بحث عقدي في لفظ السيد

يوسف بن محمد السعيد

مقدمة

مقدمة إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فهذا بحث جمعت فيه ماوقفت عليه مما يتعلق بلفظ " السيد " من الأحكام الاعتقادية، والذي حملني على الكتابة في هذا الموضوع: أهميته، وهذه الأهمية يمكن إيجاز بيانها في الآتي: أولا: تعلقه بمبحث أسماء الله ـ تعالى ـ يعني هل هذا اللفظ من أسماء الله ـ تعالى ـ أو ليس من أسمائه، ولا ريب أن البحث في هذا من أشرف البحوث، إذ شرف العلم بشرف المعلوم. ثانيا: وجود مسائل كثيرة متعلقة به تحتاج إلى بحث، فهناك ـ على سبيل المثال ـ بعض النصوص جاء فيها ما فهم منه بعض العلماء المنع من إطلاق لفظ السيد على المخلوق، بينما جاءت نصوص صريحة تدل على جواز ذلك، وهذه تحتاج إلى نظر. ثالثا: لما لهذا الموضوع من ارتباط وثيق بألفاظ الناس، فهذا اللفظ يسمع كثيرا في وسائل الإعلام المختلفة، ويوجد في المكاتبات، وفي المخاطبات وغير ذلك، والناس يحتاجون إلى بيان حكم إطلاق هذا اللفظ. رابعا: استخدام هذا اللفظ في غير محله من كثير من الناس، كإطلاقه على المنافق والكافر والفاسق والمبتدع ونحو ذلك، وإطلاقه على المخلوق ويقصد به ما يقصد به لفظ الرب والإله، وهذا عند كثير من الغلاة. خامسا: وجود بعض البدع المتعلقة بهذا الموضوع. ولكوني لم أقف على بحث يلم شتات هذا الموضوع، فقد استعنت

بسيدي ومولاي، وهو خير مستعان به على الكتابة في هذا الموضوع، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * خطة البحث: جاء البحث بعد هذه المقدمة في ثلاثة فصول وخاتمة: الفصل الأول: التعريف اللغوي. الفصل الثاني: حكم إطلاقه على الله ـ تعالى ـ ومعناه في حقه، وآثار هذا الاسم، وحكم الدعاء به، ويشتمل على أربعة مباحث: المبحث الأول: حكم إطلاقه على الله ـ تعالى ـ. المبحث الثاني: معناه في حق الله ـ جل وعلا ـ. المبحث الثالث: آثار هذا الاسم. المبحث الرابع: حكم الدعاء به. الفصل الثالث: تعلقه بالمخلوقين، ويشتمل على خمسة مباحث: المبحث الأول: حكم إطلاقه على المخلوقين. المبحث الثاني: سيادة النبي ـ ? ـ وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: سيادته في الدنيا والآخرة. المطلب الثاني: في بيان أنه ـ ? ـ لم يخبر بسيادته على وجه الفخر. المطلب الثالث: في بيان شمولية سيادته لآدم ـ ? ـ وبنيه. المطلب الرابع: في بيان تحريم إطلاق لفظ (سيد ولد آدم) أو (سيد الناس) أو (سيد الكل) ونحوها على أحد غير النبي ـ ?. المبحث الثالث: حكم إطلاقه على المرأة. المبحث الرابع: حكم إطلاقه على المنافق والكافر. المبحث الخامس: حكم إطلاقه على المبتدع. الخاتمة.

الفصل الأول: التعريف اللغوي.

الفصل الأول: التعريف اللغوي السيد: من ساد يسود سيادة وسوددا وسيدودة. وهذه الكلمة على وزن فيعل من فعل واوي: ساد يسود، وهذا قول أهل البصرة (1) ، وإنما جمعوه على (سادة) على وزن (فَعَلَة) التي لا يجمع عليها إلا (فاعل) لأنهم قدروا أنهم جمعوا (سائد) كقائد وقادة، وذائد وذادة، والجمع القياسي لـ (فيعل) : (فياعل) ولذلك جمعوا (سيد) على (سيائد) وهو قياس؛ لكنه قليل الاستعمال. وقيل: وزنه على (فعيل) ولذلك جمع على (سادة) قياسا، كما في (سري) و (سراة) ولا نظير لهما، يدل على ذلك أنه يجمع على سيائدة ـ بالهمز ـ مثل: أفيال وأفائلة، وتبيع وتبائعة (2) . والذين قالوا: إن أصله سَيْود ـ على وزن فَيْعِِل ـ قالوا: إن الواو فيه قلبت إلى ياء؛ لأجل الياء الساكنة قبلها، ثم أدغمت (3) . وسيد صفة مشبهة، وفيه معنى أقوى من اسم الفاعل المجرد " سائد "، فقد نقل صاحب القاموس أن السائد دون السيد (4) . كما أنه يمتاز عن صيغة اسم الفاعل بالتحقق والثبوت.

_ (1) انظر: الكتاب لسيبويه (4/365) ، المقتضب للمبرد (1/125) ، الصحاح للجوهري (سود) (2/490) . (2) انظر: الصحاح (سود) (2/490) . (3) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/418) ، لسان العرب (3/228) . (4) القاموس المحيط للفيروز أبادي (سود) .

قال الفراء (ت 207) : ((هذا سيد قومه اليوم، فإذا أخبرت أنه عن قليل يكون سيدهم قلت: هو سائد قومه وسيد)) (1) . وقد ذكر اللغويون معاني عدة لهذا اللفظ، فقد جاء عن عكرمة أنه قال: ((السيد: الذي لا يغلبه غضبه)) (2) . وقال قتادة (ت 117 أو 118) : ((هو العابد، الورع، الحليم)) (3) . وقال أبو خيرة نهشل بن زيد ـ رحمه الله تعالى ـ: ((سمي سيدا؛ لأنه يسود سواد الناس، أي: معظمهم)) (4) . وقال الأصمعي (ت 212) ـ رحمه الله تعالى ـ: العرب تقول: السيد: ((كل مقهور مغمور بحلمه)) (5) . وقال النضر بن شميل (ت203) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((السيد: الذي فاق غيره، ذو العقل والمال والدفع والنفع، المعطي ماله في حقوقه، المعين بنفسه، فذلك السيد)) (6) . وقال الراغب (ت502) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((والسيد: المتولي للسواد، أي: الجماعة الكثيرة، وينسب إلى ذلك، فيقال: سيد القوم، ولا يقال: سيد الثوب وسيد الفرس، ويقال: ساد القوم يسودهم، ولما كان من

_ (1) الصحاح (سود) . (2) تهذيب اللغة للأزهري (13/35) ، لسان العرب (3/229) . (3) تهذيب اللغة (13/35) . (4) تهذيب اللغة (13/35) ، لسان العرب (3/229) . (5) تهذيب اللغة (13/35) ، لسان العرب (3/229) . (6) تهذيب اللغة (13/35) ، لسان العرب (3/229) .

شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه: سيد، وعلى ذلك قوله: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً} ((1) ، وقوله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب} (2) فسمى الزوج سيدا لسياسة زوجته، وقوله: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} (3) أي: ولاتنا وسائسينا)) (4) . وقال الفراء (ت 207) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((السيد: الملك، والسيد: الرئيس، والسيد: الحليم، والسيد: السخي، وسيد العبد: مولاه، والأنثى من كل ذلك بالهاء، وسيد المرأة: زوجها، وسيد كل شيء أشرفه وأرفعه)) (5) . وقال ابن الأثير (ت 606) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((والسيد يطلق على الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، ومتحمل أذى قومه، والزوج، والرئيس، والمقدم)) ((6) . والسودد والسؤدد: الشرف. والمسوَّد ـ بضم الميم، وفتح السين، وفتح الواو المشددة ـ: السيد. والمسود ـ بفتح الميم، وضم السين ـ: من ساده غيره.

_ (1) آل عمران، آية (39) . (2) يوسف، آية (25) . (3) الأحزاب، آية (67) . (4) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني (ص247) . (5) انظر: تهذيب اللغة (13/35) ، لسان العرب (3/229) . (6) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/418) ، وانظر: لسان العرب لابن منظور، مادة (سود) (3/228) .

واستاد القوم بني فلان: قتلوا سيدهم، أو أسروه، أو خطبوا إليه (1) . وتسود الرجل: إذا ساد، وسود: إذا جعله غيره سيدا. قال عمر ـ ? ـ: ((تفقهوا قبل أن تسودوا)) (2) . قال شمر: معناه: تعلموا العلم قبل أن تزوجوا، فتصيروا أرباب بيوت، فتشغلوا بالزواج عن العلم، من قولهم: استاد الرجل (3) . وقال أبو عبيد: ((يقول: تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصيروا سادة رؤساء منظورا إليهم)) (4) . وبناء على ما تقدم ظهر أن ثمة معاني لهذا اللفظ، وهذه المعاني لها أثر كبير في توجيه النصوص الواردة، فإنزال النصوص على شيء من هذه المعاني يرفع الإشكال، والله أعلم.

_ (1) انظر: تهذيب اللغة، مادة (ساد) (13/34) ، الصحاح للجوهري (سود) (2/491) ، لسان العرب (سود) (3/229) (2) أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا (1/39) ، ووصله ابن أبي شيبة في مصنفه (5/284) رقم (26116) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2/255) رقم (1669) . (3) تهذيب اللغة (13/34) ، النهاية في غريب الحديث (2/418) ، لسان العرب (3/229) . (4) النهاية في غريب الحديث (2/418) ، لسان العرب (3/229) .

