الهم والحزن لابن أبي الدنيا

ابن أبي الدنيا

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ يَوْمَ الْأَرْبَعَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ قِيلَ لَهُ: أَنْبَأَكَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْمُعَدِّلُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَأَقَرَّبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سُفْيَانَ الْقُرَشِيُّ قَالَ: 1 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحٍ الرُّوَاسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عَمٍّ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ خَالِهِ هِنْدَ بْنِ أَبِي هَالَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §مُتَواصِلَ الْأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، طَوِيلَ السَكْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ»

هل يحب الله كل قلب حزين؟

§هَلْ يُحِبُّ اللَّهُ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ؟

2 - ثنا الْحَسَنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحِمْصِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §اللَّهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ»

الهم والحزن يكفران الذنوب

§الْهَمُّ وَالْحُزْنُ يُكَفِّرَانِ الذُّنُوبَ

3 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا §كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ما يُكَفِّرُهَا، ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ»

حديث آدم عليه السلام عن الهم والحزن

§حَدِيثُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ

4 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَرَجِ الْعَابِدُ، عَنْ فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: قَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «§كُنَّا نَسْلَا مِنَ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ فِي الْجَنَّةِ، أَمَّا إِلَى الدُّنْيَا، فَلَيْسَ لَنَا فِيهَا إِلَّا الْهَمُّ وَالْحُزْنُ حَتَّى نَرُدَّ إِلَى الدَّارِ الَّتِي خَرَجْنَا مِنْهَا»

5 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَرَجِ، عَنْ فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ، قَالَ: قَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «§بَنِيَ طَالَ حُزْنِي عَلَى، أُخْرِجَ مِنْهَا أَبُوكَ لَزَهَقَتْ نَفْسُكَ»

صور من أحزان يعقوب على يوسف عليهما السلام

§صُوَرٌ مِنْ أَحْزَانِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ

6 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ مُنْذُ خَرَجَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، إِلَى أَنْ رَجَعَ ثَمَانِينَ سَنَةً فَمَا فَارَقَ الْحُزْنُ قَلْبَهُ، وَمَازَالَ يَبْكِي حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ " قَالَ الْحَسَنُ: «وَاللَّهِ إِنْ كَانَ §عَلَى الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ بَشَرٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ يَعْقُوبَ»

7 - حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «§مَا اكْتَحَلَ رَجُلٌ بِمِثْلِ مَلْمُولَ الْحُزْنَ»

القلب الخالي من الحزن خراب

§الْقَلْبُ الْخَالِي مِنَ الْحُزْنِ خَرَابٌ

8 - ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيِّ، وَنُعَيْمُ بْنُ هَيْصَمٍ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، قَالَ: «إِنَّ §الْقَلْبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُزْنٌ خَرِبَ، كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يَسْكُنْ خَرِبَ»

الدنيا والآخرة ضرتان

§الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ ضُرَّتَانِ

9 - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدِ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ الْعُكْلِيُّ، ثنا سُهَيْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: " §حُزْنُكَ عَلَى الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا يَذْهَبُ بِحَلَاوَةِ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ، وَفَرَحُكَ بِالدُّنْيَا لِلدُّنْيَا يَذْهَبُ بِحَلَاوَةِ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ

10 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ: فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: " §فَرَحُكَ بِالدُّنْيَا لِلدُّنْيَا يَذْهَبُ بِحَلَاوَةِ الْعِبَادَةِ، وَهَمُّكَ بِالدُّنْيَا يَذْهَبُ بِالْعِبَادَةِ كُلِّهَا

11 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: سَمِعَ الْحَسَنُ رَجُلًا يَقُولُ: وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: «يَا هَذَا §فَهَلَّا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ عَلْمِهِ فِيكَ»

قل واحزناه على الحزن

§قُلْ وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ

12 - ثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ السَّمَّاكِ رَجُلًا يَقُولُ: وَاحُزْنَاهُ، فَقَالَ: «§قُلْ وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ، أَلَا أَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ، وَهَلْ رَأَيْتُ مَحْزُونًا»

13 - قَالَ: وَبَلَغَنِي، عَنْ حَامِدِ بْنِ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ، يَقُولُ لِسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ: " يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، §وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ، فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: «هَلْ حَزِنْتَ قَطُّ لِعِلْمِ اللَّهِ فِيكَ؟» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «تَرَكْتَنِي لَا أَفْرَحُ»

14 - حَدَّثَنِي عَيَّاشٌ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَاسِمٌ الْخَوَّاصُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: «§أَبْكَاكَ قَطُّ سَابِقُ عِلْمِ اللَّهِ فِيكَ»

الأحزان في الدنيا ثلاثة

§الْأَحْزَانُ فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَةٌ

15 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: " §الْأَحْزَانُ فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَةٌ: خَلِيلٌ فَارَقَ خَلِيلَهُ، وَوَالِدٌ ثَكَلَ وَلَدَهُ، وَرَجُلٌ افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى "

هل الدعاء يستجاب عند الأحزان؟

§هَلِ الدُّعَاءُ يُسْتَجَابُ عِنْدَ الْأَحْزَانِ؟

16 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: «§الدُّعَاءُ الْمُسْتَجَابُ الَّذِي تُهَيِّجُهُ الْأَحْزَانُ، وَمِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ التَضَرُّعُ»

أحزان على ضياع صلاة الجماعة

§أَحْزَانٌ عَلَى ضَيَاعِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

17 - ثني الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُرْجِيٍّ، عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فِي الرَّجُلِ §يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَفُوتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِذَا حَزِنَ لِذَلِكَ أَعْطَاهُ اللَّهُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ "

18 - حَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ: «§مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ وَأَسْبِغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ مُنْصَرِفِينَ فَأَحْزَنَهُ ذَلِكَ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَيْنِ، أَجْرًا لِحُزْنِهِ، وَأَجْرًا لِمَا فَاتَهُ مِنَ الْجَمَاعَةِ»

الحزن جلاء القلوب

§الْحُزْنُ جِلَاءُ الْقُلُوبِ

19 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ جَسْرِ بْنِ فَرْقَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ الْخَوَّاصَ يَقُولُ: «§الْحُزْنُ جِلَاءُ الْقُلُوبِ، بِهِ تَسْتَلِينُ مَوَاضِعُ الْفِكْرَةِ، ثُمَّ بَكَى»

من أقوال الصالحين عن الحزن

§مِنْ أَقْوَالِ الصَّالِحِينَ عَنِ الْحُزْنِ

20 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُجَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «§الْحُزْنُ عَلَى قَدْرِ الْبَصَرِ»

21 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّوِيلُ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ طُولِ الْحُزْنِ»

22 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ قَرِيرٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يُجَالِسُ الْحَسَنَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: «إِنَّ §أَكْثَرَ مَا يُرَى لِلْعَبْدِ فِي صَحِيفَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا يُسَرُّ بِهِ الْهَمُّ الْحُزْنُ»

هل الهم والحزن يزيدان الحسنات؟

§هَلِ الْهَمُّ وَالْحُزْنُ يَزِيدَانِ الْحَسَنَاتِ؟

23 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَارِثِ سُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ خَلْفِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانِ، قَالَ: «§الْهَمُّ وَالْحُزْنُ يَزِيدَانِ فِي الْحَسَنَاتِ، وَالْأَشَرُ وَالْبَطَرُ يَزِيدَانِ فِي السَّيِّئَاتِ»

24 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَلْمٍ الْكُوفِيِّ، عَنْ مِسْعَرَ، عَنْ بُكَيْرٍ، أَوْ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: " §يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَحْزَنْ أَنْ يَخَافَ أَلَّا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهِبَ عَنَّا الْحَزْنَ} [فاطر: 34] ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يُشْفِقْ أَنْ يَخَافَ أَلَّا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور: 26] "

حديث القرآن عن الحزن

§حَدِيثُ الْقُرْآنِ عَنِ الْحُزْنِ

25 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا} [فاطر: 34] ، قَالَ: «حَزَنَ النَّارِ»

26 - حَدَّثَنِي الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرِو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ، {§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهِبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] قَالَ: «الْمَوْتَ»

27 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُجَاشِعَ بْنِ عَمْرِو، عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، {§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهِبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] ، قَالَ: «هَمُّ الْخُبْزِ فِي الدُّنْيَا»

حزن هؤلاء لا يبلى أبدا

§حُزْنُ هَؤُلَاءِ لَا يَبْلَى أَبَدًا

28 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ بَكْرٌ الْعَابِدُ: «§كُلُّ حُزْنٍ يَبْلَى، إِلَّا حُزْنُ الذُّنُوبِ»

29 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «§كُلُّ حَزْنٍ يَبْلَى، إِلَّا حُزْنُ التَّائِبِ»

30 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلَتْ عَجُوزٌ عَلَى الْحَسَنِ مِنْ جِيرَانِهِ، وَكَانَ لَهَا فَضْلٌ، وَكَانَ الْحَسَنُ، يَقْطَعُ بِهَا عَامَّةَ نَهَارِهِ، فَإِذَا الْحَسَنُ، يَبْكِي فَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «وَيْحَكِ، إِنَّ §كُلَّ حُزْنٍ يَبْلَى إِلَّا حُزْنُ الذُّنُوبِ» قَالَ الْحَسَنُ: طَلَبُوا اللَّذَّةَ فَأَخْطَأُوهَا، إِنَّمَا اللَّذَّةُ هُنَاكَ

حزن لك وحزن عليك

§حُزْنٌ لَكَ وَحُزْنٌ عَلَيْكَ

31 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْكِينُ بْنُ عُبَيْدٍ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُتَوَكِّلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْعَابِدُ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: «§الْحُزْنُ حُزْنَانِ، فَحُزْنٌ لَكَ، وَحُزْنٌ عَلَيْكَ فَالْحُزْنُ الَّذِي هُوَ لَكَ حُزْنُكَ عَلَى الْآخِرَةِ، وَخَيْرِهَا، وَالْحُزْنُ الَّذِي هُوَ عَلَيْكَ حُزْنُكَ عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا»

32 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: ثنا الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «§الْحُزْنُ حُزْنَانِ، فَحُزْنٌ حَائِلٌ، وَحُزْنٌ جَامِدٌ، فَالْحُزْنُ الْحَائِلُ مَا جَمُدَ فِي الْبَدَنِ، وَرَتَعَ فَذَاكَ الَّذِي مَا تَرَى صَاحِبَهُ إِلَّا كَئِيبًا مَحْزُونًا، مَغْمُومًا حَيْثُمَا رَأَيْتَهُ يَطْلُبُ قَلْبَهُ، لَوْ عَلِمَ أَنَّ قَلْبَهُ يَصِحُّ عَلَى مَزْبَلَةٍ لَأَتَاهَا فَذَاكَ الْحُزْنُ النَّافِعُ»

حزن الآخرة يطرد فرح الدنيا

§حُزْنُ الْآخِرَةِ يُطْرُدُ فَرَحَ الدُّنْيَا

33 - حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ شُجَاعَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا أَبُو سُمَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارَ، قَالَ: «إِنَّ §لِكُلِّ شَيْءٍ لِقَاحًا، وَإِنَّ هَذَا الْحُزْنَ بِلِقَاحِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، إِنَّهُ لَا يَصِيرُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا يَحْزَنُ، وَوَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبِ عَبْدٍ قَطُّ حُزْنُ الْآخِرَةِ، وَفَرَحٌ بِالدُّنْيَا إِنَّ أَحَدَهُمَا لَيَطْرُدُ صَاحِبَهُ»

رجل طويل الحزن والكآبة

§رَجُلٌ طَوِيلُ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ

34 - ثنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ: كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رَجُلًا طَوِيلَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، وَكَانَ عَامَّةُ كَلَامِهِ: «§عَائِذٌ بِالرَّحْمَنِ مِنْ فِتْنَةٍ»

الهموم والأحزان في حياة البصري

§الْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ فِي حَيَاةِ الْبَصْرِيِّ

35 - ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «إِنَّ §الْمُؤْمِنَ وَاللَّهِ لَا يُصْبِحُ إِلَّا حَزِينًا، وَلَا يُمْسِي إِلَّا حَزِينًا» قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ، قَلَّ مَا تَلَقَّاهُ إِلَّا وَكَأَنَّهُ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ حَدِيثًا

36 - ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَطْوَلَ حُزْنًا مِنَ الْحَسَنِ، وَكَانَ يَقُولُ: " §نَضْحَكُ وَلَا نَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا، فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ مِنْكُمْ شَيْئًا "

37 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَبُو عَلِيٍّ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: «كَانَ §الْحَسَنُ، رَجُلًا مَحْزُونًا»

38 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ بْنُ حُجَلٍ صَدِيقًا لِابْنِ سِيرِينَ، فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ، حَزِنَ عَلَيْهِ حَتَّى جَعَلَ يُعَادُ كَمَا يُعَادُ الْمَرِيضُ، قَالَ: فَحَدَّثَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ أَخِي مُحَمَّدًا، فِي الْمَنَامِ فِي قَصْرٍ، فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي، قَدْ أَرَاكَ فِي حَالٍ تَسُرُّنِي فَمَا صَنَعَ الْحَسَنُ؟، قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي بِسَبْعِينَ دَرَجَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ وَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ أَفْضَلُ مِنْهُ؟ قَالَ: «§ذَاكَ بِطُولِ حُزْنِهِ»

39 - حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {§إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ} [ص: 46] ، قَالَ: «بِهَمِّ الْآخِرَةِ»

رفع منازل الأبرار بالحزن

§رَفْعُ مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ بِالْحُزْنِ

40 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ عِيسَى، ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: " رَأَيْتُ الْحَسَنَ، فِي مَنَامِي مُشْرِقَ اللَّوْنِ شَدِيدَ بَيَاضِ الْوَجْهِ تَبْرُقُ مَجَارِيَ دُمُوعِهِ مِنْ شِدَّةِ بَيَاضِهَا عَلَى سَائِرِ وَجْهِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَسْتَ عِنْدَنَا مِنَ الْمَوْتَى؟، قَالَ: بَلَى، قَالَ: قُلْتُ: فَمَاذَا صِرْتَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْآخِرَةِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ طَالَ حُزْنُكَ وَبُكَاؤُكَ فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا؟ ‍‍‍، فَقَالَ مُبْتَسِمًا: رَفَعَ وَاللَّهِ لَنَا ذَلِكَ الْحُزْنُ , وَالْبُكَاءُ عَلِمُ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرِيقِ مَنَازِلِ الْأَبْرَارِ فَحَلَلْنَا بِثَوَابِهِ مَسَاكِنَ الْمُتَّقِينَ وَأَيِّمُ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا، قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَاذَا تَأْمُرُنِي بِهِ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟، قَالَ: مَا آمُرُكَ بِهِ: §أَطْوَلُ النَّاسِ حُزْنًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ فَرَحًا فِي الْآخِرَةِ "

رجل كأن عليه حزن الخلائق

§رَجُلٌ كَأَنَّ عَلَيْهِ حُزْنُ الْخَلَائِقِ

41 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: (قَالَ: وَيُسْمَعُ) قَالَ لِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: " §لَوْ رَأَيْتَ الْحَسَنَ، لَقُلْتَ: قَدْ بُثَّ عَلَيْهِ حُزْنُ الْخَلَائِقِ مِنْ طُولِ تِلْكَ الدَمْعَةِ وَكَثْرَةِ ذَلِكَ النَشِيجِ وَلَوْ رَأَيْتَ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ، لَقُلْتَ مُبْتَلًى "

42 - قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الضَّرِيرِ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَيْزَارِ، قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ الْحَسَنَ، إِلَّا صَارِيًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ رَجُلٌ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَإِذَا ذَكَرَ الْآخِرَةَ وَذُكِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ جَاءَتْ عَيْنَاهُ بِأَدْمُعٍ»

لما كان عمر بن عبد العزيز مغموما؟

§لَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَغْمُومًا؟

43 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُفَيْلٍ، ثنا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ، قَالَ: «§دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،» وَكَانَ لَا يَكَادُ يَبْكِي، إِنَّمَا هُوَ مُنْتَفِضٌ أَبَدًا كَأَنَّ عَلَيْهِ حُزْنُ الْخَلْقِ "

44 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الرُّؤَاسِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ مَوْلًى لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَهُ حِينَ رَجَعَ مِنْ جَنَازَةِ سُلَيْمَانَ: مَالِي أَرَاكَ مُغْتَمًّا؟ فَقَالَ عُمَرُ: «§لِمِثْلِ مَا أَنَا فِيهِ يُغْتَمُّ , لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي شَرِقٍ وَلَا غَرْبٍ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُؤَدِيَ إِلَيْهِ حَقَّهُ غَيْرَ كَاتَبٍ إِلَيَّ فِيهِ وَلَا طَالِبِهِ مِنِّي»

هل للمؤمن راحة دون لقاء الله؟

§هَلْ لِلْمُؤْمِنِ رَاحَةٌ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ؟

45 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ النَّاجِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ §مَا أَصْبَحَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَقَدْ أَصْبَحَ مَهْمُومًا مَحْزُونًا فَفِرُّوا إِلَى رَبِّكُمْ وَافْزَعُوا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمُؤْمِنٍ رَاحَةٌ دُونَ لِقَائِهِ»

46 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ اللَّيْثِيِّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ شُجَاعٍ أَبِي مَرْوَانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «§حَقٌّ لِامْرِئٍ الْمَوْتُ مَوْرِدُهُ وَالسَّاعَةُ مَوْعِدُهُ وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْ مَشْهَدِهِ أَنْ يَطُولَ حُزْنُهُ»

من معاني الحزن عند السلف الصالح

§مِنْ مَعَانِي الْحُزْنِ عِنْدَ السَّلَفِ الصَّالِحِ

47 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ هَذَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ تَمِيمٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: " §سُئِلَ أَبِي، عَنِ الْخُشُوعِ؟ فَقَالَ: «الْحُزْنُ»

48 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةُ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «§أَنْضَجَنِي الْحُزْنُ»

49 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الْقَارِئُ، عَنْ سَعِيدٍ الْقُمِّيِّ، قَالَ: قَالَ عَابِدٌ بِالْبَحْرَيْنِ: «§الْحُزْنُ أَهْدَأُ لِلْبَدَنِ وَالشَوْقُ أَهْدَأُ لِلْعَقْلِ»

هل تعرف أكبر هم المؤمن؟

§هَلْ تَعْرِفُ أَكْبَرَ هَمِّ الْمُؤْمِنِ؟

50 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خَلِيفَةَ بَيَّاعُ الْحَرِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْعِبَادِ، يَقُولُ: «§مَا جُلِيَتِ الْقُلُوبُ بِمِثْلِ الْأَحْزَانِ وَلَا اسْتَنَارَتْ بِمِثْلِ الذِّكْرِ، وَإِنَّ أَكْبَرَ أَمْرِ الْمُؤْمِنِ فِي نَفْسِهِ لِهَمِّهِ مَعَادُهُ، وَالْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَلَبِئْسَ مِعْوَلُ الْمُؤْمِنِ رَجَاءٌ لَا يَشُوبُهُ بِمَخَافَةٍ»

51 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: «§كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ مُجَاهِدًا ظَنَنْتُ أَنَّهُ خَرْبَنْدَةَ قَدْ ضَلَّ حِمَارُهُ فَهُوَ مُهْتَمٌّ»

من صور المحزونين

§مِنْ صُوَرِ الْمَحْزُونِينَ

52 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيُنِ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ: " رَأَى رَجُلًا دَنِسَ الْهَيْئَةِ دَسِمَ الثِّيَابِ، قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لَهُ: " §مَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ زِيَّ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟، لَعَلَّكَ تُرِيدُ حُسْنَ الْخِضَابِ، وَنَقَاءِ الثَّوْبِ قُلْتُ: نَعَمْ , فَبَكَى وَقَالَ: كَيْفَ سَيَتَبَيَّنُ حُزْنِي عَلَى مُصِيبَتِي فِيمَا سَلَّفْتُ مِنْ ذُنُوبِي وَالشَّاهِدُ اللَّهُ، قَالَ: وَغُشِيَ عَلَيْهِ "

53 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُرْدُنِّيُّ، حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ أَبُو عُتْبَةَ الْخَوَّاصُ، قَالَ: " رَأَيْتُ §شَيْخًا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَأَنَّهُ قَدِ احْتَرَقَ بِالنَّارِ، عَلَيْهِ مَدْرَعَةٌ سَوْدَاءُ، وَعِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، طَوِيلُ الصَّمْتِ، كَرِيهُ الْمَنْظَرِ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، شَدِيدُ الْكَآبَةِ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَوْ غَيَّرْتَ لِبَاسَكَ هَذَا، فَقَدْ عَلِمْتَ مَا جَاءَ فِي الْبَيَاضِ، فَبَكَى، وَقَالَ: هَذَا أَشْبَهُ بِلِبَاسِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ، فَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتَ فِي الدُّنْيَا فِي حِدَادٍ، وَكَأَنِّي بِي وَبِكَ قَدْ دُعِينَا، قَالَ: فَمَا أَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ "

54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لِعُقْبَةَ بْنِ مُوسَى، " وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ: يَا عُقْبَةُ، كَيْفَ يَتَسَلَّى مِنَ الْحُزْنِ مِنْ تَتَجَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ فِي كُلِّ وَقْتٍ؟، قَالَ: §فَخَرَّ عُقْبَةُ، مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَكَانَ عُقْبَةُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ "

55 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ: «§وَاحُزْنَاهُ عَلَى أَلَّا أَحْزَنَ»

56 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ رَابِعَةَ، سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ: وَاحُزْنَاهُ، فَقَالَتْ: لَا تَقُلْ هَكَذَا، وَقُلْ: وَاقِلَّةَ حُزْناهُ، §إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَزِينًا لَمْ يَنْفَعْكَ عَيْشٌ "

57 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ يَحْيَى الدَّيْبَلِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي سَعِيدٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الْحَسَنِ عَلَى الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدَوِيِّ، وَقَدْ سَلَّهُ الْحُزْنُ، وَكَانَتْ لَهُ أُخْتٌ، يُقَالُ لَهَا: سَارَةُ، تَنْدُفُ تَحْتَهُ الْقُطْنَ غُدْوَةً، وَعَشِيَّةً، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا عَلَاءُ؟ فَقَالَ: وَاحُزْنَاهُ عَلَى الْحُزْنِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: «§قُومُوا، فَإِلَى هَذَا وَاللَّهِ انْتَهَى اسْتِقْلَالُ الْحُزْنِ»

قدر الحزن المطلوب

§قَدْرُ الْحُزْنِ الْمَطْلُوبِ

58 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي مُطِيعُ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: «§قَالَ لِي بَعْضُ الْعُبَّادِ بِحَسْبِكَ حُزْنُكَ عَلَى طُولِ الْحُزْنِ فَلَرُبَّ هَمَّةٍ جَرَّتْ سُرُورَ الْأَبَدِ»

59 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْحَمْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُغَازِلِيَّ، يَقُولُ: " §قَالَ لِي بَعْضُ الْعِبَادِ: مَا انْتَفِعَ مَحْزُونٌ بِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا سُرَّ غَلَبَ الْحُزْنُ السُّرُورَ "

فضل الحزين يوم القيامة

§فَضْلُ الْحَزِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

60 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ أَمَرَ هَارُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَحَبَسَهُ دَهْرًا، قَالَ: " §أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فَقَالَ: كَمْ للْحَزِينِ غَدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ فَرْحَةٍ تَسْتَوْعِبُ طُولَ حُزْنِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ فَرَّجَ اللَّهُ، وَأَخْرِجْنِي مِمَّا كُنْتُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَبْسِ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُنَا وَأَهْلُونَا، قَالَ: فَأُرِيتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ ذَلِكَ الْآتِيَ قَدْ أَتَانِي، فَقَالَ: بَشِّرِ الْمَحْزُونِينَ بِطُولِ الْفَرَحِ غَدًا عِنْدَ مَلِيكِهِمْ، فَعَلِمْتُ وَاللَّهِ، أَنَّ الْحُزْنَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى خَيْرِ الْآخِرَةِ لَا عَلَى الدُّنْيَا "، قَالَ يَزِيدُ: فَكَانَ أَبُو الْوَلِيدِ، إِنَّمَا هُوَ دَهْرَهُ بَاكِيَ الْعَيْنِ أَوْ يَتْبَعُ جَنَازَةً أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَلْتَزِمُ الْجَبَّانَ، وَكَانَ مَحْزُونًا جِدًّا "

حديث داود عليه السلام إلى ربه

§حَدِيثُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى رَبِّهِ

61 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنِي السَّرِيُّ بْنُ يُحْيِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبَ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَيْ رَبِّ أَيْنَ أَلْقَاكَ» ؟ قَالَ: «تَلْقَانِي عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ»

62 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: «§بِقَدْرِ مَا تَفْرَحُ لِلدُّنْيَا، كَذَلِكَ تَخْرُجُ حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ»

حال المؤمن أناء الليل وأطراف النهار

§حَالُ الْمُؤْمِنِ أَنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ

63 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الرَّقِّيُّ، قَالَ: قَالَ فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ لِي مُغِيثُ الْأَسْوَدُ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: قَالَ لِي بِدَيْرِ الْخَلْقِ: " مَا لِي أَرَاكَ طَوِيلَ الْحُزْنِ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: " §طَالَتْ غَيْبَتِي وَبَعُدَتْ شُقَّتِي، وَشَقَّ عَلَيَّ السَّفَرُ جِدًّا، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ مِنْ عُمَّالِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتَ؟ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ حُزْنَكَ لِنَفْسِكَ، فَإِذَا أَنْتَ إِنَّمَا تَحُزْنُ لِغَيْرِكَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُرِيدَ حُزْنُهُ عَلَيْهِ جَدِيدٌ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ سَاعَاتُ فَرَحِهِ عِنْدَهُ سَاعَاتُ خَلَلِهِ هُوَ وَآلِهِ هُوَ بَاكٍ مَحْزُونٌ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَرَارٌ، وَإِنَّمَا تَرَاهُ وَالِهًا يَفِرُّ بِدِينِهِ مَشْغُولًا طَوِيلَ الْهَمِّ قَدْ عَلَاهُ بِثُّهُ، هَمَّتْهُ الْآخِرَهُ وَالْوَصْلَةُ إِلَيْهَا يَسْأَلُ النَّجَاةَ مِنْ شَرِّهَا ثُمَّ قَالَ: هَاهْ، هَاهْ، وَأَسْبَلَ دُمُوعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ "

باب ما جاء في الكمد

§بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكَمْدِ

64 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ، فَقُلْتُ: " §أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ للْخَائِفِينَ طُولُ الْكَمْدِ أَوْ إِسْبَالُ الدَمْعَةِ؟، قَالَ: فَقَالَ: أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا رَقَّ فَذَرَى شَفَى وَسَلَى وَإِذَا كَمَدَ غَصَّ فَشَحَّ فَالْكَمَدُ أَعْجَبُ إِلَيَّ لَهُمْ "

65 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: كَانَ فُضَيْلٌ، وَسُفْيَانَ قَاعِدَيْنِ، فَذَكَرَ أَشْيَاءَ فَجَعَلَ فُضَيْلُ يَبْكِي وَسُفْيَانُ لَا يَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِذَا §لَمْ نُسْبِلِ الدُّمُوعَ كَانَ أَكْمَدَ لِلْقَلْبِ، وَأَبْقَى لِيَحْزُنَ فِيهِ»

هل البكاء مسلاة؟

§هَلِ الْبُكَاءُ مَسْلَاةٌ؟

66 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ يَزِيدَ الْخَمْرِيِّ، حَدَّثَنِي بَحْرٌ أَبُو يُحْيِي، قَالَ: " §سَمِعْتُ عَابِدًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَقُولُ: الْبُكَاءُ مَسْلَاةٌ وَنَفْرَحُ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ فِي احْتِجَابِ الْكَمْدِ وَالْأَحْزَانِ، ثُمَّ بَكَى "

67 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «§قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَحْزَنُ حَتَّى يَنْسَى الْحُزْنَ فِي قَلْبِهِ»

68 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي شَيْخٌ يُكَنَّى بِأَبِي يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ: بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «§الْحُزْنُ انْكِسَارُ الْقَلْبِ، فَإِذَا عَلَا الْحُزْنُ قَلْبًا أَبْهَتَهُ وَحَيَّرَهُ، فَانْهَدَّتْ مِنْهُ الْقُوَّةُ، فَسُمِّيَ الْكَمَدَ»

ما هي نهاية الحزن؟

§مَا هِيَ نِهَايَةُ الْحُزْنِ؟

69 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عُتْبَةَ الْخَوَّاصِ: إِلَى مَا يَنْتَهِي الْحُزْنُ؟، قَالَ: «إِلَى الْكَمْدِ» ، قُلْتُ: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟، قَالَ: " §مِثْلُ أَنْ تَكُونَ دَهْرَكَ كَمِدًا حَزِينًا مُجَدِّدًا لِنَفْسِكَ مُصِيبَةً فِي إِثْرِ مُصْبِيَةٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو عُتْبَةَ، قَدْ بَكَى حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ "

70 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: سَأَلْتُ رَاهِبًا، فَقُلْتُ: " §إِلَيَّ مَا يَنْتَهِي الْحُزْنُ؟، فَقَالَ: إِلَى الْكَمْدِ، قُلْتُ: إِلَى مَا يَنْتَهِي الْكَمْدُ؟ قَالَ: إِلَى تَلَفِ الْأَنْفُسِ، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟، قَالَ: يُنَقِّي الْحُزْنُ فُضُولَ الْبَدَنِ مِنَ الْوَرِكِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَخْلُقَ الدَّرَنَ بِجِلْدِهِ وَعَظْمِهِ وَتَتَرَاكَمُ الْأَوْجَاعُ عَلَى الْقَلْبِ بِمَا يَهْدِهِ مِنْ دَوَاعِي الْفِكْرِ فَيَنْغَلُ الْقَلْبُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَقْرَحُ فَإِنِ انْظَمَأَ جَسَا فَهَذَى أَيْ مَاتَ، وَإِنِ اتَّفَقَا فَهُوَ الدَّاءُ الَّذِي لَيْسَ يَنْفَعُهُ دَوَاءٌ "

71 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ: «إِذَا §كَمَدَ الْحَزِينُ فَتُرَ وَإِذَا فَتُرَ انْقَطَعَ»

72 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: " كَانَتْ §شِعْوانَةُ قَدْ كَمَدَتْ حَتَّى انْقَطَعَتْ عَنِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ فَأَتَاهَا آتٍ فِي مَنَامِهَا، فَقَالَ لَهَا: [البحر البسيط] أَذْرِي جُفُونَكِ أَمَا كُنْتِ شَاجِيَةً إِنَّ النِيَاحَةَ قَدْ تَشْفِي الْحَزِينِينَا جَدِّي وَقُومِي وَصُومِي الدَّهْرَ دَائِبَةً فإِنَّمَا الدُؤْبُ مِنْ فِعْلِ الْمُطِيعِينَا فَأَصْبَحَتْ فَأَخَذَتْ فِي التَرَنُّمِ وَالْبُكَاءِ فَسَلَّتْ وَرَاجَعْتِ الدُؤْبَ وَالْعَمَلَ "

73 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَيْشِيِّ، يَقُولُ: " كَانَ يُقَالُ: «إِذَا §بَكَى الْكَمِدُ تَفَرَّجَ، وَإِذَا تَفَرَّدَ الْعَبْدُ تَعَبَّدَ»

74 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «§بُكَاءُ الْخَوْفِ مُرٌّ، وَبُكَاءُ الْمَحْزُونِ حُلْوٌ»

75 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: «§نِعَمَ مُعَوَّلُ الْكَمْدِ الْبُكَاءُ»

حديث العلماء عن الحزن

§حَدِيثُ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْحُزْنِ

76 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي سَعِيدٍ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: " §سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، عَنِ الْحُزْنِ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟، قَالَ: هُوَ الْأَسَفُ، فَقِيلَ لَهُ: الْمَحْزُونُ يَتَهَنَّأُ بِمَا فِيهِ؟، قَالَ: لَا، قِيلَ: وَلِمَ ذَاكَ؟، قَالَ: لِأَنَّ الْمَحْزُونَ خَائِفٌ وَمَنْ خَافَ اتَّقَى، وَمِنِ اتَّقَى حَذِرَ وَمِنْ حَذِرَ حَاسَبَ نَفْسَهُ، وَسُئِلَ عَالِمٌ آخَرُ عَنِ الْحُزْنِ مَا هُوَ؟، وَمَا مَوْقِعُهُ مِنَ الْقَلْبِ؟، قَالَ: أَمَا مَوْقِعُهُ فِي الْقَلْبِ فَهُوَ مَخَافَةُ أَنْ يُقْذَفَ، وَأَمَّا مَا هُوَ فَهُمُّ التَعْظِيمِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْحَيَاءُ مِنْهُ، ثُمَّ أَرْخَى عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ مَحْزُونًا بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرَحِمَ اللَّهُ تِلْكَ الْأُمَّةِ بِبُكَائِهِ، وَسُئِلَ عَالِمٌ آخِرُ عَنِ الْمَحْزُونِينَ لِأَيِّ شَيْءٍ حَزِنُوا؟ قَالَ: حَزِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَتَلَهَّفُوا عَلَيْهَا أَنْ لَا تَكُونَ مُطَابِقَةً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "

77 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا عَابِدًا مَرَّةً فَقَالَ الْعَابِدُ: «§إِنَّمَا الْبُكَاءُ شِفَاءُ الْقُلُوبِ وَرَاحَتُهَا وَلَكِنَّ ضَنَاهَا وَنِكَايَتَهَا فِي الْحُزْنِ وَالْكَمَدِ»

78 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْقَارِئَ، فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْكِي، وَيَقُولُ: « [البحر الكامل] §ابْكِ لِذَنْبِكَ طُولَ اللَّيْلِ مُجْتَهِدًا ... إِنَّ الْبُكَاءَ مُعَوَّلُ الْأَحْزَانِ لَا تَنْسَ ذَنْبَكَ فِي النَّهَارِ وَطُولِهِ ... إِنَّ الذُّنُوبَ تُحِيطُ بِالْإِنْسَانِ ثُمَّ يَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا، وَيُرَدِّدُ ذَلِكَ»

79 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، يَذْكُرُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ كُلَيْبٍ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: «§كُنْتُ بِعِبَادَانَ» فَرَأَيْتُ شَابًّا مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٌ وَحَوْلَهُ رِجَالٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي، هَذَا الشَّابُّ يَلْبَسُ الصُّوفَ، ثُمَّ قُلْتُ: مَا أُرَانِي إِلَّا قَدِ اغْتَبْتُهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: " إِنَّ لِلَّهِ، عِبَادًا يَسْتَرِيحُونَ إِلَى الْغُمُومِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكُ اللَّهُ تَلْبَسُ الصُّوفَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا عَبْدٌ، فَإِذَا عُتِقْتُ لَبِسْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِشَرِيكٍ، فَقَالَ: مَا أَكْرَهَ لُبْسَ الصُّوفِ لِمِثْلِ هَذَا مَا خَرَجَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَّا مِنْ كَنِزٍ "

لبس ما يلبس العبيد ليحزن

§لُبْسُ مَا يَلْبَسُ الْعَبِيدُ لِيَحْزُنَ

80 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي ثُوَيْرَةَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: " لَبِسَ سُلَيْمَانُ، جُبَّةَ صُوفٍ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ لَبِسْتَ أَلْيَنَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: «§إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ أَلْبَسُ مَا يَلْبَسُ الْعَبِيدُ، فَإِذَا مِتُّ لَبِسْتُ جُبَّةً لَا تَبْلَى حَوَاشِيهَا»

81 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: «إِنَّ §الرَّجُلَ إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْفِرُهَا عَنْهُ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْحُزْنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ»

حزن الحزن

§حُزْنُ الْحُزْنِ

82 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرَ: " §الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ حَظٌّ مِنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَالرِّقَةِ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ فَيَفْقِدُ ذَلِكَ فَيَحْزَنُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: ذَلِكَ حُزْنُ الْحُزْنِ "

هل حزنت لضياع العمر؟

§هَلْ حَزِنْتَ لِضَيَاعِ الْعُمُرِ؟

83 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الطُّفَاوِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شُمَيْطِ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: «§كُلُّ يَوْمٍ يَنْقُصُ مِنْ عُمُرِكَ وَأَنْتَ لَا تَحُزْنُ، وَكُلُّ يَوْمٍ وَأَنْتَ تَسْتَوْفِي فِي رِزْقِكَ وَأَنْتَ لَا تَحُزْنُ»

84 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ: «§خَذُلَ قَوْمٌ فَهُمْ مَسْرُورُونَ مُغْتَبِطُونَ، وَعُصِمَ آخَرُونَ فَهُمْ مَغْمُومُونَ مَحْزُونُونَ»

لا راحة للمؤمن دون لقاء الله

§لَا رَاحَةَ لِلْمُؤْمِنِ دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ

85 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَرْبِي، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: " §قَوْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهِبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَحْزَانُ أَهْلِ الدُّنْيَا يَقْطَعُهَا الْمَوْتُ لَكِنَّ أَحْزَانَ الْآخِرَةِ، وَحَقٌّ لِلْمُؤْمِنِ أَنُ يَحْزَنَ وَجَهَنَّمُ أَمَامَهُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ آلَافِ سَنَةٍ , أَلْفُ سَنَةٍ فِي هُبُوطٍ وَأَلْفُ سَنَةٍ عَلَى مَتْنِهَا وَأَلْفُ سَنَةٍ فِي الصُّعُودِ "

من أحاديث البشارة للمؤمنين

§مِنْ أَحَادِيثِ الْبِشَارَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ

86 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ؟ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] ؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَسْتَ تَحُزْنُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ يُصِيبُكَ الْأَذَى؟ فَذَاكَ الَّذِي تُجْزَوْنَ بِهِ»

ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا

§ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا

87 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ فَأَتَيْتُ مُنْتَسِبًا فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا يَا ابْنَ أَخِي، بَلَغَنِي أَنَّكَ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ §هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا»

شدة كمد يعقوب على يوسف عليهما السلام

§شِدَّةُ كَمَدِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ

88 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ جُوَيْبِرَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، " {§وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] قَالَ: كَمِيدٌ "

89 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «§كَظَمَ عَلَى الْحُزْنِ فَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا»

90 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا فُضَيْلٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ جُوَيْبِرَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، " §يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ قَالَ: «يَا حُزْناهُ»

وصف الأولياء الأتقياء

§وَصَفُ الْأَوْلِيَاءِ الْأَتْقِيَاءِ

91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّا الْبَلْخِيُّ، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ: أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ §لِلَّهِ عِبَادًا هُمْ وَالْجَنَّةِ كَمَنْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُتَّكِئُونَ، وَهُمْ وَالنَّارِ كَمَنْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافَّةٌ أَقْدَامُهُمْ، مُفْتَرِشُو جِبَاهِهِمْ، يُنَاجُونَ رَبَّهُمْ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ، إِبْرَارُ أَتْقِيَاءُ، بَرَاهُمُ الْخَوْفُ، فَهُمْ أَمْثَالُ الْقِدَاحِ، يَنْظُرُ النَّاظِرُ، فَيَقُولُ: مَرْضَى وَمَا بِهِمْ مِنْ مَرَضٍ، وَيَقُولُ: قَدْ خُولِطُوا أَوْ قَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمَرٌ عَظِيمٌ "

92 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «§فَضَحَ الْمَوْتُ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَدَعْ لِذِي لُبٍّ فِيهَا فَرَحًا»

الحزين ينشغل عن الدنيا بالآخرة

§الْحَزِينُ يَنْشَغِلُ عَنِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ

93 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ يَزِيدِ بْنِ تَوْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§مِنْ عَرَفَ رَبَّهُ أَحَبَّهُ وَمَنْ أَبْصَرَ الدُّنْيَا زَهِدَ فِيهَا وَالْمُؤْمِنُ لَا يَلْهُو حَتَّى يَغْفُلَ وَإِذَا تَفَكَّرَ حَزُنَ»

94 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدِ بْنِ الطِّبيبِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ، يَقُولُ: «§شَغَلَ الْمَوْتُ قُلُوبَ الْمُتَّقِينَ عَنِ الدُّنْيَا فَوَاللَّهِ مَا رَجَعُوا مِنْهَا إِلَى سُرُورٍ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِغَصَصِهِ وَكَرْبِهِ»

أين الراحة والفرح؟

§أَيْنَ الرَّاحَةُ وَالْفَرَحُ؟

95 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنْبَأَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَلِيَّ بْنَ بَزِيعٍ الْهِلَالِيَّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: قَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ: " §إِلَهِي خَلَقْتَنِي وَلَمْ تُؤَامِرْنِي فِي خَلْقِي وَخَلِقْتَ مَعِي عَدُوًّا، وَجَعَلْتَهُ يَجْرِي مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ وَجَعَلْتَهُ يَرَانِي، وَلَا أَرَاهُ، ثُمَّ قُلْتَ لِي اسْتَمْسِكْ، إِلَهِي: كَيْفَ أَسْتَمْسِكُ بِأنْ لَمْ تُمْسِكْنِي إِلَهِي فِي الدُّنْيَا الْغُمُومُ وَالْأَحْزَانُ وَفِي الْآخِرَةِ الْعِقَابُ وَالْحِسَابُ فَأَيْنَ الرَّاحَةُ وَالْفَرَحُ؟ "

96 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزَّاهِدَ، يَقُولُ: «§إِلَهِي غَيَّبَتَ عَنِّي أَجَلِي وَأَحْصَيْتَ عَلَيَّ عَمَلِي، وَلَا أَدْرِي إِلَى أَيِّ الدَّارَيْنِ تَبْعَثُنِي، فَقَدْ أَوْقَفْتَنِي مَوَاقِفَ الْمَحْزُونِينَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي»

العباد الزهاد وحديث عن الحزن

§الْعُبَّادُ الزُّهَادُ وَحَدِيثٌ عَنِ الْحُزْنِ

97 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُسْمَعِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: " §سَأَلْتُ عَابِدًا مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْتُ: مَا بَالُ الْحَزِينِ يُجِيبُهُ قَلْبُهُ إِذَا شَاءَ وَتَهْطُلُ عَيْنَاهُ عِنْدَ كُلِّ حَرَكَةٍ؟، قَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ الْحَزِينَ بَدَا بِهِ الْحُزْنُ، فَجَالَ فِي بَدَنِهِ، فَأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ بقِسْطِهِ، ثُمَّ إِلَى الْقَلْبِ وَالرَّأْسِ، فَسَكَنَهُمْ، فَمَتَى جَرَى الْقَلْبُ بِشَيْءٍ تَجْرِي فَهَاجَتِ الْحُرَقَةُ صَاعِدَةً، فَاسْتَثَارَتِ الدُّمُوعَ مِنْ شُئُونِ الرَّأْسِ حَتَّى تُسَلِّمَهَا إِلَى الْعَيْنِ فَتَذْرِيهَا فَتُنِيرُ الْجُفُونَ، ثُمَّ خَنَقَتْهُ عَبْرَتُهُ فَقَامَ "

98 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرَاثِيُّ: «§لَا تَنْدُ الْعَيْنُ حَتَّى يَحْتَرِقَ الْقَلْبُ، فَإِذَا احْتَرَقَ الْقَلْبُ تَلَهَّبَ شُعْلَةً، فَهَاجَ إِلَى الرَّأْسِ دُخَانُهُ، فَاسْتَنْزَلَ الدُّمُوعَ مِنَ الشُّئُونِ إِلَى الْعَيْنِ فَسَحَّتْهُ»

99 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ ضَيْغَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «إِنَّ §كَثْرَةَ الدُّمُوعِ وَقِلَّتَهَا عَلَى قَدْرِ احْتِرَاقِ الْقَلْبِ، فَإِذَا احْتَرَقَ الْقَلْبُ كُلُّهُ لَمْ يَشَأِ الْحَزِينُ أَنْ يَبْكِي إِلَّا بَكَى، وَالْقَلِيلُ مِنَ التَّذْكِرَةِ تُحْزِنُهُ»

100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ، عَنْ رَاهَوَيْهَ، قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: أَلَا تَرَى إِلَى أَبِي عَلِيٍّ يَعْنِي فُضَيلًا، لَا تَكَادُ تَجِفُّ لَهُ دَمْعَةٌ؟، فَقَالَ سُفْيَانُ: «إِذَا §فَرِحَ الْقَلْبُ نَزَفَتِ الْعَيْنَانُ» ، ثُمَّ تَنَفَّسَ سُفْيَانُ تَنَفُّسًا مُنْكَرًا

101 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنِي خَلْفُ الْبَرَاثِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَجُلًا مِنَ الْعِبَادِ عَنِ الشَهِيقِ الَّذِي يَعْتَرِي الْبَاكِي بَعْدَ الْبُكَاءِ؟ قَالَ: " إِذَا كَانَ §بَدْءُ الْبُكَاءِ تَنَفُّسًا وزَفِيرًا وَآخِرُهُ شَهِيقًا، فَذَاكَ بُكَاءٌ مُوجِعٌ مُقْلِقٌ، وَإِنْ كَانَتْ دَمْعَتُهُ سَائِلَةٌ فِي هُدُوءٍ وَرِفْقٍ فَتِلْكَ رِقَّةٌ فِي الْقُلُوبِ تَبْعَثُهَا إِلَى الْعُيُونِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ وَثَوَابٌ

حزن وبكاء في مجلس الوعظ

§حُزْنٌ وَبُكَاءٌ فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ

102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ: أَنَّ شِهَابَ بْنَ عَبَّادٍ، حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ: وَعَظَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ يَوْمًا، فَجَعَلَ فَتًى مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يَصْرُخُ، وَيَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ وَلَا أَرَى لَهُ دَمْعَةٌ تَسِيلُ، ثُمَّ سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ ذَرٍّ، يَبْكِي حَتَّى أَقُولَ: الْآنَ تَخْرُجُ نَفْسُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي: «إِنَّ §الْعَقْلَ إِذَا طَاشَ فُقِدَتِ الْحُرَقَةُ، وَإِذَا فُقِدَتِ الْحُرَقَةُ قَلُصَتِ الدَمْعَةُ، وَإِذَا ثَبُتَ الْعَقْلُ فَهِمَ صَاحِبُهُ الْمَوْعِظَةَ فَأَحْرَقَتْهُ وَاللَّهِ، فَحَزَنَ وَبَكَى»

103 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَذَكَرَ عِبَادَتَهُ فَقَالَ لَهُ خَلَفُ بْنُ حَوْشَبَ، فَكَيْفَ كَانَتْ رِقَّتُهُ؟، قَالَ: «§ذَهَبَتْ رِقَّتُهُ، أَمَا رَأَيْتَ الثَّكْلَى تَكْمِدُ»

هل الحزن من أفضل العبادة؟

§هَلِ الْحُزْنُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ؟

104 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ، يَقُولُ: «§أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ طُولُ الْحُزْنِ»

105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي فُرَيْجُ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ الْمُرِّيَّ، يَقُولُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ: «§هَاتِ مُهَيِّجَ الْأَحْزَانِ، وَمُذَكِّرَ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ»

106 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي الْمُشَرِّفُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: خَرَجَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ يَوْمَ عِيدٍ، فَرَجَعَ فَنَظَرَ إِلَى الْقُتَارِ، يُمْنَةً وَيُسَرَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «§إِلَهِي تَقَرَّبَ الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيْكَ بِقُرْبَانِهِمْ، وَقَدْ تَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِحُزْنِي يَا حَبِيبَ قَلْبِي» ، ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «إِلَهِي إِلَى كَمْ تِرْدَادِي فِي أَزِقَّةِ الدُّنْيَا مَحْزُونًا»

107 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ بُهِيمِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: «كَانُوا §يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُرَى الرَّجُلُ وَهُوَ مَحْزُونٌ»

أشد الناس هما المؤمن الصادق

§أَشَدُّ النَّاسِ هَمًّا الْمُؤْمِنُ الصَّادِقُ

108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْأَزْدِيُّ، ثنا دَاوُدُ الْمُحَبَّرِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ - مُحَدِّثٌ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمَ - قَالَ: «§مَا أَجِدُ فِي الدُّنْيَا أَشَدَّ هَمًّا مِنَ الْمُؤْمِنِ شَارَكَ أَهْلَ الدُّنْيَا فِي هَمِّ الْمَعَاشِ وَتَفَرَّدَ بِهَمِّ آخِرَتِهِ»

109 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، زَوْجِ ابْنَةِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَعْظَمُ النَّاسِ هَمًّا الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ

110 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ بُكَيْرٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، لَا يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِلَّا اخْتِلَاسًا وَيَقُولُ: «§اللَّهُمَّ لِغَمِّ عَيْشِي بِالدُّنْيَا يَطُولُ حُزْنِي فِيهَا»

111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ السَّلُولِيِّ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «إِنَّ §الْعَبْدَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ، فَإِذَا رَآهُ اللَّهُ قَدْ أحْزَنَهُ ذَلِكَ غُفَرَهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْدِثَ صَلَاةً وَلَا صَدَقَةً»

قلوب الأبرار تغلي بأعمال البر

§قُلُوبُ الْأَبْرَارِ تَغْلِي بِأَعْمَالِ الْبِرِّ

112 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا أَبُو حَفْصٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: «إِنَّ §الْأَبْرَارَ تَغْلِي قُلُوبُهُمْ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ تَغْلِي قُلُوبُهُمْ بِأَعْمَالِ الْفُجُورِ، وَاللَّهُ يَرَى هُمُومَكُمْ فَانْظُرُوا مَا هُمُومُكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ»

أجر بكاء يعقوب على يوسف، وسببه

§أَجْرُ بُكَاءِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ، وَسَبَبُهُ

113 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا خَلْفُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: دَخَلَ جِبْرِيلُ عَلَى يُوسُفَ السِّجْنَ فَعَرَفَهُ فَقَالَ: " §أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّيِّبَةُ رِيحُهُ الطَاهِرَةُ ثِيَابُهُ الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ هَلْ لَكُمْ عَلِمٌ بِيَعْقُوبَ؟، قَالَ: نَعَمْ بَكَى عَلَيْكَ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ، قَالَ: فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِهِ؟ قَالَ: حُزْنُ سَبْعِينَ ثَكْلَى، قَالَ: فَمَالَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَجْرِ؟ قَالَ: أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ "

114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا جِيءَ بِالْقَمِيصِ إِلَى يَعْقُوبَ، فَأُلْقِيَ عَلَى وَجْهِهِ، قَالَ: «§يَا هَمُّ اذْهَبْ عَنِّي فَطَالَمَا حَالَفْتَنِي»

115 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ قُرَيْشٍ، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا الْتَقَى يُوسُفُ، وَيَعْقُوبُ، قَالَ يُوسُفُ: «يَا أَبَاهُ §بَكَيْتَ عَلَيَّ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَفَمَا عَلِمْتَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجَمُّعُنَا؟» قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَحْدُثَ عَلَيْكَ حَدَثٌ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ فَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ

زوجوا الحور العين، وأخدموا الغلمان

§زُوِّجُوا الْحُورَ الْعَيْنَ، وَأُخْدِمُوا الْغِلْمَانَ

116 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُرَجًّى بْنِ وَدَاعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§عَيَّرُوا أَعْمَالَهُمْ بِالْحُزْنِ، فَأُعْطُوا الْفَرَحَ وَالْأَمَانَ , تَجَشَّمُوا مَشَقَّةَ الدُّنْيَا، وَشَغَلُوا فِيهَا أَنْفُسَهُمْ عَنْهَا لآخِرَتِهِمْ، فَأَشْعَرُوا الْخَشْيَةَ قُلُوبَهُمْ , ذَهَلُوا عَنْ أَزْوَاجِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، فَزُوِّجُوا الْحُورَ الْعَيْنَ، وَأُخْدِمُوا الْغِلْمَانَ الْمُخَلَّدِينَ فِي آخِرَتِهِمْ، وَاخْتَارُوا التَّوَاضُعَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، فَارْتَفَعَتْ عِنْدَهُ مَنَازِلُهُمْ خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصَةٌ بُطُونُهُمْ خَفِيفَةٌ ظُهُورُهُمْ نَقِيَّةٌ جُلُودُهُمْ رَضُّوا خَالِقَهُمْ فَأَرْضَاهُمْ»

117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ النَخْعِيِّ، قَالَ: " §كَبُرَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: طُولُ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الْأَحْزَانِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا يَعْقُوبُ، تَشْكُونِي؟ قَالَ: رَبِّ خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا فَاغْفِرْهَا لِي "

118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا رَاشِدٌ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ الْخَلْقَانِيُّ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: «إِنَّ §لِلَّهِ عِبَادًا أَخْمَصُوا لَهُ الْبُطُونَ عَنْ مَطَاعِمِ الْحَرَامِ، وَغَضُّوا لَهُ الْجُفُونَ عَنْ مَنَاظِرِ الْآثَامِ، وَأَهْمَلُوا لَهُ الْعُيُونَ لَمَّا اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْكَلَامُ، رَجَاءَ أَنْ تَبِينَ ظُلْمَةُ قُبُورِهُمْ، إِذَا تَضَمَّنَتْهُمُ الْأَرْضُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا؛ فَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُكْتَئِبُونَ؛ وَإِلَى الْآخِرَةِ مُتَطَلِّعُونَ , بَعُدَتْ أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ بِالْغَيْبِ إِلَى الْمَلَكُوتِ، فَرَأَتْ فِيهِ مَا رَاجَتْ مِنْ عَظِيمِ الثَّوَابِ، فَازْدَادُوا وَاللَّهِ بِذَلِكَ جِدًّا وَاجْتِهَادًا عِنْدَ مُعَايَنَةِ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ آمَالُهُمْ، فَهُمُ الَّذِينَ لَا رَاحَةَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهُمُ الَّذِينَ تُقَرُّ أَعْيُنُهُمْ غَدًا بِطَلْعَةِ ذَلِكَ الْمَوْتِ عَلَيْهِمْ» ، قَالَ: «ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتُهُ»

119 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثنا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: تَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْحُكَمَاءِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَوَصَفَ الْمُتَّقِي، فَقَالَ رَجُلٌ: «§آثَرَ اللَّهَ عَلَى خَلْقِهِ، وَآثَرَ الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، فَلَمْ تَكْتَرِثْهُ الْمَطَالِبُ، وَلَمْ تُغْنِهِ الْمَطَالِعُ نَظَرَ بِبَصَرِ قَلْبِهِ إِلَى مَعَالِي إِرَادَتِهِ، فَسَمَا نَحْوَهَا مُلْتَمِسًا لَهَا، فَدَهْرُهُ مَحْزُونٌ يَبِيتُ إِذَا نَامَ النَّاسُ ذَا شُجُونٍ وَيُصْبِحُ مَغْمُومًا فِي الدُّنْيَا مَسْجُونٌ، انْقَطَعَتْ مِنْ هِمَّتِهِ الرَّاحَةُ دُونَ مَنِيَّتِهِ فَشَفَاهُ الْقُرْآنُ، وَدَوَاؤُهُ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لَا يَرَى مِنْهَا الدُّنْيَا عِوَضًا وَلَا يَسْتَرِيحُ إِلَى لَذَّةٍ سِوَاهَا» ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَرْخَى بَالًا وَأَنْعَمُ عَيْشًا

حال من ملأت الآخرة قلوبهم

§حَالُ مَنْ مَلَأْتِ الْآخِرَةُ قُلُوبَهُمْ

120 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبَادَانُ رَاهِبٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَيَنْزِلَ ديرِ أَبِي كَبْشَةَ فَذَكَرُوا مِنْ حِكْمَةِ كَلَامِهِ مَا حَمَلَنِي إِلَى لِقَائِهِ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ دَاخِلٌ الدَّيْرَ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنَّ §لِلَّهِ عِبَادًا سَمَتْ بِهِمْ هِمَمُهُمْ نَحْوَ عَظِيمِ الذَّخَائِرِ فَاحْتَقَرُوا مَا دُونَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْطَارِ وَالْتَمَسُوا مِنْ فَضْلِ سَيِّدِهِمْ تَوْفِيقًا، يَبْلُغُهُمْ سُمُوَّ الْهِمَّةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمُوهُمْ أَيُّهَا الْمُرْتَحِلُونَ عَنْ قَرِيبٍ أَنْ تَأْخُذُوا بِبَعْضِ أَمْرِهِمْ قَوْمٌ مَلَأَتِ الْآخِرَةُ قُلُوبَهُمْ، فَاتَّخَذُوا الدُّنْيَا فِيهَا مَلِيًّا فَالْحُزْنُ بَثُّهُمْ وَالدُّمُوعُ وَالدَّاوبُّ وَسِيلَتُهُمْ وَالْإِشْفَاقُ شُغْلُهُمْ، وَحُسْنُ الظَّ‍نِّ بِاللَّهِ قُرْبَانُهُمْ يَحْزَنُونَ لِطُولِ الْمُكْثِ فِي الدُّنْيَا إِذَا فَرِحَ أَهْلُهَا فَهُمْ فِيهَا مَسْجُونُونَ، وَإِلَى الْآخِرَةِ مُتَطَلِّعُونَ؛ فَمَا سُمِعَتْ مَوْعِظَةٌ قَطُّ كَانَتْ آخَذَ لَقَلْبٍ مِنْهَا»

اجعل الله همك

§اجْعَلِ اللَّهَ هَمَّكَ

121 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا: أَنَّ حَكِيمًا، لَقِيَ حَكِيمًا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَوْصِنِي؟ قَالَ: «§اجْعَلِ اللَّهَ هَمَّكَ، وَاجْعَلِ الْحُزْنَ عَلَى ذَنْبِكَ؛ فَكَمْ مِنْ حَزِينٍ قَدْ وَفْدَ بِهِ حُزْنُهُ عَلَى سُرُورِ الْأَبَدِ، وَكَمْ مِنْ ذِي فَرَحٍ قَدْ نَقَلَهُ فَرَحُهُ إِلَى طُولِ الشَّقَاءِ، وَكَمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ أُخِّرَ عَنْهُمْ مَا قَدْ عُجِّلَ لِغَيْرِهِمْ نَظَرًا مِنَ السَّيِّدِ لَهُمْ، وَتَحَنُنًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ فَمَلُّوا ذَلِكَ، وَأَحَبُّوا تَعْجِيلَ مَا أُخِّرَ عَنْهُمْ؛ فَأُبْدِلُوا بِالرِّضَا السَّخَطَ؛ وَبِالْمَحَبَّةِ الْبَغْضَةَ، وَبِالسَّكِينَةِ الْخِفَّةَ، وَسُلِبُوا صَالِحَ الْعِبَادَةِ، وَحَلَاوَةَ الطَّاعَةِ فَفَقَدُوا مَا عَرَفُوا، فَنَدِمُوا عَلَى مَا أَحَبُّوا مِنْ تَعْجِيلِ الدُّنْيَا، فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمُ النَّدَامَةُ هَيْهَاتَ، وَأَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ، وَقَدْ بَطَرُوا نِعْمَةَ الطَّاعَةِ، فَأُبْدِلُوا بِهَا ذَلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَوَهَنًا فِي قُلُوبِهِمْ فَخَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا مُتَلَاوِمِينَ لَمْ يَصْبِرُوا عَلَى مَا اخْتِيرَ لَهُمْ وَلَمْ يُدْرِكُوا مَا اسْتَعْجَلُوا , أُوَلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا فِي الْآخِرَةِ، وَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْعَاجِلَةِ»

بكاء العمل، وبكاء العين

§122 - بُكَاءُ الْعَمَلِ، وَبُكَاءُ الْعَيْنِ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا خَلْفُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةٍ، قَالَ: «§بُكَاءُ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بُكَاءِ الْعَيْنِ»

123 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ الْفَزَارِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قِيلَ: لِلْحَسَنِ إِنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا يَبْكُونَ لَيْسُوا بِذَاكَ، وَنَرَى قَوْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ لَا يَبْكُونَ؟ قَالَ الْحَسَنُ: «§أُولَئِكَ تَبْكِي قُلُوبُهُمْ» أَوْ كَمَا قَالَ

124 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شُمَيْطٍ: كَانَ §أَبُوكَ يَبْكِي؟ قَالَ: «عَمَلُهُ يَبْكِي»

شدة آحزان عتبة الغلام

§شِدَّةُ آحْزَانِ عُتْبَةُ الْغُلَامِ

125 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي شُعَيْثُ بْنُ مُحْرِزٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ شَابًّا آخَذَ الْقَلْبِ، وَلَا أَطْوَلَ حُزْنًا مِنْ عُتْبَةَ الْغُلَامِ، فَلَرُبَّمَا حَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَيَبْكِي حَتَّى أَقُولَ الْآنَ يَمُوتُ»

126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ دَاوُدَ الْمُحَبَّرِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «§رُبَّمَا سَهِرَتُ لَيْلَتِي مُفَكِّرًا فِي طُولِ حُزْنِهِ - يَعْنِي عُتْبَةَ - لَقَدْ كَلَّمْتُهُ لِيَرْفُقَ بِنَفْسِهِ فَبَكَى» ، وَقَالَ: «إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيرِي»

هموم عطاء السليمي

§هُمُومُ عَطَاءٍ السُّلَيْمِيِّ

127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنِي سِجْفُ بْنُ مَنْظُورٍ، ثنا سَوَّارٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ عَطَاءً السُّلَيْمِيَّ قَطُّ - إِلَّا وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ، وَمَا كُنْتُ أُشَبِّهُ عَطَاءً إِذَا رَأَيْتُهُ إِلَّا بِالْمَرْأَةِ الثَّكْلَى، وَكَأَنَّ عَطَاءً لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا»

128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ مُحْرِزٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ الْمُرِّيُّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَطَاءٌ السُّلَيْمِيُّ، حَزِنْتُ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا فَرَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلَسْتَ فِي زُمْرَةِ الْمَوْتَى؟ قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: فَمَاذَا صِرْتَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: صِرْتُ وَاللَّهِ إِلَى خَيْرٍ كَثِيرٍ وَرَبٍّ غَفُورٍ شَكُورٍ، قَالَ: قُلْتُ: " §أَمَا وَاللَّهِ، لَقَدْ كُنْتَ طَوِيلَ الْحُزْنِ فِي دَارِ الدُّنْيَا , قَالَ: فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ، يَا أَبَا بِشْرٍ أَعْقَبَنِي ذَلِكَ رَاحَةً طَوِيلَةً وَفَرَحًا دَائِمًا» ، قُلْتُ: فَفِي أَيِّ الدَّرَجَاتِ أَنْتَ؟ قَالَ: «أَنَا مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا»

رجل يبكي ويضحك معا

§رَجُلٌ يَبْكِي وَيَضْحَكُ مَعًا

129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: قَالَ جَلِيسٌ لِعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَاشْتَدَّ عَجَبِي مِنْهُمَا رَجُلٌ لَيْلُهُ قَائِمٌ وَنَهَارُهُ صَائِمٌ، وَاجْتَنَبَ الْمَحَارِمَ؛ لَا تَلَقَاهُ أَبَدًا إِلَّا بَاكِيًا مَهْمُومًا مَحْزُونًا، وَرَجُلٌ لَيْلُهُ نَائِمٌ، وَنَهَارُهُ لَاعِبٌ وَيرتكبُ الْمَحَارِمَ؛ لَا تَلَقَاهُ أَبَدًا إِلَّا أَشِرًّا بَطِرًا مِضْحَاكًا، قَالَ: «§لَقَدْ عَجِبْتُ مِنْ عَجِبٍ يَبْكِي هَذَا وَيَحْزَنُ لِشِدَّةِ عَقْلِهِ وَحُسْنِ عِلْمِهِ، وَيَأْشِرُ هَذَا وَيَبْطَرُ وَيَضْحَكُ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ وَضَعْفِ عِلْمِهِ»

من وحي الله إلى أنبيائه

§مِنْ وَحْيِ اللَّهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ

130 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْخَلِيلِ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي شُعَيْبٍ، قَالَ: «§أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكْحِلْ عَيْنَيْكَ بِمَلْمُولِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ»

131 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ بُرْدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: " §أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنِ اغْسِلْ قَلْبَكَ، قَالَ: يَا رَبِّ بِأَيِّ شَيْءٍ أَغْسِلُهُ؟ قَالَ: بِالْغَمِّ وَالْهَمِّ "

132 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: «§اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ كَأَنَّ حُزْنَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ»

133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ: لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، مَا أَفْضَلُ الْعِبَادَةَ؟ قَالَ: «§طُولُ الْحُزْنِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» ، قَالَ الصَّلْتُ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْزُوقٍ، كَأَنَّهُ رَجُلٌ وَالِهٌ كَأَنَّهُ رَجُلٌ قَدْ فَاتَهُ شَيْءٌ وَكَانَتْ لَهُ شُعَيْرَاتٌ طِوَالٌ عِنْدَ صَدْغِهِ، فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ فَرَّقَ نَتْفَهَا أَوْ مَدَّهَا فَفَاضَ دَمْعُهُ "

134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعَ الدَّبَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي مُسْتَوْرِدُ الْمَدَنِيُّ: «§إِجْعَلْ حُزْنَكَ لِنَفْسِكَ فَعَنْ قَلِيلٍ يَخْلُو بِكَ عَمَلُكَ، ثُمَّ لَا يُجْدِي عَلَيْكَ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَقْبُولٍ»

135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، ثنا هَارُونُ أَبُو الطَّيِّبِ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: «إِنْ §أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَانِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ، فَكُنْ فِي الدُّنْيَا مَهْمُومًا مَحْزُونًا فَرِيدًا وَحِيدًا مُسْتَوْحِشًا بِمَنْزِلَةِ الطَّيْرِ الْوَحْدَانِي الَّذِي يَطِيرُ فِي أَرْضِ الْقِفَارِ، وَيَأْكُلُ مِنْ رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْعُيُونِ، فَإِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ أَوَى وَحْدُهُ اسْتِئْنَاسًا بِرَبِّهِ، وَاسْتِيحَاشًا مِنَ الطَّيْرِ»

136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنِي، أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُرْدُنِّيُّ، قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَاهِبٍ فِي جَبَلِ الْأَسْوَدِ، فَنَادَيْتُهُ يَا رَاهِبُ، يَا رَاهِبُ فَأَشْرَفَ عَلَيَّ مِنْ قَلْعَةٍ، فَقُلْتُ: §بِأَيِّ شَيْءٍ تُسْتَجَرُ الْأَحْزانُ؟ قَالَ: «بِطُولِ الْغُرْبَةِ، وَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَجْلُبُ لِدَوَاعِي الْأَحْزَانِ مِنْ أَوْكَارِهَا مِنْ طُولِ الْوَحْشَةِ وَالْغُرْبَةِ»

من آداب حامل القرآن

§مِنْ آدَابِ حَامِلِ الْقُرْآنِ

137 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ أَبُو يَعْفُورٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ»

وصف أهل الجنة في الدنيا

§وَصْفُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الدُّنْيَا

138 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «§وُصِفَ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِالضَّحِكِ وَالسُّرُورِ، وَالْتَفَكُّهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ حُلْوَاتِ الدُّنْيَا مَرَارَاتُ الْآخِرَةِ، وَمَرَاراتِ الدُّنْيَا حُلْوَاتُ الْآخِرَةِ»

صور شدة حزن عمر بن الخطاب على أخيه

§صُوَرُ شِدَّةِ حُزْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى أَخِيهِ

139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: حَزِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُزْنًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُلْقَى حَزِينًا، وَكَانَ يَقُولُ: «§مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلَّا ذَكَرْتُ زَيْدًا»

140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى، مَوْلَى أَكْتَلِ بْنِ شَمَّاخٍ الْعُكْلِيِّ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «§رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا هَاجَرَ قَبْلِي، وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي، مَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ مِنْ تِلْقَاءِ الْيَمَامَةِ إِلَّا أَتَتْنِي بِرِثَاهُ، وَلَا ذَكَرْتُ قَوْلَ مُتَمَّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ، إِلَّا ذَكَرْتُهُ» ، وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: إِلَّا هَاجَ لِي شَجَنًا: [البحر الطويل] وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ: لَنْ يَتَصَّدعَا فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا

141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَسْلَمِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: «§مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكِ عَلَى أَخِيكَ؟» ، قَالَ: لَقَدْ مَكَثْتُ سَنَةً مَا أَنَامُ اللَّيْلَ حَتَّى أُصْبِحَ، وَلَا رَأَيْتُ نَارًا رُفِعَتْ بِلَيْلٍ إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي سَتَخْرُجُ أَذْكُرُ بِهَا أَخِي، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالنَّارِ تُوقَدُ حَتَّى يَصِيحَ مَخَافَةَ أَنْ يَبِيتَ ضَيْفُهُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَمَتَى يَرَى النَّارَ يَأْوِي إِلَى الرَّجُلِ، وَهُوَ بِالضَّيْفِ يَأْتِي مُتَهَجِّرًا أَسَرَّ مِنَ الْقَوْمِ يُقْدِمُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: «أَكْرِمْ بِهِ»

142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِمُتَمِّمِ: «§مَا أَشَدُّ مَا لَقِيتَ عَلَى أَخِيكَ مِنَ الْحُزْنِ؟» قَالَ: كَانَتْ عَيْنِي هَذِهِ قَدْ ذَهَبَتْ، وَأَشَارَ إِلَيْهَا فَبَكَتْ بِالصَّحِيحَةِ، فَأَكْثَرْتُ الْبُكَاءَ حَتَّى أَسْعَدَتْهَا الْعَيْنُ الذَّاهِبَةُ، وَخَرَّتْ بِالدُّمُوعِ " فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ هَذَا لَحُزْنٌ شَدِيدٌ»

143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْكُوفِيِّ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ يَلْقَى مُتَمِّما، " §فَيَسْتَنْشِدَهُ قَصِيدَتَهُ فِي أَخِيهِ: [البحر الطويل] لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِنَا بَيْنَ هَالِكٍ فَإِذَا أَنْشَدَهُ بَكَى "

144 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: كَانَ مَعَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ فَقَدِمَ بَعْدَ قَتَلِ زَيْدٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: «§خَلَّفْتُ زَيْدًا، ثَاوَيًا وَأَتَيْتَنِي»

145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي قَالَ: قَالُوا لِرَاهِبٍ: مَا الَّذى بَذَّذَكَ وَقَشَّفَكَ؟ «§فَبَكَى، ثُمَّ وَلَّى صَارِخًا»

فزع لذكر مواقف يوم القيامة

§فَزَعٌ لِذِكْرِ مَوَاقِفِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

146 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ رُشَيْدِ بْنِ حُبَابٍ، قَالَ: مَرِضَ حَازِمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْأَزْدِيُّ، فَدَعَوْتُ لَهُ طَبِيبًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا بِصَاحِبِكَ هَذَا إِلَّا الْحُزْنُ فَقَالَ حَازِمٌ: «§إِنِّي ذَكَرْتُ مَوَاقِفَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَفَزِعَ لِذَلِكَ قَلْبِي»

داود الطائي الحزين المهموم

§دَاوُدُ الطَّائِيُّ الْحَزِينُ الْمَهْمُومُ

147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنِي أُمُّ سَعِيدِ بْنِ عَلْقَمَةَ النَّخْعِيُّ، وَكَانَتْ، أُمُّهُ طَائِيَةً قَالَتْ: كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيرٌ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أَسْمَعُ حِسَّهُ عَامَّةَ اللَّيْلِ لَا يَهْدَأُ، قَالَتْ: وَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: «§اللَّهُمَّ هَمَّكَ عَطَّلَ عَلَيَّ الْهُمُومَ، وَحَالَفَ بَيْنِي وَبَيْنَ السُّهَادِ، وَشَوْقِي إِلَى النَّظَرِ إِلَيْكَ أَشْوَقُ مِنِّي، وَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّذَّاتِ، فَأَنَا فِي سِجْنِكَ أَيُّهَا الْكَرِيمُ مَطْلُوبٌ» ، قَالَتْ: وَرُبَّمَا تَرَنَّمَ فِي السَّحَرِ بِالشَّيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَرَى أَنَّ جَمِيعَ نَعِيمِ الدُّنْيَا جُمِعَ فِي تَرَنُّمِهِ، وَقَالَتْ: وَكَانَ يَطُوفُ فِي الدَّارِ وَحْدَهُ، وَكَأَنَّهُ لَا يُصْبِحُ فِيهَا

148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ، أَصْحَابِنَا، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «§كَمَا أَنَّ الْقُصُورَ لَا تَسْكُنُهَا الْمُلُوكُ حَتَّى تَفْزَعَ، كَذَلِكَ الْقَلْبُ لَا يَسْكُنُهُ الْحُزْنُ وَالْخَوْفُ حَتَّى يَفْزَعَ»

149 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثنا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَوْمَ مَاتَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ يَقُولُ: «§ذَهَبَ الْحُزْنُ الْيَوْمَ مِنَ الْأَرْضِ» ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ. . .

150 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُسَعَّرًا، يَقُولُ: «§أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ بَاكِيَةٍ حَزِينَةٍ»

151 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا مَحْزُونًا حَكِيمًا سَكِيتًا لَيِّنًا، وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا، وَلَا غَافِلًا، وَلَا صَخَّابًا، وَلَا صَيَّاحًا»

قراء القرآن ثلاثة

§قُرَّاءُ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ

152 - وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ بَكْرَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ ضِرَارَ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " §قُرَّاءُ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ: فَرَجُلٌ اتَّخَذَهُ بِضَاعَةً يَنْقُلُهُ مِنْ مِصْرٍ إِلَى مِصْرٍ، يَطْلُبُ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ، وَقَوْمٌ قَرَأُوا الْقُرْآنَ فَحَفِظُوا حُرُوفَهُ وَضَيَّعُوا حُدُودَهُ، اسْتَدْرَجُوا بِهِ الْوُلَاةَ، وَاسْتَطَالُوا بِهِ عَلَى أَهْلِ بِلَادِهِمْ، فَتَجِدُ كَثُرَ هَذَا الضَّرْبُ فِي حَمَلَةِ الْقُرْآنِ لَا أَكْثَرَهُمُ اللَّهُ، وَرَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَبَكَى بِمَا يَعْلَمُ مِنْ دَوَاءِ الْقُرْآنِ، فَوَضَعَهُ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ، فَسَهِرَ للهِ، وَهَمَلَتْ عَيْنَاهُ، تَسَرْبَلُوا الْحُزْنَ، وَارْتَدُوا بِالْخُشُوعِ وَكَدُّوا فِي مَحَارِيبِهِمْ وَحَنُّوا فِي بَرَانِيسِهِمْ، فَبِهِمْ يَسْقِي اللَّهُ الْغَيْثَ، وَيُنْزِلُ النَّصْرَ، وَيَرْفَعُ الْبَلَاءَ "، وَاللَّهُ لِهَذَا الضَّرْبِ فِي حَمَلَةِ الْقُرْآنِ أَقَلُّ مِنَ الْكَبْريَتِ الْأَحْمَرِ

153 - ثنا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْهَيْثَمِ قَدْ مَاتَ وَلَدُهُ، وَبَقِيَ لَهُ صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَمَاتَ، فَقَامَ أَصْحَابُهُ يُعَزُّونَهُ، وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ مُكْتَئِبٌ حَزِينٌ فَقَالَ: «§مَا تَرَكَنِي حُزْنُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ آسَى عَلَى مَا فَاتَنِي، وَلَا أَفْرَحُ بِمَا أَتَانِي»

154 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِ، عَنْ. . . . .، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ السَّرَّاجُ، عَنِ الْحَسَنِ، {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] قَالَ: «§مَحْزُونَةٌ مُثْقَلَةٌ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ»

ما للمرأة الحزينة من الأجر

§مَا لِلْمَرْأَةِ الْحَزِينَةِ مِنَ الْأَجْرِ

155 - ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ النَّجَّارُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً - وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: مَرْحَبًا بِسَيِّدِهَا، وَسَيِّدِ أَهْلِ بَيْتِهَا، إِنْ كَانَ هَمُّكَ لِآخِرَتِكَ فَزَادَكَ اللَّهُ هَمَّا، وَإِنْ كَانَ هَمُّكَ لِآخِرَتِكَ، فَإِنَ اللَّهَ سَيَرْزُقُكَ وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَهَا نِصْفُ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهِيَ عَامِلٌ مِنْ عُمَّالِ اللَّهِ»

156 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ ضَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§لَا يَتِمُّ لِلْمُؤْمِنِ فَرَحُ يَوْمٍ»

157 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أنا شُعْبَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: " {§إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] قَالَ: الْأَشْرِينُ "

158 - حَدَّثَنِي،.،.، حَدَّثَنِي،.،. ابْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: " §ابْنَ آدَمَ، فِيمَ الْفَرَحُ وَالْمَرَحُ وَأَنْتَ بَيْنَ ثَلَاثٍ: بَيْنَ مَنِيَّةٍ قَاضِيَةٍ، أَوْ بَلِيَّةٍ نَازِلَةٍ، أَوْ نِعْمَةٍ زَائِلَةٍ "

هل يسأل المؤمن ربه الحزن؟

§هَلْ يَسْأَلُ الْمُؤْمِنُ رَبَّهُ الْحُزْنَ؟

159 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: قَالَ لِي عَلِيٌّ ابْنِي: «§سَلْ لِي رَبِّكَ طُولَ الْحُزْنِ، فَلَعَلِّي أَنْ أَنْجُوَ بِطُولِ الْحُزْنِ غَدًا»

160 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ هَارُونَ، فَقَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَفْصَ الشُّعَيْثِيَّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: «§أَلَا حَزِينٌ يُسْعِدُ حَزِينًا؟» ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَكَانَتْ مِنْ دَاوُدَ حَسَنَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِ كَانَتْ هَجِنَةً "

هل في الجنة أرفع من درجة العلماء

§هَلْ فِي الْجَنَّةِ أَرْفَعُ مِنْ دَرَجَةِ الْعُلَمَاءِ

161 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ مَذْكُورٍ: رَأَيْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، فِي مَنَامِي فَقُلْتُ: أَبَا عَمْرٍو دُلَّنِي عَلَى أَمْرٍ أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «§مَا رَأَيْتُ دَرَجَةً أَرْفَعُ مِنْ دَرَجَةِ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ بَعْدِهَا الْمَحْزُونِينَ»

162 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: «§الْحُزْنُ مَلَكٌ لَا يَسْكُنُ إِلَّا قَلْبًا مُطَهَّرًا، وَهُوَ أَوَّلُ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِ الْآخِرَةِ»

163 - وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: «§لَا تَغْتَمْ إِلَّا بِمَا يَضُرُّكَ غَدًا، وَلَا تَفْرَحْ إِلَّا بِمَا يَنْفَعُكَ غَدًا»

164 - وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَّازُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ: أَرَاكَ مَهْمُومًا؟ قَالَ: «§إِنِّي مَطْلُوبٌ»

الحزن والهم على ألسنة الصحابة والتابعين

§الْحُزْنُ وَالْهَمُّ عَلَى أَلْسِنَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

165 - وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْآدَمِيُّ، قَالَ: قَالَ سَيَّارُ أَبُو الْحَكَمِ: «§الْفَرَحُ بِالدُّنْيَا وَالْحُزْنُ بِالْآخِرَةِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ، وَإِذَا سَكَنَ أَحَدَهُمَا الْقَلْبُ خَرَجَ الْآخَرُ»

166 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ سُمَيْرِ بْنِ وَاصِلٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِذَا كَانَ §الرَّجُلُ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ»

167 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَعْفِيُّ، عَنْ عَبَايَةَ بْنَ كُلَيْبٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «§طُولُ الْحُزْنِ فِي الدُّنْيَا تَلْقِيحُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ»

168 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ وَدِيعٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الْأَسْوَدُ: «إِنَّ §لِكُلِّ شَيْءٍ نِتَاجًا، وَنِتَاجُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْحُزْنُ، الْمَحْزُونُ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي عُلْوٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»

ذهاب الحزن من القلوب

§ذَهَابُ الْحُزْنِ مِنَ الْقُلُوبِ

169 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنبا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: ذَهَبَ الْحُزْنُ مِنَ النَّاسِ، تَرَى الرَّجُلُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَا تَرَى فِيهِ أَثَرَ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ §الرَّجُلُ لِيُصَلِّي، ثُمَّ تَرَاهُ قَاعِدًا قَدْ وَقَدَتْهُ صَلَاتُهُ حَزِينًا»

170 - حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] قَالَ: «§الْحُزْنُ الذَّائِعُ فِي الْقَلْبِ»

من أسباب حزن المؤمن

§مِنْ أَسْبَابِ حُزْنِ الْمُؤْمِنِ

171 - حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَسَدُ، قَالَ: الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنُ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ، §إِنْ أَصْبَحَ فِيهَا مُؤْمِنٌ إِلَّا حَزِينًا، وَكَيْفَ لَا يَحْزَنُ الْمُؤْمِنُ، وَقَدْ جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ وَارِدُ جَهَنَّمَ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَنَّهُ صَادِرٌ عَنْهَا، وَاللَّهِ لَيَرَيَنَّ فِي دِينِهِ مَا يُحْزِنَهُ، وَلَيَرَيَّنَ فِي دُنْيَاهُ مَا يُحْزِنَهُ، وَلْيُظْلَمَنَّ فَمَا يَنْتَصِرُ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ فِيهَا حَزِينٌ مَا دَامَ فِيهَا، فَإِذَا فَارَقَهَا يَعْنِي عَادَ إِلَى الرَّاحَةِ وَالْكَرَامَةِ»

172 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا الْحَمِيديُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، يَقُولُ: «إِنَّ §أَقَلَّ النَّاسِ هَمًّا فِي الْآخِرَةِ أَقَلُّهُمْ هَمًّا بِالدُّنْيَا»

173 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: كَانَ عَطَاءُ الْأَزْرَقُ إِذَا لَقِينَا قَالَ: «§جَعَلَ اللَّهُ الْهَمَّ مِنَّا وَمِنْكُمُ الْآخِرَةَ»

174 - حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ سَلْمَانَ الْحَسَنُ: «إِنَّ §النَّاسَ كَانُوا مَسَرَّةً وأَلْيَنَ، لَا يَزِيدُ الرَّجُلُ لَيْسَ مِنْ حُزْنٍ كَمَنْ لَمْ يَحْزَنْ، وَالنَّاسُ الْيَوْمَ. . . لَا قَلَّتِ الْأَمَانَةُ، وَاشْتَدَّ الشُّحُّ، وَفَشَتِ الْقَطِيعَةُ، وَظَهَرَتِ الْبِدَعُ، وَتُرِكَتِ السُّنَنُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ رَجُلُ الْيَوْمِ بَصِيرٌ بِهَذَا الدِّينِ يَضَعُ بَصَرَهُ إِلَّا وَهُوَ مَحْزُونٌ مِمَّا يُرَاعِي مِنَ النَّاسِ، وَمِمَّا يُرَاعِي مِن. . وَالْمَعَارِفِ وَظَهَرَتِ النُّكُرُ، فَلَا تَكَادُ تَعْرِفُ شَيْئًا»

175 - حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ رَجُلٍ يُكَنَّى أَبَا حَفْصٍ، قَالَ: عَرَّسَ الْحَسَنُ عَلَى ابْنِهِ فَجَعَلَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ يُهَنِّئُونَهُ، فَدَخَلَتْ عَجُوزٌ يُقَالُ لَهَا: بَرْزَةُ، وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَتْ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، هَذَا يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ قَالَ: «§وَيْحِي يَا بَرْزَةُ، كُلُّ حُزْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَبْلَى إِلَّا حُزْنَ الذُّنُوبِ»

هل في الدنيا راحة؟

§هَلْ فِي الدُّنْيَا رَاحَةٌ؟

176 - ثنا أَبُو حَاتِمٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولِ، قَالَ: ثنا عَبَايَةُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادٌ الْمِنْقَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «§طَلَبُوا اللَّذَّةَ فَأَخْطَأُوهَا، إِنَّمَا اللَّذَّةُ هُنَاكَ»

177 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَيْرَةَ، قَالَ: اشْتَرَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَارِيَةً أَعْجَمِيَّةً فَقَالَتْ: أَرَى النَّاسَ فَرِحِينَ، وَلَا أَرَى هَذَا فَرِحًا؟ فَقَالَ: «مَا تَقُولُ لُكَعُ؟» فَقِيلَ: إِنَّهَا تَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: «§حَدِثُوهَا أَنَّ الْفَرَحَ أَمَامَهَا»

رجل ذهب عقله من شدة الحزن

§رَجُلٌ ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنْ شِدَّةِ الْحُزْنِ

178 - حَّدَثنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارٌ أَبُو الْمُعْتَمِرِ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءَ السُّلَيْمِيِّ: يَا عَطَاءُ، مَا هَذَا الْحُزْنُ؟ قَالَ: «وَيْحَكَ الْمَوْتُ فِي عُنُقِي، وَالْقَبْرُ بَيْتِي، وَفِي الْقِيَامَةِ مَوْقِفِي، وَعَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ طَرِيقِي، وَرَبِّي لَا أَدْرِي مَاذَا يَصْنَعُ بِي» ، ثُمَّ تَنَفَّسَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَتَرَكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: " إِذَا §ذَهَبَ عَقْلِي يَخَافُ عَليَّ شَيْئًا؟ ثُمَّ فغُشِيَ عَلَيْهِ صَلَاتَيْنِ

179 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مُغْتَمٍّ فَقَالَ: «§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَرَى أَنَّ الْعَجْزَ وَالْحُزْنَ عَلَى وُجُوهِهِمْ»

§1/1