بحث في إجابة الدعوة
إبراهيم العبيد
مقدمة
بحث في إجابة الدعوة إعداد: د. إبراهيم بن علي بن عبيد العبيد أستاذ مساعد بكلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية الجامعة الإسلامية - المدينة النبوية المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3. أما بعد: فإن الدعوات في هذا العصر قد كثرت وأصبح الكثير لا يدري ما يأتي منها وما يذر سواء كانت لعرس أو إملاك أو عقيقة أو حضور ضيف أو غير ذلك. وأصبح البعض الآخر في حرج من عدم الإجابة فأحببت أن أدلي بدلوي في هذا الباب ببحث هذه المسألة بجمع أدلتها مع تخريجها والحكم عليها وبيان
أقوال أهل العلم فيها ومناقشتها وبيان الراجح منها حسب مايظهر لي1 وسميته: (إجابة الدعوة) وجعلته في مقدمة ومبحثين: المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة. المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر. وخاتمة تشتمل على أهم النتائج في هذا البحث. هذا وقد بذلت جهدي في إخراج هذا البحث فما كان فيه من صواب فمن توفيق الله وما كان فيه من خطأ فأسأل الله العفو والتوفيق للصواب. والله أسأل أن ينفع به وأن يعظم به الأجر إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. -كتبه -إبراهيم بن علي عبيد العبيد -المدينة النبوية -في 1/1/1417?
المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة
المبحث الأول: حكم إجابة الدعوة عند تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم إجابة الدعوة إذا دعي إليها حتى لو دعي إلى كراع كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وقد تعددت الأحاديث القولية والفعلية في ذلك واختلفت دلالتها فبعضها ظاهر في الوجوب مطلقاً، وبعضها ظاهر في الوجوب في وليمة العرس، وبعضها ظاهر في السنية ولهذا اختلفت مذاهب أهل العلم في ذلك على أقوال هي: القول الأول: وجوب إجابة الدعوة مطلقاً سواء كانت عرساً أو غيره وممن قال بهذا: بعض الشافعية وأهل الظاهر وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة والشوكاني وابن حزم، وقال: إن هذا قول جمهور الصحابة والتابعين1. لكن تعقبه العراقي2 فقال: وادعى ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين وفي ذلك نظر. وقال الحافظ ابن حجر3: وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين ويعكر عليه مانقلناه عن عثمان بن أبي العاص وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان: "لم يكن يدعى لها" لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دعوا ...
أدلة هذا القول: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم". أخرجه البخاري1، ومسلم2، وأبو داود3، والنسائي4، وابن ماجه5، وفي لفظ لمسلم مرفوعاً جميعه6.
وفي الباب عن ابن عمر1، وابن عباس2 رضي الله عنهم. ووجه الدلالة منه أن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب والوليمة تشمل العرس وغيره3. 2- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها". أخرجه البخاري4، ومسلم5، وأبو داود6، والنسائي7. وفي لفظ متفق عليه "أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها". قال: وكان عبد الله يأتي الدعوة في العرس وغير العرس ويأتيها وهو صائم". وفي لفظ لمسلم وأبي داود "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه".
وله ألفاظ أخر1. ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الوليمة والدعوة والأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف، وقالوا إن الوليمة والدعوة تشمل العرس وغيره ويؤيد هذا رواية مسلم وغيره "عرساً كان أو نحوه" وأن عبد الله بن عمر وهو راوي الحديث كان يأتي الدعوة في العرس وهو صائم2. وفي لفظ لأبي داود3، وابن عدي4، والبيهقي5 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ومن دخل على غير دعوة دخل سارقاً وخرج مغيراً". وفي هذا اللفظ قال: "من دعي فلم يجب" ولم يخصها بالوليمة. وفي لفظ لأبي يعلي1 "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". ووجه الدلالة أنه سمى من لم يجب الدعوة عاصياً لله ولرسوله. قال ابن حزم2: فإن قيل قد جاء في بعض الآثار "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" قلنا نعم لكن الآثار التي أوردنا فيها زيادة غير العرس مع العرس وزيادة العدل لايحل تركها. 3- حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بإتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصرة المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس، ونهانا عن آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباح، والقسى، والإستبرق".
أخرجه البخاري1، ومسلم2، والترمذي3، والنسائي4. وفي الباب عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني، وأجيبوا الداعي وعودوا المريض" أخرجه البخاري5. ووجه الدلالة منهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الداعي مطلقاً والأصل في الأمر الوجوب. 4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس". أخرجه البخاري6، ومسلم7، وأبو داود8، وابن ماجه9. وفي لفظ لمسلم أيضاً، ولفظ أبي داود "خمس تجب للمسلم على أخيه".
وفي الباب عن علي1، وأبي مسعود2، وأبي
أيوب1 رضي الله عنهم. ووجه الدلالة أن المراد بالحق الوجوب بدليل رواية مسلم وأبي داود. قال الحافظ2: "وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب خلافاً لقول ابن بطال المراد حق الحرمة والصحبة والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية".ا? وحديث أبي أيوب نص في الوجوب لو صح لكنه ضعيف. 5- حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعاكم فأجيبوه". أخرجه الطبراني في الكبير3. ووجه الدلالة ظاهرة كالدليل الثاني. 6- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين".
أخرجه أحمد1، وابن أبي شيبة2، والبخاري في الأدب المفرد3، والبزار4، والطحاوي5، وابن حبان6، والطبراني7. ووجه الدلالة منه ظاهرة كالدليل الثاني. 7- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك". أخرجه مسلم8، وأبو داود9، والنسائي10.
وأخرجه ابن ماجه1 وزاد "وهو صائم" وفي الباب عن أبي هريرة2، وابن مسعود3. ووجه الدلالة أن هذا أمر والأصل في الأمر الوجوب.
8- عن عكرمة بن عمار سمعت أبا غادية اليمامي قال: "أتيت المدينة فجاء رسول كثير بن الصلت فدعاهم فما قام إلا أبو هريرة وخمسة منهم أنا فذهبوا فأكلوا ثم جاء أبو هريرة ثم قال: والله يا أهل المسجد إنكم لعصاة لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم". أخرجه أحمد1. ووجه الدلالة ظاهرة حيث سمى من لم يجب عاصياً. 9- حديث عياض بن أشرس السلمي قال: رأيت يعلي بن مرة دعوته إلى مأدبة فقعد صائماً فجعل الناس يأكلون ولا يطعم فقلت له: والله لو علمنا أنك صائم ما عتبناك قال: لا تقولوا ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أجب أخاك فإنك منه على اثنتين إما خير فأحق ما شهدته، وإما غيره فتنهاه عنه وتأمره بالخير". أخرجه الطبراني في الكبير2. ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجابة الدعوة. قال الشوكاني3: "والظاهر الوجوب للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها من الوجوب ولجعل الذي لم يجب عاصياً وهذا في وليمة النكاح في غاية الظهور وأما في غيرها من الولائم الآتية فإن صدق عليها اسم الوليمة شرعاً كما سلف في أول الباب كانت الإجابة إليها واجبة ... ". وقال أيضاً: ولكن الحق ما ذهب إليه الأولون يعني القول بالوجوب.