الفصل الثاني: حكم إطلاق إسم السيد على الله ـ تعالى ـ ومعناه في حقه، وآثار هذا الاسم، وحكم الدعاء به

الفصل الثاني: حكم إطلاق إسم السيد على الله ـ تعالى ـ ومعناه في حقه، وآثار هذا الاسم، وحكم الدعاء به المبحث الأول: حكم إطلاق السيد على الله ـ تعالى ... الفصل الثاني: المبحث الأول: إطلاق السيد على الله ـ تعالى إن اسم (السيد) من أسماء الله ـ جل وعلا ـ الثابتة، ولم يأت لفظه في القرآن الكريم (1) ، وهذا الاسم الكريم من الأسماء الدالة على صفات عديدة. والدليل على أنه من أسماء الله ـ تعالى ـ حديث عبد الله بن الشخير ـ ? ـ حيث قال: ((انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ـ ? ـ فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول الله ـ ? ـ: ((السيد الله)) قلنا: فأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال ـ ? ـ: ((قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان)) (2) .

_ (1) انظر: المنهاج في شعب الإيمان للحليمي (1/192) ، الأسماء والصفات للبيهقي (1/67) ، الحجة في بيان المحجة لقوام السنة التيمي (1/155) . (2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/70) رقم (10075) ، وأحمد في مسنده (4/24- 25) ، وابن أبي الدنيا في الصمت رقم (73) كلهم من طريق مهدي بن ميمون عن غيلان ابن جرير عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه به. وأخرجه أبو داود في سننه (4/254) رقم (4806) ، والبخاري في الأدب المفرد (ص83) ، وابن منده في التوحيد (2/132) رقم (281) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/68) رقم (33) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (9/468) رقم (447) من طريق سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن مطرف به. وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/70) رقم (10074) ، وأحمد في المسند (4/24- 25) ، وابن السني في عمل اليوم والليلية (ص138) ، وابن منده في التوحيد (2/132) رقم (280) من حديث شعبة سمعت قتادة قال سمعت مطرفا به. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/464) : (إسناده جيد) ، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (5/179) : (رجاله ثقات، وقد صححه غير واحد) . وأخرجه ابن منده في التوحيد (2/132) رقم (281) ، والبيهقي في دلائل النبوة (5/318) من طريق يعقوب بن سفيان عن مسلم بن إبراهيم عن الأسود بن شيبان عن أبي بكر بن ثمامة بن النعمان الراسبي عن يزيد بن عبد الله أبي العلاء عن أبيه. وهذا إسناد رجاله ثقات سوى أبي بكر بن ثمامة، فقد ذكره الحافظ ابن حبان في الثقات (5/565) ، وذكره البخاري في تاريخه (9/11) ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/340) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يذكرا من روى عنه غير الأسود بن شيبان.

وقد أثبت هذا الاسم جماعة من العلماء منهم: الحافظ ابن مندة (1) (310 - 395) ، والحليمي (2) (338- 403) ، وأبو بكر البيهقي (3) (384- 458) ، وقوام السنة أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني (4) (457- 535) . وذهب جماعة من العلماء إلى أنه ليس من أسماء الله ـ تعالى ـ، وذلك لأنهم يرون ضعف الحديث الوارد في هذا الاسم (5) ، ولكونه لم يأت في الكتاب ولا في حديث متواتر (6) . قيل للإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ: ((يقولون: السيد هو الله، قال: أين

_ (1) انظر: كتاب التوحيد (2/132) . (2) انظر: المنهاج في شعب الإيمان (1/192) . (3) انظر: الأسماء والصفات (1/67) . (4) انظر: الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة (1/155) . (5) انظر: ألف باء للبلوي (1/231) . (6) انظر: إكمال المعلم (7/189) ، المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي (15/7) ، إكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للأبي (6/62) ، مكمل إكمال إكمال المعلم للسنوسي (6/63) .

هو في كتاب الله ـ تعالى؟)) (1) . ولكن المحققين من أهل الحديث قالوا بثبوته، وممن قال به: الحافظ ابن مفلح (ت 763) ، والحافظ ابن حجر (ت 852) ، والعظيم آبادي وغيرهم ممن تقدم ذكرهم من المثبتين لهذا الاسم الكريم. ومن ضعفه فإنه لم يذكر سبب تضعيفه، إلا أن يكون قد وقف على طريق ضعيفة، فإن كان كذلك فإن الروايات الثابتة التي ذكرت في تخريج هذا الحديث كافية عن تلك الطريق؛ لأن أسانيدها صحيحة. أما كونه لم يأت في الكتاب، فإن عدم مجيئه في الكتاب لا يعني أنه ليس اسما، لأن هناك أسماء ثبتت بالسنة وليست في الكتاب. والمنهج الحق هو عدم التفرقة بين ما ورد به الكتاب وبين ما جاءت به السنة. أما كونه ليس في حديث متواتر، فإن أحاديث الآحاد متى ما صحت كانت حجة، والتفريق بينها وبين المتواترة في باب الاعتقاد من جراب أهل الكلام المذموم. فهذا الاسم الكريم ثابت لله ـ تعالى.

_ (1) المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي (7/306) ، الذخيرة للقرافي (13/339) ، عمدة القاري (11/9) .

المبحث الثاني: معنى هذا الإسم الكريم

المبحث الثاني: معنى هذا الاسم الكريم إذا أطلق السيد على الله ـ تعالى ـ فهو بمعنى المالك والمولى والرب (1) . قال الحليمي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((ومعناه: المحتاج إليه على الإطلاق، فإن سيد الناس إنما هو رأسهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوته يستمدون. فإذا كانت الملائكة، والإنس والجن خلقا للباريء ـ جل ثناؤه ـ لم يكن بهم غيبة في بدء أمرهم وهو الموجود، إذ لو لم يوجدهم لم يوجدوا، ولا في الإبقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض أثناء البقاء كان حقا له ـ جل ثناؤه ـ أن يكون سيدا، وكان حقا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم)) (2) . فالسؤدد كله حقيقة لله، والخلق كلهم عبيده، إذ إن الله ـ تعالى ـ هو المالك لعبيده، فنواصيهم بيديه، المتولي أمرهم، القائم على كل نفس بما كسبت، فما من معنى من معاني السيادة إلا ولله ـ تعالى ـ أكمله. قال ابن الأنباري ـ رحمه الله تعالى ـ: ((والسيد هو الله، إذ كان مالك الخلق أجمعين، ولا مالك لهم سواه)) (3) . وقال الأزهري (ت 370) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وأما صفة الله ـ جل ذكره بـ (السيد) ، فمعناه أنه مالك الخلق، والخلق كلهم عبيده)) (4) . وقال أبو سليمان الخطابي (ت 388) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قوله: السيد

_ (1) انظر: حاشية كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن قاسم (ص394) . (2) المنهاج في شعب الإيمان (1/192) ، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي (1/69) . (3) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، مادة (ساد) (13/35) . (4) لسان العرب (3/229) .

الله، يريد أن السؤدد حقيقة لله ـ عز وجل ـ وأن الخلق كلهم عبيد له)) (1) . وقال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: ((السيد إذا أطلق عليه ـ تعالى ـ فهو بمعنى المالك والمولى والرب، لا بالمعنى الذي يطلق على المخلوق)) (2) . فهذه بعض معاني السيد في حق الله ـ تعالى ـ إذ إن الإتيان على معاني هذا الاسم كلها مما يكاد يكون من المتعذر.

_ (1) معالم السنن (7/176) . (2) بدائع الفوائد (3/213) .

المبحث الثالث: آثار هذا الإسم

المبحث الثالث: آثار هذا الاسم إن لهذا الاسم آثارا عظيمة، وذلك لعظمة هذا الاسم وكثرة معانيه، فمن هذه الآثار: 1- إثبات السيادة لله ـ تعالى ـ من جميع الوجوه. 2- وجوب إفراده ـ جل وعلا ـ بالربوبية، إذ هو رب كل شيء ومليكه، وخالقه ومدبره، وكل شيء راجع إليه، فمن اعتقد أن مع الله ـ تعالى ـ متصرفا في هذا الكون: ملكا مقربا، أو نبيا مرسلا، أو وليا صالحا. وقد خالف في هذا الأمر كثير من الغلاة، فقد ذكر كثير من المتصوفة عن بعض من يعتقدون فيهم الولاية أن لهم تصرفا في هذا الكون، حيث ذكروا من يسمونه بالقطب، وزعموا أن له تصرفا في الوجود. يقول محيي الدين بن عربي الصوفي الأندلسي: ((واعلم أن لكل بلد أو إقليم قطبا غير الغوث، به يحفظ الله ـ تعالى ـ تلك الجهة، سواء كان أهلها مؤمنين أو كفارا، وكذلك القول في الزهاد والعباد والمتوكلين وغيرهم، لا بد لكل صنف منهم من قطب يكون مدارهم عليه)) (1) . ويقول التجاني: ((إن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق مطلقا في جميع الوجود جملة وتفصيلا، حيثما كان الرب إلها، كان هو خليفة في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من له عليه ألوهية لله ـ تعالى ـ فلا يصل إلى الخلق شيء كائنا ما كان من الحق إلا بحكم القطب، ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود، فترى الكون كله أشباحا لا حركة، وإنما هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلا، ثم تصرفه في مراتب الأولياء، فلا

_ (1) اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر لابن عربي (2/83) .

