تحقيق عبد الله الحبوري طبعة بغداد.

لمعنيين مختلفين، وإن اتفق اللفظان فالسماع في ذلك صحيح عن العرب والتأويل عليهم خطأ، وإنما يجيء ذلك في لغتين متباينتين، أو لحذف واختصار وقع في الكلام حتى اشتبه اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع فتأوّل فيه الخطأ وذلك أن الفعل الذي لا يتعدى فاعله إذا أصبح إلى تعدية لم يجز تعديته على لفظه الذي هو عليه حتى يغير إلى لفظ آخر. ومما يدل على أن الأصل في وقف ما ذكرنا أنهم يقولون:- ما أوقفك هاهنا؟ 1 بالألف، ويجدونه أحسن وأفصح عندهم من قولهم: ما وقفك هاهنا، وهو أكثر استعمالا منه فالأصل في وقفت أن يكون غير متعد بنفسه إلى مفعول مثل ثبت ولبثت، وألا يتعدى إلا بزيادة قبله أو بعده أو غير ذلك، فيقال أوقفته أو وقفت به أو وقفته بالتشديد، ثم يجوز حذف الجار بعد ذلك لما ذكرنا من وجوب التخفيف وكثرة الاستعمال، وطول معرفته واعتياده؛ كما قال الله عز وجل: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} ، وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِم} لأنه بمعنى حبسوا أو محبوسون. ثم استطرد يفسر هذه المادة فقال:2 وأما قوله: (أي ثعلب) وقفت الدابة أقفها فمعناه: حبست الدابة عن السير، وكذلك وقفت وقفا للمساكين أي حبسته عليهم، وكذلك وقفت أنا أي احتبست عن الشيء، أو المضي، وثبت مكاني قائما، واسم فاعله واقف، ومفعوله موقوف، ومصدرها لا يتعدى منه الوقوف. ومصدر المتعدى الوقف.

غلقت وأغلقت

غلقت وأغلقت قالت ثعلب في فصيحة تقول: أغلقت الباب فهو مغلق، وأقفلته فهو مقفل، فإن معناه: شددته بالغلق وأوثقته وارتجته، وأما أقفلت فمعناه أوثقته بالقفل. والعامة تقولهما بغير ألف، وهو خطأ.... ففي كتاب الأفعال لا بن القطاع3 " غلقت الباب غلقا، لغة، وصرح ابن دريد بأن البصريين لا يقولون إلا أغلقت، ونص على غلقت، قال ولم يجيزوا غلقته البتة...." وقد أثبت الشاعر أبو الأسود الدؤلي غلق الثلاثي في قوله: ولا أقول لقدر القوم قد غليت ... ولا أقول لباب الدار مغلوق وإنَّما كان على أفعل؛ لأنه بمعنى أوثقت وأحكمت وأوصدت وارتجت، أي جعلت عليه الغلق أو القفل، ومعناها راجع إلى قولهم: غلق الشيء يغلق غلقا وأغلقه غيره إغلاقا يالي قولهم:

_ 1حكاية عن الكسائي انظر، إصلاح المنطق ص 226. وأفعال ابن القطاع 3 ص 289 واللسان وقف لغة رديئة. 2 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص182 تحقيق عبد الله الجبوري. 3 انظر جـ2 ص411، الجمهرة جـ3 ص439، وما تلحن فيه العامة ص40.

قفل الشيء يقفل قفولا وأقفله غيره إن شئت من الرجوع إلى القافلة، إن شئت من اليبس الذي ينال المسافر في جلده يقالا قد قفل جلده أي يبس 1.

عتق وأعتق

عتق وأعتق 2 هذان من باب فعل وأفعل بمعنى فعتق الشيء أي صار حرا أي كريما. ويقال لكل كريم من الخيل وغيره عتيق، ولذلك سميت الجارية المخدرة عاتقا، والخمر عتيق، وسميَ الماء العتيق، والتمر العتيق، وثوب عتيق ووجه عتيق أي كريم أو جميل وكل شيء قديم يسمى عتيقا أيضا، وذلك قيل للبيت الحرام العتيق قال الله عز وجل: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، وقال أيضا: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ، وامرأة عتيقة أي جميلة أو كريمة أو نجيبة. وقال عنترة: كذب العتيق وماء شن بارد ... إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي وأما أعتق فاسم فاعله معتقا ومفعوله معتق (بفتح التاء) ، ومصدره الإعتاق.... والعامة تقول: عتقت الغلام بغير ألف وهو خطأ.