القول الثاني: أن إجابة الدعوة سنة مطلقاً في العرس وغيره وممن قال بهذا القول: بعض الشافعية والحنابلة وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب1 وابن عبد البر2. أدلة هذا القول: استدل أصحاب هذا القول بعموم أدلة أصحاب القول الأول وأنها تدل على السنية واستدلوا أيضاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هدْيُهُ إجابة الدعوة كما ورد في أحاديث كثيرة منها: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو دعيت إلى كُراع لأجبت، ولو أهدي إليَّ كراع لقبلت". أخرجه البخاري3، والنسائي4، ولفظه "لو دعيت إلى كراع أو إلى ذراع ولو أهدي إلىَّ ذراع أو كراع لقبلت " وفي الباب عن أنس5
وابن عباس1 رضي الله عنهم. 2- حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه وكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهى العروس، قال سهل: تدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه". أخرجه البخاري2، ومسلم3، وفي الباب عن أنس4، وأبي
طلحة1 رضي الله عنهما. 3- حديث أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض ويشهد الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف2 ليف". أخرجه الترمذي3، وابن ماجه4، وابن سعد5، وابن أبي شيبة6، وابن أبي الدنيا7، وأبو الشيخ8، والبيهقي9.
4- حديث أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب ولقد كان له درع عند يهودي فما وجد ما يفكها حتى مات". أخرجه الترمذي في الشمائل1، وأبو يعلي2، وأبو الشيخ3. وفي الباب عن ابن عباس4 رضي الله عنهما. ووجه الدلالة من هذه الأحاديث أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو إجابة الدعوة وهذا فعل وهو يدل على السنية. القول الثالث: التفصيل وهو أن إجابة الدعوة تجب في العرس دون غيره. وممن قال بهذا: مالك والثوري والشافعي والخطابي والعنبري والحنفية
وجمهور الحنابلة وجمهور الشافعية وهو المشهور عنهم وبالغ السرخسي منهم فنقل الإجماع1 وهو قول الجمهور. ونقل القاضي عياض وغيره الاتفاق على وجوب الإجابة في وليمة العرس2. لكن اعترض على هذا النقل الحافظ ابن حجر3 فقال: "وقد نقل ابن عبد البر ثم عياض ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة إلى وليمة العرس وفيه نظر نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب وصرح جمهور الشافعية والحنابلة أنها فرض عين ونص عليه مالك وعن بعض الشافعية والحنابلة أنها مستحبة وذكر اللخمي من المالكية أنه المذهب ... ". أدلة هذا القول: 1- عموم أحاديث الباب وأنها تدل على السنية إلا ما نص عليه وهو وليمة العرس. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله"4. ووجه الدلالة منه أن هذا الحديث يدل على وجوب إجابة وليمة العرس دون غيرها لأن الوليمة المراد بها وليمة العرس إذا أطلقت دون غيرها وهذا الدليل هو الذي خصص دعوة وليمة العرس بالوجوب دون غيرها من الدعوات فتبقى على السنية5.
3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها". وفي لفظ "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله"1. ووجه الدلالة أن المراد بالوليمة هي وليمة العرس كما تقدم وما ورد في بعض ألفاظه "الدعوة" فالألف واللام للعهد والمراد بها وليمة العرس2. 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "الوليمة حق وسنة فمن دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله والخُرس والإعذار والتوكير أنت فيه بالخيار". قال قلت: إني والله لا أدري ما الخرس والإعذار والتوكير؟ قال: الخرس الولادة والإعذار الختان، والتوكير الرجل يبني الدار وينزل في القوم فيجعل الطعام فيدعوهم فهم بالخيار إن شاؤا جاؤا، وإن شاؤا قعدوا". أخرجه الطبراني في الأوسط3. ووجه الدلالة منه أنه فرق بين دعوة الوليمة وغيرها وسمى من لم يجب في الوليمة عاصياً أما غيرها فهو بالخيار.
القول الرابع: أن إجابة وليمة العرس فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين. وممن قال بهذا: بعض الشافعية والحنابلة1. أدلة هذا القول: عموم الأدلة السابقة وقالوا إن الإجابة إكرام وموالاة فهي كرد السلام2. القول الخامس: أن إجابة الدعوة تسن في العرس وتباح في غيره، حكاه العراقي عن بعض الحنابلة3. المناقشة: بعد استعراض الأقوال في هذه المسألة اتضح أن الأقوال فيها خمسة المشهور منها ثلاثة: الوجوب والسنية والتفصيل وإن كان كل قول منها لا يسلم من اعتراض لكن قد يكون الاعتراض له حظ من النظر وقد لا يكون له حظ من النظر وفي هذا المبحث أود أن أورد فيه الاعتراضات الواردة على أدلة كل قول ومناقشتها قدر الإمكان مع ذكر أقوال أهل العلم في ذلك فأقول: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول: نوقشت أدلة أصحاب القول الأول.
أما الدليل الأول وهو حديث أبي هريرة فاعترض عليه من وجهين: الأول: بأن المراد به وليمة العرس وذلك لأن الوليمة إذا أطلقت فالمراد بها وليمة العرس. قال الحافظ ابن حجر1: عقب تبويب البخاري "باب حق إجابة الوليمة والدعوة": كذا عطف الدعوة على الوليمة فأشار بذلك إلى أن الوليمة مختصة بطعام العرس ويكون عطف الدعوة عليها من العام بعد الخاص وقد تقدم بيان الاختلاف في وقته. وأما اختصاص اسم الوليمة به فهو قول أهل اللغة فيما نقله عنهم ابن عبد البر2 وهو المنقول عن الخليل بن أحمد وثعلب وغيرهما وجزم به الجوهري3 وابن الأثير4 وقال صاحب المحكم: الوليمة طعام العرس والإملاك، وقيل كل طعام صنع لعرس وغيره. وقال عياض في المشارق: الوليمة طعام النكاح وقيل: الإملاك وقيل: طعام العرس خاصة. وقال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرور حادث من نكاح أو ختان أو غيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح وتقيد في غيره فيقال: وليمة الختان ونحو ذلك. وقال الأزهري5: الوليمة مأخوذة من الوَلم الجمع وزناً ومعنى لأن الزوجين يجتمعان. وقال ابن الأعرابي: أصلها من تتم الشيء واجتماعه.
وجزم الماوردي ثم القرطبي بأنها لا تطلق في غير طعام العرس إلا بقرينة وأما الدعوة فهي أعم من الوليمة ... ا?. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية1: الوليمة تختص بطعام العرس في مقتضى كلام أحمد في رواية المروذي. وقيل: تطلق على كل طعام لسرور حادث وقاله القاضي في الجامع وقيل: تطلق على ذلك إلا أنه في العرس أظهر. وقال العراقي2: اختلف العلماء وأهل اللغة في الوليمة والمشهور اختصاصها بطعام العرس ... ثم ساق نحو كلام الحافظ السابق. وقال في القاموس3: الوليمة طعام العرس أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها وأَوْلَم صنعها. قال ابن رسلان4: وقول أهل اللغة أقوى لأنهم أهل اللسان وهم أعرف بموضوعات اللغة وأعلم بلسان العرب. وقال الشوكاني5: عقب دلالة هذا الحديث: "والظاهر الوجوب للأوامر الواردة بالإجابة من غير صارف لها عن الوجوب ولجعل الذي لم يجب عاصياً وهذا في النكاح في غاية الظهور وأما في غيرها من الولائم الآتية فإن صدق عليها اسم الوليمة شرعاً كما سلف في أول الباب كانت الإجابة إليها واجبة". وقال أيضاً6: ويمكن أن يقال: الوليمة في اللغة وليمة العرس فقط وفي الشرع للولائم المشروعة. ا?.