تكون مرتبة في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرف فيها جميعا، والممد لأربابها، به يرحم الوجود، وبه يبقى الوجود في بقاء الوجود رحمة لكل العباد وجوده في الوجود)) (1) . ومن نظر في كثير مما يزعمه المتصوفة كرامات للأولياء يجدها من هذا الجنس (2) . فاعتقاد ذلك مخالف لاعتقاد السيادة لله ـ تبارك تعالى. 3- وجوب إفراده ـ جل وعلا ـ بالعبادة، فإنه إذا كان سيد كل شيء وربه ومليكه وخالقه ورازقه، وكل شيء تحت تصرفه وتقديره، فإنه يمتنع حينئذ أن يعبد غيره، أو يسأل غيره، أو يرجى غيره، أو يتوكل على غيره {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض} (3) . فمن صرف شيئا من أنواع العبادة من توكل ودعاء واستغاثة واستعانة وذبح ونذر وحلف وغير ذلك، فقد خالف مقتضى هذه السيادة، وجعل السيادة لغير الله ـ تعالى ـ. وكثير من الناس في هذا العصر قد صرفوا كثيرا من أنواع العبادة لغير الله ـ تعالى ـ وهم ـ بزعمهم ـ يعتقدون أنهم فعلوا ذلك لهذا الأمر، وحال هؤلاء حال من قال الله- تعالى- فيهم {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ

_ (1) جواهر المعاني (2/80) . (2) انظر على سبيل المثال: طبقات الأولياء لابن الملقن (ص444، 446، 472) ، سير الأولياء في القرن السابع الهجري (ص73،97) ، طبقات الصوفية الكبرى للشعراني (2/88) (2/101) (2/106) ، جامع كرامات الأولياء للنبهاني (1/261) (2/84) (2/244) (2/254) (2/275) (2/286) (2/436) . (3) الزمر، آية (63) .

هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (1) ومن أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم بقوله: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2) . فالمشركون الأوائل ما عبدوا غير الله إلا لأجل أنهم يعتقدون أنهم ليسوا أهلا لعبادة الله ـ تعالى ـ من غير واسطة. 4- وجوب إفراده ـ جل وعلا ـ بالأسماء الحسنى والصفات العلى، كما قال ـ تعالى ـ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} (3) ، وكما قال ـ تعالىـ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ} (4) ، وقال ـ تعالى ـ: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (5) (، وقال ـ تعالى ـ: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (6) ، وقال ـ تعالى ـ: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} (7) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا الأمر. وعليه، فالمعطلة الذين يعطلون الله ـ تعالى ـ عما ثبت له من الأسماء الحسنى والصفات العلى، ماقالوا بسيادة الله ـ تعالى ـ لأن تعطيله عنها إثبات

_ (1) يونس، آية (18) . (2) الزمر، آية (3) . (3) الشورى، آية (11) . (4) الأعراف، آية (180) . (5) طه، آية (8) . (6) النحل، آية (60) . (7) مريم، آية (65) .

للنقص، والنقص ينافي السيادة أو كمالها. والممثلة الذين مثلوا الله ـ تعالى ـ بخلقه، ما أثبتوا السيادة لله ـ تعالى ـ لأن التمثيل بالخلق نقص، إذ الخلق سمته النقص. 5- وجوب جعل شرعه هو الحاكم والسيد على كل أمر، فالحكم لله ـ تعالى ـ وحده، فالأمر أمره، والنهي نهيه، وأما التحاكم إلى غيره، فهو قدح في هذه السيادة. فمن جعل غير شرع الله حاكما يتحاكم إليه، فقد اتخذ سيدا غير الله، فالذين يجعلون العقول حاكمة على شرع الله ـ تعالى ـ ماقدروا هذه السيادة حق قدرها، والذين يتحاكمون إلى القوانين الوضعية الشيطانية، أعطوا هذه القوانين السيادة، والذين يقدمون آراء الرجال، ويقلدون الآباء والشيوخ والأحبار والرهبان، ما جعلوا الله ـ تعالى ـ سيدا، وإنما جعلوا السيادة للمتبوعين. قال ـ تعالى ـ مخبرا عن أهل النار: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} ((1) قال ـ تعالى ـ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} . وقال ـ تعالى ـ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله} (2) . وقال ـ تعالى ـ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} . إلى غير ذلك من الآثار الجليلة التي دل عليها هذا الاسم.

_ (1) الأحزاب، آية (67) . (2) الشورى، آية (21) .

المبحث الرابع: حكم دعاء الله تعالى بسيدي

المبحث الرابع: حكم دعاء الله تعالى بسيدي ... المبحث الرابع: حكم دعاء الله ـ تعالى ـ بـ" ياسيدي " كره الإمام مالك (ت 179) ـ رحمه الله تعالى ـ الدعاء بهذا اللفظ (1) ، وقال: ((إنما في القرآن {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيّ} ، ما في القرآن أحبُّ إلي؛ ودعاءُ الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ)) (2) . وكراهة الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ للدعاء بهذا الاسم؛ لكون هذا الاسم مما لم يثبت عنده؛ حيث لم يعده اسما من أسماء الله ـ تعالى ـ. فالأصل الذي بنى عليه الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ كراهته للدعاء بهذا الاسم، أصل صحيح، وهو أنه لا يدعى الله ـ تعالى ـ إلا بأسمائه الحسنى، وأسماؤه ـ جل وعلا ـ توقيفية، غير أن هذا الاسم ـ على الصحيح من أقوال العلماء ـ ثابت، وعليه فيجوز دعاء الله ـ تعالى ـ به، والله ـ تعالى ـ أعلم.

_ (1) انظر: البيان والتحصيل لابن رشد (1/456) ، إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (7/189) ، إكمال إكمال المعلم (6/62) ، مكمل إكمال إكمال المعلم (6/62) . (2) عمدة القاري (11/9) .

الفصل الثالث: تعلقه بالمخلوقين

الفصل الثالث: تعلقه بالمخلوقين المبحث الأول: حكم إطلاقه على المخلوقين جاءت نصوص دالة على جواز إطلاق السيد على المخلوقين، وجاءت أحاديث فهم منها بعض العلماء النهي عن ذلك. وقد تعددت أقوال العلماء في كيفية الجمع بينها، وسأذكر هنا ـ أولا ـ أدلة الجواز، فأدلة المنع، ثم أقوال العلماء في الجمع بينها، والراجح في نظري: أولا: أدلة الجواز: 1- قوله ـ تعالى ـ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب?} (1) . 2- قوله ـ تعالى ـ: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} (2) . فقد احتج الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ على الجواز بهاتين الآيتين (3) . وقال الجصاص ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وقوله تعالى: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} يدل على أن غير الله ـ تعالى ـ يجوز أن يسمى بهذا الاسم؛ لأن الله ـ تعالى ـ سمى يحيى سيدا)) (4) . 3- قوله ـ ? ـ: ((أنا سيد ولد آدم)) (5) .

_ (1) يوسف، آية (25) . (2) آل عمران، آية (39) . (3) انظر: عمدة القاري (11/8- 9) . (4) أحكام القرآن للجصاص (2/292) . (5) أخرجه البخاري في صحيحه (3/1215) رقم (3162) ، و (4/1745) رقم (4435) ، ومسلم في صحيحه (1/184) .

4- قول النبي ـ ? ـ في حق سعد بن معاذ ـ ? ـ: ((قوموا لسيدكم)) (1) . 5- قوله ـ ? ـ في حق سعد بن عبادة: ((اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير منى)) (2) 6- قوله ـ ? ـ في الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ: ((إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين طائفتين من المسلمين)) (3) . 7- وقوله ـ ? ـ: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)) (4) .

_ (1) أخرجه البخاري في صحيحه (3/1107) رقم (2878) و (4/1511) رقم (3895) و (5/2310) رقم (5907) ، ومسلم في صحيحه (3/1388) رقم (1768) . (2) أخرجه مسلم في صحيحه (2/1135) رقم (1498) . (3) أخرجه البخاري في صحيحه (2/962) و (3/1328) و (3/1369) و (6/2602) . (4) أخرجه الترمذي في جامعه (4/339) ، والإمام أحمد في المسند (3/3) رقم (11002) ، وفي فضائل الصحابة (2/779) رقم (1384) ، والحاكم في المستدرك (3/182) ، وأبو نعيم في الحلية (5/71) ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4/207) و (11/90) كلهم من حديث أبي سعيد الخدري. قال الترمذي: (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم: (قد صح من أوجه كثيرة، وأنا أتعجب من أنهما لم يخرجاه) . وأخرجه الترمذي في جامعه (5/660) رقم (3781) ، والنسائي في السنن الكبرى (5/80) رقم (8298) و (5/95) رقم (8315) ، وأحمد في المسند (5/392) رقم (23378) ، وابن حبان في صحيحه (15/413) رقم (6960) ، والطبراني في المعجم الكبير (3/38) رقم (2609) ، وفي المعجم الأوسط (6/238) رقم (6286) ، وأبو نعيم في الحلية (4/190) ، والحاكم في المستدرك (3/429) رقم (5630) كلهم من حديث حذيفة بن اليمان ـ رضي الله تعالى عنه. قال الترمذي: (حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل) . وقال الألباني: (وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير ميسرة بن حبيب، وهو ثقة) .

8- قوله ـ ? ـ: ((أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين)) (1) . 9- قوله ـ ? ـ: ((إذا نصح العبد سيده، وأحسن عبادة ربه، كان له أجره مرتين)) (2) .

_ (1) أخرجه ابن ماجه في سننه (1/38) رقم (100) ، وابن حبان في صحيحه (15/330) رقم (6904) ، والدولابي في الكنى والأسماء (1/120) من حديث أبي جحيفة ـ رضي الله عنه. وأخرجه الترمذي في جامعه (5/610) رقم (3664) ، والطبراني في الأوسط (7/68) رقم (6873) ، وفي الصغير (2/173) ، والضياء المقدسي في المختارة (6/244) رقم (2260) من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه. قال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه) . وأخرجه الطبراني في الأوسط (4/359) رقم (4431) ، والبزار في مسنده (2/132) رقم (490) من حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ. وأخرجه عبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة (1/188) رقم (200) من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه. وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (14/216- 217) من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه. وأخرجه الترمذي في جامعه (5/611) رقم (3665) ، وابن ماجه في سننه (1/36) رقم (95) ، والطبراني في الأوسط (4/359) رقم (4431) ، والبزار في مسنده (3/67) رقم (831) ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (1/405) رقم (533) من طرق عن علي ـ رضي الله عنه. قال الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ: (وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح بلا ريب، إلا من بعض طرقه حسن لذاته) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 900) رقم (2412) من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ.