منى وأمنى

منى وأمنى أمنى الرجل فهو يمني من المني، فمعناه أنزل فهو ينزل: وذلك إذا خرج منه الماء الدافق قال الله عز وجل: {مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} والمنيّ مشدد الياء اسم على فعيل، وقد أمنى الرجل يمني إمناء، وبعض أهل اللغة يجيز منى بغير ألف كأنه على لغتين، وانظر اللسان فمعنى منى سالَ ومعنى أمنى أسال، وقد روى أن منى التي بعرفات إنما سميت منى لأن الدماء تمنى بها أي تسال إذا ذبحت النسك.

أيديت ويديت

أيديت ويديتَ قولك: أيديت عند الرجل، يدًا، فمعناه أسديت إليه معروفا3، وأنعمت عليه وهو فعل مشتق من اليد، وهي جارحة من الجوارح، فهو اشتقاق من الأعيان، فليس اسمها بمصدر تتصرف منه الأفعال، ولكن صرف منه ذلك على الاستعارة والتشبيه بالمصادر؛ لأنه لما جعل اسما للإسداء

_ 1 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص318 لطبعة بغداد. 2 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص318. وأفعال ابن القطاع جـ2 ص377 وتثقيف اللسان ص265. 3 انظر ابن القوطية/169. وابن القطاع جـ3 ص374 والتصريف الملوكي ص66 وتصحيح الفصيح جـ1 ص325 طبعة بغداد

والإنعام على الاستعارة؛ لأنهما لا يكونان إلا بهذه الجارحة، فمعنى أيديت أي اتخذت عنده يدا. والنعمة تسمى يدا، وتجمع على الأيدي كما جمعت اليد نفسها، وربما جمعوا الجمع فقالوا: الأيادي ليفرقوا بين جمع الجارحة والنعمة.... وقد روى عن بعضهم: يديت إليه معروفا، بغير ألف، وحكى الخليل أنهم يقولون: " إن 1 فلانًا لذو مال ييدي به ويبوع". وهو عند الزجاج كأفعلت، وهو عند جماعة لغة ... وهو كما قال الخليل فهو يبسط به يديه وباعه، فكان قولهم: يديت إنما هو من هذا لا من النعمة؛ لأن اليد هي التي تبسط بالخير والشر، وتصرف بها الأمور وكذا الباع.

غلى وأغلى

غلى وأغلى أغليت الماء فهو مغلى، فمعناه كمعنى سخنت وطبخت وأحميت وتقول: قد غلى الماء نفسه بغير ألف فهو يغلي غليانا وغليا كما قال الله عز وجل {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} ، وقد أغلاه غيره وهو يغليه إغلاء فهو مغلي، كما تقول: حمي يحمي وأحماه غيره يحميه إحماء فهو محمى فتنقله بالألف، والعامة تقول: غليت الماء بغير ألف وهو مغلي على مفعول، وهو خطأ.... ويقولون: غليت القدر تغلي بكسر الثاني من الماضي والمستقبل، وهو أيضا خطأ وفيه قال الشاعر أبو الأسود: ولا أقول لقدر القوم قد غليت ... ولا أقول لباب الدار مغلوق ولم يجيء فعل يفعل (بكسر العين في الماضي والمضارع) في الكلام إلا كلمات قليلة شاذة عن القياس، مثل حسب يحسب وورم يرم كأنهم حملوا أغليت على حميت لما كان في معناه وهو غلط منهم.

غفيت وأغفيت

غفيت وأغفيت فإنَّ العامة تقول: غفيت بغير ألف وبالياء، وتقول في المستقبل أغفو غفوة، ومعناه: الدخول فيما قل من النوم، وهو اليسير الذي لا يكتفي به، ولا ينتفع وهو مأخوذ من الغفا، وهو رديء التمر،وهو داء يقع في البسر فيفسده، وكأن العامة لم تدخل فيه الألف؛ لأنها شبهته بقولهم: نعست ونمت، وجاءوا بالمستقبل بالواو، والماضي بالياء جهلا، وبالمصدر على فعلة واحدة والمصدر الإغفاء. والذي في اللسان: أن غفيت لغة، وقال الأزهري: وكلام العرب: أغفى وقلما

_ 1 انظر التهذيب. جـ14 ص 241 والمقتضب جـ1 ص150.

يقال غفا وفي الحديث"فغفوت غفوة" انظر النهاية جـ 3 ص 386، وهو لغة رديئة عند ابن القطاع 1، فهو مما جاء فيه فعلت وأفعلت، واختير فيه أفعلت لأنه الفصيح وقل فعلت لأنه رديء.

