الهداية في تخريج أحاديث البداية

أحمد بن الصدِّيق الغُمَارِي

الهِدَايَة في تخريجِ أحَادِيثِ البِدَايَة (بدَايَة المُجْتَهِد لابْن رُشد) للإمَامِ الحَافِظ المُحَدِّث، أبي الفَيض أحمَد بن مُحَمَّد بن الصِدّيق الغُمَارِي الحَسَني (1320 - 1380 هـ) (وَمَعهُ بأعلى الصَّفحاتِ) بدَاية المُجتهِد ونهَاية المُقتَصِد للإمَامِ القاضِي أبي الوَليد محمد بن أحمد بن محمد بن رُشد الحفيد (520 - 595 هـ) الجزءُ الأوّل تَحقِيق يوسُف عَبد الرَّحمن المرعَشلي عَدنان علي شَلّاق عالم الكتب

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للدار الطبعة الأولى 1407 هـ - 1987 م

الهداية في تخريج أحاديث البداية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عالم الكتب بيروت- المزرعة، بناية الإيمان-الطابق الأول - ص. ب 8723 تليفون:306166 - 315142 - 313859 - برقيًّا: نابعلبكي-تلكس: 23390

قام بتحقيق وضبط تخريجات هذا الكتاب بأجزائه الثّمانية نخبة من أهل الخبرة على النَّحو التَّالي: المجلّد الأوّل والثّاني: يوسف عبد الرّحمن مرعشلي وعدنان علي شلاق الثّالث والرّابع: عدنان علي شلاق. الخامس: علي نايف بقاعي. السّادس: علي حسن الطّويل. السّابع: محمَّد سليم إبراهيم سمارة. الثّامن: عدنان علي شلاق.

قال محمَّد بوخبزة التطواني تلميذ الشيخ أحمد الغماري يرثي شيخه (¬1): ما زِلتَ بدرًا تضيء الكون مزدهرًا ... في اللحد نورك ينسيني سنا المرج كملت فضلًا ونقص المرء مفترض ... فكان في العمر مجلى النقص والعرج لو كنت تفدى فدتك النفس يا سند ... الإِسلام يا طيّب الأنفاس والأرج قد كان نعيك مأساة الأنام فهل من ... مسلم غير محزون ومنزعج إلى أن قال: مَنْ للفرائدِ يزجيخا ويعرضها ... للمستفيد بفكر غاص في اللجج مَنْ للأحاديث يمليها ويوسعها ... بحثًا ونقدًا بقول ساطع الحجج مَنْ للشريعة يبدي من محاسنها ما ... يخلب اللبَّ مِن غاو ومنتهج ¬

_ (¬1) من كتاب "تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع" لمحمود سعيد بن محمَّد ممدوح ص 71 - 78.

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق * علم تخريج الحديث والكتب المؤلفة فيه. * ترجمة ابن رشد وقيمة كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد". * ترجمة الشيخ أحمد الغماري، وقيمة كتابه "الهداية في تخريج البداية". * خطة التحقيق ونماذج من مخطوطات الكتاب.

تمهيد في علم تخريج الحديث

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تمهيد في علم تخريج الحديث التخريج (¬1) هو عزو الحديث إِلى مصدره، أو مصادره من كتب السنَّة المشرّفة، وتتبُّع طرقه وأسانيده، وحال رجاله، وبيان درجته قوة وضعفًا. نشأ هذا الفن عندما استقرّ تدوين السُّنَّة النبوية في الجوامع، والمصنفات، والمسانيد، والسنن أو المعاجم، والصحاح، والفوائد، والأجزاء، وعندما ابتدأ علماء المسلمين بتصنيف علوم الشريعة الغراء، كالفقه وأصوله، والتفسير، وعلوم القرآن، والعقائد، واللغة، والزهد، وغيرها من العلوم. استدلّ هؤلاء المصنّفون بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسُنَّته الطاهرة باعتبارها ثاني مصدر تشريعي بعد كتاب الله الذي أمرنا عزَّ وعلا بالتمسك بها، فذكروها بأسانيدها ولم يعزوها إِلى مكانها من كتب السنة المعروفة والمشهورة، على طريقة المؤلفين القدامى في الاقتصار على الأسانيد والمتون، والبعض الآخر من ¬

_ (¬1) من كلام الأستاذ صبحي البدري السامرائي في مقدمته لكتاب تخريج أحاديث مختصر المنهاج للحافظ العراقي، المنشور في مجلة البحث العلمي والتراث الإِسلامي الصادرة بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، العدد 2، عام 1399 هـ / 1979 م، ص- ص: 283 - 287.

المؤلفين ذكر متون الأحاديث، ولم يذكر أسانيدها ولا الكتب التي خرّجت ورويت فيها. والبعض الآخر يذكر قول فقيه أو قاعدة فقهية فيصيرها حديثًا". ولذا عمد بعض علماء الحديث إلى تخريج هذه الأحاديث التي ذكرت في بعض المؤلفات، ليقف طالب العلم على حقيقة المرويات، وتطمئن نفسه للدليل الذي استدل به المؤلف، صحيحًا كان أو ضعيفًا، سالمًا من العلة، أو معلولًا، مسندًا إلى رسول الله، أو موقوفًا على من رواه. ويتطلب لمن يقوم بتخريج الأحاديث أن يلمّ برواية الحديث ويقف على كتب الرواية ويعرف طرق الحديث، كما يجب أن يعرف درايته وقواعد روايته، ويعرف أسانيده، وأن يكون له معرفة بعلم رجال الحديث وعلل الأحاديث. وقد صنف علماء الحديث عشرات الكتب في هذا الفن ولا زال أكثرها مخطوطًا منها: 1 - البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للرافعي. تأليف سراج الدين عمر بن الملقن المتوفى سنة 804 هـ. مخطوط أجزاء منه في مكتبة أحمد الثالث في اسطنبول رقم (474). 2 - خلاصة البدر المنير. للمؤلف السابق. اختصر به كتابه المذكور مخطوط نسخة منه في دار الكتب الظاهرية بدمشق رقم (1146). 3 - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير للحافظ ابن حجر. طبع في الهند قديمًا، ثمَّ أعيد طبعه في القاهرة بتصحيح السيد عبد الله اليماني بمطبعة شركة الطباعة الفنية سنة 1384 هـ. 4 - الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز للزركشي. طبع في الهند ولم أره. ويوجد مخطوطًا في مكتبة طبقبو سراي رقم (2974) عام. 5 - نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية. للحافظ أبي محمَّد عبد الله بن

يوسف الزيلعي المتوفى سنة 762 هـ. طبع في القاهرة سنة 1357 هـ. 6 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية. للحافظ ابن حجر. اختصر فيه نصب الراية. طبع قديمًا في الهند وأعيد طبعه في القاهرة سنة 1384 هـ. 7 - التعريف والأخبار بتخريج أحاديث الاختيار. (في الفقه الحنفي). تأليف الحافظ قاسم بن قطلوبغا. مخطوط نسخة منه في مكتبة فيض الله رقم (292). 8 - كشف المناهيج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح. تأليف الحافظ أبي المعالي محمَّد بن إِبراهيم السلمي المناوي، المتوفى سنة 803 هـ. مخطوط. نسخة منه في مكتبة السلطان أحمد الثالث رقم (421)، ونسخة أخرى منه في دار الكتب المصرية. 9 - هداية الرواة في تخريج أحاديث المصابح والمشكاة. تأليف الحافظ ابن حجر. مخطوط: أ- نسخة في المكتبة الحميدية في اسطنبول رقم 410. ب- نسخة ثانية في مكتبة السلطان أحمد الثالث رقم (477). 10 - التحقيق في أحاديث التعليق (الخلاف) تأليف الحافظ عبد الرحمن بن الجوزي. مخطوط نسخة منه في دار الكتب المصرية رقم (2) فقه حنبلي. 11 - تنقيح التحقيق. تأليف الحافظ محمَّد بن أحمد المقدسي المعروف بابن عبد الهادي المتوفى سنة 744 هـ. مخطوط. نسخة منه في مكتبة السلطان أحمد الثالث رقم (2968) عام. وأخرى ناقصة في دار الكتب الظاهرية رقم (301) حديث. 12 - إِرشاد الفقيه إِلى أدلّة التنبيه. (التنبيه للشيرازي. فقه شافعي) تأليف

الحافظ المفسر عماد الدين بن كثير المتوفى سنة 774 هـ. مخطوط نسخة منه في مكتبة فيض الله باسطنبول رقم (283). 13 - تخريج أحاديث الأم (لسيدنا الإِمام الشافعي) تأليف الإِمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة 458 هـ. مخطوط. المجلد الثاني منه في دار الكتب المصرية رقم (911) حديث. ومجلد آخر منه في مكتبة جستر بتي دبلن. 14 - تخريج تقريب الأسانيد. تأليف الحافظ ولي الدين أبي زرعة العراقي مخطوط. الجزء الثاني منه في دار الكتب المصرية رقم (725) حديث. 15 - نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير. للسيوطي ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة ص 154 ولم أقف عليه. 16 - تخريج شرح الوجيز. (الوجيز في الفقه للغزالي) ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة ص 154 ولم أقف عليه. 17 - تذكرة الأخيار بما في الوسيط من الأخبار (والوسيط في الفقه للغزالي) تأليف الحافظ سراج الدين ابن الملقّن المتوفى سنة 804 هـ. مخطوط نسخة منه في مكتبة أحمد الثالث رقم (473). 18 - تخريج أحاديث المهذّب (المهذب في الفقه للشيرازي). تأليف ابن الملقن. ذكره الكتاني: الرسالة المستطرفة: 154 ولم أقف عليه. 19 - تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج (المنهاج في الفقه للإِمام النوويّ) لابن الملقن. مخطوط نسخة منه في مكتبة أيا صوفيا رقم (463) وأخرى في جستربتي. 20 - مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا. (الشفاء للقاضي عياض)

للسيوطي. طبع في مصر. 21 - تخريج أحاديث الشفا. للحافظ قاسم بن قطلوبغا. ولم أقف عليه. 22 - تخريج أحاديث الشهاب (شهاب الأخبار للقضاعي). تأليف أبو العلاء العراقي. ذكره في الرسالة المستطرفة: 53 ولم أقف عليه. 23 - الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف. (الكشاف للزمخشري) للحافظ ابن حجر. طبع في مصر. 24 - تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف. للحافظ جمال الدين الزيلعي المتوفى سنة 762 هـ. مخطوط نسخة منه في دار الكتب المصرية رقم (132) حديث. 25 - تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي (تفسير البيضاوي) تأليف ابن همات المتوفى سنة 1175 هـ. مخطوط وقفت على نسختين منه، الأولى في مكتبة ولي الدين في اسطنبول رقم (511) والأخرى في مكتبة عارف حكمت في المدينة النبوية. 26 - تخريج أحاديث تفسير البيضاوي. تأليف الحافظ عبد الرؤوف المناوي، المتوفى سنة 1031 هـ. ذكره في الرسالة المستطرفة: 152. 27 - تخريج أحاديث تفسير أبي الليث السمرقندي. تأليف الحافظ ابن قطلوبغا. ذكره في الرسالة المستطرفة: 152 ولم أقف عليه. 28 - تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب. (في أصول الفقه) تأليف الحافظ عماد الدين ابن كثير. مخطوط نسخة منه في مكتبة فيض الله رقم (283). 29 - المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر (في أصول الفقه) تأليف

الحافظ بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ. مخطوط وقفت على نسختين منه، الأولى في المكتبة الظاهرية رقم (324) حديث والأخرى في مكتبة الأسكوريال في مدريد، صورة منها في معهد المخطوطات غير مفهرس. 30 - تخريج أحاديث المنهاج للبيضاوي. للسبكي. ذكره في الرسالة المستطرفة: 153. 31 - تخريج أحاديث المختصر في أصول الفقه لابن الحاجب. للحافظ ابن حجر ذكره في الرسالة المستطرفة: 153. 32 - تخريج أحاديث أصول البزدوي. تأليف الحافظ قاسم بن قطلوبغا. طبع في كراجي. حاشية على كتاب البزدوي. 33 - تخريج شرح العقائد النسفيّة. للسيوطي. مخطوط نسختان منه في المكتبة الظاهرية. 34 - تخريج أحاديث الأذكار الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن حجر وهي من أماليه. مخطوط نسخة كاملة منه في الخزانة الملكية في الرباط. 35 - تخريج الأحاديث والآثار التي وردت في شرح الكافية (في النحو) تأليف عبد القادر البغدادي المتوفى سنة 1093 هـ. مخطوط نسخة منه في مكتبة شهيد علي باشا مجموع رقم (2509). 36 - تخريج الأحاديث الواقعة في التحفة الوردية. تأليف عبد القادر البغدادي مخطوط نسخة منه في مكتبة شهيد علي باشا رقم مجموع (2509). 37 - فلق الإصباح في تخريج أحاديث الصحاح (للجوهري). للسيوطي ذكره في الرسالة المستطرفة: 155 ولم أقف عليه.

38 - المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للحافظ العراقي تقدم ذكره. 39 - تخريج أحاديث عوارف المعارف (للسهروردي). ذكره في الرسالة المستطرفة: 155 ولم أقف عليه. 40 - منية الألمعي بما فات الزيلعي. لابن قطلوبغا. وهي ما فات الزيلعي من الأحاديث ولم يخرجها في نصب الراية. طبع في مصر. 41 - إِدراك الحقيقة في تخريج أحاديث الطريقة (للبركوي). تأليف علي بن حسن المصري. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون: ج 2/ 1112 ولم أقف عليه. 42 - فرائد القلائد في تخريج أحاديث شرح العقائد (للنسفي) لملّا علي القاري ذكره في الرسالة المستطرفة: 185 ولم أطلع عليه. 43 - تخريج أحاديث الكفاية (في فروع الشافعية لأبي حامد محمَّد بن إِبراهيم السهيلي، المتوفى سنة 623) تأليف السيوطي ذكره حاجي خليفة: ج 2/ 1498 ولم أقف عليه. 44 - تخريج أحاديث شرح المواقف. للسيوطي. مخطوط نسخة منه في الخزانة العامة بالرباط رقم (1054) كتاني. 45 - تخريج أحاديث الكافي (¬1) (في فقه الحنابلة) للمقدسي. مخطوط نسخة منه في المكتبة الظاهرية. 46 - إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (في الفقه الحنبلي)، لمحمد ناصر الدين الألباني، وقد طبع في المكتب الإِسلامي ببيروت عام ¬

_ (¬1) إلى هنا انتهى ما ذكره الأستاذ السامرائي من كتب التخريج.

1399 هـ / 1979 م في ثمانية أجزاء. 47 - غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام. للألباني أيضًا، وقد طبع في المكتب الإسلامي ببيروت عام 1400 هـ / 1980 م. 48 - تخريج أحاديث فضائل الشام للربعي. ألّفه الألباني أيضًا، وقد طبع في المكتب الإسلامي بدمشق عام 1379 هـ / 1959 م. 49 - تخريج أحاديث المشكاة. للألباني أيضًا، مخطوط. 50 - تخريج أحاديث أحكام القرآن لابن العربي. لمحمد مصطفى بلقات، وهي رسالة ماجستير مسجّلة بدار الحديث الحسنية في المغرب عام 1402 هـ / 1982 م. 51 - تخريج أحاديث سورة الرعد من تفسير ابن كثير. لمحمد عبده عبد الرحمن، وهي رسالة ماجستير قُدّمت في الجامعة الإِسلامية بالمدينة المنورة عام 1401 هـ / 1981 م. 52 - تخريج أحاديث كتاب الكافي لابن قدامة المقدسي. لخلف سويلم العنزي، وهي رسالة ماجستير مسجلة في كلية أصول الدين بجامعة الإِمام محمَّد بن سعود بالرياض عام 1402 هـ / 1982. 53 - تخريج الأحاديث الواردة في كتاب الأموال لأبي عبيد. لعبد الصمد بكر عابد، وهي أطروحة دكتوراه مسجلة في كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، فرع الكتاب والسنة عام 1403 هـ / 1983 م. 54 - تخريج الأحاديث الواردة في مدوّنة مالك بن أنس وتحقيقها. للطاهر محمَّد الدرديري، وهي أطروحة دكتوراه مسجلة في كلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، فرع الكتاب والسنة عام 1403 هـ / 1983.

55 - إِخبار الأحياء بأخبار الإِحياء (إحياء علوم الدين للغزالي). للحافظ العراقي عبد الرحيم بن الحسين، وهو تخريجه الكبير للإحياء، ذكر ابن فهر في لحظ الألحاظ: 229 أنَّه أربع مجلدات. 56 - الكشف المبين عن تخريج إِحياء علوم الدين، للعراقي أيضًا، وهو وسط بين الأخبار والمغني. 57 - تخريج أحاديث مختصر المنهاج في أصول الفقه للبيضاوي. للحافظ العراقي أيضًا، وقد طبع في مجلة البحث العلمي الصادرة بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، العدد الثاني عام 1399 هـ / 1979 م ص 279 - 311. 58 - الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج (المنهاج في أصول الفقه للبيضاوي) للشيخ عبد الله بن محمَّد الصديق الغماري الحَسَني. وقد حقّقه الأستاذ سمير طه المجذوب، ونشرته دار عالم الكتب عام 1405 هـ / 1985 م. 59 - تخريج أحاديث اللمع (واللمع في أصول الفقه للشيرازي). للشيخ عبد الله بن محمَّد الصديق الحَسَني حقّقه يوسف المرعشلي ونشره في دار عالم الكتب في بيروت عام 1404 هـ / 1984 م في جزء واحد. 60 - الهداية في تخريج أحاديث البداية (بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد). للشيخ أحمد بن محمَّد الصديق الغماري، وهو هذا الكتاب. 61 - الإِسهاب في الاستخراج على مسند الشهاب. له أيضًا. 62 - الإِشراف بتخريج الأربعين المسلسلة بالأشراف. له أيضًا. 63 - طرفة المنتقي للأحاديث المرفوعة من "زهد" البيهقي. له أيضًا. 64 - عواطف اللطائف بتخريج أحاديث "عوارف المعارف" للسهروردي. له أيضًا.

65 - غنية العارف بتخريج أحاديث "عوارف المعارف". وهو اختصار "عواطف اللطائف". له أيضًا. 66 - فتح الوهاب بتخريج أحاديث "الشهاب". له أيضًا. 67 - المستخرج على الشمائل الترمذية. له أيضًا. 68 - المؤانسة بالمرفوع من "حديث المجالسة" للدينوري. له أيضًا. 69 - منية الطلاب بتخريج أحاديث "الشهاب". له أيضًا. 70 - وشي الإهاب بالمستخرج على "مسند الشهاب". له أيضًا.

[بداية المجتهد لابن رشد]

ترجمة القاضي أبي الوليد، محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بين رشد (الحفيد) (520 - 595 هـ) اسمه ونسبه يشترك في تسمية (ابن رشد) رجلان من أعيان المذهب المالكي: * أحدهما: يسمى ابن رشد (الجدّ)، وهو محمَّد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، أبو الوليد، الفقيه الأصولي صاحب كتاب "المقدّمات لأوائل مدوّنة الإمام مالك"، المتوفى سنة 520 هـ. * والآخر: يسمَّى ابن رشد (الحفيد)، وهو مقصودنا في هذه الترجمة (*)، وهو ابن ابن محمَّد المذكور، واسمه محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن أحمد بن رشد. ويكنى أيضًا بأبي الوليد، وهو من أهل قرطبة أيضًا، وقاضي الجماعة بها. والده (¬2) أبو العباس أحمد بن أبي الوليد بن رشد الإمام المتفنن الفقيه العالم المتقن ¬

_ (*) يقول ابن قنفذ في كتابه "الوفيات" ص 298: (الفقيه القاضي الحافظ الحفيد، أبو الوليد بن رشد صاحب البداية والنهاية). (¬2) مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص: (146).

جده

القاضي، المعروف بالجلالة والدين المتين. أخذ عن والده، وبه تفقه، ولازم أبا بكر البطليوسي، وسمع أبا محمَّد بن عتاب، وابن مغيث. وابني بقي: أبا القاسم، وأبا الحسن، وابن العربي، والصدفي، وابن تليد وجماعة. وأخذ عنه العلم ابنه أبو الوليد المعروف بالحفيد، وأبو القاسم بن مضاء، وغيرهما. له برنامج حافل، وتفسير في أسفار، وله شرح على سنن النسائيّ حفيل للغاية. مولده سنة 487 هـ وتوفي سنة 563 هـ. جدّه (¬1) محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن رشد المالكي، يكنى أبا الوليد القرطبي، زعيم فقهاء وقته بأقطار الأندلس والمغرب، ومقدمهم المُعْتَرَف له بصحَّة النظر وجودة التأليف، ودقّة الفقه. وكان إِليه المفزع في المشكلات، بصيرًا بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم، وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية، كثير التصانيف ولد سنة 405 هـ. * ألف كتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، وهو كتاب عظيم نيف على عشرين مجلدًا. * وكتاب المقدمات لأوائل كتب المدونة. * واختصار الكتب المبسوطة من تأليف يحيى بن إِسحاق بن يحيى. * وتهذيبه لكتب الطحاوي في مشكل الآثار. وأجزاء كثيرة في فنون العلم مختلفة. وكان مطبوعًا في هذا الباب حسن العلم والرواية، كثير الدين، كثير الحياء، قليل الكلام، مسمتًا، نزهًا، مقدّمًا عند ¬

_ (¬1) ترجم له ابن فرحون في الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ص: (278)، وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 4/ 1271، وابن عذارى المراكشي في البيان المُغرب في أخبار الأندلس والمغرب 4/ 74.

أولاده

أمير المسلمين، عظيم المنزلة، معتمدًا في العظائم أيام حياته. وولي قضاء الجماعة بقرطبة سنة إحدى عشرة وخمسمائة، ثمَّ استعفى منها سنة خمس عشرة أثر الهيج الذي كان بها من العامّة. وأعفى وزاد جلالة ومنزلة، وكان صاحب الصلاة أيضًا في المسجد الجامع، وإِليه كانت الرحلة للتفقه من أقطار الأندلس مدّة حياته. كان قد تفقّه بأبي جعفر بن رزق وعليه اعتماده، وبنظرائه من فقهاء بلده. وسمع الجياني، وأبا عبد الله بن فرج، وأبا مروان بن سراج، وابن أبي العافية الجوهري، وأجاز له العذري. وممن أخذ عن القاضي أبي الوليد المذكور رضي الله تعالى عنه: القاضي الجليل أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى. قال في "الغنية" له: (جالسته كثيرًا، وسألته، واستفدت منه). توفي رحمه الله ليلة الأحد، ودفن عشية الحادي عشر لذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة، ودفن بمقبرة العباس، وصلَّى عليه ابنه القاسم، وشهده جمع عظيم من الناس، وكان الثناء عليه حسنًا جميلًا. أولاده: خلّف القاضي ابن رشد ولدًا طبيبًا عالمًا بصناعة الطب يقال له أبو محمَّد عبد الله. وخلّف أيضًا أولادًا اشتغلوا بالفقه، واسْتُخْدِمُوا في قضاء الكور (¬1). وسمع منه العلم ابنه القاضي أحمد المتوفى سنة 622 هـ (¬2). ¬

_ (¬1) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص: 532. (¬2) مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص: 146 - 147.

سيرته

سيرته: ولد بقرطبة سنة عشرين وخمسمائة، قبل وفاة القاضي جده أبي الوليد ابن رشد بشهر (¬1)، ونشأ بها، ودرس الفقه وبرع به، وسمع الحديث، وأتقن الطب، وأقبل على علم الكلام والفلسفة حتى صار يضرب به المثل فيها (¬2). ولم ينشأ بالأندلس مثله كمالًا وعلمًا وفضلًا، فقد عني بالعلم من صغره إِلى كبره، حتى حكي أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقل إلَّا ليلة وفاة أبيه، وليلة بنائه على أهله (¬3) وقال عنه المنذري: (وبيته بيت العلم والرياسة) (¬4). وولي قضاء قرطبة بعد أبي محمَّد بن مغيث، وحمدت سيرته وعظم قدره (¬5). وكان قد قضى مدة في إشبيلية قبل قرطبة، وكان مَكينًا عند المنصور، وجيهًا في دولته، وكذلك أيضًا كان ولده الناصر يحترمه كثيرًا، ولما كان المنصور بقرطبة وهو متوجّه إِلى غزو ألفونس الثاني ملك البرتغال وذلك في عام أحد وتسعين وخمسمائة استدعى أبا الوليد بن رشد، فلما حضر عنده احترمه كثيرًا، وقرّبه إِليه (¬6). ثقافته ومكانته العلمية: جمع ابن رشد كثيرًا من العلوم النقلية والعقلية، وبرع بها وقد وصفه النباهي في تاريخه فقال: (كان من أهل العلم والتفنن في المعارف) ويمكننا ¬

_ (¬1) وقال المنذري في التكملة 1/ 322: (ومولده سنة عشرين وخمسمائة قبل وفاة جدّه القاضي أبي الوليد بأشهر). (¬2) ابن العماد، شذرات الذهب 4/ 320، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬3) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 284. (¬4) المنذري، التكملة لوفيات النقلة 1/ 322. (¬5) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬6) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء ص: 531 - 532.

تحديد عناصر ثقافته بالمواد التالية: الفقه، الحديث، الأصول، الخلاف، علم الكلام، الأدب والعربية، الطب، الفلسفة والمنطق. * الفقه: وقد طلبه منذ الصغر، فعرض الموطّأ، وهو أوّل كتب المالكية على والده (¬1)، وظل يدرس الفقه حتى برع (¬2) وقد وصفه معاصره الضبي بقوله: (فقيه حافظ مشهور، شارك في علوم جمّة، وله تواليف تدل على معرفته) (¬3). كما وصفه ابن أبي أصيبعة فقال: (مشهور بالفضل، معتن بتحصيل العلوم، أوْحَد في علم الفقه والخلاف) (¬4). أما ابن قنفذ القسنطيني، فيقول عنه: (الفقيه القاضي الحافظ الحَفيد، أبو الوليد بن رشد صاحب "البداية والنهاية" وغيرها) (¬5). وإِن كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" الذي بين أيدينا ليدلّ دلالة واضحة على تمكّنه في الفقه المالكي، وفي الفقه المقارن بشكل عام. وله كتاب اسمه "التحصيل" جمع فيه اختلاف أهل العلم مع الصحابة والتابعين وتابعيهم، ونصر مذاهبهم، وبيّن مواضع الاحتمالات التي هي مثار الاختلاف (¬6) ووصفه ابن سعيد فقال نقلًا عن الشقندي: (فقيه الأندلس وفيلسوفها) (¬7). ويقول المقرّي: (قرّب الإمام ابن رشد مذهب مالك تقريبًا لم يسبق إليه) (¬8). كما ينقل عن ابن سعيد في تذييله على رسالة ابن حزم في فضائل أهل ¬

_ (¬1) الصفدي، المصدر السابق. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) الضبي، بغية الملتمس ص: 44. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: ص: 530. (¬5) ابن قنفذ، الوفيات ص 298 - 299. (¬6) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء ص 532. (¬7) ابن سعيد، المغرب 1/ 104. (¬8) المقري، نفح الطيب 5/ 346.

الأندلس: (وإِنك إِن تعرّضت للمفاضلة بين العلماء فأخبرني: هل لكم في الفقه مثل عبد الملك بن حبيب الذي يُعمل بأقواله إلى الآن، ومثل أبي الوليد الباجي، ومثل أبي بكر بن العربي، ومثل أبي الوليد بن رشد الأكبر، ومثل أبي الوليد بن رشد الأصغر، وهو ابن ابن الأكبر؛ نجوم الإِسلام، ومصابيح شريعة محمَّد عليه السلام) (¬1). * الحديث: وكان من جملة العلوم التي طلبها، وقد وصفه معاصره الضبي فقال: (فقيه حافظ) (¬2) وقال ابن العماد: (وتفقه وبرع وسمع الحديث) (¬3). ويشهد له بذلك كتاب البداية الذي نقوم بتخريج أحاديثه. * الأصول: وقد وصفه به ابن فرحون فقال: (ودرس الفقه والأصول وعلم الكلام) (¬4)، كما ذكر المقري أن له كتابًا في الأصول فقال: (ولأبي الوليد بن رشد في أصول الفقه ما منه "مختصر المستصفى للغزالي") (¬5). * علم الكلام: وهو من العلوم الشرعية التي امتزجت بالعلوم العقلية، وتعتمد في مبادئها على المنطق والفلسفة لإثبات العقائد الإسلامية، فلا غرو أن يخوض به ابن رشد وهو فيلسوف المسلمين، ليثبت به عقائد الدين بمبادئ العقل والمنطق، وقد ذكر نسبته إِليه كل من ترجموا له، يقول الصفدي: (وأقبل على علم الكلام، والفلسفة، وعلوم الأوائل حتى صار يضرب به المثل) (¬6). كما نسبه إِليه ابن فرحون فقال: (ودرس الفقه والأصول وعلم الكلام، ولم ينشأ ¬

_ (¬1) المصدر نفسه 3/ 192. (¬2) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬3) ابن العماد، شذرات الذهب 4/ 320. (¬4) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 284. (¬5) المقري: نفح الطيب 3/ 181، وابن فرحون، الديباج المذهب: 284. (¬6) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115.

بالأندلس مثله كمالًا وعلمًا وفضلًا) (¬1). * العربية والأدب: وقد وصفه بالأديب معظم من ترجموا له وفي ذلك يقول الصفدي: (وقيل إنه حفظ ديوان أبي تمام والمتنبي، وكان يُفْزَعُ إِلى فُتْياهُ في الطبّ كما يُفْزَعُ إِلى فُتياه في الفقه، مع الحظ الوافر من العربية) (¬2)، كما وصفه مخلوف بقوله: (الفقيه، الأديب، العالم الجليل) (¬3). وأخرج ابن سعيد المغربي في كتابه "المغرب" من شعر ابن رشد (¬4): ما العشقُ شأني ولكن لست أنكرُهُ ... كم حلَّ عُقْدَةَ سُلْوَاني تَذَكُّرُهُ مَنْ لي بِغَضِّ جفوني عن مُخَبِّرَةِ الـ ... ـأجْفَانِ قد أظهرتْ ما لسْتُ أُضْمِرُهُ لولا النُّهى لأطَعْتُ اللَّحْظَ ثانِيَةً ... فيمن يرُدُّ سَنَا الألْحَاظ مَنْظَرُهُ مَا لابْنِ سِتّينَ قادَتْهُ لغايتهِ ... عَشْرِيَّةٌ فنأى عنه تَصَبُّرهُ قد كان رَضْوى وقارًا فهو سافِيَةٌ ... الحسنُ يورده، والهون يُصدِرُهُ * الطب: وكان إِمامًا مبرزًا فيه، وقد ترجم له ابن أبي أصيبعة (¬5) في كتابه: "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" ترجمة طويلة استغرقت ثلاث صفحات ذكر فيها مكانته في الطب وإمامته فيه، يقول عنه: (وكان أيضًا متميّزًا في علم الطب) ويقول أيضًا: (وكان قد اشتغل بالتعاليم وبالطب على أبي جعفر بن هارون، ولازمه مدة، وأخذ عنه كثيرًا من العلوم الحكمية)، ويقول أيضًا: (وله في الطب كتاب "الكلّيات" وقد أجاد في تأليفه، وكان بينه وبين أبي مروان بن ¬

_ (¬1) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 284. (¬2) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115، وابن فرحون، الديباج المذهب ص: 285. (¬3) مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص: 146. (¬4) ابن سعيد، المغرب في حلى المغرب 1/ 104 - 105. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء ص: 530 - 533.

شيوخه

زهر مودّة، ولما ألف كتابه هذا في الأمور الكلية قصد من ابن زهر أن يؤلف كتابًا في الأمور الجزئية لتكون جملة كتابَيهما ككتاب كامل في صناعة الطب. يقول ابن رشد في آخر كتابه ما نصهُ "فهذا هو القول في معالجة جميع أصناف الأمراض بأوجز ما أمكننا وأبْيَنَهُ ... ") ونقل من كلام ابن رشد ما نصُّه: (من اشتغل بعلم التشريح ازداد إيمانًا بالله). * الفلسفة: يقول المقّري: (وأما الفلسفة فإِمامها في عصرنا أبو الوليد بن رُشد القرطبي، وله فيها تصانيف) (¬1)، ويقول الصفدي عنه: (وأقبل على علم الكلام والفلسفة وعلوم الأوائل حتى صار يضرب به المثل) (¬2) وله فيها مؤلفات كثيرة نأتي على ذكرها في فصل مؤلّفاته، كانت السبب في محنته في آخر حياته، وفي ذلك يقول المقّري: (وله فيها تصانيف جحدها لمّا رأى انحراف منصور بني عبد المؤمن عن هذا العلم، وسجنه بسببها، وكذلك ابن حبيب الذي قتله المأمون بن المنصور المذكور على هذا العلم بإشبيلية، وهو علم ممقوت بالأندلس لا يستطيع صاحبه إظهاره، فلذلك تخفى تصانيفه) (¬3). شيوخه: عرض الموطأ على والده واستظهره عليه حفظًا (¬4). وأخذ الفقه عن أبي القاسم بن بشكوال. وأبي مروان عبد الملك بن مسرّة، وحدَّث عنه بإشبيلية وغيرها (¬5). وأبي بكر بن سمحون. ¬

_ (¬1) المقري، نفح الطيب 3/ 158. (¬2) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115، وابن العماد، شذرات الذهب 4/ 320. (¬3) المقّري، نفح الطيب 3/ 185. (¬4) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، وابن فرحون، الدياج المذهب ص: 284. (¬5) المنذري، التكملة لوفيات النقلة 1/ 322.

تلاميذه

وأبي جعفر بن عبد العزيز. وأجازه الإمام أبو عبد الله المازري (¬1). واشتغل على الفقيه الحافظ أبي محمَّد بن رزق (¬2). وأخذ علم الطب عن أبي مروان بن حَزبُول (¬3). وأبي جعفر بن هارون ولازمه مدّة، وأخذ عنه كثيرًا من العلوم الحكمية (¬4). تلاميذه: سمع منه أبو محمَّد بن حوط الله. وأبو بكر بن جهور. وأبو الحسن سهل بن مالك. وابنه القاضي أحمد المتوفى سنة 622 هـ. حدّث عنه أبو الربيع بن سالم الكَلاعيّ. وأبو القاسم بن الطيلسان (¬5). محنته ووفاته: حمدت سيرة ابن رشد في القضاء بقرطبة، وتأثت له عند الملوك وجاهة عظيمة، ولم يصرفها في ترفيع حال، ولا جمع مال، إنما قصرها على مصالح ¬

_ (¬1) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 284. (¬2) ابن أبي أصَيْبَعَة، عيون الأنباء ص: 530. (¬3) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء ص: 531. (¬5) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 285، ومخلوف، شجرة النور الزكية ص: 146 - 147. والمنذري، التكملة لوفيات النقلة 1/ 322.

أهل بلده خاصة، ومنافع أهل الأندلس (¬1). ثمَّ امتُحن بالنفي، وإِحراق كتبه القيمة آخر أيام يعقوب المنصور حين وشوا به إِليه، ونسبوا إليه أمورًا دينية وسياسية، ثمَّ عفا عنه، ولم يعش بعد العفو إِلا سنة (¬2). وينقل لنا النباهي في "تاريخ قضاة الأندلس". (قال ابن الزبير: أخذ الناس عنه واعتمدوا عليه، إِلى أن شاع عنه ما كان الغالِبُ عليه في علومه من اختيار العلوم القديمة -يعني الفلسفة- والركون إِليها. ثمَّ قال: فترك الناس الأخذ عنه، وتكلّموا فيه، وممن جاهده بالمنافرة والمجاهرة القاضي أبو عامر يحيى بن أبي الحسن بن ربيع، وبَنُوه، وامتُحن بسبب ذلك، ومن الناس من تعامى عن حاله، وتأوّل مرتكبه في انتحاله. وتوفي في حدود سنة 598 هـ). لقد كان السبب في محنته، فلسفته، وفي ذلك يقول المقّري: (وأما الفلسفة فإِمامها في عصرنا أبو الوليد بن رشد القرطبي، وله فيها تصانيف جحدها لما رأى انحراف منصور بني عبد المؤمن عن هذا العلم وسجنه بسببها، وكذلك ابن حبيب الذي قتله المأمون بن المنصور المذكور على هذا العلم بإِشبيلية، وهو علم ممقوت بالأندلس، لا يستطيع صاحبه إِظهاره، فلذلك تخفى تصانيفه) (¬3). ثمَّ إِن جماعة من الأعيان بإِشبيلية شهدوا لابن رشد أنَّه على غير ما نُسِبَ إليه، فرضي المنصور عنه، وذلك في سنة خمس وتسعين وخمسمائة (¬4). ثمَّ إنه مات في حبس داره لما شُنِّع عليه من سوء المقالة والميل إلى علوم ¬

_ (¬1) ابن فرحون، الديباج المذهب: 284 - 285. (¬2) مخلوف، شجرة النور الزكية: 147. (¬3) المقّري، نفح الطيب 3/ 185. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532.

مؤلفاته

الأوائل في سنة 595 هـ) (¬1)، ودفن بمراكش، ثمَّ نقل إلى مقبرة سلفه بقرطبة (¬2). رحمه الله رحمة واسعة، وتغمّده فسيح جناته. مؤلفاته: قال مخلوف: (له تآليف تنوف على الستين) (¬3)، وقال ابن فرحون: (سوّد فيما صنّف، وقيّد، وألّف، وهذّب، واختصر نحوًا من عشرة آلاف ورقة) (¬4). ومؤلفاته في غاية الإتقان والنفع، يقول ابن العماد: (وتآليفه كثيرة نافعة) (¬5). وقد ألّف في شتى فنون المعرفة التي كان قد حصّلها، كالفقه والخلاف، والأصول، والكلام، والعربية، والطب، والمنطق، والفلسفة. قال الضبّي: (وله تواليف تدل على معرفته) (¬6). لم تصلنا جميع مؤلفاته التي خلّفها. لأنَّ بعضًا منها أحرق في أيامه، وفي ذلك يقول مخلوف: (ثمَّ امتحن بالنفي وإحراق كتبه القيّمة آخر أيام يعقوب ¬

_ (¬1) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115، وقد أجمعت المصادر على تاريخ وفاته أنها سنة 595 هـ وشذّ عن ذلك إثنان: أولهما: المراكشي في المعجب: 242 حيث قال: (توفي في آخر سنة 594 وقد ناهز الثمانين)، وثانيهما: النباهي في تاريخ قضاة الأندلس: 111، حيث قال: (توفي في حدود سنة 598 هـ) وهو بعيد. (¬2) ابن قنفذ، الوفيات: 298، 299. (¬3) مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص: 147، وابن فرحون، الديباج المذهب:285. (¬4) ابن فرحون، الديباج المذهب ص: 284 - 285. (¬5) ابن العماد، شذرات الذهب 4/ 320. (¬6) الضبي، بغية الملتمس ص: 44.

المنصور حين وشوا به إليه، ونسبوا إليه أمورًا دينية وسياسية) (¬1) ويظهر أن هذه التآليف التي أحرقت ولم تصلنا تتعلّق بالفلسفة، يدلنا على ذلك قول المقّري: (وله فيها -أي الفلسفة- تصانيف جحدها لمّا رأى انحراف منصور بني عبد المؤمن عن هذا العلم وسجنه بسببها) (¬2). أما سائر كتبه فقد أقبل الناس عليها، ويذكر لنا المقري: (أن ابن خلدون لخص كثيرًا من كتب ابن رشد) (¬3)، كما يذكر لنا مخلوف: (أن كتابه "الكليات" في الطب جليل، ترجم وطبع في بلاد أوروبا) (¬4)، وكذلك كتاب "بداية المجتهد"، الذي بين أيدينا، ويعتبر من أهم كتب المالكية. وهذه قائمة بأسماء كتبه مرتبة على حروف المعجم، مع ذكر المصادر التي أشارت للكتاب إن كان مفقودًا، ومع ذكر مكان وجوده إن كان مخطوطًا، وتاريخ ومكان الطبع إن كان مطبوعًا، وقد أحصيت من تآليفه أسماء (92) كتابًا، وهي: 1 - أصول الفقه: وقد أشار إليه المؤلف في هذا الكتاب "بداية المجتهد" في كتاب الصلاة، فصل الأوقات المنهى عن الصلاة فيها بقوله: (وقد تكلمنا في العمل -أي عمل أهل المدينة وحجّيته- وقوته في كتابنا في الكلام الفقهي، وهو الذي يدعى بأصول الفقه). 2 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد. في الفقه. وهو الكتاب الذي بين يديك. ويأتي الكلام عنه إن شاء الله في فصل مستقل. 3 - البيان والتحصيل في اختلاف أهل العلم (¬5): جمع فيه اختلاف أهل ¬

_ (¬1) مخلوف، شجرة النور الزكية ص: 147. (¬2) المقّري، نفح الطيب 3/ 185. (¬3) المصدر نفسه 6/ 181. (¬4) مخلوف، شجرة النور الزكية ص: 147. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والنباهي في تاريخ قضاة الأندلس: 111، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104.

العلم مع الصحابة والتابعين وتابعيهم، ونصر مذاهبهم، وبين مواضع الاحتمالات التي هي مثار الاختلاف. - التحصيل في اختلاف أهل العلم: وهو الكتاب السابق. 4 - التعرّف (¬1). 5 - تلخيص الإلهيات لنيقولاوس (¬2). 6 - تلخيص أول كتاب الأدوية المفردة لجالينوس (¬3). 7 - تلخيص الخطابة لأرسطو (¬4): وله كتاب اسمه: "تلخيص المقالة الأولى من كتاب الخطابة" يأتي. 8 - تلخيص السفسطة (¬5): 9 - تلخيص السماء والعالم (¬6). 10 - تلخيص القياس (¬7). 11 - تلخيص كتاب الأخلاق لأرسطو (¬8). - تلخيص كتاب أرسطو طاليس في الجدل، يأتي في تلخيص كتاب الجدل. ¬

_ (¬1) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬2) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬3) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532. (¬4) طبع بتحقيق عبد الرحمن بدوي في مكتبة النهضة بالقاهرة ط 1 عام 1960 م، وطبع بتحقيق محمَّد سليم سالم في المجلس الأعلى للشؤون الإِسلامية بالقاهرة ط 1 عام 1967 م في (703) صفحات. (¬5) طبع بتحقيق مركز تحقيق التراث بالقاهرة، ط 1 عام 1973 م في (190) صفحة. (¬6) قام بتحقيقه جمال الدين العلوي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس بالمغرب عام 1984 م، كما طبع بتحقيق. عبد الرحمن بدوي في المجلس الوطني للثقافة بالكويت ضمن السلسلة التراثية عام 1984 م. (¬7) ذكره بروكلمان في تاريخ الأدب العربي بالألمانية، الذيل 1/ 835. (¬8) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115.

12 - تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الشعر (¬1). 13 - تلخيص كتاب أرسطوطاليس في العبارة (¬2). 14 - تلخيص كتاب الاسطقسات لجالينوس (¬3). 15 - تلخيص كتاب البرهان لأرسطوطاليس (¬4). 16 - تلخيص كتاب التعرّف لجالينوس (¬5). 17 - تلخيص كتاب الجدل لأرسطو (¬6). ويسمى أيضًا: تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الجدل. 18 - تلخيص كتاب الحاسّ والمحسوس (¬7). 19 - تلخيص كتاب الحميّات لجالينوس (¬8). 20 - تلخيص كتاب السماع الطبيعي لأرسطوطاليس (¬9). ¬

_ (¬1) طبع بتحقيق محمَّد سليم سالم في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة ط 1، عام 1971 م في (198) صفحة. (¬2) طبع بتحقيق محمَّد سليم سالم في الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة ط 1، عام 1978 م في (209) صفحات. (¬3) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬4) المصدران نفسهما، ويوجد منه مخطوط في دار الكتب بالقاهرة ضمن مجموع فيه تلخيص كتب أريسطو الأربعة: المقولات، والقضايا، والقياس، والبرهان (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية 1/ 605) ونسخة أخرى في برلين (بروكلمان، الذيل 1/ 835). (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532. (¬6) طبع بتحقيق محمَّد سليم سالم في مركز تحقيق التراث بالقاهرة ط 1 عام 1980 م، وطبع بتحقيق أحمد عبد المجيد هريدي و CharlesButterrworth في الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة، ط 1، عام 1979 م، في (264) صفحة و (53) صفحة مقدمة بالإنكليزية. (¬7) طبع بتحقيق عبد الرحمن بدوي في مجموعة: "النفس لأرسطو" في مكتبة النهضة بالقاهرة، ط 1، عام 1954 م. (¬8) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، ويوجد منه نسخة مخطوطة في دار الكتب بالقاهرة (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية 1/ 605). (¬9) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114.

21 - تلخيص كتاب العلل والأعراض لجالينوس (¬1): ويسمّيه بروكلمان: كلام في اختصار العلل والأعراض لجالينوس. 22 - تلخيص كتاب القوى الطبيعية لجالينوس (¬2). 23 - تلخيص كتاب الكون والفساد لأرسطوطاليس (¬3). 24 - تلخيص كتاب المِزاج (¬4). 25 - تلخيص كتاب المقولات (¬5). 26 - تلخيص كتاب النفس (¬6). مطبوع. 27 - تلخيص كتب أرسطو الأربعة: المقولات، والقضايا، والقياس، والبرهان (¬7). 28 - تلخيص كتب أرسطوطاليس في الحكمة (¬8). 29 - تلخيص ما بعد الطبيعة لأرسطوطاليس (¬9). 30 - تلخيص المقالة الأولى من كتاب الخطابة لأرسطوطاليس في ¬

_ (¬1) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، ويوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية بالقاهرة (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية 1/ 605). (¬2) المصدر نفسه. (¬3) البغدادي، هدية العارفين 2/ 104. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬5) طبع بتحقيق محمود قاسم في الهيئة العامّة للكتاب عام 1980 م، في (160) صفحة و 19 للمقدمة. (¬6) ذكره الزركلي في الأعلام 5/ 318. (¬7) يوجد منه نسخة مخطوطة بمكتبة بودليانا بانجلترا (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية 1/ 605، والذيل 1/ 835). (¬8) يوجد منه نسخة مخطوطة في دار الكتب بالقاهرة (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬9) طبع بتحقيق. عثمان أمين في مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة عام 1958 م.

الشعر (¬1). وقد عرّبه ابن رشد. 31 - تلخيص منطق أرسطو (¬2). في ثلاث مجلدات. 32 - تلخيص النصف الثاني من كتاب حيلة البرء لجالينوس (¬3). 33 - تهافت التهافت (¬4): في الفلسفة، ردّ فيه على كتاب "التهافت" للغزالي، ويسمّى أيضًا: "تهافت الفلاسفة" أو "تهافت المتهافتين". مطبوع. 34 - جملة من الأدوية المفردة (¬5). 35 - جوامع كتب أرسطوطاليس في الطبيعيات والإلهيات (¬6). 36 - الحاسّ والمحسوس (¬7). 37 - الحُمَّيَات (¬8). ¬

_ (¬1) طبع بتحقيق لازينيو في فرنسا ط 1، عام 1875 م في (96) صفحة (سركيس، معجم المطبوعات: 108). (¬2) طبع بتحقيق جيرار جهامي في الجامعة اللبنانية في بيروت، ضمن منشورات الجامعة ط (1) عام 1403 هـ / 1983 م. (¬3) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104، وطبع لأول مرة بمصر عام 1319 هـ، وطبع ثانية على نفقة مصطفى البابي الحلبي في مصر عام 1321 هـ (سركيس، معجم المطبوعات: 109) وطبع مؤخرًا بتحقيق سليمان دنيا في دار المعارف بالقاهرة، في سلسلة ذخائر العرب رقم (37) ط 1 عام 1964 - 1965 م. (¬5) يوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الفاتيكان بروما - إيطاليا (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬6) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104، ويوجد منه نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية بمدريد بإسبانية (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬7) يوجد منه نسخة مخطوطة في يني جمع (الجامع الجديد) باستنبول (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬8) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114.

38 - حيلة البُرء (¬1). 39 - الحيوان (¬2). 40 - الخطابة لأريسطوطاليس (¬3). 41 - ذيل فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال (¬4). 42 - رحلة ابن رشد (¬5). 43 - رسالة التوحيد والفلسفة (¬6). 44 - رسالة في حركة الأفلاك (¬7). 45 - شرح أرجوزة ابن سينا في الطب (¬8). 46 - شرح الحمدانية (¬9): في الأصول. - شرح رَجَز ابن سينا (¬10) وهو "شرح أرجوزة ابن سينا" السابق، ذكره النباهي بهذا الاسم. 47 - شرح كتاب "الحمّيات" وكتاب "القوى الطبيعية" وكتاب "العلل ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104. (¬3) طبع ضمن مجموعة كتب في مطبعة كردستان سنة 1329 هـ (بروكلمان، الذيل 1/ 835). (¬4) طبع ضمن ثلاث رسائل لابن رشد باسم: "فلسفة ابن رشد"، يأتي الكلام عليها في كتاب فصل المقال. (¬5) البغدادي، هدية العارفين 2/ 104. (¬6) طبع بتحقيق "ملر" المستشرق في ميونخ بألمانيا ط 1، عام 1875 م، في (132) صفحة. (¬7) ذكره الزركلي في الأعلام 5/ 318. (¬8) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104، ويوجد منه نسخة مخطوطة في خزانة القرويين بفاس تحت رقم (2786). (¬9) ذكره النباهي في تاريخ قضاة الأندلس: 111. (¬10) المصدر نفسه.

والأعراض" لجالينوس (¬1). 48 - شرح كتاب السماء والعالم لأرسطوطاليس (¬2). 49 - شرح كتاب القياس لأرسطوطاليس (¬3). 50 - شرح كتاب المقدمات في الفقه لجدّه ابن رشد (¬4). 51 - شرح كتاب النفس لأرسطوطاليس (¬5). 52 - الضروري (¬6): في العربية. 53 - الضروري (¬7): في المنطق. 54 - العلل (¬8). 55 - علم ما بعد الطبيعة (¬9): مطبوع. 56 - الفحص عن مسائل وقعت في العلم الإلهي من الشفا لابن سينا (¬10). 57 - الفحص في أمر العقل (¬11) ويسميه ابن أبي أصيبعة: كتاب في الفحص هل يمكن العقل الذي فينا وهو المسمى بالهيولاني أن يعقل الصور ¬

_ (¬1) يوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الاسكوريال بإسبانيا (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬2) المصادر نفسها. (¬3) المصادر نفسها. (¬4) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104. (¬6) ابن فرحون، الديباج المذهب: 284 - 285. (¬7) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104. ويوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الدولة بميونخ -ألمانيا الشرقية (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬8) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬9) ذكره الزركلي في الأعلام 5/ 318. (¬10) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء، 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114. (¬11) المصدران نفسهما.

المفارقة بآخره أولًا يمكن ذلك؟ وهو المطلوب الذي كان أرسطو وَعَدَنا بالفحص عنه في كتاب النفس. 58 - فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتّصال (¬1): وذيّله بكتاب سماه: "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملّة" يأتي في حرف الكاف، وقد ألف ابن تيمية كتابًا في الرد على ابن رشد في هذا الكتاب، كتابًا سماه: "فلسفة ابن رشد والرد عليها". 59 - فلسفة ابن رشد: وتسميته حديثة، وهو مشتمل على كتابين له هما: فصل المقال، والكشف عن مناهج الأدلة، راجع ما ذكرنا عنه في كتاب: فصل المقال. 60 - فهرسته (4). 61 - في حفظ الصحة (¬2) 62 - القُوى (¬3). ¬

_ (¬1) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104. وله طبعات متعددة: الأولى بتحقيق ملر المستشرق في ميونخ بألمانيا عام 1859 م في (331) صفحة ضمن ثلاث رسائل لابن رشد باسم فلسفة ابن رشد، تضم بالإضافة لفصل المقال: الكشف عن مناهج الأدلة، وذيل فصل المقال. وعلى هذه الطبعة أعيد طبعه بالمطبعة الجمالية بمصر عام 1910 م في (128) صفحة. وطبع بتحقيق جورج حوراني في بريل- ليدن عام 1959 وطبع بتحقيق محمَّد عمارة في القاهرة عام 1972 م بدار المعارف بمصر، وأعيد طبعه بتحقيق محمد عمارة في المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1981 م. وطبع بتحقيق ألبير نادر في دار المشرق ببيروت ط (4) عام 1981 م في (76) صفحة، وتقوم بنشره مكتبة صبيح بالقاهرة، ودار الآفاق في بيروت عن طبعة المستشرق مولر عام 1983 م في (144) صفحة. (¬2) يوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية بالقاهرة (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية 1/ 605) (¬3) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114.

63 - كتاب في العربية (¬1). 64 - كتاب في كيفية وجود العالم متقارب المعنى (¬2). 65 - كتاب في المنطق (¬3). 66 - كتاب فيما خالف أبو النصر الفارابي لأرسطوطاليس في كتاب البرهان من ترتيبه، وقوانين البراهين والحدود (¬4)، ويسميه الصفدي: "مقالة فيما خالف فيه أبو نصر لأرسطو في كتاب البرهان". 67 - الكلّيات (¬5): في الطب. وفيه يقول ابن أبي أصيبعة: (وله في الطب كتاب الكليات، وقد أجاد في تأليفه، وكان بينه وبين أبي مروان بن زهر مودّة. ولما ألّف كتابه هذا في الأمور الكلّية، قصد من ابن زهر أن يؤلّف كتابًا في الأمور الجزئية لتكون جملة كتابيهما، ككتاب كامل في صناعة الطب. ولذلك يقول ابن رشد في آخر كتابه ما هذا نصّه: "فهذا هو القول في معالجة جميع أصناف الأمراض بأوجز ما أمكننا وأبينه، وقد بقي علينا من هذا الجزء القول في شفاء عرض عرض من الأعراض الداخلة على عضو عضو من الأعضاء ... "). وهو أشهر كتبه في الطب. وقد ترجم إِلى اللاتينية والإسبانية والعبرية، وقد طبع على التصوير الشمسي في أوروبا (¬6). ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء:533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، والنباهي في تاريخ قضاة الأندلس: 111. وابن فرحون الديباج المذهب: 284 - 285، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104، ومخلوف، شجرة النور الزكيّة: 147، ويوجد منه نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية بمدريد بإسبانيا، وفي جامعة غرناطة بإسبانيا، وفي المكتبة القيصرية العامة بروسيا، وفي مكتبة مجريط (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية 1/ 605، والذيل 1/ 834). (¬6) الزركلي، الأعلام 5/ 318.

68 - الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملّة (¬1). ذيلًا على فصل المقال له. - كلام في اختصار العلل والأعراض لجالينوس. انظر تلخيص كتاب العلل والأعراض. - ما بعد الطبيعة: انظر تلخيص ما بعد الطبيعة لأريسطو. 69 - مباحثات بينه وبين أبي بكر ابن الطفيل في رسمه للدواء (¬2). ويسمّيه ابن أبي أصيبعة "مراجعات ومباحثات بين أبي بكر ابن الطفيل وبين ابن رشد في رسمه للدواء في كتابه الموسوم بالكليات". 70 - مختصر المستصفى في علم الأصول للغزالي (¬3). 71 - مسألة في الزمان (¬4). 72 - مسألة في نوائب الحمّى (¬5). 73 - مسائل في الحكمة (¬6). 74 - المسائل المهمّة على كتاب البرهان لأرسطوطاليس (¬7). ¬

_ (¬1) البغدادي، هدية العارفين 2/ 104، وقد طبع ضمن كتاب "فلسفة ابن رشد" الذي يضم ثلاث رسائل لابن رشد، راجع كتاب"فصل المقال" من هذه القائمة. (¬2) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115 وابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء:533. (¬3) المقري، نفح الطيب 3/ 181، الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115، ابن فرحون، الديباج المذهّب: 284 - 285، مخلوف، شجرة النور الزكية: 147. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬5) المصدران نفسهما. (¬6) المصدران نفسهما. (¬7) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والبغدادي، هدية العارفين 2/ 104، ويوجد منه نسخة مخطوطة في المكتبة الوطنية بمدريد بإسبانيا (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية 1/ 605، والذيل 1/ 834).

75 - مقالة في اتصال العقل المفارق بالإنسان (¬1). 76 - مقالة في اتصال العقل بالإنسان (¬2). 77 - مقالة في أصناف المزاج (¬3). 78 - مقالة في حركة الفلك (¬4). 79 - مقالة في حميّات العفن (¬5). 80 - مقالة في الترياق (¬6): أو الدرياق كما يسمّيه الصفدي. 81 - مقالة في الردّ على ابن سينا في تقسيمه الموجودات إِلى ممكن على الإطلاق، وممكن بذاته واجب بغيره، وإلى واجب بذاته (¬7). 82 - مقالة في العقل (¬8). 83 - مقالة في فسخ شبهة من اعترض على الحكيم وبرهانه في وجود المادّة الأولى، وتبيين أن برهان أرسطوطاليس هو الحق المبين (¬9). 84 - مقالة في القياس (¬10). ¬

_ (¬1) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬2) نفسهما. (¬3) يوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية بالقاهرة. (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية 1/ 605). (¬4) المصدران السابقان. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533. ويوجد منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية بالقاهرة (بروكلمان، تاريخ الأدب العربي بالألمانية 1/ 605). (¬6) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115، ويوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الاسكوريال بإسبانيا (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬7) نفسهما. (¬8) نفسهما. (¬9) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء: 533. (¬10) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114.

85 - مقالة في المزاج (¬1). 86 - مقالة في نظر أبي نصر الفارابي في المنطق، ونظر أرسطو (¬2). ويسميه ابن أبي أصيبعة: "مقالة في التعريف بجهة نظر أبي نصر في كتبه الموضوعة في صناعة المنطق التي بأيدي الناس، وبجهة نظر أرسطوطاليس فيها، ومقدار ما في كل كتاب من أجزاء الصناعة الموجودة في كتب أرسطوطاليس، ومقدار ما زاد لاختلاف النظر، يعني نظريهما. 87 - مقالة في وجود المادة الأولى (¬3). 88 - مقالة فيما يعتقده المشّاؤون والمتكلمون من أهل ملّتنا (¬4): ويسميه ابن أبي أصيبعة: "مقالة في أن ما يعتقده المشّاؤون وما يعتقده المتكلمون من أهل ملّتنا في كيفية وجود العالم متقارب في المعنى". 89 - المقدمات في الفقه (¬5): نسبه له ابن أبي أصيبعة خطأً، والمشهور أنَّه لجدّه وأنه شرح هذه المقدمات. وقد ذكر ابن رشد ذلك بنفسه في الكتاب الذي بين أيدينا -بداية المجتهد- في كتاب الطهارة فقال: (وقد ذهب جدّي رحمة الله عليه في كتاب "المقدمات" إِلى أن هذا الحديث ...) وانظر: شرح كتاب المقدمات. ¬

_ (¬1) نفسهما، ويوجد منه نسخة مخطوطة في الإسكوريال بإسبانيا (بروكلمان، تاريخ الأدب بالألمانية، الذيل 1/ 835). (¬2) نفسهما. (¬3) الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 115. (¬4) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 533، والصفدي، الوافي بالوفيات: 2/ 115. (¬5) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532. كما نسبه لابن رشد (الحفيد) خطأ، سركيس في معجم المطبوعات: 109، والكتاب مطبوع بمطبعة السعادة بالقاهرة على نفقة الساسي المغربي عام 1324 هـ، وتقوم بتصويره مؤخرًا دار صادر في بيروت عن هذه الطبعة، ويتضح عليها اسم ابن رشد الجدّ كما تقوم بطبعه مكتبة صبيح بالقاهرة، وعندي نسخة منه عاينتها.

90 - ملخص به تلخيص كتب أرسطوطاليس (¬1). وقد لخّصها تلخيصًا تامًّا مستوفيًا. 91 - مناهج الأدلة في الكشف عن عقائد الملّة (¬2). 92 - منهاج الأدلة في علم الأصول (¬3). ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) ذكره النباهي في تاريخ قضاة الأندلس: 111. (¬3) ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء: 532 - 533، الصفدي، الوافي بالوفيات 2/ 114، البغدادي، هدية العارفين 2/ 104.

بداية المجتهد ونهاية المقتصد منهجه وأهميته

بداية المجتهد ونهاية المقتصد منهجه وأهميته منهج كتاب "بداية المجتهد" وأهميته: إن كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" هو كتاب في الفقه على مذهب إمام المدينة المنورة مالك بن أنس رحمه الله، وقد استوفى فيه القاضي أبو الوليد بن رشد (الحفيد) كتب الفقه وأبوابه جميعها بدءًا من كتاب الطهارة فالصلاة ... وانتهاء بكتاب الأقضية. ومن الطوابع المميَّزة للكتاب أنَّه يستعرض المسألة الواحدة على مذهب الإمام مالك، ثمَّ على سائر آراء الفقهاء المعتبرين عند جماعة المسلمين؛ كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وسفيان الثوري، وداود، والأوزاعي ... الخ ولا يكتفي بذلك، بل يأتي أحيانًا بآراء المجتهدين ضمن هذه المذاهب من أصحاب أبي حنيفة، والشافعيُّ وغيرهم ويناقش هذه المسألة من جميع وجوهها فيبيِّن أوجه الاتفاق فيما اتفقوا عليه، وأوجه الاختلاف فيما اختلفوا فيه موردًا حجج كل واحد منهم، ثمَّ يرجح بعد كل ذلك ما يراه صوابًا، وهذا يدلّ على علوّ شأن ابن رشد في الفقه، ليس ضمن مذهبه المالكي فقط، بل وفي الفقه الإِسلامي عامّة. ولكن الإمام ابن رشد -رغم توفّر ملكات الاجتهاد لديه- يعتبر نفسه قاصرًا

مصطلحات ابن رشد في كتابه

عن هذه الرتبة الخطيرة، وهو أدب رفيع قلَّما يتحلَّى به الناس، خاصة في أيامنا هذه، وفي هذا يقول في كتاب الطهارة، باب معرفة أنواع النجاسات، في مسألة نجاسة البول، بعد أن استعرض مذاهب الأئمة وحججهم واستدلالاتهم في هذه المسألة: (ولولا أنَّه لا يجوز إحداث قول لم يتقدّم إِليه أحد في المشهور، وإِن كانت مسألة فيها خلاف لقيل: ...) ثمَّ يورد رأيه في المسألة بعد هذا الاعتذار الخجول أمام الأئمة الكبار. مصطلحات ابن رشد في كتابه: كثيرًا ما يشير ابن رشد في كتابه إلى مصطلحات اتخذها لنفسه، ونبه القارئ إليها في مواضع متفرقة، نذكر منها: 1 - قال في الباب الثاني من أبواب الغسل، المسألة الأولى: في الغسل من التقاء الختانين: "ومتى قلت: ثابت -للحديث- فإنما أعني ما أخرجه البخاري أو مسلم، أو ما اجتمعا عليه). 2 - وقال في كتاب التيمم، الباب الرابع: في صفة هذه الطهارة، المسألة الثالثة: في عدد ضربات التيمم: (إذا قلت: الجمهور، فالفقهاء الثلاثة معدودون فيهم، أعني مالكًا والشافعيُّ وأبا حنيفة). 3 - وقال في الباب الثاني من أبواب الوضوء، في مسألة غسل الوجه: (مع أن الآثار الصحاح التي ورد فيها صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام ليس في شيء منها التخليل) فهو يسمّي الأحاديث: آثار وقد درج على ذلك في كتابه كلّه.

[الهداية تخريج البداية للغماري]

ترجمة الحافظ أبي الفيض، أحمد بن محمد بن الصديق الغماري (¬1) (1320 - 1380 هـ) اسمه ونسبه: (السيد أحمد بن محمَّد بن الصديق بن أحمد بن محمَّد بن قاسم بن محمَّد بن محمَّد بن عبد المؤمن) الإمام الحافظ المحدث الناقد، نادرة العصر وفريد الدهر، ذو التصانيف والذكاء والحافظة المفرطة شهاب الدين أبو الفيض وأبو الخير الحسني الإدريسي المغربي الطنجي الغماري. ينتهي نسبه إلى مولانا إدريس الأكبر فاتح المغرب بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. ونسبه من جهة أمه ينتهي أيضًا إلى مولانا إدريس الأكبر فهي حفيدة الإمام المفسر العارف بالله سيدي أحمد بن عجيبة الحسني المتوفى سنة 1224 هـ. وصاحب الترجمة ذكر نسبه وتراجم كثير من آبائه في "التصور والتصديق بأخبار الشيخ سيدي محمَّد بن الصديق" (¬2) المطبوع وكذا في (البحر العميق في ¬

_ (¬1) اقتبسنا الترجمة من كتاب "تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع" لأبي سليمان، محمود سعيد بن محمَّد ممدوح الشافعي ص: 71 - 78 بتصرف. (¬2) هو والد المترجم وكان مجمعًا للفضائل بلغ الذروة في العلم والعمل توفي سنة 1354 هـ وترك أولادًا علماء هم شامة في جبين الدهر المترجم أكبرهم ثمَّ سيدي العلامة المحدث الأصولي =

مولده ونشأته

مرويات ابن الصديق" و"المؤذن بأخبار سيدي أحمد ابن عبد المؤمن" و "سبحة العقيق". مولده ونشأته: ولد صاحب الترجمة بقبيلة بني سعيد وهي قريبة من قبيلة غمارة وذلك في يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضان سنة 1320 هـ، وبعد شهرين من ولادته رجع به والده إلى طنجة وعندما بلغ الخامسة من عمره أدخله والده المكتب لحفظ القرآن الكريم على تلميذه سيدي العربي بن أحمد بودرة. طلبه للعلم: وبعد أن أكمل حفظ القرآن الكريم وجوَّده، حَفِظَ "الآجرومية" و"المرشد المعين" و"بلوغ المرام" و"السنوسية" و"ألفية ابن مالك" و"الجوهرة" و"البيقونية" و"مختصر خليل" وغير ذلك. ثمَّ اشتغل بالدرس فحضر دروسَ شيخه بودرة في النحو والصرف، والفقه المالكي، والتوحيد، ودروس والده في الجامع الكبير في النحو، والفقه، والحديث وكان والده رحمه الله تعالى معتنيًا به أشد الاعتناء، ويذاكره في شتى الفنون، ويحثه على الطلب والتعب في التحصيل، ويذكر له تراجم العلماء ليتخلّق بأخلاقهم، ويسعى مسعاهم. وقرأ أيضًا على الفقيه أحمد بن عبد السلام العبادي.

_ = شيخنا عبد الله بن الصديق ثمَّ العلامة السيد محمَّد الزمزمي ثمَّ العلامة الأصولي المحقق السيد شيخنا عبد الحي ثمَّ العلامة المحدث المفيد شيخنا السيد عبد العزيز ثمَّ العلامة الأديب السيد الحسن ثمَّ العلامة المشارك السيد إبراهيم نفع الله المسلمين بعلومهم.

رحلته في طلب العلم

ولما أمر والده الإخوان المتجردين بالزاوية الصديقية أن يحفظوا القرآن الكريم، كتب كتابًا في فضل القرآن الكريم وحفظه وتلاوته سماه "رياض التنزيه في فضل القرآن وحامليه" وهو أول ما صنف وكان دون العشرين. وأثناء ذلك حبب الله تعالى إليه الحديث الشريف فأقبل على قراءته خاصة الأجزاء الحديثية وكتب التخريج والرجال. رحلته في طلب العلم: وفي سنة 1339 هـ وصل للقاهرة للدراسة على علماء الأزهر المعمور حسب توجيهات والده. قرأ في القاهرة على شيوخ أجلّاء، منهم الشيخ محمَّد إِمام بن إِبراهيم السقّا الشافعي، قرأ عليه "الآجرومية" بشرح الكفراوي و"ابن عقيل" و "الأشموني على الألفية" و"السلم" بشرح الباجوري و"جوهرة التوحيد" و"شرح التحرير" لشيخ الإِسلام في الفقه الشافعي، وسمع عليه "مسند الشافعي" و"ثلاثيات البخاري"، و"الأدب المفرد" له و"مسلسل عاشوراء" بشرطه والمسلسل بالأولية وغير ذلك وكان يتعجب من ذكائه وسرعة فهمه وشدة حرصه على التعليم ويقول له: "لا بد وأن يكون والدك رجلًا صالحًا للغاية، وهذه بركته فإن الطلبة لا يصلون إلى حضور "الأشموني بحاشية الصبان" إلا بعد طلب النحو ست سنين وقراءة "الآجرومية" و"القطر" وغيرهما، وأنت ارتقيت إليه في مدة ثلاثة أشهر، وكان يذيع هذا بين العلماء. وكان أحيانًا يقول له لما يرى حرصه على قراءة الكتب التي تدرس في أقرب وقت: "أنت تريد أن تشرب العلم".

شيوخه

شيوخه: ومن مشايخه بمصر أيضًا شيخ الشافعية محمَّد بن سالم الشرقاوي الشهير بالنجدي ت (1350 هـ) قرأ عليه "مشكاة المصابيح" و"الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" وغير ذلك. ومنهم محمَّد السمالوطي المالكي قرأ عليه "التهذيب" في المنطق "وتفسير البيضاوي" و"موطأ مالك". ومنهم شيخ المالكية أحمد بن نصر العدوي، قرأ عليه "صحيح مسلم" بشرح النوويّ وأوائل "سنن أبي داود". ومنهم الشيخ عبد المقصود عبد الخالق قرأ عليه "مختصر خليل". ومنهم شيخ علماء الدنيا مفتي الديار المصرية ومفخرتها الشيخ محمَّد بخيت المطيعي حضر دروسه في "شرح الإسنوي على المنهاج" في الأصول و"شرح الهداية" في الفقه الحنفي "وصحيح البخاري" كما لازم دروسه في التفسير. وله مشايخ آخرون بمصر في القراءة: منهم الشيخ محمَّد حسنين مخلوف العدوي المالكي. والشيخ محمود خطاب السبكي المالكي. والشيخ محمَّد شاكر المالكي. والشيخ ياسين الجندي. والشيخ حسن حجازي.

والشيخ عمر حمدان المحرسي التونسي (¬1) قرأ عليه وقت قدومه للقاهرة في "صحيح البخاري"، و"الأذكار" للنووي، و"عقود الجمان" في البلاغة، وغير ذلك. وله مشايخ في سماع الحديث والإجازة، من أجلهم السيد المحدث محمَّد بن جعفر الكتاني المتوفى سنة (1345 هـ). والسيد محمَّد بن إدريس القادري شارح "الترمذي" المتوفى سنة (1350 هـ). وشيخ الجماعة السيد أحمد بن الخياط الزكاري المتوفى سنة (1343 هـ). ومسند عصره المحقق السيد أحمد رافع الطهطاوي الحنفي المتوفى سنة (1355 هـ). وشيخ علماء الشام بدر الدين البيباني المتوفى سنة (1354 هـ). وصاحب التصانيف العديدة الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري المتوفى ¬

_ (¬1) وانتفع المترجم به كثيرًا وذكر له يومًا أنَّه لا يقبل على الفروع بغير معرفة أدلتها وكتب المالكية خالية من ذلك وقال له: إذا أردت ذلك فعليك بقراءة كتب الشافعية فإنها حتى الصغير منها تتعرض لدليل كل مسألة، وأقربها وأصغرها "شرح التحرير" لشيخ الإِسلام زكريا الأنصاري فبمجرد ما سمع ذلك منه اشترى الكتاب في الحال وذهب إلى شيخه السقا الشافعي فطلب منه أن يقرأه معه، فلما وجد فيه ما يحب، انتقل إلى مذهب الشافعي، وصار يحضر في الأزهر "شرح المنهج" لزكريا الأنصاري أيضًا بحاشية البجيرمي على الشيخ محمَّد البحيري "وشرح الخطيب على متن أبي شجاع" على شيخ الشافعية الشيخ محمَّد بن سالم الرقاوي المعروف بالنجدي، ثمَّ في تلك المدة طبع "شرح المهذب" للنووي فاعتنى به، وأقبل بكليته عليه وحفظ "متن الزبد" لابن رسلان في الفقه الشافعي، وطالع شَرْحَيْه للفشني، والرملي. ولما علم والده بانتقاله إلى مذهب الشافعي فرح له كثيرًا وحثه على الاعتناء به وأثنى له عليه من جهة اعتناء أهله بالدليل وأمره مع ذلك أن لا يقطع صلته بمذهب مالك وأثنى عليه أيضًا من جهة كونه مذهب أهل المدينة، ورغّبه في الاشتغال ببقية المذاهب حضورًا ومطالعة. انتهى (من البحر العميق للمترجم).

وفاة والدته

سنة (1345 هـ) وغيرهم مما هو مذكور في فهارسه المتعددة. وفاة والدته: وفي أثناء وجوده بالقاهرة رجع للمغرب بسبب وفاة والدته التي توفيت شهيدة بجمع رحمها الله تعالى. انقطاعه للعلم والتأليف: وبعد عودته للقاهرة واصل الدراسة بالأزهر ثمَّ أقبل على مطالعة كتب الأصول وحده ثمَّ انقطع في منزله لمطالعة الحديث واعتنى به حفظًا، وتخريجًا، ونسخًا، ومكث في منزله سنتين لا يخرج إلا للصلوات، ولا ينام الليل حتى يصلي الضحى، وشرع أثناء ذلك في كتابة تخريجه الموسع على "مسند الشهاب" الذي سماه "فتح الوهاب" وقد وقع في مجلدين. رحلته للشام: واستمر على هذا الحال إلى أن قدم والده لحضور مؤتمر الخلافة سنة 1344 هـ فشد الرحلة مع أبيه لدمشق لزيارة سيدي محمَّد بن جعفر الكتاني ثمَّ رجعا إلى المغرب. عودته للمغرب: بقي المترجم بالمغرب حوالى أربع سنوات أقبل فيها على الاشتغال بالحديث حفظًا ومطالعة، وتصنيفًا، وتدريسًا، فدرّس "نيل الأوطار" و"الشمائل المحمدية". وأثناء ذلك كتب شرحًا كبيرًا على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لم يصنف مثله يذكر لكل مسألة أدلّتها من الكتاب والسنّة سمّاه "تخريج الدلائل لما في

رجوعه للقاهرة

رسالة القيرواني من الفروع والمسائل" كتب منه مجلدًا ضخمًا إِلى كتاب النكاح ثمَّ عدل عن التطويل فكتب كتابًا مختصرًا سماه "مسالك الدلالة على متن الرسالة" تمّ في مجلد وهو أيضًا لم يصنف مثله. رجوعه للقاهرة: ثمَّ رجع للقاهرة سنة 1349 هـ وصحب أخويه شيخنا علّامة العصر سيدي عبد الله، والسيد الزمزمي للدراسة بالقاهرة وأثناء وجوده بالقاهرة هذه المرّة كتب عدّة من المصنفات التي تعرب عن تمكنه وبراعته بل واجتهاده في الحديث وأنه لا يوجد له نظير. وتردد عليه علماء الأزهر للزيارة والاستفادة من علومه رغم صغر سنه وطلب جماعة منهم أن يقرأ معهم "فتح الباري" سردًا ويشرح لهم مقدمة "ابن الصلاح" ففعل وجلس للإملاء بمسجد الحسين، ومسجد الكخيا، وأتى بسيرة الحفاظ النقاد. وكان العلماء والطلاب يتعجبون من حفظه وفهمه واحتاج إليه مشايخه، كالشيخ بخيت، واللبان، والخضر حسين، وعبد المعطي السقا، والسيد أحمد رافع الطهطاوي، وعمر حمدان، ويوسف الدجوي وغيرهم وأخباره مع مشايخه المذكورين سطّرها في "البحر العميق في مرويات ابن الصديق". وفاة والده وعودته للمغرب: وفي سنة 1354 هـ رجع إلى المغرب بسبب وفاة والده رحمه الله تعالى فاستلم الزاوية وقام بالخلافة عن والده واعتنى بتدريس كتب السنّة المطهرة فدرّس الكتب الستّة عدة مرات مع عديد من كتب المصطلح وسُمِعَ عليه بعضًا من كتب التخريج، والأجزاء، والمشيخات، والمسلسلات، وأملى مجالس حديثية بالجامع الكبير بطنجة، فكان يملي أكثر من خمسين حديثًا في المرّة الواحدة بأسانيدها من حفظه بلا تلعثم حتى إذا فرغ منها رجع للأول فتكلم على

جهاده

سنده وغريبه وفقهه ثمَّ الثاني وهكذا وإذا تكلم على رجال الحديث كأنهم نصب عينيه فله بهم خبرة تامة جرحهم وتعديلهم وطبقاتهم. حث الناس على العمل بالسنة الشريفة وترك ما خالف الدليل ونبذ التقليد المخالف للسنة وله في ذلك مصنفات وقد أثرت دعوته للعمل بالسنة الشريفة على عديد من بلاد المغرب غير طنجة فتبعه غالب أهالي تطوان، وسلا، والقصر الكبير، وغمارة. وكان يحارب السفور والمدارس العصرية والتشبه بالكفار وله في ذلك جزء سماه "الاستنفار لغزو التشبه بالكفار". وكان لا يرى النظر في الجرائد ويبغض الوظائف الحكومية. جهاده: ولم يكن صاحب الترجمة من الذين قصروا أنفسهم على العلم فقط بل حارب الاستعمار وسعى في إِخراجه من المغرب وقام بثورتين ضد الكفار الأسبان، الأولى سنة (1355 هـ) والثانية سنة (1369 هـ) وانتهت بالحكم عليه بالسجن مدة ثلاث سنوات ونصف. ثمَّ حددت إقامته في طنجة بعد خروجه كما قام بالاحتجاج على فرنسا بسبب أعمالها في الدار البيضاء، وتفصيل تاريخه السياسي تجده في "البحر العميق". عودته للقاهرة: وبعد خروجه من المعتقل أحاطت به فتن الاستعمار ومحاولة إيذائه من الاستعمار تارة ومن الحزبيين تارة أخرى، ففضل أن يغادر المغرب فوصل القاهرة في ربيع النبوي سنة 1377 هـ فاستقبل بكل إِجلال واحترام واشتغل بالتصنيف رحلته للحجاز والشام والسودان. ثمَّ دخل الحجاز حاجًّا ومعتمرًا مرتين ودخل دمشق وحلب وحصل عليه فيهما

مرضه ووفاته بالقاهرة

إقبال عظيم مشهور واحتفل به العلماء وأكرموه كثيرًا واستقبل عند دخوله هذه البلاد من بعد مائة كيلومتر واستجازه جميع العلماء ثمَّ بعد زيارته للشام دخل السودان وحصل له الإقبال. مَرضه ووفاته بالقاهرة: وبعد رجوعه مرض مرضًا شديدًا. وفي يوم الأحد غرّة جمادى الثانية سنة (1380 هـ) انتقل إلى رحمة الله تعالى ودفن بالقاهرة بمقابر الخفير رحمه الله تعالى وأثابه رضاه. رثاؤه: وقد عم الحزن عليه في المغرب عامة وفي طنجة خاصة ورثاه جماعة من العلماء منهم الطالب محمَّد بوخبزة التطواني قال فيها: ما زلتَ بدرًا تضيء الكون مزدهرًا ... في اللحد نورك ينسيني سنا المرج كملت فضلًا ونقص المرء مفترض ... فكان في العمر مجلى النقص والعرج لو كنت تفدى فدتك النفس يا سند ... الإِسلام يا طيّب الأنفاس والأرج قد كان نعيك مأساة الأنام فهل من ... مسلم غير محزون ومنزعج إلى أن قال: مَن لِلفرائد يزجيها ويعرضها ... للمستفيد بفكر غاص في اللجج مَنْ للأحاديث يميلها ويوسعها ... بحثًا ونقدًا بقول ساطع الحجج مَنْ للشريعة يبدي من محاسنها ... ما يخلب اللب من غاو ومنتهج مكانته العلمية: كان المترجم الحافظ السيد أحمد بن الصديق تذكرة لابن الصلاح،

مؤلفاته

والنووي، وابن ناصر الدين، والعسقلاني، والسخاوي في عصر بعد الناس فيه عن الحديث ومعرفة مسائله والبحث عن درره، نظر في الرجال والطبقات وعرف العالي والنازل والصحيح والسقيم مع حفظه لمتونه فهو عجيب في استحضاره للمتون واستخراجه للحجج، عرف فنون الحديث حق المعرفة حتى صار مجتهدًا مطلقًا فيها وإذا قلت إنه لم يأت بعد الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي مثله في معرفة فنون الحديث وتمييز الصحيح من السقيم أكون قد قلت الحق إن شاء الله تعالى وطالع كتبه وخاصة الأجزاء الحديثية تَستَفِدْ، وتَرَ فيها الفوائد، وسعة الاطّلاع، والتمكن في الصناعة، وليس الخبر كالمعاينة لكن كانت له حدة تعتريه عند الكتابة رحمه الله تعالى وغفر لنا وله. نصر السنة المحمدية، وشجاعته اشتهرت بين الخاص والعام، ولا يستطيع مداراة خصومه. عليه نضرة أهل الحديث رضي الله عنهم وكرمه مشهور. اشتغل بالتصنيف طوال حياته فلم ينقطع عنه حتى عندما دخل السجن في آزمور كتب عدة من الكتب منها "البحر العميق" و "المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير" و"جؤنة العطار" وغيرها. مؤلفاته (¬1): بلغت مصنفاته أكثر من (200) مصنفًا أكثرها في الحديث الذي كان يمشي فيه على طريقة الحفاظ الأوليين ولا يقلد أحدًا ومصنفاته شاهدة على إمامته، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ¬

_ (¬1) مقتبسة من مقدمة الأستاذ أحمد محمَّد مرسي في كتاب "البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية" ص: 118 - 112. وقد ذكر الأستاذ محمود سعيد ممدوح في كتابه "تشنيف الأسماع" أن مؤلفاته تنوف على (250) كتابًا. محمود سعيد ممدوح، مقدمة سبل الهدى للمؤلف، ص: 7.

(1) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون- طبع بدمشق. (2) الإستعاذة والحسبلة ممن صحح حديث البسملة- طبع بمصر. (3) إرشاد المربعين إلى طرق حديث الأربعين- طبع بمصر. (4) إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر- طبع بمصر. (5) إحياء المقبور بأدلة بناء المساجد والقباب على القبور- طبع بمصر. (6) إقامة الدليل على حرمة التمثيل- طبع بمصر. (7) الإقليد في تنزيل كتاب الله على أهل التقليد. (8) الإفضال والمنة برؤية النساء لله في الجنة. (9) إياك من الاغترار بحديث اعمل لدنياك. (10) الإسهاب في الاستخراج على مسند الشهاب- مجلدان ضخمان. (11) اختصار مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا. (12) الأخبار المسطورة في القراءة في الصلاة ببعض السورة. (13) الاستفاضة بحديث وضوء المستحاضة، وقد ذكره المؤلف في الحديث (132) من هذا الكتاب. (14) الأربعون المتتالية بالأسانيد العالية في مجلد. (15) الإشراف بتخريج الأربعين المسلسلة بالأشراف. (16) إظهار ما كان خفيًّا من بطلان حديث: "لو كان العلم بالثريا". (17) الأمالي المستظرفة على الرسالة المستطرفة في أسماء كتب السنة المشرفة. (18) الاستئناس بتراجم فضلاء فاس وهو اختصار سلوة الأنفاس مع الذيل عليها. (19) الإلمام بطرق المتواتر من حديثه عليه الصلاة والسلام تم منه مجلد. (20) الأمالي الحسينية. (21) الأجوبة الصارفة لإشكال حديث الطائفة. (22) الائتساء بإثبات نبوة النساء.

(23) إسعاف الملحين ببيان حال حديث: "إذا ألف القلب الإعراض عن الله ابتُلي بالوقيعة في الصالحين". (24) الإجازة للتكبيرات السبع على الجنازة. (25) اغتنام الأجر في تصحيح حديث "أسفروا بالفجر". (26) إيضاح المريب من تعليق إعلام الأريب. (27) البرهان الجلي في تحقيق انتساب الصوفية إلى علي- في مجلد. (28) بيان الحكم المشروع في أن الركعة لا تدرك بالركوع- في مجلد. (29) البحر العميق في فهرست ابن الصديق- جزآن. (30) بيان تلبيس المفتري محمَّد زاهر الكوثري تمت مقدمته في مجلد. (31) بيان غربة الدين بواسطة العصريين المفسدين. (32) البيان والتفصيل لوصل ما في الموطأ من البلاغات والمراسيل. (33) بذل المهجة منظومة تائية في ستمائة بيت في التاريخ. (34) تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال- طبع بتطوان. (35) تحسين الفعال بالصلاة في النعال- طبع بمصر. (36) تشنيف الآذان باستحباب السيادة في اسمه - صلى الله عليه وسلم - في الأذان- طبع بمصر. (37) التصور والتصديق بأخبار الشيخ محمَّد بن الصديق- طبع بمصر. (38) توجيه الأنظار لتوحيد العالم الإِسلامي في الصوم والإفطار- طبع بمصر. (39) تبيين البله ممن أنكر حديث ومن لغا فلا جمعة له. (40) تعريف المطمئن بوضع حديث: "دعوه يئن". (41) تعريف الساهي اللاه بتواتر حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله". (42) تخريج الدلائل لما في رسالة القيرواني من الفروع والمسائل- تم منه جزآن. (43) تحفة الأشراف بإجازة الحبيب السقاف.

(44) تبيين المبدأ في طرق حديث: "بدأ الدين غريبًا وسيعود كما بدأ". (45) تحسين الخبر الوارد في الجهاد الأكبر. (46) التعريف لما أتى به حامد الفقي في تصحيح الطبقتين خاصة من التصحيف، يعني طبقات الحنابلة وذيلها. (47) جؤنة العطار في طرف الفوائد ونوادر الأخبار. تم منه مجلدان وبعض الثالث. (48) جهد الإيمان بطرق حديث الإيمان. (49) جمع الطرق والوجوه لحديث: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه". (50) الجواب المفيد للسائل المستفيد. (51) الحنين بوضع حديث الأنين. (52) حصول التفريج بأصول العزو والتخريج. (53) درء الضعف عن حديث: "من عشق فعف". (54) دفع الرجز بطرق حديث: "أكرموا الخبز". (55) رفع شأن المنصف السالك وقطع لسان المتعصب الهالك في سنية القبض في الصلاة عند مالك. طبع بمصر. (56) رياض النزيه في فضل القرآن وفضل حامليه- في مجلد. (57) الرغائب في طرق حديث: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب". (58) رفع المنار لحديث: "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار". (59) رفض اللّيّ بتواتر حديث: "من كذب عليّ". (60) الزواجر المُقْلِقة لمنكر التداوي بالصدقة. (61) زجر من يؤمن بطرق حديث: "لا يزني الزاني وهو مؤمن". (62) سبل الهدى في إبطال حديث: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا". طبع بتطوان وبمصر.

(63) سبحة العقيق في ترجمة الشيخ سيدي محمَّد بن الصديق. في مجلد ضخم. (64) شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة- طبع بمصر. (65) شهود العيان بثبوت حديث "رفع عن أمتي الخط والنسيان". (66) شمعة العنبر ببدعة أذان الجمعة على المنارة وعند المنبر. (67) شرف الإيوان في حديث: "الممسوخ من الحيوان". (68) الصواعق المنزلة على من صحح حديث البسملة وهو رد على رسالة الرحمة المرسلة. (69) صفع التياه بإبطال حديث: "ليس بخيركم من ترك دنياه". (70) صلة الوعاة بالمرويات والرواة- تم منه مجلد كبير. (71) صرف النظر عن حديث: "ثلاث يجلين البصر". (72) صدق اللهجة. (73) طباق الحال الحاضرة لخير سيد الدنيا والآخرة- طبع بمصر. (74) الطرق المفصلة لحديث أنس في البسملة. (75) طرفة المنتقي للأحاديث المرفوعة من زهد البيهقي. (76) عواطف اللطائف بتخريج أحاديث عوارف المعارف- في مجلد (77) العتب الإعلاني لموثق صالح الفلاني. (78) العقد الثمين في حديث: "إن الله يبغض الحبر السمين". (79) غنية العارف بتخريج أحاديث عوارف المعارف وهو اختصار عواطف اللطائف. (80) فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي- طبع بمصر. (81) فصل القضاء في تقديم ركعتي الفجر على صلاة الصبح عند القضاء طبع تباعًا في جريدة بتطوان. (82) فتح الوهاب بتخريج أحاديث "الشهاب"- جزآن.

(83) فك الربقة بطرق حديث الثلاث وسبعين فرقة. (84) قطع العروق الوردية من صاحب البروق النجدية. (85) كشف الرين في طرق حديث: "مر على قبرين". (86) الكسملة في تحقيق الحق في أحاديث الجهر بالبسملة. (87) كشف الخبي بجواب الجاهل الغبي. (88) كتاب الحسن والجمال والعشق والحب من الأحاديث المرفوعة خاصة. (89) لب الأخبار المأثورة في مسلسل عاشوراء- طبع بطنجة. (90) لثم النعم بنظم الحكم لابن عطاء الله السكندري. (91) المنح المطلوبة في استحباب رفع اليدين في الدعاء بين المكتوبة- طبع بفاس. (92) مطالع البدور في بر الوالدين- طبع بطنجة ومصر. (93) المثنوني والبتار في نحر العنيد المعثار الطاعن فيما يصح من السنن والآثار- طبع بمصر. (94) مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب- طبع بمصر. (95) مفتاح المعجم الصغير للطبراني. (96) المداوي لعلل المناوي في شرحيه على "الجامع الصغير"- في ستة مجلدات. (97) المستخرج على "الشمائل الترمذية" في مجلد. (98) المؤانسة بالمرفوع من حديث المجالسة للدينوري. (99) المعجم الوجيز للمستجيز- طبع بمصر. (100) مسالك الدلالة على مسائل الرسالة لابن أبي زيد وهو شرح لها بالحديث- طبع بمصر. (101) المسهم بطرق حديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". (102) المنتدِه بتواتر حديث: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

(103) موارد الأمان بطرق حديث: "الحياء من الإيمان". (104) المناولة في طرق حديث المطاولة. (105) مسامرة النديم بطرق حديث "دباغ الأديم". (106) مجمع فضلاء البشر من أهل القرن الثالث عشر تم منه مجلد كبير إِلى حرف العين. (107) مناهج التحقيق في الكلام على سلسلة الطريق. (108) المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير- طبع بمصر. (109) مسند الجن. (110) المؤذن في أخبار سيدي أحمد بن عبد المؤمن. (111) الميزانيات. (112) منية الطلاب بتخريج أحاديث "الشهاب"- مجلد. (113) نفث الروع بأن الركعة لا تدرك بالركوع. (114) نيل الحظوة بقيادة الأعمى أربعين خطوة. (115) نصب الجرة لنفي الإدراج عن الأمر بإِطالة الغرة. (116) هداية الرشد لتخريج أحاديث "بداية ابن رشد"، وهو الكتاب الذي بين أيدينا. (117) هداية الصغراء بتصحيح حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء- طبع بمصر. (118) الهدي المتلقى من حديث أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقا. (119) وشي الإهاب بالمستخرج على "مسند الشهاب". ثلاثة مجلدات كبار. (120) وسائل الخلاص من تحريف حديث: "من فارق الدنيا على الإخلاص".

منهج كتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

منهج كتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية" لقد سلك الشيخ أبو الفيض الغماري رحمه الله في كتابه هذا مسلك التخريج الموسّع للحديث بجميع طرقه ورواياته، وما يدخل في بابه، وتناول عمل السابقين في هذا العلم، فوافق بعضه، وعارض بعضه الآخر، وله مناقشات وردود دلّت على طول باعه في علم الحديث، شبيهة بمناقشات الحافظين الزيلعي وابن حجر العسقلاني. وهذا مما يندر وجوده في القرن الخامس عشر الهجري / العشرين الميلادي. وطريقته في التخريج أن يردّ الحديث للكتب الستّة، إن وجد فيها، ولا يكتفي بذلك، بل يردّه لكل من علم أنَّه يرويه، ذاكرًا سائر الطرق والأسانيد، ومختلف الروايات والألفاظ للحديث الواحد، حتى غدا كتابه موسوعة شاملة في علم الحديث، تجمع شتات تخريج الحديث الواحد من شتّى التصانيف. وقد التزم في كتابه تخريج الأحاديث المرفوعة فقط، ولم يتعرض للأحاديث الموقوفة على الصحابة من الآثار، للأسف، وهذا نقص كبير في الكتاب، لو قام به لأغنى عن كثير من عناء البحث والتفتيش، ويذكر هذا في مقدمة كتابه فيقول: "أما بعد، فهذا ما تمسّ إليه الحاجَةُ من تخريج أحاديث "بداية المجتهد

ونهاية المقتصد" للقاضي أبي الوليد محمَّد بن أحمد بن رشد القرطبي، كتبته إجابة لرغبة السائلين، واختصرت القول فيه بقدر المستطاع حسب رغبة المذكورين، واقتصرت فيه على الأحاديث المرفوعة، ولم أتعرّض لتخريج الآثار الموقوفة، إذ لا نرى حجة في موقوف، وسمّيته بـ"الهداية في تخريج الأحاديث البداية" والله أسأل النفع به". والواقع أن تخريج الآثار عمل شاق وعسير، ابتدأه الإمام مالك، وتبعه عليه عبد الرزاق في "المصنف" وابن أبي شيبة في "مصنفه" والسيوطي في مؤلفاته الجامعة.

وصف النسخة الخطية للكتاب

وصف النسخة الخطيّة للكتاب أولًا- كتاب "بداية المجتهد" كان اعتمادنا في التحقيق على كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" المطبوع في القاهرة في مجلدين عام 1347 هـ / 1928 م في المطبعة الأميرية بالقاهرة. ثانيًا- كتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية" وأما كتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية" فأصله مكتوب بخط المؤلف رحمه الله وهو خط كوفي مغربي. يرجع تاريخ نسخ المجلد الأوّل منه إلى عصر يوم الجمعة السادس عشر من رجب سنة 1375 هـ، على ما ذكره المؤلف في آخره، ولم يذكر تاريخ نسخ المجلد الثاني كما فعل في آخر الأوّل، وهو من تملكات أخيه الشيخ عبد الله الصديق. أما المجلد الأوّل فيبتدئ بمقدمة صغيرة تبلغ سبعة أسطر، بيّن فيها خطّته في التخريج، وقال فيها إنه اقتصر في الكتاب على تخريج الأحاديث المرفوعة، ولم يتعرض للآثار الموقوفة، إذْ لا يرى حجّة في موقوف، ثمَّ ابتدأ بتخريج أحاديث كتاب "بداية المجتهد" وقد ضمّ هذا المجلد كتابَيّ الطهارة والصلاة ويبلغ مجموع صفحاته: (490) صفحة من القطع المتوسط العادي (17 × 24 سنتم).

ثالثا- أما عملنا في الكتاب فكان كالآتي

وأما المجلد الثاني، فهو تتمة للأول، ويضم كتاب الزكاة، والصيام .. وسائر كتب الفقه إلى آخر الكتاب وهو كتاب الأقضية. ويبلغ مجموعة صفحاته: (642) صفحة، فيكون مجموع صفحات المجلّدين: (1132) صفحة، مسطرة الصفحة الواحدة (21) سطرًا. ورأينا إتمامًا للفائدة أن نطبع الكتابين معًا بحيث يأتي كتاب (البداية) في أعلى الصفحات ويأتي كتاب التخريج أسفل منه في نفس الصفحة. وعلّقنا على الكتابين بتحقيقات وحواشي نرجو أن تكون مفيدة، وفَصَلْنا بين الكتابين بخطين على طول الصفحة، كما ميّزناهما بحرف كبير لكتاب "البداية" وبحرف أصغر للتخريج، ثمَّ بحرف أصغر للحواشي. ثالثًا- أما عملنا في الكتاب فكان كالآتي: 1 - التزمنا ترتيب نصَّي الكتابين بتقسيم النص إلى فقرات متناسقة المعنى، واعتمدنا علامات الترقيم المصطلح عليها في عصرنا من نقطة، وفاصلة، وقوسين، وهلالين .. إلخ. وميزنا أحاديث كتاب "البداية" بوضعها على سطر منفرد، لأنها المقصود من الكتاب، وقمنا بترقيمها حسب تسلسلها في كتاب "بداية المجتهد"، ووضعنا تخريجه في نفس الصفحة. 2 - اعتنينا بضبط الآيات الشريفة بالشكل، وميّزناها بالقوسين المزهرين: {} وعزوناها لمكانها من الآيات والسور في المصحف الشريف. 3 - اعتنينا بضبط الأحاديث النبوية الشريفة بالشكل، وميّزناها بالقوسين: " " وعزوناها لمكانها من المصادر؛ بذكر اسم المؤلف أولًا، فاسم المصدر وطبعته المعتمدة في التحقيق، فالجزء والصفحة هكذا 3/ 165، فاسم الكتاب، ككتاب الطهارة مثلًا، ورقمه، فاسم الباب ورقمه، فرقم الحديث المتسلسل عند المؤلف، وذلك كلّه فيما توفّر لدينا من المصادر، أما في حال

عدم توفر المصدر، لكونه مخطوطًا أو مفقودًا أو يتعذر الحصول عليه، فقد أحلناه لكتب الحفّاظ المشهورين الذين عزوا هذه الأحاديث في تصانيفهم لأصحابها، ككتب الحافظ النوويّ، وابن حجر، والزيلعي، والعراقي، والهيثمي، والذهبي، والمِزّي، والسخاوي، وابن دقيق العيد، والسيوطي، والشوكاني، وابن كثير، وغيرهم وهي مطبوعة ومتوفّرة بحمد الله. 4 - قمنا بضبط أسماء الأعلام وذلك فيما أشكل منها، وقد رجعنا في ذلك للكتب المتخصصة في الرجال والأنساب، من الثقات، والمجروحين، والضعفاء، والكنى، والألقاب .. الخ. والتعريف بمن يقتضيه المقام منهم، مما يساعد في تبيان أحوال الأحاديث وبيان درجتها من الصحة. 5 - علّقنا على الكتابين في بعض المواضع بما يوضّح أمرًا مشكلًا، أو يزيل إلباسًا، أو يصحّح خطأ، وذلك حسب علمنا ورجعنا في ذلك لكتب الحديث وعللها، والرجال، والفقه .. الخ. 6 - أما فهارس أحاديث الكتاب، فتأتي -إن شاء الله- في آخر الكتاب. المتوقّع أن يصدر في (8) مجلدات حسب تقديرنا، والله أعلم.

صورة عنوان المجلد الأوّل من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة الورقة الأولى صفحة (أ) من مخطوط المجلد الأوّل من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة الورقة الأولى صفحة (ب) من المجلد الأوّل من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة آخر المجلد الأوّل من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة عنوان المجلد الثاني لكتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة الورقة الأولى صفحة (أ) من المجلد الثاني من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة الورقة الأولى صفحة (ب) من المجلد الثاني من مخطوط "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

صورة آخر المجلد الثاني -وهو آخر كتاب "الهداية في تخريج أحاديث البداية"

الهِدَايَةَ في تخريجِ أحَادِيثِ البِدَايَة (بدَايَة المُجتَهِد لابْن رُشِد) للإمَامِ الحَافِظ المُحَدِّث، أبي الفَيْض أحمَد بْن مُحَمَّد بْن الصدّيق الغُمَاري الحَسَني (1320 - 1380 هـ) (وَمعه بأعلى الصفحاتِ) بداية المُجتهدِ وَنهاية المقتصد للإمام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الحفيد (520 - 595 هـ) الجزءُ الأول

[مقدمة المصنف]

المقدمة بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم كتاب الهداية في تخريج أحاديث البداية لأبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحَسَني (1380 هـ) الحَمْدُ للهِ ربَّ العالمينَ حَمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه على كُلَّ حالٍ، حَمْدًا يوافي نِعَمَهُ، ويُكافِيءُ مَزِيدَهُ، والصّلاةُ والسّلامُ على سيَّدِنا محمَّدٍ، وعلى آلهِ وأصْحابِهِ ذَوِي المَنَاقِب الجَمَّةِ، والخِصالِ الحَميدَةِ.

أمَّا بعدُ، فهذا ما تَمَسُّ إليهِ الحاجَةُ مِنْ تَخريجِ أحاديثِ "بِدَايةِ المجتهدِ ونِهايَةِ المُقْتَصِدِ" للقاضي أبي الوليد مُحَمّدِ بنِ أحمَد بنِ رُشْدٍ القُرْطُبِيَّ، كَتَبْتُهُ إجابةً لرغبةِ السائلينَ، واختصرتُ القَوْلَ فيهِ بقدر المُسْتَطاعِ، حَسبَ رغْبَةِ المَذكورينَ، واقْتَصَرْتُ فيهِ على الأحاديثِ المَرْفوعةِ، ولم أتعرَّضْ لتخريجِ الآثارِ المَوْقُوفَةِ، إذْ لا نَرَى حُجَّةً في مَوْقوفٍ، وسَمَّيْتُهُ بالهدايَةِ في تخْرِيجِ أحاديثِ البِدَايةِ، والله أسألُ النفعَ به، آمين.

الخطبة

الخطبة 1 - حديث: "فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكاة": هو بهذا اللفظ غير موجود، بل مأخوذ من الأحاديث، كما قال ابن [الصلاح] (*) أحسب قول الفقهاء [والأصوليين] (**) «في سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكاة» اختصار منهم، يريد من

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بياض في المطبوعة، وأكملتُه من صورة المخطوط التي أوردها المحققون ص 69 من هذا المجلد (**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (وإلا هو: لَيْسَ)، وأصلحتُه من صورة المخطوط التي أوردها المحققون ص 69 من هذا المجلد وعبارة ابن حجر في التلخيص كالتالي: حَدِيثُ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ». الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ». وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنَّفُ بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا كَانَتْ». فَذَكَرَهُ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ مُغَايَرَةِ حَدِيثِ أَنَسٍ لَهُ مَرْدُودٌ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَحْسَبُ أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، اخْتِصَارٌ مِنْهُمْ، انْتَهَى. وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «فِي كُلِّ إبِلٍ سَائِمَةٍ». الْحَدِيثَ

الأحاديث الواردة بهذا المعنى، كحديث أنس عند البخاري، وفيه: "وفي صدقة الغنم في سائمتها" [إذا كانت] أربعين إلى عشرين ومائة، شاة".

وعند أبي داود: "في سَائِمَةِ الغَنَمِ إذَا كانَتْ. . . ." فذكره.

وعند أحمد، وأبي داود، والنسائي، والحاكم من حديث معاوية بن قرة: "في كل سائمة إبل" ولفظ أبي داود، والنسائي: "في كلَّ إبِلٍ

سَائِمَةٍ، في كلَّ أَرْبَعينَ بِنت لَبُون" الحديث.

1 - كتاب الطهارة من الحدث

1 - كتاب الطهارة من الحدث

أبواب الوضوء

الباب الأول: الدليل على وجوب الوضوء

الباب الأول: الدليل على وجوب الوضوء 2 - حديث: "لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاةً بِغَيْرِ طهُورٍ، وَلا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ": أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه،

والحاكم في "علوم الحديث"، والبيهقي من حديث ابن عمر. وقال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب وأحسن. وفي الباب عن جماعة حتى عُدّ متواترًا، فأورده الحافظ السيوطي في "الأزهار المتناثرة"، وعزاه لمسلم عن ابن عمر؛ وأبي داود، والنسائي عن أسامة ابن عمير؛ وابن ماجه عن أنس، وأبي بكرة؛ والطبراني عن الزبير بن العوّام، وابن مسعود، وعمران بن حصين، وأبي سعيد الخدري؛ والبزار عن

أبي هريرة؛ والخطيب في "المتّفق والمفترق" عن الحسن بن علي؛ والحارث بن أبي أسامة في مسنده من مرسل الحسن، وأبي قلابة؛ وابن أبي شيبة في المصنّف موقوفًا على ابن عمر، وابن مسعود. * * * 3 - حديث: "لا يَقْبَلُ اللُه صَلَاةَ مَنْ أحْدَثَ حَتى يَتَوَضَّأ". = البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي من حديث أبي هريرة

4 - حديث: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ": أحمد، والدارمي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، كلهم من رواية حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إِبراهيمٍ، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ؛ عَنِ النًائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ". وقال حمَّاد: وعن المعتوه حتى يعقل.

ولفظ أبي داود: "عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلي حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر" وهو لفظ يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة. ورواه أحمد، والترمذي، والحاكم، كلّهم من رواية همام، عن قتادة، عن الحسن، عن عليّ -عليه السلام-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشبّ، وعن المعتوه حتى يعقل". وقال الترمذي: (حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي، وذكر بعضهم "وعن الغلام حتى يحتلم" ولا نعرف للحسن سماعاً من علي). قلت: كذا يقوله الحفاظ تقليداً، أن الحسن لم يسمع من علي -عليه السلام-، والأمر بخلاف ذلك؛ فقد بينَّا بالدلائل القاطعة سماعه منه في كتابنا "البرهان الجلي في صحة انتساب الصوفية إلى علي"، وهو في خصوص هذه المسألة، واعتماداً على

سماع الحسن من علي قال الحاكم: إنه صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بأن فيه إرسالًا يردّ إلى عدم سماع الحسن من علي، فلم يجب في ذلك. ورواه أبو داود من طريق أبي الضحى عن علي، وقال: "وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل". وأبو الضحى لم يدرك علي بن أبي طالب فهو منقطع. ورواه ابن ماجه من طريق ابن جريج. وذكره أبو داود معلقًا عنه عن القاسم ابن يزيد، عن علي مرفوعًا "يرفع القلم عن الصغير، وعن المجنون، وعن النائم" والقاسم ابن يزيد هذا غير معروف، وزعموا مع ذلك أنه لم يدرك عليًّا، وفيه نوع تناقض كما لا ينبغي. ورواه أبو داود الطيالسي، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان عن علي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عن المُبْتلىٍ -أو قال المَجْنون- حَتَّى يَبْرَأ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ -أو يَعْقِلَ- وعن النائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ". وهكذا رواه أحمد، عن أبي سعيد، عن حماد بن سلمة، إلا أنه قال

فيه: عن أبي ظبيان، أن عليًا قال لعمر: "يا أمير المؤمنين! أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول. . . ." وذكره. ورواه أيضًا عن عفان، عن حماد به، إِلا أنه قال: عن أبي ظبيان الجنبي "أن عمر بن الخطاب أُتيَ بامرأة قد زنت، فأمر برجمها، فذهبوا بها ليرجموها، فلقيهم علي فقال: ما هذه؟ قالوا: زنت فأمر عمر برجمها، فانتزعها علىّ من أيديهم، وردّهم، فرجعوا إِلى عمر فقال: ما ردّكم؟ قالوا: عليّ، قال: ما فعل هذا علىٌّ إِلا لشيء قد علمه، فأرسل إِلى عليّ، فجاء وهو شبه المغضب، فقال: مالك رددت هؤلاء؟ قال: أما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: رفع القلم عن ثلاثة -فذكره- قال: بلى، قال علي: فإن هذه مبتلاة بني فلان، فلعله أتاها وهو بها، فقال عمر: لا أدري، قال: وأنا لا أدري، فلم يرجمها". وهكذا رواه أبو داود من طريق أبي الأحوص، وجرير، كلاهما عن عطاء بن السائب به نحوه. ورواه أبوداود، والحاكم، كلاهما من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: "مرّ علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان وقد زنت" الحديث، وفيه أن عليًا قال لعمر: "أو ما تذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: رفع القلم عن ثلاثة؛ عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم؟ قال: صدقت، فخلى عنها" خرجه الحاكم هكذا مرفوعًا في كتاب الصلاة، وقال: صحيح على شرط الشيخين.

ورواه الطبراني في الأوسط والكبير من وجه آخر، من رواية مجاهد، عن ابن عبّاس، وفيه عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة واه، وما روى عنه غير إِسماعيل بن عياش. ورواه الحاكم من طريق عكرمة بن إبراهيم عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي رباح، عن أبي قتادة أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأدلج فتقطع الناس عليه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث. . . ." وذكره ثم قال: صحيح الإسناد، وتعقب بأن عكرمة بن إِبراهيم ضعَّفوه. ورواه أبو نعيم في "تاريخ إصبهان" من حديث الخضر بن أبان الهاشمي، ثنا أحمد بن عطاء، حدثني عبد الحكم بن عبد الله، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة؛ عن المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل" وعبد الحكم، قال البخاري: منكر الحديث. ورواه الطبراني من طريق برد بن سِنَان عن مكحول، عن أبي إِدريس الخولاني قال: أخبرني غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم شداد بن أوس، وثوبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم في الحد عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ،

وعن المجنون حتى يفيق، وعن المعتوه الهالك"؛ قال الحافظ نور الدين في "الزوائد": رجاله ثقات، لكن قال الحافظ في "التلخيص": في إسناده مقال في اتصاله. واختلف في برد، قلت: والجمهور على توثيقه، ولم يضعفه غير ابن المديني، واضطرب فيه كلام أبي حاتم. ورواه البزّار من حديث أبي هريرة، وفيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص، وهو متروك.

تنبيه: نقل المناوي في "التيسير" عن السبكي أنه قال: "الذي وقع في جميع الروايات "ثلاثة" بالهاء، وفي بعض كتب الفقهاء "ثلاث" بغير هاء، (ولم أر له أصلًا). وهذا إِن صحّ عن السبكي، فإن المناوي لا يحتج بنقله، غير سديد؛ فقد وقع كذلك في "مسند أحمد" في حديث عائشة من رواية عفان، عن حماد بن سلمة، وكذلك في "سنن النسائي" من رواية عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد، وكذلك في "مستدرك الحاكم" في حديث ابن عباس المرفوع الذي خرّجه في كتاب الصلاة.

الباب الثاني: معرفة أفعال الوضوء

الباب الثاني: معرفة أفعال الوضوء النية في الوضوء

5 - حديث: "إنَّما الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ". مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأصحاب السنن، ومعظم أصحاب

غسل اليدين

غسل اليدين الأصول، من حديث عمر بن الخطاب، ولم يُرْوَ بسند صحيح إلاَّ من حديثه. كما

أنه لم يروه عن عمر إِلا علقمة، ولا عنه إِلّا محمد بن إِبراهيم التيمي، ولا عنه إلّا يحيى بن سعيد بقيد الصحة أيضًا. فقول ابن رشد: (إِنه حديث مشهور)، مراده الشهرة على الألسنة، لا الشهرة الاصطلاحية. 6 - حديث أبي هريرة: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أنْ يُدْخِلَها الإِناءَ، فَإِنَّ أَحَدُكُمْ لا يَدْري أيْنَ باتَتْ يَدُهُ". مالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، ومسلم وجماعة من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به. ورواه أحمد، ومسلم، من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين،

عن أبي هريرة. وروياه أيضًا من طريق عبد الرزاق، وهو في مصنّفه عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة. ورواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة. ورواه أحمد، ومسلم، وأبو عوانة، والبيهقي من طريق أبي الزبير، عن جابر، عن أبي هريرة. ورواه عبد الرزاق، وأحمد، ومسلم، وأبو عوانة، من طريق ابن جريج، أخبرني زياد، عن ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، عن أبي هريرة، كلهم مثله، بدون ذكر "الثلاث" أيضًا. وذكر مسلم، والبيهقي أن عبد الرحمن بن يعقوب رواه عن أبي هريرة بدون "الثلاث" أيضًا.

لكن أبا عوانة رواه في صحيحه من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم إلى الوضوء حين يصبح -أو لعلّه قال من نومه أو كلمة نحوها- فليفرغ على يديه ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده". 7 - قوله: (وفي بعض رواياته فليغسلها ثلاثًا). قلت: هي رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيّب، وأبي رزين، وأبي صالح، وعبد الله بن شقيق، وأبي مريم عن أبي هريرة. فرواية أبي سلمة خرجها الشافعي، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وأحمد،

والدارمي، ومسلم، والنسائي، وأبو عوانة، وابن الجارود، كلّهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده". ورواه أحمد، وابن خزيمة، والطحاوي، من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة به.

ورواية سعيد بن المسيّب خرجها أحمد، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو عوانة، والطحاوي في "معاني الآثار"، والخطيب من طريق الزهري عنه عن أبي هريرة. ورواية أبي رزين، وأبي صالح خرجها أبو داود، والبيهقي من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عنهما، عن أبي هريرة بلفظ: "إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات. . . ." الحديث. ورواه أحمد، عن أبي معاوية به، إلا أنه قال: عن أبي صالح وحده. وكذا رواه أبو عوانة في صحيحه عن علي بن حرب عن أبي معاوية بلفظ: "إِذا قام أحدكم من الليل".

ورواية عبد الله بن شقيق خرجها أحمد، ومسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، والدارقطني، والبيهقي من طريق خالد الحذاء عنه، عن أبي هريرة. ورواية أبي مريم خرجها أبو داود، والدارقطني، كلاهما من طريق معاوية بن صالح عنه، عن أبي هريرة به، وزاد: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت وأين كانت تطوف يده" وقال الدارقطني: إنه سند حسن. * * * وورد ذكر الثلاث أيضًا من حديث عبد الله بن عمر، أخرجه ابن ماجه، وابن خزيمة، والدارقطني، ومن طريقه البيهقي من رواية ابن شهاب، عن سالم،

المضمضة والاستنشاق

المضمضة والاستنشاق عن أبيه مرفوعًا، وفيه: "حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده، وأين طافت يده" وقال الدارقطني إسناده حسن. تنبيه: قول ابن رشد: (ومن فهم من هؤلاء من لفظ "البيات" نوم الليل، أوجب ذلك من نوم الليل فقط) يدل على أنه لم يقف على الرواية التي ورد فيها التصريح بالليل، وهي رواية صحيحة كما سبق. 8 - قوله: "وأما ما نقل من غسله - صلى الله عليه وسلم - يديه قبل إدخالهما في الإِناء في أكثر حياته. . . . الخ".

قلت: ورد ذلك في صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم - من حديث جماعة؛ منهم عثمان وفي الصحيحَيْن وغيرهما، وعليّ عند أحمد وأهل السنن، وكذا عبدُ اللَهِ بنُ زَيْدٍ

عندهم أيضًا. وروى أحمد، والنسائي من حديث أوْسٍ الثَّقفي قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فاستوكف ثلاثًا، أي غسل كفّيه" ورجالة ثقات إِلا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، وهو صدوق.

9 - قوله: "وذلك أن المضمضة نقلت من فعله عليه الصلاة والسلام، ولم تنقل من أمره". قلت: بل نقلت من أمره أيضًا كما نقلت من فعله. أما الفعل ففي أحاديث صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم - وهي كثيرة؛ منها حديث عثمان، وعلي، وعبد الله بن زيد المشار إِليها قريبًا. وأما الأمر فقال أبو بشر الدولابي في جزء "حديث الثوري": ثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبره، عن أبيه لقيط قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسبغ الوضوء، وخلّل بين الأصابع، وبالغ في المضمضة والاستنشاق إِلا أن تكون صائمًا". قال ابن القطان: وهذا سند صحيح، وابن مهدي أحفظ من وكيع، فإن وكيعًا رواه عن الثوري لم يذكر فيه المضمضة. قلت: بل رواه أيضًا محمد بن كثير، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والحسين بن جعفر كلهم عن الثوري، فلم يذكر واحد منهم المضمضة كما قال وكيع، فهم أربعة خالفهم ابن مهدي لا أنه لم ينفرد، بل تابعه ابن جريج على ذكر المضمضة فيه عن إسماعيل بن كثير. أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن يحيى الذهلي، ثنا أبو

عاصم، أن ابن جريج قال: حدثني إسماعيل بن كثير. . . . فذكر الحديث، وقال فيه: "إذا توضأت فمضمض" وهو سند صحيح أيضًا، إلا أن هذه اللفظة لما لم يتفق عليها سائر الرواة، وذكرها أبو داود مفردة عن الحديث لم ينتبه لها أكثر الفقهاء، فأنكروا وجود الأمر بالمضمضة في الحديث كما فعل ابن حزم، وابن عبد البر، وتبعه ابن رشد. ومع هذا فقد ورد الأمر المذكور من وجوه أخرى، فأخرجه الدارقطني، والبيهقي من حديث هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمضمضة والاستنشاق" وقال الدارقطني: (لم يسنده عن حماد غير هدبة وداود بن المحبر، وغيرهما يرويه عنه عن عمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا). قلت: لكن هدبة ثقة من رجال الصحيح، فقوله مقدم لاسيما مع موافقة داود الذي خرج متابعة الحارث بن أبي أسامة، والدارقطني من طريقه عنه، ثم إن الدارقطني لم يذكر سند الذين أرسلوه، فقد يكونون ضعفاء، وقد يكون الذي أرسله واحدًا فقط، ويكون مع ذلك ضعيفًا أيضًا، لا يعلل الحديث بمثل هذا مع صحة سنده، وإن الحكم لمن وصل لا لمن أرسل. وروى الدارقطني والبيهقي كلاهما من طريق عصام بن يوسف، ثنا

عبد الله بن المبارك عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى الأموي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه". وقال الدارقطني: (تفرد به عصام، ووهم فيه، والصواب عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فليمضمض وليستنشق") ثم أخرجه كذلك من طريق وكيع، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وإسماعيل بن عياش فرقهم كلهم عن ابن جريج به. والعجب أنه مع دعواه بتفرد عصام بن يوسف بوصله خرجه أيضًا موصولًا من وجه آخر من طريق محمد بن الأزهر الجوزجاني، ثنا الفضل بن موسى عن ابن جريج به موصولًا عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فليمضمض وليستنشق" لكنه قال: (محمد بن الأزهر ضعيف) وهو من تعسفه، فإن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: (كان كثير الحديث من جلساء أحمد بن حنبل)، وقال الحاكم: (ثقة مأمون، صاحب حديث)، وذكره ابن أبي حاتم فلم يضعفه، وإنما الواقع أن أحمد بن حنبل نهى عن الكتابة عنه؛ لأنه بلغه أنه تكلم في مسألة القرآن، وكان أحمد شديدًا في هذه المسألة، وكل من غمزه بها تجنّبه الناس وضعفوه لأجل ذلك، وهو شيء بعيد عن الرواية، لا تعلق له بها أصلًا، فأقل درجات هذا الحديث من الأحاديث التي صححها الدارقطني وغيره؛ وذلك لانضمام طريق محمد بن الأزهر الثقة إلى طريق عصام الثقة أيضًا، فاجتمع ثقتان على وصله مع ثبوته مرسلًا أيضًا من وجوه أخرى صحيحة كالشمس، فهو بهذا الاعتبار أصح من كثير

من الأحاديث المخرجة في الصحيحين. وروى أبو نعيم في الحلية من طريق الربيع بن بدر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تمضمضوا واستنشقوا، والأذنان من الرأس" لكن الربيع بن بدر ضعيف. وروى الطبراني في "الأوسط" من حديث أنس مرفوعًا: (إذا توضأ أحدكم فليمضمض ثلاثًا، فإن الخطايا تخرج من وجهه. . . ." الحديث، وهو ضعيف أيضًا (4)، فالعمدة على الأحاديث الثلاثة السابقة، حديث لقيط، وأبي هريرة، وعائشة. * * * 10 - قوله: "وأما الاستنشاق فمن أمره -عليه الصلاة والسلام-، وفعله، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا تَوَضَّأ أحَدُكُم فَلْيَجْعَلْ في أنْفِهِ ماءً ثم ليَنْثرْ" الحديث رواه

غسل الوجه

غسل الوجه مالك والبخاري. قلت: وكذا مسلم، وأحمد، وأبو داود، والنسائي وآخرون. وكذلك

ورد الأمر بالاستنشاق في حديث لقيط بن صبرة السابق. * * * 11 - قوله: "وسبب اختلافهم في ذلك: اختلافهم في صحة الآثار التي ورد فيها الأمر بتخليل اللحية؛ والأكثر على أنها غير صحيحة". قلت: وهي مع ذلك قليلة جدًا، أشهرها حديث أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني ربّي" رواه أبو داود من طريق الوليد بن زوران، عن أنس، والوليد مجهول

الحال. وقال ابن دقيق العيد: روى عنه جماعة. وقول ابن القطان: إنه مجهول، هو على طريقته في طلب زيادة التعديل مع رواية جماعة عن الراوي، وهو غريب منهما معًا إن كان ابن القطان ادعى جهالة عينه، ومن ابن دقيق العيد حيث أراد أن يجعل رواية جماعة عن الراوي توثيقًا له. والواقع أنه معروف العين برواية أربعة عنه، ولكنه مجهول الحال، لا يعرف. وإنما ذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته المعروفة. نعم للحديث طرق أخرى عن أنس، منها ما رواه الحاكم من طريق إبراهيم بن محمد الفزاري، عن موسى بن أبي عائشة، عن أنس قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وخلل لحيته وقال: بهذا أمرني ربي" صححه الحاكم، وأقرّه الذهبي؛ لأن رجاله ثقات، لكنه معلول، فقد أخرجه ابن عدي من حديث موسى بن أبي عائشة فقال: عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد الرقاشي عن أنس. ويزيد ضعيف، لكنه من رواية جعفر بن الحارث أبي الأشهب، وفيه مقال، وإن وثقه جماعة فهو موصوف بالوهم.

ومنها ما رواه الحاكم أيضًا من طريق محمد بن وهب بن أبي كريمة عن محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس مثله، صححه الحاكم أيضًا، وأقرّهُ الذهبي لثقة رجاله، وكذلك صححه ابن القطان، وأراد الحافظ أن يعلله برواية محمد بن يحيى الذهلي في "الزهريات"، عن يزيد بن عبد ربه عن محمد بن حرب فقال: عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس، فلم يصنع شيئًا؛ لأنها علّة غير قادحة. ومنها ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، ثنا وكيع، (ثنا الهيثم بن جماز)، عن يزيد بن أبان، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل فقال: إذا توضأت فخلّل لحيتك" والهيثم بن جماز ضعيف. * * * 12 - قوله: "مع أن الآثار الصحاح التي ورد فيها صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها شيء من التخليل".

غسل اليدين

غسل اليدين قلت: بل قد ورد التخليل في أربعة أحاديث صحيحة أو حَسَنة. • منها حديث أنس السابق. • وحديث عثمان، أخرجه الترمذي وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن

حبان، والحاكم من حديث عامر بن شقيق الدسري عن أبي وائل عن عثمان "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته" قال الترمذي: (حسن صحيح. وقال محمد بن إسماعيل -يعني البخاري- أصح شيء في هذا الباب، حديث عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان). وقال الحاكم: (هذا إسناد صحيح قد احتجّا بجميع رواته غير عامر بن شقيق ولا أعلم فيه طعنًا بوجه من الوجوه). وتعقّبه الذهبي بأن ابن معين ضعّفه. وقال الترمذي في "علله" المفرد: (قال البخاري، أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان، وهو حديث حسن). • وحديث عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ خلل لحيته بالماء" رواه أحمد، والحاكم وصححه، وقال الحافظ: إسناده حسن.

• وحديث عمار قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخلل لحيته" رواه الطيالسي، والترمذي)، وابن ماجه، والحاكم وصححه، وأقره الذهبي. وأعلّ بدعوى الانقطاع بين بعض رجاله، وليس ذلك بثابت ولا مسلّم، مع أن للحديث عندهم طريقين كل منهما يسند الآخر ويعضده .. وبهذه الأحاديث يعلم ما في قول أحد: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح، وقول أبي حاتم: لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تخليل اللحية شيء، فإنها كما ترى صحيحة. أما الأحاديث التي ورد فيها ذكر التخليل وهي ضعيفة فوردت من حديث عليّ، وأبي أيوب، وعبد الله بن أبي أوفى، وابن عباس، وابن عمر، وأبي أمامة، وأبي الدرداء، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله، وجرير البجلي، وعبد الله بن عكبرة، وكعب بن عمرو اليمامي، وأبي بكرة، وجبير بن نفير، مرسلًا؛ ولذلك عدّه الحافظ

السيوطي في "الازهار المتناثرة" متواترًا، مع أنه لم يذكر من هؤلاء ثلاثة وهم: عبد الله بن عكبرة، وكعب بن عمرو، وأبو بكرة. فقال: حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته" أخرجه أبو داود: عن أنس. والترمذي: عن عثمان، وعلي، وعمار. وابن ماجه: عن أبي أيوب. وأحمد، والحاكم: عن عائشة. الطبراني: عن ابن أبي أوفى، وابن عباس، وابن عمر، وأبي أمامة، وأبي الدرداء، وأم سلمة. وابن عديّ (10): عن جابر، وجرير. وسعيد بن منصور في سننه: من مرسل جبير بن نفير.

وعزوه حديث عليٍّ للترمذي وهم؛ فإني لم أره فيه، ولا رأيت من عزاه إِليه، بل عزاه الحافظ الطبراني فيما انتقاه عليه ابن مردويه، قال: وإسناده ضعيف ومنقطع. وتخريج هذه الطرق مع بيان عللها يطول، وقد ذكرها الجمال الزيلعي في "نصب الراية"، والحافظ في "التلخيص" وبيّن عللها. 13 - قوله: "وخرّج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أنه غَسَل يَدَهُ اليُمْنى حتى أشْرَعَ في العَضُدِ. . . . الحديث". أخرجه أيضًا أبو عوانة (6)، والإِسماعيلي في "مستخرجه"، والبيهقي،

وجماعة من رواية نُعَيْم المُجْمِرِ عنه. وهو عند البخاري من رواية نُعَيْم المُجْمِرِ أيضًا، إِلا أنه اقتصر على ذكر المرفوع ولم يذكر فعل أبي هريرة. لكن عزا الحافظ في "التلخيص" (3) إليه من رواية أبي زرعة (4) عن أبي هريرة: "أنه دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطيه، فقلت: يا أبا هريرة! أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: منتهى الحلية".

مسح الرأس

مسح الرأس قلت: لم أر هذا في البخاري الآن. ثم قال الحافظ: (وقد ادعى ابن بطال في شرح البخاري، وتبعه القاضي عياض تفرُّدَ أبي هريرة بهذا، وليس بجيد، وقد قال به جماعة من السلف، ومن أصحاب الشافعي قال ابن أبي شيبة: ثنا وكيع، عن العمري، عن نافع، أن ابن عمر كان ربما بلغ بالوضوء إِبطيه في الصيف. ورواه أبو عبيد -يعني في كتاب الطهارة- بإسناد أصح من هذا فقال: ثنا عبد الله أبي صالح، ثنا الليث، عن محمد بن عجلان، عن نافع. وأعجب من هذا أن أبا هريرة رفعه إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية مسلم، وصرّح باستحبابه القاضي حسين، وغيره).

قلت: قد ورد الشروع في العضد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر عند الدارقطني، والبيهقي، ومن حديث عثمان عند الدارقطني، ومن حديث وائل عند البزّار والطبراني في الكبير، وسندهما لا بأس به، أما حديث جابر فضعيف. * * * 14 - حديث المغيرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة" خرجه مسلم.

التثليث في الوضوء

التثليث في الوضوء قلت: سيأتي الكلام عليه بعد أربعة أحاديث. وقد روى أبو داود من حديث أبي مَعْقِل عن أَنَس ما يدلّ على الاجتزاء بالمسح على الناصية، ولفظه: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمامَةٌ قِطْرِيَّة، فَأدْخَلَ يَدُهُ تَحْتَ العِمَامَة فَمَسَحَ مُقدَّم رأسِه ولم ينقُض العِمامة" رجاله ثقات، إِلا أن أبا معقل غير معروف. * * * 15 - قوله: "لما صحّ أنّه - صلى الله عليه وسلم - توضّأ مرّة مرّة، وتوضّأ مرتين مرّتين، وتوضّأ ثلاثًا ثلاثًا".

• قلت: أمّا الوضوء مرّة مرّة فورد من حديث ابن عباس، أخرجه الجماعة إلّا مسلمًا، من رواية الثّوري عن زيد بن أسْلَمَ، عن عَطاءِ بنِ يَسَارٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: "أَنْ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرّة مرّة". وقال الترمذي: (إنه أحسن شيء في الباب وأصح). وقال: (وروى رِشْدين بنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ هذا الحديث عن الضَّحَّاكِ بنِ شُرَحْبِيلَ عن زيدِ ابن أسْلَمَ، عن أبيه عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - توضّأ مرّة مرّة" وليس هذا بشيء).

وورد من حديث جماعة آخرين إلا أنها ضعيفة الإسناد، وسيأتي ذلك أيضًا. • وأما الوضوء مرتين مرتين فورد من حديث عبد الله بن زيد عند أحمد، والبخاري، والبيهقي وغيرهم من حديث فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمان، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بَكْرِ بنِ عَمْرو بنِ حَزْمٍ، عن عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ زَيْد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأ مرّتين مرّتين" لكن قال الحافظ: (حديثه هذا مختصر من حديث مشهور في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي من حديث مالك وغيره، لكن ليس فيه الغسل مرتين إلَّا في اليدين إِلى المرفقين. نعم روى النسائي من طريق سفيان بن عيينة في حديث عبد الله بن زيد التثنية في اليدين والرجلين ومسح الرأس، وتثليث غسل الوجه، لكن في الرواية المذكورة نظر. . . . وعلى هذا فحقّ حديث عبد الله بن زيد أن يبوّب له غسل بعض الأعضاء مرّة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثًا. وقد روى أبو داود، والترمذي وصححه، وابن حبان -قلت: وكذا الدارقطني والبيهقي- عن أبي

هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين" وهو شاهد قوي لرواية فليح هذه، فيحتمل أن يكون حديثه هذا المجمل غير حديث مالك المبيّن لاختلاف مخرجِهما والله أعلم). • وأما الوضوء ثلاثًا ثلاثًا فورد من حديث جماعة؛ منهم عثمان عند الجماعة موقوفًا ورواه أحمد، ومسلم هكذا مختصرًا "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا". ومنهم عَلِيّ، أخرجه أحمد والأربعة مثل الذي قبله. وقال الترمذي: (إنه أحسن شيء في هذا الباب وأصح).

وفي الباب عن المِقدام بن معد يكرب عند أبي داود، وابن الجارود. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن الجارود، وجماعة. وعن البراء بن عازب عند أحمد بسند حسن. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه , والطبراني في الأوسط. وعن عائشة، وأبي مالك الأشعري، وابن عمر، وابن أبي أوفى، كلّها عند ابن

ماجه. وعن غير هؤلاء. وقد ورد الجمع بين الأمور الثلاثة في حديث واحد عن جماعة أيضًا. فروى الترمذي، وابن ماجه عن ثابتِ بنِ أبي صَفِيَّةَ قال: قلت لأبي جَعْفَرَ -يعني الباقر- حدثك جَابِرٌ "أن النبى - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأ مَرَّةً مَرَّةً، ومَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلاثًا ثَلاثًا؟ قال: نعم". وعن أبي رافع قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومرتين مرتين" رواه البزار، والطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن بريدة، وابن عمر، وعائشة، ومعاذ بن جبل،

وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وأبي بن كعب، وغيرهم. * * * 16 - قوله: "وفي بعض الروايات عن عثمان أنه مسح برأسه ثلاثًا". قلت: ورد ذلك عنه من رواية أبي وائل، وابن دارة مولى عثمان، وابن البيلماني عن أبيه، وعبد الله بن جعفر، وعطاء بن أبي رباح، وأبي علقمة مولى ابن عباس. وحمران مولى عثمان. فرواية أبي وائل خرجها أبو داود، والدارقطني، والبيهقي، وكذا ابن

خزيمة في صحيحه من حديث عامر بن شقيق بن جمرة عن أبي وائل "أنه رأى عثمان توضّأ فمسح رأسه ثلاثًا، ورفع ذلك إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم -". ورجاله ثقات، ولذلك صححه ابن خزيمة. ورواية ابن دارة خرجها أحمد، والدارقطني والبيهقي كلّهم من طريق

محمد بن عبد الله بن أبي مريم عنه، عن عثمان. قال الحافظ في "التلخيص": (وأبي دارة مجهول الحال). لكن ذكر في"تعجيل المنفعة": (أن ابن منده ذكره في الصحابة، وسمّاه عبد الله، وقال: إِنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعرف له عنه رواية، قال: وسمّاه البخاري زيدًا. وذكره ابن حبّان في "الثقات" قال: ولما خرج الدارقطني حديثه الذي أخرجه أحمد عن عثمان في صفة الوضوء قال: إِسناده صالح). قلت: وليس ذلك موجودًا في الأصل المطبوع، فكأنه في نسخة أخرى. ورواية ابن البيلماني خرجها الدارقطني من رواية صالح بن عبد الجبار، عن ابن البيلماني، عن أبيه، عن عثمان. وابن البيلماني اسمه: محمد بن عبد الرحمن، ضعيف هو وأبوه. ورواية عبد الله بن جعفر خرجها الدارقطني، والبيهقي، كلاهما من رواية إسحاق بن يحيى عن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه، عن عثمان. وإِسحاق بن يحيى هو ابن طلحة بن عبيد الله، ضعّفوه لسوء حفظه واضطراب حديثه، وكذلك وثقه بعضهم، وذكره ابن حِبان في "الثقات" و"الضعفاء" معًا، وقال: يعتبر من حديثه ما توبع عليه.

ورواية عطاء خرّجها البيهقي في "الخلافيات" من رواية سعيد بن أبي هلال عنه، وأشار إليها في "السنن الكبرى" بقوله: (وروي في ذلك عن عطاء بن أبي رباح، عن عثمان، وهو مرسل) يعني أن عطاء لم يدرك عثمان أو لم يرو عنه. ورواية أبي علقمة مولى ابن عباس خرّجها البزار في مسنده، وسندها ضعيف، وهي عند أبي داود في "السنن" من رواية عبيد الله بن أبي زياد عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبي علقمة، عن عثمان، ولم يذكر الثلاث في الرأس، بل قال: "ثم مضمض واستنشق ثلاثًا، وذكر الوضوء ثلاثًا، قال، ومسح برأسه ثم غسل رجليه. . . ."، ومع ذلك فعبيد الله بن أبي زياد ضعيف. ورواية حُمْرانَ مَوْلَى عُثْمانَ خرّجها أبو داود، والدارقطني، والبيهقي، كلهم من رواية عبد الرحمن بن وردان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن حُمْرانَ،

عن عُثمانَ، وهذا سند جيد، لاسيما وقد رواه البزار من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران أيضًا، ومن طريق ثالث، من رواية عبد الكريم عن حمران إلا أنه ضعيف. وقد قال أبو داود في "السنن": (أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرّة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا وقالوا فيها "ومح رأسه" لم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره). قال البيهقي: (وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان ذكر التكرار في مسح الرأس، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها). قال الحافظ في "الفتح" إِلى ثبوت ذلك فقال: (وقد روى أبو داود من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان بتثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة. زاد في موضع آخر فيحمل قول أبي داود -يعني الذي قدّمناه- على إرادة استثناء الطريقين الذين ذكرهما، فكأنه قال: إلَّا هذين الطريقين). قلت: وقد ورد تكرار مسح الرأس ثلاثًا أيضًا من حديث عليّ -عليه السلام- من أربعة طرق: من رواية عبد خير عنه من طريقين. ومن رواية أبي حيّة. ومن طريق

محمد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه. ومن طريق عثمان بن سعيد الخزاعي، كلّهم عن عليّ. وكذلك ورد من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، ووائل، وأنس بن مالك، ومجموعها يفيد أن لذلك أصلًا لاسيما وقد ثبت ذلك عن جماعة من السلف. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف: ثنا إِسحاق الأزرق، عن ابن العلاء، عن قتادة، عن أنس أنه كان يمسح على الرأس ثلاثًا يأخذ لكل مسحة ماءً جديدًا. ورواه أيضًا عن سعيد بن جبير، وعطاء، وزاذان، وميسرة. وذهب ابن أبي ليلى إِلى وجوب التثليث في الرأس، وحكاه أبو حامد الاسفرائيني عن بعضهم، وهذا يرد قول أبي عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الطهور": (لا نعلم أحدًا من السلف جاء عنه استكمال الثلاث في مسح الرأس، إِلَّا عن إِبراهيم التيمي).

17 - قوله: "يستحب أن يبدأ بمقدم رأسه، فيمر يديه إِلى قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ، على ما في حديث عبد الله بن زيد الثابت". قلت: رواه مالك، وعبد الرزاق، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وابن الجارود، والبيهقي، وجماعة، ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إِلى قفاه، ثم ردّهما إِلى المكان الذي بدأ منه". وفي الباب عن معاوية عند أبي داود، والطحاوي في "معاني الآثار"

المسح على العمامة

المسح على العمامة وغيرهما، وعن المقداد عندهما أيضًا. * * * 18 - قوله: "وبعض العلماء يختار أن يبدأ من مؤخر الرأس، وذلك أيضًا مروي من صفة وضوئه -عليه الصلاة والسلام- من حديث الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ". قلت: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي، وغيرهم من حديث عبدِ اللهِ بنِ مُحمدٍ بن عَقِيلٍ، عن الرُّبَيِّع. وقال الترمذي: (هذا حديث

حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود). وقال الشوكاني: (مدار الحديث على ابن عَقيلٍ، وفيه مقال مشهور، لاسيما إذا عنعن، وقد فعل ذلك في جميع روايات الحديث). قلت: وليس كذلك، بل قال في رواية أحمد، عن وكيع، عن سفيان عنه: حدثتني الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوِّذ. . . فذكر الحديث. * * * 19 - حديث المغيرة وغيره: "أنه -عليه الصلاة والسلام- مسح بناصيته وعلى العِمامة". قلت: أما حديث المغيرة فرواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم،

وأبو داود , والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو عوانة، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي. وله عندهم طرق. ووقع لمسلم في سنده وهم، حيث جعله من رواية عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه، وإنما هو من رواية أخيه حمزة بن المغيرة.

مسح الأذنين

مسح الأذنين والحديث أصله عند البخاري أيضًا لكن في ذكر المسح على الخفين فقط، ليس فيه المسح على الناصية والعمامة. ووهم فيه ابن الجوزي، وتبعه بعض الحفاظ، فعزوه للمتفق عليه، وهو من أفراد مسلم كما صرح به عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين" وغيره. ولفظ الحديث عن المغيرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين".

وأما الغير الذي أشار اليه ابن رشد فهم جماعة بلغوا حدّ التواتر تقريبًا، لأنهم ستة عشر صحابيًا وهُمْ مع المغيرة: عمرو بن أمية الضمري، وبلال، وسلمان، وثوبان، وأبو طلحة، وأنس بن مالك، وأبو ذر، وأبو أمامة، وصفوان بن عسال، وأبو موسى الأشعري، وخزيمة بن ثابت، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأبو أيوب، وجابر بن عبد الله. فحديث عمرو بن أمية: رواه ابن أبي شيبة, والدارمي، وأحمد، والبخاري، وابن ماجه عنه قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على عمامته وخفيه".

وحديث بلال: رواه أبو داود الطيالسي. وابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه وأبو عوانة , وابن خزيمة، والحاكم , وأبو نعيم

في "الحلية"، والبيهقي في "السنن" عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار". وعند أبي داود، وابن خزيمة، والحاكم: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ، ويمسح على عمامته وموقيه". وحديث سلمان: رواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي في "العلل"، وابن ماجه، والدولابي في "الكنى"، وابن حبّان في "الصحيح" وأبو نعيم في "التاريخ" كلهم من رواية أبي شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان العبدي، عن سلمان قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه وعلى خماره". إلا أن الترمذي قال: "على خفيه وعلى ناصيته" وهو وهم من راويه. وأبو شريح، وأبو مسلم ذكرهما ابن حبان في "الثقات"، وصحح لهما

هذا الحديث. وحديث ثوبان: رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبيهقي من رواية ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن ثوبان قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريّة فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين" قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي، لكنه أعلّ بأن الخلال نقل في "علله" عن أحمد أنه قال: (لا ينبغي أن يكون راشد بن سعد سمع من ثوبان؛ لأنه مات قديمًا). وردّ هذا بأن راشدًا ذكروا أنه حضر صفّين مع معاوية، وثوبان مات سنة أربع وخمسين، وللحديث مع هذا طريق آخر قال: حدثنا الحسن بن سوار، ثنا الليث -يعني ابن سعد- عن معاوية، عن عتبة بن أبي أميّة الدمشقي، عن أبي سلام الأسود، عن ثوبان قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على الخفين وعلى الخمار" ومن هذا الوجه رواه البزار، وعتبة ذكره ابن حبّان في "الثقات" وقال: (يروي المقاطيع). وحديث أبي طلحة: قال الطبراني في "الصغير": حدثنا محمد بن

الفضل بن الأسود النضري، ثنا عمر بن شبة النميري، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي طلحة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح على الخفين والخمار" كلهم ثقات. وحديث أنس: قال البيهقي: (أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن نصير الصوفي، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا الحسن بن ربيع، ثنا أبو شهاب الحناط، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على الموقين والخمار"). وروى الطبراني في "الأوسط" عنه قال: "وضّأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بشهر، فمسح على الخفين والعمامة" ويأتي إسناده قريبًا في المسح على الخفين. وحديث أبي ذر: قال الطبراني في "الأوسط": حدثنا محمد بن علي الصايغ، ثنا المسيب بن واضح، ثنا مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الموقين والخمار". وحديث أبي أمامة: رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق النفيلي، حدثنا عفير بن معدان، ثنا سليم، عن أبي أمامة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والعمامة في غزوة تبوك" وعُفير بن معدان ضعيف.

وحديث صفوان بن عسال: خرّجه الحارث بن أبي أسامة، ثنا الخليل ابن زكريا، ثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، والحسن بن أبي جعفر، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الموقين والخمار" ورواه أبو نعيم في "الحلية". وأحاديث الباقين كلها عند الطبراني، إلّا حديث جابر بن عبد الله، فعند ابن عساكر في "التاريخ". وفي كلها مقال إلَّا حديث خزيمة بن ثابت، فإسناده حسن، ثم حديث أبي موسى فإسناده لا بأس به. * * * 20 - قوله: (وأصل اختلافهم في كون مسحهما سنة أو فرضًا اختلافهم في الآثار الواردة بذلك -أعني مسحه -عليه الصلاة والسلام- أذنيه).

قلت: الآثار الواردة بمسحه - صلى الله عليه وسلم - أذنيه كلها في مسح الأذنين مع الرأس بمائِهِ، إِلا رواية عن عبد الله بن زيد فيها: "أنه أخذ لأذنيه ماءً جديدًا" وهي رواية ضعيفة جدًا، وإن كان ظاهر إِسنادها الصحة؛ وذلك أنّ عبدَ الله بن وَهْب روى عن عَمْرو بن الحارِثِ، عن حبَّانَ بنِ واسِعٍ، عن أبيه، عن عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصارِيِّ قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فأخذ ماء لأذنيه خلاف الماء الذي مسح به رأسه" هكذا قال عبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وحرملة بن يحيى عن ابن وهب، رواه من طريقهما الحاكم وصحّحه، وتابعهما الهيثم بن خارجة فقال: عن ابن وهب مثل ذلك، أخرجه البيهقي من طريق عثمان الدارمي عن الهيثم وقال: إنه سند صحيح، كذا قال مع أنه معلول؛ وذلك أنَّ هارونَ بن مَعْروفٍ وهارونَ بن سَعيدِ الأَيْلِىِّ، وأبو الطَّاهِرِ، وعلي بن خشرم، وسريج بن النعمان رووه عن ابن وهب على موافقة الجمهور فقالوا: "ومسح رأسه بماء غير فضل يده" بدل قوله: "وأخذ للأذنين ماء خلاف الذي مسح به رأسه".

غسل الرجلين

غسل الرجلين فرواية هارونَ بن مَعْروفٍ، وهارونَ بنِ سَعيدٍ، وأبي الطّاهِرِ رواها مسلم في صحيحه عنهم، قالوا: حدثنا ابنُ وَهْبٍ، أخبرني عَمْرُو بنُ الحارِثِ أَنَّ حبانَ بنَ واسِعٍ حدّثه أنَّ أباه حدَّثه أنه سمع عَبدَ اللهِ بنَ زَيْدِ بنِ عاصِم المَازِنيّ يذكر: "أنه رَأى رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَأ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ اسْتَنْثَرَ، ثم غَسَلَ وَجْهَهُ ثلاثًا، وَيدَهُ اليُمْنَى ثلاثًا، والأخْرى ثَلاثًا، ومسَحَ بِرَأسهِ بِماءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حتْى أَتقَاهُما". ورواية عَلِيِّ بنِ خَشْرَم رواها الترمِذِيّ عنه عن ابنِ وَهْبٍ بالحديث مختصرًا عن عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ "أَنَّهُ رَأى النبى - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ وَأنهُ مَسَحَ رَأْسَهُ بماءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ".

ورواية سريج بن النعمان رواها أحمد عنه، عن ابن وهب. ثم إن حرملة أيضًا قد وافق هؤلاء على قولهم فيما رواه ابن حبان في "صحيحه" عن ابن أسلم عنه، وفيما رواه ابن المقري عن ابن قتيبة عنه، فلم يبق على ذلك القول عن ابن وهب إِلا الهيثم بن خارجة وعبد العزيز بن عمران، وقد خالفهما ستّة من الحفاظ الثقات، ووافقهم ابن لهيعة فرواه عن حبان بن واسع، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد قال:

"رَأْيْتُ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأ وَمَسَحَ رَأسَهُ بماءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ" رواه أحمد عن موسى بن داود، عن ابن لهيعة هكذا مختصرًا، ورواه أيضًا عن الحسن بن موسى، عنه مطولًا. وكذا رواه الدارمي، عن يحيى بن حسان، عنه. وذكرها الترمذي تعليقًا. ثم المعروف عن عبد الله بن زيد إما عدم التعرض لذكر الأذن أو ذكرها مع الرأس كما قال عمرو بن يحيى عن أبيه، عنه في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومسح برأسه أقبل به وأدبر، ومسح بأذنيه". رواه أحمد. وفي "معاني الأثار" للطحاوي

من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عباد بن تميم الأنصاري عن أبيه: "أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح رأسه وأذنيه داخلهما وخارجهما" كذا قال عن أبيه، ولعله تحريف من الكاتب، والمعروف عن عمه. وهكذا ورد عن عثمان، والمقدام بن معد يكرب، والربيع بنت معوذ بن عفراء، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة، وأبي أمامة، وعلي بن أبي طالب. فحديث عثمان: رواه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وفيه: "فأخذ ماء، فمسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما". وعند الدارقطني: " ثم مسح برأسه، ثم أمر يديه على أذنيه ولحيته". وحديث المقدام: رواه أحمد، وأبو داود، والطحاوي، وابن الجارود , والبيهقي، وفيه: "ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما". ولفظ

الطحاوي: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه، ثم مر بهما حتى بلغ القفا، ثم ردهما حتى بلغ المكان الذي منه بدأ، ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما مرّة واحدة". وحديث الرُّبَيِّعِ: رواه أبو داود، والترمذي، والطحاوي، والدارقطني عنها قالت: "رَأيت رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأ -قالت- فَمَسَحَ رَأْسَهُ، وَمَسَحَ ما أقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ، وَصُدْغَيْهِ وَأُذنَيْهِ مَرَّةً واحِدَةً" وقال الترمذي: (حَسَنٌ صَحِيحٌ). وحديث ابن عباس: رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والطحاوي، وابن خزيمة، وابن حبّان , والحاكم من رواية عطاء بن يسار

عنه قال: "توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكر الحديث، وفيه: "ثُمَّ مَسَحَ بِرأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ باطِنِهما، بالسَّبَّابَتَيْنِ، وظاهِرِهِما بإِبهامِه" الحديث. وقال الترمذي: (حسن صحيح). وكذا صححه الحاكم وجماعة، بل ادعى ابن منده أنه لا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذا الطريق، واستغربه الحفاظ منه، وقال الحافظ: (كأنه عنى بهذا التفصيل). وحديث عبد الله بن عمرو: رواه أبو داود، والطحاوي، وفيه، واللفظ لأبي داود: "ثم مسح برأسه، وأدخل إِصبعيه السبّاحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسبّاحتين باطن أذنيه". وحديث عائشة: رواه النسائي من طريق أبى عَبْدِ اللهِ سالِم سَبْلاَنَ عَنْها في وَصْفِ وُضوءِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه: "وَوَضَعَتْ يَدَهَا في مُقَدَّمِ رَأْسِها،؟ ثم مَسَحَت رَأْسَها مَسْحَةً واحِدَة إلى مُؤَخَّرِهِ، ثم أَمَرَّتْ يَدَيْها بِأذُنَيْها، ثُمَّ مَرَّتْ على الخَدَّيْنِ" الحديث. وحديث أبي أمامة: قال الطحاوي: حدثنا نصر بن مرزوق، ثنا يحيى بن حسان، ثنا حماد بن زيد عن سِنَانِ بنِ رَبيعَةَ عن شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عن أبي أُمامَةَ الباهِلىّ: "أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضّأ فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ مَعَ الرَّأْسِ وقالَ: الأُذُنان مِنَ الرَّأْسِ"

وأصله عند أحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وجماعة من هذا الوجه بلفظ آخر، وفيه كلام طويل. وحديث علي: رواه الدارقطني من طريق مسهر بن عبد الملك بن سلع عن أبيه عن عبد خير عن علي: "أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه ثلاثًا وقال: هكذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحببت أن أريكموه" وهذا إسناد صالح. * * * 21 - حديث: "وَيْلٌ للِأَعْقَابِ مِن النَّارِ".

متفق عليه من حديث عبدِ اللهِ بن عَمْروِ بنِ العَاص، ومن حديث أبي هريرة.

ترتيب أفعال الوضوء

ترتيب أفعال الوضوء ورواه مسلم من حديث عائشة.

وفي الباب عن غيرهم، وقد عدّه الحافظ السيوطي متواترًا، فلم يصب.

الموالاة في الوضوء

الموالاة في الوضوء 22 - حديث: "أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَتَوَضَّأُ في أوَّلِ طُهِورِهِ ويُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ إِلَى آخِرِ الطُّهْرِ". رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة، من حديث

ميْمونة -رضي الله عنها-. واتفقا على نحوه من حديث عائشة. وأصرح منه ما رواه ابن حزم من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثلاثًا، ثم يأخذ بيمينه فيصب على يساره فيغسل فرجه حتى ينقيه، ثم يغسل يديه غسلًا حسنًا، ثم يمضمض ثلاثًا، ثم يستنشق ثلاثًا، ويغسل وجهه ثلاثًا، ويغسل ذراعيه ثلاثًا، ثم يصب على رأسه ثلاثًا، ثم يغسل جسدهُ غسلًا، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه".

23 - حديث: "رُفِعَ عن أمّتي الخطأ والنسيان". ابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار"، والطبراني، وابن حبان في "صحيحه"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي في "السنن"، وجماعة من حديث ابن عباس بلفظ: "إن الله وضع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وقال الطحاوي: "تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان" الحديث. وقال الدارقطني:"إِن الله -عزّ وجلّ- تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان" الحديث. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)، وكذا صححه ابن حبان، والضياء المقدسي وأخرجه في "المختارة" أيضًا، والذهبي، وجماعة، وحسّنه النووي.

وفي الباب عن عقبة بن عامر، وأبي بكرة، وأبي ذرٍّ، وثوبان، وأمّ الدرداء، وأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، والحسن مرسلًا، وعبيد بن عمير، وعطاء بن أبي رباح ذكرت جميعها مسندة في "جزء" خَصَّصْتُه لبيان صحّة هذا الحديث، وذكر طرقه وألفاظه، إذ نقل عن كثير من الحفاظ الأقدمين إنكاره والطعن فيه، سَمَّيتُهُ: "شهود العيان بثبوت حديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان". كما أن هذا اللفظ الذي ذكره ابن رشد، قد اشتهر بين الفقهاء، وأهل الأصول، وأنكر وجوده كثير من الحفاظ، وإنما أخرجه أبو نعيم في "تاريخ إصبهان" وابن عدي في "الكامل" كلاهما من طريق جعفر بن جسر، حدثني جسر، عن الحسن، عن أبي بكرة قال، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رفع الله -عز وجل- عن هذه الأمّة الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه". بل رواه بهذا اللفظ أيضًا أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي المعروف بأخي عاصم في "فوائده" من حديث ابن عباس بلفظ: "رَفَعَ اللهُ عَنْ أُمَّتي. . . ." الحديث، كما سبق من حديث ابن عباس. وقد عزاه كثير من الحفاظ إليه باللفظ المتداوَل، وذلك اختلاف من النساخ بسبب تعلق اللفظ المشهور بذهنهم فيسبق إلى قلمهم كتابته بدون ذكر اسم الجلالة، والواقع إِنما هو: "رَفَعَ اللهُ عَنْ أُمّتي" ولا تغتر بما وقع للحافظ السيوطي في "الجامع الصغير"، حيث عزاه للطبراني من حديث ثوبان باللفظ

المتداول، فإنه وَهِمَ في ذلك، فقد قال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ثنا إِسحاق بن إبراهيم أبو النضر، ثنا يزيد بن ربيعة، ثنا أبو الأشعث، عن ثوبان قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتي ثلاثة الخطأ والنِسْيَانَ وَمَا أُكْرِهوا عَلَيْهِ". وقد ذكره الحافظ السيوطي نفسه بهذا اللفظ في حرف الهمزة من "الجامع الصغير" أيضًا، وفي كتاب "الأشباه والنظائر". وكذلك وَهِمَ المناوي في الكلام عليه وهمًا بَيَّنْتُه في "المداوي لأوهام المناوي". * * * 24 - حديث: "لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ الله". عبد الملك بن حبيب في "الواضحة" عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا إيمانَ لمَنْ لمْ يْؤمِنْ بِي، وَلَا

فصل: في المسح على الخفين

فصل: في المسح على الخفين صَلاَةَ إِلَّا بِوُضُوءٍ، وَلاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللهَ" وعبد الملك بن حبيب متكلَّم فيه، لاسيما وقد رواه غيره من طريق حماد بن سلمة فقال: أنبأنا صدقة، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا بهذا اللفظ؛ أخرجه الدولابي في "الكنى" قال: ثنا القاضي ابن البرقي، ثنا أبو سلمة موسى بن إِسماعيل، ثنا حماد بن سلمة به. وذكره الترمذي في "العلل المفرد" وخلق عن حماد بن سلمة بهذا الإِسناد، إِلا أنه لم يسق متنه، وقال: (إِنه حديث مرسل). وكذلك ذكره البيهقي في "السنن" نقلًا عن الترمذي، وهذا مما يؤيّد ضعف

عبد الملك بن حبيب، فإن الحديث معروف من هذا الوجه من رواية أبي ثفال عن أبي بكر بن حويطب، وهو رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته أسماء بنت سعيد بن زيد، عن أبيها سعيد بن زيد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أخرجه أبو داود الطيالسي وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني، وابن شاهين، والحاكم في "المستدرك" في الصحابة، والبيهقي في "السنن"، والضياء في "المختارة"، وجماعة، ولفظه عند أكثرهم: "لَاصَلاةَ لمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلا وُضوءَ لمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، وَلا يؤمِنُ باللهِ مَنْ لا يؤمِنُ بِي، وَلا يُؤمِنُ بِي مَنْ لا يُحِبُّ الأَنْصَارَ".

حكم المسح على الخفين

حكم المسح على الخفين ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: (ليس في هذا الباب حديث أحسن عندي من حديث رباح بن عبد الرحمن) يعني هذا. وصححه الحاكم، والضياء، وهو حديث حسن. ومثله حديث أبي سعيد الخدري، ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَاصَلَاةَ لِمَنْ لا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذكُر اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ". أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن السني في "اليوم والليلة"، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم من حديث كثير بن زيد عن رُبيْح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده به؛ وهو سند حسن. وقال إِسحاق بن راهويه: (إنه أصح شيء في هذا الباب). وقال أحمد: (إِنه أقوى شيء في الباب).

ومثلهما حديث أبي هريرة بلفظ الذي قبله، أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم وصحّحه، والبيهقي، وله مع ذلك أربعة طرق أخرى هُوَ بها من الصحيح المقطوع به -أعني حديث أبي هريرة- على انفراده، فكيف بانضمامه إلى حديث سعيد بن زيد، وحديث أبي سعيد الخدري الصحيحين أيضًا. ثم في الباب مع هؤلاء أيضًا عن أبي سبرة، وأم سبرة، وعائشة، وعلي، وسهل بن سعد، ولهذا قال أبو بكر بن أبي شيبة: (ثبت لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ وُضوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمّ الله"). فقول المصنّف: (وهذا الحديث لم يصح عند أهل النقل) مردود، وقد أوضحت صحته مع طرقه في جزء مفرد خصصته لهذا الحديث، وفي شرح سنن البيهقي أيضًا. * * *

25 - قوله: (للآثار التي وردت في المسح). قلت: هي كثيرة؛ ذكر أحمد بن حنبل، وابن أبي حاتم، وابن عبد البَر أنها أربعون حديثًا. ونقل ابن المنذر عن الحسن البصري قال: حدثني سبعون مِن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يمسح على الخفين. وذكر أبو القاسم بن مِنده في "تذكرته" أسماء من رواه فبلغوا ثمانين صحابيًا. وذكر الجمال الزيلعي منهم ستةً وأربعين، وزدت عليه نحو خمسة عشر فبلغ العدد نيِّفًا وستين رتَّبتهم على حروف المعجم، وعزوت أحاديثهم باختصار: (1) أُبَيُّ بنُ عِمارَةَ: رواه ابن أبي شيبة، وأبو داود، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وفيه

مقال سيذكره المصنف. (2) أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: رواه الطبراني في "الكبير" من رواية عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ عَلَى الخُفيْنِ". ورواه النسائي، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي من رواية داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عنه قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلال الأسواق فذهب لحاجته ثم خرج، فسألت بلالًا: ما صنع؟ فقال بلال: ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ثم توضأ ومسح على الخفين، ثم صلى" صحّحه الحاكم وقال: (الأسواق محلّه مشهورة من محال المدينة). وقال البيهقي: (الأسواق حائط بالمدينة). قلت: وهذا حقه أن يذكر في حديث بلال، لأنه من رواية أسامة عنه، وإن حضر أول الحديث. (3) أسامة بن شريك: رواه أبو يعلى، والطبراني في "الكبير"، وسنده

ضعيف، ويأتي لفظه. (4) أنس بن مالك: ورد عنه من عدة طرق: • (الأول) من رواية ابن المثنى عن عطاء الخراساني عنه، أخرجه ابن ماجه. • (الثاني) من رواية أبي عوانة عن أبي يعفور عنه، رواه ابن حبّان في "الصحيح". • (الثالث) من رواية سليمان التيمي عنه، أخرجه هلال بن العلاء الباهلي في "جزئه"، حدثنا أبي، ثنا بقية بن الوليد عن علي بن المفضل، سمعت سليمان التيمي يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: "وَضَّأتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، فَمَسَحَ عَلى الخُفَّيْنِ وَالعِمامَةِ" ورواه الطبراني في "الأوسط": ثنا عبد الرحمن، ثنا عمر وأبو زرعة، ثنا علي بن عياش الالهاني، ثنا علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي به مثله. قلت: كذا وقع عند الطبراني، علي بن الفضيل، وكذا ذكره الحافظ الهيثمي في "الزوائد" وقال إنه لم يجد من ترجمه، والذي وقع في "جزء هلال بن العلاء" في أصل عتيق عندي: علي بن المفضل بزيادة الميم في أوله.

• (الرابع) من رواية حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر، وثابت عنه؛ أخرجه الحاكم، والبيهقي، وهو مرفوع إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله، ولفظه: "إذا تَوَضَّأ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيُصَلِّ فيهِما، وَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِما ثُمَّ لا يَخْلَعْهُما إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَة". وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم)، وكذا قال الذهبي، وصرح بأنه تفرد به عبد الغفار بن داود الحراني قال: (وهو ثقة ولكن الحديث شاذ). • (الخامس) من رواية عاصم الأحول عنه "أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْسَحُ عَلى المُوقَيْنِ وَالخِمَارِ". رواه البيهقي، وقد سبق سنده في المسح على العِمامة، وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: (إِنه خطأ، إِنما هو عاصم عن راشد بن نجيح قال: رأيت أنسًا مسح على الخفين، من فعله) كذا قال. • (السادس) من رواية الأعمش عنه قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالَ على سُبَاطة قوم ثم توضأ ومسح على الخفين" رواه أسلم بن سهل الواسطي في "تاريخ واسط" حدثنا علي بن يونس، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ثنا ياسين الزيات، عن الأعمش به، وياسين ضعيف، وهذا معروف من حديث حذيفة. • (السابع) من رواية يحيى بن سعيد عنه قال محمد بن مخلد العطاء الدوري في "جزئه" ثنا أحمد بن الوليد عن إِبان، ثنا يحيى بن محمد الجابي، ثنا إِسماعيل بن

ثابت بن مجمع، عن يحيى بن سعيد قال: رأيت أنسًا مسح على الخفين، وذكر "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين". (5) أوس بن أبي أوس الثقفي: رواه ابن أبي شيبة في "مسنده" ثنا شريك، عن يعلى بن عطاء، عن أبي أوس بن أوس، عن أبيه قال: مررنا على ماء من مياه الأعراب، فقام أبو أوس بن أوس الثقفي فبال، وتوضأ ومسح على خفيه، فقلت له: ألا تخلعهما؟ فقال: لا أزيدك على ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. هكذا ذكره في "المسند". وقد رواه في المصنف" عن شريك أيضًا فقال: ومسح على نعليه، وهكذا رواه الطحاوي في "معاني الآثار" من طريق محمد بن سعيد عن شريك، بل اتفق على ذكر النعلين فيه كل من رواه، كأبي داود الطيالسي، وأحمد، وأبي داود، والدولابي "الكنى" والبيهقي في "السنن" وغيرهم. أما قوله: يعلى بن عطاء عن أبي أوس عن أبيه فهو اضطراب وقع في الحديث، فبعضهم يقول كذلك، وبعضهم يقول: عن عطاء، عن أوس، وبعضهم يقول: عن عطاء، عن أبيه، عن أوس. (6) بديل: حليف لبني لخم، رواه الباوردي، وابن منده في "الصحابة"

من طريق رِشْدِين بن سَعْد، أحد الضعفاء، عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن بديل قال: "رَأْيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ". (7) البراء بن عازب: رواه الطبراني في "الأوسط"، وابن عدي في "الكامل"، ويأتي لفظه، وسنده ضعيف. (8) بُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ: رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، والبغوي في "المائدة" من التفسير.

(9) بلال: رواه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدولابي في "الكنى"، والحاكم، والبيهقي، وأبو نعيم في "تاريخ إِصبهان" , والثقفي في "الثقفيات" وآخرون , وقد تقدم في المسح على العِمامة. (10) ثوبان: رواه أحمد، وأبو داود، والدولابي في "الكنى"

والطبراني، والحاكم وصححه، وقد سبق في العِمامة. (11) جابر بن سمرة: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه أبو بلال الأشعري، ضعّفه الدارقطني. (12) جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ: رواه ابن ماجه، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، وعند ابن أبي شيبة، والترمذي عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: "سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين فقال: السنّة يا ابن أخي". ورواه الدولابي في "الكنى" من رواية عبادة بن الوليد عنه، موقوفًا عليه من فعله. (13) جَرِيرُ بنُ عبدِ اللهِ البجلي: رواه الطيالسي , وأحمد والبخاري،

ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي، وجماعة. واستدركه الحاكم لزيادة وقعت عنده، والحديث مشهور. (14) حُذَيْفَةُ: رواه الطيالسي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة،

وأحمد، ومسلم، وابن ماجه، وأبو نُعَيْم في "الحلية"، والبيهقي، وغيرهم عنه قال: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأتَى سُباطَة قَوْمٍ فَبَالَ قائِمًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَح على خُفَّيْهِ" وهو في "صحيح البخاري" بدون ذكر المسح على الخفين. وقد خرّجه أصحاب المستخرجات عليه , كالإسماعيلي، وأبي نعيم، فذكروا فيه المسح أيضًا. (15) خالد بن عرفطة: رواه أسلم بن سهل الواسطي بحشل في "تاريخ واسط" ويأتي لفظه. (16) خزيمة بن ثابت: رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن: "أَنَّةُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَمْسَحُ عَلى الخُفَّيْنِ والخِمَار". وله حديث آخر رواه جماعة كثيرة يأتي في التوقيت في المسح قريبًا.

(17) ربيعة بن كعب الأسلمي: رواه الطبراني في "الكبير" عنه قال: "رَأَيْتُ النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلى خُفَّيْهِ" وسنده حسن، وإن كان فيه الواقدي. (18) زيد بن خريم: رواه ابن منده، وأبو نعيم في "المعرفة" وسيأتي. (19) سعد بن أبي وقاص: رواه أحمد من طريق موسى بن عقبة عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله بن معمر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سعد بن أبي وقاص "أَنَّ النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال في المسح على الخفين: لا بأس بذلك". ورواه الطبراني في "الصغير" من طريق أبي يوسف القاضي، عن أبي أيوب عبد الله بن علي، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن فقال: عن ابن عمر وسعد بن أبي وقاص قالا: "رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّيْنِ" قال الطبراني: (هكذا رواه أبو أيوب، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن ابن عمر وسعد. ورواه ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن أبي سلمة عن ابن عمر، عن سعد وهو الصواب). قلت: رواية ابن لهيعة خرجها أحمد عن قتيبة بن سعيد عنه، ورواية عمرو بن الحارث خرجها ابن وهب والبيهقي من طريقه. ورواية عبد الله بن

عمر لهذا الحديث عن سعد مشهورة مخرّجة في (الموطأ)، "وصحيح البخاري". (20) سلمان الفارسي: تقدم قريبًا في المسح على العِمامة. (21) سَهْلُ بنُ سَعْدٍ الساعديُّ: رواه ابن ماجه بسند ضعيف، ورواه محمد بن سليمان لوين في "جزئه" بسند صحيح فقال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. ورواه ابن السكن في "صحيحه" قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل، ويحيى بن محمد بن صاعد، والحسين بن محمد قالوا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل: "أَنَّة رَأَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّيْنِ". (22) شبيب بن غالب: رواه ابن منده، وأبو نعيم في "المعرفة" من طريق

شبيب بن حبيب بن غالب عن عمه شبيب بن غالب عن أبيه غالب بن أسيد بن شبيب، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، وفيه علي بن قرين، متهم بالكذب. (23) الشريد بن سويد: رواه الطبراني في "الكبير" بسند حسن. (24) صَفْوَانُ بنُ عَسَّالٍ: رواه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، والبخاري في "التاريخ الكبير"، والدولابي في "الكنى" وأبو بكر بن المقري

في "الأربعين" والطحاوي في "معاني الآثار"، والطبراني في "الصغير"، والدارقطني، وأبو نُعَيْم في "الحلية"، والبيهقي، ويأتي لفظه. (25) الضحاك: مرسلًا، رواه سعيد بن منصور. (26) عبادة بن الصامت: رواه الطبراني في "الكبير" من رواية أبي عتبة عن الحسن عنه. قال ابن دقيق العيد: (وينظر في سماع الحسن من عبادة). وهذا يفيد أنه عرف أبا عتبة الراوي عن الحسن. وقد قال الحافظ نور الدين: (لم أجد من ذكره). وله طريق آخر من رواية إسحاق بن يحيى عنه؛ رواه الطبراني أيضًا، وإسحاق لم يدرك عبادة. (27) عبد الله بن رواحة: رواه الطبراني في "الكبير" من طريق عبد

الرحمن ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن رواحة، وأسامة ابن زيد "أَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ وَمَسَحَ عَلى الخُفَّيْنِ" وعبد الرحمن بن زيد ضعيف، وعطاء لم يدرك ابن رواحة. (28) عبد الله بن عباس: رواه عبد الرزاق، وأحمد، والبزار، والبيهقي، كلهم من طريق ابن جريج عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "أنا عند عمر حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين، فقضى عمر لسعد، فقلت: يا سعد! قد علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه، ولكن أقبل المائدة أم بعدها لا يخبرك أحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح عليهما بعدما أنزلت المائدة؟ فسكت عمر -رضي الله عنه-" وروى الطحاوي في "مشكل الآثار" من طريق أبي عوانة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "مَسَحَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الخُفَّيْنِ فَسَل الذين يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين أقبل المائدة أو بعد المائدة؟ والله ما مسح بعد المائدة، ولأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحبّ إليّ من أن أمسح عليهما". وروى البيهقي من طريق عبد الرزاق في "المصنّف" أنا معمر عن ابن طاوس

عن أبيه، عن ابن عباس قال: (أنا عند عمر حين اختصم إليه سعد وابن عمر في المسح على الخفين، فقضى لسعد، فقلت: لو قلتم بهذا في السفر البعيد والبرد الشديد" قال البيهقي: (فهذا تجويز منه للمسح في السفر البعيد والبرد الشديد بعد أن كان ينكره على الإطلاق، وقد روي عنه أنه أفتى به للمقيم والمسافر جميعًا). قلت: ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي. (29) عبد الله بن عمر: رواه أبو نعيم في "الحلية" ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا أحمد بن مهدي، ثنا أبو نعيم، ثنا الحسن بن صالح، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين بالماء في السفر". قلت: وهو غلط، فإن ابن عمر كان ينكر المسح حتى أخبره به سعد بن أبي وقاص. والصحيح ما رواه عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهريّ، عن سالم أن عبد الله بن عمر كان يمسح على الخفين ويقول: "أمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذلِكَ" ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث نافع عن ابن عمر، وسيأتي. (30) عبد الله بن مسعود: رواه البزار، والطحاوي، والطبراني، وابن عدي وسيأتي. (31) عبد الله بن مغفل: رواه أبو داود الطيالسي، ثنا الحسن بن واصل، عن

معاوية بن قرة، عن عبد الله بن مغفل المزني قال: "أول من رأيت عليه خفين في الإسلام: المغيرة بن شعبة، أتانا ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه خفان أسودان، فجعلنا ننظر إليهما، ونعجب منهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه سيكثر لكم من الخفاف. قالوا يا رسول الله! كيف نصنع؟ قال: تمسحون عليها وتصلَّون" الحسن بن واصل هو الحسن بن دينار، وهو متروك، وسيأتي له فيه قول آخر في معقل بن يسار. (32) عبد الرحمن بن بلال: رواه الطبراني في "الكبير". (33) عبد الرحمن بن حسنة: رواه الطبراني أيضًا من طريق عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن أسد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ ومسح على خفيه" وعمرو بن عبد الغفار متروك. (34) عصمة بن مالك: رواه الطبراني في"الكبير" من طريق الفضل ابن المختار، عن عبيد الله بن موهب، عنه قال: "خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض سكك المدينة، فانتهى إلى سباطة قوم، فقال يا حذيفة! استرني، فبال قائمًا، ثم توضَّأ، ومسح على الخفين، وصلى" والفضل بن المختار منكر الحديث.

(35) علي بن أبي طالب: رواه الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وجماعة وسيأتي. (36) عمار بن ياسر: رواه الدولابي في "الكنى" موقوفًا عليه من فعله، وذلك في كنية أبي عبد الله. (37) عمر بن الخطاب: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وابن مردك في "فوائده"، وأبو نُعَيْم في "تاريخ إصبهان" وغيرهم من طرق، وبألفاظ يأتي بعضها. وقال ابن مردك: حدثنا يحيى بن إسماعيل الضبي، ثنا الفضل بن سهل الأعرج، ثنا عبد العزيز بن أبان، ثنا شريك عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال: "رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّيْنِ" وهكذا رواه الطيالسي عن شريك إلا أنه قال: عن شريك

عن عاصم بن عبيد الله عن رجل عن ابن عمر. ورواه أبو نُعَيم في "التاريخ" في ترجمة محمد بن أحمد بن تميم من روايته عن محمد بن حميد، ثنا هارون بن المغيرة عن علي بن عبد الأعلى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، عن عمر مثله. (38) عَمْرُو بنُ أُمَيّةَ الضمري: رواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، والنسائي وابن ماجه، والبيهقي. (39) عمرو بن حزم: قال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده": ثنا محمد بن عمر الواقدي، ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس، عن أبيه، عن عبد الله بن الطفل قال: رأيت عمرو بن حزم يمسح على الخفين ويقول: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه" ورواه الطبراني في "الكبير" عن أحمد بن عبد الله التستري، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا محمد بن عمر الواقدي به. (40) عمرو بن بلال: رواه الطبراني في "الكبير".

(41) عوف بن مالك الأشجعي: رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، وإسحاق ابن راهويه، والبزار، والطحاوي، والطبراني في "الأوسط" والدارقطني، والبيهقي ويأتي لفظه. (42) عائشة: رواه الدارقطني، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا محمد بن عمرو بن حنان، ثنا بقية، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، ثنا عبدة بن أبي لبابة، عن محمد الخزاعي، عن عائشة قالت: "ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله -عزّ وجلّ-" ولها حديث آخر يأتي قريبًا. (43) قيس بن سعد: رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي موقوفًا. (44) كَعْب بن عَجْرَة: قال أبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي في "فوائده": حدثنا أبو محمد المخلدي إملاء، ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة عن عبد

الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار" كذا قال، وهو في "صحيح مسلم" وغيره من هذا الوجه، عنه، عن بلال. (45) مالك بن ربيعة: أبو نعيم في "المعرفة" ويأتي. (46) مالك بن سعد: رواه أبو نعيم في "المعرفة" أيضًا، ويأتي قريبًا. (47) مسلم والد عوسجة: رواه البزار، والطبراني في "الكبير" من حديث أبي الأحوص، عن سليمان بن قرم، عن عوسجة بن مسلم عن أبيه قال: "رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ" وكذلك رواه ابن أبي خيثمة، وابن السكن، والبغوي في "الصحابة" وفيه كلام، فقال البزار: (الصواب أنه عن علي). وقال البغوي: (الصواب أنه عن ابن مسعود). ولأجل هذا قال البخاري: (إنه لم يصح).

(48) معقل بن يسار: رواه الطبراني في "الكبير" بلفظ حديث عبد الله بن مغفل السابق، وهو من رواية الحسن بن دينار، وهو ضعيف. وقد سبق أنه قال عن عبد الله بن مغفل. (49) المُغيرَةُ بنُ شُعْبَةَ: رواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطبراني، وأبو نعيم في"الحلية" والحاكم

في "المستدرك" وجماعة، وهو من أشهر الأحاديث في الباب. (50) ميمونة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: رواه أحمد، وأبو يعلى، والدارقطني كلهم من رواية عمر بن إسحاق بن يسار، أخي محمد بن إسحاق قال: قرأت في كتاب لعطاء بن يسار مع عطاء بن يسار قال: سألت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسح على الخفين قالت: "قلت يا رسول الله! أكلّ ساعة يمسح الإنسان على الخفين ولا ينزعهما؟ قال: نعم" وإسحاق بن يسار فيه مقال. قال الدارقطني: (ليس بالقوي) لكن ذكره ابن حبّان في "الثقات". (51) يسار بن سويد الجهني: رواه سمّويه في "فوائده" وابن السكن، وابن منده في "الصحابة"، وأبو نعيم في "الحلية" والخطيب في

"المتفق"، والعقيلي في "الضعفاء"، ويأتي لفظه. (52) يعلى بن مرّة: رواه الطبراني في "الكبير" بسند ضعيف ويأتي أيضًا. (53) أبو أمامة: رواه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني في "الكبير" وله عندهم طرق وألفاظ، تقدم في العِمامة بعضها، ويأتي بعضها أيضًا. (54) أبو أمامة سهل بن حنيف: رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه موقوفًا عليه، وعلى سعيد بن المسيِّب. (55) أبو أيوب الأنصاري: رواه ابن أبي شيبة، وأحمد , وإِسحاق بن راهويه، والحارث بن أبي أسامة، والطبراني في "الكبير"، والبيهقي.

(56) أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: رواه ابن حبان في "صحيحه" ويأتي في التوقيت. (57) أبُو بَكْرَةَ، نفيع بن الحارث: رواه ابن ماجه، وابن خزيمة، وابن الجارود، والطحاوي، والطبراني، والدارقطني، والبيهقي، ويأتي أيضًا. (58) أبو بردة: رواه الطبراني في "الكبير" ويأتي. (59) أبو برزة: رواه البزار من طريق يزيد بن هارون، عن عبد السلام، عن الأزرق بن قيس، عن أبي برزة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل: "أنه توضَّأ ومسح على خفيه" ورواه الطبراني بلفظ آخر.

تنبيه: ذكر الجمال الزيلعي في "نصب الراية" هذا الحديث باسم أبي بردة، بالدال، وتبعه على ذلك الحافظ في اختصاره "اتمام الدراية" وهو تحريف، والصواب أبو برزة، بالزاي، كما ذكرت. (60) أبو ذر: سبق مسندًا في المسح على العِمامة. (61) أبو زيد: رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - موقوفًا رواه أبو مسلم الكشي في "السنن"، وأبو جعفر الطحاوي، إِلا أنه وقع في الأصل المطبوع من "معاني الأثار": أبو زيد عن رجل، وهو وهم أو تحريف. (62) أبو سعيد الخدري: رواه الطبراني في "الأوسط" عنه مطولًا وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال: "يا بلال! امسَحْ عَلَى الخُفَّيْنِ وَالخمار" وفيه غسان بن عوف، ضعّفه الأزدي، وبه طريق آخر عند أبي نعيم في "تاريخ إِصبهان" سيأتي. ورواه الدولابي في "الكنى" موقوفًا عليه فقال: حدثني أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن

سالم الصايغ، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إسرائيل، عن أبي مؤمل العامري، عن عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت: "أنه سافر مع جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، فكانا يمسحان على الخفين". (63) أبو طلحة: رواه الطبراني في "الصغير"، وسبق في العمامة. (64) أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ: رواه ابن ماجه، والطحاوي، والطبراني، وهو في المسح على الجوربين والنعلين، وسيأتي، وقد سبقت الإشارة إليه في العمامة. (65) أبو هريرة: رواه أحمد وابن أبي شيبة، والبزار في مسانيدهم وابن ماجه، والبيهقي بألفاظ يأتي بعضها في التوقيت. (66) أم سعد الأنصارية: وهي بنت زيد بن ثابت، وقال الطبراني: (امرأة زيد بن ثابت)، رواه ابن عدي , وابن منده، وأصله عند الطبراني أيضًا من رواية

سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن محمد بن زاذان عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على من أسلف مالًا زكاة" قالت: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين" قال ابن عدي: (لا أعلم يروي عن محمد بن زاذان غير عنبسة، وعنبسة ضعيف).

كيفية المسح على الخفين

كيفية المسح على الخفين 26 - قوله: (أكثر الآثار الصحاح الواردة في مسحه -عليه الصلاة والسلام- إنما كانت في السفر). قلت: بل وردت الأحاديث الصحيحة بكلا الأمرَيْن. فمن الأحاديث المصرحة بأن ذلك كان في السفر حديث المغيرة بن شعبة السابق. وإن كان بعض الحفاظ يزعم ما قاله المصنف، فإن ابن خزيمة لما خرج في "صحيحه" حديث أسامة بن زيد السابق: "أنه - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ بالأسواق ومسح على خفيه"، وأن الأسواق حائط بالمدينة، قال: (وسمعت يونس يقول: ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر أنه مسح على الخفين في

الحضر غير هذا). وهذا غريب، فإن حديث حذيفة المخرج في الصحيح أيضًا "أنّه - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم، فبال قائمًا، ثم توضَّأ ومسح على خفيه" ظاهر بل صريح في إن ذلك كان بالمدينة؛ لأن السباطة إِنما تكون بالحضر، وقد ورد التصريح فيه بأنه كان بالمدينة، كما قال سعيد بن منصور: ثنا أبو الأحوص، ثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: "كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فانتهى إِلى سباطة ناس. . . ." الحديث، وكذلك رواه البيهقي من طريق محمد بن طلحة بن مصرف، عن الأعمش. ويغني عن هذا الأحاديث الصحيحة في توقيته - صلى الله عليه وسلم - للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها؛ فإِنها قاطعة للنزاع في المسألة. * * * 27 - حديث المغيرة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وباطنه".

أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي من حديث الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة بلفظ: "مسح أعلا الخف وأسفله". وخرج ابن ماجه باسْم كاتب المُغِيرة فقال: (عن وَرَّادٍ، كاتِبِ المُغِيرَة). واتفق الحفاظ على ضعفه لأنه معلول من جهات: (أولها) أن ثورًا لم يسمعه من رجاء. (ثانيها): أنه مع ذلك عن كاتب المغيرة مرسلًا بدون ذكر المغيرة. قال محمد بن عبد الملك بن أيمن في "مصنفه": حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي

قال، قال عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن ثور بن يزيد، قال حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلا الخفين وأسفلهما" وقال الترمذي (1): (هذا حديثٌ مَعْلولٌ، لم يُسْنِدْهُ عن ثَوْر بنِ يزيدَ غيرُ الوليد بنِ مُسْل، وسألتُ أبا زُرْعَةَ، ومحمّدًا -يعني البُخاري- عن هذا الحديث فقالا: ليسَ بصحيح؛ لأنَّ ابنَ المبارك رَوى هذا عن ثَوْرٍ، عن رَجاءِ قال: حُدِّثْتُ عن كاتبِ المُغيرةِ مُرْسَلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يُذْكَرْ فيهِ المُغيرَةُ). وقال أحمد بن حنبل: (وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حدثت عن رجاء، ولا يذكر المغيرة، فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة، فأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد، لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد، وأنا أسمع، اضربوا على هذا الحديث). (ثالثها): أن الحسن وعروة بن الزبير روياه عن المغيرة، فصرح فيه بالمسح على ظاهر الخف فقط، فقال ابن أبي شيبة في "المصنف": ثنا الحنفي، عن أبي عامر الخزاز، ثنا الحسن، عن المغيرة بن شعبة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم جاء حتى توضَّأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى أنظر إلى أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين".

ورواه البيهقي من طريق ابن أبي شيبة أيضًا، حدثنا أبو أسامة، عن أشعث، عن الحسن، عن المغيرة به مثله. ورواه البخاري في "التاريخ الأوسط": ثنا محمد بن الصباح، ثنا ابن أبي الزناد، عن أبي، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين ظاهرهما" وقال البخاري: (هذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة). وهكذا رواه أحمد، والدارقطني، وابن الجارود في "المنتقى" من رواية سليمان بن داود الهاشمي، والترمذي من رواية على بن حُجْرٍ، وأحمد من رواية إبراهيم بن أبي العباس وسريج كلهم عن ابن أبي الزناد به مثله. ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح ظاهر خفيه". ورواه البيهقي في "السنن" من طريق الطيالسي ثم قال: (وكذلك رواه إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد).

ومع هذا أيضًا فقد رواه عبد الملك بن عمير، عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة فلم يذكر أسفل الخف أيضًا، ذكره الدارقطني في "العلل". ويؤيد هذا ورود التصريح بذلك أيضًا عن علي كما سيأتي بعده، وعن جابر، رواه ابن ماجه، والطبراني في "الأوسط"، وعبد الله بن عمر, رواه ابن أبي شيبة، والدارقطني، والبيهقي. * * * 28 - حديث عليّ: "لَوْ كانَ الدينُ بالرَّأْيِ لَكانَ أسْفَلُ الخُفِّ أوْلَى بِالمَسْحِ مِنْ أعْلاَهُ، وَقَدْ رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يمْسحُ عَلى ظاهِرِ خُفَّيْهِ".

المسح على الجوربين

المسح على الجوربين رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والدارمي، وأبو داود، والدارقطني، والبيهقي من رواية عبد خير عن علي، وإسنادُه صحيح.

29 - قوله: (وسبب اختلافهم اختلافهم في صحة الآثار الواردة عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مسح على الجوربين والنعلين) ثم قال: (وهذا الأثر لم يخرجه الشيخان البخاري، ومسلم، وصححه الترمذي). قلت: رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى" وابن ماجه، وابن حبان، في "الصحيح" والطحاوي، في "معاني

صفة الخف

صفة الخف الآثار" والبيهقي، كلهم من طريق سفيان عن أبي قيس الأودي، عن هُزَيْلِ بن شُرَحْبِيلَ، عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توضَّأ ومسح على الجوربين والنعلين، وقال الترمذي، (حسن صحيح)، وكذلك صححه ابن حبان، بإِخراجه إياه في "الصحيح"، وهو مقتضى الإسناد. لكن ضعفه الآخرون، لا لأجل الإِسناد والطعن في الرجال، فإنهم ثقات على

شرط الصحيح، ولكن استغرابًا لأجل مخالفة أكثر الرواة القائلين عن المغيرة، ومسح على خفيه، وذلك باطل مقطوع ببطلانه، ناشئ عن عدم التأمل وبعد النظر في المسألة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يلبس الخفين مرّة واحدة في حياته، أو يمسح عليه مرّة واحدة، حتى يقع التعارض ويحكم للأكثرين على هذا الإسناد، بل لبس - صلى الله عليه وسلم - ذلك مدة طويلة، والمغيرة بن شعبة، أحد الذين كانوا يخدمونه ويراجعونه - صلى الله عليه وسلم - في الحضر والسفر، وكان - صلى الله عليه وسلم -، يلبس ما جد وما تيسر له، بدون تكلف، كما كان يلبس ما أَهْدِيَ له، وحيث إن الأمر كذلك، فكيف تظن المعارضة مع أنه - صلى الله عليه وسلم -، تارة غسل رجليه، وتارة مسح على النعلين، وتارة مسح على الخفين، وتارة مسح على الجوربين، إِن هذا لعجيب! ويؤيد ذلك ورود المسح على الجوربين أيضًا، من حديث أبي موسى

الأشعري، أخرجه ابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار" والطبراني، في "الكبير" كلهم من حديث ابن سِنَانٍ، عن الضَّحَّاكِ بنِ عبدِ الرَّحمن، عن أبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توضَّأ ومسح على الجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَيْنِ" وقد أشار إِليه الترمذي، في الباب وذكره أبو داود، وقال: (إنه ليس بالمتصل، ولا بالقوي)، يريد بذلك أن الضحاك بن عبد الرحمن، لم يثبت سماعه من أبي موسى وعِيسَى بن سِنَان، مختلف فيه، وقد وثقه العجلي، وقواه بعضهم. قال الذهبي: (وهو ممن يكتب حديثه على لينه). ومن حديث بلال، أخرجه الطبراني، من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومن رواية يزيد بن أبي زياد، فرقهما عن كعب بن عجرة، عن بلال، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الجوربين والنعلين" وهو حديث أقل رتبه أن يكون حسنًا أضف إِلى

توقيت المسح على الخفين

توقيت المسح على الخفين هذا ثبوت المسح على الجوربين، عن عمر، وعلي، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي مسعود الأنصاري، وأنس بن مالك، وابن عباس، وأبي أمامة، وسهل بن سعد الساعدي، وعمرو بن حريث، والبراء بن عازب، كما أخرجه عنهم عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والبيهقي، وذكره أبو داود، في "السنن" عن جماعة منهم، وقال الترمذي: (هو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، وابن المبارك، والشافعيُّ، وأحمد، وإسحاق). 30 - تنبيه: قول ابن رشد: (وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث).

يفيد أن التوقيت لم يرد فيه إلا حديث علي [وحديث أبيّ بن عمارة]، وحديث صفوان ابن عسال الآتي، وليس كذلك، فقد ورد التوقيت من طرق كثيرة بلغ معها حدّ التواتر، كما نصّ عليه الطحاوي، وابن حزم، وغيرهما وذلك أنه رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا أبو بكرة، وخزيمة بن ثابت، وابن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعوف بن مالك، وجرير، والمغيرة، والبراء بن عازب، وأنس، وأبو بردة، وابن عباس، وأبو أمامة، وأمامة بن شريك، ويعلى بن مرّة، وأبو هريرة، وعمر بن الخطاب، وبلال، وخالد بن عرفطة، ومالك بن سعد، ومالك بن ربيعة، وأبو سعيد الخدري، ويسار بن سويد، وزيد بن خريم. فحديث أبي بكرة: رواه الشافعي، وابن أبي شيبة، والترمذي في "العلل المفرد"، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود،

والدولابي في "الكنى" والطحاوي، والطبراني، والدارقطني، والبيهقي، كلهم من طريق عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ المَجِيدِ الثقفي، عن المُهاجِرِ بنِ أَبي بَكْرَةَ، عن أبيهِ: "أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رخَّصَ للمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَياليهنَّ وَللْمُقيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً". ومحمد الشافعي في "سنن حرملة"، والخطابي، ونقل الترمذي في "العلل" عن البخاري أنه قال حديث حسن. وحديث خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ: رواه أبو داود الطيالسي، وعبد الرزاق،

وأحمد، والحسن بن سفيان في "الأربعين" وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والطحاوي، وابن الجارود، وأبو عوانة في "صحيحه" والطبراني في "الصغير" وأبو نُعَيْم في "تاريخ إصبهان" والعطار الدوري في "جزئه" والبيهقي في "السنن" وآخرون عن خزيمة مثل الذي قبله، وفي لفظ عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين: "للمقيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَة وَللمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أيَّام ولَيَاليهنَّ" إلا أنه مضطرب الإسناد والمتن. فرواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، والطحاوي، من طريق الحكم.

ورواه الطيالسي، وأحمد، والطبراني في "الصغير" من طريق حماد. ورواه أبو داود في "السنن" وابن الجارود في "المنتقى" من طريقهما معًا. ورواه أحمد، وأبو عوانة في "صحيحه" من طريق منصور. ورواه أبو نعيم في "تاريخ إِصبهان" من طريق عمر بن عامر، ومن طريق الحارث العكلي، خمستهم عن إِبراهيم التيمي عن أبى عبد الله الجَدَلي، عن خزيمة بن ثابت به كما سبق. ورواه عبد الرزاق في "المصنف والأمالي" والحسن بن سفيان في "الأربعين" والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من طريق سعيد بن

مسروق، والد سفيان الثوري. ورواه العطاء الدوري، في "جزئه" والبيهقي في "السنن" من طريق الحسن ابن عبيد الله، كلاهما عن إبراهيم التيمي، فزاد في الإسناد رجلًا فقال عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجَدَلي مثله. ورواه أحمد، وابن ماجه، والبيهقي، من طريق سلمة بن كهيل، عن إبراهيم التيمي، فزاد فيه رجلًا آخر، وأسقط أبا عبد الله الجَدَلي، فقال عن إِبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت به مثله. ورواه الطيالسي، وأحمد، والبيهقي من رواية منصور، وأحمد، والبيهقي من رواية سعيد بن مسروق، كلاهما عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن خزيمة به، وفيه قول خزيمة، ولو استزدناه لزادنا، وفي بعض الألفاظ، ولو مضى السائل في سؤاله لزاده. ورواه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، وحماد.

ورواه الطبراني، وأبو نعيم في "التاريخ" من طريق عبد الله بن رجاء الغداني، ثنا شعبة عن الحكم، وحماد، ومغيرة، ومنصور، عن إِبراهيم، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن خزيمة به بدون الزيادة. وكذلك رواه أحمد، عن محمد بن جعفر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي معشر، عن إِبراهيم، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن خزيمة. وقد رواه البيهقي، من طريق زائدة بن قدامة، قال: سمعت منصورًا يقول، كنا في حجرة إِبراهيم النخعي ومعنا إِبراهيم التيمي فذكرنا المسح على الخفين، فقال إِبراهيم التيمي: ثنا عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجَدَلي، فذكره بدون الزيادة. ثم نقل عن الترمذي أنه قال: (سألت البخاري عن هذا الحديث، فقال: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح، لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجَدَلي سماع من خزيمة، وكان شعبة يقول: لم يسمع إِبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجَدَلي، حديث المسح). قال البيهقي: (وقصة زائدة، عن منصور تدل على صحة ما قال شعبة) يعني حيث حدّث به إِبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، وإِبراهيم النخعي حاضر، فكأنه أسقطه وشيخه، ثم صار يحدث به عن الجَدَلي، لكن يخالف هذا ما ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" قال: (سألت أبي، وأبا زرعة عن حديثٍ رواه سعيد بن مسروق، وسلمة بن كهيل، ومنصور بن المعتمر، والحسن بن عبيد الله، كلهم روى عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن

خزيمة بن ثابت في المسح على الخفين، ورواه الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو معشر، وشعيب ابن الحبحاب، والحارث العكلي، عن إِبراهيم النخعي عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن خزيمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يقولون: عمرو بن ميممون. قال أبو زرعة: الصحيح من حديث إِبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. والصحيح من حديث النخعي عن أبي عبد الله الجَدَلي بلا عمرو بن ميمون). قال الحافظ: (وادعى النووي في "شرح المهذب"، الاتفاق على ضعف هذا الحديث، وتصحيح ابن حبان له يردّ عليه، مع نقل الترمذي عن ابن معين أنه صحيح أيضًا). قلت: وليس ذلك في أصلنا، ولكن قال في الحديث: حسن صحيح، وكأنه لم يقع ذلك في أصل الحافظ. ثم إِنه غفل عن تصحيح أبي عوانة أيضًا. فيكون المصححون له أربعة، وعلى اعتبار أن "المنتقى" لابن الجارود صحيح أيضًا يكونون خمسة، والله أعلم. قال الحافظ: (ورواية النخعي لم تقع فيها الزيادة المذكورة). قلت: وتلك الزيادة هي الحاملة للنووي على ما قال، مع أن اعتبارها لاغٍ، لأنه لا أثر لها في الحكم، لأنها مجرد ظن من خزيمة لا يغني من الحق شيئًا، فورودها وعدمه على حدٍّ سواء.

وحديث عبد الله بن عمر: رواه محمد بن مخلد العطار الدوري في "جزئه" ثنا جعفر بن مكرم، ثنا عمر بن يونس، ثنا أبو بشير النجار، عن سليمان بن أبي سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نمسح على الخفين يومًا وليلة في الحضر، وللمسافر ثلاثًا". ورواه الطبراني في "الأوسط" حدثنا عبدان بن محمد المروزي، عن قتيبة بن سعيد، عن حمد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن الحسن العصاب، عن نافع به ولفظه. أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال في المسح على الخفين "للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن". وبهذا اللفظ رواه القطيعي في "زوايد المسند" والبزار، وأبو يعلى، ورجاله ثقات. وقال الدارقطني في "الافراد" ثنا محمد بن نوح الجنديسبوري، ثنا عبد القدوس ابن محمد بن عبد الكبير بن سعيب بن الحجاب، ثنا عبد الله بن داود، عن عريف بن درهم عن جبلة، عن سحيم، عن ابن عمر في المسح على الخفين قال: وقت لنا ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم. ثم قال: (غريب من حديث جبلة، عن ابن عمر، تفرد به عريف بن درهم ويكنى أبا هريرة). وحديث ابن مسعود: رواه الطحاوي في "معاني الآثار" قال: حدثنا ابن أبي داود، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا الصعق بن حزن، ثنا علي بن الحكم، عن

المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل من مراد يقال له صفوان بن عسال، فقال يا رسول الله: إِني أسافر بين مكة والمدينة، فأفتني عن المسح على الخفين، فقال "ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم". ورواه البزار، والطبراني من طرق وبألفاظ أخرى، إِلا أنها ضعيفة ففي بعضها يُوسُف بن عَطِيَّة وهو متَّهم. وفي بعضها سليمان بن بُشَيْر وهو ضعيف، وفي الثالثة أيّوب بن سُوَيْد وهو ضعيف. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وله عند الطبراني طرق أخرى موقوفة، بعضها رجاله رجال الصحيح. وحديث عوف بن مالك: رواه أحمد، وإِسحاق بن راهويه، والبزار في "مسانيدهم"، وابن أبي شيبة , والبخاري في "التاريخ الكبير".

والطحاوي، والطبراني في "الأوسط" والدارقطني، والبيهقي، والثقفي في "الثقفيات" كلهم من طريق هشيم عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيد الله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني قال: ثنا عوف بن مالك الأشجعي، "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بالمَسْحِ على الخفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوك ثلاثةَ أيَامٍ وَلَيَاليهنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ وَلَيْلةٌ لِلْمُقيم". ونقل البيهقي، عن الترمذي (أنه سأل البخاري عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن). ونقل ابن عبد الهادي عن أحمد أنه قال: (هذا من أجود حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها - صلى الله عليه وسلم -)، قلت: ولا يعارض صحة الحديث ما ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" قال: (سألت أبي عن حديث رواه هشيم، عن داود بن عمرو) فذكر الحديث، قال: (ورواه الوليد بن مسلم، عن إِسحاق بن سيار، عن يونس بن ميسرة بن حليس، عن أبي إِدريس قال: سألت المغيرة

ابن شعبة)، فذكر الحديث بغزوة تبوك أيضًا، وأنه مسح على خفيه. ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه مسح على الخفين والخمار. قلت لأبي: أيهم أشبه وأصح؟ فقال: داود بن عمرو ليس بالمشهور، وكذلك إسحاق بن سيار ليس بالمشهور، لم يرو عنه غير الوليد، ولا نعلم روى أبو إدريس عن المغيرة بن شعبة شيئًا سوى هذا الحديث. وأما حديث خالد فلا أعلم أحدًا تابع خالدًا في روايته عن أبي قلابة). قال: (وأشبههما حديث بلال؛ لأن أهل الشام يروون عن بلال هذا الحديث في المسح، من حديث مكحول وغيره. ويحتمل أن يكون أبو إدريس قد سمع من عوف والمغيرة أيضًا، فإنه من قدماء تابعي أهل الشام، وله إدراك حسن). وهذا هو الحق فإنه لو كان كل من روى حديثًا في مسألة، ثم روى مثله عن غيره مضطرب لكان كل الأحاديث كذلك. وهذا الحسن البصري يقول: حدثني بالمسح على الخفين سبعون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأبو إدريس تابعي مثله فلمَ لا يكون قد حدثه به أيضًا جماعة، منهم المذكورون وغيرهم. بل هو الواقع إن شاء الله. وحديث جرير: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط". عنه قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المسح على الخفين، فقال: "ثلاث للمسافر، ويوم وليلة للمقيم". وفيه أيوب بن جرير، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وحديث المغيرة: رواه الطبراني في "الكبير". ثنا الحسن بن علي التستري ثنا إبراهيم بن مهدي، حدثنا عمر بن رويح، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي بردة، عن المغيرة، قال: "آخر غزوة غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمرنا أن نمسح على أخفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يومًا وليلة وألا نخلع". ورواه في "الأوسط" من وجه آخر، سياق آخر، في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي آخره قوله فكانت سنة للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة. وفيه داود بن يزيد الأودي فيه مقال، وقد روى عنه الكبار مثل شعبة، ومشاه ابن عدي إذا روى عنه ثقة. كما في هذا الحديث الذي رواه عنه مكي بن إبراهيم. وحديث البراء: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير". عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين". وسنده ضعيف. وله طريق آخر عند ابن عدي في "الكامل" بدون تقييد بالمسح. وحديث أنس: قال ابن الصيرفي في "السداسيات" أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي بمصر، أنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الناصح المعروف بابن المفسر بالمعافر، ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي

بدمشق، ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا سعيد بن مَيْسَرة البكري، عن أنس بن مالك، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة". وسعيد بن ميسرة منكر الحديث، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه القاسم بن عثمان البصري عن أنس به مثله. أخرجه الطبراني في "الأوسط". والقاسم قال: الدارقطني ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وحديث أبي بردة: رواه الطبراني باللفظ السابق عن المغيرة، وسنده أيضًا وهو غلط سقط من ذكره المغيرة كما سبق من رواية أبي بردة عنه. وحديث ابن عباس: رواه أبو نعيم في "الحلية" ثنا أبي، ثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، ثنا جبارة بن المغلس، ثنا أيوب، عن جابر، عن مسلم الأعور، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المَسْحُ للمُسَافِرِ ثَلاثَةُ أَيّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وللْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ". ومن هذا الوجه رواه الطبراني في "الكبير" وقال أبو نعيم: (غريب من حديث سعيد عن ابن عباس، لم نكتبه إِلا من هذا الوجه).

قلت: قد ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" من وجه آخر من رواية عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا، لكن قال أبو زرعة، وأبو حاتم إنه خطأ، والصواب إنما هو عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس موقوفًا. قلت: وحديثه أخرجه الحارث بن أبي أسامة، والطحاوي، والبيهقي وغيرهم؛ وكلهم من رواية شعبة، عن قتادة، قال: سمعت موسى بن سلمة، قال: سألت ابن عباس عن المسح على الخفين، فقال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة". قال البيهقي: هذا إِسناد صحيح. وحديث أبي أمامة: رواه الطبراني في "الكبير" من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا مروانُ أبو سَلَمَةَ، ثنا شَهْرُ بنُ حَوْشَب، عن أبي أمامة "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَمْسَحُ على الخُفَّيْنِ والعِمَامَةِ ثلاثًا في السَّفَرِ وَيوْمًا ولَيْلَةً في الحَضَرِ". ومروان المذكور، قال الذهبي: مجهول. لكن ذكره ابن حبان في "الثقات". أما البخاري فقال: منكر الحديث. وقد خرج العقيلي هذا الحديث أيضًا في ترجمته

من "الضعفاء". وحديث أسامة بن شريك: رواه أبو عمرو بن مهران في "فوائد الحاج". قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، ثنا سهل بن زنجلة، ثنا الصباح بن محارب، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، وعن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك قال: "كنا نَغْزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما نَنْزِعُ خِفافَنا ثلاثةَ أيَام وَلَياليهنْ لِشَيْءٍ مِنْ حَاجَتِنا، ونكونُ في الحَضَرِ فَنَمْسَحُ يَوْمًا ولَيْلَةً". ورواه أبو يعلى في "مسنده"، ثنا سهل بن زنجلة به. ورواه الطبراني في "الكبير"، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا سهل بن زنجلة الرازي به نحوه. ورواه الخطيب في "التاريخ" من طريق إدريس بن عبد الكريم، ثنا سهل به نحوه. وعمر بن عبد الله ضعيف. وحديث يعلى بن مرة: مرَّ سنده في الذي قبله من رواية عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي، عن أبيه، عن جده، إلا أن الطبراني قال في متنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة وللمقيم يوم وليلة".

وحديث أبي هريرة: رواه ابن أبي شيبة، والبزار في "مسنديهما" وابن ماجه، وأبو نعيم في "تاريخ إصبهان" كلهم من رواية زيد بن الحباب، ثنا عمر بن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المسح على الخفين "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة". لفظ أبي نعيم، ولفظ ابن ماجه، قالوا: يا رسول الله والطهور على الخفين قال للمسافر وذكره. وحديث عمر: رواه البزار، وأبو يعلى، والدارقطني في "السنن" و"العلل" كلهم من طريق خالد بن أبي بكر بن عبيد الله العمري، حدثني سالم، عن ابن عمر، أن سعد بن أبي وقاص، سأل عمر بن الخطاب عن المسح فقال عمر: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم

وليلة" وقال البزار لم يذكر فيه التوقيت عن عمر إلا من هذا الوجه. وخالد بن أبي بكر العمري ليّن الحديث. قلت قد ورد التوقيت عن عمر - رضي الله عنه - موقوفًا عليه. أخرجه البيهقي في "السنن" من طريق عبد الله بن الوليد، ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن عمر [أنه] قال: "يَمْسَحُ الرَّجُلُ على خُفّيه إلى سَاعَتِها مِنْ يَوْمِها وَلَيْلَتِها". وحديث بلال: رواه الدارقطني في "الأفراد" ولم أقف على سنده. وحديث خالد بن عرفطة: قال أسلم بن سهل الواسطي في "تاريخ واسط": ثنا رزق الله بن موسى، ثنا خالد الطحان، ثنا هشيم، قال: حدثنا أبو رحمة، عن أبيه عن خالد بن عرفطة، في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة. ثم قال: حدثنا عبد الصمد بن محمد، ثنا أبو معمر، ثنا هشيم، قال: أنا أبو رحمة عن أبيه، عن خالد بن عرفطة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله. قال: واسم أبي رحمة، مصعب بن زاذان بن جوان بن عبد الله الباهلي. وحديث مالك بن سعد: قال: أبو نعيم في "المعرفة" ثنا محمد بن سعد الباوردي، ثنا عبد الله بن محمد الحمري البصري، ثنا أبو عبد الرحمن بن عمرو بن

جبلة، حدثتنا مليكة بنت الحارث المالكية، قالت: حدثتني أمي، عن جدي مالك بن سعد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول، وسئل عن المسح على الخفين، فقال: "ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم". وحديث مالك بن ربيعة: رواه أبو نعيم في "المعرفة" أيضًا قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا محمد بن المسيب، ثنا عاصم بن المغيرة، ثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، عن خالد بن عاصم، عن بريد بن أبي مريم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توضأ ومسح على خفيه، وقال "للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة". وحديث أبي سعيد: قال: أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" حدثنا أبو بكر أحمد ابن محمد بن إبراهيم، ثنا علي بن خشنام، ثنا أبو معين، ثنا أبو تَوْبة، ثنا مُبارَك بن سعيد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد الخدري، قال: "جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يومًا وليلة. ثم قال: وأيم الله لو مضى السائل في مسألته لجعلها خمسًا". وحديث يسار بن سويد: رواه أبو نعيم في "الحلية". حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا قرة بن حبيب القنوي، ثنا الهيثم بن قيس، عن عبد الله بن مسلم بن يسار، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال في المسح على الخفين: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة". ومن هذا الوجه، رواه العقيلي في "الضعفاء". وابن أبي حاتم في

"العلل" ونقل عن أبيه أنه قال: (حديث منكر، وليس ليسار صحبة). قلت: قد أثبتها له غيره. وخرج هذا الحديث جماعة آخرون له كما في "الإصابة". وحديث زيد بن خريم: رواه ابن منده، وأبو نعيم، كلاهما في "المعرفة" من طريق علي بن مسهر، عن سعيد بن عبيد بن يزيد بن خريم، عن أبيه، عن جده، قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن المسح على الخفين فقال: ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم". وفي الباب أيضًا حديث صفوان بن عسال، وقد ذكره المصنف بعد حديث. * * * 31 - حديث عليّ قال: "جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم". خرجه مسلم. قلت: وكذا أبو داود الطيالسي، والحميدي، وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق،

وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، والعدني، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، والطحاوي، وأبو عوانة، والدولابي في "الكنى والأسماء" والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي، في "السنن" كلهم من حديث شُرَيْحِ بنِ هَانِيءٍ، قال: "سألت عائشة - رضي الله عنها - عن المسح على الخفين، فقالت: اسأل عليًا فإنه أعلم بهذا مني، كان يسافر مع رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته فقال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وذكره لفظ مسلم. * * * 32 - حديث أُبيِّ بنِ عَمَارة: "أنّه قَالَ: يَا رسولَ اللهِ أَأَمْسح على الخُفِّ؟ قال: نعَمْ. قالَ: يَوْمًا؟ قال: نَعَمْ، قالَ: يَوْمَيْن؟ قال: نعَمْ، قالَ: ثَلاثَة؟ قالَ نعَمْ، حَتى بَلَغَ سَبْعًا، ثمّ قالَ: امْسَحْ ما بَدَا لَكَ" خرجه أبو داود، والطحاوي، ثم قال ابن رشد، (قال أبو عُمَر بن عبد البَرِّ: إِنه حديث لا يثبت وليس له إِسناد قائم). قلت: رواه ابن أبي شيبة، وابن ماجه، والحاكم،

والدارقطني، والبيهقي، وفي سنده اضطراب مع جهالة رواته، ولذلك ضعّفه أكثر الحفاظ: أبو زرعة وأحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن حبان، والأزدي، والدارقطني، وابن حزم، والبيهقي. بل نقل النووي الاتفاق على ضعفه، وبالغ الجوزقاني فذكره في "الموضوعات" لكن الحاكم أخرجه في صحيحه كما سبق، وقال (إِسناده مصري ولم ينسب واحد منهم إِلى جرح) كذا قال، فتعقبه الذهبي بأنه مجهول، وتكلم على علله أبو الحسن بن القطان في "الوهم والإِيهام" فأجاد. * * * 33 - حديث صَفْوان بن عَسَّال. قال: "كُنَّا في سَفَرٍ فأُمِرْنَا أنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنا ثلاثةَ أيّامٍ

وَلَياليهنَّ إِلَّا مِنْ جنابَة، لكِنْ مِنْ نَوْمٍ أوْ بَوْلٍ أوْ غائِطٍ". قال ابن رشد: (وهو إِن كان لم يخرجه البخاري، ولا مسلم، فإِنه قد صححه قوم من أهل العلم، بحديث الترمذي، وأبو محمد بن حزم).

شروط المسح على الخفين

شروط المسح على الخفين قلت: أخرجه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، والشافعي، وأحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير"، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،

والدولابي في"الكنى" وابن المقري في "الأربعين" والطحاوي في "معاني الآثار" والطبراني في "الصغير" والدارقطني، والبيهقي، وأبو نعيم في "الحلية". وقال الترمذي: (حسن صحيح). ونقل عن البخاري: (أنه أحسن شيء في الباب)؛ وصححه أيضًا الخطابي وابن خزيمة، وابن حبان، بإِخراجهما له في الصحيح وهو حديث طويل مشتمل على مسائل في فضل العلم وغيره. * * * 34 - حديث المغيرة وغيره، أن النيي - صلى الله عليه وسلم - قال وقد أراد المغيرة أن ينزع خفّيه: "دَعْهُمَا

فَإِنّي أدْخَلْتُهُما وَهُما طَاهِرَتانِ". أما المغيرة فمَتفق على حديثه. وخرجه أيضًا كل من ذكرنا في تخريج حديثه عند ذكر المسح على الخفين والعمامة أيضًا. ولأبي داود: "دَعِ الخُفَّيْنِ فَإِنّي أَدخَلْتُ القَدَمَيْن الخُفَّيْن وهما طاهرتان". وأمّا الغَيْر، فورد ذلك أيضًا عن عليّ، عند أبي داود (4)، وعن عمر، عن ابن أبي

شيبة، وعن أبي هريرة، عند أحمد، وعن أبي بكرة وقد تقدم عزو حديثه. * * * 35 - قوله: (وفي بعض روايات المغيرة إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما).

نواقض المسح على الخفين

نواقض المسح على الخفين رواه ابن أبي شيبة، من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ.

ورواه الحميدي في مسنده عنه قال: قلت يا رسول الله، أيمسح أحدنا على الخفين. قال: "نعم إِذا أدخلهما وهما طاهرتان".

الباب الثالث: في المياه

الباب الثالث: في المياه وجوب الطهارة بالمياه 36 - حديث البَحْر: "هُوَ الطَّهورُ ماؤة الحِلُّ مَيْتَتُه". قال ابن رشد: خرّجه مالك.

قلت: وعن مالك، رواه الشافعي، ومحمد بن الحسن، في الموطأ له. ومن طريق مالك أيضًا، رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، والبخاري في "التاريخ الكبير". وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،

وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم. وهو من رواية مَالِك عن صَفْوانَ بن سُلَيْمٍ، عن سَعِيدِ بن سَلَمَة من آلِ ابنِ الأزْرَقِ، عن المُغِيرَة بنِ أبيِ بُرْدَةَ، أنَّه سَمِعَ أبا هُرَيْرَةَ يقول: سَألَ رَجُلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسولَ الله! إنّا نرْكَبُ البَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ المَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأنا بِهِ عَطِشْنَا. أفَنَتَوَضأُ بِماءِ البَحْرِ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُه". ولم ينفرد به مالك، عن صفوان بل تابعه أبو أويس، وعبد الرحمن بن إِسحاق، وإسحاق بن إِبراهيم المزني. فمتابعة الأول رواها أحمد في "المسند". ومتابعة الثاني والثالث، خرجهما الحاكم (8) في "المستدرك"، والبيهقي في "المعرفة"،

الماء المتنجس

الماء المتنجس كلهم عن صفوان وهو ثقة متفق عليه. وقد تابعه الجلاح أبو كثير، فرواه عن سعيد بن سلمة. أيضًا أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، وأحمد بن عبيد الصفار في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك" والبيهقي في "السنن" و"المعرفة"، ورواه أحمد لكن وقع عنده الجلاح عن المغيرة، عن أبي بردة، عن أبي هريرة فلم يذكر سعيد بن سلمة، وزاد: عن أبي بردة، وهو وهم. والجلاح ثقة احتج به مسلم. وتابع سعيد بن سلمة أيضًا يحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن محمد القرشي، فروياه عن المغيرة بن أبي بردة، أخرجه الدارقطني في "العلل" والحاكم في

"المستدرك" من رواية يحيى بن سعيد، لكن اختلف عليه فيه اختلافًا كثيرًا، ذكره الدارقطني من رواية محمد بن يزيد، المذكور عن المغيرة بن أبي بردة. فالحديث صحيح كما قال جمع من الحفاظ بل فوق كثير مما صحّحوهُ. وفي الباب عن علي، وجابر، وعبد الله بن عمرو، وأبي بكر، وابن عباس، وأنس، والفِرَاسِيِّ وابن عمر، والعَرَكي، وعبد الله المدلجي. فحديث علي: رواه الدارقطني، والحاكم، كلاهما من رواية ابن عقدة الحافظ، ثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك، ثنا معاذ بن موسى، ثنا محمد بن

الحسين، حدثني أبي عن أبيه، عن جده، عن علي قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ماءِ البَحْرِ فقالَ "هُوَ الطهورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيتَتُهُ". ومعاذ بن موسى لم أجد له ترجمة. وحديث جابر: رواه أحمد، وابن ماجه، وصاحبه أبو الحسن ابن القطان والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية". كلهم من طريق إسْحاقَ بنِ حازِمٍ، عن عُبَيْدِ اللهِ بن مِقْسَم، عن جابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سُئِلَ عَنِ البَحْرِ، فقالَ: "هُوَ الطهُورُ مَاؤُهُ، الحَلالُ مَيْتَتُهُ". ومن هذا الوجه، أخرجه ابن حبان في "صحيحه" وقال ابن السكن: إنه أصح ما في الباب.

ورواه الطبراني، والدارقطني، والحاكم، من وجه آخر من رواية المعافى بن عمران، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر به. ورواه الدارقطني أيضًا من طريق مبارك بن فضالة، عن أبي الزبير وهو سند حسن أو صحيح. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: رواه الحاكم، من طريق الحكم بن موسى، ثنا معقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "ميتة البحر حلال وماؤه طهور". كذا وقع عنده عن الأوزاعي، وأقره الذهبي. وقد رواه الدارقطني من هذا الوجه أيضًا، من رواية الحكم بن موسى، عن معقل فقال عن المثنى، عن عمرو بن شعيب، والمثنى هو ابن الصبّاح، وهو متروك. ورواه الدارقطني من وجه آخر عن المثنى أيضًا عن عمرو بن

شعيب، فتعين أن رواية الحاكم وهم. وحديث أبي بكر: رواه الدارقطني، من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت، عن إِسحاق بن حازم الزيات، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، عن أبي بكر الصدّيق، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن البحر، الحديث. وقال الدارقطني عبد العزيز ليس بالقوي، وقد خالف في إِسناده؛ والصواب عن إسحاق بن حازم، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه ابن حبان في "الضعفاء"، من وجه آخر عن أبي بكر مرفوعًا، لكنه من رواية السَّرِيَّ بنِ عَاصِمٍ؛ قال ابن حبان يسرق الحديث ويرفع الموقوف. والصحيح عن أبي بكر موقوفًا أخرجه الدارقطني والبيهقي. وحديث ابن عباس: رواه الدارقطني، والحاكم، كلاهما من رواية سريج بن النعمان، عن حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن

عباس، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر فقال: "ماءُ البَحْرِ طَهُورٌ". قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وأقرّه الذهبي، لكن الدارقطني قال: الصواب أنه موقوف. قلت والموقوف خرجه أحمد من طريق عفان، عن حماد بن سلمة به في حديث طويل، وفيه: وسألته يعني ابن عباس عن ماء البحر، فقال: ماء البحر طهور. وحديث أنس: رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن الثوري، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ماء البحر قال: "الحلال ميتته الطهور ماؤه". ورواه الدارقطني من طريق محمد بن يزيد، عن أبان به، قال: أبان متروك. وحديث الفِرَاسِيِّ أو ابنِ الفِراسِيِّ: رواه ابن ماجه، عن سَهْلِ بنِ أبِي سَهْلٍ، عن يَحْيى بنِ بُكَيْرٍ، عن اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، عن جَعْفَرَ بنِ رَبِيعَةَ، عن بَكْرِ بنِ سَوادَةَ، عن مُسْلِمِ بنِ مَخْشِيًّ -كمهدي- عن ابنِ الفِرَاسِيٍّ قال: كُنْتُ أَصِيدُ وَكَانَتْ لِي قِرْبَة أجعَلُ فِيها ماءً، وَإنِي تَوَضَأت بِماءِ البَحْرِ فَذَكَرْتُ ذلكَ لِرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "هوَ الطَّهُور ماؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ". هكذا قال ابن ماجه: عن ابنِ الفِراسِىِّ. ورواه ابن عبد البر في "التمهيد"، من طريق أبي الزنباع روح بن الفرج القطان، عن يحيى بن بكير، وفيه عن مسلم بن مخشي، أنه حدثه أن الفراسي قال: كنت أصيد في البحر الأخضر على أرماث وكنت أحمل قربة لي فيها ماء، الحديث. قال عبد الحق في "الأحكام" (لم يروه فيما أعلم إِلّا مسلم بن مخشي، ولم

يروه عن مسلم إلّا بكر بن سوادة). قال ابن القطان تعقيبًا عليه: (وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع، فإن ابن مخشي لم يسمع من الفراسي، وإنما يرويه عن ابن الفراسي، عن أبيه يوضح ذلك ما حكاه الترمذي في علله (2)، قال: سألت البخاري عن حديث ابن الفِراسِيِّ في ماء البحر فقال: حديث مرسل؛ لم يدرك ابن الفراسي النبي - صلى الله عليه وسلم -. والفراسي له صحبة، قال فهذا كما نراه يعطي أن الحديث يروى عن ابن الفراسي أيضًا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يذكر فيه الفراسي. فمسلم بن مخشي إنّما يروي عن الابن، وروايته عن الأب مرسلة اهـ.). قلت: وكأنّ ابن القطان، لم يقف على سنن ابن ماجه التي فيها الرواية عن الابن. وقد نقل الحافظ في "التلخيص" كلام البخاري الذي سأله عنه الترمذي، ثم قال: (فعلى هذا كأنه سقط من الرواية عن أبيه، أو أن قوله: "ابن" زيادة، فقد ذكر البخاري، أن مسلم ابن مخشي لم يدرك الفِراسِيَّ نفسه، وإنما يروي عن ابنه، وأن الابن ليست له صحبة. وقد رواه البيهقي من طريق شيخ شيخ ابن ماجه، يحيى بن بكير، عن الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن مسلم بن مخشي، أنه حدثه أن الفراسي قال: كنت أصيد فهذا السياق مجود وهو على رأي البخاري مرسل). قلت: وفيه أمور: الأول: أن البخاري ذكر في باب الأبناء من "التاريخ الكبير" ابن الفراسي

وقال: (سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عنه مسلم بن مخشي)؛ وهذا يخالف ما نقل عنه الترمذي، وكأنه قال ما في التاريخ أولًا ثم نسي أو رجع إلى ما نقله عنه الترمذي، فإن التاريخ كتبه في بدايته، والله أعلم. الثاني: أن الذي وقع في رواية ابن ماجه، هو ابن الفراسي، ويجعل الحافظ ذلك كأنه من إسقاط وقع في الرواية، ولما قال المزي في "التهذيب": مسلم بن مخشي روى عن ابن الفراسي، عن أبيه، في ماء البحر، تعقبه الحافظ بقوله (إنما رواه عن الفراسي نفسه، وكذا هو في سنن ابن ماجه، وقد حكم ابن القطان بانقطاعه). وقال في "الإصابة" في ترجمة فراسي، (وذكره البغوي، وابن حبان بلفظ النسب كما هو المشهور. لكن صنيعه يقتضي أنه اسم بلفظ النسب، والمعروف أنه نسبه، وأن اسمه لا يعرف. والمعروف في الحديث عن ابن الفراسي عن أبيه، وقيل عن ابن الفراسي فقط وهو مرسل. وكذلك هو في سنن ابن ماجه)، ا. هـ. فهذا اضطراب من الحافظ -رحمه الله-. الثالث: قال ابن عبد البَر في "الاستيعاب": (الفراسي ويقال فراس وهو من بني فراس، بن مالك بن كنانة، حديثه عند أهل مصر. . . . يرويه الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشي، عن الفراسي، ومنهم من يقول عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وهذا يدل على أنه اختلاف من الرواة كما وقع سقط في سند ابن ماجه. وحديث ابن عمر: رواه الدارقطني من طريق إِبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن

دينار،، عن عبد الرحمن بن أبي هريرة، أنه سأل ابن عمر قال: آكل ما طفا على الماء، قال إن طافيه ميتة، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِن ماءَهُ طهورٌ وميتَتَة حِلٌّ". وإبراهيمُ بنُ يزِيدٍ وهو الخُوزِي -بالخاء المعجمة- وهو متروك. وحديث العَرَكي: رواه الطبراني في "الكبير" والبغوي في "المعجم" من رواية حميد بن صخر، عن عياش بن عباس القِتْباني عن عبد الله بن جرير، عن العركي، أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر فقال: "هوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الحِل مَيْتَتُة". وقال البغوي: صوابه: (حميد أبو صخر يعني بأداة الكنية، قال: وبلغني أن اسمه عبد ودّ. أما الطبراني فقال: اسمه عُبَيْد، بالتصغير)، وقال الحافظ نور الدين عن سند هذا الحديث إنه حسن. • وحديث عبد الله المدلجي: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبد الجبار بن عمر وهو ضعيف، لكن وقع في بعض طرق أبي هريرة السابقة الإِشارة إليها، من ذكر أن السائل عبد الله المدلجي، ومن جعله من روايته، وهو من أوجه الاختلاف الواقعة عن يحيى بن سعيد، في حديث أبي هريرة كما سبق.

37 - حديث أبي هريرة: "لَا يُبولَنَّ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدِائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِل فيه". أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وغيرهم من طرق عن أيي هريرة. وله عندهم ألفاظ.

38 - قوله: (وكذلك ما وَرَدَ في النَّهي عَنِ اغْتِسَالِ الجُنبِ في الماءِ الدَّائِمِ). مسلم، وابن ماجه من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَغْتَسِلُ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ" فقال رَجُلٌ كيفَ يفْعَلُ يا أبا هُرَيْرَةَ؟ قال: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا. وعند أحمد، وأبي داود من وجه آخر عنه: "لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائمِ وَلاَ يَغْتَسِلُ فيهِ مِنْ جَنَابَةٍ". * * * 39 - حديثُ أَنَسٍ: "أنَّ أعْرابِيًّا قامَ إلى ناحِيَةٍ مِنَ المَسْجِدِ فَبالَ فيها، فَصاحِ بِهِ الناسُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوهُ، فلمّا فَرَغَ أمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فصَبَّ عَلَيْهِ".

رواه أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار" من طرق متعددة. ورواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من

حديث أبي هريرة. ورواه ابن ماجه، من حديث واثلة بن الأسقع، وفيه عُبَيْد الله بن أبي حُمَيْد الهُذَلِي. قال البخاري منكر الحديث. ورواه الطحاوي، والدارقطني، كلاهما من طريق سمعان بن مالك، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، وفيه: "فأمر بمكانه فاحتفر" وسمعان بن مالك، قال الدارقطني، وابن خراش: مجهول. وقال أبو زرعة: حديثه هذا ليس بالقوي، ذكره ابن أبي حاتم في "العلل". ورواه بهذه الزيادة أبو داود، والدارقطني، من حديث عبدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ ابنِ مُقَرَّنٍ، وفيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا مَا بالَ عَلَيْهِ من التُرابِ فألقوهُ وأهريقُوا عَلى مَكانِهِ مَاءً"،. وقال أبو داود: (هو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -). وكذلك قال الدارقطني إنه تابعي والحديث مرسل.

ورواه الطحاوي، عن أبي بكرة بكار بن قتيبة، ثنا إِبراهيم بن بشار، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، في قصة الأعرابي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمر بمكانه أن يحفر". وهكذا رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن سفيان، وهو الصحيح عن سفيان. ورواه عبد الجبار بن العلاء عنه، عن يحيى بن سعيد، عن أنس، بالقصة وزيادة الحفر أيضًا. ولفظه: "أن أعرابيًا بال في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: احفروا مكانه ثم صبوا عليه ذنوبًا من ماء". أخرجه الدارقطني في "العلل"، عن يحيى بن صاعد، عن عبد الجبار المذكور، ثم قال الدارقطني: وهم عبد الجبار، على ابن عيينة، لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه، عن يحيى بن سعيد بدون الحفر، وإِنما روى ابن عيينة هذا، عن عمر بن دينار، عن طاوس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "احفروا مكانه"، مرسلًا. قال الحافظ: (وهذا تحقيق بالغ إِلا أن هذه الطريق المرسلة مع صحة إِسنادها إذا ضُمَّت إِلى أحاديث الباب أخذت قوة). * * * 40 - حديثُ أبي سعيد الخدري قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقال لَه: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الكِلابِ وَالمحَايِضُ وعِذَرُ النَّاسِ، فَقالَ

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن المَاءَ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيءٌ". قال ابن رشد: رواه أبو داود. قلت: ورواه أيضًا الشافعي، وأبو داود الطيالسي، وأحمد، والتّرمذي، والنسائي، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي. وهو مروي عن مجموعهم من طرق، أحسنها طريق أبي أسَامَةَ، عن الوَليدِ ابن

كَثيرٍ، عن مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عن عُبيْد اللهِ بنِ عَبْدِ الله بنِ رافِعِ بن خديج، عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيَّ، به رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن الجارود، والدارقطني. وقال أحمد: (قال أبو أسامة مرة عن عبيد الله بن عبد الرحمن)، وقال أبو داود: (قال بعضهم: عبد الرحمن)، وقال الترمذي، (هذا حديث حسن وقد جوده أبو أسامة، ولم يرو حديث أبي سعيد في بئر بضاعة، أحسن مما روى أبو أسامة). قلت: ورواه إبراهيم بن سعد، عن الوليد بن كثير، فقال حدثني عبد الله بن أبي سلمة، أن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري، به رواه أحمد في مسنده عن يعقوب بن إِبراهيم، عن أبيه. ورواه محمد بن إِسحاق، واختلف عليه فيه على أقوال: (الأول) عنه، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري. "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ من بئر بضاعة فقيل يا رسول الله: إنه يلقى فيها الجيف والمحايض، فقال: إن الماء لا ينجس"، رواه الطحاوي عن محمد بن خزيمة بن راشد ثنا الحجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق به. • (الثاني) عنه، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد، أخرجه أبو داود

الطيالسي في مسنده عن حماد بن سلمة أيضًا، عن ابن إِسحاق. • (الثالث) عنه، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد به، أخرجه الدارقطني من طريق يعقوبَ بنِ إِبراهيمَ ابن سَعْدٍ، عن أبيه، عن ابن إسحاق، ومن طريق عبيد الله بن سعد، حدثني عمي، ثنا أبي عن إِسحاق. • (الرابع) عنه، عن سليط بن أيوب بن الحكم الأنصاري، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد، أخرجه أحمد عن يعقوب بن إِبراهيم، عن أبيه، وأبو داود، وفي سنن البيهقي، من طريق محمد بن سلمة، والطحاوي، من طريق أحمد بن خالد الوهبي، كلهم عن ابن إِسحاق به. ولفظ هذه الرواية، عند أبي داود هو الذي ذكره ابن رشد. • (الخامس) عنه، عن سليط، عن عبد الله -مكبّر- ابن عبد الرحمن، رواه الدارقطني، والبيهقي.

• (السادس) عنه، عن سليط، عن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري، عن أبي سعيد. أخرجه الدارقطني، من طريق محمد بن معاوية بن مالج، عن محمد بن سلمة عن أبي إِسحاق. ورواه البيهقي، من طريق ابن وهب، عن مالك، عن ابن أبي ذئب، عمّن لا يُتَّهَم، عن عبد الله بن عبد الرحمن العدوي، عن أبي سعيد به. ورواه الشافعي في مسنده، عن الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن الثقة عنده عمن حدثه، أو عن عبيد الله بن عبد الله العدوي، عن أبي سعيد، والغالب في الثقة الذي حدث ابن أبي ذؤيب، هو ابن إِسحاق، فيكون هذا قولًا سابقًا له في اسم هذا الشيخ. وقد حكاه ابن القطان الفاسي قولًا لابن إِسحاق أيضًا وقال إِنه لا يعرف حاله على كل حال.

قلت: لكن للحديث مخرجان آخران من غير هذا الوجه: فرواه أحمد، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي، من طريق عَبْدِ العَزيزِ ابنِ مُسْلمٍ، عن مُطَرِّفِ بنِ طَرِيفٍ، عن خَالدِ بنِ أبِى نَوْفٍ، عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه، قال: "مررت بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتوضأ من بئر بضاعة. فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن. فقال: الماء لا ينجسه شيء" هكذا وقع عند أحمد، والطحاوي، ووقع عند النسائي والبيهقي زيادة في "الإِسناد" وهي عن خَالدِ بنِ أبِي نَوْفٍ، عن سَلِيطٍ، عن ابنِ أَبي سَعِيدٍ، عن أَبيهِ. والطريق الثاني؛ رواه أبو داود الطيالسي، والطحاوي، وابن عدي، والبيهقي، من رواية طريف بن سفيان عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: "كُنَّا مَعَ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَيْنَا عَلى غَدير فيهِ جِيفَةٌ، فَتَوَضَّأ بَعْضُ القَوْمِ وأمسَكَ بَعْضُ القَوْمِ

حَتى يَجِيءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجاءَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فِي أُخْرَياتِ الناسِ فَقالَ: تَوَضؤوا واشْرَبُوا فإِن الماءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءَ". قال البيهقي: طريق ليس بالقوي، إلا أني أخرجته شاهدًا لما تقدم. قلت: طريق ساقط متروك، كما قال أهل الجرح، والحديث بهذا السياق باطل موضوع، فإن الطرق الصحيحة، عن أبي سعيد مصرحة، بأنه مر على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتوضأ من بئر بضاعة، أو أنه قيل له إِنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهذا ادّعى أنّ ذلك كان في سفر وأنّه قيل في غدير. وفي الباب عن سهل بن سعد. أخرجه قاسم بن أصبغ في "مصنّفه"، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن في "مستخرجه على "سنن" أبي داود، وكلاهما من رواية محمد بن وَضاح، عن عبد الصمد بن أبي سكينة، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد قال: قالوا يا رسول الله! إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينجي الناس والمحايض والخبث. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء لا ينجسه شيء". قال قاسم هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة.

من طريق محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبيه، وقال الطحاوي: عن أمّه قالت: دخلنا على سهل في أربع نسوة فقال: لَوْ سَقَيْتُكُنَّ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَة لَكَرِهْتُمْ ذَلِكَ وَقَدْ سَقَيْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْها بِيَدِي. تبيه: حديث أبي سعيد، عزاه الحافظ إِلى أصحاب السنن، فاقتضى إِطلاقه، أنه عند جميعهم، حتى ابن ماجه، وقد صرح بعزوه إِليه جماعة تبعًا لهذا الإِطلاق، وليس هو عند ابن ماجه. وكذلك عزاه الحافظ أيضًا إِلى الحاكم وليس هو عنده أيضًا. ثم قال: (والحديث صححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم، ونقل ابن الجوزي، أن الدارقطني قال: إِنه ليس بثابت، ولم نر ذلك في "العلل" ولا في "السنن" وقد ذكر في "العلل"، الاختلاف فيه على ابن إِسحاق وغيره، وقال في آخر الكلام عليه: وأحسنها إِسنادًا، رواية الوليد بن كثير). قال الحافظ: (وأعلّه ابن القطّان بجهالة راويه عن أبي سعيد، واختلاف الرواة في اسمه، واسم أبيه، ئم قال ابن القطان: وله طريق أحسن من هذه)، ثم ذكر حديث سهل بن سعد السابق، من طريق قاسم بن أصبغ. وقال المارديني في "الجوهر النقي"، في حديث أبي سعيد الخدري: (راويه

عنه عبيد الله بن عبد الله بن رافع، مختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا بيّنه البيهقي فيما بعد، ومع الإِضطراب في اسمه لا يعرف له حال ولا عين، ولهذا قال أبو الحسن بن القطان: الحديث إذا تبين أمره تبين ضعفه). قلت: الحديث أشهر من أن يطعن فيه بجهالة راويه، لأنّه اشتهر بين العلماء في الصدر الأوّل، وتلقّوه بالقبول واحتجّوا به، وصححه الحفاظ الكبار الأئمة كأحمد، وابن معين، والترمذي، وله طرق، منها طريق سهل بن سعد، الذي أثبته منها ابن القطّان نفسه فلا وجه لكلام المارديني. * * * 41 - حديث عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: "سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ السِّبَاعِ والدَّوَابِّ فَقَالَ: إنْ كَانَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا" قال ابن رشد: خرّجه أبو داود، والترمذي، وصححه أبو محمد بن حزم.

قلت: كذا قال: (عن عبد الله بن عمر، عن أبيه)، والصواب عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. فالحديث من مسند عبد الله بن عمر، أخرجه أيضًا

الشافعي، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان،

والحاكم، والدارقطني، وأطال في طرقه، والبيهقي وجماعة.

الماء المتغير بالمخالطة

الماء المتغير بالمخالطة وصححه أيضًا الحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن مندة، وعبد الحق، وغيرهم.

وفي رواية ابن حبان والحاكم "إذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجَّسْهُ شَيْءٌ" وفي رواية لأبي داود، وابن ماجة "فإِنه لا ينجس". * * * 42 - حديث: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأُم عَطِيةَ عِنْدَ أمْرِهِ إيَّاهَا بِغَسْلِ ابْنَتِهِ، اغْسِلْنَهَا بِمَاء وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ".

الماء المستعمل

الماء المستعمل مالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري، ومسلم والأربعة،

سؤر المشرك والحيوان

سؤر المشرك والحيوان وجماعة من حديث أُمَّ عَطِيةَ. * * * 43 - قوله: "وَقَدْ ثَبَتَ أنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ أصحَابُهُ يَقْتَتِلُونَ على فَضْلِ وَضُوئِهِ".

أحمد، والبخاري، من حديث المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، في

حديث صلح الحديبية، وفيه "وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلى وَضُوئهِ". * * * 44 - حديث: "إذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أحَدِكمْ فَلْيُرِقْهُ وَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرّاتٍ". مسلم، والنسائي، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، كلهم

من رواية علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين، وأبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به هكذا بزيادة: "فليرقه". وقال النسائي: لا أعلم أحدًا تابع علي بن مسهر على قوله: "فليرقه"، وكذا قال ابن عبد البر: (لم يذكرها الحفّاظ من أصحاب الأعمش، كأبي معاوية، وشعبة). وقال ابن مندة: (لا تعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه، إلا عن علي بن مسهر). ولهذا قال حمزة الكناني: (إنها غير محفوظة). وتعقب الحافظ ذلك، بأنه قد ورد الأمر بالإِراقة أيضًا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه ابن عدي لكن في رفعه نظر. والصحيح أنه موقوف، وكذا ذكر الإِراقة حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفًا، وإِسناده صحيح. أخرجه الدارقطني وغيره. قلت: أما حديث حماد بن زيد، فأخرجه الدارقطني، من رواية عارم عنه، عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة، في الكلب يلغ في الإِناء قال: "يهراق ويغسل سبع مرات". ثم قال صحيح موقوف.

وأما حديث عطاء، فهو مع كونه موقوفًا مخالف للمعروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذكر تسبيع الغسل بل فيه تثليثه، فأخرجه الدارقطني من طريق إسباط بن محمد. ومن طريق إسحاق الأزرق، كلاهما عن عبد الملك -وهو ابن أبىِ سليمان- عن عطاء، عن أبي هريرة قال: "إذَا وَلَغَ الكَلْبُ في الإِناءِ فَاهْرِقْهُ، ثُمَّ اغْسِلْهُ ثَلاثَ مَراتً" قال الدارقطني: (هذا موقوف، ولم يروه هكذا غير عبد الملك، عن عطاء). وقال البيهقي في "المعرفة": (لم يروه غير عبد الملك، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات، وقد رواه محمد بن فضيل، عن عبد الملك من فعل أبي هريرة، ولمخالفة أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج، فلم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في "الصحيح"، وحديثه هذا مختلف عليه فيه، فروي عنه من قول أبي هريرة وروي عنه من فعله فكيف يجوز روايته الحفاظ الثقات الأثبات من أوجه كثيرة، لا يكون مثلها غلطًا برواية واحد قد عرف بمخالفته الحفاظ). قلت ورواية محمد بن فضيل خرّجها الدارقطني من رواية هارون بن إسحاق عنه، عن عبد الملك، عن عطاء عن أبي هريرة "أنه كان إذا ولغ الكلب في الإناء أهرقه وغسله ثلاث مرات". والحديث بدون ذكر الإِراقة، خرّجه مالك عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعْرجِ عن أبي هُرَيرة مرفوعًا، "إِذَا شَرِبَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَراتٍ".

ومن طريق مالك رواه الشافعي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وآخرون، وقيل إن مالكًا انفرد بقوله: "شرب". فقد رواه ابن عيينة والناس بلفظ إذا ولغ وهو المعروف من رواية جمهور أصحاب أبي هريرة، وممن قال ذلك: ابن عبد البر، لكن تعقّبه الحافظ، بأن (ابن خزيمة، وابن المنذر، روياه من طريقين عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين عن أبي هريرة: "بلفظ إذا شرب". قال: لكن المشهور عن هشام بن حسان، بلفظ اذا ولغ. وكذا خرّجه مسلم وغيره، من طرق عنه، وقد رواه عن أبي الزناد شيخ مالك، بلفظ (إذا شرب): ورقاء بن عمر، أخرجه الجوزقي. وكذا المغيرة بن عبد الرحمن، أخرجه أبو يعلى. نعم وروي عن مالك، بلفظ إذا ولغ، أخرجه أبو عبيد في كتاب "الطهور" له عن إسماعيل بن

عمر عنه، ومن طريقه أورده الإسماعيلي. وكذا أخرجه الدارقطني في "الموطآت" له من طريق أبي علي الحنفي، عن مالك وهو في نسخة صحيحة من "سنن" ابن ماجه، من رواية رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ، عن مَالكٍ أيضًا. وكان أبو الزِّنَادِ حدث به باللفظين لتقاربهما في المعنى لكن الشرب كما بيّنا أخص من الولوغ فلا يقوم مقامه) ا. هـ. * * * 45 - قوله: "وفي بعض طرقه: أُولَاهُن بالتُّراب". قلت: أخرجه أحمد، ومسلم، وأبَو داود، والترمذي، والنسائي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من أوجه عن ابنِ سِيرِينَ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ، أن يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَراتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرابِ".

ورواه النسائي والدارقطني، والبيهقي، كلهم من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة مثله. وصححه الدارقطني، وقال البيهقي: (هذا حديث غريب إن كان حفظه معاذ فهو حسن؛ لأن التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة، غير ابن سيرين، عن أبي هريرة، وإِنما رواه غير هشام، عن قتادة، عن ابن سيرين كما سبق). قلت: وقد روى التراب عن أبي هريرة الحسن أيضًا. أخرجه الدارقطني من رواية خالد بن يحيى الهلالي، ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة ويونس عن الحسن عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، وسنده لا بأس به. * * * 46 - قوله: "وفي بعض طرقه: وَعَفَّرُوهُ الثَّامِنَةَ بالتُّرابِ". أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه،

والدارقطني والبيهقي، من حديث عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ قال: "أَمَرَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِ الكِلابِ، ثُمَّ قَالَ ما بَالُهُمْ وبَالُ الكِلابِ؟ ثُمَ رَخَّصَ في كَلْبِ الصَّيْدِ، وَكَلْبِ الغَنَمِ، وقَالَ: إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرْاتٍ، وعَفَّرُوهُ الثَامِنَةَ بِالتُّرابِ". * * * 47 - حديث: قُرَّة، عن ابنِ سيرينَ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طَهُورُ الإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيه الهِرُّ أنْ يُغْسَلَ مَرَّةً أوْ مَرتَيْنِ" قال ابن رشد: وقرّة ثقة عند أهل الحديث. قلت: رواه الطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني، والحاكم،

والبيهقي، كلهم من رواية أبي عاصم، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طهور الإِناء إذا ولغ الكلب أن يغسل سبع مرات الأولى بالتراب والهرة مرة أو مرتين". قرة يشك، قال أبو بكر النيسابوري، شيخ الدارقطني، كذا رواه أبو عاصم مرفوعًا ورواه غيره عن قرة ولوغ الكلب مرفوعًا، وولوغ الهرة موقوفًا. قلت: والذي فصل ذلك، علي بن نصر الجهضمي، كما ذكره الحاكم فقال: (وقد شفى عليّ بن نصر الجهضمي عن قرة في بيان هذه اللفظة). ثم أخرج من طريقه عن قرة، فذكر الحديث مرفوعًا إلى قوله: "أولاهن بالتراب"، ثم ذكر أبو هريرة الهر، لا أدري قال مرة أو مرتين، قال نصر بن علي، وجدته في كتاب أبي في موضع آخر، عن قرة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة في الكلب مسندًا، وفي الهرة موقوفًا. وقال البيهقي: (ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن بكار بن قتيبة، عن أبي عاصم، والهرة مثل ذلك، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة، إلا أنه أخطأ في

إدراج قول أبي هريرة في الهرة في الحديث المرفوع في الكلب. وقد رواه علي بن نصر الجهضمي، عن قرة، فبيّنه بيانًا شافيًا). ثم أخرجه كما سبق، عن الحاكم، ثم قال: (ورواه مسلم بن إبراهيم، عن قرة موقوفًا في الهرة). وأخرج هو والدارقطني، والحاكم، كلهم من حديث مسلم بن إبراهيم، ثنا قرة، ثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة في الهر، يلغ في الإناء: "يُغْسَل مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ". قلت: وقد رواه معتمر بن سليمان، عن أيوب عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. واختلف عليه فيه أيضًا في رفعه ووقفه؛ فرواه الترمذي عن سَوَّارِ بنِ عبد اللهِ، ثنا المُعْتَمِرُ به مرفوعًا: "يُغْسَلُ الإنَاءُ إذَا وَلَغَ فِيهِ الكلْبُ سَبْعَ مَراتٍ: أُولَاهُنَّ أَو أُخْرَاهُنَّ، بالتُّرابِ، وَإذَا وَلَغَتْ فيهِ الهِرَّةُ غُسِلَ مَرةً". قال الترمذي: (حديثٌ حَسَنٌ صحيح .. وقد رُوِيَ من غير وَجْهٍ عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يذكر فيه الهرة). ورواه أبو داود عن مُسَدَّد، حدثنا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمانَ به، فلم يرفعه، وزاد: (إِذَا وَلَغَ الهِرُّ غُسِلَ مَرَّةً). والحاصل أنه اختلف على رواة هذا الحديث، في رفع ذكر الهرة ووقفه، والصحيح الذي رواه الأكثرون الوقف في ذكر الهرة، والرفع في ذكر الكلب. وفصّله

علي بن نصر الجهضمي، وقد أطال في بيان ذلك البيهقي في "السنن" و"المعرفة"، ثم قال: (وقد رُوِيَ عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو حجّة عليه في فتياه في الهرة إن صح ذلك، وإلا فهو محجوج بما تقدّم من حديث أبي قتادة، وعائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقال الحاكم بعد رواية مسلم بن إبراهيم، عن قرة موقوفًا في الهرة: (فقد ثبت الرجوع في حكم الشريعة الى حديث مالك بن أنس في طهارة الهرة). وقال النووي في "شرح المهذب": (ذكر الهرة ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو مدرج في الحديث، من كلام أبي هريرة موقوفًا عليه، كذا قاله الحفاظ. وقد نقل البيهقي وغيره ذلك، ونقلوا دلائله وكلام الحفاظ فيه. . . . قال البيهقي: وزعم الطحاوي، أن حديث أبي هريرة صحيح ولم يعلم أنّ الثقة من أصحابه ميّزه من الحديث، وجعله من قول أبي هريرة). * * * 48 - حديث: "سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، عَنِ الحِيَاضِ التي بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ يَردُها الكِلابُ

وَالسِّبَاعُ فقال: لَهَا مَا حَمَلَتْ في بُطُونِها ولَكُمْ ما غَبَرَ شَرابًا وَطَهُورًا". ابن ماجه (1)، ثنا أبو مُصْعَبٍ المَدَنِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحمنِ بنِ زَيدِ بنِ أَسْلَمَ، عن أبيهِ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، سُئِلَ عن الحِياضِ التي بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينةَ تَرِدُها السِّباعُ والكِلابُ، والحُمُرُ، وعَنِ الطَّهارَةِ مِنْهَا؟ فقال: "لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونها وَلَنا ما غَبَر طَهُورٌ". ورواه البيهقي من طريق ابن أبي أويس عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به، ثم قال: (هكذا رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن. ورواه ابن وهب، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة؛ وعبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بأمثاله). قلت: ورواه سعيد بن منصور عنه أيضًا فقال عن أبيه مرسلًا، إن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله! إن هذه الحياض وذكره. * * * 49 - قوله: (ونحو هذا حديث عمر، الذي رواه مالك في "الموطأ" الخ. هو أثر موقوف على عمر، فكان حقه أن يقول الأثر لا الحديث.

رواه مالك عن يَحيْى بنِ سَعيدٍ، عن مُحمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيْمِيَّ، عن يَحيْى بنِ عبدِ الرحمن بن حَاطِب: "أَنَّ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ خَرَجَ في رَكبِ فيهِم عَمْرُو بنُ العَاصِ، حتى وَرَدُو حَوْضًا، فَقَال عَمْرُو بنُ العَاصِ لِصاحبِ الحَوضِ: يا صاحِبَ الحَوْضِ، هَلْ تَرِدُ خَوْضَكَ السَّبَاعُ؟ فقالَ عُمَرُ بنُ الخطابِ: يا صَاحِبَ الحَوْضِ لا تُخْبِرْنَا فَإنَّا نَرِدُ عَلى السِّبَاعِ وتَردُ عَلَيْنَا". * * * 50 - حديث أبي قتادة: "أنَّ كَبْشةَ سَكبَتْ لَة وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرةَ لِتشرَبَ، فَأصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، ثمَّ قالَ: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: إنَّها لَيْسَتْ بِنَجس، إنَّما هىَ مِنَ الطَوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَوَّافَاتِ". قال ابن رشد: (خرّجه مالك) قلت: وكذا الشافعي، وأحمد، وأبو

داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، وأبو

يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي،

(وصححه البخاري، والترمذي، والعقيلي، والدارقطني) والحاكم.

51 - قوله: (فَإِنَّ هذا العدَد، يَعْني السَّبْع، قد اسْتُعْمِلَ في الشَّرْعِ في مَواضِعَ كَثِيرةٍ في العِلاجِ والمُداواةِ مِنَ الأَمْراضِ". قلت: من ذلك حديث سَعْدِ بن أبي وَقّاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَصبَّحَ بِسَبْعِ تَمْراتٍ مِنْ تمْرِ العالِيَةِ لمِ يَضُرُّهُ ذلكَ اليَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ". رواه البخاري، ومسلم، وفي لفظ "مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمْراتٍ عَجْوَةٍ".

وحديث عائشة -رضي الله عنها-، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه: "هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعَ قُرَبٍ" رواه البخاري (1). وحديث سعد قال: "مَرِضْتُ مَرَضًا، فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، حَتى وَجَدْتُ بَرْدَهَا على فُؤَادي وقَال لي: إِنَّكَ رجل مَفؤُودٌ فَأْتِ الحارِثَ بنِ كَلَدَةَ مِن ثَقِيفٍ، فإِنّه رَجُلٌ يَتَطبَّبُ، فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمْراتٍ مِنْ عَجْوَةِ المَدِينَةِ، فَلْيَجأهُنَّ بِنَواهُنَّ ثمّ لِيَلدَّكَ بِهِنَ" رواه أبو داود. وجاء ذكر السبع أيضًا في الرقية والتعويذ في أحاديث. أما اعتبار السبع في غير المداواة فكثير جدًا، أفرد بالتأليف. وللحافظ السيوطي جزء سماه " تشنيف السمع بتعديد السبع". قال الحافظ في "الفتح": (ما جاء

من هذا العدد، في معرض التداوي فذلك لخاصية لا يعلمها إلا الله أو من أطلعه على ذلك، وما جاء منه في غير معرض التداوي، فإِن العرب تضع هذا العدد موضع الكثرة وإِن لم ترد عددًا بعينه). * * * 52 - قوله: "فَيَكُون لهذا مِنْ بابِ ما وَرَدَ في الذُّبابِ إذا وَقَعَ في الطعامِ أنْ يُمْقَلَ). أحمد، والدارمي، والبخاري، وأبو داود، وابن ماجه، وابن

سؤر الرجل والمرأة المسلمين

سؤر الرجل والمرأة المسلمين خزيمة، وابن حبان، والطحاوي في "مشكل الآثار" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إِذَا وَقَعَ الذُّبابُ في إِناءِ أَحدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ في أَحدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وفي الآخَرِ شِفَاءً، وَإنَّهُ يَتَقي بِجَنَاحِهِ الذي فيهِ الدّاءُ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ". لفظ أبي داود، ولم يذكر البخاري، وابن ماجه: وأنه يتقي. ورواه ابن ماجه، وابن حبان، والطحاوي، وجماعة، من حديث أبي

سعيد الخدري مرفوعًا: "في أَحدِ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ، وفي الآخَرِ شِفَاءٌ، فإِذَا وَقَعَ في الطّعامِ فَامْقلُوهُ، فإنَّهُ يُقَدَّمُ السُّمَّ ويؤخِّرُ الشَّفَاءَ". * * * 53 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من الجنابة هو وأزواجه من إناء واحد". متفق عليه من حديث عائشة قالت: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أنا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - من إِنَاءٍ واحِدٍ تَخْتَلِفُ أيدينا فيهِ مِنَ الجَنَابَةِ". ومتفق على مثله أيضًا من حديث أُمِّ سَلَمَة، ومَيْمُونَةَ -رضي الله عنهما-.

54 - حديث مَيْمُونَةَ: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَلَ مِنْ فَضْلِهَا". أبو داود الطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، من رواية شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأ بِفَضْل غسلها من الجنابة". وقال الطيالسي: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اغْتَسَلَ -أوْ قَالَتْ- تَوَضَّأ بِفَضْل غَسْلِهَا مِنَ الجَنَابَةِ". ورواه أحمد، ومسلم، والبيهقي، من حديث ابن جريج، عن عمرو بن دينار، قال: أكبر علمي، والذي يخطر على بالي أنّ أبا الشعثاء أخبرني، أن ابن عباس أخبره "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة". وقد أُعِلَّ بعدم ضبط الراوي، وتَرَدُّدٍ فيه، وَرُدَّ بأنَّه ورد من طريق أخرى بلا

تردد، وأُعِلَّ أيضًا بالمخالفة، وأن المحفوظ، ما رواه الشيخان من حديثه، "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَيْمُونَةَ كانَا يَغْتَسِلانِ مِنْ إِناءٍ واحِدٍ". وأخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن الجارود، والدارقطني، من حديثه أيضًا قال: "اغْتَسَلَ بَعْضُ أزْوَاجِ النّبي - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنَةٍ، فجاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لِيَتَوَضأَ مِنْهَا -أوْ يَغْتَسِل- فَقالَتْ: يا رسول الله: إِنّي كُنْتُ جُنُبًا، فقالَ: إن الماء لا يُجْنِبُ". وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وغيرهما. وأعلَّ هذا أيضًا سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، راويه عن عكرمة لأنه كان يقبل التلقين، ورُدَّ

برواية شعبة له وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم. * * * 55 - حديث الحَكَمِ الغِفَارِي: "أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يَتَوَضَّأ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ المَرْأةِ". قال ابن رشد: خرّجه أبو داود، والترمذي. قلت: وكذا الطيالسي، وأحمد، والبخاري في "التاريح الكبير" والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار" والبيهقي، كلّهم

من روايةِ شُعْبَةَ، عن عَاصِمٍ الأحْوَلِ قال: سمعت أبا حَاجِبٍ يُحَدِّث عن الحَكَمِ بنِ عَمْروٍ الغفاري به. وقال أبو داود الطيالسي "إِن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة أو قال بسؤرها". وأكثرهم رواه من طريقه بل كلهم، الا أن أحمد، والترمذي، والبيهقي، رووه أيضًا من غير طريقه [إلا الطحاوي فلم يروه من جمعتهم]. وقال الترمذي حديث حسن. وقال ابن ماجه بعد روايته حديث عبد الله بن سَرْجِسَ الآتي بعد هذا: (الصحيح هو الأول -يعني حديث الحَكَم- والثاني وهم) يريد حديث عبد الله بن سَرْجِسَ؛ لأنه أيضًا من رواية عاصم الأحول عنه. وصححه أيضًا ابن حبّان، فأخرجه في صحيحه.

لكن البيهقي أَعلَّهُ بالاضطراب في السند والمتن، ثم قال: (وبلغني عن الترمذي أنه قال: سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح) ثم أسند عن الدارقطني أنه قال: (اختلف فيه، فرواه عمران بن حدير، وغزوان بن جرير السدوسي عنه موقوفًا، من قول الحكم غير مرفوع إلى النبىّ - صلى الله عليه وسلم -). وقال النووي، (اتفق الحفاظ على تضعيف هذا الحديث). كذا قال: وهو غريب مع ما سبق من تحسين الترمذي، وتصحيح ابن ماجه، وابن حبان. * * * 56 - حديثُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِس قال: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْل المَرْأةِ، والمَرْأةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، ولكن يَشْرَعانِ مَعًا".

ابن ماجه، والطحاوي، والعقيلي في "الصحيح" والدارقطني، وابن حزم كلهم من طريق، معلى بن أسد، ثنا عبد العزيز بن المختار، ثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن سَرْجِسَ به، وقال ابن ماجه: (هذا وهم. والصواب حديث الحكم بن عمرو). وقال الدارقطني: (خالفه شعبة)، ثم أخرج من طريقه عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس، من قوله. ثم قال: وهذا موقوف صحيح وهو أولى بالصواب.

ورواه البيهقي من طريق إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبد العزيز بن المختار به، ثم قال: كما قال الدارقطني، بعد أن أسنده من طريقه، ثم قال: (وبلغني عن أبي عيسى الترمذي، عن البخاري أنه قال: حديث عبد الله بن سرجس، الصحيح أنه موقوف ورفعه خطأ).

الوضوء بنبيذ التمر

الوضوء بنبيذ التمر قلت: وليس كذلك بل رفعه صواب. وادعاء مخالف للقواعد، مع أنه دعوى مجردة عن الدليل، فإِن الذي رفعه ثقة من رجال الصحيح، فزيادته مقبولة مقدمة على رواية من وقفه. لاسيما وقد رواه أحمد وأبو داود، والنسائي؛ والطحاوي، من طريق دَاود بنِ عَبْدِ اللهِ الأوْديِّ، عن حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرحمن الحِمْيَرِيِّ قال: "لقيت رجلًا صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تَغْتَسِلَ المَرْأةُ ويَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ المَرأةِ وَلْيَغْتَرِفا جَميعًا". فالظاهر أن هذا الرجل هو عبد الله بن سرجس، لأن المتن واحد، فتكون متابعة صحيحة على رفعه، فالحديث صحيح مرفوع ولابد.

57 - حديث ابن عباس "أنَّ ابنَ مَسْعُودٍ خَرَجَ مَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الجِنِّ، فسَألَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: هل مَعَكَ مِنْ مَاءٍ؟ فقال: مَعيِ نَبيذٌ في إدَاوَتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اصْبُبْ. فَتَوَضَّأ بِهِ، وَقَالَ: شَرَابٌ وَطَهُورَ". أحمد، وابن ماجه، والبزار، والطحاوي في "معاني الآثار"، والطبراني في "الكبير" والدارقطني، كلُّهم من رواية ابنِ لَهيعَةَ، ثنا قَيْسُ بن الحَجَّاجِ، عن حَنشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عن عبدِ الله بنِ عَبَّاس. فأما الطحاوي، وابن ماجه، فوقع عندهما كما قال ابن رشد، أن ابن مسعود، فجعلاه من مسند ابن عباس، وأما الباقون فقالوا عن ابن عباس، عن عبد الله بن مسعود فجعلوه من مسنده وهو الصواب لأن ابن عباس لم يحضر القصة ولا كان وقتها من أهل الرواية، وقال الدارقطني: (تفرد به ابن لهيعة وهو ضعيف). وقال البزار (هذا حديث لا يثبت؛ لأن ابن لهيعة

كانت كتبه قد احترقت، وبقي يقرأ من كتب غيره، فصار في أحاديثه مناكير، وهذا منها. قلت: وهذا كلام فيه تحامل وبعد عن الانصاف، فابن لهيعة إمام حافظ، وهو وإن وقع فيه الغلط والخطأ الذي لا ينكر لأجل ذلك الاحتراق، فقد احتج به أهل الصحيح، كمسلم، وابن خزيمة، والحاكم، وصححوا له ما توبع عليه، كهذا الحديث بل ما لا يبلغ عشر متابعاته فإنها كثيرة جدًا كما سأذكره. * * * 58 - حديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن مسعود بمثله، وفيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "تمرة طيبة وماء طهور". أحمد، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، والطحاوي، من طريق أبي عمر الحوضي، والدارقطني، من طريق عبدِ العزيزِ بنِ أبي رِزْمَةَ، كلهم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن

قال له: "أَمعَكَ مَاء؟ قُلْتُ: لا، قالَ: أَمَعَكَ نَبِيذٌ؟ قُلْتُ: نعم، فتوضأ به" وقال الدارقطني: (لا يثبت، عليّ بن زيد ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مُصَنَّفات حماد بن سلمة -قال- وعبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ ليس بالقوي. قلت: لا يلزم من عدم وجود الحديث في "مصنف" حماد، أن لا يكون حماد حدّث به، إذ ليس كل أحاديثه أودعها مصنفه. وقد رواه عنه ثلاثة من الثقات، اثنان منهم من رجال الصحيح: أبو عمر الحوضي، وأبو سعيد مولى بني هاشم، والثالث وهو عبد العزيز الذي قال عنه الدارقطني، أنه ليس بقوي، وثّقه ابن سعد، وابن قانع، وابن حبان، وقال الحاكم: (كان من كبار مشايخ المراوزة وعلمائهم)، ولهذا قال ابن دقيق العيد في "الإمام": (هذا الطريق أقرب من طريق أبي فزارة -يعني الآتي وإن كان طريق أبي فزارة أشهر، فإنّ عليّ بن زيد وإن ضعف، فقد ذكره بالصدق. قال وقول الدارقطني، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، لا ينبغي أن يفهم منه أنه لا يمكن إدراكه وسماعه منه، فإن أبا رافع الصايغ جاهلي إسلامي قال ابن

عبد البر هو مشهور، من علماء التابعين .. كان أصله من المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، روى عن أبي بكر وعمر، وابن مسعود، عظم روايته عن عُمَرَ وأبي هريرة، ومن كان بهذه المثابة، فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة اللهم إلا أن يكون الدارقطني، يشترط في الاتصال ثبوت السماع ولو مرة، وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذهب). * * * 59 - قوله: "وردَّ أهلُ الحديثِ هذا الخبر، ولم يقبلوه لضعف رواته، ولأَنَّهُ قد رُوِيَ من طرق أوثَقَ مِن هذه الطريق أن ابنَ مَسْعُودٍ لم يَكن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الجِنِّ". قلت: ورد ذلك من طريق علقمة، ومن طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود فطريق علقمة، رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني،

وغيرهم من رواية إبراهيم، ومن رواية الشعبي عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود، من كان منكم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن فقال: ما كان معه منا أحد، وقال الدارقطني (2) هذا الصحيح عن ابن مسعود. وطريق أبي عبيدة، رواه يعقوب بن سفيان في مسنده، والدارقطني، والبيهقي، من رواية عمرو بن مرة قال: "سألت أبا عبيدة بن عبد الله، أكان عبد الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال: لا". قلت: وهذا الخبر مُشْكِلٌ جدًا، فإِن وجود ابن مسعود مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورد عن ابن مسعود من طرق بلغت حد التواتر، فقد وجدنا ذلك عنه من رواية عشرين رجلًا: في مقدمتهم علقمة، الذي رووا عنه إنكار ابن مسعود، ثم عبيدة السلماني، وأبو رافع، وابن عباس، وأبو الأحوص، وعليّ بن رباح، وأبو عثمان النهدي، وعمرو البركالي، وأبو وائل، وأبو ظبيان، وأبو زايد، وأبو عبد الله الجدلي، وأبو عثمان بن سَنَّة، وأبو المعلى، وأبو الجوزاء، وميناء، وعمران بن أبي أنس، وعكرمة، وقتادة، وعبد الله بن عمرو بن غيلان.

1 - فرواية ابن عباس، 2 - وأبي رافع سبق ذكرهما. 3 - ورواية علقمة عند الترمذي. 4 - ورواية عبيدة، 5 - وأبي الأحوص، خرجهما الدارقطني. 6 - ورواية علي بن رباح، خرّجها البيهقي في "دلائل النبوة" بسند حسن. 7 - ورواية أبي عثمان النهدي، خرجها الترمذي في "الأمثال" من جامعه. 8 - ورواية عمرو البركالي خرّجها أحمد، وأبو نعيم في "دلائل النبوة". والطحاوي في: "الرد على الكرابيسي". 9 - ورواية أبي وائل خرّجها الدارقطني بسند ساقط.

10 - ورواية أبي ظبيان، خرّجها إسحاق بن راهويه، والطحاوي في "الرد على الكرابيسي" من رواية جرير بن عبد الحميد عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن مسعود، وقال الطحاوي: (ما علمنا لأهل الكوفة حديثًا يثبت أن ابن مسعود كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن مما يقبل مثله إلا هذا)، ا. هـ. وليس كما قال بل سبق ما هو مثله أو أحسن. 11 - ورواية أبي زيد خرّجها أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي وجماعة، من رواية أبي فزارة العبسي، ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث، عن عبد الله بن مسعود بالقصة. وهذه الطريق هي أشهر طرقه كما سبق، وقد ضعفوها، بأن أبا زيد المذكور مجهول لا يعرف، كما قال البخاري، وابن عدي، وأبو أحمد الحاكم وأبو زرعة وأبو حاتم، والترمذي، وغيرهم بل اتفقوا

على ذلك، وقال أبو داود: (إنه كان نباذًا بالكوفة)، وزاد أبو حاتم: (أنه لم يلق عبد الله بن مسعود)، وقال النووي: (هو حديث ضعيف بإجماع المحدثين). 12 - ورواية أبي عبد الله الجدلي، خرّجها أبو نعيم في "دلائل النبوة". 13 - ورواية أبي عثمان بن سَنَّة -بفتح السين المهملة- خرّجها ابن جرير في

"التفسير" وأبو نعيم، والبيهقي، كلاهما في "الدلائل". 14 - ورواية أبي المعلى، خرّجها أبو نعيم أيضًا ورجالها ثقات، إلا أن أبا المعلى، لم يدرك ابن مسعود، بل يروي عن أصحابه. 15 - ورواية أبي الجوزاء خرّجها البيهقي في "الدلائل" وقال البخاري: إن أبا الجوزاء، لم يسمع من ابن مسعود. 16 - ورواية ميناء، خرّجها أحمد في "المسند"، وأبو نعيم في "الدلائل" من طريقه، وميناء تكلموا فيه للتشيع.

17 - ورواية عمران بن أبي أنس، خرّجها أبو نعيم أيضًا. 18 - ورواية عكرمة، خرّجها ابن أبي حاتم في "التفسير" وهي رواية مهملة. 19 - ورواية قتادة، خرّجها ابن جرير، وابن أبي حاتم في "تفسيريهما" وهي مهملة أيضًا. 20 - ورواية ابن غيلان، خرّجها ابن جرير أيضًا، من طريق معمر بن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن عمر بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود: حدثت أنك كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة وفد الجن، قال: أجل، الحديث. فهذه طرق متعددة كلها مصرحة بأن ابن مسعود، كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وفي أكثرها التصريح عنه بذلك، وفيها ما هو صحيح وما هو حسن، مما لا يمكن رد جميعه، ولا تكذيب أولئك الثقات ولا الضعفاء أيضًا، لأن الأمر أشهر من ذلك، والرواة أكثر من أن يتفق جميعهم على الكذب أو الغلط، وقد جمع بين هذا، وبين الأذكار المنقول عنه، من طريق علقمة، بأنه لم يكن حاضرًا معه مع الجن أنفسهم، لأنه خط عليه وتركه، وذهب إليهم، وهو جمع حسن، وقال بعضهم: إن ابن مسعود قال: لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد غيره، فوهم الراوي وقال لم يكن معه منا أحد ولم يزد غيري. ثم رواه الناس بالمعنى فقالوا في رواية: أكنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فقال لا وهذا أقرب الأقوال، وأحسنها، لو ثبت به النقل، ولكنه دعوى مجردة، وإِن كان الحكم بالوهم على علقمة في سماعه أو غيره أولى من تكذيب أمّة من الناس والعلم

عند الله تعالى. * * * 60 - حديث: "الصَّعيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ، وَإنْ لَمْ يَجِدِ الماءَ عَشْر حِجَجٍ، فَإِذَا وَجَدَ الماء فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ".

الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث أبي ذر. صححه أبو حاتم الرازي، وابن حبان، والحاكم، وحسّنه

الترمذي، وأعله ابن القطان، فلم يصب لاندماج ما أعله به من الاضطراب. ورواه البزار، والطبراني، في "الأوسط" من حديث أبي هريرة بسند

صحيح. تنبيه: عن الحافظ في "التلخيص" حديث أبي ذر، لأبي داود، والنسائي، وباقي أصحاب السنن، وتبعه الشوكاني، فصرح بعزوه لابن ماجه، والواقع أنه لم يخرجه إلا الثلاثة من أصحاب السنن دون ابن ماجه.

الباب الرابع: من نواقض الوضوء

الباب الرابع: من نواقض الوضوء الأصل فيه 61 - حديث: "لَا يَقْبَلُ الله صَلاَةَ مَنْ أحْدَثَ حَتًى يَتَوَضَّأ" تقدّم. * * * 62 - قوله: "واتَّفَقوا في هذا الباب على انْتِقاضِ الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ والغائِطِ والرّيح والمَذْيِ والودْيِ لِصِحَّةِ الآثارِ في ذلك".

الوضوء مما يخرج من الإنسان من النجاسات

الوضوء مما يخرج من الإنسان من النجاسات • قلت: أما البول والغائط، فتقدما في حديث صفوان بن عسال في المسح على الخفين. • وأما الريح، فعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال]: "لا وُضوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أوْ رِيحٍ". أخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وقال الترمذي: (حسن صحيح). وقال البيهقي: (هذا حديث ثابت قد اتفق الشيخان على إخراج معناه، من

حديث عبد الله بن زيد). قلت: يريد قوله: "شُكِيَ إلى النبىّ - صلى الله عليه وسلم -، الرجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنَّهُ يَجِدُ الشَيْءَ في صَلاتِهِ، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وجماعة.

وعن أبي سعيد الخدري قال: سئل النبىّ - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه في الصلاة فقال: "لا يَنْصَرِفُ حَتّى يَسْمَعَ صَوْتًا أو يَجِدَ رِيحًا". رواه أحمد، وابن ماجه، واللفظ له، وابن حبان، والحاكم، بسياق آخر.

وعن السائب بن يزيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ". رواه ابن ماجه، وفي الباب عن جماعة. • وأما المذي، فَعَنْ عليَّ -عليه السلام- قال: "كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكانِ ابْنَتِهِ، فَأمَرْتُ المِقْدَادَ، فَسَألَهُ، فَقَالَ: يَغْسِل ذَكَرَهُ، وَيتَوَضَّأُ"، رواه مالك، والبخاري، ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.

وعن سَهْلِ بن حُنَيْف قال: "كُنْتُ أَلقَى مِنَ المَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً، وكُنْتُ أُكْثِرُ مِنَ الاغْتِسَالِ، فَسَألْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: إنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذلِكَ الوُضُوءُ"، رواه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن خزيمة،

وأبو يعلى، والطبراني، وقال الترمذي: حسن صحيح. • وأما الودي، فلم أجد له ذكرًا في المرفوع، وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والطحاوي، عن ابن عباس قال: "هو المني والمذي والودي. فأما المذي والودي فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، وأما المني ففيه الغسل". وأخرج الطحاوي، عن الحسن في المذي والودي، قال يغسل فرجه ويتوضأ وضوءهُ للصلاة ..

63 - حديث ثوبان: "أنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَاءَ فَتَوَضَّأ". الترمذي، عن أبي عُبَيْدَةَ بنِ أبي السَّفَرِ، وَإِسْحاقَ بنِ مَنْصورٍ كلاهما، عن عبدِ الصَّمَدِ ابنِ عبدِ الوارِثِ، عن أبيه، عن حُسَيْنٍ المُعلَّمِ، عَنْ يَحْيى بنِ أبي كَثِيرٍ قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد المخزومي، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَاءَ فَتَوَضَّأَ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَذَكَرْتُ ذلكَ لَهُ فَقالَ: صَدَقَ أَنا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ" ثم قال الترمذي: (وَقَدْ جَوَّدَ حُسَيْن المُعَلَّمُ هذا الحديثَ. وحديثُ حُسَيْنٍ أصَحُّ شَيْءٍ في هذا الباب). قلت: لكن أفسده أبو عبيدة وإِسحاق بن منصور، أو أحدهما حيث اختصراه وروياه بالمعنى، فجاءا بلفظ باطل موضوع لا أصل له، فما جوّده حسين المعلم من جهة إسناده، أفسداه هما أو أحدهما من جهة لفظه ومعناه، فإِن الحديث إنما هو "قَاءَ فَأَفْطَرَ" هكذا رواه الناس عن عبد الصمد، أحمد والدارمي، وإِبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بن المثنى العنزي، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وآخرون.

• فرواية أحمد، والدارمي، عندهما في مسْنَدَيْهِمَا. • ورواية إبراهيم بن مرزوق، عند الطحاوي. • ورواية محمد بن يحيى الذهلي، عند ابن الجارود في "المنتقى". • ورواية أبي قلابة الرقاشي ومحمد بن المثنى العنزي، عند الحاكم في "المستدرك". • ورواية محمد بن عبد الملك، عند البيهقي. كلهم قالوا عن عبد الصمد: "قَاءَ فَأَفْطَرَ"، وتابعه أبو معمر عبد الله بن عمرو المنقري، وهو حافظ ثقة من رجال الصحيح، فرواه عن عبد الوارث، "قَاءَ فَأَفطَرَ" أخرجه أبو داود، والطحاوي، والدارقطني.

وهكذا رواه معمر، وهشام الدستوائي وحرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير أيضًا بلفظ، "قَاءَ فَأَفْطَرَ". • أخرج رواية هشام أحمد، والحاكم. • ورواية حرب، الحاكم. • ورواية معمر، أحمد، عن عبد الرزاق عنه، إلا أنه قال: "اسْتَقَاءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَفطَرَ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ"، وأخطأ في إسناده فقال عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد: لم يذكر الأوزاعي بينهما، وقال عن خالد بن معدان، بدل معدان بن أبي طلحة وهو خطأ لا يؤثر في سند الحديث شيئًا، مع اتفاق الرواة على روايته على الصواب في الإِسناد، ثم أصاب في موافقة الجمهور، في متن الحديث، وإِن خالف في قوله "استقاء"، وفي اختصاره ذكر ثوبان. والمقصود أن رواية الترمذي باطلة، وإِن كانت صحيحة السند، ولا يصحّ الاستدلال بها من جهة الرواية، كما لا دليل فيها من جهة المعنى أصلًا. تنبيه: عزا المجد ابن تيمية هذا الحديث باللفظ المذكور هنا، لأحمد، والترمذي، ولم يذكره أحمد.

وكذلك عزاه جماعة، لأبي داود، وليس هو فيه إلا باللفظ الذي رواه به الجمهور. وعزا الحديث من أصله الحافظ وغيره، إلى النسائي، وليس هو فيه أيضًا إلا أن يكون في "الكبرى" ولابد من التقييد به كما هو معلوم. 64 - قوله: (وبما رُوِيَ مِنْ أَمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - المُسْتَحَاضَةَ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاَةٍ). قلت: ورد ذلك من حديث عَدِيَّ بنِ ثَابِتٍ، عن أَبِيه، عن جَدَّهِ، أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. ومن حديث عبد الله بن عمرو، خرّجه الحاكم، والطبراني في "الأوسط".

ومن حديث جابر بن عبد الله، أخرجه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي. ومن حديث سودة بنت زمعة، أخرجه الطبراني في "الأوسط" أيضًا، وجميعها ضعيف. ومن حديث عائشة وهو المذكور بعده. * * * 65 - قوله: (قياسًا أيضًا على ما روي أيضًا من أن المستحاضة لم تؤمر إلا بالغَسْلِ فَقَط، وذلك أن حديث فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ هذا، هو متفق على صحته،

الوضوء من النوم

الوضوء من النوم ويختلف في هذه الزيادة فيه -أعني الأمر بالوضوء لكل صلاة- لكن صحّحها أبو عمر بن عبد البر).

قلت: ولي في صحتها جزء سميته "الاستفاضة بحديث وضوء المستحاضة"، وسأذكر ملخصه إن شاء الله في كتاب الغسل، عند ذكر هذه الزيادة هناك. * * * 66 - حديث ابن عباس: "أنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى مَيْمُونَةَ فَنَامَ عِنْدها حَتّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ، ثُمّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ". قلت: ليس هكذا الحديث، بل عن ابن عباس قال: "بِتُّ في بَيْتِ خَالَتِي

مَيمُونَةَ، فَذَكَرَ قِيَامَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلاَتَهُ بِاللّيْلِ، وفيهِ: ثُم نامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَو خَطِيطَهُ، ثُم قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ". رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، في مواضع متعددة، وبألفاظ مختلفة مطوّلة ومختصرة، وفي أكثرها فنام حتى نفخ. وهو حديث مشهور من أشهر أحاديث ابن عباس. * * * 67 - حديث: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاة فَلْيَرْقُدْ حَتَى يَذْهبَ عَنْهُ النَّوْمُ. فإِنَّهُ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ". متّفق عليه من حديث عائشة وعند البخاري نجده من حديث أنس.

68 - حديث: "أنَّ الصَّحابَةَ كَانُوا يَنَامُونَ في المَسْجِدِ حَتَّى تَخْفق رُؤُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّأونَ". عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والشافعي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي، وجماعة من حديث أنس بن مالك بألفاظ متعددة.

69 - حديث صفوان بن عسال: "كُنَّا في سَفَرٍ مَعَ النَّيِىّ - صلى الله عليه وسلم - فَأمَرَنَا أنْ لا نَنْزَعَ خِفَافَنَا مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ". الحديث تقدّم في المسح على الخفين. * * * 70 - قوله: (وكذلك يدلّ ظاهر آية الوضوء عند من كان عنده المعنى في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} أي إذا قمتم من النوم على ما رُوي عن زيد بن أسلم وغيره من السلف).

مالك، والشافعي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن زيد بن أسلم في الآية إن ذلك إذا قمتم من المضاجع، يعني من النوم. وروى ابن جرير، عن السّدي مثله.