10- قوله ـ ? ـ: ((المملوك الذي يحسن عبادة ربه، ويؤدي إلى سيده الذي له عليه من الحق والنصيحة والطاعة، له أجران)) (1) . 11- قوله ـ ?: ((نعم ما لأحدهم يحسن عبادة ربه، وينصح لسيده)) (2) . 12- قوله ـ ? ـ: ((لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي)) (3) . 13- قوله ـ ? ـ: ((كلكم راع فمسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) (4) . ومن الأدلة ـ أيضا ـ ما جاء عن صحابة رسول الله ـ ? ـ ومن ذلك: 1- قول عمر لأبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ يوم السقيفة بمشهد من أبي بكر وغيره من المهاجرين والأنصار: ((بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا، وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله ـ ? ـ)) (5) ولم ينكر أحد على عمر. ـ ? ـ. 2- قول عمرـ ? ـ: ((أبوبكر سيدنا، وأعتق سيدنا)) يعني بلالا (6) ?.

_ (1) أخرجه البخاري في صحيحه (2/901) رقم (2413) من حديث أبي موسى الأشعري (. (2) أخرجه البخاري في صحيحه (2/900) رقم (2411) من حديث أبي هريرة (. (3) أخرجه البخاري في صحيحه (2/901) رقم (2414) من حديث أبي هريرة (. (4) أخرجه البخاري في صحيحه (2/901) رقم (2416) من حديث أبي هريرة (. (5) أخرجه البخاري في صحيحه (3/1341) رقم (3467) . (6) أخرجه البخاري في صحيحه (3/1371) رقم (3544) .

ثانيا: أدلة المنع: أولا: حديث عبد الله بن الشخير ـ ? ـ حيث قال: ((انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ـ ? ـ فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول الله ـ ? ـ: ((السيد الله)) قلنا: فأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال ـ ? ـ: ((قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان)) (1) ثانيا: حديث أنس ـ ? ـ وهو أن رجلا قال للنبي: ياخيرنا وابن خيرنا، وياسيدنا وابن سيدنا، فقال رسول الله: ((يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستفزنكم الشيطان، أنا عبد الله ورسوله)) (2) ثالثا: قوله ـ ? ـ: ((لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم)) (3) .

_ (1) سبق تخريجه. (2) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/71) رقم (10078) ، وأحمد في مسنده (3/153) رقم (12573) وعبد بن حميد في مسنده كما في المنتخب (1/390) رقم (1309) و (1/397) رقم (1337) ، وابن حبان في صحيحه (14/133) رقم (6240) ، وأبو نعيم في الحلية (6/252) ، والضياء في المختارة (5/25) رقم (1626) كلهم من طريق حماد بن سلمة. قال الضياء: (إسناد صحيح) . وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (6/71) رقم (10079) من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا ثابت وحميد عن أنس. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4/226) رقم (4871) ، والضياء في المختارة (6/95- 96) رقم (2080) كلاهما من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا حميد عن أنس. قال الحافظ ابن عبد الهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص288) : (إسناده صحيح على شرط مسلم) . (3) روا أبو داود في سننه (4/295) رقم (4883) ، والنسائي في السنن الكبرى (6/70) رقم (10073) ، وأحمد في مسنده (5/346- 347) رقم (22989) ، والبخاري في الأدب المفرد (ص276) رقم (760) ، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص181) رقم (391) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (15/247) رقم (5987) ، والبيهقي في شعب الإيمان (4/229) رقم (4883) ، وابن حزم في المحلى (11/219) كلهم من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن بريدة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد صحيح كما قال ذلك المنذري في الترغيب والترهيب (3/359) . وأخرجه نعيم بن حماد في زوائده على الزهد لابن المبارك (186) من طريق ابن حوط عن قتادة به بلفظ: (إذا قال الرجل للمنافق سيدا، فقد أهان الله) . ورواه الحاكم في المستدرك (4/347) رقم (7865) ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/198) ، والبيهقي في شعب الإيمان (4/312) رقم (5220) ، والخطيب في تاريخ بغداد (5/454) من طريق عقبة بن عبد الله بن الأصم عن عبد الله بن بريدة به. قال الحاكم: (حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه) وتعقبه الذهبي بقوله: (عقبة ضعيف) .

أقوال العلماء في هذه الأدلة: 1- ذهبت طائفة من العلماء إلى القول بمنع إطلاق ذلك على المخلوقين، أخذا بالأدلة الدالة على ذلك، ورأوا أن حديث عبد الله بن الشخير ناسخ لما سواه من الأحاديث؛ لأن هذا الحديث كان عام الوفود في السنة التاسعة من الهجرة. مناقشة هذا القول: هذا القول متعقب بأمور: الأول: أن أحاديث المنع مقابلة بمثلها، وهي الأحاديث الدالة على الجواز. الثاني: أن دعوى النسخ تحتاج إلى دليل، ولا دليل يدل على ذلك، وأما كون حديث عبد الله بن الشخير يعد هو الناسخ؛ لكونه عام الوفود، فلربما تكون بعض الأحاديث بعد ذلك.

الثالث: أن حديث النهي عن قول ذلك للمنافق، لا يدل على منع قولها لمن ليس كذلك. 2- النهي عنه في المخاطبات، كقول القائل: ياسيدي، وأما ذكره مع عدم الخطاب فهذا لا ينهى عنه (1) . قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحدا بلفظه أو كتابه بالسيد)) (2) . وهذا القول ذكره الحافظ ابن حجر عن الإمام مالك بن أنس (3) ـ رحمه الله تعالى. وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن (ت 1285) : ((وأما استدلالهم بقول النبي ـ ? ـ: ((قوموا إلى سيدكم)) فالظاهر أن النبي ـ ? ـ لم يواجه سعدا به)) (4) . قالوا: لأن المخاطب ربما يكون في نفسه عجب وغلو، ولما يلحق القائل من الذل والخضوع (5) . وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها الأمر بالمخاطبة بهذا اللفظ، كقوله ـ ? ـ: ((وليقل: سيدي ومولاي)) . 3- حمل النهي على إطلاقه على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد اختار هذا القول ابن حجر (6) ـ رحمه الله تعالى.

_ (1) انظر: تكملة فتح الملهم شرح صحيح مسلم لمحمد تقي العثماني (4/416) . (2) فتح الباري (5/179) . (3) انظر: فتح الباري (5/179) . (4) فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد (2/839) . (5) انظر: القول المفيد (3/280) . (6) انظر: فتح الباري (5/179) .

وحجة هؤلاء هي النصوص الواردة في توجيه المماليك إلى ذلك. وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها توجيه هذا القول من غير المماليك، كحديث سعد بن معاذ، وحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وغيرها من الأحاديث. 4- حمل النهي على إطلاقه على المالك، وجواز إطلاقه على غيره، فهو عكس القول السابق. وحجة هؤلاء أنه إذا أطلق على المالك، فلربما انصرف الذهن إلى الله ـ تعالى (1) . وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها الإذن بذلك للماليك، كقوله: ((وليقل: سيدي ومولاي)) . قيل للإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ: ((هل كره أحد بالمدينة قوله لسيده: يا سيدي؟ قال: لا)) (2) . 5- حمل النهي عن ذلك على الكراهة التنزيهية على سبيل الأدب، والأدلة الأخرى دالة على الجواز (3) . وهذا القول متعقب بأمرين: الأول: كثرة الأحاديث الدالة على كثرة الاستعمال، فلو كان الأدب بخلافها، لما كثرت هذه الكثرة، ولما وجه النبي ـ ? ـ المماليك إلى قول ذلك، بل إنه ـ ? ـ عدل بالمماليك إلى قول هذا اللفظ عن قول الألفاظ الأخرى المستبشعة في حق المخلوق نحو: (ربي) .

_ (1) انظر: فضل الله الصمد شرح الأدب المفرد للجيلاني (1/300) . (2) انظر: عمدة القاري للعيني (11/8) . (3) انظر: بدائع الفوائد لابن القيم (3/213) ، الفروع لابن مفلح (3/568) ، إبطال التنديد لابن عتيق (ص 167) .

الثاني: قال الشيخ سليمان بن حمدان ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قال في إبطال التنديد: وهذان الحديثان دليل على الأدب مع الله ـ عز وجل ـ، وقوله: ((أنا سيد ولد آدم)) وشبهه دليل على الجواز، فأقول: إذا كان الحديثان دليلا على الأدب مع الله ـ عز وجل ـ فما الذي أجاز سوء الأدب ومخالفة الأحاديث الصحيحة؟ . أما الاستدلال على جواز سوء الأدب بقوله ـ ? ـ: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) ، فلا يدل على الجواز؛ لأن هذا إخبار منه ـ ? ـ عما فضله الله به على البشر، تحدثا بنعمة الله ـ تعالى ـ عليه، عملا بقوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) . . .)) (2) 6- حمل النهي عن اتخاذ ذلك عادة شائعة؛ لأنها ربما أورثت كبرا، وحمل الجواز على استعمال ذلك في النادر (3) . وهذا القول متعقب بتوجيه النبي ـ ? ـ المماليك إلى قول ذلك، ومعلوم أن كون المماليك يقولون ذلك، يعني أنه سيكون عادة شائعة. المناقشة والترجيح: بعد النظر في الأقوال السابقة وأدلة كل فريق ظهر لي جواز إطلاق ذلك على المخلوق بشروط: أحدها: عدم إرادة أي معنى من معاني الربوبية أو الألوهية، فإذا أريد شيء من ذلك فلا. ومن ذلك: أن يلمح في هذا اللفظ معنى السيادة العامة على جميع الخلق.

_ (1) الضحى، آية (11) . (2) الدر النضيد (ص336- 337) . (3) انظر: فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد لفضل الله الجيلاني (1/300) .