أولعت بالشيء

أولعت بالشيء قال ابن درستويه في تصحيح الفصيح 2: قولهم: أولعت بالشيء؛ لأنه من باب أفعلت وليس من باب فعلت، وقد حكي عن بعض العرب ولعت بغير ألف مكسورة العين من الفعل على معنى الانفعال والمطاوعة كأنه قال أو لعني الله فولعت وليس فعل متعد إلا وله فعل مطاوعة، غير متعد إما على انفعل وإما على افتعل أو تفعلّ أو فعّل، وهو القياس وإن قل استعمال بعض ذلك أو لم يسمع، وليس كل مستعمل مسموعا مرويا، وإنما قال أهل العربية لا يقال: ولعت وإنما يقال: أولعت به من جهة الاستعمال، وقد استعمل كثيرا غير قليل مصدر ولعت وهو: الولع، كأنهم قد أولعوا بمخالفة الفصحاء، إما استثقالاً لكلامهم وإما عجزا عن النطق به وجهلا بتصريفه. وعامة أهل اللغة يزعمون أن هذا الباب لا يكون إلا مضموم الأول، ولم يقولوا: إنه إذا سمي فاعله جاز بغير ضم، وهذا غلط منهم؛ لأن الأفعال كلها مفتوحة الأوائل فإذا لم يسم فاعلها فهي كلها مضمونه الأوائل ولم يخص بذلك بعضها دون بعض، وقد بينا ذلك بعلله وقياسه ليستغنى بمعرفة القياس عن تقليد ثعلب وغيره.

أديربي

أدِير بي: قال ابن درستويه في المرجع السالف الذكر، وكذلك أدير بي وهو بمنزلة أولعت بالشيء، وهو من باب أفعلت رباعي وليس من الثلاثي، وإنما ذكره (أي ثعلب) لأنه مما لم يسم فاعله أيضا، فماضيه بكسر العين، من الفعل الثلاثي والرباعي. وأهل اللغة أو عاميتهم يزعمون أن فعل وأفعل بهمزة وبغير همزة قد يجيئان بمعنى واحد، وأن قولهم دير بي وأدير بي من ذلك، وهو قول فاسد في القياس والعقل، مخالف للحكمة والصواب، ولا يجوز أن يكون لفظان مختلفان لمعنى واحد، إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم والآخر في لغة غيرهم، كما يجيء في لغة العرب والعجم، أو في لغة رومية أو هندية. وقد ذكر ثعلب أن أدير بي لغة، فأصاب بذلك، وخالف من يزعم أن فعلت وأفعلت بمعنى واحد. والأصل في هذا قد درت ودار رأسي، وهو الفعل اللازم، ثم ينقل إما بالياء وإما بالألف؛ فيقال: قد دير بي، وأدرت فهذا القياس.

_ 1 انظر ابن القطاع جـ2 ص443. 2 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص206.207.208 تحقيق عبد الله الجبوري طبعة بغداد الباب الرابع فعلت بضم الفاء.

ثم جيء بالباء مع الألف، فقيل: قد أدير بي كما قيل: قد أسري بي، على لغة من قال: أسري في معنى سرى، لأن إدخال الألف في أول الفعل والباء في آخره للنقل خطأ، إلا أن يكون قد نقل مرتين إحداهما بالألف والأخرى بالباء، انتهى. ومن الملحوظ أن أسري لغة أهل الحجاز وجاء بهما القرآن الكريم قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} .... فهذا من الرباعي وقال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} لما فهذا من الثلاثي سرى.

غاظ وأغاظ

غاظ وأغاظ 1 تقول غاظني بشيء يغيظني، وقد غظتني يا هذا، فهو من الغيظ الذي يجده الإنسان في قلبه من غضب أو موجدة أو نحو ذلك؛ كما قال الله تعالى: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} وفعله المستقبل يغيظ بفتح أوله، واسم فاعله غائظ، واسم مفعوله مُغيظ، قال الله تعالى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} ، وقال تعالى: {وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ} وقال طرفه بن العبد: يداك يدٌ خيرها مرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظة والعامة تقوله: أغاظني بألف وهو خطأ، ولكني وجدت أغاظ في القاموس والمصباح.

صرف وأصرف

صرف وأصرف 2 تقول: صرفت الصبيان معناه سرحتهم من الكتاب، كذلك صرفت الرسول والشيخ: إذا رددته إلى موضعه الذي جاء منه، وكذلك قولك: صرف الله عنك الأذى. والعامة تقول: أصرفت الصبيان، وأصرف الله عنك الأذى بالألف وهو خطأ، ويدل على ذلك أن فاعله صارف، ومفعوله مصروف، ومصدره الصرف، ومستقبله يَصرف (بفتح الياء) ، وقال السيوطي في المزهر: "ليس في كلامهم أصرفت إلا حرف واحد: أصرفت القافية إذا أقويتها (وهو أن يخالف الشاعر بين القافيتين) وأنشد (لجرير) : قصائد غير مصرفه القوافي ... فلا عيا بهن ولا اجتلابا فأما سائر الكلام فصرفت: صرف الله عنك الأذى، وصرفت القوم، صرف الله قلوبهم، وصرف ناب البعير" انتهى.