وبعد إيراد هذه النقول يظهر لنا أن المشهور عند أهل اللغة وغيرهم أن الوليمة لا تطلق إلا على وليمة العرس فقط وعلى هذا لا يكون في الحديث دلالة على الوجوب إلا في وليمة العرس فقط. قال الطحاوي1: فتأملنا هذا الحديث - يعني حديث أبي هريرة - لنقف على معناه الذي أريد به إن شاء الله فوجدنا الطعام المقصود بما ذكر إليه فيه هو الوليمة وكانت صنفاً من الأطعمة لأن في الأطعمة أصنافاً سواها نحن ذاكروها في هذا الباب إن شاء الله وهو ما سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كانت العرب تسمى الطعام الذي يطعمه الرجل إذا ولد له مولود طعام الخرس وتسمى طعام الختان طعام الأعذار. يقولون: قد أعذر على ولده. وإذا بنى الرجل داراً أو اشتراها فأطعم قيل طعام الوكيرة أي من الوكر. وإذا قدم من سفر فأطعم قيل طعام النقيعة. قال: وأنشد أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي: إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدام قال: والقدار الجزار والقدام القادمون يقال قادم وقدّام كما يقال كاتب وكتاب. وطعام المأتم يقال له طعام الهضيمة قال لنا ابن أبي عمران: وأنشدني الحسن بن عمرو الوائلي لأم حكيم بنت عبد المطلب لأبيها: كفى قومه نائبات الخطوب ... في آخر الدهر والأول طعام الهضائم والمأدبات ... وحمل عن الغارم المثقل وطعام الدعوة: طعام المأدبة قال لي ابن أبي عمران: وما سمعت طعام الهضيمة من أصحابنا البغداديين وإنما سمعته بالبصرة من أهل اللغة بها. قال أبو جعفر: وطعام الوليمة خلاف هذه الأطعمة وفي قصد رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالكلام الذي قصد به إليه فيه ما قد دل أنه حكمه في الدعاء إليه خلاف غيره من الأطعمة المدعى إليها ولولا ذلك لاكتفى بذكر الطعام ولم يقصد إلى اسم من أسمائه فيذكره به ويدع ما سواه من أسمائه فلا يذكرها. فنظرنا في المعنى الذي به حكم ذلك الطعام من حكم ما سواه من الأطعمة فوجدنا أبا أمية وإبراهيم بن أبي داود قد حدثانا قالا: ... ثم ذكر حديث "لابد للعرس من وليمة" وقال: فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لابد للعرس من وليمة ثم ذكر حديث عبد الرحمن بن عوف "أولم ولو بشاة" وقال: فكان هذا الحديث أيضاً أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف لما تزوج أن يولم ثم ذكر حديث "الوليمة حق والثاني معروف والثالث رياء وسمعة". وقال: فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوليمة حق وفرّق بين حكمها في الأيام الثلاثة فجعلها في أول يوم محموداً عليها أهلها لأنهم فعلوا حقاً. وجعلها في اليوم الثاني معروفاً لأنه قد يصل إليها في اليوم الثاني من عسى أن لا يكون وصل إليها في اليوم الأول ممن في وصله إليها من الثواب لأهلها مالهم في ذلك. وجعلها في اليوم الثالث بخلاف ذلك لأنه جعلها رياء وسمعة وكان معلوماً أن من دعي إلى الحق فعليه أن يجيب إليه وأن من دعي إلى معروف فله أن يجيب إليه وليس عليه أن يجيب إليه وأن من دعي إلى الرياء والسمعة فعليه أن لا يجيب إليه. وفي ذلك ما قد دل على أن من الأطعمة التي يدعى إليها ما للمدعو إليه أن لا يأتيه وأن منها ما على المدعو إليه أن يأتيه. ا?. وأما قوله في آخر الحديث: "ومن ترك الدعوة" فقال الحافظ ابن حجر1: والذي يظهر أن اللام في الدعوة للعهد من الوليمة المذكورة أولاً. وقد تقدم أن الوليمة إذا أطلقت حملت على طعام العرس بخلاف سائر الولائم فإنها تقيد. ا?.
الوجه الثاني: ما حكاه ابن عبد البر1 بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" قال على أنه يحتمل والله أعلم من لم ير إتيان الدعوة فقد عصى الله ورسوله وهذا أحسن وجه حمل عليه هذا الحديث إن شاء الله. ا?. وفي هذا نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق العصيان على عدم الإتيان لا على الاعتقاد والأصل حمل اللفظ على حقيقته إلا بقرينة تدل على أن هذا الظاهر غير مراد2.
وأما الدليل الثاني وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه نوقش من وجهين هما: الأول: أن يقال إن قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" المراد به وليمة العرس كما تقدم بيان ذلك في الجواب عن حديث أبي هريرة. وأما رواية "أجيبوا هذه الدعوة" فقال الحافظ ابن حجر1: وهذه اللام يحتمل أن تكون للعهد والمراد وليمة العرس ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعين ذلك، ويحتمل أن تكون اللام للعموم وهو الذي فهمه راوي الحديث فكان يأتي الدعوة للعرس ولغيره"ا?. وأما رواية أبي داود وابن عدي والبيهقي "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ... " فإنها تدل على العموم وعدم التخصيص بالعرس لكنها ضعيفة كما تقدم بيان ذلك2. لكنه ورد عند أبي يعلي وصححه الحافظ3 بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". فجعل العصيان مقيداً بمن لم يجب دعوة الوليمة لا كل دعوة. وأما رواية "عرساً كان أو نحوه" فإنها تدل على عدم التخصيص بوليمة العرس لأنه قال أو نحوه لكن يمكن أن يجاب عنه: بأن يقال هذه الرواية تدل على أنه لا يجب إجابة كل دعوة وذلك لأن الحديث أمر بإجابة دعوة العرس ونحوه فما المراد بهذا النحو؟ فهل المراد به نحوه من حيث الكبر أو غير ذلك؟ إلا أن يقال بينه فهم ابن عمر وأنه كان يأتي في
العرس وغير العرس لكن هذا لا يدل على الوجوب أيضاً لأن تطبيق ابن عمر للإتيان إنما هو لكونه مأموراً بهذا ولو كان على سبيل الاستحباب، لما عُرف عنه من شدة تحريه للسنة وقد يكون أخذ إتيان وليمة العرس من هذا الحديث وغير وليمة العرس من أحاديث أُخر كحديث البراء وغيره ففعله لا يدل على وجوب الجميع والله أعلم. وقال الطحاوي1: قد يحتمل أن يكون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتمل أن يكون من كلام رواة هذين الخبرين. وقد روى حديث ابن عمر هذا جماعة عن نافع بغير ذكر هذا المعنى الذي هو خلاف العرس ثم ساقه من طريق عمر بن محمد العمري عن نافع بلفظ "إذا دعيتم فأجيبوا". ومن طريق موسي بن عقبة عن نافع بلفظ "أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لها". ومن طريق أيوب السختياني عن نافع بلفظ "ائتوا الدعوة إذا دعيتم". ثم قال: فاحتمل أن تكون تلك الدعوة المرادة في هذه الآثار هي الدعوة المذكورة في الآثار الأول فتتفق هذه الآثار ولا تختلف فنظرنا هل رُوي شيء يدل على أنها تلك الدعوة كما ذكرنا؟ فوجدنا يونس قد حدثنا قال أنبأنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" فبين هذا الحديث أن الذي يجب إتيانه من الأطعمة التي يدعى إليها في أحاديث ابن عمر هى هذه الوليمة ... "ا?. تنبيه: قال ابن عبد البر2: قد رواه معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر فقال فيه "عرساً كان أو غيره" ذكره عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن
نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه عرساً كان أو غيره" وذكر أبو داود قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق بإسناده مثله وقال: "عرساً كان أو دعوة" قال أبو داود: وكذلك رواه الزبيدي عن نافع مثل حديث معمر عن أيوب ومعناه سواء ... "ا?. ففي هذه الرواية التي ذكرها ابن عبد البر وعزاها لأبي داود وكذا لعبد الرزاق يبطل التأويل السابق لقوله صلى الله عليه وسلم: "عرساً كان أو نحوه" فإن رواية أبي داود وعبد الرزاق تدل على العموم في العرس وغيره إلا أن هذه الرواية التي ذكرها ابن عبد البر وعزاها لأبي داود وعبد الرزاق لم أجدها عندهما بهذا اللفظ بل عندهما1 بلفظ "عرساً كان أو نحوه" من نفس الطريق التي ذكرها ابن عبد البر فليتأمل ذلك لعله في نسخ أخرى غير هذه أو تكون تصحيفاً، إلا أن يقال لو صحت حملت على حديث البراء وغيره لأنه لم يرتب العصيان على من لم يجب في هذه الرواية والله أعلم. الوجه الثاني: حمل المطلق على المقيد وذلك أنه ورد في بعض روايات هذا الحديث إطلاق الوليمة وفي بعضها قال "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجيب" كما عند مسلم وغيره. قال النووي2 عقب هذه الرواية: قد يحتج به من يخصص وجوب الإجابة بوليمة العرس ويتعلق الآخرون بالروايات المطلقة ولقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية التي بعد هذه "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه" ويحملون هذا على الغالب أو نحوه من التأويل.