71 - حديث: "إِنَّمَا الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا". ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والطبراني في "الكبير" والدارقطني، والبيهقي، كلهم من حديث أبي خَالِدٍ الدَّالَانِىِّ، واسمُهُ يَزِيدُ بنُ عَبْدِ الرّحمنِ، عن قتادة، عَنْ أَبِي العَاليَة، عن ابنِ عباس: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْجُدُ وَينَامُ وينْفُخُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ، فَقُلْتُ لَه: صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأُ، وَقَدْ نِمْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ". وقال أبو داود: (هذا حديث منكر، لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني، عن قتادة .. وقال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية، أربعة أحاديث -فذكرها وليس هذا منها، قال أبو داود- وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فانتهرني استعظامًا له وقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ ولم يعبأ بالحديث. وقال الترمذي: (وقد روى حديث ابن عباس، سعيد بن أبي عروبة، عن

قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه. وقال الدارقطني: (تفرد به أبو خالد، عن قتادة ولا يصح). وقال البيهقي: (تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد الدالاني. قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء. ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس من قوله، ولم يذكر أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة). وقال الحافظ المنذري: (قال أبو القاسم البغوي: يقال إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية. . . . وذكر ابن حبان: أن يزيد الدالاني، كان كثير الخطأ، فاحش الوهم يخالف الثقات في الروايات، حتى إذا سمعها المبتدي في هذه الصناعة، علم أنها معلولة، أو مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد عنهم بالمعضلات. وذكر أبو أحمد الكرابيسي، الدالاني هذا، فقال: لا يُتابعُ في بعض أحاديثه، وسئل أبو حاتم الرازي، عن الدالاني هذا، فقال: صدوق ثقة. وقال الإِمام أحمد بن حنبل، يزيد لا بأس به. وقال يحيى بن معين وأبو عبد الرحمن النسائي: ليس به بأس. وقال البيهقي: فأما هذا الحديث، فإِنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ. وأنكر سماعه من قتادة، أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما، ولعل الشافعي - رضي

الله عنه -، وقف على علّة هذا الحديث، حتى رجع عنه في الجديد -قال المنذري- ولو فرض استقامة حال الدالاني، كان فيما تقدم من الانقطاع في إسناده، والاضطراب، ومخالفة الثقات ما يعضد قول من ضعّفه من الأئمة). قلت: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص وحذيفة، وأبي أمامة، وأسانيدها واهية. • خرّج حديث عبد الله بن عمرو: الطبراني في "الأوسط" وابن عدي في "الكامل" من أوجه كلّها ساقطة. • وخرّج حديث حذيفة، البيهقي، وفيه بحر بن كنيز السقا، وهو متروك. • وخرّج حديث أبي أمامة، الطبراني في "الكبير" وفي إسناده جعفر بن الزبير وهو كذاب. * * * 72 - قوله: (والرَّوَايَةُ بِذلِكَ ثَابِتَةٌ عَنْ عُمَر).

الوضوء من لمس المرأة

الوضوء من لمس المرأة قلت هي في الموطأ، عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، أن عُمَرَ بن الخطاب قال: "إذا نامَ أَحدُكُمْ مُضْطَجِعًا فَلْيَتَوَضَّأ". وفي الباب عن ابن عمر أنه كان ينام جالسًا ثم يصلّي ولا يتوضأ. رواه مالك أيضًا عن نافع عنه. وعن أبي هريرة قال: "ليس على المحتبي النائم، ولا على القائم النائم، ولا

على الساجد النائم وضوء حتى يضطجع فإِذا اضطجع توضأ". رواه البيهقي بسند جيد. وعن علي، وابن مسعود، والشعبي قالوا في الرجل ينام وهو جالس: "لَيْسَ عَلَيْهِ

وُضُوء". رواه الطبراني في "الكبير" وفي سنده ضعف وانقطاع. * * * 73 - حديث: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يلمس عائشة، عند سجوده وربما لمسته". قلت: هما حديثان. • إما لمس النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، ففي الصحيحين من حديث أبي سلمة، عن عائشة قالت: "كُنْتُ أَنامُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيها مَصابِيحُ". وفي "سنن النسائي"، بسند صحيح من رواية القاسم عنها قالت: "إن كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي وَإنّي مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِراضَ الجَنَازَةِ، حتَّى إذا أرادَ أن يُوتِرَ مسَّنِي بِرِجْلِهِ". • وأما لمسها إياه، فعند مسلم، والترمذي، والبيهقي، من حديث أبي

هريرة عنها قالت: "فَقَدْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنَ الفِراشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنَي أعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". وقال الطبراني في "الصغير"، ثنا سعيد بن عبدويه الصفار، ثنا الربيع بن ثعلب، ثنا فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة قالت: "فَقَدْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ لَيْلَةٍ مِنْ فِراشِهِ، فقلت: إنّهُ قامَ إلى جارِيَتِهِ ماريَّةَ، فَقُمْتُ ألْتَمِسُ الجِدَارَ، فَوَجَدْتُهُ قائِمًا يُصَلّي، فَأدْخَلْتُ يَدي فِي شَعْرِهِ لأنْظُرَ أَغتَسَلَ أَم لَا، فلما انْصَرَفَ قالَ: أَخَذَك شَيْطَانُكِ يا عائِشَةُ، قُلْتُ: وَلي شَيْطان؟ فقالَ: نَعَمْ، ولِجَميعِ بَنِي آدَمَ، قلْتُ: ولَكَ شَيْطانٌ؟ قالَ: نَعَمْ، وَلكنَّ اللهَ أَعانَنِي عَلَيْهِ فَأسْلَم". قال الطبراني: (لم يروه عن يحيى بن سعيد، إلّا فرج بن فضالة). قلت: وليس كذلك بل رواه عنه جماعة، منهم: وهيب بن خالد، ويزيد بن هارون، وجعفر بن عون، لكنهم قالوا عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عائشة ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة، وبهذا أعلّ الحديث مع ضعف فرج بن فضالة، والحكم لهم عليه.

74 - حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّهُ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأ، فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أنْتِ؟ فَضَحِكَتْ". قال أبو عمر: (هذا الحديث وهَّنَهُ الحجازيّون، وصحّحه الكوفيون) -قال ابن رشد- وإلى تصحيحه مال أبو عمر بن عبد البر. قلت: وهو الواقع كان أعلّه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، وابن حزم، وجماعة، وزعموا أنه لا يصحّ في هذا الباب شيء. • فقال أبو داود عقب الحديث: (قال يحيى بن سعيد القطان لرجل أرو عني: أن هذا الحديث شبه لا شيء -قال أبو داود- وروي عن الثوري أنه

قال: ما حدثنا حبيب إلّا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء. • وقال الترمذي: (إنّما تركه أصحابنا لأنّه لم يصحّ عندهم، لحال الإِسناد -قال- وسمعت أبا بكر العطّار البصري، يذكر عن عليّ بن المدينيّ قال: ضعّف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث، وقال هو شبه لا شيء، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل -يعني البخاري- يضعف هذا الحديث وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة. . . قال: وليس يصحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء). • وذكره النسائي معلّقًا، عن الأعمش، عن حبيب، ثم نقل كلام يحيى القطان، أنه لا شيء. • وهكذا فعل الدارقطني، فأسند عن عبد الرحمن بن بشر قال: (سمعت يحيى بن سعيد يقول: وذكر له حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، فقال: أما سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيبًا لم يسمع من عروة شيئًا) ثم أسند عن علي بن المديني، عن يحيى القطان، مثل ما سبق عن الترمذي.

• وتبعه في كل ذلك، البيهقي وزاد فأسند ما ليس عن أبي دود، عن الثوري، أنه قال: (ما حدّثنا حبيب إلّا عن عروة المزني -ثمّ قال البيهقي- فعاد الحديث إلى عروة المزني وهو مجهول). • وبهذا أيضًا أعلّه ابن حزم، وهو جهالة عروة المزني. وكل هذا لا شيء، والحديث صحيح مقطوع به إن شاء الله تعالى. وإنما يحملهم على التتابع في الطعن والتغليل بدون دليل، عدم إدراكهم المخرج من معارضة النصوص التي هي أقوى وأصح في نظرهم، أو في الواقع كظاهر القرآن، ولو أدركوا المخرج من ذلك، لَمَا احتاجوا إلى مخالفة الأصول، ومناقضة القواعد التي يثبت بمثلها الحديث، فإنها قاضية بصحّة هذا الحديث، لمن التزم الإنصاف. وذلك أن الحديث رجاله ثقات متفق عليهم، رواه وكيع، عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، وهؤلاء كلهم رجال الصحيحين، فالحديث على شرطهما، ثم أنه رواه عن وكيع قُتَيْبَةُ، وجَنَّادُ، وأبو كُرَيْبِ، وأحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ، ومَحْمُودُ بنُ غَيْلَانَ، وأبُو عَمَّارٍ كما عند الترمذي،

وعثمان بن أبي شيبة، كما عند أبي داود. وأبو هاشم الرفاعي، وحاجب بن سليمان، ويوسف بن موسى، كما عند الدارقطني. وإِبراهيم بن عبد الله العبسي، كما عند البيهقي، كلهم قالوا عن وكيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، مطلقًا غير منسوب، وتابعهم على ذلك زايدة، كما ذكره أبو داود، وعبد الحميد الحمَّاني، وعلي بن هاشم، وأبو بكر بن عياش، كما خرجه الدارقطني، أربعتهم عن الأعمش به مثله. وغير جائز ولا معقول أن يكون شيخ حبيب بن أبي ثابت هو عروة المزني المجهول، ثم يتفق جمهور الحفاظ الأئمة الثقات الأعلام، وهم من سمّينا من أصحاب وكيع ومن أصحاب الأعمش على إطلاقه الموهم الموقع في الخطأ وتصحيح الضعيف، فإنّ عروة عند الإطلاق، لا ينصرف إلّا إلى عروة بن الزبير الثقة المعروف المشهور، لا إلى غيره الذي لا يعرف، فلو كان هذا وحده الدليل على كونه عروة بن الزبير لكان قاطعًا أو كالقاطع على ذلك، فكيف وقد صرح جماعة من كبار الحفّاظ، بأنه عروة بن الزبير، وهم أحمد بن حنبل، كما في "مسنده"، وأَبو بَكْرِ بن أَبي

شَيْبَةَ، وعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ كما في "سنن ابن ماجه"، فإِنهم رَوَوْهُ عن وَكِيع، عن الأَعْمَش، عن حَبِيبِ بنِ أبِي ثَابِتٍ، عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَة. فلم يبق مع هذا شكّ، على أنه عروة بن الزبير وأن الجماعة السابقة، ما أطلقوه فلم يقيدوه إلا اعتمادًا على كونه الذي تنصرف إليه الأذهان. أضف إلى هذا، أن الحسن بن دينار، ومحمد بن جابر، وأبا أويس، رووه عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير، أخرج روايتهم الدارقطني، وتابعهم حاجب بن سليمان، فرواه عن وكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه، أيضًا أخرجه الدارقطني ثم قال: (تفرد به حاجب، عن وكيع ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإِسناد، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل وهو صائم"، وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه) كذا قال مع أن حاجبًا ثقة، ودعواه ليس عليها دليل. وقد رواه محمد بن عمرو بن عطاء، عن عروة بن الزبير، أيضًا أخرجه محمد بن الحسن في كتاب "الحجج" كما سيأتي.

ورواه أيضًا الزهري، عن عروة، عن عائشة، أخرجه الدارقطني، من طريق سليمان بن عمر بن يسار، عن أبيه، عن ابن أخي الزهري عنه، ثم قال: (خالفه منصور بن زاذان في إسناده). ثم أخرجه من طريق سعيد بن بشير، عن منصور، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، وقال: (إن سعيد بن بشير ليس بالقوي) وادّعى مع ذلك أن الحديث ليس بمحفوظ أيضًا، مع رواية جماعة الثقات، إن هذا لتعسف ظاهر. وقد رواه أبو حنيفة، عن هشام، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أخرجه طلحة بن محمد في "مسند أبي حنيفة". والمقصود أن الحديث رواه عن عروة بن الزبير ابنه هشام، ومحمد بن عمرو بن عطاء، والزهري وحبيب بن أبي ثابت، فلم يبق شك في أنه عروة بن الزبير. أما من قال: عُرْوَة المزني، فروايته لا تعلل رواية الجمهور القائلين، عروة بن الزبير لوجوه: • أحدها: إن قائل ذلك عن الأعمش، هو عبد الرحمن بن مغراء قال أبو داود: (حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني، ثنا عبد الرحمن بن مغراء ثنا الأعمش، ثنا أصحاب لنا، عن عروة المزني، عن عائشة به)، وعبد الرحمن المذكور: (قال عليّ بن المديني: ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه لم يكن بذاك، قال ابن عدي: وهو كما قال علي بن المديني، إنما أنكرت عليه

أحاديث، يرويها عن الأعمش لا يتابعه عليها الثقات، وله عن غير الأعمش، وهو من جملة الضعفاء، الذين يكتب حديثهم)، وقال الحاكم أبو أحمد: (حدّث بأحاديث لم يتابع عليها). وقال الساجي: (من أهل الصدق فيه ضعف). • ثانيها: أنه مع هذا خالف جمهور الثقات الأثْبَات الذين قالوا: عروة بن الزبير، فلو كان في الذروة العليا من الاتقان والضبط، لحكم عليه بالوهم، لمخالفة الجمهور. • ثالثها: أنه قال عن الأعمش: حدثنا أصحاب لنا، ولم يقل حبيب بن أبي ثابت، فخالف الجمهور في ذلك أيضًا وشذّ به عنهم، فعلى فرض أن قوله محفوظ، فهو سند آخر للأعمش في الحديث ذاك، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، وهذا عن أصحاب له جماعة، عن عروة المزني، فهما طريقان متغايران، فكيف تعلّل إحداهما بالأخرى؟. فلم يبق إلا دعوى الانقطاع، وعدم سماع حبيب بن أبي ثابت، من عروة بن الزبير، وهي دعوى باطلة؛ فقد صحّح ابن عبد البر سماعه منه، وقال: (لا ينكر

لقاؤه عروة، لروايته عمّن هو أكبر منه وأجلّ وأقدم موتًا). وقال في موضع آخر: (لا شك أنه أدرك عروة). قلت: وذلك أنهم اتفقوا على روايته عن ابن عمر الذي توفي قبل عروة بنحو عشرين سنة، وعن ابن عباس الذي توفي قبل عروة بأزيد من ذلك أيضًا، فإن ابن عباس توفي قبل عروة بن الزبير، بنحو ست وعشرين سنة، فمن روى عنهما، وهما علماء الحجاز ينكر روايته عن عروة الحجاز أيضًا، وقد تأخرت وفاته بالمدّة المذكورة. ووردت الرواية مؤكدة لذلك ولما نقل أبو داود في "السنن" كلام سفيان الثوري، بأنّ حبيبًا ما حدثهم إلا عن عروة المزني، تعقبه بقوله: (وقد روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير عن عائشة، حديثًا صحيحًا). فهذا ردّ من أبي داود لهذا القول المنقول عن الثوري إما لعدم ثبوته عنه، أو لكونه إذا لم يحدثه هو عن عروة بن الزبير، فلا يلزم أن لا يحدث غيره عنه كما حدّث حمزة بن حبيب الزيات، بحديث خرّجه الترمذي في "الدعوات" وكما حدّث الأعمش بهذا الحديث، فبان من هذا أن الحديث لا علّة له وأنه صحيح، على شرط البخاري، ومسلم، هذا بالنظر إليه على انفراده، فكيف مع المتابعات، والطرق الأخرى البالغة نحو العشرة عن عائشة، كما سأذكره، ثم مع شواهده أيضًا من حديث أم سلمة، وحفصة كما سيأتي.

75 - قوله: (وقد رُوِيَ هذا الحديثُ أيضًا من طريق معبد بن نباتة. وقال الشافعي: إنْ ثَبَتَ حديثُ مَعْبَد بن نباتة في القُبْلَةِ لم أَرَ فيها ولا في اللمس وضوءًا). قلت: (قال الشافعي: روى معبد بن نباتة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنّه كان يُقَبِّلُ ولا يَتَوَضَّأُ"، وقال لا أعرف حال معبد، فإن كان ثقة فالحجّة فيما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) نقله الحافظ في "التلخيص" ثم قال: (قلت: روي من عشرة أوجه عن عائشة، أوردها البيهقي في "الخلافيات" وضَعَّفها). قلت: كذا قال الشافعي، محمد بن عمرو بن عطاء، عن عائشة، على ما وقع في نقل الحافظ ولم يخرّجه. وقد أخرج هذا الحديث محمد بن الحسن في كتاب "الحجج" فقال: (أخبرنا إبراهيم بن محمد المديني، أخبرنا معبد بن نباتة الجشمي، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عروة بن الزبير، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "قبّلني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو متوضّئ، ثم صلّى ولم يحدث

وضوء")، ومعبد لم أجد من ذكره لا في الثقات، ولا في الضعفاء. وقول الحافظ في طرق حديث عائشة: (أوردها البيهقي في "الخلافيات" وضعّفها) غريب، فإِنها لو كانت كلّها ضعيفة، لَارْتَقى الحديث بمجموعها إلى الصحَّة، فكيف وفيها الصحيح على انفراده، وقد قال محمد بن الحسن في "الحجج": (إن الحديث بذلك مشهور، عن عائشة -رضي الله عنها-). وهو كما قال وأزيد من الشهرة، بل ربّما بلغ إلى حدّ التواتر عنها. بل من وقف على طرق الحديث عنها، وتداولها بين أهل الصدر الأول، جزم بثبوته عنها وقطع بذلك، فمن الطرق الصحيحة عنها بذلك:

• 1 - طريق عروة بن الزبير السابقة، فإنه سند صحيح مروي عن عروة بن الزبير، من طرق رجالها رجال الصحيح. • 2 - ومنها طريق أبي رَوْقٍ الهمدانِي -وهو الصواب- عن إِبْرَاهِيمَ التَيْمِيِّ، عن عَائِشَةَ، "أنِّ النِّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُقبِّلُ بَعْض نِسَائِهِ ثُم يُصَلّي وَلَا يَتَوَضأُ". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي وغيرهم، ورجاله ثقات، إلا أنهم أعلّوه بالانقطاع؛ لأن إبراهيم التيمي،

قيل: إنه لم يسمع من عائشة، وهو مرفوع برواية إبراهيم التيمي له عن أبيه عن عائشة جوّده بذلك معاوية بن هشام وهو ثقة من رجال الصحيح، عن الثوري عن أبي روق، عن إبراهيم، عن أبيه، خرّجه الدارقطني. • 3 - ومنها طريق عَمرو بنِ شُعَيْبٍ، عن زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ، عن عَائِشَةَ، خرّجه ابن ماجه والدارقطني وسنده لا بأس به، وقال الدارقطني: (زينب مجهولة، ولا تقوم بها حُجَّة) فإنه قول مرّة، ولأن زينب معروفة، وهي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، والراوي عنها، عمرو بن شعيب، هو ابن أختها، وقد روى عنها أيضًا أخوها، وذكرها ابن حبّان في الثقات، ونص الذهبي على أنه لا يوجد في النساء متروكة، ولا من اتهمت لاسيما في التابعيات. وقد ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه وأبي زُرْعَةَ، أنهما ذكرا هذا الحديث فأعلّاه بالحجاج بن

الوضوء من مس الذكر

الوضوء من مس الذكر أرطأة راويه عن عمرو بن شعيب، وقالوا: إنه يدلس في حديثه عن الضعفاء، ولم يعلّاه بزينب المذكورة، فدلّ على أنها ثقة عندهما. أما الحجّاج فقد احتج به مسلم في "الصحيح" ووثّقه الكثير، وأقل درجات حديثه أنه حسن لو انفرد، فكيف بما تابعه على أصله نحو العشرة، وتدليسه مرفوع برواية الأوزاعي له، عن عمرو بن شعيب أيضًا فقد أخرجه الدارقطني، من طريق هشام بن عمار، عن عبد الحميد بن أبي العشرين ثنا الأوزاعي، ثنا عمرو بن شعيب، عن زينب، أنها سألت عائشة عن الرجل

يقبل امرأته أو يلمسها يجب عليه الوضوء؟ فقالت: "ربما توضأ النيي - صلى الله عليه وسلم - فقبّلني ثم يمضي فيصلّي ولا يتوضأ". فارتفع ما يخاف من تدليس الحجاج، وصح الحديث بلا خلاف. وقد رواه أبو حنيفة عن محمد بن عبيد الله العرزمي، فوهم في إسناده في موضعين، فقال عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن زينب بنت أم سلمة عن عائشة، وهذا خطأ من العرزمي، فإنه كان ضعيفًا متروك الحديث لا يدري ما يحدث به. أخرجه عن أبي حنيفة، جماعة من أصحاب مسانيده، طلحة بن محمد وعمر بن الحسن الاشناني، والحسن بن محمد بن خسرو، من طرق عن أبي حنيفة. • 4 - ومنها طريق عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل ثم يصلّي ولا يتوضأ". رواه البزار، والدارقطني، بعلتين: إحداهما: أنه رواه من طريق الوليد بن صالح، عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، ثم قال: (يقال إن الوليد بن صالح وهم في قوله: عن عبد

الكريم، وإنما هو من حديث غالب) بن عُبَيْدِ الله عن عطاء، وغالب متروك. قلت: وهذا مرفوع برواية البزّار، من طريق محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه، عن عبد الكريم، فبطل هذا القول. ثائيهما: أن الثوري رواه عن عبد الكريم، عن عطاء من قوله: "ليس في القبلة

وضوء"، وهذه أيضًا مرفوعة برواية الثقة عنه مرفوعًا، والحكم له كما هو معروف وبأنه لا مانع من أن يفتي الراوي بمضمون ما رواه، بل هو الواقع فهو أيضًا له حكم الرفع، لأنه ما أفتى إلا اعتمادًا على ما رواه من المرفوع. • 5 - ومنها طريق الزهريّ، عن أبي سلمة، عن عائشة، وقد سبق في الذي قبله فإِنّ رجاله ثقات أيضًا. • 6 - ومنها طرق أخرى فيها مقال، ذكرها ابن أبي حاتم في "العلل" والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "الخلافيات"، كلها عن عائشة. وفي الباب عن غيرها، كأمّ سلمة -رضي الله عنها-، رواه أبو حنيفة، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل نساءه في رمضان، وما يجدد وضوءًا". خرّجه أبو محمد البخاري في "مسنده" عن أبي سعيد البصري، عن الحارث عن علي بن منصور الجرجاني، عن الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة.

ورواه أبو حنيفة أيضًا عن أبي روق، عن إبراهيم بن يزيد، عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنّه كان يتوضّأ للصلاة ثم يقبّل ولا يحدث وضوءًا". خرّجه الدارقطني في "السنن"، وطلحة بن محمد، ومحمد بن المظفر في "مسنديهما". تنبيه: ليس المراد من تصحيح الحديث القول بمضمونه، وأن اللمس لا ينقض، بل المراد إظهار الحقيقة وإبطال الباطل، من زعم ضعف الحديث وهو صحيح، ولكنه مع ذلك منسوخ بالآية الكريمة. * * * 76 - حديث بُسْرَةَ أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذَا مسَّ أحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأ". خرّجه مالك في "الموطأ"، وصحّحه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل.

قلت: وأخرجه أيضًا الشافعي، وأبو داود الطيالسي وعبد الرزاق، والدارمي وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة،

وابن حبان، وابن الجارود والحاكم، والطحاوي، والدارقطني، وابن حزم، والحازمي، وجماعة، وصحّحه أيضًا الترمذي، ونقل عن البخاري أنه أصحّ شيء في الباب، وكذلك صحّحه ابن حبان، والحاكم والدارقطني، والبيهقي، والحازمي، وابن حزم، وجماعة من الحفّاظ، المتقدّمين، والمتأخّرين. وهو صحيح بدون شبهة، ومن تكلم فيه فلا حجة له إلّا شبهة واهية بل مدفوعة لا يُلتفت إليها، فلا حاجة بنا إلى الإِطالة بإِبطالها، لاسيما مع ورود الحديث من طرق أخرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلغت حد التواتر كما سيأتي.

77 - قوله: (وقد روي أيضًا معناه من طريق أمّ حبيبة وكان أحمد ابن حنبل يصحّحه). قلت: رواه ابن ماجه، والطحاوي، في "معاني الآثار"، والدولابي في "الكنى" والبيهقي في "السنن" والخطيب في "التاريخ"، كلهم من طريق مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"من مس فرجه فليتوضأ". وصحّحه أيضًا أبو زُرْعَةُ، والحاكم. لكن أعلّه البخاري، وجماعة بأن مكحولًا لم يسمع عن عنبسة، وخالفهم دحيم فأثبت سماعه منه. قال الحافظ: وهو أعرف بحديث الشاميين، وقال البيهقي: (بلغني أن أبا عيسى الترمذي قال: سألت أبا زرعة عن حديث أم حبيبة فاستحسنه، ورأيته كان يعده محفوظًا). قلت: وفي جامع الترمذي، (قال محمد -يعني البخاري- أصحّ شيء في هذا الباب حديثُ بُسْرَةَ. وقال أبو زرعة: حديث أم حبيبة في هذا الباب

(أصحّ) .. وقال محمد: لم يسمع مكحول من عَنْبَسَةَ بنِ أبي سُفْيَانَ. وروى مَكْحُولٌ، عن رَجُل، عن عَنْبَسَةَ غير هذا الحديث، وكأنّه لم يَرَ هذا الحديثَ صَحيحًا). * * * 78 - قوله: (وقد رُوِيَ معناه أيضًا من حديث أبي هريرة، وكان ابن السكن يصححه). قلت: أخرجه الشافعي، وأحمد، والطحاوي في "معاني الآثار"، وابن حبان في "صحيحه"، والدارقطني، والحاكم، والطبراني في "الصغير"، والبيهقي، كلهم من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي، إلّا ابن حبان فمن طريقه

وطريق نافع بن أبي نعيم، وإلا الحاكم فمن طريق الثاني فقط، كلاهما عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ وضوءه للصلاة". وقال ابن حبان: (واحتجاجنا فيه بنافع لا بيزيد فإنا تبرّأنا من عهدة يزيد في كتاب "الضعفاء". وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح، وشاهده الحديث المشهور، عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة). وقال البيهقي: (يزيد بن عبد الملك تكلموا فيه -ثم أسند عن الفضل بن زياد- قال: سألت أحمد بن حنبل، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي فقال: شيخ من أهل المدينة لا بأس به). قلت: ويستغرب من البيهقي عدم إخراجه رواية نافع بن أبي نعيم، عن شيخه الحاكم، مع أن أكثر أحاديثه يرويها عنه، ثم قال البيهقي: (ولأبي هريرة فيه أصل). ثم أخرجه من "تاريخ البخاري"، ثم من رواية جميل بن بشير، عن أبي هريرة موقوفًا. "من أفضى بيده إلى فرجه فليتوضأ" قال: (وقيل عن جميل عن أبي وهب عن أبي هريرة) ثم أخرجه كذلك ولفظه "من مس فرجه فليتوضأ ومن مس وراء الثوب فليس عليه وضوء". ومن هذا الوجه، خرّجه أبو نعيم في

"الحلية" في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي. وهذا طريق ثالث يقوي صحة الحديث، عن ابي هريرة وإن كان موقوفًا عليه. ولأجل هذا قال ابن السكن في حديث أبي هريرة: هو أجود ما روي في الباب. تنبيه: اقتصار ابن رشد على ذكر الصحابة الثلاثة من رواة النقض بمس الذكر، لا يدلّ على عدم وجود غيرهم في الباب، فقد ورد من حديث جماعة آخرين، عدلًا جلّهم متواترًا. ونقل ابن الرفعة في "الكفاية"، عن القاضي أبي الطيب أنه قال: ورد في مس الذكر خاصة أحاديث رواها، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة تسعة عشر نفسًا. قلت: وهم: الثلاثة الذين ذكرهم ابن رشد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، وزيد بن خالد، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعائشة، وابن عباس، وأبو أيوب، وسعد بن أبي وقاص، وعلي بن طلق، وأروى بنت أنيس، وأم سلمة، وأُبَيُّ بن كعب، وأنس بن مالك، وقبيصة، ومعاوية بن حيدة، والنعمان بن بشير، وفي الباب أيضًا عن رجل من الأنصار. 4 - فحديث عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بن العاصِ، رواه أحمد، وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"، وابن الجارود في "المنتقى"، والطحاوي،

والدارقطني، والبيهقي، والحازمي في "الاعتبار"، كلهم من طريق بقية بن الوليد، حدثني محمد بن الوليد الزُبَيْدي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيّما رجل مسّ فرجه فليتوضأ، وأيّما امرأة مست فرجها فلتتوضأ" وقال الحازمي: (هذا إسناد صحيح). وذكر الترمذي في كتاب "العلل" عن البخاري أنه قال: (حديث عبد الله بن عمرو في باب مس الذكر هو عندي صحيح). 5 - حديثُ جَابِرٍ، رواه الشافعي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي في "السنن" و"المعرفة" كلهم من طريق ابنِ أبي ذِئْب، عن عُقْبَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عن مُحمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ ثَوْبَانَ، عن جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ قال: قال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أفضَى أَحدُكُمْ بِيدِهِ إلَى ذَكَرِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ". وقال الطحاوي: (هذا الحديث كلّ من رواه عن ابن أبي ذئب من الحُفّاظ يذكرونه، عن محمد بن عبد الرحمن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا ويخالفون فيه ابن نافع). قلت: وليس كذلك، فقد رواه ابن ماجه، من طريق مَعْنِ بنِ عِيسى أيضًا، عن ابن أبي ذئب مَوْصولًا، وكلٌّ من عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، ومَعْنِ بن عِيسى ثقة من رجال الصحيح، والثاني متفق عليه، فهما ثقتان اجتمعا على وَصْلِهِ، فالحديث صحيحٌ مَوْصولًا، كما قال ابن عبد البر، والضياء، وغيرهما. وبهذا أيضًا يُردّ قول أبي حاتم في "العلل" وقد ذكره من رواية عبد الله بن نافع: (هذا خطأ، الناس يروونه عن ابن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مُرْسَلًا لا يذكرون جابرًا) ا. هـ. وسلفهما -أعني هو والطحاوي- الإمام الشافعي - رضي الله عنه -، فإنه بعد أن رواه عن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب مرسلًا، وعن عبد الله بن نافع عنه موصولًا، قال: (سمعت غير واحد من الحفاظ يروونه لا يذكرون فيه جابر) ا. هـ. وقد عرفت ما فيه.

6 - وحديث زيد بن خالد، رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير" والطحاوي في "معاني الآثار"، والبيهقي في "المعرفة" كلهم من رواية ابن إسحاق، حدثني محمد بن مسلم الزهريّ، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضأْ". وأعلّه الطحاوي وزعم أنه غلط قال: (لأنّ عروة حين سأله مروان على مس الفرج، فأجابه من رأيه: أن لا وضوء فيه، فلما قال له مروان، عن بسرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال -يعني حديثها السابق- قال له عروة: ما سمعت به. وهذا بعد موت زيد بن خالد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: وهذه حجّة في الظاهر قاطعة، ولكنها مبنية على خطأ وتلبيس وتدليس. • أما أولًا: فإِن عروة لم ينكر على بسرة الحديث، بل أنكره على مروان بن الحكم، ولم ينكر عليه الحديث أيضًا، بل أنكر عليه الحكم لأنه ظنه مخطئًا فيه، فإِنّ عروة قال: دخلت على مروان بن الحكم، فتذاركنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان: ومِن مسَّ الذكر الوضوء. فقال عروة: ما علمت ذلك، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ"، قال عروة:

فأتيت بسرة فحدّثتني كما حدّثني مروان عنها، فصدّقها عروة ولم ينكر عليها كما دلّس به الطحاوي. • وأما ثانيًا: فإن ابن إسحاق، وإن كان ثقة فلم ينفرد بالحديث عن الزهري، بل تابعه عليه ثقة آخر وهو ابن جريج؛ كما أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن أبي بكر البرساني عنه، عن الزهريّ كما سيأتي، غاية الأمر أن ابن إسحاق قال: عن الزهري عن عروة، والواقع أن الزهري، رواه عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة. • وأمّا ثالثًا: فإن زيد بن خالد لم يمت قبل وقت المذاكرة التي حصلت بين عروة ومروان، كما زعمه الطحاوي، بل كان وقت المذاكرة حيًا، وتأخرت وفاته بعد ذلك بزمان كما سيأتي فعروة لمّا سمع الحديث من بسرة بنت صفوان، حدّثه به أيضًا زيد بن خالد الجهني، فصار بعد ذلك يرويه عنهما معًا، كما قال الشافعي في القديم: (وروى ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وزيد بن خالد الجهني معًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به)، وقال إسحاق بن راهويه في "مسنده": (أخبرنا محمد بن بكر البرساني، ثنا أبي جريح، حدثني الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة أنه كان يحدث عن بسرة بنت صفوان، وعن زيد بن خالد الجهني، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ") ومن طريق إسحاق، رواه البيهقي في "المعرفة" وقال: (هذا إسناد صحيح لم يشك فيه رواته، وذكر الحديث عنهما جميعًا -قال- وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن البَرْساني، ورأى محمد بن يحيى الذهلي روايته عنهما جميعًا من غير شك هي

المحفوظة)، فاندفع كل ما موّه به الطحاوي في الطعن في الحديث. وقد أجاد البيهقي الردّ عليه فقال في "المعرفة" بعد كلام مع الطحاوي: (ثم أخذ -يعني الطحاوي- في الطعن على ابن اسحاق، وأنه ليس بحجة، ثم ذهب الى أنه غلط -ما سبق عنه قال البيهقي- وددنا أن لو كان احتجاجه في مسائله بأمثال محمد بن إسحاق بن يسار، كيف وهو يحتج في كتابه بمن قد أجمع أهل العلم بالحديث على ضعفه في الرواية؟ وهذا الحديث إنما ذكره صاحبنا الشافعي، من جهة ابن جريج، عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وزيد بن خالد. وقد أخرجه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في "مسنده" كما ذكرنا وهو إسناد صحيح ليس فيه محمد بن إسحاق، ولا أحد ممن يختلف في عدالته .. وأمّا ما قال من تَقدُّم موت زيد بن خالد الجهني، فهذا منه توهّم، فلا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهّم، فقد بقي زيد بن خالد الى سنة ثمان وسبعين من الهجرة، ومات مروان بن الحكم سنة خمس وستين. هكذا ذكره أهل العلم بالتواريخ، فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان ثم سمعه من بُسْرة، ثم سمعه بعد ذلك من زيد بن خالد الجهني، فرجع الى روايتهما وقلّد حديثهما وبالله التوفيق) ا. هـ. قلت: ومن الغريب أيضًا ما ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" من أنه سأل أباه عن حديث رواه عبد الرزاق، وأبو قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج فذكر الحديث،

فقال أبو حاتم: (أخشى أن يكون ابن جريج أخذ هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى؛ لأن أبا جعفر حدثنا قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول: جاءني ابن جريج بكتب مثل هذا -خفض يده اليسرى، ورفع اليمنى مقدار بضعة عشر جزءًا- فقال: أروي هذا عنك؟ فقال: نعم) ا. هـ. فابن جريج ثقة، وقد صرح في الحديث بالسماع من الزهري، فكيف هذه الخشية التي تفضي -لو عُمِلَ بها- على جميع الأحاديث. 7 - وحديث ابنِ عُمَرَ، ورد عنه من طرق: • الأول: من رواية العَلاء بن سليمانَ، عن الزّهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ". رواه الطبراني في "الكبير"، والطحاوي في "معاني الآثار"، وقال: العلاء هذا ضعيف. • الثاني: من رواية صَدَقة بن عبد الله، عن هشام بن زيد، عن نافع، عن ابن

عمر، أخرجه البزار، والطحاوي وقال: (صدقة بن عبد الله هذا ضعيف، وهشام بن زيد، ليس من أهل العلم الذين يثبت بروايتهم مثل هذا). • الثالث: من رواية إسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أخرجه الدارقطني، وعزاه الحافظ إلى البيهقي أيضًا، وليس هو في "السنن"، والعمري ضعيف. • الرابع: من طريق عبد العزيز بن أبان وهو ضعيف متروك، عزاه

الحافظ إلى الحاكم في "المستدرك" وهو ساقط في الأصل المطبوع، وفي محل ذكره بياض. • الخامس: من طريق أيوب بن عُتْبَةَ، رواه ابن عدي في "الكامل" وأيوب مختلف فيه. • السادس: قال البيهقي في "المعرفة": أخبرنا أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن علي الحافظ، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد الرحمن بن سلَّام، ثنا سليم بن مسلم أبو مسلم، عن ابن جريج، عن عبد الواحد بن قيس، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ مسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأ"، هكذا وقع في "المعرفة" عبد الواحد، عن ابن عمر، وعبد الواحد إنما يروي عن نافع، فإن لم يكن وقع في الأصل سقط، فهو منقطع، وعبد الواحد أيضًا ضعيف، قال البيهقي: (ورواه الشافعي

في كتاب "القديم" عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج)، قلت: وعبد الله بن عمر لم يسمع الحديث من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سمعه من بسرة، فقد قال الشافعي في "القديم": (أخبرنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب قال: سمع ابن عمر بسرة تحدّث حديثها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسّ الذكر فلم يدع الوضوء منه حتى مات). وذكره البيهقي في "المعرفة" إلا أنه منقطع؛ لأنّ عمرو بن شعيب لم يدرك عبد الله بن عُمَر، ومسلم ابن خالد فيه مَقَال، والحديث في "الموطأ"، عن نَافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، أنّه كان يقول: "إذَا مسَّ أحَدُكمْ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ". 8 - وحديثُ عائشة، قال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" ثنا عبد العزيز بن أبان، ثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مس أحدكم ذكره فليعد الوضوء". ورواه الطحاوي، ثنا أبو بكرة، ثنا أبو داود، ثنا هشام به، فقال عن يحيى بن أبي كثير أنه سمع رجلًا يحدث في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن عروة به وهو سند جيد رجاله ثقات لولا هذا المبهم.

ورواه الطحاوي أيضًا، وأبو نُعَيْم في "تاريخ إصبهان" كلاهما من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، عن عمر بن سُرَيْج، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "من مسّ فرجه فليتوضأ". وإبراهيم وشيخه فيهما مقال، ووالد عمر: سُرَيْج -بالسين المهملة وآخره جيم- وقد ضعّفه الطحاوي بعمر المذكور وقال: (ثم هو منكر أيضًا؛ لأن عروة لما أخبره مروان، عن بسرة بالحديث لم يكن عرفه قبل ذلك، لا عن عائشة -رضي الله عنها- ولا عن غيرها). وبنحو هذا أعلّه أبو حاتم الرازي، لمّا سأله ابنه عنه فقال كما في "العلل": (إنما يرويه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهما أحد، وهذا يدل على وهن الحديث). قلت: وليس ذلك بلازم، لأنّ الواقع قد يكون أن عروة لم يكن عنده علم بهذا الأمر مطلقًا حتى سمعه من مروان، وحدثه به عن بُسْرَة بنت صفوان، فلما علم عروة ذلك من جهتهما، سأل عنه خالته عائشة -رضي الله عنها- فحدثته بمثل ذلك كما حدثه به أيضًا زيد بن خالد الجهني، إما بسؤال منه أو ابتداء، فأي موجب لوهن الحديث بروايته عن عائشة بعد روايته إياه عن بسرة.

ويؤيد هذا ورود الحديث عن عائشة موقوفًا بالسند الصحيح أنها قالت: "إذا مسّت المرأة فرجها بيدها فعليها الوضوء". رواه الحاكم، والبيهقي، من رواية عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عنها. أما ما رواه الدارقطني، من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري، عن هشام بن عروة، عن أبيه عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويْلٌ للَّذينَ يَمَسُّونَ فرُوجَهُمْ ثمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضأون، قالت عائشة بأبي وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء، قال: إذا مَسَّتْ إحْدَاكُنَّ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأ لِلصَّلَاةِ" فحديث كذب موضوع لأن عبد الرحمن بن عبد الله كذاب. 9 - وحديث ابن عباس، قال الحافظ: (رواه البيهقي من جهة ابن عدي في "الكامل" وفي إسناده الضحاك بن حمزة، وهو منكر الحديث). قلت: ليس هو عند البيهقي في "السنن" وقد خرّجه في الخلافيات، وسهى الحافظ أن ينص على ذلك أو تبع الأصل المخرّج للرافعي، فإن البيهقي في

"السنن" لم يخرج إلا أثرًا موقوفًا من طريق شعبة، عن قتادة قال: كان ابن عمر وابن عباس يقولان في الرجل يمس ذكره يتوضأ، قال شعبة: فقلت لقتادة عمن هذا فقال: عن عطاء. قلت: والمرفوع أخرجه الخطيب في "التاريخ" من طريق الضحاك المذكور قال: حدثنا هيثم بن جميل، ثنا أبو هلال الراسبي، عن أبي بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من مسّ ذكره فليتوضأ". 10 - وحديث أبي أيُّوبَ، رواه ابن ماجه من طريق إسْحَاقَ بنِ أبي فَرْوَةَ، عن الزُّهْرِيِّ، عنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدٍ القَارِيَّ، عن أبي أيُّوبَ مَرْفُوعًا مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأ"، وإسحاق بن أبي فروة ضعيف. 11 - وحديث سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاص، ذكره الحاكم، في "المستدرك" في أسماء من روى الحديث مرفوعًا من الصحابة ولم يخرجه، وعزاه الحافظ السيوطي في "الأزهار المتناثرة"، إلى تخريجه فوهم في ذلك، وهو في "الموطأ" عن سعد موقوفًا عليه، ومن طريق مالك خرّجه البيهقي.

12 - وحديث طلق بن علي، رواه الطبراني في "الكبير" قال: حدثنا الحسن ابن علي الفسوي، ثنا حماد بن محمد الحنفي، ثنا أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأ" ثم قال: (لم يروه عن أيوب بن عتبة، إلّا حمّاد بن محمد وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد، وهما عندي صحيحان ويشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي - صلى الله عليه وسلم -يعني الآتي- قبل هذا، ثم سمع هذا بعد، فوافق حديث بُسْرَةَ، وأم حَبِيبَةَ، وأَبِي هرَيْرَةَ، وزيدِ بن خالدٍ الجُهَنِيَّ، وغيرهم ممن روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر بالوضوء من مس الذكر، فسمع الناسخ والمنسوخ). 13 - وحديث أرْوَى بنتِ أنَيْس، قال الحافظ: (رواه البيهقي من طريق هشام أبي المقدام، عن هشام بن عروة، عن أبيه عنها قال: وهذا خطأ، وسأل الترمذي البخاري عنه فقال: ما تصنع بهذا؟ لا تشغل به)، قلت: وليس هو أيضًا في "السنن" فلعلّه في "الخلافيات" وسهى عن ذكره. وقد خرّجه أيضًا ابن السكن, والدارقطني في "العلل" من هذا الوجه وقال: أولهما لا يثبت، ولم يحدث به عن هشام بن عروة، غير أبي المقدام، وهو بصري ضعيف.

14 - وحديث الرجل من الأنصار، خرّجه إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني، أخبرنا ابن جريج قال: وقال يحيى بن أبي كثير عن رجل من الأنصار، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى ثم عاد في مجلسه، فتوضأ، ثم أعاد الصلاة فقال: "إِنّي كُنْتُ مَسَسْتُ ذَكَرِي فَنَسِيتُ"، ورواه عبد الرزاق في "المصنف" عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا، لم يذكر الرجل من الأنصار. وفي "الموطأ" عن نافِعٍ، عن سَالِمٍ، عن ابنِ عُمَرَ نحو هذا من فعله. 15 - وحديث أم سلمة، ذكره الحاكم في "المستدرك"، وعزاه الحافظ السيوطي في "الأزهار المتناثرة" إليه تخريجًا فأساء. وأحاديث الباقين، ذكرها ابن منده فيما نقله الحافظ.

79 - حديث طَلْقِ بن علي قال: "قَدِمْنَا عَلَى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعِنْدَهُ رجُلٌ كَأنَّهُ بَدَوِيُّ، فقالَ: يا رسول الله: ما ترى في مَسَّ الرّجُلِ ذَكَرَهُ بعدَ أنْ يَتَوَضَّأ؟ فقالَ: وَهَلْ هُوَ إلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ؟ ". قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود، والترمذي، وصحّحه كثير من أهل العلم الكوفيون وغيرهم. قلت: أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وابن

ماجه، وابن حبان، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني, والحاكم، والبيهقي، والحازمي وجماعة. وصحّحه أيضًا ابن حبان،

الوضوء من أكل ما مست النار

الوضوء من أكل ما مست النار والطبراني، والفلاس، وابن حزم، وغيرهم. وضعفه الشافعي، وأبو حاتم، وبو زرعة، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي وهو حديث منسوخ فلا حاجة الى الإطالة بتحقيقه وإثبات صحّته أو ضعفه.

80 - قوله: (اختلف الصدر الأوّل في إيجاب الوضوء من كل ما مسّته النار لاختلاف الآثار الواردة بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). قلت: وهي كثيرة متواترة من الجانبين، فحديث الوضوء مما مست النار أو مما غيرت النار، ورد: 1 - من حديث زيد بن ثابت: أخرجه أحمد، والدارمي، ومسلم، والنسائي، والطبراني. 2 - ومن حديث أبي هريرة: أخرجه أبو داود الطيالسي، وأحمد ,

ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والباغندي، في "مسند" عمر بن عبد العزيز، وأبو نُعَيْم في "الحلية". 3 - ومن حديث عائشة: أخرجه أحمد، ومسلم، وابن ماجه. 4 - ومن حديث أبي أيوب الأنصاري: أخرجه النسائي، والطبراني،

والحاكم، في "علوم الحديث"، ورجاله رجال الصحيح. 5 - ومن حديث أنس بن مالك: أخرجه ابن ماجه، والبزار، والطبراني في "الأوسط" من وجهين عنه. 6 - ومن حديث سهل بن الحنظلية: رواه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح، عن سليمان بن عبد الرحمن أبي الربيع، عن القاسم مولى معاوية، عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أكل لحمًا فليتوضأ" ولما ذكره الحافظ أبو الحسن الهيثمي في "الزوئد" قال: (رواه أحمد، من طريق سليمان بن أبي الربيع، عن القاسم بن عبد الرحمن، وسليمان لم أر من ترجمه، والقاسم مختلف في الاحتجاج به) قلت: سليمان معروف مترجم في "التهذيب" لأنه من رجال الأربعة، وهو ثقة روى عنه شعبة، والليث، وابن لهيعة، وجماعة ووثقه ابن معين وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي وآخرون.

7 - ومن حديث أبي موسى: خرّجه أحمد، والطبراني في "الأوسط" من رواية المبارك، عن الحسن عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "توضأوا مما غيرت النار لونه". 8 - ومن حديث أم سلمة: خرّجه أحمد، والطبراني كلاهما من رواية محمد بن طحلاء قال: قلت لأبي سلمة أن ظئرك سليم لا يتوضأ مما مست النار، فضرب صدر سليم وقال: أشهد على أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كانت تشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ مما مست النار". قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في "الزوائد" (رجال الطبراني موثقون لأنه من رواية محمد بن طحلاء، عن أبي سلمة، وأبو سليمان الذي في "مسند أحمد" لا أعرفه، ولم أر من ترجمه). قلت: الذي في "مسند" أحمد أيضًا أبو سلمة وإنما تحرف على الحافظ نور الدين في نسخته بأبي سليمان، فسند أحمد والطبراني واحد، إلا أنه غلط من أصله، وصوابه قول أبي سلمة أشهد على أم سلمة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتوضأ مما مسته النار" فسقط منه كلمة (لا)؛ لأن أم سلمة - رضي الله عنها - كانت تنكر على من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء مما مست النار، وأخبرت "أنه كان يأكل عندها ما مسّته النار، ثم يصلي ولا يتوضأ" كما سيأتي.

9 - ومن حديث ابن عمر: رواه البزار، والطبراني في "الأوسط" "والكبير" من رواية العلاء بن سليمان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، والعلاء ضعيف، لكن تابعه عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم المهري، عن عقيل، عن الزهري، ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" وقال: (الصحيح عندي ما رواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه موقوفًا). 10 - ومن حديث عبد الله بن زيد: أخرجه الطبراني بسند صحيح. 11 - ومن حديث أبي سعد الخير: بسكون العين، ويقال أبو سعيد بزيادة الياء، قال البخاري في "الكنى المفرد": ثنا دحيم، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الوليد عن عبد الرحمن بن أبي السائب قال: سمعت فراسًا الشيباني قال: سمعت أبا سعيد الخير يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "توضأوا مما مست النار وغلت به

المراجل" ورواه الدولابي في "الكنى" ثنا هلال بن العلاء أبو عمر، ثنا علي بن بحر بن بري، ثنا الوليد بن الوليد بن مسلم به مطولًا. 12 - ومن حديث أم حبيبة: أخرجه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والطبراني. 13 - ومن حديث سلمة بن سلامة بن وقش: رواه الطبراني في "الكبير" والحازمي من طريقه، والبيهقي في "السنن". فصل: أما الآثار الواردة بترك الوضوء مما مست النار، فوقعت لنا من حديث نحو خمسين صحابيًا أذكرهم مرتّبين على حروف المعجم:

1 - أُبَيُّ بن كعب: رواه أحمد، والدولابي في "الكنى" والبيهقي في "السنن"، وصيغة الرفع انما هي عند أحمد ورجاله ثقات. 2 - أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: رواه أحمد، وابن ماجه، إلّا أن الداخل في الباب هو لفظ أحمد وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا في لحوم الإبل. 3 - أنَسُ بن مالِك: رواه أحمد، لكن من روايته عن أبي طلحة وأُبيّ بن كعب، فإنه أكل معهما خبزًا ولحمًا، ثم أراد أن يتوضأ، فأخبراه أنه خيرًا منه كان لا يتوضأ مما مست النار يعنيان النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4 - البَرَاءُ بن عَازِبٍ: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي,

وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي في "السنن" و"المعرفة" وسيأتي. 5 - جابرُ بنُ سَمُرَة: رواه أحمد، ومسلم، وابن ماجه، وابن الجارود, والبيهقي في "السنن" و"المعرفة". 6 - جَابِرُ بنُ عَبْدِ الله: رواه الطيالسي، وأحمد، وأبو داود,

والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي, والدولابي في "الكنى"، والبيهقي في "السنن" و"المعرفة" وحديثه من أصرح الأحاديث في النسخ، لأن في بعض طرقه، "كان آخرَ الأمْرَيْنِ مِنْ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ" 7 - الحسن بن علي -عليهما السلام-: رواه الطبراني في "الكبير". 8 - الحسين بن علي -عليهما السلام-: قال أبو نُعَيْمْ في "تاريخ أصبهان": حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن تميم، ثنا محمد بن حُمَيْد، ثنا مِهْران، ثنا غِياث بن المسيَّب وأثنى عليه خيرًا، عن أبي إسحاق، عن الحسين بن علي، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - "كان يأكل وبيده عرق فسمع إقامة الصلاة فألقى

العرق على الخوان ثم مسح يده إحداهما على الأخرى فقام إلى الصلاة ولم يتوضأ". 9 - ذُو الغرَّةِ الجهني: رواه أحمد، وابنه عبد الله، والطبراني , والبغوي وجماعة وسيأتي. 10 - رافع بن خديج: رواه الطبراني في الكبير من وجهين عنه. 11 - سليك الغطفاني: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه جابر الجعفي ضعفوه لأجل التشيع، ووثقه شعبة، والثوري وغيرهما. ويأتي الكلام عليه.

12 - سمرة السوائي والد جابر: رواه الطبراني في "الكبير" بسند حسن ويأتي. 13 - سويد بن النعمان: رواه مالك في "الموطأ" والبخاري، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار" والبيهقي في "المعرفة" والحازمي في "الاعتبار". 14 - صفية بنت حيي: قال الدولابي في "الكنى": حدثنا يزيد بن سنان، ثنا أبو الهيثم العلاء بن سلمة، ثنا جعفر بن سليمان، عن داود بن أبي هند، عن إسحاق الهاشمي قال: حدثتني صفيّة قالت: "دخل علىَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرَّبت إليه كتف لحم فأكلها ثم قام فصلى". ورواه أبو يعلى، والطبراني وقالا: "فقرّبت إليه كتفًا

باردًا فكنت أسحاها، فاكلها، ثم قام فصلّى" ورجاله ثقات. 15 - ضباعة بنت الزبير: رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات، الا أنه وقع في سنده اختلاف كما ذكره ابن منده في "الصحابة". 16 - طلحة بن عبيد الله: رواه أبو يعلى وفيه راو لم يسمّ، ويأتي لفظه. 17 - عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما -: رواه أحمد، ثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عكرمة، وابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بالقدر، فيأخذ العرق فيصيب منه ثم يصلّي ولم يتوضأ ولم يمسّ ماء". وكذلك رواه البزار وأبو يعلى وسنده صحيح. 18 - عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي: رواه أحمد , وأبو داود ,

والدولابي في "الكنى" والطحاوي في "معاني الآثار" وأبو نعيم في "الحلية". 19 - عبد الله بن عباس: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد , والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي وابن ماجه ,وابن الجارود, والطحاوي وأبو العباس ابن سريج في "جزئه"، وأبو نُعَيْم في "الحلية" وفي "تاريخ أصبهان" والبيهقي، وجماعة وهو من أشهر أحاديث

الباب، عنه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ". 20 - عبد الله بن عمر: رواه ابن ماجه، وأبو حاتم في "العلل" وأسنده الذهبي في "التذكرة"، ويأتي لفظه. 21 - عبد الله بن مسعود: قال أحمد: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، أنبأنا إسماعيل، أخبرني عمر بن أبي عمرو، عن عبيد الله، وحمزة ابني عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود، "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل اللحم ثم يقوم الى الصلاة ولا يمس ماء". وكذلك رواه أبو يعلى. 22 - عثمان بن عفان: رواه أحمد، والبزار، وأبو يعلى. 23 - عكراش بن ذؤيب: قال الدولابي في "الكنى": حدثنا محمد بن

بشار، ثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك أبو الهذيل، ثنا عبيد الله بن عكراش بن ذؤيب، عن أبيه قال: "أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، وانطلق بي إلى منزل أم سلمة [زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -] فقال: هل من طعام فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوزرة، فأكلنا ثم أتينا بماء فغسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم مسح ببلل كفّيه وجهه وذراعيه ثم قال: يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار". ورواه الترمذي، وابن ماجه، كلاهما عن محمد بن بشار أيضًا، إلا أنه عند ابن ماجه مختصرًا لم يذكر فيه محل الشاهد، وعند الترمذي مطوّلًا أكثر مما رواه الدولابي، ثم قال الترمذي: (هذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل، وقد تفرد العلاء بهذا الحديث). قلت: وهو وشيخه ضعيفان، ولهذا قال البخاري عن هذا الحديث: أنه لا يثبت. بل قال عباس ابن عبد العظيم: (إن العلاء بن الفضل وضعه على عبيد الله بن عكراش وأثر النكارة ظاهر عليه)، فلا يبعد ما قاله العباس، بل هو الواقع إن شاء الله.

24 - علي بن أبي طالب: رواه أبو يعلى وسنده حسن. 25 - عمرو بن أميّة الضمري: رواه أبو داود الطيالسي وأحمد، والدارمي والبخاري، ومسلم , والشافعي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي, وابن بشران في "أماليه"، والبيهقي وجماعة. 26 - عمرو بن عبيد الله الحضرمي: رواه أحمد، والطحاوي في "معاني

الآثار" والبغوي في "معجم الصحابة"، وابن السكن، والباوردي، وابن منده، وقال البخاري: لا يصح حديثه، وقال ابن عبد البر: لا أعرفه بغير هذا الحديث وفيه نظر، وضعف البخاري إسناده. 27 - عمرة بنت حرام: رواه الطبراني في "الكبير"، وابن أبي عاصم في "الآحاد" عن جمعة محمد بن ثابت البناني، عن محمد بن المنكدر، عن جابر عنها، ومحمد بن ثابت فيه مقال. 28 - فاطمة الزهراء -صلى الله عليها وسلم- قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكل عرقًا فجاء بلال بالأذان فقام ليصلي فأخذت بثوبه فقلت يا رسول الله ألا تتوضأ فقال: "مم أتوضأ يا بنيّه فقلت: مما مست النار، فقال: أو ليس أطيب طعامكم ما مسته النار". رواه أحمد وأبو يعلى، قال الحافظ نور الدين في "الزوائد"، (والحسن بن أبي الحسن ولد بعد وفاة فاطمة، والحديث منقطع) قلت: كذا وقع عنده: الحسن بن أبي الحسن يعني البصري، والذي في الإِسناد الحسن بن الحسن يعني ابن علي بن أبي طالب فإِن أحمد رواه من طريق محمد بن إسحاق، عن أبيه،

عن الحسن بن الحسن، عن فاطمة وإسحاق بن يسار والد محمد، يروي عن الحسن بن علي نفسه. فالحديث على كل حال مأخوذ عن أبيه عن والدته. 29 - محمد بن سلمة: رواه الطبراني في "الكبير" ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار"، والبيهقي في "السنن" من رواية قريش، عن يونس، عن أبي خالد وبعضهم قال: عن أبي خلدة، عن محمد بن مسلمة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل آخر أمره لحمًا ثم صلّى ولم يتوضأ". ويونس المذكور ذكره البخاري في "التاريخ" ولم يذكر فيه جرحًا. 30 - معاذ بن جبل: رواه الطبراني في "الكبير" من جهة مُطَرِّفِ بنِ مازِن، وقد كذبه يحيى بن معين، ووثقه غيره، وقيل كان صالحًا فيه غفلة.

31 - معاوية بن أبي سفيان: رواه أبو يعلى وفيه راو لم يسمّ. 32 - معقل بن يسار: رواه الدولابي في "الكنى" من طريق أحمد بن حنبل لكنه موقوف. 33 - المغيرة بن شعبة: رواه أبو داود في "السنن" وله حديث آخر رواه أبو نُعَيْم في "الحلية" في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي، والحازمي في: "الاعتبار". 34 - ميمونة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: رواه أحمد، والبخاري، ومسلم. 35 - هند بنت سعيد بن أبي سعيد الخدري: عن عمتها أخت أبي سعيد أخرجه

الطحاوي في "معاني الآثار"، والدولابي في "الكنى"، والطبراني في "الكبير" بسند صحيح. 36 - أبو أمامة: رواه الطبراني في "الكبير" من وجهين عنه. 37 - أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: ذكره الترمذي، في الباب وقال: (لا يصح من قبل إسناده، إنما رواه حُسَامُ بنُ مِصَكًّ، عن ابن سيرينَ، عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحيح إنما هو عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: وليس كما قال، بل ورد الحديث عن أبي بكر من وجه آخر كما سأذكره. ورواية حُسَام بن مِصَكّ خرجها البزار، وأبو يعلى. أما الطريق الآخر فقال الدولابي في

"الكنى"، حدثنا محمد بن عوف الطائي، ثنا موسى بن أيوب النصيبي، ثنا أبو شعيب يوسف بن شعيب الخولاني يسكن اللاذقية، ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية، عن جابر بن عبد الله، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: "أنّه أكل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمًا فصلّى ولم يتوضأ". ورواه الطحاوي من طرق كثيرة، والبيهقي، عن جابر موقوفًا على أبي بكر من فعله وفي بعض طرقه زيادة عمر أيضًا. 38 - أبو رافع: رواه أحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير"، ومسلم، والطحاوي في "معاني الآثار". 39 - أبو سعيد الخدري: قال الدولابي في "الكنى"، أخبرني النسائي أنبأنا عبد الرحمن بن إبراهيم، ثنا مروان بن معاوية، ثنا أبو المغيرة هلال بن ميمون الرملي، أنه سمع عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعرق عظمًا وصلى للناس ولم يتوضأ".

40 - أبو طلحة: رواه أحمد , من رواية أنس بن مالك عنه. 41 - أبو هريرة: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد , وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي. 42 - أم حكيم بنت الزبير: رواه أحمد والحارث بن أبي أسامة في "مسنديهما"، والطحاوي، والطبراني، وأبو طاهر المخلص في "فوائده" وغيرهم. 43 - أم سلمة -رضي الله عنها-: رواه أحمد، والحارث في "مسنديهما"

والنسائي، وابن ماجه , والطحاوي، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي من أوجه. 44 - أم سليم: رواه الطبراني في "الكبير" من جهة محمد بن يوسف عنها، قال الحافظ أبو الحسن الهيثمي في "الزوائد": (ولم أر من ذكر محمدًا هذا). قلت: الغالب على الظن أنه محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. 45 - أم عامر بنت يزيد بن السكن: ذكره الحافظ نور الدين في "مجمع الزوائد" وقال: (رواه الطبراني في "الكبير" من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي خليفة، عن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عنها، ولم أجد من ذكر هذين) ا. هـ. وهذا غريب منه من وجهين. أحدها: أنه لم يعز الحديث لأحمد وهو في "مسنده" قال: حدثنا أبو عامر، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، ثنا عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأشهلي، عن

أم عامر بنت يزيد امرأة من المبايعات: "أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بِعَرْقٍ في مسجد بني فلان، فتعرّقه ثم قام فصلى ولم يتوضأ". وهكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات" والطحاوي في "معاني الآثار" وقاسم بن أصبغ في "المصنف". ثانيهما: أن إبراهيم بن إسماعيل هو ابن أبي حبيبة، لا خليفة، وهو معروف مشهور وله ترجمة في "التهذيب" مختلف فيه، وكذلك لشيخه عبد الرحمن ترجمة في "التهذيب" (4). 46 - أم مبشر: رواه الطبراني في "الكبير". 47 - أم هانئ: رواه الطبراني في "الأوسط" "والكبير". 48 - بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال الطحاوي: حدثنا ابن خزيمة، ثنا حجاج، ثنا عمارة بن زاذان، عن محمد بن المنكدر قال: دخلت على فلانة بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سماها ونسيت، قالت: "دخل علىَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي بطن معلق فقال: "لو طبخت لنا من هذا البطن كذا وكذا قالت فصنعناه فأكل ولم يتوضأ". ورواه أيضًا عن ربيع المؤذن، ثنا أسد، ثنا عمارة به لكنه قال عن محمد بن المنكدر قال: دخلت على بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: حدثيني في شيء مما غيّرت النار،

فقالت: "قَلَّ ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا إلا قلينا جَنَّة تكون بالمدينة فيأكل منها ويصلي ولا يتوضأ". * * * 81 - حديث جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار". قال ابن رشد: خرّجه أبو داود. قلت: وكذا النسائي، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي، كلهم من رواية شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، وقال ابن أبي حاتم في "العلل": (سمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن إنما هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتفًا ولم يتوضأ. كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر، عن جابر ويحتمل

أن يكون شعيب حدّث به من حفظه، فوهم فيه). قلت: وقد رواه ابن جريج، كما عند أبي داود وغيره، وسفيان بن عيينة؛ كما عند الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي , وعلي بن زيد؛ كما عند أحمد، وروح بن القاسم؛ كما عند الطحاوي، وعبد الله بن محمد أبي علقمة كما عند الدولابي. وأسامة بن زيد وابن سمعان كما عند البيهقي. كلهم عن محمد بن المنكدر عن جابر بنحو ما قال أبو حاتم مطولًا ومختصرًا. ولهذا قال أبو داود في الحديث (أنه اختصار من الأول)، وقد أُعِلَّ الحديث من أصله، بأن محمد بن المنكدر لم يسمعه من جابر، قال الشافعي في "سنن حرملة": (لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل) عن جابر، قال البيهقي في "المعرفة" (وهذا الذي قاله الشافعي محتمل وذاك لأن صاحبي "الصحيح" لم يخرّجا هذا الحديث من جهة محمد بن المنكدر، عن جابر في "الصحيح"، مع كون إسناده من شرطهما، ولأن عبد الله بن محمد بن عقيل، قد رواه أيضًا عن جابر، رواه عنه

جماعة). قلت: وخرّجه من طريقه أبو داود الطيالسي، والطحاوي، والدولابي. قال البيهقي: (إلا أنه قد روي عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق، ومحمد بن بكر، عن ابن جريج، عن ابن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكروا هذا الحديث، وإن لم يكن ذكر السماع فيه، وهمًا من ابن جريج، فالحديث صحيح على شرط صاحبي "الصحيح" والله أعلم) ا. هـ. قلت: وقد سبق حديث محمد بن مسلمة، وهو بنحو لفظ حديث الباب، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل آخر أمره لحمًا ثم صلّى ولم يتوضأ". * * * 82 - قوله: (ذهب قوم من أهل الحديث أحمد وإسحاق وطائفة غيرهم أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الجزور لثبوت الحديث الوارد بذلك عنه -عليه الصلاة والسلام-).

الوضوء من الضحك في الصلاة

الوضوء من الضحك في الصلاة قلت: ورد من حديث ثمانية من الصحابة: الأول: جابر بن سَمُرَةَ؛ أخرجه أحمد، ومسلم، وابن ماجه، وابن الجارود في "المنتقى"، والبيهقي في "السنن" "ومعرفة الآثار" كلهم من طريق جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، "أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا، قال: فأصلي في مراح الغنم؟، قال: نعم، قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، قال: فأصلي في أعطانها؟ قال: لا". ولفظ ابن ماجه: "أمَرَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نتَوَضَأ مِنْ لُحُومِ الإبِلِ وَلَا نَتَوَضَأ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ". الثاني: البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن

ماجه وابن الجارود، وابن حبان، وابن خزيمة، والبيهقي في "السنن" "والمعرفة" كلهم من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه قال: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء من لحوم الإِبل فقال: توضأوا منها وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم فقال لا تتوضأوا منها". وقال الترمذي: (قال إسحاق بن راهويه: أصح ما في الباب، حديثان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث البراء، وحديث جابر بن سمرة). وقال ابن خزيمة: (لم أر خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا الخبر أيضًا صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه). وأسنده البيهقي في "السنن" عنه، وقال أيضًا: (وبلغني عن أحمد بن حنبل، وإِسحاق بن راهويه أنهما قالا: قد صحّ في هذا الباب، حديثان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث البراء بن عازب، وحديث

جابر بن سمرة). وقال في "المعرفة": (حكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه: إن صحّ الحديث في الوضوء من لحوم الإِبل قلت به -قال البيهقي- وقد صحّ فيه حديثان عند أكثر أهل العلم، حديث جابر بن سمرة، وحديث البراء). الثالث: ذو الغرة: قال أحمد: (حدثنا عمرو بن محمد الناقد، ثنا عبيدة بن حميد الضبي، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة قال: "عرض" أعرابي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير فقال يا رسول الله: تدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل أفنصلي فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا، قال: أفنتوضأ من لحومها قال: نعم" الحديث. ورواه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"، في موضع آخر منفردًا عن عمرو بن محمد الناقد فقال: حدثنا عبيدة بن حميد، عن عبيدة الضبي، عن عبد الله بن عبد الله قاضي الري، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به. وقد ذكر هذا الحديث الترمذي فقال: (وروى عبيدة الضَّبِّيُّ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغُرَّةِ) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس بشيء، وذو الغرة لا يدرى من هو. قال البيهقي: (وعبيدة الضبي ليس بالقوي). قلت وقد رواه ابن السكن، وابن شاهين في "الصحابة" من طريق عيسى بن عبد

الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، عن يعيش الجهني، ويعرف بذي الغرة. وكذلك رواه محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن يعيش الجهني فيبرئ عبيدة بن معتب الضبي من عهدته. الرابع: أُسَيْدُ بنُ حُضَيْر: ذكره الترمذي أيضًا فقال: (وقد روى الحجاج بن أرطاة هذا الحديث عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُسَيْدِ بنِ حُضَيْر، والصحيح حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب) قال: (وروى حماد بن سلمة هذا الحديث، عن الحجاج بن أرطاة فأخطأ فيه. وقال عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أُسَيْدِ بنِ حُضَيْر). قلت: ومن طريق حماد بن سلمة، أخرجه أحمد، والحارث بن أبي أسامة في "مسنديهما" فالأول عن عفان، والثاني عن داود بن المحبر، كلاهما عن حماد بن سلمة، أنبأنا الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "توضأوا من لحوم الإِبل ولا توضأوا من لحوم الغنم وصلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في مبارك الإبل". ورواه أحمد، وابن ماجه، وابن أبي حاتم في "العلل"، من طريق عبَّادِ بن العَوَّامِ، ثنا الحَجَّاج، عن عبدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ مَوْلى بني هَاشم، عن عَبْد الرْحمن بن أبي لَيْلَى به،

لكنه قال في متنه: "سُئِلَ عن ألبان الإبل قال: توضأوا من ألبانها، وسئل عن ألبان الغنم فقال: لا توضأوا من ألبانها" وهذا اللفظ وهم بلا شك. الخامس: سليك الغطفاني: رواه الطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم في "المعرفة" من طريق جابر الجعفي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضًا، عن سليك الغطفاني، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "توضأوا من لحوم الإبل، ولا توضأوا من لحوم الغنم وصلوا في مرابض الغنم، ولا تصلّوا في مبارك الإبل". وجابر الجعفي متكلم فيه وقد سأل ابن أبي حاتم أباه كما في "علله"، عن طريق الثلاثة، طريق ذي الغرة، وطريق أسيد بن حضير، وطريق سليك الغطفاني هذا أيها الصحيح؟ فقال: (الصحيح ما رواه الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب -قال: والأعمش أحفظ). السادس: عبد الله بن عمر: رواه ابن ماجه، من طريق بقية بن الوليد، عن خالد بن يزيد بن عمر، والبزار، عن عطاء بن السائب قال: سمعت محارب بن دثار يقول: سمعت عبد الله بن عمر، يقول، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "توضأوا من ألبان الإِبل، ولا توضأوا من ألبان الغنم وصلوا في مراح الغنم ولا تصلوا في معاطن

الإِبل". وأخرجه الذهبي في "التذكرة" في ترجمة يزيد بن عبد ربه الجرجسي من هذا الوجه، ولكنه قال: "توضأوا من لحوم الإِبل، ولا توضأوا من لحوم الغنم وتوضأوا من ألبان الإِبل ولا توضأوا من ألبان الغنم" الحديث. وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" من غير طريق بقية، بل من طريق أحمد بن عبدة، عن يحيى بن كثير أبي النضر، عن عطاء بن السائب به، بلفظ "توضأوا من لحوم الإِبل ولا توضأوا من لحوم الغنم". ثم قال: (سمعت أبي يقول: كنت أنكر هذا الحديث لتفرده، فوجدت له أصلًا، حديث ابن المصفى، عن بقية قال: حدثني فلان سماه، عن عطاء بن السائب، فذكره قال: وحدثني عبيد الله بن سعد الزهري، حدثني عمي يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن السائب الثقفي أنه سمع محارب بن دثار، يذكر عن ابن عمر بنحو هذا ولم يرفعه، قال وهو أشبه موقوف). قلت: لا والله بل المرفوع أشبه، والموقوف باطل ولا معنى لأن يكون أشبه ولا هذا أمر يدخله الرأي حتى يكون موقوفًا. السابع: سمرة السوائي والد جابر بن سمرة: قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: "إنّا أهل بادية وماشية فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟ قال: نعم. قلت: فهل نتوضأ من لحوم الغنم وألبانها؟ قال: لا". رواه الطبراني وحسّنه الحافظ أبو الحسن الهيثمي.

الثامن: طلحة بن عبيد الله: قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ من ألبان الإِبل ولحومها ولا يتوضأ من ألبان الغنم ولحومها ويصلي في مرابضها" رواه أبو يعلى من طريق مولى لموسى بن طلحة، أو عن ابن لموسى بن طلحة، عن أبيه عن جده، وهذا المبهم لا يعرف. * * * 83 - حديث: مرسل أبي العالية "أن قومًا ضحكوا في الصلاة فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الوضوء والصلاة". قال ابن رشد: وهو مرسل صحيح. قلت: هو كذلك أخرجه عبد الرزاق، ثنا معمر، عن قتادة عنه "أن أعمى تَردَّى في بئر والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه، فضحك بعض من كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان ضحك منهم أن يعيد الوضوء والصلاة". ورواه الدارقطني من أوجه أخرى صحيحة عنه، ولكن مراسيله ساقطة باتفاق أهل المعرفة من السلف وغيرهم، وقد أطال الدارقطني في بيان علل هذا الحديث وطرقه الكثيرة في

"سننه" فكفى وشفى. وكذلك البيهقي في "السنن" وقال في "المعرفة": (قال الشافعي: وقال بعض الناس -يعني أبا حنيفة- من ضحك في الصلاة فعليه الوضوء ويستأنف. قال الشافعي: ولو ثبت عندنا الحديث بما يقول لقلنا به، والذي يزعم أن عليه الوضوء يزعم أن القياس أن لا ينتقض، ولكنه زعم تبع الآثار فلو كان يتبع منها الصحيح المعروف، كان بذلك عندنا حميدًا، ولكنه يرد منها الصحيحَ الموصولَ المعروفَ، ويقبل الضعيف المنقطع .. أخبرنا الثقة عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمر رجلًا ضحك في الصلاة أن يعيدَ الوضوءَ والصلاة". قال الشافعي: فلم نقبل هذا؛ لأنه مرسل. ثم أخبرنا الثقة عن معمر، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث. . . فلما أمكن في ابن شهاب أن يكون يروي عن سليمان -بن أرقم- لم يؤمن مثل هذا على غيره -قال البيهقي- وإنما قال هذا في كلام طويل ذكره في بيان عوار المراسيل، فإِن الزهري يروي بعد الصحابة، عن خيار التابعين، ثم يرسل عن مثل سليمان بن أرقم وهو فيما بين أهل العلم بالحديث ضعيف؛ ولذلك قال يحيى بن معين وغيره: مرسل الزهري ليس بشيء -قال البيهقي- وقد رواه جماعة عن الحسن البصري مرسلًا ورواه الحسن بن دينار، وهو ضعيف، عن الحسن، عن أبي المليح بن أُسامة، عن أبيه، ورواه عمر بن قيس، وهو ضعيف، عن عمرو بن عبيد، وهو متروك، عن الحسن عن

عمران بن حصين. وكذلك رواه بقية عن محمد الخزاعي وهو مجهول عن الحسن عن عمران وروى عن عبد الكريم بن أبي أنيسة، عن الحسن، عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف، وعبد الكريم غير ثقة. ورواه سفيان بن محمد الفزاري، وهو شيخ من أهل المصيصة، ضعيف .. بإسناد له عن سليمان بن أرقم، عن الحسن عن أنس. ورواه أبو حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن معبد الجهني، ومعبد هو أول من تكلم في القدر بالبصرة وليست له صُحْبَة. ورواه غيلان بن جامع، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، عن معبد الجهني. ورواه هشيم، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين مرسلًا، والمحفوظ هذا الحديث من جهة الحسن البصري ما رواه عنه أكابر أصحابه مرسلًا. وانما أخذه الحسن عن حفص بن سليمان، عن حفصة، عن أبي العالية. ورواه أيضًا إبراهيم النخعي مرسلًا، وإنما أخذه إبراهيم عن أبي هاشم الرماني، عن أبي العالية. ورواه الحسن بن عمارة، عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، عن أبيه، وهو مما أخطأ فيه الحسن بن عمارة، إن لم يكن تعمده، فخالد الحذاء إنما رواه عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية. ورواه الحسن بن دينار مرة، وكان ضعيفًا، عن قتادة، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه، وقتادة إنما رواه عن أبي العالية، فالحديث يدور على أبي العالية الرياحي). ثم أسند من طريق الدارقطني: (ثنا أبو علي الصفّار، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: ثنا علي بن المديني قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث يدور على أبي العالية. فقلت: فقد رواه الحسن مرسلًا فقال: حدثني حماد بن زيد، عن حفص بن سليمان المنقري قال: أنا

الوضوء من زوال العقل

الوضوء من زوال العقل حدثت به الحسن، عن حفصة، عن أبي العالية. فقلت قد رواه إبراهيم مرسلًا، فقال عبد الرحمن: حدثني شريك، عن أبي هاشم قال: أنا حدثت به إبراهيم، عن أبي العالية. فقلت: قد رواه الزهري مرسلًا، فقال قرأته في كتاب ابن أخي الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن -قال البيهقي- وأبو العالية الرياحي إنما رواه مرسلًا ومراسليه عند أهل الحديث ليست بشيء لأنه كان معروفًا بالأخذ عن كل أحد ولذلك قال محمد بن سيرين كان هاهنا ثلاثة يصدِّقون كل من حدَّثهم .. الحسن، وأبو العالية، وحميد بن هلال .. ولهذا قال الشافعي -رحمه الله-: حديث أبي العالية الرِّيَاحي رِيَاح، وحديث مُجَالد يجلد، وحديث حَرَام بن عثمان حَرَام .. وإِنما أراد هذا الحديث الواحد وما يرسله فأما ما يوصله فهو فيه ثقة وحُجّة، وقد روي من أوجه أُخَر مظلمة لا تساوي ذكرها، وكان محمد بن يحيى الذهلي يقول لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضحك في الصلاة خبر ثم أسنده عن الذهلي). * * * 84 - حديث: "من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ". قال ابن رشد وهو أثر ضعيف. قلت: بل هو صحيح وإن ضعّفه كثير من الحفاظ والفقهاء المحدثين، كأحمد

وعلي بن المديني , ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، والبيهقي، والرافعي، والنووي وقال الشافعي: (إن صحّ قلت به)، وصحّحوا وقفه على أبي هريرة.

لكن حسّنه الترمذي وغيره، وصحّحه ابن حزم، وابن حبّان، والذهبي وهو الحق الذي لا يمترى فيه، فإن الحديث ورد عن جماعة من الصحابة، ولأبي هريرة منهم أسانيد متعددة، رجالها رجال الصحيح: • الأول: ومنها طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن

أبي هريرة، رواه البخاري في "التاريخ"، عن موسى بن إسماعيل. ورواه علي بن عبد العزيز البغوي في "معجمه"، ومن طريقه ابن حزم من رواية حجاج بن المنهال، ورواه ابن أبي حاتم في "العلل"، من طريق هدبة بن خالد، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة به وهو سند على شرط الصحيح، إلا أنهم أعلّوه بأنّ أصحاب محمد بن عمرو لا يرفعونه. قال ابن دقيق العيد في "الإِمام": (وأما رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فإسناد حسن، إلا أن الحفّاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفًا). قلت: لم يذكره البخاري والبيهقي إلا من رواية الدراوردي وعبد الوهاب بن عطاء، عن محمد بن عمرو موقوفًا، والحكم للرافع لاسيما وقد تعدد من رفعه من أصحاب محمد بن عمرو، ومن أصحاب أبي سلمة، ومن أصحاب أبي هريرة ممن لا يجوز الحكم على جميعهم بالغلط، وهم أيضًا ثقات. فقد رواه البزار في "مسنده" من رواية أبي بحر البكراوي، عن محمد بن عمرو كذلك. ورواه ابن لَهِيعَةَ عن حُنَيْن بن أبي حكيم، عن صفوان بن أبي سليم، عن أبي سلمة به مرفوعًا أيضًا أخرجه البيهقي، وأعلّه بابن لَهِيعَة وحنين، وزعم أنه لا يحتج بها، وابن

لَهيعَة إمام حافظ ثقة روى له أهل الصحيح، واحتجوا به وغاية الأمر أن حديثه حسن. وحُنَيْنُ ذكره ابن حبان في الثقات فحديثه حسن لو انفرد، فكيف بمتابعة الثقات فإن حديثه يكون صحيحًا ولابدّ. • الثاني: طريق سُهَيْلِ بنِ أبِي صَالِحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه الترمذي، وابن ماجه كلاهما عن مُحَمَّدِ بن عَبْدِ المَلِكِ بن أبي الشَّوَارِبِ، ثنا عبدُ العزيزِ بنُ المُخْتَار، عن سُهَيْلِ بن أبي صَالِحٍ، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن). ورواه البخاري في "التاريخ"، وابن حبان في "الصحيح" كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن سُهَيْلِ بنِ أبِي صالِحٍ به مثله. ورواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"، من طريق ابن أبي ذئب عن سُهَيْل كذلك.

ورواه أيضًا في "الحلية" من طريق حرملة، وكأنه في "سننه" قال: ثنا الشافعي، ثنا سفيان بن عيينة [عن أيوب، عن ابن سيرين]، عن سهيل بن أبي صالح به مثله. وهكذا رواه ابن جريج عن سهيل أيضًا كما ذكره البيهقي وهو سند رجاله رجال الصحيح أيضًا على شرط البخاري ومسلم، ولذلك صحّحه ابن حبان، وابن حزم، وحسنه الترمذي، وقال ابن دقيق العيد: (إنه أحسن طرق الحديث لكنه معلول، وإن صحّحه ابن حبان، وابن حزم فقد رواه سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائِدة، عن أبي هريرة). وتعقبه الحافظ بأن (إسحاق مولى زائدة أخرج له مسلم فينبغي أن يصحّ الحديث). قلت: وقد سبق أن الشافعي رواه عن سفيان فقال: عن سهيل، عن أبيه بدون ذكر إسحاق.

وكذلك رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، خرّجه البيهقي وذكره البخاري في "التاريخ" فكأنّ أبا صالح كان يحدّث به على الوجهين. وكذلك سفيان حدّث به عنه بدون ذكر إسحاق على موافقة الأكثرين؛ كما رواه الشافعي، وحدّث عنه بذكر إسحاق كما رواه أبو داود في "السنن" عن حامد بن يحيى عنه، وذكره أيضًا البخاري في "التاريخ"، وابن حزم في "المحلى" ثم قال: وإسحاق مولى زائدة ثقة مدني وتابعي، وثقه أحمد بن صالح الكوفي وغيره. ويؤيد هذا أن إسماعيل بن علية رواه أيضًا عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، رواه البخاري في "التاريخ" وذكره البيهقي في "السنن" وقال إنه رواه مرة مرفوعًا ومرة موقوفًا ا. هـ. فإنه يدل على ما قلنا من أن أبا صالح رواه على

الوجهين فأي علة في هذا فإِنه لا يخلو أن يكون الحال كما قلنا، فيكون كلّ من السندين صحيحًا، أو تكون رواية من رواه عن سهيل، عن أبي صالح عن أبي هريرة مرسلة، فتكون الرواية التي فيها زيادة إسحاق رافعة لذلك الإرسال فهي الصحيحة، فكيف تكون هي أيضًا معلولة، بل لا وجه لذلك أصلًا فهو تعليل للأحاديث الصحيحة بدون حجة، فهذا الطريق والذي قبله من أصح الأسانيد، وأما قول وهيب بن خالد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة فغير محفوظ، أخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن مهران الضرير، عن عفان بن مسلم، عن وهيب به، ثم قال البيهقي ولا أراه حفظه. • الثالث: طريق عبد الله بن صالح، ثنا يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا، ذكره الدارقطني في "العلل". وقال فيه نظر، وتعقّبه الحافظ بأن رواته موثقون. قلت: وكأن الدارقطني يشير إلى أنه روي عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة موقوفًا. كذلك رواه البيهقي، من طريق الأصم، عن محمد بن إسحاق الصغاني، عن عبد الله بن صالح به، لكن رواه أبو اليمان، عن شعيب عن أبي حمزة، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب "إن من السنة أن يغتسل من غسل ميتًا ويتوضأ من نزل في حفرته حين يدفن" وهو مرسل له حكم الرفع، بل قوله: (من السنة) معدود من المرفوع، فهو مؤيد لقول من رفعه عن عبد الله بن صالح. • الرابع: طريق ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن

أبي هريرة به، رواه أبو داود، والبيهقي من طريقه ثم قال: (وعمرو بن عمير إنِّما يُعْرَفُ بهذا الحديث وليس بالمشهور)، قلت: وكم من ثقة غير مشهور كهذا قبلوا أحاديثه حيث لم ينفرد بها فهذا مثلهم. • الخامس: طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. أخرجه البزار، والبيهقي، من طريق عمرو بن أبي سلمة، ثنا زهير، عن العلاء به، ثم قال البيهقي: (زهير بن محمد، قال البخاري: روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي). قلت: هذا من التعسف الظاهر، فزهير احتج به البخاري ومسلم، ووثقه الجمهور، وأثنوا عليه بالصدق، وإنما تكلم بعضهم فيما حدّث به بالشام، لكونه حدّث من حفظه فوقع فيه الوهم، لا ما حدّث به خارج الشام، والراوي عنه وإن كان شامي الأصل فهو مصري الإقامة، سكن تنيسة حتى نسب

إليها، وهو أيضًا ثقة من رجال الصحيحين، وقد ظهر من الطرق الأخرى، أن هذا الحديث لم يتهم فيه زهير فهو صحيح على شرط البخاري ومسلم. • السادس: طريق وهيب بن خالد ثنا أبو واقد عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وإسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غسله الغسل ومن حمله الوضوء" يعني الميت، أخرجه البخاري في "التاريخ" والبزار، والبيهقي، وأبو واقد الليثي ضعيف. • السابع: طريق يحيى بن أبي كثير، عن رجل يقال له: أبو إسحاق، عن أبي هريرة رواه عبد الرزاق، عن معمر عنه، ورواه أحمد، عن عبد الرزاق،

وذكره البخاري في "التاريخ" , عن معمر ثم قال: وثنا موسى بن إسماعيل، عن أبان، عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من بني ليث، عن أبي إسحاق عن أبي هريرة؛ وهكذا رواه أيضًا أحمد في "مسنده"، عن يونس عن أبان به. • الثامن: طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" وأبو داود الطيالسي وأحمد في "مسنديهما" والبيهقي في "السنن" وقال: (هذا هو المشهور من حديث ابن أبي ذئب، وصالح مولى التوامة ليس بالقوي) وتعقبه المارديني (بأنه من رواية ابن أبي ذئب عنه وقد قال ابن معين: صالح ثقة حجة، ومالك والثوري أدركاه بعدما تغير وابن أبي ذئب سمع منه قبل ذلك، وقال السعدي: حديث ابن أبي ذئب عنه مقبول؛ لتثبته وسماعه القديم منه، وقال ابن عدي: لا أعرف لصالح حديثًا منكرًا قبل الاختلاط). قلت:

فهو أيضًا سند صحيح. وقد رُوِيَ مع هذه الطرق الصحيحة من حديث خمسة من الصحابة، وهم: 1 - المغيرة بن شعبة عند أحمد. 2 - وعائشة عند ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود , والبيهقي. 3 - وحذيفة عند البيهقي. 4 - وأبي سعيد عند ابن وهب في "الجامع". 5 - وعلي في قصة موت أبيه، عند ابن أبي شيبة والشافعي،

والطيالسي، وأحمد، والنسائي، وابن الجارود، والبيهقي، وهو حديث صحيح أيضًا. وبالجملة فصحّة الحديث تكاد تكون من البديهيات لأهل العلم بالحديث مع الإنصاف وترك الاعتساف. (فائدة): قال أحمد وأبو داود، إن هذا الحديث منسوخ، واستدل لدعوى النسخ بحديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه إنه مسلم مؤمن طاهر وإن المسلم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" رواه البيهقي من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عبد الله ثم قال: (هذا ضعيف والحمل فيه على أبي شيبة كما أظن)، وتعقّبه الحافظ بأن (أبا شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس) قال: وكان البيهقي ظنّه جده إبراهيم بن عثمان، فهو المعروف بأبي شيبة أكثر مما يعرف بها

هذا، وهو المضعّف قال: فالحديث حسن. قلت: وليس كما قال الحافظ، بل الحق ما قاله البيهقي، وأن الحديث ساقط، وإن كان إبراهيم المذكور وثّقه، فقد وهم في رفعه هو أو غيره من رجال الإسناد، لأن أبا شيبة هذا، رواه عن خالد بن مخلد، ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخالفه معلى بن منصور، ومنصور بن سلمة وهما من رجال الصحيح فروياه عن سليمان بن بلال بهذا الإسناد، عن ابن عباس موقوفًا عليه من قوله رواه البيهقي, وهذا معروف عن ابن عباس من فتواه، رواه عنه عطاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة كما عند البيهقي أيضًا، فرفعه خطأ مقطوع به، وقد نقل عن عبد الله بن عمر ما يدل على عدم نسخه لكنه تأوّله فقال الليث بن سعد: بلغنا أن حديث أبي هريرة هذا ذكر لعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: يريد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن لا يشهد الجنازة إلا متوضئ، ذكره البيهقي ثم قال: (وقد روى هذا من وجه آخر عن أبي هريرة منصوصًا إلا أن إسناده ضعيف). ثم أخرجه من طريق أحمد بن عبيد الصفار صاحب "المسند"، حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد، حدثني ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد أن يحمل ميتًا فليتوضأ" وهذا خطأ لا يساعد عليه اللفظ ولا الرواية الصحيحة، فالطرق السابقة وفي بعضها "من غسله الغسل ومن حمله الوضوء". وقد روى الخطيب بسند صحيح، عن ابن عمر قال: كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل، نعم هذا يدل على أن الأمر للندب كما فهمه الصحابة، لأنه منسوخ ولا أن معناه من أراد أن يحمله يتوضأ ومن أراد غسله يغتسل.

الباب الخامس: موجبات الوضوء

الباب الخامس: موجبات الوضوء الوضوء للصلاة

الوضوء لمس المصحف

الوضوء لمس المصحف 86 - حديث عمرو بن حزم: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كتَبَ: لَا يَمَسُّ القرآنَ إِلَّا طَاهِرٌ". قال ابن رشد: وأحاديث عمرو بن حزم اختلف الناس في وجوب العمل بها لأنّها مصحّفة، ورأيت ابن المفوّز يصحّحها إذا روتها الثقات؛ لأنها كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: كتاب عمرو بن حزم كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن، مع عمرو بن حزم فيه السنن والفرائض والديات وغير ذلك، وهو مطوّل في نحو ورقة، خرّجه بطوله الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن" وخرّجه كثير من الحفاظ مفرّقًا في أبواب، منهم: مالك في "الموطأ"، وعبد الرزاق في "المصنف" و"التفسير"، وأبو

داود في "المراسيل"، والنسائي في "السنن" وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" أيضًا، والدارقطني في "السنن" وفي "غرائب مالك"، والبيهقي في "السنن" "والخلافيات"، والطبراني، وجماعة، وصحّحه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وهو الحق الذي لا يمتري فيه إلا متعسف، فإنه وإن وقع في إسناده إختلاف، في الوصل والإِرسال، واضطراب في الرواية،

في وضوء الجنب

في وضوء الجنب إلا أن ذلك كله بالنسبة لذرية عمرو بن حزم، والكتاب كان عندهم في بيتهم فكان يروى عن جميعهم ثم هو شهرته يستغنى فيه عن الإسناد، كما قال المحققون من الأئمة والحفاظ، ومن رأى أسانيده وطرقه وشهرته في كتب الحديث، عرف ثبوته وصحته بالضرورة والتعلق بكونه صحيفة من أبطل ما فاه به المتكلمون في الأحاديث وتعليلها، فإنها لو كانت صحيفة مجردة عن الرواية والإسناد لكانت صحيحة شأن الكتب المقطوع بنسبتها إلى مؤلفيها مع كونها غير مروية، فكيف وهي صحيفة مروية بالأسانيد المتداولة في أشهر كتب الحديث، ومن طريق الثقات الأثبات. ثم إن حديث الباب مع كونه في هذه الصحيفة الصحيحة المشهورة، ورد من حديث جماعة من الصحابة منهم: • عبد الله بن عمر: رواه الطبراني في "الكبير" "والصغير" والدارقطني ومن طريقه البيهقي، ورجاله ثقات.

ومنهم حكيم بن حزام: رواه الطبراني في "الأوسط" "والكبير"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "الخلافيات"، وقال الحاكم صحيح الإِسناد، وأقره الذهبي، وحسّنه الحازمي، وقال النووي: (إنه ضعيف) فلم يصب، لأن الغاية أنه من رواية سويد أبي حاتم وهو من أهل الصدق، كما قال أبو زرعة، ولذلك وثّقه ابن معين في رواية ومن كان من أهل الصدق، ولم يأت بما يخالف الثقات بل توبع على حديثه، فحديثه صحيح. • ومنهم عثمان بن أبي العاص: قال ابن أبي داود في "المصاحف":

حدثنا أحمد بن الحباب الحميري، ثنا أبو صالح الحكم بن المبارك الخاشني، ثنا راشد عن إسماعيل المكي، عن القاسم بن أبي بزة، عن عثمان بن أبي العاص قال: فيما عهد إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تمس المصحف وأنت غير طاهر". وقال الطبراني في "الكبير" حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي ثنا يعقوب بن حميد، ثنا هشام بن سليمان، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن سعيد، عن عبد الملك، عن المغيرة بن شعبة، عن عثمان بن أبي العاص، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمس القرآن إلا طاهر". • ومنهم ثوبان: أخرجه علي بن عبد العزيز البغوي في "منتخب المسند" بسند ضعيف. 87 - حديث عمر: "أنّه ذكَرَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه تُصيبُه جنابة من الليل، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تَوَضَّأ، واغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ". قال ابن رشد: وهو أيضًا مروي عنه من طريق عائشة.

قلت: أما حديث عمر فأخرجه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه وجماعة، من حديث ابن عمر قال: ذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث، رواه الترمذي من حديث ابن عمر عن عمر، "أَنَّهُ سَأَلَ النّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَينَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ، قالَ: نَعَمْ إذَا تَوَضَّأَ". وأما حديث عائشة، فلم يقع فيه لفظ الأمر إلا نادرًا، أخرجه أحمد من طريق أبي لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة بالحديث الآتي وزاد وكان يقول:

"من أراد أن ينام وهو جنب فليتوضأ وضوءه للصلاة" وهو عند الأكثرين بدون هذه الزيادة، فقد أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم من حديث أبي سلمة عنها، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام". ولفظ البخاري، عن أبي سلمة قال: "سَألْتُ عائِشَةَ: أكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قالَتْ: نَعَمْ، وَيتَوَضَّأ". وفي رواية له من حديث عروة عنها قالت: " كانَ النبىّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرادَ أَنْ ينامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأ لِلصَّلاَةِ". وفي رواية الأسود عنها قالت: "كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا كانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أنْ يَأكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ". رواه مسلم، وأبو داود , والنسائي ,

وابن ماجه. نعم ورد بلفظ الأمر أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري أنه كان تصيبه الجنابة بالليل فيريد أن ينام فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ ثم ينام، رواه ابن ماجه بسند صحيح. ونحوه حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يرقدن جنب حتى يتوضأ". رواه أحمد بسند فيه راو لم يسمّ، لكن رواه الطبراني في "الأوسط" بسند حسن عنده بلفظ "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ". وفي الباب عن جابر، وعمار بن ياسر، وابن عباس وأم سلمة وميمونة بنت سعد، وعدي بن حاتم وعبد الله بن عمرو بن العاص. • فحديث جابر: رواه ابن ماجه. • وحديث عمّار: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال حسن صحيح،

ولفظه: "أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِلجُنُبِ إذَا أرَادَ أنْ يَأَكُلَ أوْ يَشْرَبَ أوْ يَنَامَ أنْ يَتَوَضأ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ". • وحديث ابن عباس: نحوه بل قد رواه الطبراني وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو كذاب. • وحديث أم سلمة: رواه الطبراني، ولفظها "أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَإذَا أَرادَ أنْ يَطْعَمَ غَسَلَ يَدَيْهِ". ورجاله ثقات. • وحديث ميمونة بنت سعد: رواه الطبراني أيضًا قالت: "قُلْتُ يا رسُولَ اللهِ، هَلْ يَأكُلُ أَحَدُنَا وَهُو جُنُبٌ؟ قالَ: لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، هَلْ يَرْقُدُ الجُنُبُ؟ قالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ حَتى يَتَوَضَّأَ فَإنَي أَخْشَى أنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرُهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-" وفيه عثمان بن محمد الطرائفي، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن عدي: لا بأس به يروي عن مجهولين. • وحديث عدي بن حاتم: رواه الطبراني أيضًا: "سَألْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ

الجُنُبِ أَينَامُ؟ قَالَ: يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ" وسنده لا بأس به. • وحديث عبد الله بن عمرو: قال: "كَانَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم - إذَا أرادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ". رواه الطبراني، وإسناده لا بأس به أيضًا. * * * 88 - حديث ابن عباس: "أَنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء فأتي بطعام، فقالوا: ألا نأتيك بطهر؟ فقال: أأصلى فأتوضأ؟ " وفي رواية: "ألا تتوضأ؟ فقال: ما أردت الصلاة فأتوضأ". أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود،

والترمذي، والنسائي، والبيهقي، وأبو نُعَيْم في "الحلية"، وفي لفظ أبي داود، والترمذي والنسائي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ". وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه ابن ماجه، وسَنَدُهُ لا بأس به ولَفْظُهُ، "أنّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنَ الغَائِطِ فَأُتِيَ بِطَعَام فَقَالَ رَجُل يَا رَسُولَ اللهِ: أَلا آتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ فَقَالَ: لا أريد الصلاة". 89 - حديث عائشة: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ لَا يَمَسُّ المَاءَ". قال ابن رشد: إلا

أنه حديث ضعيف. قلت: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي كلهم من رواية أَبِي إسْحَاقَ، عن الأسْوَدِ، عن عَائِشَةَ. وقال أبو داود: (ثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول هذا الحديث يعني حديث أبي إسحاق خطأ).

وقال الترمذي: (وقد روى غيرُ واحد عن الأسود، عن عائشة، عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يتوضأ قبل أن ينام" وهذا أصح من حديث أبي إسحاق، وقد رَوَى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبةُ والثوريُّ، وغيرُ واحد وَيرَوْنَ أَنَّ هذا غَلَطٌ من أبي إسحاق). وقال البيهقي: (أخرجه مسلم في "الصحيح" دون قوله قبل أن يمس ماء، وذلك لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلّس، فروأها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود بخلاف رواية أبي إسحاق) ثم أسنده من جهتهما، عن الأسود عنها، "أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ وضوءه للصلاة ثم ينام"؛ ثم قال: (وحديث أبي إسحاق السبيعي صحيح من جهة الرواية، وذلك أن أبا إسحاق بيَّن سماعه من الأسود في رواية زهير بن معاوية عنه، والمدلّس إذا بيّن سماعه ممن روي عنه وكان ثقة فلا وجه لرده، وجمع بين الروايتين بوجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن سريج فأحسن الجمع، وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سألت أبا الوليد الفقيه فقلت أيها الأستاذ: قد صحّ عندنا حديث الثوري، عن أبي إسحاق، عن

الأسود عن عائشة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء".وكذلك صحّ حديث نافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله! أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ. فقال لي أبو الوليد، سألت أبا العباس بن شريح عن الحديثين فقال: الحكم بهما جميعًا. أما حديث عائشة، فإنما أرادت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يمس ماء للغسل. وأما حديث عمر فمفسر ذكر فيه الوضوء وبه نأخذ. قلت: وهذا ورد مصرحًا به، قال أحمد: حدثنا ابن نمير، ثنا حجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة حتى يصبح ولا يمسّ ماء" تريد الغسل، كما قال ابن سريج، ففيه الجمع بين الأمرين وهي رواية تحمل الإشكال. ورواية زهير التي أشار إليها البيهقي، خرّجها أحمد، ثنا حسن، ثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: سألت الأسود بن يزيد عما حدثته عاثشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان ينام أول الليل ويُحيي آخره ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم قام قبل أن يمس ماء" الحديث وهي صراحة لا تقبل الاحتمال، فالحديث صحيح على شرط الشيخين، فالعجب من قول أحمد فيما نقل عنه أنه ليس بصحيح، وبتصحيح الحاكم، والبيهقي للحديث كما سبق، يرد قول ابن مفوّز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من

أبي إسحاق. * * * 90 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ الجُنُبَ إِذَا أرَادَ أنْ يُعَاوِدَ أهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي كلّهم من حديث عاصم الأحْوَلِ، عن أَبِي المُتَوَكِّلِ، عن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَتى أَحدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا". زاد الحاكم والبيهقي، من رواية شعبة، عن عاصم، فإِنه أنشط للعود. ثم قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ،

إنما أخرجاه إلى قوله فليتوضأ فقط ولم يذكرا فيه فإنه أنشط للعود، وهذه لفظة تفرد بها شعبة عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما). قلت: وهو واهم في عزوه اليهما، إنما أخرجه مسلم وحده. * * * 91 - حديث: "أنه كان يجامع ثم يعاود ولا يتوضأ". أحمد من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت له حاجة إلى أهله أتاهم ثم يعود ولا يمس ماء". ورواه الطحاوي من طريق أبي حنيفة، وموسى بن عقبة، عن أبي إسحاق به بلفظ، "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجامع، ثم يعود ولا يتوضأ، وينام ولا يغتسل". * * * 92 - قوله: (وكذلك روي عنه منع الأكل والشرب للجنب حتى يتوضأ). تقدمت الأحاديث بذلك قريبًا في حديث عمر قبل أربع أحاديث.

الوضوء للطواف

الوضوء للطواف 93 - قوله: (وروي عنه إباحة ذلك). تقدم فيه حديث أم سلمة، قريبًا في حديث عمر. وفي الباب حديث عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب يغسل يديه ثم يأكل ويشرب" رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. * * * 94 - قوله: (ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منع الحائض الطواف كما منعها الصلاة).

البخاري، ومسلم، من حديث عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها وهي محرمة: "اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". وعند البخاري من حديث جابر غير أن لا تطوفي ولا تصلي. * * * 95 - قوله: (وقد جاء في بعض الآثار تسمية الطواف صلاة). الدارمي، والترمذي، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، وأبو

الوضوء للقراءة والذكر

الوضوء للقراءة والذكر نُعَيْم في "الحلية" وغيرهم من حديث طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّوافُ بالبَيْتِ صَلاَةٌ إلَّا أَنَّ اللهَ أَحَلَّ فِيهِ الكَلاَمَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إلَّا بِخَيْرٍ". وقال الحاكم: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه). وكذلك صحّحه ابن السكن، وابن خزيمة، وابن حبان، ووهم من ضَعَّفه، ورجح وقفه على رفعه. ورواه أحمد والنسائي من حديث طاوس عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

96 - حديث أبي جُهَيْم قال: "أقْبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَل، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى أقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي، والدارقطني وللأخير فيه روايات. وفي الباب عن جماعة كابن عمر، وأبي هريرة، وجابر، والمهاجر بن قنذف.

97 - حديث علي: "أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَحْجُزُهُ عَنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ شَيْءٌ إلَّا الجَنَابَةُ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وجماعة كلهم من طريق عَمْرو بن مُرَّةَ، عن عَبْدِ اللهِ بن سَلَمة، عن عَلِيٍّ قال: "كَانَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَحْجُبُهُ عَنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا". لفظ الدارقطني هكذا مختصر وهو عند الباقين مطوّل. وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد)، وعند الدارقطني عقبه بنفس الإسناد: (قال سفيان: قال لي شعبة: ما أحدّث بحديث أحسن منه).

وهكذا صحّحه ابن خزيمة، وابن السكن، وابن حبان، وعبد الحق، والبغوي في "شرح السنة" وغيرهم، وبهذا يعرف ما في قول النووي في "الخلاصة"، صحّحه الترمذي، وخالفه الأكثرون فضعّفوه.

2 - كتاب الغسل

2 - كتاب الغسل الباب الأول: في معرفة العمل في هذه الطهارة دلك الجسم

98 - حديث عائشة قالت: "كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يبدأ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثم يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلى شِمالِهِ فَيَغْسَلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الماءَ فَيُدْخِلُ أَصابِعَهُ في أُصولِ الشَّعَرِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلى رَأْسِه ثَلاثَ غَرَفَاتٍ، ثُمَّ يُفِيضُ الماءَ عَلى جِلْدِهِ كُلَّهُ". مالك واللفظ له، والبخاري من طريقه، وأحمد، ومسلم،

والأربعة، وغيرهم. * * * 99 - قوله: (والصِّفَةُ الوارِدَةُ عَنْ مَيْمُونَةَ قَريبَة مِنْ هَذِهِ، إلَّا أَنَّهُ أَخَّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ مِنْ أَعْضاءِ الوُضُوءِ إلى آخِرِ الطُّهْرِ). أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة، والبيهقي،

عنها قالت: "وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه ثلاثًا، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه؛ قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها وجعل ينفض الماء بيده" وللحديث عندهم ألفاظ. * * * 100 - حديث أم سلمة: "وَقَدْ سَأَلَتْهُ - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ تَنْقُضُ ضُفَر رَأسْها لِغَسْلِ الجَنَابَةِ. الحديث".

أحمد، ومسلم، والأربعة وغيرهم، عنها قالت: "قلتُ يا رسول الله إني

النية في الغسل

النية في الغسل المضمضة والاستنشاق امرأة أَشُدُّ ضَفْرَ رأسي أَفَأَنْقُضُهُ لِغَسْلِ الجَنَابَةِ قالَ: لا إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تُحثي عَلى

الترتيب والموالاة

الترتيب والموالاة رَأْسِكِ المَاءَ ثَلاثَ حَثياتٍ، ثُمَّ تُفِيضي عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ، أوقال فإذا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ". * * * 101 - حديث: "تَحْتَ كل شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَأنْقُوا البَشَرَةَ وبُلُّوا الشَّعَرَ".

أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن عدي، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي كلهم من حديث الحارث بن وجيه، عن مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جنابةٌ فبلوا الشعر"، وفي لفظ "فاغسلوا وأنقوا البشرة" وقال أبو داود: (الحارث ابن وجيه حديثه منكر، وهو ضعيف)، وكذلك ضعّفه الترمذي، والبيهقي، وقال، (أنكره أهل العلم بالحديث، البخاري، وأبو داود. وقال الشافعي هذا الحديث ليس بثابت). قلت وذلك بالنظر الى رواية الحارث بن وجيه وحده، أما بالنظر إلى متابعه وشواهده فهو ثابت صحيح، فقد رواه أبو أحمد الغطريفي في "جزئه"، ثنا أبو خليفة، ثنا أبو عمر الحوضي، ثنا الحارث بن وجيه وأخوه، عن مالك بن دينار به، وأبو عمر الحوضي ثقة

ثبت متقن للغاية، وقد حدث به عن الحارث وأخيه فدل على أنه غير منفرد به كما قال الترمذي، وهذا الأخ وإن كان غير مسمى ولا معروف لنا الآن، إلا أن للحديث شواهد من حديث عائشة، وعلي، وأبي أيوب. • فحديث عائشة: رواه أحمد، ثنا أسود بن عامر، ثنا شريك عن خصيف قال: حدثني رجل منذ ستين سنة، عن عائشة قالت: "أجْمَرْتُ رأسي إجْمَارًا شديدًا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة أما علمتِ أن على كل شعرة جنابة". وهؤلاء الرجال ثقات لولا هذا المبهم لكان على شرط الصحيح. • وحديث علي: رواه الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن خلاد، ثنا يحيى، ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي -عليه السلام-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مع كل شعرة جنابة" ولذلك عاديت شعر رأسي هكذا رواه يحيى عن حماد، ورواه أبو داود الطيالسي، عن حماد. وكذلك خرجه أحمد والدارمي، وأبو

داود، وابن ماجه، والبيهقي، وأبو نعيم، وجماعة من رواية جماعة عن حماد به، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها ماء فَعَلَ الله تعالى به كذا وكذا من النار". قال علي -رضي الله عنه-: فمن ثَمَّ عادَيْتُ شَعْرَ رَأْسي، وكان يَجُزُّ شَعرَهُ، وإسناده صحيح. • وحديث أبي أيوب: رواه ابن ماجة من حديث عُتْبَة بنِ أبي حَكِيمٍ. حدثني طلحة بن نافع، حدثني أبو أيوب الأنصاري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصَّلَواتُ الخَمْسُ، والجُمُعَةُ إلى الجُمُعَةِ وَأَدَاءُ الأمانَةِ كَفَّارَةٌ لما بينها قلت وما أداء الأمانة قال غسل الجنابة فإنّ تحت كلّ شعرة جنابة". وهذا سند رجاله رجال الصحيح، وَزَعْمُ أبي حاتِم أَنَّ طَلْحَةَ لَمْ يَسْمَعْ عن أبي أيوب يَرُدُّه تَصْرِيحُهُ هنا بالتحديث، فهذه الشواهد ترفع الحديث إلى الصحيح وترفع ما يتطرق إليه من جهة الحارث بن وجيه. * * * 102 - حديث أم سلمة: "إنَّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات".

الحديث تقدم قبل حديث.

الباب الثاني: في معرفة نواقض هذه الطهارة

الباب الثاني: في معرفة نواقض هذه الطهارة 103 - حديث أُمِّ سَلَمَة أَنّها قالت: "يا رسولَ الله: المَرْأَةُ تَرَى في المَنامِ مِثْلَ ما يَرى

الرَّجُلُ هل عَلَيْها غُسْلٌ؟ قال: نَعَمْ إذَا رَأَتْ الماءَ". متفق عليه من حديثها -رضي الله عنها-، أن أم سليم، جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء. فقالت لها أم سلمة -رضي الله عنها-، فَضَحْتِ النساءَ، الحديث وله عندهما ألفاظ. ورواه مسلم من حديث أنس، عن أمه أم سُلَيْم. ومن حديث عائشة أن أم سُلَيْم، دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت نحوه. وفي الباب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أَن أُمَّ سُلَيم سألت؛ رواه أحمد في "المسند". وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن بسرة سألت. رواه ابن أبي شيبة؛ في "المصنف".

وعن أبي هريرة أنه سأل. رواه الطبراني في "الأوسط" لكنه من رواية محمد بن عبد الرحمن القشيري، قال أبو حاتم: كان يكذب. وعن خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ أنها سَأَلَت عن ذلك أيضًا، رواه النسائي، وابن ماجه. وعن سهلة بنت سهيل أنها سألت عن ذلك أيضًا، رواه الطبراني في "الكبير" بسند حسن. * * * 104 - قوله: (ولتعليمه الغسل من الحيض لعائشة وغيرها من النساء).

الغسل من التقاء الختانين

الغسل من التقاء الختانين أما عائشة -رضي الله عنها-، ففي "صحيح البخاري" في قصَّة حيضها وهي محرمة. وأما غيرها فقد تقدّم حديث فاطمة بنت أبي حبيش في ذلك. وعند أحمد

ومسلم وأبي داود، وابن ماجة وغيرهم، من حديث عائشة أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف تغتسل من حيضتها، فذكرت أنه علمها كيف تغتسل الحديث. * * * 105 - حديث أبي هريرة: "إذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِها الأربَعِ وألْزَقَ الخِتانَ بالخِتانِ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ". قلت: هو بهذا اللفظ من حديث عائشة لا من حديث أبي هريرة أخرجه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والطحاوي، واللفظ المذكور هنا

له ولأبي داود، ولفظ الحديث عند الباقين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلس بين شعبها ومس الختان فقد وجب الغسل". أما حديث أبي هريرة فمتفق عليه بلفظ: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جَهَدَها فقد وجب الغسل". * * * 106 - حديث عثمان أنه سئل فقيل له: "أرأيت الرجل إذا جامع أهله ولم يُمْنِ؟ ". الحديث متّفق عليه من حديث زيد بن خالد الجهني قال: سألت عثمان ابن

عفان قلت: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته ولم يمن؟ فقال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، قال عثمان سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأُبَيَّ بن كعب، فأمروني بذلك. * * * 107 - حديث أُبَيّ بن كعب: "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إنما جعل ذلك رخصة في أوّل الإسلام ثم أمر بالغسل". قال ابن رشد: خرّجه أبو داود. قلت: وكذا ابن أبي شيبة، وأحمد والدارمي، والترمذي، وابن

ماجة، وابن الجارود، والطحاوي والدارقطني، والبيهقي وجماعة، من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: حدثني أبي بن كعب "أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدء الإِسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعد". لفظ أبي داود في الطريق الصحيحة السالمة من الانقطاع وهي من رواية أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن أُبَىّ. ولفظه من طريق الزهري قال: حدثني بعض من أَرْضى أن سهل بن سعد أخبره، أن أُبَيّ بن كعب أخبره، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنما جَعَلَ ذلك رخصة للناس في أَوَّل الإِسلام لقلّة الثياب ثم أمر بالغُسل ونهى عن ذلك" قال أبو داود يعني الماء من الماء، ومن هذا الوجه أخرجه الأكثرون ومع ذلك صحّحه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان لكنه وقع عندهم عن الزهري عن

الغسل من خروج المني

الغسل من خروج المني سهل، وصححه البيهقي من طريق أبي حازم المذكورة. * * * 108 - قوله: (ورجح الجمهور ذلك أيضًا من حديث عائشة لإِخبارها بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،خرجه مسلم).

قلت: يريد حديثها المار قريبًا قبل حديث وهو "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل".

الباب الثالث: في أحكام الجنابة

الباب الثالث: في أحكام الجنابة دخول المسجد للجنب

109 - حديث: "لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض"، وهو حديث غير ثابت عند أهل الحديث. البخاري في "التاريخ الكبير"، عن موسى بن إسماعيل، وأبو داود في "السنن"، عن مسدد كلاهما، عن عبد الواحد بن زياد، ثنا أفلت بن خليفة، حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: "وجّهوا هذه البيوت عن المسجد"، ثم دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصنع القوم شيئًا رجاء أن تنزل لهم رخصة فخرج إليهم بعد فقال: "وجّهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائضٍ ولا لجنب". زاد موسى بن إسماعيل: "إلا لمحمد وآل محمد". ثم قال البخاري: وجسرة عندها عجائب، قال: وقال عروة، وعباد بن عبد الله، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُدّوا هذه

مس المصحف

مس المصحف قراءة القرآن الأبواب إلّا باب أبي بكر وهذا أصح أهـ. لكن صحّح ابن خزيمة حديث الباب، وحسّنه ابن القطان، وابن سيد الناس. ورواه ابن ماجه من حديث أبي الخطاب الهَجَرِيِّ، عن مَحْدُوجٍ الذهلي، عن جسرة فقالت: أخبرتني أم سلمة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته "أن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض". وأبو الخطاب مجهول،

وكذا شيخه ولذا قال أبو زرعة، الصحيح حديث جسرة عن عائشة. * * * 110 - حديث علي قال: "كان - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة".

تقدّم قريبًا.

أبواب الحيض والاستحاضة

أبواب الحيض والاستحاضة الباب الأول: أنواع الدماء الخارجة من الرحم 111 - حديث: "إنَّمَا ذلِكَ عِرْقٌ ولَيْسَتْ بالحَيْضَةِ". متفق عليه من حديث عائشة قالت: جاءت فاطمة بنتُ حُبَيْشٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إنّي إمْرَأَةٌ أُسْتَحاضُ فلا أَطْهُرُ أفَأَدَعُ الصّلاةَ, فَقالَ: "لَا إنَّما ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بالحَيْضَةِ فإذا أَقْبَلتْ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ , وَإذا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي".

الباب الثاني: علامات الطهر والحيض والاستحاضة

الباب الثاني: علامات الطهر والحيض والاستحاضة عدة أيام الحيض

112 - حديث: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت حُبَيْشٍ: "فإذَا أقْبَلَتْ الحَيْضَةُ فَاتْرُكي الصَّلاةَ فإذَا ذَهَبَ قَدْرُها فَاغْسِلي عَنْكِ الدَّم وصَلّي". هو الحديث المذكور قبله وهذا اللفظ عند البخاري من طريق مالك في "الموطأ". * * * 113 - حديث أم سلمة: "أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدَّمَ عَلى عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:

لِتَنْظُرْ إلَى عَدَدِ اللَّيالي والأَيامِ التي كانَتْ تَحِيضُهُنَّ من الشَّهْرِ قَبْلَ أنْ يُصِيبَهَا الَّذي أصابَهَا فَلْتَتْرُكْ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلكَ من الشَّهرِ، فَإذا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فلتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بثَوْبٍ ثُمً لِتُصَلّي". قال رواه مالك في "الموطأ". قلت: وكذلك رواه الشافعي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي وغيرهم، كلهم من رواية سليمان بن يسار عنها، ورجاله ثقات، إلا أنه ورد عنه التصريح بأنه لم يسمعه من أم سلمة، وورد عنه تسمية

الحيضة المنقطعة

الحيضة المنقطعة الواسطة مرجانة، خرج كل ذلك البيهقي وقال إنه حديث مشهور كأنه يريد أن العمدة على شهرته لا على إسناده المضطرب. * * * 114 - قوله: (وأما الاستظهار الذي قال به مالك بثلاثة أيام فهو شيء انفرد به مالك وأصحابه وخالفهم في ذلك جميع فقهاء الأمصار ما عدا الأوزاعي، إن لم يكن لذلك ذكر في الأحاديث الثابتة، وقد روي في ذلك أثر ضعيف). قلت: قال ابن حزم بعد نقل هذه المسألة عن مالك: (واحتجّ له بعض مقلّديه بحديثِ سوءٍ، رُوّيناه من طريق إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد ابْنَيْ جابر، عن أبيهما قال: جاءت أسماء بنت مرشد

الحارثية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس عنده، فقالت: يا رسول الله حدثت لي حيضة أنكرها، أمكث بعد الطهر ثلاثًا أو أربعًا ثم تراجعني فتحرم عليَّ الصلاة فقال: "إذا رأيت ذلك فامكثي ثلاثًا ثم تطهري اليوم الرابع فصلي إلا أن تري دفعة من دم قاتمة"). قال ابن حزم: (فكان هذا الاحتجاج أقبح من القول المحتج له به؛ لأن هذا الخبر باطل، إذ هو مما انفرد به حرام بن عثمان ومالك نفسه يقول: هو غير ثقة) اهـ.

مدة النفاس

مدة النفاس قلت: والبعض الذي ذكره أشار به إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، فإنه الذي خرج هذا الحديث في "أحكامه" من الوجه المذكور مستدلًا به لقولة مالك

المذكورة. وأخرجه أيضًا البيهقي في "السنن" من طريق أبي بكر بن عياش، عن حرام بن عثمان به، لكنه قال ابن جابر، بالإِفراد، ولم يسمه عن أبيه، أن ابنة مرشد ولم يسمها أيضًا أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تَنَكَّرَتْ حَيْضَتي قال: كيف؟ قالت: تأخذني فإذا تطهّرت منها عاودتني قال: إذا رأيتِ ذلك فامكُثي ثلاثًا. ثم قال البيهقي: قال أبو بكر بن إسحاق الفقيه: الخَبَرُ وَاهٍ وحرام بن عثمان ضعيف لا تقوم به حجّة. وقال ابن عبد البر: (لا يصح حديثها انفرد به حرام بن عثمان وهو ضعيف عند جميعهم). قلت: وعند سعيد بن منصور في "سننه"، عن ابن عباس قال: "إذا استحيضت المرأة فلتقعد أيام إقرائها التي كانت تقعد وتزيد بعد ذلك يومًا أو يومين وتؤخّر الظهر إلى العصر وتغتسل لهما، وتؤخّر المغرب إلى العشاء وتغتسل لهما، وتغتسل للصبح ويأتيها زوجها". * * * 115 - قوله في مسألة حدّ أكثر النفاس: (ولأنه ليس هناك سُنَّةٌ يُعْمَلُ بها). قلت: وليس كذلك، بل وردت السُنّة بتحديد أربعين يومًا من حديث أم سلمة، وأنس، وعثمان بن أبي العاص، وعبد الله بن عمرو، وجابر، وعائشة، وأبي الدرداء،

الدم الذي تراه الحامل

الدم الذي تراه الحامل وأبي هريرة، إلا أنها ما عدا الأول ضعيفة، وصح موقوفًا عن ابن عباس وكذلك ورد موقوفًا عن عائذ بن عمرو، وعن عمر بن الخطاب. ووردت السنّة أيضًا بسبع من حديث معاذ بن جبل. • حديث أم سلمة: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي كلهم من حديث عَلِيِّ بن عَبْدِ الأعْلى، عن

أبي سَهْلٍ كَثيرِ بنِ زِيادٍ، عن مُسَّةَ الأزْدِيَّةِ، عن أُمِّ سَلَمة قالت: "كانت النُّفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا". ورواه أبو داود والحاكم أيضًا من طريق عبد الله بن المبارك عن يونس بن نافع، عن أبي سهل به بلفظ: "كانت المرأة من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - تَقْعُد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة النفاس". ثم قال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي، وقال الترمذي: (قال البخاري: علي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل ثقة. وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين، ومَنْ بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلّا أن ترى الطهر قبل ذلك). وقال عبد الحق في "الأحكام": أحاديث هذا الباب معلولة وأحسنها حديث مُسَّة الأزدية، قال ابن القطان: وحديث مُسَّة أيضًا معلول، فإن مُسَّة لا يعرف حالها ولا عينها، ولا تعرف في غير هذا الحديث. وأيضًا فأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن منهن نفساء معه إلا خديجة، ونكاحها كان قبل الهجرة فلا معنى لقولها قد كانت المرأة من نساء. الخ. قلت: انتقاد مردود، أما مُسَّة وكنيتها أم بُسَّة فغير مجهولة العين لأنه رَوَى عنها

هذا الحديث ثقتان: كثير بن زياد, والحكم بن عتبة, وروايته عند الدارقطني, وجهالة العين ترتفع برواية عدلين, وجهالة حالها لا تضر مع رواية الثقات عنها وكونها امرأة من التابعيات، وقد عرف بالاستقراء عدم وجود كذابة أو متهمة في النساء، ثم ورود الحديث من طريق سبعة من الصحابة، وإن كانت ضعيفة شهد لصدقها. وأما قول الحديث في رواية يونس بن نافع: "خاصة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -"، فهو من تصرف يونس لا من قولها هي في الحديث لأن علي بن عبد الأعلى لم يأت بذلك اللفظ، وعلى فرض أن قول يونس محفوظ، فهو لم يقل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بل قال نساءه، ولفظه نساء المرء يطلق على عائلته وقرابته وأصهاره وبناته، على أن سريته أم إبراهيم قد نفست عنده، ومن المعتاد إطلاق لفظ الجمع، وإرادة الواحد في مثل هذا المقام. • وحديث أنس: رواه عبد الرزاق، وابن ماجة، والدارقطني،

والبيهقي، وفيه سلام الطويل وهو ضعيف. ورواه البيهقي من طريق زيد العمي، وهو ضعيف. • وحديث عثمان بن أبي العاص: رواه الحاكم، والدارقطني، وفيه أبو بلال الأشعري وهو ضعيف. • وحديث عبد الله بن عمرو: رواه الدارقطني، والحاكم، من قول

الصفرة والكدرة

الصفرة والكدرة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تنتظر النفساء أربعين ليلة فإِن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فإِن غلبها الدم توضأت لكل صلاة"، وهو من رواية عمرو بن الحصين عن محمد بن عبد الله بن علاثة، وهما متروكان. • وحديث جابر: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه عبيد بن جناد وهو ضعيف. • وحديث عائشة: رواه ابن حبان في "الضعفاء" والدارقطني من وجهين

عنها وهما ضعيفان، وطريق ابن حبان أضعف. • وحديث أبي الدرداء وأبي هريرة: رواه ابن عدي في "الكامل" عنهما معًا مرفوعًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث عبد الله بن عمرو، وفيه العلاء بن كثير الدمشقي ضعيف. • أما الموقوفات فخرجها الدارقطني إلا أثر ابن عباس فخرجه البيهقي وسند صحيح. فصل: أما حديث معاذ الوارد بالسبع أخرجه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مضى للنفساء سبع ثم رأت الطهر فلتغتسل ولتصل". وقال الحاكم: (الحديث غريب في الباب). وقال البيهقي: (إسناده ليس بالقوي)، وتعقبه المارديني بأنه (إِذا كان ذلك لأجل بقية لأنه مدلس فقد صرح

بالتحديث، والمدلس إِذا صرح بذلك فهو مقبول). * * * 116 - حديث أم عطية أنها قالت: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الغسل شيئًا". عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والدارمي، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، ووهم الحاكم فاستدركه أيضًا، ثم إنه من

رواية ابن سيرين، عند البخاري، وبعضهم ومن رواية أم الهذيل عند الباقين، كلاهما عن أمّ عطية، فلفظ ابن سيرين: "كنّا لا نعدّ الصفرة والكدرة شيئًا" ولفظ أم الهذيل: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا". قال البيهقي: (وروي عن عائشة بإِسناد ضعيف)، ثم أخرجه من طريق بحر بن كنيز السقا، وهو ضعيف، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: "ما كنا نعدّ الكدرة والصفرة شيئًا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". قال البيهقي: (وروى معناه عن عائشة بإِسناد أمثل من ذلك)، ثم أخرجه من طريق محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عطاء عن عائشة قالت: "إِذا رأت المرأة الدم فلتمسك عن الصلاة حتى تراه أبيض كالقصة، فإِذا رأت ذلك فلتغتسل ولتصلّ فإِذا رأت بعد ذلك صفرة أو كدرة فلتتوضأ ولتصلّ فإذا رأت دمًا أحمر فلتغتسل ولتصل). قلت وهذا سند جيد رجاله ثقات، وهو حديث يدفع التعارض بين حديث أم عطية، وحديث عائشة الآتي بعدهُ. * * * 117 - حديث عائشة: "أَنَّ النساءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إلَيْها بِالدَّرَجَةِ فِيها الكُرْسُفُ، فيهِ الصُفْرَةُ والكدرة مِنْ دَمِ الحَيْضِ يَسْألْنَهَا عَنْ الصَّلاةِ فَتَقُولُ: لا تَعْجَلْنَ حَتّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضاءَ".

مالك، والشافعي عنه عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة. . . . الخ. وعلّقه البخاري في "الصحيح". وخرّجه جماعة من طريق مالك أيضًا. تنبيه: وقع للشوكاني في "نيل الأوطار" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: "لا تصلي حتى تري القصة البيضاء"، وهو وهم إنما هو قول عائشة كما هنا. * * * 118 - حديث: "دَمُ الحَيْضِ دَمٌ أسْوَدٌ يُعْرَفُ".

علامة الطهر من الحيض

علامة الطهر من الحيض المستحاضة سيأتي بعد حديث.

119 - حديث عائشة عن فاطمة بنت أبي حبيش: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها وكانت مستحاضة أن تدع الصلاة قدر أيامها التي كانت تحيض فيها". تقدم.

120 - حديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت استحيضت فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ دَمَ الحَيْضَةِ أسْوَدٌ يُعْرَفُ، فإِذَا كانَ ذلك فَأمْسِكي عَنِ الصَّلاةِ، وإِذا كانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئي وَصَلِّي فإِنَّما هُوَ عِرْقٌ". قال ابن رشد: خرجه أبو داود، وصحّحه أبو محمد بن حزم. قلت: وأخرجه أيضًا النسائي، وابن حبان، والدارقطني والحاكم، وقال

على شرط مسلم، وابن حزم في "المحلى"، كلهم من رواية عروة بن الزبير عنها؛ ورواه البيهقي في "السنن" في مواضع متعددة بألفاظ مختلفة. * * * 121 - حديث حمنة بنت جحش: سيأتي

الباب الثالث: أحكام الحيض والاستحاضة

الباب الثالث: أحكام الحيض والاستحاضة 122 - حديث عائشة: "كنَّا نُؤمَرُ بَقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ". أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من

حديث مُعاذَةَ قالت: "سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، فقالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة". * * * 123 - حديث عائشة: "أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفعل كل ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت".

ما يستباح من الحائض

ما يستباح من الحائض متفق عليه، وقد تقدم. * * * 124 - قوله: (ورد في الأحاديث الصحاح عن عائشة، وميمونة، وأم سلمة، أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر إِذا كانت إحداهن حائضًا أن تشد عليها إزارها ثم يباشرها). • أما حديث عائشة: فأخرجه أحمد، والدارمي، والبخاري،

ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه من رواية الأسود عنها قالت: "كانت إحدانا إِذا كانت حائضًا فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت: وأيكم يملك إرْبَهُ كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملك إربه". • وأما حديث ميمونة: فأخرجه أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم وأبو داود، والبيهقي، وغيرهم من رواية عبد اللهِ بن شَدّاد، عنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي

حائض". وهو عند أبي داود من رواية ندبة مولاة ميمونة، عن ميمونة قالت: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين تحتجز به". • وأما حديث أم سلمة: فأخرجه الطبراني في "الأوسط" عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتقي سؤرة الدم ثلاثًا ثم يباشر بعد ذلك. وعزاه الحافظ في "الفتح"، بهذا اللفظ إلى ابن ماجه، وقال إن سنده حسن وهو واهم في ذلك فإِن ابن ماجه، لم يخرجه بهذا اللفظ، اللهم إلّا أن يكون الحديث في نسخة أخرى غير نسختنا. * * * 125 - حديث ثابت عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ بالحَائِضِ إلَّا النِّكَاحَ".

أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وغيرهم من حديث حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس: "أن اليهود كانوا إِذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة 2: 222] إلى آخر الآية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اصْنَعُوا كُلَّ شيءٍ إلَّا النكاح" الحديث. * * * 126 - حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها وهي حائض: "اكْشِفي عن فَخِذِكِ".

الحديث قال ابن رشد: خرّجه أبو داود. قلت: وكذا البيهقي من طريقه، ثنا عبد الله بن مسلمة، ثنا عبد الله بن عمر

ابن غانم، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عمارة بن غراب، أن عمة له، حدثته أنها سألت عائشة قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد، قالت: أخبرك بما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دخل فمضى إلى مسجده، تعني مسجد بيته فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد فقال: "داني مني قالت فقلت: إني حائض، قال: وإن. اكشفي عن فخذيك. فكشفت عن فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام". وعمارة بن غراب، والراوي عنه عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الإِفريقي، والراوي عن الإِفريقي عبد الله بن عمر بن غانم، كلّهم ضعفاء. * * * 127 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سَألَ عائِشةَ أنْ تُنَاولَهُ الخُمْرَةُ وهي حَائِض". الحديث

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وآخرون من حديث عائشة قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ناوليني الخُمْرَةَ مِنَ المَسْجِدِ قالت: فقلت إني حائِضٌ، فقال: إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ في يَدِكِ". * * * 128 - قوله: (وما ثبت أيضًا من ترجيلها رأسه -عليه الصلاة والسلام- وهي حائض). أحمد، الدارمي، والبخاري، ومسلم وأبو داود، والنسائي،

وابن ماجه وجماعة من حديث عائشة قالت: كنت أرجل -وفي لفظ كنت أغسل- رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حائض. وهو عند مالك والترمذي. بدون ذكر وأنا حائض. * * * 129 - حديث: "إِنّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،

وطء الحائض إذا طهرت قبل الاغتسال

وطء الحائض إذا طهرت قبل الاغتسال وابن ماجه من حديث أبي هريرة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طرق المدينة وهو

جنب فانخنس منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال له: أين كنت يا أبا هريرة، قال: كنت

جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس". ورواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه من

في الذي يأتي امرأته وهو حائض

في الذي يأتي امرأته وهو حائض حديث حذيفة بنحو القصة وفيه: "أن المسلم لا ينجس". * * * 130 - قوله: (وسبب اختلافهم في ذلك اختلافهم في صحة الأحاديث الواردة في ذلك أو وهيها، وذلك روي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض،

أنه يتصدّق بدينار، وروي عنه بنصف دينار، وكذلك روي أيضًا في حديث ابن عباس هذا أنه إن وطئ في الدم فعليه دينار، وإن وطئ في انقطاع الدم فنصف دينار. وروي في هذا الحديث يتصدق بخمسي دينار). قلت: أسند البيهقي عن الشافعي أنه قال في كتاب "أحكام القرآن" في شأن هذا الحديث، (لو كان ثابتًا أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله)، وقال ابن دقيق العيد في "الإِمام": (لم يبلغنا فيه شيء يكدر إلا قول الخلال، وقال نمير الميموني عن أحمد. لو صح الحديث كنا نرى عليه الكفارة، قيل له: في نفسك منه شيء قال: نعم؟ لأنه من حديث فلان أظنه قال عبد الحميد). وطعن المارديني في هذا النقل بأنه صح عن أحمد خلافه كما سيأتي وإنه ذهب إلى القول به. وحاول البيهقي في "السنن" تضعيف الحديث، وأطال فيما يدل على وقفه واضطراب في رفعه ومتنه أيضًا. وأسند عن (أبي بكر بن إسحاق الفقيه أنه قال: جملة

وضوء المستحاضة

وضوء المستحاضة هذه الأخبار، مرفوعها وموقوفها؛ يرجع إلى عطاء العطار وعبد الحميد وعبد الكريم أبي أمية وفيهم نظر)، وتعقبه المارديني في كل ذلك وبيّن أن الحديث صحيح مرفوعًا على ما تقتضيه قواعد الحديث. وقال الخطّابي في "معالم السنن": (قال أكثر العلماء: لا شيء عليه ويستغفر الله وزعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس، ولا يصح متصلًا

مرفوعًا، والذمم بريئة إلا أن تقوم الحجّة بشغلها) من المعالم، وكذا هو في نقل الحافظ المنذري، ونقله الحافظ في "التلخيص" بنقيض هذا فقال: (وقال الخطابي: قال أكثر أهل العلم لا شيء عليه، وزعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس، قال: والأصح أنّه متّصل مرفوع، لكن الذمم بريئة إلّا أن تقوم الحجّة بشغلها) اهـ. وكأنه تحرّف على الحافظ، وإلّا فآخر كلام الخطابي يناقض نقل الحافظ. وقال ابن عبد البرّ: (حجّة من لم يوجب الكفارة اضطراب هذا الحديث عن ابن عباس مرسلًا وإن الذمة على البراءة، ولا يجب أن يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه، وذلك معدوم في هذه المسألة). وقال الحافظ المنذري: (وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه، فرُوِيَ: "بدينار أو نصف دينار" على الشكّ، وروي: "يتصدّق بدينار، فإِن لم يجد

فبنصف دينار"، وروي فيه التفرقة بين أن يصيبها في الدم أو انقطاع الدم. وروي: "يتصدق بخمسَيْ دينار"، وروي: "يتصدق بنصف دينار" وروي: "إن كان دمًا أحمر فدينار، وإن كان دمًا أصفر فنصف دينار"، وروي: "إن كان الدم عبيطًا فليتصدّق بدينار، وإن كان صفرة فنصف دينار") اهـ. وقال ابن حزم في: "المحلّى": (إنه باطل لا يصح، لأن رواية عبد الكريم بن أبي المخارق، وليس ثقة، جرّحه أيوب السختياني، وأحمد بن حنبل وغيرهما). وقال الحاكم في المستدرك: (هذا حديث صحيح، فقد احتجّا جميعًا بمقسم بن نجدة، فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن فإِنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجزري ثقة مأمون)، ثم أخرج له شاهدًا من وجه آخر موقوفًا، ثم قال: (ونحن على أصلنا الذي أصّلناه أن القول قول الذي يسند ويصل إذا كان ثقة). ووافقه الذهبي على ذلك. ونقل ابن دقيق العيد في "الإِمام" عن الخلال (أنه نقل عن أبي داود، عن

أحمد أنه قال: ما أحسن حديث عبد الحميد، فقيل له تذهب إليه، قال نعم. وقال أبو داود: هي الرواية الصحيحة) يعني رواية فليتصدق بدينار. وقال الحافظ في "التلخيص"، (وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه)، يعني من الوهم والإِيهام، قال: (وأقرّ ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان وقوّاه في "الإِمام" وهو الصواب. فكم من حديث قد احتجوا به، فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة، وحديث القلتين، ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في "شرح المهذب" "والتنقيح". و"الخلاصة" أن الأئمّة كلّهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح، والله أعلم) اهـ. فصل: فهذا ذكر اختلافهم في صحّة هذا الحديث وضعفه، وتحقيق المقام يطول جدًا، ولا يتسع له إلا جزء مفرد، يسّر الله لنا كتابته، فلنذكر من خرّج الروايات الأربع المذكورة في كلام ابن رشد، فنقول. • أما الرواية الأولى: "فليتصدق بدينار" فنادرة بذكر الدينار وحده. أخرجهما أحمد، ثنا يونس، عن حماد بن سلمة، عن عطاء العطار، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يتصدق بدينار" يعني الذي يغشى امرأته حائضًا. ورواه مرة أخرى عن أبي كامل، عن حماد فقال: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل يأتي

امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار، فإِن لم يجد فنصف دينار". وهكذا رواه البيهقي من طريق يزيد بن زريع، عن عطاء العطار. ثم قال: (وعطاء هو ابن عجلان ضعيف متروك، وقد قيل عنه عن عطاء، وعكرمة عن ابن عباس وليس بشيء). قلت: ومشهور هذا الحديث رواية من قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" على الشك. هكذا رواه شعبة عن الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار". أخرجه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن

الجارود الحاكم، والبيهقي، كلهم من طريق شعبة. وقال أبو داود: (هكذا الرواية الصحيحة، دينار أو نصف دينار، وربما لم يرفعه شعبة). وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق النضر بن شميل، عن شعبة: (وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عن شعبة، ورواه عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب. . . . ومسلم بن إبراهيم، وحفص بن عمر الحوضي، وحجاج بن منهال، وجماعة عن شعبة، موقوفًا على ابن عباس، وقد بيّن عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة أنه رجع عن رفعه بعد ما كان يرفعه)، ثم أسنده من طريقه عن شعبة به موقوفًا؛ (فقيل لشعبة إنك كنت ترفعه قال إني كنت مجنونًا فصَححت). قال البيهقي: (فقد رجع شعبة عن رفع الحديث وجعله من قول ابن عباس). قلت: وهذا لا يفيد الحديث ضعفًا ولا علّة فإِن من رفعوه ثقات، وشعبة نفسه ثقة ورجوعه لا يدّل على غلطه في رفعه، لأنه قد يكون غالطًا في رجوعه، وهو الواقع لأن غيره رواه عن شيخه الحكم مرفوعًا، وكذلك عن مقسم شيخ شيخه، وكذلك عن ابن عباس وهم الأكثرون ومعهم شعبة لما كان يرفعه، فقوله مع الجماعة مقدم على قوله مع الانفراد، فقد رواه عمرو بن قيس الملائي، وقتادة، ومطر الوراق وجماعة عن الحكم مرفوعًا.

وكذلك رواه يعقوب بن عطاء، وقتادة، وخصيف، وعبد الكريم وعلي بن بذيمة، عن مقسم مرفوعًا كما سيأتي، وكذلك رواه عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا كما سبق فلم يبق شك في رفعه، ولهذا صحح هذه الرواية من سبق ذكرهم من الحفاظ لأن رجالها رجال الصحيح. فائدة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بدينار أو نصف دينار". ليس هو شكًا من الراوي كما وقع عند الدارمي إنه شك من الحكم، بل هو لفظ الحديث وكأنه اختصار من الرواة، وقد فسّره قتادة في رواية عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد عنه، عقب رواية الحديث قال: (إن كان واجدًا فدينار وإِن لم يجد فنصف دينار). أخرجه البيهقي، وفسره مِقْسَم بأنه (إن كان في الدم فدينار، أو بعد انقطاع الدم فنصف دينار)، وهذا الموافق للحديث المرفوع كما سيأتي. • وأما رواية "نصف دينار": فخرجها أحمد، والدارمي، وأبو داود،

والترمذي، والبيهقي كلهم من طريق شريك عن خُصَيْف، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار". وقال البيهقي: (رواه شريك مرة فشكّ في رفعه، ورواه الثوري، عن علي بن بذيمة، وخُصَيْف فأرسله) ثم أسنده من طريقهما عن مقسم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا دون ذكر ابن عباس، ثم قال: (خصيف الجزري غير محتج به). قلت وكذلك رواه أحمد، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن خصيف، عن مقسم مرسلًا. لكن رواه الدارمي، والطبراني، والدارقطني، من طريق سفيان، عن خصيف وغيره، عن مقسم، عن ابن عباس موصولًا. • وأما الرواية الثالثة بالتفصيل، فخرّجها عبد الرزاق، وأحمد،

والدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية ابن جريج، عن أبي أمية عبد الكريم البصري، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتى أحدكم امرأته في الدم فليتصدق بدينار واذا وطئها وقد رأت الطهر ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار". لفظ البيهقي، وقال: (هكذا في رواية ابن جريج ورواه ابن أبي عروبة، عن عبد الكريم فجعل التفسير من قول مِقْسَم) ثم أخرجه كذلك. قلت: قد وافق ابن جريج، أبو جعفر الرازي فقال: عن عبد الكريم، عن مِقْسَم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان الدم عبيطًا فليتصدق بدينار وإِن كان صفرة فنصف دينار". رواه الدارمي، والدارقطني، والبيهقي. ووافقهما أيضًا سفيان الثوري، فقال: عن عبد الكريم، وعلي بن بذيمة، وخصيف، عن مِقْسَم عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى امرأته في الدم فعليه دينار وفي الصفرة نصف دينار"؛ رواه الدارقطني وغيره. ووافقهم أبو حَمْزَةَ السُّكَرِي عن عبدِ الكريم، عن مِقْسَم عن ابن عباس، مرفوعًا "إِذَا كانَ دمًا أَحْمَرَ فَدينارٌ، وإِنْ كان دَمًا أَصْفَرَ فَنِصْفُ دِينارٍ". رواه الترمذي.

فهؤلاء جماعة اتفقوا على أن التقسيم من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا من تفسير مقسم كما قال سعيد بن أبي عروبة. ووافقهم أبو الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس لكنه أوقفه عليه قال: إذا أصابها في الدم فدينار وإِذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار". أخرجه أبو داود، والحاكم، وقال: (ونحن على أصلنا الذي أصّلناه أن القول قول الذي يُسْنِدُ ويَصِلُ إذا كان ثقة). • وأما الرواية الرابعة: فخرّجها الدارمي، عن محمد بن يوسف، وإِسحاق بن راهويه، عن بقية بن الوليد كلاهما عن الأوزاعي، عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن زيد بن الخطاب قال: كان لعمر بن الخطاب امرأة تكره الجماع فكان إذا أراد أن يأتيها اعتلت عليه بالحيض فوقع عليها فإِذا هي صادقة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يتصدق بِخُمْسَيْ دينار". وذكره أبو داود في "سننه"، عن الأوزاعي تعليقًا مختصرًا ثم قال: (هذا معضل). وذكره البيهقي من جهته ومن جهة إسحاق بن راهويه، ثم قال: وكذلك رواه إسحاق، عن عيسى بن يونس، عن زيد بن عبد الحميد، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب .. فذكره وهو منقطع بين عبد الحميد وعمر).

قلت: وهذه الرواية مع ضعفها لا يعلل بها الحديث على أنه يمكن أن يكون عمر وقع على امرأته بعد انقطاع الدم الأحمر عنها فتكون كفارته نصف دينار، وخفف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه بالخُمْسَيْنِ نظرًا لحاله وقلة ذات يده، ويكون ذلك هو الحكم في أمثاله، وأن الدينار والنصف ليسا واجبين على التعيين بل المراد التصدق على قدر الطاقة والإِمكان والله أعلم. * * * 131 - حديث عائشة قالت: "جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ إِنِّي امْرَأةٌ أُسْتَحَاضُ. . ." الحديث؛ قال ابن رشد: متفق على صحّته. قلت: وهو كذلك، وقد تقدّم عزوه.

132 - قوله: (وفي بعض روايات هذا الحديث "وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ". قال: وهذه الزيادة لم يخرجها البخاري ولا مسلم، وخرّجها أبو داود وصحّحها قوم من أهل الحديث). قلت: ولي في تصحيحها جزء مفرد سميته "الاستفاضة بحديث وضوء المستحاضة"، ملخصه أن هذه الزيادة وردت من حديث عائشة، وفاطمة بنت أبي حبيش، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة، وأم حبيبة بنت جحش، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وجابر بن عبد الله، وعدي بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومحمد بن علي، مرسلًا بأسانيد فيها الصحيح والحسن، والضعيف، وحديث عائشة وحده له طريقان كل منهما صحيح على انفراده. أولهما: طريق هشام بن عُروة، عن أبيه، أخرجه البخاري من رواية أبي مُعاوِيَة، ثنا هِشام بن عُرْوة عن أبيه، عن عائِشَة قالت: جاءت فاطمةُ بنتُ أَبِي حُبَيْش إِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَتْ: يا رسولَ الله! إِنَي امْرأةٌ أُسْتَحاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَادَعُ الصَّلَاةَ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، إِنَّمَا ذلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكَ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمً صَلّي". قال: وقال أبي "ثُمَّ تَوَضَّئي لِكُل صَلاةٍ حَتّى يَجِيءَ ذلكَ الوَقْت".

قال الحافظ: (ادعى بعضهم أن قوله ثم توضئي لكل صلاة من كلام عروة موقوفًا عليه وفيه نظر، لأنه لو كان كلامه لقال ثم تتوضأ بصيغة الإِخبار، فلما أتى به بصيغة الأمر، شاكله الأمر الذي في الموفوع وهو قوله فاغسلي). قلت: وبيّنه رواية الترمذي، عن هَنّاد، ثنا وَكِيعٌ، وَعَبْدَةَ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ، عن هِشَام بنِ عُرْوَةَ بالحديث. وفيه: (قال أبو معاوية في حديثه: "وقال: تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ) فهذه صريحة في أن الزيادة من تمام الحديث. وأوضح منها رواية أبي عوانة، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المستحاضة، فقال: تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل غسلًا واحدًا ثم تتوضأ عند كل صلاة". رواه ابن حبان في "صحيحه"، والطحاوي في "الرد على الكرابيسي" وهو كما ترى سند صحيح. وكذلك رواه أيضًا أبو حمزة عن هشام بن عروة وفيه: "فاغتسلي عند طهرك وتوضئي لكلّ صلاة". أخرجه ابن حبان في "صحيحه" وهذا أيضًا سند صحيح. وكذلك أخرجه حماد بن زيد، عن هشام بن عروة. رواه النسائي، والبيهقي ثم قال: (رواه مسلم في "الصحيح" عن خلاف بن هشام -يعني عن حماد بن زيد- دون قوله: "وتوضئي"، وكأنه ضعّفه لمخالفة سائر الرواة عن هشام).

قلت: قد تابعه سبعة من الحفاظ الثقات، عن هشام، وتابعه الزهري، وحبيب بن أبي ثابت، عن عروة فكيف يقال مع هذا أنه انفرد وخالف. وقد خرّجت هذه المتابعات كلّها في الجزء المذكور مع رواية الزهري، عن عروة ورواية حبيب بن أبي ثابت عنه، وفي هذا الأخير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها "دعي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئي عند كل صلاة وإِن قطر الدم على الحصير". رواه الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت. ورواه عن الأعمش جماعة. منهم علي بن هاشم وهذا سياقه، رواه أحمد، والدارقطني. ومنهم وكيع عند أحمد، وأبي داود، وابن ماجه، والبيهقي. ومنهم عبد الله بن داود الخريبي، وقرة بن عيسى، كلاهما عند الدارقطني. ومنهم أبو حنيفة عند طلحة بن محمد في "مسنده". ومنهم آخرون عند الطحاوي، والدارقطني، وقد طعنوا في حديث

حبيب بن أبي ثابت هذا بأوجه وعِلَلَ واهية أَبْطَلْتُ جميعها بإِسهاب في الجزء المذكور، وفيه طرق أحاديث الصحابة المذكورين في الباب، فلا نطيل بتخريجها، ومما ذكرناه يعلم أن الحديث صحيح، وأن الزيادة المذكورة مخرجة في "صحيح البخاري" وسندها أيضًا في "صحيح مسلم" إلا أنه حذفها لما فيها من الكلام، فليس الأمر كما قال ابن رشد. * * * 133 - حديث عائشة عن أم حبيبة بنت جحش امرأة عبد الرحمن ابن عوف، "أنها استحاضت فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل لكل صلاة". قال ابن رشد: وهذا الحديث هكذا أسنده ابن إسحاق عن الزهري. وأما سائر أصحاب الزهري فإِنما رووا عنه: أنها استحيضت، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "إنما هو عِرْق وليست بالحيضة" وأمرها أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة، على أن ذلك هو الذي فهمت منه، لا أن ذلك منقول من لفظه -عليه الصلاة والسلام- ومن هذا الطريق خرّجه البخاري. قلت: رواية ابن إسحاق أخرجها أحمد، والدارمي، وأبو داود،

والطحاوي في "معاني الآثار" كلهم من روايته عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به مثله. وأما رواية من خالفه من أصحاب الزهري فأخرجها أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، والطحاوي، من رواية ابن أبي ذئب. وأخرجها أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،

والطحاوي، والبيهقي، من رواية الليث. وأحمد، والدارمي، وابن ماجه، والبيهقي من رواية الأوزاعي. وأحمد، ومسلم، والدارمي، والطحاوي من رواية إبراهيم بن سعد. ومسلم، وأبو داود من رواية عمرو بن الحارث. ومسلم، والطحاوي من رواية ابن عيينة.

والطحاوي أيضًا من رواية النعمان، وحفص بن غيلان كلهم عن الزهري به. وزاد الليث في روايته: (قال ابن شهاب: لم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل عند كل صلاة إنما فعلته) هكذا وقع عند أحمد، ووقع عند مسلم والطحاوي وغيرهما، قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة لكنه شيء فعلته هي). وهذا صريح في توهيم رواية ابن إسحاق، وقوله عن الزهري: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالغسل لكل صلاة). لكنه لم ينفرد بذلك، بل تابعه سليمان بن كثير، عن الزهري، ذكره أبو داود، أن أبا الوليد الطيالسي رواه عنه عن الزهري لكن رواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير فقال توضئي لكل صلاة كما ذكره أبو داود أيضًا، وحكم بوهم عبد الصمد، وأن الصواب ما قاله أبو الوليد. وورد أيضًا من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: أخبرتني زينب بنت أم سلمة: "أن امرأة كانت تهراق الدم، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تغتسل عند كل صلاة". رواه أبو داود، وابن الجارود. وورد أيضًا من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش الحديث، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "فلتغتسل عند

كل صلاة وتصلي". رواه أحمد، والطحاوي في "معاني الآثار". وقد جمع الحافظ بين الروايتين بحمل الأمر على الندب، وهو جمع باطل فإِن قول الزهري: (لم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغسل) صريح لا يقبل التأويل، فلابد أن من قال: (أمرها أن تغتسل) واهم في قوله، لأنه دخل عليه الوهم من كونها كانت تغتسل لكل صلاة، فظن أن ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلاف هذا ظاهر البطلان. * * * 134 - حديث أسماءَ بنتِ عُمَيْس، "أنها قالت: إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لتَغْتَسِلْ للظُّهْرِ والعَصْرِ غُسْلًا واحِدًا، وللمَغْرِبِ والعِشَاءِ غُسْلًا واحِدًا، وتغْتَسِل للفَجْرِ وتَتَوَضَّأ فيما بين ذلك". قال ابن رشد خرّجه أبو داود وصحّحه أبو محمد بن حزم. قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني،

والبيهقي وابن حزم في "المحلّى" من طريق أبي داود اختصره، فتبعه ابن رشد ولفظه عندهم، عن أسماء بنت عميس قالت: "قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصلّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله إن هذا من الشيطان لتجلس في ركن فإِذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غُسْلًا واحدًا" الحديث. * * * 135 - حديث حَمْنَةَ بنت جَحْشٍ وفيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيَّرها بين أن تصلّي الصلوات بطهر واحد" الخ. قلت: هو حديث طويل. أخرجه الشافعي، وأحمد، وأبو داود,

والترمذي وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث عبدِ اللهِ بنِ محمّد بن عَقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عَمِّه عِمْرَانَ بنِ طَلْحَةَ، عن أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قالت: "كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً كَثِيرَةً، فَجِئْتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَسْتَفْتِيهِ وأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ في بَيْتِ أُخْتي زَيْنَبَ، فَقُلْتُ: يا رسولَ الله! إنِّي أُسْتَحاضُ حَيْضةً كثيرةً شديدةً فما تَرى فيها، قَدْ مَنَعَتْني الصّلاةَ والصِّيامَ فقال: أَنْعَتُ لكِ الكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ. قالَتْ: هُوَ أكْثَرُ مِنْ ذلِكَ. قَال: فَاتخِذِي ثَوْبًا، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قالَ: فَتَلَجَّمِي، قالَتْ: إِنَّمَا أثُجُّ ثَجًّا، فقالَ: سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُما فَعَلْتِ فَقَدْ أجْزَأَ عَنْكِ مِنَ الآخِرِ، فَإِنْ قُوِيتِ قَوِيتِ عَلَيْهما فَأَنْتِ أَعْلَمُ، فقالَ: إنّما هذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكْضاتِ الشّيطانِ فَتَحَيَّضي سِتَّةَ أَيَّامٍ أوْ سَبْعَةً في عِلْم اللهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأيْتِ أنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصلّي أرْبعًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ ثَلاثًا وعِشْرِينَ لَيْلَةً وأيّامِها فَصُومِي فَإِنَّ ذلِكَ مُجْزِئُكِ وكذلِكَ فَافْعَلي فِي كُلِّ شَهْر

كَمَا تَحِيضُ النِّساءُ، وكما يَطْهُرْنَ لميقاتِ حَيْضِهِنَّ وطُهْرِهِنَّ، وَإِنْ قُوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤخِّري الظُّهْرَ وتُعَجِّلي العَصْرَ فَتَغْتَسِلين ثُمَّ تُصلّينَ الظُّهْرَ والعَصْرَ جميعًا، ثُمّ تُؤخِّري المَغْرِبَ وتُعَجِّلي العِشاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فافْعَلِي وَتَغْتَسِلينَ مَعَ الفَجْرِ وتُصَلِّينَ فكَذَلِكَ فَافْعَلِي وَصَلّي وصُومي إنْ قَدَرْتِ عَلى ذلِكَ. وقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وهذَا أعْجَبُ الأمْرَيْن إِلَيَّ". قال أبو داود: (رواه عمرو بن ثابت، عن أبي عقيل قال: فقالت حمنة هذا أعجب الأمرين إليّ، لم يجعله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، جعله كلام حمنة). قال أبو داود (وكان عمرو بن ثابت رافضيًا .. قال: وسمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء).

قلت: وقد نقل الترمذي عن أحمد خلاف هذا فقال: (هذا حديث حسن صحيح) (وسألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري عنه فقال: حديث حسن، وهكذا قال أحمد بن حنبل هو حديث حسن صحيح). وقال الحاكم: (عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب من أشراف قريش، وأكثرهم رواية، غير أنّهما لمْ يَحْتجّا به لكن له شواهد ثم ذكرها). وقال ابن منده: حديث حمنة لا يصح عندهم من وجه من الوجوه لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه. وتعقبه المارديني: (بأن أحمد، وإسحاق، والحميدي، كانوا يحتجون بحديثه، وحسّن البخاري حديثه، وصحّحه ابن حنبل، والترمذي كما تقدم)، وكذا تعقبه ابن دقيق العيد في العيد في "الإِمام"

واستنكر منه هذا الإِطلاق، لكن استظهر الحافظ (أن مُرَادَهُ بِمَنْ تَرَكَ حَدِيثَهُ مَنْ خَرَّجَ الصَّحِيحَ) والأمر كذلك، وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"، أنه سأل أباه عنه (فوهّنه، ولم يُقوِّ إسناده) وقال ابن حزم إنه لا يصح، وأعلّه بعلل أخرى غير مقبولة، حتى علّق الذهبي بهامشها أنها تدل على عدم معرفة ابن حزم بالحديث. * * * 136 - قوله: (لأنه كان معلومًا من سنته -عليه الصلاة والسلام- أن انقطاع الحيض يوجب الغسل). تقدم في الأحاديث ما يدل على ذلك، وتقدم أيضًا قوله ولتعليمه الغسل من

الحيض لعائشة وغيرها من النساء. * * * 137 - قوله: (وقد روي في بعض طرق حديث فاطمة، أمره -عليه الصلاة والسلام- لها بالغسل). قلت: هذا كلام مبهم، فإن أراد أمره - صلى الله عليه وسلم - لها بالغسل عند الجمع بين الظهر والعصر مرة، وعند المغرب والعشاء مرة، وعند الصبح مرة فهو الذي سبق في حديث أسماء بنت عميس، وإن أراد أمره إيَّاها بالغسل مرة واحدة كل يوم فهذا وقع في حديث، أخرجه أحمد، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، إلا أن لفظ الأمر بالغسل كل يوم لم يقع إلا عند الحاكم، والبيهقي، وهو من رواية أبي عاصم النبيل، ثنا عثمان بن سعد، عن عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثتني خالتي فاطمة بنت أبي حبيش قالت: أتيت عائشة فقلت لها يا أم المؤمنين، فذكر الحديث وفيه فقال النبي

- صلى الله عليه وسلم - لعائشة قولي لها: "فلتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها، ثم تغتسل في كل يوم غسلًا واحدًا، ثم الطهر عند كل صلاة" وقوله: "ثم تغتسل في كل يوم" وهم من بعض الرواة، لأن غيره قال في هذا الحديث: (ثم تغتسل غسلة واحدة، ثم الطهر عند كل صلاة) كما وقع عند أحمد، والدارقطني والبيهقي أيضًا من وجه آخر. وإن أراد ابن رشد أنه ورد في بعض طرق حديثها الأمر لها بالغسل عند كل صلاة فهذا لم أقف عليه. * * * 138 - حديث عائشة: "أنّ سَهْلَةَ بنت سهيل استحيضت وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر في غسل واحد، والمغرب والعشاء في غسل واحد وتغتسل للصبح". أبو داود، والبيهقي من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن

القاسم، عن أبيه قال: إن امرأة استحيضت فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها بمعناه قلت: أخرجه البيهقي من طريقه. ورواه شعبة بن الحجاج، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة قالت: "استحيضت امرأة" .. الحديث مثله، إلا أنه ليس فيه الأمر بالغسل لكل صلاة، بل فيه: "فأمرت أن تؤخّر الظهر وتعجّل العصر". . . . الحديث. رواه الطيالسي، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي.

وطء المستحاضة

وطء المستحاضة 139 - حديث حَمْنَة بنت جحش وفيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيّرها".

تقدم قبل ثلاثة أحاديث.

3 - كتاب التيمم

3 - كتاب التيمم الباب الأول: في معرفة الطهارة التي هذه الطهارة بدل منها

140 - حديث: (أن رجلًا أتى عمر فقال: أَجْنَبْتُ فلم أجِدْ الماءَ، فقال: لا تُصَلِّ، فقال عمار: أما تذكر يا أميرَ المؤمنينَ إذْ أنا وأنت في سَرِيّة" الحديث. قال ابن رشد:

خرجه البخاري ومسلم. قلت: وكذا الطيالسي، وأحمد، والدارمي وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني،

والبيهقي، وجماعة من حديث عبد الرحمن بن أبزى، أن رجلًا أتى عمر الحديث. وبعضهم يذكر مطولًا كما هنا، ومنهم مسلم واللفظ له، ومنهم يختصر. * * * 141 - قوله: (وفي بعض الروايات: أن عُمَرَ قال له: نَوَلِّيكَ مَا تَوَلَّيْتَ). قلت: هو عند أحمد، ومسلم، وأبي داود، وَجُلُّ المُخرِّجينَ لهذا الحديث. * * * 142 - حديث شقيق قال: "كنت جالسًا مع عبد الله بن مسعود، وأبي موسى، فذكر المناظرة بينهما، والحديث المرفوع عن عمر وفيه، فقال عبد الله: ألم تر عمر لم يقنع

بقول عمار، قال ابن رشد: خرجه مسلم. قلت: وكذا البخاري، والطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي وجماعة، وله عندهم ألفاظ مطولة ومختصرة وفي بعضها تقديم وتأخير.

143 - قوله: (ولكن الجمهور رأوا أن ذلك قد ثبت من حديث عمار، وعمران بن حصين). قلت: أما حديث عمار فسبق، وأما حديث عمران فسيأتي بعد حديث. * * * 144 - حديث: "جُعِلَت ليَ الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا". متفق عليه من حديث جابر أثناء حديث: "أعطيتُ خَمْسًا لم يُعطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي"، فَعَدَّ منها: "وَجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا". وفي الباب عن جماعة وسيأتي أيضًا قريبًا.

145 - حديث عمران بن حصين: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا معتزلًا لم يصل مع القوم فقال: يا فلان أما يَكْفِيكَ أن تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: عَلَيْكَ بالصَّعِيدِ فإنَّه يَكْفِيكَ". قال ابن رشد: خرجه البخاري. قلت: هو حديث طويل في قصة نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصبح في السفر، أخرجه جماعة غير البخاري، منهم الطيالسي، وأحمد، ومسلم، والنسائي، والطحاوي، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وأبو

نعيم في "التاريخ"، وغيرها بألفاظ. والمذكور هنا للبخاري، وليس عنده "أما يكفيك" بل قال: "ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابةٌ ولا ماء، قال: عليك بالصَّعِيد فإنه يكفيك".

الباب الثاني: في معرفة من تجوز له هذه الطهارة

الباب الثاني: في معرفة من تجوز له هذه الطهارة

146 - حديث جابر: "في المجروح الذي اغتسل فمات، فأجاز -عليه الصلاة والسلام- المسح له". الحديث. أخرجه أبو داود، وابنه عبد الله في "الناسخ والمنسوخ"، والدارقطني، والبيهقي، كلهم من طريق الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر قال: "خرجنا في سفر فأصاب رجلًا منا حجر، فَشَجَّهُ في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم، قالوا ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات. فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أُخْبِرَ بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب -شك الراوي- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده". وقال الدارقطني (قال أبو بكر بن أبي داود: هذه سُنّة تفرد بها أهل مكة وحملها أهل الجزيرة، ولم يَرْوِهِ عن عطاء، عن جابر، غير الزبير بن خريق، وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي، فرواه عن عطاء، عن ابن عباس)، قال المارديني في "الجوهر النقي"

(روايته عن ابن عباس تترجح على روايته عن جابر من وجهين: أحدهما: مجيئها من طرف ذكرها الدارقطني، والرواية عن جابر لم تأت إلَّا من وجه واحد. الثاني: ضعف سند هذه الرواية من جهة الزبير والرواية عن ابن عباس رجالها ثقات). قلت: وهذا باطل من وجوه: • الأول: أن روايته عن ابن عباس لم ترد إلا من وجه واحد أيضًا من رواية الأوزاعي وحده، والمارديني واهم جدًا فيما عزاه الى الدارقطني من كونه رواه من وجوه بل ذلك باطل لا أصل له. • الثاني: أن الأوزاعي اضطرب في هذا الحديث على أقوال، فقال: أبو المغيرة، ومحمد بن شعيب، والوليد بن مزيد، وإسماعيل بن سماعة، ويحيى بن عبد الله كلهم عن الأوزاعي، بلغني عن عطاء. وقال عبد الرزاق: عنه عن رجل، عن عطاء وهذا الرجل هو إسماعيل بن مسلم المكي، كما قال عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي، فيما ذكره أبو زرعة، وأبو حاتم. وقال أيوب بن سويد، وكذا عبد الحميد بن أبي العشرين مرة أخرى: عن الأوزاعي، عن عطاء، وقال الفضل بن زياد عنه قال: قال عطاء. وقال بشر بن بكر: عن الأوزاعي، حدثنا عطاء، وقد أسندت

هذه الأقوال كلها في "المستخرج على مسند الشهاب" فهذا اضطراب من يوجب عدم اعتباره. • الثالث: أنه لم يسمعه من عطاء، بل سمعه من إسماعيل بن مسلم المكي عنه، وإسماعيل المذكور متروك ساقط الحديث جدًا. فالحديث إذًا ضعيف واه جدًا. • الرابع: أن الزبير بن خريق أتى بالحديث على وجهه بخلاف الأوزاعي. • الخامس: أن جابر بن عبد الله حضر القصة بنفسه. فلو فرضنا أن عطاء حدث به عن ابن عباس ولم يكن ذلك من وهم إسماعيل بن مسلم المكي المتروك فهو من مراسيل ابن عباس لأنه سمعه من غيره ولم يحضر القصة بنفسه. • السادس: أن الزبير بن خريق ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحّح حديثه هذا ابن السكن، ولم يقل فيه غير قوي إلا الدارقطني تبعًا لأبي داود ولم يقل فيه ذلك بحجّة، بل لمخالفته للأوزاعي مع أن الحق معه لا مع الأوزاعي. وقد رواه الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء، عن ابن عباس، رواه ابن خزيمة، وابن حبان، لكن الوليد ضعّفه الدارقطني، والضعفاء يمشون مع الجادة وهي عطاء، عن ابن عباس، والحق عن جابر والله أعلم.

147 - حديث عمرو بن العاص: "أنه أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء 4: 29]، فَذُكِرَ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يُعَنِّفْ". البخاري تعليقًا بهذا اللفظ. ورواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي. فأما أحمد فمن طريق ابن لهيعة، وأما الباقون، فمن طريق جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص قال: "احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء 4: 29]، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا".

ورواه هؤلاء كلهم (1) -إلّا أحمد- من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب فزاد في الإسناد رجلًا فقال: عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن ابن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية وذكر الحديث، إلا أنه قال: "فغسل معابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم" فذكر نحوه ولم يذكر التيمم. قال أبو داود: (وروى هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية وقال فيه: فتيمم). قلت: وقد رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بهذا السند الأخير فيه زيادة أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص فقال فيه: "فتيممت ثم صليت بهم" كالرواية الأولى. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والذي عندي أنهما علّلاه بحديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب) يعني الطريق التي ليس فيها ذكر أبي قيس، ثم أخرجها، ثم قال: (وحديث جرير بن حازم هذا لا يعلل حديث عمرو بن الحارث الذي وصله بذكر أبي قيس فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة). وقال البيهقي: (ويحتمل أن يكون قد فعل ما نقل في الروايتين جميعًا غسل ما

قدر على غسله وتيمم للباقي). قلت: وقد روي الحديث من ثلاثة طرق أخرى إلا أنه ليس فيها تعرض لذكر غسل ولا تيمم. • فالأول: من رواية ابن عباس، أن عمرو بن العاص كان في سفر، أخرجه الطبراني في "الكبير" وابن مردويه في "التفسير"، وابن عدي في "الكامل" إلا أنه من رواية يوسف بن خالد السمتي، عن زياد بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس ويوسف كذاب. • والثاني: خرجه عبد الرزاق في "مصنفه" قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص بالقصّة. ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني، وقد عزاه إليه الحافظ أبو الحسن الهيثمي في "مجمع الزوائد" ثم قال: (وفيه أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن

أبي أمامة بن سهل بن حنيف ولم أجده من ذكره، وبقية رجاله ثقات) اهـ. وكأنه سقط من أصله إبراهيم أو زاغ عنه، فإنه إبراهيم بن أبي بكر، لا أبو بكر وقد ذكره الحافظ في "التهذيب"، ولم يذكر فيه شيئًا سوى روايته، عن أبي أمامة ابن سهل، ورواية ابن جريج عنه، وأن حديثه في مصنف عبد الرزاق ولعله يقصد هذا. • والثالث: رواه البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق الواقدي، حدثني أفلح بن سعيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش، عن أبي بكر بن حزم قال: كان عمرو بن العاص حين قفلوا احتلم ليلة باردة فذكر القصة.

الباب الثالث: في معرفة شروط جواز هذه الطهارة

الباب الثالث: في معرفة شروط جواز هذه الطهارة النية

طلب الماء

طلب الماء دخول الوقت

148 - قوله: "إلَّا أنَّ الشَّرْعَ خَصَّصَ الوضوءَ من ذلك فبقي التيمم). قلت: في ذلك أحاديث منها. حديث بريدة "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر يا رسول الله: صنعت شيئًا لم تكن تصنعه قال: عمدًا صنعته يا عمر"

رواه أحمد، والدارمي، ومسلم، والأربعة، وابن الجارود، وجماعة. • وحديث أنس قال: "كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث" رواه أحمد، والبخاري، وأصحاب السنن.

• وحديث أبي هريرة مرفوعًا: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك". رواه أحمد، والنسائي.

الباب الرابع: في صفة هذه الطهارة

الباب الرابع: في صفة هذه الطهارة حد مسح اليدين

149 - حديث عمار: "إنما يكفيك أن تضرب بيديك ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك". تقدم أول الباب. * * * 150 - قوله: (وفي بعض طرقه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "وأن تمسح بيديك إلى المرفقين").

أبو داود، والدارقطني، والبيهقي من طريق أبان بن يزيد قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر فقال: (كان ابن عمر يقول إلى المرفقين وكان الحسن وإبراهيم يقولان إلى المرفقين، وحدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار بن ياسر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إلى المرفقين) لفظ الدارقطني. واختصره أبو داود فحذف منه فتوى ابن عمر والحسن وابراهيم، وهي رواية باطلة مقطوع ببطلانها لجهالة شيخ قتادة الذي حدّثه مع مخالفة الثقات المخرج حديثهم في الصحاح، إذ قالوا في الحديث: "إلى الكعبين"، ويستحيل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: إلى الكعبين، وقال أيضًا: إلى المرفقين في قصة واحدة، وجواب واحد؛ ولهذا قال ابن حزم: إنه حديث ساقط. وقال البيهقي: (هو منقطع لا يعلم من الذي حدثه يعني قتادة فينظر فيه وقد ثبت الحديث من وجه آخر لا شك حديثي في صحة إسناده) وفيه: "ومسح وجهه وكفيه". أخرجه البخاري ومسلم. قلت: وقد رواه (سلمة بن كهيل لشك وقع له، والحكم بن عتيبة فقيه حافظ قد

رواه عن ذر بن عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن، ثم سمعه من سعيد بن عبد الرحمن فساق الحديث على الإثبات من غير شك فيه. وحديث قتادة عن عزرة يوافقه. وكذلك حديث حصين عن أبي مالك). قلت: ومن ذلك أن الحكم وسلمة بن كهيل سألا عبد الله بن أوفى عن التيمم فقال: "أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل هكذا وضرب بيديه الى الأرض ثم نفضهما ومسح على وجهه. قال الحكم: ويديه، وقال سلمة: ومرفقيه" هكذا من غير شك من سلمة، لكنه من رواية ابن أبي ليلى وهو ضعيف لسوء حفظه، أخرجه أبن ماجه، وقد نص الحكم في روايته عند الطيالسي والبيهقي وغيرهما فقال: ليس فيه إلى الذراعين، وفي رواية البيهقي: "ولم يجاوز الكوع". * * * 151 - حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التَّيَمُّم ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ للوَجْهِ وضَرْبَةٌ لليَدَينِ إلى المِرْفَقَينِ".

الدارقطني، والحاكم كلاهما من حديث علي بن ظبيان، عن عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر به. وقال الحاكم: (لا أعلم أحدًا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان وهو صدوق) وتعقبه الذهبي فقال: (بل واه. قال ابن معين ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة). قلت: وقال أبو حاتم (متروك)، وقال أبو زرعة: (واهي الحديث)، وقال ابن نمير: (يخطئ في حديثه كله)، وقال ابن حبان: (سقط الاحتجاج بأخباره). وقال الدارقطني عقب الحديث: (كذا رفعه علي بن ظبيان، وقد وقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما وهو الصواب)، ثم أسنده من جهتهما، وكذا قال ابن عدي: (أن الثقات كالثوري ويحيى القطان وقفوه). ورواه البيهقي من جهة القطان وهشيم، عن عبيد الله بن عمر موقوفًا ثم قال:

(رواه علي بن ظبيان فرفعه وهو خطأ، والصواب بهذا اللفظ عن ابن عمر موقوفًا). قلت: ولم يسنده البيهقي إنما ذكره هكذا منبهًا على خطأ روايته فعزو الحافظ له في "التلخيص" إلى البيهقي وهم. ورواه الدارقطني، والحاكم كلاهما من طريق سليمان بن أبي داود الحراني عن سالم ونافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في التَّيَمُّم: (ضَرْبَتانِ، ضَرْبَةٌ للوجْهِ وَضَرْبَة لليدينِ إلى المِرْفَقينِ". وقال الحاكم: (سليمان بن أبي داود لم يخرجاه، وإنما ذكرناه في الشواهد). قلت: هو أسقط من أن يستشهد به، ولذلك أشار إلى حديثه البيهقي وضعفه ولم يتجز الاحتجاج به. وقد قال أبو زرعة (إنه حديث باطل)، وضعفه ابن حزم في "المحلى" وقال: لا يحتج به. * * * 152 - قوله: (وروي أيضًا من طريق ابن عباس ومن طريق غيره).

أما طريق ابن عباس، فأخرجه أبو داود، والطحاوي، من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمار بن ياسر قال: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت آية التيمم فضربنا ضربة واحدة للوجه ثم ضربنا ضربة لليدين إلى المنكبين ظهرًا وبطنًا" لفظ الطحاوي. • وقد اختلف في الحديث سندًا ومتنًا. فأكثر الرواة لهذا الحديث لا يذكرون في حديث ابن عباس ولا ضربة واحدة. ورواه جماعة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن عمار بدون ابن عباس وفيه ذكر الضربتين. ورواه آخرون عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار وقد أشار إلى الاختلاف فيه أبو داود. ثم إن الحديث من أصله لا عمل به كما قال الزهري، لأنه كان في أول ما نزلت آية التيمم، وبغير علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بل فعل الصحابة ذلك باجتهادهم، ثم قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كيفية التيمم المشروعة وهي ضربة واحدة إلى الكعبين فقط لا إلى الذراعين ولا إلى المناكب والآباط كما في هذا الحديث.

وأما طريق الغير، فورد من حديث جابر، وأبي أمامة، وعائشة، والأسلع بن شريك؛ وأبي هريرة، وأبي جهيم. • فحديث جابر: رواه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من رواية عثمان بن محمد الأنماطي،، عن حرمي بن عمارة، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين" قال الدارقطني: رجاله كلهم ثقات، والصواب موقوف. قلت: عثمان بن محمد الأنماطي حكى ابن الجوزي تضعيفه، وهو وإن رد عليه ذلك فإن عثمان المذكور غير مشهور ولا معروف بالثقة كما ينبغي ويدّل على ضعفه مخالفته في هذا الحديث متنًا وإسنادًا مع قلة روايته وذلك دليل على عدم ضبطه، فإن أبا نعيم الثقة رواه عن عزره بن ثابت فأوقفه على جابر، وخالف في سياق المتن فقال عن جابر أنه أتاه رجل فقال: أصابتني جنابة وإني تمعكت في التراب فقال: أصرت حمارًا؟ وضرب بيديه إلى الأرض فمسح وجهه ثم ضرب بيديه إلى الأرض فمسح بيديه إلى المرفقين، وقال: هذا التيمم. رواه الطحاوي في "معاني الآثار"

والدارقطني والحاكم وصححه، وكذا البيهقي فقال: (إسناده صحيح إلا أنه لم يبين الأمر له بذلك) قلت: لأنه وقع عنده، (فقال: اضرب، فضرب)، لكن سياق الطحاوي ذكرناه صريح في أن الذي ضرب هو جابر نفسه. • وحديث أبي أمامة: مثل الذي قبله. رواه الطبراني في "الكبير" من جهة جعفر بن الزبير عن القاسم عنه، وجعفر متهم بوضع الحديث. • وحديث عائشة: مثله أيضًا. أخرجه البزار، وابن عدي، من جهة الحريش بن الخريت، عن ابن أبي مليكة عنها. وقال البزار: (لا نعلمه يروى عن عائشة إلا من هذا الوجه. والحريش رجل من أهل البصرة، أخو الزبير بن الخريت).

قلت: والحريش قال البخاري: فيه نظر، وضعفه أبو زرعة، وأبو حاتم وقال: (لا يحتج به) وحديثه هذا منكر. • وحديث الأسلع: رواه الطحاوي، والطبراني، والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع قال: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال لي: يا أسلع قم فارحل لنا، قلت: يا رسول الله! أصابتني بعدك جنابة فسكت عني حتى أتاه جبريل بآية التيمم، فقال لي: يا سلع قم فتيمم صعيدًا طيبًا ضربتين ضربة لوجهك وضربة لذراعيك ظاهرهما وباطنهما فلما انتهينا إلى الماء قال: يا سلع قم فاغتسل" والربيع بن بدر مجمع على تركه.

• وحديث أبي هريرة: عزاه الزيلعي في "نصب الراية" إلى أحمد وإسحاق وأبي يعلى، والطبراني في "الأوسط" والبيهقي، وفيه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة ثم ضرب أخرى فمسح بها على يديه إلى المرفقين" وهو واهم في ذلك، وتبعه على وهمه ابن الهمام في "فتح

القدير" والحافظ في "الدراية" فإِن الحديث ليس فيه شئ من هذا لا عند أحمد ولا عند البيهقي، كما راجعت ذلك فيهما، وكذلك ليس فيه ذلك أيضًا عند أبي يعلى والطبراني على نقل الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" فلعل ذلك في مسند إسحاق بن راهويه وحده، ثم نسبه الزيلعي إلى الجميع وهو مع ذلك حديث ضعيف. • وحديث أبي الجهيم: رواه الدارقطني من طريق أبي عصمة، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي الجهيم قال: "أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من بئر جمل من غائط أو بول فسلمت عليه فلم يرد علي السلام. فضرب الحائط بيده ضربة فمسح بها وجهه ثم ضرب أخرى فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين ثم رد عليَّ السلام" وهذا حديث موضوع من إفك أبي عصمة فإِنه كذّاب دجّال. والحديث في الصحيحين من رواية الليث، عن جَعْفَر بن ربِيعَةَ عن الأَعْرَجِ

قال: سمعت عُميرًا مَوْلى ابنِ عبّاس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار حتى دخلنا على أبي جُهَيْم بن الحارثِ بنِ الصَّمَّةِ الأنْصاريَّ فقال: "أقْبَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُل فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَبِيُ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى أَقبَلَ على الجِدارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيهِ السَّلامَ" هكذا رواه جمهور الثقات فكيف بمخالفة كذاب لهم، مع أن الراوي عنه، وهو أبو معاذ ساقط مثله، وفيه مع ذلك انقطاع الأعرج وأبي جهيم. * * * 153 - قوله: (وقد روى في بعض طرق حديث عمار أنه قال: تيممنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب). الشافعي، والطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن

عدد ضربات التيمم

عدد ضربات التيمم ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي، من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فقيل عنه عن ابن عباس، عن عمار، وقيل عنه عن عمار بدون واسطة، وقيل عنه عن أبيه، عن عمار، وتفصيل ذلك يطول، وكل الأقوال موجودة عند من عزوناه إليهم ولا فائدة في تفصيل ذلك مع نسخ الحديث أو عدم صلاحيته للاحتجاج من أصله. فائدة: قال الحافظ: (الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه والراجح عدم

رفعه. فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملًا، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية: إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط، فأما رواية المرفقين، وكذا نصف الذراع ففيهما مقال. وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فكل تيمم صح للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره، فالحجة فيما أمر به ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولاسيما الصحابي المجتهد). * * * 154 - قوله: (والذي في حديث عمار الثابت إنما هو ضربة واحدة للوجه والكفين معًا). متفق عليه وقد تقدم أول الباب، وقال ابن عبد البر: أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة. وما روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة.

إيصال التراب إلى أعضاء التيمم

إيصال التراب إلى أعضاء التيمم 155 - قوله: (لكن ههنا أحاديث فيها ضربتان). تقدمت قريبًا من حديث ابن عمر وجماعة وفي كلّها مقال.

الباب الخامس: فيما تصنع به هذه الطهارة

الباب الخامس: فيما تصنع به هذه الطهارة

156 - حديث: "جُعِلَتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا" وفي بعض رواياته: "جعلت لي الأرض مسجدًا وجعلت لى تربتها طهورًا". الحديث الأول ورد من طرق متعددة، عن جماعة من الصحابة عدلًا جلها متواترًا وقد تقدم عزو حديث جابر منهما. والرواية التي فيها ذكر التراب، أخرجها أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو داود الطيالسي في "مسنديهما" ومسلم، والدارقطني، والبيهقي من حديث حذيفة

قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فُضِّلْنَا عَلى النّاسِ بِثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لَنا الأرْضُ [كلُّها] مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتها لَنا طَهُورًا إذا لَمْ نَجِدْ المَاءَ". وذكر خصلة أخرى. هذا لفظ مسلم، والخصلة ذكرها الباقون، حتى ابن أبي شيبة الذي هو شيخ مسلم في هذا الحديث وهي: "وأتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش". ورواه أحمد في "المسند" إلا إنه لم يقع عنده ذكر التراب. ولفظ الطيالسي، والدارقطني: "وجُعِلَتْ لَنا الأرْضُ مَسْجِدًا وتُرابُها طَهُورًا". ورواه أحمد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي أنه سمع علي بن أبي طالب -عليه السلام- يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُعْطيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أحَدٌ مِنَ الأَنْبياءِ. فَقُلْنا يا رَسُولَ اللهِ مَا هُوَ قال: نُصِرْتُ بالرعْبِ، وَأُعْطِيت مَفاتيح الأَرْضِ وَسُمِّيت أَحْمَدَ وجُعِلَ الترابُ لِي طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَتِي خَيْرُ الأُمَمِ".

الباب السادس: في نواقض هذه الطهارة

الباب السادس: في نواقض هذه الطهارة

وجود الماء

وجود الماء 157 - قوله: (لكن خصصت السُّنَّة من ذلك الوضوء). تقدم ما يدل على ذلك في المسألة الثالثة من الباب الثالث.

158 - حديث: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا ما لم نجد الماء". تقدم بهذه الزيادة من حديث حذيفة المذكور قبله. * * * 159 - حديث أبي سعيد: "وفيه أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: فإِذا وَجَدْتَ المَاءَ فأمِسَّهُ جِلْدَكَ". هو حديث أبي ذر لا حديث أبي سعيد. رواه الطيالسي وأحمد، وأبو

داود، والترمذي، والنسائي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي ولفظه: "الصَّعِيدُ الطَّيبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ، فَإِذا وَجَدَ الماءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ".

ورواه البزار والطبراني في "الأوسط" بسند صحيح أيضًا من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر: "يجزيك الصعيد ولو لم تجد الماء عشر سنين، فإِذا وجدت الماء فأمسه جلدك". وقد سبق ذكر حديث أبي ذر، ونبهنا على وهم من عزاه لابن ماجه. * * * 160 - قوله: (وبمثل هذا شنعوا على مذهب أبي حنيفة فيما يراه من أن الضحك في الصلاة ينقض الوضوء، مع أنه مستند في ذلك إلى الأثر).

قلت: هو أثر ضعيف سبق عزوه.

الباب السابع: في الأشياء التي هذه الطهارة شرط في صحتها أو في استباحتها

الباب السابع: في الأشياء التي هذه الطهارة شرط في صحتها أو في استباحتها

4 - كتاب الطهارة من النجس

4 - كتاب الطهارة من النجس

الباب الأول: في معرفة حكم هذه الطهارة

الباب الأول: في معرفة حكم هذه الطهارة 161 - حديث: "من تَوَضَّأ فلَيَسْتَنْثِر، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيَوُتِرْ". متفق عليه من حديث أبي هريرة.

162 - قوله: (ومنها أمره - صلى الله عليه وسلم - بغسل دم الحيض من الثوب). مالك، والشافعي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة، من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن دم الحيض يصيب الثوب، فقال: "حتيه ثم أقرصيه ثم رشيه وصلي فيه". لفظ الشافعي ولفظ الباقين. وفي رواية للشافعي أيضًا قالت: "سألت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إحدانا يصيب

ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟ قال: تحتّه، ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه، ثم تصلّي فيه". ولابن أبي شيبة وابن ماجه: "اقرصيه بالماء واغسليه وصلّي فيه". وعند أحمد، وأبي داود، من حديث أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت يا رسول الله: ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال: "فإِذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلي فيه، قالت يا رسول الله إن لم يخرج أثره؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره". وعند أحمد، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وابن القطان من حديث أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، "أنها سألت

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن دَمِ الحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: حُكِّيهِ بِضِلَعٍ واغْسِليِهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ". * * * 163 - قوله: (وأمره بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي). تقدم في الباب الثالث من المياه. * * * 164 - حديث: "قوله - صلى الله عليه وسلم - في صاحبي القبر، إنَّهُما لَيُعَذبَانِ وما يُعَذَّبانِ في كبِيرٍ" الحديث. أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي،

والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،

والبيهقي، وآخرون من حديث ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال: إِنَّهُما لَيُعَذَبَانِ وما يُعَذَّبان في كبير، بلى إنه كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله". * * * 165 - قوله: (فمنها حديث صاحبي القبر المشهور).

قلت: هو مشهور اصطلاحًا لوروده من طريق جماعة من الصحابة كابن عباس، وعائشة، وأنس، وأبي بكرة وأبي أمامة، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة. فحديث ابن عباس: سبق في الذين قبله. وحديث عائشة: رواه الطبراني في "الأوسط" بسند حسن. وحديث أنس: رواه الطبراني في "الأوسط" أيضًا من وجهين. وحديث أبي بكرة: رواه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، في "التاريخ الكبير"، وابن ماجه. وحديث أبي أمامة: رواه أحمد وفي سنده ضعف.

وحديث عبد الله بن عمر: رواه الطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف. وحديث جابر: رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأسلم بن سهل الواسطي في "تاريخ واسط" وهو في مسند أحمد "والبعث" لابن داود بدون ذكر سبب التعذيب. وحديث أبي هريرة: رواه ابن حبان في "الصحيح" وهو في مسند أحمد، بدون ذكر سبب التعذيب. * * * 166 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - رُمِيَ عَلَيْهِ وهُوَ في الصلاة بِسَلا جَزُورٍ بالدم والفرث فلم يقطع الصلاة". متفق عليه من حديث ابن مسعود قال: "بَيْنَما رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي عِنْدَ

البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وأَصْحابٌ لَهُ جُلُوسُ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأمْسِ، فقالَ أبو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللهُ: أيكم يقوم إلى سَلاَجَزُورِ بَني فُلانٍ فَيأْخُذُهُ فَيَضَعهُ في كَتِفَيْ مُحَمًدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أشْقَى القَوْمِ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قال: فَاسْتَضْحَكوا وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَميلُ على بَعْضٍ، وأَنا قَائِمٌ أَنْظُرُ، لَوْ كَانَتْ لي مَنَعَة طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالنبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ساجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتى انْطَلَقَ إِنْسَان فَأخْبَرَ فَاطِمَةَ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَتْ وَهِيَ جُويرِيةً فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ثُمً أَقبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ فَلَمّا قَضَى النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ. . . ." الحديث. * * * 167 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في صلاة من الصلوات يصلي في نعليه فطرح نعليه فطرح الناس نعالهم" الحديث.

أحمد، والدارمي، ابن سعد، وأبو داود، والحكم، والبيهقي، وجماعة من حديث أبي سعيد الخدري قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن جبريل -عليه السلام- أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا، أو قال أذى، وقال: إِذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإِن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسه

وليصل فيهما". وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم. وكذا صححه ابن خزيمة وابن حبان.

الباب الثاني: في معرفة أنواع النجاسات

الباب الثاني: في معرفة أنواع النجاسات ميتة الحيوان

168 - قوله: (وأما من استثنى من ذلك ما لا دم له فحجته مفهوم الأثر الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - من أمره بمقل الذباب إذا وقع في الطعام).

تقدم في الباب الثالث. * * * 169 - حديث جابر: "أنهم أكلوا من الحوت الذي رماه البحر، وأنهم أخبروا بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الحديث. متفق عليه من حديث جابر قال: "غزونا، جيشُ الخَبَطِ، وأميرنا أبو عبيدة

فجعنا جوعًا شديدًا فألقى البحر حوتًا ميتًا لم نر مثله يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظمًا من عظامه فمرّ الراكب تحته، قال: فلما قَدِمْنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوا رزقًا أخرجه الله -عز وجل- لكم، أطعمونا إنْ كان معكم فأتاه بعضهم بشيء فأكله". * * * 170 - حديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".

تقدم في الباب الثالث في المياه. * * * 171 - قوله: (تمسّكوا في ذلك بأثر ورد فيه تحريم الطافي من السمك وهو عندهم ضعيف). أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، من رواية يحيى بن سُليم الطائفي، ثنا إسماعيل بن أميّة عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول

أجزاء الميتة

أجزاء الميتة الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أُلقى البَحْر أَو جَزَرَ عَنْهُ فَكُلوهُ، وما ماتَ فيه وَطَفا فَلاَ تأكلوه" قال أبو داود: (روى هذا الحديث سفيان الثوري، وأيوب، وحماد عن أبي الزبير، أوقفوه على جابر. وقد أسند هذا الحديث أيضًا من وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب عن الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقال الدارقطني: (رواه غيره موقوفًا) ثم رواه من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن أمية به موقوفًا. وقال هذا (هو الصحيح). وأخرجه الدارقطني أيضًا من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا: "إذا طفا فلا تأكله وإذا جزر عنه فكله وما كان على حافتيه فكله" ثم قال: (لم يسنده عن الثوري غير أبي أحمد، وخالفه وكيع والعدني، وعبد الرزاق، ومؤمل بن إسماعيل، وأبو عاصم وغيرهم فرووه، الثوري موقوفًا وهو الصواب. وكذلك رواه أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، وابن جريج، وزهير،

وحماد بن سلمة وغيرهم، عن أبي الزبير موقوفًا وروي عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، وابن أبي ذئب، عن أبي الزبير مرفوعًا ولا يصح رَفْعُهُ، وَرَفَعَهُ يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية ووقفه غيره). قلت: رواية إسماعيل بن أمية تقدمت، ورواية ابن أبي ذئب ذكر البيهقي في "السنن" أن الترمذي رواه (عن الحسين بن يزيد الكوفي، عن حفص ابن غياث، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما اصطدتموه وهو حىّ فكلوه، وما وجدتم ميتًا طافيًا فلا تأكلوه". قال الترمذي سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: ليس هذا بمحفوظ، ويروى عن جابر خلاف هذا ولا أعرف لابن أبي ذئب، عن أبي الزبير شيئًا). قال البيهقي: (وقد رواه أيضًا يحيى بن أبي أنيسه، عن أبي الزبير مرفوعًا، ويحيى بن أبي أنيسه متروك لا يحتج به. ورواه عبد العزيز عن وهب بن كيسان، عن جابر مرفوعًا، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به. ورواه بقية بن الوليد، عن الأوزاعي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا، ولا يحتج بما ينفرد به بقية فكيف بما يخالف فيه، وقول الجماعة من الصحابة على خلاف

قول جابر، مع ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"). * * * قلت: رواية عبد العزيز بن عبيد الله خرجها الدارقطني، من طريق الحسن بن عرفه، عن إسماعيل بن عياش عنه، ثم قال: (وعبد العزيز ضعيف لا يُحتجّ به). وذكره ابن أبي حاتم في "العلل"، أنه سال أبا زرعة عن هذا الحديث فقال: (هذا خطأ، إنما هو موقوف عن جابر، وعبد العزيز بن عبيد الله واهي الحديث). تنبيه: عزو البيهقي رواية ابن أبي ذئب إلى الترمذي، لا يريد به "السنن" فإِن الترمذي لم يخرج الحديث على ما في نسختنا، ولا ذكره صاحب "الأطراف" من رواته أيضًا، فلعله خرجه في "العلل المفرد" وقد اغترّ بعض الحفاظ بكلام البيهقي فعزا تلك الرواية إلى الترمذي ومنهم الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" وتبعه الحافظ في اختصاره.

172 - حديث: "ما قُطِعَ مِنَ البَهيَمَةِ وَهيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ". أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن أبي واقد الليثي قال: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وبها ناس يَعْمَدُونَ إِلىَ ألِيَّاتِ الغَنَمِ وأَسْنِمَةِ الإبِلِ فَيَجُبونَها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَا قُطِعَ مِنَ البَهِيْمَةِ وَهيَ حَيَّةٌ فَهيَ مَيْتةٌ". وقال الترمذي: (حديث حسن ..) وقال

جلود الميتة

جلود الميتة الحاكم: (صحيح على شرط البخاري) وأقره الذهبي مع أنه اختلف فيه على زيد أسلم، فرواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عنه كما سبق، ورواه سليمان بن بلال عنه، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الحاكم وصحّحه أيضًا على شرط الشيخين، وأقره الذهبي أيضًا. ورواه هشام بن سعد عنه فقال: عن ابن عمر، أخرجه ابن ماجه والدارقطني، والحاكم وقال: رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن سليمان بن

بلال، عن زيد بن أسلم مرسلًا. قلت: ورجّحه الدارقطني على عادتهم في ترجيح المرسل. وفي الباب: عن تميم الداري، أخرجه ابن ماجه، ثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا أبو بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، عن تميم الداري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكون في آخر الزمان قوم يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإبِلِ وَيقْطَعُونَ أَذْنابَ الغَنَمِ، أَلَا فَمَا قُطِعَ مَنْ حَي فَهُوَ مَيتٌ". وأبو بكر الهذلي ضعيف، وشهر بن حوشب فيه مقال.

173 - حديث ميمونة: "أنه - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِمَيْتَةٍ فقال: هَلا انْتَفَعَتْمُ بِجِلْدهَا". مالك، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي وجماعة من حديث الزهري عن عبيدِ الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن

عباس قال: "مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِشاةٍ مَيْتَةٍ كانَ أَعْطاها مَوْلاةً لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَبِي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أَفَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدها؟ فقالوا يا رسولَ الله! إنَها مَيْتَةٌ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما حَرُمَ أَكْلُها". هكذا قال مالك وغيره، عن الزهري، لم يذكر في المتن "الدباغ" وجعله من حديث ابن عباس. ورواه ابن عيينة وغيره، عن الزهري فقال: عن ابن عباس، عن ميمونة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة ميتة لميمونة فقال: "ألا أخذوا إهابها فذبغوه فانتفعوا به" الحديث. ولم يقع الدباغ عند البخاري في هذا الحديث لكن في حديث ابن عباس عن سودة. * * * 174 - حديث ابن عُكَيْم: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب: ألًا تَنْتَفِعُوا مِنَ الميْتَةِ بإهَاب وَلَا عَصبٍ"، وذلك قبلَ موته بعام. الشافعي في "سنن حرملة"، وأحمد، والبخاري في "التاريخ" وأبو

داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من حديث عبدِ الله بن عُكَيْمٍ قال: قُرِئَ عَلَيْنا كِتابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا تَنْتَفِعُوا من المَيْتَةِ بإهَاب ولا عَصَبٍ". وعند بعضهم: "قبل موته بشهر". وصحّحه ابن حبان، وابن حزم وغيرهما، وحسّنه الترمذي، وتبعه جماعة، وضعّفه بعض من رد العمل به، ولم يفهم وجهه بعلل مرفوعة. والحق أنه صحيح ولا معارضة بينه وبين الأحاديث المثبتة للطهارة بالدبغ، فإن الإهاب إنما هو اسم للجلد قبل أن يدبغ.

175 - حديث ابن عباس: "إذَا دُبغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهُرَ". مالك، والطبراني، والشافعي، وأحمد، والدارمي، ومسلم،

دم الحيوان

دم الحيوان وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والطبراني في "الصغير" وغيره والدارقطني، والبيهقي؛

وجماعة آخرون من تسعة طرق عن ابن عباس وورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحو عشرين طريقًا أفردتها بجزء مخصوص. * * * 176 - حديث: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ الجَرَادُ والحُوتُ، والكَبِدُ والطِّحَالُ". الشافعي، وأحمد، وابن ماجه، وابن ترثال في "جزئه"، والدارقطني والبيهقي، كلهم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر

البول

البول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فأمَّا الميْتَتَانِ فالحُوت والجَرَادُ وأمَّا الدَمانِ فالكَبِدُ والطِّحالُ". ورواه الدارقطني من طريق مطرف، عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه. ورواه البيهقي في موضع آخر من طريق ابن أبي أويس قال: حدثنا عبد الرحمن وأسامة وعبد الله بنو زيد بن أسلم، عن أبيهم به ثم قال البيهقي: (أولاد زيد

هؤلاء كلهم ضعفاء، جرحهم يحيى بن معين، وكان أحمد بن حنبل، وعليّ بن المديني يوثقان عبد الله بن زيد، إلا أن الصحيح من هذا الحديث الأول) يعني الموقوف، الذي أخرجه من طريق ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر أنه قال: أحل لنا وذكره. ثم قال البيهقي: (وهو في معنى المسند)، قال المارديني: بل (رواه يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال مرفوعًا كذا قال ابن عدي في "الكامل"). قلت فالحديث صحيح مرفوعًا على كل حال. * * * 177 - قوله: (أحدهما اختلافهم في مفهوم الإباحة الواردة للصلاة في مرابض الغنم). قلت: تقدمت الأحاديث في ذلك في الباب الرابع في نواقض الوضوء.

178 - قوله: (وإباحته - صلى الله عليه وسلم - للعرنيين شرب أبوال الإِبل وألبانها). متفق عليه من حديث أنس: "أنّ رهطًا من عُكلٍ أو عُرَيْنَةَ قَدِمُوا فَاجْتَوَوا المَدينةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بلقاح وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها". الحديث. * * * 179 - قوله: (ومن فهم من النهي عن الصلاة في أعطان الإِبل).

ما يعفى عنه من النجاسات

ما يعفى عنه من النجاسات قلت: تقدمت الأحاديث بذلك في الباب الرابع في نواقض الوضوء.

180 - قوله: (قياسهم قليل النجاسة على الرخصة الواردة في الاستجمار). قلت: في الاستجمار أحاديث أصرحها في الموضوع حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ذهب أحدكم الى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني وصححه. وحديث أبي أيوب مرفوعًا: "إذا تَغَوَّط أحدكم فليمسح بثلاثة أحجار فإن ذلك

طهارة المني

طهارة المني كافية". رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" بسند حسن. * * * 181 - حديث عائشة: "كنت أغسل ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المني فيخرج الى الصلاة وإن فيه لبقع الماء". متفق عليه.

182 - قوله: (وفي بعض رواياته كنت أفركته من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعضهما "فيصلي فيه"، خرّج هذه الزيادة مسلم. * * * قلت: وكذا أحمد، وأبو داود كلّهم من رواية الأسود عنها.

الباب الثالث: في معرفة المحال التي يجب إزالتها عنها

الباب الثالث: في معرفة المحال التي يجب إزالتها عنها 183 - قوله: (وفي الثابت من أمره - صلى الله عليه وسلم - بغسل الثوب من دم الحيض). تقدم.

184 - قوله: (وصبَّه الماء على بول الصبي الذي بال عليه). قلت: ورد ذلك من حديث أم قيس، وعائشة، وأمَّ كُرْزٍ، وابن عباس، وأبي ليلى، وأنس، وزينب بنت جحش، وأم سلمة. • حديث أم قيس بنت محصن: رواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، عنها: "أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله". • وحديث عائشة: رواه أحمد، والبخاري، ومسلم وابن ماجه عنها

نحوه، ولفظ مسلم "كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه فدعا بالماء فأتبعه بوله ولم يغسله". • وحديث أَمَّ كُرزٍ: رواه أحمد وابن ماجه عنها قالت: أُتِيَ بِصَبِي فبال عليه فأمر به فنضح، وأتى بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل". • وحديث ابن عباس: رواه الدارقطني وسنده ضعيف. • وحديث أبي ليلى: رواه أحمد بسند صحيح، وهو في حق الحسن والحسين -عليهما السلام- وكذلك حديث أنس وزينب بنت جحش وأم سلمة عند الطبراني. 185 - : (وأمّا المساجد فلأمره - صلى الله عليه وسلم - بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد). تقدم.

186 - قوله: (وكذلك ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، "أنه أمر بغسل المذي من البدن). تقدم أيضًا. * * * 187 - قوله: (وغسل النجاسات من المخرجين). قلت: الأمر بغسل النجاسة من المخرجين عزيز نادر، أخرجه ابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من حديث طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ قال: حدثني أَبُو أَيُّوبَ، وجَابِرُ بن عَبْدِ الله، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ الأنْصَارِيُّونَ: "أن هذه الآية لما نزلت: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة 9: 108] فقال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم خيرًا في الطهور فما طهوركم هذا؟ قالوا يا رسول الله: نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهل مع ذلك غيره؟ قالوا: لا، غَيْر أنَّ أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هو ذاك فعليكموه". قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، وضَعّفه بعضهم بعتبة بن أبي حكيم، راويه عن ظلمة بن نافع، لأن ابن معين والنسائي ضعفاه وحسنه بعض الحفاظ. وقال ابن حبان في "الضعفاء" حدثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبان الواسطي، ثنا عثمان بن مطر الشيباني، عن الحسن بن أبي جعفر، عن علي بن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بغسل الدبر فإنه يذهب الباسور". وهكذا رواه ابن السني وأبو نعيم في "الطب النبوي" وأبو يعلى في "معجمه" لكنه قال: "عليكم بإنقاء الدبر". وعثمان بن مطر ضعيف، وقال ابن حبان: (يروي الموضوعات لكن لحديثه شاهد عند أحمد من طريق الأوزاعي قال: حدثني

شداد أبو عمار، عن عائشة: "أن نسوة من أهل البصرة دخلن عليهما فأمرتهن أن يستنجين بالماء وقالت مُرْنَ أَزوَاجَكن بذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله وهو شفاء من الباسور". عائشة تقوله أو أبو عمار. وتقدم الأمر بغسل المذي، وما عدا هذا فالوارد إنما هو الأمر بالاستجمار كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليستنتج بثلاثة أحجار". رواه الشافعي، وأبو داود وجماعة من حديث أبي هريرة وتقدم غيره. * * * 188 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وقد سئل عن المذي يغسل ذكره ويتوضأ". تقدم.

الباب الرابع: في الشيء الذي تزال به

الباب الرابع: في الشيء الذي تزال به

189 - حديث أم سلمة: "أنها قالت: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطهره ما بعده". ليس الحديث هكذا ولكنه عن أم ولدٍ لإبراهيمَ بنِ عبدِ الرحمن بن عَوْف "أنّها سألت أمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني امرأة أُطيلُ ذَيْلي وأمْشي في المكانِ القذِرِ فقالت أم سلمة: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: يطهره ما بعده". رواه مالك، وأحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه وغيرهم.

190 - حديث: "إذا وَطِئَ أحدُكُم الأذَى بِنَعْلَيْهِ فإنَّ التُرَابَ لَهُ طَهُورٌ". أبو داود، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من حديث أبي هريرة. وقال الحاكم) (صحيح على شرط مسلم). وقال الحافظ: إنه معلول اختلف فيه على الأوزاعي وسنده ضعيف. قلت: الحق ما قاله الحاكم فإِن ذلك لا يضر وقد ورد من وجه آخر عن أبي هريرة، أخرجه ابن ماجة، والبيهقي، بلفظ: "الطرق يطهر بعضها بعضًا"، وهو وإن قال البيهقي: (ليس بالقوي) إلا شاهد لحديث الأوزاعي مع الذي بعده. * * * 191 - قوله: (إلى غير ذلك مما ورد في هذا المعنى).

منه حديث امرأة من بني عبد الأشْهَلِ قالت) "يا رسول الله إن لنا طريقًا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا، قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها قالت: بلى؟ قال: فهذه بهذه".

رواه أبو داود، وابن الجارود، والبيهقي. * * * 192 - حديث: "أَمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يُسْتَنْجَى بعظم ولا روث". قلت: ورد ذلك من حديث جابر، وابن مسعود، وأبي هريرة وسلمان الفارسي، ورويفع بن ثابت، وسهل بن حنيف وخزيمة بن ثابت ورجل من الصحابة، وعائشة، وعبد الله بن الحارث، والزبير بن العوام، وعبد الله ابن عمر. • فحديث جابر: رواه أحمد ومسلم، وأبو داود، والبيهقي، قال:

"نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسح بعظم أو بعرة. • وحديث ابن مسعود: رواه الطيالسي، وأحمد، والأربعة، والطحاوي والدارقطني، والبيهقي بألفاظ. • وحديث سَلْمَان: رواه الطيالسي، وأحمد، ومسلم (وأبو

داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي والدارقطني والبيهقي. • وحديث أبي هريرة: رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن ماجه والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي بألفاظ.

ففي "صحيح البخاري" في الطهارة عنه قال: اتبعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج لحاجته، وكان لا يلتفت فدنوت منه فقالوا: "ابغني أحجارًا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا روثة". زاد في "بدء الخلق": قلت "ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن". وعند أحمد والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي والبيهقي عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم فإذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها. ونهى عن الرَّوْثِ والرِّمَّةِ، ولا يَسْتَطِبْ الرَّجُلُ بِيَمِينِه". واختصره الطحاوي فقال: "نهى أن يستنجي بِرَوْثٍ أو رِمَّة"، والرمَّةُ: العِظامُ. وأما الدارقطني فروى من طريق الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة قال: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجي بروث أو عظم وقال: إنهما لا يطهران"، ثم قال: (إسناده صحيح). • وحديث رويفع بن ثابت: رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي والطحاوي، والبيهقي، عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا رويفع بن ثابت لعل

الحياة ستطوي بك فأخبر الناس أن من استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدًا منه بريء". • وحديث سهل بن حنيف: رواه الدارمي من طريق عبد الكريم بن أبي المخارق، عن الوليد بن مالك، عن محمد بن قيس، مولى سهل بن حنيف، عن سهل بن حنيف، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أنت رسولي إلى أهل مكة، فقل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليكم السلام ويأمركم أن لا تستنتجوا بعظم ولا ببعرة" ورواه الحارث بن أسامة من هذا الوجه مطوّلًا. • وحديث خزيمة بن ثابت: رواه أحمد، وابن ماجه، والبيهقي وليس فيه إلا ذكر الرجيع. • وحديث الرجل: رواه الطحاوي، والدارقطني، والبيهقي من رواية عبد الله بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى أن يستطيب أحد بعظم أو روثة، أو جلد" وقال الدارقطني: (هذا إسناد غير ثابت، وعبد الله بن عبد الرحمن مجهول).

• وحديث عائشة: رواه الدارقطني، وليس فيه إلا ذكر الرجيع وهو ضعيف. • وحديث عبد الله بن الحارث: رواه البزار والطبراني في "الكبير". • وحديث الزبير بن العوام: رواه الطبراني في "الكبير" حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا أبي ثنا بقية بن الوليد، ثنا نمير بن يزيد القيني، ثنا أبي ثنا قحافة بن ربيعة قال: حدثنا الزبير ابن العوام قال: "صلّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح -فذكر حديث وقد الجن وفي آخر أولئك وفد نصيبين سألوني الزاد- فجعلت لهم كل عظم وروثه، قال الزبير: فلا يحل لأحد أن يستنجي بعظم ولا روثة". • وحديث عبد الله بن عمر: ذكره الترمذي.

الباب الخامس: في صفة إزالتها

الباب الخامس: في صفة إزالتها 193 - قوله: (وأما الصفة التي بها تزول فاتفق العلماء على أنها: غسل، ومسح، ونضح، لورود ذلك في الشرع وثبوته بالآثار). تقدم جميع ذلك.

194 - قوله: (وكذلك ذيل المرأة الطويل اتفقوا على أن طهارته هي على ظاهر حديث أم سلمة). تقدم قريبًا. * * * 195 - حديث عائشة: "أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤْتَى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم"

الحديث. تقدّم قريبًا في صب الماء على بول الصبي. * * * 196 - حديث أنس: حين وصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته قال: "فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لُبِسَ، فنضحته بالماء". البخاري، ومسلم، وأهل السنن وغيرهم.

197 - قوله: (ومن الناس من رجّح الآثار الواردة في الغسل). تقدمت. * * * 198 - حديث أبي السَّمْحِ: "يُغْسَلُ من بول الجارية ويرشّ من بول الصبي". قال ابن رشد: رواه أبو داود.

قلت: لفظ الحديث: "ويرش من بول الغلام"، أخرجه أيضًا النسائي، وابن ماجه، والدولابي في "الكنى" والدارقطني، والحاكم، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي، وآخرون من حديثه قال: "كنت خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - فجيء بالحسن والحسين فبال على صدره فأرادوا أن يغسلوه فقال: "رشّوه رشًّا فإِنه يغسل بول الجارية، ويرش بول الغلام" لفظ الحاكم وقال: صحيح الإِسناد. وقد خرج الشيخان في بول الصبي حديث عائشة، وأم قيس بنت محصن

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أمر بماء فصب على بول الصبي" فأما ذكر بول الصبية فإنهما لم يخرجاه. • وفي الباب عن جماعة، فأخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي [عن] أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: "كان الحسن بن علي في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فبال عليه فقلت: البس ثوبًا جديدًا وأعطني إزارك حتى أغسله فقال: "إنّما يُغْسَل مِنْ بَوْلِ الأنْثى ويُنْضَح مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ". • ورواه أحمد وأبو داود، وابن ماجه، والطحاوي والدارقطني،

والحاكم، والبيهقي من حديث علي -عليه السلام-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في بول الرضيع: "ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية". قال قتادة هذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا وقال الحاكم صحيح على شرطهما. • ورواه أحمد، وابن ماجه، من حديث أم كُرْزٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بول الغلام ينضح، وبول الجارية يغسل" لفظ ابن ماجه. • ورواه البيهقي من حديث أم سلمة مثله، ثم قال: هذا صحيح عن أم سلمة من فعلها ثم أخرجه عنها. فائدة: قال البيهقي: (الأحاديث المسندة في الفرق بين الغلام والجارية في هذا الباب إذا ضم بعضها إلى بعض قويت، وكأنها لم تثبت عند الشافعي -رحمه الله- حين قال: ولا يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السنة الثابتة وإلى مثل ذلك ذهب البخاري ومسلم حيث لم يودعا شيئًا منها كتابيهما، إلا أن البخاري استحسن

حديث أبي السمح، وصوب هشامًا في رفع حديث عليّ ومع ذلك فعل أم سلمة -رضي الله عنها- صحيح عنها مع ما سبق من الأحاديث الثابتة في الرش على بول الصبي). قلت: من وقف على جميع طرق الحديث التي مر كثير منها سابقًا مع هذه وغيرها، جزم وقطع بصحة ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك عدّه بعض شيوخنا في الأحاديث المتواترة وإِن كان في العدد الذي ذكره ما لا يخفى على من وقف على الأسانيد لأن بعضه متداخل، إلا أنه مع ذلك يفيد القطع بالثبوت. فائدة: قال الحسن بن القطان في "زوائد ابن ماجه" (ثنا أحمد بن موسى بن مَعْقِل ثنا أبو اليَمَان المِصْرِي، قالَ: سَألْتُ الشافِعِيّ - رضي الله عنه -، عن حديثِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يُرَشُ مِنْ بَوْلِ الغُلاَم، ويُغْسَلُ من بَوْلِ الجارِيَةِ والماآن جميعًا واحِدٌ، قالَ: لأنَّ بول الغُلامِ مِنَ الماءِ والطينِ، وَبَوْلَ الجَارِيَةِ من اللَّحمِ والدمِ ثمّ قالَ لِي: فَهِمْتَ؟ أو قالَ: لَقِنْتَ؟ قلتُ: لا! قالَ: إِنَ اللهَ تَعالى لَمّا خَلَقَ آدَمَ خُلِقَتْ حَوّاءُ مِنْ ضِلْعِهِ القَصِيرِ، فَصَارَ بَوْلُ الغُلَامِ مِنَ الماءِ والطينِ، وَصَارَ بَوْلُ الجَارِيَةِ مِنَ اللَّحمِ والدمِ، قالَ لي فَهِمتَ قُلْتُ: نَعَمْ، قالَ لِي: نَفَعَكَ اللهُ بِهِ). قلت: وهذا معنى جليل والظاهر أن الله تعالى فتح به على الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - بعد قوله السابق إنه لم يتبين له فرق بين بول الصبي والجارية. ... 199 - قوله: (وأما من لم يفرق فإِنما اعتمد قياس الأنثى على الذكر الذي ورد فيه الحديث الثابت).

قلت: لعله يريد حديث بول الأعرابي في المسجد أو حديث نضح البول على

الصبي، وكلاهما تقدّم. * * * 200 - قوله: (في حديث سلمان الثابت الذي فيه الأمر ألا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار). أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن

ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من حديث عبد الرحمن بن يزيد قال: "قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو نستنجي باليمين أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن يستنجي برجيع أو بعظم". * * * 201 - حديث: "إذا استيقظ أحدكم من النوم فليغسل يده ثلاثًا قبل أن يدخلها في إنائه".

تقدّم أول الكتاب.

الباب السادس: في آداب الاستنجاء

الباب السادس: في آداب الاستنجاء 202 - قوله: (وأما آداب الاستنجاء ودخول الخلاء فأكثرها محمولة عند الفقهاء على الندب، وهي معلومة من السنة كالبعد في المذهب إذا أراد الحاجة وترك الكلام عليها، والنهي عن الاستنجاء باليمين، وأن لا يمس ذكره بيمينه). • قلت: أمّا البُعْدُ في المَذهبِ، فرواه الدارمي، والأربعة، وابن

الجارود، والحاكم، والبيهقي من حديث المغيرة بن شعبة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذهب المذهب أبعد". وقال الترمذي: حسن صحيح. ورواه أحمد، والنسائي, وابن ماجه، من حديث عبد الرحمن بن أبي قرادة. وابن ماجه من حديث يعلي بن مرة، ومن حديث بلال بن الحارث. وأبو يعلى، والطبراني من حديث ابن عمر. والطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس.

• وأما ترك الكلام: فرواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك". ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث أبي هريرة، ورجاله ثقات. ورواه ابن السكن من حديث جابر بنحوه ولفظه: "إذا تغوّط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدّثا". • وأما النهي عن الاستنجاء باليمين: وأن لا يمس ذكره بيمينه فمتفق عليه من حديث أبي قتادة مرفوعًا: "إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء".

203 - قوله: (وغير ذلك مما ورد في الآثار). • قلت: منها الذكر عند الدخول والخروج: رواه أحمد، والستّة، من حديث أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". وعن سعيد بن منصور، كان يقول: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك" الحديث. وعند البخاري في "الأدب المفرد" كان إذا دخل الخلاء قال: فذكره.

وعند أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه من حديث علي -عليه السلام- مرفوعًا: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" وقال الترمذي: إسناده ليس بالقوي. وعند ابن ماجه من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "لا يعجزن أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس, الخبيث المخبث الشيطان الرجيم". ورواه ابن السني في "اليوم والليلة" من حديث أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعله، وأنه كان إذا دخل الغائط قال ذلك. وعند الطبراني في كتاب "الدعاء"، من حديث ابن عمر نحوه. • وأما الخروج: فعند أحمد، والدارمي، وأبي داود، والترمذي،

والنسائي، والحاكم، من حديث عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك". وعند ابن ماجه، من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني". وعند ابن السني من حديث أبي ذر نحوه. وعند ابن السني، والطبراني من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوته وأذهب عني أذاه". • ومنها عدم مصاحبة ما فيه اسم الله تعالى: رواه الأربعة، والحاكم، من

حديث أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء نزع خاتمه" وفي رواية للحاكم: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتمًا نقشه محمَّد رسول الله فكان إذا دخل الخلاء وضعه" وهو حديث صحيح. • ومنها التستر: رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى الغائط فليستتر فإِن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستتر به، فإِن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج" وفي سنده مقال. • ومنها أن لا يبول قائمًا: رواه ابن ماجه من حديث جابر قال: "نهى رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبول الرجل قائمًا" وفي إسناده عدي بن الفضل وهو متروك. وقال الحافظ: (لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن البول قائمًا شيء). • ومنها ارتياد المكان الرخو للبول: رواه أحمد، وأبو داود، من حديث أبي موسى مرفوعًا "إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعًا" وفيه راو مجهول. • ومنها أن لا يبول في الجحر: رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والحاكم، والبيهقي، من حديث قتادة، عن عبد الله بن سَرْجِسَ قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُبالَ في الجُحْر" قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر، قال: يقال أنها مساكن الجن، وقد (قيل أن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس لكن أثبته ابن المديني، وصحّح الحديث ابن خزيمة، وابن السكن).

• ومنها أن لا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار كما سبق في حديث سلمان. • ومنها أن لا يبول في المستحم: رواه أحمد، والأربعة، والبيهقي، من حديث أشعث عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه" ولفظ البيهقي: "ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فإن عامة" الحديث. ولم يذكر الترمذي والنسائي وابن ماجه الوضوء. وقال الترمذي: إنه غريب؛ وذكر البيهقي الاختلاف في رفعه ووقفه. • ومنها النهي عن البول في الماء الراكد: رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى أن يبال في الماء الراكد".

• ومنها أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض: رواه أبو داود، والترمذي، من حديث أنس قال: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أرَادَ الحَاجَةَ لَمْ يَرْفَعْ ثَوْبَهُ حَتْى يَدْنُو مِنَ الأرْضِ". • ومنها الإِتكاء على اليسرى: رواه الطبراني في "الكبير" من حديث سراقة بن مالك قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتوكأ على اليسرى وننصب اليمنى" وفي سنده رجل لم يسمّ. وقال الحازمي: لا نعلم في الباب غيره، وفي إسناده من لا يعرف. • ومنها أن لا يتخلى تحت الأشجار المثمرة وعلى ضفة النهر: رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة وعلى ضفة نهر جار" وفي سنده فرات بن السائب وهو متروك. • ومنها أن لا يتخلى في طريق الناس أو ظلهم أو مواردهم: رواه مسلم،

وأبو داود، وجماعة من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "اتقوا اللاعِنيْنِ قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يَتَخلى في طريقِ الناس أو في ظلهم". ورواه أبو داود، وابن ماجه، من حديث معاذ بن جبل بلفظ: "اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل". • ومنها أن لا يبول في مهاب الريح: رواه الدارقطني، من طريق ابن بقية بن الوليد، ثنا مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطأة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: مر سراقة بن مالك المدلجي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن التغوط "فأمر أن يتنكب القبلة ولا يستقبلها, ولا يستقبل الريح" الحديث. وقال الدارقطني: (لم يروه غير مبشر بن عبيد وهو متروك الحديث). وقال الدولابي في "الكنى" حدثنا إبراهيم بن هانئ أبو إسحاق النيسابوري، ثنا محمَّد بن يزيد بن سنان قال: أنا يزيد عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني خلاد أنه سمع أباه يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا خرج أحدكم يتغوط أو يبول فلا يستقبل

القبلة ولا يستدبرها ولا يستقبل الريح وليتمسح ثلاث مرات" الحديث. وقال ابن أبي حاتم: (سألت أبي عن حديث رواه أحمد بن ثابت فرخويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن سماك بن الفضل عن أبي رشدين الجندي، عن سراقة بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، واتقوا مجالس اللعن والظل والماء وقارعة الطريق واستمخروا الريح" الحديث قال أبي: إنما يروونه موقوفًا. وأسنده عبد الرزاق بآخرةٍ) قال: أهل الغريب في معنى استمخروا أي انظروا من أين مجراها حتى لا تستقبلوها فترد عليكم البول. * * * 204 - حديث أبي أيوب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا أتَيْتُمْ الغائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا ولَكِنْ شَرِّقُوا أو غَربُوا". البخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة. وفي الباب عن جماعة فوق العشرة.

205 - حديث ابن عمر قال: "ارتقيت على ظهر بيت حفصة فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا لحاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر القبلة".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة وغيرهم، وله في الصحيحين ألفاظ.

5 - كتاب الصلاة

5 - كتاب الصلاة

وجوب الصلاة

وجوب الصلاة

بيان وجوب الصلاة

بيان وجوب الصلاة عدد الواجب من الصلوات 206 - حديث الإسراء: "أنه لما بلغ الفرض إلى خمس قال له موسى: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال: فَرَاجَعْتُهُ فقال تعالى: هي خَمْسٌ وهيَ خَمْسُونَ لا يُبَدلُ القَوْلُ لَديَّ". متفق عليه من حديث أنس وله طرق وألفاظ.

207 - حديث الأعرابي أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإِسلام فقال: "خمس صلَواتٍ في اليَوْمِ والليْلَةِ، قال: هلْ علي غيرها؟ قال: لا إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي من حديث طلحة بن عُبَيْد الله قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإِسلام فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خَمسُ صَلَوات في اليوم والليلة، قال: هل عليَّ غيرهن؟ قال: لا إلَّا أن تَطَّوَّع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وصيام شهر رمضان، قال هل عليَّ غيره؟ قال: لا إلا أن تَطوَّع، قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا

أن تَطوعَ، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفلح الرجل إن صدق". * * * 208 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِن الله قد زَادَكُمْ صَلاَةً وهي الوِتْرُ فحافِظُوا عليها". أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومحمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" من طريق المثنى بن الصباح؛ وأحمد من طريق الحجاج بن أرطأة، والدارقطني من طريق محمَّد بن عبيد الله العرزمي، ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب به، وثلاثتهم ضعفاء.

209 - حديث خَارِجَةَ بنِ حُذَافَةَ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِن الله أمَرَكمْ بِصَلاَةٍ هي خيرَ لَكُمْ من حُمْرِ النعَمْ وهي الوِتْرُ وجَعَلَها لَكُمْ فِيما بَيْنَ صلاَةِ العِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الفَجْرِ". البخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، ومحمد بن نصر المروزي في "الوتر"، والطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي كلهم من حديث عبد الله بن راشد الزوْفِي، عن عبد الله بن أبي مُرةَ، عن خَارِجَةَ. وقال البخاري: (لا يعرف لإِسناده سماع

بعضهم من بعض) وقال الترمذي: (غريب)، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرّجاه رُوَاته مدنيون ومصريون ولم يتركاه إلا لما قدمت ذكره من تفرد التابعي عن الصحابي ا. هـ) وكأنه لم يقف على قول البخاري إنه لا يعرف لإِسناده سماع بعضهم لبعض فلهذا تركاه لا لِمَا قال الحاكم. ومن الغريب أن الذهبي أقر الحاكم على تصحيح الحديث هنا، وقال في "الميزان" في ترجمة عبد الله المذكور في "الثقات"، وقال في حديثه هذا: إسناده منقطع ومتنه باطل، وهذا منه إسراف، فالحديث لو فرض أنه منقطع كما زعموا فله طرق متعددة هو بها صحيح بلا خلاف، ينبغي أن يكون فيه بين من أنصف ووقف مع القواعد، ولم يجابه الحقائق بالباطل، فإِن ذلك غير ضار بمن يقول بوجوب الوتر، ولا تصحيحه بنافع له أيضًا. فالحديث صحيح والوتر غير واجب إذ لا دلالة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "زادكم صلاة" على الوجوب لأنه قال مثل ذلك في ركعتي الفجر أيضًا فلو كان ذلك يدل على الوجوب لكانت ركعتا الفجر واجبة أيضًا، ولا قائل به، بمعنى الزيادة التشريع والندب إلى الفعل المحصل للثواب الجسيم والفضل العميم. * * * 210 - حديث بريْدة الأسلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوِتْرُ حَق فَمَنْ لَمْ يُوْتِرْ فَلَيْسَ مِنا".

أحمد، وأبو داود، ومحمد بن نصر، والدولابي في "الكنى" والحاكم، والبيهقي، والخطيب في "التاريخ"، كلهم من رواية أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، وزاد أكثرهم تكرار فمن لم يوتر فليس منا ثلاثًا. وقال الحاكم: (حديث صحيح، وأبو المنيب العتكي مروزي ثقة)، وتعقبه

على من تجب الصلاة

على من تجب الصلاة حكم تارك الصلاة الذهبي (بأن البخاري قال: عنده مناكير) ا. هـ. وعدّه في "الميزان" من مناكيره مع أنه نقل عن أبي حاتم أنه أنكر على البخاري ذكره في "الضعفاء"، وقال: هو صالح الحديث وكذلك وثّقه ابن معين وجماعة. * * * 211 - حديث: "لَا يَحِلُّ دم امْرِئٍ مُسْلِم إلَّا بإحدى ثَلاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إيمان، أو زِنَا

بَعْدَ إحْصَانٍ، أوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ". الشافعي، والطيالسي، وأحمد، والدارمي، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، من حديث عثمان، وصحّحه الحاكم. ورواه الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والحاكم،

من حديث عائشة، وصحّحه الحاكم أيضًا. واتّفقا على نحوه من حديث ابن مسعود. * * * 212 - حديث بُرَيْدَةُ: "العَهْدُ الذي بَيْنَنَا وبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكها فَقَدْ كَفَرَ". أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، من حديث الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ عن عبدِ الله بن بُرَيْدَةَ، عن أبيه. وقال الترمذي: (حسن، صحيح، غريب)؛ وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد لا تعرف له علة بوجه من الوجوه).

213 - حديث جابر: "لَيْسَ بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة". أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في بعض النسخ وابن ماجه، وأبو نُعَيْم في "الحلية" وغيرهم. ولفظ مسلم من رواية أبي الزبير، عن جابر، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بَيْنَ الرجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكُ الصلاةِ". هكذا بواو العطف ولفظه من رواية أبي سفيان، عن جابر مثله أيضًا إلا أنه قال: "إن بَيْنَ الرجُلِ وَبَيْنَ الشرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكُ الصلاةِ". ورواه ابن ماجه من حديث أنس بن مالك بلفظ: "لَيْسَ بَيْنَ العَبْدِ

وبين الشرك إلّا تَرْكُ الصلاةِ فَإذَا تَرَكَها فَقَدْ أشْرَكَ". والراوي عن أنس يزيد الرقاشِي وهو ضعيف. * * * 214 - حديث: "لا يَزْنِي الزَاني حِيْنَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السارِقُ حِيْنَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمنٌ. .".

متفق عليه من حديث أبي هريرة وفي الباب عن جماعة عدلًا جلهم متواترًا

شروط الصلاة

شروط الصلاة ولي في طرقه جزء مفرد.

الباب الأول في معرفة الأوقات

الباب الأول في معرفة الأوقات

الفصل الأول: في معرفة الأوقات المأمور بها

الفصل الأول: في معرفة الأوقات المأمور بها وقت الظهر

215 - حديث: "إمامة جبريل أنه صلّى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس، وفي اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله ثم قال: الوقت ما بين هذين". أحمد, والترمذي، والنسائي، والدارقطني، والحاكم،

والبيهقي من حديث وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل -عليه السلام- فقال له قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله فصلى العصر حين صار كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء فقال: قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاء الفجر فقال: قم فصله فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل مثليه، ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء، ثم جاءه الفجر حين أسفر جدًا فقال قم فصله فصلى الفجر، ثم قال ما بين هذين الوقتين وقت". لفظ أحمد. وقال الترمذي: (حديث جابر في المواقيت، قد رواه عطاءُ بنُ أبي رَبَاح، وَعَمْرُو بن دينارٍ، وأبو الزبَيْرِ، عن جابِرِ بن عبدِ اللهِ عن النبِي - صلى الله عليه وسلم - نحوَ حديث وَهْبِ بنِ كيْسَانَ، عن جابر)، (وقال محمَّد -يعني البخاري- أصح شيء في المواقيت، حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح مشهور). وقال ابن القطان: (هذا الحديث يجب أن يكون مرسلًا، لأن جابرًا لم يذكر من حدّثه بذلك، وجابر لم يشاهد ذلك صبيحة الإسراء لما علم أنه أنصاري، إنما صحب بالمدينة ولا يلزم ذلك في

حديث أبي هريرة، وابن عباس فإنهما رويا إمامة جبريل من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتعقبه ابن دقيق العيد في "الإِمام" فقال: (وهذا المرسل غير ضار، فَمِنْ أبعَدِ البُعْدِ أن يكون جابر سمعه من تابعي عن صحابي، وقد اشتهر أن مراسيل الصحابة مقبولة، وجهالة عينهم غير ضارة). قلت: وهذا غريب منهما معًا، وغفلة عما في الأصول، ففي "سنن الترمذي" عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أمني جبريل، فذكر الحديث وهكذا في "سنن الدارقطني" و"مستدرك الحاكم" من رواية عبد الكريم عن عطاء عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، على أن قول ابن القطان وجابر لم يشاهد ذلك صبيحة الإسراء غفلة من جهة المعنى أيضًا، فإن جابرًا والصحابة الذين شاهدوا ذلك بمكة سواء في سماع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم لم يشاهدوا جبريل، وإنما أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى إمامة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه الأوقات، عبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وابن عمر، وأنس بن مالك، وأبو مسعود البدري، وأبو سعيد الخدري، وعمرو بن حزم، وقد عده الحافظ السيوطي متواترًا لأجل رواية هؤلاء ولا يخفى ما فيه. * * * 216 - حديث: "إنما بَقَاؤُكُمْ فيما سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إلى غروب الشمس". الحديث.

مالك، والطيالسي، وأحمد، والبخاري، والترمذي من حديث عبد الله بن عمر.

217 - حديث: "لَا يَخْرُجُ وَقْت صَلاَةٍ حتى يَدْخُلَ وَقْتُ أخرى"، قال ابن رشد: وهو حديث ثابت. يريد أنه مخرج في الصحيح، وهو كذلك لكن بدون هذا اللفظ، فإنه غير موجود لا في الصحيح ولا في غيره على ما أعلم، وإنما الذي في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة في قصة نومهم عن الصلاة وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى" الحديث. ورواه أبو داود، وابن الجارود، والبيهقي مختصرًا بلفظ: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى". وهو عند

أحمد، والترمذي، وابن ماجه بدون ذكر محل الشاهد، ولفظه عندهم: "ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلّها إذا ذكرها". * * * 218 - حديث: "إذا اشتَد الحَر فأبرِدوا عنِ الصلاة، فإن شِدَّةَ الحَرِّ من فيح جهنم". أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والطبراني في "الصغير" والدينوري في "المجالسة" وأبو نُعَيْم في "الحلية"، والبيهقي في "السنن"، والخطيب في "التاريخ"، من حديث أبي هريرة. وفي الباب عن جماعة وقد عُدَّ مُتَواتِرًا.

219 - حديث: "كانَ يُصَلي الظهْرَ بِالهَاجِرَةِ". متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله قال: "كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصَلي الظُّهْرَ بالهَاجِرَةِ، والعَصْرَ والشْمْسُ نَقِيْة، وَالمَغْرِبَ إذا وَجَبَتْ، والعِشَاءَ أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعَجل، كان إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عجلَ، واذَا رَآهُمْ قد أبْطَأوا أخرَ، وَالصبْحَ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصَلّيها بِغَلَسٍ".

220 - حديث خباب: "أنهُمْ شَكُوا إلَيْهِ حَر الرمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِهِمْ". قال ابن رشد: خرجه مسلم. قلت: وكذا الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، والخطيب ولفظه: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا". وفي رواية للبيهقي: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فما أشكانا وقال: إذا أزالت الشمس فصلوا".

• وفي الباب: عن ابن مسعود قال: "شكونا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء فلم يشكنا". رواه ابن ماجه بسند فيه مقال. لكن رواه البزّار، والطبراني بسند رجاله ثقات على ما قيل. • وعن جابر بن عبد الله أخرجه الطبراني في "الصغير"، ثنا الحكم بن معبد الخزاعي، ثنا محمَّد بن أبي عمر العدني، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، ثنا بلهط بن عباد، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فلم يشكنا وقال: أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها ترفع تسعة وتسعين بابًا من الضر أدناها الهَم والفقر". وقال الطبراني: (لم يروه عن محمَّد بن المنكدر إلا بلهُط بن عباد المكي وهو عندي ثقة).

ورواه أبو نُعَيْم في "الحلية" من هذا الوجه وفيه وقال: "استعينوا" بدل "أكْثِرُوا، و (بَلْهُطُ) ذكره ابن حبان في "الثقات"، وخرج له هذا الحديث الذي قال الطبراني أنه لم يرو غيره، وخالفهما العقيلي فذكر بَلْهُطَ في "الضعفاء" وخرج له الحديث أيضًا. وزعم الذهبي أنه خبر منكر. وهو زعم باطل. * * * 221 - حديث: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وقد سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها". قال ابن رشد: والحديث متفق عليه، وهذه الزيادة فيه، أعني "لأول وقتها" مختلف فيها. قلت: لفظ الحديث عن ابن مسعود قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهد في سبيل الله، قال حدثني بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو استزدته لزادني". رواه شُعْبةُ عن الوَليدِ بن العَيْزَارِ، عن أبي عَمْرو الشيْبَانِي عن ابن مسعود واتفق أصحاب شعبة

وقت العصر

وقت العصر على روايته عنه بهذا اللفظ أعني "الصلاة لوقتها" أو "على وقتها". كذلك رواه أبو داود الطيالسي عنه في "مسنده"، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي عند البخاري، وعفان بن مسلم عند أحمد، ومحمد بن جعفر عند أحمد ومسلم وحجاج عند أحمد، وسليمان بن حرب عند البخاري، ومعاذ العنبري عند مسلم، ويحيى القطان عند النسائي، والعوام بن حوشب، وشعبة ومسعر عند أبي نُعَيم "الحلية"، وآخرون. وخالفهم علي بن حفص عن شعبة فقال: "الصلاة في أول وقتها" أخرجه

الدارقطني، والحاكم، وقال: (قد روي هذا الحديث جماعة عن شعبة، ولم يذكر هذه اللفظة غير حجاج بن الشاعر عن علي بن حفص المدائني، وحجاج: حافظ ثقة وقد احتجّ به مسلم). قلت: لكنه لو كان ثقة فإن مخالفة جمهور الثقات من أصحاب شعبة له يضعف قوله ويحكم عليه بالوهم، لأنه ليس من المعقول أن يكون صائبًا والجماعة مخطئين فكيف وقد قال فيه أبو حاتم: (يكتب حديثه ولا يحتج به). وقال الدارقطني: (كان كبر وتغير حفظه). قلت: والواقع في مثل هذا أن الراوي يروي الحديث بالمعنى الذي قام في ذهنه

وفهمه من لفظ الحديث، فلا يرى أنه أتى بمخالفة، فكأنه مبهم من قوله: "الصلاة لوقتها أو على وقتها" إن المراد أول وقتها فحدث به كذلك ولم يدرك الفرق بين اللفظين. وهكذا وقع للمعمري فإنه حدث به محمَّد بن المثنى، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة كذلك أخرجه الدارقطني من طريقه مع أن أصحاب محمَّد بن جعفر رووه عنه على موافقة الجمهور كما سبق عند أحمد ومسلم، وليس الوهم فيه من محمد بن المثنى بل من المعمري، لأن الحسين بن إسماعيل المحاملي رواه عن محمَّد بن المثنى على موافقة الجمهور أيضًا بلفظ: "الصلاة على ميقاتها" كذلك أخرجه الدارقطني عن المحاملي، فتعين أن الوهم من المعمري وهو موصوف بذلك مع سعة حفظه، وقيل إنّه كان يحدث من حفظه فيهم. وقد وافق شعبة على روايته، عن الوليد بن العيزار، بلفظ: "لوقتها" أو "على وقتها" أيضًا: أبو إسحاق الشيباني عند البخاري ومسلم، والمسعودي عند

أحمد، والترمذي. وأبو يعفور، عند مسلم، والترمذي. ومالك بن مِغْوَل عند البخاري في الجهاد من "صحيحه" من رواية محمَّد بن سابق ثنا مالك بن مغول قال: سمعت الوليد بن العيزار فذكره بلفظ: "الصلاة على ميقاتها". وخالف في ذلك عثمان بن عمر فقال عن مالك بن مغول: "الصلاة في أول وقتها" أخرجه الحاكم في "المستدرك" وفي "علوم الحديث" وقال في الأول: (صحيح على شرط الشيخين)، وقال في الثاني: (هذا حديث صحيح محفوظ رواه جماعة من أئمة المسلمين، عن مالك بن مغول، وكذلك عن عثمان بن عمر، فلم يذكر أول الوقت فيه، غير بندار بن بشار، والحسن بن مكرم، وهما ثقتان فقيهان). قلت: والظاهر أن ذلك من عثمان بن عمر لا منهما، بل هو الواقع كما صرح به الحفاظ، لأن بندارًا قد رواه عن غندر، على لفظ الجمهور، كما في صحيح مسلم. وعثمان بن عمر واهم ولابد، لأنه تصرف في لفظ الحديث فأخطأ، وخالف الجمهور، وقد وافق الوليد بن العيزار على روايته، عن أبي عمرو الشيباني، على موافقة الجمهور أيضًا أبو معاوية عمرو بن عبد الله النَّخَعي عند أحمد والنسائي، والحسن بن

عبيد الله عند مسلم. وخالفهما الأعمش فقال: ذكر أبو عمرو الشيباني قال: حدثني عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة لميقاتها الأول". "كذلك خرجه الدارقطني، لكن الوهم ليس من الأعمش، بل من المعمري أيضًا لأن الدارقطني رواه عن أحمد بن يوسف بن خلاد عنه، عن أحمد بن عبدة، عن حماد بن زيد، عن الحجاج عنه، بل قد يكون الغلط فيه من الحجاج بن أرطاه، فإنه ضعيف ومدلس، فلا يقبل منه ما تفرد به، فكيف بما خالف فيه الثقات. وقد وافق أبا عمرو الشيباني على روايته، عن ابن مسعود بلفظ الجمهور، أبو الأحوص، وأبو عبيدة، رواه عنهما أبو إسحاق السبيعي، ومن طريقه، رواه أحمد، والحسن بن سفيان في "الأربعين" وابن شاهين في "الترغيب" فلم يبق شك في وهم كل من روى هذا الحديث عن ابن مسعود بلفظ: "أول الوقت" وإن الصحيح المحفوظ فيه بدونها ومن زعم صحتها فهو واهم على كل حال. * * * 222 - قوله: (وذلك أنه جاء في إمامة جبريل: "أنه صلّى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في اليوم

الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول" قال ابن رشد: صحّحه الترمذي). قلت الذي في نسختنا تحسينه فقط، لكن نسخ الترمذي في ذلك تختلف، إلا أن الراجح أنه حسنه فقط، لأنه من رواية عبد الرحمن بن الحارث، وهو مختلف فيه، وقد قال أحمد: (إنه متروك)، وصححه الكثير، وصحيح حديثه هذا ابن خزيمة، وابن حبان، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (وقد تكلّم بعض الناس في حديث ابن عباس هذا بكلام لا وجه له، ورواته كلهم مشهورون بالعلم وقد أخرجه عبد

الرزاق عن الثوري، وابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده، وأخرجه أيضًا عن العمري، عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس نحوه). قلت: والحديث خرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والطحاوي، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، وغيرهم كابن خزيمة، وابن حبان كما سبق، إلا أن اللفظ الذي ذكره ابن رشد لم يقع إلا عند الترمذي، والحاكم، ولفظ الترمذي، عن ابن عباس قال: "أمَّني جِبْريلُ عِندَ البَيْتِ مَرتَيْنِ، فَصَلَّى الظهرَ في الأولى مِنْهُما حينَ كانَ الفَيْءُ مِثْلَ الشرَاكِ، ثم صلى العَصْرَ حين كانَ كلُّ شيءٍ مِثْلَ ظِلِّهِ ثم صلى المَغْرِبَ حين وَجَبَتْ الشمْسُ، وأفطَرَ الصائِمُ، ثم صلى العِشاءَ، حينَ غابَ الشَّفَقُ، ثم صلّى الفَجْرَ حين بَرَقَ الفَجْرُ وحَرُمَ الطعامُ على

الصائِمِ، وصلى المَرةَ الثانِيَةَ الظهرَ حين كان ظِل كل شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ العَصْرِ بالأمْسِ، ثم صلى العَصْرَ حينَ كانَ ظِل كل شيءٍ مِثْلَيْهِ، ثم صلى المَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الأولِ، ثم صلّى العِشاءَ الآخِرَةَ حينَ ذهبَ ثُلُثُ الليلِ، ثم صلى الصبحَ حينَ أَسْفَرَتْ الأرْضُ، ثُم الْتَفَتَ إلي جبرئيل فقال: يا محمدُ! هذا وقت الأنْبِياءِ من قَبْلِكَ، والوَقْت فِيما بَيْنَ هذَيْنِ الوَقْتَيْنِ". * * * 223 - حديث ابن عمر: "وَقْتُ الظهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتَ العَصْرِ" قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: كذا وقع في الأصل عبد الله بن عُمَر بضم العين وإنما هو عبد الله بن عَمْرُو بن العاص، أخرجه أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم،

والطحاوي، والبيهقي، من رواية قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَقْتُ الظهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ العَصْر، ووقتُ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَر الشمْسُ، وَوَقْتُ المَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشفَقِ، وَوَقْت العِشاءِ إلَى نِصْفِ الليلِ، ووقت الفَجرِ ما لَمْ تَطْلُعْ الشمْسُ" لفظ مسلم، وله عنده وعند البيهقي ألفاظ متعددة، ولم يسقه الطحاوي بتمامه. * * * 224 - حديث ابن عباس "في إمامة جبريل". تقدم قبل حديث.

وقت المغرب

وقت المغرب 225 - حديث أبي هريرة: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". والحديث.

مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأهل السنن، وغيرهم بتقديم ذكر الصبح على العصر.

وفي لفظ متفق عليه أيضًا: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". * * * 226 - قوله: (والذي في حديث عبد الله من ذلك هو موجود أيضًا في حديث بُرَيْدةَ الأسْلَمِيّ، خرجه مسلم). قلت: وكذا أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن

وقت العشاء

وقت العشاء الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، ولفظ الحديث عن بُرَيْدَةَ: "أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وقت الصلاة، فقال له: صل معنا هذين يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالًا فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء

حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر فأبرد بها فأنعم أن يردها وصلى العصر، والشمس مرتفعة آخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصل العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال: وقت صلاتكم بين ما رأيتم". * * * 227 - حديث: "كان يصلي العشاء عند مغيب القمر في الليلة الثالثة". أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث النُعْمَانِ بنِ بَشيرٍ قال: "أنا أعْلَمُ الناسِ بِوَقْتِ هذِهِ الصلاةِ -صلاةُ العِشَاءِ- كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصَلّيها لِسُقُوطِ القَمَرِ لِثَالِثَةٍ". وقال الحاكم: (إسناد صحيح). * * * 228 - حديث: "لَوْلاَ أنْ أشُقَّ عَلى أمتي لأخرْتُ هَذهِ الصلاةَ إلى نِصْفِ الليلِ". أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث

أبي سعيد الخدري قال: "صَلَّيْنا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاةَ العَتْمَةِ فَلَمْ يَخْرج حَتَّى مَضَى نَحْو شطر الليلِ فقالَ: خُذُوا مَقَاعِدَكُمْ، فَأَخَذْنَا مَقَاعِدَنَا فَقالَ: إن الناسَ قَدْ صَلُّوا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ، وَإنَكُمْ لَمْ تَزَالُوا في صَلاَةٍ ما انْتَظَرْتُمْ الصَّلاةَ، وَلَوْلا ضَعُفَ الضَّعِيفُ، وسَقُمَ السقِيم لأخرْتُ هذِهِ الصلاة إلَى شَطْرِ الليْلِ". * * * 229 - حديث إمامة جبريل: "أنّه صلّاها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الثاني ثلث الليل". سبق ذلك: من حديث ابن عباس كما هنا، ومن حديث جابر أيضًا وفيه): "حين ذهب نصف الليل أو قال: ثلث الليل".

230 - حديث أنس: "أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل"، قال ابن رشد: خرجه البخاري. قلت: بل هو متّفق عليه من رواية حُمَيْدٍ الطويلِ، عند البخاري، ومن رواية ثابت عند مسلم، كلاهما عن أَنَسٍ قال: "أَخَّرَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ العِشَاءِ، إلى نِصْفِ اللَيلِ، ثُمَّ صلى، ثمّ قال: قَدْ صلى الناس وناموا أما إنكُمْ في صَلاةٍ ما انْتَظَرْتُمُوهَا" لفظ البخاري. ولفظ مُسْلم عن ثَابِتٍ: أنهم سألوا أنسًا عن خاتمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أَخَّرَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - العِشَاءَ ذاتَ لَيْلَةٍ إلى شَطْرِ الليل أوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْر الليلِ ثم جاءَ فقالَ: إن الناسَ قَدْ صَلوا وَنامُوا وإنكم لَمْ تَزَالوا في صَلاةٍ ما انْتَظَرْتُمْ الصَلاةَ" قالَ أَنَس: كَأني أنْظُرُ إلَى وَبِيضِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضة وَرَفَعَ إصْبَعَه اليسْرَى بالخِنْصِرِ". * * * 231 - حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة: "لَوْلاَ أنْ أشُق على أمتِي لأخرْت العِشَاءَ إلى نِصْفِ الليل".

حديث أبي سعيد تقدم قبل حديث. وحديث أبي هريرة، رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه بلفظ: "لَأخَّرْتُ العِشاءَ إلى ثُلُثِ الليلِ أَوْ نِصْفِه". ورواه الحاكم، والبيهقي بلفظ: "لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ السواكَ مَع الوُضُوءِ، وَلأخرْتُ العِشاءَ إلى نصفِ الليلِ" وقال: "صحيح على شرطهما جميعًا وليس له علة). وقال الترمذي: (حسن صحيح). * * * 232 - حديث أبي قتادة: "لَيْسَ في النومِ تَفْرِيط".

وقت الصبح

وقت الصبح تقدم. * * * 233 - حديث رافِعِ بنِ خَدِيجٍ: "أسْفِروا بالصبْحِ فكُلَّمَا أَسْفَرْتُم فَهُوَ أَعْظَمُ للأجْرِ".

الطيالسي، وأحمد، والدارمي؛ وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدولابي في "الكنى"، والطحاوي في "معاني الآثار" وابن ترثال في "جزئه" وأبو نُعَيْم في "الحلية" و"التاريخ"، والقضاعي في "مسند الشهاب"، والبيهقي في "السنن"، والخطيب في

"التاريخ"، وغيرهم بألفاظ وله طرق أفردتها بجزء مخصوص، وهو حديث صحيح. فائدة: عدَّ الحافظ السيوطي هذا الحديث متواترًا وقال: (أخرجه الأربعة: عن رافع بن خديج، وأحمد: عن محمود بن لبيد، والطبراني: عن بلال، وابن مسعود، وأبي هريرة، وحواء، والبزار: عن أنس، وقتادة بن النعمان، والعدني في "مسنده": عن رجل من الصحابة). اهـ. وهو غريب جدًا، والظاهر أنه لم يقف على أسانيد المذكورين عند مخرجي أحاديثهم فإن أكثرها ترجع إلى طريق واحد، فحديث رافع بن خديج، ومحمود بن لبيد، وحواء، وأنس، ورجل من الصحابة، طريق واحد تعدّد صحابيوه من اضطراب زيد بن أسلم فإنه مرة قال: (عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج) ومرة قال: (عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من الأنصار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)؛ ومرة قال: (عن محمود بن لبيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ومرة قال: (عن أنس بن مالك)؛ ومرة

قال: (عن ابن بجيد، عن جدته حواء) فهؤلاء خمسة من الصحابة يرجع حديثهم إلى اختلاف زيد بن أسلم. ثم أنه روى عن عاصم بن عمر بن قتادة من غير طريقه، واختلف عليه فيه أيضًا على قولين. فرواه محمَّد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق عنه، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج. ورواه مليح بن سليمان عنه فقال: عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان فلم يبق إلا حديث أبي هريرة، وابن مسعود، وبلال، وهي ضعيفة. بل قال ابن حِبان: (إن حديث أبي هريرة وهم) كما بينت ذلك في الجزء المذكور، وفي وشي الأهاب فلم يبق إلا حديث رافع بن خديج وحده، فلا تواتر أصلًا. * * * 234 - حديث: "سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول ميقاتها". تقدم قريبًا.

235 - حديث: "كان يُصَلّي الصُّبحَ فَيَنْصَرِفُ النساءُ مُتَلَفعَات بِمُرُوطِهِن مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ". مالك، والبخاري، ومسلم، وجماعة من حديث عائشة.

236 - حديث: "مَنْ أدرَكَ رَكعَة مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أنْ تطْلُعَ الشمْسُ فَقَدْ أدرَكَ الصبحَ". تقدم.

أوقات الضرورة والعذر

أوقات الضرورة والعذر الصلوات التي لها أوقات ضرورة وعذر

حدود أوقات الضرورة والعذر

حدود أوقات الضرورة والعذر 237 - حديث: "مَنْ أَدرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَمس فَقَدْ أدْرَكَ الصلاةَ". هو تمام الحديث الذي قبله. * * * 238 - حديث: "لَا يَفُوتُ وَقْتُ صَلَاةِ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْت الأُخْرَى".

هو بهذا اللفظ من كلام ابن عباس، وقد سبق حديث أبي قتادة: "ليس في

أهل العذر

أهل العذر النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى".

239 - قوله: (وأيد هذا بما رُوِيَ: "من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر").

أحمد، ومسلم، من حديث عائشة مرفوعًا: "مَنْ أَدرَكَ مِنَ العَصْرِ سَجْدَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، أَوْ مِنَ الصبحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ فَقَدْ أَرَكَهَا" زاد مسلم: والسجدة إنما هي الركعة. وفي "سنن النسائي" من طريق شَيْبَانَ عن يَحْيىَ، عن أبي سَلَمَةَ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَدرَكَ أَحَدُكُمْ أَول سَجْدَةٍ من صَلاةِ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ، وإنْ أَدرَكَ أَوَلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلاَةِ الصبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشمس فَلْيتِم صَلاَتَهُ".

الفصل الثاني: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها عددها

الفصل الثاني: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها عددها

240 - حديث عُقْبَةَ بن عَامِر الجُهَنِي قال: "ثَلَاث سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أنْ نُصَلِّيَ فيهن، أو أنْ نَقْبِرَ فِيهن مَوْتَانَا حِينَ تَطْلُعُ الشمس بَازِغَةً حَتْى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظهِيرَةِ حَتْى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تَضَيف الشمْسِ لِلغُرُوبِ"، قال ابن رشد: خرجه مسلم. قلت: وكذا أبو داود الطيالسي، وأحمد , وأبو داود، والترمذي،

والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي. * * * 241 - قوله: (وحديث أبي عبد الله الصُّنَابِحِيِّ في معناه، ولكنه منقطع، خرجه مالك في الموطأ). قلت: وكذا الشافعي، والنسائي، والبيهقي، كلهم من طريق مالك عن

زيد بن أسلم، عن عطاء بن ياسر، عن عبد الله الصنابحي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات". قال ابن عبد البر: (هكذا قال جمهور الرواة، عن مالك وقالت طائفة منهم مطرف، وإسحاق بن عيسى الطباع، عن عطاء، عن أبي عبد الله الصنابحي، وهو الصواب، وهو عبد الرحمن بن عسيلة تابعي ثقة، ليس له صحبة، وروى زهير بن محمَّد هذا الحديث، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن عبد الله الصنابحي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو خطأ، والصنابحي لم يلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزهير لا يحتج بحديثه). وقال البيهقي هكذا (رواه مالك بن أنس، ورواه معمر بن راشد عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي عبد الله الصُنَابِحِيّ، قال أبو عيسى الترمذي: الصحيح

رواية معمر، وهو ابن عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة). قلت: رواية معمر رواها عنه عبد الرزاق في "المصنف"، وعنه أحمد في "المسند"، ومن طريقه أيضًا ابن ماجه، عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق. * * * • وفي الباب، عن عَمْرُو بن عَبَسَةَ: في حديثه الطويل، أخرجه أحمد ومسلم، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي وغيرهم.

• وعن صفوان بن المعطل: رواه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" والحاكم في "المستدرك"، كلاهما من طريق حميد بن الأسود، ثنا الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، عن صفوان بن المعطل السلمي: "أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله: إني سائلك عن أمر أنت به عالم وأنا به جاهل، قال: ما هو؟ قال: هل من ساعات الليل والنهار من ساعة تكره فيها الصلاة؟ قال: فإذا صليت الصبح فدع الصلاة حتى تطلع الشمس فإنها تطلع بين قرني الشيطان" وذكر عند الزوال، وعند الغروب. وقال الحاكم: (صحيح الإسناد)، وكذا قال مع أنَّ المَقْبُرِيَّ لم يسمعه من صفوان، فقد أخرجه ابن ماجه، والبيهقي من رواية ابن أبي فديك، عن الضَّحَّاكِ، عن المَقْبُرِيِّ، عن أبي هُرَيْرَةَ قال: "سأل صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ. ." مثل ما سبق عنه، فهو من مسند أبي هريرة، لا من مسند صفوان.

• وعن مرة بن كعب أو كعب بن مرة، رواه أحمد، والطبراني بسند صحيح * * * 242 - حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة". الشافعي، والبيهقي، من طريقه عن إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي قروة، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به، وإبراهيم وإسحاق ضعيفان. ورواه أبو الشيخ بن حيان في كتاب "الجمعة"، والبيهقي من طريق أبي خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة، يقال له عبد الله، عن سعيد المقبري به، وله

طريق ثالث من رواية محمَّد بن عمر الواقدي، وحاله معروف ورابع فيه عطاء بن عجلان وهو ضعيف. وفي الباب: عن أبي قتادة، رواه أبو داود، والبيهقي من طريق مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كره أن يصلي نصف النهار إلا يوم الجمعة لأنّ جهنّم تسجّر كل يوم إلا يوم الجمعة". قال أبو داود: (هذا مرسل، أبو الخليل لم يلق أبا قتادة). قال البيهقي: (وروى في ذلك عن أبي سعيد الخدري، وعمرو بن عبسة وابن عمر مرفوعًا، والاعتماد على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحب التبكير إلى الجمعة ثم رغب في الصلاة إلى خروج الإِمام من غير تخصيص ولا استثناء).

243 - حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَن الصلاةِ بَعْدَ العَصْرِ حَتى تَغرُبَ الشَمْسُ، وعَنْ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. قال ابن رشد متفق عليه. قلت: وكذا أخرجه مالك، والشافعي، والطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، والطحاوي، والطبراني في "الصغير"، وأبو نُعَيْم في "الحلية"،

والبيهقي والخطيب في "التاريخ"، وغيرهم. وفي الباب عن نحو عشرين من الصحابة. * * * 244 - حديث عائشة قالت: "مَا تَرَكَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاتَيْن في بَيْتِي قَطّ سِرًا ولا عَلَانِيَةً، رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرَ".

أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي والبيهقي. * * * 245 - حديث أم سلمة؛ أنها رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال: "إِنه أتاني أنَاسَ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ فَشَغَلُوني عَنْ الركعَتَينِ اللتَينِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هاتان".

الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها فيها

الصلوات التي يتعلق النهي عن فعلها فيها أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي،

والبيهقي (1) وفيه قصّة. * * * 246 - حديث: "إِذا نَسِيَ أحَدُكُمْ الصلاةَ فَلْيُصَلهَا إذَا ذَكَرَهَا". أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وغيرهم من حديث أنس بن

مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلهَا إذا ذَكَرَهَا لَا كَفارَةَ لَهَا إِلَّا ذلِكَ". وفي لفظ لمسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها مكارتها أن يصليها إذا ذكرها". ورواه أحمد، ومن طريقه أبو نُعَيم، في "الحلية" بلفظ: "إِذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} " [طه 20: 14]. * * * 247 - قوله: (وقوله في أحاديث النهي في هذه الأوقات: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فيها".) تقدم حديث أبي هريرة قريبًا.

وإن في الباب عن جماعة عدلًا جلهم متواترًا (1) في "الصحيحين" منهما حديث عمر، وأبي سعيد. * * * 248 - حديث: "من أدرك رَكعَة من العصر قبل أن تغرب الشمس".

تقدم.

الباب الثاني في معرفة الأذان والإقامة

الباب الثاني في معرفة الأذان والإِقامة

الفصل الأول: الأذان

الفصل الأول: الأذان صفة الأذان

249 - قوله: (أما تثنية التكبير في أوله على مذهب أهل الحجاز فروي من طرق صحاح عن أبي محذورة، وعبد الله بن زيد الأنصاري). قلت: في قوله وعبد الله بن زيد نظر، فإن التثنية لا تكاد تصح عن عبد الله بن زيد بل هي باطلة عنه لأنها إنما وقعت غلطًا من بعض الرواة، فكيف تكون واردة عنه من طرق صحاح، وذلك أن الحديث ورد عنه من رواية ابن أبي ليلى عنه، أو عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، ومن رواية ابنه محمَّد عنه ومن رواية سعيد بن المسيب عنه، وهؤلاء كلهم رووه عنه بتربيع التكبير، إلا أن سعيد بن المسيب رواه عنه الزهريّ، واختلف

أصحاب الزهريّ عنه في التكبير، فمحمد بن إسحاق وجماعة رووه عن الزهريّ بتربيع التكبير. ورواه معمر ويونس عن الزهريّ بتثنيته على ما ذكره أبو داود ولم أجده مسندًا إلا من رواية يونس عند البيهقي، وذلك إنما ينشأ من اختصار الرواة وسهوهم عن ذكر التربيع، كما وقع في "صحيح مسلم"، في حديث أبي محذورة كما سيأتي، وكما وقع للبيهقي في هذا الحديث أيضًا، فإِنه رواه من طريق عبيد الله بن سعد الزهريّ، عن عمه يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه بذكر التربيع، ثم رواه من طريق أحمد بن حنبل، عن يعقوب بن إبراهيم وقال: (فذكره بإسناده مثله، إلا إنه ذكر التكبير في صدر الأذان مرتين -قال- وكذلك ذكر محمَّد بن سلمة، عن أبي إسحاق) اهـ. مع أن هذا الحديث في "مسند" أحمد، عن يعقوب بن إبراهيم بذكر التربيع أيضًا، فأما أن يكون السهو حصل، من البيهقي أو من بعض نسخ "المسند". وكذلك رواية محمَّد بن سلمة، عن أبي إسحاق، هي عند ابن ماجه بتربيع التكبير أيضًا فهي مما وقع فيه السهو للبيهقي أو بغيره من الرواة وما عدا هذا فالروايات

متفقة على التربيع، عن عبد الله بن زيد، فما خالفها فهو ضعيف ناشيء عن سهو أو غلط. وأما أبو محذورة فوردت التثنية عنه من طرق صحيحة في الظاهر إلا أن جميعها معلول لأنها غلط من بعض الرواة فالتثنية عنه أيضًا باطلة، وذلك أنها وردت من طرق: • الطريق الأول: رواه مسلم عن أبي غَسَّان المِسْمَعِيّ، وَإِسْحاقَ بَنِ راهَويه، كلاهما عن مُعَاذ بن هشام، عن أبيه، عن عَامِرٍ الأحول، عنَ مَكْحُولٍ، عن عبد الله بن مُحَيْرِيز، عن أبي مَحْذُورَةَ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان: اللهُ أكبْرُ اللهُ أكْبَر أشهدُ أن لا إله إلا الله" الحديث. وهو غلط من بعض رواة الصحيح، عن مسلم لأن نسخه تختلف، ففي بعضها هكذا، وفي بعضها بالتربيع، وهي رواية بعض طرق الفارسي، كما حكاه القاضي عياض، قال ابن القطان: وهي التي ينبغي أن تعد في "الصحيح". قلت: وسواها باطل لأمور: (أحدها) أن البيهقي خرّج الحديث من طريق الحسن بن محمَّد بن زياد، ثنا عبد الله بن سعيد، ثنا معاذ بن هشام به بالتربيع ثم قال: (رواه مسلم بن الحجاج في "الصحيح"، عن إسحاق بن إبراهيم، عن معاذ بن هشام)، فدل على أن ذلك هو النسخة الصحيحة. (ثانيها): النسائي، رواه عن إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه شيخ مسلم -

فيه عن معاذ بن هشام، بالتربيع أيضًا. وقال أبو عوانة في "مستخرجه" على "صحيح مسلم" (ثنا محمَّد بن حيويه أنبأنا علي بن المديني، ثنا معاذ بن هشام به بالتربيع أيضًا). فهذا إسحاق بن راهويه وابن المديني، وعبد الله بن سعيد، اتفقوا على روايته عن معاذ بن هشام بالتربيع فدل على أن روايته التي في صحيح مسلم كذلك هي بالتربيع. (ثالثها): أن همام بن يحيى رواه عن عامر الأحول شيخ معاذ بن هشام فيه بالتربيع أيضًا، رواه عن همام أبو داود الطيالسي في "مسنده"؛ وعبد الصمد بن عبد الوارث في "مسند" أحمد. وسعيد بن عامر عند الدارمي وأبي داود وأبي عوانة حجاج عند الدارمي وأبي داود أيضًا وعبد الله بن المبارك عند النسائي. وعفان عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن

الجارود، وأبي عوانة، والطحاوي وأبو عمر الحوضي عند الطحاوي، وعبد الملك بن أيمن -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"؛ وأبو الوليد الطيالسي عند الدارمي، وأبي عوانة، والطحاوي. وموسى ابن داود عند أبي عوانه. والعباس بن الفضل عند الحارث بن أبي أسامة، وأبي نعيم في "الحلية"، أكثرهم بلفظ الله أكبر أربع مرات، وأقلهم بلفظ الأذان تسع عشرة كلمة، فبطل هذا الطريق المخرج في الصحيح، واتضح أنه خطأ بيقين، وأن الصحيح فيه التربيع. • الطريق الثاني: رواه أحمد عن سريج بن النعمان، ثنا الحارث، عن محمَّد بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه عن جده قال: "قلت يا رسول الله: علمني سنة الأذان، فمسح بمقدم رأسي وقال: قل الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك ثم تقول أشهد أن لا إله إلَّا الله" الحديث. وهذا غلط أيضًا يقطع النظر، عن ضعف الإِسناد.

فقد رواه أبو داود، والبيهقي من طريقه عن مسدد ثنا الحارث بن عبيد، به، وفيه: "فمسح مقدم رأسه وقال: تقول الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر" هكذا أربع مرات ومسدّد أحفظ من سريج بن النعمان وأوعي فقوله الصواب. • الطريق الثالث: رواه أحمد عن محمَّد بن زكريا عن ابن جريج، قال: أخبرني عثمان بن السائب عن أم عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبي محذورة بالتثنية في التكبير. وهكذا رواه الطحاوي في "معاني الآثار" قال: حدثنا علي بن معبد، وعلي بن شيبة قالا: حدثنا روح بن عبادة وحدثنا أبو بكرة ثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جريج، أخبرني عثمان بن السائب: قال أبو عاصم في حديثه: أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة. وقال روح في حديثه عن أم عبد الملك به مثله. وهذا غلط أيضًا، فإن عبد الرزاق رواه عن ابن جريج بهذا السند بتربيع التكبير، وعن عبد الرزاق رواه أحمد، ومن طريق عبد الرزاق أيضًا رواه أبو داود، والدارقطني.

وهكذا قال حجاج عن ابن جريج بالتربيع أيضًا أخرجه النسائي، والدارقطني. بل هكذا رواه أبو داود عن الحسن بن علي، عن أبي عاصم نفسه عن ابن جريج بالتربيع، وستأتي رواية روح بن عبادة عن ابن جريج بالتربيع أيضًا فلم يبق إلا محمَّد بن زكريا، وهو ضعيف متروك مضطرب الحديث. • الطريق الرابع: رواه أحمد عن روح بن عبادة، ومحمد بن بكر، كلاهما عن ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيمًا في حجر أبي محذورة عن أبي محذورة فذكر الحديث بتثنية التكبير، وهو أيضًا غلط أو تساهل من الرواة. فقد رواه حجاج عن ابن جريج بالسند المذكور بالتربيع، كما رواه النسائي والدارقطني، من طريق العباس بن محمَّد، وأبي أمية، ومحمد بن إسحاق وغيرهم قالوا: حدثنا روح عن ابن جريج به بالتربيع أيضًا. وكذلك رواه مسلم بن خالد عن ابن جريج، رواه عنه الشافعي، ومن طريقه

رواه الدارقطني والبيهقي. • الطريق الخامس: رواه النسائي، أخبرنا بشر بن معاذ قال: حدثني إبراهيم وهو ابن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: حدثني أبي عبد العزيز وجدي عبد الملك عن أبي محذورة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقعده فألقى عليه الأذان" فذكره بتثنية التكبير وهو غلط أيضًا. فإن الحميدي رواه في "مسنده" عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك المذكور عن جده عبد الملك عن أبيه أبي محذورة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألقى هذا الأذان عليه" فذكر التكبير في صدره أربع مرات. ومن طريق الحميدي رواه الدارقطني، والبيهقي. وقال الإِمام الشافعي: (فأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز، وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز، عن أبي محذورة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى ما حكى ابن جريج) يعني بالتربيع. قلت: وكذلك رواه سميه وابن عمه إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول: ألقى عليَّ رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان حرفًا حرفًا. الله أكبر الله أكبر أربع مرات، رواه أبو داود عن النفيلي عنه. • الطريق السادس: رواه أبو داود ثنا محمَّد بن داود الإسكندراني، ثنا زياد بن يونس، عن نافع بن عمر الجمحي، عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة بالأذان، وفيه التكبير مرتين، وهو وهم أيضًا لأنه سبق من طرق متعددة، عن عبد الملك بن أبي محذورة، وعن عبد الله بن محيريز بالتربيع، وأيد كل هذا العمل المتوارث بمكة بين ذرية أبي محذورة وهو تربيع التكبير في الأذان مع اللفظ المروي عنه من طرق صحيحة، "علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان تسع عشرة كلمة" فإِن هذا مع العمل المتوارث قاطع لكل نزاع حاكم على ما خالفه بالوهم والفساد والبطلان المحقق، ومما يزيد هذا الوجه وضوحًا أعني كونه غلطًا من الرواة، ما رواه أحمد عن عفان، ثنا همام، ثنا عامر الأحول، ثني مكحول، أن عبد الله بن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشر كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة. الأذان الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا الله"، الحديث. فذكر التكبير مرتين فقط مع أنه قال تسع عشرة كلمة، وذلك يقضي أنه لابد أن يكون التكبير أربع مرات ثم رواه أحمد في موضع آخر، عن عبد الصمد، عن همام، فأتى به على الصواب، قال أو لا تسع عشرة كلمة، ثم لما فسره ذكر: "الله أكبر" أربع مرات.

فائدة: روى البيهقي من طريق محمَّد بن نصر، ثنا أبو الوليد أحمد بن عبد الرحمن القرشي، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت مالك بن أنس عن السنّة من الأذان فقال. . . . أذن سعد القرظ في هذا المسجد في زمان عمر بن الخطاب وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون فيه، فلم ينكره أحد منهم، فكان سعد وبنوه يؤذنون بأذانه إلى اليوم، ولو كان وال يسمع مني لرأيت أن يجمع هذه الأمة على أذانهم، فقيل، لمالك: فكيف كان أذانهم؟ قال يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر. . . ." فذكر الأذان هكذا بالتربيع والترجيع ثم قال: والإِقامة مرة مرة قال محمَّد بن نصر: فأرى فقهاء أصحاب الحديث قد أجمعوا على إفراد الإِقامة واختلفوا في الأذان، فاختار بعضهم أذان أبي محذورة منهم مالك بن أنس والشافعي وأصحابهما. واختار جماعة منهم أذان عبد الله بن زيد) اهـ. فهذا يؤيد أيضًا الأذان مربع التكبير من رواية أبي محذورة، ومن رواية سعد القرظ وبه أخذ مالك كما إنه مربع أيضًا من رواية عبد الله بن زيد كما سبق ويأتي وإنما الخلاف بين عبد الله بن زيد وأبي محذورة في الترجيع، ففي أذان أبي محذورة وسعد القرظ الترجيح، دون أذان عبد الله بن زيد وبلال فيما قيل، لكنه ورد في حديث بلال كما سيأتي سند ضعيف.

250 - قوله: (وتر بيعه أيضًا مروي عن أبي محذورة من طرق أخرى وعن عبد الله بن زيد). قلت: وهذا هو الصحيح عنهما معًا، أما الطرق عن أبي محذورة فتقدمت في الذي قبله. وأما عبد الله بن زيد: فرواه أحمد، والدارمي، وأبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم من حديث محمدُ بنُ إسْحَاقَ قال: حدثني محمَّد بن إبراهيم بن الحَارِثِ التيْمِي، عن محمَّد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه قال: "لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس ليضرب به للناس في الجمع

للصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا في يده فقلت له: يا عبد الله، أتبيع الناقوس قال ما تصنع به قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك، قال: فقلت له: بلى قال: تقول الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر". هكذا أربع مرات؛ وذكر بقية الأذان. وأسند البيهقي عن محمَّد بن يحيى الذهلي قال: (ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا .. لأن محمدًا سمع من أبيه. . . . وفي كتاب "العلل" لأبي عيسى الترمذي قال: سألت محمَّد بن إسماعيل البخاري، عن هذا الحديث فقال: (هو عندي صحيح). طريق أخر: رواه أحمد، والبيهقي، من طريق الزهريّ، عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد مثله أيضًا. وقال الحاكم في ترجمة عبد الله بن زيد: (هو الذي أرِيَ الأذان الذي تداوله فقهاء الإِسلام بالقبول. . . . قال: وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيّب وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدًا لم يلحق عبد الله بن زيد، وليس كذلك فإن سعيد بن المسيّب كان فيمن يدخل بين علي وبين عثمان في التوسط وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان، قال: وحديث الزهريّ عن سعيد بن المسيب مشهور، رواه يونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن إسحاق وغيرهم).

251 - قوله: (وأما الترجيح الذي اختاره المتأخرون من أصحاب مالك فروي من طريق أبي قدامة: قال أبو عمر: وأبو قدامة عندهم ضعيف). قلت: هذا غريب جدًا، فإن الترجيح مروي من طرق متعددة صحيحة، سوى طريق أبي قدامة منها. • طريق عَامِرٍ الأحْوَلِ: عن مَكْحُول، عن عَبْدِ اللُهِ بنِ مُحَيْرِيزٍ، عن أبِي مَحْذورَةَ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه هذا الأذان، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم يعود فيقول أشهد أن إله إلَّا الله)، الخ الأذان. رواه مسلم، والدارمي، وأبو داود، وابن ماجه، وأبو عوانة، والدراقطني، والبيهقي. • ومنها طريق ابن جريج: عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن

عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة قال: "ألقى عَلَيَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين بنفسه فقال: قل الله أكبر وفيه ثم قال لي ارجع امدد من صوتك ثم قال: أشهد أن لا إله إلّا الله" الأذان. رواه الشافعي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي. • ومنها طريق ابن جريج أيضًا: عن عثمان بن السائب، عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي. • ومنها طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عَبْدِ المَلِكِ: عن أبيه وجده جميعًا عن أبي مَحْذُورَةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان بالترجيع، رواه النسائي، والترمذي وقال: (حديث صحيح).

• ومنها طريق إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك عن أبيه أبي محذورة، رواه أبو داود. • ومنها طريق أبي قدامة المذكور: وهو الحارث بن عبيد، عن محمَّد بن عبد الملك عن أبيه عن جده، رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي، والحارث أبو قدامة ضعفه ابن معين، وقال أحمد: (مضطرب الحديث)؛ وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي)؛ وقال ابن مهدي: (كان من شيوخنا، وما رأيت إلا خيرًا أو قال: جيدًا). وقال الساجي: (صدوق عنده مناكير، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: (كان ممن كثر وهمه) واستشهد به البخاري في "صحيحه" متابعة. وما وصف به لا يضرّ في هذا الحديث، لما رأيت من متابعاته الكثيرة على الترجيح فيه والتربيع.

• وفي الباب: عن سعد القَرَظ، أخرجه ابن ماجه، والطبراني، في "الصغير"، والدارقطني، والبيهقي، من حديث عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ، حدثني أبي عن جدي، عن أبيه سعد: "أن بلالًا كان يؤذن ثم يرجع عند الشهادتين"، الحديث. وعبد الرحمن بن سعد ضعفه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات". * * * 252 - حديث أبي ليلى وفيه: "أن عبد الله بن زيد رأى في المنام رجلًا قام على جذم حائط وعليه بردان أخضران، فأذن مثنى وأقام مثنى وأنه أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام بلال فأذن مثنى وأقام مثنى". قلت: هكذا قال حديث أبي ليلى، وإنما هو عبد الرحمن بن أبي ليلى

أخرجه أحمد، وأبو داود، والطحاوي، والدراقطني، والبيهقي، وابن حزم. إلا أنه اختلف عليه فيه فرواه أحمد، والدارقطني، من جهة أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: "جاء رجل من الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت في النوم كأني مستيقظ أرى رجلًا نزل من السماء عليه بردان أخضران نزل على جذم حائط من المدينة فأذن مثنى مثنى ثم جلس ثم أقام فقال مثنى مثنى، قال: نِعْمَ ما رأيت علِّمْها بلالًا، قال: فقال عمر: قد رأيت مثل ذلك ولكنه سبقني". ورواه الطحاوي من طريق عبد الله بن داود، عن الأعمش،، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن عبد الله بن زيد رأى رجلًا نزل من السماء، الحديث. ورواه أيضًا من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن

بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا أن عبد الله بن زيد فذكر نحوه. ورواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي، من طريق المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: "أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال. . . ." فذكر حديثًا طويلًا وفيه: "ثم أن رجلًا من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم. . . ." الحديث. ورواه الدارقطني، والبيهقي، من طريق ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد قال: "كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة، قال الدارقطني: (ابن أبي ليلى هو القاضي محمَّد بن عبد الرحمن ضعيف الحديث يسيء الحفظ، وابن أبي ليلى لا يثبت سماعه من عبد الله بن زيد، وقال الأعمش، والمسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل ولا يثبت، والصواب ما رواه الثوري، وشعبة عن عمرو بن مرة، وحسين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى مرسلًا. . . .). وقال البيهقي: (والحديث مع الاختلاف في إسناده مرسل، لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذًا، ولا عبد الله بن زيد، ولم يسم من حدثه عنهما, ولا عن أحدهما). قلت: وهذا غريب جدًا من البيهقي فإنه نفسه افتتح الباب بما رواه من

مصنف وكيع، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - "أن عبد الله بن زيد الأنصاري؛ جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله. . . ." وذكر الحديث. وهكذا أخرجه الطحاوي وابن حزم من مصنف وكيع أيضًا فقد صرح ابن أبي ليلى بمن حدثه، وهم جماعة الصحابة الذين لا يضر الجهل بهم، ولهذا قال ابن حزم: (هذا إسناد في غاية الصحة، من إسناد الكوفيين، وعبد الرحمن بن أبي ليلى أخذ عن مائة وعشرين من الصحابة، وأدرك بلالًا وعمر -رضي الله عنهما-). قلت: أدركهما وهو صغير لكنه روى عن علي وسعد، وحذيفة وابن عمر وجماعة. والبيهقي لما لم يدرك المخرج من الحديث، لجأ إلى الطعن فيه بدون حجة، والواقع أن تثنية الإقامة فيه منسوخة بحديث أنس، أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة المذكور بعده كما بيّنه ابن حزم بدليله. * * * 253 - حديث أنس: "أُمِرَ بِلالٌ أنْ يَشْفَعَ الأذان وَيُوتِرَ الإقَامَةَ إلَّا: قد قامت الصلاة، فإنه يثنيها".

الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وجماعة منهم الحاكم واستدركه لأنه وقع له بلفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا أن يشفع الأذان، ويوتر الإِقامة" وأكثرهم زاد: "إلا الإِقامة"، وكذا وقع تعيين الأمر عند الدارقطني والبيهقي من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيُّوبَ، عن أبي قِلابَةَ، عن أنس.

254 - قوله: (وخرج مسلم عن أبي محذورة على صفة أذان الحجازيين). تقدم وفيه بيان بطلان ذلك وأنه من الرواة عن مسلم. * * * 255 - : قوله (واختلفوا في قول المؤذن في صلاة الصبح: "الصلاة خير من النوم" إلى أن قال: وسبب اختلافهم هل قيل ذلك في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إنما قيل في زمن عمر). قلت: هذا غريب جدًا فإن قول ذلك في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - معلوم مشهور، فروي من أوجه عديدة، وكان ابن رشد غره ما في "موطأ" مالك أنَّهُ بَلَغَهُ: "أنَّ المؤَذِّنَ جاءَ إلى

عُمَرَ بِنِ الخَطّابِ يؤذِنُهُ لِصَلَاةِ الصبْحِ، فَوَجَدَهُ نَائِمًا. فقالَ: الصلاةُ خَيْر مِنَ النوْمِ فَأمَرَهُ عُمَرُ أنْ يَجْعَلَها في نِدَاءِ الصبْحِ". وقد قال ابن عبد البر: (لا أعلم أحدًا روى هذا عن عمر من وجه يحتج به وتُعْلَمُ صحته، وإنما جاء من حديث هشام بن عروة عنْ رجل يقال له إسماعيل لا أعرفه) قال: والتثويب محفوظ معروف في أذان بلال وأبي محذورة في صلاة الصبح للنبي - صلى الله عليه وسلم -) اهـ. قلت: وفي "الآثار" لمحمد بن الحسن أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد عن إبراهيم قال: مسألته عن التثويب قال: هو مما أحدثه الناس، وهو حسن مما أحدثوا وذكر أن تثويبهم كان حين يفرغ المؤذن من أذانه، الصلاة خير من النوم. وكان مراد إبراهيم تثويبًا أحدثه الناس في سائر الصلوات؛ ففي "سنن" أبي داود عن مجاهد قال: (كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر أو العصر، قال: اخرج بنا فإن هذه بدعة". وفي "سنن الترمذي" عن إسحاق بن راهويه (التثويب المكروه شيء أحدثه الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أذّن المؤذّن فاستبطأ القومَ قال: بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة حي على الفلاح. قال الترمذي: وهذا الذي قال

إسحاق هو التثويب الذي كرهه أهل العلم. أما قول المؤذن في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم، فهو قول صحيح، ويقال له التثويب أيضًا، وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه). والمقصود أن التثويب في أذان الصبح لم يختلف فيه إنه كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبأمره لوروده من طرق متعددة من حديث بلال، وأبي محذورة، وعبد الله بن زيد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعائشة وعبد الله بن بسر، وأبي هريرة، ونعيم بن النحام. • فحديث بلال: رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، من حديث أبي إسْرَائِيلَ عن الحَكَمِ، عن عَبْدِ الرحْمن بن أبي لَيْلَى عن بِلاَلٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لَا تَثُوبَنَّ في شَيْءٍ مِن الصّلواتِ إِلَّا في صَلاَةِ الفَجْرِ" وقال الترمذي: (حديث بلال لا نعرفه إلا من حديث أبي إسْرَائِيلَ المُلاَئِي، وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة، إنما رواه عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة وأبو إسرائيل اسمه إسماعيل بن أبي إسحاق وليس بذلك القوي عند أهل الحديث). قلت: وهذا غريب من الترمذي فإِن حديث بلال ورد من غير رواية ابن إسرائيل عن الحكم، ومن غير رواية الحكم، عن ابن أبي ليلى ومن غير رواية ابن أبي ليلى عن بلال. فرواه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، عن الحكم بن

عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أُمِرَ بلالٌ أن يُثَوِّبَ في صلاة الصبح ولا يُثَوِّبَ في غيرها". لكن روى أحمد في "مسنده" عن أبي قطن قال: (ذكر رجل لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال بالحديث فقال شعبة: والله ما ذكر ابن أبي ليلى ولا ذكر إلا إسنادًا ضعيفًا، أظن شعبة قال: كنت أراه رواه عن عمران بن مسلم). قلت: قد ورد عن ابن أبي ليلى من غير طريق الحكم. رواه أحمد، والبيهقي كلاهما من طريق علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن ابن أبي ليلى، عن بلال. ورواه الدارقطني، من طريق أبي مسعود عبد الرحمن بن الحسن الزجاج، عن أبي سعيد، هو البقال، عن عبد الرحمن به. قال البيهقي: (وهذا الطريق مرسل لأن عبد الرحمن لم يلق بلالًا). قلت: قد ورد عنه من طريق من لقيه، فقد رواه ابن ماجه، والبيهقي من طريق الزهريّ، عن سَعِيد بن المُسَيبِ، عن بِلَالٍ: "أنّه أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤذِنُهُ بِصَلاَةِ الفَجْرِ، فَقيلَ هُوَ نَاِئمٌ، فقالَ: الصلاةُ خَيْرٌ مِنَ النوْمِ، الصلاة خَيْر من النَوْمِ فَأُقِرَّتْ

في تَأذِينِ الفَجْرِ فَثَبَتَ الأمْرُ عَلَى ذلِكَ". ورواه البيهقي من طريق الحجاج بن أرطاه، عن طلحة بن مصرف، وزبيد عن سويد بن غفلة، "أن بلالًا كان لا يثوب إلا في الفجر، فكان يقول في أذانه حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم". ورواه قاسم بن أصبغ من طريق وكيع عن الثوري، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة بنحوه، ومن طريق قاسم أخرجه ابن حزم، وقال: (سويد بن غفلة من أكبر التابعين، قدم بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس ليال، أو نحوها، وأدرك جميع الصحابة الباقين بعد موته -عليه الصلاة والسلام-). ورواه الدارمي، والبيهقي، من طريق الزهري، عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن أن سعدًا قال: حدثني أهلي: "أن بلالًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذِنُهُ بصلاة الفجر" نحو ما سبق من رواية ابن المسيب. • وحديث أبي محذورة: رواه عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود،

والنسائي، والطحاوي، والبيهقي، من رواية ابن جريج، عن عثمان بن السائب، عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة إنهما سمعا من أبي محذورة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان وفيه وإذا أذنت بالأول من الصبح فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم". ورواه أبو داود من طريق إبراهيم بن إسماعيل، والدارقطني من طريق عمرو بن قيس، كلاهما عن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "ثَنّ الأولى من الأذان من كل صلاة وقيل في الأولى من صلاة الغداة الصلاة خير من النوم". لفظ عمرو بن قيس. وقال إبراهيم بن إسماعيل بعد حكاية الأذان، وكان يقول في الفجر، الصلاة خير من النوم. ورواه النسائي، وابن حزم، من طريق الثوري، عن أبي جعفر المؤذن، عن أبي سليمان، عن أبي محذورة. ورواه الطحاوي، والدارقطني، وأبو نُعَيم في "الحلية" من طريق أبي

بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي محذورة قال: "كنت غلامًا صبيًا فأذنت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر يوم حُنَيْنٍ، فلما بَلَغْتُ حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحق فيها الصلاة خير من النوم". • وحديث عبد الله بن زيد: رواه أحمد من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ذكر حديث الأذان وقال في آخره: "فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة قال: فجاء فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم. قال سعيد بن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر". • وحديث أنس: رواه الطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من جهة أبي أسامة ثنا ابن عون، عن محمَّد بن سيرين، عن أنس قال: "من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. . . ." قال البيهقي: (رواه جماعة عن أبي أسامة وهو إسناد صحيح). • وحديث ابن عمر: رواه ابن ماجة من طريق عَبْدِ الرحْمن بن إسحَاقَ؛ عن الزهْرِي عن سَالِمٍ، عن أبيه، في قصة بدء الأذان، ورؤيا عبد الله بن زيد، وفي آخره

قال الزهريّ: "وزاد بل الذي نداء صلاة الغَداةِ، الصلاةُ خَيْر مِنَ النوْم، فَأقرها رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمر يا رسولَ اللهِ: قَدْ رَأيْتُ مِثْلَ الذي رَأى وَلكِنه سَبَقَنِي": فالظاهر أن هذا كله موصول بالسند الأول. وقد روى الطحاوي والبيهقي من طريق ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان في الأذان الأول بعد الفلاح: الصلاة خير من النوم. . . ." الخ. • وحديث عائشة، وأبي هريرة: رواهما الطبراني في "الأوسط". • وحديث عبد الله بن يسر: رواه الطبراني في "الكبير". • وحديث نعيم بن النحام: رواه البيهقي؛ من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد بن الأنصاري، أن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، حدثه عن نعيم بن النحام قال: كنت مع امرأتي في مرطها في غداة باردة فنادى منادي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صلاة الصبح فلما سمعت قلت: لو قال ومن قعد فلا حرج؛ قال: فلما قال الصلاة خير من النوم، قال: ومن قعد فلا حرج".

حكم الأذان

حكم الأذان 256 - حديث: "كان إذا سمع النداء لم يغر، وإذا لم يسمعه أغار". أحمد, والبخاري، ومسلم، والدارمي، والترمذي، وغيرهم من

حديث أنس. * * * 257 - حديث مالِمِ بنِ الحُوَيْرِثِ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ لَه ولِصاحِبِهِ إذَا كُنْتُما في سَفَرٍ فأذنا وأقيمَا وَليَؤْمكما أكبرُكُمَا". أحمد، والسِتّة وغيرهم.

وقت الأذان

وقت الأذان 258 - حديث: "أن بلالًا يُنَادي بَلْيلٍ فَكُلُوا وَاشْربُوا حَتى يُنادي ابن أمِّ مَكْتُومٍ".

الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر. * * * 259 - حديث ابن عمر: أن بلالًا أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع فينادي، "ألا إن العَبْدَ قَدْ نَامَ" ثم قال: خرجه أبو داود وصححه كثير من أهل العلم. قلت: أما الحفاظ من أهل الحديث فاتفقوا أو كادوا على تضعيفه، وأنه خطأ من رواية حماد بن سلمة، قال الحافظ في "الفتح": (رجاله ثقات حفاظ، لكن اتفق أئمة الحديث، عليّ بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، والذهلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والأثرم، والدارقطني، على أن حمادًا أخطأ في رفعه وأن

الصواب وقفه على عمر بن الخطاب وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه). قلت: لكن الحق خلاف هذا وأن الحديث صحيح في نهاية الصحة كما نبيّنه بعد عزوه من طريق حماد بن سلمة وكلامهم في وهمه وتفرده برفعه. فالحديث خرّجه أبو داود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من رواية حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أن بلالًا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام فرجع فنادى ألا إن العبد نام". قال أبو داود: (هذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة، ثنا أيوب بن منصور ثنا شعيب بن حرب، عن عبد العزيز بن أبي رواد، أخبرنا نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر فذكر نحوه. وقد رواه حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع أو غيره، أن مؤذنًا لعمر يقال له مسروح أو غيره ورواه الدراوردي عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: "كان لعمر مؤذن يقال له مسعود وذكر نحوه، وهذا أصح من ذلك) اهـ. وقال الترمذي بعد أن ذكره عن حماد معلقًا: (هذا حديث غير محفوظ،

والصحيح ما رُويَ عن عُبَيْدِ اللُهِ بن عُمَر وغيرُه؛ عن نافع عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن بِلالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلوا واشْرَبوا حتى يُؤَذِّنَ ابن أمِّ مَكْتُوم" وروى عبد العزيز بن أبي رَواد، عن نافع: (أن مؤذنًا لِعمَرَ أذنَ بِلَيْل فَأمَرَه عُمَرُ أَنْ يُعِيدَ الأذانَ" وهذا لا يصح؛ لأنه عن نافع عن عمر منْقَطِعٌ، ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث. . . . ولو كان حديث حماد صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن بلالًا يؤذن بليل. . . ." قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة. . . . غير محفوظ وأخطأ فيه حماد). وقال البيهقي: (هذا تفرد بِوَصْلِهِ حماد بن سلمة عن أيوب، وَرُوِيَ أيضًا عن سعيد بن زربى، عن أيوب إلا ان سعيدًا ضعيف، ورواية حماد منفردة وحديث عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر أصحّ منها، ومعه رواية الزهري عن سالم عن أبيه)، ثم أسند عن علي بن المديني كما سبق عن الترمذي عنه ثم أسند عن محمَّد بن يحيى الذهلي قال: (حديث حماد بن سلمة .. هذا شاذ غير واقع على القلب وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر) اهـ. وفي "العلل"، لابن أبي حاتم (قال أبي: لا أعلم روى هذا الحديث عن أيوب. . . . إلَّا حماد بن سلمة، ورواية عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع. . . . والصحيح عن نافع عن ابن عمر: "أن عمر أمر مسروحًا أذن قبل الفجر، وأمره أن يرجع" وفي

بعض الأحاديث: "أن بلالًا أذن قبل الفجر" فلو صح هذا الحديث لدفعه حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، والقاسم بن محمَّد، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن بلالًا يؤذن بِلَيْلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". جوّز النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان قبل الفجر، أن حديث حماد بن سلمة خطأ، قيل له: فحديث ابن أبي محذورة -يعني رواية عن عبد العزيز بن أبي رواد- قال: ابن أبي محذورة شيخ) اهـ. وقال البيهقي: (أخبرنا أبو الحسن بن بشران، ثنا أبو عمر بن السماك، ثنا إسحاق، حدثني أحمد بن حنبل، ثنا شعيب بن حرب قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادي لها قبل الفجر فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا" قلت: أليس قد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الأذان، قال: لا لم يزل الأذان عندنا بليل). وقال ابن بكير قال مالك لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادي لها إلا بعد أن يحل وقتها. وقال البيهقي في "الخلافيات": (حماد بن سلمة أحد أئمة المسلمين قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإِسلام؛ إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه؛ فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فإنه اجتهد في أمره وأخرج من أحاديثه [عن ثابت] ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت فلا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثًا، أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج، وإذا

كان الأمر كذلك فالاحتياط أن لا يحتج بما يخالف فيه الثقات وهذا الحديث من جملتها). قلت: كل هذا لا يفت في عضد الحق فإن الحفاظ إذا رأوا حديثًا معارضًا لما عندهم، ولم يدركوا وجه الجمع بين الحديثين، أنكروا ما لم يعرفوا وحكموا على راويه بالوهم بدون حجة، وقلد لاحقهم سابقهم في ذلك، ثقة به واعتمادًا على قوله، دون نظر فيه، ولا تحقيق لدعواه، وذلك مما جعل اتفاقاتهم معدومة الفائدة، فالحديث صحيح إسنادًا، ولا معارضة بينه وبين الحديث الذي احتجوا به على ضعفه كما سأبينه، وذلك أن حماد بن سلمة إمام حافظ ثقة، لو وهم مثل هذا الوهم ونقل قصة وقعت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال، والآمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زمن عمر بن الخطاب لمسروح، والآمر له عمر، لسقط إلى درجة الضعفاء المتروكين الذين لا يحتج بهم، أو الوضاعين الذين يقصدون قلب الحقائق، وتغيير الأوضاع الشرعية، وهذا مما لا يقوله أحد، بل ولا يظن حتى لمن هو دونه في الضبط والعدالة؛ لأن كل من له حظ من الوعي والعدالة، لا يغلط مثل هذا الغلط الفاحش، ولا يهم في مثل هذا الأمر الواضح؛ إذ بون كبير بين حديث نافع في قصة عمر مع مسروح وبين حديثه عن ابن عمر في قصة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بلال، لاسيما والحديث مروي بشعر قاله بلال في القصة التي وقعت له، مما يدفع الوهم ويوجب التأكد من أنه صاحب القصة، فكيف وحماد لم ينفرد بالحديث بل توبع عليه متابعة تامة، عن أيوب، ومتابعة قاصرة عن نافع، ووردت القصة مع ذلك من حديث أنس، ومراسيل الحسن، وقتادة وحميد بن هلال، وورد عن بلال نفسه ما يؤيدها، فالحكم على حماد بالوهم فيه مكابرة، ظاهرة. فقد رواه أيضًا سعيد بن زربي عن أيوب، كما ذكره الدارقطني،

والبيهقي، وهو وإن كان ضعيفًا فلم يتهم بوضع حتى يعتقد فيه أنه سرق الحديث من حماد، وعلى فرض ذلك، فقد رواه عبد الرزاق، عن معمر عن أيوب، وهذا سند كالشمس، لو ورد وحده على إعضاله وكونه لم يذكر نافعًا، ولا ابن عمر لاعتبروه واحتجوا به، فكيف مع رواية حماد الثقة الذي وصله. أضف إلى ذلك أن عبد العزيز بن أبي داود رواه عن نافع عن ابن عمر؛ أن بلالًا أذن قبل الفجر فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن ينادي إِن العبد نام، فوجد بلال وجدًا شديدًا. ورواه الدارقطني من طريق معمر بن سهل، عن عمر بن مدرك عنه وقال: (وهم فيه عامر بن مدرك، والصواب ما رواه شعيب بن حرب عنه، عن نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح، أذن قبل الصبح فأمره عمر نحوه)؛ وهذا باطل فإن عامر بن مدرك ثقة، ومع ذلك فلم ينفرد به بل تابعه إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة، عن عبد العزيز بن أبي داود، عن نافع عن ابن عمر: "أن بلالًا أذن بليل فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حملك على ذلك؟ قال: استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر قد طلع فأذّنت. فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي في المدينة ثلاثًا إن العبد رقد ثم أقعده إلى جنبه حتى طلع الفجر ثم قال: "قم الآن ثم ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتي الفجر". رواه ابن أبي حاتم في "العلل"، والبيهقي في "السنن"، وقال: (إنّه

ضعيف لا يصح)، وتعقبه المارديني بأنّ (إبراهيم روى له الترمذي، وصحّح حديثه وذكره البيهقي نفسه في موضع آخر من "السنن"، وقال: هو مشهور، وذكره ابن حبان في "الثقات" وباقي السند صحيح أيضًا). ورواه الدارقطني، من طريق أبي يوسف، عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، أن بلالًا أذن قبل الفجر فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعود فينادي أن العبد نام ففعل وقال: ليت بلالًا لم تلده أمه ... وابتل من نضح دم جبينه قال الدارقطني: (تفرد به أبو يوسف القاضي، عن سعيد، وغيره يرسله عن سعيد، عن قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)، ثم رواه من طريق يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب، ثنا سعيد عن قتادة، "أن بلالًا أذن" ولم يذكر أنسًا، قال: (والمرسل أصح). قلت: أبو يوسف موثّق، والمرسل الصحيح باعتراف الدارقطني إِذا ورد موصولًا من وجه آخر، ولو ضعيفًا كان حجة باتفاق هذا، لو فرضنا ضعف أبي يوسف وانفراده بوصله عن أنس، فكيف وقد ورد عن أنس من وجه آخر، أخرجه الدارقطني أيضًا من طريق محمَّد بن القاسم الأسدي، ثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن عن أنس بن مالك

مثله وفيه: "فرقى بلال وهو يقول: لَيْتَ بلَالًا ثَكلَتْهُ أمهُ ... وَابْتَل مِنْ نَضْحِ دمٍ جَبِينُهُ يرددها حتى صعد ثم قال: ألا إن العبد نام، مرتين، ثم أذن حين أضاء الفجر. قال الدارقطني: (محمَّد بن القاسم الأسديّ ضعيف جدًا). قلت: قد وثقه ابن معين وقال: (كتبت عنه). وقال العجلي: (كان شيخًا صدوقًا). ومع هذا فلم ينفرد به، بل ورد من وجوه أخرى موصولًا ومرسلًا أيضًا. فرواه ابن سعد في "الطبقات" قال: أخبرنا عفان بن مسلم، وعارم قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس بن مالك: "أن بلالًا صعد ليؤذن وهو يقول البيت" وهو وإن لم يذكر قصة الأذان قبل الفجر، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول: "ألا إن العبد نام" فهو ظاهر في ذلك لأن البيت إنما قاله عند ذلك. وقد قال ابن أبي شيبة في "المصنف"، ثنا أبو خالد عن أشعث، عن الحسن قال: "أذن بلال بليل. . . ." فذكر الحديث والبيت.

وقال سعيد بن منصور في "سننه" ثنا أبو معاوية، أنبأنا أبو سفيان السعدي، عن الحسن نحوه. وقال محمَّد بن الحسن في "الحجج": أخبرنا محمَّد بن أبان بن صالح، عن حماد، عن إبراهيم النخعي قال: "أذن بلال بليل قبل أن يطلع الفجر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَادِ: نامَ العَبْدُ"، فصعد بلال وقال: ويل بلال ثكلته أمّه. البيت، فلما صعد قال: نام العبد ثلاثًا ثم أمره فأعاد الأذان بعدما طلع الفجر". وروى الدارقطني، والبيهقي، من حديث حميد بن هلال قال: "أذن بلال بِلَيْلٍ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إلى مقامك فناد ثلاثًا"، الحديث. وفيه ذكر البيت أيضًا. قال البيهقي: (هكذا رواه جماعة، عن حميد بن هلال مرسلًا). قلت: فهؤلاء جماعة حدثوا بهذه القصة عن بلال، فهل يعقل أن يكونوا كلهم وهموا ونسبوا قصة مسروح لبلال، ثم أنه ورد عن بلال نفسه ما يؤيد ذلك. فقد روى أبو نُعَيْم في "الحلية" من طريق الحسن بن عمارة، عن طلحة بن

مصرف، عن سويد بن غفلة، عن بلال قال: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أؤذّن حتى يطلع الفجر". أما المعارضة بين هذا الحديث وحديث: أن بلالًا ينادي بليل فمدفوعه من وجهين. (أحدهما): أن هذا الحديث حكمه في سائر السنة، وذاك إنما هو في رمضان خاصة، لأنه قال فيه: "فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". فدل على أنه في رمضان، إذ لو لم يكن في رمضان، لما تصور أن يقول ذلك، ولقال فلا تصلّوا الصبح حتى ينادي ابن أم مكتوم. قال محمَّد بن الحسن في كتاب "الحجج على أهل المدينة" ردًا على احتجاجهم بحديث أن بلالًا ينادي بليل: (إنما كان بلال يصنع ذلك في شهر رمضان ليتسحّر الناس بأذانه ويكف الناس بأذان ابن أم مكتوم لصلاة الفجر، لأنه قد جاء حديث آخر يدل على أن بلالًا إنما كان يصنع ذلك لسحور الناس في شهر رمضان خاصة لأنه بلغنا أن بلالًا أذن بليل فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي ألا إن العبد نام -فذكر القصة بالبيت ثم قال- فلو كان يؤذن لصلاة الفجر قبل دخول وقتها لم يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما أمره من ذلك، ولقال له: قد أحسنت حين أذنت بالليل، ولكن الأمر الذي رويتم كان في شهر رمضان، والأمر الآخر من كراهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأذانه بليل كان في غير شهر رمضان) ا. هـ. وقال ابن دقيق العيد في "الإمام": (والتعارض بينهما لا يتحقق إلا بتقدير أن

يكون قوله: إن بلالًا يؤذن في سائر العام وليس كذلك إنما كان ذلك في رمضان). (ثانيهما): وعلى فرض أنه كان في سائر العام، فلا تعارض أيضًا؛ لأن بلالًا إنما كان ينادي قبل الفجر بمقدار ما ينزل هو ويصعد ابن أم مكتوم، كما سيأتي في الحديث الذي بعده، وفي هذه المرة التي سها فيها له، كان الأذان وقع منه قبل ذلك بكثير بحيث نزل في الموضع الذي كان يؤذن فيه وأتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن سببه، ثم رده ليقول: "إن العبد نام" فذهب وقال ذلك ثم رجع وأجلسه إلى أن طلع الفجر، ثم قال له: قم فأذن الآن؛ فأذانه بالليل قبيل الفجر متصلًا به، والنهي عن أذانه بالليل قبل ذلك، فلا تعارض. وإلى هذا ذهب ابن حزم، وهو وإن كان حسنًا، إلا أن الأول عندي أولى؛ لأن الحديث فيه فكلوا واشربوا، وهذا صريح في رمضان، وفيه: حتى ينادي ابن أم مكتوم، وقد قيل إن ابن أم مكتوم إنما كان يؤذن في رمضان فقط لا في سائر العام والله أعلم. * * * 260 - حديث عائشة قالت: "لم يكن بين أذانهما إلا بقدر ما يهبط هذا ويصعد هذا". النسائي، من رواية حفص بن غياث، والطحاوي، من رواية يحيى القطان،

كلاهما من عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة به، ورواه البخاري في "الصيام". من طريق أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم فذكر الحديث وفي آخره قال القاسم: لم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا. وليس هذا مرسلًا، بل معناه عن عائشة أيضًا فهو موصول. * * * 261 - قوله: (كان يؤذن لها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان بلال وابن مكتوم). متّفق عليه من حديث ابن عمر، والبخاري، والنسائي من حديث عائشة كما سبق: "أن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم".

شروط المؤذن

شروط المؤذن 262 - حديث الصدائي قال: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان أوان الصبح أمَرَني فَأذنْت، ثم قام إلى الصلاة، فجاء بلال ليقيم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أخَا صُدَاءٍ أذَّنَ، ومَنْ أذنَ فهُوَ يُقيمُ".

أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، وجماعة كابن سعد في "الطبقات" وابن ترثال في "جزئه"، وأبي نُعَيْم في "التاريخ"، وغيرهم من حديث عبدِ الرّحمن بن زِيادِ بن أنْعم الإِفريقي، عن زياد بن نعَيْم الحَضْرَميِّ، عن زِيادِ بن الحارِثِ الصُّدَائِي به، لفظ الترمذي، وقال: (إنما يعرف من حديث الإفريقي .. وقد ضعّفه القَطّان وغيره .. قال: ورأيت محمَّد بن إسماعيل -يعني البخاري- يقوّي أمره ويقول: هو مُقَارِبُ الحديث). * * * 263 - حديث عبد الله بن زيد: (حين أُرِيَ الأذان أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأذن، ثم أمر عبد الله فأقام".

أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والبيهقي من حديث محمَّد بن عمرو الواقفي، عن عبد الله بن محمَّد الأنصاري، عن عمه عبد الله بن زيد، "أنه رأى الأذان في المنام، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، قال: فأذن بلال، وجاء عمي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إني أرى الرؤيا ويؤذن بلال قال: فأقم أنت. فأقام عمي"، لفظ الطيالسي وهو الذي صرح بالواقفي، والواقفي ضعيف. وقد رواه أبو داود أيضًا من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثنا محمَّد بن عمرو شيخ من أهل المدينة من الأنصار قال: سمعت عبد الله بن محمَّد قال: "كان جدي عبد الله بن زيد .. بهذا الخبر، فأقام جدّي"، فهذا اختلاف فيه على محمَّد بن عمرو، مع الاختلاف فيه هو، هل هو الواقفي أو غيره، وفيه اختلاف آخر عليه أيضًا. قال البيهقي: (ورواه معن، عن محمَّد بن عمرو الواقفي، عن محمَّد بن

سيرين، عن محمَّد بن عبد الله بن زيد، عن عبد الله بن زيد. قال البخاري: فيه نظر). ورواه البيهقي من طريق أبي العميس، عن عبد الله بن محمَّد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده نحوه ثم قال: (وروى عن زيد بن محمَّد بن عبد الله عن أبيه عن جده كذلك؛ وكان أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يضعف هذا الحديث بما سبق ذكره، وبما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ -فذكر بإِسناده عن أبي عمير بن أنس- قال حدثني عمومة لي من الأنصار، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث وقال فيه: وكان عبد الله بن زيد مريضًا يومئذ، والأنصار تزعم أنه لو لم يكن مريضًا لجعله رسول الله مؤذنًا -قال البيهقي- لو صح حديث عبد الله بن زيد، وصحّ حديث الصدائي، كان الحكم لحديث الصدائي، لكونه بعد حديث عبد الله بن زيد). قلت: حديث أبي عميرة دخل له في تضعيف حديث عبد الله بن زيد، لأنه إن أراد أنه لم يقم أصلًا لمرضه فباطل مقطوع به؛ لأنه لما رأى الأذان جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره به، فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يلقيه على بلال، وقال: لأنه أندى صوتًا منك وفي تلك المرة أقام. وإن كان المراد أنه مرض بعد ذلك، فلم يؤذن لأجل المرض فظاهر أيضًا لأن المرض كان بعد الإقامة في اليوم الأول الذي شرع فيه الأذان ويؤيد هذا ما رواه أبو الشيخ في الأذان من حديث الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "كان أول من أذن في الإِسلام بلال وأول من أقام عبد الله بن زيد".

264 - حديث عُثْمانَ بنِ العَاصِ أنه قال: "إن مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إليَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ أتخِذَ مُؤَذِّنًا لا يَأخُذُ عَلَى أذَانِهِ أجرًا". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، واللفظ للترمذي، وابن ماجه. ولفظ الباقين عنه: "قُلْتُ يا رسولَ اللهِ! اجْعَلْنِي إمَامَ قوْمِي، قَالَ: أنتَ إمَامُهُمْ فَاقْتَدِ بِأضْعَفِهِمْ، واتخِذْ مُؤذِّنًا لَا يَأخُذُ عَلى أذَانِهِ أجرًا". قال الترمذي: (حسن)، والحاكم: (صحيح على شرط مسلم).

قلت: وهذا اللفظ الذي رواه الأكثرون من طريق سَعِيدٍ الجُرَيْرِيِّ، عن أبِي العَلَاءِ عن مُطَرفٍ عنه، واللفظ الذي ذكره ابن رشد، هو من رواية الأشعث عن الحسن عنه. * * * 265 - حديث وائل بن حجر قال: "حق وسنة مسنونة ألا يؤذن إلا وهو قائم ولا يؤذن إلا على طهر". أبو الشيخ في كتاب "الأذان" قال: حدثنا عبدان، ثنا هلال بن بشر ثنا عمير بن عمران العلاف، ثنا الحارث بن عتبة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه قال "حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلَّا وهو قائم". ورواه البيهقي من طريق صدقة بن عبيد الله المازني، ثنا الحارث بن عتبة به، وقال: (عبد الجبار بن وائل عن أبيه مرسل) أي منقطع لأنه ثبت عنه أنه قال: "كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي فحدثني أهلي. . . ." وذكر حديثًا كما في "صحيح

مسلم" إلا أنه يحمل هذا أيضًا على ذاك وإنه سمع الجميع من أهله. * * * 266 - حديث أبي هريرة: "لا يُؤَذَّنُ إلَّا مُتوضئ" قال ابن رشد خرّجه الترمذي. قلت: وكذا أبو الشيخ، والبيهقي كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به، ثم رواه الترمذي من طريق ابن وَهْبٍ عن يُونسَ، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: "لا يُنَادي بالصلَاةِ إلَّا مُتَوَضِّئٌ". قال الترمذي: (وهذا أصح من الحديث الأول، وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم، والزهري لم يسمع من أبي هريرة). وقال البيهقي: (هكذا رواه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة: "لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ").

فيما يقوله من يسمع الأذان

فيما يقوله من يسمع الأذان 267 - حديث أبي سَعِيد الخُدَّرِيِّ: "إذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذَّنَ فَقُولُوا مثل ما يقول". مالك، والطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة وجماعة.

268 - قوله: (وجاء من طريق عمر بن الخطاب وحديث معاوية أن السامع يقول عند: حيَّ على الصلاة، حيّ على الفلاح لا حول ولا قوّة إلا بالله). • قلت: حديث عمر: رواه مسلم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلّا الله، قال: لا إله إلّا الله من قبله دخل الجنة". • وحديث معاوية: رواه أحمد، والبخاري، والنسائي واللفظ له عن

علقمة بن أبي وقاص قال: "إني عند معاوية اذ أذن مؤذنه، فقال معاوية كما قال المؤذن، إذا قال حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله فلما قال: حي على الفلاح، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال بعد ذلك ما قال المؤذن ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول مثل ذلك".

الفصل الثاني: الإقامة

الفصل الثاني: الإقامة 269 - حديث: "صَلَّوا كما رأيتموني أُصَلِّي".

متفق عليه من حديث مالكِ بنِ الحُوَيْرِثِ بألفاظٍ، وهذا لفظ البخاري في الأذان. * * * 270 - حديث أنس: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة". تقدم.

271 - حديث أبي ليلى: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا فأذن مثنى وأقام مثنى". كذا في الأصل، والصواب ابن أبي ليلى، وهو عبد الرحمن أحد رواة حديث عبد الله بن زيد، وقد تقدم حديثه.

عبد الله بن إدريس، ثنا ليث، عن عطاء، عن عائشة: "أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقوم وسطهن".

الباب الثالث: في القبلة

الباب الثالث: في القبلة

273 - حديث: "مَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ قِبْلَة إذَا تُوُجِّهَ نحو البَيْتِ". هو بهذه الزيادة موقوف على عمر، أخرجه مالك في "الموطأ"، عن نافع عن عمر هكذا منقطعًا. ورواه الحاكم، والبيهقي عنه، من رواية يعقوب بن يوسف الخلال، عن شعيب بن أيوب، ثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة". وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين فإِن شعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده، ورواه محمد بن عبد

الإجتهاد في القبلة

الإجتهاد في القبلة الرحمن بن مجبَّر، وهو ثقة، عن نافع، عن ابن عمر مسندًا) ثم أخرجه هو والبيهقي، كذلك من طريقه، ثم صحَّحه الحاكم أيضًا، وقال: (قد أوقفه جماعة، عن عبد الله بن عمر). وقال البيهقي: (تفرد بالأول يعقوب بن يوسف الخلال، وتفرد بالثاني ابن مجبر، والمشهور رواية الجماعة حماد بن سلمة، وزائدة بن قدامة، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، عن عبيد الله عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر من قوله).

وفي الباب، عن أبي هريرة، أخرجه الترمذي، وابن ماجه من رواية أبي مَعْشَر، عن محمد بن عَمْرُو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبْلَةٌ"، قال الترمذي: (قد روى عن أبي هريرة من غير وجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قِبَل حفظه .. قال البخاري: لا أروي عنه شيئًا، وقد روي عنه الناس، قال البخاري: وحديث عبد الله بن جعفر المَخْرَمِيَّ، عن عثمان بن محمد الأخْنَسِيَّ، عن سَعِيد المَقْبُرِيّ، عن أبي هريرة، أقوى وأصح من حديث أبي معشر). ثم أخرجه الترمذي من هذا الوجه، وقال: (حسن صحيح). * * * 274 - حديث عامر بن ربيعة قال: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة ظلماء في سفر

فخفيت علينا القبلة، فصلى كل واحد منا إلى وجهة، فلما أصبحنا فإذا نحن صلينا إلى غير القبلة فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مضت صلاتكم، ونزلت {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} الآية. أبو داود الطيالسي، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، وأبو نُعَيْم في "الحلية" والبيهقي من رواية أبي الربيع السمان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه به، ولم يقل: "قد مضت صلاتكم"، إلا أبو داود الطيالسي والبيهقي، الذي رواه من طريقه؛ وقال الترمذي: (ليس إسنادُهُ بِذاكَ، لا

نعْرِفُهُ إلَّا من حديث أَشْعَثَ السَّمَّانِ، وأَشْعَثُ بن سعيدٍ أبو الرَّبيعِ السَّمَّانُ يُضَعَّفُ في الحديث). قلت: وهذا غريب إذ علل الحديث بأبي الربيع السمان الذي لم يعرفه إلا من طريقه مع أنه توبع عليه، فقد قرنه أبو داود الطيالسي بعمرو بن قيس فرواه عنهما معًا عن عاصم بن عبيد الله، وسكت عن تعليله بعاصم مع أنه ضعيف مثل أبي الربيع السمان. وقد وردت القصة من وجه آخر من حديث جابر بن عبد الله مثل ما قال عامر بن ربيعة وفيه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأمرنا بالإعادة وقال: قد أجزأت صلاتكم، رواه الحاكم، والدارقطني، والبيهقي، من طريق داود بن عمرو، ثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر قال: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأصابنا غيم. ." فذكره، قال الدارقطني: (كذا قال: عن محمد بن سالم؛ وقال غيره: عن محمد بن يزيد، عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء وهما ضعيفان). وقال الحاكم: (رُوَاتُهُ محتج بهم كلهم، غير محمد بن سالم فإني لا أعرفه

الصلاة داخل الكعبة

الصلاة داخل الكعبة بعدالة ولا جرح). ورواه الدارقطني والبيهقي، أيضًا من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال: وجدت في كتاب أبي، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر -رضي الله عنهما- قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة. . . ." فذكر الحديث وفيه: "فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عن ذلك، فسكت؛ وأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي حيث كنتم". قال البيهقي: (وكذلك رواه الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، عن أحمد بن عبيد الله، ولم نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًا، وذلك لأن عاصم بن عبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، ومحمد بن سالم الكوفي، كلهم ضعفاء، والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح، لما فيه من الوجادة وغيرها، وفي حديثه أيضًا نزول الآية في ذلك، وصحيح عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أن الآية إنما نزلت في التطوع خاصة، حيث توجه بك بعيرك). قلت: طريق عبد الملك العرزمي صحيح، ومن التعنت الظاهر تضعيف الحديث بالوجادة، فإن كتب العلم اليوم وقبله بقرون كلها وجادة، فلو كانت ضعيفة لما صح

بيدنا حديث. هذا من جهة، ومن جهة فإن العقل قاض بصحة الوجادة، متى عرف خط الشيخ، وثبت أن الكتاب كتابه، واستحال أو كاد أن يكون نسبته إليه باطلة، فالتعلق بالوجادة في رد الأحاديث من أبطل الباطل بل هو رد مجرد لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلامه فلا ينبغي للشحيح بدينه أن يلتفت إلى التعلق بها، وقد زاد ابن القطان في تعليل هذا الحديث أيضًا، (الجهل بحال أحمد بن عبيد الله، وما مس به والده عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب، على ما ذكره ابن أبي خيثمة وغيره) أما الجهل بحال أحمد بن عبيد الله، فرده عليه الحافظ في "اللسان" في ترجمه أحمد المذكور فقال: (ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روي عن ابن عيينة، وعنه ابن الباغندي لم تثبت عدالته، وابن القطان تبع ابن حزم في إطلاق التجهيل، على من لا يطلعون على حاله، وهذا الرجل بصري شهير، وهو والد عبيد الله القاضي المشهور) اهـ. وقد روى عنه الحسن بن علي المعمري، وإبراهيم بن حماد، وعلي بن سعيد الرازي وآخرون من الحفاظ فارتفعت جهالته. ووالده عبيد الله بن الحسن ثقة من رجال الصحيح، احتج به مسلم، والمقالة التي نقلت عنه من تصويب المجتهدين في إثبات القدر ونفيه،

قد نقل عنه الرجوع عنها، وعلى أنه لم يرجع فالمذهب لا دخل له في الرواية، متى ثبتت العدالة. أما كونه نقل عن عبد الله بن عمر خلاف هذا، في سبب نزول الآية فذلك يقع كثيرًا في الأحاديث، وفي تعيين أسباب النزول خاصة، لأنه ناشيء عن ظن الصحابة، واعتقاد كل واحد أن الآية نزلت في تلك الواقعة، ويكون الصواب في ذلك مع واحد، وقد تكون الآية نزلت مرتين، وقد يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - تلاها استدلالًا بها، فظن الصحابي أنها نزلت حينئذ كما وقع في قضايا متعددة معروفة، فلا يدل شيء من ذلك على ضعف الحديث، ولا على بطلان هذه القصة التي وردت من طرق متعددة، ولو أن جلها ضعيف، لأن الضعيف إذا تعدد أحدث قوة فكيف مع ذلك الطريق الذي ليس فيه إلا الوجادة. 275 - حديث ابن عباس: لمّا دَخَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - البيتَ دَعَا في نواحِيهِ كُلَّها وَلَمْ يُصَلِّ حَتى خَرَجَ، فَلَما خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الكَعْبَةِ وَقَالَ: هذِهِ القِبْلَةُ". البخاري عن إسحاقَ بنِ نَصرٍ، ثنا عَبْدُ الرَزَّاقِ أخبرنا ابن جُرَيْجٍ، عن عَطاءٍ، عن ابن عباس به. ورواه مسلم من طريق مُحَمَّدِ بن بَكْرٍ، أخبرنا ابنُ جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ، عن ابنِ

عباس قال: سمعته يقول، أخبرني أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ. وهكذا رواه الإسماعيلي، وأبو نعيم في "مستخرجهما" من طريق إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق. * * * 276 - حديث ابن عمر: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَل الكَعْبَةَ هُوَ وَأسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، وعُثْمَانُ

سترة المصلي

سترة المصلي بنُ طَلْحَةَ، وبِلالًا بنُ رَبَاحٍ". الحديث متّفق عليه. * * * 277 - حديث: "إذَا وَضَعَ أحَدُكُم بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ". أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن

ماجه، والبيهقي من حديث طلحة بن عبيد الله بلفظ: "فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذلِكَ". لفظ مسلم. * * * 278 - حديث أبي هريرة: "إذَا صَلَّى أحَدُكُمِ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شيئًا فإنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَنْصِب عَصًا، فَإنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". قال ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت: وكذا الطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، والبيهقي، وصحّحه ابن

حبان وغيره، وحسَّنه الحافظ، وضعّفه بعض الأقدمين، لصورة الاضطراب الواقع في إسناده، لكنه عند الطيالسي من وجه آخر، والحديث صحيح كما قال ابن حبان. * * * 279 - حديث: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - صلى لغير سترة". أحمد، وأبو داود، والنسائي، من حديث الفضل بن عباس قال: "أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في بادية لنا معه عباس، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه".

280 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج له العنزة". متفق عليه من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي جُحَيْفَةَ، ولفظ الثاني: "رأيتُ رسولَ اللهِ في قُبًةٍ حَمْرَاءَ من أدَم، وَرَأَيْتُ بِلالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورأيت الناسَ يَبْتَدِرُونَ ذاكَ الوَضُوءَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْه شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلالًا أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكزَها، وخَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حُلَّةٍ حَمْراءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إلَى العنزةِ بالناسِ رَكْعَتَيْنِ وَرَأَيْتُ الناسَ والدَّوَابِّ يَمُرون بَيْنَ يَدَيْ العَنَزَةِ".

الباب الرابع: ستر العورة واللباس في الصلاة

الباب الرابع: ستر العورة واللباس في الصلاة

الفصل الأول: ستر العورة

الفصل الأول: ستر العورة

281 - قوله: (في سبب نزول قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أن المرأة كانت تطوف بالبيت عريانة وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله فنزلت الآية، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان). قلت: ظاهر هذا الأمر المذكور كان عند نزول الآية، وليس كذلك فإن الآية مكية، والأمر وقع في حجة أبي بكر التي كانت قبل حجة الوداع، أما ما ذكر من سبب نزول الآية. فأخرجه ابن أبي شيبة، ومسلم آخر "الصحيح"، وابن جرير، والبيهقي وغيرهم من حديث ابن عباس قال: "كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول: من يُعيرُني تِطْوَافًا تَجْعَلُهُ على فَرْجِهَا وَتَقُولُ: اليَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ... فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أحِلُّهُ

فنزلت هذه الآية: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ". إلا أن البيهقي قال: فنزلت هذه الآية: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} وذلك وهم من بعض الرواة. وأما الأمر المذكور، فمتفق عليه من حديث أبي هريرة قال: "بعثني أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الحَجَّةِ التي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الوَداع في رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ في الناسِ يَوْمَ النَّحْرِ: لا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالبَيْتِ عُرْيَانٌ". * * * 282 - حديث: "كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَاقِدِي أُزُرِهِمْ عَلَى أعْنَاقِهِم كَهَيْئةِ

حد عورة الرجل

حد عورة الرجل الصِّبْيَانِ، ويُقَالُ لِلنَّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُؤُوسَكُن حَتى يَسْتَوي الرَّجَالُ جُلوسًا". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي من حديث سَهْل بن سَعْدٍ. * * * 283 - حديث جرهد: "الفَخْذُ عَوْرَةٌ".

أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي من حديث جرهد المذكور: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ به وهو كاشف عن فخذه، فقال: أما علمت أن الفخذ عورة". وذكر البخاري الاضطراب فيه على مالك وضعّفه وذكره في "صحيحه" تعليقًا بصيغة التمريض، لكن حسنه الترمذي؛ وصحّحه ابن حبان، والبيهقي. • وفي الباب، عن ابن عباس، ومحمد بن جحش، فحديث ابن عبّاس: رواه أحمد، والترمذي، والبيهقي، من طريق يحيى عن مجاهد، عن ابن عباس

قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفخذ عورة"؛ حسنه الترمذي، وصحّحه البيهقي، وضعّفه غيرهما بأبي يحيى القتات. • وحديث محمد بن عبد الله بن جحش: رواه أحمد، والبخاري في التاريخ الكبير" والحاكم، والبيهقي، من طريق أبي كثير مولى محمد بن عبد الله بن جحش، عن مولاه محمد أنه قال: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر على معمر وهو جالس عند داره بالسوق وفخذاه مكشوفتان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا معمر غطِّ فخذيك فإن الفخذين عورة" صحّحه البيهقي. * * * 284 - حديث أنس: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَسَرَ عَنْ فَخذِهِ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أصْحَابِهِ". أحمد، والبخاري، من حديث أنس، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنا

حد عورة المرأة

حد عورة المرأة عِنْدَها صَلاةَ الغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأنا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، فَأَجرى نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي زُقاقِ خَيْبَرَ وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. . . ." الحديث.

الفصل الثاني: اللباس في الصلاة

الفصل الثاني: اللباس في الصلاة 285 - قوله: (والنهي الوارد عن هيئآت بعض الملابس في الصلاة مثل اشتمال الصَّمَّاء). أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخُدريِّ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في

ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء" وهو عند الترمذي من حديث أبي هريرة. وكذلك رواه البخاري ومسلم من حديثه أيضًا قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَحْتَبِيَ الرجُلُ في الثوبِ ليس على أحد شقّيه منه شيء". * * * 286 - حديث: سُئُلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيُصَلِّى الرَّجُلُ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ فقال: "أو لِكُلَّكُمْ ثَوْبَان".

أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ. * * * 287 - حديث: "نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء".

متفق عليه من حديث أبي هريرة: "لا يصلين أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الواحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ". وقال مسلم "على عَاتِقَيْه". ورواه أحمد باللفظين. * * * 288 - حديث أم سلمة: "أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا تصلي فيه المرأة؟ فقال: في الخمار والدرع السابغ إذا غَيَّبَتْ ظُهُورَ قَدَمَيْها". أبو داود، والحاكم، والبيهقي من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن دينار، عن محمد بن زيد بن قنفذ، عن أمّه، عن أم سلمة، "أنّها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إِزار، قال: اذا كان الدرع سابغًا يغطّي ظهور قدميها" قال الحاكم: (صحيح على شرط البخاري ولم يخرّجاه).

وقال أبو داود: (روى هذا الحديث مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قصروا به على أم سلمة). قلت: والموقوف رواه مالك في "الموطأ"؛ ورواه البيهقي من طريق بحر بن نصر قال: (قرئ على ابن وهب، أخبرك مالك، وابن أبي ذئب، وهشام بن سعد وغيرهم، أن محمد بن زيد القرشي حدثهم عن أمه: "أنها سألت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب فقالت في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها" -ثم قال البيهقي- وكذلك رواه بكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة موقوفًا اهـ). ولأجل هذا قال عبد الحق وغيره: (إن الصواب وقفه). * * * 289 - حديث عائشة: "لَا يَقْبَلُ الله صَلاَةَ حَائِضٍ إلَّا بخِمَارٍ".

أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي كلهم من حديث حماد، عن قتادة، عن

محمد بن سيرين، عن صفيَّة بِنْتِ الحَارِثِ، عن عائِشَةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تُقْبَلُ صَلاة الحَائِضِ إلَّا بِخِمَارٍ". وقال الترمذي: (حسن)؛ وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة)، ثم أخرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن الحسن مرسلًا. وصحح الموصول أيضًا ابن خزيمة، وابن حبان، وأعله الدارقطني بالإرسال والوقف، وزعم أن الوقف أشبه. وليس كما قال.

الباب الخامس: اشتراط الطهارة للصلاة

الباب الخامس: اشتراط الطهارة للصلاة

290 - حديث: "أُعْطيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قبْلي". متفق عليه من حديث جابر وغيره. وقد سبق.

الباب السادس: المواضع التي يصلى فيها

الباب السادس: المواضع التي يصلى فيها

291 - حديث: "اجعلوا من صَلاَتِكُم في بُيُوتِكُم ولا تَتخِذُوهَا قُبُورًا". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة من حديث عبد الله بن عمر، واللفظ المذكور لمسلم، وللباقين: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا". وللنسائي: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا".

292 - حديث: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: فِي المَزْبَلَةِ، وَالمَجْزَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ"، قال ابن رشد: خرّجه الترمذي. قلت: سقط منه ذكر "المَقْبَرَةِ"، وهي في الحديث بعد: "المجزرة"، والحديث خرجه أيضًا ابن ماجه، كلاهما من طريق زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين عن نافع، عن ابن عمر به. وقال الترمذي: (ليس إسناده بذاك القوي، قد تُكُلِّمَ في زَيْدِ بنِ جَبِيرَةَ من قِبَلِ حِفْظِهِ. . . . وقد روى اللَّيْثُ بن سَعْدٍ هذا الحديثَ، عن عبد الله بن عمر العُمَرِيِّ، عن نافِع، عن ابن عمر عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وحديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَشْبَهُ وأصحُّ من حديث الليث بن سعد، وعبد الله بن عمر العمري ضعفه أهل الحديث من قبل حِفْظِهِ). قلت: زيد بن جبيرة كذاب، والحديث عندي من وضعه، وعبد الله بن عمر

العمري وإِن كان صدوقًا في نفسه، إِلا إِنه ضعيف سيء الحفظ، معه غفلة الصالحين، فكأنه سمع الحديث من زيد بن جبيرة أو بلغه عنه فاشتبه عليه الحال، وظن أنه سمع الحديث من نافع. وقد رواه ابن ماجه، من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث، عن نافع بدون عبد الله بن عمرو، وهو من صنع عبد الله بن صالح الضعيف أيضًا، وقد قال أبو حاتم في "العلل" جميع الطريقين واهيان. * * * 293 - حديث: "صَلَّوا في مَرَابِضِ الغَنَمِ ولا تُصَلُّوا في أعطان الإِبل". تقدم عزوه مبسوطًا في نواقض الوضوء عند قوله: (ذهب قوم من أهل

الحديث أحمد وإسحاق وطائفة غيرهم، أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الجزور .. الخ). * * * 294 - حديث: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا". تقدم. * * * 295 - قوله: (ومنهم من استثنى الحمام والمقبرة، لأنه قد روي أيضًا النهي عنهما

مفردين). الشافعي، وأحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال: "الأرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ، إلَّا الحَمَّامَ والمَقْبَرَةَ". وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وأعله آخرون بالاضطراب والإرسال ورجحوا المرسل؛ ومر بخلافه، فإن الموصول ورد من طريقين صحيحين.

الباب السابع: شروط صحة صحة الصلاة

الباب السابع: شروط صحة صحة الصلاة 296 - قوله: (اختلفوا في قتل العقربِ والحيّةِ في الصلاة لمعارضة الأثر في ذلك للقياس). قلت: الأثر هو حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمرَ بِقَتْلِ الأسْوَدَيْنِ في الصَّلاةِ: الحَيّةِ وَالعَقْرَبِ". رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والترمذي، وابن ماجه،

والحاكم، والبيهقي، وصححه الترمذي، وابن حبان والحاكم. * * * 297 - حديث ابن مسعود: "إِنَّ الله يُحْدِث من أمره ما يشاء" ومما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة. الشافعي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي

عنه قال: "كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا ونأمر بحاجتنا، فقدمت عليه وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى الصلاة قال: إِن الله يحدث" وذكره وزاد فرد علي السلام. وهو متفق عليه من حديثه أيضًا لكن فيه: "فلم يرد علىَّ فقلنا يا رسول الله كنا نرِد نُسَلِّمُ عليك في الصلاة فترد علينا فقال: إن في الصلاة لشغلًا". * * * 298 - حديث زَيْدِ بنِ أرْقَم: "كُنَّا نَتَكَلَّمُ في الصَّلاَةِ حتى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَن الكَلاَمِ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

والنسائي، والطحاوي، والبيهقي وجماعة. * * * 299 - حديث مُعَاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَمِيَّ: "إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّما هو التسْبِيحُ، والتَهْلِيلُ والتَحْمِيدُ، وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ".

أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن الجارود والطحاوي، والبيهقي وغيرهم في حديث طويل. * * * 300 - حديث أبى هريرة: "أن رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْن، فقال له ذُو اليَدَيْنِ:

أقَصَّرْتَ الصَّلاَةَ أمْ نَسَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فقالوا: نعم، فَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصَلَّى رَكْعَتينِ ثم سلم". متفق عليه وله طرق وألفاظ في "الصحيحين" وغيرهما، أفردها الحافظ العلائي بجزء.

301 - حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتي الخَطَأ والنَّسْيَانُ". تقدم في الطهارة.

الباب الثامن: النية وكيفية اشتراطها في الصلاة

الباب الثامن: النية وكيفية اشتراطها في الصلاة 302 - حديث: "إِنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ". متفق عليه من حديث أنس؛ ومن حديث أبي هريرة؛ ومن حديث

عائشة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيؤتَمَّ به، فإِذا كَبَّرَ فكَبِّرُوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سَمِعَ الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلَّى قاعدًا فصلّوا قُعودًا أجمعون". * * * 303 - حديث معاذ: "أنهُ كَانَ يُصَلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يُصَلِّي بقومه". متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله في قصة تطويل معاذ بهم في صلاة العشاء.

وعند أبي داود والنسائي، وابن حبان أنها كانت صلاة المغرب، وفي القصَّة اختلاف يدل علي التعدّد كما قال ابن حبان وغيره.

أركان الصلاة

أركان الصلاة

الباب الأول: في صلاة المنفرد

الباب الأول: في صلاة المنفرد

الفصل الأول: أقوال الصلاة

الفصل الأول: أقوال الصلاة التكبير

متفق عليه مطولًا في قصّة المسيء صلاته وله ألفاظ وهذا لمسلم. * * * 305 - حديث أبي هريرة: "أنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَيُكَبِّر كلَّما خَفَضَ وَرَفَع، ثُمَّ يَقُولُ: إنِّي لأشْبَهَكمُ صَلاَةً برسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -". متفق عليه. وفي الباب، عن ابن مسعود قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود". رواه أحمد، والنسائي، والترمذي، وصححه؛ وعن عمران بن

حصين متفق عليه وسيأتي. وعن أنس عند النسائي، وعن ابن عمر عنده، وعند أحمد، وعن غير هؤلاء. * * * 306 - حديث مُطَرِّفٍ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: "صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من الركوع كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى صلاته وانصرفنا، أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي فَقَالَ: أذْكَرَني هَذَا صَلَاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". متفق عليه.

307 - حديث: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي". تقدم قريبًا؛ وهو عند الستة من حديث مالك بن الحويرث إلا أن مسلمًا عنده أصله. * * * 308 - حديث: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ".

أحمد، ومُسلم، وأبو داود، والنَّسائي من حديث جابر بِن عبدِ اللهِ قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْمِي عَلى رَاحِلَتِهِ؛ يَعْني يَوْمَ النَّحْرِ، وَهَوَ يَقُولُ: "لِتَأْخُذُوا مناسكَكم فإني: لَا أدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجِّتِي هَذهِ". وعند النَسائي، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ", الحديث. * * * 309 - قوله: (ولِذَا كَانَ أبو هُريْرَةُ يَقُول: إِني لأشْبَهَكُمْ بَصَلاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -). تقدم قريبًا. * * * 310 - قوله: (وقَالَ عِمرانُ: أَذْكَرِني هَذَا بَصلاةِ مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -).

تقدم أيضًا قريبًا. * * * 311 - حديث شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمْ يُتِمَّ التَّكْبِير". أبو داود الطيالسي، وأحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير"، والطحاوي في "معاني الآثار"، والبيهقي.

لفظ التكبير

لفظ التكبير ونقل البخاري عن الطيالسي أنه قال: هذا لا يصح. قلت: وهو الواقع فإِن الحديث باطل، والحسنُ بن عمران مجهول، وقد اضطرب في مسند الحديث ومتنه كما في ترجمته في "التاريخ الكبير" فلا ينبغي أن يُلْتَفَتَ إلى هذا الباطل المقطوع به لمخالفته لعدد التواتر، ولأنه لم يتابعه عليه أحد إلا فعل فتى أميه المبتدع الباطل.

دعا التوجه

دعا التوجه 312 - حديث: "مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطهُورُ، وَتَحْرِيْمُهَا التَكْبِيرُ وَتَحْلِيْلُها التَسْلِيمُ". الشافعي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، وأبو داود

والترمذي، وابن ماجة، وابن جبل في "جزئه"، والطحاوي، والدارقطني والطبراني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن الحنفية، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال الترمذي: (إنه أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وعبد الله بن محمد بن عقيل صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه). وفي الباب: عن أبي سعيد، وابن عباس؛ وعبد الله بن زيد؛ وأنس, وابن مسعود موقوفًا عليه، وعائشة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. • فحديث أبي سعيد: رواه ابن أبي شيبة، والترمذي، وابن ماجه

والدارقطني، والحاكم، وأبو نعيم في "التاريخ"، وصححه الحاكم على شرط مسلم وأعله غيره. • وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في "الكبير" من جهة نافع مولى يوسف السلمي، عن عطاء، عن ابن عباس، ونافع مولى يوسف هو أبو هرمز متروك الحديث. وقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" عن أبي خالد الأحمر عن ابن كريب، عن ابن عباس موقوفًا عليه. • وحديث عبد الله بن زيد: رواه الدارقطني في "السنن" وفيه الواقدي ضعفوه، وليس هو كذلك، وقد توبع عليه، أخرجه ابن حبان في "الضعفاء"، وضعف أيضًا مُتابعه وادعى أنه يسرق الحديث، وهو محمد بن موسى بن مِسْكِين فلينظر في ذلك.

• وحديث أنس: رواه ابن عدي من جهة نافع أبي هرمز عنه، ونافع متروك كما سبق قريبًا، أنه رواه عن عطاء، عن ابن عباس. • وحديث ابن مسعود: الموقوف: خرجه البيهقي في "السنن". • وحديث عائشة -رضي الله عنها-: قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْتَتِحُ الصَّلاَةُ بالتَكْبِيرِ، ويَخْتُمُهَا بالتَسْلِيم". رواه أبو نعيم في "الحلية" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن يزيد بُدَيْلِ العقيلي، عن أبي الجوزاء، عنها. وهو عند مسلم بلفظ: "كَانَ يَفْتَتَحُ الصَّلاةَ بالتَكْبِيرِ والقِراءَةِ بالحَمْدُ اللهِ ربِّ العَالمِينَ". * * * 313 - حديث أبي هريرة: "أن رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْكت بَيْنَ التَكْبِيرِ والقراءَة إسْكَاتَهُ فَقُلْتُ يا رسُولَ اللهِ بأبي أنت وأمي: إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟:

قَالَ أقُولُ: اللَّهمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ والمغرب". الحديث. قال ابن رشد: هو في "الصحيحين". قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد، والدارمي وأبو داود، والنَّسائي

البسملة

البسملة وابن ماجه، والبيهقي، وآخرون. * * * 314 - حديث أبي هريرة: "أنَّهُ كَانَ لَهُ -عَلَيْهِ الصَّلاَة والسَّلاَمُ- سَكَتَاتٍ في صَلَاتِهِ". قلت: ليس هو من حديث أبي هريرة، ولكنه من حديث سمرة.

أخرجه عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي من رواية قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنكر ذلك عمران بن حصين قال: حفظنا سكتة، فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة فكتب أبي أن حفظ سمرة. قال: سعيد فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان قال إِذا دخل في صلاته، وإِذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك؛ وإذا قرأ ولا الضالين. قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه، لفظ الترمذي، وقال: (حسن رواته ثقات). وإنما الخلاف الذي أشار إليه ابن رشد، من أجل الخلاف في سماع الحسن بن

سمرة. وقد صححه جماعة منهم ابن المديني وهو الصحيح، وقد صحح الترمذي وغيره، أحاديث من رواية الحسن عن سمرة. * * * 315 - حديث ابْنِ مُغَفَّلِ: "سَمِعَنِي أبي وَأَنَا أَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: يا بنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ، فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعْ رَجُلًا مِنْهُمْ يَقُولُهُ". أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي،

والبيهقي، من طريق أبي نُعَامَةَ قَيْسُ بنِ عَبَايَةَ، عن ابن عبد الله بن مُغَفَّلٍ عن أبيه به. وحسنه الترمذي ورد عليه الحفاظ ذلك للجهل بابن عبد الله بن مغفل، وللاختلاف على أبي نُعَامَةَ في إسناده ومتنه، فبعضهم يذكر عثمان، وبعضهم لا يذكره، وبعضهم يقول فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وبعضهم يقول فلم أسمع أحد منهم جهر بها، وبعضهم يقول عن ابن عباس، وبعضهم يسميه يزيد، وبعضهم يقول عن بني عبد الله بصيغة الجمع. ورواه خالد الحذاء عنه فقال عن أنس بدل ابن عبد الله بن مغفل، فرجع الى حديث أنس المضطرب كما سيأتي. * * * 136 - حديث أنس قال: "قُمْتُ وَرَاءَ أبيِ بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ -رَضِى الله عَنْهُم- فكُلُّهُم كَانَ لَا يَقْرَأ بِسْمِ اللهِ الرحَمنِ الرحِيمِ إذَا افتَتَحُوا الصَّلاةَ". قال أبو عمر: وفي

بَعْضِ الرِوَايَاتِ "أنَّهُ قَامَ خَلْفَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ لَا يَقْرَأ بِسْمِ اللهِ الرحَمنِ الرحِيمِ". قال أبو عمر: إلَّا أن أهْلَ الحَدِيثِ قَالُوا في حَدِيثِ أنسٍ هَذَا. إِن النقْلَ فِيهِ مُضْطَربٌ اضْطَرابًا لا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وذَلِكَ أنَّهُ مَرَّةً رُوِيَ عَنْهُ مَرفُوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومَرَّةً لَمْ يُرفَعْ ومِنْهُم مَنْ يَذكُر عُثْمانَ، ومِنْهُم مَنْ لا يَذْكُرهُ، ومِنْهُم مَنْ يَقُولُ: فَكَانُوا يَقْرَأون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ومِنْهُم مَنْ يَقُولُ: فَكَانُوا لاَ يَقْرَأونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، ومِنْهُم مَنْ يَقُولُ: فَكَانُوا لاَ يَجْهَرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم". قلت: أما الرواية الأولى الموقوفة فرواها مالك في "الموطأ" عن حميد الطويل عنه. قال ابن عبد البر في "الإِنصاف"، ولم يختلف في ذلك، رواة "الموطأ" قديمًا، وحديثًا: ابن وهب وغيره، إلا ما رواه ابن أخيه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المعروف ببحشل فإنه رواه عن عمه عن مالك، عن حميد، عن أنس مرفوعًا ولم يتابعه على ذلك أحد من رواة ابن وهب، وابن أخي ابن وهب عندهم ليس بالقوي قد تكلموا فيه ولم يروه حجة فيما انفرد به. ورواه الوليد بن مسلم، عن مالك، عن حميد، عن أنس، فذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -

أيضًا وهو عندهم خطأ، والصحيح ما في "الموطأ". قال الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك": كافة أصحاب مالك رووه عنه موقوفًا وكذا رواه غير واحد، عن أبي مصعب عن مالك. ورواه سليمان ابن عبد الحميد البهراني، عن أبي مصعب، عن مالك، عن حميد، عن أنس فذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وتفرد سليمان برواية هذا الحديث عن أبي مصعب هكذا مرفوعًا. وقال الحافظ في "نكته على ابن الصلاح" سمع حميد هذا الحديث من أنس ومن قتادة عن أنس إلا أنه سمع من أنس الموقوف ومن قتادة عنه المرفوع. ولهذا قال ابن معين: قال ابن أبي عدي: كان حميد إِذا قال عن قتادة عن أنس رفعه، وإِذا قال عن أنس لم يرفعه، أخرج ذلك أبو سعيد الأعرابي في "معجمه". وأما الرواية المرفوعة بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلها فأخرجها أحمد، ومسلم، والبيهقي، وابن عبد البر، من رواية الأوزاعي، عن قتادة عن أنس قال: "صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله ربِّ

العالمين، لا يذكرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم في أول القراءة ولا آخرها". ورواه أحمد، ومسلم، والدارقطني والبيهقي، وابن عبد البر من رواية شعبة عن قتادة عن أنس قال: "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم". وأما الرواية التي فيها فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فرواها أحمد، الدارقطني، وابن عبد البر كلهم من رواية وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: "صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يجهرون بسم الله الرحمن الرحيم". وهكذا رواه الطحاوي من طريق الأعمش عن شعبة، وابن الجارود في "المنتقى" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة.

ورواه ابن خزيمة، والطحاوي، والطبراني وأبو نعيم في "الحلية" من رواية الحسن عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم. وأما الرواية التي فيها فكانوا يقرءون بسم الله الرحمن الرحيم فرواها: الدارقطني، والحاكم، والخطيب في "جزء البسملة" بلفظ: فكانوا يجهرون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم وهو عندهم من طرق عن أنس. منهما من رواية شريك عن أنس، وقال الحاكم: رواة هذا الحديث ثقات وأقره الذهبي. ومنها رواية المعتمر بن سليمان عن أبيه، عن أنس؛ وقال الحاكم: رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات. وفي "صحيح البخاري" من رواية قتادة قال: سئل أنس. كيف كانت قراءة

النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كانت مدًا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم. وللحديث ألفاظ أخرى ذكرتها مفصلة في جزء خصصته لطرق هذا الحديث وألفاظه. ومن ذلك ما رواه أحمد عن حجاج، عن شعبة عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك بأي شيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح القراءة؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما سألنى عنه أحد. رواه أحمد والدارقطني عن سعيد بن زيد أبي مسلمة قال: سألت أنس بن مالك، أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بالحمد الله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: إنك تسألني عن شيء ما أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك، قلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في النعلين؟ قال: نعم. قال الدارقطني: هذا إسناد صحيح. * * * 317 - حديث نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجَمَّرِ قَالَ: "صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَبْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَقَبْلَ السُّورَةِ وَكَبَّرَ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ".

الحديث لم أجده بهذا اللفظ بزيادة وقبل السورة، لكن أخرجه النَّسائي، والطحاوي، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب في "البسملة" وابن عبد البر، من حديث اللَّيْثُ بنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِد بن يَزِيدٍ عن سَعِيدٍ ابن أبي هِلَالٍ، عن نُعَيْم المُجَمِّرِ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ أبي هُرَيْرَةَ فَقَرأ بِسْمِ اللهِ الرحْمَنِ الرحِيمِ، ثُمَّ قَرأ بأمِّ الكِتَابِ حَتًى إذَا بَلَغَ وَلَا الضَاَلينَ قَالَ: آمِينَ وَقَالَ النَّاسُ: آمِين، وَيقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ اللهُ أَكْبَرُ، وإِذا قَاَمَ مِنَ الجُلُوسِ مِنَ الاثْنَتَيْنِ قَالَ: اللهُ أَكبَرُ، ثمَ يَقُولُ إذا سَلَّمَ، والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَي لَأشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم، والدارقطني والبيهقي، والخطيب. وقال ابن عبد البر: هذا حديث محفوظ من حديث الليث عن خالد بن يزيد

الإسكندراني، عن سعيد بن أبي هلال، وهما جميعًا من ثقات المصريين وأما الليث فإِمام أهل بلده. قال: وقد رواه غير الليث ثم ذكره من طريق ابن وهب عن حيوة بن شريح، عن خالد بن يزيد. قال: ورواه يحيى بن أيوب عن سعيد بن أبي هلال به قال: وابن أبي هلال الذي يدور عليه هذا الحديث ليس بدون العلاء الذي روى عن أبي هريرة الحديث القدسي الذي ظاهره عدم قراءة البسملة. قال: ومما يشهد لصحة حديث ابن أبي هلال ما رواه سعيد المقبري وصالح مولى التوامه، عن أبي هريرة أنه كان يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم هذا لفظ برواية صالح عن أبي هريرة. وذكر أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هشيم أنبأنا أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أنه كان يجهر بسم الله الرحمن الرحيم. قال ابن عبد البر: وقد روى حديث أبي هريرة مرفوعًا كما رواه ابن أبي هلال عن نعيم العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. ثم أخرجه من طريق النضر بن سلمة، ثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا افتتح الصلاة جهر فيها بسم الله الرحمن الرحيم. قلت: وكذلك أخرجه الدارقطني من طريق منصور بن أبي مزاحم عن أبي أويس عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه كَانَ إِذَا

قَرَأ وَهَوَ يَؤُمُّ النَّاسَ افتتحَ ببسم الله الرحْمن الرَّحيم، قال أبو هريرة وهي آية من كتاب اللهِ، اقرأُوا إن شِئْتُم فَاتِحةَ الكِتَابِ فإِنَّها الآية السَابعِةُ. وقال الدارقطني: رجال إسناده كلهم ثقات. قلت. وله عن أبي هريرة طرق أخرى. * * * 318 - حديث ابن عباس: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ". البزار، والطبراني، والدارقطني، والحاكم، وصححه البيهقي، من حديث سعيد بن جبير من أوجه عنه، ومن حديث عطاء، ومن حديث ولد ابن عباس ثلاثتهم عنه بلفظ الجهر كما هنا. وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، وأسنده البيهقي من طريقه، ثم

من رواته سعيد بن جبير مرسلًا دون ذكر ابن عباس وقيل إنه الصواب وهو باطل، بل الصواب، وصله. وقد رواه الترمذي والدارقطني وغيرهما من وجه آخر من رواية أبي خالد عن ابن عباس بلفظ: "كان يفتتح بدل يجهر" وهو بمجموع طرقه وشواهده حديث صحيح. * * * 319 - حديث أم سلمة أنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". أحمد، وأبو داود، وابن خزيمة، والطحاوي، والدارقطني والحاكم، والبيهقي وغيرهم، فأما أحمد، وأبو داود، فمن رواية يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج؛ عن عبد الله بن أبي ملكية، عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كَان يُقَطِّعُ قِراءَتَهُ آية آية {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}.

وأما الطحاوي فمن رواية عمر بن حفصِ بن غياث، عن أبيه، عن أبي جريج عن أبي مليكة، عن أم سلمة، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي في بَيْتهَا فَيَقْرأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم الحمدُ لله ربُّ العالمين، فذكر السورة بتمامها. ورواه الشافعي في "رواية البويطي". فقال: (أخبرني غير واحد عن حفص بن

قراءة القرآن

قراءة القرآن غياث، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا قرأ أم القرآن، بدأ بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية، وذكر الباقي). وأما ابن خزيمة، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، فمن طريق عمر ابن هارون البلخي، عن ابن جريج به بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية، الحمد لله ربِّ العالمين آيتين، الرحمن الرحيم ثلاث آيات، مالك يوم الدين أربع آيات، وقال: هكذا إيَّاك نعبد وإياك نستعين وجمع خمس أصابعه.

وقال الحاكم: (عمر بن هارون أصل في السنة ولم يخرجاه، وإنما أخرجته شاهدًا). وتعقبه الذهبي بأنهم أجمعوا على ضعفه. قلت: وما سبق من التابعين له عن ابن جريج يبرئ ساحته. * * * 320 - حديث ابن عباس: "قَرَأ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلوات وسكت" فنقْرَأُ فيما قرأ ونسكت فيما سكت. البخاري، من رواية عِكرِمَةَ عَنْهُ قَالَ: "قَرأَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيما أُمِرَ، وَسَكَتَ فيما أُمِرَ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ".

321 - قوله: (وَسُئِلَ، يعني ابنُ عَبَّاسٍ: هَلْ في الظُّهْرِ والْعَصْرِ قِرَاءَةٌ؟ فَقَالَ: لَا). أبو داود في "الصلاة"، والنَّسائي في "الخَيْلِ"، والطحاوي من حديث عَبْدِ الله بنِ عُبَيْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ على ابنِ عبَّاسِ في شَبابٍ من بني هاشمٍ فَقُلْنَا لشَابٍ مِنَّا سَلْ ابن عباس: أَكَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرأُ في الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقِيْلَ: لَعَلَّهُ كَانَ يَقْرَأُ في نَفْسِهِ، فقال: خَمْشًا هذه شرٌ من الأولى، كَانَ عَبْدًا مأمورًا بَلَّغَ ما أُرْسِلَ بِهِ. الحديث. * * * 322 - حديث خباب: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ، قَيْلَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُم تَعْرِفونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: باضْطِرَابٍ لحْيَتِهِ".

البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي وجماعة.

323 - حديث أبي هريرة: "أَنَّ رجلًا دَخَلَ المسجدَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَ عَلَيْهِ النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: ارْجَعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَل". الحديث متفق عليه وقد تقدم.

324 - حديث عُبَادةَ بْنِ الصَّامِتِ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ". الشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة، والدارقطني والبيهقي وجماعة. * * * 325 - حديث أبي هريرة: "مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأ فيهَا بأُمِ القُرآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ. ثلاثًا".

مالك، والشافعي، والطيالسي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي، والبيهقي وجماعة. ولم يقع التكرار ثلاثًا إلا عند مالك

والشيخين وأكثرهم ذكره مرتين فقط وفي الباب عن جماعة. * * * 326 - حديث أبى هريرة، يَقُولُ الله تَعَالى: {قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نصفين}. الحديث. مالك، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي

وغيرهم، وهو في نفس الحديث الذي قبله، يذكره بعضهم بتمامه، وبعضهم يقتصر على أوله. ولفظ مالك عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن صَلَّى صَلَاة لَمْ يَقْرَأْ فيها بأُمِ القُرآنِ فَهِيَ خِداجٌ، هِيَ خِداجٌ، هي خِداجٌ غَيْرُ تَمَامٍ" قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إنَي أحْيَانًا أكُونُ وَرَاءَ الإِمَامِ. قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعي، ثُم قَالَ: "اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ فإنِّي سُمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -

يَقُولُ: "قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قَسَمْتُ الصَلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي. ولعَبْدِي مَا سَأَلَ؛ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - اقْرَؤُا. يَقُولُ العَبْدُ: الْحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ. يَقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي". الحديث. * * * 327 - حديث أَبِي قَتَادَةَ: "أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ في الأُولَيين مِنْ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وفي الأُخْرَيَيْنِ مِنْهُمَا بفَاتِحَةِ الكِتَاب فَقَطْ". متفق عليه.

ما يقوله في الركوع والسجود

ما يقوله في الركوع والسجود 328 - حديث أبي سعيد: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين الأولِيين من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي وتمامه بعد قوله خمس عشر آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك.

329 - حديث علي: "نهاني جبريل - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ القُرآن راكعًا، أو ساجدًا". كذا قال: نهاني جبريل وهو تحريف من حبي فقد رواه مسلم من حديث ابن عباس عن علي قال: نهاني حبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا. وأخرجه أيضًا الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي والطحاوي، والبيهقي، وجماعة وله عندهم طرق وألفاظ، وفي بعضها: نهاني

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاكم؛ وفي أكثرها نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس القسي والمعصفر، وعن تختم الذهب وعن القراءة في الركوع. * * * 330 - حديث عقبة بن عامر: "أن المصلي يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وفي السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثًا". أبو داود ومن طريقه البيهقي، من رواية الليث بن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى بن أيوب، عن رجل من قومه، عن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، "اجعلُوهَا في ركوعكم، فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، قال لنا: اجعلوها في سجودكم، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثًا".

قال أبو داود: (وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة) يعني قوله فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: الحديث. لأن المعروف في الحديث بدونها إلى قوله اجعلوها في سجودكم. كذلك أخرجه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، والطحاوي والبيهقي وآخرون. * * * 331 - حديث ابن عباس: ألا وإني نُهِيْتُ أَنْ أقْرَأَ القُرآن رَاكِعًا أوْ سَاجِدًا، فأما

الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجُودُ فاجتَهِدُوا فيه في الدُّعاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي، وجماعة من حديثه قال: كَشَفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السِّتَارَةَ، والناسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أبي بُكْرٍ. فقَالَ: يَا أَيَّهَا النَّاس! "إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يُرَاهَا المُسْلِمُ. أَو تُرَى لَهُ. أَلَا وإنِّي نُهِيتُ" وذكره. * * * 332 - حديث عقبة بن عامر: "لَمَّا نَزِلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قَالَ لَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: اجْعَلُوهَا في ركُوعِكُم".

الحديث تقدم قبل حديث واحد. * * * 333 - حديث علي: "أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: أمَّا الرُكوع فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا فيه الدُّعَاءِ". تقدم حديث علي قريبًا. وهذه الرواية عند الطحاوي من حديث عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن عن النعمان بن سعد، عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نُهِيتُ أَنْ أَقرَأَ وَأَنَا رَاكِعٌ أو سَاجِدٌ، فأَمَّا الرُّكُوعُ فعظِّموا فيه الرَّبَّ، وأَمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجابُ لَكُم". وتقدم مثله من حديث ابن عباس قبل حديث.

443 - قوله: (واحتَجُّوا بأحَادِيثَ جَاءَ فيهَا، أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا في الركوع). منها حديث عليٍّ -عليه السلام- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا قام إلى الصلاة قال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض؛ الحديث. وإِذا ركع قال: "اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصرى ومخي وعظمي وعصبي". الحديث. رواه مسلم والأربعة، والطحاوي، والبيهقي وغيرهم، ومنها حديث عائشة المذكور بعده. * * * 335 - حديث عائشة قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ في رُكُوعِهِ وَسُجودِهِ: سُبْحَانَكَ

التشهد

التشهد اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبَحْمدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِر لي". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، بلفظ: كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن.

336 - حديث ابن عباس قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمَنَا التَّشَهّد كمَا يَعَلِّمُنا مِنَ القرآنِ". يأتي قريبًا. * * * 337 - حديث: "تَشَهُّدُ عُمر -رَضي الله عَنْهُ-". مالك، والشافعي، والحاكم، والبيهقي.

وقال الدارقطني في "العلل" لم يختلفوا في هذا الحديث موقوف على عمر، ورواه بعض المتأخرين عن ابن أبي أويس، عن مالك مرفوعًا وهو وهم. * * * 338 - حديث ابن مسعود: "في التَّشَهُّدِ". الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة،

وابن الجارود عنه قال: كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السلام على الله السلام على فلان، فقال لنا رسول الله ذات يوم: "إن الله هو السلام فإِذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإِذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء". وقال الذهلي، والترمذي، والبزار، وجماعة إن حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد. * * * 339 - حديث عبد الله بن عباس: "كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمَنا التَّشَهُدَ كَما يُعَلِّمَنا السورَةَ من القُرآنِ فكان يقول: التَّحيَّاتُ المُبَارَكَاتُ الصَّلواتُ الطيباتُ، سَلَام عَلَيْكَ أيهَا النَّبىُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، سَلَامُ علينا وعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالحينِ، أشْهَدُ أنْ لَا إِلهَ إِلَّا الله وأنَّ

مُحَمَّدا رَسولُ اللهِ". الشافعي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه والدارقطني، والبيهقي وغيرهم، ووقع عند مسلم وأبي داود

وابن ماجه بتعريف السلام، وانفرد ابن ماجه بقوله: وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبْدُهُ وَرَسُولُهُ. * * * 340 - قوله: (ذَهَبَ قَومٌ مِنْ أهْلِ الظَّاهِرِ إِلى أنَّهُ واجِبٌ أنْ يَتَعَوَّذَ المُتَشَهدُ مِن الأربَعِ التِّي جَاءَتْ في الحدِيثِ مِنْ عَذابِ القَبْرِ ومِنْ عَذَابِ جَهَنم). أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي، والبيهقي من حديث عائشة، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَدْعُو في الصَّلاةِ، اللَّهُمَّ إنِّي

التسليم

التسليم أَعُوذُ بِكَ مِنَ عَذَابِ القَبْرِ. وأَعُوذُ بِكَ من فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّال. وأعوذ بك من فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ. اللهم أَعُوذُ بك من المَأثَمِ والمَغْرَمِ. * * * 341 - قوله: (وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: "إذَا فَرَغَ أحَدُكُم مِنْ التَّشَهُدِ الأخِيرِ فلْيَتَعَوَّذْ مِنْ أَرْبَع". الحديث وقال خرجه مسلم. قلت: هو حديث آخر، أخرجه أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو

داود والنَّسائي وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقى، وجماعة من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. * * * 342 - حديث علي الذي فيه: "وَتَحْلِيْلُهَا التسليم". تقدم. * * * 343 - قوله: (فلما ثَبُتَ مِنْ أَنَّه -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيْمَتَينِ).

قلت: ورد ذلك من حديث ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وسهل بن سعد، وعدي بن عميره وطلق بن علي، والمغيرة بن شعبة، ووائلة بن الاسقع، ووائل بن حجر ويعقوب بن الحصين، وأبي رمثة، وجابر بن سمرة، ورجل من الصحابة، وأعرابي من الصحابة، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وأبي السيد وأبي حميد، وأوس بن أوس، وأبي موسى الأشعري، وعلي بن أبي طالب، وأبي مالك الأشعري، وأبي مالك الأشجعي، وعقبة بن عامر وسمرة بن جندب، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن زيد، وأزهر بن منقذ. • فحديث ابن مسعود: رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومحمد بن الحسن في "الحجج"، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي، وابن

ماجه وابن الجارود، والطحاوي، والدولابي في "الكنى"، والدارقطني، وأبو نعيم، في "الحلية" وفي "التاريخ"، والبيهقي عنه، أن النَّبِيَ - صلى الله عليه وسلم - كان يُسَلمُ عن يمينه وعَنْ يَسارِهِ، السَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحَمْةُ اللهِ، السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرى بَيَاضَ خَدِّهِ، وله ألفاظ متعددة. ولفظ مسلم من رواية أبي معمر، أن أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين، فقال عبد الله: أنى عقلها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله. • وحديث سعد بن أبي وقاص: رواه الشافعي، والدارمي، ومسلم، وابن سعد في "الطبقات"، وأبو عوانة في "صحيحه"، والنسائي، وابن ماجه

والطحاوي، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي. • وحديث عمار بن ياسر: رواه ابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني كلهم من رواية أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، هكذا في أصلنا من السنن عن عمار. وذكره ابن عساكر في "الأطراف" من رواية صلة بن زفر، عن حذيفة، ولهذا عزاه جماعة إلى ابن ماجة من حديث حذيفة، منهم ابن عبد الهادي في "التنقيح" ونص على أنه يوجد في النسخ بدل حذيفة عمار، وزعم أنه وهم، مع أنه لو كان كذلك لنص عليه الدارقطني. • وحديث البراء بن عازب: رواه ابن أبي شيبة، والطحاوي

والدارقطني، والبيهقي من وجهين عنه. • وحديث سهل بن سعد: رواه الشافعي، وأحمد، والعطار الدوري في "جزئه" من أوجه. • وحديث عدي بن عمير: قال الطحاوي: ثنا ابن أبي داود، ثنا يحيى بن معين ثنا المعتمر بن سليمان قال: قرأت على الفضل، حدثني أبو حريز أن قيس بن أبي حازم حدثه أن عدي بن عمير الحضرمي حدثه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا سَلَّم في الصَّلاةِ، أقبل بوجهه عن يمينه حتى يرى بياضُ خده ثم يسلم عن يساره، ويقبل بوجهه حتى يرى بياض خده الأيسر. تنبيه: عزا الحافظ هذا الحديث لابن ماجه وقال: سنده حسن، وليس هو عند ابن ماجه في الأصل المطبوع ونسخه تختلف لكن لم يذكره صاحب "الاطراف" أيضًا فالله أعلم. • وحديث طلق بن علي: رواه الطحاوي، من طريق علي بن المديني ثنا ملازم بن عمرو، ثنا هوذة بن قيس بن طلق عن أبيه عن جده طلق بن علي قال: كنا إِذا صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأينا بياض خده الأيمن وبياض خده الأيسر، وهذا سند صحيح.

• وحديث المغيرة بن شعبة: رواه الطبراني. • وحديث واثلة: رواه الشافعي، والبيهقي، في "المعرفة" من طريقه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه، وعن يساره حتى يرى خداه وسنده ضعيف. • وحديث وائل بن حجر: رواه الطيالسي، وأحمد، والطحاوي، والدولابي في "الكنى" والبيهقي وسنده صحيح. • وحديث يعقوب بن حصين: رواه ابن أبي خيثمة، وابن شاهين وبقي بن مخلد، والبغوي، وابن السكن، وأبو نعيم في "المعرفة"، وابن قانع من رواية عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عنه. وقال ابن عبد البر: تفرد ابن مجاهد وهو ضعيف. • وحديث أبى رمثة: رواه الطحاوي، والحاكم كلاهما من رواية أشعث ابن شعبة، عن المنهال بن خليفة، عن الأزرق بن قيس عنه.

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بأن المنهال ضعفه ابن معين وأشعث فيه لين. • وحديث جابر بن سمرة: رواه أحمد، والبخاري في رفع اليدين وصححه ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وأبو عوانة، والطحاوي والبيهقي. • وحديث الرجل والأعرابي: روى كلًا منهما أحمد. • وحديث عبد الله بن عمر: رواه الشافعي، وأحمد، والنسائي، والطحاوي والبيهقي، وأغرب النووي في "المجموع" والزيلعي في

"نصب الراية". فاقتصرا على عزوِّهِ إلى البيهقي. وكذلك الحافظ نور الدين الهيثمي، إذ ذكره في"الزوائد" وعزاه للطبراني في "الأوسط" مع أنه ليس من "الزوائد" بل هو عند النَّسائي. وأعقبه الحافظ في "التلخيص" كأصله مع ذكر ما هو غريب خارج عن المسند، والكتب الستة، وللحديث عند من ذكرناهم طرق وألفاظ. • وحديث أبي هريرة وأبى السيد وأبي حميد: رواه الطحاوي من حديث محمد بن عمرو بن عطاء، عن عباس بن سهل الساعدي، وكان في مجلس فيه أبوه، وأبو هريرة، وأبو السيد، وأبو حميد الساعدي، وأنهم تذاكروا الصلاة فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: كيف؟ فقال: أتبعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: فأرِنا، فقام يصلِّي وهم ينظرون فنعت الصلاة وفي آخره ثم سلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله، وسلم عن شماله أيضًا السلام عليكم ورحمة الله. وكذلك رواه الطبراني ورجاله ثقات. • وحديث أوس بن أوس: رواه الطحاوي، والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات.

• وحديث أبى موسى الأشعري: رواه ابن ماجه، وأحمد، والطحاوي، بسند صحيح. • وحديث علي: رواه الذين رووا الذي قبله لأنهما حديث واحد فيه عن أبىِ موسى قال: صلى بنا علي بن أبي طالب يوم الجمل صلاة ذكرنا بها صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإِمَّا أن نكون نسيناها أو تركناها على عمد فكان يكبر في كل خفض ورفع ويسلم عن يمينه وعن شماله. • وحديث أبي مالك الأشعري: رواه الطحاوي من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم عنه، هكذا قال عبد الأعلى: ثنا قرة، ثنا بديل عن شهر بن حوشب. وقال محمد بن الحسن في "الحجج" أخبرنا سفيان الثوري ثنا ابن أبي سليمان، عن شهر بن حوشب فقال: عن أبي مالك الأشجعي بدل أبي مالك الأشعري فإِن لم يكن سمعه منهما مالك أنهما وهم. • وحديث عقبة بن عامر: قال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده": حدثنا

محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن سليمان، عن محمد بن يحيى، عن أبي معاذ الجهني عن عقبة بن عامر قال: رأيت رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسلِّم عن يمينه وعن يساره، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. وقال محمد بن مخلد العطار في "جزئه": حدثنا أحمد بن رجاء، ثنا الواقدي وهو محمد بن عمر به، لكنه وقع عنده عبيد الله بن سليمان بالتصغير. • وحديث سمرة: رواه الدارقطني، وفيه ثلاث تسليمات لأنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم واحدة في الصلاة قبل وجهه فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره، وفيه من لا يعرف. • وحديث جابر بن عبد الله: ذكره الترمذي في الباب. • وحديث عبد الله بن زيد: قال أبو عوانة في "صحيحه" حدثني أبي ثنا أبو مروان، ثنا عبد العزيز، عن عمرو بن يحيى المازني، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، قال: قلت لعبد الله بن زيد أخبرني عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف كانت، فذكر التكبير كلما وضع رأسه وكلما رفعه، وذكر السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم عن يساره كذا قال: قلت لعبد الله بن زيد. وقد رواه أحمد، والنسائي والطحاوي، والبيهقي من هذا الوجه

وغيره، عن محمد بن يحيى، عن عمه واسع بن حبان أنه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: الله أكبر كلما وضع، الله أكبر كلما رفع، ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره. وقد قال الشافعي: أخبرنا الدراوردي، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى، عن عمه واسع بن حبان قال مرة عن ابن عمر، ومرة عن عبد الله بن زيد. • وحديث أزهر بن منقذ: رواه ابن منده في "الصحابة" من طريق عمير بن جابر عنه، وقال: غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه وفيه علي بن قرين، وقد كذبه ابن معين. فائدة: قال العقيلي: لا يصح في تسليمة واحدة شيء. * * * 344 - حديث عبد الرحمن بن زِيَادِ الإِفريقي، أن عبد الرحمن بنَ رافِعٍ، وَبَكَرَ بن سَوَادَةَ حدثاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا جلس الرَّجُلُ في آخر صَلَاتِهِ فأحْدَثَ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ". قال أبو عمر بن عبد البَرِّ: تفرد به الإِفريقى، وهو عند أهل النقل ضعيف.

قلت: رواه أبو داود، والترمذي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، واتفق الحفاظ على نكارته وضعفه، وحتى الحنفية القائلون به يستحون من ذكره، لأنهم معترفون في قارة نفوسهم بسقوطه. وعندي أنه باطل موضوع لم ينطق به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن قيل أنه منسوخ وأنه كان قبل أن ينزل فرض التسليم لأن ألفاظه متناقضه مضطربة فاسدة المعنى، لا يجوز أن ينطق بذلك عاقل فضلًا عن أكمل الخلق - صلى الله عليه وسلم -، فهو إما مدسوس على عبد الرحمن بن زياد المقفل الذي لا يعرف ما يحدث به ولا يدري ما يخرج من رأسه دسه عليه القائلون بهذا المنكر الباطل، أو هو من وضعه وافترائه، وإن وصفوه بالصلاح، فكم

القنوت

القنوت صالح في الظاهر يفتري الكذب في الحديث، لاعتقاده أن ذلك هو الحق وأنه يخدم الدين بذلك، وكثرة الموضوعات والمنكرات في حديث عبد الرحمن تؤيد ذلك، فإِن أحاديثه كلها منكرة، والصالح فيها قليل جدًا، ويبعد أن يكون كل ذلك مما أخطأ فيه أو أدخل عليه، بل ذلك من تعمده بل لو لم يوجد في حديثه إلا هذا لدل على كذبه وتعمده الوضع وقلب الأسانيد ورفع الموقوف. وقد قال ابن حبان: أنه يروى الموضوعات عن الثقات، ولو لم يقله ابن حبان لجز فنابه لكثرة ما نرى من المنكرات في حديثه، وذلك أقوى على ضعفه من ادعاء صلاحه، في نفسه، ومعاذ الله أن يحدث الصالح بمثل هذا الباطل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يضطرب في متنه وياتي به على ألفاظ منكرة شنيعة، لا تشبه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإِنه قال مرة: إِذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة.

وقال مرة: إِذا أحدث الرجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته. وقال مرة: إِذا رفع رأسه من آخر السجود فقد مضت صلاته إذا هو أحدث. وقال مرة: إِذا قضى الإمام الصلاة فقعد فأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم الإِمام فقد تمت صلاته فلا يعود فيها. وقال مرة: إذا رفع المصلي رأسه من آخِر صلاته وقضى تشهده ثم أحدث فقد تمت صلاته فلا يعود لها. فهذه ألفاظ ليست بالألفاظ النبوية لمن خالط الحديث ولا تركيبه تركيب الأحاديث النبوية، ولا عليه من أنوار كلام النبوة شيء وإنما هذا الدجال قر في نفسه وضع هذا المعنى، فصار كل مرة يأتي به في قالب متخالف متناقض. وقد روى عمر بن ذر، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا فرغ من التشهد أقبل علينا بوجهه وقال: "من أحدث حدثًا بعدما يفرغ من التشهد فقد تمت صلاته". رواه أبو نعيم في "الحلية". وهذا باطل إفتراء أحد المنتصرين لأبي حنيفة أو دسه على عمر بن ذر المرجيء الذي كان معاصرًا لأبي حنيفة، وأخذ أبو حنيفة عنه وخالطه وتأخرت وفاته عن أبي حنيفة. وهل يعقل أن يروي ابن عباس مثل هذا ويحضره من النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته، ثم لا ينقله كبار الصحابة ولا يتداولونه بينهم، بل هذا من المقطوع بكذبه. وقد اضطرب فيه عمر بن ذر فمرة وصله، ومرة أرسله عن عطاء بهذا اللفظ. أخرجه أبو نعيم، ومرة أرسله بلفظ آخر مخالف له، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا

قضى التشهد في الصلاة أقبل على الناس بوجهه قبل أن ينزل التسليم، وفي لفظ: وذلك قبل أن ينزل التسليم رواه البيهقي. وهذا وإن كان مرسلًا فهو معقول موافق للأحاديث الصحيحة بخلاف اللفظ الأول فإِنه باطل. * * * 345 - قوله: (والسَّبَبُ اخْتِلاَفُ الآثارِ المنْقُولَةِ في ذَلِكَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْني في القُنوتِ في الصُّبْحِ أو الوِترِ، أو الصَّلواتِ كُلِّهَا أوْ في رَمَضان فقط أو في النِّصْفِ الأخِيرِ مِنْهُ، أو في النَصْفِ الأَوْلِ). أما القنوت في الصبح، فرواه أحمد، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال: "ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا".

ولفظ البيهقي، عن الربيع بن أنس قال: كنت جالسًا عند أنس فقيل له إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا فقال: "ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا". ثم قال: (قال أبو عبد الله يعني الحاكم: هذا إسناد صحيح سنده ثقة رواته، والربيع بن أنس تابعي معروف من أهل البصرة. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا صدوق ثقة). قال البيهقي: (وقد رواه إسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد، عن الحسن عن أنس إلا أننا لا نحتج بإسماعيل المكي ولا بعمرو بن عبيد). قلت: رواية الحسن المذكورة خرجها الحسن بن سفيان، والطحاوي والبيهقي، ولفظه عن أنس قال: صلَّيت مع النَّبِّي - صلى الله عليه وسلم - فلم يَزَلْ يقنُتُ في صلاةِ الغَداةِ حتى فارقْتُه، وصليت مع عمر بن الخطاب فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته لفظ الطحاوي. وزاد غيره، ذكر أبا بكر وعثمان، روي الحديث عن أنس من أوجه متعددة، من رواية قتادة وثابت وابن سيرين وأبي مجلز، وعاصم الأحول وحنظلة السدوسي، وحميد، وموسى بن أنس، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن سيرين وغيرهم بألفاظ متناقضة مختلفة، والحديث عن أنس لذلك مضطرب،

وقد روى القنوت في الصبح أيضًا من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وخفاف بن إيماء، والبراء بن عازب وعلي، وعمار، وابن عباس. • فحديث ابن عمر: رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، والطحاوي والبيهقي عنه، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر حين رفع رأسه من الركعة الأخيرة قال ربنا ولك الحمد، ثم قال: اللهم العن فلانًا وفلانًا، دعا على أناس من المنافقين فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. • وحديث أبي هريرة: رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي والبيهقى، عنه قال: لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال: "الَّلهُمَّ أَنجِ الوَليدَ بن الوليدِ وسَلَمةَ بن هِشَام، وعَيَّاشَ بْنَ أَبي رَبِيعَةَ والمُستَضْعفينَ بمكة، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرٍ واجعلْهَا عليهم سِنِينَ كسِنِي يُوسُفَ".

والحديث عن أبي هريرة مضطرب لأنه ورد عنه مطلقا ومقيدًا بالظهر، وبالظهر والعشاء والمغرب، وبالعشاء الآخرة وكل هذه الألفاظ في الصحيحين. • وحديث خفاف بن أيماء: رواه أحمد، والطحاوي، والبيهقي عنه قال: صلَّى بنا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبحَ، فلَمَّا رَفَعَ رأَسَه من الرَكْعَةِ الآخرة قال: لعنَ الله لحيانًا ورعلًا، وذكوانًا وعُصَيَّةَ عَصَتِ الله وَرَسُولَهُ؛ أسْلَمُ سَالَمهَا الله وغِفَارُ غَفَرَ الله لها؛ ثم وقع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا فلما انصرف قرأ على الناس فقال: يا أيها الناس أني أنا لست قلته ولكن الله -عز وجل- قاله، لفظ أحمد. ورواه مسلم في "الصحيح" لكنه لم يذكر الصبح، ولفظه قال خفاف بن إيماء: رَكَعَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رَفَعَ رَأسَهُ فقال: غِفَارُ غُفَر لها، وأسْلَمُ سَالَمهَا الله، وعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، اللَّهُمَّ العَنْ بَنِي لحيان، والعَنْ رِعْلًا وَذَكْوَانَ، ثُم وَقَعَ سَاجِدًا. قال خُفَافٌ: فجُعَلَتْ لعَنَةُ الكَفَرَةِ من أجلِ ذلك. • وحديث البَرَاءُ بن عَازِب: رواه أحمد، والدارمي، من رواية شعبة عن

عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في الصبح، وقال أحمد: في الفجر وقرن شعبة بسفيان. ورواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي من هذا الوجه أيضًا بلفظ: قنت في الصبح والمغرب. • حديث علي وعمار: رواه الدارقطني من طريق عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي وعمار أنهما صليا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقنت في صلاة الغداة وعمرو وشيخه ضعيفان. • وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في "الكبير" عنه قال: قنت رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر، دعا على قوم، ودعا لقوم، ورجال إسناده ثقات إلا أنه ورد عن ابن عباس خلافه أو الزيادة عليه كما سيأتي. فائدة: ورد عن طارق بن أشيم، وابن عمر وابن عباس، وأم سلمة إنكار القنوت في الصبح. فروى الطيالسي , وأحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، الطحاوي، والبيهقي من حديث أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبَتِ قَدْ صَلَّيتَ خَلْفَ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأَبي بَكْرٍ وَعُمرَ وعُثْمانَ وعلي بن أبي طالب ههنُا بالكوُفَةِ نحوًا من خَمْسِ سِنين أكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: يا بني مُحدثه. وقال الترمذي: (حسن صحيح). وقال البيهقي: (طارق بن أشيم الأشجعي، لم يحفظه عمن صلى خلفه فرآه محدثًا وقد حفظه غيره فالحكم له دونه). وروى الطحاوي والبيهقي من حديث قتادة، عن أبي مجلز قال

صليت مع ابن عمر صلاة الصبح فلم يقنت، فقلت لابن عمر: لا أراك تقنت، قال: لا أحفظه عن أحد من أصحابنا. قال البيهقي: (نسيان بعض الصحابة أو غفلته عن بعض السنن لا يقدم في رواية من حفظه وأَثبته، ثم أخرج عن بشر بن حرب قال: سمعت ابن عمر يقول: أرأيت قيامهم عند فراغ القارئ من السورة هذا القنوت أنها لبدعة ما فعله إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا شهرًا ثم تركه. ثم قال: بشر بن حرب الندبي ضعيف وإن صحت روايته عن ابن عمر ففيها دلالة على أنه أنكر القنوت قبل الركوع دوامًا. قال: وأمَّا الذي أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عن الدارقطني بسنده عن ابن عباس، أن القنوت في صلاة الصبح بدعة فإِنه لا يصح، وأبو ليلى الكوفي متروك. وقد روينا عن ابن عباس أنه قنت في صلاة الصبح. وروى ابن ماجه، والدارقطني والبيهقي، من حديث محمد بن يعلى عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن نافع عن أبيه، عن أم سلمة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القنوت في صلاة الصبح. وقال الدارقطني: محمد بن يعلى وعنبسة، وعبد الله بن نافع ضعفاء، ولا يصح لنافع سماع من أم سلمة. قال: وقال هياج عن عنبسة عن ابن نافع، عن أبيه

عن صفية بنت أبي عبيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفية بنت أبي عبيد لم تدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: حديث أم سلمة باطل موضوع. فصل: وأما القنوت في الوتر فورد من حديث الحسن بن علي وابن عباس، وعلي، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عمر، والخلفاء الأربعة. • فحديث الحسن بن علي: سيأتي قريبًا. • وحديث ابن عباس: قال محمد بن الحسن في كتاب "الحجج" في الرد على مالك، أخبرنا الثقة من أصحابنا قال: أخبرنا عطاء بن مسلم الخفاف ثنا العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس قال: بت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام من الليل فصلى ركعتين ثم قام فأوتر فقرأ بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الأعلى، ثم ركع وسجد، ثم قام فقرأ بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون ثم ركع وسجد وقام فقرأ بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم قنت ودعا ثم ركع. ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" عن داود بن رشيد، ثنا عطاء بن مسلم به مختصرًا قال: أوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث قنت فيها قبل الركوع. وهكذا رواه أبو نعيم في "الحلية" والبيهقي في "السنن" وقال: (وهذا ينفرد به عطاء بن مسلم وهو ضعيف). وقال محمد بن نصر، حدثنا محمد بن رافع، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني من سمع ابن عباس، ومحمد بن علي يقولان بالخيف: كان

النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت بهن في صلاة الصبح بهؤلاء الكلمات، وفي الوتر بالليل. ورواه البيهقي مبينًا مفصلًا من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الرحمن بن هرمز، أن بريد بن أبي مريم أخبره قال: سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بن الحنفية بالخيف يقولان: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهذه الكلمات اللهم اهدني فيمن هديت. الحديث. • وحديث علي: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه , والحاكم، والبيهقي عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك". قال الترمذي: (حسن). وقال الحاكم: (صحيح).

• وحديث أبي بن كعب: رواه النَّسائي، وابن ماجه، ومحمد بن نصر والدارقطني، والبيهقي، من رواية زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أبي بن كعب، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ بِثَلاثِ رَكَعَاتٍ كَانَ يَقْرأُ في الأولَى بسبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعْلىَ، وَفِي الثانِيةِ بِقُلْ يَا أَيُّها الكَافِرُونَ وفي الثالِثَةِ بِقُلْ هَوَ الله أَحَدٌ، ويَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوع فإذَا فَرَغَ، قَالَ عِنْدَ فَراغِهِ، سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ في آخِرِهنَّ". ورواه أحمد وأبو داود وجماعة لم يذكروا فيه القنوت، واقتصر بعضهم على ذكر عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه دون ذكر أبي بن كعب. • وحديث ابن مسعود: رواه الدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية" من حديث أبان بن أبي عياش، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوتر قبل الركعة، قال: فأرسلت أمي إليه القابلة فأخبرتني أنه فعل ذلك. قال الدارقطني: (أبان متروك).

ورواه الدارقطني، والبيهقي، من جهة أبان أيضًا، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله قال: بِتُّ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأنْظُر كَيف يَقْنُتُ فِي وِتْرِه فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، ثم لَقيتُ أُمي أُمَّ مَعبدٍ فقلتُ: بيتي مع نسائه فانْظُري كَيْفَ يَقْنَتُ في وِتْرِهِ، فأنبئيني فأخبرتني أنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وقال البيهقي: مداره على أبان وهو متروك. قلت: وهو عندي باطل لا أصل له بهذا السياق، بل هو من وضع أبان وكم له من أمثاله فإِنه لم ينقل أنَّ أحدًا باتَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حجره الشريفة إلا ابن عباس الصبي مع خالته ميمونة -رضي الله عنها- لضيق الحجر التي لا يتصور أنْ يَبيتَ بِهَا أجنبي مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وزوجته، وكذا أم عبد الله بن مسعود إن باتت مع زوجة من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - في حجرتها فلا يمكن معرفَةُ صلاته بالليل، وما قنت به وكيف قَنَتَ وهو في حجرة أخرى مع الزوجة الأخرى إذ لا يمكن أن تنام امرأة أجنبية مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حجرته الضيِّقة مع زَوجَتِهِ أيضًا. وقد عُرِفَ من أدبِ الصَحابة -رضي الله عنهم- مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وشِدَّةِ احترامِهم لجنابِهِ الكريم، ما يمنعهم من ذلك لاسيما كبارُهم كابن مسعود وأمه، -رضي الله عنهما-، فقد كانوا لا يرفعون أبصارهم إليه هيبة وإجلالًا، وإذا جلسوا معه كانوا كأنما على رؤوسهم الطير، وكانوا يَقْرَعُون بَابَه بالأظافِرِ أدَبًا وتَعْظِيمًا أيضًا، فكيف يَجرأُون على البَيَاتِ مَعَهُ في حُجْرَتِهِ. أما القنوت في الوتر فواردٌ عن ابن مسعود مرفوعًا من وجه آخر قال: "ما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من صلاته إلا في الوتر، وكان إذا حارب يقنت في الصلوات

كلها يدعو على المشركين" الحديث رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه محمد بن جابر اليماني صدوق، ولكنه كان يلقن. • وحديث ابن عمر: رواه الطبراني في "الأوسط" من جهة سهل بن عباس الترمذي، ثنا سعيد بن سالم القداح، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي كان يوتر بثلاث ركعات، ويجعل القنوت قبل الركوع" وسهل بن عباس مترك ليس بثقة. • وحديث الخلفاء الأربعة: رواه الدارقطني من جهة يونس بن بكير، ثنا عمرو بن شمر، عن سلام عن سويد بن غفلة قال: سمعت أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا يقولون: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الوتر، وكانوا يفعلون ذلك" عمرو بن شمر كذبوه فالغالب أنه من إفكه. فصل: وأما القنوت في الصلوات كلها، فقال الطبراني في "الأوسط" ثنا يعقوب بن إسحاق المخرمي، ثنا علي بن يحيى بن بري، ثنا محمد بن أنس، ثنا مطرف بن طريف، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها". ورواه أيضًا الدارقطني، والبيهقي، والحازمي ورجاله ثقات، قال

الحازمي: (وقد اتفق أهل العلم على ترك القنوت من غير سبب في أربع صلوات وهي: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وأما حديث ابن عباس في قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا فقد ذهب بعضهم إلى أنه كان له سبب، وهذا الحكم ثابت ولا يكون حديث ابن عباس منسوخًا). قلت: حديث ابن عباس المذكور أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن الجارود والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من رواية هلال بن خباب، عن عكرمة عنه قال: "قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على حي من بني سليم، على رعل، وذكوان، وعصية ويؤمن من خلفه، وإسناده حسن". فصل: وأما القنوت في رمضان ففي "الموطأ" عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: مَا أدْرَكْتُ إلا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الكَفَرَةَ في رَمَضَانَ. وأما في النصف الأخير منه، فرواه ابن عدي في "الكامل" من جهة غسان بن

عبيد، أنبأنا أبو عاتكة عن أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في النصف من رمضان إلى آخره". وأبو عاتكة منكر الحديث غير ثقة. وورد عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالصحابة في صلاته بهم في رمضان في النصف الباقي منه، وفي رواية أن ذلك بأمر عمر - رضي الله عنه -، أخرجه أبو داود، ومحمد بن نصر، وسنده ضعيف. وأما في النصف الأول من رمضان، فلم أقف عليه بل خرج محمد بن نصر في قيام الليل وقيام رمضان، عن قتادة أنه كان يقنت السنة كلها في وتره إلا النصف الأول من رمضان، فإِنه كان لا يقنت، وكان يحدث أنس أنه كان يقنت في السنة كلها، إلا النصف الأول من رمضان إذا كان إمامًا إلا أن يصلي وحده فكان يقنت في رمضان كله في السنة كلها، وكان معمر يأخذ بذلك. * * * 346 - قوله: (قال أبو عمر بن عبد البر: والقنوتُ بِلَعْنِ الكَفَرةِ في رَمَضَان، مُستَفيضٌ في الصَّدْرِ الأولِ اقتداءً بَرسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في دُعَائِهِ عَلى رِعْلٍ وذَكْوَانٍ، والنَّفر

الذينَ قَتَلوُا أصْحَابَ بئرِ مَعُونَةٍ). متفق عليه من حديث أنس، وأبي هريرة بألفاظ مختلفة قَدْ مَرَّ بعضها. * * * 347 - قوله: (قال الليث بن سعد: ما قنت منذ أربعين عامًا، وأخذتُ في ذَلِكَ بالحديثِ الذّي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا أو أَرْبَعين يَدْعُو لِقَوْم وَيَدْعُو على آخَرين، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} فَتَرَك رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - القُنُوتَ فَمَا قَنَتَ بَعْدَهَا حَتَى لَقِيَ الله).

قلت: لم أجده بهذا السياق مجموعًا في حديث واحد، بل في أحاديث، فعند الطيالسي، وأحمد ومسلم، وأبي داود، والنَّسائي، والطحاوي من حديث قتادة عن أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلى أحياءَ مِنَ العَرَبِ ثُمَّ تَرَكَهُ". وعند أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنَّسائي،

والطحاوي، والبيهقي من حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إِذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال: إِذا قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، اللهم إنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف يجهر بذلك، وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلانًا وفلانًا لأحياء من العرب حتى أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} لفظ البخاري في "التفسير". وأما رواية الأربعين صباحًا فوقعت من رواية همام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس كما ذكره البيهقي، وعند الطحاوي من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال "كَانَ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رأسَه من الرَكْعَةِ الآخِرَةِ قَالَ: فذكر نحو حديث أبي هريرة وفيه فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} فما عَادَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو على أحدٍ بعْد. * * * 348 - حديث: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ في صَلاَةِ الصُّبْحِ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} " قَالَ ابنُ رُشد: خَرَّجَهُ مُسْلِم.

قلت: والبخاري وغيره كما سبق في الذي قبله. * * * 349 - قوله: (وخرج عن أبي هريرة أنَّهُ قَنَتَ في الظُّهْرِ والعِشَاءِ الآخِرَةِ وصَلَاةِ الصُّبْحَ). قلت: خرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي , من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول: والله لأُقربَنَّ بِكُم صَلاَة رَسُولِ الله فَكَانَ أبوُ هُريْرَةَ يَقْنُتُ في

الظُّهْرِ والعِشَاءِ الآخرة وصَلاةِ الصُبح وَيدْعُو للمؤمنِينَ، ويَلْعنُ الكُفَّار. وفي رواية لأحمد، "وصلاة العصر مكان صلاة العشاء الآخرة". ووقع عند الطحاوي ذكر العشاء وحدها في رواية، وقال في أخرى: فَكَانَ إذَا رَفَعَ رأْسَهُ من الرُّكُوعِ وَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَهُ دَعَا للمؤُمِنينَ ولَعَنَ الكَافِريْنَ وَلَمْ يعيِّنْ الصَّلاة. * * * 350 - قوله: (وخَرَّجَ عنه -عليه الصَّلاة والسلام-، أَنَّهُ قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاةِ الصُّبْحِ يَدْعَو على بَنِي عُصَيَّةَ). قلت: هو عنده، وعند أحمد من رواية أنس بن سيرين عن أنس: "أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ في صَلاَةِ الفَجْرِ يَدْعُو على بَني عُصَيَّةَ، وأصله متفق

عليه كما سبق. * * * 351 - حديث الحَسَنُ عليِّ -عَلَيْهِ السَّلام-: "أنَّ النَّيِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ أنْ يَقْنُتَ في الصَّلاةِ باللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيْمَنْ هَدَيْتَ، وعَافِنَا فِيْمَنْ عَافَيْتَ" الحديث. أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه

وابن الجارود، والحاكم، وأبو نعيم في "الحلية" كلهم من رواية أبي إسحاق عن بُرَيْد بن أبي مَريم، عن أبي الحَوْرَاء، عن الحسن قَالَ: "عَلَّمَني رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَاتٍ أقُولُهُنَ في صلاةِ الوِتْرِ، اللَّهُمَّ اهدِنِي فِيْمَنْ هَدَيْتِ، وعَافِينىِ فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمن تَوَلَّيْتَ، وبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فإِنَكَ تَقْضِي وَلا يقضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ". قال الحافظ: (ونبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله في قنوت الوتر، تفرد بها أبو إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، وتبعه إبناه يونس وإسرائيل كذا قال؛ قال: ورواه شعبة وهو من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه، فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال: كان يعلمنا هذا الدعاء). قلت: وليس كما قال. أما يونس بن أبي إسحاق فقال في قنوت الوتر كما رواه أحمد، وابن الجارود، ومحمد بن نصر، وأمَّا أخوه إسرائيل فلم يقل في الوتر، بل قال: علمني هذا الدعاء أقوله في القنوت. رواه الدارمي والبيهقي، فهو مخالف لأبيه وأخيه.

ثم إن يونس وأباه أبا إسحاق لم ينفردا بذكر الوتر، فقد رواه موسى بن عقبة عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال: "عَلَّمني رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هُؤلاءِ الكَلِمَاتِ في الوَتْرِ قَالَ: قُل اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيْمَنْ هَدَيْتَ، فذكره وزاد في آخره بعد قوله تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ وَصَلَّ اللهُ على النَّبِيِّ مُحَمدٍ" خَرَّجَهُ النَّسائي. ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وتري، إِذا رفعت رأسي الشيخين، إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهم بن عقبة في إسناده ثم أخرجه من طريقه، عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق بسنده السابق. أما رواية شعبة فخرجها الطيالسي، وأحمد، والدارمي بدون الوتر، بل كان يعلمنا هذا الدعاء. وتابعه العلاء بن صالح، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء عن الحسن قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوات أقولهن اللهم اهدني، وذكره قال: فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية فقال: إنه الدعاء الذي كان أبي يدعو به لمحمد بن الحسن هو بريد بن أبي مريم. ثم أخرج من طريق الوليد بن مسلم ثنا ابن جريج، عن ابن هرمز، عن بريد

ابن أبي مريم، عن عبد الله بن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح فذكره. قال البيهقي: (ورواه مخلد بن يزيد الحراني عن ابن جريج فذكر رواية بريد مرسلة في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد ابني ابنته هذا الدعاء في وتره ثم قال بريد: سمعت ابن الحنفية وابن عباس يقولان: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولها في قنوت الليل. وكذلك رواه أبو صفوان الأموي، عن ابن جريج إلَّا أنه قال: عبد الله بن هرمز، وقال في حديث ابن عباس، وابن الحنفية في قنوت الصبح فصح بهذا كله، أن تعليمه هذا الدعاء وقع لقنوت صلاة الصبح، وقنوت الوتر وأن بريدًا أخذ الحديث من الوجهين الذين ذكرناهما وبالله التوفيق). قلت: وقد ورد ذلك مصرحًا به، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، حدثني من سمع ابن عباس، ومحمد بن علي يقولان بالخيف: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت بهن في صلاة الصبح وفي الوتر بالليل.

الفصل الثاني: أفعال الصلاة

الفصل الثاني: أفعال الصلاة رفع اليدين

352 - حديث أبي هريرة الذي فيه: "تَعْليمُ فَرائِض الصَّلاة". هو حديثُ المُسيء صَلاتُهُ. متفق عليه وقد تقدم. * * * 353 - حديث ابن عمر وغيره: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدِيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ".

أما حديث ابن عمر فمتفق عليه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر". الحديث. وأما غيره فجماعة يأتي ذكرهم قريبًا. * * * 354 - حديث ابن مسعود، وحديث البراء بن عازب: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الإِحْرَامِ مَرةً وَاحِدَةً لاَ يَزِيْدُ عَلَيْهَا". • أما حديث ابن مسعود: فرواه أحمد وأبو داود والترمذي، والنَّسائي

والطحاوي، وابن حزم من حديث سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة عنه قال: لأصلين بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة. وقال الطحاوي عنه: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود). حسنه الترمذي، وصححه ابن حزم، وضعفه ابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأحمد بن حنبل والبخاري، وأبو حاتم وأبو داود، والدارقطني وابن حبان، والجمهور؛ بل حكى النووي الإِتفاق على ضعفه، وحكموا فيه بالوهم والخطأ على سفيان الثوري، لأن عبد الله بن إدريس رواه عن عاصم بسنده، عن ابن مسعود قال: "علَّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاة فقام فكَبَّر ورَفَعَ يَدَيْهِ ثم رَكَعَ وطَبَّقَ يَدَيْهِ فَجَعَلَها بين رُكْبَتَيْهِ، فَبَلَغ ذلك سعد بن أبي وقاص فقال: صدق أخي كنا نفعل ذلك في أول الإسلام أم أمرنا بهذا".

رواه أحمد والبخاري في "رفع اليدين"، وأبو داود والنَّسائي والبيهقي، وقال البخاري: (هذا المحفوظ عند أهل النظر، من حديث عبد الله بن مسعود ونقل عن أحمد بن حنبل، عن يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب، ليس فيه ثم لم يعد، فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم، لأن الرجل يحدث بشيء ثم يرجع إلى الكتاب، فيكون كما في الكتاب. وقال البيهقي: (إن كان الحديث على ما رواه عبد الله بن إدريس فقد يكون عاد لرفعهما فلم يحكه وإن كان على ما رواه الثوري، ففي حديث ابن إدريس دلالة على أن ذلك كان في صدر الإسلام كما كان التطبيق في صدر الإسلام، ثم سنت بعده السنن، وشرعت عن بعده الشرائع حفظها من حفظها وأداها فوجب المصير إليها). قلت: وله طريق آخر باطل، أخرجه ابن عدي، والدارقطني، والبيهقي وابن الجوزي في "الموضوعات" من حديث محمد بن جابر اليماني، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله قال: صليتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فلم يَرْفَعُوا أيدِيَهمُ إلا عند افتتاح الصلاة. وقال ابن الجوزي: موضوع آفته اليماني.

وقال الدارقطني: (تفرد به محمد بن جابر وكان ضعيفًا عن حماد عن إبراهيم، وغير حماد يرويه عن إبراهيم مرسلًا عن عبد الله من فعله غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصواب). قال البيهقي: (وكذلك رواه حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلًا موقوفًا). • وأما حديث البراء بن عازب: فرواه أبو داود، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي، من رواية يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا افتَتَح الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إلى قريبٍ مِنْ أُذنيهِ ثم لا يعودُ. رواه أبو داود من طريق شريك عن يزيد ثم قال: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ثنا سفيان عن يزيد نحو حديث شريك، لم يقل ثم لا يعود. قال سفيان: قال لنا بالكوفة: بعد ثم لا يعود. قال أبو داود: (روى هذا الحديث هشيم، وخالد، وابن إدريس، عن يزيد لم يذكروا ثم لا يعود).

وقال الدارقطني: (إنما لقن يزيد في آخر عمره ثم لم يعد، فتلقنه وكان قد اختلط. ثم أخرج عن علي بن عاصم، ثنا محمد بن أبي ليلى، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قام إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى ساوي بهما أذنيه ثم لم يعد، قال علي: فلما قدمت الكوفة قيل لي: إن يزيد حي، فأتيته فحدثني بهذا الحديث، فلم يذكر ثم لم يعد، فقلت له: أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلت: ثم لم يعد، قال , لا أحفظ هذا، فعاودته فقال: ما أحفظه). وأخرج البيهقي عن الحميدي قال: (حدثنا سفيان، ثنا يزيد بن أبي زياد بمكة فذكر هذا الحديث ليس فيه ثم لا يعود؛ قال سفيان: فلما قدمت الكوفة سمعته يحدث به فيقول فيه: ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه وقال لي أصحابنا: إِنَّ حفظه قد تغير، أو قالوا قد ساء. قال الحميدي: قلنا للمحتج بهذا إنما رواه يزيد، ويزيد يزيد). ثم أخرج البيهقي عن عثمان بن سعيد الدارمي قال: (سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: لا يصح، قال: وسمعت يحيى بن معين يضعف يزيد بن أبي زياد، وقال عثمان الدارمي: ومما يحقق قول سفيان بن عيينة أنهم لقنوه هذه الكلمة، أن سفيان الثوري، وزهير بن معاوية وهشيمًا وغيرهم من أهل العلم، لم يجيئوا بها إنما جاء بها من سمع منه بآخرة). قال البيهقي: (والذي يؤكد ما ذهب إليه هؤلاء، ما أخبرنا عبد الله الحافظ،

ثم أسند عن إبراهيم بن بشار ثنا سفيان، ثنا يزيد بن أبي زياد، بمكة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رَأَيْتُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا افتَتَحَ الصَّلاة رَفَعَ يَدَيْهِ وإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ، واذَا رَفَعَ رَأسَهُ من الرُّكُوعِ. قال سفيان: فلما قدمت الكوفة سمعته يقول: يَرْفَعُ يَدَيهِ إذا افتَتَحَ الصَّلاةَ ثُمَّ لَا يَعُودُ، فظننتُ أنهم لقنوه). وقال البخاري في رفع اليدين: حدثنا الحميدي، ثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد ههنا، عن ابن أبي ليلى، عن البراء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرَفَعُ يَدَيهِ إِذا كَبَّر. قال سفيان لما كبر الشيخ لقنوه ثم لم يعد. قال البخاري وكذلك روى الحفاظ من سمع من يزيد بن أبي زياد قديمًا، منهم الثوري، وشعبة، وزهير ليس فيه: ثم لم يعد. قال: وروى وكيع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى، والحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبر ثم لم يرفع. قال البخاري: وإِنما روىَ ابن أبي ليلى هذا من حفظه، فأمَّا من حدث عن ابن أبي ليلى من كتابه فإِنما حدث عن ابن أبي ليلى عن يزيد، فرجع الحديث إلى تلقين يزيد. قلت: وهذا الطريق رواه أبو داود، عن حسين بن عبد الرحمن عن وكيع به، ثم قال: وهذا الحديث ليس بصحيح. وقال البيهقي: (قد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، وقيل عن محمد بن عبد الرحمن،

عن الحكم عن ابن أبي ليلى، وقيل عنه عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى لا يحتج بحديثه، وهو لسوء حفظه أسوأ حالًا عند أهل المعرفة من يزيد بن أبي زياد). قلت: وحكى النووي اتفاق الحافظ على ضعف الحديث قال: وممن نص على ضعفه سفيان بن عيينة، والشافعي، والحميدي شيخ البخاري، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي، والبخاري، وأبو داود وغيرهم، من المتقدمين قال: وهؤلاء أركان الحديث وأئمة الإِسلام فيه. * * * 355 - حديث ابن عمر: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ. وَإذَا رَفَعْ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا أيْضًا كَذَلِكَ" الحديث. مالك، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم،

وأبو داود والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، وابن الجارود، وأبو عوانة، والدارقطني، والبيهقي وأبو نعيم في "الحلية"، وغيرهم من طرق عنه. وزاد البيهقي في روايته، فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله. * * * 356 - قوله: (وزعموا أنه روى ذلك عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر رجلًا من أصحابه). قلت: بل رواه من الصحابة نحو خمسين رجلًا منهم العشرة أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي، وطلحة والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ومالك بن الحويرث، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبو

موسى، وابن عباس، والحسين بن علي , والبراء بن عازب , وزياد بن الحارث , وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري , وأبو قتادة , وسليمان بن صرد , وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وبريرة , وأبو هريرة وعمار بن ياسر , وعدي بن عجلان, وعمير الليثي، وأبو مسعود الأنصارى , وعائشة وأبو الدرداء , وابن عمر, وابن الزبير, وأنس، ووائل بن حجر، وأبو حميد , وأبو أسيد ومحمد بن مسلمة , وجابر , وعبد الله ابن جابر البياضي، وأعرابي ذكر أسماءهم التقى السبكى بدون عزو , ثم قال: فهؤلاء ثلاثة وأربعون صحابيًا -رضي الله عنهم-. قلت: وبقي أيضًا معاذ بن جبل , والفلتان بن عاصم , والحكم بن عمير , وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأم الدرداء , مرسلًا عن سليمان بن يسار , والحسن البصري وقتادة وسأذكر ما وقع لي الآن منهم. • حديث أبي بكر الصديق: قال البيهقي: (أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار من أصل كتابه قال: قال أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي: صليت خلف أبي النعمان محمد بن الفضل , فرفع يديه حين افتتح الصلاة، وحين ركع، وحين رفع رأسه من الركوع , فسألته عن ذلك فقال: صليت خلف حماد بن زيد، فرفع يديه حين افتتح الصلاة وحين ركع وحين رفع رأسه من الركوع، فسألته عن ذلك فقال: صليت خلف أيوب السختيانى , فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع , فسألته عن ذلك فقال: رأيت عطاء ابن رباح رفع يديه إذا افتتح وإذا ركع , وإذا رفع رأسه من الركوع فسألته فقال: صليت خلف عبد الله بن الزبير , فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع , وإذا رفع رأسه من الركوع، فسألته فقال عبد الله بن الزبير: صليت خلف أبى بكر الصديق -رضي الله عنه-، فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة , وإذا ركع , وإذا رفع رأسه من الركوع.

وقال أبو بكر صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإِذا ركع، واذا رفع رأسه من الركوع). قال البيهقي: (رواته ثقات). ثم أخرج عن سلمة بن شبيب قال: سمعت عبد الرزاق يقول: أخذ أهل مكة الصلاة من ابن جريج، وأخذ ابن جريج من عطاء، وأخذ عطاء من ابن الزبير، وأخذ ابن الزبير من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وأخذ أبو بكر من النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال سلمة: وحدثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق، وزاد فيه أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من جبريل وأخذ جبريل -عليه السلام- من الله تبارك وتعالى، قال عبد الرزاق: وكان ابن جريج يرفع يديه). • حديث عمر: رواه البيهقي: (عن الحاكم، ثم من رواية آدم بن أبي أياس، ثنا شعبة ثنا الحكم قال: رأيت طاوسًا كبر فرفع يديه حذو منكبيه عند التكبير وعند ركوعه وعند رفع رأسه من الركوع فسألت رجلًا من أصحابه فقال إنه يحدث به عن ابن عمر عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم قال: قال أبو عبد الله الحافظ (يعني الحاكم) فالحديثان كلاهما محفوظان عن ابن عمر رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله ورأى أباه فعله ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقد أعله بعضهم بجهالة طاوس، الذي حدث الحكم، وذلك غير ضائر مع مشاهدة الحكم لفعل طاوس، ويؤيده وروده من وجه آخر عن ابن عمر عن عمر أيضًا أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق خلف بن أيوب البلخي وهو ثقة عن مالك، عن الزهري، عن سالم عن أبيه عن عمر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبر وإِذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.

وورد عن عمر أيضًا من وجه آخر رواه البيهقي في "الخلافيات" من حديث ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح الحضرمي، عن أبي عيسى سليمان بن كيسان المدني، عن عبد الله بن القاسم قال: بينما الناس يصلون في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ خرج عليهم عمر بن الخطاب فقال: أقبلوا عليَّ بوجوهكم أصلي بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان يصلي ويأمر بها، فقام مستقبل القبلة ورفع يديه حتى حاذى بهما منكبيه ثم كبر، ثم ركع وكذلك حين رفع فقال للقوم: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا. ورجاله ثقات. • حديث علي: رواه أحمد، والبخاري في رفع اليدين، وأبو داود، والترمذي وابن ماجه، والدارقطني والبيهقي، كلهم من طريق عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إِذا قام إلى الصلاة المكتوبة رفع يديه حذو منكبيه، ويصنع ذلك إِذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويضعه إذا رفع رأسه من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، فإِذا قام من سجدتين رفع يديه كذلك فكبر؛ ويقول حين يفتتح الصلاة بعد التكبير "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من

المشركين" الحديث بطوله، لفظ الترمذي وقال: حسن صحيح. قال: قال: وسمعت أبا إسماعيل الترمذي يقول: سمعت سليمان بن داود الهاشمي يقول: وذكر هذا الحديث؛ هذا عندنا مثل حديث الزهري، عن سالم عن أبيه يعني في صحة الإِسناد. • حديث ابن عمر: تقدم. • حديث مالك بن الحويرث: رواه الطيالسي وأحمد، والدارمي والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأبو عوانة، والدارقطني والبيهقي وغيرهم عنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبّر

وإِذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما فروع أذنيه. • حديث أنس: رواه البخاري في رفع اليدين، وابن ماجه، والدارقطني وصححه ابن خزيمة. • حديث جابر: رواه أحمد، وابن ماجه، وأبو نعيم في "التاريخ" والبيهقي في "الخلافيات" وصححه. • حديث أبي هريرة: رواه البخاري في رفع اليدين، وأبو داود، وابن ماجه والطحاوي وغيرهم، وهو حديث صحيح أيضًا خلافًا لمن أعله. • حديث أبي موسى: رواه الدارقطني ورجاله ثقات. • حديث عبد الله بن الزبير: رواه أبو داود.

• حديث عبد الله بن عباس: رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. • حديث عمير الليثي: رواه ابن ماجه، وابن شاهين في "الصحابة"، والطبراني، وأبو نعيم في "الحلية" وغيرهم. ووهم ابن ماجه، فسماه عمير بن حبيب وإنما هو عمير بن قتادة. • حديث البراء بن عازب: رواه البيهقي، وقد تقدم في حديثه السابق الذي فيه رفع يديه في أول الصلاة ثم لا يعود. • حديث وائل بن حجر: رواه الطيالسي، وأحمد , والدارمي،

والبخاري في "رفع اليدين" ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والطحاوي والدارقطني، والبيهقي. • حديث الأعرابي: رواه أحمد، والحارث بن أسامة في "مسنديهما" من رواية حميد بن هلال، عمن سمع الأعرابي يذكره. • حديث الفلتان: قال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" , حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا القاسم بن فورك، ثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، ثنا شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه عن خاله يعني الفلتان قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدتهم يصلون في البرانسة والأكسية، ويرفعون أيديهم فيها. • حديث معاذ بن جبل: رواه الطبراني في "الكبير"، إلا أن سنده ضعيف لأنه من رواية الخطيب بن جحدر وقد كذبوه. • حديث سهل بن سعد وأبي أسيد، ومحمد بن مسلمة: رواه أحمد

والبخاري في "رفع اليدين"، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي من جهة فليح بن سليمان، حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد، وأبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام فكبر فرفع يده ثم رفع يديه حين كبر للركوع، الحديث: زاد البخاري فقالوا: أصبت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. • حديث أبي قتادة وأبي حميد رواه أحمد، والبخاري في "رفع اليدين" وأصله عنده في "الصحيح"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه وآخرون من جهة محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو قتادة فذكر نحو الذي قبله. صححه الترمذي، وأعله الطحاوي بالانقطاع لأن أبا قتادة قديم الموت، ومحمد بن عمرو بن عطاء صغير السن عن إدراكه

وأجاب الحافظ عن هذا في "الفتح": بأن أبا قتادة قيل أنه مات سنة أربع وخمسين، وعليه فلقاء محمد له ممكن، لأنه مات بعد سنة عشرين ومائة عن ثمانين سنة. • حديث عقبة بن عامر: رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن. • حديث أم الدرداء: رواه البخاري في رفع اليدين موقوفًا وله حكم الرفع ثم قال البخاري، ونساء بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هن أعلم من هؤلاء حين رفعن أيديهن في الصلاة. • حديث أبي سعيد الخدري: قال البخاري في "رفع اليدين": حدثنا مقاتل عن عبد الله، أنبأنا شريك عن ليث عن عطاء، قال: رأيت جابر بن عبد الله، وأبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن الزبير، يرفعون أيديهم حين يفتتحون الصلاة، وإذا ركعوا وإذا رفعوا رأسهم من الركوع، مرسل. سليمان بن يسار رواه مالك في "الموطأ"، عن يحيى بن سعيد عنه أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في الصَّلاة. وذكره ابن عبد البر، من جهة شعبة عن يحيى بن سعيد، عن سليمان مفسرًا بلفظ كان يرفع يديه إذا كبر لافتتاح الصلاة وإذا رفع رأسه من الركوع مرسل. الحسن وقتادة رواهما عبد الرزاق. خاتمة: قال البخاري في "رفع اليدين": حدثني مسدد، أنبأنا يزيد بن زريع،

عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنما أيديهم المراوح يرفعونها إذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم؛ حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبو هلال عن حميد بن هلال قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلوا كان أيديهم حيال آذانهم كأنها المرواح. قال البخاري: فلم يستثن الحسن وحميد بن هلال أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أحد، قال: ولم يثبتْ عند أهل النظر ممن أدركنا من أهل الحجاز، وأهل العراق منهم الحميدي، وابن المديني، وابن معين وأحمد بن حنبل، وإِسحاق بن راهويه، وهؤلاء أهل العلم من بين أهل زمانهم، فلم يثبت عند أحد منهم علم في ترك رفع الأيدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة أنه لم يرفع يديه. * * * 357 - حديث وائل بن حجر: "وفيه زيادة على ما في حديث عبد الله بن عمر أنه كان يرفع يديه عند السجود". فلت: استدل به للقائلين بالرفع عند السجود، وعند الرفع منه، ولم يذكر إلا رواية الرفع عند السجود، مع أن كلا الأمرين وارد في حديث وائل كما ورد من حديث غيره. فحديث وائل الذي فيه الرفع عند السجود ذكره البخاري في "رفع اليدين" عن وكيع، عن الأعمش عن إبراهيم، أنه ذكر له حديث وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان

يرفع يديه إذا ركع، وإذا سجد، قال إبراهيم: لعله كان فعله مرة. وأخرجه الدارقطني، والبيهقي من جهة جرير، عن حصين بن عبد الرحمن قال: دخلنا على إبراهيم فحدثه عمرو بن مرة عن علقمة بن وائل، عن أبيه أنَّهُ رأى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِيْنَ يفتتح الصَّلاة وإذا ركع وإذا سجد فقال إبراهيم: ما أرى أباه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ذلك اليوم الواحد. وفي الباب عن أبي هريرة، قال سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عياش عن صالح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وحين يركع، وحين يسجد؛ وعن ابن عمر ذكره في البخاري في "رفع اليدين، من جهة وكيع عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يرفع يديه إذا ركع وإذا سجد. قال البخاري: والمحفوظ ما روى عبيد الله وأيوب، ومالك، وابن جريج والليث، وعده من أهل الحجاز، وأهل العراق، عن نافع، عن ابن عمر، في رفع الأيدي عند الركوع وإذا رفع رأسه من الركوع فلو ثبت لاستعملنا كليهما، وليس هذا

من الخلاف الذي يخالف بعضهم بعضًا لأن هذه الزيادة في الغسل والزيادة مقبولة إذا ثبتت. قلت: وعندي أنها ليست زيادة، وإِنما هو تجوز في التعبير، والمراد عند الرفع من الركوع بقصد الهوي إلى السجود فتكون متفقة مع الروايات الأخرى وإنما تكون زيادة لو قال: كان يرفع إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا أراد أن يسجد، وحيث لم يجمع بين الثلاثة، دل على التجوز في العبارة والله أعلم. نعم ورد الجمع بين ذلك في حديث مالك بن الحويرث كما سيأتي. قال الحافظ في "الفتح" وأن ما وقع في أواخر "البويطي" يرفع يديه في كل خفض ورفع، فيحمل الخفض على الركوع، والرفع على الاعتدال، وإلا مجمله على ظاهره يقتضي استحبابه في السجود أيضًا وهو خلاف ما عليه الجمهور، وقد نفاه ابن عمر، وأغرب الشيخ أبو حامد في تعليقه، فنقل الإِجماع أنه لا يشرع الرفع، في غير المواطن الثلاثة، وتعقب بصحة ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وطاوس، ونافع وعطاء كما أخرجه عبد الرزاق وغيره عنهم بأسانيد قوية، وقد قال به من الشافعية ابن خزيمة، وابن المنذر، وأبو علي الطبري، والبيهقي والبغوي وحكاه ابن

خويز منداد عن مالك وهو شاذ. وأصبح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود، ما رواه النَّسائي من رواية سعيد بن أبي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، عن نَصْرِ بن عاصمٍ، عن مَالِكٍ بن الحُوْيرِث أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يَرْفَعُ يَدَيْهِ في صَلاَتِهِ إذَا رَكَعَ، وإذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِن رُكُوعِهِ وإذَا سَجدَ وإذَا رَفَعَ رأسَهُ من سُجُودِهِ حتى يَحاذِي بِهِمَا فُروعَ أُذنيه قال: ولم ينفرد به سعيد فقد تابعه همام عن قتادة عند أبي عوانة في "صحيحه". وفي الباب عن جماعة من الصحابة لا يخلو شيء منها عن مقال، وقد روى البخاري في جزء رفع اليدين، في حديث علي المرفوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وأشار إلى تضعيف ما ورد في ذلك. قلت: وفيه أمور. الأول: أن سعيد بن أبي عروبة، تابعه أيضًا شعبة، وهشام الدستوائي ومتابعتهما عند النَّسائي أيضًا في نفس باب رَفْع اليَدَيْنِ للسُّجُودِ فإنه قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بن المُثَنَّى قال: حدَّثَنَا ابن أبي عُدَي، عن شُعْبَةَ، عن قَتَادَةَ، عن نَصرِ بنِ عَاصِمٍ، عن مَالِكٍ بن الحُوْيرِثِ، أَنَّهُ رَأى النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث كما ساقه الحافظ هكذا وقع في سنن النَّسائي، شعبة كما رأيته في نسختين أحدهما مطبوعة عتيقة، والأخرى

مخطوطة كذلك. لكن رواه مسلم في "صحيحه"، عن محمد بن المثنى أيضًا، ثنا ابن أبي عدي فقال: عن سعيد بدل شعبة، ولم يذكر متنه بتمامه. ثم قال النَّسائي، ثنا محمد بن المُثَنَّى، ثنا عَبْدُ الأعْلَى، ثنا سَعيدٌ عن قَتَادَةَ عن نَصرِ بن عَاصِمٍ، عن مَالِك بن الحُويْرِث، أَنَّه رَأَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَيْهِ فذكر مثله، وهذا يؤيد أن الأول عنده عن شعبة، والثاني عن سعيد، وإلا فلا داعي الى تكرار السند وحده دون المتن، ثم قال: أخبرنا مُحَمَّد بن المُثَنَّى ثنا مُعَاذُ بن هِشَام قال: حدثَني أبي عن قَتَادَةَ عن نَصْرِ بن عَاصِم، عن مَالِك بن الحويرث "أنَ نَبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا دَخَلَ في الصَّلاةِ فَذَكر نحوه وزاد فيه وإذَا ركَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وإذَا رَفَعَ رَأسَهُ من الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وإذَا رَفَعَ رَأسَه من السُّجُودِ فَعَل مِثْلَ ذَلِكَ. الثاني: أن متابعة همام غير صريحة كرواية سعيد ومن ذكرنا معه فإن أبا عوانة قال: حدثنا الصائغ بمكة ثنا عفان، ثنا همام قال أنبأنا قتادة بإسناده يعني السابق قبله، أن النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حيال قتادة أذنيه في الركوع والسجود، فهذا اللفظ ظاهره

عند السجود، ولكن حيث لم يذكر معه الرفع عند الرفع من الركوع فهو المراد كما سبق في حديث أبي هريرة بخلاف حديث سعيد فإنه صرح بالرفع عند الرفع من الركوع ثم عند السجود أيضًا. الثالث: قوله وفي الباب عن جماعة من الصحابة يفيد أن أحاديثهم في خصوص الرفع عند السجود أيضًا وليس كذلك إذا اعتبرنا الصراحة المذكورة في حديث مالك بن الحويرث بل كلها محتملة كما سبق في حديث وائل بن حجر، وأبي هريرة، وابن عمر، وكما رواه أبو داود من حديث ابن لهيعة، عن أبي هبيرة، عن ميمون المكي، أنه رأى عبد الله بن الزبير وصلى بهم، يُشير بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير وصلى صلاة لم أر أحدًا يصليها، فوصفت له هذه الإِشارة، فقال إن أحببت أن تنظُرَ صَلَاة رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير. الرابع: ذكره لحديث علي الذي فيه: ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، خارج عن المسألة لأن المفروض الكلام فيه الذي هو مذكور في حديث مالك ابن الحويرث، الرفع عند السجود من قيام، وعند القيام من سجود، والذي في حديث علي، نفي الرفع بين السجدتين، وهذا لم يجر له ذكر ولا رأيته منقولًا إلا عن أنس أنه كان يفعل ذلك، رواه البخاري في "جزئه" وقال: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى. فصل: أما الرفع عند القيام من السجود، فورد من حديث وائل بن حجر، ومالك ابن الحويرث، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن عمر. • فحديث وائل: رواه أبو داود من طريق عبد الوارث بن سعيد، ثنا محمد بن

جحادة، ثني عبد الجبار بن وائل بن حجر، حدثني وائل بن علقمة، عن أبي وائل بن حجر قال: صليْتُ مَع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث وفيه وإذا رفع رأسه من السجود أيضًا رفع يديه، حتى فرغ من صلاته، قال محمد: فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال: هي صلاةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَله مَنْ فعله، وتَرَكَهُ مَنْ تركه. قال أبو داود: روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة، لم يذكر الرفع من الرفع من السجود. قلت من حفظه حجة على من لم يحفظ. • وحديث مالك بن الحويرث: تقدم في الذي قبله وفيه: وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك، وإسناده صحيح. • وحديث علي: رواه أحمد، والبخاري في "رفع اليدين"، وأبو داود، والترمذي والطحاوي في "معاني الآثار"؛ والبيهقي وغيرهم من رواية عبيد الله ابن أبي رافع عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة، كبَّر ورَفَعَ يَدَه حَذْوَ منكبيه، وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع يده

يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر. • وحديث ابن عباس وابن الزبير: سبق قريبًا من عند أبي داود. وروى أبو داود أيضًا من حديث النضر بن كثير السعدي قال: صلي إلى جنبي عبد الله ابن طاووس في مسجد الخيف، فكان إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الأولى فَرَفَعَ رَأْسَهُ منها، رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد فقال له وهيب: تصنع شيئًا لم أر أحدًا يصنعه، فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعه؛ وقوله: فكان إذا سجد السجدة الأولى يعني الركعة الأولى. • وحديث ابن عمر: رواه البخاري في "رفع اليدين"، أخْبَرَنا أيوب بن سُليمان، ثنا أبو بَكر بن أبي أويس، عن سُليمان بن بِلال، عن العَلاء أنَّهُ سَمِعَ سَالم ابن عبد الله أنَّ أبَاهُ كَانَ إذَا رَفَعَ رأسَهُ من السُّجودِ وأرادَ أنْ يَقُومَ رَفَعَ يَدَيْهِ. وَقَال: حدثنا عبد الله بن صالح، ثنا الليث، حدثني نافع أن عبد الله - رضي الله عنه - كَانَ إذَا استَقْبَل الصَّلاة، يَرْفَعُ يَدَيْهِ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ رَأسَه من الرُّكُوعِ وإذَا قَامَ من السَّجْدَتَينِ كَبَّر وَرَفَعَ يَدَيْهِ. * * * 358 - قوله: (وَأَمَّا الحَدُّ الذَّي تُرفَعُ إليْهِ اليَدَانِ، فَذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّهُ المَنكِبَانِ، وبَهِ قَالَ مَالك والشَّافعي وَجَماعَةٌ، وذهَبَ بَعْضَهُم إلى رَفْعِهِمَا إلى الأُذُنينِ، وبِهِ قَالَ أبُو

حَنَيْفَةَ، وَذَهَبَ بَعْضهُم إلى رَفْعِهِمَا إلى الصَّدْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَرْويُّ عَنِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -). قلت: أما الرَّفْعُ حَذْوَ المَنكِبينِ، فتقدم من حديث ابن عمر، وعمر وعلي. وورد أيضًا من حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البخاري، والأربعة وغيرهم. وأما الرفع إلى الأذنين، فتقدم في حديث مالك بن الحويرث، حتى يبلغ بهما فروع أذنيه؛ وفي لفظ: حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. وورد أيضًا من حديث وائل بن حجر، عند الطيالسي، وأحمد، ومسلم،

الاعتدال من الركوع

الاعتدال من الركوع والبخاري في "رفع اليدين"، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي عنه قال: قلت لأحفظن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فافتتح الصلاة، فكبر ورفع يديه حتى بلغ أذنيه؛ وعند مسلم أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه كبر، وصف همام حيال أذنيه. وفي لفظ لأحمد، وأبي داود، والنَّسائي حتَّى

حَاذَتْ إبهَامه شَحْمَة أُذُنَيْهِ. وعن أنس قال: رَأيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ فَحاذَى بإبْهَامَيْهِ أُذنيه ثم رَكَع؛ الحديث رواه الحاكم من طريق عاصم الأحول عنه. ورواه أيضًا من طريق حميد عنه بلفظ: "كان إذَا افتتح الصَّلاةَ كَبَّرَ ثم يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَى يُحاذِي بإبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ". وعن البراء بن عازب؛ رواه الطحاوي من جهة يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي

الجلوس

الجلوس ليلى عنه قال: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كَبَّر لافْتِتَاحِ الصَّلاةِ، رَفَع يَدَيْهِ حَتى يَكونَ إبْهَامَاهُ قَريبًا من شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ". وأما الرفعُ إلى الصدر، فعند أبي داود من حديث وائل بن حجر قال: "رأيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ افتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيالَ أُذُنَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ أتَيْتهُم فَرَأَيتَهُم يَرْفَعُون أَيْدِيهُم إلى صُدُورِهِم في افتتَاح الصَّلاةِ وَعَليْهِم بَرانِسُ وأكْيسة". ورواه الطحاوي بلفظ: "أتيتُ النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - فرأيته يَرْفَعُ يَدَيْه حِذاءَ أُذُنَيْهِ إذَا كَبَّر، وإذَا رَفَعَ وإذَا سَجَدَ؛ فذكر من هذا ما شاء الله، قال: ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ العَامِ المقْبلِ وعليهِمُ الأكْيسَةُ والبَرانِسُ، فكَانُوا يَرفَعُونَ أَيَدِيَهُم فِيهَا، وأَشَارَ شَريكٌ إلى صَدْرِه".

359 - حديث أبي حميد الساعدي، في وَصْفِ صَلاةِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وفيه: "وإذَا جَلَسَ مِنَ الرَّكعَتَيْنِ جَلَسَ عَلى رجلهِ اليُسْرَى وَنَصبَ اليُمنى، وإذَا جَلَسَ في الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَنَصَبَ الأُخْرى وقَعَدَ عَلى مَقْعَدَتِهِ"، قال ابن رشد: هو ثابت باتفاق. يعني خرجه البخاري ومسلم، وليس كما قال: فإن حديث أبي حميد، لم يخرجه مسلم، وإنما خرجه البخاري، والأربعة كما سبق، واللفظ المذكور هنا للبخاري.

360 - وائل بن حجر وفيه: "أَنَّهُ كَانَ إذَا قَعَدَ في الصَّلاةِ نَصَبَ اليُمْنَى وَقَعَدَ عَلى اليُسْرَى". أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، والطحاوي، وغيرهم ممن تقدم، وله عندهم ألفاظ منها: أنَّهُ رَأى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فَسَجَدَ ثُمّ قَعَدَ فافْتَرَشَ رِجْلَهُ اليُسْرى. وفي لفظ: "صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ فَرَشَ قَدَمَهُ اليُسْرى على الأرْضِ وَجَلَس عَلَيْهِا". * * * 361 - حديث ابن عمر قال: "إنَّما سُنَّةُ الصَّلاة أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ اليُمْنَى، وَتُثْنِيَ اليُسْرَى" قال ابن رشد: خرجه مالك.

الجلسة الوسطى والأخيرة

الجلسة الوسطى والأخيرة قلت: ومن طريقه البخاري، وأبو داود، والطحاوي، والبيهقي ورواه

النَّسائي من وجه آخر غير طريق مالك. * * * 362 - حديث ابن بحينة: "أنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أَسْقَطَ الجَلْسَةَ الوُسْطَى وَلَمْ يُجْبرهَا وَسَجَدَ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والدارمي،

والأربعة وابن الجارود، والبيهقي عنه: أنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فَقَامَ في الرَّكْعَتَينِ، فَسَبَّحُوا به فمضى فلما فرغ من صلاتِهِ سجد سجدتَيْن. ولفظ مالك: "صَلَّى لنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ، فَقَامَ في اثنَتَينِ وَلَمْ يَجْلسْ فيهِمَا، فَلمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَين. ثُمَّ سَلَّمَ بَعَدْ ذلِكَ". وعند البخاري: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهم الظُّهْرَ فقام في الرَّكعَتَيْنِ الأُولَيينِ لمْ يَجْلِس، فَقَامَ النَّاسُ مَعَه حَتَّى إذا قَضى الصَّلاةَ وانتظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّر وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَينِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّم ثُمَّ سَلَّم". * * * 363 - قوله: (وَثَبُتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أسْقَطَ الرَّكْعَتَينِ فَجَبَرَهُمَا). متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إحدَى صَلَاتي

العَشِي، إمَّا الظُّهْرَ وإمَّا العَصْرَ. فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَخَذَ جِذْعًا في قِبْلَةِ المَسْجِدِ فاسْتَنَدَ إليه مُغْضَبًا وفي القَوْمِ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ. فَهَابَا أنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ. فَقَالُوا: قُصِرَتِ الصَّلاةُ. فَقَامَ ذُو اليَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَسَيْتَ أمْ قُصِرَتِ الصَّلاةُ؟ فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَقَالَ: "مَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ! " قالُوا: صَدَقَ. لَمْ تُصلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى رَكْعَتيْنِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ. ثُمَّ كبَّرَ وَسَجَدَ. ثُمَّ كَبَّر وَرَفَع. قال: وأُخْبِرْتُ أن عمران بن حصين قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ، لفظ مسلم. وفي رواية له أيضًا: "صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ العَصْرِ فَسَلَّمَ مِن رَكْعَتَيْنِ. فَقَامَ ذُو اليَدَيْنِ فَقَال: أَقُصِرَتِ الصَّلاَةُ أمْ نَسِيتَ؟ فَقالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كُلَّ ذَلِكَ لَم يَكُن" فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ! فأَقْبَلَ على النَّاسِ فقَالَ: أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ الله، فَأَتَمَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما بَقِيَ مِنَ الصَّلاةِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَانِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ. وللحديث طرق وألفاظ مختلفة أفردها بالتأليف صلاح الدين العلائي. * * * 364 - قوله: (وَكَذَلِكَ الرَّكْعَةُ).

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود والبيهقي، من حديث عمران بن حصين: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى العَصْرَ فَسَلَّم في ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. فَقَامَ إليه رَجُلٌ يُقَالُ له الخِرْبَاقُ. وكَانَ فِي يَدِهِ

طُولٌ. فَقَالَ يَا رَسُولَ الله! فَذَكَرَ لَهُ صَنِيْعَهُ. فَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَى انْتَهَى إلَى النَّاسِ. فَقَالَ: أَصَدَقَ هَذَا؟ قَالُوا: نعم. فَصَلَّى رَكْعَةً. ثمً سَجَدَ سَجْدَتَينِ. ثُمَّ سَلَّمَ". * * * 365 - قوله: (وَثَبتَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلَام- أنَّهُ كَانَ يَضَعُ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى , وَكَفَّهُ اليُسْرَى عَلى رُكْبَتِهِ اليُسْرى ويُشِيرُ بإصبَعِهِ). أحمد، ومسلم، والنسائي من حديث ابن عمر قال: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا جَلَسَ في الصَّلاةِ، وَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى فَخْذِهِ اليُمْنَى. وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا. وأشَارَ بإصْبَعِهِ التَّي تَلِي الإِبْهَامَ. وَوَضَعَ كَفَّهُ اليُسْرَى عَلى فَخْذِهِ اليُسْرَى.

وضع اليدين إحداهما على الأخرى

وضع اليدين إحداهما على الأخرى 366 - قوله: (واختَلَفُوا في تَحْرِيكِ الأصَابِع لاختِلافِ الآثَارِ في ذَلِكَ والثَّابِتُ أنَّهُ كَانَ يُشيرُ فَقَطْ). أما التحريك: فرواه البيهقي من طريق الواقدي، ثنا كثير بن زيد عن نافع عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: تحريك الأصبع في الصلاة مذعرة للشيطان. قال البيهقي: تفرد به محمد بن عمر الواقدي وليس بالقوي. ورواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي من حديث وائل بن حجر في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه، ثم قعد فافترش رجله

اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثنتين من أصابعه، وحلق حلقة ثم رفع فرأيته يحركها يدعو بها. قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإِشارة بها لا تكرير تحركها، فيكون موافقًا لرواية ابن الزبير. قلت: وهذا بعد كونه متعينًا لا يجوز غيه البتة، ولا معنى له سواه فإن هذا اللفظ من تصرف الرواة لا غير، فإن أكثرهم ذكر في حديث وائل الإِشارة فقط ولم يذكر التحريك. ولما ذكر البيهقي حديث عاصم بن كليب أيضًا عن أبيه عن وائل، في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: ثم جلس فوضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ومرفقه اليمنى على فخذه اليمنى ثم عقد الخنصر والبنصر، ثم حلق الوسطى بالابهام وأشار بالسبابة. قال: وبمعناه رواه جماعة، عن عاصم بن كليب. ونحن نجيزه ونختار ما روينا في حديث ابن عمر وحديث ابن الزبير، لثبوت خبرها، وقوة إسناده ومزية رجاله ورجاحتهم في الفضل على عاصم بن كليب، فإذا قال هذا في روايته الإِشارة الموافقة لرواية الجمهور، فكيف برواية التحريك المخالفة لهم وللمعقول أيضًا. وأما الإِشارة: فوردت من حديث جماعة، منهم ابن عمر، وابن الزبير، وأبو حميد ونمير أبو مالك الخزاعي، وخفاف بن أيماء، وعبد الرحمن بن أبزى وغيرهم.

• فحديث ابن عمر: رواه مالك، والشافعي، وعبد الرزاق، وأحمد، ومسلم والنَّسائي، والبيهقي عنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جَلَسَ في الصَّلاةِ، وَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى، وقَبَضَ أصَابِعَهُ كُلَّها وَأَشَارَ بأَصْبُعِهِ التي تَلِي الإبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ اليُسْرَى عَلى فَخْذِهِ اليُسْرَى. • وحديث ابن الزبير: رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا قَعَدَ في الصَّلاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ اليُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقَه. وَفَرَشَ قَدَمَهُ اليُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى. وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلى فَخِذِهِ اليُمْنَى. وَأَشَارَ بإصْبَعِهِ.

وفي رواية لأبي داود والبيهقي عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُشِيرُ بأُصْبِعِه إذَا دَعَا وَلَا يُحَرِّكُهَا، وهي رواية صريحة في نفي التحريك، وإن المراد به إذا ورد الإِشارة لا غير. • وحديث أبي حميد: رواه أبو داود، والترمذي وجماعة، وأصله في "صحيح البخاري"، ولفظه عند الترمذي من حديث عباس بن سهل الساعدي قال: اجتَمَعَ أبو حُمَيْدٍ، وأبو أُسَيْدٍ، وسهلُ بن سعد، ومحمد بن مسلمة فذَكرُوا صَلَاةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو حُمَيْدٍ: أنا أعلمُكُم بصلاةِ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ (يعني للتشهد) فافتَرَشَ رجلَهُ اليُسْرى، وأقْبَلَ بصَدْرِ اليُمْنَى على قِبْلَتِه، وَوَضَعَ كَفَّهُ اليُمْنَى على رُكْبته اليُمْنَى، وكَفَّه اليُسْرَى على رُكْبتِه اليُسْرَى وأَشَارَ بأُصْبَعِهِ، يعني السبابة. قال الترمذي: (حسن صحيح). • وحديث غير الخزاعي: رواه أبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه،

والبيهقي من رواية ابنه مالك بن نمير الخزاعي، أن أباه حدثه أنه رَأَى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَاعدًا في الصَّلاة، وَاضِعًا ذِرَاعَهُ اليُمْنَى على فَخِذِهِ اليُمْنَى رافِعًا أُصْبَعُهُ السبابَةَ، قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا يدعو. • وحديث خفاف بن أيماء: رواه أحمد، والبيهقي عنه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بأصبعه إذا جلس يتشهد في صلاته، وكان المشركون يقولون إنما يسحرنا، وكذبوا وإنما يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - التوحيد. وفي لفظ للبيهقي: إنما كان يصنع ذلك يوحد بها ربه تبارك وتعالى. • وحديث عبد الرحمن بن أبزى: رواه الطبراني في "الكبير" من جهة منصور بن المعتمر، عن أبي سعيد الخزاعي، عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في صلاته هكذا وأشار بأصبعه السبابة. * * * 367 - قوله: (وثبت أن الناس كانوا يؤمرون بذلك). يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة، مالك، وأحمد، والبخاري

وغيرهم من حديث أبي حَازِم، عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى في الصَّلاة. قال أبو حازم: لَا أعْلَمُهُ إلَّا يَنْمِي ذلِكَ إلى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. * * * 368 - قوله: (وورد ذلك أيضًا في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي حميد). قلت: بل في حديث الجمع الغفير، والعدد الكثير البالغ حد التواتر وهم: وائل ابن حجر، وعلي بن أبي طالب، وسهل بن سعد، وهلب الطائي، وغطيف بن الحارث، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة، وشداد بن شرحبيل، وأبو هريرة، وأنس بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عمر، وأبو الدرداء، ويعلى بن مرة وعبد الله بن جابر البياضي، ومعاذ بن جبل، وأبو بكر الصديق، وأبو زياد مولى بني جمع، وعمرو بن حريث، وطرفة والد تميم، والحسن البصري، وطاوس، وأبو عثمان النهدي، وإِبراهيم النخعي، والأربعة الآخرون مراسيل، وقد خرجت الجميع في كتابي الخاص بهذه المسألة

النهوض من السجود

النهوض من السجود المسمى "بالمنتوني والبتار" وهو مطبوع في مجلد متوسط، فلا حاجة إلى ذكر ذلك هنا. وحديث أبي حميد: ذكره ابن حزم في "المحلى" بزيادة ذكر وضع اليمين على الشمال؛ كما ذكر ابن رشد، وذكرت غير ذلك في الكتاب المذكور. * * * 369 - حديث مالك بن الحويرث) "أنَّهُ رَأى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي، فإذَا كَانَ فِي وترٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتى يَسْتَوِي قَاعِدًا". أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، والبيهقي.

وفي الباب، عن أبي حميد عند أبي داود، والترمذي والبيهقي. بسند صحيح، في وصفه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمحضر عشرة من الصحابة منهم أبو قتادة بن ربعي ثم هَوَى الى الأرْضِ سَاجِدًا، ثم قال: الله أكبَر، ثم جَافَى عَضُدَيْهِ عن إبْطَيْهِ، وفَتَحَ أَصابعَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ اليُسْرَى وَقَعَدَ عليها ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فى مَوْضِعِهِ معتَدِلًا، ثُمَّ هَوَى سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ الله أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ وَاعْتَدَلَ حَتى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ، ثُمَّ صَنَعَ في الرَّكْعَةِ الثانية مثل ذلك، الحديث. وعن أبي هريرة عند البخاري في الاستئذان من "صحيحه"، من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه: أن رَجُلًا دَخَلَ المسْجِد، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فَصَلَّى ثم جاءَ فسلم عليه، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليك السلام، ارجعْ فصلِّ، فإنَّكَ لَمْ تصلِّ، الحديث وفيه: إذا قمتَ إلى الصلاةِ فأسبغ الوضوء , ثم استقبِل القبلة فكبر، ثُمَّ اقرأ ما تيسَّرَ مَعَكَ من القرآن، ثم اركعْ حتى تطمئنَّ راكعًا، ثم ارفَعْ حتى تَسْتَوِيَ قائمًا، ثم اسجُدْ حتَّى تطمئنَّ سَاجِدًا، ثم ارفَعْ حَتَّى تطمئنَّ جَالِسًا، ثم اسْجُدْ حتى تطمئنَّ ساجِدًا، ثم ارفعْ حتى تطمئنَّ جَالِسًا، ثم افعلْ ذَلِكَ في صَلاتِكَ كلها.

370 - حديث أبي حميد: في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم -: "أنه لما رَفَعَ رَأسَه من السَّجْدَةِ الثَّانيةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى قَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ". أبو داود، والطحاوي، كلاهما من رواية أبي بدر شجاع بن الوليد، ثنا أبو خيثمة، ثنا الحسن بن الحر قال: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عباس بن سهل، عن أبي حميد الساعدي به. * * * 371 - حديث وائل بن حجر: رَأيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وإذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ".

الدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي من حديث يزيد بن هارون، عن شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه عن وائل به. وقال الترمذي: (حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه غير شريك يعني موصولًا كذا قال). وقد رواه أبو داود، والبيهقي من طريق همام، ثنا محمد بن جحاده، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث قال: فلما سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه. قال همام: وثنا شقيق، ثنا عاصم، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا، وفي حديث أحدهما، وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة وإذا نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه.

وفي الباب عن أنس، أخرجه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي من حديث العلاء بن إسماعيل العطار، ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس قال: "رَأَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّر فحاذى بإِبهامِهِ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَكَعَ حتَّى استَقَرَّ كُلُّ مِفْصَلٍ مِنْهُ، ثم انحطَّ بالتكبير حتى سَبَقَتْ رُكْبَتَاهُ يَدَيْهِ". قال الدارقطني: (تفرد به العلاء بن إسماعيل، عن حفص بهذا الإِسناد). وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة، وأقره، وأقره الذهبي. لكن في علل ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عنه فقال: هذا حديث منكر كذا قال ولم يبين وجهه، وكأنه من أجل العلاء بن إسماعيل، فقد قيل إنه مجهول. قال الحافظ في "اللسان": (وخالفه عمر بن حفص بن غياث وهو من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه عن الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفًا عليه وهذا هو المحفوظ). قلت: وهذا الطريق رواه الطحاوي في "معاني الآثار" عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص عن أبيه قال: حدثنا الأعمش قال: حدثني إبراهيم عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود فقالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خرَّ بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه. وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة وسعد كما سيأتي بعده.

372 - حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا سَجَدَ أَحَدُكُم فَلاَ يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعيِرُ وَليضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ" قال ابن رشد: وقال بعض أهل الحديث: حديث وائل أثبت من حديث أبي هريرة. قلت: قائل ذلك هو الخطابي، والحديث خرجه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، والحازمي في "الاعتبار" من رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة به.

السجود على سبعة أعضاء

السجود على سبعة أعضاء وقال الترمذي: (غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه). وقال البخاري: لا يتابع محمد بن عبد الله بن الحسن عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا. قلت: قد ورد من غير رواية الدراوردي، عن محمد بن عبد الله ومن غير روايته، ورواية أبي الزناد أيضًا إلا أن روايتهم متناقضة مضطربة. فرواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والبيهقي من رواية عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله بن الحسن به: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يعمد أحدكم فيبرك في صلاته كما يبرك الجمل. ورواه ابن أبي شيبة، والطحاوي والبيهقي كلهم من طريق محمد بن

فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سَجَدَ أحدكم فليبدأْ برُكْبتيهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ولا يَبْرُكُ كَبروكِ الجَمَلِ، هكذا رواه ابن أبي شيبة، وإبراهيم بن موسى، وأسد بن موسى، عن ابن فضيل. ورواه يوسف بن عدي بسنده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا سَجَدَ بَدَأَ برُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، كذلك أخرجه الطحاوي، عن ابن أبي داود عن يوسف بن عدي به. ولأجل هذا جزم ابن القيم بأن حديث عبد الله بن الحسن والذي قبله، لأن على رواية تقديم اليدين يكون أول الحديث مناقضًا لآخره لأن البعير إذا برك قدم يديه، فكيف يقول بعد ذلك وليقدم يديه. وقال البيهقي في الحديث الأول: روى أن ذلك كان أولًا ثم نسخ وصار الأمر إلى ما في حديث وائل بن حجر من تقديم الركبتين. ثم أخرج من طريق ابن خزيمة في "صحيحه"، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ثنا أبي، عن أبيه عن سلمة بن كهيل، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد قال: كُنَّا نَضَعُ اليَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَينِ فأُمِرْنَا بالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ اليَدَيْنِ. قال البيهقي: كذا قال والمشهور عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق والله أعلم. وأسند الحازمي في "الاعتبار" عن ابن المنذر قال: (زعم بعض أصحابنا أن

وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ، وقال هذا القائل: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى، الحديث. قال ابن المنذر: "وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فمن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه عمر بن الخطاب، وبه قال النخعي، ومسلم بن يسار، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإِسحاق، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل الكوفة، وقالت طائفة: يضع يديه إذا سجد قبل ركبتيه، كذلك قال مالك وقال الأوزاعي: أدركت الناس على ذلك، وروي عن ابن عمر فيه حديث. أمَّا حديث سعد ففي إِسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدي على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب، عن أبيه حديث نسخ التطبيق). قلت: ومع ذلك فإسناده ضعيف، لضعف إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة وأبيه وجده. * * * 373 - حديث: "أُمِرْتُ أَنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ". متفق عليه من حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمِرْتُ أَنْ أسجُدَ

عَلى سَبْعَةِ أعظُمٍ: عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بيدِهِ إلى أنفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ وأطرافِ القَدَمَيْنِ، ولا نَكْفِتَ الثيابَ والشَّعرَ". وله ألفاظ في "الصحيحين" وغيرهما.

374 - قوله: (لما جاء أنه انصرف من صلاة من الصلوات وعلى جبهته وأنفه أثر الطين والماء). البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، من حديث أبي سعيد الخدري في حديث ليلة القدر وفيه "فجَاءَتْ قَزْعَةٌ فأمْطَرْنَا فَصَلَّى بَنَا النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَى رأيتُ أَثَرَ الطِّينِ والمَاءِ عَلى جَبْهَةِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرْنَبَتِهِ". * * * 375 - قوله: (قال أبو عمر بن عبد البر: وقد ذكر جماعة من الحفاظ حديث ابن عباس فذكروا فيه الأنف والجبهة، قال ابن رشد وذكر بعضهم الجبهة، وكلا الروايتين

في "كتاب مسلم". قلت: الحديث رواه عمرو بن دينار، عن طاوس عن ابن عباس ورواه عبد الله بن طاوس، عن أبيه عن ابن عباس فأمَّا عمرو بن دينار، فأكثر الرواة عنه، لا يذكرون التفسير، ويقتصرون على قوله سبعة أعضاء وبعضهم يذكر التفسير فذكر فيه الجبهة ومنهم سفيان الثوري. قال البخاري: (حدثنا قبيصة ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس "أُمِرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَسْجُدَ عَلى سَبْعَةِ أعْضَاءٍ، وَلَا يكُفَّ شَعْرًا ولا ثَوْبًا، الجَبْهَةُ، واليَدَيْنِ، والرُّكْبَتَيْنِ والرِّجْلَيْنِ". وهكذا قال حماد بن زيد عن عمرو بن دينار، الكفين والركبتين والقدمين والجبهة، رواه مسلم، عن يحيى، وأبي الربيع عن حماد. ورواه يحيى بن إسحاق السيلحيني، عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد معًا عن عمرو بن دينار فذكر فيه الأنف وقال: أُمرتُ أن أسْجُدَ على سَبْعَةِ أعضاءٍ الأنف

والجبهة، الحديث. رواه أبو نعيم في "الحلية". وأما عبد الله بن طاوس فهو يذكر الأنف في حديثه قولًا واحدًا إلا أن بعضهم يجعله من نفس الحديث المرفوع، وبعضهم يجعله من تفسير طاوس، فعند مسلم والنسائي والبيهقي من رواية ابن جريج عن عبد الله بن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبعٍ. وَلَا أكْفِتَ الشَّعْرَ وَلاَ الثِّيابَ. الجبهةِ والأنفِ واليدينِ والرُّكبتين والقدمين". وعند أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي،

والبيهقي من حديث وهيب بن خالد، عن عبد الله بن طاوس به: أمِرْتُ أنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ الجبهة، وأشار بيدِهِ إلى أَنْفِهِ، واليَدَينِ والرُّكْبتينِ وأطرافِ القَدَمَيْنِ. ورواه سفيان بن عيينة، عن ابن طاوس فبين لمن الإشارة فقال عن ابن عباس أُمِرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَسْجُدَ على سَبْعٍ. عَلى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وأطرَافِ أَصَابِعِهِ، قال سفيان: قَالَ لَنَا ابن طاوس: وَوَضَع يَدَيْهِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى أَنْفِهِ. هكذا قال محمد بن منصور المكي وعبد الله بن محمد الزهري عن سفيان عند النَّسائي. ورواه ابن ماجه عن هِشَام بن عَمَّار، عن سفيان: "أُمرتُ أنْ أسجُدَ على سبعٍ. وَلاَ أَكُفَّ شَعْرًا وَلاَ ثَوْبًا". قَالَ ابن طاوس: فكان أبي يقول: اليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ والقَدَمَيْنِ. وَكَانَ يَعُدُّ الجَبْهَةَ والأنْفَ وَاحِدًا. ورواه الشافعي عن سفيان، أُمِرَ النَّبيُ - صلى الله عليه وسلم - أن يَسْجُدَ مِنْهُ على سبعةٍ: يديه، وركبتيه، وأطراف أصابعه وجبهته، ونهى أن يكفِتَ منهُ الشعر والثياب. قال سفيان: زاد ابن طاوس فوضع يده على جبهته ثم أمر بها على أنفه حتى بلغ بها طرف أنفه، قال: وكان أبي يعد هذا واحدًا؛ أخرجه البيهقي.

النهي عن الإقعاء

النهي عن الإقعاء ثم أخرجه من طريق علي بن المديني عن سفيان، ثنا ابن طاوس عن أبيه وعمرو عن طاوس عن ابن عباس فذكر الحديث، قال سفيان: في حديث عمرو أن يسجد على سبعة جبهته ويديه، وركبتيه وأطراف أصابعه؛ إلا أن ابن طاوس أخبرنا أن طاوسًا كان يقول بيده على جبهته وأنفه، وقال: كان يقول أبي هو واحد. قال البيهقي: (وفي رواية سفيان ما دل على أن ذكر الأنف في الحديث من تفسير طاوس). * * * 376 - حديث: "نهى أن يقعى الرجل في صلاته كما يقعى الكلب". ورد من حديث جماعة من الصحابة، فرواه ابن ماجه من حديث العلاء أبي محمد، عن أنس قال: قَالَ لِي النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا رَفَعْتَ رَأْسَكِ مِنَ السُّجُودِ فَلاَ تُقْعِ كَمَا يُقْعي الكَلْبُ ضَعْ أَلْيَتَيْكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ. وَأَلْزِقْ ظَهْرَ قَدَمَيْكَ بالأرضِ" والعلاء بن زيد منكر الحديث.

لكن رواه البيهقي من وجه آخر من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقعاء والتورك في الصلاة. ورواه أحمد من حديث شريك عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي هريرة قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ونهاني عن ثلاث أمرني بركعتي الضحى كل يوم والوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ونهاني عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب. ورواه البيهقي من جهة حفص بن غياث عن ليث عن مجاهد به. فحديث أبي هريرة بسنديه صحيح البتة، خلافًا لمن قال أنه لم يصح في النهي عن الإقعاء حديث مع أن حديث عائشة أيضًا في "صحيح مسلم" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يَفْتَرِشَ الرجُل ذِرَاعَيْهِ افتَرَاشَ السَّبْعِ.

ورواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه والبيهقي من رواية أبي إسحاق عن الحارث عن علي: أن النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ لا تُقْعِ إقْعَاءَ الكَلْبِ. هكذا رواه ابن ماجه مختصرًا وهو عند أحمد مطولًا. ورواه الحاكم والبيهقي من حديث الحسن عن سمرة قال: نَهى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإقْعَاءِ في الصَّلاةِ. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. * * * 377 - قوله: (وأمَّا ابن عباس فَكَانَ يَقُولُ: الإِقْعَاءُ على القَدَمَيْنِ في السُّجُودِ على هَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ سُنَّة نَبيِّكُم، قال ابن رشد: خرجه مسلم).

قلت: واستدركه الحاكم فوهم وخرجه أيضًا جماعة ولفظه عن طاوس قال: قلت لابن عباس في الإقعاء على القدمين، قال: هي السنة فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل فقال: بل هي سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. ورواه أحمد بلفظ: إنا لنراه جفاء بالقدم وهو مؤيد لما ذهب إليه ابن عبد البر من ضبط الرجل بكسر الراء وإسكان الجيم، لكن رواه البيهقي بلفظ: "فإنَّا نرى ذلك من الجفاء إذا فعله الرجل". ورواه ابن أبي خيثمة بلفظ: لنراه جفاء بالمرء وهذا الصواب ما قاله ابن عبد البر وهم ولابد. * * * 378 - قوله: (وَلِمَا ثَبُتَ عن ابن عُمر أنَّ قُعودَ الرَّجُلِ عَلى صُدورِ قَدَمَيْهِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلاةِ).

مالك في "الموطأ" عن صدقة بن يسار، عن المغيرة بن حكيم، أنه رأى عبد الله بن عمر يَرْجِعُ في سَجْدَتَيْنِ في الصَّلاةِ علَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةُ الصَّلَاةِ. وإنَّمَا أفعَلُ هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنِّي أَشْتَكِي.

الباب الثاني: صلاة الجماعة

الباب الثاني: صلاة الجماعة

الفصل الأول حكم صلاة الجماعة

الفصل الأول حكم صلاة الجماعة وجوب الجماعة على من سمع النداء 379 - حديث: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَة الفَذِّ بِخَمْسٍ وعشْرِينَ دَرَجَةً أوْ بِسَبْعٍ وَعِشْرينَ دَرَجَةً".

قلت: الحديث رواه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة بلفظ: خمسٍ وعِشْرينَ، إلَّا عبد الله بن عمر فإنه رواه بلفظ: سبعٍ وعشريِنَ في قول الجمهور من الحفاظ، أصحاب نافع، وخالف بعضهم فقال: بخمس وعشرين على موافقة باقي الصحابة، وذلك وهم وإلَّا أبا هريرة، فإن بعض الرواة قال فيه: بسبع وعشرين على موافقة حديث ابن عمر، هو وهم أيضًا كما سأذكره. • فحديث ابن عمر: رواه مالك ومن طريقه أحمد، والبخاري، ومسلم وأبو عوانة، والبيهقي. ورواه أحمد، والدارمي، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه، وأبو

عوانة من رواية عبيد الله بن عمر. ورواه ابن شاهين في "الترغيب"، من رواية عبد الله بن نافع. ورواه البيهقي من طريق أيوب السختياني أربعتهم عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صَلاةُ الجَمَاعَةِ أفْضَلُ من صَلاةِ الفذِّ بسبعٍ وعشرينَ دَرَجَةً. وخالفهم عبد الله بن عمر العمري فقال عن نافع: بخمس وعشرين درجة، والعمري ضعيف. رواه عبد الرزاق عنه. واتفق أصحاب عبيد الله بن عمر الثقة على قوله بسبع وعشرين إلا أبا أسامة وحده فقال: بخمس وعشرين، وهو قول شاذ وإن كان أبو أسامة ثقة، رواه أبو عوانة في "صحيحه" قال: حدثنا الحارث، ثنا أبو أسامة، عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر قال: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ الرَّجُلِ في جَماعَةٍ تَزيْدُ على صلاتِهِ وَحْدَهُ بخمسٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً". • وحديث أبي هريرة: رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم،

والترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، وأبو عوانة، والطبراني في "الصغير" والبيهقي من رواية سعيد بن المسيب. وأحمد والبخاري، ومسلم، والطبراني في "الصغير" من رواية أبي سلمة. وأحمد من رواية عباد بن أنيس. وأحمد ومسلم، وأبو عوانة من رواية نافع بن جبير. وأحمد ومسلم، وأبو عوانة، والبيهقي من رواية سلمان الأغر.

وأحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن شاهين في "الترغيب" من رواية أبي صالح. وأحمد، وابن شاهين من رواية أبي الأحوص. وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي من رواية الأعرج، كلهم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الجماعة تعدل خمسًا وعشرين من صلاة الفذ" وفي لفظ: تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين درجة. ورواه الدارمي من طريق سعيد بن المسيب. وأبو داود الطيالسي، وأحمد وابن ماجه، وأبو عوانة من طريق الأعمش، عن أبي صالح كلاهما عن أبي هريرة بلفظ: تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بضعًا وعشرين درجة؛ وخالفهم شريك فرواه عن الأشعث بن سليم عن أبي الأحوص

عن أبي هريرة بلفظ، تفضل صلاة الجماعة على الوحدة سبعًا وعشرين درجة. هكذا رواه أحمد عن أبي النضر عن شريك، وشريك في حفظه شيء. وقد رواه أحمد عن حجاج عنه فذكره بالشك تفضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة سبعًا وعشرين درجة أو خمسًا وعشرين درجة. ورواه أيضًا مرة أخرى عن يحيى بن آدم عنه فذكره على موافقة الجمهور فقال: تفضل الصلاة في جماعة على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة. وهكذا رواه ابن شاهين في "الترغيب" من طريق أبي عوانة عن أشعث ابن أبي الشعثاء، عن أبي الأحوص به. وبالجملة فالصحيح في حديث ابن عمر وحده بسبع وعشرين؛ والصحيح في حديث أبي هريرة بخمس وعشرين. وبموافقة جاءت رواية أبي سعيد الخدري عند أحمد، والبخاري، وأبي داود وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، واستدركه الحاكم لزيادة وقعت عنده في متنه ولفظه:

الصلاة في الجماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة فإذا صلاها في الفلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة. وعبد الله بن مسعود عند أحمد، وأبي نعيم في "الحلية". وعائشة عند أحمد، والنَّسائي، وأبي نعيم في "الحلية"؛ وأبي بن كعب عند ابن ماجه. وأنس عند الحارث بن أبي أسامة. وصهيب عند ابن شاهين في "الترغيب" وآخرين كمعاذ وعبد الله بن زيد وزيد بن ثابت عند الطبراني. وكلها متفقة في ذكر الخمس والعشرين إلا أبي بن كعب فقال: "صَلَاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعَةٍ تَزيدُ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ أَرْبَعًا وعِشْرِينَ أَو خَمْسًا وَعِشْرين دَرَجة". * * * 380 - حديث الأعمى الذي استَأْذَنَهُ في التَخَلُّفِ عن صَلاةِ الجَمَاعَةِ وفيه: "أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: أَتَسْمع النِّدَاءَ؟ قال: نَعَمْ قَالَ: لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً". قال ابن رشد: خرجه مسلم.

قلت: لكن بغير هذا السياق، بل هو مركب من حديثين، فالذي عند مسلم ليس فيه لا أجد لك رخصة؛ بل لفظه عن أبي هريرة أن رجلًا أعمى قال يا رسول الله: ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. وكذا هو عند النَّسائي. وأما الحديث الذي فيه: لا أجد لك رخصة، فأخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي من حديث عمرو بن أم مكتوم قال: قلت يا رسول الله أنا ضرير شاسِع الدَّارِ، ولى قائد لا يُلَاوِمُنِي، فَهَلْ تَجِدُ لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أَتَسْمَعُ النِّداء؟ قال: نعم، قال: ما أجد لك رخصة. وله عند هؤلاء وغيرهم ألفاظ متعددة. * * * 381 - حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ

آمُرَ بِحَطَبٍ فيُحْطَب، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلاةِ فَيُوَذَّنَ لَهَا، ثم آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثم أخَالِفَ إلى رِجالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أحدُهُم أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِيْنًا أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ"، قال ابن رشد: متفق على صحته. يعني رواه البخاري، ومسلم وهو كذلك واللفظ المذكور للبخاري، ومالك في "الموطأ" وكذلك رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي وابن ماجه، والبيهقي وجماعة.

382 - حديث ابن مسعود قال: "إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمنَا سُنَنَ الهُدَى، وإنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى الصَّلاةُ في المسْجِدِ الَّذي يُؤَذَّنُ فيه". مسلم في "صحيحه" من حديث عبدُ الملك بنُ عُمير، عن أبي الأحوص. قال: قال عبد الله: لقد رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلاةِ إلَاَّ مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ. أَوْ مَرِيضٌ. إنْ كَانَ المَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتي الصَّلاةَ وَقَالَ: إنَّ رَسَّولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَنَا سُنَنَ الهُدَى، وإنَّ مِنْ سُنَنِ الهُدَى الصَّلاةُ فِي الْمسجِدِ الَّذِي يُؤذَّنُ فِيه. * * * 383 - قوله: (وفي بعض رواياته: وَلَوْ تَرَكْتُم سُنَّةَ نَبِيِّكم لَضَلَلْتُم). أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي من

رواية علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص عنه قال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى الله غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحافِظْ على هُؤلَاءِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ. فإنَّ الله شَرَعَ لِنَبِيكُم سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مِن سُنَن الهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُم صَلَّيْتُم في بُيُوتكُم كَمَا يُصَلِّي هَذَا المُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ لَتَرَكْتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم، وَلَوْ تَرَكْتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُم" الحديث. ولفظ أبي داود: لَكَفَرْتُم. * * * 384 - حديث: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم". مالك، وأبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو

داود، والنسائي، وابن ماجه، والطبراني في "الصغير"، وجماعة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. وأحمد وابن ماجه من حديث أنس بن مالك. وأحمد والعطار الدوري في "جزئه"، والخطيب في "التاريخ" من حديث عائثة. وأحمد من حديث السائب بن عبد الله. ورواه أحمد والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي،

وابن ماجه، وابن الجارود والبيهقي، من حديث عمران بن حصين وكان مبسورًا قال: سألتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صَلاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا، قال: "إن صَلَّى قائمًا فهوَ أفضَلُ، ومَنْ صَلَّى قَاعِدًا فلهُ نصفُ أجرِ القَائِم، ومن صَلَّى نَائِمًا فلهُ نِصفُ أجرِ القَاعِدِ". * * * 385 - حديث أبي هريرة قال: "أَتى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - رجُلٌ أعْمَى فَقَالَ يا رسُولَ الله: إنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُني إلَى المَسْجِدِ". الحديث مر قريبًا.

من دخل على جماعة صلى

من دخل على جماعة صلى 386 - حديث عتبان بن مالك أنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ وَهُوَ أَعْمَى، وإنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنهُ تَكُونُ الظُّلْمَةُ والمَطَرُ، وَالسَّيْلُ. وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ الله في بَيْتِي مَكَانًا أتَخِذُهُ مُصَلَّىً؛ فَجَاءَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّى؟ " فَأَشَارَ إلى مَكَانٍ مِنَ البيْتِ. فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -"، قال ابن رشد: خرجه مالك في "الموطأ".

قلت: وكذا البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وابن ماجه. * * * 387 - حديث بُسْرُ بنُ مِحْجَنٍ عن أبيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين دَخَلَ المَسْجِدَ

وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُ: مَا لَكَ لَمْ تُصَلِّ مَعَ النَّاسِ: أَلَسْتَ برَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: بَلَى يا رَسُولَ الله. وَلكِنِّي صَلَّيْت فِي أَهْلِي. فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وإن كنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ". مالك، والشافعي، والنسائي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث زيد بن أَسْلَمَ، عن بُسْرُ بْنُ مِحْجَنٍ، عن أبيه مِحْجَنٍ: أَنَّهُ كَانَ في مَجْلِس مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأُذِّنَ بِالصَّلاةِ. فَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى. ثُمَّ رَجَعَ، وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّي مَعَ النَّاسِ؟ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فذكره.

388 - حديث: "لا وتران في ليلة". أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ومحمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" والبيهقي وغيرهم من حديث طلق بن علي وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، والضياء. * * * 389 - قوله: (وقد جاء النهي عن ذلك يعني التنفل بعد العصر).

تقدم في الأوقات ذكر الأحاديث في ذلك. * * * 390 - قوله: (لَمْ تَختَلِفْ الآثَار في النَّهْي عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَاخْتَلَفَتْ في الصَّلاةِ بَعْدَ العَصْرِ). قلت يريد حديث عائشة: "مَا تَرَكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَيْنِ في بَيْتِي قَطٌ سِرًّا وَلَا عَلانِيَةً رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ" متفق عليه. وحديث أم سلمة: "أنَّها رَأَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ" الحديث

متفق عليه أيضًا وقد تقدم في الأوقات هو والذي قبله. * * * 391 - حديث: "لا تُصَلَّى صَلاةٌ في يَوْمٌ مَرَّتَينِ". أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين" وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن حزم، والنووي في "الخلاصة".

392 - قوله: (وَرُوِيَ عَنْهُ أنَّه أمَرَ الَّذينَ صَلَّوا في جَمَاعَةٍ أنْ يعيدُوا مَعَ الجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ). قلت: لم يرد ذلك صريحًا إلا في حديث أبي سعيد الخدري قال: صلَّى بِنَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَدَخَل رَجلٌ فَقَامَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَقَالَ: "ألا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلى هَذَا فَيُصَلِّىِ مَعَهُ". رواه الترمذي، والحاكم، والبيهقي وذكر أعني البيهقي عن الحسن في هذا الخبر فقام أبو بكر - رضي الله عنه - فصلى وقد كان صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. * * * 393 - قوله: (وأيضًا فإِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ بُسْرٍ يُوجِبُ الإِعَادَةَ عَلى كُلِّ مُصَلٍّ إِذَا جَاء المسْجدِ). تقدم قبل خمسة أحاديث.

394 - قوله: (وَصَلاةُ مَعَاذٍ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ في تِلَك الصَّلاة). متفق عليه من حديث جابر وقد تقدم.

الفصل الثاني: الإمامة

الفصل الثاني: الإمامة من هو أولى بالإمامة 395 - حديث: "يَؤُمُّ القَوْمَ أقْرَؤُهم لِكَتَابِ اللهِ، فإِنْ كَانوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأعْلَمُهُمْ بالسُّنَةِ"، الحديث. قال ابن رشد: متفق على صحته.

إمامة الصبي

إمامة الصبي قلت: وليس كذلك إنما رواه مسلم دون البخاري، ورواه أيضًا أحمد، والأربعة وجماعة.

إمامة الفاسق

إمامة الفاسق 396 - حديث عمرو بن سلمة: "أنه كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ صَبِيٌ". البخاري، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي عنه قال: كُنَّا بماءِ مَمَرِّ النَّاس وَكَانَ يَمُرُّ بنا الرُّكْبَان فنسألهم: مَا للنَّاسِ ما للنَّاس؟ مَا هَذا الرَّجلُ؟ فيقولون:

يَزعَمُ أنَّ اللهَ أرْسَلَهُ، أوحَى إليه بكذا، فكنتُ أحْفَظُ ذاكَ الكلام، فَكَأنَّما يَقُرُّ في صدري، وكَانَتْ العَرَبُ تلَّومُ بإِسلامِهِم الفتح فيقولون اتركوهُ وَقَوْمَهُ، فإنَّه إنْ ظَهَرَ عليهم فَهوَ نبيٌ صَادِقٌ. فلما كانت وقعةُ أهلِ الفتح بادرَ كُلُّ قَومٍ بإِسَلامهم، وبَدَرَ أبي قومي بإِسلامِهِم، فَلَمَّا قَدِم قال: جئتُكُم واللهِ من عندِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، فقال: صلُّوا صَلَاة كذا في حين كذا، وصلُّوا صَلَاة كَذَا في حِين كَذا، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فلْيُؤذِّنْ أحدُكُم وليؤُمَّكُم أكْثُركُم قرآنًا فَنَظَروا فَلَمَ يَكُنْ أحدٌ أكثَر قرآنًا مِني، لِمَا كنتُ أتلقَى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّموني بَيْنَ أيْدِيهم، وأنَا ابنُ سِتٌ أو سبع سنين، وكَانَتْ عَليَّ بُردَةٌ كُنْتُ إذَا سَجَدْتُ تقَلَّصَتْ عني، فقالتِ امرأةٌ من الحيِّ؛ ألَا تُغَطُّوا عَنَّا أسْتَ قارِئِكُم، فاشْتَروا، فَقَطَعُوا لي قمِيْصا فَما فَرِحْتُ فىِ شَيْءٍ فَرَحَي بَذلِك القَميص. لفظ البخاري، ووقع عند أبي داود وأنا ابن سبع أو ثمان؛ وعند النسائي: وأنا ابن ثمان.

397 - حديث: "يؤم القوم أقرؤهم". تقدم قبل حديث. * * * 398 - حديث: "أخِّروُهُن حيث أخَّرَهُنَّ اللهُ". قلت: ليس هو بحديث مرفوع، إنما رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن ابن

مسعود من قوله وقد وهم كثير من الناس في رفع هذا الكلام بل وفي عزوه إلى الصحيحين وغيرهما من الأصول. * * * 399 - حديث أم ورقة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها"، قال ابن رشد: رواه أبو داود. قلت: وكذا الحاكم، والبيهقي من طريق الوليد بن جميع عن عبد الرحمن ابن خلاد، عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بالحديث وفي آخره قال: قال عبد

أحكام الإمام الخاصة به

أحكام الإمام الخاصة به الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها شيخًا كبيرًا. وفي لفظ الحاكم: وأمرها أن تؤم أهل دارها في الفرائض، وقال: لا أعرف في الباب حديثًا مسندًا غير هذا، وقد احتج مسلم بالوليد بن جميع. * * * 400 - حديث: "إذَا أمَّنَ الإمَامُ فأمِّنُوا".

مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، والبيهقي، وجماعة من حديث جماعة عن أبي هريرة منها طريق مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد ابن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنَّهُمَا أخْبَراهُ عن أبي هُرَيْرَة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إذَا أَمَّنَ الإمَامُ فَأمِّنوا، فإنَّهُ مَنْ وَافَقَ تأمِينُهُ تَأْمِيْنَ الملائِكَةِ غفِرَ لَهُ مَا تَقدَّم من ذَنْبِهِ. قَالَ. ابنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ آمِينَ. ومن طريق مالك رواه البخاري، ومسلم. * * * 401 - حديث: "إذا قالَ الإمَامُ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِم ولا الضالين فقولوا آمين" قال

ابن رشد: رواه مالك. قلت: وكذا أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي من حديث أبي صالح عن أبي هريرة به بزيادة: فإنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْل المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. تنبيه: ورد ما يدل على أنه وقع في هذه الرواية اختصار، قال عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين فإن الملائكة يقولون: آمين وإِن الإمام يقول آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. ورواه أحمد من طريق عبد الأعلى. والنسائي من طريق يزيد بن زريع كلاهما عن معمر.

402 - حديث: "إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ لِيؤُتَّم به". متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدم.

403 - حديث أنس: "أقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أنْ يُكَبِّرَ في الصَّلاةِ فقال: أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فإِني أرَاكُم مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي". متفق عليه. * * * 404 - حديث بلال: "أنَّهُ كَانَ يُقِيمُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: يا رسُولَ الله: لَا تَسْبِقْني بآمين".

عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، والطبراني، والبيهقي من حديث عاصم الأحول عن أبي عئمان النهدي، عن بلال أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تَسبِقْني بآمين وهذه الرواية غلط وقع فيها قلب على الرواي، والصواب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: لا تسبقني بآمين. وكذلك رواه الحاكم من طريق آدم بن أبي أياس، ثنا شعبة عن عاصم أن أبا عثمان النهدي حدثه عن بلال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تسبقني بآمين ثم قال: صحيح على شرط الشيخين. وهكذا رواه البيهقي من طريق روح بن عبادة، ومن طريق آدم كلاهما عن شعبة، ومن طريق محمد بن فضيل كلاهما عن عاصم ثم قال: فكأن بلالًا كان يؤمن قبل تأمين النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تسبقني بآمين، كما قال: إِذا أمن الإِمام فأمنوا. قلت: وهذه الرواية هي الصحيحة، والأولى باطلة جزمًا فإِنه لا يعقل أن يقول بلال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تسبقني بآمين من جهتين من جهة أن ذلك لا يتصور في الصلاة ولا

يمكن للإِمام أن يسكت ويتأخر انتظارًا لمأموم. ومن جهة أن بلالًا - رضي الله عنه - كغيره من الصحابة، كان عندهم من الأدب والتعظيم والهيبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يمنعهم من مثل هذا لو كان ممكنًا، مع إنه غير ممكن أصلًا، وإنما الواقع أن بلالًا - رضي الله عنه - كان بمجرد ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ولا الضالين يبادر بلال فيقول آمين قبل أن يقولها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يتأخر حتى يقولها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولها معه. * * * 405 - حديث: "أن رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرَدَّد في آيةٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قال: أيْنَ أبيٌّ؟ ألَمْ يَكن في القَوْمِ؟ يريد الفتح عليه". أبو داود، والبيهقي من حديث عبد الله بن عمر: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلّى صلاةً يَقْرأُ فيها، فالتبس عليه، فلما انصرفَ، قال لأُبيّ بن كعب: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تفتح علي. لفظ البيهقي وصححه ابن حبان وغيره.

406 - حديث: "لا يُفْتَحُ عَلى الإِمَامِ". أبو داود، والبيهقي، من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا علي أحب لك ما أحب لنفسي، وأكرَهُ لك ما أكره لنفسي لا تقرأ وأنت راكع، ولا أنت ساجد ولا تصل وأنت عاقص شعرك فإِنه كفل الشيطان، ولا تقع بين السجدتين، ولا تعبث بالحصباء، ولا تفترش ذراعيك، ولا تفتح على الإِمام، ولا تختم بالذهب، ولا تلبس القسي، ولا تركب على المياثر. لفظ البيهقي. واقتصر أبو داود على ذكر الفتح على الإِمام ثم قال: (أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها). قال البيهقي: (والحارث لا يحتج به، وروى عن علي - رضي الله عنه - ما يدل على جواز الفتح على الإِمام).

ثم أخرج من وجوه، عن أبي عبد الرحمن السلمي عنه قال: من السنة أن تفتح على الإِمام. وفي لفظ: إِذا استطعمكم الإِمام فأطعموه. * * * 407 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أمَّ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ ليعلمهم الصلاة وأنه كَانَ إِذَا أرَادَ أنْ يَسْجُدَ نَزَلَ مِنْ عَلَى المِنْبَرِ". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وغيرهم من حديث سهل بن سعد أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ في أوَّلِ يَوْمِ وُضِعَ فَكَبَّر وَهُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ نَزَل القَهْقَري فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاس مَعَهُ، ثُمَّ عَادَ حتى فَرَغَ فَلَمَّا انصرَفَ قَالَ: "أيُّهَا النَّاسُ: إنَّما فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُوا بي وَلتَعْلَمُوا صَلَاتِي".

408 - حديث حذيفة: "أنه أمَّ الناس على دكان، فأخذ أبو مسعود هذا البدري بقميصه فجذبه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ ". قال ابن رشد: رواه أبو داود. قلت: وكذا الحاكم، والبيهقي كلهم من رواية يَعْلَى بن عبيد، عن الأعمش عن إبراهيم، عن همام: أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود البدري بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني. قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين). ورواه الشافعي عن ابن عيينة عن الأعمش نحوه. ورواه ابن الجارود في "المنتقى" ثنا علي بن خشرم قال: أنا عيسى عن الأعمش به وقال: صلى حذيفة على دكان بالمدينة وفيه فقال له أبو مسعود: أما علمت أن هذا يكره. الحديث.

ورواه الحاكم، والبيهقي من حديث زياد بن عبد الله، عن الأعمش به وفيه فقال له أبو مسعود: ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقوم الإِمام فوق ويبقى الناس خلفه؟ قال: فلم ترني أجبتك حين مددتني. ورواه الدارقطني من هذا الوجه إلا أنه لم يذكر منه إلا المرفوع ولفظه عن همام، عن أبي مسعود الأنصاري قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإِمام فوق شيء والناس خلفه، يعني أسفل منه ثم قال: لم يروه غير زياد البكاء ولم يروه غير همام فيما نعلم. قلت: قد رواه غيره لكنه جعل الذي جبذ حذيفة سلمان الفارسي - رضي الله عنه - لا أبو مسعود؛ أخرجه البيهقي من طريق الليث عن زيد بن جبيرة، عن أبي طوالة، عن أبي سعيد الخدري أن حذيفة بن اليمان أمهم بالمدائن على دكان فجبذه سلمان ثم قال له: ما أدري أطال بك العهد أم نسيت أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يصلي الإمام على نشز مما عليه أصحابه لكن زيد بن جبيرة ضعيف جدًا منكر الحديث. ووردت القصة من وجه ثالث أيضًا، لكنه فيه أن المصلي عمار بن ياسر وحذيفة هو الذي جبذه، أخرجه أبو داود، والبيهقي من طريقه ثم من رواية ابن جريج،

أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت الأنصاري قال: حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار، وقام على دكان وكان يصلي والناس من أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه، فأتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته، قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أمَّ الرَّجُل القَوْمَ فلا يَقُوْمُ في مَقَامٍ أرفَعُ من مَقَامِهِم أو نحو ذلك؟ قال عمار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي". قلت: وهذا كله من وهم الرواة، والصحيح رواية همام الحافظ الثقة فإِن في هذه الرواية مجهولًا لا يدري من هو كذا أبو خالد فإِنه غير معروف أيضًا. * * * 409 - حديث ابن عباس: "أنَّه قَامَ إلى جَنْبِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ دُخُولِهِ في الصَّلاةِ". متفق عليه في قصة نومه في بيت خالته ميمونة -رضي الله عنها- قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت عن يساره فأخذ بيدي من وراء ظهره فعدلني كذلك من رواء ظهره إلى الشق الأيمن. تنبيه: استدل المصنف بهذا الحديث على عدم لزوم النية في الإمامة مع أن

الصلاة كانت نافلة بالليل، وأصرح منه حديث أبي سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر فدخل رجل فقام يصلي الظهر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه. رواه الترمذي، والحاكم، والبيهقي، وقد سبق قريبًا.

الفصل الثالث: موقف الإمام، وأحكام المأمومين

الفصل الثالث: موقف الإمام، وأحكام المأمومين موقف الإمام المأمومين 410 - قوله: (جُمْهُورُ العُلَمَاءِ عَلَى أنَّ سُنَّةَ الوَاحِدِ أنْ يَقُوْمَ عَن يَمِينِ الإمَامِ لِثُبوتِ ذَلِكَ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ وغيره). قلت: حديث ابن عباس هو المذكور قبله وحديث غيره هو حديث جابر المذكور بعده.

411 - حديث جابر بن عبد الله قال: "قُمْتُ عنْ يَسَارِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخَذَ بيدِي فأدَارَني حتى أقَامَني عَنْ يَمِينِهِ، ثم جَاءَ جَابر بنُ صَخْر فَتَوَضَّأ، ثم جَاءَ فَقَامَ عن يَسَارِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخَذ بأيْدينَا جَمِيْعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى قُمْنَا خَلْفَهُ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبيهقي، واللفظ لمسلم، وأبي داود. * * * 412 - حديث ابن مسعود: "أنَّهُ صَلَّى بعَلْقَمَةَ والأسوَد فَقَامَ وَسطَهُما، وأسْنَدَهُ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -" قال ابن رشد: قال أبو عمر: اختَلَفَ رُواةُ هَذَا الحديثِ، فبعضُهم أوقَفَهُ

وبعضُهم أسنَدَهُ، والصحيحُ أنهُ مَوْقُوفٌ. قلت: المرفوع أخرجه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، والطحاوي، والبيهقي، والحازمي في "الاعتبار" من وجهين عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه الأسود بن يزيد قال: دخلت أنا وعمي علقمة على ابن مسعود بالهاجرة قال قام الظهر ليصلي فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي ثم جعل أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره، فصفنا صفًا واحدًا ثم قال: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع إذا كانوا ثلاثة. ورواه مسلم في "صحيحه" بسياق محتمل للرفع أيضًا، وذلك من جهة إسرائيل عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود أنَّهُما دَخَلا على عبد الله فقال: أصلي من خلفكم، قالا: نعم، فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما بين فخذه فلما صلى قال: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقوله هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أنه

أراد الجميع الموقف والتطبيق، ويحتمل أنه أراد التطبيق وحده، وأما الموقوف فأخرجه مسلم، والطحاوي من طريق الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة بالقصة ولم يقل هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال جماعة إن الحديث منسوخ بجميع ما فيه من الموقف والتطبيق لأن ذلك إنما تعلمه ابن مسعود من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة ثم نسخ ذلك؛ ولهذا حكى النووي في "شرح مسلم" الإجماع على مخالفة ابن مسعود في ذلك. * * * 413 - حديث أنس: "أن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى به وبأُمِّهِ وَخَالَتِهِ، قَالَ: فأقَامَنِي عن يَمِيْنِهِ وأقَامَ المَرْأتَيْنِ خَلفَنَا"، قال ابن رشد خرجه البخاري. قلت: وليس كذلك بل خرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وليس هو عند واحد منهم باللفظ المذكور أيضًا.

فعند مسلم من طريق موسى بن أنس، عن أنس: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى به وبأُمِّهِ أو خَالَته هكذا بأو والتي للشك؛ فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا. وعند النَّسائي، من هذا الوجه أيضًا عن موسى أيضًا، عن أنس أنَّهُ كَانَ هُوَ ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأُمُّهُ وَخَالَتُهُ فَصَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ أنسًا عن يمينِهِ، وأُمَّهُ وَخَالَتَهُ خَلْفَهُمَا. وعند أبي داود، من رواية حماد بن ثابت، عن أنس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم حرام فأتوه بسمن وتمر فقال: ردوا هذا في وعائه وهذا في سقائه، ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعًا، فقامت أم سليم وأم حرام خلفنا قال ثابت: ولا أعلمه إلا قال: فأقامني عن يمينه على بساط. * * * 414 - قوله: (والذي خَرَّجَهُ عِنْدَ مَالكٍ أنَّهُ قَالَ: فَصَفَفْتُ أنَا وَاليَتيْمُ وَرَاءَهُ - صلى الله عليه وسلم -، والعَجُوزُ من وَرَائِنَا). قلت: هو بهذا اللفظ عند أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود

فضل الصف الأول

فضل الصف الأول والترمذي، والنسائي، وجماعة من حديث إسحاق بن عبد الله أبي طلحة، عن أنس بن مالك، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ، دَعَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فأَكَلَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فلأُصَلِّي لَكُم. قال أنس: فَقُمْتُ إلى حَصَيْرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ، مِن طُوْلِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بماءٍ. فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وَصَفَفْتُ أَنَا واليتيمُ وَرَاءَهُ والعَجُوزُ مِن وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ انْصَرَفَ. * * * 415 - حديث ابن عباس: "حِيْنَ بَاتَ عِندَ مَيْمُونَة". متفق عليه وقد سبق مرارًا.

416 - قوله: (أجْمَعَ العُلَمَاء عَلَى أنَّ الصَّفَّ الأول مرغَبٌ فيه، وكَذَلِكَ تراصّ الصّفوفِ وَتَسوِيَتَها لثُبوتِ الأمْر بذلِكَ عَنْ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -). قلت: الأحاديث في ذلك كثيرة معروفة منها، حديث أبي هريرة مرفوعًا، لو يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النداءِ والصفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِّمُوا عليه لاستَهَّموا. متفق عليه. • وحديث أنس مرفوعًا: أقيموا صُفوفَكُم، وَتَرَاصُّوا فإني أرَاكُم مِن وَرَاءِ ظهري. رواه البخاري. وحديثه أيضًا مرفوعًا سَوُّوا صفوفَكُم فإن تَسْوِيةَ الصفوفِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلاةِ.

متفق عليه. وعند مسلم من تمام الصلاة. * * * 417 - حديث وابصة أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا صَلَاةَ لمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ". قلت: ليس هو من حديث وابصة بل من حديث علي بن شيبان، أخرجه أحمد، وابن ماجه، والطحاوي، وابن حزم، والبيهقي من رواية عَبْدِ الله ابن بدْرٍ، عن عَبْدِ الرَّحمنِ بْنُ عليٍّ بْنِ شَيْبانَ، عن أبيه قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ. وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ. فَقَضَى الصَّلاةَ، فَرَأى رَجُلًا فَرْدًا يُصَلِّى خَلْفَ الصَّفِّ فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى انْصَرَفَ فَقَالَ لَهُ: "استَقْبَلْ صَلَاَتكَ. فإنَّهُ لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ". وصححه ابن خزيمة، وابن حبان وابن حزم، وقال أحمد: إنه

حديث حسن. وقال الحافظ: في "الفتح" في صحته نظر، وليس كما قال، بل نظر فإنه صحيح جزمًا إن شاء الله. وقال ابن حزم: (عبد الله بن بدر ثقة مشهور وما نعلم أحدًا عاب عبد الرحمن بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبد الله بن بدر وهذا ليس يجرحه مع أنه روى عنه أيضًا ابنه يزيد، ورعلة بن عبد الرحمن، ووثقه العجلي، وأبو العرب، وابن حبان وخرج له هذا الحديث في "صحيحه"). وقال ابن سيد الناس: رواته ثقات معروفون. • أما حديث وابصة فمتنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة. رواه الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه وابن

الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وصححه أحمد، وابن خزيمة وابن حبان، وحسنه الترمذي، وأعله بعضهم بالإضطراب وهو مرفوع كما بينه ابن حبان، وابن حزم وغيرهما وأطال ابن سيد الناس في "شرح الترمذي" في ذلك، وهو واضح لمن عصمه الله من فتنة التقليد، فإن مخالفة المذهب واعتقاد عدم العمل بالدليل هو الباعث على التشبث بالعلل الواهية التي لا تؤثر طعنًا والتي هي دون علل أحاديث احتجوا بها بمراحل. * * * 418 - حديث أنس: "في قيام العجوز وحدها خلف الصف".

تقدم قريبًا والمرأة خارجة عن موضوع المنفرد خلف الصف لأنه ورد حديث مرفوع: المرأة وحدها صف. أخرجه ابن عبد البر من حديث عائشة. * * * 419 - حديث أبي بَكْرَةَ: "رَكَعَ دُوْنَ الصَّفِّ فَلَمْ يَأمُرْهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإعَادَةٍ وقال: "زَادَكَ الله حِرصًا وَلَا تَعُدْ". أحمد، والبخاري، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي وغيرهم من

الإسراع إلى الصلاة

الإسراع إلى الصلاة رواية الحسن عنه انتهى إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ للنِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: "زَادَكَ الله حِرصًا، وَلَا تَعُدْ"؛ وليس فيه ولم يأمره بالإعادة كما قال ابن رشد. * * * 420 - حديث أبي هريرة: "إذا ثُوِّبَ بالصَّلاةِ فَلَا تَأتُوهَا وَأنْتُم تَسْعَوْنَ، وَأتُوهَا وَعَلَيْكُم السَّكِيْنَةُ.

متى ينهض للصلاة

متى ينهض للصلاة أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم.

وله عندهم ألفاظ منها عند البخاري، ومسلم،"إِذَا أُقِيْمَتْ الصَّلَاةُ فلا تَأتُوهَا تَسْعَوْنَ. وأتُوهَا تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ. فَمَا أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا". * * * 421 - حديث أبي قتادة: "إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوني". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي،

والبيهقي زاد مسلم في رواية "حتى تروني قد خرجت". * * * 422 - حديث أبي بَكْرَةَ وفيه: "أنَّهُ رَكَعَ ثُمَّ سَعَى إلى الصَّفِّ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ السَّاعي؟ قال أبو بَكرَةَ: أنَا، قَالَ: زَادَكَ الله حِرْصًا وَلَا تَعُدْ". تقدم قريبًا وهذا اللفظ عند أبي داود، والطحاوي.

الفصل الرابع: وجوب اتباع الإمام

الفصل الرابع: وجوب اتباع الإمام اتباع الإمام في الأقوال والأفعال 423 - حديث أنس: "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ ليُؤْتَم به".

متفق عليه وقد تقدم. * * * 424 - حديث ابن عمر: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا افتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وإذَا

صلاة القائم خلف القاعد

صلاة القائم خلف القاعد رَفعَ رأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ، وقَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حمده ربنا ولك الحمد".

متفق عليه وقد تقدم. * * * 425 - حديث أنس: "وإذا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا". هو تمام حديث: "إنَّمَا جُعِلَ الإمام ليُؤتَمَ به فإذَا صَلَّى قَائِمًا فَصلَّوا قِيامًا، وإذا رَكَعَ فاركَعُوا، وإذَا رَفَعَ فارْفَعُوا، وإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه فَقُولُوا رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلَّوا جُلوسًا أجْمَعُون".

426 - قوله: (وحديث عائشة في معناه). متفق عليه أيضًا من حديث هشام بن عروة عن أبيه عنها قالت صَلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأشَارَ إليْهِم أنْ اجْلِسُوا. فَلَما انصَرَفَ قَالَ: إنَّما جُعِل الإمَامُ ليُؤتَمَّ بهِ، فإذَا رَكَعَ فارْكَعُوا، وإذَا رَفَعَ فَارفَعُوا، وإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه فَقُولُوا رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا. * * * 427 - حديث عائشة: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوفِيَّ فيهِ، فَأَتَى المسْجِدَ فَوَجَدَ أبَا بَكرٍ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي بالنَّاسِ"، الحديث.

متفق عليه.

428 - حديث: "لَا يَؤُمَّنَّ أحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا"، قال ابن رشد: قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يصح عند أهل العلم بالحديث، لأنه يرويه جابر الجعفي مرسلًا، وليس بحجة فيما أسند فكيف فيما أرسل اهـ. قلت: رواه الدارقطني، والبيهقي من رواية جابر الجعفي، عن الشعبي مرسلًا والجعفي كذاب، والحديث من إفكه بدون مرية، وإنما يلين القول فيه من يتعلق بالباطل ويرجو أن يجد فيه مستندًا لرأيه ورأي أئمته. * * * 429 - قوله: (وقد روى ابن القاسم عن مالك أنه كان يحتج بما رواه ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج وهو مريض فكان أبو بكر هو الإمام وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بصلاة أبي بكر، وقال: ما ماتَ نَبيٌّ حتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ من أُمَّتِهِ، ثم قال بعد ذلك، إن الحديث ضعيف]. قلت: رواه ابن سعد في "الطبقات" عن الواقدي، ثنا عبد الرحمن بن عبد

العزيز، وعبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مريض لأبي بكر: صل بالناس، فوجد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، خفة فخرج وأبو بكر يصلي بالناس، فلم يشعر حتى وضع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يده بين كتفيه، فنكص أبو بكر وجلس النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن يمينه، فصلى أبو بكر وصلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بصلاته، فلما انصرف قال: لم يقبض نبي قطّ حتى يؤمه رجل من أمته. وفي "مستدرك الحاكم" من حديث المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم يمت نبي حتى يؤمه رجل من قومه"، ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد اتفقا جميعًا على صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر الصديق كذا قال. والذي في "الصحيحين" خلافه كما هو معلوم.

الفصل الخامس: صفة الاتباع

الفصل الخامس: صفة الاتباع 430 - حديث: "فإذَا كَبَّرَ فَكَبِّروا". هو بعض حديث إنما جعل الإمام ليُؤتم به. وقد سبق قريبًا.

431 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ في صَلاةٍ مِنَ الصَّلواتِ ثُمَّ أشَارَ إليهِم أن امكُثُوا فَذَهَبَ ثم رَجِعَ وَعَلى رَأسِهِ أثرُ الماءِ". أحمد، وأبو داود، والبيهقي من حديث حماد بن سلمة، عن زياد الأعلمي، عن الحسن، عن أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استفتح الصلاة فكبر ثم أومأ إليهم أن مكانكم ثم دخل فخرج ورأسه يقطر فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر وإني كنت جنبًا. قال أبو داود: (رواه الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: فلما قام في مصلاه وانتظرنا أن يكبر انصرف ثم قال كما أنتم). (ورواه أيوب، وابن عون، وهشام، عن محمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فكبر ثم

أومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب فاغتسل وكذلك رواه مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن يسار: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة). قلت: يشير أبي داود إلى أن الرواة اختلفوا هل انصرف - صلى الله عليه وسلم - بعدما كبر للصلاة، وكبر من خلفه طبعًا، أو انصرف قبل التكبير للصلاة، ففي حديث أبي بكرة أنه انصرف بعدما كبر كما سبق، وكذلك قال أكثر الرواة. فرواه مالك في "الموطأ" والشافعي عنه عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن يسار: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّر في صَلاةٍ مِنَ الصَّلواتِ، ثُمَّ أشار بِيَدِهِ أن امكُثُوا. ثُمَّ رَجِعَ وَعَلَى جِلْدِه أَثَرُ المَاءِ. ورواه الدارقطني، والبيهقي من طريق عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، ثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في صَلاتِهِ فكَبَّر، فكَبَّرنا مَعَهُ، ثمَّ أشَارَ إلى النَّاسِ أن كما أنتم فلم نَزَلْ قِيامًا حتى أتَانَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد اغتسل ورأسه يَقْطُر. قال الدارقطني: خالفه عبد الوهاب بن عطاء، فرواه عن سعيد عن قتادة عن

بكر بن عبد الله المزني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا ثم أخرجه كذلك. ورواه أحمد من حديث ابن لهيعة، ثنا الحارث بن يزيد، عن عبد الله بن زر ابن الغافقي، عن علي بن أبي طالب قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصلي انصرف ونحن قيام ثم أقبل ورأسه يقطر فصلى لنا الصلاة ثم قال: إني ذكرت كنت جنبًا. ورواه الشافعي، وابن ماجه، والبيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة وكبر ثم أشار إليهم فمكثوا، الحديث. ورواه البيهقي أيضًا من طريق الحسن بن عبد الرحمن الحارثي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر بهم في صلاة الصبح ثم أومأ إليهم، الحديث. ثم قال: (تفرد به الحسن بن عبد الرحمن الحارثي. ورواه إسماعيل بن علية وغيره، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وهو المحفوظ قال: وكل ذلك شاهد بحديث أبي بكرة). قلت: وخالف أبو سلمة الجميع، فروى عن أبي هريرة قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف حتى قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في مصلاة قبل أن يكبر ذلك فانصرف وقال:

مكانكم فلم نزل قيامًا حتى خرج إلينا وقد اغتسل يَنْطِفُ رأْسُه ماءً، فكبر وصلى بنا. متفق عليه. وكذلك رواه البيهقي وقال: إنه أصح من حديث ابن ثوبان، إلا أن مع رواية ابن ثوبان رواية أبي بكرة مسندة، وكذلك رواية أنس ورواية عطاء بن يسار، وابن سيرين مرسلة. قلت: وكذلك رواية علي مسندة كما سبق، وقد زعم ابن حبان أنهما قصتان ذكر في الأولى قبل التكبير والتحرم بالصلاة وهي رواية أبي سلمة وفي الثانية لم يتذكر إلا بعد أن أحرم كما في حديث أبي بكرة، فالله أعلم. * * * 432 - حديث: "أمَا يَخَافُ الَّذي يَرْفَعُ رَأسَهُ قَبْلَ الإمَامِ أنْ يُحَوِّلَ الله رَأسَهُ رَأسَ حِمَارٍ". متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ: أَمَا يَخْشَى الذي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ

الإمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمارٍ. وعند البخاري: أنْ يَجْعَل الله رَأسَهُ رأسَ حِمارٍ، أو يجْعَلَ الله صُورَتَهُ صورةَ حِمَارٍ.

الفصل السادس: ما يحمله الإمام عن المأمومين

الفصل السادس: ما يحمله الإمام عن المأمومين

تقدم. * * * 434 - حديث) "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - انصَرَفَ من صَلاةٍ جَهَرَ فِيْهَا بالقِرَاءَةِ فَقَالَ: هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُم أحَدٌ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: نعم. أنَا يا رسُولَ الله، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي أقُولُ مالِي أُنازَعُ القُرآنَ"، فانتهى النَّاسُ عن القِرَاءَةِ فِيْمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. مالك، والشافعي، وأحمد، والبخاري في "جزء القراءة"، وأبو داود

والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وغيرهم من طريق الزهري، عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة به؛ حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان وضعفه الحميدي والبيهقي، بل بالغ النووي فقال: أنكر الأئمة على الترمذي تحسينه، واتفقوا على ضعف هذا الحديث لأن ابن أكيمة مجهول كذا قال. وهو وإن كان مجهول اصطلاحًا إلا أنه معروف الحال بالفضل والصلاح والعلم بالمدينة المنورة، ويكفي أنه حدث سعيد بن المسيب، وهو إمام أهل عصره بالمدينة فلا معنى لتضعيف الحديث به ثم أن الحامل لمن ضعفه معارضته ظاهرًا للأمر بالقراءة ولا معارضة في الواقع لأنه محمول على ما عدا الفاتحة لحديث إذا كنتم خلفي فلا تقرأوا إلا بفاتحة الكتاب كما سيأتي بعده. وأبو هريرة راوي حديث ابن أكيمة هو حديث اقرأ بها في نفسك فلا يعقل التعارض والتضارب، ولا الحمل على الإِطلاق كما يريده من يحتج به لإِنكار القراءة وقد اتفق الحفاظ أو كادوا على أن قوله فانتهى الناس عن القراءة من كلام الزهري، وإن روى بعضهم أنه من كلام أبي هريرة كما عند أبي هريرة.

435 - حديث عبادة بن الصامت قال: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاةَ الغَدَاةِ فَثَقُلَتْ عَلَيهِ القِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إني لأراكُم تقْرأونَ وَراءَ الإمَامِ، قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَلا تَفْعَلوا إلَّا بأمِّ القُرآنِ"، ثم نقل عن ابن عبد البر أنه قال: حديث صحيح. قلت: وفوق الصحيح أخرجه أحمد، والبخاري في "القراءة"، وأبو داود، والترمذي، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وجماعة وزاد أكثرهم بعد قوله فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. وصححه البخاري، وابن حبان والحاكم، وآخرون، ولي فيه جزء منفرد.

436 - حديث جابر: "مَنْ كَانَ لَهُ إمامٌ فقِرَاءَتُهُ لَهُ قراءة". الصحيح في هذا أنه موقوف، رفعه الضعفاء وأصحاب الأغراض والأهواء، فقد ورد مرفوعًا عن جابر من ثلاثة طرق. الطريق الأول: من رواية أبي الزبير، عن جابر، أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد كلاهما من رواية الحسن بن صالح، عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا سند ظاهره الصحة، إلا أنه معلول لأن الحسن بن صالح لم يسمعه من أبي الزبير، عن جابر الجعفي عنه. فقد رواه ابن ماجه، والطحاوي من أوجه، عن الحسن بن صالح فقال: عن جابر الجعفي، عن أبي الزبير عن جابر، فرجع الحديث إلى جابر الجعفي وهو كذاب. قال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب منه ما أتيته بشيء من رأيي إلا أتاني فيه بحديث.

قلت: وترك القراءة خلف الإِمام من رأي أبي حنيفة فالحديث من وضع الكذابين لتأييد رأيه. وقد رواه جابر الجعفي مرة أخرى عن نافع ابن عمر بدل أبي الزبير، عن جابر أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار". ورواه الحسن بن صالح مرة أخرى، فقرن بجابر الجعفي ليث بن أبي سليم رواه الطحاوي، وابن عدي، والدارقطني والبيهقي من رواية الحسن بن صالح، عن ليث وجابر كلاهما عن أبي الزبير. وقال ابن عدي: (هذا معروف بجابر الجعفي، ولكن الحسن بن صالح قرنه بالليث والليث ضعفه أحمد، والنَّسائي، وابن معين). وقال الدارقطني: (جابر والليث ضعيفان). وقال البيهقي: (جابر الجعفي، وليث بن أبي سليم لا يحتج بهما وكل من تابعهما على ذلك أضعف منهما، أو من أحدهما، والمحفوظ عن جابر من قوله).

ورواه محمد بن الحسن في "الموطأ" والدارقطني من رواية سهل بن العباس الترمذي، ثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير عن جابر، ثم قال: هذا حديث منكر، وسهل بن العباس متروك. الطريق الثاني: من رواية موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه محمد بن الحسن في "الموطأ". وفي "الآثار" معًا، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من رواية أبي حنيفة عن موسى المذكور. وقال الدارقطني: (لم يسنده عن عائشة غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة وهما ضعيفان). قال: وروى هذا الحديث سفيان الثوري، وشعبة، وإِسرائيل، ويونس، وشريك، وأبو خالد الدالاني، وأبو الأحوص، وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصواب.

وهكذا قال ابن عدي: (أنه لم يسنده إلا أبو حنيفة وتابعه الحسن بن عمارة وهو أضعف منه). وكذلك قال البيهقي: (وزاد أن جماعة رووه عن أبي حنيفة موصولًا، ورواه عبد الله بن المبارك عنه مرسلًا، دون ذكر جابر، وهو المحفوظ). ثم أخرجه كذلك إلا أن ابن المبارك لم يفرد أبا حنيفة بل قال: أنبأنا سفيان وشعبة، وأبو حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة). فيجوز أن يكون ابن المبارك حمل رواية أبي حنيفة على رواية شعبة وسفيان. ثم قال البيهقي: (ورواه الحسن بن عمارة عن موسى موصولًا، والحسن بن عمارة متروك). قلت: وإذا ثبت أن الصحيح أنه عبد الله بن شداد مرسلًا فعبد الله بن شداد رواه عن رجل مجهول لا يعرف فقد ذكره الدارقطني من روايته، عن أبي الوليد، عن جابر بن عبد الله ثم قال، وأبو الوليد هذا مجهول ولم يذكر في هذا الإسناد جابرًا غير أبي حنيفة. الطريق الثالث: من رواية وهب بن كيسان، عن جابر أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق عاصم بن عصام عن يحيى بن نصر بن حاجب عن مالك،

عن وهب بن كيسان عن جابر به. وقال الدارقطني: هذا باطل لا يصح عن مالك ولا عن وهب بن كيسان، وعاصم بن عصام لا يعرف والذي في "الموطا" عن وهب بن كيسان، عن جابر موقوفًا عليه. وأخرجه الطحاوي، والدارقطني في "السنن" من طريق يحيى بن سلام، ثنا مالك ثنا وهب بن كيسان به مرفوعًا أيضًا، قال الدارقطني: يحيى بن سلام ضعيف والصواب موقوف. وذكره البيهقي في "السنن" من جهة مالك في "الموطأ" موقوفًا ثم قال: (هذا هو الصحيح عن جابر من قوله غير مرفوع وقد رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك وذاك مما لا يحل روايته على طريق الاحتجاج به وقد يشبه أن يكون مذهب جابر في ذلك ترك القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه بالقراءة دون ما لا يجهر اهـ.) قلت: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس، وعلي، وأنس وأبي سعيد وأبي هريرة وكلها معلولة، لا يصح منها حرف مرفوعًا. وقد روى البيهقي في "المعرفة" عن الحاكم قال: سمعت سلمة بن محمد الفقيه يقول: سألت أبا موسى الرازي عن حديث من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة فقال: لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء إنما اعتمد مشايخنا فيه على الروايات عن علي وابن مسعود وغيرهما يعني موقوفًا عليهم قال الحاكم: أعجبني هذا لما سمعته فإن أبا موسى أحفظ من رأينا من أصحاب الرأي على أديم الأرض.

437 - حديث: "إذَا قَرَأَ الإمَامُ فأنصتوا" قال ابن رشد: صححه أحمد بن حنبل. قلت: نقل ذلك عنه ابن عبد البر في "التمهيد"، والحديث ورد من حديث أبي هريرة، ومن حديث أبي موسى الأشعري، وكلاهما صححه أيضًا مسلم في "صحيحه". فحديث أبي هريرة: خرجه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه والطحاوي والدارقطني كلهم من رواية أبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان،

عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا" الحديث. وقال أبو داود: (هذه الزيادة، واذا قرأ فأنصتوا ليست بمحفوظة، والوهم عندنا من أبي خالد كذا قال). وهو وهم في ذلك لأن أبا خالد ثقة ومع ذلك فلم ينفرد بها حتى يحكم عليه بالوهم، فقد تابعه ثلاثة كلهم زادوا تلك الزيادة، عن محمد بن عجلان. الأول: محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي، أخرجه النَّسائي، والدارقطني من جهته ثم من رواية محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، ثنا بن سعد الأنصاري قال: حدثني محمد بن عجلان به بلفظ: إنما جعل الإِمام ليؤتم به فإِذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا. ثم قال النَّسائي: كان المخرمي يقول هو ثقة يعني محمد بن سعد الأنصاري.

وكذلك نقل هذا الدارقطني عن النَّسائي. وأقره الثاني محمد بن ميسر، أبو سعد الصاغاني، رواه أحمد في "المسند" عنه والدارقطني في "السنن" من رواية محمود بن خداش عنه عن محمد بن عجلان به ثم قال: أبو سعد الصاغاني ضعيف. الثالث إسماعيل بن أبان الغنوي: أخرجه الدارقطني، والبيهقي من روايته عن محمد بن عجلان أيضًا ثم قال الدارقطني: إسماعيل بن أبان ضعيف. أما البيهقي، فجعل الوهم في الحديث من ابن عجلان، وسبقه إلى ذلك أبو حاتم في "العلل" فأسند البيهقي عن عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول في حديث ابن عجلان: إذا قرأ فأنصتوا، قال: ليس بشيء ثم أسند عن ابن أبي حاتم قال في "العلل": سمعت أبي وذكر هذا الحديث فقال: ليست هذه الكلمة محفوظة هي من تخاليط ابن عجلان قال: وقد رواه خارجة بن مصعب أيضًا يعني عن زيد بن أسلم، وخارجه أيضًا ليس بالقوي.

قال البيهقي: (وقد رواه يحيى بن العلاء الرازي كما روياه، ويحيى بن العلاء متروك). وهذا تعسف ظاهر يحمل عليه عدم فهم الجمع بين الأخبار المتعارضة ظاهرًا مع إنه لا تعارض أصلًا إذ معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - وإذا قرأ فأنصتوا في غير الفاتحة لحديث عبادة وغيره إذا كنتم خلفي فلا تقرءوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها؛ وهذا ظاهر في رفع التعارض فلا يحتاج معه إلى تعسف وتوهين للأحاديث الصحيحة بدون حجة، وقد صححه مسلم في "صحيحه" لما سأله عنه أبو بكر ابن أخت النضر فقال له: فحديث أبي هريرة وإذا قرأ فأنصتوا فقال هو عندي صحيح، فقال له: فلم لم تضعه هاهنا؟ فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه اهـ. وحديث أبي موسى: رواه مسلم، وأبو داود، والدارقطني، والبيهقي من رواية سليمان التيمي، عن قتادة عن أبي غلاب بن جبير، عن حطان بن عبد الله، عن أبي موسى الأشعري في حديث طويل قال فيه: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبنا فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا فقال: "إذَا صَلَّيْتم فَأَقِيمُوا صُفُوفَكم. ثُمَّ لِيَؤمَّكُم أَحَدُكُم، فإذَا كَبَّرَ فَكَبِّروا، وإذا قَرَأَ فأنصِتُوا" الحديث. وقال أبو داود: (قوله وأنصتوا ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان التيمي

في هذا الحديث). وقال الدارقطني: (ورواه هشام الدستوائي، وسعيد، وشعبة، وهمام وأبو عوانة، وأبان، وعدي بن أبي عمارة كلهم عن قتادة فلم يقل أحد منهم وإذا قرأ فأنصتوا وهم أصحاب قتادة الحفاظ عنه). وقال البيهقي: (أخبرنا الحاكم قال سمعت أبا علي الحافظ يقول: خالف جرير عن التيمي أصحاب قتادة كلهم في هذا الحديث والمحفوظ، عن قتادة رواية هشام الدستوائي وهمام، وسعيد بن أبي عروبة، ومعمر بن راشد وأبي عوانة، والحجاج بن الحجاج ومن تابعهم على روايتهم يعني دون هذه اللفظة). قلت: وخالف هؤلاء مسلم فصحح هذه الزيادة من حديث أبي موسى أيضًا كما صححها من حديث أبي هريرة ففي "صحيحه" (قال أبو بكر بن أُخْتِ أبي النضر في هذا الحديث: أبي طعن فيه، فقال له مسلم: أتريد أحفظ من سليمان التيمي يعني أنه ولو خالفه غيره فهو حافظ فزيادته مقبولة). لكن رد هذا النووي في "شرح مسلم": (فحكى عن يحيى بن معين وأبي حاتم الرازي، وأبي داود، والدارقطني، وأبي علي النيسابوري شيخ الحاكم. والبيهقي أن هذه الزيادة غير محفوظة قال: واجتماع هؤلاء الحفاظ على تضعيفها، مقدم على تصحيح مسلم لها، لاسيما ولم يروها مسنده في صحيحه كذا قال).

والواقع أنه رواها مسندة فقال: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة به، وما ادعاه أولئك الحفاظ من تفرد سليمان التيمي بها باطل أيضًا. فقد رواه سالم بن نوح، ثنا عمر بن عامر وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة بالزيادة المذكورة أيضًا خرجه الدارقطني ثم قال: سالم بن نوح: ليس بالقوي كذا قال. وقد وثقه جماعة واحتج به مسلم في "صحيحه" فهو على شرطه أيضًا وكذا احتج به ابن خزيمة، وابن حبان ثم رواية سليمان التيمي. وحديث أبي هريرة الصحيح أيضًا شاهده لحديثه فما ينبغي أن يشك في صحة هذه الزيادة فإنها بحسب القواعد صحيحة كما قال مسلم والله أعلم. * * * 438 - حديث: "اقْرأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ".

متفق عليه من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته، وقد تقدم.

الفصل السابع: تعدي فساد صلاة الإمام للمأمومين

الفصل السابع: تعدي فساد صلاة الإمام للمأمومين

439 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَبَّر في صَلاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أشَارَ أن امكُثُوا". تقدم قريبًا.

الباب الثالث: صلاة الجمعة

الباب الثالث: صلاة الجمعة

الفصل الأول: وجوب الجمعة

الفصل الأول: وجوب الجمعة 440 - حديث: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عن وَدَعِهِمُ الجُمُعَة أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قُلُوبِهِم". مسلم، والدارمي، والبيهقي، من رواية مُعَاوِيَةُ بن سَلَّام، عن أخيه زيدٍ

ابن سَلَّام أنَّهُ سَمِعَ أَبا سَلَّامٍ يقول: حَدَّثني الحكمُ بن مينَاءَ؛ أنَّ عبد الله ابن عمر وَأبَا هريرة حدثاه؛ أنَّهُما سَمِعَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: وهو على أعواد منبره: "لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ عن ودعهم الجمعات أو يختمنَ الله على قلوبهم ثم ليكوننّ الغَافِلين". قال البيهقي، (ورواه أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء أنه سمع ابن عباس، وابن عمر يحدثان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فذكره). ثم أسنده كذلك قال: (وخالفه هشام الدستوائي فرواه عن يحيى بن أبي كثير، أن أبا سلام حدث أن الحكم بن ميناء حدث أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس حدثا أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثله). (ثم أسنده من طريق أبي داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي به، ثم قال: ورواية معاوية بن سلام عن أخيه زيد أولى أن تكون محفوظة). قلت: رواية أبان أخرجها أيضًا النَّسائي، ورواية هشام الدستوائي هي عند الطيالسي في "مسنده"، وكذلك عند أحمد.

441 - حديث: "إنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ الله عيدًا". مالك، والشافعي عنه، عن ابن شهاب، عن ابن السباق مرسلًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع: "إنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ الله عيدًا، فاغتَسِلوا وَمَنْ كَانَ عنْدَهُ طِيبٌ فَلا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ. وَعَلَيْكُم بالسِّوَاكِ". ورواه ابن ماجه، والطبراني في "الصغير" كلاهما من طريق علي بن غراب عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد بن السباق به موصولًا عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال الطبراني، لم يروه عن الزهري عن ابن السباق إلا صالح، تفرد به علي بن غراب كذا قال. ورواية مالك ترد عليه إلا أن يريد نفيه الوصل وذلك بعيد من كلامه.

ورواه أيضًا من طريق يزيد بن سعيد الاسكندراني الصبَّاحي، ثنا مالك بن أنس، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع: معاشر المسلمين، إن هذا يوم جعله الله لكم عيدًا فاغتسلوا وعليكم بالسواك. * * * 442 - حديث: "الجُمُعَةُ حَقٌ وَاجِبٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ إلا أربَعَةٌ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أو امْرأةٌ، أو صبيٌّ، أو مريضٌ" وفي رواية: "إلا خَمْسَةٌ" وفيه: "أو مُسَافِرٌ"، قال ابن رشد: والحديث لم يصح عند أكثر العلماء. قلت: أخرجه أبو داود، والدارقطني، والبيهقي كلهم من حديث هريم ابن سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن

شهاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به مثله. وقال أبو داود: (طارق بن شهاب رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه شيئًا). أي فهو صحابي وحديثه مرسل صحابي، وهو حجة عند الجمهور وقد ورد موصولًا من طريقه، عن أبي موسى أخرجه، الحاكم والبيهقي في "المعرفة" عنه من الوجه السابق أيضًا من رواية عبيد بن محمد العجلي، عن العباس بن عبد العظيم العنبري، عن إسحاق ابن منصور، عن هريم بن سفيان به. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا جميعًا على الاحتجاج بهريم بن سفيان ولم يخرجاه). وقال البيهقي: أسنده عبيد بن محمد العجلي، وأرسله غيره يعني أبا داود فإنه رواه في "السنن"، عن العباس بن عبد العظيم أيضًا إلا أنه مصر به على طارق بن شهاب. قال البيهقي: وهو المحفوظ وهو مرسل جيد، وله شواهد ذكرناها في كتاب "السنن" وفي بعضها المريض وفي بعضها المسافر اهـ. وتصحيح شيخه الحاكم للموصول أولى، وإن حكى الحافظ في "الإصابة"

أنهم خطأوه فيه. مع أن الذهبي وافقه، ومن خطأه فهو المخطئ جزمًا إن شاء الله تعالى لأنه لا دليل على ذلك وإنما هو ترجيح بدون مرجح، وقد زعم ابن حزم أن هريم بن سفيان مجهول لا يعرف، وهو مخطئ في ذلك كما ترى، وقد أطلت الرد عليه في كتاب الحسبة على من جوز صلاة الجمعة بلا خطبة. أما رواية إلا خمسة بزيادة أو مسافر، فوردت من حديث تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مريض أو مسافر، أو عبد، رواه البخاري في "التاريخ"، والطبراني في "الكبير" أيضًا والبيهقي في "السنن" كلهم من رواية الحكم بن عمرو، عن ضرار بن عمرو وعن أبي عبد الله الشامي، عن تميم. والحكم بن عمرو، قال أبو حاتم: مجهول، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، ونقل ابن أبي حاتم في "العلل"، عن أبي زرعة أنه قال: أنه حديث منكر. وورد أيضًا من حديث جابر بن عبد الله ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك، فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غني حميد. رواه الدارقطني واللفظ له، والبيهقي كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن معاذ بن محمد

الأنصاري عن أبي الزبير، عن جابر. وقال الذهبي في "المهذب": معاذ مجهول كذا قال، تبعًا لابن عدي، وقد ذكره ابن حبَّان في الثقات، وله مع ذلك شاهد من حديث أبي هريرة رواه الطبراني في "الأوسط" والدارقطني من وجهين عنه إلا أن كليهما ضعيف وله شواهد أخرى مرسلة وموصولة من حديث ابن عباس، وأبي الدرداء وابن عمر، ومولى لآل الزبير وغيرهم.

الفصل الثاني: شروط الجمعة

الفصل الثاني: شروط الجمعة 443 - حديث سهل بن سعد قال: "مَا كُنَّا نَتَغَذَّى في عَهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا نَقِيْلُ إلَّا بَعْدَ الجُمُعَةِ" قال ابن رشد: خرَّجه البخاري.

قلت: وكذا أحمد، ومسلم، والأربعة، وغيرهم. وفي لفظ للبخاري آخر الجمعة "كُنَّا نُصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجُمُعة ثم تكون القَائِلة". وفيه رد على من زعم أن قوله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقع إلا عند أحمد، ومسلم، والترمذي، دون الباقين. * * * 444 - قوله: (مِثْلُ مَا رُوِيَ أنَّهُمْ كَانُوا يُصلُّون وَيَنْصَرِفونَ وَمَا للجُدُرِ ظِلَالٌ).

متّفق عليه من حديث سلمة بن الأكوع قال: كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نرجع نتتبع الفيء. وفي لفظ البخاري: ثم ننصرفُ وليس للحيطانِ ظِلٌّ نستَظِلُّ به. وعند مسلم: وما نجدُ فيئًا نَسْتَظِلُّ بهِ. وفي الباب عن الزبير بن العوام رواه أحمد، وأبو يعلى، وعن عمار رواه الطبراني في "الكبير". وعن جابر رواه الطبراني في "الأوسط" وعن غير هؤلاء.

445 - حديث أنس: "أن النَّييَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تميلُ الشَّمْسُ". أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي.

446 - حديث السائب بن يزيد قال: "كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إذَا جَلَسَ الإمامُ عَلى المِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وَعُمَر، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلى الزَّوْرَاءِ". قال ابن رشد: خرّجه البخاري. قلت: وكذا أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي. * * * 447 - قوله: (ورُوِيَ أيضًا عن السَّائبِ بن يزيد أنَّهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِرَسُولِ

اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ). البخاري، من حديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن الزهري عنه "أنَّ الذي زَادَ التّأذِينَ الثّالِثَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عثمانُ بن عفان، حِينَ كَثُرَ اهْلُ المدِينَةِ، ولم يكنْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - مُؤذِّنٌ غيرَ واحدٍ، وَكَانَ التأذِينُ يَوْمَ الجُمعةِ حِينَ يَجْلِسُ الإمَامُ عَلى المِنْبَرِ". وعند الحاكم، من حديث ابن عمر قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَرَجَ يَوْم الجُمعةِ فَقَعَدَ عَلى المِنْبَرِ أذَّنَ بلالٌ". وعند أبي نعيم في "المعرفة" من حديث سعيد بن حاطب، أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج فيجلس على المنبر يوم الجمعة ثم يؤذن المؤذن فإذا فرغ قام يخطب. * * * 448 - قوله: (وروى أيضًا عن سعيد بن المسيب أنَّهُ قَالَ: كَانَ الأذَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ وعُمَرَ أذانًا واحِدًا حِيْنَ يخرُجُ الإمَامُ، فَلَمَّا كَانَ

زَمَانُ عُثْمَانُ كَثُرَ النَّاسُ فَزَادَ الأذانَ الأول ليتهيَّأ النَّاسُ للجُمُعَةِ). قلت: غريب عن سعيد، ولم أره إلا عن السائب بن يزيد. * * * 449 - قوله: (وَرَوَى ابن حبيبٍ: أن المؤذِنِينَ كَانُوا عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَة، ثُمَّ قالَ ابن رشد: وأحاديثُ ابن حبيبٍ عِندَ أهلِ الحَدِيثِ ضَعيفة ولاسيما فِيمَا انفَرَدَ بِه). قلت: كهذا فإنه كذب مقطوع به، لم ينقله سوى ابن حبيب وقد كذبه جماعة، ممن خابروه وسبروا رواياته، ووقفنا نحن على ما يصدق ذلك ويؤيده في

أحاديث، أعظمُها دلالة على ذلك هذا الحديث الباطل المقطوع ببطلانه، فإِنه يستحيل عادة أن يكون للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثةُ مؤذنين يومَ الجمعة، ثم لا يرويه أحدٌ على الإِطلاق إلا ابن حبيب، وأيضًا فإِنه لم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة الشريفة إلَّا مؤذنٌ واحدٌ هو بلال - رضي الله عنه -. وأما ابن أم مكتوم فإِنِّما كان يؤذن بالليل وفي شهر رمضان خاصة، وما نقل في حديث أنه أذن في غير الليل أصلًا، وأقطع من هذا على كذبه أنه قال: كانوا ثلاثة يرقى هذا وينزل هذا، مع أنه لم يكن للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَأذِنَةً يرقى عليها مؤذنٌ. وأيضًا فقد صحت الأسانيد بأنَّ بلالًا كان يؤذن وحده يومَ الجمعة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صَحَّ البيان، فالمراد بين يديه وإنَّ ذلِكَ كانَ على بابِ المسجِدِ الشريفِ، فإلى أينَ كَانَ يرقى وينزل كما يزعم ابن حبيب، فلأجل هذا ومثله كذَّبَهُ الحفاظ، واتهموه بسرقَةِ الأحاديث، وتخليطِ الأسانِيد كما قال ابن الفرض وغيره، وذكروا لذلك أمثلة ظاهرة البطلان والمعارضة للأحاديث الصحيحة وموافقة الرأي والمذهب كما فعل عصريه وبلديه أصبغ بن خليل القرطبي، حيث افترى حديثًا في ترك رفع اليدين في

الانتقال في الصلاة، فافتضح من جهة الإسناد والتاريخ أيضًا، فالظاهر أن القراطبة أو أهل الأندلس على العموم، كانت نعرة الكذب لنُصرَةِ الهوى والرأي ماشية بينهم، ولذلك افتروا على مالك وأصحابه ما لعله يبلغ ثلاثة أرباع مذهبه فإنهم نقلوا عنه من الأقوال ما لعله لا يسع النطق به عمها أجمع، وفيها المتناقض والمتضارب بحسَبِ أهواءِ الناقلين الكذَّابين، ومن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بأن ذلك من أكبر الكبائر، وبالوعيد الشديد الوارد في ذلك فأهون شيءٍ عليه الكذب على مالك وأمثاله. وابن حبيب هذا فلعله كَذَبَ على مالكٍ آلافَ المسائِلِ لمْ يروِهَا عن مالك غيره، ولهذا حفظ الله تعالى دينه بالإسناد، فكل ما لم ينقل بالإسناد فلا عبرة به، لأنه لا يمازُ حقّهُ من باطِلِه، ولذلك كان المذاهب مرفوضة من هذه الجهة أيضًا كما هي مرفوضة من الأصل. والحمد لله رب العالمين. * * * 450 - قوله: (وأمَّا من اشتَرَطَ الأربعِينَ فَمصيرًا إلى ما رُويَ أنَّ هَذَا العَدَد كانَ في أوَّلِ

جُمُعَةِ صُلِّيَتْ بالنَّاسِ). أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة قال، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة، قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النَّبيت من حَرَّةِ بني بياضة، في نقيع يقال له نقيع الخَضَمَاتِ، قلتُ: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلًا. إسناده حسن صحيح.

451 - قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّها إِلَّا في جَمَاعَةٍ، وَمِصْرٍ ومَسْجِدٍ جَامِع).

قلت: ليس هذا واردًا وإنما هو مأخوذ من الاستقراء، وعدم ورود خلافه، ثم هو أمر اتفاقي لا ينبني عليه حكم إذ ليس هو بدليل كما هو معلوم.

الفصل الثالث: أركان الجمعة

الفصل الثالث: أركان الجمعة الخطبة

مقدار الخطبة

مقدار الخطبة 452 - قوله: (اشتُرِطَ فِيهَا أصولُ الأقوالِ التي نُقِلَتْ مِن خُطَبِهِ - صلى الله عليه وسلم -: أعني الأقوالَ الرَّاتِبَةُ الغيرَ مُبْتَذَلَةً).

الانصات للإمام وهو يخطب

الانصات للإمام وهو يخطب قلت: منها ما قال جابر بن عبد الله كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ، يَحْمَدُ اللهَ وُيثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ: "مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِل لَهُ، وَخَيْرُ الحديثِ كِتَابُ اللهِ. الحديث رواه مسلم.

ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب قال: أما بعد، كما تواتر ذلك عنه من رواية نحو أربعين صحابيًا، ومنها قال جابر بن سمرة "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائمًا، ويجلس بين الخطبتين، ويقرأ آيات ويذكر الناس". رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه. * * * 453 - حديث أبي هريرة: "إذَا قُلْتَ لصَاحِبِك أنصت يَوْمَ الجُمُعَةِ، والإمامُ يَخْطُبُ

فقد لَغَوتَ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وجماعة.

454 - قوله: (وأمَّا اختلافُهُم في ردِّ السَّلامِ وتشميتِ العَاطِسِ فالسببُ فيهِ تعارُض عُمومِ الأمرِ بذَلِكَ لِعُمُومِ الأمْرِ بالانْصَاتِ).

أما الأمر برد السلام وتشميت العاطس فمتفق عليه من حديث البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع: بعيادة المريض، واتباع الجنازة،

هل يصلي ركعتين إذا دخل والإمام يخطب

هل يصلي ركعتين إذا دخل والإمام يخطب وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، الحديث. وفي الباب غيره. وأما الأمر بالإنصات فرواه أحمد من حديث أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث: فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ. وفي الباب، حديث أبي هريرة السابق مع غيره فإنهما في معنى الأمر بالإنصات.

455 - حديث: "إِذَا جَاءَ أحَدُكُمْ المَسْجِدَ والإِمامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَينِ خفيفتين"، قال ابن رشد: خرّجه مسلم في بعض رواياته، قال: وأكثر رواياته "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الرجل الداخل أن يركع، ولم يقل إذا جاء أحدكم"، الحديث. قلت: اقتصر ابن رشد على عزو الحديث باللفظ الأول إلى مسلم وكذلك فعل المنذري في "تلخيص السنن"، والتبريزي في "المشكاة" والنووي في "شرح المهذب"، والحافظ في "التلخيص"، وعزاه للصحيحين معًا الصغاني في "المشارق"، والمجد ابن تيمية في "الأحكام"، والحافظ في "الفتح"، والسيوطي

في "الجامع"، وهو الواقع فقد أخرجه البخاري في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى آخر أبواب التهجد، فقال: حدثنا شعبة ثنا عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين. وهكذا رواه الدارمي، عن هاشم بن القاسم، عن شعبة، ومسلم عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر عن شعبة به. ورواه مسلم أيضًا من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: جَاءَ سُلَيْكٌ الغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ فَجَلَسَ فقالَ لَهُ: يَا سُلَيْكُ قُمْ فارْكَع رَكْعَتَينِ وَتَجوَّزْ فِيهِما ثمّ قال: إذا جَاءَ أَحَدُكُمْ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، والإمَامُ يَخْطبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَينِ وَلْيَتَجَوَّزْ فيهِمَا. ورواه أحمد، وأبو داود عنه، من وجه ثالث من رواية طلحة الإسكاف أنه

سمع جابر بن عبد الله بمثله. وأما اللفظ الثاني: فرواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من طرق عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: جَاءَ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ على المِنْبَرِ فقَالَ: صَلَّيتَ، قَالَ: لَا، قَال: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتين. ورواه أحمد، والترمذي، وصحّحه، والنَّسائي، وابن ماجه من

حديث أبي سعيد الخدري نحوه أو مثله. * * * 456 - حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعة الأولى بالجمعة، وفي الثانية: بإذا جاءك المنافقون". قال ابن رشد: خرّجة مسلم. قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي وغيرهم من حديث عبيد الله بن أبي رافع قال: استخْلَفَ مروانُ أبا هريرةَ على المدينة، وخرجَ إلى مكةَ فصلَّى بِنَا أبو هرَيْرةَ الجمعة فقَرَأ بسورةِ الجُمُعَةِ في الركعَةِ الأُوْلَى، وفي الآخرة إذا جَاءَكَ المنافِقُونَ، قال عبيد الله: فأدركتُ أبا هُريرة حين انصرف فقلت: إنَّكَ قَرأتَ بسورتين كان علي -رضي الله عنه- يقرأ بهما بالكوفة، فقال أبو هريرة: إني سَمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرأُ بِهِمَا.

457 - قوله: (وروى مالك أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة، قال: كان يقرأ بهل أتاك حديث الغاشية). قلت: أخرجه أيضًا أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه والبيهقي من رواية عبيد الله بن عبد الله قال: كتب الضَّحَّاكُ بن قَيْسٍ إلى

النعمان بن بشير يسأله أيُّ شيءٍ قَرأ بهِ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الجُمُعَةِ سِوَى سُورَةِ الجُمعَةِ، قَال كَانَ يَقْرَأ هَلْ أتَاكَ، لفظ مسلم. * * * 458 - حديث النعمان بن بشير: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وَفِي الجُمُعَةِ، بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى وَهَلْ أتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ، قَالَ: فَإذَا اجتَمَعَ العِيدُ والجُمُعَةُ في يومٍ واحدٍ قَرَأ بِهمَا في الصَّلاَتَيْنِ"، قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي كلهم من رواية حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير، عن النعمان به.

الفصل الرابع: في أحكام الجمعة

الفصل الرابع: في أحكام الجمعة غسل يوم الجمعة 459 - حديث أبي سعيد الخدري: "طُهْرُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ على كُلِّ مُحْتَلمٍ كَطُهْرِ الجنابة".

مالك، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي كلهم بلفظ: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. ورواه ابن حبّان في "صحيحه" بلفظ غسل يوم الجمعة واجب كغسل

الجنابة. وبهذا اللفظ رواه مالك في "الموطأ"، عن أبي هريرة موقوفًا عليه قال: غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الجَنَابَةِ. أما باللفظ الذي ذكر ابن رشد فلم يخرجه أحد، فضلًا أن يكون متفقًا عليه كما قال: فإن لفظ الطهر بدل الغسل عرف أندلسي. * * * 460 - حديث عائشة قالت: "كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أنْفسِهم يَرُوحُونَ إلى الجُمُعَةِ بهَيْئَتِهِمْ، فقِيلَ لَو اغْتَسَلْتُمْ"، قال ابن رشد: خرّجه مسلم، وأبو داود. قلت: والبخاري أيضًا والبيهقي كلهم من رواية يحيى بن سعيد أنه سأل

عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت: قالت عائشة -رضي الله عنها- كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة، راحوا في هيآتهم فقيل لهم لو اغتسلتم؛ لفظ البخاري، وله لفظ آخر سيأتي بعد حديث. * * * 461 - حديث: "مَنْ تَوَضَّأ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا ونِعْمَتْ، ومن اغتَسَلَ فالغُسْلُ أفْضَلُ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، والطحاوي، وابن الجارود، والبيهقي من حديث الحسن عن سمرة وحسنه الترمذي، وصحّحه ابن خزيمة وغيره ممن يرى سماع الحسن من سمرة ونسخته مشهورة متداولة مقبولة

هل تجب الجمعة على من هو خارج المصر

هل تجب الجمعة على من هو خارج المصر عند الأكثر فالحديث ثابت لا ينحط درجة القبول وصلاحيته للاحتجاج، فقول ابن رشد: أنه ضعيف مردود لاسيما وقد ورد من وجوه أخرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها. • حديث أنس: رواه ابن ماجه من حديث إسماعيل بن مسلم المكي عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تَوَضَّأ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ يُجْزِئُ عَنْهُ الفَرِيضَةُ وَمَنْ اغْتَسَلَ فالغُسْلُ أفضَلُ". ورواه أبو العباس بن سريج في "جزئه" قال: حدثنا الرمادي ثنا يزيد بن أبي حكيم، ثنا سفيان، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي به بدون قوله يجزئ عنه الفريضة. ورواه أبو نعيم في "العوالي" من حديث علي بن الجعد، أخبرنا سفيان بن سعيد، عن يزيد الرقاشي به مثله، وأسقط من السند الربيع بن صبيح وقد رواه كذلك الطحاوي في "معاني الآثار" عن أحمد بن خالد البغدادي، عن علي بن الجعد لكنه قال: أنا الربيع بن صبيح، وسفيان الثوري عن يزيد الرقاشي به مثله. ورواه الطحاوي، أيضًا من طريق يعقوب الحضرمي، ثنا الربيع بن صبيح عن

الحسن، وعن يزيد الرقاشي معًا عن أنس به. ورواه أبو نعيم في "الحلية" من طريق السميدع بن صبيح عن الربيع بن صبيح فقال عن الحسن، عن أنس لم يذكر يزيد الرقاشي. ورواه الطحاوي، من طريق الحجاج بن أرطأة، عن إبراهيم بن المهاجر عن الحسن، عن أنس به بلفظ: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت وقد أدى الفرض، ومن اغتسل فالغسل أفضل". ورواه الدارقطني في "العلل" من طريق عباد بن العوام عن سعيد عن قتادة عن أنس وقال: وهم فيه عباد والصواب رواية يزيد بن زريع وغيره عن قتادة عن الحسن عن سمرة. ومنها حديث عبد الرحمن بن سمرة: قال أسلم بن سهل في "تاريخ واسط" حدثنا طلق بن محمد بن السكن، ثنا حفص بن عمر، ثنا أبو حرة، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة به.

ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن أبي حرة به، ومن طريق الطيالسي وغيره رواه البيهقي في "السنن" وقد قيل أن أبا حرة وهم في صحابيه والصواب سمرة. ومنها حديث جابر بن عبد الله: رواه الطحاوي، من طريق عبيد ابن إسحاق العطار، ثنا قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به، ومن هذا الوجه خرّجه أيضًا إسحاق بن راهويه، والبزار وعبد بن حميد في "مسانيدهم"، وقيس بن الربيع مختلف فيه، وثقه شعبة والثوري وضعَّفه جماعة. ومنها حديث ابن عباس: خرّجه البيهقي من طريق عمرو بن طلحة القناد، ثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس به مرفوعًا بلفظ: من توضأ فبها ونعمت ويجزئ من الفريضة، ومن اغتسل فالغسل أفضل، ثم قال البيهقي: (وهذا الحديث بهذا اللفظ غريب من هذا الوجه، وإنما يعرف من حديث الحسن وغيره). ومنها حديث أبي سعيد: رواه البيهقي من طريق شريك، عن عوف عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به. ثم قال: (ورواه الثوري عمن حدثه عن أبي نضرة، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

462 - حديث: "أنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأتُونَ الجُمُعَة مِنَ العَوَالي في زَمَانِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -". متّفق عليه من حديث عائشة قالت: "كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِم، ومن العَوَالِي. فَيَأتُونَ فِي العَبَاءِ فيُصِيبُهُمُ الغُبَارُ والعَرَقُ. فَتَخْرُجُ مِنْهُمْ الرِّيحُ، فَأتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنسَانٌ مِنْهُمْ. وَهُوَ عِنْدِي، فَقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا". * * * 463 - حديث: "الجُمُعَةُ على مَنْ سَمِعَ النداء"، قال ابن رشد: رواه أبو داود. قلت: وكذا الدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية قبيصة، ثنا سفيان عن محمد بن سعيد، عن أبي سلمة بن نُبَيه، عن عبد الله بن هارون، عن عبد الله بن

عمرو بن العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: (روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورًا على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة). قال البيهقي بعد نقله: (وقبيصة بن عقبة من الثقات، ومحمد بن سعيد هذا هو الطائفي ثقة، وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده). ثم أخرجه من طريق الدارقطني في "سننه" من رواية الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الجمعة على من سمع النداء. قال البيهقي: (هكذا ذكره الدارقطني بهذا الإسناد مرفوعًا، وروى عن حجاج ابن أرطأة، عن عمرو كذلك مرفوعًا). ثم رواه البيهقي، من طريق الوليد بن مسلم أيضًا عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو قال: إنما تجب الجمعة على من سمع النداء فمن سمعه فلم يأته فقد عصى ربه قال: وهذا موقوف. قلت: وطريق حجاج رواه الدارقطني من طريق محمد بن الفضل بن عطية عنه عن عمرو بن شعيب به مرفوعًا بلفظ الجمعة على من بمدى الصوت: يعني حيث يسمع الصوت، ومحمد بن الفضل متروك.

التبكير لصلاة الجمعة

التبكير لصلاة الجمعة 464 - حديث: "الجُمُعَةُ على من آواهُ الليلُ إلى أهْلِهِ"، قال ابن رشد: وهو أثرٌ ضعيفٌ. قلت: وهو كذلك رواه الترمذي قال: سمعت أحمد بن الحسن يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فذكروا على من تجب الجمعة، فلم يذكر أحمد فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا: قالَ أحمد بن الحسن: فقلت لأحمد بن حنبل: فيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال أحمد بن حنبل: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: نعم. حدثنا الحجاج بن نضير، ثنا معارك بن عبَّاد، عن عبدِ الله بن سعيد المقبري عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الجمعةُ على من آواهُ الليلُ إلى أهله" فَغَضِبَ عليَّ أحمدُ، وقَالَ: استغفرْ رَبَّكَ استَغْفِرْ ربَّك. وإِنَّما فَعَل به أحمدُ بن حنبل هذا لأنَّهُ لَمْ يَعدَّ هذا الحديثَ شيئًا، وضعَّفَهُ لحالِ الإِسناد. قال الترمذي: هذا من حديث مُعَارِكِ بن عَبَّادٍ عن عبد الله بن سعيد وضعَّف يحيى بن سعيد القطان، عبد الله بن سعيد المقبري في الحديث قال: ولا يصح في هذا البابِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ).

ورواه ابن عدي، والبيهقي وغيرهما من هذا الوجه بلفظ: من علم أن الليل يأويه إلى أهله فليشهد الجمعة. وقال البيهقي: تفرد به معارك بن عباد، عن عبد الله بن سعيد وقد قال أحمد بن حنبل: معارك لا أعرفه، وعبد الله بن سعيد هو أبو عباد منكر الحديث متروك. قلت: ومعارك بن عباد مثله. قال أبو زرعة، واهي الحديث. وقال أبو حاتم: أحاديثه منكرة. وقال البخاري: لم يصح حديثه وضعفه آخرون. وفي الباب عن عائشة، أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" من طريق أبي نعيم، حدثنا جعفر بن معبد، ثنا عبيد بن الحسن، ثنا العباس بن يزيد المعروف بعباسويه، ثنا أبو عامر: يعني العقدي، ثنا عبد الواحد بن ميمون، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجُمُعَةُ على من آواه الليل عبد الواحد بن ميمون ساقط متروك، وقد رواه مرة أخرى بلفظ: الغسل يوم الجمعة على من شهد الجمعة، وكلاهما كذب إن شاء الله. قال الديلمي: ورواه لوين في "جزئه" المشهور، عن محمد بن جابر عن أيوب عن أنس من قوله. قلت: الذي عندي في "جزء لوين" خلاف هذا، والديلمي قليل التحقيق. قال لوين: حدثنا محمد بن جابر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الجمعة واجبة على من آواه الليل.

قال لوين: سمعت رجلًا يذكره كحماد بن زيد فعجب منه وسكت ولم يقل شيئًا. قلت: ومحمد بن جابر هو اليمامي وهو ضعيف. * * * 465 - حديث: "مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنةً" الحديث. مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة وغيرهم من حديث أبي هريرة أنَّ

حكم البيع والشراء وقت صلاة الجمعة

حكم البيع والشراء وقت صلاة الجمعة آداب الجمعة رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً. ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً. وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقرَنَ. وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرابِعَةِ فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاح فِي السَّاعَةِ الخامِسَةِ فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً فإذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ، يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ". * * * 466 - قوله: (وآدابُ الجُمُعَةِ ثَلَاثَةٌ: الطيب والسواك واللباس الحسن، ولا خلاف فيه لورود الآثار بذلك). قلت: منها حديث: إن هذا يوم جعله الله عيدًا فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا

يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك، وقد سبق في أول الباب. • وحديث أبي سعيد، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسنِ ثيابه ومسَّ من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصتَ إذا خَرَج إمامهُ حتى يفرغ من صلاته، كانت كفَّارةً لما بينها وبين جُمعتِهِ التي قبلها. رواه أبو داود، والبيهقي. • وحديث عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر يوم الجمعة: "ما على أحَدِكُم لو اشتَرى ثَوْبَيْن لِيوْمِ الجُمُعَةِ سِوَى ثَوبِ مِهْنَتِهِ. رواه ابن ماجه. وفي الباب عن جماعة.

الباب الرابع: صلاة السفر

الباب الرابع: صلاة السفر

الفصل الأول: في القصر

الفصل الأول: في القصر 467 - قوله: (وقالوا إن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما قَصَّر لأنَّهُ كَانَ خَائِفًا). ابن جرير في "التفسير" حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري، ثنا

عبد الكريم بن عبد المجيد، ثني عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبي يقول سمعت عائشة تقول في السفر: أتموا صلاتكم فقالوا إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في السفر ركعتين فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في حرب وكان يخاف فهل تخافون أنتم. قال ابن القيم في "الهدي النبوي" (قيل ظنت عائشة أن القصر مشروط بالخوف فإِذا زال الخوف زال سبب القصر، وهذا التأويل بعيد فإِن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر آمنًا وكان يقصر الصلاة) ا. هـ. يريد ما رواه الترمذي، والنسائي وجماعة وصحّحه غير واحد من حديث

عبد الله بن عباس قال: خَرَجَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من المَدِينَةِ إلى مَكَة لا يخاف إلا أنه يصلي ركعتين. وما رواه البخاري، ومسلم من حديث حارثة بن وهب قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن ما كان بمنى ركعتين. قال الحافظ في "الفتح" فيه رد على من زعم أن القصر مختص بالخوف. * * * 468 - حديث يعلى بن أمية قال: "قلت لعمر: إنَّما قَالَ الله تَعَالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ

يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وفدًا من النَّاسِ يرى في قصر الصلاة في السفر، فقَالَ عُمر: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَألتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِها عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ". أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجة، وابن جرير، والبيهقي وجماعة.

469 - حديث أبي قلابة عن رجل من بني عامر أتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله وَضَعَ عن المُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاَةِ"، وقال ابن رشد: هو في الصحيح. قلت: وليس كذلك فلا وجود له في الصحيحين أصلًا هو حديث مضطرب روى فيه عن أبي قلابة نحو اثني عشر قولًا. القول الأول: ما ذكره ابن رشد عنه، عن رجل من بني عامر أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار"، من رواية حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يطعم فقال: هلم فكل، فقال إني صائم: فقال: ادن حتى أخبرك عن الصوم، إن الله -عز وجل- وضع شطر الصلاة عن المسافر، والصوم عن الحبلى والمرضع. ورواه البيهقي من طريق وهيب عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر أيضًا، إلا أن أيوب قال: فلقيته، يعني الرجل من بني عامر فحدثنيه عن رجل منهم أنه أتى المدينة في طلب إبل له فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره. القول الثاني: عنه، عن رجل من بني عامر عن رجل يقال له أنس رواه البخاري في "التاريخ الكبير" من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب، عن أبي قلابة،

عن رجل من بني عامر أن رجلًا يقال له أنس حدثه أنه قدم المدينة بنحوه. القول الثالث: عنه، عن أبي أمية رواه البخاري في "التاريخ" من طريق أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أمية أنه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - من سفر فأراد أن يرجع، فقال: ألا تفطر قال: إني صائم، قال: إن الله -عز وجل- وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم. ورواه النَّسائي من طريق شعيب عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة الجرمي، أن أبا أمية الضمري حدثهم أنه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - من سفر فقال: انتظر الغداء يا أبا أمية، قلت: إني صائم، قال: ادْنُ أخبرك عن المسافر، إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة. وهكذا رواه أيضًا من طريق معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن قلابة. القول الرابع: عنه، عن أبي أمية، أو عن رجل، عن أبي أمية بالشك رواه الطحاوي، عن محمد بن عبد الله بن ميمون، ثنا الوليد، عن الأوزاعي عن يحيى قال: ثنا أبو قلابة، قال: حدثني أبو أمية أو عن رجل عن أبي أمية قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر فقال ألا تنتظر الغداء يا أبا أمية الحديث. القول الخامس: عنه، عن رجل عن أبي أمية بدون شك.

رواه البخاري في "التاريخ"، من طريق يحيى بن عبد العزيز، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة أن رجلًا أخبره أن أبا أمية أخبره أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر وهو صائم فقال: إن الله -عز وجل- وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة. ورواه النَّسائي، من طريق علي بن المبارك، عن يحيى، عن أبي قلابة مثله، وهكذا رواه الدولابي في "الكنى" في كنية أبي أمية الضمري، إلا أنه وقع عنده علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي بكير وهو وهم، ثم قال الدولابي: (هكذا قال أن أبا أمية أخبره، والصواب أبو أميمة). ورواه أيضًا في كنية أبي قلابة من طريق عقبة بن علقمة، عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد حدثني رجل عن أبي أمية فذكره. القول السادس: عنه، عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه رواه النَّسائي، عن عمرو بن عثمان، ثنا الوليد، عن الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو قلابة قال: حدثني جعفر بن عمرو بن أُميَّة الضَّمريُّ عن أبيه قال: قدمتُ على رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال لي ألا تنتظر الغدَاء. الحديث. القول السابع: عنه، عن أبي المهاجر، عن أبي أمية، رواه النَّسائي من طريق

أبي المغيرة، ثنا الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر عن أبي أمية الضمري قال: قدِمْتُ علَى رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من سفر، الحديث. القول الثامن: عنه، عن أنس بن مالك الكعبي رواه البخاري في "التاريخ" عن قبيصة، ومحمد بن يوسف كلاهما عن الثوري، عن أيوب عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك الكعبي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتغدى فقال: تعال أحدثك أن الله -عز وجل- وضع عن المسافر والمرضع الصوم. ورواه النَّسائي من طريق محمد بن الحسن بن التَّلِّ عن الثوري به مثله إلا أنه قال في المتن أنَّ اللهَ وَضَعَ عن المُسافِرِ: يعني نصفَ الصَّلاةِ والصَّوْمِ عن الحُبْلى والمُرْضِعِ. القول التاسع: عنه، عن قريب لأنس، عن أنس. رواه أحمد والنَّسائي كلاهما من رواية إسماعيل بن عُلَيَّةَ، ثنا أيُّوب قال: كان أبو قلابة حدثني بهذا الحديث، ثم قال لي: هَلْ لَكَ في الذي حدثنيه؟ قال: فدلَّني عليه، فأتَيْتُه فقَالَ: حدَّثني قريبٌ لي يُقالُ لَهُ أنسُ بن مالكِ قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إبلٍ لجار لي أخذت فَوَافَقْتُهُ وهو يأكُلُ فدعاني إلى طَعَامِهِ، فقُلتُ: إني صائِمٌ، فَقَالَ: أدنُ أو قال: هلم أخْبِرْكَ عن ذلك إِنَّ الله تبارَكَ وتعالى وَضَعَ عن المُسَافِر الصَّومَ وشَطْر الصَّلاةِ، وعن الحبلى والمرضع، قال: فكان بعد ذلك يتلهف بقول ألا أكون أكلت من طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دعاني إليه، لفظ أحمد.

ولفظ النسائي: أن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وهنا انتهى حديثه. القول العاشر: عنه، عن شيخ من بني قشير، عن عمه. رواه الطحاوي من طريق ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن أيوب قال: حدثني أبو قلابة، عن شيخ من بني قشير، عن عمه، ثم لقيناه فقال له أبو قلابة حدثه: يعني أيوب فقال الشيخ حدثني عمي أنه ذهب في إبل له فانتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله، وزاد عن الحبلى والمرضع. القول الحادي عشر: عنه، عن رجل قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه النَّسائي، عن سُويد بن نصر، والطحاوي من طريق نعيم بن حماد كلاهما عن ابن المبارك، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي قلابة، عن رجل قال أتيت لحاجة فإِذا هو يتغدى قال: هلُمَّ إلى الغَدَاء قلت إني صائم، قال: هلم أخبرك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر ونصف الصلاة والصوم، زاد سويد بن نصر وَرَخَّصَ للحُبْلَى والمرضع. القول الثاني عشر: عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا مع مخالفة أخرى في المتن. رواه النَّسائي من طريق موسى بن أبي عائشة عن غيلان قال: خرجت مع أبي قلابة في سفر فقرب طعامًا، فقلت: إني صائم، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في سفر فقرب طعامًا فقال لرجل: أدن فأطعم، فقال: إني صائم قال: إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصيام في السفر فادن فأطعم فدنوت فطعمت. قلت: والواقع من هذا كله، أن الحديث حديث أنس بن مالك الكعبي من بني

قشير، وكنيته أبو أميمة، ويقال أبو أمية، فلما شارك أبا أمية الضمري في كنيته اشتبه الحال على الرواة فطروا يأتون بتلك الأسانيد المختلفة. وقد روى الحديث عن أنس بن مالك الكعبي من وجه آخر لم يقع فيه اضطراب، فأخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي كلهم من حديث عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب قال: أَغارتْ عَلَيْنَا خيلُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيتُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْتُهُ يَتَغَذَّى، فَقَالَ: ادنُ فكُلْ، فقُلْت إني صائِمٌ، فَقَالَ: أُدْنُ أُحدثَكَ عن الصَّومِ أو الصِّيَامِ، إن اللهَ وَضَعَ عن المُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ، وعَنِ الحَامِلِ أو المُرْضِعِ الصَّومَ أو الصيامَ؛ والله لقد قالَهُما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كِلَيهما أو أحدهما فيا لَهْفَ نفسِي أنْ لَا أكونَ طَعِمْتُ من طَعَامِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظ الترمذي وقال: (حديث حسن ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث الواحد). قلت: وهذا الطريق لم يختلف فيه أحدًا لكن اختلف في أصل الحديث على أقوال أخرى من غير طريق أبي قلابة منها عن رجل من بني عامر رواه عبد الله بن

صالح كاتب الليث في "نسخته" عن ابن وهب، عن ابن جريج أن أيوب السختياني أخبره أن أبا حمران المعافري أخبره، عن رجل من بني عامر أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله فوجده. يأكل، الحديث. وفيه إن الله -عز وجل- وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع. ورواه النَّسائي من طريق خالد الحذاء، والطحاوي من طريق الجريري كلاهما عن أبي العلاء بن الشخير، عن رجل من قومه أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله، وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير أخو مطرف. ورواه الطحاوي من طريق أبي داود الطيالسي، وأبي عوانة، عن أبي بشر عن هانئ بن عبد الله بن الشخير، عن رجل من بلحريش، قال: كنا نسافر فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يطعم، الحديث. وفيه: أن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة. قلت: وهانئ بن عبد الله ما أرى له قرابة بيزيد بن عبد الله، والله أعلم. ورواه النَّسائي عن قتيبة عن أبي عوانة به فقال: عن رجل من بلحريش، عن أبيه فزاد ذكر أبيه وجعله هو صاحب الحديث. ورواه أيضًا من طريق سهل بن بكار، عن أبي عوانة فقال: عن أبي بشر، عن هانئ بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: كنت مسافرًا فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأكل

وأنا صائم، فقال: هلم، قلت: إني صائم، قال: أتدري ما وضع الله عن المسافر؟ قلت: وما وضع الله عن المسافر؟ قال: الصوم وشطر الصلاة. قلت: فالظاهر أن القصة تعددت، والله أعلم. * * * 470 - حديث عائشة قالت: "فُرِضَتْ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ ركْعَتَيْنِ، فَأقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ في صَلاَةِ الحَضَرِ". مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي وله عندهم ألفاظ.

471 - قوله: (وأمَّا دَلِيلُ الفِعْلِ فَمَا رُويَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قَصْرِ الصَّلاةِ في كُلِّ أسْفَارِهِ، وأنَّه لَمْ يَصُحُّ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ أتَمَّ الصَّلاةَ قَطْ). قلت: هذا معلوم من سيرته لمن تتبع الأحاديث والأخبار في أسفاره - صلى الله عليه وسلم - وقد نص الحفاظ على ذلك. قال ابن القيم في "الهدي النبوي" (وكان - صلى الله عليه وسلم - يقصر الرباعية فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافرًا إلى أن يرجع إلى المدينة، ولم يثبت عنه أتم الرباعية في سفره البتة، قال: وأما حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَقْصُرُ في السفر، وُيتِمُّ، ويُفْطِرُ ويصُومُ، فلا يصحُّ. سمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وقد رُوي: كان يَقْصُرُ، ويُتِمُّ، الأول بالياء آخر الحروف، والثاني بالتاء المثناة من فوق، وكذلك يُفْطِرُ وَتَصوم، أي تأخذ هي بالعزيمة في الموضعين، قال: شيخنا ابن تيمية: وهذا باطل ما كانت أم المؤمنين لتخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجميعَ أصحابه، فتصلى خِلاف صلاتهم). قلت: والحديث المذكور خرجه الدارقطني، من طريق أبي عاصم، عن عمرو بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم.

قال الدارقطني: وهذا إسناد صحيح. قال الحافظ: وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة فإن عائشة كانت تتم، وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما في الصحيح، فلو كان عندها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت. وقال أيضًا: في "بلوغ المرام" (رواه ثقات إلا أنه معلول، والمحفوظ عن عائشة من فعلها، وقالت إنه لا يشق عليَّ أخرجه البيهقي). قلت: وقد روى الضعفاء عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتم وقصر وصام وأفطر في السفر، رواه الدارقطني من جهة طلحة بن عمرو عن عطاء عنها وطلحة كذاب، وتابعه المغيرة بن زياد الموصلي عن عطاء، أخرجه الطحاوي، والدارقطني والبيهقي، وقال: (المغيرة ليس بالقوي).

قلت: وقد قال أحمد: أنه ضعيف له مناكير، ومنها هذا المخالف لصحيح الأحاديث القولية والفعلية. * * * 472 - حديث عائشة: "أنَّهَا كانَتْ تُتِم". متفق عليه من حديث الزهري، عن عروة عن عائشة: أنَّ الصَّلاةَ أوَّلَ ما فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ: فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الحَضَرِ. قَالَ الزُّهريُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: مَا بَالُ عائِشَةَ تُتِمُّ؟ قالَ: إنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ. * * * 473 - قوله: (وروى عطاء عنها، أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُتِمُّ الصَّلاةَ في السَّفَرِ وَيَقْصُر ويَصُومُ وَيُفْطِرُ، الحديث). رواه الدارقطني، والبيهقي، وقد تقدم الكلام عليه قبل حديث واحد، وليس

فيه عند من ذكرت زيادة، ويؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء، بل هي في أحاديث أخرى تأتي. * * * 474 - حديث أنس وأبي نجيح المكي قال: "اصطَحَبَ أصحَابَ مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ بَعْضُهم يُتِمُّ، وَبَعْضُهم يَقْصِرُ، وَبَعْضُهمْ يَصوم وَبَعْضهُم يُفْطِرُ، فَلَا يَعِيبُ هَؤلاءِ عَلى هَؤلاءِ، وَلَا هَؤُلَاءِ عَلى هَؤُلاَءِ". البيهقي من حديث عمران بن زيد التغلبي، عن زيد العمي، عن أنس بن مالك قال: إنا معاشر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّا نسافر فمنَّا الصائمُ، ومنا المفطر، ومنا المُتِمُّ، ومنَّا المقْصِرُ، فلم يعبْ الصائمُ وعمران التغلبي مختلف فيه. قال ابن دقيق العيد: لا يحتج بحديثه، وذكره ابن حبان في الثقات وزيد

العمي منكر الحديث متروك. قال أبو زرعة: (واهي الحديث)، وقال ابن حبان: (يروى عن أنس أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج بخبره). والحديث في "الموطأ" "وصحيح البخاري" من رواية حميد الطويل عن أنس قال: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلمْ يَعِبْ الصائِمُ عَلى المُفْطِرِ ولا المفطِرُ على الصَّائِم؛ ليس فيه ذكر القصر والاتمام. وفي "صحيح مسلم" عنه قال: سَافَرْنَا مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في رَمَضَانَ، فلم يَعِبْ وذكره.

وهكذا وقع عنده أيضًا من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، وجابر ابن عبد الله قالا: سَافَرْنَا مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيَصُومُ الصَّائِمُ وَيُفْطِرُ المُفْطِرُ فلا يَعِيْبُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ. ومن الغريب قول النووي في "شرح مسلم"، واحتج الشافعي وموافقوه بالأحاديث المشهورة في "صحيح مسلم" وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنهم القاصر، ومنهم المتم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض فإنه لا ذكر للقصر والاتمام في "صحيح مسلم" ولا في غيره في حديث أنس وأبي سعيد وجابر المذكورة، إلا في رواية زيد العمي المنكرة الضعيفة أو الباطلة كما سبق. * * * 475 - حديث: "إنَّ الله وَضَعَ عَنِ المُسَافِر الصَّومَ وَشَطْرِ الصَّلاةِ".

تقدم. * * * 476 - حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْصُرُ في نَحوِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِيْلًا"، قال ابن رشد: رواه مسلم. قلت: هذا وهم على مسلم، وإنما فيه من طريق جُبَير بن نُفَير قال: خَرَجْتُ مَعَ شُرَحْبِيلَ بنِ السِّمْطِ إلى قَرْيَةٍ عَلى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَر أَوْ ثَمانِيَةَ عَشَرَ مِيْلًا. فَصَلَّى رَكْعَتَينِ فَقُلْتُ لَهُ: فَقَالَ: رأيتُ عُمَرَ صَلَّى بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتينِ فَقُلْتُ لَهُ: فَقَالَ: إنَّما أَفْعَلُ كَما رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. وكأن ابن رشد ظن من هذا الاستدلال الذي استدل به ابن السمط أن بين المدينة وذي الحليفة هذا العدد أيضًا، فروى الحديث بالمعنى وليس كذلك فإن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال وقيل سبعة.

477 - قوله: (وَقَدْ قَالُوا أنَّهُ مَذْهَبُ عَائِشَة، وَقَالوا: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما قَصَّرَ لأنَّه كَانَ خَائِفًا). قلت: قائل ذلك هو عائشة -رضي الله عنها-. كما أخرجه ابن جرير عنها، وقد ذكرنا بسنده فيما تقدم أول الباب.

478 - قوله: (لأنَّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَقصُرُ قَطّ إلا في سَفَرٍ مُتَقَرِّبٍ بهِ). قلت: هذا معروف ضرورة بل لا يجوز أن يذكر لأنه لا يعقل أن يسافر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في طاعة لاسيما ولم يتفق أنه - صلى الله عليه وسلم - سافر بعد الرسالة إلا في حج أو عمرة أو جهاد.

479 - حديث أنس: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أميالٍ أو ثَلاثَة فَرَاسِخٍ -شُعْبَةُ الشَّاكُّ- صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، من حديث محمد بن جعفر، عن شُعبة، عن

يَحْيى بن يزيد الهُنَائيِّ قال: سَأَلْتُ أنسًا عن قَصْرِ الصَّلاةِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَميَالٍ أَوْ ثَلاَثَةِ فَرَاسِخٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ (شعبة الشاك). * * * 480 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أقَامَ بِمَكَّةَ ثَلاثًا يَقْصُرُ في عُمْرَتِهِ". قلت: هي عمرة القضاء ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة ثلاثًا من حديث البراء عند الشيخين. ومن حديث ابن عمر عند البخاري. ومن حديث ابن عباس عند أبي داود، وليس في واحد منها النص على القصر إلا أنه معلوم من أحاديث أخرى أنه - صلى الله عليه وسلم - منذ خرج من المدينة وهو يصلي ركعتين إلى أن رجع إليها.

482 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أقَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الفَتْحِ مُقَصِّرًا نَحوَ خَمْسَةَ عَشرَ يَوْمًا في بعض الروايات". أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي من حديث عبيد الله ابن عبد الله، عن ابن عباس قال أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة، ولفظ النسائي يصلي ركعتين ركعتين. * * * 482 - قوله: (وقد رُوِيَ سَبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا). أحمد، وأبو داود، والبيهقي من رواية شريك، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة عام الفتح سبع عشرة يصلي ركعتين.

ورواه أبو داود أيضًا من طريق حفص عن عاصم، عن عكرمة به مثله وزاد، قال ابن عباس: ومن أقام سبع عشرة قصر، ومن أقام أكثر أتم. قال أبو داود: (وقال عباد بن منصور، عن عكرمة عن ابن عباس: أقام تسع عشرة يعني بتقديم التاء). وقال البيهقي: (اختلفت الروايات في تسع عشرة وسبع عشرة وأصحها عندي والله أعلم، رواية من روى تسع عشرة وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في "الجامع الصحيح" فأحد من رواها لم يختلف عليه عبد الله بن المبارك وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول). * * * 483 - قوله: (وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا). أبو داود، والترمذي، والبيهقي، من حديث علي بن زيد، عن أبي

نَضْرَة، عن عمران بن حصين قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمان الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي رَكْعَتَين رَكْعَتين يقول: يا أهل البلد، صلُّوا أربعًا فإنَّا قومٌ سَفْرٌ. حسنه الترمذي مع أن علي بن زيد فيه مقال. قال الحافظ: (وإنَّما حسنه لشواهده، ولم يعتبر الاختلاف في المدة كما عُرِف من عادة المحدثين من اعتبارهم الاتفاق على الأسانيد دون السياق). * * * 484 - قوله: (وتِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قال ابن رشد: رواه البخاري). قلت: وكذا أحمد، وابن ماجه، والبيهقي من رواية عاصم الأحول عن ابن عباس قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين، قال ابن عباس: فنحن نصلي رَكْعَتَيْنِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فإن أقمنا أكثر من ذلك أتممنا.

485 - قوله: (والفريق الثالث احتجُوا بمَقَامِهِ في حَجِّهِ بِمكَّةَ مُقَصِرًا أربعَةَ أيامٍ). متفق عليه من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، وفيها أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح في اليوم الثامن ثم خرج إلى منى، الحديث. * * * 486 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للمهاجر مقام ثلاثة أيام بمكة بعد قضاء نسكه".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه والبيهقي من حديث العلاء بن الحضرمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يُقيمُ المَهاجِرُ بِمَكَّةَ بَعَدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا. * * * 487 - قوله: (أكثرُ الزمانِ الَّذي رُوي عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّهُ أقَامَ فيه مُقْصِرًا).

قلت: أكثر تسعة عشر يومًا كما مر في "الصحيح" وقد ورد عشرين يومًا إلا إنها رواية شاذة وإن كانت صحيحة الإسناد، أخرجها عبد بن حميد في "مسنده"، عن عبد الرزاق عن ابن المبارك، عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة أقام عشرين يومًا يقصر الصلاة. وابن المبارك هو راوي حديث التسعة عشر، عن عاصم في "الصحيح" وذلك عنه أثبت وأصح وأشهر.

الفصل الثاني: في الجمع

الفصل الثاني: في الجمع جواز الجمع 488 - حديث أنس: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشمسُ أخَّرَ الظُّهْرَ

إلى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. فإن زَاغَتِ الشَمسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ"، قال ابن رشد: خرجه البخاري ومسلم. قلت: هو كذلك وفي رواية لمسلم كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما. * * * 489 - حديث ابن عمر قال: "رَأيتُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجَّلَ به السيرُ في السَّفَرِ يُؤَخِّرُ المغْرِبَ حتى يَجْمَع بينها وبين العشاء"، قال ابن رشد: خرجه الشيخان.

قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والبيهقي. * * * 490 - حديث ابن عباس قال: "صَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا. وَالمَغْرِبَ والعِشَاءَ جَميعًا في غَيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ". قال ابن رشد: خرجه مالك ومسلم. قلت: بل هو متفق عليه خرجه البخاري أيضًا في باب تأخير الظهر إلى

العصر مختصرًا من حديث جابر بن زيد، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ورواه أيضًا الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والطحاوي والطبراني، والبيهقي، وأبو نعيم في "الحلية" والخطيب وآخرون. وفي الباب عن علي، وجابر، وأبي هريرة، وابن مسعود، وابن عمر، ولي في الكلام عليها وعلى حكم هذا الجمع جزء حافل وهو مطبوع.

491 - حديث: "إمَامَةُ جبريل". تقدم في الأوقات. * * * 492 - حديث ابن مسعود قال: "والَّذي لا إله غَيرُهُ ما صلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةً قَطْ إلَّا في وَقْتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الظْهْرِ والعَصْرِ بَعَرَفة، وبَيْنَ المغْرِبِ والعِشَاء بجمع". النَّسائي، من حديث شعبة عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمَيْر، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصَّلاةَ لوقْتِها إلا بِجَمْعٍ

وَعَرَفاتٍ، والحديث في "المسند"، و"الصحيحين" وغيرهما من حديث الأعمش أيضًا بغير هذا السياق ليس فيه ذكر عرفة ولفظه، مَا رَأيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاةً لِغَيْرِ ميقَاتِهَا إلَّا صَلاَتَيْنِ: جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ بجَمْعٍ. وَصَلَّى الفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا وفي لفظ: وصَلَّى الصُّبْحَ قَبْلَ ميقَاتِهَا. * * * 493 - حديث معاذ بن جبل: "أنهم خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشَاءِ؛ قال: فَأخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا، ثُمَّ

خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ جَميعًا ثُمَّ دَخَلَ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ جَميعًا" قال ابن رشد: رواه مالك واختلفوا في تصحيحه. قلت: الذي اختلف في تصحيحه لفظ آخر فيه زيادة كما سأذكره أما هذا فرواه مسلم في "صحيحه" من طريق زهير عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل عن معاذ قال "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا". ثم رواه مسلم أيضًا من طريق قرة بن خالد عن أبي الزبير به وزاد، قال:

صورة الجمع

صورة الجمع فقلت: ما حمله على ذلك، قال: أراد أن لا يحرج أمته. ورواه أيضًا أحمد، وأبو داود، والنسائي كلهم من طريق مالك عن أبي الزبير به، فهؤلاء ثلاثة رووه عن أبي الزبير بهذا اللفظ. وخالفهم هشام بن سعد فرواه عن أبي الزبير بزيادة، ولفظه: عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوكٍ إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جَمَعَ بين الظهر والعصرِ، وإن ارتحَلَ قَبْلَ أنْ تزيغَ الشمسُ أخَّر الظهْرَ حتى ينزِل للعصرِ، وفي المغرب مثل ذلك إن غَابَتِ الشَّمْس قَبْلَ أن يَرْتَحِلَ جَمَعَ بينَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ، وإن ارتَحَل قبل أن تَغِيبَ الشمس أخَّرَ المَغْرِبَ حتى ينزل للعِشَاء ثم جمع بينهما". رواه أبو داود، والدارقطني، والبيهقي، وأبو نعيم في "الحلية" وقد

تكلم ابن حزم في هذه الرواية من جهة هشام بن سعد وقال: (إنه خبر ساقط، وهشام ضعيف كذا قال) مع أن هشام بن سعد استشهد به مسلم في "الصحيح". وقال الساجي: صدوق. وقال علي بن المديني: صالح وليس بالقوي. وقال أبو زرعة: محله الصدق هو أحب إليَّ من ابن إسحاق، وهكذا وصفه جماعة غير هؤلاء بالصدق إلا أنَّه ليس في الدرجة العليا، وذلك لا يضر. ومع هذا فلم ينفرد بالحديث على هذه الرواية، بل تابعه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ترحل قبل زيغ الشمس أخَّرَ الظُّهر حتى يجمعهما إلى العصر يصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلَّى الظُّهرَ والعصر جميعًا ثم سار، ثم ذكر في المغرب مئل ذلك، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية قتيبة بن

سعيد، ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب به. وقال الترمذي: (حسن غريب تفرد به قتيبة، والمعروف عند أهل العلم من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ ليس فيه جمع التقديم). وقال أبو داود: (هذا حديث منكر وليس في جمع التقديم حديث قائم، وقال أبو سعيد بن يونس: لم يحدث بهذا الحديث إلا قتيبة، ويقال إنه غلِّطَ فيه فغيَّر فيه الأسماء، وإن موضع يزيد بن أبي حبيب أبو الزبير). وأعله الحاكم في "علوم الحديث". (ونقل عن البخاري أنه قال: قلت لقتيبة بن سعيد مع من كتبت، عن الليث بن سعد هذا الحديث فقال مع خالد المداييني، قال البخاري: وكان خالد يُدخِلُ الأحاديث على الشيوخ فجزم الحاكم لأجل هذا بأن الحديث موضوع). ولخص كلامه الخطيب في "التاريخ" في ترجمة قتيبة بن سعيد، وابن حزم في "المحلى" وزاد تعليله (بأنه لم يُرو هكذا إلَّا من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، ولا يعلم أحدٌ من أهل الحديث يزيد سماعًا من أبي الطفيل، وبأن أبا الطفيل كان صاحب راية المختار، وذكر عنه أنه كان يقول بالرجعة). وقد بسطت الرد على الجميع بأوضح بيان وأسطع برهان في كتاب في الجمع بين الصلاتين وهو مطبوع فلا نطيل بذكره، وقد ورد جمع التقديم من حديث علي وأنس وابن عباس، وأبي جحيفة ومجموعها بطرقها المتعددة يعيد القطع بجمع التقديم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا كما ينكرونه ويجازفون فيه وبيان ذلك في الكتاب المذكور.

الاسباب المبيحة للجمع

الاسباب المبيحة للجمع 494 - قوله: (وإنَّما كَانَ الاخْتَيَارُ عِنْدَ مَالِكِ هَذَا النَّوعُ مِنَ الجَمْعِ لأنَّهُ الثابِتُ من حديثِ أنس). تقدم أول الفصل.

495 - حديث ابن عمر: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا عَجَّل بِهِ السَّيرُ"، الحديث. تقدم. * * * 496 - قوله: (لأنَّ القصْرَ نُقِلَ قَولًا وفِعْلًا والجَمْعُ إنَّما نُقِلَ فِعْلًا). يريد بالقول في القصر الآية، وحديث صدقة تصدق الله بها عليكم وحديث إن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة وقد تقدما.

وحديث، خيارُكُم الذين إذا سَافُروا قَصَّرُوا الصَّلاَةَ وأَفْطَرُوا، رواه الشافعي عن سعيد بن المسيب مرسلًا، ورواه أبو حاتم في "العلل" من طريق إسرائيل عن خالد العبد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبي حاتم رواه البخاري في "الضعفاء" في ترجمة خالد العبد. * * * 497 - قوله: (وقد خرَّجَهُ مُسلمٌ زيادةً في حديثِهِ، وَهُوَ قَوْلَهُ "في غَيرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَلَا مَطَرٍ").

قلت: ليس ذلك في صحيح مسلم مجموعًا في حديث واحد بل رواه من طريق أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صَلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهرَ والعَصْرَ

جَمِيعًا بالمدينَةِ في غيرِ خَوْفٍ ولا سفر. ثم رواه من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جَمَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشَاءِ بالمدينة في غيرِ خَوْفٍ ولا مَطرٍ، قلت لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحْرِجْ أُمَّتَهُ.

الهداية في تخريج أحاديث البداية (بداية المجتهد لابن رشد) للإمام الحافظ المحدث، أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني (1320 - 1380 هـ) (ومعه بأعلى الصفحات) بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الحفيد (520 - 595 هـ) الجزء الرابع تحقيق عَدنان علي شَلّاق عالم الكتب

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للدار الطبعة الأولى 1407 - هـ -1987 م

الهداية في تخريج أحاديث البداية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عالم الكتب بيروت - المزرعة، بناية الإيمان -الطابق الأول - ص. ب 8723 تليفون: 306166 - 315142 - 313859 - برقيًا: نابعلبيكي - تلكس: 23390

الباب الخامس في صلاة الخوف

الباب الخامس في صلاة الخوف

وقت صلاة الخوف

وقت صلاة الخوف 498 - قوله: (وَلِمَا ثَبُتَ ذَلِكَ من فِعْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -).

قلت: سيذكر ذلك ابن رشد. * * * 499 - قوله: (وَقَدْ ذَهَبَتْ طائفةٌ من فُقَهَاءِ الشَّامِ إلىَ أنَّ صَلاَةَ الخوفِ تَؤخَّرُ عَنَ وَقْتِ، الخَوْفِ إلى وَقْتِ الأمْنِ كَمَا فَعَلَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الخنْدَقِ). متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله: أنَّ عُمر جاءَ يَومَ الخندَقِ بَعْدَما غَرَبَت

صفة صلاة الخوف

صفة صلاة الخوف الشَّمسُ فَجَعَلَ يسُّبُ كُفَّارَ قُريشٍ وَقَالَ: يا رسول اللهِ ما كِدْتُ أصلي العَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشمسُ تَغْرُب، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - والله ما صلَّيتُهَا فتوضَّأ وتوضأنا، فَصَلَّى العَصَرَ بَعْدَ مَا غَربَتْ الشمسُ، ثم صَلَّى بعدَها المَغْرِبَ. وروى أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، من حديث علي -عليه السلام- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب وهو يوم الخندق، ملأ اللهُ قُبُورَهُم وَبُيوتَهم نَارًا كَما شَغَلونَا عن الصَّلَاة الوسَطى حتَّى غَابَتِ الشَّمسُ. وفي الباب: عن أبي سعيد الخدري، وابن مسعود، أنهم شغلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلوات كلها حتى قضاها بعد المغرب، وستأتي في باب قضاء الفوائت.

500 - حديث صالح بن خَوَّاتٍ: "عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صلَاةَ الخَوْفِ، أن طَائِفَةً صَفتْ مَعَهُ، وصفَّ طائِفَةً وُجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وأتموا لأنْفُسِهم، ثُمَّ انصَرَفوا وُجَاه العَدُوِ، وَجَاءَتِ الطائفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِم الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ مِن صَلَاتِهِم، ثُمَّ ثبت جَالِسًا وَأتَمُّوا لأنْفُسِهِم، ئُمَّ سَلَّم بِهِم"، قال ابن رشد: خرجه مالك ومسلم. قلت: وكذا أحمد، والبخاري، وأبو داود، والنَّسائي، وابن الجارود والدارقطني، والبيهقي كلهم من طريق مالك عن يزيد بن رومان عن

صالح بن خوات به، وقد ورد عنه، عن سهل بن حثمة، وورد عنه عن أبيه خوات بن جبير فقيل في كل منهما أنه المبهم في هذه الرواية، والصحيح أنه سهل بن أبي حتمة. أما روايته عن أبيه، ففيها عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف كما سيأتي في الذي بعده. * * * 501 - قوله: (وروى مالك هذا الحديث بعينِهِ، عن القَاسِم ابن محمدٍ، عن صَالحٍ بن خَوَّات مَوقوفًا كمثلِ حديث يزيد بن رومان: يعني الذي قبله، أنهُ لَمَّا قَضَى الرَّكَعْةَ بالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَلَّم وَلَمْ يَنتَظِرهُم حتَّى يَفْرغُوا من الصَّلاةِ). قلت: رواه مالك عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات: أن سهل بن أبي حتمة حدثه أن صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه، وطائفة مواجهة العدو، فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه، ثم يقوم فإذا استوى قائمًا ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الثانية ثم يسلمون وينصرفون والإمام فيكونون وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا، فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم

الركعة، ويسجد ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلمون. قال ابن عبد البر: (هذا الحديث موقوف على سهل في "الموطأ" عند جماعة الرواة عن مالك ومثله لا يقال من قبل الرأي). وقد روي مرفوعًا مسندًا بهذا الإسناد عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، وعبد الرحمن أسن من يحيى بن سعيد، وأجل رواه شعبة عن عبد الرحمن كذلك. قلت: رواه كذلك مرفوعًا أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة،

والطحاوي، والبيهقي كلهم من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه. ورواه البيهقي من طريق عبد الله بن عمر، عن أخيه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات عن أبيه قال - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف، فذكر مثله. * * * 502 - حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "صَلَّى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الخَوْفِ بَطَائِفَةٍ وَطَائفَةٌ مُستَقْبِلوا العَدو، فَصَلَّى بالَّذينَ مَعَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَينِ وانْصَرَفوا فَوَقَفُوا بإزاءِ العَدُو، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُونَ فَقَامُوا مَعَهُ فَصَلَّى بهم رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّم فَقَامَ هَؤُلاءِ فَصَلُّوا لأنْفُسِهم رَكعَةً ثُمَّ سَلَّموا وَذَهَبُوا، فَقَام أولئِكَ مُسْتقْبِلي العَدُو،

وَرَجعَ أولَئِكَ إلى مَراتِبهم فَصَلُّوا لأنفُسِهمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّموا، قَال المصنفُ: خَرَّجَهُ أبو داود. قلت: وكذا الطحاوي، والدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية خصيف عن أبي عبيدة. وقال البيهقي: (هذا الحديث مرسل، أبو عبيدة لم يدرك أباه، وخصيف الجزري ليس بالقوي). * * * 503 - حديث أبي عَيَّاش الزُّرْقيِّ قال: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعُسْفَانَ وعَلَى المُشْرِكينَ خالدُ بنُ الوليدِ، فصلَّينا الظُّهر فَقَالَ المشرِكُونَ: لَقْدَ أصَبْنَا غَفْلَةً لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِم

وَهُم في الصَّلاةِ، فأنْزَلَ الله القَصْرِ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ العَصْر، قَامَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَقْبِل القبلة والمُشْرِكُونَ أمَامَه فَصَلَّى خَلْفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صفٌّ وَاحِدٌ بَعد ذَلِكَ صَفٌّ آخَر فَرَكَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَرَكَعُوا جَمِيْعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذي يَلِيهِ، وَقَامَ الآخَرُ يَحْرِسُونهُم، فَلَمَّا صَلَّى هَؤُلَاءِ سَجْدَتَينِ وَقَامُوا سَجَدَ الآخرُونَ الذينَ كَانُوا خَلْفَهُ، ثُم تَأخَّر الصَّف الذي يَلِيْهِ إلى مُقَامِ الآخَرِينَ، وَتَقَدَّم الصَّف الآخَرُ إلى مُقَامِ الصَّفِّ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَرَكَعُوا جَميعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الذي يَلِيهِ، وَقَامَ الآخرُونَ يَحْرِسُونَهُم، فَلمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والصَّفُّ الذي يليه سَجَدَ الآخَرُونَ ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيْعًا فَسَلَّم بهم جَمِيْعًا". فصلاها بِعُسْفَانَ وصلاها يوم بني سليم. أبو داود الطيالسي، وعبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، والنَّسائي

وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم وقال: (صحيح على شرط الشيخين). والبيهقي من رواية مجاهد، عن أبي عياش الزرقي به، واللفظ المذكور هنا لأبي داود، ومثله الحاكم. وهو عند الآخرين أبسط ولاسيما الطيالسي ومن طريقه رواه البيهقي ولفظه قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان فحضرت الصلاة، صلاة الظهر، وعلى خيل المشركين خالد بن الوليد قال: فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه الظهر فقال المشركون إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم وأنفسهم يعنون صلاة العصر فنزل جبريل -عليه السلام- على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر فأخبره ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا

أَسْلِحَتَهُمْ} الآية إلى آخرها. فحضرت الصلاة فصَفَّ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صفين وعليهم السلام، فكبر والعدو بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبروا جميعًا. وذكر مثله. * * * 504 - قوله: (قال أبو داود: وَروي هذا عن جَابِرٍ، وابنُ عَبَّاسٍ، وعَنْ مُجَاهِدٍ وعن أبي مُوسى، وعَنْ هِشَام بن عُروةَ عَنْ أبيه؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: (عبارة أبو داود، روى أيوب وهشام عن أبي الزبير، عن جابر هذا المعنى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك رواه داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس. وكذلك عبد الملك، عن عطاء، عن جابر. وكذلك قتادة عن الحسن عن حطان،، عن أبي موسى فعله. وكذلك عكرمة بن خالد، عن مجاهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك هشام بن عروة، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: فرواية أيوب عن أبي الزبير، أخرجها ابن ماجه، وأبو عوانة كلاهما

من جهة عبد الوارث بن سعيد، ثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر به. . ورواية هشام عن أبي الزبير، أخرجها أحمد، ثنا كثير بن هشام ثنا هشام بن أبي عبد الله صاحب الدستوائي، عن أبي الزبير به. ورواه ابن جرير في "التفسير"، عن محمد بن معمر، ثنا حماد بن مسعدة عن هشام بن أبي عبد الله به. ورواه أيضًا عن مؤمل بن هشام؛ ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام به وتبعهما زهير وسفيان، وعبيد الله بن عمر كلهم عن أبي الزبير عن جابر أيضًا. فرواية زهير خرجها مسلم، وأبو عوانة، والبيهقي في "السنن". ورواية سفيان خرجها النَّسائي، والطحاوي في "معاني الآثار"، وأبو عوانة

في "صحيحه" ورواية عبيد الله بن عمر خرجها ابن جرير في "التفسير". ورواية عبد الملك بن عطاء، عن جابر خرجها أحمد، ومسلم، والنَّسائي، والبيهقي .. ورواية داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس خرجها أحمد، والنَّسائي، والبيهقي، وتابعه النضر أبو عمر، عن عكرمة أخرجه ابن جرير في "التفسير". ومرسل مجاهد خرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير، من رواية عمر بن ذر، وزاد ابن جرير من رواية ابن أبي نجيح كلاهما، عن مجاهد، ولم أجده من رواية عكرمة بن خالد.

ومرسل عروة من رواية هشام ابنِهِ خرَّجه عبد الرزاق. أما حديث أبي موسى الموقوف من رواية قتادة عن الحسن عن حطان عنه، فقد ذكره أيضًا البيهقي في "السنن" ولم أقف عليه إلا من رواية قتادة عن أبي العالية عنه، ومن رواية يونس وغيره عن الحسن عنه ومع ذلك فليس هو موافقًا لرواية هؤلاء، بل فيه مخالفة خرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير وغيرهما. * * * 505 - حديث حذيفة: "قال ثعلبة بن زَهْدَمٍ: كنَّا مع سَعَيدٍ بنِ العاصِ بطَبَرسْتان فَقَام فَقَالَ: أيُّكم صَلِّى مَعَ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخَوْفِ؟ قَالَ حُذَيْفَةَ: أنَا، فَصَلَّى بِهَؤلاء رَكعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكعَةً وَلَم يَقْضُوا شيئًا". أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، والطحاوي، والحاكم

وصححه، والبيهقي، وله عندهم ألفاظ، والمذكور هنا لأبي داود. * * * 506 - حديث ابن عباس: "فَرَضَ الله الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم في الحَضَرِ أرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَة". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، وابن جرير وجماعة.

507 - حديث أبي بكرة وجابر: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنَ الطائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَينِ". أما حديث أبي بكرة: فرواه الطيالسي، وأبو داود، والنَّسائي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية الحسن عنه قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في خَوْفٍ الظُّهر، فصفَّ بعضهم خلفه، وبعضهم بإزاءِ العدو، فصلَّى بهم ركعتين ثم سلم، فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين، وبذلك كان يفتي الحسن. قال أبو داود: (وكذلك في المغرب تكون للإِمام ست ركعات وللقوم ثلاثًا). قلت: وقد ورد هذا في نفس الحديث خرجه الحاكم، والدارقطني،

والبيهقي من رواية عمر بن خليفة البكراوي ثنا أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالقوم في صلاة الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات. وقال الحاكم: (سمعت أبا علي الحافظ يقول: هذا حديث غريب لم يكتبه إلا بهذا الإسناد، قال الحاكم وهو صحيح على شرط الشيخين). وقال البيهقي: (ما أظن روايها إلا واهمًا في ذلك). قلت: وقوله في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سلم بالطائفة الأولى ثم صلى بالطائفة الثانية كذلك، هو عند مخرجه، وكلهم رووه من طريق أشعث عن الحسن. إلا أبا داود الطيالسي،، فإنه رواه عن أبي حرة الرقاشي، عن الحسن، فلم يذكر أنه سلم بل قال: فصلى ركعتين، ثم انطلق هؤلاء إِلى مصاف هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعتين فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا وللقوم ركعتين ركعتين. وهكذا رواه الطحاوي، من طريق أبي عاصم، عن أشعث مثله وهو مقتضى قوله: فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا وصلى كل طائفة ركعتين.

وقد أعل ابن القطان الحديث من أصله بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة وأجيب بأنه يكون مرسل صحابي وهو حجة لأنه تلقى ذلك ممن حضره من الصحابة. • وأما حديث جابر: فعلقه البخاري، ورواه مسلم، وجماعة، من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر أنَّهُ صَلَّى مَعَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الخَوْفِ، فَصَلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإحدَى الطائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُم صَلَّى بالطَّائِفَةِ الأخْرى رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أربَعَ رَكَعَاتٍ وصلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ورواه النَّسائي، والدارقطني والبيهقي، كلهم من رواية قتادة عن الحسن عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه بطائفة منهم ثم سلم ثم صلى بالآخرين ركعتين ثم سلم. وهكذا رواه الشافعي، عن الثقة ابن عليه أو غيره، عن يونس عن الحسن، عن جابر بذكر السلام أيضًا، وفي هذه الرواية والتي قبلها دليل ظاهر لصلاة المفترض خلف المتنفل ولاختلاف نية المأموم والإمام ..

508 - حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ صَلاةِ الخَوْفِ قَالَ يَتَقَدَّمُ الإمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّي بِهِم رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُم بَيْنَهُ وَبَيْنَ العَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فإذا صلَّى الَّذينَ مَعَهُ رَكْعَةً، اسْتَأخَرُوا مَكَانَ الَّذينَ لَمْ يُصَلَّوا، وَلَا يُسَلِّمُونَ. وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُم يَنْصَرِفُ الإمَامُ، وَقَدْ صلَّى رَكْعَتَيْنِ فتقدم كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطائِفَتَيْنِ، فَيُصَلُّونَ لأِنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ أنْ يَنْصَرِفَ الإمَامُ. فيَكُونُ كلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطائِفَتَيْنِ قَدْ صلُّوا رَكْعَتَيْنِ، فَإنْ كَانَ خَوفٌ أشدُّ مِن ذَلِكَ صلُّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلى أقدامِهِمْ. أوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ، أو غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا". قلت: الحديث رواه مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال فذكره ثم قال في آخره: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن عبد البر: (هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه، ورواه عن نافع جماعة ولم يشكوا في رفعه منهم ابن أبي ذئب، وموسى بن عقبة، وأيوب بن موسى قال: وكذا رواه الزهري عن سالم، عن ابن عمر مرفوعًا، ورواه خالد بن معدان عن ابن عمر مرفوعًا). قلت: رواية موسى بن عقبة عن نافع خرجها أحمد، والبخاري إلا إنه لم يذكر لفظه، ومسلم والنَّسائي والطحاوي، وأبو عوانة، والدارقطني وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي، ولفظه عن نافع عن ابن عمر قال: صلى رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف فذكره. ورواية أيوب بن موسى خرجها أحمد، وابن جرير في "التفسير" والطحاوي وكذلك رواه عن نافع، عبيد الله بن عمر خرَّجَهُ ابن ماجه، وابن جرير، وعبد الله بن نافع خَرَّجَهُ ابن جرير. أما ابن أبي ذئب فلم أجد روايته عن نافع ولكن عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعًا أيضًا أخرجه الشافعي. أما رواية الزهري عن سالم فرواها عبد الرزاق، وأحمد، والبخاري،

ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن الجارود، وابن جرير، وأبو عوانة، والدارقطني، والبيهقي كلهم من رواية معمر عن الزهري. ورواه أحمد، وأبو عوانة، وابن جرير، من رواية ابن جريج، وأحمد، والدارمي، والبخاري، والنسائي،

والطحاوي، والبيهقي من رواية شعيب بن أبي حمزة. ومسلم والطحاوي من رواية فليح كلهم عن الزهري.

الباب السادس من الجملة الثالثة في صلاة المريض

الباب السادس من الجملة الثالثة في صلاة المريض

509 - قوله: (وسَبَبُ اختلافِهِم هُوَ: هَلْ يَسْقُطُ فَرْضُ القِيَامِ مَعَ المَشَقَّةِ أوْ مَعْ عَدَمِ القُدْرَةِ؟ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ نَصٌ). قلت: بل فيه حديث عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله له:

صَلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري في "الصحيح"، والنسائي، والبيهقي وجماعة كالحاكم في "المستدرك" لظَنِّهِ أن البخاري لم يخرِّجْهُ. • وحديث أبي قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في السفينة فقال: كيف أصلي في السفينة؟ قال: صَلِّ فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق. رواه الدارقطني، والحاكم وقال: (صحيح الإِسناد على شرط مسلم وهو شاذ بمرة)، والبيهقي من طريقه.

أسباب إعادة الصلاة

أسباب إعادة الصلاة

الباب الأول: في الإعادة

الباب الأول: في الإعادة

الحدث بقطع الصلاة

الحدث بقطع الصلاة

510 - قوله: (وَسَبَبُ اختِلَافِهِم أنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي جَوَازِ ذَلِكَ أَثَرٌ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّمَا صَحَّ عَنْ ابن عُمَر أنَّهُ رَعَفَ فِي الصَّلاةِ فَبَنَى، الخ). قلت: وليس الأمر كما قال فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أثر، أخرجه ابن ماجه، والدارقطني من رواية إسماعيل بن عَيَّاش عن ابن جُريج، عن ابن أبي ملكية، عن عائشة قالت: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أوْ رُعَافٌ أوْ قَلَسٌ أو مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ ليَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ. ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة، وابن جريج حجازي وقد قال الدارقطني: إن الحفاظ من أصحاب ابن جريج يرونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا). وصحح هذا المرسل أحمد والذهلي، وأبو حاتم، والدارقطني في "العلل" ورواه في "السنن" من طريق إسماعيل بن عياش أيضًا فقال عن عطاء بن عجلان،

وعباد بن كثير عن أبي مليكة، عن عائشة. ثم قال الدارقطني: (عباد بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفان). ورواه أيضًا من حديث سليمان بن أرقم، عن ابن جريج به موصولًا عن عائشة، وسليمان بن أرقم متروك. ورواه أيضًا من حديث أبي بكر الداهري عن حجاج، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: من رعف في صلاته فليرجع فليتوضأ وليبن على صلاته، ثم قال أبو بكر الداهري: عبد الله بن حكيم متروك الحديث. ورواه أيضًا من حديث عمر بن رياح، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما بقي من صلاته، ثم قال: عمر بن رياح متروك. ورواه أيضًا من طريق عبد الرحمن بن القطامي، عن محمد بن زياد، عن أبي

المرور بين يدي المصلي

المرور بين يدي المصلي هريرة مرفوعًا، إذا صلى أحدكم فرعف أوقاء فليضع يده على أنفه وينظر رجلًا من القوم لم يسبق بشيء فيقدمه ويذهب فيتوضأ ثم يجيء فيبني على صلاته مالم يتكلم، فإِن تكلم استأنف الصلاة. وعبد الرحمن بن القطامي قال القلاس: لقيته وكان كذابًا، ووهاه ابن حبان. أما أثر ابن عمر فأخرجه مالك في "الموطأ" عن نافع، أنَّ عَبْدَ اللهِ بن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَعَفَ، انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى وَلَمْ يَتَكَلَّمْ. وفي الباب عن علي موقوفًا أيضًا خرجه عبد الرزاق. ... 511 - حديث أبي ذر: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ المَرْأَةُ والحِمَارُ والكَلْبُ الأسْوَدُ"، قال ابن

رشد: خرَّجه مسلم. قلت: وكذا أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، والبيهقي وآخرون من حديث عبد الله بن الصامت عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِذا قَامَ أحَدُكُم يُصَلِّي فإِنَّه يَسْتُرُهُ إِذا كان بين يديه مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ فإِنَّه يَقْطَعُ صَلَاتَهُ المَرأَةُ والحِمَارُ والكَلْبُ الأسْوَد، قُلْتُ: يا أَبَا ذَرٍّ مَا بَالُ الكَلْبِ الأَسْوَدِ مِنَ الكَلْبِ الأحْمَر، مِنَ الكَلْبِ الأَصْفَرِ، قال: يا ابن أخي! سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا سَأَلْتَنِيَ فَقَالَ: الكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ. لفظ مسلم. وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعًا: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي

من ذلك مثل مؤخرة الرحل. رواه أحمد، ومسلم، وابن ماجه، والبيهقي. ... 512 - حديث عائشة قالت: "لَقَدْ رَأيْتُنِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَرِضَةً كاعْتِرَاضِ الجِنَازةِ، وَهُوَ يُصَلِّي"، قال ابن رشد خَرَّجَهُ البخاري، ومسلم. قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي.

وفي لفظ متفق عليه أيضًا: كَانَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة اعتراض الجنازة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت. ... 513 - حديث ابن عباس قال: "أقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ. وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلَامَ. وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي بالنَّاسِ فَمَرْرَتُ بَيْنَ يَدَيُ بَعْضِ الصُّفوفِ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ في الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلىَّ أحدٌ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي،

وابن ماجه، والبيهقي وجماعة. * * * 514 - قوله: (وإنَّما اتفَقَ الجُمْهُورُ عَلى كَراهِيَةِ المُروُرِ بَيْنَ يَدَيْ المُصَلِّي لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ فِي ذَلِكَ). مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وغيرهم من حديث أبي

الجهَم أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ المارُّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ". وروى أحمد، وابن ماجه، من حديث زيد بن خالد نحوه أو مثله. ورويا أيضًا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: لو يَعْلَمُ أحدُكُم مَالَهُ فِي أَنْ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ أخيِهِ مُعْتَرِضًا فِي الصَّلاةِ كَانَ لأَنْ يُقيمَ مَائة عَامِ خَيْرٌ لَهُ من الخُطوة التي خَطَاهَا. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وفي الباب غير ما ذكر. * * * 515 - حديث: "فَلْيُقاتِلْهُ فإِنَّما هو شَيْطَانٌ".

الضحك في الصلاة

الضحك في الصلاة الحاقن في الصلاة البخاري، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي، والبيهقي، وجماعة من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا صَلَّى أحَدُكُم إلى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أحد أنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ فإِنْ أبى فَلْيُقاتِلْهُ فإِنَّما هُوَ شَيْطَانٌ".

516 - حديث زيد بن أرقم قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إِذَا أَرَادَ أحَدُكُم الغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلاةِ". كذا قال زيد بن أرقم وهو وهم، والصواب عبد الله بن أرقم، رواه مالك، والشافعي عنه، والنَّسائي، عن قتيبة عنه أيضًا، وأحمد، عن يحيى بن سعيد القطان، وعن عبد الله بن سعيد فرقهما، والدارمي عن محمد بن كناسة، وكذا البيهقي؛ وأبو داود، من طريق زهير. والترمذي من طريق أبي معاوية وابن ماجة، والحاكم، من طريق ابن عيينة؛ والحاكم أيضًا من طريق أيوب بن

موسى ثمانيتهم، أعني مالك أو يحيى بن سعيد، وعبد الله بن سعيد، ومحمد بن كناسة وزهير، وأبا معاوية، وابن عيينة، وأيوب بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنَّ عَبْدَ اللهِ بن أرقم كَانَ يَؤُمُّ أصْحَابَهُ. فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ يَوْمًا، فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجِعَ فَقَالَ: إِني سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وذكره كما في الأصل وهو لفظ مالك. وقال زهير، عن عبد الله بن أرقم، أنَّه خَرَجَ حاجًا، أو معتمرًا، ومعه الناس وهو يؤمهم، فلما كان ذات يوم أقام الصلاة صلاة الصبح، ثُمَّ قَالَ: ليتقدم أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء. ولفظ أيوب: إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط. وقال أبو داود: (روى وهيب بن خالد، وشعيب بن إسحاق، وأبو ضَمْرةَ هذا الحديث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن رجل حدثه، عن عبد الله بن أرقم، والأكثر الذين رووه عن هشام قالوا: كما قال زهير). وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح). وهكذا روى مالك ويحيى بن سعيد القطان وغير واحد من الحفاظ، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن أرقم وروى وهيب وغيره، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن

رجل، عن عبد الله بن أرقم وزاد في "علله المفرد" أن البخاري رجح قول من زاد الرجل في الإِسناد. ونقل الحافظ السيوطي في "تنوير الحوالك" عن المزي في "الأطراف" أنه قال: (رواه محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر). قلت: وهو حديث آخر بلفظ آخر، رواه الطبراني في "الصغير" من طريق إبراهيم بن راشد الآدمي، ثنا محمد بن بلال البصري به مرفوعًا: إذا وجد أحدكم وهو في صلاته رزءًا فلينصرف فليتوضأ. ثم قال: لم يروه عن عمران إلا محمد بن بلال وسنده رجاله ثقات. * * * 517 - حديث عائشة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لا يُصَلِّي أَحَدَكُمُ بِحَضْرَةِ الطَّعامِ وَلَا وَهوَ يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبيهقي، ولفظ مسلم: لا صلاة

بحضرة الطعام. ولفظ البيهقي: ولا هو يدافع الأخبثين. * * * 518 - قوله: (وَقَدْ تَمَسَّكَ القَائِلونَ بِفَسَادِ الصَّلاةِ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الشَّاميُّونَ، مِنْهُم مَنْ يَجْعَلُهُ عَن ثَوْبَان، وَمِنْهُم مَنْ يَجْعَلُهُ عَنْ أبي هُرَيُرَةَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أنْ يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ جدًا"، قال أبو عمر بن عبد البر: وهو ضعيف السند لا حجة فيه). قلت: الحديث رواه يزيد بن شريح الحضرمي واختلف عليه فيه فقيل عنه عن أبي حي المؤذن عن ثوبان، وقيل عنه عن أبي حي المؤذن عن أبي هريرة، وقيل عنه عن أبي أمامة.

فالقول الأول: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من رواية حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثٌ لا يحلُّ لأحدٍ أن يفعلهُنَّ، لا يؤمُ رجلٌ قومًا فيُخصُّ نفسه بالدُّعاء دونهم، فإِن فعل فقد خانَهُم، ولَا ينظر في قَعْرِ بيت قبل أن يستأْذِنَ، فإِن فعَلَ فقد دخل، ولا يصلي وهو حَقِنٌ حتى يَتَخَفَّفَ، لفظ أبي داود وقال: هذا من سنن أهل الشام لم يشركهم فيها أحد. وقال الترمذي: (حديث ثوبان حديث حسن، ثم أشار: إلى الخلاف فيه عن يزيد بن شريح، ثم قال: وكان حديث يزيد بن شريح عن أبي حي المؤذن، عن ثوبان في هذا أجود إسنادًا وأشهر). والقول الثاني: رواه أبو داود، والبيهقي، كلاهما من طريق ثور بن يزيد،

رد السلام في الصلاة

رد السلام في الصلاة عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحلُّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قومًا إلا بإِذنهم، ولا يخص نفسه بالدعاء دونهم فإِن فعل فقد خانهم. هكذا رواه أبو داود من طريق أحمد بن علي عن ثور. ورواه البيهقي من طريق منصور، عن ثور بلفظ، لا يحل لرجل أو لامرئ أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف، ولا يحل لامرئ مسلم أن يؤم قومًا إلا بإذنهم، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم، ولا يحل لامرئ أن ينظر في قعر بيت فإِن نظر فقد دمر أو قال فقد دخل، قال البيهقي، وقوله دمر يعني دخل بغير إذنهم. والقول الثالث: رواه أحمد، وابن ماجه، والبيهقي كلهم من رواية معاوية بن صالح عن السفر بن نُسير، عن يزيد بن شريح الحضرمي، عن أبي أمامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلي الرجل وهو حاقن. هكذا ذكره ابن ماجه مختصرًا.

ولفظ أحمد: لا يأت أحدكم الصلاة وهو حاقن، ولا يدخل بيتًا إلا بإِذن، ولا يَؤُمَنَّ إمامٌ قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم. لكن السفر، قال الدارقطني: لا يعتبر به فيحتمل أن يكون قوله، عن أبي أمامة وهمًا منه. ثم إِن الحديث ورد عن أبي هريرة من وجه آخر، أخرجه ابن ماجه، والبيهقي، كلاهما من رواية إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يقوم أحدكم الى الصلاة وبه أذى. وقال البيهقي: لا يصل أحدكم وهو يجد شيئًا من الخبث. * * * 519 - قوله: (وَخُصِّصَ الأَمْرُ بِرَدِّ السَّلامِ في قَوْلِهِ تَعَالى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} الآية. بِأَحَادِيث النَّهي عن الكَلَامِ في الصَّلَاةِ).

قلت: تقدمت في باب التروك. * * * 520 - قوله: (أو خصصَ أحَادِيث النَّهي بالأَمْرِ بِرَدِّ السَّلامِ). قلت: تقدمت الأحاديث فيه في باب الجمعة. * * * 521 - حديث صهيب: "أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ عَلَى الذَّينَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ في الصَّلاةِ بِإِشَارَةٍ". أحمد، والدارمى، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، والبيهقي،

وغيرهم كلهم من رواية الليث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن نابل صاحب العباء، عن ابن عمر، عن صهيب، قال: مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت عليه فرد إليَّ إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال أشار بأصبعه. وقال الترمذي: (حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الليث بن بكير). ورواه أحمد والدارمي، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث سفيان، عن زيد بن أسلم قال: قال ابن عمر دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مسجد قُبَاءَ ليصلي، فدخل عليه رجال يسلمون عليه، فسألت صُهيبًا وكان مَعَهُ كيف كان النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - يصنعُ إِذا سُلِّم عليه، قال: كان يشير بيده قال سفيان: فقلت لرجل سله: أنت سمعته من ابن عمر؟ فقال يا أبا أسامة: أسمعته من ابن عمر؟ قال: أما أنا قد كلمته وكلمني ولم يقل زيد سمعته. ورواه أحمد؛ وأبو داود، والترمذي، والبيهقي، من رواية نافع عن ابن

عمر قال: قلت لبلال: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو فى الصلاة؟ قال: كان يشير بيده. وقال الترمذي: (حسن صحيح، ثم أشار إلى حديث صهيب ثم قال: وكلا الحديثين عندي صحيح، لأن قصة حديث صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعًا).

الباب الثاني: في القضاء

الباب الثاني: في القضاء

من يجب عليه القضاء

من يجب عليه القضاء 522 - حديث: "رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثَلاثٍ". تقدم في الطهارة.

523 - حديث: "إِذَا نَامَ أَحَدُكُم عن الصَّلاةِ أوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكرَهَا". متفق عليه من حديث أنس بلفظ: من نسي صلاة فليصلها إِذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" وفي لفظ لمسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إِذا ذكرها، واتفقا عليه أيضًا من حديث أبي هريرة، في قصة نومهم عن الصلاة. * * * 524 - قوله: (وما رُوِيَ أنَّهُ نَامَ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتها فَقَضَاهَا). أحمد، ومسلم، من حديث أبي قتادة، في حديث نومهم عن صلاة الفجر

قال ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم، ورويت القصة من حديث عمران بن حصين قال: سرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -،

صفة قضاء الصلاة

صفة قضاء الصلاة فلما كان آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس فجعل الرجل منا يقوم دهشًا إلى طهوره، ثم أمر بلالًا فأذن ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا فقالوا

شروط القضاء ووقته يا رسول الله ألا نعيدها في وقتها من الغد، فقال أينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والبيهقي

بألفاظ متعددة. وفي الباب عن جماعة. * * * 525 - حديث: "مَنْ نَسِيَ صَلاةً وَهُوَ مَعَ الإِمَامِ في أخْرَى فَلْيُصَلِّ مَعَ الإِمامِ فَإِذَا فَرَغَ من صَلاتِهِ فَلْيُعِد الصَّلاةَ التي نَسِيَ، ثُمَّ لِيُعِد الصَّلاة التي صَلَّى مَعَ الإِمَامِ". الطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم كلهم من رواية أبي إِبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. قال البيهقي: (تفرد أبو إبراهيم الترجماني برواية هذا الحديث مرفوعًا، والصحيح أنه من قول ابن عمر

موقوفًا؛ وهكذا رواه غير أبي إبراهيم، عن سعيد). ثم أخرجه من طريق يحيى بن أيوب، عن سعيد به، موقوفًا على ابن عمر، ثم قال: (وكذلك رواه مالك بن أنس، وعبد الله بن عمر العمري، عن نافع عن ابن عمر موقوفًا). قلت: (وكذا جزم بصحة وقفه ورفعه الحفاظ قبله، كالنَّسائي وأبي زرعة، والدارقطني، وقال ابن عدي: لا أعلم رفعه عن عبيد الله غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وقد وثقه ابن معين وأرجو أن أحاديثه مستقيمة، لكنه يهم فيرفع موقوفًا، ويسند مرسلًا لا عن تعمد). قال الزيلعي: (فقد اضطرب كلامهم فمنهم من ينسب الوهم في رفعه لسعيد، ومنهم من ينسبه للترجماني الراوي عن سعيد). قلت: سعيد لم يتهمه إلا ابن عدي، وهو واهم في تهمته إياه برفع الحديث، لأنه قد رواه عنه يحيى بن أيوب كما سبق عند الدارقطني والبيهقي، وكذلك الليث بن سعد، كما عند الطحاوي، فوقفه وبرئ من عهدة رفعه، وانحصر التفرد في إبراهيم الترجماني، وهو أهم في ذلك كما قال الحفاظ.

516 - حديث ابن عباس، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا نَسِيَ أحَدُكُم صَلاةً فَذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَلْيُتِمَّ التي هُوَ فِيهَا فإِذَا فَرَغَ مِنْهَا قَضَى التي نَسِيَ". قال ابن رشد: أصحاب الشافعي يصححون هذا الحديث. قلت: أخشى أن يكون هذا النقل باطلًا عنهم، أو لعله عن بعض الفقهاء لا يعرفون الحديث منهم، فإن الحديث خرجه الدارقطني، وابن عدي في "الكامل"، ومن طريقه البيهقي، من رواية بقية، ثنا عمر بن أبي عمر، عن مكحول، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واتفق المخرجون الثلاثة على قولهم عمر بن أبي عمر مجهول، زاد ابن عدي: (ولا أعلم يروي عنه غير بقية، وقال الذهبي: أحسبه عمر بن موسى الوجيهي ذاك الهالك، ويقال إنما هو أبو أحمد بن

علي الكلاعي، قال: وبكل حال هو ضعيف ومع ضعفه فهو منقطع أيضًا، لأن مكحولًا لم يسمع من ابن عباس، وقد ضَعَّفَ النووي كل ما ورد في الباب، ولم يحك عن أحد منهم تصحيح حديث فيه. * * * 527 - حديث: "فَلْيُصلهَا إِذَا ذَكَرَها".

تقدم. * * * 528 - حديث: "صَلَاتُهُ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلوات الخَمْس يَوْمَ الخنْدَقِ مُرَتَّبًا". أحمد، والنسائي، والطحاوي من حديث أبي سعيد الخدري قال: حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل كفينا وذلك قول

المأموم يدرك الإمام قبل الرفع من الركوع

المأموم يدرك الإمام قبل الرفع من الركوع الله تعالى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أمره فأقام العصر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب فصلاها كذلك قال: وذلك قبل أن ينزل الله -عز وجل- في صلاة الخوف، {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. وصححه ابن خزيمة وابن حبان. وروى أحمد، والترمذي، والنَّسائي من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن

مسعود، عن أبيه أن المشركين شَغَلُوا رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صَلَوَاتٍ يومَ الخَنْدَقِ حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذن ثم أقام فصلى الظُّهر، ثم أقام فصلى العصر، ثُمَّ أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلَّى العشاء. وفي الباب، عن جابر مثله خرجه البزار. * * * 529 - حديث: "مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أدْرَكَ الصَّلاةَ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وغيرهم من حديث أبي هريرة.

سهو المأموم عن اتباع الإمام

سهو المأموم عن اتباع الإمام 530 - حديث: "وَتَحْرِيْمُهَا التَّكْبِيرُ".

تقدم وهو حديث: مِفْتَاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيْمُهَا التَّكْبِيرُ وتَحْلِيْلُهَا التَّسْلِيمُ. * * * 531 - حديث: "فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ".

إتيان المأموم ما فاته من الصلاة

إتيان المأموم ما فاته من الصلاة هو تمام حديث إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ لِيْؤتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ متفق عليه من

حديث أبي هريرة. * * * 532 - حديث: "فَمَا أدرَكْتُم فَصَلَّوا وَمَا فَاتَكُم فَأَتِموا". متفق عليه من حديث أبي هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذا سمعتم الإِقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسَّكينة والوَقارِ، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". ورواه أحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم وجماعة من حديث أبي

قتادة بنحوه. * * * 533 - قوله: (وفي بَعْضِ روَايَاتِهِ: فَمَا أَدْرَكْتُم فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُم فَاقضوا). أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان، من حديث أبي هريرة ورواه ابن أبي شيبة من حديث أبي قتادة أيضًا، وذكر مسلم في "صحيحه"

إلزام المأموم حكم صلاة الإمام

إلزام المأموم حكم صلاة الإمام المأموم يدرك صلاة الجمعة سنده ولم يسق لفظه؛ وذكر الحافظ اختلاف الرواة في حديث أبي هريرة وأبي قتادة، ثم قال: والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: فأتموا وأقلها بلفظ فاقضوا. قلت: وكلاهما بمعنى واحد وهو الإِتمام فلا فائدة في لفظ القضاء لمن يحملها على المعنى العرفي بين الفقهاء.

534 - حديث: "مَنْ أدْرَكَ رَكَعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أدْرَكَ الصَّلاةَ". تقدم قريبًا، والمصنف أعاده للاستدلال على حكم المسبوق في صلاة الجمعة.

المأموم يدرك الإمام في سجود السهو

المأموم يدرك الإمام في سجود السهو وقد ورد الحديث في ذلك بخصوصه بلفظ: من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إِليها أخرى، رواه ابن ماجه، والدارقطني والحاكم وصححه، والبيهقي من أوجه عن أبي هريرة إلا أن جميعها معلول، والصحيح ما ذكره المصنف. * * * 535 - حديث: "إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ ليُؤْتَمَّ بِهِ".

تقدم.

الباب الثالث: في سجود السهو

الباب الثالث: في سجود السهو

الفصل الأول: الاختلاف في سجود السهو

الفصل الأول: الاختلاف في سجود السهو الفصل الثاني: مواضع سجود السهو

536 - حديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي".

تقدم.

537 - قوله: (وَقَالَ أحمد: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلامِ في المَواضِعِ الّتي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ السَّلامِ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلامِ في المَواضِعِ التي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَقَالَ أَهلُ الظَّاهرِ: لَا يَسْجُدُ للسَّهْوِ إلَّا فِي المَواضِعِ الخَمْسَةِ الَّتي سَجَدَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقط).

قلت: كل هذا سيأتي والمواضع الخمسة هي القيام من اثنين والسلام منهما وصلاة الرباعية خمسًا والسلام من ثلاث والشك في الصلاة. * * * 538 - حديث ابن بحينة قال: "صلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَلم يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَةُ، فَلَما قَضَى صَلَاَتَةُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". البخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة وله عندهم ألفاظ منها للبخاري

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم. * * * 539 - قوله: (وَثَبُتَ أنَّهُ سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ في حديث ذي اليدين إذْ سَلَّم من اثنَتَيْنِ). تقدم في التروك المشترطة، وهو متفق عليه، وله ألفاظ متعددة.

540 - حديث أبي سعيد: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُم في صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثلاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتين وَهُوَ جَالسٌ قَبْلَ التَسْلِيم"، الحديث. أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، وجماعة من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، وله عندهم ألفاظ منها عند مسلم: "إِذَا شَكَّ أحدُكُم في صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَمْ أرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّك وَلْيَبْنِ عَلى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّم. فإِن كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وإن كَانَ صَلَّى إتمامًا لأَرْبَع كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ".

541 - حديث ابن شهاب: "كَانَ آخرَ الأَمْرَيْنِ مِن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - السُّجودُ قَبْلَ السَّلامِ". ذكر البيهقي في "السنن"، والحازمي في "الاعتبار"؛ أن الشافعي رواه في "القديم"، عن مطرف بن مازن، عن معمر عن الزهري قال: سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام وبعده وآخر الأمرين قبل السلام. قال البيهقي: (وذكره أيضًا في رواية حرملة إلا أن قول الزهري منقطع لم يسنده إلى أحد من الصحابة، ومطرف بن مازن غير قوي). وقال الحازمي: (ثم أكده الشافعي برواية معاوية بن أبي سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدهما قبل السلام، وصحبةُ معاوية متأخرة). قلت: وحديث معاوية خرجه الطحاوي في "معاني الآثار" والطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "السنن"، وأصله عند النَّسائي، والدارقطني، إلا أن

التصريح بالسجود قبل السلام إنما وقع صريحًا عند الآخرين، وهو من رواية محمد ابن يوسف مولى عثمان، عن أبيه أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فقام وعليه جلوس فلم يجلس، فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع. قال البيهقي: (ولذلك فعله عقبة بن عامر الجهني). قال أبو داود: (كذلك سجدهما ابن الزبير، وقام من إثنتين قبل التسليم، وهو قول الزهري). * * * 542 - حديث المغيرة بن شعبة: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ ولَمْ يَجْلِسْ ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والطحاوي، والبيهقي من طريق

المسعودي عن زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فقلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله ومضى، فلما أتم صلاته وسلم سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع كما صنعت. قال الترمذي: (حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). وقال أبو داود: (وكذلك رواه ابن أبي ليلى، عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة ورفعه، وقال أبو داود: وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة رفعه). (ورواه أبو عميس، عن ثابت بن عبيد قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة مثل حديث زياد بن علاقة، وأبو عميس هو أخو المسعودي قال: وفعل سعد بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة، وعمران بن حصين، والضحاك بن قيس، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس أفتى بذلك، وعمر بن عبد العزيز وهذا فيمن قام من ثنتين، ثم سجدوا بعدما سلموا). وأما البيهقي فقال عقب الحديث: (وحديث ابن بحينة أصح من هذا ومعه رواية معاوية، وفي حديثهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجدهما قبل السلام).

543 - حديث ابن مسعود: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ بَعْدَ السَّلامِ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، والبيهقي، وغيرهم من حديث علقمة عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظُّهر خَمْسًا فقيل له: أزيد في الصلاة؟

فقال: وما ذاك! قال: صليت خمسًا فسجد سجدتين بعدما سلَّم. * * * 544 - حديث ابن بحينة: "أنَّهُ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ". تقدم. * * * 545 - وحديث: "أنه سَلَّم مِنْ اثْنَتَيْنِ". تقدم. * * * 546 - حديث: "أنَّه صَلَّى خَمْسًا". تقدم.

547 - حديث عمران بن حصين: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَلَّم مِنْ ثَلاثٍ". الشافعي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه والبيهقي عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخِربَاقُ وَكَان في يَدِهِ طُولٌ فقال: يا رسول الله فذكر له صَنِيعَهُ، فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم، وقد اختلف في حديث عمران هذا مع حديث أبي هريرة السابق في قصة ذي اليدين هل هما قصة واحدة أم قصتان، صحح الحافظ أنهما قصة واحدة وذلك الحق الذي لا يمتري فيه، وقد ورد في بعض طرق الحديث التصريح بذلك.

الفصل الثالث: الأقوال والأفعال التي يسجد للسهو لها

الفصل الثالث: الأقوال والأفعال التي يسجد للسهو لها 548 - حديث أبي سعيد الخدري: "في السجود عن الشك" قال ابن رشد: سيأتي. قلت: وقد تقدم قريبًا.

549 - حديث: "قوله - صلى الله عليه وسلم - للأَعرابي الذي سأله عن فروض الإِسلام: أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ، دخل الجنة إن صدق".

تقدم أول الصلاة، وهو متفق عليه، من حديث طلحة بن عبيد الله وفيه، أفلح إن صدق، وفي رواية لمسلم: أفلح وأبيه إن صدق أو دخل الجنة وأبيه إن صدق: وعند أبي داود، بحذف أو كما ذكر المصنف.

الفصل الرابع: صفة سجود السهو

الفصل الرابع: صفة سجود السهو 550 - قوله: (قال أبو عمر: أما السَّلام مِنَ التَّي بَعْدَ السَّلام فَثَابِثٌ عن النَّييِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَمَّا التَّشَهُّد فَلَا أحفَظُهُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ). قلت: السلام بعد السلام تقدم، والتشهد يأتي في الذي بعده.

551 - حديث ابن مسعود: "أنه - صلى الله عليه وسلم - تشهد ثم سلم". قلت ليس هو بهذا اللفظ من حديث ابن مسعود بل من حديث عمران بن حصين، أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن الجارود، والحاكم والبيهقي من حديث أشعث بن عبد الملك الحمراني، عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب عن عمران بن حصين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تشهد في سجدتي السهو ثم سلم، لفظ الحاكم وقال: (صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على حديث خالد الحذاء عن أبي قلابة وليس فيه التشهد لسجدتي السهو). وقال الترمذي: (حسن غريب). وخالفهما الحفاظ فحكموا بضعف الحديث، والوهم فيه على أشعث الحمراني فقال البيهقي: (تفرد به أشعث الحمراني، وقد رواه شعبة، ووهيب، وابن علية،

والثقفي، وهشيم، وحماد بن زيد، ويزيد بن زريع وغيرهم، عن خالد الحذاء لم يذكر أحد منهم ما ذكر أشعث بن محمد). (ورواه أيوب، عن محمد قال: أُخبرت عن عمران فذكر السلام دون التشهد، وفي رواية هشيم ذكر التشهد قبل السجدتين وذلك يدل على خطأ أشعث فيما رواه ثم ذكر حديث هشيم ولفظه، فقام فصلى ثم سجد ثم تشهد وسلم وسجد سجدتي السهو ثم سلم ثم قال: هذا هو الصحيح بهذا اللفظ). وقال الحافظ: (ضعفه البيهقي، وابن عبد البر وغيرهما، ووهموا رواية أشعث لمخالفته غيره من الحفاظ، عن ابن سيرين، فإِن المحفوظ عنه في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد. وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة في هذه القصة، قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد شيئًا). وهذه الرواية قاطعة في الحكم بوهم أشعث وصريحة في ذلك صراحة لا تقبل التأويل.

قال: (وكذا المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإِسناد في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد كما أخرجه مسلم، فصارت زيادة أشعث شاذة،.، ولهذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت). قال الحافظ: (لكن قد ورد التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود، والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي وفي إسنادهما ضعف، فقد يقال إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائي: وليس ذلك ببعيد). قلت: بل بعيد غاية البعد أو باطل محقق البطلان، فإِن الضعف الذي تحدُثُ منه قوة بسبب تعاضده ما كان أمره مبهمًا ورواية مظعون به سوء الحفظ، ووقوع الخطأ فإِذا أشهد له ثان وثالث برواية ما يوافقه زال ظن الوهم والخطأ أو ضعف على الأقل فارتفع الخبر إلى الحسن أو المقبول وليس الأمر كذلك، فإِن أشعث الحمراني تحقق وهمه تحققًا مقطوعًا، به لم يبق مع أدنى شك لاحتمال الصواب لمخالفة نحو عشرة من الحفاظ عن شيخه لو خالفه واحد منهم مثل شعبة يحكم له عليه، فكيف وهم نحو عشرة فأكثر، ثم مع هذا تصريح ابن سيرين الذي عنه روي أشعث الحديث، ومن

طريقه ذِكره أنكر أن يكون له علم بمسألة التشهد، فسقطت هذه الرواية بالمرة ولم يبق لها ذكر في الباب أصلًا .. ثم نرجع إلى حديث ابن مسعود فنجده قد انفرد برفعه محمد بن سلمه عن خصيف، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه، كما رواه من طريقه أحمد وأبو داود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وخالفه سفيان، وشريك ومحمد بن فضيل، وإِسرائِل، وعبد الواحد، فرووه عن خصيف موقوفًا على ابن مسعود، أضف إلى ذلك ضعف خصيف نفسه وإنه ليس بالقوي كما قال البيهقي وإن الحديث مع ذلك منقطع، لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، وبعد هذا كله فإِن متن الحديث لا يشبه المتون المرفوعة ولفظه: "إِذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكثر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهد أيضًا ثم نُسَلِّمْ". فليس هذا من سياق المرفوع وكلام النبوة، وإنما هو موقوف إن صح عن ابن مسعود، والعمدة الكبرى على مخالفة الحفاظ عن رفعه واقتصارهم على وقفه، فإِن ذلك قاطع في وهم الرافع أو تعمده إن كان غير ثقة، وأقرب ما يقع فيه الوهم للثقات فضلًا عن الضعفاء مسألة الرفع والوقف فإِن الذهن يجري أولًا إلى الرفع لأنه الأصل في الحديث. وقد وقع لربيع المؤذن أن رواه عن يحيى بن حسان عن وهيب، عن منصور،

عن ابراهيم عن علقمة، عن ابن مسعود به مرفوعًا فذكر التشهد أيضًا. رواه الطحاوي عن الربيع، ووهم فيه الربيع أو الطحاوي. فقد رواه مسلم في "صحيحه"، عن الدارمي، عن يحيى بن حسان به بدون ذكر التشهد فوجب أن يكون ذكره وهمًا من الربيع، ويؤكده اتفاق الحفاظ من أصحاب منصور أيضًا على روايته عنه بدون ذكر التشهد. فقد رواه عن منصور روح بن القاسم عند الطحاوي، وزايده بن قدامه عند الطيالسي، وابن الجارود، والطحاوي، وسفيان الثوري عند أحمد، ومسلم والطحاوي، والدارقطني. وجرير بن عبد الحميد عند أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والدارقطني، والبيهقي، وشعبة

عند أحمد، ومسلم، والنَّسائي وابن ماجه. ومسعر عند مسلم، والنسائي، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي. وفضيل بن عياض عند مسلم، والنَّسائي، وعبد العزيز بن عبد الصمد، عند مسلم، ومفضل بن مهلهل، عند النَّسائي. وسفيان بن عيينة، عند ابن ماجه، فهؤلاء عشرة من أصحاب منصور رووه عنه لم يذكر واحد منهم التشهد، ومعهم وهيب أيضًا رواه

مسلم، عن الدارمي عن يحيى بن حسان عنه، ووافق منصورًا على روايته، عن إبراهيم بدونه أيضًا، الأعمش عند أحمد، ومسلم، وأبي داود وابن ماجه، والبيهقي، والحكم عن إبراهيم أيضًا عند الطيالسي، والبخاري ومسلم، والدارمي، وأبي داود، والنَّسائي، وابن ماجه،

والبيهقي. وكذلك رواه إبراهيم بن سويد النخعي الأعور، وهو غير إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه المشهور عن علقمة أيضًا أخرجه أحمد، ومسلم وأبو داود، والنَّسائي، وابن الجارود، والبيهقي، ووافقهما الشعبي عن علقمة أخرجه النَّسائي. وكذلك رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود أخرجه أحمد، ومسلم، والنَّسائي، والبيهقي. ووقع في بعض طرق الحديث، عند أبي داود الطيالسي، والنَّسائي، وابن الجارود، من وجه عن منصور بسنده فقال في

الحديث؛ فسجد سجدتين ثم أقبل علينا فقال: لو حدث في الصلاة حدث أنبأتكم، الحديث. فلم يبق شك في وهم الربيع في ذكر التشهد في الحديث وحصل القطع ببطلان ذلك في حديث ابن مسعود أيضًا كما حصل في حديث عمران بن حصين. ثم نأتي إلى حديث المغيرة بن شعبة فنجده مثلهما أو أبطل فإِن البيهقي رواه، من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، عن محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو ثم قال: (تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي، ولا يصرح بما تفرد به). قلت: وتحميل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى تبعته عندي فيها نظر بل ينبغي أن يكون ذلك من أحد الرواة قبله، فقد رواه سفيان كما عند أحمد، وهشيم كما عند الترمذي، وأبو أسامة كما عند البيهقي، كلهم عن ابن أبي ليلى فلم يذكر واحد منهم التشهد بعد سجدتي السهو فينبغي أن يبرأ من عهدته، وعلى فرض أن ذلك منه، فقد خالفه مع ضَعْفِهِ من هو أوثق منه. فرواه علي بن مبارك الرواسي، عن الشعبي كما عند الطحاوي، ورواه

المسعودي عن زياد بن علاقة، عن المغيرة كما عند الطيالسي، وأحمد، والدارمي. وأبي داود والطحاوي، والبيهقي. ورواه قيس بن أبي حازم عن المغيرة كما عند أحمد وأبي داود، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، كلهم لم يذكروا التشهد أيضًا فكانت رواية ابن أبي ليلى أو من روى ذلك عنه باطلة بيقين يؤكد ذلك أن سجود السهو رواه من الصحابة عبد الله بن بحينة، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، ومعاوية بن خديج، وعبد الله بن جعفر وثوبان، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وذو اليدين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير. وأنس بن مالك، والمنذر بن عمرو وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر ومعهم عمران بن

حصين، وابن مسعود، والمغيرة في الطرق الصحيحة الكثيرة عنهم فلم يذكر واحد منهم التشهد وغير جائز أن تخفي هذه السنة على كل هؤلاء أو يغفلها جميعهم فلا يذكر إلا بعض الرواة ممن خالفهم من هو أوثق منهم، فصح قول ابن المنذر، والبيهقي، وابن عبد البر، أنه لم يصح التشهد بعد سجود السهو وبطل قول العلائي، والحافظ. والحمد لله على فضله.

الفصل الخامس: سجود السهو من سنة المنفرد والإمام

الفصل الخامس: سجود السهو من سنة المنفرد والإمام

552 - حديث: "إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ". تقدم.

الفصل السادس: التسبيح لمن سها في صلاته

الفصل السادس: التسبيح لمن سها في صلاته 553 - حديث: "مَالِي أَرَاكَمُ كْثَرتُم مِنَ التَّصْفِيقِ مَنْ نَابَهُ شَيءٌ في صَلاتِهِ فليُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذا سَبَّحَ التُفِتَ إليه، وإنَّما التَّصْفِيقُ، للنِّسَاء".

البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، من حديث سهل بن سعد في حديث طويل. ورواه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة وجماعة كثيرة من حديث

السجود للسهو لمن شك في صلاته

السجود للسهو لمن شك في صلاته أبي هريرة مرفوعًا: التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، زاد مسلم: في الصلاة. وفي الباب عن جماعة. * * * 554 - حديث أبي سعيد الخدري: "إذَا شَكَّ أحَدُكُم في صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّي"، الحديث، قال ابن رشد: خرجه مسلم.

وغيره كما تقدم. * * * 555 - حديث ابن مسعود: "إذَا سَها أحَدُكُم في صَلاتِهِ فلْيَتَحَرَّ ولْيَسْجُد سَجْدَتين". الطيالسي، وأحمد، ومسلم، والنَّسائي، وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وبألفاظ متعددة، وقد سبقت الإِشارة إلى طرقه قريبًا في حديث ابن مسعود أنه - صلى الله عليه وسلم - تشهد ثم سلم.

566 - قوله: (وفي رواية أخرى: "فلْيَنْظُر أحْرَى ذَلِكَ إلى الصَّوابِ، ثُمَّ ليُسَلِّمْ ثم ليَسْجُدْ سجدتي السهو، ويتشهد وسلم). أحمد، وأبو داود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وقد مر ما فيه قريبًا في الحديث المذكور. * * * 557 - حديث: "إنَّ أحَدُكُم إذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَان فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدْرِي كَمْ صَلَّى؟ فإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أحَدُكُمْ، فلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ وهو جالس"، قال ابن رشد:

أخرجهُ مالك، والبخاري، من حديث أبي هريرة. قلت: وكذا أحمد، ومسلم، وأبو داود، الترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، والبيهقي وآخرون. * * * 558 - حديث عبد الله بن جعفر: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ شك في صَلاتِهِ فلْيَسْجُدْ سَجْدَتينِ بعدما يُسَلِّم"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود.

قلت: وكذا أحمد، والنسائي، والبيهقي، من حديث عبد الله بن مسافع، عن مصعب بن شيبة، عن عتبة بن محمد بن الحارث عنه. وقال البيهقي: (هذا الإِسناد لا بأس به إلا أن حديث أبي سعيد الخدري أصح إسنادًا منه، ومعه حديث عبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، يعني في السجود قبل السلام)، وتعقبه المارديني بأَنَّ إسناده مضطرب، فرواه النَّسائي، من طريقين، عن ابن مسافع عن عتبة، وليس فيهما مصعب. وذكر المزي في "أطرافه" هذا الحديث، ثُمَّ قال: (قال النَّسائي: مصعب منكر

الحديث، وعتبة ليس بمعروف، ويقال عقبة): وفي "الضعفاء" لابن الجوزي، قال: أجد مصعب بن شيبة روى أحاديث مناكير. قلت: وهو تعقب ساقط من وجوه. أما أولًا فإن عدم ذكر مصعب في الإِسناد لا يسمَّى اضطرابًا إنما هو إرسالٌ وقع في تلك الروايتين، بدليل أنه وقع في كل منهما عبد الله بن مسافع، عن عقبة بن محمد بخلاف الطريق الموصولة فإنه وقع فيها عبد الله، بن مسافع، أن مصعب بن شيبة أخبره فهذه الطريق أرجح وهي قاضية على الأخرى ومضعفة لها، ولا دخل لهذا في الاضطراب أصلًا وإلا كان كل حديث ورد من طريق متصلًا، ومن أخرى منقطعًا مضطربًا ولا قائل به.

وأما ثانيًا، فإِن مصعب بن شيبة روى له مسلم في "الصحيح" ووثقه يحيى بن معين، والعجلي فهو من الصحيح على شرط مسلم. وأما ثالثًا فإِن عتبة بن محمد، ذكره ابن حبان في الثقات، فهو في الصحيح على شرطه أيضًا أن البيهقي لم يصحح الحديث، بل راعى ما في مصعب من التضعيف، فقال لا بأس به مع أنه لو لم يصححه لما جاز التعقب عليه فقد صححه ابن خزيمة فأخرجه في "صحيحه".

6 - كتاب الصلاة الثاني

6 - كتاب الصلاة الثاني

الباب الأول القول في الوتر

الباب الأول القول في الوتر صفة صلاة الوتر باب الوتر 559 - حديث عائشة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي مِن اللَّيْلِ إحدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً

يُوْتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدة ". مالك، والشافعي، عنه، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي والطحاوي، كلهم من طريقه أيضًا، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ اضطجع على شِقِّه الأيمن". قال ابن عبد البر: (إلى هنا انتهت رواية يحيى، وتابعه جماعة الرواة للموطأ، وأما أصحاب ابن شهاب فرووا هذا الحديث عن ابن شهاب بإسناده وغيره أن يجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لا بعد الوتر، وزعم محمد بن يحيى الذهلي وغيره أن ما ذكروا في ذلك هو الصواب دون ما قاله مالك قال: ولا يدفع ما قاله مالك من ذلك لموضعه من الحفظ والإِتقان ولثبوته في ابن شهاب وعلمه بحديث) ا. هـ. قلت: وهم مالك في هذا الحديث جزمًا وإن كان بالصفة التي قال ابن عبد البر

من الحفظ والإتقان لاسيما لحديث الزهري إلا أن الوهم لازم للإنسان ولا ضير عليه فيه ولا نقصان إذا كان نادرًا كما يقع لكبار الحفاظ والأئمة الذين في مقدمتهم مالك فقد وهم في أحاديث منها هذا الذي خالفه الحفاظ أمثاله في روايته عن شيخه الزهري ولا يعقل أن يحكم للواحد على الجماعة الذين في درجته في الحفظ والإِتقان كما لا يجوز أن يكون الحديث عند الزهري على الوجهين وأنه خصَّ مالكًا بهذا الوجه دون غيره لأنه لا معنى لذلك، ولا داعي إليه أولًا، ولأن الحديث مروي عن عائشة من طرق أخرى على الصفة التي رواها جمهور أصحاب الزهري، ومروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، من غير طريق عائشة أيضًا حتى صار من المعلوم بالضرورة لأهل العلم بالحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يضطجع بعد ركعتي الفجر، بل وقد ورد أمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك وكل هذا يقوي لزوم الوهم لمالك، كما قال الذهلي وجماعة، ويرجح جانب مخالفيه الذين رووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإِقامة. وزاد بعضهم بعد قولها ويوتر بواحدة، ويسجد في سبحته بقدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه. الحديث. هكذا رواه شعيب عند أحمد، والبخاري ومعمر عند أحمد. وابن أبي

ذئب عند أحمد، والدارمي، وأبي داود، والطحاوي. والأوزاعي عند أحمد، وأبي داود. وعمرو بن الحارث، عند مسلم، وأبي داود، والطحاوي ويونس بن يزيد عند مسلم، وأبي داود والطحاوي، وكل هؤلاء إثبات في الزهري كمالك، وربما كان فيهم من هو ألزم صحبة وأكثر رواية لحديثه. * * * 560 - حديث ابن عمر: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى. فإذَا رَأيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوتِرْ بوَاحدَةٍ".

مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة كثيرة، وله عندهم ألفاظ. * * * 561 - حديث عائشة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. وَيُوتِرُ بِخَمْسٍ. لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي آخِرَهَا". قال ابن رشد: خرَّجه مسلم".

قلت: وكذا أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، ومحمد ابن نصر، والبيهقي من رواية هشام بن عروة عن أبيه عنها. ورواه مالك، والبخاري، من طريقه عن هشام بدون زيادة "ويوتر ذلك بخمس" بل قال عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين. * * * 562 - حديث أبي أيوب الأنصاري، أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوِتْرُ حَقٌ عَلى كُلِّ مُسْلم فَمَنْ أحبَّ أن يُوتر بخمسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أحَبَّ أنْ يُوْتِر بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَل". قال

ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت: وكذا أحمد، والدارمي، والنَّسائي، وابن ماجه، ومحمد بن نصر والطحاوي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم من رواية الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب؛ إلا أنهم اختلفوا عن الزهري فرفعه أكثرهم ووقفهم أقلهم. قال الحافظ: (وصحح أبو حاتم، والذهلي، والدارقطني في "العلل"، والبيهقي وقفه وهو الصواب). قلت: وليس كذلك، ولا يعقل أن يكون هو الصواب، إلا بمجرد الدعوى

والتشهي، وإلا فالواقع ينادي بصحة رفعه بلا تردد، فقد رفعه سفيان بن حسين، وبكر بن وائل، ودويد بن نافع، والأوزاعي، ومعمر في رواية وهيب وسفيان بن عيينة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن أبي حفصة، ومحمد بن إسحاق، فهؤلاء عشرة من الحفاظ الثقات، أصحاب الزهري رفعوه عنه، وقد يكون هناك غيرهم وأوقفه معمر في رواية عبد الرزاق عنه، وعبد الله بن بديل الخزاعي، وابن إسحاق، وابن عيينة في قول عنهما أيضًا وغير معقول أن يحكم لاثنين على عشرة، فإن الثلاثة الباقين مختلف عنهم أيضًا بل بالبداهة يدرك صواب عشرة، وخط اثنين. وغاية ما يمكن أن يقال: أن الزهري رفعه في أكثر الأوقات وأوقفه في أقلها إمَّا لأنه رواه كذلك مرفوعًا وموقوفًا، وإمَّا لأنه كان يوقفه اختصارًا واعمادًا على أن الرفع معروف. * * * 563 - قوله: (وخرَّج أبو داود: "أنَّه كَانَ يُوتِرُ بسبعٍ وَتَسْعٍ وَخَمْسٍ). قلت: ليس هو عنده في حديث واحد، بل في أحاديث كلها من رواية عائشة. فأما الوتر بخمس، فتقدم قبل حديث، من رواية هشام بن عروة عن أبيه عنها. ورواه أبو داود، والطحاوي، من رواية محمد بن جعفر بن الزبير، عن

عروة، عنها أيضًا. وأما الوتر بتسع وسبع، ففي حديثها الطويل الذي رواه عنها، سعد ابن هشام، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، وغيرهم وفيه قلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد" فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني، فلما أسن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسع يا بني الحديث. ورواه أبو داود، من حديث علقمة بن وقاص عنها بذكر التسع والسبع أيضًا بنحو الذي قبله. فائدة: ورد الجمع بين الخمس والسبع والتسع في حديث واحد من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه محمد بن نصر المروزي في "الوتر" والطحاوي في "معاني الآثار"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من حديث أبي هريرة قال: قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب، ولكن أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو بإحدى عشرة أو أكثر من ذلك". صححه الحاكم على شرط الشيخين. وقال الدارقطني: رواته ثقاة. * * * 564 - حديث عبد الله بن أبي قيس قال: "قلت لعائشة بكم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر؟ قالت: كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة" قال ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت: وكذا الطحاوي، والبيهقي، من رواية معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبى قيس المذكور. * * * 565 - حديث ابن عمر عن الني - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المَغْرِبُ وتْرُ صَلاةِ النَّهَارَ".

أحمد، ثنا يزيد، أنا هشام، عن محمد، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المغرب وتر النهار فأوتروا صلاة الليل". وهذا سند رجاله رجال الصحيح. ورواه الطبراني في "الصغير"، من طريق عباد بن صهيب، ثنا هارون بن إبراهيم الأهوازي، عن محمد بن سيرين به، ثم قال الطبراني: (سمعت عبد الله ابن أحمد بن حنبل يقول: سألت أبي عن عباد بن صهيب فقال: إنما أنكروا عليه مجالسته لأهل القدر، فأما الحديث فلا بأس به فيه). ورواه أبو نعيم في "الحلية"، من طريق مالك بن سليمان الهروي ثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المغرب وتر النهار"، ثم قال: (غريب من حديث مالك، تفرد به مالك بن سليمان).

ورواه الدولابي في "الكنى" موقوفًا على ابن عمر، وذلك من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار قال: أخبرني عبد الرحمن بن أيمن، قال قلت لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن المغرب وتر النهار، قال: نعم. وكذلك رواه الطحاوي، من طريق جعفر بن ربيعة، عن عقبة بن مسلم قال: سألت عبد الله بن عمر عن الوتر، فقال: أتعرف وتر النهار؟ قلت: نعم صلاة المغرب، قال: صدقت وأحسنت. وفي الباب عن ابن مسعود، أخرجه الدارقطني، من طريق يحيى بن زكريا الكوفي، ثنا الأعمش، عن مالك بن الحويرث، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتر الليل ثلاث، كوتر النهار صلاة المغرب، قال الدارقطني: (يحيى بن زكريا هذا يقال له ابن أبي الحواجب ضعيف، ولم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره).

قلت: وقد رواه البيهقي، من طريق ابن نمير، عن الأعمش به موقوفًا مثله، ثم قال: (هذا صحيح من حديث عبد الله بن مسعود من قوله غير مرفوع، وقد رفعه يحيى بن زكريا ابن أبي الحواجب الكوفي، عن الأعمش وهو ضعيف، وروايته تخالف رواية الجماعة عن الأعمش). قلت: منهم سفيان، وشجاع بن الوليد خرج روايتهما الطحاوي في "معاني الآثار" ثم أخرج عن أبي العالية قال: علمنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، أن الوتر مثل صلاة المغرب غير إنا نقرأ في الثالثة، فهذا وتر الليل وهذا وتر النهار. * * * 566 - قوله (وأما مالك فإنه تمسك في هذا الباب بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر قط إلا في أثر شفع). قلت: هذا مأخوذ من استقراء أحاديث وتره - صلى الله عليه وسلم - لكنه معارض بقوله - صلى الله عليه وسلم - "ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل". كما مر قريبًا في حديث أبي أيوب الأنصاري:

"الوتر حق على كل مسلم" وهو حديث صحيح. وكذلك حديث ابن عمر، وابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "الوتر ركعة من آخر الليل". رواه أحمد، ومسلم وجماعة وهذا قول صريح، مقدم على الفعل المحتمل. * * * 567 - حديث "تُوْتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى". هو بقية حديث ابن عمر السابق "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". وهو متفق عليه.

568 - قوله: (في صفة الوتر من الواحدة إلى التسع على ما روي ذلك من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). تقدمت الأحاديث في ذلك. * * * 569 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا انْتَهى إلى الوِتْر أيْقَظَ عَائِشَة فأَوْتَرَتْ"، قال المصنِّفُ: خرَّجه مسلم. قلت: بل هو متفق عليه، من حديث عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا

راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت". وله ألفاظ وقد تقدم في نواقض الوضوء. * * * 570 - حديث عائشة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوْتِرُ بِتِسْعِ رَكعَاتٍ يَجْلسُ في الثَّامِنَةِ والتَّاسِعَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ إلا فِي التَّاسِعَة، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ" الحديث، قال المصنف: خَرَّجه مسلم. قلت: وكذا غيره كما مر قريبًا.

571 - حديث أبي بن كعب قال: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُوْتِرُ بسَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعلَى، وقُلْ يَا أيُّها الكَافِرُونَ وقُلْ هُوَ الله أَحَدٌ"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود. قلت: وكذا أحمد، والنَّسائي، وابن ماجه، ومحمد بن نصر، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي؛ وفي الباب عن نحو أربعة عشر صحابيًا بل أكثر. * * * 572 - حديث عائشة مثله: "وَقَالَت فِي الثَّالِثَةِ بقُلْ هُوَ الله أحَدٌ وَالمُعْوَذَتَيْنِ".

أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من رواية خصيف، عن عبد العزيز بن جريج قال: سألت عائشة بأي شيء كان يوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية، بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين. وقال الترمذي (حديث حسن غريب؛ وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: رواية يحيى بن سعيد خرجها الطحاوي، والدارقطني، والحاكم والبيهقي، من رواية يحيى بن أيوب عنه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال العقيلي: إسناده صالح، ولكن حديث ابن عباس،

وقت صلاة الوتر

وقت صلاة الوتر وأبي بن كعب بإِسقاط المعوذتين أصح. وقال ابن الجوزي، (أنكر أحمد، وابن معين، زيادة المعوذتين). قال الحافظ: (وروى ابن السكن في "صحيحه" له شاهدًا من حديث عبد الله بن سرجس بإسناد غريب). قلت: ورد ذكر المعوذتين أيضًا من حديث أبي هريرة عند الطبراني وأنس عن محمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" وعن علي، من رواية مالك، عن الحسين بن عبد الله بن خميرة، عن أبيه، عن جده عن علي أخرجه عياض في "معجمه"، وهو حديث باطل كما بينته في غير هذا الكتاب. * * * 573 - قوله: (وأمَّا وَقْتُهُ فإنَّ العُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلى أنَّ وَقْتَهُ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ إلى طُلوعِ الفَجْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ مِن طُرُقٍ شَتَّى عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ-). قلت: منها عن عائشة، وأبي سعيد، ومعاذ بن جبل، وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وأبي بصرة الغفاري، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، والأغر المزني، وخارجة بن حذافة.

• فحديث عائشة: تقدم أول الباب وفيه قولها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر إحدى عشر ركعة الحديث. • وحديث أبي سعيد، سيأتي. • وحديث معاذ: رواه أحمد، من طريق يحيى بن أيوب، عن عبيد الله ابن زحر، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي، عن معاذ بن جبل مرفوعًا "زادني ربي -عز وجل-، وصلى صلاة هي الوتر، ووقتها فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر"، وعبيد الله بن زحر منكر الحديث، وعبد الرحمن بن رافع لم يدرك معاذ بن جبل. • وحديث عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر: رواه أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة إسحاق بن راهويه، من طريقه في "مسنده" قال: أخبرنا سويد بن عبد العزيز، ثنا قرة بن عبد الرحمن، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله -عز وجل- زادكم صلاة خير لكم من حمر النعم، الوتر وهي لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر. ومن هذا الوجه رواه محمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" ولم يذكره المقريزي في "اختصاره، والطبراني في "الكبير" وسويد بن عبد العزيز ضعيف متروك الحديث".

• وحديث أبي بصرة: رواه أحمد، والطحاوي، والحاكم، وغيرهم من طرق عن عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني، عن عمرو بن العاص، عن أبي بصرة الغفاري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو الذي قبله وهو حديث صحيح. • وحديث خارجة بن حذافة: سيأتي بعد حديث أبي سعيد. • وحديث عبد الله بن عمر: رواه مسلم؛ والترمذي، والبيهقي وغيرهم بلفظ: بادروا الصبح بالوتر، ولفظ الترمذي: إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر. • وحديث الأغر المزني: رواه البزار، والطبراني، بلفظ: من أدركه الصبح، ولم يوتر فلا وتر له. ولفظ الطبراني "إنما الوتر بليل". • وحديث أبي هريرة: رواه الديلمي في "مسند الفردوس" بلفظ: "من أصبح فلا وتر له".

574 - حديث أبي سعيد الخدري: "أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوتر فقال: أوتروا قبل الصبح" قال المصنف: خرجه مسلم. قلت: وكذا أحمد، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وجماعة، ووهم الحاكم، فاستدركه بهذا اللفظ، وبلفظ: "من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له".

575 - حديث أبي حذيفة العدوي فيه: "وَجَعَلَها لَكُمْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ العشَاءِ إلى أنْ يَطْلَعَ الفَجْرُ". قال المصنف: خرَّجَهُ أبو داود. قلت وكذا الترمذي، وابن ماجه، ومحمد بن نصر، والدارقطني،

والحاكم، والبيهقي، من رواية يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن راشد الزوفي، عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي، عن خارجة بن حذافة العدوي قال: "خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. قال الحاكم: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه كذا قال). وأقره الذهبي في "التلخيص" لكنه قال في "الميزان" (عبد الله بن أبي مرة الزوفي، له عن خارجة في الوتر لم يصح. قال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض) اهـ. وضعفه

الترمذي، وقال ابن حبان: (إسناد منقطع ومتن باطل). وهذا منه غلو وإسراف يحمل عليه اعتقاد إفادة الحديث للوجوب كما يتمسك به الحقيقة، وقد أجاد البيهقي حيث أشار إلى أنه لا يفيد ذلك إذ عارضه بحديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "أن الله -عز وجل- زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النعم ألا

القنوت في صلاة الوتر

القنوت في صلاة الوتر وهي الركعتان قبل صلاة الفجر"، أخرجه من طريق عمرو بن محمد بن بجير ثنا العباس بن الوليد الخلال، ثنا مروان بن محمد الدمشقي، ثنا معاوية بن سلام، عن يحيى بن كثير، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به، قال العباس بن الوليد: قال لي يحيى بن معين: هذا حديث غريب من حديث معاوية بن سلام، محدث أهل الشام، وهو صدوق الحديث، ومن لم يكتب حديثه مسندة ومنقطعة، فليس بصاحب حديث، ثم أسند البيهقي عن ابن خزيمة قال: لو أمكنني أن أرحل إلى ابن بجير لرحلت إليه في هذا الحديث. * * * 576 - قوله: (رُوي عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - القُنُوتُ مُطْلَقًا، وَرُوِيَ عَنْهُ القُنُوتُ شَهْرًا، وَرُوِيَ عَنْهُ

أَنَّ آخِرَ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ يَقْنَت فِي شَيءٍ مِنَ الصَّلاة، وَأَنَّه نَهَى عَنْ ذَلِكَ). قلت: تقدم جميع ذلك. * * * 577 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوْتِرُ عَلَى الرَّاحِلَة". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة كثيرة من حديث ابن

عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر على بعيره. وله في الصحيحين ألفاظ متعددة من حديثه، ومن حديث جابر بن عبد الله أيضًا، منها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. ومنها عن ابن عمر قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته".

578 - حديث: "لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ" قال ابن رشد: خرَّجَهُ أبو داود. قلت: وجماعة غيره كما تقدم في باب الجماعة.

الباب الثاني: في ركعتي الفجر

الباب الثاني: في ركعتي الفجر 579 - قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أنَّ رَكْعَتَي الفَجْرِ سُنَّةٌ لِمُعَاهَدَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فِعْلِهِمَا أَكْثَر مِنْهُ عَلَى سَائِرِ النَّوافِلِ). البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، من حديث عائشة قالت: "لَمْ يَكُنْ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوافِلِ، أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَي الفَجْرِ".

580 - قوله: (وَلِتَرْغِيبِهِ فِيْهَا). قلت: فيه أحاديث منها حديث أبي سعيد الخدري المار قريبًا في حديث خارجة بن حذافة العدوي، وحديث عائشة مرفوعًا: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه أحمد، ومسلم والترمذي والنَّسائي، والبيهقي. وحديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل"، رواه أحمد، وأبو داود، وفي الباب عن جماعة. * * * 581 - قوله: (ولأنَّهُ قَضَاهَا بَعْدَ طَلُوعِ الشَّمسِ حِينَ نَامَ عَنِ الصَّلاةِ). تقدم في باب القضاء، وقد ورد ذلك من حديث نحو خمسة عشر صحابيًا

ما يقرأ في ركعتي الفجر

ما يقرأ في ركعتي الفجر ذكرتهم في جزء مفرد لقضاء ركعتي الفجر، وتقديمها قبل صلاة الفريضة. * * * 582 - حديث عائشة: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُخَفِّفُ رَكْعَتَيْ الفَجْرِ حَتَّي إنَّي أَقُولُ أَقَرَأَ فِيهِمَا باُمِّ القُرْآنِ أَمْ لَا". متفق عليه من حديثها قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخَفِّف الرَّكعتين اللَّتين قبل الصُّبْحِ حتى أنَّي لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن".

583 - حديث أبي هريرة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بَقُلْ هُوَ الله أَحدٌ، وَقُلْ يا أيُّها الكَافِرونَ"، قال المصنف: خرَّجَهُ أبو داود. قلت: بل هو في "صحيح مسلم" أيضًا، من حديث أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر، قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد. وهكذا هو عند أبي داود، والنَّسائي وابن ماجه، والبيهقي، وغيرهم، بلفظ: قرأ لا

بلفظ: كان يقرأ، كما نقل المصنف. نعم ورد بلفظ كان يقرأ من حديث جماعة من الصحابة. فرواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، من حديث ابن عمر قال: "رمقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا فكان يقرأ بالركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون، وهو الله أحد".

ورواه الطحاوي، من حديث ابن مسعود قال: ما أُحصي ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين قبل المغرب بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وفي الباب، عن أنس، وجابر، وعائشة وعبد الله بن جعفر. * * * 584 - حديث: "إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا المَكْتُوبَةُ".

أحمد، ومسلم، والأربعة وجماعة، من حديث أبي هريرة. وفي الباب، عن ابن عمر، وجابر وأنس. * * * 585 - حديث أبي سَلَمَةَ بن عبدِ الرَّحْمن أنَّهُ قال: سَمِعَ قَوْمٌ الإِقَامَةَ، فَقَامُوا يُصَلُّونَ، فَخَرَجَ عَليْهِم رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقال: "أصَلَاتَانِ مَعًا؟ أَصَلَاتانِ مَعًا؟ ". وذَلِكَ في صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ.

مالك، عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمِرٍ، عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن به. قال ابن عبد البر: (لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث إلا الوليد بن مسلم، فإنه رواه عن مالك، عن شريك، عن أنس). ورواه الدراوردي عن شريك عن أبي سلمة، عن عائشة، ثم أخرجه من الطريقين. * * * 586 - حديث: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أدْرَكَ الصَّلاةَ".

تقدم. * * * 587 - حديث: "إذَا أُقيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاة إلَّا المَكْتُوبَةُ". تقدم قريبًا.

588 - حديث: "قَضَائِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَكْعَتَي الفَجْرِ بَعْدَ طُلوعِ الشَّمسِ حِيْنَ نَامَ عنِ الصَّلَاةِ". وتقدم قريبًا أيضًا. وفي الباب حديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه الترمذي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث عمرو بن عاصم، ثنا همام، عن قتادة، عن النضر، عن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يصلِّ ركعتي الفجر ليصلِّهما إذا طلعت الشمس"، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين. وقال البيهقي: (تفرد به عمرو بن عاصم، وهو ثقة) وكذا قال الترمذي: (لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن عاصم الكلابي قال: والمعروف من حديث قتادة بهذا الإِسناد: "من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح").

الباب الثالث: في النوافل

الباب الثالث: في النوافل

589 - حديث ابن عمر، أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل فقال: "مَثْنَى مَثْنَى فإذَا خَشِيَ أحَدُكُم الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوْتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّي". متفق عليه، وقد تقدم قريبًا.

590 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكعَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الجُمُعَةِ رَكْعَتَينِ، وَقَبْلَ العَصْرِ رَكْعَتَيْنِ". متفق عليه، من حديث ابن عمر قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الغداة، وكانت ساعة لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، فحدثتني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين. ورواه مالك بلفظ: "كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين، في بيته، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين. وفي لفظ لمسلم: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الظهر سجدتين وبعدها سجدتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين. الحديث.

وعند أبي داود، من حديث علي -عليه السلام-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل العصر ركعتين. * * * 591 - حديث عائشة "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثم يُصَلَّي ثَلَاثًا، قالت: فقلت يا رسول الله! أَتَنَامُ قَبْلَ أن تُوْتِرَ؟ قال: يا عائشةُ إن عَيْنَايَ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". البحاري، ومسلم، وأبو داود؛ والترمذي، والنَّسائي، وغيرهم من

حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة كَيْفَ كَانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا في غيرِه على إحدى عشرةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أربعًا فلا تَسْأَل عن حُسنِهنَّ وَطولهنَّ. الحديث. * * * 592 - حديث أبي هريرة "مَنْ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أرْبَعًا". أحمد ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه والبيهقي، وجماعة. * * * 593 - حديث الأسود عن عائشة: "أنَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلَّي مِنَ اللَّيلِ تِسعَ

رَكَعَاتٍ، فلمَّا أَسنَّ صَلَّى سَبعَ رَكَعَاتٍ". تقدم في الوتر من رواية سعد بن هشام وغيره عنها.

الباب الرابع: في ركعتي دخول المسجد

الباب الرابع: في ركعتي دخول المسجد 594 - حديث: "إذَا جَاءَ أحدُكم المَسْجِدَ فَلْيَرْكَع رَكْعَتَيْنِ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة، من حديث أبي

قتادة، واللفظ المذكور للبخاري؛ وللجميع، إذَا دَخَلَ أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. * * * 595 - حديث: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَي الصُّبْحِ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم من حديث ابن عمر مرفوعًا: "ليبلغ شاهدكم غائبكم، لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتي الفجر"، وفي سنده مقال لكن له طرق أخرى عن ابن عمر يرتقي بمجموعها إلى الثابت المقبول مع شاهده، من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص. بلفظه: لا صلاة بعد

طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر رواه الطبراني، والدارقطني، والبيهقي، من وجهين عنه. ورواه البيهقي، من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب مرسلًا، لا صلاة بعد النداء إلا سجدتين يعني الفجر، ثم قال: (وروي موصولًا بذكر أبي هريرة فيه ولا يصح وصله).

الباب الخامس: في قيام رمضان

الباب الخامس: في قيام رمضان 596 - حديث: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". متفق عليه، من حديث أبي هريرة.

597 - حديث: "أفْضَل الصَّلاةِ صَلَاتُكُم فِي بُيُوتِكُم إلَّا المَكْتُوبَةَ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وغيرهم من حديث زيد بن ثابت بلفظ: "ؤ: "أفضل الصلاة صلاة المرء

في بيته إلا المكتوبة"، واللفظ المذكور هنا للترمذي وخرَّجه مالك في "الموطأ" موقوفًا على زيد.

الباب السادس [في صلاة الكسوف]

الباب السادس [في صلاة الكسوف]

صفة صلاة الكسوف

صفة صلاة الكسوف 598 - حديث عائشة قالت: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ في عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فَصلَّى بالنَّاسِ، فَقَامَ فَأطَالَ القِيَامَ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ. ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ، وَهو دُونَ

القِيَام الأوَّلِ. ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُوْنَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ. ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْل ذَلِكَ. ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ". مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وآخرون من حديثها وله عندهم ألفاظ وبقيته ستأتي. * * * 599 - حديث ابن عباس: "مِثْلُ هذِهِ الصِّفَة".

مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. * * * 600 - قوله: (وَوَرَدَ مِن حَديثِ أبي بَكْرَةَ، وسمرة بن جندب، وعبد الله عمرو والنعمان بن بشير أنَّهُ صَلَّى في الكُسُوفِ رَكْعَتَينِ كَصَلَاةِ العِيْدِ). • أما حديث أبي بكرة، فرواه الطيالسي، والبخاري، والنَّسائي،

والطحاوي، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، من رواية الحسن عنه قال: انكسفت الشمس وفي لفظ خسفت الشمس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد وثاب الناس إليه، فصلى بهم ركعتين فانجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا يخسفان لموت أحد وإذا كان ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم، الحديث لفظ البخاري، والنَّسائي، والبيهقي، وهو عند الباقين مختصر. ولفظ الحاكم وهي رواية للنَّسائي أيضًا، من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث عن الحسن، عن أبي بكرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه وذكر كسوف الشمس، وقال الحاكم: (على شرطهما ولم يخرجاه). قال الذهبي: (إسناد حسن وما هو على شرط واحد منهما).

• وأما حديث سمرة: فرواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، والحاكم، والبيهقي، في حديث طويل، وأصله عند الترمذي، وابن ماجه أيضًا، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فقال كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا، ثم فعل في الركعة الأخرى بمثل ذلك الحديث. • وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: فرواه أحمد، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنَّسائي، والطحاوي، والبيهقي، من رواية عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم يوم كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابنه فقام الناس فقيل لا يركع فركع، فقيل لا يرفع فرفع، فقيل لا يسجد وسجد فقيل لا يرفع فقام في الثانية ففعل مثل ذلك وتجلت الشمس؛

قال البيهقي: (فهذا الراوي حفظ عن عبد الله بن عمرو طول السجود، ولم يحفظ ركعتين في ركعة، وأبو سلمة حفظ ركعتين في ركعة وحفظ طول السجود عن عائشة، وقد رواه مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، وزاد في الحديث ثم رفع رأسه فأطال القيام حتى قيل لا يركع، ثم ركع فأطال الركوع حتى قيل لا يرفع. قلت: هذه الطريق خرجها الحاكم في "المستدرك"، وعنه البيهقي، من رواية حميد بن عياش الرملي، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو؛ وعن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بذكر الركوعين في كل ركعة ثم قال: (غريب صحيح). وقال البيهقي: (أخرجه ابن خزيمة في مختصر الصحيح). وهذا هو الموافق لرواية أبي سلمة التي ذكرها البيهقي وهي في الصحيحين، من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، وقال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نودي الصلاة جامعة فركع ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس حتى جلي عن الشمس. • وأما حديث النعمان بن بشير: فهو المذكور بعده.

601 - حديث أبي قلابة، عن النعمان بن بشير قال: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الكُسُوفِ نَحْوَ صَلاتِكُم يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ الله حتى تَجَلَّت الشَّمسُ". أحمد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، وأصله عند ابن ماجه بدون التصريح بالركعتين، وإنما قال: ولم يزل يصلي حتى انجلت، الحديث. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)؛ وصححه أيضًا ابن عبد البر، وابن حزم، وأعله أبو حاتم بالانقطاع، وغيره به وبالاضطراب، وقال البيهقي: (هذا مرسل أبو قلابة لم يسمعه من النعمان بن بشير خاليًا عن هذه الألفاظ التي توهم خلافًا، وخاليًا عن لفظ التجلي يعني قوله في الحديث إن الله -عز

وجل- إذا تجلى لشيء خشع له)، ثم أخرجه كذلك من طريق هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن النعمان، وفيه: فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي أو يحدث الله -عز وجل- أمرًا. قال: وهذا أشبه أن يكون محفوظًا، وقد قيل، عن أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي؛ ثم أخرجه كذلك وبين أن فيه انقطاعًا أيضًا، وبالجملة فهو حديث ضعيف جدًا أو باطل من أصله، فإن النعمان نفسه لم يحضر القصة، وإنما رواها عن غيره، ثم وقع من الرواة عنه أيضًا حفظ. وتخليط وزيادة ونقصان، وإدخال ألفاظ ليست من الحديث، ولا واردة فيه كلفظة التجلي الموقعة في الإشكال على أن أحاديث الكسوف من أصلها أتى فيها الرواة من التخليط وسوء الحفظ والفهم بما يوقع في الحيرة، فإن القصة واحدة وهم رووها على أوجه شتى متعارضة لا يمكن الجمع بينها بحال فلابد من الترجيح.

602 - قوله: (وَقَدْ رُوِيَ في صَلاةِ الكُسُوفِ عَشْرُ رَكَعَاتٍ في ركعتين). عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"، وأبو داود، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركوعات، وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى تجلى كسوفها؛ وقال الحاكم: (الشيخان قد هجرا أبا جعفر الرازي ولم يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال وهذا الحديث فيه ألفاظ ورواته صادقون)، وتعقبه الذهبي فقال: (هذا خبر منكر وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشيء وأبوه فيه لين). قلت: أما عبد الله فبريء منه لأن الباقين رووه من غير طريقه. وأمَّا أبو جعفر، فوثقوه ولينه بعضهم؛ وقال ابن حبان: إنه يأتي بالمناكير عن الثقات لا يعجبني الاحتجاج بما انفرد به، وهذا أعدل الأقوال فيه، وقد أتى بمنكر خالف فيه الثقات، وكان ينبغي أن يروي بطريق التواتر، ولا ينفرد برواية واحد لأنه على خلاف

المألوف المعروف في الصلاة، فالخبر منكر كما قال الذهبي وعندي أنه باطل ولابد. * * * 603 - قوله: (وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ في ركعتين). أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي، من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات، وعن علي مثل ذلك، لفظ مسلم ورواه أيضًا مفصلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في كسوف قرأ ثم ركع، ثم قرأ،

ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد، قال: والأخرى مثلها؛ وقال البيهقي: (أعرض البخاري عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار، وكثير بن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت، وإن كان من الثقات فقد كان يدلس ولم أجد ذكر سماعه في هذا الحديث، عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به، عن طاوس، وقد روي سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات فخالفه في الرفع والعدد جميعًا). قلت: بل حبيب نفسه رواه بذكر الثلاث أيضًا مرفوعًا كما وقع عند الترمذي ثم أنه مرة قال في آخر الحديث، وعن علي مثل ذلك كما سبق عند مسلم، ومرة قال: وعن عطاء مثل ذلك كما عند النَّسائي، وهذا صريح في عدم ضبطه للحديث، والحديث كذب باطل مقطوع ببطلانه عقلًا، ولو أنه في صحيح مسلم، فإن كسوف الشمس إنما وقع مرة واحدة يوم مات إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يصرح به أكثر الرواة ويذكرون عقب الصلاة الخطبة، فمن المحال المقطوع به عقلًا أن يكون - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف يومئذ ركعتين كسائر الصلوات، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات، ثم صلاها ركعتين في كل ركعة أربع ركعات ثم صلاها ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات، ثم يتفق الرواة على عدم نقل هذا التكرار واقتصر كل فريق منهم على نقل صفة

واحدة؛ بل بالضرورة ندرك أنه لم يقع منه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم إلا صفة واحدة، والباقي كله باطل لا أصل له وإنما هو ناشيء من غلط الرواة وأدل دليل على ذلك أن الصحابي الواحد تنقل عنه روايات مختلفة يُضيفها أيضًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي مقدمتهم ابن عباس راوي حديث الثمان ركعات في زعم حبيب فإنه قد روي في الصحيح عنه أيضًا ركعتان في كل ركعة ركوعان، كما رَوَتْ عائشة وغيرها، وغير جائز أن يكون ابن عباس روى الوجهين لفعل واحد صدر منه - صلى الله عليه وسلم - في وقت واحد، بل الصحيح عنه أيضًا واحد، والباقي من غلط الرواة عليه، إما في أصل الرواية، وإما في نسبة الرفع لأنه قد يكون ابن عباس فعل خلاف ما روى اجتهادًا منه، فأضاف الراوي ذلك إلى روايته أيضًا كما وقع في هذا الحديث، فقد رواه سليمان الأحول عن طاوس موقوفًا كما سبق، وقد أجاد البيهقي -رحمه الله- إذ قال عقب حديث عطاء، عن جابر بن عبد الله: (من نظر في هذه القصة وفي القصة التي رواها أبو الزبير عن جابر، علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، ورواية عطاء بن يسار، وكثير بن عباس، عن ابن عباس ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، ورواية أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان؛ وفي حكاية أكثرهم قوله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته، دلالة على أنه صلاها يوم توفي ابنه فخطب وقال هذه المقالة ردًا لقولهم إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه

الشافعي، ومحمد بن إسماعيل البخاري -رحمهما الله تعالى-). قلت: وهذا في غاية التحقيق وهو الواقع الذي لا يرتاب فيه عاقل، أما تلك الصفات الأخرى فمنشؤها والله أعلم فعل بعض الصحابة فإنه لا ينكر عن بعضهم بعض تلك الصفات التي صدرت منهم عن اجتهاد لا عن توقيف، وكان وجه تلك الزيادات في نظرهم أنهم كما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في صلاة الكسوف عن سننها المألوف فركع في كل ركعة ركوعين فهموا الإذن في الزيادة من الركوع، وإن المقصود الإِكثار منه حتى يقع الانجلاء، فركع بعضهم ثلاث ركوعات، وبعضهم أربعًا، وبعضهم خمسًا، فظن الرواة أن فعلهم ذلك مروي، فرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينتبه لهذا أبو محمد بن حزم، فحكم بصحة جميع هذه الصفات وجعل المصلي مخيرًا أن يفعل منها ما شاء، لثبوت الجميع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نظره لأنه ظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الكسوف مرارًا في كل مرة منها صلى نوعًا من تلك الأنواع، والواقع أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة، ولذلك استحال ثبوت جميع تلك الصفات عنه، وهكذا وقع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له فإنه حديث قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير خطبة الكسوف، كما رواه أبو بكرة كذلك مستقلًا ولكن الرواة لسوء فهمهم، وقلة إتقانهم أدرجه بعضهم في حديث النعمان بن بشير، وحديث أبي بكرة، ولذلك لم يذكره الحفاظ المتقنون فيه لا في حديث أبي بكرة ولا في حديث النعمان، والحمد لله على فضله.

604 - قوله: (وَسِتُّ رَكَعَاتٍ في رَكْعَتَيْنِ). أحمد، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي، والبيهقي، من حديث جابر بن عبد الله قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ست ركعات بأربع سجدات، ورواه الترمذي من حديث ابن عباس كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله. * * * 605 - قوله: (وأرْبع ركعات في ركعتين).

القراءة في صلاة الكسوف أي في كل ركعة ركوعان تقدم هذا وهو الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعل غيره كما قررناه في الكلام على قوله وثمان ركعات.

606 - قوله: (وذلك أنَّ مفهوم حديث ابن عباس الثابت أنَّهُ قَرأ سِرَّا لِقَوْلِهِ فِيه عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَام قَيامًا نَحْوًا مِن سُورة البَقَرةِ). البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي، من رواية عطاء بن يسار عن ابن عباس. * * * 607 - (ورُوِيَ هَذا المَعْنى نَصًا عَنْهُ قَال: قُمْتُ الى جَنبِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا). أحمد، وأبو يعلى، والطحاوي، والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم

في "الحلية" والبيهقي من أوجه عن عكرمة، عن ابن عباس به. ورواه البيهقي في "المعرفة" من الأوجه الثلاثة، عن عكرمة ثم قال: وهؤلاء وإن كان لا يحتج بهم ولكنهم عدد وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن ابن عباس، أنه -عليه الصلاة والسلام-، قرأ نحوًا من سورة البقرة، أخرجاه في الصحيحين قال الشافعي، فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره ويدفع حمله على البعد رواية الحكم بن أبان، صليت إلى جنبه، ويوافق أيضًا رواية محمد بن إسحاق بإِسناده عن عائشة قالت: فحزرت قراءته، ويوافق أيضًا حديث سمرة بن جندب، وإنما الجهر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظًا فيشبه أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد اهـ. * * * 608 - قوله: (وقد رُوِيَ أيضًا من طريق ابن إسحاق، عن عائشة في صَلَاة الكُسُوفِ أنَّهَا قَالت: تَحَرَّيْتُ قِرَاءَتَهُ فَحَزِرْتُ أنَّهُ قَرَأ سُورَةَ البَقَرةِ).

أبو داود، والبيهقي، كلاهما من طريق عبيد الله بن سعد، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال حدثني هشام بن عروة، وعبد الله بن أبي سلمة، عن سليمان بن يسار، كلٌ قد حدثني عن عروة، عن عائشة قالت: كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة ثم سجد سجدتين ثم قام فأطال القراءة فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران، لفظ البيهقي. * * * 609 - حديث: "صَلَاةُ النَّهارِ عَجْمَاء". ليس هو بحديث كما قال الدارقطني وغيره من الحفاظ، وإنما هو من كلام بعض الفقهاء.

610 - حديث: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأ في إحْدَى الرَّكْعَتَيْن مِنْ صلاةِ الكُسُوفِ بالنَّجْمِ". ابن أبي شيبة في "المصنف"، عن الحسن مرسلًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس ركعتين قرأ في إحداهما بالنجم. * * * 611 - حديث سُفيان بن حُسين، عن الزُّهري، عن عُروةَ، عن عَائِشَة، "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَهَر بالقِرَاءَةِ في كُسُوفِ الشَّمْسِ"، قال أبو عمر بن عبد البر: سُفيانُ بن حسين ليسَ بالقوي، وَقَدْ تَابَعَهُ على ذَلِكَ عن الزُّهْرِي عبد الرحمن بن نمر، وسليمان بن كثير. قلت: رواية سفيان بن حسين خرَّجها الترمذي، من طريق إبراهيم بن صدقة

وقت صلاة الكسوف

وقت صلاة الكسوف والطحاوي، والبيهقي، كلاهما من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن سفيان بن حسين به؛ وقال الترمذي: (حسن صحيح). ومتابعة عبد الرحمن بن نمر رواها البخاري، ومسلم، والبيهقي، كلهم

من رواية الوليد بن مسلم، ثنا عبد الرحمن بن نمر، سمع ابن شهاب يخبر عن عروة، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر في صلاة الكسوف بقراءته فإذا فرغ من قراءته كبر وركع وإذا رفع رأسه قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات. ومتابعة سليمان بن كثير، رواها أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن الزهري عن عروة، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة في صلاة الكسوف. ورواه أحمد، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، والبيهقي من طريق محمد بن كثير كلاهما عن سليمان بن كثير مطولًا نوعًا، وتابع هؤلاء أيضًا الأوزاعي وعقيل وإسحاق بن راشد، فمتابعة الأوزاعي رواها أبو داود، والحاكم، والبيهقي من رواية الوليد بن مزيد عنه.

الخطبة في صلاة الكسوف هل هي شرط أم لا

الخطبة في صلاة الكسوف هل هي شرط أم لا ومتابعة عقيل، رواها الطحاوي من رواية ابن لهيعة. ومتابعة إسحاق بن راشد خرَّجها الدارقطني، والبيهقي، من رواية موسى بن أعين، وفيها أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، وبالثانية بلقمان والروم، فهؤلاء ستة رووا عن الزهري الجهر بالقراءة وقد قال الحافظ العراقي: حديث عائشة له طرق، ولكن الذي ذكر فيه الجهر بالقراءة ثلاث طرق، رواية سفيان بن حسين، عن الزهري، وقد انفرد الترمذي بوصلها، وذكرها البخاري تعليقًا؛ ورواية عبد الرحمن

صلاة كسوف القمر

صلاة كسوف القمر بن نمر عن الزهري متفق عليها. ورواية الأوزاعي وقد انفرد بها أبو داود اهـ. وهو متعقب بما ذكرناه في المتابعين أيضًا. * * * 612 - حديث عائشة: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لمَّا انصَرفَ مِنَ الصَّلاةِ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ حمد الله وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: إنَّ الشَّمسَ والقَمَر آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ".

متفق عليه. * * * 613 - قوله: (لم يُروَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ صَلَّى في كسوف القمر مع كَثْرَةِ دورانه).

قلت: بل روي ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي بكرة، وابن عباس، وعائشة، وجابر بن عبد الله. • فحديث أبي بكرة: رواه الحاكم، والبيهقي، من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه في كسوف الشمس والقمر، وصححه الحاكم على شرطهما؛ وقال الذهبي، إسناده حسن وما هو على شرط واحد منهما. ورواه ابن حبان في صحيحه، من طريق النضر بن شميل عن أشعث به مثله. ورواه الطحاوي من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، ثنا يونس عن الحسن، عن أبي بكرة: أن الشمس، أو القمر انكسفت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث، هكذا عنده بالشك. • وحديث ابن عباس: رواه الشافعي، والبيهقي، من طريقه، عن إبراهيم

ابن محمد، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن الحسن البصري قال: خسف القمر وابن عباس أمير على البصرة، فخرج فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتين ثم ركب وقال إنما صليت كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي؛ وإبراهيم ابن محمد ضعيف. ورواه الدارقطني، من طريق ثابت بن محمد الزاهد، ثنا سفيان بن سعيد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات في أربع سجدات يقرأ في كل ركعة، لكنه في "صحيح مسلم" من هذه الطريق بدون ذكر القمر كما سبق. • وحديث عائشة: رواه الدارقطني، من طريق سعيد بن حفص خال النفيلي، ثنا موسى بن أعين، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات، وقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت والروم، وفي الثانية بياسين، هكذا رواه الدارقطني من طريق أحمد بن سعيد بن إبراهيم الزهري، عن سعيد بن حفص.

ورواه البيهقي، من طريق محمد بن إسماعيل السلمي، عن سعيد بن حفص فلم يذكر القمر وقال فيه: فقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بلقمان أو الروم. • وحديث جابر بن عبد الله: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب والمطر عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت ليلة ريح شديدة كان مفزعه إلى المسجد حتى تسكن الريح، وإذا حدث في السماء من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة. حسنه بعض الحفاظ وكان ابن القيم لم يقف على جميع هذا، فقال في الهدي: لم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف القمر جماعة، لكن حكى ابن حبان في السيرة له: أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الكسوف وكانت أول صلاة كسوف في الأسلام. قال الحافظ وقد جزم بهذا مغلطًا في سيرته المختصرة، وتبعه شيخنا في نظمها اهـ. يريد قول الحافظ العراقي في ألفية السيرة. وقيل في الخمس وفيه نزلت ... آي الحجاب والخسوف صليت لقمر وفيه غزو الخندق ... مع قريظة مع المصطلق

الباب السابع: في صلاة الاستسقاء

الباب السابع: في صلاة الاستسقاء 614 - حديث عباد بن تميم، عن عمه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ بالنَّاسِ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِهِمِ رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِراءَةِ ورفع يديه حذو منكبيه، وحول رِدَاءَهُ واستقبل القبَلَةَ واسْتسْقَى" قال المصنف: خرَّجهُ البخاري، ومسلم.

قلت: هو كذلك إلا أن ذكر الجهر بالقراءة من إفراد البخاري، والحديث خرَّجه أيضًا أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي بألفاظ. * * * 615 - حديث أنس بن مالك قال: جَاءَ رَجُلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله:

هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُل فادعُ الله فَدَعَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَمَطَرْنَا مِنَ الجُمُعَةِ"، قال المصنف: خرجه مسلم. قلت: وكذا البخاري، بل هذا لفظه من طريق مالك في "الموطأ". * * * 616 - حديث عبد الله بن زيد المازني: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة ولم يذكر فيه صلاة". مالك، والبخاري، ومسلم، وغيرهم ولا دلالة فيه لما ذهب إليه أبو حنيفة فقد اتفقا عليه أيضًا من عدة طرق بذكر الصلاة فيه، وزاد البخاري أنه جهر فيها بالقراءة.

617 - قوله: (وَزَعَمَ القَائِلُونَ بَظَاهِر هذَا الأثَرِ أنَّ ذَلِكَ مَرْوِيٌ عَن عُمرَ بن الخطَّابِ، أَعْنِي أنَّهُ خَرَجَ إلى المُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَلَمْ يُصَلِّ). البخاري، من حديث أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم انا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا - صلى الله عليه وسلم - فاسقنا، قال فيسقون، وهو من إفراد البخاري عن الستة؛ ورواه أيضًا البيهقي من حديث أنس. ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله قال: فخطب عمر الناس فقال: يا أيها الناس إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه، ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله -عز وجل- فيما نزل بكم، سكت عليه الحاكم، وقال الذهبي (هو في جزء البانياسي بغلو، وصح نحوه من حديث أنس، فأما داود فمتروك).

618 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى عَلى المِنْبَرِ". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي من حديث أنس بن مالك، أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: اللهم اسقنا اللهم اسقنا الحديث وفي الباب عن جماعة. * * * 619 - قوله: (قال ابن المنذر: ثَبَتَ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى صَلاةَ الاسْتَسْقَاءِ وَخَطَبَ

واختَلَفُوا هَلْ هِيَ قَبْلَ الصَّلاةِ أوْ بَعْدَهَا؟ لاخْتِلَافِ الآثَارِ في ذَلِك؛ ثمَّ قَال: قَال ابن المنذر: قَد رُوِي عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ اسْتَسْقَى فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ). قلت: أمَّا تقديم الصلاة على الخطبة، فرواه أحمد، وابن ماجه، والطحاوي والبيهقي، من رواية النعمان بن راشد، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا فدعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعًا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن قال البيهقي: تفرد به النعمان بن راشد، عن الزهري. ورواه أحمد، عن إسحاق، ثنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم قال: سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلي

واستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم استقبل القبلة فدعا، والحديث عند مالك في "الموطأ" بدون هذه الزيادة، وكذلك رواه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك. وأما تقديم الخطبة على الصلاة: فرواه البخاري، والطحاوي، والبيهقي، من طريق زهير عن أبي إسحاق قال: خَرَج عبد الله بن يزيد الأنصاري يستسقي وقد كان رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج فيمن خرج البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، قال أبو إسحاق: وأنا معه يومئذ فقام قائمًا على رجليه على غير منبر فاستسقى واستغفر ثم صلى بنا ركعتين ونحن خلفه يجهر فيهما بالقراءة لم يؤذن يومئذ ولم يقم. قال البيهقي: (ورواه الثوري، عن أبي إسحاق قال: فخطب ثم صلى، ورواه شعبة عن أبي إسحاق قال: فصلى ركعتين ثم استسقى ورواية الثوري وزهير أشبه).

قلت: ورواية شعبة خرجها مسلم في المغازي من "صحيحه"، عن محمد بن مثنى، وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، أن عبد الله بن يزيد، خرج يستسقي بالناس فصلى ركعتين ثم استسقى قال: فلقيت يومئذ زيد بن أرقم رجل فقلت له: كم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: تسع عشرة، الحديث. ورواه أبو داود، والحاكم، والبيهقي، من حديث عائشة في حديث طويل؛ وقال أبو داود: (حديث غريب إسناده جيد). وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين). وفي الباب عن ابن عباس في السنن الأربعة، "ومستدرك الحاكم"،

و"سنن الدارقطني" والبيهقي، إلا أن ألفاظه مختلفة، فيها ما هو صريح بالخطبة، وفيها ما فيه الدعاء فقط مع إنكار الخطبة وهو المذكور بعده. * * * 620 - حديث ابن عباس: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى فِيْهَا رَكْعَتَيْنِ كما يُصَلَّى في العِيْدَيْنِ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه،

والطحاوي، وابن الجارود والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة، عن أبيه قال: أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج متبذلًا متواضعًا متضرعًا حتى أتى المصلي فلم يخطب خطتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير وصلى ركعتين كما يصلي في العيد، لفظ الترمذي وقال: (حسن صحيح). وعند أحمد، والحاكم فصنع فيه كما يصنع في الفطر والأضحى، وصححه الحاكم أيضًا.

ورواه الدارقطني، والحاكم, والبيهقي، من رواية محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك، عن أبيه، عن طلحة بن يحيى قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الإِستسقاء فقال: سُنَّة الاستسقاء سُنّة الصلاة في العيدين، إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلب رداءه فجعل يمينه على يساره، ويساره على يمينه فصلى ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ سبح اسم ربك الأعلى، وقرأ في الثاني هل أتاك حديث الغاشية، وكبَّر فيها خمس تكبيرات. قال الحاكم: (صحيح الإِسناد)، وتعقبه الذهبي فقال: (ضعف عبد العزيز). قلت: كذا قال عبد العزيز، كذا وقع في المستدرك، محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك وطلحة بن يحيى، أمَّا طلحة بن يحيى فَوَهْمٌ محقق لأن الباقين صرحوا بطلحة بن عبد الله بن عوف، وأما محمد بن عبد العزيز فلم يسم جده إلا الحاكم، وقال البيهقي عقب الحديث، محمد بن عبد العزيز هذا غير قوي، وتعقبه المارديني (بأنهم أغلظوا القول فيه، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النَّسائي:

متروك وضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ليس له حديث مستقيم). وهذا مصير منه إلى أن محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري وقد تبعه على ذلك تلميذه الزيلعي في "نصب الراية"، ونقل عن ابن القطان في الوهم، والإِيهام أنه قال: هو أحد ثلاثة أخوة كلهم ضعفاء، محمد وعبد الله، وعمران بنو عبد العزيز بن عمر ابن عبد الرحمن بن عوف، وأبوهم عبد العزيز مجهول الحلل فاعتل الحديث بهما أهـ. وهذا معارض بأنه محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك لا ابن عمر، وبأن الذهبي أعله بعبد العزيز لا بابنه محمد، ولو كان هو ابن عمر الزهري لأعله به لأنه منكر الحديث متروك، وبأن الحاكم صحح الحديث أيضًا فهذا يحتاج إلى تحرير. * * * 621 - حديث عبد الله بن زيد: "أنه - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إلى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ". متفق عليه.

622 - قوله: (في بعض رواياته، قلت: أجَعَلَ الشِّمَالَ على اليَمِيْنِ واليَمِيْنَ عَلى الشِّمَالِ أَمْ جَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ قَال: بَلْ جَعَلَ الشِّمِالَ عَلى اليَمِينِ واليَمِينَ عَلى الشِّمالِ). ابن ماجه، والطحاوي، من روايته سفيان، عن المسعودي، قال: سألت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أجعله أعلاه أسفله أو اليمين على الشمال، قال: بل اليمين على الشمال، وهو عند البخاري، عن سفيان قال: فأخبرني المسعودي، عن أبي بكر قال: جعل اليمين على الشمال. * * * 623 - حديث عبد الله بن زيد أيضًا قال: "اسْتَسْقَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ قَمِيْصَةٌ سَوْدَاء فَأرَادَ أنْ يَأْخُذَ بأسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلى عَاتِقِهِ".

أحمد، وأبو داود، والطحاوي، والحاكم وقال: (على شرط مسلم). وهو عند النسائي مختصرًا. * * * 624 - حديث: "إنَّما جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بهِ".

تقدم غير مرة. * * * 625 - حديث عائشة: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إلى الاسْتَسْقَاءِ حِيْنَ بدا حَاجِبُ الشَّمْسِ" قال المصنف: رواه أبو داود. قلت: هو بعض حديثها الطويل الذي سبقت الإشارة إليه في تقديم الخطبة على الصلاة، رواه أيضًا الحاكم، وصححه شرط الشيخين، والبيهقي، وقال أبو داود، (إسناد غريب جيد) وصححه أيضًا ابن حبان، وأبو عوانة.

الباب الثامن [في صلاة العيدين]

الباب الثامن [في صلاة العيدين]

استحباب الغسل لصلاة العيدين

استحباب الغسل لصلاة العيدين 626 - قوله: (أجْمَعَ العُلَمَاءُ على اسْتَحْسَانِ الغُسْل لِصَلاةِ العيدين وَأنَّ هَذَيْنِ الصَّلَاْتينِ بلا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ لثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -). قلت: في ثبوت الغسل نظر، فقد قال البزار: (لا أحفظ في الاغتسال للعيدين حديثًا صحيحًا). وقال ابن المنير: أحاديث الغسل للعيدين ضعيفه وفيه آثار عن الصحابة جيدة، وقال ابن القيم: لم يصح الحديث فيه، وفيه حديثان ضعيفان حديث ابن عباس، وحديث الفاكه بن سعد، ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم قبل خروجه. قلت: "وقد استنبطه البيهقي، من حديث صحيح لكن من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من

فعله، وهو ما أخرجه من طريق يزيد بن سعيد الإسكندراني، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جمعة من الجمع، يا معشر المسلمين؛ إن هذا يوم جعله الله لكم عيدًا، فاغتسلوا وعليكم بالسواك ثم قال البيهقي: هكذا رواه مسلم، عن هذا الشيخ، عن مالك. ورواه الجماعة، عن مالك، عن الزهري، عن السَبَّاق، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. قلت: كذا عزاه إلى مسلم، وما رأيته في صحيح مسلم، ولا وجدت للإسكندراني المذكور ترجمة في التهذيب فلينظر في ذلك، وقد تقدم الحديث. وهو كالصريح في سنية الغسل للعيد لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعله هو العلة في غسل الجمعة؛ أمَّا من فعله - صلى الله عليه وسلم -: فرواه ابن ماجه، وابن عدي، والبيهقي، من طريقه، ثم من حديث جبارة بن المغلس، ثنا حجاج بن تميم، حدثني ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل يوم الفطر، ويوم الأضحى، وجبارة بن مغلس قال ابن معين كذاب، وضعفه الباقون، وشيخه حجاج بن تميم ضعيف أيضًا. ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه، وابن ماجه، وجماعة كلهم من رواية يوسف بن خالد السمتي، ثنا أبو جعفر الخطمي، عن عبد الرحمن بن عقبة

ابن الفاكه بن سعد عن جده الفاكه بن سعد، وكانت له صحبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة، وكان الفاكه يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام ويوسف بن خالد السمتي كذاب مجمع على تركه. ورواه البزار، من حديث مندل بن علي، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغتسل للعيدين، ومحمد بن عبيد الله، قال البخاري: منكر الحديث، ووهاه أبو حاتم، وقال ابن معين ليس بشيء، ومندل، الراوي عنه ضعيف أيضًا. وروى محمد بن عبد الملك بن مروان، وعلي بن المديني، عن يزيد بن هارون، عن شريك عن مغيرة، عن الشعبي، عن زياد بن عياض الأشعري قال كل شيء رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله رأيتكم تفعلونه غير أنكم لا تغتسلون في العيدين. ورواه عثمان بن أبي شيبة، ويوسف بن عدي، عن شريك، عن مغيرة، عن الشعبي قال: شهد عياض الأشعري عيد الأنبار فذكروا الحديث؛ أخرجه ابن منده، والبغوي وابن عساكر وغيرهم، وقال ابن عساكر: الصحيح قول من قال عياض، وقوله زياد بن عياض غير محفوظ. قلت: وهذا سند صحيح فيعقب به على البزار ومن وافقه .. وأما كونهما بلا أذان ولا إقامة فمتفق عليه من حديث جابر، وابن عباس.

ورواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، من حديث جابر بن سمرة قال صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة وفي الباب عن جماعة. * * * 627 - قوله: (وَكَذَلِكَ أجْمَعُوا على أنَّ السُّنَّة فِيْهَا تَقْدِيْمُ الصَّلَاةِ على الخطْبَةِ لثُبُوتِ ذَلِكَ أيضًا عن رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -). أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن

ماجه، والبيهقي، من حديث عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة. وفي الباب: عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأنس، والبراء بن عازب، وأبي سعيد الخدري، متفق على جميعها، وعن غيرهم. * * * 628 - قوله: (وأكْثَرَهُم اسْتَحبَّ أنْ يَقْرَأ في الأوْلَى بِسَبِّح، وَفِي الثَّانِيَةِ بالغَاشِيَةِ لِتَوَاتُر ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -).

قلت: المتقدمون يطلقون التواتر على الشهرة، فإن هذا المعنى لم يرد إلا من حديث النعمان بن بشير، وسمرة بن جندب وابن عباس، وأنس بن مالك، وهذا عدد المشهور لا المتواتر. • فحديث النعمان: سبق في الجمعة، ولفظه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين والجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما في الصلاتين. • وحديث سمرة: رواه أحمد، والطحاوي، والبيهقي، وكلهم من طريق معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية. • وحديث ابن عباس: رواه ابن ماجة، والطحاوي، من طريق موسى بن عبيد عن محمد بن عمرو بن عطاء عنه، مثل الذي قبله، وموسى بن عبيد ضعيف. • وحديث أنس: رواه ابن أبي شيبة، من رواية مولى له عنه.

التكبير في صلاة العيدين

التكبير في صلاة العيدين 629 - قوله: (واسْتَحَبَّ الشَّافعي القِرَاءَةَ فِيْهِمَا بِقَاف والقُرآنِ المَجِيْدِ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، لِثُبُوتِ ذَلِك عَن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -). مالك، والشافعي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

والنَّسائي، وابن ماجه والطحاوي، والبيهقي، من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر فقال: كان يقرأ فيهما بقاف والقرآن المجيد، واقتربت الساعة وانشق القمر.

630 - قوله: (فَذَهَبَ مالِك إلى ما رَوَاهُ عن ابن عمر قَال: شَهِدْتُ الأَضْحَى والفِطْر مَعَ أبي هُرَيْرَة فَكَبَّر فِي الأُوْلَى سَبْعَ تَكْبِيْرَاتٍ قَبْلَ القِرَاءَةِ، وفِي الآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ القِراءَةِ ثُمَّ قَالَ. وَقَدْ خَرَّجَ أبو داود، مَعَنَى أبي هُريْرَة مَرْفُوعًا، عَنْ عَائِشَة وَعَنْ عَمْرُو بن العاص). قلت: أمَّا حديث عائشة فرواه ابن لهيعة واختلف عليه فيه على أقوال الأول: عنه، عن خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في العيدين سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الثانية سوى تكبيرتي الركوع، رواه أحمد، عن يحيى بن إسحاق، وأبو داود، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي، كلهم من طريق ابن وهب، والطحاوي أيضًا من طريق أسد بن موسى،

والدارقطني والحاكم، من طريق إسحاق بن عيسى أربعتهم عن ابن لهيعة به، وقال الحاكم: (هذا حديث تفرد به عبد الله بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم في موضعين)، ونقل البيهقي عن محمد بن يحيى الذهلي، قال: (هذا هو المحفوظ لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة). القول الثاني: عنه، عن عقيل، عن ابن شهاب أخرجه أبو داود عن قتيبة بن سعيد، والطحاوي، من طريق أسد بن موسى أيضًا والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من طريق عمرو بن خالد ثلاثتهم عنه. القول الثالث: عنه، خالد بن يزيد وعقيل معًا، عن الزهري، رواه ابن ماجه عن حرملة بن يحيى، ثنا عبد الله بن وهب أخبرني ابن لهيعة.

القول الرابع: عنه، عن خالد، عن عقيل، عن الزهري، رواه الطحاوي، عن يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا حرملة عن ابن وهب، عن ابن لهيعة. القول الخامس: عنه، عن يزيد بن أبي حبيب، ويونس عن الزهري، ورواه الدارقطني من طريق بكر بن سهل، عن عبد الله بن يوسف، ثنا ابن لهيعة به. القول السادس،: عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة أخرجه أحمد، ثنا يحيى ابن إسحاق، أنبأنا ابن لهيعة، ثنا الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التكبير في العيدين سبعًا قبل القراءة وخمسًا بعد القراءة .. القول السابع: عنه، عن أبي الأسود، عن عروة عن أبي واقد الليثي قال: شهدت العيدين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر في الأول سبعًا وفي الثانية خمسًا، رواه الطبراني في "الكبير"، وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" من رواية إسحاق بن الفرات قاضي مصر، عن ابن لهيعة، ونقل عن أبيه أنه قال: هذا حديث باطل بهذا الإسناد. القول الثامن: عنه، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي وعائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس يوم الفطر والأضحى، فكبر الأولى سبعًا، وقرأ ق والقرآن المجيد، وفي الثاني خمسًا، وقرأ اقتربت الساعة وانشق القمر، رواه الطحاوي، من طريق سعيد بن كثير بن عفير، أخبرنا ابن لهيعة به.

القول التاسع: عنه، عن خالد بن يزيد قال: بلغنا عن الزهري بسنده السابق عن عائشة أخرجه البيهقي، من طريق بشر بن موسى ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة به. وأما حديث عمرو بن العاص: فَوَهْمٌ أو تحريف، وإنما هو عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، كلهم من حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة ولم يصل قبلها ولا بعدها لفظ أحمد، وقال: وأنا أذهب إلى هذا؛ وصححه هو وابن المديني، والبخاري فيما حكاه عنه الترمذي في العلل، وقال الحافظ العراقي: إسناده صالح. وفي الباب، عن عمرو بن عوف، وعبد الله بن عمر، وسعد القرظ وعلي بن أبي طالب وغيرهم.

631 - حديث أبي موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان أنهما سُئِلَا: "كَيْفَ كَانَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُ في الأضْحَى والفِطر؟ فقال أبو مُوسَى: كَانَ يُكَبِّرُ أرْبَعًا تَكْبِيَره على الجَنَائِزِ، فقال حُذَيْفَة: صَدَقَ". أحمد، وأبو داود، والطحاوي، والبيهقي، كلهم من رواية عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه، عن مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة بن اليمان، كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في الأضحى، الحديث وقال البيهقي: (قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين،

من تجب عليه صلاة العيد

من تجب عليه صلاة العيد أحدهما في رفعه، والآخر في جواب أبي موسى المشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بذلك، ولم يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن موسى أو ابن أبي موسى، أن سعيد بن العاص أرسل إلى ابن مسعود وحذيفة، وأبي موسى فسألهم عن التكبير في العيد، فأسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فقال: تكبر أربعًا قبل القراءة، ثم تقرأ، فإذا فرغت كبرت فركعت ثم تقوم في الثانية فتقرأ فإذا فرغت كبرت أربعًا، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ضعفه يحيى بن معين قال: وكان رجلًا صالحًا). قلت: والموقوف الذي ذكره، خرَّجه عبد الرزاق في "مصنفه"، أخبرنا معمر،

عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود قال: كان ابن مسعود جالسًا، وعنده حذيفة وأبو موسى الأشعري فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في صلاة العيد فقال حذيفة: سل الأشعري، فقال الأشعري سل عبد الله فإنه أقدمنا وأعلمنا، فسأله فقال ابن مسعود يكبر أربعًا فذكره. وأخرجه أيضًا عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق به. وهذا يدل على بطلان المرفوع الضعيف الإِسناد المجهول الراوي لأنه لو كان عند حذيفة وأبي موسى علم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سألا ابن مسعود، وهو سند صحيح كالشمس يقضي على كل ما خالفه. * * * 632 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ النِّسَاءَ بالخُروجِ لِلْعِيدَيْنِ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، من حديث أم عطية قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور.

633 - حديث: أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُمْ أنْ يُفِطروا فإذَا أصْبَحُوا أنْ يَعُودُوا إلى مصلاهم"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود، إلَّا أنَّهُ عن صحابي مجهول ولكن الأَصْلُ فِيهِم حَمْلَهُم على العدالة. قلت: رواه أبو داود، والبيهقي، من طريقه عن خلف بن هشام المقري، ثنا أبو عوانه، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله لأهلَّا الهلال أمس عشية، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاهم. ورواه أحمد، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور به. وفي الباب عن أبي عمير بن أنس قال: حدثني عمومة لي من الأنصار، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: غم علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا

من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد، رواه أحمد وأبو داود، والنَّسائي وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وقال (هذا إسناد حسن وأبو عمير رواه عن عمومة له من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم ثقات سواء سموا أو لم يسموا). وقال في موضع آخر: (هذا إسناد صحيح، وعمومة أبي عمير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكونون إلا ثقات). وكذلك صححه: (ابن المنذر، وابن السكن، والدارقطني، والخطابي، وابن حزم، والنووي والحافظ، وأعله ابن عبد البر بجهالة أبي عمير، وتعقبه الحافظ بأن من صحح له قد عرفوه).

634 - قوله: (وَمَنْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِ عُثْمَان فَلأَنَّهُ رَأى أنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ هُوَ بالرَأْي وإنَّا هو تَوْقِيفٌ). قلت: بل ورد مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق، فهو عمدتهم لا قول عثمان وحده، فرواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي من حديث أياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم، هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين

اجتمعا في يوم؟ قال: نعم قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل قال الحاكم: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه)؛ وصححه أيضًا ابن المديني فيما حكاه الحافظ وقال ابن المنذر: لا يثبت، وأياس بن أبي رملة مجهول. قلت: قد ذكره ابن حبان في الثقات؛ وقال الحاكم: (له شاهد على شرط

التنفل قبل العيد وبعده

التنفل قبل العيد وبعده مسلم). ثم روى من طريق بقية، ثنا شعبة، عن المغيرة بن مقسم الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون، ثم قال: (صحيح على شرط مسلم وهو حديث غريب). ومن هذا الطريق، رواه أبو داود، وابن ماجه والبيهقي، ورواه البيهقي أيضًا من طريق زياد بن عبد الله عن عبد العزيز بن رفيع. وفي الباب: عن ابن الزبير، وابن عباس عند أبي داود والنَّسائي، وعن

ابن عمر عند ابن ماجه، وسنده ضعيف. * * * 635 - حديث: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ أوْ أَضْحَى فَصَلَّى ركعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث ابن عباس

وفي الباب: عن ابن عمر عند أحمد، والترمذي، والحاكم،؛ وعن أبي سعيد عند أحمد، وابن ماجه، والحاكم؛ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، عند ابن ماجه وعن غيرهم كعلي وابن مسعود وكعب بن عجرة، وعبد الله بن أبي أوفى، عند الطبراني، إلا حديث علي فعند البزار. * * * 636 - حديث: "إذَا جَاءَ أحَدُكُم المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".

تقدم.

637 - قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهم هُو أنَّهُ نِقِلَ بالعَمَلِ وَلَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ مَحْدُودٌ يعني في التَكْبِيْرِ أيَّامَ العِيْدِ). قلت: بل ورد في ذلك حديث مرفوع أخرجه الدارقطني، والبيهقي، من حديث جابر بن عبد الله قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر يوم عرفة من صلاة الغداة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، وهو من رواية عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي وهما ضعيفان، وقد اختلف عليهما مع ذلك في إسناده. ورواه الدارقطني، والحاكم، من حديث سعيد بن عثمان الخراز، ثنا عبد

الرحمن ابن سعيد المؤذن، ثنا فطر بن خليفه، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق؛ قال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولا أعلم في رواته منسوبًا إلى الجرح)، فتعقبه الذهبي بقوله: بل خبر واه كأنه موضوع، لأن عبد الرحمن صاحب مناكير وسعيد إن كان هو الكريزي فهو ضعيف، وإلَّا فهو مجهول. قلت: وسعيد بن عثمان لم يقل عند الدارقطني، وهكذا بل قال: حدثني

عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار، ثم قال الحاكم: وقد روى في الباب: عن جابر بن عبد الله وغيره. فأمَّا من فعل عمر، وعلي، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود فصحيح عنهم التكبير من غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق، ثم أخرجه عن جميعهم وكذلك أخرجه البيهقي. * * * 638 - قوله: (وأجمعوا على أنهُ يُسْتَحَبُّ أنْ يَفْطِرَ في عِيْدِ الفِطْرِ قَبْلَ الغُدُوِّ إلى المُصَلَّى، وألَّا بفطِرَ يَوْمَ الأضْحَى إلَّا بعد الانصِرَافِ مِنَ الصَّلاةِ، وإنه يُسْتَحبُّ أنْ يَرْجِعَ على غير الطريق التي مَشَى عَلَيْهَا لِثُبُوتِ ذَلِكَ من فِعْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -). قلت: أما الفطر قبل الغدو إلى المصلي فأخرجه أحمد، والترمذي، وابن

ماجه والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث بريدة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيته وليست هذه الزيادة عند بعضهم، وصححه ابن القطان. ورواه أحمد، والبخاري، والحاكم، من حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا، وهذه الزيادة ذكرها البخاري تعليقًا بلفظ ويأكلهن إفرادا. وفي الباب عن جماعة منهم علي عند الترمذي، وأبو سعيد عند أحمد، وابن عباس وجابر بن سمرة عند الطبراني وأما استحباب الرجوع من طريق غير الذي ذهب منه، فأخرجه البخاري من حديث يحيى بن واضح عن فليح بن سليمان، عن

سعيد بن الحارث، عن جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق، قال البخاري: (تابعه يونس بن محمد، عن فليح، عن أبي هريرة، وحديث جابر أصح). قلت: كلام البخاري هذا مشكل، وقد أطال الحافظ في "الفتح" في الكلام عليه، فما أفاد بكلام قاطع للإشكال؛ والحديث رواه أحمد، والحاكم، من طريق يونس بن محمد، عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة كما قال البخاري، وكذلك رواه الترمذي، من طريق محمد بن الصلت، عن فليح بن سليمان، بل رواه ابن ماجه، عن محمد بن حميد، عن أبي تميلة يحيى بن واضح الذي رواه البخاري من طريقه، عن فليح فذكره من حديث أبي هريرة أيضًا لا من حديث جابر. ورواه ابن أبي شيبة، والبيهقي، من طريقه قال: ثنا يونس بن محمد، ثنا فليح فذكره عن جابر كما خرَّجه البخاري؛ فالظاهر بل هو الواقع، إن شاء الله أن الحديث عند فليح بن سليمان على الوجهين فقول البخاري إن حديث جابر أصح مشكل غير ظاهر، بل لو عكس المرء وقال إن حديث أبي هريرة أصح لكان أقرب إلى الصواب

كما فعل الترمذي والحاكم، والله أعلم. ورواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، من حديث ابن عمر، أن رسول الله كان يخرج إلى العيدين من طريق ويرجع من طريق أخرى. وفي الباب: عن سعد القرظ عند ابن ماجه، والبيهقي، وعن أبي رافع عند ابن ماجه, وعن غيرهما.

الباب التاسع: في سجود السهو

الباب التاسع: في سجود السهو حكم سجود التلاوة

639 - حديث زيد بن ثابت: "كُنْتُ أَقْرَأْ القُرآن على رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأتُ سُوْرَةَ النَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ ولم نَسْجُدْ". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، عنه قال: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - والنجم فلم يسجد فيها.

640 - قوله: (بِمَا رُويَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ لَمْ يَسْجُد فِي المُفَصَّلِ). أبو داود الطيالسي، وأبو داود السجستاني، والبيهقي، من حديث الحارث أبي قدامة عن مطر الوراق أو رجل عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لم يسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في شيء من المفصل، بعدما تحول إلى المدينة، ولم يقل أبو داود أو رجل، بل جزم عن مطر الوراق، عن عكرمة ولم يشك؛ وقال: البيهقي، هذا الحديث يدور على الحارث بن عبيد أبي قدامة الأيادي البصري، وقد ضعفه يحيى بن معين، وحدَّث عنه عن عبد الرحمن بن مهدي، وقال كان من شيوخنا وما رأيت إلا خيرًا قال: والمحفوظ عن عكرمة، عن ابن عباس ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وذكر بإسناده عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالنجم فسجد معه المسلمون والمشركون، والجن والإنس، رواه البخاري في "الصحيح" وليس فيه الزيادة التي بها الحارث بن عبيد، وقال الحافظ المنذري أبو قدامة الحارث بن عبيد لا يحتج بحديثه، وقد صح

أن أبا هريرة - رضي الله عنه - سجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في إذا السماء انشقت، وفي اقرأ باسم ربك، وأبو هريرة إنما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السَّنة السابعة من الهجرة. وقال النووي: (هذا حديث ضعيف الإسناد)، ومع كونه ضعيفًا فهو مناف للمثبت المقدم عليه فإن إسلام أبي هريرة سنة سبع، وقد ذكر أنه سجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الانشقاق وأقرأوهما من المفصل على أن الترك يحتمل أن يكون لسبب من الأسباب. وقال ابن عبد البر: إنه حديث منكر. قلت: لكن قال البيهقي: وفيما روى الشافعي في "القديم" بإسناده، عن مجاهد، وعن الحسن البصري، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - مرسلًا بمعنى هذه الزيادة يعني التي زادها أبو قدامة. * * * 641 - قوله: (وَبِمَا رُوِي أَنَّهُ سَجَدَ فِيْهَا).

أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم من حديث الحارث بن سعيد عن عبد الله بن منين، عن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

عدد عزائم سجود القرآن

عدد عزائم سجود القرآن أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، ثلاثة في المفَصَّل، وسورة الحجْ سجدتين، وقال الحاكم: (هذا حديث رواته مصريون وقد احتج الشيخان بأكثرهم، وليس في

عدد سجود القرآن أتم منه)، وأقره الذهبي، لكن أعلَّه عبد الحق وابن القطان بأن الحارث بن سعيد لا يعرف، وأقر الذهبي ذلك فيما قرأه الحافظ بخطه، وذكره في الميزان، وبأن عبد الله بن منين مجهول أيضًا.

وفي الباب: عن ابن مسعود, وابن عباس, وأبي هريرة، وعبد الرحمن بن عوف وقال الطحاوي: (إن الآثار تواترت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسجود في المفصَّلِ). * * * 642 - قوله: (وأمَّا الَّذينَ اعْتَمَدُوا السَّمَاعَ فإِنَّهُم صَارُوا إلى مَا ثَبتَ عنهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سُجُودِهِ في الانْشِقَاقِ، وفي اقْرَأ باسم ربّك الَّذي خَلَقَ وفي النجم، قال ابن رشد: خَرَّجَ ذَلِكَ مُسْلِم).

قلت: هو كذلك ولكن ليس في حديث واحد فخرَّج هو والأربعة، وغيرهم من حديث أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك الذي خلق .. ورواه البخاري، ومسلم، والنسائي، من حديث ابن رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت: ما هذه السجدة؟ فقال: سجدت فيها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه.

ورواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، من حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ والنجم فيها وسجد من كان معه الحديث. ورواه البخاري, والترمذي، والبيهقي، من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإِنس. وروي البزار، من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في إِذا السماء انشقت عشر مرار.

643 - حديث عُقبةُ بن عَامِر، عن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الْحَجِّ سَجْدَتَانِ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث ابن لهيعة، عن مِشرَح بن عاهان، عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله: في سورة الحج سجدتان؟ قال: نعم، ومن لم يسجد فلا يقرأها. ولفظ الحاكم مرفوعًا: فُضِّلَتْ سورة الحج بسجدتين فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما، وسكت عليه هو والذهبي؛ وقال الترمذي: (إسناده ليس بالقوي)، وقال البيهقي: (رواه الكبار، عن ابن لهيعة وروي أبو دواد في "المراسيل" عن أحمد بن عمرة بن السرح، أنبأنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن

معدان، أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين، قال أبو داود: وقد أسند هذا ولا يصح، قال البيهقي: وقد روى ذلك عن جماعة من الصحابة). ثم أخرج، عن عمر، وابن عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وأبي موسى، وأبي الدرداء، أنهم كانوا يسجدون في الحج، وعن ابن عباس أنه قال: فضلت سورة الحج بسجدتين، وفي هذا شاهد قوي لرفع الحديث لأنه لا يؤخذ ذلك إلا عن توقيف. * * * 644 - حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ وَهُوَ عَلى المِنْبَرِ آيَةَ السُّجُودِ مِنْ سُورَةِ ص، فَنَزَلَ وَسَجَدَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخر قَرَأهَا فَتَهَيَّأ النَّاسُ للسُّجُودِ فقال: إنَّما هِي تَوْبةُ نَبي ولَكن رَأَيْتُكم تُشِيُرون للسُّجودِ فَنَزلْتُ فَسَجَدْت": قال المصنف: رواه أبو داود. قلت: وكذا الحاكم في "التفسير من المستدرك"، وقال: (صحيح على شرط

الشيخين)، والبيهقي وقال: (حسن الإسناد صحيح). وروى أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والبيهقي من حديث عكرمة، عن ابن عباس سُئل عن السجود في ص فقال: ليس من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها. * * * 645 - حديث عكرمة، عن ابن عباس: "أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَسْجُدْ في شَيْءٍ من

المفصَّل، منْذُ هَاجَرَ إلى المَدِيْنَةِ"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود. قلت: وقد تقدم. * * * 646 - قوله: (لأنَّ أَبَا هُرْيَرَة الذي رَوَى سُجُودَهُ في المُفَصَّلِ لم يَصْحَبْهُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلَّا في المدينة). تقدم حديثه. * * * 647 - قوله: (وقد رَوَىَ الثقَاتُ عَنْهُ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ في النَّجْمِ).

تقدم.

7 - كتاب أحكام الميت

7 - كتاب أحكام الميت

الباب الأول: فيما يستحب أن يفعل به عند الاحتضار وبعده

الباب الأول: فيما يستحب أن يفعل به عند الاحتضار وبعده 648 - حديث: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُم شَهَادَةَ أنْ لَا إِلَهَ إلَّا الله". أحمد ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو

نعيم في "الحلية" والبيهقي، وجماعة، من حديث أبي سعيد الخدري، بلفظ: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. ورواه مسلم، وابن ماجه, والبيهقي، من حديث أبي هريرة. وفي الباب: عن اثني عشر صحابيًا. تنبيه: عزا جماعة حديث الباب إلى صحيح البخاري فوهموا في ذلك فإِنه من إفراد مسلم، ومن الغريب أن الحافظ عزاه في إتمام الدراية إلى المتفق عليه، مع أنه صَرح في "الفتح" بأنه من إفراد مسلم ورَدَّ في غيره على ابن الجوزي الذي عزاه إلى البخاري أيضًا، وأغرب من هذا أصل الدراية الذي هو نصب الراية لم يعزه للبخاري. * * * 649 - حديث: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَه الله دَخَلَ الجَنَّةَ". أحمد، وأبو داود، والحاكم، من حديث صالح بن أبي عُريب، عن كثير

بن مرة، عن معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به؛ وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه وقد كنت أمليت حكاية أبي زرعة وآخر كلامه كان سياقه هذا الحديث). قلت: حكاية أبي زرعة خرَّجها الخطيب في ترجمته من حديث أبي جعفر التستري قال: حضرنا أبا زرعة الرازي وكان في السوق، وعنده أبو حاتم، ومحمد بن مسلم، والمنذر بن شاذان، وجماعة من العلماء فذكروا حديث التلقين فقال أبو زرعة: حدثنا بندار، ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب فذكر الحديث وتوفي -رحمه الله- وقد أعلَّ ابن القطان الحديث بصالح بن أبي عريب وقال: إنه لا يعرف، وتعقب بأنه روى عن جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات. * * * 650 - قوله: (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيْلُ دفْنَهِ لِوُرودِ الآثَارِ بذَلِكَ).

أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، من حديث محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن علي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له يا علي: ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا آنت والجنازة اذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤًا؛ قال الحاكم: (غريب صحيح)، وأقره الذهبي. وقال الترمذي: (غييب ما أرى إسناده متصلًا) أي لاختلاف في سماع عمر بن علي من أبيه وقد أثبته أبو حاتم. وروى أبو داود، والبيهقي، وجماعة من أصحاب كتب الصحابة من حديث حصين بن وحوح، أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت فآذنوني به حتى أشهده فأصلي عليه وعجلوه فإِنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله. وروى ابن مردك في "فوائده"، من طريق الحسن بن عرفة، ثنا الحكم بن ظهير، عن ليث عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من مات غدوة فلا يقيلن إلا في قبره ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره، ومن هذا الوجه رواه الطبراني في "الكبير" والحكم بن ظهير متروك.

الباب الثاني: في غسل الميت

الباب الثاني: في غسل الميت

حكم غسل الميت

حكم غسل الميت 651 - حديث: "قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - في ابنته اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أوْ خمسًا". يأتي. * * * 652 - حديث: "قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - في المُحْرِمِ اغسِلُوهُ".

متفق عليه من حديث ابن عباس، أن رجلًا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقصته ناقته وهو محرم فمات فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخموا رأسه فإِنه يبعث يوم القيامة ملبيًا.

فيمن يجب غسله من الموتى

فيمن يجب غسله من الموتى 653 - حديث: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ فَدُفِنُوا بِثِيَابِهِم ولم يُصَلِّ عَلَيْهِم".

البخاري، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، من حديث جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول أيُّهم أخذًا للقرآن فإِذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يُصلِّ عليهم. ورواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم، من حديث أسامة بن

زيد، عن الزهري، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ على قتلى أحد ولم يغسلهم صححه الحاكم، وحسَّنه الترمذي. * * * 654 - قوله: (فَمَنْ رأى أن سَبَبَ ذَلِكَ هي الشَّهَادَةُ مُطْلَقًا قال: لا يُغْسَلُ كُلُّ مَنْ نَصَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ شهيدٌ مِمَّنْ قُتِلَ). أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي،

والبيهقي، والقضاعي والخطيب, وغيرهم من حديث سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد، وقال الترمذي: (حسن صحيح). وفي الباب: عن جماعة كثيرة ذكرت أسانيد نحو سبعة عشر منهم في مستخرجي على مسند الشهاب. * * * 655 - حديث: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بِغَسْلِ عَمِّهِ لَمَّا ماتَ". ابن سعد في "الطبقات"، أخبرنا محمد بن عمر هو الواقدي، حدثني معاوية

بن عبد الله بن عبيد الله بن رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: لمَّا أخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموت أبي طالب بكى ثم قال لي: اذهب فاغسله وكفنه قال: ففعلت، ثم أتيته، فقال لي: اذهب فاغتسلْ. ورواه ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والنسائي والبيهقي، من حديث أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي، فلم يذكر الغسل بل قال لما مات أبو طالب: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن عمك الشيخ الضال قد مات، فقال انطلق فواره، ولا تحدثن حدثًا حتى تأتيني فانطلقت فواريته فأمرني فاغتسلت فدعا لي بدعوات ما يسرني ما على الأرض بهن من شيء وسنده صحيح، وقد ترجم عليه البيهقي باب المسلم يغسل ذا قرابته من المشركين، ويتبع جنازته ويدفنه ولا يصلي عليه، مع أنه ليس فيه غسل لكنه أخرج معه أثرًا، عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل الى ابن عباس فقال: إن أبي مات نصرانيًا، فقال: اغسله وكفنه وحنطه ثم ادفنه. وهكذا ترجم عليه ابن أبي شيبة، المسلم يغسل المشرك يغتسل أم لا، ولا

يقع في روايته ذكر للغسل، نعم روى في باب الرجل بموت له القرابة المشرك قال: حدثنا علي بن مسعر، عن الأجلح عن الشعبي قال: لما مات أبو طالب جاء علي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه، قال: أرى أن تغسله وتحنطه وأمره بالغسل.

فيمن يجوز له أن يغسل الميت

فيمن يجوز له أن يغسل الميت

656 - حديث أبي هريرة: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأ".

تقدم في أواخر الطهارة.

في صفة الغسل

في صفة الغسل نزع القميص في الغسل 657 - قوله: (وَسَبَبُ اخَتَلَافِهِم تَرَدُّدُ غُسْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - في قَميصِهِ بَيْنَ أنْ يَكونَ خاصًا بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ سُنَّه). مالك، والشافعي، عنه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

غُسِلَ في قميص، قال ابن عبد البر: (هكذا رَوَاهُ رَوَاةُ الموطأ مرسلًا، إلا سعيد بن عفير فإِنه قال: عن مالك، عن جعفر، عن أبيه، عن عائشة قال: وهو حديث مشهور عند العلماء وأهل السير والمغازي). قلت: وفيه أحاديث منها المذكور بعده. * * * 658 - حديث: "أَنَّهُم سَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ لَهُم لا تَنْزِعوا القَمِيصَ وَقَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِم النَّومُ". أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبيهقي، من حديث عائشة قالت:

الاختلاف في وضوء الميت

الاختلاف في وضوء الميت أردنا غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختلف القوم فيه فقال: بعضهم أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه فألقى الله عليهم السِّنة حتى ما منهم إلا رجل نائم ذقنه على صدره فقال قائل من ناحية البيت: أما تدرون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل وعليه ثيابه فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء عليه ويدلكونه من فوقه، قالت عائشة -رضي الله عنها- وأيم الله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غَسَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه؛ قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.). وروي ابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، من حديث بريدة قال: لما أخذوا في غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناداهم منادٍ من الداخل: لا تنزعوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين).

659 - حديث أُمَّ عَطية، أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال في غَسْل ابنَتِهِ: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِها وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ منها"، قال ابن رشد: وهذه الزيادة ثابته خرجها البخاري ومسلم. قلت: وكذا هو بالزيادة، المذكورة عند أحمد، وأصحاب السنن، من رواية حذيفة بنت سيرين، عن أم عطية.

الاختلاف في التوقيت في الغسل

الاختلاف في التوقيت في الغسل 660 - قوله: (وَذَلِك أنَّهُ وَرَدَتْ آثارٌ كِثْيرَةٌ فيها الأَمْرُ بالغُسْلِ مطلقًا من غَيْرِ ذِكْرِ وُضُوءٍ). تقدم بعضها ويأتي.

661 - حديث أم عطية وفيه: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو أكْثَرَ من ذَلِكَ إن رَأيْتُنَّ". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، عنها قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإِذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: إشعرنها إياه يعني إزاره. * * * 662 - قوله: (وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ أو سَبْعًا).

متفق بلفظ: اغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، وفيه قالت: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها، وليس عند مسلم فألقيناها خلفها وهي عند الشافعي أيضًا. * * * 663 - حديث: "أَن محمد بن سيرين كانَ يأخُذُ الغُسْلَ عن أم عطية ثلاثًا يَغْسِلُ بالسِّدر مَرَّتَيْنِ والثالِثَة بالمَاءِ والكَافُورِ".

أبو داود، من رواية قتادة، عن محمد بن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية يغسل بالسدر مرتين والثالثة بالماء والكافور ورجاله ثقات.

الباب الثالث: في الأكفان

الباب الثالث: في الأكفان 664 - حديث: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُفِّنَ في ثَلَاَثةِ أثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيْهَا قَمِيْصٌ ولَا عَمَامَةٌ". مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وغيرهم من حديث عائشة.

665 - حديث ليلى بنت قانف الثقفية قالت: "كُنْتُ فِيْمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَكَانَ أَوَّل مَا أعْطَانَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الحِقَاء، ثم الدِّرعَ، ثم الخِمَارَ، ثم الملحَفَة، ثم أدْرِجَتْ بَعْدُ في الثَّوبِ الآخِر، قالت ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عِنْدَ البَابِ مَعَهُ أكْفانَها يُناوِلُنَاها ثَوْبًا ثَوْبًا" قال المصنف: خرَّجه أبو داود. قلت: وكذا أحمد، وفي مسنده من ليس بمشهور، وقال الحافظ

المنذري: الصحيح أن هذه القصة في زينب لأن أم كلثوم توفيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - غائب ببدر. * * * 666 - قوله: (وَقَد كُفِّنَ مصْعَبُ بن عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ بِنَمْرَةٍ فَكَانُوا إِذَا غَطُّوا بها رَأسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ وإذا غَطُّوا بها رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسَهُ فَقَالَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ واجْعَلُوا عَلى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذخر). البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، والبيهقي، إِحرامه فإِنهم اختلفوا فيه، فقال مالك وأبو حنيفة: المحرم بمنزلة غير

من حديث خباب بن الأرت قال: هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له شيء يكفن فيه إِلا نَمِرَةً فكنا إِذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه وإِن وضعناها على رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكره. * * * 667 - حديث ابن عباس: أُتيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُل وَقَصَتْهُ رَاحلَتُهُ فَمَاتَ وَهُوَ محرمٌ فقال: "كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ واغسِلُوهُ بِمَاءٍ وسِدْرٍ ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ولا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا فإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلَبِّي". متفق عليه.

الباب الرابع: في صفة المشي مع الجنازة

الباب الرابع: في صفة المشي مع الجنازة 668 - قوله: (فَرَوَى مَالِك، عَن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْسَلًا المَشْيُ أمَامَ الجَنَازَةِ وعن أبي بكر وعمر). قلت: قال مالك، عن ابن شهاب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة والخلفاء هلم جرًا، وعبد الله بن عمر. هكذا رواه مالك عن ابن شهاب مرسلًا.

ورواه سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- يمشون أمام الجنازة أخرجه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي والدارقطني، والبيهقي، وزعم كثير من الحفاظ أن ابن عيينة وهم فيه، وأن الصواب أنه مرسل كما قال مالك. قال الترمذى: (أهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل أصح من حديث ابن عيينة).

وقال النَّسائي: (هذا خطأ والصواب مرسل)، وقال الطحاوي: (خالف ابن عيينة في إسناد هذا الحديث كل أصحاب الزهري غيره؛ فرواه مالك عن الزهري فقطعه، ثم رواه عقيل ويونس عن ابن شهاب، عن سالم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة)؛ قال: (وأصل الحديث إِنما هو عن سالم لا عن ابن عمر فصار حديثًا منقطعًا). قلت: وهو زعم باطل من وجوه: أحدها: أن مالكًا الذي اعتمدوا عليه في إِرسال الحديث اختلف عليه في وصله وإرساله، ولم تتفق الرواة عنه في إرسال الحديث، فقد رواه عنه موصولًا، عن سالم، عن ابن عمر، عن جماعة منهم يحيى بن صالح الوحاظي، وعبد الله بن عون وهما ثقتان من رجال الصحيح، وكذلك حاتم بن سالم القزاز، وقد وثقه أيضًا ابن حبان، كما ذكر ذلك عنهم ابن عبد البر في "التمهيد"، فصار مالك موافقًا لسفيان في وصله، وكم حديث أرسله في الموطأ وصله أصحاب الصحيح من طريقه نفسه أو من طريق غيره، فليكن هذا مثلها أو أصح منها ولابد له من المتابعين على الرفع ما ليس لغيره مما خرج في الصحيحين. ثانيهما: أن سفيان بن عيينة ثقة حافظ، ومع ذلك فقد عرض عليه معارضة غيره له في إِرساله فجزم بالوصل وذكر أنه متاكد من ذلك، وأنه سمعه من الزهري موصولًا مرارًا متعددة، فلو لم يعرض ذلك عليه ولم يؤكد هو ذلك، لأمكن أن يُحْكَم عليه بالوهم، لأن ذلك لا يسلم منه بشر مهما علا قدره في الحفظ والإِتقان، لكن مع عرض ذلك عليه وعدم رجوعه عنه وإِخباره بأنه متأكد من الوصل، لم يبق معنى للحكم عليه بالوهم أصلًا بل ذلك من قبيل تكذيبه والحكم عليه بتعمد الكذب في الحديث وهذا

لا يتصوره أحد منهم، فضلًا عن أن يقوله؛ قال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن يحيى العامري، ثنا علي بن عبد الله يعني ابن المديني، ثنا سفيان فذكر الحديث؛ قال ابن المديني: فقمت إِليه فقلت يا أبا محمد: إِن معمرًا وابن جريج يخالفانك في هذا يعني يرسلان الحديث، فقال: استقر الزهري حدثنيه سمعته من فيه يعيده ويبديه، عن سالم عن أبيه، فقلت له: يا أبا محمد إِن معمرًا وابن جريج يقولان فيه، وعثمان قال: فصدقهما فلعله قد قاله ولم أكتبه لذلك إِني كنت أميل إِذ ذاك إِلى الشيعة، يريد ابن عيينة أنه متأكد من الحديث في وصله ومتنه أيضًا وأن الزهري لم يذكر عثمان، لأن ابن عيينة لم يكن يميل إِلى الشيعة حتى يترك ذكر عثمان، إِذا كان الزهري ذكره في الحديث، فلم يبق بعد هذا معنى لتوهيمه. ثالثها: أنه مع هذا لم ينفرد بوصله بل تابعه عليه زياد بن سعد، ومنصور وبكر بن وائل، أخرج متابعتهم، أحمد، والترمذي، والنَّسائي، والبيهقي؛ وتابعه أيضًا ابن أخي ابن شهاب عند أحمد في "المسند"؛ ويونس عند الطحاوي؛ وعقيل عند أحمد والطحاوي؛ وابن جريج عند الشافعي، وأحمد؛ ومعمر،

ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة وعباس بن الحسن الحراني، أخرج متابعتهم ابن عبد البر في "التمهيد"، فهؤلاء أحد عشر حافظًا ثقة تابعوه على وصله فلم يبق أدنى شك في صوابه وخطأ من وهمه، وإن كان معمر وابن جريج، ويونس، وعقيل قد اختلف عليهم أيضًا فرُوِي عنهم مرسلًا وموصولًا فلذلك لأنهم سمعوا من الزهري كذلك، لأنه كما هو معلوم عنه كان يوصل الحديث مرة ويرسله مرارًا اختصارًا واعتمادًا على معرفة أصله وإسناده. * * * 669 - حديث عبد الرحمن بن أبزى قال: "كُنْتُ أمْشِي مَع عَليِّ فِي جَنَازَةٍ وهو آخِذٌ بِيَدِي، وَهو يَمْشي خَلْفَها وأبو بَكْرٍ وَعُمَر يَمْشِيَانِ أمامها، فقلت له في ذلك، فقال: إنَّ فَضَل الماشِي خَلْفَهَا عَلى المَاشِي أمَامَها كفَضْلِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ عَلى صَلاةِ النَّافِلةِ وإِنهما لَيَعْلَمَانِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُما يُسَهِّلَان يُسَهِّلانِ عَلى النَّاسِ". عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والطحاوي، والبيهقي، وقالوا كلهم

كفضل صلاة الجمعة على صلاة الفذ، أو كفضل صلاة الرجل جماعة على صلاته فذًا؛ إِلا أنه وقع عند الطحاوي من وجه آخر كلفظ: المكتوبة على التطوع، وهو موقوف له حكم الرفع وسنده لا بأس به إِلا أن الآثار في المشي أمامها أكثر وأصح كما قال البيهقي. * * * 670 - حديث ابن مسعود قال: سَألْنَا رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المَسِيْرِ على الجَنَازَةِ فقال: "الجَنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ ولَيْسَتْ بِتَابِعَة وَلَيْسَ مَعَهَا من يُقَدِّمُهَا". أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من

رواية يحيى الجابر، عن أبي ماجدة عن بن مسعود قال: سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المشي خلف الجنازة، فقال: ما دون الخبب إن كان خيرًا تعجل إليه وإن كان غير ذلك فبعدًا لأهل النار، والجنازة متبوعة ولا تَتْبَع ليس معها من يقدمها؛ وهو عند ابن ماجه مختصرًا بلفظ: الجنازة متبوعة وليست بتابعة ليس معها من يقدمها؛ وقال أبو داود: (هو حديث ضعيف، وأبو ماجدة هذا لا يعرف)؛ وقال الترمذي: (لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يضعف حديث أبي ماجدة هذا)، قال الترمذي: (وأبو ماجدة رجل مجهول، وله حديثان عن ابن مسعود، ويحيى إمام بني تيم الله ثقة يكنى أبا الحارث يقال له يحيى الجابر، ويقال له يحيى المجبر) اهـ. وخالفه البيهقي في يحيى فقال: (أبو ماجدة مجهول، ويحيى الجابر ضعفه جماعة من أهل النقل)؛ وهو كما قال وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه، فرواه ابن أبي شيبة؛ عن محمد بن فضيل عن يحيى الجابر، عن أبي ماجدة قال: سألت ابن مسعود عن السير بالجنازة قال السير ما دون الخبب، وذكره موقوفًا ويشبه أن يكون الصواب إن ثبت.

671 - حديث المغيرة بن شعبة: "الرَاكِبُ يَسيْرُ خَلْفَ الجَنَازَةِ والمَاشِي خَلْفَهَا وأمَامَهَا، وعَنْ يَمِيْنِهَا وعَن يَسَارِهَا قَرِيْبًا مِنْهَا". أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من رواية زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بزيادة: والسقط يصلي عليه وُيدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة؛ وهو عند أكثرهم مختصر بلفظ: الراكب خلف الجنازة

والماشي حيث شاء منها، والطفل يصلى عليه. وقال الترمذي: (حسن صحيح)؛ وقال الحاكم: (صحيح على شرط البخاري)، وأعله بعضهم بشك وقع في رفعه ووقفه وليس ذلك بضائر، وإِن رجح الدارقطني الموقوف على عادته فإِن ترجيحه باطل لا يرتكز على حجة. * * * 672 - حديث علي بن أبي طالب: "أنَّ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ فِي الجَنَائز ثم جَلَسَ"، قال ابن رشد: خرَّجه مالك. قلت: وكذا الشافعي، وابن أبي شيبة، وأحمد، ومسلم، وأبو

داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي، وغيرهم من حديث مسعود بن الحكم عن علي ثم الحديث ليس في القيام إِلى الجنازة بل القيام معها حتى توضع كما بينته رواية الطحاوي وغيره عن علي قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الجنازة حتى توضع وقام الناس معه ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود؛ نعم روى أحمد، والنَّسائي، من حديث ابن سيرين قال: مر بجنازة على الحسن بن علي، وابن عباس فقام الحسن ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن لابن عباس أما قام لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عباس: قام لها ثم قعد.

673 - حديث عامر بن ربيعة قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا رَأيْتُم الجَنَازَة فَقُومُوا لَهَا حتى تَخْلُفَكُم أو توضع". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي وابن الجارود، والبيهقي؛ وفي الباب عن جماعة.

الباب الخامس: في الصلاة على الجنازة

الباب الخامس: في الصلاة على الجنازة

صفة صلاة الجنازة

صفة صلاة الجنازة التكبير في صلاة الجنازة 674 - حديث أبي هريرة: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نعى النَّجَاشِيَّ في اليَوْمِ الَّذي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهم إلى المُصَلَّى وَصَفَّ بِهِم وَكَبَّرَ أرْبَعَ تكبيرات"، قال ابن رشد: متفق عليه.

قلت: هو كذلك، واتفقا عليه أيضًا من حديث جابر. * * * 675 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى على قَبْرِ مِسْكِيْنَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أربعًا". مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أنه أخبره أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمرضها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود المساكين، ويسأل عنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِذا ماتت فآذنوني بها، فخرج بجنازتها ليلًا، فكرهوا أن يوقظوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخْبِر بالذي كان من شأنها، فقال: ألم آمركم أن تؤذنوني بها؟ فقالوا يا رسول الله: كرهنا أن نخرجك ليلًا ونوقظك، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صَفَّ بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات.

قال ابن عبد البر: (لم يختلف على مالك في "الموطأ" في إرسال هذا الحديث وقد وصله موسى بن محمد بن إبراهيم القرشي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة عن رجل من الأنصار، وموسى متروك، وقد روى سفيان بن حسين هذا الحديث عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، أخرجه ابن أبي شيبة، وهو حديث مسند متصل صحيح من غير حديث مالك، من حديث الزهري وغيره، وروي من وجوه كثيرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها ثابتة من حديث أبي هريرة، وعامر بن ربيعة، وابن عباس، وأنس، ويزيد بن ثابت الأنصاري). قلت: وفي الباب عن غيرهم، وستأتي الإشارة إليهم بعد نحو اثني عشر حديثًا بل ذكر أحاديثهم إن شاء الله تعالى. * * * 676 - حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "كَانَ زَيد بن أَرْقَم يُكَبِّرُ عَلى الجَنَائِزِ أرْبَعًا وإنَّه كَبَّرَ على جَنَازةٍ خَمْسًا فَسَأَلْنَاهُ؟ فقال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُهَا" قال المصنف: خرَّجه مسلم.

قلت: وكذا الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي، وغيرهم؛ ورواه أحمد، والطحاوي، من حديث عبد الأعلى عن زيد بن أرقم، ورواه الدارقطني، من ثلاثة أوجه أخرى عنه.

677 - حديث ابن أبي حتمة عن أبيه قال: "كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُ على الجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَخَمْسًا، وَسِتًّا وَسَبْعًا، وثمانيًا حَتَّى مَاتَ النَجاشِيُّ فَصَفَّ النَّاسَ وَرَاءهُ وَكَبَّرَ أرْبَعًا ثم ثَبُتَ على أرْبَع حَتَّى توفاه الله". ابن عبد البر في "الاستذكار"، من طريق قاسم بن أصبغ، ثنا ابن وضاح، ثنا عبد الرحمن ابن إبراهيم، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي بكر بن سليمان ابن أبي حتمة، عن أبيه به، وهو مرسل ضعيف، وعبد الله بن الحارث غير معروف، وقد عيب على مروان بن معاوية إكثاره من الشيوخ المجهولين الذين منهم هذا، وقد قال الحفاظ: لا يثبت حديث في هذا الباب أعني نسخ الزيادة على الأربع ولنا في ذلك جزء سميناه بالإجازة للتكبيرات السبع على الجنازة فارجع إليه. * * * 678 - حديث أبي هريرة: "أن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ في جَنَازَةٍ فرفع يَدَيْهِ في أوَّل التَكْبِير

ووضع يده اليمنى على اليسرى"، قال المصنف: رواه الترمذي. قلت: وكذا البيهقي، كلاهما من طريق يحيى بن يعلى، عن أبي فروة يزيد ابن سنان عن زيد بن أبي أنيسة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به. وقال الترمذي: (غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه)؛ وقال البيهقي: (تفرد به يزيد بن سنان). قلت: وهو ضعيف، لكن ذكر الحافظ المزي في "الأطراف" أن الحسن بن عيسى، رواه عن إِسماعيل بن أبان الوراق، عن يحيى بن يعلى، عن يونس بن خباب، عن الزهري بنحوه وهذا اضطراب من يحيى بن يعلى فيه مع ضعفه، ولئن فرضنا أنه سمعه منهما معًا، فيونس ضعيف أيضًا. تنبيه: لم يذكر ابن رشد دليل القائلين بالرفع عند تكبيرات الجنازة، وقد روى الطبراني في "الأوسط"، والدارقطني في "العلل"، من وجهين، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبير، وفي كلا الطريقين مقال، وصوب الدارقطني وقفه على ابن عمر، والموقوف ذكره البخاري في

القراءة في صلاة الجنازة

القراءة في صلاة الجنازة صحيحه تعليقًا، ووصله في جزء رفع اليدين، وكذلك البيهقي بسند صحيح، وكذلك هو عند الشافعي، وابن أبي شيبة وورد ذلك أيضًا عن عمر، وابن عباس، وأنس، وسويد بن غفلة، والحسن، وابن سيرين وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله، وعطاء، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز وقيس بن أبي حازم، ومكحول، ووهب بن منبه، والزهري، ونافع بن جبير، أخرجها ابن أبي شيبة، والبخاري في "رفع اليدين"، وبعضها عند الشافعي أيضًا، وقال ابن أبي شيبة، حدثنا الفضل بن دكين، عن داود بن قيس، عن موسى بن نعيم مولى زيد بن ثابت قال: من السُّنة أن ترفع يديك في كل تكبيرة من الجنازة.

679 - حديث طلحة بن عبد الله بن عوف قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ ابن عباس على جَنَازَةٍ فَقَرأ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ وقال: لِتَعْلَمُوا أنهَا السُّنَّة"، قال المصنف: رواه البخاري. قلت: وكذا الشافعي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي، وفي رواية للنَّسائي، وابن الجارود، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة؛ وعند الحاكم: فجهر بالحمد ثم قال إِنما جهرت لتعلموا أنها سنة.

وفي الباب عن عشرة من الصحابة مع آثار كثيرة. * * * 680 - حديث: "لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ". تقدم في الصلاة. * * * 681 - قوله: (ويُمْكِنُ أنْ يُحْتَجَّ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ بِظَواهِرِ الآثَارِ التي نُقِلَ فِيها دُعَاؤُهُ - صلى الله عليه وسلم - على الجَنائِزِ وَلَمْ يُنْقَلْ فِيْهَا أنَّهُ قَرَأ). قلت: ورد ذلك من حديث عوف بن مالك، أخرجه مسلم، والترمذي،

والنسائي, وابن ماجه وابن الجارود. ومن حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم. ومن حديث عائشة رواه الحاكم. ومن حديث أبي إِبراهيم الأشهلي، عن أبيه رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن الجارود.

ومن حديث واثلة بن الأسقع: رواه أبو داود، وابن ماجه، وأبو نعيم في "الحلية". ومن حديث يزيد بن ركانة: أخرجه الحاكم. ومن حديث أبي قتادة: رواه أحمد، والبيهقي. ومن حديث عبيد بن خالد السلمي: رواه الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي. ومن حديث غير هؤلاء كابن عباس، وأبي سعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والحارث بن نوفل وغيرهم. * * * 682 - حديث أبي أمامة سهل بن حنيف: "أنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أخْبَرَهُ أنَّ

التسليم من صلاة الجنازة

التسليم من صلاة الجنازة أين يقوم الإمام من الجنازة السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجَنَائِزِ أنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ ثم يَقْرَأ بفاتِحَةِ الكتَابِ سِرًّا في نفسه ثم يُخْلِصُ الدُّعَاء في التَكْبِيرات الثَّلاثِ, قال ابن شهاب: فَذَكَرْتُ الذي أخبر به أبو أَمَامَةَ مِنْ ذلك لمُحَمَّدٍ بن سُوَيْد الفَهْري فقال: وَأَنَا سمعت الضَّحاكَ بن قيس يحدِّثُ عن

حَبِيْبٍ بن مَسْلَمة في الصَّلاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بمِثْلِ ما حَدَّثَكَ به أبو أُمَامَةَ", قال المصنف: خرَّجه الطحاوي. قلت: وكذا الشافعي، وعبد الرزاق، والنَّسائي، وابن الجارود، وإِسماعيل القاضي في كتاب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، والبيهقي، وسياقه مثل سياق الطحاوي، وسنده صحيح. * * * 683 - حديث سمرة بن جندب قال: "صَلَّيتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على أمِّ كَعْبٍ وهي

نَفْسَاءُ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - للصَّلاةِ عَلَيْهَا وَسْطَهَا". قال ابن رشد: خرَّجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قلت: وكذا ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي. * * * 684 - حديث همام عن أبي غالب قال: "صَلَّيتُ مَعْ أنس بن مالكٍ على جَنَازةِ رَجُلٍ

فَقَامَ حِيَالَ رَأسِهِ"، قال المصنف: رواه أبو داود. قلت: أبو داود لم يخرجه من رواية همام، عن أبي غالب، بل خرَّجَهُ من رواية عبد الوارث عنه، فقال: عن نافع أبي غالب قال: كنت في سكة المربد، فمرت جنازة ومعها ناس كثير قالوا جنازة عبد الله بن عمير، فتبعتها فإِذا أنا برجل عليه كساء رقيق وعلى رأسه خرقة تقيه من الشمس، فقلت: من هذا الدهقان؟ قالوا: هذا أنس بن مالك، فلما وضعت الجنازة قام أنس فصلى عليها وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شيء

ترتيب جنائز الرجال والنساء

ترتيب جنائز الرجال والنساء فقام عند رأسه فكبر أربع تكبيرات ولم يطل ولم يسرع، ثم ذهب يقعد، فقالوا يا أبا حمزة: المرأة الأنصارية فقربوها وعليها نعش أخضر، فقام عند عجيزتها، فصلى عليها نحو صلاته على الرجل، ثم جلس، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الجنازة كصلاتك يكبر عليها أربعًا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة قال نعم؛ قال أبو غالب فسألت عن أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها، فحدثوني أنه إِنما كان لأنه لم تكن النعوش، فكان الإِمام يقوم حيال عجيزتها يسترها من القوم. وهكذا رواه الطحاوي، والبيهقي، من رواية عبد الوارث.

أمَّا رواية همام، فخرجها أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي مختصرًا بنحوه وحسنه الترمذي. * * * 685 - قوله: (وَذَكَر عبد الرزاق، عن ابن جُريج، عَن نَافِع، عن ابن عُمر أنَّهُ صَلَّى

كَذَلِكَ عَلى جَنَازَةٍ فِيْهَا ابن عَبَّاسٍ) الخ. أخرجه أيضًا النسائي، وابن الجارود، كلاهما من طريق عبد الرزاق؛ وأخرجه الدارقطني والبيهقي، كلاهما من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن ابن جريج، قال: سمعت نافعًا يزعم أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعًا، فجعل الرجال يلون الإِمام والنساء يلين القبلة، فصفهن صفًا واحدًا، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب، وابن لها يقال له زيد وضعا جميعًا، والإِمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الإِمام، فقال رجل: فأنكرت ذلك فنظرت إِلى ابن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة، فقلت ما هذا: قالوا: هي السنة، وإِسناده صحيح. ورواه أبو داود، والنسائي، من حديث عمار مولى الحارث بن نوفل، قال: حضرت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه فصلى

من يفوته بعض التكبير على الجنازة

من يفوته بعض التكبير على الجنازة عليهما وفي القوم أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وأبو قتادة، وأبو هريرة، فسألتهم عن ذلك فقالوا: السُّنة. * * * 686 - حديث: "أخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أخَّرَهُنَّ الله".

الصلاة على القبر لمن فاتته صلاة الجنازة

الصلاة على القبر لمن فاتته صلاة الجنازة ليس بحديث وقد تقدم الكلام عليه في صلاة الجماعة. * * * 687 - حديث: "ما أدْرَكْتُم فَصَلّوا وما فَاتَكُم فَأَتمُّوا".

تقدم. * * * 688 - قوله: (والصَّلاةُ عَلَى القَبْرِ ثابتَةٌ باتَّفَاقٍ من أصْحَابِ الحَدِيْثِ قال أحمد بن حنبل: رُوِيَتْ الصَّلاةُ عَلَى القَبْرِ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ طُرُقِ سِتَّةٍ كلها حسان، وزادَ بَعْضُ المحَدِّثِينَ ثَلاثَة طُرقٍ فَذَلِكَ تِسْعَةٌ، وأما البخاري ومسلم فَرَوَيَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أبي هريرة؛ وأمَّا مالكٌ فخرَّجَه مُرْسَلًا عن أبي أمامة بن سهل).

قلت: المراد ببعض المحدثين هو الحافظ أبو عمر بن عبد البر، وأصل الكلام له فإِنه قال في "الاستذكار": قال أحمد بن حنبل: رويت الصلاة على القبر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من ستة وجوه حسان كلها، قال أبو عمر: قد ذكرتها كلها بالأسانيد في "التمهيد" وذكرت أيضًا ثلاثة أوجه حسان مسندةً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فتمت تسعة اهـ. والأوجه التسعة التي ذكرها في التمهيد هي حديث ابن عباس، وأبي هريرة، وعامر بن ربيعة، وسهل بن حنيف، ويزيد بن ثابت وأنس بن مالك، وحصين بن وحوح، وأبي أمامة بن ثعلبة وسعد بن عبادة. فحديث ابن عباس: أخرجه أبو داود الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن فيل في

"جزئه" والدارقطني وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي من رواية الشعبي عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبر دفن ليلًا فقال: متى دفن هذا؟ فقالوا: البارحة، قال: أفلا آذنتموني؟ قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك فقام فصففنا خلفه، قال ابن عباس وأنا فيهم فصلى عليه. وحديث أبي هريرة: رواه الطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود،، وابن ماجه، والبيهقي، من رواية أبي رافع عنه أن

أسود رجلًا أو امرأة كان يقم المسجد فمات ولم يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بموته فذكره ذات يوم فقال - صلى الله عليه وسلم - ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا: مات يا رسول الله، قال: أفلا آذنتموني؟ قالوا: إنه كان كذا وكذا قصته قال: فحقروا شأنه، قال: فدلوني على قبره، فأتى قبره فصلى عليه. • وحديث عامر بن ربيعة: رواه ابن أبي شيبة، وأحمد وابن ماجه، وأبو نعيم في "الحلية" من رواية عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أن امرأة سوداء ماتت ولم يؤذن بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر بذلك فقال: هلا آذنتموني بها؟ ثم قال لأصحابه: صُفوا عليها فصلى عليها. • وحديث سهل بن حنيف: رواه ابن أبي شيبة قال: حدثنا سعيد بن يحيى، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود فقراء أهل المدينة ويشهد جنائزهم إِذا ماتوا، قال: فتوفيت امرأة من أهل العوالي فدفناها، فمشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى عليها فكبر أربعًا؛ وهكذا رواه الطحاوي في "معاني الآثار"، والبيهقي في "السنن".

ورواه مالك في "الموطأ"، عن الزهري، عن أبي أمامة مرسلًا كما سبق؛ ومن طريق مالك رواه النسائي. ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، ثنا محمد بن مصعب الفرفساني، ثنا الأوزاعي، عن الزهري فقال: حدثني أبو أمامة بن سهل قال: أخبرني رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره مطولًا كما عند مالك وأطول؛ وهكذا رواه البيهقي، من طريق بشر بن بكر، عن الأوزاعي إِلا أنه قال، عن أبي أمامة، أن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره. • وحديث يزيد بن ثابت: بتقديم الياء، وهو أخو زيد بن ثابت الأكبر، رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والنَّسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي من رواية خارجة بن زيد بن ثابت، عن عمه يزيد بن ثابت قال خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما ورد البقيع فإِذا هو بقبر جديد فسأل عنه فقالوا: فلانة فعرفها وقال: ألا آذنتموني لها؟ قالوا: كنت قائلًا صائمًا فكرهنا أن نؤذيك، قال: فلا تفعلوا لا أعرفن ما مات منكم ميت إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة، ثم أتى القبر فصففنا خلفه فكبر عليه أربعًا.

• وحديث أنس: رواه أحمد، وابن ماجه، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي من رواية ثابت عنه أن أسود كان ينظف المسجد فمات فدفن ليلًا، وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر فقال: انطلقوا إِلى قبره فانطلقوا إِلى قبره، فقال: إِن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة وإِن الله -عز وجل- ينورها بصلاتي عليها فأتى القبر فصلى عليه، وقال رجل من الأنصار: يا رسول الله إِن أخي مات ولم تصلِّ عليه، قال فأين قبره فأخبره فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الأنصاري لفظ أحمد. ورواه مسلم في "الصحيح"، مختصرًا عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر، زاد البيهقي بعدما دفنت. • وحديث حصين بن وحوح: رواه أبو داود، وابن أبي خيثمة، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، والطبراني في "الكبير"، وابن شاهين، والبغوي في "الصحابة"، والبيهقي في "السنن"، وغيرهم من حديث عيسى بن يونس،

ثنا سعيد بن عثمان البلوي، عن عروة بن سعيد الأنصاري، عن أبيه عن حصين بن وحوح أن طلحة بن البراء، مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إِني لا أرى طلحة إِلا قد حدث به الموت فآذنوني به حتى أشهده فأصلي عليه وعجلوا به فإِنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله ثم أنه توفي ليلًا فقال ادفنوني وألحقوني بربي ولا تدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإِني أخاف عليه اليهود وأن يصاب في سببي فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح فجاء حتى وقف على قبره وصف الناس معه، ثم رفع يديه وقال: اللهم ألق طلحة وأنت تضحك إِليه وهو يضحك إِليك اختصره بعضهم منهم أبو داود، والبيهقي، فلم يذكرا آخره، وقال بعضهم، ثم مات فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبره ودعا له. • وحديث أبي أمامة بن ثعلبة: رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد"، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى"، من حديث عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه، أن أبا أمامة بن ثعلبة لما هم رسول الله بالخروج إِلى بدر أجمع على الخروج معه فقال أبو بردة بن نيار أقم على أمك قال بل أنت فأقم على أختك فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر أبا أمامة بالمقام وخرج أبو بردة فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد توفيت فصلى عليها. • وحديث سعد بن عبادة: رواه ابن عبد البر في "التمهيد". وفي الباب أيضًا: عن جماعة كثيرة منهم عقبة بن عامر، عند البخاري، ومسلم وأبي داود، والنسائي، والدارقطني، في صلاته - صلى الله عليه وسلم - على شهداء أحد

بعد ثمان سنين، ومنهم أبو قتادة، عند الحارث بن أبي أسامة، والحاكم، والبيهقي وجابر بن عبد الله، عند النسائي في "السنن"، والدولابي في "الكنى"؛ وبريدة عند ابن ماجه، والبيهقي، وأبو سعيد الخدري، عند ابن ماجه؛ وعن سعيد بن المسيب مرسلًا عند ابن أبي شيبة، والترمذي، والبيهقي؛ وعن حميد بن هلال والقاسم كلاهما عند ابن أبي شيبة؛ وموقوفًا من فعل علي بن أبي طالب، عند ابن أبي شيبة؛ ومن فعل عائشة عند ابن أبي شيبة، والبيهقي، ومن فعل ابن عمر عندهما أيضًا، وعن غيرهم وفعلهم ذلك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبطل دعوى العمل الذي تمسك به مالك من أصله وفي هذه المسألة بالخصوص.

فيمن يصلي عليه ومن أولى بالتقديم

فيمن يصلي عليه ومن أولى بالتقديم 689 - حديث: "صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إلَّا الله". الدارقطني، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" كلاهما من طريق عثمان بن عبد

الرحمن الوقاصي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بزيادة، وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله، والوقاصي كذبه يحيى بن معين. ورواه الحريري صاحب المقامات في "جزئه" قال: أخبرنا أبو تمام، أنا أبو الحسن علي بن أبي علي بن وصيف القطان، ثني يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا العلاء بن سالم ثنا أبو الوليد المخزومي، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به بزيادة: وصلوا وراء من قال لا إِله إِلا الله، ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني، عن ابن صاعد وابن مخلد كلاهما عن العلاء بن سالم به، وأبو الوليد المخزومي هو خالد بن إِسماعيل متروك وقال ابن عدي: متهم بالكذب. ورواه الدارقطني، من طريق محمد بن الفضل، ثنا سالم الأفطس، عن

مجاهد عن ابن عمر به، ومحمد بن الفضل، كذبه أحمد، وابن معين، وتابعه سويد بن عمرو، عن سالم الأفطس، لكنه قال: عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" وفي سنده من لم أعرفه، وقد قالوا إن أسانيده كلها واهية، ولذلك ذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية". * * * 690 - حديث: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ على مَاعِزٍ وَلَمْ يَنْهَ عن الصلاة عليه"، قال المصنف: خرَّجه أبو داود. قلت: وكذا البيهقي كلاهما من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر قال: حدثني

نفر من أهل البصرة عن أبي برزة الأسلمي قال: لم يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ماعز بن مالك، ولم ينه عن الصلاة عليه، وفي مسنده النفر الذين لا يعرفون، وقد قال أحمد: ما يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الصلاة على أحد إِلا على القاتل وقاتل نفسه. وفي "صحيح مسلم" من حديث عمران بن حصين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على الجهنية بعد رجمها فقال له عمر: يا رسول الله أتصلي عليها وقد زنت؟ فقال: لقد تابت توبة لو قسِّمت بين أهل المدينة لوسعتهم، وفيه أيضًا من حديث بريدة في قصة الغامدية التي رجمت في الزنا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس"، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت. * * * 691 - حديث جابر بن سمرة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أبَى أن يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ". أحمد، ومسلم، والترمذي, والنسائي، وابن ماجه والبيهقي،

من حديث سماك، عن جابر بن سمرة قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه، لفظ مسلم. * * * 692 - قوله: (في قَاتِلِ نَفْسِهِ وإِنْ كانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الأثَرُ). متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسه، فسُّمّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا. وفي الباب عن جماعة.

693 - حديث: "أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مثقال حَبَّةٍ من الإِيْمَانِ". متفق عليه، من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان الحديث. * * * 694 - حديث جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِشُهَداء أُحدٍ فَدُفِنُوا بِثِيَابِهِم وَلَمْ يُصَل عليهم ولمْ يُغْسَلوا"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود.

قلت: بل هو في صحيح البخاري وغيره، وقد تقدم. * * * 695 - حديث ابن عباس: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلى قَتْلَى أُحُدٍ وَعَلى حَمْزَةَ وَلَمْ يُغْسَلْ وَلَمْ يُتَيَمَّمْ". ابن سعد في "الطبقات"، وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي, كلهم من رواية أبي بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم عن ابن عباس قال: أتى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فجعل يصلي على عشرة عشرة وحمزة هو كما هو يرفعون وهو كما هو موضوع، لفظ ابن ماجه، وقال غيره أثناء حديث، ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم فيوضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة، ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم سبعًا حتى فرغ منهم، قال البيهقي: (لا أحفظه إلا من حديث أبي بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، وكانا

غير حافظين)؛ وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": ليسا بمعتمدين. قلت: والأصل في هذا الحديث، رواية الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، وكل من رواه من الضعفاء، فإِنما رواه على سبيل الوهم أو التعمد عن غيره والله أعلم والحسن بن عمارة كذاب وضاع، وكان من رأيه الصلاة على الشهداء؛ فأخرج البيهقي عن أبي داود الطيالسي قال: قال لي شعبة: ائت جرير بن حازم فقل له: لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة فإِنه كذاب قال: فقلت لشعبة: ما علامة كذبه؟ قال: روى عن الحكم أشياء فلم أجد لها أصلًا، قلت للحكم: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد؟ قال: لا، وقال الحسن بن عمارة، حدثني الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قتلى أحد، ثم ذكر مسألة أخرى. قلت: ويدل على كذبه أيضًا أنه قال مرة عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس كما سبق ومرة قال: عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، أخرجه أبو مرة في سننه. * * * 696 - قوله: (وَرُوِيَ أيضًا ذَلِكَ مُرْسَلًا مِن حديث أبي مالك الغفاري). ابن أبي شيبة، وابن سعد في "الطبقات"، وأبو داود في "المراسيل"،

والطحاوي في "معاني الآثار" والدارقطني في "السنن", والبيهقي فيه أيضًا، وأبو نعيم في "الحلية"، من رواية حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك الغفاري قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة منهم حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة؛ قال البيهقي: (هذا أصح ما في هذا الباب وهو مرسل، أخرجه أبو داود في المراسيل؛ بمعنى قال: حدثنا هناد، عن أبي الأحوص، عن عطاء، عن الشعبي قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد على حمزة سبعين صلاة بدأ بحمزة فصلى عليه، ثم جعل يدعو بالشهداء فيصلي عليهم وحمزة مكانه، وهذا أيضًا منقطع، وحديث جابر موصول وكان أبوه من شهداء أُحد). وقال في "المعرفة" هذا حديث مع إرساله لا يستقيم كما قال الشافعي، فإِن الشافعي قال: كيف يستقيم أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى على حمزة سبعين صلاة إذ كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم، وشهداء أحد إنما كانوا اثنين وسبعين شهيدًا فإذا صلى عليهم عشرة عشرة فالصلاة إنما تكون سبعًا صلوات أو ثمانيًا، فمن أين جاءت سبعون صلاة. قال البيهقي: (وأما رواية ابن إسحاق عن بعض أصحابه، عن مقسم، عن ابن عباس فذكر نحو ذلك، فهو منقطع ولا يفرح بما يرويه ابن إسحاق إذ لم يذكر اسم راويه، لكثرة روايته عن الضعفاء المجهولين)، والأشبه أن تكون الروايتان غلطًا لمخالفته الرواية الصحيحة عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليهم وهو كان قد شهد القصة. قلت: وقد قيل في الذي حدث ابن إسحاق بالحديث أنه الحسن بن عمارة وهو كذاب كما سبق في الذي قبله.

697 - حديث: "أنّ أعرَابيًّا جَاءَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ في حَلْقِهِ فَمَاتَ فَصَلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وقال إِنَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مجاهِدًا في سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا وأنا شَهِيدٌ عَلَيْهِ". النسائي، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من حديث شداد بن الهاد أن رجلًا من الأعراب جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وقال أهاجر معك فأوصي به النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غَنِمَ النبي- صلى الله عليه وسلم - شيئًا فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا قالوا: قسم قسمه لك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذه فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما هذا: قال قسمته لك؛ قال ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى ههنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة فقال: إن تصدق الله يصدقك فلبثوا قليلًا ثم نهضوا في قتال العدو فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه، ثم كفنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في جبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته اللهم هذا عبدك خرج مهاجرًا في سبيلك فقتل شهيدًا وأنا شهيد على ذلك. قلت: هكذا وقع عند جميعهم فلما كانت غزوة بدون تعيين إلا الحاكم فإِنه وقع

عنده: فلما كانت غزوة خيبر أو حنين، وكذلك هو في "مصنف" عبد الرزاق، عن ابن جريج، خبرني عكرمة بن خالد، عن ابن أبي عمار، عن شداد بن الهاد به. * * * 698 - حديث جابر، أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ وَلا يُوَرَّثُ حتى يَستَهِلَّ صَارِخًا" قال المصنف: خرَّجه الترمذي.

قلت: وكذا الحاكم، والبيهقي، كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي الزبير، عن جابر به، وقال الترمذي: (هذا حديث اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا، ورواه أشعث بن سوار وغير واحد عن أبي الزبير، عن جابر موقوفًا، وكأن هذا أصح من الحديث المرفوع). قلت: رواية أشعث الموقوفة، خرَّجها ابن أبي شيبة في "المصنف" والدارمي ثم إن إسماعيل بن مسلم، لم ينفرد برفعه بل تابعه على ذلك سفيان الثوري، والأوزاعي والمغيرة بن مسلم، والربيع بن بدر، ويحيى بن أبي أنيسة. فرواية سفيان: خرَّجها الحاكم، والبيهقي، من رواية إسحاق بن يوسف الأزرق عنه عن الزبير، عن جابر مرفوعًا: إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه؛ قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). ورواية الأوزاعي، خرَّجها البيهقي، من رواية بقية عنه، عن أبي الزبير مثل الذي قبله.

ورواية المغيرة بن مسلم: خرَّجها الحاكم، من رواية شبابة بن سوار، عنه، عن أبي الزبير مثل الذي قبله أيضًا، وزعم أن المغيرة تفرد برفعه وأن ابن جريج وغيره أوقفوه مع أنه نفسه خرَّجها مرفوعًا من طريق سفيان وإِسماعيل بن مسلم. ورواية الربيع بن بدر: خرَّجها ابن ماجه، عن هشام بن عمار، عنه، عن أبي الزبير مثل الذي قبله أيضًا: إذا استهل الصبي صلى عليه وورث. ورواية يحيى بن أبي أنيمة: ذكرها الدارقطني فى "العلل"؛ ورواه سعيد بن المسيب عن جابر، والمسور بن مخرمة معًا مرفوعًا أيضًا إلا أنه لم يذكر فيه الصلاة أخرجه ابن ماجه، من طريق مروان بن محمد، ثنا سليمان بن بلال، حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يرث الصبي حتى يستهل صارخًا، قال: واستهلاله أن يبكي ويصيح أو يعطس. ورواه عطاء، عن جابر، واختلف عليه فيه أيضًا فرواه المثنى بن الصباح عنه مرفوعًا كما ذكر الدارقطني في "العلل"، ورواه محمد بن إسحاق عنه موقوفًا على جابر، أخرجه الدارمي, والبيهقي، وكذلك رواه محمد بن راشد، عن عطاء، عن

جابر موقوفًا أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار"، وخالفهم شريك، عن أبي إسحاق، فقال عن عطاء، عن ابن عباس موقوفًا، أخرجه الدارمي، عن نعيم عن شريك، وخالفه إسماعيل بن موسى، فرواه عن شريك بهذا الإِسناد، عن ابن عباس مرفوعًا أخرجه ابن عدي، عن القاسم بن زكريا عن إسماعيل بن موسى به، وقال الحافظ إنه سند حسن. * * * 699 - حديث المغيرة: "الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ". سبق في حديث الراكب يسير خلف الجنازة.

700 - حديث: "أنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ على ابْنِهِ إبرَاهِيمَ وَهُوَ ابنُ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ" قال المصنف: رواه أبو داود. قلت: كذا قال ثمانية أشهر، والصواب ثمانية عشر شهرًا، كذلك هو عند أبي داود، وكذلك أخرجه أحمد، والطحاوي، من رواية ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة قالت: مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، فلم يصلّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ: إسناده حسن وصحّحه ابن حزم، وقال الخطابي: (هو أحسن اتصالًا من الرواية التي فيها أنه صلى عليه) أمَّا أحمد بن حنبل فقال: إنه منكر جدًا؛ فقال ابن عبد البر: لا يصح.

701 - قوله: (وَرُوِيَ فِيْهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ لَيْلَةً). قلت: يريد سنن أبي داود، وهو فيه، عن عطاء مرسلًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على ابنه إِبراهيم وهو ابن سبعين ليلة، ومن طريقه، أعني أبو داود خرَّجه البيهقي في "السنن"، وخَرَّجا معًا أيضًا، من رواية وائل بن داود، قال: سمعت البهي قال: لمَّا مات إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم -،صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المقاعد وخرَّج البيهقي، وابن سعد في الطبقات، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على ابنه إِبراهيم حين مات، ثم قال البيهقي: (فهذه الآثار وإِن كانت مراسيل فهي تشد الموصول قبله وبعضها يشد بعضًا، وقد أثبتوا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إبراهيم، وذلك أولى من رواية من روى أنه لم يصلِّ عليه).

قلت: يريد الموصول ما أخرجه هو، وأحمد، في "المسند" من رواية إِسرائيل، عن جابر الجعفي، عن الشعبي، عن البراء بن عازب قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إِبراهيم ومات وهو ابن ستة عشر شهرًا، وقال: إِن له في الجنة من يتم رضاعه، وهو صدِّيق وجابر الجعفي متروك، وقد رواه سفيان الثوري، وشريك عنه فلم يجاوز به الشعبي، أخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والطحاوي، من رواية سفيان. وأخرجه الطحاوي من رواية شريك، كلاهما عن جابر الجعفي عن الشعبي قال: مات إِبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ستة عشر شهرًا فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظ سفيان، ولفظ شريك وهو ابن ستة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا. وفي الباب موصولًا أيضًا: عن ابن عباس أخرجه ابن ماجه، من طريق إِبراهيم

ابن عثمان، ثنا الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس قال: لما مات إِبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال إن له مرضعًا في الجنة، ولو عاش لكان صديقًا نبيًا، ولو عاش لعتقت أخواله القبط، وما استرق قبطي، وإِبراهيم بن عثمان هو أبو شيبة الواسطي، قال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: منكر الحديث؛ وقال النَّسائي: متروك. وعن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر على ابنه إِبراهيم أربعًا، رواه ابن سعد أخبرنا عبد الله بن نمير الهمداني، عن عطاء بن عجلان، عن أنس به، وابن عجلان، قال البخاري: منكر الحديث؛ وقال النَّسائي: متروك؛ وكذبه ابن معين والفلاس، ويعارضه قول إسماعيل السدي، سألت أنس بن مالك؟ أصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إِبراهيم قال: لا أدري، رحمة الله على إبراهيم لو عاش كان صديقًا نبيًا، رواه أحمد، وابن سعد في "الطبقات" كلاهما عن عفان، عن أبي عوانة عن السدي به، وعند البزار من حديث عبد الرحمن بن مالك، بن مغول، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على ابنه إبراهيم، وكبر عليه أربعًا، وعبد الرحمن ابن مالك، قال أحمد، والدارقطني: متروك؛ وقال أبو داود: كذاب.

702 - قوله: (وَذَلِكَ أنَّهُ جَاءَ في بَعْضِ الآثَارِ أنَّهُم مِنْ آبَائِهِم). أحمد، وأبو داود، من حديث عائشة قالت: قلت يا رسول الله: ذراري المؤمنين؟ قال هم من آبائهم، فقلت: يا رسول الله بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين، قلت يا رسول الله: فذراري المشركين؛ قال: من آبائهم، قال: بلا عمل، قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. * * * 703 - حديث: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُوْلَدُ على الفِطْرَةِ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

وغيرهم، من حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كل مولد يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج الإِبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء، قالوا يا رسول الله: أرأيت الذي يموت وهو صغير قال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ولم يقع عند مسلم مصدرًا بلفظ: كل مولود بل بلفظ: كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعدُ يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإِن كانا مسلمين فمسلم كل إِنسان تلده أمه، يلكز الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها وأكثر ألفاظه عنده: ما من مولود إلا يولد على الفطرة، الحديث كاللفظ السابق. * * * 704 - قوله: (وَقَدَّمَ الحُسَيْنُ بن عَلِيٍّ سَعِيدَ بنَ العَاصِ وَالي المَدِيْنَةِ لِيُصَلَّي عَلى الحَسَنِ بن علي وقال: لَوْلَا أنَّها سُنَّة ما تَقَدَّمْتُ).

البيهقي من حديث سفيان بن عيينة، عن سالم بن أبي حفصة قال: سمعت أبا حازم يقول: إِني شاهد يوم مات الحسن بن علي - رضي الله عنه -، فرأيت الحسين بن علي - عليه السلام - يقول لسعيد بن العاص ويطعن في عنقه تقدم فلولا أنها سنة ما قدمت، كان بينهم شيء، فقال أبو هريرة: أتنفسون على ابن نبيكم بتربة لدفنونه فيها، وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني؛ ثم رواه من وجه آخر، من طريق يعقوب بن سفيان، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الجحاف عن إِسماعيل بن رجاء الزبيدي قال: أخبرني من شهد الحسين بن علي حين مات الحسن وهو يقول لسعيد بن العاص: تقدم فلولا أنها سنة ما قدمت. * * * 705 - قوله: (وَقَالَ بَعضُهُم: يُصَلَّى عَلَى الغَائِبِ لحديث النَّجَاشِي). متفق عليه من حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر بن عبد الله؛ وقد

تقدم.

وقت الصلاة على الجنازة

وقت الصلاة على الجنازة 706 - حديث عقبة بن عامر: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنهانَا أن نَصَلِّيَ فِيْهَا أوْ نَقْبِرَ مَوْتَانَا". الحديث تقدم في المواقيت.

707 - قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: لا يُصَلَّى على الجَنَازَةِ في الأوقَاتِ الخَمْسَةِ التي ورد النَّهْيُ عَنِ الصَّلاةِ فِيْهَا). تقدمت أحاديثها في المواقيت.

في مواضع الصلاة على الجنازة

في مواضع الصلاة على الجنازة 708 - حديث عائشة: "أنَّهَا أَمَرَتْ أن يُمَرَّ عَلَيْهَا بسَعْدِ بن أبي وَقَّاصِ في المَسْجدِ حِيْنَ مَاتَ لتَدْعُو لَهُ فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ ما أسْرَعَ ما نَسِيَ الناس! مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على سُهيلِ بنِ بَيْضَاءَ إلا في المَسْجِدِ". قال المصنف: رواه مالك.

قلت: وكذا ابن أبي شيبة، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي، وجماعة؛ وفي لفظ لمسلم، وأبي داود، وغيرهما: واللهِ لقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابن بيضاء في المسجد سهيل وأخيه. * * * 709 - حديث أبي هريرة: "مَنْ صَلَّى على جَنَازَةٍ في المَسْجِدِ فلَا شَيْءَ لَهُ".

ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والطحاوي، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي، كلهم من رواية صالح مولى التَّوْآمَةِ، عن أبي هريرة به، وصالح مولى التَّوْآمَةِ ساقط، والحديث باطل وإن اقتصر على تضعيفه الجمهور، وصالح لم يكن ثقة لا قبل الاختلاط ولا بعده، لا من جهة تعمده الكذب، ولكن من جهة الغفلة وعدم الإتقان، وقد يكون الدساسون أصحاب الأهواء والآراء دسوه عليه أو لقنوه إياه، ومن الباطل أن يكون الحديث عند أبي هريرة فلا يرويه عنه إِلا صالح وحده، وقد صلى الصحابة -رضي الله عنهم- على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في المسجد وفيهم أبو هريرة، فلو كان عنده الحديث لذكره لهم، فكيف وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأجمعهم صلوا على الجنازة في المسجد وأجهرت عائشة -رضي الله عنها- بأن من أنكر ذلك قد نسي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابني بيضاء في المسجد وأقسمت على

ذلك؛ والأهواء والآراء ونصرة أصحابها لها ودسِّهم الأباطيل في الأحاديث والآثار كَثَّر التعارض والتضارب بين نصوص الشريعة، إلى حد يوجب الشك والارتياب، فما من سنة صحيحة لم يأخذ بها أهل الآراء إلا ووضع أصحابهم لها أحاديث معارضة لها ومؤيدة لآرائهم، وتفننوا في طرق دسها، وروايتهما وإدخالِها في الشريعة بحيث لولا حِفْظُ الله تعالى لشريعته لصارت أقبح من الشرائع التي قبلها فإنَّا لله وإنَّا إِليه راجعون. * * * 710 - قوله: (وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ بُرُوزُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِلمُصَلَّى لِصَلَاتِهِ عَلى النَّجَاشِي). أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، من حديث أبي هريرة، أن

النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إِلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات. * * * 711 - قوله: (وَكرِهَ بَعْضُهُم الصَّلاة عَلَى الجَنَائِزِ فِي المَقَابِرِ لِلنَّهْيِ الوَارِدِ عَنِ الصَّلاةِ فِيْهَا). تقدم في الصلاة. * * * 712 - حديث: "جُعِلَتْ لِيَ الأرض مسجدًا وطهورًا". تقدم في الصلاة.

شروط الصلاة على الجنازة

شروط الصلاة على الجنازة

الباب السادس: في الدفن

الباب السادس: في الدفن بني فلان, موضعًا قد سمّاه من المسعى استقبل الناس وقال: "يا أيها الناس اسعوا فإِنّ المسعى قد كتب عليه". رواه الدارقطني وسنده صحيح. ولا يضرّ قولها "نسوة من بني عبد الدار" بدل قولها في الطريق الأول "حبيبة بنت أبي تجراة" فإِنّها من بني عبد الدار. ثمّ قد تكون حدثتها هي وغيرها فاقتصرت في الطريق الأول عليها وحدها وفي هذا ذكرت الجميع ومنها طرق أخرى وهم فيها بعض رواتها؛ فمنهم من قال: عن عطاء عن ابن عباس على الجادة, ومنهم من جعله من مسند صفية بنت شيبة لم يذكر بعدها حبيبة, ومنهم من قال: عن صفية عن تملك العبدرية وكل ذلك من سوء حفظ الرواة إلّا أنّها تدلّ على ثبوت أصل الحديث, والطريق إلى الصواب من ذلك هي طريق عبد الله بن المؤمل كما قال الدارقطني. 951 - قوله: (تَوَاتَرَت بذلك الآثار. أعني وصل السعي بالطواف).

قلت: ذلك مذكور في جميع أحاديث من وصف أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج كجابر بن عبد الله وغيره, وتواتر ذلك من طريق التوارث والنقل الفعلي. 952 - حديث: "نَبْدَأْ بِمَا بَدَأَ اللهُ به". مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله في حديثه الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم عزوه. وهو عند مالك في الموطأ مختصرًا كما هنا. 953 - حديث جابر: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا وَقَفَ على الصَّفا يُكبِّر ثلاثًا ويقول:

"لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهو على كُلِّ شيْءٍ قَدِير". يَصْنَعُ ذلك ثَلاثَ مرّات ويدعو ويَصْنَعُ على المروة مثل ذلك". هذا في حديث جابر الطويل في الحج. وقد تقدم عزوه. واللفظ المذكور هنا لمالك في الموطأ، وقد ذكره مختصرًا كما هنا، ومن طريقه رواه النسائي كذلك. 954 - حديث عائشة: "افْعَلِي كلَّ ما يفعل الحاجّ غير أن لا تَطُوفِي بالبيت ولا تَسْعَىْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَة". قال ابن رشد: تفرد بهذه الزيادة يحيى عن مالك دون من روى عنه هذا الحديث. قلت: نقل الحافظ في الفتح عن ابن عبد البَرّ أنّ هذه الزيادة لم يقلها عن

مالك إلّا يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري. وهذا النقل عن ابن عبد البّر وأخشى أن يكون وهمًا من الحافظ فإِنّ هذه الزيادة رواها يحيى بن يحيى الليثي القرطبي وهي موجودة في الموطأ المتداولة بين الناس اليوم من روايته ولفظه عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: "قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري". وقد رواه أصحاب مالك عنه بدون قوله "ولا بين الصفا والمروة" كما قال ابن عبد البرّ. وكذلك رواه محمد بن الحسن عن مالك بدونها كما في موطئه، وعبد الله بن يوسف كما في صحيح البخاري وسنن البيهقي وخالد بن مخلد كما في مسند الدارمي وكذلك

الهداية في تخريجِ أحَادِيثِ البدَايَة (بَدايَة المُجَتَهِد لابْن رُشدِ) للإمَام الحَافِظ المُحَدِّث, أبي الفَيْض أحمَد بْن مُحمَدَّ بْن الصِدّيق الغُمَاِري الحسَني (1320 - 1380 هـ) (وَمَعُه بأعلى الصَفحاتِ) بَداية المُجتهِد وَنهَاية المُقتَصِد للإمَامَ القاضِي أبي الوَليد محمدّ بن أحمدَ بن محمَّد بن رُشِد الحفيد (520 - 595 هـ) الجزءُ الخَامِسُ تَحقِيق عَلي نايف بقَاعِي عالم الكتب

جَميعُ حقوق الطبْع والنَشْر محَفوظَة للِدَّار الطبعَة الأولى 1407 هـ - 1987 م

الِهدَايةَ في تخريجِ أحَادِيثِ البِدَايَة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عالم الكتب بيروت - المزرعة، بناية الإيمان -الطابق الأول - ص. ب 8723 تليفون: 306166 - 315142 - 313859 - برقيًا: نابعلبيكي - تلكس: 23390

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وسلم كتاب الزكاة

8 - كتاب الزكاة

8 - كتاب الزكاة الجملة الأولى: على من تجب؟

716 - حديث: "صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم". أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من حديث ابن عباس "أنّ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا بعث معاذًا إلى اليمن قال: إنّك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم

إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله، فإِن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أنّ الله

افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة، فإِن هم أطاعوك فأعلمهم أنّ الله

افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم، فإِن هم أطاعوك لذلك

فإِيّاك وكرائم أموالهم، واتّقِ دعوةَ المظلوم فإِنّه ليس بينها وبين الله حجاب".

717 - حديث: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا لَا إِلهَ إلّا الله وَيُؤْمِنُوا بِي". مسلم والدارقطني من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أن أقاتلَ النّاسَ حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله ويؤمنوا بي وبما جئتُ به، فإِذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله". لفظ مسلم. وقال الدارقطني: "أمرت أن أقاتل النّاس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإِذا أقرّوا بما جئت به عصموا مني دماءهم وأموالهم". الحديث. وقد رواه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - جماعة منهم سعيد بن المسيِّب وأبو صالح السّمّان وأبو صالح مولى التوأمة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وزياد بن قيس والحسن البصري ومحمد بن الحنفية وكثير بن عبيد ومجاهد وأبو سلمة بن عبد الرّحمن والأعرج وعجلان أبو محمّد وهمّام ابن منبه وأبو حازم وهلال بن أبي هلال المدني وعبد الرّحمن بن أبي عمارة. ولم أرَ هذا اللّفظ في رواية أحد منهم إلّا في رواية عبد الرحمن بن يعقوب المذكور. والباقون كلّهم رووه بلفظ "أمرتُ أن

الجملة الثانية: ما تجب فيه الزكاة من الأموال

الجملة الثانية: ما تجب فيه الزكاة من الأموال أقاتلَ الناس حتّى يقولوا أو يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدًا رسول الله". وقال بعضهم: "وأنّي رسول الله فإِذا قالوها. ." الحديث. وكذلك رواه عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبو بكر وعمر وأوس بن أوس وجرير بن عبد الله وأنس بن مالك وسمرة وسهل بن سعد وابن عباس وأبو بكرة وطارق بن أشيم والنعمان بن بشير ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقّاص ورجلٌ من بلقين وغيرهم. كلّهم باللّفظ الذي رواه جمهور أصحاب أبي هريرة. ولم يقع في رواية واحدٍ منهم لفظ عبد الرّحمن بن يعقوب فيما رأيت. وحديث أبي هريرة باللّفظ المشهور خرّجه الشّافعي وعبد الرّزاق والطيالسي

وأبو يوسف في الخراج وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود، والطحاوي وابن أبي عاصم في الديات وابن سعد في الطبقات والدارقطني والحاكم وابن شاهين في الترغيب وأبو نُعَيْم في الحِلية. وقد ذكرتُ أسانيد الجميع في جزء أفردته لطرق هذا الحديث.

718 - حديث جابر: "لَيْسَ فِي الحُلِيِّ زَكَاة". ابن الجوزي في التحقيق من حديث عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبي الزُّبير عن جابر به، ثمّ قال: قالوا: عافية ضعيف، ما عرفنا أحدًا طعن فيه. قالوا: الصواب موقوف. قلنا: الراوي قد يسند وقد يعي. وأمّا البيهقي فأنكر الحديث، وقال في المعرفة: وما يروى عن عافية بن أيوب عن الليث فذكره فباطل لا أصل له إنّما يروى عن جابر من قوله، وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتجّ به مرفوعًا كان مغرّرًا بدينه، داخلًا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذّابين. وهذا إسراف من البيهقي؛ فإِنّ عافية لم يثبت عنه ما يدلّ على ضعفه فضلًا عن كذبه، وكونه رفع هذا الموقوف الواحد لا يدلّ على ضعفه؛ فكبار الثقات الحفّاظ رفعوا موقوفات ووقفوا مرفوعات فما أوجب ذلك ضعفهم، وقد يكون هو المصيب في الرّفع دون من أوقف الحديث عن جابر. ويؤيّده أن الحليّ إمّا ذهبٌ وإِمّا فضّةٌ والزكاة فيهما معلومة بالضرورة، فلولا إخراج الشّارع للحليّ من حكم الذّهب والفضّة لما أمكن لجابر أن يخصّص الحليّ من رأيه. وذلك يدلّ على أن الحديثَ عنه مرفوع وأنّ وقفه إنّما هو اختصار وقد قال الحافظ المنذري في عافية: لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه. وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنّه قال فيه: ليس به بأس؛ فهذا توثيق لعافية، وأمّا كونه مجهولًا فقد ذكر ابن ماكولا في الإِكمال أنّه روى عن حيوة بن شريح وسعيد بن عبد العزيز ومالك بن أنس والليث بن سعد وغيرهم. وروى عنه إبراهيم بن أيوب وبحر بن نصر صاحب ابن وهب. وبهذا ترتفع جهالة عينه أيضًا. أمّا الموقوف عن جابر فأخرجه ابن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان عن عبد الملك عن أبي الزّبير عن جابر قال: "لا زكاة في الحليّ" قلت: إنّه يكون فيه ألف دينار. قال: يُعارُ ويُلْبَس. ورواه الشافعي

عن سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعتُ رجلًا يسأل جابر بن عبد الله عن الحليّ أفيه الزّكاة؟ فقال جابر: لا. فقال وإِن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير. (تنبيه): عزا في الجامع الصغير حديث الباب للدارقطني في السنن وليس هو فيه. 719 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه: "أَنَّ امْرَأةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَها ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابنَتِها مَسَكٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: أَتؤَدِّينَ زَكَاةَ هَذا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: أَيَسُرُّكِ أنْ يُسَوِّرَكِ الله بِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَار؟ فَخَلَعَتْهُمَا وَأَلْقَتْهُمَا إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَتْ: هُمَا لِلّه وَلِرَسُولِهِ". ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنّسائي والدارقطني

والبيهقي من طرق بعضها فيه فقال، كما وقع عند الترمذي من رواية ابن لهيعة عن عمرو ثم ضعّفه وقال: قد رواه المثنّى بين الصبّاح عن عمرو نحو هذا. والمثنّى وابن لهيعة يضعّفان في الحديث، ولا يصحّ في هذا عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - شيء. وكان كلامه هو عمدة ابن رشد حيث قال: إنّه أثر ضعيف. وليس كذلك بل طريق أبي داود والنّسائي على شرط الصحيح. وقد صحّحه جماعة من الحفاظ، على أن طريق ابن أبي شيبة وأحمد والدارقطني الذي هو من رواية حجاج عن عمرو إذا أضيف إلى رواية ابن لهيعة ارتفع الحديث بها إلى درجة الصحيح أو الحسن المقطوع به على سائر الاصطلاحات فيه، فكيف برواية حسين المعلم الذي هو من رجال الصحيح. ثمّ إنّ قول الترمذي: "لا يصحّ في هذا الباب شيء" مردود أيضًا؛ فقد صحّ فيه حديث أمّ سلمة عند أبي داود والدارقطني والبيهقي والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري،

وحديث عائشة عندهم أيضًا وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين. 720 - حديث: "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَة". ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والأربعة والدارقطني والبيهقي وغيرهم من حديث أبي هريرة.

721 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر الخيل: "وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في رِقابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا". مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث أبي هريرة في حديث مانع الزّكاة الطويل إلّا أنّ البخاري قطّعه في عدّة أبواب ومحلّ الشّاهد

خرّجه في كتاب المساقاة، واختصره الترمذي فلم يذكر إلّا قطعة منه. ولم يحسن سياقه بطوله إلّا مسلم. 722 - حديث: "فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاةٌ". ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي، من حديث ابن عمر "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عمّاله حتّى قُبضَ فقرنه بسيفه، فلمّا قُبِضَ عَمِلَ به أبو بكر حتّى قبض، وعمر حتّى قبض. وكان فيه: في خمسٍ من الإِبل شاة، وفي عشرٍ شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين، فإِذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإِذا زادت ففيها حِقّةٌ إلى ستين، فإِذا زادت فَجَذعة إلى خمس وسبعين، فإِذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإِذا زادت ففيها حقّتان إلى عشرين ومائة، فإِذا زادت على عشرين ومائة ففي كلّ خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون. وفي الشّاء في كلّ أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة، فإِذا

زادت فشاتان إلى مائتين، فإِذا زادت فثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة، فإِذا زادت على ثلاثمائة شاة ففي كلّ مائة شاة شاة ثمّ ليس فيها شيء حتى يبلغ مائة. ولا يجمع بين مفترق ولا يفرّق بين مجتمع مخافة الصدقة. وما كان من خليطين فإِنّهما يتراجعان بالسّويّة. ولا يُؤخذ في الصّدقة هَرِمَةٌ ولا ذات عيب". وفي الباب عن علي عند أبي داود والبيهقي وعن أنس في صحيح البخاري وغيره. 723 - حديث: "فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكَاة". تقدم في خطبة الكتاب.

724 - حديث: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإبِلِ صَدَقَةٌ". مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو

داود والترمذي والنّسائي وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني والبيهقي وجماعة من حديث أبي سعيد الخدري قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمس أواقٍ من الوَرِق صدقة، وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التّمر صدقة". ورواه مسلم والبيهقي من حديث

جابر مثله حرفًا حرفًا، وكذلك أحمد والطحاوي من حديث أبي هريرة, والبخاري في التاريخ الكبير والطحاوي من حديث ابن عمر. 725 - حديث: "فِي كُلِّ عَشَرةِ أَزُقٍّ زِقٌ". قال المصنّف: خرّجه الترمذي وغيره. قلت: هو كذلك. وممّن خرّجه أيضًا ابن عدي وابن حِبّان كلاهما في الضعفاء، والطبراني في الأوسط، والبيهقي،

كلّهم من حديث صدقة بن عبد الله السّمين عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - به. زاد الطبراني: وليس فيما دون ذلك شيء. واتّفقوا على ضعفه لضعف صدقة بن عبد الله السّمين بل قال ابن حبّان: إنّه يروي الموضوعات عن الثّقات. قلت: ويؤيّد ما قال أنّ ابن أبي شيبة قال: حدّثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: سألني عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل فقلت: أخبرني المغيرة بن حكيم أنّه ليس فيه صدقة، فقال عمر: عدل مصدّق. وهذا سند صحيح، فلو كان عند نافع حديث مرفوع عن ابن عمر لما أعرض عنه وحدّث عمر بن عبد العزيز بالموقوف الذي هو خلافه وذلك قاطع على كذب صدقة في هذا الحديث.

726 - حديث: "فِيمَا سَقَت السَّمَاءُ العُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ". البيهقي من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ وهو عند الترمذي وابن ماجه من حديثه أيضًا بلفظ "فيما سقت السّماء والعيون العشر وفيما سُقي بالنّضح نصف العشر" ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن

ماجه وابن الجارود والطحاوي والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعًا "فيما سقت السّماء والعيون أوك ان عَثَرِيًا العشر وما سُقي بالنّضح نصف العشر". ورواه مسلم والنّسائي من حديث جابر، وأحمد من حديث علي، والنسائي

وابن ماجه والبيهقي من حديث معاذ. 727 - حديث سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِمَّا نعدُّهُ لِلْبَيْعِ". أبو داود والدارقطني والبيهقي من حديث جعفر بن سعد عن خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة بن جندب به؛ لفظ أبي داود والبيهقي الذي خرّجه من طريقه. ولفظ الدارقطني عن سمرة بن جندب قال: "بسم الله الرّحمن الرّحيم. من سمرة بن جندب إلى بنيه. سلامٌ عليكم. أمّا بعدُ فإِنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا برقيق الرّجل أو المرأة الذين هم تلادٌ له وهم عمله لا يُريدُ بيعَهم فكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصّدقة شيئًا، وكان يأمرنا أن نخرج من الرّقيق الذي يعدّ للبيع". في سنده جهالة؛ لأنّ هؤلاء المذكورين غير معروفين كما ينبغي، بل هم في عداد المجاهيل وإِن وثّق ابن حبّان بعضهم على قاعدته، ومع هذا فزعم ابن عبد البرّ أنّه حديث حسن؛ ولعلّه لسكوت أبي داود عليه.

الجملة الثالثة: معرفة النصاب والواجب من ذلك

الجملة الثالثة: معرفة النصاب والواجب من ذلك 728 - حديث: "أدِّ زَكَاةَ البُرِّ". لا يوجد بهذا اللّفظ وإِنّما الموجود حديث أبي ذرّ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الإِبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البُرّ صدقته ومن رفع دنانير أو دراهم أو تبرًا أو فضّةً لا يعدّها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة". رواه أحمد والترمذي في العلل المفرد والدارقطني والبيهقي والحاكم واللّفظ له، وأحد سنديه عنده على شرط الصحيح؛ وهو طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي

ذر، وكذلك هو عند الدارقطني، وهو طريق سالمٌ من الانقطاع الذي في رواية ابن جريج عن عمران بن أبي أنس، وإِن ادّعى الحاكم أنّ كلا الطريقين صحيح إلّا أنّ أكثر الأصول فيها" وفي البرّ صدقته بضمّ الباء وبالرّاء المهملة، لكن وقع في رواية موسى بن عبيدة عن عمران بن أبي أنس عند الدارقطني: "وفي البَزِّ صدقته" قالها بالزّاي. لكن موسى بن عبيدة متروك ساقط لا يعتمد عليه بما أنّ الدارقطني قال عن شيخه دعلج بن أحمد أنّه كتبها من الأصل العتيق، وفي البزّ مقيّدٌ يعني بالزاي أيضًا، وكيفما كان فهو غير صريح في زكاة التّجارة بل هو نصُّ في وجوب الزّكاة في نفس البزّ.

الفصل الأول: في الذهب والفضة

الفصل الأول: في الذهب والفضة 729 - حديث: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ".

تقدّم. 730 - حديث عليّ: "هَاتُوا زَكَاةَ الذَّهَبِ"

سيأتي بعد حديث. 731 - قوله: وجاء في بعض الآثار "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أوَاقٍ مِنَ الرِّقَةِ صَدَقَةٌ". لم أره بهذا اللفظ في هذا الحديث، ولكن جاء ذكر الرّقة في أحاديث أخرى كحديث "وفي الرِّقةِ رُبُع العُشْر".

732 - حديث الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ والرَّقِيقِ فَهَاتُوا مِنَ الرِّقَةِ رُبعَ العُشْرِ، مِنْ كُلِّ مائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَة دَرَاهِمَ وَمِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْف دِينَار، ولَيْسَ فِي مائتَيْ دِرْهَم شَيْءٌ حتى يحولَ عَلَيْهَا الحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ. وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ تَزِيدُ عَلَى العِشْرِينَ دِينَارًا دِرْهَمٌ، حتّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دينارٌ، وفِي كُل أرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ وَدِرْهَمٌ". رواه عبد الرّزاق عن الحسن بن عمارة، وابن عبد البَرّ مطوّلًا كما هنا، والحسن بن عمارة ضعيف جدًا. قال ابن عبد البَرّ: لم يثبت عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - في زكاة الذّهب شيء من جهة نقل الآحاد الثقات، لكن روى الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث عن عليّ فذكره. وكذا رواه أبو حنيفة. ولو صحّ عنه لم يكن فيه حجّة لأنّ الحسن بن عمارة متروك. قلتُ: ولم يتابعه أحدٌ من أصحاب أبي إسحاق على ذكره بهذا السّياق مطوّلًا مع كثرة مَن رواه عنه، بل ولا على ذكر الذّهب فيه إلّا جرير بن حازم وأبو بكر بن عياش؛ فأمّا جرير فرواه أبو داود عن سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمّى آخر، عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديث وفيه "وليس عليك شيء في الذّهب حتّى تكون لك عشرون دينارًا فإِذا كانت لك عشرون دينارًا وحال

عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك". قال: فلا أدري أعليُّ يقول: "فبحساب ذلك" أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -"، إلّا أنه معلولٌ فإِنّ جرير بن حازم لم يسمعه من أبي إسحاق، بل سمعه من الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق كما رواه حفّاظ أصحاب ابن وهب عنه كسُحْنون وحرملة ويونس وبحر بن نصر وغيرهم، وقد ذكره البيهقي كذلك من رواية بحر بن نصر عن ابن وهب عن جرير بن حازم والحارث بن نبهان عن الحسن بن عمارة. وأمّا أبو بكر بن عيّاش فرواه أبو عبيد في الأموال عنه عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن عليّ موقوفًا قال: "في كلّ عشرين دينارًا نصف دينار، وفي كل أربعين دينارًا دينارٌ، وفي كلّ مائتي درهم خمسة دراهم". 733 - حديث: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ". تقدّم.

734 - قوله: قال: (النّص على الأوقاص ورد في الماشية).

سيأتي.

735 - حديث: "وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". مالك والشافعي وأبو عبيد في الأموال والطيالسي وابن أبي شيبة

وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنّسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وجماعة من حديث أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "العَجْمَاءَ جُبَارٌ، والبِئْرُ جُبَارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الرّكاز الخمس".وعند كثير منهم بل أكثرهم "العجماء جرحها جبار" وهكذا. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأنس وجابر وعبادة بن الصامت وابن عباس وأبي العالية وابن مسعود وعمرو بن عوف وزيد بن أرقم وسراء بنت نبهان والحسن والشعبي مرسلًا.

الفصل الثاني: في نصاب الإبل والواجب فيه

الفصل الثاني: في نصاب الإبل والواجب فيه 736 - قوله: (لثبوت هذا كلّه في كتاب الصدقة الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل به بعده أبو بكر وعمر).

تقدّم.

737 - قوله: ثبت في كتاب الصدقة أنّه قال - صلى الله عليه وسلم -: "فما زاد على العشرين ومائة ففي كلّ أربعينَ بنتُ لبون، وفي كل خمسين حِقَّة". تقدّم؛ الكتاب المذكور. 738 - حديث أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه كتب كتاب الصّدقة وفيه: "إذَا زَادَت الإِبِلُ على مائةٍ وعِشْرِينَ اسْتُؤْنِفَت الفَريضَةُ". قلت: قوله عن أبيه عن جدّه وهم؛ فإِن هذه الرواية لم تُرْوَ إلَّا مرسلة. خرجها أبو داود في المراسيل والطحاوي في معاني الآثار وابن حزم في المحلى من

حديث حمّاد بن سلمة قال: "قلت لقيس بن سعد خذ لي كتاب محمَّد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتابًا أخبرَ أنّه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه لجدّه فقرأته فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإِبل فذكر الحديث إلى أن قال: فإذا كانت أكثر من عشرين ومائة فإنه يعاد إلى أوّل فريضة الإِبل، وما كان أقلّ من خمس وعشرين ففيه الغنم في كلّ خمس ذودٍ شاة ليس فيها ذكر ولا هرمة ولا ذات عوار من الغنم". الحديث. وهي رواية باطلة جزمًا؛ لأنّ كتاب عمرو بن حزم معروفٌ ونسخته مذكورةٌ بالنص في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وغيرهما موصولة برواية الثقات ليس فيها هذه الزيادة ومن المستحيل أن يكون كتاب واحد كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - مرةً واحدة ثمّ بعث به إلى أهله تختلف نُسَخُهُ بالزيادة والنقصان بل بالمخالفة والمعارضة ثمّ يكون الكلّ صحيحًا، بل لابد أن يكون الصحيح واحدًا من القولين. ولمّا كان هذا القول مخالفًا لرواية الأكثرين من الحفاظ مع ما فيه من الخلل كان هو الباطل وغيره هو الصحيح، وقد أجاد البيهقي في تعليل هذه الرواية فقال في السنن: "وأمّا الأثر الذي رواه أبو داود في المراسيل عن موسى بن إسماعيل قال: قال حمّاد: قلت لقيس بن سعد خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم .. الخ، فهو منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمة وهما وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه بخلاف رواية الحفاظ لا يحتجّون بما يخالف فيه، ويتجنّبون ما يتفرد به عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله. وهذا

الحديث قد جمع الأمرين مع ما فيه من الانقطاع". ثمّ أسند عن يحيى بن سعيد القطّان، قال: حماد بن سلمة عن زياد الأعلم وقيس بن سعد ليس بذاك، ثمّ قال يحيى: إن كان ما حدّث به حماد عن قيس بن سعد حقًا فليس قيس بن سعد بشيء ثمّ أسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال: ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد فكان يحدثهم عن حفظه. قال أحمد: ثنا عفان قال: قال حماد بن سلمة: استعار منّي حجاج الأحول كتاب قيس فذهب إلى مكة فقال: ضاع. وذكر البيهقي في المعرفة نحوَ هذا ثمّ قال: ويدّل على خطأ هذه الرواية أنّ عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم رواه عن أبيه عن جدّه بخلافه، وأبو الرجال محمَّد بن عبد الرحمن الأنصاري رواه بخلافه، والزهري مع فضل حفظه رواه بخلافه في رواية سليمان بن داود الخولاني عنه موصولًا وفي رواية غيره مرسلًا. وإِذا كان حديث حمّاد عن قيس مرسلًا ومنقطعًا وقد خالفه عدد وفيهم ولد الرجل والكتاب بأيديهم يتوارثونه بينهم، وأمر به عمر بن عبد العزيز فنسخ له فوجد مخالفًا لما رواه حماد عن قيس موافقًا لما في كتاب أبي بكر وما في كتاب عمر، وكتاب أبي بكر في الصحيح وكتاب عمر أسنده سفيان بن حسين وسليمان بن كثير عن الزهريّ عن سالم عن أبيه عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكتبه عمر عن رأيه إذ لا مدخل للرأي فيه، وعمل به وأمر عماله فعملوا به وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وأقرأه ابنه عبد الله بن عمر وأقرأه عبد الله ابنه سالمًا ومولاه نافعًا، حتى قرأ مالك بن أنس، أفما يدلّ ذلك كلّه على خطأ هذه الرواية؟

739 - قوله: (روي عن ابن شهاب في كتاب الصّدقة أنّها إذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها بنتًا لبون وحِقّة". أبو داود والدارقطني والحاكم والبيهقي كلهم من طريق ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: "هذه نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كتب في الصدقة وهو عند آل عمر بن الخطاب"، قال ابن شهاب: "أقرأنيها سالم عن عبد الله ابن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن

عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله حين أمّر على المدينة فأمر عمّاله بالعمل بها". فذكر الكتاب بطوله وفيه هذا. 740 - قوله: (وهذا ثابت في كتاب الصّدقة فلا معنى للمنازعة فيه). أحمد والبخاري وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أنس بن مالك "أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - لما استخلف وجّه أنس بن مالك إلى البحرين فكتب له: بسم الله

الرّحمن الرّحيم. هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها، ومن سئل فَوقها فلا يعطه". فذكر الحديث. وفيه: "ومن بلغت عنده من الإِبل صدقة الجَذَعة وليس عنده جَذَعَة وعنده حِقّة فإِنّها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحِقّة وليست عنده الحِقّة وعنده جذعة فإِنّها تقبل منه الجَذَعة ويعطيه المصدّق عشرين درهمًا أو شاتين ثمّ ذكر بقيّة السّنين". 741 - حديث سويد بن غفلة قال: "أتَانَا مُصدِّقُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَأتَيْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ في عهدي أنْ لَا آخُذَ مِنْ راضِعِ لَبَنٍ وَلَا أجْمَعَ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ. ." الحديث. ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه

والدارقطني والبيهقي من حديث ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة به.

الفصل الثالث: في نصاب البقر وقدر الواجب في ذلك

الفصل الثالث: في نصاب البقر وقدر الواجب في ذلك 742 - حديث معاذ: "أنَّهُ تَوَقَّفَ في الأوْقَاصِ وَقالَ: حَتَّى أسْألَ فِيهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا

قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ تُوُفِّيَ - صلى الله عليه وسلم -". مالك والشّافعي عنه والبيهقي من طريقه عن حميد بن قيس عن طاوس اليماني "أن معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا، ومن أربعين بقرة مسنة وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئًا وقال: لم أسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيئًا، حتى ألقاه فأسأله, فتوفّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يقدم معاذ".

الفصل الرابع: في نصاب الغنم وقدر الواجب في ذلك

الفصل الرابع: في نصاب الغنم وقدر الواجب في ذلك 743 - قوله: (والآثار الثابتة المرفوعة في كتاب الصدقة على ما قال الجمهور).

تقدّم من حديث عمر وأبي بكر من رواية أنس عنه. 744 - قوله: (لا يُؤْخَذُ في الصدقَةِ تَيْسٌ ولا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَرٍ لثبوت ذلك في كتاب الصّدقة).

قلت: وهو موجودٌ فيه من رواية عمر وأبي بكر وعمرو بن حزم وقد تقدّم عَزْوُ الجميع. 745 - حديث: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يفَرقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصدقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإِنّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بالسَّوِيَّة".

هو في كتاب الصّدقة المتقدّم. 746 - حديث: "لَيْسَ فِيمَا دونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإبِلِ صدَقَةٌ".

تقدّم وسيكرّره المصنّف.

الفصل الخامس: في نصاب الحبوب والثمار والقدر الواجب في ذلك

الفصل الخامس: في نصاب الحبوب والثمار والقدر الواجب في ذلك 747 - قوله: (أمّا ما سقي بالسماء فالعشر وأمّا ما سُقي بالنضح فنصف العشر لثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -).

تقدّم وسيكرر ذكره أيضًا. 748 - حديث: "لَيْس فِيمَا دونَ خَمْسَةِ أوْسُقِ صَدَقَة". تقدّم.

749 - حديث: "كان - صلى الله عليه وسلم - يُرْسِلُ عبدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ وغيْرَهُ إلى خَيْبَرَ فَيَخْرصَ عليهم النخْلَ". قلت: أمّا ابن رواحة فأخرجه أحمد من رواية العمري عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم ثمّ خيرهم أن يأخذوا أو يردوا، فقالوا: هذا الحق، بهذا قامت السموات والأرض". ورواه الطحاوي من رواية عبد الله بن نافع عن أبيه فجعله من مسند رافع بن خديج ولفظه: عن نافع عن ابن عمر قال: "كانت المزارع تكْرَى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن لربّ الأرض ما على السّاقي من الزرع وطائفة من التبن لا أدري كم هو. قال نافع: فجاء رافع بن خديج وأنا معه فقال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر ليهود على أنهم يعملونها ويزرعونها على أن لهم نصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع على أن نقركم فيما بدا لنا. قال: فخرصها عليهم عبد الله بن رواحة فصاحوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خرصه، فقال لهم عبد الله بن

رواحة: أنتم بالخيار، إن شئتم فهي لكم وإن شئتم فهي لنا نخرصها ونؤدي إليكم نصفها فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض". وعبد الله بن نافع ضعيف جدًا منكر الحديث. والحديث معروفٌ عن ابن عمر في إعطاء خيبر اليهود بدون ذكر الخرص. ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس قال: "افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر واشترط أنّ له الأرض وكل صفراء وبيضاء، قال أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض منكم فأعطناها على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصفها. فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلمّا كان حين يصرم النّخل بعث إليهم عبدَ الله بن رواحة فحزر عليهم النخل وهو الذي يسمّيه أهل المدينة الخِرْصَ فقال: في هذه كذا وكذا، قالوا: أكثرت علينا يا ابن رواحة، قال: فأنا ألي حزر النخل وأعطيكم نصف الذي قلت، قالوا: هذا الحق وله تقوم السماء والأرض قد رضينا أن نأخذه بالذي قلت". ورواه أحمد وأبو داود والطحاوي والدارقطني والبيهقي وغيرهم كأبي عبيد في الأموال من حديث جابر بن عبد الله قال: "أفاء الله خيبر على رسوله فأقرّهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعلها بينه وبينهم فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم ثمّ قال: يا معشر يهود أنتم أبغض الخلق إليّ؛ قتلتم أنبياء الله، وكذبتم على الله وليس يحملني بغضي إيّاكم أن أحيف عليكم، قد خرصتُ عشرين ألف وسق من تمر فإن شئتم فلكم وإن شئتم فلي. قالوا: بهذا قامت السموات والأرض قد أخذناها، قال: فاخرجوا عنها". ولفظ أبي عبيد "حدّثني حجّاج عن ابن

جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول: خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم أنّ اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر عليهم عشرون ألف وسق". ورواه مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار مرسلًا "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبدَ الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر قال: فجمعوا له حليًا من حلي نسائهم فقالوا: هذا لك وخفّف عنا وتجاوز في القسم فقال: يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأمَّا ما عرضتم من الرشوة فإنها السحت وإنا لا نأكلها. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض". ورواه مالك أيضًا عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيّب نحوه مختصرًا، ورواه أبو عبيد في الأموال وابن أبي شيبة في المصنف، واللفظ لأبي عبيد عن الشّعبي قال: "دفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر إلى أهلها بالنصف فبعث عبدَ الله بن رواحة ليخرص النخل فقال لهم ابن رواحة: جئتكم من عند رجل هو أحب إلي من نفسي ولأنتم أبغض إليّ من القِرَدة والخنازير فقالوا: كيف تعدل علينا وأنت هكذا؟ فقال: ليس يمنعني ذلك من العدل عليكم، قالوا: بهذا قامت السموات والأرض، قال: فخرص عليهم ثم جعله نصفين فخيرهم أن يأخذوا أيهما شاؤا. قال: فما زاد أحدهما على الآخر شيئًا. وأما غيره فروى الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: إنّما خرص ابن رواحة على أهل خيبر عامًا واحدًا فأصيب يوم مؤتة ثمّ إن جبار بن صخر بن خنسا كان يبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ابن رواحة فيخرص عليهم.

750 - قوله: "من باب المُزابنة المَنْهيّ عَنها". متفق عليه من حديث ابن عمر ويأتي ذلك في البيوع إن شاء الله تعالى. 751 - قوله: "لما روي أن عبدَ الله بنَ رواحَةَ كان إذا فرغ من الخِرْص قال: إِنْ شِئْتُم فَلَكُمْ وإِنْ شِئْتُمْ فَلِي". تقدّم. وهذا لفظ مرسل سعيد بن المسيّب عند مالك. 752 - حديث عائشة أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: "كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَبْعَثُ عَبْدَ اللهِ بنَ

رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرْ فَيخْرُص عليهم النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ". قال المصنّف: خرّجه أبو داود. قلت: هو صحيح. وكذلك أخرجه عبد الرزاق وأبو عبيد في الأموال وأحمد والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق ابن جريج قال: أخبرتُ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث ابن رواحة إلى اليهود فيخرص عليهم النْخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه ثمّ يخيّرون يهود أيأخذونه بذلك الخِرص أم يدفعونه إليهم بذلك. وإِنّما كان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخِرص لكي يحصي الزكاة قبل أن تؤكل الثمرة وتفرق". وإِسناده فيه جهالة؛ لأن ابن جريج قال: أخبرتُ عن ابن شهاب. وقد وقع عند الدارقطني من رواية محمد بن عبد الملك بن زنجويه عن عبد الرزاق ثنا ابن جريج عن الزهريّ، وهذا خطأ؛ فإنّ أحمد رواه عن عبد الرزاق فقال: ثنا ابن جريج قال: أخبرت، كما قال حجاج بن محمَّد وغيره عن ابن جريج ثمّ قال الدارقطني: رواه صالح بن أبي الأخضر

عن الزهريّ عن ابن المسيّب عن أبي هريرة، وأرسله مالك ومعمر وعقيل عن الزّهري عن سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. قلت: وهذا فيه نظر فإنّ مرسل سعيد بن المسيب غير هذا الحديث جزمًا، وابن شهاب عنده حديث خيبر على أوجه فرواه عن سعيد بن المسيب مرسلًا كما عند مالك في الموطأ، وقد يكون عنده عنه عن أبي هريرة كما قال صالح، وعنده الحديث أيضًا عن سليمان بن يسار بسياق آخر غير سياق سعيد بن المسيّب، بل هو بسياق جابر بن عبد الله أثبته كما سبق عند مالك أيضًا، وعنده الحديث عن عروة عن عائشة بذكر كلامها وفهمها في الحديث، فحمل الحديث على هذه الطرق وجعله حديثًا واحدًا خلطٌ غير مقبول وإِن فعله من قبله من الحفاظ كما سيأتي في الذي بعده ونقل الترمذي عن البخاري أنّه قال: حديث ابن جريج غير محفوظ. 753 - حديث عَتَّاب بن أسِيد قال: "أمَرَنِي رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ أخْرُصَ العِنَبَ وآخُذَ زَكَاتَه زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا". الشافعي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والدراقطني

والحاكم والبيهقي من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد به وله عندهم ألفاظ منها هذا، ومنها عند الدارقطني قال: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أخرص أعناب ثقيف خرص النخل ثمّ تؤدّى زكاته زبيبًا كما تؤدى زكاة النخل تمرًا". وسعيد بن المسيب لم يدرك عتاب بن أسيد لأنه ولد في خلافة عمر ومات عتّاب سنة ثلاث عشرة يوم مات أبو بكر - رضي الله عنه - ومع ذلك قال الترمذي: حسن غريب. وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وسألتُ البخاري عن هذا فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ وحديث سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أصحّ. قلت: ورواه ابن أبي شيبة في المصنف بصيغةٍ مرسلة فقال:

عن سعيد بن المسيّب "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر عتاب بن أسيد أن يخرص العنب كما يخرص النخل". الحديث. ورواه الدارقطني من طريق الواقدي عن عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن المِسْوَر بن مخرمة عن عتاب بن أسيد به. والواقدي فيه مقال، وقد انفرد بوصله. 754 - حديث سهل بن أبي حَثْمة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أبَا حَثْمَةَ خَارِصًا فَجاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إن أبَا حَثْمَةَ قَدْ زَادَ عَليَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إن ابنَ عَمِّكَ يَزْعُمُ أنكَ زِدْتَ عَلَيْه، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ تَرَكْتُ لَهُ قَدْرَ عَرِيَّةِ أهْلِهِ وَمَا يُطْعِمُهُ المَسَاكينَ وَمَا تُسْقِطُهُ الريحُ، فَقَالَ: قَدْ زَادَكَ ابنُ عَمِّكَ وَأنْصَفَكَ". الطبراني في الأوسط والدارقطني كلاهما من حديث محمَّد بن صدقة عن

محمَّد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه عن جده سهل بن أبي حثمة. وسنده ضعيف. 755 - حديث: "إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثلُثَ فَدَعُوا الربُعَ". ابن أبي شيبة وأبو عبيد في الأموال وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والطحاوي في معاني الآثار والحاكم والبيهقي من رواية عبد الرحمن بن مسعود بن نيار قال: "جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا فقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرصتم" وذكره. وقال الحاكم: صحيح الإِسناد.

756 - حديث جابر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خفّفوا في الخِرص فإِن في المال العرية والأكلة والوصية والعامل والنوائب وما وجب في التمر من الحق". ابن عبد البر من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر، ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن جرير بن حازم عن قيس بن سعد عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خفف عن الناس في الخِرص فإن [في] المال العرية والوصية، قال: العرية النخلة يرعها الرجل في حائط الرجل، والوصيَّة الرجل يوصي بالوصية للمساكين. ورواه أبو عبيد في الأموال عن يزيد عن جرير به عن مكحول قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث

الخُرّاصَ قال: "خفّفوا فإن في المال العريّة والوصية"، ثمّ أخرج عن الأوزاعي قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال: "خففوا على النّاس في الخِرص فإِن في المال العريّة والواطئة والأكلة". قال أبو عبيد: والواطئة هي السْابلة؛ سموا بذلك لوطئهم بلاد الثّمار مجتازين، والأكلة هم أرباب الثمار وأهلوهم ومن لصق بهم فكان معهم.

الفصل السادس: في نصاب العروض

الفصل السادس: في نصاب العروض

الجملة الرابعة: في وقت الزكاة

الجملة الرابعة: في وقت الزكاة 757 - حديث ابن عمر: "لَا زَكَاةَ في مال حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ". الدارقطني في السنن من حديث إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عمر عن

نافع عن ابن عمر به، ثمّ قال: رواه معتمر وغيره عن عبيد الله موقوفًا. ورواه الترمذي والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر به بلفظ "من استفاد مالًا فلا زكاة عليه حتّى يحول عليه الحول". ولفظ

الدارقطني "ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول". ثمّ رواه الترمذي

من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفًا وقال: هذا أصحّ من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم ضعيف في الحديث ضعّفه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وغيرهما من أهل الحديث وهو كثير الغلط، وقد روي عن غير واحدٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا زكاة في المال المستفاد حتّى يحول عليه الحول. قلت: وللحديث طريق ثالث عن ابن عمر مرفوعًا أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من حديث إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِي عن مالك عن نافع عن ابن عمر وقال: الصواب موقوف. وفي الباب عن علي وعائشة وأنس وأم سعد وسراء بنت نبهان.

فحديث علي تقدّم. وحديث عائشة رواه أبو عبيد في الأموال وابن ماجه وأبو الحسين بن بشران في الأول من فوائده والدارقطني والبيهقي كلّهم من حديث حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة به مرفوعًا بلفظ الترجمة وحارثة ضعيف.

وحديث أنس رواه الدارقطني من جهة حسّان بن سياه عن ثابت عنه مرفوعًا: "ليس في مال زكاة حتى يحولَ عليه الحول". وحسّان ضعيف. وحديث أم سعد الأنصارية رواه الطبراني في الكبير بلفظ "ليس على من استفاد مالًا زكاة حتى يحول عليه الحول". وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف أيضًا.

وحديث سراء بنت نبهان رواه الطبراني في الكبير أيضًا مطوّلًا في قصّة الكنز وفيه معنى حديث الباب، وسنده ضعيف أيضًا إلا أن مجموع هذه الأحاديث مع حديث

علي الذي هو حسن يصل إلى درجة الصحيح المعمول به لاسيّما مع تواتر ذلك عن الصّحابة كما قال أبو عبيد في الأموال: قد تواترت الآثار عن علية أصحاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا ثمّ أسند ذلك عن علي وابن عمر وأبي بكر وعثمان وابن مسعود وطارق بن شهاب، وفي مصنف ابن أبي شيبة زيادة أبي بكرة وعائشة وبعض ذلك في الموطأ كأثر ابن عمر وعثمان. 758 - حديث عليّ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْلَفَ صَدَتَةَ العَباسِ قَبْلَ مَحِلِّها". سعيد بن منصور في سننه وأبو عبيد في الأموال وابن سعد في الطبقات

الجملة الخامسة: فيمن تجب له الصدقة

الجملة الخامسة: فيمن تجب له الصدقة وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي كلهم من طريق إسماعيل بن زكريا عن الحجّاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي "أن العبّاس سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل الصدقة قبل أن تحلّ فرخص له في ذلك". وقال البيهقي: هذا حديث مختلف فيه عن الحكم عن عتيبة، فرواه إسماعيل بن زكريا عن حجاج عن الحكم هذا، وخالفه إسرائيل عن حجاج فقال: عن الحكم عن حجر العدوي عن علي وخالفه في لفظه فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "إنّا قد أخذنا من العباس زكاة عام الأول". ورواه محمَّد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس في قصة عمر والعباس، ورواه الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة، ورواه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا أنه قال لعمر - رضي الله عنه - في هذه القصّة: "إنا كُنا قد تعجلنا صدقة مال العباس لعامنا هذا عام أوّل". وهذا هو الأصح من هذه الروايات. قلت: لكن رواية إسرائيل عن حجاج ليس عن الحكم بن عتيبة بل عن الحكم بن جَحْل، ورواه حفص بن غياث عن الحكم مرسلًا ورواه يزيد بن هارون عن

حجاج بن أرطاة عن الحكم مرسلًا أيضًا، وكذلك رواه أبو إسرائيل عن الحكم. فأمّا رواية إسرائيل فخرّجها الترمذي والدارقطني كلاهما من طريق إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن جَحْل عن حجر العدوي عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال لعمر: "إنّا قد أخذنا من العبّاس زكاة العام عام الأول. وقال الترمذي: حديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندي أصحّ من حديث إسرائيل عن الحجاج. وأمّا رواية محمَّد بن عبيد الله فخرّجها الدارقطني من رواية النُّعمان بن عبد السلام عنه عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر ساعيًا فأتى العبّاسَ يطلبُ صدَقَة ماله فأغلظ له العباس فخرج إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن العبّاس قد أسلفنا زكاة ماله العام والعام المقبل". ومحمد بن عبيد الله العرزمي ضعيف. وقد وقع للحافظ في التلخيص في الكلام على هذا الحديث وهم غريب فقال: "ورواه الدارقطني من حديث العرزمي، ومندل بن علي عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس في هذه القصة وهما ضعيفان". فأفاد أنّ مندل بن علي تابع محمَّد بن عبيد الله على روايته عن الحكم، وليس كذلك؛ فإنّ الدارقطني رواه من طريق أبي خراسان محمَّد بن أحمد بن السكن ثنا موسى بن داود ثنا مندل بن علي عن عبيد الله بن عمر عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عمر على الصّدقة فرجع وهو يشكو العباس فقال: إنّه منعني صدقته. فقال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه؟ إنّ العباس أسلفنا صدقة عامين في عام". قال الدارقطني: كذا قال عبيد الله بن عمر، وإنما أراد محمَّد بن عبيد الله. والله أعلم. فإن كان كما قال الدارقطني فلا متابعة لأن مندل بن علي رواه عن العرزمي، وإن كان هناك راو اسمه عبيد الله بن عمر فمندل لم يروه عن الحكم بل عنه عن الحكم. وأمّا رواية الحسن بن عمارة فأخرجها البزار وأبو يعلى والدارقطني كلّهم من روايته عن الحكم عن موسى بن طلحة أنَّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عمر أما علمتَ أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه؟ إنّا كنّا احتجنا إلى مال فتعجّلنا من العبّاس صدقة ماله لسنتين". لفظ الدارقطني. والحسن بن عمارة متروك. وأمّا رواية هشيم فقال أبو عبيد في الأموال عقب رواية حجاج بن أرطاة عن الحكم المرسلة الآتية: كان هشيم يزيد في إسناد هذا الحديث: عن منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم حدثت بذلك عنه ولا أحفظه منه. وقال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديث هشيم أصحّ. وقال الدارقطني: اختلفوا عن الحكم في إسناد هذا الحديث وِالصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل. وهكذا ذكره البيهقي أيضًا كما سبق، ولم يسنده واحد منهم.

وأمَا رواية الحكم المرسلة فقال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث ساعيًا على الصدقة فأتى العباس يستسلفه فقال له العبّاس: إنّي أسلفت صدقة مالي سنتين فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدق عمّي". وقال أبو عبيد في الأموال وابن سعد في الطبقات كلاهما: ثنا يزيد بن هارون عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة فأتى العباس يسأله صدقة ماله فقال: قد عجّلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقةَ سنتين فرفعه عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدق عمي قد تعجلنا منه صدقة سنتين". وقال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين ثنا أبو إسرائيل عن الحكم به نحوه، بل مثله. وقد روي الحديث عن علي من وجه آخر أخرجه البيهقي من طريق الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي بالقصة ثمّ قال: وفي هذا إرسال بين أبي البختري وعليّ - رضي الله عنه -. وقال الحافظ رجاله ثقات إلَّا أنَّ فيه انقطاعًا وفي الباب عن أبي رافع وابن مسعود ويزيد أبي خالد مرسلًا. فحديث أبي رافع رواه الدارقطني والطبراني في الأوسط من رواية إسماعيل المكي عن سليمان الأحول عن أبي رافع بالقصّة وفيه: "إن العباس أسلفنا صدقة العام عام الأول". وإِسماعيل المكيّ فيه مقال.

وحديث ابن مسعود رواه البزّار والطبراني في الأوسط والكبير من رواية محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجل من العبّاس صدقة عامين. ومحمد بن ذكوان فيه مقال أيضًا. وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني يزيد أبو خالد قال: "قال عمر للعباس: أدِّ زكاة مالك. فقال العباس: قد أديتُها قبل ذلك. فذكر عمر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق". فهذه الطرق المتعددة تثبت أن للحديث أصلًا مهما كان فيها من علّة أو إرسال أو انقطاع.

الفصل الأول: في عدد الأصناف الذين تجب لهم الزكاة

الفصل الأول: في عدد الأصناف الذين تجب لهم الزكاة

759 - حديث الصُّدائي: "أنَّ رَجُلًا سَألَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الصدقَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الله لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبيٍّ وَلَا غَيْرِهِ في الصدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا فَجَزأهَا ثَمَانِيَةَ أجْزَاء، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأجْزَاءِ أعْطَيْتُكَ حَقكَ". قال المصنّف: رواه أبو داود. قلت: صحيح، وكذلك رواه الطحاوي والبيهقي كلهم من رواية عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن زياد بن نعيم أنه سمع زياد بن الحارث الصُّدائي قال: "أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعته. وذكر حديثًا، فأتاه رجل فقال: أعطني من الصّدقة. فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - .. وذكره". لفظ أبي داود. ولفظ الطحاوي: عن زياد بن الحارث قال: "أمَّرَنِي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على قومي، فقلتُ: يا رسول الله أعطني من صدقاتهم ففعل، وكتب لي بذلك كتابًا. فأتاه رجلٌ فقال: يا رسولَ الله أعطني من الصّدقة فقال: إن الله -عزَ وجل- لم يرضَ" وذكره. ولفظ البيهقي

"أتيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فذكر الحديث إلى أن قال: ثمّ أتاه آخر فقال: يا نبيّ الله أعطني. فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: من سأل الناس عن ظهر غنى فصُداعٌ في الرأس وداءٌ في البطن. فقال السّائل: فأعطني من الصّدقة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- لم يرضَ. ." الحديث مثله. وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم فيه مقال.

الفصل الثاني: في الصفة التي تقتضي صرفها لهم

الفصل الثاني: في الصفة التي تقتضي صرفها لهم 760 - حديث: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا خَمْسَة: لِغَازٍ في سَبِيلِ اللهِ، أوْ لِعَامِلٍ عَلَيها، أوْ لِغِارِمٍ، أوْ لِرَجُل اشتَرَاهَا بِمَالِهِ، أوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارَ مِسْكِين فَتَصَدَّقَ عَلَى المِسْكينِ فأهدى المِسْكِينُ لِلْغَنيِّ".

مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا بهذا اللفظ. ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود والدراقطني والحاكم كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر. زاد الدارقطني: والثوري، كلاهما عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخُدْريّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه أبو داود من طريق مالك

كما سبق عنه ثمّ قال: ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك. ورواه الثوري عن زيد قال: حدّثني الثبتُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وكان للثوري فيه قولان، والله أعلم. وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين. 761 - حديث معاذ وفيه: "فَأخْبِرْهُمْ أن الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ صدقةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ وَتُرد عَلَى فُقَرَائِهِم". تقدّم أوّل الباب.

762 - قوله: (وقد روى أبو داود في حديث الغِنَى الذي يَمْنَعُ الصَّدقَةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه مِلْكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا). قلت: هو كذلك. وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والحاكم وأبو نُعَيْم في الحلية والخطيب في التاريخ من أوجه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سألَ وله ما يغنيه جاء يوم القيامة خموشٌ أو خُدوشٌ أو كُدوم في وجهه، فقيل يا رسول الله ما الغِنَى؟ قال: خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب". حسنه الترمذي وصحّحه الحاكم وتكلّم بعض الحفاظ في بعض طرقه ولكنه بمجموع طرقه صحيح جزمًا إن شاء الله.

763 - قوله: (وفي أثَرٍ آخَرَ أنهُ أوقِيْة وَهُوَ أربَعُونَ دِرْهَمًا). أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبي الرّجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أبي سعيد الخدري قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، "مَنْ سألَ وله قيمة أوقية فقد ألحف، فقلت: ناقتي الياقوتة خير من أربعين درهمًا فرجعت ولم أسأله وكانت الأوقية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين درهمًا". وعبد الرحمن بن أبي الرجال ثقة إلَّا أنه يهم. وقد روى مالك في الموطأ هذا المتن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد فذكر الحديث. وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من سأل منكم وله أوقية أو عِدْلُها فقد سأل

إلحافًا". قال الأسديّ: فقلت: للقحة لنا خيرٌ من أوقية. قال مالك: والأوقية أربعون درهمًا. ومن طريق مالك رواه أبو داود والنَّسائي والطحاوي. وروى النسائي من طريق داود بن شابور عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله أربعون درهمًا فهو الملحف". وقال الطبراني: حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ثنا أبي ثنا بكر بن عياش عن هشام بن حسان عن محمّد بن سيرين قال: بلغ الحارث رجلًا كان بالشام من قريش أن أبا ذرٍّ به عوز فبعث إليه بثلاثمائة دينار، فقال أبو ذرّ: ما وجد عبدًا لله تعالى هو أهون عليه مني؟ سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من سأل وله أربعون درهمًا فقد ألحف ولآل أبي ذر أربعون درهمًا وأربعون شاة وماهِنان".

الفصل الثالث: كم يجب لهم

الفصل الثالث: كم يجب لهم

9 - كتاب زكاة الفطر

9 - كتاب زكاة الفطر

الفصل الأول: في معرفة حكمها

الفصل الأول: في معرفة حكمها كتاب زكاة الفطر 764 - حديث عبد الله بن عمر قال: "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْر على النَّاسِ مِنْ رَمَضَانَ صاعًا من تمر أو صَاعًا من شَعير على كل حر أو عَبْدٍ ذَكَر أو أنْثى مِنَ المُسْلِمِينَ".

مالك والشافعي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي والخطيب في التاريخ وغيرهم ويأتي قريبًا الكلام على قوله فيه: من المسلمين. 765 - قوله: (وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الأعرابي المشهور. "وذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة فقال هَلْ عليَّ غيرُها؟ قال: لا إلَّا أنْ تطوعَ").

تقدم أول الصلاة. 766 - حديث قيس بن سعد بن عبادة: "كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُنا بِها قبْلَ نُزُول الزّكاة فلمّا نَزَلَت آيةُ الزكاة لَمْ نُؤْمَرْ بِها وَلَمْ نُنْهَ عَنْهَا وَنَحْنُ نَفْعَلُه". النسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي من حديث سلمة بن كهيل عن القاسم بن مخيمرة عن أبي عمار الهمداني عن قيس بن سعدية. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه النسائي من طريق الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة فقال: عن عمرو بن شرحبيل عن قيس بن سعد به ثم قال النسائي: وسلمة بن كهيل خالف الحكم في إسناده، والحكم أثبت من سلمة بن كهيل، قلت: وكلا السندين رجاله ثقات معروفون فلا أدري لقول الحافظ في الفتح أن في إسناده راويًا مجهولًا وجهًا، بل هو وهم أوجبه تقليده لغيره وعدم مراجعته سند الحديث في سنن النسائي الذي اقتصر على عزو الحديث إليه فإِنه قال: وتعقب بأنّ في سنده راويًا مجهولًا إلخ فهو ناقل عن الغير لا قائل لكنه أقر على ذلك فوهم.

الفصل الثاني: فيمن تجب عليه وعمن تجب

الفصل الثاني: فيمن تجب عليه وعمن تجب

767 - حديث "أدوا زَكاةَ الفِطْر عَنْ كُل مَنْ تَمونون". الدارقطني ومن طريقه البيهقي من طريق القاسم بن عبد الله بن عامر بن

زرارة ثنا عمير بن عمار الهمداني ثنا الأبيض بن الأغر حدثني الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون" قال الدارقطني: ورفعه القاسم وليس بقوي والصواب موقوف. ثم أخرجه من طريق حفص بن غياث قال: سمعت عدة منهم الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعطي صدقه الفطر عن جميع أهله صغيرهم وكبيرهم عمن يعول وعن رقيقه وعن رقيق نسائه. وقال الشافعي: أنبأنا إبراهيم بن محمَّد عن جعفر بن محمَّد عن أبيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر عن الحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون" ورواه البيهقي من طريقه ثم أخرجه من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن علي به. وهو منقطع ورواه الدارقطني من طريق إسماعيل بن همام، حدثني علي بن موسى الرضى عن أبيه عن جده عن آبائه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى ممن تمونون. قال الزيلعي في نصب الراية: وهو مرسل فإِن جد عليّ بن موسى هو جعفر الصادق وهو لم يدرك الصحابة. وهذه غفلة من الزيلعي فإنه قال: عن آبائه يعني مسلسلًا عن أبيه محمَّد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي -عليهم السلام- كما هو الشأن في هذا الإسناد وأيضًا فإنه عزاه للدارقطني ثم البيهقي والواقع أن البيهقي ذكره ولم يخرجه.

وأقبح من هذا أنه أعله بجعفر الصادق، ونقل كلامًا لابن حبان فحرفه تحريفًا شنيعًا يكاد يسقط الثقة من تصرفاته في أنقاله. 768 - قوله: (والسَّبَبُ في ذلك اختلافُهُم في الزيَادةِ الوَارِدةِ بذلك في حديث ابن عمر وهو قوله مِنَ المسْلمِين، فإِنه قَدْ خُولِفَ فِيها نافع يكون ابن عمر أيضًا الذي هو راوي الحديث، من مذهبه إِخراجُ الزكاةِ عن العبيد الكُفار). قلت: نسبة المخالفة لنافع باطلة من وجهين، أحدهما: أنّ نافعًا هو الذي روى أيضًا عن ابن عمر أنه كان يخرج الزكاة عن عبيده الكفار كما في سنن الدارقطني وغيره. ثانيهما: أن قوله في الحديث "من المسلمين" لم تتفق الرواة عنه على ذكره، بل زعم كثير من الحفاظ أن مالكًا انفرد بها عنه مخالفًا بذكرها سائر أصحاب نافع وان كان الواقع خلافه فقد تابعه على ذكرها جماعة منهم عمر بن نافع عند البخاري

والنسائي والدارقطني والبيهقي ومنهم الضحاك بن عثمان عند مسلم والدارقطني والبيهقي ومنهم كثير بن فرقد عند الطحاوي والدارقطني والبيهقي ومنهم يونس بن يزيد عند الطحاوي ومنهم عبد الله بن عمر العمري عند الدارقطني والبيهقي ومنهم عبيد الله بن عمر المصغّر في رواية سعيد بن عبد الرحمن عنه عند أحمد وابن الجارود والحاكم والدارقطني والبيهقي

وإن كان المشهور عنه عدم ذكرها ومنهم المعلى بن إسماعيل وابن أبي ليلى وكلاهما عند الدارقطني ومنهم غير هؤلاء كأيوب في بعض الروايات عنه وإن كان المشهور عنه أيضًا عدم ذكرها وقد خرج روايته المذكورة ابن خزيمة في صحيحه على ما عزي إليه.

الفصل الثالث: كم تجب عليه ومماذا تجب

الفصل الثالث: كم تجب عليه ومماذا تجب 769 - حديث أبي سعيد الخدري قال: "كُنّا نُخْرجُ زَكَاةَ الفِطر في عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا مِنْ طَعَام أو صَاعًا من شَعِيرٍ أو صاعًا من أقْط أو صاعًا من تمر".

مالك وابن أبي شيبة وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي بألفاظ متعددة وأكثرهم بزيادة: أو صاعًا من زبيب كما ذكره المصنف بعد هذا الحديث. 770 - قوله: (لثبوت ذلك من حديث ابن عمر).

تقدم. 771 - حديث الزهريّ عن ابن أبي صُعَيْر عن أبيه "أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال في صَدَقَةِ الفِطْر صاعٌ من بُرّ بين اثنَينِ أوْ صَاعٌ من شَعير أو تَمْرٍ عَنْ كل واحد" قال ابن رشد خرجه أبو داود. قلت: وكذا أحمد والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي من

طرق عن الزهريّ إلا أنهم اختلفوا عليه فيه قال الدارقطني في العلل: هذا حديث اختلف في سنده ومتنه، أما سنده فرواه الزهريّ واختلف عليه فيه فرواه النعمان بن راشد عنه عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه، ورواه بكر بن وائل عن الزهريّ عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير، وقيل عن ابن عيينة عن الزهريّ عن ابن أبي صعير عن أبي هريرة، وقيل عن سفيان بن حسين عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وقيل عن عقيل ويونس عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب مرسلًا ورواه معمر عن الزهريّ عن الأعرج عن أبي هريرة. وأما الاختلاف في متنه وفي حديث سفيان بن حسين عن الزهري: صاع من قمح، وكذلك في حديث النعمان بن راشد عن الزهريّ عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه: صاع من قمح عن كل إنسان، وفي حديث الباقين نصف صاع من قمح، وأصحها عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب مرسلًا. وقال البيهقي في السنن بعد أن رواه من طريق مسدد عن حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهريّ عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه، ثم رواه من طريق أبي داود عن مسدد وسليمان بن داود العتكي كلاهما عن حماد فذكر الحديث وقال في رواية سليمان بن داود: عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه. قال: وروى ذلك عن بكر بن وائل الكوفي عن الزهريّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه وقيل عنه ثعلبة بن عبد الله أو عبد الله بن ثعلبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وقيل عنه في ذلك "عن كل رأس" وكذلك في حديث النعمان بن راشد وقيل: في القمح خاصة عن كل اثنين فالله أعلم. قال: ورواه ابن جريج قال: قال الزهريّ: قال عبد الله بن ثعلبة: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره وقال في القمح بين اثنين وخالفهم معمر فرواه عن الزهريّ عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا عليه ثم قال: بلغني أن الزهريّ كان يرفعه قال فقال محمَّد بن يحيى الذهلي في كتاب العلل: إنما هو عبد الله بن ثعلبة وإنما هو عن كل رأس أو كل إنسان هكذا رواية بكر بن وائل لم يقم هذا الحديث غيره. قد أصاب الإِسناد والمتن ورواه يعني الذهلي، عن أبي سلمة عن همام عن بكر بن وائل. ثم أخرج البيهقي آثارًا في

الباب ثم قال: قال الشافعي: حدث مُدّين خطأ. قال البيهقي: وهو كما قال فالأخبار الثابتة تدل على أنّ التعديل بمدين كان بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروينا في جواز نصف صاع من بر في صدقة الفطر عن أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وفي إحدى الروايتين عن عليّ وابن عباس -رضي الله عنهم-. قال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن أبي بكر وعثمان. قال البيهقي: هو عن أبي بكر منقطع وعن عثمان موصول قال: وقد وردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاع من برّ ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شيء من ذلك. وقد بينت علة كل واحد منها في الخلافيات وروينا في حديث أبي سعيد الخدري وفي الحديث الثابت عن ابن عمر أن تعديل مدين من بر وهو نصف صاع بصاع من شعير وقع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. ونقل ابن عبد الهادي عن مهنا قال: ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صُعير في صدقة الفطر فقال: ليس بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهريّ مرسلًا قلت: من قبل من هذا؟ قال: من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوي في الحديث. وضعف حديث ابن أبي صعير. وسألته عن ابن أبي صُعير أهو معروف؟ فقال: ومن يعرف ابن أبي صعير ليس هو بمعروف. 772 - حديث ابن المسيب قال: "كَانْتَ صَدَقَةُ الفِطْر عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نِصْفَ صاع مِن حِنْطة أوْ صَاعًا من شَعيرٍ أوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ". سعيد بن منصور في السنن وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود في

المراسيل والطحاوي في معاني الآثار والبيهقي في السنن وقال ابن عبد الهادي: إنه مرسل صحيح.

الفصل الرابع: متى تجب زكاة الفطر

الفصل الرابع: متى تجب زكاة الفطر 773 - حديث ابن عمر: "فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْر". تقدم.

الفصل الخامس: من تجوز له

الفصل الخامس: من تجوز له 774 - حديث: "أغْنُوهُم عَنِ السُّؤَالِ في هَذا اليوم". الدارقطني والحاكم في النوع الحادي والثلاثين من علوم الحديث والبيهقي كلهم من حديث أبي معشر عن نافع عن ابن عمر قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من شعير أو صاعًا من قمح وكان يأمر أن نخرجها قبل الصلاة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

يقسمها قبل أن ننصرف من المصلي ويقول أغنوهم عن طواف هذا اليوم وقال البيهقي: أبو معشر هذا هو نجيح السندي المديني غيره أوثق منه. 775 - حديث: "صَدَقَة تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيائِهم وَتُرَدُّ على فُقَرَائِهِم". تقدم أول الزكاة.

10 - كتاب الصيام

10 - كتاب الصيام

كتاب الصيام الأول وهو في الصوم الواجب

كتاب الصيام الأول وهو في الصوم الواجب النظر في الصوم الواجب ينقسم إلى قسمين: أحدهما في الصوم والأخر في الفطر القسم الأول: في الصوم وفيه جملتان: الجملة الأولى: معرفة أنواع الصيام الواجب

الجملة الثانية: معرفة أركان الصيام الواجب

الجملة الثانية: معرفة أركان الصيام الواجب 776 - حديث: "بُنِيَ الإسْلامُ على خَمْسٍ". وحديث: "الأعرابي الذي فيه: وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ قال: هَلْ عَليَّ غَيْرُه؟ قال: لا إلَّا أن تَطوعَ".

تقدما. 777 - حديث: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ". الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي وابن

الجارود والدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة بزيادة "فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين" وفي لفظ "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". وفي الباب عن جماعة منهم ابن عمر وابن عباس الآتي حديثهما. 778 - حديث: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأفْطِرُوا لِرُؤْيتهِ فَإِنْ غُم عَلَيْكُم فاقدُرُوا له". مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر رمضان فقال "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان غمّ عليكم فاقدروا له". ومن طريق مالك

رواه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني والبيهقي. ورواه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي كلهم من حديث ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إِذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإِن غمّ عليكم فاقدروا له".

779 - حديث ابن عباس: "فإِنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَأكمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثين". الطيالسي وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي

والنسائي وابن الجارود والدارقطني والبيهقي وغيرهم من أوجه عنه قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا ولفظ مسلم "إن الله قد أمدّه لرؤيته فإِن أغمي

عليكم فأكملوا العدة" وله عندهم ألفاظ أخرى. 780 - حديث عبد الرحمن بن زايد بن الخطاب أنه خَطَبَ النَّاسَ في اليَوم الذي يُشَكُّ فيه فقال إني جَالَسْتُ أصحابَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وسَاءلْتُهم وإنهم حَدثُوني أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صُوموا لِرُؤْيَتهِ وأفْطرُوا لِرُؤْيَتهِ فإن غُمَّ عَلَيْكُم فأتموا ثلاثين فإنْ شَهِد شَاهدانِ فَصومُوا وأفطِروا". قال المصنف خرجه أبو داود. قلت: أبو داود لم يسم عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بل وقع في روايته أنه الحارث بن حاطب وذلك أنه رواه من طريق ابن مالك الأشجعي ثنا حسين بن الحارث الجدلي "أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد الينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما. فسألت الحسين بن الحارث من أمير مكة؟ فقال: لا أدري. ثم لقيني بعد فقال: هو الحارس بن حاطب أخو محمَّد بن حاطب. أما الحديث الذي ذكره المصنف فرواه أحمد والحارث بن أبي أسامة في

مسنديهما والنسائي في سننه من طريق ابن أبي زايدة وحجاج عن حسين بن الحارث أيضًا عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب النّاس في اليوم الذي يشك فيه فذكره بمثل ما ساق ابن رشد ولفظه للنسائي. 781 - حديث ابن عباس قال: (جاء أعْرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبصرتُ الهِلالَ الليلَةَ فقال: أتَشْهَدُ أنَّ لَا إله إلَّا الله وأن محمدًا عَبْدُهُ ورسوُلُه؟ قَالَ نَعم قال يا بلال أذِّنْ في النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غدًا". قال المصنف: خرجه الترمذي قال: وفي إسناده خلاف؛ لأنه رواه جماعة مرسلًا. قلت وكذلك رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وابن

الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي وآخرون من رواية جماعة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به. وقال الحاكم: صحيح. وكذا صححه ابن خزيمة وابن حبان. وقال الترمذي بعد أن أخرجه من طريق الوليد بن أبي ثور ومن طريق زائدة عن سماك: هذا حديث فيه اختلاف وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك بن حرب عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وأكثر أصحاب سماك رووه كذلك مرسلًا. قلت: قد رواه مسندًا جماعة من أصحاب سماك وتابعهم حماد بن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس وإن اختلف عليه أيضًا كما اختلف على سفيان فالحديث صحيح مسندًا. ومن أرسله فقد فعل ذلك اختصارًا أو وهمًا والحكم لمن أوصل. 782 - حديث ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (اخْتَلَفَ

النَّاسُ في آخِر يومٍ مَنْ رَمَضان فَقَدِمَ أعْرَابيانِ فَشَهِدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهلّا الهلال أمْس عشيةً فأمر رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الناسَ أن يُفْطِروا وأنْ يَغْدُوا إلى المُصَلّى" قال المصنف: خرجه أبو داود.

قلت: وسبق في صلاة العيدين.

783 - حديث كُرَيْب: "أن أَمَّ الفَضْل بنت الحارث بَعَثَتْه إلى مُعاوية بالشام فَقَضَيْتُ حَاجَتَها واسْتَهل على رمضانُ وأنا بالشام فرأيتُ الهِلَالَ ليلة الجُمُعة ثم قَدِمتُ المَدينَةَ في آخر الشهر فَسَألَني عبدُ الله بنُ عباس ثم ذَكَرَ الهلال فقال: متى رأيتُم الهلال؟ فقلت: رَأيْتُه ليلةَ الجُمُعة فقال: أنت رأيَته؟ فَقُلْتُ نعم وَرَآه النَّاسُ وَصاموا وصام مُعاوية. فقال: لَكنا رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السبتِ فلا نزال نصوم حتى نُكْمل ثلاثين يومًا أو نَرَاه" الحديث. قال المصنف: رواه مسلم.

قلت: وكذا أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وجماعة وقد تكلمت على إبطال الاحتجاج به من وجوه متعددة في كتاب توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإِفطار .. 784 - قوله: (فقال الجمهور هو طلوع الفجر الثاني المستطير الأبيض لثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني

والبيهقي وجماعة من حديث سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا" يعني معترضًا. وفي الباب عن جماعة. 785 - حديث زر عن حذيفة قال: "تَسَحَّرْتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لو أشَاءُ أن أقولَ هُو النَّهارُ إِلَّا أن الشَمس لم تَطْلُع". أحمد والنسائي وابن ماجة والطحاوي والحازمي في الاعتبار من

رواية عاصم بن بهدلة عن زر قال: "قلنا لحذيفة أي ساعة تسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع ولفظ الطحاوي عن زر قال: تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد فمررت بمنزل حذيفة فدخلت عليه فأمر بلقحة فحلبت وبقدر فسخنت ثم قال: كل فقلت: إني أريد الصوم قال وأنا أريد الصوم. قال: فأكلنا ثم شربنا ثم أتينا المسجد فأقيمت الصلاة. قال: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت بعد الصبح؟ قال: بعد الصبح غير أن الشمس لم تطلع" قال: الطحاوي: وقد يحتمل حذيفة عندنا أنه كان قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} وقال الحازمي: أجمع أهل العلم على ترك العمل بهذا الخبر. 786 - قيس بن طلق عن أبيه: "كُلُوا واشْربُوا ولا يُهيدنكم الساطِعُ المُصعد فكُلوا واشْرَبُوا حتى يعرض لكم الأحمر". قال المصنف: خرجه أبو داود وقال: هذه سنة تفرد بها أهل اليمامة.

قلت: وأخرجه أيضًا الترمذي وقال حسن غريب والطحاوي والدارقطني وقال: "لا يغرنكم بدل يهيدنكم ثم قال: قيس ليس بقوي: قلت: وقوله يهيدنكم هو بكسر الهاء بعدها ياء ساكنة ثم دال مفتوحة أي يزجركم ويمنعكم.

787 - حديث: "وكُلُوا واشْرَبُوا حتى يُنادي ابنُ أم مكتوم فإنه لا يُنَادي حتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ". قال المصنف هو في كتاب البخاري أظنه في بعض رواياته. قلت: بل هو فيه على سائر رواياته وقد ذكره في عدة أبواب. وكذا هو عند مسلم وغيره كما سبق في كتاب الأذان من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". قال: وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت.

788 - حديث عائشة وأم سلمة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَان يُقَبِّلَ وهُو صائمٌ". متفق عليهما معًا وله عندهما ألفاظ منها: عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه". وعن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت: "بينما أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخميلة إِذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فقال: مالك؟ أنفست؟ قلت: نعم. فدخلت معه في الخميلة وكانت هي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسلان من إناء واحد. وكان يقبلها وهو صائم". لفظ البخاري. ورواه مسلم من حديث عمر بن أبي سلمة "أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيقبل الصائم فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سل هذه لأم سلمة فأخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أما والله أني

لأتقاكم لله وأخشاكم له". وروى مسلم أيضًا من حديث حفصة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم". 789 - حديث ميمونة بنت سعد قالت: "سُئِلَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القُبلةِ للصائِم فقال: أفْطَرَا جَميعًا". قال المصنف: خرجه الطحاوي ولكن ضعفه. قلت: وكذا أخرجه أحمد وابن ماجه كلهم من رواية زيد بن جبير عن أبي يزيد الضِنّي عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - به. وأبو زيد الضِني بكسر الضاد

وآخره نون مجهول منكر الحديث والحديث في نقدي باطل ولابد. 790 - حديث ثوبان وحديث رافع بن خديج "أفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُوم" قال ابن رشد: وحديث ثوبان كان أحمد يصححه. أما حديث ثوبان فأخرجه أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والنسائي في الكبرى وابن ماجه والحاكم والبيهقي والخرقي في فوائده والثقفي في الثقفيات وجماعة. وأما حديث رافع بن خديج فرواه أحمد

والترمذي والحاكم والبيهقي وجماعة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قال وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج وذكر عن علي بن عبد الله أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس. قلت وفي الباب عن نحو سبعة عشر صحابيًا مع اختلاف في أسانيد بعضهم. وفي صحيح البخاري عن الحسن عن غير واحد مرفوعًا "أفطر الحاجم والمحجوم" وحكى علي بن المديني أن يونس رواه عن الحسن عن أبي هريرة ورواه قتادة عن الحسن بن ثوبان ورواه عطاء بن السائب عن الحسن عن معقل بن يسار ورواه مطر عن الحسن عن علي ورواه أشعث عن الحسن عن أسامة وأطال البخاري في بيان الاختلاف فيه في التاريخ الكبير في باب ثور ومع هذا عده الحافظ السيوطي من المتواتر اغترارًا بظاهر عدد الصحابة الراوين له وكثرتهم بما فوق العشرة. 791 - حديث عكرمة عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهُوَ صائِم".

البخاري وأبو داود والترمذي والبيهقي وجماعة. ورواه النسائي وابن ماجه من غير طريق عكرمة وزاد بعضهم وهو صائم محرم. وقال بعضهم: وهو محرم فقط وقال بعضهم وهي رواية للبخاري: احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم وهي

بعيدة عن الإشكال الوارد على رواية احتجم وهو صائم محرم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محرمًا في وقت الصيام أعني في رمضان وأكثر ما يأتي الإِشكال في الحديث من تطرف الرواة واختصارهم للمتون مع عدم معرفتهم بطرق ذلك. 792 - حديث أبي الدرداء: "أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قاءَ فَأفْطَر" قال معدان "فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر فقال: صدق أنا صببت له وضوءه" قال: وحديث ثوبان هذا صححه الترمذي. قلت: الترمذي إنما قال: هو أصح شيء في هذا الباب وبين العبارتين فرق

وقد تقدم عزوه في نواقض الوضوء. 793 - حديث أبي هريرة: "مَنْ ذَرَعَهُ القيءُ وهو صَائِم فليس عَلَيْه قَضَاء وإِنْ استَقَاءَ فَعَلَيْهِ القَضَاء". قال ابن رشد: خرجه الترمذي وأبو داود. قلت: وكذا أحمد والدارمي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي وحسّنه الترمذي وصحّحه

الحاكم على شرط الشيخين. وقال الدارقطني: رواته ثقات كلهم ونقل أبو داود عن أحمد أنه قال: "ليس من ذا شيء" كأنه أنكره. ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: لا أراه محفوظًا وهو بحسب الظاهر كلام غير مقبول منهما لأن رجال الإِسناد ثقات وليس فيه علة توجب رده.

794 - حديث حفصة: "مَنْ لَمْ يُبيتَ الصِّيَامَ مِنَ اللّيْل فَلَا صيامَ لَه". قال ابن رشد: خرّجه البخاري ورواه مالك موقوفًا. وقال أبو عمر بقي إسناده اضطراب. قلت: لم يخرجه البخاري في الصحيح وقد أخرجه في التاريخ الصغير وبيَّن اضطرابه وكان ابن رشد رأى أبا عمر بن عبد البر عزاه للبخاري في التاريخ فزاغ بصره عن التاريخ أو ذكره هو أيضًا وسقط من النسخة وإِنما أخرجه أحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي

والخطيب في التاريخ والحاكم في الأربعين. أما الاضطراب الواقع فيه فإِن الحديث رواه الزهريّ واختلف عليه في رفعه ووقفه فرواه ابن جريج عنه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه النسائي والبيهقي كلاهما من طريق عبد الرّزاق عن ابن جريج وتابعه على رفعه عبد الله ابن أبي بكر بن حزم عن الزهري إلا أنه اختلف عليه في إسناده فرواه ابن وهب عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب كلاهما عنه عن الزهريّ عن سالم عن أبيه عن حفصة كما قال ابن جريج أخرجه أبو داود والطحاوي والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق ابن وهب. وهكذا رواه البخاري في التاريخ الصغير والترمذي والبيهقي من طريق ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب وحده. وكذلك رواه النسائي من طريق أشهب عن

يحيى أيضًا. وكذلك رواه الطحاوي من طريق عبد الله بن صالح عن الليث عن يحيى بن أيوب. والنسائي من طريق عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده. ورواه سعيد بن شرحبيل عن الليث فقال: عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم عن أبيه عن حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة الزهريّ أخرجه الدارمي والنسائي وكذلك رواه إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم أخرجه ابن ماجه والدارقطني وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذه الطريق والتي قبلها أيهما أصح؟ فقال: لا أدري، لأن عبد الله بن أبي بكر قد أدرك سالمًا روى عنه ولا أدري هذا الحديث مما سمع من سالم أو سمعه من الزهريّ عن سالم. قلت: رواه حسن بن موسى عن ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهريّ عن سالم عن حفصة بدون ذكر عبد الله بن عمر أخرجه أحمد في مسنده عن حسن بن موسى والجادة رواية الزهريّ عن سالم عن أبيه عن حفصة ثم إن أكثر أصحاب الزهريّ خالفوا ابن جريج وعبد الله بن أبي بكر فرووه عن الزهريّ موقوفًا ثم اختلفوا عليه في إسناده فقال عبيد الله عنه عن سالم عن أبيه عن حفصة أخرجه

النسائي وكذلك قال معمر مرة أخرجه البخاري في التاريخ الصغير, والطحاوي في معاني الآثار وقال: صالح بن أبي الأخضر عن الزهريّ عن سالم عن أبيه. قوله دون ذكر حفصة أخرجه الطحاوي. قال يونس عن الزهريّ عن حمزة بن عبد الله ابن عمر عن أبيه عن حفصة أخرجه النسائي وتابعه ابن عيينة عن الزهريّ مثله أخرجه النسائي والطحاوي والدارقطني، وكذلك معمر مرة أخرى أخرجه البخاري في التاريخ الصغير والنسائي، وقال ابن عيينة مرة أخرى: عن الزهريّ عن حمزة عن حفصة دون ذكر عبد الله بن عمر أخرجه البخاري في التاريخ والنسائي. وقال وما ذكره في الموطأ وأخرجه من طريقه النسائي والطحاوي وقال ابن أبي الأخضر مرة أخرى عن الزهريّ عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة عن حفصة أخرجه الطحاوي وقال عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهريّ عن حمزة عن

أبيه عن حفصة وقال مرة أخرى عن الزهريّ عن سالم عن أبيه عن حفصة، وقال ابن وهب عن يونس عن الزهريّ عن سالم عن ابن عمر قوله قال وأخبرني حمزة قال: قالت حفصة وقال ابن نمر عن الزهريّ بن سالم عن ابن عمر قوله قال وأخبرني حمزة قال: قالت حفصة وقال ابن نمر عن الزهريّ عن سالم عن أبيه قوله أيضًا دون ذكر حفصة وقال عقيل عن الزهريّ ثنا سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر قالا: "من عزم الصيام فأصبح متطوعًا فلا يصلح أن يفطر حتى الليل" أخرج هذه الطرق كلها البخاري في التاريخ الصغير ثم قال: غير مرفوع أصح. وهكذا قال أبو حاتم وأبو داود والترمذي والنسائي. وصحح الخطابي والحاكم والدارقطني والبيهقي وابن حزم المرفوع وهو الصواب. 795 - حديث عائشة قالت: "قالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ يا عائشة هل عِندَكم

شيء؟ قلت: يا رسولَ الله ما عندنا شيء. قال: فإني صَائِم". قال المصنف رواه مسلم. قلت: وكذا أبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني والبيهقي وغيرهم من حديث عائشة بنت طلحة عنها بألفاظ منها ما ذكره المصنف بزيادة "ثم أتانا يومًا آخر فقلنا يا رسول الله حيس فقال أرنيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل". 796 - حديث معاوية أنه قال على المنبر: "يا أهلَ المدينة أينَ علماؤكُم سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اليوم هذا يومُ عاشوراء ولم يُكتَبْ علينا صيامُه وأنا صَائم فمن شَاءَ منكم فَلْيصمْ ومَنْ شاء فليُفْطِر".

مالك والشافعي والبخاري ومسلم والنسائي والطحاوي والبيهقي وله عندهم ألفاظ. 797 - حديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- قالتا: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصْبحُ جُنُبًا

مِنْ جِماع غَير احْتلام في رمضان ثم يَصُوم". مالك والبخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة معًا به مثله. هكذا مختصرًا وله عندهم رواية أخرى مطولة تذكر في الذي بعده. 798 - حديث أبي هريرة أنه كان يقول: "مَنْ أصْبَحَ جُنُبًا في رمضانَ أفْطَرَ". وروى عنه أنه قال: "ما أنا قلته محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قاله ورب الكعبة" أما الرواية الأولى فرواها مالك والبخاري ومسلم من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن

الحارث بن هشام قال: "كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فذكر له أنّ أبا هريرة يقول: من أصبح جنبًا أفطر ذلك اليوم فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمن لتذهبن إلى أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة فلتسألنهما عن ذلك فذهب عبد الرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة فسلم عليها ثم ذكر لها قول أبي هريرة، قالت عائشة: ليس كما قال أبو هريرة فأشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم. قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت مثل ما قالت عائشة فخرجنا حتى جئنا مروان فذكر له عبد الرحمن ذلك فقال مروان أقسم بالله لتفزعنّ بها أبا هريرة فذكر عبد الرحمن ذلك لأبي هريرة فقال: كذلك حدثني الفضل بن عباس". وأما الرواية الثانية فخرجها أحمد وابن ماجه كلاهما من رواية يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمرو القاري قال: "سمعت أبا هريرة يقول لا ورب الكعبة ما أنا قلت من أصبح وهو جنب فليفطر محمَّد - صلى الله عليه وسلم - قاله". زاد الحازمي في الاعتبار ثم قال: حدثنيه الفضل بن عباس.

القسم الثاني: في الفطر وأحكامه

القسم الثاني: في الفطر وأحكامه: أولا: أحكام من يجوز له الفطر يتعلق بصيام وإفطار المريض أو المسافر

799 - حديث أنس قال: "سَافَرْنَا مَع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان فلم يُعب الصائم على المُفْطِر ولا المُفْطِر على الصَّائِم". متفق عليه واللفظ لمسلم وقال البخاري: كنا نسافر والباقي سواء.

800 - حديث ابن عباس: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إلى مَكَةَ عام الفَتْحِ في رمضانَ فصامَ حتى بَلَغَ الكَديدَ ثُمَّ أفْطَر فَأفْطَرَ النَّاسُ وَكانُوا يأخُذُونَ بالأحْدثِ فالأحْدَثِ مِن أمْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه وبين البخاري أن قوله وكانوا يأخذون الخ مدرج من كلام الزهريّ

راوي الحديث عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس. 801 - حديث حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: "يا رسُولَ الله أجدُ بي قُوة على الصيام في السفَرِ فهل علي مِنْ جُنَاحٍ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي رُخْصَة مِنَ الله فَمن أخَذَ بِها فَحَسَن وَمَنْ أحَبَّ أن يَصُومَ فلا جُنَاحَ عَليه". قال ابن رشد خرّجه مسلم. قلت: وكذا مالك والطيالسي وأحمد وأبو داود والنسائي والطحاوي والحاكم والبيهقي من أوجه عنه بألفاظ ولم يذكر لفظ مسلم هذا إلا النسائي والبيهقي وعند الباقين فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن شئت فصم وإِن شئت فأفطر".

802 - حديث: "لَيْس مِنَ البر أن تَصُومَ في السفَر". ورد من حديث جابر وابن عمر وكعب بن عاصم وأبي برزة وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وعمار بن ياسر وأبي الدرداء. فحديث جابر رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والطحاوي وأبو نعيم في الحلية والبيهقي والخطيب في التاريخ من حديثه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فرأى رجلًا قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه فقال: ما له؟ قالوا: رجل صائم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر أن تصوموا في السفر" زاد النسائي: "وعليكم برخصة الله التي أرخص لكم فاقبلوها ووقعت هذه الزيادة عند مسلم غير مجزوم بها قال شعبة:

وكان يبلغني عن يحيى ابن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث أنه قال: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم" قال: فلما سألته لم يحفظه. قلت: وهي عند النسائي من رواية الأوزاعي عن يحيى بن كثير. وحديث ابن عمر: رواه ابن ماجه وأبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج كلاهما من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا "ليس من البر الصيام في السفر" وإسناده حسن. وحديث كعب بن عاصم: رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والنسائي وابن ماجه والطحاوي وأبو عمرو بن حمدان في فوائده والبيهقي والخطيب في الكفاية وفي التاريخ من رواية أم الدرداء عنه وفي رواية لأحمد والبيهقي "ليس من امبر امصيام في امسفر" بإِبدال لام التعريف ميمًا. ووقع عند الطحاوي قال سفيان: فذكر لي أن الزهريّ كان يقول ولم أسمع أنا منه "ليس من امبر ام صيام

في امسفر". قلت: وهو عند أحمد والبيهقي من رواية معمر عن الزهريّ بهذا اللفظ. وحديث أبي برزة: رواه البخاري في التاريخ الكبير من طريق إبراهيم بن سعد عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن رجل يقال له محمَّد عن أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس من البر الصيام في السفر" قال البخاري ولم يصح حديثه يعني هذا الرجل المبهم وقد عزاه الحافظ نور الدين لأحمد والبزار والطبراني في الأوسط من هذا الوجه إلا أني لم أره في مسند أحمد فليراجع. وحديث ابن عباس: قال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي ثنا محمَّد بن حرب الوسطي ثنا عمير بن عمران الحنفي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام في السفر" ورواه أيضًا البزار والطبراني في الكبير. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: رواه الطبراني ولفظه "لا بر أن يصام في السفر". وحديث عمار بن ياسر: رواه الطبراني أيضًا بلفظ الترجمة وزيادة: "عليكم بالرخصة التي أرخص الله لكم فاقبلوها" وأسانيدها صحيحة. وكلها في قصة السفر

والرجل الذي رآه - صلى الله عليه وسلم - والناس مجتمعون حوله على نحو ما سبق في حديث جابر. أما حديث أبي الدرداء: فرواه الطبراني وهو وإِن كان رجاله رجال الصحيح إلا أنه عندي وهم صوابه حديث كعب بن عاصم لأنه من رواية أم الدرداء قال راو عبد الواحد: "لا أعلمه إلا عن أبي الدرداء" والواقع أنه عن كعب ابن عاصم والله أعلم. 803 - قوله: (آخِرُ فِعْلِه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ الفِطْرُ) قلت: هذا مأخوذ من حديث ابن عباس السابق قبل حديثين "أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس قال الزهريّ: وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". ونحوه حديث جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال أولئك العصاة أولئك العصاة". رواه مسلم والترمذي والنسائي والطحاوي والبيهقي.

804 - حديث عائشة قالت: "سَألَ حمزةُ بنُ عَمرو الأسْلَمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصِّيام في السفر فقال: إنْ شِئْتَ فَصُمْ وإنْ شِئْتَ فأفْطِر". قال المصنّف: خرّجه مسلم.

قلت: بل هو متفق عليه وكذا رواه أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي.

805 - حديث ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ ثم أفْطَر". تقدم. 806 - حديث جابر: "أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إلى مَكَةَ فصامَ حتى بلغ كراع الغَميم". الحديث تقدم قبل حديثين في قوله "آخر فعله - صلى الله عليه وسلم - كان الفطر". 807 - حديث أبي بصرة الغفاري: "أنهُ لما تَجَاوَزَ البُيوت دَعَا بالسفرة". قال جعفر راوي الحديث فقلت: ألست ترى البيوت؟ قال: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال

جعفر: فأكل". قال ابن رشد: رواه أبو داود. قلت: جعفر ليس هو راوي الحديث عن أبي بصرة بل هو أحد شيخي أبي داود في الحديث وإنما كرر أبو داود ذكره في الإسناد لحكاية لفظه فظن ابن رشد أنه راوي الحديث عن أبي بصرة. قال أبو داود: حدثنا عبيد الله عمر حدثني عبد الله بن يزيد (ح) وحدثنا جعفر بن مسافر ثنا عبد الله بن يحيى المعني حدثني سعيد يعني ابن أبي أيوب زاد جعفر والليث قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب أنّ كليب ابن ذهل الحضرمي

أخبره عن عبيد قال جعفر بن جبر قال: "كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع ثم قرب غداؤه قال جعفر في حديثه: فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال جعفر في حديثه: فأكل" ومن طريق أبي داود رواه البيهقي. ورواه أحمد في مسنده وفيه قول عبيد بن جبر ويقال ابن جبير: "ركبت مع أبي بصرة من الفسطاط إلى الإسكندرية في سفينة فلما دفعنا من مرسانا أمر بسفرته فضربت ثم دعاني إلى الغداء وذلك في رمضان فقلت يا أبا بصرة والله ما تغيبت عنا منازلنا فقال: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت لا. قال: فكل فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ما خورنا" ورواه أيضًا الدارمي بمثل سياق أبي داود. 808 - قوله: (ويؤيد تأويل الجمهور إنشاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السفر في رمضان).

يتعلق بقضاء المسافر والمريض

يتعلق بقضاء المسافر والمريض تقدم من حديث ابن عباس وجابر أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح في رمضان. 809 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعن المجنون حتى يُفيق". هو بعض حديث "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ". وفي رواية كما ذكره المصنف

أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وجماعة من حديث عليّ وقد تقدم عزوه مبسوطًا في ثنايا الطهارة. 810 - حديث عائشة قالت: "نَزَلَتْ فَعِدة مِنْ أيام أخَر مُتَتَابِعات فَسَقَطَ مَتتابعات". عبد الرزاق عن معمر عن الزهريّ عن عروة عن عائشة ورواه الدارقطني

والبيهقي من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهريّ عن عروة عن عائشة به وقال الدارقطني صحيح وقال البيهقي: قولها سقطت تريد نسخت لا يصح له تأويل غير ذلك. وقال ابن حزم بسقوطها سقط لحكمها لأنه لا يسقط القرآن بعد نزوله إلا بإسقاط الله تعالى إياه.

811 - حديث عائشة: "مَنْ مَاتَ وَعَليْهِ صِيَام صَامَ عَنْهُ وَليه". قال ابن رشد: خرجه مسلم. قلت هو متفق عليه وكذا رواه أحمد وأبو داود والبيهقي من حديث محمَّد بن جعفر عن عروة عنهما. 812 - حديث ابن عباس قال: "جَاءَ رجُل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أمي مَاتَتْ وعليها صَوْمُ شَهْرٍ أفَأقْضِيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكُنْتَ قاضِيه عنها؟ قال: نعم. قال: فَدَيْنُ الله أحَق بالقَضَاءِ".

الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما؟

الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما؟ متفق عليه من حديث زائدة عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. وتابع زائدة عتبة بن القاسم عن الأعمش في ذكر الرجل في الحديث

الشيخ الكبير والعجوز إذا أفطرا ماذا عليهما؟

الشيخ الكبير والعجوز إذا أفطرا ماذا عليهما؟ وخالفهما سائر الرواة عن الأعمش فقالوا في الحديث: "إن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -"

ثانيا: أحكام من لا يجوز له الفطر

ثانيا: أحكام من لا يجوز له الفطر حكم من أفطر بجماع متعمد في رمضان وكذلك ورد عن ابن عباس من طرق أخرى في الصحيحين وغيرهما وهو الصحيح. 813 - حديث أبي هريرة قال: "جَاءَ رَجُل إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكْتُ يا رسُولَ الله، قال: وما أهلَكَكَ؟ قال: وقعْت على امرأتي في رَمَضَان، قال: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ

بِهِ رَقَبَة؟ قال: لا، قال: فهلْ تَسْتَطَيعُ أن تَصُومَ شَهْرَينِ مُتَتَابعْينِ؟ قال: لا، قال: فَهَلْ تجِدُ ما تُطْعِمُ به ستينَ مسكِينًا؟ قال: لا.

الحديث متفق عليه. 814 - قوله: (وأمّا مَا رَوى مالك في الموطأ: أن رجلًا أفْطَرَ في رَمَضَان، فَأمَرَهُ

النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكَفارَةِ المذْكُورة) الخ. قلت: هذا والذي قبله حديث واحد فإن كلا اللفظين من رواية الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وإنما هو اختصار من الرواة فتغيير الحكم لأجل الاختصار من أعجب ما يتعجب منه، والحديث رواه بهذا اللفظ أيضًا الشافعي، وأحمد، والدارمي ومسلم، وأبو داود، والدارقطني، كلهم من طريق مالك، عن الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة: أن رجلًا أفطر في رمضان فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا. الحديث. قال الدارقطني: تابعه يحيى بن سعيد

الأنصاري، وابن جريج، وعبد الله بن أبي بكر وأبو أويس، ومليح بن سليمان، وعمر ابن عثمان المخزومي، ويزيد بن عياض وشبل، والليث بن سعيد، من رواية أشهب بن عبد العزيز عنه، وابن عيينة من رواية نعيم بن حماد، وعنه، وإبراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر عنه، وعبيد الله بن أبي زياد إلا أنّه أرسله عن الزهريّ كل هؤلاء، رووه عن الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رجلًا أفطر في رمضان وجعلوا كفارته على التخيير، وخالفهم أكثر منهم عددًا فرووه عن الزهريّ بهذا الإسناد أن إفطار ذلك الرجل كان بجماع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يكفر بعتق رقبة فإِن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكينًا، منهم عراك بن مالك، وعبيد الله بن عمر، وإسماعيل بن أمية، ومحمد بن أبي عتيق، وموسى بن عقبة ومعمر، ويونس، وعقيل، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، والأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة ومنصور بن المعتمر، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، والليث بن سعد، وعبد الله بن عيسى، ومحمد بن إسحاق، والنعمان بن راشد، وحجاج، وصالح بن أبي الأخضر، ومحمد بن أبي حفصة، وعبد الجبار بن عمر، وإسحاق بن يحيى العرض، وهبار بن عقيل، وثابت بن ثوبان وقرة بن عبد الرحمن، وزمعة بن صالح، وبحر السقا، والوليد بن محمَّد، وشعيب بن خالد، ونوح بن أبي مريم وغيرهم، والمقصود أن الاختصار إنما هو من الزهريّ فتارة كان يورد الحديث على وجهه وهو أكثر أحواله، وتارة كان يختصره.

815 - حديث أبي هريرة: "مَنْ نَسِيَ وَهُو صائم فَأكلَ أوْ شَرِبَ فَلْيُتم صَوْمَهُ فَإِنَّما أطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ"، قال المصنف: خرجه البخاري ومسلم. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، والدارمي، وأبو داود والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي بألفاظ متعددة في التقديم والتأخير وتصديره: فإذا نسي فأكل أو شرب ونحو ذلك مع اتحاد المعنى إلا أن الدارقطني قال: إذا أكل الصائم ناسيًا أو شرب ناسيًا فإِنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء، ثم قال: إسناده صحيح وكلهم ثقات، ثم رواه أيضًا من طريق محمَّد بن مرزوق البصري، عن محمَّد بن عبد الله الأنصاري، عن

محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به بلفظ، من أفطر في شهر رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة، ثم قال: تفرد به محمَّد بن مرزوق وهو ثقة، عن الأنصاري. قلت: وليس كذلك بل تابعه عليه أبو حاتم الرازي فرواه عن محمَّد بن عبد الله الأنصاري كذلك أخرجه الحاكم، والبيهقي عنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة، وقال البيهقي: تفرد به الأنصاري عن محمَّد بن عمرو وكلهم ثقات. 816 - حديث: "رُفِعَ عن أمتي الخَطَأ والنسيَان وما استكْرِهُوا عليه".

تقدم في الطهارة. 817 - قوله: (وليسَ في مجملِ ما نُقلَ من حديث الأعرابي حجة). يريد حديث المجامع في رمضان المار قريبًا.

818 - قوله: (وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المرأة في الحديث بكفارة). يريد الحديث المذكور أيضًا.

819 - قوله: (وظاهر ما رواهُ مالك من أن رَجُلًا أفطرَ في رَمضان فأمَرهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعتِقَ رقَبَةً أو يَصُومَ شَهْرينِ مُتتابِعَيْن أو يُطْعِمَ سِتينَ مِسْكِيْنًا أنها عَلى التخْيِيْر). تقدم قريبًا.

820 - قوله: (رُوي في بعض طرق حديث الكفارة، أن العرق كان فيه خمسة عشر صاعًا). أبو داود، والدارقطني، من حديث هشام بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديث وقال: فأتى - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه قدر خمسة عشر صاعًا وقال فيه كله أنت وأهل بيتك وصم يومًا واستغفر الله؛ ورواه الدارقطني من طريق الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة بالحديث وفيه: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق تمر فيه خمسة عشر صاعًا قال: خُذه فتصدق به، قال: على أفقر من أهلي، فوالله ما بين لَابَتَي المدينة أحوج من أهلي، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: خذه واستغفر الله وأطعمه أهلك، ثم قال الدارقطني: هذا إسناد صحيح؛ ورواه البيهقي من حديث سفيان عن منصور، عن الزهريّ، عن حميد، عن أبي هريرة به ثم قال: ورواه الأوزاعي، ومحمد بن أبي حفصة، عن الزهريّ هكذا، وذكره هشام بن سعد، عن

الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مثله، ورواه عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن الزهريّ، وجعل هذا التقدير، عن عمرو بن شعيب فالذي يشبه أن

يكون تقدير المكتل بخمسة عشر صاعًا من رواية الزهريّ، عن عمرو بن شعيب كذا قال وهي دعوى بدون حجة، وقد رواه الدارقطني أيضًا من طريق يزيد بن هارون،

ثنا حجاج، عن إبراهيم بن عامر، عن سعيد بن المسيب، وعن الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة بالحديث وفيه: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه خمسة عشر صاعًا من تمر ثم قال: خذ هذا وأطعمه عنك ستين مسكينًا. 821 - حديث: "لا يَزَالُ النَّاسُ بخيْرٍ مَا عَجلوا الفِطرَ وأخرُوا السُّحُور". أحمد، من حديث ابن لهيعة عن سالم بن غيلان، عن سليمان بن أبي عثمان عن عدي ابن حاتم الحمصي، عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإِفطار وأخروا السحور، وسليمان بن أبي عثمان مجهول، ورواه

مالك، وأحمد والدارمي، والبخاري ومسلم، والترمذي، من حديث سهل بن سعد بلفظ: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. 822 - حديث: "تَسَحَّرُوا فإِن في السحورِ بَرَكة". ورد من حديث أنس وجابر، وأبي هريرة، وابن مسعود، وميسرة الفجر، وأبي سعيد الخدري، والمقدام بن معد يكرب، والعرباض بن سارية، وأبي أمامة؛ وأبي الدرداء، ورجل من الصحابة، ومرسلًا عن علي بن الحسين، وأبي سعيد الإِسكندراني. فحديث أنس: رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري،

ومسلم، والترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدولابي في "الكنى" والطبراني في الصغير، والدينوري في المجالسة، وأبو نعيم في الحلية والتاريخ من أوجه عنه. وحديث جابر: رواه البزار، والطبراني , وأبو نعيم في "الحلية" والخطيب في التاريخ، كلهم من رواية نائل بن نجيح ثنا سفيان الثوري، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر، وأصله في مسند أحمد لكن بغير هذا السياق. وحديث أبي هريرة: رواه عبد الرزاق، وأحمد، والنَّسائي، وأبو نعيم

في الحلية من رواية ابن أبي ليلى، عن عطاء عنه؛ ورواه النَّسائي أيضًا من حديث يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة عنه ورواه الطبراني في الصغير من حديث شعبة، عن محمَّد بن زياد عنه، وعن الطبراني رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ورواه أيضًا الخطيب في التاريخ من هذا الوجه. وحديث ابن مسعود: رواه النسائي، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية، والقضاعي في مسند الشهاب من رواية أبي بكر بن عياش، عن عاصم عن زر، عنه. وحديث ميسرة: رواه الديلمي، في مسند الفردوس، من طريق أبي نعيم، ثم من رواية حماد بن الوليد، عن مسعر، عن زياد بن فياض عنه ولفظه: تسحروا ولو أكلة ولو حسوة، فإنها أكلة بركة وهو صوم ما بينكم وبين صوم النصارى. وحديث أبي سعيد: رواه أحمد، بسند ثلاثي، عن المطلب بن أبي ليلى، عن عطية العوفي، عنه.

وحديث المقدام: رواه أحمد، والنسائي كلاهما من رواية بقية بن الوليد ثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عنه مرفوعًا، عليكم بغداء السحور فإِنه هو الغداء المبارك. وحديث العرباض: رواه النَّسائي، والبيهقي من رواية يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد عن أبي رُهْم، عنه قال: سمعت رسول الله وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان وقال: هلموا إلى الغداء المبارك. وحديث أبي أمامة: رواه الدارقطني في الأفراد، وأبو نعيم في الحلية بسياق منكر وفيه محمَّد بن إسحاق العكاشي كذاب وضاع. وحديث أبي الدرداء: رواه الديلمي، من طريق المحاملي، ثنا عبد الله بن شبيب ثنا ابن أبي أويس حدثني أبي، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء مرفوعًا: تسحروا وخالفوا أهل الكتاب. وحديث الرجل من الصحابة: رواه أحمد من حديث عبد الله بن الحارث عنه: أنه دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتسحر فقال: إنه بركة أعطاكموه الله فلا تدعوه. ومرسل علي بن الحسين: رواه الطوسي، في أماليه، وفيه عمرو بن جميع وهو كذاب ومرسل أبي سعيد الإسكندراني: رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسياق مطول مكذوب من وضع داود بن المحبر.

823 - حديث: "فَصْلُ مَا بَيْنَ صَيَامِنَا وصَيَامِ أهْلِ الكتابِ أكلة السَّحَر". أحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي والدولابي في "الكنى" والطحاوي في مشكل الآثار, والبيهقي من حديث عمرو بن العاص. 824 - حديث: "إنَّما الصَومُ جُنَّة فَإذَا أصبَحَ أحَدُكُم صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ فَلْيَقُل إني صَائِمٌ". متفق عليه من حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله تعالى: كل

عمل ابن آدم له إلا الصيام فإِنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإِذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإِن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤٌ صائم، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح، وإِذا لقي ربه فرح لصومه.

كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه

كتاب الصيام الثاني وهو في الصوم المندوب إليه

كتاب الصيام الثاني 825 - قوله: (أمّا صيام عَاشُوراء فَلأنهُ ثَبَتَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صَامَة وأمَرَ بِصِيَامِهِ). متفق عليه من حديث عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه، ومن شاء تركه. 826 - حديث: "مَنْ كَانَ أصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتمَّ صوْمَهُ وَمَنْ كَانَ أصبحَ مفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيةَ يَوْمِهِ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وغيرهم، من حديث سلمة بن الأكوع، قال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم فإِن اليوم يوم عاشوراء. 827 - حديث ابن عباس قال: "إذَا رأيتَ هِلَالَ المحرم فاعددْ وأصبح يوم التاسع صائمًا، قلت: هكذا كان محمَّد - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم"، قال المصنف: خرَّجه مسلم. قلت: وكذا أحمد، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي، وجماعة من

حديث الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء فقال: إذا رأيت هلال المحرم وذكره. 828 - حديث: "ورُوي أنه حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسُول اللهِ إنهُ يومٌ تُعَظِّمهُ اليهودُ والنَّصارى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإِذا كانَ العامُ المقْبِلُ إن شاء الله صُمْنَا اليومَ التاسِعَ، قال: فَلَمْ يأت العام المقْبِل حتى تُوُفيَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -". مسلم، وأبو داود، والبيهقي، من حديث أبي غطفان بن طريق المري قال: سمعت ابن عباس يقول حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه فذكره.

829 - قوله: (فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر يوم عرفة). مالك، والطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم؛ وأبو داود، والبيهقي، من حديث أم الفضل أنهم شكوا في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة. 830 - حديث: "صيامُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفر السنةَ الماضيَة والآتية". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه

والطحاوي، والبيهقي من حديث قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل قال فيه: وسئل يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وفي لفظ: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. 831 - حديث: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن صِيَامِ يَوْم عَرَفَهَ بَعَرَفة" قال المصنف: خرَّجه أبو داود. هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، وابن ماجه، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط البخاري.

832 - حديث: "مَنْ صامَ رَمَضَانَ ثُمّ أتْبَعهُ سِتًا من شَوال كان كَصِيَامِ الدَّهْرِ". ورد من حديث أبي أيوب، وثوبان وجابر، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وغنام، والبراء بن عازب، وشداد بن أوس، وأوس بن أوس، وأنس. فحديث أبي أيوب: رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم؛ وأبو داود، والترمذي وابن ماجه، والذهلي في جزئه، والطحاوي في مشكل الآثار, والطبراني في الصغير، وأبو نعيم في الأمالي، وابن مردك في فوائده، والبيهقي في السنن، والخطب في التاريخ, وابن النقور في فوائده وغيرهم، وفي

سنده اختلاف يطول ذكره، وقد أفرده الحافظ شرف الدين الدمياطي بجزء. وحديث ثوبان: رواه أحمد، والدارمي، وابن ماجه، والطحاوي في المشكل، والبيهقي وأبو موسى المديني في نزهة الحفاظ، والديلمي، في مسند الفردوس. وحديث جابر: رواه أحمد، والطحاوي في المشكل، وأبو نعيم في الأمالي، والبيهقي، وابن النقور .. وحديث أبي هريرة: ذكره ابن أبي حاتم في العلل، من جهة عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمَّد، عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة به ونقل عن أبيه أنه قال: المصريون يروون هذا الحديث عن زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. قلت: وله طرق أخرى منها ما رواه أبو نعيم في الأمالي، من طريق رواد بن الجراح، ثنا أبو النعمان الأنصاري، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة، به وقال أيضًا: حدثنا أبو القاسم نذير بن جناح القاضي المحارب، ثنا إسحاق بن محمَّد بن مسروق، ثنا أبي ثنا حفص أبو مخارق عن خلاد الصفار، عن أبيه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من صام رمضان

وستة أيام بعده لا يفصل بينهن كأنما صام السنة ثم قال: غريب بهذا اللفظ لم نكتبه إلا من حديث خلاد الصفار وهو خلاد بن مسلم كوفي غريب الحديث، ورواه عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن أبي هريرة، عن أبيه؛ ورواه إسماعيل بن رافع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن سعيد المازني قاضي شيراز ضعفه ابن عدي. وحديث ابن عمر: رواه الطبراني فيه أيضًا وفيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف. وحديث غنام: رواه الطبراني في الكبير، وابن منده؛ وأبو نعيم في الصحابة من جهة حاتم بن إسماعيل، عن إسماعيل المؤذن مولى عبد الرحمن بن غنام عن عبد الرحمن بن غنام عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله. وحديث البراء بن عازب: عزاه الحافظ في التلخيص للدارقطني، وأطلق فاقتضى أنه في السنن ولم أره فيه فكأنه في الإفراد أو العلل. وحديث شداد بن أوس: رواه ابن أبي حاتم في العلل من طريق مروان الطاطري عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به لكنه نقل عن أبيه أن الصحيح رواية يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.

وحديث أوس بن أوس: ذكره ابن أبي حاتم أيضًا قال: سألت أبي عن حديث رواه مروان الطاطري، عن يحيى بن حمزة، عن يحيى بن الحارث، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره، فقال أبو حاتم: الناس يروونه عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قلت لأبي: أيهما أصح؟ قال: جميعًا صحيحان. وحديث أنس: رواه ابن حبان في الضعفاء. 833 - قوله: (وَكذَلِكَ كَرِهَ مالك تَحَرِّي صِيامَ الغرر مع ما جاء فيه من الأثر). أبو داود الطيالسي، وأحمد، في مسنديهما، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث أبي ذر قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وفي لفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: إذا صمت شيئًا من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وقال

الترمذي حديث حسن. وروى النَّسائي بسند صحيح من حديث جرير بن عبد الله البجلي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وروى أحمد، وأبو داود، والنَّسائي والبيهقي، من حديث ابن ملحان القسي، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة وقال هو كهيأة الدهر؛ وروى الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر بسند صحيح: أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصيام فقال: عليك بالبيض ثلاثة أيام من كل شهر، وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر. ورواه أيضًا الأربعة، والبيهقي.

834 - قوله: (وَثَبَتَ أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَصُومُ مِن كُل شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيامٍ غَير معيَّنةٍ). مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث معاذة العدوية "أنها سألت عائشة -رضي الله عنها- أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. قلت: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم". 835 - حديث: "أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص لمَّا أكثر الصيام: أما يَكْفِيكَ

مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيام؟ فقلت: يا رسُولَ الله، إني أطيقُ أكْثَر من ذلِكَ،، قال: خمسًا". الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وله ألفاظ. 836 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس" قال المصنف: خرَّجه أبو داود. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أبو داود والطيالسي؛ وأحمد، والنَّسائي،

والبيهقي، وابن خزيمة في صحيحه، من أوجه عن أسامة بن زيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم الاثنين والخميس وسئل عن ذلك فقال إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس لفظ أبي داود، وزاد النسائي وغيره، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. وفي الباب عن جماعة 837 - قوله: (وَثَبَتَ أنه لم يَسْتتِم قط شهرًا بالصِّيام غيرَ رمضان وأن أكثَر صيامِهِ كان في شعبان). متفق عليه من حديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان.

838 - قوله: (لثبوت النهي عن صيامهما يعني يومَ الفطر والأضحى). سيأتي بعد حديث، ذكر الحديث الوارد بالنهي عن صيامهما. 839 - حديث: "إنها أيَّامُ أكْل وشُربٍ". يعني أيام التشريق، ورد من حديث كعب بن مالك، ونبيشة الهذلي، وعبد الله بن حذافة السهمي، وأبي هريرة، وابن عباس، وخلدة أم عمر، وزيد بن خالد الجهني، وعقبة بن عامر، وعلي بن أبي طالب، وأم مسعود بن الحكم، وبشر بن سحيم الغفاري وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وبديل بن ورقاء، ومعمر بن عبد الله العدوي، وعمر بن الخطاب، وأسامة الهذلي، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وعائشة، وأم الفضل بنت الحارث.

فحديث كعب بن مالك: رواه أحمد، ومسلم، من رواية أبي الزبير، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أنه حدَّثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب. وحديث نبيشه الهذلي: رواه أحمد، ومسلم، والطحاوي، من رواية أبي المليح عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله. وحديث عبد الله بن حذافة: رواه أحمد، والطحاوي، كلاهما من رواية سليمان بن يسار عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن ينادي في أيام التشريق، أنها أيام أكل وشرب، ورواه مالك في الموطأ، عن الزهريّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف يقول: إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله. ورواه الدارقطني من طريق الواقدي، ثنا ربيعة بن عثمان، عن محمَّد بن

المنكدر، سمع مسعود بن الحكم الزرقي يقول: حدثني عبد الله بن حذافة السهمي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته أيام منى أنادي: أيها الناس إنها أيام أكل وشرب وبعال أي نكاح، والواقدي ضعيف، لكن هذه الزيادة وهي ذكر البعال وردت من حديث أربعة من الصحابة هم المذكورون بعده على الولاء. وحديث أبي هريرة: رواه الدارقطني أواخر السنن في الذبائح، من حديث محمَّد بن سليمان بن الحارث الواسطي، ثنا سعيد بن سلام العطار، ثنا عبد الله بن بديل الخزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ألا ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال، سعيد بن سالم العطار كذاب، وقد رواه أحمد، والطحاوي، والعطار الدوري في جزئه من حديث الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، ورواه أحمد، وابن ماجه، والطحاوي من حديث أبي سلمة، ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث الزهريّ، عن ابن المسيب، وأبي سلمة معًا، كلاهما عن أبي هريرة بدون ذكر البعال ولا ذكر

الزكاة، ورواه الديلمي من حديث المقبري، عن أبي هريرة بسياق آخر ولفظه مرفوعًا: ستة أيام من الدهر يكره صيامهن آخر يوم من شعبان أن يوصل برمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق فإِنها أيام أكل وشرب؛ ورواه البزار، والبيهقي، من هذا الوجه بسياق آخر قال فيه: نهى عن صيام ستة أيام من السنة يوم الأضحى ويوم الفطر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف. وحديث ابن عباس: رواه الطبراني في الكبير من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل أيام منى صائحًا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب وبعال، والبعال وقاع النساء. ابن أبي حبيبة مختلف فيه وثقه جماعة وضعفه آخرون، وكان عابدًا صالحًا، ولهذا حسن بعض الحفاظ هذا الحديث، وقد رواه أبو نعيم في التاريخ, وابن عدي في الكامل، من وجه آخر من جهة مفضل بن صالح، عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بديل بن ورقاء فنادى في أيام التشريق: لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب، المفضل بن صالح فيه مقال.

وحديث خلده: رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وإسحاق بن راهويه، وأبو يعلى في مسنديهما، والطبراني في الكبير، كلهم من طريق وكيع بن الجراح، ورواه عبد بن حميد في مسنده، ومحمد بن خلف القاضي وكيع في أخبار القضاة، كلاهما من طريق زيد بن الحباب، والطحاوي في معاني الآثار من طريق روح، ثلاثتهم قالوا حدثنا موسى بن عبيدة، عن منذر بن جهم، عن عمر بن خلدة، عن أمه قالت: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ينادي أيام منى: إنها أيام أكل وشرب وبعال، ووقع عند وكيع في أخبار القضاة عمر بن خلدة الأنصاري، عن أبيه بدل أمه وهو تحريف وكذلك وقع عند الطحاوي عمر ابن خلدة بزيادة ألف والمشهور عمر بن خلدة وهو قاض معروف، وموسى بن عبيدة ضعيف. وحديث زيد بن خالد الجهني: رواه أبو يعلى في مسنده, من طريق موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فنادى أيام التشريق: ألا إن هذه الأيام أيام أكل وشرب ونكاح، وهذا سند لا بأس به.

وحديث عقبة بن عامر: رواه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والطحاوي في معاني الآثار, وفي مشكل الآثار أيضًا، والحاكم، والبيهقي، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإِسلام وهن أيام أكل وشرب وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وحديث علي: رواه الشافعي، وأحمد، والطحاوي، والحاكم، وصححه على شرط مسلم أيضًا، وابن سعد في الطبقات من أوجه يأتي بعضها. وحديث أم مسعود بن الحكم: رواه مسعود بن الحكم واختلف عليه فيه على أقوال. الأول: عنه، عن أمه، رواه ابن سعد في الطبقات والطحاوي، في معاني

الآثار، كلاهما من طريق ابن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزرقي قال: حدثتني أمي قالت: لكأني أنظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء حتى قام إلى شعب الأنصار وهو يقول: يا معشر المسلمين إنها ليست بأيام صوم إنها أيام أكل وشرب وذكر لله -عَزَّ وَجَلَّ-، ورواه الطحاوي أيضًا من طريق بكر بن نصر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن سليمان بن يسار، عن مسعود بن الحكم، عن أمه نحوه ويؤيد هذا القول أن البخاري في التاريخ، والطحاوي في معاني الآثار، والبيهقي في السنن رووه من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن جدته قالت: مر بنا راكب ونحن بمنى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنادى: ألا لا يصومَنَّ من هذا اليوم أحد إنها أيام أكل وشرب، قلت: من هذا؟ قالوا: علي بن أبي طالب، فجدة يوسف هي أم أبيه مسعود بن الحكم. القول الثاني: عنه عن أبيه، رواه الطحاوي، من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ميمون بن يحيى، حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه قال: سمعت سليمان بن يسار يزعم أنه سمع ابن الحكم الزرقي يقول: حدثنا أبي أنهم كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى فذكره. القول الثالث: عنه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث عبد الله بن حذافة

رواه أحمد، والطحاوي، والدارقطني، كلهم من طريق الزهريّ، عن مسعود بن الحكم الأنصاري عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح في الناس: ألا لا يصومن أحد فإِنها أيام أكل وشرب. وحديث بشر بن سحيم: رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، والدارمي، وابن ماجة، والطحاوي، ويحيى بن صالح الوحاظي في نسخته، والبيهقي. وحديث سعد بن أبي وقاص: رواه أحمد، والحارث بن أبي أسامة في

مسنديهما، والطحاوي. وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب: رواه أحمد، من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن أبي الشعثاء، عنه وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنها أيام طعم وذكر. وحديث بديل بن ورقاء: رواه أحمد، وابن سعد في الطبقات, والحاكم في التفسير من المستدرك وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، والطوسي في أماليه من أوجه عنه. وحديث معمر بن عبد الله العدوي: رواه الطحاوي من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير، عن معمر بن عبد الله العدوي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أؤذن في أيام التشريق، بمنى لا يصومن أحد فإِنها أيام أكل وشرب. وحديث عمر: رواه أبو نعيم في الحلية, وفي التاريخ معًا، من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وحديث أسامة الهذلي: رواه الطبراني في الأوسط, من جهة عبيد الله بن أبي

حميد، عن أبي المليح بن أسامة، عن أبيه به، وعبيد الله متروك منكر الحديث. وحديث حمزة بن عمرو الأسلمي: رواه أحمد، والدارقطني، كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه رأى رجلًا على جمل يتبع رحال الناس بمنى ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - شاهد والرجل يقول: لا تصوموا هذه الأيام فإِنها أيام أكل وشرب، قال قتادة: فذكر لنا أن ذلك المنادي كان بلالًا. قال الدارقطني: قتادة لم يسمع من سليمان بن يسار. وحديث عائشة: رواه الطحاوي من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله -عَزَّ وَجَلَّ-. وحديث أم الفضل بنت الحارث: رواه الطحاوي، من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، أنه سمع سليمان بن يسار، وقبيصة بن ذؤيب يحدثنا عن أم الفضل امرأة عباس بن عبد المطلب قالت: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى أيام التشريق فسمعت مناديًا يقول: إن هذه الأيام أيام طعم وشرب وذكر الله فأرسلت رسولًا من الرجل؟ ومن أمره؟ فجاءني الرسول فحدثني أنه رجل يقال له حذافة يقول: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كذا وقع في الحديث حذافة، وإنما هو عبد الله بن حذافة.

840 - حديث أبي سعيد الخدري: "لا يصحُّ الصيامُ في يَوْمَيْنِ يَوْمِ الفِطْرِ في رمضان ويَوْم النحر". أحمد، والبخاري، ومسلم، وغيرهم واللفظ لمسلم إلا أنه قال: لا يصح الصيام في يومين يوم الأضحى ويوم الفطر من رمضان، ولفظهم جميعًا نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر. 841 - حديث ابن مسعود: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَصُوم ثَلَاثَةَ أيامٍ من كُل شَهْرٍ، قال: وما رأيتُهُ يُفْطِر يومَ الجُمُعَةِ" قال المصنف: وهو حديث صحيح. قلت: وفي ذلك نظر فقد اقتصر الترمذي على قوله: حسن غريب وحكى

الخلاف في رفعه ووقفه وهو الأقرب إلى الصواب؛ والحديث خرَّجه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي؛ والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، إلا أن أبا داود لم يذكر الجمعة، والصحيح أن ذلك موقوف من فعل ابن مسعود. 842 - حديث جابر: "أن سَائِلًا سَألَ جابرًا أسَمَعْتَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يُفرد يَومُ الجمُعَةِ بَصْوم؟ قال: نعم ورب هذا البَيْتِ" قال ابن رشد: خرجه مسلم. قلت: بل هو متفق عليه، وكذا رواه أحمد، والدارمي، والنسائي في الكبرى، والبيهقي من حديث محمَّد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابر بن عبد

الله وهو يطوف بالبيت: أنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم الجمعة؟ قال: نعم وربِّ هذا البيت، قال البخاري: زاد غير أبي عاصم يعني أن ينفرد بصومه. 843 - حديث أبي هريرة: "لَا يَصُمْ أحدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ إلَّا أن يَصُومَ قَبْلَهُ أوْ يَصُومَ بَعْدَهُ"، قال ابن رشد: خرَّجه مسلم. قلت: بل هو متفق عليه أيضًا، وأخرجه أيضًا أحمد والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي.

844 - قوله: (لظواهر الأحاديث التي يوجب مفهومها تعلَّق الصوم بالرؤية أو بإكمال العدد). تقدمت أول الباب. 845 - حديث عمار: "مَن صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أبَا القَاسِم - صلى الله عليه وسلم -" الدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وجماعة، وعلقه البخاري في صحيحه, عن صلة بن زفر، عن عمار وصححه الترمذي، والحاكم بل لأنه ذكره بصيغة الجزم. 846 - حديث "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صَامَ شَعْبَان كُلَّهُ". متفق عليه، واللفظ لمسلم من حديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلًا، وعند أحمد والأربعة، من حديث أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصل به رمضان.

847 - حديث لَا تَقَدَّموا رَمَضَان بَيْومٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إلَّا أن يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أحدُكم فَلْيَصُمْهُ". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن ابن عباس وغيره.

848 - حديث: "لا تصوموا يومَ السبتِ إلا فيما افتُرِضَ عليكم" قال المصنف خرجه أبو داود. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد والدارمي والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد

أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه". قال الترمذي: حديث حسن وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ. وفي بعض نسخ السنن زيادة النقل عن مالك أنه قال: هذا حديث كذب. وأسند الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عنه ثم من حديث الليث بن سعد قال: "كان ابن شهاب إذا ذكر له أنه نهى عن صيام يوم السبت قال: هذا حديث حمصي، يشير إلى توهينه. وأسند البيهقي عن الأوزاعي قال: ما زلت له كاتمًا ثم رأيته انتشر وقال النسائي: هذا حديث مضطرب, لأنه روي عن عبد الله بن بسر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عبد الله بن بسر عن أبيه بسر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن حديث الصماء عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل إن الصماء أخت عبد الله بن بسر وقيل إنها عمته. 849 - حديث جويرية بنت الحارث "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها يومَ الجمعة وهي صائمة فقال: صمت أمس؟ فقالت لا. فقال: تريدين أن تصومي غدًا؟ قالت لا. قال فأفطري".

أحمد والبخاري وأبو داود والطحاوي من حديث جويرية. ورواه الطحاوي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على جويرية. الحديث. 850 - قوله: (وأما صيام الدَّهر فإِنه قد ثبتَ النَّهي عن ذلك). متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لا صام من صام الأبد" مرتين. وورد هذا اللفظ من حديث عبد الله بن الشخير عند أبي

داود الطيالسي وأحمد وأبي نعيم في الحلية. ومن حديث عمران بن حصين عند أحمد ومن حديث أبي قتادة عند أحمد ومسلم وغيرهما في حديثه الطويل وفيه "لا صام ولا أفطر" ومن حديث أسماء بنت يزيد عند أحمد ومن حديث ابن عباس وعبد الله بن سفيان كلاهما عند الطبراني في الكبير. وروى أبو داود الطيالسي وأحمد والبزار والطبراني في الكبير والبيهقي من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا، وقبض كفه" لفظ أحمد، وقال الباقون: وعقد تسعين. بل قوله: وقبض كفه. وسنده صحيح، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وذاك لا يضر.

851 - حديث: "لا صوم بعد النِّصفِ من شَعْبَان حتى رمضان". قال ابن رشد: خرّجه الطحاوي. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا الدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان" وقال الترمذي حسن صحيح. 852 - حديث أم سلمة قالت: "ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامَ شهرين مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شعبانَ ورمضان". قال ابن رشد: خرّجه الطحاوي.

قلت: وقد تقدم قبل خمسة أحاديث في حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - صام شعبان كله، عزوه لأحمد والأربعة مع لفظهم فيه. 853 - حديث ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرن شعبان برمضان". قال المصنف: خرّجه الطحاوي. قلت: هو كذلك وهو عنده من طريق ابن وهب عن فضيل بن عياض عن ليث عن نافع عن ابن عمر. وليث هو ابن أبي سليم فيه مقال وإِن خرج له مسلم. وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وأبي هريرة وأبي أمامة وأبي ثعلبة كلهم قالوا: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصل شعبان برمضان" فأما حديث عائشة وأم سلمة فتقدما وأما أحاديث الباقين فأخرج جميعها الطبراني في الكبير بأسانيد حسان، إلا حديث أبي

هريرة فعنده في الأوسط من رواية يوسف بن عطية وهو متروك. 854 - حديث: "أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقضيا يومًا مكانه" قال ابن رشد: خرّجه مالك ثم قال بعد ذلك: وهو غير مسند. قلت: وهو كذلك، فقد رواه مالك عن ابن شهاب "أن عائشة وحفصة زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي إليهما طعام فأفطرتا عليه فدخل عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت عائشة: فقالت حفصة وبدرتني بالكلام وكانت بنت أبيها: يا رسول الله إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدي إلينا طعام فأفطرنا عليه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقضيا مكانه يومًا آخر" قال ابن عبد البر لا يصح عن مالك إلا مرسلًا. قلت: وكذا عن الزهريّ وإِن رواه جماعة عنه عن عروة عن عائشة موصولًا واتفق الحفاظ على ضعفه موصولًا. والحكم بالخطأ على كل من وصله. أما مالك فوصله عنه عبد العزيز بن يحيى المدني أحد رواة الموطأ وهو كذاب كذبه إبراهيم بن المنذر وأبو مصعب وقال أبو زرعة: ليس بثقة. وقال البخاري: يضع الحديث. وأما الزهريّ فوصله

عنه جماعة الأول جعفر بن برقان. أخرجه الترمذي والنسائي في الكبرى والبيهقي. وجعفر ثقة إلا أنه ضعيف في الزهريّ. قال أحمد: إذا حدث عن غير الزهريّ فلا بأس به وفي حديث الزهريّ يخطئ. وقال ابن معين: ثقة ويضعف في روايته عن الزهريّ. وقال ابن نمير: ثقة وأحاديثه عن الزهريّ مضطربة. وهكذا قال النسائي وابن عدي والدارقطني والعقيلي. الثاني عبد الله بن عمر العمري رواه الطحاوي في معاني الآثار وعبد الله العمري ضعيف. الثالث صالح بن أبي الأخضر رواه النسائي في الكبرى والبيهقي وصالح ضعيف، ويأتي تصريح ابن عيينة بوهمه في هذا الحديث. الرابع والخامس والسادس والسابع إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وصالح بن كيسان ويحيى بن سعيد وسفيان بن حسين رواها النسائي في الكبرى وقال إنها خطأ وسفيان بن حسين ليس بقوي في الزهريّ وكذا نقل ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه وأبي زرعة وإِن وقع له أولهما خطأ من جهة أخرى. الثامن حجاج بن أرطأة رواه ابن عبد البر في التمهيد، وحجاج معروف بالضعف

وسوء الحفظ وخالفهم الثقات كعبيد الله بن عمر ومعمر ويونس بن يزيد وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد في الرواية الصحيحة عنه وزياد بن سعد وابن جريج ومحمد بن الوليد الزبيدي وبكر بن وائل فوافقوا كلهم مالكًا على روايته عن الزهريّ مرسلًا عن عائشة دون ذكر عروة. ذكرهم الترمذي والنسائي والبيهقي والقاطع في تصحيح قول هؤلاء ورد قول الأولين ما رواه الترمذي والطحاوي والبيهقي كلهم من رواية روح بن عبادة عن ابن جريج قال: قلت لابن شهاب: أحدثك عروة عن عائشة بهذا الحديث؟ فقال: لم أسمع من عروة في هذا شيئًا ولكن حدثني ناس في خلافة سليمان بن عبد الملك عن بعض من كان يدخل على عائشة أنها قالت فذكره. قال البيهقي. وكذا رواه عبد الرزاق ابن همام ومسلم بن خالد عن ابن جريج. ورواه الطحاوي عن ابن أبي داود ثنا نعيم قال: سمعت ابن عيينة يقول: سئل الزهريّ عن حديث عائشة أصبحت أنا وحفصة صائمتين فقيل له: أحدثك عروة؟ قال: لا. ورواه البيهقي من طريق محمَّد بن منصور الجواز عن سفيان قال: "سمعناه من صالح بن أبي الأخضر عن الزهريّ عن عروة عن عائشة. قال سفيان: فسألوا الزهريّ وأنا شاهد. فقالوا أهو عن عروة قال: لا" ثم رواه البيهقي من طريق أبي بكر الحميدي عن سفيان

نحوه. وزاد: قال سفيان: فظننت أن صالحًا أتى من قبل العرض قال أبو بكر الحميدي: أخبرني غير واحد عن معمر أنه قال في هذا الحديث: لو كان من حديث عروة ما نسيته. قال البيهقي: فهذان ابن جريج وابن عيينة شهدا على الزهريّ وهما شاهدا عدل بأنه لم يسمعه من عروة فكيف يصح وصل من وصله؟ قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمَّد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: لا يصح حديث الزهريّ عن عروة عن عائشة. وكذا قال محمَّد بن يحيى الذهلي واحتج بحكاية ابن جريج وسفيان بن عيينة وبإِرسال من أرسل الحديث من الأئمة. قلت: وقد ورد من وجه آخر عن عروة عن عائشة أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى والبيهقي من طريق يزيد بن الهاد عن زميل مولى عروة عن عروة عن عائشة. قال أبو سعيد بن الأعرابي: هذا الحديث لا يثبت. وقال النسائي: زميل ليس بالمشهور. وأسند البيهقي عن ابن عدي قال: زميل بن عباس عن عروة وعنه ابن الهاد لا يعرف لزميل سماع من عروة ولا لابن الهاد من زميل ولا تقوم به الحجة، سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري. قال البيهقي: وروي من أوجه أخرى عن عائشة لا يصح شيء منها قد بينت ضعفها في الخلافيات. قلت: منها ما رواه النسائي في الكبرى والطحاوي في معاني الآثار من حديث جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وقال النسائي: هذا خطأ وقال البيهقي وجرير بن حازم وإِن كان من الثقات فهو واهم فيه، وقد خطأه فيه أحمد ابن حنبل وعلي بن المديني، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن عائشة مرسلًا. ثم أسند عن أبي بكر الأثرم أنه قال لأحمد بن حنبل: تحفظه عن يحيى عن عمرة عن عائشة؟ فأنكره وقال: من رواه؟ قلت: جرير بن حازم. قال: جرير كان يحدث

بالتوهم ثم أسند البيهقي عن أحمد بن منصور الرمادي قال: قلت لعلي بن المديني يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فقال لي: من روى هذا؟ قلت: ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك وقال: مثلك يقول مثل هذا! حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهريّ أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين. وقال الطحاوي: احتج قوم في إفساد هذا الحديث أيضًا بأن حماد بن زيد قد رواه عن يحيى بن سعيد موقوفًا ليس فيه عمرة حدثنا بذلك ابن أبي عمران ثنا أبو بكر الرمادي ثنا علي بن المديني ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد بذلك يعني ولم يذكر عمرة كذا قال الطحاوي. والصواب ما سبق عند البيهقي. ومنها ما رواه ابن أبي شيبة: ثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير أن عائشة وحفصة. الحديث. وخصيف ضعيف مضطرب الحديث. وقد رواه مرة أخرى فقال: عن عكرمة عن ابن عباس أن عائشة وحفصة .. أخرجه الطبراني في الكبير ورواه مرة أخرى فقال: عن مقسم عن عائشة ذكره أبو حاتم في العلل. ومنها ما رواه حماد بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أصبحت عائشة وحفصة صائمتين الحديث، أخرجه البزار والطبراني في الأوسط, وقالا: تفرد به حماد بن الوليد. زاد البزار: وحمّاد لين الحديث. قلت: بل قال ابن حبان: يسرق الحديث ويلزق بالثقات ما ليس

من حديثهم. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. ومنها ما رواه الطبراني في الأوسط والعقيلي في الضعفاء كلاهما من حديث محمَّد بن أبي سلمة المكي عن محمَّد بن عمرو عن ابن سلمة عن أبي هريرة قال: "أهديت لعائشة وحفصة هدية وهما صائمتان" الحديث. وقال العقيلي لا يتابع محمَّد بن أبي سلمة على هذا الحديث وقال أبو حاتم: إنه مجهول. 855 - حديث أم هانئ يوم فتح مكة وقولها للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد أفطرتُ وكنت صائمةً فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - كنتِ تقضينَ شيئًا؟ قالت: لا. قال: فلا يَضُرّك إن كان تطوعًا". الطيالسي وأحمد وأبو داود واللفظ المذكور في الأصل له والترمذي

والنسائي في الكبرى والطحاوي والدارقطني والبيهقي والحاكم وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه وعند أكثرهم "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإِن شاء أفطر" وفي إسناده اضطراب إلا أن سند أبي داود سالم من ذلك. والحديث صحيح كما قال الحاكم والذهبي وبيان ذلك يطول. 856 - حديث عائشة قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إنا خبأنا لك حَيْسًا فقال: أما إني كنت أريد الصَّومَ ولكن قربيه".

مسلم وأبو داود والطحاوي والدارقطني والبيهقي بألفاظ منها عند مسلم عنها قالت: "دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإِني إذًا صائم. ثم أتانا يوم آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل" وفي لفظ له أيضًا قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئًا قال: ما هو؟ قلت حيس. قال هاتيه، فجئت به فأكل ثم قال: قد كنت أصبحت صائمًا".

11 - كتاب الإعتكاف

11 - كتاب الإعتكاف

857 - قوله: (والاعتكاف مندوب إليه بالشرع). قلت: وذلك بمواظبته - صلى الله عليه وسلم - في كل رمضان، كما سيأتي، وبالترغيب فيه إلّا أن الوارد به قليل مع ضعفه. فقد روى الطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب من حديث عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن سليمان عن علي بن الحسين عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من اعتكف عشرًا في رمضان كان كحجتين وعمرتين". عنبسة متروك واتهمه أبو حاتم بوضع الحديث. وروى الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث ابن عباس قال:

العمل الذي يخص الإعتكاف

العمل الذي يخص الإعتكاف قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين". قال الحافظ: ولم أر في إسناده ضعفًا إلا أن فيه وجادة وفي المتن نكارة شديدة. 858 - قوله: (وبخاصة في العشر الأواخر منه إذ كان ذلك هو آخر اعتكافه - صلى الله عليه وسلم -). متفق عليه من حديث عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من

المواضع التي فيها يكون الإعتكاف

المواضع التي فيها يكون الإعتكاف رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده". وفيهما أيضًا من حديث عبد الله بن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان" وعند أبي داود وابن ماجه والبيهقي من حديث أُبي بن كعب قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عامًا، فلمّا كان في العام المقبل اعتكف عشرين ليلة". 859 - قوله: (وروي عن عائشة خلاف هذا وهو أن السنّة للمعتكف ألّا يشهد جنازة ولا يعود مريضًا).

يأتي.

860 - حديث: "أنَّ حَفْصَةَ وعائِشَةَ وزينبَ أزواجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - استأذَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الاعتكاف في المسجد فَأذِنَ لَهُنَّ حينَ ضربنَ أخبِيتَهُنَّ فيه". متفق عليه واللفظ للبخاري من حديث عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى انصرف إلى بنائه فأبصر الأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: البِّرَ أردن بهذا؟ ما أنا بمعتكف فرجع، فلما أفطر اعتكف عشرًا من شوال.

861 - قوله: (لما كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل منها في المسجد على ما جاء في الخبر). البخاري في التاريخ الكبير والبيهقي من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها ولأن تصلي في حجرتها خير لها من أن تصلي في الدار ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في المسجد"، لفظ البيهقي واختصره البخاري وذكر اختلافًا وقع في سنده وذلك في ترجمة يحيى بن جعفر بن أبي كثير. وروى أبو داود والحاكم من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن". وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا فيه زيادة وبيوتهن خير لهن. وروى أبو داود والبيهقي من حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها". وروى أحمد والحاكم والبيهقي والقضاعي في مسند

زمان الإعتكاف

زمان الإعتكاف الشهاب من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن". وروى البيهقي والقضاعي والديلمي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما صلت المرأة صلاة أحبّ إلى الله من صلاتها في أشد بيتها ظلمة". 862 - قوله: (على ما جاء في الأثر من اعتكاف أزواجه - صلى الله عليه وسلم - معه). البخاري وأبو داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم من حديث عائشة قالت: "اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة مستحاضة من أزواجه فكانت ترى الحمرة

والصفرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي". وتقدم قريبًا قصة حفصة وعائشة وزينب فإِنه يؤخذ ذلك من كونهن استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن لهن أولًا ثم منعهن لعارض. 863 - حديث: "أَنَّ عُمَرَ -رَضِي الله عَنْهُ- نَذَرَ أن يعتكف ليلة فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفي بنذْره" قال المصنف: خرّجه البخاري.

قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا مسلم والأربعة والدارقطني والبيهقي وجماعة من حديث ابن عمر "أن عمر قال: يا رسول الله إني نذرت أن

أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له: أوف بنذرك". وعند الدارقطني "أن عمر نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فلما كان في الإسلام سأل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أوف بنذرك فاعتكف عمر ليلة". 864 - حديث عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان وإِذا صلَّى الغَدَاة دخل مكانه الذي يعتكِفُ فيهِ". قال المصنف: خرّجه البخاري وغيره. قلت: نعم وهو متفق عليه وفي لفظ عنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد

شروط الإعتكاف ثلاثة

شروط الإعتكاف ثلاثة النية الصيام أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه". الحديث. وعند البخاري "كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خباء فيصلي الصبح ثم يدخله" الحديث. 865 - قوله: (والسبب في اختلافهم أن اعتكاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما وقع في رمضان) تقدم ما يدل على ذلك.

ترك مباشرة النساء

ترك مباشرة النساء 866 - حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن عروة عن عائشة قالت: "السُّنَّةُ للمعتكفِ أن لا يعودَ مريضًا ولا يشهدَ جنازةً ولا يمسَّ امرأةً ولا يباشِرَها ولا يخرجَ إلَّا إلى ما لابد منه ولا اعتكافَ إلَّا بصَوْمٍ وَلا اعتكافَ إلَّا في مَسْجِدٍ جَامِعٍ". قال أبو عمر بن عبد البر: لم يقل أحد في حديث عائشة هذا: السنة إلا عبد الرحمن بن إسحاق ولا يصح هذا الكلام عندهم إلا من قول الزهري وإذا كان الأمر هكذا بطل أن يجري مجرى المسند.

مطلق النذر بالإعتكاف هل من شرطه التتابع أم لا؟

مطلق النذر بالإعتكاف هل من شرطه التتابع أم لا؟ قلت: كذا وقع في الأصل عبد الرحمن بن إسحاق عن عروة والصواب عن الزهري عن عروة أخرجه أبو داود والبيهقي وقال أبو داود: غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه: قالت: "السنة" وجعله قول عائشة. وقال البيهقي: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون عائشة وأن من أدرجه في الحديث وهم فيه. فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة قال: المعتكف لا يشهد جنازة ولا يعود مريضًا. الخ وعن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال: المعتكف لا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة. قلت: وقد رواه الدارقطني من حديث ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعن عروة عن عائشة أنها أخبرتهما "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكفهنّ أزواجه

من بعده وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإِنسان" وذكر مثله. ثم قال الدارقطني: يقال: إنّ قوله: وإِن السنة للمعتكف إلى آخره ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وإِنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقد وهم. ورواه البيهقي من حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة مثله. وأخرجه أيضًا في المعرفة ثم قال: أخرجاه في الصحيح دون قوله: والسنة في المعتكف الخ. وإِنما لم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه؛ منهم من زعم أنه قول عائشة ومنهم من زعم أنه من قول الزهري ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة. فقد رواه سفيان الثوري فذكر مثل ما سبق عنه في السنن. وله طرق أخرى في خصوص الصيام في كل منها مقال. 867 - حديث عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتَكَفَ يُدْني إِليَّ رَأسَهُ وَهُوَ في المَسْجِدِ فَأُرَجِّلهُ وكان لا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لحَاجَةِ الإِنسان".

موانع الإعتكاف

موانع الإعتكاف متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الحيض. 868 - حديث ضباعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "أهِلِّي بالحج واشترطي أن تحلّي حيث حَبَسْتَني".

يأتي في الحج. 869 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرادَ أن يعتكفَ العشرَ الأواخرَ من رمضان فلم يعتكف فاعتكف عشرًا من شوال". متفق عليه وقد تقدم.

12 - كتاب الحج

12 - كتاب الحج والنظر فيه ثلاثة أجناس

الجنس الأول

الجنس الأول

870 - حديث ابن عباس: "أَنَّ امرأةً رَفَعَتْ صبيًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ألِهَذا حَجٌ؟ قال: نعم. ولك أجْرٌ". قال المصنّف: خرّجه البخاري ومسلم. قلت: وليس كذلك فإن البخاري لم يخرجه إنما خرجه مسلم وحده وأخرجه أيضًا مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي من رواية كريب عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بامرأة وهي في محفتها فقيل لها: هذا

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بعضد صبي كان معها فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر". ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله مثله. 871 - قوله: "ممن يصح وقوعُ الصلاة منه وهو كما قال -عليه الصلاة والسلام-: من السَّبع إلى العشر". أحمد والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والدولابي في الكنى والدارقطني والحاكم وجماعة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء

عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع" الحديث. وروى أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، من حديث سبرة بن معبد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها". 872 - "أنه - صلى الله عليه وسلم - سُئل ما الاستطاعة؟ فقال: الزَّادُ والرَّاحِلَةُ". الدارقطني والحاكم من حديث أنس في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ

حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قيل يا رسول الله ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ورواه الشافعي والترمذي وابن ماجه وابن عدي والدارقطني والبيهقي وغيرهم من

حديث عبد الله بن عمر. وابن ماجه والدارقطني من حديث ابن عباس. والدارقطني والبيهقي من حديث عائشة. والدارقطني من حديث جابر ومن حديث ابن مسعود ومن حديث عمرو بن العاص بأسانيد فيها مقال. ورواه سعيد بن منصور وجماعة من القدماء والبيهقي من طرق صحيحة عن الحسن مرسلًا. 873 - حديث ابن عباس "أنَّ امرأةً من خَثْعَم قالتْ يا رسول الله إنَّ فَريضَة الله في الحج على عباده أدركتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يَثْبُتَ على الراحلة أفَأحُج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع".

قال ابن رشد: خرجه الشيخان. قلت هو كذلك. ورواه أيضًا مالك وأحمد والأربعة وجماعة. 874 - حديث ابن عباس قال: "جاءت امرأةٌ من جُهَيْنَةَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إنَّ أُمي نذرت الحجّ فماتت أفَأحُجَّ عنها؟ قال: حُجي عنها. أرأيتِ لو كانَ عليها دين أكنت قاضيته؟ دين الله أحقُّ بالقضاء". قال ابن رشد: خرجه البخاري.

قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد وابن الجارود والدارقطني والبيهقي بهذا اللفظ، وله ألفاظ أخرى منها الذي قبله، وهو حديث مضطرب اضطرابًا شديدًا يتعذر الجمع معه بين ألفاظه وإن ادعى الحافظ إمكان ذلك على عادته في الجمع الظاهر البعد والتكلف. 875 - حديث ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمِعَ رجلًا يقول: لبَّيكَ عن شُبْرُمَة. قال: ومن شبرمة؟ قال: أخٌ لي أو قال: قريبٌ لي. قال: أحججتَ عن نفسِك؟ قال: لا. قال: فَحُجَّ عن نفسك ثم حُج عن شبرمة".

قال ابن رشد: وعلل هذا الحديث بأنه قد روي موقوفًا على ابن عباس. قلت: رواه أبو داود وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في مشكل

الآثار والدارقطني والبيهقي وغيرهم كلهم من طريق عبده بن سليمان عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. وصححه ابن حبان

فأخرجه في صحيحه من هذا الوجه أيضًا وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح ليس في هذا الباب أصح منه. وقال يحيى بن معين: أثبت الناس سماعًا من سعيد عبده بن سليمان. قال البيهقي: وكذلك رواه أبو يوسف القاضي ومحمد بن عبد الله الأنصاري ومحمد بن بشر عن ابن أبي عروبة. ورواه غندر عن سعيد بن أبي عروبة موقوفًا على ابن عباس، ومن رواه مرفوعًا حافظ ثقة فلا يضره خلاف من خالفه". قلت: ويؤيده ورود الحديث مرفوعًا أيضًا عن ابن عباس من أوجه أخرى من رواية عطاء وطاوس ووروده مرفوعًا أيضًا من حديث جابر بن عبد الله كما سأذكره. ورواية أبي يوسف خرّجها الدارقطني والبيهقي. ورواية محمد بن عبد الله الأنصارىِ ومحمد بن بشر خرّجهما الدارقطني. أما رواية عطاء عن ابن عباس فأخرجها الطبراني في الصغير من رواية يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال: "سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة. قال: حججت؟ قال: لا. فقال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة". قال الطبراني: لم يروه عن عمرو إلا حماد. قلت: وليس كذلك بل رواه عن عمرو بن دينار الحسن بن عمارة والحسين بن ذكوان والحسن بن دينار فرواية ابن عمارة عند الدارقطني والبيهقي

ورواية ابن ذكوان وابن دينار عند الدارقطني. ورواه الطحاوي والدارقطني والبيهقي من طريق يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس. ورواه الدارقطني والبيهقي من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الدارقطني من طريق عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عباس، كلهم قالوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه الشافعي والبيهقي من طريق ابن جريج عن عطاء مرفوعًا أيضًا لكنه أرسله فلم يذكر ابن عباس. ورواه الدارقطني والبيهقي من طريق الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا أيضًا. ورواه الدارقطني من طريق عمر بن يحيى بن نافع ثنا ثمامة بن عبيدة عن أبي الزبير عن جابر قال: "سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يلبي عن شبرمة" الحديث. مثله. وأغرب الحافظ فعزا حديث جابر إلى معجم الإِسماعيلي ثم قال: وفي إسناده من يحتاج إلى النظر في حاله. مع أنَّ الحديث في سنن الدارقطني وثمامة بن عبيدة المذكور في سنده ضعيف.

وبالجملة فالحديث صحيح كما قال ابن حبان والبيهقي وعبد الحق وابن القطان والحافظ وغيرهم وتقرير ذلك يستدعي طولًا والأمر فيه واضح. وقد أعله الطحاوي في مشكل الآثار بعلل لا تؤثر" وكذا غيره ممن لم يقل به. 876 - قوله: (وعمدة من قال هو على التوسعة أن الحج فرض قبل حج النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين). قلت: يشير إلى ما رواه ابن سعد في الطبقات عن الواقدي وهو في مغازيه أيضًا عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن شريك بن عبد الله عن كريب عن ابن عباس: "بعثت بنو سعد بن بكر في رجب سنة خمس ضمام بن ثعلبة وكان جلدًا أشعر ذا غديرتين وافدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث في سؤاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شرائع الإسلام المخرج في الصحيح الواقع في بعض طرقه عند مسلم قول ضمام فيه: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلًا. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق فبان من تعيين زمان وفادة ضمام بن ثعلبة وهو سنة خمس تقدم زمن فرض الحج مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحج إلا سنة عشر قبل انتقاله بنحو ثلاثة أشهر.

877 - حديث: "لا يَحلّ لامرأةٍ تؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن تسافرَ إِلَّا مع ذي مَحْرَم". قال ابن رشد: إنه ثبت من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر. قلت: هو كذلك فقد اتفق الشيخان على إخراجه من حديث الصحابة الأربعة

المذكورين. جمعها مسلم في كتاب الحج وفرقها البخاري في مواضع متعددة. إلا أن لفظ ابن رشد لا يوجد عندهما بل له عندهما ألفاظ ليس هذا منها وأقربها إلى لفظه رواية مسلم عن أبي هريرة بلفظ "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم". وفي رواية "تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" وفي رواية "لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم منها" وفي رواية له من حديث أبي سعيد الخدري "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها". 878 - حديث ابن عمر عن أبيه قال: "دَخَلَ أعرابي حَسَنُ الوَجْه أبيضُ الثيابِ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما الإسلامُ يَا رسُولَ الله؟ فقال: أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إِله إلَّا الله وأَنَّ

محمدًا رسول الله. الحديث" وفيه "وتَحُجَّ وتَعْتَمِر وتَغْتَسِلَ مِنَ الجَنَابَةِ". الدارقطني والبيهقي كلاهما من طريق محمد بن عبيد الله، ابن المنادى، ثنا يونس بن محمد ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث المطاولة المعروف في سؤال جبريل وفيه: "الإِسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء وتصوم رمضان قال: فإِن فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم. قال: صدقت. الحديث". قال الدارقطني: إسناد ثابت صحيح أخرجه مسلم بهذا الإسناد. وقال البيهقي: رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمد إلا أنه لم يسق متنه. قلت: وكذا صححه ابن خزيمة وابن حبان فأخرجاه في صحيحيهما وغيرهم أيضًا.

879 - حديث قتادة: "لمَا نَزَلَتْ {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اثنان حجةٌ وعمرةٌ فمن قَضَاهُما فقد قضى الفَريضَة". قال ابن رشد: رواه عبد الرّزاق عن معمر عن قتادة. قلت: وهو مرسل غريب ولم يذكره عبد الرزاق في تفسيره عند هذه الآية ولا ابن جرير مع اعتنائه بجل ما رواه عبد الرزاق. 880 - حديث زيد بن ثابت: "الحجُّ والعُمْرَةُ فَريضَتَانِ لا يَضُرُّكَ بأيِّهما بَدَأتَ". الدارقطني والحاكم في المستدرك كلهم من حديث إسماعيل بن مسلم عن محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت به. وقال الحاكم: الصحيح أنه عن زيد بن ثابت من قوله ثم أخرجه من رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن زيد بن ثابت سئل عن العمرة قبل الحج فقال: "صلاتان لا يضرك بأيهما بدأت". وهكذا رواه عنه البيهقي ثم قال: وقد رواه إسماعيل بن سالم عن ابن سيرين مرفوعًا والصحيح موقوف. قلت: كذا قال البيهقي: إسماعيل بن سالم، وإِنما هو إسماعيل بن مسلم كما وقع عند الدارقطني والحاكم، وهو ضعيف.

881 - قوله: (وروي عن ابن عباس "العمرة واجبة" وبعضهم يرفعه إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -). قلت: أما الموقوف فأخرجه الدارقطني والبيهقي من جهته ثم من رواية إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: "العمرة واجبة كوجوب الحج وهو الحج الأصغر". وإِسناده ضعيف، لكن له طرق أخرى عن ابن عباس منها عند الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق ابن جريج قال: "أخبرت عن عكرمة أن ابن عباس قال: العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلًا". وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين مع أنه وقع عنده عن ابن جريج: أُخبرت عن ابن عباس بدون ذكر عكرمة. وجمع البيهقي بين الطريقين طريق الحاكم وطريق الدارقطني من جهتهما. وأما المرفوع فلم أره من حديث ابن عباس نفسه بل من حديث غيره ثم هو بمعناه لا بلفظه. فأخرج الدارقطني ثم البيهقي من حديث ابن عباس قال: "الحج الأكبر يوم النحر والحج الأصغر العمرة". قال البيهقي: وقد روي في

هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخرج من طريق أبي يعلى الموصلي ما أخرجه أيضًا الدارقطني من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابًا وبعث به مع عمرو بن حزم، فيه: وأنّ العمرة الحج الأصغر ولا يمس القرآن إلا طاهر" لفظ الدارقطني. 882 - حديث ابن عمر: "بُنيَ الإِسلامُ على خَمْس". تقدم في الصلاة. 883 - حديث: "السائِل عن الإِسلام". مراده به حديث المطاولة الذي فيه سؤال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متفق عليه. ولي في طرقه جزء مفرد.

884 - حديث الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: "سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العُمرة أواجبة هي؟ قال: لا. ولأن تعتمر خير لك". قال المصنّف: قال أبو عمر: وليس هو -يعني الحجاج بن أرطاة- حجة فيما انفرد به. قلت: وهو كذلك في هذا الحديث وإِن لم ينفرد به بل تابعه عليه كذاب يسرق الأحاديث وآخر ضعيف واهم. والصحيح إنما هو عن جابر موقوفًا عليه. والحديث أخرجه أحمد والترمذي والطبراني في الصغير والدارقطني والبيهقي من أوجه عن الحجاج به مرفوعًا. وأغرب الترمذي فقال: إنه حسن. بل في رواية الكروخي عنه: حسن صحيح وذلك باطل لأن الحجاج بن أرطاة ضعيف. وعلى تسليم أنه يمكن تحسين حديثه فذلك فيما لم ينفرد به ولم يخالف الثقات، وهنا قد انفرد برفعه مخالفًا من هو أوثق منه في روايته عن جابر من قوله. فرفعه إذًا باطل جزمًا، ولهذا قال ابن حزم: إنه حديث كذب. وقال النووي: ينبغي أن لا يغترّ بكلام الترمذي في تصحيحه فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه. وقال البيهقي: هكذا رواه الحجاج بن أرطاة

مرفوعًا وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ فذكر بإِسناده عن ابن جريج والحجاج بن أرطاة أيضًا عن محمد بن المنكدر عن جابر أنه سئل عن العمرة أواجبة فريضة كفريضة الحج؟ قال: لا وأن تعتمر خير لك. ثم قال: هذا هو المحفوظ عن جابر موقوف غير مرفوع. وروي عن جابر مرفوعًا بخلاف ذلك وكلاهما ضعيف. يعني حديث ابن لهيعة عن عطاء عن جابر مرفوعًا "الحج والعمرة فريضتان". قلت: وقد سرقه أبو عصمة ورواه متابعًا للحجاج بن أرطاة عن ابن المنكدر مرفوعًا أيضًا. أخرجه ابن عدي. وأبو عصمة كذاب يضع الأحاديث لتأييد رأي شيخه أبي حنيفة، وتابعه أيضًا عبيد الله بن المغيرة فرواه عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا أيضًا. وعبيد الله واهم في رفعه وقد تفرد بذلك عن أبي الزبير. أخرجه الدارقطني مصرحًا باسم أبيه المغيرة ورواه الطبراني في الصغير والبيهقي في السنن. ووقع عندهما عبيد الله غير منسوب. فأما البيهقي فقال: وعبيد الله هو ابن المغيرة تفرد به عن أبي الزبير ذكره يعقوب بن سفيان ومحمد بن عبد الرحيم البرقي وغيرهما عن ابن عفير عن يحيى بن أيوب عند عبيد الله بن المغيرة ورواه الباغندي عن جعفر بن مسافر عن ابن عفير قال: عن يحيى عن عبيد الله بن عمر وهذا وهم من الباغندي. وقد رواه ابن أبي داود عن جعفر كما رواه الناس وإِنما يعرف هذا المتن بالحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر". وأما الطبراني فقال: "عبيد الله الذي روى عنه يحيى بن أيوب هذا الحديث هو عبيد الله بن جعفر

المصري. ولم يروه عن أبي الزبير غيره. تفرد به يحيى بن أيوب والمشهور حديث الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر" وقعت لابن حزم رواية الباغندي التي قال فيها: عن عبيد الله بن عمر إلا أنه تحرف عبيد الله المصغر بعبد الله المكبر فقال في المحلى: "أما حديث جابر فالحجاج بن أرطاة ساقط لا يحتج به. والطريق الأخرى أسقط وأوهن لأنها من طريق يحيى بن أيوب وهو ضعيف عن العمري الصغير وهو ضعيف". ا. هـ. والعمري الصغير هو عبد الله بن عمر العمري المكبر بخلاف أخيه عبيد الله المصغر الكبير فإِنه ثقة. وأما الذهبي فإِنه ألقى تبعة الوهم في الحديث على يحيى بن أيوب فأخرجه في ترجمته من الميزان وقال: "هذا غريب عجيب تفرد به سعيد هكذا عن يحيى بن أيوب". قلت: وهو ضعيف فينبغي الحمل فيه عليه. 885 - حديث أبي صالح الحنفي: "الحَجُّ واجِبٌ وَالعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ". قال ابن رشد: وهو حديث منقطع. قلت: رواه ابن أبي داود في المصاحف عن عمار بن خالد ثنا جرير عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح ماهان به بلفظ "الحجّ مكتوب والعمرة تطوّع". ورواه الشافعي والبيهقي من طريقه قال: "قاله سعيد بن سالم، واحتجّ بأنّ سفيان

الجنس الثاني

الجنس الثاني الثوري أخبره عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحجّ جهاد والعمرة تطوّع". قال الشافعي: فقلت له: أتثبت مثل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: هو منقطع. قال البيهقي: وقد روي من حديث شعبة عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة موصولًا والطّريق فيه إلى شعبة طريقٌ ضعيف. ورواه محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن ابن جبير عن ابن عبّاس مرفوعًا ومحمّد هذا متروك". قلت: حديث أبي هريرة روي من غير طريق شعبة أيضًا. أخرجه ابن قانع ثنا بشر بن موسى ثنا ابن الأصبهاني ثنا جرير وأبو الأحوص عن معاوية بن إسحاق به موصولًا، هكذا أورده ابن حزم ثمّ قال: "إنه كذبٌ بحتٌ من بلايا عبد الباقي بن قانع التي انفرد بها والنّاس رووه مرسلًا من طريق أبي صالح ماهان فزاد فيه أبا هريرة وأوهم أنّه أبو صالح السّمّان". قلت: لكن رواه أبو بكر الرازي في الأحكام عن ابن

قانع فقال: "حدثنا بشر بن موسى ثنا ابن الأصبهاني ثنا شريك وجرير وأبو الأحوص عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح به مرسلًا". فزاد في الإِسناد شريكًا وأسقط منه أبا هريرة ووصف أبا صالح بالحنفي، وهذا يؤيّد ما يتّهمه به ابن حزم من التّلاعب بالأسانيد والأحاديث وإِن لم يقبل ذلك منه المتعصّبون المغرضون. والحقّ واضح غنيٌّ عن التّعصّب والدّفاع لمن بانت خيانته. وحديث ابن عباس: رواه ابن قانع أيضًا. وفي الباب أيضًا عن طلحة بن عبيد الله أخرجه ابن ماجه وابن قانع كلاهما من طريق عمر بن قيس أخبرني طلحة بن يحيى عن عمّه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أنّه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحجّ جهادٌ والعمرة تطوّع". وأعلّه ابن حزم بعبد الباقي بن قانع وقال: "قد أصفق أصحاب الحديث على تركه وهو راوي كلّ بليّة وكذبة، ثمّ فيه عمر بن قيس سَندل وهو ضعيف". قلت: أمّا ابن قانع فبريء منه لأنّ ابن ماجه رواه من قبله. وأمّا عمر بن قيس المكّي فمتروك منكر الحديث، ومع ذلك فقد اضطرب فيه، فمرّة قال كما سبق، ومرّة قال: عن إسحاق بن عبد الله بن أبي

طلحة عن عمّه عن ميمونة عن النّبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه ابن أبي داود في المصاحف: ثنا يعقوب بن عبد الله بن أبي مخلد ثنا أبو منصور ثنا عمر بن قيس به. وهذا يدلّ على كذبه. 886 - قوله في مواقيت الإِحرام: (أمّا لأهل المدينة فذو الحُلَيْفَة وأمّا لأهل الشّام فالجُحْفَةُ ولأهل نجدٍ قَرَن ولأهل اليمن يَلَمْلَم؛ لثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر وغيره). قلت: وهو كذلك فقد اتّفقا على حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يهلُّ أهل المدينة من ذي الحُلَيفة، ويهلُّ أهل الشام من الجُحْفَةَ، ويهلّ أهل نجد من قَرَن. قال ابن عمر: وذكر لي ولم أسمع أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ومهلّ أهل اليمن من يلملم". واتّفقا أيضًا على حديث ابن عباس قال: "وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل

المدينة ذا الحُلَيْفة ولأهل الشام الجُحْفَة ولأهل نجد قَرَن المنازل ولأهل اليمن يَلَمْلَم. قال: فهي لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهنّ فمهلّه من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلّون منها". 887 - قوله: (وقالت طائفة: بل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أقّت لأهل العراق ذات عرق والعقيق، وروي ذلك من حديث جابر وابن عبّاس وعائشة). قلت: حديث جابر: رواه الشافعي وأحمد ومسلم والطحاوي في

معاني الآثار والدارقطني والبيهقي كلّهم من طريق ابن جريج "أخبرني أبو الزبير أنّه سمع جابر بن عبد الله يُسْأل من المهلّ فقال: سمعت -ثُمّ انتهى أُراهُ يريد رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مهلّ أهل المدينة من ذي الحُلَيفة والطّريق الآخر الجحفة ومهلّ العراق من ذات عِرْق ومهلّ أهل نجد من قَرَن ومهلّ أهل اليمن من يلملم". هكذا رواه ابن جريج بصيغة الشّكّ في رفعه. ورواه ابن لهيعة وإِبراهيم بن يزيد الخوزي وموسى بن عقبة عن أبي الزّبير فجزموا برفعه ولم يذكروا صيغة التردّد. فرواية ابن لهيعة خرّجها أحمد والبيهقي عنه قال: ثنا أبو الزّبير قال: سألتُ جابرًا عن المهلّ فقال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ." وذكر مثله. لفظ أحمد. وقال البيهقي: "كذا قاله عبد

الله بن لهيعة وكذلك قيل عن ابن أبي الزّناد عن موسى بن عقبة عن أبي الزّبير والصّحيح رواية ابن جريج ويحتمل أن يكون جابر سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول ذلك في مهلّ أهل العراق". ثمّ أخرج ما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر قال: "لمّا فتح هذان المصران أتوا عمر - رضي الله عنه - فقالوا: إنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأهل نجدٍ من قَرَن وهو يجوز عن طريقنا فإِن أردنا أن نأتي قَرَنًا شقّ علينا قال: فانظروا حذوها من طريقكم. قال: فحدّ لهم ذات عِرقْ". قلت: وهذا غير لازم لاحتمال أن يكونَ عمر - رضي الله عنه - لم يبلغه تحديد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات عِرْق لأهل العراق بل هو الواقع لوروده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طرق متعدّدة. ورواية إبراهيم بن يزيد خرّجها ابن ماجه من رواية وكيع عنه عن أبي الزّبير عن جابر قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال .. وذكر الحديث. وفيه: ومهلّ أهل المشرق من ذات عِرْق، ثمّ أقبل بوجهه للأفق ثمّ قال: اللهمّ أقبل بقلوبهم". وإِبراهيم بن يزيد متروك. ورواية موسى بن عقبة تقدّمت في كلام البيهقي مع الإِشارة إلى ضعفها أيضًا.

لكنّه ورد من وجهٍ آخر من رواية عطاء عن جابر أخرجه الطحاوي والدارقطني من رواية حفص بن غياث عنه عن عطاء عن جابر قال: "وقّت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل العراق ذات عرق". لفظ الدارقطني، وطوّله الطحاوي. ورواه الدارقطني والبيهقي من طريق يزيد بن هارون أنبأنا الحجاج عن عطاء عن جابر بن عبد الله وعن أبي الزّبير عن جابر بن عبد الله وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: "وقّت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - .. فذكر الحديث، وفيه: ولأهل العراق ذات عِرْق". وحديث ابن عباس: رواه أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي كلّهم من رواية سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي عن ابن عباس "أنّ النّبىّ - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل المشرق العقيق". قال الترمذي: حديث حسن. وتُعُقِّبَ بأنّ يزيد بن أبي زياد ضعيف وأنّ محمد بن علي لم يسمع من جدّه، والمعروف روايته عن أبيه عنه. وهو تعقّب مدفوع بأنّ يزيد وإِن كان فيه مقال فهو من شرط الحسن لاسيّما فيما ثبت

أصله أو جاء من وجهٍ آخر كهذا فهو من الحسن المقطوع به؛ ولذلك روى له مسلم في صحيحه وذكره في مقدّمته فيمن يشملهم اسم السّتر والصّدق وتعاطي العلم. وأمّا الانقطاع فإِنّ محمد بن علي قد قيل إنّه روى عن جدّه وعلى أنّ ذلك غير ثابت فهو محمولٌ على روايته عن أبيه عنه لأنّ جُلّ مروياته كذلك فهذا منها ويؤيّده ورود الحديث عن ابن عبّاس من وجه آخر فقد أخرجه البزار من جهة مسلم بن خالد الزّنجي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس قال: "وقّت رسول الله لأهل المشرق ذات عِرْق"، لكن رواه الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء مرسلًا بدون ذكر ابن عباس. قال ابن جريج: فقلت لعطاء: إنّهم يزعمون أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوقّت ذات عرق وأنّه لم يكن أهل المشرق يومئذ، فقال: كذلك سمعنا أنّه - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل المشرق ذات عرق". وهذا لا ينفي كونه سمعه من ابن عبّاس كما هو ظاهر، لاسيّما وقد ورد من وجه ثالث أيضًا أخرجه ابن عبد البَرّ في التمهيد من طريق قاسم بن أصبغ ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون ثنا حمّاد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عبّاس قال: "وقّت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل العراق ذات عِرْق". وهذا سندٌ رجاله رجال الصّحيح وهو أصحّ ممّا رواه الشّافعي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه قال: "لم يوقّت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات عِرْق ولم يكن حينئذٍ أهل مشرق فوقّت الناس ذات عِرْق". فلا تعارض بينه وبين روايته السّابقة، لضعف السّند ولاحتمال أنّه كان يرى هذا الرأي ثمّ بلغه حديث ابن عباس فصار يرويه، أو سمع الحديث من ابن عبّاس وحدّث به، ولكنّه رجع عن القول به لهذه الشبهة الباطلةَ التي قامت عنده، وقد ردّها النّاس عليه وعلى من قال مثل قوله وجعلوا ذلك غفلة منهم؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وقّت لأهل الشّام الجُحْفَة وهي دار كفر لم تفتح بعد فكذلك العراق.

فالنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقّت المواقيت لأهل الآفاق لعلمه أنّ الله تعالى سيفتحها على أمّته كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المخرّج في صحيح مسلم: "مَنَعَت العراقُ درهَمها وقفيزَها ومَنَعَت الشّام مُدّها ودِينارَهَا ومَنعَت مصر إرْدَبَّها ودينارَها وعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ". مع أنّ الأقطار الثلاثة كلّها لم تفتح في حياته - صلى الله عليه وسلم - وإِنّما فتحت في خلافة عمر - رضي الله عنه -. وحديث عائشة: رواه أبو داود والنسائي والطحاوي والدارقطني والبيهقي من حديث أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عِرْق". صحّحه ابن حزم وقال: "رجاله ثقات مشاهير". وقال ابن صاعد: كان أحمد ينكر على أفلح قوله ولأهل العراق ذات عِرْق. قال ابن عدي: ولم ينكر أحمد سوى هذه اللفظة وقد تفرد بها عند المعافى بن عمران وهو عندي صالح وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة. قلت: قد أنكر أحمد حديثًا آخر على أفلح ولا حقّ له في ذلك فالرّجل ثقة اتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه

والرواية عنه. وتوقيت النّبيّ - صلى الله علية وسلم - ذات عِرْق لأهل العراق صحّ من طرق فلا معنى لاتّهام أفلح به، والشبهة الموجبة لذلك في نظر أحمد باطلة كما قدّمناه. وفي الباب عن الحارث بن عمرو السّهمي عند أبي داود والدارقطني والبيهقي وعن أنس بن مالك عند الطحاوي في معاني الآثار والطبراني في الكبير وإسناده ساقط. وأغرب الحافظ فاقتصر على عزوه للطحاوي في أحكام القرآن مع أنّه في معاني الآثار ولم يعزه للطبراني وهو تابع في ذلك المارديني فإِنّه سلفه في عزوه إلى أحكام القرآن للطحاوي مع سكوته على سنده وهو من رواية هلال بن زيد عن أنس وهلال هو أبو عقال متروك متّهم، وقد صرّح الذّهبي في الميزان ببطلان حديثه هذا، ولكنّه اعتمد على مثل ما اعتمد عليه طاوس، وهي غفلة منكرة. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه الطحاوي والدارقطني والبيهقي وقد سبق. وعن عبد الله بن عمر رواه إسحاق بن راهويه، ومن طريقه أبو نُعيم في الحلية من طريق عبد الرّزّاق قال: سمعت مالكًا يقول: "وقّتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل العراق ذات عِرق فقلت له من حدّثك بهذا؟ فقال: حدّثني به نافع عن ابن عمر". كذا

نقله الزّيلعي من مسند إسحاق، والذي في الحلية من طريق إسحاق "وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَرَنًا بدل ذات عِرْق". وقال أبو نُعيم: تفرّد به عبد الرّزّاق عن مالك فيما قاله سليمان يعني الطبراني. قلت: وكذا قال الدارقطني في العلل وزاد: ولم يتابع عبد الرّزاق على ذلك. وخالفه أصحاب مالك فرووه عنه ولم يذكروا فيه ميقات أهل العراق. ورواه أبو نُعيم في الحِلية من طريق جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: وقّت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة، فذكر المواقيت. وفي آخره قال ابن عمر: وحدّثني أصحابنا أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل العراق ذات عِرْق. ثمّ قال أبو نُعيم: هذا حديث صحيح ثابت من حديث ميمون لم نكتبه إلَّا من حديث جعفر عنه. قلت: الثّابت في الصّحيح ليس فيه ذكر العراق بل فيه قول ابن عمر: وذُكِرَ لي ولم أسمع أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ومهلّ أهل اليمن من يلملم كما سبق قريبًا. وفي الباب أيضًا عن عروة مرسلًا أخرجه البيهقي. 888 - حديث: "دَخَلَت العُمْرَةُ في الحَجِّ إلى يَوْمِ القِيَامَةَ". أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم من حديث ابن عبّاس قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده الهديُ فليحلّ الحلّ كلّه فإِنّ العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة". ورواه الطيالسي وأحمد ومسلم وأبو داود وجماعة من حديث جابر بن عبد الله في حديثه الطويل في صفة حجّة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وفيه: فقال النّبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيّها النّاس إنّي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهديَ ولجعلتها عمرة فمن لم يكن معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة. فحلّ النّاس كلّهم فقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبّك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه فقال: بل للأبد. ثلاث مرّات. ثمّ قال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، لفظ أحمد. ورواه ابن ماجه والدارقطني من

حديث سراقة بن مالك نفسه وأصله عند النّسائي. 889 - حديث مالك عن نافع عن ابن عمر: "أَنَّ رَجُلًا سَألَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثّياب؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَا تَلْبسُوا القُمُصَ وَلَا العَمَائِمَ وَلَا السَّراوِيلاتِ وَلَا البَرَانِسَ وَلَا الخِفَافَ إلّا أحَدًا لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبس خُفَّيْنِ وليَقْطَعْهُمَا أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ وَلَا تَلْبسُوا مِنَ الثيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الوَرْسُ".

قلت: هو في موطأ مالك ورواه السّتّة كلّهم وغيرهم من حديث مالك وغيره عن نافع. 890 - حديث عمرو بن دينار عن جابر وابن عباس مرفوعًا: "السَّراوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِد الإزَارَ والخُفُّ لِمَنْ لَمْ يَجِد النَّعْلَيْن".

كذا في الأصل: عن جابر وابن عباس وإنّما هو عن جابر بن زيد عن ابن عباس والحديث أخرجه أحمد والسّتّة وغيرهم واللّفظ المذكور هنا لمسلم وأبي داود، وعند أحمد وغيرهما "خطبنا النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعرفات فقال: من لم يجد الإِزار فليلبس السّراويل ومن لم يجد النّعلين فليلبس الخفّين". وفي لفظ للبخاري "سمعت النّبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات". وقال أبو عمرو بن حمدان في الثاني من فوائد الحاج: أخبرنا أبو يعلى وهو في معجمه أيضًا قال: حدّثنا إبراهيم بن الحجّاج ثنا حماد بن زيد قال: جلست إلى أبىِ حنيفة بمكّة فجاء رجلٌ فقال: لبستُ سراويل وأنا محرم، أو قال: لبستُ خفّين وأنا محرم، شكّ إبراهيم، فقال أبو حنيفة: عليك دم. قال حمّاد: فقلت للرّجل: وجدتَ نعلين أو وجدت إزارًا؟ قال: لا. فقلت: يا أبا حنيفة إن هذا يزعم أنه لم يجد. فقال: سواء وجد أو لم يجد. قال حمّاد: فقلتُ حدثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: سمعتُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "السّراويل لمن لم يجد الإِزار والخفّان لمن لم يجد النّعلين". فقال بيده هكذا أي لا شيء. فقلت له: فأنت عمّن تقول؟ قال:

حدّثني حمّاد عن إبراهيم قال: عليه دم وجد أو لم يجد. قال: فقمتُ من عنده، فتلقّاني الحجّاج بن أرطاة فقلت له: يا أبا أرطاة ما تقول في محرم لبس سراويل ولم يجد الإِزار أو لبس الخفّين ولم يجد النّعلين؟ فقال: حدّثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عبّاس أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال .. وذكر الحديث، قال: وحدّثني نافع عن ابن عمر أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال مثله، قال: وحدّثني أبو إسحاق عن الحارث عن علي مثله. فقلت له: فما بال صاحبكم قال كذا وكذا؟ فقال: من ذاك وصاحب من ذاك؟ وقبّح الله ذاك. قلت: مثل هذه المعارضة الجافية القاسية هو الذي كان يحمل الأئمّة من السّلف على الطّعن في أبي حنيفة حتّى اتّهموه بالعظائم. ولو سلك كما سلك مالك رحمه الله في الجواب والاعتذار لكان أسلم لدينه وعرضه. ففي الموطأ: قال يحيى: سئل مالك عمّا ذكر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل. فقال: لم أسمع بهذا ولم أر أن يلبس المحرم سراويل لأن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس السّراويلات ممّا نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها ولم يستثن فيها كما استثنى في الخفين فاعتذر مالك بأنّه لا علم له بهذا الحديث ثمّ ذكر ما هو في نظره دليل على ضعف الحديث الذي لم يبلغه وهو معارضته للحديث الثابت عنده. فردّ الحديث بما هو مقبول متّبع في ذلك للعلماء بخلاف أبي حنيفة فإِنّه أشار بيده كالمستخفّ بالحديث ثمّ ردّه لمجرد رأي إبراهيم. وفي قول مالك: لم أسمع بهذا الحديث مع كونه في صحيح البخاري ومسلم وكونه مشهورًا بين سائر الأئمّة والحفّاظ

في عصره حجّة على مقّلديه الذين يعتقدون أنّه لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في السموات ولا في الأرض كما هو اعتقاد الجهلة في كلّ مجتهد. 891 - حديث ابن عمر: "لا تَلْبسوا مِنَ الثّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرانُ وَلَا الوَرْسُ". تقدّم قبل حديث واحد. 892 - حديث عليّ: "أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لبْس القَسِّيّ وعَنْ لبْس المُعَصْفَر". قال ابن رشد: خرّجه مالك. قلت: هو كذلك لكن ليس فيه ذكر المعصفر في الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، ولفظها عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القَسِّي وعن تختّم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع". قال الباجي: ووقع في رواية أبي مصعب زيادة، ولفظه "نهى عن لبس القَسِّيَ والمعصفر".

وتابعه على ذلك القعنبي ومعن بن عيسى وأحمد بن إسماعيل السّهمي وجماعة. قلت: منهم يحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم وقتيبة بن سعيد عند الترمذي وعبد الرّحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى عند أحمد ومحمد بن الحسن وهي في موطئه ورواية القعنبي هي عند أبي داود. ورواه النّسائي وابن ماجه من غير طريق مالك وعند جميعهم ذكر المعصفر أيضًا. والحديث له عن علي -عليه السلام- طرق أخرى في مسند أحمد وسنن النسائي وغيرهما. 893 - حديث عائشة قالت: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَإِذَا مَرَّ بِنَا رَكْبٌ سَدَلْنَا عَلَى وُجُوهِنَا الثَّوْبَ مِنْ قِبَلِ رُؤُوسِنَا وَإِذَا جَاوَزَ الرَّكبُ رَفَعْنَاهُ".

أبو داود وابن ماجة وابن الجارود والدارقطني والبيهقي كلّهم من حديث يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة به. وقال البيهقي: وكذلك رواه أبو عوانة ومحمد بن فضيل وعلي بن عاصم عن يزيد بن أبي زياد وخالفهم ابن عيينة فيما روي عنه عن يزيد فقال: عن مجاهد قال: قالت أم سلمة .. قلت: رواية ابن عيينة خرّجها الدارقطني عن يعقوب بن إبراهيم البزّار عن بشر بن مطر عنه، والحديث رواه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه وقال: في القلب من يزيد بن أبي زياد. ولكن ورد من

وجه آخر ثمّ روى من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: "كنّا نغطّي وجوهنا من الرجال وكنّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام". وهذا أخرجه أيضًا الحاكم وصحّحه على شرط الشيخين وأقرّه الذّهبي. لكن رواه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن فاطمة قالت: "كنّا نخمّر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق". وقد ذكره ابن رشد أيضًا. 894 - حديث: "نَهَى عَن النِّقَابِ والقُفَّازَيْنِ". قال المصنّف: خرجه أبو داود، وبعض الرّواة يرويَه مرفوعًا عن ابن عمر وصحّحه بعض الرّواة أعني رفعه إلى النّبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: الحديث رواه أحمد

والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي كلّهم من طريق اللّيث عن نافع عن ابن عمر قال: "قام رجل فقال: يا رسولَ الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإِحرام؟ فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لا تلبسوا القُمُصَ ولا السّراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلَّا أن يكون أحدٌ ليست له نعلان فليلبس الخفّين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئًا مسه زعفران ولا ورس. ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القُفّازين" لفظ البخاري، وقال عَقِبَهُ: تابعه موسى بن عقبة وإِسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق في النّقاب والقُفّازين. وقال أبو داود: "وقد روى هذا الحديث حاتم بن إسماعيل ويحيى بن أيوب عن موسى بن عقبة عن نافع على ما قال اللّيث. ورواه موسى بن طارق عن موسى بن عقبة موقوفًا على ابن عمر. وكذلك رواه

عبيد الله بن عمر ومالك وأيوب موقوفًا ورواه إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - "المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القُفّازين". ثمّ أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن إبراهيم بن سعيد المذكور. ومن طريق أبي داود خرّجه أيضًا البيهقي. ورواية موسى بن عقبة رواها النّسائي والبيهقي. ورواية جويرية خرّجها أبو يعلى والبيهقي ورواية محمد بن إسحاق خرّجها أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي ولفظه عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى النّساء في إحرامهنّ عن القُفّازين والنّقاب وما مسَّ الورس والزّعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزٍّ أو حلي أو سراويل أو خفّ أو قميص". وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

895 - حديث صفوان بن يعلى: "أن رجلًا جاء إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بِجُبَّةٍ مُضَمَّخَةٍ بِطيبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيب"؟ الحديث. قال ابن رشد: اختصرت الحديث. قال: وهو ثابت في الصّحاح. قلت: هو كذلك، إلَّا أن الحديث من رواية صفوان بن يعلى بن أميّة عن أبيه يعلى فهو صحابي الحديث لا صفوان. أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي وجماعة من رواية عطاء "أنّ صفوان بن يعلى بن أميّة أخبره أنّ يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ليتني أرى

النّبي - صلى الله عليه وسلم - حين ينزل عليه. قال: فلمّا كان بالجعرانة وعلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظلّ به، معه ناسٌ من أصحابه منهم عمر إذ جاءه رجلٌ عليه جبّة متضمّخًا بطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبّةٍ بعدما تضمّخ بطيب؟ فنظر النّبي - صلى الله عليه وسلم - ساعةً ثمّ سكت فجاءه الوحي فأشار عمر إلى يعلى أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه فإِذا النّبي - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثمّ سُري عنه فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟ فالتمس الرّجل فأتي به فقال النّبي- صلى الله عليه وسلم -: أمّا الطّيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأمّا الجبّة فانزعها ثمّ اصنع في عمرتك كما تصنع في حجّتك". 896 - حديث مالك عن عائشة قالت: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أن يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أن يَطُوفَ بالبَيْتِ". أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من طريق مالك ومن

طريق جماعة غيره. 897 - حديث عائشة أنّها قالت وقد بلغها إنكار ابن عمر تطيّب المحرم قبل إحرامه: "يَرْحَم الله أَبَا عَبْدِ الرَّحْمن، طَيّبْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ أصْبَحَ مُحْرِمًا". أحمد ومسلم والنّسائي والطحاوي والبيهقي من حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنَّه سأل عمر عن الرجل يتطيّب عند إحرامه

فقال: "لأن أطّلي بقطران أحبّ إليّ من أن أفعله". قال: فسأل أبي عائشة وأخبرها بقول ابن عمر فقالت: "يرحم الله أبا عبد الرحمن. كنت أطيّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمّ يطوف على نسائه ثمّ يصبح محرمًا ينتضح طيبًا". 898 - حديث عبد الله بن حنين: "أنَّ ابنَ عبّاسٍ والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَة اختلفا بالأبْوَاءِ فقال عبدُ الله: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. قال: فأرسَلَني عبدُ الله بنُ عباسٍ إلى أبي أيوبَ الأنصاريّ فوجدتُه يغتسلُ بين القرنين.

الحديث في غسل المحرم رأسه. قال ابن رشد: رواه مالك.

قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي. 899 - حديث أبي قتادة: "أنّه كانَ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كانوا ببعضِ طريقِ مكَةَ تخلَّفَ مَعَ أصحابٍ لَهُ مُحْرِمينَ وهو غيرُ محرمٍ فَرَأى حمارًا وَحْشِيًا فاستَوَى على فَرَسِهِ فَسَألَ أصحابهُ أن يناوِلُوهُ سَوْطه، فَأبَوْا عليه فسألهم رُمْحَه فأبوا عليه فأخذه ثُمَّ شدَّ على

الحمارِ فقتَله، فأكلَ منه بعضُ أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبَى بعضُهم، فلمَّا أدْرَكُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن ذلك فقال: "إنَّما هِيَ طُعْمَةٌ أطعَمَكُمْ الله". قال ابن رشد: خرّجه مالك. قلت: هو كذلك. وأخرجه أيضًا أحمد والستّة كلهم وجماعة آخرون.

900 - حديث عبد الرحمن التيمي قال: "كُنّا مَعَ طلحةَ بن عبيد الله ونحنُ مُحرمون فَأُهْدِيَ له ظبىٌ وهو راقدٌ فَأَكَلَ بعضُنا، فاستيقظ طلحة فوافق على أكله، وقال: أكلناهُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -". قال ابن رشد: ذكره النسائي. قلت: هو كذلك. إلا أنّ الحديث خرّجه أيضًا مسلم في الصحيح فالعزو إليه أولى. وكان من حقّه أيضًا أن يقول: خرّجه أو رواه؛ لأنّ ذكره تقال فيما يذكر بغير إسناد. ثمّ إنّ الحديث عند مسلم والنّسائي وغيرهما بلفظ "فأهدي له طير" بدل ظبي. وعند البيهقي: "فأهدوا لنا لحم صيد وطلحة راقد فمنّا من أكل ومنّا من تورّع فلم يأكل. فلَما استيقظ قال للذين أكلوا: أصبتم. وقال للذين لم يأكلوا: أخطاتم؛ فإِنّا قد أكلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن حرم". وهكذا هو عند أحمد والدارمي أيضًا. 901 - حديث ابن عباس عن الصّعب بن جثامة أنّه أَهْدَى لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا

وهو بالأبواء أو بِوَدّان فَرَدَّهُ عليه وقال: "إنّا لم نَرُدَّهُ عليكَ إلَّا أنّا حُرُمٌ". قال ابن رشد: خرّجه مالك. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا: أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي.

902 - حديث جابر: "صيدُ البَرِّ حلالٌ لكم وأنتُمْ حُرُمٌ ما لَمْ تَصِيدُوه أو يُصَادَ لكم". الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صيد البرّ لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم". وعند بعضهم: "لحْم صيد البرّ". الحديث. وقال الترمذي: المطلب لا نعرف له سماعًا من جابر. وقال النسائي: عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد

روى عنه مالك، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وكذلك صححه ابن خزيمة وابن حبّان وغيرهم. وقال ابن حزم: إنَّه خبر ساقط لأنّه عن عمرو بن أبي عمرو وهو ضعيف. وأعلّه المارديني بأربع علل أحلاها الكلام في المطلب. ثانيتها أنّه لا سماع له من جابر فالحديث منقطع. ثالثتها الكلام في عمرو. رابعتها أنّه اختلف عليه فيه فقيل: عنه عن المطلب عن جابر. وقيل: عنه عن رجل عن جابر، وقيل: عنه عن المطلب عن أبي موسى. قلت: أمّا المطلب فثقة، لم يتكلم فيه أحد إلا أنهم وصفوه بأنه كان يرسل الأحاديث. وهذا ليس بجرح. وانفرد ابن سعد وحده بقوله: ليس يحتج بحديثه؛ لأنه يرسل كثيرًا وليس له لغي وهذا في الحقيقة جرح في ابن سعد الذي يتعرض لجرح الناس بما ليس هو جرحًا فكأنه لا يفهم الجرح وما عدا هذا فقد وثقه أبو زرعة ويعقوب بن سفيان وابن حبان والدارقطني، وكفى. وأمّا كونه لم يسمع جابرًا فليس ذلك متفقًا عليه؛ فقد قال أبو حاتم: إنّه سمع منه، بل قد قالوا: إنّه سمع ممّن كانت وفاته قبل وفاة جابر بن عبد الله بمدّة طويلة كعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-. بل قال البخاري في التاريخ: إنّه سمع من عمر بن الخطاب

, وإن تعقب بأنّ هذا وهم، والصواب عبد الله بن عمر، وهو أيضًا ممّن توفي قبل جابر بن عبد الله، وكلاهما كان بالمدينة الشريفة. أمّا مولاه عمرو بن أبي عمرو فقد اختلف فيه، ولكن روى عنه مالك، وخرّج له البخاري ومسلم، ووثقه جماعة إلَّا أنهم وصفوه بأنّه كان يهم ويخطئ، وذلك ما يدل عليه اضطرابه في هذا الحديث؛ فقد رواه يعقوب بن عبد الرحمن كما عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والطحاوي الدارقطني والحاكم والبيهقي عنه عن المطلب عن جابر. وتابعه على ذلك يحيى بن عبد الله بن سالم عند ابن الجارود والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي وتابعهما إبراهيم بن أبي يحيى عند

الشافعي والدارقطني وكذلك مالك عند الدارقطني وسليمان بن بلال عند الشافعي والبيهقي. وخالفهم الدراوردي فقال: عن عمرو عن رجل من الأنصار عن جابر رواه الشافعي وأحمد والطحاوي والدارقطني وتابعه ابن الزناد رواه أحمد, لكن رجّح الشافعي والبيهقي قول الجماعة الأولى. فقال الشافعي عقب رواية الدراوردي: "ابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي، وسليمان مع ابن أبي يحيى". وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق يعقوب بن عبد الرحمن ويحيى بن

عبد الله بن أبي سالم وسليمان بن بلال عن عمرو: "فهؤلاء ثلاثة من الثقات أقاموا إسناده عن عمرو وكذلك رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد يعني ابن أبي يحيى. وكذلك رواه محمد بن سليمان بن أبي داود عن مالك بن أنس عن عمرو". ثمّ أسند عن الشافعي قوله: "وابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي وسليمان مع ابن أبي يحيى". قال البيهقي: "وكذلك يعقوب بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم وهما مع سليمان من الأثبات". قلت: لكن سليمان اختلف عليه فيه أيضًا؛ فرواه الدارقطني من طريق يونس ابن عبد الأعلى ثنا أشهب ثنا عبد العزيز عن سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سَلَمة عن جابر به. إلَّا أنّ ذكر سليمان بن بلال في هذا الإِسناد عندي وهم. والصواب عبد العزيز وهو الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو. والله أعلم. أما من قال: عن عمرو عن المطلب عن أبي موسى فيوسف بن خالد السمتي وهو متروك، بل كذّاب. رواه الطبراني في الكبير من جهته، لكن تابعه إبراهيم بن سويد عن عمرو. أخرجه الطحاوي عن ابن أبي داود عن ابن أبي مريم عن إبراهيم المذكور. وهو ثقة.

903 - حديث عثمان بن عفان: "لا يَنْكِحُ المحرمُ ولا يَخْطُب". قال ابن رشد: رواه مالك. قلت: وكذلك الشافعي وأحمد والدارمي والطيالسي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي وجماعة. ولم يذكر بعضهم: "ولا يخطب". وزاد الدارقطني: "ولا يخطب على غيره". فقال: ولا يخطب على غيره. وكذلك هو عند

ابن حبان في الصحيح. ورواه الدارقطني كذلك أيضًا من حديث ابن عمر. وفي الباب عن أنس بلفظ: "لا يتزوج المحرم ولا يزوج". رواه الدارقطني. 904 - حديث ابن عباس: "أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَكَحَ ميمونة وهو مُحرِم". قال ابن رشد: خرّجه أهل الصحيح. قلت: نعم، وكذلك خرجه الطيالسي وأحمد والأربعة وابن الجارود والطحاوي والدارقطني وجماعة.

905 - قوله إلّا أنّه عارضها آثار كثيرة عن ميمونة: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوّجها وهو حلال" رويت عنها من طرق شتى عن أبي رافع وعن سليمان بن يسار وهو مولاها وعن يزيد بن الأصم. قلت: لم يصرّح أحدٌ من هؤلاء بالرواية عنها إلَّا يزيد بن الأصم أخرج حديثه الشافعي وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والدارقطني وأبو نعيم في الحلية

والبيهقي وغيرهم عنه. قال: "حدثتني ميمونة بنت الحارث أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها وهو حلال". قال: "وكانت خالتي وخالة ابن عباس". أمّا حديث أبي رافع: فأخرجه أحمد والدارمي والترمذي والطحاوي والدارقطني. وأبو نعيم في الحلية والبيهقي كلّهم من طريق

حمّاد بن زيد عن مطر الورّاق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع، قال: "تزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونه وهو حلال، وبنى بها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما". وقال الترمذي: هذا حديث حسن ولا نعلم أحدًا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الورّاق عن ربيعة. ورواه مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار مرسلًا.

وكذلك رواه سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلًا. وقال ابن عبد البرّ: هذا عندي غلط من مطر لأنّ سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين وقيل سنة سبع وعشرين ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير. وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فلا يمكن أن يسمع سليمان من أبي رافع ويمكن أن يسمع من ميمونة لأنها مولاته أعتقته وماتت سنة ست وستين. وقال الطحاوي: "مطر ليس ممّن يحتج

بحديثه، وقد رواه مالك وهو أضبط منه وأحفظ فقطعه". وأمّا مرسل سليمان المذكور فرواه مالك والشافعي عنه والطحاوي من طريق مالك أيضًا عن ربيعة عن سليمان بن يسار أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا رافع ورجلًا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قبل أن يخرج. 906 - حديث: "لو اسْتَقْبَلْتُ من أمري ما استَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الهَدْيَ ولجعلتها عُمْرَةً". أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي وغيرهم من حديث

جابر بألفاظ ليس هذا منها. وعند مسلم "لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة". -بدون لام- وهو في حديث جابر الطويل في صفة حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي الباب عن غيره. 907 - حديث ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه قال: "قلتُ: يَا رسولَ الله أفَسْخٌ لَنَا خاصة أم لمن بعدَنا؟ قال: لَنا خاصّة". قال ابن رشد: وهذا لم يصحّ عند أهل الظاهر صحة يعارض بها العمل المتقدم. قلت: بل هو حديث ساقط بالمرّة باطل لا أصل له عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق ربيعة الذي تفرد به عن

الحارث بن بلال المجهول الذي لا يعرف فهو من افترائه أو من غلطه ووهمه؛ فإِنّ الحديث الصحيح المقطوع به قد صحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف هذا، وأنّ ذلك إلى الأبد مما هو قاطع بكذب هذا الحديث وبطلانه. 908 - قوله: "وروي عن عمر أنّه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهى

عنهما وأعاقب عليهما؛ متعة النّساء ومتعة الحج".

سعيد بن منصور في سننه: ثنا هشيم أنا خالد الحذاء عن أبي قلابة قال: قال عمر. فذكره. 909 - قوله: "وذلك أنّه روي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان مفردًا وروي أنّه تمتّع وروي أنّه كان قارنًا". قلت: سيذكر المصنف أحاديث في الأقوال الثلاثة.

910 - حديث عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة ومنّا من أهل بحج وعمرة، ومنّا من أهل بالحج وحده. وأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج". قال ابن رشد: خرّجه مالك. قال: ورواه أيضًا عنها من طرق كثيرة. قلت: أمّا بهذا اللفظ فرواه مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة ومن طريقه خرّجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وجماعة. ثم روى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج وعن أبي الأسود أيضًا عن عروة عن عائشة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج. وهكذا رواه مختصرًا من طريق القاسم عنها أحمد ومسلم والأربعة وغيرهم.

911 - قوله: "قال أبو عمر بن عبد البرّ: روي الإِفراد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جابر بن عبد الله من طرق شتى متواترة صحاح". قلت: المتقدّمون يطلقون على المشهور وما ورد من طريقين فأكثر. فالطرق عن جابر بما يفيد هذا المعنى لم تبلغ حدّ التواتر إنّما هي عن نحو ستة من أصحابه وهم: أبو سفيان وأبو الزبير وعطاء ومجاهد والباقر ومحمد بن المنكدر. ثم هي في الواقع ليست قاطعة في ذلك بل هي محتملة. ومن عبّر بما يفيد القطع فهو تصرّف منه ورواية بالمعنى على حسب ما فهم من قول جابر: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بالحج مفردًا". ففهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج مفردًا أيضًا. والواقع أن جابرًا لم يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قصد الصحابة وحدهم حتى أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالتمتع وفسخ الحج إلى العمرة كما صحّ عن جابر وغيره. والدليل على هذا أنّه ورد عن جابر التصريح بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا وأنّه جمع بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافًا واحدًا وسعى لهما سعيًا واحدًا مما هو صريح لا يقبل الاحتمال بخلاف قوله: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بالحج مفردًا" كما قدّمناه. فرواية أبي سفيان خرّجها أحمد والبيهقي من جهة أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: "أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته بالحج". زاد البيهقي: "ليس

معه عمرة". ورواية أبي الزبير خرّجها مسلم وأبو داود والطحاوي وغيرهم عنه عن جابر قال: "أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بحج مفرد" الحديث. ورواية عطاء متفق عليها عنه قال: حدثني جابر بن عبد الله أنّه حجّ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردًا فقال لهم: "أحلّوا من إحرامكم". الحديث. ورواية مجاهد خرّجها مسلم عنه عن جابر قال: "قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول: لبّيك بالحج فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجعلها عمرة". ورواية الباقي خرّجها مسلم وابن سعد وابن ماجه والطحاوي والبيهقي وجماعة من رواية

جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج". هكذا قال ابن سعد وابن ماجه. وقال الطحاوي عن جابر في حديثه الطويل: "فأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد، ولم يزد على الناس شيئًا ولسنا نرى إلَّا الحج ولا نعرف العمرة". وقال مسلم والبيهقي وجماعة: "فأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد؛ لبّيك اللهم لبّيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك. وأهلّ الناس بهذا الذي يهلّون به، فلم يردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئًا وشرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيته. قال جابر: لسنا ننوي إلَّا الحج، لسنا نعرف العمرة". الحديث بطوله. ورواية محمد بن المنكدر خرّجها ابن ماجه من طريق القاسم بن عبد الله العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان أفردوا الحج". والقاسم العمري كذاب وضّاع، فهو من إفكه؛ فإِنّ أحاديث جابر الصحيحة ليس فيها ذكر أبي بكر وعمر. وقد ورد عن جابر بن عبد الله من طرق متعددة من رواية أبي الزبير وعطاء ومجاهد والباقر وغيرهم في السنن وغيرها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بحجّه وعمرته طوافًا واحدًا". وفي لفظ الباقر عن جابر عند الدارقطني "أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - قرن العمرة والحج فطاف لهما طوافًا واحدًا". 912 - حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال: "تَمَتَّعَ

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في عامِ حجّة الوداع بالعمرة إلى الحجّ وأهدَى وسَاقَ الهَدْيَ مَعَهُ مِنْ فِي الحُلَيْفَة". متفق عليه من حديث الليث. وهو حديث طويل رواه البخاري في باب من ساق البدن معه عن يحيى بن بكير عن الليث، ومسلم في باب وجوب الدم على المتمتع عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده. 913 - حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -يقول وهو بوادي العقيق: "أتَاني الليلَة آتٍ من رَبّي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجّة". قال المصنف: خرّجه البخاري. قلت: هو كذلك في كتاب الحج وفي المزارعة وفي الاعتصام. وأخرجه أيضًا

أحمد وأبو داود وابن ماجه والطحاوي والبيهقي، ووقع عنده في رواية زيادة، ولفظه "أتاني جبريل -عليه السلام- وأنا بالعقيق فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل: عمرة في حجة فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة". 914 - حديث مروان بن الحكم قال: "شهدتُ عثمانَ وعليًا، وعثمانُ ينهىَ عن المتعة وأنْ يُجمعَ بينهما، فلما رأى ذلك عليٌّ أهَلَّ بِهِمَا، لبّيكَ بعُمرة وحجّة، وقال: ما كنت لأدع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد". قال ابن رشد: خرّجهُ البخاري. قلت: هو كذلك. وأخرجه أيضًا الطيالسي وأحمد والنسائي والطحاوي والبيهقي.

915 - حديث أنس قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لبّيكَ عُمرةً وحجّة". قال ابن رشد: خرّجه البخاري. قلت: بل هو متفق عليه. وكذلك خرّجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي وجماعة. وله عن أنس طرق بلغت حدّ التواتر لأنّه رواه عن أنس نحو العشرين من أصحابه.

916 - حديث مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجّة الوداع فأهْلَلْنَا بعُمرة ثمّ قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بالحجّ مع العمرةِ ثمّ لا يحلّ حتى يحلّ منهما جميعًا". متفق عليه من حديث مالك وهو في الموطأ لكنّه لم يسق لفظه من روايته عن ابن شهاب عن عروة، بل من روايته عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، فذكر الحديث بطوله ثمّ قال: وعن ابن شهاب عن عروة عن عائشة بمثل ذلك. والشيخان وغيرهما ساقوه بتمامه من طريق ابن شهاب عن عروة. 917 - حديث مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "إنّي

قَلّدتُ هَدْيي ولَبَّدْتُ رَأْسِي فلا أحلُّ حتى أنْحَرَ هَدْيِي". البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وجماعة. ولفظ الحديث عن حفصة أنّها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلّوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: "إنّي لبّدت رأسي وقلّدت هديي فلا أحلّ حتى أنحر". 918 - حديث "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سقتُ الهَدْيَ ولجعلتُها عُمْرَةً".

تقدم. 919 - حديث أسماء بنت عُمَيْس أنّها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء، فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مُرْهَا فَلْتَغْتَسِل ثُمَّ لتُهِلَّ". مالك والنسائي من طريقه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء به، وهو منقطع، لأنّ القاسم لم يلق أسماء. وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجه والبيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: "نفست أسماء بنت عُمَيْس بمحمد بن أبي بكر فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا

بكر. . . ." الحديث. قال البيهقي: "جوّده عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن وهو حافظ ثقة، ورواه مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه مرسلًا دون ذكر عائشة، ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن أبيه عن أبي بكر الصّدّيق - رضي الله عنه - أنه خرج حاجًا فذكره". قلت: رواية يحيى بن سعيد خرّجها النسائي وابن ماجه كلاهما من رواية خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد أنّه سمع القاسم بن محمّد يحدّث عن أبيه عن أبي بكر فذكره. وفيه: "فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها أن تغتسل ثم تهلّ بالحج وتصنع ما يصنع النّاس إلا أنّها لا تطوف بالبيت". وهذا أيضًا منقطع، لأنّ محمد بن أبي بكر لم يسمع من أبيه. وقيل أيضًا: إنّ القاسم لم يسمع من محمّد. قال ابن عبد البرّ: ولهذا الاختلاف في سند هذا الحديث أرسله مالك، فكثيرًا ما كان يصنع ذلك. وقال الدارقطني في العلل:

الصحيح قول مالك ومن وافقه. 920 - قوله: "واتّفق العلماء على أنّ لفظ تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لبّيك الّلهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك" وهي من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أصحّ سندًا". قلت: وأخرجه أيضًا الشافعي وأحمد والطيالسي والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنّسائي وابن ماجه وابن

الجارود والطحاوي والبيهقي وجماعة، كلّهم من حديث نافع عن ابن عمر قال: "كانت تلبية النبي- صلى الله عليه وسلم -". فذكره. 921 - حديث مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أتانِي جبريلُ فَأمَرَنِي أن آمر أصْحَابِي ومَنْ مَعي أن يَرْفَعُوا أصواتَهم بالتَّلْبِيَة أو بالإهْلال". قلت: اختلف في سند هذا الحديث على أقوال: الأول رواه مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه السائب بن خلاد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال

مثله. هكذا هو في الموطأ، وهكذا رواه الشافعي عن مالك، وكذلك أبو داود عن القعنبي والبيهقي من طريق ابن وهب كلاهما عن مالك. وكذلك هو في موطأ محمد بن الحسن عن مالك. وخالفهم خالد بن مخلد فقال: حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن خلاد بن السائب عن أبيه بدون ذكر عبد الملك بن أبي بكر. وتابع مالكًا سفيان بن عيينة فرواه عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك عن خلاد بن السائب عن أبيه كما قال مالك، هكذا رواه عن سفيان بن عيينة جمهور أصحابه؛ أحمد بن منيع عند الترمذي وإسحاق بن راهويه عند النسائي وابن أبي شيبة عند ابن ماجه، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ عند ابن الجارود ومحمد بن عيسى بن حيان عند البيهقي في السنن وأبي القاسم الخرقي في فوائده وإسحاق بن بهلول

والحسن بن محمد بن الصباح كلاهما عند الدارقطني والحميدي عند الحاكم في المستدرك وأحمد بن شيبان الرملي عند البيهقي وقال الترمذي: حديث خلاد عن أبيه حديث حسن صحيح. وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصحّ. والصحيح هو خلاد بن السائب عن أبيه وهو خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري. وقال البيهقي: "الصحيح رواية مالك وابن عيينة، كذلك قاله البخاري وغيره". قلت: وخالف هؤلاء عثمان بن محمد فرواه عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن خلاد بدون عبد الملك؛ رواه الدارمي عن عثمان. القول الثانى عن عبد الله بن أبي بكر عن خلاد بدون ذكر عبد الملك كما قاله خالد بن مخلد عن مالك وعثمان بن عمر عن ابن عيينة كما سبق. القول الثالث عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك عن خلاد بن السائب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون ذكر أبي خلاد. قال ابن جريج: "كتب إلي عبد الله بن أبي بكر"، فذكره. كذلك ذكره البيهقي في السنن ولم يسنده. والذي ذكره البخاري خلافه فإِنّه قال في التاريخ الكبير: قاله مالك وابن جريج وابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الملك بن

أبي بكر بن عبد الرحمن عن خلاد بن السائب بن سويد عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وسلم -. القول الرابع عن عبد الله بن أبي بكر عن خلاد بن السائب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون ذكر أبيه السائب وبدون ذكر عبد الملك بن أبي بكر رواه البخاري في التاريخ الكبير عن محمد بن يوسف عن الثوري عن عبد الله بن أبي بكر به، وكذلك قال يحيى ووكيع عن الثوري أيضًا. القول الخامس عن عبد الله بن أبي بكر عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن سويد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه البخاري في التاريخ عن عيسى بن يونس عن محمد بن عمرو عن عبد الله بن أبي بكر. القول السادس رواه سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله أيضًا فقال: عن خلاد بن السائب عن أبيه عن زيد بن خالد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري في التاريخ من طريق قبيصة عن الثوري. القول السابع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد بدون واسطة السائب. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم في المستدرك كلّهم من طريق وكيع، والبيهقي من طريق عبد الرزاق كلاهما عن الثوري به. قال البيهقي: "وكذلك رواه شعبة عن عبد الله بن أبي لبيد". قلت: وكذلك رواه موسى بن عقبة عن عبد الله بن أبي لبيد. أخرجه البخاري في التاريخ: ثنا معلى عن وهيب عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد الجهني عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل فقال: إن الله -عزّ وجلّ- يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإِنّها شعار الحج". القول الثامن عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرني جبريل برفع الصوت بالإِهلال فإِنّه من

شعار الحج" رواه أحمد والحاكم والبيهقي. من طريق ابن وهب عن أسامة بن زيد أنَّ محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وعبد الله بن أبي لبيد أخبراه عن المطلب به. وقال الحاكم: هذه الأسانيد -[يعني حديث خلاد بن السائب عن أبيه وحديث خلاد بن السائب عن زيد بن خالد وحديث المطلب عن أبي هريرة]- كلّها صحيحه وليس يعلّل واحد منها الآخر؛ فإِنّ السلف -رضي الله عنهم- كان يجتمع عندهم الأسانيد لمتن واحد كما يجتمع عندنا الآن. القول التاسع لموسى بن عقبة أيضًا. قال الدولابي في الكنى: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي أبو غسّان ثنا زهير ثنا موسى بن عقبة عن أبي المغيرة الجهني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل فقال لي: ارفع صوتك بالإِهلال فإِنّه شعار الحج". وقد ظنّ بعض المتأخرين أنّ أبا المغيرة الجهني هذا صحابي وليس كذلك، بل هو عبد الله بن أبي لبيد فإِنّ كنيته أبو المغيرة إلَّا أنَّ موسى بن عقبة أرسله ولم يسنده كما فعل سابقًا في رواية وهيب عنه. وفي الباب عن ابن عباس؛ قال أحمد: حدثنا عبد الصمد ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ثنا أبو حازم عن جعفر عن ابن عباس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل فأمرني أن أعلن بالتلبية". وجعفر المذكور هو ابن عياش من التابعين لم يجرحه أحد؛ فالسند صحيح. 922 - قوله: وقال أبو حازم: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يبلغون الروحاء حتّى تُبَحَّ حلوقُهم".

سعيد بن منصور في سننه، ثنا هشيم أنا الفضل بن عطية ثنا أبو حازم به. وروى ابن أبي شيبة من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أصواتهم بالتلبية حتّى تبحّ أصواتهم". 923 - حديث: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم". أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي من حديث جابر بن عبد الله قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: "لتأخذوا مناسككم؛ فإِنيّ لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد حجّتي هذه". ولفظ النسائي: "يا أيها النّاس خذوا مناسككم فإِنّي لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد عامي هذا". ولفظ ابن ماجه: "لتأخذ أمتي نسكها فإِنّي لا أدري. . . ." الحديث. وقال أبو

نعيم: "خذوا مناسككم لعلّي لا أحجّ بعد عامي هذا". وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رواه الدارقطني في الافراد من طريق ابن أبي فديك عن سليمان بن داود بن قيس عن أبيه عن موسى بن عقبة عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب القوم يوم النّحر فقال: "لتأخذ أمّتي مناسكها فإِني لا أدري لعلّي غير حاجّ بعد عامي". تنبيه: قال الحافظ في التلخيص: وروى الشيخان من حديث جابر "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النّحر وهو يقول: "خذوا عني مناسككم" الحديث. وهذا وهم من الحافظ من وجهين: أحدهما أنّ الحديث لم يخرجه البخاري بل هو من إفراد مسلم. وثانيهما أن لفظه "لتأخذوا" باللام في أوّله وبدون عنّي كما هو المتداول بين الفقهاء. وإنّما رواه النسائي بلفظ "يا أيها النّاس خذوا مناسككم" بدون عنّي أيضًا. 924 - حديث جابر قال: "أَهَلَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ التّلبِيَةَ التي فِي حديثِ ابن عمر وقال في حديثه: والناس يزيدون على ذلك "لَبَّيْكَ ذا المَعَارِجِ" ونحوه من الكلام. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمعُ ولا يقولُ شيئًا". أبو داود والبيهقي كلاهما من طريق يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. فأمّا أبو داود فباللفظ الذي ذكره المصنف، وأمّا البيهقي فقال: عن جابر

في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا معه حتى استوت راحلته على البيداء وأهلّ بالتوحيد: لبّيكَ اللهم لبّيك. لبيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك. قال: والناس يزيدون "ذا المعارج" ونحوه من الكلام، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلم يقل شيئًا". ثم رواه من طريق قتيبة بن سعيد عن محمد بن جعفر بالحديث. وفيه: "ولبّى النّاس لبيك ذا المعارج ولبيك ذا الفواضل، فلم يعب على أحد منهم شيئًا". 925 - حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُصلي فِي مسجدِ ذي الحُلَيْفَةِ ركعتينِ فإِذا استوتْ به راحِلَتُهُ أهَلَّ". قلت: هو كذلك في الموطأ ولم يسنده أحد فيما رأينا من طريق مالك ولا من طريق عروة، وورد موصولًا من وجوه أخرى من حديث جابر وابن عمر وابن عباس وغيرهم في الصحيحين والسنن وغيرها وسيأتي بعضها.

926 - قوله: (واختلفت الآثار في الموضع الذي أحرم منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحجته من أقطار ذي الحليفة؛ فقال قومٌ من مسجد ذي الحليفة بعد أن صلّى فيه). سبق في الذي قبله من مرسل عروة بن الزبير. وفي الموطأ والصحيحين والمسند وغيرها من حديث سالم بن عبد الله أنه سمع أباه يقول: "بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها. ما أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا من عند المسجد" يعني مسجد ذي الحليفة -وفي الباب عن غيره وسيأتي. 927 - قوله: (وقال آخرون: إنّما أحرم حين أطلّ على البيداء). ورد ذلك من حديث سعد وأنس وجابر بن عبد الله. فحديث سعد: رواه أبو داود والحاكم والبيهقي كلهم من حديث محمد

ابن إسحاق عن أبي الزناد عن عائشة بنت سعد بن أبي وقّاص قالت: قال سعد - رضي الله عنه -: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذا أخذ طريق الفُرع أهلّ إذا استقلت به راحلته، وإِذا أخذ طريق أُحُد". كذا قال أبو داود. وقال البيهقي: "وإذا أخذ طريق الأخرى أهلّ إذا علا على شرف البيداء". وقال أبو داود: "أهلّ إذا أشرف على جبل البيداء". واختصره الحاكم فاقتصر على قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ طريق الفرع أهلّ إذا استقلت به راحلته". وقال: صحيح على شرط مسلم. وحديث أنس: رواه أحمد وأبو داود والنسائي كلّهم من رواية الحسن عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى الظهر ثمّ ركب راحلته، فلمّا علا على جبل البيداء أهلّ". وحديث جابر: رواه أحمد والترمذي والنسائي والبيهقي وأصله في صحيح مسلم من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عنه قال: "لمّا أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجّ أذّن في النّاس فاجتمعوا، فلمّا أتى البيداء أحرم". لفظ الترمذي. وقال: حسن صحيح.

928 - (وقال قوم إنّما أهلّ حين استوت به راحلته). قلت: قاله ابن عمر وجابر وأنس وابن عبّاس وغيرهم. فحديث ابن عمر: في الصحيحين وغيرهما عنه بألفاظ منها: قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركب راحلته بذي الحليفة ثمّ يهلّ حين تستوي به قائمة". وحديث جابر: رواه البخاري من طريق عطاء عنه "أنّ إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة حين استوت به راحلته". وحديث أنس: متفق عليه من رواية ابن المنكدر عنه قال: "صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين، ثمّ بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلمّا ركب راحلته واستوت به أهلّ". وكذلك خرّجه أبو داود والترمذي والبيهقي. وحديث ابن عباس: رواه البخاري من جهة موسى بن عقبة عن كُرَيْب عن ابن

عباس في حديث طويل قال فيه: "انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة بعدما ترجّل وادّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلّا المزعفرة التي تَرْدَعُ على الجلد، فأصبح بذي الحليفة، ركب راحلته حتى استوى على البيداء أهلّ هو وأصحابه". الحديث. ورواه مسلم والبيهقي من جهة أبي حسان الأعرج عن ابن عباس "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بذي الحليفة إذا استوت به راحلته البيداء أحرم عند الظهر وأهلّ بحج". 939 - قوله: (وسئل ابن عباس عن اختلافهم في ذلك فقال: كلٌ حدّث لا عن أوّل إهلاله - صلى الله عليه وسلم - بل عن أوّل إهلال سمعه). الحديث. أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي كلّهم من طريق خصيف بن

عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير قال: "قلت لعبد الله بن عباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أوجب. فقال: إني لأعلم النّاس بذلك؛ إنّها إنّما كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجّةٌ واحدة فمن هناك اختلفوا. خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، فلمّا صلّى في مسجد ذي الحليفة ركعتيه أوجبه في مجلسه فأهلّ بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظه عنه ثم ركب، فلَمّا استقلت به ناقته أهلّ، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أنّ النّاس كانوا يأتون ارسالًا فسمعوه حين استقلّت به ناقته يهلّ فقالوا: إنّما أهلّ حين استقلّت به ناقته، ثمّ مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلمّا علا على شرف البيداء أهلّ، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنّما أهلّ حين علا على شرف البيداء، وأيم الله لقد أوجب في مصلّاه وأهلّ حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء. قال سعيد بن جبير: فمن أخذ يقول ابن عباس أهلّ في مصلّاه إذا فرغ من ركعتيه". قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". وأقره الذهبي. أمّا البيهقي فقال: "خصيف الجزري غير قوي، وقد رواه الواقدي بإِسناد له عن ابن عباس إلّا أنّه لا تنفع متابعة الواقدي". وتعقّبه النووي في المجموع فقال: قد خالف البيهقي في خصيف كثيرون من الحفاظ والأئمّة المتقدمين في هذا الشأن؛ فوثقه يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل وأبو حاتم وأبو زُرعة ومحمد بن سعد، وقال النسائي: صالح. 930 - حديث مالك عن ابن جريج أنّه قال لعبد الله بن عمر: "رأيتُكَ تفعلُ أربعًا لم

أرَ أحدًا يفعلُها. فذكر منها: ورأيْتُكَ إذا كنتَ بمكّة أهلَّ النّاسُ إذا رَأوا الهلالَ ولم تهلَّ أنت إلّا يومَ التروية، فأجابه ابن عمر: أمّا الإِهلالُ فإِني لم أرَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يهلُّ حتى تَنْبَعِثَ به راحلتُه". قلت: هو متفق عليه. بل أخرجه الجماعة كلّهم من حديث مالك عن سعيد

بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج "أنّه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها، قال: ما هنّ يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمسّ من الأركان إلَّا اليمانين، ورأيتك تلبس النّعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهلّ النّاس إذا رأوا الهلال ولم تهلّ أنت حتّى يكون يوم التروية، فقال عبد الله: أمّا الأركان فإنّي لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسّ إلَّا اليمانين، وأمّا النعال السبتية فإِني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها؛ فانا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها؛ فأنا أحب أن أصبغ بها، وأمّا الإِهلال فإِنّي لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهل حتى تنبعث به راحلته". 931 - حديث: "أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما زال يلبّي حتى رَمَى جمرة العَقَبة". متفق عليه من حديث عطاء قال: "أخبرني ابن عباس أنّ الفضل أخبره أنّ

النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتّى رمى جمرة العقبة"، لفظ مسلم، وعند البخاري من حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس "أنّ أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثُمّ أردف الفضل من المزدلفة إلى منى. قال: فكلاهما قال: لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة". 932 - حديث ابن عباس: "أنَّ الفَضْل بن عباس كانَ رديفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنّه لَبّى حتى رَمَى جمرةَ العقبة، وقطع التّلبية فِي آخِر حَصَاة".

ابن خزيمة في صحيحه من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل قال: "أفضت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفات فلم يزل يلبي حتّى رمى جمرة العقبة يكبّر مع كلّ حصاة، ثمّ قطع التلبية مع آخر حصاة". قال ابن خزيمة: هذا حديث صحيح مفسّر لما أبهم في الروايات الأخرى، وإن المراد بقوله حتى رمى جمرة العقبة أي أتمّ رميها.

933 - قوله في صفة الطواف: "لثبوت هذه الصفة من فعله - صلى الله عليه وسلم -". سيأتي ذلك في أحاديث. 934 - حديث أبي الطفيل قال: "قلتُ لابن عباس: زَعَمَ قومُكَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ طافَ بالبيتِ رَمَلَ، وأنّ ذلك سُنَّة. فقال: صَدَقُوا وكَذَبُوا". الحديث. قال ابن رشد بعد هذا: "وقد اختلف على أبي الطفيل عن ابن عباس فروي عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وذلك بخلاف الرواية الأولى". قلت: الحديث رواه أبو داود الطيالسي وأحمد، ومسلم وأبو داود

وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من طرق عن أبي الطفيل؛ فرواه أحمد، والطحاوي في معاني الآثار من رواية فطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس: زعم قومك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل بالبيت وأنّها سنّة. قال: صدقوا وكذبوا. قد رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وليست بسنّة، ولكن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والمشركون على قُعَيْقِعَان وبلغه أنّهم يقولون: إنّ به وبأصحابه هزالًا. فقال لأصحابه: ارملوا، أروهم أن بكم قوّة. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني فإِذا توارى عنهم مشى". هكذا قال الطحاوي: عن ابن مرزوق عن حجاج بن نضير عن فطر وأمّا أحمد فرواه عن يحيى عن فطر إلى قوله: "فأمرهم أن يرملوا ليريهم أنّ بهم قوة". ولم يزد أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني. ووافق فطر بن خليفة على ذكر المشي بين الحجر والركن عبد الله بن عثمان بن خثيم فذكر ذلك أيضًا عن أبي الطفيل. أخرجه أحمد وابن ماجه. ورواه الطحاوي من طريقه فلم يذكره، بل وقع عنده مختصرًا عن أبي الطفيل عن ابن عباس "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر من الجِعِرّانة فرمل بالبيت ثلاثًا ومشى أربعة أشوط". قال الطحاوي: ففي هذا الحديث أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمل الأشواط كلّها. كذا قال اعتمادًا على هذه الرواية التي وقعت إليه مختصرة، والواقع في رواية ابن خثيم بخلاف ذلك؛ فقد رواه أحمد من طريق

إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان به مطولًا، وفيه "فاستلم -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رمل حتى إِذا تضيف بالركن اليماني مشى إلى الركن الأسود". ورواه ابن ماجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن خيثم به بسياق آخر. وفيه "فلمّا دخلوا المسجد استلموا الركن ورملوا والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم، حتّى إذا بلغوا الركن اليماني مشوا إلى الركن الأسود، ثمّ رملوا حتّى بلغوا الركن اليماني، ثمّ مشوا إلى الركن الأسود ففعل ذلك ثلاث مرات ثمّ مشى الأربع. وخالفهما -أعني فطر بن خليفة وعبد الله بن عثمان- عبيد الله بن أبي زياد فقال: عن أبي الطفيل: "رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر إلى الحجر". أخرجه الطحاوي لكنّه لم يقل عن ابن عباس بل جعله من مسند أبي الطفيل نفسه. رواه جماعة عن أبي الطفيل عن ابن عباس فأطلقوا .. فرواه مسلم والبيهقي من رواية معبد الجُرَيْرِيّ عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ومشي أربعة أطواف السّنّة هو؟. فإِنّ قومك يزعمون أنّه سنة، فقال: صدقوا وكذبوا. قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إِنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة فقال المشركون: إنّ محمدًا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال، وكانوا يحسدونه، قال: فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثًا ويمشوا

أربعًا". الحديث. وهكذا رواه أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل. أخرجه الطيالسي وأحمد وأبو داود والطحاوي، وكذلك ابن أبي حسين أخرجه مسلم إلَّا أنّه لم يسق متنه بل أحاله على رواية الجريري. وليس بين رواية مَن أطلق الرمل ومن فصل اختلاف؛ لحمل الرواية المطلقة على المفصّلة؛ لأنّ فيها زيادة غير منافية، فهي روايات متّفقة، وإنما المخالفة رواية عبيد الله بن أبي زياد التي قال فيها: "من الحجر إلى الحجر"، وهي رواية منكرة؛ لشذوذها وضعف راويها عبيد الله المذكور مع مخالفته للثقات. 935 - حديث جابر: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَمَلَ الثلاثة الأشْواط فِي حجّة الوداع ومَشَى أرْبَعًا". قال ابن رشد: وهو حديثٌ ثابتٌ من رواية مالك وغيره. قلت: هو في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه أحمد

ومسلم وأهل السنن والصحاح وغيرهم، إلّا أن بعضهم يذكره مطوّلًا بتمامه وبعضهم يختصره فيذكر منه موضع الحاجة ومنهم مالك فذكر في موطنه هذه القطعة منه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. 936 - حديث: "خُذُوا عنّي مَنَاسِكَكُم".

تقدم. 937 - قوله: "وذلك أنه كان -عليه الصلاة والسلام- حين رمل واردًا على مكة". تقدم في حديث ابن عباس وجابر. ففي الأول أنّ ذلك كان في عمرة القضاء، في الثاني أنّه كان في حجة الوداع. 938 - حديث ابن عمر: "أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يستلم إلّا الركنين فقط". تقدم قريبًا في حديث مالك عن ابن جريج.

939 - حديث جابر قال: "كُنَّا نرى إذا طفنا أن نَسْتَلِمَ الأركانَ كُلَّها". الطحاوي في معاني الآثار، من رواية أبي الزبير عنه. 940 - حديث عمر بن الخطاب وقوله حين بلغ الحجر الأسود: "إنَّما أنت حجر، ولولا أنَّي رأيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قبّلكَ ما قبّلتُك". قال ابن رشد: رواه مالك. قلت: مالك رواه عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر. وهذا مرسل. وقد رواه

البخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من طرق شتى موصولة عن عمر أنّه قال: "إنّي لأعلم أنك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبّلك ما قبّلتك". 941 - قوله: (وحجة الجمهور أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت سبعًا وصلّى خلف المقام ركعتين). فيه أحاديث متعدّدة. ففي الصحيحين من حديث ابن عمر "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالحج والعمرة أول ما يقدم فإِنّه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعًا، ثمّ يصلّي سجدتين". وفي مسند أحمد وسنن أبي داود من حديث ابن عباس "أنّ

النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته، كلّما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلمّا فرغ من طوافه أناخ فصلّى ركعتين". وفي صحيح البخاري قال إسماعيل بن أمية: قلت للزهري: إنّ عطاء يقول تجزئه المكتوبة من ركعتي الطواف. فقال: السّنّة أفضل ولم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبوعًا قط إلَّا صلّى ركعتين. 942 - حديث: "خُذوا عنّي مناسِكَكُم". تقدم. 943 - قوله: (لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى الركعتين بعد وتر من طوافه).

هذا معلوم من الأحاديث في كونه - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعًا. 944 - حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا حِدثان قومك بالكفر لهدمتُ الكعبةَ ولصيّرتُها على قواعدِ إبراهيم". قال ابن رشد: رواه مالك. قلت: نعم، وكذلك أحمد والبخاري ومسلم والنّسائي والطحاوي كلّهم من طريق مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنّ عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألم تري أنّ قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم"؟ قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا

تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت". قال: فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلَّا أن البيت لم يتمّم على قواعد إبراهيم. 945 - حديث ابن عباس: "طافَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحِجْر". الحاكم والبيهقي عنه من رواية طاوس عن ابن عباس قال: "الحجر من البيت لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت من ورائه. قال الله تبارك وتعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ". ثمّ قال الحاكم: صحيح الإسناد.

946 - قوله: (أمّا وقتُ الطلوع والغروب فالآثار متفقة على منع الصلاة فيها). تقدم ذلك في الصلاة. 947 - حديث جبير بن مطعم: "أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: يَا بَني عبدِ مَنَاف أو يا بَنِي عبد المُطَّلب إنْ وليتم من هذا الأمر شَيْئًا فَلَا تَمْنَعُوا أحَدًا طافَ بهذا البيت أن يصلّي فيه أيَّ ساعةٍ شَاءَ من لَيْلٍ أوْ نَهار). قال ابن رشد: رواه الشافعي وغيره عن ابن عيينة بسنده إلى جبير بن مطعم. قلت: أمّا الشافعي فرواه في مسنده عن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير المكي عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم به ولم يقل: أو يا بني عبد المطلب، بل لفظه: "يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر النّاس شيئًا فلا يمنعن أحدًا طاف بهذا البيت وصلّى أيّ ساعة شاء من ليل أو نهار". قال الشافعي: وأخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله أو مثل معناه لا يخالفه، وزاد عطاء: يا بني عبد المطلب أو يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف. وأمّا غير الشافعي ممّن

رواه عن سفيان بن عيينة فجماعة منهم أحمد بن حنبل والحميدي وأحمد بن عمرو بن السّرح والفضل بن يعقوب وأبو عمّار المروزي وعلي بن خشرم وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور ويحيى بن حكيم ويونس بن عبد الأعلى والحسن بن عرفة ومحمد بن عباد. فرواية أحمد عنده في مسنده، ورواية الحميدي عند الحاكم في المستدرك، ورواية أبي السّرح والفضل بن يعقوب عند أبي داود، ورواية أبي عمار وعلي بن خشرم عند الترمذي، ورواية عبد الله بن محمد عند النسائي، ورواية يحيى بن حكيم عند ابن ماجه، ورواية يونس بن عبد الأعلى عند الطحاوي في معاني الآثار، ورواية الحسن بن عرفة عند الدارقطني، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: حسن صحيح، قال: وقد

رواه عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن باباه أيضًا. قلت: رواية عبد الله بن أبي نجيح خرّجها أحمد والبيهقي كلاهما من رواية بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح به. ثمّ إنّ مرسل عطاء الذي سبق عن الشافعي وصله الطحاوي من طريق إبراهيم بن يزيد بن مردانبه عن عطاء عن ابن عباس أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا بني عبد مناف إن ولّيتم هذا الأمر فلا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلّى أيّ ساعة، شاء من ليلٍ أو نهار". 948 - حديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت عُمَيْس: "اصنَعي ما يَصْنَعُ الحاجّ غير أن لا تَطُوفي بالبيت". تقدم من حديث أسماء بنت عُمَيْس في قصة نفاسها بمحمد بن أبي بكر وهي

بالبيداء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 949 - حديث: "الطّوافُ بالبيت صلاةٌ إلّا أنّ الله أحلّ فيه النّطق". الدارمي والترمذي وابن الجارود والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي وجماعة من حديث عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا "الطواف بالبيت صلاة إلّا أنّ الله أحلّ فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلَّا بخير" لفظ الدارمي، ولفظ الحاكم في التفسير مثله إلّا أنّه قال: "النطق" بدون ميم كما ذكره المصنف. وأخرجه الحاكم في التفسير أيضًا من وجه آخر من رواية سعيد بن جبير

عن ابن عباس به وقال: صحيح على شرط مسلم وأقرّه الحفّاظ على ذلك من كلا الوجهين. وكذلك صحّحه من الطريق الأولى ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم.

وأمّا من أعلّه بالاختلاف في رفعه ووقفه أو رجّح الموقوف على المرفوع فلم يصب في ذلك رغمًا عن كونه لم يقف على طريق سعيد بن جبير السالمة من الاختلاف. ورواه النسائي والمفضل الجندي في فضل مكة والبيهقي من طريق الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال. وذكره هكذا وقع عند البيهقي من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم مرفوعًا. ووقع عند النسائي

من طريق حجاج وابن وهب، وعند المفضل من طريق موسى بن طارق كلّهم عن ابن جريج به موقوفًا على رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقع عندهم أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال. لكن عزاه الحافظ إلى أحمد والنسائي من هذا الوجه مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمّ قال: "وهي رواية صحيحة تعضد رواية عطاء بن السائب وترجّح الرواية المرفوعة". قال: "والظاهر أنّ المبهم فيها هو ابن عباس". قلت: وقد راجعت مسند أحمد فإِذا هو قال: حدثنا روح وعبد الرزاق قالا أنا ابن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّما الطواف صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام". قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: ولم يرفعه محمد بن بكر. فكأن الحافظ حمل رواية النسائي على رواية أحمد وظنّ أنّه وقع عندهما مرفوعًا، ولم يقع كذلك عند النسائي. وآفة العزو التقليد.

950 - حديث: "أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَسْعَى ويقول: "اسْعَوا فإِنَّ الله كَتَبَ عليكُمْ السّعي". قال ابن رشد: روى هذا الحديث الشافعي عن عبد الله بن المؤمل قال: فضعفوا حديث ابن المؤمل. قلت: قال الشافعي: أخبرنا عبد الله بن مؤمل العايدي عن عمر بن عبد الرحمن ابن محيص عن عطاء ابن أبي رباح عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني بنت أبي تجراة إحدى نساء بني عبد الدار قالت: دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي

حسين ننظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وإِن مئزره ليدور من شدّة السعي حتّى إنّي لأقول: إنّي لأرى ركبتيه، وسمعته يقول: "اسعوا فإِن الله كتب عليكم السعي": ومن طريق الشافعي رواه الدارقطني والبيهقي ورواه أحمد والحاكم كلاهما من طريق يونس بن محمد عن عبد الله بن المؤمل به وسمّيا صحابية الحديث حبيبة بنت أبي تجراة. وكذلك رواه عن عبد الله بن المؤمل جماعة، وعبد الله المذكور مختلف فيه، والأكثرون ضعفوه لسوء حفظه فقط. وقد ورد الحديث من غير طريقه؛ فرواه الحاكم من طريق محمد بن عمر بن علي المقدمي عن الخليل بن عمر قال: سمعت ابن أبي نبيه يحدث عن جدته صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت تجراة قالت: كانت لنا صفة في الجاهلية. قالت: فاطلعت من كوة بين الصفا والمروة فأشرفت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا هو يسعى ويقول لأصحابه: "اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي". الحديث مثله. سكت عليه الحاكم وزعم الذهبي أنّه لم يصحّ. وليس كما قال، بل هو صحيح لوروده من أوجه أخرى منها طريق ابن المبارك عن معروف بن مشكان عن منصور بن عبد الرحمن عن أمّه صفيّة بنت شيبة قالت: أخبرتني نسوة من بني عبد الدار اللائي أدركن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلن "دخلنا على دار ابن أبي حسين فاطلعنا من باب مقطع فرأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشتدّ في المسعى حتى إذا بلغ رقاق

بني فلان، موضعًا قد سمّاه من المسعى استقبل الناس وقال: "يا أيها الناس اسعوا فإِنّ المسعى قد كتب عليه". رواه الدارقطني وسنده صحيح. ولا يضّر قولها "نسوة من بني عبد الدار" بدل قولها في الطريق الأول "حبيبة بنت أبي تجراة" فإِنّها من بني عبد الدار. ثمّ قد تكون حدثتها هي وغيرها فاقتصرت في الطريق الأول عليها وحدها وفي هذا ذكرت الجميع ومنها طرق أخرى وهم فيها بعض رواتها؛ فمنهم من قال: عن عطاء عن ابن عباس على الجادة، ومنهم من جعله من مسند صفية بنت شيبة لم يذكر بعدها حبيبة، ومنهم من قال: عن صفية عن تملك العبدرية وكل ذلك من سوء حفظ الرواة إلَّا أنّها تدلّ على ثبوت أصل الحديث، والطريق إلى الصواب من ذلك هي طريق عبد الله بن المؤمل كما قال الدارقطني. 951 - قوله: (تَوَاتَرَت بذلك الأثار. أعني وصل السعي بالطواف).

قلت: ذلك مذكور في جميع أحاديث من وصف أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج كجابر بن عبد الله وغيره، وتواتر ذلك من طريق التوارث والنقل الفعلي. 952 - حديث: "نَبْدَأُ بِمَا بَدَأ اللُّه به". مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله في حديثه الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم عزوه. وهو عند مالك في الموطأ مختصرًا كما هنا. 953 - حديث جابر: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا وَقَفَ على الصَّفا يُكبِّر ثلاثًا ويقول:

"لا إلهَ إِلَّا الله وَحْدهُ لا شَرِيكَ لَه، لَهُ المُلْك وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير". يَصْنَعُ ذلك ثَلاثَ مرات ويدعو ويَصْنَعُ على المروة مثل ذلك". هذا في حديث جابر الطويل في الحج. وقد تقدم عزوه. واللفظ المذكور هنا لمالك في الموطأ، وقد ذكره مختصرًا كما هنا، ومن طريقه رواه النسائي كذلك. 954 - حديث عائشة: "افْعَلِي كلَّ ما يفعل الحاجّ غير أن لا تَطُوفِي بالبيت ولا تَسْعَيْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَة". قال ابن رشد: تفرد بهذه الزيادة يحيى عن مالك دون من روى عنه هذا الحديث. قلت: نقل الحافظ في الفتح عن ابن عبد البَرّ أنّ هذه الزيادة لم يقلها عن

مالك إلّا يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري. وهذا النقل غريب عن ابن عبد البرّ وأخشى أن يكون وهمًا من الحافظ فإِنّ هذه الزيادة رواها يحيى بن يحيى الليثي القرطبي وهي موجودة في الموطأ المتداولة بين الناس اليوم من روايته ولفظه عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: "قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري". وقد رواه أصحاب مالك عنه بدون قوله "ولا بين الصفا والمروة" كما قال ابن عبد البرّ. وكذلك رواه محمد بن الحسن عن مالك بدونها كما في موطئه، وعبد الله بن يوسف كما في صحيح البخاري وسنن البيهقي وخالد بن مخلد كما في مسند الدارمي وكذلك

رواه سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم بدونها أيضًا كما في صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي وابن ماجه ومنتقى ابن الجارود وكذلك عبد العزيز بن أبي سلمة كما عند أحمد والبخاري ومسلم وحماد بن سلمة

كما عند الطيالسي ومسلم. وكذلك ورد عن عائشة من وجوه أخرى من رواية ابن أبي مليكة عنها كما عند الطيالسي ومن رواية الأسود عنها كما عند الترمذي. 955 - حديث: "الحَجُّ عَرَفَة". أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي

والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي وجماعة من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: "شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو واقف بعرفة وأتاه ناسٌ من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: "الحج عرفة. فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تمّ حجّه أيام منى ثلاثة فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه ثمّ أردف رجلًا خلفه فجعل ينادي بهنّ". 956 - قوله: (وأمّا صفته فهو أن يصل الإِمام إلى عرفة يوم عرفة قبل الزوال فإِذا زالت الشمس خطب الناس، ثمّ جمع بين الظهر والعصر في أوّل وقت الظهر، ثمّ وقف حتّى تغيب الشمس. وإِنّما اتّفقوا على هذا؛ لأنّ هذه الصفة مجمع عليها من فعله - صلى الله عليه وسلم -).

قلت: هذا مذكور في حديث جابر الطويل في صفة حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - المخرّج في صحيح مسلم وغيره كما سبق عزوه، ففيه قول جابر: "ما جاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشّمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس"، فذكر الخطبة، وقال: "ثمّ أذّن, ثمّ أقام فصلّى الظّهر، ثمّ أقام فصلّى العصر. ولم يصلّ بينهما شيئًا، ثمّ ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء الى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل رافعًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا

حتّى غاب القرص". الحديث. 957 - حديث جابر: "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا زاغَتِ الشَّمْسُ أمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرحَلَتْ له وأتَى بَطْنَ الوادِي". الحديث. تقدّم في الذي قبله. 958 - حديث جابر الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: "أنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين". هو المذكور قبله أيضًا. فقد سبق فيه قوله بعد الخطبة ثمّ أذّن ثمّ أقام فصلّى الظهر ثمّ أقام فصلّى العصر وذكر الحديث إلى أن قال: "حتى أتى المزدلفة فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين" ولم يسبح بينهما شيئًا. وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري والنسائي وعن أسامة في الصحيحين وعن

جماعة آخرين. 959 - قوله: (وقول مالك مروي عن ابن مسعود). يعني موقوفًا عليه غير مرفوع. أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري

والطحاوي والبيهقي من رواية عبد الرحمن بن يزيد قال: "خرجت مع عبد الله بن مسعود إلى مكة فلمّا أتى جَمْعًا صلى الصلاتين كلّ واحدة منهما بأذان وإِقامة ولم يصلّ بينهما". لفظ الطحاوي مختصرًا، وهو في الصحيح مطول. 960 - قوله: (لم يختلف العلماء أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما صلّى الظهر والعصر بعرفة

ارتفع فوقف بجبالها داعيًا إلى الله تعالى). تقدم هذا في حديث جابر قريبًا. وعند أحمد وأبي داود من حديث ابن عمر قال: "غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى حين صلّى الصبح في صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهي منزل الإِمام الذي نزل به بعرفة حتّى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهجرًا فجمع بين الظهر والعصر ثمّ خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة". 961 - حديث عبد الله بن معمر الديلي قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"الحجُّ عرفات. فمَنْ أدْرَكَ عَرَفَة قبل أنّ يَطْلُعَ الفَجرُ فقد أدرك". هكذا في الأصل عبد الله بن معمر وهو تحريف والصواب عبد الله بن يعمر بالياء في أوّله لا بالميم. والحديث تقدّم قبل خمسة أحاديث. 962 - حديث عروة بن مُضَرِّس قال: "أتَيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِجَمْعٍ فقلت له: هَلْ لِي مِن حجّ؟ فقال: مَن صَلَّى هذه الصلاةَ معنا ووقفَ هذا الموقفَ حتى نفيضَ وأفاضَ قبلَ ذلكَ مِن عرفات ليلًا أو نهارًا فقد تَمَّ حجُّه وقَضَى تَفَثَه". قال ابن رشد: وهو حديث مجمع على صحته. قلت: هذه عبارة توهم أنه مخرج في الصحيحين وليس كذلك؛ إنّما أخرجه أبو

داود الطيالسي وأحمد والدارقطني وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والحاكم والبيهقي وآخرون منهم ابن حبان وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم صحيح على شرط كافة أئمّة الحديث وهي قاعدة من قواعد الإِسلام. وقد أمسك عن إخراجه الشيخان على أصلهما أنّ عروة بن مضرس لم يحدّث عنه غير عامر الشعبي وقد وجدنا عروة بن الزبير حدّث عنه ثمّ أخرجه من رواية يوسف بن خالد السمتي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عروة بن مضرس به لكن يوسف بن خالد السمتي كذاب متّهم، فالعمدة على الطريق الأول وحده.

963 - قوله: (ومن اشترط الليل احتجّ بوقوفه - صلى الله عليه وسلم - حين غربت الشّمس). تقدّم في حديث جابر فلم يزل واقفًا حتّى غربت الشّمس وعند أبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث علي -عليه السلام- قال: "وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال: "هذه عرفة وعرفة كلها موقف"، ثُمّ أفاض حين غربت الشمس". الحديث. وقال الترمذي: حسن صحيح، وعند أبي داود من حديث أسامة قال: "كنت ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلمّا وقعت الشّمس رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقد ورد هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الشافعي في مسنده: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنّ أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشّمس ومن المزدلفة قبل أن تطلع الشّمس حتّى تكون الشمس كأنّها عمائم الرجال في وجوههم وإِنّا لا ندفع من عرفة حتى تغرب الشّمس وندفع من المزدلفة قبل أن تطلع الشّمس، هدينا مخالف لهدي أهل الأوثان

والشرك". وقد رواه الحاكم والبيهقي من رواية عبد الوارث بن سعيد عن شعبة عن ابن جريج موصولًا عن محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة قال: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكر نحوه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قد صحّ وثبت بما ذكرته سماع المسور بن مخرمة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أنّه ممّن له رواية بلا سماع. كذا قال وأقرّه الذهبي، مع أنّ رواية الشافعي تدلّ على احتمال وقوع تحريف في رواية الحاكم وأنّه وقع فيها إبدال كلمة ابن المسور فجاء الحديث موصولًا مع زيادة النون في خطبنا وإِنّما هو خطب بدونها كما في رواية الشافعي ويؤيّده أيضًا رواية عبد الله بن قيس عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم عرفة". فذكره بمعناه. ذكره البيهقي. وكذلك رواه يحيى بن أبي زائدة عن ابن جريج قال: أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب بعرفة". أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن يحيى بن أبي زائدة وفي هذه الرواية زيادة أخرى وهي الانقطاع أيضًا بين ابن جريج ومحمد بن قيس فلا الحديث حينئذٍ صحيح كما قال الحاكم ولا فيه إثبات سماع المسور كما زعمه أيضًا ثمّ إنّه وقع عند الحاكم عبد الوارث بن سعيد عن شعبة عن ابن جريج، وعند البيهقي عبد الوارث بن سعيد عن ابن جريج بدون واسطة شعبة مع أنّه رواه عن الحاكم. وأخشى أن يكون ذكر شعبة فيه وهمًا مع أنه ثابتٌ في تلخيص الذهبي أيضًا. والله أعلم. 964 - حديث: "عَرَفَةُ كلُّها موقفٌ، وارتفعوا عن بطن عُرَنَة، والمُزْدَلِفَةُ كلُّها موقفٌ

إلّا بطنَ مُحسِّر، ومنى كلُّها موقفٌ، وفجاجُ مكّةَ منحرٌ ومبيت". قال ابن رشد: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق ثم نقل عمّن قال: إنّه لم يأت هذا الحديث من وجه تلزم به الحجة. قلت: يريد بزيادة الاستثناء لعرفة ومُحَسِّر وإلّا فهو بدونها في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر في حديثه الطويل في صفة حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعروف من رواية محمد [بن] علي عن جابر. وفي حديث آخر له أيضًا من رواية عطاء عنه عند أحمد والدارمي وأبي داود والطحاوي في مشكل الآثار البيهقي ولفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلّ عرفة موقف وكلّ مزدلفة موقف ومنى كلّها منحر وكلّ فجاج مكة طريق ومنحر". وصحّ أيضًا من حديث عليّ -عليه السلام- عند أحمد وأبي داود

والترمذي وابن ماجه والطحاوي في المشكل والبيهقي. وقال الترمذي: حسن صحيح. وورد أيضًا من حديث ابن عباس وأبي هريرة. أمّا بزيادة الاستثناء المذكور فورد من حديث جبير بن مطعم وجابر وابن عبّاس وأبي هريرة وحبيب بن خماشة وابن عمر. فحديث جبير بن مطعم: رواه أحمد والبزار والطبراني وابن حبان في الصحيح والبيهقي عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلّ عرفات موقف وارفعوا عن عُرَنَة، وكلّ مزدلفة موقف وارفعوا عن مَحَسِّر، وكل فجاج منى منحر وكلّ أيّام التشريق ذبح". اختصره البيهقي فاقتصر على ذكر أيام التشريق منه، وهو حديث حسن وإن كان

سند أحمد وقع فيه انقطاع. أما الاختلاف الواقع من سليمان بن موسى فمحمول على أنّه سمعه من عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم وسمعه من نافع بن جبير عن أبيه أيضًا ومن محمد بن المنكدر عن جبير فهو لم يخرج بالحديث عن جبير الذي تعدّد من حدّثه به عنه وهو ثقة، فالحديث حسنٌ أو صحيح كما قال ابن حبان. وحديث جابر: أخرجه ابن ماجه من طريق القاسم بن عبد الله العمري ثنا محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلّ عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عُرَنَة، وكلّ المزدلفة موقف وارتفعوا عن بطن مُحَسِّر، وكلّ منى منحر إلّا ما وراء العقبة". والقاسم العمري ضعيف هو وأخوه عبد الرحمن الآتي في حديث ابن عمر إلّا أنّ الحديث ثابت عن محمد بن المنكدر مرسلًا. قال ابن وهب في موطئه: أخبرني محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر به مرسلًا بدون ذكر منى. وقد ذكره مالك في الموطأ بلاغًا وكأنه سمعه من تلميذه ابن وهب. ومحمد بن أبي حميد وإن كان فيه مقال إلّا أنّه ورد عن محمد بن المنكدر من وجه ثالث أيضًا. أخرجه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج أخبرني محمد بن المنكدر به. وحديث ابن عباس: أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام العجلي والحاكم والبيهقي كلاهما من طريق محمد بن

كثير والبيهقي وحده من طريق علي بن المديني ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن أبي الزبير عن أبي معبد عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنَة، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن مُحَسِّر، وشعاب منى كلّها منحر". لفظ الطحاوي. وقال: لم نجد هذا الحديث من رواية أحد من أصحاب ابن عيينة في إسناده أتمّ منه من رواية أبي الأشعث وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وشاهده على شرط الشيخين صحيح إلّا أنّ فيه تقصيرًا في سنده، ثمّ أخرجه من طريق يحيى القطّان عن ابن جريج أخبرني عطاء عن ابن عباس قال: كان يقال: "ارتفعوا عن مُحَسِّر وارتفعوا عن عرفات". وأخرجه البيهقي من طريق عبد الوهاب [أنبأ]. ابن عطاء عن ابن جريج عن ابن عباس قال: "ارتفعوا". وهذا لا يعلّل حديث أبي معبد فإنّ الحكم للرّافع لاسيما فيما لا سبيل للرأي فيه فإِنّ استثناء عرفة، ومُحَسِّر لا يدرك إلّا بتوقيف. وحديث أبي هريرة: رواه ابن عدي في الكامل من جهة يزيد بن عبد الملك النوفلي عن داود بن فراهج عنه. والنوفلي ضعيف. لكن ورد بسند على شرط الصحيح؛ رواه عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة، ذكره ابن

عبد البرّ فقال في كلامه على بلاغ مالك السابق: "هذا الحديث ينقل من حديث علي وجابر وابن عباس وأكثرها ليس فيه ذكر عرفة، واستثناؤه صحيح عند الفقهاء ومحفوظ من حديث أبي هريرة، ذكره عبد الرزاق عن معمر". الخ. وحديث حبيب بن خماشة: رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده قال: حدثنا محمد بن عمر ثنا صالح بن خوات عن يزيد بن رومان عن حبيب بن عمير بن عدي عن حبيب بن خماشة الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بعرفة: "عرفة كلّها موقف إلّا بطن عُرَنَة، والمزدلفة كلها موقف إلّا بطن مُحَسِّر". وحديث ابن عمر: خرّجه ابن عدي وفيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري ضعيف. وفي الباب عن عمرو بن شعيب وسلمة بن كهيل مرسلًا. رواه ابن وهب في موطئه عن يزيد بن عياض عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب وسلمة بن كهيل به ويزيد وشيخه واهيان، إلَّا أنّ شهرة الحديث بين الفقهاء في الصدر الأول وورده، من هذه الطرق المتعددة يدفع كلّ وهن يتطرّق إلى الحديث من جهة الإِسناد على أنّه قد مرّ له ثلاثة أسانيد صحاح. 965 - قوله: "وأجمعوا على أنّ من بات بالمزدلفة ليلة النّحر وجمع فيها بين المغرب

والعشاء مع الإِمام ووقف بعد صلاة الصبح إلى الإِسفار بعد الوقوف بعرفة أن حجّه تام، وذلك أنها الصفة التي فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". قلت: ذلك في حديث جابر في صفة حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تقدّم عزوه مرارًا، ففيه بعد الإِفاضة من عرفة قوله "حتّى أتى المزدلفة فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبّح بينهما شيئًا، ثمّ اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتّى طلع الفجر وصلّى الفجر حين تبيّن له الصبح بأذان وإقامة ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبّره وهلّله ووحدّه فلم يزل واقفًا حتّى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس". الحديث. 966 - حديث: "أنّه - صلى الله عليه وسلم - قَدَّمَ ضَعَفَةَ أهله ليلًا فلم يَشْهَدُوا معه صلاة الصُّبح بها".

يعني المزدلفة- أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من حديث ابن عباس قال: "أنا ممّن قدّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة من ضعفه أهله". وفي الصحيحين من حديث عائشة قالت: "كانت سودة امرأة ضخمة؛ ثبطة، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جَمْع بليل فأذن لها". وفي مسند أحمد من حديث ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة الناس من المزدلفة بليل". وفي الباب عن غيرهم.

967 - حديث عروة بن مُضَرِّس: "مَنْ أدْرَكَ معنا هذه الصلاة: يَعْنِي صلاةَ الصّبح بِجَمْع وكانَ قَدْ أتى قبلَ ذلكَ عرفات ليلًا أو نهارًا فقدْ تَمَّ حجُّه وقَضَى تَفَثَه". قال ابن رشد: متفق على صحته. يريد أنّه مخرج في الصحيحين. وليس كذلك كما نَبهت عليه قريبًا قبل أربعة أحاديث مع تخريجه.

968 - قوله: "وذلك أنّ المسلمين اتفقوا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بالمشعر الحرام؛ وهي المزدلفة بعدما صلّى الفجر ثمّ دفع منها قبل طلوع الشمس إلى منى وأنّه في هذا اليوم وهو يوم النحر رمى جمرة العقبة من بعد طلوع الشّمس". تقدّم قريبًا في حديث جابر قوله: "ثمّ ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبّره وهلّله ووحّده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس". وتقدّم في حديث "خذوا عني مناسككم"؛ حديث جابر بن عبد الله قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَرمي على راحلته يوم النّحر ويقول: "لتأخذوا مناسككم" الحديث. وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: "رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النّحر ضحى. وأمّا بعدُ، فإِذا زالت الشمس". وفي الباب عن ابن عباس قال: "وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِجَمْع، فلمّا أضاء كلّ شيء قبل أن تطلع الشّمس أفاض". رواه أحمد وعن ابن عمر رواه الطبراني.

969 - قوله: "وأجمعوا أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرم يوم النّحر من الجمرات غيرها". هذا معلوم من أحاديث صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كحديث جابر وغيره أنّه - صلى الله عليه وسلم - رمى يوم النّحر جمرة العقبة ضحى ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثمّ أعطى عليًا فنحر ما غَبَرَ وأشركه في هديه ثمّ أمر من كلّ بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثمّ ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر". الحديث. لفظ جابر بن عبد الله في صحيح مسلم وغيره .. 970 - حديث: "خُذُوا عنّي مناسِكَكُم". تقدّم.

971 - حديث ابن عباس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدَّمَ ضَعَفَةَ أهله وقال: "لَا ترْمُوا الجمرةَ حتّى تَطْلُعَ الشمسُ". عبد الرزاق وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي من رواية الحسن العرني عنه قال: "قدّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغيلمة بني عبد المطلب من جَمْعٍ بليل على حُمُراتٍ لنا فجعل يَلْطَحُ أفخاذنا ويقول: أبَيْنِيَّ "لا ترموا الجمرة حتّى تطلع الشّمس". وزاد بعضهم: قال ابن عبّاس: "ما أخال أحدًا يعقل يرمي حتّى تطلع الشّمس". 972 - حديث عائشة قالت: "أرْسَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمّ سَلَمة يومَ النّحرِ فرمت الجمرةَ قبلَ الفجرِ ومضتْ فأفاضَتْ وكانَ ذلكَ اليوم الذي يكونُ عندها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -". قال ابن رشد: خرّجه أبو داود وغيره.

قلت: هو كذلك. وأخرجه أيضًا الشافعي والطحاوي في شرح معاني الآثار والحاكم والبيهقي وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. وهو كما قال إلَّا أنّه اختلف فيه على هشام بن عروة فقيل: عنه عن أبيه عن عائشة. وقيل: عنه عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمّ سلمة. وقيل: عنها عن عائشة. وقيل: عن عروة مرسلًا. وهذه الطرق بعضها عند الشافعي والباقي عند الطحاوي والبيهقي .. 973 - حديث أسماء أنّها رمت الجمرة بليل وقالت: "إنّا كنّا نَصْنَعُه على عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -". أبو داود والنسائي والبيهقي من رواية ابن جريج عن عطاء قال:

أخبرني مخبر، وسمّاه النسائي مولى لأسماء، عن أسماء أنّها رمت الجمرة، قلت: إنّا رمينا الجمرة بليل، قالت: إنّا كنّا نصنع هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورواه البخاري ومسلم من حديث ابن جريج أيضًا قال: أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنّها نزلت ليلة جَمْعٍ عند دار المزدلفة فقامت تصلّي فصلّت ثمّ قالت: "يا بنيّ. هل غاب القمر؟ قلت لا، فصلّت ساعةً ثمّ قالت: يا بنيّ هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا فمضينا حتّى رمت الجمرة ثمّ رجعت فصلّت الصبح في منزلها. فقلت لها: أي هنتاه ما أرانا إلَّا قد غلّسنا. قالت: كلّا يا بنىّ إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظُّعُن". 974 - حديث "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لرُعاة الإبل أنْ يَرْمُوا ليلًا".

ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عيينة والبيهقي في السنن من طريق ابن وهب كلاهما عن ابن جريج عن عطاء "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص لرعاء الإِبل أن يرموا الجمار بالليل". ووصله ابن أبي شيبة في المسند من طريق عبد الرحمن بن إسحاق والبيهقي في السنن من طريق عمر بن قيس كلاهما عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الراعي يرمي بالليل ويرعى بالنّهار". لفظ البيهقي. ورواه البزّار والبيهقي من حديث ابن عمر "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص لرعاء الإِبل أن يرموا بالليل". وفي إسناده مسلم بن خالد الزّنجي، وحديثه حسن في الشواهد والمتابعات كهذا، ولذلك حسّنه الحافظ وإن وهم في عزوه إلى الحاكم. ورواه الدارقطني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص للرّعاء أن يرموا باللّيل وأيّ ساعة من النّهار شاءوا". وفي إسناده جهالة وضعف. 975 - حديث ابن عبّاس أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ له السّائلُ: يَا رسُولَ الله رميتُ بعدما أمسيتُ. قَالَ: "لا حَرَج".

البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي من رواية عكرمة عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل يوم النّحر بمنى فيقول: "لا حرج" فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح. قال: "اذبح ولا حرج". قال: رميت بعدما أمسيت. فقال: "لا حرج". 976 - قوله: (ومن خالف سنّة من سنن الحج فعليه دم على ما روي عن ابن عباس). مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه عن أيوب السختياني عن سعيد بن

جبير عن ابن عباس قال: "من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا". قال البيهقي: قال مالك: لا أدري قال: ترك أم نسي. قلت: ليس ذلك قول مالك بل هو قول أيوب كما في الموطأ. قال البيهقي: وكذلك رواه الثوري عن أيوب: من ترك أو نسي شيئًا فليهرق له دمًا" كأنّه قالهما جميعًا. قلت: ورواه علي بن أحمد المقدسي عن أحمد بن علي بن سهل المروزي عن علي بن الجعد عن ابن عيينة عن أيوب به مرفوعًا. أخرجه ابن حزم وأعلّه بعلّي بن أحمد وشيخه وقال: إنهما مجهولان. 977 - قوله: (وثبت أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى في حجّته الجمرة يوم النّحر ثمّ نحر بُدُنَهُ ثمّ حلق رأسه ثمّ طاف طواف الإِفاضة). تقدّم هذا في حديث جابر قبل ثمانية أحاديث.

978 - حديث عبد الله بن عمر [عمرو] قال: "وَقَفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنّاس بمنى والنّاس يَسْألُونَهُ، فجاءَهُ رجلٌ فقال: يَا رسولَ اللهِ لم أشعرْ فحلقتُ قبل أن أنحرَ. فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "انحرْ ولا حَرَج". ثمّ جاءه آخرُ فقال: يَا رَسُولَ الله لم أشعر فَنَحَرْتُ قبلَ أن أرميَ. فقالَ النّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "ارمِ ولا حَرَج". قال: فَمَا سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ. عن شيء قُدِّمَ أو أُخِّرَ إلّا قالَ: افعلْ ولا حَرَج". قال ابن رشد: رواه مالك. قلت: كذا وقع في الأصل عبد الله بن عمر وإنّما هو عبد الله بن عمرو بن العاص. والحديث رواه مالك في الموطأ والشافعي عنه وأبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن

ماجه وابن الجارود والطحاوي في معاني الآثار والبيهقي وآخرون وله عندهم ألفاظ. 979 - قوله: (وروي هذا من طريق ابن عبّاس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). تقدّم قبل ثلاثة أحاديث. وقد رواه البيهقي مرفوعًا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخرج من طريق عباد بن العوام عن العلاء بن المسيب عن رجل يقال له الحسن سمع ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قدّم من نسكه شيئًا أو أخّره فلا شيء عليه". وفي الباب أيضًا عن علي وجابر وأسامة بن شريك وأبي سعيد الخدري. فحديث علي: عند أحمد والطحاوي.

وحديث جابر: عند الطحاوي والبيهقي. وحديث أسامة بن شريك وأبي سعيد: عند الطحاوي. 980 - قوله: "وعمدة مالك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم على من حلق قبل محلّه من ضرورة بالفدية". مالك والطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والأربعة والبيهقي وجماعة من حديث كعب بن عجرة قال: "كان بي أذى من رأسي فحملت

إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى أنّ الجهد قد بلغ منك ما أرى أتجد شاة؟ قلت: لا. فنزلت الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. قال: هو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستّة مساكين نصف صاع طعامًا لكل مسكين". وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود عنه قال: "أتى عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية فقال: "كان هوام رأسك تؤذيك"؟ فقلت: أجل. قال: "فاحلقه واذبح شاة أو صم ثلاثة أيام أو تصدّق بثلاثة آصع من تمر بين ستّة مساكين". زاد أبو داود في رواية أخرى "فحلقت رأسي ثمّ نسكت". 981 - قوله: (مع أنّ الحديث لم يذكر فيه حلق الرأس قبل رمي الجمار). قلت: وليس كذلك فقد روى محمد بن أبي حفصة عن الزهري شيخ مالك في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السابق وفيه قول عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجلٌ يوم النّحر وهو واقف عند الجمرة فقال: يا رسول الله إنّي

حلقت قبل أن أرمي قال: "ارم ولا حرج" رواه أحمد ومسلم والدارقطني والبيهقي وتابعه معمر عن الزهري، أخرجه ابن الجارود في المنتقى والدارقطني والبيهقي وكذلك سفيان بن عيينة عن الزهري، رواه أحمد وكذلك ورد الحلق قبل الرمي في حديث ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وعطاء مرسلًا. فحديث ابن عباس: رواه الدارقطني وأبو نعيم في الحلية والطبراني والبيهقي من طريق الدارقطني كلّهم من حديث عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ابن عباس قال: "جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنّي زرت قبل أن أرمي فقال: "ارم ولا حرج". قال يا رسول الله حلقت قبل أن أرمي قال: "ارم ولا حرج". الحديث. ورواه الدارقطني من طريق روح ثنا هشام عن عطاء عن ابن عباس أنّ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل يوم النّحر عن رجل حلق قبل أن يرمي أو ذبح أو نحر وأشباه هذا في التقديم والتأخير فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حرج، لا حرج". وحديث جابر: رواه الإِسماعيلي في صحيحه من طريق حماد بن سلمة عن عبّاد بن منصور وقيس بن سعد عن عطاء عن جابر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل رمي قبل أن يحلق وحلق قبل أن يرمي وذبح قبل أن يحلق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "افعل ولا حرج". وقد أشار البخاري في صحيحه إلى طريق حماد بن سلمة هذا ورواه البيهقي من طريق أسامة بن زيد عن عطاء عن جابر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى ثمّ جلس للنّاس فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إنّي حلقت قبل أنّ أنحر. قال: "لا حرج"، ثمّ جاءه آخر فقال: حلقت قبل أن أرمي قال: "لا حرج" فما سئل عن شيء إلّا قال: "لا حرج". وحديث أبي سعيد الخدري: رواه الطحاوي في معاني الآثار من طريق عبادة بن نسى حدثني أبو زيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بين الجمرتين عن رجل حلق قبل أن يرمي قال: "لا حرج" وعن رجل ذبح قبل أن يرمي قال: "لا حرج" ثمّ قال: "عباد الله، وضع الله -عزّ وجلّ- الحرج والضيق وتعلّموا مناسككم فإنّها من دينكم". ومرسل عطاء: رواه الدارقطني من طريق ابن جريج قال: ثنا عطاء وغيره هؤلاء الثلاث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لرجل حلق قبل أن يرمي قال: "ارم ولا حرج الحلق من

الرمي والرمي من الحلق". وقال رجل آخر جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: نحرت قبل أن أرمي. قال: "ارم ولا حرج. النّحر من الرمي والرمي من النحر". . . الحديث. قال الدارقطني: قال لنا أبو بكر النيسابوري: روى ابن جريج حديث عطاء هذا في إثر حديث ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بينا هو يخطب يوم النّحر". . . فذكر الحديث وقال فيه: ما كنت أحسب يا رسول الله أنّ كذا قبل كذا لهؤلاء الثلاث. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حرج" وفي هذه الثلاث الحلق قبل الرمي. 982 - حديث ابن مسعود أنّه استبطن الوادي ثمّ قال: "مِنْ هُنا والذي لا إلهَ غيرُه رأيتُ الذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سورةُ البقرة يَرْمِي". أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن

يزيد قال: "رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة قال: فقيل له إنّ أناسًا يرمونها من فوقها فقال عبد الله بن مسعود هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزل عليه سورة البقرة وله عندهم ألفاظ متعدّدة مختصرة ومطوّلة. 983 - حديث جابر وابن عباس وغيرهما: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رَمَى الجِمارَ بمثلِ حَصَى الخذف". أمّا حديث جابر: فهو في حديثه الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سبق عزوه. وفيه "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبّر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف. . . ." الحديث. وهو من رواية محمد الباقر عن

جابر. وفي مسند أحمد وصحيح مسلم وغيرهما من حديث أبي الزبير عن جابر قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة بمثل حصى الخذف". وأمّا حديث ابن عباس: فرواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والحاكم من رواية أبي العالية الرياحي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة: "هات القط لي حصيات من حصى الخذف"، فلما وضعهن في يده قال: "بأمثال هؤلاء، بأمثال هؤلاء، وإيّاكم والغلوّ في الدين فإِنّما هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدين". قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. وكذلك صّححه ابن حبان وغيره. وقد قيل في الحديث عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن عباس وذلك لا يضرّ. وروايته عن الفضل في مسند أحمد وصحيح مسلم، لكن بسياق آخر. وأمّا حديث غيرهما فلم أره الآن من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث جابر وابن عبّاس بل من أمره - صلى الله عليه وسلم - وذلك من حديث الفضل بن عباس وأمّ سليمان بن عمرو بن الأحوص وعبد الرحمن بن معاذ التيمي وسنان بن سنة والهرماس بن زياد عن أبيه كلّهم

رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "عليكم بحصى الخذف. وبعضهم روي: "إِذا رميتم فارموا بمثل حصى الخذف". وهي في مسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه والدارمي والبيهقي. 984 - قوله: (والسّنّة عندهم في رمي الجمرات كلّ يوم من أيام التشريق أن يرمي الجمرة الأولى فيقف عندها ويدعو، وكذلك الثانية، ويطيل المقام، ثمّ يرمي الثالثة ولا يقف لما في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يفعل ذلك). أحمد والبخاري والنسائي والحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر

"أنّه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبّر على إثر كلّ حصاة ثمّ يتقدّم فيُسهل فيقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا فيدعو ويرفع يديه ثمّ يرمي الجمرة الوسطى كذلك فيأخذ ذات الشمال فيُسهل ويقوم مستقبل القبلة قيامًا طويلًا فيدعو ويرفع يديه، ثمّ يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف ويقول: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل". لفظ البخاري. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. وهو واهم في ذلك. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظّهر ثمّ رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشّمس كلّ جمرة بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة ويقف عند الأولى وعند الثانية فيطيل القيام ويتضرّع ثمّ يرمي الثالثة ولا يقف عندها". رواه أحمد وأبو داود وابن الجارود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي. 985 - قوله: "والتكبير عندهم عند رمي كلّ جمرة حسن؛ لأنّه يروى عنه -عليه الصّلاة والسّلام-". تقدّم ذلك من حديث ابن مسعود وجابر بن عبد الله وابن عمر وعائشة.

986 - قوله: (وأجمعوا على أنّ من سنّة رمي الجمار الثلاث في أيام التشريق أن يكون ذلك بعد الزوال). تقدّم قبل حديث واحد حديث عائشة، وفيه قولها: "ثمّ رجع تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشّمس". وتقدّم أيضًا حديث جابر بن عبد الله المخرّج في صحيح مسلم قال: "رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم

النّحر ضحى. وأمّا بعدُ فإذا زالت الشّمس". 987 - حديث سعد بن أبي وقّاص قال: "خَرَجنَا مَعَ رَسُوَلِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي حجّتِه فبعضُنَا يقولُ: رميتُ بسبعٍ، وبعضُنا يقولُ: رميتُ بستٍّ، فلمْ يَعِبْ بعضُنا على بعضٍ".

الجنس الثالث

الجنس الثالث أحمد والنَّسائي والبيهقي من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عن سعد بن أبي وقّاص به. قال ابن القطّان: لا أعلم لمجاهد سماعًا من سعد. وقال الطحاوي في أحكام القرآن: حديث منقطع لا يثبت أهل الإِسناد مثله. وقال ابن جرير

في تهذيب الآثار: لم يستمرّ العمل به؛ لأنه لم يصحّ لاختلاف الرواة عن ابن أبي نجيح فيه. فقد رواه الحجاج بن أرطاة عنه عن مجاهد عن سعد أنّ اختلاف رميهم كان بزيادة على السّبع لا بالنّقصان عنها، وهو أولى بالصواب وإِن كان من رواية الحجاج

لموافقة ما تظاهر به الأخبار من وجوب الرمي بسبع ولأنّ سعدًا لم يذكر أنّ ذلك كان عن أمره - صلى الله عليه وسلم - وفعله لأنّه لو صحّ لكان منسوخًا للنّقل المستفيض بوجوب السّبع. 988 - قوله: (وعمدة مالك في أن لا إعادة عليه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وحلّوا من كلّ شيء قبل أن يطوفوا بالبيت ..) الخ. أحمد والبخاري ومسلم وجماعة من حديث ابن عمر "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

خرج معتمرًا فحال كفّار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل". وعند الطحاوي من حديثه أيضًا قال: "لمّا حبس كفّار قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرة عن البيت نحر هديه وحلق هو وأصحابه ثم رجعوا حتّى اعتمروا العام القابل". وفي حديث المِسْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم نحو ذلك. خرّجه أحمد والبخاري. 989 - قوله: (وعمدة من أوجب عليه الإعادة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في العام المقبل من عام الحديبية قضاء لتلك العمرة). سبق في الذي قبله، وهو معلوم في كتب الحديث والسِّيَر. 990 - قوله: (وقد احتجّ هؤلاء بنحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الهدي عام الحديبية حين

أحصروا). تقدّم قبل حديث من حديث ابن عمر قوله "فنحر هديه وحلق رأسه"، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند أحمد والبخاري وجماعة من حديث المِسْوَر بن مخرمة في قصَّة الحديبية أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "قوموا فانحروا ثمّ احلقوا". فذكر الحديث، وفيه

"أنّه - صلى الله عليه وسلم - نحر بَدَنة ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا". الحديث. وفي صحيح مسلم من حديث مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: "نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة". 991 - حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كُسِر أو عرج فقد حلّ وعليه حجّة أخرى".

أحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وقال: حسن والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، والبيهقي من حديث عكرمة

قال: سمعت الحجاج به، وفي آخره قال عكرمة: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق.

"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيّة وإذا استُنفرتُمْ فانفِروا". وقال يوم الفتح فتح

992 - حديث: "إنّ الله حَرَّمَ مَكَّةَ يومَ خلقَ السّمواتِ والأرضَ". متّفق عليه من حديث ابن عبّاس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح فتح مكة:

"إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السّموات والأرض فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإِنّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحلّ إلَّا ساعة من نهار، فهو حرام

بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يُعْضَدُ شوكُه ولا يُنفَّر صيده ولا يَلْتَقِط لُقْطَتَه إلَّا من عَرّفها،

ولا يُختلى خلاها". فقال العبّاس: يا رسول الله إلَّا الإِذْخِر فإِنّه لقينهم ولبيوتهم،

فقال: "إلّا الإِذْخِر".

993 - حديث ابن عباس عن كعب بن عجرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فِي بَيْضِ النّعامَةِ يُصيبُه المحرم ثمنهُ". عبد الرزاق في مصنّفه والدارقطني والبيهقي كلّهم من حديث إبراهيم

بن أبي يحيى عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس به. وإِبراهيم وشيخه ضعيفان. وقد رواه عبد الرزاق أيضًا عن سفيان الثوري عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس موقوفًا عليه من قوله. ورواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والدارقطني من حديث أبي المهزم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في بيض النّعام يصيبه المحرم ثمنه" وأبو المهزم متروك لكثرة خطئه. وافتتح البيهقي الباب بقوله: قال الرّبيع: قلت للشافعي هل ترى فيها شيئًا عاليًا فقال: أما شيء ثبت مثله فلا. فقلت: ما هو؟ قال: أخبرني الثّقة عن أبي الزّناد أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في بيضة النّعامة يصيبها قيمتها". قال البيهقي: وقد روي هذا موصولًا إلّا أنّه مختلف فيه، ثمّ أخرج من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن الوليد بن مسلم ثنا ابن جريج قال: أحسن ما سمعت في بيض النعامة حديث أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في كلّ بيضة صيام أو طعام مسكين قال: وكذلك رواه سليمان بن عبد الرحمن وصفوان بن صالح وغيرهما عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج. ورواه أبو قرّة عنه قال: أخبرني زياد بن سعد عن أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم في بيض النعام كسره رجل محرم صيام يوم لكل بيضة. ثمّ ذكر البيهقي أقوالًا أخرى فيه. وقد قال أبو حاتم وغيره من الحفاظ: "إنَّه لا يروى من وجه يصحّ".

994 - قوله: (وفيه أثر ضعيف). كأنّه يشير إلى حديث أبي هريرة المذكور في الذي قبله. 995 - حديث ابن عمر وغيره أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمس من الدوابّ ليس على

المُحرِمِ جُنَاحٌ فِي قَتْلِهِنَّ الغرابُ والحدَأةُ والعَقْرَبُ والفَأرَةُ والكَلْبُ العَقُورُ". أمّا حديث ابن عمر فأخرجه مالك والشافعي والطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه

والطحاوي وابن الجارود والبيهقي وآخرون بألفاظ. وأمّا غيره فروي من حديث عائشة وحفصة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وأبي رافع. فحديث عائشة: رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من رواية جماعة عنها بألفاظ.

وحديث حفصة: رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي من رواية ابن عمر عنها. فمرّة صرح باسمها ومرة قال: حدثني بعض نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -. وحديث أبي هريرة: رواه أبو داود والطحاوي والبيهقي من رواية محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خمس قتلهنّ حلال في الحرم الحية والعقرب والحدأة والفأر والكلب العقور. وحديث أبي سعيد: رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه

والطحاوي والبيهقي من حديث يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقتل المحرم الحية والعقرب، ويرمي الغراب ولا يقتله، ويقتل الكلب العقور والفويسقة والحدأة والسبع العادي". زاد أحمد وابن ماجه والطحاوي قلت: ما الفويسقة؟ قال: الفأرة. قلت: وما شأن الفأرة؟ قال: إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ وقد أخذت الفتيلة فصعدت بها إلى السقف لتحرق عليه". زاد الطحاوي: فقام إليها فقتلها وأحلّ قتلها لكل محرم أو حلال. وبيّن أنّ قائل؛ قلت: ما الفأرة؟ هو يزيد بن أبي زياد. وقال الترمذي: حديث حسن. وضعّفه آخرون بيزيد بن أبي زياد فإِنّ فيه مقالًا لاسيّما وفي الحديث لفظة منكرة. وهي قوله: ويرمي الغراب ولا يقتله. وحديث ابن عباس: رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار والطبراني كلّهم من رواية ليث بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس مرفوعًا: "خمسٌ كلّهن فاسقة يقتلهنّ المحرم ويقتلن في الحرم الفأرة والعقرب والحيّة والكلب العقور والغراب". وقال أبو يعلى: والحدأة بدل الحية. وحديث أبي رافع: رواه البزار بلفظ "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل العقرب

والحيّة والفأرة والحدأة للمحرم" وسنده حسن. حديث أبي سعيد الخدري "تُقْتَلُ الأفْعَى والأسْوَدُ" تقدّم في الذي قبله عزو حديث أبي سعيد الخدري وقد وقع في رواية لأحمد "يقتل المحرم الأفعى والعقرب والحداء والكلب العقور والفويسقة" الحديث. ولم أره الآن بذكر الأسود الذي هو نوع من الحيّات. 996 - قوله: (وقال مالك: لا أرَى قَتْلَ الوَزغ، والأخبار بقتلها متواترة، لكن مطلقًا؛ لا في الحرم). قلت: قد روى الطبراني من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة". إلّا أنّه من رواية عمر بن قيس المكي قاضي مكة، وفيه ضعف. لكن في مسند أحمد وسنن النسائي وصحيح ابن حبان من

حديث سائبة مولاة الفاكه بن المغيرة قالت: دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحًا موضوعًا. قلت: يا أمَّ المؤمنين ما تصنعون بهذا الرمح؟ قالت: هذا ولهذه الأوزاغ نقتلهنّ به؛ فإِنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدّثنا "أنّ إبراهيم -عليه الصلاة والسّلام- حين ألقي في النّار لم تكن في الأرض دابة إلّا تطفئ النّار عنه غير الوزغ كان ينفخ عليه فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله". فهذا أمرٌ بقتل الوزغ في الحرم. أمّا الأمر بقتلها مطلقًا فورد أيضًا من حديث أبي هريرة وأمّ شريك وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود. فحديث أبي هريرة: رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن

ماجه عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل وزغة في أوّل ضربة فله كذا وكذا حسنة. ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدُون الأولى. ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لِدُون الثانية. وحديث أم شريك: رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عنها "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بقتل الأوزاغ". وحديث سعد بن أبي وقاص: رواه أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي

عنه "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وسمّاه فويسقًا". وفي صحيح البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للوزغ الفويسق ولم أسمعه أمر بقتله وزعم سعد بن أبي وقّاص أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله". وحديث ابن مسعود: رواه أحمد، حدثنا أسباط ثنا الشيباني عن المسيّب بن رافع عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل حيّةً فله سبع حسنات ومن قتل وزغًا فله حسنة ومن ترك حية مخافة عاقبتها فليس منّا" صحّحه ابن حبان. والمسيّب قيل إنّه لم يسمع من ابن مسعود. قوله: (لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صبر البهائم). أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث أنس بن مالك قال:

"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصبر البهائم، وعند الطبراني في الكبير من حديث سمرة بن جندب قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُصبر البهيمة وأن يؤكل لحمها إذا صُبرت". حديث عائشة: "خمس يقتلن في الحرم فذكر فيهنّ الأبقع". أبو داود الطيالسي وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي من رواية سعيد بن المسيَّب عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم؛ الحيّة والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدبا". ورواه عروة بن الزبير عنها فلم يقل الأبقع.

997 - قوله: (للنّهي الوارد في ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينفرّ صيدها ولا يعضد شجرها". تقدّم قريبًا في حديث "إنّ الله حرّم مكة يوم خلق السّموات والأرض" من حديث ابن عباس. وفي الصحيحين أيضًا من حديث أبي شريح العدوي أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الغد من يوم الفتح: "إنّ مكة حرمها الله ولم يحرمها النّاس فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالثه واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة" .. الحديث. 998 - حديث كعب بن عجرة أنّه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحرِمًا فآذاه القمل في رأسه

فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلِقَ رأسَه وقال له: "صم ثلاثةَ أيّام أو أطَعم ستةَ مساكين مُدَّيْنِ لكل إنسان أو انسك بشاة أيّ ذلك فعلتَ أجزأ عنك". مالك والسّتّة وجماعة بألفاظ واللّفظ المذكور هنا لمالك.

999 - قوله: (لورود النّص بذلك). يريد حديث كعب بن عجرة المذكور قبله. 1000 - حديث: "رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان".

تقدّم في الطهارة وبيّنت هناك أنّه غير وارد بهذا اللفظ وأنّ لي في طرقه

وتصحيحه جزءًا مفردًا.

1001 - حديث ابن عمر: "اللَّهُمَّ ارحم المحلّقينَ قالوا والمقصّرينَ يا رسول الله؟ قال

اللَّهُمَّ ارحمْ المحلِّقينَ وفي الثالثة قال: والمقصّرين".

مالك والبخاري ومسلم واتفقا عليه أيضًا من حديث أبي هريرة بلفظ

"اغفر" بدل "ارحم". وفي الباب عن جماعة.

1002 - قوله: (واتّفقوا على أنّ المعتمر يحلّ من عمرته إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة كان لم يكن حلق ولا قصّر لثبوت الآثار في ذلك).

منها حديث عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنّا من أهلّ بالحج ومنّا من أهلّ بالعمرة ومنّا من أهلّ بالحج والعمرة. وأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج. فأمّا من أهلّ

بالعمرة فأحلّوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة. وأمّا من أهلّ بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحلّوا إلى يوم النّحر". متفق عليه.

وحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: "اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتمرنا معه فلمّا دخل مكة طاف فطفنا معه وأتى الصفا والمروة وأتيناهما معه وكنّا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد". رواه البخاري.

وحديث أبي موسى الأشعري قال: "قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبطحاء وهو منيخ فقال: "أحججت"؟ قلت: نعم. قال: "بما أهللت"؟ قلت: لبّيك بإِهلال كإِهلال

النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة ثمّ أحلّ". الحديث. متفق عليه وهو في التحلّل من الحج بالعمرة. 1003 - قوله: (وعمدة من منع النهي المطلق). يريد به حديث "لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف". الحديث. وقد تقدم في أول الكتاب.

1004 - حديث عمرو بن دينار عن جابر وابن عباس مرفوعًا: "السّراويلُ لمن لَمْ يَجِدِ الإِزارَ والخفُّ لمَنْ لم يجد النَعْلَيْن".

تقدّم أوّل الكتاب أيضًا. 1005 - حديث: "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طَافَ راكبًا من غيرِ مَرَضٍ ولكنه أحبَّ أن يستشرفَ الناسُ إليه".

أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي من حديث جابر قال:

"طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وبالصفا والمروة في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه فإِنّ الناس غَشُوه". وعند مسلم أيضًا من حديث عائشة قالت: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعير يستلم الركن كراهية أن يصرف عنه الناس". وفي الباب عن جماعة.

1006 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بُردة: "تجزي عنك ولا تجزي عن أحدٍ بعدك". متفق عليه من حديث البراء بن عازب ويأتي لفظه في الضحايا. 1007 - حديث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرقاب وقد قيل له: أيها أفضل؟ فقال: "أغْلَاها ثمنًا وأنْفَسُها عند أهلها". أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث

أبي ذر قال: "سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أيّ العمل أفضل؟ قال: "إيمانٌ بالله وجهادٌ في سبيله". قلت: فأيّ الرقاب أفضل؟ قال: "أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها". قلت: فإِن لم أفعل؟ قال: "تعين ضائعًا أو تصنع لأخرق". قال: فإِن لم أفعل؟ قال: "تدع الناس من الشّر فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك". وقوله: "أعلاها" هو بالعين المهملة في رواية الأكثرين. ورواها بعضهم بالغين المعجمة. 1008 - قوله: (وَكَانَ هَدْيُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مائة). البخاري من حديث عليّ -عليه السلام- قال: "أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بدنة، فأمرني بلحومها فقسمتها ثمّ أمرني بجلالها فقسمتها ثمّ بجلودها فقسمتها". وهو في صحيح مسلم بدون ذكر العدد. وفي حديث جابر الطويل في صفة حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - المخرّج في صحيح مسلم وغيره كما سبق قوله فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليّ من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة إلى أن قال: ثمّ انصرف يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستّين بيده ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر. 1009 - قوله: (لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عامَ الحُدَيْبِيةِ فلمَّا كانَ بِذِي الحُلَيفة قَلَّدَ الهَدْيَ

وأشْعَرَهُ وأحَرَم). أحمد والبخاري وأبو داود والبيهقي من حديث المسور بن مخرمة "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الحديبية في بضع عشر ماية من أصحابه فلمّا كان بذي الحليفة قلّد الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة". 1010 - حديث الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: "أنَّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْدَى إلى البَيْتِ مَرَّةً غَنَمًا فَقَلَّدَهُ".

أحمد والبخاري ومسلم والأربعة والبيهقي وله عندهم ألفاظ. 1011 - حديث ابن عباس: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى الظُّهْرَ بِذِي الحُلَيْفَة، ثُمَّ دَعَا بِبُدُنِهِ فَأشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سِنامها الأيمن ثمّ سَلَت الدّمَ عنها وقلّدها بنعلين ثُمَّ ركِبَ راحلتَه، فلمّا استوتْ على البيداء أهَلَّ بالحجّ".

أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي بهذا اللفظ. 1012 - قوله: (وحجة مالك في إدخال الهدي من الحلّ إلى الحرم أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل وقال: "خذوا عني مناسككم".

أمّا كونه - صلى الله عليه وسلم - كذلك فعل فمعلوم بالضرورة أنّه - صلى الله عليه وسلم - حجّ من المدينة واعتمر منها وأصحب معه الهدي منها. وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "خذوا عنّي مناسككم" فقد تقدّم. 1013 - حديث: "وكُلُّ فجاجِ مكَّةَ وطرقِها مَنْحَرٌ".

تقدّم في حديث عرفة كلّها موقف". 1014 - قوله: (ويستحبّ للمهدي أن يلي نحر هديه بيده. وإن استخلف جاز. وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هديه). تقدّم قريبًا حديث جابر بن عبد الله وقوله: "ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده ثمّ أعطى عليًا فنحر ما غبر". وروى أحمد مثله من حديث

ابن عباس. 1015 - حديث جابر وقد سئل عن ركوب الهدي فقال: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اركبها بالمعروف إذا أُلْجِئْتَ إليها حتى نَجِدَ ظَهْرًا". قال المصنّف: خرّجه أبو داود. قلت: هو كذلك ولكنه في صحيح مسلم بهذا اللفظ فالعزو إليه أولى. وكذلك رواه أحمد والنسائي والبيهقي. 1016 - حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -

رَأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فقالَ: اركبْها، فقال يَا رَسُولَ الله إنّها هَدْيٌ فقال: اركبها ويلك في الثانية أو في الثالثة. هو في الموطأ، ومن طريق مالك رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وجماعة. وعند جميعهم فقال: يا رسول الله إنّها بدنة ولم يقل هدي. وفي الباب عن أنس وغيره. 1017 - حديث: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بالهدي مع نَاجِيَةَ الأسْلَمي وقال له: "إن عطب منه شيء فانحره ثمّ اصبغ نعليه في دمِه وخلِّ بينه وبين النّاس". أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث

هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية وكان صاحب بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قلت: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال: "انحره واغمس نعله في دمه ثمّ اضرب صفحته وخلّ بينه وبين الناس فليأكلوه". ورواه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله. فذكره. 1018 - قوله: وروي عن ابن عباس هذا الحديث فزاد فيه: "ولا تأكل منه أنت ولا أهل رفقتك".

أحمد ومسلم وابن ماجه والبيهقي من حديث سنان بن سلمة عن ابن عباس أنّ ذؤيبًا أبا قبيصة حدّثه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن ثمّ يقول:

"إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتًا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثمّ اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك".

الهداية في تخريج أحاديث البداية (بداية المجتهد لابن رشد) للإمام الحافظ المحدث أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني (1320 - 1380 هـ) (ومعه بأعلى الصفحات) بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الحفيد (520 - 595 هـ) الجزء السادس تحقيق علي حسن الطويل عالم الكتب

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة للدار الطبعة الأولى 1407 هـ-1987 م

الهداية في تخريج أحاديث البداية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عالم الكتب بيروت - المزرَعَة، بنَاية الإيمَان - الطَابق الأول - ص ب 8723 تلفون: 306166 - 315142 - 313859 - بَرقيًا: نابعَلبكي - تلكس: 23390

13 - كتاب الجهاد

13 - كتاب الجهاد في معرفة حكم هذه الوظيفة

1019 - قوله (ولم يخرج قط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للغزو إِلَّا وترك بعض الناس). هذا معلوم من سيرته - صلى الله عليه وسلم - وأخبارها في الغزو والجهاد، فقد كان إذا خرج أمّرَ على المدينة بعض الصحابة، كما كان يعقد هو وكثير من أصحابه ويبعث البعوث لذلك. 1020 - حديث "أنَّ رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أُريد الجهاد، قال: أحَيُّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد".

متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد فقال أحيّ والدك؟ قال: نعم. فذكره. 1021 - حديث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سأله رجل "أَيُكَفِّر الله عني خَطَاياي إِنْ مت صابرًا محتسبًا في سبيل الله؟ قال: نَعم إلا الدَّين. كذلك قال لي جبريل آنفًا". مالك وأحمد والدارمي ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي من حديث أبي قتادة "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم، فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله

معرفة الذين يحاربون

معرفة الذين يحاربون والإيمان أفضل الأعمال. فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله، تُكَفَّر عني خطاياي فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم إنْ قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قُتلت في سبيل الله، أتكَفَرُ عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدَّين، فإن جبريل -عليه السلام- قال لي ذلك". ورواه أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة نحوه أو مثله. إلّا أنه قال في آخره "قال نعم إلَّا الدَّين سارَّني به جبريل آنفًا. ورواه أحمد من حديث محمد بن عبد الله بن جحش" أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: مالي يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله؟ قال: الجنة. فلما ولّى قال إلّا الدَّين سارني به جبريل -عليه السلام- آنفًا. ورواه أيضًا من حديث جابر بن عبد الله وفي آخره قال: "نعم إن لم يكن عليك دَيْن ليس عندك وفاؤه" ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس وفيه "فلما قفا دعاه فقال أتاني جبريل -عليه السلام- فقال إن لم يكن عليه دَيْن".

1022 - حديث "ذَرُوا الحبشة ما وَذَرَتْكُم". أبو داود والنسائي كلاهما من طريق ضمرة عن أبي زرعة السيباني عن أبي سُكينة رجل من المحررين عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "دَعُوا الحبشة ما وَدَعُوكم واتركوا الترك ما تركوكم" هذا أخرجه أبو داود مختصرًا وهو عند النسائي مطول في قصة حفر الخندق وترجم عليه بغزوة الترك والحبشة. ورواه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال سمعت رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "اتركو الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلّا ذو السويقتين من الحبشة" ورواه أبو داود في سننه والحاكم في المستدرك كلاهما من طريق أبي عامر العقدي عن زهير بن محمد به فسمَّى الرجل من الصحابة، فقال: عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به مثله، وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال وقد اتفقا على حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يخرب الكعبة ذو السُوَيْقَتين من الحبشة".

فيما يجوز من النكاية بالعدو

فيما يجوز من النكاية بالعدو 1023 - حديث "فَذرْهُم وَمَا حَبَسُوا أنْفُسَهم لَهُ". ليس هذا بحديث إنما هو من كلام أبي بكر الصديق، وقد عزاه المصنف بعد هذا لمالك عن أبي بكر على الصواب. وقد رواه البيهقي عن أبي بكر من أوجه وكلها ضعيفة منقطعة. ورواه أيضًا عن خالد بن زيد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج مُشيعًا

لأهل مؤتة فقال: اغزوا بسم الله فقاتلوا عدو الله وعدوّكم بالشام وستجدون فيهم رجالًا في الصوامع معتزلين عن الناس فلا تعرضوا لهم" الحديث قال البيهقي وهذا أيضًا منقطع ضعيف. 1024 - قوله (والسبب الذي نزلت فيه من أسارى بدر يدل على أن القتل أفضل). يعني قول الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: "لما كان يوم بدر فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الفداء أنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا

أخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ثم أحل الله لهم الغنائم لفظ أبي داود مختصرًا. وهو عند الباقين مطول. وعند الحاكم في المستدرك من حديث ابن عمر قال: "استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسرى أبا بكر فقال: قومك وعشيرتك، فخل سبيلهم. فاستشار عمر فقال: اقتلهم. ففداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} قال فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر فقال: "كاد يصيبنا في خلافك بلاء" قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وفي مسند أحمد من حديث أنس نحوه. وفي الباب عن ابن مسعود، عند أحمد والترمذي والحاكم. وعن أبي هريرة عند ابن مردويه وعن آخرين من الصحابة -رضي الله عنهم-. 1025 - قوله: (وأما هو -عليه الصلاة والسلام- فقد قتل الأسارى فى غير موطن). منها يوم بدر: قتل عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وطعيمة بن عدي. كما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس قال: "قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم

بدر ثلاثة صبرًا. قتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار، وقتل طعيمة بن عدي من بني نوفل، وقتل عقبة بن أبي معيط" ورواه ابن أبي شيبة في المصنف. وأبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير مرسلًا إلا أنه وقع عند أبي داود فيه المطعم وهو وهم. وعند الطبراني في الأوسط والكبير من حديث ابن عباس قال: "نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسارى بدر وكان فداء كل رجل منهم أربعة آلاف، وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبرًا قال من للصبية يا رسول الله قال النار". رجاله رجال الصحيح. لكن عند الدارقطني في الإفراد والبيهقي في السنن من حديث سهل بن أبي حثمة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أقبل بالأسارى حتى إذا كان بعرق الظبية، أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أن يضرب عنق عقبة بن أبي معيط. فجعل عقبة يقول: يا ويلاه علام أقتل من بين هؤلاء؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعداوتك لله ولرسوله فقال يا محمد مَنُّك أفضل فاجعلني كرجل من قومي إن قتلتهم قتلتني وإن مَنَنْت عليهم مَنَنْت عليَّ وإن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم، يا محمد من للصبية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: النار لهم ولأبيهم. يا عاصم بن ثابت قدمه فاضرب عنقه فقدمه فضرب عنقه" ولم يذكر البيهقي "لأبيهم" وعند الطبراني في الأوسط والبيهقي في السنن عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا فقال له عمار بن عقبة:

أتستعمل رجلًا من بقايا قتلة عثمان؟ فقال له مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود وكان في أنفسنا موثوق الحديث "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد قتل أبيك قال من للصبية. قال النار" قد رضيت لك ما رضي لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى البيهقي من طريق الواقدي ثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: "أمَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأسارى يوم بدر أبا عزة عبد الله بن عمر الجمحي وكان شاعرًا وكان قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن لي خمس بنات ليس لهنَّ شيء فتصدق بي عليهن ففعل. وقال أبو عزة: أعطيك موثقًا أن لا أقاتلك ولا أكثر عليك أبدًا، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما خرجت قريش إلى أُحُد جاءه صفوان بن أمية، فقال أخرج معنا. فقال إني قد أعطيت محمدًا موثقًا أن لا أقاتله فضمن صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قتل، وإن عاش أعطاه مالًا كثيرًا، فلم يزل به حتى خرج مع قريش يوم أحد، فأُسِرَ ولم يؤسر غيره من قريش، فقال: يا محمد إنما خرجت كرهًا ولي بنات فامنن عليَّ فقال رسول الله: أين ما أعطيتني من العهد والميثاق: لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين يا عاصم بن ثابت، قدمه فاضرب عنقه، فقدمه فضرب عنقه". قال سعيد بن المسيب: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين". وروى البيهقي عن عروة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل الزبير بن باطا القرظي يوم قريظة وروى الطبراني في الكبير من حديث علقمة بن هلال عن أبيه عن جده أنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رجال من قومه وهو بالمدينة بعد مهاجره إليها فوافيناه يضرب أعناق أسارى على ماء قليل فقتل عليه حتى سفح الدم الماء، يعني غطىّ الماء. في إسناده راو لم يسم وعلقمة غير معروف. 1026 - قوله (وقد تقدم في الذي قبله أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوم بدر منّ على أبي عزة الجمحي وأعطاه موثقًا أن لا يقاتله ثم غدر وعاد لقتاله يوم أحد فقتله).

وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة "أنه - صلى الله عليه وسلم - منّ على ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة لما جيء به أسيرًا وربط بسارية من سواري المسجد"، وقصته معروفة. وعند أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والبيهقي من حديث أنس أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم، فأخذهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِلْمًا أي أسراء فأعتقهم فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} إلى آخر الآية. 1027 - قوله (واستعبد النساء). متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني

المصطلق فقتل مُقَاتِلَتَهُم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية ابنة الحارث" وعند أحمد والحاكم والبيهقي من حديث عائشة قالت: "لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السبي لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستعينه فأدى عنها وتزوجها". وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة المصطلق، فسبينا كرائم العرب وطالت علينا العزبة، ورغبنا في الفداء، فأردنا

أن نستمتع ونعزل". الحديث وفي الباب غير هذا مما ذكر في السير وكتب الحديث. 1028 - حديث "المسلمون تَتَكافأ دماؤُهم ويسعى بذمَّتهم أدْنَاهُم، وهم يَدُ على من سِوَاهُم". أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم الفتح وهو مسند ظهره إلى الكعبة: "المسلمون" وذكره. واللفظ المذكور هنا لأحمد. ورواه أحمد

وأبو داود والنسائي وأبو عبيد في الأموال وابن أبي عاصم في الديات والطحاوي في مشكل الآثار والدارقطني والحاكم في قسم الفيء من المستدرك من حديث علي -عليه السلام-، قال: "ما عهد إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة دون الناس إلا شيء سمعته منه فهو في صحيفة في قراب سيفي فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة فإذا فيها من أحدث حدثًا أو آوى مُحدثًا". الحديث وفيها "المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم". وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه ابن ماجة من حديث ابن عباس ومن حديث معقل بن يسار والدارقطني من حديث عائشة. 1029 - حديث "قد أجرْنا من أجَرْت يا أمَّ هانِئ".

مالك وأحمد والبخاري ومسلم وجماعة من حديث أم هانئ بنت أبي طالب قالت "ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، قالت: فسلمت عليه فقال: مرحبًا بأم هانئ فلما فرغ من غُسْلِه قام فصلى ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد فلما انصرف قلت: يا رسول الله زعم ابن أمي أنه

قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ. قالت أم هانئ وذلك ضُحى". 1030 - حديث "نهى عن قتل النساء والصبيان". متفق عليه من حديث ابن عمرو وفي الباب عن جماعة حتى عدّ متواترًا. 1031 - حديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في امرأة مقتولة: ما كانت هذه لِتُقَاتِل". أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي والطحاوي في معاني الآثار من حديث رباح بن الربيع أخي حنظلة الكاتب قال "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

في غزوة غزاها وخالد بن الوليد على مقدمته، فمر رباح وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى كفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقة له، فأفرجوا عن المرأة فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها ثم قال: ها ما كانت هذه تقاتل، ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم: الحق خالد بن الوليد، فلا يقتلن ذرية ولا عسيفًا" صححه الحاكم على شرط الشيخين وكذلك صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه. 1032 - حديث "أُمِرت أن أقاتِل النَّاس حتى يقُولوا لا إله إلا الله". تقدم في الزكاة.

1033 - حديث داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيوشه قال لا تقتلوا أصحاب الصوامع". ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين به "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيوشه، قال اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تمثلوا. ولا تغلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع" وإبراهيم بن إسماعيل ضعيف وإنما هذا قول أبي بكر - رضي الله عنه -. 1034 - حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا" قال المصنف خرجه أبو داود.

قلت: هو كذلك ومن طريقه أيضًا خرجه البيهقي في السنن ثم من رواية خالد بن الفِرْزِ قال: حدثني أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: انطلقوا بسم الله وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلًا صغيرًا ولا امرأة، ولا تغلو وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين". وخالد بن الفِرْز بكسر الفاء وتقديم الرَّاء على الزاي المعجمة لم يرو عنه غير الحسن بن صالح قال ابن معين: ليس بذاك وقال أبو حاتم: شيخ وذكره ابن حبان في الثقات.

1035 - حديث سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم". أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي من رواية الحسن عن سمرة بلفظ "واستبقوا". وقال الترمذي حسن صحيح غريب مع أنه من رواية الحجاج بن أرطاة. وفي سماع الحسن من سمرة خلاف. 1036 - حديث رباح بن ربيعة عن "النهي عن قتل العَسيف المشرك".

الحديث تقدم قريبًا. 1037 - قوله (وصح النهي عن المُثْلَة). قلت: ورد من حديث جماعة منهم: عمران بن الحصين، وسَمُرة بن جُنْدَب، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن يزيد الأنصاري وأنس وبريدة والمغيرة بن شعبة وأسماء بنت أبي بكر وعلي بن أبي طالب وابن عباس وصفوان بن عسال وجرير بن عبد الله البجلي وأبو موسى الأشعري وأبو أيوب الأنصاري وزيد بن خالد الجهني ويعلى بن مرة والحكم بن عمير وعائذ بن قرط وعمر بن الخطاب. فحديث عمران رواه أبو داود الطيالسي في مسنده وأبو بكر بن مقسم في جزئه كلاهما من رواية كثير بن شنظير والخطيب في التاريخ من رواية إسماعيل المكي كلاهما عن الحسن عن عمران بن حصين قال: "ما خطبنا" وقال الطيالسي "قلّما خطبنا

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة إلا أمرنا فيها بالصدقة ونهانا عن المثلة". زاد كثير بن شنظير وقال: إن من المثلة أن ينذر أن يخرم أنفه ومن المثلة أن ينذر أن يحج ماشيًا، فإذا نذر أحدكم أن يحج ماشيًا فليهد هديًا وليركب. وهذا الإسناد منقطع. قال: الحسن لم يسمع هذا الحديث من عمران، فقد أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود في الجهاد من سننه والبيهقي كلهم من رواية قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران عن عمران بن حصين قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحُثُّنا على الصدقة وينهانا عن المثلة، لفظ أبي داود وقال أحمد: كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة. وحديث سمرة رواه أحمد وأبو داود والبيهقي من رواية قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران البرجمي أن عمران أبق له غلام فجعل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعنَّ يده فأرسلني لأسأل له فأتيت سمرة بن جندب فسألته فقال: "كان رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة" فأتيت عمران بن حصين فسألته فقال مثل ذلك. وحديث ابن عمر رواه أحمد والبخاري والحاكم في المستدرك والبيهقي وجماعة من رواية سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مثل بالحيوان". قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين يخرجاه بهذه السياقة. ووهم في ذلك فإِنه عند البخاري بهذا اللفظ إنما خرجه مسلم بلفظ "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا". وحديث عبد الله بن يزيد رواه الطيالسي والبخاري والبيهقي عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النهبة والمثلة".

وحديث أنس رواه النسائي من طريق عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة". ورواه أبو داود والبيهقي من طريقه ثم من رواية ابن أبي عدي عن هشام عن قتادة عن أنس في قصة العرنيين وقال في آخره "ثم نهى عن المثلة" ورواه البخاري في صحيحه في باب قصة عكل وعرينة من كتاب المغازي من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بالقصة وفي آخره قال قتادة "وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة" وهكذا رواه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد به إلا أنه قال "بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحث في خطبته بعد ذلك على الصدقة وينهى عن المثلة". قال الحافظ في الفتح في الكلام على بلاغ قتادة المذكور أنه جاء موصولًا من حديث قتادة عن الحسن البصري عن هياج بن عمران عن عمران بن حصين وعن سمرة بن جندب يعني الحديثين السالفين عنهما ثم قال وتبين بهذا أن في الحديث الذي أخرجه النسائي من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام عن قتادة عن أنس إدراجًا وأن هذا القدر من الحديث لم يسنده قتادة عن أنس وإنما ذكره بلاغًا ولما نشط لذكر إسناده ساقه بوسائط إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وحديث بريدة رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي وآخرون عنه قال "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا". الحديث بطوله. وحديث المغيرة رواه ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة". وحديث أسماء بنت أبي بكر رواه ابن أبي شيبة والطبراني عنها قالت: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن المثلة". وحديث علي رواه الطبراني ولفظه "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن المثلة ولو بالكلب العقور".

وحديث ابن عباس رواه أحمد وابن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار. والطبراني في الأوسط والكبير والبيهقي وسبق متنه قريبًا فى حديث داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس "لا تقتلوا أصحاب الصوامع". وحديث صفوان بن عسال رواه أحمد وابن ماجه بنحو حديث بريدة. وحديث جرير رواه الطبراني في الثلاثة بنحو حديث بريدة أيضًا. وحديث أبي موسى الأشعري رواه البزار والطبراني في الصغير بنحو الذي قبله أيضًا. وحديث أبي أيوب رواه الطبراني من حديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي ثنا

شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب الأنصاري قال "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النهبة والمثلة" وهذا هو حديث عبد الله بن يزيد السابق عند البخاري فإنه رواه عن حجاج بن منهال ثنا شعبة بهذا الإسناد إلا أنه لم يزد أبا أيوب. وحديث زيد بن خالد رواه ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير من رواية ابن أبي ذئب عن مولى الجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى عن النهبة والمثلة". وحديث يعلى بن مرة رواه أحمد قال: حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا عطاء بن السائب عن يعلى بن مرة النقعي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "قال الله -عزّ وجل- لا تمثلوا بعبادي" ورواه الطبراني من هذا الوجه أيضًا من رواية عطاء بن السائب لكنه قال في الحديث سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "لا تمثلوا بعباد الله". وحديث الحكم بن عمير وعائذ بن قرط رواه الطبراني في الكبير وابن منده في الصحابة من حديث بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير وعائذ بن قرط قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تمثلوا بشيء من خلق الله فيه الروح" وعيسى بن إبراهيم وشيخه موسى ضعيفان. وحديث عمر رواه الطبراني في الصغير قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن

عيسى المعدى أبو عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عمر بن يزيد ثنا إسماعيل بن حكيم الخزاعي ثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة". قال الطبراني لم يروه عن الحسن عن عمران عن عمر إلا يونس بن عبيد ولا عنه إلا إسماعيل تفرد به عبد الله بن عمر بن يزيد، ورواه هشيم وغيره عن يونس عن الحسن عن عمران فقط قلت: حديث الحسن عن عمران تقدم ما فيه أيضًا وأنه منقطع ومن دون يونس بن عبيد في هذا السند غير معروفين فالصحيح حديث عمران السابق بدون ذكر عمر. 1038 - حديث "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في رجل إِن قَدَرْتُم عليه فاقتُلوه ولا تَحرِقُوه بالنار فإِنه لا يُعذِبُ بالنَّار إِلَاَ ربُّ النَّار". أحمد وأبو داود والبيهقي من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّره على سرية قال فخرجت فيها وقال: "إن وجدتم فلانًا فأحرقوه بالنار فوليت فناداني فرجعت إليه فقال إن وجدتم فلانًا فاقتلوه ولا تحرقوه فإِنه لا يعذب بالنار إلا ربُّ النار".

وروى أحمد والدارمي والبخاري وأبو داود والترمذي والبيهقي من حديث أبي هريرة نحوه في حق رجلين أيضًا ولفظه "بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث وقال إن وجدتم فلانًا وفلانًا لرجلين من قريش فاحرقوهما بالنار ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا بالنار وإن النار لا يُعَذَّب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما". 1039 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف". ابن سعد في الطبقات قال أخبرنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان الثوري عن ثور

بن يزيد عن مكحول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يومًا وهكذا رواه أبو داود في المراسيل عن محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عن سفيان ورواه الترمذي في باب ما جاء في الأخذ من اللحية من كتب الأدب من طريق وكيع عن رجل هو عمر بن هارون عن ثور به دون ذكر مكحول. ورواه العقيلي في الضعفاء موصولًا من حديث علي -عليه السلام- قال: "نصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق على أهل الطائف" لكن من رواية عبد الله بن خراش وهو منكر الحديث. وكذلك رواه البيهقي من حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي عبيدة بن الجراح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق سبعة عشر يومًا. قال أبو قلابة: وكان ينكر عليه هذا الحديث يعني على هشام بن سعد فإِنه مختلف فيه وقد روى له البخاري تعليقًا ومسلم في الشواهد.

1040 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - حرَّق نخل بني النضير". متفق عليه من حديث ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرَّق ولها يقول حسان: وهانَ على سَراةِ بني لُؤيٍّ ... حَريقٌ بالبُويرة مُسْتَطيرُ وفي ذلك نزلت: {ما قَطَعْتُم مِنْ لِينَةٍ أو تَرَكتُمُوهَا} الآية.

شروط الحرب

شروط الحرب 1041 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان اذا بعث سرية قال لأميرها: إذا لَقيت عدُوَّك من المُشركين فادْعُهُم الى ثَلاث خصال أو خِلال فأيَّتُهنَّ ما أجابُوك إليها فاقبل منهم وكُفَّ عنهم" الحديث. أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود

والبيهقي وغيرهم من حديث بريدة قال "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا. ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا. وإِذا لقيت عدوَّك من المشركين فادعُهم إلى ثلاث خِصَال أو خلال فأيَّتُهُنَّ ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإِسلام فإِن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإِن أبَوْا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإِن هم أبوا فَسَلْهُم الجزية فإِن همْ أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإِن هم أَبَوْا فاستعن بالله وقاتلهم، وإِذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذِمَّة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك. فإِنكم إن تُخْفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم

على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله. ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أولا". 1042 - قوله: (وثبت من فعله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يُبيِّت العدو ويغير عليهم مع الغدوات). البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عمر قال "أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المُصْطَلق وهم غَارُّون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبَى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث" وفي الموطأ والمسند والصحيحين وغيرهما

العدد الذين لا يجوز الفرار عنه

العدد الذين لا يجوز الفرار عنه هل تجوز المهادنة من حديث أنس "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى خيبر، أتاها ليلًا. وكان إذا أتى قومًا بليل لم يُغِرْ حتى يصبح. فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا: محمدٌ والله محمدٌ، والخميس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر خرِبَتْ خيبر إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المُنْذرينَ".

1043 - قوله: (إلا أن الشافعي لا يجوز عنده الصلح أكثر من المدة التي صالح عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكفار عام الحديبية) ثم قال ابن رشد بعد ذلك بقليل: (وقد اختلف في هذه المدة، فقيل كانت أربع سنين وقيل ثلاثًا وقيل عشر سنين). قلت أما صلح الحديبية فمشهور في كتب السنة والسير، وهو في صحيح البخاري من حديث المسور بن مخرمة وغيره. وأما مدته: فقال البيهقي في السنن باب ما جاء في مدة الهدنة: قال الشافعي -رحمه الله- وكانت الهدنة بينه وبينهم عشر سنين. ثم أخرج عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهريّ عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة في قصة الحديبية إلى أن قال: "فخرج سهيل بن عمرو من عندهم فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلًا قال: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل" فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرى بينهما القول حتى وقع الصلح على أن توضع الحرب بينهما عشر سنين وأن يأمن الناس بعضهم من بعض وأن يرجع عنهم عامهم ذلك الحديث قال البيهقي وروى عاصم بن عمر بن حفص العمري وهو ضعيف جدًا

عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "كانت الهدنة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل مكة عام الحديبية أربع سنين. ثم أسنده من طريق ابن عدي ثنا القاسم بن مهدي ثنا يعقوب بن كاسب ثنا عبد الله بن نافع عن عاصم بن عمر فذكره ثم قال والمحفوظ هو الأول. وعاصم هذا يأتي بما لا يتابع عليه ضعفه ابن معين والبخاري وغيرهما من الأئمة. وروى البيهقي أيضًا في دلائل النبوة عن موسى بن عقبة وعروة في آخر حديث الحديبية فكان الصلح بينه وبين قريش سنتين قال البيهقي وهو محمول على أن المدة وقعت في هذا القدر وهو صحيح وأما أصل الصلح فكان على عشر سنين.

1044 - قوله: (أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد همَّ أن يعطي بعض ثمر المدينة لبعض الكفار الذين كانوا في جملة الأحزاب الخ). ابن إسحاق في المغازي. قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، ومن لا أتهم، عن محمد بن مسلم هو ابن شهاب الزهريّ قال: "لما اشتد على الناس البلاء، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حصن وإلى الحارث بن عوف. وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه. فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب: ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المرابضة في ذلك. فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل، بعث إلى سعد بن معاد وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا له: يا رسول الله أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لابد لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا. قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة. وكالبوكم من كل جانب، فاردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما. فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة. إلا قرى أو بيعًا. أفحين أكرمنا الله بالإِسلام وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فانت وذاك فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا". وروى ابن سعد في

لماذا يحارب أهل الكتاب والمشركون

لماذا يحارب أهل الكتاب والمشركون الطبقات: أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن الزهريّ عن ابن المسيب قال: "أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حِصْن بن بدر: أرأيت إن جعلت لكم ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك من غَطَفان وتَخذّل بين الأحزاب فأرسل إليه عيينة: إن جعلت لي الشطر فعلت فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فأخبرهما بذلك فقالا إن كنت أمرت بشيء فامض لأمر الله. قال: لو كنت أُمرت بشيء ما استأمرتكما ولكن هذا رأي أعرضه عليكما، قالا فإِنّا نرى أن لا نعطيهم إلا السيف. وروى البزار والطبراني من حديث أبي هريرة قال: "جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا محمد شاطرنا تمر المدينة وإلا ملأتها عليك خيلًا ورجالًا. فقال حتى أَستأمر السعود. فبعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وسعد بن مسعود فقال: "إني قد علمت أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وأن الحارث سألكم تشاطروه تمر المدينة فإِن أردتم أن تدفعوه عامكم هذا في أمركم بعد فقالوا يا رسول الله أوحي من السماء"؟ الحديث. وفيه فقال الحارث: "غدرت يا محمد. فقال حسان بن ثابت - رضي الله عنه -:

يا حارِ من يغدر بذمَّة جاره ... منكم فإِن محمدًا لا يغدر إن تغدروا فالغدر من عاداتكم ... واللُّؤم ينبت في أصول السخبر وأمانة المرى حين لقيتها ... مثل الزجاجة صدعها لا يجبر فقال الحارث كُف عنا يا محمد لسان حسان فلو مزج به ماء البحر لمزج". 1045 - حديث: "سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتاب". مالك في الموطأ والشافعي عنه وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما وأبو عبيد في الأموال وإسحاق بن راهويه في مسنده والبيهقي في السنن كلهم من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: ما

أدري كيف أصنع في أمرهم. فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب". قال ابن عبد البر هذا حديث منقطع فإن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف. وقد رواه أبو علي الحنفي وكان ثقة، واسمه عبد الله بن عبد المجيد، فقال فيه عن جده. ومع ذلك فهو منقطع لأن علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف، ولكن معناه يتصل من وجوه حسان، وقال الحافظ: "هذا منقطع مع ثقة رجاله. ورواه ابن المنذر والدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي علي الحنفي عن مالك فزاد فيه عن جده وهو منقطع أيضًا، لأن جده علي بن الحسين لم يلحق عبد الرحمن بن عوف ولا عمر. فإِن كان الضمير في قوله عن جده يعود على محمد بن علي فيكون متصلًا لأن جده الحسين بن علي سمع من عمر بن الخطاب ومن عبد الرحمن بن عوف وله شاهد من حديث مسلم بن العلاء بن الحضرمي أخرجه الطبراني في آخر حديث بلفظ "سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب". قلت طريق أبي علي الحنفي خرّجه أيضًا البزار في مسنده، ثم قال هذا حديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه، لم يقولوا عن جده. وجده هو علي بن الحسين وهو مرسل ولا نعلم أحدًا قال فيه عن جده. أي أبو علي الحنفي عن مالك. والشاهد الذي ذكره الحافظ هو من حديث السائب بن يزيد ولفظه قال: "شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما عهد إلى العلاء، حين وجهه إلى اليمن قال: ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن ويحل له ما سوى ذلك وكتب للعلاء "أن سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب" وفي صحيح

البخاري وغيره من حديث عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر. 1046 - حديث: أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلَّا الله". الحديث تقدم في أول الزكاة. 1047 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لأمراء السرايا الذين كان يبعثهم إلى مشركي العرب "فإِذا

لقيت عدوك فادعهم إلى ثلاث خصال" وذكر الجزية. تقدم قريبًا من حديث بريدة. 1048 - حديث: "النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو". مالك والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه والطحاوي في

المشكل والبيهقي وجماعة من حديث ابن عمر قال "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العَدو". قال مالك مخافة أن يناله العدو. لكن رواه مسلم في الصحيح والبيهقي وغيرهما من غير طريق مالك، بل من رواية الليث عن نافع عن ابن عمر بالزيادة المذكورة في نفس الحديث. بل في صحيح مسلم أيضًا من رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تسافروا بالقرآن فإِني لا آمن أن يناله العدو". قال أيوب: فقد ناله العدو وخاصموكم به.

حكم خمس الغنيمة

حكم خمس الغنيمة

1409 - حديث: "إذا أطْعَمَ اللُّه نبيًّا طُعْمَةً فَهُوَ للخَلِيفَة بَعْدَهُ". أحمد وابنه عبد الله وابن سعد في الطبقات وأبو داود والبيهقي من حديث الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "إذا أطعم الله نبيًا طعمة ثم قبضه كانت للذي يلي بعده" والوليد بن جميع فيه فقال وقد وثقه الأكثرون واحتج به مسلم في الصحيح. 1050 - حديث جبير بن مطعم قال: "قَسَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَهْم ذوي القُريى لبني هاشم وبني المطّلب من الخُمُس وقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب صنف واحد".

أحمد وأبو عبيد في الأموال والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وجماعة عنه قال "مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: "أعطيت بني المطلب من خُمس خيبر، وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك. فقال: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" قال جبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا. لفظ البخاري في المغازي في غزوة خيبر، وله عندهم ألفاظ بالزيادة والنقص منها عند أبي داود قال: "لما كان يوم خيبر وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس. فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم. فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد". وشبَّكَ بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم -.

1051 - قوله: (والصَّفي وهو سَهْم مشهور له - صلى الله عليه وسلم - وهو شيء كان يصطفيه من رأس الغنيمة فرس أو أَمَة أو عبد). أبو داود والبيهقي والطحاوي من مرسل الشعبي قال "كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - سهم يدعى سهم الصَّفي إن شاء عبدًا وإن شاء أمة كان شاء فرسًا يختاره قبل الخُمُس". وعندهما أيضًا عن ابن عون قال: "سألت ابن سيرين عن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - والصفيّ فقال كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء". 1052 - قوله: (وروي أن صفية كانت من الصفيِّ). أبو داود والحاكم والبيهقي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "كانت صفية من الصَّفىّ". قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين. وصححه

حكم أربعة الأخماس

حكم أربعة الأخماس أيضًا ابن حبان: فأخرجه في صحيحه. وعند أبي داود والبيهقي من مرسل قتادة قال "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء، فكانت صفية من ذلك السهم، وكان إذا لم يَغْزُ بنفسه ضرب له بسهم ولم يخيّر". وقال ابن عبد البر: سهم الصفي مشهور في صحيح الإِمام معروف عند أهل العلم ولا يختلف أهل السير في أن صفية منه وأجمعوا على أنه خاص به.

1053 - قوله: (وذلك أن جميع السرايا إنما كانت تخرج عن إذنه - صلى الله عليه وسلم -). هذا معروف من سيرته - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم- وليس هو في حديث مستقل.

1054 - حديث أم عطية قالت: "كنّا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنداوي الجرحى ونمرِّض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة". لم أجده بهذا اللفظ وأكاد أقطع بأنه غير موجود لاسيما وابن رشد يعبّر عنه بأنه حديث ثابت وذلك في اصطلاحه إشارة إلى أنه مخرج في الصحيح والذي في صحيح مسلم من حديث أم عطية قالت: "غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أَخلُفُهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقُومُ على المرضى" أما المعنى الذي استدل له ابن رشد فهو في صحيح مسلم وسنن أبي داود والبيهقي من حديث يزيد بن هرمز قال: "كتب نجدة الحروريّ إلى ابن عباس يسأله عن النساء هل كنّ يشهدن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهل كان يضرب لهن بسهم؟ قال: فأنا كتبت كتاب

ابن عباس إلى نجدة: قد كنَّ يحضُرن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما أن يُضْربَ لهن بسهم فلا، وقد كان يُرْضَخُ لهنَّ". لفظ أبي داود. 1055 - قوله: (وزعم الأوزاعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسهم للنساء بخيبر). قلت: الأوزاعي ذكر ذلك في كتاب السير له، ورد عليه أبو يوسف فقال: ما كنت أحسب أحدًا يعقل الفقه يجهل هذا. ما نعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسهم للنساء في شيء من غزوه وما جاء في هذا من الأحاديث كثير لولا طول ذلك لكتبت لك من ذلك شيئًا كثيرًا. ثم ذكر حديث ابن عباس إلى نجدة الحروريّ المذكور قبله ثم قال والحديث في هذا كثير والسنة في هذا معروفة. ولكنه ما أنصف الأوزاعي في رده، فالحديث الذي قاله الأوزاعي موجود، وهو عمدته وإليه ذهب، وإِن كان إسناده مجهولًا خرّجه أبو داود والنسائي في الكبرى من حديث حشرج بن زياد عن جدته أم زياد "أنها خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر سادس ست نسوة، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب، فقال مع من خرجتنَّ وبإِذن مَنْ

خرجتن، فقلنا: يا رسول الله، خرجنا نغزل الشَّعر ونعين به في سبيل الله ومعنا دواء للجرحى ونناول السهام ونسقي السويق. فقال: قُمنَ، حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال قال فقلت لها: يا جدة وما كان ذلك. قالت: تمرًا". وحشرج المذكور غير معروف، إلا أنه مع وجود حديثه لا يمكن إنكار ورود ذلك كما فعل أبو يوسف. 1056 - قوله عقب حديث عبد الرحمن بن عوف الذي خرجه عبد الرزاق: (وخرّج مثله أبو داود عن يعلى بن مُنْية).

قلت: حديث عبد الرحمن بن عوف غريب والمشهور في هذا الباب حديث يعلى بن منية وهو عند أبي داود والحاكم والبيهقي عنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعثني في سراياه. فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب، فقلت له: ارحل. فقال: ما أنا بخارج معك. قلت: لِمَ. قال: حتى تجعل لي ثلاثة دنانير. قلت: الآن حين ودعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أنا براجع إليه، ارحل ولك ثلاثة دنانير، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعطها إياه فإنها حظه من غزاته" لفظ الحاكم وقد أخرجه من طريق خالد بن دريك عن يعلى. أما أبو داود فأخرجه من طريق عبد الله بن الديلمي أن يعلى بن منية قال: "أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغزو، وأنا شيخ كبير ليس لي خادم. فالتمست أجيرًا يكفيني وأجري له سهم، فوجدت رجلًا فلما دنا الرحيل، أتاني فقال: ما أدري ما السُّهمان، وما يبلغ سهمي فسم لي شيئًا، كان أسهم أو لم يكن. فسميت له ثلاثة دنانير. فلما حضرت الغنيمة أردت أن أجري له سهم، فذكرت

الدنانير، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أمره فقال: "ما أجد في غزوته هذه في الدنيا والآخرة، إلّا دنانيره التي سمى". أما البيهقي فأخرجه باللفظين من الطريقين طريق ابن الديلمي وطريق خالد بن دريك. وفي الباب عن عوف بن مالك مثله ولفظه قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فقال رجل أخرج معك على أن تجعل لي سهمًا من المغنم، ثم قال: والله ما أدري أتغنمون أم لا، ولكن اجعل لي سهمًا معلومًا. فجعلت له ثلاثة دنانير فغزونا فأصبنا مغنمًا. فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أجد له في الدنيا والآخرة إلا دنانيره هذه الثلاثة التي أخذها". رواه الطبراني في الكبير وسنده حسن. 1057 - حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر بعدما فتحوها فقال أبان:

اقسم لنا يا رسول الله، فلم يقسم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها". البخاري تعليقًا وأبو داود والبيهقي موصولًا عنه قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد. فقدم أبان وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر بعدما افتتحها، وإِن حُزْمَ خيلهم تليف قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله لا تقسم لهم. قال أبان: وأنت بهذا يا وَبْر تَحدَّر من رأس ضأن. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبان اجلس فلم يقسم لهم". 1058 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهم ولم يضرب لأحد غاب عنها".

أبو داود من حديث ابن عمر وفي مسند أحمد وصحيح البخاري من حديثه أيضًا قال: لما تغيب عثمان عن بدر فإِنه كان تحت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مريضة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لك أجر رجل وسهمه". 1059 - حديث: "وترد سراياهم على قعدتهم" قال ابن رشد خرّجه أبو داود. قلت هو في حديث: المسلمون تتكافأ دماؤهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقد سبق عزوه قريبًا مختصرًا. ولفظه "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى

بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يدٌ على من سِوَاهم يرد مُشِدُّهُم على مُضْعِفِهِم، ومتسربهم على قاعدهم. لا يُقْتَل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده". 1060 - حديث ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم لرجل وفرسه ثلاثة أسهم سهمان للفرس وسهم لراكبه" قال ابن رشد خرّجه أبو داود. قلت بل هو في الصحيحين أيضًا ومسند أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه فالاقتصار على عزوه لأبي داود ليس كما ينبغي.

وفي الباب عن جماعة فوق العشرة وقد أطال الدارقطني في ذكر طرق هذا الحديث وفي طرق حديث ابن عمر وألفاظه بالخصوص. 1061 - قوله: (وخرّج أيضًا يعني أبا داود عن مجمع بن جارية الأنصاري مثل قول أبي حنيفة). قلت هو كذلك، وأخرجه أيضًا بن أبي شيبة في المصنّف وأحمد والطبراني في الكبير والدارقطني والحاكم والبيهقي كلهم من رواية مجمع بن يعقوب بن مجمع قال: "سمعت أبي يعقوب يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه جمع بن جارية الأنصاري قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فذكر

الحديث إلى أن قال: فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهمًا. قال الحاكم: هذا حديث كبير صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي. وأما أبو داود فقال: حديث أبي معاوية أصح يعني حديثه الذي أخرجه قبل هذا من حديث أبي عمرة عن أبيه قال: "أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منّا سهمًا وأعطى الفرس سهمين قال أبو داود هذا أصح والعمل عليه وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلاثمائة فارس: وكانوا مائتي فارس. وقال البيهقي في الجواب عن هذا الحديث: قال الشافعي في القديم مجمع بن يعقوب شيخ لا يعرف فأخذنا في ذلك بحديث عبيد الله يعني عن نافع عن ابن عمر وهو الحديث السابق" ولم نر له خبرًا مثله يعارضه ولا يجوز رد خبر إلا بخبر مثله. قال البيهقي والرواية في قسم خيبر متعارضة فإِنها قسمت على أهل الحديبية وأهل الحديبية كانوا في أكثر الروايات ألفًا وأربعمائة وأطال في ذلك. وقد تعقب الشافعي على قوله في مجمع بن يعقوب أنه غير معروف بأنه معروف روى عنه جماعة ووثقه جماعة ولذا قال ابن القطان: علة الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع

فإنه لا يعرف روى عنه غير ابنه مجمع. كذا قال مع أنه روى عنه أيضًا ابن أخيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وعبد العزيز بن عبيد بن صهيب. وعلى كل حال فالظاهر أن الرجل أراد ذكر أسهم الفارس والراجل والمفاضلة بينهما، ولم يتعرض لسهم الفرس. فكأنه أراد مع سهم الفرس أيضًا. فإن كان كذلك، وإلا فالحديث وهم، ولابد أنه خلاف ما رواه عدد التواتر. فقد ورد أن للفارس وفرسه ثلاثة أسهم من حديث عمر وابن عمر وأبي عمرة عن أبيه وأبي رهم الغفاري وأبي كبشة الأنماري والمقداد بن عمرو وابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وسهل بن أبي حثمة وزيد بن ثابت وغيرهم والواحد أولى بالوهم من الجماعة. 1062 - حديث: "أدّوا الخيط والمخيط فإِن الغُلُول عار وشَنَارٌ على أهله يوم القيامة". قلت ورد من حديث عبادة بن الصامت والعرباض بن سارية وعبد الله بن عمرو بن العاص. فحديث عبادة رواه أحمد من طريق سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي

سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أدوا الخيط والمخيط وإِياكم والغلول فإِنه عار على أهله يوم القيامة". هكذا رواه من هذا الوجه مختصرًا. ورواه أيضًا من طريق إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله عن أبي سلام عن المقدام بن معد يكرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكندي فتذاكروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو الدرداء لعبادة: يا عبادة كلمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة كذا في شأن الأخماس، فقال عبادة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلّى بهم إلى بعير من المغنم فلما سلم قام فتناول وبرة بين أنملتيه فقال: إن هذه من غنائمكم، وإِنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا فإِن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة" .. الحديث. وأبو بكر بن عبد الله هو ابن أبي مريم وهو ضعيف. وحديث العرباض بن سارية رواه أحمد ثنا أبو عاصم ثنا وهب أبو خالد قال حدثتني أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ الوبرة من فيء الله -عزّ وجلّ- فيقول ما لي من هذا إلا مثل ما لأحدكم إلا الخمس وهو مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فما فوقهما، وإِياكم والغلول فإنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة" ومن هذا الوجه رواه أيضًا البزار والطبراني في الكبير ورجال إسناده ثقات.

وحديث عبد الله بن عمرو رواه الطبراني في الأوسط عنه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بالجعرانة أثناء حديث ردوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة" الحديث رواه مالك في الموطأ بطوله عن عمرو بن شعيب مفصلًا. 1063 - حديث ابن مغفل قال: "أصبت جراب شحم يوم خيبر فقلت لا أعطي منه شيئًا فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم". قال ابن رشد خرجه البخاري ومسلم. قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وجماعة. تنبيه: قال الحافظ في الفتح وتبعه الشوكاني في النيل: زاد أبو داود

الطيالسي في آخره فقال هو لك. قال الحافظ: وكأنه عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به. قلت: وهذا وهم من الحافظ -رحمه الله-، فإن أبا داود الطيالسي قال: حدثنا شعبة وسليمان بن المغيرة القيسي كلاهما عن حميد بن هلال العدوي قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: "دُلِّيَ جراب من شحم يوم خيبر فأخذته فالتزمته، فقلت هذا لا أعطي أحدًا منه شيئًا، فالتفت فإِذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستحييت منه" قال سليمان في حديثه: وليس في حديث شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال هو لك، قال أبو داود كأنه من الغنيمة. هكذا هو في مسند الطيالسي وهكذا خرّجه البيهقي في السنن من طريقه. 1064 - حديث ابن أبي أوفى قال: "كنّا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه" قال ابن رشد خرّجه البخاري. قلت: هذا وهم من وجهين: أحدهما أن هذا المتن خرّجه البخاري كما قال،

ولكنه من حديث عبد الله بن عمر لا من حديث ابن أبي أوفى. وقد أخرجه أيضًا أبو داود والبيهقي. ثانيهما أن حديث ابن أبي أوفى في هذا الباب خرّجه أبو داود وابن الجارود في المنتقى والحاكم والبيهقي عنه قال: "أصبنا طعامًا يوم خيبر وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق" قال الحاكم صحيح على شرط البخاري أما البخاري فأخرج في باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب حديث عبد الله بن مغفل وحديث عبد الله بن عمر السابقين ثم معهما حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: "أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكفئوا القدور فلا تطعَموا من لحوم الحمر شيئًا. قال عبد الله: فقلنا إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها لم تخمَّس. قال: وقال آخرون حرمها البتَّة". 1065 - حديث صالح بن محمد بن زائد عن سالم عن ابن عمر أنه قال: قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ غَلَّ فَأحْرِقُوا مَتَاعَه". قال ابن رشد وقد اختلفوا في تصحيحه. قلت: هو كذلك والحديث من رواية عمر بن الخطاب لا من رواية ابنه عبد الله أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي من طريق صالح بن محمد بن زائدة قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم فأُتي برجل قد غَلَّ فسأل سالمًا عنه فقال سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه". لفظ أبي داود ثم أخرج من طريق أبي إسحاق عن صالح بن محمد قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز، فغلَّ رجل متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق، وطيف به ولم يُعطِه سهمه. قال أبو داود وهذا أصح الحديثين يعني أنه موقوف. ولفظ الترمذي: "من وجدتموه غَلَّ في سبيل الله فأحرقوا متاعه" ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال إنما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث. وقال الحافظ المنذري: صالح بن محمد تكلم فيه غير واحد من الأئمة وقد قيل إنه تفرد به وقال البخاري عامة أصحابنا يحتجون بهذا في الغلول وهو باطل وقال الدارقطني أنكروا

هذا الحديث على صالح بن محمد. قال وهذا الحديث لم يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وذكره البخاري في التاريخ الصغير في ترجمة صالح باللفظ الذي ذكره ابن رشد من "غَلّ فأحرقوا متاعه". وقال لا يتابع عليه. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغال "صلوا على صاحبكم" ولم يحرق متاعه. وذكره في ترجمته أيضًا من التاريخ الكبير بمثل ما ذكره في التاريخ الصغير وأشار إليه في صحيحه فقال: باب القليل من الغلول ولم يذكر عبد الله بن عمر وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرّق متاعه وهذا أصح. يعني من حديث صالح بن محمد المذكور. وهذا يعارض ما نقلوا عنه من الحكم عليه بالبطلان كما سبق في كلام المنذري وقال الحافظ في الفتح: قال البخاري في التاريخ يحتجون بهذا الحديث في إحراق رحل الغال وهو باطل ليس له أصل وراويه لا يعتمد عليه. قلت: ولم يذكر البخاري هذا في ترجمة صالح المذكورة في التاريخ الكبير ولا في التاريخ الصغير وإنما أسنده عنه البيهقي في السنن بعد أن ضعفه ثم أسند كلام البخاري في التاريخ الكبير ثم قال: قال البخاري: أصحابنا يحتجون بهذا في الغلول وهذا باطل ليس بشيء. فكأن نسخ التاريخ تختلف بالزيادة والنقص إن لم يكن البيهقي نقل هذا من كتاب آخر للبخاري. أما شيخه الحاكم فقال في المستدرك هذا حديث

حكم الأنفال

حكم الأنفال صحيح الإِسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص وهو غريب فإِنه نفسه ذكر صالح بن محمد في الميزان ونقل قول البخاري في الحديث أنه باطل.

1066 - حديث مالك عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سَريَّة فيها عبد الله بن عمر قِبَل نَجْدٍ فغنموا إبلًا كثيرة فكان سُهْمانُهُم اثني عَشَر بعيرًا ونُفَّلُوا بَعيرًا بَعيرًا". متفق عليه. 1067 - حديث حبيب بن مسلمة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنفل الربع بعد الخمس في البداءة، وينفلهم الثلث بعد الخمس في الرجعة".

أحمد وأبو عبيد في الأموال وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود

والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه والبيهقي وله عندهم ألفاظ. 1068 - حديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين بعدما برد القتال: "من قتل قتيلًا فله سَلَبُه".

مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وآخرون من حديث أبي قتادة الأنصاري وفيه قصة وفي لفظ أكثرهم "من قتل قتيلًا له عليه بَيِّنَة فله سَلَبُه" وفي الباب عن جماعة بل قيل إنه متواتر. 1069 - قوله: (قال أبو عمر: وهذا القول محفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - في حنين وفي بدر). قلت: أما في حنين فقد وقع التصريح به في حديث أبي قتادة المذكور قبله،

وفي حديث أنس عند أبي داود وفي حديث غيره وأما في بدر فقد أخرج أبو داود وابن جرير في التفسير والحاكم فيه من المستدرك والبيهقي كلهم من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر "من قتل قتيلًا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا" الحديث لفظ أبي داود. ورواه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله سواء إلى قوله فله كذا وكذا ثم زاد زيادة أخرى. تنبيه: قال مالك من الموطأ: لم يبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "من قتل قتيلًا فله سلبه" إلا يوم حنين. وقد بلغنا وبلغ غيرنا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم بدر أيضًا. وكان ابن رشد لما نقل هذا عن مالك نقل عن ابن عبد البر ما خرجناه لهذا المعنى وهي الإِشارة إلى رد قول مالك. 1070 - قوله: (وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: كنَّا لا نخمس السلب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

قلت لم أره يذكر عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكره ابن رشد بعد هذا معزوًا إلى ابن أبي شيبة عن أنس في قصة للبراء بن مالك مع المرزبان وقتله، وفيه: فقال عمر بن الخطاب قال لأبي طلحة إنا كنّا لا نخمس السلب الخ. وهذا الأثر خرجه ابن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس قال: كان السلب لا يخمس، وكان أول سلب خمس في الإسلام سلب البراء بن مالك، وكان قتل مرزبان الزأرة. وذكر الأثر الذي ذكره ابن رشد. ورواه أبو عبيد في الأموال من أوجه عن ابن سيرين. والبيهقي في السنن من أوجه عن أنس .. 1071 - حديث عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل" قال ابن رشد خرجه أبو داود.

حكم ما وجد من أموال المسلمين عند الكفار

حكم ما وجد من أموال المسلمين عند الكفار قلت بل هو في صحيح مسلم فالعزو إليه أولى وأخرجه أيضًا أحمد وأبو عبيد في الأموال والبيهقي وغيرهم وفيه قصة. وفي رواية لأحمد وأبي داود عنهما "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب".

1072 - حديث عمران بن حصين قال: "أغار المشركون على سرح المدينة وأخذوا العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وامرأة من المسلمين، فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة

وقد ناموا، فجعلت لا تضع يدها على بعير إلّا رغا. حتى أتت العضباء. فأتت ناقة ذلولًا، فركبتها ثم توجهت قبل المدينة ونذرت لئن نَجَّاها الله لَتَنْحَرنَّها فلما قدمت المدينة غرفت الناقة فأتَوْا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته المرأة بنذرها فقال: بِئْسَ ما جَزَيْتها لا نَذْرَ فيما لا يملك ابن آدم ولا نذر في معصية". أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرًا بذكر المرفوع فقط.

1073 - حديث ابن عمر: "أن العَدوَّ أخذ له فرس فَظَهَر عليه المسلمون فَرُدَّ عليه زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". البخاري وأبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث نافع عن ابن عمر قال: ذهبت له فأخذها العدو فظهر عليهم المسلمون فردت عليه في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: وأَبقَ عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكره مالك بلاغًا بدون ذكر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزاد فيه وذلك قبل أن تصيبهما المقاسم. 1074 - حديث: "وهل ترك لنا عَقِيلٌ من منزل".

متفق عليه من حديث أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله أين تنزل غدًا؟ في حجته. قال: "وهل ترك لنا عقيل منزلًا" الحديث. وفي رواية عند مسلم: أين تنزل غدًا إن شاء الله وذلك زمن الفتح قال: "وهل ترك لنا عقيل من منزل" زاد في رواية عندهما وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه جعفر ولا علي لأنهما

كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين. 1075 - حديث الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس: أن رجلًا وجد بعيرًا له كان المشركون قد أصابوه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أصبته قبل أن يُقْسَم فهو لك، كان أصبته بعد القَسْم أخذته بالقيمة" قال ابن رشد لكن الحسن بن عمارة مجمع على ضعفه وترك الاحتجاج به عند أهل الحديث. قلت هو كذلك. والحديث خرجه الدارقطني والبيهقي في سننيهما بهذا الإسناد، وقال الدارقطني الحسن بن عمارة متروك. وقال البيهقي: هذا الحديث يعرف بالحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة والحسن بن عمارة متروك

لا يحتج به. ورواه أيضًا مسلمة بن علي الخشني عن عبد الملك وهو أيضًا ضعيف، وروي بإسناد آخر مجهول عن عبد الملك ولا يصح شيء من ذلك وقال ابن حزم: أسنده الحسن بن عمارة وإسماعيل بن عياش كلاهما عن عبد الملك بن ميسرة والحسن بن عمارة هالك، وإسماعيل بن عياش ضعيف، ورواه بعض الناس من طريق علي بن المديني، وأحمد بن حنبل. قال علي: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، وقال أحمد: عن إسحاق الأزرق. ثم اتفق يحيى وإسحاق عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة وهذا منقطع غير مسند على أن الطريق إلى علي وأحمد تالفة ولا يعرف هذا الخبر في حديث يحيى بن سعيد القطان الصحيح عنه أصلًا. قلت ومما يدل على كذب الحسن بن عمارة أنه رواه مرة أخرى فقال: حدثنا

الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس به، وزاد في المتن ذكر العبد ولفظه: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد وبعير أحرزهما العدو، ظفر بهما فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"إن أصبتهما قبل القسمة فهما لك بغير شيء، وإن أصبتهما بعد القسمة فهما لك بالقيمة" رواه أبو يوسف في الرد على سير الأوزاعي ومن عرف سيرة الحسن جزم بكذبه. 1076 - حديث: "فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم". تقدم في أول كتاب الزكاة في حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله

فيما افتتح المسلمون من الأرض عنوة

فيما افتتح المسلمون من الأرض عنوة إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" الحديث.

1077 - قوله: (وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر بين الغزاة). أبو عبيد في الأموال والبخاري في الصحيح وغيرهما من حديث أسلم مولى عمر قال: قال عمر: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس بَبَّانًا ليس لهم من شيء ما فُتِحَتْ علي قرية، إلا قَسَمتُها كما قَسَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها". وروى أحمد وابن سعد وأبو داود من حديث بشير بن يَسار عن رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جَمَعَ كُلَّ سهم مائَةً، فجعل نصف ذلك كله للمسلمين فكان في ذلك النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معها، وجعل النصف الآخر

لمن ينزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس. وروى أبو عبيد في الأموال عن سفيان بن وهب الخولاني قال: لما افتتحت مصر قال الزبير بن العوام لعمرو بن العاص اقسمها كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر. وفي الباب عن جماعة. 1078 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر بالشطر ثم أرسل ابن رواحة فقاسمهم". قلت هما حديثان أما كونه - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر بالشطر فرواه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم والأربعة وجماعة من حديث ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع. وله عندهم ألفاظ متعددة. وأما إرسال ابن رواحة إليهم فأخرجه عبد الرزاق وأبو داود والدارقطني وغيرهم من حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه فقال رواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وأرسله معمر ومالك وعقيل مرسلًا دون ذكر أبي هريرة ولفظ مرسل ابن المسيب عند مالك في الموطأ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود خيبر يوم الفتح "أقركم فيها ما أقركم الله -عزّ وجلّ- على أن الثمر بيننا وبينكم". قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فَيَخْرص بينه وبينهم ثم يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه، وقد تقدم الحديث في الزكاة مع الكلام عليه. وفي الباب عن جماعة. فائدة: لا تعارض بين هذا وبين الحديث السابق في أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر بين الغزاة. فقد ورد أن خيبر لم تفتح كلها عنوة بل فتح بعضها عنوة وبعضها صلحًا، لما

في سنن أبي داود وغيره من مرسل ابن شهاب وغيره فالذي فتح عنوة قسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الغزاة والذي فتح صلحًا وهو الكُتَيْبة والنطيح وغيرهما هو الذي عامل عليه أهله شطر ما يخرج منه. 1079 - قوله: (والأصح أنه افتتحها عنوة لأنه الذي خرجه مسلم). قلت يريد حديث أبي هريرة في قصة الفتح وهو عند أبي داود الطيالسي وأحمد ومسلم والطحاوي والبيهقي وجماعة عنه. قال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المُجَنِّبَتَيْنِ وبعث خالدًا على المُجَنِّبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحُسرِ فأخذوا بطن الوادي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبة، قال: فنظر فرآني فقال: "أبو هريرة" قلت: لبَّيك يا رسول الله، فقال "لا يأَتيني إلا أنصاري" فقال "اهتف لي بالأنصار. قال: فأطافوا به. ووبَّشَت قريش أوباشًا لها وأتباعًا. فقالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى، ثم قال "حتى تُوَافُوني بالصَّفا قال: فانطلقنا فما شاء أحد منَّا أن يقتُل أحدًا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا قال فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ثم قال "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أمَّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته قال أبو هريرة وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا. فإذا جاء فليس أحد يرفع طَرْفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضي الوحي. فلما انقضى الوحي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا معشر الأنصار" قالوا: لبيك يا رسول الله! قال "قلتم أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته". قالوا قد كان ذاك. قال: "كلا، إني عبد الله ورسوله. هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم. والممات مماتكم" فاقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضّنّ بالله ورسوله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن الله ورسوله يُصِّدقانِكم ويَعْذِرانكم" قال فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان. وأغلق

قسمة الفيء

قسمة الفيء الناس أبوابهم. وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه ثم طاف بالبيت قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسِيَةِ القوس فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول "جاء الحق وزهق الباطل" فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.

1080 - حديث عمر قال: "كانت أموال بني النَّضير مما أفَاءَ الله على رسوله مما لم يُوجِف عليه المسلمون بِخَيْل ولا رِكاب، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خالصة، فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكُرَاع والسِّلاح عُدَّة في سبيل الله" قال ابن رشد خرجه مسلم.

الجزية وحكمها وقدرها وممن تؤخذ

الجزية وحكمها وقدرها وممن تؤخذ قلت بل هو متفق عليه خرجه البخاري في عدة أبواب من صحيحه مطولًا ومختصرًا وخرجه أيضًا أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والبيهقي وغيرهم.

1081 - حديث: "نهى عن قتل النساء والصبيان". تقدم.

1082 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حاكم دينارًا أو عَدْله مَعَافِر"، وهي ثياب باليمن. يحيى بن آدم القرشي في كتاب الخراج وأبو عبيد في الأموال وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود الطيالسي وأحمد في مسنديهما وأبو

داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وأمرت أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّة، ومن كل حالم دينارًا، أو عَدْله ثوب مَعَافِر. وبعضهم قال ومن كل حالم وحالمة دينارًا، وهي عند يحيى ابن آدم وأبي عبيد وعبد الرزاق وقال

أبو داود: "ومن كل حالم يعني محتلمًا دينارًا أو عدله من المعافر ثياب تكون باليمن. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وكذلك صححه ابن حبان فأخرجه في الصحيح، وكذلك ابن الجارود كما سبق، وقال

الترمذي (هذا حديث حسن قال ورواه بعضهم عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن وهذا أصح)، وقال البيهقي: (قال أبو داود في بعض نسخ السنن هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارًا شديدًا. قال البيهقي: إنما المنكر رواية أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ). فأما رواية الأعمش عن أبي وائل عن مسروق فإِنها محفوظة قد رواها عن الأعمش جماعة منهم سفيان الثوري وشعبة ومعمر وجرير وأبو عوانة ويحيى بن سعيد وحفص بن غياث، وقال بعضهم عن معاذ يعني عن مسروق عن معاذ، وقال: بعضهم عن مسروق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا إلى اليمن. وأما حديث الأعمش عن إبراهيم فالصواب كما أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل فأسند عن يعلى بن عبيد ثنا الأعمش عن شفيق عن مسروق والأعمش عن إبراهيم، قالا: قال معاذ. فذكر الحديث. ثم قال هذا هو المحفوظ حديث الأعمش عن أبي وائل عن مسروق، وحديثه عن إبراهيم منقطع ليس فيه ذكر مسروق، وقد رويناه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: الحديث صحيح لا شك فيه والاختلاف المنقول عن الأعمش في سند هذا الحديث إنما هو اختصار من الرواة أو نسيان منهم وذلك لا يؤثر في رواية من حفظه وأتى به على وجهه لاسيما وهم الأكثرون عددًا وحفظًا والجادة فيه هي ما أتوا به، وهو الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ كما أن هذا القول هو الصحيح عن عاصم بن أبي النجود. كما رواه يحيى بن آدم القرشي في الخراج عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ، ومن طريق يحيى خرجه البيهقي في السنن وقد رواه أحمد من طريق شريك فقال عن عاصم عن أبي وائل عن معاذ بدون ذكر مسروق. كما قال ذلك بعضهم في رواية الأعمش وهو وهم من شريك أو الراوي عنه حسين بن. حمد ولابدّ لاتفاق كبار الحفاظ على قولهم عن أبي

وائل عن مسروق عن معاذ وقد طعن في الحديث بعضهم من جهة أخرى وهي الانقطاع بين مسروق ومعاذ، فقال المارديني في الجوهر النقي: ذكر ابن حزم أن مسروقًا لم يسمع من معاذ ولم يلقه وكذا ذكر عبد الحق عن ابن عبد البر. وغفل المارديني عن كون ابن حزم رجع عن ذلك في آخر كلامه في زكاة البقر فقال: ثم استدركنا فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذًا، وشهد حكمه وعمله المشهور المنتشر، فصار نقله لذلك ولأنه عن عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقلًا عن الكافة عن معاذ بلا شك، فوجب القول به. على أن الحافظ وإن لم يقف على كلام ابن حزم الأخير أيضًا إلا أنه نظر فيه فقال في التلخيص: وأعله ابن حزم بالانقطاع وأن مسروقًا لم يلق معاذًا. وفيه نظر. فائدة: ورد في بعض طرق هذا الحديث زيادة "وحالمة" فقال عبد الرزاق في

مصنفه ثنا معمر وسفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة ومن كل أربعين مُسِنة ومن كل حالم وحالمة دينارًا أو عدله معافر. وقال يحيى بن آدم القرشي في كتاب الخراج حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور عن الحكم قال: "كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى معاذ بن جبل باليمن، أن يأخذ من كل حالم أو حالمة دينارًا أو قيمته ولا يفتن يهودي عن يهوديته". ومن هذا الوجه رواه أبو داود في المراسيل بهذا اللفظ. ورواه أبو عبيدة في الأموال من هذا الوجه بزيادة فقال حدثنا جرير عن منصور عن الحكم قال: "كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى معاذ وهو باليمن، أنّ فيما

سقت السماء أو سُقي غيْلاً العُشر، وفيما سقي بالغَرْب نصف العُشر، وفي الحالم أو الحالمة دينار أو عدله من المعافر ولا يفتن يهودي عن يهوديته" ثم قال أبو عبيد حدثنا عثمان بن صالح عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: "كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن، أنه من كان على يهودية أو نصرانية فإِنه لا يفتن عنهما، وعليه الجزية، على كل حالم ذكر أو أنثى: عبد أو أمة دينار واف أو قيمته من المعافر، فمن أدى ذلك إلى رسلي فإِن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منعه منكم فإِنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين". وروى ابن زنجوية في كتاب الأموال له عن النضر بن شميل عن عوف عن الحسن، مثله. وعن هاشم بن القاسم عن المرجا بن رجاء عن سليمان بن حفص عن معاوية بن قرة نحوه في مجوس هجر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى مجوس هجر: أما بعد، من شهد منكم أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، واستقبل

قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فله مثل مالنا، وعليه مثل ما علينا، ومن أبى فعليه الجزية على كل رأس دينار على الذكر والأنثى، ومن أبى فليأذن بحرب من الله ورسوله" وزعم أبو عبيد أن ذِكْر الأنثى والحالمة في الحديث منسوخ ولا دليل له على ما قال ..

14 - كتاب الأيمان

14 - كتاب الأيمان

ضروب الأيمان المباحة وغير المباحة

ضروب الأيمان المباحة وغير المباحة

1083 - حديث: "إنَّ الله يَنْهَاكم أن تَحْلِفُوا بآبائكم من كان حالفًا فلْيَحْلِفْ بالله أو ليَصْمُت". أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في المشكل والبيهقي وجماعة منهم

الأيمان اللغوية والمنعقدة

الأيمان اللغوية والمنعقدة مالك في الموطأ من حديث ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع عمر وهو يحلف بأبيه فقال: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليَصْمُت".

1084 - قوله: (مثل ما روي "أنه لا طَلَاقَ في إغْلَاقٍ").

الأيمان التي ترفعها الكفارة

الأيمان التي ترفعها الكفارة أحمد والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود وابن ماجه والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم والبيهقي من حديث محمد بن عبيد بن أبي صالح عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بأن مسلمًا لم يحتج بمحمد بن عبيد وقد ضعّفه أبو حاتم. قلت: تضعيف أبي حاتم له غير مقبول لأنه بناه على استبعاده لهذا الحديث وهو رأي خاطئ وقد وثقه ابن حبان والحاكم وغيرهما ممن صحح الحديث ومع هذا فقد تابعه زكريا بن إسحاق ومحمد بن عثمان جميعًا عن صفية بنت شيبة عن عائشة به أخرجه البيهقي ووهم الحافظ في قوله إن هذه الطريق لم تذكر فيها عائشة.

1085 - حديث: "من اقتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَميِنهِ حَرَّمَ الله عليه الجَنَّة وأَوجَبَ لَهُ النَّار". مالك وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي من

حديث أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار. قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا يا

رسول الله. قال: وإِن كان قضيبًا من أراك، وإن كان قضيبًا من أراك وإِن كان قضيبًا من أراك. قالها ثلاث مرات". لفظ مالك. ورواه البخاري في التاريخ الكبير والحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير من حديث جابر بن عتيك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال: "من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه حرّم الله عليه الجنة وأوجب له النار قيل يا رسول الله وإِن كان شيئًا يسيرًا قال وإِن كان سواكًا وإِن كان سواكًا وقال الحاكم صحيح الإسناد. وفي الباب عن جماعة. 1086 - حديث: "كفَّارَةُ النَّذر كَفَّارَةُ يَمين". أحمد ومسلم والأربعة، والبيهقي من حديث عقبة بن عامر. إلا أن ابن

ماجه والبيهقي قالا: "من نذر نذرًا لم يُسَمِّه فكفارته كفَّارة يمين" قال البيهقي كذا قال خالد بن سعيد عن عقبة والرواية الصحيحة عن أبي الخير عن عقبة "كفارة النذر كفارة اليمين". 1087 - حديث: "من نَذَر أن يطيع الله فليُطِعْه ومن نذر أن يَعْصِيه فلا يَعْصِه".

مالك وأحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وغيرهم كالطحاوي في مشكل الآثار وأبو

شروط الاستثناء المؤثر في اليمين

شروط الاستثناء المؤثر في اليمين نعيم في الحلية من حديث عائشة.

1088 - حديث: "من حَلَفَ فقال إنْ شَاء الله لم يَحنَثْ". أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي في مشكل الآثار من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث". لفظ أحمد والترمذي وقال الباقون: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى". وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ. أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن سليمان بن داود -عليه السلام- قال: لأطُوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة غلامًا، فطاف عليهنَّ فلم تلد امرأة منهن إلا امرأة نصف غلام فقال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - لو قال إن شاء الله لكان كما قال". ثم وهمه الترمذي أيضًا في قوله سبعين امرأة وإن الصحيح مائة امرأة. قلت: واتهام البخاري لعبد الرزاق بالخطأ في هذا الحديث خطأ. فقد قال أحمد في المسند قال عبد الرزاق: هو اختصره. يعني معمرًا، فبرئ عبد الرزاق، ثم إن كان معمر اختصره من الحديث المذكور فهو مخطئ لأن بين الحديثين فرقًا وذلك بعيد لوجهين: أحدهما أن معمرًا إمام عربي لا يخفى عليه معنى الحديث حتى يختصره بمعنى بعيد عنه، وثانيهما أن الحديث ورد بهذا اللفظ والمعنى من حديث ابن عمر وجابر بن عبد الله مما يدل على أن معمرًا لم يتصرف في حديث أبي هريرة ولا هو مبتكر لهذا المعنى على حسب ما فهمه من حديث أبي هريرة. فحديث ابن عمر رواه أحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن الجارود والطحاوي في مشكل الآثار والبيهقي

كلهم من حديث أيوب وهو السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه" لفظ الترمذي. وفي رواية لابن ماجه "من حلف واستثنى فلن يحنث" ولفظ أكثرهم "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى" وعند بعضهم كأحمد والنسائي، والبيهقي فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء فليترك" وعند ابن ماجه وغيره أيضًا من حلف واستثنى إن شاء رجع وإن شاء ترك غير حانث وقال الترمذي حديث حسن وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفًا. وهكذا روى سالم عن ابن عمر موقوفًا ولا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني. وقال إسماعيل بن عليه كان أيوب أحيانًا يرفعه وأحيانًا لا يرفعه. قلت: ولم ينفرد أيوب برفعه بل تابعه كثير بن فرقد وحسان بن عطية وأيوب بن موسى وموسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وهذان الأخيران روى عنهما على الوجهين، كما روى عن أيوب، ممّا يدل على أنه كان عندهم على الوجهين عن نافع سمعوه عنه مرفوعًا وموقوفًا، فكانوا يحدّثون به على الوجهين كذلك. فأمّا رواية كثير بن فرقد فأخرجها النّسائي والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم في المستدرك من رواية عمرو بن الحارث عن كثير بن فرقد أنّ نافعًا حدّثهم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى". وقال الحاكم: "فله ثنياه" ثمّ قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه هكذا. وأمّا رواية حسان بن عطيّة فأخرجها أبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ من رواية عمرو بن هاشم قال: سمعت

الأوزاعي يحدّث عن حسّان بن عطية عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فاستثنى ثم أتى ما حلف فلا كفّارة عليه". وأمّا رواية أيوب بن موسى فأخرجها الطحاوي في المشكل من طريق ابن وهب، والبيهقي في السنن من طريق ابن أبي شيبة كلاهما عن سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بلفظ "فله ثنياه". وقال البيهقي: كذا وجدته وهو في الأول من فوائد أبي عمرو بن حمدان أيوب بن موسى، وكذلك روى عن ابن وهب عن سفيان عن أيوب بن موسى. وأمّا رواية موسى بن عقبة فأخرجها البيهقي من طريق الأوزاعي عن داود بن عطاء رجل من أهل المدينة قال: حدّثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "من حَلَف على يمين فقال في أثر يمينه إن شاء الله ثمّ حنث فيما حلف فيه فإنّ كفّارة يمينه إن شاء الله". وأمّا رواية عبيد الله بن عمر فقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان ثنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن يحيى ثنا العباس بن يزيد ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث". وحديث جابر رواه الخطيب في التاريخ من رواية إبراهيم بن هراسة عن عمر بن موسى عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى". وسنده ضعيف. 1089 - حديث مسعر عن سماك بن حرب عن عكرمة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله

لأغْزُوَنَّ قريشًا" قالها ثلاث مرات ثمّ سكت ثمّ قال: "إن شاء الله". أبو داود والبيهقي من طريقه قال: حدّثنا محمد بن العلاء أخبرنا ابن بشر عن مسعر به. وروياه أيضًا من طريق قتيبة بن سعيد عن شريك عن سماك به، ثمّ قال أبو داود: وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عبّاس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الوليد بن مسلم شريك: ثمّ لم يغزهم.

الأيمان التي يؤثر فيها الاستثناء

الأيمان التي يؤثر فيها الاستثناء قلت: رواه مسندًا كما ذكر أبو داود أبو يعلى وابن حبّان في الصّحيح، وأحمد بن عبيد الصفار في مسنده والبيهقي في السنن من وجهين عن شريك أحدهما من رواية أبي أحمد الزبيري عنه وزاد فيه ثمّ سكت سكتة ثمّ قال: "إن شاء الله".

الحنث موجباته وشروطه وأحكامه

الحنث موجباته وشروطه وأحكامه 1090 - حديث: "رُفِع عن أُمَّتي الخَطَأ والنِّسْيَانُ وما اسْتُكْرِهُوا عليه".

تقدّم في الطّهارة.

1091 - حديث: "اليَمِينُ عَلَى نِيَّةِ المُسْتَحْلِف". قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم ووهم في استدراكه والبيهقي من حديث أبي هريرة.

1092 - حديث: "يَمِينُكَ على ما يُصَدِّقك به صاحِبُك". قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد بهذا اللّفظ من حديث أبي هريرة وهو نفس الحديث الذي قبله.

رفع الحنث

رفع الحنث

1093 - قوله: (إذ كان السّمع قد أنبأ أنّه يثاب بالصّدقة على الفقير الغير مسلم). قلت: ورد في سبب نزول قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} الآية إلى قوله:

{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} ما رواه ابن أبي حاتم في التفسير من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يأمر أن لا يتصدّق إلَّا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} فأمر بالصّدقة بعدها على كل من سألك من كل دين. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جرير بن عبد الحميد عن جعفر عن سعيد بن جبير به مرسلًا دون ذكر ابن عبّاس، وزاد في آخره فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "تصدّقوا على أهل الأديان". وقال ابن شيبة أيضًا ثنا يزيد بن هارون أنا حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقسم في أهل الذّمّة من الصّدقة والخمس. وقال أبو عبيد في الأموال ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيّب: أنّ رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - تصدّق بصدقة على أهل بيت من اليهود فهي تجري عليهم. وقال أبو عبيد أيضًا: حدّثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن الهاد أنّ صفية زوج النّبي - صلى الله عليه وسلم - تصدّقت على قرابةٍ لها وهما يهوديان فبيع ذلك بثلاثين ألفًا. وفي مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود من حديث أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق -رضي الله عنهما- قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدوا، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن أمّي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال: "نعم. صِلي أمَّك"، وقد ورد أنّ في هذه القصّة نزل قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآية. كما رواه أحمد وابن جرير وغيرهما وقال ابن

متى ترفع كفارة الحنث

متى ترفع كفارة الحنث أبي شيبة في المصنف: حدَّثنا شبابة ثنا شعبة عن عثمان البتي عن الحسن في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}. قال: الأسرى من أهل الشّرك. وقال أبو عبيد في الأموال: حدَّثنا حجاج عن ابن جريج في الآية قال: لم يكن الأسير يومئذٍ إلّا من المشركين. وفي الصّحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "في كلّ ذات كبدٍ رطبة أجرٌ".

1094 - حديث: "مَنْ حَلَف عَلَى يَمِينٍ فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْها فَلْيَأتِ الذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ". قال: هكذا رواه قومٌ، ورواه آخرون "فليكفّر عن يمينه وليأت الذي هو خير". قلت: أمّا الرّواية فوردت من حديث أبي هريرة، من رواية أبي حازم عنه. أخرجه مسلم والبيهقي بلفظ "مَنْ حَلَفَ على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتها وليكفّر عن يمينه". ومن رواية عبد العزيز بن المطّلب عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ الترجمة أخرجه مسلم.

ومن حديث عدي بن حاتم أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف وأبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي ومسلم والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي وغيرهم. ومن حديث عبد الرّحمن بن سمرة رواه عنه الحسن البصري، ثمّ رواه عن

الحسن العدد الكثير حتّى قيل إنّهم قاربوا المائتين وأكثرهم رووه بلفظ "إذا حلفتَ على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فائت الذي هو خير وكفّر عن يمينك". ومنهم من قال: " فكفّر عن يمينك وائت الذي هو خير". والحديث خرّجه ابن أبي شيبة وأحمد والدّارمي والبخاري ومسلم وأبو داود الطيالسي والنّسائي وأبو داود

السجستاني وابن الجارود والبيهقي والخطيب وجماعة. ومن حديث عبد الرحمن بن أذينة عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة والطيالسي. ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد وابنه عبد الله وأبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج له بلفظ "فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه. ورواه الطيالسي وأحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ "فليدعها وليأت الذي هو خير فإنّ تركها كفّارتها". وقال أبو داود: الأحاديث كلّها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "وليكفّر عن يمينه" إلّا فيما لا يعبأ به يعني ممّن ترك ذكر الكفّارة، وقال تركها كفارتها.

ومن حديث مالك الجشمي رواه النسائي وابن ماجه. وأمّا الرّواية الثانية وهي تقديم الكفّارة فوردت من حديث أبي هريرة أيضًا من رواية مالك وسليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رواه مالك في الموطأ وأحمد ومسلم والترمذي والبغوي في التفسير والبيهقي. ومن حديث عدي بن حاتم أيضًا أخرجه مسلم. ومن حديث أم سلمة أخرجه علي بن عبد العزيز البغوي والطبراني والقضاعي في مسند الشهاب.

ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة أيضًا من رواية جرير وسليمان التيمي وقرّة بن خالد وقتادة وإِسماعيل بن مسلم ويزيد بن إبراهيم عن الحسن عنه أخرجه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم والطيالسي وأبو داود والنسائي والبيهقي والخطيب في التاريخ وغيرهم. ومن حديث أبي موسى رواه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم

وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطبراني في الصغير والبيهقي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلّا كفّرت عن يميني وأتيتُ الذي هو خير". وله عندهم طرق وألفاظ. ومن حديث عائشة رواه الحاكم بنحو حديث أبي موسى وصحّحه. ومن حديث أبي الدرداء رواه الحاكم وصحّحه والبيهقي بنحو حديث أبي موسى أيضًا وقد أطلت في طرق هذا الحديث وألفاظه في مستخرجي على مسند الشّهاب بما كتبته في نحو كرّاس.

15 - كتاب النذور

15 - كتاب النذور

فيما يلزم من النذور

فيما يلزم من النذور

1095 - حديث عائشة عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "من نذر أن يطيعَ الله فليطعه ومن نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه".

أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في المشكل والبيهقي وأبو نعيم في الحلية وقد تقدّم قريبًا. 1096 - حديث عمران بن حصين وحديث أبي هريرة الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين". قال ابن عبد البرّ: ضعّف أهل الحديث حديث عمران وأبي هريرة قالوا: لأنّ حديث أبي هريرة يدور على سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث وحديث عمران بن حصين يدور على زهير بن محمد عن أبيه وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه، وزهير أيضًا عنده مناكير لكن أخرجه مسلم من طريق عقبة بن عامر. قلت: اشتملت هذه الجملة على أخطاء عديدة لم يقع للمؤلّف مثلها من أوّل الكتاب إلى هنا، ويبعد أن تكون صادرة من ابن عبد البر. فلا ندري كيف وقع فيها. أولها: قوله حديث عمران وحديث أبي هريرة الثابت يفيد حسب اصطلاحه أنهما في الصّحيحين أو أحدهما وليس كذلك فإنه لا يوجد فيهما ولا في أحدهما حديث واحدٌ منهما بهذا اللّفظ. ثانيها: قوله لأنّ حديث أبي هريرة يدور على سليمان بن أرقم وهو

متروك وليس لأبي هريرة حديثٌ في هذا الباب وإِنّما هو حديث عائشة فهو الذي وقع في إسناده سليمان بن أرقم. ومن الغريب أنَّ الحافظ وهم في هذا أيضًا فعزا في التلخيص الحديث لأحمد والأربعة من حديث أبي هريرة ولا أصل لذلك وكان الذي أوقعهم في ذلك كون الحديث من رواية أبي سلمة عن عائشة وأبو سَلَمة قد عرف بكثرة روايته عن أبي هريرة. ثالثها: قوله وحديث عمران يدور على زهير بن محمد عن أبيه وليس في إسناد حديث عمران زهير بن محمّد وإِنما فيه محمّد بن الزّبير الحنظلي التّميمي وحاله كما قال ابن عبد البَرّ. رابعها: أنّ الأسانيد غير متفقة على ذكر أبيه كما سأذكره. خامسها: قوله لكن خرجه مسلم من طريق عقبة بن عامر فإِنّ حديث عقبة المخرّج في صحيح مسلم قد سبق بلفظ "كفارة النذر كفارة يمين" وليس فيه التعرّض للنذر في المعصية ولا إثبات الكفّارة فيه. وبعد هذا فحديث عمران بن حصين رواه البخاري في التّاريخ الكبير والنّسائي والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ من حديث محمد بن الزّبير

الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نذر في معصية وكفّارته كفارة يمين". وقد ضعّفه جل هؤلاء المخرّجين وبيّنوا اضطراب محمد بن الزّبير فيه وأنه مرّة قال: عن عمران ومرة قال: عن أبيه عن عمران ومرة قال: عن رجل عن عمران، ومرّة قال: عن الحسن عن عمران واضطرب كذلك في متنه فمرة قال: "لا نذر في معصية"، ومرّة قال: "لا نذر في غضب". قال النسائي: محمَّد بن الزبير ضعيف لا تقوم بمثله حجّة وقد اختلف عليه في هذا الحديث. ثمّ بيّن ذلك. وقال الحاكم بعد أن ذكر بعض الأقوال في إسناده: مدار الحديث على محمّد بن الزّبير الحنظلي وليس بصحيح. فأمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا نذر في معصية فقد اتفق عليه الشيخان وأطال البيهقي في ذكر طرقه والاختلاف على محمَّد بن الزبير في إسناده ومتنه ثمّ قال: ومحمَّد بن الزّبير ليس بالقوي ثمّ أسند عن البخاري أنه قال: منكر الحديث وفيه نظر وقال ابن حزم في المحلّى: إنّه حديث باطل. وحديث أبي هريرة قدّمنا أنّه وهم وإنّما هو حديث عائشة أخرجه أحمد

والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وأبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ وغيرهم من حديث الزّهريّ عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، ثمّ بين جلّهم أنّ الزهريّ لم يسمعه من أبي سلمة، وإنما سمعه من سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وأخرجوا ذلك من طريق ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة كلاهما عن الزّهريّ بهذا الإِسناد فرجع الحديث إلى سليمان بن أرقم وهو ساقط منكر الحديث متهم بالكذب. وقال ابن حزم: هذا خبر لم يسمعه الزهريّ من أبي سلمة إنَّما رواه عن سليمان بن أرقم وهو مذكور بالكذب. وقال الترمذي: هذا حديث لا يصحّ لأن الزهريّ لم يسمعه من أبي سلمة سمعت محمدًا يعني البخاري يقول: روى عن غير واحد عن الزهريّ عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة وهذا أصحّ يعني من قول من قال: عن الزهريّ عن أبي سلمة وقال النّسائي: سليمان بن أرقم متروك الحديث وقد خالفه غير واحد من أصحاب يحيى بن أبي كثير، يعني فرووه عنه عن محمّد بن الزّبير الحنظلي عن أبيه عن عمران، ومحمَّد بن الزبير لا تقوم

بمثله حجّة. وقال البيهقي: هذا وهم من سليمان بن أرقم، فيحيى بن أبي كثير إنّما رواه عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران. وهكذا قال أبو داود وغيره. ولهذا قال النووي: إنه حديث ضعيف باتفاق المحدِّثين، وتعقّبه الحافظ فقال: قد صّححه الطحاوي وأبو علي ابن السكن فأين الاتفاق؟ وهذا وهم من الحافظ فإِنَّ الطحاوي لم يصحح الحديث بل صرّح بضعفه فأخرجه أولًا من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة به ثمّ قال: وهذا فاسد الإسناد، ثمَّ أخرجه موسى ابن عقبة ومحمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم به ثمّ قال: فعاد هذا الحديث إلى ابن شهاب عن سليمان بن أرقم وسليمان ليس ممن يقبل أهل الإِسناد حديثه. فأين تصحيح الطحاوي له. أمّا ابن السّكن فلم نقف على كتبه ولو صحّحه كما يقول الحافظ فقد خفيت عليه علّة الحديث فلا يعتبر بتصحيحه. وفي الباب عن ابن عباس وعدي بن حاتم وأبي سلمة مرسلًا وكلّها ضعيفة وهي عند الدّارقطني والبيهقي وابن حزم. 1097 - حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقال: "ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن لا يتكلّم ولا يستظلّ ولا يجلس ويصوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مروه

فليتكلّم وليجلس وليتمّ صومه". البخاري وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني

والبيهقي من حديث ابن عباس قال: بَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نَذَرَ أن يَقُوَمَ ولا يَقْعُدَ ولا يَسْتَظِلَّ ولا يتكلَّمَ وَيَصُومَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. . . وذكره .. ورواه مالك في الموطأ عن حُمَيْد بن قيس وثور بن يزيد الدِّيلىّ أنهما أخبراه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى رجلًا فذكره ثمّ قال مالك ولم أسمع أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بكفّارة وَقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما كان معصية. وهذا هو المعنى الذي عزاه ابن رشد للمالكية وانتقده. 1908 - قوله: (وفي كتاب مسلم أن ذلك كان في شربة عسل). يعني بسبب نزول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية. قلت: بل هو متّفق عليه خرجه أيضًا البخاري كلاهما من حديث عائشة:

"أَنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَمْكُثُ عند زينب بنت جحش ويشرب عسلًا فتواطأتُ أنا وحفصة أنّ أيّتَنا دَخَلَ عليها النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلتقل له إنى أجد منك ريحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مغافير فدخل على إحداهما النّبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت ذلك له فقال: لا بل شربتُ عَسَلًا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} الآية. 1099 - قوله: (وفيه يعني صحيح مسلم عن ابن عباس أنّه قال: إذا حَرَّم الرَجل عليه امرأته فهو يمين يكفّرها. وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة). قلت: بل هو أيضًا متفق عليه خرّجاه معًا من حديث هشام الدّستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: في الحرام يمين تكفّر. وقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. لفظ البخاري ومسلم معًا ثمّ رواه مسلم باللّفظ الذي ذكره ابن رشد.

معرفة الشيء الذي يلزم عنها

معرفة الشيء الذي يلزم عنها 1100 - حديث عقبة بن عامر "كفّارة النّذر كفّارة يمين".

تقدّم. 1101 - حديث عقبة بن عامر أيضًا قال: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله -عز وجل- فأمَرَتْنِي أن أسْتَفْتي لَها رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَفْتَيْتُ لَها النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: لتمش ولتركب"، قال المصنف: خرجه مسلم.

قلت: بل رواه الجماعة كلهم، البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، وخرجه أيضًا أحمد، والدارمي، وابن الجارود، والبيهقي وجماعة وله عندهم ألفاظ وزيادات. 1102 - حديث أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَأى رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَسَألَهُم عَنْهُ، فقالوا: نَذَرَ أَن يَمْشِي، فَقَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الله لَغَنِيٌّ عَن تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ وَأمَرَهُ أَن يَرْكَبَ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن الجارود، والبيهقي؛ وفي رواية للنَّسائي: نذر أن

يمشي إلى بيت الله. 1103 - حديث: "لا تُسْرَجُ المَطِيُّ إلّا لثلاث، فذكر المَسْجِدَ الحَرَامَ وَمَسْجِدَهُ وَبَيْتَ المَقْدِسَ". مالك، وأحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، وغيرهم من رواية أبي هريرة، عن بصرة بن أبي بصرة الغفاري، وبعضهم يقول عن أبي بصرة الغفاري بلفظ: لا تُعْمَلُ المَطِىُّ إلى ثلاثة مساجد، إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا والى مسجد إيلياء أو بيت المقدس. ورواه أبو داود الطيالسي، من حديث أبي بصرة بلفظ: لا تشد الرحال،

وهو اللفظ المشهور المخرج في الصحيحين، وغيرهما من حديث أبي هريرة، ومن حديث أبي سعيد، كما ورد أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه؛ ومن حديث المقدام، وأبي أمامة عند أبي نعيم ومن حديث عمر بن الخطاب عند البزار؛ ومن حديث علي عند الطبراني في الصغير، ومن حديث ابن عمر عنده في الأوسط والكبير؛ ومن حديث أبي الجعد الضمري عنده فيهما أيضًا.

1104 - حديث: "صَلَاة في مَسْجِدِي هذا أفضل من ألفِ صلاة فيما سواهُ إلَّا المسجد الحَرَام". متّفق عليه من حديث أبي هريرة. ورواه مسلم من حديث ابن عمر ومن حديث ميمونة أم المؤمنين. وفي الباب عن جماعة عند الطحاوي في شرح معاني الآثار وفي مشكل الآثار أيضًا وعند أحمد والبزار والطبراني وغيرهم وقد عدّ متواترًا. 1105 - حديث: "صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلّا المكتوبة".

البخاري في التاريخ الكبير وأبو داود من حديث إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به ورجاله ثقات إلَّا أنّه معلول فقد رواه البخاري في التّاريخ أيضًا من طريق عبده عن محمد بن عمرو عن بسر بن سعيد

عن زيد بن ثابت عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل الصّلاة صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة وهذا هو اللّفظ المعروف المخرّج في الصحيحين. 1106 - قوله: (وأمّا الذين قالوا مائة من الإبل فذهبوا الى حديث عبد المطلب). يريد ما أخرجه ابن جرير في التفسير والحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن سعيد الصّنابحي قال: حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان. فتذاكر القوم

إسماعيل وإسحاق بن إبراهيم، فقال بعضهم: الذبيح إسماعيل. وقال بعضهم: بل إسحاق. فقال معاوية: سقطتم على الخبير؛ كنّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه أعرابي فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابسًا، هلك المال وضاع العيال. فعد عليّ بما أفاء الله عليك يا ابن الذّبيحين فتبسّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه فقلنا يا أمير المؤمنين: وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سَهَل الله أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم، وقالوا: إرض ربك وافدِّ ابنك؛ وقال ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح وإسماعيل الثاني، سكت عليه الحاكم، وقال الذهبي، إسناده واه. قلت: واستغرب فيه قصة الأعرابي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله يا ابن الذبيحين. أما قصة عبد المطلب وابنه عبد الله فمشهور في كتب السيرة في قصة معروفة مطولة ذكرها

ابن إسحاق، وابن سعد في الطبقات وغيرهما وفيها الفداء بمائة من الإبل. 1107 - حديث أبي لبابة بن عبد المنذر حِيْنَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ أرَادَ أَن يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مالِهِ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُجْزِيكَ من ذَلِكَ الثُّلُث". مالك في الموطأ من حديث ابن شهاب أنه بلغه أن أبا لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه قال يا رسول الله: أَهْجُرُ دار قومي التي أصبتُ فيها الذَّنْبَ وأُجاوِرُكَ وَأَنْخَلِعُ من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجزيك من ذلك الثلث قال ابن عبد البر: (رواه ابن وهب في موطئه، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: أخبرني بعض بني السائب بن أبي لبابة، أن أبا لبابة حين ارتبط فتاب الله عليه فذكره). قلت: قد رواه أحمد في مسنده فسمى الذي حدَّث ابن شهاب فقال أحمد: حدثنا روح، ثنا ابن جريج، حدثني ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبر أن أبا لبابة لما تاب الله عليه فذكره وفيه: يجزيء عنك الثلث، ورواه أبو داود،

من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ قال: أخبرني ابن كعب بن مالك قال: كان أبو لبابة. . . فذكره. قال أبو داود: رواه يونس عن ابن شهاب عن بعض بني السائب بن أبي لبابة، ورواه الزبيدي عن الزهريّ عن حسين بن السَّائب ابن أبي لبابة مثله. قلت: ورواه الدّارمي من طريق إسماعيل بن أمية عن الزهريّ عن عبد الرحمن بن أبي لبابة أنّ أبا لبابة أخبره أنّه لما رضي عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال. . . وذكره. 1108 - حديث قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي جاء بمثل بيضة من ذهب فقال: أصبت هذا من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غيرها. فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ جاءه عن يمينه، ثمّ عن يساره، ثمّ من خلفه. فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحذفه بها، فلو أصابه لأوجعه: وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة، ثمّ يقعد يتكفّف النّاس. خير الصدّقة ما كان عن ظهر غنى".

الدارمي وأبو داود والحاكم وصححه على شرط مسلم من حديث جابر بن عبد الله.

16 - كتاب الضحايا

16 - كتاب الضحايا الباب الأول: في حكم الضحايا، ومن المخاطب بها

1109 - حديث ثوبان قال: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضحيته ثمّ قال: "يا ثوبان أصلح لحم هذه الضحيّة" قال: فلم أزل أطعمه منها حتّى قدم المدينة. أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي، وزاد: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضحيته في السّفر هكذا نصّ على ذكر السَّفر وهو ظاهر في الرواية الأخرى من قوله حتى قدم المدينة وفي رواية لمسلم قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع "أصلح هذا اللحم" الحديث، وهو معنى رواية البيهقي في السفر فانتقاد المارديني على البيهقي في عزوه الحديث إلى مسلم ليس كما ينبغي. 1110 - حديث أم سلمة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحّي فلا يأخذ من شعره شيئًا ولا من أظفاره".

أحمد ومسلم والأربعة والبيهقي وغيرهم. 1111 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أبَا بردة بإِعالَة أضْحِيَتِهِ إِذْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ". متفق عليه من حديث البَرَاء بن عازب قال: ضَحَّى خالٌ لي يقال له أبو بردة

الباب الثاني: أنواع الضحايا وصفاتها

الباب الثاني: أنواع الضحايا وصفاتها قبل الصلاة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شاتك شاة لحم، فقال: يا رسول الله إن عندي داجنًا جَذَعَةً من المعز قال: اذبحها ولا تَصْلُحْ لغيرِكَ، ثم قال: من ذبح قبل الصلاة فإِنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سُنَّة المسلمين. وله ألفاظ وقد خرجه جماعة. 1112 - قوله: (واختلفوا هل يُلزمُ الذي يُريد التضحية أن لَا يأخُذ في العشر الأُوَل من شعره وأظفاره، والحديث بذلك ثابت). تقدم قبل حديث واحد.

1113 - قوله: (وذَلِكَ أنهُ لَم يُرو عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه ضَحَّى إلا بكبشٍ). قلت: وليس كذلك ففي الصحيحين من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى عن نسائه البقر، خرَّجه البخاري في كتاب الأضاحي، في باب الأضحية للمسافر والنساء، ومسلم في الحج في باب بيان وجوه الإِحرام؛ ورواه ابن الجارود بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي عن نسائه بالبقر، وفي سنن البيهقي من حديث عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بالمدينة بالجزور أحيانًا، وبالكبش إذا لم يجد الجزور.

1114 - حديث ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذبح وينحر بالمصلى" قال ابن رشد: خرَّجه البخاري. قلت: هو كذلك وهو عنده في باب الأضحى والنحر بالمصلى، ورواه أيضًا أبو داود والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وله ألفاظ وقد اختلف فيه على نافع في الرفع والوقف. 1115 - حديث: "مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأولَى فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً ومن راح في السَّاعة الثانية فكأنَّما قَرَّب بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثالثة فكأنّما قرّب كبشًا".

الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدّم في آخر الجمعة. 1116 - قوله: (مع أنه قد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى بالأمرين جميعًا). أمّا البقر فتقدّم وأمّا الكبش فروى أحمد والبخاري ومسلم والأربعة

وجماعة من حديث أنس قال: "ضحّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين فرأيته واضعًا قدميه على صفاحهما يسمّي ويكبّر فذبحهما بيده". وروى أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي من حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبشٍ أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتى به ليضحي به فقال لها: يا عائشة هلمّي المدية ثمّ قال: اشحذيها على حجر ففعلت ثمّ أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثمّ ذبحه ثمّ قال: بسم الله اللَّهمّ تقبلّ من محمد وآل محمد ومن أمّة محمّد" ثمّ ضحّى. وفي الباب عن جابر وجماعة. 1117 - حديث البراء بن عازب: أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ماذا يُتقى من الضّحايا؟ فأشار بيده وقال: أرْبَعٌ؛ العَرْجَاء البين عرجُها، والعوراء البين عَوَرُها، والمريضة البيّن مرضها، والعجفاء التي لا تُنقى".

مالك وأبو داود الطيالسي وأحمد والدّارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والحاكم والبيهقي

من حديث عبيد بن فيروز قال: سألت البراء بن عازب قلت: حَدِّثْني ما كَرهَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الضَّحايا؟ وقال بعضهم كمالك: عن البراء بن عازب أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل ماذا يتقى من الضَّحايا؟ فأشار بيده وذكره وكلّهم قالوا: والعرجاء البيّن ظلعها، وأكثرهم قالوا: والكسيرة التي لا تُنقى، وأقلّهم قال: والعجفاء كمالك والنسائي والبيهقي. في رواية لهما زادوا كلهم إلا مالكًا والترمذي. قلت للبراء: إني أكره أن يكون في السِّن نقص أو في الأذن نقص أو في القرن نقص، فقال: فما كرهت منه فدعه ولا تحرِّمه على أحد، وهذا يفهم منه أنه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك إنما هو من قول

البراء بن عازب، كذلك صرَّح به الدارمي وأحمد والبيهقي في رواية لهما إذ وقع عندهم في آخر الحديث، قلت للبراء إني أكره الخ، فهو قول عبيد بن فيروز للبراء وجواب البراء له وأصرح من ذلك رواية الحاكم من طريق زيد بن أبي حبيب عن البراء بن عازب أن رجلًا قال له: إني أكره النقص في القرون والأذن فقال له البراء اكره لنفسك ما شئت ولا تحرمه على الناس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع لا يجزئ في الضحايا وذكره، والحديث حسنه الترمذي وصححه الحاكم، ووقع فيه اختلاف واضطراب

في إسناده قيل وانقطاع أيضًا إلا أن ذلك لا يضر، وقد خرَّج له الحاكم شواهد سيأتي بعضها. 1118 - قوله: (فإِنَّهُ وَرَدَ في هَذَا البابِ من الأحَادِيثِ الحسَان حَدِيثَانِ فتَعَارِضَانِ، فذكر النسائي عن أبي بردة أنَّهُ قال: يا رسول الله أكره النقص يكون في القرن والأذن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما كَرِهْتَهُ فَدَعْهُ ولا تُحرِّمهُ على غيرك). هذا غلط فاحش فليس الحديث لأبي بردة، بل هو للبراء بن عازب وليس فيه: قلت يا رسول الله، بل فيه: قلت فقط، وقد بينَّا في الذي قبله أن قائل قلت هو عبيد بن فيروز والمجيب بقوله ما كرهته فدعه هو البَراءُ بن عازب لا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال النَّسائي: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، ثنا خالد، عن شعبة، عن سليمان بن عبد الرحمن مولى بني أسد، عن أبي الضحاك عبيد بن فيروز مولى بني شيبان قال: قلت للبراء حدثني عما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأضاحي قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدي أقصر من يده فقال: أربع لا يَحُزْنَ العوراء البيَّنُ عِورُهَا، والمريضة البيَّن مرضها، والعرجاء البين ظَلْعُها، والكسيرة التي لا تنقي؛ قلت: إني أكره أن يكون في القرن نقص، وأن يكون في السِّن نقص، قال: ما كرهته فدعه ولا تحرِّمه على أحد، ثم أخرجه من طريق

جماعة عن شعبة قال: سمعت سليمان بن عبد الرحمن قال: عبيد بن فيروز قال: قلت للبراء: فذكره وفي آخره قال: فإني أكره أن يكون نقص في القرن والأذن، قال: فما كرهته منه فدعه ولا تُحرِّمه على أحد، فلم يقع في سنن النَّسائي: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كما قال ابن رشد وبيّنت الطرق الأخرى أن قائل ذلك هو البراء بن عازب كما سبق. 1119 - حديث علي بن أبي طالب قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن ولا نضحي بشَرْقَاء ولا خَرْقَاء، ولا مُدَابَرَة، ولا بَتْرَاء، والشرقاء المشقوقة الأذن، والخرقاء المثقوبة الأذن، والمدابرة التي قطع من جنبتي أذنها من خلف". أحمد والدارمي، وأبو داود والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه،

وابن الجارود، والحاكم والبيهقي، ولم يقع التفسير عند جميعهم، وهو عند الدارمي، والترمذي، والحاكم، والبيهقي. 1120 - قوله: (وخرَّج أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أعضب الأذن والقرن).

هو كذلك، وأخرجه أيضًا الطيالسي، وأحمد، والترمذي والنسائي، وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث وخرَّجوا عن سعيد بن المسيب أن الأغضب النصف فما فوق ذلك ولم يذكره ابن ماجه. 1121 - حديث جابر الجعفي، عن محمد بن قرظه، عن أبي سعيد الخدري قال: "اشتريت كَبْشًا لأضَحّي بِهِ، فَأَكَلَ الذئْبُ ذَنَبَهُ، فسألتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضحِّ به" قال ابن رشد: وجابر عند أكثر المحدثين لا يحتج به. قلت: رواه أحمد وابن ماجه، والبيهقي، من أوجه عن جابر

الجعفي، وقال البيهقي جابر غير محتجّ به كما خرّجه من طريق الحجاج بن أرطاة عن شيخ من أهل المدينة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس بالأضحية المقطوعة الذّنب. ثمّ قال: وهذا مختصرٌ من الحديث الأوّل فقد رواه حمّاد بن سلمة عن حجّاج عن عطية عن أبي سعيد أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شاة قطع ذنبها يضحّي بها؟ قال: "ضحِّ بها". قلت: وطريق حماد بن سلمة خرّجها أحمد عن سريج وعفّان كلاهما عن حمّاد به عن أبي سعيد قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سأله رجل فقال: يا رسول الله إنّ الذئب قطع ذنب شاةٍ لي فأضحّي بها؟ قال: نعم". وهذا مسند حسن. 1122 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة لمّا أمر بالإِعادة: "يجزيك ولا يجزي جذع عن أحد غيرك".

أبو داود الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والبيهقي وجماعة من حديث البراء بن عازب. وله عندهم ألفاظ هذا منها. وقد تقدّم قريبًا لفظٌ آخر. 1123 - حديث جابر: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّة إلّا أَنَّ يَعْسُرَ عَلَيْكُم فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأنِ" قال المصنّف خرّجه مسلم.

قلت: نعم وكذلك أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من رواية أبي الزّبير عنه. 1124 - حديث أبي بردة بن نيار "ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك". تقدّم قبل حديث البراء بن عازب حكاية عن قصَّة أبي بردة وقد رواه مالك

في الموطأ والنّسائي من حديث أبي بردة نفسه ولكن ليس فيه هذا اللّفظ بل فيه: لا أجد إلّا جَذَعًا يا رسول الله قال: "وإن لم تجد إلّا جَذَعًا فاذبح". 1125 - حديث عائشة قالت: كُنّا بمنى فدخل علينا بلحم بقر فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: ضحّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه".

متّفق عليه وقد تقدّم. 1126 - حديث جابر قال: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الحُدَيْبِيَة البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَة". مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي كلّهم بزيادة "والبقرة عن سبعة". وكذلك رواه الطحاوي في معاني الآثار.

1127 - قوله: (وفي بعض روايات الحديث: سَنَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - البَدَنَةَ عن سَبَعْةٍ والبقرةَ عن سَبْعَةٍ). أحمد من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن جابر به، وعند أبي داود والبيهقي من طريق قيس بن سعد عن عطاء عن جابر: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة". 1128 - قوله: (وأجمعوا على أنّه لا يجوز أن يشترك في النّسك أكثر من سبعة، وإن

كان قد روي من حديث رافع بن خديج ومن طريق ابن عباس وغيره "البدنة عن عشرة"). قال ابن رشد: وقال الطحاوي: إجماعهم على ذلك دليلٌ على أَنَّ الآثار في ذلك غير صحيحة. قلت: وهذا باطلٌ والطحاوي كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه؛ فالأحاديث صحيحة، وحكاية الإجماع باطلة، فحديث رافع بن خديج خرّجه الأئمة السّتة كلّهم؛ البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عنه، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بذي الحليفة من تِهَامَةَ فَأَصَبْنَا وغنمنا فَعَجِل القوم فأغلينا القدور قبل أَنْ تقسم فأتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بها فَأكْفِئَت ثمّ عَدَلَ الجزور بعشرة من الغنم. وللحديث عندهم ألفاظ. وحديث ابن عبّاس خرّجه أحمد والترمذي

والنسائي وابن ماجه عنه قال: كنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة، وقال الترمذي: حسن غريب، وفي الباب عن أبي الأسد الأسلمي عن أبيه عن جدّه وأبي أيوب، ثمّ أخرج حديث جابر السابق ثمّ قال: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق وقال إسحاق: يجزي أيضًا البعير عن عشرة، واحتجّ بحديث ابن عبّاس. وهو أيضًا قول سعيد بن المسيِّب وزُفَر وابن خزيمة وابن حزم والزيدية فأين الإجماع الذي في زعم الطحاوي على ضعف الآثار الواردة في الباب مع أن حديث رافع مجمعٌ على صحّته،، وحديث ابن عبّاس رجاله ثقات وقد ورد مثله من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "الجزور في الأضحى عن عشرة" خرّجه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات إلَّا أَنَّ عطاء بن السّائب وقع له اختلاط في آخر عمره. 1129 - حديث ابن شهاب قال: ما نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهل بيته إلَّا بَدَنَةً واحدة أو بقرةً واحدة.

هكذا رواه مالك في الموطأ مرسلًا. قال ابن عبد البَرّ: ورواه جويرية عن مالك عن الزهريّ قال: أخبرني من لا أتّهم عن عائشة قالت فذكره على الشّكّ. ورواه معمر ويونس والزبيدي عن الزهريّ عن عمرة عن عائشة قالت: ما ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن آل محمَّد في حجّة الوداع إلَّا بقرة. ورواه ابن أخي الزهريّ عن عمّه قال: حدّثني من لا أتهم عن عمرة عن عائشة .. قلت: رواية يونس خرّجها أبو داود عن ابن السّرح عن ابن وهب عنه عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر عن آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - في حجّة الوداع بقرة واحدة. ورواية معمر خرّجها النسائي في الكبرى باللفظ الذي ذكره ابن عبد البَرّ لجميعهم ما ذبح عن آل محمد في حجّة الوداع إلّا بقرة. وروى النسائي في الكبرى أيضًا من طريق عمار الدّهني عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: ذبح عنّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حججنا بقرة بقرة لكن قال الحافظ إنه شاذ مخالف لما رواه غيره من رواة هذا الحديث.

الباب الثالث: في أحكام الذبح

الباب الثالث: في أحكام الذبح قلت: وفي مسند الدارمي من حديث عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الرحمن بن القاسم به لفظ: أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه البقرة. هكذا بلفظ الواحدة، وعند أبي داود والحاكم من حديث أبي هريرة أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عمّن اعتمر من نسائه بقرة بينهنَّ. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وفي المسند وصحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بقرةً. وفي لفظ لمسلم أيضًا: ذبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة بقرة يوم النّحر.

1130 - حديث: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هِيَ شَاةُ لَحْمٍ". البخاري ومسلم وغيرهما من حديث البراء بن عازب. قال: ضحّى خالٌ لي يقال أبو بردة قبل الصّلاة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "شاتك شاة لحم". الحديث كما سبق. وفيه ثم قال: "من ذبح قبل الصّلاة فإِنّما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصّلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سُنّة المسلمين". وفي رواية لهما "ومن ذبح قبل الصّلاة فإِنّما هو لحمٌ قَدّمه لأهله ليس من النّسك في شيء". وفي صحيح البخاري من حديث أنس نحوه بلفظ " من ذبح قبل الصّلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصّلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سنّة المسلمين". 1131 - قوله: (وأمره بالإِعادة لمن ذبح في الصلاة). تقدّم ذلك من حديث البراء ومن حديث أبي بردة بن نيار. وفي المسند والصحيحين من حديث أنس قال: قال النّبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر: "من كان ذبح قبل الصّلاة فليُعِد". وعند ابن ماجه عنه أنّ رجلًا ذبح يوم النحّر قبل الصلاة فأمره

النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُعيد. وفي الصحيحين من حديث جُنْدَب بن سفيان البجلي أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أضحى فانصرف فإِذا هو باللحم وذبائح الأضحى تصرف، فعرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنها ذبحت قبل الصلاة فقال: "من كان ذبح قبل أن يصلّي فليذبح مكانها أخرى. ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله". وفي الباب عن غيرهم. 1132 - حديث: "أوّل ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلِّي ثمّ ننحر". أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي وغيرهم من حديث البراء بن عازب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أوّل ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلّي ثمّ نرجع فننحر، مَنْ فَعَلَهُ فقد أصاب سنّتنا ومن ذبح قبل فإِنّما

هو لحمٌ قدّمه لأهله ليس من النّسك في شيء". فقام أبو بردة بن نيار وقد ذبح فقال: إن عندي جذعة. فقال: اذبحها ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك". لفظ البخاري في باب سُنّة الأضحية. 1133 - قوله: (وذلك أنّه جاء في بعضها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من ذبح قبل الصلاة أن يعيد الذبح، وفي بعضها أنه أمر من ذبح قبل ذبحه أن يعيد. خرج هذا الحديث الذي فيه هذا المعنى مسلم). قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد من حديث جابر بن عبد الله قال: صلّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النّحر بالمدينة فتقدّم رجالٌ فنحروا وظنّوا أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر فأمر النّبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتّى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث شاذ وقع فيه التصرف من الراوي لظنَّه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنّما أمرهم بالإِعادة لكونهم نحروا قبله وليس كذلك فإِن الأحاديث الصحيحة الأخرى مصرّحة منه - صلى الله عليه وسلم - من

قوله ونصّه أن ذلك إنَّما هو لأجل أنهم ذبحوا قبل الصّلاة لا قبل نحره - صلى الله عليه وسلم - مقدّمٌ على فهم غيره وظنّه. 1134 - حديث أبي بردة بن نيار وحديث أنس "من كان ذبح قبل الصلاة فليُعِد".

تقدّما. 1135 - حديث جبير بن مطعم "كلّ فجاج مكّة منحر وكلّ أيّام التشريق ذبح".

تقدّم في الحج من حديث "عرفة كلّها موقف".

الباب الرابع: في أحكام لحوم الضحايا

الباب الرابع: في أحكام لحوم الضحايا 1136 - حديث: "كلوا وتصدّقُوا وادّخروا".

متّفق عليه من حديث عائشة قالت: دَفَّ أهل أبيات من أهل البادية حضره الأضحى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ادّخروا ثلاثًا ثمّ تصدّقوا بما بقي". فلما كان بعد ذلك قالوا يا رسول الله إن النّاس يتخذون الأسقية من ضحاياهم وَيحْمِلونَ منها الوَدَك. فقال: "وما ذاك". قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث. فقال: "إنّما نَهَيْتُكُم من أجل الدّافّة، فكلوا وادّخِروا وَتَصَدَّقُوا". وفي الباب عن جماعة نحو العشرة من الصحابة فأزيد.

17 - كتاب الذبائح

17 - كتاب الذبائح الباب الأول: معرفة محل الذبح

1137 - حديث: "ما قطع من البهيمة وهي حيّة فهو ميتة".

تقدّم في كتاب الطّهارة من النّجس.

1138 - حديث: "أنّ أمةً لكعب بن مالك كانت ترعى غَنَمًا بِسَلْع فَأصيبت شاةٌ منها فأدركتها فذكّتها بحجر. فَسُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوها". قال ابن رشد: خرجه

البخاري ومسلم. قلتُ: وليس كذلك فإن مسلمًا لم يخرجه وإنّما أخرجه البخاري وأحمد وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من رواية نافع عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه كانت له غنمٌ ترعى بسلع، فأبصرت جاريةٌ لنا بشاةٍ من غنمنا موتًا فكسرت حجرًا فذبحتها به.

فقال لهم: لا تأكلوا حتّى أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل النّبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك أو أرسل إليه فأمره بأكلها. وهو عند ابن ماجه مختصرًا. ورواه مالك في الموطأ عن نافع عن رجل من الأنصار عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أنّ جاريةً لكعب بن مالك كانت ترعى غنمًا فذكره باللّفظ الذي عند ابن رشد. ورواه الحارث بن أبي أسامة وابن الجارود كلاهما من طريق يزيد بن هارون أنا سعيد عن نافع عن ابن عمر أنّ جارية لآل كعب بن مالك. . . الحديث. فهذه أقوال ثلاثة لنافع في سند هذا الحديث .. 1139 - حديث أبي سعيد قال: سألنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البقرة أو النّاقة أو الشّاة

ينحرها أحدنا فنجد في بطنها جنينًا أنأكله أو نلقيه؟ فقال: كلوه إن شئتم. قال: "ذكاته ذكاة أمّه". ثمّ قال ابن رشد: وخرّج مثله الترمذي وأبو داود عن جابر، واختلفوا في تصحيح هذا الأثر فلم يصححه بعضهم وصححه بعضهم، وأحد من صّححه الترمذي. قلتْ: وَهِمَ في عزوه حديث جابر إلى الترمذي فإِنّه لم يخرجه وإنّما خرّج حديث أبي سعيد كما أنّه لم يصحّحه وإنما قال: حديث حسن. وإنّما صحّحه ابن حبّان والحاكم وابن الجارود وغيرهم من المتأخّرين من المحدّثين والفقهاء. وممّن ضعّفه ابن حزم في المحلّى وتبعه عبد الحق في الأحكام وابن القطان وكثير من الحنفية وليس كما قالوا بل الحديث صحيح لكثرة طرقه واعتضادها وشهرة الحديث بين الصحابة والسّلف بل بعض طرقه على انفرادها صحيح أو حسن. منها حديث أبي

سعيد المذكور فقد أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني والبيهقي كلَّهم من حديث مجالد عن أبي الودّاك عن أبي سعيد حسّنه الترمذي كما سبق، وقال ابن حزم: مجالد وأبو الوّدّاك ضعيفان. وليس كما قال: بالنّسبة لأبي الودّاك، فإِنه ثقة احتجّ به مسلم في صحيحه ووثّقه ابن معين والنَّسائي وابن حبّان وغيرهم ولم يضعفه أحد. فهو ممّا وهم فيه ابن حزم أو ضعّفه لأجل هذا الحديث الذي لم يرق في نظره وهو واهمٌ في ذلك أيضًا. أمّا مجالد فقد ضعّفوه ولكن لم يتّفقوا على ذلك فقد وثّقه جماعة وروى له مسلم في صحيحه مقرونًا بغيره، واتفقوا على أنّه صدوق في نفسه وإنّما ضعفه للوهم وكونه

كان رفاعًا. وهذا قد يضرّ بالحديث لو تفرّد بروايته عن أبي الودّاك وهو لم ينفرد بل تابعه يونس بن أبي إسحاق. قال أحمد: حدَّثنا أبو عبيدة ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي الودّاك جبر بن نوف عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمّه". ومن هذا الطريق رواه الدارقطني وصحّحه ابن حِبّان وابن دقيق العيد وهو صحيح لا يشك فيه إلَّا جاهل بالحديث فإِنّ رجاله رجال الصحيح. أبو عبيدة شيخ أحمد هو عبد الواحد بن واصل الحداد ثقة احتجّ به البخاري، وشيخه يونس ابن أبي إسحاق أشهر من أن يعرف به متفق على ثقته، وشيخه أبو الودّاك ثقة احتجّ به مسلم كما سبق فهذا سندٌ على انفراده صحيح لو لم يرد إلّا هو لوجب قبوله والقول به فكيف وللحديث طرق تكاد تبلغ عدد التواتر بل بلغته وزادت على رأي كثير من النّاس ثمّ إن لحديث أبي سعيد مع هذا طريق أخرى من رواية عطية العوفي عنه أخرجها أحمد والطبراني في الصغير والخطيب في التّاريخ وذكرها ابن حزم من رواية وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد ثمّ قال: ابن أبي ليلى سئ الحفظ وعطيّة هالك. وهذه مجازفة من ابن حزم. وأيّ سوء حفظ يطرأ في مثل هذا الحديث القصير المتن المشهور

سلمنا ذلك فالحديث ورد من غير طريق ابن أبي ليلى. قال الطبراني في الصغير حدَّثنا إبراهيم بن عبد السلام الوشاء البغدادي ثنا دليل بن خالد ابن نجيح المصري ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي ثنا مسعر بن كداء عن عطيّة به. وقال فيه أيضًا ثنا سعدون بن سهيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب العكاوي ثني أبي ثنا شيبان بن عبد الرّحمن أبو معاوية النحوي عن فراس بن يحيى عن عطية العوفي به. وعن الطبراني رواه أبو نعيم في مسند فراس له، فقد زال ما يخاف من سوء حفظ ابن أبي ليلى، وأمّا عطيّة فليس بهالِك كما يقول ابن حزم. وكيف يكون هالكًا من روى له البخاري في الأدب المفرد واحتجّ به أبو داود والترمذي وأحمد في مسنده وقال فيه ابن معين: صالح. وقال أبو زرعة لين. ووثقه ابن سعد. وقال كلٌ من أبي حاتم وابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه وهذا لا نعلم يتهم بكذب ولا سوء حفظ وإنما نقلوا عنه التدليس في حكاية ما أراها تصحّ مع الكلبي وقوّى الكلام فيه تشيّعه لعليّ -عليه السلام- حتى أنه رضي أن تحلقَ لحيته ويضرب أربعمائة سوط دون أن يسب عليًا -عليه السلام- كما فعل به ذلك بأمر الحجاج. فمن كان هكذا فما هو بهالك في عرف أهل الحديث وإنّما هو هالك في نظر النواصب أعداء الشيعة على أنّنا لو سلّمنا لابن حزم ذلك فهو بمعزل عن الحديث لوروده من الطريق الصحيحة المذكورة قبل هذه التي هي مقوية ومعضدة وشاهدة فقط.

وحديث جابر رواه الدارمي وأبو داود والحاكم وأبو نعيم في الحلية كلّهم من حديث عتّاب بن بشير عن عبيد الله بن أبي زياد القدّاح عن أبي الزّبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمّه". وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ورواه الحاكم أيضًا وأبو نُعيم في تاريخ أصبهان والبيهقي من وجه آخر من حديث الحسن بن بشر عن زهير بن معاوية عن أبي الزبير به. ورواه أبو يعلى في مسنده من وجه ثالث من رواية حمّاد بن شعيب عن أبي الزبير به وأعلّ ابن حزم هذا الحديث بقوله: حديث أبي الزبير ما لم يكن عند اللّيث عنه أو لم يقل فيه أبو الزّبير سمعت جابرًا فلم يسمعه من جابر، وهذا من هذا النّمط لا يدري ممن أخذه عن جابر، فهو عن مجهول، ثم لم يأت عن أبي الزبير إلّا من طريق حَمّاد بن شعيب والحسن بن بشر وعتاب بن بشير عن عبيد الله بن أبي زياد القدّاح وكلّهم ضعفاء. وليس الأمر كما قال بالنسبة لغير حَماد بن شعيب فإنّ الحسن بن بشير صدوق من شيوخ البخارى وقد احتجّ به في صحيحه. وقال أبو حاتم: صدوق، ووثّقه مسلمة بن قاسم، وذكره ابن حِبّان في الثّقات، فحديثه على شرط البخاري ولا يلزم من وجود كلام في الراوي أن يكون ضعيفًا على الإطلاق ولا أن يكون جرحه مقبولًا على الإطلاق ما لم تقم الدّلائل على قبول ذلك الجرح وتحقّقه وإلَّا لم يكد يوجد في الدنيا ثقة.

فقبول ابن حزم للجرح دون النظر إلى جانب التعديل والتمييز بين حقّ ذلك وباطله وشديده من ضعيفه؛ ليس مما ينبغي وهو الذي يوقعه في هذه التطرّفات الغريبة، فهذا الطريق أقلّ أحواله أن يكون حسنًا ولابد، وكذلك الطريق الثاني من رواية عتاب بن بشير عن عبيد الله بن أبي زياد، فإِن الحقّ فيه ما قاله الحاكم فعتاب من رجال البخاري ووثّقه ابن معين والدارقطني وابن حبّان، وقال أحمد وابن أبي حاتم وابن عدي: لا بأس به وضعّفه بعضهم من جهة أحاديث منكرة وقعت في مرويّاته واعتذر عنه الآخرون بأنها من قبل شيخه خصيف لا من جهته، وشيخه عبيد الله القداح وثّقه العجلي والحاكم وقال كل من أحمد وابن معين والنسائي، ليس به بأس. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ولا المتين هو صالح الحديث يُكتب حديثه يحول من كتاب الضعفاء، وقال ابن عدي: قد حدّث عنه الثقات ولم أر في حديثه شيئًا منكرًا فهذا الطريق أيضًا أقل أحواله أن يكون حسنًا، فإذا انضمّ إلى الذي قبله صار صحيحًا عن أبي الزبير. ثمّ إن له طريقين آخرين عن أبي الزّبير أيضًا لم يرهما ابن حزم. فقد رواه الدارقطني من طريق ابن أبي ليلى، وأبو نُعيم في الحلية من طريق سفيان كلاهما عنه، فلم يبق شك في صحته عن أبي الزّبير. أمّا أبو الزّبير فما ذكره فيه ابن حزم ففيه نوع مغالطة فإنّه ثقة مدلّس كما قال، ولكنّ رواية المدلّس ليس مقطوعًا بأنها جميعها منقطعة، وأنّ كلّ ما رواه بالعنعنة فهو لم يسمعه وهو مّما رواه عن مجهول كما جزم به أبو محمّد بن حزم، بل ذلك محتمل فقط، فيجوز أن يكون دلّسه وأن لا يكون دلّسه، واذا دلّسه فيجوز أن يكون عن ثقة ويجوز أن يكون عن ضعيف، فلا معنى للقطع بأنّه دلّسه وعن مجهول أيضًا لأنَّ المغايرة أن يجزم أيضًا بمقابل ذلك، وأنه لم يدلّسه وأنّه سمعه من جابر حتمًا لأن الأصل عدم التدليس لاسيما من الثقة الذي احتجّ به مسلم في صحيحه فأكثر من إخراج أحاديثه وتصحيحها، فالاعتدال هو الحق المطلوب وهو أَنَّ أبا الزّبير

متى عرف أنّه مدلّس فلا يركن إلى عنعنته حتى يقوم الدّليل على سماعه بتصريحه هو، أو من جهة أخرى أن يشتهر الحديث ويصحّ من طرق أخرى فلا يبقى خوف من تدليسه لأنّ غاية ما يخاف من التدليس أن يكون المدلّس سمعه من كذّاب وخصّه، أو رفعه وهو موقوف فأسقطه وسوّى الحديث فصار صحيحًا ظاهرًا وهو في الواقع باطل لا أصل له، أما مع ثبوت الحديث وصحته من طرق أخرى فالأمر واضح، فلا معنى لردّ حديث المدلّس والقطع بأنّه لا يصلح للاحتجاج بالمرّة لاسيما وفي الباب أيضًا عن جماعة من الصحابة بأسانيد فيها الصحيح أيضًا وفيها الضعيف، فقد ورد أيضًا من حديث ابن عمر وأبي هريرة وكعب بن مالك وأبي ليلى وأبي أيوب الأنصاري وابن مسعود وابن عباس وعليّ وأبي أمامة وأبي الدرداء وعمّار بن ياسر والبراء بن عازب. فحديث ابن عمر ذكره ابن حزم من طريق أبي حذيفة ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى قال: ذُكر لي عن ابن عمر عن النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "في الجنين إذا أشعر فذكاته ذكاة أُمّه" ثمّ قال ابن حزم: أبو حذيفة ضعيف ومحمد بن مسلم أسقط منه ثمّ هو منقطع. وهذا غلوٌّ وإسراف من أبي محمّد، بل تهجّم يسقط اعتبار قوله بدون تأكّد. فمحّمد بن مسلم علق له البخاري واحتجّ به مسلم ووثّقه ابن معين وأبو داود والعجلي ويعقوب بن سفيان وابن حبّان والسّاجي إلّا أنّ هذين الأخيرين وصفاه مع الصّدق والثقة بأنه يهم وقال ابن عدي: له أحاديث حسان غرائب وهو صالح الحديث لا بأس به ولم أرَ له حديثًا منكرًا، فهل مثل هذا يقال فيه أنه أسقط من أبي حذيفة الضعيف عند ابن حزم وهو بلال الرازي لا كما ظنّ ابن حزم، فقد قال الطبراني في الصغير: ثنا محمَّد بن حسنويه الأصبهاني ثنا أحمد بن الفرات الرازي ثنا هشام بن بلال ثنا محمّد بن مسلم الطائفي عن أيّوب بن موسى عن نافع به، ثمّ قال لم يروه عن

محمد بن مسلم إلّا هشام فظهر أنّه أبو حذيفة المذكور. وقد ذكره ابن أبي حاتم في العلل وقال: سألت أبي عن حديث رواه هشام الرازي عن محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى عن نافع فذكره. قال أبي: هكذا رواه هشام في كتابي عنه، ورواه أبو مسعود بن الفرات عنه كذلك يعني أحمد بن الفرات السابق عند الطبراني، قال: والناس يوقفونه عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة وغيرهم عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهو أصحّ فعرف أنّ أبا حذيفة المذكور هو هشام الرازي شيخ أبي حاتم وأبي مسعود بن الفرات الحافظي لا أبو حذيفة البخاري الضعيف، ثمّ إن له طرقًا أخرى؛ فقد أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق عصام بن يوسف ثنا مبارك بن مجاهد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الجنين: "ذكاته ذكاة أمّه أشعر أو لم يشعر" قال عبيد الله ولكنّه إذا خرج من بطن أمّه يؤمر بذبحه حتى يخرج الدم من جوفه. قال ابن القطان: وعصام رجلٌ لا يعرف له حال. وقال ابن الجوزي: مبارك بن مجاهد ضعّفه غير واحد. قلت: أمّا عصام فالأمر فيه بخلاف ما قال ابن القطان فإنّه معروف حدّث عنه عبد الصمد بن سليمان ومعمر بن محمد البلخي وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان صاحب حديث ثبتًا في الرّواية ربّما أخطأ. وقال الخليلي: صدوق، وضعّفه ابن سعد، مات ببلخ سنة خمس عشرة ومائتين، وأمّا مبارك بن مجاهد فإِنهم لم يضعّفوه لكونه متّهمًا في الحديث أو ضعيفًا فيه؛ فقد قال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا وإنَّما ضعّفوه للمذهب، وذلك أنه كان قدريًا وكان أهل الحديث الذين لا علم معهم يضعّفون الراوي بذلك ما لم يشتهر أو تشتدّ الحاجة إليه، فعند ذلك يغمضون العين عن مذهبه

ويصحّحون أحاديثه كما هو الحال في الكثير من رجال الصحيحين المتّفق على ثقتهم كما هو معروف ومع هذا فلم ينفرد بل تابعه عليه أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر، أخرجه الطبراني في الصغير عن أحمد بن يحيى الأنطاكي قرقرة ثنا عبد الله بن نصر الأنطاكي ثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر به، لكن عبد الله بن نصر الأنطاكي ضعيف وللحديث طريق آخر عن نافع أخرجه الحاكم من طريق محمد بن الحسن الواسطي عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا "ذكاة الجنين إذا أشعر ذكاة أمّه ولكنّه يذبح حتّى ينصب ما فيه من الدّم". قال الزيلعي: ومحمد بن الحسن الواسطي ذكره ابن حبان في الضّعفاء وروى له هذا الحديث. قلت: وهذا غريب من الزيلعي دفعه إليه حبّ الانتصار للمذهب وإِلَّا فمحمّد بن الحسن الواسطي المذكور ثقة من رجال الصحيح احتجّ به البخاري ووثّقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود وابن سعد والدارقطني وذكره ابن حبّان في الثّقات وفي الضّعفاء معًا بهذا الحديث، وقال: إنّما هو قول ابن عمر موقوفًا عليه. فأخطأ ابن حبّان في ذلك لأنّه ثقة ولم يرفعه وحده حتى يحكم عليه بالضّعف لذلك، بل قد رفعه جماعة كما سبق، وغاية ما في الأمر أنه عند نافع على الوجهين، فمرّةً كان يرفعه ومرّة كان يوقفه، وقد رواه الدارقطني في غرائب مالك من وجه آخر من رواية أحمد بن عصام الموصلي عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا "ذكاة الجنين ذكاة أمّه"، ثمّ قال الدارقطني: تفرّد برفعه هذا الشيخ وهو في الموطأ موقوف. قلت: هو كذلك في الموطأ مطوّلًا ولفظه "إذ نُحرت النّاقة فذكاة ما في بطنها

في ذكاتها إذا كان قد تمّ خلقه ونبت شعره، فإذا خرج من بطن أمّه ذُبح حتى يخْرُج الدّم من جوفه". ومالك قد عرف عنه أنه يوقف المرفوع، فكم حديث في الصّحيحين مرفوعًا رواه مالك موقوفًا. وعلى فرض أنّه موقوف فهو مرفوع معنىً لأنَّ هذا على خلاف الأصل ولا يمكن أن يقال من قِبَل الرأي لأنّ الرأي لا يعطي أن ذكاة الأصل تنوب عن ذكاة الفرع لاسيّما إذا أشعر وتمّ خلقه فإِنّه حينئذٍ يكون حيوانًا آخر له حكم نفسه، فلولا أنّ هذا توقيف من الشرع ما قاله أحدٌ عن رأيه. وحديث أبي هريرة رواه حمزة بن يوسف السّهمي في تاريخ جرجان والحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن جدّه عن أبي هريرة به، وقال الحاكم: صحيع الإِسناد، وتعقبه الذهبي بأنّ عبد الله بن سعيد هالك وله طريق آخر عند الدارقطني من جهة عمر بن قيس عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة به وعمر بن قيس المكي ضعيف، وقد أورده الذهبي في ترجمته وقال: إنّه منكر لكنه قال: عن طاوس عن ابن عباس. وحديث كعب بن مالك رواه الطبراني في الكبير من جهة إسماعيل بن مسلم المكّي عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه. وإِسماعيل بن مسلم ضعيف. وقد رواه سفيان عن الزهريّ عن ابن كعب بن مالك قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: ذكاة الجنين ذكاة أمّه. وهذا سند صحيح وله حكم الرّفع كما قدّمناه. وحديث أبي ليلى رواه الطبراني في الأوسط من جهة حليس بن محمد

الكلابي وهو ساقط متهم، لكن له طريق جيد ذكره ابن حزم من طريق ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بزيادة "إذا أشعر" ثمّ قال ابن حزم: ابن أبي ليلى سيء الحفظ ثمّ هو منقطع. وابن أبي ليلى وإن كان سيء الحفظ إلَّا أنّه ثقة. لكن رواه الحاكم من جهة شعبة عنه عن أخيه عن أبي أيوب الأنصاري وقال: ربّما توهم متوهّمٌ أنّه صحيح وليس كذلك. وحديث أبي أيوب تقدّم في الذي قبله. وحديث ابن مسعود رواه محمد بن مخلد العطّار في جزئه والدارقطني في السنن من طريق أحمد بن الحجاج بن الصّلت ثنا حسن بن بشر ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال ابن مخلد قال لنا أحمد بن الصّلت أحسبه رفعه قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمّه". وأحمد بن الحجاج اتّهمه الذّهبي بوضع حديث في المهدي. وقد صحّ الحديث عن ابن مسعود من قوله: وله حكم الرّفع كما قدّمناه. وحديث ابن عباس وحديث عليّ رواهما الدارقطني من طريق موسى بن عثمان الكندي عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ذكاة الجنين ذكاة أمّه" وعن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وموسى بن عثمان قال ابن القطان: مجهول. وليس كما قال بل هو معروف روى عنه محرز بن هشام وعباد بن يعقوب وعبد الرحمن بن صالح الأزدي، وقال أبو حاتم: متروك،

وقال ابن عدي: حديثه ليس بالمحفهوظ، وقال الذهبي: غال في التّشيّع. قلت: ويأتي لابن عباس قريبًا حديث آخر له حكم الرّفع. وحديث أبي أمامة وأبي الدرداء رواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، قال: حدثنا الحسن بن سفيان ثنا جبارة بن مغلس ثنا بشر بن عمارة عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد وأبي عون عن أبي أمامة وأبى الدرداء قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذكاة الجنين ذكاة أمَّه" ومن طريق بشر بن عمارة رواه أيضًا البزار والطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل إلّا أنه وقع عند البزّار عن خالد بن معدان بدل راشد بن سعد، وبشر بن عمارة فيه مقال، وقد قال ابن عدي: ليس له حديث منكر وهو إلى الاستقامة أقرب. وحديث عمّار بن ياسر رواه البخاري في التاريخ الكبير من حديث محمد بن مسلم أبي ثمامة البصري أنه سمع حنظلة أبا خلدة قال: قال عمَّار بن ياسر: يا حنظلة أحلّت لكم بهيمة الأنعام إنما أنزلت فيما أبهم عليه الرّحم إذا تمّ خلقه ونبت شعره فذكاته ذكاة أمّه. وهذا عند أهل الحديث مرفوع لأنه تعيين لما نزلت فيه الآية. وقد ورد مثله عن ابن عبّاس قال سعيد بن منصور ثنا جرير عن منصور عن قابوس قال: ذبحت في الحي بقرة فوجدنا في بطنها جنينًا فشويناه وقدمنا إلى أبي ظبيان فتناول لقمة منه فقال: هذا الذي حدَّثنا به ابن عباس أنّه من بهيمة الأنعام. ورواه عكرمة عن ابن عباس قال في بهيمة الأنعام: هو الجنين ذكاته ذكاة أمّه ذكره البيهقي. وروى البيهقي عن عبد الله بن عمر نحوه.

1140 - حديث: "ذكاة الجنين ذكاة أمّه أشعر أو لم يشعر". تقدّم.

الباب الثاني: في الذكاة

الباب الثاني: في الذكاة 1141 - حديث: "ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكلوا".

أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من حديث رافع بن خديج قال: قلت يا رسول الله إنّا نلقى العدوّ غدًا وليس معنا مُدى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكلوا ما لم يكن سنًّا أو ظُفْرًا وسأحدّثكم عن ذلك؛ أمّا السِّنُّ فعظم وأمّا الظُّفر فمدى الحبشة". 1142 - قوله: (فإِنّه ثبت أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر الإِبل والبقر وذبح الغنم). تقدّم ذلك في الهدي أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر من إبله ستين وأعطى الباقي عليًّا فنحرها.

وفي الأضاحي أنّه ضحّى بكبشين ذبحهما بيده، وأنّ عائشة قالت: ما نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه إلّا بقرة واحدة، وفي مستدرك الحاكم من حديث ابن عباس

قال: كنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فحضر النحر فاشتركنا في البقرة عن سبعة وفي الجزور عن عشرة ثم قال: صحيح على شرط البخاري. 1143 - حديث رافع بن خديج: "ما أنهر الدّم وذكر اسم الله عليه فكل". تقدّم. 1144 - حديث أبي أمامة "ما فرَى الأوْدَاجَ فكلوا ما لم يَكُنْ قَرضَ ناب أو حَزَّ ظُفُر". الطبراني في الكبير وابن حزم في المحلّى من حديث يحيى بن أيوب عن

أبي أمامة قال: كانت جاريةٌ لأبي مسعود عقبة بن عمرو ترعى غنمًا فعطبت منها شاة، فكسرت حجرًا من المروة فذكّتها، فأتت بها إلى عقبة بن عمرو فأخبرته، فقال: اذهبي بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أنت. فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل أفريتِ الأوداج"؟ قالت: نعم، قال: "كلّ ما فرى الأوداج ما لم يكن قَرض سِن أو حَزَّ ظُفر". وقال ابن

حزم: هذا خبر في نهاية السّقوط لأن يحيى بن أيوب شهد عليه مالك بالكذب وأخبر أنه روى عنه الكذب وضعّفه أحمد وغيره وهو ساقط البتة، ثمّ عن عبيد الله بن زحر وهو

الباب الثالث: فيما تكون به الذكاة

الباب الثالث: فيما تكون به الذكاة ضعيف، ضعّفه يحيى وغيره ثمّ عن علي بن يزيد وهو متروك الحديث ثمّ عن القاسم أبي عبد الرّحمن وهو ضعيف جدًا فبطل كلّه. 1145 - حديث رافع بن خديج قال: "يا رسول الله إنّا ملاقوا العدو غدًا وليس معنا

مُدى أفنذبح بالقصب"؟ الحديث. تقدّم.

1146 - حديث: "إِنَّ الله كَتَبَ الإِحْسَانَ على كُل مُسْلِم فإذا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ وإِذَا ذَبَحْتُم فَأحْسِنُوا الذِّبْحَة وليُحِدَّ أحَدُكم شَفْرَتَهُ وليُرِحْ ذبِيحَتَه". قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من حديث شدّاد بن أوس بلفظ "إن الله كتب الإِحسان على كل شيء". والباقي سواء.

الباب الرابع: في شروط الذكاة

الباب الرابع: في شروط الذكاة 1147 - حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسول الله إن ناسًا من البادية يأتوننا بِلُحْمانٍ ولا ندري أسمّوا الله عليها أم لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَمّوا الله عليها ثمّ كُلُوها".

هو في الموطأ هكذا مرسلًا ورواه البخاري وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من طريق جماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به وفي آخره قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر. 1148 - حديث: "رفع عن أمّتي الخطأ والنّسيان".

الباب الخامس: فيمن تجوز تذكيته ومن لا تجوز

الباب الخامس: فيمن تجوز تذكيته ومن لا تجوز تقدّم في الطّهارة.

1149 - حديث عبد الله بن مغفل "إذ أصاب جراب الشحم يوم خيبر". تقدّم في الجهاد كما قال المصنّف. 1150 - حديث: "سُنُّوا بهم سُنّة أهل الكتاب".

تقدّم في الجزية. 1151 - حديث معاذ بن سعد "أَنَّ جارية لكعب بن مالك كانت ترعى بسلع فأصيبت شاة فأدركتها فذكّتها بحجر". الحديث. تقدّم أول الباب.

1152 - قوله: (وفي موطأ ابن وهب أنّه سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها فلم ير بها بأسًا). لم يذكر متن هذا الحديث ولم أقف على خبر في هذا المعنى الآن. 1153 - قوله: (وقد جاء إباحة ذلك مع الكراهة فيما روي عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - في الشاة التي ذبحت بغير إذن ربّها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أطعموها الأسارى"). أحمد وأبو داود والدارقطني والبيهقي من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن رجلٍ من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فلمّا رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطّعام فوضع يده ثمّ وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوك لقمته في فيه ثمّ قال: "إنّي أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها" فأرسلت المرأة: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع ليشترى لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إليّ بها بثمنها فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أطعميه الأسارى" ورواه الطبراني في

الأوسط والكبير بنحوه من حديث أبي موسى الأشعري وفيه أطعموها الأسارى. ورواه أحمد من حديث جابر بن عبد الله بالقصّة دون قوله "أطعموها الأسارى" وهو حديث صحيح.

18 - كتاب الصيد

18 - كتاب الصيد الباب الأول: حكم الصيد ومحله

1154 - حديث رافع بن خديج وفيه قال: فندّ منها بعير وكان في القوم خيلٌ يسيرة فطلبوه فأعياهم فأهوى إليه رجلٌ بسهم فحبسه الله تعالى به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا".

أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي من حديث طويل تقدّم بعضه، ولفظه عند البخاري عن رافع بن خديج قال: كُنّا مع النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة، فأصاب النَّاس جوعٌ، فأصبنا إبلًا وغنمًا وكان النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في أُخريَات النَّاس فعَجِلوا فنصبوا القدور فدُفع النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأمر بالقدور فأكفئت ثمّ قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير، فندّ منها بعير، وكان في القوم خيل يسيرة فطلبوه فأعياهم فأهوى إليه رجلٌ بسهم فحبسه الله

الباب الثاني: فيما يكون به الصيد

الباب الثاني: فيما يكون به الصيد تعالى، فقال النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ لهذه البهائم أوابِد كأوابد الوحش فما ندّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا". قال رافع: إنّا لنرجو أو نخاف أن نلقى العدوّ غدًا وليست معنا مُدى أفنذبح بالقصب؟ فقال: "ما أنهر الدمّ وذكر اسم الله فكل". الحديث السّابق. 1155 - حديث عدي بن حاتم وفيه أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إذا أرسلت كلابك المُعَلَّمة وذكرت اسم الله عليها فَكُلْ ممّا أمْسَكْنَ عليك، وإن أكَلَ الكلب فلا تأكل، فإنَّي أخاف أَن يكون إنَّما أمْسَكَ على نفسه، وإن خالَطَها كلاب غيرها فلا تأكل. فإِنَّما سَمّيْتَ على كلبك ولم تُسَمِّ على غيره". وسأله عن المِعْراض فقال "إذا أصاب بحدّه فكل وإِذا أصاب بِعَرْضِهِ فلا تأكل فإنّه وَقِيدٌ".

الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وآخرون. وله عندهم ألفاظٌ بالتّقديم والتأخير والنّقص والزّيادة.

1156 - حديث أبي ثعلبة الخشني وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصبت بقوسك فسمّ الله ثمّ كُلْ، وما صدت بكلبك المعلّم فاذكر اسم الله ثمّ كل، وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلّم وأدركت ذكاته فكل". الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم عن أبي ثعلبة الخشني قال: أتيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسولَ الله

إنّا بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل في آنيتهم وأرض صيدٍ أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلّم أو بكلبي الذي ليس بمعلّم فأخبرني ما الذي يحلّ لنا من ذلك، قال: أمّا ما ذكرت أنّكم بأرض قومٍ من أهل الكتاب تأكلون في آنيتهم فإِن وجدتم غير آنيتهم فلا

تأكلوا فيها وإِن لم تجدوا فاغسلوها ثمّ كُلوا فيها وأمّا ما ذكرت أنّك بأرض صيد فما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله ثمّ كل وما أصبتَ بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثمّ كُل وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلّم وأدركت ذكاته فكُل". 1157 - قوله: (وأمره -عليه الصّلاة والسلام- بقتل الكلب الأسود البهيم). أحمد وأبو داود والترمذي وصحّحه، والنّسائي وابن ماجه من

حديث عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن الكلاب أُمةٌ من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البَهِيم". وأصله في صحيح مسلم بدون ذكر الأسود البهيم، لكن فيه وفي مسند أحمد من حديث جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فتقتله، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها وقال: "عليكم بالأسود البهيم ذي النُّقطتين فإِنه شيطان" أخرجه

مسلم في كتاب البيوع. 1158 - حديث عدي بن حاتم قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيد البّازي فقال "ما أمْسَك عليك فَكُلْ" قال ابن رشد خرّجه الترمذي. قلت: هو كذلك، خرّجه مختصرًا بهذا اللفظ من طريق مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم به ثم قال: لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي. ورواه أحمد وأبو داود والبيهقي من طريق مجالد المذكور مطولًا ولفظه: قلت يا رسول الله، إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب والبزاة فما يحل لنا منها؟ قال: "يحل لكم ما علَّمتُم من الجوارح مُكَلِّبين تُعلمونَهُنَّ مما عَلَّمَكُم اللهُ، فَكُلوا مما أَمْسَكْنَ عليكم، واذْكروا اسم اللهَ عليه. فما علَّمت من كلب أو باز ثم أرسلت وذكرت اسم الله عليه فَكُلْ مما أمسك عليك". قلت: وإن قتل. قال: "وإِن قتل، ولم يأكل منه شيئًا فإِنما أمسك عليك". الحديث. لفظ أحمد وهو عند أبي داود مختصرًا أيضًا ومن طريق أبي

داود رواه البيهقي ثم قال: ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ الذين رووه عن الشعبي وإنما أتى به مجالد والله أعلم.

1159 - حديث: "إذا أرسلت كلبك المعلم" وحديث: "فإن أكل فلا تأكل". تقدم وهو حديث واحد. 1160 - حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك المُعَلَّم وذكرت اسم الله فَكُلْ" قلت: وإِن أكل منه يا رسول الله؟ قال: "وإِن أكل". أبو داود والبيهقي من طريقه ثم من رواية داود بن عمرو الدمشقي عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة به وقال البيهقي: حديث أبي ثعلبة مخرج في الصحيحين من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة وليس فيه ذكر الأكل، وحديث الشعبي عن عدي أصح من حديث داود بن عمرو الدمشقي ومن حديث عمرو بن شعيب. وقال الذهبي: تفرد

بحديث إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فَكُلْ وإن أكل منه وهو حديث منكر. وقال ابن حزم: هو حديث ساقط لا يصح وداود بن عمرو ضعيف ضعفه أحمد بن حنبل وقد ذكر بالكذب. قلت: لا شك في بطلان الحديث إما عن تعمد وإِما عن وهم من الراوي وانتقال ذهنه من قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وإن قتل" إلى قوله هو: وأن أكل. وهذا كثيرًا ما يصدر من الرواة وإلا فمن الباطل المحقق أن يروي الثقات في حديث عدي بن حاتم "وإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وهذا الموافق للقرآن في قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ثم يروي الثقات حديث أبي ثعلبة فلا يتعرضون فيه لهذه الزيادة المنافية للقرآن والمحتاج إليها لكثرة وقوعها ثم ينفرد واحد تُكلم فيه بها، وتكون صحيحة بل هذا مما يقطع العقل ببطلانه، إن شاء الله، وحديث عمرو بن شعيب في هذا المعنى خرّجه أبو داود والبيهقي من طريقه من رواية

حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إن أعرابيًا يقال له أبو ثعلبة قال يا رسول الله إن لي كلابًا مكلبة فأفتني في صيدها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا كان لك كلاب مكلبة فَكُل مما أمسكن عليك" قال: ذكي وغير ذكي. قال: وإن أكل منه؟ قال: "وإن أكل منه". وهو حديث معلول فقد رواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن شعيب فقال عن رجل من هذيل: إنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلب يصطاد قال: "كُلْ أَكَلَ أو لم يَأْكُل" ذكره البيهقي، ثم قال فصار حديث عمرو بن شعيب بهذا معلولًا. قلت: ولم يقف على علة هذا الحديث ابن حزم فضعَّفه بكونه صحيفة ولا الحافظ فقال في الفتح: سنده لا بأس به. لكنه قال في التلخيص: وأعله البيهقي. 1161 - حديث: "فإن أكل فلا تأكل".

الباب الثالث: الذكاة المختصة بالصيد

الباب الثالث: الذكاة المختصة بالصيد تقدّم.

1162 - حديث عدِيّ بن حاتم في بعض رواياته "أنَّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإِن أدركته حيًا فاذبحه".

متفق عليه. 1163 - حديث أبي ثعلبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يدرك صيده بعد ثلاث فقال: "كل ما لم ينتن" قال ابن رشد: خرّجه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود.

قلت: لم يخرجه الترمذي وخرّجه الباقون وكذلك أحمد والبيهقي بلفظ: إذا رميت سهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن. ورواه مسلم أيضًا باللفظ الذي ذكره ابن رشد. 1164 - قوله: (وروى مسلم عن أبي ثعلبة أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رميت سَهْمكَ فغَابَ عنك مَصْرَعُه فَكُل ما لم يَبِتْ"). ليس هو في مسلم بهذا اللفظ بزيادة مصرعه ولا بذكر البيات، بل هو باللفظ الذي ذكرناه قبل هذا. 1165 - حديث عدي بن حاتم: "إذا وَجَدْتَ سهمك فيه ولم تجد فيه أثَرَ سَبُعٍ وَعَلِمتَ أنَّ سَهْمَكَ قتله فَكُلْ".

الترمذي والبيهقي بهذا اللفظ. وقال الترمذي صحيح، ورواه أحمد والنسائي والبيهقي عنه قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: إن أرضنا أرض صيد

فيرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين فيجده، وفيه سهمه. قال: "إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله". 1166 - حديث: "ما قُطِعَ من البَهِيمَةِ وَهي حَيَّةٌ فهو مَيْتَةٌ". تقدم في الطهارة.

الباب الرابع: شروط القانص

الباب الرابع: شروط القانص

19 - كتاب العقيقة

19 - كتاب العقيقة 1167 - حديث سمرة: "كُلُّ غُلامٍ مُرْتَهِنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَح عنه يومَ سابعه ويُمَاط عنه الأذى".

أبو داود والطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الحلية من حديث الحسن عنه. وصحّحه الترمذي والحاكم وهو في صحيح البخاري بدون ذكر متنه فإنه قال: حدثني عبد الله بن أبي الأسود حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة. فسألته فقال: من سمرة بن جندب. قال الحافظ: لم يقع في البخاري بيان الحديث المذكور وكأنه اكتفى عن إيراده

بشهرته، وقد أخرجه أصحاب السنن من رواية قتادة عن الحسن عن سمرة فذكره، ثم قال وقد جاء مثله عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أخرجه البزار وأبو الشيخ في كتاب العقيقة من رواية إسرائيل عن عبد الله بن المختار عنه ورجاله ثقات، فكأن ابن سيرين لما كان عنده عن أبي هريرة وبلغه أن الحسن يحدث به احتمل عنده أن يكون يرويه عن أبي هريرة أيضًا وعن غيره فسأل فأخبر الحسن أنه سمعه من سمرة فقوي الحديث برواية هذين التابعين الجليلين عن الصِحابيين. قلت: حديث أبي هريرة خرّجه أيضًا الحاكم في صحيحه من حديث جرير بن حازم عن عبد الله بن المختار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن مع الغلام عقيقته فاهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى". قال جرير: سئل الحسن عن الأذى، فقال: هو الشعر. قال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ورواه أسلم بن سهل الواسطي بحشل في تاريخ واسط من الطريق التي خرجها البزار منه فقال حدثنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن عبد الله بن المختار به. 1168 - حديث: "سئل عن العقيقة فقال لا أُحِبُّ العُقُوقَ وَمَنْ وُلِدَ له وَلَدٌ فأحَبّ أن يَنْسُكَ عن وَلدِهِ فَلْيَفْعَل".

أحمد وأبو داود والنسائي والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فقال: "لا أحب العقوق" وكأنه كره الاسم، فقالوا: يا رسول الله إنما سألك عن أحدنا يولد له. فقال: "من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة". قال الحاكم صحيح الإِسناد ورواه مالك في الموطأ وأحمد والطحاوي في المشكل والبيهقي من حديث زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فذكر مثل ما نقله ابن

رشد، إلا أنه زاد: وكأنه إنما كره الاسم وقال من ولد له ولد. الحديث. 1169 - حديث ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقَّ عن الحسن والحسين كَبْشًا كَبْشًا". أبو داود وابن الجارود والطحاوي في المشكل وابن أبي حاتم في العلل والبيهقي كلهم من حديث عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به وقال ابن الجارود رواه الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وغيرهم عن أيوب لم يجاوزوا به عكرمة. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا وهم قد رواه وهيب وابن عليه عن أيوب عن عكرمة مرسلًا وهو أصح. قلت: لا معنى للحكم بالأصحية إلا ما يرتضيه الأقدمون من ترجيح المرسل على الموصول بدون مرجح، ولا دليل يدل على ذلك أصلًا، كيف والكثير منهم يتعمد إرسال الموصول ويراه من باب الاحتياط، مع أنهم قرروا أن الحكم للموصول. ويرد هذا التصحيح هنا أن الحديث ورد موصولًا بذكر ابن عباس من غير طريق أيوب الحافظ الثقة مع زيادة موافقة لرواية الأكثرين من الصحابة الذين رووا أحاديث العقيقة. وهي أن الذكر يعق عنه شاتين لا شاة واحدة، فرواه النسائي من طريق إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال عَقَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن

الحسن والحسين -عليهما السلام- بكبشين كبشين. ومن الغريب اقتصار الحافظ على عزوه هذه الطريق لأبي الشيخ في كتاب الضحايا والعقيقة مع كونه في أحد الكتب الستة فإِنه قال في الفتح بعد إيراد أحاديث التفرقة بين الغلام والجارية: (وهذه الأحاديث حجة للجمهور في التفرقة بين الغلام والجارية، وعن مالك هما سواء فيعق عن كل واحد منهما شاة، واحتج له بما جاء "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا" أخرجه أبو داود ولا حجة فيه فقد أخرجه أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ "كبشين كبشين" وأخرجه أيضًا من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله). قلت: حديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضًا الحاكم في المستدرك من طريق سوار أبي حمزة عنه عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين". سكت عليه الحاكم وقال الذهبي في التلخيص (سوار ضعيف، وقد روى له أبو داود وابن ماجه). قلت: (وليس كما قال فما هو بضعيف على الإطلاق فقد قال أحمد لا بأس به روى عنه وكيع وهو شيخ يوثق بالبصرة وقال ابن معين ثقة وذكره ابن حبان في الثقات

وقال يخطئ وقال الدارقطني يعتبر به). وفي الباب أيضًا عن عائشة وأنس فحديث عائشة رواه أبو يعلى والبزار وأبو الشيخ في الأضاحي والبيهقي في السنن من حديث عمرة عنها قالت: "عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين شاتين شاتين يوم السابع وأمر أن يماط عن رأسه الأذى" الحديث. وفي لفظ للبيهقي: "عق عن الحسن شاتين وعن الحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما" وسنده صحيح. وحديث أنس رواه الطحاوي في المشكل ثنا يونس أنبأنا ابن وهب انبأنا جرير بن حازم أن قتادة حدّثه عن أنس بن مالك قال: "عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين بكبشين" ومن هذا الوجه خرّجه البزار وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث فزعم أن جرير أخطأ فيه، وإنما هو قتادة عن عكرمة مرسلًا كذا قال. وقد سبق ما في مثل هذه الدعاوى المجردة عن الدليل. 1170 - قوله: (ودليل الجمهور على تعلقها بالصغير قوله - صلى الله عليه وسلم - "يوم سابعه"). تقدم ذلك في حديث سمرة.

1171 - حديث أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَقَّ عن نفسه بعدما بُعث بالنبوة". البيهقي من طريق عبد الرزاق أنبأنا عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس به. قال عبد الرزاق: إنما تركوا عبد الله بن محرر لحال هذا الحديث. قال البيهقي: وقد روي من وجه آخر عن قتادة من وجه آخر عن أنس وليس بشيء. قال الحافظ في التلخيص: أما الوجه الآخر عن قتادة فلم أره مرفوعًا، وإِنما ورد أنه كان يفتي به، كما حكاه ابن عبد البر، بل جزم البزار وغيره بتفرد عبد الله بن محرر به عن قتادة، وأما الوجه الآخر عن أنس فأخرجه أبو الشيخ في الأضاحي، وابن أيمن في مصنفه، والخلال من طريق عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أبيه، وقال النووي في شرح المهذب: هذا حديث باطل. ا. هـ. وهذا الإِقرار لما قال النووي غريب من الحافظ فإنه كلام باطل، فالحديث خرّجه أيضًا الطحاوي في مشكل الآثار ثنا الحسن بن عبد الله بن منصور ثنا الهيثم بن جميل ثنا عبد الله بن المثنى بن أنس به. ورواه أيضًا عن الحسين بن نصر عن الهيثم بن جميل به والطحاوي لا يورد الأسانيد القوية كما قال وكما عرف من صنيعه أيضًا، ولما عزا هذا الطريق الحافظ الهيثمي في الزوائد إلى أوسط الطبراني قال: رجاله رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان. قلت: وهو غير محتاج إليه لتقدم الحديث عن الهيثم بن جميل من أوجه أخرى، فالحديث على شرط الصحيح، ثم وجدت الحافظ ذكر في الفتح خلاف ما ذكره في

التلخيص مع زيادة وتوسع فقال: (أخرجه البزار من رواية عبد الله بن محرر -وهو بمهملات- عن قتادة عن أنس، قال البزار: تفرد به عبد الله وهو ضعيف، وأخرجه أبو الشيخ من وجهين آخرين: أحدهما من رواية إسماعيل بن مسلم عن قتادة وإِسماعيل ضعيف أيضًا. وقد قال عبد الرزاق: إنهم تركوا حديث عبد الله بن محرر من أجل هذا الحديث، فلعل إسماعيل سرقه منه. ثانيهما من رواية أبي بكر المستملي عن الهيثم بن جميل وداود بن المحبر قالا حدثنا عبد الله من المثنى عن ثمامة عن أنس، وداود ضعيف لكن الهيثم ثقة، وعبد الله من رجال البخاري، فالحديث قوي الإسناد، وقد أخرجه محمد بن عبد الملك بن أيمن عن إبراهيم بن إسحاق السراج عن عمرو الناقد، وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن مسعود كلاهما عن الهيثم بن جميل وحده، فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحًا، لكن قد قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بقوي، ثم ذكر أقوال ضعفه ثم قال: ووثقه العجلي والترمذي وغيرهما، فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد. أحدهم بالحديث لم يكن حجة، وقد مشى الحافظ الضياء على ظاهر الإِسناد فأخرج هذا الحديث في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين). قلت: ولا يخفى أن الحق معه في تصحيح هذا الحديث فإِن عبد الله بن المثنى ثقة احتج به البخاري، فهو على شرطه، وغاية ما ضعف به أنه ربما أخطأ وأنه لم يكن من أهل الحديث، وكلا الأمرين بعيد عن هذا الحديث إذ ليس فيه ما يشتبه بغيره حتى يقع فيه الخطأ، ولا فيه ما ينكر حتى يحكم برده مع ثقة راويه، والله أعلم. 1172 - حديث: "عن الجَارية شاة وعن الغُلامِ شَاتَانِ".

تقدم في حديث سئل عن العقيقة ويأتي بعد حديث. 1173 - حديث: "كُلُّ غُلامٍ مُرتَهَنٌ بعَقِيقَة". تقدم. 1174 - حديث أم كُرْز الكعبية، قالت: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في العقيقة: عَن الغلامِ شاتان مُكافأتانِ وعن الجاريَة شاةٌ". والمكافأتان: المتماثلتان قال ابن رشد: خرّجه أبو داود. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد والدارمي والترمذي والنسائي

وابن ماجه والطحاوي في المشكل والحاكم والبيهقي وغيرهم وصحّحه الترمذي والحاكم ولفظ أبي داود الذي عزاه إليه المصنف "الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة". قال أبو داود: سمعت أحمد قال: مكافأتان مستويتان أو متقاربتان. ثم رواه بلفظ "عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، لا يضركم أذكرانًا كنَّ أم إناثًا وبهذه الزيادة رواه أيضًا أكثر الباقين، ورواه الحاكم من وجه آخر عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: "نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا فقالت عائشة -رضي الله عنها- لا بل السنة أفضل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة، تقطع جدولًا ولا يكسر لها عظم، فيأكل ويطعم ويتصدق، وليكن ذاك يوم السابع، فإِن لم يكن ففي أربعة عشر فإِن لم يكن ففي إحدى وعشرين"، ثم قال صحيح الإِسناد، وفي الباب عن جماعة. 1175 - قوله: (وما روي أنه عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا يقتضي الاستواء

بينهما). تقدم ذلك وتقدم أنه عق عنهما كبشين كبشين. 1176 - حديث بريدة الأسلمي قال: "كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح له

شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الإسلام كنا نذبح ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران". أحمد وأبو داود والحاكم وصحّحه والبيهقي والطحاوي في مشكل الآثار وغيرهم. 1177 - قوله: "لما رواه مالك في الموطأ أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلقت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة". رواه مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه كما هنا وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن علي أيضًا بدون ذكر زينب وأم كلثوم، وهذا منقطع وموقوف،

وقد رواه الترمذي من حديث محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: "عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن شاة وقال يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي زنة شعره فضة فوزنته فكان وزنه درهمًا وبعض درهم قال الترمذي: حسن غريب وإِسناده ليس بمتصل أبو جعفر محمد بن علي لم يدرك علي بن أبي طالب. ورواه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه: فقال عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي، وقال: فكان وزنه درهمًا، ولم يزد وبعض درهم، وهكذا رواه البيهقي من طريق حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة -رضي الله عنها- فقال: زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة وأعطي القابلة رجل العقيقة".

20 - كتاب الأطعمة والأشربة

20 - كتاب الأطعمة والأشربة المحرمات في حال الاختيار

1178 - حديث جابر: "إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدوا حُوتًا يسمى العَنْبر، أو دابة، قد جزر عنه البحر فأكلوا منه بضعة وعشرين يومًا أو شهرًا". الحديث. الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي وابن الجارود والبيهقي وغيرهم بألفاظ مختصرة ومطولة منها: قال جابر - رضي الله عنه - "غزونا جيش الخَبط، وأميرنا أبو عبيدة فجعنا جوعًا شديدًا فألقى البحر حُوتًا مَيْتًا لم نر

مثله يُقال له العَنْبر فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظمًا من عظامه فمر الراكب تحته، قال فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوا رزقًا أخرجه الله إليكم أطعمونا إن كان معكم. فأتاه بعضهم بشيء فأكله". متفق عليه. 1179 - حديث مالك عن أبي هريرة أنه سئل عن ماء البحر فقال: "هو: الطَّهُورُ ماؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ". تقدم في الطهارة. 1180 - حديث إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ألقى

البحر أو جَزَرَ عنه فَكُلوه وما طَفا فلا تأكُلُوه"، قال ابن رشد: وهو حديث أضعف عندهم من حديث مالك، وسبب ضعفه أن الثقات أوقفوه على جابر. قلت: أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي كلهم من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية به، ويحيى بن سليم كان رجلًا صالحًا ولم يكن بالحافظ لحديثه ولا المتفق له، فلذلك تكلم فيه، وقيل يكتب حديثه ولا يحتج به. وقد رواه إسماعيل بن عياش عن شيخه إسماعيل بن أمية فأوقفه على جابر، أخرجه الدارقطني من طريق المعافى بن عمران عن إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أمية به وقال: هذا موقوف وهو الصحيح. وكذا قال غيره لاسيما وقد رواه كبار ثقات أصحاب أبي الزبير فأوقفوه أيضًا، منهم الثوري وأيوب وحمّاد بن سلمة وعبيد الله بن عمر وآخرون، كما ذكره البخاري وأبو داود وأبو حاتم والدارقطني والبيهقي وجماعة، واتفقوا على ضعف المرفوع وإن ورد من أوجه أخرى عن أبي الزبير من طريق الأوزاعي ويحيى بن أبي أنيسة وابن أبي ذئب، فإن الأسانيد إليهم كلها ساقطة،

وكذا من رواه عن الثوري عن أبي الزبير مرفوعًا أيضًا فإنه وهم في رفعه على الثوري. أخرجه الدارقطني من رواية أبي أحمد الزبيري عن الثوري به مرفوعًا، ثم قال لم يسنده عن الثوري غير أبي أحمد، وخالفه وكيع وعبد الله بن الوليد العدني وعبد الرزاق ومؤمل وأبو عاصم وغيرهم عن الثوري رووه موقوفًا، وهو الصواب، وكذلك رواه أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر وابن جريج وزهير وحماد بن سلمة وغيرهم عن أبي الزبير موقوفًا، وورد من وجه آخر مرفوعًا أيضًا رواه عبد العزيز بن عبيد الله بن وهب بن كيسان ونعيم المجمر عن جابر أخرجه سعيد بن منصور والدارقطني من رواية إسماعيل بن عياش عنه وقال الدارقطني: تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به، وضعفه ابن حزم بإسماعيل بن عياش وكأنه لم يعلم بأن عبد العزيز أضعف منه. وعندي أن هذا الحديث باطل مرفوعًا وموقوفًا، وأنه مما دلسه أبو الزبير أو دلس عليه فإن هذا القول مخالف للقرآن والسنة الصحيحة، والتي منها ما رواه جابر - رضي الله عنه - نفسه مما يبعد أن يخالفه.

1181 - حديث: "نهى عن لحوم الجَلَّالَة وألبانها" قال ابن رشد: خرّجه أبو داود عن ابن عمر. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا ابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب والبيهقي وفي سنده خلاف لا يضر بل طريق أخرى عند أبي داود والبيهقي وفي الباب عن جماعة. 1182 - حديث أبي هريرة وميمونة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الفأرة تقع في السَّمْنِ فقال

إن كان جامدًا فاطْرَحُوها وما حولها وكُلُوا الباقي، وإن كانَ ذائبًا فأرِيقُوه ولا تَقْرَبُوهُ. مالك والطيالسي وأحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي وآخرون من حديث الزهريّ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة

عن ابن عباس عن ميمونة. هكذا قال مالك وسفيان والأوزاعي ويونس عن الزهريّ، وقال معمر عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تَقْرَبُوه". رواه أبو داود من طريق عبد الرزاق عن معمر، قال عبد الرزاق وربما حدَّث به معمر عن الزهريّ عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي صحيح البخاري قيل لسفيان: فإن معمرًا يحدثه عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قال: ما سمعت الزهريّ يقول إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد سمعته منه مرارًا. وقال الترمذي (هذا حديث حسن صحيح، وقد روى عن الزهريّ عن عبيد الله عن ابن عباس أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل ولم يذكر فيه عن ميمونة، وحديث ابن عباس عن ميمونة أصح. وروى معمر عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وهذا حديث غير محفوظ، سمعت

محمد بن إسماعيل، يعني البخاري، يقول: حديث معمر عن الزهريّ عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا خطأ والصحيح حديث ميمونة). قلت: حديث ابن عباس بدون ميمونة عند الطيالسي، وحديث أبي هريرة خرّجه أيضًا أحمد عن محمد بن جعفر عن معمر به. وعدم سماع سفيان للزهري يحدث به عن المسيب عن أبي هريرة لا يدل على خطأ معمر في ذلك كما يقوله البخاري، ويتبعه أبو حاتم الرازي في ذلك لاسيما ومعمر كان يذكره على الوجهين مما يدل على وعاه وحفظه كذلك، وقد قال محمد بن يحيى الذهلي أنه محفوظ من

الوجهين وقد قال أبو الزبير: سألت جابرًا عن الفأرة تموت في الطعام والشراب أطعمه؟ قال: لا، زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. كنا نضع السمن في الجرار فقال: "إذا ماتت الفأرة فيه فلا تطعموه". رواه أحمد عن حسن بن موسى عن ابن لهيعة عنه. وهذا يدل على تكرار هذا السؤال من الصحابة والتابعين واشتهار الحديث بينهم. مما يدل على أن الزهريّ رواه من الطريقين بل من طرق. فقد رواه ابن جريج عن ابن شهاب أيضًا عن سالم عن ابن عمر قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن والودك قال: "اطرحوا ما حولها إن كان جامدًا، وإن كان مائعًا فانتفعوا به ولا تأكلوا". رواه الدارقطني من طريق بكر بن سهل ثنا شعيب بن يحيى ثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج. ورواه الطبراني في الأوسط من وجه آخر ورواه الدارقطني من طريق

عمرو بن سلمة عن سعيد بن بشير عن أبي هريرة عن أبي سعيد قال سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن والزيت قال: استصبحوا به، ولا تأكلوه، قال الدارقطني ورواه الثوري عن أبي هارون العبدي موقوفًا على أبي سعيد، ثم أخرجه كذلك وأبو هارون ضعيف ليس بشيء عندهم. 1183 - حديث: "أُحِلَّت لنا مَيْتَتَان ودَمَان". قال ابن رشد: وهذا الحديث في غالب ظني ليس هو في الكتب المشهورة من كتب الحديث. قلت: بل هو في الكتب المشهورة منها. رواه الشافعي وأحمد وابن ماجه والدارقطني والبيهقي من حديث ابن عمر وقد تقدم متنه والكلام عليه

السباع ذوات الأربع

السباع ذوات الأربع في كتاب الطهارة من النجس. 1184 - قوله: (وحكى أبو حامد عن الشافعي "أنه يحرم لحم الحيوان المنهي عن قتله كالخطاف والنحل"). سيأتي الكلام عليه قريبًا. 1185 - حديث أبي هريرة "أكل كُل ذي نابٍ من السباع حَرَامٌ" قال ابن رشد: ذكره مالك في الموطأ.

يأتي في الذي بعده. 1186 - حديث أبي ثعلبة الخشني قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي نَابٍ من السِّباع". قال ابن رشد: خرّجه البخاري ومسلم. ثم قال: وأما مالك فما

رواه في هذا المعنى من طريق أبي هريرة وهو أبين في المعارضة، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكْلُ كُلّ ذِي نَابٍ من السِّباع حرام". قلت: مالك روى كلا الحديثين بلفظ واحد وهو "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" فروى حديث أبي ثعلبة عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عنه باللفظ المذكور. لكن قال ابن عبد البر: انفرد يحيى عن مالك بهذا اللفظ ولم يتابعه أحد من رواة الموطأ في هذا الإسناد خاصة، وإنما لفظهم "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذي نابٍ من السِّباع". قلت: كذلك أخرجه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم

وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه والطحاوي في معاني الآثار وابن الجارود والبيهقي وأبو نعيم في الحلية من رواية مالك ومن رواية غيره عن الزهري. لكن رواه عقيل بن خالد عن الزهري بلفظ "حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية، ولحم كل ذي ناب من السباع" خرّجه أحمد، ورواه خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة بلفظ "لا تحل النهبى ولا يحل كل ذي ناب من السّباع ولا تحل المجثمة" رواه أحمد والنسائي. ورواه مسلم بن مشكم عن أبي ثعلبة قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله حدثني ما يحل لي مما يحرم علي فقال: "لا تأكل الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع" خرّجه أحمد والطحاوي في معاني الآثار فهذه الروايات كلها مؤيدة لرواية يحيى بن يحيى عن مالك.

وأما حديث أبي هريرة فروى بلفظ الحرام قولًا واحدًا أخرجه أيضًا الشافعي وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي كلهم باللفظ المذكور وورد نحوه من حديث جابر بن عبد الله قال: "حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر الحمر الإنسية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السِّباع، وذي مخْلب من الطير". رواه أحمد والترمذي وقال حسن غريب والبزار والطبراني في الأوسط. ومن حديث خالد بن الوليد قال: "غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا الى حظائرهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من

السباع وكل ذي مِخْلَب من الطير" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي وفي سنده مقال وقد زعم الواقدي أن خالدًا لم يسلم إلا بعد خيبر، والصحيح خلافه. وقال النسائي في الحديث (يشبه أن يكون صحيحًا ولكنه منسوخ بإباحة الخيل بعد ذلك). ومن حديث المقدام بن معد يكرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل ذو ناب من السباع. ولا الحمار الأهلي، ولا اللقطة من مال معاهد". الحديث رواه أحمد وأبو داود والطحاوي والدارقطني والبيهقي. 1187 - حديث عبد الرحمن بن عمار قال: "سألت جابر بن عبد الله عن الضبع آكلها؟

قال: نعم. قلت: أصيد هي؟ قال: نعم، قلت: فأنت سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم". قلت: كذا وقع في الأصل عبد الرحمن بن عمار وهو ابن أبي عمار بزيادة أداة الكنية في اسم أبيه، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، ويقال ابن أبي عمار ولم يتفرد بالحديث كما قال ابن رشد تبعًا لابن عبد البر، بل توبع عليه كما سأذكره. أما حديثه هو فأخرجه الشافعي وأحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في معاني الآثار وفي مشكل الآثار معًا والبيهقي وغيرهم وقال الترمذي: حسن صحيح. وصحّحه أيضًا البخاري وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان ولم ينفرد عبد الرحمن بن أبي عمار

به فقد أخرجه الطحاوي والحاكم والبيهقي من طريق حسان بن إبراهيم عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه جزاء كبش مسن ويؤكل" وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه، وإبراهيم بن ميمون الصائغ زاهد عالم أدرك الشهادة - رضي الله عنه -. وأقره الذهبي. 1188 - قوله: (ولما ثبت من إقراره -عليه الصلاة والسلام- على أكل الضب بين يديه). أحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي

ذوات الحافر الإنسي

ذوات الحافر الإنسي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم من حديث "خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميمونة، وهي خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضبًّا محنوذًا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدَّمت الضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأهوى بيده في الضب، فقالت امرأة من النسوة الحُضور: أخْبرنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قدَّمتن له، قلنَ: هو الضب يا رسول الله فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فقال خالد بن الوليد: أحرام الضبُّ يا رسول الله؟ قال: لا. ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافُه، قال خالد: فاجْتَرَرْتُهُ فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر فلم ينهني". 1189 - حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي نابٍ من السِّباع وكُلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطَّيْرِ". قال ابن رشد: إلا أن في الحديث لم يخرجه الشيخان وإنما ذكره أبو داود.

قلت: بل خرّجه مسلم في صحيحه من طريق الحكم وأبي بشر عن ميمون بن مهران عن ابن عباس وأخرجه أيضًا الطيالسي وأحمد والدارمي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وأبو نعيم في الحلية، وفي الباب عن خالد بن الوليد، وعن جابر بن عبد الله تقدما وعن عليّ عند أحمد وعن العرباض بن سارية عند الترمذي.

1190 - حديث جابر وغيره قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خَيْبَرَ عن لحُوم الحُمُر الأَهْلِيّة، وأَذِنَ في لحوم الخيل". قلت: حديث جابر متفق عليه وحديث غيره بهذا اللفظ رواه الطبراني في الأوسط والكبير من حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحوم الخيل أن تُؤكل" وسنده صحيح بل أصله في الصحيح بدون ذكر الخيل. 1191 - حديث أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال: "أصبنا حمرًا مع رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر وطبخناها، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن اكفئوا القدور بما فيها. قال أبو إسحاق: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: إنما نهى عنها لأنها كانت تأكل الجلة". متفق عليه لكن بغير هذا السياق، بل قال أبو إسحاق الشيباني: "سمعت ابن أبي أوفى -رضي الله عنهما- يقول: أصابتنا مجاعة يوم خيبر، فإن القدور لتغلي قال: وبعضها نضجت -فجاء مُنادي النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تأكلوا من لحوم الحُمُر شيئًا واهريقوها قال ابن أبي أوفى: فتحدَّثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تُخمَّس وقال بعضهم: نهى عنها البتَّة لأنها كانت تأكل العَذِرة". لفظ البخاري في المغازي، ولم يذكر مسلم "لأنها كانت تأكل العذرة". ولفظ البخاري في الخمس: "قال عبد الله: فقلنا إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها لأنها لم تخمَّس وقال آخرون حرَّمها البتَّة، وسألت سعيد بن جبير فقال:

الحيوان المأمور بقتله في الحرم

الحيوان المأمور بقتله في الحرم حرَّمها البتة. وعند البيهقي "فلقيت سعيد بن جبير فذكرت ذلك له فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها البتَّة لأنها كانت تأكل العَذِرة". 1192 - قوله: (وأما سبب اختلافهم في الخيل فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جابر). تقدم قبل حديث، وفي الباب عن غيره، وأشهرها حديث أسماء في الصحيحين وغيرهما قالت: "ذبحنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا ونحن بالمدينة

فأكلنا". زاد أحمد "نحن وأهل بيته". 1193 - قوله: (وأما ما حكاه أبو حامد عن الشافعي في تحريمه الحيوان المنهي عن قتله كالخطاف والنحل زَعْمٌ فإني لست أدري أين وقعت الآثار الواردة في ذلك ولعها في غير الكتب المشهورة عندنا). قلت: هذا غريب جدًا بل هي في الكتب المشهورة التي ينقل منها ابن رشد بكثرة كسنن أبي داود والمحلى لابن حزم وأمثالهما فقد أخرج عبد الرزاق في

مصنفه وأحمد وأبو داود وابن ماجه والطحاوي في المشكل والبيهقي وغيرهم كابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النَّمْلَةِ والنَّحلة والهُدْهُد والصُّرَد". وفي لفظ للطحاوي والبيهقي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أربع من الدواب لا يُقْتَلن النملة والنحلة والهدهد والصُّرد" صحّحه غير واحد، وقال البيهقي: هو أقوى ما ورد في الباب. ورواه البيهقي وأبو نعيم في

تاريخ أصبهان كلاهما من حديث علي بن بحر القطان أنبأنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد قال: سمعت أبي يذكر عن جدي "عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن قتل خمسة، عن النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد. قال البيهقي: تفرد به عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف. ورواه الحسن بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية من جهته ثم من حديث عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن عن عمران بن حصين وجابر بن عبد الله وأبي هريرة قالوا: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد والصُّرد، وأن يمحى اسم الله بالبصاق". قال أبو نعيم غريب من حديث الحسن عن الصحابة الثلاثة لم نكتبه إلا من حديث عباد بن كثير. قلت: قد ورد من غير طريقة لكن من حديث أبي هريرة وحده من رواية سعيد بن المسيب عنه لا من رواية الحسن ولفظه، قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الصُّرَد والضِّفْدع والشملة والهدهد" رواه ابن ماجه من طريق إبراهيم بن الفضل عن

سعيد بن المسيب، وإبراهيم ضعيف أيضًا. وله طريق آخر عنه إلا أنه معلول فيما يزعم الدارقطني خرّجه الخطيب في ترجمة سهل بن يحيى من روايته عن ابن سبأ الحداد من روايته عن الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة به بلفظ حديث ابن عباس السابق، ثم أسند عن الدارقطني أنه سئل عن هذا الحديث فقال: (رواه شيخ يعرف بسهل بن يحيى الحداد عن الحسن ابن علي الحلواني عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة ووهم فيه: إنما رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس). وأما الخطاطيف فقد روى البيهقي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية أبي الحويرث المرادي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن قتل الخطاطيف، وقال: "لا تقتلوا هذه العوذ، إنها تعوذ بكم من غيركم". قال البيهقي: ورواه إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخطاطيف عوذ البيوت" قال: وكلاهما منقطع، وقد روى حمزة النصيبي فيه حديثًا مسندًا إلا أنه كان يرمى بالوضع.

قلت: حديث إبراهيم بن طهمان رواه أبو داود في المراسيل من جهة ابن المبارك عن إبراهيم به، وحديث حمزة النصيبي رواه ابن عدي في الضعفاء من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن حمزة المذكور عن نافع عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الخفاش والخطاف فإِنهما كان يطفيان النار عن بيت المقدس حين احترق". ومن الغريب أن الرافعي ذكر في الشرح الكبير حديث نهى عن قتل الخفاش فلم يعرف الحافظ الذين خرجوه له سندًا ولا مخرجًا وخاتمتهم الحافظ فإِنه قال في التلخيص: (لم أجده مرفوعًا، لكن روى البيهقي من طريق حنظلة بن أبي سفيان عن القاسم عن عائشة قالت: كانت الأوزاغ يوم أحرق بيت المقدس تنفخ النار بأفواهها، والوطواط تطفيها بأجنحتها، قال البيهقي: هذا موقوف صحيح، قال الحافظ: وحكمه الرفع، لأنه يقال بغير توقيف، وما كانت عائشة ممن يأخذ عن أهل الكتاب، وقد روى البيهقي أيضًا من رواية زرارة بن أوفى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لا تقتلوا الضفادع فإِن نقيقها تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش، فإِنه لمّا خُرب بيت المقدس قال: يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم، فهو وإن كان سنده صحيحًا، لكن عبد الله بن عمرو كان يأخذ عن الإِسرائيليات).أ. هـ. وورد ذكر الخطاطيف أيضًا في حديث مرفوع أخرجه الأزدي وابن حبان في الضعفاء من حديث عمرو بن جميع عن

ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: "نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الخطاطيف وكان يأمر بقتل العنكبوت"، وقال الأزدي إنه مرفوع، وعمرو بن جميع كان كذابًا. 1194 - حديث مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البِتْع، وهو نبيذ العسل، فقال: كُلُّ شَرَابٍ أسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ". قال ابن رشد: خرجه البخاري وقال يحيى بن معين: هذا أصح حديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم المسكر. قلت أخرجه أحمد والجماعة الستة كلهم وآخرون وفي الباب عن جماعة

يأتي ذكرهم. 1195 - حديث ابن عمر: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام". قال ابن رشد انفرد بتصحيحه مسلم. قلت أخرجه أيضًا الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي وابن الجارود والدارقطني بلفظ "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" ولم يقل "وكل خمر حرام" إلا مسلم وابن ماجة وابن

الجارود والدارقطني في رواية لهم شك الراوي في رفعها إلا ابن ماجه والدارقطني فوقعت عندهما بدون شك. أيضًا وعند أبي داود من حديث ابن عباس مرفوعًا "كل مُخَمِّرٍ خمرٌ وكل مسكر حرام" الحديث. 1196 - حديث جابر: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" قال ابن رشد خرجه الترمذي وأبو داود والنسائي. قلت لم يخرجه النسائي في السنن الصغير الذي هو أحد الكتب الستة في اصطلاح المتأخرين الحارث بعد المؤلف بقليل وقد أخرجه أيضًا أحمد وابن

ماجه وابن الجارود والطحاوي والبيهقي وصححه ابن حبان وغيره وقال الترمذي: حسن غريب. وفي الباب عن علي وعائشة وابن عمرو وعبد الله بن عمرو بن العاص وخَوَّات بن جبير وزيد بن ثابت. فحديث علي رواه الدارقطني والبيهقي من وجهين ضعيفين وحديث عائشة رواه أبو داود والترمذي والدولابي في الكنى وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي من طرق عنها بألفاظ منهما: "ما أسكر منه الفَرَق فَمِلْءُ

الكف منه حرامٌ" وفي لفظ "فالجرعة منه حرام" وفي لفظ "فالحسوة منه حرام". وحديث ابن عمرو رواه أحمد وابن ماجه والبزار والبيهقي من أوجه عنه بلفظ الترجمة. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي. وحديث خوَّات بن جبير رواه ابن السكن وابن قانع وابن شاهين في الصحابة والطبراني في الأوسط والحاكم في الصحابة من المستدرك، والدارقطني

والضياء المقدسي في المختارة، وسكت عليه الحاكم والذهبي وضعفه العقيلي الذي أخرجه أيضًا في الضعفاء في ترجمة عبد الله بن إسحاق الهاشمي وقال (له أحاديث لا يتابع منها على شيء) كذا قال، مع أن الأمر في هذا الحديث بخلاف ما قال. وحديث زيد بن ثابت رواه الطبراني في الأوسط والكبير بسند ضعيف. 1197 - حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخَمْرُ من هَاتين الشَّجَرتَيْن النَّخَلَةِ والعِنَبَةِ". أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي. 1198 - حديث ابن عمر: "إنَّ من العِنب خَمرًا، وإنَّ من العَسَل خَمرًا، ومن الزَّبِيبِ خَمرًا، ومِنَ الحِنْطَةِ خَمرًا وأنا أنهاكُم عن كُل مُسْكرٍ". الطحاوي في معاني الآثار من طريق ابن لهيعة عن أبي النضر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن من العنب خمرًا وأنهاكم عن كل مسكر" هكذا رواه مختصرًا، وهو غريب من حديث ابن عمر، والمعروف باللفظ الذي ذكره ابن رشد من حديث النعمان بن بشير أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن

ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي واستغربه الترمذي لأنه من رواية إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن النعمان وإبراهيم فيه مقال، لكنه عند الدارقطني من أوجه أخرى عن الشعبي من رواية مجالد، ومن رواية سلمة بن كهيل، ومن رواية أبي إسحاق، ومن رواية أبي حريز، ومن رواية السري بن إسماعيل، كلهم تابعوا إبراهيم بن مهاجر في روايته عن الشعبي، ومن طريق السري خرجه الحاكم وصححه وتعقب. 1199 - حديث أبي عون الثقفي عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حُرمّتُ الخَمْرُ لِعَيْنِها، والسكر من غيرها". قال ابن رشد وضعَّفه أهل الحجاز لأن بعض رواته روى "والمُسْكِرُ من غيرها". قلت: وليس ضعفه لذلك فقط: بل لأنه موقوف على ابن عباس من كلامه، ومن

رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد وهم، وذلك أن الحديث رواه مسعر وعباس بن ذريح عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي به موقوفًا على ابن عباس، هكذا رواه عن مِسْعَر شعبة، وسفيان الثوري، وأبو نعيم الفضل بن دكين وخلاد بن يحيى وجعفر بن عون وإبراهيم بن عيينة، وهكذا رواه موقوفًا أيضًا عباس العامري وابن شَبْرَمة عن عبد الله بن شداد بن الهاد شيخ أبي عوانة فيه، وهكذا رواه عكرمة وعون بن أبي جحيفة عن ابن عباس موقوفًا أيضًا، وخالفهم سفيان بن عيينة فيما قيل عنه فرفعه وهو وهم بلا شك منه، أو ممن قال ذلك عنه، فرواية عباس بن ذَريح عن أبي عون خرجها النسائي ورواية شُعْبَةُ عن مِسْعَر خرجها النسائي والبزار والدارقطني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي. ورواية سفيان خرجها البزار. ورواية أبي نعيم الفضل بن دكين خرجها الطحاوي في معاني الآثار، وقاسم بن أصبغ في المصنف: ومن جهته أورده ابن حزم في المحلى، وخرجها أيضًا أبو نعيم في الحلية. ورواية خلاد بن يحيي

خرجها أبو نعيم في الحلية أيضًا. ورواية جعفر بن عون خرجها البيهقي. ورواية إبراهيم بن عيينة ذكرها أبو نعيم. ورواية عباس العامري عن عبد الله بن شداد ذكرها الدارقطني، تبعه البيهقي. ورواية ابن شبرمة عن عبد الله بن شداد خرجها النسائي والبزار. ورواية عكرمة عن ابن عباس خرجها ابن جرير في تهذيب الآثار. ورواية عون بن أبي جحفة رواها أبو حنيفة في مسنده على ما نقله المارديني في الجوهر النقي، وقد رواه ابن عقدة في مسند أبي حنيفة، وكذلك طلحة بن محمد من طريق محمد بن صبيح عن أبي حنيفة به مرفوعًا، ومحمد بن صبيح هو ابن السماك الواعظ لم يكن الحديث من صناعته. فكان يرفع الموقوفات، ولذلك قالوا فيه ليس بشيء في الحديث على أن طلحة بن محمد قال: المحفوظ فيه عن أبي حنيفة عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس. ثم خرجه كذلك موقوفًا على الصواب من رواية هوذة بن خليفة، ومن رواية مصعب بن المقدام كلاهما

عن أبي حنيفة، ورواه ابن عقدة عن أحمد بن محمد بن يحيى الجبائي عن أبيه، وحماد بن أبي حنيفة عن أبي حنيفة. ومسعر، وعبد الله بن عياش كلهم عن أبي عون به مرفوعًا. وهذا كذب ورواته مجاهيل لا يقبل قولهم في معارضة الثقات الذين أوقفوه عن مسعر وأبي حنيفة. وأما اختلافهم في السكر والمسكر، فإِن النسائي خرجه من طريق عبد الوارث قال: سمعت ابن شبرمة يذكره عن عبد الله بن شداد ابن الهاد عن ابن عباس قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب، ثم قال النسائي: لم يسمعه ابن شبرمه من عبد الله بن شداد. ثم أخرجه من طريق هشيم عن ابن شبرمة قال حدثني الثقة عن عبد الله بن شداد به مثله. قلت الذي حدثه به عن عبد الله بن شداد هو عمار الذهبي كذلك خرجه البزار من طريق أبي سفيان الحميري ثنا هشيم عن ابن شبرمة عن عمار الدهني عن عبد الله بن شداد به. ثم أخرجه النسائي من طريق شُعبة عن مِسْعَر عن أبي عَوْن بلفظ "حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والمُسْكِرُ من كل شراب" بزيادة الميم في المسكر. ومن طريق شريك عن عباس بن ذَريح عن أبي عون بلفظ "حرمت الخمر قليلها وكثيرها وما أسكر من كل شراب" ثم قال النسائي (وهذا أولى بالصواب من

حديث ابن شبرمة وهشيم بن بشير كان يدلس وليس في حديثه ذكر السماع من ابن شبرمة ورواية أبي عون أشبه بما رواه الثقات عن ابن عباس) ثم أسند عنه من طرق ما معناه كل مسكر حرام. وأخرج الدارقطني رواية شعبة عن مسعر من طريق موسى بن هارون الحافظ عن أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر عن شعبة به: بلفظ "إنما حرمت الخمر والمسكر من شراب"، وقال موسى بن هارون: وحدثنا بعض أصحابنا عن إسماعيل ابن بنت السدي عن شريك عن عباس العامري عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس مثله سواء: المسكر من كل شراب، قال موسى: وهذا الصواب عن ابن عباس، لأنه قد روي يعني ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كل مسكر حرام" وروى عنه طاوس وعطاء ومجاهد: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام" ورواه عنه قيس بن جبير، وكذلك فتيا ابن عباس في المسكر ثم أسند ذلك عنه. وفي الباب عن علي مرفوعًا بلفظ "والسكر من كل شراب" خرجه ابن عدي وهو حديث موضوع. 1200 - حديث شريك عن سماك بن حرب بإِسناده عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت نهَيتُكُم عن الشَّراب في الأوعية فاشربوا فيما بَدَا لَكُم ولا تَسْكَرُوا". قال ابن رشد: خرجه الطحاوي. قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي والنسائي والدارقطني

والبيهقي من حديث أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار به. وله عندهم ألفاظ منها للنسائي "اشربوا في الظروف ولا تسكروا" ثم قال: (هذا حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم لا نعلم أن أحدًا تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب، وسماك ليس بالقوي وكان يقبل التلقين. قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث. خالفه شريك في إسناده. ولفظه. ثم رواه النسائي من طريق شريك عن سماك عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعًا "نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت". وخالفه أبو عوانة فرواه عن سماك عن قرصَافَة امرأة منهم عن عائشة قالت: "اشربوا ولا تسكروا" قال النسائي: وهذا أيضًا غير ثابت وقرصافة هذه لا ندري من هي والمشهور عن عائشة خلاف ما روت عنها قرصافة). ثم خرجه بلفظ آخر بعيد عن هذا المعنى. وقال الدارقطني: (وهم فيه أبو الأحوص في إسناده ومتنه وقال غيره: عن سماك عن القاسم عن ابن بريدة عن أبيه: "ولا تشربوا مسكرًا" ثم أخرجه كذلك من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عن محمد بن جابر عن سماك ثم قال وهذا هو الصواب) وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أبا زرعة عن حديث أبي الأحوص هذا فقال أبو زرعة (وهم فيه أبو الأحوص قلب من الإِسناد موضعًا وصحف في موضع. أما القلب فقوله عن أبي بردة أراد عن ابن بردة، ثم احتاج أن يقول ابن بريدة عن أبيه فقلب الإِسناد بأسره، وأفحش في الخطأ وأفحش من ذلك وأشنع تصحيفه في متنه "اشربوا في الظروف ولا تسكروا". وقد روى هذا الحديث عن ابن

بريدة عن أبيه أبو سنان ضرارًا ابن مرة، وزبيد اليامي عن محارب بن دثار، وسماك بن حرب، والمغيرة بن سبيع، وعلقمة بن مرثد، والزبير بن عدي، وعطاء الخرساني، وسلمة بن كهيل عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهيتكم عن زيارة القبور: فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فامسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكرًا" وفي حديث بعضهم: "واجتنبوا كل مسكر، ولم يقل أحد منهم: ولا تسكروا، فقد بان وهم حديث أبي الأحوص، ومن اتفاق هؤلاء المسمين على ما ذكرنا من خلافه، قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث أبي الأحوص خطأ في الإسناد، والكلام، فأما الإِسناد، فإِن شريكًا وأيوب ومحمدًا ابني جابر رووه عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما رواه الناس: "فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا" قال أبو زرعة: كذا أقول، وهذا خطأ، والصحيح حديث ابن بريدة عن أبيه). 1201 - قوله: (ورووا عن ابن مسعود أنه قال: شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم، ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم). لم أره بهذا اللفظ. وعند ابن ماجه والطحاوي وابن حبان عنه قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني نهيتكم عن نَبيذ الأَوعيَةِ ألا وإنَّ وعاءً لا يُحَرِّمُ شيئًا. وكل مُسْكِرٍ حَرَامٌ" فإن كان المراد من النبيذ في الآثر الذي ذكره ابن رشد الانتباذ فهذا معناه، وهو الواقع إن شاء الله، وإن كان المراد المشروب نفسه فهو غريب.

1202 - حديث أبي موسى قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ومعاذًا إلى اليمن، فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير: أحدهما يقال له المِزْرُ والآخر يقال له البِتْعُ فما نشرب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اشربا ولا تسكرا": قال ابن رشد خرجه الطحاوي. قلت هو كذلك والحديث متفق عليه وخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو

داود والنسائي والبيهقي وجماعة بألفاظ متعددة ليس في شيء منها "اشربا ولا تسكرا" بل في بعضها "ولا تشربا مسكرًا"، وكذلك خرجه. الطحاوي أيضًا ومشى على أنه لا فرق بين اللفظين. وفي لفظ في الصحيح، واللفظ لمسلم "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام" وفي لفظ له "نهي عن كل مسكر أسكر عن الصلاة". وعند أبي داود فقال: "أخبر قومك أن كل مسكر حرام". ورواية الطحاوي رواها عن علي بن معبد عن يونس عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه فوقع الوهم في تلك اللفظة من علي بن معبد أو شيخه، حيث رواه أحدهما بالمعنى، وظن أن معنى قوله: "ولا تشربا مسكرًا" هو "ولا تسكرا" فحدث به كذلك، وإنما لم أحكم بالوهم فيها على شريك مع أنه معروف بذلك لأن

الطحاوي رواه بعد هذا عن أبي بكرة عن عبد الله بن رجاء عن شريك به "ولا تشربا مسكرًا" على الصواب فبرئ شريك من عهدة الوهم فيه. 1203 - حديث "كُلُّ مُسْكرٍ حرام". تقدم بعض طرقه وهو حديث تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية نحو ثلاثين صحابيًا جلها بالأسانيد الصحيحة والحسنة، كما أنه ورد عن بعضهم من طرق متعددة تفيد القطع بثبوته عنه أيضًا.

1204 - حديث: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". تقدم. 1205 - حديث: "فانْتَبِذُوا وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". تقدم في حديث أبي بردة ابن نيار، وحديث ابن مسعود. والمشهور في هذا المعنى حديث بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا". وفي لفظ "نهيتكم" عن الظرُوف وإن ظَرفًا لا يحل شيئًا ولا يحرمه، وكل مُسْكر حرامٌ، رواه أحمد ومسلم والترمذي

جواز الانتباذ في الأسقية

جواز الانتباذ في الأسقية والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم. وله عندهم ألفاظ. 1206 - قوله: (ولما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينتبذ وأنه كان يريقه في اليوم الثاني أو الثالث). أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وغيرهم

من حديث ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُنبذ له الزبيب في السِّقاءِ فيشربه اليوم والغَدَ وبعد الغَد إلى المساء الثالثة ثم يأمر به فيسقى أو يُهراق". وله عندهم ألفاظ. 1207 - قوله: (وذلك أنه ورد من طريق ابن عباس النهي عن الانتباذ في الأربع التي كرهها الثوري). يعني الدُّبَّاء والحَنْتَمِ والنَّقير والمزفَّت. أبو داود الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وآخرون في حديث وفد عبد القيس وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: وأنهاكم عن أربع عن الدُّبَّاء والحَنْتَم والنَّقير والمزفَّت" .. وهو في الصحيحين أيضًا من

حديث عائشة "أن وفد عبد القيس قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن النبيذ فنهاهم أن ينبذوا في الدُّبَّاء والنَّقير والحَنْتَم. 1208 - حديث ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الانتباذ في الدُّبَّاء والمُزَفَّت" قال ابن رشد: رواه مالك في الموطأ. قلت هو كذلك فيه عن نافع عن عبد الله بن عمر: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَب النَّاس في بعض مَغَازيه فقال عبد الله بن عمر: فأقبَلتُ نحوه فانصرف قبل أَنْ أَبْلُغَهُ فسألت ماذا قال؟ فقيل: نهى أن يُنبَذ في الدُّبَّاء والمُزَفَّت". ورواه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق مالك ومن طريق غيره، وبعضهم قرنه بابن عباس. وفى الموطأ أيضًا مثله بالحرف عن أبي هريرة وفي الباب عن جماعة. 1209 - حديث جابر: "كنت نَهيتُكُم أن تَنْبِذُوا في الدُّبَّاء والحنْتَم والنقِير والمُزَفَّتِ

فانْتَبِذُوا ولا أُحِل مُسْكِرًا" قال ابن رشد أنه جاء من طريق شريك عن سماك. قلت: لم أجده من هذا الطريق، بل من طريق أبي حزرة يعقوب بن مجاهد عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أني كنت نَهيتُكم أن تَنتبذوا في الدُّبَّاء والحَنْتَم والمُزَفَّت فانتبِذوا ولا أُحل مُسْكِرًا" خرجه الطحاوي والبيهقي. 1210 - حديث أبي سعيد الخدري "كُنْتُ نَهيتُكم عن الانْتباذ فانتَبِذُوا وكُلُ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" قال ابن رشد خرجه مالك في الموطأ. قلت: رواه مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد "أَنَّه قَدِمَ من سفر فقدَّم إليه أهله لحمًا فقال انظروا أن يكون هذا من لُحُوم الأضاحي. فقالوا: هو منها. فقال أبو سعيد: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها: فقالوا: إِنه قد كان من رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَك أَمرٌ. فخرج أبو سعيد، فسأل عن ذلك. فأُخْبَرِ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ، فكلموا، وتصدقوا، وادخروا. ونهيتكم عن الانتباذ، فانتبذوا. وكُلُ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. ونَهْيتُكُم عن زيارة القُبُور، فزوروها. ولا تقولوا هُجْرًا". يعني لا تقولوا سوءًا. قال ابن عبد البر: لم يسمع ربيعة من ابن سعيد والحديث صحيح محفوظ رواه عن أبي سعيد جماعة. قلت: رواه الطحاوي والحاكم والبيهقي كلهم من طريق ابن وهب عن أسامة بن زيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن واسع بن حبان عن أبي سعيد الخدري به. ذكره الحاكم بتمامه مقتصرًا على المرفوع منه. واقتصر الطحاوي والبيهقي على ذكر الانتباذ منه. وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم.

في انتباذ الخليطين

في انتباذ الخليطين 1211 - قوله: (وفي كتاب مسلم النهي عن الانتباذ في الحنتم، وفيه أنه رخص لهم فيه إذا كان غير مزفت). أما النهي عن الانتباذ في الحنتم فتقدم وأما الترخيص فيه إذا كان غير مزفت فرواه مسلم من حديث مجاهد عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال: "لمّا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبيذ في الأوعية قالوا: ليس كلُّ الناس يَجِدُ. فأرخص لهم في الجرِّ غير المُزَفَّت". والحديث خرجه أيضًا البخاري فهو متفق عليه، ورواه أيضًا أحمد والبيهقي وغيرهما.

1212 - قوله: (ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى أن يخلط التَّمْرُ والزَّبِيبُ والزَّهوُ والرُّطَب والبُسْر والزبيب). أحمد والبخاري ومسلم والأربعة والبيهقي من حديث جابر بن عبد الله "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُنْبَذَ التَّمرُ والزَّبيب جميعًا ونهى أن ينبذ الرُّطَب والبُسْر جميعًا". وعند أحمد ومسلم والترمذي والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما وعن التمر والبسر أن

يخلط بينهما". يعني في الانتباذ. وعن ابن عباس نحوه رواه مسلم والنسائي وفي الباب عن غيرهم. 1213 - حديث: "لا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ والزبيب جميعًا ولا التمر والزبيب جميعًا وانتبذوا كل واحد منهما على حدّة". أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من

حديث أبي قتادة. وأحمد ومسلم والبيهقي من حديث أبي هريرة. وروى مالك في الموطأ حديث أبي قتادة الأنصاري بلفظ "نهى أن يُشرب التمر والزبيب جميعًا والزَّهوُ والرُّطَبُ جميعًا". 1214 - حديث أنس "أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام وَرِثوا خمرًا، فقال: أهرِقها قال أفلا أجعلها خلًا؟ قال لا" قال ابن رشد: خرجه أبو داود.

استعمال المحرمات في حال الإضرار

استعمال المحرمات في حال الإضرار قلت: وكذلك أحمد بهذا السياق ورواه أحمد ومسلم والترمذي من حديثه مختصرًا "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الخمر تتخذ خلًا فقال لا". 1215 - قوله: (احتجّ "بإباحة النبي - صلى الله عليه وسلم - الحرير لعبد الرحمن بن عوف لمكان حكَّة به").

متفق عليه بل هو عند أحمد والجماعة كلهم من حديث أنس قال: "رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبس الحرير لحكة كانت بهما". وفي رواية متفق عليها أيضًا "أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شَكَوَا إلى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - القَحْلَ فرخَّص لهما في قُمُص الحرير في غَزَاةٍ لهما". 1216 - حديث: "إنَّ الله لم يجعلْ شِفَاء أُمَّتي فيما حُرّمَ عَلَيها".

أبو يعلى والبزار، وابن حبان في الصحيح، والبيهقي في الشعب من حديث أم سلمة، قالت: "اشتكت ابنة لي فنبذت لها في كوز، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغلي، فقال: ما هذا؟ فقلت: إن ابنتي اشتكت فنبذت لها هذا. فقال: إن الله لم يجعل شفَاءَكم فيما حُرِّم عليكم". لفظ البيهقي. وقال الباقون: "لم يجعل شفاءكم في حرام".

21 - كتاب النكاح

21 - كتاب النكاح الباب الأول: في مقدمات النكاح

1217 - حديث: "تَناكحُوا فإِني مُكاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ". عبد الرزاق في مصنفه عن سعيد بن أبي هلال مرسلًا بلفظ "تناكحوا تكثروا، فإِني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" ورواه طلحة بن محمد في مسند أبي حنيفة من طريق أبي يحيى الحماني عن أبي حنيفة عن زياد بن علاقة عن عبد الله بن الحارث عن أبي موسى بلفظ "تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". ورواه الديلمي في مسند الفردوس من طريق محمد بن خلف وكيع ثنا محمد بن سنان الغزاز ثنا محمد بن الحارث الحارثي ثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعًا "حجوا تستغنوا، وسافروا تصحوا، وتناكحوا تكثروا، فإِني مباه بكم الأمم" وابن البيلماني ضعيف. وقد رواه ابن شاهين في الترغيب، والخطيب في التاريخ من وجه آخر من حديث إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر بلفظ "تزوجوا الودود الولود فإِني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ "انْكِحوا فإِني مُكَاثِرٌ بكم" وفيه طلحة بن عمرو الحضرمي وهو ضعيف جدًا. والمشهور بلفظ "تزوجوا الودود الولود فإِني مكاثر بكم الأمم". كذلك خرجه أبو

داود والنسائي والحاكم وأبو نعيم في الحلية من حديث مَعْقِل بن يسار، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد. وخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه وتمام الرازي في فوائده وأبو نعيم في الحلية والقضاعي في مسند الشهاب من حديث أنس بلفظ "تزوجوا الودود الولود فإِني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة". وخرجه البيهقي من حديث أبي أمامة بلفظ "تزوجوا فإِني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ولا تكونوا كرهبانية النصارى"، وهو من رواية محمد بن ثابت البصري عن أبي غالب عن أبي أمامة: ومحمد بن ثابت ضعيف. وخرجه ابن ماجه من حديث عائشة بلفظ "النِّكاح من سُنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإِني مكاثر بكم الأمم،

ومن كان ذَا طَوْل فَلَيْنكِح، ومن لم يجد فعليه بالصوم فإِن الصوم له وِجَاء". 1218 - قوله: (وأما خُطْبَةُ النِكاح المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الجمهور إنها ليست واجبة). أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي من حديث ابن مسعود قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا خطبة الحاجة، الحمد لله، أو أَنِ الحمدُ للُه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يَهْدِه الله فلا مُضِل له ومن يُضْلِل فلا هَادِيَ له. وأشهد أَنْ لا إله إلا الله

وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. ثم تَصِلُ خُطبَتَك بثلاث آيات من كتاب الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} إلى آخر الآية. {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} إلى آخر الآية. {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} إلى آخر الآية". زاد الطيالسي عن شعبة قال: قلت لأبي إسحاق، هذه خطبة النكاح وفي غيرها: قال: في كل حاجة. 1219 - قوله: (فأما الخطبة على الخطبة فإِن النهي في ذلك ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). مالك وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من حديث ابن عمر قال:

"قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَخْطُبُ أَحَدُكُم على خِطْبَةِ أَخيه". ورواه أيضًا من حديث أبي هريرة مثله، واللفظ لمالك. وله عند الباقين ألفاظ. وفي الباب عن عقبة بن عامر عند أحمد ومسلم وعن سمرة عند أحمد والبزار والطبراني. 1220 - حديث فاطمة بنت قيس: "حيث جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أنَّ أبا جهم ابن حذيفة ومعاوية بن أبي سفيان خطباها فقال: أمّا أبو جَهْمٍ فرجل لا يَرْفَعُ عَصَاه عن النِّساء: وأما معاوية فَصُعْلُوك لا مال له، ولكن انكحي أُسامة".

مالك وأحمد ومسلم والأربعة والبيهقي وجماعة مطولًا وسيأتي. 1221 - قوله: (والسبب في اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقًا، وورد المنع مطلقًا، وورد مقيدًا: أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إنه الوجه والكفان). أما الأمر بالنظر إليهن مطلقًا يعني عند إرادة الخطبة، فورد من حديث أبي هريرة

وجابر وأنس والمغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة وأبي حميد. فحديث أبي هريرة رواه أحمد ومسلم والنسائي والطحاوي والدارقطني والبيهقي عنه قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَنظرت إليها؟ قال: لا قال: فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا. وحديث جابر رواه أحمد وأبو داود والطحاوي والحاكم والبيهقي عنه قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم.

وحديث أنس رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس "أن المُغيرة بن شُعبة خطب امرأة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهب فانظر إليها، فإِنه أَحرَى أن يُؤْدَمَ بينكما. قال: فذهب فنظر إليها، فذكر من مُوَافَقَتِها" قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وقال الدارقطني الصواب عن ثابت عن بكر المزنى "أن المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له أني تزوجت امرأة" فذكر نحوه. ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق أيضًا عن معمر عن ثابت عن بكر المزني. وحديث المغيرة رواه أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي من طريق

عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة قال: "خطبت امرأة فذكرتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: هل نظرت إليها؟ فقلت: لا. قال: فانظر إليها، فإِنه أَحْرَى أن يُؤدَمَ بينكما" .. وحديث محمد بن مسلمة رواه أحمد وابن ماجة والطحاوي وابن حبان والحاكم والبيهقي عنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا ألْقَى الله خِطّبَةَ امرأةٍ في قلب رجل فلا بأس أن يَنْظُر إليها". قال الحاكم هذا حديث غريب، وإبراهيم بن صرمه ليس من شرط هذا الكتاب، قال الذهبي: ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم شيخ. قلت: هو عند الباقين من غير طريق إبراهيم المذكور، لكنه من رواية الحجاج بن أرطأة وحاله معروف. وحديث أبي حميد رواه أحمد والطحاوي والبزار والطبراني في

الأوسط والكبير عنه قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِذا خطب أحدكم امرأة فلا جَناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة، وإن كانت لا تعلم". وأما المنع مطلقًا فمراده به من غير إرادة الخطبة، وهذا معلوم بالضرورة وفيه أحاديث. منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي -عليه السلام-: "لا تتبع النظرة النظرة فإِنما لك الأولى وليست لك الأخرى". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه والبيهقي من حديث علي. وهذا عند أبي داود من حديث بريدة وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي من حديث جرير قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفَجأة فقال: احرف بصرك". وعند الطبراني من حديث أبي أمام مرفوعًا "لتغضنَّ أبصاركم ولتحفظنَّ فروجكم أو ليكسفن الله وجوهكم" وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة

الباب الثاني: في صحة النكاح

الباب الثاني: في صحة النكاح مرفوعًا العينان زناهما النظر الحديث. وأما الوجه والكفان في تفسير الآية، فرواه البيهقي في سننه (من طريق عطاء ابن أبي رباح عن عائشة، ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. ثم قال: وروينا عن ابن عمر أنه قال: الزينة الظاهرة الوجه والكفان. قال: وروينا معناه عن عطاء وسعيد بن جبير وهو قول الأوزاعي. ثم أخرج من طريق أبي داود ومن طريق غيره ثم من حديث خالد بن دُرَيْك عن عائشة: "أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب شامية رقاق، فاعرض عنها ثم قال: ما هذا يا أسماء؟ إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا، وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه" قال أبو داود: هذا مرسل خالد بن دُرَيْك لم يدرك عائشة. قال البيهقي: مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة -رضي الله عنهم- في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قويًا والله أعلم.

1222 - حديث: "الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِها من وَلِيِّها والبِكْرُ تُسْتَأَمرُ في نَفْسِها وإذْنُها صُمَاتُها". مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير ابن مطعم عن عبد الله بن عباس به ومن طريق مالك رواه أحمد والدارمي ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي إلا أن ابن ماجه قال: "والبكر تُستأمر في نفسها، قيل: يا رسول الله: إن البكر تستحي أن

تتكلم. قال: إذنها سكوتها". ورواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من غير طريق مالك عن عبد الله بن الفضل بلفظ "الثيب بدل الأيم". 1223 - حديث: "الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عن نَفْسِها".

أحمد وابن ماجه والبيهقي من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عدي بن عدي الكندي عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها" ورواه البيهقي من وجه آخر عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عدي بن عدي الكندي عن أبيه عن عرس بن عميرة الكندي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "وأمروا النساء في أنفسهن فإِن الثبت تعرب عن نفسها والبكر رضاها صمتها" وكذلك رواه الطبراني في الكبير، وقال: زاد سفيان في الإِسناد العرس، ورواه الليث بن سعد عن ابن أبي حسين ولم يجاوز عدي بن عدي. 1224 - حديث: "لا تُنكح اليَتيمة إلا بإِذْنِها".

الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تُنكح المرأة اليتيمة إلا بإِذنها" لفظ الدارقطني في رواية له، وله عنده ألفاظ، وفي الحديث قصة لابن عمر مع ابنة خاله عثمان بن مظعون. ولفظ الحاكم وهي رواية للدارقطني والبيهقي "لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن فإذا سكتن فهو إذنهن" وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. 1225 - حديث: "تُسْتأمَرُ اليَتِيمَةُ في نَفْسها" قال ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا الترمذي والنسائي والبيهقي من حديث أبي هريرة بزيادة: "فإِن سكتت فهو إذْنها، وإن أبت فلا جواز عليها". وقال الترمذي: حديث حسن. ورواه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس للولي مع الثيب أمر. واليتيمة تُستأمر وصَمتها إقرارها". ورواه الحاكم والبيهقي من حديث أبي موسى الأشعري قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -

يقول: تُستأمر اليتيمة في نفسها. فإِن سكتت فهو رضاها، وإن كرهت فلا كره عليها" قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. 1226 - حديث ابن عباس المشهور "والبِكْرُ تُسْتَأَمُرْ". تقدم. 1227 - قوله: (مع أنه خرج مسلم في حديث ابن عباس زيادة، وهو "أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: والبِكْرُ يسْتَأْذِنُها أَبُوها"). قلت خرج مسلم حديث ابن عباس عن قتيبة بن سعيد عن سفيان عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بسنده السابق ولفظه. ثم قال وحدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بهذا الإِسناد، وقال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذِنها صُمَاتها" وربما قال: "وصمتها إقرارها". ورواه أيضًا أحمد بن

حنبل عن سفيان بهذه الزيادة إلا أنه قال: "والبكر يستأمرها أبوها" وعن أحمد رواه أبو داود ثم قال: أبوها ليس بمحفوظ. ورواه البيهقي من طريقه ومن طريق ابن أبي

عمر أيضًا ونقل أبي داود أن هذه الزيادة ليست بمحفوظة وأيد ذلك بكلام الشافعي وفيه طول. 1228 - قوله: (لما ثبت أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَزوج عائشة -رضي الله عنها- بِنْتُ سِتٍّ أو سَبْعِ وَبَنَى بها بِنْتُ تِسعٍ بانكَاح أبي بكر أَبيها -رضي الله عنه-). متفق عليه من حديث عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست سنين

وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين ومكثت عنده تسعًا". وفي رواية لمسلم "أن

النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت سبع سنين وَزُفَّت إليه وهي بنت تسع سنين".

1229 - حديث: "الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّما امرأة نُكِحَتْ بغير إِذْنِ وَليّها فَنِكاحُها بَاطلٌ، ثلاث مرات، وإن دَخَلَ بها فالمَهْرُ لها بما

أصَابَ منها فإِنِ اشْتَجَرُوا فالسُّلطان وَليُّ من لا وَليَّ لهُ" قال ابن رشد: خرجه الترمذي وقال فيه: حديث حسن. ثم قال بعد هذا - (وقد ضعفت الحنفية حديث عائشة وذلك أنه حديث رواه جماعة عن ابن جريج عن الزهري وحكى ابن علية عن ابن جريج أنه سأل الزهري عنه فلم يعرفه). قلت كذا قال ابن جريج عن الزهري وإنما هو ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري والذي ضعفه من الحنفية هو الطحاوي كما سيأتي والحديث خرجه أبو داود والطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي ابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي

وأبو نعيم في الحلية وغيرهم من طريق جماعة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري به. وصححه ابن حبان وابن الجارود وأبو عوانة والحاكم وغيرهم وأعله الطحاوي بما أخرجه من طريق يحيي بن معين عن ابن عليه عن ابن جريج أنه سأل ابن شهاب عن هذا الحديث فلم يعرفه، وطعن في رواية الحجاج بن أرطأة الذي تابعه على رواية الحديث عن الزهري لأنه لم يثبت له سماع من الزهري وطعن في ابن لهيعة الذي رواه عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الزهري. ورد عليه ابن حبان والحاكم والبيهقي وابن حزم، فأجادوا. وتعسف الطحاوي في كلامه على الأحاديث سندًا ومعنى ظاهر البطلان، بل جله من قبيل الهذيان، فالحكاية عن ابن جريج باطلة مدخولة كما قال أحمد وابن معين وعلى فر صحتها فنسيان الحافظ لبعض حديثه أمر معلوم حتى أفرده الدارقطني والخطيب والحافظ من المتأخرين بمن

حدث ونسي. كيف وقد روى الحديث عن الزهري غير من ذكر الطحاوي كما ذكره الحاكم وابن عدي وغيرهما وله مع ذلك شواهد من حديث جماعة من الصحابة فالحديث صحيح لا شك فيه. 1230 - حديث ابن عباس المتفق على صحته "الأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها".

تقدم وقد كرره المصنف مرارًا. وقوله المتفق على صحته إن أراد به أنه مخرج

في الصحيحين على ما هو المصطلح عليه في هذه العبارة فليس كذلك فإِن البخاري لم يخرجه وإنما أخرجه مسلم كما سبق.

1231 - حديث ابن عباس: "لا نِكاحَ إلَّا بِوَلِيّ وشَاهِدَي عَدْلٍ" قال ابن رشد: ولكنه مختلف في رفعه. الدارقطني والبيهقي من حديث عديِّ بن الفضل عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وأَيُّما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل". قال الدارقطني: رفعه عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره. وقال: البيهقي: كذا رواه عدي بن الفضل وهو ضعيف والصحيح موقوف. طريق آخر رواه الطبراني في الكبير من حديث الربيع بن بدر عن النهاس بن فهم عن عطاء عن أشياخ لهم عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر ما قل أو كثر" الربيع بن بدر متروك. وذكر ابن حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال إنه باطل، طريق آخر رواه البيهقي من حديث عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة". قال البيهقي: (رفعه عبد الأعلى في التفسير ووقفه في الطلاق، والصواب موقوف. قال الشافعي وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم أخرج من مسند الشافعي أنبأنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن

سعيد بن جبير عن مجاهد عن ابن عباس قال: "لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد). وفي الباب عن عائشة وعمران بن حصين وأبي هريرة وجابر وأبي موسى وأبي سعيد الخدري وابن مسعود وابن عمر وعلي بن أبي طالب. فحديث عائشة رواه ابن حبان في صحيحه من طريق سعيد بن يحيي بن سعيد الأموي ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نكاح إلَّا بولي وشاهدي عدل، فإِن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". قال ابن حبان لم يقل فيه وشاهدي عدل إلَّا ثلاثة أنفس سعيد بن يحيي الأموي عن حفص بن غياث وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي عن خالد بن الحارث وعبد الرحمن بن يونس الرَّقِّي عن عيسى بن يونس، ولا يصح في ذكر شاهدين غير هذا الخبر. قلت قد رواه أيضًا محمد بن أحمد بن الحجاج وسليمان بن عمر الرقي عن عيسى بن يونس ورواه يحيي بن سعيد الأموي عن ابن جريج مثله ورواه نوح بن دراج وأبو الخطيب وعبد الله بن عمرو بن عثمان ويزيد بن سنان وعبد الله بن حكيم عن هشام بن عروة كذلك. فرواية أحمد بن محمد بن الحجاج خرجها الحاكم في علوم الحديث فى النوع الحادي والثلاثين عن أبي علي الحافظ قال ثنا إسحاق بن أحمد بن إسحاق الرَّقِّي ثنا أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي ثنا عيسى بن يونس به بلفظ "أيُّما امرأة نُكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل، فإِن دخل بها فلها

المهر، وإن اشتجروا فالسلطان وليُّ من لا ولي له". قال الحاكم هذا حديث محفوظ من حديث ابن جريج عن سليمان بن موسى الأشدق فأما ذكر الشاهدين فيه فإِنا لم نكتبه إلا عن أبي علي بهذا الإِسناد. وأخرجه البيهقي في السنن عن الحاكم وكذلك ابن حزم في المحلى من طريق الحاكم أيضًا ثم قال: لا يصح في هذا الباب شيء غير هذا السند. يعني بذكر شاهدي عدل - وفي هذا كفاية لصحته. اهـ. ورواية سليمان بن عمر الرَّقِّي خرجها الدارقطني والبيهقي من طريقه قال ثنا عيسى بن يونس به بلفظ "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فإِن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". ورواية يحيي بن سعيد الأموي خرجها البيهقي من رواية سليمان بن عمر الرقي ثنا يحيي بن سعيد ثنا ابن جريج به "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". ورواية نوح بن دراج خرجها الخطيب في التاريخ من رواية البيع بن سعدان عنه عن هشام بن عروة عن أبيه مثل الذي قبله. ورواية أبي الخصيب خرجها الدارقطني من رواية خالد بن الوضاح عنه عن هشام بن عروة بسياق غريب منكر ولفظه "لابد في النكاح من أربعة: الولي، والزوج، والشاهدين". قال الدارقطني: أبو الخصيب مجهول، واسمه نافع بن ميسرة. قلت: وحديثه بهذا السياق باطل موضوع ..

ورواية يزيد بن سنان خرجها الدارقطني أيضًا من رواية ابنه محمد عنه عن هشام بن عروة به "لا نكاح إلّا بولي وشاهدي عدل". ورواية الباقين ذكرها الدارقطني في السنن ثم قال: وكذلك رواه ابن أبي مليكة عن عائشة .. وحديث عمران بن حصين رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأبو بكر النجاد في سننه، والطبراني في الكبير من طريق عبد الرزاق والبيهقي في السنن من طريق أبي بكر النجاد من رواية عبد الله بن محرَّر عن قتادة عن الحسن عن عمران مرفوعًا: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". وعبد الله بن محرر متروك. ورواه البيهقي من طريق ابن وهب أنبانا الضحاك بن عثمان عن عبد الجبار عن الحسن مرسلًا بلفظ "لا يحل نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل" ثم نقل البيهقي (عن الشافعي أنه قال: وهذا وإن كان منقطعًا دون النبي - صلى الله عليه وسلم - فإِن أكثر أهل العلم يقول به، ويقول الفرق بين النكاح والسفاح الشهود. قال المزني ورواه غير الشافعي عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال البيهقي، إنما رواه كذلك عبد الله بن محرر، وهو متروك لا يحتج به، وقد قيل عنه عن قتادة عن الحسن عن عمران عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس بشيء). قلت هذا القول رواه الدارقطني من طريق بكر بن بكار عن عبد الله بن محرر به، وبكر مختلف فيه. ورواه حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان من

طريق عبد الله بن عمرو الوقفي ثنا إبان بن يزيد العطار عن قتادة عن الحسن عن عمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به بدون ذكر الشاهدين. تنبيه عزا الحافظ في التلخيص حديث عمران بن حصين هذا إلى أحمد والدارقطني والطبراني والبيهقي من طريق عبد الله بن محرر كذا. قال: ولم أره في مسند أحمد، ولا عزاه إليه الحافظ نور الدين في الزوائد، فليكشف عنه. كما أن الدارقطني لم يخرجه إلا من حديث عمران عن ابن مسعود فلينظر أيضًا. وحديث أبي هريرة رواه الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل من حديث سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا "لا نكاح إلَّا بوليّ وشاهدي عدل" وسليمان متروك. ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج وابن عدي في الكامل والبيهقي في السنن والخطيب في التاريخ من حديث المغيرة بن موسى المزني عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة به، لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل" والمغيرة بن موسى قال البخاري منكر الحديث، وتعقبه ابن عدي بأنه في نفسه ثقة. قال: ولا أعلم له حديثًا منكرًا. وحديث جابر رواه الطبراني، في الأوسط من طريق محمد بن عبد الملك عن

أبي الزبير عنه مرفوعًا "لا نكاح إلّا بولي وشاهدي عدل" هكذا وقع في السند محمد بن عبد الملك غير منسوب فيحتاج إلى الكشف عنه. وقد رواه الطبراني في الأوسط أيضًا من وجه آخر من رواية أبي سفيان عن جابر لكن بدون ذكر الشاهدين وفي سنده ضعف. وحديث أبي موسى رواه الطبراني في الكبير والأوسط "بلفظ لا نكاح إلا بولي وشاهدين" وقال في الأوسط وشهود. وهو من رواية أبي بلال الأشعري، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه الدارقطني وكأنه لأجل هذه الزيادة فقد قرأت في سؤالات البرقاني للدارقطني: قلت له في حديث شريك "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" في حديث أبي موسى قوله "وشاهدي عدل" محفوظ. فقال: من عن شريك؟ قلت: علي بن حجر فقال معاذ الله هذا باطل ليس إلا قوله "لا نكاح إلا بولي". قال البرقاني: وقد حدثونا به بزيادة شاهدي عدل أ. هـ. قلت: فلما كان حديث أبي موسى مشهورًا بدون هذه الزيادة جعل الدارقطني زيادتها علامة على ضعف من أتى بها. وحديث أبي سعيد رواه الدارقطني موقوفًا عليه "لا نكاح إلا بوليّ وشهود ومهر إلا ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم -" وهو من رواية شريك عن الزهري عن أبي سعيد. وحديث ابن مسعود تقدم في حديث عمران بن حصين. وحديث ابن عمر رواه الدارقطني من طريق ثابت بن زهير ثنا نافع عن ابن عمر به بلفظ "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". وثابت بن زهير ضعفه البخاري

والدارقطني، وقال ابن عدي: يخالف الثقات في المتن والسند. وحديث علي رواه ابن عدي وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري في مسند أبي حنيفة من طريق أحمد بن عبد الله اللجلاج عن إبراهيم بن الجراح عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن خصيف عن جابر بن عقيل عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين. من نكح بغير ولي وشاهدين فنكاحه باطل" قال ابن عدي: لم يحدث به إلا أحمد بن عبد الله هذا، وهو باطل، قلت: له طريقان آخران عن علي فأخرجه الخطيب في التاريخ من طريق أبي بكر بن أبي أويس عن حسين بن عبد الله بن ضمرة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعًا "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" والحسين ضعيف. وأخرجه أيضًا: (من طريق الدارقطني أنبأنا محمد بن مخلد أنبأنا محمد بن الحسين البندار أبو جعفر أنبأنا أبو الربيع أنبأنا عباد بن العوام ثنا الحجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي مرفوعًا "لا نكاح إلا بولي، ولا نكاح إلا بشهود". قال الدارقطني هكذا حدثناه ابن مخلد مرفوعًا. قال الخطيب: رواه معلى بن منصور عن عباد بن العوام موقوفًا عن قول عليّ وكذلك رواه أبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون عن حجاج موقوفًا). قلت: وقد رواه قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعًا بدون ذكر الشاهدين أخرجه أبو عمرو إسماعيل بن نجيد في جزئه ثنا عيسى بن محمد بن عيسى المروزي ثنا شبيب بن الفضل أبو عبد الرحمن ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن قيس بن الربيع به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "لا نكاح إلّا بوليّ" وقال حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان ثنا أحمد بن أبي عمران الوكيل ثنا محمد بن

هارون بن سهل الجرجاني ثنا عيسى بن محمد بن عيسى المروزي به مثله. 1232 - قوله (وكذلك اختلفوا في صحة الحديث الوارد في "نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة وأمره لابنها أن ينكحها"). أحمد وابن سعد والنسائي والطحاوي والبيهقي من حديث حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة قالت: "لما خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ليس أحد من أوليائي شاهدًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك. فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وسنده صحيح، وإنما اختلف فيه من أجل أن عمر بن سلمة كان صغيرًا لا يصح تزويجه، ولا ولايته لأنه كان ابن سنتين على ما قال الواقدي. وقال غيره أنه كان أكبر من ذلك. والواقع أن الذي عقد لها ابنها سلمة كما رواه ابن إسحاق في المغازي،

وصححه الحفاظ وسلمة أكبر من عمر، وبه كانت تكنى -رضي الله عنها- هي وزوجها أبو سلمة. وما وقع في الحديث "قم يا عمر" وهم من الراوي لأنه لم يشتهر بين أهل الحديث إلا عمر فظن أنه ليس لها ولد غيره. وقد رواه ابن الجارود في المنتقى من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت وفيه: "فقالت لابنها زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" دون تسميته بعمر وروى ابن سعد من طريق عاصم الأحول عن زياد بن أبي مريم قال: قالت "أم سلمة"، فذكر قصة وفاة زوجها وخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وفيه "ثم جاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها أو إلى ابنها أو إلى وليها، فقالت أم

سلمة: أردُّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أتقدّم عليه بعيالي، قالت: ثم جاء الغد فذكر الخطبة فقلت مثل ذلك، ثم قالت لوليّها إن عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَزَوْج. فعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوّجها". ومن كان صغيرًا ابن سنتين لا يقال له مثل هذا. وقد روى البيهقي من طريق الواقدي ثنا عمر بن عثمان المخزومي عن مسلمة بن عبد الله بن سلمة ابن أبي سلمة عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب أم سلمة قال: مري ابنك أن يزوجك أو قال زوجها ابنها وهو يومئذ صغير لم يبلغ. وهذا وصف سلمة الذي كان دون بلوغ لا عمر الذي كان ابن سنتين أو ابن سنة ونصف على ما قيل أيضًا أما كون سلمة دون بلوغ وعقده لأمه مع ذلك فأجاب عنه البيهقي بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له في باب النكاح من

الخصائص ما لم يكن لغيره. وسيذكر ابن رشد نحو هذا عن الشافعي. 1233 - حديث أم سلمة: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ ابنها أن يُنْكِحها إِياه". تقدم في الذي قبله.

1234 - حديث "أَيُّما امرأةٍ أنْكَحَها وَليَّانِ فهي للأَوّل مِنهُما".

الطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي من حديث قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بزيادة "وَأَيُّما رجلٍ بَاعَ بيعًا من رجلين فهو للأول منهما" حسنه الترمذي، وصححه الحاكم على شرط البخاري. ورواه الشافعي من طريق قتادة أيضًا عن الحسن، فقال: عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه مرة أخرى فزاد

عن عقبة بن عامر ووقع عند ابن ماجه عن الحسن عن سمرة أو عن عقبة على الشك بدون واسطة الرجل. وصوب جمع من الحفاظ من قال عن الحسن عن سمرة. 1235 - حديث: "تُنْكَحُ المَرْأَةُ لدِينِهَا وجَمَالِهَا ومَالِهَا وحَسَبِهَا، فاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَمِينكَ".

أحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" وقال أكثرهم: "تنكح النساء" بدل "المرأة" إلّا البخاري ومسلمًا، ولم يقل أحد منهم: "تربت يمينك" بل "تربت يداك". ورواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ: "تنكح المرأة على إحدى

خصال ثلاث: تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالها، وتنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق تربت يمينك". ورواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي من حديث جابر بلفظ: "إن المرأة تُنكح على دينها ومالها وجمالها، فعليك بذات الدين تربت يداك" ورواه الدارمي عقب حديث أبي هريرة، وقال مثله، ولم يسق متنه. 1236 - قوله: (لكون السنة ثابتة بتخيير الأمة إذا عتقت). أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني

والبيهقي من حديث عائشة: "أن بريرة أُعتقت وكان زوجها عبدًا، فخيَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حرًا لم يخيرها" وفي لفظ لأحمد والدارقطني: "أن بريرة كانت تحت عبد، فلما أعتقها قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اختاري فإن شِئْت أن تمكثي تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه". وفي لفظ لأبي داود: "أن بريرة أُعتقت وهي عند مغيث -عبد لآل أبي أحمد- فخيّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن قربك فلا خِيار لك".

1237 - قوله: (ولا أعلم لمالك حجة في ذلك إلا ما روي من "أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم سلمة بغير ولي" لأن ابنها كان صغيرًا). تقدم. 1238 - قوله: (وما ثبت: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَعْتَقَ صفِيَّةَ، فَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا". متفق عليه بل رواه الجماعة كلهم من حديث أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق

صفية، وجعل عتقها صداقها" وفي لفظ متفق عليه: "أعتق صفية وتزوجها، فقال له ثابت: ما أصدقها؟ قال: نفسها، أعتقها وتزوجها". 1239 - حديث ابن عباس: "لا نكاح إلّا بشاهدي عدل وولي مرشد".

تقدم. 1240 - حديث: "أعْلِنُوا النِّكَاحَ وأضْرِبُوا عَلَيْهِ بالدُّفُوفِ". قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود. قلت: ليس كذلك لم يخرجه أبو داود بل خرَّجه الترمذي، والبيهقي، وأبو نعيم في التاريخ من حديث عيسى بن ميمون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف زاد البيهقي: (وليولم أحدكم ولو بشاة فإذا خطب أحدكم امرأة وقد خضب بالسواد فليعلمها ولا يقرنها ثم قال عيسى بن ميمون ضعيف) وقال الترمذي: (حديث غريب وعيسى بن ميمون الأنصاري يُضَعَّفُ في الحديث وليس هو عيسى بن ميمون

الذي يروي التفسير عن ابن أبي نجيح ذاك ثقة). ورواه ابن ماجه، والبيهقي وأبو نعيم في الحلية من حديث خالد بن إلياس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد به بلفظ أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال؛ وقال البيهقي: (أظهروا بدل أعلنوا، ثم قال: خالد بن إلياس ضعيف). وقال أبو نعيم: هذا حديث مشهور من حديث القاسم، عن عائشة، تفرد به خالد، عن ربيعة وهذا يدل على ثبوت الحديث إذا كان مشهورًا عن القاسم، كما يقول أبو نعيم؛ وقد ورد من حديث عبد الله بن الزبير بسند صحيح أخرجه والحاكم والبيهقي وغيرهم مختصرًا بلفظ: أعلنوا النكاح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكذلك صححه ابن حبان.

1241 - حديث سهل بن سعد الساعدي، في قصة الواهبة نفسها، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "التَمِس ولو خَاتمًا من حديد". الحديث، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أنكَحْتُكَها بِمَا مَعَكَ من القُرآن". مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم،

والأربعة، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وله عندهم ألفاظ.

1242 - قوله: (وإن كَانَ قَدْ جَاءَ في بَعْضِ رِوَايَاتِهِ أنَّهُ قَال: "قُمْ فَعَلِّمْهَا"). أبو داود، وابن عدي، والبيهقي، من حديث عسل بن سفيان، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة بالقصة وفيه فقال ما تحفظ من القرآن قال سورة البقرة والتي تليها قال قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك وعسل ضعيف؛ وعند

مسلم في حديث سهل بن سعد السابق من رواية زايدة عن أبي حازم عن سهل انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن؛ وعند البيهقي من هذا الوجه فقد زوجتكها بما تعلمها من القرآن. 1243 - حديث: "أنَّ امْرَأةً تَزَوَّجَتْ على نَعْلَيْن، فَقَال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَرَضِيْتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِك بِنَعْلَينِ؟ فَقَالتْ: نعم، فَجَوَّزَ نَكَاحها"، قال ابن رشد: خَرَّجَهُ الترمذي، وقال حسن صحيح. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا الطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث عاصم بن عبيد الله قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه أن امرأة من فزارة جيء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تزوجت على نعلين الحديث إلا أنه قال فأجازه ولم يقل فجوز نكاحها أحد ممن رواه؛ وقال البيهقي:

(عاصم بن عبيد الله تكلموا فيه ومع ضعفه روى عنه الأئمة). وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن عاصم بن عبيد الله فقال منكر الحديث يقال إنه ليس له حديث يعتمد عليه، قلت: ما أنكروا عليه قال روى عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن رجلًا تزوج امرأةً على نعلين فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منكر كذا قال أبو حاتم، ولا نكارة فيه وقد قال ابن عدي: (قد روى عنه ثقات الناس واحتملوه وهو مع ضعفه يكتب حديثه). قلت يكفي أنه روى عنه مالك وشعبة والسفيانان وغاية ما ضعف به الغفلة وكثرة الخطأ وليس في هذا المتن ما يدل على ذلك ولا ما يدعو إليه مع ما له من الشواهد المؤيدة. 1244 - حديث جابر: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: لا مَهْرَ أقل من عَشَرَةِ دَرَاهِم". قال ابن رشد وهو ضعيف عند أهل الحديث فإنه يرويه مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن جابر، ومبشر والحجاج ضعيفان وعطاء أيضًا لم يلق جابرًا.

قلت هو معروف بعمرو بن دينار عند من خرجوه وهم الدارقطني والبيهقي وأبو الشيخ بن حيان في النكاح وجماعة من أصحاب كتب الضعفاء ولكنه مع ذلك لا يفيد فالحديث باطل موضوع كما قال الحافظ أحمد وجماعة لأن مبشر بن عبيد كذاب وضَّاع، وحجاج بن أرطأة يدلس عن الضعفاء وقد رواه مبشر بن عبيد مرة أخرى فقال عن أبي الزبير عن جابر خرَّجه أبو يعلى، وابن حبان في الضعفاء وقال في مبشر بن عبيد: (أنه يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل كَتْبُ حديثه إلا على جهة

التعجب)؛ وابن عدي، والعقيلي، ورُوي عن أحمد أنه وصف مبشر بن عبيد بالوضع والكذب ولفظ الحديث لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم. ومما يدل على كذبه على جابر وأبي الزبير ما رواه مسلم، والبيهقي من حديث أبي الزبير عن جابر قال كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال البيهقي، (وهذا وإن كان في نكاح المتعة الذي صار منسوخًا فإنما نُسخ منه شرط الأجل فأمَّا ما يجعلونه صداقًا فإنه لم يرد فيه نسخٌ).

قلت: وقد رواه أحمد، وأبو داود، من حديثه مرفوعًا لو أن رجلًا أعطى امرأةً صداقًا ملء يديه طعامًا كانت له حلالًا لكن سنده ضعيف. 1245 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا".

تقدم.

1246 - حديث ابن مسعود في المتوفى عنها قبل فرض الصداق وقوله: أقُولُ فيها بِرَأيِي فَإنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فمِنّي، أرَى لَهَا صَدَاقُ امْرَأَةٍ مِن نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَعَلَيْهَا العِدّةُ وَلَهَا المِيْرَاثُ فَقَامَ مَعْقِل بن سِنان الأشجعي فقال أشْهَدُ لَقَضَيْتَ فِيْهَا بقَضَاءِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَرْوَع بنتُ واشِقٍ، قال ابن رُشد: خرَّجه أبو داود، والنَّسائي، والترمذي وصححه. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد، وابن ماجه، وابن الجارود،

وابن حبان، والحاكم، والبيهقي وصححه جمع غير هؤلاء منهم عبد الرحمن بن مهدي كما أسنده عنه البيهقي؛ وأقره مخالفًا في ذلك إمامه الشافعي - رضي الله عنه - الذي أعلَّه بالاضطراب، حيث قيل فيه مرة، فقام معقل بن يسار، ومرة معقل بن سنان الأشجعي، ومرة ناس من أشجع، ومرة رجل من أشجع، وهذا ليس بشيء. أمَّا معقل بن يسار فوَهْمٌ مِن قائل ذلك واشتباهٌ وقع له فيه، وبين معقل بن سنان فإن القصة لأشجع كما سيأتي، ومعقل بن يسار مزني، والصواب معقل بن سنان

الأشجعي كما رواه الثقات الأثبات عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود بالقصة، فقام معقل بن سنان الأشجعي كذلك أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود وابن حبان، والبيهقي، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن

مسروق عن عبد الله أخرجه أبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي. وأمَّا من قال رجل من أشجع فهو زائدة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود وما بالقصة أخرجه النَّسائي وقال: (لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث الأسود غير زائدة). قلت: وقوله رجل من أشجع لا منافاة بينه وبين معقل بن سنان الأشجعي والرجل هو معقل بن سنان وإنما نسي الراوي اسمه فلا دلالة فيه على الاضطراب أصلًا فلم يبق إلا من قال ناسٌ من أشجع، وذلك مروي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو وأبي حسان، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن ابن مسعود أتى في رجل تزوج امرأة فمات القصة وفيه فقام رجال من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بذلك في امرأة منا يقال لها برْوَع بنت واشِقٍ وكان

زوجها يقال له هلال بن مرة الأشجعي ففرح ابن مسعود فرحًا شديدًا حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو داود، والبيهقي، وقال: (هذا الاختلاف في تسمية من روى قصة برْوَع بنتُ واشق، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يوهن الحديث، فإن جميع هذه الروايات أسانيدها صحاح، وفي بعضها ما دلَّ على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك، فكان بعض الرواة سمى منهم واحدًا، وبعضهم سمى اثنين، وبعضهم أطلق ولم يسم، وبمثله لا يرد الحديث ولولا ثقة من رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان لفرح عبد الله بن مسعود بروايته معنى والله أعلم).

1247 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرَأةٍ نُكِحَتْ على حِبَاء قَبْلَ عِصْمَة النِّكَاحِ فَهُوَ لها، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النّكاح فهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَه، وأحَقُّ مَا أكْرِمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ ابنَتُهُ أوْ أخْتُه". قال ابن رشد: خرجه النسائي وأبو داود وعبد الرزاق.

قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد وابن ماجه والبيهقي كلهم من رواية ابن جريج عن عمرو بن شعيب به وخالفه حجاج بن أرطاة فرواه عن عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة به بلفظ "ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة فهو لها وما أكرم به أبوها أو أخوها أو وليها بعد عقدة النكاح فهو له وأحق ما أكرم الرجل به ابنته أو

أخته". والحجاج بن أرطاة فيه مقال. 1248 - حديث "تُنكح المرأة لدينها وجمالها وحسبها" الحديث. تقدم.

1249 - حديث "البَيِّنَةُ على المُدَّعي واليمينُ على من أنْكَر". البيهقي من حديث ابن عباس بلفظ "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال

أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وهو في

الصحيحين والسنن الأربعة بلفظ "واليمين على المدعى عليه" وسيأتي.

1250 - حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل فلا تحل له أُمَّها". ابن جرير في التفسير والبيهقي في السنن من حديث ابن المبارك عن المثنى المذكور وهو ضعيف وتابعه عبد الله بن لهيعة عن عمرو بن شعيب أخرجه الترمذي

والبيهقي وقال الترمذي: هذا حديث لا يصح من قبل إسناده وإنما رواه ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب والمثنى وابن لهيعة يضعفان الحديث.

1251 - حديث عائشة: "لا تُحَرِّمُ المصَّةُ ولا المَصَّتَان أو الرَّضْعَةُ والرَّضْعَتان". قال ابن رشد خرجه مسلم من طريق عائشة ومن طريق أم الفضل ومن طريق ثالث وفيه "لا تحرم الإِملاجة والإِملاجتان". قلت: هو كذلك وحديث عائشة خرجه أيضًا أحمد والأربعة والبيهقي وغيرهم وحديث أم الفضل خرجه أيضًا أحمد والدارمي والنسائي وابن ماجه والبيهقي والطريق الثالث هو رواية لحديث أم الفضل أيضًا ولفظها قالت: دخل

أعرابي على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيتي فقال: يا نبي الله إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحرم الإملاجة والإِملاجتان. 1252 - حديث سهلة في سالم "أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا: أرْضِعِيه خَمْسَ رَضَعَات". مالك والشافعي وأحمد من حديث عائشة في قصة سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة مع سالم مولى أبي حذيفة الذي كان قد تبناه فذكرت الحديث بهذا اللفظ أعني أرضعيه خمس رضعات ورواه أبو داود وابن الجارود والبيهقي بالقصة وفيه فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه فأرضعته خمس رضعات والقصة متفق عليها رواها البخاري ومسلم إلا أنه لم يقع فيها ذكر العدد بل قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه تحرمي عليه".

1253 - حديث عائشة قالت: "كان فِيمَا نَزَلَ مِنَ القُرآنِ عَشْرُ رَضَعَات مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوفّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ فِيمَا يُقْرأُ مِنَ القُرْآن". مالك والشافعي والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي

والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي. 1254 - حديث عائشة قالت: "دَخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل فاشتدَّ ذلكَ عليه ورأيتُ الغضبَ فِي وجْهِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول الله إنّه أخِي مِنَ الرّضَاعَة، فقال - صلى الله عليه وسلم -

انْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ مِنَ الرّضاعة فإنَّ الرَّضَاعَةَ مِنَ المَجَاعَةِ". قال ابن رشد: خرجه البخاري ومسلم. قلت هو كذلك بلفظ فإنما الرّضاعة من المجاعة وكذلك أخرجه أحمد

والدارمي وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي.

1255 - حديث عائشة قالت "جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليّ بعد أن أنزل الحجاب فأبيت أن آذن له وسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إنه عمك فأذني له فقلت يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فقال إنه عمك فليلج عليك". قال ابن رشد: خرّجه البخاري ومسلم ومالك. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد والدارمي والأربعة وابن الجارود

والبيهقي. 1256 - حديث "يَحرُمُ من الرَّضَاعَةِ ما يَحرُمُ من الولادَة". مالك وأحمد والبخاري ومسلم والأربعة وغيرهم من حديث

عائشة واتفقا على مثله من حديث ابن عباس بلفظ ما يحرم من النسب.

1257 - حديث عقبة بن الحارث قال: "يا رسول الله إنّي تَزَوَّجتُ امرأةً فَأتَتْ امرأةٌ فقالت: قد أرْضَعْتُكُما فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كيفَ وقَدْ قِيلَ دَعْها عَنْك". الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري وأبو داود والترمذي

والنسائي والبيهقي بألفاظ.

1258 - حديث "أنَّ رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - في زَوْجَتِه إنّها لا تَرُدُّ يَدَ لَامسٍ، فقال له النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - طَلّقها فقال له: إنّي أحبّها فقال له: فَأَمْسِكْها". أبو داود والنسائي والبزار والخرائطي في اعتلال القلوب والدارقطني في الأفراد والبيهقي في السنن والضياء في المختارة من حديث ابن عباس والطبراني في الكبير والبيهقي من حديث جابر وقد اختلف الحفاظ فيه من أصله فصححه بعضهم واستنكره بعضهم كالنسائي وقال أحمد: إنّه لا أصل له. وقلده ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، وليس كما قال هؤلاء؛ بل الحديث صحيح لا شك فيه لاسيما من حديث ابن عباس فإنّه ورد من طريقين كلاهما على شرط الصحيح، بل رجاله محتج بهم في الصحيح، أحدهما من طريق حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب، وعبد الكريم هو ابن المخارق عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إنّ عندي امرأة هي أحبّ الناس إليّ وهي لا تمنع يد لامس. قال: طلقها. قال: لا أصبر عنها. قال: استمتع بها". رواه النّسائي من جهة يزيد بن هارون عن حماد وقال: هذا الحديث ليس بثابت وعبد الكريم ليس

بالقويّ، وهارون بن رئاب أثبت منه وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة وحديثه أولى بالصواب. قلت: وهذا لا يضر أصلًا فإنّ الرواة كانوا يتعمدون الإرسال لأغراض كما هو معروف، والحكم لمن وصل كما هو مقرّر. وقد رواه البيهقي من طريق أبي عمر الضرير عن حماد بن سلمة به، وفيه قال حماد بن سلمة: قال أحدهما عن ابن عباس بدون تعيين. ورواه الخرائطي في اعتلال القلوب من طريق محمد بن كثير المصيصي عن حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب وحسين الشهيد معًا به موصولًا بذكر ابن عباس. ورواه الشافعي في الأم عن سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أتى رجل فذكره باللفظ الذي ذكره ابن رشد فكأنّ هارون كان يوصله مرة ويرسله أخرى على عادة الأقدمين، والواقع أنه عنده موصول بدليل من رواه عنه كذلك ومن تابعه على وصله عن شيخه وهو حسين الشهيد وعبد الكريم ويؤيد ذلك وروده عن ابن عباس من طريق أخرى من رواية الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس به أخرجه أبو داود والبزار والدارقطني في الأفراد والبيهقي وصححه الضياء فأخرجه في المختارة من هذا الوجه وهو كذلك فإن رجاله رجال الصحيح وهذان الطريقان لم يوردهما ابن الجوزي في الموضوعات ولا عرفهما وإنّما أورده من حديث جابر بن عبد الله من رواية عبد

الكريم الجزري عن أبي الزبير عنه قال أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن امرأتي لا تدفع يد لامس قال طلقها قال إني أحبها قال استمتع بها. أخرجه من طريق الخلال ثم قال لا أصل له، ولم يذكر لذلك علّة. والحديث أخرجه من هذا الطريق أيضًا الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن وزاد البيهقي فأخرجه من طريق حفص بن غياث عن معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر وهذا الطريق أيضًا رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على أبي الزبير فقيل عنه هكذا كالجادة وقيل عنه عن مولى لبني هاشم. أخرجه البيهقي من طريق سفيان الثوري عن عبد الكريم حدثني أبو الزبير عن مولى لبني هاشم قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ امرأتي لا تمنع يد لامس قال: طلقها. قال: إنّها تعجبني. قال: تمتّع بها. وقيل: عنه عن هشام مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه ابن عبد البَرّ في الاستيعاب من طريق الثوري أيضًا بهذا الإِسناد وقال ابن عبد البر: يقولون إنّه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنّ امرأته لا تمنع يد لامس. وعزاه الحافظ في الإِصابة للطبري ومطيق وابن قانع وابن منده وغيرهم من أصحاب كتب الصحابة ثم قال ورواه عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن أبي الزبير عن جابر فكأنه سلك الجادة. قلت: والظّاهر أنّ الصواب قول من قال عن أبي الزبير عن مولى لبني هاشم وما عداه وهمٌ، وكيفما كان الحال فإنّ ذلك دليل على اشتهار الحديث وثبوته وأنّ له أصلًا ولهذا حكم الحافظ أيضًا بصحّته لمّا سئل عنه فأجاب بأنه حسن صحيح وقرر صحته من جهة الإسناد، ثمّ قال: ولا يلنفت إلى ما وقع من أبي الفرج ابن الجوزي حيث ذكر هذا الحديث في الموضوعات ولم يذكر من طرقه إلا الطريق التي أخرجها الخلال من طريق أبي الزبير عن جابر واعتمد في بطلانه على ما نقله الخلال عن أحمد فأبان ذلك

عن قلة اطلاع ابن الجوزي وغلبة التقليد عليه حتى حكم بوضع الحديث بمجرد ما جاء عن إمامه ولو عرضت هذه الطرق على إمامه لاعترف بأنّ للحديث أصلًا ولكنه لم تقع له فلذلك لم أر له في مسنده ولا فيما يروى عنه ذكرًا أصلًا لا من طريق ابن عباس ولا من طريق جابر سوى ما سأله عنه الخلال وهو معذور في جوابه بالنسبة لتلك الطريق بخصوصها. 1259 - حديث أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لغيلان لما أسلم وتحته عشر نسوة "أمسِك أربعًا وفارق سائِرَهُن".

الشافعي وأحمد وإسحاق في مسانيدهم والترمذي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي وغيرهم من رواية الزهري عن سالم عن أبيه واختلف فيه على الزهري في وصله وإرساله وسنده بما يطول والكل صواب والحديث صحيح.

1260 - حديث أبي هريرة: "لا يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها". قال ابن رشد: إنَّه متواتر. قلت: اختلف الحفاظ في ذلك فقال الحافظ أبو بكر الرّازي الجصّاص في أحكام القرآن قد وردت آثار متواترة في النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها.

رواه علي وابن عباس وجابر وابن عمر وأبو موسى وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها ولا على بنت أختها". وفي بعضها "لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى". على اختلاف بعض الألفاظ مع اتفاق المعنى وقد تلقاها الناس بالقبول مع تواترها واستفاضتها وهي من الأخبار الموجبة للعلم والعمل ا. هـ. ونقل البيهقي عن الشافعي أنه ذكر حديث أبي هريرة ثم قال: "وبهذا نأخذ وهو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته ولم يرو من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عن أبي هريرة وقد روي من وجه آخر لا يثبته أهل الحديث". قال البيهقي: "والذي ذكر من أنه يروى من غير جهة أبي هريرة فكما قال فإنه يروى عن علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص

وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك -رضي الله عنهم-، ومن النساء عائشة -رضي الله عنها- كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلّا أن جميع هذه الروايات ليست من شرط صاحبي الصحيح البخاري ومسلم وإنما اتفقا ومن قبلهما ومن بعدهما من أئمة الحديث على إثبات حديث أبي هريرة في هذا الباب فقط كما قال الشافعي -رضي الله عنه-. وقد أخرج البخاري رواية عاصم الأحول عن الشعبي عن جابر بن عبد الله إلّا أنهم يرون أنها خطأ وأنّ الصّواب رواية داود بن أبي هند وعبد الله بن عون عن الشعبي عن أبي هريرة والله أعلم". ا. هـ. وتعقبه الحافظ في الفتح فقال: "وهذا الاختلاف لم يقدح عند البخاري لأن الشعبي أشهر بجابر منه بأبي هريرة وللحديث طرق أخرى عن جابر بشرط الصحيح أخرجها النسائي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر والحديث محفوظ أيضًا من أوجه عن أبي هريرة فلكل من الطريقين ما يعضده وقول من نقل البيهقي عنهم تضعيف حديث جابر معارض بتصحيح الترمذي وابن حبان وغيرهما له وكفى تخريج البخاري له موصولًا قوة. قال ابن عبد البر: كان بعض أهل الحديث يزعم أنه لم يرو هذا الحديث غير أبي هريرة يعني من وجه يصح وكأنه لم يصحح حديث الشعبي عن جابر وصححه عن أبي هريرة والحديثان جميعًا صحيحان. وأما من نقل البيهقي أنهم رووه من الصحابة غير هذين فقد ذكر مثل ذلك الترمذي بقوله وفي الباب لكن لم يذكر ابن مسعود ولا ابن عباس ولا أنسًا وزاد بدلهم أبا موسى وأبا أمامة وسمرة ووقع لي أيضًا من حديث أبي الدرداء ومن حديث عتاب بن أسيد ومن حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث زينب امرأة ابن مسعود فصار عدة من رواه غير الأولين ثلاثة عشر نفسًا وأحاديثهم موجودة عند بن أبي شيبة وأحمد وأبي داود والنسائي وابن

ماجة وأبي يعلى والبزار والطبراني وابن حبان". قلت: وحديث أبي هريرة وحده تواتر عنه كما قال ابن عبد البرَّ؛ لأنّه روي عنه بالأسانيد الصحيحة من طريق جماعة منهم الأعرج روى طريقه مالك والشافعي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي. ومنهم أبو سلمة روى طريقه أحمد ومسلم والنسائي والبيهقي. ومنهم قبيصة بن ذؤيب

روى طريقه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي. ومنهم الشعبي روى طريقه أحمد والدارمي والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود والبيهقي وفي حديثه زيادة

عند بعضهم. ومنهم ابن سيرين روى طريقه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، والطبراني في "الصغير"، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي؛ ومنهم عراك بن مالك روى طريقه مسلم والنَّسائي والبيهقي ومنهم عبد الملك بن يسار روى طريقه النَّسائي. أمَّا أحاديث الباقين فالذي وقفت عليه الآن منهم جابر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمرو بن العاص، وابن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأنس، وأبو الدرداء، وأبو سعيد الخدري، وأبو موسى الأشعري وسمرة بن جندب وعتاب بن أسيد.

فحديث جابر رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، والبخاري، والنَّسائي والبيهقي. وحديث علي رواه أحمد وأبو يعلى والبزار من جهة ابن لهيعة عن عبيد الله بن هبيرة السبائي عن عبد الله بن زر الغافقي عن علي. وحديث ابن مسعود: رواه البزار، والطبراني. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: رواه أحمد، عن محمد بن جعفر عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده به، وهذا سند رجاله ثقات،

وله طريق آخر عند الطبراني. وحديث ابن عباس: رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وحديث ابن عمر بن الخطاب: رواه البزار، والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح. وحديث أنس: رواه ابن القطان في جزئه. وحديث أبي الدرداء: رواه الطبراني في الكبير وسنده لا بأس به إلا أنه مبهم. وحديث أبي سعيد الخدري: رواه أحمد، وابن ماجه، والطبراني في الأوسط، وأبو محمد البخاري في مسند أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن في نسخته،

وأبو بكر أحمد بن محمد الكلاعي في مسنده، من طرق عنه وهو بمجموعها حسن صحيح. وحديث أبي موسى؛ رواه ابن ماجه إلا أنه من رواية حيان بن مغلس وهو ضعيف. وحديث سمرة رواه البزار والطبراني ورجال الأول ثقات. وحديث عتاب بن أسيد رواه الطبراني بسند ضعيف. قوله: ومن الحجة لهم ما روي من نكاح المسبيات في غزوة أوطاس إذ استأذنوه في العزل فأذن لهم. هذا خلط بين حديثين فإنّهم في غزوة أوطاس لم يستأذنوه في العزل وإنّما تحرّجوا من وطء السبايا التي لهن أزواج فروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي من حديث أبي علقمة الهاشمي عن أبي

سعيد الخدري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث يوم حُنين جيشًا إلى أوطاس، فلقوا عدوا فقاتلوهم، فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا من غِشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن". أما استئذانهم في العزل فمتفق عليه، ورواه أيضًا مالك في الموطأ وأحمد وجماعة من حديث الزهري عن ابن محيريز عن أبي سعيد الخدري أيضًا قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلِق، فأصبنا سبيًا من العرب، فاشتهينا النِّساء، واشتدت علينا العُزبة. وأحببنا العزل، فسألنا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، فإن الله -عز وجل- قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة". نعم قال القاضي عياض: قال أهل الحديث: هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنّه كان في غزوة أوطاس. فكأنّ ابن رشد وقف على رواية موسى بن عقبة الذي قال في حديثه غزوة أوطاس بدل غزوة المصطلق وهمًا منه والله أعلم.

1261 - حديث ابن عباس: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم" وحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال" وحديث عثمان "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب". تقدّم ذلك في الحج.

1262 - قوله: (وأجمعوا على أنه: "لا توطأ حامل مسبية حتى تضع، لتواتر الأخبار بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). قلت ورد ذلك من حديث أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأبي هريرة، والعرباض بن سارية، وعلي بن أبي طالب، ورويفع بن ثابت، وأبي أمامة، وابن عمر، ورجل ثقة، وأبي الدرداء، وجرول بن الأحنف. فحديث أبي سعيد رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه على شرط مسلم والبيهقي عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبي أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة". وحديث ابن عباس رواه ابن الجارود من طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي يوم خيبر عن لحوم الحمر، وعن كل ذي ناب من

السباع، وأن توطأ السبايا حتى يضعن". ورواه الدارقطني من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن مسلم الجندي عن عكرمة عن ابن عباس قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توطأ حامل حتى تضع، أو حائل حتى تحيض". وكذلك رواه الطبراني في الأوسط بهذا اللفظ. ورواه فيه أيضًا من وجه آخر بلفظ: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين عن بيع الخمس حتى يقسم، وعن أن توطأ النساء يضعن ما في بطونهن إذا كن حبالى" ورواه أحمد والطبراني في الكبير من وجه آخر بلفظ: "ليس منا من وطئ حبلى". وحديث أبي هريرة رواه الطبراني في الصغير من طريق بقية بن الوليد عن إسماعيل بن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى في وقعة أوطاس أن يقع الرجل على حامل حتى تضع" ورواه أحمد من وجه آخر عنه بلفظ: "لا يقعن رجل على امرأة وحملها لغيره". وحديث العرباض بن سارية رواه الترمذي من طريق أبي عاصم النبيل عن

وهب أبي خالد عن أم حبيبة بنت العرباض بن سارية أن أباها أخبرها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن" ثم قال الترمذي: (غريب). وحديث علي رواه ابن أبي شيبة ولفظه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توطأ الحامل حتى تضع، والحائل حتى تستبرئ بحيضة". وحديث رويفع بن ثابت رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن الجارود والبيهقي عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم حُنين: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها" الحديث بلفظ أبي داود، وقال الترمذي: (حديث حسن، وقد رُوي من غير وجه عن رويفع بن ثابت). وحديث أبي أمامة رواه الطبراني بسند صحيح عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر أن توطأ الحبالى حتى يضعن". وحديث ابن عمر رواه الطبراني بمعناه أثناء حديث طويل وفي سنده ضعف ولفظه: "كل جارية بها حبل حرام على صاحبها حتى تضع ما في بطنها".

وحديث الثقة رواه أبو يعلى من حديث يحيى بن سعيد بن دينار مولى آل الزبير قال: أخبرني الثقة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر أن يوقع على الحبالى". وحديث أبي الدرداء وجرول يأتيان في الذي بعده. 1263 - حديث: "كيْفَ يَسْتَعْبدُهُ وَقَدْ غَذَّاهُ في سَمعِهِ وبَصَرِهِ". الطبراني في الكبير من حديث خارجة بن مصعب عن رجاء بن حيوة عن أبيه عن جده: "أن جارية من خيبر مرت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي مجح فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لمن هذه؟ قالوا: لفلان. قال: أيطؤها؟ قيل: نعم. قال: فكيف يصنع بولدها أيدّعيه وليس له بولد أم يستعبده وهو يغذوه في سمعه وبصره لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره". جد رجاء بن حيوة هو جرول بن الأحنف وقيل جندل، وخارجة بن مصعب متروك. لكن رواه الطيالسي وأحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي من

حديث أبي الدرداء: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى على امرأة مُجحّ على باب فسطاط، فقال: لعله يريد أن يُلمّ بها؟ فقالوا: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه قبره، كيف يُورِّثه وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟ ". 1264 - حديث بريرة وتخييرها لما عتقت. تقدم.

1265 - حديث أبي سعيد الخدري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث يوم حنين سرية فأصابوا حيًا من العرب يوم أوطاس" الحديث. قال ابن رشد: خرجه ابن أبي شيبة.

قلت وكذا خرّجه جماعة كما تقدم. 1266 - قوله (أحدهما مرسل مالك "أن غيلان بن سلامة الثقفي أسلم وعنده عشر نسوة أسلمن معه). الحديث تقدم قريبًا موصولًا. 1267 - حديث قيس بن الحارث: "أنه أسلم على الأختين، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختر أيهما شئت". قلت هذا وهم لم يسلم قيس بن الحارث على أختين بل على ثمان نسوة كما

أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وغيرهم من حديث الحارث بن قيس، وبعضهم يسميه قيس بن الحارث قال: "أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: اختر منهنّ أربعًا" وقد ضعف بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وبشيخه حُميضة بن الشمردل. وقد توبع كل منهما، فإن الدارقطني رواه من جهتهما ومن جهة غيرهما. وأما الذي أسلم على الأختين فهو فيروز الديلمي قال: "أسلمت وعندي أختان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: طلق أيتهما شئت" وفي لفظ بعضهم: "اختر أيتهما شئت" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه والدارقطني والبيهقي.

1268 - حديث صفوان بن أمية "أن زوجته عاتكة ابنة الوليد بن المغيرة أسلمت قبله، ثم أسلم هو فأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نكاحه". قالوا: وكان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر. مالك في الموطأ عن ابن شهاب أنّه بلغه: "أن نساءً كن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أُمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، فبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وذكر القصة مطولة إلى أن قال: "ولم يفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح" قال ابن شهاب: ولم يبلغنا أن امرأةً هاجرت إلى الله ورسوله الخ. ما ذكره ابن رشد ومن طريق مالك رواه ابن سعد والبيهقي. وقد قال ابن عبد

البر: (لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير وكذلك الشعبي، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله تعالى). 1269 - قوله (روي أن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة وكان إسلامه بمر الظهران، ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة، فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، ثم أسلمت بعده بأيام، فاستقرا على نكاحهما). الشافعي ومن طريقه البيهقي، قال الشافعي: أنبأنا جماعة من أهل العلم

الباب الثالث: موجبات الخيار في النكاح

الباب الثالث: موجبات الخيار في النكاح من قريش وأهل المغازي وغيرهم عن عدد قبلهم أن أبا سفيان أسلم بمر الظهران، وذكر مثله.

1270 - حديث: "أيما امرأة نَكحت بغير إذن سيدها فَنِكاحُها باطل".

الحديث تقدم.

بينهما، وهو مروي عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب، وقال أبو حنيفة والثوري: لا يفرق بينهما، وبه قال أهل الظاهر، وسبب اختلافهم تشبيه الضرر الواقع من ذلك بالضرر الواقع من العنة، لأن الجمهور على القول بالتطليق على العنين حتى لقد قال ابن المنذر إنه إجماع، وربما قالوا النفقة في مقابلة الاستمتاع، بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور، فإِذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار. وأما من لا يرى القياس فإِنهم قالوا قد ثبتت العصمة بالإجماع فلا تنحل إلا بإِجماع أو بدليل من كتاب الله أو سنة نبيه فسبب اختلافهم معارضة استصحاب الحال للقياس. الفصل الثالث في خيار الفقد واختلفوا في المفقود الذي تجهل حياته أو موته في أرض الإِسلام، فقال مالك يضرب لامرأته أجل أربع سنين من يوم ترفع أمرها إلى الحاكم، فإِذا انتهى الكشف عن حياته أو موته فجهل ذلك ضرب لها الحاكم الأجل، فإِذا انتهى اعتدت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا وحلت، قال: وأما ماله فلا يورث حتى يأتي عليه من الزمان ما يعلم أن المفقود لا يعيش إلى مثله غالبًا، فقيل سبعون، وقيل ثمانون، وقيل تسعون، وقيل مائة فيمن غاب وهو دون هذه الأسنان، ورُوي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وهو مروي أيضًا عن عثمان وبه قال الليث، وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري: لا تحل امرأة المفقود حتى يصح موته، وقولهم مروي عن علي وابن مسعود، والسبب في اختلافهم معارضة استصحاب الحال للقياس، وذلك أن

1271 - قوله: (فإنه روي عن ابن عباس: "أن زوج بريرة كان عبدًا أسود" وروي عن عائشة: "أن زوجها كان حرًا" وكلا النقلين ثابت عند أصحاب الحديث). أما حديث ابن عباس فرواه أحمد والدارمي والبخاري والأربعة

والدارقطني والبيهقي عن عكرمة عنه: "أن زوج بريرة كان عبدًا أسود يقال له مُغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس: يا عباس ألا تعجب من شدة حب مُغيث بريرة ومن شدة بغض بريرة مُغيثًا؟ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو راجعتيه. قالت: يا رسول الله! أتأمرني؟ فقال: إنما أنا شافع. قالت: لا حاجة لي فيه". وأما حديث عائشة فرواه أحمد والدارمي والأربعة والبيهقي من حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "كان زوج بريرة حرًا، فلما أعتقت خيَّرها

الباب الرابع: في حقوق الزوجية

الباب الرابع: في حقوق الزوجية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختارت نفسها" والصحيح أن قوله في الحديث: "كان زوجها حرًا" من كلام الأسود، لا من كلام عائشة، كما رواه البخاري وغيره من حديث منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- بقصة شرائها بريرة وإعتاقها وتخييرها، وفي آخر الحديث قال الأسود: (وكان زوجها حرًا). قال البخاري: (قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رايته عبدًا، أصحّ). قلت: وقد صحّ عنها من رواية ابن أخيها القاسم بن محمد، ومن رواية ابن أختها عروة بن الزبير: "أنه كان عبدًا" وروايتهما في صحيح مسلم، وفي حديث عروة قولها: "ولو كان حرًا لم يخيرها". وفي رواية القاسم عند أحمد، والدارقطني قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لبريرة اختاري فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه وهذا صريح لا يقبل التأويل وله مع ذلك مؤيدات أخرى.

1272 - حديث: "وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ". هو في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في صحيح مسلم وغيره كما سبق عزوه في الحج وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم عرفة: فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف الحديث. ورواه أحمد من حديث أبي حرَّة الرقاشي عن عمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخطبة بطولها وفيه: فاتقوا الله -عز وجل- في النساء فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا وأن لهن عليكم ولكم عليهن حقًا أن لا يوطئن فرشكم أحدًا غيركم ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف الحديث وهو في سنن أبي داود من الوجه الذي خرجه منه أحمد لكنه لم يذكر منه إلا النشوز وفيه علي بن زيد وفيه مقال. 1273 - حديث: "قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِهِندٍ خُذِي مَا يَكْفِيْكِ وَوَلَدِكِ بِالْمَعْرُوفِ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وآخرون من حديث عائشة أن هندًا قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل

شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. 1274 - قوله: (فإنَّهُم اتفَقُوا على أنَّ الإسْكَانَ على الزَوْجِ لِلنَّصِّ الوَارِدِ في وُجُوبِهِ لِلمُطَلَّقَةِ الرَّجْعيَّةِ). يريد بالنص الآية وهي قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ}.

1275 - حديث "وَلَهُنَّ عَلَيْكُم رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ".

تقدم قريبًا. 1276 - قوله: (لما ثبت مِن قَسْمِه - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أزْوَاجِهِ). مسلم من حديث أنس قال كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة وكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة إلا إلى تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها؛ وروى الدارمي، والأربعة، والحاكم والبيهقي وجماعة من حديث عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك وفي الباب غير هذا. 1277 - حديث: "إذا كانت للرجل امرأتان فَمَالَ إلى إحداهُما جاء يَومَ القيامَة وأحَدُ

شُقيه مائِلٌ". أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي وغيرهم، من حديث همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط لفظ الترمذي، والحاكم وقال: (صحيح على شرط الشيخين)؛ وأمَّا الترمذي فقال: (إنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى عن قتادة. ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال كان يقال ولا نعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من حديث همام). قلت: همام ثقة والحديث لا مجال للرأي فيه فيكون الأصل فيه الوقف فحتى لو وهم همام في رفعه فإن الأصل فيه الرفع لأن الموقوف الذي من هذا القبيل له حكم الرفع وقد ورد مرفوعًا من حديث أنس بن مالك رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق محمد بن الحارث الحارثي ثنا شعبة عن عبد الحميد عن ثابت عن أنس قال قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ومحمد بن الحارث الحارثي مختلف فيه وقد ذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات ونقل الثاني عن عبيد الله بن عمر القواريري أنه ثقة وقال البزار مشهور ليس به بأس وإنما تأتي هذه الأحاديث يعني التي أنكرت عليه من شيخه ابن البيلماني وهذا الحديث ليس هو عن ابن البيلماني فيكون حسنًا أو صحيحًا إن شاء الله. 1278 - قوله: (ولما ثبت "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إِذَا أرادَ السَّفَرَ أقْرَعَ بينهُنَّ). يعني نساءه متفق عليه من حديث عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه".

1279 - حديث أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا"، قال ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت هذا وهم فإن الحديث لا يوجد بهذا اللفظ والنسبة إلى فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا عند أبي داود ولا عند غيره والحديث خرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والطحاوي وابن الجارود والبيهقي من حديث خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا وقَسَم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قَسَم، قال أبو قِلابة ولو شِئتُ لقلتُ إنَّ أنسًا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -" لفظ البخاري، ولفظ مسلم وأبي داود عن أبي قِلابة عن أنس قال: "إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا. ولو قلت إنه رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك" وعند مسلم: قال خالد: ولو قلت إنه رفعه الخ. وكذا وقع عند بعضهم نسبة ذلك القول إلى خالد، وعند

الآخرين نسبته الى أبي قلابة. قال الترمذي: (وقد رفعه محمد بن إسحاق عن أيوب عن أبي قِلابة عن أنس). قلت رواية محمد بن إسحاق خرجها الدارمي وابن ماجه والدارقطني وأبو نعيم في الحلية وجماعة ولفظه عن أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاثة أيام، ثم يعود" لفظ الدارقطني، وقال الآخرون: عن أنس قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "للبكر سبع، وللثيب ثلاث" ولم ينفرد محمد بن إسحاق برفعه، بل تابعه سفيان عن أيوب، وخالد عن أبي قلابة، أخرجه البيهقي من رواية أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي عن أبي عاصم عن سفيان به .. 1280 - حديثُ أمُّ سَلَمَةَ: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تَزوَّجَهَا فأصْبَحَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِكِ عَلَى أهْلِكِ هَوَانٌ إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَسبَّعْتُ عِنْدهُنَّ. وإنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ ودُرْتُ.

فَقَالت: ثَلِّثْ"؛ قال ابن رشد: خرَّجَهُ مالك، والبخاري، ومسلم. قلت لم يخرجه البخاري بل مالك، ومسلم، وكذلك خرَّجهُ أحمد، والدارمي، وأبو داود، والنَّسائي؛ وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي، وآخرون، وعند بعضهم أنه

قال لها ذلك بعد ثلاث ولفظ الحديث عندهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام وقال إنه ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لِنَسائي وكلتا الروايتين في صحيح مسلم.

الباب الخامس: الأنكحة المنهي عنها والفاسدة وحكمها

الباب الخامس: الأنكحة المنهي عنها والفاسدة وحكمها 1281 - قوله: (والأنكِحَةُ التي وَرَدَ النَّهيُ فِيَها مُصَرَّحًا أرْبَعَةٌ: نَكاحُ الشِّغَارِ ونَكَاحُ المُتْعَةِ والخُطْبَةِ على الخُطْبَةِ ونَكاح المُحَلِّل). أما نكاح الشغار فروى مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن

الشغار قال نافع والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق؛ وروى مسلم، من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا شغار في الإسلام. وفي الباب عن أبي هريرة، وجابر، وأنس، ومعاوية، وعمران بن حصين، وأبي ريحانة، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، ووائل بن حجر، وابن عباس. فحديث أبي هريرة: رواه أحمد، ومسلم، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي ولفظ النَّسائي نهى عن الشغار قال عبيد الله والشغار كان الرجل يزوج ابنته على أن يزوجه أخته ولم يذكر ابن ماجه التفسير.

وحديث أنس: رواه عبد الرزاق، وأحمد، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وبلفظ لا شغار في الإسلام. وحديث جابر: رواه مسلم، والبيهقي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار. وحديث معاوية: رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقي، من طريق محمد بن إسحاق، ثنا عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وقد كان جعلاه صداقًا، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وحديث عمران بن حصين: رواه أحمد، والترمذي، والنَّسائي بلفظ: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ومن انتهب نهبة فليس منا، وقال الترمذي: حسن صحيح. وحديث أبي ريحانة: رواه أبو الشيخ في كتاب النكاح له قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاغرة والمشاغرة أن يقول زوج هذا من هذه وهذه من هذا بلا مهر. وحديث أبي بن كعب: رواه الطبراني في "الصغير" من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شغار في الإسلام قالوا يا رسول الله وما الشغار قال نكاح المرأة بالمرأة لا صداق بينهما، ويوسف بن خالد السمتي كذاب. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: رواه أحمد، من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا شغار في الإسلام. وحديث سمرة: رواه البزار، والطبراني في "الكبير" قال كان رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الشغار بين النساء. وحديث وائل بن حجر: رواه البزار بلفظ: نهى عن الشغار. وحديث ابن عباس: رواه ابن عدي، والطبراني، من طريق أبي الصباح الواسطي، عن أبي هاشم الرماني، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا شغار في الإسلام والشغار أن تنكح المرأتان إحداهما بالأخرى بغير صداق. فصل: وأمَّا نكاح المتعة فسيذكره ابن رشد قريبًا. وأمَّا الخطبة على خطبة أخيه فتقدمت الأحاديث في ذلك أول الباب. وأما نكاح المحلل ففيه حديث: "لَعَنَ اللهُ المُحَلَّلَ والمُحلَّلَ لَهُ"، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث علي -عليه السلام-؛ ورواه أحمد، وإسحاق، والترمذي وصححه، والنسائي، والبيهقي،

وجماعة من طرق عن ابن مسعود بلفظ: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له؛ ورواه ابن ماجه، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، من حديث عقبة بن عامر قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له, قال الحاكم: صحيح الإسناد وكذا صححه غيره وأعلن بما هو مرفوع؛ ورواه الترمذي، من حديث مجالد عن الشعبي عن جابر ثم قال: (هذا حديث إسناده ليس بالقائم، فإن مجالد بن سعيد قد ضعفه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" وأحمد، وإسحاق، وأبو يعلى، والبزار وابن الجارود، والبيهقي، من حديث أبي

هريرة بسند صحيح؛ ورواه ابن ماجه، من حديث ابن عباس. 1282 - قوله: (وأمَّا نَكَاحُ المُتْعَةِ فَقَد تَواتَرَتِ الأخْبَارُ عَن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَتَحْرِيمِه). قلت ورد من حديث علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وسلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد وأبي هريرة وجابر وثعلبة بن الحكم وابن عمر وأبي ذر ورجل والحارث بن غزية وسهل بن سعد وكعب بن مالك وابن عباس وابن مسعود وأنس وحذيفة. فحديث علي: رواه مالك، والشافعي، والطيالسي، وأحمد, والدارمي والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنَّسائي، وابن

ماجه، وابن الجارود، والطبراني في "الصغير"، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "السنن"، والخطيب في "التاريخ" من أوجه". وحديث عمر: رواه ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي. وحديث سلمة بن الأكوع: رواه أحمد، ومسلم، والدارقطني، والبيهقي. وحديث سبرة بن معبد: رواه أحمد، والدارمي، ومسلم, وأبو

داود، والنَّسائي، وابن ماجه، ومحمد بن الحسن في "الآثار"، وابن الجارود في "المنتقى"، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "السنن"، والخطيب في "التاريخ" وجماعة. وحديث أبي هريرة: رواه أبو يعلى، والدارقطني، والبيهقي. وحديث جابر: رواه الطبراني في الأوسط، والحازمي في الاعتبار من وجهين عنه. وحديث ثعلبة بن الحكم: رواه الطبراني في الأوسط. وحديث ابن عمر: رواه أبو يوسف ومحمد بن الحسن كلاهما في الآثار لهما، وأحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي، وجماعة ممن جمعوا مسانيد أبي

حنيفة من أوجه وبألفاظ. وحديث أبي ذر: رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي. وحديث رجل من الصحابة: رواه الطبراني في الكبير من حديث زيد بن خالد الجهني وهو صحابي أيضًا قال: أتانا آت فأخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم نكاح المتعة وحرم أكل كل ذي ناب من السباع والحمر الأنسية. وحديث الحارث بن غزية رواه الطبراني في الكبير أيضًا. وحديث سهل بن سعد: رواه الطبراني أيضًا، وكذلك حديث كعب بن مالك. وحديث ابن مسعود: رواه محمد بن الحسن، وأبو يوسف في الآثار لهما عن أبي حنيفة وجماعة ممن ألفوا في مسانيده، والبيهقي في السنن. وحديث أنس: رواه أبو محمد البخاري، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي، وطلحة بن محمد، والحسن بن زياد، في مسانيد أبي حنيفة من روايته عن الزهري، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة. وحديث حذيفة: رواه أبو محمد البخاري في مسند أبي حنيفة، من روايته عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن حذيفة، قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم متعة النساء".

وحديث ابن عباس: رواه الترمذي والبيهقي والحازمي في الاعتبار. 1283 - قوله: (إلَّا أنها اختلفْتَ، يعني الآثار، في الوقْتِ الذي وَقعَ فيهِ التْحرِيمُ ففي بَعْضِ الرِوَايَاتِ أنَّهُ حرَّمَها يَوْمَ خَيْبَرٍ وفي بَعْضِهَا يَومَ الفَتْحِ وَفي بَعْضَها فِي غَزْوَة تبوكٍ وفي بَعْضِهَا في حُجَّة الوَدَاعِ وفي بَعْضِهَا في عُمْرَةِ القَضَاءِ، وفِي بَعْضِهَا عَامُ أوْطَاسٍ). أمَّا تحريمها يوم خيبر ففي حديث علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر وفي رواية نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية وكلتا الروايتين متفق عليهما، وفي حديث ثعلبة بن الحكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن المتعة وسنده صحيح وفي حديث ابن عمر عند محمد بن الحسن، وفي الآثار عن أبي حنيفة عن نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن متعة النساء وما كنا مسافحين ورواه أبو محمد البخاري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي، في مسندي أبي حنيفة

لهما، من طريق الحسن بن زياد عن أبي حنيفة فقال: عن محارب بن دثار، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن متعة النساء. ورواه البيهقي من طريق ابن وهب وهو في مسنده قال أخبرني عمر بن محمد بن زيد عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله أن رجلًا سأل عبد الله بن عمر عن المتعة فقال حرام قال فإن فلانًا يقول فيها فقال والله لقد علم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين. وأما تحريمها يوم الفتح ففي حديث سبرة بن معبد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم الفتح عن متعة النساء، وفي رواية أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنها وكلتاهما في صحيح مسلم، وفيه أيضًا عنه قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا بين الركن والباب وهو يقول: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وأن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا، وفي حديث الحارث بن غزية سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة يقول: متعة النساء حرام ثلاث مرات وهو من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك. وأما في غزوة تبوك ففي حديث أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فنزلنا ثنية الوداع فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصابيح ورأى نساء يبكين فقال ما هذا قيل

نساء يبكين منهن أزواجهن ثم فارقوهن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم أو قال هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث صححه ابن حبان فأخرجه أيضًا في صحيحه وفي حديث جابر قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جئن نسوة فذكرنا تمتعنا وهن -يجلن في رجالنا أو قال يطفن في رجالنا فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهن فقال من هؤلاء النسوة فقلنا يا رسول الله نسوة تمتعنا منهن قال فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه وتغير لونه واشتد غضبه وقام فينا خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه ثم نهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء ولم نعد ولا نعود لها أبدًا فيها سميت يومئذ ثنية الوداع هكذا ذكره الحازمي من رواية عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر وعباد بن كثير ضعيف وهو عند الطبراني من وجه آخر عنه قال خرجنا ومعنا النساء اللاتي استمتعنا بهن حتى أتينا ثنية الركاب فقلنا يا رسول الله هؤلاء النسوة اللاتي استمتعنا بهن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي حرام إلى يوم القيامة فودعنا عند ذلك فسميت عند ذلك ثنية الوداع وما كانت قبل ذلك إلا ثنية الركاب وهو من رواية صدقة بن عبد الله عن ابن المنكدر عن جابر وصدقة مختلف فيه وقد وثقه جماعة وهو الحق فيه لأن من ضعفه إنما نظر غالبًا إلى قوله بالقدر. وأمَّا حجة الوداع ففي حديث الربيع بن سبرة عن أبيه، عند أحمد، وأبي

داود، وابن ماجه، وهو غلط من عام الفتح كما سبق عن سبرة ويأتي جواب للحافظ عن هذا وفي حديث علي عند الطبراني في الأوسط من حديث محمد بن الحنفية قال تكلم علي وابن عباس في متعة النساء فقال له علي إنك امرؤ تائه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء في حجة الوداع، وهذا خطا مقطوع به لأنه سبق في الصحيحين وغيرهما عن علي في نفس هذه المحاورة بينه وبين ابن عباس أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر؛ وأجاب الحافظ على هذا باحتمال أن يكون المراد أن النهي شاع في حجة الوداع لاجتماع الناس في ذلك الموقف. وأما عمرة القضاء ففي حديث الربيع بن سبرة، عن أبيه أيضًا عند ابن الجارود في المنتقى، وابن حبان في الصحيح، من طريق وكيع، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: حدثنا الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قضينا عمرتنا قال لنا استمتعوا من هذه النساء، والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج قال فعرضنا ذلك على النساء فأبَيْنَ إلا أن نضرب بيننا وبينهن أجلًا. الحديث، وفي آخره قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الناس ألا إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء

ألا فإِن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة، الحديث. وهذا غلط أيضًا فإن القصة والحديث المرفوع من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق عنه أنه قال: ذلك يوم الفتح، وعند ابن ماجه، من طريق عبدة بن سليمان، عن عبد العزيز بن عمر، عن الربيع، عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فذكر القصة وكل هذا وهم. وانتقال الذهن من فتح مكة إلى حجة الوداع لأن الكل خروج إلى مكة؛ وروى عبد الرزاق في "مصنفه"، عن الحسن قال: ما حلت المتعة قط إلا ثلاثًا في عمرة القضاء، ما حلت قبلها ولا بعدها، وهذا خطأ مؤكد فإن حلها في خيبر والفتح محقق وكلاهما كان بعد عمرة القضاء. وأما غزوة أوطاس، ففي حديث سلمة بن الأكوع قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثم نهى عنها. تنبيه: الصحيح من هذه الأقوال أن ذلك كان يوم خيبر ويوم الفتح والمراد زمنهما، ومن قال حنين فتحريف من خيبر، ومن قال أوطاس فلدخولها في زمن الفتح لأنها كانت بعد الفتح، ومن قال حجة الوداع فسَبْقُ ذهنٍ من الفتح، ومن قال عمرة القضاء فواهم بلا شك، فسقطت الأقوال كلها، ولم يبق الا أن الله أباحها لهم في خيبر ثم نهاهم عنها، ثم أباحها لهم في الفتح ثم نهاهم عنها وحرمها الى يوم القيامة والله أعلم .. 1284 - حديث جابر بن عبد الله: "تَمَتعنا عَلى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ونِصْفًا من خِلَافَة عُمر نهى عَنْهَا عُمَرُ النَّاس".

أحمد، ومسلم، والبيهقي، بنحوه قال جابر، استمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، حتى إذا كان في آخر خلافة عمر - رضي الله عنه - يعني نهى عن ذلك لفظ أحمد في رواية؛ وعند مسلم في رواية: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر حتى نهى عنه عمر. 1285 - حديث: "لَعَنَ اللهُ المُحَلِّلَ". تقدم قريبًا.

1286 - حديثُ عَائِشَة أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فقال في خُطْبَتِهِ: "كُل شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وإن كَانَ مَائَةَ شَرْطٍ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنَّسائي،

وابن ماجه، وجماعة في قصة عتق بريرة ويأتي. 1287 - حديث عقبة بن عامر: "أَحَقُّ الشروُطِ أنّ يُوْفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُم بِهِ الفُرُوْج"، قال ابن رشد: خرَّجه البخاري ومسلم. قلت: هو كذلك وأخرجه أيضًا أحمد، والدارمي وأبو داود،

والترمذي والنسائي، وابن ماجه والبيهقي.

22 - كتاب الطلاق

22 - كتاب الطلاق الجملة الأولى: أنواع الطلاق الباب الأول: في معرفة الطلاق البائن والرجعي

1288 - حديث ابن عمر: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمَرَهُ أن يُراجِعَ زَوْجَتَه لمَّا طَلَّقَها حَائِضًا". يأتي بعد ثلاثة أحاديث.

1289 - حديث ابن عباس قال: "كان الطلاقُ على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وسَنَتَيْنِ من خِلافَةِ عُمر طَلاق الثَّلاث واحِدة، فأمضَاهُ عليهم عمر"، قال ابن رشد: خرَّجه البخاري ومسلم. قلت: لم يخرجه البخاري، إنما خرّجه مسلم، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) وهو واهم في ذلك كما ترى، وقال البيهقي: (وهذا الحديث أحد ما اختلف فيه البخاري ومسلم، فأخرجه مسلم وتركه البخاري وأظنه إنما تركه لمخالفته لسائر الروايات عن ابن عباس) هـ، يعني في فتواه بلزوم الثلاث؛ وسيأتي في هذا حيث ذكر مثله ابن رشد؛ والحديث من رواية طاوس، عن ابن عباس باللفظ الذي ذكره ابن رشد إلى قوله: "طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ قد

كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم". وفي لفظ عن طاوس: "أن أبا الصَّهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تُجعلُ واحدةً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وثلاثًا من إمارة عمر، فقال ابن عباس: نعم" وفي لفظ عن طاوس: "أن أبا الصَّهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم". كل هذه الروايات في صحيح مسلم. 1290 - حديث ابن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال: "طلَّقَ رُكَانَةُ زَوْجَهُ ثَلاثًا في مَجْلِسٍ واحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَديدًا، فسَألَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: كَيْفَ طَلَّقْتَها؟ قال: طلَّقتُها ثَلاثًا في مَجْلِسٍ واحِدٍ، قال: إِنَّما تِلكَ طَلْقة واحِلَة فارتَجِعْها"، ونقل ابن رشد: أن هذا الحديث وهم، وإِنما روى الثقات: "أنه طلَّق رُكَانَةُ زوجَهُ البتَّةَ لا ثلاثًا". قلت: الحديث أخرجه أحمد، وأبو يعلى في مسنده، والبيهقي، والضياء في المختارة من طريق ابن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله إلّا أنّه قال: "فارجعها إن شئت، قال: فرجعها؛ فكان ابن عباس يرى

إنما الطلاق عند كل طُهر" والحديث صحيح، وقد صحّحه أحمد والضياء وجماعة لأن رجاله ثقات، وقد صرّح فيه ابن إسحاق بالتحديث، وما ادّعى فيه من الوهم فباطل، فإِن ابن إسحاق إمام حافظ ثقة، ومع ذلك فلم ينفرد بالحديث، بل تابعه ابن جريج، عن بعض بني رافع، عن عكرمة، عن ابن عباس وفيه: "أن أبا ركانة قال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله، قال: قد علمت راجعها وتلى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} " رواه أبو داود والبيهقي. وبنو رافع معروفون بالثقة والعدالة. وحديث داود بن الحصين الثقة شاهد له ومثبت لروايته عن عكرمة، فالطريقان يشد كل منهما في عضد الآخر ويقويه فلا معنى للحكم عليه بالضعف، ولا على أحد رواته بالوهم. 1291 - قوله: (وقد احتج من انتصر لقول الجمهور بأن حديث ابن عباس الواقع في الصحيحين، إنما رواه عنه من أصحابه طاوس، وأن جلة أصحابه رووا عنه لزوم الثلاث منهم سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وجماعة غيرهم.

فيه أمور: الأول: حديث ابن عباس المذكور، ليس هو في الصحيحين، إنما هو في صحيح مسلم كما قدمناه. الثاني: دعوى أنه إنما رواه عنه من أصحابه طاوس، وقد تقدم مثلها عن البيهقي، وهي دعوى مردودة، سواء قصد هذا الحديث بخصوص هذا اللفظ في عموم المسألة. أما الأول: فقد رواه الدارقطني، والحاكم، من طريق عبد الله بن المؤمل،

عن ابن أبي مليكة "أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال: أتعلم أنّ ثلاثًا كن يرددن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى واحدة؟ قال: نعم" قال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه)؛ لكن قال الدارقطني: (عبد الله بن المؤمل ضعيف، ولم يروه عن ابن أبي مليكة غيره). قلت: عبد الله مختلف فيه، وقد قال ابن معين: (صالح الحديث) وقال مرة: (ليس به بأس)، وقال ابن سعد: (كان ثقة قليل الحديث)، وذكره ابن حبان في الثقات وفي الضعفاء معًا؛ وقال ابن نمير: (ثقة)، وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: (هو سيء الحفظ ما علمنا له جرحة تُسقط عدالته)، وهذا أعدل الأقوال فيه، فغايته أن يكون وهم في قوله: أبو الجوزاء هو السائل لابن عباس، وإِنما هو الصهباء كما سبق في حديث طاوس، ويبقى أصل الحديث ثابتًا من رواية ابن أبي مليكة عن ابن عباس أيضًا. وأما الثاني: وهو عموم الحكم في المسألة، فقد رواه أيضًا عكرمة، عن ابن عباس كما سبق في حديث ركانة، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل طلاقه بالثلاث واحدًا وأمره بإرجاع زوجته، فأين التفرد؟!

الثالث: هؤلاء الذين ذكرهم ابن رشد لم يرووا عن ابن عباس حديثًا مرفوعًا يخالف ما رواه عنه طاوس، إنما رووا فتواه بذلك، ولا مُعارضة بين رواية الراوي ورأيه كما هو معلوم. فرواية سعيد بن جبير خرّجها الطحاوي في معاني الآثار، والدارقطني، والبيهقي. ورواية مجاهد خرَّجها أبو داود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي. ورواية عطاء وعمرو بن دينار خرّجهما البيهقي. الرابع: الغير الذي أشار اليه ابن رشد: مالك بن الحارث، وروايته عند الطحاوي والدارقطني. ومحمد بن إياس، وروايته عند أبي داود

والطحاوي والبيهقي. وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وروايته عند الطحاوي والدارقطني. الخامس: قال أبو داود في سننه: (وروى حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس اذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفم واحد، فهي واحدة، ورواه إسماعيل بن إبراهيم [عن أيوب] عن عكرمة من قوله لم يذكر ابن عباس وجعله قول عكرمة)؛ وهذا يرد أيضًا دعوى تفرد طاوس بالرواية والفتوى سواء كان الصواب فيه ذكر ابن عباس أو عدم ذكره، لأن عكرمة إنما رواه عن ابن عباس، وقد نقل هذا أيضًا عن ابن عباس من رواية عمرو بن دينار. 1292 - حديث ابن عباس: "الطَّلاقُ بالرَّجالِ والعِدَّةُ بالنَّساءِ" قال ابن رشد: إلّا أنه حديث لم يثبت في الصحاح.

قلت: ولا في غير الصحاح أيضًا، فإِنه لا يعرف من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإِنما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في السنن، عن ابن عباس من قوله. ورواه الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود من قوله أيضًا، وقال البيهقي: (إنه ليس بمحفوظ) ورواه أيضًا عن علي مثله؛ وقال المارديني: (لا يصح). ورواه عبد

الباب الثاني: في معرفة الطلاق السني من البدعي

الباب الثاني: في معرفة الطلاق السني من البدعي الرزاق في مصنفه موقوفًا على عثمان وزيد بن ثابت. وقال ابن الجوزي في التحقيق: (رواه بعضهم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإِنما هو من كلام ابن عباس). قلت: واستشهد له البيهقي بما رواه عن عكرمة مرةً موصولًا بذكر ابن عباس، ومرةً مُرسلًا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما الطلاق بيد مَنْ أخذ بالساق".

1293 - حديث ابن عمر: "أنَّه طلَّقَ امْرأتَهُ وهيَ حائِضٌ على عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال - صلى الله عليه وسلم -: مُرْهُ فَلْيُراجِعْهَا حتى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيض ثُم تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شاءَ أمْسَكَ وإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أن يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّة التي أمَرَ الله أَنْ تُطلَّقَ لهَا النِّساءُ". مالك، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري،

ومسلم، والأربعة، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، وجماعة، وله عندهم ألفاظ. 1294 - قوله وسبب الخلاف معارضة إقراره - صلى الله عليه وسلم - للمطلق بين يديه ثلاثًا في لفظة

واحدة، ثم قال: وهو ما ثبت من "أن العجْلاتيّ طلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلاثًا بِحَضْرَةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ المُلاعَنة".

متفق عليه من حديث سهل بن سعد ويأتي لفظه وتخريجه في اللعان. 1295 - حديث ابن عمر: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا". تقدم. 1296 - قوله: وروى الشافعي، عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج: "أنَّهُمْ أرْسَلُوا إلى نَافِع يَسْألُونَهُ: هَلْ حُسِبَتْ تَطْليقَةُ ابنُ عُمَر على عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نَعَم".

قلت: هو كذلك في مسند الشافعي، وشيخه مسلم بن خالد ضعيف، وقد صحَّ عن نافع خِلافه. 1297 - حديث: "كُلُّ فِعْلٍ أو عَمَلٍ ليسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فهو رَدٌّ".

أحمد ومسلم من حديث عائشة بلفظ: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد". 1298 - قوله: وأما الذين لم يشترطوا ذلك، فإنهم صاروا إلى ما روى يونس بن جبير، وسعيد بن جبير وابن سيرين ومَن تابعهم عن ابن عمر في هذا الحديث: "أنّه

قال: يُراجِعْها، فإِذَا طَهَرَتْ طَلَّقَها إنْ شَاءَ". رواية يونس بن جبير خرَّجها أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والطحاوي والدارقطني والبيهقي. ورواية أنس بن سيرين خرَّجها أحمد ومسلم وابن الجارود والطحاوي والبيهقي.

الباب الثالث: في الخلع

الباب الثالث: في الخلع ورواية سعيد بن جبير: خرَّجها النَّسائي والطحاوي. وقد قال أبو داود: (روى هذا الحديث عن ابن عمر: يونس بن جبير، وأنس بن سيرين، وسعيد بن جبير، وزيد بن أسلم، وأبو الزبير، ومنصور عن أبي

وائل، معناهم كلهم "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلَّق، وإن شاء أمسك" وكذلك محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر. وأمَّا رواية الزهري، عن سالم ونافع عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق أو أمسك" ورُوي عن عطاء الخراساني، عن الحسن عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهري). 1299 - حديث ابن عباس: "أن امْرَأةَ ثابِت بن قَيْسٍ بن شَمَّاس أتَتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالَتْ: يا رسول الله، ثابِتُ بن قَيسٍ لا أعِيبُ عَلَيْهِ في خُلُقٍ ولا دينٍ، ولكنّي أكْرهُ.

الكُفْرَ في الإسْلامِ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أتَرديْنَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قالت: نَعَمْ، قالَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقْبَل الحَديقَة وَطَلِّقْها طَلْقَةً واحِدةً" قال ابن رشد: خرَّجه بهذا اللفظ البخاري، وأبو داود، والنَّسائي، وهو حديث متفق على صحته. قلت: إن أراد بالاتفاق على صحته أن مسلمًا خرجه أيضًا كما هو المعروف بين أهل الحديث وكما هو اصطلاحه أيضًا فلا، فإن مسلمًا لم يخرجه، ثم إنه عزاه لأبي داود بهذا اللفظ وليس هو عنده به ولا فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "طلقها تطليقة" كما هو عند البخاري، بل لفظه عند أبي داود من حديث عكرمة عن ابن عباس: "أن امرأة

ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِدتها حيضة". نعم عنده من حديث عائشة: "أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شمَّاس فضربها فكسر

بعضها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الصبح فاشتكته إليه، فدعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثابتًا فقال: خُذ بعض مالها وفارقها. فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: فإني أصدقتُها

حديقتين وهما بيدها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: خُذهما وفارقها ففعل". وحديث ابن عباس رواه أيضًا الترمذي، وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وغيرهم، وله عندهم ألفاظ.

الباب الرابع: تمييز الطلاق من الفسخ

الباب الرابع: تمييز الطلاق من الفسخ الباب الخامس: في التخيير والتمليك

1300 - حديث عائشة قالت: "خَيَّرَنا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاخْتَرْنَاهُ، فَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا".

رواه الجماعة كلهم: البخاري ومسلم، والأربعة وآخرون.

الجملة الثانية: أركان الطلاق

الجملة الثانية: أركان الطلاق الباب الأول: ألفاظ الطلاق وشروطه

1301 - حديث: "إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ". تقدم في الطهارة. 1302 - حديث: "رُفِعَ عَنْ أمَّتِي الخَطَأ والنِّسْيانُ وما حدَّثتْ به أنفُسَها". تقدم في الطهارة أيضًا، ولا وجود له بهذا اللفظ بزيادة "وحدّثت به أنفسها" بل لفظه: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنِّسيان والأمر يُكرهون عليه أو ما استكرهوا

عليه" أما الزيادة المذكورة فهي حديث مستقل، متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ: "إِنَّ الله تجاوز لأُمتي عمَّا حدَّثت به أنفُسَها ما لم تتكلَّم به أو تعمل". ورواه

أيضًا الأربعة وغيرهم. ورواه الطبراني من حديث عمران بن حصين. وأبو نعيم في

تاريخ أصبهان من حديث أبي موسى الأشعري. وحمزة بن يوسف السَّهمي في تاريخ جرجان من حديث ابن عباس.

1303 - قوله: (وقال ابن عباس، وقد سئل عنها يعني الحرام: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أسْوَةٌ حَسَنَة. قال: خرَّجه البخاري ومسلم).

قلت: نعم لكن ليس فيه ذكر السؤال، بل عندهما من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقول، في الحرام: يمين يُكفِّرها، وقال ابن عباس {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وفي لفظ لمسلم، عن سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس قال: "إذا حرَّم الرجل عليه امرأته فهي يمين يُكفِّرها" الحديث. ولفظ البخاري: "إذا حرَّم امرأته ليس بشيء، قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} " وعند النَّسائي والبيهقي من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليَّ حرامًا، قال: كذبْتَ ليست عليك بحرام، ثم تلا هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، عليك أغْلظ الكفَّارة، عِتْق رقبة".

الباب الثاني: في المطلق الجائز الطلاق

الباب الثاني: في المطلق الجائز الطلاق

1304 - حديث: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأٌ والنَّسْيَانُ ومَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". تقدم في الطهارة مبسوط العزو.

الباب الثالث: فيمن يتعلق به الطلاق من النساء

الباب الثالث: فيمن يتعلق به الطلاق من النساء

1305 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طَلاق إلَّا مِنْ بَعْدِ نِكاحٍ" وفي رواية أخرى: "لا طَلاقَ فيما لا يَمْلِكُ ولا عِتْقَ فيما لا

الجملة الثالثة: الرجعة بعد الطلاق

الجملة الثالثة: الرجعة بعد الطلاق يَمْلِكُ". قال: وثبت ذلك عن علي ومعاذ وجابر بن عبد الله وابن عباس وعائشة. قلت: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواه أبو داود الطيالسي وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في مشكل الآثار وأبو نعيم في تاريخ أصبهان والبيهقي في السنن وجماعة مطولًا ومختصرًا باللفظين اللذين

الباب الأول: أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي

الباب الأول: أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي ذكرهما ابن رشد؛ وقال الترمذي: (حسن صحيح وهو أحسن شيء رُوي في هذا الباب)، وكذا قال البخاري وغيره. وأما الحاكم فأغرب في كلامه على هذا الحديث، فادّعى أنه صحيح على شرط الشيخين من حديث ابن عمر وعائشة وابن عباس ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله، وأنه واه من حديث علي، ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذا عجيب بالنسبة إلى حديث عمرو بن شعيب فإنه إن أراد نسخة عمرو بن شعيب فهو أحد المصحِّحين لها والمكثرين من إخراجها، وإن أراد الطريق عنه فإنها صحيحة بالاتفاق، بل كادت تبلغ حد التواتر لتعددها وثقة رجالها الذين هم على شرط الصحيح. فقد رواه عن عمرو بن شعيب عامر الأحول

وحسين المعلم وعبد الرحمن بن الحارث ومطر الوراق وحبيب المعلم وأبو إسحاق الشيباني. فرواية عامر الأحول خرَّجها الترمذي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في مشكل الآثار ولفظه: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عِتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك" لفظ الترمذي قال: (حسن صحيح، وهو أحسن شيء رُوي في هذا الباب). ورواية حسين المعلم خرَّجها البيهقي من طريق إسماعيل القاضي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: "لا طلاق قبل النكاح". ورواية عبد الرحمن بن الحارث: خرَّجها أبو داود وابن ماجه.

ورواية مطر الوراق خرَّجها أبو داود والطحاوي في المشكل والبيهقي. ورواية حبيب المعلم خرَّجها أبو داود الطيالسي والبيهقي من طريقه عن حماد بن سلمة عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "لا طلاق إلّا بعد نكاح، ولا عتق إلّا بعد ملك"، قال البيهقي: (رواه جماعة عن عمرو بن شعيب، بعضهم قال: عن جده، كما قال مطر الوراق، وبعضهم قال: عن عبد الله بن عمرو، كما قال حبيب المعلم). قلت: وكلاهما سواء على الصحيح. ورواية أبي إسحاق الشيباني خرَّجها أبو نعيم في تاريخ أصبهان: ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد ثنا يونس بن حبيب ثنا حبيب بن هوذة ثنا مندل ثنا أبو إسحاق الشيباني عن عمرو بن شعيب به، ولفظه: "لا طلاق لما لا تملكون، ولا عِتق فيما لا تملكون، ولا نذر فيما لا تملكون ولا نذر في قطيعة رحم". فهذه أسانيد صحيحة عن عمرو بن شعيب، لكن أُعلت هذه النسخة بما قد يكون هو مقصود الحاكم من توهيتها، فقد خرَّج سعيد بن منصور في سننه من حديث

عمرو بن شعيب قال: "كان أبي عرض عليَّ امرأة يزوجنيها فأبيت أن أتزوجها وقلت: هي طالق البتة يوم أتزوجها، ثم ندمت فقدمت المدينة فسألت سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير فقد قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا طلاق إلّا بعد نكاح" قالوا: فهذا يشعر بأن من قال فيه عن أبيه عن جده سلك الجادة، وإِلّا فلو كان عنده عن أبيه عن جده لما احتاج أن يرحل فيه إلى المدينة ويكتفي فيه بحديث مرسل، وهذا بعد صمته عن عمرو بن شعيب محتمل غير قاطع، فإِنه يكون قد نسي الحديث ولم يتنبه لأخذ الحكم فيه حتى ذكره له سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، ومحتمل لأن يكون وقف عليه في النسخة التي أخذها عن أبيه عن جده، وهي صحيفة مكتوبة بعد هذه الحكاية، وإِلّا فبعيد أيضًا أن يتفق ستة من الثقات الأثبات كلهم على الوهم في الحديث، ويكون الجميع سمعه من عمرو مرسلًا أو معضلًا، ثم يسلكون فيه الجادة، ولا يوجد من بينهم من يحفظ الحديث على وجهه اللهم إلّا أن يكون عمرو دلس عليهم وأوهمهم أنه سمعه من أبيه عن جده. وحديث علي رواه أبو داود في الوصايا من سننه، والطحاوي في مشكل الآثار، والطبراني في الصغير، كلهم من طريق أحمد بن صالح ثنا يحيى بن محمد الجاري ثنا عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن رُقيش أنه سمع شيوخًا من بني عمرو بن عوف، ومن خاله عبد الله بن أبي

أحمد قال: قال علي بن أبي طالب: "حفظت لكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستًّا: لا طلاق إلّا بعد نكاح، ولا عتاق إلّا من بعد ملك، ولا وفاء لنذر في معصية، ولا يُتْمَ بعد احتلام، ولا صُمات يوم إلى ليل، ولا وصال في الصيام" اختصره أبو داود فاقتصر على قوله: "لا يُتمَ بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى ليل" وقال الطبراني: (قال أحمد بن صالح: عبد الله بن أبي أحمد بن جحش من كبار تابعي المدينة، قد لقي عمر بن الخطاب وهو أكبر من سعيد بن المسيب). قلت: والحديث حسّنه النووي في الأذكار اغترارًا بسكُوتِ أبي داود. وقال المنذري في تلخيص السنن: (فيه يحيى بن محمد المدني الجاري، قال البخاري: يتكلمون فيه. وقال ابن حبان: يجب التنكب عمّا انفرد به من الروايات. وقال العقيلي: لا يتابع على هذا الحديث. قال المنذري: وهو منسوب إلى الجار بالجيم والراء المهملة، بُليدة على الساحل بقرب مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)؛ وقال ابن القطان: هو حديث معلول، مخالد بن سعيد بن أبي مريم وابنه عبد الله مجهولان، ولم أجد لعبد الله ذكرًا إلّا في اسم ابن له يقال إسماعيل ابن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم ذكره ابن أبي حاتم، وهو مجهول الحال كذلك. فأمَّا جده سعيد بن أبي مريم فثقة، ويحيى بن محمد المدني مجهول أو ضعيف إن كان ابن هانئ، وعبد الله بن أبي أحمد

ابن جحش مجهول الحال أيضًا، وليس بوالد بكير بن عبد الله الأشج كما ظنه ابن أبي حاتم حين جمع بينهما؛ والبخاري قد فصل بينهما فجعل الذي يروي عن علي في ترجمة، والذي يروي عن ابن عباس وهو والد بكير في ترجمة أخرى، وأيهما كان فحاله مجهولة أيضًا. قلت: وليس كما قال، أمَّا خالد بن سعيد بن أبي مريم فقد روى عنه ابنه عبد الله ومحمد بن معن الغفاري وعطاف بن خالد المخزومي، فارتفعت عنه الجهالة، وذكره ابن حبان في الثقات؛ وأمَّا ابنه عبد الله فروى عنه ابنه إسماعيل ويحيى بن محمد الجاري ومحمد بن يحيى الكناني، فارتفعت جهالته أيضًا، وقد قال أحمد بن صالح: (ثقة من أهل المدينة)، وذكره ابن شاهين في الثقات، وأمَّا يحيى بن محمد المدني فليس هو ابن هانئ، بل هو ابن عبد الله بن مهران وليس هو بمجهول ولا ضعيف، فقد روى عنه أحمد بن صالح المصري الحافظ وهارون الحمَّال ومحمد ابن عبد الله بن نمير والزبير بن بكار ومؤمل بن اهاب وأبو يحيى بن أبي مسرة وغيرهم، وقال العجلي: (ثقة)، وكذا قال عباس الدوري عن يحيى بن يوسف الزمى أنه ثقة، وقال ابن عدي: (ليس بحديثه بأس). وأمّا عبد الله بن أبي أحمد بن جحش فليس بمجهول أصلًا، فقد سبق عن أحمد بن صالح المصري الحافظ أنّه من

كبار التابعين قد لقي عمر بن الخطاب وأنه أكبر من سعيد بن المسيب، وكذلك قال العجلي، بل قال ابن سعد: (له رؤية)، وقال أبو نعيم: (له ولأبيه صحبة)، وقال ابن مندة: (أتى به أبوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ولد فسماه عبد الله)، ولهذا ذكره جماعة في الصحابة وهو معروف روى عنه ابنه بكير، ويقال بكر وابن أخته سعيد بن عبد الرحمن ابن رقيش وحسين بن السائب وعبد الله بن الأشج والد بكير، فمثل هذا لا يقال فيه مجهول الحال. والحديث له مع هذا طرق أخرى عن علي مرفوعًا ذكرت المرفوع منها في المستخرج على مسند الشهاب؛ وخرَّج البيهقي في السنن الموقوف منها، والكل شاهد ومقوٍ لهذا الطريق. وحديث معاذ، قال الحافظ في الفتح: أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن معاذ بن جبل قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طلاق إلّا بعد نكاح، ولا عِتق إلّا بعد ملك" ورجاله ثقات، إلّا أنه منقطع بين طاوس ومعاذ، وقد اختلف فيه على عمرو بن شعيب، فرواه عامر الأحول ومطر الوراق وعبد الرحمن بن الحارث وحسين المعلم، كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والأربعة ثقات وأحاديثهم في السنن، ومن ثم صحّحه من يقوي حديث عمرو بن شعيب، وهو قوي لكن فيه علة الاختلاف.

قلت: وهم الحافظ في هذا وهمًا غريبًا، فإن الذي في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي عن ابن جريج عن عمرو بن دينار، لا عمرو بن شعيب، فلا اختلاف أصلًا، وله مع ذلك طريق أخرى عن طاوس، أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة صفوان ابن مسلم من روايته عن طاوس عن معاذ به، وقد صحّحه الحاكم على شرطهما، وأقرّه الذهبي غافلًا عن كون رواية طاوس عن معاذ مرسلة. وحديث جابر رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما، وأبو داود الطيالسي، وأبو يعلى في معجمه، وعنه أبو عمرو بن مهران في فوائد الحاج، والطبراني في الأوسط، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن وغيرهم من أوجه عن جابر مطولًا ومختصرًا، وبعض طرقه رجالها رجال الصحيح، وقد صحّحه الحاكم على شرطهما كما سبق.

وحديث ابن عباس: رواه الحاكم من طريق أيوب بن سليمان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طلاق لمن لا يملك" صحّحه الحاكم؛ ورواه أيضًا موقوفًا عليه من طريق فطر بن خليفة عن الحسن بن مسلم بن ينّاق عن طاوس عن ابن عباس "أنه تلا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح" ثم قال: صحيح الإِسناد. وحديث عائشة رواه ابن أبي شيبة والدارقطني والحاكم وغيرهم بلفظ: "لا طلاق إلّا بعد نكاح، ولا عتق إلّا بعد ملك" وهو عند الطحاوي في مشكل الآثار موقوفًا عليها. ونقل الترمذي في العلل عن البخاري أنه قال في حديث عائشة وحديث عمرو ابن شعيب: (هما أصحّ ما رود في الباب)، ولفظه عند الدارقطني: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا سفيان على نجران -فذكر قصة، وفي آخر الحديث- مكان فيما عهد إلى أبي

سفيان أوصاه بتقوى الله وقال: لا يطلقن رجل ما لم ينكح، ولا يعتق ما لم يملك، ولا نذر في معصية الله". وفي الباب: عن عمرو بن حزم، والمِسْوَر بن مخرمة، وعبد الله بن عمر، وأبي ثعلبة الخشني، وجماعة من التابعين، مرسلًا ومقطوعًا. فحديث عمرو بن حزم رواه الدارمي والبخاري في التاريخ الكبير، كلاهما من طريق يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود حدثني الزهري، عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن أن لا يمسّ القرآن إلّا طاهر، ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتاق حتى يبتاع" لفظ الدارمي؛ وقال البخاري: عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا طلاق قبل نكاح" بطوله؛ قال البخاري: (وقال أبو اليمان: أنا شعيب عن الزهري: قرأت عند أبي بكر بن عمرو كتابًا فذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضه، ثم قال: فيه نظر) يعني سليمان بن داود الذي أخرجه في ترجمته. وحديث المِسْوَر بن مخرمة رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في الصحيح، وحمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان، كلهم من طريق علي بن الحسين بن

واقد ثنا هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المِسْوَر بن مخرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك" ووقع عند حمزة بن يوسف: علي بن الحسين ابن واقد حدثني أبي عن هشام بن سعد. وهذا من قبيل المزيد في متصل الأسانيد لأنه يروي عنهما معًا. وحديث عبد الله بن عمر رواه الطبراني في الصغير، والحاكم في المستدرك، من طريق محمد بن يحيى القطيعي ثنا عاصم بن هلال البارقي عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طلاق إلّا بعد نكاح" صحّحه الحاكم. وأغرب الحافظ، فاقتصر على عزوه لابن عدي من هذا الوجه، ونقل عن ابن عدي أنه قال: (قال ابن صاعد كما حدث به: لا أعلم له علة)؛ قال الحافظ: (وقد استنكروه على ابن صاعد ولا ذنب له فيه، وإنما علته ضعف حفظ عاصم). قلت: والحق ما قاله الحافظ في حق ابن صاعد، فإنه لم ينفرد به، فقد أخرجه الطبراني، عن صالح بن أحمد بن أبي مقاتل عن محمد بن يحيى القطيعي شيخ ابن صاعد فيه.

وحديث أبي ثعلبة الخشني رواه الدارقطني، لكنه من رواية علي بن قرين وهو كذاب. 1306 - قوله: (وحجة مالك في الرواية الأولى، ما رواه ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أنه قال: "مضت السُّنة في الذي يطلق امرأته ثم يراجعها فيكتمها رجعتها حتى تحل فتنكح زوجًا غيره، أنه ليس له من أمرها شيء ولكنها لمن تزوجها" وقد قيل إن هذا الحديث إنما يُروى عن ابن شهاب فقط). قلت: هو في مصنف ابن وهب وسنده صحيح كما ترى، وفيه بعده قال ابن وهب: (وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ونافع مثله). قال ابن حزم: وصحَّ أيضًا من طريق ابن سمعان عن الزهري مثل ذلك إذا كانا في بلد واحد. قلت: ومراد سعيد بن المسيب بالسُّنة سُنة عمر - رضي الله عنه -، لا سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن ذلك رُوي عن عمرو - رضي الله عنه - من أوجه في سنن سعيد بن منصور وغيره.

الباب الثاني: أحكام الارتجاع في الطلاق البائن

الباب الثاني: أحكام الارتجاع في الطلاق البائن 1307 - حديث سمرة بن جندب: "أَيُّما امرأةٍ تَزَوَّجَها اثَنان فهي للأوَّلِ مِنْهُما، ومن بَاعَ بَيْعًا من رَجُلَيْنِ فهُوَ لِلَأوَّلِ مِنهُمَا" قال ابن رشد: خرَّجه الترمذي .. قلت: تقدم.

1308 - حديث رفاعة بن سِمْوال: "أنَّهُ طَلَّقَ امرأتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ في عَهْدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثًا، فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرحمن بنَ الزَّبِير، فاعْتَرضَ عَنْها، فلم يَسْتَطِعْ أن يَمَسَّها فَفَارَقَها، فأراد رِفاعَةُ زَوْجُها الأوَّلُ أَنْ يَنْكِحَها فَذَكرَ ذلكَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَنَهَاهُ عَنْ تَزْويجها وقال: لا تَحلُّ لكَ حتَى تَذُوقَ العُسَيْلَةَ". مالك في الموطّأ عن المِسْوَر بن رِفاعة القُرَظيِّ عن الزَّبير بن عبد الرحمن بن الزَّبير: "أنّ رِفاعة بن سِمْوال طلَّق امرأته تميمة بنت وَهْبٍ" فذكره كما هنا، وهو مرسل عند أكثر رواة الموطأ. ورواه ابن وهب، وابن القاسم، وعلي بن زياد، وإبراهيم بن طهمان، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، كلهم عن مالك فقالوا فيه عن الزَّبيِر بن عبد الرحمن عن أبيه موصولًا وهو صاحب القصة.

ورواه أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وجماعة من حديث عائشة قالت: "جاءتِ امرأةُ رِفاعةَ القُرظيِّ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كُنتُ عِنْدَ رفاعةَ فَطَلَّقني فبتَّ

طلاقي، فَتَزَوَّجْتُ بعدَهُ عبد الرحمن بن الزَّبير، وإنما معهُ مثلُ هُدبةِ الثوب، فقال أتريدينَ أن ترجعِي إلى رفاعة؟ لا. حتى تزوقي عُسيلتَهُ ويذوق عُسَيلتكِ". 1309 - حديث: "لَعنَ الله المَحلِّلَ والمِحَلَّلَ له"، قال ابن رشد: روي من حديث علي، وابن مسعود، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر.

الجملة الرابعة: أحكام المطلقات

الجملة الرابعة: أحكام المطلقات الباب الأول: في العدة قلت: عزوه من هذه الطرق وغيرها في ذكر الأنكحة المنهي عنها.

1310 - حديث: "اترُكُي الصَّلاةَ أيَّامَ إقرائك، فإذا ذهبَ عنكِ قدرُهَا فاغسِلي الدَّم". تقدم في الحيض. 1311 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذَا كَانَ دَمُ الحَيْضِ فإنَّهُ دَمٌ أسْودُ يُعرَفُ".

الحديث. تقدم في الحيض أيضًا.

1312 - حديث فاطمة بنت قيس أنها قالت: "طَلَّقَني زَوْجِي ثَلَاثًا عَلى عَهْدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَجْعَلْ لي سُكْنى ولا نَفَقَةً". قال ابن رشد: خرّجه مسلم. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد،

والأربعة، وابن الجارود، والطحاوي؛ والدارقطني، والبيهقي، وجماعة. 1313 - قوله: وفي بعض الروايات أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنمّا السُّكْنَ والنَّفَقَةُ لمنْ لزوجِها عليها الرّجعةُ". أحمد، والنسائي، والطحاوي في معاني الآثار، والدارقطني،

والبيهقي، وغيرهم من حديث فاطمة بنت قيس أيضًا. وقد ضعفت هذه الزيادة، وادعى فيها أنها مدرجة، ليست من كلام النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال البيهقي: (هذا القول ليس بمعروف في هذا الحديث، ولم يرد من وجه يثبت مثله). وقال الحافظ في الفتح: (هذا اللفظ في أكثر الروايات موقوفًا عليها، وقد بين الخطيب في "المدرج" أن مجالد بن سعيد تفرد برفعه وهو ضعيف، ومن أدخله في رواية غير مجالد عن الشعبي فقد أدرجه، وهو كما قال، وقد تابع بعض الرواة عن الشعبي في رفعه مجالدًا، لكنه (أضعف منه). وهذا غريب من الحافظ ناشئ عن تقليد وعدم نظر في الطرق والأسانيد. فإِن ما زعم أنه في أكثر الروايات موقوف عليها لا يكاد يوجد فضلًا عن كونه في أكثر الروايات، بل الواقع أن أكثر الروايات ليس فيها ذكر لهذه الزيادة لا موقوفة ولا مرفوعة، والروايات التي ذكرت فيها لم تذكر إلا مرفوعة، فدعوى الإِدراج باطلة. وقد سبق إلى نحو هذا، الحافظ أبو الحسن بن القطان فقال: (وهذه الزيادة، إنما زادها مجالد وحده من دون أصحاب الشعبي وقد أورده مسلم بدونها، قال: وقد تأتي هذه الزيادة في بعض طرق الحديث من رواية جماعة من أصحاب الشعبي، فيهم مجالد، فيتوهم أن الزيادة من رواية الجميع، وليس كذلك، وإنما هي من رواية مجالد وحده، وهشيم يدلسها فيهم. وقد فصلها الحسن بن عرفة عن رواية الجماعة، وعزاها إلى مجالد منهم، كما هو عند الدارقطني، فلما ثبتت هذه الزيادة عن مجالد وحده تحقق فيها الريب، ووجب لها الضعف بضعف مجالد المتفرد بها، ولكن وردت من غير رواية مجالد عن الشعبي، رواه النسائي من حديث سعيد بن

يزيد الأحمسي ثنا الشعبي به. وسعيد بن يزيد الأحمسي لم يثبت عدالته، وقد كذبه أبو حاتم وقال: إنه شيخ). وهو كلام متهافت والحق خلاف كل ما قالوه في هذا الحديث وادعوه فيه من الإدراج والضعف. فقد أخرجه أحمد، والدارقطني من طريق مجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فالحديث وفيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظري يا ابنة قيس إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإِذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى، اخرجي فانزلي على فلانة. ثم قال إنه يتحدث إليها انزلي على ابن أم مكتوم فإِنه أعمى لا يراك، ثم لا تنكحي حتى أكون أنكحك" الحديث. فهذه صيغة لا تحتمل الإِدراج الذي ادعاه الخطيب لأنها صريحة في الرفع صراحة لا تقبل الاحتمال، ومجالد صدوق لا ينازع أحد في صدقه، وإنما تكلم فيه من جهة سوء حفظه، فلو انفرد لكان الحديث محتملًا للضعف، لكنه توبع بما أزال الشك من وقوع الوهم منه في رفع الحديث، فقد تابعه سعيد بن يزيد الأحمسي قال حدثنا الشعبي قال حدثتني فاطمة بنت قيس قالت: "أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أنا بنتُ آلِ خالدٍ وإنّ زوجي فلانًا أَرسلَ إليَّ بطلاقي وإنِّي سألتُ أهلَهُ النفقة والسُّكنى فأَبَوْا عليَّ قالوا يا رسول الله إنّه قدْ أرسلَ إليها بثلاثِ تطليقاتٍ. قالت فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّما النفقةُ والسُّكنى للمرأة إذا كان لزوجِها عليها الرَّجعة". فهذا على انفراده سَند على شرط الصحيح لأن سعيد بن يزيد، قال أبو حاتم: (شيخ). وقال يحيى بن معين: (ثقة). وذكره ابن حبان في "الثقات"، واحتج به النسائي، فروي له هذا الحديث عن أحمد بن يحيى عن

أبي نُعيم عنه. فكيف بانضمام مجالد إليه، ولهما متابع ثالث ثقة أيضًا من رجال الصحيحين والجميع وهو فراس بن يحيى الهمداني، فإِنه روى الحديث عن الشعبي وفيه: "فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل: قد طلَّقها ثلاثًا. فقال: إنما السُّكنى والنَّفَقَة لمن كانت عليها رجعة. فأمرها فاعتدت عند ابن أم مكتوم" أخرجه البيهقي من طريق عباس الدوري عن عبيد الله بن موسى عن شيبان عن فراس به. وهذا سند كالشمس وضوحًا وصحة: فاتفقت ثلاثة أسانيد كلها على شرط الصحيح في رواية هذه الزيادة لأن مجالدًا روى له مسلم مقرونًا. ولهم متابع رابع وإن كان متكلَّمًا فيه وهو جابر الجعفي، أخرجه الدارقطني من رواية شريك عنه، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المطلقة ثلاثًا لا سُكنى لها ولا نفقة؛ إنما السُّكنى والنفقة لمن يملك الرجعة". ثم أخرجه من رواية زهير عن جابر الجعفي أيضًا نحوه مطولًا. وللحديث مع هذا شاهد من حديث عائشة، وإن كان هو في الواقع طريقًا خامسًا للحديث أيضًا لأن عائشة لم تحضر القصة إنما روت الحديث عن فاطمة. أخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث أسود بن عامر شاذان عن الحسن بن صالح عن السُّدِّيّ عن البهيّ عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت قيس: "إنّما السُّكنى والنفقة، لمنْ كان لزوجها عليها رجعة". وهذا سند صحيح على شرط مسلم، بل هو في صحيح مسلم من حديث يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح، به، عن فاطمة قالت: "طلَّقني زوجي ثلاثًا، فلم يجعلْ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سُكنى ولا نفقة". وهو من باب الاختصار أو الرواية بالمعنى.

1314 - حديث فاطمة بنت قيس المذكورة وفيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لكِ عليه نَفَقَة. وأمرها أن تعتدَّ في بيتِ ابن أم مكتوم". قال ابن رشد: رواه مالك في موطئه. قلت: هو كذلك، ومن طريقه خرجه أيضًا أحمد، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم، ورواه النسائي بهذا اللفظ أيضًا من غير طريق مالك.

1315 - قوله: ولأن المعروف من سُنَّته -عليه الصلاة والسلام- أنه أوجب النفقة حيث تجب السُكنى.

هذا غير معروف، بل لم يرد ما يدل على ذلك صريحًا. 1316 - حديث أم سلمة "أنّ سُبَيْعَةَ الأسْلَميّة وَلَدَتْ بعدَ وفاةِ زوجِهَا بنِصْفِ شهر، وفيه: فجاءَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ لها: قَدْ حَلَلْتِ فَانْكحِي مَنْ شِئْتِ".

مالك واللفظ له، وأحمد، والبخارى, ومسلم, والترمذي, والنسائي وجماعة بألفاظ مطولًا ومختصرًا. 1317 - قوله روي عن عمرو بن العاص قال: "لا تُلبسُوا عَلَيْنا سُنَّةَ نبيِّنا، عدَّةُ أُمِّ الولدِ

إذا توفي سَيِّدها أربعةَ أشهرٍ وعشر" وضعف أحمد هذا الحديث ولم يأخذ به. أبو داود وابن ماجه، وابن الجارود وابن حبّان، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، من حديث قبيصة بن ذؤيب عن عمرو به. وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)، وكذا صححه غيره كإِبن الجارود وابن حبان وغيرهما، وقال الدارقطني: (قبيصة لم يسمع من عمرو بن العاص، والصواب: "لا تلبسوا علينا ديننا" موقوفًا). وأخرجه كذلك من أوجه عن قبيصة. ورواه البيهقي من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى

الباب الثاني: في المتعة

الباب الثاني: في المتعة عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال: "عدة أم الولد عدة الحرة" قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: هذا حديث منكر.

23 - كتاب الإيلاء

23 - كتاب الإيلاء

24 - كتاب الظهار

24 - كتاب الظهار

1318 - حديث خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت: "ظاهرَ منَّي زَوْجي أوسُ بن الصامت فجئت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أشكو إليه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُجادلني فيه، ويقول: اتقي الله فإنه ابنُ عمَّكِ. فما خرجَتْ حتى أنزَلَ الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} الآيات. فقال: لِيَعْتِقْ رَقَبَةً. قالت: لا يجد. قال: فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ متَتَابِعَيْنِ. قالتْ: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام. قال: فَلْيُطْعِمْ سِتينَ مِسْكينًا. قالت: ما عنده من شيء يتصدق به. قال: فإني سأعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ. قالت: وأنا أعينه بعرق آخر. قال: لقدْ أحْسَنْتِ، اذْهَبي فأطعِمي عَنْهُ سَتِّيْنَ مِسكينًا" قال المصنف: خرجه أبو داود.

قلت الحديث خرجه أبو داود عن الحسن بن علي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خُوَيلة بنت مالك، ويقال خولة بالتكبير كما ذكره المصنف، وزاد بعد "فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك" قال: "والعَرَق ستون صاعًا" ومن طريق أبي داود خرجه البيهقي، فقال الذهبي في تلخيص السنن: الحديث منكر اللفظ ومعمر لا يدرى من هو. قلت: قد ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه المذكور في صحيحه. والمنكر في الحديث قوله فيه: "والعَرَق ستون صاعًا". ومعمر المذكور برئ من هذه اللفظة، فقد أخرجه أبو داود عن الحسن بن علي ثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن معمر بن عبد الله أيضًا، فقال في الحديث: "والعَرَق: مكتل يسع ثلاثين صاعًا" قال أبو داود: وهذا أصح من حديث يحيى بن آدم. قلت فأبو داود لصق التهمة بالوهم في الحديث بيحيى بن آدم لا بمعمر بن عبد الله، لأن رواية محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عنه ذكرت خلاف رواية يحيى بن آدم عن عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق. وطريق محمد بن سلمة المذكورة خرجها أيضًا ابن الجارود في المنتقى عن محمد بن يحيى ثنا عبد العزيز بن يحيى الجزريّ ثنا

محمد بن سلمة به، وفيه: "فليطعم ستين مسكينًا، قلت: يا نبي الله ما عنده ما يطعم، قال: سنعينه بعَرَق من تمر. والعرق مِكتل يسع ثلاثين صاعًا، قلت: وأنا أُعينه بعرق آخر، قال: قد أحسنْتِ فليتصدَّق به". وأخرجه البيهقي من طريق أبي الشيخ ابن حيان ثنا محمد بن سهل والوليد قالا: حدثنا أبو مسعود ثنا عبد العزيز بن يحيى به مثله. وتابعه يحيى بن زكريا عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله بسنده عن خولة: "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعانَ زوجها حين ظاهر منها بعرق من تمر، وأعانته هي بعرق آخر، وذلك ستون صاعًا" الحديث أخرجه الطحاوي في معاني الآثار: ثنا فهد ثنا فروة عن أبي المغيرة قال: أنا يحيى بن زكريا به. ورواه أحمد من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن معمر بن عبد الله به ولم يقع فيه تفسير العرق بما ذكره في الرواية الأولى ولا في الثانية، بل قال في آخره: قال سعد: العرق: الصن. قلت: هو الزنبيل الكبير شبه السّلة كما في النهاية والقاموس. وكذلك رواه جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق به، وفيه قال: "إنا سنعينه على ذلك بفرق من تمر. قلت: وأنا أعينه بفرق آخر فأطعم ستين مسكينًا" كذا وقع في الأصل المطبوع

(بفرق) بالفاء، لا بالعين وهو تحريف. ورواه حديج بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن يزيد بن زيد عن خولة بالحديث وفيه: قال فأطعم ستين مسكينًا ثلاثين صاعًا، قال: لست أملك ذلك يا رسول الله إلَّا أن تعينني، قال فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر صاعًا وأعانه الناس حتى بلغ ثلاثين صاعًا. وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعم ستين مسكينًا، قال: يا رسول الله ما أحد أفقر إليه مني وأهل بيتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذه أنت وأهلك. فأخذه" رواه البيهقي وقال: كذا رواه حديج بن معاوية عن أبي إسحاق، ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق ولم يقل عن خولة، ولم يذكر في الحديث: ثلاثين صاعًا وقال: فأعانه النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسة عشر صاعًا لم يزد عليه، ثم ذكر فقره وأنه أمره بأكله. قلت: فالحديث مضطرب كما ترى. 1319 - حديث سلمة بن صخر البياضي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. في الباب ثم ذكره بعد حديث بلفظ "أنه ظاهر من امرأته في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وقع بامرأته قبل أن يكفر، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك فأمره أن يكفر تكفيرًا واحدًا". الترمذي من طريق عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن

عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، قال: "كفارة واحدة". هكذا أخرجه مختصرًا، وقال: (حسن غريب). وكذلك أخرجه البيهقي من طريق الدارقطني: ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول ثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبد الله بن إدريس به. ورواه أحمد، والدارمي، وأبو داود وابن ماجه. وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي، وجماعة مطولًا من هذا الوجه أيضًا. وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم) وأعلّه عبد الحق بما نقل عن النجار أن سليمان بن يسار لم يسمع من سلمة. لكن له طريق آخر من رواية يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وأبي سلمة أن سلمة ابن صخر البياضي، الحديث أخرجه الحاكم شاهدًا للأول، وقال: (صحيح على شرط الشيخين) والبيهقي.

الفصل الأول: ألفاظ الظهار

الفصل الأول: ألفاظ الظهار الفصل الثاني: شروط وجوب الكفارة في الظهار

الفصل الثالث: فيمن يصح فيه الظهار

الفصل الثالث: فيمن يصح فيه الظهار

1320 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "لا طلاق إلا فيما يملك".

الفصل الرابع: ما يحرم على المظاهر

الفصل الرابع: ما يحرم على المظاهر الحديث تقدم قريبًا في الطلاق.

الفصل الخامس: هل يتكرر الظهار بتكرر النكاح

الفصل الخامس: هل يتكرر الظهار بتكرر النكاح

الفصل السادس: هل يدخل الإيلاء على الظهار

الفصل السادس: هل يدخل الإيلاء على الظهار الفصل السابع: أحكام كفارة الظهار

25 - كتاب اللعان

25 - كتاب اللعان

1321 - حديث عويمر العجلاني: "إذْ جاءَ إلى عَاصمِ بنِ عَدِيِّ العجلاني رجلٌ مِنْ قَوْمِهِ فقال لهُ: يا عاصمُ أرأيْتَ رَجُلًا وجدَ مع امرأتِهِ رَجُلًا أيقتُلُهُ فتقتُلُونَهُ؟ أمْ كيفَ يَفْغلُ؟ سَلْ لي، يا عاصمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألَ عاصم عنْ ذلكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رَجَع عاصمٌ إلى أهلِهِ جاءهُ عُوَيمرٌ فقالَ: يا عاصمُ ماذا قالَ لكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالَ: لم تأتِني بخيْر، قَدْ كَرِهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسْألَةَ التي سألتُ عنها، فقال: والله لا أنتهى حتى أسألهُ عنها، فأقبَلَ عويمرٌ حتى أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ الناسِ فقالَ: يَا رَسُولَ الله

أرأيت رجلًا وجد معِ امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد نزَلَ فِيكَ وفي صَاحِبَتِكَ قرآنٌ، فاذْهَبْ فأتِ بها، قال سهلٌ: فتلاعنا وأَنا معَ النّاس عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا فَرَغَا منْ تَلَاعُنِهِما قال عويمر: كَذَبْتُ عَلَيْها يا رسولَ الله إنْ أمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ انْ يأْمُرَهُ بذلكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" قال مالك: قال ابن شهاب: فلم تزل تلك سنة المتلاعنين. مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو داود،

الفصل الأول: الدعاوى الموجبة للعان وشروطها

الفصل الأول: الدعاوى الموجبة للعان وشروطها والنَّسائي، وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي، وجماعة، من حديث ابن شهاب عن سهل بن سعد أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي فذكره، وله عندهم ألفاظ.

1322 - حديث سعد: "أرأيتَ لوْ أن رجلًا وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رجلًا". المراد سعد بن معاذ، وسيأتي قوله هذا في حديث ابن عباس الذي بعده بمعناه، وقد سبق هذا اللفظ في حديث سهل بن سعد الذي قبله، وعزوه إليه أولى لا إلى سعد. 1323 - حديث ابن عباس، وفيه: "فجاءَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله يا رسولَ اللهِ لقدْ رأيت بعيني وسمعتُ بأذني، فكرِهَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاءَ بهِ واشتدَّ عليه، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية".

أبو داود الطيالسي وأحمد في مسنديهما، وأبو داود في السنن، وابن جرير في التفسير، والبيهقي، كلهم من حديث عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: "لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآية. قال سعد بن معاذ، وهو سيد الأنصار - رضي الله عنه -: أهكذا أنزلت يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم، فقالوا يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلَّا بكرًا، وما طلق امرأة قط، فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها لحقّ وأنها من الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعًا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قال: فما لبثوا إلّا يسيرًا حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم، فجاء من أرضه عشاءً فوجد عند أهله رجلًا فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاءً فوجدت عندها رجلًا فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به واشتدّ عليه، واجتمعت عليه الأنصار، وقالوا قد ابتلينا بما قال سعد ابن عبادة، الآن يضرب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هلالَ بن أمية ويبطل شهادته في الناس، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجًا، وقال هلال: يا رسول الله فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئتُ به، والله يعلم إني لصادق، فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسوله الوحي، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} الآية: فسُري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجًا ومخرجًا. فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي -عزّ وجل-. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرسلوا إليها. فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهما، فذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا. فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها، فقالت: قد كذب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لاعنوا بينهما فقيل لهلال: اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة قيل له يا هلال اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله أنه لمن

الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف، ثم قالت والله لا أفضح قومي، فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقضى أن لا يُدعى ولدها لأب، ولا يُرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا يبيت لها عليه ولا قوت لها من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها. وقال: إن جاءت به أُصيْهب أريْسِح حمْشَ الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الإليتين فهو للذي رميت به. فجاءت به أورق جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الإليتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يدعى لأمه، ولا يدعى لأب. لفظ أحمد، وهو عند أبي داود مختصرًا، وأصله في صحيح البخاري من رواية هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس مختصرًا.

1324 - قوله: وحجة مالك ومن قال بقوله الآثار المتواترة من حديث ابن عباس وابن مسعود وأنس وسهل بن سعد: "أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حينَ حكمَ باللِّعَان بينَ المتُلاعِنين قال: إنْ جاءَتْ بهِ على صِفةِ كذا، فما أراهُ إلَّا قَدْ صَدَّقَ علَيْها". أما حديث ابن عباس فسبق قبله، ولفظ آخره عند البخاري. "أبصِروها، فإن جاءت به أكحلَ العينين سابغ الأليتَين خَدَلج الساقين فهو لشَريكِ بن سحماء فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا ما مضى من كتاب الله لي ولها شأن". وأما حديث ابن مسعود فرواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه،

والبيهقي من رواية عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قال: إنا، ليلة الجمعة في المسجد. إذ جاء رجل من الأنصار فقال: لو أنَّ رجلًا وجد مع امراته رجلًا فتكلَّم جَلَدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ. والله! لأسالنَّ عنه رَسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما كان من الغد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله. فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ. فقال: "اللهم! افتح". وجعل يدعو. فنزلت آيةُ اللَّعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} هذه الآيات. فابتلي به ذلك الرجل من بين الناس. فجاء هو وامرأته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاعنا. فشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. فذهبت لتَلعن. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْ" فأبَتْ فَلعنت. فلما أدبرا قال: "لعلها أن تجيء به أسْود جعدًا" فجاءت به أسود جعدًا. وأما حديث أنس فرواه أحمد، ومسلم، والنسائي، عنه: أنَّ هلال بن

أمية قذف امرأته بشريك بن سَحماء وكان أخا البراء بن مالك لأمه. وكان أوَّل رجل لاعن في الإسلام. قال: فلاعنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبصروها. فإن جاءت به أبيض سبِطًا قَضِيءَ العَيْنيْن فهو لِهلالِ بنِ أُمَيّةَ. وإن جاءت به أكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لشريك بن سَحْماء" قال: فأُنبِئْتُ أنها جاءتْ به أكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ. وأما حديث سهل بن سعد فتقدم عزوه، ولكنه بالزيادة التي ذكر المصنف عند أحمد، والبخاري، وأبي داود، وابن ماجه، وفيه: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن

جاءت به أحمرَ قصيرًا كأنه وَحَرَةٌ فلا أراها إلا قد صدقَت وكذب عليها، وإن جاءت به أسَوَدَ أعْيَنَ ذا أليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها، فجاء به على المكروه من ذلك". 1325 - حديث "الوَلَدْ لِلْفِراشِ". متفق عليه من حديث عائشة بزيادة: "وللعاهر الحجر" وله طرق كثيرة عد معها متواترًا.

الفصل الثاني: صفات المتلاعنين

الفصل الثاني: صفات المتلاعنين 1326 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا لِعانَ

بينَ أربعةٍ: العَبْدَيْنِ، والكَافِرَيْنِ". لم أجده بهذه اللفظة. وقد أخرجه ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي من رواية عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربع من النساء لا ملاعنة بينهن: النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر". وعثمان بن عطاء ضعيف جدًا كما قال الدارقطني، بل حكى البوصيري الاتفاق على تضعيفه، وتابعه يزيد بن بزيع عن عطاء الخراساني، أخرجه البيهقي، ويزيد بن بزيع، ويقال ابن زريع ضعيف بالاتفاق، متهم بالكذب، قال البيهقي: (وعطاء الخراساني أيضًا غير قوي). وتابعه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب، وعثمان الوقاصي متروك الحديث ساقط الرواية. أخرج متابعته الدارقطني والبيهقي وتابعهما عمار

الفصل الثالث: في صفة اللعان

الفصل الثالث: في صفة اللعان ابن مطر، وهو هالك كذّاب متهم عن حماد بن عمرو النصيبي مثله أو أشد عن زيد بن رفيع، ضعيف، عن عمرو بن شعيب به، أخرجه الدارقطني ثم قال: (حماد بن عمرو وعمار بن مطر وزيد بن رفيع ضعفاء)، وكذا قال البيهقي: (قال الدارقطني: وروى عن ابن جريج والأوزاعي وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قوله، ولم يرفعاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -). ثم أخرجه من طريق عمر بن هارون عن ابن جريج والأوزاعي به. وعمر بن هارون، قال البيهقي: (ليس بالقوي)، وتابعه يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده موقوفًا أيضًا. أخرجه البيهقي وقال: (يحيى بن أبي أنيسة متروك) فلم يثبت هذا الكلام لا مرفوعًا ولا موقوفًا. وحاول المارديني إثباته مرفوعًا وأجاب عما ذكره الدارقطني والبيهقي فلم يأت بطائل، وزاد

الفصل الرابع: حكم النكول

الفصل الرابع: حكم النكول أنه ورد مرفوعًا أيضًا من وجه آخر، ذكره ابن قانع من حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة أبي توبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. وعبد الباقي بن قانع متكلم فيه ويتهمه ابن حزم بالكذب ويقول عنه إنه راوي كل بلية. ومعاوية بن صالح وإن روى له مسلم ففي حفظه، بل وفيه مقال، وعلامة الضعف بينة في كثير من رواياته. وصدقة المذكور في عداد المجهولين، وبعيد جدًا أن يكون هذا الكلام مرفوعًا، ومثل هذه التفاريق والتفاصيل، إنما تنقل عن أبي حنيفة وشيوخه. 1327 - قوله: وما جاء أيضًا من حديث ابن عمر وغيره في قصة العجلاني من قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إنْ قَتَلْتُ قُتِلْتُ، وإنْ نَطَقْتُ جُلِدْت، وإنْ سَكَتُّ سَكَتُّ على غَيْظٍ". كذا وقع في الأصل من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وكأنه تحريف والصواب من قوله يعني العجلاني للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق في حديث ابن مسعود، وسبق نحوه في

حديث سهل بن سعد وأما حديث ابن عمر فأخرجه مسلم والبيهقي من حديث سعيد بن جبير عنه قال: "إنّ أوّلَ من سأل عن ذلك (يعني اللعان) فلان بن فلان، قال: يا رسول الله أرأيت أن لو وجدَ أحدُنا امرأتُه على فاحشةٍ، كيف يصنعُ؟ إنْ تكلّم تكلَّم بأمرٍ عظيم، وإن سكتَ سكتَ على مِثلِ ذلك" الحديث بطوله.

1328 - حديث: "لا يحلُّ دمُ امْرئٍ مُسْلِم إلَّا بإحْدى ثلاثٍ: زِنى بعدَ إحْصَانٍ، أو كُفْرٍ بعدَ إيمانٍ أو قَتْلِ نفْسٍ بغيرِ نَفْسٍ". تقدم أول الصلاة. 1329 - حديث: "لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْها".

الفصل الخامس: الأحكام اللازمة لتمام اللعان

الفصل الخامس: الأحكام اللازمة لتمام اللعان متفق عليه من حديث ابن عمر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمُتلاعنين: حسابُكُما على الله، أحدُكما كاذب، لا سبيل لكَ عليها، قال: يا رسولَ الله مالي، قال لا مالَ لَكَ، إن كنتَ صدقْتَ عليها فهو بما استحللتَ من فرجها، وإن كنت كذبْتَ عليها فذاكَ أبعدُ لَكَ منها". 1330 - قوله: لما اشتهر من ذلك في أحاديث اللَّعان "من أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فرَّقَ بينهما" وقال ابن شهاب فيما رواه مالك عنه: فكانتْ تلكَ سُنَّةُ المُتَلاعِنين، ولقوله

- صلى الله عليه وسلم -: "لا سَبيل لكَ عليها". تقدم كل هذا. 1331 - قوله: لأن في الحديث المشهور أنه طلَّقها بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر ذلك عليه. تقدم أيضًا.

1332 - حديث ابن عمر قال: "فرّقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينَ المُتَلاعنين وقال: حِسابُكُمَا على الله، أحَدُكمَا كاذبٌ، لا سَبِيلَ لكَ عَلَيْها". تقدم. 1333 - قوله: وما روي أنه لم يفرِّقْ بينهما إلا بعد تمام اللَّعان. هذا معروف من الأحاديث السابقة. 1334 - حديث "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرهما بوقوع الفرقة عند وقوع اللَّعان". يريد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سَبيل لكَ عَلَيْها" وقد سبق. 1335 - حديث: "لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْها". تقدم.

26 - كتاب الإحداد

26 - كتاب الإِحداد

1336 - حديث أم سلمة: "أنَّ امرأةً جاءتْ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسولَ الله إنَّ ابنتي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا، وقدِ اشتكَتْ عَيْنَيْهَا أفتكْتَحِلُهُما؟ فقالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا -مرتين أو ثلاثًا، كلُّ ذلكَ يقولُ لها: لا- ثم قال: إنَّما هيَ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ، وقدْ كانتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمي بالبَعَرةِ على رأسِ الحَوْلِ". متفق عليه من حديث حُميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة قالت: "سمعتُ أمَّ سلمةَ تقول مثله إلى قوله: ترمي بالبعرَةِ على رأس الحول. قال حُميد: فقلت

لزينب: وما ترمي بالبعَرَة على رأس الحولِ؟ فقالتْ زينب: كانت المرأةُ إذا تُوفِّيَ عنها زوجُها، دخلتْ حِفْشًا ولبست شرَّ ثيابها، ولم تمسَّ طيبًا ولا شيئًا حتى تمرَّ بها سنة. ثم تؤتى بدابّة، حمارٍ أو شاةٍ أو طيرٍ فتفتضُّ به، فقلَّما تفتضُّ بشيءٍ إلَّا مات، ثم تَخرجُ فتُعطى بعَرَةً فترمي بها، ثم تُراجِعُ، بعدُ، ما شاءت من طيبٍ أو غيره". 1337 - حديث أم حبيبة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ مُؤمِنَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أن تُحِدَّ على مَيْتٍ فَوْقَ ثلاثِ ليَالٍ، إلَّا على زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

والنسائي، وجماعة، من حديث زينب بنت أم سلمة عنها أنها دخلت عليها لما توفي أبوها أبو سفيان فذكرت الحديث كما عند المصنف. 1338 - قوله: وكذلك حديث زينب بنت جحش. هو في الحديث الذي قبله عند المذكورين أيضًا، فإن زينب بنت أم سلمة قالت بعد حديثها عن أم حبيبة: فدخلتُ إلى زينب بنت جحشٍ حينَ تُوفِّيَ أخوها، فدعتْ بطيبٍ فمسَّتْ منه، ثم قالت: أما والله مالي بالطِّيبِ مِنْ حاجةٍ غيرَ أنّي سمعتُ

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ على المنبر: "لا يحَلُّ لامرأةٍ تؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ أن تُحِدَّ فوقَ ثلاثِ ليَالٍ إلَّا على زوجٍ أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا". 1339 - حديث: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أن تُحِدَّ إلَّا على زَوْجٍ" الحديث تقدم قبله.

27 - كتاب البيوع

27 - كتاب البيوع

الجزء الأول: تعريف أنواع البيوع

الجزء الأول: تعريف أنواع البيوع 1340 - قوله: لأنه الدين بالدين المنهي عنه. الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الكالئ بالكالئ" قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) وأقرَّه الذهبي

مع أنه معلول كما سيأتي. ثم أخرجوه أيضًا من طريق ذؤيب بن عمامة ثنا حمزة ابن عبد الواحد عن موسى بن عقبة به، فقال عن عبد الله بن دينار بدل نافع به، وزاد: "هو النسيئة بالنسيئة". سكت الحاكم عن هذه الطريق وتعقبّه الذهبي بأن ذؤيبًا واه. وأما البيهقي فإِنه تعقّب شيخه الحاكم والدارقطني على الطريقين معًا، وأبان علة الحديث من أصله فقال عقب الطريق الأول: (موسى هذا هو ابن عبيدة الربذي، وشيخنا أبو عبد الله -يعني الحاكم- قال في روايته عن موسى بن عقبة وهو خطأ، والعجب من أبي الحسن الدارقطني شيخ عصره روى هذا الحديث في كتاب السنن عن أبي الحسن علي بن محمد المصري هذا فقال عن موسى بن عقبة، وشيخنا أبو الحسن بن بشران رواه لنا عن أبي الحسن المصري في الجزء الثالث من سنن المصري فقالا عن موسى غير منسوب، ثم أردفه المصري بما رواه عن أحمد بن داود ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي عبد العزيز الربذي عن نافع عن ابن عمر به. وأبو عبد العزيز الربذي هو موسى بن عبيدة). ثم أسنده البيهقي من طريق ابن عدي في الكامل: ثنا القاسم بن مهدي ثنا أبو مصعب عن عبد العزيز الدراوردي عن موسى بن عبيدة فذكره ثم زاد: قال نافع: وذلك بيع الدَّين بالدَّيْن. قال ابن عدي: (وهذا معروف بموسى بن عبيدة عن نافع). قال البيهقي: (وقد رواه عبيد الله بن موسى وزيد بن الحباب وغيرهما عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر). ثم أخرجه من طريق عبيد الله بن موسى، ومحمد بن عمر الواقدي،

الجزء الثاني: أسباب الفساد العامة في البيوع المطلقة

الجزء الثاني: أسباب الفساد العامة في البيوع المطلقة وزيد بن الحباب، فرقهم كلهم عن موسى بن عبيدة. ثم أخرجه من طريق ذؤيب بن عمامة ثنا حمزة بن عبد الواحد عن موسى -غير منسوب- عن عبد الله بن دينار به، ثم قال: (ولم ينسب شيخنا أبو الحسين بن بشران عن أبي الحسن المصري فقال عن موسى، وهو ابن عبيدة بلا شك، وقد رواه الدارقطني عن أبي الحسن المصري فقال عن موسى بن عقبة، رواه شيخنا أبو عبد الله بإِسناد آخر عن مقدام بن داود الرعيني عن ذؤيب بن عمامة فقال عن موسى بن عقبة وهو وهم، والحديث مشهور بموسى بن عبيدة، عن نافع عن ابن عمر، ومرةً عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر). قلت والمقصود أن الحديث إنما هو بموسى بن عبيدة الربذي، ومن طريقه أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة، والبزار وغيرهما، وهو ضعيف منكر الحديث جدًا ساقط عن درجة الاعتبار، وزاد في ضعفه بالنسبة لهذا الحديث اضطرابه فيه، حمزة قال: عن نافع، ومرة قال: عن عبد الله بن دينار، ومرة قال عن عيسى بن سهل بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. كذلك أخرجه الطبراني في الكبير من طريق محمد بن يعلى بن زنبور عنه. ثم إنه اختلف في متنه أيضًا، فتارةً يذكره مختصرًا كما سبق، وتارةً يقول: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار، وعن بيع المَجْر، وعن بيع الغرر، وعن بيع كالئٍ بكالئ، وعن

بيع آجل بعاجل، قال: والمَجْر: ما في الأرحام، والغرر: أن تبيع ما ليس عندك، وكالئٍ بكالئ: دين بدين، والآجل بعاجل: أن يكون لك على الرجل ألف درهم فيقول الرجل اعجَل لك خمسمائة ودع البقية، والشغار: أن تنكح المرأة بالمرأة ليس بينهما صداق" هكذا أخرجه البزار. وقال في متن رافع بن خديج: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة، ونهى أن يقول الرجل للرجل: أبيع هذا بنقد، وأشتريه بنسيئة، حتى يبتاعه ويحرزه، وعن كالئ بكالئ: دين بدين". فذكر الكالئ بالكالئ تفرّد به موسى بن عبيدة كما قال ابن عدي والحفاظ. وقال أحمد: (لا تحل الرواية عنه ولا أعرف هذا الحديث عن غيره، قال: ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين). وقال الشافعي: (أهل الحديث يوهنون هذا الحديث). قال الحافظ: (وقد جزم الدارقطني في العلل بأن موسى بن عبيدة تفرّد به، فهذا يدل، على أن الوهم في قوله موسى بن عقبة من غيره). قلت: وهذا عجيب ومشكل فإِنه ذكر الحديث في سننه مكررًا بذكر موسى بن عقبة ولم ينبه على ذلك كما سبق. ثم في دعوى التفرد أيضًا نظر، فقد رواه إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن

الباب الأول: في الأعيان المحرمة البيع

الباب الأول: في الأعيان المحرمة البيع يُباع كالئ بكالئ يعني دَيْنًا بدَيْن" رواه عبد الرزاق في المصنف أخبرني إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي به. لكن إبراهيم المذكور منهم بالكذب وسرقة الأحاديث، فكأنه سرقه من موسى بن عبيدة وحدَّث به عن عبد الله بن دينار والله أعلم. 1341 - حديث جابر: "إنَّ الله ورسُولَهُ حَرَّما بَيْعَ الخَمْرِ والخِنْزيرِ والأصنامِ، فقيلَ: يا رسولَ الله أرأيتَ شُحومَ الميتةِ فإنَّهُ يُطْلَى بها السُّفُنُ ويُسْتَصْبَحُ بها، فقال: لعنَ الله اليَهُودَ حُرِّمَتْ عليهمِ الشُّحُومُ فَبَاعُوها وأكَلُوا ثَمَنَها". قال المصنِّف: ثبت في الصحيحين

قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، والأربعة، وغيرهم. 1342 - حديث: قال في الخَمْرِ: "إنَّ الذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا". مالك في الموطأ، وأحمد والدارمي، ومسلم، والنَّسائي،

والبيهقي، من حديث ابن عباس قال: "كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه بمكة عام الفتح براوية خمر يهديها إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا فلان أما علمت أن الله حرّمها، فأقبل الرجل على غلامه فقال: اذهب فبِعْها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا فلان بماذا أمرته؟ قال: أمرته أن يبعها، قال: إن الذي حرَّم شُربها حرَّم بيعها، فأمر بها فأفرغت في البطحاء" لفظ أحمد. ورواه الطبراني في الأوسط من حديثه مختصرًا، قال: "لما نزل تحريم الخمر، قالوا: يا رسول الله ألا نبيع؟ قال: إن الذي حرّم شُربها حرّم بيعها". ورواه فيه أيضًا من حديث جابر بن عبد الله: "أن رجلًا من ثقيف أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية من خمر بعدما حرم الخمر، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشقت، فقال رجل: لو أمرت بها فتباع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الذي حرّم

شربها حرّم بيعها". ورواه فيه أيضًا من حديث جابر بن ربيعة "أن رجلًا من ثقيف يكنى أبا تمام أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواية خمر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّها قد حرمت يا أبا تمام، فقال: يا رسول الله فأستنفق ثمنها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ الذي حرّم شُربها حرّم ثمنها" ورجاله رجال الصحيح. 1343 - قوله: أحدهما ثبوت النهي الوارد عن ثمن الكلب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث أبي مسعود

عُقبة بن عمرو البدري قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب ومَهْر البَغِيِّ وحُلوان الكاهِن". وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد، وأبي داود. وعن جابر عند أحمد، ومسلم، وأبي داود. وعن أبي جُحيفة متفق عليه. وعن البراء بن عازب والسائب بن يزيد وعبد الله بن عمرو بن العاص خرّجها الطبراني في الكبير. وعن ابن عمر رواه الطبراني في الأوسط. وعن عبادة بن الصامت وميمونة بنت سعد رواهما الطبراني في الكبير. 1344 - قوله: إلا ما استثناه الحديث من كلب الماشية أو كلب الزرع وما في معناه.

مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه من حديث سُفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من اقتنى كلبًا لا يُغني عنه زرعًا ولا ضَرْعًا نقصَ من أجر عمله كل يوم قيراط". وروى أحمد، والبخاري ومسلم، أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة، قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أمسكَ كلبًا فإنه ينقُص كل يوم من عمله قِيراط، إلّا كلبَ حرثٍ أو ماشية" لفظ البخاري، ولمسلم: "من اتخذ كلبًا إلَّا كلب ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ، انتقصَ من أجره كل يوم قِيراط". وروي

مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي من حديث ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية نقصَ من أجره كل يوم قيراطان". وروى أحمد، والدارمي، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم من حديث عبد الله بن مغفل قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، ثم رخَّص في كلب الصيد وكلب الغنم". 1345 - قوله: ورويت أحاديث غير مشهورة اقترن فيها بالنهي عن ثمن الكلب استئناء أثمان الكلاب المباحة الاتخاذ. قلت: وردت من حديث أبي هريرة وجابر وابن عباس.

فحديث أبي هريرة رواه الترمذي من طريق حمّاد بن سلمة عن أبي المُهَزِّم عن أبي هريرة قال: "نهى عن ثمن الكلب، إلَّا كلب الصيد" قال الترمذي: هذا حديث لا يصحّ من هذا الوجه، وأبو المهزِّم اسمه يزيد بن سفيان، تكلم فيه شعبة بن الحجّاج. قلت: بل هو متفق على تضعيفه، ضعّفه أيضًا ابن معين وأبو زرعة، والبخاري والنَّسائي، وذكريا الساجي وعلي بن الجنيد وابن عدي والدارقطني، والحاكم أبو أحمد وأبو عبد الله بعبارات مختلفة. ولحمّاد بن سلمة في الحديث طريق آخر، رواه عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة قال: "نهى عن مهر البغيّ، وعسب الفحل، وعن ثمن السِّنَّور، وعن الكلب إلا كلب صيد" رواه أبو الشيخ ابن حبان في الترهيب، ومن طريقه البيهقي في السنن ثم قال: ورواية حماد بن قيس فيها نظر. قلت: هما ثقتان فلا ندري ما وجه النظر فيها. ورواه عن عطاء أيضًا المثنى ابن الصباح، ولفظه عن عطاء عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثمن الكلب سحت إلا كلب صيد" أخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه: ثنا محمد بن إسماعيل ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب حدثني المثنى بن الصباح به. قال ابن حزم: (وهو حديث في غاية السقوط لأن فيه يحيى بن أيوب والمثنى بن الصباح، وهما ضعيفان جدًا قد شهد مالك على يحيى بن أيوب بالكذب، وجرحه أحمد). قلت: قد تابعه محمد بن سلمة عن المثنى بن الصباح فبرئ يحيى بن أيوب من عهدته: أخرجه الدارقطني ولفظه عن المثنى عن عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث كلهن سحت: كسب الحجام سحت، ومهر الزانية سحت،

وثمن الكلب إلَّا كلبًا ضاريًا سحت" قال الدارقطني: المثنى ضعيف. قلت: قد تابعه أيضًا الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. أخرجه الدارقطني أيضًا وقال: (الوليد بن عبيد الله ضعيف). وكذا قال البيهقي فتعقّبه التركماني بأنه تبع على ذلك الدارقطني، قال: (ولم يضعفه المتقدمون فيما علمت، بل حكى ابن أبي حاتم عن ابن معين أنه ثقة، وأخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه). قلت: وكذا ابن خزيمة في صحيحه أيضًا، وذكره ابن حبان في الثقات فاتفق ثلاثتهم على توثيقه فلم يصب الدارقطني فيما انفرد به من تضعيفه الناشئ عن مجرد استبعاده لهذا الحديث. وحديث جابر رواه أحمد، والدارقطني، من طريق الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب إلَّا الكلب المعلم" لفظ أحمد. ولفظ الدارقطني: "نهى عن ثمن الكلب والهر إلَّا الكلب المعلم" قال الدارقطني: (الحسن بن أبي جعفر ضعيف). وقال البيهقي: (ليس بالقوي). ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه ضعفّه أيضًا بالحسن بن أبي جعفر. وهو لم ينفرد به، بل تابعه حمّاد بن سلمة عن أبي الزبير، أخرجه النّسائي من طريق حجّاج بن محمد عن حمّاد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن السِّنَّوْر والكلب إلَّا كلب صيد" قال النسائي: (ليس هو بصحيح)، وقال في موضع آخر: (هذا منكر).

ولما ذكر الترمذي حديث أبي هريرة السابق وضعّفه قال: وروي عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا ولا يصح إسناده أيضًا. قلت: فإن كان يقصد هذا الطريق فهو من التضعيف بمجرد الاستحسان والاستبعاد لا بالنظر إلى الإسناد، فإن هذا سند على شرط الصحيح، وعبَّر عنه الحافظ (بأنَّ رجاله ثقات، إلَّا أن النَّسائي طعن في صحته) كذا قال في الفتح، وأطلق في التلخيص فقال: (ورد الاستثناء من حديث جابر ورجاله ثقات). قلت: وله مع هذا طريق آخر جيد أيضًا، أخرجه الدارقطني من طريق الهيثم بن جميل عن حمَّاد بن سلمة به، والهيثم بن جميل حافظ ثقة، ولذلك سكت الدارقطني عن هذا الطريق ولم يضعِّفه بشيء، وقال ابن التركماني في الجوهر النقي: (ورد الاستثناء من وجهين جيدين من طريق الوليد بن عبيد الله عن عطاء عن أبي هريرة، ومن طريق الهيثم عن حماد عن أبي الزبير عن جابر). قلت: وحقه أن يزيد وجهًا ثالثًا، وهو طريق حجّاج بن محمد عن حمّاد بن سلمة السابق، وقد استدركه هو أيضًا في آخر كلامه، وقال، بعد إيراده من عند النسائي: (وهذا سند جيد). ووجهًا رابعًا، أخرجه الدارقطني من طريق عبيد الله بن موسى ثنا

حمَّاد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر لا أعلمه إلَّا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإِن رجاله ثقات أيضًا، ولا يضره الشك في رفعه مع وجود من رفعه. وتعلق ابن حزم في رده بكونه من رواية أبي الزبير عن جابر، وأبو الزبير مدلس، فكل ما لم يقل فيه: حدثنا أو كان من رواية غير الليث بن سعد عنه فهو منقطع. وهذا جزم مردود بهذا الاطلاق، ولفظه التحديث مع العنعنة لا يحافظ عليهما كثير من الرواة ولا يتفطنون للفرق بينهما، وثبوت الحديث من غير طريق أبي الزبير يؤيده. أما البيهقي فحكم بدخول الوهم على الرواة في الاستثناء وأنه انتقل وهنهم من حديث الاقتناء إلى هذا الحديث، فقال: (والأحاديث الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء وإنما الاستثناء في الأحاديث الصحاح في النهي عن الاقتناء، ولعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من هؤلاء الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين والله أعلم). قلت ويرد هذا ثبوته موقوفًا على جابر باعتراف البيهقي. فقد رواه أبو نعيم الفضل عن حماد بن سلمة موقوفًا، خرّجه الطحاوي. ورواه سويد بن عمرو كذلك عن حمّاد كما عند الدارقطني. وكذلك عبد الواحد بن غياث كما عند البيهقي. فيجب على هذا أن يدخل الوهم على الجميع في هذا اللفظ وذلك بعيد جدًا، وحيث أثبته البيهقي تبعًا للدارقطني موقوفًا فكان حقه أن يجعل الوهم مقصورًا على من رفعه. وحديث ابن عباس رواه ابن عدي وأصحاب مسانيد أبي حنيفة أبو العباس بن

عقدة وطلحة بن محمد ومحمد بن المظفر وأبو محمد البخاري، كلهم من طريق أحمد بن عبد الله الكندي عن علي بن معبد عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس قال: "أرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمن كلب الصيد" قال ابن عدي: (أحمد بن عبد الله الكندي المعروف باللجلاج له مناكير وبواطيل وأشياء ينفرد بها من طريق، أبي حنيفة). وقال الدارقطني: (اللجلاج ضعيف). وقال عبد الحق في الأحكام: هذا الحديث باطل. قلت: إن كان من جمعة أبي علي الكندي فقد رواه الحسين بن خسرو في مسنده لأبي حنيفة من وجه آخر من طريق القاضي أبي نصر بن اشكاب عن عبد الله بن طاهر عن إسماعيل بن توبة عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة، إلا أن عبد الله بن طاهر، والراوي عنه ماعز متهمًا. وقد قال أحمد بن حنبل في الهيثم بن حبيب شيخ أبي حنيفة ما أحسن أحاديثه وأشد استقامتها ليس كما يروي عنه أصحاب الرأي. 1346 - قوله: وأما النهي عن ثمن السِّنَّوْر فثابت ولكن الجمهور على إباحته. مسلم، والبيهقي من حديث معقل عن أبي الزبير قال: "سألت جابرًا عن

ثمن الكلب والسِّنَّوْر، فقال: زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك". ورواه أحمد من حديث أبي لهيعة عن أبي الزبير مثله. ورواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من طريق عبد الرزاق عن عمر بن زيد الصنعاني أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الهرّ". لفظ أحمد وأبي داود، وقال الباقون: "نهى عن أكل الهرّ وأكل ثمنه" وقال الترمذي: (حديث غريب، وعمر بن زيد لا نعرف كبير أحدٍ روى عنه غير عبد الرزاق). قلت: وقال البخاري: (فيه نظر)، وقال ابن حبان وأبو نعيم: (يروي المناكير. لكنه لم ينفرد بالحديث عن أبي الزبير، بل تابعه عليه جماعة منهم: معقل بن عبيد الله الجزري وابن لهيعة وخير بن نعيم الحضرمي وحماد بن سلمة والحسن بن أبي جعفر. فرواية معقل الجزري وابن لهيعة تقدمتا بمعناه. ولابن لهيعة لفظ آخر مثل هذا، أخرجه أحمد وابن ماجه بلفظ: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن السِّنَّوْر" زاد أحمد: "وهو القط". ورواية خير بن نعيم رواها أحمد

والدارقطني من جهته عن أبي الزبير عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن السِّنَّوْر وهي الهرة". ورواية الباقين تقدمت في الحديث الذي قبله، وتابعه مع هذا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن الجارود،

الباب الثاني: في بيوع الربا

الباب الثاني: في بيوع الربا والدارقطني، والبيهقي من رواية عيسى بن يونس، زاد البيهقي: من رواية حفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسِّنَّوْر" وقال الترمذي: (هذا حديث في سنده اضطراب وقد رُوي هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر). قلت: ما هذا اضطراب ولا قريب من الاضطراب بل غايته أن الأعمش لم يسمّ أبا سفيان في رواية من روى عنه ذلك، وعبر عنه ببعض أصحابه فكان ماذا؟ بل الرواية التي سمت أبا سفيان عينت المبهم في تلك الرواية وقضت عليها. وقال البيهقي:

(هذا حديث صحيح على شرط مسلم دون البخاري، فإن البخاري لم يحتج برواية أبي سفيان ولا برواية أبي الزبير، ولعل مسلمًا لم يخرجه من رواية أبي سفيان في الصحيح لأن وكيع بن الجراح رواه عن الأعمش قال: قال جابر بن عبد الله فذكره ثم قال: قال الأعمش: أرى أبا سفيان، فالأعمش كان يشك في وصل الحديث فصارت رواية أبي سفيان بذلك ضعيفة) يعني في نظر مسلم لا في الواقع لأن جزمه في رواية حفص بن غياث وعيسى بن يونس يدل على أن الشك طرأ له في بعض المرات لا في جميع الأوقات، فالحديث من رواية حفص وعيسى صحيح على شرط مسلم كما قال البيهقي. 1347 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: "ألَّا وإنَّ رِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأوَّلُ رِبًا أضَعُهُ رِبا العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ". مسلم وغيره كما سبق في الحج من حديث جابر بن عبد الله في حديثه الطويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: "فأجازَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عَرَفَة، فوجَد القُبَّةَ قد ضُربت له بنَمِرة، فنزل بها، حتّى إذا زاغت الشمسُ أمرَ بالقَصْواءِ فرُحِلَت له، فأتى بطنَ الوادي، فخطبَ الناسَ وقال: إنَّ دماءَكُمْ وأموالكُمْ حرامٌ كحُرْمَة يومِكُمْ هذا، في شهرِكُمْ هذا، في بلدكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ من أمرِ الجاهليَّة تحت قدميَّ مَوْضُوع، ودماءُ الجاهليَّة مَوْضُوعة، وإنَّ أوَّلَ دمٍ أضعُ من دمائنَا دمُ ابن ربيعةَ بن الحارِثِ،

كانَ مُسْترضِعًا في بني سَعْدٍ فقتلَتْهُ هُذَيْلٌ، ورِبا الجاهليَّةِ مَوْضُوعٌ، وأوَّل رِبًا أضعُ ربانًا، رِبا عبَّاس بن عبد المُطَّلِب، فإنه مَوْضُوعٌ كُلُّه" الحديث. وفي الباب عن أبي حرة الرقاشي عن عمه عند أحمد والدارمي. وعن عمرو ابن الأحوص عند أبي داود، والترمذي: 1348 - حديث ابن عباس: "لا رِبًا إلَّا في النَّسِيئَةِ". ليس هو من حديث ابن عباس؛ إنَّما هو من روايته عن أسامة بن زيد، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وجماعة من حديث عمرو بن

دينار عن أبي صالح الزيات قال: "سمعت أبا سعيد الخدري يقول: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم مِثْلًا بمِثْل، من زاد أو ازداد فقد أربى" فقلت له: إنّ ابن عبّاس يقول غير هذا. فقال: لقد لقيت ابن عباس فقلتُ: أرأيتَ هذا الذي تقول، أشيءٌ سمعتَهُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو وجدتَهُ في كتاب الله -عز وجل-؟ فقال: لم أسمعهُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم أجده في كتاب الله، ولكنّ حدَّثني أُسامة بن زَيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الرِّبا في النَّسِئَةِ" لفظ مسلم. وفي رواية له: "إنَّما الربا في النَّسيئة" وفي أخرى له: "لا ربًا إلَّا فيما كان يدًا بيد". ولفظ البخاري: "لا ربًا إلَّا في النَّسيئة". 1349 - قوله: وإنَّما صار جمهور الفقهاء إلى أن الربا في هذين النوعين لثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -. سيأتي ذلك في أحاديث الباب.

1350 - حديث عبادة بن الصامت قال: "سَمِعْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بالذهَبِ والفِضَّةِ بالفِضَّةِ والبُرِّ بالبُرِّ والشَّعيرِ بالشَّعِيرِ والتمْرِ بالتمْرِ والمِلْحِ بالمِلْحِ إلَّا سَواءً بِسواءٍ، عينًا بِعَيْنٍ فَمَنْ زادَ أوِ ازْدَادَ فَقَدْ أرْبى". أحمد والدارمي ومسلم واللفظ له والأربعة وغيرهم وله ألفاظ يأتي بعضها. 1351 - حديث عمر بن الخطاب: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رِبًا،

إلَّا هاءَ وهَاءَ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وهَاءَ، والشَّعِيرِ بالشعِيرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ". مالك، وأحمد، والدارمي والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة، وعند أكثرهم "الذهب بالورِق" وهي رواية مالك. 1352 - قوله: وذلك في بعض الروايات الصحيحة في حديث عبادة بن الصامت. وفيها: "وبيعُوا الذَّهَبَ بالوَرِقِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بيدٍ، والبُرُّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ".

أحمد، ومسلم من حديث عبادة السابق وزاد في آخره: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد". ولأبي داود والنسائي، عن عبادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذهب بالذهب تِبْرُها وعَيْنها، والفضة بالفضة تِبرها وعينها، والبر بالبر مُدْيٌ بمُدْيٍ

والشعير بالشعير مُدْي بمدي، والتمر بالتمر مُدْي بمُدْي، والملح بالملح مُدْي بمُدْي، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة، والفضة أكثرهما يدًا بيد، ولما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البُرّ بالشعير والشعير أكثرهما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا". وللترمذي بعد اللفظ السابق قبل حديث عقب قوله: "فمن زاد أو

ازداد فقد أربى. بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدًا بيد وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدًا بيد، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدًا بيد". ولابن ماجه: "وأمَرَنا (يعني

النبيّ - صلى الله عليه وسلم -) أن نبيع البُرَّ بالشعير والشعير بالبُرِّ يدًا بيد كيف شئنا". وللنسائي نحوه إلّا أنه قال: "وأمرنا أن نبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر يدًا بيد كيف شئنا". 1353 - حديث مَعْمَر بن عبد الله قال: كُنْتُ أسمعُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الطَّعَامُ بالطَّعَامِ مِثْلًا بمِثْلٍ".

أحمد، ومسلم والبيهقي، بزيادة قال: "وكان طعامُنا يومئذٍ الشعير". 1354 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لعامله بَخيْبَر من حديث أبي سعيد وغيره: "إلَّا كَيْلًا بكَيْلٍ يدًا بيد". قلت: لم أجده بهذا اللفظ وهو غريب جدًا. وقد روى البخاري في الاعتصام من صحيحه، ومسلم والبيهقي، كلهم من طريق سليمان بن بلال عن عبد

المجيد بن سهيل أنه سمع سعيد بن المسيب أن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة حدثاه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا بني عَدِيّ الأنصاري فاستعمله على خيبر، فقدِم بتمر جَنيب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَكُلُّ تمرِ خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنّا لنشتري الصَّاعَ بالصَّاعين من الجمْعِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تفعلوا، ولكن مِثْلًا بمِثْل، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان". ورواه مالك في الموطأ، والبخاري، ومسلم، من طريقه عن عبد المجيد بن سهيل، وفيه: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فلا تفعل، بعْ الجَمْع بالدراهم ثم ابتعْ بالدراهم جَنيبًا". ورواه الدارقطني من طريق الدراوردي عن عبد المجيد به "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سواد بن غزية أخا بني عدي من الأنصار" فذكر مثل لفظ مالك إلَّا أنه زاد فيه: "وكذلك الميزان" كما قال سليمان بن بلال. 1355 - قوله: منها أنهم رووا في بعض الأحاديث المتضمنة المسميات المنصوص عليها في حديث عبادة زيادة، وهي "كذلك ما يُكَال ويُوزَنَ" وفي بعضها: "وكذلك

المِكْيَالُ والميزان". قلت: أما اللفظ الأول فرواه إسحاق بن راهويه في المسند وابن عدي في الكامل وابن حزم في المحلى والبيهقي في السنن، كلهم من حديث حيّان بن عبيد الله قال: "سألت أبا مجلز عن الصرف؟ فقال: يدًا بيد، كان ابن عباس لا يرى به بأسًا ما كان منه يدًا بيد. فأتاه أبو سعيد فقال له: ألا تتقي الله، حتى متى يأكل الناس الربا؟ أو ما بلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة، يدًا بيد، عينًا بعين، مِثْلًا بمِثْل، فما زاد فهو رِبًا؟ ثم قال: وكذلك ما يكال ويوزن أيضًا. فقال ابن عباس لأبي سعيد: جزاك الله الجنة، ذكّرتني أمرًا قد كنت أنسيته فأنا أستغفر الله وأتوب إليه. فكان ينهى عنه بعد

ذلك". قال ابن عدي: (تفرد به حيان). قال البيهقي: (وقد تكلموا فيه). وأطال ابن حزم في تعليل هذا الحديث من جهة الإسناد والمعنى فقال: (أولًا هو منقطع لأن أبا مجلز لم يسمعه لا من أبي سعيد ولا من ابن عباس، وذكر فيه أن ابن عباس تاب ورجع عن القول بذلك، وهذا باطل، فقد روى الثقة المختص به خلاف هذا. ثم أسند من طريق أحمد بن حنبل عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: ما كان الربا قط في هاء وهات وحلف سعيد بن جبير بالله ما رجع عنه حتى مات. قال ابن حزم: ثم هو من رواية حيان بن عبيد الله وهو مجهول ثم لو انسند لما كانت فيه حجة، لأن قوله: "وكذلك ما يكال ويوزن" ليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من

كلام أبي سعيد لو صحّ. وهو أيضًا عنه منقطع لأن هذا خبر رواه نافع، وأبو صالح السمان، وأبو المتوكل الناجي، وسعيد بن المسيب، وعقبة بن عبد الغافر وأبو نضرة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد الجريري، وعطاء بن أبي رباح، كلهم عن أبي سعيد الخدري، وكلهم ذكروا أنهم سمعوه منه، وكلهم متصل الأسانيد بالثقات المعروفين إليهم، ليس منهم أحد ذكر هذا اللفظ فيه، يعني: "وكذلك ما يكال ويوزن" -وهو بين في الحديث المذكور نفسه لأنه لما تمَّ كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو مجلز: ثم قال فابتدأ الكلام المذكور مفصولًا عن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما يبعد أن يكون من كلام أبي مجلز وهو الأظهر فبطل من كل جهة) اهـ. وهو كلام جيد للغاية وقد أعطى ابن حزم لهذا الحديث حقه من البحث الدقيق النفيس وزاد بيان بطلانه من جهة المعنى مما هو خارج عن بحث موضوع التخريج فليطلب منه، فإنه نفيس للغاية. إلَّا أن قوله في حيان بن عبيد الله أنه مجهول زعم الحافظ في ترجمته من اللسان أن ابن حزم لم يصب فيه. وأظن أن الحافظ هو الأولى بذلك لأنه لم يذكر له من الرواة ما يحقق رفع الجهالة عنه. وقد قال البخاري: (ذكر الصلت منه الاختلاط)، وذكره ابن عدي في الضعفاء كما سبق، وكذلك العقيلي وقال: (لا يتابع على حديثه). وروى الدارقطني من طريق المبارك ابن مجاهد عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا

ربا إلَّا في ذهب أو فضة، أو ما يكال أو يوزن مما يؤكل ويشرب" قال الدارقطني: (هذا مرسل، ووهم المبارك على مالك في رفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قول سعيد بن المسيب) وقال ابن القطان: (المبارك بن مجاهد ضعيف ومع ضعفه فقد انفرد عن مالك برفعه والناس رووه عنه موقوفًا). قلت: وكذلك هو في الموطأ عن سعيد بن المسيب من قوله، فرفعه باطل جزمًا، ولهذا قال ابن حبان: (لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد)، وضعّفه قتيبة جدًا، وذكره ابن الجارود والدولابي، والعقيلي وابن عدي في الضعفاء.

وأما اللفظ الثاني وهو: "وكذلك المكيال والميزان" فلم أره يذكر المكيال، وقد سبق عزوه إلى الصحيح بزيادة: "وكذلك الميزان" في حديث أبي سعيد وأبي هريرة دون ذكر المكيال، وقد بين الحفاظ أن هذه الكلمة ليست مرفوعة من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال البيهقي: (ويقال إن هذا اللفظ من جهة أبي سعيد الخدري قال: ويستدل على ذلك برواية داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري في احتجاجه على

ابن عباس بقصة التمر قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيت إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعةٍ ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت" قال أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة فكان هذا قياسًا من أبي سعيد للفضة على التمر الذي روى فيه قصته، إلَّا أن بعض الرواة رواه مفسرًا مفصولًا، وبعضهم رواه مجملًا موصولًا). أما ابن حزم فأثبتها مرفوعة، ولكن بيَّن معناها بما يبطل التعلق بها. 1356 - حديث عمرو بن العاص: "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرُه أن يأخُذَ في قَلائصِ

الصَّدَقةِ، البَعِيرَ بالبَعِيرَيْنِ إلى الصَّدَقَة". قلت: كذا وقع في الأصل عمرو بن العاص، وهو وهم من المصنف، والصواب عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد وأبو داود، والدارقطني، والحاكم؛ والبيهقي، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهّز جيشًا، فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قِلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين الى إبل الصدقة". وفي لفظ للدارقطني: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشتر لي إبلًا بقلائص غن الصدقة إذا جاءت حتى تؤدّي إليهم، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص، حتى فرغت، فأدّى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إبل الصدقة". وفي لفظ له: "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُجهِّز جيشًا فنفدت الإبل، فأمرنا أن نأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة". وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم) وأمَره الذهبي. وصحّحه غيرهما أيضًا وهو الحق. وطعن فيه ابن القطان للاضطراب الواقع فيه من ابن إسحاق وبجهالة بعض رواته. وليس الأمر كما قال، ثم إنه لم يقع له إلَّا من طريق ابن إسحاق وقد أخرجه الدارقطني والبيهقي من وجه آخر من رواية عمرو

ابن شعيب عن أبيه عن جده، وصححه من هذا الوجه البيهقي، وهو كذلك لأن رجاله ثقات رجال الصحيح، فزال ما يخشى من اضطراب ابن إسحاق، وبانضمام روايته إلى هذا الطريق يزداد الحديث قوة ومتانة وصحة وله مع ذلك شواهد يطول ذكرها. فائدة: روى الطحاوي هذا الحديث وزاد في آخره: ثم نسخ ذلك. فروى من طريق أبي عمر الحرضي، ومن طريق الخصيب قالا حدثنا حماد بن سلمة عن محمد ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريث عن عبد الله بن عمرو به بالزيادة المذكورة وهي زيادة غريبة يجب النظر فيها من أين دخلت في الحديث وممن زادها فيه. 1357 - حديث الحسن عن سَمُرَة: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَيَوَانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَة". كذا هو لفظ الحديث وإن سقط من الأصل لفظ "نسيئة". أخرجه أحمد

والدارمي وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود والطحاوي، والبيهقي وغيرهم، وقال الترمذي: (حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره). وقال البيهقي: (أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة) والسند عن الإمام الشافعي أنه قال: هذا الحديث غير ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 1958 - حديث جابر: "الحَيَوانُ اثْنان بِوَاحِدٍ، لا يَصْلُحُ النَّساءُ ولا بأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ".

قال المصنف: رواه الترمذي. قلت هو كذلك رواه من طريق حجّاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر، وقال: (حديث حسن). ومن طريق حجّاج أيضًا أخرجه أحمد في المسند، وابن ماجه في السنن. ورواه الطحاوي في معاني الآثار من وجه آخر من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن أبي الزبير، ولفظه عن جابر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرى بأسًا ببيع الحيوان بالحيوان، اثنين بواحد، ويكرهه نسيئة". وفي الباب عن جابر بن سمرة وابن عمر وابن عباس. فحديث جابر بن سمرة رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، قال حدثني أبو إبراهيم الترجماني هو إسماعيل بن إبراهيم ثنا أبو عمر المقري عن سماك عن جابر بن سمرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة". ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر من رواية داود بن مهران عن محمد بن الفضل بن عطية عن سماك به. وحديث ابن عمر رواه الطبراني في الكبير من طريق محمد بن دينار الطَّاحي عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر به مثل الذي قبله. ومحمد بن دينار

مختلف فيه. وقد نقل الترمذي عن البخاري أنه قال: (إنما يروى هذا عن زياد بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا). وله طريق آخر رواه أحمد، والطبراني في الكبير، كلاهما من رواية أبي جناب الكلبي عن أبيه عن ابن عمر بمعناه في حديث مطول. وأبو جناب الكلبي ضعيف، ومع ضعفه فهو مدلس. وحديث ابن عباس رواه ابن حبان وابن الجارود في صحيحيهما، والطحاوي في معاني الآثار، والطبراني في الكبير والأوسط، والدارقطني، والبيهقي، وجماعة، كلهم من حديث معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة". قال البيهقي: (هكذا رواه جماعة عن معمر موصولًا، وذلك وهم، والصحيح عن معمر عن يحيى عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا). ثم أخرجه من طريق الفريابي عن الثوري عن معمر به مرسلًا، ثم قال: (وكذلك رواه عبد الرزاق وعبد الأعلى عن معمر، وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. قال: وروينا عن البخاري أنه وهن رواية من وصله). ثم أسند عن ابن خزيمة أنه قال: (الصحيح عند أهل المعرفة بالحديث أن هذا الخبر مرسل ليس بمتصل). وتعقّبه ابن

التركماني فقال: (حاصله أنه اختلف على الثوري فيه فرواه عنه الفريابي مرسلًا، ورواه عنه الزبيري والذماري متصلًا، واثنان أولى من واحد، كيف وقد تابعهما أبو داود الحفري فرواه عن سفيان موصولًا، كذلك أخرجه ابن حبان في صحيحه، فظهر بهذا أن رواية من رواه عن الثوري موصولًا أولى من رواية من رواه عنه مرسلًا، واختلف أيضًا على معمر فيه، فرواه عنه عبد الرزاق وعبد الأعلى مرسلًا على أن عبد الرزاق رواه أيضًا عنه موصولًا كما رأيت في نسخة جيدة من نسخ المصنف له، ورواه عن معمر ابنُ طهمان والعطار موصولًا، وتأيدت روايتهما بالرواية المذكورة عن عبد الرزاق وبما رجح من رواية الثوري، فظهر أن رواية من رواه عن معمر موصولًا أولى، ومعمر أحفظ من علي بن المبارك فروايته عن يحيى موصولًا أولى من رواية ابن المبارك عنه مرسلًا، وبالجملة فمن وصل حفظ وزاد فلا يكون من قصر حجة عليه، وقد أخرج البزار هذا الحديث وقال: ليس في هذا الباب حديث أجل إسنادًا منه) الخ. ما قال ابن التركماني وهو الحق الذي لا يشك فيه منصف، إلَّا أنهم إذا رأوا حديثًا معارضًا لما هو أرجح منه في نظرهم حاولوا تضعيف المرجوح بما لا يكاد يوافق أصلًا من الأصول، بل ولا قولًا من الأقوال، واعتمدوا في طعنهم على مجرد الرأي والاستحسان، وأشد الناس في ذلك المقلدة عند نصرة مذهبهم، وفي مقدمتهم ابن التركماني نفسه فهو إنما صرح بالحق وتمشى مع الأصول والقواعد لكون الحديث موافقًا لمذهبه وإلا لرأيت منه العجب العجاب من التحريف والروغان واللف والدوران، وأيا ما كان فالحق في هذا الحديث أنه صحيح، وخلاف هذا لا يسمع من المتفوه به كائنًا من كان، وبعد هذا فليفزع إلى الجمع والترجيح بينه وبين النص المبيح السابق.

1359 - قوله: قال ابن المنذر: ثبت "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرى عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ أسْوَدَيْن". و"اشْتَرى جارِيةً بِسَبْعَةِ أرْؤسٍ". أما شراء العبد بالعبدين فرواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن الجارود، والبيهقي من حديث جابر بن عبد الله قال: "جاء عبد فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة ولم يشعُرْ أنه عبد، فجاء سيِّدُه يريده، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعْنِيه، فاشتراه بعبدَيْن أسودين، ثم لم يبايع أحدًا بعد حتى يسأله أعبد هو" ولفظ ابن الجارود عن جابر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى عبدًا بعبدين أسودين".

وأما حديث الجارية فرواه الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من حديث أنس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى صبية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي". 1360 - حديث: "لا تَبِيعُوا مِنْها غائبًا بِناجِزٍ". متفق عليه من حديث أبي سعيد قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلَّا مِثْلًا بِمِثْل، ولا تُشِفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالوَرِق إلَّا مِثْلًا بمِثْل ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائبًا بناجِز".

1361 - حديث: "لا تَبِيعُوا البُرَّ بالبُرِّ والشَّعِيرَ بالشَّعِيرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ". تقدم معناه في حديث عبادة بن الصامت وغيره. 1362 - قوله: وأيضًا فإن في بعض طرق حديث عبادة بن الصامت: "وَبِيعُوا الذَّهَبَ بالفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ، والبُرَّ بالشَّعِيرِ كَيْفَ شِئْتُمْ، والمَلْحَ بالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" قال المصنف: ذكره عبد الرزاق ووكيع عن الثوري، وصحح هذه الزيادة الترمذي.

قلت: تقدم عزو هذه الزيادة عقب حديث عبادة. 1363 - حديث: "الطَّعامُ بالطَّعامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ".

تقدم من حديث معمر بن عبد الله عند أحمد، ومسلم وغيرهما.

1364 - حديث مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المُسَيِّب: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بيْعِ الحَيَوانِ باللَّحْمِ". هو كذلك في الموطأ، وأخرجه أيضًا الشافعي، وأبو داود في المراسيل، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، وغيرهم، من طريق مالك، ومن طريق غيره أيضًا. قال ابن عبد البر: (لا أعلمه يتصل من وجه ثابت، وأحسن أسانيده مرسل سعيد هذا، إلَّا ما حدثنا خلف بن القاسم ثنا محمد بن عبد الله بن أحمد حدثنا أبي ثنا أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي ثنا يزيد بن عمرو الغنوي ثنا يزيد بن مروان ثنا مالك

عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع اللحم بالحيوان" قال: وهذا حديث إسناده موضوع لا يصح عن مالك ولا أصل له في حديثه). قلت: ويزيد بن مروان كذاب وضاع، وقد أخرجه الدارقطني في السنن من طريقه أيضًا وقال: (تفرد به يزيد بن مروان عن مالك بهذا الإِسناد ولم يتابع عليه، وصوابه في الموطأ عن ابن المسيب مرسلًا). وأخرجه من طريقه أيضًا أبو نعيم في الحلية وقال: (تفرد به يزيد بن عمرو عن يزيد بن مروان). وقال البيهقي في السنن عقب مرسل ابن المسيب: (هذا هو الصحيح، ورواه يزيد بن مروان الخلال عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد مرفوعًا وغلط فيه). قلت: يلام البيهقي على هذه العبارة ولابد فإنه لا معنى للحكم بالغلط على رجل كذبوه واتهموه بالوضع. ثم إن قول ابن عبد البر: (لا أعلمه يتصل من وجه ثابت) متعقب بوروده متصلًا من حديث سمرة وابن عمر. فحديث سمرة أخرجه الحاكم في المستدرك من رواية الحسن عنه: "أن

النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشاة باللحم" ثم قال: (صحيح الإسناد، رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات ولم يخرجاه، وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة). وأخرجه البيهقي من طريق ابن خزيمة أنه سئل عن بيع مسلوخ بشاة فقال: ثنا أحمد بن حفص السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع الشاة باللحم" قال البيهقي: (هذا إسناد صحيح ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عده موصولًا، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب والقاسم بن أبي بزة). وحديث ابن عمر رواه البزار من حديث ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان". وثابت بن زهير منكر الحديث. وفي الباب مرسلان آخران: أحدهما رواه الطبراني في الكبير برجال الصحيح عن عبيد بن نضلة الخزاعي: "أن رجلًا نحر جزورًا فاشترى منه رجل عشيرًا بحقة، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرده" قال أبو نعيم: (قال فيه بعض أصحابنا عن سفيان قال فيه إلى أجل). لكن رواه أيضًا بلفظ آخر عنه قال: "أصاب الناس جهد شديد

على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فعشر رجل بعيرًا له عشرًا ثم قال: من أحب أن يأخذ عشيرًا من هذا اللحم بقلوص إلى حبل الحبلة، فأخذ الناس، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر أن يرد، فرد البيع" ورجاله رجال الصحيح أيضًا. وبينت هذه الرواية أن الأولى وقع فيها اختصار.

ثانيهما رواه البيهقي من طريق الشافعي أنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة قال: قدمت المدينة فوجدت جزورًا قد جزرت فجزئت أربعة أجزاء، كل جزء منها بعناق، فأردت أن أبتاع منها جزءًا، فقال لي رجل من أهل المدينة: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يباع حي بميت" سألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرًا.

1365 - حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا جَفَّ؟ فقالوا: نعم. فنهى عن ذلك". عزاه في الأصل لمالك، وهو كذلك رواه مالك عن عبد الله بن يزيد أن زيدًا أبا عيّاش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسُّلْت؟ فقال سعد: أيتهما أفضل؟ قال البيضاء. فنهاه عن ذلك. وقال سعد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسأل، وذكره. ومن طريق مالك رواه الشافعي والطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والحاكم

والبيهقي، وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلَّا الصحيح خصوصًا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد الله بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش). قلت: سيأتي تمام الكلام على هذا الحديث في الذي بعده. 1366 - قوله: والحديث أيضًا اختلف الناس في تصحيحه ولم يخرجه الشيخان. قال الطحاوي: خولف فيه عبد الله، فرواه يحيى بن أبي كثير عنه: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بيْعِ الرُّطَبِ بالتَمْرِ نَسِيئَةً". وقال: إن الذي يروى عنه هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص هو مجهول.

قلت رواية يحيى بن أبي كثير رواها أبو داود والطحاوي في معاني الآثار والدارقطني والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد به، أما الحاكم فرواه من جهة حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير به. وقال الطحاوي: هذا أصل الحديث فيه ذكر النسيئة، زاده يحيى بن أبي كثير على مالك بن أنس فهو أولى، وقد روى هذا الحديث أيضًا غير عبد الله بن يزيد على مثل ما رواه يحيى بن أبي كثير أيضًا، حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله حدثه عن عمران بن أبي أنس أن مولى لبني مخزوم حدثه: "أنه سئل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل؟ فقال سعد: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا". قال: فهذا عمران بن أبي أنس، وهو رجل متقدم معروف، قد روى هذا الحديث كما رواه يحيى بن أبي كثير، فكان ينبغي أن يكون حديث عبد الله بن يزيد، لما اختلف عنه فيه، أن يرتفع ويثبت حديث عمران هذا، فيكون النهي الذي جاء في حديث سعد إنما هو لعلة النسيئة لا لغير ذلك، هـ.

وخالفه الدارقطني والبيهقي، فقال الدارقطني عقب رواية يحيى بن أبي كثير: (خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد، رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه نسيئة، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ وهو مالك بن أنس). زاد البيهقي بعد إسناده هذا الكلام عن الدارقطني: (والعلة المنقولة في هذا الخبر تدل على خطأ هذه اللفظة، وقد رواه عمران بن أبي أنس عن أبي عياش نحو رواية الجماعة) ثم أسند من طريق الربيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمران بن أبي أنس قال: سمعت أبا عياش يقول: "سألت سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن اشتراء السلت بالتمر؟ فقال سعد: أبينهما فضل؟ قالوا: نعم. قال: لا يصلح. وقال سعد: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اشتراء الرطب بالتمر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبينهما فضل؟ قالوا: نعم الرطب ينقص، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا يصلح". وتعقبه ابن التركماني فقال: (أخرج أبو داود رواية يحيى ثم قال عقبها: رواه عمران

ابن أبي أنس عن مولى بني مخزوم عن سعد نحوه. وظاهر هذا أن عمران رواه كرواية يحيى وعلى خلاف رواية الجماعة، ويوضح ذلك ما ذكره الطحاوي في مشكل الحديث فقال: حدثنا يونس ثنا ابن وهب الحديث السابق. ثم قال: فظهر بهذا أن عمران رواه على موافقة رواية يحيى ومخالفة رواية الجماعة، وهذا السند أجل من السند الذي ذكره البيهقي، يونس هو ابن عبد الأعلى حافظ احتج به مسلم وهو أجل من الربيع، وهو المرادي، لأنه كان في عقله شيء حكاه ابن أبي حاتم عن النسائي ولم يخرج له صاحبا الصحيح، وعمرو بن الحارث المصري الراوي عن بكير حافظ جليل وهو أجل من مخرمة بن بكير بلا شك لأن مخرمة ضعفه ابن معين وغيره، وقال ابن حنبل وابن معين: لم يسمع من أبيه إنما وقع له كتابه، ومالك قد اختلف عليه في سند الحديث كما ذكره البيهقي، واختلف أيضًا على إسماعيل فروى عنه نحو رواية مالك، ذكره البيهقي وغيره، وروى الطحاوي عن المزني عن الشافعي عن ابن عيينة عن إسماعيل عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الزرقي عن سعد الحديث، قال الطحاوي: وهذا محال، أبو عياش الزرقي صحابي جليل وليس في سنن عبد الله بن يزيد لقاء مثله، واختلف أيضًا على أسامة فرواه عنه ابن وهب نحو رواية مالك، ورواه الليث عن أسامة وغيره عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة، وفي أطراف المزي رواه زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش عن سعد موقوفًا، ولم يذكر

الدارقطني ولا غيره فيما علمنا سند رواية الضحاك لينظر فيه، ولو سلم حديث هؤلاء من الاختلاف كان حديث يحيى بن أبي كثير أولى بالقبول من حديثهم لأنه زاد عليهم وهو إمام جليل، وزيادة الثقة مقبولة، كيف وفي رواية عمران بن أبي أنس التي ذكرناها ما يقوي حديثه وتبين أنه لم ينفرد به، ويظهر من هذا كله أن الحديث قد اضطرب اضطرابًا شديدًا في سنده ومتنه، وزيد مع الاختلاف فيه هو مجهول لا يعرف، كذا قال ابن حزم وغيره، وأخرج صاحب المستدرك هذا الحديث من طرق منها رواية يحيى ثم صحّحه ثم قال: لم يخرجه الشيخان لما خشيا من جهالة زيد، وفي تهذيب الآثار للطبري علل الخبر بأن زيدًا انفرد به وهو غير معروف في نقلة العلم) انتهى كلام ابن التركماني. وهو تطويل بتهويل وتمويه بتحويل، فإن أحدًا من العقلاء فضلًا عن أهل الحديث لا يقول بتقديم رواية الواحد على الجماعة خصوصًا وفي الجماعة مالك، وهو عكس القضية، وجعل رواية الواحد في مقابلة الجماعة التي فيها مالك مقدمة. وبطلان هذا لا يشك فيه ابن التركماني فضلًا عن أن يخفى عليه. أضف إلى هذا أن ما تضمنته رواية الجماعة قد صح متواترًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث جماعة من الصحابة خرجت أحاديثهم في الصحيح معرفة "بأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر" الأول بمثلثة والثاني بمثناة، وهو معنى "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر" الذي رواه مالك وموافقوه، فالثمر بمثلثة شامل للرطب وغيره من الفواكه الرطبة، ولهذا احتج بها ابن حزم على هذه الصورة المذكورة في حديث مالك مع إعراضه عن هذا الحديث لعدم

صلاحيته للاحتجاج في نظره لكونه لم يعرف زيدًا أبا عياش، فرد حديثه لجهالته عنده مع أنه ليس كذلك، فالأحاديث المذكورة شاهدة لحديث الباب ومقوية له ومرجحة لقول مالك وموافقيه على قول يحيى بن أبي كثير وزيادته. وأيضًا فقد صرح الطحاوي وابن حزم وغيرهما بتواتر أحاديث النهي عن المزابنة. والمزابنة هي بيع الثمر بالتمر كيلًا وحتى لو قلنا بقول أبي حنيفة في تفسيرها وأنها بيع التمر في رؤوس النخل، فالأحاديث الأخرى المفسرة لها بما قلنا فيها زيادة، والزيادة يجب قبولها من الثقة فضلًا عن جماعة الصحابة الذين فسروها لمجرد بيع الثمر بالتمر بدون قيد كونه في رؤوس النخل لأن تلك إنما هي صورة من صوره التي كانت تقع غالبًا أيام وجود الرطب. وأيضًا فإن العلة التي ذكرها البيهقي قاطعة في بطلان رواية يحيى بن أبي كثير وتحقيق دخول الوهم فيها وبتصحيح رواية مالك والجماعة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل عن الرطب أينقص إذا جف؟ فلما أجيب بذلك قال: فلا إذًا، فنصّ على أن النقص الموجب للتفاضل هو العلة. ولو كانت العلة هي التأخير والنسيئة لما سأل عن ذلك ولذكر النهي عن النسيئة من أول مرة، وهذا قاطع واضح. ولذلك أضرب عنه ابن التركماني لعدم إمكان الجواب عنه. ثم نعود إلى باقي تمويهاته فنقول: أما تقديمه رواية يونس بن عبد الأعلى على الربيع

ابن سليمان المرادي، لأن يونس أحفظ وأجل من الربيع المرادي، فمردود لأن كلًا من الربيع ويونس حافظ ثقة في درجة واحدة إن لم يكن الربيع أجل من يونس لأن الربيع هو رواية كُتب الإمام الشافعي، والمزني مع جلالته أخذ ما فاته سماعه من الشافعي من كتاب الربيع ولم يأخذ عن يونس بن عبد الأعلى، وأيضًا فيونس بن عبد الأعلى قد عدوا من منكراته حديث: "لا مهدي إلا عيسى" واتهمه الذهبي بالتدليس ولم يقع مثل ذلك في حق الربيع. وأما قوله: (في عقله شيء) فهي عبارة فاسدة موهمة أن في عقله خللًا، وليس كذلك، إنما قالوا: كانت فيه غفلة يعني في أمور الدنيا، لا في العلم والحفظ، فإنهم اتفقوا على وصفه بالثقة والثبت والإتقان، والغفلة في أمور الدنيا غير ضائرة، لأن ذلك كان وصف كثير من العلماء، ولاسيما الصالحين والأتقياء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أكثر أهل الجنة البله" كما قال الطحاوي في مشكل الآثار: حدثني محمد بن عزيز الأيلي ثنا سلامة بن روح عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما قوله: (إن الربيع لم يخرج له صاحبا الصحيح) فتمويه ليس وراءه متنفس، فإنه ليس كل الثقات روى لهم صاحبا الصحيح، ولا كل من أعرضا عنه ليس بثقة، بل فيمن لم يرويا عنه وتركاه من هو أجل بكثير ممن رويا عنه كأئمة أهل البيت -رضي الله عنهم- وأمثالهم. وهذا إمامه أبو حنيفة لم يرويا عنه، وزادا هم وغيرهم التصريح بضعفه مع عدم الرواية عنه، فهل يرى أنه ضعيف من أجل ذلك، أو أن رواية غيره ممن خرجا له مقدمة على روايته. وهذا يونس بن عبد الأعلى نفسه قد روى له مسلم، وأعرض

عنه البخاري الذي هو أعلى وأجل من مسلم بالاتفاق، فهل ذلك يكون دليلًا على سقوط روايته عند التعارض، إذا كان كذلك فرواية مالك وموافقيه الذين اتفقا على الرواية عنهم مقدمة على رواية يونس لهذا الحديث. وأما قوله في عمرو بن الحارث: (أنه أجل من مخرمة بن بكير، وأن مخرمة ضعفه ابن معين) فليس كذلك، بل عمرو بن الحارث ومخرمة في درجة واحدة أيضًا وإن كان ابن معين ضعف مخرمة، فإن أحمد بن حنبل ضعف عمرو بن الحارث وقال: (قد كان عمرو عندي ثقة ثم رأيت له مناكير)، وقال في موضع آخر: (يروي عن قتادة أشياء يضطرب فيها ويخطئ)، فإن كان كلام ابن معين ضائرًا لمخرمة بن بكير، فكلام أحمد ضائرًا لعمرو بن الحارث، فهما سواء. وقوله: إن ابن حنبل وابن معين قالا: لم يسمع من أبيه إنما وقع له كتابه، فهذا من أغث ما وقع لأهل الحديث من الكلام وأسقط ما صدر عنهم من الرأي في التجريح، بل هو كلام يجب أن لا ينظر فيه

العاقل ويعده من هفوات أهل الحديث ولغوهم الباطل الذي يمر به كريمًا ولا يلتفت إليه، فإن رواية الرجل من كتاب أبيه الموثوق به أنه كتابه وخطه أعلى وأجل من الرواية عنه بالسماع، لأن الحفظ قد يخون، بل هو الواقع، وما حصل هذا الخلاف الكثير والاضطراب الشديد في متون الأحاديث من الأقدميين إلَّا من خيانة حفظهم لهم لكونهم كانوا لا يكتبون غالبًا اعتمادًا على حفظهم، ولذلك لا يوجد مثل ذلك في المتأخرين أصلًا، بل والسماع نفسه يحصل فيه ما يحصل من الوهم، لاسيما في مجلس الإملاء، مع كثرة الرواة وبعد السامع من الحافظ المملي بخلاف كتابة الذي بخطه، فالتعليق بهذا في رد الأحاديث ضرب من الجنون والنطق بالمحال الباطل، فإنه لو كان ذلك دليل الضعف لما صحّ لنا ولا لمن قبلنا بأزيد من ألف سنة حرف واحد من العلم ولا من الحديث ولا من الفقه ولا من التفسير ولا من اللغة ولا من الجرح والتعديل ولا من غير ذلك، لأن كل ما عندنا من ذلك نقل من الكتب لا سماع، ثم ليس هو نقلًا من خطوط أصحاب الكتب كرواية مخرمة من خط أبيه بل من خطوط الغير المتكررة البعيدة عن تاريخ المصنفين.

وأما قوله: (ومالك قد اختلف عليه في سند الحديث كما ذكره البيهقي) فأعجب من كل هذا، إذ يدل على وقاحة فاضحة، فإن البيهقي أسند عن علي بن المديني أنه قال: حدثناه أبي عن مالك أنه حدثه عن داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد فذكره، قال علي: (وسماع أبي من مالك قديم قبل أن يسمعه هؤلاء، فأظن أن مالكًا كان علقه قديمًا عن داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد ثم سمعه من عبد الله فحدث به قديمًا عن داود ثم نظر فيه فصححه عن عبد الله بن يزيد وترك داود بن الحصين). فقد بين علي بن المديني، إمام أهل الحديث في معرفة علل الحديث، وجه هذه الرواية التي حدثه بها أبوه عن مالك، فأعرض ابن التركماني عن ذلك وجعلها اضطرابًا في حديث مالك. ولو كان الأمر منحصرًا في هذا لكان هينًا، ولكن عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني الذي انفرد بهذه الرواية كذاب وضاع متفق على ضعفه وترك حديثه، فكيف يعتبر ما انفرد به في مخالفة جمهور ثقات الرواة عن مالك، ولو أن

البيهقي اعتمده في حكاية مثل هده لأجلب ابن التركماني عليه بخيله ورجله ولملأ الدنيا صياحًا عليه، ولكان الحق بيده لو فعل ذلك البيهقي، ولكن الفاعل لذلك الآن هو ابن التركماني. وأما ذكره الاختلاف على إسماعيل بن أمية في الحديث أيضًا بما نقله عن الطحاوي في أبي عياش الزرقي، فذلك خطأ من الطحاوي، إذ لم يعرف أن أبا عياش الزرقي رجلان: أحدهما صحابي قديم مختلف في اسمه، قيل زيد بن الصامت وقيل ابن النعمان وقيل اسمه عبيد، وقيل عبد الرحمن بن معاوية. والثاني تابعي اسمه زيد بن عياش، لم يختلف في اسمه، وكنيته أبو عياش الزرقي، ويقال المخزومي، وقد فرق بينهما أبو أحمد الحاكم ونبّه الحافظ في التهذيب على كلام الطحاوي. وأما ذكره الاختلاف على أسامة بن زيد أيضًا بأن الليث رواه عنه وعن غيره عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، موجود الغير معه صارف لوجود الاختلاف منه إلى ذلك الغير فلعل الليث أحال روايته على رواية ذلك الغير فلا يتحقق نسبة الاختلاف إليه سلمنا فلا مانع إذًا أن يكون لعبد الله بن يزيد فيه طريقان. فإن هذا المعنى مشهور متواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه عنه الجمع الغفير من أصحابه كابن عمر وأبي هريرة وسهل بن حثمة ورافع بن خديج إلى أزيد من عشرة من الصحابة. فأي مانع أن يسمعه عبد الله بن يزيد من الطريقين، ولو شئنا لقلنا

كما قال هو في رواية الضحاك بن عثمان وطالبناه بعزو رواية الليث وذكر السند إليه حتى ننظر فيه، بل مطالبته هو بذلك أولى من مطالبة الدارقطني كما فعل هو معه. وأما كون زياد بن أيوب رواه عن علي بن غراب عن أسامة به موقوفًا على سعد، فعلي بن غراب فيه ضعف واختلاف، وعلى فرض الاتفاق على ثقته فأكثر أحاديث الصحيحين رواها الأقدمون: مالك وشعبة وعبد الرزاق وابن أبي شيبة ووكيع وحماد بن سلمة وأمثالهم موقوفة، بل كان الأقدمون ينصرون وقف الأحاديث احتياطًا فلم يعلل أحد أحاديث الصحيحين برواية أولئك الأئمة لها موقوفة. ولئن كان علي بن غراب أوقف الحديث فقد رفعه الثقات والقول قول الرافع لأن معه زيادة. وأما زعمه أن زيدًا مجهول، تقليدًا لمن سبقه إلى ذلك، فقد سبق الحفاظ إلى الرد على من وصفه بذلك فقال الخطابي في معالم السنن: (قد تكلم بعض الناس في إسناد حديث سعد بن أبي وقاص، وقال زيد أبو عياش ضعيف -يعني مجهولًا- وليس الأمر على ما توهمه، وأبو عياش هذا مولى بني زهرة معروف، وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو لا يروي عن رجل متروك الحديث بوجه، وهذا من شأن مالك وعادته معلوم، وقد روى أبو داود مثل حديث سعد من طريق ابن عمر). وقال ابن الجوزي في التحقيق: (قال أبو حنيفة: زيد أبو عياش مجهول، فإن كان هو لم يعرفه فقد

عرفه أئمة النقل). وقال الحافظ زكي الدين المنذري: (حكي عن بعضهم أنه قال: زيد أبو عياش مجهول، وكيف يكون مجهولًا وقد روى عنه اثنان ثقتان: عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتج لهم في صحيحه، وقد عرفه أئمة هذا الشأن، فالإمام مالك قد أخرج حديثه في الموطأ مع شدة تحريه في الرجال ونقده وتتبعه لأحوالهم. والترمذي قد صحّح حديثه، وكذلك الحاكم في المستدرك، وقد ذكره مسلم في كتاب الكُنى، وكذلك ذكره النسائي في كتاب الكُنى، وكذلك ذكره الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في الكنى، وذكروا أنه سمع من سعد بن أبي وقاص وما علمت أحدًا ضعفه) هـ. وقال الحافظ: ذكره ابن حبان في الثقات، وصحح الترمذي وابن خزيمة وابن حبان حديثه المذكور، وقال فيه الدارقطني: ثقة. ثم ذكر كلام الحاكم السابق في تصحيح هذا الحديث عقب عزوه. قلت: وسيأتي في الذي بعده توثيق ابن التركماني للعالية امرأة أبي إسحاق،

وهي مثل أبي عياش ما قيل فيها يقال فيه ولا فارق، وكم لها من نظير في كلامه. 1367 - حديث العالية عن عائشة أنّها سمعتها وقد قالت لها امرأة كانت أم ولد لزيد بن أرقم: "يا أمَّ المؤمنين إِنَي بِعْتُ من زيد عبدًا إلى العطاء بثمانمائة فاحتاجَ إلى ثمنِهِ فاشتريتُهُ منهُ قبل مَحلِّ الأجَلِ بستمائة، فقالت عائشة: بِئْسَما شَرَيْتِ وبِئْسَما اشتَرَيْتِ، أبلِغي زَيْدًا أئه قَدْ أبطل جِهَادَهُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إنْ لمْ يتُبْ، قالت: أرأيت إنْ تركت وأخذتُ الستمائة دينار؟ قالت: نعمْ، فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فانْتَهَى فَلَهُ ما سَلَفَ. عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والدارقطني والبيهقي من رواية أبي إسحاق عن امرأته العالية به، ورواة طلحة بن محمد والحسين بن خسرو في

مسنديهما لأبي حنيفة من رواية أبي حنيفة عن أبي إسحاق فقال عن امرأة أبي السفر أن امرأة قالت لعائشة بالحديث. وقال الدارقطني: أم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما. قلت: وهذا عجيب من الدارقطني جدًا، فإِن أم محبة لا دخل لها في الحديث من جهة الرواية، وإنما وقع ذكرها في الحديث على أنها صاحبة القصة مع زيد بن أرقم، فوقع عند الدارقطني من رواية يونس بن أبي إسحاق، عن أُمه، العالية بنت أيفع قالت: "خرجت أنا وأم محبة إلى مكة، فدخلنا على عائشة فقالت لنا: من أنتن؟ قلنا: من أهل الكوفة، قالت فكأنها أعرضت عنا، فقالت لها أم محبة: يا أم المؤمنين، كانت لي جارية وأني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه" الحديث. ولهذا أحجم البيهقي عن نقل كلام الدارقطني مع أنه ينقل كل ما أعلّ به الأحاديث في سننه، وقد قال ابن الجوزي في "التحقيق": (قالوا: العالية مجهولة لا يقبل خبرها، قلنا: بل هي امرأة معروفة جليلة القدر، ذكرها ابن سعد في "الطبقات" فقال: العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي

سمعت عائشة). وقال ابن التركماني في الجوهر النقي: العالية معروفة روى عنها زوجها وابنها، وهما إمامان، وذكرها ابن حبان في الثقات من التابعين، وذهب إلى حديثها هذا الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك وابن حنبل والحسن بن صالح الخ.

قلت: وقد قال الذهبي: (ما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها). ذكر ذلك في الميزان، وهو من أهل الاستقراء التام في الرواة، وقد سكت على هذا الحديث في تهذيب سنن البيهقي ولم يعله بالعالية المذكورة. تنبيه: سبق أن أبا حنيفة قال في هذا الحديث عن أبي إسحاق عن امرأة أبي السفر: أن امرأة قالت لعائشة، وذلك وهم منه في الحديث. والصواب ما قاله سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن امرأته العالية: أن امرأة أبي السفر باعت جارية من زيد بن

أرقم، الحديث، ذكره البيهقي، فامرأة أبي السفر هي أم محبة المذكورة. 1368 - حديث ابن عباس: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا أمرَ بإخراجِ بَني النَّضِيرِ جاءَهُ ناسٌ مِنْهُم فقالُوا: يا نَبيَّ الله إنَّكَ أمَرْتَ بإخْراجِنا ولنا على الناسِ ديون لمْ تحل، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ضَعُو وَتَعَجَّلُوا". الطبراني في الأوسط والبيهقي في السنن من حديث مسلم بن خالد الزنجي عن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به مثله، وقال البيهقي: (إنه ضعيف) أي لضعف مسلم بن خالد الزنجي وقال سعيد بن منصور ثنا سفيان عن عمرو بن دينار: "أن ابن عباس كان لا يرى بأسًا أن يقول اعجل لك وتضع عني".

1369 - حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ ابْتاعَ طَعامًا فَلا يَبِعْهُ حتَّى يَقْبَضَهُ". هو عند مالك في الموطأ ولكن بلفظ: "حتى يستوفيه". ورواه أيضًا أحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وآخرون من طريق مالك عن نافع، ومن طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر، ولفظ عبد الله بن

دينار: "حتى يقبضه" إلَّا أن البخاري قال في رواية إسماعيل بن أبي أويس عن مالك: "حتى يقبضه" وكذلك قال الدارمي عن خالد بن مخلد عن مالك.

وفي الباب عن أبي هريرة وجابر وابن عباس كلها في الصحيح. 1370 - حديث: "لا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ ولا رِبْح ما لَمْ يُضْمَنْ ولا بَيْعُ ما لَيْسَ عنْدَكَ". الطيالسي وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والحاكم والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب

عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص به بلفظ: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ماليس عندك"، صحّحه الحاكم، وقال الترمذي: (حسن صحيح)، ولفظ الطيالسي: "نهى عن سلف وبيع" الحديث. 1371 - حديث حكيم بن حزام قال: "قلت: يا رسول الله إني أشترِي بيوعًا فما يحل لي منها وما يحرم؟ فقال: يا ابْنَ أخي إذا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فلا تَبِعْهُ حتَى تَقْبضَهُ". قال المصنف: قال أبو عمر: حديث حكيم بن حزام رواه يحيى بن أبي كثير عن يوسف بن ماهك أن عبد الله بن عصمة حدثه أن حكيم بن حزام قال: ويوسف بن ماهك وعبد الله بن عصمة لا أعرف لهما جرحة إلا أنه لم يرو عنهما إلا رجل فقط، وذلك في الحقيقة ليس بجرحة وإن كرهه جماعة من المحدثين. قلت: وهذا غريب من ابن عبد البر بالنسبة لقوله: (إن يوسف بن ماهك وعبد الله بن عصمة لم يرو عنهما إلا رجل واحد) فإن يوسف بن ماهك من رجال الصحيحين، وقد روى عنه نحو خمسة عشر رجلًا فأكثر، من مشاهيرهم: عطاء بن

أبي رباح وأيوب السختياني وحميد الطويل وابن جريج وأبو بشر وإبراهيم بن مهاجر وعمرو بن مرة ويعلى بن حكيم وعبد الملك بن ميسرة وآخرون. وقد روى عنه هذا الحديث بخصوصه أبو بشر جعفر بن إياس وأيوب السختياني ويونس ويعلى بن حكيم وعطاء وعامر الأحول. وكذلك عبد الله بن عصمة، روى عنه عطاء بن أبي رباح ويوسف بن ماهك وصفوان بن مَوْهَب، وذكره ابن حبان في الثقات. ووهم ابن حزم فقال: (إنه متروك). وكأنه اشتبه عليه بآخر، فإن في الرواة ثلاثة، كلهم عبد الله بن عصمة وفيهم من هو متروك منكر الحديث أو مجهول لا يعرف. ثم إن هذا الحديث اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير فرواه هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام، هكذا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن هشام والبيهقي في سننه من طريق عبد الوهاب عن هشام. وخالفهما يحيى بن سعيد فقال: عن هشام حدثني يحيى بن أبي كثير عن رجل أن يوسف بن ماهك أخبره به مثله فزاد في السند رجلًا بين يحيى بن أبي كثير ويوسف بن ماهك، وبيَّن اسم هذا الرجل بيعلى بن حكيم معاذ بن فضالة وشيبان وأبان بن يزيد العطار وهمام بن يحيى، كلهم قالوا عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم ثني يوسف بن ماهك أن عبد الله بن عصمة حدثه عن حكيم بن حزام بالحديث. خرج رواية معاذ بن فضالة الطفَّاويّ بن الجارود في المنتقى، ورواية

شيبان خرجها ابن الجارود أيضًا والبيهقي، ورواية أبان بن يزيد العطار خرجها الطحاوي في معاني الآثار والدارقطني في السنن، ورواية همام بن يحيى خرجها ابن الجارود والدارقطني، كلاهما من رواية حِبّان بن هلال عنه قال: ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا يعلى بن حكيم أن يوسف بن ماهك حدثه أن عبد الله بن عصمة حدثه أن حكيم بن حزام حدثه به. ورواه قاسم بن أصبغ في مصنفه من طريق زهير بن حرب عن حبان بن هلال به، فأسقط من السند عبد الله بن عصمة مع تصريحه بالتحديث، فقال: ثنا همام بن يحيى ثنا يحيى بن أبي كثير أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف بن ماهك حدثه أن حكيم بن حزام حدثه، الحديث. واغتر ابن حزم بظاهر هذا الإسناد فصححه مع زعمه بأن عبد الله بن عصمة متروك كما سبق، فوهم في الأمرين معًا. فلا عبد الله بن عصمة متروك ولا يوسف بن ماهك سمعه من حكيم، وإنما وقع الإسقاط من الإسناد جزمًا، بدليل رواية أبي الجارود والدارقطني وغيرهما كالبيهقي فإنه أشار إلى رواية همام المذكورة بمثل ما رواه ابن الجارود والدارقطني. وأغرب الأوزاعي على عادته فقال: عن يحيى بن أبي كثير حدثني يعلى بن حكيم بن حزام: "أن أباه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها؟ قال: إذا اشتريت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه". ورواه أبو بِشْر جعفر بن إياس عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن

حِزام بدون ذكر عبد الله بن عصمة، أخرجه أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وتابعه على ذلك أيوب فرواه عن يوسف عن حكيم، أخرجه أحمد والترمذي والطبراني في الصغير والبيهقي. وكذلك تابعهما يونس عن يوسف، أخرجه أحمد. ورواه عطاء عن عبد الله بن عصمة بذكر الطعام خاصة، فروى أحمد والنسائي والطحاوي، كلهم من طريق ابن جريج عن عطاء قال: أخبرني عبد الله بن عصمة الجشمي أنه سمع حكيم بن حزام يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له "ألم يبلغني أنك تبيع الطعام، قال بلى يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تبع طعامًا حتى تشتريه وتستوفيه" قال عطاء وأخبرني صفوان بن مَوْهِب عن عبد الله بن محمد بن صيفي عن حكيم بن حزام مثله.

وكذلك رواه البيهقي بالسند الثاني فقط ثم رواه النسائي والطحاوي أيضًا من طريق عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن حزام بن حكيم عن حكيم بن حزام قال: "كنت أشتري طعامًا فأربح فيه قبل أن أقبضه، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تبعه حتى تقبضه". 1372 - قوله: وقد نهى عن بيع ما لم يضمن. تقدم قبل حديث بلفظ: "عن ربح ما لم يضمن".

1373 - حديث سعيد بن المسيب مرسلًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ ابْتَاعَ طَعامًا فلا يَبِعْهُ حتَى يَسْتَوْفِيَهُ، إلّا ما كانَ لهنْ شركةٍ أو تَوْلِيَةٍ أو إقَالَة" قال ابن رشد: رواه مالك. قلت: وليس كذلك، إنما رواه سحنون في المدونة قال: أخبرني ابن القاسم

عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه إلا ما كان من شرك أو إقالة أو تولية". أما مالك فقال في الموطأ؛ (ولا يحل بيع الطعام قبل أن يستوفى لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، غير أن أهل العلم قد اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة في الطعام وغيره). وروى عبد الرزاق في مصنفه قال: أخبرنا ابن جريج عن ربيعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا مستفاضًا بالمدينة، قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه ويستوفيه إلا أن يشرك فيه أو يوليه أو يقيله". 1374 - حديث ابن عمر قال: كُنَّا في زَمَنِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَاعُ الطعَامَ جزافًا فَبَعَثَ إلَيْنَا

مَنْ يأمُرُنا بانْتقَالِهِ مِنَ المكانِ الذي ابْتَعْنَاه فيهِ إلى مَكَانٍ سِواهُ قبلَ أن نَبِيعَهُ". قال أبو عمر ابن عبد البر: وإن كان مالك لم يرو عن نافع في هذا الحديث ذكر الجزاف، فقد روته جماعة وجوّده عبيد الله بن عمر وغيره، وهو مقدم في حفظ حديث نافع. قلت: لم أر لفظ الجزاف إلا في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع، وفي رواية الزهري عن سالم عن أبيه علي أن في الرواية عن عبيد الله بن عمر من ذكره بدون زيادة الجزاف وأكثر الرواة وافقوا مالكًا على عدم ذكر الجزاف في الحديث كابن إسحاق وموسى بن عقبة جويرية ومحمد بن عبد الرحمن بن غنج، فما قاله ابن عبد البر غير ظاهر، ثم إن اللفظ المذكور هنا هو سياق مالك في الموطأ، وهو عنده بدون ذكر الجزاف. وكذلك رواه أحمد ومسلم والنسائي والبيهقي من طريق

مالك. ورواه أبو داود عن عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: "كنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتاع الطعام فيبعث إلينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه، يعني جُزافًا" هكذا زاد هذه الزيادة في آخر حديث مالك، فأدرجها المصنف أو غيره في الحديث، وإلا فالموطأ ليست فيه هذه الزيادة، ولا ذكرها جل الرواة عن مالك. وقد وافقه ابن إسحاق، فرواه عن نافع عن ابن عمر، وصرح ابن إسحاق بقوله: حدثني نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عليهم إذا ابتاعوا من الركبان الأطعمة من يمنعهم أن يتبايعوها حتى يؤوا إلى رحالهم" رواه أحمد. وكذلك قال موسى بن عقبة عن نافع حدثنا ابن عمر "أنهم كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث يباع الطعام" رواه البخاري والطحاوي وكذلك رواه جويرية عن نافع عن ابن عمر قال: "كنا نتلقَّى الركبان فنشتري منهم الطعام، فنهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى يُبلَغ به سوقُ الطعام" رواه البخاري ثم قال: (هذا

في أعلى السوق) يريد التلقي وقع منهم في أعلى السوق قبل أن يبلغ المكان المعد لبيعه فيه لورود النهي عن التلقي خارجه، واستدل البخاري على ذلك برواية عبيد الله بن عمر الآتية. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر: "أنهم كانوا يبتاعون الطعام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الركبان" الحديث، رواه النسائي. أما عبيد الله بن عمر فقال عن نافع عن ابن عمر قال: "كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث، رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن الجارود والطحاوى والبيهقي من طرق عن عبيد الله، على أن البخاري رواه من طريق يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: "كانوا

يبتاعون الطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانه، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه"، وهذا اختصار من يحيى بن سعيد أو مدَّد الراوي عنه أو البخاري نفسه لأن الرواة عن عبيد الله متفقون على ذكر الجزاف في حديثه. وتابعه الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: "رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يُضْرَبون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَبيعوه حتى يُؤوُوه إلى رِحالهم" رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي.

الباب الثالث: في البيوع المنهي عنها

الباب الثالث: في البيوع المنهي عنها 1375 - حديث: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ". متفق عليه من حديث ابن عمر، وهو في الموطأ وغيره، زاد مالك والبخاري

من طريقه: "وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجَزور إلى أن تُنتجَ الناقةُ، ثم تُنتجَ التي في بطنها" وهذا التفسير من كلام نافع كما ذكره البخاري أيضًا في كتاب السلم من رواية جُوَيرية عن نافع عن ابن عمر قال: "كانوا يتبايعون الجزور إلى حبل الحبلة، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه" فسَّره نافع: إلى أن تُنتج الناقة ما في بطنها. لكنه خرجه أيضًا -في أيام الجاهلية- من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: "كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة. وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نُتجت، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك" فإن لم يكن قوله: "وحبل الحبلة" مدرجًا فالتفسير من كلام ابن عمر. 1376 - قوله: ومنها "نهيه عن بيع ما لم يُخلق". البزار والبيهقي من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار، وعن بيع المجر، وعن بيع الغرر، وعن بيع كالئ بكالئ، وعن بيع آجل بعاجل -قال: والمجر: ما في الأرحام" الحديث. وموسى بن عبيدة ضعيف، وقال البيهقي: (إنه تفرد به بهذا اللفظ، وقد أنكره يحيى بن معين على موسى وكان من أسباب تضعيفه. وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه سمعه ينهى عن بيع المجر" فعاد الحديث إلى رواية نافع -يعني في بيع حبل الحبلة- فكأن ابن إسحاق أداه بالمعنى). وروى ابن

أبي شيبة وأحمد وابن ماجه وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى والبزار والدارقطني والبيهقي من حديث محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص"، قال البيهقي: (وهذه المناهي، وإن كانت في هذا الحديث بإسناد غير قوي، فهي داخلة في بيع الغرر الذي نهى عنه الحديث الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اهـ. وضعفه من جهة محمد بن إبراهيم فإنه مجهول. 1377 - قوله: "وَعَنْ بَيْعِ الثِّمارِ حتىَ تُزْهي". متفق عليه من حديث أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة

حتى تُزْهِيَ. قالوا: وما تُزهِيَ؟ قال: تحمر. فقال: إذا منع الله الثمرة فبمَ تستحلُّ مال أخيك" لفظ مسلم، وفي رواية له: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو. فقلنا لأنس: ما زهوها؟ فقال: تحمر وتصفر، أرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك". 1378 - قوله: "وعَنْ بَيْعِ المُلَامَسَةِ والمُنَابَذَةِ". متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر بثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض". 1379 - قوله: "وَعَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ". أحمد ومسلم والأربعة

وابن الجارود والبيهقي من حديث أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر". 1380 - قوله: ومنها "نهيه عن بَيعِ المُعَاوَمَة". أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من حديث جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة وعن الثُّنيا ورخَّص في العرايا" لفظ مسلم وقال بعضهم: "نهى عن بيع السِّنين".

1381 - قوله: "وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَة". أحمد والترمذي وقال: (حسن صحيح) والنسائي وابن الجارود والبيهقي من حديث أبي هريرة، وهو عند أبي داود بلفظ: "من باع بَيْعَتَيْن في بيعة فله أوكَسُهُما أو الربا" وسند هذه الرواية فيه مقال، والصحيح الأول. وفي الباب عن جماعة. 1382 - قوله: "وَعَنْ بَيْعٍ وشَرْطٍ". الطبراني في الأوسط والخطّابي في معالم السنن والحاكم في علوم الحديث ومن جهته ابن حزم في المحلى والقاضي عياض في الغنية وهو

معجمه، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة، وكذلك ابن خسرو وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، كلهم من طريق محمد بن سليمان الذهلي، ورواه طلحة بن محمد في مسند أبي حنيفة من طريق الحسين البجلي، كلاهما عن عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعًا وشرط شرطًا، فقال: البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائر والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: سبحان الله، ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة؟ فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن بيع وشرط" البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أشتري بريرة فأعتقها" البيع جائر والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال: "بعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة وشرط لي حملانها إلى المدينة" البيع جائز والشرط جائز. 1383 - قوله: "وَعَنْ بيعٍ وسَلَف". تقدم قبل اثني عشر حديثًا بلفظ: "لا يحل بيع وسلف" وفي الباب غيره. 1384 - قوله: "وعَنْ بيع السُّنْبُلِ حتَّى يَبْيَضّ".

أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي من حديث ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع النخل حتى تزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري". 1385 - قوله: "والعِنَبُ حتَّى يَسْوَدَّ". أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العنب حتما يسودّ وعن بيع الحَبِّ حتى يشتدّ".

1386 - قوله: "ونهيه عن المَضَامِين والمَلَاقِيح". البزار والطبراني، كلاهما من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، ضعيف لكن وثقه أحمد. ورواه إسحاق بن راهويه والبزار من حديث صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن بيع الملاقيح والمضامين" قال البزار: (وصالح بن أبي الأخضر ليس بالحافظ) قلت: بل هو ضعيف. وقد رواه مالك في الموطأ عن الزهري عن سعيد بن

المسيب قال: "لا ربا في الحيوان، وإنما نُهيَ من الحيوان عن ثلاثة: عن المَضَامين والمَلاقيح وحَبَل الحَبَلَة. والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال" هكذا رواه مرسلًا دون ذكر أبي هريرة، وتابعه معمر على ذلك، وخالفهما عمر بن قيس، فرواه عن الزهري موصولًا كما قال صالح بن أبي الأخضر، ذكر ذلك الدارقطني في علله، ويؤيد الوصل وروده موصولًا من حديث عمران بن حصين قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما في ضروع الماشية قبل أن تحلب، وعن الجنين في بطون الأنعام، وعن بيع السمك في الماء، وعن المضامين والملاقيح، وحبَل الحَبَلة، وعن بيع الغرر لما رواه ابن أبي عاصم في البيوع له. وفي الباب عن ابن عمر موصولًا أيضًا، أخرجه عبد الرزاق في المصنف بسند قوي كما قال الحافظ.

1387 - حديث: "نَهَى عنْ بَيْعِ الثِّمارِ حتَى يَبْدُوَ صَلَاحُها وحتَّى تُزْهِي". متفق عليه من حديث ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمُبتاع" وفي لفظ: "نهى عن بيع النخل حتى تزهو". وسبق نحوه قريبًا من حديث أنس. 1388 - حديث: "نهَى عَنْ بَيْعِ السِّنينَ وعن بَيْعِ المُعَاوَمَة". تقدم قريبًا. ووهم المصنف في عطفه المعاومة على السنين، فإنهما واحد

وإنما الرواة اختلفوا في التعبير فبعضهم قال: "عن بيع السنين"، وبعضهم قال: "عن المعاومة". 1389 - حديث ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهَى عنْ بيعِ الثِّمارِ حتَى يبدُوَ صلاحُها،

نهىَ البائعَ والمُشْتَري". تقدم قبل حديث. 1390 - حديث قوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث أنس بن مالك بعد نهيه عن بيع الثمرة قبل الزهو: "أرَأيْتَ إنْ مَنَعَ الله الثمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مَالَ أخِيهِ؟ ". تقدم عزوه. إلَّا أن هذا الكلام الذي عزاه المصنف للنبي - صلى الله عليه وسلم - جزمًا وقع اختلاف الرواة فيه، هل هو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أو من قول أنس بن مالك كما تقدمت الإشارة إليه؟ وبيان ذلك أن الحديث رواه مالك في الموطأ عن حُمَيْد الطويل عن أنس بن مالك: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تُزهِي، فقيل له: يا رسول الله وما تُزهِي؟ فقال: حين تحمرّ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " وهكذا رواه الشافعي عن مالك. والبخاري عن عبد

الله بن يوسف، والنسائي من طريق ابن القاسم، كلاهما عن مالك به. ورواه مسلم من طريق ابن وهب عن مالك بصيغة محتملة للرفع والوقف، ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة حتى تُزهي، قالوا: وما تزهي: قال: تحمر، فقال: إذا منع الله" وذكره. ورواه الدراوردي عن حميد به مرفوعًا مثله، إلَّا أنه اقتصر على آخر الحديث فقال: عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " رواه مسلم والبيهقي من طريق محمد بن عبَّاد المكي عن الدراوردي. وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: (هذا خطأ إنما هو كلام أنس)، قال أبو زرعة: (كذا يرويه الدراوردي ومالك بن أنس مرفوعًا والناس يروونه موقوفًا من كلام أنس). قلت: قد رواه يحيى بن أيوب عن حميد مرفوعًا أيضًا، أخرجه الطحاوي من رواية الليث عن يحيى بن أيوب به. على أن الدراوردي قد روى عنه إبراهيم بن حمزة هذا الحديث بصيغة محتملة للرفع والوقف، ولفظه: "قلنا لأنس ما زهوه؟ قال:

يحمر. قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة" الحديث، رواه البيهقي ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد موقوفًا صريحًا، ولفظه: "فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيتك إن منع الله الثمرة" الحديث، رواه البخاري، ومسلم واللفظ له، والطحاوي، والبيهقي، وهكذا قال: محمد بن عبد الله الأنصاري وسفيان الثوري وجماعة عن حميد، وكل ذلك اختصار، والصواب ما قاله مالك والدراوردي لورود هذه الجملة مرفوعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر بنحو ما في حديث أنس، أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

1391 - حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَد أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُها للبَائِعِ إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتاعُ". متفق عليه من حديث ابن عمر. 1392 - حديث زيد بن ثابت قال: "كانَ النَّاسُ في عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَبَايَعُونَ الثِّمارَ قَبْلَ أن يَبْدُوَ صَلَاحُها، فإذا جَدَّ النَّاسُ وحَضَرَ تقَاضِيهِمْ قال المُبْتَاعُ: أصابَ الثمرَ الدُّمانُ، أصابهُ قُشامٌ ومُرَاضٌ لعاهاتٍ يَذكرُونَها، فلما كَثُرَتْ خُصُومتُهم عند النِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال كالمشُورةِ يُشيرُ بها عليهم: لا تَبِيعُوا الثِّمارَ حتَى يَبْدُوَ صَلاحُها".

البخاري وأبو داود والطحاوي والبيهقي، وهو عند البخاري تعليقًا بصيغة الجزم. 1393 - حديث: "أرَأيْتَ إنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأخُذُ أحَدُكُمْ مَالَ أخِيهِ؟ ".

تقدم. 1394 - حديث مالك عن حُمَيْد عن أنس: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ عَنْ قَوْلِهِ: حَتَّى يُزْهِيَ،

فقالَ: حتَّى يَحْمَرّ". تقدم أيضًا، وهو بعض الذي قبله. 1395 - حديث: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ العِنَبِ حَتَّى يَسْوَدّ والحبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ". تقدم أيضًا. 1396 - حديث أبي هريرة: "إذَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا رُفِعَتْ العَاهَات عَنْ أهْلِ البَلَدِ".

أحمد والبزار والطبراني في الأوسط والطحاوي في المشكل من حديث عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. وفي لفظ لأحمد والطحاوي: "ما طلع النجم صباحًا قط وبقوم عاهة إلا رفعت عنهم أو خفت". وعسل بن أبي سفيان فيه مقال، لكن تابعه أبو حنيفة عن عطاء بلفظ: "إذا طلع النجم رفعت العاهة عن أهل كل بلد" رواه محمد بن الحسن في الآثار، والطحاوي في مشكل الآثار، والطبراني في الصغير، وأبو نعيم في الحلية، والثقفي في الثقفيات، وأبو محمد البخاري وطلحة بن محمد وأبو بكر الكلاعي وابن خسرو، الأربعة في مسانيد أبي حنيفة من طرق عنه، وهو عند الطبراني من رواية داود الطائي عن أبي حنيفة

بلفظ: "إذا ارتفع النجم رفعت العاهة عن كل بلد" قال الطبراني: (والنجم هو الثريا). ورواه حمزة بن يوسف السَّهمي في تاريخ جرجان قال: أخبرنا ابن عدي ثنا محمد بن إبراهيم بن ناصح ثنا محمد بن عيسى ثنا أحمد بن أبي طيبة عن أبيه عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما طلع النجم ذا صباح إلا رفعت كل آفة وعاهة في الأرض -أو من الأرض". وعند أحمد، والطحاوي في مشكل الآثار والبيهقي من حديث ابن عبد الله بن سراقة عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة. قلت: يا أبا عبد الرحمن ما العاهة؟ قال: طلوع الثريا". تنبيه: عزا الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة حديث أبي هريرة لأبي داود

ولم أره فيه ولا في الأطراف معزوًا إليه، فالغالب أنه سبق قلم من عزوه إلى أحمد والله أعلم. 1397 - حديث: "النهي عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حتَّى يَبْيَضّ، والعِنَبِ حتَّى يَسْوَدّ". تقدم. 1398 - حديث نافع عن ابن عمر: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخيلِ حتَّى

تُزْهِيَ، وعَنِ السُّنْبُلِ حتَّى تَبْيَضّ وتَأمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائعَ والمُشْتَرِيَ". مسلم وغيره، وقد تقدم. 1399 - قوله: ثبت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَىَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَة" وذلك من حديث ابن عمر، وحديث ابن مسعود، وأبي هريرة، قال أبو عمر: وكلها من نقل العدول. قلت: أما حديث أبي هريرة فقد تقدم عزوه لأحمد والترمذي وصححه

والنسائي وابن الجارود والبيهقي. وأما حديث ابن عمر فرواه أحمد والبزار. فأما أحمد فقال: حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم أنا يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم وإذا أحلت على ملئٍ فاتبعه ولا بيعتين في واحدة". وأما البزار فرواه بلفظ: "نهى عن بيعتين في بيعة".

وأما حديث ابن مسعود فقال أحمد: (حدثنا حسن وأبو النضر وأسود بن عامر قالوا: ثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتين في صفقة واحدة" قال أسود قال شريك قال سماك: الرجل يبيع البيع فيقول هو بنساء بكذا وكذا، وهو بنقد بكذا وكذا). ورواه أيضًا عن

محمد بن جعفر عن شعبة عن سماك به، عن ابن مسعود أنه قال: لا تصلح صفقتان في صفقة، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه". ورواه الطبراني في الأوسط مرفوعًا قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل صفقتان في صفقة". ورواه البزار باللفظ الأول: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتين في صفقة".

وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة وعن بيع وسلف وعن ربح ما لم يضمن وعن بيع ما ليس عندك" رواه أحمد بهذا اللفظ، وهو عند الطيالسي والدارمي والأربعة وابن الجارود

والحاكم وغيرهم كما سبق بلفظ: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع" الحديث. وعن حكيم بن حزام قال: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أربع خصال في البيع: عن سلف وبيع، وشرطين في بيع، وبيع ما ليس عندك، وربح ما لم يضمن" رواه الطبراني في الكبير من طريق العلاء بن خالد الواسطي عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن حكيم بن حزام به. وعن عتاب بن أسيد وسيأتي.

1400 - حديث شَهْر بن حَوْشَب عن أبي سعيد الخُدْريّ: "أنَّ رَسُوْلَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ شِراءِ العَبْدِ الآبِقِ، وعَنْ شِراءِ مَا في بُطُونِ الأنْعَامِ حتَى تَضَعَ، وعَنْ شِراء ما في ضُرُوعِها، وعَنْ شِراءِ الغَنَائِمِ حَتى تُقْسَمَ". ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجه وإسحاق بن راهويه وأبو

يعلى والبزار والدارقطني والبيهقي من حديث محمد بن إبراهيم عن

محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب به. وروى الترمذي بعضه في ذكر المغانم وقال: (حديث غريب). وتقدم كلام البيهقي في الحديث، وأن محمد بن إبراهيم مجهول، وذلك عند قوله: "نهى عن بيع ما لم يُخلق".

1401 - حديث "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيعِ الطَّعَامِ حَتَى يَجْرِيَ فيهِ الصَّاعانِ". ابن ماجه والدارقطني والبيهقي من حديث ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري". وروى البزار والبيهقي من حديث مسلم بن أبي مسلم عن مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد بن، سيرين عن أبي هريرة قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون للبائع الزيادة وعليه النقصان" ومسلم بن أبي مسلم ذكره ابن حبان في الثقات وقال: (ربما أخطأ)، وقال البيهقي: (إنه غير قوي). وفي الباب عن جماعة بمعناه.

1402 - قوله: والمزابنة المنهي عنها هي عند مالك من هذا الباب. قلت: ورد النهي عن المزابنة من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقاص، وأنس بن مالك، ورجل من الصحابة. فحديث أبي هريرة رواه أحمد ومسلم والترمذي والطحاوي عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة". وحديث ابن عمر رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة.

والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلًا، وبيع الكَرْم بالزبيب كَيلًا". وحديث ابن عباس رواه أحمد والبخاري والطحاوي عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة". وحديث جابر رواه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي وأبو نعيم في الحلية وآخرون عنه قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، وأن لا تباع إلا بالدينار والدرهم إلّا العرايا" لفظ البخاري.

الباب الرابع: في بيوع الشروط والثنيا

الباب الرابع: في بيوع الشروط والثنيا وله عند مسلم والباقين ألفاظ كثيرة بالزيادة والنقص، وفي بعضها التفسير للمحاقلة والمزابنة وغيرها. وحديث زيد بن ثابت رواه أحمد والترمذي، كلاهما من حديث ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة" لفظ أحمد، وهو عنده من رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق. ورواه الترمذي من طريق عبدة عن ابن إسحاق بلفظ: "نهى عن المحاقلة والمزابنة، إلّا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها" ثم قال الترمذي: (هكذا رواه محمد بن إسحاق، ورواه أيوب وعبيد الله بن عمر، ومالك عن نافع عن ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة والمزابنة"، وبهذا الإسناد عن ابن عمر عن زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه رخَّص في العرايا فيما دون خمسة أوسق" وهذا أصحُّ من حديث ابن إسحاق). وحديث رافع بن خديج رواه ابن ماجه من طريق طارق بن عبد الرحمن عن

سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة". ورواه أحمد والبخاري ومسلم والطحاوي من حديث بُشَيْر بن يسار أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر إلّا أصحاب العَرايا فإنه أذِنَ لهم". ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من جهة بشير المذكور فقال: سمعت سهل بن أبي حثمة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر بالتمر ورخّص في العَرِيَّة أن تُباع بخرصِها يأكلها أهلها رُطَبًا". وحديث سهل بن أبي حثمة تقدم في الذي قبله. وحديث أبي سعيد رواه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم عنه:

"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة والمحاقلة. والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر على رؤوس النخل، والمحاقلة كراء الأرض". وحديث سعد بن أبي وقاص تقدم عزوه والكلام عليه مطولًا. وحديث أنس بن مالك رواه البخاري عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة". وحديث رجل من الصحابة أو بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه أحمد ومسلم والطحاوي، والبعض المذكور هو سهل بن أبي حثمة إلَّا أنه وقع عند مسلم في رواية له عن بُشير عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا: "رخّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيع العَرِيَّة بخرصِها تمرًا". 1403 - حديث جابر قال: "ابتَاعَ مِنِّي رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا وشَرَطْتُ ظَهْرَهُ إلى المَدِينَةِ" قال: وهذا الحديث في الصحيح.

قلت: هو كذلك أخرجه البخاري ومسلم ولفظه عن جابر "أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يُسيِّبه قال: ولحقني النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا لي وضربَه، فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فقلت: لا، ثم قال: بعنيه، فبعته وشرطت ظهره إلى المدينة". 1404 - حديث بريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ في كِتابِ الله فَهُوَ باطِلٌ وَلَوْ كَان مائَةَ شَرْطٍ"، قال: والحديث متفق على صحته. قلت: هو كذلك، رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائي وجماعة بألفاظ متعددة من حديث عائشة وغيرها، ولفظ حديث عائشة، بل بعض ألفاظه من رواية مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلتُ: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا ذلك عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق. ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق". 1405 - حديث جابر قال: "نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ والمُخَابَرَةِ والمُعَاوَمَةِ والثُّنْيَا وَرَخَّصَ في العَرَايا" قال: وهو أيضًا في الصحيح خرجه مسلم. قلت: هو كذلك، واللفظ المذكور هو بعض ألفاظه عند مسلم، وأصله عند

البخاري وجماعة كما سبق قريبًا في طرق النهي عن المزابنة. 1406 - قوله: روي عن أبي حنيفة أنه روى: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وشرط". تقدم. 1407 - قوله: ولعموم نهيه عن الثُّنْيَا.

تقدم ذلك في حديث جابر عند مسلم وغيره، وهو عند الترمذي والنسائي بلفظ: "نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا إلَّا أن تُعلم". 1408 - حديث عمرو بن العاص خرجه أبو داود قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبيعٌ، ولا يَجوزُ شَرْطانِ في بَيْعٍ، ولا رِبْحُ ما لَمْ تَضْمَنْ، ولا بَيعُ ما لَيْسَ هُوَ عِنْدَكَ".

تقدم وهو من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والصحيح أنه عبد

الله بن عمرو بن العاص لا عمرو بن العاص. 1409 - قوله: وحديث جابر عنده مضطرب اللفظ، لأن في بعض رواياته: "أنَّهُ بَاعَهُ واشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إلى المَدِينَةِ"، وفي بعضها: "أنَّهُ أعَارَهُ ظَهْرَهُ إلَى المَدِينَةِ". أما رواية: "واشترط ظهره إلى المدينة" فتقدمت. وأما رواية: "أنه أعاره ظهره" فرواها النسائي من طريق سُفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: "أدركني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت على ناضح لنا سَوْء فقلت: لا يزال لنا ناضح سَوْء، يا لهفاه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تبيعنيه يا جابر؟ قلت: بل هو لك يا رسول الله. قال: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، قد أخذته بكذا وكذا، وقد أعرتك ظهره إلى المدينة" الحديث. وقد أشار البخاري في صحيحه إلى الاضطراب الواقع في متن هذا

الحديث، فأخرجه من طريق زكريا عن الشعبي عن جابر بالحديث وفيه: "فاستثنيت حملانه إلى أهلي" الحديث. ثم قال: وقال شعبة عن مغيرة عن عامر -يعني الشعبي- عن جابر: "أفقرَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهره إلى المدينة". وقال إسحاق عن جرير عن مغيرة: "فبعتُهُ على أنَّ لي فَقَار ظهره حتى أبلُغ المدينة". وقال عطاء وغيره "وله ظهره إلى المدينة". وقال محمد بن المُنكَدِر عن جابر "شَرطَ ظهره إلى المدينة". وقال زيد بن أسلم عن جابر "ولك ظهرُهُ حتى ترجِع". وقال أبو الزُّبير عن جابر "أفقَرْنَاكَ ظهره إلى المدينة". وقال الأعمش عن سالم عن جابر "تَبَلَّغْ به أهلك". قال البخاري: الاشتراط أكثر وأصحّ عندي. قلت: وهو الواقع فمن نظر في طرفه وتدبر معاني ألفاظ رواته وجد الأمر كما قال البخاري، فقد رواه زكريا عن الشعبي عن جابر بذكر الاشتراط كما سبق، خرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطحاوي

والبيهقي. ورواه جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر، وفيه "قال: فبعته إياه على أن لي فقَار ظهره حتى أبلغ المدينة" رواه البخاري ومسلم والبيهقي. وهكذا رواه شريك عن مغيرة عن الشعبي عن جابر قال: "اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - مني بعيرًا على أن يفقرني ظهره سفره أو سفري ذلك ثم أعطاني البعير والثمن" رواه أحمد. وكذلك رواه حماد عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر، وفيه: "فبعته منه بخمس أواق، قال قلت: على أن لي ظهره إلى المدينة. قال: ولك ظهره إلى المدينة" رواه مسلم والبيهقي. ورواه المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر وفيه: "وشرط ظهره إلى المدينة" خرجه البيهقي. ورواه الجريري عن أبي نضرة عن جابر وفيه: "قلت: يا رسول الله هو ناضحكم إذا أتيت إلى المدينة" رواه ابن ماجه، وهذا فيه معنى الاشتراط أيضًا، فالذين قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "بعنيه ولك ظهره إلى المدينة" ففي روايتهم اختصار من قوله: "فبعته منه على أن لي ظهره إلى المدينة فأتوا

بجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون اشتراط جابر، كما أن جماعة رووه فلم يتعرضوا لهذا أصلًا، لا لذكر الاشتراط ولا غيره، كالأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر عند أحمد والنسائي، وكالأسود بن قيس عن نبيح عن جابر عند أحمد أيضًا وكثير بن عقبة الدورقي عن أبي المتوكل عن جابر عند أحمد والبخاري. ولمحمد بن إسحاق عن وهب بن كيسان عن جابر عند أحمد وكالمعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي نضرة عن جابر عند النسائي وكغير هؤلاء ممن لم يذكر في روايته هذا أصلًا، إنما ذكر: أنه باعه الجمل ثم سلمه إياه بالمدينة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمل وثمنه، فعدم ذكرهم للشرط لا يدل على عدم وجوده من جابر بثبوته في الروايات الأخرى، وكذلك عدم ذكره في رواية من اقتصر على قوله: (أفقرناك ظهره" أو "على أن لك ظهره إلى المدينة" لا يدل على عدم وجوده عن جابر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال له هذا إجابة لشرط الابتداء كما ورد مُصرَّحًا به في الرواية الأخرى، فترجم ما قاله البخاري، وهو وجود الاشتراط، ولم يبق في الحديث اضطراب من هذه الجهة، نعم فيه اختلاف كثير أيضًا في ذكر ثمن

الجمل وغيره من ألفاظ الحديث كما أشار إليه البخاري أيضًا. 1410 - حديث: "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْعٍ وسَلَف".

تقدم.

1411 - حديث: "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الثُّنْيَا في البَيْع".

الباب الخامس: في البيوع المنهي عنها من أجل الضرر أو الغبن

الباب الخامس: في البيوع المنهي عنها من أجل الضرر أو الغبن تقدم أيضًا. 1412 - حديث: "نهيهِ - صلى الله عليه وسلم - أنّ يَبيع الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ، أو يَسُومَ عَلَى سَوْمِ أخيه. ونهيهِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبانِ. ونهيهِ أنّ يَبيعَ حَاضِرٌ لبَادٍ. ونهيهِ عنِ النَّجْشِ".

متفق عليه من حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التَلَقِّي للرُّكْبَان، وأن يبيع حاضر لباد، وأن تسأل المرأةُ طلاق أُختَهَا، وعن النَّجْش، والتصْرية، وأن يستام الرجل على سَوْم أخيه". وروى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خِطبة أخيه إلّا أن يأذن له". ورويا أيضًا من حديث ابن عمر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

نهى عن النَّجْش". وعندهما من حديث أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع حاضر لباد وأن تناجشوا". وعندهما أيضًا من حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُتلقَّى الرُّكبان، وأن يبيع حاضر لباد. فقلت لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سِمسارًا". وفي الباب عن غير هؤلاء.

1413 - حديث: "لا يَسُمْ أحَدٌ عَلى سَوْمِ أخِيهِ". تقدم في الذي قبله. 1414 - حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تَتَلَقَّوُا الجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّى

مِنْهُ شَيْئًا فاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُهُ بالخِيارِ إذَا أتَى السُّوقَ" قال المصنف: خرجه مسلم وغيره. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد والأربعة والبيهقي وجماعة. وهو عند البخاري مختصرًا بلفظ: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التلقي، وأن يبيع حاضر لباد". وفي الباب عن ابن مسعود قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي البيوع" متفق عليه. وعن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق" متفق عليه واللفظ لمسلم، وللبخاري عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبع

بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى السوق". وعن ابن عباس تقدم في الذي قبله. 1415 - حديث: "نهيهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الحَاضِرِ للبَادِي". تقدم. 1416 - حديث "الدِّينُ النَّصيحَةُ". أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو الشيخ في التوبيخ والمخلص في

فوائده وجماعة من حديث تميم الداري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولنبيه، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم". ورواه أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وأبو الشيخ في التوبيخ وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وفي الحلية معًا من حديث أبي هريرة مثله. ورواه الدارمي والطحاوي في مشكل الآثار وأبو الشيخ في التوبيخ والطبراني في مكارم الأخلاق من حديث ابن عمر. ورواه أحمد وأبو الشيخ في التوبيخ من حديث ابن عباس. وادعى أبو حاتم أنه خطأ من حديث تميم. ورواه أبو عمرو بن منده في فوائده والثقفي في الثقفيات والبندهي في شرح المقامات من حديث ثوبان بلفظ: "رأس الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولدينه، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وللمسلمين عامة". 1417 - حديث جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَبعْ حَاضِرٌ لِبادٍ، ذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقُ الله بَعْضَهُم مِن بَعضٍ" قال المصنف: خرجه مسلم وأبو داود. قال: وهذه الزيادة انفرد بها أبو داود فيما أحسب.

قلت وليس كذلك بل هي عند مسلم أيضًا، فالحديث خرجه الطيالسي وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الأعرابي في معجمه والقضاعي في مسند الشهاب والبيهقي، كلهم من حديث أبي الزبير عن جابر، ولفظ مسلم: "لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض". وفي الباب عن أبي يزيد، رواه الطيالسي وأحمد والحسن بن سفيان من

حديث عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض، وإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه" وقال الذهبي: هذا حديث فرد مداره على عطاء بن السائب وليس لأبي يزيد سوى هذا الحديث خرجه أحمد وبقي بن مخلد في مسنديهما. قلت وقد وقع فيه اختلاف على عطاء في اسم صحابيه هل هو يزيد أو أبو يزيد. 1418 - حديث "دعوا النَّاسَ يَرْزقُ الله بَعْضَهم مِن بَعضٍ". تقدم قبله. 1419 - حديث "نهيهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النجْشِ".

تقدم. 1420 - حديث "نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ ليُمْنَعَ بِهِ الكَلأ". قال: وقال أبو بكر بن المنذر ثبت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عَنْ بَيعِ الماءِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ ليُمْنَعَ بِهِ الكَلأ". وقال: "لا يُمْنَعُ وهُو بِئْرٌ وَلَا نَقْعُ ماءٍ". قلت: أما النهي عن بيع فضل الماء فورد من حديث أبي هريرة، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ومن حديث عائشة، ومن حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث إياس بن عبدٍ المُزنيّ. فحديث أبي هريرة تواتر عنه من رواية جماعة من أصحابه، منهم الأعرج رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن الجارود،

كلهم من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ". ومنهم أبو سلمة بن عبد الرحمن رواه عبد الرزاق وأحمد ومسلم والبيهقي مثل الذي قبله، وكذا رواه البخاري مقرونًا بسعيد ابن المسيب كما سيأتي. ومنهم عبد الرحمن بن أبي عمرة رواه أحمد من طريق فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة به مثله. ومنهم أبو سعيد مولى غفار رواه أحمد من طريق ابن وهب قال: سمعت حيوة يقول حدثني حميد بن هانئ الخولاني عن أبي سعيد مولى غفار قال سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تبيعوا فضل الماء، ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال ويجوع العيال". ومنهم رجل غير مسمى أخرجه أحمد من طريق هشيم عن عوف عن رجل حدثه عن أبي هريرة بلفظ: "حريم البئر أربعون ذراعًا من

حواليها، كلها لأعطان الإبل والغنم وابن السبيل أول شارب، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ". ومنهم عبيد الله بن عبد الله رواه أحمد من طريق المسعودي عن عمران بن عمير قال: شكوت إلى عبيد الله بن عبد الله قومًا منعوني ماءً، فقال: سمعت أبا هريرة -قال المسعودي: ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه ولا فضل مرعى". ومنهم سعيد بن المسيب رواه البخاري ومسلم كلاهما من طريق ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلأ". ومنهم أبو صالح السمان لكنه بسياق آخر أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم من رواية الأعمش وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سِلعة لقد أعطى بها أكثر مما

أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائة فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك" لفظ البخاري. وحديث عبد الله بن عمرو رواه البيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن شعيب بن شعيب أخي عمرو بن شعيب عن أخيه عمرو بن شعيب عن سالم مولى عبد الله بن عمرو قال: "أعطوني بفضل الماء من أرضه بالوهط ثلاثين ألفًا، فكتبت إلى عبد الله بن عمرو، فكتب إليّ: لا تبعه ولكن أقم قلدك ثم اسق الأدنى فالأدنى، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع فضل الماء". ورواه أحمد من طريق محمد بن راشد عن سليمان بن موسى: "أن عبد الله بن عمرو كتب إلى عامل له على أرض له: لا تمنع فضل مائك، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه الله يوم القيامة فضله". وحديث عائشة سيأتي. وحديث جابر بن عبد الله رواه ابن جُريج عن أبي الزبير عنه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فضل الماء" هكذا رواه وكيع عن ابن جُريج عند مسلم وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي. وتابعه يحيى بن سعيد القطان عند مسلم، وعثمان بن

عمر عند البيهقي. وكذلك رواه سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان له فضل ماء أو فضل أرض فليزرعها أو يُزرعها ولا تبيعوها" رواه الطحاوي. وخالفهم روح بن عبادة عن ابن جريج فقال عن بيع الماء ولم يذكر الفضل، أخرجه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم أخبرنا رَوْح بن عُبادة ثنا ابن جُريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضِراب الجمل، وعن بيع الماء والأرض لِتُحرث، فعن ذلك نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وتابعه أبو عاصم عن ابن جريج ولفظه: "نهى عن بيع الماء، وعن ضِراب الجمل، وأن يبيع الرجل أرضه وماءه" رواه الحاكم والبيهقي، وكذلك رواه حجاج بن محمد لكنه قال: قال ابن جريج ولفظه: "نهى عن بيع ضِراب الجمل، وعن بيع الماء، وبيع الأرض للحرث يبيع الرجل أرضه وماءه، فعن ذلك نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" رواه النسائي. وكذلك رواه عطاء عن جابر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الماء" أخرجه النسائي والحاكم من رواية حسين بن واقد عن أيوب السختياني عنه، وقال الحاكم: (تفرد به الحسين بن واقد عن أيوب وهو غريب صحيح).

وحديث إياس بن عبد المزني رواه أبو داود والنسائي والبيهقي من طريق داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فضل الماء" ورواه الترمذي عن قتيبة عن داود بن عبد الرحمن العطار فقال: "نهى عن بيع الماء" ثم قال: (حديث حسن صحيح)، ورواه يحيى بن آدم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار به بلفظ: "نهى عن بيع فضل الماء" أخرجه البيهقي، وخالف يحيى بن آدم جمهور أصحاب سفيان فرووه عنه بلفظ: "نهى عن بيع الماء" بدون ذكر الفضل كذلك رواه أحمد في المسند عن سفيان. والحميدي عن الحاكم والبيهقي، وأبو بكر بن أبي شيبة عند ابن ماجه، وقتيبة بن سعيد وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن عند النسائي، ومحمد بن يوسف البِيكَنْدي عند الدارمي جلهم عن سفيان وكذلك رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار أن أبا المنهال أخبره أن إياس بن عبد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا فضل الماء، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الماء، والناس يبيعون ماء الفرات

فنهاهم" رواه أحمد من طريق روح، والحاكم والبيهقي من طريق ابن وهب، كلاهما عن ابن جريج. وأما النهي عن بيع الماء فتقدم في الذي قبله من حديث جابر وإياس بن عبد المزني. وأما حديث "لا يمنع وهو بئر ولا نقع ماء" فرواه مالك في الموطأ عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُمنع نَقْع بئر" زاد بعض الرواة عن مالك يعني فضل مائها، هكذا هو في الموطأ مرسلًا وقد وصله أبو قرة ابن طارق -صاحب السنن- وسعيد بن عبد الرحمن الجمحيّ، كلاهما عن مالك بزيادة عائشة وأخرجه أحمد في مسنده من طريق أبي أويس ثنا أبو الرجال به موصولًا بذكر عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع نقع ماء، ولا هو بئر" وأخرجه أيضًا عن يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن به بلفظ: "نهى أن يمنع نقع البئر -قال يزيد: يعني فضل الماء-" ورواه ابن ماجه من طريق عبدة بن سليمان عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع فضل الماء، ولا يمنع نقع البئر" وبهذا اللفظ رواه الخطيب في التاريخ من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن حارثة به. وحارثة ضعيف عندهم.

1421 - حديث "لَا يَحِلُّ مَالُ أحَدٍ إلَّا بطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ". أبو يعلى والدارقطني والبيهقي من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه". وفي الباب عن جماعة منهم ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي، وعن عمرو بن يثربي عندهما أيضًا. تنبيه: عزا الحافظ السيوطي في زوائد الجامع الصغير حديث الباب لأبي داود

من حديث حنيفة الرقاشي فوهم الأمرين معًا فالحديث لم يخرجه أبو داود وحنيفة الرقاشي هو اسم أبي حرة وليس هو بصحابي إنما يروي عن عمه كما سبق. 1422 - قوله: (وذلك أنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ المَاءِ مُطْلقًا ثم نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ). تقدم الكلام على كلا الحديثين. 1423 - حديث "مَن فَرَّقَ بين وَالِدةٍ ووَلَدها فَرَّقَ الله بَيْنَه وبين أحِبَّتِه يَومَ القِيَامَةِ".

أحمد والدارمي والترمذي والدارقطني والحاكم والبيهقي في "الشعب" والقضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي أيوب الأنصاري، وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم). ورواه الدارقطني وابن منده في "الصحابة" من حديث سليم العذري قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمن فرق بين السبي، بين الوالد

الباب السادس: النهي عن البيع في وقت العبادات

الباب السادس: النهي عن البيع في وقت العبادات والولد. فقال: من فرق بينهم فرق الله تعالى بينه وبين الأحبة يوم القيامة" فيه الواقدي وحاله معروف. 1424 - قوله (وجعله - صلى الله عليه وسلم - الخِيار لصاحبِ الجَلَبَ إذا تَلَقَّى خارج المصر دليل على اعتبار الغبن). تقدم.

القسم الثاني الأسباب والشروط المصححة للبيع

القسم الثاني الأسباب والشروط المصححة للبيع الباب الأول: في العقد

1425 - حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المُتَبَايعان كُلُّ وَاحدٍ منهما بالخِيَارِ على صَاحِبِه ما لم يَتَفَرَّقا إلَّا بَيْعَ الخِيارِ". وفي بعض الروايات:

"إلَّا أن يقول أحدُهما لِصَاحِبِه: اخْتَرْ". هو عند مالك في الموطأ، ورواه أحمد والدارمي والبخاري ومسلم والأربعة وجماعة، وله عندهم ألفاظ، وهو من أصح الأحاديث وأشهرها بين أهل العلم بالفقه والحديث.

1426 - قوله: (مع ما رواه من منقطع حديث ابن مسعود أنه قال: "أيُّمَا بَيعَيْنِ تَبَايَعَا فالقَوْل قَول البَائِعِ أوْ يَتَرَادَّانِ" ثم قال: وهذا الحديث لم يخرجه أحدٌ مسندًا فيما أحسب.

قلت: هكذا ذكره موقوفًا. والحديث مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قول ابن مسعود. وكذلك هو في الموطأ الذي عزاه إليه عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يحدث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادَّان". واعلم أن هذا الحديث روي على أربعة ألفاظ: اللفظ الأول نحو هذا مع ذكر البينة وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان" وبعضهم لا يذكر البينة كما قال مالك. وهذا اللفظ له ثلاثة طرق: الطريق الأول من رواية عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار" رواه أحمد عن يحيى بن سعيد القطان، والترمذي من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله. ورواه البيهقي من طريق ابن أبي شيبة ثنا ابن عيينة ويحيى بن سعيد القطان عن محمد بن عجلان به مثله، ورواه أيضًا من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله

ابن عتبة أن ابن مسعود والأشعث بن قيس تبايعا ببيع فاختلفا في الثمن فقال ابن مسعود: اجعل بيني وبينك من أحببت، فقال له الأشعث: فإنك بيني وبين نفسك، فقال ابن مسعود: إذًا أقضي بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول وذكر مثله. قال الترمذي: (هذا حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود) وهكذا قال البيهقي وزاد: (وقد رواه الشافعي عن ابن عيينة عن ابن عجلان في رواية الزعفراني والمزني عنه، ثم قال الزعفراني قال أبو عبد الله يعني الشافعي: هذا حديث منقطع لا أعلم أحدًا يصله عن ابن مسعود وقد جاء من غير وجه). الطريق الثاني من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: "باع عبد الله ابن مسعود الأشعث بن قيس سبيًا من سبي الإمارة بعشرين ألفًا، فجاءه بعشرة آلافٍ فقال: إنما بعتك بعشرين ألفًا، قال إنما أخذتها بعشرة آلافٍ، قال: فإني أرضى في ذلك برأيك، فقال ابن مسعود. إن شئت حدثتك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلت، قال: أجل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا تبايع المتبايعان بيعًا ليس بينهما شهود فالقول ما قال البائع أو يترادَّان البيع. قال الأشعث فإني قد رددت عليك" رواه ابن الجارود في صحيحه المنتقى والدارقطني، كلاهما من رواية عمر بن قيس الماصر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه. ورجاله ثقات إلَّا أن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود اختلف

في سماعه من أبيه، وكان سفيان الثوري وشريك وشعبة يقولون: إنه سمع من أبيه، وكذا قال أبو حاتم، وابن معين من رواية معاوية بن صالح عنه وهو الذي يؤيده الدليل. لكن رواه الطيالسي وأحمد والبيهقي من طريق المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال: بايع عبد الله، فذكر الحديث ولم يذكر أباه عبد الرحمن. وكذلك رواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن معن بن عبد الرحمن عن أخيه القاسم به. ورواه الدارقطني من طريق أبي العميس عتبة بن عبد الله المسعودي قال: سمعت القاسم يذكر عن عبد الله. وهذا لا يضر ولا يفيد انقطاعًا متى رُوي من وجه آخر بذكر أبيه لأن الراوي إذا كان الحديث عن جده وأهل بيته يذكر القصة ولا يرفع الإسناد اعتمادًا على شهرته بين أهله وكونه عن جده. الطريق الثالث من رواية عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده قال: "اشترى الأشعث رقيقًا من رقيق الخُمْس من عبد الله بعشرين ألفًا" فذكر مثله، رواه أبو داود والنسائي وابن الجارود والحاكم

[الباب الثاني: المعقود عليه]

والدارقطني والبيهقي، وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) وأقرّه الذهبي، وقال البيهقي: (هذا إسناد حسن موصول) وقال ابن حزم في عبد الرحمن: (إنه مجهول ابن مجهول. قال: ومحمد بن الأشعث لم يسمع من ابن مسعود) وتبعه ابن القطان وزاد: (وكذلك جده محمد إلا أنه أشهرهم وهو أبو القاسم بن الأشعث، روى عنه مجاهد والشعبي والزهري وعمر بن قيس الماصر وسليمان بن يسار، وروى هو عن عائشة، أما روايته عن ابن مسعود فمنقطعة ا. هـ.) وقال ابن عبد البر: (هو منقطع إلَّا أنّه مشهور الأصل عند جماعة العلماء تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرًا من الفروع). اللفظ الثاني: "إذا اختلف المتبايعان والمبيع قائم فالقول ما يقول البائع أو يترادَّان" وهذا اللفظ بزيادة "والمبيع قائم" أنكره ابن حزم لكن مع زيادة أخرى وهي "أنهما يتحالفان" فقال: (وأما سائر الأقوال فلا حجة لهم فيها أصلًا، لاسيما من فرق بين السلعة القائمة والمستهلكة، ومن حلف المشتري فإنه لا يوجد ذلك في شيء من الآثار أصلًا إلا أنهم أطلقوا إطلاقًا سامحوا فيه قلة الورع -يعني الحنيفيين والمالكيين- فلا يزالون يقولون في كتبهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلف المتبايعان

[الباب الثالث: العاقدان]

والسلعة قائمة فإنهما يتحالفان ويترادان" وهذا لا يوجد أبدًا لا في مرسل ولا في مسند، لا في قوي ولا في ضعيف إلا أن يوضع للوقت) ثم قال أيضًا بعد كلام: (وقد عظم تناقضهم هاهنا، لاسيما تفريقهم بين السلعة القائمة والمستهلكة، فهو شيء لا يوجبه قرآن ولا سنة ولا رواية سقيمة) الخ. وهذا غريب جدًا بالنسبة لقوله: "والسلعة قائمة" فإنها واردة في الحديث المخرج في الأصول المشهورة كمسند أحمد والدارمي وسنن ابن ماجه والدارقطني والبيهقي، إلَّا أن ابن حزم لم يقف على هذه الأصول ولا رآها، ولعله رأى قطعة من مسند أحمد لأنه قليل العزو إليه جدًا بحيث عزا إليه أحاديث معدودة على رؤوس الأصابع. وهذا اللفظ ورد من طريقين: الطريق الأول من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البيعان إذا اختلفا والمبيع قائم بعينه وليس بينهما بيِّنة فالقول ما قال البائع أو يترادَّان البيع" رواه الدارمي وأبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي، كلهم من رواية هشيم عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به، إلا أن أبا داود لم يسق متنه بل أحاله على الذي قبله وقال: (فذكره بمعناه، والكلام يزيد وينقص). ورواه الدارقطني من طريق إسماعيل بن

عياش ثنا موسى بن عقبة عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن جده مرفوعًا: "إذا اختلف المتبايعان في البيع والسلعة كما هي لم تستهلك فالقول قول البائع أو يترادان البيع" ورواه الحسن بن عمارة عن القاسم عن أبيه أيضًا، لكنه أتى فيه بسياق مخالف فقال: "إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع، فإذا استهلك فالقول قول المشتري" رواه الدارقطني، والحسن بن عمارة متروك ساقط. ورواه أحمد عن ابن مهدي ثنا سفيان عن معن عن القاسم عن عبد الله بدون ذكر عبد الرحمن بينهما. الطريق الثاني من رواية إسرائيل عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله به، لكنه قال: "والمبيع مستهلك" رواه الدارقطني، إلَّا أن فيه من لا يعرف. فصل: وأما التحالف الذي أنكره ابن حزم فالقول فيه كما قال، فإنه لا يوجد في حديث، وإنما يذكره الفقهاء وليس الحنفية والمالكية فقط، بل وكذلك الشافعية، فقد نقل الحافظ عن الرافعي وأقره أنه قال في "التذنيب": (لا ذكر لها في شيء من كتب الحديث، وإنما توجد في كتب الفقه) قال الحافظ: (وكأنه عنى الغزالي، فإنه ذكرها في الوسيط وهو تبع إمامه في الأساليب). اللفظ الثالث عن ابن مسعود قال: "حضرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي في مثل هذا، فأمر

بالبائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع، إن شاء أخذ وإن شاء ترك" رواه أحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي، كلهم من طريق سعيد بن سالم القداح ثنا ابن جريج أن إسماعيل بن أمية أخبره عن عبد الملك بن عمير قال: "حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأتاه رجلان تبايعا سلعة، فقال أحدهما: أخذت بكذا وكذا، وقال الآخر: بعت بكذا وكذا، فقال أبو عبيدة: إني عبد الله بن مسعود في مثل هذا فقال: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا" وذكره. قال الحاكم: (هذا حديث صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبد الملك بن عمير، فقد حدثناه أبو بكر بن إسحاق ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا محمد بن إدريس الشافعي، فذكر الحديث وفي آخره قال أحمد بن حنبل: أخبرت عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد، قال أحمد بن حنبل وقال حجاج الأعور: عبد الملك بن عبيد). قلت: رواية حجاج الأعور خرجها النسائي، وقال البيهقي: ورواه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عمير عن بعض بني عبد الله بن مسعود

عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم أخرجه من طريق يعقوب بن حميد ثنا يحيى بن سليم به، ورواه أيضًا من طريق الحكم بن موسى ثنا سعيد بن سلمة عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك عن ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه. ورواه الدارقطني من طريق محمد بن غالب الأنطاكي عن سعيد بن مسلمة فقال: ثنا إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيدة. والمقصود أنه اختلف في اسم هذا الراوي، هل هو عبد الملك بن عمير أو ابن عبيد أو ابن عبيدة، فسقط الحديث من أجل ذلك، مع كون أبي عبيدة لم يسمع من أبيه على الخلاف في ذلك. اللفظ الرابع: "البيعان إذا اختلفا في البيع ترادَّا" رواه الطبراني في الكبير من طريق عبد الرحمن بن صالح ثنا فضيل بن عياض ثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا سند رجاله رجال الصحيح إلَّا عبد الرحمن بن صالح وهو ثقة صدوق، والظاهر أنه لم يحفظ متنه فأتى به مختصرًا على هذه الصفة والله أعلم. 1427 - حديث "أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - دَفَعَ إلى عُرْوَةَ البَارِقِيّ دِينَارًا وقال: اشْتَرِ لَنا مِنْ هَذا الجَلَب شَاةً. قال: فاشْتَرَيْتُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وبَعْتُ إحْدَى الشَاتَيْنِ بدِينارٍ وجِئْتُ بالشَّاةِ

والدِّينار، فقلتُ: يا رسُولَ الله هذه شَاتُكُمْ ودينَارُكُمْ، فقال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ في صَفْقَةِ يَمينهِ". أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني

القسم الثالث: الأحكام العامة للبيوع الصحيحة

القسم الثالث: الأحكام العامة للبيوع الصحيحة والبيهقي من حديث عروة بن أبي الجعد البارقي، وله عندهم ألفاظ. وفي الباب عن حكيم بن حزام أنه فعل مثل ذلك أيضًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي.

الجملة الأولى: أحكام وجود العيب في المبيعات

الباب الأول: أحكام العيوب في البيع المطلق

1428 - حديث المُصَرَّاة المشهور وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُصَرُّوا الإبِلَ والبَقَرَ فمن فَعَلَ ذلكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إنْ شَاءَ أمْسَكَهَا وإِنْ شَاءَ رَدَّها وصَاعًا من تَمْرٍ".

مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي وجماعة بألفاظ ليس في شيء منها ذكر البقر، بل كلهم قالوا: "لا تُصَرُّوا الإبل ولا الغنم" الحديث. 1429 - حديث "الخَرَاج بالضَّمَان".

الشافعي والطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي من رواية ابن أبي ذئب عن مَخْلَد بن خُفاف الغفاري عن عُروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. ورواه الشافعي وأحمد وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود

والدارقطني والحاكم من رواية مُسلم بن خالد الزَّنْجي عن هشام بن عن أبيه عن عائشة: "أن رجلًا اشترى غلامًا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه عيب لم يعلم به، فاستغله، ثم علم العيب فرده، فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنه استغله منذ زمن. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الخراج بالضمان" وقال بعضهم: "الغلة بالضمان" قال الحاكم: (صحيح الإسناد)، وقال الترمذي في الطريق الأول: (حديث حسن .. ورواه الترمذي والبيهقي من حديث عمر بن علي عن هشام بن عروة عن أبيه عن

عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الخَرَاج بالضَّمان" ثم قال الترمذي: (صحيح غريب من حديث هشام. واستغربه البخاري من حديث عمر بن علي. وقد رواه مسلم بن خالد عن هشام بن عروة، وكذلك رواه جرير عن هشام، وحديث جرير يقال تدليس دلَّس فيه جرير، لم يسمعه من هشام بن عروة).

قلت وقال البخاري في التاريخ الكبير: (رواه جرير عن هشام ولم يسمعه من أبيه عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) فهذه دعوة غير التي حكاها الترمذي، وكلام البخاري ذكره في ترجمة محمد بن المنذر الزبيري، وروى الحديث من طريقه قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه: "الخراج بالضمان"، لم يفصح البخاري بالرفع ولا بذكر عائشة. والحديث صحيح على كل حال. 1430 - الحَسن عن عُقْبَة بن عامِر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عُهْدَةُ الرَّقيقِ ثَلَاثَةُ أيَّامٍ" وروى أيضًا: "لا عُهْدَةَ بَعْدَ أرْبَعٍ" وروى هذا الحديث أيضًا الحسن عن سَمُرَة بن جُنْدب الفزاري. وكلا الحديثين عند أهل العلم معلول، فإنهم اختلفوا في

سماع الحسن عن سمرة، وإن كان الترمذي قد صححه. قلت: الحديث رواه الحسن واختلف عليه فيه، فقيل عنه عن عقبة، وقيل عنه عن سمرة، وقيل عنه عن عقبة أو سمرة على الشك مع أنه لم يسمع منهما معًا، وقيل أنه سمع من سمرة حديث العقيقة وحده. ثم إنه اختلف عليه في لفظه أيضًا فقيل عنه "عهدة الرقيق ثلاث ليال" وقيل: "ثلاثة أيام" وقيل: "أربعة أيام" وقيل: "أربع ليال" وقيل: "لا عهدة بعد أربع". فرواه أحمد عن إسماعيل بن علية، والحاكم والبيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عهدة الرقيق ثلاث ليال". ورواه أحمد من طريق شعبة، والدارمي وأبو داود من طريق أبان بن يزيد العطار ومن طريق همام، كلاهما عن قتادة به مثله إلَّا أنه قال: "ثلاثة أيام". ورواه

أحمد وابن ماجه والحاكم والبيهقي والخطيب في التاريخ من رواية هشيم عن يونس عن الحسن عن عقبة بلفظ: "لا عهدة بعد أربع" ورواه أبو داود الطيالسي والحاكم والبيهقي من رواية هشام الدستوائي عن قتادة عن الحسن عن عقبة: "عهدة الرقيق أربعة أيام" وقال بعضهم: "أربع ليال" وقال الطيالسي: (عن هشام به عن سمرة أو عقبة بن عامر) على الشك. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن عبدة ومحمد بن بشر، وابن ماجه من طريق عبدة، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة: "عُهدة الرقيق ثلاثة أيام". وقال الحاكم عقب حديث عقبة: (حديث صحيح الإسناد غير أنه على الإرسال، فإن الحسن لم يسمع من عقبة بن عامر) وقال البيهقي: (مدار هذا الحديث على الحسن عن عقبة بن عامر وهو مرسل، قال ابن المديني: لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئًا. وكذا قاله جماعة من أئمة أهل النقل). اهـ. وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة والحسن عن عقبة

فقال: ليس هذا الحديث عندي بصحيح وهذا عندي مرسل. وقال أبو بكر الأثرم: (سألت أحمد ابن حنبل عن العُهدة، فقال: ليس فيها حديث يثبت، هو ذاك الحديث، حديث الحسن وسعيد بن أبي عروبة أيضًا، يشك فيه، يقول عن سمرة أو عن عقبة). وقال الخطَّابي: (ضعَّف أحمد بن حنبل عُهدة الثلاث في الرقيق، وقال: لا يثبت في العهدة حديث. وقالوا: لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئًا، فالحديث مشكوك فيه، فمرة قال: عن سمرة، ومرة قال: عن عقبة).

1431 - حديث "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ". تقدم.

الباب الثاني: في بيع البراءة

الباب الثاني: في بيع البراءة

الجملة الثانية: في الضمان في المبيعات

1432 - حديث عَتَّاب بن أسِيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى مكة قال له: "انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ ما لَم يَقْبَضُوا وَرِبْحِ مَا لَم يَضْمَنُوا". محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا يحيى بن عامر عن رجل عن عتاب بن أسيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: "انطلق إلى أهل الله يعني أهل مكة فانههم عن أربع خصال: عن بيع ما لم يقبضوا، وعن ربح ما لم يضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن سلف وبيع" ورواه طلحة بن محمد في مسند أبي حنيفة من طريق حمزة ابن حبيب الزيات عن أبي حنيفة عن يحيى بن عامر عن عبيد الله بن عبد الواحد عن عتاب بن أسيد به وقال: "انطلق إلى أهل مكة" ولم يقل "أهل الله" وأخرجه ابن خسرو البلخي في مسند أبي حنيفة من طريق محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة به مثل الذي قبله بتسمية الرجل عبيد الله بن عبد الواحد. ورواه الحسن بن

القول في الجوائح

زياد في مسنده عن أبي حنيفة فقال كما قال محمد. ورواه طلحة بن محمد في مسنده أيضًا من طريق أحرم بن مالك عن جعفر بن عون عن أبي حنيفة فقال عن يحيى بن عبد الله بن موهب التيمي عن عامر الشعبي عن عتاب بن أسيد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن ينهى قومه عن بيع ما لم يقبض، وعن شرطين في بيع، وعن ربح ما لم يضمن، وعن بيع وسلف" ورواه أبو محمد البخاري في مسند أبي حنيفة من طريق بشر بن الوليد، ومن طريق علي بن معبد، كلاهما عن أبي حنيفة فقال عن أبي يعفور عمن حدثه عن عبد الله بن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عتاب بن أسيد إلى أهل مكة وقال: انههم" وذكره. وكذلك رواه طلحة من جهة بشر بن الوليد وحده. فهذا اضطراب من أبي حنيفة في سند هذا الحديث، وهو ضعيف عند أهل الحديث. وقد رواه ابن ماجه في سننه من وجه آخر مختصرًا، فروى من طريق ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عتاب بن أسيد قال: "لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة نهاه عن شِفِّ ما لم يُضْمن" وليس مدلس وعطاء لم يسمع من عتاب بل ولا أدركه. ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف، وقد أتى به بسياق آخر عن عتّاب "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال له حين أمّره على مكة: هل أنت مبلغ عني قومك ما آمرك به؟ قل لهم: لا يجمع أحدكم بيعًا وسلفًا، ولا يبع أحدكم بيع غرر، ولا يبع أحد ما ليس عنده". 1433 - حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن بَاعَ ثَمَرًا فَأصابَتْهُ جَائِحَةٌ فلا يَأْخُذْ من أخيه شيئًا. على ماذا يأخُذُ أحَدُكُم مالَ أخِيه؟ " قال المصنف: خرجه مسلم. قال وما روي عنه أنه قال: "أمرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بوَضْعِ الجَوَائِحِ". ثم قال ابن رشد بعد هذا: وأما الشافعي فروى حديث جابر عن سليمان بن عتيق عن جابر وكان يضعفه ويقول: إنه اضطرب في ذكر وضع الجوائح فيه. قلت: حديث جابر رُوي عن طريقين باللفظين اللذين ذكرهما ابن رشد. فأما اللفظ الأول فرواه الدارمي ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه

شيئًا. بما تأخذ مال أخيك بغير حق" لفظ مسلم. واللفظ الثاني رواه الشافعي وأحمد ومسلم والنسائي وابن الجارود والطحاوي والبيهقي، كلهم من حديث سُفيان بن عُيَيْنة عن حُمَيْد الأعرج عن سُليمان بن عَتِيق عن جابر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السِّنين وأمرَ بوَضْع الجَوَائح" وقال بعضهم: "ووضع الجوائح" واختصره بعضهم، فاقتصر على قوله: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وَضَع الجوائح". كما أن ابن ماجه اقتصر على قوله: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنين" وفرَّقه مسلم بالإسناد عينه، فذكر النهي عن بيع السنين في باب، والأمر بوضع الجوائح في باب. وقال الشافعي: (سمعت سفيان

يحدث هذا الحديث كثيرًا في طول مُجالستي له ما لا أُحصي ما سمعته يحدث من كثرته لا يذكر فيه "أمَرَ بوضع الجوائح" لا يزيد على "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السِّنين" ثم زاد بعد ذلك: "وأمر بوضع الجوائح". قال سفيان: وكان حُميد يذكر بعد بيع السِّنين كلامًا قبل وضع الجوائح لا أحفظه فكنت أكُفُّ عن ذكر وضع الجوائح لأني لا أدري كيف كان الكلام وفي الحديث أمر بوضع الجوائح) قال البيهقي: (زادني أبو سعيد بن أبي عمرو عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال: فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظه سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعًا حضًّا على الخير لا حتمًا وما أشبه ذلك ويجوز غيره، فلما احتمل الحديث المعنيين معًا ولم تكن فيه دلالة على أيهما أولى به لم يجز عندنا والله أعلم أن يحكم على الناس في أموالهم بوضع ما وجب لهم بلا خبر ثبت بوضعه. قال البيهقي: وقد روي ذلك عن أبي الزبير عن جابر). ثم أخرجه من طريق علي بن المديني عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه وضع الجوائح". قلت: وكذلك رواه الشافعي عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مثله، ومع ذلك قال ما قال فكأنه حكم على سفيان بالوهم في الحديث من الطريقين، ويؤيده أن ابن جريج رواه عن أبي الزبير باللفظ السابق فالله أعلم.

1434 - قوله: (فكأنه مستثنى من النهي عن بيع ما لم يُخلق). تقدم. 1435 - حديث أبي سعيد الخدري قال: "أُجيح رَجُلٌ في ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا وكَثُرَ دَيْنُهُ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ. فتُصدِّقَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ وَفَاءَ دَيْنِهِ. فقالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذُوا ما وَجَدْتُمْ ولَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذلكَ".

مسلم والأربعة وغيرهم. 1436 - حديث زيد بن ثابت المشهور.

يعني في سبب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. تقدم. 1437 - حديث: "أَرَأيْتَ إنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ". تقدم.

1438 - حديث: "الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِير". متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص ويأتي لفظه في الوصايا.

الجملة الثالثة: تابعات المبيعات

1439 - حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بَاعَ نَخْلًا قَدْ أبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا للبَائِعِ إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ".

مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه

والبيهقي من رواية نافع عن ابن عمر به. ويأتي تمام الكلام عليه في الذي بعده. 1440 - حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ للذِي باعَهُ إِلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ" ثم قال: وحديث ابن عمر هذا خالف فيه نافع سالمًا، لأن نافعًا رواه عن ابن عمر عن عمر، وسالم رواه عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت هذا والذي قبله حديث واحد رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع نخلًا بعد أن تُؤبِّر فثمرتها للبائع إلَّا أن يشترط المبتاع، ومن

ابتاع عبدًا وله مال فماله للذي باعه إلَّا أن يشترط المبتاع، رواه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي من رواية جماعة عن الزهري عن سالم به، إلَّا أن بعضهم فرّقه بالإِسناد نفسه كابن الجارود، واقتصر الدارمي على ذكر العبد، وهو عنده من رواية ابن أبي ذيب عن الزهري. وهكذا رواه عبد ربه بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل باع نخلًا قد أبرت فثمرتها للأول، وأيما رجل باع مملوكًا وله مال فماله لربه الأول إلا أن يشترط المبتاع" رواه أحمد

وابن ماجه والبيهقي من رواية شعبة عن عبد ربه بن سعيد. قال شعبة بعد أن سمعه من عبد ربه هكذا مجموعًا: فحدثته بحديث أيوب عن نافع أنه حدث بالنخل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمملوك عن عمر. قال عبد ربه: لا أعلمهما جميعًا إلّا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال مرة أخرى: فحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يشك). وتابعه يحيى بن سعيد عن نافع في ذكر العبد مرفوعًا، أخرجه البيهقي من طريق يوسف بن يعقوب ثنا أبو الربيع ثنا أبو شهاب عن يحيى بن سعيد به. وتابعهما سليمان بن موسى عن نافع أيضًا، أخرجه أحمد والبيهقي، بل رواه أبو داود عن القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصة العبد أيضًا. وكذلك رواه عكرمة بن خالد عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل رواية سالم عن ابن عمر، أخرجه أحمد والبيهقي، إلّا أن أحمد اقتصر على ذكر النخل، وقال البيهقي: (إنه منقطع، وقد روي عن هشام الدستوائي عن قتادة عن عكرمة بن خالد عن الزهري عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكأنه أراد حديث الزهري عن سالم عن أبيه). وفي الباب عن جابر بمثل حديث سالم عن ابن عمر، أخرجه البيهقي من

رواية أبي حنيفة عن أبي الزبير عن جابر، وأخرجه أحمد وأبو داود بذكر العبد فقط، لكن أحمد رواه مرة من طريق سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر، ومرة من طريق سلمة بن كهيل عمن سمع جابرًا، ومن هذا الطريق هو عند أبي داود. وعن عبادة بن الصامت بنحوه أيضًا أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي عنه قال: "إنَّ من قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ثمر النخل لمن أبَّرها إلَّا أن يشترط المبتاع، وأن مال المملوك لمن باعه إلَّا أن يشترط المبتاع" وهو عند أحمد مطولًا. وعن علي -عليه السلام- قال: "من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلَّا أن يشترط المبتاع، قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن باع نخلًا قد أُبِّرت فثمرتها للبائع إلَّا أن يشترط المبتاع" رواه البيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي، وهذا منقطع. وبمجموع هذه الطرق يعلم أنه لم يصب من رجَّح رواية نافع عن ابن عمر عن عمر في العبد موقوفًا، وأن الصواب ما قاله سالم عن أبيه والله أعلم.

1441 - حديث "من أعْتَقَ غُلامًا فَمَالُه لَه إلَّا أن يَسْتَثْنِيَهُ سَيِّدُهُ". أبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث الليث بن سعد وابن لَهِيعة،

الجملة الرابعة: في اختلاف المتبايعين

كلاهما عن عُبيد الله بن أبي جعفر عن بُكَيْر بن عبد الله بن الأشجّ عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أعتق عبدًا فماله له إلَّا أن يشترط السيد ماله فيكون له" قال ابن ماجه: (وقال ابن لَهِيعة: إلَّا أن يستثنيه السيد)، قال البيهقي:

(وهذا بخلاف رواية الجماعة عن نافع، فقد رواه الحفاظ عن نافع عن ابن عمر عن عمر كما تقدم) يعني في البيع. 1442 - حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا فالقَوْلُ قَولُ البَائِعَ أو يَتَرَادَّانِ".

تقدم.

28 - كتاب الصرف

28 - كتاب الصرف

1443 - حديث ابن عباس عن أسامة بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا رِبا إلَّا في النَّسِيئَة".

متفق عليه وقد تقدم تخريجه أوائل البيوع. 1444 - حديث مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذهَبِ إِلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا تشِفُّوا بَعْضَها على بَعْضٍ". الحديث متفق عليه أيضًا وقد تقدم.

1445 - قوله (وحديث عبادة بن الصامت حديثه صحيح أيضًا في هذا الباب). تقدم الكلام عليه مرارًا. 1446 - قوله: وأما حديث ابن عباس فإنه ليس بنص فى ذلك لأنه روي فيه لفظان، أحدهما أنه قال: "إنما الرِّبَا في النَّسِيئَة".

هو بهذا اللفظ في صحيح مسلم وسنن النسائي وابن ماجه. ورواه الدارمي بلفظ: "إنما الربا في الدين".

وأما اللفظ الثاني وهو: "لا رِبا إلَّا في النَّسِيئَة". فهو في صحيح البخاري وغيره، وقد تقدم. 1447 - حديث فَضَالَة بن عُبَيْد قال: "أُتي رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخَيْبَر بِقِلَادةٍ فيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ وهِيَ مِنَ المَغَانِم تُباعُ، فأمَرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالذَّهب الذي في القِلادَةِ فنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قالَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: الذَّهَبُ بالذَّهَبِ وزْنًا بِوَزْن" قال ابن رشد: خرَّجه مسلم. قلت كذلك وأخرجه أيضًا أبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود

والدارقطني والبيهقي وغيرهم. 1448 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَّا هَاءَ وَهَاءَ".

تقدم من حديث عمر بن الخطاب أوائل البيوع.

1449 - حديث ابن عمر قال: "كنْتُ أَبِيعُ الإبِلَ بالبَقِيعِ، أبِيعُ بالدَّنَانِيرِ وآخُذُ الدَّراهمَ، وأبِيعُ بالدَّرَاهِمِ وآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألتُ عَنْ ذلكَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا بَأسَ بِذلكَ إذَا كَانَ بِسِعْرِ يَوْمِها" قال ابن رشد: خرجه أبو داود. قلت هو كذلك ورواه أيضًا أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه

وابن الجارود والدارقطني والحاكم والبيهقي، كلهم من حديث سِماك بن حَرْب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به بزيادة "ما لم تفترقا وبينكما شيء"، وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم)، وقال الترمذي: (لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سِماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروَى داود بن أبي هِنْد هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا)، وقال البيهقي: (تفرد برفعه سماك ابن حرب عن سعيد بن جبير من بين أصحاب ابن عمر). 1450 - حديث أبي سعيد "لا تبيعوا منها غائبًا بناجز". تقدم في حديث أبي سعيد الخدري أوائل البيوع.

29 - كتاب السلم

29 - كتاب السلم

الباب الأول: محل السلم وشروطه

الباب الأول: محل السلم وشروطه 1451 - حديث ابن عباس قال: "قَدِمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وهم يُسْلِمُون في التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ والثلاثَ، فقالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن أسلَفَ فَلْيُسْلِفْ في ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ".

أحمد والبخاري ومسلم والأربعة وابن الجارود والدارمي

والبيهقي وجماعة بلفظ: "فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ معلوم ووزن معلوم إلى أجَل معلوم". 1452 - حديث ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السلف في الحيوان" قال: وهذا الحديث ضعيف عند الفريق الأول. قلت أخرجه الدارقطني والحاكم، كلاهما من حديث إسحاق بن إبراهيم الجوثي، وقال الدارقطني: ابن جوثي، ثنا عبد الملك بن عبد عبد الرحمن الذماري ثنا سفيان الثوري حدثني معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس به. وقال الحاكم: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وأقره الذهبي. وتعقبه ابن عبد الهادي بأن إسحاق بن إبراهيم بن جوثي قال فيه ابن حبان: منكر الحديث جدًا، يأتي عن الثقات بالموضوعات، لا يحل كتب حديثه إلَّا على جهة التعجب. وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة اهـ. وفيما قاله نظر فإن هذا الجرح قالوه في إسحاق بن إبراهيم الطبري الصنعاني، وهو غير ابن جوثي فيما يظهر، فإن الحاكم الذي جرّح الطبري هو الذي صحّح حديث ابن جوثي، ولم يتعقبه أيضًا الذهبي مع أنه ذكر الطبري في الميزان أما ابن جوثي فذكره في المشتبه وقال: يروي عن سعيد بن سالم القداح وعنه علي بن بشر المقاريضي شيخ الطبراني وابنه محمد بن إسحاق أيضًا شيخ

للطبراني. نعم ذكره الحافظ في اللسان ونقل عن ابن حزم أنه قال: (مجهول) ثم استظهر أنه الطبري، مع أنه لو كان كذلك لما جهله ابن حزم لأن الطبري مشهور مذكور في كتب الجرح المشهورة التي وقف عليها ابن حزم فالله أعلم. 1453 - حديث "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْعِ الحَيَوَانِ بالحَيَوانِ نَسِيئةً". تقدم أوائل البيوع في الكلام على حديث جابر. 1454 - حديث ابن عمر "أنّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَهُ أنّ يُجَهِّزَ جَيْشًا، فَنَفَدَت الإبل، فأمَرَهُ أن يَأخُذَ على قِلاصِ الصَّدَقَة، فأخَذَ البَعِيرَ بالبَعِيرَيْنِ إلى إِبِلِ الصَّدَقَة". كذا قال: عن ابن عمر، والصواب: عبد الله بن عمرو بن العاص، وسبق له أوائل البيوع، ذكر هذا الحديث عن عمرو بن العاص وهو وهم أيضًا كما بينا ذلك سابقًا. 1455 - حديث أبي رافع "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا".

مالك، والطيالسي، والدارمي وأحمد ومسلم وأبو داود

والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم عنه قال: "استسلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بَكْرًا فجاءته إبل الصدقة، فأمرني أن أقضيَ الرجلَ بَكْرَهُ، فقلت: إني لم أجد

في الإبل إلَّا جملًا خِيارًا رَبَاعِيًا. فقال: أعْطِهِ إيَّاه فإن من خير الناس أحسنهم قضاءً". 1456 - قوله: ظاهر حديث ابن عباس. يريد قوله "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يُسْلِمُون في التَّمر" الحديث، وقد تقدم أول الباب. 1457 - قوله: من باب بيع ما ليس عند البائع المنهي عنه. تقدم النهي عن ذلك من حديث حكيم بن حزام وغيره. 1458 - حديث "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى جملًا من أعرابي بوسق تمر، فلما دخل البيت لم يجد التمر، فاستقرض النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرًا وأعطاه إياه".

أحمد والبزار والحاكم والبيهقي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جزورًا من أعرابي بوسق تمر عجوة، فطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أهله تمرًا فلم يجده، فذكر ذلك للأعرابي فصاح الأعرابي: واغدراه، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنت يا عدو الله أغدر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا. فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خولة بنت حكيم وبعث بالأعرابي مع الرسول فقال: قل إني ابتعت هذا الجزور من هذا الأعرابي بوسق

تمر عجوة فلم أجده عند أهلي فأسلفيني وسق تمر عجوة لهذا الأعرابي. فلما قبض الأعرابي حقه رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: قبضت. قال: نعم، وأوفيت وأطبت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أولئك خيار الناس الموفون المطيبون" لفظ الثلاثة، أما الحاكم فذكره مختصرًا وهو حديث صحيح. 1459 - حديث ابن عباس "أنّ الناس كانُوا يُسْلِمُونَ في التمْرِ السَّنَتَيْنِ والثلاثَ".

تقدم. 1460 - حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُسْلِموا في النخلِ حتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُها". أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي إسحاق عن رجل من نجران عن ابن عمر "أن رجلًا أسلف رجلًا في نخل فلم

الباب الثاني: ما يجوز أن يقتضى من المسلم إليه بدل ما انعقد عليه السلم

الباب الثاني: ما يجوز أن يقتضى من المسلم إليه بدل ما انعقد عليه السلم تخرج تلك السنة شيئًا، فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: بم تستحل ماله؟ ارْدُد عليه ماله، ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه" لفظه أبي داود، وهو عند الباقين أطول من هذا.

1461 - حديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أسْلَم في شَيءٍ فَلا يَصْرِفْهُ إلى غَيْرِهِ". أبو داود وابن ماجه والبيهقي وقال: (عطية بن سعد لا يحتج به).

1462 - قوله: وذلك بناء على مذهبه في أن الذي يشترط في بيعه القبض هو الطعام على ما جاء عليه النص في الحديث.

يريد حديث ابن عمر: "من ابتاع طعامًا فلا يبعْه حتى يقبِضَه" وقد تقدم

1463 - حديث: "مَنْ أقَالَ مُسْلِمًا صَفْقَته أقَالَ الله عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيامَةِ وَمَنْ أنْظَرَ مُعْسِرًا أظَلَّهُ الله في ظِله يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِله". قلت هما حديثان، فحديث "من أقال مسلمًا" خرجه عبد الله بن أحمد في زائد المسند وأبو داود وابن ماجه والدينوري في المجالسة والطبراني في مكارم الأخلاق والحاكم وصحّحه على شرط الشيخين والبيهقي في السنن وأبو نعيم في

الحلية والقضاعي في مسند الشهاب وآخرون، منهم ابن حبان في الصحيح وابن الأعرابي في المعجم من حديث أبي هريرة بلفظ: "من أقال مسلمًا أقاله الله عثرته" وقال بعضهم: "من أقال نادمًا بيعته أقاله الله عثرته" وقال بعضهم: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله يوم القيامة". وقد أطلت في ذكر أسانيده وألفاظه في المستخرج على مسند الشهاب. وحديث "من أنظر معسرًا" ورد من حديث أبي اليَسَر، وأبي هريرة، وأبي قتادة، وعثمان، وابن عباس، وأبي لبابة، وكعب بن عجرة، وأسعد بن زرارة، وسهل بن حنيف، وعبادة بن الصامت. فحديث أبي اليَسَر رواه أحمد والدارمي ومسلم وابن ماجه وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الحلية بلفظ: "من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظِلَّ إِلا ظِلُّه" وقال الحاكم:

(صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وهو واهم في استدراكه لأنه عند مسلم، وفي لفظ لابن أبي الدنيا: "من أحب أن يظله الله -عَزَّ وَجَلَّ- في ظله فلينظر المعسر أو ليضع عنه". وحديث أبي هريرة رواه الترمذي، والدينوري في المجالسة، والحسين بن هارون الضبي في أماليه والقضاعي في مسند الشهاب بلفظ: "من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله تحت ظِلِّ عرشه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه". [قال الترمذي]: (حسن صحيح غريب من هذا الوجه). وحديث أبي قتادة رواه أحمد والدارمي ومسلم وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في الحلية والبغوي في التفسير بلفظ: "من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة" لفظ أحمد والدارمي، وقال مسلم وابن أبي الدنيا: "من سَره أن يُنجيه الله من كُرَب يوم القيامة فلينظر معسرًا أو ليضع عنه" وقال أبو نعيم "من أنظر معسرًا أو وهب له أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله".

وحديث عثمان رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بلفظ: "أظل الله عبدًا في ظله يوم لا ظل إلا ظله أنظر معسرًا أو ترك لغارم" وفيه العباس بن الفضل الأنصاري نسبوه إلى الكذب. وحديث ابن عباس رواه أحمد وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق وفيه نوح بن جعونة وهو ابن أبي مريم وهو متروك متهم بالكذب ووهم ابن كثير في قوله أنه سند حسن. وحديث أبي لبابة رواه الطوسي في السادس عشر من أماليه بلفظ: "من يحب منكم أن يستظل من جور جهنم. قلنا: كلنا نحب ذلك يا نبي الله. قال: من أحب ذلك فلينظر غريمًا أو ليدع معسرًا". وهو من رواية أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي ما عرفته.

وحديث كعب بن عجرة رواه الطبراني في الصغير فيمن اسمه العباس بلفظ: "من أنظر معسرًا أو يسر عليه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله". وحديث أسعد بن زرارة رواه الطبراني في الكبير بلفظ: "من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه". وحديث سهل بن حنيف رواه الحاكم في المستدرك بلفظ: "من أعان مجاهدًا في سبيل الله أو غارمًا في عسرته أو مكاتبًا أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله". وحديث عبادة رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق بلفظ حديث أبي اليسر وهو في الحقيقة حديثه وهم فيه محمَّد بن القاسم الأسدي فقال عن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه وإنما هو عنه عن أبي اليسر. 1464 - حديث "نَهَى عَنْ بَيْعِ الطعامِ حَتى يَجْرِيَ فيهِ الصاعَانِ: صاعُ البَائِعِ،

الباب الثالث: في اختلاف المتبايعين في السلم

الباب الثالث: في اختلاف المتبايعين في السلم وصَاعُ المُشْتَري". تقدم.

30 - كتاب بيع الخيار

30 - كتاب بيع الخيار

1465 - حديث حَبَّان بن مُنْقِذ وفيه: "وَلَكَ الخِيارُ ثَلاثًا". ابن الجارود في المنتقى عن يحيى بن آدم، والدارقطني من طريق عبد الجبار بن العلاء، والحاكم والبيهقي كلاهما عن طريق ابن أبي عمر، ثلاثتهم

قالوا ثنا سفيان عن محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر "أنَّ حَبَّان بن مُنْقِذ كان سَفَعَ في رأسه مَأْمومة فثقلت لسانه وكان يُخْدَع في البيع، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما ابتاع فهو بالخيار ثلاثًا، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بع وقُلْ لا خِلابَةَ. فسمعته يقول: لا خلابة لا خلابة" لفظ ابن الجارود. ولفظ الدارقطني: "فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له الخيار فيما يشتري ثلاثًا" ونحوه لفظ الحاكم والبيهقي. ورواه الحميدي في مسنده قال: حدثنا سفيان عن محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر: "أن منقذًا سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة فخبلت لسانه، فكان إذا بايع يُخدع في البيع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بايع وقيل لا خلابة ثم أنت بالخِيار ثلاثًا" الحديث. ورواه البخاري في التاريخ الكبير والصغير معًا من طريق عبد الأعلى ثنا محمَّد بن إسحاق قال حدثني محمَّد بن يحيى بن حَيَّان قال: "كان جدي مُنْقِذ بن عمرو أصابته آمَّة في رأسه فكَسَرت لِسانَه ونازعت عقله، وكان لا يدع التجارة ولا يزال يُغْبن، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن بعت فقل: لا خِلابة، وأنت في كل سِلعة ابتعتها بالخِيار ثلاث ليال. وعاش ثلاثين ومائة سنة، وكان في زمن عثمان حين كثر الناس يبتاع في السوق فيغبن فيصير إلى أهله فيلومونه فيرده ويقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلني بالخيار ثلاثًا، حتى يمر الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: صدق" لفظه في الكبير واختصَره في الصغير. ومن هذا الوجه خرّجه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي بألفاظ متضاربة. ورواه

الدارقطني من طريق ابن لهيعة ثنا حبان بن واسع عن طلحة بن يزيد بن ركانة "أنه كلم عمر بن الخطاب في البيوع قال: ما أجد لكم شيئًا أوسع مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان بن منقذ، إنه كان ضرير البصر، فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهدة ثلاثة أيام، إن رضي أخذ وإن سخط ترك، هكذا قال أسد بن موسى عن ابن لهيعة. وقال عبيدة بن أبي قرة عن ابن لهيعة عن حبان بن واسع عن أبيه عن جده قال: "قال عمر لما استخلف: أيها الناس إني نظرت فلم أجد لكم في بيوعكم شيئًا أمثل من العهدة التي جعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان بن منقذ ثلاثة أيام وذلك في الرقيق" وهذه الزيادة غلط بلا شك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل له ذلك عمومًا والرجل لم يكن يشتري الرقيق خاصة، بل كان يشتري ما يحتاج إليه عامة. وأصل الحديث في الصحيحين من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر لكن لم يعين فيه اسم الرجل ولا ذكر فيه الخيار، بل قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بايعت" وعند مسلم: "متى بايعت فقل: لا خِلابة". وورد الحديث بذلك من حديث أنس أخرجه أحمد والأربعة، وابن الجارود والدارقطني.

1466 - حديث ابن عمر: "البَيِّعَانِ بالخِيارِ". مالك وأحمد والبخاري، ومسلم والأربعة وابن الجارود

والبيهقي وجماعة بألفاظ متعددة منها هذا, وليس عند مالك غيره.

1467 - حديث مُنْقِذ بن حَبان أو حَبان بن مُنْقِذ، ثم قال: وأشبه طرقه المتصلة ما رواه محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، الحديث. تقدم. 1468 - حديث المُصَرَّاة وهو قوله: "من اشْتَرى مُصَراةً فَهُوَ بالخِيار ثَلاثَةَ أيامٍ". أحمد ومسلم أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن

الجارود والطحاوي والبيهقي من أوجه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال: "من اشترى شاة مُصَرَّاة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن رَدَّها رد معها صاعًا من تمر، لا سَمراء".

31 - كتاب بيع المرابحة

31 - كتاب بيع المرابحة

الباب الأول: فيما يعد من رأس المال وصفة رأس المال الذي يبني عليه الربح

الباب الأول: فيما يعد من رأس المال وصفة رأس المال الذي يبني عليه الربح

الباب الثاني: حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان

الباب الثاني: حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان

32 - كتاب بيع العرية

32 - كتاب بيع العَرِيَّة

1469 - قوله: والرخصة فيها إنما استثناؤها من المُزَابَنَةَ وهي بيع الرُّطَبِ بالتَمْرِ الجاف الذي ورد النهي عنه.

تقدم في البيوع.

1470 - حديث سهل بن أبي حثمة "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ التمْرِ بالرُّطَبِ إلَّا أنهُ رَخصَ في العَرِيَّة أن تُبَاعَ بخَرْصِهَا يَأكُلُهَا أهْلُهَا رُطَبًا".

البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد تقدم في أحاديث المزابنة. 1471 - حديث أبي هريرة: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أرْخَصَ في بَيْعِ العَرَايَا بِخَرْصِها فيما دون خَمْسَةِ أوْسُقٍ، أو في خَمْسَةِ أوْسُق".

مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطحاوي والبيهقي، كلهم من طريق مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة به، وفي آخره يشك داود قال: "خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق". وقد قيل إن هذا الحديث تفرد به داود بن الحصين، وتفرد به عنه مالك. 1472 - حديث زيد بن ثابت: "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَخصَ لصاحِبِ العَرِيةِ أن يبيعَهَا بِخَرْصها تمرًا" قال المصنف: خرجه مسلم. قلت بل هو متفق عليه خرجه الجماعة وغيرهم: مالك وأحمد والبخاري

ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وجماعة وله عندهم ألفاظ. 1473 - حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَّه نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، التمَرِ بالتمْرِ، إلا أصْحَابَ العَرَايَا فإنَّهُ أذِنَ لَهُمْ فِيهِ".

أحمد والبخاري ومسلم والطحاوي. وقد تقدم في أحاديث المزابنة. 1474 - حديث محمود بن لبيد "أنَّهُ قالَ لرجُلٍ مِنْ أصحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إمَّا زَيْد ابن ثابت وإِما غَيْره: ما عَرَايَاكُم هذهِ؟ قال، فسمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنَ الأنْصَارِ شَكُوا إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرُّطَبَ أتَى وليسَ بأيْدِيهِم نَقْدٌ يَبْتَاعُونَ بِهِ الرطَبَ فَيَأكلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وعِنْدهمْ فَضْل مِنْ قُوتِهِمْ مِنَ التَّمْر، فَرَخصَ لَهُمْ أن يَبْتَاعُوا العَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ الذي بأيْدِيهِم يَأكلُونَهَا رطَبًا".

هكذا ذكر الشافعي هذا الحديث معلقًا، ولم يوقف له على إسناد. وحديث زيد بن ثابت تقدم قبل حديث. 1475 - حديث "أنَّهُ نَهَىَ عَنِ المُزَابَنَة". تقدم في البيوع.

33 - كتاب الإجارات

33 - كتاب الإِجارات

1476 - حديث عائشة قالت: "اسْتَأجَرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ رجُلًا من بني الدِّيل،

هاديًا خِرِّيتًا، وهو على دين كفَّار قُريشٍ، فدفعَا إليه راحِلَتَيْهِمَا، وواعداهُ غَارَ ثَوْرٍ بعدَ ثَلاثِ لَيالٍ براحِلَتيهِما". قال المصنف: خرّجه البخاري. قلت هو كذلك، وهو قطعة من حديث الهجرة، وقد خرّجه أيضًا أحمد والبيهقي مختصرًا كما فعل البخاري في الإجارة، ولفظه من رواية الزهريّ عن عروة عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: "واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدِّيل، ثم من بني عبد بن عَدِي هاديًا خِريتًا، وهو الماهر بالهداية، قد غَمَس يمين حِلْف في آل العاصي بن وائل، وهو على دين كفار قريش، فأمِناهُ، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليالٍ ثلاثٍ فارْتَحلا، وانطلق معهما عامر بن فُهيرة والدليل الدِّيلى فأخذ بهم أسفل مكة وهو طريق الساحل". 1477 - حديث جابر "أنه باعَ مِنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا وشرطَ ظهرهُ إلى المدينةِ".

تقدم في البيوع.

1478 - حديث مالك بسنده عن رافع بن خديج "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن كِرَاءِ المَزارِعَ". هو في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزُّرَقي عن رافع بن خديج به. قال حَنْظَلة: فسألت رافع بن خديج، بالذهبِ وَالوَرِقِ؟ فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به، ومن طريق مالك رواه أحمد ومسلم وأبو داود

والنسائي والدارقطني والبيهقي، ورواه أحمد والبخاري ومسلم وجماعة من طريق الليث ومن طريق الأوزاعي عن ربيعة به نحوه. 1479 - حديث رافع بن خديج عن أبيه قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجارة الأرضين". قلت رواية رافع بن خديج لهذا الحديث عن أبيه وهم نبه عليه الحافظ في الإِصابة، فذكر خديج بن رافع بن عدي الأنصاري والد رافع، وقال: (ذكره البغوي ومن تبعه في الصحابة، وأوردوا له حديثًا فيه وهم -فذكر الحديث وبيَّن الوهم

فيه ثم قال- ووقع في الأطراف لابن عساكر مسند خديج بن رافع والد رافع على ما قيل حدَّث "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض" رواه النسائي في المزارعة عن علي بن حُجر عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد قال: أخذت بيد طاوس حتى أدخلته على رافع بن خديج فحدثه عن أبيه، فذكره قال كذا قال عبد الكريم، والصواب: فأدخلته على ابن رافع، كذا حدّث به عمرو بن دينار عن طاوس ومجاهد. قال المزي: الذي في الأصول الصحيحة من النسائي: فأدخلته على ابن رافع. فلعل (ابن) سقط عن نسخة ابن عساكر). قلت: وكذا هو على الصواب في الأصل المطبوع بذكر (ابن) وجدت في مسند أبي حنيفة عن أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي عن رافع بن خديج عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه مر بحائط فأعجبه فقال: لمن هذا؟ فقلت: هو لي. قال: من أين لك؟ قلت: استأجرته. قال: فلا تستأجر شيئًا بشيء منه" وهذا أيضًا وهم من بعض الرواة عن أبي حنيفة، والصواب عن ابن رافع بن خديج عن أبيه فسقط منه لفظ (ابن أيضًا كما بينه أبو محمد البخاري في مسنده من طرق عن أبي حنيفة. 1480 - حديث ضَمْرَة عن ابن شَوْذَب عن مَطَرٍ عن عطاء عن جابر قال: "خَطَبَنا

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مَنْ كَانَتْ له أرض فَلْيَزْرَعْها أو لِيُزْرِعْها ولا يُؤاجِرْها". النسائي: أخبرنا عيسى بن محمَّد وهو أبو عمير بن النحاس وعيسى بن يونس هو الفاخوري قالا: حدثنا ضمرة به. ورواه الطحاوي من طريق خطاب بن عثمان الفوزي ثنا ضمرة به. ورواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من أوجه عن عطاء وعن جابر أيضًا من غير طريق عطاء. وقد رواه مسلم والبيهقي من طريق مهدي بن ميمون عن مطر به.

1481 - حديث طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما يَزْرَعُ ثَلاثَة، رَجُلَّ لهُ أرض فيَزْرعُها، ورجُل مُنحَ أرْضَاَ فَهُو يَزْرع ما مُنح، ورجُل اكْتَرَى بِذهبٍ أوْ فِضَّةٍ". أبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي، كلهم من رواية أبي الأحوص عن طارق به، عن رافع قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة، وقال: إنما يزرع ثلاثة" وذكره. قال النسائي: (ميَّزه إسرائيل عن طارق فأرسل الكلام الأول وجعل الأخير من قول سعيد) ثم أخرجه كذلك من رواية عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن طارق عن سعيد قال "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

عن المحاقلة، قال سعيد فذكر نحوه". قال النسائي: (وكذلك رواه سفيان الثوري عن طارق) ثم أخرجه من طريقه عن طارق قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "لا يصلح الزرع غير ثلاث أرض يملك رقبتها أو مِنحة أو أرض بيضاء يستأجرها بذهب أو فضة". قلت: ويؤيد ذلك أن مالكًا رواه في الموطأ عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب مرسلًا "نهي عن المزابنة والمحاقلة". ولم يزد الزيادة المذكورة بل زاد تفسير المحاقلة والمزابنة كما سيأتي لفظه بعد حديث أو اثنين. 1482 - حديث يعلي بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْض فَلْيَزْرَعْها أوْ لِيُزْرِعْها أخاهُ ولا يُكْرِها بِثُلُثٍ ولا رُبُع ولا بِطَعام مُعَينٍ". مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من

أوجه عن يعلى، إلَّا أن أكثرهم قال: عن رافع بن خديج قال: "كنا نخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أن بعض عمومته أتاه فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[عن أمر] كان لنا نافعًا، وطواعيةُ اللهِ ورسولهِ أنفع لنا وأنفع، قال: قلنا وما ذاك؟ قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له أرض" فذكر مثله، غير أنه قال: "ولا بطعام مسمَّى" ورواه مسلم من طريق جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم بهذا الإِسناد عن رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل عن بعض عمومته. 1483 - قوله (وهذا هو معنى المحاقلة التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها). قلت ورد النهي عن المحاقلة من حديث جماعة من الصحابة، منهم أبو سعيد الخدري عند مالك والدارمي والبخاري ومسلم وغيرهم، ومنهم جابر بن عبد الله عند الطيالسي والبخاري ومسلم والترمذي وجماعة، وأبو هريرة عند

الترمذي، وأنس عند البخاري والطحاوي، ورافع بن خديج عند الطيالسي وقد تقدم أيضًا من عند أبي داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم في حديث طارق بن عبد الرحمن، وزيد بن ثابت عند الترمذي والطحاوي، وآخرون منهم ابن عباس عند الطبراني في الكبير بسند صحيح. 1484 - حديث سعيد بن المسيب مرفوعًا وفيه "والمحاقلة اسْتِكْرَاءُ الأرضِ بالحِنْطَةِ".

مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر، والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة. واستكراء الأرض بالحنطة". 1485 - حديث "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن المُخَابَرَةِ". متفق عليه من حديث جابر. وفي الباب عن جماعة.

1486 - حديث رافع بن خديج قال: "كُنَّا أكثَرَ أهْلِ المَدِينةِ حَقْلًا، وكَانَ أحَدُنَا يُكِري أرْضَهُ ويقول: هذه القِطْعَةُ لي وهذه لك، وربما أخْرَجَت هذه ولم تخرج هذه، فَنَهَاهُمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -" قال ابن رشد خرجه البخاري. قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا مسلم فهو متفق عليه وله عندهما ألفاظ غير هذا. 1487 - قوله أما الأثر فما ورد من "النهي عن المخابرة". تقدم. 1488 - حديث ابن خديج عن ظهير بن رافع قال: "نَهَانَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أمْرٍ كانَ بِنَا رافِقًا، فقلت: ما قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حقٌ. قال: دَعَاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما

تَصْنَعُونَ بَمَخَاقِلِكُم؟ قلنا: نؤاجِرُ على الربيعِ وعلى الأوسُقِ مِنَ التمْرِ والشعير، فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تَفْعَلوا، ازْرَعُوها أو أزْرِعُوهَا أو أمْسِكُوها" قال ابن رشد: وهذا الحديث اتفق على تصحيحه الإِمامان البخاري ومسلم. قلت: وهو كذلك أخرجه البخاري من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي عن أبي النجاشي مولى رافع بن خديج عن نافع. ورواه مسلم من طريق يحيى بن حمزة عن الأوزاعي. وعن طريق الأوزاعي رواه أيضًا النسائي وابن ماجه، ورواه أحمد من طريق أيوب بن عتبة ثنا عطاء أبو النجاشي به. 1489 - حديث ابن عمر "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى يَهودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وأرْضَهَا،

على أن يَعْملُوها مِنْ أمْوالِهِمْ على نِصْفِ ما تُخْرِجُهُ الأرْضُ والثمَرَةَ". أحمد البخاري ومسلم والأربعة وجماعة بألفاظ متعددة. 1490 - حديث ابن عباس قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهَا, ولكن قال: أن يَمْنَحَ أحَدُكمْ أخَاهُ يَكُنْ خَيْرًا لَهُ مِنْ أن يَأخُذَ مِنْهُ شَيْئًا" قال ابن رشد: خرجه البخاري ومسلم.

قلت هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي من رواية عمرو بن دينار قال: ذكرته لطاوس، فقال: يزرع. قال ابن عباس: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه" وذكره وقال في آخره "شيئًا معلومًا" لفظ البخاري. 1491 - حديث "قَدمَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ اليَمَنَ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ يُخَابِرونَ فأقَرهِم". الطحاوي في معاني الآثار: حدثنا أبو بكرة ثنا إبراهيم بن بشار ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس "أن معاذًا قدم إلى اليمن وهم يخابرون فأقرهم على ذلك". ورواه ابن ماجه من طريق مجاهد عن طاوس "أن معاذًا أكرى الأرض على عهد

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان على الثُلُث والربُع فهو يعمل به إلى يومك هذا" ورجاله ثقات إلَّا أن معاذًا توفي في خلافة عمر فلم يدرك خلافة عثمان. وقد استنكر بعضهم الحديث لأجل هذا, ولا نكارة فيه لأن المراد أنّ الأمر استمر على ذلك بموافقة الخلفاء كلهم دون أن ينقضه أحد منهم، وأما كون طاوس لم يدرك معاذًا فغير مؤثر في صحة الحديث؛ لأن طاوسًا لم يروِ هذا عن معاذ بل عن أهل بلده اليمن، وهم عدد التواتر عن معاذ. 1492 - حديث عثمان بن أبي العاص قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّخِذْ مُؤَذنًا لا يَأخُذُ عَلَى أذَانِهِ أجْرًا". أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي، كلهم من طريق سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص قال: "قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي. قال: أنت إمامهم، فاقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على

أذانه أجرًا". وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم). ورواه الترمذي وابن ماجه من طريق أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال: "إن من آخر ما عهد إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا" وقال الترمذي: (حديث حسن). 1493 - حديث خارجة بن الصلت عن عمه قال: "أقبلنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتينا على حَيٍ من أحْيَاءِ العرب، فقالوا: إنكم جئتم من عند هذا الحبر، فهل عندكم دواء أو رُقْيَة؟ فإن عندنا معتوهًا في القيود، فقلنا لهم: نعم، فجاءوا به، فجعلت أقرأ عليه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غُدْوَةً وعشية أجمع بريقي ثم أتفل عليه، فكأنما أنشط من عقال. فأعطوني جعلًا، فقلت لا حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته. فقال: كُل فَلَعَمْرِي لَمَن أكَلَ بِرُقْيَةِ باطل لَقَدْ أكَلْتَ برُقْيَةِ حق".

أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى وفي "عمل اليوم والليلة" وابن السني في "عمل اليوم والليلة" أيضًا والطحاوي في معاني الآثار. ولفظ أبي داود في البيوع كما هنا. وله في الطب عن خارجة بن الصلت التيمي عن عمه: "أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، ثم أقبل راجعًا من عنده، فمرَّ على قومٍ عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدثْنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير، فهل عندكم شيء تداوونه، فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: هل إلَّا هذا. قلت: لا قال: خُذها فَلَعَمْري لَمَن أكلَ برُقيَةِ باطلٍ، لقد أكلت برُقيَةِ حَق". 1494 - حديث أبي سعيد الخدري "أنَّ أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانُوا في غَزَاةٍ

فمرُّوا بحَيٍ من أحياءِ العَربِ، فقالوا: هل عِندكُمْ من رَاقٍ، فإن سَيدَ الحي قد لُدغ، أو قد عرض له، قال: فرقَى رجلٌ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ، فَبَرَأ، فأعطوا قَطيعًا من الغنَم، فأبى أن يَقبَلها، فسألَ عَنْ ذلك رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: بِمَ رَقَيْتَهُ؟ قال: بفَاتِحَةِ الكِتَابِ. قال: وما يُدْرِيكَ أنها رُقْيَةٌ؟ قال: ثمَّ قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذوها واضْرِبُوا لي مَعَكُمْ فيها بِسَهْمٍ". أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه

والنسائي في "الكبرى". 1495 - قوله: "وحجة من لم يجز ذلك ما جاء من النهي عن عَسْبِ الفَحْلِ". أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم

والبيهقي من حديث ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن عَسْبِ الفَحْلِ". وفي الباب عن جماعة. 1496 - حديثًا أنه - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ عَسْبِ الفَحْل وَعَنْ كَسْبِ الحَجَّام وعَنْ قَفيزِ الطحانِ".

أبو يعلى في مسنده والطحاوي في مشكل الآثار والدارقطني والبيهقي من طريقه، ثم من حديث سفياد الثوري عن هشام أبي كليب عن ابن أبي نُعم عن أبي سعيد الخدري قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفعل، وعن قفيز الطحان" ووقع عند الدارقطني "نهى" بدون ذكر "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" والضمير عائد إليه لا محالة كما جرت عادتهم به، قال البيهقي: (ورواه ابن المبارك عن سفيان كما رواه عبيد الله وقال: نهى، وكذلك قاله إسحاق الحنظلي عن وكيع "نهى عن عسب الفحل" ورواه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي نُعم قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكره). قلت: رواية ابن المبارك عند الطحاوي وأبي يعلى، وقد قال في رواية عند الطحاوي "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" ورواية عطاء بن السائب خرّجها الطحاوي أيضًا لكنه

لم يسم صحابيه، قال الطحاوي: حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني حدثنا أبي حدثنا أبو يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي نُعم عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن عسب التيس وكسب الحجام وقفيز الطحان ". وقد ذكر الذهبي في الميزان هذا الحديث في ترجمة هشام أبي كليب وقال: (إنه منكر، ورجله لا يُعرف) ويرد ما قاله أن هشامًا المذكور ذكره ابن حبان في الثقات، وإن عطاء بن السائب تابعه على روايته عن ابن أبي نُعم. وقد سكت الذهبي نفسه على الحديث في كتاب المهذب مختصر سنن البيهقي فلم يتعقبه بشيء. 1497 - حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مِنَ السُّحْتِ كسْبُ الحَجامِ". الطحاوي في معاني الآثار والخطيب في التاريخ، كلاهما من طريق رباح ابن أبي معروف عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من السحت كسب الحجّام" لفظ الطحاوي، ولفظ الخطيب: "من السحت كسب الحجّام،

وثمن الكلب، ومهر البَغي". ورواه أحمد من أوجه عن أبي هريرة بلفظ: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام، وثمن الكلب، وكسب البغي" وسنده صحيح. ورواه الحازمي في الناسخ والمنسوخ من طريق إبراهيم عن محمَّد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة به بلفظ: "من السحت مهر البغي وأجر الحجَّام" قال إبراهيم قال محمَّد: ثم رخص في أجر الحجّام. ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده قال: حدثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن عطاء عن أبي هريرة به مرفوعًا "أربع كلهن من السحت مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام وضراب الفحل". 1498 - حديث أنس قال: "حَرمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كَسْبَ الحَجَّامِ". الطحاوي في معاني الآثار ثنا عبد الرحمن بن الجارود ثنا وهب بن بيان الواسطي ثنا يحيى بن سعيد القطان حدثني عبد العزيز بن زياد عن أنس به. 1499 - حديث عَون بن أبي جُحَيْفَة قال: "اشترى أبي حَجَّامًا، فكسر مَحَاجِمَهُ، فقلت له: يا أبت لِمَ كَسرتها؟ فقال: إِن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدمِ".

أحمد والبخاري والطحاوي والبيهقي، كلهم مطولًا إلا الطحاوي فإنه ذكره بهذا اللفظ مختصرًا. ولفظه عند الباقين: فسألته، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور" لفظَ البخاري، وقال في موضع آخر: "نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب الأمَةِ، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور". 1500 - حديث ابن عباس قال: "احْتَجَمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -وأعطَى الحَجامَ أجْرهُ. قال: ولَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِه". متفق عليه ولمسلم: "حَجَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم -

أجره، وكلم سيده فخفَّف عنه ضريبته. ولو كان سُحتًا لم يعطه النبي - صلى الله عليه وسلم -". 1501 - حديث جابر "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دَعَا أبَا طَيْبَةَ فَحَجَمَهُ، فَسَألَهُ: كَمْ ضَرِيبَتُكَ؟ فَقالَ: ثَلاثَةُ آصُعٍ، فَوَضَعَ عَنْهُ صَاعًا". أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو يعلى والطحاوي في معاني الآثار من وجهين عن جابر. 1502 - وعنه أيضًا "أنّه أمَرَ للحَجَّامِ بصَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وأمَرَ مَوَالِيَهُ أن يخَفِّفُوا عَنه". الطحاوي من حديث يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، وقال: "وأمر مواليه أن يُخفِّفوا عنه من الخراج شيئًا".

1503 - حديث أن رفاعة بن رافع أو رافع بن رفاعة جاء إلى مجلس الأنصار فقال: "نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَسْبِ الحَجَّامِ وأمَرَنَا أن نُطْعِمَهُ ناضِحَنَا". الطحاوي من طريق عمر بن يونس ثنا عكرمة بن عمار ثنا طارق بن عبد الرحمن أن رفاعة بن رافع، أو رافع بن رفاعة، الشك منهم في ذلك، قد كان جاء إلى مجلس الأنصار فذكر مثله مختصرًا. ورواه أحمد من طريق هاشم بن القاسم ثنا عكرمة بن عمار حدثني طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: "جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار فقال: لقد نهانا نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم عن شيءٍ كان يرفق بنا في معايشنا. فقال: نهانا عن كراء الأرض، قال: من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه أو ليدعها، ونهانا عن كسب الحجَّام، وأمرنا أن نُطعمه نواضِحنا، ونهانا عن كسب الأمة إلَّا ما عملت بيدها، وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغَزْل والنَّفش" ورواه أبو داود والبيهقي، كلاهما من هذا الوجه من رواية هاشم بن القاسم عن عكرمة، إلَّا أنهما اقتصرا على ذكر الأمة. ورافع بن رفاعة قال المزي في الأطراف: إنه غير معروف. 1504 - حديث رجل من بني حارثة "كَانَ لَهُ حجَّام وسَألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذلكَ

فَنَهَاهُ، ثم عَادَ، فَنَهاهُ، ثم عَادَ، فَنَهاه، ثُمَّ عَادَ، فَنَهاه، فَلَمْ يَزَلْ يُراجِعهُ حتى قَالَ لَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اعْلِفْ كَسْبَه نَاضحَكَ، وأطْعِمْهُ رَقِيقَكَ".

مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والسياق

المذكور هنا له، إلَّا أن ابن رشد أسقط اسم الرجل وهو مُحَيِّصة، وقال الترمذي: (حديث حسن).

34 - كتاب الجعل

34 - كتاب الجعل

35 - كتاب القراض

35 - كتاب القراض

الباب الأول: في محل القراض

الباب الأول: في محل القراض

الباب الثاني: في شروط القراض

الباب الثاني: في شروط القراض

36 - كتاب المساقاة

36 - كتاب المساقاة

1505 - حديث ابن عمر "أنّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى يَهودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وأرْضَها علَى أن يَعْمَلوها مِنْ أمْوالِهِمْ ولرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شَطْرُ ثَمَرِها" قال المصنف خرجه

البخاري ومسلم. قلت هو كذلك، وقد تقدم قريبًا في الإِجارات. 1506 - قوله: وفي بعض رواياته "أنه - صلى الله عليه وسلم - ساقاهم على نصف ما تخرجه الأرض والثمرة". هي في الصحيحين أيضًا عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من زرع أو ثمر". وعند الدارقطني والبيهقي من رواية ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر عن أبيه عمر "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساقى يهود خيبر على تلك الأموال على الشطر وسهامهم معلومة، وشرط عليهم أنا إذا شِئنا أخرجناكم".

1507 - قوله: وما رواه مالك من مرسل سعيد بن المُسَيِّب أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ ليهُودِ خَيْبَرَ يَوْمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ "أقِركُم فيها ما أقَركمُ الله، على أنَّ الثمَرَ بَيْنَنَا وبَيْنَكُم" قال: وكانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَبْعَثُ عَبْدَ اللهِ بْن رَوَاحَةَ فيَخْرُصُ بَيْنَهُ وبَيْنَهُمْ، ثُم يقولُ: إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وإِنْ شِئْتم فَلِيَ، فكانُوا يأخذُونَهُ". هو عند مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب. ومن طريق مالك رواه الشافعي والبيهقي وغيرهما. قال ابن عبد البر: (كذا رواه مرسلًا رواة الموطأ وأصحاب ابن شهاب، وقد وصله منهم صالح بن أبي الأخضر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة). قلت: أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا محمَّد بن المثنى ثنا سعيد بن سفيان أنبأنا صالح -وهو ابن أبي الأخضر- عن الزهريّ به مطولًا، ولفظه: عن أبي هريرة قال: "لما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر دعا يهودًا فقال: نعطيكم نصف الثمر على أن تعملوها، أقركم ما أقركم الله -عَزَّ وَجَلَّ-. قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله يخرصها، ثم يخيرهم أن يأخذوها أو يتركوها. وأن اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض ذلك فشكوا إليه، فدعا عبد الله بن رواحة فذكر له ما ذكروا، فقال عبد الله: يا رسول الله هم بالخيار إن شاءوا أخذوها، وإن تركوها أخذناها. فرضيت

اليهود وقالت: بهذا قامت السماوات والأرض" الحديث. 1508 - قوله: وكذلك مرسله أيضًا عن سُليمان بن يَسَار في معناه. هو ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رَوَاحهَ إلى خيبر، فيَخْرُص بينه وبين يهود خيبر. قال: فجمعوا له حَلْيًا من حَلْي نسائهم، فقالوا: هذا لك وخَفِّفْ عنَا وتجَاوَزْ في القَسْم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليَّ وما ذاك بحامِلي على أن أحِيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض". قال الحافظ السيوطي: (رواه أبو داود وابن ماجه موصولًا من حديث ميمون بن مهران عن مِقْسَم عن ابن عباس، قال ابن عبد البر: وسماع سُليمان بن يَسَار من ابن عباس صحيح، ورواه أبو داود من حديث إبراهيم بن طَهْمَان عن أبي الزبير عن جابر). قلت: حديث ابن عباس الذي أشار إليه لفظه بعيد من هذا المرسل فهو حديث آخر قال فيه ابن عباس: "افتتح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء، قال أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض منكم فأعطِناها على أن لكم نصف الثمرة

ولنا نصف، فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلما كان حين يُصْرَمُ النخل بعث إليهم عبد الله بن رواحة فحزر عليهم النخل، وهو الذي يسميه أهل المدينة الخَرَصَ، فقال: في ذِه كذا وكذا، قالوا أكثرت علينا يا ابن رواحة، قال: فأنا أَلِي حَزْرَ النخْلِ وأعطيكم نصف الذي قلتُ، قالوا: هذا الحق وبه تقوم السماء والأرض، قد رضينا أن نأخذه بالذي قلت". وكذلك حديث إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال: "لما أفاء الله على رسوله خيبر، فأقرَّهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم" إلى هنا رواه أبو داود، وزاد فيه أحمد من هذا الطريق أيضًا: "ثم قال لهم: يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إليّ، قتلتم أنبياء الله -عَزَّ وَجَلَّ- وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم، قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر، فإن شئتم فلكم وإن أبيتم فلي. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض"، فلو كان أبو داود خرج الحديث بتمامه لكان للحافظ السيوطي وجه في حمل رواية سليمان بن يسار عليه، أما مع ما اقتصر عليه أبو داود فبعيد، وكذلك حديث ابن عباس. وحيث إن سليمان بن يسار روى عن ابن عمر أيضًا، فأقرب الأحاديث الموصولة إلى حديثه ما رواه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلب على الأرض والزرع والنخل، فقالوا: يا محمَّد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها, ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عام شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه، فقال: يا أعداء الله تطعموني السحْت ولقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض" وبعد كتابته راجعت المهذب للذهبي فوجدته جعل هذا الحديث هو عين حديث سليمان بن يسار المرسل كما فعلنا فالحمد لله. 1509 - حديث عبد الله بن رواحة: "أنَّهُ كانَ يَقُولُ لَهُمْ عِنْدَ الخَرص: إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وتَضْمَنُونَ نَصيبَ المسلمين، وإن شِئْتُمْ فَلِيَ وأضْمَنُ نَصِيبَكُمْ". قلت: تقدم في الذي قبله من عند البيهقي وفيه: "كان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر" وقد تعقب الذهبي هذا الحديث بأن ابن رواحة إنما خرصها عليهم عامًا واحدًا لأنه استشهد بمؤتة بعد فتح خيبر بلا خلاف في ذلك.

قلت: والضعف في هذا الحديث من عبد الله بن عمر العمري المكبر فإنه الذي رواه عن نافع عن ابن عمر وحال عبد الله العمري المكبر معروف. 1510 - حديث رافع وغيره في "النهي عن كراء الأرض بما يخرج منها". تقدم. 1511 - قوله أعني بما جاء من "أنّه - صلى الله عليه وسلم - ساقَاهُمْ على نِصْفِ ما تُخْرِجُهُ الارْضُ والثَّمَرَة". تقدم قريبًا.

1512 - حديث عتَّاب بن أسِيد "أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ وأمَرَهُ أن يَخْرُصَ العِنَبَ وتُؤدي زَكَاتُهُ زَبِيبًا كما تُؤَدي زَكَاةُ النخْلِ تَمْرًا" قال ابن رشد: ودفع داود الحديث لأنه مرسل

ولأنه انفرد به عبد الرحمن بن إسحاق وليس بالقوي. قلت عبد الرحمن بن إسحاق احتج به مسلم، ومع ذلك فلم ينفرد به، فالحديث رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عتَّاب بن أسِيد. ورواه الترمذي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي من طريق محمَّد بن صالح التمار عن الزهريّ به، وقال الترمذي: (حديث حسن غريب. وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب عن عُروة عن عائشة. وسألت البخاري عن هذا فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ وحديث سعيد بن المسيب من عتَّاب بن أسِيد أصح).

قلت: ورواه البيهقي من طريق عباد بن إسحاق عن الزهريّ. ورواه الدارقطني من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز الأيامي ومن طريق محمَّد بن عبد الله بن مسلم، كلاهما عن الزهريّ به. فهؤلاء أربعة تابعوا عبد الرحمن بن إسحاق عليه. أما الإِرسال فمسلم، فإن سعيد بن المسيب لم يدرك عتّاب بن أسِيد، بل ولد بعد وفاته بنحو ثلاث سنين، لكن رواه الدارقطني من طريق الواقدي عن عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهريّ عن ابن المسيب عن المسور بن مخرمة عن عتاب بن أسيد به، فزال الإِرسال. وقد رجَّح أبو حاتم الرواية المرسلة على عادتهم وهو ترجيح لا يستند إلى دليل. والواقدي ثقة مقبول على الراجح، لاسيّما وقد فضّل في روايته، فرواه عن محمَّد بن عبد الله بن مسلم -وهو ابن أخي الزهري- عن الزهري عن ابن المسيب مرسلًا، ثم رواه عن عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهريّ موصولًا والله أعلم.

1513 - حديث رافع بن خديج في "النهي عن كِراء الأرض بما يخرج منها". تقدم.

1514 - قوله: واحتج بفعله -عليه السلام- في خيبر.

تقدم. 1515 - قوله: وأقوى ما اعتمدوا عليه في ذلك ما جاء من الخرص في مساقاة خيبر من مرسل سعيد بن المسيب وعطاء بن يسار.

تقدم المرسلان والثاني مرسل سليمان بن يسار لا عطاء بن يسار كما سبق. 1516 - قوله: بما وقع في مرسل مالك من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُقركُمْ ما أقَرَّكُمُ الله".

تقدم في مرسل سعيد بن المسيب المذكور.

37 - كتاب الشركة

37 - كتاب الشركة

1517 - قوله: وما روي من "أن ابن مسعود شارك سعدًا يوم بدر، فأصاب سعد فرسين ولم يصب ابن مسعود شيئًا، فلم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما". قلت: ليس في الحديث اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ولا عدم انكاره، أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي، كلهم من رواية أبي إسحاق عن أبي

عُبَيْدة عن عبد الله بن مسعود قال: اشتركت أنا وعمّار وسعد فيما نُصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجِيء أنا وعمّار بشيء" وقال ابن ماجه والبيهقي: "وجاء سعد برجلين" وبه يعلم أن قول ابن رشد بفرسين وهم أيضًا.

38 - كتاب الشفعة

38 - كتاب الشفعة

1518 - قوله: لما ورد في ذلك من الأحاديث الثابتة. هي الآتية في الباب.

1519 - حديث مالك عن ابن شهاب عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المُسَيِّب "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بالشُفْعَةِ فيما لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُرَكَاءِ، فإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ بَينَهُمْ فَلا شُفْعَة". هكذا رواه مالك في الموطأ مرسلًا، وكذلك رواه عنه الشافعي، ورواه أيضًا الطحاوي والبيهقي من طريقه. وهكذا رواه يونس عن الزهريّ لكنه قال: عن سعيد بن المسيب وحده "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في الدور والأرضين ما لم تقسم، فإذا قسمت وافترقت فيها الحدود فلا شفعة فيها" رواه البيهقي. ورواه عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بمثل ما في الموطأ، خرّجه الطحاوي والبيهقي. وكذلك رواه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي قتيلة عن مالك، خرّجه الطحاوي والبيهقي. وهكذا رواه أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني عن مالك، لكنه اختلف عليه فيه، فمنهم من قال عنه عن مالك عن سعيد

وأبي سلمة عن أبي هريرة، ومنهم من قال عن سعيد أو عن أبي سلمة بالشك، ومنهم من قال عن أبي سلمة عن أبي هريرة بدون ذكر سعيد. فرواه محمَّد بن يحيى وعبد الرحمن بن عمر عند ابن ماجه، وابن مرزوق عند الطحاوي، وعبد الملك بن محمَّد الرقاشي عند البيهقي، أربعتهم عن أبي عاصم عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة معا عن أبي هريرة. ورواه علي بن المديني عن أبي عاصم فقال: عن سعيد أو عن أبي سلمة بالشك، أخرجه البيهقي. ورواه أبو بكرة عنه فقال عن أبي سلمة وحده، أخرجه الطحاوي. ورواه ابن ماجه والبيهقي من طريق محمَّد بن حمَّاد الطِّهرانيّ ثنا أبو عاصم عن مالك، فذكر الحديث عنهما معًا، قال الطِّهْراني: (قال لي أبو عاصم: حديث أبي سلمة عن أبي هريرة مسند، وحديث سعيد مرسل). ورواه ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب أو عن أبي سلمة بالشك عن أبي هريرة، أخرج رواية ابن جريج أبو داود والبيهقي، وأخرج رواية ابن إسحاق البيهقي ثم قال: (فالذي يعرف بالاستدلال من هذه الروايات أن ابن شهاب الزهريّ ما كان يشك في روايته عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه عنه معمر وصالح بن أبي الأخضر وعبد الرحمن بن

إسحاق، ولا في روايته عن سعيد بن المسيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا كما رواه عنه يونس بن يزيد الأيلي، وكأنه كان يشك في روايته عنهما عن أبي هريرة، فمرة أرسله عنهما، ومرة وصله عنهما، ومرة ذكره بالشك في ذلك والله أعلم -قال- ورواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر تؤكد رواية من رواه عن الزهريّ عن أبي سلمة عن جابر، وكذلك رواية أبي الزبير عن جابر). قلت: حديث جابر هو المذكور بعده. 1520 - حديث جابر "أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بالشُفْعَةِ فيما لَمْ يُقْسَمْ، فإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ" قال ابن رشد خرجه مسلم والترمذي وأبو داود. قلت: أما بهذا اللفظ فلم يخرجه واحد منهم، إنما أخرجه البخاري من طريق مَعْمَر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شُفعة"، وهكذا رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر، والطحاوي والبيهقي من طريق معمر أيضًا. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر به، بلفظ: "إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة"،

وهكذا رواه ابن ماجه وابن الجارود، كلاهما عن محمَّد بن يحيى عن عبد الرزاق به. ورواه الترمذي عن عبد بأن حُمَيْد عن عبد الرزاق به، عن جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة". ورواه أبو داود الطيالسي وأحمد والبيهقي، كلهم من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهريّ به، بلفظ: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة ما لم يقسم وتوقت حدوده". أما مسلم فلم يخرجه من هذه الطريق، بل من طريق أبي الزبير عن جابر قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم، رَبْعَة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يُؤذِن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يُؤذِنْه فهو أحقُّ به" وفي لفظ له عن جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "منْ كان له شريك في رَبْعَةٍ أو نخلٍ فليس له أن يبيع حتى يؤذِن شريكه، فإن رضي أخذ، وإن كَرِه ترك" ومن هذا الطريق، أعني طريق أبي الزبير عن جابر خرجه أيضًا الدارمي وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن

الجارود والطحاوي والطبراني في المعجم الصغير والبيهقي من أوجه عن أبي الزبير وبألفاظ متعددة. 1521 - قوله: وقد رُوي عن مالك في غير الموطأ عن ابن شهاب عن أبي هريرة. كذا قال، وإنما هو عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة، وقد ذكرنا من وصلوه عن مالك عند ذكر المرسل المذكور. 1522 - حديث أبي رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الجَارُ أحَقُّ بِصَقَبِه". قال ابن رشد: وهو حديث متفق عليه.

قلت ليس كذلك فمسلم لم يخرجه إنما أخرجه البخاري، وكذلك الشافعي وأحمد وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، قال البخاري: حدثنا المكيّ بن إبراهيم أخبرنا ابن جريج أخبرني إبراهيم بن مَيْسرة عن عمرو بن الشريد قال: "وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ فوضع يدهُ على إحدى مَنكبيَّ، إذ جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا سعد ابتعْ مني بيتي في دارك، فقال سعد: والله ما أبتاعُهما، فقال المِسْوَرُ: والله لتبتاعنَّهما، فقال سعد: والله لا أزيدُك على أربعة آلاف مُنجَّمة أو مُقطَّعة، قال أبو رافع: لقد أعطيتُ بها خَمسمائةِ دينار، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجار أحقُّ بسَقَبهِ ما أعطيتكَها بأربعةِ آلافٍ وأنا أعطَى بها خمسمائةِ دينار، فأعطاها إياه". واقتصر أكثر الباقين على ذكر المرفوع، وهو عند جميعهم من حديث إبراهيم بن ميسرة المذكور عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع به. وخالفه عمرو بن شعيب فقال عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد عن

النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو أسامة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: "قلت: يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها قسم ولا شريك إلَّا الجوار، قال: الجار أحق بسقبه ما كان" ورواه النسائي وابن ماجة والطحاوي كلهم من طريق حسين المعلم به، إلا أن النسائي قال عن أبيه: "إن رجلًا قال: يا رسول الله" والباقي سواء. ورواه الأوزاعي عن عمرو بن شعيب به مثله في الإِسناد وزاد في المتن قصة خرجه الدارقطني. ورواه قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد بدون واسطة ابنه عمرو بن الشريد، أخرجه ابن سعد في الطبقات: أخبرنا عفّان بن مسلم حدثنا همام عن قتادة به. ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ثنا أبي ثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن الشريد بن سويد به، وهذا وهم لا شك فيه، مشى الراوي في الإِسناد مع الجادة في نسخة عمرو بن شعيب، ووافق عمرو بن شعيب على روايته عن عمرو ابن الشريد، عن أبيه عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي. ورواه ابن الجارود في المنتقى والبيهقي في السنن، من طريق أبي عاصم، زاد ابن الجارود من طريق أبي نُعيم، كلاهما عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجار أحقُّ بسقَبه" قال أبو نعيم: قلت لعمرو: ما سقبه؟

قال الشُّفعة. وقال أبو قلابة رواية عن أبي عاصم: (قال الأصمعي: العرب تقول السقب اللزيق) وقد أشار الترمذي في سننه إلى طريق عبد الله بن عبد الرحمن هذه وقال: (إنه حديث حسن) ثم ذكر طريق إبراهيم بن ميسرة السابقة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع، وقال: (سمعت محمدًا -يعني البخاري- يقول: كلا الحديثين عندي صحيح). قلت: ووافقهما أيضًا ابن عطاء فقال عن عمرو بن الشريد بن سويد عن أبيه، لكنه زاد عن جده سويد، وهو وهم من بعض الرواة، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق العباس بن الوليد بن مرداس ثنا أبو الفضل أحمد بن موسى الضبي ثنا أبو بكر بن عياش عن ابن عطاء عن عمرو بن الشريد بن سويد عن أبيه عن جده سويد قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بسقبه". تنبيه: روى أبو حنيفة هذا الحديث فخلط فيه تخليطًا كبيرًا يدل على ضعفه في الحديث، فرواه أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن المسور بن مخرمة عن أببها رافع بالقصة وفيه سعد، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الجار أحق بسقبه" فجعل صحابي الحديث سعدًا لا أبا رافع، وهكذا رواه عنه أبو سعيد الصغاني ومحمد بن أبي زكريا وأبو مطيع، ورواه زفر ومحمد بن الحسن وأبو يوسف عنه مرة أخرى فقال عن المسور عن سعد بدون واسطة أبي رافع، ورواه محمَّد بن الحسن في الآثار عنه بهذا الإِسناد عن المسور بن مخرمة عن رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا رواه أبو يحيى الحماني وحمزة بن حبيب الزيات وزفر وأبو يوسف مرة أخرى، والحسن بن زياد وأسد بن عمرو وأبو عبد الرحمن المقري وعبيد الله بن موسى وعبد الله بن الزبير وإبراهيم بن طهمان وزياد بن الحسن وآخرون، كلهم عن أبي حنيفة مثله، ورواه أبو يوسف مرة أخرى، وعبد الله بن الزبير وهياج بن بسطام، كلهم عنه فقال: عن عبد الكريم عن المسور عن رافع مولى سعد "أن سعدًا قال

لرجل" فذكر الحديث. ورواه سعيد بن أبي الجهم وحمزة بن حبيب مرة أخرى، وكذلك أسد بن عمرو وأيوب بن هانئ عنه بهذا الإِسناد، عن رافع قال: "عرض علي سعد بيتًا" فذكر الحديث. وله فيه تخاليط أخرى، فخرّجه في مسانيده لأبي محمَّد البخاري، وطلحة بن محمَّد والحسين بن خسرو وأبي بكر محمَّد بن عبد الباقي الأنصاري، والحسن بن زياد، وأبي بكر الكلاعي، كما هو مجموع في مسانيده للخوارزمي. وفي الباب عن جابر وابن عباس وسمرة بن جندب وأنس وعبادة بن الصامت وعلي وابن مسعود وعمرو بن حريث وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب ويزيد بن الأسود. فحديث جابر رواه أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي، كلهم من رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعته، يُنْتَظرُ به، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا" وقال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدًا روَى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلَّم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث. وعبد الملك هو ثقة مأمون عند

أهل الحديث لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث. وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك هذا الحديث. وروى ابن المبارك عن سُفيان الثوري قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان، يعني في العلم). قلت: له طريقان آخران عن جابر. أحدهما: من رواية حسين بن واقد عن أبي الزبير عن جابر قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة والجوار" ومعنى هذا الحديث يبينه ما أخرجه عبد الملك بن أيمن في مصنفه المستخرج على سنن أبي داود من طريق عطاء عن جابر قال: "اشتريت أرضًا إلى جنب رجل، فقال: أنا أحق بها، فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله ليس له في أرضي طريق ولا حق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو أحق بها فقضى له بالجوار". ثانيهما: من رواية أبي حنيفة عن محمَّد بن المنكدر عن جابر قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الجار أحق بشفعته إذا كانت الطريق واحدة" أخرجه أبو محمَّد البخاري في مسند أبي حنيفة عن أبي سعيد بن جعفر عن سليمان بن عبد الله عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة. وحديث ابن عباس رواه ابن ماجه من طريق يزيد بن هارون أنبأنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت له أرض فأراد بيعها فليعرضها على جاره".

وحديث سمرة رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن الجارود والطحاوي والبيهقي والثقفي في الثقفيات، من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة. ورواه الطحاوي أيضًا من طريق شعبة عن يونس عن الحسن عن سمرة قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "جار الدار أحق بالدار" وقال بعضهم: "جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض" وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وهو كما قال بل هو صحيح على الإطلاق. وحديث أنس رواه النسائي في الكبرى، والطحاوي في معاني الآثار، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن في المصنف، وابن حبان في الصحيح والخطيب في التاريخ وآخرون من حديث عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبه عن قتادة، عن أنس به مرفوعًا "جار الدار أحق بالدار، وهو صحيح كالذي قبله، فإنه كان عند

قتادة على أوجه ولهذا صححه ابن حبان، وقد قيل إن الحاكم صحّحه أيضًا ولم أره الآن في المستدرك فليكشف عنه. وحديث عبادة بن الصات ذكره ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار من طريق موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الجار أحق بصقب جاره" لكن أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه من هذا الطريق من رواية الفضل بن سليمان عن موسى بن عقبة به، بلفظ: "قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والدور"؛ وبهذا اللفظ رواه البيهقي في السنن، وكذلك رواه الطبراني في الكبير إلَّا أنه لم يزد "في الأرضين والدور". وإسحاق بن يحيى قيل: إنه لم يدرك عبادة. وحديث علي وابن مسعود رواه ابن أبي شيبة في المصنف في كتاب أقضيته - صلى الله عليه وسلم -، قال: حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن علي وعبد الله قالا: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة للجوار". ورواه الطحاوي في معاني الآثار من طريق أبي أحمد قال: ثنا سفيان الثوري عن منصور به، إلَّا أنه قال فيه: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجوار" وهكذا رواه ابن أيمن، من طريق محمَّد بن كثير عن سفيان الثوري وحديث عمرو بن حريث رواه الطحاوي من طريق محمَّد بن كثير عن سفيان الثوري عن أبي حيان عن أبيه عن عمرو بن حريث مثله، يعني "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالجور".

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن معاوية بن هشام عن سفيان به "أن عمرو بن حريث كان يقضي بالجوار". وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال أبو إسحاق المزكى في فوائده: ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا هارون بن حميد الواسطي ثنا الفضل بن عنبسة ثنا شعبة عن الحكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الجار أحق بسقب داره أو أرضه" قال الذهبي: غريب جدًا رواه النَّسائي عن خياط السنة عن هارون بن حميد. قلت: يعني خرَّجه النسائي في السنن الكبرى لا في المجتبى فإنه ليس فيه هذا الحديث من حديث عبد الله بن عمرو، وهو سند صحيح كما ترى. وله طريق أخرى إلَّا أنها ضعيفة، قال قاسم بن أصبغ في مصنفه: ثنا محمَّد بن إسماعيل ثنا الحسن بن سوار ثنا أبو المعلى ثنا أيوب بن عتبة اليمامي عن الفضل عن قتادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجار أحق بصقب أرضه" قال ابن حزم: (أيوب بن عتبة اليمامي ضعيف، والفضل إن كان ابن دلهم فهو ساقط وإن كان غيره فهو مجهول، ولم يسمع قتادة من عبد الله بن عمرو بن العاص قط كلمة ولا اجتمع معه). قلت: الطريق الأول شاهد له.

وحديث ابن عمر رواه الطبراني في الأوسط ولفظه: "الجار أحق بسقبه ما كان" وفي إسناده عبيد بن كثير العامري وهو ضعيف. وحديث يزيد بن الأسود وراه الطبراني في الكبير بلفظ: "الجار أحق بسقبه" وسنده ضعيف أيضًا. 1523 - قوله: (وخرَّج الترمذي وأبو داود عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "جارُ الدَّار أحَقُ بِدَارِ الجَارِ"، وصحّحه الترمذي).

هو حديث سمرة بن جندب وقد تقدم في طرق الذي قبله. 1524 - قوله: (وبه قال عمر بن عبد العزيز وروي: "أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بالشُّفْعَةِ في الدِّيْنِ").

قلت: قال ابن حزم في المحلى فإن ذكروا الخبر الذي فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من ابتاع دينًا على رجل فصاحب الدَّين أولى" فهذا باطل لأنه عمن لم يسم عن عمر بن عبد العزيز عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا ذكره بغير عزو ولا إسناد، ولم أقف عليه الآن لا بهذا اللفظ ولا باللفظ الذي ذكره ابن رشد، وأصول ابن حزم التي ينقل منها غالبًا: مصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، وسنن سعيد بن منصور، ومصنف قاسم بن أصبغ، وابن أيمن، ومحمد بن عبد السلام الخشني، فكأنه في أحد هذه الأصول والله أعلم. 1525 - حديث: "الشُّفْعَةُ فيمَا لَم يُقْسَم فإذا وَقَعَتِ الحُدود وَصُرِفَت الطُرقُ فلا شُفْعَة". تقدم.

1526 - حديث ابن عباس أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشَّريكُ شَفِيعٌ والشُفعَةُ في كُل شَيْء"، قال ابن رشد: خرَّجه الترمذي. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا الطحاوي والدارقطني أواخر السنن والبيهقي، كلهم من طريق أبي حمزة السُّكَّريِّ عن عبد العزيز بن رُفَيْع عن ابن أبي مُلَيْكة عن ابن عباس به، قال الترمذي: (لا نعرفه إلَّا من حديث أبي حمزة السكَّري، وقد رَوى غير واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رُفَيْعَ عن ابن أبي مُلَيْكة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وهو أصح من حديث أبي حمزة. وأبو حمزة ثقة، يمكن أن يكون الخطأ من غيره). وقال الدارقطني: (خالفه -يعني أبا حمزة- شعبة وإسرائيل

وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش، فرووه عن عبد العزيز بن رُفَيْع عن ابن أبي مليكة مرسلًا، وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده) قال البيهقي: (وقد قيل: عن أبي حمزة عن محمَّد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس) ثم أخرجه كذلك من طريق عبدان عن أبي حمزة به، ثم قال: (ومحمد هذا هو العرزمي وهو متروك). ثم أخرجه من وجه آخر من حديث عمر بن هارون عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشفعة في العبيد وفي كل شيء" ثم قال البيهقي: (تفرد به عمر بن هارون البلخي عن شعبة، وهو ضعيف). قلت: يشهد له مرسل ابن أبي مليكة، قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص ابن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شيء: الأرض والدار والجارية والخادم. فقال عطاء: إنما الشفعة في الأرض والدار، فقال له ابن أبي مليكة: تسمعني لا أم لك أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تقول مثل هذا؟ " وبالجملة فالحديث صحيح مرسلًا وموصولًا عن ابن عباس، لأن راوي الموصول ثقة حافظ ورد ما يؤيده فالقول قوله والحكم له على غيره. 1527 - قوله: (فاستدَلَّ أبو حنيفة على منع الشفعة في البئر بما روي: "لا شُفْعَةَ في بِئْرٍ").

هذا من كلام عثمان لا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه مالك في الموطأ عن محمَّد بن عُمَارَة عن أبي بكر بن حزم أنَّ عثمان بن عفان قال: "إِذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها, ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل" وقال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمَّد بن عمارة عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه قال: "لا شفعة في بئر ولا فحل، والأرف يقطع كل شفعة". ورواه أبو عبيد في الغريب عن عبد الله بن إدريس به مثله، إلَّا أنه شك فقال: عن محمَّد بن عمارة، عن أبي بكر بن حزم، أو عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، الشك من أبي عبيد عن أبان بن عثمان مثله. ونقل الحافظ السيوطي من مصنف عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا شفعة في

ماء ولا طريق ولا فحل -يعني النخل" كذا ذكره مرفوعًا وهو غريب جدًا. 1528 - قوله: (لأن في بعضها يعني الأحاديث: "فَلَا يَبعْ حَتَّى يَسْتَأذِنَ شَرِيكَهُ").

تقدم في حديث جابر ثاني أحاديث الباب وهو في صحيح مسلم وغيره.

1529 - حديث جابر: "الجَارُ أحَقُّ بِصَقَبِهِ. أو قال: بشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بها إذا كان غائبًا". تقدم في طريق هذا الحديث قريبًا. 1530 - حديث: "الشُّفْعَةُ كَحَلِّ العِقَالِ".

ابن ماجه والبزار والبيهقي والخطيب في التاريخ، كلهم من طريق محمَّد بن الحارث عن محمَّد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا شفعة لغائب ولا صغير ولا شريك على شريك إذا سبقه بالشراء والشفعة كَحل العِقال" واقتصر ابن ماجه على حديث الترجمة، وقال البيهقي: (محمَّد بن

الحارث البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف، ضعفهما يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث)، وقال ابن حزم: (هو خبر مكذوب موضوع).

الهداية في تخريج أحاديث البداية (بدَايَة المُجتَهِد لابن رُشد) للإمام الحافظ المحدِّث، أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغُماري الحَسَني (1320 - 1380 هـ) (ومعه بأعلى الصفحات) بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام القاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الحفيد (520 - 595 هـ) الجُزءُ الثَامِن تحقيق عَدنان علي شَلّاق عَالَم الكُتب

جمَيع حقوق الطبعْ والنشَر محَفوظة للِدَّار الطبعَة الأولى 1407 - هـ - 1987 م

الهداية في تخريج أحاديث البداية

بسم الله الرحمن الرحيم عالم الكتب بيروت - المزرَعَة، بناية الإيمان - الطَابق الأول - صَ ب 8723 تلفون: 306166 - 315142 - 313859 - بَرقيا: نابعَلبيكي - تلكس: 23390

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم تسليما كتابُ القِسْمَة

39 - كتاب القسمة

39 - كتاب القسمة 1531 - حديث: "أيُّمَا دَارٍ قُسِّمَتْ في الجَاهِلِيةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الجَاهِلِيةِ، وأيُّما دار أدرَكهَا الإِسْلَامُ ولم تُقْسَم فَهِيَ على قِسْمِ الإِسلَامِ". مالك في "الموطأ"، والشافعي عنه، عن ثور بن زيد الديلي قال: بلغني أن

الباب الأول: في أنواع القسمة

الباب الأول: في أنواع القسمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما دار وذكره. قال ابن عبد البر: (وصله إبراهيم بن طهمان، عن مالك، عن ثور، عن عكرمة عن ابن عباس، تفرد به عن مالك مسندًا وهو ثقة). قلت: أخرجه البيهقي من طريق أبي بكر بن أبي داود، ثنا أحمد بن حفص، ثنى أبي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن مالك به موصولًا، عن ابن عباس. وورد موصولًا أيضًا من وجه آخر أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، من طريق موسى بن داود، ثنا محمَّد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم عليه، وكل قسم قسم في الإِسلام فهو على ما قسم في الإِسلام.

[الفصل الأول: في الرباع]

1532 - حديث: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَار". ورد من حديث عبادة بن الصامت، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر وعائشة، وعمرو بن عوف، وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وأبي لبابة. فحديث عبادة: رواه ابن ماجه، والبيهقي في "آداب القاضي" من السنن, وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" كلهم من رواية موسى بن عقبة، عن إسحاق بن

يحيى بن الوليد، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا ضرر ولا ضرار؛ وقال أبو نعيم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر ولا ضرار؛ قال ابن عساكر في "الأطراف": وأظن إسحاق لم يدرك جد أبيه عبادة. قلت: قد جزم بذلك الدارقطني وغيره ومع ذلك فقد ضعفه ابن عدي وقال: عامة أحاديثه غير محفوظة. وحديث ابن عباس: رواه عبد الرزاق في "المصنف"، وأحمد في "المسند" عنه، وابن ماجه، من طريقه أيضًا، عن معمر، عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ضرر ولا ضرار وللرجل أن يجعل خشبة في حائط جاره، والطريق الميتاء سبعة أذرع، وجابر الجعفي فيه مقال كثير معروف؛ لكن الحديث ورد من وجه آخر خرجه الدارقطني من طريق عبيد الله بن موسى، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: للجار أن يضع خشبة على جدار جاره وإن كره، والطريق الميتاء سبع أذرع، ولا ضرر ولا ضرار. وإبراهيم بن إسماعيل وابن أبي حبيبة مختلف فيه، وثقه أحمد وضعفه أبو حاتم إلا أن الطريق شاهد له، فالحديث من طريقيه لا ينحط عن درجة الحسن.

وحديث أبي سعيد: رواه الدينوري في "المجالسة"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي وابن عبد البر في "التمهيد" كلهم من طريق الدراوردي، عن عمر بن يحيى المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري به بلفظ لا ضرر ولا ضرار من ضار ضرَّه الله، ومن شاق شق الله عليه؛ وقال الدينوري: لا ضرورة ولا ضرار من ضار ضر الله به الحديث. وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد على شرط مسلم). وهو كما قال؛ وقال البيهقي: (تفرد به عثمان بن محمَّد عن الدراوردي. ورواه مالك يعني في "الموطأ"، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا ضرر ولا ضرار مرسلًا. قلت: لم ينفرد به عثمان كما قال البيهقي، بل تابعه على روايته عن الدراوردي موصولًا عبد الملك بن معاذ النصيبي، أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"، وقال: لا يسند من وجه صحيح وليس كما قال أيضًا، فالدراوردي حافظ ثقة، وقد أسنده عنه اثنان. ومالك علم من حاله أنه يرسل كثيرًا ما هو عنده موصول. وحديث أبي هريرة: رواه الدارقطني قال: حدثنا أحمد بن محمَّد بن زياد، ثنا

أبو إسماعيل الترمذي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش قال: أراه عن ابن عطاء، عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر ولا ضرورة ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة على حائطه؛ ابن عطاء هو يعقوب، ضعفه أحمد، وابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وحديث جابر: رواه الطبراني في "الأوسط"، من رواية محمَّد بن سلمة، عن محمَّد بن إسحاق عن محمَّد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن جابر مرفوعًا: لا ضرر ولا ضرار في الإِسلام وهذا سند حسن أو صحيح ولا يضره كون محمَّد بن مغراء، رواه ابن إسحاق فأرسله، عن واسع لم يذكر جابر، أخرجه الطبراني أيضًا لأن الحُكم لمن وصل، لاسيما ومحمد بن سلمة أوثق من عبد الرحمن بن مغراء، وتدليس ابن إسحاق غير مؤثر هنا أولًا داعي إليه غالبًا. وحديث عائشة: رواه الدارقطني، من طريق الواقدي، ثنا خارجه بن عبد الله بن سليمان ابن زيد بن ثابت، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة به، والواقدي حاله معروف، وقد بالغ من قال: إنه متروك؛ وقد ورد حديثه هذا من وجهين آخرين، من رواية القاسم، عن عائشة خرجهما الطبراني، وإن قيل في كل منهما أنه ضعيف، لكنهما بالإِنضمام إلى طريق الواقدي يدلان على ثبوت الحديث عن عائشة في الجملة. وحديث عمرو بن عوف: ذكره ابن عبد البر، من جهة كثير بن عبد الله بن عمرو ابن عوف، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر ولا ضرار؛ قال ابن عبد البر: إسناده غير صحيح، ولم يبيِّن هل ذلك من جهة كثير أو ممن قبله، فإن كان من

جهة كثير فإنه مختلف فيه، والترمذي يصحح نسخته هذه ويحسنها غيره. وحديث ثعلبة: رواه الطبراني، من جهة صفوان بن أبي سليم، عن ثعلبة به مرفوعًا لا ضرر ولا ضرار. وحديث أبي لبابة: رواه أبو داود في "المراسيل" من رواية واسع بن حبان عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر في الإِسلام ولا ضرار. * * * 1533 - حديث جابر، عن أبيه: "لَا تَعْضِيَةَ عَلَى أهْلِ المِيْرَاثِ إِلا مَا حَمَلَ القَسْمُ". كذا قال عن جابر، عن أبيه، وهو غريب فإن جابرًا لا تعرف له رواية عن أبيه،

والحديث من رواية محمَّد بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه، رواه أبو عبيد في "الغريب" والبيهقي في "السنن"، قال أبو عبيد: حدثني حجاج عن ابن جريج، عن صديق بن موسى عن محمَّد بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تعضية في ميراث إلا ما حمل القسم. ورواه الدارقطني، والبيهقي، من طريق روح بن عبادة، عن ابن جريج به باللفظ الذي ذكره ابن رشد، ونقل البيهقي، عن الشافعي في "القديم" أنه قال:

(لا يكون مثل هذا الحديث حجة لأنه ضعيف، وهو قول من لقينا من فقهائنا)، قال البيهقي: (وإنما ضعفه لانقطاعه، وهو قول الكافة). ثم أخرج من طريق أبي داود في "المراسيل"، ثنا يعقوب بن كعب، ثنا عيسى، عن ثور، عن سليمان بن موسى، عن نصير مولى معاوية قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قسمة الضرار قال: وهذا مرسل.

[الفصل الثاني: في العروض]

[الفصل الثاني: في العروض] 1534 - حديث: "أنَّ رَجُلًا أعْتَقَ سِتَّةَ أعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَأسْهَمَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُم فَأعْتَقَ ثُلُثَ ذَلِكَ الرَّقِيقَ". أبو داود الطيالسي، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي،

وابن ماجه، والبيهقي، من حديث عمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة أعبد عند موته ولم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له قولًا شديدًا، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة.

40 - كتاب الرهون

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم تسليمًا 40 - كتاب الرهُون

1535 - قوله: (وَتَمَسَّكَ الجُمهُور بمَا وَرَدَ مِن أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - رَهَنَ فِي الحَضَرِ). أحمد، والبخاري، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث

قتادة، عن أنس أنه مشى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سَنِخَةٍ ولقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعًا له بالمدينة عند يهودي، وأخذ منه شعيرًا لأهله، ولقد سمعته يقول: ما أمسى عند آل محمد - صلى الله عليه وسلم - صاع بر ولا صاع حب وإن عنده لتسع نسوة. وفي الباب: عن عائشة عند البخاري، ومسلم؛ وعن ابن عباس عند أحمد، والترمذي وابن ماجة، والبيهقي. ***

1536 - حديث: "الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ". هلال الجفار في "جزئه" وابن عدي في "الكامل"، والدارقطني، والبيهقي في "السنن" والخطيب في "التاريخ"، كلهم من طريق إبراهيم بن مجثر، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عدي: (تفرد إبراهيم برفعه وله أحاديث منكرة من قبل الإِسناد). وقال الخطيب: (تفرد برواية هذا الحديث، عن أبي معاوية مرفوعًا إبراهيم بن مجثر. ورفعه أيضًا أبو عوانة، عن الأعمش. ورواه غيره عن أبي معاوية موقوفًا لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك رواه سفيان الثوري، وهيثم، ومحمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد عن الأعمش موقوفًا وهو المحفوظ من حديثيه). قلت: الصحيح أنه مرفوع جزمًا ومن وقفه فلم يصب فقد رواه أبو عوانة، عن

الأعمش مرفوعًا، أخرجه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي؛ وقال الحاكم: (هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإِجماع الثوري وشعبة على توقيفه عن الأعمش، وأنا على ما أصلته في قبول الزيادة من الثقة). قلت: وقد رفعه أيضًا منصور، عن أبي صالح، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" من طريق عامر بن مدرك، ثنا خلاد الصفار، عن منصور، عن أبي صالح به، وكذلك رفعه الشعبي، عن أبي هريرة بسياق أبْيَنُ وأوسع من هذا، أخرجه أحمد، والبخاري وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، من حديث زكريا عن الشعبي، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان

مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة؛ فلم يبق مع هذا شك في أن الصحيح رَفْعُ الحديث. * * * 1537 - حديث: "الرَّهْنُ مِمَّنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وعَلَيْهِ غُرْمُهُ". لم أره بهذا اللفظ مرفوعًا من كلام سعيد بن المسيب، وقد ذكره بعد هذا على نحو الصواب فقال: وعمده من جعله أمانه غير مضمونة حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يغلق الرهن وهو ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه، وهذا الحديث رواه الزهري، عن سعيد بن المسيب، واختلف الرواة على الزهري في إسناده وفي متنه. أمَّا الإِسناد فبعضهم رواه عنه موصولًا كما ذكره المصنف، وبعضهم رواه عنه، عن ابن المسيب مرسلًا. وأما المتن فبعضهم رواه بزيادة: له غنمه وعليه غرمه، على أنهما مرفوعة من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضهم رواه بدونها، وبعضهم رواه بإثباتها موقوفة على سعيد بن المسيب. فأمَّا الذين رووه موصولًا فإسحاق بن راشد عند ابن ماجه؛ ومالك عند

الخطيب في "التاريخ" من رواية أحمد بن إبراهيم بن أبي سكينة، ومن رواية محمد بن كثير كلاهما عن مالك؛ وزياد بن سعد عند ابن حبان، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، وأبي نعيم في "الحلية"، ويحيى بن أبي أنيسة عند الشافعي في "المسند"؛ وابن أبي ذئب عند الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، واختلفوا على ابن أبي ذئب أيضًا كما سأذكره؛ وسليمان بن أبي داود الحراني عند الحاكم، والدارقطني؛ ومحمد بن الوليد الزبيدي عندهما؛ ومعمر من رواية كدير أبو يحيى عندهما أيضًا؛ واختلفوا عليه أيضًا كما سيأتي؛ كل هؤلاء الثمانية رووه عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب. عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأمَّا الذين رووه مرسلًا: فمالك في "الموطأ"، والطحاوي من رواية ابن وهب؛ والخطيب في "التاريخ" من رواية بشر بن الحارث كلاهما عن مالك؛ ويونس عند الطحاوي؛ وشعيب عنده أيضًا، ومعمر من رواية عبد الرزاق في "مصنفه"، والدارقطني من طريقه، ومن رواية محمد بن ثور عند البيهقي، كلاهما عن معمر، وابن أبي ذئب؛ واختلفوا عليه فيه، فرواه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عند الشافعي، والبيهقي؛ وابن وهب عند الطحاوي؛ وسفيان الثوري عند عبد الرزاق في "المصنف"؛ ووكيع عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" أيضًا أربعتهم عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلًا.

ورواه إسماعيل بن عياش عند الدارقطني، والحاكم، والبيهقي؛ وشبابة عند الدارقطني والحاكم، كلاهما عن ابن أبي ذئب موصولًا كما سبق وقد صحح الموصول جماعة من الحفاظ وهو الواقع. وقد ورد موصولًا من وجه آخر من رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة إلا أنه ضعيف خرّجه الدارقطني وضعَّفَه بأن عصمة والراوي عنه بشر بن يحيى المروزي وقال إنهما ضعيفان ولا يصح عن محمد بن عمرو. قلت: لكنه صحيح عن أبي سلمة، فقد رواه الدارقطني، والحاكم، وابن حزم من جهة شبابة، عن أبي ذئب، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن كلاهما عن أبي هريرة به إلا أن ابن حزم وقع عنده شبابة، عن ورقاء، عن الزهري قال: هذا مسند من أحسن ما روي في هذا الباب، وصححه ابن عبد البر، وتبعه عبد الحق في الأحكام، لكن تعقبه ابن القطان بأن عبد

الله بن نصر الأصم الإِنطاكي رَاويَه عن شبابة لا يعرف حاله وإن روى عنه جماعة وقد ذكره ابن عدي في "الضعفاء"، ولم يبين من حاله شيئًا إلا أنه ذكر له أحاديث منكرة منها هذا. قلت: مجرد استنكار ابن عدي للحديث لا يدل على ضعف الرجل، لأنه استنكار باطل لا داعي له وليس في الحديث ما ينكر. أمَّا المتن فقد تابعه عليه رجال الصحيح موصولًا ومرسلًا، وأما الإسناد فلا نكارة في زيادة أبي سلمة بن عبد الرحمن فيه فإِن جُلَّ ما رواه الزهريّ، عن سعيد بن المسيب رواه عن أبي سلمة، وفي الصحيحين والسنن والمسند أحاديث قال فيها الزهريّ مرّة عن سعيد بن المسيب، ومرة عن أبي سلمة ومرة عنهما معًا. وتعقب الحافظ في "التلخيص" على ابن حزم حيث وقع عنده في الإِسناد نصر بن عاصم فقال: قد أخرجه الدارقطني من طريق عبد الله بن نصر الأصم، عن شبابة وبه ظهر أن نصر بن عاصم الذي وقع في رواية ابن حزم تصحيف، وإنما هو عبد الله ابن نصر الأصم، سقط عبد الله وحُرِّف الأصم بعاصم، وعبد الله المذكور له أحاديث منكرة ذكرها ابن عدي قلت: وهذا ظاهر إلا أن الحديث ليس فيه ما يستنكر. أمَّا المتن فالذين رووه بالزيادة مرفوعة، مالك، من رواية محمد بن كثير عنه، ولفظه، ألا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه، وزياد بن سعد مثله، وابن أبي ذئب ولفظه: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه لفظ رواية الشافعي ثم قال: غنمه زيادته وغرمه هلاكه ونقصه، ويحيى بن أبي أنيسه، ومحمد بن الوليد الزبيدي، مثل رواية مالك، وزياد بن سعد وسليمان بن أبي داود ولفظه، لا يغلق الرهن حتى يكون لك غنمه وعليك غرمه، ومعمر ولفظه ألا يغلق الرهن حتى يكون لك غنمه

وعليك غرمه كذا قال في الرواية الموصولة، وهكذا قال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه. والذين رووه بدون الزيادة المذكورة، فمالك في "الموطأ" ولفظه عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يغلق الرهن، ثم ذكر مالك تفسيره من عنده، وكذلك قال شعيب بن حمزة، وإسحاق بن راشد. وهكذا رواه الطحاوي، من رواية ابن جريج، عن عطاء وسليمان بن موسى قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغلق الرهن. وهكذا ورد من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يغلق الرهن بما فيه رواه الثقفي، أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، ثنا عبد الصمد بن سعيد الحمصي، ثنا الحسين بن خالد، عن محمد بن زياد عن مالك به. وأما الذين صرّحوا بوقف الزيادة المذكورة، فقال يونس بن يزيد عند الطحاوي عقب روايته للحديث، عن الزهريّ بدون الزيادة قال: ابن شهاب. وكان ابن المسيب يقول: الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه؛ وقال أبو داود في "المراسيل" عقب رواية الحديث: وقوله له غنمه وعليه غرمه هو من كلام سعيد بن المسيب، نقله عنه الزهريّ قال: وهذا هو الصحيح. قلت: وكأنه اعتمد رواية يونس المذكورة وجعلها حاكمة على ما سواها، ولأجل ذلك حكم بأن ذلك هو الصحيح وذلك وهم منه، بل الصحيح المقطوع به أن ذلك من

كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لاتفاق أكثر الرواة على ذلك ولوروده بألفاظ لا تحتمل الإِدراج كما سبق والله أعلم. * * * 1538 - حديث أبي هريرة: "الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ".

تقدم وقد كرره. * * * 1539 - حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: "لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ وَهُوَ مِمَّنْ رَهَنَهُ". الحديث تقدم.

1540 - حديث: "أنَّ رَجُلًا ارَتَهَنَ فَرَسًا مِنْ رَجُلٍ فَنَفَقَ في يَدهِ فقال - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُرْتَهِنِ: ذَهَبَ حَقُك". ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأبو داود في "المراسيل"، ومن طريقه البيهقي في "السنن" وأخرجه أيضًا الطحاوي؛ في "معاني الآثار"، كلهم من طريق عبد الله بن المبارك، عن مصعب بن ثابت قال: سمعت عطاء بن رباح يحدث أن رجلًا فذكره؛ قال ابن حزم: (هذا مرسل ومصعب بن ثابت غير قوي).

وقال البيهقي: (هو مرسل وفيه من الوهن ما فيه، وقد كفانا الشافعي -رحمه الله- بيان وهن الحديث)؛ ثم أسند عنه قال: (أنبأنا إبراهيم، عن مصعب بن ثابت، عن عطاء قال: زعم الحسن كذا، ثم حكى هذا القول، قال إبراهيم، كان عطاء يتعجب مما روى الحسن قال الشافعي وأخبرنيه غير واحد، عن مصعب، عن عطاء، عن الحسن، وأخبرني من أثق به أن رجلًا من أهل العلم، رواه عن مصعب، عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت عن الحسن، فقلت له أصحاب مصعب يروونه، عن عطاء عن

الحسن فقال: نعم كذلك حدثنا، ولكن عطاء مرسل أنفق من الحسن مرسل؛ قال الشافعي: ومما يدلك على وهن هذا عند عطاء، إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه ويقول فيه بخلاف هذا كله يقول: فيما ظهر هلاكه أمانة، وفيما خفي هلاكه يَتَرَادَّانِ الفضل وهذا أثبت الروايات عنه، وقد روي عنه يتردان مطلقة وما شككنا فيه فلا شك أن عطاء لا يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثبتًا عنده ويقول بخلافه).

41 - كتاب الحجر

41 - كتاب الحجر

الباب الأول: في أصناف المحجورين

الباب الأول: في أصناف المحجورين

1541 - حديث حبان بن منقذ: "إذْ ذَكَرَ فِيْهِ لرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ يَخْدَع في البُيُوعِ فَجَعَلَ له رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الخِيَارَ ثَلَاثًا وَلَمْ يَحْجُر عَلَيْهِ".

الباب الثاني: متى يخرجون من الحجر، ومتى يحجر عليهم

الباب الثاني: متى يخرجون من الحجر، ومتى يحجر عليهم تقدم في البيوع.

الباب الثالث: في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والإجازة

الباب الثالث: في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والإجازة

42 - كتاب التفليس

42 - كتاب التفليس

1542 - حديث معاذ بن جبل: أنَّهُ كَثُرَ دَيْنَهُ في عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَزِدْ غُرَمَاءُهِ

على أَن جَعَلَة لَهُم مَاله". البيهقي من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهريّ، أخبرني عبد الرحمن بن كعب، أن معاذ بن جبل وهو أحد قومه من بني سلمة كثر دينه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرماءه على أن خلع لهم ماله. ورواه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهريّ عن أبي كعب بن مالك، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ ماله وباعه بدين كان عليه، ورواه البيهقي من وجه آخر عن هشام فسمى شيخ الزهريّ، عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل شابًا حليمًا سمحًا من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئًا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكَلَّم غرماءه فلو تركوا أحدًا من أجل أحدٍ لتركوا معاذًا من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فباع لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماله حتى قام معاذ بغير شيء، قال البيهقي: (هكذا رواه هشام بن يوسف الصنعاني، عن معمر، وخالفه عبد الرزاق في إسناده فقال: أنبأنا معمر، عن الزهريّ، عن ابن كعب بن مالك قال: كان معاذ شابًا جميلًا فذكر مثله، وقال: فَكَلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يُكَلِّم غرماءه ففعل، فلم يضعوا له شيئًا الحديث وفيه، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبرح من أن باع ماله وقسّمهُ بين غرمائه، قال: فقام معاذ ولا مال له). فائدة: نقل الحافظ في "التلخيص"، عن ابن الطلاع إنّه قال في "الإحكام":

هو حديث ثابت وكان ذلك في سَنَةِ تسع وحصل لغرمائه خمسة أسباع حقوقهم فقالوا يا رسول الله بعه لنا قال ليس لكم إليه سبيل اهـ. وهذا يدل على أن الحافظ لم يقف على هذا مسندًا وهو غريب، فقد أخرجه ابن سعد في الطبقات؛ في ترجمة معاذ، والبيهقي في "السنن" في باب لا يؤاجر الحر في دين عليه ولا يلازم إذا لم يوجد له شيء، كلاهما من طريق الواقدي قال: (حدثني عيسى بن النعمان، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله قال: كان معاذ ابن جبل من أحسن الناس وجهًا فذكر الحديث مطولًا وفيه: فخلعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ماله فدفعه إلى غرمائه فاقتسموه بينهم فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم قالوا يا رسول الله بعه لنا، قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلوا عنه فليس لكم إليه سبيل الحديث). وفيه فمكث يومًا ثم دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فبعثه إلى اليمن وقال: لعل الله يخبرك ويؤدي عنك دينك قال: فخرج معاذ إلى اليمن فلم يزل بها حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث. * * * 1543 - حديث أبي سعيد الخدري: "أن رجلًا أُصِيْبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكُثرَ دَيْنُهُ فقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تصدقوا عَلَيْهِ فلم يَبْلُغْ ذَلك وَفَاءَ دَيْنِهِ فقال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذُوا مَا وَجَدْتُم وَلَيْسَ لكم إلا ذَلِكَ".

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي. * * * 1544 - حديث جابر بن عبد الله: "حِيْنَ اسْتَشْهَدَ أبُوهُ بأُحُدٍ وعليه دَيْنٌ فلمَّا طَلَبَهُ

الغُرَمَاءُ قال جابر: فأتيت النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمْتُه فَسَألهُم أن يَقْبَلُوا ثَمْرَ حَائِطي وَيُحَلِّلوا أبي فَأبُوا فَلَمْ يُعْطِهِم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِي". الحديث. أحمد، والبخاري، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وجماعة بألفاظ متعددة.

1545 - حديث: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحلُّ عِرضَهُ وعُقُوبَتُهُ". أحمد والبخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والطحاوي في "مشكل الآثار" والحاكم، والبيهقي، من حديث الشريد بن سويد، وقال الحاكم، (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه).

ورواه الطوسي في "أماليه" من طريق الفضل بن محمد بن البيهقي، ثنا هارون بن عمرو المجاشعي، ثنا علي بن موسى الرضى، عن أبيه، عن آبائه مسلسلًا، إلى علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لَيُّ الواجد بالدين يحل عرضه وعقوبته ما لم يكن دينه فيما يكره الله -عز وجل-، وهذه الزيادة باطلة، والمجاشعي، وما عرفته ..

1546 - قوله: (قال ابنُ شِهَابٍ: مَضَتْ السُّنَّةُ بأن دَيْنَهُ قَدْ حَلَّ حِيْنَ مَاتَ). ابن وهب في مصنفه"، وسحنون في "المدونة" عنه قال: أخبرني يونس يعني

ابن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل كان عليه دين إلى أَجل فمات، قال ابن شهاب مضت السنة بأن دينه قد حل حين مات. * * * 1547 - حديث أبي هريرة، أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّمَا رَجُلٍ أفْلَسَ فَأدْرَكَ الرَّجُلُ مالَهُ بِعَيْنهِ فَهُوَ أحَقُّ بهِ مِنْ غَيْرِهِ". قال ابن رشد: خرّجه مالك، والبخاري ومسلم.

قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وله عندهم

ألفاظ، وسيأتي في الذي بعده. * * * 1548 - قوله: (وَرُبَّما احَتجُّوا بأنَّ حَدِيْثَ أبي هُرَيْرَة مخْتَلَفٌ فِيْه، وذَلِكَ أنَّ الزُهْرِيَّ رَوَى عَنْ أبي بَكْرٍ بن عَبْدِ الرحْمَنِ، عن أبي هُرَيْرَة، أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: أيُّما رَجُلٍ مَاَتَ أوْ أفْلَسَ فَوَجَدَ بَعْضُ غُرَمَائِهِ مَالَهُ بَعْيِنِهِ فَهُوَ أسْوَءُ الغرَمَاءِ). لم أره بهذا اللفظ من رواية الزهريّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة بل ولا من هذا الوجه أيضًا، وقد جاء الحديث عن أبي هريرة بألفاظ. الأول: أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره. وفي لفظ: من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره رواه عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة أخرجه مالك، والطيالسي وأحمد، والدارمي،

والبخاري، ومسلم، والأربعة، وسحنون في "المدونة" وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، بألفاظ متضاربة لا تخرج عن هذا المعنى. وكذلك رواه النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة أخرجه أبو داود الطيالسي وأحمد، ومسلم، والطحاوي والبيهقي، وكذلك خيثم بن

عراك، عن أبيه، عن أبي هريرة أخرجه مسلم، والبيهقي، وكذلك هشام بن يحيى، عن أبي هريرة أخرجه الدارقطني، والبيهقي. اللفظ الثاني: مثله إلا أنه زاد فيه ذكر الميت مع المفلس، وجعل حكمهما واحدًا، رواه ابن أبي ذئب، عن أبي المعتمر، عن عمر بن خلدة الزرقي قال: جئنا أبا هريرة في صاحب لبنا قد أفلس فقال: هذا الذي قضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه، أخرجه الطيالسي، والشافعي، وأبو داود وابن ماجه، وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ). وأمَّا أبو داود فقال: (على ما في بعض نسخ السنن من يأخذ بهذا، أبو

المعتمر من هو إنا لا نعرفه) وكذا قال الطحاوي وزاد: ولا سمعنا له ذكرًا إلا في هذا الحديث؛ وقال ابن المنذر في "الاشراف" الحديث مجهول الإِسناد يعني من أجل أبي المعتمر، لكن ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته. اللفظ الثالث: وفيه الفرق بين المفلس الحي وبين الميت، وبين البائع الذي قبض شيئًا من الثمن والذي لم يقبض، رواه الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل أفلس ولم يقبض من ثمنها شيئًا فهي له فإِن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيما امرئ هلك وعند مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء، أخرجه أبو داود، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، من طريق إسماعيل بن عياش. عن الزبيدي، عن الزهريّ؛ ورواه إسماعيل بن عياش مرّة أخرى، عن موسى بن عقبة، عن الزهريّ بسنده فذكر الإِفلاس دون الهلاك أخرجه ابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي، وقال ابن الجارود: قال محمد بن يحيى يعني الذهلي شيخه، والحديث رواه مالك، وصالح بن كيسان، ويونس عن الزهري،

عن أبي بكر مطلقًا، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُم أولى بالحديث؛ وقال البيهقي: (يصح موصولًا ثم أسند عن الدارقطني قال: إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ويثبت هذا عن الزهريّ وإنما هو مرسل، وخالفه اليمان بن عدي في إسناده، واليمان بن عدي ضعيف الحديث). قلت: رواية اليمان خرجهما ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي من طريقه قال: ثنا الزبيدي وسَمَّاه عند ابن ماجه, محمد بن عبد الرحمن، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، وقال الدارقطني. (خالفه إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي، وموسى بن عقبة، واليمان بن عدي وإسماعيل بن عياش ضعيفان. قلت: وقد ورد موصولًا من وجه آخر عن أبي هريرة بذكر الاقتضاء من الثمن أيضًا إلا أنّه مختصر بذكر الإِفلاس فقط أخرجه أحمد، عن يحيى بن آدم، ثنا أبي إدريس، عن هشام عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ولم يكن اقتضى من ماله شيئًا فهو له .. أمّا المرسل فرواه مالك وأبو داود، والطحاوي من طريقه، عن

الزهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجده بعينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء. ورواه أبو داود، من طريق يونس، عن الزهريّ، يعني حديث مالك وزاد وإن كان قد قضى من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء فيها، قال أبو داود: (وحديث مالك أصح). ولما روى الشافعي، عن مالك مرسلة قال: والذي أخذت به يعني حديث عمر بن حلدة السابق في اللفظ الثاني أولى من قبل أنه موصول يجمع فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الموت والإِفلاس، وحديث ابن شهاب منقطع ولو لم يخالفه غيره لم يكن مما ثبته أهل الحديث، ولو لم يكن في تركه حجة إلا هذا النفي لمن عرف الحديث تركه من الوجهين مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة حديثًا ليس فيه ما روى ابن شهاب عنه مرسلًا، إن كان رواه كله، ولا أدري عمن رواه، ولعله روى أول الحديث وقال برأيه آخره، وموجود في حديث أبي بكر عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه انتهى بقوله: فهو أحق به، أشبه أن يكون ما زاد على هذا قول من أبي بكر لا رواية. قلت: ويؤيد ما قال الشافعي - رضي الله عنه - ورود الحديث عن صحابيين آخرين بنحو اللفظ المروي عن أبي هريرة بدون هذا التفصيل، فروى أحمد، من طريق عمر بن إبراهيم، ثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من وجد متاعه

عند مفلس بعينه فهو أحق به. وروى البزار برجال الصحيح، وصححه ابن حبان، من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أفلس الرجل فوجد الرجل ماله يعني عند المفلس بعينه فهو أحق به، ولفظ ابن حبان: إذا عدم الرجل فوجد البائع متاعه بعينه فهو أحق به. تنبيه: ذكر الحافظ في "التلخيص" فائدة قال فيها: (قال ابن عبد البر: هذا الحديث لا يرويه غير أبي هريرة، وحكى البيهقي مثل ذلك عن الشافعي، ومحمد بن الحسن في إطلاق ذلك لما رواه أبو داود، والنَّسائي، عن سمرة بلفظ: من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به ولابن حبان في صحيحه من طريق فليح عن نافع عن ابن عمر فذكر ما تقدم). وهذا وَهْمٌ من الحافظ بالنسبة إلى حديث سمرة الذي عزاه لأبي داود، والنَّسائي فإِنه حديث آخر ليس هو من هذا الباب، ولا لفظه عندهما كما عزاه إليهما الحافظ، بل لفظه عندهما: من وجد عين ما له عند رجل فهو أحق ويتبع البيع من باعه لفظ أبو داود وترجم عليه باب الرجل يجد عين ماله عند رجل؛ ولفظ النَّسائي: الرجل أحق بعين ماله إِذا وجده ويتبع البائع من باعه، ذكره في باب الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق خرجاه كلاهما من طريق هشيم، عن موسى عن السائب، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة والذي خرَّجه باللفظ الداخل في الباب هو أحمد، كما

قدمناه، ولكنه من رواية عمر بن إبراهيم كما سبق وهو وإن كان ثقة إلا أن أحمد قال يروي عن قتادة مناكير يخالف، وهذا ظاهر في حديث الباب، فإِن موسى بن السائب رواه عن قتادة في معنى بعيد عن التفليس وحكم المفلس أدخله في باب التفليس؛ إذ ذكر فيه عند مفلس وأسقط من آخره ويتبع البيع من باعه، وبهذا يعلم أنه لم يبق في الباب مع حديث أبي هريرة إلا حديث ابن عمر ولو وقفنا على إسناده، ربما ظهر من البحث فيه أنه وهم أيضًا، فيصح ما قاله الشافعي، ومحمد بن الحسن وابن عبد البر والله أعلم. * * * 1549 - قوله: (إلَّا أنَّ الجُمْهُورَ دَفَعُوا هذا التَأويِلَ بِمَا وَرَدَ في لَفْظِ حَدِيْثِ أبي هُرَيْرَة في بَعْضَ الروَايَاتِ مِنِ ذِكْرِ البَيْعَ). تقدم ذلك في اللفظ الثالث من حديث أبي هريرة، ومن مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن، وورد أيضًا في بعض طرق اللفظ الأول، قال البيهقي: (رواه سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي هريرة مرفوعًا،

إذا ابتاع الرجل السلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء)؛ وهذا الحديث خرّجه سفيان الثوري في "جامعه"، ومن طريقه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، والبيهقي، وأطال في طرقه عن سفيان. ورواه مسلم، من طريق ابن جريج، حدثني ابن أبي حسين، أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره، أن عمر بن عبد العزيز حدثه فذكر الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه. ورواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق هشام بن يحيى، عن أبي هريرة بلفظ: إذا أفلس الرجل فوجد البائع سلعته. * * * 1550 - حديث مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أنَّ رَسُولُ

الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا" الحديث. تقدم. * * * 1551 - قوله: (وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيق الزُّهْرِي، عن أبي هُرَيْرَة فِيْه زيادةُ بَيَانِ وَهُوَ قوله فيه: فإِنْ كانَ قَبَضَ مِن ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُو أُسْوَةُ الغُرَمَاءُ). تقدم في اللفظ الثالث عند الكلام على اختلاف ألفاظ حديث أبي هريرة.

1552 - قوله: (وأمَّا الشَّافِعِي فَعُمْدَتُهُ ما رَوَاهُ ابن أبي ذئبٍ بسَنَدِهِ، عَنْ أبي هريرة قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُمَا رَجُلٍ مَاَتَ أوْ أفْلَسَ فَصَاحِبُ المتَاعِ أحَقُّ بِهِ).

تقدم في اللفظ الثاني، وتقدم نصُّ كلام الشافعي في اللفظ الثالث.

1553 - حديث: "أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - حَبَسَ رَجُلًا في تُهْمَةٍ" قال ابن رشد: خرَّجه فيما

أحسَب أبو داود. قلت هو كذلك، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق، والترمذي والنسائي، والحاكم، والبيهقي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة ساعة من نهار، ثم خلى عنه لفظ البيهقي، وأكثرهم قال: حبس رجلًا في تهمة ثم خلى عنه، الترمذي وقال: حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه؛ ورواه البزار، والحاكم، من طريق إبراهيم بن خُثيم قال: حدثني أبي، عن جدي عراك بن مالك، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة يومًا وليلة استظهارًا واحتياطًا، سكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: إبراهيم متروك.

ورواه أبو عبيد في "مصنفه"، عن عراك مرسلًا دون ذكر أبي هريرة، وبين التهمة المذكورة، قال عراك: أقبل نقر من الأعراب معهم ظهر فصحبهم رجلان فباتا معهم، فأصبح القوم وقد فقدوا كذا وكذا من إبلهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد الرجلين: اذهب واطلب، وحبس الآخر فجاء بما ذهب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد الرجلين استغفر لي فقال غفر الله لك، قال: وأنت فغفر الله لك وقتلك في سبيله. وروى البيهقي، من طريق ابن أبي ليلى، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبي مجلز، أن غلامين من جهينة كان بينهما: غلام فأعتق أحدهما نصيبه فحبسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى باع فيه غنيمة له. قالب البيهقي: هذا مرسل، وقد أخبرنا، فأخرج من طريق الحسن بن عمارة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال كان رجلان من جهينة بينهما غلام فأعتقه أحدهما فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فضمنه إياه وكانت له قريب من مائتي شاة فباعها فأعطاها صاحبه، قال البيهقي: الحسن بن عمارة ضعيف، وقد رواه الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن مجلز مرسلًا، وهو أشبه. وذكر ابن حزم في "المحلى" من طريق أبي بكر بن عياش عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبس في تهمة ثم قال ابن حزم: أبو بكر بن عياش ضعيف، وانفرد

عنه أيضًا إبراهيم بن زكريا الواسطي، ولا يدري من هو. قلت: بل هو معروف، قال أبو حاتم حديثه منكر، وقال ابن عدي: حدث بالبواطل وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة. وروى الطبراني في الأوسط من حديث نبيشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس في تهمة وفي سنده من لم يعرف.

43 - كتاب الصلح

43 - كتاب الصلح

1554 - حديث: "إمْضَاءُ الصُّلْحِ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا"، قال ابن رشد:: رُوِيَ مَرْفُوعًا عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وَمَوْقُوفًا عَلى عُمَر. قلت: ليس في هذا الحديث إمضاء على ما رأيته في جميع طرقه. فالمرفوع

خرَّجه أحمد وأبو داود، وابن الجارود وابن حبان والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم من حديث كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين، زاد بعضهم إلا صلحًا حرم حلالًا وأحل حرامًا قال الحاكم: رواة هذا الحديث مدنيون ولم يخرجاه وهذا أصل في الكتاب. وقال الذهبي في "تلخيصه" لم يصححه الحاكم، وكثير بن زيد ضعفه النَّسائي ومشاه غيره كذا قال في البيوع، وأعاده الحاكم في الاحكام، فقال الذهبي: حديث منكر.

قلت: إن كان ذلك من أجل كثير بن زيد فقد ورد من وجه آخر عن أبي هريرة خرَّجه الدارقطني، والحاكم أيضًا من حديث عبد الله بن الحسين المصيصي، عفان، ثنا حماد بن زيد عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلح جائز بين المسلمين وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي، وهو ثقة لكن تعقبه الذهبي أيضًا أن ابن حبان قال: عبد الله بن الحسين يسرق الحديث. تنبيه: عزا الحافظ في "التلخيص" هذا الحديث لأحمد، من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فأفاد أَنْ للحديث طريقًا ثالثًا على

شرط الصحيح وذلك وهم من الحافظ أو من صاحب الأصل، فإن أحمد لم يخرجه من هذا الطريق أصلًا بل قال حدثنا الخزاعي يعني منصور بن سلمة ثنا سليمان بن بلال. عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة به كما ذكرته سابقًا، والذي أوقع من وهم في هذا أن أحمد قال قبل هذا الحديث مباشرة ثنا الخزاعي، أنا سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الجرس مزمار الشيطان فانتقل نظره من سند حديث الباب إلى سند الحديث الذي قبله. وفي الباب: عن عمرو بن عوف المزني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالًا أو أحل حرامًا والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا، رواه الترمذي، واللفظ له، وابن ماجه، والحاكم، والدارقطني، إلا أنه اقتصر على ذكر الشروط، البيهقي، وقال الترمذي: حسن صحيح، فرد عليه الناس ذلك وسكت عليه الحاكم فقال الذهبي في "مختصره" إنا

واه وقال في الميزان: بعد نقل جروح في كثير بن عبد الله، وأما الترمذي فروى حديثه، الصلح جائز بين المسلمين وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي. تنبيه: عزا المجد ابن تيمية في "المنتقى" حديث عمرو بن عوف هذا إلى أبي داود فوهم في ذلك فإِن أبا داود لم يخرجه، وإنما خرَّج حديث أبي هريرة السابق وقد خلط الشوكاني في كلامه على هذا الحديث فقال بعد نقله تصحيح الترمذي: ورد الناس عليه ما نصه واعتذر له الحافظ فقال: وكأنه اعتبر بكثرة طرقه وذلك لأنه رواه أبو داود، والحاكم، من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، قال الحاكم: على شرطهما، وصححه ابن حبان، وحسَّنه الترمذي، وأخرجه أيضًا الحاكم من حديث أنس، وأخرجه أيضًا من حديث عائشة، وكذلك الدارقطني، وأخرجه أحمد من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة، وأخرجه ابن أبي شيبة عن عطاء مرسلًا، أخرجه البيهقي موقوفًا على عمر كتبه إلى أبي موسى؛ وقد صرَّح الحافظ: بأن إسناد حديث أنس وإسناد حديث عائشة واهيان. وضعف ابن حزم حديث أبي هريرة، وكذلك ضعفه عبد الحق، وقد روى من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة، وكثير بن زيد المذكور قال أبو زرعة صدوق، ووثقه ابن معين والوليد بن رباح صدوق، ولا يخفى أن الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنًا. ولا يخفى ما فيه وبيانه أن حديث أنس وحديث. عائشة يساهمان في الصلح بل في الشروط فقط ولفظ حديثهما: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك، وكذلك هو لفظ حديث عطاء المرسل، والحافظ ذكر هذه الأحاديث مع حديث أبي هريرة، وعمرو بن عوف باعتبار شرط حديثهما المذكور فيه الشروط، والشوكاني نقل ذلك إلى كلامه على الشطر الآخر الذي فيه الصلح وطريق سليمان بن بلال عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة، قد قدَّمنَا أنها وهم من الحافظ، ثم أن الشوكاني أدخلهما بين حديث أنس وعائشة وبين مرسل عطاء والحافظ ذكر هذه الطريق في كلامه على حديث الصلح وصرح بأن أحمد لم يزد في الحديث ذكر الشروط، ثم أن الشوكاني قال: وقد روي من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة مع أن ذلك إنما قاله الحاكم وحده وتعقبه الناس على ذلك؛ وأيضًا فإِنه رواه من طريق آخر، من حديث أبي رافع، عن أبي هريرة كما سبق لا من طريق كثير بن زيد الموقوف على عمر، خرّجه

الدارقطني، والبيهقي في كتابه إلى أبي موسى الأشعري وفيه هذا بلفظ الترجمة.

44 - كتاب الكفالة

44 - كتاب الكفالة

1555 - حديث: "الزَّعَيْمُ غَارِمٌ". أبو داود الطيالسي، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو

داود، والترمذي وابن الجارود، وأبو يعلى، والدارقطني، وأبو نعيم في "التاريخ"، والبيهقي، والقضاعي في "مسند الشهاب"، كلهم من طريق إسماعيل بن عياش، ثنا شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبة حجة الوداع: العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم

غارم، واقتصر بعضهم على حديث الباب، وطوله بعضهم بأكثر مما ذكرته، ومنهم الترمذي، وقال: حديث حسن. وهو عندي فوق ذلك لأن إسماعيل بن عياش إذا روى عن أهل الشام فحديثه صحيح، وشيخه في هذا الحديث من ثقات الشاميين ثم أنه مع هذا ورد من وجه آخر من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أنس أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصرَّح الطبراني وابن ماجه باسم أنس، إلا أن ابن ماجه اقتصر على قوله العارية مؤداة، والمنحة مردودة، ورواه ابن عدي، من حديث الثوري،

عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا نحو الذي قبله أو مثله، إلا أن راويه عن الثوري، إسماعيل بن زياد السكوني متكلم فيه. * * * 1556 - حديث ابن عباس: "أنَّ رَجُلًا سَألَ غَريْمَهُ أَن يُؤَدِي إليهِ مَالَهُ أوْ يُعْطِيَهُ حميلًا فَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى حاكمَهُ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَحَمَّلَ عَنْهُ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثم أدَّى المالَ إِلَيْهِ". أبو داود، وابن ماجه والحاكم، والبيهقي، من رواية عكرمة عنه، أن

رجلًا لزم غريمًا له بعشرة دنانير فقال والله لا أفارقك حتى تقضي أو تأتيني بحميل قال فتحمل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه بقدر ما وعده فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أين أصبت هذا الذهب؟ قال: من معدن، قال: لا حاجة لنا فيها ليس فيها خير فقضاها عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه وهو كما قال: * * * 1557 - حديث: "المؤُمِنُونَ عِنْدَ شُروطِهِم".

تقدم قريبًا في حديث الصلح جائز بين المسلمين. * * * 1558 - حديث قبيصة بن مخارق قال: "تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهُ فيها فقال: نُخْرِجُهَا عَنْكَ مِن إبْلِ الصَّدَقَة يا قَبِيْصَةَ إنَ المَسْألَةَ لَا تَحِلُ إِلَّا في ثَلاثَ، وذكر رَجُلًا تَحَمَّل حَمَالةَ رَجُلٍ حَتى يُؤَدِّيْهَا". الطيالسي، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي،

والطبراني في "الصغير" والدارقطني والبيهقي، عنه قال: تحملت بحمالة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها فقال نؤديها عنك ونخرجها من نعم الصدقة، وقال يا قيصة: إن المسألة لا تصلح أو قال حرمت إلا في ثلاث رجل تحمل بحمالة حلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته حاجة وفاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه إنّه قد أصابته حاجة حلت له المسألة فيسأل أَنْ يصيب قوامًا من عيش، أو سدادًا من عيش، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله حلت له المسألة، فيسأل حتى يصيب قوامًا من عيش، أو سدادًا من عيش ثم يمسك وما كان سوى ذلك من المسألة سحت، لفظ أحمد، وقال غيره. والسياق لمسلم: فما أسوأهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتًا. * * * 1559 - حديث: "الزَّعِيمُ غَارِمٌ".

تقدم.

1560 - حديث عراك بن مالك قال: "أقبل نفر من الأعراب معهم ظهر فصحبهم رجلان فباتا معهم فأصبح القوم وقد فقدوا كذا وكذا من إبلهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد الرجلين إذهب واطلب وحبس الآخر فجاء بما ذهب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد الرجلين استغفر لي فقال: غفر الله لك، قال: وأنت فغفر الله لك وَقَتَلَكَ في سبيله"، قال ابن رشد: خرَّج هذا الحديث أبو عبيد في كتابه في الفقه. قلت: عراك بن مالك تابعي، والحديث مرسل وقد تقدم موصولًا من رواية

عراك، عن أبي هريرة في حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة. * * * 1561 - قوله: (بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في صدر الاسلام لا يصلي على من مات وعليه دين حتى يضمن عنه). متفق عليه من حديث الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالرجل المتوفى عليه دين فيسأل هل ترك لدينه فضلًا فإِن حدّث أنه

ترك لدينه وجاء صلى، وإلا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا فعليَّ قضاؤه ومن ترك مالًا فلورثته لفظ البخاري في الكفالة، هكذا رواه من طريق عقيل، عن الزهريّ، وتابعه يونس وابن أخي ابن شهاب، وابن أبي ذئب، عن الزهريّ عند مسلم، وخالفهم معمر فقال: عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر، أخرجه عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود.

45 - كتاب الحوالة

45 - كتاب الحوالة

1562 - حديث: "مَطْلُ الغَنِي ظُلْمٌ، وإذا أُحِيْلَ أحَدُكُمْ عَلى غَنِيٍ فَلْيَسْتَحِلَّ". مالك، والشافعي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وأبو

داود، والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، وجماعة، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع، وفي لفظ لأحمد، ومن أجل على ملئ فليحتل. ورواه أحمد من حديث ابن عمر بلفظ: وإذا أحلت على ملئ فاتبعه ولا بيعتين في واحدة.

1563 - حديث: "وإذَا أُحِيْلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِئ فَلْيَتْبَعْ".

تقدم في الذي قبله.

46 - كتاب الوكالة

46 - كتاب الوكالة الباب الأول: في أركان الوكالة

الباب الثاني: في أحكام الوكالة

الباب الثاني: في أحكام الوكالة

الباب الثالث: في مخالفة الموكل للوكيل

الباب الثالث: في مخالفة الموكل للوكيل

47 - كتاب اللقطة

47 - كتاب اللقطة

1564 - حديث: "ضَالَّةُ المُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ".

الطيالسي، وأحمد، والدارمي، والطحاوي، والطبراني، في "الصغير"، والبيهقي في "السنن" من حديث أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبي مسلم الجذمي (بالذال المعجمة) عن الجارود بن المعلى العيدي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ضالة المسلم حرق النار، وكرره بعضهم ثلاثًا وزاد فلا تقربنها، وهي رواية أحمد، هكذا قال أيوب وقتادة، والجريري عن أبي العلاء عن أبي مسلم. وهكذا قال خالد الحذاء أيضًا في رواية شعبة وعبد الوهاب عنه، وخالفهما سفيان، فقال عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف بن عبد الله، عن الجارود، رواه أحمد، والبيهقي، ورواه أحمد، وابن ماجه وابن ترثال في جزئه، والبيهقي، مِن طريق حميد الطويل، عن الحسن، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير فقال عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهكذا رواه الطبراني، وأبو نعيم في "الحلية" من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة، عن قتادة عن مطرف بن عبد الله عن أبيه. ورواه الطبراني من حديث عصمة بن مالك مكررًا ثلاثًا وفي سنده ضعف من جهة أحمد بن راشد. * * * 1565 - قوله (وهَذَا كُلّهِ مَا عَدَا لُقْطَةِ الحَاجَ فإِنَّ العُلمَاء أجْمَعُوا عَلى أنَّه لَا يَجُوزُ التقَاطُهَا لِنَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ). أحمد، ومسلم وأبو داود، والبيهقي، من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لقطة الحاج. * * * 1566 - قوله: (ولقطة مكة أيضًا لا يجوز التقاطها إلا لمنشد لورود النص في ذلك،

قال والمروي في ذلك لفظان: أحدهما أنه لا ترفع لقطتها إلا لمنشد، الثاني لا يرفع لقطتها إلا منشد). قلت: اللفظ الأول، رواه البخاري، ومسلم، والدرامي، وأبو داود، والطحاوي، من حديث أبي هريرة قال لما فتح الله -عز وجل- على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنون، وإنها لن تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي فلا ينفر صيدها, لا يختلي شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، الحديث. ورواه البخاري، والطحاوي، والبيهقي من حديث ابن عباس فى هذه

القصة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد، الحديث. واللفظ الثاني: رواه البخاري، ومسلم، والطحاوي، في "مشكل الآثار"، والبيهقي من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم فتح مكة إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها، فقال العباس. يا رسول الله إلا الأذخر فإِنه لقينهم ولبيوتهم قال: إلا الأذخر، وفي لفظ عند بعضهم: ولا يلتقط لقطتها إلا منشدها. ورواه البخاري، ومسلم،

والبيهقي من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ: ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد. * * * 1567 - حديث زيد بن خالد قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَألَهُ عن اللِّقْطَةِ فقال: إعْرِفْ عِفَاصها ووكَاءَها ثُمَّ عرِّفْهَا سنةً. فإِنْ جَاءَ صاحِبُها وإلَّا فَشَأنَكَ بِهَا: قال: فَضالَّةُ الغَنَمِ يا رسول الله؟ قال: هِيَ لَكَ أوْ لأخِيْكَ أو للذئْبِ، قال: فَضَالَّةُ الإِبل، قال: مَا لَكَ ولها؟ مَعَها سِقَاؤُها وحِذاؤُهَا تَرِدُ الماءَ وتأكُلُ الشَّجَرَ حتَّى يَلْقاهَا رَبُّها". قال ابن رشد: متفق على صحته.

يعني خرَّجه البخاري، ومسلم وهو كذلك، وخرَّجه أيضًا مالك، والشافعي، وأحمد وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن

الجارود، والطحاوي والبيهقي، وغيرهم. * * * 1568 - حديث: "فشأنك بها". تقدم في الذي قبله. * * * 1569 - حديث سويد بن غفلة قال: "لَقيْتُ أَوْسَ بن كَعب فقال: وَجَدْتُ صُرَّةً فِيْهَا مِائةُ دِيْنَارٍ، فأتَيْتُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُها فَلَمْ أَجْد ثُمَّ أَتيته ثلاثًا فَقَال: إحفَظْ وِعَاءَها وَوِكَاءَها، فإِنْ جَاءَ صَاحِبُها وَإلَّا فاستَمْتِع بها". قال ابن رشد: خرَّجه

البخاري، والترمذي. قلت: كذا قال أوس بن كعب، وإنما هو أبي بن كعب والحديث خرَّجه أبو داود الطيالسي وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي وابن ماجه، والطحاوي، وابن الجارود، والبيهقي من حديث سويد بن غفلة قال: خرجت أنا وزيد بن صوحان، وسلمان بن ربيعة غازين فوجدت سوطًا فأخذته فقالا لي دعه، فقلت: لا ولكن أعرفه فإِن جاء صاحبه وإلا استمعت به فلما رجعنا حججت فأتيت المدينة فلقيت أبي بن كعب فأخبرته بشأن السوط فقال: إني وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: عرفها حولًا فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته فقال عرفها حولًا فعرفتها فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته

فقال: عَرَّفها حولًا، فعرفتها فلم أجد من يعرفها فقال: احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإِن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها فاستمتعت بها فلقيته بعد ذلك فقال لا أدري بثلاثة أحوال أو حول واحد. ورواه مسلم، مرّة أخرى وفيه قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول عرفها عامًا واحدًا يعني سمع شيخه سلمة بن كهيل راويه عن سويد بن غفلة. * * * 1570 - قوله: (وخرَّج الترمذي وأبو داود: فاستنفقها). قلت: ذِكرُهُ لهذه الرواية عقب حديث أبي بن كعب يوهم أنها وقعت في حديثه

وليس كذلك بل هي في حديث زيد بن خالد، ثم أنه لم يخرجها أبو داود والترمذي وحدهما، كما يفهم من اقتصاره عزوها إليهما بل هي أيضًا في "الصحيحين" عند البخاري، ومسلم، ولفظ الحديث عن زيد بن خالد قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عما يلتقطه فقال: عَرِّفْهَا سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها فإِن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها. الحديث، ووقع عند أحمد، وإلا فكلها، ولأبي داود، وابن ماجه ثم كلها.

1571 - حديث: "اعْرِف عِفَاصها وَوِكَاءَهَا". تقدم. * * * 1572 - قوله: (وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ روَايَاتِ الحديثِ وَلَفْظُهُ، فإنْ جَاء صَاحِبها وَوَصَفَ عِفَاصهَا وَوِكَاءَها وَعَدَدَهَا فَادْفَعها إِلَيه). تقدم هذا في حديث أبي بن كعب وكذلك وقع ذكر العدد في حديث زيد بن

خالد عند أبي داود والترمذي , والبيهقي. * * * 1573 - حديث: "قوله - صلى الله عليه وسلم - في الشاة هِيَ لَكَ أوْ لأخَيْكَ أو للذِّئْبِ".

تقدم في حديث زيد بن خالد. * * * 1574 - حديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ فَقَال لَوْلَا أَن تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ

لأَكلْتَها". متفق عليه من حديث أنس بن مالك. * * * 1575 - قوله: (لِلنَّصِّ الوَارِدِ في ذَلِكَ).

يعني قوله - صلى الله عليه وسلم - في ضالَّةِ الإبل, ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها , وقد تقدم في حديث زيد بن خالد. * * * 1576 - حديث سليمان بن بلال وغيره أنه قال: "إنْ جَاءَ صَاحِبُها وإلَّا فَلْتَكُن وَدَيْعَةً عِنْدَك". صنيع ابن رشد يوهم أن سليمان بن بلال هو راوي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة أو التابعين، وليس كذلك وإنما هو راوي الحديث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد، كلاهما عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني بالحديث، وفيه ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقهما ولتكن وديعة عندك فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدِّها إليه، رواه البخاري، ومسلم واللفظ له، والطحاوي إلا أن البخاري قال في روايته: (قال يحيى هذا الذي لا أدري أهو

في الحديث أم شيء من عنده). قال الحافظ: (وقد جزم يحيى بن سعيد برفعه مرّة أخرى وذلك فيما أخرجه مسلم عن القعنبي، والإِسماعيلي، من طريق يحيى بن حسان كلاهما، عن سليمان بن بلال، عن يحيى، فقال فيه: فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، وكذلك جزم برفعها خالد بن مخلد، عن سليمان، عن ربيعة عند مسلم، والفهمي، عن سليمان، عن يحيى، وربيعة جميعًا عند الطحاوي، وقد أشار البخاري إلى رجحان رفعها فترجم بعد أبواب "إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه لأنها وديعة عنده). * * * 1577 - حديث مُطَرِّفٍ بن الشِّخيرِ، عن عِياضِ بن حِمَارٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ التَقَطَ لُقْطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَي عدْلٍ عَلَيْهَا وَلَا يَكْتُمْ. وَلَا يُغَيِّبْ. فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ

أحَقُّ بِهَا وإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ". أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي في "مشكل الآثار" وفي "معاني الآثار" أيضًا والبيهقي وغيرهم كالنَّسائي في "الكبرى"، والطبراني في "الكبير"، وابن حبان في "الصحيح".

1578 - حديث: "تَرِثُ المَرْأَةُ ثَلَاثَةً: لَقِيْطهَا وَعَتَيْقهَا وَوَلَدهَا الذي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ". يأتي في الفرائض.

48 - كتاب الوديعة

48 - كتاب الوديعة

49 - كتاب العارية

49 - كتاب العارية

1579 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَال لصَفْوان بن أُمَيَّة: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَة مُؤَدَاةٌ وفي بعضها بَلْ عَارِيَةٌ مُؤَدَاةٌ". لم عارية مضمونة، بل عارية مضمونة، أو عارية موداة. نعم روى الحاكم والبيهقي من حديث جابر بل عارية مضمونة حتى نوديها إليك. أمَّا عارية مضمونة ففي حديث صفوان بن أمية الذي أخرجه أحمد، وأبو داود والدارقطني، والحاكم، والبيهقي عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه يوم

حنين أدراعًا فقال: أغصبًا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة، زاد أحمد، فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها له فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإِسلام أرغب. وهو حديث مضطرب، رواه عبد العزيز بن رفيع فقيل عنه عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه هكذا قال عنه شريك عند أحمد، وأبي داود، والدارقطني، والحاكم. وقيل عنه، عن ابن أبي مليكة، عن أمية، عن أبيه قاله عنه قيس بن الربيع، رواه الدارقطني، وقيل عنه، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن صفوان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله عنه إسرائيل رواه النسائي في "الكبرى". وقيل عنه، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله عنه جرير رواه أبو داود، والبيهقي. وقيل عنه عن عطاء بن أبي رياح، عن ناس من آل صفوان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله

أبو الأحوص، رواه أبو داود، والدارقطني، والبيهقي ورواه الدارقطني من طريق جرير أيضًا. ورواه البيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن صفوان بن أمية أعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلاحًا هي ثمانون درعًا فقال له: أعارية مضمونة أم غصبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل عارية مضمونة. ورواه الحاكم، والبيهقي كما سبق من حديث ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله بالقصة وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأما عارية مؤداة، ففي حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار من صفوان بن أمية أدرعًا وسلاحًا في غزوة حنين فقال يا رسول الله: أعارية مؤداة؟ قال: عارية مؤداة، رواه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من طريق إسحاق بن عبد الواحد القرشي، ثنا خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، وقال

الحاكم: (صحيح على شرط مسلم)، وأقره الذهبي في التلخيص مع أنه زعم في "الميزان" أن إسحاق بن عبد الواحد واه، مع أن ابن حبان ذكره في الثقات، وقال الخطيب لا بأس به، وكأنه اعتمد قول أبي علي الحافظ أنه متروك فالله أعلم. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: استعار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفوان بن أمية سلاحًا فقال صفوان: أمؤداة يا رسول الله؟ قال: نعم، رواه الدارقطني؛ وفي الباب عن يعلى بن أمية قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا وثلاثين بعيرًا قال: قلت يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة قال: بل مؤداة، رواه أبو داود، والنسائي في "الكبرى"، والدارقطني، وصححه ابن حبان وقال ابن حزم: إنه أحسن طرق هذا الحديث، وتقدم حديث العارية مؤداة في كتاب الكفالة في حديث الزعيم غارم. * * * 1580 - حديث: "ليْسَ عَلَى المُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ".

الدارقطني، والبيهقي، من طريقه، ثم من حديث عمرو بن عبد الجبار، عن عبيدة بن حسان عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان، قال الدارقطني: (عمرو وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع)، ثم أخرجه كذلك عن شريح، وبه صدر البيهقي في باب من قال لا يغرم، فأخرج من طريق

ابن سيرين أن شريحًا قال: وذكره، ثم قال: (هذا هو المحفوظ، عن شريح القاضي من قوله، ورواه عمرو بن عبد الجبار، عن عبيدة بن حسان مرفوعًا)، ثم أخرجه من طريق الدارقطني ونقل كلامه السابق.

وروى الدارقطني من طريق إسحاق بن محمد، عن يزيد بن عبد الملك، عن محمد بن عبد الرحمن الحجبي، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضمان على مؤتمن؛ إسحاق فيه مقال وشيخه ضعيف. * * * 1581 - حديث مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة: "أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يمْنَعُ أحَدُكُم جَارَه أَن يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِه".

رواه أيضًا أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه والبيهقي، وجماعة، وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد، وابن ماجه، وغيرهما. * * * 1582 - حديث: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ".

تقدم في البيوع.

50 - كتاب الغصب

50 - كتاب الغصب

الباب الأول: في الضمان

الباب الأول: في الضمان

1583 - حديث: "مَنْ أَعْتَق شِقْصًا لَهُ في عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ البَاقِي قِيْمَةَ العَدْلِ".

يأتي في العتق. * * * 1584 - حديث أنس وغيره: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِه فَأَرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤمِنَيْنَ جَارِيَةً بِقصْعَةٍ لَهَا فِيْهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ القَصْعَة فَأَخَذَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - الكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إحْدَاهُمَا إلى الأُخْرَى وَجَعَلَ فِيْهَا جَمِيْعَ الطَّعَامِ وَيَقول: غَارَتْ أُمُّكُم كُلُوا كُلُوا، حتَى جَاءَتِ قَصْعَتُها التي فِي بَيْتِهَا، وَحَبَسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - القَصعَةَ حتى فَرِغُوا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيْحَةَ إلى الرَّسُولِ، وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ في بيْتِهِ" وفي حديث آخر: "أَنَّ عَائِشَةَ كانَتْ هِيَ التي غَارَتْ وَكَسَرَتِ الإِنَاء وأنَّها قَالَت

لِرَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا كفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ؟ قال: إنَاءٌ مِثْل إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ". حديث أنس، خرَّجه أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه وجماعة، واللفظ المذكور هنا لأبي داود؛ والحديث الثاني، رواه أحمد، وأبو داود، واللفظ له أيضًا والنَّسائي وغيرهم.

الباب الثاني: في الطوارئ على المغصوب

الباب الثاني: في الطوارئ على المغصوب

1585 - حديث: "ليْس لعرق ظَالِمٍ حَقٌ". يأتي بعد حديث.

1586 - حديث: "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ". تقدم في البيوع.

1587 - حديث لمالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أحْيَا أرضًا مَيْتَةً فهي له وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌ".

كذا رواه مالك في "الموطأ" عن هشام عن أبيه مرسلًا، وتابعه سفيان بن عيينة وقيس بن الربيع، ويزيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن إدريس فرووه كذلك، عن هشام خرَّج روايتهم يحيى بن آدم القرشي في كتاب الخراج له سماعًا من أربعتهم، ووصله أبو يوسف في كتاب الخراج، وابن الأجلح عند ابن الأعرابي في "معجمه"، والقضاعي في "مسند الشهاب" وأبو أويس عند أبي يعلى في "مسنده"، ثلاثتهم، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة. وخالفهم أيوب، فقال عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، أخرجه أبو داود والترمذي، والبزار من طريق، عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب؛ وقال الترمذي: (حسن غريب). وقال البزار: (لا نعلم أحدًا قال ذلك إلا عبد الوهاب). قلت: وخالفهم مسلم بن خالد الزنجي، فقال عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رواه الطبراني في "الأوسط"، رواه الزهري، عن عروة، عن عائشة كما قال أبو يوسف، ومن ذكر معه عن هشام، رواه أبو داود

الطيالسي، والدارقطني والبيهقي، وزعم أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل أنه حديث منكر قال: وإنما نرويه من غير حديث الزهري، عن عروة مرسلًا، وليس كما قال؛ فقد رواه عن عروة موصولًا جماعة، من رواية ابنه هشام عنه كما سبق ويأتي. واختلافهم في صحابي الحديث يدل على أن عروة سمعه من جماعة فكان يحدث به عن كل واحد منهم، وأحيانًا كان يرسله اختصارًا، فلا معنى للحكم بنكارة ما رواه الثقات وقد رواه ابن أبي مليكة، عن عروة موصولًا أيضًا، لكنه قال عن مروان بن الحكم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الأرض أرض الله، والعباد عباد الله من أحيا أرضًا مواتًا فهي له، رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق موسى بن داود، عن نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة به، كذا قال موسى بن داود، عن نافع الجمحي. وخالفه ابن المبارك، فقال عن نافع الجمحي، عن ابن أبي مليكة، عن عمرة قال: أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الأرض أرض الله والعباد عباد الله، ومن أحيا مواتًا فهو أحق بها، جاءنا بهذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين جاءوا بالصلوات عنه، رواه أبو داود هكذا مختصرًا، ورواه يحيى بن آدم في الخراج مطولًا. وفي الباب: عن عمرو بن عوف، وسمرة بن جندب، وأبي أسيد، وجابر بن عبد الله، وفضالة بن عبيد وغيرهم، خرجتها في وشي الإِهاب.

1588 - قوله: (وروى أبو داود في هذا الحديث زيادة قال عروة: وَلَقْد حَدَّثَنِي الذي حَدَّثَنِي هَذَا الحَديْثِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلى رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَرَسَ أحَدُهُمَا نَخْلًا في أرْضِ الآخَرَ فَقَضى لِصَاحِب الَأرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أن يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قال: فلقد رأَيْتُها وإِنَّها لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بالفُؤُوُسِ وإنَّها لنخلُ عُمٌّ حتَّى أخْرِجَتْ مِنْهَا). قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا يحيى بن آدم في "الخراج"، وأبو عبيد في "الأموال"، والبيهقي، من طريق يحيى بن عروة، عن أبيه بالحديث، وفيه هذه الزيادة.

1589 - حديث رافع بن خديج: "مَنْ زَرَعَ في أرْضِ قَوْمٍ بغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَهُ نَفَقَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءُ". يحيى بن آدم في الخراج، وأبو عبيد في "الأموال"، وأبو داود الطيالسي في "المسند"، وأبو داود السجستاني في "السنن"، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار"، وفي "مشكل الآثار" معًا، والدينوري في

"المجالسة"، والبيهقي في "السنن"، والخطيب في "التاريخ"، كلهم من رواية شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء عن رافع بن خديج به. وقال الترمذي: (حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله، وسألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك). قلت: وهو غريب منهما فقد رواه يحيى بن آدم في كتاب "الخراج" من رواية قيس بن الربيع عن أبي إسحاق، وكتاب الخراج من مسموعاتهما، ولاسيما البخاري. وقال البيهقي: (إنفرد به شريك بن عبد الله، وقيس بن الربيع، وقيس ضعيف عند أهل العلم بالحديث، وشريك بن عبد الله مختلف فيه، كان يحيى بن سعيد القطان لا يروي عنه، ويضعَّف حديثه جدًا، ثم هو مرسل، قال الشافعي في كتاب البويطي: الحديث منقطع لأنه لم يلق عطاء رافعًا). ثم أسند البيهقي عن ابن عدي قال: (كنت أظن أن عطاء، عن رافع بن خديج مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضًا عن عطاء مرسل؛ ثم أسند ابن عدي من

طريق يوسف بن سعيد، ثنا حجاج بن محمد، ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن رافع بن خديج به، قال يوسف: غير حجاج لا يقول عبد العزيز يقول عن أبي إسحاق، عن عطاء). قال البيهقي: (أبو إسحاق كان يدلس، وأهل العلم بالحديث يقولون عطاء، عن رافع منقطع؛ وقال سليمان الخطابي: هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث قال: وحدثني الحسن بن يحيى، عن موسى بن إبراهيم الحمال أنه كان ينكر هذا الحديث ويضعفه، ويقول لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك، ولا رواه عن عطاء غير أبي إسحاق، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئًا قال أبو سليمان: وضعفه البخاري أيضًا، قال البيهقي: وقد رواه عقبة بن الأصم، عن عطاء قال: حدثنا رافع بن خديج، وعقبة ضعيف لا يحتج به). قلت: حديث عقبة بن الأصم، رواه الترمذي، عن البخاري، عن معقل بن مالك البصري، عنه عن عطاء، عن رافع بالعنعنة؛ وتعقب المارديني البيهقي بقوله: (ذكر صاحب الكمال أن عطاء سمع رافع بن خديج، وأخرج الترمذي هذا الحديث وحسنه، ونقل مثل ذلك عن البخاري، وأخرج البخاري في كتاب "الحجج" من صحيحه من حديث أبي إسحاق قال: سألت مسروقًا وعطاء ومجاهدًا فقالوا: اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي الحجة قبل أن يحج، فهذا تصريح بسماع أبي إسحاق من

عطاء، ثم ذكر البيهقي الحديث من وجه آخر، وفي سنده بكير بن عامر البجلي فقال: وإن استشهد به مسلم، فقد ضعفه القطان، وحفص بن غياث وابن حنبل، وابن معين، قال المارديني: ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه ابن عمار، وقال صاحب الكمال: روى له مسلم، وقال ابن عدي: لم أجد له متنًا منكرًا، وأخرج صاحب المستدرك حديثه هذا وقال صحيح الإِسناد ثم ذكره من وجه آخر وفي سنده عمير بن يزيد الخطمي فقال: لم أر البخاري ولا مسلمًا احتجا به، قال المارديني: هو ثقة، وأخرج له الحاكم في "المستدرك" فلا يضره عدم احتجاجهما به). قلت: الحديث صحيح إلى رافع بن خديج، وكل ما ذكره المضعفون للحديث تعليلات لا تفيد ضعفًا عند المصنف الخبير، وإنما علة الحديث من رافع بن خديج نفسه فإنه رواه بالمعنى على حسب ما فهم من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجده زرع في أرض قوم بإذنهم، وكانت تلك حادثة لها معنى غير هذا الذي فهمه رافع بن خديج، وبيان ذلك يطول، والحديث غير معمول به من هذه الجهة لأنه في الحقيقة رأي صحابي فهمه عن خطأ والله أعلم. تنبيه: قال بعض المعاصرين: ويظهر من كلام الخطابي وغيره أنهم يضعفون الحديث، بأن عطاء لم يسمع من رافع، وأنهم ظنوا أنه عطاء بن أبي رباح، والذي يترجح لدي أنه عطاء بن صهيب، أبو النجاشي الأنصاري مولى رافع بن خديج وقد صحبه ست سنين، ولم أجد فيما وقع إليَّ من رواياته التصريح بأنه ابن أبي رباح، إلا في نصب الراية، نقلًا عن الأموال لابن عبيد، وَلَعله ظنٌ من الزيلعي أيضًا، وإلا فكيف حسنه البخاري، والترمذي، ولو كان عندهما من رواية ابن أبي رباح وهي منقطعة. قلت: عطاء المذكور في الإِسناد هو ابن رباح، كما ورد مصرحًا به في الأموال لابن عبيد، "ومشكل الآثار" للطحاوي، وتاريخ الخطيب، وسنن البيهقي ولو لم يكن

مصرحًا به في هذه المصنفات لكان الإطلاق يكفي، لأنهم لا يطلقون غالبًا إلا المشاهير، وكون البخاري، والترمذي، حسناه لا يفيد شيئًا فيما ظنه لأنه قد يكون من رأيهما أن عطاء سمع من رافع وقد يكون عدم التحقيق من سماعه هو الموجب في نظرهما للاقتصار على تحسينه ولولا ذلك لحكما بصحته وهم قد يحسنون الحديث مع إرساله ولا يفعلون ذلك في الصحيح لأنهم ولاسيما الأقدمين يعدون الحسن من قبيل الضعيف. * * * 1590 - حديث ابن شهاب مرسلًا: "أَنَّ نَاقَةً للبَرَاءِ بن عَازِبِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيْهِ فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -أَنَّ عَلَى أهْلِ الحَوائِطِ بالنَّهًارِ حِفْظَها، وأَنَّ مَاَ أفْسَدَتْهُ المواشيَ باللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا". مالك في "الموطأ" عنه عن ابن شهاب، عن حرام بن سعد بن محيصة، أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل، والباقي سواء؛ ومن طريق مالك رواه أحمد، والدارقطني، والبيهقي، قال ابن عبد البر: (هكذا رواه مالك وأصحاب ابن شهاب عنه مرسلًا). ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه،

ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك، وأنكروا عليه قوله فيه، عن أبيه، قاله أبو داود في "سننه" يعني في بعض الروايات منها، وقال محمد بن يحيى الذهلي: لم يتابع معمر على ذلك، فجعل الخطأ فيه من معمر اهـ. وقال الدارقطني: (بعد أن رواه من طريق ابن وهب، عن مالك ويونس بن زيد عن الزهري مرسلًا كما سبق، وكذلك رواه صالح بن كيسان، والليث، ومحمد بن إسحاق، وعقيل وشعيب، ومعمر، من غير رواية عبد الرزاق، وقال ابن عيينة، وسفيان بن حسين، عن الزهري عن سعيد بن المسيب وحرام جميعًا، أن ناقة للبراء، وقال قتادة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحده؛ وقال ابن جريج، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أن ناقة للبراء، قاله الحجاج وعبد الرزاق عنه). قلت: رواية عبد الرزاق، عن معمر به، كرواية حرام بن محيصة، عن أبيه، خرجها أحمد، وأبو داود، والدارقطني، والبيهقي، وقال الدارقطني: (خالفه وهب، وأبو مسعود الزجاج فلم يقولا عن أبيه، ورواه الأوزاعي، عن الزهري،

عن حرام بن محيصة الأنصاري، أنه أخبره، أن البراء بن عازب كانت له ناقة ضارية فدخلت حائطًا فأفسدت فيه. الحديث). هكذا قال أبو المغيرة، عن الأوزاعي، كما رواه البيهقي وخالفه الفريابي، ومحمد بن مصعب، وأيوب بن سويد، فقالوا عن الأوزاعي، عن الزهري عن حرام بن محيصة، عن البراء قال: كانت له ناقة ضارية فذكره، رواه أبو داود، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد، على خلاف فيه بين معمر، والأوزاعي، فإن معمر قال عن الزهري، عن حرام بن محيصة عن أبيه). قلت: وهذه رواية الفريابي، ورواية محمد بن مصعب خرجها أحمد، والدارقطني والبيهقي، ورواية أيوب بن سويد خرجها الدارقطني، والبيهقي، من طريق. يونس بن عبد الأعلى، ثنا أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن البراء بن عازب: أن ناقة لرجل من الأنصار دخلت حائطًا، الحديث. هكذا قال يونس، عن أيوب. ورواه الشافعي، عن أيوب به فقال: عن حرام بن محيصة، عن أبيه، إن شاء الله عن البراء بن عازب: أنه كانت له ناقة ضارية، فزاد فيه ذكر أبيه، كما قال عبد الرزاق

عن معمر، إلا أن هذا قال: عن البراء، وذاك قال أن البراء. وتابع الأوزاعي على رواية الحديث، عن البراء إسماعيل بن أمية، وعبد الله بن عيسى كلاهما، عن الزهري. فمتابعة إسماعيل ذكرها الحافظ. ومتابعة عبد الله بن عيسى رواها ابن ماجه، والدارقطني والبيهقي، كلهم من طريق سفيان، عن عبد الله بن عيسى عن الزهري، عن حرام بن محيصة عن البراء: أن ناقة لآل البراء أفسدت شيئًا الحديث. وقد صححه أيضًا ابن حبان كما صححه الحاكم، وإن وقع من الزهري فيه اختلاف آخر غير ما ذكرته لأنه محمول بعضه على تعدد السماع، وبعضه على الاختصار، أو الاختلاف من الرواة. 1591 - حديث: "العَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وغيرهم من حديث أبي هريرة

قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: العجماء جرحها جُبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس.

51 - كتاب الإستحقاق وأحكامه

51 - كتاب الإستحقاق وأحكامه

52 - كتاب الهبات

52 - كتاب الهبات

1592 - حديث حمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَةَ أعْبُدٍ عِنْدَ موْتِهِ فَأمَرَه رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْتَقَ ثَلَاثَتَهُم وأَرَقَّ البَاقِي".

تقدم في القسمة.

1593 - حديث النعمان بن بشير: "أَنَّ أبَاهُ بَشِيرًا أَتَى بِهِ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنْحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَان لي، فَقَال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أكُل وَلَدِكَ نَحلْتَهُ مِثْلَ هَذا؟ قال: لا، قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَارْتَجِعْهُ"، قال ابن رشد:: اتفق مالك والبخاري، ومسلم على هذا اللفظ. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، والأربعة، وجماعة وعند بعضهم ما ردده.

1594 - قول: (وفي بَعْضِ ألْفَاظِ رِوَايَاتِ هَذا الحَدِيثِ قال - صلى الله عليه وسلم -: هَذَا جَوْرٌ). متفق عليه من حديث الشعبي، عن النعمان بن بشير بالقصة، وفيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تُشهدني إذًا فإني لا أشهد على جور، وفي لفظ البخاري وهو لمسلم أيضًا فلا تشهدني على جور، ولأحمد، ومسلم وغيرهما من حديث

أبي الزبير، عن جابر بالقصة وفيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أله أخوة؟ قال: نعم، قال أفكلهم أعطيت مثل ما أَعطيته؟ قال: لا قال: فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق. * * * 1595 - قوله: (والدَّلْيِلُ عَلى ذَلِكَ أنَّ في بَعْضِ رَوَايَاتِهِ: "ألَسْتَ تُريْدُ أن يَكُونُوا لَكَ في البّرِّ واللُّطْفِ سَواء؟ قال: نعم، قال: فَأَشْهِد عَلَى هَذا غَيري).

أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، ولم يقل

واللطف إلا أبو داود.

1596 - حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَيُّما رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبهِ

فإنَّها لِلَّذي يُعْطَاهَا. لا تَرْجِعُ إلى الَّذِي أعْطَاهَا أبدًا؛ لأنه أُعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ" قال ابن رشد: رواه مالك، وهو متفق على صحته. يعني رواه البخاري، ومسلم، قلت: لكن البخاري لم يروه بهذا اللفظ، بل لفظه عن جابر قال: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها لمن وهبت له، واللفظ المذكور هنا هو لمالك، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي. * * * 1597 - حديث أبي الزبير في جابر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مَعْشَر الأنْصَارِ أمْسِكُوا عَلَيْكُم أمْوَالَكُم، ولا تُعْمِرُوهَا فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوُ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ".

مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، واللفظ المذكور هنا له وغيرهم. * * * 1598 - قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَن جَابرٍ بلفظ آخر: "لا تُعْمِرُوا ولا تُرْقِبُوا فمن أُعْمِرَ شَيْئًا أو أُرْقِبَهُ فَهُو لِوَرَثَتِهِ".

أبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، من طريق الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج عن عطاء، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

1599 - حديث: "العَائِدُ في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ". الطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي وابن ماجه، والبزارَ والطحاوي، والبيهقي، والقضاعي، وغيرهم من حديث ابن عباس بزيادة ليس لنا مثل السوء عند كثير منهم بعضهم يذكرها في أوله وبعضهم في آخره.

وفي الباب: عن عمر عند أحمد، والبخاري، ومسلم، والطحاوي من رواية جماعة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر. وخالفهم عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو ضعيف، فقال عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، رواه ابن ماجه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي. وعن أبي هريرة رواه أحمد، وابن ماجه، والطحاوي. وعن جابر، رواه الطبراني في "الصغير"، وأبو نعيم في "التاريخ".

والخطيب في "تاريخ بغداد". وعن الحسن مرسلًا، رواه الطحاوي. * * * 1600 - حديث طاوس مرسلًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرِجعَ في هِبَتهِ إلَّا الوَالِد". الشافعي، وعبد الرزاق، والنَّسائي، والبيهقي، من طريق ابن

بعثت لأتمم محاسن الأخلاق؛ ورواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" من حديث معاذ بن جبل قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني رجل أحب أن أُحْمَدَ كأنه يخاف على نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يمنعك أن تعيش حميدًا وتموت فقيدًا، وإنما بعثت بتمام محاسن الأخلاق. ورواه أحمد، وابن سعد في "الطبقات"، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، والحاكم، والقضاعي في "مسند الشهاب"، من حديث أبي هريرة بلفظ: إنما بعثت لأتتم صالح الأخلاق، وفي رواية القضاعي: لأتمم مكارم الأخلاق.

53 - كتاب الوصايا

53 - كتاب الوصايا

1065 - حديث: "لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ".

جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحل لأحد يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد، ولفظ الشافعي: لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد من ولده. ورواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجة، والدارقطني، والحاكم. والبيهقي، وغيرهم، من رواية عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن ابن عمر وابن عباس قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل لرجل يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها مثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد فيه؛ قال الترمذي: (حسن صحيح)؛ وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد فإني لا أعلم خلافًا في عدالة عمرو بن شعيب، إنما اختلفوا في سماع أبيه من جده). قلت: والترمذي قال في روايته عن ابن عمر وحده.

1601 - قوله: (وفِي مُرْسَلَاتِ مَالكٍ أَنَّ رَجُلًا أنْصَارِيًّا مِنَ الخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَلى أبَوَيْهِ فَهَلَكَا فَوَرِث ابنهَمَا المالَ وَهُو نَخْل، فَسَأل عَنْ ذَلِكَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "قَدْ أُجرت في صَدَقَتِكَ وَخُذْهَا بِمِيْرَاثِكَ"). ليس هو من مرسلات مالك، بل من بلاغاته، لأنه قال بلغني أن رجلًا من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج فذكره. قال ابن عبد البر: (روي هذا الحديث من أوجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). قلت: يريد معناه ومن ذلك الحديث المذكور بعده. * * * 1602 - حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، عن إمرأة أتت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كُنْتُ قَدْ تَصَدَّقْتُ على أُمَّي بِوَلِيْدَةِ، وإنَّها مَاتَتَ وَتَركَتْ تِلْكَ الوَلِيْدَة، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وَجَبَ أجْرُكِ وَرَجَعَتْ إليك بالميراث" قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود.

قلت: هو كذلك، ولكن الاقتصار على عزو الحديث إليه غير جيد في هذا الموطن لأنه في صحيح مسلم، والقاعدة أنه لا يعرف حديث موجود في الصحيحين أو أحدهما إلى غيرهما، وخرَّجه أيضًا الترمذي، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، فهو عند الأربعة أيضًا وقوله عن بريدة، عن إمرأة تعرف من ابن رشد مراده، عن حديث إمرأة أو قصة إمرأة وهو مع كونه تصرفًا غير مرضى عند أهل الحديث فهو يوهم أنه من رواية بريدة عن المرأة وليس كذلك. فعند أبي داود الذي عزاه إليه عن بريدة أن إمرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي صحيح مسلم، عن بريدة قال: بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتته إمرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال: فقال: وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها قال حجي عنها. تنبيه: خرَّج الحاكم هذا الحديث في "المستدرك" وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وهو واهم في ذلك.

1603 - حديث: قَولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ في الفَرَسِ الذي تَصَدَّقَ بِهِ: "لا تشتره فإِنَّ العَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِهِ"، قال ابن رشد: متفقٌ على صحته. يعني رواه البخاري، ومسلم، ولفظ الحديث عن عمر قال: حَمَلْتُ على فَرَسٍ في سبيل الله فأضاعَهُ الذي كان عنده فأردت أن أشترِيَهُ منه فظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه لفظ البخاري. * * * 1064 - قوله: (والشَّارع عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلامُ إنَّما بُعِثَ لِيُتَمِّمَ مَحَاسِنَ الأخْلَاقِ). هذا لفظ حديث ذكره مالك في "الموطأ" بلاغًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما

أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدولابي في "الكنى"، وأبو العباس بن سريج في "جزئه"، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" والبيهقي في "السنن"، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري في مسند أبي حنيفة، كلهم من رواية إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: إن الله تبارك وتعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث الحديث. وقال الترمذي: (هذا حديث حسن، وقد روي عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه). قلت: أخرجه ابن الجارود في "صحيحه المنتقى"، من طريق الوليد بن مسلم

ثنا جابر، وحدثني سُليم بن عامر وغيره، عن أبي أمامَةَ وغيره -رضي الله عنهم-، ممن شهد خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ، فكان فيما تكلَّم بِهِ ألا إِنَّ الله قد أعطى كُلَّ ذي حق حقه، ألا لَا وصية لوارث، فحديث أبي أمامة صحيح على انفراده لا ينبغي أن يشك في ذلك، لأن رواية إسماعيل بن عياش عن أهل الشام صحيحة، وشيخه في هذا الحديث شامي ثقة، ثم له مع ذلك هذه الطريق الصحيحة أيضًا. وفي الباب عن عمرو بن خارجة، وأنس، وابن عباس، وجابر، وعلي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعقل بن يسار، وزيد بن أرقم، مع البراء بن عازب ومجاهد مرسلًا. فحديث عمرو بن خارجة: رواه الطيالسي، وأحمد، والدارمي، وابن سعد، الترمذي، والنَّسائي، وابن ماجة، وبحشل في "تاريخ واسط"، والبيهقي في "السنن"، والبغوي في "التفسير" كلهم من رواية شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وأن لعابها يسيل بين كتفي فسمعته يقيل: إن الله -عز وجل- أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقال الترمذي: (حسن صحيح).

ورواه الدارقطني، والبيهقي، من طريق زياد بن عبد الله، عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن، عن عمرو بن خارجه به بلفظ: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة وضعفه البيهقي، والذهبي. ورواه الطبراني في "الكبير"، وأبو موسى المديني في "الذيل" من وجه آخر من رواية عبد الملك بن قدامة عن أبيه فقال عن خارجة بن عمرو الجحمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الفتح وأنا عند ناقته: ليس لوارث وصية قد أعطى الله -عز وجل- كل ذي حق حقه وللعاهر الحجر، وقال أبو موسى: هذا الحديث يعرف بعمرو بن خارجة لا بخارجة بن عمرو. وقال الحافظ: يعني فلعله انقلب قال وحديث عمرو بن خارجة أخرجه أحمد، وأصحاب السنن،، ومُخَرَّجه مُغَاير لمخرَّج حديثِ خارجة بن عمرو فالظاهر أنه آخر كذا قال في الإِصابة في موضع تعداد الصحابة وتكثير أسمائهم وشك في ذلك في تخريج أحاديث الرافعي فقال: لعله انقلب، وجزم بالقلب في إتمام الدارية فقال: وهو مقلوب وهذا الأخير هو الحق إن شاء الله. وحديث أنس: رواه ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي؛ من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أنس به مطولًا عند الدارقطني ومختصرًا عند ابن ماجه، والبيهقي، وصححه بعض الحفاظ بناء منه على أن سعيد

ابن أبي سعيد هو المقبري، لكن الدارقطني، رواه مرة أخرى من طريق الوليد بن مزيد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد شيخ بالساحل لكنه قال: حدثني رجل من أهل المدينة ولم يسم أنس بن مالك. وحديث ابن عباس: رواه الدارقطني، والبيهقي، من حديث حجاج عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس، به، قال البيهقي: (عطاء هو الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم يره قاله أبو داود وغيره، وقد روي من وجه آخر عنه عن عكرمة، عن ابن عباس). ثم أخرج، ما أخرجه الدارقطني، من طريق يونس بن راشد، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس به، ولفظه كالذي قبله: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن شاء الورثة). ثم قال البيهقي: (عطاء الخراساني غير قوي)، وتعقبه الذهبي في المهذب فقال: بل هذا حديث صالح الإِسناد، وعطاء صدوق. وذكره أيضًا في "الميزان" في ترجمة يونس بن راشد، وقال هو جيد الإِسناد كما ترى. وقال الحافظ: إنه حديث حسن. قلت: وله مع هذا طريق آخر من رواية عبد الله بن ربيعة، ثنا محمد بن مسلم، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عياش به بلفظ الترجمة.

وحديث جابر: رواه الدارقطني من طريق فضل بن سهل، (حدثني إسحاق بن إبراهيم الهروي، ثنا سفيان، عن عمر، عن جابر به بالترجمة). ثم قال الدارقطني، (الصواب مرسل) وسبقه إلى ذلك علي بن المديني، فأخرج الخطيب في "التاريخ" في ترجمة إسحاق بن إبراهيم، أبي موسى الهروي، بعد أن نقل توثيقه عن أحمد وابن معين، أسند عن عبد الله بن علي بن المديني قال: سمعت أبي يقول أبو موسى الهروي روى عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر لا وصية لوارث، وقد حدثنا به سفيان عن عمرو مرسلًا وغمزه. قلت: وهذا من الجرح الباطل، وإرسال عمرو للحديث مرة لا يدل على أنه لم يحدث به عن جابر، وقد ورد الحديث، عن جابر من وجه آخر قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو عبد الرحمن المقري، ثنا أشعث بن شداد الخراساني، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا نوح بن دراج، عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعًا لا وصية لوارث ولا إقرار بدين قال أبو عبد الرحمن حدثنا به في موضع آخر، ولم يذكر جابرًا فهذا رجل واحد حدث به على الوجهين في وقتين مختلفين فكذلك الطريق الذي في قبله. وحديث علي: رواه الدارقطني، من طريق يحيى بن أبي أنيسة الجزري عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعًا: الدين قبل الوصية ولا وصية لوارث، يحيى بن أبي أنيسة ضعيف، وقد رواه ناصح بن عبد الله الكوفي، عن أبي إسحاق أيضًا لكنه خالفه في إسناده فقال عن الحارث، عن علي وقال في متنه لا وصية لوارث الولد لمن ولد على فراش أبيه، وللعاهر الحجر رواه ابن عدي،

وناصح كان رجلًا صالحًا، أنه ضعيف في الحديث، وقد مشاه ابن عدي وقلل يكتب حديثه. وحديث عبد الله بن عمرو: رواه ابن عدي من طريق حبيب المعلم، والدارقطني من طريق حبيب بن الشهيد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم النحر: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة لفظ حبيب بن الشهيد، سهل بن عمار كذبه الحاكم وغيره. وحديث عبد الله بن عمر: رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، عن إسحاق بن عيسى الطباع، ثنا محمد بن جابر، عن عبد الله بن بدر قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدين قبل الوصية وأن لا وصية لوارث، وروى أبو نعيم في "الحلية"، من طريق سفيان، عن جهضم عن عبد الله بن زيد قال: سمعت ابن عمر يقول: في قول الله تعالى: إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين، قال نسختها آية المواريث. وحديث معقل بن يسار: رواه ابن عدي. وحديث زيد بن أرقم والبراء: أخرجه ابن عدي أيضًا وسنده ضعيف. ومرسل مجاهد: خرَّجه البيهقي، من طريق الشافعي، عن ابن عيينة عن سليمان الأحول، عن مجاهد به: (قال الشافعي: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما ثبته أهل الحديث بأن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعًا، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عام الفتح: لا وصية لوارث

وإجماع العامة على القول به). وقال البيهقي: بعد ذكر بعض طرقه: (وقد روى هذا الحديث من أوجه أخرى كلها غير قوية، والإعتماد على الحديث الأول وهو رواية ابن أبي نجيح عن عطاء، عن ابن عباس، وعلى ما ذكره الشافعي من نقل أهل المغازي مع إجماع العامة على القول به أهـ). ومراده بالحديث الأول عن ابن عباس، وهو قوله في قول الله -عز وجل- {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} قال: (كان الميراث للولد، وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للولد الذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للوالدين السدس، وجعل للزوج النصف أو الربع، وجعل للمرأة الربع أو الثمن). وهذا الأثر خرَّجه البخاري في "الصحيح"، وليس الأمر، كما قال الإمام الشافعي، ولا كما قال البيهقي -رحمهما الله تعالى-، بل الحديث صحيح في بعض طرقه كما سبق النص على ذلك، وصحيح أيضًا بالنظر إلى مجموع طرقه، وإلا فإِذا لم يحكم للحديث بالصحة مع هذه الطرق الكثيرة التي فيها ما هو على انفراده صحيح أيضًا فليس في الدنيا حديث صحيح إلا ما هو قليل أو أقل من القليل. * * * 1606 - حديث عمران بن حصين: "أَنَّ رجلًا أعْتَقَ سِتَّةَ أعْبُدٍ".

تقدم في القسمة.

1607 - حديث: "أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - عادَ سَعد بن أبي وَقَّاص فقال لَه يَا رَسُولَ اللهِ: قَدْ بَلَغَ مِني الوَجَعُ مَا تَرى وَأنَا ذُوَ مَالٍ ولَا يَرِثنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي، أفَأَتَصَدَّقُ بِثُلْثَيْ مالِي؟ فَقَالَ لَهُ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: فَالشطْرُ؟ قالَ: لا، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: الثُّلْثُ والثُّلْثُ كَثِيرٌ إنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أغْنِيَاء خَيْرٌ مِن أن تَذَرَهُم عالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ". مالك، والطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم،

والأربعة، وجماعة من حديث سعد بن أبي وقاص قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني فذكر الحديث، وله عندهم ألفاظ. * * * 1608 - حديث: "إنَّ الله جَعَلَ لَكُم في الوَصِيَّة ثُلُثَ أَمْوَالِكُم زِيَادَة فِي أعْمَالِكُم" قال

ابن رشد: وَهَذَا الحَدِيثِ ضَعيفٌ عِنْدَ أهْلِ الحَديثِ. ابن ماجه، والبزار، والبيهقي، والخطيب في "التاريخ" كلهم من رواية طلحة بن عمرو المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم لفظ ابن ماجه وقال الآخرون: إن الله أعطاكم بدل تصدق عليكم، وقال البزار: (لا نعلم رواه عن عطاء إلا طلحة بن عمرو، وهو وإن روى عنه جماعة فليس بالقوي). قلت: وهكذا قال فيه أبو حاتم أيضًا أنه ليس بالقوي لين عندهم وقال أحمد، والنَّسائي: متروك. وقال البخاري، وابن المديني: ليس بشيء وقد نقلوا عنه حكاية أن إحداهما تدل على أنه كذاب وضَّاع. والأخرى: تدل على أنه أشد الناس حفظًا وضبطًا فالله أعلم. وأي ذلك كان، فهذا الحديث لم ينفرد به فقد ورد من أوجه أخرى عن جماعة من الصحابة، فرواه أحمد، والبزار والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم في "الحلية" كلهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضَمرة بن حبيب، عن أبي

الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم، وقال البزار. (وقد روي هذا الحديث من غير وجه وأعلى من رواه أبو الدرداء، ولا نعلم له عنه طريقًا غير هذه الطريق، وأبو بكر بن أبي مريم وضمرة معروفان، وقد احتمل حديثهما. ورواه الدولابي في "الكني" والطبراني في "الكبير"، والدارقطني، كلهم من حديث إسماعيل بن عياش قال حدثنا عتبة بن حميد الضبي، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة، عن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله -عز وجل- تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم. وعز الحافظ في "التلخيص" هذا الحديث تبعًا لأصله للدارقطني، والبيهقي قال: وفيه إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن حميد، وهما ضعيفان كذا قال: وليس الحديث عند البيهقي فإِنه ما خرَّج إلا حديث أبي هريرة؛ وعتبة بن حميد ما ضعفه إلا أحمد، وقد قال أبو حاتم صالح الحديث، وأثنى عليه وذكره ابن حبان في الثقات، وإسماعيل بن عياش ليس بضعيف على الإطلاق، بل في روايته عن غير أهل بلده وشيخه هذا وإن كان بصريًا إلا أنه لا يلزم أن يكون كل ما رواه عن غير شامي ضعيفًا على الإطلاق، فإِن هذا المتن قد عرف من وجوه أخرى ولإِسماعيل بن عياش فيه طريقان أحدهما هذا، والثاني عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن

أبي الدرداء، كما رواه الطبراني، وأبو نعيم في "الحلية". وقد رواه أحمد في "المسند" عن أبي اليمان الحافظ الثقة، عن أبي بكر بن أبي مريم، فوافق إسماعيل بن عياش فيه سندًا ومتنًا مما يدل على أنه حفظ ولم يضعَّف في هذا الحديث، ومن عيب أهل الحديث أنهم يتخذون خطأ الراوي مرتين أو ثلاثًا حكمًا عامًا يضعفون به سائر حديثه وذلك ليس من العدل، ولا من الحكمة في شيء. وقد رواه إسماعيل بن عياش مرة ثالثة بإِسناد آخر، عن عقيل بن مدرك، عن الحارث بن خالد بن عبيد السلمي أبيه خالد بن عبيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله -عز وجل- أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم، رواه ابن السكن، والطبراني، وغيرهما، فهذا يدل على حفظه وثقته، ومزيد تثبته إذ روي الحديث بثلاثة طرق ولم يجمعها ولا خلط بعضهما ببعض كما يقع للضعفاء إلا أن هذا الأخير فيه الحارث بن خالد وهو غير معروف. ورواه العقيلي في "الضعفاء" قال حدثني جدي، ثنا حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأُبلي، ثنا ثور عن مكحول، عن الصنابحي، أنه سمع أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن الله قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند موتكم رحمة لكم وزيادة في أعمالكم وحسناتكم، حفص بن عمر الأُبلي ضعيف.

ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، ثنا عبد الأعلى، عن برد، عن مكحول، عن معاذ بن جبل موقوفًا عليه من قوله. 1609 - قوله: (وَثَبُتَ عن ابن عباس أنَّه قال: لَوْ غَضَّ النَّاسُ في الوَصِيَّةِ مِنَ الثُّلُثِ إلى الرُّبْعِ لَكَانَ أَحَبَ إلىَّ لأَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَال: الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيرٌ). متفق عليه.

1610 - حديث: "إنَّك أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاء خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُم عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ". تقدم في حديث سعد بن أبي وقاص.

1611 - حديث: "فَدَيْنُ اللهِ أحَقُّ أن يُقْضَى". متفق عليه من حديث ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول

الله: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى.

54 - كتاب الفرائض

54 - كتاب الفرائض

1612 - حديث عمر بن الخطاب أَنَّه كَتَبَ إلى أبي عُبَيْدة أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهُ

وَرَسُولَهُ مَوْلَى مَنْ لَا مْوْلَى لَهُ، والخال وارث مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ". أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أن رجلًا رمى رجلًا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر -رضي الله عنهما- فكتب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وذكره، واقتصر الترمذي على ذكر المرفوع، وقال حديث حسن، وصححه ابن حبان، كابن الجارود.

وفي الباب: عن المقدام بن معدى كرب، وعائشة، وأبي هريرة وواسع بن حبان، وبريدة؛ وأبي الدرداء. فحديث المقدام: رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ترك كلًا فإِليَّ، وربما قال: إلى الله ورسوله، ومن ترك مالًا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه، والخال من لا وارث له يعقل عنه ويرثه ولفظ الحاكم: أنا مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عانيه، والخال وارث من لا وارث له ويفك عانيه، ثم قال: (صحيح على شرط الشيخين)، وتعقبه الذهبي: (بأن علي بن أبي طلحة أحد رجاله، قال أحمد: له أشياء منكرات ولم يخرج له البخاري).

قلت: قد احتج به مسلم، ومن تكلم فيه فلأجل مذهبه الذي اتهموه به، وهو أنه كان يرى السيف، وذلك باطل لأنهم أخذوه من حكاية لا تدل على ذلك. ومع هذا فقد ورد الحديث من غير طريقه، وقد صححه أيضًا ابن حبان، وحسنه أبو زرعة الرازي فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم بل صححه ابن القطان الفاسي، وهو شديد التعنت في التصحيح، وأعله أبو داود، والبيهقي بما هو ظاهر في التحامل والتعنت. وحديث عائشة: رواه الدارمي، والترمذي، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم والبيهقي كلهم من رواية ابن جريج، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له، قال الترمذي: (غريب). وقال الحاكم.

(صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي، وهو الحق وكونه روى موقوفًا أو مرسلًا غير ضائرة على ما قررناه غير مرة. وحديث أبي هريرة: رواه الدارقطني، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"، والبيهقي كلهم من طريق ليث، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة مرفوعًا: الخال وارث من لا وارث له. ورواه الدارقطني، مرة أخرى، عن ليث، عن أبي هبيرة، عن أبي هريرة به بزيادة من لا وارث له، وضعفه البيهقي باختلاف وقع في إسناده وهو اختلاف بسيط. وحديث أبي الدرداء: رواه العقيلي في "الضعفاء" بلفظ: الخال وارث من لا وارث له. وحديث واسع بن حبان: رواه الحارث بن أبي أسامة، والطحاوي، والبيهقي عنه أن ثابت بن الدحداح كان رجلًا آتيًا في بنى العجلان مات، فسأل

النبي - صلى الله عليه وسلم - هل له وارث، فلم يجدوا له وارثًا فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - مراثه إلى ابن أخته وهو أبو لبابة بن عبد المنذر، ونقل البيهقي عن الشافعي تعليله، بأن ثابت بن الدحداح مات في غزوة أحد قبل نزول المواريث، ورد ابن التركماني ذلك بما نقله عن الواقدي وغيره من أن ثابتًا تأخرت وفاته إلى زمن الحديبية بعد رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - منها. وحديث بريدة: رواه أبو داود والنسائي في "الكبرى" من حديث جبريل بن أحمر عن بريدة، عن أبيه قال: مات رجل من خزاعة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بميراثه فقال التمسوا له وارثًا أو ذا رحم، فلم يجدوا له وارثًا ولا ذا رحم فقال: أعطوه الكبر من خزاعة، وقال النَّسائي: جبريل بن أحمر ليس بالقوي، والحديث منكر كذا قال، وقد وثقه ابن معين، وأبو زرعة، وابن حبان

1613 - حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حاتم بن عبد الله، عن جابر: "أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى البِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ". كذا وقع في الأصل، عن حاتم بن عبد الله، عن جابر، ولا ذكر له في الحديث، وإنما هو عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله هاتان إبنتا سعد بن الربيع قُتِل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما فلا يدع لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال قال يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

إلى عمهما فقال: أعط ابنة سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك. رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم، وقال الترمذي (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد).

1614 - حديث ابن عباس: "أقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أهْلِ الفَرَائِضِ عَلى كِتَابِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَمَا أَبْقَتِ الفرائِضُ فَلأوْلى رَجُلٍ ذَكرٍ". متفق؛ ورواه أيضًا أحمد، والدارمي، وأبو داود، وابن ماجه

والبيهقي، وجماعة وفي لفظ: الحقوا الفرائض بأهلها، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر. وهو لفظ البخاري ومسلم؛ ولمسلم أيضًا نحو ما ذكر المصنف.

1615 - حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ابنة وابنة ابن وأخت إنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ ولابْنَةِ الابْنَ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وما بقي فَلِلأخْتِ". أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث هزيل (بالزاي) بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال للابنة النصف، وللأخت النصف وائت ابن مسعود فَسَيُتَابِعُني، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين،

أقضي فيها، بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - للابنة فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم، لفظ البخاري. * * * 1616 - حديث علي -عليه السلام- قال: "قَضَى رسُولُ اللِه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أَعْيَانَ بَنِي الأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُوْنَ بَنِي العَلَّاتِ". الطيالسي، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني،

والحاكم من حديث أبي إسحاق عن الحارث، عن علي وسنده حسن أو صحيح لأن الحارث الأعور عندنا ثقة.

1617 - حديث مالك: "جَاءَتِ الجَّدَةُ إلى أبي بكر - رضي الله عنه - تسأَلُهُ عَنْ ميراثِها، فقال أبو بكر: مَا لَكِ فِي كتَاب الله شَيءٌ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أسَأل النَّاس، فَقَال لهُ المُغِيرة بن شُعبة: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَال أبو بكر مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فقام محمد بن مَسْلَمة فقال مِثْلَ ما قال المغيرة، فأنْفَذَهُ أبو بكرٍ لَهَا، ثُمَّ جَاءَت الجَّدَةُ الأُخْرَىَ إلى عُمَرَ بنِ الخطاب تَسْأَلُهُ مِيرَاثها، فَقَال: مَا لكِ فِي كِتَاب اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- شَيءٌ، ومَا كَانَ القَضَاءُ الذي قُضِيَ بهِ إلَّا لِغَيْرِك، وَمَا أنَا بِزَائِدٍ فِي الفَرَائِضِ، وَلَكِنَّه ذَلِكَ السُّدسُ، فإن اجتَمْعتُما فِيهِ فَهُوَ لَكُمَا، وأَيَّتُكُما انَفَرَدَتْ بِهْ فَهُو لَهَا".

مالك في "الموطأ"، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم، والبيهقي، من حديث قبيصة بن ذؤيب قال: جاء الجدة فذكره، وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين)؛ وأقره الذهبي لكنه معلول بالانقطاع كما قال ابن حزم وغيره، لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر وعمر، فقد صحح الحفاظ ولادته كانت عام الفتح.

1618 - حديث ابن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وَرَّثَ ثَلاثَ جَدَّاتٍ اثْنَتَيْنِ مِن قَبِلِ الأبِ وَوَاحَدِة مِنَ قَبَلِ الأُمِ". الدارقطني، من طريق ابن وهب أخبرني حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد به. ورواه البيهقي، من طريق يزيد بن هارون قال: أنا شعبة وسفيان وشريك، عن منصور، عن إبراهيم قال: أطعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدات سدسًا قلت لإِبراهيم: ما هن؟ قال: جدتاك من قبل أبيك، وجدة أمك، قال البيهقي: (هذا مرسل وقد روي عن خارجه بن مصعب، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أيضًا مرسل).

ثم أخرجه من طريق الدارقطني، ولم يسق متنه، ولفظه عند الدارقطني، أعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدات السدس ثنتين من قِبل الأب وواحدة من قبل الأم. ثم أخرج البيهقي من طريق وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث ثلاث جدات ثم قال: وهذا أيضًا مرسل وفيه تأكيد للأول. * * * 1619 - حديث الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله قال: "أوْلُ جَدَّةٍ أَعْطَاهَا رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُدُسًا جَدَّةٌ مَعْ ابنها وابنُهَا حَيٌ". البيهقي، من طريق يزيد بن هارون، أنا محمد بن سالم، عن الشعبي به، ثم

قال البيهقي: (تفرد به محمد بن سالم، وروي عن يونس، عن ابن سيرين قال: أنبئت عن أشعث بن سوار، عن عبد الله وعن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن وابن سيرين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديث يونس وأشعث منقطع، ومحمد بن سالم غير محتج به، وإنما الرواية الصحيحة فيه، عن عمر، وعبد الله، وعمران بن حصين، ثم أسند عن جميعهم أنهم ورثوا جدة مع ابنها) وتعقب (بأنه أثر عمر، من طريق ابن المسيب عنه، وابن المسيب لم يسمع من عمر، فكيف يدعي أن الرواية عنه صحيحة). قلت: ومحمد بن سالم راوي المرفوع ضعيف جدًا، قال أحمد لا يروي حديثه وقال ابن المبارك: أضْرَبوا على حديثه، وقال جماعة متروك الحديث. وآخرون: منكر الحديث، وأنكر أحمد أحاديث رواها وقال: هي موضوعة.

1620 - حديث: "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، ولَا الكافِرُ المُسْلِمَ". مالك، والطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم،

وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي وجماعة من حديث أسامة بن زيد، وفي الباب عن جماعة. تنبيه: قال المجد بن تيمية في "المنتقي" لما ذكر هذا الحديث، رواه الجماعة إلا مسلمًا، والنَّسائي، وهو واهم في ذلك بالنسبة إلى مسلم، فإِنه خرج الحديث بهذا اللفظ وبه صدر كتاب الفرائض. وعزاه الحافظ في "التلخيض" للبخاري، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، ثم قال: (وأغرب ابن تيمية في "المنتقى" فادعى أن مسلمًا لم يخرجه وكذلك ابن الأثير في "الجامع"، ادعي أن النسائي لم يخرجه)، والصواب مع ابن الأثير فالنَّسائي لم يخرِّج هذا الحديث في "المجتبى" الذي هو أحد السنن الأربعة، بل ليس فيه كتاب الفرائض أصلًا، فإِن كان خرجه في "السنن الكبرى" فليس هو من الكتب الستة كما هو معلوم.

1621 - قوله: (وَذَهَبَ مَعَاذ بن جبلِ، ومَعَاوية مِنَ الصَّحَابة، وَسَعِيد بن المُسَيَب وَمَسْرُوق مِنَ التَّابِعين وجَمَاعة، إلىَ أنَّ المُسْلِمَ يَرِثُ الكَافِرَ، إلى أنّ قَال: وَرَوُوا في ذَلِكَ حَدِيْثًا، قال أبو عُمر: وَلَيْسَ بالقَوي عِنَدَ الجُمْهُورِ). قلت: كان ابن عبد البر يريد أنَّ الاستدلال به غير قوي لأنه ليس نصًا ولا ظاهرًا في المسألة، والحديث خرجه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني، والحاكم والبيهقي من حديث أبي الأَسْوَدِ الدُّؤَلي، عن معاذ بن جبل؛ أنه أتى في ميراث يهودي، وله وارث مسلم فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الإسلام يزيد ولا

ينقص، قال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي مع أنه منقطع لأن أبا الأسْوَد لم يسمعه من معاذ. فقد رواه أبو داود من وجه آخر، وفيه عن أبي الأسْوَد أنَّ رجلًا حدَّثه أن معاذ قال: فذكره.

قال البيهقي: (وإن صح الخبر فتأويله غير ما ذهب إليه، وإنما أراد أن الإسلام في زيادة ولا ينقص بالردة قال: وهذا رجل مجهول فهو منقطع). * * * 1622 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَتَوَارَثُ أهْلُ مِلَّتَيْنِ". أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي وغيرهم بلفظ: لا يتوارث أهل ملتين شتى. وفي الباب عن جابر عند الترمذي،

وعن غيره عند غيره. * * * 1623 - حديث: "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، ولا الكَافِرُ المُسْلِمَ". تقدم.

وعمدة الفريق الأول عموم قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فقالوا: هذه أم وكل أم لها الثلث، فهذه لها الثلث.

1624 - حديث ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَّهُ ألْحَقَ وَلَدَ المُلَاعَنَةِ بأُمَّهِ". مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، من حديث نافع عنه أن رجلًا لاعن إمرأته على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بأمه. * * * 1625 - حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّهِ، قال: "جَعَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِيْرَاث ابن المَلاعَنَةِ لأُمِّهِ وَلوِرَثَتِهِ".

أبو داود، والبيهقي، من طريق عيسى بن أبي محمد، عن العلاء بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به مثله إلا أنه قال: ولورثتها من بعدها، وقال البيهقي: (عيسى هو ابن موسى، أبو محمد القرشي فيه نظر). قلت: قد رواه الهيثم بن حميد، وهو ثقة، عن العلاء بن الحارث به ولفظه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بميراث ابن الملاعنة لأنه كله لما لقيت فيه من العناء رواه الدارمي، وله طريق ثالث، ورواه أحمد، من طريق محمد بن إسحاق، قال: ذكر عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ولد الملاعنين أنه يرث أمه وترثه أمه، ومن قفاها به جلد ثمانين ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين. ورواه أبو داود والبيهقي، عن مكحول مرسلًا، قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها، قال البيهقي: (هذا منقطع). * * * 1626 - حديث واثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ: "المَرْأةُ تَحُوزُ ثَلَاثَة مَوَارِيثَ عَتَيْقِهَا، وَلَقِيْطِهَا، وَوَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ".

أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، وابن عدي والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم إلا الحاكم، من حديث محمد بن حرب، ثنا عمر بن رؤبة التغلبي، عن عبد الواحد بن عبد الله النصري (بالنون والصاد)، عن واثلة به، وقال الترمذي: (حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب). قلت: قد تابعه سليمان بن سليم، أبو سلمة، عن عمر بن رؤبة أخرجه من طريقه الدارقطني، والحاكم، وقال: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه) وأقره الذهبي، إلا أن الحاكم وقع عنده عمر بن رؤبة، عن عبد العزيز بن عبد الله بدل عبد الواحد

ابن عبد الله، فقال الذهبي: هو في السنن الأربعة، من طريق عمر بن رؤبة، عن عبد الواحد بن عبد الله، عن واثلة اهـ). وقال ابن عدي: (عمر بن رؤبة فيه نظر، وسمعت ابن حماد يذكره عن البخاري). وقال البيهقي، هذا غير ثابت، قال البخاري: (عمر بن رؤبة فيه نظر)، ثم أسنده (عن البخاري، من طريق ابن عدي، عن ابن حماد، وقال ابن عدي: أنكروا عليه أحاديثه عن عبد الواحد النصري). وذكره البيهقي في باب آخر فقال الذهبي في "مهذبه" عمر بن رؤبة واه، وهذا غلو وإسراف من الذهبي فقد ذكر هو في الميزان، عن دحيم أنه قال: (لا أعلمه إلا ثقة، وعن أبي حاتم أنه قال: صالح الحديث، عن ابن حبان ذكره في الثقات): ومن كان بهذه المتانة لا يقال عنه واه، وقد أقرَّ هو أيضًا تصحيح الحاكم للحديث كما سبق. وأغرب ابن حزم فقال: (إنّه مجهول) وكأنه لم يعرف أنه روي عنه أربعة وهم، محمد بن حرب الخولاني، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وأبو سلمة سليمان بن سليم الكلبي، وإسماعيل بن عياش، والجهالة ترتفع برواية اثنين، وقد عرفه أبو حاتم، ودحيم وقال إنه شيخ من شيوخ حمص، وكذلك ابن حبان؛ وابن حزم يسارع إلى إنكار ما لا يعلم.

1627 - حديث مكحول: "عَنِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بمِثْلِ ذَلِكَ".

يعني مثل حديث عمرو بن شعيب المذكور قبل حديث واثلة، وقد ذكرناه في حديث عمرو بن شعيب. * * * 1628 - حديث مالِكٍ، عن ابن شهَابٍ، عن عُروةَ، عن عَائِشَة في قُصَّةِ سَعد بنْ أبي وَقَّاصٍ مع عبد الله بن زمعة في ابن وليدة أبيه، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -. "هُوَ لَكَ يا عَبْدُ بن زَمْعَة، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بَنْت زَمْعَةَ: احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأىَ مِنْ شَبَهِهِ بِعُتُبَةَ"، قال ابن رشد، متفقٌ على صِحَتِهِ.

1629 - حديث عائشة قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أسَارِيْرُ وَجْهِهِ، فقال: ألمْ تَسْمَعِي مَا قَال مجزِّزٌ المَدْلِجي لِزَيْدِ وأُسَامَةَ وَرَآى أقْدَامَهُمَا فَقَالَ: هَذِهِ الأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة وغيرهم بألفاظ هذا منها.

1630 - حديث: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ". تقدم قريبًا. * * * 1631 - حديث الثوري، عن صالح بن حي، عن الشعبي، عن زيد بن أرقم قال: "كان علي باليمن فأُتِيَ بامْرَأَةٍ وَطئها ثَلَاثَةُ أُنَاسٍ في طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُم أَنْ يُقِرَ لِصَاحِبِهِ بالوَلَدِ، فَأَبَى فَأَقْرَعَ بَيْنَهُم وَقَضَى بَالوَلَدِ لِلَّذِي أصَابَتْهُ القُرْعَة وَجَعَل عَلَيْهِ ثُلُثَي الدِّيَةِ فَرفَعَ ذَلِكَ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْجَبَهُ وَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذَهُ".

كذا قال عن الشعبي، عن زيد بن أرقم، وإنما هو عن الشعبي، عن عبد خير، عن زيد، رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، والمشهور في هذا الباب ما أخبرنا، ثم أخرج من طريق مسدد، ثنا يحيى عن الأجلح، عن الشعبي فقال عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إن ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليًا فذكر الحديث. ومن هذا الطريق رواه أبو داود، والنَّسائى.

ورواه أحمد والنَّسائي، والحاكم، من أوجه أخرى، عن الأجلح به كالذي قبله، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وزاد الحديث تأكيدًا برواية ابن عيينة الأجلح به). وزاد فيه: (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أعلم فيها إلا ما قال علي، ثم أخرجه من طريق الحميدي، عن سفيان). قلت: وكذلك رواه أحمد في "مسنده"، عن سفيان بن عيينة بالزيادة المذكورة ورواه الحاكم في موضع آخر من "المستدرك"، ثم قال: (قد أعرض الشيخان، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، وليس هو في روايته بالمتروك ينقم عليه به مذهبه). يعني التشيع هذا الذي رأيته في "المستدرك" في كتاب الأحكام، وفي كتاب الفضائل، وأقره الذهبي في الموضعين، ونقل عنه ابن التركماني أنه قال:

(الأجلح إنما نقما عليه يعني الشيخين حديثًا واحدًا لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، قال التركماني: فهذا الحديث إذًا صحيح). قلت: ويؤيد صحته أنه رواه جماعة عن الشعبي متابعين فيه للأجلح منهم صالح الهمداني كما سبق، ومنهم أبو إسحاق الشيباني، رواه النَّسائي إلا إنه لم يسم عبد الله بن الخليل بل قال عن الشعبي، عن رجل من حضرموت، عن زيد بن أرقم، ومنهم محمد بن سالم الكوفي ذكره البيهقي، ومنهم سلمة بن كهيل، رواه أبو داود، والنَّسائي، والبيهقي من طريق شعبة عنه إلا أنه قال عن أبي أو ابن الخليل، أن ثلاثة نفر، فذكر القصة، ولم يذكر زيد بن أرقم ولا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال

النَّسائي: (وهذا صواب)؛ وقال البيهقي: هو أصح ما ورد في هذا الباب، وليس كما قال بل هو من التحامل الظاهر؛ ومنهم داود بن يزيد الأودي فإنه رواه عن الشعبي أيضًا بسند آخر عن أبي جحيفة السواءي قال لما كان علي -عليه السلام- باليمن فذكر الحديث وفي آخره فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي، رواه البيهقي ثم قال: (داود بن يزيد الأودي غير محتج به). قلت: لكنه غير متهم، ولا منكر الحديث بل هو صدوق في نفسه، فهو صالح في المتابعات، ومع هذه الطرق المتعددة لا ينكر ثبوت الحديث إلا متحامل صاحب غرض. * * * 1632 - حديث: "أَيُّما دَارٍ أَو أرْضٍ قُسِّمَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الجَاهِلِيَّة وأيُّما دَارٍ أَو أرْضٍ أدْرَكَها الإِسْلَامُ وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلَامِ".

تقدم في القسمة. * * * 1633 - حديث عطاء: "أَنَّ رَجُلًا أَسْلَم عَلَى مِيْرَاثٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أن يَقسِم، فَأَعْطَاه رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيْبَهُ". لم أقف عليه ولعله عند ابن عبد البر، وقد قال سعيد بن منصور في سننه، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عطاء قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كل ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية، وما أدرك الإسلام من ميراث فهو على قسمة الإِسلام.

1634 - قوله: (فَلمّا ثَبُتَ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدَيثِ بُريْرةُ، إنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ). متفق عليه من حديث عائشة وقد تقدم.

1635 - حديث: "الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ". محمد بن الحسن في "كتاب الولاء"، والشافعي في "مسنده"، عنه، وابن حبان، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم، والبيهقي، ومحمد بن المظفر في "مسند أبي حنيفة"، وغيرهم من حديث ابن عمر بزيادة لا يباع ولا يوهب؛ وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد)، فقال الذهبي: بالدبوس إشارة إلى ما قيل من أن الصواب فيه عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمران أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء، وعن هبته كما قاله أكثر الرواة ولكن رجال هذا أيضًا ثقات فلا مانع أن يكون عند عبد الله بن دينار، عن ابن عمر على الوجهين وقد ورد بهذا اللفظ من حديث جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن أبي أوفى، قال ابن جرير في "تهذيب الآثار"، حدثني موسى بن سهل الرملي، ثنا محمد بن عيسى الطباع، ثنا عبثر بن القاسم، عن

إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب وهو سند صحيح. وقد رواه ابن عدي في "الكامل"، والطبراني في "الكبير"، من طريق عبيد بن القاسم، عن إسماعيل بن أبي خالد به وعبيد بن القاسم كان كذابًا، وبه أعله ابن عدي، فأورده في ترجمته، ولعله تحرف عن عبيد بن القاسم [الثقة] (*) كما أنه يجوز أن يكون عُبَيْد تحرَّف عن [عَبْثَر] (**) فكلاهما يروي عن إسماعيل بن أبي خالد. وقد جمع الحافظ في عَزْوِهِ هذا الحديث بين طريق الطبري والطبراني، وقال ظاهر إسناده الصحة، فلعله راعى هذا المعنى، وغلب إسناد الطبري على الطبراني، إن لم يكن وقع عند الطبراني أيضًا، عن عبثر بن القاسم وكيفما كان فللحديث طريق آخر ليس فيه واحد منهما؛ قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو أحمد علي بن محمد بن جبلة، ثنا يحيى بن هاشم السمسار، ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لحمة كلحمة النسب، وعن أبي نعيم رواه الخطيب في "التاريخ". ومنهم علي بن أبي طالب رواه البيهقي، من طريق الحسن بن سفيان، ولعله في مسنده قال: حدثنا عباس بن الوليد النرسي، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح،

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (التعة)، ولعل الصواب ما أثبتُّه، والله أعلم (**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (عبيد)، ولعل اصواب ما أثبتُّه، وعبثر بن القاسم، يروي عن إسماعيل بن أبي خالد، وسبق في إسناد الطبري في "تهذيب الآثار"

عن مجاهد، عن علي -عليه السلام-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الولاء بمنزلة النسب لا يباع ولا يوهب أقره حيث جعله الله، وهذا سند صحيح أيضًا، إلا أن الشافعي رواه عن سفيان فأوقفه على علي بهذا الإِسناد، وقال في متنه: الولاء بمنزلة الحلف أقره حيث جعله الله، والحكم للرافع لأن مع زيادة ومنهم أبو هريرة رواه ابن عدي في "الكامل" بسند ضعيف؛ قال البيهقي: (وروى في ذلك عن عبد الله بن نافع بإسنادين وَهَّمَ فيهما، واختُلف عليه فيهما، عن يحيى بن أبي أنيسة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا، وليس للزهري فيه أصل ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف بمرة، وإنما يروي هذا اللفظ مرسلًا). قلت: المرسل خرَّجه هو أيضًا، من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب. وفي الباب أيضًا عن ابن عباس قال: قال ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الولاء ليس بمنتقل، ولا بمتحول، رواه البزار، والطبراني، وفيه المغيرة بن جميل وهو ضعيف

لكن له طريق آخر أخرجه الدولابي في "الكنى" من طريق سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الولاء ليس يحول ولا ينقل. * * * 1636 - حديث: "إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَن أعْنَقَ". تقدم.

1637 - حديث نعيم الداري قال: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المُشْرِكِ يُسْلِمُ بَيْنَ يَدَي مُسْلِم فَقَال: "هُوَ أَحَقُّ الناسِ وَأوْلَاهُم بِحَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ". عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وأحمد، والدارمي، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز، وابن أبي حاتم في العلل، ويعقوب بن سفيان في "التاريخ" وأبو يعلى، والطبراني،

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب في "التاريخ" من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن موهب عن قَبِيْصَةَ بن ذُؤيب، عن تميم الداري به، وصححه الحاكم وغيره، وحسنه أبو زرعة الدمشقي، وتكلم فيه آخرون، وذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا بصيغة التمريض فقال: (ويذكر عن تميم الداري رفعه قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته، واختلفوا في صحة هذا الخبر)؛ وقال في "تاريخه" لا يصح لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما الولاء لمن أعتق فأعرض عن السند ونظر إلى المعنى مع خطأٍ في الاستدلال فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - إنما الولاء لمن أعتق لا يعارض هذا لأنه خرَجَ مَخْرَج الرد على من أراد أن يبيع بريرة ويجعل ولاءها له فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما الولاء لمن أعتق لا لمن باع واشترط الولاء لأنه شرط باطل، وغير صورة البيع والعتق مسكوت عنها وقد جاء هذا الحديث ببيان صورة أخرى من صور الولاء، وهي من أسلم على يدي رجل فله ولاؤه وقد ضعفه آخرون من جهة الإِسناد. فقال الشافعي: (هذا الحديث ليس بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن ابن موهب، عن تميم الداري؛ وابن موهب ليس بمعروف عندنا، ولا

نعلمه لقي تميمًا، ومثل هذا لا يثبت لأنه من قبل مجهول، ولا أعلمه متصلًا). وقال يعقوب بن سفيان: (هذا خطأ ابن موهب، لم يسمع من تميم، ولا لحِقهُ). وقال الخطابي: (قد ضعف أحمد بن حنبل هذا الحديث، وقال: إن راويه عبد العزيز ليس من أهل الحفظ والإِتقان. وقال ابن المنذر لم يروه غير عبد العزيز بن عمر وهو شيخ ليس من أهل الحفظ، وقد اضطربت روايته فيه). وقال ابن القطان: علة الحديث الجهل بحال عبد الله بن موهب فإنه لا يعرف حاله وكان قاضي فلسطين، ولم يعرفه ابن معين وقد اختلفوا فيه على عبد العزيز، فرواه الترمذي من حديث أسامة، وابن نمير، ووكيع عنه، عن عبد الله بن موهب، عن تميم، ورواه يحيى بن حمزة عنه، فأدخل بينهما قبيصة بن ذؤيب وهو الأصوب، وعبد العزيز ليس به بأس، والحديث من أجل عبد الله بن موهب هذا لا يصح، وقال البيهقي في مناقب الشافعي: (قد صرَّح بعض الرواة فيه بسماع ابن موهب من تميم، وضعف ذلك البخاري، وأدْخَل بعضهم بينه وبين تميم قبيصة وهو أيضًا ضعيف اهـ).

هذا كل من ضعفوا هذا الحديث. وقد انحصر في كون عبد الله بن موهب مجهولًا، وكونه لم يلق تميمًا، وكَوْنِ عبد العزيز بن عمر ليس من أهل الحفظ وإنهم اختلفوا عليه فيه وأنه تفرد به فلا يعرف إلا عنه وأن قبيصة بن ذؤيب الذي اتصل به الحديث ضعيف وكل هذا باطل. أما عبد الله بن موهب، فهو معروف روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز والزهري، وابنه يزيد بن عبد الله بن موهب، وعبد الملك بن أبي جميلة، وعمرو بن مهاجر، وغيرهم، وروى هو عن تميم الداري، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس، وأبي هريرة، ومعاوية وقبيصة بن ذؤيب، فهو معروف بالعلم أخذًا وأداءً واحتج به أصحاب السنن الأربعة. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة؛ وقال العجلي: شامي ثقة أمينًا فقد عرف عينًا وحالًا بالعلم والثقة والعدالة، وفي شيوخ الشافعي وأسانيد حديثه التي احتج بها هو وأصحابه كالبيهقي من هو دون هذا بمراحل بل الضعفاء والمتروكون بالإِجماع أمَّا هذا فلم يتكلم فيه أحد بسوء أصلًا، ولا ضعفه أحد قط؛ وأما كونه لم يلق تميمًا فلا دليل علي ذلك ولا هو متفق عليه، إنما هو قول استنبطه من قاله من روايته مرة أخرى للحديث، عن قبيصة بن ذويب، عن تميم، وذلك غير قاطع في الحُكم بأنه لم يسمع منه لاحتمال أن تكون روايته، عن قبيصة من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، وقد قال جماعة من كبار الحفاظ، عن عبد الله بن موهب قال: سمعت تميمًا هكذا صرَّح بالسماع وكيع في روايته عن عبد العزيز بن عمر عنه أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجة. وكذلك قال علي بن عباس، وعبد الرحمن بن سليمان، ومحمد بن ربيعة الكلابي،

أخرج روايتهم الدارقطني. وكذلك قال أبو نعيم الفضل، أخرج روايته أحمد، والدارمي، ويعقوب بن سفيان، والبيهقي، ورجحها أبو حاتم فقد قال ابنه في "العلل": سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة، عن عبد العزيز بن عمر، عن ابن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل يُسْلِم على يدي الرجل قال أبي: ثنا أبو نعيم، عن عبد العزيز، عن ابن موهب قال: سمعت تميم الدارمي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبي: أبو نعيم أحفظ وأتقن؛ قلت لأبي: يحيى بن حمزة، أفهم بأهل بلده؛ قال أبو نعيم: في كل شيء أحفظ وأتقن؛ فهذا أبو حاتم وهو من هو يرجح سماع ابن موهب من تميم مع أنه لا يعتمد إلا على رواية أبي نعيم، فكيف وقد وافقه على التصريح بالسماع وكيع، وهو لا يقل عنه حفظًا وإتقانًا، وكذلك الثلاثة الباقون أضف إليهم رواية جماعة كلهم قالوا عن عبد الله بن موهب، عن تميم؛ منهم أبو أسامة، وابن نمير عند الترمذي وعبد الله بن داود عند النَّسائي في "الكبرى"، وإسحاق بن يوسف الأزرق عند أحمد؛ وابن المبارك عند عبد الرزاق، وحفص بن غياث عند الطبراني؛ وبشر بن عبد الله بن عمر عند الخطيب؛ وإسماعيل بن عياش، وعلي بن مسهر كلاهما عند الدارقطني، فهؤلاء كلهم قالوا: عن ابن موهب، عن

تميم، والأصل في العنعنة السماع والإِتصال، إلا إذا ثبت التدليس وأيد هذه العنعنة تصريح الخمسة المارين بالسماع، والتاريخ يساعد على ذلك ولا يأباه، فتميم الداري توفي سنة أربعين، وعبد الله بن موهب كان قاضيًا في أواخر المائة فإذا عمر ثمانين أو خمسًا وسبعين يكون قد أدرك من حياة تميم الداري عشرين سنة أو خمس عشرة على أقل تقدير، وقد صححوا رواية من روى وهو ابن سبع سنين فأقل، سَلَّمنا انقطاع هذه الطريق، والحكم بالخطأ على أبي نعيم ووكيع ومن وافقهما في التصريح بالسماع، فعندنا طريق متصلة بلا نزاع وذلك أن يحيى بن حمزة زاد بين عبد الله بن موهب قبيصة بن ذؤيب عن تميم. كذلك أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز، ويعقوب بن سفيان في "التاريخ"، والطبراني في "الكبير"، والحاكم في المستدرك"، والبيهقي كلهم من طريق يحيى بن حمزة، ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز، عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري، قال: يا رسول الله ما السُّنَّةُ في الرجل الكافر يُسْلِمُ على يدي المسلم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو أولى الناس به حياته ومماته زاد الباغندي، قال عبد العزيز بن عمر؛ وشهدت عمر بن عبد العزيز قضى بذلك في رجل أسلم على يدي رجل فمات وترك مالًا وابنة فأعطى عمر ابنته النصف. والذي أسلم على يديه النصف، فهذا سند متصل رجاله كلهم رجال الصحيحين إلا عبد

الله بن موهب وهو ثقة أيضًا كما قدمنا فالحديث على شرط الصحيح باتفاق الأقوال والاصطلاحات في تعريف الصحيح. وأمَّا عبد العزيز بن عمر فهو من رجال الصحيحين، احتج به البخاري ومسلم، ووثقه ابن معين وأبو داود والنَّسائي، ويعقوب بن سفيان، وأبو حاتم، وأبو زرعة وابن حبان على اختلاف عباراتهم في ذلك، وقال هشام بن عمار: هو ثقة ليس بين الناس اختلاف، وكونه ليس من أهل الحفظ كما قال أحمد إن صح ذلك عنه فبعيد عن تعليل الحديث به، لأن قلة الحفظ ليست بجرح إذا لم يصحب ذلك خلط وتخليط في الأسانيد والمتون وذلك مدفوع عنه، وليس في هذا الحديث ما يحتاج إلى شدة حفظ وإتقان فإن قليل المعنى والكلمات ومع ذلك مما يلزم الشيخين في الأحاديث التي صححها له يلزم هذا أيضًا. وأمَّا كونهم اختلفوا عليه فيه فمدفوع بعدم وقوع الاختلاف المذكور، فإن الحديث لم يرو عنه إلا على وجهين: أما بزيادة قبيصة بن ذؤيب وأما بعدم ذكره وإرسال الحديث، وهذا لا يسمى اختلافًا وإلا فأحاديث الزهري ومالك وأمثالهما كلها مختلفة ليس فيها الصحيح إلا ما هو أقل من القليل إذ لا يكاد يوجد حديث لم يرسله مالك أو الزهري مرة ويوصلانه مرة أخرى؛ وقد أجاب أبو زرعة الدمشقي عن هذا فقال: نرى والله أعلم أن عبد العزيز حدث يحيى بن حمزة من كتابه فذكر له الإِسناد كاملًا، وحدثهم بالعراق من حفظه فأسقط ذكر قَبِيْصَة. قال أبو زرعة: وهذا حديث حسن متصل لم أر أحدًا من أهل العلم يدفعه. وأما كون لا يعرف إلا عنه فعلته أسقط من أن يشتغل بردها فإن الآف الأحاديث الصحيحة إنفرد بها رواتها، والعمدة إنما هي على العدالة والثقة فمتى كان الراوي عدلًا ثقة فلا يضر أن لا يشاركه في الحديث غيره ومع ذلك فلم ينفرد الحديث بل تابعه

عليه أبو إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن موهب، عن تميم، أخرجه النَّسائي في "الكبرى"، والحاكم والبيهقي، من رواية يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وصححه الحاكم على شرط مسلم، إلا أنه وقع عنده وعند النَّسائي عبد الله بن موهب، وهو تحريف من أحد الرواة قبل يونس. وأمَّا كون قَبِيْصَةَ بن ذُؤيب ضعيفًا كما قال البيهقي فما أدري كيف صدر هذا من البيهقي، ولا أين كان عقله حين سطر هذا الباطل بيده، فقبيصة ثقة بالإِجماع، بل هو صحابي على بعض الأقوال والتصاريف للصحابي، لأنه وُلد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وأتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدعو له بالبركة، وأثنى الناس عليه، ووصفوه بالعلم والفقه والعدالة والثقة، واحتج به البخاري ومسلم ولم يغمز أحد بكلمة حتى حمل التعصب البيهقي على أن يقول فيه ضعيف. * * * 1638 - قوله: (وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّه لَا يَجُوزُ بَيْعُ الوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ لِثُبُوتِ نَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ).

مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة من حديث ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء وعن هبته.

55 - كتاب العتق

55 - كتاب العتق

1639 - حديث عمران بن حصين: "أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ".

تقدم في القسمة. * * * 1640 - حديث ابن عمر: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَال يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ، قُوَّمَ عَلَيْهِ قِيْمَةَ العَدْل، فَأعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وإلَّا فَقَدْ عَتَقَ

مِنْهُ مَا عَتَقَ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم. * * * 1641 - حديث أبي هريرة: "مَنْ أعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَخَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ

مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي.

1642 - قوله: (فَمِمَّا وَهَنتْ بِهِ الكُوفية، حَدِيثُ ابن عمر، أن بَعْضَ روَاتِهِ شَكَّ في الزِّيَاَدةِ المُعَارِضَةِ فِيْهِ لِحَدِيْثِ أيي هُرَيْرَةَ وهي قوله: "وإلَّا فَقَد عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ" هَلْ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - أوْ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وإِنَّ فِي ألْفَاظِهِ أيْضًا بَيْنَ رُوَاتِهِ اضْطِرَابًا). قلت: بيان ذلك أن الحديث رواه نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه عن نافع، مالك، وجرير بن حازم، وعبيد الله بن عمر، وإسماعيل بن أمية كلهم ذكروه بالزيادة المذكورة في المعسر وهي قوله وإلا فقد عتق منه ما عتق. خرَّج رواية مالك، أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والبيهقي.

وخرَّج رواية جرير بن حازم، أحمد، والبخاري، ومسلم، والبيهقي. وخرَّج رواية عبيد الله بن عمر، أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي. وخرَّج رواية إسماعيل بن أمية الدارقطني. ورواه الليث بن سعد وجويرية بن أسماء وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وابن أبي ذئب، وصخر بن جويرية، والزهري وأسامة بن زيد، وهشام بن سعد، كلهم عن نافع بدون تلك الزيادة.

خرَّج رواية الليث أحمد، ومسلم، والبيهقي. وخرَّج رواية جُوَيرِيةُ، البخاري، والبيهقي. وخرَّج رواية موسى بن عقبة البخاري، والبيهقي أيضًا. وخرَّج رواية ابن إسحاق، الطحاوي في "معاني الآثار". وخرَّج رواية ابن أبي ذئب، مسلم، والطحاوي، والبيهقي. وخرَّج رواية صخر بن جويرية الطحاوي، والدارقطني. وخرَّج رواية الزهري، الدارقطني.

وخرَّج رواية أسامة بن زيد، مسلم، والبيهقي. وخرَّج رواية هشام بن سعد، البيهقي؛ ثم إن اثنين ممن روياه بالزيادة المذكورة، رُوِيَ عنهما أيضًا بدونها، وهما إسماعيل بن أمية رواه عبد الرزاق، ومسلم، من طريق ابن جريج عنه، عن نافع بدون الزيادة. ورواه الدارقطني من طريق يحيى بن أيوب، عنه بإثباتها كما سبق. والثاني عبيد الله بن عمر رواه أحمد، والبخاري من طريقه مختصرًا أيضًا بدونها؛ لكن قال الحافظ: (والذين أثبتوها حفاظ فإثباتها عن عبيد الله مقدم اهـ). ورواه أيوب، ويحيى بن سعيد، عن نافع وشكا في كونها مرفوعة أو مقطوعة من قول نافع:

فأمَّا رواية أيوب، فَخَرَّجَها أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي فأحمد عن إسماعيل بن إبراهيم، عنه، عن نافع بالحديث، وفيه قال أيوب كان نافع ربما قال في هذا الحديث وربما لم يقله، فلا أدري أهو في الحديث أو قاله نافع من قبله يعني قوله فقد عتق منه ما عتق. وكذلك رواه الترمذي من طريق إسماعيل؛ ورواه البخاري من طريق عبد الوارث، ومن طريق حماد بن زيد عنه، ورواه مسلم، وأبو داود، من طريق إسماعيل وحماد عنه.

وأمَّا رواية يحيى بن سعيد، فخرجها مسلم، والبيهقي، من رواية عبد الوهاب الثقفي عنه، عن نافع به وفيه: وكان نافع يقول: قال يحيى: لا أدري شيئًا من قبله كان يقوله أم هو شيء في الحديث فإن لم يكن عنده فقد جاز ما صنع لفظ البيهقي؛ وجمع مسلم بين لفظه ولفظ أيوب. (وقد رجح جماعة رواية من أثبتَ هذه الزيادة مرفوعة). قال الشافعي: (لا أحسب عالمًا بالحديث ورواته يشك في أن مالكًا أحفظ لحديث نافع من أيوب، لأنه كان ألزم له من أيوب، ولمالك فضل حفظ لحديث أصحابه خاصة ولو استويا في الحفظ فشك أحدهما في شيء لم يشك فيه صاحبه لم يكن في هذا الموضع لأن يغلط به الذي لم يشك، إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو يأتي بشيء في الحديث يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ منه، هم عدد وهو منفرد، وقد وافق مالكًا في زيادة: وإلا فقد عتق منه ما عتق؛ غيره من الرواة وزاد فيه بعضهم: وَرَقَّ منه مَا رَقَّ)، قال البيهقي: (فأيوب كان يشك في الحديث، ومالك بن أنس أثبته في الحديث، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالحكم له دونه. أما حفظ مالك فهو عند جماعة أهل الحديث كما قال الشافعي)؛ ثم اسند عن علي بن المديني قال: (كان عبد الرحمن بن مهدي قال: لا يقدم على مالك أحدًا)، وعن عثمان

الدارمي قال: (قلت ليحيى بن معين: مالك أحب إليك في نافع أو عبيد الله بن عمر قال: مالك، قلت: فأيوب السختياني؟ قال مالك)؛ وغير هذا من ثنائهم على مالك. * * * 1643 - قوله: (وَمِمَّا وَهَّنَ بِهِ المَالِكَيُّونَ حَديث أبي هُرَيْرَة، أَنَّهُ اخْتَلَفَ أصْحَابُ قَتَادَةَ فِيْهِ عَلَى قَتَادَةَ فِي ذِكْرِ السّعَايَة). الحديث رواه قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن قتادة رواه سعيد بن أبي عروبة، وجرير بن حازم، وحجاج بن حجاج، وأبان بن يزيد العطار، وحجاج بن أرطأة، وموسى بن خلف ويحيى بن صبيح، كلهم قالوا عن قتادة: فإن لم يكن له مال قُوَّم المملوك قيمة عدل، ثم استسعى غير مشقوق عليه.

خرَّج رواية سعيد بن أبي عروبة، أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي. وخرَّج رواية جرير بن حازم، البخاري، ومسلم، والطحاوي،

والدارقطني، والبيهقي. ورواية حجاج بن حجاج هي في نسخته. ورواية أبان العطار خرجها أبو داود، والطحاوي. ورواية موسى بن خلف، خرجها الخطيب في كتاب "الفصل والوصل للمدرج في النقل". ورواية يحيى بن صبيح خرَّجها الطحاوي في "معاني الآثار"، وخالفهم شعبة، وهشام الدستوائي، فلم يذكرا هذه الزيادة، عن قتادة، بل قال بالإِسناد عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المملوك بين الرجلين فيعتق أحدهما قال: يضمن لفظ شعبة؛ ولفظ هشام: من أعتق نصيبًا له في مملوك عتق من ماله إن كان له مال.

خرَّج رواية شعبة، أبو داود الطيالسي، وأحمد ومسلم، وأبو داود، والدارقطني، والبيهقي. وخرَّج رواية هشام، أحمد، وأبو داود والدارقطني، والبيهقي، ورواه همام، عن قتادة، واختلف قوله فيه، فرواه محمد بن كثير، عنه، عن قتادة بسنده، عن أبي هريرة: أن رجلًا أعتق شقيصًا له من غلام فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - عتقه وغرمه بقية ثمنه، رواه أبو داود. ورواه عبد الله بن يزيد المقري، عن همام، فذكر فيه السعاية لكنه فصلها من المرفوع وجعلها مدرجة من قول قتادة ولفظه كالذي قبله إلى قوله: وغرمه بقية ثمنه، وزاد قال قتادة: إن لم يكن له مال استسعى العبد غيرَ مشقوق عليه، رواه

الدارقطني، والبيهقي وجماعة وقال الدارقطني: (سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام وضبطه وفصل بين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقول قتادة). قال البيهقي: (وفيما بلغني عن أبي سليمان الخطابي، عن الحسن بن يحيى، عن ابن المنذر صاحب الخلافيات قال: هذا الكلام من فُتيا قتادة ليس من متن الحديث؛ ثم ذكر حديث همام ثم قال: فقد أخبر همام أن ذكر السعاية من قول قتادة، وألحق سعيد بن أبي عروبة الذي ميزه همام من قول قتادة فجعله متصلًا بالحديث)؛ وقال ابن حزم في "المحلى". (صدق همام قاله قتادة مفتيًا بما روى، وصدق ابن أبي عروبة، وجرير، وإبان بن موسى وغيرهم فأسندوه عن قتادة)؛ وقال ابن دقيق العيد: (الذين لم يقولوا في الاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعليلات لا تصير على النقد ولا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث يرد عليهم فيها مثل تلك التعليلات). وقال الحافظ في "الفتح"، (بعد أن عزا رواية همام للإسماعيلي، وابن المنذر، والدارقطني، والخطابي، والحاكم في "علوم الحديث"، والبيهقي،

والخطيب في "الفصل والوصل": هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج، وأبى ذلك آخرون منهم صاحبا الصحيح، مصححًا كون الجميع مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته إياه، وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهشام وشعبة، وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لا ينافيان ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، وسعيد لم ينفرد، وقد قال النَّسائي: سعيد أثبت في قتادة من همام، وما أعلَّ به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرَّد به مردود لأنه في الصحيحين، وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كزيد بن زريع ووافقه عليه أربعة تقدم ذكرهم وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم). قلت: قد ذكرت منهم ستة قال: (وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه فإنه جعله واقعة عين. وهم جعلوه حكمًا عامًا فدل على أنه لم يضبطه كما ينبغي، والعجب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همام جعله من قوله قتادة، ولم يطعن فيما يدل على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر وإلا فقد عتق منه ما عتق بكون أيوب جعله من قول نافع كما تقدم ففصل قول نافع من الحديث وميَّزه كما صنع همام سواء، فلم يجعلوه مدرجًا كما جعلوا حديث همام مدرجًا، مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك، وهمام لم يوافقه أحد، وقد جزم بكون حديث نافع مدرجًا محمد بن وضاح وآخرون، والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعًا وِفَاقًا لعمل صاحبي الصحيح).

قال ابن دقيق العيد: (حسبك بما اتفق عليه الشيخان فإِنه أعلا درجات الصحيح)، وقد أطال الحافظ وأراد في نصره الحق وإبطال ما أتى به المتعصبون لأهوائهم من الباطل، بحيث لو سلك هذا المسلك في جميع بحوثه المتعلقة بالأحاديث التي اختلفت فيها الأنظار من الأئمة ومقلديهم لأتى بما يكون الفاصل في كل ذلك لما له من الحفظ وسعة الاطلاع، ولكنه قلما يفعل ذلك، والكمال لله تعالى: * * * 1644 - حديث: "قُوَمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ العدل". تقدم.

1645 - قوله: (وَسَقَطَ العُسْرُ في بَعْضِ الرَّوَايَاتِ في حَدِيثِ ابن عُمر). تقدم ذلك وهي رواية من لم يقل: وإلا فقد عتق منه ما عتق.

1646 - حديث إسماعيل بن أميةَ، عن أَبِيْهِ، عن جَدِّهِ: "أنَّهُ أعْتَقَ نِصَفَ عَبْدِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِتْقهُ". عبد الرزاق، وأحمد، والبيهقي، من طريق عمر بن حوشب، حدثني إسماعيل بن أمية، عن أبيه، عن جده قال: كان لهم غلام يقال له طهمان أو ذكوان فأعتق جده نصفه فجاء العبد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تعتق في عتقك، وترق في رقك، فكان يخدم سيده حتى مات، قال البيهقي: (تفرد به عمر بن حوشب، وإسماعيل هو ابن أمية ابن عمرو بن سعيد بن العاص، وعمرو بن سعيد له صحبه). قلت: والمراد عمرو بن سعيد الأصفر الملقب بالأشرف، وقد قيل أن له رؤية؛ أمَّا عمرو بن سعيد بن العاص الأكبر فهو صحابي متفق على صحبته بل من قدماء الصحابة -رضي الله عنهم-، فلا يشتبه عليك كلام البيهقي من أجل عدم التفرقة بينهما. * * * 1647 - حديث أبي المليح، عن أبيه: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ هُذَيلٍ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ

فَتَمَّمَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عِتْقَهُ وَقَال: لَيْسَ للهِ شَريْكٌ"، قال ابن رشد: خرَّجه النَّسائي، وأبو داود. قلت: هو كذلك، ولكن النَّسائي خرَّجه في "الكبرى" لا في "الصغرى" الذي هو أحد الكتب الستة، وهو المراد عند الإطلاق، إلا أن ابن رشد كان قبل وجود هذا الاصطلاح الذي حدث في زمانه، ولم يشتهر إلا بعده، والحديث خرجه أيضًا أحمد والبيهقي، وعزاه الحافظ المنذري في "تلخيص السنن" لابن ماجه ولم أره فيه وهو

من رواية قتادة، عن أبي المليح، قال النَّسائي (أرسله سعيد بن أبي عروبة، وهشام عن قتادة، عن أبي سليم، أن رجلًا وساقه، كذلك عنهما مرسلًا قال: وهشام وسعيد أثبت من همام في قتادة وحديثهما أولى بالصواب كذا قال). وقال الحافظ عن الموصول (إسناده قوي)، وأخرجه أحمد بسند حسن من حديث سمرة أنَّ رجلًا أعتق شقصًا له في مملوك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو حر كله فليس لله شريك. * * * 1648 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "أنَّ زِنْبَاعًا وَجَدَ غُلَامًا لَهُ مَعَ جَارِيَة، فَقَطع ذَكَرَهُ وَجَدَعَ أَنْفَه فَأَتَى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَا حَمَلَكَ عَلى ما فَعَلْتَ، فقال: فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذْهبْ فَأنْتَ حُرٌّ". عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبزار

والطبراني، والبيهقي، من طرق وبألفاظ مطولًا ومختصرًا، وهو عند البيهقي من طريق ابن وهب، عن يحيى، بن أيوب، عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب به مطولًا وسمي العبد سندرا أو ابن سندر، ثم قال البيهقي: (المثنى بن الصباح ضعيف لا يحتج به، وقد روى عن الحجاج بن أرطأة، عن عمرو مختصرًا، ولا يحتج به، وروى عن سوار أبي حمزة عن عمرو وليس بالقوي). قلت: له طريق رابعة صحيحه، رواها عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به مطولًا، وعن عبد الرزاق رواه أحمد في "المسند"، وهذا سند على شرط الشيخين كما ترى إلى عمرو بن شعيب، وأما نسخة عمرو بن شعيب فالحال فيها معروف، ورواية حجاج بن أرطأة التي أشار إليها البيهقي خرجها أحمد في "المسند" عن معمر بن سليمان، عنه، عن عمرو بن شعيب، وسمى العبد سندرا أيضًا، ورواية أبي حمزة خرجها أبو داود، وابن ماجه. وقد ورد من وجه آخر من حديث زنباع بن سلامة نفسه أنه قَدِم على النبي - صلى الله عليه وسلم -

وقد أخصى غلامًا له فأعتقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمثله، رواه ابن أبي شيبة وابن ماجه، من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن سلمة بن روح بن زنباع، عن جده به، وإسحاق بن أبي فروة فيه مقال. * * * 1649 - حديث ابن عمر: "مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتهُ عِتْقُهُ". أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" ومسلم، وأبو داود، وأبو نعيم في "مسند فراس" وفي لفظ للبخاري، ومسلم، من لطم عبده أو

ضربه حدًا لم يأته فكفارته عتقه. ورواه الدينوري في "المجالسة" بزيادة، ولفظه، ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا إسحاق الأزرق، ثنا المغيرة بن مسلم، عن هشام عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لطم وجه عبده: فإِن كفارته عتقه، ومن ملك لسانه ستر الله عورته، ومن كف غضبه وقاه الله عذابه ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره. وبهذا اللفظ رواه أبو الليث السمرقندي في "تنبيه الغافلين" فقال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن حمدان، ثنا الحسين بن علي الطوسي، ثنا محمد بن حسان، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن مسلم به. ورواه الخطيب، من حديث ابن عباس بزيادة أخرى، فأخرج في التاريخ من طريق أبي إسحاق محمد بن هارون الهاشمي، ثنا حميد بن الصباح مولى المنصور

حدثني أبي قال: أراد المنصور أن يزرع الكرخ، فقال لي: احمل الذارع معك؛ فخرج وخرجت معه، ونسيت أن أحمل الذراع، فلما صرنا بباب الشرقية قال لي: أين الذراع؟ فدهشت وقلت: أُنسيته يا أمير المؤمنين، فضربني بالمقرعة، فشجني، وسال الدم على وجهي فلما رآني قال أنت حر لوجه الله، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ضرب عبده في غير حده حتى يسيل دمه، فكفارته عتقه. * * * 1650 - حديث: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ"، قال ابن

رُشْد: خَرَّجَهُ مُسلم، والترمذي، وأبو دَاودٍ. قلت: هو كما قال، وأخرجه أيضًا أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد"، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار" وفي "المشكل" أيضًا، وأبو نعيم في "الحلية" وفي "تاريخ أصبهان" والخطيب في "التاريخ" كلهم من حديث أبي هريرة، زاد بعضهم في آخره ومن كان مصليًا بعد الجمعة فليصل أربعًا.

1651 - حديث قَتَادَةَ، عن الحَسَنِ، عن سُمَرةَ، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ". أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه،

وابن الجارود والطحاوي، والبيهقي، من رواية حماد بن سلمة، عن قتادة، وبعضهم يقول عن عاصم الأحول وقتادة معًا، منهم الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وغيره وأعلَّ الحديث بما لا يساوي سماعه. وله طريق آخر صحيح أيضًا من حديث ابن عمر، أخرجه النَّسائي في "الكبرى" وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والطبراني،

والحاكم، والبيهقي، من طريق ضمرة بن ربيعة، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وبعضهم كالطبراني وابن الجارود، والبيهقي، قالوا: من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا ضمرة وذكره الترمذي معلقًا ثم قال: (ولا يتابع ضمرة بن ربيعة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث). وقال النَّسائي: (هذا حديث منكر ولا نعلم أحدًا، رواه عن سفيان غير ضمرة بن ربيعة الرملي). أما الحاكم فقال: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وأقره

الذهبي، وهو الحق الذي لا ينبغي أن تحوم حوله شبهة، لأن ضمرة ثقة وفوق الثقة لم يكن رجل يشبهه بالشام كما قال أحمد، وابن مسعود وغيرهما، وعبارة ابن سعد: كان ثقة مأمونًا لم يكن هناك أفضل منه، ووثقه آخرون وأثنوا عليه وكونه انفرد به علةٌ يتعلق بها أهل الحديث فيما يريدون رده من الحديث بدون ورع ولا خجل لا من الله ولا من الناس فهم مجمعون على صحة الحديث الذي ينفرد به الثقة، وهم أول من يصيح في وجه من يرد الحديث بهذه العلة الفارغة إذا كان لهم به غرض أو ليس لهم غرض في رده على الأقل. وقال ابن حزم: (هذا خبر صحيح تقوم به الحجة، كل رواته ثقات، وإذا انفرد به ضمرة كان ماذا، أو دعوى انه أخطأ فيه باطل لأنها دعوى بلا برهان). وقال عبد الحق في "الأحكام": (ضمرة ثقة، والحديث صحيح إذا أسنده ثقة، ولا يضره انفراده به، ولا إرسال من أرسله، ولا وقف من وقفه؛ وأقره ابن القطان فقال: وهذا هو الصواب لو نظرنا الأحاديث لم نجد منها ما روي متصلًا ولم يرو

من وجه آخر منقطعًا أو مرسلًا أو موقوفًا إلا القليل، وذلك لاشتهار الحديث وانتقاله على ألسنة الناس قال: فجعل ذلك علة في الإِخبار لا معنى له). قلت: وإنما تعرضنا لهذا لأن الحديث روي عن الحسن مرسلًا، وروي عن قتادة عن عمر موقوفًا وعن عمر من طرق أخرى أيضًا فكان ذلك مما تعلقوا به في تعليله حيث لم يقل به من قلدوه، ولو كان ذلك علة، لكانت أحاديث مالك، والثوري، وابن المبارك، وأمثالهم من الأقدمين كلها مردودة إذ لا يكاد يوجد حديث لهؤلاء تقريبًا مرفوعًا موصولًا إلا ويوجد عنهم مرسلًا أو موقوفًا، والأعجب من ذلك أن المرسل والموقوف يوجد في كتبهم كالموطأ، وجامع سفيان، ومصنفات ابن المبارك، والمرفوع الموصول يوجد عنهم خارج مصنفاتهم مما كان الواجب يقضي أن يكون الصحيح هو ما في كتبهم وانعقد إجماعهم على صحة تلك الأحاديث، فلم كان هذا على خلاف ذلك لاسيما وقد ورد مرفوعًا من طريقين كل منهما يشهد للآخر، وكل منهما رجاله ثقات رجال الصحيح، بل ورد من طريقين آخرين من حديث علي وعائشة. أمَّا حديث علي: فقال أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج أخبرنا الحسن بن

سفيان، ثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، ثنا سويد بن عبد العزيز، ثنا عمرو بن خالد، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العذرة وقال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر. وأما حديث عائشة: فذكره بعض الحفاظ دون أن يسوق متنه، وإنما قال: روي من حديث عائشة بسند ضعيف ولم أقف عليه الآن. * * * 1652 - حديث عمران بن حُصَيْن: "أنَّ رَجُلًا أعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ".

الحديث تقدم مرارًا وهو في القسمة. * * * 1653 - حديث ابن عمر: "مَنْ أعْتَقَ عَبْدًا فَمَالُهُ لَهُ إلَّا أن يَشْتَرِطَ السَّيَّدُ مالَهُ". أبو داود، والنسائي، في "الكبرى"، وابن ماجه، من حديث بكير بن

الأشج، عن نافع، عن ابن عمر به وسنده صحيح.

1654 - حديث: "لَا عِتْقَ فِيْمَا لَا يَمْلِكُ ابنُ آدَمَ". تقدم عزوه مبسوطًا في الطلاق من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن

جده مرفوعًا: لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتق فيما لا يملك.

56 - كتاب الكناية

56 - كتاب الكناية

1655 - حديث بريرة: "أَنَّهَا كُوِتبِتْ عَلى أَنْ تَسْأَلَ النَّاس". متفق عليه من حديث عائشة: أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فَعَلْتُ، الحديث ففيه أنها جاءت تسأل وقد اطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك وأقرها أما كونها كوتبت على هذا الشرط فلم أره.

1656 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلى مائَةِ أُوقِية فأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَة أوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ، وأيُّما عَبْدٍ كَاتَبَ على مائَةِ دِيْنارَ فَأدَّاهَا إلَّا عَشَرَة فَهُوَ عَبْدٌ". أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طرق متعددة، عن عمرو بن شعيب، وقال الحاكم: (صحيح الإسناد). وهو كما قال.

1657 - حديث يحيى بن كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُودى المُكَاتَبُ بِقدر ما أدَّى دِيَةَ حُرٍ وبِقَدْرِ ما رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ عَبْدٍ"، قال ابن رشد: خرّجه النَّسائي، والخلافُ فِيْهِ مِنْ قِبَلِ عكرمة. قلت: الحديث رواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي في "القسامة من المجتبى"، وابن الجارود وابن أبي عاصم في "الديات"، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم، صحيح على شرط البخاري. ورواه أبو داود، والترمذي، والحاكم، والبيهقي، من طريق حمّاد

بن سلمة عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس به نحوه وقال الترمذي: (حديث حسن)؛ وقال الحاكم: (صحيح على شرط البخاري). وقال أبو داود: (رواه وهيب، عن أيوب، عن عكرمة، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرسله حماد بن زيد، وإسماعيل، عن أيوب عن عكرمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعله إسماعيل بن علي قول عكرمة). وقال الترمذي: (رواه خالد الحذاء، عن عكرمة، عن علي من قوله).

وقد بيَّن البيهقي وجه الاختلاف فيه على عكرمة، وحديث وهيب، عن أيوب، عن عكرمة، عن علي خرَّجه أحمد، والبيهقي ولعل هذا مراد ابن رشد بقوله والخلاف فيه من قِبَلِ عكرمة، وكأنه نقل ذلك من كلام ابن عبد البر ولم يفهم مراده لأنه قال: الخلاف فيه على عكرمة والله أعلم.

1658 - حديث: "إنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". تقدم.

1659 - قوله: (وفي ذلك أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعني في الشفعة في الدين). تقدم في الشفعة أن ابن حزم ذكره من رواية عمر بن عبد العزيز مرسلًا ولم أقف له على مخرج.

57 - كتاب التدبير

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 57 - كتاب التدبير

1660 - حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ"، قال ابن رشد: إلا أنَّه أَثَرٌ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيْث، لأنَّهُ رَواهُ علي بن ظَبيان، عن نافع عن عبد الله بن عمر، وعلي بن ظبيان متروك الحديث عند أهل الحديث. ليس هو من رواية علي بن ظبيان، عن نافع، بل من روايته عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، ابن عمر، أخرجه ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي،

والخطيب في "التاريخ" من طرق عنه. وقال ابن ماجة: (سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: هذا خطأ، قال ابن ماجه: ليس له أصل)، وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"، أن أبا زرعة سئل عن هذا الحديث فقال: إنه باطل. وأسند الخطيب، عن علي بن المديني قال: (كان علي بن ظبيان حدثنا بثلاثة أحاديث مناكير كلها فذكر منها هذا الحديث)؛ وعن يحيى بن معين أنه قال: سمعته منه وليس هو بشيء. ورواه الشافعي عنه موقوفًا على ابن عمر، قال الشافعي: (قال لي علي بن

ظبيان، كنت أحدث به مرفوعًا، فقال لي أصحابي: ليس بمرفوع وهو موقوف على ابن عمر فوقفته). قال البيهقي: (والحفاظ يقفون على ابن عمر، قال: وقد روي من وجه آخر مرسلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم رواه من طريق حاجب بن سليمان ثنا مؤمل، ثنا سفيان، عن خالد، عن أبي قلاية، أن رجلًا أعتق عبدًا له عن دبر فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من الثلث). قلت: وله طريق آخر عن ابن عمر مرفوعًا؛ أخرجه الدارقطني، من طريق عبيدة بن حسان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث؛ ثم قال الدارقطني: (لم يسنده غير عبيدة وهو ضعيف وإنما هو عن ابن عمر موقوفًا من قوله لا يثبت مرفوعًا)، ثم رواه من طريق حماد بن زيد عن أيوب موقوفًا على ابن عمر، أنه كره بيع المدبر، ثم قال: (هذا هو الصحيح، وما قبله لا يثبت ورواته ضعفاء).

1661 - حديث جابر: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَاعَ مَدَبِّرًا". أحمد، والبخاري، ومسلم، وأهل السنن، وجماعة من طرق بألفاظ متعددة منها عن جابر: أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا فدفعه إليه.

58 - كتاب أمهات الأولاد

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 58 - كتاب أمهات الأولاد

1662 - حديث جابر وأبي سعيد: "كُنَّا نَبِيْعُ أمَّهَاتِ الأَوْلَادِ والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيْنَا لَا يَرى بِذَلِكَ بَأْسًا".

أمَّا حديث جابر: فرواه عبد الرزاق، وأحمد، والنّسائى في "الكبرى"، وابن ماجه والدارقطنى، والبيهقى، من حديث أبى الزبير، أنه سمع جابرًا يقول: فذكر مثله بلفظ: والنبي فينا حي لا يرى بذلك بأسًا، ووقع عند النَّسائي، فلا ينكر ذلك علينا. وأما حديث أبي سعيد: فرواه أبو داود الطيالسي، والنَّسائي في "الكبري"، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، من حديث زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد قال: كنا نبيع أمهات الأولاد علي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال الحاكم، صحيح، وأقره الذهبى، مع أن زيد العمي ضعيف وكان الذهبي اعتمد في سكوته علي شهرة ضعف زيد العمي أو رأى أن الحديث صحيح شاهده الذي هو حديث جابر مع قول كثير من أئمة الجرح في زيد أنه يكتب حديثه.

1663 - حديث جابر قال: "كُنَّا نَبِيْعُ أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبي بَكْرٍ وَصَدرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمر، ثُمَّ نَهَانَا عُمَرُ عَنْ بَيْعِهِنَّ". أبو داود، والحاكم، والبيهقي، من حديث حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء عن جابر قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر،

فلما كان عمر نهانا فانتهينا، قال الحاكم، صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه ابن حبان. * * * 1664 - حديث: "أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في مَارِيَةَ سَرِيَتَهُ لَمَّا وَلَدَتْ إبراهيم: أعْتَقَتَها وَلَدُهَا". ابن ماجه، وابن عدى، والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، من حديث ابن عباس وسنده ضعيف معلول من جميع وجوهه كما بين ذلك البيهقي في "السنن"، وفي "المعرفة" معًا. فائدة: نقل ابن رشد بعد الحديث الآتي، عن ابن عبد البر أنه قال: (كلا

الحديثين لا يثبت عند أهل الحديث، قال: وهو من أهل هذا الشأن)؛ ونقل الزيلعي، عن ابن القطان أنه قال بعد تضعيف الحديث من الطرق التي خرَّجها منه المذكورون، (وقد روي بإسناد جيد قال قاسم بن أصبغ في مضعفه، ثنا محمد بن وضاح، ثنا مصعب بن سعيد أبو خيثمة المصيصي، ثنا عبيد الله بن عمر وهو الرقي، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعتقها ولدها، قال: ومن طريق قاسم بن أصبغ رواه ابن عبد البر في "التمهيد"، ومن جهة ابن عبد البر ذكره عبد الحق في أحكامه، وخلط في إسناده تخليطًا بيَّنه ابن القطان في كتابه وحرره كما ذكرناه اهـ). فهذا صريح في أن ابن القطان حكم بجوده هذا الإِسناد وهو يفيد أن ابن عبد البر يرى مثل ذلك حيث أقر هذه الطريق، وقد ذكرها أيضًا ابن حزم في "المحلى" إلا أنه وقع في الأصل المطبوع تحريف وقلْبٌ في الإِسناد، ولفظه: (روينا من طريق قاسم بن أصبغ، ثنا مصعب بن محمد، ثنا عبيد الله بن عمر وهو الرقي به، ثم قال: فهذا خبر جيد السند كل رواته ثقة). ونقل الحافظ في "التلخيص". (أنه وقع عند ابن حزم محمد بن مصعب عكس ما وقع في الأصل المطبوع قال: وتعقبه ابن القطان، بأن قوله عن محمد بن مصعب خطأ؛ وإنما هو عن محمد وهو ابن وضاح، عن مصعب وهو ابن سعيد المصيصى وفيه ضعف) اهـ. وهذا خلاف ما نقل الزيلعي، عن ابن القطان من أنه قال: إسناده جيد والواقع يؤيد ما نقل عنه الحافظ، لأن مصعب بن سعيد قال ابن عدي: يحدث عن الثقات

بالمناكير، والضعف على رواياته بيّنٌ، وقال صالح جزره: شيخ ضرير لا يدري ما يقول، وأورد له الذهبي أحاديث ثم قال: ما هذه إلا بلايا ومناكير؛ لكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ يعتبر حديثه إذا روي عن ثقة، وبين السماع في حديثه لأنه كان مدلسًا وقد كف في آخر عمره. قلت: الأحاديث التي رواها تدل على خلاف، ما قال ابن حبان، فإِذا كان انفرد بها فهو ساقط منكر الحديث لا يعتبر به، والمقصود أن النقل عن ابن القطان اختلف، فينبغي مراجعة كتابه. * * * 1665 - حديث ابن عباس: "أَيَّمُا امْرَأةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فإِنَّهَا حُرَّةٌ إذا مَاتَ". أحمد وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، من حديث

حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس به، وهو سند الحديث الذي قبله أيضًا، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد)؛ وتعقبه الذهبي: (بأن حسين بن عبد الله متروك). * * * 1666 - حديث: "بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ". تقدم آخر كتاب الهبات.

59 - كتاب الجنايات

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 59 - كتاب الجنايات

60 - كتاب القصاص

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 60 - كتاب القصاص وهذا الكتاب ينقسم إلى قسمين: الأول: النظر في القصاص في النفوس. والثاني: النظر في القصاص في الجوارح، فلنبدأ من القصاص في النفوس.

1667 - حديث: "ألَا إنَّ قَتْلَ الخَطَأ شِبْه العَمْدِ مَا كَان بالسَّوْطِ وَالعَصَا وَالحَجَرِ دَيَّتُهُ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإِبْلِ مِنْهَا أرْبَعُون فِي بُطُونِهَا أوْلَادِهَا"، قال ابن رشد: إلَّا أَنَّهُ حَدِيث مَضْطَرِبٌ عِنْدَ أهْلِ الحَدِيثِ لَا يَثْبُتُ مِن جِهِةِ الإسُنَادِ فِيَما ذَكَرَهْ أبو عمر بن عبد البر، وإن كان أبو داود وَغَيرِهِ قَدْ خرَّجه. قلت: الحديث رواه القاسم بن ربيعة واختلف عليه فيه على أقوال. القول الأول: عنه، عن عقبة بن أواس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن

النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل في خطبته - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح هكذا، قال حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، أخرجه أبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن أبي عاصم في "الديات" وابن الجارود في "المنتقي" الصحيح، والبيهقي، وكذلك قال وهيب بن خالد عن القاسم أخرجه الدارقطني. القول الثاني: عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله هشيم، عن خالد الحذاء، عن القاسم، أخرجه النَّسائي، وتابعه الثوري، عن خالد، رواه عبد الرزاق، والدارقطني. القول الثالث: عن القاسم بن ربيعة، عن يعقوب بن أوس، عن رجل من الصحابة، قاله بشر بن المفضل عن خالد الحذاء، رواه النَّسائي،

والدارقطني، والبيهقي، وتابعه يزيد بن زريع، عن خالد أيضًا، رواه هؤلاء الثلاثة، إلا أن النَّسائي فرقهما والدارقطني والبيهقي جمعاهما. وهذا القول والذي قبله واحد في الحقيقة لأن يعقوب بن أوس هو عقبة بن أوس، فقد ذكر ابن أبي حاتم في "العلل": أنه سأل أباه، عن يعقوب بن أوس السدوسي فقال: هو يعقوب بن أوس، ويقال له عقبة بن أوس وأسند البيهقي عن عباس الدوي، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: يعقوب بن أوس وعقبه ابن أوس واحد. القول الرابع: عن القاسم، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة عقبة، قاله شعبة عن أيوب، عن القاسم، أخرجه أحمد، والدارمي، والنَّسائي، وابن ماجه، والدارقطني. القول الخامس: عنه عن عقبة بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا دون ذكر عبد الله

ابن عمرو قاله حماد بن أيوب، عن القاسم، رواه النَّسائي، وتابعه ابن عدي، عن خالد الحذاء عن القاسم رواه النسائي أيضًا. القول السادس: عن القاسم بن ربيعة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، دون ذكر عقبة، ولا عبد الله بن عمرو قاله حميد، عن القاسم، رواه النَّسائي. القول السابع: عن القاسم، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قاله علي بن زيد بن جدعان عن القاسم، أخرجه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن أبي عاصم في "الديات"، وابن أبي حاتم في "العلل" والدارقطني، والبيهقي، ورجح ابن أبي حاتم هذا القول وقال: إنه أشبه قال: وليس لابن عمرو معنى، كذا قال. وأما ابن القطان، فضعف هذا بعلي بن زيد بن

جدعان، وصحح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وقال: (لا يضره الاختلاف الذي وقع فيه). قلت: وهو الحق والصواب إن شاء الله تعالى، وبيان ذلك أن القول الثاني والثالث شيء واحد كما مر بيانه وهما مع الأول شيء واحد أيضًا، غاية ما في الأمر أنه لم يسم فيه الثاني الثالث صحابي الحديث، وعينه في الطريق الأول بأنه عبد الله بن عمرو بن العاص، والقول الرابع حذف فيه القاسم شيخه، وحدث به عن صحابي الحديث تعليقًا، كما أنه حذف في القول الخامس صحابي الحديث إختصارًا كما يفعلونه عند المذاكرة، وكذلك أرسله في القول السادس لهذا المعنى فليس هذا باضطراب، والحديث صحيح جزمًا كما قال ابن القطان ولم يصب ابن عبد البر في قوله أنه غير ثابت. * * * 1668 - حديث: "المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُم وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِم أدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلى مَنْ سِواهُم". أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود،

والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ورواه البخاري في "التاريخ"، وابن أبي عاصم في الديات والدارقطني، والبيهقي، من حديث عائشة. ورواه ابن ماجه، من حديث ابن عباس، وابن ماجه أيضًا، والبيهقي، من حديث معقل بن يسار وسيأتي بعد حديث من حديث علي .. * * * 1669 - حديث الحسن عن سمرة: "مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ بِهِ".

أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن أبي عاصم في "الديات" والبيهقي، وغيرهم بزيادة، ومن جدع عبده جدعناه، زاد بعضهم ومن خصى عبده خصيناه، وقال الترمذي: (حسن غريب)، ونقل ابن عبد البر في "الاستذكار" عن الترمذي أنه قال: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: كان ابن المديني يقول به، وأنا أذهب إليه، وسماع الحسن من سمرة عندي صحيح. قلت: وفي مسند أحمد، ثنا أبو النضر، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، ولم يسمعه منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وذكر ولم أدر قائلي ولم يسمعه منه هو شُعبة أو أحمد أو غيرهما.

1670 - حديث عَلي أنَّه سَألَهُ قَيْس بن عُبَادة، والأشتر، هلْ عهد إليهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عهدًا لم يَعْهَدْهُ إلى النَّاس؟ قال: لا إلَّا ما في كِتَابي هَذَا، وأخْرَجَ كِتَابًا من قِرابِ سَيْفِهِ فَإِذا فيه: "المؤمِنُون تَتَكَافأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِم أدْنَاهمُ، وَهُمْ يَدٌ عَلى مَنْ سِوَاهُم، ألَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ، مَنْ أحْدَثَ حَدَثًا أوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِين". قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود. قلت: هو كما قال، وخرَّجه أيضًا أحمد، والنَّسائي والطحاوي في "معاني الآثار"، وابن أبي عاصم في "الديات"، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي

بألفاظ؛ وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وهو عند البخاري مختصرًا من وجه آخر. * * * 1671 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ". أحمد وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي؛ وقال الترمذي: (حديث حسن).

1672 - حديث ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الرحمن البيلماني قال: "قَتَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنْ أهْلِ القبلَةِ بِرَجُلٍ مِنْ أهْلِ الذِمَّة، وقَالَ: أنَا أحَقُّ مَنْ وَفّى بِعَهْدِهِ". عبد الرزاق في "مصنفه"، قال: أنا الثوري، عن ربيعة به، من طريق عبد الرزاق، رواه الدارقطني، والبيهقي، ورواه سعيد بن منصور في "سننه"، عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة به؛ ومن طريق سعيد بن منصور، رواه البيهقي. ورواه أبو داود في "المراسيل"، من طريق ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة به. ورواه الطحاوي في "معاني الآثار" من طريق أبي عامر، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة به. ورواه الدارقطني في "غرائب مالك"، ومن طريق حبيب كاتب مالك، عن مالك، عن ربيعة به.

ورواه أبو محمد البخاري في مسند أبي حنيفة، من طريق شبلة بن سوار، عن أبي حنيفة، عن ربيعة به. ورواه الشافعي في "المسند"، عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن ابن البيلماني، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلمًا بمعاهد وقال: أنا أكرم من وفى بذمته، قال الدارقطني: (لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث، والصواب عن ابن البيلماني مرسلًا، وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله). وقال البيهقي: (هذا خطأ من وجهين. أحدهما وصله بذكر ابن عمر فيه، وإنما هو عن ابن البيلماني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا؛ والآخر روايته عن إبراهيم، عن ربيعة، وإنما يرويه إبراهيم، عن ابن المنكدر والحمل فيه على عمار بن مطر الرهاوي، فقد كان يقْلِبُ الأسانيد، ويسرق الأحاديث حتى كَثُرَ ذلك في رواياته وسقط عن حدِّ الإِحتجاج به). قلت: وقد رواه الطحاوي من طريق يحيى بن سلام، عن محمد بن أبي حميد المدني، عن محمد بن المنكدر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا دون ذكر ابن البيلماني، وهذا

أسقط من الذي قبله، لأن محمد بن أبي حميد منكر الحديث بل متهم، وقد روي مرسلًا من وجه آخر بسند مجهول، وقد قال الشافعي: إنه على فرض ثبته منسوخ بقوله - صلى الله عليه وسلم - في زمن الفتح: لا يقتل مسلم بكافر، وهذا واضح لا خفاء به. * * * 1673 - حديث: "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ". تقدم.

1674 - حديث ابن عباس: "لا تُقَامُ الحُدُودُ في المَسْجِدِ وَلَا يُقَادُ بالوَلَدِ الوَالِدُ". الدارمي، والترمذي، وابن ماجه، وحمزة بن يوسف في "تاريخ جرجان"، والدارقطني، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي، كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

به، وقال الترمذي: (لا نعرفه، مرفوعًا إلا من حديث إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل تَكَلَّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه)؛ وقال أبو نعيم: (غريب من حديث طاوس تفرد به إسماعيل عن عمرو). قلت: وليس كذلك فقد تابعه سعيد بن بشير، عن عمرو بن دينار، أخرجه الحاكم، من رواية أبي الجماهير محمد بن عثمان، ثنا سعيد بن بشير، ثنا عمرو بن دينار به ولفظه: لا يقاد ولد من والده ولا تقام الحدود في المساجد، هكذا صرَّح سعيد بن بشير بالتحديث، وقد رواه الدارقطني من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن عمرو بن دينار. وكذلك رواه البزار في "مسنده" عن قتادة، عن عمرو، وتابعه أيضًا عبيد الله بن الحسن العنبري، عن عمرو بن دينار، أخرجه الدارقطني، والبيهقي، كلاهما من طريق المعمري، ثنا عقبة بن مكرم، ثنا أبو حفص التمار ثنا عبيد الله بن الحسن العنبري، عن عمرو بن دينار به بلفظ الترجمة. وفي الباب، عن عمر بن الخطاب صح عنه من طرق فأخرجه ابن الجارود

في المنتقى، والدارقطني، والبيهقي، من طريق بن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب عن أبيه؛ عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمر - رضي الله عنه - في قصة، وهذا سند صحيح كما قال البيهقي وغيره فلا يؤثر فيه بعد هذا رواية الضعفاء له عن عمرو بن شعيب فقد أخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن أبي عاصم في "الديات" من رواية ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب. ورواه ابن أبي عاصم، من رواية المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب به، وقد اختلف فيه على المثنى، فرواه مرة أخرى، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، عن سراقة، خرَّجه الترمذي، والدارقطني. ورواه يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو بن شعيب فسلك الجادة عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه الدارقطني، ويحيى والمثنى ضعيفان فلا عبرة بقولهما، وقد روي الحديث عن عمر من أوجه أخرى، فرواه ابن أبي عاصم في الديات، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عنه وفي سنده ضعف، وإن صححه الحاكم.

ورواه أحمد من طريق مجاهد عن عمرو أحسبه منقطعًا. ورواه الدارقطني من طريق سعيد بن المسيب عن عمر. ورواه البيهقي، من طريق عرفجة عنه. * * * 1675 - حديث يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن عَمْرِو بنَ شُعيب: "أَنَّ رَجُلًا من بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قُتَادَةُ. حَذَفَ إبْنًا لَهُ بالسَّيْفِ فَأصَابَ سَاقَهُ فَنُزِيَ جُرْحُهُ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ". الحديث.

خرَّجه مالك في "الموطأ"، عن يحيى بن سعيد، وعن مالك، رواه

الشافعي، ومن طريقه البيهقي، وقد ورد موصولًا من طرق كما ذكرناه في الذي قبله. * * * 1676 - حديث أنَسٍ بنِ مَالِكٍ، في قَصَّةِ سن الرَّبيع، أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ".

متفق عليه.

1677 - حديث الحسن مُرْسَلًا: "لَا قَوْدَ إلَّا بِحَدِيْدَةٍ". ابن أبي شيبة، وأحمد في "المسند"، والخطيب في "التاريخ"، من طريقه ثم من رواية أشعث بن عبد الملك، زاد ابن أبي شيبة وعمرو وكلاهما، عن الحسن به. وفد رواه المبارك بن فضالة عن الحسن بلفظ: لا قود إلا بالسيف، قال المبارك: فقلت للحسن: عمن أخذت هذا؟ قال: سمعت النعمان بن بشير يذكر ذلك رواه

الدارقطني، والبيهقي، من طريق موسى بن داود، عن مبارك به وقال البيهقي: مبارك بن فضالة لا يحتج به، وقد قيل عنه، عن الحسن، عن أبي بكرة، أخرجه ابن ماجه، والبزار، كلاهما من طريق الحُرَّ بن مالك، وأخرجه ابن عدي، والدارقطني، والبيهقي كلهم من طريق الوليد بن صالح كلاهما عن مبارك بن فضالة به. وقد ورد عن النعمان بن بشير من وجه آخر أخرجه أبو داود الطيالسي، وابن ماجه، والبزار، والطحاوي، في "معاني الآثار"، والبيهقي، من حديث جابر الجعفي، عن أبي عازب، عن النعمان به، وقال البيهقي، جابر الجعفي مطعون فيه، وقد رواه الثوري عنه، باللفظ الذي مضى في باب شبه العمد.

قلت: ولم يمض له ذكر في ذلك الباب، ورواية الثوري خرَّجها ابن أبي عاصم والدارقطني، من رواية جماعة عنه، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل شيء خطأ إلا السيف، وفي كل شيء خطأ أرش، ورواه ابن أبي عاصم في "الديات" من طريق حازم بن إبراهيم، عن جابر الجعفي به بلفظ: لا عمد إلا بالسيف. وورد أيضًا من حديث عبد الله بن مسعود أخرجه ابن أبي عاصم في "الديات"، وابن عدي في "الكامل"، والطبراني في "الكبير"، والدارقطني، كلهم من طريق أبي معاذ سليمان بن أرقم، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا قود إلا بالسيف، سليمان بن أرقم متروك. وقدا رواه مرة أخرى على وجه آخر فقال: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أخرجه ابن أبي عاصم، وابن عدي والدارقطني، ورواه الدارقطني من طريق معَلَّى بن هلال، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعًا لا قود إلا بحديدة، وقال الدارقطني: (مُعَلَّى بن هلال متروك)، وكذا قال البيهقي وزاد أن هذا الحديث لا يثبت، وكذا نص على ضعفه من جميع

طرقه ابن عدي، وأقول أنه عن الحسن مرسلًا صحيح لا شك فيه، ويبقى النظر في وصله من جهته عن النعمان أو عن أبي بكر، كما سبق. * * * 1678 - حديث أنس: "أنَّ يَهُوديًا رَضَخَ رَأسَ إمْرَأةٍ بِحَجَرٍ فَرَضَخَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسَهُ بِحَجَرٍ وقال: بَيْنَ حَجَرَيْنِ". متفق عليه.

61 - كتاب الجراح

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 61 - كتاب الجراح

1679 - حديث بني قريظة: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ أنْبَتَ وجَرَتْ عَليْهِ المَوَاسِي". النَّسائي في "الكبرى"، والبيهقي، كلاهما من طريق محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أن سعد بن معاذ حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من جرت عليه المواسي، وأن تقسم أموالهم وذراريهم فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لقد حكم اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات. وروى أبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن سعد، والحاكم، والبيهقي وغيرهم من حديث عطية القرظي قال: كنت فيهم وكان من

أنبت قتل ومن لم ينبت ترك فكنت فيمن لم ينبت، ولفظ الحاكم، عن عطية القرظي قال: عرضنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن قريظة فمن كان منا محتلمًا أو نبتت عانته قتل، فنظروا إليّ فلم تكن نبتت عانتي فتركت، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد)، وقال الترمذي (حسن صحيح). * * * 1680 - حديث ابن عمر: "أنَّهُ عَرَضَهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ وَهُوَ ابنُ أرْبَعَ عَشْرَة سَنَةً فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَقَبِلَهُ يَومَ أُحدٍ وهُوَ ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَة". هكذا وقع في الأصل، وهو قلب الحديث، والصواب تقديم أحد على الخندق،

أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، من رواية نافع، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه.

1681 - حديث عمران بن حصين: أَنَّ عَبْدًا لِقَوْمٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ عبدٍ لِقَوْمٍ أغْنِيَاءَ فَأَتَوُا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُ".

أحمد، والدارمي، وأبو داود، والنَّسائي، والبيهقي، بسند صحيح عنه إلا أن لفظه عندهم فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله إنا أناس فقراء، فلم يجعل عليه شيئًا.

1682 - حديث: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ القَوْدَ فِي المَأْمُومَةِ والمُنَقِّلَةِ، والجَائِفَةِ". ابن ماجه في "السنن"، وابن أبي عاصم في "الديات"، وأبو يعلى في "المسند" وابن جرير في "تهذيب الآثار"، والبيهقي، من حديث العباس بن

عبد المطلب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا قود في المأمومة ولا الجائفة ولا المنقلة؛ وقال البيهقي: (إنه لا يثبت). قلت: وعندي أنه ثابت إن شاء الله، لأن ابن لهيعة تابع رشدين بن سعد كما عند ابن أبي عاصم، وابن لهيعة عندي حديثه حسن إذا توبع ولو من ضعيف كرشدين

ابن سعد ما لم يكن واهيًا كذابًا يسرق الحديث. وهو روى البيهقي عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الفقهاء من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون: القود بين الناس من كل كسر أو جرح ألا إنه لا قود في مأمومة، ولا جائفة ولا متلف كائنًا ما كان.

62 - كتاب الديات في النفوس

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 62 - كتاب الديات في النفوس

1683 - حديث ابن مسعود، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه قال: "فِي دِيَةِ الخَطَأِ عِشْرونَ بِنْتَ مَخاضٍ، وَعِشْرونَ ابْنَ مَخَاضٍ ذَكَرٍ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرونَ حِقَّةً" قال ابن رشد: خرَّجهُ البُخاري، والترْمِذِيُّ واعْتَلَّ لِهَذا الحَدِيثِ أَبُو عُمرِ يعني ابن عبد البَّر بأَنَّهُ رَوَى عَنْ خَشْفِ بِن مَالِكٍ، عن ابن مَسْعُودٍ وَهْو مَجْهُول. قلت: لم يخرجه البخاري، ولو خرجه البخاري لما أعله ابن عبد البر بل الحديث رواه أبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، من طريق الحجاج بن أرطأه، عن زيد بن جبير، عن خشف بن مالك

الطائي، عن عبد الله بن مسعود به .. وضعفه الدارقطني، وأطال في بيان علله ونقل ملخص كلامه البيهقي، فقال: (قال أبو الحسن الدارقطني في تعليل هذا الحديث: لا نعلم رواه إلَّا خَشْف بن مالك وهو رجل مجهول، لم يرو عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي، ولا نعلم أحدًا رواه عن زيد بن جبير إلا حجاج بن أرطأة، والحجاج رجل مشهور بالتدليس، وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه، قال ورواه جماعة من الثقات عن الحجاج فاختلفوا عليه فيه فرواه عبد الرحيم بن سليمان، وعبد الواحد بن زياد على اللفظ الذي ذكرناه عنه، ورواه يحيى بن سعيد الأموي عن الحجاج فجعل مكان الحقاق بني اللبون؛ ورواه إسماعيل بن عياش عن الحجاج فجعل مكان بني المخاض بني اللبون، ورواه أبو معاوية الضرير، وحفص بن غياث، وجماعة، عن الحجاج بهذا الإِسناد قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخطأ أخماسًا لم يزيدوا على هذا ولم يذكروا فيه تفسير الأخماس فيشبه أن يكون الحجاج ربما كان يفسر الأخماس برأيه بعد فراغه من الحديث فيتوهم السامع أن ذلك في الحديث وليس كذلك، قال البيهقي، وكيفما كان فالحجاج بن أرطأة غير محتج به، وخشف بن مالك مجهول، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود). * * * 1684 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن من

قتل خطأ فديته مائة من الإِبل، ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة وعشرة بني لبون"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو داود. قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا النَّسائي، وابن ماجه، والدارقطني، كلهم من حديث محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، قال الدارقطني: (وفيه مقال من وجهين). أحدهما: أن عمرو بن شعيب لم يخبر فيه بسماع أبيه عن جده عبد الله بن عمرو

والوجه الثاني: أن محمد بن راشد ضعيف عند أهل الحديث). * * * 1685 - قوله: (وقياس من أخذ بحديث التخميس في الخطأ، وحديث التربيع في شبه العمد إن ثبت هذا. النوع الثالث أن يقول: في دية العهد بالتثليث). تقدم حديث التخميس عن ابن مسعود، وحديث التربيع، عن عمرو بن شعيب

عن أبيه عن جده. * * * 1686 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "كَانَتْ الدِّيَاتُ عَلى عَهْدِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثمَانِمَائَةِ دِيْنَارٍ أوْ ثَمَانِيَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الكِتَابِ عَلى النِّصْفِ مِن دِيَةِ المُسْلِمَيْنَ، قال: فَكَانَ ذَلِكَ حَتَى اسْتُخْلِفَ عُمر، فَقَامَ خَطَيْبًا فَقَالَ: إن الإِبْلَ قَدْ غَلَتْ، فَفَرَضَهَا عُمر على أَهْلِ الوَرِقِ إِثْنَى عَشَرَ ألفَ دِرْهَمٍ، وعلَى أهْلِ الذَّهَبِ ألْفَ دِيْنَارٍ، وَعَلى أهْلِ البَقَرِ مَائَتِي بَقَرةِ وَعَلى أَهْلِ الشَاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أهْلِ الحُلَلِ مَائَتَي حُلَّة، وَتَرَكَ دِيَةَ أهْلِ الذِّمَةِ لَمْ يَرَفَعْ فِيْهَا شَيْئًا".

أبو داود، والبيهقي من طريقه ثنا يحيى بن حكيم، ثنا عبد الرحمن بن عثمان، ثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب به. * * * 1687 - حديث عطاء: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ الدِّيَةَ عَلى النَّاسِ في أمْوَالِهم مَا كَانَتْ عَلى أهْلِ الإِبْلِ مَائَةُ بَعِير، وَعلى أهْلِ الشَّامِ ألْفَا شَاةِ، وَعَلى أهْلِ البَقَرِ مَاَئَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلى أَهْلِ البُرودِ مَائَتَا حُلَّةٍ"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو بكر بن أبي شيبة. قلت: وأخرَجه أيضًا أبو داود، والبيهقي، من طريقه، ثنا موسى بن

إسماعيل ثنا حماد، أنبأنا محمد بن إسحاق عن عطاء بن أبي رباح به، وزاد وعلى أهل القمح شيئًا لم يحفظه محمد. ورواه سعيد بن منصور في سننه، عن هشيم، أنا محمد بن إسحاق قال: سمعت عطاء بن أبي رباح به. ورواه أبو داود، عن سعيد بن يعقوب الطالقاني، ثنا أبو تميلة، ثنا محمد بن إسحاق قال: ذكر عطاء عن جابر قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر مثله وفيه ذكر الطعام أيضًا فقال: وعلى أهل الطعام شيئًا لا أحفظه. قال ابن حزم: لم يسنده إلا أبو تميلة يحيى بن واضح وليس بالقوي. * * * 1688 - حديث عمر بن عبد العزيز: "أَنَّهُ كتَبَ إلى الأجْنَادِ أنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَائَةَ بَعِيرٍ". الحديث.

لم أقف عليه ولعله عند ابن أبي شيبة أيضًا وعند إسماعيل القاضي نحوه. * * * 1689 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي رمثة لولده: "لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ". الشافعي، وأحمد، والدارمي، وأبو داود، والنَّسائي، وابن أبي

عاصم في الديات والبيهقي، وغيرهم من حديث رمثة قال: دخلت مع أبي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من هذا معك؟ قال: إبني أشهد به فقال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه وله عندهم ألفاظ متعددة، منها: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحناء وعليه بردان أخضران.

وفي باب لبس الأخضر رواه الترمذي إلا أنه لم يذكر محل الشاهد منه، وقال: حسن غريب. * * * 1690 - قوله: (وَعُمْدَةُ أهْلِ الحِجَازِ أَنَّهُ تَعَاقَلَ النَّاسُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وفِي زَمَانِ أبي بَكْرٍ وَلَمْ يَكُن هَنَاكَ دِيْوَانٌ؛ وإنَّما كَانَ الدِّيوَانُ في زَمَنِ عُمر بنُ الخطَّابِ). هذا معروف من الأحاديث وأخبار السير والتاريخ، وقد حكى ابن عبد البر الإِجماع على أن الديوان إنما حدث فىِ زمان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث، عن

الشعبي وعن الحكم، عن إبراهيم قالا: أول ما فرض العطاء عمر بن الخطاب، وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين، وقال أيضًا حدثنا غسان بن مضر، عن سعيد بن زيد عن أبي نضرة عن جابر قال: أول من فرض الفرائض ودون الدواوين وعرف العرفاء عمر بن الخطاب. * * * 1691 - حديث جبير بن مطعم: "لا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ، وَأَيُّما حِلْفٍ كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ فلا يَزِيْدُهُ الإِسْلَامُ إِلَّا قُوَّةٌ". مسلم، وأبو داود، وابن جرير في "التعسير"، والطحاوي في "مشكل الآثار" بلفظ: لم يزده الإِسلام إلا شدة.

ورواه عبد الرزاق، وأحمد، والقضاعي في "مسند الشهاب" من حديث أنس بلفظ: لا شغار في الإِسلام، ولا حلف في الإِسلام ولا جلب ولا جنب وقال القضاعي: لا عقد في الإِسلام، وهو من رواية أبان عن أنس، أبان ضعيف، ولذلك أبهمه سفيان في رواية أحمد، وصرَّح بإِسمه القضاعي. ورواه أبو داود الطيالسي، وأحمد وابن جرير في "التفسير"، والطحاوي في "المشكل، وأبو الفرج الأصبهاني في "الأغاني"، والقضاعي في "مسند الشهاب"، من حديث قيس بن عاصم به بلفظ: لا حلف في الإِسلام، وما كان في الجاهلية فتمسكوا به.

ورواه الدارمي، وابن جرير من حديث ابن عباس بلفظ: لا حِلْفَ في الإِسلام، والحلْفُ في الجاهلية لم يزدْهُ الإسلام إلا شدة وحدة. ورواه أحمد من الطريق التي خرجه منها السابقان، وهي سماك، عن عكرمة عنه، إلا أنه اقتصر على قوله كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإِسلام إلا شدة وحدة. ورواه أحمد، والترمذي، وابن جرير، والطحاوي في "مشكل الآثار" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح قام في الناس خطيبًا فقال: يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإِسلام لم يزده إلا شِدَّةً، ولا حلف في الإِسلام والمسلمون يد واحدة على من سواهم لفظ أحمد؛ وقال الترمذي: (حسن صحيح).

ورواه ابن جرير، من حديث أم سلمة بلفظ لا حلف في الإِسلام، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزيده الإِسلام إلا شدة، وفي سنده ابن جدعان عمن حدثه عن أم سلمة. ورواه أحمد، وابن جرير، عن الزهري مرسلًا، ولفظه: لم يصب الإِسلام حلفًا إلا زاده شدة، ولا حلف في الإِسلام، ذكره أحمد في "مسند" عبد الرحمن بن عوف فقال بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري به. * * * 1692 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "دِيَةُ الكَافِرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ المُسْلِمَ".

ابن أبي عاصم في "الديات"، من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب به باللفظ الذي ذكره المصنف، وزاد: لا يقتل مسلم بكافر. ورواه أبو داود الطيالسي، وأحمد، وأبو داود، والترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، من طريق جماعة عن عمرو بن شعيب بألفاظ مختلفة. أقربها إلى لفظ المصنف لفظ أحمد وهو: دِيَةُ الكافر نصف دِيَةِ المسلم، وهو أثناء حديث طويل، ولفظ الدارقطني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل دِية الكافر نصف دية المسلم، أمَّا الباقون فقال الطيالسي: دِيَةُ أهل الكتاب والنصارى على النصف من دية المسلم؛ وقال أبو داود: دية المعاهد نصف دية الحر، ولفظ الترمذي: دية عقل الكافر نصف عقل المسلم ولفظ النسائي: عقل الكافر نصف عقل المؤمن؛ ولفظ ابن ماجه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى.

1693 - حديث معمر عن الزهري قال: "دِيَةُ اليَهُودِي والنصْرَانِي وكلِّ ذِمِّيّ مثل دِيَةِ المُسلم. قال: وَكَانَتْ كَذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيَ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةَ فَجَعَلَ فِي بَيْتِ المَالِ نِصْفَهَا، وأعْطَى أهلَ المقتُولِ نِصْفَها، ثُمَّ قَضَى عُمُرُ بنُ عَبْدِ العزيزِ بِنِصْفِ الدِيَةِ وألْغَى الذي جَعَلَهُ مُعَاوِيَةَ في بَيْتِ المَالِ، قال الزهري: فَلَمْ يَقْض لي أن أُذَكِّر بِذَلِكَ عُمر بن عبد العزيز فَأُخْبِرُهُ أَنَّ الدِيَةَ قَدْ كَانَتْ تَامَّةً لأِهْلِ الذِمَّة". عبد الرزاق في "مصنفه" قال: أنا معمر بهذا وزاد قال معمر قلت للزهري:

بلغني أن ابن المسيب قال: ديته أربعة آلاف، فقال: إن خير الأمور ما عرض على كتاب الله، قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}. ورواه ابن أبي عاصم في "الديات" قال: حدثنا أبو يوسف الصيدلاني، ثنا محمد بن سلمة، ثنا محمد بن إسحاق قال: سألت الزهري قلت: حدثني عن دية الذمي كم كانت على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - فقد اخْتُلِفَ علينا فيها، فقال: ما بقي أحد بين المشرق والمغرب أعلم بذلك مني، كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار وأبي بكر وعمر وعثمان، حتى كان معاوية أعطى أهل القتيل خمسمائة دينار ووضع في بيت خمسمائة دينار. ورواه البيهقي، من طريق جعفر بن عون، أنبأنا ابن جريج، عن الزهري به نحو رواية معمر، قال البيهقي: (وقد رده الشافعي بكونه مرسلًا، وبأن الزهري قبَّحَ

المرسل، وإن روينا عن عمر وعثمان ما هو أصح منه). قلت: وقد صح عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثل ما سبق عن الزهري، رواه أبو داود في "المراسيل". * * * 1694 - حديث أبي هريرة: "أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ، رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِيْنَهَا فَقَضَى فِيهِ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أوْ وَلِيْدَةٍ".

متفق عليه وله ألفاظ.

1695 - حديث جابر: "أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ فِي الجَنِيْنِ غُرَّةً عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبِ وَبَرَّأَ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا".

ابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن أبي عاصم في "الديات"، والبيهقي، كلهم من طريق مجالد، عن الشعبي، عن جابر أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى، ولكل واحد منهما زوج وولد فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية المقتولة على عاقلة المرأة القاتلة وبرأ زوجها وولدها، فقالت عاقلة المقتولة: ميراثها لنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ميراثها لزوجها وولدها وكانت حبلى فألقت جنينها فخافت عاقلة القاتلة أن يضمنهم، فقالوا يا رسول الله: لا شرب ولا أكل ولا صاح فاستهل فقال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - هذا سجع الجاهلية فقضى في الجنين غرة عبد أو أمة. * * * 1696 - حديث أبي هريرة: "جُرْحُ العَجْمَاءِ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، والمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة وجماعة.

1697 - حديث: "الرِّجْلُ جُبَارٌ"، قال: وَلَمْ يَصُحْ هَذَا الحديثْ عِنْدَ الشَّافِعي. أبو داود، والنَّسائي، في "الكبرى"، وابن أبي عاصم في الديات، والطبراني في "الصغير" وأبو نعيم في "التاريخ"، والدارقطني في "السنن"، كلهم من رواية سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة

به؛ وقال الطبراني: (لم يروه عن الزهري إلا سفيان بن حسين)؛ وقال الدارقطني: (لم يروه غير سفيان بن حسين، وخالفه الحافظ عن الزهري منهم مالك، وابن عيينة، ويونس، ومعمر وابن جريج والزبيدي وعقيل وليث بن سعد وغيرهم كلهم رووه عن الزهري فقالوا: العجماء جبار، والبئر جبار والمعدن جبار ولم يذكروا الرِّجل وهو الصواب). قلت: رواية مالك في "الموطأ" خرَّجها الدارمي، والبخاري، ومسلم وابن أبي عاصم، والطحاوي أيضًا؛ ورواية سفيان، خَرَّجها أحمد، ومسلم، وأبو داود والترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، وابن أبي

عاصم، وابن الجارود، والطحاوي ورواية يونس، خَرَّجها مسلم، والنَّسائي، والطحاوي؛ ورواية معمر خرَّجها عبد الرزاق، وأحمد والنَّسائي؛ ورواية ابن جريج خرَّجها عبد الرزاق وأحمد؛ ورواية الليث خرَّجها

البخاري ومسلم، والترمذي، والبيهقي؛ ورواية الزبيدي وعقيل خرجهما الدارقطني. ورواه أيضًا زمعة عن الزهري أخرجه أبو داود الطيالسي، وقال الحافظ في "الفتح": (وقد اتفق الحفاظ على تغليط سفيان بن حسين حيث روى عن الزهري في حديث الباب: الرِّجل جبار، وما ذاك إلا أن الزهري مكثر من الحديث والأصحاب فتفرد سفيان عنه بهذا اللفظ فعد منكرًا، وقال الشافعي: لا يصح هذا؛ وقال الدارقطني رواه عن أبي هريرة سعيد بن المسيب، وأبو سلمة وعبيد الله بن عبد الله، والأعرج، وأبو صالح، ومحمد بن زياد، ومحمد بن سيرين فلم يذكروها، وكذلك رواه أصحاب الزهري وهو المعروف). قلت: أصحاب الزهري قدمت ذكرهم وعزو رواياتهم. وأما أصحاب أبي هريرة

المذكورين فرواية سعيد بن المسيب، هى المتقدمة فى رواية الزهرى وذكر أصحابه؛ ورواية أبي سلمة خرَّجها أحمد، والدرامى، ومسلم، والطحاوى؛ ورواية عبيد الله: خرَّجها مسلم، والنَّسائي والطحاوى، ورواية الأعرج: خرجها أحمد، والطحاوي؛ ورواية أبي صالح خرَّجها البخارى؛ ورواية محمد بن زياد: خرَّجها أحمد والبخارى ومسلم، والطحاوى، والبيهقي، ورواية محمد بن سيرين خرَّجها أحمد، والنَّسائي، والطحاوي

وورد أيضًا من رواية همام بن منبه أخرجه أحمد، وقد ورد ذكر الرِّجل عن أبي هريرة من طريق أخرجه الدارقطني، من طريق آدم بن أبي أياس، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة به، وفيه: والرِّجل جبار؛ وقال الدارقطني: (تفرد به آدم وهو وهم لم يتابعه عليه أحد عن شعبة). وفي الباب عن ابن مسعود، أخرجه الدارقطني من وجهين، عن عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل بن شرحبيل عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: العجماء جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار، والرِّجل جبار وفي الركاز الخمس؛ ورواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي قيس، عن هذيل بن شرحبيل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وقال في آخره: والرِّجل جبار يعني رجل الدابة يقول هدر؛ ورواه ابن أبي عاصم في "الديات" من طريق سفيان عن ابن أبي ليلى، عن أبي قيس، عن هذيل به. ورواه الدارقطني من طريق شعبة، عن أبي قيس، عن هذيل به، وقال: هذا مرسل. وقال محمد بن الحسن في الآثار: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: العجماء جبار، والقليب جبار، والرجل جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس، قال محمد: والجبار الهدر إذا سارا الرَّجُلُ على الدابة فنفحت برجلها وهي تسير فقتلت رجلًا أو جرحته فذلك هدر ولا يجب على عاقلة ولا غيرها، والعجماء

الدابة المنفلتة ليس لها سائق ولا راكب توطئ رجلًا فتقتله فذلك هدر إلخ. ورواه أبو بكر الكلاعي في مسند أبي حنيفة من طريق محمد بن خالد الوهبي، عن أبي حنيفة به مثله. * * * 1698 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "من تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ طِبٌ فَهُوَ ضَامِنٌ".

أبو داود، والنَّسائي وابن ماجه، والحاكم به مثله؛ وقال الحاكم: صحيح الإِسناد.

63 - كتاب الديات فيما دون النفس

63 - كتاب الديات فيما دون النفس

1699 - قوله: (فأمّا المُوضِحَة فجميعُ الفُقَهاءِ على أنَّ فيهَا إذَا كَانَتْ خَطأ خمسٌ من الإِبلِ. وَثَبَتَ ذَلِكَ عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتَابه لِعَمروُ بن حَزْمٍ). يأتي بعد حديث. * * * 1700 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه "في المُوضِحَةِ خَمْسٌ"؛ يعني

من الإِبْلَ". ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنَّسائي وابن أبي

عاصم في الدَّيّات والبيهقي وقال الترمذي: حسن صحيح. ولفظ ابن أبي عاصم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قضى في الموضحة بخمس وفي الأصابع بعشر.

1701 - حديث عمرو بن حزم عن أبيه "أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم في العُقُول أنَّ في النَّفسِ مائةً من الإِبِلِ، وفي الأنفِ إذا استوعب جَدْعًا مائة من الإِبل وفي المَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدّية وفِي الجَائِفَةِ مِثْلُها وفِي العَيْنِ خَمْسُونَ وفِي الرِّجْلِ خَمْسُون وَفِي كل أُصْبُعٍ ممّا هناكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبِل وفِي السِّنّ والمُوضِحَةِ خَمْسٌ". كذا قال ابن رشد: عمرو بن حزم عن أبيه وإنّما هو عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم عن أبيه. هكذا رواه مالك في الموطأ عن عبد الله المذكور. وعن مالك رواه

الشافعي وهو مرسل أو معضل. وقد وصله معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جدّه رواه عبد الرّزّاق والدارقطني من طريقه ووصله أيضًا الزهري عن أبي بكر بالسّند المذكور. أخرجه جماعة مفرّقًا منهم الدّارمي والنّسائي والبيهقي ولم يذكره بتمامه إلّا الحاكم في كتاب الزكاة، وكذلك البيهقي، وقيل إنّ ابن حبان ذكره أيضًا بتمامه. وقد اختلف النّاس في صحّة هذا الكتاب وفي بعض رجال إسناده وهو صحيح لا مغمز فيه سواءً من جهة بعض طرقه كالطّريق التي صحّحه منها ابن حبان والحاكم ومن وافقهما، أو من جهة اشتهار الكتاب بين أهل القرن الأول والثاني، ووجوده وجودًا

مقطوعًا به بين آل عمرو بن حزم، واطّلاع كثير من رجال العصر الأول عليه، واشتهاره بين أهل المدينة وعلمائها، وقد ذكره مالك في الموطأ مرارًا وذكر في العقول القدر الذي ذكره ابن رشد واعتمده هو والشّافعي وغيرهما من الأئمّة. وأمّا الطّعن فيه من جهة كونه كتابًا غير مفرد ولا مسموع فتلك وسوسة ينبو عنها السّماع عند التّحقيق متى ثبت اشتهار الكتاب ووجد له مع ذلك أسانيد متعدّدة وإلّا فكلّ كتاب في الدّنيا يجب أن يردّ ما لم يكن مسموعًا أو مقروءًا وأوّل ذلك كتب هؤلاء الذين يعتلّون بهذه العلّة فنحن إنّما رأينا هذه العلّة في كتبهم التي لم تصل إلينا مقروءةً ولا مسموعة وإنّما اشتهر أنّها لهم فوجب أن نردّها ولا نسمعها عنهم، بل وكذلك كثيرٌ من كتب السُّنّة وفي هذا كفاية لردّ هذا القول، ونصّ ما في الكتاب المذكور مما يتعلّق بالديات على ما عند الحاكم والبيهقي وكان في الكتاب أنّ من اعتبط مؤمنًا قتلا عن بيّنة فإنّه قَوَدٌ إلّا أن يرضى أولياء المقتول، وأنّ في النّفس الدّية مائة من الإِبل وفي الأنف إذأ أوعب جدعه الدية، وفي اللّسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذَّكَر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرِّجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدّية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإِبل، وفي كل أصبع من الأصابع من اليد والرّجل عشرٌ من الإِبل، وفي السّنّ خمسٌ من الإِبل، وفي الموضحة خمسٌ من الإِبل، وأنّ الرّجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار.

قال الحاكم: هذا حديث كبير مفسّر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وإمام العلماء في عصره محمد بن مسلم الزهري بالصّحة. وقال الشافعي في رسالته لم يقبلوا هذا الحديث حتّى ثبت عندهم أنّه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن عبد البَرّ: هذا كتابٌ مشهور عند أهل السّير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإِسناد لأنّه أشبه التواتر في مجيئه لتلقّي النّاس له بالقبول والمعرفة ويدلّ على شهرته ما روى ابن وهب عن مالك عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسّيب قال: وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنّه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وروى هذا النسائي في سننه من طريق عبد الله بن نمير ثنا يحيى بن سعيد

عن سعيد بن المسيب به ذكره في باب عقل الأصابع. وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصحّ من كتاب عمرو بن حزم هذا فإنّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين يرجعون إليه ويَدَعُونَ رأيهم. قلت: وفي سنن النَّسائي من طريق ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: قرأت كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نجران وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم وهذا كلّه يعيد القطع بصحة هذا الكتاب كما قلنا.

1702 - قوله: "فإنّ جمهورهم على أنّ في اللسان خطأ الدّية وذلك مرويٌّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". تقدّم في حديث عمرو بن حزم وعند البيهقي من حديث سعيد بن المسيّب قال: مضت السّنّة بأنّ في اللّسان الدية. وروى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في السنن من حديث عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "في اللّسان الدية كاملة". وروى ابن عدي في الكامل والبيهقي في السنن من طريق الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في اللّسان الدّية إذا منع الكلام وفي الذَّكَر الدّية إذا قطعت الحشفة وفي الشفتين الدية". وقال البيهقي: هذا إسناد ضعيف محمد بن عبيد الله العزرمي

والحاث بن نبهان ضعيفان. قلت: وفي الباب مراسيل وموقوفات أرى أنّ أصحابها اعتمدوا فيها كتاب عمرو بن حزم. * * * 1703 - قوله: (وأمّا الأنْفُ فأجْمَعُوا عَلَى أنَّهُ إذَا أوعبَ جَدْعًا أنَّ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى مَا فِي الحديث). يريد حديث عمرو بن حزم. وعند البيهقي من حديث محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأنف إذا جدع بالدية كاملة"، ثم أسند البيهقي عن الشافعي قال: وقد روى ابن طاوس عن أبيه قال: عند أبي كتابٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه وفي الأنف إذا قطع المارن مائة من الإِبل. قلت: وقد وصل هذا عبد الرزاق في مصنّفه قال: أخبرنا ابن جريج عن

ابن طاوس قال في الكتاب الذي عندهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأنف إذا قطع مارنة الدية. وقال وكيع في مصنّفه: ثنا ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأنف إذا استوعب مارنه الدية. ومن طريق وكيع رواه ابن أبي شيبة في المصنّف والبيهقي في السنن. * * * 1704 - حديث عمرو بن حزم "وفي العين نصف الدية".

قلت: لم يقع هذا في الحديث الموصول الصحيح كما ذكرناه، وخرّجه كذلك أيضًا النّسائي، ثمّ أخرجه من طريق سليمان بن أرقم قال: حدّثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والدّيات وبعث به مع عمرو بن حزم فذكر مثل ما

سبق وزاد فيه: وفي العين الواحدة نصف الدية، وفي اليد الواحدة نصف الدية، وفي الرِّجل الواحدة نصف الدية. قال النّسائي: (وهذا أشبه بالصواب)، وسليمان بن أرقم متروك الحديث. وقد روى هذا الحديث يونس عن الزهري مرسلًا. قلت: وقد سبق ذكر العين الواحدة أيضًا في رواية مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن الكتاب المذكور.

1705 - حديث عمرو بن حزم أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وفي كُل أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبْلِ". تقدم. * * * 1706 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في الأصابع بعشر العشر".

أبو داود والنّسائي وابن ماجه والبيهقي من أوجه عن عمرو بن شعيب. وفي الباب عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دية أصابع اليدين والرّجلين سواء عشرة من الإِبل لكلّ أصبع". رواه الترمذي وابن حبان والبيهقي. وقال الترمذي: حسن صحيح. وعن أبي موسى الأشعري مرفوعًا "الأصابع سواء. عشر عشر

من الإِبل؛ رواه أبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم. وعن عمر بن الخطاب رواه البزّار وفيه ابن أبي ليلى ثقة سيّء الحفظ. * * * 1707 - حديث عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه "في السِّنِّ خَمْسٌ".

تَقَدَّم ذلك في حديث عمرو بن حزم وقوله عن أبيه عن جدّه غلط. 1708 - قوله: "ثَبَتَ أنّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أقَادَ في السِّنِّ المكْسُورَةِ ". من حديث أنس. البخاري عن أنس "أنّ إبنة النّضر لطمت جاريةً فكسرت ثنيّتها فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بالقصاص". 1709 - قوله: (وقد رُوِيَ من حديثٍ آخرَ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَقُدْ مِنَ العَظْمِ المقْطوعِ فِي غَيْرِ المِفْصَلِ إلّا أنَّهُ لَيْسَ بالقويّ).

ابن ماجه والبيهقي من حديث أبي بكر بن عياش عن دَهْثَمْ بن قُرّان العجلي حدثني نمران بن جارية عن أبيه "أنّ رجلًا ضرب رجلًا بالسّيف على ساعده فقطعها من غير مفصل فاستعدى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بالدية فقال: يا رسول الله

أريد القصاص قال له: خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص". وقال البيهقي: هذا إسناد لا يثبت. قلت: لأنّ دَهْثَم بن قُرّان فيه مقال. * * * 1710 - قوله: (وما روي عن سعيد بن المسيب حِين سأله ربيعة بن أبي عبد الرّحمن كم في أربع من أصابعها؟ قال: عشرون). إلخ. ابن وهب والبيهقي من طريقه قال: حدثني مالك وأسامة بن زيد الليثي وسفيان الثوري عن ربيعة أنه سأل سعيد بن المسّيب كم في أصبع المرأة؟ قال: عشر. قال: كم في اثنتين؟ قال: عشرون. قال: كم في ثلاث؟ قال: ثلاثون. قال: كم في أربع؟ قال: عشرون. قال ربيعة: حين عظم جرحها واشتدّت مصيبتها نقص عقلها. قال: أعراقي أنت؟ قال ربيعة: عالم متثبت أو جاهلٌ متعلّم. قال: يا ابن أخي إنّها السُّنّة". ثمّ أسند البيهقي عن الشافعي قال: لمّا قال ابن المسّيب: هي السُّنّة أشبه أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن عامّة من أصحابه. قال: وقد كنّا نقول به ثمّ وقفت عنه وأسأل الله الخيرة من قبل أنّا قد وحدنا منهم من يقول: السُّنّة ثمّ لا نجد لقوله السُّنّة

نفاذًا بأنّها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والقياس أولى بنا فيها ولا يثبت عن زيد إلّا كثبوته عن علي -رضي الله عنهما-؛ يريد أنّ زيد بن ثابت ورد عنه كقول سعيد بن المسيّب أخرجه البيهقي. وعلي - رضي الله عنه - ورد عنه خلاف ذلك وهو قوله جراحات النّساء على النّصف من دية الرّجل فيما قلّ وكثر. رواه البيهقي. فالشافعي يقول: ليس قول أحدهما بأولى من الآخر، وقول عليّ هو الأوفق للقياس. * * * 1711 - قوله: (وروي أيضًا مِن مُرْسَل عمرو بن شعيب عن أبيه وعن عكرمة).

قلت: بل ورد عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه موصولًا أنّ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عقل المرأة مثل عقل الرّجل حتى يبلغ الثلث من ديتها". أخرجه النسائي والدارقطني كلاهما من طريق ضمرة عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب. وقال البيهقي: "إسناده ضعيف"؛ أي لأنّ إسماعيل بن

عياش شامي وروايته عن غير الشوام ضعيفة، وشيخه في هذا الحديث ابن جريج وهو حجازي مكّي.

64 - كتاب القسامة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 64 - كتاب القسامة

1712 - قوله: (عُمدةُ الجُمْهُورِ ما ثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - من حديث حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة. وهو حديث متفق على صحّته).

يريد أنّه خرّجه البخاري ومسلم، وهو كذلك، بل خرّجه الجماعة كلهم وغيرهم أيضًا من حديث سَهْل بن أبي حَثْمة قال: "إنطلق عبد الله بن سهل ومُحَيِّصَة بن مسعود إلى خيبر وهو يومئذٍ صلح؛ فتفرّقا، فأتى مُحَيِّصَة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحّط في دمه قتيلًا فدفنه، ثمّ قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب عبد الرحمن يتكلّم، فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: كبّر كبّر؛ وهو أحدث القوم فسكت فتكلّما. قال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم فقالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نَرَ؟ قال: فتبرئكم يهود

بخمسين يمينًا. فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفّار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده". وللحديث عندهم ألفاظ. * * * 1713 - قوله: (ومن حُجَّتِهِم أنّهُم لَم يَرَوُا في تِلكَ الأحَادِيثِ أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَكَمَ بالقَسَامَةِ وإنّمَا كَانت حُكْمًا جَاهليًا فَتَلَطَّفَ لَهُم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُرِيَهُم كَيْفَ لَا يُلزِمُ الحُكْم بَها على أصُولِ الإِسْلَام؛ ولِذَلِكَ قال لَهُم: أتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يمينًا؟ يعني لولاة الدم؛ وهم الأنصار. قالوا: كيْفَ نَحْلِفُ وَلَم نُشَاهِدْ؟) إلخ.

أمّا كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بالقسامة فباطل وأمّا كون القسامة كانت من أمر الجاهلية فمسلّم. فقد روى مسلم والنِّسائي من حديث ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنّ القسامة كانت في الجاهلية فأقرّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما كانت عليه وقضى بها بين أناس من الأنصار في قتيل ادّعوه على يهود خيبر". لفظ النَّسائي. ولفظ مسلم عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية وقضى بها بين ناسٍ من الأنصار في قتيل ادّعوه على اليهود". وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم - لولاة الدّم أتحلفون خمسين يمينًا فتقدّم.

1714 - حديث ابن أبي ليلى عن سهل بن أبي حَثْمة وفيه فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُم". كذا قال ابن أبي ليلى، وكذا وقع في أصل الموطأ المطبوع وهو خطأ. والصواب أبو ليلى بدون كلمة ابن. وكذلك رواه البخاري ومسلم من طريق مالك عن أبي ليلى ويأتي الكلام عليه قريبًا.

1715 - قوله: (وكذلك ما رواه من مرسل بُشَير بن يسار وفيه فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِيْنًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُم أوْ قَاتِلِكمْ"؟). كذا وقع في الموطأ مرسلًا من رواية مالك عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يسار وهو موصول من رواية بُشَير عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج وذلك من رواية يحيى بن سعيد أيضًا عن بُشَير كذلك. خرّجه الجماعة.

1716 - قوله: (مع أنّ حديث مالك عن ابن أبي ليلى ضعيف؛ لأنّه رجلٌ مجهول لم يرو عنه غير مالك وقيل فيه أيضًا أنّه لم يسمع من سهل). هذا غير صحيح فالصواب فيه أولًا أبو ليلى كما قدمته وهو ثقة، حكى ابن عبد البَرّ الإِجماع على ذلك. ويكفي أنّ البخاري ومسلمًا خرّجا له واحتَجّا به في صحيحيهما وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زُرعة: ثقة ولم يتكلّم فيه أَحدٌ بجرح مطلقًا ولا قال أحدٌ إنّه لم يسمع من سهل بن أبي حثمة وقد ذكروا أنّه سمع من عائشة -رضي الله عنها- وهي توفيت قبل سهل بن أبي حثمة وقد روى عنه أيضًا محمد بن إسحاق وحديثه هذا صحيح فجمع على صحّته. * * * 1717 - قوله: (وحديث بُشَير بن يسار قد اخْتُلِفَ في إسْنَادِهِ فأرْسَلَهُ مالك وأسْنَدَه غيرُهُ. قال: فَيِشبِهُ أن تَكُونَ هَذِهِ العِلَّةُ هي السَّبَبَ في أن لَم يُخَرجْ البخاري هذين الحديثين).

هذا باطل؛ فقد خرّج البخاري كلا الحديثين وكذلك مسلم، فالحديثان متفق على صحّتهما فحديث أبي ليلى خرّجه البخاري في كتاب الأحكام من صحيحه قال: حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي ليلى ح وحدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنّه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أنّ عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر فذكر الحديث كما في الموطأ. وفيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم"؟ الحديث. وقال مسلم: حدثني إسحاق بن منصور أخبرنا بشر بن عمر قال: سمعت مالك بن أنس يقول: حدثني أبو ليلى فذكره. وحديث بُشَيرْ بن يسار متفق عليه أيضًا؛ خرّجه البخاري في كتاب الجزية ثنا مسدّد ثنا بشر بن المفضل ثنا يحيى هو ابن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة بالحديث، وفيه "أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم"؟ الحديث.

ورواه أيضًا في كتاب الأدب حدّثنا سليمان بن حرب ثنا حمّاد هو ابن زيد عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى الأنصار عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة أنّهما حدّثاه أن عبد الله بن سهل الحديث. وفيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أتستحقّون قتيلكم؟ أو قال صاحبكم بأيْمانٍ خمسين منكم"؟ الحديث. أمّا مسلم فرواه مرارًا متعدّدة بألفاظ مختلفة منها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته. وليس رواية مالك للحديث مرسلًا ورواية غيره له مسندًا باختلاف ولها علّة كما ظنّ ابن رشد فإنّ مالكًا يرسل الأحاديث عمدًا في الموطأ ويوصلها إذا حدث بالحديث خارج الموطأ بل ويختلف أيضًا في الأحاديث داخل الموطأ فيرويها بعضهم عنه مرسلًا وبعضهم موصولًا ولا ضرر في ذلك أصلًا. * * * 1718 - قوله: (وعمدة من بدأ بالمدّعين حديث مالك عن ابن أبي ليلى عن سهل بن أبي حثمة ومرسله عن بشير بن يسار). تقدما.

1719 - قوله: (وعمدة من رأى التبدئة بالمدّعى عليهم ما أخرجه البخاري عن سعيد بن عبيد الطَائي عن بُشَير بن يسار أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة وفيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَأتُونَ بالبينَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، قَالوا: مَا لَنَا بَيِّنَة. قال: فَيَحْلِفُونَ لَكُم. قالوا: مَا نَرْضَى بأيْمَانِ يَهُود، وَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُطلَّ دَمه، فَوَداه بِمائَةِ بَعِير من إبلِ الصَدَقَة). هذه الرواية خرّجها البخاري في باب القسامة ولم يخرّج في ذلك الباب غيرها فلذلك زعم ابن رشد أنّه لم يخرّجها البخاري فيما سبق. وأخرجه من هذا الطريق أيضًا مسلم إلّا أنّه لم يَسُقْ متنه. قال البيهقي: "وإنّما لم يسق مسلم متنه لمخالفته رواية يحيى بن سعيد قال مسلم في جملة ما قال في هذه الرواية: وغير مشكل على من عقل التمييز من الحفاظ أن يحيي بن سعيد أحفظ من سعيد بن عبيد وأرفع منه شأنًا في طريق العلم وأَسْبَا بِهِ فهو أولى بالحفظ منه". قال البيهقي: "وإن صحّت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيي بن سعيد عن بشير بن يسار لأنّه قد يريد بالبيِّنة

الأيْمان مع اللوث كما فسّره يحيى بن سعيد وقد يطالبهم بالبيّنة كما في هذه الرواية ثمّ يعرض عليهم مع وجود اللوث كما في رواية يحيى بن سعيد ثم يردّها على المدّعى عليهم مع وجد اللوث كما في رواية يحيى بن سعيد ثمّ يردّها على المدّعى عليهم عند نكول المدّعين كما في الرّوايتين". * * * 1720 - قوله: (واحتجّوا أيضًا بما خرّجه أبو داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجال من كبراء الأنصار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليهود وبدأ بهم: أيحلف منكم خمسون رجلًا خمسين يمينًا؟ فأبوا. فقال للأنصار: احلِفوا فقالوا: أنحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية على يهود لأنّه وُجِدَ بين أظهرهم. قال: وهو حديث صحيح الإِسناد؛ لأنّه رواه الثقات عن الزهري عن أبي سلمة". قلت: الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة به ومن

طريق عبد الرزاق رواه أبو داود والبيهقي فهو من رواية ثقة لا ثقات كما قال ابن رشد، وقد ضعّفه بعض النّاس. وقال الخطابي: "أسانيد الأحاديث المتقدمة أحسن إتّصالًا وأصحّ متونًا. وقد روى ثلاثة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه بدأ في اليمين بالمدّعين سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج وسويد بن النعمان". وقال المنذري: قال بعضهم: وهذا حديث ضعيف لا يلتفت إليه، وقد قيل للإِمام الشافعي: ما منعك أن تأخذ بحديث ابن شهاب؟ فقال: مرسل، والقتيل أنصاري، والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم من غيرهم. قلت: هذا الكلام أسنده البيهقي عن الشافعي ثمّ قال: وكأنه عَنَى بحديث ابن شهاب الحديث الذي أخبرنا وذكر هذا الحديث ثمّ قال: هذا مرسل بترك تسمية الذين حدثوهما وهو يخالف الحديث المتّصل في البداية بالقسامة وفي إعطاء الدّية والثّابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه وداه من عنده. قال: وقد خالفه ابن جريج وغيره في لفظه. ثمّ خرّج ما رواه مسلم أيضًا من طريق ابن جريج عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ناسٍ من الأنصار في قتيل ادّعوه على اليهود ثمّ أخرجه من طريق عقيل عن الزهري مثله. قلت: وقد أغرب هو والشّافعي في جعلهما عدم تسميته الصحابي إرسالًا اللَّهمّ إلّا أن يكونا فهما أنّ المراد بالرجل أو الرّجال من الأنصار أنّهم غير صحابة وذلك

بعيد. أمّا اختلاف الرّواية فيمن دفع الدية فقد جمع الروايتين بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر اليهود بدفع الدية لوجود القتيل بين أظهرهم ثمّ لمّا امتنعوا دفعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إبل الصدقة. والحديث رجاله ثقات على شرط الصحيح فلا معنى للطعن فيه ورواية ابن جريج وعقيل عن الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار هي حديث آخر عن ذلك الرجل الأنصاري الذي حدّثهما بالحديثين أو بحديث واحد ذكر فيه الأمرين معًا ففعله الزهري وحدّث مرّة بالقصّة مفصّلة ومرّة بها مجملة. * * * 1721 - قوله: (وخرّج مثله أيضًا من تبدئة اليهود بالأيمان عن رافع بن خديج). رواه أبو داود من طريق أبي حيّان التَّيمي ثنا عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج

قال: "أصبح رجلٌ من الأنصار مقتولًا بخيبر فانطلق أولياؤه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له فقال: لكم شاهدان على قتل صاحبكم؟ قالوا: يا رسول الله لم يكن ثَمَّ أحدٌ من المسلمين وإنّما هم يهود وقد يجترئون على أعظم من هذا. قال: فاختاروا منهم خمسين فاستحْلفوهم فأبوا فوداه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من عنده". * * * 1722 - قوله: "فقال الشافعي إذا كانت الشبهة في معنى الشبهة التي قَضَى بِهَا رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقَسَامَةِ وَهُوَ أن يُوْجَد قَتِيْلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ لَا يُخَالِطُهم غَيْرُهُم. إلخ".

قد تقدّم ذلك في الأحاديث السابقة وهي متضمّنة للوصف المذكور.

1723 - قوله: (وقال داود: لَا أقْضي بالقَسَامَةِ إلّا في مِثْلِ السَّبَبِ الذِي قَضَى بَهِ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -). هو ما سبق في الأحاديث المذكورة أيضًا. * * * 1724 - حديث "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعَاوِيهِم لَادّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْم وَأمْوَالَهُم وَلَكِنْ البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". قال ابن رشد وهو حديث ثابت من حديث ابن عباس خرَّجه مسلم في صحيحه.

قلت: بل هو متفق عليه فقد خرجه البخاري أيضًا في التفسير إلّا أنّه وقع عنده فيه تفرقة في المتن وأخرجه أيضًا الأربعة وغيرهم وقد تقدَّم ولفظه "لو يعطى النّاس

بدعواهم لادّعى ناسٌ دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدّعى عليه". هذا لفظ مسلم.

65 - كتاب في أحكام الزنى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 65 - كتاب في أحكام الزنى

1725 - حديث "ادْرَءُوا الحُدُودَ بالشُّبُهَاتِ".

أبو محمد الحارثي في مسند أبي حنيفة ثنا أبو سعيد بن جعفر الجرمي، ثنا يحيى بن فروخ، ثنا محمد بن بشر، ثنا أبو حنيفة، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرءوا الحدود بالشبهات". أبو سعيد بن جعفر شيخ الحارث كذّاب. قال ابن حبّان: ذهبت إلى بيته للاختبار فاخرج إليّ أشياء خرّجها في أبي حنيفة فرأيته قد وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلاثمائة حديث ما حدث بها أبو حنيفة قط. فقلت: يا شيخ اتّق الله ولا تكذب فقال لي: لست منّي في حلّ، فقمت وتركته. وقال السّهمي: سمعت الحسن بن علي بن عمر القطَّان يقول: أباء بن جعفر أبو سعيد كذاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد عزا الحافظ السيوطي هذا الحديث لابن عدي في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة بزيادة "وأقيلوا الكرام عثراتهم". وعزاه الحافظ السخاوي لابن عدي وأطلق. ولم يبيّن واحد منهما سنده ولعلّه من هذا الوجه خرّجه أيضًا. وفي الباب عن عائشة وعليّ وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز مرسلًا. فحديث عائشة رواه أبو يوسف في الخراج وابن أبي شيبة في المصنّف

والترمذي والدارقطني والبيهقي والخطيب في التاريخ كلّهم من طريق يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله فإنّ الإِمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة". وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إلّا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد ورواه وكيع عن يزيد بن زياد نحوه ولم يرفعه. ورواية وكيع أصحّ. وقد روي نحو هذا عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّهم قالوا مثل ذلك. ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث. قلت: ومحمد بن ربيعة لم ينفرد به مرفوعًا عن يزيد بل تابعه على رفعه عنه أبو يوسف فقال في الخراج: حدثني يزيد بن أبي زياد عن الزهري فذكره مرفوعًا وتابعه أيضًا الفضل بن موسى السيناني فرواه عن يزيد مرفوعًا أيضًا. أخرجه الحاكم

والبيهقي. وقال الحاكم: صحيح الإِسناد فتعقّبه الذهبي بأنّ النسائي قال: يزيد بن زياد شامي متروك. وقال البيهقي: "تفرّد به يزيد بن زياد الشّامي عن الزهري وفيه ضعف. ورواه رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري مرفوعًا ورشدين ضعيف". قلت: لكن روايته تمنع دعوى تفرّد يزيد برفعه عن الزهري وتكون شاهدة له فيعتضد ويتقوّى بها. وحديث علي رواه البيهقي من طريق المختار بن نافع ثنا أبو حيّان التيمي عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرءوا الحدود ولا ينبغي للإمام أن يعطّل الحدود". قال البيهقي: قال البخاري: المختار بن نافع منكر الحديث وله طريق آخر أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق مختار التّمّار عن أبي مطر عن عليّ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ادرءوا الحدود" قال البيهقي: في هذا الإِسناد ضعف. قلت: لأنّ أبا مطر مجهول. وحديث أبي هريرة رواه ابن ماجه وأبو يعلى كلاهما من طريق إبراهيم بن الفضل المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا" ولفظ أبي يعلى "ادرءوا الحدود ما استطعتم". وإبراهيم بن الفضل المخزومي ضعيف.

ومرسل عمر بن عبد العزيز رواه أبو مسلم الكشي ومن طريقه أبو سعد السمعاني في الذيل والرّشاطي في الأنساب ومن طريقه ابن الآبار في معجم أصحاب الصدفي وفيه قصّة طويلة فيها أشعار لرجل كان يجده عسس عمر بن عبد العزيز سكران ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أخذوه لعمر بن عبد العزيز فجلده ثمانين فلمّا فرغ قال له: ظلمتني. قال: وكيف؟ قال إني عبدٌ وقد حددتني حدّ الأحرار إلى أن قال عمر بن عبد العزيز لصاحب عسسه: إذا رأيتما مثل هذا الشيخ في هيئته وحلمه وأدبه فاحملا أمره على الشّبهة فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ادرءوا الحدود بالشبهات. قال ابن الابار: وهذا الخبر أورده الرشاطي كما سقته في باب الحنبلي من كتابه وهو مما نقد ابن عطية في أشباه له عليه جميعها فكاهات نسبها إليه بل جعلها حكايات غثة وقال: هي لغو وسقط لا يحل أن تقرأ في جوامع المسلمين قال: وفي آخرها من ترخيص عمر بن عبد العزيز ما لا يليق بدينه وفضله فاحتجّ هو يعني الرشاطي بأنّ هذه الحكاية حدثه بها أبو علي الصدفي قراءة منه عليهم. قال: ولا محالة أنّه كان خيرًا منك وأورع أيها المنتقد فهلّا تأدّبت معه لكن الهوى أعماك والتمكين في الدّنيا أطغاك. قلت: الحقّ ما قال ابن عطية ومن وقف على الحكاية جزم بأنها مكذوبة وبرّأ عمر بن عبد العزيز ممّا نسب إليه فيها. * * * 1726 - حديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لرجل خاطبه: "أنْتَ وَمَالُكَ لأبِيْكَ". الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر أنّ رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنّ لي مالًا وعيالًا وإن لأبي مالًا وعيالًا يريد أن يأخذ مالي فيطعم عياله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنت ومالك لأبيك". قال الشافعي: ومحمد بن المنكدر غاية في الثقة والفضل في الدين والورع لكنّا لا ندري عمّن قيل هذا الحديث.

ورواه البيهقي في السنن والمعرفة من طريق الشافعي ونقل في المعرفة كلامه المذكور ثمّ قال: قد رواه بعض النّاس موصولًا بذكر جابر فيه وهو خطأ. قلت: وهذا عجيبٌ من البيهقي بل الخطأ هو ما قال ولابدّ فإنّ الحديث ورد موصولًا عن محمد بن المنكدر عن جابر من ثلاثة طرق إثنان منها على شرط الصحيح. الأوّل رواه ابن ماجه والطحاوي في معاني الآثار وفي مشكل الآثار معًا كلاهما من طريق عيسى بن يونس ثنا يوسف بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنّ رجلًا قال: يا رسول الله إنّ لي مالًا. وولدًا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي. فقال: أنت ومالك لأبيك. قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري. الطريق الثاني رواه البزّار ثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم ثنا عبد الله بن داود الخريبي عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنت ومالك لأبيك". وهذا أيضًا صحيح وقد صحّحه ابن حزم وغيره. الطريق الثالث رواه الطبراني في الصغير من طريق عبد الله ابن نافع المدني عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر به وفيه قصة ومعجزة خرّجه من أجلها البيهقي في الدلائل، ورواه في السنن مختصرًا بدونها. وفي إسناده من لا يعرف. وقد ورد موصولًا أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر

بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعائشة ورجل من الصّحابة وعمر بن الخطاب وسمرة بن جندب. فحديث عبد الله بن عمرو: رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود وابن خزيمة وأبو يعلى والطحاوي في معاني الآثار والطبراني وأبو نعيم في تاريخ أصبهان. من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: "أتى أعرابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنّ أبي يريد أن يجتاح مالي قال: أنت ومالك لوالدك إنّ أطيب ما أكلتم من كسبكم وإنّ أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئًا". هكذا ذكر قول الرجل أو الأعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم - أصحاب عمرو بن شعيب عبيد الله بن الأخنس عند أحمد وابن الجارود والبيهقي وحجاج بن أرطأة عند أحمد وابن ماجه وحسين المعلم عند الطحاوي وحبيب المعلّم عند أبي داود وابن خزيمة والبيهقي ولم يترك ذكره إلّا قتادة عن عمرو بن شعيب فإنّه قال عن أبيه عن جدّه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلٍ "أنت ومالك لأبيك". أخرجه أبو نعيم والخطيب وبهذا يتعجب من قول البيهقي في المعرفة وقوله إنّ لأبي مالًا ليس في رواية من وصل هذا الحديث من طريق أخرى عن عائشة ولا في أكثر الروايات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مع أنّ أكثر الروايات عن عمرو بن شعيب فيها ذلك كما ترى ولم يخرّج هو في السنن إلّا تلك الرواية ولم يعرج على ما زعم أنه الأكثر فانظر إلى هذا وتعجب فإنه إنّما قال عقب كلام الإِمام الشافعي السابق.

وحديث عبد الله بن عمر: رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن قتيبة في عيون الأخبار كلاهما من طريق عبد الأعلى ثنا سعيد عن مطر عن الحكم بن عتيبة عن النخعي عن ابن عمر قال: "أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن والدي يأخذ مالي وأنا كاره فقال: أو ما علمت أنّك ومالك لأبيك". لفظ ابن قتيبة. ورواه البخاري في التاريخ أيضًا وأبو يعلى كلاهما من طريق أبي حريز أن إسحاق حدّثه أنّ عبد الله بن عمر حدّثه أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى أنّك ومالك لأبيك لفظ البخاري ولفظ ابن يعلى أنت ومالك لأبيك. وأبو حريز وثّقه أبو زرعة وأبو حاتم وذكره ابن حبّان في الثّقات وضعّفه أحمد وغيره وله طريق ثالث عند البزّار والطبراني في الكبير فيه ميمون بن يزيد لينّه أبو حاتم. وحديث ابن مسعود: رواه الطبراني في الصّغير من طريق إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية عن غيلان بن جامع عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النّخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل "أنت ومالك لأبيك". وقال الطبراني لم يرو عن ابن مسعود إلّا بهذا الإِسناد تفرّد به ابن ذي حماية وكان من ثقات المسلمين. قلت: وبقيّة رجاله ثقات أيضًا. وحديث عائشة: رواه ابن حبان من طريق عطاء عنها أنّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -

يخاصم أباه في دَيْنٍ له عليه فقال له: أنت ومالك لأبيك. ورواه الحاكم والبيهقي من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذّكور منهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها". وقال أبو داود: في هذه الزيادة وهي إذا احتجتم إليها: زادها حمّاد بن أبي سليمان وهي منكرة. وحديث الرجل: رواه البيهقي وكذا الطبراني في الأوسط كلاهما من طريق الفيض بن وثيق عن المنذر بن زياد الطّائي أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: حضرتُ أبا بكر الصّدّيق - رضي الله عنه - فقال له رجل: يا خليفة رسول الله هذا يريد أن يأخذ مالي كلّه ويجتاحه فقال أبو بكر إنّما لك من ماله ما يكفيك فقال: يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنت ومالك لأبيك فقال: أبو بكر: ارضى بما رضي الله به. قال البيهقي: ورواه غيره عن المنذر بن زياد وقال فيه إنّما يعني بذلك النّفقة والمنذر بن زياد ضعيف. وحديث عمر: رواه البزار من طريق سعيد بن المسيّب عنه أنّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي يريد أن يأخذ مالي قال: "أنت ومالك لأبيك". وسعيد بن المسيّب لم يسمع من عمر فهو منقطع. وحديث سمرة: رواه البزّار أيضًا والطبراني في الأوسط والكبير رواية

الحسن عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل أنت ومالك لأبيك. (فائدة) قال البيهقي في مقدمة كتاب المعرفة: ولم نجد حديثًا متّصلًا ثابتًا خالفه جميع أهل العلم إلّا أن يكون منسوخًا وقد وجدنا مراسيل قد أجمع أهل العلم على خلافها وذكر الشافعي منها ما أخبرنا وذكر من طريقه مرسل محمد بن المنكدر الذي قدمناه ولا يخفى ما فيه مع هذه الطرق الموصولة التي ذكرنا. وقال في السنن: من زعم أنّ مال الولد لأبيه احتجّ بظاهر هذا الحديث ومن زعم أنّ له من ماله ما يكفيه إذا احتاج إليه فإِذا استغنى عنه لم يكن للأب من ماله شيء احتجّ بالأخبار التي وردت في تحريم مال الغير وأنه لو مات وله ابن لم يكن للأب من ماله إلّا السدس ولو كان أبوه يملك مال ابنه لحازه كلّه ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: كلّ أحدٍ أحقّ بماله من والده وولده والنّاس أجمعين ثمّ أخرجه من مرسل حبان بن أبي جبلة. وبمثل هذا احتجّ ابن حزم في المحلّى على أنّه منسوخ أيضًا وأطال في ذلك. وأمّا الطّحاوي فلم يذهب إلى النّسخ ولكنه ذهب إلى التأويل وذلك في مشكل الآثار في الجزء الثاني منه والله أعلم. * * * 1727 - حديث: "لا يُقَادُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ".

تقدم. * * * 1728 - حديث "أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في رجل: وطئ جارية امرأته أنّه أن كان استكرهها فهي حرّة وعليه مثلها لسيّدتها وإن طاوعته فهي له وعليه لسيّدتها مثلها". عبر عنه ابن رشد بأنّه ثابت وذلك في اصطلاحه إشارة الى أنّه في الصحيحين أو أحدهما، وليس كذلك فليس الحديث في الصحيحين وإنّما خرّجه عبد الرزاق

وأحمد والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والنّسائي وابن ماجه والطحاوي وابن أبي حاتم في العلل والطبراني والدارقطني والبيهقي والحازمي في النّاسخ والمنسوخ من حديث سلمة بن المحبّق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. إلا أنّ ابن ماجه والدارقطني روياه مختصرًا بلفظ "إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رُفِعَ إليه رجل وطئ جارية امرأته فلم يحدّه" وهو في رواية الحسن البصري فبعضهم قال: عنه عن سلمة بن المحبّق، ووقع في التّاريخ الكبير سمعت سلمة بن المحبّق. وقال البخاري: إنه وهم وبعضهم قال: عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق وبعضهم قال: عن الحسن عن جَوْن بن قتادة عن سلمة. قال المنذري: "وجَوْن بن قتادة قال الإِمام أحمد: لا يعرف، وقال النّسائي لا تصحّ هذه الأحاديث".

وقال البيهقي: (قبيصة بن حريث غير معروف، وقد روينا عن أبي داود أنّه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول الذي رواه عن سلمة بن المحبق شيخ لا يعرف لا يحدّث عنه غير الحسن يعني قبيصة بن حريث، وقال البخاري في التاريخ: قبيصة بن حريث سمع سلمة بن المحبق في حديثه نظر. وقال ابن المنذر. لا يثبت حديث سلمة بن المحبق، وقال الخّطابي: هذا حديث منكر وقبيصة بن حريث غير معروف والحجّة لا تقوم بمثله وكان الحسن لا يبالي أن يروي الحديث مّمن سمع. وقال بعضهم: هذا كان قبل الحدود". هـ. كلام المنذري. وأقول: الحديث صحيح لا مَغْمَزَ فيه أمّا عن الحسن فكالشّمس في رائعة النّهار لأنّ الطرق إليه متعدّدة ورجالها الصحيح وقد سمعه الحسن من رجلين كلّ منهما ثقة بل قد قيل في أحدهما وهو جَون بن قتادة أنه صحابي وقد صحّحه أبو حاتم فذكر ابنه في العلل أنه سأله عن هذا الحديث وحديث النعمان بن بشير الذي فيه إِن كانت أحلّتها له جلده مائة وإن كانت لم تحلّها له رجمه. فقال: كلاهما صحيح. قال ابنه: قلت: الحسن عن سلمة متّصل قال: لا. حدثنا القاسم بن سلام عن أبيه عن الحسن قال: حدثني قبيصة بن حريث عن سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتصل الإسناد. هـ والبيهقي نفسه يفهم من كلامه الاعتراف بصحتّه فإِنّه قال: حصول الاجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على ترك القول به دليل على أنّه إِن ثبت صار منسوخًا بما ورد من الأخبار في الحدود ثم أسند عن أشعث قال: بلغني أنّ هذا كان قبل الحدود. قلت: وحكاية الإجماع بعد الصّحابة والتابعين تهويل لا طائل تحته فإنّه متى ثبت وجود الخلاف فلا إجماع.

1729 - حديث: "تُنْكَحُ المَرْأةُ لِثَلَاث،" فَذَكَرَ مَالَها". تقدم في النكاح.

1730 - قوله: (وإنَّما صَارَ الجُمْهُورُ لِثُبُوتِ أحَادِيثِ الرَّجْمِ). يأتي بعده. * * * 1731 - قوله: (عمدة الجمهور أنّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَمَ مَاعِزًا وَرَجَمَ امْرْأَةً من جُهْيْنَة وَرَجَم يَهُوديَيْنِ. وامْرَأةٍ مِن غامد من الأزد قال: كَلُّ ذَلِكَ مُخَرَّجٌ فى الصَّحَاحِ وَلَم يُرْوَ أنّهُ جَلَد واحِدًا مِنهم).

قلت: هو كذلك. أمّا ماعز فاتّفق البخاري ومسلم على إخراج حديث رجمه من حديث ابن عبّاس مصرّحًا باسمه. ومن حديث جابر بن عبد الله بلفظ رجل من أسلم. ومن حديث أبي هريرة بلفظ رجل ورواه مسلم من حديث بُرَيّدَة ومن حديث جابر بن سمرة ومن حديث أبي سعيد الخدري كلّهم تصريحًا باسمه. وأمّا رجم الجهنية فرواه مسلم من حديث عمران بن حصين.

وأمّا رجم اليهوديين فرواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر. ومسلم من حديث جابر. وروى مسلم أيضًا من حديث البراء بن عازب رجم يهودي دون ذكر المرأة. وأمّا رجم الغامدية فرواه مسلم من حديث بريدة ونقل أبو داود في السنن عن أبي بكر بن أبي بكر الغساني قال: "جهينة وغامد وبارق واحدٌ". يعني أنّ الجهنية هي الغامدية فقصتهما واحدة وليس في شيء منهما ذكر الجلد كما قال ابن رشد. * * * 1732 - حديث عليّ: "أنَّهُ جَلَدَ شراحة الهمدانية يَوْمَ الخميس وَرَجَمَها يَوْمَ الجُمُعَةِ

وقال: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللهِ وَرَجمْتها بِسُنَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -"، قال ابن رشد: خرّجه مسلم وغيره. قلت: هذا وهم لم يخرّجه مسلم إنّما أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي وكذا النسائي في الكبرى وغيرهم بهذا السّياق وأطول. ورواه البخاري في الصحيح مختصرًا عن الشّعبي عن عليّ حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: رجمتها بسُنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. * * * 1733 - حديث عبادة بن الصّامت: "خُذُوا عَني قَدْ جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلًا. البِكْرُ بالبْكِرْ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيْبُ عَامٍ والثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ والرَّجْمُ بالحجارة".

أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي، وابن ماجه والبيهقي وجماعة. * * * 1734 - حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "رَجْمِ اليهودِيَّةِ واليَهُودِي". تقدم.

1735 - حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجَهنِّي أنَّهمُا قَالَا: "إنَّ رَجُلًا من الأعْرابِ أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنْشُدُكَ الله إِلَّا ما قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللهِ. فَقَال الخَصْمُ وَهُوَ أفْقَهُ منْهُ: نَعَمْ اقْضِ بَيْنَنَا بكتابِ اللهِ وَائْذَنْ لي أن أتَكَلَّم الحديث في العَسِف وَالمْرأةِ وفيه: وَالَّذِي نَفْسِي بَيَدِهِ لَأقْضِين بَيْنَكمَا بِكَتابِ الله. أمَّا الوَلِيدةُ والغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكِ. وعَلَى ابْنَكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْريِبْ عَامٍ. واغْدُ يا أنَيْسُ! على امَرَّأةِ هَذَا. فإِن

اعْتَرَفَتْ فارْجُمْهَا. فَغَدَا عَلَيْها أنيس فَاعْتَرَفَتْ فَأمَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا فرُجِمتْ". متفق عليه.

1736 - حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهني: "أَنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الأمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَم تُحْصِنْ فقال: إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ إنْ زنَتْ اَجْلِدُوهَا ثُم بِيْعُوهَا وَلوُ بِضَفَير".

متفق عليه. وفيه ثمّ إن زنت فاجلدوها ثلاث مرات وفي الثالثة ثمّ بيعوها ولو بضفير قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة. * * * 1737 - حديث جابر في قصّة ماعز: "فَرَجَمْنَاهُ بالمُصَلّى فَلمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارة فَرَّ

فأدْرَكنَاهُ بالحرَّة فَرَضَخْنَاهُ. قال ابن رشد: خرّجه البخاري، ومسلم". قلت: هو كذلك إلّا أنّ البخاري خرّجه استقلالًا من طريق عبد الرزاق إنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أنّ رجلًا من أسلم جاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فاعترف بالزّنا فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتّى شهد على نفسه أربع مرات فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبك جنون؟ قال: لا. قال: أحصنت؟ قال: نعم. فأمر به فرجم بالمصلّى فلمّا أذلقته الحجارة فرّ فأدرك فرجم حتّى مات فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرًا وصلّى عليه. وأمّا مسلم فرواه من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه أو مثله وفي آخره قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله يقول: فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلّى فلمّا أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرّة فرجمناه ثمّ ساقه من طريق الزهري عن أبي سلمة عنى جابر ولم يذكر متنه بل أحال على حديث أبي هريرة. * * * 1738 - قوله: (وقَدْ رَوَىَ مُسْلِم أنَّهُ حَفَرَ لَهُ في اليَوْمِ الرَّابعِ حُفْرَةً).

هو في صحيح مسلم من حديث بريدة أنّ ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إنّي قد ظلمت نفسي وزنيت وأريد أن تطهرّني فردّه فلمّا كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إنّي قد زنيت فردّه الثانية فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فقال: أتعلمون بعقله بأسًا تنكرون منه شيئًا؟ فقالوا: ما نعلمه إلّا وفي العقل من صالحينا فيما نرى فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه أنّه لا بأس به ولا بعقله فلمّا كان الرابعة حفر له حفرةً ثمّ أمر به فرجم. الحديث وأرى أنّ هذه الرواية غلط لعلّه دخل فيها الحفر من رجم الغامدية فقد قال أبو سعيد الخدري عند مسلم أيضًا فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد فما أوثقناه ولا حفرنا له الحديث.

1739 - حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وفيه: "وَاغْدُوا يَا أُنَيْسَ عَلى إمْرَأةِ هَذَا فَإن اعْتَرَفَتْ فَارْجُمُها. الحديث. تقدم. * * * 1740 - حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنّهُ رَدَّ مَاعِزًا حَتَّى أمَّرَّ أرْبَع مَرَاتٍ ثُمَ أمَرَ بِرَجْمِهِ". أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، عنه قال: لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ماعز بن مالك فقال: أحقُّ ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عنّي؟ قال: بلغني أنّك فجرت بأمة آل فلان. قال: فنعم. فردّه حتى شهد أربع مرّات ثمّ أمر برجمه وهذه الرواية خطأ ولابدّ؛ لأنّ قوله لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ماعز بن مالك فقال له: أحقُّ ما بلغني عنك؟ مخالفٌ

لما كاد يتواتر بأن ماعزًا هو الذي ابتدأ إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأنّه أتى إليه وهو في المسجد لأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لقيه. وهذه الرواية وإن كانت في صحيح مسلم فهي في رواية سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير وسماك فيه مقال. وقد كان يقبل التلقين ويدلّ على بطلان روايته هذه ما في صحيح البخاري من رواية عكرمة عن ابن عباس قال: لمّا أتى ماعز بن مالك النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قاله له: لعلّك قبلّت أو غمزت أو نظرت؟ قال: لا يا رسولَ الله. قال أنكتها -لا يكنّي- قال: فعند ذلك أمر برجمه. فهو ابن عبّاس يوافق الجمهور في قولهم أنّه جاء إلى النّبىّ - صلى الله عليه وسلم - لا أنّه لقيه فسأله. * * * 1741 - قوله: (وفي غيرِه من الأحَاديث). مِنْهَا حَديثُ أبي هُريرَة قال: أتَّى رَجلٌ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المَسْجِدِ فَنَادَاهْ فَقَال: يا رسُولَ اللهِ. إنِّي زَنيْت. فأعْرَض عَنْه فَتَنَحَّى تِلقَاءَ وَجْهِهِ فَقال: يا رسُولَ الله إني زَنَيْت. فَأعْرَضَ عَنْهُ حَتَى ثَنَى ذَلِكَ أرْبَع مَرَّاتٍ. فَلَما شَهِد عَلى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبكَ جُنُون؟ قالَ: لا. قال: فَهَلْ أحْصَنْتَ؟ قال: نَعَمْ. فقال رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اذْهَبُوا فارْجُمُوهُ، فَرَجَمْنَاهُ بالمُصَلَّى فَلَمَّا أذْلَقَتْه الحِجَارَة هَرَبَ فَأدْرَكْنَاهُ بالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ متفق عليه.

ومنها عن جابر بن سمرة أخرجه مسلم، وأبو داود. ومنها عن بريدة رواه أحمد، ومسلم. وعن أبي بكر الصّدّيق رواه ابن أبي شيبة، وأحمد. وعن جابر رواه البخاري، ومسلم. وعن أبي ذر رواه أحمد وعن غير هؤلاء.

1742 - قوله: (وإنّما صَار الجُمهور إلى تأثير الرُّجوعِ في الإِقرارِ لِمَا ثَبت من تَقْرِيِرِه - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا وَغَيْرِه مَرّة بَعْدَ مَرَّةٍ لَعَلّه يْرِجِعُ). تقدم ذلك في حديث ماعز، من رواية ابن عباس وأبي هريرة وغيرهما مّمن روى ذكر الاعتراف أربع مرات وكذلك ورد نحوه في حديث الغامدية الذي تقدّم عزوه. * * * 1743 - قوله: (وقد روي من طريق أنّ مَاعِزًا لمّا رُجِمَ ومسَّتْهُ الحِجَارةُ هَرَب فاتَّبَعُوهُ فقال لهم: ردّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه رجمًا وذكروا ذلك للنّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلّا تركتموه لعلّه يتوب فيتوب الله عليه).

ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والنّسائي في الكبرى، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، وابن حزم في المحلى، وغيرهم من حديث يزيد بن نعيم ابن هَزَّال عن أبيه قال: كان ماعز بن مالك في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ائتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعلّه يستغفر لك وإِنّما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فذكر الحديث وفي آخره هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، وأقره الذهبي وهو كما قال، وأعله ابن حزم بالإرسال، وهو تعليل مردود، لأن نعيم ابن هزال قد قيل بصحبته عدة في الصحابة ابن حبان وغيره وعلى فرض عدم ثبوت

صحبته، فالقصة وقعت على يد أبيه، وعند أخذها ولده ويشهد له حديث أبي هريرة هلا تركتموه، أخرجه أحمد، والترمذي وحسنه ابن ماجه، والبيهقي.

66 - كتاب القذف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 66 - كتاب القذف

1744 - حديث أنس وغيره: "أنَّ هِلَالَ بن أُمَيِّةَ قَذَفَ امْرَأتَهُ بِشَرِيكِ بن سَحْمَاء فَرَفَعَ ذلِكَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا".

تقدم في اللعان.

1745 - قوله: (وَقِيَاسًا عَلى الأثَرِ الوارِدِ في السرِقَةِ). هو حديث صفوان بن أمية الآتي في كتاب السرقة وفيه: أنه جاء بسارق ردائه

إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع يده، فقال صفوان: لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهلَّا كان ذلك قبل أن تأتيني به.

باب في شرب الخمر

باب في شرب الخمر

1746 - قوله: (وَعمدَةُ الفَرِيقِ الثَاني أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَجِدْ في ذلِكَ حَدًّا، وإنَّما كَانَ يَضْرِبُ فِيهَا بَيْنَ يَدَيْهِ بالنِّعَال ضَرَبًا غَيْرَ مَحْدُودٍ). أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والطحاوي في "معاني الآثار"، والبيهقي من حديث علي -عليه السلام- قال: ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئًا إلا صاحب الخمر فإِنه لو مات وَدَيْتُهُ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتبين فيه شيئًا ولفظ البخاري، ومسلم لم يسنه، قال البيهقي:

(وإنما أراد والله أعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَسنَهُ زيادة على الأربعين، أو لم يسنه بالسياط وقد سنه بالنعال وأطراف الثياب مقدار أربعين). وروى أحمد، والبخاري، والحاكم والبيهقي من حديث عقبة بن الحارث قال: جيء بالنعمان أو ابن النعمان شاربًا، فأمر رسول الله من كان في البيت أن يضربوه فكنت فيمن ضربه، فضربناه بالنعال والجريد. وروى هؤلاء الأربعة أيضًا من حديث السائب بن يزيد قال: كنا نؤتى بالشارب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إمرة أبى بكر، وصدر من امرة عمر فجلد فيها أربعين، حتى إذا عتوا فيها وفسقوا جلد ثمانين؛ وروى أبو داود، والحاكم من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت في الخمر حدًا الحديث، قال أبو داود: (هذا مما تفرد به أهل المدينة)؛ وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد).

وفي الباب: غير هذا، وقد قال الطحاوي في "معاني الآثار": (قد جاءت الآثار متواترة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقصد في حد الشارب إلى عدد من الضرب معلوم، فمن روى في ذلك ما حَدَّثْنا، وذكر حديث عبد الرحمن بن أزهر وحديث أبي سعيد الخدري، وحديث أبي هريرة من طرق، وحديث عقبة بن الحارث ثم قال: فدلَّ ما ذكرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقفهم في حد الخمر على ضرب معلوم كما وقفهم في حد الزنا لغير المحصن، وفي حد القذف). * * * 1747 - قوله: (وَأنَّ أبَا بَكْرٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ- شَاوَرَ أصْحَابَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كَمْ بَلَغَ ضَرْبُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِشُرَّابِ الخَمْرِ فَقَدَّرُوهُ بِأرْبَعِيْنَ). الشافعي، وأبو داود، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، من حديث عبد الرحمن بن أزهر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة الفتح وأنا غلام شاب يَتَخَّللُ الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد، فأتى بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم فمنهم من ضربه بالسوط، ومنهم من ضربه بعصا، ومنهم من ضربه بنعليه، وحثى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب فلما كان أبو بكر أتى بشارب فسألهم عن ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم -

الذي ضرب فحزروه أربعين، فضرب أبو بكر أربعين الحديث، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد). * * * 1748 - حديث أبي سعيد الخدري: "أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ في الخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أرْبَعِينَ". فَجَعَلَ عُمر مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا. أحمد، والطحاوي، من حديث يزيد بن هارون، أنا المسعودي، عن زيد العمى، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: جلد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخمر بنعلين أربعين، فلما كان زمن عمر جلد بدل كل نعل سوطًا، ورواه الترمذي من طريق مسعر، عن زيد العمى به أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب الحد بنعلين أربعين قال مسعر: أظنه في الخمر، وقال الترمذي: (حسن صحيح). * * * 1749 - قوله: (ورُوي من طريق آخر عن أبي سَعيدٍ مَا هُو أثبتُ مِنْ هَذا وَهُوَ أنَّ رسُولَ

اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ فِي الخَمْرِ أرْبعِينَ). لم أجده إلا من الطريق المتقدم بعد البحث الشديد فأرى والله أعلم أن ابن رشد واهم فيما قال أن له طريقًا آخر باللفظ المذكور، مع أن الطحاوي وقع عنده ضرب في الخمر بنعلين أربعين أربعين هكذا مكررًا وفهم أن المراد ثمانون ثم أجاب عنه بجواب سخيف متكلف كسائر أجوبته، والغريب أنه روى الحديث في مشكل الآثار بنفس السند الذي رواه به في معاني الآثار فذكر كلمة أربعين مرة واحدة، وكما قال أحمد، والترمذي. * * * 1750 - قوله: (ورُوي هَذَا عَن عَلِيَّ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طَرِيقٍ أثْبَت). مسلم، والطحاوي، والبيهقي، من رواية حضين بن المنذر، عن علي في قصة جلد الوليد بن عقبة بأمر عثمان، وعلى حاضر يعد حتى بلغ عبد الله بن جعفر أربعين، فقال علي: أمسك ثم قال: جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين وجلد أبو بكر أربعين،

وعمر ثمانين وكلٌ سنة وهذا أحب إلي، وأطال الطحاوي في الاستدلال على بطلان هذا الحديث من جهة مخالفته للأحاديث الصحيحة عن علي -عليه السلام-، وقوله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسن فيه شيئًا كما تقدم، ولمخالفته لأحاديث أخرى ذكرها؛ وبأن راوي هذا الحديث وهو عبد الله بن فيروز المعروف بالداناج ضعيف وتعقبه البيهقي، بأن الترمذي سأل البخاري عنه فقواه وقد صححه مسلم وتلقاه الناس بالقبول قال: وصحة الحديث إنما تعرف بثقة رجاله وقد عرفهم حفاظ الحديث، وقبلوهم، وتضعيفه الداناج لا يقبل لأن الجرح بعد ثبوت التعديل لا يقبل إلا مفسرًا، ومخالفة الراوي غيره في بعض ألفاظ الحديث لا تقتضي تضعيفه لاسيما مع ظهور الجمع، قال الحافظ: (وقد وثق الداناج المذكور أبو زرعة والنَّسائي) وقال ابن عبد البر في الحديث: أنه أثبت شيء في هذا الباب. * * * 1751 - حديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الأمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحَصن فقال: إنْ

زَنَتْ فاجْلِدُوهَا". الحديث. تقدم من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد. * * * 1752 - حديث: "إذَا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُم فَلْيَجْلِدْهَا". متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا زَنَتْ أمَةُ أحدكم فتبَّين زناها فليجلدها الحد، ولا يُثَرِّبُ عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتَبِّين زناها فليبعها ولو بحبلٍ من شَعَرٍ. * * * 1753 - حديث علي: "أقِيْمُوا الحُدودَ عَلى مَا مَلَكَتْ أيْمَانكُمْ".

أحمد، وأبو داود، والبيهقي، من طريق عبد الأعلى، عن أبي جميلة، عن علي قال فجرت جارية لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يا علي: انطلق فأقم عليها الحد فانطلقت فإِذا بها دم يسيل لم ينقطع فأتيته فقال يا علي: أفرغت؟ قلت: أتيتها ودمها يسيل، فقال: دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم. ورواه مسلم، والحاكم، والبيهقي، من طريق أبي عبد الرحمن السلمي

قال خطب علي فقال: يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن فإن أمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجرت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت؛ قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وهو واهم في ذلك كما ترى.

67 - كتاب السرقة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 67 - كتاب السرقة

1754 - قوله: (لأنَّهُم أجْمَعُوا أنَّهُ ليْسَ في الخِيَانَةِ وَلَا فِي الاخْتِلَاسِ قَطْعٌ إلَّا أياس بن معاوية، فإِنَّه أوْجَبَ في الخلسَةِ القَطْعُ، وَذَلِكَ مَرْوُيٌ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -). أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن

ماجه، والطحاوي، والبيهقي، والخطيب في "التاريخ"، من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس على المختلس ولا على المنتهب، ولا على الخائن قطع، وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه أيضًا بن حبان، ورواه ابن ماجه، من حديث ابن شهاب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ليس على المختلس قطع وهذا سند صحيح أيضًا، وقد رواه الزهري، مرة أخرى عن أنس أخرجه الطبراني في "الأوسط".

1755 - قوله: (لمكان حديث المخزومية المشهور). هو المذكور بعده. * * * 1756 - حديث عائشة قالت: "كَانَت امْرَأة مَخْزومية تَسْتَعِيرُ المَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأمَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَطْعِ يَدِها، فَأتى أهْلُهَا أسامَةَ فَكلَّموهُ، فَكَلَّمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أسامَة لَا أرَاكَ تَتَكَلَّم في حَدٍ مِن حُدُودِ اللهِ، ثُمَّ قَام - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا فقال: إنَّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُم أنَّه إذا سَرَقَ فِيهمُ الشَّريفُ تركوه، وإِذَا سَرَقَ فِيهمُ الضَّعيفُ قَطَعُوهُ والذي نَفْسِي بَيدِهِ لَوْ سَرَقَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَدٍ لَقَطَعْتُهَا".

عبد الرزاق، وأحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائي، والطحاوي، والبيهقي، وجماعة واللفظ المذكور هنا لأحمد بزيادة فقطع يد المخزومية. * * * 1757 - حديث: "إنَّما أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكم أنَّه إذَا سَرَقَ فِيهم الشريف تَرَكُوهُ". هو في الحديث الذي قبله.

1758 - قوله: (وَرَوَىَ هَذَا الحَدِيث اللَّيثُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِي بإسْنَادِهِ فَقَال فِيْه، إنَّ المْخزُومِيَّةَ سَرَقَتْ). متفق عليه من حديث الليث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشفع في حد من حدود الله، ثم قام خطيبًا فقال: وذكر مثل الذي سبق. * * * 1759 - حديث أبي هريرة: "لَعَنَ الله السَّارِقَ يسْرِقُ البَيْضَةَ فَتقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ" قال ابن رشد: خرجه البخاري ومسلم.

وهو كما قال، وخرَّجه أيضًا أحمد، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي.

1760 - حديث مَالِكٍ، عَنْ نَافِعِ، عَن عُمَرَ: "أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قَيْمَتُهُ ثَلَاثَةُ دراهِمَ". رواه الجماعة كلهم وغيرهم.

1761 - وحديث عائشة، أوَقَفَهُ مَالك، وأسْنَدَهُ البخاري، ومسلم إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تُقْطَعُ اليَدُ في رَبْع دِيْنَارٍ فَصَاعدًا". هو كما قال والمرفوع خرَّجه أيضًا أحمد، والأربعة، والبيهقي وجماعة. * * * 1762 - قوله: (وأمَّا عُمْدَةُ فُقَهَاء العراق فَحَدِيْثُ عُمَر المذكُور، قالوا وَلَكن قِيْمَةُ

المِجَنِّ هُوَ عَشْرَةُ درَاهِمَ وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي أحَادِيث). هي المذكورة بعده. * * * 1763 - حديث مَحَمَّد بن إسْحَاق، عَن عَمرُو بنُ شُعيب، عَن أبِيْهِ، عن جَدِّهِ مَرفُوعًا، "لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِيْمَا دَوُنَ ثَمَنِ المِجَن"، قال: وَكَانَ ثَمَنُ المِجَنِّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَةُ دَرَاهِمَ".

ابن أبي شيبة، والنَّسائي، وأبو يعلى، والدارقطني، والطحاوي، والبيهقي، من طرق، عن ابن إسحاق به. * * * 1764 - حديث محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: "كانَ ثَمَنُ المِجَنَّ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَةُ درَاهِمَ".

أبو داود، والنَّسائي، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وذكر البيهقي الاختلاف في إسناده.

1765 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا قَطْعَ في ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ ولا في حَرِيْسَةِ جَبَلٍ؛ فإِذا أواه المُرَاحُ أو الجَرِينُ فَالقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ المِجَنُّ". أبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن رجلًا من مزينة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله، كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال: هي ومثلها والنكال، ليس في

شيء من الماشية قطع إلا ما أواه المراح فبلغ ثمن المِجَنِّ ففيه القطع، وما لم ثمن المِجَنِّ ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال، قال يا رسول الله كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: هو ومثله معه وليس في شيء من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال، لفظ الحاكم وقال (هذه سنة تفرد بها عمر بن شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص وإذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر).

قلت: واللفظ الذى ذكره ابن رشد هو عند مالك في "الموطأ" مرسلًا من روايته عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكره؛ وقال ابن عبد البر: (لم يختلف الرواة في إرسال هذا الحديث في الموطأ، ويتصل

معناه من حديث عبد الله بن عمرو) فكأن ابن رشد لفق هذا اللفظ مع الإِسناد الذي قال ابن عبد البر ثم قال: ومرسل مالك أيضًا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي بمعنى حديث عمرو بن شعيب. * * * 1766 - حديث: "لَا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولا كُثْرٍ". مالك، وأحمد، والدارمي، وأبو داود والترمذي،

والنَّسائي، وابن ماجه، وجماعة من حديث رافع بن خديج.

1767 - حديث: "أنت ومالك لأبيك". تقدم.

1768 - حديث عبد الرحمن بن عوف: "لا يَغْرَمُ السَّارِقُ إذا أُقِيمَ عَلَيْه الحَدُّ" قال: وَهَذَا الحَدِيثُ مُضَعَّفٌ عِنَد أهْل الحَدِيثِ، قال أبو عمر: لأنَّهُ عِنْدَهُم مَقْطُوعٌ، وَقَدْ

وَصَلَهُ بَعْضُهُم وَخرَّجَهُ النَّسائي. قلت: هو كما قال، وأخرجه أيضًا البزار، والطبراني في الأوسط، والدارقطني، والبيهقي كلهم من طريق المفضل بن فضالة، ثنا يونس بن يزيد الأيلي، عن سعد بن إبراهيم، عن أخيه المسور بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عوف به. قال النَّسائي: (هذا مرسل وليس بثابت)، واتفقوا كلهم على أن المسور لم

يسمع من جده عبد الرحمن بن عوف. وقال البيهقي: (هذا حديث مختلف فيه عن المفضل فروي عنه هكذا، وروي عنه، عن يونس، عن الزهري، عن سعد، فإِن كان سعد هذا ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فلا نعرف بالتواريخ له أخًا معروفًا بالرواية يقال له المسور بن إبراهيم، ولا يثبت للمسور الذي ينسب إليه سعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم سماع من جده عبد الرحمن بن عوف ولا رؤيته فهو منقطع، وإن كان غيره فلا نعرفه ولا نعرف أخاه، ولا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه). والطريق الموصولة التي أشار إليها ابن رشد رواها ابن جرير في تهذيب الآثار، ثنا أحمد بن الحسن الترمذي، ثنا سعيد بن كثير بن عفير، ثنا المفضل بن فضالة، عن يونس بن يزيد، عن سعد بن إبراهيم، حدثني أخي المسور بن إبراهيم عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف به، وهذا سند جيد.

1769 - حديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بعبد سرق فقطع يده اليمنى، ثم الثانية فقطع رجله، ثم أُتي به في الثالثة فقطع يده اليسرى، ثم أُتي به في الرابعة فقطع رجله". عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وإسحاق بن راهويه، والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما، وأبو داود في المراسيل، والبيهقي في "السنن"، كلهم من طريق ابن جريج، عن عبد الله بن أبي أمية، أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعبد الرحمن بن سابط قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد فقيل يا رسول الله: هذا عبد قد سرق ووُجِدت سرقته معه وقامت البينة عليه فقال رجل يا نبي الله: هذا عبد بني فلان أيتام ليس لهم مال غيره، فتركه، فأتي به الثانية فتركه، ثم أُتي به الثالثة فتركه، ثم أُتي به الرابعة فتركه، ثم أُتي به الخامسة فقطع يده، ثم السادسة فقطع رجله، ثم السابعة فقطع يده، ثم الثامنة فقطع رجله، ثم قال: أربع بأربع لفظ عبد الرزاق، ولفظ الباقين نحوه إلا أبا داود في المراسيل فإنه أُتي به مختصرًا على اللفظ الذي ذكره ابن رشد.

وقال البيهقي: (هو مرسل بإسناد صحيح وهو يقوي الموصول قبله، ويقوي قول من وافقه من الصحابة)، وتعقبه ابن التركماني: (بأنه اضطُرِب في إسناده في اسم ابن أبي أمية، فقيل عبد الله، وفي مراسيل أبي داود عبد ربه، وكذا ذكره غيره، واختُلِفَ أيضًا في عبد الله بن الحارث فقيل هكذا، وقيل الحارث بن عبد الله، ومع هذا الاضطراب لم أقف على حال ابن أبي أمية بعد الكشف، ولهذا قال عبد الحق في الأحكام: هذا الحديث لا يصح للإِرسال وضعف الإِسناد) اهـ. قلت: أما الإِضطراب فمدفوع لأن الصواب في اسم ابن أبي أمية عبد ربه كما ذكره البخاري، وابن أبي خيثمة، وغيرهما والناس قد يغلطون في أسماء وبعض الرواة وقد يشتهر بعضهم بالاسمين، فلا ضرر من ذلك أصلًا، وأما عبد الله بن الحارث فسبق قلم من البيهقي على ما وجده في كتابه ونص هو نفسه على أن الصواب فيه الحارث بن عبد الله، وهو ابن أبي ربيعة ثقة معروف احتج به مسلم وله ترجمة مطولة في الإِكمال، وقد قال الحافظ في جزء له من طرق هذا الحديث بعد عزوه لأبي داود في المراسيل رجاله ثقات، وهذا يدل على أنه عرف عبد ربه بن أبي أمية بالثقة والعدالة، لكنه ذكره في التقريب فقال شيخ لابن جريج مجهول من السادسة فكأنه اعتمد على البيهقي في قوله: إسناده صحيح والله أعلم. * * * 1770 - قوله: (ورُوِيَ هَذَا مِن حَدِيث جَابر بن عبد الله وفيه: ثُمَّ أخَذَهُ الخَامِسَه فَقَتَلَهُ، إلَّا أنُه منكرُ عندَ أهلِ الحَدِيث).

أبو داود، والنَّسائي، وأبو الشيخ في كتاب القطع في السرقة، والبيهقي، من طريق مصعب بن ثابت الزبيري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: جيء بسارق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقتلوه، قالوا يا رسول الله: إنما سرق، فقال: اقطعوه فقطع، ثم جيء به الثانية فقال: اقتلوه فقالوا يا رسول الله: إنما سرق، قال اقطعوه، قال فقطع، ثم جيء الثالثة فقال: اقتلوه، فقالوا يا رسول الله: إنما سرق قال اقطعوه، ثم أتي به الرابعة فقال: اقتلوه، فقالوا يا رسول الله: إنما سرق قال اقطعوه، فأُتي به الخامسة فقال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه بالحجارة لفظ أبي داود، ولفظ البيهقي: في المرة الأولى قال اقطعوا يده وفي المرة الثانية قال: اقطعوا رجله، وفي الثالثة قال اقطعوا يده، وفي الرابعة قال: اقطعوا رجله، وفي الخامسة قال: ألم أقل لكم اقتلوه اقتلوه، قال: فمررنا به إلى مريد النعم فحملنا عليه فشال بيديه ورجليه حتى نفرت منه الإِبل، قال: فعلوناه بالحجارة حتى قتلناه. قال النَّسائي: (هذا حديث منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث) لكنه لم يترك وليس في قتل السارق حديث يصح، قال الحافظ: (ولم ينفرد بهذا الحديث فقد رواه الدارقطني من طريق هشام بن عروة، عن محمد بن المنكدر نحوه، ورواه الشافعي من طريق محمد بن أبي حميد المدني، عن محمد بن

المنكدر أيضًا). قلت: ورواه الدولابي في الكنى من حديث أبي مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام بن عروة، عن رجل، عن محمد بن المنكدر، وهذه الطرق تقوي الحديث وترد كل طعن فيه، لاسيما وله طرق أخرى منها حديث الحارث بن حاطب الجمحي وهو على شرط الصحيح خرَّجه النسائي والطبراني والحاكم وجماعة. * * * 1771 - حديث: "هنَّ فَوَاحِشُ وفِيهِنَّ عُقوبَة". مالك، والشافعي، عنه، والبيهقي، من طريقه، عن يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما تقولون في الشارب والزاني والسارق، وذلك قبل أن تنزل الحدود فقالوا: الله ورسوله أعلم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هن فواحش وفيهن عقوبة وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته، قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.

ورواه البيهقي موصولًا من طريق عمر بن سعيد الدمشقي ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأيتم الزاني والسارق وشارب الخمر ما تقولون؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هن فواحش وفيهن عقوبة وذكر الحديث، قال البيهقي (تفرد به عمر بن سعيد الدمشقي وهو منكر الحديث، وإنما يعرف من حديث النعمان بن مرة مرسلًا). * * * 1772 - حديث ابن عباس: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ الرجُلَ بَعْدَ اليَدِ". لم أجده مرفوعًا ولكن رواه سعيد بن منصور في سننه، أنا هشيم، أنا خالد وهو الحذاء، أنا عكرمة، عن ابن عباس قال: شهدت عمر بن الخطاب قطع يدًا بعد يدٍ

ورِجل، ومن طريق سعيد بن منصور رواه البيهقي. * * * 1773 - حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "تَعافَوُا الحُدُودَ بَيْنَكُم فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ". أبو داواد، والنَّسائي، وابن أبي عاصم في الديات، والحاكم، والبيهقي، من رواية ابن جريج، عن عمرو بن شعيب به، وقال الحاكم: (صحيح الإِسناد). * * * 1774 - حديث: "لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمدٍ لَأقَمْتُ عَلَيْهَا الحَدَّ".

تقدم في حديث المخزومية. * * * 1775 - حديث مالك، عن ابن شهاب، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية أنه قيل له: "إن من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاءه سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع يده، فقال صفوان: لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهلا قبل أن تأتيني به". الشافعي، وأحمد، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه،

والحاكم، والبيهقي من طرق وصححه الحفاظ.

68 - كتاب الحرابة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 68 - كتاب الحرابة

1776 - قوله: (وقال بعض الناس إِنَّها نَزَلَتْ في النَّفَرِ الَّذينَ ارْتَدُّوا في زَمَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - واسْتَاقُوا الإِبْلَ، فَأمَرَ بِهِم النَبىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُطِّعَتْ أيْدِيهمِ فَأرْجُلِهم وَسُمِلَتُ أعْيُنَهُم). الحديث. متفق عليه من حديث أنس قال: قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة فأمرهم أن يأتوا إبلَ الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا

الباب الأول: النظر في الحرابة

الباب الأول: النظر في الحرابة فصُّحوا، فارتدُّوا، وقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل فبعث في آثارهم فأُتيَ بهم، فقطع أيديهم وأرجُلهم وسَملَ أعيُنَهم ثم لم يَحسمهم حتى ماتوا هكذا، ذكره البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة وصدر بآية الحرابة؛ فقال ابن بطال: ذهب البخاري إلى أن آية الحرابة نزلت في أهل الكفر والردة وساق الحديث العرنيين وليس فيه تصريح بذلك ولكن خرَّج عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة حديث العرنيين وفي آخره بلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، ووقع مثله في حديث أبي هريرة، وممن قال ذلك الحسن، وعطاء، والضحاك، والزهري.

الباب الثاني: النظر في المحارب

الباب الثاني: النظر في المحارب الباب الثالث: فيما يجب على المحارب

الباب الرابع: في مسقط الواجب عنه وهي التوبة

الباب الرابع: في مسقط الواجب عنه وهي التوبة

الباب الخامس: بماذا تثبت هذه الجنابة

الباب الخامس: بماذا تثبت هذه الجنابة

1777 - حديث: "مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ". عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، والأربعة،

والطحاوي، وغيرهم من حديث ابن عباس، وفي الباب: عن غيره.

69 - كتاب الأقضية

بسم الله الرحمن الرحيم (وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا) 69 - كتاب الأقضية

الباب الأول: من يجوز قضاؤه

الباب الأول: من يجوز قضاؤه

الباب الثاني: ما يقضي به

الباب الثاني: ما يقضي به 1778 - حديث: "إِنَّمَا أنَا بَشَرٌ وإِنكُم تَخْتَصِمُونَ إليَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أن يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض فَأقْضي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أخِيْهِ

فَلَا يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإنَّمَا أقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النارِ". مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، والطحاوي في

الباب الثالث: فيما يكون به القضاء

الباب الثالث: فيما يكون به القضاء "المشكل" من حديث أم سَلمة.

1779 - حديث: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ".

أبو داود في المراسيل، والبيهقي في "السنن" من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف مرسلًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث مناديًا حتى انتهى إلى الثنية أنه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، واليمين على المدعى عليه لفظ البيهقي. ولفظ أبي داود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا شهادة، لخصم ولا ظنين، وفي الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين. وروى أبو داود في المراسيل، والبيهقي في السنن، من مرسل الأعرج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجوز شهادة ذي الظنة والحنة أي الذي يكون بينك وبينه عداوة. وروى الحاكم، والبيهقي من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة؛ وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم)، وأقره الذهبي.

لكن زعم الحافظ في إسناده نظرًا عن أجل مسلم بن خالد الزنجي مع اعترافه بأن له طرقًا تقويه، يشير إلى ما رواه عبد الرزاق، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود في الإِسلام ولا ذي غمر على أخيه يعني حقدًا على أخيه لفظ ابن ماجه؛ ولفظ الباقين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردَّ شهادة الخائن والخائنة، زاد أبو داود في رواية: والزاني والزانية وذي الغمر على أخيه، ورد شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم وسنده قوي؛ وعند الترمذي، والدارقطني والبيهقي من حديث عائشة نحوه مطولًا وسنده ضعيف؛ وقال أبو زرعة وغيره أنه منكر. * * * 1780 - حديث: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلى حَضَرِيٍّ"، قال ابن رشد: خرَّجه أبو

داود. قلت: هو كذلك لكن ليس بهذا اللفظ بل أخرجه هو، وابن ماجه، والحاكم والبيهقي، من حديث أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية، سكت عليه الحاكم، وقال الذهبي: هو حديث منكر على نظافة إسناده كذا قال: وقال الحافظ المنذري: رجال إسناده احتج بهم مسلم في صحيحه؛ وقال البيهقي: (هذا الحديث هما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، فإن كان حفظه فقد قال أبو سليمان الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيه الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشريعة، ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها، ولا يقيمونها على حقها لقصور علمهم عما يميلها ويغيرها عن جهتها).

1781 - حديث: "قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَرْأةِ الوَاحِدَةِ الَّتي شَهِدَتَ بِالرَضَاعِ كَيْفَ وَقَدْ أرْضَعَتْكُمَا". تقدم في الرضاع بلفظ كيف وقد قيل دعها عنك. * * * 1782 - حديث: "البَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى واليَمِينُ عَلَى مَنْ أنْكَرَ". البيهقي من طريق عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج وعثمان بن الأسود، عن

ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. ورواه الحسن بن سفيان، والبيهقي من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج وحده، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال دماء رجال وأموالهم ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب. ورواه البخاري من طريق عبد الله بن داود، ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما، عن ابن جريج به بلفظ: لو يعطى الناس بدعْوَاهم لادَّعى ناسٌ دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدَّعَى عليه. لفظ مسلم؛ وكذا هو عند ابن ماجه من رواية

ابن وهب، عن ابن جريج؛ ورواه مسلم أيضًا، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي، من طريق نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين على المدعى عليه وهو عند النسائي مطول. وفي الباب: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي هريرة، وعمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعمران بن حصين، وزيد بن ثابت، وبرة بنت أبي تجرأة. فحديث عبد الله بن عمرو: رواه الترمذي من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته:

البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ وقال الترمذي: (هذا حديث في إسناده مقال ومحمد بن عبيد الله العزرمي يُضَعَّف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره). قلت: لكنه لم ينفرد به فقد تابعه أبو حنيفة، عن عمرو بن شعيب، على المدعى، واليمين على المدعى عليه إذا أنكر، رواه طلحة بن محمد وينظر في سنده وتابعهما الحجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، رواه الدارقطني من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، عن حجاج؛ ورواه البيهقي من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن الحجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم فتح مكة: المدَّعَى عليه أولى باليمين إلا أن تقوم

عليه البينة، وتابعهم أيضًا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب به بلفظ: المدعى عليه أولى باليمين ممن لم تقم له بينة، رواه البيهقي والمثنى ضعيف وتابعهم مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب به: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة رواه الدارقطني ثم قال: (ورواه عبد الرزاق، عن ابن جريج وحجاج، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب مرسلًا). قلت: ومسلم بن خالد فيه مقال، وقد اختُلف عليه فيه، فروي عنه هكذا، وروي عَنه، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر إلا في القسامة رواه ابن عدي، والدارقطني وقال ابن عدي: (هذان الإِسنادان يعرفان بمسلم بن خالد، عن ابن جريج، وفي المتن زيادة قوله إلا في القسامة). وحديث أبي هريرة: تقدم في الذي قبله. وحديث عمر: رواه الدارقطني من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن شريح، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: البينة على المدَّعِي واليمين على المدَّعَى عليه؛ ورواه الحسين بن محمد بن خسرو في مسند أبي حنيفة، من طريق إسحاق بن خالد بن يزيد وعبد الله بن عبد الرحمن القرشي، كلاهما

عن أبي حنيفة به، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى بالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه إذا أنكر؛ ورواه البيهقي من حديث إدريس الأودلي قال: أخرج إلينا سعيد بن أبي بردة كتابًا وقال هذا كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري فذكره وفيه البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وحديث ابن عمر: رواه الدارقطني من طريق طلحة بن مصرف، عن مجاهد، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المدعى عليه أولى باليمين إلا أن تقوم بينة، وحكى الحافظ أن ابن حبان صححه فأخرجه في صحيحه. وحديث عمران بن حصين: رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن وهب أخبرني يزيد بن عياض، عن عبد الملك بن عمرو أو ابن عبيد، عن خرينق بنت الحصين، عن عمران بن حصين قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاهدين على المدعي واليمين على المدعى عليه. وحديث زيد بن ثابت: رواه الدارقطني، والبيهقي من طريق حجاج بن أبي عثمان الصواف، عن حميد بن هلال، عن زيد بن ثابت، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا لم يكن للطالب بينة فعلى المطلوب اليمين لفظ البيهقي؛ ولفظ الدارقطني: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من طلب عند أخيه طلبة بغير شهداء فالمطلوب أولى باليمين. وحديث برة بنت تجرأة: رواه الواقدي في المغازي، عن علي بن محمد بن عبيد الله، عن منصور الجمحي، عن أمه صفية بنت شبية، عن برة بنت أبي تجرأة قالت: أنا أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج من البيت فوقف على الباب وأخذ بعضادتي الباب، ثم أشرف على الناس وهم جلوس حول الكعبة وقال: الحمد لله الذي صدق وعده فذكر خطبة وفيها: والبينة على من ادعى واليمين على من أنكر. الحديث.

1783 - حديث جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". مالك واللفظ له، وأحمد، وأبو داود، والنَّسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، ولفظه أيضًا كلفظ مالك المذكور هنا إلا أنه قال: من حلف بيمين آثمة عند مِنبري هذا فليتبوأ مقعده من النار ولو على سواك أخضر؛ ولفظ أبي داود: لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار، أو وجبت له النار. ولفظ أحمد نحوه، ورواه أحمد، وابن ماجه من حديث أبي هريرة

قال: أشهد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول: ما من عبد أو أمة يحلف عند هذا المنبر على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له النار وسنده صحيح. * * * 1784 - حديث: "مَنِ اقْتَطَعَ حَق امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِيْنِهِ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَأوْجَبَ لَهُ النَّارَ". مالك، وأحمد، ومسلم، والنَّسائي، وابن ماجه وغيرهم من

حديث إِياس بن ثعلبة. وفي الباب عن غيره وقد تقدم ذلك في الأيمان. * * * 1785 - قوله: (عَلَى مَا جَاءَ فِي التَغْلِيظِ فِيْمَن حَلَفَ بَعْدَ العَصْرِ). البخاري، ومسلم، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم ورجل منع فضل ماله فيقول الله اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك.

1786 - حديث ابن عباس: "أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَىَ بِاليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ"، قال ابن رشد: خرَّجه مسلم، ولم يخرِّجْهُ البخاري. قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا الشافعي، وأحمد، وأبو داود، والنَّسائي في "الكبرى" وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي وجماعة، ولا حاجة إلى ذكر ما طعن به في الحديث فإنه من التعلق الباطل في رد السنة الصحيحة المتواترة، ومثل ذلك لا ينبغي أن يلتفت إليه. * * * 1787 - حديث أبي هريرة: مثله. أخرجه الشافعي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه،

والدارقطني، والبيهقي، وصححه ابن حبان، وأبو زرعة وجماعة منهم أحمد بن حنبل والبيهقي وغيرهما. * * * 1788 - حديث زيد بن ثابت: مثله. أخرجه ابن وهب في مصنفه، والطبراني في الكبير، والبيهقي وسنده حسن. * * * 1789 - حديث جابر: مثله. أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي،

كلهم من طريق عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد، قال جعفر: قال أبي: وقضى به علي بالعراق، قال عبد الله بن أحمد: كان أبي قد ضرب على هذا الحديث قال: ولم يوافق أحد الثقفي على جابر فلم أزل به حتى قرأه عليَّ وكتب عليه هو صح؛ وقال الترمذي بعد أن رواه عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلًا: (وهذا أصح). وقال البيهقي: (وصله عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وهو من الثقات، ثم أسنده مثل ذلك، عن الشافعي)، ثم قال: (وقد روي عن حميد بن الأسود، وعبد الله العمري وهشام بن سعد وغيرهم عن جعفر بن محمد كذلك موصولًا). قلت: سيأتي قريبًا في كلام ابن عبد البر جماعة ممن وصلوه أيضًا؛ ثم أخرجه البيهقي من طريق إبراهيم بن أبي حبة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر موصولًا أيضًا لكن بلفظ منكر وهو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أتاني جبريل -عليه السلام- فأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد وقال: إن يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن حبان في الضعفاء، وابن عدي في الكامل في ترجمة إبراهيم بن أبي حبة وهو ساقط هالك، وقد قال الدارقطني في العلل: إن جعفر بن محمد كان يرسل الحديث تارة ويوصله أخرى وهو الواقع بلا شك فلا طعن على عبد الوهاب في وصله ولاسيما قد توبع.

1790 - قوله: (أمَّا مَالك فَإِنَّمَا اعْتَمَدَ مُرسلَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ جَعْفر بن مُحمد عن أبيه، أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى باليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ). هو في الموطأ، وخرَّجه أيضًا الترمذي، والبيهقي، وجماعة، منهم الشافعي. قال ابن عبد البر: (رواه عن مالك جماعة فوصلوه عن جابر منهم عثمان بن خالد العماني، وإسماعيل بن موسى الكوفي، ورواه عن مالك أيضًا محمد بن عبد الرحمن بن رداد ومسكين بن بكر موصولًا عن علي، وقد أسنده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر جماعة حفاظ منهم عبيد الله بن عمر، وعبد الوهاب الثقفي،

ومحمد بن عبد الرحمن بن رداد، ويحيى بن سليم، وإبراهيم بن أبي حبة). * * * 1791 - حديث الأشعث بن قيس قال: "كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَة فِي شَيْءٍ فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقَال: شَاهِدَاكَ أوْ يَمِيْنُهُ، فَقُلْتُ: إذًا يَحْلِف وَلَا يُبَالِي، فَقَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيْنٍ يَقْتَطِع بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِم هوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، قال ابن رشد: خرجه البخاري ومسلم. قلت: هو كذلك لك وأخرجه أيضًا أحمد، وأصحاب السنن الأربعة

وغيرهم وله عندهم ألفاظ وعند أبي داود، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، فقال الأشعث فما والله كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألك بينة؟ قلت: لا، قال لليهودي أحلف، قلت: يا رسول الله إذًا يحلف ويذهب بمالي فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية.

1792 - قوله: (فَعُمْدَةُ مَنْ رَأىَ أن تَنْقَلِبَ اليَمِيْنُ مَا رَواهُ مَالِك مِن أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ فِي القَسَامَةِ اليَمِين عَلَى اليَهُودِ بَعْدَ أن بَدَأ بالأنْصَارِ).

تقدم في القسامة.

1793 - حديث معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أبَا جَهم عَلَى صَدَقَةٍ فَلَاحَاهُ رَجُلٌ فِي فَرِيْضَةٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُما شِجَاجٌ. فَأتَوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرُوهُ، فَأعْطَاهُم الأرش، ثُمَّ قال -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: إِنِّي خَاطِبٌ النَّاسَ وَمُخْبِرُهُم أنَّكُم قَدْ رَضِيْتُم، أرَضِيْتم؟ قَالوا: نَعَم، فَصَعَدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ النَّاسَ

وَذَكَرَ القُصَّةَ، وَقَال: أرَضِيْتُم؟ قَالوا: لا، فَهَمَّ بِهم المُهَاجِرونَ فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأعْطَاهُم، ثُمَّ صَعَدَ المِنْبَر فَخَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: أرَضِيْتُم؟ قَالوا نَعَم". عبد الرزاق، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وابن أبي عاصم في الديات، والبيهقي بسند صحيح. * * * 1794 - حديث عائشة في قصَّةِ هِندِ بنت عُتْبَةَ مع زَوْجِهَا أبي سُفْيَان بن حَرْبٍ، حِيْنَ

قَالَ لَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَكَتْ أبَا سُفَيانَ: "خُذِي مَا يَكفيك وَوَلَدكِ بالمَعرُوفِ". أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة إلا الترمذي، وقد سبق في النكاح.

الباب الرابع: من يقضي عليه أوله

الباب الرابع: من يقضي عليه أوله

1795 - قوله: (فَعُمْدَةُ مَنْ رَأى القَضَاء عَلَى الغَائِبِ حديثُ هِندٍ المُتَقَدِّمِ). يريد حديث عائشة المذكور قبله. * * * 1796 - حديث: "فَإِنَّمَا أقْضِي لَهُ بِحَسَبِ مَا أسْمَعُ". تقدم أول الباب من حديث أم سلمة ولفظه بنحو ما أسمع. * * * 1797 - حديث علي أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ حِيْنَ أرْسَلَهُ إلى اليمن: لَا تَقْضِ لِأحَدِ

الخِصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الآخَرِ"، قال ابنُ رُشدٍ: رواهُ أبو دَاوُدٍ وغيره. قلت: لفظ أبي داود، عن علي قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قاضيًا، فقلت يا رسول: ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء فقال إن الله سيهدي قلبك ويثبِّتُ لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبينَ لك القضاء، قال فما زلت قاضيًا أو ما شككت في قضاء بعد، ورواه أيضًا الترمذي وحسنه، وابن ماجه والبزار، وابن

الباب الخامس: في كيفية القضاء

الباب الخامس: في كيفية القضاء حبان، والحاكم، والبيهقي وجماعة من طرق، وقال الحاكم (صحيح الإسناد). * * * 1798 - حديث ابن عباس: "البَيِّنَةُ عَلى المُدَّعِي والْيَمِيْنُ عَلى المُدَّعَى عَلَيْهِ".

تقدم.

الباب السادس: في وقت القضاء

الباب السادس: في وقت القضاء 1799 - حديث: "لا يَقْضِي القَاضِي حِيْنَ يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ". البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن

ماجه والبيهقي من حديث أبي بكرة، لفظ البخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يقضين حكم بين إثنين وهو غضبان. انتهى الجزء الثامن من كتاب الهداية في تخريج أحاديث البداية، وبه ينتهي الكتاب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.

ثبت المصادر والمراجع

ثبت المصادر والمراجع ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (327 هـ/ 938 م). علل الحديث. تحقيق محب الدين الخطيب، بغداد، مكتبة المثنى، طبعة مصوّرة عن طبعة القاهرة 1343 هـ/ 1924 م، 2 مج، 2 ج. ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي البغدادي (208 هـ/ 823 م). مكارم الأخلاق. تحقيق جيمز أ. يلمي، ألمانيا، آن اربر، ميشغن الطبعة الأولى، تشرين الأول 1970 م، 1 مج. كتاب الشكر، عناية ونشر محمد أحمد رمضان المدني الكتبي، مكتبة المعاهد العلمية بالأزهر. ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (235 هـ/ 849 م). المصنف في الأحاديث والآثار. تحقيق عبد الخالق الأفغاني، الهند، بمباي، الدار السلفية، الطبعة الثانية 1399 هـ/ 1979 م 1 مج. ابن الأثير، أبو الحسن علي بن محمد الجزري (630 هـ/ م، 1233 م). اللباب في تهذيب الأنساب، بيروت، دار صادر، 1400 هـ / 1980 م، 3 مج، 3 ج. ابن الجارود، عبد الله بن علي الجارود النيسابوري (307 هـ/ 919 م). المنتقى من السنن المسنده. تأليف عبد الله بن علي الجارود، باكستان، مطابع لاهور، الطبعة الأولى 1403 هـ / 1983 م، 1 مج.

ابن إسحاق، محمد بن إسحاق المطلبي (151 هـ/ 768 م). السير والمغازي، تحقيق د. سهيل زكار. بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى 1398 هـ/ 1978 م، 1 مج،1 ج، 384 صفحة. ابن الأنباري، كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد (577 هـ/ 1181 م). الأنصاف في مسائل الخلاف. تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة بدون تاريخ، 2 مج، 2 ج. ابن جرير الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير (310 هـ/ 922 م). جامع البيان في تفسير القرآن. بيروت، دار المعرفة (طبعة مصورة عن الطبعة الأولى بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق بمصر سنة 1324 هـ/ 1906 م)، 12 مج، 30 ج. ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، أبو الفرج (597 هـ/ 1200 م). الموضوعات. تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان. المدينة المنورة، نشره محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية، ط 1، 1386 هـ/ 1966 م، 3 مج، 3 ج. ابن حبان، محمد بن حبان التميمي البستي، أبو حاتم (354 هـ/ 965 م). 1 - صحيح ابن حبان. تحقيق شعيب الأرنؤوط وحسين أسد. بيروت، مؤسسة الراسلة. ط 1، 1404 هـ/ 1984 م. صدر منه المجلد الأول في 486 صفحة. 2 - كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين. تحقيق محمد إبراهيم زيد. حلب، دار الوعي، ط 1، 1396 هـ/ 1976 م، 3 مج 3 ج. ابن حجر، أحمد بن علي بن شهاب الدين العسقلاني (852 هـ/ 1448 م). 1 - الإِصابة في تمييز الصحابة. القاهرة، مطبعة السعادة ط 1، 1328 هـ/ 1919 م، 4 مج، 4 ج (وبهامشه الاستيعاب لابن عبد البر). 2 - بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام. تصحيح وتعليق محمد عبد العزيز الخولي.

بيروت طبعة مصورة عن الطبعة المصرية، 1400 هـ/1980 م، (معه سبل السلام شرح بلوغ المرام) 4 مج، 4 ج. 3 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه. تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة، الدار المصرية للتأليف، ط 1، 1383 هـ/ 1964 م، 4 مج، 4 ج. 4 - تقريب التهذيب. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، المدينة المنورة المكتبة العلمية لصاحبها محمد سلطان النمنكاني، ط 1، 1380 هـ / 1960 م، 2 مج، 2 ج. 5 - تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير. تحقيق ونشر عبد الله هاشم اليماني المدني، المدينة المنورة، ط 1، 1384 هـ/ 1964 م، 2 مج، 4 ج. 6 - تهذيب التهذيب. حيدر أباد - الهند، دائرة المعارف العثمانية، ط 1، 1325 - 1327 هـ / 1907 - 1909 م، 12 مج، 12 ج. 7 - فتح الباري شرح صحيح البخاري. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب بيروت، دار المعرفة، بدون تاريخ 14 مج، المقدمة + 13 ج. 8 - لسان الميزان. بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 2 مصورة، 1390 هـ/ 1970 م، 7 مج،7 ج. 9 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت دار المعرفة، طبعة مصورة بدون تاريخ، 4 مج 4 ج. ابن حزم، علي بن أحمد بن سعيد، أبو محمد (456 هـ/ 1063 م). 1 - المحلى. تحقيق لجنة إحياء التراث في دار الآفاق الجديدة، بيروت، دار الآفاق الجديدة، بدون تاريخ، 8 مج، 11 ج. 2 - ملخص إبطال القياس. تحقيق سعيد الأفغاني. بيروت، دار الفكر، ط 2، 1389 هـ/1969 م، 1 ج، 100 صفحة. ابن حنبل، أحمد بن محمد، أبو عبد الله الإمام (241 هـ/ 855 م).

المسند. القاهرة، المطبعة الميمنية، ط 1، 1313 هـ / 1895 م، 6 مج، 6 ج. ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (311 هـ/ 923 م). صحيح ابن خزيمة. تحقيق محمد مصطفى الأعظمي. بيروت، المكتب الإِسلامي ط 1، 1399 هـ/ 1979 م، 4 مج، 4 ج. ابن خلكان، أحمد بن محمد أبو العباس (681 هـ / 1282 م). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. تحقيق د. إحسان عباس، بيروت، دار صادر، بدون تاريخ، 8 مج، 8 ج. ابن دقيق العيد، تقي الدين بن دقيق العيد (702 هـ/ 1302 م). إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام. بيروت، دار الكتب العلمية. ابن رجب الحنبلي، عبد الرحمن بن شهاب الدين (القرن 8 هـ). جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم. بيروت، دار المعرفة، طبعة مصورة، بدون تاريخ. ابن سعد، محمد بن سعد، أبو عبد الله (230 هـ/ 844 م). الطبقات الكبرى. تحقيق إحسان عباس، بيروت دار صادر، 1380 هـ/1960 م. 9 مج، 9 ج. ابن طولون، محمد بن طولون الدمشقي (953 هـ/ 1546 م). إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين. تحقيق محمود الأرناؤوط. بيروت مؤسسة الرسالة، ط، 1403 هـ / 1983 م، 1 ج، 168 صفحة. ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد القرطبي (463 هـ/ 1070 م). 1 - الاستذكار لمذاهب فقهاء الأمصار. تحقيق علي النجدي ناصف. القاهرة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، ط 1، 1390 هـ / 1971 م، صور منه 2 مج 2 ج، حتى باب قيام رمضان من كتاب الصلاة.

2 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب. تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة مطبعة نهضة مصر، ط 1، 1380 هـ / 1960 م، 4 مج، 4 ج. 3 - جامع بيان العلم وفضله. القاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، ط 1، 1398 هـ / 1978 م، 1 مج، 2 ج. ابن عدي، عبد الله بن عدي الجرجاني، أبو أحمد (365 هـ/ 975 م). الكامل في ضعفاء الرجال. بيروت، دار الفكر. ط 1، 1404 هـ / 1984 م،7 مج + جزء للفهارس. ابن العماد، عبد الحي بن العماد، أبو الفلاح الحنبلي (1089 هـ/ 1679 م). شذرات الذهب في أخبار من ذهب. بيروت، المكتب التجاري، طبعة مصورة بدون تاريخ، 4 مج، 8 ج. ابن فرحون، إبراهيم بن علي بن محصر المالكي (799 هـ/ 1397 م). الديباج المُذَهَّب في معرفة أعيان علماء المذهب. بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة مصورة بدون تاريخ، 1 مج، 1 ج. ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم (276 هـ/ 889 م). الشعر والشعراء. تحقيق دي جوجي، ليدن - هولندا، مطبعة بريل، ط 1، 1320 هـ/ 1902 م، 1 مج، 1 ج. ابن القيم، محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (751 هـ/ 1350 م). زاد المعاد في هدى خير العباد. تحقيق شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1399/ 1979 م، 5 مج، 5 ج. ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير، عماد الدين أبو الفداء (774 هـ/ 1372 م). البداية والنهاية. بيروت، مكتبة المعارف، ط 2، 1397 هـ / 1977 م، 7 مج، 14 ج.

ابن ماجه، محمد بن يزيد، أبو عبد الله (275 هـ/ 888 م). سنن ابن ماجه. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ط 1، 1374 هـ/ 1967 م، 2 مج 2 ج. ابن معين، يحيى بن معين بن زياد المُري الغطفاني (233 هـ/ 847 م) التاريخ، تحقيق أحمد محمد نور سيف. ابن هداية الله، أبو بكر الحسيني (1014 هـ/ 1605 م). طبقات الشافعية. تحقيق عادل نويهض، بيروت، دار الآفاق، ط 1، 1391 هـ/ 1971 م، 1 مج، 1 ج. ابن هشام، أبو محمد، عبد الملك بن هشام (218 هـ/ 833 م). السيرة النبوية. تحقيق مصطفى السقّا وإبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شلبي القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 1، 1355 هـ/ 1936 م، 4 مج، 4 ج. أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (275 هـ/ 888 م). 1 - السنن. تحقيق عزت عبيد الدعّاس وعادل السيد، حمص، نشره محمد علي السيد، ط 1، 1389 هـ / 1969 م، 5 مج، 5 ج. 2 - المراسيل، القاهرة، الجامع الأزهر، الطبعة الأولى، المطبعة العلمية 1310 هـ، 1 مج. ابن سلام، أبو عبيد، القاسم بن سلام (224 هـ/ 838 م). الأموال. تحقيق محمد خليل هراس. بيروت، دار الفكر، ط 2، (1395 هـ / 1975 م) 1 مج، 1 ج، 750 صفحة. أبو سليمان، محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعي. تشنيف الأسماع بشيوخ الإِجازة والسماع. القاهرة. دار الشباب، ط 1،

1404 - هـ / 1984 م، 1 ج. أبو المحاسن، يوسف بن موسى الحنفي القاضي. المعتصر من المختصر من مشكل الآثار للطحاوي. بيروت، عالم الكتب، طبعة مصورة بدون تاريخ، 2 مج، 2 ج. أبو نعيم، أحمد بن عبد الله الأصبهاني. (430 هـ/ 1038 م). 1 - ذكر أخبار أصبهان. ليدن، مطبعة بريل، ط 1، 1350 هـ/ 1931 م، 2 مج، 2 ج. 2 - حلية الأولياء. وطبقات الأصفياء، بيروت، دار الفكر. أبو يعلى، أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (307 هـ/ 919 م). المسند. تحقيق حسين سليم أسد، دمشق، دار المأمون للتراث، ط 1، 1404 هـ/ 1984 م صدر منه المجلد الأول. الإِسنوي، جمال الدين، أبي محمد عبد الرحيم بن الحسن (772 هـ / 1370 م). التمهيد في تخريج الفروع على الأصول. تحقيق د. محمد حسن هيتو، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1401 هـ/ 1981 م. 1 مج. الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد الأندلسي (494 هـ/ 1100 م). المنتقى شرح الموطأ. القاهرة، مطبعة السعادة، ط 1، 1331 هـ / 1912 م، 4 مج،7 ج. البخاري، أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل (256 هـ/ 869 م). 1 - الأدب المفرد. ترتيب وتقديم كمال يوسف الحوت، بيروت، عالم الكتب ط 1، 1404 هـ / 1984 م 1 مج، 1 ج، 464 صفحة. 2 - التاريخ الكبير. تحقيق عبد الرحمن بن يحيى اليماني وجماعة. الهند، دائرة

المعارف العثمانية، ط 1، 1362 هـ/1943 م، 8 مج، 8 ج. 3 - صحيح البخاري. بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة باستنابول بدون تاريخ 4 مج، 8 ج. البغدادي، الخطيب، الحافظ أبي بكر أحمد بن علي (463 هـ/107 م). 1 - تاريخ بغداد. بيروت، دار الكتاب العربي (طبعة مصورة) بدون تاريخ 14 مج، 14 ج - تصحيح محمد سعيد العرفي. 2 - الفقيه والمتفقه. تحقيق. الشيخ إسماعيل الأنصاري. بيروت، دار الكتب العلمية، ط 2، 1400 هـ/1980 م، 1 مج، 2 ج. البوصيري، أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل، شهاب الدين (840 هـ / 1436 م). مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه. تحقيق محمد المنتقى الكشناوي، بيروت، دار العربية، ط 2، 1403 هـ/1983 م، 2 مج، 2 ج. البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي (458 هـ / 1065 م). السنن الكبرى. حيدر آباد، الهند، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط 1، 1344 هـ - 1355 هـ/1925 - 1936 م، 10 مج، 10 ج. الترمذي محمد بن عيسى بن سورة (279 هـ / 892 م). سنن الترمذي المسمى بالجامع الصحيح. تحقيق أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض، بيروت، دار إحياء التراث، طبعة مصورة، 1356 - 1381 هـ / 1937 - 1962 م، 5 مج، 5 ج. الحازمي، محمد بن موسى بن عثمان بن حازم الهمداني (584 هـ / 1187 م). الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار. نشر راتب حاكمي، حمص الطبعة الأولى، مطبعة الأندلس، 1386 هـ / 1966 م. الحاكم، الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (405 هـ/ 1014 م). المستدرك على الصحيحين. بيروت، دار الكتاب العربي، طبعة مصورة عن

الطبعة الهندية. بدون تاريخ، 4 مج، 4 ج. الحميدي، عبد الله بن الزبير، أبو بكر (219 هـ/ 834 م). المسند. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. بيروت، عالم الكتب، طبعة مصورة عن طبعة المجلس العلمي بالهند، 2 مج، 2 ج. الخطابي، حمد بن محمد، أبو سليمان البستي (388 هـ/998 م). معالم السنن. تحقيق أحمد محمد شاكر، ومحمد حامد الفقي. بيروت، دار المعرفة، طبعة مصورة عن الطبعة المصرية، 1400 هـ / 1980 م، 8 مج، 8 ج. الدارقطني. علي بن عمر (385 هـ / 995 م). 1 - سنن الدارقطني. تحقيق عبد الله هاشم يماني المدني، القاهرة، دار المحاسن للطبعة، 1386 هـ/1966 م، 2 مج 4 ج. 2 - الضعفاء والمتركوون. تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر. الرياض، مكتبة المعارف، ط 1، 1404 هـ/ 1984 م، 1 ج، 448 صفحة. الدارمي، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن (255 هـ/868 م). السنن. تحقيق محمد أحمد دهمان. بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ، 2 مج،2 ج. الداني. أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ (444 هـ/1052 م). التيسير في القراءات السبع. تصحيح اوتوبرتزل، اسطنبول، مطبعة الدولة، ط 1، 1349 هـ/1930 م، 1 ج، 228 صفحة. الدولابي، محمد بن أحمد بن حماد الدولابي (310 هـ/922 م). الكنى والأسماء، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة 1043 هـ / 1983 م. الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، شمس الدين (748 هـ/1347 م). 1 - تجريد أسماء الصحابة. تصحيح صالحة عبد الحكيم شرف الدين. الهند، بومباي، نشره شرف الدين الكتبي. ط 1، 1389 هـ/ 1969 م، 1 مج، 2 ج.

2 - تذكرة الحفاظ. بيروت دار إحياء التراث العربي، طبعة مصورة بدون تاريخ، 2 مج،4 ج. 3 - سير أعلام النبلاء. تحقيق الأرنؤوط وجماعة. بيروت، مؤسسة الرسالة. ط 1، 1400 - 1404 هـ/1980 - 1984 م) 25 مج، 25 ج. 4 - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة. بيروت، دار الكتب العلمية ط 1، 1403 هـ / 1983 م / 3 مج، 3 ج. 5 - المغني في الضعفاء. تحقيق نور الدين عتر. حلب، دار المعارف، ط 1، 1391 هـ/1971 م،2 مج،2 ج. 6 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال. تحقيق علي محمد البجاوي، بيروت، دار المعرفة ط 1، 1382 هـ/ 1963 م، 4 مج، 4 ج. الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (كان حيًا 666 هـ / 1268 م). مختار الصحاح. دمشق، دار الحكمة. ط. سنة 1394 هـ/ 1974 م، 1 مج، 1 ج. الرازي، فخر الدين، أبو عبد الله محمد بن عمر (606 هـ/ 1209 م). التفسير الكبير. طهران، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، بدون تاريخ، 16 مج، 32 ج. الزركلي، خير الدين. الأعلام، قاموس تراجم. بيروت. دار العلم للملايين ط 4، 1399 هـ/ 1979 م، 8 مج. الزيلعي، جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف (762 هـ / 1360 م). نصب الراية لأحاديث الهداية. طبع بعناية المجلس العلمي بالهند، في دار المأمون بالقاهرة، ط 1، 1357 هـ / 1938 م، 4 مج، 4 ج. السبكي، تاج الدين تقي الدين أبي نصر عبد الوهاب (771 هـ/ 1370 م).

طبقات الشافعية الكبرى. بيروت، دار المعرفة، ط، مصورة بالأوفست، 1397 هـ / 1977 م، 6 مج، 6 ج. السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، شمس الدين، (902 هـ / 1496 م). 1 - فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان. المدينة المنورة. نشره محمد عبد الحسن كتبي، صاحب المكتبة السلفية، ط 2، 1388 هـ / 1968 م / 3 مج، 3 ج. 2 - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة. تحقيق عبد الله محمد الصديق، وعبد الوهاب عبد اللطيف. بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1399 م / 1979 م، 1 مج، 1 ج. سركيس، يوسف إليان (1351 هـ/1932 م). معجم المطبوعات العربية والمعربة. القاهرة، مطبعة سركيس، ط 1، 1346 هـ/1928 م، 1 مج، 2 ج. السمعاني، عبد الكريم بن محمد بن منصور (562 هـ/1166 م). الأنساب. تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعاصي، بيروت، نشره محمد أمين دمج، ط 2، 1400 هـ/ 1980 م، 10 مج، 10 ج. السندي، محمد عابد. ترتيب مسند الإِمام المعظم والمجتهد المقدم أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي. تحقيق يوسف علي الزواوي الحسني وعزت العطار الحسيني، القاهرة، مكتب نشر الثقافة الإسلامية، ط 1، 1370 هـ/1951 م، 11 مج، 2 ج. السهيلي، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله (581 هـ / 1185 م). الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام. تحقيق طه عبد الرؤوف سعد. بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة بدون تاريخ، 4 مج، 4 ج.

سيبويه، أبو بشر، عمرو بن عثمان (180 هـ / 796 م). الكتاب. تحقيق عبد السلام محمد هارون. القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب. ط 6، 1385 هـ / 1966 م، 5 مج، 5 ج. السيرافي، أبو سعيد الحسن بن عبد الله (368 هـ / 978 م). أخبار النحويين البصريين. تحقيق طه محمد الزيني ومحمد عبد المنعم خفاجي، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي. ط 1، 1374 هـ / 1955 م، 1 ج. السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (911 هـ / 1505 م). 1 - تنوير الحوالك شرح موطأ مالك. بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة بدون تاريخ 1 مج، 2 ج، 344 + 268 ص، وبآخره كتاب إسعاف المبطأ برجال الموطأ للسيوطي، 36 صفحة. 2 - الجامع الصغير. تصحيح أحمد سعد علي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 4، مصورة عن طبعة القاهرة 1373 هـ / 1954 م، 1 مج، 2 ج. 3 - طبقات المفسرين، بيروت، دار الكتاب العلمية، ط 1، 1403 هـ / 1983 م، 1 ج، 176 ص. الشافعي، الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس (204 هـ/ 819 م). 1 - الأم. تصحيح محمد زهري النجار. بيروت، دار المعرفة (طبعة مصورة) 1393 هـ / 1973 م، 4 مج، 8 ج. 2 - ترتيب المسند. ترتيب محمد عابد السندي. تحقيق يوسف علي الزواوي الحسني وعزت العطار الحسيني. القاهرة، مكتب نشر الثقافة الإِسلامية ط 1، 1370 هـ / 1951 م، 1 مج، 2 ج. 3 - الرسالة في أصول الفقه. تحقيق محمد سيد كيلاني، القاهرة، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 1، 1388 هـ / 1969 م، 1 ج، 268 صفحة. 4 - المسند. بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1400 هـ/ 1980 م، 1 مج، 1 ج.

الشيباني، محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (189 هـ/805 م). الحجة على أهل المدينة. ترتيب مهدي حسن الكيلاني القادري، بيروت، عالم الكتب. الشيرازي، إبراهيم بن علي بن يوسف، أبو إسحاق (476 هـ / 1083 م). 1 - اللمع في أصول الفقه. القاهرة. شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 3، 1377 هـ / 1957 م، 1 ج، 80 صفحة. 2 - طبقات الفقهاء. تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار الرائد العربي، ط 1، 1390 هـ/1970 م، 1 مج، 1 ج. الصفدي، صلاح الدين، خليل بن أيبك (764 هـ / 1362 م). الوافي بالوفيات. عناية جماعة من المحققين، سلسلة النشرات الإسلامية/ 6، بيروت، المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، ط 1، 1350 - 1403 هـ/1931 - 1983 م)، 22 مج، 22 ج. الطبراني، أبو القاسم، سليمان بن أحمد (360 هـ/ 970 م). 1 - المعجم الصغير. بيروت، دار الكتب العلمية، 1403 هـ / 1983 م، 1 مج، 2 ج. 2 - المعجم الكبير. تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي. بغداد، وزارة الأوقاف، سلسلة إحياء التراث/31، مطبعة الوطن العربي 1398 هـ / 1978 م، 22 مج، ناقص 17 - 20. الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير (130 هـ / 922 م). تفسير الطبري المسمى بجامع البيان في تفسير القرآن. القاهرة، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، ط 1، 1323 هـ / 1905 م، 12 مج، 30 ج. الطحاوي، أحمد بن محمد بن سلامة الحنفي (321 هـ). 1 - مشكل الآثار. حيدر آباد الدكن، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند ط 1، 1333 هـ / 1914 م، 4 مج، 4 ج.

2 - شرح معاني الآثار، تحقيق محمد زهري النجار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1399 هـ 1979 م. الطيالسي، سليمان بن داود، أبو داود (204 هـ/ 819 م). 1 - مسند أبي داود الطيالسي. الهند، حيدر أباد، الدكن، مجلس دائرة المعارف النظامية ط 1، 1321 هـ/1903 م، 1 مج، 1 ج 392 صفحة. 2 - منحة المعبود، ترتيب مسند الطيالسي أبي داود، تحقيق البنا عبد الباقي، محمد فؤاد، وآخرون. 1 - المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف. ليدن، هولندا، بريل، ط 1، 1355 هـ/1936 م، 7 مج، 7 ج. ط - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. بيروت، دار إحياء التراث، طبعة مصورة بدون تاريخ. 1 مج، 1 ج. عبد الرزاق، أبو بكر بن همام الصنعاني (211 هـ/826 م). المصنف. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. الهند، المجلس العلمي، ط 1، 1392 هـ 1/ 1972 م، 11 مج، 11 ج. العجلوني، إسماعيل بن محمد (1162 هـ / 1748 م). كشف الخفاء ومزيل الإِلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. تحقيق أحمد القلاش. بيروت، مؤسسة الرسالة ط 3، 1403 هـ / 1983 م، 2 مج، 2 ج. العراقي، الحافظ عبد الرحيم بن الحسين (804 هـ/ 1401 م). 1 - تخريج أحاديث مختصر المنهاج. تحقيق صبحي السامرائي، طبع في مجلة البحث العلمي والتراث الإِسلامى، بمكة المكرمة، العدد الثاني (1399 هـ / 1979 م). ص 279 - 313. ط - طرح التثريب في شرح التقريب. عناية جمعية النشر والتأليف الأزهرية، حلب،

دار المعارف، بدون تاريخ، 4 مج، 8 مج. العظيم آبادي، أبو الطيب، محمد شمس الحق. التعليق المغني على الدارقطني. القاهرة. دار المحاسن للطباعة، ط 1، 1386 هـ / 1966 م، 2 مج، 4 ج، مطبوع بذيل سنن الدارقطني. الغماري، أحمد بن محمد بن الصديق المغربي. مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب. بيروت، دار القرآن الكريم، طبعة مصورة، 1 ج، 94 صفحة. الغماري، عبد الله بن محمد. الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج للبيضاوي. تحقيق الشيخ سمير طه المجذوب، بيروت، عالم الكتب ط 1، 1404 هـ / 1984 م. الغماري، عبد العزيز بن محمد. التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التدليس. بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1404 هـ/1984 م، 1 ج، 122 صفحة. الفيروزآبادي، مجد الدين بن يعقوب، (817 هـ/ 1414 م). القاموس المحيط. القاهرة، مؤسسة الحلبي، 1372 هـ / 1952 م، 4 مج، 4 ج. الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري (770 هـ / 1368 م). المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي. بيروت، بدون تاريخ، المكتبة العلمية، 1 مج، 2 ج. القزويني، عمر، أبو جعفر (699 هـ / 1299 م). مختصر شعب الإِيمان للبيهقي. تحقيق محمد منير الدمشقي. القاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، ط - 2، 1355 هـ / 1936 م، 1 ج، 252 صفحة. القفطي، الوزير جمال الدين، أبي الحسن علي بن يوسف (646 هـ/1248 م). إنباه الرواة على أنباه النّحاة. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، مطبعة

دار الكتب المصرية، ط 1، 1369 هـ / 1950 م، 4 مج، 4 ج. كحّالة، عمر رضا. معجم المؤلفين. بيروت، دار إحياء التراث العربي، طبعة مصورة، بدون تاريخ، 8 مج، 15 ج. اللكنوي. محمد عبد الحي الهندي، أبو الحسنات (1304 هـ / 1887 م). الفوائد البهية في تراجم الحنفية. بيروت، دار المعرفة، طبعة مصورة بدون تاريخ، 1 ج. مالك، ابن أنس الأصبحي، الإِمام صاحب المذهب (179 هـ/ 795 م). 1 - الموطأ. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط 1، 1389 هـ / 1940 م، 2 مج،2 ج. 2 - الموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف بيروت، دار الكتب العلمية، ط 2، 1399/ 1979 م، 1 ج، 394 صفحة. 3 - الموطأ مع تنوير الحوالك. بيروت، دار الفكر، طبعة مصورة بدون تاريخ 1 مج، 2 ج. محمد بن خلف بن حيان، المعروف بوكيع (306 هـ / 918 م). أخبار القضاة، بيروت، عالم الكتب. محمد الشريف بن مصطفى التوقادي، مفتاح الصحيحين بخاري ومسلم، ط بيروت، دار الكتب العلمية. المراغي، عبد الله بن مصطفى. الفتح المبين في طبقات الأصوليين. بيروت، نشره محمد أمين دمج ط 2، 1394 هـ / 1974 م، 1 مج،3 ج. المزي، جمال الدين، أبو الحجاج يوسف بن الزكي (742 هـ/ 1341 م). 1 - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف. تحقيق عبد الصمد شرف الدين. الهند، الدار

القيمة ط 1، 1396 هـ / 1976 م، 15 مج، 15 ج. 2 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال. دمشق دار المأمون للتراث، نسخة مصورة عن النسخة الخطية المحفوظة بدار الكتب المصرية، ط 1، 1402 هـ/1982 م، 3 مج، 3 ج. مسلم، أبو الحسين، ابن الحجاج القشيري (261 هـ/ 874 م). 1 - صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي. طبعة مصورة عن طبعة عيسى البابي الحلبي بمصر الأولى سنة 1374 هـ / 1955 م، 5 مج، 5 ج. 2 - الكنى والأسماء. تحقيق عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، المدينة المنورة، المجلس العلمي بالجامعة الإِسلامية، ط 1، 1404 هـ / 1984 م، 2 مج، 2 ج. المناوي، محمد المدعو بعبد الرؤوف. فيض القدير شرح الجامع الصغير. بيروت. دار المعرفة، طبعة مصورة عام 1391 هـ / 1971 م، 6 مج، 6 ج. المنذري، عبد العظيم بن عبد القوي، الحافظ زكي الدين (656 هـ/1258 م). 1 - الترغيب والترهيب. تحقيق مصطفى محمد عمارة. بيروت دار الفكر، طبعة مصورة 1401 هـ / 1981 م، 4 مج، 4 ج. ط - مختصر سنن أبي داود. تحقيق محمد حامد الفقي، بيروت، دار المعرفة طبعة مصورة، 1400 هـ/1980 م، 8 مج، 8 ج (ومعه معالم السنن للخطابي وتهذيب الإِمام ابن القيم). النابغة الذبياني، زياد بن معاوية، (الشاعر الجاهلي (602 م). ديوان النابغة الذبياني. بيروت، دار صادر، بدون تاريخ، 1 ج. النسائي، أحمد بن علي بن شعيب (303 هـ / 915 م).

1 - سنن النسائي بشرح السيوطي. القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى. ط 1، 1348 هـ/ 1930 م، 4 مج، 8 ج. 2 - كتاب الضعفاء والمتروكين. تحقيق محمود إبراهيم زيد، حلب، دار الوعي ط 1، 1396 هـ / 1976 م، 1 مج، 1 ج. النووي، يحيى بن شرف، أبو زكريا الدمشقي (676 هـ / 1277 م). 1 - تهذيب الأسماء واللغات. بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة مصورة بدون تاريخ، 3 مج، 3 ج. 2 - المجموع شرح المهذب. المدينة المنورة، المكتبة السلفية، طبعة مصورة، بدون تاريخ ومعه فتح العزيز شرح الوجيز وهو الشرح الكبير للرافعي ومعه أيضًا التلخيص الحبير في تخريج الرافعي الكبير لابن حجر، 20 مج، 20 ج. هارون، عبد السلام محمد. معجم شواهد العربية. القاهرة، مكتبة ومطبعة الخانجى ط 1، 1392 هـ / 1972 م، 1 مج، 1 ج. الهيثمي، الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر (807 هـ / 1404 م). 1 - كشف الأستار عن زوائد البزار. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. بيروت مؤسسة الرسالة ط 1، 1399 هـ / 1979 م، 3 مج، 3 ج. 2 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - بيروت، دار الكتاب العربى، ط 2، 1387 هـ / 1976 م، 10 مج،10 ج. 3 - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة، بيروت دار الكتب العلمية. نسخة مصورة بدون تاريخ، 1 مج، 1 ج. ياقوت، أبو عبد الله بن عبد الله الحموي (226 هـ/1228 م). معجم البلدان، بيروت دار صادر، طبعة مصورة، 4 مج، 4 ج.

§1/1