_ 1 انظر الأفعال لابن القطاع جـ2 ص 442. وتثقيف اللسان ص152 وتصحيح الفصيح جـ1 ص هـ 19 2 انظر تصحيح الفصيح جـ1 ص180 وأفعال ابن القطاع جـ2 ص238.

بحث في صيغة "أفعل" (بين النحويين والغويين واستعمالاتها في العربية) الدكتور مصطفى أحمد النماس المدرس بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر حسّ وأحسّ 1 تقول: أحس الرجل بالبرد، وأحس الرجل البرد بمعنى شعر به وتقول أحس الحنان والتقدير من صديقه أو أحس بالحنان بمعنى شعر به أو علمه أو عرفه أو ظنه أو تيقنه ويجوز أن نستعمل بهذا المعنى الفعل الثلاثى المجرد فنقول: حس الرجل البرد، وحس الرجل بالبرد إلا أن بعض اللغويين يتزمت فيمنع هذا وحجته أن ما ورد في القرآن بهذا المعنى هو الثلاثي المزيد لا المجرد قال الله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} ، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} وقال تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} ولم يأت الثلاثي المجرد بهذا المعنى بل ورد بمعنى القتل أو القطع قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} فالمعنى تقتلونهم وتأتون على إحساسهم فلا تبقون لهم حسا وبهذه الحجة يمنعون أن نقول بعض المشتقات من المادة الثلاثية المجردة فلا تقل على رأيهم: حاسَّة: اسم فاعل من حسَّ وجمعها حواس للسمع والبصر والشم والذوق واللمس ويسمونها المحسات ويمنعون كذلك اسم المفعول محسوس وجمعه محسوسات ولا يجيزون إلا المحس وجمعه المحسات لأنهم لا يجيزون المادة الثلاثية بل لا يستعملون في هذه الأغراض إلا الفعل المزيد بالهمزة وكأنهم رفضوا استعمال الثلاثي.

_ 1 انظر تصحيح الفصيح ج1 ص297.

ودحض حجتهم هذه أن القرآن الكريم هو الحجة في فصاحة اللغة وبلاغتها ولكن لاشك أنه لم يستوعب كل كلماتها، كما أنه لم يستعمل كل كلمة في معانيها اللغوية فإذا ترك كلمة ما لا يكون دليلا على عدم فصاحتها وكذلك إذا استعمل كلمة في معنى وترك بعض المعاني الأخرى لا يكون دليلا على حظر المعاني الأخرى ولقد جاء الفعل الثلاثي المجرد من هذه المادة في لغة العرب بمعاني غير القطع والقتل والذي يعنيني استعمال الثلاثي المجرد بمعنى الشعور وما يتصل به من العطف والتوجع قال الشاعر الجاهلي السفاح بن خالد التغلبي 1. فَلَبَّيْتُ الصريخَ ولم يَرونا ... ولا حَسُّوا بنا حتى اعتلينا فالمعنى فيه ولا شعروا بوجودنا حتى هجمنا عليهم، ومن ذلك قول الكميت بن زيد الأسدي هل من بكى الدار راجٍ أن تحس له ... أو يبكى الدار ماء العبرة الخضل فالفعل تحس بفتح التاء مضارع من الفعل الثلاثي المجرد فإذا فسرناه بمعنى ترق له وتعطف عليه فهو من معاني الشعور. وأيضا حديث قتادة كما في اللسان 2 "إن المؤمن ليحسّ للمنافق " أي يعطف عليه أو يتوجع له فبان بذلك ضعف الرأي الآخر الذي أنكر الثلاثي من هذه المادة وأن استعمال المصدر الذي هو الحس من الثلاثي والمصدر من المزيد هو الإحساس ويدل كذلك على أن كثيرا من الأفعال العربية يأتي الثلاثي المجرد والثلاثي المزيد بالألف بمعنى واحد أي أن فعل وأفعل بمعنى واحد وهو ما يقول به كثير من العلماء وأمثال الزجاج في كتاب فعلت وأفعلت ولذا كان قول ثعلب في كتاب الفصيح "والعامة تقول: حسست الشيء في أحسست وهو خطأ " دعوى من غير دليل. أثمر: وفي شفاء الغليل ص 21 أثمر يكون لازما وهو المشهور الوارد في الكتاب العزيز ولم يتعرض أكثر أهل اللغة لغيره: وورد متعديا كما في قول الأزهري في تهذيبه يثمر ثمرا فيه حموضه، وكذا استعمله كثير من الفصحاء كقول ابن المعتز: وغرس من الأحباب غيبت في الثَّرى ... فأسقيته أجْفاني بسح وقاطرِ فأثمر همًّا لا يبيد وحسرة ... لقلبي يجنيها بأيد الخواطر