وقال العراقي1: ويدل على عدم الوجوب في غير وليمة العرس التقييد في بعض الروايات بقوله "وليمة عرس" وقد تقدم ذكرها فيحمل المطلق على المقيد. وقد تعقب الشوكاني2 هذا الوجه فقال: لا يقال ينبغي حمل مطلق الوليمة على الوليمة المقيدة بالعرس كما وقع في رواية حديث ابن عمر المذكورة بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب" لأنا نقول ذلك غير ناتج للتقييد لما وقع في الرواية المتعقبة لهذه الرواية بلفظ "من دعي إلى عرس أو نحوه" وأيضاً قوله: "من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" يدل على وجوب الإجابة إلى غير وليمة العرس. ا?. لكن تقدم أن رواية "من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" هذه مقيد بالوليمة كما في الصحيحين. أما رواية أبي داود المطلقة فإنها ضعيفة. وأما رواية "إلى عرس أو نحوه" فتقدم الجواب عنها وأنها لا تدل على وجوب كل دعوة، والله أعلم. وأما الدليل الثالث حديث البراء: فقال ابن عبد البر3: قال البراء: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع فذكر منها إجابة الداعي وذكر منها أشياء منها ما هو فرض على الكفاية ومنها ما هو واجب وجوب سنة فكذلك إجابة الدعوة والله نسأل العصمة. وأما الدليل الرابع حديث أبي هريرة: هذا الحديث لفظ الصحيحين "حق" لكن عند مسلم في لفظ "خمس
تجب" وهذا اللفظ ظاهره الوجوب إلا أن الحافظ حمله1 على وجوب الكفاية فقال: وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب خلافاً لقول ابن بطال: المراد حق الحرمة والصحبة والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية. ا?. ولعله أخذ هذا مما قرن معه من عيادة المريض واتباع الجنائز ورد السلام وتشميت العاطس مع ما في دلالة الاقتران من الكلام عند الأصوليين. وقال الطحاوي2: عقب هذا الحديث: فقد تحتمل أيضاً أن يكون الحق الواجب في إجابة الدعوة يراد به الدعوة التي هي وليمة لا ما سواها فلم يبين لنا في شيء مما روينا وجوب إتيانه من الطعام المدعى إليه غير طعام الوليمة التي هي الأعراس والله سبحانه نسأله التوفيق. وقال أيضاً3 في الجواب عن حديث أبي أيوب: فقال قائل ففي هذا الحديث من كلام أبي أيوب ما قد دل على أن الدعوة التي من حق المسلم على أخيه إجابته إليها هو مثل ما دعا إليه فأجاب إليه. فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن يكون ذلك كما قد ذكر ويكون الأحسن بالناس إذا دعوا إلى مثله أن لا يتخلفوا عنه ويكون حضور بعضهم إياه مسقطاً لما على غيرهم منه ويكون من الأشياء التي يحملها العامة على الخاصة كحضور الجنائز وكدفن الموتى. ويحتمل أن يكون ذلك على ما يجب أن يكون الناس عليه في أسفارهم مع إخوانهم من الزيادة في مواصلتهم والانبساط إليهم والجود عليهم أكثر مما يكونون لهم عليه في خلاف السفر فيكون ما كان من أبي أيوب لذلك والذي كان منه فلم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما سوى ذلك مما في هذا الحديث.
وقد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بما في هذا الحديث من إجابة الدعوة الوليمة التي ذكرنا لا ما سواها. ا?. وأما الدليل الخامس حديث أبي أمامة والدليل الثامن حديث أبي هريرة والدليل التاسع حديث يعلي بن مرة فإنها ضعيفة وتقدم بيان ضعفها. أما الدليل السادس حديث ابن مسعود فيجاب عنه بمثل ما أجيب عن الدليل الثالث والرابع حديث البراء وأبي هريرة رضي الله عنهما. وقال الطحاوي1: في الجواب عن حديث ابن مسعود: ففي هذا الحديث الأمر بإجابة الداعي وبقبول الهدية والمنع من ردها فقد يحتمل أن تكون هذه الإجابة وهذا الممنوع من رده من جنس واحد ويكون المدعى إليه هو خلاف الوليمة وقد يحتمل أن يكون كل واحد منهما جنساً غير الجنس الآخر فيكون المدعى إليه هو الوليمة الواجب إتيانها والهدية بخلافها. ا?. وأما الدليل السابع حديث جابر فيجاب عنه بمثل ما أجيب عن الدليل الثالث والرابع حديث البراء وأبي هريرة. وقال الطحاوي2 أيضاً في الجواب عن هذا الحديث: فكان ذلك محتملاً أن يكون أريد به الطعام المذكور في الآثار الأول3 لا ما سواه منها. وقد يجاب عن هذه الأدلة كلها عدا الدليل الأول والثاني بأن المراد بها إما وليمة العرس كما أشار إليه الطحاوي، وإما أنها محمولة على الاستحباب والصارف لها عن الوجوب هو حديث أبي هريرة وابن عمر في رواية أبي يعلي حيث رتب العصيان على من لم يجب الوليمة فهذا يدل على أن غير الوليمة لها حكم آخر غير الوجوب وهو الندب وسيأتي مزيد بحث في ذلك عند مناقشة أصحاب القول الثالث إن شاء الله تعالى.
مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني: أدلة أصحاب هذا القول لا تخلو عن ثلاثة أحوال: الأول: بعضها ظاهر الدلالة على السنية مثل الدليل الأول والثاني والثالث والرابع مع ضعف في الثالث والرابع. والثاني: بعضها ظاهر الدلالة على الوجوب وذلك في مثل حديث أبي هريرة وابن عمر حيث أطلق العصيان على من لم يجب الدعوة والعصيان يكون بترك الواجب أو فعل المحرم وهذا ظاهر في وليمة العرس محتمل في غيرها. الثالث: بعضها محتملة للوجوب والسنية وذلك بحسب القرائن وهذا في مثل الأحاديث التي فيها الأمر بإجابة الدعوة كحديث البراء وغيره. فعلى هذا هذه الأدلة لا تسلم دلالتها على السنية مطلقاً لأن فيها أدلة تدل على الوجوب كما تقدم. مناقشة أصحاب القول الثالث: هذا القول وسط بين القولين السابقين الوجوب مطلقاً والسنية مطلقاً والأدلة التي استدلوا بها ظاهرة الدلالة على هذا القول بالجملة إلا أنه قد ينازع في بعضها وهي التي فيها الأمر بإجابة الدعوة مطلقاً من غير تقييد بالوليمة إذ الأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف إلا أن يقال إن الصارف لهذه الأدلة عن الوجوب - غير وليمة العرس - هو: 1- ما أخرجه مسلم1 والنسائي2 من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسياً كان طيب المرق فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه فقال: "وهذه؟ " لعائشة، فقال: "لا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" فعاد
يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " فقال: "لا" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" ثم عاد يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " قال: نعم في الثالثة فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله". ووجه الدلالة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاه قال: "لا" لما لم يوافق على مجيء عائشة رضي الله عنها معه ولو كان الأمر في الدعوة للوجوب لما قال لا وهذه الدعوة ظاهرها أنها ليست دعوة عرس فهذا قد يستأنس به على أنه مخصص لدعوة غير العرس فتحمل على الاستحباب. 2- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله". وحديث ابن عمر رضي الله عنهما رواية أبي يعلي "إذا دعا أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". ووجه ذلك هو أنه أطلق العصيان على من لم يجب الدعوة إلى الوليمة ولم يرد هذا الحكم في غير الوليمة إلا في رواية عن أبي داود وغيره من حديث ابن عمر "من دُعِيَ فلم يجب فقد عصى الله ورسوله" لكنها ضعيفة كما تقدم. فهذا يفهم منه أن العصيان يختص بعدم إتيان الوليمة فقط دون غيرها من الدعوات فتحمل على الاستحباب وتقدم أن الوليمة المراد بها وليمة العرس عند الإطلاق كما هو قول أكثر أهل اللغة وغيرهم. 3- ما أخرجه الطبراني في الكبير1 من حديث صهيب رضي الله عنه قال: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فأتيته وهو في نفر جالس فقمت حياله فأومأت إليه فقال: "وهؤلاء؟ " فقلت: لا فسكت فقمت مكاني فلما نظر إليَّ أومأت إليه فقال: "وهؤلاء؟ " فقلت: لا مرتين فعل ذلك أو ثلاثاً فقلت: "نعم" وهؤلاء وإنما كان شيئاً يسيراً صنعته له فجاء وجاؤا معه فأكلوا وأحسبه قال وفضل منه".
ووجه الدلالة منه أنه لم يجب الدعوة حتى أذن لمن معه. لكن قال الهيثمي1 فيه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن ضريب بن نفير لم يسمع من صهيب. 4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه الدليل الرابع من أدلة القول الثالث وهو نص في محل النزاع لكنه ضعيف. مناقشة أدلة أصحاب القول الرابع: أدلة أصحاب هذا القول هي عموم أدلة الأقوال السابقة وسبق مناقشتها إلا أن جعل الأدلة تدل على أنه فرض كفاية محل نظر لأمور هي: الأول: قلة القائلين به ولا يعرف أحد من الأئمة المشهورين قال به بل حكى عن بعض الشافعية والحنابلة وإن كان هذا لا يكفي في رد القول لكن يستأنس به. الثاني: أن فرض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين فالمقصود في فروض الكفاية قيام هذا الفعل فليس معلقاً بالجميع بل بالبعض مثل الآذان المهم أن يقوم هذا العمل بخلاف إجابة الدعوة فإن الخطاب متوجه لكل من دعي وغالباً يكون مقصوداً في الدعوة فإذا لم يحضر فإنه يؤثر على الداعي ولو حضر غيره. الثالث: أن في حديث أبي هريرة قال: من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، وفي حديث ابن عمر قال: " ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله". الخطاب هنا ظاهره متوجه إلى كل من دعي فإذا لم يجب يكون عاصياً إلا ما قام الدليل على تخصيصه بخلاف فرض الكفاية فإن الخطاب موجه إلى البعض
وإنما يأثم الجميع إذا لم يمتثل الكل نعم لو كان لفظ الحديث "من دَعا فلم يُجَبْ ... " لكان يدل على هذا القول والله أعلم. الرابع: قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام1: محل ذلك - أي فرض الكفاية - إذا عمت الدعوة أما لو خص كل واحد بالدعوة فإن الإجابة تتعين. مناقشة أصحاب القول الخامس: هذا القول لا أعلم لهم دليلاً فيه على هذا التفصيل إلا أن كان القائل به لم يبلغه إلا حديث أبي هريرة "شر الطعام ... " فحمله على الندب وما عداه على الإباحة وهذا القول أضعف الأقوال في هذه المسألة بل هو خلاف الأدلة الواردة وليس على هذا التفريق دليل يعتمد عليه، والله أعلم. الترجيح: من خلال تأمل الأحاديث الواردة في هذه المسألة نجدها ظاهرة الدلالة على القول الأول وهو القول بالوجوب مطلقاً والقول الثالث وهو التفصيل وأن الدعوة تجب إجابتها في العرس وتسن فيما عداه وهو قول جمهور أهل العلم وهذا القول أقوى في نظري لقوة أدلته ولأن فيه توسطاً بين القول الأول والثاني ولأن حمل حديث أبي هريرة وابن عمر والذي فيهما إطلاق العصيان على من لم يجب الدعوة على وليمة العرس فيه قوة ويكون كافياً في تخصيص وليمة العرس بالوجوب دون غيرها وذلك لأن حمل الوليمة على وليمة العرس هو قول أكثر أهل العلم وهو قول أكثر أهل اللغة فهذا يدل على أن هذا هو الغالب في استعمال هذا اللفظ والأحكام إنما تعلق بالغالب لا بالنادر الذي لا يقع إلا قليلاً، والله أعلم.
قال الشافعي1 رحمه الله: إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعا إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها ولو تركها لم يتبين لي أنه عاص في تركها كما تبين لي في وليمة العرس. ورجح الطحاوي2 هذا القول وأطال في الجواب عن الأحاديث كما تقدم نقل غالب كلامه والله أعلم.
مسألة: إجابة الدعوة لمن كان صائماً ظاهر الأحاديث الواردة تدل على أن الصوم ليس بعذر يمنع من إجابة الدعوة كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم1. ومن هذه الأحاديث: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" وفي لفظ "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم". أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وتقدم2 وله شاهد من حديث جابر عند ابن ماجه ومن حديث ابن مسعود عند النسائي والطبراني ومن حديث ابن عمر عند أبي داود والبيهقي وتقدمت3. 2- عموم الأحاديث الواردة في إجابة الدعوة لم تستثن الصائم. 3- أن هذا فعل ابن عمر4 رضي الله عنهما يجيب الدعوة وهو صائم وكذا ورد عن يعلي بن مرة5 وأبي أيوب رضي الله عنهما6. قال النووي7 عقب حديث ابن عمر "ويأتيها وهو صائم": فيه أن الصوم ليس بعذر في الإجابة وكذا قاله أصحابنا قالوا: إذا دعي وهو صائم لزمه الإجابة كما يلزم المفطر ويحصل المقصود بحضوره وإن لم يأكل ... ".