وبه يوجه قوله ـ ? ـ لما خوطب بالسيادة: ((السيد الله)) ، فإنه لما كان التعريف بأل يفيد ذلك، منع من ذلك، ووجههم لما هو أحسن. وأما إذا لم يلمح ذلك فلا مانع من إطلاقه؛ لإطلاق القرآن ذلك في حق يحيى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ ولإطلاقه ـ ? ـ هذا اللفظ على بعض الناس، كما في الأحاديث السابقة. قال الشيخ حسين (ت1224) وعبد الله (ت 1243) ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهم الله تعالى ـ: ((قول: سيدي ونحوه، إن قصد به أن ذلك الرجل معبوده الذي يدعوه عند الشدة لتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، فإن ذلك شرك أكبر، وأما إن كان مراده غير ذلك، كما يقول التلميذ لشيخه: سيدي، أو يقال للأمير والشريف، أو لمن كان من أهل بيت رسول الله ـ ? ـ: هذا سيد، فلا بأس به، ولكن لا يجعل عادة وسنة بحيث لا يتكلم إلا به)) (1) . وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن (ت 1292) ـ رحمه الله تعالى ـ لما سئل عن حكم إطلاقه على المخلوق: ((هذه الألفاظ تستعملها العرب على معان كسيادة الرئاسة والشرف ... فإطلاق هذه الألفاظ على هذا الوجه معروف لا ينكر، وفي السنة من ذلك كثير، وأما إطلاق ذلك في المعاني المحدثة كمن يدعي أن السيد هو الذي يدعى ويعظم ... فهذا لا يجوز، بل هو من أقسام الشرك)) (2) . وقال الشيخ محمد بشير السهسواني (ت 1326) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((فالنهي عن إطلاق السيد والمولى على غير الله محمول على السيد والمولى بمعنى الرب، والرخصة محمولة عليهما بمعنى آخر من سائر المعاني)) (3) .

_ (1) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (1/45) . (2) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (3/208) . (3) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص541) .

ويقول صديق حسن خان (ت1307) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((ولفظ السيد له معنيان: أحدهما: أن السيد هو الذي يكون مالكا مختارا بنفسه وحده، ولا يكون محكوما عليه من أحد، بل يكون حاكما مستقلا بذاته كشأن الملوك في الدنيا، فهذا الأمر إنما هو شأن الله ـ تعالى ـ ليس غيره سيدا بهذا المعنى. وثانيهما: أن السيد رعوي لآخر، ولكن له فضل على عامة الرعايا، ممتاز منهم بالمزايا، ينزل إليه حكم الحاكم أولا، ثم يبلغ إليهم من لسانه وبواسطته ... فالنبي بهذا المعنى سيد لأمته، والإمام سيد أهل عصره ... فإن هؤلاء الكبار يتمسكون بحكم الله ـ تعالى ـ أولا بأنفسهم، ثم يبلغونه إلى أصاغرهم ويعلمونهم. وهكذا نبينا ـ ? ـ سيد أهل العالم أجمعهم وأكتعهم وأبصعهم، ومرتبته عند الله ـ عز وجل ـ أعلى من الجميع، وأكبر من الكل، وهو ـ ? ـ أقوم الخلق، وأكبرهم في القيام بأحكام الله ـ تعالى ـ وكل الناس محتاجون إليه في تعلم سبل الله وشرائعه. وعلى هذا يصح أن يقال له: سيد العالم، بل يجب أن يعتقد فيه هذه السيادة العامة الشاملة للجميع. وأما بناء على الأول، فليس هو ـ ? ـ سيد نملة واحدة، فضلا عن غيرها؛ لأنه ـ عليه السلام ـ لا يقدر على التصرف في نملة من تلقاء نفسه)) (1) . ثانيها: كون الموصوف بذلك أهلا للسيادة، أما إذا لم يكن أهلا لها فلا. ودليل هذا: حديث النهي عن القول للمنافق ياسيد. قال العلامة النووي (ت 676) ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن ذكر بعض

_ (1) الدين الخالص (2/221) .

الأحاديث الدالة على الجواز وبعض الأحاديث الدالة على المنع: ((والجمع بين هذه الأحاديث أنه لا بأس بإطلاق: فلان سيد، وياسيدي، وشبه ذلك، إذا كان المسود فاضلا خيرا، إما بعلم، وإما بصلاح، وإما بغير ذلك، وإن كان فاسقا، أو متهما في دينه، أو نحو ذلك، كره أن يقال: سيد)) (1) . وذكر العلامة الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ أن إطلاق ذلك على المخلوق يجوز بشرط ((أن يكون الموجه إليه السيادة أهلا لذلك، أما إذا لم يكن أهلا، كما لو كان فاسقا أو زنديقا فلا يقال له ذلك، حتى ولو فرض أنه أعلا منه مرتبة أو جاها ... فإذا كان أهلا لذلك، وليس هناك محذور، فلا بأس به، وأما إن خشي المحذور، أو كان غير أهل فلا يجوز)) (2) . 3- انتفاء المفسدة، فإن كانت المفسدة في الخطاب منع من ذلك، وإن كانت المفسدة في قولها وإن لم يكن موجها له الخطاب كأن يكون بضمير الغيبة منع منه، وإن كان يخشى من المفسدة؛ للغلو أو التدرج فيه، منع من ذلك، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما. ودليل هذا هو إنكار النبي ـ ? ـ ذلك في حديث عبد الله بن الشخير، حيث كان مخاطبا به؛ فإن ذلك العام كان عام وفود، والناس كانوا حديثي عهد بكفر وجاهلية، والغلو فيهم فاش، فلخشيته ـ ? ـ من الغلو فيه أو التدرج في ذلك نهاهم عن ذلك.

_ (1) الأذكار النووية (ص3111- 12) . (2) القول المفيد (3/280) .

المبحث الثاني: سيادة النبي صلى الله عليه وسلم

المبحث الثاني: سيادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم المطلب الأول: سيادته في الدنيا والآخرة لقد جاء في الحديث عن النبي ـ ? ـ أحاديث تدل على سيادته ـ ? ـ ومن هذه الأحاديث: عن أبي هريرة ? قال: ((أتي رسول الله ? بلحم، فرفع إليه الذراع ـ وكانت تعجبه ـ فنهس منها نهسة، ثم قال: "أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك لله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي ـ عز وجل ـ قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، يأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن

يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط ولن يغضب بعده مثله ـ ولم يذكر ذنبا ـ نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد ـ ? ـ فيأتون محمدا ـ ? ـ فيقولون: يا محمد أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي ـ عز وجل ـ ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى")) (1) . قال القاضي عياض (ت 544) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((هو سيدهم ـ صلى الله عليه وسلمـ

_ (1) أخرجه البخاري في صحيحه (4/1745- 1746) رقم (4435) ، ومسلم في صحيحه (1/184- 185) رقم (194) .

في الدنيا والآخرة، لكن خصص القيامة لارتفاع دعوى السؤدد فيها، وتسليم الكل له ذلك، وكون آدم ومن ولد تحت لوائه، كما قال ـ تعالى ـ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّا} ((1) أي: انقطعت دعاوى الدعاة في الملك ذلك اليوم، وبقي الملك لله وحده، الذي قهر جميع الجبابرة والمدعين الملك وأفناهم، ثم أعادهم وحشرهم عراة فقراء إليه)) (2) . وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن ذكر معاني السيادة: ((وقد تحقق كمال تلك المعاني كلها لنبينا محمد ـ ? ـ في ذلك المقام الذي يحمده ويغبطه فيه الأولون والآخرون، ويشهد له بذلك النبيون والمرسلون، وهذه حكمة عرض الشفاعة على خيار الأنبياء، فكلهم تبرأ منها ودل على غيره، إلى أن بلغت محلها، واستقرت في نصابها)) (3) . وقال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: (وأما قوله ـصلى الله عليه وسلم ـ: ((يوم القيامة)) مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة، فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد، ولا يبقى منازع ولا معاند ونحوه، بخلاف الدنيا، فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين، وهذا التقييد قريب من معنى قوله ـ تعالى ـ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} مع أن الملك له ـ سبحانه ـ قبل ذلك، لكن كان في الدنيا من يدعى الملك أو من يضاف اليه مجازا، فانقطع كل ذلك في الآخرة) (4) .

_ (1) غافر، آية (16) . (2) إكمال المعلم بوفائد مسلم للقاضي عياض (1/5822- 83) ، وانظر: شرح النووي على مسلم (3/66) ، و (15/37) ، فتح الباري (6/372) . (3) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/426) . (4) شرح النووي على مسلم (15/37) ، وانظر: شرح الطيبي لمشكاة المصابيح (11/3632) ، بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل للعامري بشرح جمال الدين الأشخر اليمني (2/189) .

وقال العز بن عبد السلام (ت 660) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((السيد: من اتصف بالصفات العلية والأخلاق السنية، وهذا مشعر بأنه أفضل منهم في الدارين. أما في الدنيا فلما اتصف به من الأخلاق العظيمة. وأما في الآخرة، فلأن الجزاء مرتب على الأخلاق والأوصاف، فإذا فضلهم في الدنيا في المناقب والصفات، فضلهم في الآخرة في المراتب والدرجات)) (1) . وقال المناوي (ت 1031) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قوله: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)) خصه لأنه يوم مجموع له الناس، فيظهر سؤدده لكل أحد عيانا، ووصف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في المقام الخطابي على ما تقرر في علم المعاني، فيفيد تفوقه على جميع ولد آدم حتى أولوا العزم من الرسل واحتياجهم إليه ... وتخصيصه ولد آدم ليس للاحتراز، فهو أفضل حتى من خواص الملائكة كما نقل الإمام عليه الإجماع ومراده إجماع من يعتد به من أهل السنة)) (2) . فقد بين النبي ـ ? ـ وجه كونه سيد الناس يوم القيامة، حيث إنه بين أن أفضل الرسل تأخروا عن هذه الرتبة الشريفة والمقام المحمود، الذي هو الشفاعة لأهل الموقف كلهم، حتى بلغت النبي ـ ?.

_ (1) بداية السول في تفضيل الرسول (ص34) . (2) فيض القدير للمناوي (3/41) .

المطلب الثاني: في بيان أنه صلى الله عليه وسلم لم يخبر بسيادته على وجه الفخر

المطلب الثاني: في بيان أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يخبر بسيادته على وجه الفخر كونه سيد الناس، وسيد ولد آدم ـ لم يرد بذلك فخرا، حيث نفاه ـ ? ـ بقوله: ((ولا فخر)) . قال الحافظ النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قال العلماء: وقوله ـ ? ـ: أنا سيد ولد آدم، لم يقله فخرا، بل صرح بنفي الفخر في الحديث المشهور: ((أنا سيد ولد أدم ولا فخر)) وانما قاله لوجهين: أحدهما: امتثال قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) . والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه ـ? ـ بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله ـ تعالى)) (2) . وقال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وإنما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنا سيد ولد آدم، لتعرف أمته منزلته من ربه ـ عز وجل)) (3) . وقال المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، أي أقول ذلك شكرا لا فخرا، فهو من قبيل قول سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر} (4) أي لا أقوله تكبرا وتفاخرا وتعاظما على الناس. وقيل: لا أتكبر به في الدنيا، وإلا ففيه فخر الدارين. وقيل: لا أفتخر بذلك، بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة.

_ (1) الضحى، آية (11) . (2) شرح النووي على صحيح مسلم (15/37) ، وانظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 417) . (3) بداية السول في تفضيل الرسول (ص24) . (4) النمل، آية (16) .

والفخر: ادعاء العظمة والمباهاة، وهذا قاله للتحدث بالنعمة وإعلاما للأمة ليعتقدوا فضله على جميع الأنبياء)) (1) .

_ (1) فيض القدير (3/42) ، وانظر: النهاية في غريب الحديث (2/417) ، شرح الشفا لملا علي قاري (2/587) .

المطلب الثالث: في بيان شمولية سيادته لآدم صلى الله عليه وسلم وبنيه

المطلب الثالث: في بيان شمولية سيادته لآدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبنيه إن سيادة النبي ـ ? ـ لبني آدم شاملة لآدم ـ ? ـ وبنيه، وما جاء في حديث ((أنا سيد ولد آدم)) لا ينفي كونه سيدا لآدم، يدل على هذا اللفظ الآخر للحديث ((أنا سيد الناس يوم القيامة)) والناس يدخل فيهم آدم عليه السلام. وقد بين النبي ـ ? ـ بم صار سيدهم، وهو إتيان الناس لآدم فمن بعده من الأنبياء ليشفعوا لهم، فيتأخروا عنها، حتى تكون النوبة لمحمد ـ ? ـ فيتولى أمرها، ويقوم بها، ويَشفَع ويُشفَّع. قال العلامة السندي (ت 1138) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قالوا في حديث: أنا سيد ولد آدم: إن الاسم يشمل آدم أيضا والله تعالى أعلم)) (1) . وهذا هو الظاهر، ويدل عليه الحديث الآخر، وهو قوله ـ ? ـ: ((أنا سيد الناس يوم القيامة)) ثم ذكر ـ ? ـ بم صار سيدهم، وهو إتيان الناس آدم فمن بعده من الرسل ممن ذكرهم، وتأخرهم عن الشفاعة، حتى شفع فيهم محمد ـ ?. ويدل عليه ـ أيضا ـ قوله ـ ? ـ في حديث أبي سعيد الخدري ـ ? ـ: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي)) (2) .

_ (1) حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/181) . (2) أخرجه الترمذي في جامعه (5/308) رقم (3148) و (5/587) رقم (3614) وقال: (هذا حديث حسن صحيح) .

المطلب الرابع: في بيان تحريم إطلاق لفظ (سيد ولد آدم) أو (سيد الناس) أو (سيد الكل) ونحوها على أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم

المطلب الرابع: في بيان تحريم إطلاق لفظ (سيد ولد آدم) أو (سيد الناس) أو (سيد الكل) ونحوها على أحد غير النبي ـ صلى الله عليه وسلم. إن مما اختص الله ـ تعالى ـ به نبيه محمدا ـ ? ـ وفضله به على سائر الناس: كونه سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة (1) ، فهذه الميزة لا يشركه فيها أحد، وعليه، فلا يجوز منازعته ـ ? ـ في الخصيصة، وذلك بوصف أحد بها. قال ابن القيم (ت 751) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس، وسيد الكل، كما يحرم سيد ولد آدم، فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله ـ ? ـ وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك)) (2) . وقد ذكر الحافظ السيوطي (ت 911) ـ رحمه الله تعالى ـ أن (السيد) من أسماء النبي ـ ? ـ وبين معناه، فقال: ((وهو الرئيس الذي يتبع وينتهى إلى قوله، وقيل: السيد في الدين، وقيل: الحسن الخلق، وقيل: الذي يطيع ربه، وقيل: الفقيه العالم، وقيل: الذي ساد في العلم والعبادة والورع، وقيل: الحليم، وقيل: التقي، وقيل: الذي لا يغضب، وقيل: الكريم على الله، وقيل: الكبير، وقيل: الذي لا يحسد، وقيل: المطاع، وقيل: الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير، وقيل: القانع بما قسم له، وقيل: الراضي بقضاء الله، وقيل: المتوكل على الله، وقيل: الذي عظمت همته أن يحدث نفسه بدار الدنيا)) ثم قال: ((ونبينا ـ

_ (1) انظر: المواهب اللدنية للقسطلاني (4/617) ، مرشد المحتار إلى خصائص النبي المختار لابن طولون (ص394) . (2) تحفة المودود بأحكام المولود (ص115) .

ـ بالصفات المذكورة كلها)) (1) . وعليه فإنه ـ صلى الله علي وسلم ـ قد حاز معاني السيادة كلها، فليست تجتمع لأحد غيره، فلا يسوغ حينئذ أن يطلق على أحد غيره مثل هذه الألفاظ.

_ (1) الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة (ص177) .

المبحث الثالث: إطلاق لفظ السيدة على المرأة

المبحث الثالث: إطلاق لفظ السيدة على المرأة لقد جاءت نصوص كثيرة صحيحة تدل على جواز إطلاق هذا اللفظ على المرأة، ومن هذه النصوص: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ((أقبلت فاطمة تمشي، كأن مشيتها مشي النبي ـ ? ـ فقال النبي ?: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا؛ فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا؛ فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله ? حتى قبض النبي ?، فسألتها، فقالت: أسر إلي إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أرى إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟ فضحكت لذلك)) (1) . وعن أنس ـ ? ـ أن رسول الله ? غزا خيبر، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله ?، وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله ? في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله ?، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله ?، فلما دخل القرية قال: الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، قالها ثلاثا، قال: وخرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد والخميس يعني الجيش، قال: فأصبناها عنوة، فجمع السبي، فجاء دحية، فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي ?، فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير لا

_ (1) أخرجه البخاري في صحيحه (3/1326) رقم (4326) ، و (5/2317) رقم (5928) ، ومسلم في صحيحه (4/1904) رقم (2450) و (4/1905) رقم (2450) .

تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي ?، قال: خذ جارية من السبي غيرها، قال: فأعتقها النبي ? وتزوجها)) (1) . وعن أبي هريرة ـ ? ـ قال قال رسول الله ـ ? ـ: ((لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوك: ربي وربتي، وليقل المالك: فتاي وفتاتي، وليقل المملوك: سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون، والرب: الله عز وجل)) (2) . فهذه النصوص دالة على جواز إطلاق هذا اللفظ على المرأة، وإطلاق هذا اللفظ على المرأة مقيد بما قيد به إطلاقه على الرجل، فلا يجوز إطلاقه على المنافقة والكافرة والمبتدعة ونحوهنّ، لعموم النهي عن ذلك. كما أنه لا ينبغي إطلاق مثل (ست الناس) و (ست العرب) و (ست العلماء) و (ست الكل) وما في حكمها، فقد سئل النووي ـ رحمه الله تعالى ـ عمن له بنت، فسماها، بأحد هذه الأسماء، فأجاب بأن هذه الألفاظ ألفاظ ليست عربية، بل هي باطلة من حيث اللغة، وأما من حيث الشرع، فمكروهة كراهة شديدة، وينبغي لمن جهل وسمى به أن يغيره (3) .

_ (1) أخرجه البخاري في صحيحه (1/145) رقم (364) . (2) أخرجه أبو داود في سننه (4/294) رقم (4975) ، والنسائي في السنن الكبرى (6/69) رقم (10072) ، وأحمد في مسنده (2/423) رقم (9465) ، والبيهقي في شعب الإيمان (4/312) رقم (5219) ، وابن حزم في المحلى (9/249) ، وقد صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/456) ، وفي صحيح الجامع رقم (7643) . (3) انظر: المعيار المعرب للونشريسي (12/373) .

المبحث الرابع: إطلاقه على المنافق والكافر

المبحث الرابع: إطلاقه على المنافق والكافر إن المنافق والكافر ومن في حكمهم قد نهي الله ـ تعالى ـ عن إعزازهم وإكرامهم بعد إذ أذلهم، وأمر ـ جل وعلا ـ بإصغارهم واحتقارهم وإذلالهم. قال الله ـ تعالى ـ: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (1) . وقال ـ تعالى ـ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (2) . وأمر ـ جل وعلا ـ بالغلظة عليهم، فقال ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (3) . قال الحافظ ابن كثير (ت 774) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((أمر ـ تعالى ـ رسوله ـ ? ـ بجهاد الكفار والمنافقين، والغلظة عليهم، كما أمره بأن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين، وأخبره أن مصير الكفار والمنافقين إلى النار في الدار الآخرة)) (4) . ومخاطبتهم بهذه الألفاظ فيها من التودد والاحترام ما ليسوا جديرين به، فإذا قال لهم العبد المسلم ذلك، فقد أعزهم بعد إذ أذلهم الله، وأكرمهم بعد إذ أهانهم الله. وقد كان ـ ? ـ يكره استعمال اللفظ الشريف المصون في حق من

_ (1) الحج، آية (18) . (2) التوبة، آية (29) . (3) التوبة، آية (73) . (4) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/371) .

ليس كذلك، واستعمال اللفظ المهين المكروه فيمن ليس من أهله، وإطلاق السيادة على المنافق والكافر ومن في حكمهم من هذا القبيل (1) . وقد جاء النص عن رسول الله ـ ? ـ في النهي عن إطلاق لفظ السيادة عليهم صريحا. قال ـ ? ـ: ((لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم)) . وقد بين العلماء كيف أنّ من أطلق السيادة على المنافق مسخطٌ لربه، فقد ذكر الطحاوي (ت 322) ـ رحمه الله تعالى ـ أن سبب ذلك هو أنه وضع المنافق بخلاف المكان الذي وضعه الله ـ عز وجل ـ بذلك (2) . وذكر ابن الأثير ـ رحمه الله تعالى ـ وجها آخر، فقال في بيان معنى هذا الحديث: ((فإنه إن كان سيدكم ـ وهو منافق ـ فحالكم دون حاله، والله لا يرضى لكم ذلك)) (3) . فقد بين أن سبب النهي هو أن القائل جعل المنافق سيدا له، فيكون هذا القائل دونه، فلما كان دونه كانت حاله أشد من حاله. وأما العلامة الطيبي (ت 743) ـ رحمه الله تعالى ـ فذهب إلى أن سبب السخط أحد أمرين: الأول: هو كون من جعله سيدا، فقد جعله واجب الطاعة، فإذا أطاعه القائل، كان ذلك سببا لسخط الرب ـ جل وعلا ـ. الثاني: أن السخط حاصل بمجرد قولها له، وإن لم يك سيدا في الحقيقة

_ (1) انظر: زاد المعاد لابن القيم (2/9) ، فيض القدير للمناوي (1/411) . (2) انظر: شرح مشكل الآثار (15/249) . (3) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (2/418) .

والواقع، وجعل الطيبي معنى (إن يك) إن يُقَل له (1) . وأما ملا علي قاري ـ رحمه الله تعالى ـ فذهب إلى أن قول ذلك للمنافق سبب للسخط من وجهين: أحدهما: أن يكون سيد قوم أو صاحب عبيد وإماء وأموال، فإطلاق هذا اللفظ عليه يكون تعظيما له، وتعظيم المنافقين سبب لسخط الرب ـ جل وعلا ـ لأن الله ـ تعالى ـ أمر بالغلظة عليهم. ثانيهما: أن يكون المنافق ليس كذلك، يعني ليس بصاحب دنيا ولا جاه، فإذا قيل له ذلك، كان كذبا بالاتفاق، والكذب حرام، وهو من أسباب السخط (2) . فلا يحل بعد هذا البيان من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يطلق هذا اللفظ على منافق أو كافر.

_ (1) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى بالكاشف عن حقائق السنن (10/3095) ، وانظر: عون المعبود للعظيم آبادي (13/221) . (2) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/119) ، عون المعبود (13/221) .

المبحث الخامس: إطلاق هذا اللفظ على المبتدع

المبحث الخامس: إطلاق هذا اللفظ على المبتدع لقد اشتد السلف ـ رحمهم الله تعالى ـ على أهل البدع، ونهوا عن تعظيمهم وإكرامهم، وذلك لما لهم من الخطر على الإسلام وأهله. وقد جاءت النصوص عنهم محذرة من ذلك. قال إبراهيم بن ميسرة (ت 132) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((من وقر صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام)) (1) . وبنحو ذلك قال الفضيل بن عياض (2) (ت 187) . وكان طاوس (ت106) ـ رحمه الله تعالى ـ يطوف بالبيت، فلقيه معبد الجهني (ت 80) ، فقال له طاوس: أنت معبد؟ قال: نعم، فالتفت طاوس إلى من معه وقال: ((هذا معبد، فأهينوه)) (3) . بل حكى الإمام أبو إسماعيل الصابوني (ت 449) إجماع أهل السنة والجماعة على وجوب قهر أهل البدع وإذلالهم، فقال: ((واتفقوا ـ مع ذلك ـ على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم، وإبعادهم وإقصائهم، والتباعدعنهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله ـ عز وجل ـ بمجانبتهم ومهاجرتهم)) (4) . فالسلف ـ رحمهم الله تعالى ـ يرون إذلال أهل البدع وقهرهم، ترك الانبساط معهم، والسلام عليهم، ومؤاكلتهم، ومجالستهم، فضلا عن تقديمهم

_ (1) أخرجه ابن بطة في الإبانة الصغرى (ص113) ، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/139) . (2) ذكره ابن بطة في الإبانة الصغرى (ص113) . (3) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/638) . (4) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص134) .

في المجالس وتعظيمهم، وإظهار إكرامهم. وقد ألحق السلف أهل البدع بالمنافقين في تحريم إطلاق لفظ السيد عليهم، وذلك لأن هذا اللفظ يدل على تعظيمهم واحترامهم. واستدلوا على ذلك بحديث: ((لا تقولوا للمنافق يا سيد)) . قال المنذري (ت 656) ـ رحمه الله تعالى ـ في الترغيب والترهيب: ((باب الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع: ياسيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم)) (1) . وقال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في رياض الصالحين ((باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بسيد ونحوه)) (2) .

_ (1) الترغيب والترهيب (3/359) . (2) رياض الصالحين (ص480) .

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد خلص الباحث في هذا البحث إلى الأمور التالية: أولا: إثبات كون السيد من أسماء الله ـ تعالى ـ الحسنى؛ لثبوت النص بذلك، وكل ما ثبت لبقية الأسماء من حيث الاحترام ومشروعية الدعاء بها وغير ذلك، فهو ثابت له. ثانيا: جواز إطلاق هذا الاسم على المخلوقين بشرط عدم دلالته على أي من معاني الربوبية أو الألوهية، وبشرط كون المسمى به أهلا لذلك، مع أمن الفتنة والفساد. ثالثا: ما دل على السيادة العامة على جميع الخلق، فإنها لا تصح إلا لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما غيره فلا يجوز إطلاقها بهذا الاعتبار. رابعا: إخبار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن سيادته، إنما جاء على سبيل التبليغ للأمة، وامتثالا لأمر به بالتحدث بنعمة الله ـ تعالى ـ عليه، وليعرف الناس بذلك فضله، فيعاملوه بمقتضى ذلك. خامسا: سيادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبني آدم شاملة لآدم ـ عليه السلام ـ وبنيه. سادسا: تحريم إطلاقه على المنافق والكافر والمبتدع. سابعا: جواز إطلاقه على المرأة. والله ـ تعالى ـ أسأل التوفيق والسداد. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مصادر ومراجع

مصادر ومراجع ... قائمة المصادر والمراجع 1. إبطال التنديد باختصار شرح التوحيد، للشيخ حمد بن علي بن عتيق، مكتبة الرياض الحديثة، ط4/1389. 2. الأحاديث المختارة، للضياء المقدسي، تحقيق عبد الملك بن دهيش، مكتبة النهضة بمكة المكرمة، ط1/ 1410. 3. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، للأمير علاء الدين بن بلبان، تحقيق شعيب الأرناؤوط وزملائه، مؤسسة الرسالة ببيروت، ط1. 4. أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص، دار الكتاب العربي ببيروت. 5. الآداب الشرعية، لأبي عبد الله محمدبن مفلح المقدسي، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعمر القيام، ط3/ 1419، مؤسسة الرسالة ببيروت. 6. الأدب المفرد، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار المعرفة، ط1/1407. 7. الأسماء والصفات، لأبي بكر البيهقي، حققه، وخرج أحاديثه، وعلق عليه: عبد الله الحاشدي، مكتبة السوادي للتوزيع بجدة، ط1/1413. 8. أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للخطابي، تحقيق د. محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود، معهد البحوث العلمية بجامعة أم القرى، ط1/1409. 9. إكمال إكمال المعلم، لأبي عبد الله الإبي، دار طبرية بالرياض. 10. إكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي، تحقيق د. يحيى إسماعيل، دار الوفاء بمصر، ط1/1419. 11. ألف باء، لأبي الحجاج يوسف بن محمد البلوي، عالم الكتب ببيروت. البحر الزخار المعروف بمسند البزار، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله،

1. مكتبة علوم القرآن ومكتبة العلوم والحكم بالمدينة النبوية، ط1/1410 (أجزاؤها تخرج تباعا) . 2. بدائع الفوائد، لابن قيم الجوزية، دار الكتاب العربي ببيروت. 3. بداية السول في تفضيل الرسول للعز عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي، المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق، ط4/1406. 4. بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل، لعماد الدين يحيى بن أبي بكر العامري، بشرح جمال الدين محمد الأشخر اليمني، دار صادر ببيروت. 5. البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، حققه مجموعة من الأساتذة، دار الغرب الإسلامي ببيروت، ط1/1408. 6. التاريخ الكبير، لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، مؤسسة الكتب الثقافية ببيروت. 7. تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية ببيروت. 8. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، لمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري، دار الكتب العلمية. 9. تحفة الأخيار المعروف بالأذكار النووية، لأبي زكريا يحيى النووي، دار الملاح للنشر والتوزيع بدمشق. 10. تحفة المودود بأحكام المولود، للحافظ لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن قيم الجوزية، دار الكتاب العربي ببيروت، ط2/1403. 11. الترغيب والترهيب، للحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، دار الكتب العلمية ببيروت، ط1/1417.

1. تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، دار الفكر ببيروت، 1402. 2. تكملة فتح الملهم بشرح صحيح مسلم، لمحمد تقي العثماني، مكتبة دار العلوم بكراتشي، ط1/1415. 3. تهذيب اللغة، لأبي منصور الأزهري، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة ابن تيمية بالقاهرة، دون ذكر رقم الطبعة ولا تأريخها. 4. التوحيد ومعرفة أسماء الله ـ عز وجل ـ وصفاته على الاتفاق والتفرد، للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده لابن منده، تحقيق د. علي بن محمد بن ناصر فقيهي، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ط1/1409. 5. الثقات، لأبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي البستي، مجلس دائرة المعارف العثمانية. 6. جامع البيان عن تفسير القرآن، للإمام محمد بن جرير الطبري، دار الفكر ببيروت. 7. جامع الترمذي، حققه أحمد شاكر وآخرون، مكتبة الحلبي، 1398. 8. جامع كرامات الأولياء ليوسف بن إسماعيل النبهاني، تحقيق: إبراهيم عوض، طبع مصطفى البابي الحلبي، ط3/1404. 9. الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دار إحياء التراث العربي، مصور عن الطبعة الأولى 1371. 10. جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التجاني، لعلي حرازم بن العربي برادة المغربي الفاسي، دار الجيل ببيروت، 1408. 11. حاشية السندي على سنن ابن ماجه، دار الكتب العلمية ببيروت. 12. حاشية كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي، دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت، ط2/1403.

1. الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة، للإمام الحافظ قوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني، تحقيق ودراسة د. محمد بن ربيع المدخلي، ود. محمد بن محمود أبو رحيم، دار الراية للنشر والتوزيع بالرياض، ط1/1411. 2. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي ببيروت، ط4/ 1405. 3. الدر النضيد على أبواب التوحيد، للشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان، مكتبة الصحابة بجدة، ط4/1413. 4. دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وثق أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية ببيروت، ط1/1405. 5. الدين الخالص، لصديق حسن خان، مكتبة ابن تيمية بمصر. 6. الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق د. محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ط1/1994. 7. ذكر أخبار أصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، الدار العلمية، ط2/1405. 8. الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة ـ ? ـ للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، تحقيق محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية ببيروت، ط1/1405. 9. رياض الصالحين، لأبي زكريا يحيى النووي، تحقيق رضوان دعبول، مؤسسة الرسالة ببيروت، ط1/1399. 10. زاد المعاد في هدي خير العباد، لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، 1404 مصور عن الطبعة الأولى.

1. الزوائد على الزهد لابن المبارك، تأليف نعيم بن حماد المروزي، بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية ببيروت. 2. السنة، لابن أبي عاصم، ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة، للشيخ ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي ببيروت، ط1/1400. 3. سنن أبي داود، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر. 4. سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحقيق فواز زمرلي وزميله، دار الكتاب العربي، ط1/1407. 5. السنن الكبرى، لأبي بكر البيهقي، دار الفكر. 6. سنن النسائي الصغرى (المجتبى) ، ترقيم عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب. 7. سير الأولياء في القرن السابع الهجري، لصفي الدين الحسين بن جمال الدين الأنصاري الخزرجي، تحقيق: مأمون محمود ياسين وعفت وصال حمزة، دار العالم للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت، ط1. 8. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للإمام الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي، تحقيق د. أحمد سعد حمدان، ط1/ دار طيبة للنشر والتوزيع بالرياض. 9. شرح الشفا في شمائل صاحب الاصطفا، لملا علي قاري، تحقيق محمد حسنين مخلوف، مكتبة ابن تيمية. 10. شرح النووي على مسلم، دار إحياء التراث العربي ببيروت، 1392. 11. شرح مشكل الآثار، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، حققه وضبط نصه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط وزملاؤه، مؤسسة الرسالة ببيروت، ط1/1415. الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ومجانبة المخالفين ومباينة أهل

1. الأهواء المارقين، للإمام عبيد الله محمد بن بطة العكبري، تحقيق وتعليق ودراسة: د. رضا ابن نعسان معطي، المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة، 1404. 2. الصارم المنكي في الرد على السبكي، للحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي، تحقيق عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني، دار الريان للنشر والتوزيع ببيروت، ط1/1412. 3. الصحاح للجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، ط2 / دار العلم للملايين ببيروت. 4. صحيح البخاري، تحقيق د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير ودار اليمامة، ط3/ 1407. 5. صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد الباقي، دار إحياء التراث العربي. 6. الصمت وأدب اللسان، لأبي بكر بن أبي الدنيا، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية ببيروت. 7. صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، لمحمد بشير السهسواني، صححه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، مطابه نجد التجارية بالرياض، ط5/1395. 8. طبقات الأولياء لسراج الدين أبي حفص عمر بن علي المصري المعروف بابن الملقن، حققه وخرجه: نور الدين شريبة، دار المعرفة ببيروت، ط2/1406. 9. الطبقات الكبرى، لعبد الوهاب الشعراني، دار الفكر العربي ببيروت. 10. عقيدة السلف أصحاب الحديث، للإمام أبي إسماعيل عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني، مطبوع ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، إدارة الطباعة المنيرية، مصورة عن طبعة 1343.

1. عمدة القاري شرح صحيح البخاري، لبدر الدين العيني، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط1/1392. 2. عمل اليوم والليلة، لأبي بكر بن السني، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه بشير عيون، دار البيان بدمشق، ط1/1407. 3. عون المعبود شرح سنن أبي داود، لشمس الحق عبد العظيم آبادي، دار التراث بالقاهرة. 4. فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، علق على الأجزاء الأولى منه الشيخ عبد العزيز بن باز، ط2/ المكتبة السلفية. 5. فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد ابن عبد الوهاب، تحقيق د. الوليد بن عبد الرحمن آل فريان، دار الصميعي للنشر والتوزيع بالرياض، ط2/1417. 6. الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، لابن علان، دار الفكر. 7. الفروع، لابن مفلح، راجعه: عبد الستار أحمد فرج، عالم الكتب، بيروت، ط4/ 1405. 8. فضائل الصحابة، للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق د. وصي الله عباس، مركز إحياء التراث بجامعة أم القرى، ط1/1403. 9. فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد، لفضل الله الجيلاني، نشر: الصدف ببلشرز بالباكستان، 1378. 10. القول المفيد على كتاب التوحيد، شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، اعتنى به جمعا وترتيبا وتصويبا، وعزا آياته، وخرج أحاديثه، ووضع فهارسه، وأشرف على طبعه: د. سليمان بن عبد الله أبا الخيل ود. خالد بن علي المشيقح، دار العاصمة بالرياض، ط1/1415.

1. الكاشف عن حقائق السنن = شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، لشرف الدين الطيبي، تحقيق ودراسة د. عبد الحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط1/1417. 2. الكتاب، لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بـ (سيبويه) تحقيق وشرح عبد السلام هارون، ط2/ مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الرفاعي بالرياض. 3. الكنى والأسماء، للدولابي. 4. لسان العرب، لجمال الدين بن منظور، دار صادر. 5. مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، جمع وترتيب فهد السليمان، دار الوطن بالرياض، ط1/1412. 6. مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، دار العاصمة، مصورة عن الطبعة الأولى. 7. المحلى، لأبي محمد علي بن حزم الظاهري، تحقيق أحمد شاكر، مكتبة ابن تيمية بالقاهرة. 8. مرشد المحتار إلى خصائص المختار ـ ? ـ لشمس الدين محمد بن علي ابن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي، تحقيق د. بهاء محمد الشاهد، مكتبة الإمام الشافعي. 9. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان القاري، دار الكتاب الإسلامي. 10. المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله الحاكم، حققه مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ط1/1411. 11. مسند أبي يعلى الموصلي، تحقيق حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق وبيروت، ط1/1404.

1. مسند الإمام أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي. 2. المصنف، لأبي بكر بن أبي شيبة، تحقيق كمال يوسف الحوت، 1409. 3. معالم السنن، للإمام الخطابي، تحقيق محمد حامد الفقي، دار المعرفة ببيروت. 4. المعجم الأوسط، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق طارق عوض الله وعبد المحسن الحسيني، دار الحرمين بمصر، ط1/1415. 5. المعلم بفوائد مسلم، لأبي عبد الله المازري، وتعليق وتحقيق محمد الشاذلي النيفر، دار الغرب الإسلامي، ط1/1988. 6. المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب، لأحمد بن يحيى الونشريسي، خرجه جماعة من الفقهاء بإشراف د. محمد حجي، دار الغرب الإسلامي ببيروت، 1401. 7. المفردات في غريب القرآن، لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، تحقيق وضبط محمد سيد كيلاني، دار المعرفة ببيروت. 8. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي، حققه وعلق عليه وقدم له: محيي الدين ديب مستو وزملاؤه، دار ابن كثير بدمشق وبيروت، ط2/1420. 9. المقتضب، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق د. محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب ببيروت. 10. مكمل إكمال إكمال المعلم، لأبي عبد الله السنوسي، دار طبرية بالرياض. 11. المنتخب من مسند عبد بن حميد، تحقيق مصطفى بن العدوي شلباية، دار الأرقم 1405 (أجزاؤه صدرت تباعا في أوقات مختلفة) .

1. المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي، دار الكتاب العربي، مصورة عن الطبعة الأولى 1332. 2. المنهاج في شعب الإيمان، لأبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي، تحقيق حلمي محمد فودة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1/1399. 3. المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، لأحمد بن محمد القسطلاني، تحقيق صالح ابن أحمد الشامي، المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق وعمان، ط1/1412. 4. النهاية في غريب الحديث، لأبي السعادات بن الأثير، تحقيق د. محمود الطناحي، والطاهر الزاوي، المكتبة العلمية، ط2. 5. اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر، لمحيي الدين بن عربي، دار إحياء التراث العربي ببيروت، 1404.

§1/1