_ 1 انظر الأنوار ومحاسن الأشعار ص257. 2 انظر اللسان (حسّ) ، تصحيح الفصيح ج1 ص298.

وقال ابن نباتة السعدي: وتثمر حاجة الآمال نحجا ... إذا ما كان فيها ذا احتيال وقال محمد بن شرف وهو من أئمة اللغة: كأنما الأغصان لما علا ... فروعها قطر الندى نثرا ولاحت الشمس عليها ضحى ... زبرجد قد أثمر الدرا وقول ابن الرومي: سيثمر لي ما أثمر الطلع حائط.. إلى غير ذلك مما لا يحصى وهكذا استعمله الشيخ في دلائله والسكاكي في مفتاحه، ولما يره كذلك شراحه. قال الشارح استعمل الاثمار متعديا بنفسه في مواضع من هذا الكتاب فلعله ضمنه معنى الإفادة أو جعله متعديا بنفسه ولو قيل إن تعديه إلى مفعوله كثر حتى صار كاللازم له لما دل عليه، ولذا يذكر أن لم يكن كذلك لم يبعد ألاَ تراك إذا قلت: أثمرت النخلة علم أنها أثمرت بلحا ونحوه..... أخضر: استعمل مدحا بمعنى مخضب رحب الجنان وكان يقال للفضل بن العباس رضي الله عنه الأخضر قال: ـ وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة في بيت العرب وذما بمعنى لئيم لا يأكل إلا البقول: كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها ... فويل لتيم من سرابيلها الخضر حصيت وأحصيت: يقال حصيت إذا عددته وأحصيته إذا ميزته بعضه من بعض قال الشاعر: ويربى على عد الرمال عديدنا ... ونحصى الحصاة بل يزيد على العد والحصاة العقل أيضا قال الشاعر وهو طرفة بن العبد: وإن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل ويقال أحصيت الشيء إذا أطقته واتسعت له وقال الله عز اسمه: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أراد والله أعلم لن تطيقوه- وقال الشاعر: فاقعد فإنك لا تحصي بنى جشم ... ولا تطيق علاهم أيةً وقعوا يريد لا تطيق بني جشم. ومما يحتمل هذه المعاني قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة إنّه وتْر يحب الوتْر من أحصاه دخل الجنة".

قال محمد بن يزيد المبرد: " معناه عندي من عدها من القرآن لأن هذه الأسامي كلها مفرقة في القرآن فكأنه أراد من تتبع جمعها وتأليفها من القرآن وعانى في جمعها من الكلفة والمشقة دخل الجنة" انظر تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص 24. ما جاء على أفعل ثم أميت وقد استعمل العرب بعض الأفعال على وزن أفعل أصلا ولكنهم عدلوا عن الأصل وجعلوه ملحقا بالرباعي فأصبح ملحقا بغيره في الاستعمال بعد أن كان أصلا قال السيوطي في المزهر 1 واستعمل (الهث) ثم أميت وألحق بالرباعي في الهثهثة وهو اختلاط الأصوات في الحرب أو في صخب قال الراجز (العجاج) : وأمراء قد أفسدوا فعاتوا ... فهثهثوا فكثر الهثهاث واستعمل (الجع) ثم أميت وألحق بالرباعي في جعجع والجعجعة القعود على غير طمأنينة، واستعمل (القح) ثم أميت وألحق بالرباعي فقيل القحقح وهو العظم المطيف بالدبر واستعمل الكح ثم أميت وألحق بالرباعي فقيل كحكح وهو الناقة الهرمة التي لا تحبس لعابها واستعمل (ألذع) ثم أميت وألحق بالرباعي فقيل ذعذع الشيء إذا فرقه. أفعل فهو فاعل 2 المعروف أن صيغة فاعل إنما تصاغ من الثلاثي المتصرف ويكون كثيرا مطردا من الفعل المفتوح العين سواء كان متعديا أو لازما ومن مكسور العين المتعدي إما مضموم العين أو مكسورها اللازم فهو قليل وقد وردت صيغة فاعل من الرباعي الذي على وزن أفعل في بعض المواد سماعا. قال في الغريب المصنف لم يجىء أفعل فهو فاعل إلا ما قال الأصمعي: أبقل الموضع فهو باقل من نبات البقل، وأورس الشجر فهو وارس إذا أورق ولم يعرف غيرها. وزاد الكسائي: أيفع الغلام فهو يافع- قلت: وفي الصحاح بلد عاشب ولا يقال في ماضيه إلا أعشبت الأرض وفيه أقرب القوم إذا كانت إبلهم قوارب فهم قاربون ولا يقال مقربون قال أبو عبيد وهذا الحرف شاذ وفي أمالي القالي: القارب: الطالب للماء، يقال قربت الإبل وأقربها أهلها. قال الأصمعي فهم قاربون ولا يقال مقربون وهذا الحرف شاذ وقال القالي: إنما قالوا قاربون لأنهم أرادوا: ذو قرب وأصحاب قرب ولم يبنوه على أقرب.