وقال في الروضة1: والصوم ليس عذراً في ترك إجابة الدعوة. وقال العراقي2: إن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة. وقال الحافظ ابن حجر3: ويؤخذ من فعل ابن عمر أن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة ولاسيما مع ورود الأمر للصائم بالحضور والدعاء، نعم لو اعتذر به المدعو فقبل الداعي عذره لكونه يشق عليه أن لا يأكل إذا حضر أو لغير ذلك كان ذلك عذراً له في التأخر. وقال الشوكاني4 في حديث ابن عمر: وفي الحديث دليل على أنه يجب الحضور على الصائم ولا يجب عليه الأكل لكن هذا بعد أن يقول للداعي إني صائم كما في الرواية الأخرى فإن عذره في الحضور بذلك وإلا حضر. وقال الصنعاني5 في حديث أبي هريرة: فيه دليل على أنه يجب على من كان صائماً أن لا يتعذر بالصوم. وقال الحسيني6 بعد قوله "وإن كان صائما فليدع" أي فليدع أخذ به الشافعي فأسقط الإجابة على الصائم وإنما يطلب منه أن يدعو لأهل البيت بالمغفرة والبركة. وقال أصبغ: ليست إجابة الصائم بالوكيد وإنه لخفيف. وقال مالك في كتاب محمد: أرى أن يجيب. قال الباجي: فقول مالك على أن الأكل ليس بواجب، وقول أصبغ على أنه واجب، فإذا أسقط الصوم فقد سقط وسيلته وهو الإجابة. ا?. والحاصل أن الصوم لا يعتبر عذراً مسقطاً للإجابة.
المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر
المبحث الثاني: الأكل لمن دعي إذا حضر من دعي إلى وليمة أو غيرها فحضر هل يلزمه الأكل أم لا؟ المدعو في هذه الحالة لا يخلو من أمرين: الأول: أن يكون المدعو مفطراً. الثاني: أن يكون المدعو صائماً. فأما الأمر الأول: وهو أن يكون المدعو مفطراً: فاختلف العلماء في ذلك على قولين: القول الأول: ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه يجب الأكل. قال العراقي1: والوجه الثاني لأصحابنا أنه يجب الأكل واختاره النووي في تصحيح التنبيه وصححه في شرح مسلم في الصيام وبه قال أهل الظاهر ومنهم ابن حزم وتوقف المالكية في ذلك وعبارة ابن الحاجب في مختصره: ووجوب أكل المفطر محتمل. ا?. واستدلوا على ذلك: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" وفي حديث ابن عمر "وإن كان مفطراً فليطعم" وفي حديث ابن مسعود قال "فإن كان مفطراً فليأكل ... " وتقدمت2. ووجه الدلالة أن هذا أمر لمن كان مفطراً أن يأكل والأصل في الأمر الوجوب. القول الثاني: أنه لا يجب على المفطر الأكل.
قال العراقي1: وهو أصح الوجهين عند الشافعية وبه قال الحنابلة. وقال النووي2: وأما المفطر ففي أكله وجهان أحدهما يجب وأقله لقمة وأصحها: أنه مستحب. وقال ابن قدامة3: وأما الأكل فغير واجب صائماً كان أو مفطراً نص عليه أحمد. وقال الحافظ ابن حجر4: ويؤخذ منه - يعني حديث جابر - أن المفطر لو حضر لا يجب عليه الأكل وهو أصح الوجهين عند الشافعية، وذكر نحو هذا الشوكاني5. واستدلوا على ذلك: 1- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك". أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وتقدم6. قال ابن قدامة7 بعد حكاية القولين: ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء ترك" حديث صحيح ولأنه لو وجب الأكل لوجب على المتطوع بالصوم فلما لم يلزمه الأكل لم يلزمه إذا كان مفطراً وقولهم المقصود الأكل قلنا بل المقصود الإجابة ولذلك وجبت على الصائم الذي لا يأكل. ا?.
المناقشة: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول: قال النووي1: ومن لم يوجبه اعتمد التصريح بالتخيير في الرواية الأولى - يعني حديث جابر - وحمل الأمر في الثانية - يعني حديث أبي هريرة وغيره - على الندب. وقال الصنعاني2: وقال من لم يوجب الأكل: الأمر للندب والقرينة الصارفة إليه قوله "وله" أي لمسلم من حديث جابر رضي الله عنه نحوه وقال: "فإن شاء طعم وإن شاء ترك" فإنه خيره والتخيير دل على عدم الوجوب للأكل ولذلك أورده المصنف عقب حديث أبي هريرة. مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني: ذكر العراقي3 عدة أجوبة عن حديث جابر هي: الجواب الأول: قال ابن حزم4 لم يذكر فيه أبو الزبير أنه سمعه من جابر ولا هو من رواية الليث عنه فإنه أعلم له ما سمعه منه وليس هذا الحديث مما أعلم له عليه فبطل الاحتجاج به. لكن يجاب عن هذا الجواب من وجهين: الوجه الأول: أن الحديث في صحيح مسلم وعنعنة المدلس في الصحيحين أو أحدهما محمولة على السماع. الوجه الثاني: أن أبا الزبير صرح بالتحديث كما عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار5.
الجواب الثاني: قال ابن حزم أيضاً ثم لو صح لكان الخبر الذي فيه إيجاب الأكل زائداً على هذا وزيادة العدل لا يحل تركها. قلت1: ليس هذا صريحاً في إيجاب الأكل فإن صيغة الأمر ترد للاستحباب وأما التخيير الذي في حديث جابر فإنه صريح في عدم الوجوب فالأخذ به وتأويل الأمر متعين، والله أعلم. ا?. الجواب الثالث: قال النووي2: من أوجب تأول تلك الرواية على من كان صائماً. قال العراقي3 وأشار والدي رحمه الله في الرواية الكبرى من الأحكام إلى تأييد هذا التأويل بأن ابن ماجه4 روى حديث جابر هذا في الصوم من نسخته من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عنه بلفظ "من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك" والروايات يفسر بعضها بعضا وقد أخرج مسلم رواية ابن جريج هذه ولم يسق لفظها بل قال إنها مثل الأولى وقد عرفت زيادة هذه الفائدة فيها وهذا الجواب أقوى هذه الأجوبة. ا?. وهذا الوجه يجاب عنه بأن هذه الزيادة "وهو صائم" أخرجها ابن ماجه، قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا أبو عاصم أنبأنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به ورجال إسناده ثقات لكن أبا الزبير عنعنه. ورواه ابن نمير ويزيد بن سنان وعمرو بن علي بن بحر كلهم عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير بدون هذه الزيادة وأبو الزبير صرح بالتحديث عند الطحاوي5.