_ 1 انظر المزهر ج2 ص46. 2 انظر المزهر ج2 ص76، وأدب الكاتب لابن قتيبة ص635 وإصلاح المنطق ص305 والمزهر ج2 ص82.

وقال السيوطى في المزهر: ليس في كلامهم أفعل فهو فاعل إلا أعشبت الأرض فهي عاشب، وأورس الرمث وهو ضرب من الشجر إذا تغير لونه عن البياض فهو وارس وأيفع الغلام فهو يافع، وأبقلت الأرض فهي باقل وأغضى 1 الليل فهو غاض، وأمحل البلد فهو ماحل. أفعله فهو مفعول 2 صيغة مفعول إنما تصاغ من الثلاثي التام المتصرف سواء كان متعديا أم لازما ويشترط مع اللازم أن توجد معها واسطة من جار ومجرور أو غيره تقول محمد محفوظ بعناية ربه وأنت ممرور بك، ومنهوب إليكْ، وقد وردت صيغة مفعول من غير الثلاثي الذي على وزن أفعل من المواد الآتية: ولم يأت أفعله مفعول إلا أجنه فهو مجنون وأزكمه فهو مزكوم، وأحزنه فهو محزون وأحبه فهو محبوب. وقال ابن جني في الخصائص باب نقض العادة: ونحو ذلك ما جاء عنهم من أفعلته فهو مفعول وذلك نحو أحببته فهو محبوب، وأجنه فهو مجنون وأزكمه فهو مزكوم. وأكزه فهو مكزوز، وأقره فهو مقرور، وآرضه آلة فهو مأروض، وأملأه الله فهو مملوء. وأضأضه فهو مضؤود، وأحمه الله فهو محموم، وأهمه (من الهم) فهو مهموم، وأزعقته فهو مزعوق أي مذعور. ومثله ما أنشدناه أبو علي من قوله (وهو خفاف بن ندبة) إذا ما استحمت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع 3 واوعد مَصْدَق وأما أحزنه الله فهو محزون فقد حمل على هذا غير أنه قال أبو زيد يقولون إلا يحزنني (بفتح الياء) ولا يقولون حزنني إلا أن مجىء المضارع يشهد للماضي فهذا أمثل ما مضى- وقد قالوا فيه أيضا محزن على القياس ومثله قولهم: محب منه بيت عنترة: ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم ومثله قول الأخرى هند بنت أبي سفيان أخت معاوية رضي الله عنهما وهي ترقص ابنها عبد الله: لأنكحنّ ببة: جارية خِدبةْ ... مكرمة محبَّةْ تحب أهل الكعبةْ وقال الآخر: ومن يناد آل يربوع يجب ... يأتيك منهم خير فتيان العرب المُنكْبُ الأيمن والرَّدف المحب ...

_ 1 أغضى الليل: أظلم فالليل مغض لغة قليلة، والخصائص ج2 ص215. 2 انظر المزهر ج2 ص82، والخصائص ج2ص216، وأدب الكاتب ص636 تحت باب في شواذ التصريف. 3 قوله مودوع مفعول من ودعه أي تركه والملحوظ أن الثلاثي منه قد ترك استغناء بترك.

والملحوظ أن أحزنه جاء الثلاثي منه وإن قرن بالمزيد استغناء به عن وصفه، وما قبله ليس في هذا المعنى. وهذه مجموعة من الأفعال تكلم فيها بأفعلت أو اختير فيها أفعلت على فعلت كما وردت في كتاب فعلت وأفعلت للزجاج: أبنّ بالمكان أقام. وأبرَّ على القوم غلبهم. وأبدع في الأمر إبداعا أتى فيه ببدعة، وأبطا القوم صارت إبلهم بطاء وأبلد القوم صارت إبلهم بليدة، وأبلق الفحل إذا ولد له ولد أبلق. أتلد الرجل إذا كان له مال تليد أي قديم: وأتأرت الرجل بصري إذا أتبعته بصرك.. وأتأمت المرأة وهي متئم إذا ولدت ولدين في بطن… وارتفتْ فلانا من الترفة وأتمر القوم إذا كثر تمرهم، وأتعب القوم أي تعبت ماشيتهم، وأترعت الإناء ملأتة فهو مترع. أثغم الوادي صار فيه الثغام وهو شجر أبيض النَّوْر ويشبه به الشيب، ويقولون أثغم رأس الرجل صار كالثغامة وأثغر الشراب صار فيه الثغر… وأثلج الرجل إذا حفر بئرا فبلغ الطين. أجذى سنام البعير في أول ما يبدو، وأجمل القوم كثرت جمالهم، وأجنت الأرض كثر جناها، وأجاد الرجل صار له فرس جواد… وأجرب الرجل صارت له إبل جربى، وأجرز الرجل صار في أرض جرز وهي التي لا تنبت شيئا وأجها القوم انكشفت لهم السماء. وأجدلت الظبية وجدلت وجذبت إذا مشى معها ولدها. أحمص القوم أكلت إبلهم الحمص ... وأحمق الرجل فهو محمق إذا ولد له ولد أحمق، وأحمر الرجل إذا ولد له ولد أحمر وأحذيت الرجل نعلا… وأحلبت الرجل أعنته على الحلب وأحبينا الأرض وجدناها حية النبات غضة.. وأحوب الرجل إلى الحوب وهو الإثم. آدمّ الرجل ولد له ولد دميم وهو الصغير الخَلْق. وأدبت الأرض فهي مدبية إذا كثر فيها الدّبا وهو صغار الجراد وأدمن الرجل على الشيء إذا داومه… وأدهيت فلانا وجدته داهيا. أذعن الرجل بالطاعة ألزمها نفسه ... وأذكرت المرأة ولدت ذكرا… وأذمّ الرجل ولد له ولد مذموم، أو فعل فعلا مذموما… وأذدت الرجل أعنته على ذياد إبله، وأذممت الرجل وجدته مذموما.

أرعت الأرض وهي مرعية خرج منها المرعى، وأسكن رعيها وهو الكلأ. وأركب المهر أمكن أن يركب… وأرهمت السماء مطرت مطرا ضعيفا، وأربع القوم دخلوا في الربيع. وأربع الرجل ولد له في شبابه وولده ربعيون وأردع الرجل حفر بئرا فرأى تباشير ماء كثير. وأرتعت الأرض إذا شبعت فيها الماشية. أزمع الرجل على الأمر أي عزم عليه واجتمع رأيه فيه.... وأزحف القوم للقوم صاروا لهم زحفا يقاتلونهم وقال العجاج: مثلين ثم أزحفتْ وأزحفا. أسمن القوم وهم مسمنون إذا كثر سمنهم وكذلك إذا كثرت ماشيتهم…وأسنت القوم أصابتهم السنة وهي الجدب… وأسهل القوم صاروا إلى السهولة ... وأسبقت الناقة ولدت ولدا ذكرا… وأسنهنا وأسنينا دخلنا في السنة ... وأسنعنا وأسوعنا انتقلنا من ساعة إلى ساعة، وأسهب الرجل في منطقه بلغ في القول ما كثر ... وحفر الرجل فأسهب أي بلغ الرمل. أشفى فلان فلانا عسلا إذا جعله له شفاء ... وأشهب الفحل ولد له الشُهُب ... أشب شب ولده وأشب الرجل بنيه إذا صاروا شبانا… وأشحم القوم كثر شحمهم… وأشهر القوم أتى عليهم الشهر. أصرّ الرجل بأنفه إذا شمخ ... وأصبت المرأة فهي مصب ومصبيه إذا كان أولادها صبيانا وأصعبت الأمر وافقته صعبا، وأصممت الرجل وجدته أصم، وأصهب الفحل إذا ولد له الصُّهب. أضب الرجل على ما في نفسه إذا أقام على الحقد، وأضب يومنا كثر ضبابه وأضأن القوم كثرت غنمهم الضأن وأضال المكان كثر فيه الضال وهو السدر البرئ وقيل أضيل المكان مثله. طيب الرجل وأطيب ولد له ولد طيب… وأطاب الرجل جاء بأمر طيب..... وأطنب الرجل في الشيء إذا بالغ في صفتهِِ وأطلى الرجل مالت عنقه، وأطردت الرجل جعلته طريدا أظهر القوم دخلوا في وقت الظهر ... وأظلموا ادخلوا في الظلمة. أعرب الرجل صار صاحب خيل عراب وهو معرب قال الجعدي: ويصهل في مثل جوف الطوّ ... يّ صهيلا تبين للمعرب وأعرب الفرس صهل فتبين بصهيله أنه عربي.... وأعوهوا إذا دخلت إبلهم العاهة ... وأعوز الشيء إذا عز فلم يوجد…وأعطن القوم إذا عطنت إبلهم وأعشب المكان إذا نبت عشبه، وأعشب الرائد إذا صادف عشبا قال أبو النجم: يقلن للرائد أعشبت انزل

أغزر لبن الرجل كثر لبنه… وأغد القوم أصابت إبلهم الغدة… وأغفى الرجل نام..... وأغم الرجل. أفردت الرجل جعلته فريدا… وأفقر المهر أمكن أن يركب، وأمشى القوم كثرت ماشيتهم ... وأفرضت إبل فلان صارت فيها الفريض.... وقد أفلى الرجل ركب فلوا من الخيل. وأفجر الرجل جاء بالغدر والفجور. أقمر القوم دخلوا في ضوء القمر ... وأقلص البعير إذا بدا سنامه يخرج.... وأقطف الشيء حان قطافه.... وأقفر المنزل خلا.... وأقلقت الناقة قلق جهازها وهو ما عليها من قتبها وآلتها.... وأقوى الرجل صارت إبله قوية وأقطف النخل إذا كانت دانية قطوفها.... وأقرح القوم صارت إبلهم قرحى… وأقتلت الرجل عرضته للقتل وأقدمت الرجل تقدمت عليه.... وأقدت الرجل خيلا جعلت له خيلا يقودها. أكثر الرجل وهو مكثر، وأكشف القوم صارت إبلهم كشفا والكشف جمع ناقة كشوف والكشوف هي التي يحمل عليها في كل سنة… وأكلب الرجل أصاب إبله الكلب.... وأكاس الرجل ولد له أولاد أكياس.. وأكفر البعير إذا ابتدأ سنامه يخرج.... وأكسد القوم إذا كسدت سوقهم. ألأم الرجل مهموزا أتى باللؤم في أخلاقه ... وألام فعل ما يلام عليه.- وألمحت المرأة إذا ملت في النظر إليها وألهج الرجل لهجت فصاله بالرضاع، وألحم الرجل كثر عنده اللحم. أمضغ اللحم استطيب وأكل، وأمات القوم وقع إبلهم في الموت ... وأمغل القوم إذا مغلت شاؤهم وهو أن يتوالى حملها في كل سنة.... ويقال أمكنت الطير إذا كثر بيضها ... وأمخّ العظم صار فيه المخ ... وأملحت الإبل وردت ماء ملحا.... وأمعز الرجل كثرت غنمه المعزى. أنفق القوم نفقت سوقهم، وأنهل إبله والنهل أول الشرب وأنشط القوم نشطت ماشيتهم، وأنتجت الخيل حان نتاجها، وأنوكت الرجل وجدته أنوك ... وأنقى القوم صارت إبلهم ذات نقة وهو المخ، وأنزع القوم نزعت إبلهم إلى أوطانها، وأنحز القوم أصابت إبلهم النحاز وهو ضرب من السعال.... وأنعمت الريح هبت نعامى وهي الجنوب. أهيج الرجل الأرض وجد نبتها قد هاج أي يبس قال رؤية: وأهيجَ الخلصاءَ من ذات البرَق وأهملت الشيء إذا تركته ... وأهزل القوم إذا أتى الهزال في ماشيتهم.

أوقف له الشيء إذا ارتفع ويقولون ما يوقف لفلان شيء إلا أخذه… وأوشى القوم كثرت غنمهم وأوصبوا أصاب أولادهم الوصب وهو المرض… وأوسع القوم صاروا إلى السعة ... وأوعثوا وقعوا في الوعوثة ... وأوفر النخل كثر حمله. أهلك الله لهذا الأمر جعلك الله له أهلا ... وآسدت الكلب أغريته بالصيد… وآد الرجل كثرت عنده آلة الحرب وآتيته الشيء أعطيته ... وآلى حلف. أيسر الرجل صار موسرا…وأيبس القوم صاروا إلى مكان يابس…وأيمن الرجل إذا قصد نحو اليمن.

§1/1