أما الأمر الثاني: وهو أن يكون المدعو صائماً: إذا حضر المدعو وكان صائماً فقال النووي1 لا خلاف أنه لا يجب عليه الأكل. ا?. وهذا الأمر لا يخلو من أحوال2 هي: الأولى: أن يكون الصوم فرضاً مضيقاً فيحرم الفطر كما قاله النووي3. وقال ابن قدامة4: إن كان المدعو صائماً صوماً واجباً أجاب ولم يفطر لأن الفطر غير جائز فإن الصوم واجب والأكل غير واجب. الثانية: أن يكون الصوم فرضاً موسعاً كالنذر المطلق وقضاء رمضان فقال النووي5: فإن لم نجوز الخروج منه حرم الفطر وإلا فقيل هو كصوم النفل. الثالثة: أن يكون الصوم نفلاً: وهذه الحالة اختلف العلماء فيها فذهب بعض أهل العلم إلى استحباب الفطر. قال في الإنصاف6: الصحيح من المذهب استحباب الأكل لمن صومه نفل أو هو مفطر قاله القاضي وصححه في النظم وقدمه في المحرر والفروع وتجريد العناية وغيرهم وقيل يستحب الأكل للصائم إن كان يجبر قلب داعيه وإلا كان إتمام الصوم أولى. واستدلوا على ذلك: 1- حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم: إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم قال: أفطر وصم يوماً مكانه إن شئت".
أخرجه البيهقي1 - وحسن سنده الحافظ -2 والطبراني3. ورواه الطيالسي4، والدارقطني5 ولم يذكرا "إن شئت".
2- قالوا إن في الأكل إجابة لدعوة أخيه المسلم وإدخال السرور في قلبه1. قال ابن قدامة2: وإن كان صوماً تطوعاً استحب له الأكل لأن له الخروج من الصوم فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم وإدخال السرور على قلبه كان أولى وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في دعوة ومعه جماعة فاعتزل رجل من القوم ... " الحديث وإن أحب إتمام الصيام جاز لما روينا في الخبر المتقدم ولكن يدعو لهم ويبارك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذره فتزول عنه التهمة في ترك الأكل وقد روى أبو حفص بإسناده عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أنه أجاب عبد المغيرة وهو صائم فقال: "إني صائم ولكنني أحببت أن أجيب الداعي فأدعو بالبركة".
وعن عبد الله قال: إذا عرض على أحدكم طعام وهو صائم فليقل إني صائم وإن كان مفطراً فالأولى له الأكل لأنه أبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه ولا يجب ذلك عليه. وقال أصحاب الشافعي فيه وجه آخر أنه يلزمه الأكل لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإن كان مفطراً فليطعم" ولأن المقصود منه الأكل فكان واجباً. ا?. القول الثاني: ذهب طائفة من أهل العلم إلى جواز الفطر وتركه1. وممن ذهب إلى هذا بعض الشافعية والحنابلة2. ودليل هذا القول: 1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" أخرجه مسلم، وشاهده من حديث ابن عمر وجابر وابن مسعود3. وفي لفظ لحديث أبي هريرة عند مسلم وغيره "إذا دعي أحدكم وهو صائم فليقل إني صائم". ووجه الدلالة أنه لو كان الفطر مرغب فيه لحث عليه وقال "فليطعم". 2- حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك" أخرجه مسلم4. ووجه الدلالة أنه خير المدعو بين الأكل وعدمه سواء كان صائماً أم مفطراً ولم يرغب في أحدهما. 3- حديث عائشة رضي الله عنها قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "ياعائشة
هل عندكم شيء؟ " قالت فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء، قال: "فإني صائم"، قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية أو جاءنا زَوْر قالت فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يارسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زَوْر وقد خبأت لك شيئاً قال: "ما هو؟ " قلت: حيس، قال: "هاتيه" فجئت به فأكل ثم قال: "قد كنت أصبحت صائماً". أخرجه مسلم1 واللفظ له وأبو داود2 والترمذي3 والنسائي4 وزاد5 "وأصوم يوماً مكانه".
ووجه الدلالة جواز الخروج من صوم النفل. 4-حديث أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر". أخرجه النسائي1 والحاكم2 والبيهقي3.
ووجه الدلالة أنه جوز للصائم المتطوع الفطر والإمساك. 5- حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء، متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل، قال: إني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، قال: فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم فلما كان في آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان". أخرجه البخاري1 والترمذي2. ووجه الدلالة: إفطار أبي الدرداء وهو صائم صوم تطوع وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. وهذه الأدلة تدل على جواز الفطر إذا كان الصوم تطوعاً.
الترجيح: والأظهر والله أعلم ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال1:وأعدل الأقوال أنه إذا حضر الوليمة وهو صائم إن كان ينكر قلب الداعي بترك الأكل فالأكل أفضل وإن لم ينكر قلبه فإتمام الصوم أفضل. ولا ينبغي لصاحب الدعوة الإلحاح في تناول الطعام للمدعو إذا امتنع فإن كلا الأمرين جائز فإذا ألزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة المنهي عنها، ولا ينبغي للمدعو إذا رأى أنه يترتب على امتناعه مفاسد أن يمتنع فإن فطره جائز، فإن كان ترك الجائز مستلزماً لأمور محظورة ينبغي أن يفعل ذلك الجائز وربما يصير واجباً. ا?. وقال الحافظ ابن حجر2: وهل يستحب له الفطر إن كان صومه تطوعاً؟ قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة: إن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالأفضل الفطر وإلا فالصوم وأطلق الروياني وابن الفراء استحباب الفطر وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل، وأما من يوجبه فلا يجوز عنده الفطر كما في صوم الفرض ويبعد إطلاق استحباب الفطر مع وجود الخلاف ولاسيما إذا كان وقت الإفطار قد قرب. ا?. وقال نحوه العراقي3. وقال الأبيّ4: وإن كان في صوم تطوع جاز له الفطر إلا أن يشق على
صاحب الوليمة فيكون له الفطر أفضل. وقال النووي1: وإن كان نفلاً - أي الصوم - جاز الفطر وتركه فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطر وإلا فإتمام الصوم، والله أعلم.
الخاتمة
الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله على إتمام هذا البحث مع الاعتراف بالقصور ولكني أسأل الله أن يبارك فيه فقد ظهر لي من خلال هذا البحث النتائج التالية: - أن الأظهر من أقوال أهل العلم وجوب إجابة الدعوة في العرس واستحبابها في غيره. - أن الصوم ليس عذراً يمنع من إجابة الدعوة. - أن الأفضل لمن دعي وهو مفطر أن يأكل وخلاف في وجوبه. - أن من دعي وهو صائم صوم فرض مضيق حرم عليه الفطر. - أن من دعي وهو صائم صوم فرض موسع ففي جواز فطره خلاف. - أن من دعي وهو صائم صوم نفل فإن كان ينكسر قلب الداعي بعدم الأكل فالأكل أفضل وإن كان لا ينكسر فإتمام الصوم أفضل، والله أعلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
مصادر ومراجع
مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع - الاختيارات الفقهية من فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية: إختارها الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد البعلي، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية. - أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه: للحافظ أبي محمد عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ، تحقيق د. السيد الجميل، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ. - الأدب المفرد: للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، تقديم كما يوسف الحوت، عالم الكتب، الطبعة الأولى 1404هـ. - آداب الزفاف في السنة المطهرة: للشيخ الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة السادسة 1402هـ، والطبعة الثانية المكتبة الإسلامية، الأردن. - إعلاء السنن: للمحدث ظفر أحمد التهانوي، تحقيق محمد تقي عثماني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي، باكستان، الطبعة الثالثة 1415هـ. - إكمال إكمال المعلم: للإمام محمد بن خليفة الأبي، تحقيق محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية، بيروت 1415هـ. - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: لأبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، تحقيق محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1376هـ. - البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لسراج الدين ابن الملقن، رسالة ماجستير محققة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: للإمام محمد بن عبد الرحمن المباركفوري، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية 1383هـ.
- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: تحقيق د/ إكرام الله إمداد الحق، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ. - تقريب التهذيب: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة، دار الرشد، سوريا، الطبعة الأولى 1406هـ. - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق عبد الله هاشم اليماني، دار المعرفة، لبنان. - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لابن عبد البر، تحقيق جماعة من المحققين، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في المغرب. - تهذيب التهذيب: للحافظ ابن حجر العسقلاني، طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الأولى 1327هـ. - تهذيب الكمال: للحافظ جمال الدين المزي، تحقيق د/ بشار عواد مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى. - تهذيب اللغة: لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، تحقيق مجموعة من المحققين، الدار المصرية للتأليف والترجمة. - التواضع والخمول: للحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا، تحقيق لطفي محمد الصغير، دار الاعتصام، القاهرة. - جامع الأصول في أحاديث الرسول: للإمام المبارك بن محمد بن الأثير الجزري تحقيق عبد القادر الأرناؤط، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ. - الجرح والتعديل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دائرة المعارف العثمانية، الهند، الطبعة الأولى 1372هـ. - الجعديات: حديث علي بن الجعد الجوهري لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، تحقيق د/ رفعت فوزي عبد المطلب، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ.
- دلائل النبوة: للبيهقي، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. - روضة الطالبين وعمدة المفتين: للإمام النووي، تحقيق زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ. - سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام: للصنعاني، تعليق محمد محرز حسن سلامة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثالثة 1400هـ. - السنن – المجتبي -: للحافظ أحمد بن شعيب النسائي، تحقيق أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ. - السنن: لأبي داود السجستاني الأزدي، تحقيق عزة عبيد الدعاس، دار الحديث، سوريا، الطبعة الأولى 1388هـ. - السنن: لأبي عيسى الترمذي، تحقيق أحمد شاكر، مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأولى 1396هـ. - السنن: لأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة العلمية، بيروت. - السنن: للحافظ علي بن عمر الدارقطني، تصحيح عبد الله هاشم اليماني، دار المحاسن للطباعة، القاهرة. - السنن: للحافظ سعيد بن منصور الخرساني، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، دار الباز، مكة المكرمة. - السنن الكبرى: للإمام النسائي، تحقيق د/ عبد الغافر البنداري، وسيد كردي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. - السنن الكبرى: للبيهقي، دار الفكر. - شرح علل الترمذي: للحافظ زين الدين بن رجب الحنبلي، تحقيق همام سعيد، الأردن، الطبعة الأولى 1407هـ.
- شرح مسلم: للإمام النووي، دار الفكر. - شرح مشكل الآثار: لأبي جعفر الطحاوي، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1415هـ. - شرح معاني الآثار: لأبي جعفر الطحاوي، تحقيق محمد زهير النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ. - الشمائل المحمدية: لأبي عيسى الترمذي، تحقيق محمد عفيف الزغبي، الطبعة الأولى، دار العلم للطباعة والنشر، 1403هـ. - الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية 1402هـ. - صحيح البخاري - الجامع الصحيح المسند -: للإمام البخاري، تحقيق د/ مصطفى البغا، دار ابن كثير واليمامة، دمشق، بيروت، الطبعة الثالثة 1407هـ. - صحيح ابن حبان - الإحسان ترتيب الأمير علاء الدين -: للإمام أبي حاتم بن حبان البستي، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1408هـ. - صحيح مسلم: للإمام أبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي. - طرح التثريب في شرح التقريب: لزين الدين أبي الفضل العراقي، دار إحياء التراث العربي. - عارضة الأحوذي لشرح صحيح الترمذي: لأبي بكر بن العربي المالكي، دار الكتاب العربي، بيروت. - عمدة القاري شرح صحيح البخاري: لبدر الدين محمود بن أحمد العيني، مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأولى 1392هـ.
- عمل اليوم والليلة: للإمام النسائي، تحقيق د/ فاروق حمادة، مكتبة المعارف، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى 1401هـ. - عمل اليوم والليلة: لابن السني، تحقيق عبد القاهر أحمد عطار، دار المعرفة، بيروت،1399?. - عون المعبود شرح سنن أبي داود: لأبي الطيب محمد شمس الدين العظيم آبادي، المكتبة السلفية، الطبعة الثانية 1388هـ. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية. - الكامل في ضعفاء الرجال: للإمام أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ. - كشف الأستار عن زوائد مسند البزار على الكتب الستة: للحافظ نور الدين الهيثمي، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1404هـ. - الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الثقات: لأبي البركات محمد بن أحمد ابن الكمال، تحقيق عبد القيوم عبد رب النبي، دار المأمون للتراث، بيروت، دمشق، الطبعة الأولى 1402هـ. - لسان الميزان: لابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية 1390?. - المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين: لأبي حاتم بن حبان البستي، تحقيق محمود إبراهيم زائد، دار الوعي بحلب، الطبعة الأولى 1396هـ. - مجمع البحرين بزوائد المعجمين: للحافظ نور الدين الهيثمي، تحقيق عبد القدوس بن محمد نذير، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1413هـ.
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للحافظ نور الدين الهيثمي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة، الثالثة 1402هـ. - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد، مكتبة المعارف، الرباط. - المحلي: للإمام أبي محمد بن حزم الأندلسي، تحقيق د/ عبد الغفار البنداري، دار الكتب العلمية، بيروت. - المراسيل: لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق شكر الله بن نعمة الله القوجاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ. - المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله الحاكم، دار الكتب العلمية. - المسند: للإمام أحمد بن حنبل الشيباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة. - مسند أبي داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود، دار المعرفة، بيروت. - مسند أبي يعلي الموصلي أحمد بن علي التميمي: تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، الطبعة الأولى 1404هـ. - مصباح الزجاجة إلى زوائد ابن ماجه: للشهاب أحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق موسى محمد علي ود/ عزت عطية، دار الكتب الحديثة، مصر. - المصنف في الأحاديث والآثار: للحافظ أبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية، الهند، الطبعة الثالثة 1399هـ. - المصنف: للحافظ عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ. - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق غنيم عباس، وياسر إبراهيم، دار الوطن، الطبعة الأولى 1418هـ.
- المعجم الأوسط: للطبراني، تحقيق د/ محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ. - المعجم الكبير: لأبي القاسم الطبراني، تحقيق حمدي السلفي، مطبعة الأمة، بغداد، ومطابع الزهراء الحديثة، الطبعة الأولى والثانية. - المعجم الصغير: للطبراني، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، 1388هـ. - المغني: لأبي محمد بن قدامة المقدسي، مكتبة الرياض الحديثة. - مكمل إكمال الإكمال: للإمام محمد بن محمد بن يوسف السنوسي الحسيني، تحقيق محمد سالم هاشم، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ. - موطأ الإمام مالك بن أنس: تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية. - ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للإمام الذهبي، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت. - النهاية في غريب الحديث: للإمام مجد الدين المبارك بن محمد بن الأثير، تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، دار الفكر، بيروت. - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: للعلامة الشوكاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده.