النهر الفائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم، سراج الدين

النهر الفائق للإمام سراج الدين عمر بن إبراهيم بن نجيم الحنفي المتوفى سنة 1005هـ شرح كنز الدقائق للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود المعروف بحافظ الدين النسفي المتوفى سنة 710هـ حققه وعلق عليه أحمد عزو عناية منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة الأولى 1422هـ-2002م بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق ترجمة صاحب الكنز ترجمة المؤلف وصف المخطوط فهرس مراجع التحقيق

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر ولا تعسر الحمد لك يا من أظهر ما شاء لمن شاء من كنوز هدايته، وأطلع من أحب على دقائق الحقائق بفيض فضله وعنايته، وأصلي وأسلم على نهاية خلاصة الأصفياء وخيرة نخبة العظماء من الأنبياء محمد المختار من خيار الأخيار، وعلى آله وصحبه الكرام الأبرار ما تكرر الليل والنهار، وتواصلت قطرات الأمطار في الأقطار وتواصلت أبكار نفائس الأفكار. أما بعد فإن المختصر الفقهي المنسوب إلى أفضل المتأخرين وأكمل المتبحرين حافظ الملة والدين أبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، عمدة المحققين الموسوم (بكنز الدقائق) منتقى من منتقى فائق جمع أصول هذا الفن وقواعده واحتوى على غوامضه وشوارده، وكنت ممن توفرت رغبته على تعلمه وتعصيله وتزايد حرصه على الإحاطة بجمله وتفاصيله، فشرعت في شرح عليه يذلل صعاب عويصاته الأبية، ويسهل طرق [؟] الوصول إلى ذخائر كنوزه الفقهية [المخفية]، ويظهر [به يظهر] لكم خبايا [لباب آثار] تراكيبه، ومنه يعذب عباب بحار أساليبه، أودعته فوائد هي حقائق لباب [آراء] المتقدمين، وفوائد [وفرائد] هي نتائج أفكار المتأخرين، منبها على أوهام وقعت لبعض الناظرين، ولا [لا] سيما شيخنا الأخ زين الدين، ختام المتأخرين، تغمده الله برضوانه، ومتعه بجناته [بجنانه]، ولعمري فالسلامة [أن السلامة] من هذا الخطر هو [لأمر] يعز على البشر، وسميته (النهر الفائق بشرح كنز الدقائق)، والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، نجازى [مجازا] عليه في دار النعيم، آمين.

كتاب الطهارة

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطهارة ـــــــــــــــــــــــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطهارة قدمت العبادات على غيرها اهتماما بشأنها، قال بعض المحققين: لم نجدهم اعتمدوا في التقديم شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهتمام، لكن ينبغي أن يفسر وجه ذلك، وقد ظن كثير أنه يكفي أن يقال: قدم للعناية من غير أن يذكر من أين كانت تلك العناية وبمَ كان أهم وهي هنا كثرة الاحتياج، وهي مقولة بالتشكيك، ومن ثم بدأ بالصلاة؛ لأنها تالية الإيمان، ولا خفاء في شرطية الطهارة لها، والشرط يسبق المشروط طبعا، فكذا وضعا، وقدمت على غيرها من الشروط، قيل: لأنها لا تسقط بعذر، وأورد بأن النية كذلك فزيد، ويلزم وجوبها في كل ركن من أركانها بخلاف النية، فلا يشترط استصحابها لكل ركن، وهي من خصائص الصلاة، وأما النية: فمن خصائص العبادات، ولقائل أن يقول: لا نسلم أن النية والطهارة لا يسقطان به، بل قد يسقطان به، أما النية ففي "القنية": من توالت عليه الهموم تكفيه النية بلسانه. وأما الطهارة: فقد قالوا فيمن قطعت يداه إلى المرفقين ورجلاه إلى الكعبين وكان بوجهه جراحةٌ: إنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه في الأصح كما في "الظهيرية". فإذا اتصف بهذا الوصف بعد ما دخل الوقت سقطت عنه الطهارة بهذا العذر، ثم، كتاب الطهارة خبر لمحذوف، ولك نصبه على أنه مفعول لفعل محذوف، فإن أريد التعداد بني على السكون وجر بالكسرة تخلصا من التقاء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الساكنين، وهو مركب إضافي فقيل: حده لقبا يتوقف على معرفة فرده لأن العلم بالمركب يفيد العلم بجزأيه، وقيل: لا يتوقف لأن التسمية سلبت كلا من جزأيه عن معناه الإفرادي، وعليه فكتاب الطهارة لقبا ترجمته جعلت اسما لجملة المسائل المتضمنة لأحكام المضاف إليه فيها ورجح الأول بأنه أتم فائدة، ثم اختلف فقيل: الأولى البدأة بالمضاف لسبقه في الذكر، وقيل: بالمضاف إليه لسبقه في المعنى؛ إذ لا يعلم المضاف من حيث هو مضاف حتى يعلم ما أضيف إليه وهو أحسن لأن المعاني أقدم من الألفاظ كذا قرره الإمام الآبي من المالكية وهو حسن طال ما تفحصت عنه إذ قرروا نظيره في قولهم أصول الفقه، وإذا عرفت هذا فالكتاب لغة: إما مصدر وجاء على كتابة وكتبا سمي به المفعول مبالغة، أو أن فعالا بني للمفعول كاللباس معناه الجمع وهو ضم الشيء إلى الشيء ومنه كتب البغلة وعليها إذا جمع بين شعرها بشعرة وسميت/ كتابة لأنها جمع الحروف إلى صورها. قال في "المغرب": وقولهم سمي هذا العقد مكاتبة لأن فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة أو لأنه جمع بين نجمين فصاعدا ضعيف، وإنما الصحيح أن كلا منهما كتب على نفسه أمر هذا الوفاء، وهذا الأداء. انتهى، ووجه الضعف في "البحر" بأنه قيل: الأداء لم تحصل حرية الرقبة، والجمع بين النجمين ليس بلازم فيها لجوازها حالة، وأقول: غير خاف أن حرية الرقبة وإن لم توجد لكن انعقد سببها، والأصل فيها التنجيم، فالظاهر أن يقال: الجمع حقيقة إنما يكون في الأجسام. وما ذكر من المعاني وقد أمكن الحقيقي باعتبار أن كلا منهما كتب على نفسه أمرا يعني وثيقة جمع الحروف فيها. من هنا قال الشارح بعد ذكر الضعيف: ولأن كلا منهما يكتب الوثيقة وهذا أظهر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وعرفاً: جمع مسائل مستقلة، أي: ألفاظ مخصوصة دالة على مسائل مجموعة. وجوز بعض المحققين كونه عبارة عن النقوش الدالة عليها بتوسط تلك الألفاظ، أو عن المعاني المخصوصة من حيث أنها مدلول بتلك العبارات أو النقوش، أو عن المركب من الثلاثة أو الاثنين منها، فخرج جميع الحروف والكلمات التي ليست كذلك، والباب والفصل لدخولهما تحت الكتاب، وعم التعرف ما كان نوعا واحدا كاللقطة، أو أنواعا كالطهارة ومعنى الاستقلال عدم توقف تصور مسائل على شيء قبله وبعده لا الأصالة المطلقة كما ظنه من قال: اعتبرت مستقلة لإدخال كتاب الطهارة؛ إذ لا شك أن الاستقلال بالمعنى المذكور صادق عليه وفي طلاق "فتح القدير" الفصل صنف تحت ذلك المسمى بابا كما أن الباب يكون تحت المصنف المسمى كتابا، والكل تحت الصنف الذي هو العلم المدون فإنه صنف عال، والعلم مطلقا بمعنى الإدراك جنس وما تحته من اليقين والظن نوع، والعلوم المدونة تكون ظنية كالفقه، وقطعية كالكلام والحساب والهندسة، فواضع العلم لمّا لاحظ الغاية المطلوبة له فوجدها تترتب على العلم بأحوال شتى .. من جهة خاصة، وضعه ليبحث عنه من تلك الجهة فقد قيد ذلك النوع بعارض كلي، فصار خفيفا، وقيل: ... تم المصنفين من المؤلفين، وإن صح أيضا فيهم، وعلم مما ذكرنا أنها ... على التباين ... المقيد بكل منهما النوع، وإنما ذكر من نحو كتاب الحوالة ... بكتاب ... الطهارة بفتح الطاء لغة: النظافة عن الأدناس حسية كالأنجاس أو معنوية ... وقيل: حقيقة وقد استعملت فيهما شرعا إذ الحدث دنس حكمي والنجاسة الحقيقية دنس حقيقي وزوالهما طهارة، وبكسرها الآلة، وبضمها فضل ما يتطهر به. واصطلاحا: نظافة المحل عن النجاسة حقيقية كانت أو حكمية وهذا أولى من تعريفها بزوال حدث أو خبث كما في "البحر" لوجهين ظاهرين، ولا فرق في ذلك المحل بين أن يكون له تعلق بالصلاة كالثوب والبدن والمكان أو لا كالأواني والأطعمة وأورد الوضوء على الوضوء وأجيب بأن تسمية الثاني طهارة مجازا وأفردها لأنها مصدر والأصل فيه الإفراد، ومن جمعها أراد الأنواع باعتبار متعلقها من الحدث والخبث وآلتها من الماء والتراب كذا قالوا، وفيه بحث.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لما استقر من أن الجمع المعرف باللام مجاز عن الجنس فإذا حنث في نحو لا يشتري العبيد بالواحد فإرادة الأنواع إنما يحتاج إليها إن لو بقي الجمع على بابه وأجاب في "الحواشي اليعقوبية": بأن هذا عند عدم الاستغراق وعدم أنها للعهد كما في المثال المذكور، وانتفاء الأمرين هاهنا ممتنع، ولو سلم فاستواء هذا الجمع والمفرد ممتنع لما في لفظ الجمع من الإشعار بالتعدد، وإن بطل معنى الجمعية كيف وهذا الجمع لا يكاد يستعمل فيما لا يتعدد غايته أنه يصدق على الواحد والكثير بخلاف المفرد، انتهى. والمذكور في خلع "فتح القدير" من أن حملها على الجنس مشروط بشرطين عدم إمكان العهدية، وكذا لو قالت: خالعني على ما في يدي من الدراهم، ولا شيء في يدها ردت مهرها أو ثلاثة دراهم وإمكان الاستغراق، ولذا لم تحمل عليه في نحو: لأشترين العبيد حتى لم يبرأ إلا بثلاثة لعدم إمكانه وحملت عليه في نحو لا أشتري العبيد لإمكانه في النفي، فحنث بواحد وهذا مصحح لا موجب انتهى، لكن المذكور في "كافي المصنف" أنه تبر في الإثبات بواحد. وعلى ما في "الفتح" يأتي ما أجاب به بعض المتأخرين من أن إبطال معنى الجمعية مخصوص بموضع النفي نص عليه البزدوي في "أصوله"، انتهى. ومقتضى ما في "الكافي" انتفاء هذا الشرط فتدبره، ثم الإضافة لامية لا ميمية، ولا على معنى في لأن المضاف إليه باين المضاف ولم يكن ظرفا، أو كان أخص مطلقا كيوم الأحد وعلم الفقه وشجر الأراك كانت بمعنى اللام، وإن كان المباين ظرفا كانت بمعنى في، وإن اختص من وجه فإن كان المضاف إليه أصلا للمضاف، فالإضافة بمعنى من، وإلا فهي أيضا بمعنى اللام فإضافة خاتم إلى فضة بيانية وإضافة فضة إلى خاتم بمعنى اللام، كما يقال: خاتم فضتك خير من فضة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خاتمي، وجوز بعضهم كونها بيانية. وأما سبب/ وجوبها فهل هو الحدث أو الخبث أو إقامة الصلاة أو إرادتها؟ أقوال: إختار السرخسي الأول، ورجح الثاني في "الخلاصة" والثالث في "الكشف الكبير" وموافقة بعض هذه الأقوال لأهل الظاهر، أو غيرهم غير قادحة في صحتها عنهم كما ظنه في "البحر"، كيف والناقل ثقة واختار في "العناية": أن وجوبها لا وجودها لأنه مشروط إذا كان متأخرا عنها، وهو لا يكون سببا للمتقدم قيل: فيه نظر إذ وجود الصلاة مشروط بوجود الطهارة فلا ينافيه اشتراط وجوبها لوجود الصلاة، فالصواب أن يقال: إنه حينئذ يلزم أن لا تجب الصلاة بل بعدها مع أنه قاصر أيضا إذ لا يشمل النافلة لأنها غير واجبة، ويمكن أن يجاب بأن الوجود في النافلة ثابت عند الإرادة، وبالترك يسقط، نص عليه الشارح في الظهار، فإرادة النافلة سبب لوجوب واجب مخير فيصدق أنها سبب وجوده في الجملة. أما شرائطها، فقال الحلبي: لم أرها مجموعة والمأخوذة من كلامهم ثلاثة عشر شرطا، تسعة منها شروط وجوب والباقي شروط صحة، وقد نظمتها، قلت: شروط طهور المرء لا بد تعلم ** هي تكليف والإسلام محكم كذا حدث ماء طهور ومطلق ** وكاف وضيق الوقت والحيض معدم نفاس مع الإمكان للفعل هذه ** شروط وجوب ما بقي الصحة فاعملوا

فرض الوضوء غسل وجهه ـــــــــــــــــــــــــــــ فأولها استيعابك العضو كله ** وحيض نفاس والنواقض تعدم والله الموفق. (فرض الوضوء) أي: ركنه (غسل وجهه) الإضافة الأولى بيانية قيل: والفرق بينها وبين الإضافة الأعم إلى الأخص أنها في البيانية أريد تفسير الأول بالثاني، وفي إضافة الأعم أريد بالأعم هذا القدر الخاص، ويجوز أن تكون بمعنى اللام، والضمير عائد على المتوضئ المفاد من الوضوء قدمه على الغسل لأنه جزء منه ولكثرة الاحتياج إليه، ولذا قدم في القرآن وتعليم جبريل. والفرض لغة جاء بمعنى قدر وقطع وواجب والمشهور أنه مشترك. وقال الأصوليون: إنه حقيقة في التقدير مجاز في غيره إذ هو أولى من الاشتراك قيل لأن الاشتراك يحتاج إلى قرينتين بخلاف المجاز، وهذا ظاهره ليس بشيء، بل كل من المادة يحتاج إلى قرينة وتعددها بتعدده على البدل كتعددها بتعدد المجاز ولعل مرادهم لزوم الاحتياج دائما بتقديم الاشتراك دون المجاز بتعيين المراد ونفي الآخر انتهى. وغير خاف أن المعين نافية والمتغاير باعتبار الحيثية، وشرعا ما قطع بلزومه، كذا في "التحرير" لكنهم أطلقوه على العملي أيضا وعرفوه بما يفوت الجواز بفوته مع أنه يثبت بالظن نظر إلى قوة دلالته القطعية، ولذا فارق الواجب إن دخل في قسمة المفسر بما لزم فعله بدليل فيه شبهة كيف وقد قسموا الأدلة السمعية إلى أربعة أنواع: قطعي الثبوت والدلالة كالنصوص المتواترة، وقطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة، وظني الثبوت قطعي الدلالة كأخبار الآحاد التي مفهوماتها قطعية وظنيهما. وأثبتوا الفرض بالأول وبالثاني وبالثالث الواجب وبالرابع السنة والاستحباب. وأرادوا بالواجب ما يشمل الفرض العملي ومن هنا قال بعض المتأخرين: إنه أقوى نوعية وأضعف نوعي الفرض، وزادوا في التعريف: ولا ينجبر بجابر ولا حاجة إليه؛ لأن الجواز هنا بمعنى الصحة لا بمعنى الحل، ثم في إدراج المصنف المقدار

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الاجتهادي في الفروض إيماء إلى أنه أراد به العملي، قيل: هو بمعنى المفروض ولا حاجة إليه لأهنه صار من المنقولات الشرعية وبه سقط ما قاله بعض المتأخرين. كان المناسب عكس التركيب أو موضوع الفقه فعلى المكلف وموضوع المسألة ينبغي أن يكون جزئيا في جزئياته، على أنه في كلام المصنف مبني على ما اشتهر من وجوب الحكم بابتدائية المقدم من المعرفتين لتفاوت رتبهما أولا، لكن قال في "مغني اللبيب" التحقيق أن المبتدأ ما كان أعرف وعلى هذا فغسل وجهه وما عطف عليه هو الموضوع، لأن المضاف إلى المضاف إلى الضمير أعرف من المضاف إلى ذي الأداة كما صرحوا به. تنبيه: اعلم أن الفعل يطلق على المعنى الذي هو وصف للفاعل موجود كالهيئة المسماة بالصلاة من القيام والقراءة والركوع والسجود ونحوها، وكالهيئة المسماة بالصوم وهي: الإمساك عن المفطرات بياض النهار، وهذا يقال فيه الفعل بالمعنى الحاصل بالمصدر، وقد يطلق على نفس إيقاع الفاعل هذا المعنى ويقال فيه: الفعلي بالمعنى المصدري، أي: الذي هو أحد مدلولي الفعل ومتعلق التكليف إنما هو الفعل بالمعنى الأول لا الثاني؛ لأن الفعل بالمعنى الثاني اعتباري لا وجود له في الخارج، إذ لو كان موجودا لكان له موقع فيكون له إيقاع. وهكذا فيلزم التسلسل المحال فاعلم هذا فإنه ينفعك في كثير من المحال. والوضوء: بالضم من الوضاءة المصدر، وبالفتح ما يتوضأ به، ولم يقل أربعة لفساد المعنى، وذلك لأن المفرد المضاف يعم ومدلول العام/ من حيث الحكم عليه كلية، أي: محكوم فيه على كل فرد مطابقة فيلزم أن كل فرض أربعة، ومن هنا احتيج في قول القدوري فرائض الصلاة ستة إلى الجواب، وما قيل من أنه من باب كل رجل في البلد يحمل الصخرة العظيمة ففيه نظر.

وهو من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن ـــــــــــــــــــــــــــــ والغسل: بفتح الغين لغة إزالة الوسخ عن الشيء بإجراء الماء عليه، وبضمها اسم لغسل تمام الجسد وللماء الذي يغتسل به، وبكسرها: ما يغسل به الرأس من خطمي ونحوه، وشرعا هو الإسالة، وحدها أن يتقاطر الماء ولو قطرة عندهما وعند الثاني يجزئ إذا سال ولم يقطر، كذا في "الفتح". وفي "الذخيرة": قيل تأويل ما عن الثاني أنه إن سال قطرة أو قطرتين ولم يتدارك، وبهذا عرف أن ذكر التقاطر مع الإسالة في التعريف كما جرى عليه كثير مما لا حاجة إليه، لأنه حيث أخذ في مفهومها لم يصدق بدونها، (وهو من قصاص شعره إلى أسفل ذقنه) جملة معترضة بين بها طول الوجه. والقصاص: مثلثة القاف والضم أعلاها، حيث ينتهي نبته في الرأس؛ إذ المراد بالشعر شعر الرأس، وهذا الحد لم يذكر في ظاهر الرواية، وإنما ذكر في غير رواية "الأصول" وهو صحيح، كذا في "البدائع" لكن كون المبدأ في من القصاص باعتبار الغالب، والمطرد إنما هو مبتدأ سطح الجبهة إلى أسفل اللحيين، إذ الأغم: الذي نزل الشعر على جبهته لا يكفيه الغسل من القصاص. والأصلع: الذي انحسر شعره إلى وسط رأسه، لا يجب عليه الغسل منه بل لو مسح على الصلعة أجزأه في الأصح، كما في "الخلاصة". وفي "المجتبى": وقيل: إن قل فمن الوجه وإلا فمن الرأس، ولا يخفى أن

وإلى شحمتي الأذن ويديه بمرفقيه ـــــــــــــــــــــــــــــ من منع المسح على الصلعة يلزمه إيجاب الغسل من القصاص، فيجوز أن يكون التعريف بناء عليه لا أنه خرج مخرج الغالب، وبهذا عرف أن الاقتصار على إيراد الأغم أولى، (وإلى شحمتي الأذن) من عطف الجمل، إذ لا يصح عطفه على قوله: إلى أسفل ذقنه، والأذُن بضم الذال ولك إسكانها تخفيفا، وكذا كل ما جاء على فعل من الأذن بفتحتين، وهو: الاستماع، وشحمتها: ما لان منها ولم يثبتها مع أنه الأصل، لما أن لكل أذن شحمة اختصارا، أي: ومبدأ عرضه من شحمة الأذن إلى الأخرى. فدخل البياض الذي بين العذار والأذن فيجب غسله، وعن الثاني لا، وظاهر المذهب الذي عليه أكثر المشايخ في الصحيح الأول، وعم التعريف ما ظهر من الشفة عند انضمامها إلا ما استتر، وقيل: إنها تبع للفم مطلقا والأول أصح، واللحية والشارب. وسيأتي الاعتذار عنه في إفرادها بالذكر، ولا كلام أن الخفيفة التي ترى بشرتها يجب إيصال الماء إلى ما تحتها، فقول من قال: يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشارب محمول على ما إذا كان خفيفا ترى بشرته، وداخل العينين غير أنه سقط للحرج وخرج النزعتان بفتح النون والزاي ولك إسكانها وهما: الموضعان المختلطان بالناصية، وفي جانب الجنبين اللذين ينحسر الشعر عنهما في بعض الناس لأنهما من الرأس. ولا يقال للرأس نزعا بل زعوا والعرب به تمدح، لأنه آية الذكاء والسخاء، وتذم بالغمم لأنه ضد. (ويديه بمرفقيه) أي: معهما فالباء للمصاحبة آثر التعبير بها على "مع" لما أنها لابتداء المصاحبة، والباء لاستدامتها، وهو بكسر الميم وفتح الفاء في الأفصح رجاء عكسه أيضا في الإنسان والدابة على الذراع وأسفل العضد، وسمي بذلك لأنه يرتفق به في الاتكاء عليه ونحوه، وفيه إيماء إلى أن إلى في الآية بمعنى مع كقوله: {ويزدكم قوة إلى قوتكم} [هود:52] ورد بأنه يوجب غسل الكل، لأن اليد لغة اسم لما من رؤوس الأصابع إلى المنكب وقد يدفع بأن ما زاد على المرفقين خارج بالإجماع. قال في "البحر": وما في "غاية البيان" من أنها قد تدخل وقد لا تدخل، فتدخل احتياطا مردود بأن الحكم إذا توقف على الدليل لا يجب مع عدمه والاحتياط العمل: بأقوى الدليلين وهو فرع تجاذبهما، وهو: منتف، وما في الهداية" وغيرها من

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه غاية لمقدر تقديره اغسلوا أيديكم مسقطين إلى المرافق مردود، لأن الظاهر تعلقه باغسلوا وتعلقه بمقدر خلاف الظاهر على أنه يحتمل أيضا أسقطوا من المنكب إلى المرفق فلم يتعين الأول وفرقهم بين غاية الإسقاط والمد بأن الصدر إن تناول ما بعد إلى فهي للإسقاط، وإلا فللمد نحو: {أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة:87] غير مطرد لانتقاضه بما إذا حلف لا يكلمه إلى عشرة لم يدخل العاشر في ظاهر الرواية مع تناول العدد له. وما ذكره المحققون منهم الزمخشري مع أن إلى تفيد معنى الغاية مطلقا، فأما دخولها في الحكم وخروجها عنه فأمر يدور مع الدليل فمما فيه دليل الخروج قوله تعالى: {فنظرة إلى ميسرة} [البقرة:28] ومما فيه دليل الدخول للعلم بأنه لا يسري به إلى الأقصى من غير دخوله، وما نحن فيه لا دليل فيه على أحد الأمرين، فقلنا: بدخولهما احتياطا، إذ لم يرو عنه عليه الصلاة والسلام أنه ترك غسلهما، فلا يفيد الاقتراض، فالأولى الاستدلال بالإجماع. قال الشافعي رحمه الله في "الأم": لا يعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء وهذ منه حكاية للإجماع. قال العسقلاني في "فتح الباري": فعلى هذا فزفز محجوج بالإجماع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قبله، وكذا من قال: من أهل الظاهر ولم يثبت ذلك عن مالك صريحا، وإنما حكي عنه كلاما محتملا انتهى. وأقول: معنى الاحتياط هنا، هو: الخروج عن العهدة بيقين، وما نسبه إلى الهداية سهو، وإنما الذي فيها رد لقول زفر: الغاية لا تدخل في المغيا إن هذه الغاية لإسقاط ما ورائها يعني: فهي داخلة، والجار متعلق باغسلوا على كل حال والنقض بمسألة اليمين أجاب عنه في فتح القدير بأن الكلام هنا في اللغة، والأيمان مبني على العرف نعم يرد النقض بمثل ما قرأت من القرآن إلى سورة كذا، والهداية إلى كتاب كذا، فإن الغاية فيهما لا تدخل تحت المغيا مع تناول الصدر لها. وقوله: والأولى إلى آخره مما لا حاجة إليه إذ الفروض العملية لا تحتاج في إثباتها إلى القاطع فيحتاج إلى الإجماع على أن قول المجتهد لا أعلم مخالفاص ليس حكاية الإجماع الذي يكون غيره محجوجا به، فقد قال الإمام اللامشي في أصوله: لا خلاف أن جميع المجتهدين لو اجتمعوا على حكم واحد ووجدوا الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا. فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن يكون ذلك إجماعا. وقال الشافعي رحمه الله: لا أقول إنه إجماع ولكن أقول لا أعلم منه خلافاً. وقال أبو هاشم من المعتزلة: لا يكون إجماعا ويكون حجة أيضا انتهى. هذا ولو خلق له يدان ورجلان فالتامة هي الأصلية فما حاذى الزوائد محل الفرض غسل كالأصبع الزائدة والكف الزائد والسلعة وما لا فلا ولم أر في كلامهم ما

ورجليه بكعبيه ـــــــــــــــــــــــــــــ لو كانتا تامتين متصلتين أو منفصلتين، والظاهر وجوب غسلهما في الأول وواحدة في الثاني. ولو في أظفاره طين أو عجين فالفتوى أنه مغتفر قرويا كان أو مدنيا، (ورجليه بكعبيه) أي: معهما، وهما العظمان الناتئان من جانبي القدم أي: المرتفعان، هذا هو المنقول عن أهل اللغة، وأنكر الأصمعي قول الناس أنه في ظهر القدم، ومن ثم قال القدوري: لا خلاف بين أصحابنا في تفسيره بذلك. وأما ما رواه هشام عن محمد من أنه المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك فاتفق الشارحون تبعاً لما في المبسوط أنه سهو منه. وما قاله محمد إنما هو المحرم إذا لم يجد ذعلين، فإنه يقطع خفية أسفل من هذين الكعبين. فأما كعب الطهارة ففسره في الزيادات أي بما قلنا وفي الآية إشارة إليه، وذلك أنه لما كان في كل يد مرفق واحد قوبل جمع الأيدي بجمع المرافق على اعتبار انقسام آحاد أحد الجمعين على آحاد الجمع الآخر، وهو من الإيجاز البليغ ولو اتخذ في الرجل لقبح الكلام فيه بهذا المنوال، فلما عدل عن ذلك الأسلوب وقوبل جمع الرجل بتثنية

ومسح ربع رأسه ـــــــــــــــــــــــــــــ الكعب علم أنه في كل رجل متعدد، وفي أبي داود حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية الصفوف فكان الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه، ولم يتحقق الإلصاق إلا بما قلنا. وأما الاستدلال بأن ما كان موحدا من خلق الإنسان فتثنيته بلفظ الجمع، ومنه {فقد صغت قلوبكما} وما تعدد بلفظ التثنية، ولو كان كما قال هشام: لقيل إلى الكعاب كالمرافق فرده في البحر بأنه غير متعين لجواز أن يعتبر الكعبان بالنسبة إلى ما للمرء من جنس الرجل وهو اثنان. وأقول: هذا الاعتبار غير معتبر إذ مقابلة الجمع بالجمع المقتضي لانقسام الآحاد على الآحاد أوجبت غسل يد واحدة ورجل واحدة ووقعت الغاية فيها إلى الكعبين فاقتضى أن في كل رجل كعبين، ووجوب الثانية منهما، إما بالسنة، أو بدلالة النص على ما قيل، وبهذا ظهر سر قول القدوري بعد افتتاحه بالآية الشريفة، ففرض الوضوء غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس فتدبره. واعلم أن لوقوع الجمع موقع التثنية شروطا نبه عليها السمين، فقال: كل جزأين أضيفا إلى كليتهما لفظا أو تقديرا أو كانا مفردين من صاحبهما جاز فيهما ثلاثة أوجه أحسنها الجمع، ويليه الإفراد عند بعضهم، ويليه التثنية، وقيل: التثنية ثم الإفراد تقول: قطعت رأس الكبشين، ورأسي الكبشين. (ومسح ربع رأسه) وهو لغة إمرار اليد على الشيء، وعرفا إصابة الماء العضو سواء كان المصاب فيه عضوا، ولو ببلل باق فيه بعد غسل لا مسح أو لا، حتى لو أصابه من المطر قدر الفرض أجزأه، ثم الإجزاء بالبلل الباقي هو المشهور، ومنعه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاكم وعامة المشايخ خطؤوه. والصحيح ما قاله الحاكم: فقد نص الكرخي في جامعه الكبير عن الإمام، والثاني مفسرا معللا بأنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذراعيه لم يجز إلا بماء جديد، كذا في إيضاح الإصلاح. واعلم أن في مقدار فرض المسح روايات أشهرها ما في الكتاب. الثانية: مقدار الناصية اختارها القدوري. وفي الهداية: وهي الربع والتحقيق أنها أقل منه ولذا ذكر الإسبيجابي رواية الناصية ثم قال هذا إذا بلغته ربع الرأس وإلا فلا يصح المسح، وفي البدائع: روى الحسن: أنه الربع وذكر الكرخي والطحاوي أنه مقدار الناصية. الثالثة: مقدار ثلاثة أصابع رواها هشام عن الإمام، قيل: وهي ظاهر الرواية، وفي البدائع: أنها رواية الأصول وصححها في التحفة وغيرها. وفي الظهيرية: وعليها الفتوى، لأن المسح يكون بالآلة، وهي: الأصابع عادة والثلاث أكثرها، وللأكثر حكم الكل لكل نسب في الخلاصة رواية الثلاثة إلى محمد، وعلى ذلك

ولحيته ـــــــــــــــــــــــــــــ جرى في النهاية، قال بعض المتأخرين: ورواها ابن رستم عنه في نوادره وغاية ما يلزم من ذكرها في الأصول: أن يكون ظاهر الرواية عن محمد لا عن الإمام، كما قد يتبادر لنقل الأئمة الثقات كالكرخي والطحاوي عن أصحابنا أنه مقدار الناصية، فإن قلت المذكور في الأصول خال عن نسبة القول إليه قلت: بلى ولكنه محمول على أنه قوله كما في الفتح توفيقا، وعلى هذا فما في الرواية أنه ظاهر المذهب أي: عن محمد وتلك المقدمة الأخيرة أعني: أن للأكثر حكم الكل في حيز المنع هنا، لأن هذا من قبيل المقدار الشرعي بواسطة تعدي الفعل إلى تمام اليد فإنه بهي تقدر قدرها من الرأس وفيه تعتبر عين قدره كعدد ركعات الظهر وقدر بعضهم أنه لا خلاف في اعتبار الربع غير أنهما اعتبرا الممسوح عليها ومحمد اعتبر الممسوح به وهو: عشرة أصابع ربعها اثنتان ونصف غير أن الواحد لا يتجزئ فكمل ويرجح ما قالاه بأن المذكور في النص هو إنما هو: الممسوح عليه فكان بالاعتبار أولى انتهى. وتفرع على الروايتين: ما لو وضع ثلاثة أصابع ولم يمدها جاز على رواية الثلاثة لا الربع، ولو منصوبة لا لأنه لم يأت بالقدر المفروض وهذا بالإجماع. أما لو مدها حتى لو بلغ القدر المفروض لم يجز أيضا عند أصحابنا الثلاثة خوفا لزفر وكذا الخلاف في الإصبع والإصبعين إذا بلغ القدر المفروض بالمد، كذا في البدائع وفي الفتح: لم أر في كلامهم في مد الثلاث إلا الجواز انتهى. وقد وقفت على ما هو المنقول ولم يذكر في ظاهر الرواية ما لو مسح بجوانب إصبع واحدة، وقد قال بعضهم: يجوز وهو الصحيح، وكذا بأطراف أصابعه سواء كان الماء متقاطرا أو لا وهو الأصح، كما في الخلاصة. (ولحيته): بكسر اللام وفتحها، وأفردها مع دخولها في حد الوجه ميلا إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ اختيار وجوب مسح ربعها إن عطفت على رأسه، وهو رواية الحسن عن الإمام أو كلها إن عطفت على ربع وهو رواية بشر عن الثاني هذا مقتضى اللفظ. وإن اقتصر في الكافي على الأول. وثمة ثالثة وهو: مسح ما لاقى البشرة رجحها قاضي خان في شرح الجامع الصغير وعليها جرى في المجمع وفي البدائع. روى ابن شجاع عن الإمام وزفر: أنه إذا مسح ثلثا أو ربعا جاز، وقال أبو يوسف: إذا لم يمسح شيئا منها جاز وهذه الروايات مرجوع عنها، والصحيح وجوب الغسل، قال في الظهيرية: وعليه الفتوى. ولا خلاف أن المسترسل لا يجب غسله ولا مسحه ولكن يسن، وأن التي ترى بشرتها يجب إيصال الماء إليها. تنبيه: قدمنا أن القندوري افتتح كتابه بآية الوضوء ثم قال: ففرض الطهارة غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، قال بعض المتأخرين: فهذه الفاء سواء كانت لترتيب الحكم على الدليل أو لتعقيب الإجمال بالتفصيل تفصح عن كون المراد بيان فرائض الوضوء المأمور به في الآية، وحينئذ فلا بد أن يذكر النية في جملة الفرائض، إذ لا نزاع لأصحابنا في أن الوضوء المأمور به لا يصح بدون النية إنما نزاعهم في توقف الصلاة على الوضوء المأمور به. وأشار أبو الحسن الكرخي إلى هذا، وقال الدبوسي: في أسراره وكثير من

وسنته ـــــــــــــــــــــــــــــ مشايخنا يظنون أن المأمور به من الوضوء يتأدى من غير نية، وهذا غلط فإن المأمور به عبادة والوضوء بغير نية ليس بعبادة، وفي مبسوط شيخ الإسلام لا كلام في أن الوضوء المأمور به غير مقصود وإنما المقصود الطهارة وهي تحصل بالمأمور به وغيره لأن الماء مطهر بالطبع انتهى. أقول: لا نسلم أنهم أرادوا بيان الوضوء المأمور به فقط، إذ الآية كما أفادت كونه مأمورا به أفادت كونه شرطا للصلاة أيضا، والمقصود بيان شرطيته فحيث دل على ذلك ذكرهم النية في السنن فانح السنن، فإنه حسن، (وسننه) ذكر السنن بعد الفرائض إيماء إلى أنه لا واجب في الوضوء، وإلا لذكره مقدما، وأما الوضوء نفسه فقد يكون فرضا وهو: الوضوء للفريضة والجنازة وسجدة التلاوة، وواجبا وهو: الوضوء للطواف ومندوبا: وهو للنوم وبعد الغيبة والكذب وإنشاد الشعر والقهقهة وغسل الميت ومنه الوضوء على الوضوء، كذا في الخلاصة زاد الهندواني في مختصره المسمى بالشامل والنظر في محاسن المرأة والاختلاف في النقض، ولوقت كل صلاة والتقيير بالفريضة يخرج النافلة مع أنه قد مر وجوبه عند ارادتها، وبالترك يسقط والظاهر أنه عنى به ما يعاقب على تركه وأفرد الفرائض وجمع السنن؛ لأنها وإن تعددت فهي متحدة حكما، حيث لا يعتد ببعضها عند فوات البعض الآخر. أما السنن فكل منها مستقل حكما إذ كل واحدة منها تعد فضيلة، وإن لم توجد الأخرى، وهي لغة: الطريقة مطلقا، وعرفا: الطريقة المسلوكة في الدين، كذا في العناية لكنه غير مانع لصدقه على المستحب، وقد أخذ مقابلا للفرض والواجب. وقال في غاية البيان: هي ما في فعله ثراب وفي تركه عتاب لا عقاب وأيده بعض المتأخرين بأنه المعنى المناسب للمقام، وهو وإن كان تعريفا بالحكم إلا أن الفقهاء يتسامحون في التعريف به لما أن الأحكام هي محط مواقع أنظارهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي فتح القدير: هي ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع الترك أحيانا، وفيه بحث من وجوه: الأول: ليس كلما كان كذلك يكون سنة بل لا بد أن يكون على وجه العبادة، كما قيده به في إيضاح الإصلاح ليخرج ما كان كذلك على وجه العبادة. الثاني: لا بد أن يقال: وكانت من خصائص تلك العبادة لأن عدم الاختصاص ينافيها، ومن ثم كان السواك مندوبا في الوضوء لعدم اختصاصه به. الثالث: لا بد أن يزاد وواظب عليها الخلفاء بعده، ليدخل التراويح إذ قد أطبقوا على أن سنيتها لمواظبة الخلفاء عليها. وما في السراج هي: ما فعله عليه الصلاة والسلام أو واحد من أصحابه فتعريف لمطلق السنة والكلام في المؤكدة. الرابع: لا بد أن يقيد الترك بكونه لغير عذر، كما في التحرير ليخرج المتروك بعذر كالقيام المفروض، وكأنه إنما تركه لأن الترك لعذر لا يعد تركا، ثم هذا كله ظاهر في أن المواظبة دون ترك تفيد الوجوب، وهو مخالف لاستدلالهم على سنية اعتكاف العشر الأخير من رمضان بأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليه حتى توفاه الله تعالى كما في الصحيح. وأشار في الفتح إلى الجواب: بأنها لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعل كانت دليل السنية، وأن لا يكون دليل الوجوب، وأوضحه في الحواشي السعدية بأنه لما لم ينكر على التارك كان في حكم التارك؛ إذ الترك كان لتعليم الجواز وعدم الإنكار للتارك يفيد تعليم الجواز فيكون المراد مع الترك أحيانا حقيقة أو حكما، انتهى. أقول: وينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يكن ذلك الفعل المواظب عليه مما اختص وجوبه به كصلاة الضحى، أما إذا كان عدم الإنكار على من لم يفعل لا يصح أن ينزل منزلة الترك. بقي هذا أن التقرير خاص بالفعلية فيخرج عنه ما ثبت بقوله: وهو من السنن كثير، وقد أثبتوا كما سيأتي سنية غسل اليدين في ابتداء الوضوء بالنهي عن الغمس قبل الغسل ثلاثا، وقول بعضهم لما نهي عنه فالظاهر أنه

غسل يديه إلى رسغيه ابتداء ـــــــــــــــــــــــــــــ واظب عليه، وما السنة إلا كذلك مدفوع بأن الترك أحيانا مأخوذ في تعريفها، ومن ثم عرفها الشمني بما ثبت بقوله أو فعله وليس بواجب ولا مستحب، انتهى. وهو تعريف لمطلقها غير أن الشرط في المؤكدة مواظبة مع ترك، وشأن الشروط أن لا تذكر في التعاريف وأورد عليه في البحر المباح يعني: بناء لعى ما هو المنصوص عندهم من الأصل في الأشياء التوقف، إلا أن الفقهاء كثيرا ما يلهجون بأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالتعريف بناء عليه ثم قال: الذي ظهر لي أن السنة ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم، لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل المؤكدة أو مع الترك أحيانا، فدليل غير المؤكدة، وإن اقترنت بالإنكار كانت دليل الوجوب، انتهى. ومنشأ هذا في قوله في الفتح: وإلا، أي: وإن اقترنت بالإنكار يكون دليل الوجوب وفي التلويح المختار أن مطلق المواظبة لا يدل على الوجوب، وكان هذا مذهب أصولي وإلا فهم مصرحون في غير ما موضع من الفروع أنها تفيده (غسل يديه) الطاهرتين. أما غسل المتنجسين على وجه لا يفضي إلى تنجس الماء أو غيره ففرض ولم يقل ثلاثا، لأن الغسل الكامل ينصرف إليه (إلى رسغيه)، الرسغ: بضم الراء مفصل الكف في الذراع والقدمين في الساق، واكتفى بالغسل إليهما لحصول المقصود، وهو تنظيف الآلة ولم يقل: قبل إدخالهما الإناء لئلا يتوهم اختصاص السنة بوقت الحاجة لأن مفاهيم الكتب حجة بخلاف أكثر مفاهيم النصوص (ابتداء)، أي: في ابتداء الوضوء أو مبتدأ مستيقظا كان أو لا، والتقييد به في كلام غيره اتفاقي، إذ الأصح الذي عليه الأكثر أنه سنة مطلقا لكنه عند توهم النجاسة سنة مؤكدة، كما إذا نام لا عن استنجاء أو كان على بدنه نجاسة غير مؤكدة عند عدم توهمها، كما إذا نام لا عن شيء من ذلك، أو لم يكن مستيقظا عن نوم ثم الأصح أنه يغسلهما قبل الاستنجاء وبعده، ولا خفاء أن الابتداء كما يطلق على الحقيقي يطلق على الإضافي أيضا، وهما سنتان لا واحدة، سند الأولى ما رواه الجماعة من حديث ميمونة في صفة غسله صلى الله عليه وسلم وأنه غسل يديه قبل الاستنجاء، والثاني: أن جميع من حكى وضوءه صلى الله عليه وسلم قدم غسل اليدين.

كالتسمية ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن هذا الابتداء وإن كان سنة إلا أن الغسل يقع فرضا وإلى ذلك أشار محمد بقوله بعد غسل الوجه: ثم بغسل ذراعيه، والمصنف أيضا، وذلك أنه قدم أن غسل اليدين فرض وأفاد أن تقديم بعض هذا الفرض سنة وقيل: هو سنة ينوب عن الفرض. قال بعض المتأخرين: ليت شعري ما معنى نيابةالسنة عن الفرض يعني: فإن قيل: ما معناه أنه لا يعيد غسلهما عند غسل الذراعين، قلنا: ذاك لأن الفرض وجد أصالة ولقد أبعد الإمام السرسخي إذ قال: الأصح عندي أنه سنة لا تنوب، وأفاد في الذخائر الأشرفية أن السنة عند غسل الذراعين أنه يغسل يديه ثلاثا أيضا، انتهى. ثم كيفية هذا الغسل أن الإناء إن أمكنه رفعه غسل اليمنى ثم اليسى ثلاثا، أو لم يمكن لكن معه إناء صغير فكذلك، وإلا أدخل أصابع يده اليسرى مضمومة دون الكف وصب على اليمنى ثم يدخلها، قال في المضمرات: ولو كانتا نجستين أمر غيره بذلك فإن لم يجد أدخلا منديلا ليغسل ما تقاطر منه، فإن لم يجد رفع الماء بفيه فإن لم يقدر تيمم وصلى ولا إعادة عليه. (كالتمسية) أي: كما أن التسمية سنة في الإبتداء مطلقا سواء كان الوضوء عن نوم أو لا اتفاقا، كذلك غسل اليدين وإلا لكانت التسمية سابقة إيجاد أو أقوى مما سبق جعلها مشبها به، ومنع بعض المتأخرين كون الابتداء بها سنة، بل الإتيان بها بشرط كونها في الابتداء هو المسنون والفرض واضح، فإن من سمى ثم قرأ بعضا من الأدعية يكون مقيما للسنة على الثاني دون الأول وأنت خبير بأن معنى البدأة بها في الوضوء، يعني قبل الشروع في أفعاله فلا ينافيه ما ادعاه ثم المتبادر منها لفظ بسم الله الرحمن الرحيم، وقد قيل: إنه الأفضل لكن بعد التعوذ. وذكر الطحاوي أن المنقول عن السلف بسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام، وذكر الزاهدي أنه يجمع بينهما، ولو هلل أو كبر أو حمد كان مقيما للسنة، كذا في المحيط يعني لأصلها وكمالها بما سبق، ويسمي قبل الاستنجاء لا حال الانكشاف ولا في محل النجاسة وبعده وهو الأصح، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند دخوله الخلاء: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، يعني ذكران الشياطين وإناثهم. ثم كونها سنة هو مختار الطحاوي، وكثير من المتأخرين ورجح في الهداية ندبها قيل: وهو ظاهر الرواية.

فرع

والسواك ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع نسي التسمية في الابتداء ثم ذكرها وسمى لا يكون إتيانا بالسنة بخلاف الأكل ونحوه، والرفق أن الوضوء عمل واحد والأكل أعمال وهذا إنما يستلزم تحصيل السنة في باقي الأكل لا استدراك ما فات، وفي السراج: أنه يأتي بها لئلا يخلو وضوءه عنها، وقالوا: إنها عند غسل كل عضو مندوبة ولا تنافي بين هذا وبين ما مر من أنه عمل واحد لمن تأمل ورأيت في الشمائل الترمذية من حديث عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر الله تعالى على طعامه فليقل: بسم الله أوله وآخره". (والسواك) قيل: أي: استعماله فحذف المضاف لأمن اللبس؛ إذ هو اسم للخشبة ولا حاجة إليه لأنه ثبت لغة إطلاقه على الاستياك أيضا فكان تفسيره به كما في فتح القدير أولى ولك رفعه وجره. قال الشارح: والثاني أظهر ليفيد أن الابتدائية سنة. وأقول: بل الأول أظهر وذلك مبني على أن وقته كما في البدائع وغيرها قبل الوضوء لكن الذي في مبسوط شيخ الإسلام والتحفية وجزم به في فتح القدير وغيره، أنه عند المضمضة ولذا أطلقه القدوري ولم يقيده بابتداء الوضوء كالتسمية، ثم استدل في الهداية على سنيته بأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليه واعترض بوجهين، الأول: أن المواظبة تفيد الوجوب لا السنة، الثاني: أن المواظبة عند الوضوء كما هو المدعى لم يثب. وأجيب عن الأول بأن المختار كما مر أنها لا تفيده سلمنا أنها تفيده، لكن مقيد بعدم المعارض وقد وجد وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" أخرجه النسائي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو وجب لأمرهم شق أو لا، ولم أر عن الثاني جوابا ومن ثم قال الشارح: الأصح أنه مستحب لأنه ليس من خصائص الوضوء، وفي الفتح: وهو الحق ويوافقه ما في المقدمة الغزنوية يستحب في خمسة مواضع: اصفرار السن، وتغيير الرائحة والقيام من النوم، والقيام إلى الصلاة وعند الوضوء لكن الاستقراء يفيد غيرها وفيما ذكرنا أول ما يدخل البيت، انتهى. ومن ثم قال: زاد غيره وعند قراءة القرآن واجتماع الناس. واعلم أن ظاهر السنة يفيد بالمواظبة عليه، لكن لا عند الوضوء ففي أبي داوود: "كان عليه الصلاة والسلام لا يستيقظ من ليل أو نهار إلا تسوك قبل أن يتوضأ" وفي الطبراني: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته بشيء من الصلاة حتى يستاك" فيكون سنة مطلقا وعند الوضوء مندوبا وفائدة ذلك تظهر في تركه مطلقا. بقي أن عدهم من المواضع القيام إلى الصلاة. قال في البحر: يشكل عليه ما قالوه من أنه عندنا للوضوء وعند الشافعي للصلاة. قال في المعراج: وفائدته إذا توضأ للظهر بسواك وبقي على وضوئه إلى صلاة العصر وإلى المغرب كان السواك الأول سنة للكل عندنا وعنده يسن أن يستاك لكل صلاة، وأقول: يمكن أن يجاب عنه بما نقله في السراج بعد ذلك حيث قال: وأما إذا نسي السواك للظهر ثم ذكره بعد ذلك، فإنه يستحب له أن يستاك حتى يدرك فضيلته وتكون صلاته بسواك إجماعا، انتهى. وهو في هذه الحالة مندوب للصلاة لا للوضوء وبه ظهر سر كلام الغزنوي هذا. ويندب إمساكه بيمينه بأن يجعل الخنصر أسفله والإبهام أسفل رأسه وباقي الأصابع فوقه، بذلك جاء عن ابن مسعود ولأنه من أعمال الطهارة. وقياس أن فيه إزالة الأذى أن يكون باليسرى وقد رأيته قولا لغير أصحابنا. ويستاك طولا وفي الغزنوية للإمام أحمد بن محمود

وغسل فمه وأنفه ـــــــــــــــــــــــــــــ مقيد درس الكاساني صاحب البدائع بحلب أو عرضا والأكثرون على الأول وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل بثلاث مياه ويسوك الحنك أيضا مبتدئا من الجانب الأيمن ثم الأيسر في الأعالي والأسافل، ويستاك بكل عود إلا الرمان والقصب وأفضله الاول ثم الزيتون. روى الطبراني: نعم المسواك الزيتون من شجرة مباركة وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي. ويندب أن يكون لينا خال من العقد طول شبر ويقوم الأصبع أو الخرقة الخشنة مقامه عند فقده أو فقد أسنانه في تحصيل ثوابه والأفضل حينئذ أن يبتدأ بأسنانه اليسى ثم اليمنى ويقوم العلك مقامه للمرأة عند القدرة عليه فيندب لها فعله لضعف بنيتها وعند فقده يقوم الأصبع مقامه كالسواك ومنافعه وصلت لنيف وثلاثين منفعة أدناها إماطة الأذى وأعلاها تذكر الشهادة عند الموت رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه. (وغسل فمه) ثلاثا بمياه (وأنفه) كذلك وعدل عن تعبير القوم بالمضمضة والاستنشاق إما اختصارا أو لأن الغسل يشعر بالاستيعاب وهذا لأن السنة فيهما المبالغة والغسل دل على ذلك فكان أولى كذا في الشرح وهو ظاهر في أنه يفيد سنية المبالغة أيضا بخلاف تعبير القوم وقد نوزع في كل منهما أما الاختصار فهو وإن طلب لكن بشرط أن لا يفوت به. فائدة مهمة: ولا شك أن المضمة إدارة الماء في الفم ثم مجه، والاستنشاق: جذب الماء إلى الأنف بالنفس ولاعتبار القيدين فيهما خلا وضوء الميت عنهما والغسل لا يدل على ذلك وكان ذلك هو وجه قول العيني وما قيل أنه للاختصار فليس بشيء على أنه لا تفاوت بينهما إلا بحرف واحد وفي الاستنشاق بحرفين. وأما كونه يشعر بالاستيعاب، يعني: دون غيره فقال في البحر ففيه نظر إذ ما عبر القوم يشعر به أيضا، قال في الخلاصة: المضمضة استيعاب جميع الفم والاستنشاق إيصال الماء إلى المارن. وأقول: هذا ظاهر في أنه فهم أن المدعى هو ما عبر به القوم لا يفيد الاستيعاب والغسل يفيده وليس بالواقع لما قد علمت نعم، قال بعض المتأخرين: المبالغة المذكورة ليست نفس الاستيعاب كيف وهو داخل في حد المضمضة كما قد عرفت بل هي إلى الغرغرة وفي الاستنشاق إلى ما اشتد من الأنف، وأيضا قد علمت أنها سنة أخرى ولا خفاء أن التعبير عنها وعن أصلها بعبارة واحدة يوهم أنها سنة واحدة وليس كذلك، وأقول: ويمكن أن يجاب عنها.

وتخليل لحيته ـــــــــــــــــــــــــــــ أما الأول: فلأن كون المج شرطا فيهما إنما هو: رواية عن الثاني، والأصح: أنه ليس بشرط كما في البحر وفي الفتح: لو شرب الماء عبا أجزأه عن المضمضة وهو يفيد أن مجها ليس من حقيقتها، وقيل: لا يجزئه وأما اشتراط جذب الماء بريح الأنف في الاستنشاق بالنفس لكونه مأخوذا من التنشق فذاك معناه اللغوي، أما العرف فقد علمت أن إيصال الماء إلى المارن ولا شك أن الغسل مع أخصريته يفيد ذلك. وأما الثاني: فلأن الاستيعاب هو الكامل وكماله بالمبالغة، وهو قدر زائد على الأصل متمم له فلا بدع في ذكرها مطوية فيه، وأبدى العيني وجها ثالثا هو التنبيه على حديهما. (وتخليل لحيته) وهو: تفريق شعرها من أسفل إلى فوق، وهو سنة لغير المحرم. أما المحرم فمكروه هذا قول الثاني وهو أصح القولين عن الثالث. وقال الإمام: إنه مندوب فقط لعدم المواظبة وعنه أنه جائز لا غير لأن السنة إكمال الفرض في محله وداخل اللحية ليس بمحل للفرض، والأصح: أنه سنة لما في أبي داوود عن أنس: "كان عليه الصلاة والسلام إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فتخلل به لحيته" وقال: ":هكذا أمرني ربي" وهو مغن عن نقل صريح المواظبة، إما لأن أمره حامل عليها وإما لأن لفظ كان يشعر بها، وأنت خبير بأن هذا الاستدلال إنما يفيد الوجوب لا مجرد السنية وذلك لأنها لا مع ترك يفيده، فإن قلت: قد قدم أن المختار أنها لا تفيده، قلت: بتقدير تسليمه فالأمر كاف في إفادته وما قيل إنما لم نقل به رفعا لمعارضته للكتاب رد بأنه إنما يتأتى على أنه فرض، ولم يقل به أحد. وما في العناية الحق أن المواظبة لم تثبت لما روي عن الإمام أنه لم يثبت فعله منه عليه الصلاة والسلام إلا مرة واحدة مردود أيضا بما مر فتدبر، نعم جعل بعضهم الصارف للأمر عن الوجوب هو: عدم تعليم الأعرابي له، وأيضا الأخبار المحكية عن وضوئه عليه الصلاة والسلام خالية عنه، وكون السنة إكمال الفرض في محله نقض بكثير من السنن: كغسل الفم والأنف ومسح الأذنين والاستنجاء أو أجيب بما فيه تكلف ظاهر غير أنه إنما يحتاج إليه بفرض تسليم تلك المقدمة لكنها في حيز المنع.

وأصابعه وتثليث الغسل ـــــــــــــــــــــــــــــ وأصابعه أي: كلها وهو إدخال بعضها في بعض بماء متقاطر، ويغني عنه إدخالها في الماء ولو غير جار وهذا سنة مؤكدة اتفاقا لما رواه أصحاب السنن الأربعة: "إذا توضاءت فأسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع" قال الترمذي: حديث صحيح وصارف الأمر قدمن فأعلم أن الأولى في اليدين التشبيك وفي الرجلين أن يخلل بخنصر يده اليسرى رجله اليمنى ويختم بخنصر رجله اليسرى بذلك ورد الخبر كذا الدراية. قال في الفتح: والله أعلم به ومثله فيما يظهر أمر اتفاقي لا سنة مقصودة، وأفاد الخلبي أنه جاء من رواية ابن ماجة: التخليل بالخنصر إما كونه خنصر اليسرى أو من أسفل فالله أعلم به، والمراد بالأسفل باطن القدم إلا أن الأقرب أن يراد به من أسفل الإصبع إلى فوق من ظهر القدم، كذا في البحر. (وتثليت الغسل) أي: جعله ثلاثا قيد به لأنه في المسح غير مسنون بل هو مكروه كما في المحيط والتحفة وفي الخلاصة: أنه بدعة لكن جزم في الخانية بعدم كراهته وفيه إيماء إلى أن الثانية والثالثة سنة وهو الحق، كما في الفتح لكن صحح في السراج أنهما سنتان مؤكدتان. أقول وهو المناسب لاستدلالهم على السنة لأنه عليه الصلاة والسلام لما أن توضأ مرتين مرتين قال: "هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين" ولما أن توضأ ثلاثا قال: "هذا وضوئي ووضوء النبيين من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم"

ونيته ومسح كل رأسه مرة وأذنيه بمائه ـــــــــــــــــــــــــــــ وروى صدره الدارقطني وعجزه من زيادة ابن ماجة وغيره وذلك أنه جعل للثانية جزءا مستقلا، وهذا وإن كان يؤذن باستقلالها لأنها جزء سنة فلا يثاب عليها وحدها ولو اقتصر على الأول ففي إثمه قولان، قيل: يأثم لتركه السنة المشهورة، وقيل: لا لأنه قد أتى بما أمر به، كذا في السراج. واختار في الخلاصة أنه إن اعتاده أثم وإلا لا، وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمل القولين، قال في البحر: وينبغي ترجيح عدم الإثم لقولهم والوعيد لعدم رؤيته الثلاثة سنة، فلو أثم بنفس الترك لما احتيج إلى هذا الحمل، واختلف في معنى التعدي والظلم على أقوال ثالثها ما جزم به في الهداية. وقال في البدائع: إنه الأصح لأن ذلك رجع إلى الاعتقاد حتى لو رأى سنة العدد وزاد لقصد الوضوء أو على الوضوء أو لطمأنينة القلب، أو نقص لحاجة فلا بأس به. ونقل في الخلاصة الاتفاق على عدم كراهة الوضوء بعد الفراغ من الأول، وعارضه في البحر بما في السراج من أنه مكروه في مجلس واحد للإسراف. وأقول: لا تدافع في كلامهم لاختلاف الموضوع وذلك أن ما في الخلاصة فيما إذا عاده مرة واحدة، وما في السراج فيما إذا كرره مرارا ولفظه في السراج: لو كرر الوضوء في مجلس واحد مرارا لم يستحب بل يكره لما فيه من الإسراف فتدبر. (ونيته) مصدر مضاف إلى فاعله أي: نية المتوضئ رفع الحدث أو إقامة الصلاة، كذا في كافي المصنف وعدل عما هو الظاهر من كونه مضافا إلى مفعوله أي: نية الوضوء لما أن المذهب أنه لا بد في تحصيل السنة من أن ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة أو رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو امتثال الأمر كما في المعراج وهو ظاهر أن نية الطهارة لا تكفي وكأنه لتنوعها، ومقتضاه الاكتفاء بنية الوضوء بل هي أولى من رفع الحدث لتنوعه أيضا، ومن ثم جزم في فتح القدير بأنها كافية وعليه فلا يحتاج إلى تكلف ما مر ومحلها عند غسل الوجه والتلفظ بها مندوب، والأصح أن الوضوء الخالي عنها لا ثواب فيه، وقيل: يثاب وقد مر توهينه (ومسح كل رأسه مرة) مستوعبة لرواية الترمذي أن علياتوضأ فغسل أعضاءه ثلاثا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ومسح رأسه، ثم قال: هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم والثليث بدعة وقيل: لا بأس به، كذا في الخلاصة وجزم في البدائع بكراهته على أنه المذهب. وروى الحسن أنه مسنون يعني بماء واحد واعترض بأن البلة صارت مستعملة بالأولى وأجيب بأن الماء يأخذ حكم الاستعمال لإقامة فرض آخر لا لإقامة السنة لأنها تبع للفرض ألا ترى أن الاستيعاب ليس بماء واحد، كذا في العناية وفيه بحث إذ قد قرر في كيفية الاستيعاب أن يديه ويضع بطون ثلاث أصابع في كل كف على مقدم الرأس ثم يمسح الفودان بالكفين ويجرهما إلى مؤخرة الرأس ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين وباطن الأذنين بالسبابتين ويمسح رقبته بظاهر اليدين حتى يصير ماسحا ببلل لم يصر مستعملا، هكذا روت عائشة مسحه عليه الصلاة والسلام، انتهى. وأجاب في الحواشي السعدية بأن قوله: لم يصر مستعملا يعني حقيقة وإن لم يصر مستعملا حكما في عضو واحد فلا تخالف. لكن قال الشارح: الأظهر في كيفيته أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم الرأس ويمدهما إلى قفاه على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه ولا يكون الماء مستعملا بهذا، لأن الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق، وما قاله بعضهم: من أنه يجافي كفيه تحرزا عن الاستعمال لا يفيد لأنه لا بد من الوضع والمد فإن كان مستعملا بالوضع الأول فكذا بالثاني، ولأن الأذنين من الرأس ولأنه يحتاج إلى تجديد الماء لكل جزء من أجزاء الرأس فالأذن أولى، وكون البدأة من المقدم قول الثاني وهو الصحيح، لأنه المروي من فعله عليه الصلاة والسلام. وروى هشام عن محمد أنه يبدأ من الهامة، وبه قال الحسن البصري كذا في البدائع، ومسح كل أذنيه داخلهما بالسبابتين وخارجهما بالإبهامين هو المختار. وعن الحلواني أن يدخل الخنصر في أذنيه ويحركهما بمائه أي: بماء الرأس لخبر "الأذنان من الرأس"؛ إنه لا تجوز أن يراد به بيان الخلقة فقط، لأنه عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة والسلام لم يبعث لذلك ولا بيان أنهما ممسوحان كالرأس؛ لأن الاشتراك بين الشيئين في حكم لا يوجب كون أحدهما من الآخر، وإلا لزم أن يكون الرجل من الوجه لاشتراكهما في الغسل فتعين إرادة أنهما يمسحان بماء الرأس، واستدلال بعضهم برواية ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام مسح رأسه وأذنيه بماء واحد وقال: "الأذنان من الرأس" ثم ذكر ما مر من الترديد فيه نظر. أما أولا: فلأن الثابت عند ابن عباس إنما هو أنه عليه الصلاة والسلام قال: "الأذنان من الرأس" رواه الدارقطني. وروى ابن خزيمة والحاكم وابن حبان عنه: "ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه، ثم غرف غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه" ولم يقل الأذنان من الرأس. وأما ثانيا: فلأنه بتقدير التسليم لا حاجة حينئذ إلى الترديد إذ البيان الفعلي منه صلى الله عليه وسلم يعين المقصود. وما روي من أنه عليه الصلاة والسلام "أخذ ماء جديدا" يجب حمله على فناء البلة أما لو أخذه مع بقائها ففي الخلاصة وعليه جرى مسكين أنه حسن وعلى هذا فالخلاف إنما هو في الاكتفاء بماء الرأس لإقامة السنة عندنا يكون به مقيما وعنده لا، أما في الجديد فإنه يكون مقيما لها اتفاقا كذا البحر.

والترتيب المنصوص والولاء ـــــــــــــــــــــــــــــ (والترتيب) بين الفرائض وهو أن يبدأ بما بدأ الله به وإليه أشار بقوله: (المنصوص) أي: المذكور في النص لا المنصوص عليه من الشارع، كما فهمه الشارح فعدل إلى المنصوص عليه من العلماء على أنه يجوز أن يراد المنصوص عليه من الشارع، كما قال بعضهم فذلك أنه عليه الصلاة والسلام لما أن بينه بفعله حين واظب عليه كان ذلك نصا من قبيل السنة الفعلية لا المنصوص عليه في آية الوضوء لأنها خلية عن الدلالة عليه عندنا، وهذه السنة المؤكدة في الأصح، قال الغزنوي: ينبغي أن يكون واجبا للمواظبة؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام حين سئل عن البدأة بالصفا والمروة في السعي قال: "ابدؤوا بما بدأ الله به" والبدأة بالصفا واجبة والعبرة لعموم اللفظ. وأقول: لفظ ما وإن كان من أدوات العموم إلا أن الظاهر أن هذا العام أريد به خاص لدليل اقتضاه، وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام "نسي مسح رأسه ثم تذكر فمسحها ولم يعد غسل رجليه". ورى البخاري "أنه عليه الصلاة والسلام تيمم فبدأ بذراعيه قبل وجهه". إلا أن الحديث الأول ضعفه النووي، وبتقدير تسليم صحته فموجب الترتيب يسقط بالنسيان وعليه فلا يتم الإلزام. (والولاء) بكسر الواو يقال: والى بينهما ولاء أي: تابع أو فعل هذه الأشياء على الولاء أي: متتابعة، كذا في الصحاح. وعرفه الشارح بغسل العضو الثاني

ومستحبه التيامن ـــــــــــــــــــــــــــــ قبل جفاف الأول، زاد الحدادي مع اعتدال الهواء والبدن وعدم العذر حتى لو فني ماؤه فذهب لطلبه فلا بأس به على الأصح. وفي المعراج عن الحلواني تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين فيه ترك الولاء. قال في البحر: وعرفه الأكمل في التقرير بالتتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضو مع اعتدال الهواء وظاهره أن الأول لو جف بعد غسل الثاني لم يكن ولاء ولا على الأول يكون ولاء وهو الأول، وأقول: الظاهر أن لا يكون ولاء وما مر عن الحلواني يؤيده ويحمل الثاني في كلام الشارح على ما بعد الأول لا علي ما يلي الأول. وقيل: هو أن لا يشتغل عن أفعال الوضوء بعمل ليس منه. وقيل: هو أن لا يمكث في أثنائه مقدار ما يجف منه العضو حكاهما في البدائع. واعلم أن مقتضى تعريف الولاء أنه لو توضئ وضوءا منكوسا غسل فيه العضو الثاني قبل جفاف الأول أنه يكون إيتاء بسنة الولاء. (ومستحبه) هو الشيء المحبوب لغة وعرفا قيل: هو ما فعله عليه الصلاة والسلام مرة وتركه أخرى، والمندوب ما فعله مرة أو مرتين تعليما للجواز وفيه قصور إذا ما رغب فيه كذلك، لكن المصنف كثيرا ما يعبر بالمندوب مريدا به المستحب، وهو ظاهر في عدم الفرق بينهما، وعليه الأصوليون. ومن ثم قال في التحرير: ما لم يواظب عليه مندوب ومستحب وإن لم يفعله بعد ما رغب فيه. (التيامن) أي: البدأة باليمين في المغسول من أعضاء الوضوء قيد به غير واحد احترازا عن الممسوح كالأذنين فإنه يندب مسحهما معا لأنه سهل وألحق بعضهم الخدين بهما، نعم إذا لم يمكنه ذلك بأن كان أقطع بدأ باليمين، وإنما ندب لما في الكتب الستة كان عليه الصلاة والسلام "يحب التيامن في كل شيء حتى في

ومسح رقبته ـــــــــــــــــــــــــــــ طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله" بناء على أن المحبوبية لا تستلزم المواظبة؛ إذ كل المندوبات محبوبة له عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أنه لم يواظب عليها لكن في أبي داود: "إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم" وقد صرح غير واحد أن كل وضوئه عليه الصلاة والسلام بتقديم اليمنى على اليسرى وذلك يفيد المواظبة فالحق أنه سنة كذا في الفتح، لكن قدمنا أنها إنما تفيد السنية، إذا كانت على وجه العبادة لا على العادة، كما هنا سلمنا أن المواظبة هنا كانت على وجه العبادة، لكن عدم الاختصاص ينافيها، ولو على سبيل العبادة كما قاله بعض المتأخرين، (ومسح رقبته) بظاهر يديه، وقيل: إنه بدعة والأصح أنه أدب، كذا في الخلاصة وقال الفقيه أبو جعفر: إنه سنة وبه أخذ كثير من العلماء كذا في مسكين لأنه عليه السلام مسح ظاهر رقبته مع مسح الرأس، ولا كلام أن مسح الحلقوم بدعة. تكميل بقي من السنن الدلك كما في الخلاصة. وعدها في الفتح من الأداب قال في البحر: ولعل ما في الخانية أوجه لأنه على كونه مندوبا لا يكون الإسراف مكروها وعلى كونه سنة يكون مكروها تنزيها وصرح الزيعلي بكراهته وكراهة لطم الوجه بالماء وحينئذ فيكون سنة لا مندوبا، وفي المنتقى: جعل الإسراف من المنهيات فتكون تحريمية. وقد ذكر المحقق آخرا أن الزيادة على الثلاث مكروهة وهو من الإسراف.

وينقضه خروج نجس ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: لا نسلم أن ترك المندوب غير مكروه تنزيها لما في الفتح القدير من الجنائز والشهادات أن مرجع كراهة التنزيه خلاف الأولى ولا شك أن ترك المندوبات خلاف الأولى والظاهر أنه مكروه تحريما، إذ إطلاق الكراهة مصروف إلى التحريم فما في المنتقى موافق لما في السراج، والمراد بالسنة المؤكدة إطلاق النهي عن الإسراف وبه يضعف جعله مندوبا، نعم لطم الوجه بالماء مكروه تنزيها. قال الحلبي: والمسألة مقيدة بماء النهر والمملوك، أما الموقوف على من يتطهر به فلا خلاف في حرمة الإسراف فيه، وماء المدارس من هذا القبيل، انتهى. ومن الآداب استقبال القبلة ووضع الإناء على يساره إلا يغترف منه فعلى يمينه، وجعل يديه على عروته وغلسها ثلاثا، والتأهب للوضوء قبل الوقت في غير صاحب العذر. قال الحلبي: وعندي أنه من آداب الصلاة والذكر المحفوظ والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند كل عضو. قال الهندي وغيره: ولم يثبت إلا الشهادتان بعد الفراغ من الوضوء وشربه فضل ماء وضوئه قائما مستقبلا وأن يتوضأ في موضع طاهر لأن لماء الوضوء حرمة، كذا في المضمرات، وأن يبدأ في غسل الوجه من أعلاه وفي اليد والرجل من أطراف الأصابع كما في الدراية. وقدمنا أنه يبدأ في المسح من مقدم رأسه وصلاة ركعتين في غير وقت كراهة. والمندوبات كثيرة وفيما ذكرنا كفاية. وتعقبه لما فرغ من الفرائض ومستكملاتها شرع فيما يرفع حكمها بعد وجودها ولا خلاف أن رافع الشيء يعقبه (النقض) في الأجسام إبطال تركيبها، وفي المعاني إخراجها عما هو المطلوب منها قيل: الأول حقيقة، والثاني: مجاز. (خروج نجس) بفتح الجيم اسم لعين النجاسة، وبكسرها لما لا يكون طاهرا فهو أعم وحينئذ فيصح. ضبطه في المختصر بهما غير أن الفتح أليق لبعده عن التكلف وهو: الرواية، كما قال صدر الشريعة ولا فرق بينهما لغة ولم يقل نجس خارج إيماء إلى أن الناقض إنما هو الخروج لا النجس إذ لو نقض لما حصلت طهارة

منه ـــــــــــــــــــــــــــــ الشخص إذ الإنسان مملوء بالدماء كذا قالوا لكن الظاهر أن الناقض إنما هو النجس الظاهر لا خروجه المجرد عن كون النجس مؤثر للنقض مع أن الضد هو المؤثر في رفع ضده والخروج شرط فقط، ولا وجود للمشروط بدون شرطه فلا يرد ما مر منه، أي: من المتوضئ زاد بعضهم الحي احترازا عن الميت فإنه لو خرج منه نجاسة لم يعد وضوءه بل يغسل موضع النجاسة فقط، قيل: فيه بحث إذ لا يلزم من عدم وجوب إعادة وضوئه عدم انتقاده إلا لو وجب دفنه بالوضوء، لكن لا يجب وأقول: ظاهر تعليلهم المسألة في بابها بأنه لو كان الخروج حدثا لكان الموت فوقه يفيد أنه ليس بناقض أصلا، ثم قيل: يخرج من عموم كلامه الريح الخارجة من الذكر وفرج المرأة إذ لا تنقض الوضوء في الأصح، كذا في مسكين وربما ورد في الشرح من أنه اختلاج وليس بريح ودفعه بعض المتأخرين بأن مرجعه إلى الريح على ما في كتب الطب، لكن تسليمه ليست بمنبعثة عن محل النجاسة والريح لم تنقض إلا لذلك، لا لأن عينها نجسة على الأصح حتى لو ابتلت سراويله أو الموضع الذي يمر به الريح لم ينجس عند العامة بخروجه. وأما الدودة الخارجة من الذكر وهو الظاهر فقد حكى الحدادي الإجماع عليه وجزم به في الخانية، ثم الخروج يتحقق بالظهور، فلو نزل إلى القلفة نقض لا إلى القصبة. واعترض بأنه ليس له حكم الظاهر بدليل عدم وجوب إيصال الماء إليه في الغسل، وأجيب بأن الراجح وجوبه إلا أن المعتمد خلافه للحرج. قال البزازي: وكلما وصل إلى الداخل ثم عاد نقض لعدم انفكاكه عن بلة، وإن لم يتم الدخول بأن كان طرفه في يده واعتبرت البلة حتى لا يفسد صومه على أصح الروايتين. والخنثى المشكل إذا اتضح كان الفرج الآخر بمنزلة القرحة لا ينقض الخارج منه ما لم يسل، جزم به في فتح القدير وغيره. وفي الشرح: أكثرهم على إيجاب الوضوء عليه إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول والمفضاة التي اختلطت سبيلاها يندب لها الوضوء من الريح، وعند محمد يجب احتياطا وبه أخذا أبو حفص ولا يحلها الثاني للأول ما لم تحمل، ولا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يحل وطئها إلا أن يمكنه الإتيان في القبل بلا تعد, وعم كلامه خروج الدم من البدن وهو إنما يتحقق بتجاوزه إلى محل يلحقه حكم التطهير, وفائدة ذكر الحكم دفع وورد داخل العينين وباطن الجرح إذ حقيقة التطهير فيهما ممكنة وإنما الساقط حكمه والمراد بحكم التطهير وجوبه في الوضوء والغسل كما أوضح به صدر الشريعة وغيره, زاد في (البحر) أو ندبه لما في (المعراج) وغيره لو نزل الدم إلى قصبة الأنف نقض ولا شك أن المبالغة التي هي إيصال الماء إلى ما اشتد منه إنما هي سنة. وما في (السراج) من عدمه محمول على انه لم يصل إلى ما يسن إليه الإيصال ومن قيده بالوصول إلى ما لان منه, فالعدم لا يؤخذ منه إلا مفهوما والصريح يخالفه. وفي (البدائع): لو نزل الدم إلى صماخ أذنيه كان حدثا, وفسره الجوهري بالخرق وليس ذلك إلا لأنه يندب تطهيره, ثم قال: المراد بقولهم أن يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير أن يتجاوز إلى موضع تجب طهارته, أو تندب من بدن وثوب ومكان, انتهى. وأقول: هذا وهم وأنى يستدل بما في (المعراج) وقد علل المسألة بما يمنع هذا الاستخراج فقال ما لفظه: لو نزل الدم إلى قصبة الأنف انتقض بخلاف البول إذا نزل إلى قصبة الذكر ولم يظهر فإنه لم يصل إلى موضع يلحقه حكم التطهير, وفي الأنف وصل فإن الاستنشاق في الجنابة فرض, كذا في (المبسوط) , انتهى. وقد أفصح هذا التعليل عن كون المراد بالقصبة ما لان منها لأنه الذي يجب غسله في الجنابة , ولذا قال الشارح: لو نزل الدم من الأنف انتقض وضوءه إذا وصل إلى ما لان منه لأنه يجب تطهيره وحمل الوجوب في كلامه على الثبوت مما لا داعي على هذا فيجب أن يراد بالصماخ الخرق الذي يجب إيصال الماء إليه في الجنابة, وبهذا ظهر أن كلامهم مناف لتلك الزيادة مع أن ملاحظتها في المجاوزة إلى موضع من بدن أو ثوب أو مكان يقتضي أن الدم إذا وصل إلى موضع يندب تطهيره من واحد من الثلاثة انتقض, وهذا ما لم يعرف في فروعهم عرف ذلك من تتبعها, بل المراد بالتجاوز السيلان ولو بالقوة, كما قال بعض المتأخرين: لما قالوه انه لو مسح الخارج كلما خرج ولو تركه لسال نقض فالنقض بصورة القصد , كما قال صدر

وقيء ملأ فاه ولو مره أو علقاً ـــــــــــــــــــــــــــــ الشريعة غير وارد وحد السيلان أن يعلو وينحدر يروى ذلك عن الثاني وهو الأصح. وعن محمد أنه يكفي أن يصير أكبر من رأس الجرح ورجحه في (الدراية) , والأول أولى, كذا في (الفتح) ولو في عينه رمد أو عمش والدمع منها يسيل , قالوا: يؤمر بالوضوء كل وقت لكل صلاة لاحتمال أن يكون قيحا أو صديدا قال في (البحر) مقتضى التعليل انه أمر ندب, وأقول: ممنوع إذ الأمر للوجوب حقيقة وهذا الاحتمال راجح للمرض, ثم رأيته كذلك في (فتح القدير) وعبارته: من رمدت عيناه وسال منها الماء وجب عليه الوضوء فإن استمر فلوقت كل صلاة. وفي (المجتبى) الدم والقيح والصديد وماء الجرح والنفطة وماء السرة والثدي والعين والأذن لعلة سواء على الأصح, وهذا يدل على أن من رمدت عيناه ونزل منها الماء يجب عليه الوضوء والناس عنه غافلون ويؤمر بالضوء لوقت كل صلاة لاحتمال أن يكون الجرح في الجفون. وجعل الشارح القيح والصديد الخارج من الأذن مع الوجع ناقضاً لا دونه ونظر فيه في (البحر) بأنهما لا يخرجان إلا عن علة فالظاهر النقض مطلقاً نعم هذا التفصيل في الماء حسن. وأقول: لم لا يجوز أن يكون القيح الخارج من الأذن من جرح براء وعلامته عند الخروج التألم فالحصر ممنوع. وقد جزم الحدادي بما في (الشرح) (و) ينقضه أيضا خروج (قيء ملأ فاه) بان لا يمكن إمساكه إلا بكفه هو الأصح , كذا في (الشرح) ورجح في (الينابيع) أن لا يقدر على إمساكه وافرده مع دخوله في خروج نجس لمخالفته| له في حد الخروج. وأما السيلان في غير السبيلين فمستفاد من الخروج (ولو) كان الخارج (مرة) بكسر الميم أي صفرا (أو علقا) أي: سوداء وهو ما اشتدت حمرته وجمد حتى لو

أو طعاما أو ماء لا بلغما أو دما غلب عليه البصاق ـــــــــــــــــــــــــــــ كان سائلا نقض وإن قل, واعتبره محمد بالقيء ورجحه في الوجهين والخلاف في الصاعد من الجوف أما النزل من ارأس فقليله ناقض إجماعا. (أو طعاما أو ماء) ولو صافيا وعن ابن زياد أن ما قاءه من ساعته حيث لم يستحل لا ينقض لأنه طاهر وإنما اتصل به قليل القيء وعلى هذا لو ارتضع الصبي ثم قاء من ساعته كان طاهرا, وهو المختار, كذا في (المجتبى) وفيه أيضا قاء طعاما أو ماء فأصاب إنسانا فالأصح انه لا يمنع مالم يفحش وهذا يقتضي أن نجاسة القيء مخففه ولا يعدي عن إشكال إذ لا خلاف ولا تعارض ويمكن حمله على ما إذا قاء من ساعته بناء على انه إذا فحش غلب على الظن كون المتصل به القدر المانع وهو ملأ الفم وبما دونه ما دونه وكذا في (الفتح). قال في (البحر) وهذا كله غير صحيح لأنه حينئذ طاهر, وأقول: بلى هو صحيح إذ ليس الناقض هو الطاهر كما هو من كلامه ظاهر بل القيء المتصل به الذي ملأ الفم وفي (القنية) قاء دودا كثيرا أو حية ملأت فاه لا ينقض الوضوء , انتهى. وينبغي النقض على القول بنجاسته (لا) ينقض الخارج. ولو كان (بلغما) طرفا مطلقا عندهم ولو مخلوطا بطعام اعتبر الغالب وكل على حده لو استويا. وقال الثاني: ينقض الصاعد بشرطه لتنجسه في المعدة ولهمتا انه للزوجته فيها لا تتداخله أجزاء النجاسة, وما يتصل به من القيء قليلا. وإذا خرج قلت لزوجته وزادت بالهواء رقته فقبلها ولذا تنجس بوقوعه في النجاسة. قال في (البدائع): والأصح انه لا خلاف لأن جواب الثاني في الصاعد وجوابهما في النازل إلا أن المحفوظ عنهما انه لا نقض في الصاعد أيضا نعم الاتفاق في النازل سلم, إلا انه قد يعكر عليه ما في (الخلاصة) صلى ومعه خرقة المخاط لا تجوز صلاته عند لأنه فحش. وحكى في (كراهية البزازي): أن الصلاة عليها مكروهة عندهما قال: لا لأنه نجس بل لأن المصلي معظم, والصلاة عليها لا تعظيم فيها قيل في قولهم: وما يتصل به من القيء قليل إيماء إلى انه لو تكرر مع اتحاد المجلس أو السبب وبلغ حد الكثرة تقلل ورده في (البحر) بأنه مستهلك فلا يجمع. وأقول: مقتضى ما سبق عن (الفتح) من الحمل انه يجمع (أو دما غلب عليه البصاق) بأن كان اصغر. قيد به لأن المغلوب أو السماوي الأحمر ناقض فأفاد إطلاقه

والسبب يجمع متفرقه ـــــــــــــــــــــــــــــ انه لا فرق أي: الخارج من الفم أو الجوف وقد نقل ابن الملك الاتفق الصاعد من الجوف إذا غلب عليه البزاق ناقض فما اقتضاه كلام الشارح من عدم النقض لا يعول عليه. (والسبب) أي: وسبب القيء وهو الغثيان (يجمع متفرقه) أي متفرق القيء القليل فينقض إذا ملأ الفم مجموعا وهذا قول محمد إذ الإضافة إلى الأسباب أصلية ألا لمانع واعتبر أبو يوسف اتحاد المجلس. وقال الحدادي أي اتحاد ما يحتوي عليه المجلس وهذا يفيد انه لو قاء ثم اشتغل في المجلس بعمل أخر ثم قاء انه لا يجمع عند الثاني وقول العيني أن كلام المصنف يأتني على القولين سهو إذ لا قائل بان اتحاد المجلس سبب والأصح قول محمد واجمعوا أنهما لو اتحدا نقض أو اختلفا لم ينقض وفي (السراج) ذكر في (الصغرى) مسألة في الغصب اعتبر محمد فيها المجلس وأبو يوسف السبب في ما لو اخرج خاتم نائم من يده ثم أعاده إليه في النوم برئ وأن كان بعد ما استيقظ ثم نام لم يبرئ. وقال محمد إن اتحد المجلس برئ وإلا فلا قال في (البحر) والذي يظهر أن الخلاف ليس بناء على ذلك فالسبب في البراءة إنما هو الرد لا النوم لكنه لما استيقظ وجب الرد إلى المستيقظ عند الثاني, ومحمد نظر إلى انه ما دام في مجلسه لم يضمن وأقول يمكن أن يقال المراد بالسبب هو سبب برائته بالرد لنائم وهذا لأن ذمته اشتغلت بالغصب من نائم ثم رده إليه في النومة الأولى فقد فرغها كما اشتغلت وعبارته في (البزازية) الحاصل أن في إعادة الخاتم إلى إصبع النائم والخف إلى رجله والقلنسوة إلى رأسه , الإمام الثني يعتبر اتحاد النوم في إزالة الضمان ومحمد يعتبر اتحاد المجلس حتى إذا أعاده في المجلس يبرأ عن الضمان

ونوم مضطجع ومتورك, ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو في نوم أخر ولم يذكر محمد الإمام والصحيح يعتبر التحويل للزم فإذا لم يحوله إلى مكان أخر وأعاده إلى أي إصبع كان أو رجله زال عنه الضمان وأن حوله لا بد أن يعيده حال اليقظة وينقضه أيضا (نوم) شخص (مضطجع) شروع في الناقض الحكمي بعد الحقيقي بناء على انه عينه غير ناقض بل ما لايخلو عنه النائم وقيل ناقض ورجح الأول في (السراج) وبه جزم الشارح بل حكى في (التوضيح) الاتفاق عليه وأقول وينبغي أن يكون عينه ناقضا اتفاقا/ فيمن به انفلات ريح لأن ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمهموم أولى. وأراد بالمضطجع من زالت مسكته أي قوته الماسكة بزوال مقعدته عن الأرض لا خصوص اللغوي الذي هو وضع الجنب فعم المستلقي والمنكب (ومتورك) وهو الذي زالت مقعدته وافرده تنبيها على أن الناقض منه ما كان معه زوال المقعدة لا ما لم يكن كما إذا بسط قدميه من جانب حال كون اليتيه على الأرض فان هذا وإن كان توركا إلا أن النوم معه غير ناقض وهذا أولى من إلحاق المستلقي والمنكب بالمضطجع كما في (البحر) وبهذا روي انه لو قال ونوم يزيل مسكته كما في (الدرر) لكان أولى وعم كلامه المريض إذا صلى مضطجعا وهذا هو الأصح وفي (الغزنوية) وعليه الفتوى ويخرج بمن زالت مقعدته القائم والقاعد والركع مطلقا والساجد في الصلاة وأما خارجها فيشترط أن يكون على الهيئة المسنونة قال في (البدائع) وهذا هو القياس في الصلاة إلا انا تركناه بالنص ,انتهى. أي انه اقتضى عدم النقض مطلقا فما في (البحر) من تصحيح الشارح لهذا فخو بل في (عقد الفرائد) إنما لا يفسد الوضوء بنوم الساجد في الصلاة إذا كان على الهيئة المسنونة قيد به في

وإغماء وجنون ـــــــــــــــــــــــــــــ (المحيط) وهو الصحيح , انتهى. إلا أن هذا لم يوجد في (المحيط الرضوي) وسجود السهو والتلاوة كالصلبية وكذا الشكر ثم في ظاهر الرواية لا فرق بين غلبته وتعمده وعن الثاني النقض في الثاني. وفي مفسدات (الخانية) لو تعمده في السجود فسدت إلا الركوع قال في (الفتح) كأنه لقيام المسكة فيه بخلاف السجود وكان ينبغي أن يقال إن لم يكن على الهيئة المسنونة انتهى. وحكي في (جوامع الفقه) الفساد فيها وعدمه مع الإعادة انتهى. وأقول والثاني مما يجب التعويل عليه وذلك لأن الهيئة المانعة من القول بالنقض مانعة من الفساد أيضا. ولو سقط من قعوده فعن الإمام أن انتبه قبل أن يصل إلى الأرض أو مع وصوله لا ينتقض وضوءه واعتبر محمد الانتباه قبل مزايلة المقعدة وقيل الفتوى على الأول وقال الحلواني ظاهر المذهب عن الإمام الثاني. فائدة: من الخصائص أن نومه عليه الصلاة والسلام ليس بناقض. وينقضه أيضا (إغماء) وهو كما في التحرير آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا انتهى. وظاهر ما في (القاموس) أن الغشي نوع منه وهو الموافق لما في حدود المتكلمين إلا أن الفقهاء يفرقون بينهما كالأطباء والغين فيه مضمومة كذا في (المغرب) وينقضه أيضا (جنون) وهو مرض يزيل الحجى قال في (البحر) وظاهر كلامهم أن العته لا ينقض لقولهم بصحة العبادة معه فان قلت سقوط التكليف عنه يؤذن بزوال العقل قلت إنما لا ينقض فقط لقولهم انه كالصبي وفسروه بمختلط الكلام فاسد التدبير إلا انه لا يضرب ولا يشتم

وسكر وقهقهة مصل بالغ ـــــــــــــــــــــــــــــ وينقضه أيضا (سكر) بضم السين المهملة اسم مصدر والجمع سكرى وسكارى بضم السين وفتحها واختلف في حده هنا وفي الإيمان والحدود فقال الإمام انه سرود يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض ولا الطول من العرض وخوطب زجرا له وقالا بل يغلب عليه فيهدأ في أكثر كلامه ولا شك انه إذا وصل إلى هذه الحالة فقد دخل مشيته اختلال والتقييد بالأغلب يفيد أن النصف من كلامه لو استقام لا يكون سكرانا وقد رجحوا قولهما في الأبواب الثلاثة قال في حدود (الفتح) وأكثر المشايخ على قولهما واختاروه للفتوى وفي نواقض (المجتبى) الصحيح قولهما ولم أر في كلامهم النقض بأكل الحشيشة إذا دخل في مشيته اختلال وينبغي النقض ففي (عقد الفرائد) أنهم حكموا بوقوع طلاقه إذا سكر منها زجرا له. (و) ينقضه أيضا (قهقهة) شخص (مصل) ولو حكما صلاة كاملة ولو إيماء أو سجود سهو فتنقض قهقهة الباني بعد عوده في إحدى الروايتين كما في (الدراية) وبه جزم الشارح وفيها لو نسي الباني المسح فقهقهة قبل القيام إلى الصلاة انتقض لا بعده لبطلانها بالقيام إليها وهي مسائل امتحان وفي (الخلاصة) لو ضحك القوم بعد سلام الإمام أو حدثه أو كلامه عمدا لا ينتقض على الأصح وصحح في (الفتح) النقض بعد الكلام لا الحدث والخلاف مبني على انه بعد سلام الإمام أو كلامه عمدا هل هو في الصلاة إلى أن يسلم بنفسه أو لا؟ فعلى ما في (الخلاصة) لا وعلى الثاني نعم غير أن الكلام عد قاطعا لا مفسدا لبقاء الطهارة بخلاف الحدث العمد وخرج بالاملة الجنازة والتلاوة وأفاد إطلاقه انه لا فرق بين كون الوضوء ضمن غسل أو لا وهو الذي رجحه المتأخرون. قال في (البحر) وظاهر كلامه كجماعة أنها حدث وقيل لا وإنما وجب الوضوء زجرا وعليه جماعة منهم الدبوسي وأقول بل ظاهر كلامه الثاني بدليل قوله (بالغ) إذ لو كانت حدثا لاستوى فيها البالغ وغيره وقد حكى في (السراج) الإجماع على عدم النقض في العيني وأن جعله في (الدراية) احد أقوال ثلاثة فقيل: يبطلهما وقيل الوضوء فقط ولا يبعد أن يخرج الثاني على أنها حدث إلا أن ظاهر الأخبار تؤذن بأنها ليست حدثا وذلك انه ليس فيها إلا الأمر بإعادتهما ولا يلزم منها كونها حدثا ولذا رجحوا عدم النقض بقهقهة النائم وإن بطلت صلاته على ما عليه الفتوى

ومباشرة فاحشة لا خروج دودة من جرح ومس ذكر ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي قهقهة الناسي روايتان وجزم الشارح بالنقض لأن حالته مذكرة قال في (المعراج) واثر الخلاف يظهر في مس المصحف فعلى أنها حدث لا يجوز وعلى أنها للزجر يجوز وأقول وينبغي أن يظهر أيضا في كتابة القران وأما حل الطواف بهذا الوضوء ففيه تردد وإلحاق الطواف بالصلاة يؤذن بأنه لا يجوز فتدبره وينقضه أيضا (مباشرة) بين الرجل والأنثى والرجلين (فاحشة) بان يلاقي الفرج الأخر والدبر مع التجرد والانتشار وظاهر الرواية عدم اشترط مماسة الفرجين واشتراطهما في (النوادر) وهو الظاهر كذا في (الشرح) قال الاسبيجابي وهو الصحيح وافد كلامه نقض وضوئها أيضا وبه صرح في (القنية) وادعى ابن أمير حاج أن ذلك لم يذكر على قولهما وأن ما في (التنبية) فيه تأمل وفيه نظر لما سيأتي وهذا قولهما والثالث النقض وهو القياس وجه الاستحسان وهو الأصح كما في (التحفة) أنها لا تخلو من خروج مذي غالبا وقد قيل إن المذي في النساء اغلب وهذا يقتضي نقض وضوئها بالأولى وما في (الحقائق) من تصحيح ما عن الثالث فشاذ (لا) ينقضه (خروج دودة) ونحوها من جرح بضم الجيم أما بالفتح فمصدر جرحه جرحا قيد بالدودة لأنه لو خرج منها ماء نقض كذا في (مسكين) وقيده في (السراج) بما لم يدخله وبالجرح لأنها من السبيلين ناقضة كما مر (و) لا ينقضه أيضا (مس ذكر) ونحوه كدبر وفرج ولو لغيره لكن يستحب له غسل يده كما في (المبسوط) وأفاد في (البدائع) تقييده بما إذا كان مستنجيا بالأحجار وهو حسن كذا في (البحر) وأقول ما في البدائع إنما هو فيما إذا استنجى بالأحجار دون الماء وتلوث يده لا مطلقا وذلك انه قال إن الحديث اعني

وامرأة. وفرض الغسل غسل فمه وانفه وبدنه ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله عليه الصلاة والسلام: " من مس ذكره فليتوضأ" محمول على غسل اليدين لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمروا بالغسل انتهى. ولا يخفى أن إطلاق السرخسي أولى عملا بعموم (من) ولامس بشرة (امرأة) ولو بشهوة لكن قال بعضهم ينبغي للإمام أن يحتاط لقوة الخلاف بين الصحابة في النقض به وعدمه ولا يخفى أن الخروج من الخلاف مندوب لكل احد بشرط أن لا يلزم منه ارتكاب مكروه في مذهبه إلا أن مراتبه تختلف بحسب قوة دليل المخالف وضعفه وخص الإمام لما لا يخفى. (وفرض الغسل) يجوز أن يكون عطفا على جملة فرض الوضوء أو استئنافا وقد قيل انه بالضم اسم لغسل تمام الجسد وقال النووي أن الفتح فيه أفصح انتهى. لكن قال ابن مالك حيث أريد به الاغتسال فالضم هو المختار (غسل) جميع (فمه وانفه) للأمر بالأطهر بضم الهاء الذي هو تطهير جميع البدن الواقع على الظاهر والباطن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه أو يتعسر ساقط وأراد بالغسل غسل الجنابة والحيض والنفاس كذا في (السراج) قال في (البحر) وهو ظاهر في أنهما ليسا بشرطين في المسنون ولو نسي غسل فمه لكنه شرب الماء إن كان وجه السنة لا يكفيه وإلا كفاه وشرط في (الواقعات) أن يمجه قال في (الخلاصة) وهذا أحوط ووجهه في (البحر) بأنه قد قيل أن المج شرط فيها والأصح لا فكان الاحتياط هو الخروج عن الجنابة بناء الأصح لأنه العمل بأقوى الدليلين واقو لان يكون وجها لكون المج أحوط ولا أرى هذا إلا من طغيان القلم بل الوجه هو أن الماج خارج عن العهدة بيقين بخلاف غيره وهذا هو معنى الاحتياط وغسل باقي بدنه فيغسل السرة وأثناء اللحية وتغسل فرجها الخارج كما في (المحيط)

لا دلكه ـــــــــــــــــــــــــــــ ويجب تحريك الخاتم والقرط الضيقين وعليه إزالة ما يمنع إيصال الماء إلى بدنه لا ما لا يمنع كتراب وطين وظفر لا فرق في ذلك بين قروي ومدني واختلف فيما على ظفر الصباغ على انه غير مانع. قال في (الفتح) ويجوز للجنب ذكر الله تعالى ويأكل ويشرب إذا تمضمض انتهى. وهو ظاهر في انه لا يحل قبلها وقيده في (البزازية) بالعب حيث قال يحل للجنب شرب الماء قبل المضمضة على وجه السنة وأن لا على وجهها لا لأنه شارب الماء/ المستعمل فإما أن يخرج على رواية تجزيء الجنابة أو انه تبين بآخرة الأمر انه شارب له وإما على رواية الطهارة فيحل. قال في (الخانية) إذا أراد الجنب أن يأكل أو يشرب فالمستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به واختلفوا في الحائض قيل هي كالجنب وقيل لا يستحب لها إذ بالغسل لا تزول نجاسة الحيض بخلاف الجنابة انتهى. قالوا وله أن يعاود أهله قبل الغسل إلا إذ أحتلم فلا يأتي أهله مالم يغسل ذكره من المتبقي كذا في (الفتح) قال ابن أمير حاج وظاهر السنة إنما يفيد الاستحباب لا نفي الجواز المفاد من كلامه (لا) يفترض (دلكه) أي البدن وعن الثاني وجوبه. قال في (الفتح) وكأن وجهه خصوص صيغة "اطهروا" فإن فعل للتكثير أما في الفعل نحو جولت وطوفت أو في الفاعل كموتت الإبل أو في المفعول كغلقت الأبواب والثاني يستدعي كثرة الفاعل والثالث كثرة المفعول فلا يقال في شاة واحدة موت ولا في باب واحد غلقت وإن غلقه مرارا كما قيل فتعين كثرة الفعل فهو كالدلك ومنعه في (البحر) يجوز أن يكون التكثير في للمفعول وقوله إن التكثير في يستدعي كثرة المفعول مسلم له فيما إذا كان الفعل لا تكثير فيه.

وإدخال الماء داخل الجلدة للأقلف. وسنته أن يغسل يديه وفرجه ونجاسة لو كانت على بدنه , ثم يتوضأ ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ أما إذا كان فيه تكثير نحو قطعت الثوب فيجوز أن يكون فيه للمفعول وإن اتحد الفاعل والمفعول كما قال ابن الحاجب في (شرح المفصل) و "اطهر" من ذلك القبيل لأنك تقول طهرت البدن انتهى. وأقول لا يخفى إن "اطهروا" أمر من تطهر القوم وهو لازم فأنى يكون التكثير فيه للمفعول وعن هذا والله اعلم اضرب للكمال فيما وجد بخطه عن هذا اقتصر على قوله لأن صيغة التفعيل للمبالغة فتدبره. (و) لا (إدخال الماء داخل الجلدة للأقلف) وهو الذي لم يختن للحرج على ما مر وما في (البدائع) واختاره في (مختارات النوازل) من انه لا حرج في الإدخال فممنوع نعم لا كلام انه مستحب. (وسنته أن يغسل يديه) ابتداء لأنهما آلتا التطهير وقيده بعض المتأخرين بأن لا يكون على يديه نجاسة فان كانت بدأ بإزالتها كما في (المبسوط) ولا ينافيه ظاهر ما في (المختصر) لأن الواو لا تفيد ترتيبا (و) أن يغسل (فرجه) ودبره ووسطه بين غسل اليدين (والنجاسة) لأنه مظنتها فيلحق اللاحق في صورة وبالسابق في أخرى ومن هنا ظهر نكته عدوله عن ثم ألواقعه في عباراتهم وعلم به أن غسله سنة وإن لم يكن به نجاسة فاندفع ما في الشرح من أن قوله (ونجاسة لو كانت على يديه) تغني عنه لأنه لا يغسل إلا لأجلها قال في (البحر) ولان تقديم الغسل لم يكن ينحصر كونه للنجاسة بل لها أو لأنه لو غسله في أثناء الغسل لربما انتقضت طهارته عند من يرى ذلك والخروج من الخلاف مستحب ولا يخفى أن الكلام في السنية لا في الندب (ثم يتوضأ) كما مر فيسمي وينوي ولم يقل وضوءه للصلاة دفعا لتوهم المجاز الذي هو غسل اليدين لما انه قدم ذكر اليدين وفيه إيماء إلى انه يمسح رأسه وهو ظاهر

ثم يفيض الماء على بدنه ثلاثا ولا تنقض ضفيرة إن بل أصلها ـــــــــــــــــــــــــــــ الرواية وانه يغسل رجليه إلا أن الأكثر على تأخير غسلهما وقيده بعضهم بما إذا كان في مستنقع الماء وصححه الزاهدي. قال في (البحر) والظاهر أن الخلاف في الأولوية لا في الجواز نقول من وجه التأخير بان الغسل لا يفيد لاحتياجه إلى غسلهما ثانيا أي فائدة تامة أما على أن الماء المستعمل طاهر فظاهر إذ الثاني إنما هو على سبيل التنزه أما على رواية عدم التجزيء بالجنابة فواضح وأما على رواية التجزيء فلأن الماء لا يوصف بالاستعمال إلا بعد الانفصال وما أصاب القدمين غير مستعمل لان البدن كله في الغسل كعضو واحد وأما على انه نجس فلأنه قد أفاد حل القراءة ومس المصحف وأن تنجستا به فما في ابن الملك من عدم الفائدة إنما يستقيم على رواية عدم التجزئ والثاني على عدمه واثر الخلاف يظهر في حل القراءة والمس بعد غسل الفم واليدين فعلى التجزئ نعم وعلى عدمه لا وهو الأصح ولا يخفى لزوم غسلهما إذا كان في المستنقع وعلى بدنه نجاسة انتهى. ولقائل أن يقول لا نسلم انه في الأولوية بل هو في الجواز وذلك أن وجوب الغسل للصلاة وإذا كان في مستنقع الماء يحتاج على رواية النجاسة إلى غسلهما فلم يفد الغسل فائدته فوجب التأخير تحاميا عن الإسراف ويلزم على ما ختاره أولوية التأخير مع النجاسة أيضا إذ لا فرق بين نجاسة ونجاسة وليس بالواقع / فتأمله (ثم يفيض) المغتسل (الماء على بدنه ثلاثا) سكت عن خصوص المندوبية وقد قيل انه المنكب الأيمن ثم الأيسر ثم الرأس قال في (المجتبى) وهو الصحيح وقيل إن الرأس وهو ظاهر الرواية ويشهد له ظاهر حديث ميمونة وقيل انه الأيمن ثم الرأس ثم الأيسر (ولا تنقض) بالبناء للمفعول (ضفيرة) بالضاد المعجمية الذؤابة من الضفر وهو فتل الشعر وإدخال بعضه ببعض هي نائب المفعول لقوله (إن بل أصلها) أي:

فرع

وفرض عند مني ـــــــــــــــــــــــــــــ الضفيرة إذ لو بناه للفاعل لقال وإن بلت كذا في (الشرح) وفيه نظر وما المانع من أن يكون الأول مبنيا للفاعل والثاني للمفعول نعم الأنسب كون الفعلين على نسق واحد وفيه إيماء إلى وجوب غسل اثنائها لو كانت منقوضة لعدم الحرج ومن ثم رجح في (المعراج) وجوب النقض في الأتراك والعلوية في دعوى الحرج فيهما أيضا ممنوعة بقي أن بناءة للمجهول يؤذن بعدم وجود النقض فيهما أيضا وقد سبق أن الراجح خلافه والواجب أن التنوين يدل على المضاف إليه أي ضفيرة المرأة وحذفها اختصارا كما في (الشرح) وبهذا علم أن قوله في (البحر) أن ظاهر الكتاب الاكتفاء بالوصول إلى الأصول ولو منقوضة غير ظاهر وإن لم يجب مع الضفر الوصول إلى الأثناء فالذوائب أولى وهو الأصح وهذا أولى مما في (صلاة البقالي) من ترجيح الوجوب وإن جاوزت القدمين فرع ثمن ماء الغسل والوضوء على الزوج ولو كانت الزوجة غنية كذا في (الفتح) وهو ظاهر في عدم الفرق بين غسل الحيض والجنابة وفصَل في (السراج) في الحيض بين ما إذا انقطع لأقل من عشرة فيكون عليه أو لعشرة فعليها لاحتياجها إلى الصلاة (وفرض) أي الغسل (عند) خروج (مني) وهو من الرجل ماء ثخين ابيض ومن المرأة رقيق اصفر فلو اغتسلت من جماع فخرج منها مني فإن منيها فعليها الغسل وإن منيه فلا كذا في (القنية) قال في (العناية) والتعريف الجامع ماء دافق يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة وزيف بأنه لا يصدق على واحد منهما قال المصنف عدلت الباء لأن سبب وجوبه الصلاة أو إرادة ما لا يحل من الجنابة قيل الثاني قول عامة المشايخ فجعل بعضهم السبب نفس الإنزال وعليه القدوري وصاحب (الهداية) وأيده بعض المتأخرين بأن الرواية محفوظة وأن الجنب لو استشهد غسل لأن الغسل قد وجب قبله وهي لا ترفع ما وجب قبلها وهذا فيه شهادة قاطعة على أن المعاني الناقضة لوجود غسل موجبة لأخر بلا توقف على وجوب ما لا يجوز فعله وأقول المسطور في (الهداية) وعليه جرى شراحها وغيرهم في تعليل المسألة أن الشهادة علافت مانعة للنجاسة لا رافعة وما ذكره من التعليل لم أره لغيره.

ذي دفق وشهوة عند انفصاله ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم وصف المني بقوله (ذي) أي صاحب (دفق) يقال دفق الماء دفقا صبه صبا فيه دفق (وشهوة) وماء دافق ذو دفق على طريقة النسب كذا في (المغرب) أو من مجاز الإسناد وقال ابن عطية يصح أن يكون الماء دافقا لأن بعضه يدفق بعضا أي يدفعه فمنه دافق ومنه مدفوق وذكر في (ضياء الحلوم) من مصادره الدفوق أيضا يتعدى ولا يتعدى وذي شهوة فخرج ما لو نزل بحمل شيء ثقيل لكنه لا يشمل مني المرأة إذ لا دفق معه , اعلم أن الثاني يشترط الشهوة (عند انفصاله) من رأس الذكر فثمة دفق وهما إنما شرطاها عند الانفصال من الظهر فلا يشترط الدفق وبه عرف أن كلامه لا يصح أن يكون على قولهما كما هو ظاهر ولا على قول الثاني بقوله عند انفصاله أي من الظهر فكان حذف الدفق أول. قال في (البحر) ويمكن أن يقال انه بمعنى المدفوق مصدر اللازم انتهى. أي الذي هو بمعنى الخروج وأنت خبير بأنه مستفاد من قوله عن مني أي عند خروجه فلا حاجة حينئذ لذكره واختار في (العناية) أن قوله عند انفصاله أي من رأس الذكر فذكر مسألة اجماعية غاية الأمر انه ترك بعض موجبات الغسل عندهما والأمر فيه أسهل مما يرد عليه أن قوله وشهوة حينئذ مما لا حاجة إليه لاستلزام الدفق إياها. وأقول إذا كان الماء يصح أن يكون دافقا كما مر عن ابن عطية فجائز أن يكون هذا عن انفصاله من الظهر إذ لا خفاء انه في هذه الحالة يدفق بعضه بعضا وهذا المعنى هو الملائم لكلامه لكني لم أر من عرج عليه واثر الخلاف يظهر فيما لو احتلم أو نظر بشهوة فامسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم أرسله فأنزل وجب عندهما لا عنده وكذا لو خرج منه بقية المني بعد الغسل قبل النوم أو البول أو المشي الكثير.

فرع

وتواري حشفة في قبل أو دبر ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في السراج والفتوى على قول أبو يسوف في الضيف وعلى قولهما في غيره لكن لا بد أن يقيد بما إذا خاف الريبة كما في (غاية البيان) وغيره زاد في المستصفى أو استحى واجمعوا أن المجامعة إذا اغتسلت / قبل أن تبول ثم خرج منها بقية مني الرجل انه لا غسل عليها. فرع وجد بثوبه أو فخذه بللا فالمسألة على اثني عشر وجها لأنه إما أن يعلم انه مني أو ودي أو مذي أو يتردد بين الأول والثاني أو الأول والثالث أو الثاني والثالث وكل من الستة إما مع تذكر الاحتلام أو لا فيجب اتفاقا فيما إذا علم انه مني أو مذي أو شك في كونه واحدا من الثلاثة أو من الأخيرين وقد تذكر احتلاما ولا يجب اتفاقا فيما إذا تيقن انه ودي مطلقا أو مذي ولم يتذكر أو شك في انه مذي أو ودي أما لو شك في انه واحد منهما والمسالة بحالها وجب عندهما لا عند الثاني وغير خاف أن التعبير بالعلم أولى من التيقن لكثرة إطلاقه على غلبة الظن عند الفقهاء المرادة هنا لتعذر المعنى الحقيقي مع النوم. (و) فرض نصا عند (توراي) أي تغيب (حشفة) ولو بحائل يوجد معه الحرارة على الأصح أو مقدار مامن مقطوعها (في قبل) ادمية حية يجامع مثلها فلا يجب بوطء بهيمة وميتة وصغيرة لا يجامع مثلها إلا بالإنزال. وقال في (السراج) والصحيح انه متى أمكن الإيلاج في محل الجماع من الصغيرة ولم يفضها فهي ممن يجامع مثلها وقد قال أن بقاء البكارة دليل على عدمه فلا يجب كما اختاره في النهاية كذا في (البحر) وأقول ليس هذا مما الكلام فيه إذ الكبيرة كذلك وكذا قالوا لو جومعت البكر لا غسل عليها إلا إذا حملت لإنزالها إنما الكلام في أن الغسل هل يجب بوطء الصغيرة؟ حيث لا مانع إلا الصغر اختلفوا والصحيح أنها لو كانت تفضى بالوطء لم يجب وإن توارت الحشفة لقصور الداعي وإلا وجب (أو دبر) لغيره إذ لو غيبها في دبر

عليهما وحيض ونفاس ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسه فلا غسل عليه لان النص ورد في الفاعل والمفعول فيقتصر عليه كذا في (الصيرفيه) وحكى في (المبتغى) في المسألة خلافا. قال في (البحر) وقد يقال انه غير صحيح فقد نقل في غاية البيان) الاتفاق على الوجوب بالإيلاج في الدبر (عليهما) انتهى. ولا يخفى أن محل الاتفاق إنما هو في دبر الغير وأما في دبر نفسه فاذي ينبغي أن يعود عليه عدم الوجوب إلا بالإنزال لان الكلام في دبر وقبل محققين وفرض أيضا عند خروج (حيض ونفاس) بوصولهما إلى فرجها الخارج وفيه إيماء إلى أن الحيض ليس سببا بل هو على ما مر لكن اختار في (الكافي) انه انقطاعه لا خروجه وعلله في (المستصفى) بان الخروج منه مستلزم للحيض فوجد الاتصال فصحت الاستعارة أي لتقدم الحيض لا لنفسه وإلا لزم المحال وقول الشارح أن الانقطاع طهارة واستحال أن توجب الطهارة عن ذلك إلا انه في (السراج) قال اختلف المشايخ هل يجب الغسل بالانقطاع ووجوب الصلاة أو بالانقطاع عند رؤية الدم السابق فالبخاريون على الأول وهو المختار والكرخي وعامة العراقيين على الثاني ويحمل ما في (الكافي) على اختيار الأول لكن يحتاج إلى الفارق بينه وبين أنوال المني حيث لم يجعل انقطاعه سببا أيضا كما هنا والاختلاف في عدم وجوب الوضوء والغسل على المحدث والحائض ونحوهما قبل وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل كما في (التوشيح) وبه اندفع ما في (السراج) من أن اثر الخلاف يظهر فيما إذا انقطع الدم بعد الطلوع فلم تغتسل إلى الظهر ثمت عند الكرخي وعامة العراقيين وعند البخاريين لا واختار في (المستصفى) انه الحيض وهو ظاهر ما في (الشرح) قال في (البحر) واثر الخلاف يظهر في التعاليق كأن يقول إن وجب عليك الغسل فأنت كذا وقد ظهر لي أخرى وهي ما لو أشهدت الحائض قبل الانقطاع فعلى الأولى لا تغسل وعلى الثاني تغسل وصحح انتهى.

لا مذي وودي واحتلام بلا بلل وسن الجمعة ـــــــــــــــــــــــــــــ ولابد من أن يقيد بما إذا استمر بها ثلاثة أيام أما إذا قتلت قبل إتمامها لا تغتسل إجماعا إلا أن هذا قد يعكر على ما سبق عن (التوشيح) فيحمل الاتفاق على وجوب الأداء (لا) يفترض خروج (مذي) كظبي بمعجمة ساكنة وياء مخففة على الأفصح وفيه الكسر مع التخفيف والتشديد وقيل هي ماء رقيق ابيض يخرج عند الشهوة لا بها وقد مر انه في النساء اغلب قيل هو منهن يسمى القذي بمفتوحتين (و) لا (ودي) بمهملة ساكنة وياء مخففة عند الجمهور وحكى الجوهري كسر الدال مع تشديد الياء قال ابن مكي ليس بصواب وقال أبو عبيد انه الصواب اعجام الدال شاذ ماء ثخين ابيض كدر يخرج عقب البول والمنفي إنما هو إيجاب الغسل لا الوضوء قيل لا اثر لإيجاب الوضوء لأنه وجب بالبول السابق وأجيب بأن فائدته تظهر فيمن سلس بول وفيمن توضأ عقب البول قبل خروجه على أن قصر خروجه / على ما بعد البول ممنوع بل بعد الاغتسال أيضا ولو سلم فالوجوب بالبول لا ينافي إضافته إليه إلا ترى إلى ما قالوه فيما لو حلفت لا تغتسل من جنابة أو حيض فجومعت ثم حاضت حنثت بالغسل في ظاهر الرواية لأنه منهما قال الجرجاني أن الطهارة من الأول ووافق الهنداوني عند اتحاد الجنس لا اختلافه (و) لا يفترض عند وجود (احتلام) من الحلم بالضم والسكون اسم لما يراه النائم غلب على ما يراه من الجماع (بلا) رؤية (بلل) وهذا أولى من تقدير الوجوب لما لا يخفى وقد مر تفاريع المسألة (وسن الغسل للجمعة) أي لصلاتها وهذا قول الثاني وهو الأصح وفي إيضاح الإصلاح وهو ظاهر الرواية وقال محمد ليومها ونسبه كثير إلى الحسن وأثر الخلاف فيمن لا جمعة عليه لو اغتسل وفيمن أحدث بعد الغسل وصلى بالوضوء قال الحسن الفضل عند الحسن لا عند الثاني قيل وفيمن اغتسل قبل الغروب إلا أن المذكور في الخانية انه لو اغتسل بعد الصلاة لا يعتبر إجماعا لأنه شرع لدفع الأذى عند الاجتماع وقد فات قلا في (الكافي) وتظهر أيضا فيمن اغتسل قبل الفجر وصلى بها ينال عند الثاني لا عند الحسن واستشكله الشارح بان ما لا يسن الاغتسال لأجله لا يشترط فيه وجود الاغتسال بل كونه

وللعيدين والإحرام وعرفه ووجب للميت ولمن اسلم جنبا وإلا ندب ـــــــــــــــــــــــــــــ متطهرا بطهارته قبله إلا ترى أن الثاني لا يشترطه في الصلاة وأقول ما في (الكافي) مسطور (الخلاصة) وعزاه في (النهاية) إلى (مبسوط) شيخ الإسلام وإذ ثبت أن الرواية عن الحسن كذلك فالأولى صرف النظر في إبداء وجهها ولا مانع أن يقال إنما اشترط إيقاع الغسل فيه إظهارا لشرفه ومزيد اختصاصه عن غيره كعرفة على ما يأتي وإنما لم يشترط الثاني إيقاعه في الصلاة للمنافاة نعم في (الخانية) انه ينال أيضا عند الحسن فيجوزان عنه روايتين وفي (الدراية) عن (صلاة الجلابي) اغتسل يوم الخميس أو ليلة الجمعة استسن بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة قال في (البحر) وينبغي أن لا تحصل السنة أي اتفاقا أما على قول الثاني فلاشتراط الصلاة ب هاو الغالب وجود الحدث وأما على الحسن على ما في (الكافي) فظاهر وأما على غيره فلأنه يشترط أن يكون متطهرا بطهارة الاغتسال في اليوم لا قبله انتهى. يعني والغالب وجود الحدث أيضا. (و) سن أيضا (للعيدين) قال العيني في (شرح المجمع) يحتمل أن يجري فيهما الخلاف السابق لكني لم اظفر به وفي الظاهر انه للصلاة أيضا وأقول في (الدرر) لمنلا خسرو ما لفظه ويسن لصلاة الجمعة ولعيد قال المصنف في شرحه أعاد اللام لئلا يفهم كونه سنه لصلاة العيد وهذا صريح في انه لليوم فقط وذلك لأن السرور في عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى أم لا (والإحرام) أي لأجله ولا أظن أحدا قال أن لليوم فقط (و) للوقوف في (عرفة) قال في (البدائع) يجوز أن يكون غسل عرفة على الخلاف السابق قال ابن أمير حاج ولا أظن أحدا قال انه لليوم فقط بل الظاهر للوقوف وبقي انه لا بد في تحصيل السنة من كونه داخلها فلو قال كما في (المجمع) يعني لعدم المواظبة لكن قد نقلت في الجمعة ومن ثم قال الحلبي الذي يظهر استنانه والله الموفق (ووجب) الغسل أي لزم (للميت) لما سيأتي من انه فرض كفاية على الأحياء إلا أن يكون خنثى مشكل فيتيمم وقيل انه في ثيابه يغسل والأول أولى (ولمن) أي وعلى الذي بقرينة وجب وقوله (وإلا ندب) (اسلم) أي دخل الإسلام حال كونه (جنبا) هذا إحدى الروايتين عن الإمام وهو الأصح ولو ظهرت الكافرة ثم أسلمت لا يجب والفرق أن صفة الجنابة باقية بعد الإسلام فكأنه أجنب بعده ولذا قلنا لو أسلمت حائضا ثم

ويتوضأ بماء السماء ـــــــــــــــــــــــــــــ طهرت وجب الغسل ولا نعلم خلافا في وجوب الوضوء للصلاة إذا اسلم محدثا ولو بلغ الاحتلام وهي بالحيض قيل يجب عليها لا عليه قال في (الفتح) ولا معنى للفرق بين هاتين فانه إن اعتبر حال البلوغ اوان انعقاد أهليه التكليف فهو كحال انعقاد العلة لا يجب عليهما وإن اعتبر اوان توجه الخطاب حتى اتحد زمانهما وجب عليهما والحيض إما حدث أو يوجب حدثا في رتبة حدث الجنابة كما سيأتي فوجب أن يتحد حكمه بالذي اسلم جنبا وجوابه أن السبب في الحيض الانقطاع وثبوته بعد البلوغ بابتداء الحيض كيلا يثبت الانقطاع إلا وهي بالغة انتهى. ولا يخفى أن مقتضى ما سبق من ترجيح أنها تغتسل لو استشهدت قبل الانقطاع ترجيح السبب هو الحيض وعليه فينبغي اتحاد حكمهما وأما على القول بأنه وجوب الصلاة لعدم الفرق بينهما اظهر ومن ثم قال في (المعراج) الصحيح هو الوجوب عليه أيضا وفي (الخانية) لأحوط وجوب \ الغسل في الفصول الأربعة وإلا أي وإن لم يكن جنبا ندب أي استحب لأمره عليه الصلاة والسلام قيس بن عاصم حين اسلم به تكميل: بقي من الاغتسال لدخول مكة أو المدينة وللوقوف بمزدلفة وللمجنون إذا أفاق ولمن بلغ بالسن ولليلة القدر إذا رآها وللتوبة والقدوم ولمن يراد قتله وللمستحاضة الذي انقطع دمها ومن غسل الميت والحجامة وذكر النووي من ذلك من أراد حضور مجمع الناس وإن من المسنون غسل الكسوفين والاستسقاء وثلاثة اغسال لرمي الجمار قال في (البحر) ولم أجد ذلك لائمتنا وأقول وصرح في (الدرر والغرر) بندب غسل الكسوف والاستسقاء والله الموفق (ويتوضأ) شروع في بيان ما تحصل به الطهارة السابق بيانها ومن ثم قيل الأحسن يتطهر (بماء السماء) الماء ممدود وعن بعضهم قصره جسم لطيف سيال به حياة كل نام واصل ماء موه قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم أبدلت الهاء همزة وفيه لغة على الأصل والجمع مياه وجمع قلة على امواه وماء السماء هو ماء المطر والندى وما ذاب من الثلج والبرد إن كان متقاطرا وعن الثاني الجواز مطلقا والأصح قولهما ويجوز بما ينعقد به الملح كما في (عيون

والعين والبحر وأن غير طاهر أحد أوصافه ـــــــــــــــــــــــــــــ المذاهب لا بماء الملح كما في الخلاصة ولعل الفرق أن الأول باق على طبيعته الأصلية والثاني انقلب إلى طبيعة أخرى قاله منلاخسرو (والعين) قال في (البحر) العين لفظ مشتركة بين الشمس والينبوع والذهب والدينار والمال والنقد والجاسوس وولد البقر الوحشي وخيار الشيء ونفس الشيء والناس القليل وحرف من حروف العجم وما عن يمين قبلة العراق وغير ذلك والمراد هنا الينبوع بقرينة السياق انتهى. وأقول هذا مبني على انه معطوف على ماء وبعده لا يخفى والأولى أن يعطف على السماء وعليه فلا يكون مشتركا بين ما ذكر نعم وهو مشترك بينه وبين ماء الباصرة والثاني غير مراد بقرينة السياق (والبحر) وبماء البحر سمي بذلك إما لملوحته لقولهم ماء البحر أي املح فيختص بالملح أو لسعة انبساطه ومنه أن فلانا بحر أي واسع المعروف أو لكونه ماء كثير فلا يختص به وعلى الأول جاء التغليب في قوله تعالى (مرج البحرين) <الرحمن19> لا على الثاني والأول اظهر لقوله (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) <الرحمن 22> ولا شك أنهما من الملح فقط ولا خفاء أن ظاهر قوله تعالى (الم تر أن الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض) <الزمر21> يفيد أن الكل من السماء والنكرة في الإثبات وإن خضت إلا أنها في مقام الامتنان تعم حينئذ فالتقسيم باعتبار ما يشاهد وفي (الكشاف) المراد بالمنزل من السماء المطر وقيل كل ماء في الأرض فهو من السماء ينزل منها إلى الصخرة ثم يقسمه الله تعالى (وإن غير) مخالط (طاهر احد أوصافه) من اللون والطعم والرائحة واللون كزعفران خلط بماء فغير لونه فقط لإطلاق اسم الماء عليه ومنع بان المحرم لو استعمله لزمته الفدية وبأنه لا حنث عليه بشربه فيما لو حلف لا يشرب ماء ولأنه لو وكله بشراء ماء

أو أنتن بالمكث لا بماء تغير بكثرة الأوراق أو بالطبخ أو اعتصر من شجر أو ثمر ـــــــــــــــــــــــــــــ فاشتراه لم يجز وأجاب الهندي بأنا لا نسلم ذلك قال في البحر ولئن سلم فالإيمان والوكالات مرجعهما العرف وبزوم الفدية لكونه استعمل عين الطيب وان كان مغوبا وافهم كلامه انه لو غير وصفين لم يجز وسيأتي ما فيه. (أو انتن الماء بالمكث) أي بسببه بتثليث الميم مصدر مكث بضم الكاف وفتحها أقام وفي المصدر رابعة وهي فتح الكاف والميم قيل وقد قريء بها قوله تعالى (لتقرأه على الناس على مكث) <الإسراء 106> قيد به لأنه لو علم تغييره لنجاسته لم يجز والأصل مع الشك هو الطهارة (لا) يتوضأ (بماء) عطف على بماء السماء أي لا يجوز أن يتوضأ بماء (تغير بكثرة الأوراق) أي بسببها لزوال اسم الماء عنه لثخنه وعليه يحمل كلامه وإلا فمجرد التغيير لا يمنع لان المنقول عن الأساتذة أنهم كانوا يتوضؤون من الحياض التي يقع فيها الأوراق مع تغيير كل الأوصاف من غير نكير كما في (النهاية) (أو) تغير (بالطبخ) بما لا يقصد به المبالغة في التنظيف أما بما يقصد به كأشنان ونحوه فيجوز بشرط بقاء رقته وظاهره انه لو لم يتغير جاز الوضوء له ومن ثم قال في الينابيع) وغيرها لو طبخ الحمص أو البقلاء في الماء وإن كان بحيث لو يبرد ثخن ولا يجوز الوضوء به وإلا جاز وجعل في (البحر) هذا قول الناطفي وليس بالمختار لما في (الخانية لو طبخ الحمص أو الباقلاء في الماء جاز الوضوء به انتهى. وعلى هذا فيشكل عطف أو بالطبخ على ما تغير بكثرة الاوراق لما علمت من أن التغيير بكثرة الأوراق بالثخن وهذا بنفس الطبخ سواء ثخن أو لا. (أو اعتصر) الماء (من شجر) كشراب الريباس وهذا أحسن مما قيل كالاشربة فإنه على عمومه مشكل قال خسرو (أو) من (ثمر) بمثلثة كالخل وفي كلامه إيماء إلى الجواز في المتقاطر بنفسه وعليه جرى في (الهداية) لكن صرح في (المحيط)

أو غلب عليه غيره أجز ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدمه وبه جزم قاضي خان وصوبه في الكافي بعد ذكر الأول بقيل لأنه كمل امتزاجه وقال الحلبي انه الأوجه (أو غلب عليه) طاهر (غيره اجز) أي من حيث الأجزاء قال العيني وهو أن يخرجه عن صفته الاصليه بان يثخن لا أن يكون من حيث الوزن أكثر انتهى ودعاه إلى ذلك أن اعتبار الأجزاء معزي إلى الثاني والمنسوب إلى محمد اعتبار التغيير من حيث الأوصاف وقول الثاني اصح لأنه بتغير اللون لا تتغير الصفة وهي الرقة كذا في (المحيط) قال في (الدراية) وبه علم أن المراد بغلبة الأجزاء ما سبق وأقول الذي ينبغي في كلام المصنف اعتبار الأجزاء من حيث الوزن وقد قيل به ولان الاعتبار من حيث الصفة قد مر في قوله بكثرة الأوراق فيلزم التكرار وقال الاسبيجابي تعتبر الغلبة من حيث اللون ثم الطعم ثم من حيث الأجزاء وافتحم الشارح ضابطا به يحصل التوفيق بين كلامهم وهو أن التقييد المخرج عن الإطلاق بأمرين الأول كمال الامتزاج وهو بالطبخ مع طاهر لا يقصد به المبالغة في التنظيف أو يتشرب النبات على وجه لا يخرج الأول منه إلا بعلاج الثاني غلبة المخالط فان جامدا فابنتقاء رقته وإن مائعا موافقا للماء في كل الأوصاف كالمستعمل بناء على ما اختير من طهارته فبالأجزاء وإن تخالفا في كلها فبتغيير أكثرها أو بعضها فبغلبة ما به الخلاف كاللبن يخالف في اللون والطعم فان غلبا احدهما منع هذا حاصل ما قاله وفيه نظر لما سيأتي من أن نبيذ التمر لا يجوز الوضوء به على الأصح ولو كان رقيقا مع أن المخالط جامد ومقتضى ما قاله أن يجوز ما دام رقيقا ولو غير كل الأوصاف ونص في (القنية) على أن الزعفران لو وقع في الماء فان أمكن الصبغ به منع وإلا لا من غير نظر إلى انتفاء رقته وأجاب في (البحر) بان الكلام فيما إذ لم يزل عنه اسم الماء وفي المسألتين قد زال وأقول من تأمل كلام الشارح علم أن هذا الجواب مما لا يجدي نفعا وذلك انه حكم بان التقييد المخرج عن الإطلاق يكون بأحد أمرين الثاني منهما غلبة المخالط فان جامد فابنتقاء رقته فاسم الماء باق ما بقيت الرقة منعدم ما انعدمت فأنى يصدق زوال اسم الماء مع بقائها؟ قال في الفتح والأوجه أن يخرج عن الأقسام ما خالط جامدا فسلب رقته وجريانه لان هذا ليس بماء أصلا واعلم انه لم يذكر في اعتبار الغلبة بالأجزاء ما إذا استويا لعدم ذكره في ظاهر الرواية قالوا أن حكمه حكم المغلوب احتياطا كذا في

وبماء دائم فيه نجس إن لم يكن عشرا في عشر ـــــــــــــــــــــــــــــ (البدائع) وغير خاف أن اعتبار الغلبة بالأجزاء في المستعمل شامل لما إذا القي في الطاهر أو انغمس الرجل فيه وبه علم جواز الوضوء من الفساقي الموضوعة في المساجد بشرط أن لا يكون المستعمل فيما يغلب على الظن مساويا وأن لا يقع فيها نجاسة ولو تكرر الاستعمال الظاهر أن يجمع (و) لا يجوز الوضوء ولا الغسل (بماء دائم) أي راكد وقع (فيه نجس) بكسر الجيم ويجوز الفتح إذ لا فرق في الواقع بينهما سواء تغير احد الوصاف أم لا هذا (إن لم يكن عشرا) يعني عشرة اذرع (في عشر) أي مثلها بان يكون حول الماء أربعون ووجهه مائة وهل المعتبر ذراع الكرباس أو المساحة أو كل زمان ومكان بما به يذرعون أقوال كلها مرجحة والأخير انسب والمفتى به في العمق انه ما لا ينحسر بالغرف ثم هذا اعني اعتبار العشر هو مختار عامة المتأخرين قال أبو الليث وعليه الفتوى وقال الكرماني أيضا انه الظاهر عن محمد إلا أن المصرح به في غير موضع أن الظاهر عن الإمام وهو الصحيح التفويض إلى رأي المبتلى به وفي (كافي الحاكم الشهيد) عن أبي عصمة يوقت بعشرة في عشرة ثم رجع إلى قول الإمام وقال لا أوقت فيه شيئا وأنت خبير بان اعتبار العشر اضبط ولاسيما في حق من لا رأي له من العوام فلذا اختاره الأئمة الأعلام وقوله في (البحر) انه لا يعمل إلا بما يصح عن الإمام ولم يصح عنه اعتبار العشر بل ولا عن محمد لما علمت ممنوع بأنه لو كان كما قال لما يساغ لهم الخروج عن ذلك المقال كيف وقد اعترف بان أكثر تفاريعهم على اعتبار العشر في العشر قال ولو فرغ على اعتبار غلبة الظن فيوضع مكان لفظ عشر في كل مسألة لفظ كثير أو كبير.

وإلا فهو كالجاري وهو ما يذهب بتبنة ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن هذا في المربع إما المدور فرجح في الظهيرية اعتبار ستة وثلاثين وفي غيرها ستة وأربعين قال في المحيط والاحوط اعتبار ثمانية وأربعين ولو كان أعلاه عشرا دون أسفله جاز الاغتسال فيه إلا إذا نقص حتى صار اقل ولو على القلب فوقعت فيه نجاسة ثم انتقص إلى العشرية اختلف المتأخرون قال الهندي وأشبه الجواز ولو كان على طول وعمق لا عرض ولو قد صار عشرا فلا بأس بالضوء به تيسيرا كذا في (التجنيس) هذا وسائر المائعات في القلة والكثرة كالماء وقوله فهو أي العشر في العشر بالفاء في أكثر النسخ والوا لئلا يلتبس بالجواب كذا في الشرح وهذا أولى من قول العيني الصواب الواو للالتباس المفسد للمعنى إلا إذا جعلت تفسيرية لجواز كونها فصيحة بدليل ما وقع في نسخة وعليها شرح في البحر وإلا أي وإن كان عشرا في عشر فهو كالجاري واختلف المشايخ في موضع الوقوع فرجح الكرخي وغيره التنجيس وفي البدائع انه ظاهر الرواية ومعناه انه يترك من موضع النجاسة قدر الحوض الصغير ثم يتوضأ وقدره بعض شراح الهداية بأربع اذرع في مثلها وذكر الكرخي أن ما خالطه التنجيس لا يجوز الوضوء به ولو جاريا هو الصحيح ومشايخ بخارى وما وراء النهر قالوا في غير المرئية يتوضأ من جانب الوقوع كما قالوا جميعا في الماء الجاري وهو الأصح وعن الثاني انه لا يتنجس إلا بالتغيير قال في الفتح هو الذي ينبغي تصحيحه فلا فرق بين المرئية وغيرها ويوافقه ما في المبتغى قوم يتوضؤون صفا على شط نهر جاز فكذا في الحوض لان ماء الحوض حكم ماء جار انتهى. وإنما أراد الحوض الكبير بالضرورة وسياق كلام المصنف يفيده قال في النصاب وغيره وعليه الفتوى واختار بعضهم انه يتحرى فان وقع تحريه أن النجاسة لم تخلص توضأ وإلا لا قال ابن أمير حاج وهو الأصح وهو أي الجاري ما نكرة وصفت بجملة قوله يذهب أي يجري بتبنة ونحوها ويجوز أن تكون موصولة وما أورد عليه أن من أن الدابة ونحوها بها تذهب ممنوع لما أنها واقعة على الماء الجاري بتقدم ذكره ويذهب صلة بل هو المناسب وهذا قول البعض والأصح انه ما يعده الناس جاريا

فيتوضأ منه إن لم ير أثره وهو طعم أو لون أو ريح وموت ما لا دم له فيه ـــــــــــــــــــــــــــــ فيتوضأ منه أي من الدائم إذا كان عشرا في عشر وتعريف الجاري معترض وفيه إفادة وهو جواز التوضي من موضع الوقوع وصدر الشارح بعود الضمير على الجاري إلا أن المناسب لتناسق كلامه ما سمعت وإن لم ير أثره قال في العناية أي يبصر قال في الحواشي السعدية وفيه بحث فان قوله وهو طعم إلى أخره يمنع حمله على ما ذكره بل معناه لم يعلم لها اثر بالطريق الموضوع لعلمه كالذوق والشم والإبصار انتهى وجوابه انه أراد الإبصار بالبصيرة كما حرره العلامة في قوله تعالى (أتأتون الفاحشة وانتم تبصرون) النمل 54> وهو الأثر أما طعمه من حيث الذوق أو لون من حيث الإبصار أو ريح من حيث الشم وظاهره انه لا فرق بين المرئية وغيرها ويوافقه ما عن الثاني ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها والماء يجري فوقه وتحته لا بأس بالضوء أسفل منه مال ير الأثر قيل ينبغي أن يكون هذا قوله فقط أما على قولهما فلا يجوز كذا في الينابيع والمذكور في الخيانة وغيرها التفصيل في المرئية فان كان الماء كله أو أكثره يجري عليها أو استوى الحال لا يجوز وإلا يجوز وصححه في التجني سالا انه في الفتح القدير يرجح ما عن الثاني بحثا قال الشيخ القاسم وهو المختار في البحر ما في الخانية أوجه لان النجاسة لا تستقر مع الجريان فان لم ير الأثر علم أن الماء بها ذهب وفي الجيفة التي يجري الماء على أكثرها تيقنا بوجود النجاسة وكلما وقع التيقن بوقوع النجاسة فيه لم يجز استعماله وليس التغير ال علامة ولا يلزم من انتفائها انتفائه أقول قد تقرر أن الجاري وما في حكمه لا يتأثر بوقوع النجاسة فيه ما لم يغلب عليه بان يظهر أثرها فيه لمجرد التيقن بوجود النجاسة لا اثر له وإلا لاستوى الحال بين جريته على الأكثر أو الأقل فما في الفتح أوجه وموت ما أي الحيوان لا دم له سائل حالا فيه أي في الماء هذا شامل لما يعيش في الماء وغيره لا فرق بين موته أو إلقائه ميتا في الأصح كذا في الشرح والسراج ما يعيش في الماء هو ما يكون توالده ومثواه فيه سواء كانت له نفس سائلة أم لا في ظاهر الرواية وعن الثاني أن ذا الدم السائل ينجس ولإخفاء أن عبارة المصنف تعطي ما عن الثاني فلو زاد كغيره أو كان مائي المولد لكان أولى أما

كالبق والذباب ـــــــــــــــــــــــــــــ مائي لمعاش كالإوز فيفسده في اصح الروايتين لان له نفسا سائلة واتفقت الروايات على الإفساد في غير الماء كذا في شرح الجامع لقاضي خان فما في المجتبى من تصحيح عد الإفساد به غير ظاهر نعم اختلفت الرواية في الكلب المائي كما في الدراية أما الخنزير فاجمعوا على عدم التنجس به كذا في الخلاصة كالبق بتشديد القاف كبار البعوض وفي صلاة الباقلي لو مص البق الدم لم ينجس عند الثاني لأنه مستعار خلافا لمحمد وجعل في جمع التفاريق الخلاف على العكس والأصح في العلق الذي مص الدم انه يفسد ومن هنا يعلم حكم القراد والحلم كذا في المجتبى والترجيح في العلق ترجيح في البق إذ الدم فيهما مستعار وفي المحيك دم الحلمة نجس وهي ثلاثة أنواع قراد وحنانة وحلم فالقراد أصغرها والحنانة أوسطها والحلمة أكبرها ولها دم سائل والذباب بضم المعجمة وتخفيف الباء والجمع ذبان بكسر الذال كغربان والعامة يجعلونه جمع ذبابة وهو خطأ قاله أبو هلال العسكري وهو مردود بما نقله ابن السيد في المحكم عن أبي عبيدة من تجويزه وحكى سيبويه في الجمع ذب بضم أوله وتشديد الباء واخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن ابن عمر مرفوعا عمر الذباب أربعون ليلة والذباب كله في النار إلا النحل وليس المراد تعذيبه

والزنبور والعقرب والسمك والضفدع والسرطان لا ينجسه والماء المستعمل لقربة ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها بل ليعذب أهل النار به قال أفلاطون انه احرص الأشياء حتى انه يلقي نفسه في كل شيء ولو كان فيه هلاكه ويتولد العفونة ولا جفن له لصغر حدقته وهو من أكثر الطيور سفاحا ربما بقي عامة اليوم على الأنثى وادني الحكمة في خلقه أذى الجبابرة وقيل لولاه لجافت الدنيا وفي الصحيح إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فان في إحدى جناحيه داء والأخر دواء والمراد بالداء السم قال بعضهم تأملته فوجدته يتقي بجناحيه الأيسر فعلم أن الأيمن هو الذي فيه الداء كذا في شرح البخاري للعيني مخلصا سمي بذلك لأنه كلما ذب أي طرد آب بالمد أي رجع أو لكثرة حركاته والزنبور بضم الزاي وهو أنواع منها النحل والسمك بسائر أنواعه وأشار الطحاوي إلى أن الطافي منه يفسد وهو غلط إذ غايته انه غير مأكول كالضفدع كذا في النهاية والضفدع بكسر الضاد في الأفصح والفتح ضعيف والأنثى ضفدعة بالفتح وإطلاقه يفيد انه لا رفق بين البري والبحري وهو الذي جزم به في الهداية وصححه في السراج لأنه لا دم له سائل ومن هذا قال ابن أمير حاج محل عدم الإفساد البري إذا لم يكن له نفس سائلة فان كان افسد على الأصح وعن محمد كراهة شرب الماء الذي تفتت فيه ضفدع لا لنجاسته بل لحرمة لحمه وقد صارت أجزاؤه في الماء وهذا يؤذن بأنها تحريمية ولهذا عبر في التنجيس بالحرمة والله الموفق والسرطان لا ينجسه أي الماء وحكم المائعات بأسرها حكمه في الأصح وإملاء المستعمل لقربة أي لأجلها وهو ما تعلق به حكم شرعي هو الثواب كغسل يديه للطعام أو منه علله في المحيط بأنه أقام به قربة قال في البحر وهذا يفيد اشتراط قصدها انتهى. وعليه ينبغي اشتراطه في كل سنة كغسل الفم

أو رفع حدث ـــــــــــــــــــــــــــــ والأنف ونحوهما وفي ذلك تردد ومن أنواع القربة الوضوء على الوضوء إلا للتعليم ولذا جزم في المبتغى بأنه لا يصلي به مستعملا يعني إذا لم يرد به سوى مجرد التعليم فان قلت التعليم قربة قلت سلمناه إلا أن الاستعمال نفسه ليس قربة والتعليم أمر خارج عنه قالوا بوضوء الحائض يصير مستعملا لأنه يستحب لها الفريضة لكل فريضة وتجلس في مصلاها قدرها كيلا تنسى عادتها ومقتضى كلامهم اختصاص ذلك بالفريضة وينبغي انه لو توضأت لتهجد عادي لها أو صلاة ضحى وجلست في مصلاها أن يصير مستعملا ولم أره لهم والله الموفق بمنه أو رفع الحدث بنوعيه اعلم انه لا خلاف بين الثلاثة في أن الماء يصير مستعملا برفع الحدث أيضا قاله الجرجاني وادعى الرازي أن هذا قولهما وخصصه الثالث بإقامة القربة استدلالا بما سيأتي في مسالة البئر من طهارة الماء والرجل لعدم نية إقامة القربة ورده السرخسي بان هانما لم يستعمل للضرورة إلا ترى إلى قولهم جميعا لو ادخل المحدث أو الجنب أو الحائض التي طهرت اليد لاغتراف الماء لا يستعمل للحاجة فلاصح عنه أن إزالة الحدث بالماء مفسدة له وعلى هذا يفرع ما لو اخذ الجنب الماء بفيه لا يريد المضمضة ثم غسل يديه أجزأه لعدم استعماله عند الحاجة قال القطع وهو الصحيح وقال الثاني لا يبقى طهورا وهو الأصح أما لسقوط الفرض ب هاو لأنه خالطه البزاق ومقتضى ما سبق ذكر الإمام مع الثاني والتعليل بسقوط الفرض دون رفع الحدث بناء على ما سبق من ترجيح عدم تجزيء الجنابة كالحدث زوالا وثوبتا وعلى ذلك يخرج ما لو ادخل يديه إلى المرفقين أو إحدى رجليه في اجانه فان الماء كما قالوا يصير مستعملا وعلله الحسن عن الإمام بسقوط الفرض وهو يفيد سببا ثالثا للاستعمال هو سقوطه ولا تلازم بينه وبين رفع الحدث فالسقوط مفاده عدم وجوب الإعادة ويكون الرفع موقوفا على الإتمام والسقوط هو الأصل ويمكن أن يقال بزوال الحدث زوالا موقوفا على الإتمام فإذا تم أضيف الاستعمال إليه إلا أن التعليل لا يساعده كذا في الفتح لكنه إنما يتم بتقدير إذ إسقاط الفرض لا ثواب فيه وإن كان قربة فان قلت في الخلاصة لو غسل المحدث عضوا من غير أعضاء الوضوء كالفخذ مثلا فالأصح انه لا يصير مستعملا وعلى مقابل الأصح كيف صار مستعملا ولم يوجد واحد من الثلاثة قلت والظاهر أن هذا له التفات إلى خلاف آخر هو أن الحدث الأصغر إذا وجد هل يحل بكل البدن وجعل غسل أعضاء الوضوء رافعا عن

إذ استقر في مكان طاهر لا مطهر ومسألة البئر جحط ـــــــــــــــــــــــــــــ الكل تخفيفا أو بأعضاء الوضوء فقط قولان وكان الراجح هو الثاني وكذا لم يصر الماء مستعملا بخلافه على الأول ونبه على وقت ثبوت استعماله بقوله إذا استقر أي بشرط أن يستقر في مكان من ارض أو كف أو ثوب ويسكن عن التحرك وحذفه لأنه أراد بالاستقرار التام منه وهذا قول طائفة من مشايخ بلخ واختاره فخر الإسلام وغيره وفي الخلاصة وغيرها انه المختار إلا أن العامة على انه كما زايل العضو صار مستعملا وهو الأصح واثر الخلاف يظهر فيما لو انفصل فسقط على عضو إنسان فأجراه عليه صح على الأول لا الثاني وعلى صفته بقوله طاهر رواه محمد عن الإمام وهذه الرواية هي المشهورة عنه اختارها المحققون قالوا وعليها الفتوى لا فرق في ذلك بين الجنب والمحدث واستثنى الجنب في التجني سالا أن الإطلاق أولى وعنه التخفيف والتغليظ ومشايخ العراق نفوا الخلاف وقالوا انه طاهر عند الكل وقد قال في المجتبى الرواية عن الكل انه طاهر غير طهور فالاشتغال بتوجيه التغليظ والتخفيف مما لا جدوى له وما في الخلاصة من كراهة شرب المستعمل حمله في البحر على راوية الطهارة وأقول يمكن حمله على رواية النجاسة بناء على أن المطلق منها ينصرف إلى التحريم وقد قال في البدائع يكره التوضؤ في المسجد عند الإمام والثاني وقال محمد لا بأس به يعني بناء على طهارته عنده لا عندهما نعم لو توضأ في إناء فيه جاز عندهم كما في الخانية وعلى حكمه بقوله لا مطهر يعني للإحداث أما الاخباث فيطهرها عند الإمام والثاني كذا في غير موضع وعبارته في المجتبى ويجوز إزالة النجاسة بالمستعمل على الرواية الظاهرة وغاية الأمر أن محمدا وإن اخذ برواية الطهارة إلا انه خالف في كونه مزيلا للاخباث وعلى هذا فقوله في فتح القدير بعد حكاية الروايات ومن رواها وكل اخذ بما روى أي في خصوص الطهارة والنجاسة لا مطلقا ومسألة البئر الخلافية يضبطها حروف جحط أو بخط روي ذلك عن أبي علي في غاية البيان وهي مصورة في جنب أو محدث انغمس لطلب الدلو أو للتبرد مستنجيا بالماء ولا نجاسة عليه قال في الخلاصة والمحيط ولم يتدلك وأشار بالجيم إلى ما قال الإمام أنهما نجسان وبالحاء إلى ما قال الثاني من اكلا منهما بحاله وبالطاء إلى ما قال الثالث من طهارة الماء والرجل واختلف في نجاسة الرجل على قول الإمام فقيل للجنابة فلا يقرأ قالوا وهو الأصح وقيل لنجاسة الماء

مطلب في طهارة الجلود ودباغتها

وكل إهاب دبغ فقد طهر إلا جلد الخنزير والآدمي ـــــــــــــــــــــــــــــ المستعمل فيقرأ إذا غسل فاه قال في الخانية وهو الظهر والمعتمد وجه النجاسة على الأول سقوط الفرض عن باقي الأعضاء بأول الملاقاة وبه صار الماء مستعملا وهو نجس فبقي على جنابته وعلى الثاني طاهر وعنه أن الرجل طاهر لان الماء لا يعطى له حكم الاستعمال إلا بعد الانفصال وهذه أوفق الروايات وهي الصحيحة كما في الفتح وقول الثاني مبني على اشتراط الصب في الخروج عن الجنابة في غير الجاري وما في حكمه فبقي كل على حاله لعدم رفع الحدث أو نية القربة وقول الثالث مبني على عدم اشتراطه فكان الرجل طاهرا ولم يصر الماء مستعملا بانغماس الطاهر اتفاقا ويكون لطلب الدلو لأنه لو كان للاغتسال صار مستعملا اتفاقا أي بين الإمام والثالث لما مر من اشتراط الصب على الثاني ولم يوجد بالاستنجاء بالماء لأنه لو كان بالأحجار تنجس كل الماء اتفاقا كما في البزازية وبعدم الدلك لأنه لو تدلك صار مستعملا كأنه لقيامه مقام نية الاغتسال والمراد صار ما اتصل بأعضائه وانفصل عنها مستعملا لا كل الماء لما مر من اعتبار الأجزاء في مثله ولا شك في كثرة الطهور بالنسبة إليه كما صرح به بعضهم لكن قال في الحواشي السعدية وفي قولهم انغمس لطلب الدلو إشارة لقلة الماء وعليه فلا إشكال إلا أن في الإشارة خفي لا يخفى واعلم إن جزم المصنف أن النجاسة قول الإمام المؤذن تقديمه بترجيحه لا يلائم ما قدمه من اختيار طهارة المستعمل وكأنه إنما قدمه ليعلم أن الأول للأول والثاني للثاني وهكذا الثالث مطلب في طهارة الجلود ودباغتها وكل اهاب لما كان الاهاب وهو الجلد القابل للدبغ إذا دبغ صلح أن يكون وعاء للماء ويسمى إذ ذاك شنا وأديما أدرجه في بحث المياه دبغ دبغا حقيقيا بالقرظ بالمعجمة ورق شجر السلم بفتحتين والشب بالموحدة معروف وضبطه بعضهم بالمثلثة وهو نبت له رائحة طيبة وادعى الأزهري انه تصحيف حكيما كالتتريب وهذا فرع قابليته له فما لا يقبله كجلد الحية الصغيرة والفأرة لا يطهر به طهرت ظاهرا وباطنا قال الشارح ولو جف ولم يستحل لم يطهر واختلف في جواز أكله والحالة هذه إذا كان جلد ما يؤكل لحمه والأصح انه لا يجوز كذا في السراج إلا جلد الخنزير والآدمي قيل استثنى من طهر لعدم قبولهما الدبغ واعترض بأن المنصوص

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه في الآدمي طهارته وأجيب بان معنى طهر جاز استعماله غاية ما فيه أن جهة عدم الجواز مختلفة ففي الخنزير لنجاسة عينه وفي الآدمي لكرامته وقيل من دبغ لأنهما لا يقبلانه وربما يوميء إليه عدوله عن الاهاب المتهيئ له إلى الجلد لعدم تهيئته لعدم قبوله وعليه فهو منقطع إلا أن الأول مع ما فيه من العدول عن المعنى الحقيقي أوفي ولا يخفى أن في كونه مستثنى من طهر أو دبغ مسامحة والتحقيقان المستثنى منه إنما هو الاهاب المدبوغ المحكوم عليه بالطاهرية على الأول وبالقابلية للدبغ على الثاني واقتضى كلامه طهارة جلد الفيل كما هو قولهما وهو الأصح خلافا لمحمد والكلب أيضا بناء على ما عليه الفتوى من طهارة عينه وإن رجح بعضهم النجاسة وجعل آخرون الأول قول الإمام والثاني قولهما واثر القولين يظهر في مسائل منها لو صلى وفي كمه جرو صغير جازت على الأول لا الثاني وشروط الهندواني كونه مشدود الفم لان ظاهر كل حيوان طاهر لا يتنجس إلا بالموت ونجاسته باطنة في معدته فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلي كذا في المحيط قال في البحر والتقييد بالصغير يفيد عدم الجواز في الكبير لان مأواه النجاسة انتهى. ولقائل منعه لما سبق عن المحيط بل قيدوا به لوقوع التصوير بكونه في كمه ويدل عليه ما نقله في مسائل الآبار من انه لو وقع في البئر واخرج حيا لم ينجس الماء على القول بطهارة عينه مالم يصل فمه الماء وهو الأصح وعلى هذا فما قالوه من انه لو دخل الماء فانتفض فأصاب ثوبا نجسه لان الماء أصاب جلده وهو نجس مبني على القول بنجاسة عينه كما في البدائع وغيرها بخلاف ما لو أصابه المطر حيث لا ينجس ما أصابه ب انتفاضه لان لاقى شعره وهو طاهر على المختار وفي الفرق نظر لا يخفى وعلى القولين لو عض عضوا أو ثوبا نجسه في الرضا للرطوبة لا في الغضب لعدمها وفي القنية إن لم ير بللا فلا بأس به وفيه إيماء إلى أن المعتبر وجود البلة لعدمها ويوافقه ما في الملتقط من انه لا ينجس ما لم ير البلة غضبانا كان أو لا وفي الصيرفية وهو المختار وعلامتها ابتلال يده بأخذه وسيأتي الكلام على بقية أحكامه وما يطهر جلده بالدبغ يطهر بالذكاة كما سيأتي في الذبائح

فرع

وشعر الانسان والميتة وعظمهما طاهران ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع السنجاب اذا خرج مدبوغا من دار الحرب ان دبغ بودك الميتة لم تجز الصلاة معه وان لم يعلم فالأفضل غسله كذا في منية المصلي وقيده في القنية بما اذا لم يغسل فان غسل طهر ولا يضر بقاء الاثر كذا في المعراج وشعر الانسان الميت والميتة غير الخنزير اذ جميع اجزائة نجسة ورخص استعمال شعره للخرازين ضرورة عند الثاني وطهره محمد واتفقت الروايات على عدم جواز بيعه واثر الخلاف يظهر فيما لو صلى وهو حامل منه اكثر من قدر الدرهم او وقع في الماء القليل قال الهنداوني وقول الثاني هو ظاهر الرواية ورجحه في البدائع وغيرها هذا كله في غير المنتوف اما المنتوف فنجس كما في السراج وعظمهما أي الخالي من الدسومة اما الموجود فيه فنجس حتى لو وقع الماء القليل نجسه كما في المحيط طاهران لان كل ما لاتحله حياة من اجزاء الحيوان لا ينجس بالموت ولذا قلنا بطهارة الريش والمنقار والعصب والحافر والظلف واللبن والبيض الضعيف القشر والإنفحة قال في الفتح بلا خلاف بين الاصحاب وانما الخلاف بينهم في الإنفحة واللبن هل هما يتنجسان قالا نعم لمجاورتهما الغشاء النجس فإن جامدة طهرت والا تعذر تطهيرها وقال الامام لا انتهى لكن في السراج الاصح نجاسة العصب واختلف في السن اهو عصب ام عظم وعلى كل فظاهر المذهب وهو الصحيح طهارة سن الادمي لأنه لا دم عليه ولاستحالة طهارته من الكلب ونجاسته من الادمي المكرك كذا في البدائع وفي الخانية وغيرها قطع سنهاو اذنه ثم اعادهما او صلى واحدهما في كمه جازت صلاته في ظاهر الرواية وعلله في التجنيس بأن ما ليس بلحم لا يحله الموت قال في البحر وهو في الاذن مشكل لما في البدائع ما ابين من الحي ان كان فيه دم كاليدو الاذن والانف فهو نجس اجماعا وفي السراج قطع اذنه قال الثاني لا بأس بإعادتها الر مكانها وعندهما لا يجوز ولما افاد المصنف تأثير

فصل في الآبار

وتنزح البئر بوقوع نجس لا ببعرتي إبل وغنم ـــــــــــــــــــــــــــــ القليل بوقوع النجاسة فيه فيراق وكان من مسائل الابار ما يخالف ذلك لابتنائها على اتباع الاثار احتاج الى التنبية على ذلك فقال فصل في الابار وتنزح البئر اسناد مجازي أي ماؤها كله فأطلق اسم المحل على الحال مبالغة بوقوع أي بسبب وقوع نجس كغائط وبول ونحوهما كذا في مسكين وبه علم حكم الواقع النجس اذا كان غير حيوان واندفع قول الشارح اطلق النزح ولم يقدره لانه لم يعين الواقع اذ على تقديره يخلو كلامه عن افادة هذا الحكم مع لزوم فيه وسيأتي قيل هذا اذا لم تكن عمقها عشرا في عشر فان كان لم تتنجس الا بالتغيير كذا في المبتغى وعزاه التمرتاشي في شرحه الى الايضاح وجزم بها لزاهدي ورده ابن وهبان لمخالفته لما اطلقه جمهور الاصحاب وخرجه في عقد الفرائد على قول من اعتبر جملة الماء من غير اعتبار الطول والعرض لا تنزح البئر ببعرتي ابل وغنم أي بوقوعهما فيها استحسانا ولم يقل بنحو بعرتي ابل وغنم ايماء الى انها تنزح بالروث والخثي وجه الاستحسان ان البعر صلب وما عليه من الرطوبة رطوبة الامعاء فلا ينتشر من سقوطها في الماء نجاسة وهذا يشير الى ان المنكسر ينجس وهو الموافق لقول السرخسي وظاهر الروايات الروث المتفتت يفسد ونبه بإطلاقه على انه لا فرق بين ابار الفلوات والامصار وقرر في الهداية وجه الاستحسان بأن ابار الفلوات لما خلت عن حاجز والابل والغنم تبعر حولها والرياح تلقيه فيها قلنا ان القليل عفو دفعا للحرج وهذا يفيد عدم الفرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر والروث والخثي لان الضرورة تعم الكل وجعله في غاية البيان ظاهر الرواية الا ان قضيته الفرق بين ابار الامصار والفلوات وقد علمت ما فيه واختلف في الفاصل بين القليل والكثير فاشار المصنف الى ان الثلاث كثير استدلالا بقول محمد فأن وقع فيه بعرة او بعرتان لم تفسد ورده بقوله بعد ما لم تفحش ولا خفاء ان الثلاث لا فحش معها ورجح في النهاية انه ما لا يخلو كل دلو عن بعرة الا ان الذي رجحه الكثير انه ما يستكثره الناظر

وخرؤ حمام وعصفور وبول ما يؤكل لحمه نجس لا ما لم يكن حدثا ولا يشرب اصلا ـــــــــــــــــــــــــــــ قال الحلبي ولو قيل بانه ما غير احد الاوصاف لكان له وجه اقول لكنه بعيد اذ هو شأن الجاري وقد علمت ان ماء البئر وان كثر في حكم القليل ولا تنزح ايضا بوقوع خرؤ نحو حمام وعصفور لعدم نجاسته للإجماع العلمي على اقتناء الحمامات في المسجد الحرام من غير نكير مع العلم بما يكون منها وقيل انه نجس لكن عفي عنه ضرورة حكاه في المعراج وغيره قال في البحر ولم يذكروا لهذا الخلاف فائدة مع اتفاقهم على سقوط حكم النجاسة واقول يمكن ان يظهر فيما لو وجد في ثوب او مكان وثمة ما هو خال عنه لا تجوز الصلاة فيه على الثاني لانتفاء الضرورة وتجوز على الاول وفي كلامه ايماء ان خرؤ ما لا يؤكل لحمه من الطيور نجس وصححه قاضي خان لكن قال في لمبسوط الاصح طهارته وبول ما يؤكل لحمه من الحيوانات نجس عندهما وطهره الثالث الا اذا غلب على الماء فيخرجه عن الطهورية لحديث العرنيين المعروف ولهما ما رواه الحاكم وقال على شرط الشيخين ولا اعرف له علة من حديث ابي هريرة استنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه وال الجنسية حيث لم يكن ثمة عهد تحمل على الاستغراق على ان المحرم مقدم عند التعارض لو سلم كيف والقرينة قائمة على نسخ حديث العرنيين لاشتماله على المثلة وهي منسوخة وكان عذاب القبر جزاء لعدم الاستنزاه لما انه اول منازل الاخرة والاستنزاه اول منازل الطهارة فناسب ان يعاقب على ترك اول المنازل في اول المنازل لا عطف على بول أي لا يكون الخارج من بدن الانسان نجسا مالم يكن حدثا كالدم اذا لم يسل والقيء اذا لم يملأ الفم قال في المعراج ولا ينعكس اذ النوم والاغماء حدثان وليسا بنجسين وهذا قول الثاني وقال محمد انه نجس كذا في الشرح وغيره وعبارة صدر الشريعة وعن محمد في غير رواية الاصول ان نجس تؤذن بأن هذا غير ظاهر الرواية عنه قال الحدادي والفتوى على قول الثاني فيما اذا اصاب الجامدات كالثياب والابدان وعلى قول الثالث فيما اذا اصاب المائعات ولا يشرب أي بول ما يؤكل لحمه اصلا كلبن الاتان أي في حال من الاحوال ولا تداويا وهذا قول الامام لان التداوي بالطاهر الحرام لا يجوز فما بالك بالنجس وجوزه الاثاني للتداوي ولا إشكال

وعشرون دلوا وسطا بموت نحو فأرة ـــــــــــــــــــــــــــــ في الجواز على الثالث لطهارته كما مر وقول الشارح ان قول الثالث مشكل لان كثيرا من الطهارات لا يجوز التداوي بها وقول الثاني اشد اشكالا مدفوع اذ الكلام في طاهر لا ايذاء فيه بل كان دواء على ان المنع في لبن الاتان ممنوع ففي البزازية لابأس بالتداوي به قال الصدر وفيه نظر قال في البحر ولا مانع ان الثاني قال بالنجاسة مع جواز التداوي به عملا بما مر من الحديثين انتهى وفروعهم ناطقة باختياره ففي الذخيرة الاستشفاء بالحرام يجوز اذا علم ان فيه شفاء ولم يعلم دواء اخر وفي التجنيس سال الدم من انفه فكتب به الفاتحة على انفه وجبهته جاز ولو بولا لو علم ان فيه شفاء لكنه لم ينقل وهذا لان الحرمة ساقطة عند الاستشفاء كالعطشان يجوز له شرب الخمر وفي الخانية عن نصر بن سلام معنى ما ورد ان الله لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم في التي لا شفاء فيها اما التي فيها الشفاء فلا بأس بها كشرب الخمر للعطشان وتنزح عشرون دلوا هذا معطوف على البئر واستشكله الشارح بناء على ما قرره من ان المراد بالنجس السابق هو الحيوان واطلقه لما سبق انحلاله الى معنى تنزح البئر وعشرون ولا اشكال على ما قررناه وسطا وهو الدلو المستعمل في كل بلد وقيل التي تسع صاعا وقيل يعتبر في كل بئر دلوها واختاره في الهداية وغيرها لانه المذكور في كافي الحاكم الذي هو جمع كلام محمد قال في البحر وظاهر ما في الخلاصة وغيرها تخصيصه بالتي لها دلو اما الفاقدة له فيعتبر فيها ما يسع صاعا وحينئذ فينبغي ان يحمل قول من قدر الدلو على ما اذا لم يكن لها دلو واقول التقدير بالصاع مبني على اختيار انه الوسط وينبغي على تفسيره بالمستعملة في كل بلدة اعتباره في الفاقدة له ايضا فحاصل هان من اعتبر في كل بئر دلوها لا يتأتى اعتبار الوسط على قوله الا في التي لا دلو لها حينئذ فيعتبر الوسط على القولين وبهذا علم ان ذلك الحمل مما لا داعي اليه بموت أي بسبب موت نحو فأرة وجدت في البئر كعصفور ووزغ كبير قيل هذا مقيد بأن لا تكون مجروحة سواء ماتت او لا ولا هاربة من هر ولا منتفخة ففي هذه نزح كل الماء فكان عليه التنبية على ذلك ويمكن ان يقال ان الاول مستغنى عنه بقوله

وأربعون بنحو حمامة ـــــــــــــــــــــــــــــ بوقوع نجس والثاني مبني على رأي ضعيف ففي المجتبى وقيل بخلافه وعليه الفتوى كأنه لأن في بولها شكا والثالث سيأتي ولا فرق بين الموت فيها او خارجها إلا انه لابد في تأثير النزح من اخراج الحيوان قبله ولو صب دلو في طهارة نزح مع الباقي فقي رواية ابي حفص وقدر الباقي فقط في رواية سليمان حتى لو صب العاشر نزح احد عشر على الاولى وهي الاصح وعشرة على الثانية او في نجسة اكتفى بالاكثر ولو متساويا فابحدهما كذا في الشرح ولو وجد اقل مما وجب نزح ما وجد وان عاد لم يجب بشيء قيد بالموت لانه لو اخرج حيا فان كان نجس العين او علم ان على بدنه نجاسة نزح الكل وان كان سؤره نجسا او مشكوكا او مكروها ولم يدخل فاه الماء لم ينزح شيء واذا ادخله نزح الكل في النجس وكذا في المشكوك كما هو ظاهر كلامهم كذا في الفتح لكم في الخانية الصحيح انه في البغل والحمار لا يصير مشكوكا أي فلا يجب نزح شيء نعم يندب نزح عشرة وقيل نزح عشرين وما في الشرح من انه يندب نزح الكل ففيه نظر وفي التاترخانية فأرة وقعت في البئر او عصفورة او دجاجة او شة او سنور واخرجت منها حية لا ينجس الماء ولا يجب نزح شيء منها استحسانا لكن يستحب في الفأرة نزح عشرين وفي السنور والدجاجة نزح اربعين لان سؤرهما مكروه والغالب اصابة الماء فم الواقع حتى لو تيقن عدم الاصابة لا ينزح شيئا وان كانت الدجاجة غير مخلاة لا ينزح شيء هذا كله ظاهر الرواية والمراد ما اذا لم يكن على فخذيها او رجليها بول لما مر وينزح ايضا اربعون أي ب موت نحو حمامة كدجاجة لحديث الخدري في الدجاجة اذا ماتت في البئر ينزح منها اربعون وهذا بيان للواجب اما المستحب ففي الفأرة زيادة عشرة واختلف كلام محمد في نحو الحمامة ففي الاصل يندب زيادة عشرين وفي الجامع الصغير وهو الاظهر قال في البحر ولم يصرح في ظاهر الرواية بالمستحب وانما فهمه بعض المشايخ من قول محمد ينزح في الفأرة عشرون او ثلاثون وفي الهرة اربعون او خمسون ولم يرد التخيير بل بيان الواجب والمندوب وليس بمتعين لاحتمال كونه

وكله بنحو شاة وانتفاخ حيوان او تفسخه ومائتان لو يمكن نزحها ـــــــــــــــــــــــــــــ لبيان اختلاف الواقع صغرا وكبرا فيجب الاقل في الصغير والاكثر في الكبير وقد ذكره في البدائع عن بعضهم ولعل هذا هو السر في حذف المصنف له انتهى واقول هذا الاحتمال ساقط لما مر من ان مسائل الابار بنيت على الاثار والوارد فيما استدل به محمد انما هو ايجاب العشرين في نحو الفأرة والاربعين في نحو الحمامة مطلقا ولو صح هذا الاحتمال لبطل ذلك الاستدلال ولهذا تعين حمل كلام محمد على ما فهمه المشايخ واعلم ان الواقع لو تعدد فعند الثاني ان الاربع كفأرة والخمس كدجاجة الى تسع والعشر كشاة وفي المبسوط ظاهر الرواية ان الثلاث كالهرة وهو المنقول عن محمد ومقتضاة ان الست كالشاة واجمعوا ان الهرتين كالشاة وما كان بين الصغير والكبير فصغير والهرة مع الفأرة كالهرة كذا في التجنيس وغيره قال في البحر وهذا يخالف قول من قال ان الفأرة اذا كانت هاربة من الهرة وماتت نزح كل الماء لأنها تبول غالبا واقول لا يلزم من كونها معها ان تكون هاربة منها والتقييد بموتها غير واقع لما مر ثم رأيته في السراج قال لو ان هرة اخذت فأرة فوقعتا جميعا في البئر ان خرجتا حيتين لم ينزح شيء او ميتتين نزح اربعون او الفأرة ميتة فقط فعشرون وان مجروحة او بالت نزح جميع الماء انتهى. وهو حسن موافق لما مر عن المجتبى وبقي من الاقسام موت الهرة فقط ولا شك في وجوب الاربعين وينزح كله أي ماء البئر بنحو أي بموت نحو شاة كآدمي وكلب واوز كبير اما الصغير منه فكالحمامة كما في الخلاصة وقيده في السراج بما اذا لم تكن هاربة من السبع فإن كانت نزح الكل ولو اخرجت حية ولا تنس ما مر عن المجتبى وينزح ايضا كله بسبب انتفاخ حيوان فيها صغيرا كان او كبيرا بأن يتلاشى اعضاؤه وتمعط الشعر كالانتفاخ او بسبب تفسخه بأن تتفرق لانتشار البلة في اجزاء الماء وينزح مائتان في حالة وجوب نزح الكل لو لم يمكن نزحها بأن كانت معينا بذلك افتى محمد في ابآر بغداد لكثرة مائها لمجاورتها الدجلة كذا في السراج وفي البحر قالوا انما افتى بذلك لانها لقلة مائها كانت لا تزيد على ثلاث مائة دلو واقول هذا لا يناسب ما في المختصر اذ فتواه بذلك على هذا التقدير حكم بإيجاب نزح الكل والفرض ان لا يمكن وفي الخلاصة الفتوى ان ينزح الى ثلثمائة وجعله في العناية رواية عن الامام وهو المختار والايسر كما في الاختيار

ونجسها منذ ثلاث ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي الاقتصار على المائتين ايماء الى ان الثلاثة مندوبة فقط وفي المبسوط وعن محمد في النوادر ينزح ثلاثمائة او مائتا دلو يدل عليه وقيده في السراج بما اذا كان الماء ينبع من جانب او من جانبين ويجتمع فيها اما لو نبع من جانب وخرج من اخر عد جاريا فلا يجب شيء وجعل في البحر ما جزم به المصنف ورجحه المشايخ ضعيفا اذ الواجب الاصلي انما هو نزح الكل والاقتصار على بعض منه يتوقف على سمعي يفيده ولم يوجد بل المأثور عن ابن عباس وابن الزبير خلافه وهو ايجاب النزح حتى يغلبهم الماء ومن ثم حكى في الجامع الصغير عن الامام التقدير بالغلبة فقيل الصحيح انها للعجز وقيل امرها مفوض الى رأي المبتلى به وعليه الفتوى انتهى. وكأن المشايخ انما اختاروا ما عن محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا كما مر واعلم ان تقييد الشارح عدم الامكان بالمعين يفيد ايجاب الكل في غير المعين وان البئر تطلق على غير المعين ايضا والا فلا اثر للتقييد وقضية اطلاقهم ايجاب العشرين فالاربعين في الفأرة والحمامة انه لا فرق بين المعين وغيرها وبذلك تمسك بعض اهل العصر وافتى بنزح عشرين في فأرة وقعت في صهريج وفي القاموس الصهريج الحوض الكبير يجتمع فيه الماء والمذكور في البدائع وو الكافي وغيرهما ان الفأرة لو وقعت في الجب يهرق الماء كله ولم يوجبه ووجهه ان الاكتفاء بنزح البعض في الابار على خلاف القياس بالاثار فلا يلحق بها غيرها قال في البحر فعلى هذا لو وقعت الفأرة في صهريج نزح كل الماء وفي الصحاح الجب الخابية الكبيرة وهذا انما يتم بناء على ان الصهريج ليس من مسمى البئر في شيء ومحل قول الشارح وغيره بأن كانت معينا بحيث لا يمكن نزحها وان كونها معينا مأخوذ من مفهومها غير ان بعضها لا يمكن نزحها لكثرة مائها باتساع منابع الماء فيها وفي البعض يمكن والمقام مقام تدبر فتأمله والله الموفق. ونجسها أي البئر منذ ثلاث أي ثلاث ليال بدليل حذف التاء وعادتهم حذف التقدير بالايام لكن الليالي تنتظم ما بإزائها من الايام كالعكس كذا في الشرح ولقائل ان يقول لا نسلم ان حذف التاء يعين ذلك مطلقا بل اذا كان المعدود مذكورا اما اذا كان محذوفا جاز تقديره مذكرا ومؤنثا وقد جوزوا في حديث بني الاسلام على خمس تقدير المحذوف اركانا او دعائم وهذا في حق

فأرة منتفخة جهل زمن وقوعها والا منذ يوم وليلة ـــــــــــــــــــــــــــــ الوضوء والغسل وغسل الثوب من النجاسة اما لو توضؤوا منها وهم متوضئون او غسلوا ثيابهم لا من نجاسة لم يعيدوا شيئا اجماعا وانما يلزمهم غسل الثياب فقط على الصحيح نه حيث لم يعلم وقت الوقوع صار الماء مشكوكا في طهارته ونجاسته وقد ثبت المانع في الاول الا ان المزيل شكا وانعكس هذا في الثاني وقد استقر ان وجود النجاسة في الثوب لا يستند بل يقتصر حتى لو وجد في ثوبه اكثر من قدر الدرهم ولم يدر متى اصابه لا يعيد شيئا اتفاقا فكذا هذا قال الحلبي اذا كان يلزمهم غسل الثياب لكونها مغسولة بماء البئر مع تقدم حال العلم باشتمال البئر على الفأرة يوما وليلة وثلالثة اياما كيف يكون الحكم بنجاسة الثياب مقتصرا لا مستندا فهذا لا يتجه على قول الامام لانه يوجب الغسل الاعادة ولا على قولهما لانهما لا يوجبان غسل الثوب اصلا انتهى فأرة منتفخة زاد بعض المتأخرين او متفسخة اذ الاقتصار على الانتفاخ يوهم انه في التفسخ يعيد اكثر من ثلالث لان افساد الماء معه اكثر كما ان الاقتصار على المزيد يوهم اعادة الاقل فالجمع اولى جهل أي لم يعلم ولم يغلب على الظن وقت وقوعها فيها والا أي وان لم تكن منتفخة وقد جهل وقت وقوعها نجسها منذ يوم وليلة عند الامام وهو استحسان فيهما وقالا وهو القياس لا يتنجس الا من وقت العلم لاحتمال الموت في الحال الو القاء الريح لها منتفخة وجه الاستحسان ان وقوع الحيوان الدموي في الماء سبب ظاهر لموته فيحال عليه دون الموهوم ولا شك في سبق زمان الوقوع على الوجود فقدر بثلاثة في المنتفخ وبيوم وليلة في غيره احاله على ما هو الغالب وكان الصباغي يفتي بقول الامام فيما يتعلق بالصلاة وبقولهما فيما سواه قال في غاية البيان وما قال الامام احوط وما قالاه بالناس ارفق وفي فتاوى العتابي ان قولهما هو المختار ورده الشيخ قلسم بمخالفته لعامة الكتب فقد رجح دليله في كثير منها وقد علمت أنه الأحوط تكميل في الينابيع قال

والعرق كالسؤر ـــــــــــــــــــــــــــــ مشايخنا من وجد في نومه منيا او بولا او دما اعاد من اخر الاحتلام والبول والرعاف منه وفي نوادر ابن رستم عن الامام انه لا اعادة عليه في الدم واختاره في المحيط ولو وجد في جبته حين فتقها فأرة ميتة لم يدر متى دخلت فإن لا ثقب بها اعاد منذ وضع القطن وان بها ثقب فثلاثة ايام كذا في الشرح تبعا للتجنيس وينبغي على قياس ما سبق تقييده بكونها منتفخة او ناشفة وان لم يكن اعاد يوما وليلة ولو عجنوا بهذا الماء خبزا قال مشايخنا يطعم للكلاب كذا في البدائع وقيل يعلف به الدواب او يباع من شافعي حكاه الاسبيجابي وهل يسقى للدواب قال في الذخيرة لا وفي الخزانة لا بأس بذلك واقول ما في الذخيرة يوافق ما في البدائع وما في الخزانة يوافق ما في الاسبيجابي فهما قولان لا نقلان متنافيان والعرق بين كل حيوان حكمه كالسؤر وكان الانسب العكس اذ الكلام في بيان الاسار لكن لما كان المقصود منها بيان ما خالطها من المائعات وذلك في اللعاب اذ هو الذي تكثر مخالطته لها بخلاف العرق ووقع السؤر خيرا ليتصل به تفصيل ما خالطه واعتبر السؤر به لتولد كل منهما من اللحم كذا قالوا ولا خفاء ان المتولد انما هو اللعاب لكن اطلق عليه للمجاورو اذ السؤر مهموز ما يفضله الشارب ثم استعير لما يبقيه من طعام وغيره واورد عرق الحمار فإنه طاهر والسؤر مشكوك كما سيأتي واجيب بانه خرج عن الاصل لما صح انه عليه الصلاة والسلام ركب الحمار معروريا وهو لا يخلو من العرق غالبا لا سيما والحر حر المدينة والثقل ثقل النبوة وهذا ظاهر في ان معروريا حال من المفعول لكن جزم في المغرب بانه حال الفاعل لانه لو كان من المفعول لقيل معرورا ولا نسلم ان العرق طاهر بل مشكوك فيه ايضا ففي

وسؤر الآدمي والفرس وما يؤكل لحمه طاهر ـــــــــــــــــــــــــــــ المصفى ظاهر المذهب ان العرق واللعاب مشكوك فيهما وسؤر الادمي ولو جنبا او كافرا ذكرا كان او انثى وما في المجتبى من كراهة سؤرها للأجنبي كسؤره لها ليس لعدم طهارتها بل للالتذاذ الحاصل للشارب اثر صاحبه والمسألة مقيدو بان لا يكون في فيه نجاسة حتى لو شرب بعد شربه الخمر فورا كا سؤره نجسا الا ان يبلع ريقه ثلاثا عند الامام قيل والثاني ويسقط اشتراط الصب في هذه الحالة والتقييد بالثلاث جرى عليه كثير ففي الخلاصة ان تردد في فيه بحيث لو كان ثوب طهر فالفم طاهر وقيده بعض شراح القدوري بان لا يكون شاربه طويلا لان الشعر لا يطهر باللسان قال الحلبي وكانه لأن اللسان لا يتمكن من استيعابه بإصابة بلة ثم اخذ ما عليه من البلة النجسة مرة بعد اخرى والا فهو ادون من الشفتين والفم في التطهير بالريق بناء على قولهما من ان غير الماء يطهر قيل ينبغي ان يكون سؤر الجنب نجسا بناء على ان الماء المستعمل نجس لسقوط الفرض واجيب بان ما لاقى الماء من فيه ويسقط به الفرض مشروب فلا يلزم نجاسة السؤر على ان هذا هو احدى الروايتين وفي اخرى لا يرتفع الحدث لكن ظاهر كلامهم ترجيح الاولى وصحح يعقوب باشا الثانية والاولى اولى وسؤر الفرس في ظاهر الرواية عن الامام كما هو قولهما وهو الصحيح وخصها بالذكر وان دخلت في ما يؤكل لحمه للاختلاف في علة الكراهة وان كانت على الظاهر لكونها الة الجهاد لا لخبث في لحمها بدليل الاجماع على حل لبنها وسؤر ما أي كل حيوان يؤكل لحمه ويلحق به ما ليس له نفس سائلة مما يعيش في الماء كما في الشرح طاهر لما مر من أنه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه وفي مسلم عن عائشة كنت أشرب وانا حائض فأناوله النبي عليه الصلاة والسلام فيضع فاه على موضع في واخرج مالك من حديث أنس اتي له عليه الصلاة والسلام بلبن قد شيب بماء وعن يمينه اعرابي وعن يساره ابو بكر فشرب ثم أعطى الاعرابي وقال الأيمن فالأيمن

والكلب والخنزير وسباع البهائم نجس ـــــــــــــــــــــــــــــ والكلب بالرفع على حذف المضاف وإقامه المضاف إليه مقامه والجر بإبقائه على ما هو عليه لا بالعطف على الآدمي للزوم العطف على عاملين وهو ممتنع عند البصريين وأجازه الفراء كذا في الشرح ووجه اللزوم أن الكلب يصير معطوفا على الآدمي وهو معمول للمضاف الذي هو سؤر ونجسا يكون معطوفا على طاهر وهو معمول للمبتدأ أعني سؤر فلزم العطف على معمولين وهما الآدمي وطاهر لعاملين أعني المبتدأ والمضاف بناء على أنه هو العامل لا الإضافة كذا في التجنيس وصحته موقوفة على أن اختلاف العمل ينزل منزلة اختلاف العامل أنه ليس بمتعين هنا لجواز أن يكون العامل في الخبر هو الابتداء ايضا على رأي أو أن الاضافة هي العاملة في المضاف على رأي أيضا وإنما كان سؤره نجسا لتولد لعابه من لحمه النجس هذا على أنه طاهر العين أما على أنه نجس فلا إشكال وسؤر الخنزير وسؤر سباع البهائم وهو كلما اصطاد بنابه كالأسد والفيل ونحوهما نجاسة مغلطة وهذا في الكلب والخنزير ظاهر والمروي عن الإمام في سباع البهائم أنها كذلك وعن الثاني مخففه لأن لعابه المختلط بسؤره متولد من لحم نجس فكان نجسا واستشكله الشارح بأنهم يقولون إذا ذكي طهر لأن نجاسته لأجل رطوبة الدم وقد خرج بالذكاة فإن كانوا يعنون نجاسة العين وجب أن لا يطهر بها أو نجاسة مجاورة الدم فالمأكول كذلك ومن ثم قال بعضهم لا يطهر بالزكاة إلا جلده لأن حرمة لحمه لا لكرامته آية النجاسة لكن بين الجلد واللحم جلدة رقيقة تمنع تنجيس الجلد وهذا هو الصحيح إذ لا وجه تنجس السؤر إلا بهذا وأجاب صدر الشريعة بأن الحرمة إذا لم تكن للكرامة كانت آية النجاسة لكن فيه شبهة أن النجاسة لاختلاط الدم إذ لو كانت نجاسته لذاته لكان نجس العين وليس كذلك فغير مأكول اللحم إذا كان حيا فلعابه متولد من اللحم الحرام الملوط بالدم فيكون نجسا لاجتماع الأمرين أما في مأكول اللحم الحرام المخلوط بالدم فيكون نجسا لاجتماع الأمرين أما في مأكول اللحم فلم يوجد إلا أحدهما وهو الاختلاط بالدم فلم يوجب نجاسة السؤر لأن هذه العلة بانفرادها ضعيفة إذ الدم المستقر في موضعه

والهرة والدجاجة المخلاة ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يعط له حكم النجاسة في الحي وإذا لم يكن حيا فإن لم يكن مذكا كان نجسا سواء كان مأكول اللحم أو غيره لأنه صار بالموت حراما فالحرمة مؤبدة مع اختلاط الدم وإن كان مذكا كان طاهرا أما مأكول اللحم فلفقد الأمرين وأما في غيره فلأنه لم يوجد الاختلاط والحرمة المجردة غير كافية في النجاسة كالصقر والحدأة ونحوهما مما لا يؤكل لحمه وسؤر سواكن البيوت كالحية والفأرة مكروه كراهة تنزيه كما أفصح عن ذلك قوله في المستصفى ويفتى عن السؤر المكروه أنه طاهر لكن الأولى أن يتوضأ بغيره وحينئذ فيشكل إطلاق الكراهة لانصرافها إلى التحريم ذكره في المستصفى أما الهرة فلحرمة لحمها كما قال الطحاوي وهذا يقتضي أنها تحريمية وقال الكرخي لعدم تحاميها النجاسة وهذا يقتضي التنزيه وهو الأصح حتى لو كانت بمرأى منه في زمان يمكن فيه غسلها فيه فمها بلعابها فلا كراهة وعلى هذا فلا ينبغي إطلاق كراهة أكل فضلها والصلاة إذا لحست عضوا قبل غسله كما أطلقه شمس الأئمة وغيره بل يقيد ثبوت ذلك التوهم فأما لو كان زائلا لما قلناه فلا كذا في فتح القدير وأقول لو خرج الإطلاق على قول الطحاوي لكان أولى وعليه يحمل ما في غاية البيان من الواجب على العوام أن يغسلوا مواضع لحس الهرة إذا دخلت تحت لحافهم لكراهة ما أصابه فمها وبه يستغنى عما في البحر من حمله على التماسيح أو تأويل الواجب بالثابت ثم الكراهة في الطعام مقيدة بغير الفقير وفي الماء بوجود غيره واعلم أن قولهم بأن نجاسة سؤر الهرة سقط بعلة الطواف يفيد أن سؤر الوحشية نجس وإن كان النص بخلافه لعدم العلة وهي الطواف لأن العلة حيث تثبت بالنص وعرف قطعا تعلق الحكم بها دار الحكم على وجودها لا غير كعدم حرمة التأفيف للوالدين إذا لم يعلم الولد معناه أو استعمله بجهة الإكرام كذا في كشف الأسرار وأما المخلاة فلعدم تحاميها النجاسة حتى لو حبست للسمن في قفص وجعل ماؤها وعلفها ومنقارها خارجة لم تكن مخلاة فيما اختار الحاكم ولم يشترط شيخ الإسلام سوى أن لا تجول في عذرات غيرها بناء على أنها لا تجول في عذرات

فرع

وسباع الطير وسواكن البيوت مكروه والحمار والبغل مشكوك ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسها والحق انها انما تلتقط الحب منه فقط كذا في الفتح ولم يقدر حبسها بمدة لعدم تقدير محمد لها في الاصل قال السرخسي وهو الاصح وفي التنجيس له دجاجة علفها نجاسة او شاة او ابل او بقرة فالدجاجة تحبس ثلاثة ايام والشاة اربعة ايام والابل والبقر عشرة ايام وهو المختار على الظاهر لأن الظاهر ان طهارتهم حصل بهذه المدة. وفي البزازية ان ذلك انما يشترط في الجلالة التي لا تأكل الجيف الا انه جعل التقدير في الابل بشهر وفي البقر بعشرين وفي الشاة بعشرة واما سباع الطيور فجواب الاستحسان والقياس نجاسته وجه الاول ان الملاقي للماء منقارها وهو عظم جاف لا لسانها بخلاف سباع البهائم الا انها لاكلها الميتات غالبا اشبهت المخلاة وهذا يفيد انها تنزيهية وعن الثاني ان الكراهة لتوهم النجاسة في منقارها لا بوصول لعابها الماء حتى لو كانت محبوسة يعلم صاحبها انه لا قذر في منقارها لا يكره الوضوء بسؤرها واستحسن المتأخرون هذه الرواية وافتوا بها واما سواكن البيوت فالقياس نجاسة سؤرها لتولده من لحم حرام الا انها سقطت للضرورة استحسانا فرع تكره الصلاة مع حمل ما يكره سؤره كما في التوشيح وسؤر الحمار والبغل مشكوك أي متوقف في كونه مطهرا لامجهول حكمه كما فهمه الدباس فأنكر التعبير به لما انه معلوم وهو استعماله مع التيمم اطلق في البغل فعم ما لو كانت امه فرسا ايضا واستشكله الشارح بان العبرة للام الا ترى ان الذئب لو نزا على شاة فولدت ذئبا حل اكله واجزأ في الاضحية فكان ينبغي ان يكون مأكولا عندهما وطاهرا عند الامام وقد صرح السروجي بان الحمار لو نزا على رمكة أي فرس لا يكره لحم البغل المتولد منهما كذا عن محمد واجاب مسكين بان التبعية للام محلها ما اذا لم يغلب شبهه بالاب اما اذا غلب فلا وفي المعراج عن شرح

توضأ به وتيمم ان فقد ماء ـــــــــــــــــــــــــــــ القدوري والبغل يولد من الحمار والفرس فصار سؤره كسؤر فرس اختلط بسؤر الحمار فصار مشكوكا واقول لو صح ما قاله مسكين لحرم اكل الذئب الذي ولدته الشاة لغلبة شبه الاب وقد مر انه حلال وما في المعراج بعد ان الاعتبار للام ممنوع والظاهر ان جواز الاكل يستلزم طهارة السؤر وقد قال جمال الدين الرازي في شرحه لهذا الكتاب البغال اربعة بغل يؤكل بالاجماع وهو المتولد من حمار وحشي وبقرة وبغل لا يؤكل بالاجماع وهو المتولد من اتان اهلي وفحل وبغل يؤكل عندهما وهو المتولد من فحل واتان وحشي وبغل ينبغي ان يؤكل عندهما وهو المتولد من رمكة وحمار اهلي ثم قيل الشك في الطهارة فلو وقع في الماء القليل افسده كما في الخانية وقيل في الطهورية حتى لو وقع حاز الوضوء به ما لم يغلب عليه كما في المحيط وهو الصحيح وعليه الفتوى وكذا في الكافي قال في كشف الاسرار والخلاف لفظي لأن من قال بالشك في طهوريته لا في طهارته اراد ان الطاهر لا يتنجس به ووجب الجمع بينه وبين التراب لا انه ليس في طهارته شك لأن الشك في طهوريته انما نشأ من الشك في طهارته واستدل به في البحر على ضعف ما مر عن الخانية اذ لا إفساد بالشك ولقائل ان يمنع قوله لأن الشك الى اخره بان الشك في الطهورية لا يستلزم الشك في الطهارة بخلاف العكس كما هو ظاهر كما في الخانية له وجه وجيه ومر حكم الفرق واما اللبن فرجح في الهداية طهارته وهكذا في منية المصلي قال في البحر وبه اندفع ما في النهاية من ان ما في الهداية لم يرجحه احد وانما المذكور في المحيط انه نجس في ظاهر الرواية ورجحه بعضهم وقال البزدوي يعتبر فيه الكثير الفاحش وصححه التمرتاشي انتهى. ولا يخفى ان الدفع انما يتم على تقدير سبق المنية على الهداية وفيه تردد توضأ به أي بالمشكوك وتيمم أي جمع بينهما على معنى عدم خلو الصلاة الواحدة عنهما حتى لو توضأ بالسؤر وصلى ثم احدث وتيمم وصلى تلك الصلاة جاز هو الصحيح لأن المطهر احدهما لا المجموع فأن كان السؤر صحت ولغت صلاة التيمم او التيمم فبالعكس هذا واختلف في النية في الوضوء بسؤر الحمار والاحوط ان ينوي كذا في الفتح وان فقد أي عدم ماء

باب التيمم

وايا قدم صح بخلاف نبيذ التمر باب التيمم يتيمم لبعده ميلا عن ماء ـــــــــــــــــــــــــــــ مطلقا في الخلاصة لو تيمم وصلى ثم اراق سؤر حمار لزمه اعادة التيمم والصلاة لاحتمال ان السؤر كان طهورا وأي الاثنين قدم منهما صح حتى لو قدم التيمم على الوضوء جاز لحصول الطهارة بيقين خلافا لزفر واجمعوا انه لو قدم الوضوء جاز بخلاف نبيذ التمر حيث لا يجمع معه التيمم بل يقتصر على الوضوء به عند الامام وعنه انه يجمع وبه قال محمد واختاره في غاية البيان وعنه الاقتصار على التيمم وبه اخذ الثاني واكثر اهل العلم وروى نوح بن ابي مريم رجوع الامام اليه وهو الصحيح كأنه لما قال الطحاوي بأن حديث بن مسعود ليلة الجن لا أصل له هذا ولك ان تفسر المخالفة في المختصر بالاقتصار على التيمم بل هو اولى تخريجا له على ما هو الارجح ومحل الخلاف ما اذا القى في الماء تميرات حتى صار حلوا رقيقا غير مطبوخ ولا مسكر فأن لم يحل فلا خلاف في جواز الوضوء به او اسكر فلا خلاف في عدم الجواز او طبخ فكذلك في الصحيح كما في المبسوط ورجح غير الجواز الا ان الاول اولى لموافقته لما مر من الضابط وقيد بالنبيذ لان غيره لا يجوز الوضوء به عند عامة العلماء وهو الصحيح باب التيمم هو من خصائص هذه الامة قدمه على مسح الخف مع انه طهارة مائية لثبوته بالكتاب وهو لغة مطلق القصد واصطلاحا استعمال جزء من الارض في اعضاء مخصوصة على قصد التطهير ونظر فيه الشارح بان استعمال الجزء ليس بشرط لجوازه بالحجر الاملس ويمكن ان يقال بأن التيمم بالاملس فيه استعمال جزء من الارض وقيل هو القصد الى الصعيد الطاهر للتطهر ورد بانه شرط لا ركن وفي الفتح انه اسم لمسح الوجه واليدين على الصعيد الطاهر بشرط النية فله ركنان وشرائطه ستأتي وسببه كالوضوء تيمم الشخص لبعده ميلا أي مقداره عن ماء وهو اربعة الاف ذراع ثلث الفرسخ وضبطه في قوله ان البريد من الفراسخ اربع وكفرسخ فثلاث اميال ضعوا

أو لمرض ـــــــــــــــــــــــــــــ والميل ألف أي من الباعات قل والباع أربع أذرع تتبع ثم الذراع من الاصابع اربع من بعدها عشرون ثم الإصبع ست شعيرات فظهر شعيرة منها الى بطن الاخرى توضع ثم الشعيرة ست شعرات نقل من شعر بغل ليس فيها مدفع ولم يذكر حد البعد في ظاهر الرواية والتقدير بالميل هو المختار وعن الكرخي وهو ان لا يسمع صوت اهل الماء وبه اخذ اكثر المشايخ كذا في الخانية وعن الثاني ان كان لو توضأ ذهبت القافلة وغابت عن بصره فهو بعيد واستحسن المشايخ هذه الرواية كذا في التجنيس وغيره وهذا خاص بالمسافر ولا شك ان العادم للماء يتيمم ولو في المصر واذا اطلقه المصنف وهو الاصح كذا في الشرح وكأنه يحتزر بذلك عما في شرح الطحاوي لا يجوز التيمم الا لخوف فوت جنازة او عيد او لجنب خائف من البرد قال في البحر وليس الخلاف حقيقيا وانما جاء المنع بناء على ما هو العادة في الامصار ولما بين جواز التيمم عند عدم الماء حقيقة نبه على جوازه عند عدمه معنى اتيا بحرف التنويع فقال او لمرض أي لأجله وافاد بذلك سببا ثانيا لاباحته وفائدته انه لو تيمم لعدم الماء ثم مرض مرضا يبيح له التيمم لم يجز له الصلاة بذلك التيمم وجعل التيمم كأن لم يكن اذا اختلاف اسباب الرخصة يمنع الاحتساب بالرخصة الاولى وتصير الاولى كأن لم تكن ونظيره ايلاء المريض لو برأ ثم مرضت المرأة وبقيت مريضة الى ان انقضت المدة ففيئه بالجماع عندنا خلافا لزفر كذا في جامع الفصولين فظاهره انه ليس المراد مطلق المرض بل مرض يغلب على الظن باستعمال الماء وازدياده او امتداده سواء بالتحرك وبالاستعمال او لم يقدر على استعمال الماء بنفسه ولا يجد من يفعل ذلك فإن وجد خادما او ما يستأجره به او من لو استعان به اعانه فظاهر المذهب انه لا يتيمم أي اتفاقا كذا في التجنيس وعن الامام يتيمم بناء على ان القادر بقدرة غيره لا يعد قادرا وعندهما لا بناء

او برد او خوف او سبع او عدو ـــــــــــــــــــــــــــــ على انه يعد وعلى هذا الخلاف لو عجز عن التوجه الى القبلة او عن السعي الى الجمعة او الحج ووجد من يفعله وجعل في البحر الخلاف مقصورا على الزوجة والمعين اما الولد والخادم ولو اجيرا فلا هلاف فيهم كما في المحيط والفرق بين الزوجة والمملوك انها لو مرضت لم يجب عليه ان يوضئها وفي المملوك العاجز عنه يجب كما في الخلاصة واعلم ان صريح قوله في التجنيس او وجد ما به يستأجره يفيد ان وجود إمكان كاف في الوجوب وهو مخالف لما في المنتقى اذا لم يجد من يوضئه الا بأجر تيمم عند الامام قل الاجر او كثر وقالا ان ربع درهم لا يتيمم قال في البحر والظاهر عدم الجواز اذا كن قليلا لا اذا كان كثيرا لما عرف من مسألة شراء الماء اذا وجده بثمن المثل انتهى وكلامه يعطي ان القليل ثمن المثل والكثير ما زاد عليه وينبغي ان يقيد بذلك اطلاق ما في التجنيس فلا يلزمه الاستيجار حالة وجود الماء اذا طلب اكثر من اجره المثل او برد هذا ظاهر في انه لا فرق بين الجنب والمحدث واختاره في الاسرار لكن الاصح عدم جوازه للمحدث اجماعا نما الخلاف في الجنب لو خاف على نفسه مرضا لو اغتسل بالبارد ولم يجد ثوبا يتدفأ به ولا مكانا يأويه ولم يقدر على ماء ساخن ولا ما به يسخن قال الامام يجوز له التيمم مقيما كان او مسافرا وخصاه بالمسافر قيل هو اختلاف زمان بناء على ان اجرة الحمام في زمانهما تؤخذ بعد الدخول فيمكنه ان يتعلل بالعسرة وفي زمانه قبل الدخول وقيل اختلاف برهان بناء على الخلاف في جوازه قبل الطلب من الرفيق لغير الواجد ان كان ثمة رفيق وغليه فيقيد منعهما بأن يترك طلب الماء الحار من جميع اهل المصر اما ان طلب فمنع جاز عندهما والظاهر قول الامام لأنه لا يكلف بالماء الا اذا قدر عليه بملك او شراء وعند انتفاء هذه القدرة يتحقق العجز ولذا لم يفصل العلماء فيما اذا لم يكن معه ثمن الماء بين امكان اخذه بثمن مؤجل بالحيلة على ذلك او لا فإطلاق بعض المشايخ عدم الجواز في هذا الزمان بناء على ان اجرة الحمام تؤخذ بعد الدخول فيتعلل بالعسرة بعده فيه نظر كذا في الفتح ونبه ابن امير حاج على ان قوله لم يكن معه ثمن الماء أي بأن لم يكن له مال حاضر ولا غائب اما لو كان له مال غائب لزمه الشراء نسيئة او لأجل خوف عدو ادمي وغيره لا فرق في ذلك بين خوفه على نفسه او ماله ولا فرق في النفس بين خوف الهلاك والسجن من مديون او خوفها من فاسق عند الماء وفي المال بين الملك

او عطش او فقد آلة ـــــــــــــــــــــــــــــ والامانة وقالوا لو توعده بحبس او قتل لو توضأ فصلى بالتيمم اعاد لأن هذا الخوف جاء من قبل العباد واما الخوف من العدو الادمي فقال في النهاية جاز ان تجب الاعادة معه لأن العذر من قبل العباد لكن في الدراية الاسير الذي منعه العدو من الوضوء والصلاة يتيمم ويومئ ويعيد وكذا في المقيد ثم قال قلت بخلاف الخائف منهم فإن الخوف من الله تعالى وهذا نص على خلاف ما في النهاية كذا في الفتح ووفق في البحر بحمل ما في النهاية على ما اذا حصل من العبد وعيد منه نشأ الخوف وما في الدراية على ما اذا وجد لا عن شيء قال ثم رأيت ابن امير حاج صرح بذلك فقال يجوز ان يكون مرادهم الخوف من العدو الخوف الذي لم ينشأ عن وعيد قادر عليه ونحو ذلك كما في الخوف من السبع ولا بأس ان يكون مرادهم ذلك انما نسب الخوف الى الله تعالى في هذا دون غيره مع ان الكل منه لتجرده عن مباشرة سبب له من العبد او لاجل عطش لان المشغول بالحاجة كالمعدوم لا فرق في ذلك بين عطشه وعطش رفيقه ولو من اهل القافلة ودابته وكلبه لماشيته او صيده في الحال او ثاني الحال وكذا المحتاج اليه للعجين بخلاف المرق او لاجل فقد آلة يتوصل بها الى الماء ولو ثوبه كما في السراج وفي الخلاصة ولو كان معه منديل طاهر لا يجزئه التيمم بقي لو نقص الثوب ونحوه بإدلائه فالمذكور في كتب الشافعية انه ان كان قدر قيمة الماء لزمه ادلاؤه لا إن كان أكثر وعلى هذا لو كان لا يصل الى الماء الا بشقة ولو وجد من ينزل الى الماء بالأجر لزمه قال في التوشيح وقواعدنا لا تأبى ذلك ونقل في المنتقى والقنية خلافا فيما اذا وجد آلة لتغوير نهر جامد او ثلج تحته ماء فقيل يتيمم وقيل لا ولا يخفي ان الثاني أوجه فروع جنب وحائض طهرت وميت معهم من الماء ما يكفي لأحدهم إن كان كله لواحد فهو احق به وإن كان مشتركا لا ينبغي لأحدهم أن يستعمله وإن مباحا فالجنب أحق كذا في الخلاصة وغيرها وفي الظهيرية عامة المشايخ على ان الميت احق وقيل الجنب اولى وهو الاصح ولو معه ماء زمزم فالحيلة لجواز التيمم معه ان يخلطه بماء الورد حتى يغلب عليه وقيل ان يهبه من غيره ثم ان يسترده منه قال قاضي خان وليس بصحيح عندي لأنه يلزمه شراء الماء بثمن مثله فاذا تمكن من الرجوع كيف يتيمم ورده في الفتح بأن الرجوع تملك بسبب مكروه

مستوعبا وجهه ويديه مع مرفقيه ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مطلوب العدم شرعا فيجوز ان يعتبر الماء معدوما في حقه لذلك وان قدر عليه حقيقة كما في الحب بخلاف البيع وفاقد الطهورين لا يصلي عندهما وقال الثالث يتشبه بالمصلين موميا قضاء لحق الوقت كما في الصوم وهو مروي عن محمد وبهذا تبين ان الصلاة متعمدا بلا طهر لا توجب كفرا ويؤيده ما قدمناه عن الظهيرية من ان مقطوع اليدين والرجلين اذا كان بوجهه جراحة يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا اعادة عليه في الاصح الا انه في الخلاصة قال المختار انه يكفر بخلاف ما لو صلى الى غير القبلة او في الثوب النجس والفرق ان ذاك لم يبح بحال بخلاف الثاني ومنعه يعرف مما سبق مستوعبا صفة لمصدر محذوف أي تيمما مستوعبا ويجوز ان يكون حالا منتظرة من الضمير في تيمم قال الشارح والاول اوجه ولعل وجهه ان الاستيعاب ركن وعلى جعله حالا يصير شرطا كذا في البحر فإن قلت قد وقع في عبارة بعض علمائنا المتقدمين انه شرط وبه صرح الشارح وعليه فلا يتجه التوجيه قلت حمله في عقد الفرائد على ما لا بد منه والا فهو ركن قطعا وفي البدائع هل هو من تمام الركن لم يذكر في الاصل ولكنه ذكر ما يدل عليه قال وهو ظاهر الرواية على ان مجيء اسم الفاعل صفة اكثر من مجيئه حالا اذا عرف هذا فما جرى عليه العيني من انه حال وكونه صفة احتمال فيه نظر لا يخفى وجهه ويديه هذا ظاهر الرواية عن الامام وعليه الفتوى فيجب تحريك الخاتم والقرط الضيق او نزعهما وجعل في المستصفى ظاهر الرواية ان المتروك ان كان اكثر من الربع لا يجوز والا جاز حكاه في عقد الفرائد عن الخلاصة قال وهو الاصح وكأنه سبق نظر اذا المذكور في الخلاصة ان المختار افتراض الاستيعاب قال في الخانية ويمسح من وجهه ظاهر البشرة والشعر على الصحيح وكأنه يحترز بذلك عما جزم به الحدادي من انه لا يجب عليه مسح اللحية وفي المجتبى مسح العذار شرط على ما حكي عن اصحابنا والناس عنه غافلون وفي عطف اليدين بالواو وإيماء الى عدم اشتراط الترتيب وقالوا لا يتشرط المسح باليدين ايضا حتى لو مسح بإحدى يديه ووجهه وبالاخرى يديه أجزأه في الوجه واليد ويعيد الضرب لليد الاخرى نعم المسح بجميع اليد او اكثرها شرط لو مسح بإصبع او اصبعين وكرر حتى استوعب لا يجوز بخلاف مسح الرأس كذا في السراج مع مرفقيه عند

بضربتين ـــــــــــــــــــــــــــــ علمائنا خلافا لزفر حتى لو كان مقطوع اليد من المرفق يمسح موضع القطع عندنا خلافا له قال في المحيط ولو كان القطع فوق المرفق لا يجب يعني اتفاقا او عبر بمع دون الباء مخالفا لرأيه لأن الأصل بضربتين متعلق بالفعل واسم الفاعل ولم يقل منه ايماء الى انه لو أمر غيره فيممه ونوى هو جاز وقال ابن القاضي لا يجزئه كذا في المعراج وظاهر ان المراد به الوضع كما عبر به في الاصل وعبر به هنا ايقاعا للوارد وكذا في المستصفى وقوله في غاية البيان انه لم يرد في الاية ولا كل الاحاديث بل في بعضها لا يصلح دافعا كما لا يخفى قال في البحر ومنهم من ذهب الى ان الضربتين ركن للخبر الوارد واقول هذا يقتضي ان الداعي الى ان التعبير بالضرب اختيار ركنيته لكن لا نعلم شيئا في ان خصوص الضرب ركن بل الوضع استلزم ضربا اولا وهذا معنى قوله في الفتح ثم قولهم ضربتان يفيد ان الضرب ركن ومقتضاه انه لو ضرب يديه فقبل ان يمسح احدث لا يجوز المسح بتلك الضربة كما لو احدث في الوضوء بعد غسل بعض الاعضاء وبه قال السيد ابو شجاع وقال الإسبيجابي يجوز كمن ملأ كفيه ماء فأحدث ثم استعمله وفي الخلاصة انه لا يستعمل ذلك التراب انتهى ولو امر غيره بذلك ونوى ثم أحدث الامر قال في التوشيح ينبغي ان يبطل على قول ابي شجاع وعلى هذا فما صرحوا به انه لو القت الريح الغبار على وجهه ويديه فمسح بنية التيمم اجزأه وإن لم يمسح لا يجوز إما ان يخرج على قول من اخرج الضربة او على اعتبارها اعم من كونها على الارض او العضو مسحا والذي يقتضيه النظر عدم اعتبارها من مسمى التيمم اذ المأمور به في الكتاب انما هو المسح ويحمل قوله عليه الصلاة والسلام التيمم ضربتان اما على ارادة الاعم من المسحتين او انه خرج مخرج الغالب وفي الخلاصة ادخل رأسه بنية التيمم في موضع الغبار يجوز ولو انهدم الحائط فظهر الغبار فحرك رأسه ونوى التيمم جاز والشرط وجود الفعل منه انتهى.

ولو جنبا او حائضا بطاهر ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في البحر وهذا يعين بناء هذه الفروع على قول من اخرج الضربة منه الا ان يقال ان المراد بها الفعل واقول يمكن ان يقال المراد الضرب او ما بقوم مقامه واثر الخلاف يظهر مما مر قال في السراج ويظهر ايضا في النية بعد الضربة فمن جعلها ركنا الغاها ومن لم يجعلها اعتبرها وسكت المصنف تبعا لمحمد عن كون الضربة بظاهر الكف او بباطنه والاصح ان يضرب بظاهرهما وباطنهما قاله الشمني معزيا الى الذخيرة الا ان الذي ذكره العلامة الحلبي عن الذخيرة ان محمد اشار الى انه يضرب بباطنهما فإنه قال لو ترك المسح على ظهر كفيه لا يجوز وانما يكون تاركا له اذا ضرب بباطن كفيه على الارض وبهذا يعلم ان المراد به الباطن لا الظاهر انتهى وغير خاف ان الجواز حاصل بأيهما كان نعم الضرب بالباطن سنة وهذا وسنن التيمم سبعة إقبال اليدين بعد وضعهما على التراب وادبارهما ونفضهما وتفريج الاصابع والتسمية والترتيب والولاء كذا في المبتغى وغيره ولو جنبا يتيمم بضربتين ولو كان جنبا او حائضا او نفساء لحديث عمار بن ياسر انه عليه الصلاة والسلام امره بالتيمم وهو جنب تفصيلا في الحائض ان طهرت لعشرة جاز تيممها لا لأقل ونقله الشمني في صلاة الجنازة والعيد قال في البحر والذي يظهر عدم صحة هذا التفصيل لما اتفقوا عليه انها لو انقطع دمها لأقل من عشره فتيممت وصلت حل وطئها وعبارة الاسبيجابي لو كانت ايامها دون العشرة فوقت اغتسالها من زمن الحيض ولو تيممت وصلت خرجت من الحيض اتفاقا ولو لم تصل لا ينقطع في قولهما خلافا لمحمد واقول ما في الظهيرية يجب حمله على ما اذا انقطع لأقل من عادتها لما سيأتي في الحيض من انه لا يحل قربانها وان اغتسلت والحالة هذه فضلا عن التيمم واليه يشير ما قاله الاسبيجابي بطاهر متعلق بتيمم ويجوز ان يتعلق بمستوعبا وجعله العيني صفة لضربتين فهو متعلق بمحذوف أي ملتصقين بطاهر قال في عقد الفرائد ينبغي ان يقال بطهور او مطهر لاخراج الارض التي ذهب اثر النجاسة منها بالجفاف حيث تكون طاهرة في حق الصلاة دون التيمم

من جنس الارض ـــــــــــــــــــــــــــــ كالماء المستعمل وفي المحيط وغيره تيمم اثنان من مكان واحد جاز لانه لم يصر مستعملا اذا التيمم انما يتأدى بما التزق بيده لا بما فضل كالماء الفاضل في الاناء بعد وضوء الاول قال في البحر وهذا يفيد تصور استعماله وان ذلك مقصور على ما اذا مسح الذراعين بالضربة التي مسح بها وجهه لا غير وفيه نظر لما مر من انه لو أخذ كفا من تراب فأحدث لا يستعمله وبه علمت ان ليس مقصورا على ما ادعي واذا علم جواز تيمم اثنين من مكان واحد فعلى حجر واحد املس اولى ولما كان الطاهر اعم نبه بقوله من جنس الارض وهو ما لا ينطبع ولا يترمد فخرجت الاشجار والزجاج المتخذ من الرمل وغيره والماء المتجمد والمعادن الا ان تكون في محلها فيجوز بالتراب الذي وقع عليها وقيده الاسبيجابي بما يستبين اثر التراب بمده عليه وان كان لا يستبين لا يجوز وعلى هذا كل ما لا يجوز عليه التيمم وهو حسن فليحفظ ودخل الحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ والمغرة والكبريت وفي الملح الجبلي روايتان وصحح في الخلاصة كلا منهما الا ان الفتوى على الجواز كما في التجنيس ولا يجوز بالمائي رواية واجدة والياقوت والزمرد والزبرجد والقيروزج والعقيق والبلخش والسبخة قال في الفتح الا المرجان واللؤلؤ لأن اصله ماء وكذا المصنوع منهما كالكيزان والزبادي الا ان تكون مطلية بالدهان والآجر المشوي على الاصح الا إن خلط به ما ليس من اجزاء الارض كذا اطلق فيما رأيت مع ان المسطور في الخانية التراب اذا خالطه ما ليس من اجزاء الارض تعتبر فيه الغلبة وهذا يقتضي ان يفصل في الخالط انتهى ولا يخفى ان ادخال المرجان فيما لا يجوز به التيمم سبق قلم والصواب الجواز به كما في عامة الكتب اما الطين فقد قيل اذا لم يجد غيره يلطخ به ثوبه فاذا جف تيمم به وقيل عند الامام يتيمم به وهو الصحيح لأن الواجب عنده وضع اليد على الارض لاستعمال جزء من جنس الارض الا اذا صار مغلوبا فلا يجوز قال في البحر وهذا الاطلاق قيده في الولوالجية بأن يخاف خروج الوقت اما قبله فلا كيلا يصير مثلة الا اذا تلطخ به بلا ضرورة وهو حسن ينبغي حفظه انتهى

وإن لم يكن عليه نقع وبه بلا عجز ناويا ـــــــــــــــــــــــــــــ واقول مقتضى ما سبق عن الامام عدم اعتبار هذا القيد ثم راجعت الولوالجية فإذا الذي فيها طبق ما فهمته حيث قال المسافر اذا كان في ردغة طين ولم يجد الصعيد نفض ثوبه وتيمم بغباره وان لم يكن عليه غبار لطخ ثوبه به حتى اذا جف تيمم به لأن بهذا يحصل التراب وإن ذهب الوقت قبل ان يجف لا يتيمم قالوا هذا قول الثاني فأما عند الامام فإن خاف ذهاب الوقت تيمم بالطين لأنه من أجزاء الارض إلا انه لا يتيمم قبل خوف ذهاب الوقت كيلا يتلطخ فيصير مثله فتوهم رحمه الله أن معناه لا يصحح التيمم وليس كذلك بل معناه ينبغي فعل ذلك بلا ضرورة ولو فعل جاز لأنه تيمم بما هو من اجزاء الارض ولا جائز ان يكون من اجزائها في حال دون حال وان لم يكن عليه أي على الطاهر الذي هو من جنس الارض نقع بفتح النون وسكون القاف وفي اخره عين مهملة أي غبار وقال محمد لا يجوز الا اذا كان عليه غبار وقال الثاني لا يجوز الا التراب او الرمل والخلاف يرجع الى معنى الصعيد وقد قال الزجاج لا أعلم خلافا بين اهل اللغة في انه اسم لوجه الارض وعليه فهو في الاية ظرف مكان وعن لابتداء الغاية ومن فسر بالتراب جعله مفعولا به ومن للتبعيض ورد العلامة معنى الابتداء اجيب عنه بما هو معروف في كتب الادلة وبه أي بالنقع يعني يجوز التيمم به بلا عجز عن التراب خلافا للثاني وعنده يتيمم به ويعيد ناويا حال من فاعل يتيمم وكيفيتها ان ينوي عبادة مقصودة لا تصح الا بالطهارة او استباحة الصلاة او رفع الحدث ولا ينافيه ما في التجنيس النية المشروطة ونية التطهير هو الصحيح لتضمنها ما ذكر وذلك كسجدة التلاوة وصلاة الجنازة فخرج بالعبادة سجدة الشكر على قولهما خلافا لمحمد بناء على انها ليست بقربة عندهما وقربة عنده وبالمقصودة التيمم لدخول المسجد ولو جنبا او مس المصحف كذلك او الاذان او الاقامة وبقوله لا تصح الا بالطهارة الاسلام والسلام ورده وقراءة القران للمحدث وزيارة القبور لكن لا ينبغي عند الاسلام هنا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما وقع في فتح القدير وغيره لأنه يوهم انه يصح معه لكن لا يصلي به كغيره وليس مرادا لعدم اهليته للنية والمراد بعدم الصحة هنا عدم الجواز فليس له ان يصلي به اما المتيمم الجنب لقراءة القران ففيه روايتان وصحح في السراج وغيره عدم الجواز وجزم في البدائع وغيرها بالجواز واطلق في المحيط وغيره الجواز المتناول للمحدث ايضا وعليه فالفرق كما في السراج بين القراءة ودخول المسجد والمس بأن القراءة جزء من اجزاء الصلاة بخلاف المس والدخول ءة غير انه ان كان جنبا وجد عدم حل الفعل الا بالطهارة مع الجزئية وان كان محدثا انتفى ودخول المسجد وان كان لا يحل للجنب الا بالطهارة الا انه ليس عبادة مقصودة من وجه اخر الا ترى انهم ادخلوا سجود التلاوة في قولهم عبادة مقصودة مع ان السجود جزء من العبادة التي هي الصلاة قال في المعراج ولا تنافي بين هذا وبين قول الاصوليين إن سجدة التلاوة ليست بقربة مقصودة حتى لو تلاها في وقت مكروه جاز أن يؤديها في وقت مكروه بخلاف الفريضة لأن المراد بكونها قربة أنها شرعت ابتداء لا تبعا لغيرها وبكونها غير قربة انها غير مقصودة لذاتها عند التلاوة بل لما اشتملت عليه من التواضع ولذا ناب عنها الركوع ولا شك في صدق قولنا القراءة عبادة مقصودة الا انا اشترطنا في تلك العبادة ان لا تصح بالطهارة وبهذا اتضح وجه ما في البدائع من الترجيح السابق قال في الفتح فإن قلت ذكرت ان نية التيمم لرد السلام لا تصححه على ظاهر المذهب مع انه عليه الصلاة والسلام تيمم لرده فالجواب ان قصد رد السلام بالتيمم لا يستلزم ان يكون نوى عند فعل التيمم بل يجوز كونه نوى ما يصح معه التيمم ثم يرد السلام اذا صار طاهرا واعترضه في البحر بأن قوله لا يصححه ممنوع لما مر من انه صحيح غير انه لا تجوز الصلاة به واقول هذا ساقط جدا وانى يتخيل ما ذكر مع قوله ذكرت الى اخره الذي ذكره انه لو تيمم للسلام لا تجوز الصلاة به

فرع

فلغا تيمم كافر لا وضوءه ولا تنقضه ردة بل ناقض الوضوء وقدرة ماء فضل عن حاجته ... ـــــــــــــــــــــــــــــ عند عامة المشايخ وحينئذ فيتعين ان يكون معنى لا يصححه أي الصلاة بدليل قوله في ظاهر المذهب لأنه الذي فيه الخلاف فرع قال في المبتغى يجوز التيمم لدخول المسجد مع وجود الماء وكذا للنوم فيه انتهى وعلى هذا فيجوز لكل ما ليست الطهارة شرطا في فعله كذا في البحر وانت خبير بأن ما في المبتغى إن كان معناه للجنب كما هو الظاهر امتنع هذا التفريع فلغا تيمم كافر لا وضوءه تفريع على اشتراط النية أي لما شرطناها فيه ومن شرائط صحتها الاسلام لغى تيمم الكافر سواء نوى عبادة مقصودة لا تصح الا بالطهارة او لا وصح وضوءه لعدم اشتراط النية فيه ولما لم يشترطها زفر سوى بينهما ولا تنقضه ردة بيان لأن الإسلام إنما يشترط للنية ابتداء لا بقاء لأن اثر الردة إنما يظهر في العبادات والتيمم ليس منها ولم يجعل طهارة مع شرط وما قيل إنه فرع على قول مشترطها كما فرع الإمام المزارعة على رأي من يراها فبعيد والأقرب أن عنه روايتين بل ناقض الوضوء الحقيقي والحكمي قيل الأحسن بل ناقض الأصل وضوءا كان او غسلا ومنعه في البحر بأن كل شيء ينقض الغسل ينقض الوضوء فالعبارتان على حد سواء واقول لا خفاء ان ناقض الوضوء عرفا ما يوجب حدثا اصغر وناقض الغسل ما يوجب حدثا اكبر وبينهما عموم وخصوص مطلق لاجتماعهما في ان ما ينقض الغسل ينقض الوضوء واتفراد أحدهما في ان ما ينقض الوضوء لا ينقض الغسل ألا ترى انه لو تيمم للجنابة ثم احدث حدثا اصغر انتقض تيمم الوضوء فقط وبقي تيمم الغسل وبهذا اتضح منع كونهما على حد سواء وان التعبير بناقض الاصل اصيل في الحسن وينقضه ايضا قدرة ماء فضلت عن حاجته ولا بد ان يكون كافيا لأن المشغول بالحاجة وغير الكافي كالمعدوم حتى لو توضأ بماء فضل فنقض عن احدى رجليه ان غسل كل عضو مرتين او ثلاثا بطل تيممه هو المختار كذا في الخلاصة وعدل عن رؤية الماء الى القدرة لشمولها ما لو تيمم لمرض او برد ثم قدر على استعمال الماء وعلى هذا كلما اباح التيمم ايماء الى ان الوجود في الاية بمعنى القدرة قال في البحر ولو قال وينقضه زوال ما أباحه لكان اظهر وخرج بها ما قالوا لو مر النائم على ماء كاف حيث لا ينتقض تيممه هو المختار كما اذا كان

فهي تمنع التيمم وترفعه وراجي الماء يؤخر الصلاة ـــــــــــــــــــــــــــــ بجنبه بئر لا يعلم بها وقيل ينتقض عند الامام خلافا لهما ومما فرع على اعتبار القدرة لو وهب لجماعة ما يكفي لأحدهم بقي تيممهم لفسادها عنده وعندهما للاشتراك فلو أذنوا لواحد لغى لكن قال في السراج الصحيح انتفاضه مع الاذن إجماعا لأن هذا مقبوض بعقد فاسد فيكون مملوكا فينفذ تصرفهم فيه واعترضه في البحر بأنه وإن كان مملوكا لكن لا يحل التصرف فيه فكان وجوده كعدمه واقول عدم حل التصرف ان كان للموهوب لهم فمسلم ولا يضرنا وان كان للمأذون له فممنوع واعلم أن جعل القدرة ناقضة مجاز والناقض الحقيقي إنماهو ظهور الحدث السابق قال الشارح وغيره واعترضه بعض الافاضل بأنه لا يناسب قول الامام والثاني من ان التيمم طهارة حقيقية لا ضرورية ولا خلفية فالأولى ان يقال إن مشروعية التيمم مشروطة بعدم القدرة فعند وجودها لم يبق مشروعا لما أن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط وزيف بأنه ظاهر في ان الشرط يلزم من عدمه العدم فالمذكور في الاصول انه لا يلزم من عدمه عدم ولا من وجوده وجود ولا عدم واجيب بانه اذا كان مساويا للمشروط استلزمه وهو هنا كذلك لما ان كل واحد من عدم الماء وجواز التيمم مساو للاخر فهي أي القدرة المذكورة تمنع اباحة التيمم ابتداء وترفعه بقاء وادعى الشارح ان هذا تكرار محض لانه لما عد الاعذار علم انه لا يجوز مع القدرة ولما قال وقدرة ماء علم انها ترفعه واجاب في البحر بأنه إنما عد بعض الاعذار وقد يتوهم الحصر في المعدود فذكر ضابطا لها لتتم الاعذار وانت خبير بأن هذا بعد تسليمه انما يصلح جوابا عن قوله تمنع التيمم وكان التكرار مسلم عنده في قوله وترفعه وراجي الماء رجاء قويا ارتقاء الى غلبة الظن اذا كان بينه وبين الماء ميل يؤخر الصلاة أي يندب له تأخيرها الى اخر الوقت المستحب هو الاصح وقيل الجائز في مناقب البزازي الاوجه ان يحمل استحباب التأخير الى اخر النصف الثاني وينبغي تقييد الاول بما اذا لم يكن في الاخر وقت كراهة كالعصر قيد يالراجي لان غيره الافضل في حقه ان يصلي اول الوقت والتأخير إنما يندب إذا تضمن فضيلة كتكثير الجماعة وذا لا يتأتى في المفازة كذا في المعراج معزيا الى مبسوط شمس الائمة وفخر الاسلام قال الاتقاني وهذا سهو لتصريح

وصح قبل الوقت ولفرضين وخوف فوت صلاة جنازة ـــــــــــــــــــــــــــــ المشايخ بتأخير بعض الصلاة من غير اشتراط جماعة وما هنا مفهوم والصريح مقدم وأجاب الحدادي بأن الصريح محمول على ما إذا تضمن فضيلة كتكثير جماعة وغير المتضمن عار من الفائدة قال في البحر والحق ما قاله الاتقاني لأن محمدا ذكر في الاصل استحباب التأخير ولم يفصل بين الرجاء وغيره والذي في المبسوط انما هو اول النصف الاخير من الوقت في الصلاة التي يندب تأخيرها عن هذا المستحب مراد من قال بعدم استحباب التأخير اذا كان لا يرجو وليس المراد بالتعجيل الفعل في اول الوقت ويدل على ذلك قول الاسبيجابي وان لم يكن على طمع وجود الماء تيمم وصلى في اول وقت مستحب ولم يقل في اول الوقت انتهى ولا يخفى ان ما في الاسبيجابي مشترك الالزام قيل هذه المسألة اول مسألة خالف الامام فيها شيخه حمادا حين خرجا لتشييع الاعمش فصلى المغرب بالتيمم في اول الوقت والامام بالماء في اخره وكان ذلك عن اجتهاد فصوبه الله واظهره وصح التيمم قبل دخول الوقت وصح ايضا الفرضان فأكثر لأنه طهارة مطلقة للحدث رافعة خلافا لما قاله الرازي وصح ايضا لأجل خوف فات صلاة جنازة والظاهر ان المراد به غلبة الظن قال في البحر اطلقه وقيده في البداية بأربعة اشياء حضور الجنازة وكونه صحيحا وكونه في المصر وكونه غير ولي واقول لا يخفى ان خوف فواتها حضورها والمراد خوف فوات كل التكبيرات كما في البدائع لا فرق بين المحدث

أو عيد ولو بناء ـــــــــــــــــــــــــــــ والجنب والحائض والنفساء اذا انقطع دمها وذكر هذا الحكم بعد بيان جوازه للمريض ونحوه يفيد سببا اخر مبيحا للتيمم غير ما مر من كونه بعيدا عن الماء مقدار ميل او مريضا فأفاد انه لا يشترط البعد وان يكون ذلك غالبا الا في المصر وفيه ايماء الى ان من لا يخاف الفوت كالوالي والسلطان لا يتيمم وبهذا التقرير علمت منع دعوى الاطلاق وان كلامه تضمن ما في الهداية تصريحا وتلويحا نعم ظاهر ان من لا يخاف الفوت يتيمم ايضا لكراهة الانتظار بها ولو لم ينتظر قال السرخسي الاصح انه يجوز له التيمم ولو جيء باخرى بعد الفراغ من الاولى اعاده عند محمد لا عندهما كذا في المجمع وقيده في المستصفى بما اذا لم يتمكن من التوضؤ فان تمكن ثم زال تمكنه أعاده اتفاقا وفي الولوالجية وعليه الفتوى أو خوف فوت صلاة عيد أي كلها ولو إماما في ظاهر الرواية ولا شك أن خوف الفوت في حق المقتدي بفراغ الإمام وفي حق الإمام بزوال الشمسو لو كان يبني بناء بأن سبقه الحدث بعد ما شرع فيها لا فرق في ذلك بين شروعه بالتيمم أو الوضوء وهذا عند الإمام وقالا إن شرع بالوضوء لا يتيمم لأنه أمن الفوات بعد فراغ الإمام لما أنه لاحق حتى لو خاف الزوال لو توضأ يتيمم اتفاقا وإن بالتيمم تيمم لأنه لو توضأ يكون واجدا للماء في صلاته فتفسد وله أن خوف الفوت باق لأنه يوم زحمة فيعتريه لو توضأ ما يفسدها ولزوم الفساد لو توضأ مبني على أن الوجود بعد سبق الحدث يستلزم الوجود في الصلاة مع أنه غير لازم لأن الحكم شرعا بالعدم السابق بناء على خوف الفوت وقد فات بالحدث فوجب ان يقدر قبل السبق عادما وبعده واجدا وقيل يتعين الوضوء عندهما ولا مانع من كون الابتداء بالتيمم والبناء بالوضوء كجنب معه ما يكفي للوضوء سبقه حدث بعد ما تيمم للجنابة فإنه يتوضأ به ورد بأنه في المقيس لزم بناء القوي على الضعيف لأن المقيس عليه فالأولى ان يقال إن التيمم كالوضوء بدليل جواز اقتداء المتوضيء بالمتيمم وأنه لو سبقه حدث فلما انصرف وجد ماء توضأ وبنى كما في الخانية وسيأتي خلافه في سبق الحدث وإنما بطل تيممه فيما لو وجده في صلاته لما أنه عند الوجود ينتقض مستندا الى الحدث السابق ولا يمكن استناده هنا لانتقاضه بالحدث الطارئ كذا في المعراج قال الشارح وأجمعوا أنه لو كان لا يخاف الزوال ويمكنه إدراك شيء مع الإمام لو توضأ لا يتيمم ولا يخفى أنه ينبغي أن يخرج هذا على القول الثاني واعلم أن من المشايخ من جعل هذا اختلاف عصر بناء على بعد الماء في

لا فوت جمعة ووقت ولم يعد إن صلى به ونسي الماء في رحله ـــــــــــــــــــــــــــــ زمنه من المصلى وقربه في زمنهما ومنهم من جعله اختلاف برهان ثم اختلفوا فمنهم من جعله ابتدائيا كما مر ومنهم من بناه على أن العيد لا يقضى بالإفساد عنده فيفوت لا إلى بدل وعندهما يقضى قال الاسبيجابي والأصح أنه لا بقضى عند الكل تتمة قال العلامة الحلبي لقائل أن يقول يجوز التيمم في المصر لصلاة الكسوف والسنن الرواتب غير سنة الفجر إذا خاف فوتها مع الفريضة لا يتيم وإن وحدها فكذلك على قياس قول محمد لأنه يقضيها عنده بعد الارتفاع وعلى قياس قولهما يتيمم لأنه لا يقضيها لا يصح التيمم لفوت جمعة ولا لفوت وقت أي وقت فريضة ولو وترا لأن الفوات إلى بدل كلا فوات ولم يعد الصلاة إن صلى به أي بالتيمم والحال أنه قد نسي الماء أو شك كما في السراج مستقرا في رحله وهو للبعير كالسرج للفرس ويطلق على منزل الإنسان ومأواه وهو المراد هنا كذا في المغرب قال في البحر إلا أن تفصيلهم كما سيأتي بين ما إذا كان الماء في مقدم الرحل او مؤخره يفيد الاول وأقول الظاهر أن المراد به ما يوضع فيه الماء عادة وإلى ذلك أشار المصنف وهذا لأن رحله مفرد مضاف يعم كل رحل سواء كان منزلا أو رحل بعير وتخصيصه بأحدهما لا برهان عليه وهذا عندهما وقال الإتقاني يعيد قيد بالناسي لأن الظان يعيد اتفاقا وأوحى به إلى أن له سابقة علم فأفاد أنه لو وضعه غيره بغير علمه لا يعيد اجماعا وقيد برحله لأنه لو كان في عنقه أو على رأسه أو ظهره أعاد اتفاقا إلا انه يرد عليه ما لو كان في مقدمه وهو راكب أو بين يديه أو في مؤخره وهو سائق فإنه يعيد اتفاقا لأن هذا النسيان في غير محله لأبي يوسف أن نسيان ما لا ينسى عادة لقوة إثبات صورته في النفس وهو الماء لعزته في السفر لا يعد عدما وأيضا الرحل محل للماء كالعمران فيجب عليه الطلب فلا يعذر بالنسيان كما لو صلى في ثوب نجس أو عريانا وفي رحله ثوب طاهر أو مع نجاسة ومعه ما يزيلها ولهما أنه لا قدرة بدون العلم كذا في الشرح وغيره قال في الفتح وهذا لا يفيد لثبوت العلم نظرا للدليل كما قال في المسائل الملحق بهذا والمفيد ليس إلا منع وجود العلة أي لا نسلم أن الرحل دليل اماء الذي ثبوته يمنع التيمم أعني ماء استعمال بل الشرب وهو مفقود في حق غيره وعلى هذا يتمكن من الفرق بين مسألة الثوب والماء فرحل المسافر دليل الثوب لأنه

ويطلبه غلوة إن ظن قربه وإلا لا ويطلبه ـــــــــــــــــــــــــــــ معد لوضعه مع سائر أمتعته فيه لا دليل ماء الاستعمال فلا حاجة الى ادعاء أن مسألة الثوب على الخلاف في الأصح لكنه يشكل بمسألة الصلاة مع النجاسة والفرق بأن فرض الإزالة فات لا إلى خلف بخلاف الوضوء لا يثثلج الخاطر عند التأمل لأن فوات الأصل إلى خلف لا يجوز الخلف مع فقد شرطه مع فوات الأصل يصير فاقد الطهورين فيعطى حكمه وهو التأخير عنده والتشبه عندهما انتهى قال في البحر وفي قوله إذا فقد شرطه مع فوات الأصل تدافع لأن فقد شرط التيمم هو القدرة ومعها لا يفوت الأصل وأقول لا خفاء أن من شرائط التيمم طهارة المتيمم عليه فإذا فقد هذا مع فوات الأصل وهو القدرة على الماء صار فاقد الطهورين وهذا وإن كان فيه عدول عن الظاهر إلا أنه يرتكب تصحيحا لكلام هذا الإمام واعلم أنه لا فرق في مسألة الكتاب بين أن يذكره في الوقت أو بعده قالوا ولو ضرب فسطاطه على بئر ولم يعلم بها ثم علم أعاد والله الموفق. ويطلبه أي يطلب المسافر الماء حتما غلوة وهي رمية سهم وقيل ثلاثمائه ذراع إلى أربعمائة إن ظن ظنا قويا ارتقى إلى غلبته قربه بأن كان بينه وبينه أقل من ميل بإخبار عدل أو أمارة ظاهرة وإلا وإن لم يظن قربه ظنا قويا لا أي لا يجب بل يستحب سواء ظن أو شك كما في السراج لكن قدره في البدائع بما إذا ك على طمع من وجود الماء قدرنا بالمسافر لأن غيره يجب عليه طلب الماء في العمران إجماعا اعلم أنهم بعد اتفاقهم على الطلب اختلفوا في مقدار اللازم منه فاختار المصنف هنا الغلوة وفي المستصفى مقدار ما يسمع أصحابه صوته ويسمع صوتهم قال في البدائع والأصح أنه قدر ما لا يضر بنفسه ورفقته بالانتظار وقد قال الثاني سألت الإمام عن المسافر لا يجد الماء يطلبه عن يمين الطريق أو عن يساره قال إن طمع فيه فليفعل ولا يبعد فيضر بأصحابه إن انتظروه وبنفسه إن انقطع وهذا وما قبله يقرب مما في المستصفى قال في البحر وعلى اعتبار الغلوة فالطلب أن ينظر يمينه وشماله وأمامه ووراءه غلوة كذا في الحقائق وظاهره أنه لا يلزمه المشي بل يكفيه النظر في هذا الجهات وهو في مكانه انتهى وأقول معنى ما في الحقائق أنه يقسم المشي مقدار الغلوة على هذه الجهات فيمشي على أنه أربعمائة ذراع من كل جانب مائة

من رفيقه فإن منعه تيمم وإن لم يعطه ـــــــــــــــــــــــــــــ ذراع إذ الطلب لا يتم بمجرد النظر ويدل على ذلك ما مر عن الأمام وما في منية المصلي لو بعث من يطلب له كفاه عن الطلب بنفسه وكذا لو خبره مكلف عدل من غير إرسال إذ على ما فهمه لا يحتاج إلى البعث أصلا وفي التوشيح لو كان بقربه جبل صغير صعده إن لم يخف على نفسه أو ماله فإن خاف لم يلزمه الصعود والمشي ويجب أن يطلبه أي الماء من رفيقه عند أصحابنا الثلاثة في ظاهر الرواية عنهم خلافا للحسن وفي الهداية لا يجب الطلب عند الإمام خلافا لهما وقال الجصاص لا خلاف بينهم فمراد الإمام إذا غلب على ظنه منعه ومرادهما إذا ظن عدم المنع وما في المجتبى الغالب عدم الضنة بالماء حتى لو كان في موضع تجري الضنة عليه لا يجب المطلب ينبغي أن يخرج على قول الجصاص إذ الضنة توجب المنع في غالب الظن وإذا وجب الماء على الظاهر وجب الدلو والرشاء كما في المعراج ولو قال له حتى أستسقي ندب الانتظار عند الإمام إن لم يخش خروج الوقت وعندهما ينتظر وإن خاف الخروج لكن لا يجب كما في الفتح وغيره وفي السراج قيل يجب الطلب إجماعا وقيل لا يجب وينبغي أن يكون الأول مشيا على الظاهر والثاني على ما في الهداية فإن منعه صريحا بأن قال لا أعطيك أو دلالة بأن استهلكه تيمم لتحقيق العجز اعلم أن الرائي للماء مع رفيقه إما أن يكون في الصلاة أو خارجها وفي كل منهما إما أن يغلب على ظنه الإعطاء أو عدمه أو يشك وفي كل منهما إما أن يسأل أو لا وفي كل إما أن يعطيه أو لا فهي أربعة وعشرون فإن في الصلاة وغلب على ظنه الإعطاء قطع وطلب وإن لم يعطه بقي تيممه فلو أتمها ثم سأل فإن أعطاه استأنف وإلا تمت كما لو أعطاه بعد الإباء أو عدمه أو شك لا يقطع فلو أعطاه أعاد وإلا لا سواء ظن الإعطاء او المنع أو شك وإن منعه ثم أعطاه لا وبطل تيممه ولا يتأتى في هذا ظن ولا شك وبه علم أنه لو غلب عبى ظنه الإعطاء لا تبطل بل يقطعهما فإن لم يفعل فإن أعطاه بعد الفراغ أعاد وإلا لا كما جزم به الشارح وغيره فما جزم به في الفتح من أنه تبطل ففيه نظر نعم ذكر

إلا بثمن مثله وله ثمنه لا يتيمم وإلا تيمم ولو أكثره مجروحا تيمم وبعكسه يغسل ولا يجمع بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــ في الخانية عن محمد أنها تبطل بمجرد الظن فمع غلبته بالأولى وعليه يحمل ما في الفتح وفي المجتبى رأى معه ماء وهو في الصلاة ثم ذهب قبل فراغه فسأله فقال لو سألتني لأعطيتك فلا إعادة عليه وكذلك لو كانت العدة قبل الشروع في الأصح لأنها بعد الذهاب لا تدل على الإعطاء قبله وبما قررناه اتضح لك أن هذا التقسيم عقلي فقط فتدبره وإن لم يعطه الماء الكافي للتطهير إلا بثمن مثله ي أقرب موضع يعز فيه الماء او بغبن يسير وله ثمنه فاضلا عن حوائجه الأصلية وإن لم يكن في يده بل في ملكه على ما سبق التنبية عليه لا يجوز له أن يتيمم وإلا أي وإن لم يكن له ذلك ويحتمل أن يريد وإن لم يعطه أصلا أو أعطاه ولكن بأكثر من ثمن المثل بأن طلب درهما ونصفا فيما يساوي درهما وجعل في النوادر الغبن الفاحش ضعف القيمة في ذلك المكان واقتصر عليه في النهاية والبدائع وقيل غير ذلك تيمم أي جاز له التيمم ولو كان أكثره أي أكثر أعضاء وضوئه في الحدث الأصغر أو أكثر جميع بدنه في الأكبر مجروحا تيمم لأن للأكثر حكم الكل واختلف في حد الكثرة فمنهم من اعتبرها من حيث عدد الأعضاء ومنهم من اعتبرها في نفس كل عضو فلو كانت أعضاء الوضوء جريحة إلا رجليه تيمم على الأول لا الثاني والمختار هو الأول كما في الحقائق وغير خاف أن هذا في أعضاء الوضوء وأما البدن فالظاهر اعتبار الكثرة فيه من حيث المساحة ولو استويا قيل يتيمم ورجحه في الخلاصة وهو الأحسن كما في الاختيار والأشبه بالفقه كما في الشرح وقيل يغسل الصحيح ويمسح على الجريح وفي الخانية والمحيط أنه الصحيح وبعكسه وهو ما لو كان الأكثر صحيح يغسل الصحيح ويسمح على الجريح وفي القنية وغيرها بيده قروح يضره الماء دون باقي اعضائه تيمم إذا لم يجد من يغسل يديه وقيل يتيمم مطلقا وهذا يفيد أن غسل الصحيح محمول على ما إذا لم يكن باليدين جراحة كذا في المبتغى لا يجمع بينهما

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين صح ولو امرأة ـــــــــــــــــــــــــــــ أي بين الغسل والتيمم لما فيه من الجمع بين البدل والمبدل وقد اشتهر أن عشرة لا تجمع مع عشرة كما في خزانة أبي الليث عدها في البحر ومنها الحيض والاستحاضة والحيض والنفاس والاستحاضة والنفاس والحيض والحمل والزكاة والعشر والخراج والفطر والزكاة والفدية والصوم والقطع والضمان والجلد والنفي والقصاص والكفارة والحد والمهر والمتعة والمهر وزدت عليه الأجر والضمان والوصية والميراث ومهر المثل والقيمة والفدية والأجر والنصيب في القيمة أولا فاعجب لنهر قد حوى بحرا وزاد والله الموفق بمنه باب المسح على الخفين أعقبه بالتيمم لأن كل منهما طهارة مسح وقدمه لما سبق وهو لغة إمرار اليد على الشي واصطلاحا عبارة عن رخصة مقدرة جعلت للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام كذا في البحر تبعا للسراج وأقول الأولى أن يقال هو إصابة اليد المبتلة الخف أو ما يقوم مقامها في الموضع المخصوص في المدة الشرعية سمي خفا أخذا من الخفة بالمسح صح أي المسح والصحة مطلقا موافقة ذي الوجهين الشرع وصحة العبادة إجزاؤها والمراد بالإجزاء تفريغ الذمة فالمعتبر في مفهومها اعتبارا أوليا إنما هو المقصود الدنيوي وإن كان يلزمها الثواب ولو كان الماسح امرأة أو خنثى مشكلا لعموم الخطاب ولم يقل وجب لما أن العبد مخير بين فعله وتركه وقد ذكر الشافعية وجوبه في مسائل منها ما لو كان معه ماء لو غسل رجليه لا يكفيه ولو مسح على خفيه كفاه ومنها ما لو خاف خروج الوقت لو غسل رجليه ومنها ما لو خاف فوت الوقوف بعرفة وقواعدنا لاابى ذلك كذا في البحر وظاهر أن المعنى في الثالث ولو مسح رجليه أدرك الوقوف والصلاة معا إذ لو كان لا يدركها لا يجب عليه الغسل فضلا عن المسح لما قالوه في الحج لو كان بحيث لو صلى فاته الوقوف قدم الوقوف للمشقة ولا ندب لأنه لو أتى بالعزيمة بعد ما رآه كان مأجورا واعترض بأنه رخصة إسقاط فينبغي أن يكون مأزورا لعدم مشروعية العزيمة معها كقصر الصلاة وأجيب بأن عدم المشروعية إنما هو ما دام متخففا والثواب باعتبار

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ النزع أو الغسل وبالنزع صارت مشروعة ورده الشارح بمنع عدم مشروعية الغسل ما دام متخففا بل هو مشروع بدليل لو أنه خاض الماء فدخل خفه حتى انغسل أكثر قدمه بطل مسحه أما لو غسل رجله فلا يبطل بانقضاء المدة بلا نزع قال في فتح القدير وهذا مبني على صحة هذا النزع وفي صحته نظر لأن كلمتهم متفقة على أن الخف اعتبر شرعا مانعا من سراية الحدث إلى القدم فتبقى القدم على طهارتها وحل الحدث بالخف فيزال بالمسح وبنوا عليه منع المسح للمتيمم والمعذورين بع الوقت وهذا يقتضي أن غسل الرجل في الخف وعدمه سواء إذا لم يبتل معه ظاهر الخف في أنه لم يزل به حدث لأنه في غير محله فلا يجوز الصلاة به لأنه صلى مع الحدث وإلا وجد في ذلك الفرع كون الاجزاء إذا خاض النهر لابتلال الخف ثم إذا انقضت المدة إنما لا يتقيد بها لحصول الغسل بالخوض والنزع إنما وجب بالغسل وقد حصل انتهى وحاصله عدم الاعتداد بهذا الغسل لكنه لا يجب عليه النزع ما دام على طهارة ذلك الغسل والأول موافق للمنقول ففي تتمة الفتاوى الصغرى عن أبي الفضل لو ابتل قدمه لا ينتقض مسحه لأن استتار القدم بالخف يمنع سراية الحدث إلى الرجل فلا يقع هذا غسلا معتبرا فلا يوجب بطلان المسح ونقل الزاهدي عن العياضي أنه لا يبطل وإن بلغ الماء الركبة ثم رأيت في السراج توضأ وغسل رجليه ولبس خفيه ثم أحدث ومسح فدخل الماء إلى أحد خفيه قال بعضهم إن غسل الماء جميعها مع الكعبين وجب غسل الأخرى وقال بعضهم لا ينتقض المسح أصلا وهو الأظهر انتهى وأما الثاني فممنوع كما قال ابن أمير حاج بل يجب غسل رجليه ثانيا بعد المدة لعمل الحدث السابق عمله من السراية إلى الرجلين فيحتاج إلى مزيل حينئذ للإجماع على أن المزيل لا يظهر عمله في حدث ظاهر وبعده وبتقدير صحة الفرع فالجواب كما قال منلاخسرو أن معنى المشروعية

لا جنبا إن لبسهما على وضوء تام وقت الحدث ـــــــــــــــــــــــــــــ عدمها الثواب وعدمه لا الصحة وعدمها كما فهم الشارح فما دام متخففا لا يجوز له الغسل حتى لو غسل بلا نزع اثم وإن أجزأه الغسل وإذا نزع أثيب على الغسل لمشروعيته يدل على ذلك تنظيره بقصر الصلاة فإنه ما دام مسافرا لو أتم وقعد على الركعتين صح وأثم لعدم مشروعية الإتمام وإذا قام أثيب عليه لمشروعيته انتهى لا يصح المسح لو كان الماسح جنبا ولا حائضا على قول الثاني ولا نفساء والمنفي لا يلزم تصويره على أنه متصور بأن توضأ ولبس جوربين مجلدين ثم أجنب ليس له أن يشدهما ويغسل سائر جسده مضطجعا ويمسح عليه وما ذكره بعضهم وعليه اقتصر العيني من أنه توضأ ولبس الخفين ثم أجنب فتيمم للجناية ثم أجنب ومعه ما يكفي للوضوء لا يمسح لأن الجنابة سرت إلى القدمين تكلف غير محتاج إليه على أنه لا يناسب وضع المسألة إذ الكلام في عدم جوازه للجنب إذا أغتسل لا للمتوضئ وما في المجتبى من أنه غير صحيح لأن الجنابة لا تعود على الأصح ضعيف لما صرحوا به من انتقاض التيمم برؤية الماء مطلقا عن أي يشترط أن يكون قد لبسهما على وضوء تام حرج به الناقض حقيقة كلمعة من الأعضاء لم يصبها الماء وأخرج به الشارح ايضا طهارة المتيمم وصاحب العذر والمتوضئ بنبيذ التمر لعدم طهارتهم ومنع بأنه لا نقض فيها ما بقي شرطها وأن ما لم يمسح المتيمم والمعذور بعد الوقت لظهور الحدث السابق عند رؤية الماء وخروج الوقت والمسح إنما يزيل ما حل بالممسوح لا بالقدم ولذا جوزنا لذي العذر المسح في الوقت كلما توضأ لحدث غير الذي ابتلي به إذا كان السيلان مقارنا للوضوء واللبس أما إذا كان على الانقطاع كان لغيره من الأصحاء وقت الحدث أي قبيل وقته وفيه مبالغة في اتصال التام بالحدث حتى كأنهما في وقت واحد وادعى الشارح أن هذا حشو لأن اللبس كما يطلق على الابتداء يطلق على الدوام ولذا حنث في يمينه حلف لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه والمعنى عن وجد لبسهما على وضوء تام سواء كان ذلك اللبس ابتداء أو بالدوام عليه ورده في البحر بأن دلالة الفعل إنما هي على الحدوث لا على الدوام فلو لم يقيد التمام لوقت الحدث لتبادر تقييده بوقت اللبس والدوام في اليمين بناء على التجوز وفي شرح الدرر وقت الحدث وقت دوام اللبس لا حدوثه فالأحسن التعبير بالاسم كملبوسين وإنما كان أحسن فقط لجواز أن يكون

يوماً وليلة للمقيم وللمسافر ثلاثا من وقت الحدث على ظاهرهما مرة بثلاث أصابع .... ـــــــــــــــــــــــــــــ على وضوء حال من ضمير لبس وقت الحدث ظرف لتام والمعنى أن لبسهما على وضوء كائنا على طهر فرع في الخلاصة والبزازية استنجى بعد تمام الوضوء قل المسح إن كان على وجه السنة لا يمسح ولو كان على وجهها مسح ووقع في بعض نسخ الخلاصة لانتقاض طهارته وهنا يجب أن يكون معناه قبل المسح واللبس وإلا فانتقاض الطهارة بعد اللبس على الوضوء التام قبل المسح لا يمنع المسح كما لا يخفى يوما وليلة للمقيم وللمسافر ثلاثة أيام بيان لمدة المسح وابتداء ذلك من وقت الحدث ضرورة أنه لا يمكن اعتبارها من وقت اللبس لأنه لو لم يحدث حتى مضت المدة عليه لم يجب النزع وفي المجتبى والمقيم في مدة مسحه قد لا يتمكن إلا من أربع صلوات وقتية بالمسح كمن توضأ ولبس خفيه قبل الفجر وصلاها وقعد قدر التشهد فأحدث لا يمكنه أن يصلي من الغد على هيئة الأولى لاعتراض ظهور الحدث في آخر الصلاة على ظاهرهما متعلق بيمسح مقدر بيان لمحل المسح وهو ما ستر القدم الذي هو من رؤوس الأصابع إلى معقد الشراك كذا في المبتغى لكن يستحب عندنا الجمع بين الظاهر والباطن في المسح إلا إذا كان على باطنه نجاسة كذا في البدائع وأفاد بقوله مرة إذ لا يسن تكراره ولم يقل خطوطا بالأصابع إيماء إلى أن إظهار الخطوط غير شرط قال الزاهدي وهذا هو ظاهر الرواية وقال الطحاوي المسح على الخفين خطوطا بالأصابع ولا كلام في استنان إظهارها بثلاث أصابع أي بمقدارها بين بذلك مقدار الآلة أراد أصابع اليد وهو الأصح كما في البدائع وقيدها في الخانية بأصغرها ولم يضفها إلى اللابس إيماء إلى أنه لو أمر من يمسح على خفيه ففعل صح كما في الخلاصة وأفاد أن الفرض هو ذلك المقدار من كل رجل على حدة فلو مسح على واحدة مقدار إصبعين وعلى الأخرى مقدار خمس لم يجز وعلم منه أنه لو مسح بواحدة مرة حتى لو بلغ مقدار الفرض لم يجز أيضا ولو بجوانبها الأربع ينبغي أن يجوز اتفاقا ولو بإصبع واحدة ثلاث مرات إن أخذ ماء جديدا لكل مرة وقد مسح ثانيا غير ما مسحه أولا جاز وإلا فلا وقالوا لو مسح بالإبهام والسبابتين إن مفتوحتين جاز وفي الخلاصة لو مسح الكف والأصابع ولو قال بباطن اليد لكان أولى ونظر فيه في البحر بقوله في الخلاصة إن وضع الكف وحدها أو مع الأصابع كلاهما حسن وأقول الكلام في الأحسن واختلفوا فيما لو أصاب خفه الطل ورجح الشارح وغيره الإجزاء لأنه ماء لا نفس دابة في البحر قال الولوالجي وهذا مما عرف بالفقه لكن الظاهر أنه قد

يبدأ من رؤوس الأصابع إلى الساق والخرق الكبير يمنعه وهو قدر ثلاث أصابع القدم أصغرها ـــــــــــــــــــــــــــــ يبدأ الماسح من الأصابع غلى الساق بيانا للسنة حتى لو عكس ومسح عرضا جاز وظاهر أن الأصابع لها دخل في المسح وما في الخلاصة ويمسح ما بين أطراف الأصابع الى الساق ثم قال وموضع المسح ظهر القدم يفيد أنها غير داخلة في المحلية وتفرع على ذلك ما لو مسح على الأصابع دون القدم فعلى ما في الخلاصة وأكثر الفتاوى لا يجوز وبذلك صرح في لخانية حيث قال له خف واسع الساق إن بقي من قدمه خارج الساق في الخف مقدار ثلاث أصابع سوى أصابع الرجل جاز مسحه وإن بقي من قدمه خارج الساق في الخف مقدار ثلاث أصابع بعضه من القدم وبعضه من الأصابع لا يجوز حتى يكون مقدار ثلاث أصابع كلها من القدم ولا اعتبار بالأصابع انتهى فلينتبه لذلك كذا في البحر وأقول هذا وهم إذ ما في الخلاصة إنما يفيد دخولها في المسح لأن أطرافها أواخرها يوافق ما مر عن المبتغى وقوله في الخلاصة وموضع المسح ظهر القدم إنما يحترز بذلك عن باطنه وما في الخانية لا يدل لما ذكره بل إنما لا يجوز المسح في الصورة المذكورة كما أن خروج أكثر القدم نزع وهذا فوقه على أن هذه مقالة عن محمد والمذهب اعتبار الأكثر في الخروج كما ستراه والخرق الكبير بالموحدة وروي بالمثلثة قال خواهرزاده والأصح الأول لأن الكم المنفصل تستعمل فيه الكثرة والقلة وفي المتصل الكبر والصغر ولا شك أن الخف كم متصل وفي المغرب الكثرة خلاف القلة وتجعل عبارة عن السعة ومنها قولهم الخرق الكثير مفاده استعمال الكثرة في المتصل وكأن الكثير الشائع هو الأول وفي السراج الأصح الثاني لقول القدوري وإن كان أقل من ذلك يمنعه لعدم إمكان قطع المسافة به عادة وهو أي الخرق المانع قدر ثلاث أصابع القدم أصغرها هذا مقيد بقيود الأولى أن لا يكون الخرق على نفس الأصابع فإن كان اعتبر ثلاث منها أيتها كانت هو الأصح كما في التتمة الثاني أن يكون عرضا فلو كان طولا ولم ير من القدم شيء ولم ينفرج عند المشي لصلابته لم يمنع وإن وسع أكثر من ثلاث الثالث أن لا يكون على العقب فإن كان فلا بد من المنع من ظهوره أكثره كما جزم به في الاختيار تبعا لقاضي خان وذكره الشارح عن الغاية بقيل معللا بأن الأصابع يعتبر أكثرها فكذا القدم قال في الفتح لو صح هذا لزم أن يعتبر قدر ثلاث أصابع القدم أصغرها إلا

ويجمع في خف لا فيهما بخلاف الناسة والانكشاف وينقضه ناقض الوضوء ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان عند أصغرها لأن كل عضو حينئذ إنما يعتبر بالكثرة انتهى ولقائل منعه لأن الأصابع اعتبرت عضوا على حدة بدليل وجوب الدية بقطعها وكان الأصل أن تكون تبعا للقدم لكن لاعتبارها عضوا على حدة اعتبروا فيها الثلاث واعتبار ذلك في العقب على الأصل وليس في غيرها هذا المعنى قيد بالأصابع لأن ظهور الأنامل لا يمنع على الأصح وقيل يمنع ورجحه السرخسي وفي البدائع إنه الصحيح ولو لم يكن له أصابع اعتبرنا أصابع غيره وقيل بأصابعه لو قائمة ويعرف صغرها وكبرها بصغر القدم وكبره قال في البحر وهذا أوجه لأن من الأصابع ما يكون صغيرا أو كبيرا وأقول تقديم الشارح وغيره للأول يفيد أنه الذي عليه العول ويراد بالغير من له أصابع تناسب قدمه صغرا وكبرا لا مطلقة لأن الاعتبار بالموجود أولى من غيره وتجمع الخروق المتعددة إذا كانت في خف واحد قدر ما يدخل في المسلة فإن بلغت المذكور منعت المسح لما مر لا تجمع إذا كانت الخروق المانعة في خفين لانتفاء المانع ولقائل أن يقول لا داعي إلى جمعها وهو اعتبارها كأنها في مكان واحد لمنع المسح لأن امتناعه فيما إذا اتحد المكان حقيقة لانتفاء معنى الخف بانتفاء قطع المسافة المعتادة لا لذاته ولا لذات الانكشاف وهذا المعنى منتف عند تفرقها صغيرة كقدر الجمصة والفولة كذا في فتح القدير وأيده ابن امير حاج بأنه رواية عن الثاني مذكورة في الخزانة وبعض شروح المجمع قال في البحر وقد رأيت في التوشيح أنها قول أبي يوسف وأن الجمع قول محمد ولا شك أنها أولى انتهى وأقول إطباق عامة المتون والشروح على الجمع تؤذن بترجيحه وذلك لأن الأصل أن الخرق مانع مطلقا إذ الماسح عليه ليس ماسحا على الخف لكن لما كانت الخفاف قد لا تخلو عن خرق لا سيما خفاف الفقراء قلنا إن الصغير عفو وجمعناه في واحد لعدم الحرج بخلاف الاثنين بخلاف النجاسة المتفرقة في خفيه وثوبه وبدنه ومكانه أو في المجموع كذا في الشرح وفي الخلاصة ما يخالفه حيث قال لو كانت النجاسة في ثوب المصلي أقل من قدر الدرهم وتحت قدميه كذلك ولو جمع بلغ أكثر من ذلك لا يجمع والانكشاف المتفرق من العورة حيث يجمع كلا منهما قال في الخلاصة وأعلام الثوب تجمع أيضا واختلف المشايخ في جمع الخرق في أذن الأضحية وينقضه أي المسح ناقض الوضوء لأنه بعضه وقول الشارح لأنه بدل عن الغسل فيه تجوز ظاهر إذ البدل هو الذي لا يصار إليه إلا عند تعذر الأصل وهذا ليس كذلك فالأولى أن يقال لأنه خلف عنه

ونزع خف ومضي المدة إن لم يخف ذهاب رجله من البرد وبعهما غسل رجليه فقط وخروج أكثر القدم نزع ... ـــــــــــــــــــــــــــــ وينقضه أيضا نزع خف واحد لسراية الحدث إلى القدم عند زوال المانع وينقضه أيضا مضي المدة المتقدمة لما ذكرنا وقد علمت الناقض حقيقة فنسبة الناقض إلى ذين توسع وأورد أنه لا حدث موجود يسري لما أنه حل بالخف وبالمسح قد زال فلا يعود إلا بخارج نجس ونحوه وأجيب بجواز أن يعتبر الشرع ارتفاعه بمسح الخف مقيدا بمدة منعه كما في التيمم إن لم يخف أي إنما ينتقض بمضي المدة بشرط أن لا يخاف ذهاب رجليه من شدة البرد فإن خافه خوفا ارتقى إلى غلبة الظن جاز له المسح قال الشارح لأنه مع الضرر يصير كالجبيرة وهي غير مؤقته وهذا يقتضي وجوب استيعابه بالمسح وبه صرح في المعراج لكنه يلزم عليه أنه لا معنى لتقييد كلام المصنف حينئذ بأن الحدث السابق حل بالقدم ولا يشترط مسح الجبيرة أن توضع على طهارة لكنه إنما يتم إذا كان مسمى الجبيرة يصدق على ساتر ليس تحته محل وجع بل عضو صحيح غير أنه يخاف من كشفه حدوث المرض للبرد ويستلزم بطلان كلية مسألة التيمم لخوف البرد ويقتضي على مذهب الإمام جواز تركه رأسا وهذا خلاف إعطائهم حكم المسألة وأجاب في البحر بأن ذاك مسمى الجبيرة حقيقة وهذا ملحق بها وعن الثاني بأن مسألة التيمم بخصوصه بما إذا لم يكن عليه جبيرة وما ألحق بها وعن الثالث بأن المفتى به في الجبيرة عدم جواز الترك فكذا في الملحق بها ولا يخفى ما في هذا الأجوبة من التكلف وفي الخانية انقضت المدة ولا ماء يمضي فيها على الأصح إذ لا فائدة في النزع وقيل تفسد ويتيمم وهذا أشبه واختاره في الفتح إذ عدم الماء لا يمنع السراية ومنع الفائدة وأن الرجلين لا حظ لهما في التيمم ممنوع إذ طهارة التيمم تشملهما أيضا وخروج أكثر القدم من الخف نزع له عند أبي يوسف وهو الأصح وعن محمد أن لا يبقى فيه قدر محل الفرض وعليه أكثر المشائخ كذا في المعراج وغيره وفي النصاب أنه الصحيح واعتبر الإمام إخراج أكثر العقب حتى لو خرج لا عن قصد [ان كان واسعا يرتفع العقب برفع الرجل إلى الساق ويعود بالوضع جاز له المسح كذا في الفتح وقيده في المحيط بأن يبقى فيه قدر الفرض وقال بعض المشايخ إن كان الباقي بحيث يمكنه المشي فيه كذلك لا ينتقض قال في البدائع وهذا موافق قول الثاني من اعتبار أكثر القدم ولا بأس بالاعتماد عليه انتهى وفي فتح القدير وهذا في التحقيق مرمى نظر الكل فمن نقض بخروج العقب ليس إلا لأنه وقع عنده أنه مع حلوله في الساق لا يمكنه تتابع المشي فيه بخلاف ما إذا كانت

ولو مسح مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة مسح ثلاثا ولو اقام مسافر بعد يوم وليلة نزع وإلا يتم يوما وليلة صح على الموق ـــــــــــــــــــــــــــــ تعود إلى محلها عند الوضع ومن قال الأكثر فلظنه أن الامتناع منوط به وكذا من قال بكون الباقي قدر الفرض وهذه الأمور إنما تبنى على المشاهدة ويظهر أن ما قاله الإمام أولى لأن بقاء العقب في الساق يعيق عن مداومة المشي دوسا على الساق واقتصر المصنف كغيره على النواقض الثلاثة وبقي ما لو دخل الماء خفه فغسل أكثر قدمه فإنه ينتقض على الأصح كما في الذخيرة وقيل لا ينتقض مطلقا وقدمنا عن السراج ترجيحه وكأن ميل المصنف إلى هذا نعم بقي من النواقض خروج الوقت في حق المعذور ولكن سيأتي في الحيض ما يفيده ولو مسح شخص مقيم فسافر من قبل يوم وليلة بأن جاوز العمران مريدا له فمسح ثلاثا عندنا قيد بقوله مسح لأنه لو سافر قبل أن يمسح بأن لم يحدث مسح ثلاثا اتفاقا وبهذا التقدير ظهر أن قوله في البحر تبعا لفتح القدير وقول المصنف مسح ثلاثا سواء سافر قبل انتقاض الطهارة أو بعدها قبل إكمال مدة المقيم ولا خلاف في الأول وفي الثاني خلاف الشافعي في نظر ظاهر فإن قلت لا يلزم من مسحه سبق حدوثه لجواز أن يتوضأ وضوءا على وضوء ويمسح في الثاني قلت هذا مع بعده مفوت لتقييد محل الخلاف على أن قول القدوري ومن ابتداء مدة المسح فسافر يدفع هذا لما أن ابتداء من وقت الحدث قال في السراج ولو سافر فلما دخل في الصلاة سبقه حدث فعاد إلى مصره للوضوء فتمت مدة الإقامة قبل العودة إلى مصلاه فسدت قياسا لانقضائها في الصلاة لا استحسانا والأصح البطلان كذا في البحر ولو لم تتم حتى عاد فلا كلام في انتقال مدته إلى السفر لكنه يتم الصلاة حيث عد مسافرا في حق المسح ومقيما في حق الإتمام ولو أقام مسافر بعد مضي يوم وليلة نزع الخف وإلا أي وإن لم يكن بعد يوم وليلة يتم يوما وليلة لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه وصح المسح على الموق ويقال الجرموق فارسي معرب ما يلبس فوق الخف بساق أقصر منه وخف فوق الخف كالجرموق في سائر أحواله كذا في الخلاصة ولصحة المسح عليه شرطان أن لا تستقر الوظيفة للخف بأن يكون مسح عليه وأن يكون صالحا للمسح فلو كان هـ خرق كبير لا يصح المسح عليه كما في السراج وفي المبتغى لو كان الخرق المانع ظاهر الجرموق وقد ظهر الخف فله المسح على الخف أو على

والجورب المجلد والمنعل والثخين ـــــــــــــــــــــــــــــ الجرموق لأنهما كخف واحد وما في السراج أولى بقي ما لو كان الخف ذا خرق فذكر ابن الملك عن الكافي جواز المسح على الموقين اتفاقا ولا بد أن يقيد بما إذا لم يكن مسح على الخف قبل خرقه ونقل عن فتاوى الشاذي أن ما يلبس من الكرباس المجرد تحت الخف يمنع المسح لكونه فاصلا وقطعة كرباس تلف على الرجل لا تمنع لأنه غير المقصود باللبس لكن يفهم مما في الكافي جواز المسح عليه لأن الخف الغير الصالح إذا لم يكن فاصلا فلأن لا يكون الكرباس فاصلا أولى انتهى وقد اختلف إفتاء علماء الروم في هذه المسألة فمنهم من اختار المنع تمسكا بما مر وما سبق عن الكافي إن كان كافي النسفي فليس فيه وإن كان غيره فالله به أعلم ومنهم من اختار الجواز وهو الظاهر لأن المسألة مذكورة في غير الكافي أيضا ففي غاية البيان ما جاز المسح عليه إذا لم يكن بينه وبين الرجل حائل يجوز المسح عليه إذا كان بينهما حائل كخف تحت خف أو لفافة وذكر الشارحون خلاف الشافعي في أن نزع الخف ناقض وأنه لو أعادهما جاز له المسح عنده معللا بأنه لم يظهر من محل الفرض شيء فينتقض بما إذا أخرج الخفين وعلى الرجلين لفافة فإنه يبطل المسح وإن لم يظهر في محل الفرض شيء ولا شك أن بطلانه فرع صحته وفي الخلاصة لو كان الجرموق واسعا يزيد على الخف مقدار ثلاثة أصابع فمسح على الزائد لم يجز إلا أن يقدم رجله فيه ونقله في التجنيس عن الدقائق ثم قال وفيه نظر وجعل القنية الخف كالجرموق في عذا الحكم ولو نزع أحدهما مسح على الخف البادي وأعاد المسح على الجرموق الباقي في ظاهر الرواية لأن الرجلين في حكم الطهارة بمنزلة عضو واحد فإذا انتقضت الطهارة في أحديهما انتقضت في الأخرى ضرورة كذا في البدائع والله الموفق وصح أيضا على الجورب وهو خف من كتان أو قطن أو نحو ذلك المجلد أي الذي وضع الجلد أعلاه وأسفله وعلى المنعل وهو الذي وضع الجلد أسفله فقط لكن إلى المقدم دون الكعبين في ظاهر الرواية وهو بسكون النون مخففا كذا في المعراج وجوز في البحر التشديد تمسكا بقوله في المستصفى نعل الخف ونعله جعل له نعلا ولا شاهد فيه لأن نعله ليس مشددا بل مخففا والمراد أن اسم المفعول جاء من المزيد والمجرد والله أعلم وعلى الثخين الذي ليس مجلدا ولا منعلا بشرط أن يتمسك على الساق بلا ربط ولا يرى ما تحته لصدق اسم الخف عليه بإمكان تتابع المشي فيه وهذا

لا على عمامة وقلنسوة وبرقع وقفازين والمسح على الجبيرة وخرقة القرحة ونحو ذلك كالغسل لما تحتها .... ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ قولهما وروي رجوع الإمام إليه قبل موته بثلاثة أيام وقيل بسبعة وعليه الفتوى لما ثبت من أنه عليه الصلاة والسلام مسح على الجوربين قيد بالثخين لأن الرقيق من شعر وصوف لا يجوز المسح عليه بلا خوف ويجوز على الجاروق المشقوق على ظهر القدم وله أزرار يشده عليه لأنه كغير المشقوق وإن ظهر من ظهر القدم شيء فهو كخروق الخف يعني إلجرح ان كان يظهر منه قدر ثلاث أصابع لا يجوز المسح عليه في قول عامة المشائخ كذا في الخانية ولا يصح المسح على عمامة ولا على قلنسوة بفتح القاف وضم السين ولا على برقع بضم الباء وسكون الراء وضم القاف وفتحها خرقة مثقوبة تلبسها الدواب ونساء الأعراب على وجوههن ولا على قفازين بضم القاف وتشديد الفاء ما يعمل لليدين وقد يحشى بقطن بأزرار تزر على الساعدين تلبسه المرأة في يديها من البرد وقد يكون حلي ليديها ورجليها كما في الجمهرة وقد يتخذ الصياد من جلد ولبد ولا خلاف يعرف بين العلماء في عدم جواز المسح على ما ذكر إلا العمامة فنقل عن أحمد فيها خلاف والمسح على الجبيرة وهي عيدان تربط على الجرح يجبر بها العظام وقد تطلق على الخرقة الموضوعة على القرحة والأليق بكلامه الأول إذ عطف الخاص على العام خلاف الأصل لا فرق بين كونها في البدن أو الرأس غير أنه إن بقي من الرأس ما يجوز المسح عليه وإلا فعلى العصابة كما في البدائع ونقل في المبتغى خلافا في الوجوب فيما إذا كان بكلها جراحة وما في البدائع يفيد ترجيح الوجوب وهو الذي ينبغي التعويل عليه واعلم أن المنقول في القنية أنه إذا كان بها وجع وهو يتضرر بالمسح سقط عنه والفرق بين هذا وبين الجبيرة لا يخفى وعلى خرقة القرحة بمعنى الجراحة كما في الغرب قال في القاموس وقد يراد بها ما يخرج في البدن من بثور وفي القاف الضم والفتح ونحو ذلك كالغسل لما تحتها حتى لو توضأ ومسح

فلا يتوقت ويجمع مع الغسل ويجوز وإن شدها بلا وضوء ـــــــــــــــــــــــــــــ على جبائر قدميه ثم أحدث أو كانت إحدى رجليه صحيحة فغسلها ثم مسح على جبائر الأخرى ولبس خفيه ثم أحدث مسح على خفيه وإذا برء الجرح ينزع كذا في البدائع وفيه إيماء إلى لزومه وبه اندفع ما في البحر من سكوت المصنف عن صفته إلا أن الافتراض قولهما وعن الإمام وجوبه لكن حكى في الخلاصة رجوع الإمام إلى قولهما ويوافقه ما في شرح المجمع وقيل الوجوب متفق عليه وهذا أصح وعليه الفتوى لأن المسح على الجبيرة كالغسل لما تحتها ووظيفة هذا العضو الغسل عند الإمكان والمسح على الجبيرة عند عدمه كالتيمم فكما لا يقال إن الوضوء لا يجب عند العجز فلا يجب التيمم كذلك لا يقال إن غسل ما تحتها ساقط ليسقط المسح بل واجب بدليله كما وجب التيمم بدليله انتهى وما في فتح القدير من اختيار الوجوب إذ هو غاية ما يفيده الوارد في المسح عليها فعدم الفساد بتركه أقعد بالأصول وما في الخلاصة من رجوع الإمام لم يشتهر شهرة نقيضه عنه ولعل ذلك معنى ما قيل إن عنه روايتين ففيه نظر إذ الفرائض العملية تثبت بالظن والاشتهار في الرجوع بعد ثبوت أصله غير لازم وفصل الرازي بين ما إذا كان تحت الجبيرة ما لو ظهر يمكن غسله يجب المسح وإلا فلا قال الصيرفي وهذا أحسن الأقوال ويؤيده ما في المستصفى أن الخلاف في المجروح أما المكسور فيجب عليه المسح اتفاقا قال في البحر فبنى ما في المستصفى على تفصيل الرازي لا كما توهمه في فتح القدير من أنه مبني على خبر علي في المكسور انتهى وغير خاف أن التفصيل مبني أيضا على أثر خبر علي في المكسور لا يضره الغسل فما في الفتح أوجه واعلم أن محل الخلاف ما إذا كان المسح عليها محلها إذا المسح تحتها يضره أما إذا لم يضره تعين والناس عنه غافلون كما لو كان البار يضره الحار كذا في شرح الجامع لقاضي خان وجزم في السراج بعدم لزوم الحار فلا يتوقف بمدة معينة هذا تقريع على كونه كالغسل ومن هنا بين ما خالف فيه مسح الجبيرة مسح الخف ويجمع المسح عليها مع الغسل لعدم المانع منه ويجوز المسح عليها أي يصح وإن شدها بلا وضوء وكذلك بلا غسل

ويمسح على كل العصابة كان تحتها جراحة أو لا فإن سقطت عن برء بطل وإلا ـــــــــــــــــــــــــــــ دفعا للجرح فقوله في البحر أن فب التعبير بالجواز دون الوجوب إيماء إلى أن المسح غير واجب فيه نظر إذ لا داعي إلى حمل الجواز على ما ذكره وتخريجه على قول لم يرجحه أحد فيما علمت مع أنه مناف لقوله كالغسل على ما مر ويمسح على كل العصابة هذا إحدى الروايتين وروي الاكتفاء بالأكثر واختاره غير واحد قال في الخلاصة وعليه الفتوى سواء كان تحتها جراحة أو لا هذا شامل لما إذا شد العصابة على الجرح وما حوله من الصحيح كالمفصود وما إذا شدها على غير جرح كالكسر والكي وهو مقيد بما إذا كان الغسل أو المسح على نفس الجراحة يضره حتى لو لم يضره تعين وإذا زادت الجبيرة على نفس الجراحة إن ضره الحل بأن كان في محل لا يقدر على ربطها بنفسه ولا يجد من يربطها مسح على الكل كذا في فتح القدير وكأن شيخنا رحمه الله لم يطلع على هذا فقال في البحر ينبغي أنه لو أمكنه أن يستعين بغيره في شدها أن يتعين عليه ولو ضره المسح لا الحل مسح على الخرقة التي على رأس الجرح وغسل ما تحت الخرق الزائدة إذ الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها قال في الفتح ولم أر لهم ما إذا ضره الحل دون المسح لظهور أنه حينئذ يمسح على الكل وفي البحر إن هذا مستفاد بما في المحيط حيث قال في الجبيرة إذا زادت على رأس الجرح إن كان حل الخرق وغسل ما تحتها يضر بالجراحة يمسح على الكل تبعا فاعتبر ضرر الحل مطلقا سواء ضر المسح معه أو لا وأقول هذا لعمري غريب إذ صاحب المحيط كما ترى إنما اعتبر الضرر في الحل والغسل لا في الحل فقط وغير خاف أن جواز المسح دائر مع الضرر وعدمه مع عدمه وعليه يتخرج الأقسام الأربعة بقي إيصال الماء إلى الموضع الذي لم تستره العصابة بين العصابة فجزم في الخلاصة بأنه فرض وفي غيره أنه يكتفي بالمسح قال في الذخيرة وهو الأصح لأنه لو كلف ذلك ربما ابتلت العصابة ونفدت البلة إلى موضع الجرح وهذا من الحسن بمكان فإن سقطت الجبيرة أو العصابة عن برء أي صحة بطل المسح ولم يذكر في عامة الكتب ما إذا وجد البرء ولم يسقط وذكر الكرابيسي أن المسح يبطل كذا في المجتبى وينبغي أن يقيد بما إذا لم يضره إزالة الجبيرة أما إن ضرته لشدة لصوقها به فلا وسيأتي أن ذلك إن كان في الصلاة بعد ما قعد قدر التشهد بطلت فقبله أولى وإلا أي وإن لم تسقط عنه لا أي لا يبطل المسح وليس عليه إعادتها بعينها حتى لو وضع غيرها لا تجب إعادته لكنه أحسن وما في الذخيرة لو جعل عصابتين ومسح

لا ولا يفتقر إلى النية في مسح الخف والرأس ـــــــــــــــــــــــــــــ على العليا ثم رفعها لا يجزئه حتى يمسح على الباقية بمنزلة الخفين والجرموقين كذا عن الثاني يحمل على أنه قوله لا قول الإمام ويدل على ذلك ما في القنية لو سقطت لا عن برء لم يبطل المسح عند الإمام ويبطل عندهما وهذا التقرير إن شاء الله تعالى أولى من قوله في البحر إن ما في الذخيرة غير ظاهر وما في القنية غريب فهذه ستة مواضع خالف فيها مسح الجبيرة الخف اقتصر الشارح عليها لأنها مأخوذة من كلامه نصا ودلالة ومن خفي عليه ذلك لا ينبغي له النظر في هذا الكتاب قال في البحر والسابع أن الأصح وجوب مسح أكثر الجبيرة بخلاف الخف وأقول لا ينبغي ذكر هذا مع وعد الشارح أن الجبيرة يجب استيعابها بالمسح في روايته بخلاف الخف لأن عد ذلك يسقط هذا مع وعد الشارح أن الجبيرة يجب استيعابها بالمسح في روايته بخلاف الخف لأن عد ذلك يسقط هذا الثامن إن مسح الخف لا يشترط تكراره اتفاقا واختلف في الجبيرة والأصح لا كما في الذخيرة التاسع لو وضع جبيرة ثابته بع ما مسح على الأولى جاز له المسح عليها بخلاف الخف العاشر لو دخل الماء تحت الجبيرة لا يبطل المسح بخلاف الخف وأقول الأولى أن يقال لا يبطل اتفاقا بخلاف الخف لما مر الحادي عشر أن النية لا تشترط فيها اتفاقا بخلاف الخف الثاني عشر أنه لو كان الباقي من العضو المجبور أقل من ثلاثة أصابع جاز المسح عليه بخلاف الخف الثالث عشر أن مسح الجبيرة ثابت بالسنة اتفاقا بخلاف الرابع عشر أن مسح الجبيرة يجوز تركه في بعض الروايات بخلاف الخف الخامس عشر أن العصابة الفوقية التي مسح عليها لو زالت لا يعيد المسح على الأخرى بخلاف الخف وزدت السادس عشر أن المسح على الجبيرة أصل وليس خلفا ولا بدلا عن الغسل بخلاف الخف ولا يفتقر أي لا يفتقر الماسح إلى إيجاد النية في مسح الخف وقيل يفتقر والأول أصح ولا في مسح الرأس لأن كل واحد منهما ليس بدلا عن الغسل بدليل جوازه مع القدرة كذا في البدائع وغيرها قال الشارح وفيه نظر في مسح الخف وكأن وجهه منع نفي البدلية عنه بناء على اتحاد مفهومهما مع الخلفية وإذا انتفيا فأنى يكون فالجواب أن لا نسلم الاتحاد بل البدل ما سبق والخلف ما جاز مع القدرة والمنفي البدلية والمثبت أعم من كونه خلفا كمسح الخف أو أصلا كمسح الرأس والله سبحانه وتعالى أعلم

باب الحيض

باب الحيض وهو دم ينفضه رحم امرأة سليمة عن داء وصغر ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحيض لما فرغ من الأحداث شرع في الأخباث وأفرده لأن له أحكاما تخصه وقدمه لكثرة مناسبته بالأحداث حتى قال طائفة من المشائخ إنه حدث وعرفوه بأنه مانعية شرعية بسبب الدم المذكور عما اشترط فيه الطهارة وعن الصوم والمسجد والقربان ويقال له طمث بالمثلثة وبالمثناة وبالسين المهملة وطمؤ بالهمز ونفاس وإكبار وإعصار ودراك وعراك وفراك بالفاء وهو لغة عبارة عن السيلان وحاضت المرأة فهي حائض واستغنى في الفصيح عن علامة التأنيث فيه لأنه وصف المرأة خاصة وحكى الفراء حائضة واصطلاحا ما أفادة بقوله هو أي الحيض دم هذا كالجنس عم سائر الدماء وخرج بقوله ينفضه أي يسكبه ويدفقه رحم خرج دم الرعاف والجراحات وما يخرج من دبرها وإن ندب إمساك زوجها عنها واغتسالها منه وما يخرج من الخنثى المشكل ففي الظهيرية لو خرج من مني ودم فالعبرة للمني وبقوله امرأة ما يخرج من غير الآدمية كالأرنب والضبع والخفاش قالوا ولا يحيض غيرها من الحيوانات وأخرج الشارح بالرحم الاستحاضة ونازعه في البحر بأنها إنما خرجت بقوله سليمة عن داء أي برحمها إذ المراد بالرحم الفرج قال وإنما قيدنا به لأن مرض السليمة في الرحم لا يمنع من كون المرئي حيضا وخرج به النفاس أيضا لأن بالرحم داء وهذا أولى مما قالوه من أن النفساء في حكم المريضة أي مرض الموت حتى اعتبر تبرعاتها من الثلث وظاهره أن مرض المرأة يمنع حيضها انتهى وأقول لا نسلم أن المراد بالرحم الفرج إذ قوله ينفضه يدفعه لما استقر أن النفض لا يكون إلا من الرحم فما في الشرح أولى إلا أنه يرد عليه أن قوله وصغر مستدرك لأن ما تراه الصغيرة استحاضة والجواب بمنع تسميته استحاضة بل هو دم فساد كما قال بعضهم وقوله سليمة عن داء خرج به النفاس لأنه دم ينفضه الرحم لداء الولادة والدم الخارج من جراحة أو دمل في الرحم وليس المراد مطلقة كما قد توهم وبهذا التقرير اندفع ما قيل إنه تكرر خروج الاستحاضة لأن قيد السلامة عن الداء يخرجها أيضا فتعريفه بلا استدراك ولا تكرر دم الرحم لا الولادة إذ قد علمت خلو تعريف الكتاب عن ذلك نعم فهذا أخصر فقط بقي أنه لا بد أن يقول وإياس لأن ما تراه الآيسة أي التي بلغت خمسا وخمسين في ظاهر المذهب

وأقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة فما نقص أو زاد استحاضة وما سوى البياض الخالص حيض ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس حيضا وأجاب ملا خسرو بأنه مختلف في فلا وجه لإدخاله في الحد وركنه امتداد ورود الدم كذا في المعراج والأولى أن يقال إنه بروز الدم من موضع مخصوص والامتداد إنما هو شرط وفي فتح القدير ويثبت هذا الحكم أي حكم الحيض بالبروز وعن محمد بالإحساس وثمرته تظهر فيما لو توضأت ووضعت الكرسف ثم أحست بنزول الدم قبل الغروب ثم دفعته بعده تقضي الصوم عنده خلافا لهما يعني إذا لم يحاذ الفرج فإن حاذاه كان حيضا ونفاسا اتفاقا وقالوا لو رأت المبتدأة الدم في سن يحكم ببلوغها فيه تركت الصلاة والصوم عند أكثر مشايخ بخارى وعن الإمام لا حتى تستمر ثلاثة أيام وسببه الأصلي ابتلاء الله لحوى لما أكلت من الشجرة وبقي في بناتها وشرطه تقدم نصاب الطهر ولو حكما وعدم نقصانه عن الأقل قيل وعدم الصغر وفراغ الرحم عن الحبل الذي تنفس بوضعه احترازا عما لو سقط منها سقط لم يستبن خلقه فإن المرئي قبله يكون حيضا لوقوع الشك في الساقط كذا في المعراج قال في البحر والتحقيق أن ما تراه الحامل والصغيرة ليس من الرحم فله شرطان فقط والفتوى على أن ما تراه الصغيرة لا يكون حيضا إلا إذا بلغت تسعا وسيأتي مقداره وألوانه وأحكامه أقله مدته ثلاثة أيام بالرفع على الخبرية والنصب على الظرفية ولم يرد استيعاب ساعات الأيام الثلاثة لأن انقطاعه ساعة أو ساعتين لا يضر ولم يقل كأصله بلياليها لأن ذكر الأيام ينتظم ما بإزائها من الليالي هذا هو ظاهر الرواية وروى الحسن الاكتفاء بليلتين وجه الظاهر أن كل واحد من الأيام والليالي منصوص عليه فلا يجوز أن ينقض عنه وأكثره عشرة كذا جاء مرويا عنه عليه الصلاة والسلام من طرق متعددة بها ارتقى إلى مرتبة الحسن وما أي والدم الذي نقص عن الثلاث أو زاد عن العشرة فهو استحاضة أي نوع منها لا أن الاستحاضة محصورة فيه كما في غاية البيان حيث عرفها بما نقص عن أقل الحيض أو زاد على أكثره لما سيأتي وما أي والدما التي هي سوى أي غير البياض الخالص كلها حيض ولا خلاف في الحمرة والسواد واستبعد بعض المشايخ كون الخضرة حيضا قائلا لعلها أكلت قصيلا والأصح أنها إن كانت من ذوات الأقراء كانت حيضا وحمل على فساد الغذاء وإن أيست لا ترى غيرها لا وأما الترابية ويقال التربية نسبة الى التربة بمعنى التراب ويقال تربية مشددة ومخففة بهمز وبدونه فنوع من الكدرة ولذا كان الأصح أنها حيض وأنكر الثاني الكدرة في أوله قال فخر الإسلام لو أفتى مفت بشيء من هذه الأقوال كان حسنا ولهما ما في الموطأ كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف وفيه صفرة من دم الحيض فتقول لا

يمنع صلاة وصوما فتقضيه دونها ـــــــــــــــــــــــــــــ تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيض والدرجة بضم الدال وفتح الجيم خرقة ونحوه تدخلها المرأة في فرجها لتعرف أزال الحيض أم لا والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد الجصة شبهت الرطوبة الصافية بعد الحيض في شدة صفائها بالجصة استعارة تحقيقية وقيل المشبه الخرقة في شدة بياضها لعدم ما يخالطها من صفرة وغيرها وقيل لا تشبيه وإنما القصة شيء يشبه الخيط الأبيض يخرج من قبلهن في آخر الحيض علامة للطهر قال في فتح القدير ومقتضى هذا المروي أن مجرد الانقطاع دون رؤية القصة لا يتبعه شيء من أحكام الطاهرات وكلام الأصحاب فيما يأتي كله بلفظ الانقطاع مع أنه قد يكون بجفاف من وقت إلى وقت ثم ترى القصة فإن كانت الغاية القصة لم تجب تلك الصلاة أو الانقطاع وجبت وأنا متردد فيما هو الحكم عنده بالنظر إلى دليلهم وعباراتهم قال في البحر وإنما يتم على تفسير القصة بما يشبه الخيط فظاهر ما في المغرب ضعفه حيث نقل الثاني عن أبي عبيدة ثم قال إنه شيء يشبه الخيط الأبيض وحينئذ فهي مجاز عن الانقطاع ويدل عليه قوله نريد بذلك الطهر واعلم أن الاعتبار في البياض وغيره حالة البروز حتى لو اصفرت بعد ذلك أو ابيضت كان طهرت في الأول لا الثاني ويستحب وضع الكرسف مطلقا وليكن موضع البكارة في الحيض ويندب في الطهر والله الموفق ثم أشار غلى حكمه بقوله يمنع صلاتها أي حلها وهذا أنسب لتناسق المعطوفات قال في البحر وظاهره كقول القدوري والحيض يسقط عن الحائض الصلاة يفيد منع الوجوب لأن تعلته يستتبع فائدته وهي إما الأداة أو القضاء والأول منتف لقيام الحدث مع العجز عن رفعه والثاني كذلك دفعا للحرج ولذا تعلق بها خطاب الصوم لعدمه وبه اندفع ما في النهاية وغيرها من أن السقوط يقتضي سابقة الوجوب وهذا قول أبي زيد وعامة المشائخ على عدمه وقد نقل النووي الإجماع على سقوط الوجوب عنها وأقول قد علمت أن تناسق المعطوفات أعني ودخول مسجد والطواف إنما يتم بما قدرناه لا على ما قدره وكون عبارة القدوري ظاهرة فيما قال تتبع صاحب الفتح ولقائل منعه إذ السقوط قدر متفق عليه لكن هل بعد تعلق الوجوب أم لا؟ فظاهر أن الخلاف لفظي إلا أنه ينبغي أن لا يختلف في سقوط الوجوب فيما لو طرأ عليها بعد دخول الوقت ونكر الصلاة إيماء إلى عدم تقييدها بالمعهودة فعم الجنازة ولا شك أن منع الشيء منع لأبعاضه ولذا منعت من سجود التلاوة والشكر أيضا ويمنع صوما أي أداؤه بقرينة قوله فتقضيه أي الصوم دونها لقول عائشة رضي

ودخول مسجد والطواف وـــــــــــــــــــــــــــــ الله عنها كنا نؤمر بقضاء الصوم دون الصلاة متفق عليه وعليه انعقد الإجماع والنفاس ملحق بالحيض لطوله فليحقها الحرج في قضاء الصلاة دون الصوم واعترض كيف وجب القضاء دون الأداء مع أن الجمهور على أن القضاء إنما يجب بما يجب به الأداء وأجيب بأن انعقاد السبب كاف للوجوب وإن لم يخاطب بالأداء وهل يكره لها القضاء قال في البحر ينبغي أن يكون خلاف الأولى انتهى ويدل عليه قولهم لو غسل رأسه بدل المسح كره فرع أيام حيضها ثم أسقطت سقطا مستبين الخلق تقضي ما تركت من الصلاة أربعة أشهر قال الدقاق وهو الأصح وقيل تقضي منذ ستة أشهر كذا في القنية يعني إذا استبان بعض خلقه قال في عقد الفرائد وينبغي أن يقال إن كان كامل الخلق تقضي صلاة ستة أشهر وإلا اربعة أخذا بالاحتياط ويمنع أيضا دخول مسجد وكذا في الجنابة فخرج مصلى العيد والجنازة لأنه ليس لهما حكم المسجد على الأصح كما في الخلاصة وخرج أيضا الرباط والمدرسة إلا أن في وقف القنية أن المدرسة إذا لم يمنع أهلها الصلاة في مسجدها فهي مسجد وفناء المسجد له حكم المسجد في حق جواز الاقتداء وإن لم تتصل الصفوف لا في حرمة دخوله وإطلاقه يفيد منع المرور أيضا وقيده في الدرر أيضا بأن لا يكون ثمة ضرورة فإن كانت كأن يكون باب بيته إلى المسجد فلا قال في البحر وهو حسن وإن خالف إطلاق المشايخ واقول وينبغي أن يقيد بأن لا يتمكن من تحويل بابه وأن لا يقدر على السكنى في غيره ولو احتلم في المسجد تيمم وخرج إن لم يخف وجلس مع التيمم إن خاف من لحوق ضرر في بدنه أو ماله إلا أنه لا يصلي ولا يقرأ كذا في منية المصلي وظاهر ما في المحيط وجوب هذا التيمم وفصل في السراج بين أن يخرج مسرعا فيجوز تركه أو يمكث في للخوف فلا يجوز تركه وعليه يحمل ما في المحيط ويمنع حل الطواف أيضا لأنه في المسجد ولوجوب الطهارة فيه حتى لو لم يكن ثمة مسجد لا يحل أيضا وبهذا يعرف الأولى عدم الاقتصار على العلة الأولى كما في البداية وما في البحر من أنه تفيد الحرمة والكلام فيها والثانية تفيد كراهة التحريم ففيه نظر ويمنع أيضا حل

قربان ما تحت الإزار وقراءة القران ـــــــــــــــــــــــــــــ قربان أي مباشرة ما أي الموضع الذي هو كائن تحت الإزار وهو ما بين السرة إلى الركبة أما السرة وما فوقها والركبة وما تحتها فيحل الاستمتاع بهما اعلم أن القربان أما وطء أو استمتاع أما الأول فلا خلاف بين العلماء في حرمته حيث كان مختارا عامدا ويندب له أن يتصدق بدينار أو نصفه وجعل طائفة الأول في الأسود والثاني في الدم الأصفر وآخرون الأول في أوله والثاني في آخره ويصرف مصرف الزكاة ولو مستحلا كفر كذا في الفتح وغيره لكن صحح في الخلاصة أنه لا يكفر وثبت حرمته بإخبارها ولو كذبها كذا في فتح القدير وقيده بعضهم بما إذا كانت عفيفة وولو فاسقة لا وآخرون بما إذا كان في أوان حيضها كما في السراج ومقتضاه الاتفاق على عدم قبول قولها فيما إذا كانت فاسقة ولم يكن أوان حيضها وأما الثاني فكذلك عندهما لأنه حريم الفرج وخص محمد شعار الدم واقتضى تعبيره بالقربان حل النظر ولو بشهوة إلى ما تحت الإزار نعم مقتضى من عبر بالاستمتاع حرمته قال في البحر والذي يظهر أن التحريم منوط بالمباشرة ولو بلا شهوة بخلاف النظر ولو بشهوة إذ ليس هو أعظم من تقبيلها في وجهها بشهوة انتهى ولقائل أن يفرق بينهما بأن النظر إلى هذا الخاص بشهوة استمتاع بما لا يحل بخلاف التقبيل في الوجه كما هو ظاهر الوجه وكما يحرم عليه الفعل يحرم عليها التمكين قال في البحر ولمم أر لهم حكم مباشرتها له ولقائل أن يقول منعه لأنه لما حرم تمكينها حرم فعلها بالأولى ولقائل أن يجوزه لأن حرمته لكونها حائضا وهذا الوصف مفقود منه وأقول مقتضى النظر أن يقال بحرمة مباشرتها له حيث كانت ما بين سرتها وركبتها لا بما إذا كانت بما بين سرته وركبته كما إذا وضعت يديها على فرجه ويمنع أيضا حل قراءة القران وما لم يبدل من التوراة والإنجيل والزبور ولو بعض آية عند الكرخي ورجحه غير واحد ونسبه في البدائع إلى العامة لما رواه الترمذي وحسنه لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القران والنكرة في سياق النفي تعم وأباح الطحاوي في رواية ما دون الآية ورجحه في الخلاصة ونسبه الزاهدي إلى الأكثر لتمكن شبهة عدم القرانية بعدم الصلاة به وأجيب بأن المنع فيهما احتياط ولا خلاف أنه إذا قصد الثناء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو افتتاح أمر حل في أصح الروايات كما لا خلاف في جواز التسمية وفي العيون قرأ الفاتحة على وجه الدعاء أو شيئا من الآيات التي فيها معنى الدعاء ولم يرد القراءة لا بأس به وفي الغاية إنه المختار واختاره الحلواني لكن قال الهندواني لا أفتي به وإن روي عن افمام قال في البحر وهو الظاهر مثل الفاتحة لأن المباح ما ليس بقرآن وهذا قرأن حقيقة وحكما لفظا ومعنى كيف وهو معجز يقه به التحدي عند المعارضة والعجز عن الإتيان بمثله مقطوع وتغيير المشروع في مثله مردود على فاعله بخلاف نحو الحمد لله بنية الثناء لأن خصوصية القرانية فيه غير لازمة ولا ينبغي جواز التلفظ بشيء من الكلمات العربية لاشتمالها على الحروف الواقعة في القران وليس كذلك اجماعا وبهذا اتضح ما في الخلاصة من عدم حرمة ما يجري على اللسان عند الكلام من آية قصيرة كقوله (ثم نظر) المدثر 21 انتهى ولقائل أن يقول كونه قرانا في الأصل لا يمنع من إخراجه عن القرانية بالقصد بالنسبة إلى قصد الثناء فالتلازم منفك نعم ظاهر تقييد صاحب العيون بالآيات التي فيها معنى الدعاء يفهم أنه ما ليس كذلك كسورة أبي لهب لا يؤثر قصد غير القرانية في حله لكني لم أرح التصريح به في كلامهم وأورد أنه لو صح إخراجه عن القرانية بالقصد لما جازت الفاتحة في صلاة بقصد الثناء لكنها تجوز وأجيب بأنها في محلها فلم يؤثر قصد في غيرها فيها حتى لو لم يقرأ في الأوليين بل في الأخريين بنية الثناء لم يجز قاله الخاصي واعترضه في البحر بأن الأخريين محل للقراءة أيضا لما سيأتي من أنها فرض في ركعتيين غير معينين ولذا أطلق الجواز في التجنيس وأقول ما قاله الخاصي مبني على تعيين الأوليين للفريضة وهو قول لأصحابنا كما سيأتي وما في التجنيس على عدمه فأنى يصادم أحدهما بالآخر ولا خلاف في حل الأذكار واختلف في دعاء القنوت والفتوى على عدم كراهيته أي تحريما وإلا فالوضوء لذكر الله تعالى مطلقا كراهة مندوب وتركه خلاف الأولى وهو مرجع كراهة التنزيه فما في البحر من أن ترك المندوب لا يوجب الكراهة مطلقا ممنوع واختلف المتأخرون في تعليم الحائض والجنب والأصح أنه لا بأس به إذا كان يلقن كلمة كلمة ولم يكن مقصده أن يقرأ آية كاملة كذا في الخلاصة قال في النهاية وهذا على قول الكرخي أما على قول الطحاوي فيعلم نصف آية قال في

ومسه إلا بغلافه ومنع الحدث المس ـــــــــــــــــــــــــــــ البحر والأولى أن يقال ولم يكن من قصده قراءة القران على أن تخريج هذا على قول الكرخي فيه نظر لأنه قائل باستواء الآية وما دونها في المنع إذا كان ذلك بقصد القران ولا شك في صدق ما دون الآية على الكلمة وإن حمل على قصد التعليم لم يتقيد بالكلمة فأقول بل التخريج صحيح إذ الكرخي وإن منع ما دون الآية لكن بما به يسمى قارئا ولذا قالوا لا يكره التهجي بالقراءة ولا خفاء أنه بالتعليم كلمة كلمة لا يعد قارئا فتنبه لهذا التقييد المفيد ويمنع أيضا حل مسه أي القران ولو مكتوبا بالفارسية إجماعا هو الصحيح أما عند الإمام فظاهر وأما عندهما فلتعلق جواز الصلاة به في حق من لا يحسن العربية كذا في التجنيس قيد بالمس لأن النظر إليه غير ممنوع ولم أر في كلامهم حكم مس باقي الكتب كالتوراة ونحوها فظاهر استدلالهم بالآية أعني قوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون) الواقعة 79 بناء أن الجملة صفة للقران يقتضي اختصاص المنع به وعم كلامه اللوح المكتوب والدرهم والحائط لا فرق بين موضع الكتابة وغيره وقيل يجوز مس الغير قال في الغاية وهذا أقرب إلى القياس إلا أن المنع أقرب للتعظيم إلا أن يكون اللمس بغلافه قيل هو المشرز والمخيط قال في الكافي وهو الأصح إلا أن المذكور في الهداية وغيرها أن المنفصل كالخريطة وغيرها وهو الأصح وفي السراج وعليه الفتوى وعلى الأول فيجوز مسه بالكم أيضا وجعله في المحيط قول الجمهور واختاره في الكافي أيضا معللا بأن المس المحرم اسم للمباشرة باليد بلا حائل وعلى الثاني يكره قال في الهداية وهو الصحيح وفي الخلاصة وعليه عامة المشايخ والمراد كراهة التحريم كذا في الفتح ثم قال لي بعض الأخوان يجوز بالمنديل الموضوع على العنق قلت لا أعلم فيه نقلا والذي يظهر أنه إن تحرك طرفه بحركته لا يجوز وإلا جاز لاعتبارهم إياه تبعا له كبدنه في الأول دون الثاني فيما لو صلى وعليه عمامة بطرفها الملقى نجاسة مانعة ومنع الحدث الأصغر المس أي مس القران فقط لإطلاق ما تلونا قيد به لأن مس كتب الحديث والفقه الأصح أنه لا يكره عند الإمام ويكره عندهما كذا في الخلاصة وفي شرح الدرر ورخص المس باليد في الكتب الشرعية إلا التفسير ذكره في مجمع الفتاوى وغيره ولا يخفى أن مقتضى ما في الخلاصة عدم الكراهة مطلقا لأن من أثبتها حتى في التفسير نظر إلى ما فيها من الآيات ومن نفاها نظر إلى أن الأكثر ليس كذلك وهذا يعم التفسير أيضا إلا أن يقال إن القران فيه أكثر من غيره وأما الكتابة فتكره وإن كانت الصحيفة على الأرض وذكر القدوري عدمها إذا كانت على الأرض قيل هذا قول

ومنعهما الجنابة والنفاس وتوطأ بلا غسل بتصرم لأكثره ولأقله لا حتى تغتسل أو يمضي عليها أدنى وقت صلاة .. ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني قال في الفتح وهو أقيس لما أنه في هذه الحالة ما مس بالقلم وهو واسطة منفصلة فكان كثوب منفصل إلا أن يمسه بيده قالوا ولا بأس بدفع المصحف ونحوه لغير البالغ المحدث على الأصح وهذا صريح في أن دفعه للمحدث البالغ لا يجوز ومنعهما أي قراءة القران والمس الجنابة والنفاس وتوطأ الحائض بلا إيجاب غسل لحا وطئها بل هو مستحب فقط بتصرم أي انقطاع لأكثره وبتصرم لأقله وقد تمت عادتها لا أي لا يحل وطؤها حتى تغتسل أو تيمم إن فقدت الماء سواء صلت به أو لا إجماعا قاله الاسبيجابي إلا أنه في المبسوط قال الأصح أنه عند عدم الصلاة به ليس له أن يقربها إجماعا نعم حلها للأزواج وانقطاع الرجعة موقوف على الصلاة به على المذهب أو يمضي عليها أدنى أي أقل وقت صلاة مفروضة حتى لو طهرت في وقت العيد لا بد أن يمضي وقت الظهر والمراد بالأدنى أدناه الواقع أخرا أعني أن تطهر في وقت خروجه قدر الاغتسال والتحريمة لا أعم من هذا ومن أن تطهر في أوله ويمضي منه هذا المقدار لأن هذا لا ينزلها طاهرة شرعا كما رأيت بعضهم يغلط فيه ألا ترى إلى تعليلهم بأن تلك الصلاة صارت دينا في ذمتها وذلك بخروج الوقت ولذا لم يذكر غير واحد لفظة أدنى وعبارة الكافي وتصير الصلاة دينا في ذمتها بمضي أدنى وقت صلاة بقدر الغسل والتحريمة بأن انقطع في آخر الوقت كذا في الفتح وفيه إيماء إلى أن الأولى حذف لفظ أدنى وقيد بتمام عادتها لأنه لو تصرم قبل تمامها لم يحل وطؤها وإن أغتسلت لكنها تصلي إذا خافت خروج الوقت وتصوم الفرض وتنقطع الرجعة ولا تحل للأزواج احتياطا كذا في الخلاصة وأفاد في المبسوط أن المراد بالوقت هو المستحب وفي النهاية وتأخير الغسل إلى الوقت المستحب فيما إذا انقطع لتمام عادتها أو لأقلها واجب واعلم أن زمن الغسل من الحيض فيما إذا تصرم لأقله ومن الطهر فيما إذا تصرم لأكثره لئلا تزيد الأايام على العشرة وأما التحريمة فمن الطهر على كل حال قال في المجتبى والصحيح أنه يعتبر مع الغسل لبس الثياب وهكذا جواب صومها فيما إذا طهرت قبل الفجر لكن الأصح عدم اعتبار التحريمة في حق الصوم وما قاله المشايخ من اعتبار زمن الغسل من الطهر في الأكثر ومن الحيض في الأقل في حق القربان وانقطاع الرجعة وجواز التزوج بآخر لا في جميع الأحكام ألا ترى أنها لو طهرت عقيب غيبوبة الشفق ثم اغتسلت عند الفجر الكاذب ثم رأت الدم في الليلة

والطهر بين الدمين في المدة حيض ونفاس ـــــــــــــــــــــــــــــ السادسة عشرة بعد زوال الشفق فهو طهر تام وإن لم يتم خمسة عشر من وقت الاغتسال انتهى وفي السراج والتوشيح اعتبار زمن التحريمة في حق الصوم أيضا قال في البحر وهو الحق فيما يظهر وفيه نظر والطهر المتخلل بين الدمين في لمدة أي مدة الحيض والنفاس حيض ونفاس هذا رواية عن الإمام لأن استيعاب الدم ليس بشرط إجماعا فاعتبر الأول والآخر كالنصاب وروي عنه كما في المعراج وبه أخذ محمد أن الطهر إن نقص عن ثلاثة ولو بساعة لا يفصل لأن ما دونها من الدم لا حكم له فكذا الطهر ولو ثلاثة فأكثر وكان مثل الدمين فكذلك وإن أكثر فصل ثم إن كان في أحد الجانبين ما يمكن جعله حيضا كان حيضا والآخر استحاضة وإلا فالكل استحاضة ولا يمكن جعل الكل حيضا لما سبق إلا أن زاد على العشرة فنجعل الأول حيضا لسبقه وعليها فلا يبدأ الحيض بالطهر ولا يختم به واختلف على هذه الرواية فيما إذا اجتمع طهران معتبران وصار أحدهما حيضا لاستواء الدم بطرفيه حتى صار كالمتوالي كما إذا رأت يومين دما وثلاثة طهرا أو يوما دما وثلاثة طهرا ويوما دما فقيل يتعدى إلى الطرف الآخر فيصير الكل حيضا وقيل لا وهو الأصح ووافقه ابن زياد غير أنه جعل الثلاثة فاصلة مطلقا وروي الثاني عنه وبه أخذ إن كان الطهر أقل من خمسة عشر يوما لا يفصل وعليها فيبدأ بالطهر ويختم به كما إذا رأت قبل عادتها بيوم دما وعشرة طهرا ويوما دما فالعشرة التي لا دم فيها حيض فإن كان لها عادة ردت إليها قيل هي آخر أقوال الإمام وعليها الفتوى وقيل الفتوى على قول محمد والأول أولى كذا في الفتح كأنه قيل لما أنه أسهل على المفتي والمستفتي وروي ابن المبارك عنه اعتبار كون الدم في العشرة ثلاثة فقط وبه أخذ زفر وجعلها في التوشيح رواية زفر عنه ولا مانع من تعدد الراوي ويفرع على هذا الأقوال ما لو رأت يومين دما وخمسة طهرا ويوما دما ويومين طهرا ويوما دما فعتد الثاني العشرة الأولى حيض إن كانت عادتها أو مبتدأة وعند الثالث الأربعة الأخيرة فقط أنه تعذر جعل العشرة الأولى حيضا لاختتامها بالطهر وتعذر جعل ما قبل الطهر الثاني حيضا لما أن الغلبة فيه للطهر فطرحنا الدم الأول والطهر الأول فبقي

وأقل الطهر خمسة عشر يوما ولا حد لأكثره إلا عند نصب العادة في زمن الاستمرار .... ـــــــــــــــــــــــــــــ بعده يوم دم ويومان طهر ويوم دم والطهر أقل من ثلاثة فجعلنا الأربعة حيضا وقال زفر الثمانية حيض لاشتراطه كون الدم ثلاثة في العشرة ولا يختم عنده بالطهر وقد وجدنا أربعة دما وكذلك على رواية محمد عن الإمام لخروج الثاني عن العشرة وجزم المصنف وغيره بهذه الرواية قال في البحر ولم أر من رجحها ولعله لضعف وجهها لأن قياسها على النصاب غير صحيح لأن الدم منقطع في أثناء الدم بالكلية وفي المقيس عليه يشترط فيه بقاء النصاب في أثناء الحول والمشروط وجوده ابتداء وانتهاء إنما هو تمامه وأقول لا نسلم أن هذا قياس بل تنظير ولئن سلم فالدم كوجود حكما وإن انعدم حسا بدليل ثبوت أحكام الحيض كلها في هذه الحالة واعتماد أصحاب المتون على شيء ترجيح له والله أعلم وأقله أي الطهر أي الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يوما لإجماع الصحابة على ذلك ولا حد لأكثره لأنها قد لا ترى الحيض أصلا فلا حاجة إلى تقدير إلا عند الاحتياج إلى نصب العادة في زمن الاستمرار أي فله حد وهذا قول العامة خلافا لمن قال لا حد له ومحل الخلاف في تقدير طهرها في حق انقضاء العدة ولا خلاف أنه في غيرها لا يقدر بشيء وعم كلامه المبتدأة وستأتي ومن نسيت عادتها أولها وآخرها ودورها وهي المضللة والمحيرة بفتح الياء لتحيرها وكسرها لأنها حيرت الفقهاء في أمرها وحاصل كلامهم فيها أنها متى تيقنت به في وقت تركت العبادة وإلا تحرت فإن لم يستقر رأيها على شيء بل ترددت بين الحيض والدخول فيه والطهر وتوضأت لكل صلاة وإن بينهما والدخول فيه اغتسلت لكل صلاة وهو الأصح وصلت الواجبات والسنن المؤكدة أيضا وقرأت القدر المفروض والواجب على الراجح وفي الآخريين على الأصح ولا تدخل مسجدا ولا تمس مصحفا ولا توطأ بالتحري على الأرجح وتصوم رمضان ثم تقضي عشرين يوما وإن علمت أن ايتداءه ليلا وإن علمته نهارا قضت اثنين وعشرين يوما وإن لم تعلم شيئا فعامة المشائخ على العشرين وقيل باثنين وعشرين وهو الأصح ولو حجت أتت بطواف الزيادة ثم أعادته بعد عشرة وبالصدر ولا تعيده ولو طلقت انقضت عدتها بتسعة عشر شهرا إلا ثلاث ساعات في قول الميداني قال صدر الشريعة وهو الأصح لأن الطهر بين الدمين أقل من مدة الحمل عادة فتصنا من ذلك ساعة وفي الشرح ينبغي أن يزيدوا على ذلك لجواز أن يكون طلقها في أول الحيض وأجاب في البحر بأنه لما كان محظورا لم ينزلوه مطلقا فيه حملا لحال المسلم على الصلام ما أمكن وذكر ابن سماعة

ولو زاد الدم على أكثر الحيض والنفاس فما زاد على عادتها استحاضة ولو مبتدأة فحيضها عشرة ونفاسها أربعون ... ـــــــــــــــــــــــــــــ عن محمد أنها تنقي بسبعة عشر شهرا واختاره الحاكم الشهيد وغيره وعليه الفتوى ولو زاد الدم على أكثر الحيض السابق بيانه أعني عشرة أيام ولياليها حتى لو رأت عشرة وتسع ليال كان الكل حيضا حتى يزيد على ليلة الحادي عشر كذا في السراج وعلى أكثر النفاس وهو أربعون يوما كذلك فما زاد من ذلك على عادتها فهو استحاضة لأن المرئي في العادة والزائد على الأكثر حيض ونفاس واستحاضة بيقين وما بين ذلك متردد بين أن يلحق بالحيض والنفاس أو الاستحاضة فلا تترك الصلاة بالشك وتترك الصلاة في الزائد على العادة وتترك بمجرد رؤيتها الزيادة على الأصح كذا في النهاية أطلقه فعم ما إذا ختم العادة بالدم أو لا عند الثاني وقال محمد إن ختمت بالطهر فلا وقيل بالزيادة على الأكثر لأنه لو لم يزد بل كان على العادة كان الكل حيضا اتفاقا بشرط ان يكون بعد طهر صحيح حتى لو كانت عادتها خمسة من كل شهر مثلا فرأت ستة كان السادس حيضا فإن طهرت بعد ذلك أربعة عشر ثم رأت الدم ردت إلى عادتها وكان الزائد استحاضة كذا في السراج وهل تصير لها عادة قال الثاني نعم وعليه الفتوى وقالا لا بد أن يعاودها في الثاني كذلك والخلاف في الأصلية بأن ترى دمين متفقين وطهرين كذلك لا الجعلية بأن ترى أطهارا مختلفة ودما كذلك فإنها تنتقض برؤية المخالف اتفاقا قال في الفتح وإنما تظهر ثمرة الخلاف فيما لو استمر بها الدم في الشهر الثاني فعند أبي يوسف بقدر حيضها من كل شهر ما رأته آخرا وعندهما على ما كان قبله ونازعه في البحر في ادعاء الحصر بأنها تظهر أيضا فيما لو رأت في الشهر الأول زيادة على عادتها فإن الأمر موقوف عند الإمام إن رأت في الثاني مثله فهذا والأول حيض وإلا فهو استحاضة وقالا حيض لأن الثاني يرى نقض العادة بمرة ومحمد يرى الإبدال إن أمكن كما صرح به في الكافي فيما لو رأت يومين فيها ويوما قبلها ولو كانت مبتدأة بفتح الدال والهمزة اسم مفعول وهي التي ابتدأها الحيض ويكسرها اسم فاعل لابتدائها في الحيض وهي التي بلغت مستحاضة أو مع الولد الأول فحيضها عشرة من أول مرائيها ونفاسها أربعون قالوا وتترك الصلاة بمجرد رؤية الدم في الأصح كصاحبة العادة واعلم أن العادة في المبتدأة أيضا أصلية وهي نوعان أحدهما أن ترى دمين وطهرين متفقين متواليين كما لو رأت ثلاثة دما وخمسة عشر طهرا ثم رأت كذلك ثم استمر بها الدم والثاني أن ترى دمين وطهرين

وتتوضأ المستحاضة ومن به سلسل بول أو استطلاق بطن أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو جرح لا يرقا لوقت كل فرض ويصلون به فرضا ونفلا ويبطل بخروجه فقط وهذا إذا لم يمض عليهم وقت فرض إلا وذلك الحدث يوجد فيه ... ـــــــــــــــــــــــــــــ مختلفين فعند الثاني أيام حيضها وطهرها هو المرئ أولا واختلف على قولهما فقيل وهو كقول الثاني وقيل أقل المرئيين وجعلية وهي أن ترى ثلاثة أطهار ودماء مختلفة ثم يستمر بها الدم فقيل عادتها أوسط الأعداد وقيل أقل المرئيين الأخيرين كذا في المحيط وتتوضأ المستحاضة قيد به لأن الاستنجاء غير واجب عليها كذا في الظهيرية ومن به سلسل بول لا يقدر على إمساكه لضعف مثانته قيل السلسل بفتح اللام نفس الخارج وبكسرها من به هذا المرض أو استطلاق أي جريان بطن أو انفلات ريح ومن لا يملك جمع مقعدته لاسترخاء فيها أو رعاف وهو دم خارج من أنفه دائم لا ينقطع أو جرح لا يرقأ أي لا يسكن دمه لوقت كل فرض لا لكل صلاة ويصلون به فرضا أي فرض كان ونفلا وعلم منه الواجب بالأولى ما بقي الوقت إن لم يوجد نهم حدث ويبطل وضوئهم بخروجه مجاز عقلي الإسناد إذ المبطل حقيقة إنما هو ظهور الحدث السابق لكنه يستند تارة ويقتصر تارة اخرى ولذا قلنا لا يجوز لهم المسح على الخفين حيث وجد العذر وقت الوضوء أو اللبس عملا بالأول ولو شرع في تطوع ثم خرج الوقت وجب القضاء عملا بالثاني ولم يعكس للاحتياط قال في الفتح والذي يظهر أنه اقتصار من كل وجه وكونه بالحدث السابق لا يستلزم الإسناد ليظهر عدم صحة الصلاة إذ المراد أن ذلك الحدث محكوم بارتفاعه إلى غاية معلومة فيظهر عندها مفتقرا إلى أن يظهر قيامه شرعا من ذلك الوقت ومن حقق أن هذه اعتبارات شرعية يشكل عليه ذلك فقطط أي لا غير حتى لو توضأ للعصر في وقت الظهر بعد ما صلاه ثم دخل وقت العصر لا يصلي به وأفاد أنه لا يبطل بالدخول خلافا لزفر ولا بهما خلافا للثاني وأثر الخلاف يظهر فيما لو توضأ بعد الطلوع ولو لعيد أو أضحى على الأصح صلى بالظهر عندنا خلافا لهما ولو توضأ قبل الطلوع انتقض بالطلوع خلافا لزفر فظاهر أن هذا مقيد بما إذا كان الوضوء على السيلان أو وجد بعده أما لو وجد على الانقطاع ودام إلى آخر الوقت لم يبطل إلا بحدث آخر وهذا أي هذا الحكم المذكور للمستحاضة ومن بمعناها إذا لم يمض عليهم وقت فرض إلا في ذلك الحدث الذي ابتلي موجود فيه أي في ذلك الوقت هذا هو الشرط البقائي وسكت عن الابتدائي وفي الكافي هو أن لا يجد في وقت الصلاة زمنا يتوضأ ويصلي فيه خاليا عن الحدث والأظهر ما في عامة الكتب من أنه لا بد أن

والنفاس دم يعقب الولد ـــــــــــــــــــــــــــــ يستوعب وقت صلاة كاملة كذا في الشرح وجعل في فتح القدير ما في الكافي تفسيرا لما في عامة الكتب إذ قل ما يستمر كمال وقت بحيث لا ينقطع لحظة فيؤدي إلى نفي تحققه إلا في الإمكان بخلاف جانب الصحة منه فإنه بداوم انقطاعه وقتا كاملا وهو مما يتحقق وفي شرح الدرر لا مخالفة بين ما في الكافي وعامة الكتب ويدل على ذلك ما قاله شراح الجامع الخلاطي في شرح قوله لأن زوال العذر يثبت باستيعاب الوقت كالثبوت في الانقطاع الكامل معتبر في إبطال رخصة المعذور والنادر غير معتبر إجماعا فاحتيج إلى حد فاصل فقدرناه بوقت الصلاة كما قررنا به ثبوت العذر ابتداء فإنه يشترط لثبوته ابتداء دوام السيلان من أول الوقت إلى آخره لأنه إنما يصير صاحب عذر ابتداء إذا لم يجد في وقت صلاة زمانا يتوضأ فيه ويصلي خاليا عن الحدث الذي ابتلي به. والنفاس بكسر النون لغة مصدر نفست المرأة بضم النون وفتحها ولدت وحاضت إلا أن الضم في الولادة أفصح وعكسه في الحيض سمي به الدم لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قوامها به وقولهم هو الدم الخارج عقيب الولادة تسمية بالمصدر كالحيض فأما اشتقاقه من تنفس الرحم بمعنى تشققه وانصداعه أو خروج النفس بمعنى الولد فقال المطرزي إنه ليس بذاك ويقال في الولادة نفساء بضم النون وفتح الفاء والمد وبفتحهما وبإسكان الفاء مع فتح النون ونفسى بضم النون ككبرى ونسوة نفاس بكسر النون وليس في كلامهم جمع فعلى على فعال إلا نفسا وعشرا للحامل وشرعا دم من الفرج يعقب الولادة أو أكثره قيدنا بكونه من الفرج لأنها لو ولدت من سرتها بأن كان ببطنها جرح فانشقت وخرج الولد منها لا تكون نفساء بل صاحبة جرح سائل لكن تنقضي به العدة وتصير الأمة به أم ولد ويقع الطلاق المعلوم بولادتها به كذا في الفتح وقيده الشارح بأن لا يسيل الدم من فرجها فأن سال كانت نفساء ثم قال في الفتح وأفاد كلامه أنها لو لم تر دما لا تكون نفساء ثم يجب الغسل احتياطا عند الإمام لأن الولادة لا تخلو ظاهرا عن قليل من الدم وعند أبي يوسف لا يجب انتهى وهو ظاهر في أنها لا تكون نفساء عند الإمام قال في البحر وفيه نظر بل هي عنده نفساء لما في السراج أنه يبطل صومها وهذا آية

ودم الحامل استحاضة والسقط إن ظهر بعض خلقه ولد ولا حد لأقله ـــــــــــــــــــــــــــــ نفاسها وأقول لا يلزم من إبطال صومها إثبات نفاسها لجواز أن يكون احتياطا أيضا كالغسل وقد جعل في السراج العلة فيهما واحدة وهي احتياط وكيف سلم أن إيجاب الغسل عليها لا يستلزم ثبوت نفاسها ولم يسلمه في الصوم ولم يلح لي وجه الفرق بينهما نعم ظاهر ما في الشرح يفيد أنها تكون نفساء عند الإمام وفي السراج وغيره أنه الصحيح وبه أخذ أكثر المشايخ ورجح الشارح ما عن الثاني ودم الحامل ولو حال ولادتها قبل خروج أكثر الحمل استحاضة لأنسداد فم الرحم بالحمل والسقط بكسر السين والتثليث لغة بمعنى المسقوط إن ظهر بعض خلقه كإصبع وظفر وشعر ولد تنقضي به العدة وتصير الأمة أم ولد إذا ادعاه المولى قال في البحر وذكره الشارح في ثبوت النسب أنه لا يستبين خلقه قبلها وأقول إنما ذكر الشارح هذا في نكاح الرقيق وكون المراد به ما ذكر ممنوع فقد وجه في البدائع وغيرها ذلك بأن يكون أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة وعبارته في عقد الفرائد قالوا يباح لها أن تعالج في استنزال الدم ما دام الحمل مضغة أو علقة ولم يخلق له عضو وقدروا تلك المدة بمائة وعشرين يوما وإنما اباحوا ذلك لأنه ليس بآدمي انتهى ولا مانع أنه بعد هذه المدة تخلق أعضاؤه وتنفخ فيه الروح قيد بالظهور لأنه لو لم يظهر منه شيء لا يكون ولدا لكنه إن أمكن جعل المرئي حيضا بأن امتد جعل اياه وإلا فاستحاضة أو لم يعلم أظهر أم لا بأن أسقطته في المخرج وعادتها في الحيض عشرة وفي الطهر عشرون تركت الصلاة أيام عادتها ثم أغتسلت وصلت كل صلاة بوضوء ثم تدع الصلاة أيام عادتها أيضا وقد تم لها أربعون يوما كذا قالوا وكان ينبغي أن يقال ولم تعلم عدد أيام حملها بانقطاع الحيض عنها أما لو لم تره مائة وعشرون يوما ثم أسقطته في المخرج كان مستبين الخلق كما سبق ولا حد لأقله لأن خروج الولد دليل على أنه من الرحم فلا حاجة إلى مادة زائدة عليه بخلاف الحيض قال شيخ الإسلام ولا خلاف في ذلك بين أصحابنا إنما الخلاف فيما إذا وجب اعتبار أقل النفاس في انقضاء العدة بأن قال لها إن ولدت فأنت طالق فقالت انقضت عدتي أي مقدار يعتبر لأقل النفاس في انقضاء العدة مع ثلاث حيض قال الإمام خمسة وعشرون يوما لأنه لو قدر بأقل من ذلك لأدى إلى نقض العادة عند عودة الدم في الأربعين لأن من أصله أن الدم إذا كان في الأربعين فالطهر المتخلل لا يفصل طال أو قصر حتى لو رأت ساعة دما وأربعين إلا ساعتين طهرا ثم ساعة دما كان الأربعون كلها نفاسا وعليه الفتوى كذا في الخلاصة وقال الثاني أحد عشر وقال الثالث ساعة فأما في حق الصوم والصلاة فأقله ما يوجد وبقية تفاريع المسألة تأتي

باب الأنجاس

وأكثره أربعون يوما والزائد استحاضة ونفاس التوءمين من الأول باب الأنجاس يطهر البدن والثوب ـــــــــــــــــــــــــــــ في العدة إن شاء الله تعالى وأكثره أربعون يوما لرواية الترمذي وغيره سألت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم كم تجلس المرأة إذا ولدت قال أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك والزائد على الأربعين استحاضة هذا في المبتدأة أما المعتادة فترد إلى أيام عادتها وتحصل من كلامه أن الاستحاضة اسم لما نقص عن الثلاثة أو زاد على العشرة أو على أكثر النفاس أو على عادة عرفت لها وجاوزت لأكثرها ونفاس التوءمين وهما الولدان اللذان بين ولادتهما أقل من ستة أشهر ولو ثلاثة أولاد وكان بين الأول والثالث أكثر من ستة أشهر والثاني أقل فالأصح أن يجعل حملا واحدا من الأول عندهما والمرئي عقيب الثاني أن كان في الأربعين فمن نفاس الأول وإلا فاستحاضة وقال محمد وزفر من الثاني والأول استحاضة ولا كلام أنه لو كان بينهما ستة أشهر وأكثر كانا حملين ومن فوائد الخلاف ما لو كانت عادتها عشرين يوما فرأت بعد الأول عشرين وبعد الثاني أخدا وعشرين فالأول عندهما نفاس وما بعد الثاني استحاضة وعند محمد وزفر الأول استحاضة وما بعد الثاني نفاس ولو رأت بعد الأول عشرين وكذا بعد الثاني وعادتها عشرون فيما بعد الثاني نفاس إجماعا وكذا ما قبله عندهما خلافا لمحمد وزفر كذا في السراج والله الموفق باب الأنجاس جمع نجس بفتحتين يطلق على الحقيقي والحكمي إلا أنه لما قدم الحكمي أمن اللبس فأطلقه كذا في العناية ولا حاجة إليه لما مر من أنه بالفتح عند الفقهاء اسم لعين النجاسة وبكسرها لما لا يكون طاهرا فإطلاقه على الحكم أيضا ليس إلا لغة يطهر البدن من النجاسة الحقيقية وكذا الثوب سواء علم وضع النجاسة منه أو لا حتى لو نسي طرفا من ثوبه تنجس فغسل طرفا منه بلا تحر طهر هو المختار فلو صلى معه صلوات ثم ظهر أنه في طرف آخر أعاد ما صلى كذا في الخلاصة وفي الظهيرية المختار عند الإمام أنه لا يعيد إلا الصلاة التي هو فيها انتهى وينبغي ان يكون البدن كالثوب هذا وعبارة النقاية يطهر أولى لشمولها

بالماء وبمائع مزيل كالخل وماء الورد لا الدهن والخف بالدلك بنجس ذي جرم وإلا يغسل ـــــــــــــــــــــــــــــ والثوب والمكان والآنية والمأكولات وكل شيء تنجس بالماء المطلق ويطهران أيضا بمائع أي بكل مائع مزيل للنجاسة ينعصر بالعصر كالخل وماء الورد واللسان ونحو ذلك لكن عندهما خلافا لمحمد كذا في الكرخي والطحاوي وفي العيون أنه لا يطهر به البدن في قولهم جميعا والصحيح ما ذكرناه كذا في المجتبى قال في البحر ولم يقيده بالطاهر للاختلاف فيه حتى لو غسل المتنجس بالدم ببول ما يؤكل لحمه بقيت نجاسة البول فقط قال السرخسي والأصح أن التطهير بالبول لا يكون أي التطهير عن التغليظ وعبارة الصيرفي المختار أن حكم التغليظ لا يزول وأقول هذا لا يكاد يصح إذ لا قائل بالطهارة ولا نسلم أنه لم يقيده به بل أشار إلى ذلك بقوله يطهر إذ تطهيرة لغيره فرع طهارته في نفسه ويدل على ذلك أنه لم يقيد الماء به ولا بد إجماعا وأثر الخلاف يظهر فيمن حلف أنه لا دم فيه وقد غسله بالبول أو بالمستعمل على القول بنجاسة المخففة لا مثل الدهن والدبس والعسل ونحو ذلك لأنه غير مزيل وإن كان ما ئعا وما عن الثاني لو أزال الدم بدهن حتى لو ذهب أثره جاز بخلاف الظاهر عنه وجعل في المحيط اللبن مزيلا في رواية وجزم بها في الخجندي حيث قال يجوز باللبن عند الإمام والثاني قال في البحر وهذا ضعيف ومحمول على ما إذا لم يكن فيه دسومة ولا يخفى أنه لا داعي إلى الحمل بل هذه الرواية توافق ما مر عن الثاني في الدهن ولذا علل في النهاية عدم الجواز أنه لا ينعصر كالأدهان نعم لو حمل المنع على وجود الدسومة والجواز على عدمها لكان حسنا ويطهر الخف والنعل غير الرقيق بالدلك وهو المسح بالتراب كما عبر به في الأصل إلا أنه صرح في الجامع بأنه لو حكه أو حته بعد ما يبس طهر قال المشايخ لولا ما في الجامع لشرطنا المسح بالتراب لأن له أثرا في الطهارة بخلاف الحك بقول محمد في المسافر إذا أصابت يده نجاسة يمسحها بالتراب إلا أن ما في الجامع بين أن له أثرا كذا في النهاية بنجس بفتح الجيم في محل نصب على أنه حال من الفاعل أي متنجسا بنجس ذي أي صاحب جرم أي جثة وهي ما يرى بعد الجفاف سواء جف أو لا عند الثاني وقيداه بالجفاف والفتوى على قوله بشرط عدم بقاء الأثر كما في الكافي وإطلاق غيره مقيد به إلا أن يشق زواله قال في البحر وأطلق في الجرم فشمل ما إذا كان منها أو من غيرها بأن ابتل الخف بخمر فمشى به على رمل أو رماد فالتصق بالخف فمسحه بالأرض فإنه يطهر على الأصح قال في الخانية وعن الثاني أنه لو مسحه على وجه المبالغة بحيث لا يبقى لها أثر يطهر وعليه الفتوى وأنت خبير بأن قوله ذي جزم وقع صفة لنجس فاقتضى قوله وإلا يغسل أنه لم يكن كذلك

وبمني آدمي يابس بالفرك وإلا يغسل ونحو السيف بالمسح والأرض ـــــــــــــــــــــــــــــ كالبوك ونحوه غسل ومن تأمل كلام الشارح لم يتردد في ذلك وبمني عطف على البدن أي ويطهر مني أي محله وزيدت الباء في الفاعل وما في البحر من أنه معطوف على قوله بالماء يعني يطهر البدن والثوب والخف إذا أصابه مني بفركه يعني أنه معطوف على قولة بالماء يعني يطهر البدن والثوب والخف إذا اصابه مني بفركه يعني أنه معطوف على الجار والمجرور فبعيد جدا يابس بالفرك وهو الحك باليد حتى يتفتت ولا يضر بقاء الأثر بعده كما في المجتبى أطلق في المني فعم منيها أيضا ولا فرق في ظاهر الرواية بين البدن والثوب جديدا كان أو غسيلا وشرط في غاية البيان كونه غسيلا قال في البحر ولم أره لغيره وهو بعيد وأقول الظاهر تخريجه على ما لو أصابه ثوبا له بطانة فنفذ إليها ففي طهارته بالفرك خلاف ورجح بعضهم أنه لا يطهر به للتشرب ولا شك أن الجديد كذلك نعم رجح في النهاية وغيرها أنه لا يطهر به ويدل عليه الإطلاق قيل هذا مقيد بما إذا لم يكن أمنى عقب بول لم يزله بالماء وبما إذا لم يكن أمذى أولا فإن كان لا بد من غسله وعن هذا قال شمس الأئمة مسألة المني مشكلة لأن كل فحل يمذي ثم يمني إلا أن يقال إنه مغلوب بالمني فيجعل تبعا فإن قلت لم لا يجعل البول كذلك قلت لأنه لا ضرورة تدعو إليه بخلاف المذي لأنه إذا كان لا يمني حتى يمذي وقد طهره بالفرك يابسا علمنا أنه اعتبر ذلك الاعتبار للضرورة كذا في فتح القدير وقوله في البحر إن ظاهر المتون الإطلاق لأن المذي لم يعف عنه إلا أنه مغلوب مستهلك لا للضرورة فكذا البول ممنوع إذ الأصل أن لا يجعل النجس تبعا لغيره إلا بدليل وقد قام في المذي دون البول وفي قوله يطهر إيذان لنجاسته لا فرق في ذلك بين الآدمي وغيره وقيد بالمني لأن غيره لا يطهر بالفرك وما في المجتبى لو أصاب الثوب دم عبيط فيبس فحته طهر كالمني شاذ قال في البدائع وأما سائر النجاسات إذا أصابت الثوب والبدن ونحوهما فإنها لا تزول إلا بالغسل رطبة كانت أو يابسة لها جرم أو لا ويطهر نحو السيف وهو كل صقيل لا مسام له أي منافذ فخرج الحديد المصدي وماله نقش والثوب الصقيل لوجود المسام وبالمسح بشرط ذهاب الأثر كما في الخانية ولا فرق بين أن يمسحه بتراب أو خرقة أو صوف أطلقه فعم أنواع النجاسة رطبها ويابسها وعدل عن قول القدوري اكتفى إيماء إلى أنه لا يقلل النجاسة بل يزيلها وأثر الخلاف يظهر فيما لو قطع البطيخ أو اللحم بالسكين الممسوحة من النجاسة يحل على الأول لا على الثاني وتطهر الأرض وما كلن ثابتا فيها كالحيطان والأشجار والكلاء والقصب وغيره ما دام قائما عليها هو المختار كما في الخلاصة وكذا الآجر المفروش لا الموضوع للنقل والحصى وأما الحجر فإن تشرب النجاسة كحجر الرحا فكالأرض وإلا لا كذا في الصيرفية والمذكور في غيرها أنه لا

باليبس وذهاب الأثر للصلاة لا للتيمم ـــــــــــــــــــــــــــــ يطهر إلا بالغسل ويدخل في القصب الخص بضم المعجمة وبعدها صاد مهملة البيت من القصب المراد به السترة التي تكون على السطح منه كذا في شرح الوقاية باليبس أي يبس النجاسة بنحو ريح وذهاب الأثر وهو الطعم واللون والريح قيد بالأرض لأن الثوب ونحوه لا يطهر به وباليبس لأن الرطبة لا تطهر إلا بالغسل ولا توقيت فيه بل المراد على غلبة الظن وعن الثاني يصب الماء عليها بحيث لو كانت النجاسة في الثوب لطهر واستحسنها في الذخيرة وبذهاب الأثر لو بقي الريح لم تطهر كذا في السراج للصلاة أي لأجلها ولا للتيمم أما طهارتها فلأثر عائشة وغيرها زكاة الأرض يبسها أي طهارتها وأما عدم جواز التيمم به فلأن الصعيد قبل التنجس كان طاهرا وبالتنجس زال الوصفان وبالجفاف تثبت الطهارة شرعا فبقي الآخر والتيمم لا يجوز إلا بالطهور وقالوا لو احترقت الأرض بالنار فتيمم بذلك التراب جاز على الأصح واعلم أن كل ما سبق الحكم بتطهيره بغير الماء والمائع إذا أصابه هل يعود نجسا فيه روايتان قال الشارح والأظهر أنه يعود ورجح غيره أنه لا يعود ففي الخلاصة المختار في المني عدم العود والخف كالمني وكذا الأرض على الروايات المشهورة وفي الخانية والمجتبى الصحيح في الأرض عدم العود وينبغي أن يعول على هذا وأفاد الشارح أن جلد الميتة على الروايتين قال في البحر إلا أن المتون مجمعة على الطهارة لقولهم كل إهاب دبغ طهر قلنا وأجمعت على طهارة غيره أيضا وإلى هنا تبين أن التطهير يكون بالدبغ والنزح والغسل والدلك ومسح الصقيل والجفاف وبقي مسح المحاجم بثلاث خرق والنار وانقلاب العين كخنزير صار ملحا وسرقين صار رمادا عند محمد قيل والإمام خلافا الثاني والمختار قول محمد وعليه الفتوى وجعل في الظهيرية الخلاف على العكس وأن الفتوى على الطهارة ولا خلاف في طهارة الخمر إذا صار خلا والذكاة ونحت الخشب وقلب العين بجعل الأعلى أسفل والتقور ودخول الماء من جانب وخروجه من آخر قيل وهبة البعذ والندف كقطن نجس فندف والقسمة والأكل وغسل البعض والثالث والعشرون غسل اللحم ثلاثا إذا وقعت فيه نجاسة حال غليانه على قول الثاني المرجح وقد كنت نظمتها مجموعة ليسهل حفظها فقلت وبالله استعين لنظم الخبايا في الزوايا يحبه أولو الفضل تحصيلا لفقه تغربلا وقد ذكروا أن المطهر عشرة وزادوا ثلاثا ثم عشرا عن الملا فغسل وتخليل وفرك تخلل نحت وحفر مع جفاف تحصلا

وعفي قدر الدرهم كعرض الكف ـــــــــــــــــــــــــــــ ونزح وقد غارت دخول تنور ومسح وقلب العين والشيء قد غلا ونار وندف قسمه مع دلكه ذكاة ودبغ الجلد إن يقبل ادخلا فهذا قصارى ما تيسر جمعه وفي بعضه شيء فلا تك مهملا وقوله تصرفه في البعض شامل للهبة والبيع وأشرت بقولي وفي بعضه شيء إلى ما قاله بعض المتأخرين من أنه لا ينبغي التقور والحفر بجعل الأعلى أسفل والقسمة والبيع والهبة أما الأول فلأن السمن الجامد مثلا لم يتصف كله بالنجاسة لقولهم إن النجاسة لا تعدو محلها وقد ألقي المتنجس منه وأما الثاني فلأن النجاسة باقية على حالها غاية الأمر أن هذه أرض طاهرة جعلت فوقها كما لو فرش على النجاسة ما هو طاهر وأما القسمة وما بعدها فلأن النجاسة باقية أيضا وإنما جاز الانتفاع لوقوع الشط في الموجود أبقيت النجاسة فيه أم لا ألا ترى أن الذاهب لو عاد عادت النجاسة وعلى هذا فلا ينبغي عد الندف أيضا ومن عده شرط أن يكون النجس مقدارا قليلا يذهب بالندف أما لو كان كالنصف ونحوه فلا يطهر به كما في البزازبة واقتصر في البحر على ما اشتهر من أنها عشرة ومن زاد زاد الله في حسناته وعفي قدر الدرهم أي عفا الشارع عن هذا المقدار فلم يجعله مانعا من صحة الصلاة لكنه يكره إجماعا ولو أقل وقد دخل في الصلاة ولم يخف فوت الوقت ولا الجماعة بأن كان يجدها في أخرى فالأفضل إزالتها والاستقبال وإلا مضى عليها كذا في السراج قال في البحر والظاهر أن الكراهة تحريمية لتجويزهم رفض الصلاة لأجلها ولا ترفض لأجل المكروه تنزيهها وأقول هذا مسلم في الدرهم لا فيما دونه لما سبق قريبا من حيث المساحة وأراد به ما عدا مفاصل الأصابع كذا في العناية وقيل يعتبر من حيث الوزن وهو الدرهم المثقالي الذي زنته عشرون قيراطا في الأصح وقيل يعتبر في كل زمان ومكان درهمه ووفق الهندواني بين الروايتين بأن اعتبار المساحة في الرقيق كالبول والوزن في الثخين واختاره كثير ورجحه الشارح وغيره وفي البدائع إنه المختار عند مشائخ ما وراء النهر والاعتبار لوقت الأصابة حتى لو كان وقت الإصابة درهما فانبسط حتى صار أكثر منع عند الأكثر واختار المرغيناني أنه لا يمنع وفي التجنيس شرع

من نجس مغلظ كالدم والخمر وخرؤ الدجاج ـــــــــــــــــــــــــــــ فيها ومعه ثوب قد أصابه دهن نجس أقل من قدر الدرهم فانبسط حتى صار أكثر منه فسدت صلاته بالإجماع انتهى وينبغي على ما اختاره المرغيناني أن لا يفسد والله الموفق من نجس مغلظ بنص لم يعارض بمثله ولا حرج في اجتنابه فإن عورض كان مخففا عند الإمام وقالا ما اتفق العلماء على نجاسته ولا بلوى في اجتنابه مغلظ وغيره مخفف وقرر ابن الملط ثبوت التخفيف بالتعارض اتفاقا إنما الاختلاف في ثبوته بالاختلاف قالا نعم ونفاه لأن النص الوارد في النجاسة إذا كان يضعف حكمه لمخالفته الاجتهاد فيثبت التخفيف فبورود نص يخالفه أولى وأقره ابن أمير حاج قال ومن هنا والله أعلم قال في الكافي ولا يظهر الاختلاف في غير الروث والخثى لثبوت الخلاف مع فقد تعارض النصين لكن على هذا يحتاج إلى الاعتذار لمحمد في قوله بطهارة بول المأكول ولا يخفى أن المراد بالعلماء الماضون قبل وجودهما والكائنون في عصرهما لا ما هو أعم من ذلك انتهى وأورد على قول الإمام سؤر الحمار فإنه لم يقل بنجاسته مع تعارض النصين وعلى قولهما المني فإنه مغلظ اتفاقا مع ثبوت الخلاف فيه كالدم المسفوح في غير الشهيد إلا لغيره فخرج الباقي في اللحك المهزول والعروق والكبد وفي القنية إنه نجس وقيل طاهر والبول سواء كان بول آدمي أو غيره وسيأتي في حكم بول مأكول اللحم وفي الخانية بول الفأرة والهرة وخرؤهما نجس في أظهر الروايات يفسد المأكول والثوب وبوول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه ومرارة كل شيء كبوله وجرة البعير كسرقينه كذا في الظهيرية ونبه بالدم والبول على أن كل خارج من بدن الإنسان مما يوجب خروجه الوضوء أو الغسل فخو نجس كالمني لما أن أصله دم والقيح والصديد والذي والودي والقيء ملاء الفم والخمر خصه بالذكر لاتفاق الروايات على تغليظه وفي باقي الأشربه ثلاث روايات التغليظ والتخفيف والطهارة كذا في البدائع وينبغي ترجيح التغليظ لما مر وكون الرحمة في غيره ليست قطعية لا أثر له في التخفيف ولذا أول قول صاحب الهداية في المغلظة لأنها ثبتت بدليل مقطوع به أي بوجوب العمل به لكن في منية المفتي صلى وفي ثوبه دون الكثير الفاحش من السكر أو المنصف تجزئه في الأصح وهذا يفيد ترجيح التخفيف وخرؤ الدجاج بالفتح والضم أي وخرؤ الدجاج من كل طير لا يذرق في الهواء فدخل البط وفيه روايتان وفي البزازية إن كان يعيش بين الناس ولا يطير فكالدجاج وإلا فكالحمام وخرؤ ما يزرق

وبول ما لا يؤكل والروث والخثي وما دون ربع الثوب من مخفف كبول ما يؤكل .. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الهواء نجس غير أنه قدم أنه خرؤ ما يؤكل كالحمام والعصفور طاهر وسيأتي أن ما لا يؤكل مخففه وبول ما لا يؤكل هذا محذوف في أكثر النسخ وعلى إثباته فإنه خصه بالذكر مع دخوله فيما مر دفعا لتوهم أن المراد بالبول هو بول الآدمي لأنه المتبادر عند الإطلاق والروث فهو الخارج من ذي حافر كالحمار والفرس والخثى بكسر المعجمة وسكون المثلثة جمع أخثاء الخارج من ذي ظلف كالبقر والبعير والأيل والغنم خاصة والغائط للآدمي ولا خلاف بين الإمام وصاحبيه في تغليظ ما من الآدمي ونجو الكلب ورجيع السباع وفيما سوى ذلك اختلفوا واعلم أن الظاهر من إطلاقهم نجاسة شيء التغليظ كالآسار النجسة وثوب الحية الذي لم يدبغ والدودة الساقطة من السبيلين على القول أنها ناقضة وما أبين من الحي ولو سنا ومثانة الغنم ومرارته وعفي ما دون ربع الثوب من نجس مخفف لأن التقدير فيه بالكثير الفاحش وللربع حكم الكل في الأحكام مروي ذلك عن الإمام والثالث وهو الصحيح وكلامه يعطي اعتبار ربع جميع الثوب قال في المبسوط وهو الأصح وعن الإمام ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر قال الأقطع وهذا أصح ما روي فيه وفي التحفة إنه الأصح ويظهر أن اعتبار الربع أحسن لاعتبارهم إياه كثيرا كالكل في مسألة الثوب تنجس إلا ربعه وانكشاف ربع العضو من العورة بخلاف ما دونه فيهما غير أن ذلك الثوب الذي هو عليه إن شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه لأنه الكثير بالنسبة إلى الثوب المصاب كذا في الفتح وجعل في البحر هذا توفيقا بين ما مر من الروايتين وهذا أحسن جدا وأقول فيه نظر بل إنما فيه تقييد حسن لمحل الخلاف وذلك أن أعتبار ربع الجميع محله ما إذا كان لابسا له أما إذا لم يكن عليه إلا ثوب تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه أي اتفاقا ومقتضى القول الثاني أنه لو كان عليه ثوب كامل تنجس منه أقل من الربع إلا أنه لو اعتبر أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة بلغ منه ربعا وقيل إنما يعتبر ربع المصاب كالذيل والكم ونحوه وصححه في البدائع وغيره قال في الحقائق وعليه الفتوى وما في الكتاب أولى لما مر ولا شك أن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ولضعف وجه هذا القول لم يعرج عليه في فتح القدير كبول ما يؤكل لحمه من الحيوان

والفرس وخرؤ طير لا يؤكل ودم السمك ولعاب البغل والحمار وبول انتضح كرؤوس الإبر ـــــــــــــــــــــــــــــ عند الإمام والثاني لتعارض النصين على قوله أعني حديث العرنيين المعروف واستنزهوا من البول واعترض الإمام قائل بنسخ حديث العرنيين فأنى يصح معارضا وأجيب بأنه قال بالرأي ولم يقطع به فكانت صورة التعارض قائمة كذا في الكافي وفيه نظر لا يخفى ولاختلاف العلماء على قول الثاني وطهره الثالث والفرس خصه بالذكر لاختلاف الرواية في كراهة أكلها وعلى ككل تقدير فليست للنجاسة بل لأنها آلة للجهاد وبدليل الاتفاق على طهارة سؤرها وخرؤ طير لا يؤكل وقالا مغلظة كما رواه الهندواني وروى الكرخي طهارته عندهما ونجاسته عند محمد وصحح الشارح وغيره رواية الهندواني قال ابن أمير حاج وهي أوجه وصحح في المبسوط والحقائق رواية الكرخي ولا يخفى أنها بقولهما أنسب إذ لا وجه للتغليظ مع ثبوت الاختلاف وما في البحر من أن رواية الكرخي ضعيفة وإن رجحت فمنعه ظاهر إذ لو اعتبر هذا المعنى لما ثبت تخفيف باختلاف أصلا وقول المخالف بعد إثبات ضعف دليله ورده مؤثر في التخفيف وعفي دم السمك كبيرا كان أو صغيرا وكذا لعاب البغل والحمار وفيه نظر إذ العفو يقتضي النجاسة ودم السمك وما عطف عليه طاهر في ظاهر الرواية كذا في الشرح ويمكن أن يقال قد قيل بأن الشك في لعاب البغل والحمار في طهارته وعليه فالعفو على بابه وذكر دم السمك معه رعاية لصورته وعفي بول انتضح أي ترشرش منه كرؤوس الأبر خرج بذلك ما لو كان مثل رؤوس المسال حيث يمنع إن زاد على الدرهم في المغلظة وبلغ الربع في غيرها وفي ذكر الرؤوس إيماء إلى أنه لو كان قدر جانبها يعتبر والحكم أنه لا يعتبر كذا في الشرح والمصنف تبع محمدا في التعبير كما في المعراج على أن الهندواني قائل باعتباره وإن كان غيره من المشائخ لا يعتبره دفعا للحرج وما لم يعتبر لو كثر بإصابة الماء لا يجب غسله وفي المجتبى لو انبسط وما ترشرش على الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكن الامتناع عنه ما دام في علاجه لا ينجسه وما ترشرش من السوق عليه لو صلى به لم يجزه لغلبة النجاسة في أسواقنا وقيل تجزئه وعن الدبوسي طين الشارع ومواطن الكلاب طاهر وكذا الطين المسرقن وردغة طريق فيه نجاسة إلا إذا رأى عين النجاسة قال رحمه الله هذا صحيح من حيث الرواية وقريب من حيث المنصوص

والنجس المرئي يطهر بزوال عينه إلا ما يشق وغيره بالغسل ثلاثاَ والعصر في كل مره ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الأصحاب والنجس المرئي بعد الجفاف يطهر محله بزوال عينه ولو بمرة على الظاهر ولم يقل: بغسلة لما مر من أنه قد يكون بغيره كالدلك إلا ماشق قيل استثناء للعرض من الجوهر فهو منقطع وقيل: بل من العرض أي: بزوال عينه وأثره إلا ما شق بأن يحتاج إزالته إلى إستعمال غير الماء ولو غليا بالنار والأثر واللون والريح وفي غاية البيان أنه يعفى عن الريح لكن في التجسيس: صب في خمر غسل ثلاثاَ لا يطهر إلا إذا لم يبق فيه رائحة الخمر فإن بقيت فلا يجوز أن يجعل فيه شئ من المائعات سوى الخل وفي الخلاصة تطهيره أن يجعل فيه الماء ثلاثا كل مره ساعة إن كان جديدا عند الثاني وعند محمد لا يطهر أبدا من غير تفصيل بين بقاء الرائحة أو لا والتفصيل أحوط كذا في الفتح ثم قال لو صبغ ثوبه أو يده بصبغ أو حناء نجسين فغسل إلى أن يصفو الماء طهر مع قيام اللون وقيل: يغسل بعد ذلك ثلاثا وعبارته في الخيانه اختصبت بحناء نجس فغسلت ذلك الموضع ثلاثا بماء طاهر يطهر لأنها أتت بما في وسعها وينبغي أن لا يكون الماء طاهرا ما دام يخرج منه الماء الملون بلون الحنا تؤذن بأن ما جزم به في الفتح بحث لقاضي خان وأن المذهب الأول في المجتبي غسل يده من دهن نجس طهرت ولا يضر أثر الدهن على الأصح وغيره أي غير النجس المرئي يطهر بالغسل ثلاثا في ظاهر الرواية لأن غلبة الظن به تحصل فأقيم السبب الظاهر مقامه تيسيرا ومن هنا اعتبر بعضهم الغلبة وقال في منبيه المفتي وبه يفتى وجعل الأول في السراج قول البخاريين والثاني قول العراقيين قال والظاهر الأول إن لم يكن موسوما والثاني إن كان وهو توفيق حسن والعصر في كل مره في الظاهر الرواية بحيث ينقطع التقاطر واكتفى في رواية الأصول بمرة وهي أرفق وعن الثاني تخصيصه باليابسة أما الرطبة فلا يشترط فيها العصر قال في السراج وهو المختار وهذا في غير الجاري ولو غمس فيه المتنجس قال في الفتح ويخص من استراط العصر ما قاله الثاني في إزار الحمام إذا صب عليه ماء كير وهو عليه طهر بلا عصر حتى ذكر الحلواني أن النجاسة لو كانت دما أو بولا وصب عليه الماء كفاه على قياس قول الثاني في إزار الحمام لكن لا يخفى

وبتثليث الجفاف فيما لا ينعصر وسن الاستنجاء ........ ـــــــــــــــــــــــــــــ أن ذلك لضرورة ستر العورة فلا يلحق به غيره وتترك الرواية الظاهرة فيه واعترضه في البحر بما في السراج لو صب الماء على الثوب النجس إن أكثر الصب بحيث يخرج ما أصاب الثوب من الماء ويخلفه غيره ثلاثا فقد طهر لأن الجريان بمنزلة التكرار والعصر المعتبر غلبة الظن هو الصحيح انتهى. وعليه فلا فرق بين بين إزار الحمام وغيره وليس الاكتفاء في الإزار إلا لضرورة الستر وظاهر ما في الخانية أن تنجس الإزار إنما هو بماء الاغتسال من الجنابة على رواية نجاسة الماء المستعمل انتهى. وقالوا: نعتبر قوة كل عاصر دون غيره وعليه الفتوى ولو لم يصرفها لرقته قيل: لا يطهر وقيل ي طهر للضرورة وهو الأظهر كذا في السراج. (وبتثليث الجفاف) وهو انقطاع التقاطر فيما (لا ينعصر) كالخزف والآجر لأن للتجفيف أثر في استخراج النجاسة وقيده في المحيط بما إذا كان يتشرب، وغيره يطهر بالغسل فقط بشرط ذهاب الأثر أعني الطعم وأخويه فإن بقي واحد لم يطهر في قول أكثر المشايخ قال الحلبي: وهذا بإطلاقه يفيد أن الأثر لا يغتفر وإن شق بخلافه في الثوب ونحوه والفرق بينهما لا يعرى عن شيء ولعل وجهه أن بقاء الأثر دال على قيام شيء من العين بخلاف الثوب ونحوه لجواز أن يكون يكون الاكتساب فيه للمجاورة واستمرت بعد اضمحلال العين. واعلم أن طهارة المتشرب قول الإمام والثاني ونفاها الثالث فالسكين المموهة بنجس تموه ثلاثا بطاهر وكذا الجلد المدبوغ بنجس يغسل ثلاثا ويجفف كل مرة وكذا الحنطة المنتفخة من بول وفي التنجيس لو طبخت في خمر قال الثاني: يغسل بالماء ثلاثا وتجفف كل مرة وكذا اللحم وقال الإمام: لا تطهر أبدا وبه يفتى. (وسن الاستنجاء) وهو لغة من نجوت الشجرة وأنجيتها قطعتها كأنه يقطع الأذى عنه وفي المغرب نجى وأنجى أحدث أصله من النجوة وهي المكان المرتفع لأنه يتستر بها وقت الحاجة ثم قالوا: استنجى إذا مسح موضع النجو وهو ما يخرج من البطن أو غسله ويجوز أن يكون السين للطلب أي: طلب إزالة النجوى أي: النجاسة وشرعا إزالة ما على السبيل من النجاسة كذا في الفتح، وعرف منه أنه لا يسن من الريح بل هو بدعة ولا من النوم والفصد ولا من الحصى الخارجة من إحدى السبيلين كما في السراج إذ لا يخرج معها شيء يزال ووقع في البحر ها هنا وهم فاجتنبه وأطلق في النجاسة إيماء إلى أنه لا فرق بينها وبين المعتادة وغيرها حتى لو خرج من إحدى السبيلين دم أو قيح طهر بالحجارة على الصحيح وقيل: لا يطهر إلا بالماء وبه جزم في السراج ولم يقل: منه دلالة على أنه لو أصاب موضع الاستنجاء نجاسة من

بنحو حجر منق وما سن فيه عدد وغسله بالماء أحب ـــــــــــــــــــــــــــــ الخارج طهرت بالحجارة أيضا كما في الشرح ولا ترد المستحاضة حيث لا يجب عليها الاستنجاء منها لما أنه قد سقط نجاسة دمها كما في السراج. (بنحو حجر) مما هو عين طاهرة مزيلة لا قيمة لها كالتراب والعود والجلد المتميز (منق) قال في السراج: لم يرد به حقيقة الإناء تقليل النجاسة انتهى ولذا ينجس الماء القليل إذا دخله المستنجي ولقائل منعه لجواز اعتبار الشرع طهارته بالمسح كالنعل وقدمنا حكاية الروايتين في نحو المني إذا فرك وأصابه الماء وقد صرح بالخلاف في تنجس السبيل بإصابة الماء وقياسه أن يجريا أيضا هنا وإلا لا ينجس الماء على الراجح فإن المختار عدم عوده نجسا وأجمع المتأخرون على أنه لا ينجس بالعرق حتى لو كان سال منه وأصاب الثوب أو البدن أكثر من قدر الدرهم لا يمنع كذا في الفتح وهذا هو المناسب لما في الكتاب. وفي البزازية: لو استنجى بالأحجار ثم فسا وقد ابتلت سراويله يعني بالماء أو العرق تنجس في المختار ولو زاد على أدنى المانع وفيه ترجيح للرواية الثانية على قياس ما سبق وعلى الأولى فينبغي عده في المطهرات ولم أر من نبه على ذلك وكيفية الاستنجاء به أن يأخذ ذكره بشماله مارا به على نحو الحجر ولا يأخذ واحدا منهما بيمينه ولا يحركه لأنه أهون من العكس كذا في المجتبى وينبغي أن يخطو قبله خطوات للاستبراء. وفي المنتقى والاستبراء واجب وفي التعبير بالإنقاء إيماء إلى أنه لا يتقيد بكيفية من الكيفيات المذكورة في الكتب نحو إقباله بالحجر في الشتاء وإدباره في الصيف وأراد بالسنة المؤكدة لكن محلها ما إذا وجد خاليا فإن لم يجده ترك الاستنجاء فلو كشف له صار فاسقا أما إذا كشف للتغوط لم يفسق كذا في عقد الفرائد بحثا وهو حسن (وما سن فيه عدد) معين وهو ثلاثة أحجار بل هو مستحب فقط وغسله أي: موضع الاستنجاء بالماء أحب أي: أفضل من الاقتصار على الحجر لأنه أقلع للنجاسة فظاهره أن الاستنجاء بالماء مندوب مطلقا كذا في البحر وأقول: فيه نظر بل فيه إيماء إلى أنه مسنون وأنى يكون المستحب أفضل من المسنون.

ويجب إن جاوز النجس المخرج ويعتبر القدر المانع وراء موضع الاستنجاء لا بعظم وورث ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي فتح القدير الاستنجاء بالماء سنة مؤكدة في كل زمان للمواظبة ولا كلام أن الجمع بينهما أفضل وقد قيل: إنه سنة في زماننا وقيل: على الإطلاق وهو الصحيح وعليه الفتوى كذا في السراج ولم يقيد الغسل بعدد إيماء إلى تفويضه إلى رأيه وهو الأصح فيغسل حتى يقع في قلبه أنه طهر ويجب أي: غسل موضع الاستنجاء بالماء والمائع القالع وحذفه استغناء بما سبق أول الباب (إن جاوز النجس المخرج) وعبارة القدوري: فإن جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز فيها إلا الماء وهذا أولى من قول الشارح أي: الاستنجاء بالماء إذ لا اختصاص لهذه الحالة به بل كذلك يجب لو كان جنبا أو كانت حائضا أو نفساء ومن ثم زاده عليه فهو على أربعة أقسام ولأن التعريف المتقدم لا ينطبق عليه فالظاهر أنه سنة فقط وما عداه من باب إزالة النجاسة أو الحدث عن البدن وقد يقال: إن مقتضاه عدم إجزاء الحجر فيه والمنقول أنه يجوز ففي السراج لا خلاف في وجوب إزالته إذا جاوز المخرج هو الصحيح إنما الخلاف هل يجوز بالحجر؟ فعندهما يجوز خلافا لمحمد وأما البول إذا جاوز رأس الإجليل بأكثر من قدر الدرهم فالظاهر أنه لا يجزئ فيه الحجر عند الإمام خلافا لمحمد. (ويعتبر القدر المانع) وراء موضع الاستنجاء حتى لو كان مع موضع الاستنجاء أكثر من قدر الدرهم ومنفردا درهم فما دون لا يمنع ولم يقل: موضع المخرج إيماء إلى أنه لا بد أن يجاوز ما حوله من موضع المخرج أيضا كذا في البحر. وأقول: هذا مناف لما قدمه فإن موضع الاستنجاء خاص بالمخرج وما حوله ليس من محل الاستنجاء في شيء بل من باب إزالة النجاسة عن البدن وهذا قولهما بناء على أن المخرج في حكم الباطن وقال محمد: يعتبر مع موضع الاستنجاء لو كانت المقعدة كبيرة وكان فيها أكثر من قدر الدرهم اكتفى بزواله بغير الماء وعن ابن شجاع لا، والأول أشبه بقولهما وبه يؤخذ والثاني: بقول محمد (لا بعظم) أي: لا يحل له أن يستنجي بعظم وما عطف عليه للنهي عن ذلك ولو فعل صح لأن النهي لمعنى في غيره كذا قالوا وفيه تسامح لما مر من أن الاستنجاء ليس إلا سنة وإذا استنجى بالمنهي عنه ينبغي أن لا يكون مقيما لها كذا في البحر وأقول: فيه نظر للقطع بأن المسنون إنما هو الإزالة ونحو الحجر لم يقصد لذاته بل لأنه مزيل غاية الأمر أن الإزالة بهذا الحجر الخاص منهي عنها وإلا ينفى كونه مزيلا ونظيره لو صلى السنة في أرض مغصوبة كان إتيانها مع ارتكاب المنهي عنه (وروث) لنجاسته والمراد

وطعام ويمين. ـــــــــــــــــــــــــــــ به اليابس لقولهم: إنه لا ينفصل منه شيء فيخفف النجاسة الرطبة ورجيع وهو العذرة اليابسة وقيل: الحجر الذي قد استنجي به إلا أن يكون له حرف آخر لم يستنج منه (وطعام) وهو ما يطعم لأنه إسراف ومقتضى كلامهم كراهته باللحم النيء لا فرق في ذلك بين مطعوم الآدمي والدواب كالشعير والحشيش (ويمين) إلا يكون باليسرى مانع وزاد في العناية الورق فقيل: هو ورق الكتابة وقيل: ورق الشجر وكل منهما مكروه والزجاج والخزف وفي غيرها الفحم والشعر والقطن والخرق ويمكن إدراج المزيد في كلامه بأدنى تأمل والله الموفق.

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصلاة شرع في المقصود بعد بيان الوسيلة وهي اسم مصدر صلى والمصدر تصلية ووزنها فعلة واللام واو بدليل الجمع على الصلوات قلبت ألفا لوجود المقتضى وسمت واوا تفخيما واختلف في حقيقتها لغة فقال الزمخشري تبعا لأبي علي واستحسنه ابن جني: إن حقيقة صلى حرك الصلوين لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده وقيل: للداعي مصليا تشبيها في تخشعه بالراكع والساجد انتهى. والصلوان بالسكون العظمان الناتئان في أعالي الفخذين اللذان عليهما الإليتان وادعى أبو حيان أنهما عرقان وحاصله أن صلى حقيقة لغوية وتحرك الصلوين مجاز لغوي في الأركان المخصوصة استعارة يعني تصريحية في المرتبة الثانية في الدعاء تشبيها للداعي بالراكع والساجد واعترض عليه بأنه اشتقاق من اسم العين وهو قليل وأما التحريك فهو جهة الاتصال بين المشتق والمشتق منه على أن فيه مسامحة ظاهرة إذ المشتق منه إنما هو المفرد لا المثنى وبأنه يلزم أن يكون ورودها بمعنى الأركان أشهر عند العرب مع أنه لم يسمع في كلامهم فضلا عن أشهريته وعن هذا أجاب البيضاوي بأن عدم اشتهار المعنى الأول لا يقدح في نقله عنه والجمهور عن أن

وقت الفجر ـــــــــــــــــــــــــــــ حقيقتها الدعاء كما جزم به الجوهري وغيره لأن الشائع في كلامهم قبل ورود الشرع بالأركان المخصوصة ومنه قول الأعشى أو لبيد: تقول ابنتي وقد قربت مرتحلا ** يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي ** نوما فإن لجنب المرء مضطجعا وقد قربت جملة حالية ومرتحلا: أي إلى القبر ومقول القول يا رب جنب أبي الأوصاب أي: الأمراض ومثل يروى بالرفع على الابتداء قيل: وبالنصب على الإغراء وأجاز بعض الفضلاء كونه معمولا لصلى محذوفا وادعى السهيلي أنه لا يصح أن يكون معناها الدعاء لأنه يستعمل في الخير والشر بل هي راجعة إلى معنى الحنو والانعطاف. وشرعا الأفعال المخصوصة واختلف الأصوليون في الألفاظ الدالة على معان شرعية كالصلاة والصوم أهي منقولة على معانيها اللغوية إلى حقائق شرعية أم مغيرة أي: يزاد عليها قيود شرعية؟ قيل: بالأول قال في الغاية: وهو الظاهر لوجودها بدون في الأمي وقيل: بالثاني وأنه إنما زيد على الدعاء باقي الأركان المخصوصة وأطلق الجزء على الكل وما في البحر من أنها منقولة لا لما في الغاية بل لأن الدعاء ليس من حقيقتها بناء على أنه خلاف القراءة فممنوع وفرضت في الإسراء ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بسنة ونصف وسبب وجوبها أوقاتها بدليل تجدده بتجددها لكن لما يكن بينهما مناسبة ولا بد منها في السبب مع المسبب كان الوقت سببا ظاهريا والحقيقي إنما هو ترادف النعم والعامة على أنه الجزء الأول إن اتصل به الأداء وإلا انتقل إلى ما به يتصل فإن لم يؤد حتى خرج الوقت أضيف السبب إلى جميعه وبهذا اتجه وجه بدايته بالأوقات (وقت الفجر) سمي به لانفجار الظلام به وبدأ به لأنه لا خلاف في طرفيه ولأنه أول النهار وبدأ محمد في الجامع بالظهر قيل: لأنها أول صلاة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته قال في البحر: وبهذا اندفع السؤال المشهور كيف ترك صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح صبيحة الإسراء بعد فرضها وأقول: هذا بعد الإجماع على أن الفرض كان في الإسراء ليلا فيه نظر ولهذا جزم السروجي بأن الفجر أول الخمس وجوبا ويحمل الأول على الكيفية أي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أول صلاة بين كيفية افتراضها الظهر ولا شك أن وجوب الأداء متوقف على العلم بها فلذا لم يقض الفجر وقول القرافي أنه كان نائما ولا وجوب على النائم مردود فقد نقلوا الإجماع على أن المعذور بنوم ونحوه إذا فاتته صلاة أو صوم يلزمه القضاء نعم الخلاف ثابت في الترك عمدا وطائفة على عدمه لكنه خلاف قول الأئمة الأربعة وقد أشبع ابن العز في حاشيته الكلام على ذلك. تتمة: اختلف هل كان صلى الله عليه وسلم قبل البعثة متعبدا بشرع أحد فأبى ذلك بعضهم وهو مختار محققي أصحابنا لأنه عليه الصلاة والسلام قبل الرسالة في مقام النبوة لم يكن من أمة نبي قط بل كان يعمل بما يظهر له بالكشف الصادق من شريعة إبراهيم عليه السلام وغيره وأثبته آخرون فقيل: بشريعة نوح وقيل: إبراهيم وقيل: موسى وقيل: عيسى وقيل: بما ثبت أنه شرع كذا في التقرير الأكمل وفي التحرير، والمختار أنه كان متعبدا بما ثبت أنه شرع يعني لا على الخصوص وليس هو من قومهم لأنه ينقطع التكليف من بعثة آدم عموما كآدم ونوح وخصوصا ولم يتركوا سدى قط فلزم كل من تأهل وهذا توجيه في غيره عليه الصلاة والسلام أيضا وهو كذلك وتخصيصه اتفاقي انتهى. ويقول محققي أصحابنا قال الجمهور قال البليقيني: ولم نقف من السنة على كيفية تعبده وروى ابن إسحاق وغيره عليه الصلاة والسلام

من الصبح الصادق إلى طلوع الشمس والظهر من الزوال إلى بلوغ الظل مثليه سوى الفيء ـــــــــــــــــــــــــــــ كان يخرج إلى حراء في كل عام شهرا يتنسك أي: يتعبد فيه وكان من تنسك قريش في الجاهلية أن يطعم من جاءه من المساكين وإذا انصرف لم يدخل بيته حتى يطوف بالبيت وقيل: كانت عبادته الذكر والله الموفق/ من (الصبح الصادق) سمي به لأنه صدق عنه إذ هو البياض المنتشر في الأفق وخرج الكاذب وهو المستطيل الذي يبدو ثم يعقبه ظلام واختلف المشايخ في أن العبرة لأول طلوعه أو لانتشاره كذا في المجتبى قال في البحر: والظاهر الثاني لتعريفهم الصادق به وأقول: بل هو الأول ويدل عليه ما في حديث جبريل الذي هو أصل الباب "ثم صلى في الفجر يعني في اليوم الأول حين بزق وحرم الطعام على الصائم" بزق بمعنى بزغ وهو أول طلوعه إلى قبيل طلوع الشمس. (والظهر من الزوال) وهو ميل الشمس عن كبد السماء بعد انتصاف النهار (إلى بلوغ الظل مثليه سوى الفيء) أي: فيء الزوال بالهمز بوزن الشيء وهو الظل بعد الزوال وإنما سمي به لأنه فاء أي: رجع من جهة المغرب إلى المشرق وما قبل الزوال إنما سمي ظلا وقد سمي به ما بعده أيضا وأصح ما قيل في معرفته عن أبي شجاع أن ينصب عصا مثلا بين أوقات الضحى فما دام الظل ينقص فهي في الارتفاع فإذا زاد يحفظ مقدار الظل إذ ذاك فإذا بلغ ظل كل شيء مثله أو مثليه على الخلاف الآتي مع ذلك المقدار خرج وقت الظهيرة ودخل وقت العصر قال ابن الساعاتي: هذا في المواضع الذي لا تسامت الشمس رؤوس أهلها أما فيها فيعتبر المثل من عند ذي الظل وفي المجتبى لكل شيء ظل وقت الزوال إلا مكة والمدينة وفي غيره وصنعاء واليمن في أطول أيام السنة فإن الشمس تأخذ فيها الحيطان الأربعة إذا لم يجد ما يعرفه به اعتبر بقامته قيل: وقامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه وعامة المشايخ على أنها سبعة أقدام ووفق الزاهدي باعتبار السبعة من طرف سمت الساق والستة ونصف من طرف الإبهام وبهذا التقدير علم أن المراد بفيء الزوال ما قبله ففي إضافته

والعصر منه إلى الغروب والمغرب منه إلى غروب الشفق .... ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الزوال نوع توسع على أنه لا خلاف في أوله وإنما الخلاف في آخره فقال الإمام: إذا الظل مثلين وروى الحسن عنه المثل وبه أخذ أسد بن عمرو واختارها الكرخي عنه أن بينهما وقتا مهملا قال في المعراج: وهو الذي تسميه الناس بين الصلاتين وقد رجح غير واحد قول الإمام إلا أن الطحاوي قال: وبقولهما نأخذ وفي الفيض وبه يفتى والدلائل لكل معروفة. (والعصر) سمي بذلك لأنه يؤدي في أحد طرفي النهار والعرب تسمي كل طرف من النهار عصرا والعصران الغداة والعشي وقيل لتأخيرها، (منه) أي: من بلوغ الظل مثليه (إلى الغروب) وقال ابن زياد إلى الاصفرار لما في مسلم وقت العصر ما لم تصفر الشمس ولنا ما أخرجه الشيخان "من لأدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" والأول إما منسوخ أو محمول على الاختيار. فرع: لو غربت الشمس ثم عادت ذكر الشافعية أن الوقت يعود لأنه عليه الصلاة والسلام نام في حجر علي حتى غربت الشمس فلما استيقظ تذكر أنه فاتته العصر فقال: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه فردها حتى صلى العصر وكان ذلك بخيبر والحديث صححه الطحاوي وعياض وأخرجه جماعة منهم الطبراني بسند حسن وأخطأ من جعله موضوعا مابن الجوزي وقواعدنا لا تأباه.

وهو البياض والعشاء والوتر منه إلى الصبح ولا يقدم على العشاء للترتيب ... ـــــــــــــــــــــــــــــ (والمغرب منه إلى غروب الشفق) لرواية مسلم كما في الشرح وقت المغرب ما لم يسقط نور الشمس قال الحلبي: وكونه بالنون في مسلم الله أعلم به وإنما الذي فيه ثور الشفق بالثاء المثلثة أي: ثورانه وانتشاره وفي أبي داود فور بالفاء وهو بمعناه، انتهى. أراد ثوران حمرته (وهو) أي: الشفق (البياض) الذي بعد الحمرة في عباس وإليه رجع الإمام وعليه الفتوى لما ثبت عنه من حمل عامة الصحابة الشفق على الحمرة وإثبات هذا الاسم للبياض قياس في اللغة وهو لا يجوز كذا في شرح المجمع وبهذا التقرير اندفع ما في فتح القدير من أن هذا الترجيح لا يساعده فضيل "وإن آخر وقتها حتى يغيب الشفق" وغيبوبته بسقوط البياض الذي يعقب الجمرة وإلا كان باديا لأنه حيث ثبت رجوعه فقد ساعدته الرواية ولا شط أن سبب الرجوع قوى الدراية وعجيب من العلامة الحلبي كيف غفل عن هذا واستند إلى قول الكشاف في الانشقاق الشفق الحمرة التي في المغرب بعد سقوط الشمس وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن أبي حنيفة في إحدى الروايتين أنه البياض وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه انتهى. قال: فإن صح هذا فقد ساعدته الرواية/ انتهى. قال في التجنيس: وقول الإمام أوسع وقولهما أحوط. (والعشاء والوتر منه) أي: من غروب الشفق على القولين إلى الصبح الصادق أفاد أن وقتهما واحد هذا قول الإمام بناء على أنه فرض عملي وعندهما وقته بعد العشاء لأنه سنة. (ولا يقدم على العشاء للترتيب) جواب عن سؤال مقدر لم لا يجوز تقديمه بعد دخول وقته أجاب بأنه إنما لا يجوز للترتيب لا لأن الوقت لم يدخل

ومن لم يجد وقتهما لم يجبا ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا على قوله وعلى قولهما تبع للعشاء وأثر الخلاف يظهر فيما لو قدم الوتر عليها ناسيا أو تذكر أنه صلاها فقط على غير وضوء لا يعيده عنده وعندهما يعيد. (ومن لم يجد وقتهما) أي العشاء والوتر بأن كان في بلدة يطلع الفجر فيه كما يغرب الشمس قبل أن يغيب الشفق قال في المعراج: والثاني واقع في بلاد بلغار انتهى. وقيل: إنهم يمكثون أربعين ليلة في أقصر أيام السنة كما تغرب الشمس يطلع الفجر حكاه في معجم البلدان (لم يجبا) عليه حذف العائد ولا مسوغ لحذفه هنا سواء كانت موصولة أو شرطية وهذا قول البقالي وكان الحلواني يفتي بوجوب القضاء فلما بلغته مقالته أرسل إليه سائلا بخوارزم يسأله عمن أسقط من الخمس واحدة أيكفر؟ فقال له البقالي: كم فرض من قطعت يداه إلى المرفقين ورجلاه مع الكعبين؟ فقال له: ثلاث لفوات المحل قال: فكذلك الصلاة فاستحسنه الحلواني ووافقه كذا في المجتبى وأفتى الشيخ برهان الدين الكبير بوجوب العشاء لكن لا ينوي القضاء في الصحيح ونظر فيه الشارح أن الوجوب بدون السبب لا يعقد إذا لم ينو القضاء كان أداء ضرورة وهو فرض الوقت ولم يقل أحد بقاء العشاء بعد طلوع الفجر وجوابه إنا لا نسلم عدم السبب لما مر من أن الحقيقي إنما هو ترادف النعم وليس الوقت إلا إمارة على وجوب الخفي وانتفاء الدليل لا يستلزم انتفاء المدلول لجواز أن يكون له دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت عليه أخبار الإسراء من فرض الصلاة خمسا شرعا عاما لأهل الآفاق لا فرق فيه بين قطر وقطر وما أخبر به عليه الصلاة والسلام من مكث الدجال أربعين يوما يوم كسنة قالوا: يا رسول الله أيكفينا في ذلك اليوم صلاة قال: لا أقدر له فقد أوجب أكثر من ثلمثائة عصر قبل صيرورة الظل مثلا أو مثلين فاستفيد أن الواجب في نفس الأمر خمس وأن وجوبها لا يسقط بعدم الأوقات كذا في الفتح وبهذا علم الفرق بين هذا وسقوط غسل اليدين المقطوعتين ومن هذا قال ابن الشحنة في ألغازه الصحيح الوجوب لكن بقي أن

وندب تأخير الفجر وظهر الصيف والعصر ما لم تتغير ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ يقال: لا نسلم انتفاء الأوقات في يوم الدجال بل زمنه موجود والمفقود دائما هو العلامة بخلاف ما نحن فيه فإنه لا وجود لوقت زمن العشاء أصلا ليصلي فيه فافترقا فتدبره وظاهره أن من أوجب العشاء يلزمه أن يوجب الوتر أيضا وأما المغرب فيجب على كل حال لإدراك وقتها بالغروب. (وندب) الرجل (تأخير) صلاة الفجر بحيث لو ظهر فساد بحدث ولو أكبر أمكنه أن يتطهر ويصلي بقراءة مسنونة وقيل: بحيث يرى مواضع النبل لما أخرجه ابن عدي يا بلال نور بصلاة الصبح إلى أن يبصر القوم مواضع نبلهم من الأسفار ومشى على الأول في الخانية والمحيط والخلاصة والكافي وغيرها وفي السراج حد الإسفار أن يصلي في النصف الثاني واختار الطحاوي البداءة بغلس والختم بأسفار قال: موافقة لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو قول الثلاثة واستحسنه ابن الساعاتي قال الحلبي: ويعكر عليه أولا ما أخرجه عن إبراهيم النخعي فإن ظاهره يفيد التنوير مطلقا وثانيا أن نسند هذا القول إلى أصحابنا خلاف المشهور عنهم ثم في الخانية والبدائع تقييد قوله بما إذا كان يريد إطالة القراءة وإلا فالتنوير أفضل وللتأمل فيه مجال قيدنا بالرجل لأن الأفضل في حق المرأة أن تصلي الفجر بغلس وأن تنظر فراغ الجماعة في غيره ثم تصلي وقيل: الأفضل لها الانتظار في كل الصلوات مطلقا كذا في القنية. (وظهر الصيف) وخلفه كالجمعة. قال الإسبيجابي: لرواية النسائي عن أنس كان عليه الصلاة والسلام إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل. وحده أن لا يصلي قبل المثل وعبارته في البدائع: المستحب هو آخر الوقت في الصيف وشرط الشافعي شدة الحر وحرارة البلد والصلاة في جماعة وقصد الناس لها من بعيد وبه جزم في السراج على أنه مذهب أصحابنا إلا أن قوله في المجمع ونفضل الإبراد مطلقا وإطلاق الكتاب يأباه و (العصر) أي: وندب تأخير العصر مطلقا لرواية أبي داود "كان عليه الصلاة والسلام يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية" ولأن فيه توسعة للنوافل (مالم يتغير)

والعشاء إلى الثلث والوتر إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه .. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيكره التأخير كما في القنية أما فعل الصلاة فلا لأنه مأمور به كما في السراج إيماء إلى أنها لو تغيرت وهو فيها لإطالته لها لم يكره اتفاقا كما في المعراج وعلله في غاية البيان بأن الاحتراز عن الكراهة مع الإقبال على الصلاة متعذر فجعل عفوا وهذا يومئ إلى أنه لو أوقع التحريمة قبل التغير ثم تغيرت لم يكره وأقول: قد يشكل على هذا الاتفاق ما سيأتي من أنه لو أخر المغرب يعني إلى اشتباك النجوم بتطويل القراءة ففيه خلاف ومقتضاه أن يجري هنا أيضا إذ لا فرق يظهر فتدبر وأبهم التغيير للاختلاف في معناه والأصح فيه ما روي عن الإمام والثاني وبه أخذ مشايخ بلخ أن لا تحار العين في القرص. (و) ندب تأخير (العشاء إلى الثلث) أي: ثلث الليل وعبارة القدوري إلى ما قبل الثلث وما هنا جرى عليه في الخلاصة والمختار وغيرهما وقيده في الخانية والتحفة ومحيط رضى الدين والبدائع بالشتاء أما في الصيف فيندب فيه التعجيل وحمل ابن الملك ما في القدوري على الصيف وما هنا على الشتاء وارتضاه في البحر وفيه نظر لما علمت من أنه يندب التعجيل في الصيف وكلام القدوري في التأخير ومن ثم قيده في السراج بالشتاء ثم رأيت بعض المحققين قال: ينبغي أن تكون الغاية داخلة تحت المغيا في كلام القدوري وغير داخلة في قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل" لينطبق الدليل على المدعي انتهى وهذا أحسن ما به يحصل التوفيق (و) ندب تأخير (الوتر إلى آخر الليل) لحديث الصحيحين: اجعلوا آخر صلاتكم وترا. (لمن يثق) من نفسه (بانتباه) قيد به لأنه لو لم يثق أوتر أوله لرواية الترمذي " من يخشى منكم أن لا يستيقظ من الليل فليوتر أوله" فإذا استيقظ بعد ذلك فاتته

وتعجيل ظهر الشتاء والمغرب وما فيها عين يوم غين ويؤخر غيره فيه ومنع عن الصلاة ... ـــــــــــــــــــــــــــــ الفضيلة (و) ندب (تعجيل ظهر الشتاء) لما روينا وظاهر اقتصارهم أن المراد به ما ليس بصيف فدخل الربيع كما كما أن المراد بالصيف ما ليس بشتاء فدخل الخريف وإلا فالحقائق متباينةلما في أيمان الخلاصة الشتاء ما اشتر فيه الحر على الدوام والربيع ما انكسر فيه البرد والخريف ما انكسر فيه الحر على الدوام وقيل: غير ذلك وندب أيضا تعجيل المغرب بأن لا يفصل بين الأذان والإقامة بغير جلسة أو سكتة على الخلاف الآتي وتأخير الصلاة ركعتين مكروه قال في القنية: إلا أن يكون قليلا وما روى الأصحاب عن ابن عمر أنه أخرها فأعتق رقبة يقتضي أن ذلك القليل الذي لا يتعلق به كراهة يوما قبل ظهور النجم كذا في الفتح وفي الأذان منه قولهم بكراهة الركعتين قبل المغرب يشير إلى أن تأخير المغرب قدرهما مكروه وقدمنا عن القنية استثناء القليل فيجب حمله على ما هو أقل من قدرهما إذا توسط فيهما ليتفق كلام الأصحاب انتهى. وهذا هو الحق وفي المبتغى يكره تأخير المغرب وفي رواية وفي أخرى ما لم يغب الشفق والأصح الأولى إلا من عذر كسفر ونحوه أو يكون قليلا وفي الكراهة بتطويل القراءة خلاف ومقتضى ما مر ترجيح عدمها بالتطويل وبه جزم في العناية وقال الحلبي: إنه الظاهر واعلم أنها قدر ركعتين تنزيهية وصرح في القنية بأنها إلى اشتباك النجوم تحريمية وبهذا التقرير علمت أن ما قاله ابن أمير حاج من أن الظاهر أنه لو أتى بها قبل اشتباك النجوم كان مباحا غير مكروه وإنما يأتي على مقابل الأصح والله أعلم (وما فيها) أي: وتعجيل الصلاة التي فيها (عين) مهملة كالعصر والعشاء (يوم غين) بمعجمة لغة في الغيم اختارها رعاية للجناس المصحف وعجل لئلا يقع العصر في التغير وتقبل الجماعة في العشاء وهذا هو ظاهر الرواية كما في المعراج وروى الحسن أنه يندب التأخير في كل الأوقات احتياطا واختاره الإتقاني (ويؤخر غيره) أي: غير ما فيه غين (فيه) أي: فيوم الغين أما الفجر فلتكثر الجماعة وأما غيره فلمخالفة الوضوع قبل الوقت قال العيني: وهذا في ديارهم لكثرة شتائها وقلة رعاية أوقاتها أما في الديار المصرية فعكس هذا فينبغي أن يراعى الحكم الأول. (ومنع) المكلف منع تحريم للنهي الآتي وهو أ'م من عدم الصحة (عن الصلاة) فرضا كان أو نفلا. اعلم أن الفرض ولو وترا والمنذور مطلقا وركعتي الطواف وما أفسده من النفل في وقت غير مكروه لا ينعقد واحد منها في هذه الأوقات للنقص الحاصل في الأركان لا في ذات الوقت فسقط ما قيل: لو ترك واجبا صحت مع ثبوت

وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة عند الطلوع والاستواء .... ـــــــــــــــــــــــــــــ النقص أما المنذور في الوقت المكروه فيصح وكذا النفل بدليل وجوب القضاء بقطعه إلا أنه يجب قطعه وقضاؤه في وقت غر مكروه في ظاهر الرواية ولو أتمه خرج عن العهدة مع الكراهة كما لو قضاه في وقت المكروه وبهذا التقرير علمت أن كلامه ساكت عن عدم الصحة في الفرض ونحوه وعن الصحة في النفل وغيره. (وسجدة التلاوة) المتلوة في الأوقات الصحيحة وأما سجدة الشكر لنعمة سابقة فينبغي أن تصح أخذا من قولهم: لأنها وجب كاملة وهذه لم تجب وفي القنية: يكره أن يسجد شكرا بعد الصلاة في الوقت الذي يكره النفل فيه ولا يكره في غيره وفي سجدة التلاوة من المعراج وأما ما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أو سنة. (وصلاة الجنازة) التي حضرت في الوقت الصحيح أما المتلوة والحاضرة فيه فلا يكره فعلها أي: تحريما إلا أن التأخير أفضل وخصه في التحفة بالتلاوة قال في البحر: وظاهر التسوية بينهما لو حضرت في وقت غير مكروه فأداها في مكروه أن لا تصح وتجب إعادتها كالتلاوة إلا أن المذكور في الإسبيجابي وسجود السهو كالتلاوة حتى لو دخل في وقت الكراهة وعليه سهو سقط لأنه لجبر النقصان المتمكن في الصلاة فجرى مجرى القضاء وقد وجب القضاء كاملا كذا في شرح المنية. (عند الطلوع) بأن لم ترتفع قدر رمح أو رمحين كما في الأصل وقال ابن الفضل: أن لا تحار العين في قرصها قال الحلبي: وكأن هذا مأخوذ من مقابلة في التغيير فإن ارتفعت أو فيها العين حارت فقد طلعت وأفاد في القنية أن العوام لا يمنعون من فعل الصلاة في هذا الوقت لأنهم يتركونها أصلا ولو صلوها جازت عند أهل الحديث والأداء الجائز عند البعض أولى من الترك أصلا. (والاستواء) أي: استواء الشمس في كبد السماء وهذا أولى من التغيير بوقت الزوال لعدم كراهة الصلاة وقته إجماعا ثم هذا على إطلاقخ قولهما خلافا للثاني في إباحة النفل يوم الجمعة ووقت الاستواء لما في مسند الشافعي: نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. ولنا ما في مسلم من حديث عقبة بن عامر: " ثلاثة أوقات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نصلي فيها وأن نقبر فيها موتانا عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند زوالها حتى تزول وحين تضيف للغروب

والغروب إلا عصر يومه وعن التنفل بعد صلاة الفجر والعصر .... ـــــــــــــــــــــــــــــ وحتى تغرب" أي تميل بمثناة فوقية فضاد معجمة مفتوحتين فمثناة تحتية مشددة والأصل فتضيف وكنى بقوله وأن نقبر عن صلاة الجنازة لأن الدفن غير مكروه والمحرم مقدم على المبيح قال في الفتح: وقد يقال: يحمل المطلق على المقيد لاتحادهما حكما أو حادثة وفيه تقوية لقول الثاني ولذا قال في الحاوي أن عليه الفتوى قاله الحلبي (و) عند (الغروب إلا عصر يومه) لأنه مأمور بالأداء فيه وهو غير مكروه إنما المكروه التأخير كما مر قال في الكافي: وقيل: الأداء مكروه أيضا وبه جزم في البدائع والتحفة وشرح الطحاوي وغيرها على أنه المذهب من غير ذكر خلاف إلا أن الأليق بكلامه الأول لمن تأمل قيد بعصر يومه لأن عصر أمسه في هذا الوقت غير جائز لما أنه ثبت في الذمة كاملا إذ لا نقص في نفس الوقت بل المفعول فيه إلا أن يحمل ذلك النقص لو أدى فيه العصر ضروري للأمر به فإذا لم يوجد لم يوجد النقص الضروري وهو في نفسه كامل فيثبت في ذمته كذلك ولهذا خرج الجواب عما لو أسلم الكافر وقت الاصفرار ولم يؤد فإنه ينبغي يجوز قضاؤه في ذلك الوقت لأنه أداه كما وجب لكنه لا يجوز لما علمت وبهذا التقرير علمت أنه لو صلى الظهر ثم استمر حتى غربت أنها تفسد كما بحثه بعض الطلبة وهو متجه وذلك لأنها وإن فاتت إلا أنها تقررت في ذمته كاملة فلا تؤدى بالناقص. فرع: قال في البغية: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء والتسبيح في هذه الأوقات أفضل من قراءة القرآن ووجهه في البحر بأن القرآن من أركان الصلاة وهي مكروهة فالأولى ترك ما كان ركنا لها (و) منع (عن التنفل) القصدي ولو تحية مسجد (بعد صلاة الفجر والعصر) لما في الصحيحين: "لا صلاة بعد العصر حتى

لا عن قضاء فائتة وسجدة تلاوة وصلاة جنازة .... ـــــــــــــــــــــــــــــ تغرب الشمس ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولما كانت الكراهة لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا لمعنى في الوقت لم يظهر ذلك في حق الفرائض ومقتضى الإطلاق كراهة التنفل بعد العصر المجموعة مع الظهر بعرفات قال العلامة الحلبي: ولم أقف عليه لأهل المذهب. أقول: هذا عجيب ففي فتح القدير ما لفظه: وذكر بعضهم لا يتنفل بعد صلاة الجمع بعرفة والمزدلفة وعزاه في المعراج إلى المجتبى وفي القنية لمجد الأئمة الترجاني وظهير الدين المرغيناني. لا يمنع (عن قضاء) فريضة (فائتة) ولو وترا قيد بذلك لأن قضاء ما أفسده من النفل في وقت مستحب غير صحيح وكذا سنة الفجر على الأصح (وسجدة تلاوة وصلاة جنازة) والأصل إنما يتوقف وجوبه على فعله كالمنذور وقضاء تطوع أفسده وركعتي الطواف وسجدتي السهو ونحوها لا يجوز وما لا يتوقف عليه كسجدة التلاوة وصلاة الجنازة يجوز كذا في المجتبى قال في البحر: واقتصر على الثلاثة ليفيد أن بقية الواجبات من الصلاة داخل في النفل كالذي أفسده منه والمنذور وركعتي الطواف لأن ما التزمه بالنذر نفل وظاهر كلامه أن القضاء لا يمنع بعد العصر ولو إلى الغروب. وأقول: التحقيق أن يقال: لما كان التقييد بالتنفل يفهم الجواز فيما عداه وليس بالواقع نص على ما هو الجائز ليعلم عدم الجواز فيما عداه من غير النفل ولولا هذه النكتة لما احتيج إلى ما ذكر إذ التقييد بالتنفل يغني عنه وهذا دقيق جدا فتدبره إذ به يستغنى عن إخراج النفل عن معناه الشرعي لأنهم قد عرفوه بأنه فعل ليس بفرض ولا واجب ولا مسنون وكون ظاهر كلامه جواز قضاء العصر إلى الغروب ممنوع وأنى يتوهم ذلك مع ما قدمه من قوله إلا عصر يومه؟

وبعد طلوع الفجر بأكثر من سنة الفجر وقبل المغرب ... ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) منع أيضا عن التنفل (بعد طلوع الفجر بأكثر) أي: أزيد من صلاة الفجر لما في أبي داود وغيره: " لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين ويخفف القراءة فيهما فقد كان عليه الصلاة والسلام "يقرأ في الأولى الكافرون وفي الثانية بالإخلاص" قيد بالطلوع لأنه لو شرع قبله فلما صلى ركعة طلع أتمها ولا ينوبان عن سنة الفجر في الأصل. (و) منع أيضا عن التنفل قبل صلاة المغرب لقول ابن عمر: ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما" قال في الفتح: من النوافل وهذا إنما يفيد نفي المندوبية أما ثبوت الكراهة فلا إلا بدليل وما ذكر من استلزام تأخير المغرب فقد قدمنا عن القنية استثناء القليل والركعتان لا تزيد على القليل إذا تجوز فيهما انتهى. وأنت خبير بأن هذا لا يجاء مع ما قدمنا من جواب حمل استنثاء القليل على ما هو أقل منه من قدرهما أي: مما لا يعد تأخيرا وقوله في البحر: الذي ينبغي اعتقاده الندب لرواية البخاري و"صلوا قبل المغرب بركعتين" وما ذكر من الجواب لا يدفعه ممنوع إذ عدم ظهور الدليل لا يوجب إبطال المدلول على أن ما مر عن ابن عمر ظاهر في النسخ لاستبعاد بقائه مع عدم فعل الصحابة له قيد بالتنفل لأن قضاء الفائتة وسجدة التلاوة وصلاة الجنازة جائز كما في الخلاصة والخانية أي: من غير كراهة وقولهم يبدأ بالمغرب ثم بالجنازة ثم بالسنة بيان للأفضل إلا أنه في شرح المنية

ووقت الخطبة وعن الجمع بين صلاتين في وقت بعذر .... ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: الفتوى على تأخير الجنازة عن السنة لأنه إلحاق لها بالصلاة اعلم أن تأخيرها قدر ركعتين مكروه تنزيها ومقتضاه أن التنفل قبلها مكروه تنزيها أيضا وحينئذ فيشكل إطلاق المنع في كلامه. (و) منع أيضا عن التنفل (وقت الخطبة) أي خطبة كانت أعني سواء كانت الجمعة الجمعة أو عيدا أو استسقاء أو حج أو ختم قرآن أو نكاح لما فيه من الاشتغال بسماع الخطبة وصرح في المجتبى بأن الاستماع إلى خطبة النكاح والختم وسائر الخطب واجب فما في القنية من أنه لا يكره الكلام في خطبة العيد ضعيف وإلى هنا تمت أوقات الكراهة ثمانية وسيأتي ما إذا خرج الإمام للخطبة وقبل العيدين وبعدهما في المسجد فقط وبقي ما إذا أقيمت الصلاة فإن التطوع مكروه إلا سنة الفجر إن لم يخف فوت الجماعة كذا في البحر لكن سيأتي أنه إذا أمكنه إدراك الإمام في الركعة الأولى المكتوبة وعند مدافعة الأخبثين وعند حضور الطعام إن طلبته النفس وكل وقت يوجد فيه ما يشغل البال كائنا ما كان كذا في شرح المنية وقدمنا بعد صلاة الجمعة بعرفة والمزدلفة والله الموفق. تكميل: قال في المجتبى: ويتصل بهذا كراهة الكلام فيكره بعد الفجر إلى أن يصلي إلا بخير وفي إبطال السنة به كلام سيأتي ولا بأس به وبالمشي لحاجته بعد الصلاة به وقيل: يكره إلى طلوع الشمس وقيل: إلى ارتفاعها أما بعد العشاء فأباحه قوم وحظره آخرون وكان عليه الصلاة والسلام "يكره النوم قبلها والحديث بعدها" والمراد ما ليس بخبر وإنما يتحقق في كلام هو عبادة إذ المباح لا خير فيه كما لا إثم فيه فيكره في هذه الأوقات لسعة المقال في هذا المقام مجال لولا مخافة الإطالة في تفصيل الأحوال. (و) منع أيضا (عن الجمع بين صلاتين في وقت واحد بعذر) من الأعذار كسفر ونحوه، إلا ما سيأتي من الجمع بعرفة والمزدلفة لما أخرجه الشيخان عن ابن مسعود و"الذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع" وجوز الشافعي الجمع

باب الأذان

باب الأذان سن ـــــــــــــــــــــــــــــ للعذر فإن كان جمع تقديم شرط فيه تقديم الأولى ونية الجمع قبل الفراغ منها وعدم الفصل بينهما بما يعد فاصلا عرفا ولم يشترط في جمع التأخير سوى نية الجمع قبل خروج وقت الأولى والأفضل الأول للنازل والثاني للسائر وكثيرا ما يبتلى المسافر بمثله لا سيما الحاج ولا بأس بالتقليد والله الموفق. باب الأذان مناسبة ذكره بعد بيان الأوقات غنية عن مزيد من الالتفات وهو لغة: مصدر أذن أعلم وقيل: اسم مصدر وأما أذن مشدد فمصدره التأذين وشرعا: الإعلام لوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة كذا في مسكين وقد يطلق على نفس الألفاظ المخصوصة لكن يرد عليه الأذان بين الخطيب وللفائتة كما سيأتي وركنه الألفاظ المخصوصة وسببه الابتدائي رؤيا عبد الله بن زيد وغيره أذان الملك النازل من السماء وإقامته فقيل: هو جبريل وقيل: غيره ولم يثبت بذلك المنام بل بأمره عليه الصلاة والسلام بوحي فقد روى عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد ابن عمر أن عمر رضي الله عنه لما رأى الأذان جاء يخبر النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سبقك به الوحي" قال ابن حجر المكي: وهذا أصح مما حكي عن ابن اسحاق "أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام" والبقائي دخول الوقت لا شك في أفضلية الجمع بينه وبين الإمامة واختلف أيهما أفضل على الانفراد فقيل: الأذان لخبر "المأذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" أي: فلا يلجمهم العرق وقيل: أكثر رجاء وقيل: اتباعا وجاء بكسر الهمزة أي: إسراعا في السير وقيل: الإمامة لمباشرته لها عليه الصلاة والسلام والخلفاء بعده وهم لا يختارون من الأمور إلا أكملها. (سن) الأذان في مكان عال واختلف في أذان المغرب كذا في القنية وأراد المؤكدة حتى أطلق بعضهم اسم الواجب عليه لقول محمد: لو اجتمع أهل بلدة على

للفرائض بلا ترجيع ولحن ويزيد بعد فلاح أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين ... ـــــــــــــــــــــــــــــ تركه قاتلهم عليه ولو تركه واحد ضربته وحبسته وعامة المشائخ على الأول والقتال عليه لما أنه من أعلام الدين وفي تركه استخفاف ظاهر به وأقول: المذكور في الولوالجية عن محمد وكذلك في سائر السنن وبهذا يبطل الاستدلال به على الوجوب قال في المعراج وغيره: والقولان متقاربان لأن المؤكدة في حكم الواجب في لحوق الإثم بالترك يعني إن كان مقولا بالتشكيك قيل: وعند الثاني لا يقاتلون ولكن يضربون ويحبسون قال في الفتح: ولا تنافي بين الكلامين بوجه فإن المقاتلة إنما تكون عند الامتناع وعدم القهر والضرب والحبس إنما يكون عند قهرهم فجاز أن يقاتلوا على قول الكل فإذا ظهر عليهم ضربوا وحبسوا وقد يقال: عدم الترك دليل الوجوب فيبنغي وجوبه ولا يظهر كونه على الكفاية وإلا لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على تركه إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحبسوا وفي الدراية عن علي بن الجعد عن أبي حنيفة وأبي يوسف صلوا في الحضر الظهر والعصر بلا أذان ولا إقامة أخطؤوا في السنة وأثموا وهذا وإن كان لا يستلزم وجوبه لجواز كون الإثم لتركهما معا لكن يجب حمله على أنه لإيجاب الأذان وفي كون المواظبة وحدها تفيد الوجوب كلام تقدم في الطهارة واختار في البحر أنه سنة على كل أهل بلد على الكفاية وإلا لزم أن يكون سنة على كل فرد وليس كذلك لما يأتي ولم أر حكم البلدة الواحدة إذا اتسعت أطرافها كالمصر والظاهر أن أهل كل محلة سمعوا الأذان ولو من محلة أخرى يسقط عنهم لا إن لم يسمعوا (للفرائض) الاعتقادية فخرج الوتر لأنه يؤدى في وقت العشاء فاكتفى بأذانها لا لأنه يقع لهما على الأصل والعيدان والجنائز والكسوف والاستسقاء والتراويح والرواتب (بلا ترجيع) وهو أن يخفض صوته بالشهادتين ثم يرجع فيرفعهما قال في البحر: والظاهر من عباراتهم أن الترجيع مباح انتهى. ويظهر أنه خلاف الأولى أما الترجيع بمعنى التغني فلا يحل فيه ففي القرآن أولى (و) بلا (لحن) أي: تلحين وهو إخراج الحرف عما يجوز له في الأذان وهذا مكروه تحريما ولا شك أن تحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما وقيده الحلواني بما ذكر أما الحيعلتان فلا بأس بإدخال المد فيهما وإذا لم يحل في الأذان ففي القرآن أولى وحينئذ فلا يحل استماعه أيضا ويجوز أن يراد به الخطأ في الإعراب وهو مكروه أيضا ويسن أن (يزيد بعد فلاح أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين) لأن بلالا فعله إيقاظا له عليه الصلاة والسلام في الفجر فأعلمته عائشة به فقال: ما أحسن هذا اجعله في أذانك.

والإقامة مثله .... ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا خفاء في خيرية النوم إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية فأحسن على بابه فإن قلت: أمره بأن يجعله في أذانه لا يعين ما بعد الفلاح فلم عينه؟ قلت: بالقرينة ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام عين ذلك ففي ابن ماجه وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وأبو حاتم ومن حديث أبي محذورة قلت: يا رسول الله علمني سنة الأذان فمسح مقدم رأسه وعلمه إلى أن قال: فإن كان صلاة الصيح قلت الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر. وأخرج النسائي عن أنس من السنة: "إذا قال المؤذن في صلاة الفجر حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم مرتين" فائدة: ذكر الحافظ الأسيوطي في حسن المحاضرة أنه في ربيع الآخر من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة أحدث السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وساعته أذان العشاء ليلة الاثنين مضافا إلى ليلة الجمعة ثم أحدث بعد عشر سنين عقب كل أذان إلا المغرب انتهى ثم رأيت في القول البديع للسخاوي أن ابتداء حدوث ذلك كان في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بن المظفر بن يوسف بن أيوب وبأمره ورأيت في بعض التواريخ أن الأمر بذلك كان في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة وحكى بعض المالكية الخلاف أيضا في تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل وأن بعضهم منع من ذلك وفيه نظر انتهى ملخصا (والإقامة مثله) أي:

ويزيد بعد فلاحها قد قامت الصلاة مرتين ويرسل فيه ويحدر فيها ... ـــــــــــــــــــــــــــــ مثل الأذان في عدد الكلمات كما في الشرح وفيه نظر بل في السنية أيضا والترتيب وتحويل وجهه للصلاة والفلاح فيهما ورفع الصوت بها إلا أنه أخفض من الأذان كذا في البحر. وأقول: الأولى أن تكون المماثلة في السنية للفرائض فلا إقامة في الوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء كما في البدائع وعدم الترجيع واللحن لأنه المذكور في الكتاب أولا وبه يندفع ما قيل: إنه لا يجعل إصبعيه في أذنيه فيها وكان ينبغي استثناؤه كما فعل بعضهم نعم يمكن أخذ العدد من قوله: ويزيد أي على كلماته المعروفة لكن أورد عليه أن أذان الفجر أكثر كلمات منها فكان ينبغي استنثاؤه وجوابه أن المماثلة فيما هو أصلي عليه من كلماته، وقوله في عقد الفرائد: الحق من ظاهر كلامهم اختصاص المثلية بالعدد كأنه لقولهم بعده ويزيد بعد فلاحها إلى آخره وأنت خبير بأن المثلية حيث كانت على ما قررناه في العدد وغيره كان قوله ويزيد في محله. واعلم أن كلامهم يقتضي أولوية الإقامة على الأذان وبه صرح في الفتح هذا وكره بعضهم إقامة غير المؤذن وجواب الرواية أنه لا بأس فما في ابن الملك من أنه لو حضر ولم يرض بذلك يكره اتفاقا فيه نظر كذا في البحر. وفي القنية ذكر في الصلاة أنه كان محدثا فقدم رجلا لا تسن إعادة الإقامة ويزيد المقيم بعد فلاحها أي: الإقامة لفظ قد قامت الصلاة لحديث أبي محذورة واسمه سمرة بن معن كما في القاموس (ويترسل) أي: يسن له أن يترسل أي: يتمهل فيه وهو أن يفصل بين كل كلمتين من كلماته كذا في الفتح وغيره زاد في العناية تبعا للمطرزي مطولا غير مطرب من ترسل في قراءته إذا تمهل فيها وتوقر وجعله في عقد الفرائد الإطالة فقط وقيل: هو أن يقف بين الكلمتين. وكذا يحدر بالمهملة من حد نصر أي يسرع فيها أي: في الإقامة حتى لو ترسل فيها قيل: يكره وقيل: لا والحق هو الأول كذا في الفتح لأنه المتوارث فيها قال في الكافي: ولو ترسل فيهما أو حدر فيهما أو ترسل في الإقامة وحدر في الأذان جاز لحصل المقصود وفي الظهيرية: جعل الأذان إقامة أعاده ولو جعل الإقامة أذانا لا لأن تكرار الأذان مشروع دون الإقامة وفي السراج وهو الصحيح وفي المحيط عكسه معللا بأن في الإقامة التغيير وقع من أولها إلى آخرها لأنه لم يأت

ويستقبل بهما القبلة ولا يتكلم فيهما ويلتفت يمينا شمالا بالصلاة والفلاح .... ـــــــــــــــــــــــــــــ بسنتها وهو الحدر وفي الأذان التغيير من آخره لأنه أتى بسنته وهو الترسل وفي الخانية: ظن الإقامة أذانا فصنع كالأذان ثم عرف يستقبل لأن السنة في الإقامة الحدر فإذا تركه فقد ترك سنة الإقامة وصار كأنه أذان مرتين قال في البحر: وتعليل المحيط يفيد أن المراد بجعل الأذان إقامة أنه أتى فيه بقوله: قد قامت الصلاة مرتين فليكن هو المراد مما في في الظهيرية ويصير ما في الخانية والكافي مسألة أخرى وهو الظاهر وأقول: كيف يكون هو المراد مما في الظهيرية أنه ترك الترسل فيه فيعيده لفوات تمام المقصود منه وعلى ما في المحيط أنه زاد فيه لفظ الإقامة فلا يعيده لوجود الترسل فيه كما صرح به نعم لو جعل الإقامة أذانا لا يعيده على ما في الظهيرية ويعيده على ما في الخانية والمحيط وكأن الإعادة إنما جاءت على القول المقابل الراجح السابق وبهذا تتفق النقول قم الإعادة إنما هي أفضل فقط كما في البدائع. (و) يسن أن (يستقبل بهما) أي الأذان والإقامة (القبلة) لأنه المتوارث من فعل بلال ولو تركه كره تنزيها لقوله في المحيط: الأحسن أن يستقبل هذا إذا لم يكن راكبا فإن كان لم يسن في حقه كذا في الظهيرية عن محمد ولا يتكلم فيهما ولو رد سلام أو تشميت عاطس أو نحوهما لما فيه من ترك الموالاة ومنه التنحنح إلا لتحسين صوته فإن تكلم فيه استأنف كما في فتح القدير إلا إذا كان يسيرا كذا في الخلاصة. (و) يسن للمؤذن ولو وحده على الأصح أو لمولود أنه (يلتفت يمينا وشمالا بالصلاة والفلاح) لف ونشر مرتب أي: يمينا بالصلاة وشمالا بالفلاح وهو الأصح وقيل يميمنا بهما وكذا شمالا قال في الفتح وهذا أوجه انتهى ولعل وجهه أن كونه خطابا للقوم فيواجههم به لا يخص أهل اليمين واليسار بل يعم الجميع وحنيئذ فاختصاص اليمين بالصلاة والشمال بالفلاح تحكم ولم يقل: فيهما إيماء إلى أنه لا يحول وجهه في الإقامة لأنها لإعلام الحاضرين بخلاف الأذان وقيل: يحول إذا كان المكان متسعا كذا في السراج وما في البستان من أنه لا يحول إلا لأناس ينتظرون يناسب الثاني وفي القنية يحول مطلقا وبه جزم به البحر. والثاني:

ويستدير في صومعته ويجعل أصبعيه في أذنيه .... ـــــــــــــــــــــــــــــ أعدل الأقوال قيد بالوجه كأنه لا يحول قدميه لرواية الدارقطني أمرنا عليه الصلاة والسلام "إذا أذنا وأقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها" ومن ثم قال في الروضة: أكره للمؤذن أن يمشي في إقامته واختلفوا عند إتمامها فقيل: يتممها ماشيا وقيل: يختمها في مكانه إماما كان أو غيره روي ذلك عن الثاني وهو الأصح كذا في البدائع وقصر في السراج الخلاف على المؤذن إذا إماما أما غيره فيتمها في موضع البداءة بلا خلاف (ويستدير) المؤذن (في صومعته) أي: منارته وهي في الأصل منار الراهب التي يتعبد فيها أي: إذا كان بحيث لو حول وجهه مع ثبات قدميه لا يحصل الإعلام استدار فيها فيخرج رأسه من الكوة اليمنى آتيا بالصلاة ثم يذهب إلى اليسرى ويخرج رأسه آتيا بالفلاح وبهذا علم أن الإطلاق مقيد بما إذا لم يمكنه التحويل مع ثبات قدميه. (و) يندب له أن (يجعل إصبعيه في أذنيه) لقوله عليه الصلاة والسلام لبلال: "اجعل إصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك" والأمر للندب بقرينة التعليل حتى لو لم يفعل أو وضع يديه كان حسنا وأورد كيف يكون ترك المندوب حسنا وأجيب بأن الأذان معه أحسن فإذا تركه بقي حسنا. تكميل: إجابة المؤذن باللسان واجبة جزم به في المحيط وهو ظاهر ما في الخلاصة والتحفة ولو سمع أكثر من واحد أجاب الأول لظاهر الأمر في قوله: "فقولوا مثل ما يقول" إلا في الحيعلتين فيحوقل كذا جاء مفسرا فيما أخرجه مسلم لكن خص في المحيط الحوقلة بحي على الصلاة وأما حي على الفلاح فيقول ما شاء كان وما لم يشأ ربنا لم يكن وكأن السر في اختصاص إجابة الحيعلتين بالحوقلة وهو أنه لما أن طلب منهم بالجملة الأولى الإقبال إلى الصلاة والمجيء إليها وأريد بقوله حي على الفلاح هلموا إلى الفوز والنجاة ولكن لا يكون ذلك إلا بحركة قيل: لا حول أي: لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله تعالى وهذا أولى من قولهم: بأنه لو قال مثل قوله لأشبه الاستهزاء قال في الفتح: ولا مانع من صحة اعتبار المجيب بهما داعيا لنفسه محركا منها السواكن مخاطبا لها وقد رأينا من مشايخ السلوك من كان يجمع بينهما فيدعو لنفسه ثم يبترأ من الحول والقوة ولا كلام في أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يقول عند قوله الصلاة خير من النوم: صدقت وبررت قال في البحر ولم أر حكم ما إذا لم يجب السامع حتى فرغ المؤذن أيجيب بعد فراغه وينبغي أن يقال: نعم إن لم يطل الفصل واختار الحلواني أنها مندوبة والواجب إنما هو الإجابة بالقدم وعليه حمل الأمر وجزم به في الخانية والظهيرية وأقول: يبنغي أن لا تجب باللسان اتفاقا وعلى قول الإمام في الأذان بين يدي الخطيب وأن تجب بالقدم اتفاقا في الأذان الأول من الجمعة حيث لم يكن في المسجد وباللسان أيضا على الأول إلا أن يقال: الواجب إنما هو السعي لا إجابة المؤذن وأثر الخلاف يظهر فيما لو سمع الأذان وهو بأنه على الأول لا يسلم ويشتغل بما سوى الإجابة وهو صريح في كراهة الكلام عند الأذان فما في التجنيس من أنه لا يكره إجماعا مستدلا باختلافهم في كراهته عند أذان الخطبة فإن الإمام إنما كرهه لإلحاقه هذه الحالة بحالة الخطبة فكان هذا اتفاقا على أنه لا يكره في غير هذه الحالة ممنوع.\قال في الفتح: ولا نعلم عنهم في إجابته الإقامة إلا الاستحباب في غيره أنه يقول عند قوله قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها واعلم أن قول الحلواني بوجوب الإجابة بالقدم مشكل لأنه يلزم عليه وجوب الأداء في أول الوقت وفي المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وما في شهادات المجتبى سمع الأذان وانتظر الإقامة في بيته لا تقبل شهاجته مخرج على قوله كما لا يخفى وقد سألت شيخنا الأخ عن هذا فلم يبد جوابا. هذا ويندب القيام عند سماع الأذان كما في البزازية بقي هل يستمر إلى فراغه ويجلس لم أره لهم ويثوب المؤذن ندبا والتثويب العود إلى الإعلام بعد الإعلام وفي القاموس: التثويب التتفويض والدعاء إلى الصلاة أو تثنية الدعاء أو أن يقول في نفس أذان الفجر الصلاة خير من النوم والإقامة والصلاة بعد الفريضة وتثوب تنفل بعد الفريضة وكسب الثواب انتهى وقد أفاد أنه مشترك ولذا اختلفوا فيه فروى البلخي عن الأصحاب أنه في أذان الفجر الصلاة خير من النوم ووجه بأنه عود إلى الإعلام بالدعاء إلى الصلاة بالحيعلتين وبهذا اندفع ما في الحواشي السعدية من أن

ويثوب ويجلس بينهما إلا في المغرب ويؤذن للفائته ويقيم ... ـــــــــــــــــــــــــــــ الإعلام يكون بالأذان فالذي في أثنائه ليس عود إلى الإعلام على أن هذا زياجة على كلمات الأذان فجاز أن تعتبر الزيادة بالنسبة إلى هذا الحكم إلا أن فيه عدولا عن الظاهر فلذا كان الأصح أنه بعد الأذان وفي ذكر المصنف له بعد قوله ويزيد بعد فلاح أذان الفجر إلى آخرها إيماء إليه إذ العود إلى الإعلام الثاني فرع تمام الإعلام الأول ولم يعين له صيغة لأنها لا تتعين وقد قيل: إن القديم منه الصلاة خير من النوم والحادث زمن التابعين يدل ذلك الحيعلتان قال في الجامع: وهو حسن ومن ثم قيل: أن تثويب كل بلدة ما تعارفوه كتنحنح أو قامت قامت أو الصلاة الصلاة ولو أحدثوا إعلاما مخالفا لذلك جاز كذا في المجتبى وإطلاقه يفيد أنه في كل الصلوات وهو الذي استحسنه المتأخرون لظهور التواني في الأمور الدنيوية لا فرق بين الحاكم وغيره وهذا قول محمد قيل: والإمام وخصه الثاني بمن يشتغل بمصالح العامة كالقاضي والمفتي والمدرس واختاره قاضي خان وغيره وقول محمد أف عليه خصهم ومال إليهم إنما كان لما بينهما من الشغل والبشر لا يخلو عن التغير والظن به أنه تاب وإلى الله أناب كذا في الدراية. (ويجلس) عطف على (يثوب) أي: يسن للمؤذن أن يجلس بينهما أي: بين الأذان والإقامة لأن الإعلام المطلوب من كل منهما لا يحصل إلا بالفصل جلوسا كان أو غيره والأولى أن يكون بالصلاة ولم يحده لعدم ذكره في ظاهر الرواية وقدره في رواية الحسن عن الإمام في الفجر بمقدار عشرين آية وفي الظهر والعشاء بأربعين ثم يثوب ويقيم قال في البدائع: وهذا غير لازم بل ينبغي أن يفصل مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحب وبه اندفع ما في البحر ولعله إنما يقدر الجلوس في الظاهر باجتماع الجماعة لعدم انضباطه واعلم أنه لو قدم مسألة الفصل على التثويب لكان أولى إذ فيما ذكر إيهام أن الجلوس بعده وقد علمت أنه قبله (إلا في المغرب) قال في شرح الدرر: هذا استثناء من ينوب ويجلس أما الأول فلأن التثويب لإعلام الجماعة وهم في المغرب حاضرون لضيق الوقت أقول: وهذا مناف لقول الكل أنه يثوب في الكل وأما الثاني فهو قول الإمام وقالا: يجلس أيضا كما بين الخطبتين إقامة لسنة الفصل وله أن في الجلوس تأخيرا لها وهو مكروه فيكتفى بأدنى الفصل تحرزا عنه والمكان هنا مختلف بخلاف الخطبة وكذا في عامة الشروح وهذا يشعر بكراهة التأخير ولو قليلا إذ لا شك في صدقه على الجلسة الحقيقية وما في الخلاصة لو جلس لا يكره عنده أو لم يجلس لم يكره عندها يعني تحريما وإلا فالأولى ترك الجلوس عنده والجلوس عندهما وقد مر أنه تركه يوجب التنزيه (ويؤذن للفائتة ويقيم)

هكذا لأولى الفوائت وخير فيه للباقي ولا يؤذن قبل وقت ويعاد فيه ... ـــــــــــــــــــــــــــــ لخبر ليلة التعريس أنه عليه الصلاة والسلام فاتته صلاة الصبح فقضاها بأذان وإقامة وقيده الحلواني إذا صلى في بيته أما في المسجد فلا لأن فيه تشويشا وتخليطا وهل يرفع صوته قال في البحر: لم أره وينبغي أن يفعل إذا كان بجماعة أو في الصحراء ولا منفردا في بيته قيد بالفائتة لأن الفاسدة لا أذان لها ولا إقامة وسيأتي أنه يكره تركهما لمصل في بيته في المصر وحينئذ فيراد بقوله يسن للفرائض الوقتيات المؤديات في المساجد وعليه يحمل قول الشارح الضابط عندنا أن كل فرض أداء كان أو قضاء يؤذن له ويقام سواء أدى منفردا أو بجماعة إلا الظهر يوم الجمعة في المصر فإن أداءها بأذان وإقامة مكروه يروى ذلك عن علي رضي الله عنه وعلله في البدائع: بأن الإذان والإقامة للصلاة تؤدى بجماعة مستحبة وهي فيه مكروه قال في الفتح: ويستثنى أيضا ما تؤديه النساء أو تقضيه بجماعة لأن عائشة رضي الله عنها أمتهن بغير أذان ولا إقامة حين شرعت جماعتهن وهذا يقتضي أن المنفردة أيضا كذلك لأن في تركها لما كان سنة حال شرعية الجماعة كان حال الانفراد أولى انتهى. زاد في البدائع: جماعة الصبيان والعبيد لأن هذه الجماعة غير مستحبة. (وكذا) يسن أيضا أن يؤذن ويقيم (لأولى الفوائت وخير فيه) أي: في الأذان والأولى فعله (للباقي) من الفوائت لأنه الاستحضار وهم حضور كذا في الهداية وغيرها وفيه فائدتان الأولى أن المراد من الفوائت ما زاد على الوحدة ولم أره في كلامهم الثانية أنه لو قضاها في مجالس أتى بهما كما في المستصفى قيد بالأذان لأنه لا يخير في الإقامة (ولا) يصح (أن يؤذن قبل) دخول (وقت) بل يكره كما في فتح القدير أي: كراهة تحريم وينبغي أن لا فرق بين إيقاع الكل قبله أو البعض والباقي في الوقت وفهم منه عدم صحة الإقامة قبله بالأولى قيد بالقبلية لأن الأذان بعده صحيح وقد قال الإمام يؤذن للفجر بعد طلوعه ولظهر الشتاء حين تزول الشمس ويبرد لظهر الصيف ويؤخر العصر ما لم تتغير وفي العشاء قليلا بعد ذهاب البياض كذا في المجتبى. (ويعاد) الأذان (فيه) لعدم الاعتداد بالأول وكذا الإقامة لكن لو أقام في الوقت ولم يصل فورا فظاهر ما في القنية أنها لا تعاد حيث قال: حضر الإمام بعد إقامة المؤذن بساعة أو صلى سنة الفجر بعدها لا يجب عليه إعادتها إلا أنه ينبغي الإعادة

وكره أذان الجنب وإقامته وإقامة المحدث وأذان المرأة والفاسق والقاعد والسكران .. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما إذا طال الفصل أو وجد بينهما ما يعد قاطعا كأكل ونحوه (وكره أذان الجنب) شروع في صفات المؤذن بعد الفراع من صفات الأذان وقد قالوا: ينبغي أن يكون عالما بالسنة وأوقات الصلاة محتسبا في أذانه حتى لو لم يكن عالما لم يستحق ثواب المؤذنين كما في الخانية قال في الفتح: ففي أخذ الأجر أولى وفرق في البحر بأن في أذان الجهل جهالة موقعة في الفغرر لغيره بخلاف غير المحتسب على أن على عدم حل أخذ الأجرة على الأذان والإمامة رأي المتقدمين والمتأخرون يجوزون ذلك على ما سيأتي في الإجارات وإنما كره أذان الجنب لأنه يدعو الناس إلى ما لا يجيب له. (و) كره (إقامته) أيضا إلا أنها في الإقامة أقوى لما علمت (وإقامة المحدث) كذلك قيد بها لأنه أذانه غير مكروه على الأصح والفرق أن السنة وصل الإقامة بالصلاة بخلاف الأذان. (و) كره أيضا (أذان المرأة) وكذا الخنثى المشكل لما أنها منهية عن رفع صوتها ولو خفضته أخلت بسنة الأذان (والفاسق) لأنه لا يوثق بقوله وهذا يقتضي ثبوتها ولو كان عالما بالأوقات ولم أر لهم ما إذا لم يوجد إلا جاهل بالأوقات تقي وعالم بها فاسق أيهما أولى وقد قالوا في الإمامة: إن الفاسق أولى من الجاهل وعكسوا ذلك في القضاء والفرق لا يخفى إلا أنه لا ينبغي الأذان والإقامة (و) أذان (القاعد) لتركه السنة إلا إن أذن لنفسه وعلم منه كراهة أذان المضطجع بالأولى. (و) أذان (السكران) لعدم معرفته بدخول الوقت ولم يدخله في الفاسق لأنه قد يكون من مباح وعلم منه كراهة أذان المجنون والصبي الذي لا يعقل بالأولى وسكت عن إعادة أذان هؤلاء وصرح الشارح باستحبابه في المرأة والسكران وقال في الجنب: إن لم يعد أجزأه الأذان والصلاة وهذا يقتضي ندب الإعادة فيه أيضا وبه صرح في الظهيرية ولا ينافيه ما في الخانية من وجود الطهارة فيه عن أغلظ الحدثين لأن الإعادة مقام آخر وإنما أعيد الأذان هؤلاء لأنه لا يلتفت إليهم لعدم الاعتماد فربما انتظروا الأذان المعتبر والحال أنه معتبر فيؤدي إلى تفويت الصلاة أو الشك في صحة المؤدى وإيقاعها في وقت مكروه إلا أن هذا لا ينهض في الجنب فإعادة أذانه يقع على وجه السنة وفي الخلاصة والخانية خمس خصال إذا وجدت في الأذان والإقامة وجب الاستقبال: إذا غشي على المؤذن في أحدهما أو مات أو سبقه حدث فذهب وتوضأ أو حصر فيه ولا ملقن أو خرس فإن حمل الوجوب على ظاهره احتيج إلى الفرق بينه وبين نفس الأذان وقد يقال: إذا شرع ثم قطع تبادر ظن السامعين أن قطعه للخطأ فينتظرون الأذان الحق وقد تفوت بذلك الصلاة فوجب إزالة ما يفضي إلى ذلك إلا أن هذا يقتضي وجوب الإعادة فيمن ذكر آنفا إلا الجنب

لا أذان العبد وولد والأعمى والأعرابي وكره تركهما للمسافر لا لمصل في بيته بالمصر وندبا لهما لا للنساء. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولقد قائل فيهم: إن علم الناس حالهم وجب وإلا ندب ليقع الأذان على وجه السنة لم يبعد كذا في الفتح وجزم في البحر بأن الوجوب بمعنى الثبوت مستندا لما في المجتبى والظهيرية من أن الإعادة تندب في هذه الخصال وعلى هذا فيصح تقرير هؤلاء في وظيفة الأذان إلا أن في صحة تقرير المرأة ترددا على أن قوله في السراج لو لم يعيدوا أذانها فكأنهم صلوا بلا أذان فكان عليهم الإعادة يقتضي عدم صحته وينبغي عدم صحة أذان الفاسق لعدم قبول قوله في الديات وكذا المجنون والمعتوه والكافر وسيأتي هل يصير به مسلما أو لا. (لا) يكره تركهما (لمصل في بيته في المصر) لوجودهما في حقه حكما بأذان الحي وإقامته بخلاف المسافر حتى لو لم يؤذن الحي كره تركهما والتقييد بالبيت اتفاقي إذ المسجد كذلك وكذا القرية وإن لا مسجد بها فكالعمران (وندبا) أي الأذان والإقامة (لهما) أي للمسافر والمصلي قي بيته في المصر ليكون الأداء على هيئة الجماعة (لا للنساء) لكراهة جماعتهن وكذا كل جماعة مكروهة كما سبق قيد بالنساء لأن الواحدة تقيم ولا تؤذن وظاهر ما في السراج أنها لا تقيم أيضا وسبق عن الفتح التصريح بذلك.

باب شروط الصلاة

باب شروط الصلاة هي طهارة بدنه من حدث وخبث وثوبه ومكانه .... ـــــــــــــــــــــــــــــ باب شروط الصلاة لما كان شأن الشرط تقدمه على المشروط استغنى عن أن يقول التي تتقدمها وما قيل من أن من المشروط ما لا يتقدم كالقعدة الأخيرة وترتيب ما لم يشرع مكررا رد بأن القعدة إنما على شرط الخروج والترتيب للبقاء على الصحة وهي جمع شرط محركا بمعنى العلامة وعرفا ما يتوقف عليه وجود الشيء وليس داخلا فيه ولم يقل شرائط لأنها جمع شريطة. (هي) أي الشروط (طهارة بدنه) أي تطهيره (من حدث) بنوعيه وحدث بفتحتين وهو النجاسة هذا هو الأظهر أيضا. (و) طهارة (ثوبه) لقوله تعالى: {وثيابك فطهر} أي ظهر ثيابك الملبوسة من النجاسة هذا هو الأظهر وقيل غيره وبه علم اشتراط طهارة البدن بالأولى وفيه إيماء إلى أن حمل النجاسة مانع وقد قالوا: لو كان طرف عمامته ونحوها نجسا فألقاه على الأرض وصلى أو كان معه حبل مربوط فيه كلب أو سفينة متنجسة إن تحرك طرفه بحركته منع وإلا لا، ولو حمل صبيا أو طائرا عليه نجاسة إن لم يستمسك بنفسه منع وإلا لا كالجنب والمحدث والكلب إن سد فيه لا إن كان مفتوحا هو الأصح ولو وصلت رأسه إلى سقف نجس منع لأنه يعد حاملا. (و) طهارة (مكانه) من خبث ولم يذكره لأن طهارة الثوب والمكان من حدث (وخبث) إذ لو أخره لاقتضى أن يكون قيدا في الكل قال في البحر: وأراد بالمكان موضع القدم والسجود فقط لاتفاق الروايات على اشتراط موضع القدم وأما موضع السجود ففيه روايتان والأصح الاشتراط أما موضع اليدين والركبتين وإحدى القدمين فظاهر الرواية عدمه لأن السجود عليها غير واجب والوضع على النجاسة عد عدما وهو غير مخل وأقول: ليس في كلامه ما يدل على اختصاص المكان بما ذكر بل الظاهر الإطلاق فقد اختار الفقيه خلاف ظاهر الرواية وصححه في العيون وهو المناسب لإطلاق عامة المتون وفي الخانية: وكذا لو كانت النجاسة في موضع السجور والركبتين أو اليدين يعني تجمع ولا يجعل كأنه لم يضع العضو على النجاسة وهذا كما لو صلى رافعا إحدى قدميه جازت صلاته ولو وضع القدم على النجاسة لا تجوز ولا يجعل كأنه لم يضع انتهى وهو يفيد أن عدم اشتراط طهارة مكان اليدين والركبتين إذا لم يضعهما أما إن وضعهما اشترط فليحفظ هذا كذا في

وستر عورته وهي ما تحت سرته إلى تحت ركبته وبدن الحرة عورة .. ـــــــــــــــــــــــــــــ فتح القدير وأقول: لو خرج ما في الخانية على رأي الفقيه لكان أظهر فتدبره وقالوا: لو صلى على بساط في طرف منه نجاسة جازت على الأصح كبيرا كان أو صغيرا إلا أنها كانت في موضع اليدين أو الركبتين لا يمنع فهنا أولى ولو بسط على النجاسة ثوبا رقيقا فإن يابسة وصلح الساتر للعورة ساترا جاز وإن رطبة فإن أمكن أن يجعل من عرضه آخر جاز وقال الحلواني: لا يجوز حتى يلقي الطرف الآخر ليصير بمنزلة ثوبين وهذا يقتضي أنه لو صلى على ما له بطانة متنجسة أن يجوز هو المروي عن محمد وعن الثاني لا قيل: الأول في غير المضرب والثاني في المضرب والأصح أن الخلاف فيه أيضا ولو بسط نعله على النجاسة جاز لا إن لم يبسطه (وستر عورته) عن غيره ولو حكما فلا يجب عن نفسه عند العامة وهو الصحيح لحل نظره إلى عورته كذا في الشرح لكنه خلاف الأدب ولا تصح لو عريانا في مكان مظلم ولا فرق في الستر بين ما يحل لبسه أو لا ولا بسرط أن لا يوصف ما تحته ومن ثم قيل: لو استتر بماء وإن صافيا لا تصح وإن كدرا صحت قال في البحر: وهي مصورة في الجنازة وإلا فلا يصح التصوير وأقول إنما لم يصح في غيرها لأن الصافي وغيره وحينئذ فلا يجوز له الإيماء للفرض. واعلم أن الستر بحضرة الناس خارجها واجب إجماعا إلا في مواضع وفي الخلوة خلاف والأصح وجوبه إن لم يكن الكشف لغرض صحيح كذا في شرح المنية. (وهي ما تحت سرته إلى ركبته) أي: ما بينهما فالسرة ليست عورة بخلاف الركبة لكنها تبع للفخذ على الأصح إذ هي ملتقى عظم الفخذ والساق والفخذ عورة فغلب المحرم عند تعذر التمييز قال في شرح المنية: وقد يقال: إن هذا يقتضي أن تكون السرة عورة كما هو رواية عن الإمام لغلبة المحرم والجواب أنه لم يكن محرما لدليل اقتضاه وهو ما أخرجه أحمد لقي أبو هريرة الحسن "فقال اكشف لي عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل مكانا رأيته عليه الصلاة والسلام يقبل فكشف عن بطنه وقبل سرته" (وبدن) المرأة (الحرة) كله (عورة) حتى الشعر المسترسل كما ذكره بناء على أنه من البدن في حق العورة وليس منه في حق إيصال الماء إليه في الغسل وفي رواية ليس بعورة والأصح أصح وفي السراج الصغير جدا لا عورة له ولا بأس بالنظر إليها ومسها لأنه صلى الله عليه وسلم "كان يقبل ذكر الحسن والحسين في صغرهما وكان

إلا وجهها وكفيها وقدميها وكشف ربع ساقها يمنع وكذا الشعر ... ـــــــــــــــــــــــــــــ يأخذ من أحدهما ذك ويجره والصبي يضحك" ثم قال: أما عورة الصبي والصبية ما داما لم يشتهيا فالقبل والدبر ثم يتغلظ بعد ذلك إلى عشر سنين ثم يكون كعورة البالغين لأن ذلك زمان يمكن بلوغ المرأة فيه انتهى وكان يبنغي اعتبار السبع لأنهما يؤمران بالصلاة إذا بلغا هذا السن (إلا وجهها وكفيها وقدميها) أما الوجه فلا خلاف فيه ومنع الشابة من كشفه لخوف الفتنة ولا تلازم بين سلب العورة عنه حل النظر إليه ألا ترى أنه يحرم النظر إلى وجه الأمرد إذا شك ولا عورة، وعبر بالكف دون اليد إيماء إلى أن ظاهره عورة وهو ظاهر الرواية وفي مختلفات قاضي خان ليس عورة واختاره ابن أمير حاج وأفهم كلامه أن الذراع عورة بالأولى وهو الذي رجحه السرخسي ورجح بعضهم أنه عورة في الصلاة لا خارجها والأول أولى وأما القدمان ففيهما اختلاف وقد رجح غير واحد ما هنا لكن رجح الأقطع وقاضي خان أنهما عورة واختاره الإسبيجابي والمرغيناني وانتصر له العلامة الحلبي ورجح في الاختيار أنه عورة خارج الصلاة فقط بقي لغتها ففي النوازل إنها عورة وبقي عليه أن تعلمها القرآن من المرأة أحب إلي من تعلمها من الأعمى كذا في فتح القدير وأقول: فيه تدافع إلا أن يكون معنى التعلم أن تسمع منه فقط لكن حينئذ لا يظهر البناء عليه وعلى ما في النوازل جرى صاحب المحيط في باب الأذان والكافي في الحج فقال في قولهم لا تلبي جهرا لأن صوتها عورة قال في الفتح: وعلى هذا القبيل إذا جهرت بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها لكن قال ابن أمير حاج: الأشبه أنه ليس بعورة وإنما يؤدي إلى الفتنة وهو الذي ينبغي اعتماده. مهمة قال في السراج: كل ما هو عورة من المرأة إذا انفصل عنها في جواز النظر إليه روايتان والأصح المنع وكذا الذكر المقطوع وشعره وعانته إذا حلق على هذا والأصح أنه لا يجوز انتهى. وينبغي أن تكون الحقيقية كذلك وفي القنية: النظر إلى عظام المرأة بعد موتها لا يجوز انتهى. أي: الأجنبية أما محارمه فينبغي أن يجوز نظره كما يجوز له النظر من الحية (وكشف ربع ساقها يمنع) جواز الصلاة لأن للربع حكم الكل والأصح أن الكعب ليس بعضو مستقل بل من الساق فعلى هذا إنما يمنع ربع الساق مع ربع الكعب أو مقدار ربعهما ولا بد أن يقدر مقدار أداء ركن ولم يقل: تفسد ليعم ما لو أحرم مكشوفها (وكذا) انكشاف ربع (الشعر) ولو مسترسلا على ما مر.

والبطن والفخذ والعورة الغليظة ... ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) كذا (البطن والفخذ والعورة الغليظة) وهي القبل والدبر وما حولهما والخفيفة ما عدا ذلك وفي التسوية بينهما إيماء إلى رد ما قاله الكرخي من أنه يعتبر في الغليظة ما زاد على قدر الدرهم قياسا على المغلظة حتى ادعى غير واحد أنه غلط لأن تغليظه يؤدي إلى تخفيفه أو إسقاط حكمه إذ من العورة الغليظة ما لا يكون أكثر من قدر الدرهم فيؤدي إلى كشف الكل منها أو الأكثر لا يمنع من أن ربع الخفيفة يمنع وهو شنيع. قال في المعراج: وقد أجيب بأن هذا لا يلزم على اعتبار أن الدبر مع الإليتين عضو واحد وهو قول بعض أصحابنا فلا يمنع انكشاف الدبر وحده نعم الأصح أن كلا من القبل والخصيتين والدبر والإليتين عضو على حدة والأذن عضو على حدة وكذا الثدي المتكسر وما بين السرة إلى العانة عضو والمراد منه ما حول جميع البدن كما في المحيط وقد مر أن الانكشاف يجمع وعليه فرع محمد في الزيادات فقال: لو صلت وقد انكشف شيء من شعرها وفرجها وظهرها وفخذها ولو جمع بلغ أدنى ربع منها منع جواز الصلاة قال الشارح: وكان ينبغي الاعتبار بالأجزاء لأن الاعتبار بالأدنى يؤدي إلى أن القليل يمنع وإن لم يبلغ ربع المكشوف كما إذا انكشف نصف ثمن الأذن والفخذ مثلا وبلغ ربع الأذن لا ربع جميع المنكشف وبطلان الصلاة خلاف القاعدة القاعدة وأقره في فتح القدير وغيره. قال في عقد الفرائد: فظاهره أنه فهم أن القاعدة أن المفسد إنما هو ربع المنكشف وهذا خلف لأن المفسد إنما يكون ذلك إذا كان الانكشاف في عضو واحد وثمة من يعتبر بالأجزاء كما إذا انكشف من فخذه مواضع متعددة وأما في صورتنا فالانكشاف حصل في أعضاء متعددة كل منها عورة والاحتياط في اعتبار أدناها لأن به يوجد المانع فينظر إلى مقدار المنكشف من جميعها فإن بلغ ربع أصغرها فسد احتياطا وإلا لزم صحة الصلاة مع انكشاف قدر ربع هو عورة من المنكشف وهو خلاف القاعدة التي نقلها عن محمد وهذا لازم على الاعتبار بالأجزاء ولا قائل به انتهى. وإذا تحققت هذا ظهر لك أن ما قاله ابن الملك من أن انكشاف ما دون الربع معفو إذا كان في عضو واحد ولو في عضوين أو أكثر وجمع وبلغ أدنى ربع عضو منها منع موافق لما في الزيادات وقوله في البحر: إنه تفصيل لا دليل عليه ممنوع وقد قال بديع الدين: إن ما في الزيادات نص على أمرين الناس عنهما

والأمة كالرجل وظهرها وبطنها عورة ولو وجد ثوبا ربعه طاهر وصلى عاريا لم يجز وخير إن طهر أقل من ربعه .. ـــــــــــــــــــــــــــــ غافلون أحدهما أنه لا يفيد الجمع بالأجزاء كالأسداس والأسباع بل بالقدر والثاني أن المكشوف من الكل لو كان قدر ربع أصغر الأعضاء منع (والأمة) ولو مدبرة أو مكاتبة أو مستسعاة (كالرجل) في العورة دفعا للحرج (وظهرها وبطنها عورة) لأن النظر إلى هذين سبب للفتنة ولم يذكر الجنب لما في القنية أنه تبع للبطن والأوجه أن ما يلي البطن تبع لها والخنثى المشكل الرقيق كالأمة والحر كالحرة فيؤمر بأن يستر جميع بدنه لجواز كونه أنثى فلو ستر ما هو عورة من الرجل فقط وصلى قيل: يعيد وقيل: لا كذا في السراج ولا خفاء أن الإعادة أحوط فلو أعتقت في صلاتها ولو حكما وأدت ركنا بعد العلم به بطلت إلا إن تقنعت من ساعتها كذا في الشرح وغيره والمذكور في المجتبى أنها لو صلت شهرا بغير قناع ثم علمت بالعتق منذ شهر أعادت ونحوه في العدة وصرح في الخانية بأنه لو أدى ركنا مع الانكشاف فسدت علم بذلك أو لم يعلم قال في البحر: وهذان المنطوقان أوجه من ذلك المفهوم وإنما لم يبطل صلاتها إذا تقنعت من ساعتها وبطلت فيما إذا وجد العاري فيها ثوبا لأن سبب الستر في الثاني سابق على الشروع فلما وجب استند إلى سببه والعتق الذي هو سبب وجوبه لم يوجد إلا في الصلاة وقد سترت كما قدرت كذا في المحيط وغيره وهو ظاهر في أنها لو لم تفعله لعجز أصابها لم تبطل صلاتها كالحرة وبه صرح في البدائع فرع في شرح المهذب للإمام النووي الشافعي لو قال لأمته: إن صليت صلاة صحيحة فأنت حرة قبلها فصلت مكشوفة الرأس في حال عجزها عن الستر صحت وعتقت ولو قادرة عليه صحت ولا تعتق لأنها لو عتقت صارت حرة قبل الصلاة وحينئذ فلا تصح صلاتها مكشوفة الرأس وإذا لم تصح لم تعتق انتهى. لكن سيأتي في الطلاق الدوري أعني قوله: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا أن القبلية تلغو وإذا طلقها وقع الثلاث ومقتضاه إلغاؤها هنا أيضا ووقوع العتق (ولو وجد) المصلي (ثوبا) يستر عورته ولو الغليظة فقط (ربعه طاهر) والحال أنه قد (صلى عريانا) لم يجز لأن الربع يحكي الكل كما في الإحرام (وخير) بين الصلاة فيه وهو الأفضل وبين أن يصلي عريانا مومئا قاعدا أو قاعدا أو قائما يركع ويسجد أو يومئ وهذا دونها وظاهر الرواية منعه. (إن طهر أقل من ربعه) كما لو كان كله نجسا وهذا عندهما وحتم الثالث لبسه واستحسنه في الأسرار والخلاف في النجاسة العارضية أما الأصلية كجلد الميتة الذي لم يدبغ فلا يستتر به اتفاقا وفي المحيط لو كان الدم في ناحية من الثوب

ولو عدم ثوبا صلى قاعدا موميا بركوع وسجود وهو أفضل من القيام بركوع وسجود .. ـــــــــــــــــــــــــــــ والطاهر منه بقدر ما يمكنه أن يتزر به لم يجز له أن يصلي إلا فيه لأنه أمكنه الستر بثوب طاهر ولم يفصل فيما إذا تحرك طرفه يتحرك الطرف الآخر أو لا قال في البحر: فعلم أن التفصيل حالة الاختيار وأقول لأنه لا أثر لتحرك الطرف الآخر هنا يذكر إذ الظاهر منه أن يبلغ ربعا تحتم لبسه سواء تحرك أو لا أو أقل منه خير إلا عند محمد على ما علمت نعم المناسب حمل الإطلاق على قوله وعلم من كلامه تحتم لبس أقل الثوبين نجاسة حتى لو كانت قدر الربع في ثوب وفي آخر أقل تعين ولو استويا خير والضابط أن من ابتلي بليتين فإن تساويا خير أو اختلفا اختار الأخف. (ولو عدم) المصلي (ثوبا) يستر عورته ولو حريرا أو نباتا أو طينا يلطخها به قال في الفتح: ولو وجد ما يستر بعضها وجب استعماله ويستر القبل والدبر انتهى. فإن لم يجد إلا ما يستر أحدهما قيل: يستر القبل للقبلة. وقيل: الدبر لفحشه في الركوع والسجود كذا في السراج والظاهر أن الخلاف في الأولوية ومقتضى تعليل الثاني أنه لو (صلى قاعدا) بالإيماء تعين ستر القبل والمراد بالعدم عدم القدرة حتى لو أبيح له عد قادرا على الأصح ولو وعد انتظره ما لم يخف فوت الوقت عند الإمام والثاني كذا في القنية. وما في السراج من أنه ينتظره وإن خاف خروج الوقت كذا عند محمد محمول على أنه قوله وحده ولو قدر بشرائه بثمن مثله لم يذكروه وينبغي أن يلزمه قياسا على شراء الماء صلى حال كونه قاعدا مومئا بركوع أو سجود ليلا كان أو نهارا وهو الأصح وخصه بعضهم بالنهار أما في الليل فيصلي قائما ورده في الذخيرة بأن الستر بالظلمة لا عبرة به ألا ترى أن القادر لو صلى فيها عريانا لم يجز ولو كان لها أثر لجاز وفرق الحلبي بين حالة الاختيار والاضطرار وأيده بما أخرجه عبد الرزاق سئل علي عن صلاة العريان قال: إن كانت بحيث يراه الناس صلى جالسا وإن كان بحيث لا يراه الناس صلى قائما. وهو وإن ضعف سنده إلا أنه لا يقصر على الاستئناس وأما واقعة الصحابة التي قالها المشايخ من أنهم انكسرت بهم السفينة صلوا قعودا في الماء فقد تطرق إليها احتمال أنهم اختاروا الأولى أو كانوا مترائيين ولم يكن ليلا (وهو) أي المذكور (أفضل من القيام بركوع أو سجود) لأن ستر العورة أهم من أداء الأركان لأنه فرض مطلقا والأركان للصلاة خاصة وقد أتي ببدلها وإنما جاز القيام مع ترك فرض الستر لأنه به حاجة إلى تكميل الأركان كذا في البدائع

والنية بلا فاصل والشرط أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي .. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومقتضاه عدم جواز الإيماء قائما كما مر عن الهداية ولم يذكر للقعود كيفية إيماء إلا أنه يجوز على أي حال كان لكن اختلف فيما هو الأولى فقيل: كما في الصلاة وقيل: يمد رجليه إلى القبلة ويضع يده على عورته الغليظة والأول أولى واعلم أن ظاهر كلامهم يفيد أنه لو وجد ثوبا بعد فلا إعادة عليه قال النووي بالإجماع لكن ينبغي على وزن ما مر في التيمم أن يقيد بما إذا لم يكن المنع من قبل العباد أما منهم كما إذا غصب ثوبه فيعيد كما في البحر. (والنية) كذلك أي من الشرائط بالإجماع وهي الإرادة التي هي صفة من شأنها ترجيح أحد المتساويين كائنة (بلا فصل) بينها وبين التحريمة وهو ما يبطل الصلاة كالأكل ونحوه بخلاف المشي إليها والوضوء لأنه مغتفر داخلها في سبق الحدث فالخارج أولى وفيه إيماء إلى جواز تقديمها على الشروع ولو قبل الوقت لكن روى ابن صبرة عن الإمام اشتراط دخوله قاله الحلبي ومقضتى كلامهم الإطلاق ففي الظهيرية وعند محمد يجوز تقديم النية في العبادات وهو الصحيح وخصه أبو يوسف بالصوم وفي البدائع ذكر القدوري عن الثاني أنه لو خرج من منزله يريد الصلاة مع القوم فلما انتهى لم تحضره النية جاز لا أعلم أحدا من أصحابنا خالف أبا يوسف فيه وهو مفيد لجواز تقديم الاقتداء أيضا ولم أر فيه غير ما علمت ولا خلاف في أفضيلة القرآن أما الإتيان بها بعد الشروع فغير صحيح خلافا للكرخي وهل ينتهي ذلك عنده إلى الثناء أو التعوذ أو الركوع أو الرفع منه أقوال. (والشرط) فيها (أن يعلم) أي: علمه (بقلبه أي صلاة يصلي) فرضا هي أو غيره نبه بذلك على أن المعتبر فيها عمل القلب اللازم للإرادة وهو أن يعلم عندها بداهة أي صلاة يصلي فسقط ما قيل: الأصح أن العلم ليس نية حتى لو علم أي صلاة يصلي لا يكفيه خلافا لابن سلمة ألا ترى أن من علم الكفر لا يكفر إذ أن الذكر المراد باللسان لا عبرة به إنما الاعتبار لعقد القلب إلا إذا عجز عن إحضاره لتوالي هموم إصابته فيكفيه اللسان كما في المجتبى وما في الفتح: أراد أن الشرط في

ويكفيه مطلق النية للنفل والسنة والتراويح ... ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتبارها علمه أي صلاة هي أي: التمييز فحاصل كلامه النية الإرادة للفعل وشرطها التعيين في الفرائض لا يلائم كلام المصنف للزوم التكرار في قوله بعد وللفرض شرط تعيينه ثم لا يخفى أن هذا شرط لصحة النية سواء قدمت أو أخرت قال الشارح: فأدناه أن يصير لو سئل عنها أمكنه أن يجيب من غير فكر وخرجه في البحر على قول ابن سلمة والمذهب جواز تقديمها سواء قدر بعد على الجواب أم لا لكن في البزازية قيل: قول ابن سلمة هو الأصح واختلف كلامهم في التلفظ فرجح في منية المصلي تبعا للمجتبى وغيره استحبابه وجعله في اختياره تبعا للبدائع والمحيط سنة كذا عن محمد وفي الشرح والكافي أنه أحسن وفي القنية أنه بدعة إلا أن لا يمكنه إقامتها بالقلب وفي الفتح عن بعض الحفاظ لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام من طريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين زاد الحلبي ولا عن الأئمة الأربعة بل المنقول أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قام إلى الصلاة كبر وهذه بدعة انتهى أي: حسنة لمن تجتمع عزيمته وجعلها بعضهم سيئة فجزم بالكراهية كما في شرح المنية وكيفيتها أن يقول: اللهم إني أريد صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني كذا في المحيط وغيره نفلا كانت أو سنة ولو صلاة جنازة كذا في القنية لكن ذكر غير واحد أن هذا خاص بالحج لامتداده وكثرة مشاقه بخلاف الصلاة لأن أداءها في زمن يسير. (ويكفيه مطلق النية) أي نية الصلاة (للنفل) اتفاقا لأنه أدنى أنواعها فانصرف المطلق إليه (والسنة) لو للفجر حتى لو تهجد بركعتين ثم تبين أنها بعد الفجر نابتا عن السنة وكذا لو صلى أربعا والأخريان بعد الفجر وبه يفتى كذا في الخانية فإن قلت مقتضى قولهم: لو قام في الظهر إلى الخامسة ساهيا بعد ما قعد على الرابعة وضم سادسة أنهما لا ينوبان عن سنة الظهر عدم كون هذين عن سنة الفجر قلت: لما كان النفل بأكثر من سنة الفجر مكروها بعده نابتا بخلاف الظهر. (والتراويح) في ظاهر الرواية وصحح في تراويح الخانية أنه لا بد من التعيين فيها لكن لا يحتاج إلى تعيين كل شفع على حدة في الأصح والمحققون على الأول لأن معنى السنة كون النافلة مواظبا عليها منه عليه الصلاة والسلام في محل مخصوص فإذا أوقع المصلي النافلة في ذلك المحل صدق عليه أنه فعل الفعل

وللفرض شرط تعيينه كالعصر مثلا ... ـــــــــــــــــــــــــــــ المسمى من سنة أي طريقة له عليه الصلاة والسلام وهو لم يكن ينوي السنة بل الصلاة لله تعالى وخرج على الخلاف في فتح القدير الأربع التي ينوي فيها آخر ظهر أدركت وقته ولم أصله عند الشك في صحة الجمعة فإذا تبين صحتها ولم يكن عليه ظهر سابق نابت عن السنة على الأول لا الثاني انتهى أي: عن سنة الظهر (للفرض) ولو قضاء قال في البحر: أراد به العملي ليدخل صلاة العيدين وركعتي الطواف وما أفسده من النفل وسجود التلاوة والوتر والمنذور والجنازة وأقول: فيه نظر لما مر من أن العملي هو ما يفوت الجواز بفوته ولا شك في عدم صدقه على العيدين وما أفسده من النفل والتلاوة فالأولى أن يقال: أراد به اللازم وفي منية المفتي متنفل اقتدى بمفترض ثم أفسده ناويا نفلا آخر قيل هو قضاء. وقيل: نفل (شرط تعيينه) عند (النية) وما في البحر من أنه عند الشروع ففيه ما لا يخفى وإنما شرط التعيين لتزاحم الفرائض والوقت صالح للكل وفي التلاوة للتزاحم مع السهو والشكر نعم لو تكرر سجود التلاوة لا يجب عليه التعيين في السجدات كما في القنية وفيما مر للتزاحم مع النفل ولم أر في كلامهم نية التعيين في السهو والشكر وينبغي وجوبه في السهر لا في الشكر (كالعصر) إذا عين العصر (مثلا) دون قرانه باليوم أو الوقت وهذا هو الأصح ومنعه بعضهم لاحتمال عصر آخر عليه وبه جزم في الخلاصة ورجحه الهندي في شرح المغني وفي الظهيرية بعد نقل القولين وأن الجواز أصح قال: هذا إذا كان مؤديا فإن كان قاضيا وهو لا يعلم بخروج الوقت لا يجوز أيضا وهو ظاهر في أنه يجوز على الأرجح أما إذا قرن عصر يومه باليوم فيجوز وإن خرج الوقت لأن غايته أن قضاء بنية الأداء والمراد يوم العصر وينبغي تقييده بما إذا لم يكن عليه فوائت فإن كان لزمه التعيين وكذا إذا قرن بالوقت كفرض الوقت لكن بشرط بقائه فلو خرج ونسيه لم يجز في الأصح قال في البحر: وجعل الشارح هذا التقييد قيدا في فرض الوقت معللا بأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر فيتقضي أن نية عصر الوقت صحيحة وإن خرج الوقت ويكون الوقت كاليوم وأقول: هذا وهم فإن لفظ الشارح: ويكفيه أن ينوي ظهر الوقت مثلا أو فرض الوقت والوقت باق لوجود التعيين ولو كان الوقت قد خرج وهو لا يعلم به لا يجوز لأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر أي: وكذلك ظهر الوقت

والمقتدي ينوي المتابعة أيضا ... ـــــــــــــــــــــــــــــ فقد جعله قيدا فيهما كما ترى والفرق بين ظهر الوقت وظهر اليوم غني عن البيان ثم لا يخفى أن الجمعة غير صحيحة بفرض الوقت إلا أن يعتقد ذلك وعلم مما ذكرنا أن من فاته الظهر فنوى الظهر والعصر في وقت العصر لا يصير شارعا في واحد منهما وفي المنتقى إن كان في الوقت سعة كان شارعا في الظهر وفي الخلاصة لو نوى فائتين كانت للأولى منهما وعلله في المحيط بأن جواز الفائتة يتوقف على قضاء الأولى وهو ظاهر في اشتراط كونه صاحب ترتيب ولو جمع بين فرض ونفل كان شارعا في الفرض عند الثاني وأبطلها محمد قال في الفتح: وهذا يقتضي اشتراط قطع النية بصحة المنوي بأدنى تأمل ولو نوى الظهر والجمعة فهي للجمعة عند بعضهم ومما يتفرع على نية التعيين ما لو صلى غير عالم بأن الله تعالى فرض خمسا على عباده كان عليه قضاءها فإن علم إلا أنه لم يميز بين الفرائض وغيرها ونوى الفرض في الكل جاز وكذا لو أم غيره في صلاة لا سنة قبلها لا في صلاة قبلها سنة والله الموفق. (والمقتدي) قيد به لأن الإمام لا يشترط في صحة الاقتداء به نية الإمامة إلا في إمامة النساء كما سيأتي وقيده بعضهم بغير الجمعة والعيدين ورجحه في الخلاصة وأجمعوا على عدم اشتراطها في حقهن في الجنازة (ينوي المتابعة أيضا) أي: زائد على نية التعيين نبه بذلك على أن نية الاقتداء فقط غير كافية لكنه قول البعض والأصح أنها كافية وتنصرف إلى صلاة الإمام وقيده في المعراج بما إذا كان مصليا بصلاته وهو حسن بخلاف ما إذا نوى صلاة الإمام حيث لا يصح لأنه لم يقتد به واستثنى في الذخيرة من ذلك الجمعة حيث لا تصح لاختصاصها في الجماعة. أقول: ومقتضى التعليل إلحاق العيدين بها واقتضى كلامه أن تعيين الإمام غير شرط ولو اقتدى به ظانا أنه زيد فإذا هو عمر صح إلا إذا عينه بنيته فبان أنه غيره فإنه لا يصح إلا إذا أشار إليه وسماه كما إذا قال: اقتديت بهذا الإمام الذي هو زيد بحيث يصح لإلغاء التسمية مع الإشارة وعلى هذا فما في عمدة الفتاوى لو قال اقتديت بهذا الشيخ فإذا هو شاب صح لأنه يدعى شيخا للتعظيم ولو قال: بهذا الشاب فإذا هو شيخ لا يصح مشكل بل وزان ما سبق أن يصح فيهما قال الشارح: والأفضل أن ينوي الاقتداء بعد تكبير الإمام وتعقب بأنه إنما يأتي على قولهما وأما على قوله فسيأتي أفضلية المقارنة ولو نواه حين وقف موقف الإمامة جاز عند العامة وقيل: لا لأنه نوى الاقتداء بغير المصلي ومقتضاه ما قدمنا من جواز تقديم نية

وللجنازة ينوي الصلاة لله والدعاء للميت واستقبال القبلة فللمكي فرضه إصابة عينها ولغيره إصابة جهتها ... ـــــــــــــــــــــــــــــ الاقتداء أن التقييد بموقف الإمامة اتفاقي وأما على الثاني فلا يصح بالأولى والله الموفق. (و) في صلاة (الجنازة ينوي) المصلي (الصلاة لله تعالى وينوي) أيضا (الدعاء للميت) لأنه الواجب عليه والأولى أن لا يعين الميت عند الاشتباه (واستقبال القبلة) من الشرائط أيضا استفعال من قبلت الماشية الوادي بمعنى قابلته وليست السين للطلب لأن الواجب أولا وبالذات إنما هو المقابلة والطلب إنما يجب من حيث توقف الوجود عليه وهو بعد الوجود لا يتصور فاستفعل بمعنى فعل كاستمر واستقر والقبلة في الأصح الحالة الذي يقابل الشيء عليها غيره ثم صارت كالعلم للجهة التي تستقبل للصلاة سميت بذلك لأن الناس يقابلونها وتسمى محرابا أيضا لمحاربته النفس والشيطان عندها وكانت شرطا للأمر في قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} البقرة: 5 إذ المراد به الكعبة على الأصح وعليه انعقد الإجماع أما نية الاستقبال فلم تذكر في الظاهر وقال الفضيل: شرط والمحامدي: لا لكنه حسنا وهو الصحيح وقيل شرط في الصحراء لا في غيرها. (فللمكي) وكذا المدني لثبوت القبلة في حقه بالنص (فرضه) أي الاستقبال (إصابة عينها) أي عين القبلة التي هي الكعبة سواء كان معاينا لها أو لا كما دل عليه الإطلاق لكن الأصح أن حكم من كان بينه وبينها بناء حكم الغائب ولو أصليا كجبل اجتهد والأولى أن يصعده كذا في المعراج قال في الفتح: وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده إشكال لأن المصير إلى الدليل الظني وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز (ولغيره) أي لغير المكي (فرض إصابة جهتها) بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها وتعرف الجهة بالدليل وهو في القرى والأمصار المحاريب التي وضعها الصحابة والتابعون فعلينا اتباعهم فإن لم توجد فمن الأهل وفي البحار والمفاوز من النجوم كذا في الخانية وهذا قول العامة وقال الجرجاني وغيره: الفرض إصابة عينها أيضا وأثر الخلاف يظهر في اشتراط نية عين الكعبة في حق الغائب أو نية الجهة كافية على قول مشترطها كذا في الشرح وهو ظاهر ما في الخانية لكن ظاهر ما في الذخيرة والكافي يومئ إلى أنه لا خلاف فبقي عدم اشتراط نية الاستقبال لا عينا ولا جهة في حق الغائب عند القائلين بأن الفرض في حق

والخائف يصلي إلى أي جهة قدر ومن اشتبهت عليه القبلة تحرى ... ـــــــــــــــــــــــــــــ الجهة كما أنه لا خلاف في عدم اشتراط نية الاستقبال عينا عند التوجه إلى عينها كما يفيد ظاهر كلامهم فإنه قال في الذخيرة: وثمرة الخلاف تظهر في اشتراط نية عين الكعبة فمن اشترط إصابة العين اشترط نية العين لعدم إمكان إصابة العين حينئذ إلا من حيث النية فانتقل ذلك إليها ومن لم يشترط إصابة العين لم يشترط نية العين لعدم الحاجة إلى ذلك فإن إصابة الجهة تحصل من غير إصابة نية العين وبهذا ظهر أن قولهم لو نوى بناء الكعبة والمقام لا يجوز إلا أن يريد الجهة وكذا لو نوى محراب مسجد مبني على رأي الجرجاني كذا في شرح المنية. (والخائف) من عدو آدمي أو غيرها من الغرق (يصلي إلى أي جهة يقدر) لتحقق العجز وكذا المريض الذي لا يقدر على التوجه ولو وجد موجها عند الإمام خلافا لهما وكذا إذا لم يجد مكانا يابسا يصلي فيه أو كانت دابته جموحا بحيث لو نزل لا يركب إلا بمعين أو شيخا كبيرا كذلك (ومن اشتبهت عليه القبلة) لفقد الدلائل المتقدمة ولو بمكة والمدينة أو مسجد مظلم ولا يلزمه مس الجدران خوف الهوام ولا أن يقرع الأبواب (تحرى) أي وجب عليه التحري ولو بسجود تلاوة وقيده القدوري بأن لا يكون في حضرته من يسأله فإن كان وهو من أهل ذلك المكان مقبول الشهادة قدم على التحري وحد الحضرة أن يكون بحيث لو صاح به سمعه وقيد غيره بأن المساء متغيمة فلو كانت مصحية لا يجوز ولو جاهلا لأنه ليس بعذر وكان المصنف استغنى عن القيد الأول بذكر الاشتباه وذلك أن تحققه إنما يكون عند فقد الدليل وأهمل الثاني لعدم اعتباره عند آخرين وعليه إطلاق عامة المتون قيد بالاشتباه لأنه لو لم يتحر أعاد إلا إن علم الإصابة بعد فراغه لأن ما شرط لغيره يراعي حصوله لا تحصيله ولو خالف جهد تحريه لا تجزئه لأنها قبلته واختلف في كفره وعن الإمام أنه يخشى عليه الكفر واستشكله في فتح القدير بأن هذا التعليل يقتضي الفساد فيما إذا لم يشك وذاك التعليل يقتضي الصحة وأجاب بأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه فلا ينقلب جائزا لأنه اعتقد الفساد قبل ظهور الصواب فيؤاخذ باعتقاده بخلاف ما إذا لم يتحر وعلى هذا لو صلى في ثوب عنده أنه نجس فإذا هو طاهر أو على أنه محدث أو أن الوقت لم يدخل فظهر أنه متوضئ وأن الوقت دخل فإنه لا يجزئه هذا كله إذا وقع تحريه على شيء فإن لم يقع قيل: يؤخر وقيل: يصلي إلى الجهات الأربع قال في الظهيرية: ولو صلى مع ذلك إلى جهة جاز أصاب أو لا واختلف المتأخرون فيما إذا صلى إلى الجهات الأربع

وإذا أخطأ لم يعد وإن علم به في صلاته استدار ولو تحرى قوم جهات وجهلوا حال أمامهم يجزئهم .... ـــــــــــــــــــــــــــــ فتحول رأيه إلى الجهة الأولى قيل: يتم وقيل: يستقبل ولو تذكر أنه ترك سجدة من الأولى فسدت كما في البغية (وإن أخطأ لم يعد) لأنه أتى بما أمر به بخلاف ما إذا صلى في ثوب أو توضأ بماء على ظن طهارته فإذا هو نجس حيث يعيد لترك المأمور به أعني الصلاة على طهارة وفي الطاهر. (وإن علم به) أي بالخطأ (في صلاته استدار) لأنه تبدل الاجتهاد كالنسخ وقد روي أن أهل قباء لما علموا بنسخ القبلة في صلاتهم استداروا وكلامه شامل لما إذا علم به بعد ما قعد قدر التشهد أو في سجود السهو. اعلم أن مسائل التحري تنقسم باعتبار القسمة العقلية إلى عشرين قسما لأنه إما أن لا يشك ولا يتحرى أو شك وتحرى أو لم يتحر أو تحرى بلا شك وكل وجه على خمسة لأنه إما أن يظهر صوابه أو خطؤه في الصلاة أو خارجها أو لا يظهر أما الأول فإن ظهر خطؤه استقبل مطلقا أو صوابه قبل الفراغ قيل: هو كذلك لأنه قوى حاله والأصح لا ولو بعده أو لم يظهر كان أكبر رأيه الإصابة فكذلك لا يستقبل وحكم الثاني في الصحة في الوجوه كلها كما في الكتاب وحكم الثالث الفساد في الوجوه كلها أو لو أكبر رأيه أنه أصاب على الأصح إلا إذا علم يقينا بالإصابة بعد الفراغ والرابع لا وجود له خارجا. فرع: تحول رأي المسبوق واللاحق بعد فراغ الإمام فسدت صلاة اللاحق واستدار المسبوق (ولو تحرى قوم) مع إمام (جهات) في ليلة مظلمة وصلى الإمام إلى جهة وكل واحد إلى أخرى والحال أنهم قد (جهلوا حال إمامهم تجزئهم) الصلاة إذا كانوا خلفه لتوجه كل منهم إلى قبلته أعني جهة تحريه قيدنا بكونهم خلفه لأن من تقدم على إمامه تفسد صلاته قال في المعراج: وكذلك لو لم يتم تعيين الإمام بل رأى رجلين يصليان فنوى الاقتداء بواحد لا بعينه وكذا إذا لم يتعين فعل الإمام والله الموفق للصواب.

باب صفة الصلاة

باب صفة الصلاة فرضها التحريمة ... ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صفة الصلاة شرط في المشروط بعد بيان الشروط وهي مصدر وصفت الشيء صفة ووصفا إذا كشفت حاله وأجليت شأنه قيل: لا فرق بين الوصف والصفة لغة والمتكلمون فرقوا فجعلوا الوصف ما قام الواصف والصفة ما قام بالموصوف وجوز في فتح القدير ثبوت هذا الفرق لغة أيضا إذ لا شك في أن الوصف مصدر وصفه إذا ذكر ما فيه والصفة هي ما فيه ولا ينكر أن يطلق الوصف ويراد به الصفة بهذا اندفع قول العيني: ليت شعري من أين للمتكلمين التخصيص إذ كل منهما مصدر يصح أن يتصف به الفاعل والمفعول على أنه لا مشاحة في الاصطلاح وهي هنا بمعنى الكيفية المشتملة ععلى فرض وواجب وسنة ومندوب لاشتمال الباب على الكل وهذا أولى من قوله في الفتح المراد بالصفة هنا الأوصاف النفسية لها وهي الأجزاء العقلية الصادقة على الخارجية التي هي أجزاء الهوية من القيام الجزئي والركوع والسجود فتدبر. (فرضها التحريمة) أي التكبيرة الأولى سميت بذلك لأن بها تحرم الأمور المباحة قبلها دون غيرها والتحريم جعل الشيء محرما والتاء لتحقيق الاسمية أو للوحدة وعبر بالفرض المفسر بما لا بد منه الشامل للركن والشرط بجعله التحريمة والقعدة من صفتها وهما شرطان لاتصالهما بالأركان أما القعدة فستأتي وأما التحريمة ففيها روايتان والأصح أنها شرط واختار الطحاوي وغيره رواية الركنية قيل: الأول قولهما والثاني قول محمد وأثر الخلاف يظهر في أن بطلان الوصف هل يوجب بطلان الأصل قالا: لا يوجبه وقال محمد يوجبه وفيما إذا شرع في الظهر قبل الزوال فلما فرغ من التحريمة زالت الشمس جاز عندهما خلافا له كذا في السراج وهو سهو والحق ما في الشرح: لو شرع فيه قبل ظهور الزوال فظهر قبل فراغه منها ويظهر أيضا في بناء النفل على الفرض فإنه جائز بإجماع أصحابنا كذا في الشرح لكن مع الكراهة في السراج وأراد إجماع القائلين بأنها شرط إما بناء على الفرض على مثله فجوزه أبو اليسر والظاهر خلافه بل حكى في السراج الإجماع على عدم صحته ولا خلاف في جواز بناء النفل على النفل والنفل والفرض عليه. واعلم أنه يشترط في التحريمة كونه قائما حتى لو وجد الإمام راكعا فكبر إن كان إلى القيام أقرب صح وإلا لا، ولو أراد بها تكبير الركوع لفت نيته وقالوا: يكتفى من الأخرس

والقيام والقراءة والركوع والسجود ... ـــــــــــــــــــــــــــــ والأمي بالنية ولا يلزمهما تحريك اللسان هو الصحيح لأن الواجب حركة بلفظ مخصوص فإذا تعذر نفس الواجب لا يحكم بوجوب غيره إلا بدليل وأقول: ينبغي أن يشترط القيام في نيتهما لقيامهما مقام التحريمة وإن تقديمها لا يصح ولم أره لهم وأما باقي التكبيرات فقال في طلاق الفتح: إنه يحرك لسانه بها كالقراءة انتهى وكأن الفرق أن تكبيرة الإحرام لها خلف هو النية بخلاف غيرها. (والقيام) هو استواء النصف الأعلى وحده أن يكون بحيث لو مد يديه إلى ركبتيه لا ينالهما ويكره على أحد القدمين إلا لعذر وقد يترك وجوبا في مسائل وجوازا في أخرى منها لو كان به جرح لو سجد لسال أو أدمى وهو قاعد ولو قائما جاز والأول أولى ومنها شيخ لا يقدر على القراءة قائما ويقدر عليها قاعدا ولو صلى في الفصلين مع الحدث أو قائما وترك القراءة لم يجز ومنها لو كانت بحيث لو صلت قائمة انكشف عن عورتها ما يمنع الصلاة ولو قاعدة لا تعين القعود ولو كان الثوب يغطي جسدها وربع رأسها فتركت تغطية الرأس لم يجز ولو أقل من الربع جاز كما في الشرح ومنها لو كان بحيث لو صلى قاعدا قدر على الصوم وقائما لا رجح في المجتبى أنه يصلي قاعدا مع الإمام لكن الفتوى أنه يصلي في بيته قائما كما في الخلاصة (والقراءة) للأمر بها في النص وعلى ذلك انعقد الإجماع خلافا لمن شذ وهما ركن زائد لسقوطه في بعض الصور من غير ضرورة للمقتدي واعترض بأن بيان تسميته ركنا وزائدا تدافعا وأجيب بأنه ركن باعتبار أن انتفاءه يوجب انتفاء الماهية في حالة وزائد لقيامها بدونه في أخرى فمعنى الزائد هو الجزء الذي إذا انتفى كان الحكم المركب باقيا بحسب الشرع وهذا قد يكون باعتبار الكيفية كالإقرار في الإيمان أو الكمية كالأقل في المركب من الأكثر حيث يقال للأكثر: حكم الكل ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه يسقط بلا ضرورة ليلزم كونه زائدا وسقوطه فيما مر لضرورة الاقتداء ومن هنا ادعى ابن الملك أنه أصلي ولو سلم فلا تلزم زيادته ألا ترى أن غسل الرجلين يسقط بالمسح بلا ضرورة فالأولى أن يقال: الزائد هو الساقط في بعض الأحوال بخلاف الأصلي. (والركوع) وهو انحناء الظهر وفي منية المصلي أنه طأطأة الرأس ومقتضى الأول أنه مع القدرة لا يخرج بالطأطأة عن العهد قال الحلبي: وهو حسن (والسجود) للأمر بهما وهو وضع بعض الوجه على الأرض بما لا سخرية فيه فيدخل الأنف وخرج

والقعود الأخير قدر التشهد والخروج بصنعه ... ـــــــــــــــــــــــــــــ الحد والذقن والصدع ووضع إصبع واحدة من القدمين شرط وعرفه بعضهم بوضع الجبهة قال في البحر: وليس بصحيح لما سيأتي من أن الاقتصار على الأنف كاف عند الإمام وإن كان الفتوى على قولهما وأنت خبير بأن التعريف حيث جاء على الراجح فلا وجه لدعوى عدم صحته. (والقعود الأخير) للإجماع وهو (مقدار التشهد) إلى قوله عبده ورسوله هو الأصح للعلم بأن شرعيته لقراءته وهذا أقل ما ينصرف إليه اسم التشهد عند الإطلاق لكن ما شرع لغيره كيف يكون آكد من ذلك الغير فالأولى أن يقال: إن سبب شرعيته الخروج وفي الولوالجية ما يفيد أن الموالاة وعدم الفاصل فيه غير شرط حيث قال: صلى أربعا فلما جلس جلسة خفيفة ظن أنها ثالثة فقام ثم تذكر فجلس وقرأ بعض التشهد جازت صلاته وإلا فسدت واختلف في ركنيته وفي البدائع الصحيح أنه ليس بركن أصلي وهذا يقتضي أنه زائد إلا أن الظاهر شرطيته لقولهم: لو كان ركنا لتوقفت الماهية عليه لكنها لا تتوقف عليه فإن من حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود دون توقف على القعدة فعلم أنها شرعت للخروج وهذا لأن الصلاة أفعال وضعت للتعظيم وليس القعود كذلك. (والخروج) من الصلاة (بصنعه) بقول ولو لفظ السلام أو فعل ينافي الصلاة بعد إتمامها وإن كره تحريما لترك السلام إذ تعيينه إنما هو واجب والفرض مطلق الخروج عند الإمام خلافا لهما وهذا قول البردعي أخذا من الاثني عشرية لمعنى آخر سيأتي قيل: وأثر الخلاف على تخريج البردعي يظهر فيما لو سبقه حدث في الأخير بعد ما قعد منه قدر الفرض تمت صلاته عندهما لا عنده حتى يتوضأ ويخرج منها بمناف هو السلام فلو لم يفعل حتى أتى بمناف آخر فسدت عنده كذا في المنية وشرحها وهذا يقتضي تخصيص المنافي بالسلام وقد علمت أنه أعم. تكميل: بقي من الفرائض إتمامها والانتقال من ركن إلى آخر كما عده بعضهم قيل: لأن الأمر بالصلاة يوجب ذلك إذ لا وجود لها بدون إتمامها واعلم أنه هل يشترط لصحة هذه الفرائض الاستيقاظ؟ فرجحوا في القراءة اشتراطه كما في المحيط

وواجبها قراءة الفاتحة وضم سورة وتعيين القراءة في الأولتين ورعاية الترتيب في فعل مكرر .. ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره حتى لو قرأ نائما لا يجزئه واختار الفقيه الإجزاء قال في الفتح: وهو الأوجه إذ الاختيار المشروط قد وجد ابتداء وهو كاف ألا ترى أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول تجزئه قال في البحر: وهذا يفيد أنه لو ركع وسجد نائما يجزئه والمنصوص عليه أنه لا يجزئه قال في المبتغى: لو ركع وهو نائم لا يجوز إجماعا وعرف من هذا جواز القيام نائما وإن نص بعضهم على عدمه وأما القعدة الأخيرة ففي منية المصلي أنه لا يعتد بها وفي جامع الفتاوى يعتد بها وعلله في التحقيق الأصولي بأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمها النوم ثم لا يخفى أن في قولهم: لو ركع نائما إيماء إلى أنه لو ركع فنام أجزأه وأن ما في السراج والمحيط لو أتى النائم بركعة تامة فسدت صلاته لأنه زاد ركعة غير معتد بها مبني على اختيار فخر الإسلام في القراءة وأن القيام منه غير معتد به. (وواجبها قراءة الفاتحة) للمواظبة وسيأتي أنها سنة في الأخيرين من الفرض واجبة في الكل من ركعات الوتر والنفل والعيدين وقالوا: لو ترك أكثرها سجد للسهو لا إن ترك أقلها ولم أر لهم ما إذا ترك النصف ولو خاف فوت الوقت لو قرأ الفاتحة والسورة قرأ في كل ركعة آية في جميع الصلوات إن خاف فوت الوقت في الزيادة كذا في القنية (وضم) أقصر (سورة) وما يقوم مقامها وهو ثلاث آيات قصار أو آية طويلة في الأوليين بعد الفاتحة وفي المجتبى قال أصحابنا: لو ترك الفاتحة يؤمر بها بالإعادة ولو ترك السورة لا ورده في البحر بأنه لا فرق بين واجب وواجب وأومأ بالضم إلى أن تقدم الفاتحة واجب فلو قرأ حرفا في السورة قبلها ساهيا سجد للسهو ولو كرر ما قبل السورة ساهيا سجد للسهو كما رجحه في المجتبى وغيره (وتعيين القراءة في) الركعتين (الأولتين) من الفرض, (ورعاية الترتيب في فعل مكرر) في كل ركعة كذا في الكافي زاد الشارح في

... ـــــــــــــــــــــــــــــ جميع الصلاة كعدد الركعات حتى لو نسي سجدة من الأولى وقضاها في آخر الصلاة جاز كذا وفي ما يقضيه المسبوق بعد سلام الإمام أول صلاته عندنا ولو كان الترتيب فرضا لما جاز ورده في البحر بأن ما يقضيه المسبوق أول صلاته حكما لا حقيقة وأيضا ليس هو أولها مطلقا بل في حق القراءة وآخرها في حق التشهد ولا يصح أن يدخل تحت الترتيب الواجب إذ لا واجب عليه ولا نقص في صلاته وأقول: هذا وهم إذ الترتيب بين الركعات ليس إلا واجبا قال في الفتح: إلا أنه سقط حق المسبوق لضرورة الاقتداء وما في الشرح مأخوذ من الخبازية والنهاية وعليه جرى في الدراية والفتح. قيدت بالمتكرر لأن رعاية ما لا يتكرر في كل ركعة فرض كذا في الكافي إلا أنه في سجود السهو منه قال: لو قدم ركنا بأن ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع سجد للسهو لأن مراعاة الترتيب واجبة عندنا وفيه تناقض ظاهر وبه استدل صدر الشريعة على أن قيد التكرار لا مفهوم له كما أنه واجب بين ما لا يتكرر كالركوع والقراءة قال: ويخطر ببالي أنه احتراز عما لا يتكرر فيها على سبيل الفريضة وهو التحريمة والقعدة فإن الترتيب في ذلك فرض وأجيب عن التناقض بأن معنى فرضية الترتيب هنا توقف صحة الثاني على وجود الأول حتى لو ركع بعد السجود لم يعتد إجماعا فيعيد السجود ومعنى وجوده أن الإخلال به لا يفيد الصلاة إذا أتى به والحاصل أن الترتيب بين ما يتعدد في كل ركعة أو في كل الصلاة واجب وبين المتحد في كل الصلاة كالقعدة وجميع ما سواه فرض حتى لو تذكر بعد القعود قبل السلام أو بعده قبل أن يأتي بمناف ركعة أو صلبية أو تلاوية أتى بها وأعاد القعدة وسجد للسهو ولو ركوعا قضاه في مع ما بعده من السجود أو قياما أو قراءة صلى ركعة وكذا بين المتحد في كل ركعة كالقيام والركوع فما في النهاية من أن الترتيب غير شرط بين ما يتعدد في كل الصلاة أو يتحد في كل ركعة وبين ما يتعدد في كل ركعة ليس على الإطلاق بل بين السجود والمتحد في كل ركعة تفصيل إن كان سجود ذلك الركوع بأن يكون من ركعة فالترتيب شرط وإن كان ركوعا من الركعة وسجودا من أخرى بأن تذكر في سجدة ركوع ركعة قبل ركوع هذه السجدة قضى الركوع وسجدتيه وإن كان على القلب بأن تذكر في الركوع أنه لم يسجد قبلها سجدها وهل يعيد الركوع والسجود المتذكر فيه ففي الخانية نعم لارتفاضه بالعود وفي الهداية أنه مندوب فقط.

وتعديل الأركان والقعود الأول والتشهد ولفظ السلام وقنوت الوتر .. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتعديل الأركان) وهو تسكين الجوارح حتى تطمئن مفاصله وأدناه قدر تسبيحة هذا تخريج الكرخي وهو الصحيح وعلى تخريج الجرجاني هو سنة وقال الثاني: هو فرض ونقله الطحاوي عن الثلاثة قال العيني: وهو المختار إلا أن الذي نقله الجم عنهما ما سمعت على أن خلاف الثاني لم يذكر في ظاهر الرواية وعبارته في الأسرار قال علماؤنا: الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الانتقال من ركن إلى ركن ليس بركن وكذلك الاستواء بين السجدتين وبين الركوع والسجود وحمل في الفتح قول الثاني على الفرض العملي وعليه حمل في البحر ما نقله الطحاوي فيما رحجه العيني لغرابته لم أر من عرج عليه حتى أوله بين العصريين بالمختار من قوليه. (والقعود الأول) للمواظبة وما صححه الترمذي من "أنه عليه الصلاة والسلام سهى عنه فلم يعد إليه" واختار الكرخي والطحاوي استنانه والأول أصح قال في البدائع: وأكثر ما شيخنا يطلقون اسم السنة إما لأن وجوده عرف بها أو لأن المؤكدة في معنى الواجب وهذا يقتضي رفع الخلاف وأراد بالأول ما ليس بآخر إذ المسبوق بثلاث في الرباعية يقعد ثلاث قعدات والواجب منها ما عدا الأخيرة وسيأتي أنها قد تكون أكثر لكن يرد عليه ما في الفتح من سبق الحدث لو استخلف المسافر مقيما حين سبقه الحدث كانت القعدة الأولى فرضا في حقه وقد يجاب بأن هذا عارض وقراءة التشهد في كل القعدات في ظاهر الرواية استحسانا وهو الصحيح وقيل: سنة ولا خلاف في وجوبه الأخيرة خلافا لما في شرح ابن عوف ووقع في بعض نسخ الوقاية. (والتشهد) وعبارة المصنف أولى قال أبو الليث في خزانته: وأكثر ما يقع في الصلاة عشر مرات كمن أدرك الإمام فيه في المغرب ثم تشهد معه الثالثة وعليه سهو فسجد معه وتشهد ثم تذكر سجود تلاوة فسجد معه وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد معه وقد بقي عليه ركعتان بتشهدين فيما يقضي ووقع له ما وقع في الأول (و) إصابة (لفظ السلام) للمواظبة وأفاد عليكم ليس منه كالتحويل يمينا وشمالا ولذا لو اقتدى به بعد لفظ السلام قيل: قوله عليكم لا يصح (و) قراءة (قنوت الوتر)

وتكبيرات العيدين والأسرار فيما يجهو ويسر وسننها رفع اليدين للتحريمة ونشر أصابعه ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مطلق الدعاء وإما خصوص اللهم إنا نستعينك فسنة فقط حتى لو أتى بغيره جاز إجماعا. (وتكبيرات العيدين) الزوائد الآتية في بابه هو الأصح للإضافة ولذا لم يقل القنوت للوتر والتكبيرات للعيدين وهو إما للفرض أو للوجوب والأول منتف فتعين الثاني ونوزع بأنها ليست من الشارع فلا تصبح مثبتة واعلم أن تكبير الركوع من الركعة الثانية منه ومن الثالثة في الوتر واجب نبه عليه الشارح في السهو ولفظ التكبير في العيدين واجب كما في المستصفى وسيأتي ما فيه (والإسرار فيما يجهر) فيه (ويسر) لف ونشر مرتب للمواظبة واجبان اعتمادا على ما سيأتي. (وسننها رفع اليدين للتحريمة) لأنه عليه الصلاة والسلام كان يفعله ولو تركه يأثم وقيل: لا وعن الإمام ما يدل عليه وقال الصفار إن اعتاده أثم لا إن كان أحيانا وفي الخلاصة: وهو المختار وقال في الفتح: وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمول على القولين فلا خلاف حينئذ ولا إثم لنفس الترك بل لأن اعتياده للاستخفاف وإلا فمشكل أو يكون واجبا انتهى وهو مبني على إناطة الإثم بترك الواجب فقط قال في البحر: والذي يظهر من كلامهم أنه قد يكون بترك السنة أيضا فقد رجحوا الإثم بترك السنن الصلوات والجماعة ولا ينكر بأنه مقول بالتشكيك على معنى أنه في الواجب أشد من ترك السنة ومن نفاه جعله من الزوائد بمنزلة المندوب أقول: ويؤيده ما في الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير وكون الاعتبار للاستخفاف يوجب إثما فقط فيه نظر ففي البزازية لو لم ير السنة حقا كفر لأنه استخفاف (ونشر أصابعه) لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا كبر رفع يديه ناشرا أصابعه. وكيفيته أن لا يضم كل الضم ولا يفرج كل التفريج بل ينزلها على حالها كذا في الشرح وفي المعراج معنى النشر في الحديث النشر على الطي بأن لم يجعلها فيما يضم الأصابع إلى الكف قال شيخ الإسلام: وظن بعضهم أن المراد به التفريج

وجهر الإمام بالتكبير والثناء والتعوذ والتسمية والتأمين سرًا ووضع يمينه على يساره تحت سرته وتكبير الركوع والرفع منه وتسبيحه ثلاثًا وأخذ ركبتيه بيديه وتفريج أصابعه وتكبير السجود وتسبيحه ثلاثًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو غلط بل أراد به النشر عن الطي يعني يرفعهما منصوبتين لا مضمومتين حتى تكون الأصابع إلى القبلة انتهى وهذا المعنى نبه عليه الشارح بعد في قوله وركع. (وجهر الإمام بالتكبير) بقدر الحاجة لاحتياجه إلى الإعلام بالدخول والانتقال قيد بالإمام لأن المأموم والمنفرد لا يجهران به لعدم الحاجة إليه (والثناء والتعوذ والتسمية والتأمين سرًا) نصب على المصدرية أي: تسر سرًا على معنى يسرها المصلي سرًا وهو قيد في الأربعة (ووضع يمينه على يساره تحت سرته) لقول علي كرم الله وجهه: من السنة وضع اليمين على اليسار تحت السرة. (وتكبير الركوع) لأنه عليه الصلاة والسلام (كان يكبر عند رفع وخفض) (والرفع منه) بالرفع عطف على التكبير لا بالجر لاقتضائه التكبير عند الرفع وليس بالسنة وهذا عندهما وقال الثاني: فرض وهو رواية عن الإمام والصحيح الأول (تسبيحه) أي: الركوع (ثلاثًا) أي: ثلاث مرات بيان لأدناه كما سيأتي (وأخذ ركبتيه بيديه) في الركوع (وتفريج أصابعه) لحديث أنس: (إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك وفرج بين أصابعك). (وتكبير السجود) لما روينا قال الشارح: ولو قال: والرفع منه لكان أولى لأن التكبير عند الرفع منه وكذا الرفع نفسه سنة انتهى وجوابه أنه استغنى عن ذلك بقوله بعد: والقومة أي: من السجود والجلسة أي: بين السجدتين وبه تندفع دعوى التكرار بناء على أن المراد بالقومة القومة من الركوع على أن في استفادة الحكمين المذكورين من قوله: والرفع نظرًا لأنه إن كان مرفوعًا عطفًا على التكبير أفاد سنية الرفع أو مجرورًا عطفًا على السجود أفاد سنية التكبير عند الرفع وعن الإمام أنه فرض وجه الظاهر أن الانتقال المقصود يتحقق بدونه بأن يسجد على وسادة ثم تنزع لكن هذا لا يتم إلا على قول من لم يشترط الرفع (وتسبيحه) أي: السجود (ثلاثًا) لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثًا).

ووضع يديه وركبتيه وافتراش رجله اليسرى ونصب اليمنى والقومة والجلسة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء وآدابها نظره إلى موضع سجوده ـــــــــــــــــــــــــــــ (ووضع يديه وركبتيه) على الأرض حال السجود لما سيأتي (وافتراش رجله اليسرى ونصب اليمنى) عند جلوسه للتشهد لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك (والقومة والجلسة) وهذا أعني استنان القومة بين الركوع والسجود قولهما وقال الثاني: فرض قال في (فتح القدير): وينبغي أن تكونا واجبتين للمواظبة ولعله كذلك عندهما ففي (الخانية) المصلي إذا ركع لم يرفع رأسه من الركوع حتى خر ساجدًا ساهيًا/ تجزئه صلاته عند أبي حنيفة ومحمد وعليه السهو وقدمنا عنه حمل قول الثاني بالفرضية على الفرض العملي فيرتفع الخلاف انتهى، وأنت خبير بأن صحة رفع الخلاف موقوفة على أن يراد بالواجب على قولهما أقوى نوعيه وهو ما يفوت الجواز بفوته لكنه لا يفوت على قولهما ويفوت على قوله فأنى يرتفع وقد صرح في السهو بذلك حيث قال: لو ترك القومة والجلسة فسدت صلاته عند أبي يوسف خلافًا لهما نعم ذكر كثير أنها واجبة تجبر بالسهو كما في (الخانية). ففي (المجتبى) عن صدر القضاة إتمام الركوع، وإكمال كل ركن واجب عندهما وعند أبي يوسف فرض وكذلك رفع الرأس من الركوع والانتصاب والقيام والطمأنينة فيه فيجب أن يكمل الركوع حتى يطمئن كل عضو منه وكذا السجود، ولو ترك شيئًا من ذلك ساهيًا يلزمه سجدتا السهو وعامدًا يكره أشد الكراهة ويلزمه أن يعيد الصلاة وفي (المحيط) لو ترك القومة بين الركوع والسجود ساهيًا يلزمه سجود السهو قال ابن أمير حاج: وهذا هو الصواب. (والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -) في القعدة الأخيرة وقد حكى غير واحد إجماع المتقدمين والمتأخرين على عدم وجوبها فيها وإن من قال بذلك لا سلف له وسيأتي الكلام على أقسامها وأحكامها (والدعاء) لنفسه ولوالديه المؤمنين ولجميع المؤمنين بعد التشهد لما حسنه الترمذي مرفوعًا قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة) بناء على أن المراد بالدبر ما قبل الفراغ منها كما قال بعضهم: ويصح أن يراد به عقبه وهذا عندنا محمول على صلاة لا سنة بعدها على خلاف فيه سيأتي مبينًا إن شاء الله تعالى. (وآدابها نظره إلى موضع سجوده) في القيام وفي الركوع إلى ظهر قدميه وفي

وكظم فمه عند التثاؤب، وإخراج كفيه من كميه عند التكبير، ودفع السعال ما استطاع، والقيام حين قيل حي على الفلاح، وشروع الإمام مذ قيل قد قامت الصلاة. ـــــــــــــــــــــــــــــ السجود إلى أرنبة أنفه وفي القعود إلى حجره وعند التسليمة الأولى إلى منكبه الأيمن وعند الثاني إلى منكبه الأيسر وبهذا علمت ما في كلامه من القصور وإيهام خلاف المقصود (وكظم فمه) أي: ضم بعضه إلى بعض المراد سده (عند التثاؤب) ليندفع به خوفًا من ضحك الشيطان منه بفعله كما أخبر به عليه الصلاة والسلام وكأنه لما فيه من التكاسل فيما محله النشاط والخضوع قال في (القاموس): تثاءب أصابه كسل وفترة كفترة النعاس فإن لم يقدر غطاه بيده أو كمه واعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - محفوظ من التثاؤب كما في (تاريخ البخاري) (ومصنف أبي شيبة) زاد الثاني أن ذلك عام في الأنبياء ذكره ابن حجر المكي في (شرح الشمائل). (وإخراج كفيه من كميه عند التكبير) لأنه أقرب إلى التواضع إلا لنحو برد (ودفع السعال ما استطاع) لأنه أجنبي عن الأفعال وإلا فسد حيث لا عذر (والقيام) أي: قيام المصلي ولو إمامًا (حين قيل: حي على الفلاح) مسارعة لامتثال الأمر هذا إذا كان الإمام بقرب المحراب فإن لم يكن وقف كل صف انتهى إليه الإمام على الأصح كذا في (الخلاصة) وفي (الشرح) وهو الأظهر ولو دخل من أمامهم قاموا حين يقع بصرهم عليه هذا إذا كان الإمام غير المؤذن فإن اتحدوا قام في المسجد أجمعوا على أن القوم لا يقومون ما لم يفرغ من الإقامة وإن خارجه قام كل صف ينتهي إليه. (وشروع الإمام مذ قيل قد قامت الصلاة) عندهما وقال الثاني: إذا فرغ من الإقامة محافظة على فضيلة إجابتهما ولهما إن قد هنا للتحقيق فيسرع صونًا لكلام الأمين عن الكذب والمتابعة في الأذان لا في الإقامة كذا في (الشرح) ونظر فيه في (البحر) بما سبق من أنها مندوبة مع أنه قدم أيضًا أنه لا إجابة فيها كما في (الشرح) وهو أحق لما أنها تفوت هذه الفضلية ولو شرع بعد فراغه منها فلا بأس به إجماعًا كذا في (الظهيرية).

فصل

فصل وإذا أراد الدخول في الصلاة كبر، ورفع يديه حذاء أذنيه ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل هو لغة الحاجز مصدر إما بمعنى الفاعل كرجل عدل أي: فاصل عما ذكر قبله وبعده أو بمعنى المفعول أي: مفصول عما قبله فإذا قلت في كذا رفعته على الخبرية بمحذوف منونًا أو ساكنًا للوقف وعرفًا طائفة من المسائل داخلة تحت كتاب: (وإذا أراد الدخول في الصلاة) أي صلاة كانت (كبر) إن كان قادرًا على ما سبق قال في (الفتح): ولا يجوز قبل الإمام ولو مده ففرغ الإمام قبله أو كبر غير عالم بذلك جاز على قياس قولهما لا على قياس قول أبي يوسف انتهى وقوله ففرغ الإمام قبله سبق قلم والصواب ففرغ المقتدي قبله ليتأتي الخلاف كما في (التجنيس) ومبنى الخلاف على أنه عند الإمام ومحمد لو قال الإمام الله ولم يزد على ذلك يجوز فكذا إذا كان قول المقتدي قبل فراغ/ الإمام لأن افتتاحه مع افتتاح الإمام لكن في (الخانية) لو وقع قول المقتدي أكبر قبل الإمام فالأصح أن لا يكون شارعًا عندهم وكذا لو أدركه في الركوع وكان قوله الله في قيامه وأكبر في ركوعه، وأجمعوا على أنه لو فرغ من قولة الله أكبر قبل فراغ الإمام لا يكون شارعًا في أظهر الروايات انتهى. واختلفوا في شروعه في صلاة نفسه بذلك والأصح أن لا يكون شارعًا كذا في (السراج) وقوله أو كبر غير عالم حينئذ سهو بل الحكم في المسألة كما في (المحيط) وغيره إن كان أكبر رأيه أنه كبر قبله لا يجزئه وإلا أجزأه. (ورفع يديه حذا أذنيه) أي: قريبًا من أذنيه وكان المراد القرب التام ولذا عبر صدر الشريعة بالمماسة وإطلاقه يفيد أن لا فرق بين الرجل والمرأة لكن هذا في رواية الحسن والأصح أنها ترفع إلى منكبيها قال في (البحر): ولا فرق على الروايتين بين الحرة والأمة انتهى. وأقول: إن المذكور في (السراج) أن الأمة كالرجل في الرفع وكالحرة في الركوع والسجود والقعود وسكت عن وقت الرفع واختار في (الخانية) (والخلاصة) (والتحفة) (والبدائع) (والمحيط) قرانه في التكبير بأن يبدأ عند بدايته ويختم به عند ختمه وعزاه البقالي إلى أصحابنا جميعًا واختار في (البداية) أنه يرفع أولاً ثم يكبر قال السرخسي: وهذا قول أكثر المشائخ وفي (الفتح) وغيره وهو قول عامة علمائنا وثمن قول ثالث وهو أنه بعد التكبير والكل مروي عنه عليه الصلاة والسلام وما في (الهداية) أولى ولو لم يرفع حتى فرغ منه فات محله وينبغي أن يأتي به على

ولو شرع بالتسبيح أو بالتهليل أو بالفارسية صح ـــــــــــــــــــــــــــــ القول الثالث ما لم يطل الفصل وإذا لم يمكنه الرفع إلا بالزيادة على المسنون أو بأحدهما فعله. (ولو شرع في صلاته بالتسبيح أو بالتهليل) أراد غير التكبير مما يدل على التعظيم خاصًا كان أو مشتركًا وخصه قوم بالخاص. وأما المشترك كالرحيم فلا وجزم به في (الخانية) إلا أنه في (المجتبى) قال: الأصح هو الصحة بكل اسم من أسمائه تعالى كذا ذكر الكرخي وأفتى به المرغيناني، والخلاف مقيد بما إذا لم يقرنه بما يزيل الاشتراك أما إذا قرنه به كالرحيم بعباده صح اتفاقًا كما أنه لو قرنه بما يفسدها لا يصح اتفاقًا كالعالم بالموجود والمعدوم وبأحوال الخلق كما أشار إليه البزازي وسكت المصنف عن الكراهة. قال السرخسي: والأصح عدمها وإن لفظ التكبير إنما هو أولى فقط ورجح غيره إثباتها وهو الأولى وقد ذكره في (التجريد) مرويًا عن الإمام كذا في (الفتح). وفي (المستصفى): لو شرع بغير التكبير ساهيًا لا سجود عليه إلا في افتتاح صلاة العيد وخصه كأنه لما في صلاته من زيادة التكبير لكن في (فتح القدير): الثابت بالخبر اللفظ أي: الله أكبر فيجب العمل به حتى يكره لمن يحسنه تركه كما قلنا في القراءة مع الفاتحة وفي الركوع مع السجود ومع التعديل كذا في (الكافي) وهو يفيد وجوبه ظاهرًا؛ إذ هو يقتضي المواظبة التي لم تقترن بترك فينبغي أن يعول على هذا انتهى وفيه فائدتان: الأولى أن الخلاف إنما هو في كراهة التحريم الثانية أن هذا الحكم عام في كل صلاة عيد كانت أو غيره لكني أقول: في إيجابه على القول بشرطية التحريمة إشكال نعم هو على القول بركنيتها بين ولم أر من تعرض لهذا فتدبره وخصه الثاني بالمعرف والمنكر زاد في (الخلاصة) والله الكبار مخففًا ومثقلاً كطوال وطوال والصحيح قولهما كما في (التحفة) وغيرها ولو اقتصر على المبتدأ قيل: جاز عند الإمام وفي (التجريد): هذا رواية الحسن وبشر عن الثاني وظاهر الرواية أنه لابد من الخبر لأن التعظيم الذي بمعنى التكبير حكم على المعظم وأثر الخلاف يظهر فيما لو طهرت لعشرة وفي الوقت ما يسع المتبدأ فقط وجبت الصلاة عليها في رواية الحسن وفي ظاهر الرواية لا لكن في (عقد الفرائد) قال: الفتوى على الوجوب وفيما إذا وقع الاسم مع الإمام والصفة قبله كما مر كان شارعًا في رواية الحسن لا على الظاهر وينبغي أن تظهر فيما سبق أيضًا من أنه لو أدركه في الركوع فأوقع الاسم قائمًا والصفة فيه حيث يصير شارعًا في رواية الحسن لا على الظاهر (أو بالفارسية) أراد بها غير العربية (صح) عند الإمام وشرطا عجزه في رواية الحسن وعلى

كما لو قرأ بها عاجزًا أو ذبح وسمى بها، لا باللهم اغفر لي ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الخلاف الخطبة والقنوت والتشهد والتعوذ وتسبيحات الركوع والسجود والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغفار وقالوا في الأذان: يعتبر التعارف إلا أنه في أذان (السراج) قال: الأصح أنه لا يصح وإن عرف أنه أذان. (كما لو قرأ بها) القرآن/ (عاجزًا) شرطه دلالة على أنها مع القدرة لا تجوز وهو الذي رجع إليه الإمام كما رواه نوح بن أبي مريم والرازي وهو الأصح وهذا أولى من قول الشارح ليصح بالإجماع قيد بالفارسية لأنه لو قرأ التوراة والإنجيل والزبور لم يجز عاجزًا كان أو قادرًا قال في (الهداية): والخلاف في الإجزاء بالفارسية ولا خلاف في عدم الفساد وهذا يخالف ما ذكره النسفي وقاضي خان من أنها تفسد عندهما واختار في (فتح القدير) أن المقروء إن كان قصصًا أو أمرًا أو نهيًا فسدت وإن ذكرًا أو تنزيهًا لا. أقول: وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمول على القولين ويشهد بهذا الاختيار ما في (الخلاصة) من زلة القارىء لو أبدل كلمة من القرآن بأخرى تقاربها في المعنى إن من القصص ونحوها فسدت وإن حمدًا أو تنزيهًا أو ذكرًا لا وقالوا: لو قرأ بالشاذ لا تفسد اتفاقًا وفي (الظهيرية) لو قرأ ما ليس في مصحف العامة كقراءة ابن مسعود وأبي فسدت عند الثاني والأصح أنها تفسد وفي قول شمس الأئمة تفسد وأول الفساد في (المحيط) بما إذا اقتصر عليه. قال في (البحر): وما سبق من الحمل يأتي هنا وعندي بينهما فرق وذلك أن الفارسي مع القدرة على العربي ليس قرآنًا أصلاً لانصرافه في عرف الشرع إلى العربي فإذا قرأ قصة صار متكلمًا بكلام الناس بخلاف الشاذ فإنه قرآن إلا أن في قرآنيته شكًا فلا تفسد به ولو قصة وحكوا الاتفاق فيه على عدمه فما في (المحيط) أوجه (أو ذبح حيوانًا وسمى بها) حيث يصح ولو قادرًا كالتلبية والإسلام واللعان وأداء الشهادة عند الحاكم والعقود بلا خلاف وكذا لو حلف لا يدعو فلانًا فدعاه بالفارسية حنث كذا في (المعراج). (لا) يصح الشروع فيها (باللهم اغفر لي) ونحوها مما كان خبرًا كلا حول ولا

ووضع يمينه على يساره تحت سرته ـــــــــــــــــــــــــــــ قوة إلا بالله أو ما شاء الله كان واختلف في البسملة ومقتضى ما في (الشرح) ترجيح عدم الصحة معللاً بأنه للتبرك فكأنه قال: بارك الله لي وفي شرح (المنية): وهو الأشبه وفي (السراج): وهو الأصح وفي (فتاوى المرغيناني): إنه الصحيح وخالف صاحب (البحر) جمهور الشارحين فجعل النفي راجعًا إلى الشروع والتسمية على الذبيحة وأقول: المحدث عنه إنما هو الشروع وذكر التسمية ليس إلا تبعًا ولا معنى لإرادة المصنف خصوص اللهم اغقر لي بل كل ما كان خبرًا على ما علمت وقد مر أن الراجح في التسمية عدم الإجزاء وإن رجح الإجزاء بحث أو لا نعلم خلافًا في الإجزاء للذبح فرجوع النفي إلى الشروع أظهر والحاصل أنه إن أريد خصوص اللهم اغفر اتجه ما في (البحر) أو كل ما كان خبرًا اتجه ما في (الشرح) قيد باغفر لي بأنه لو حذفه كان شارعًا في رواية لأنه معناه عند البصري يا الله وهو الأصح كما في (المحيط) ولا يكون شارعًا في أخرى لأن معناه عند الكوفيين يا الله آمنا بخير قال في (الجوهرة): وهو الأصح وهذا يقتضي الاتفاق على الصحة بيا الله. (ووضع) المصلي (يمينه على يساره) يعني: الكف على الكف ويقال على المفصل قاله العيني وكلامه يحتملهما وفيه إيماء إلى بيان كيفية الوضع فما في (البحر) من أنه لم يبين ذلك لعدم ذكره في الظاهر فيه نظر وعند الثاني يقبض باليمين رسغ اليسرى واختاره الهندواني وقال محمد: يضعهما كذلك يكون الرسغ وسط الكف قال السرخسي: واستحسن كثير من المشايح أخذ الرسغ بالإبهام والخنصر ووضع الباقي ليكون جامعًا بين الأخذ والوضع المرويين في السنة وهو المختار (تحت سرته) إلا المرأة والخنثى المشكل ففوق الصدر وسكت عن أول وقته وظاهر الرواية أنه يضع كما فرغ من التكبير لما أنه سنة لكل قيام فيه ذكر مسنون ولذا قالوا: إنه يضع في الثناء والقنوت وتكبيرات الجنازة بخلاف القومة وتكبيرات العيد قال في (الفتح): وهذا في القومة إنما يتم إذا قيل بأن التحميد والتسميع ليس سنة فيها بل في نفس الانتقال إليها لكنه خلاف ظاهر المنصوص والواقع أنه قل ما يقع التسميع إلا في القيام حالة الجمع بينهما ودفعه في (البحر) بأن كلامهم في قيام له قرار وهذا لا قرار له وزاده في الضابط مستدلاً على ذلك بقول بعضهم أجمعوا أنه لا يسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود لأنه لا قرار له ولا قراءة فيه

مستفتحًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: في الإجماع نظر فقد ذكر في (السراج) عن النسفي والحاكم والجرجاني والفضلي أنه يعتمد في القومة والجنازة وزوائد العيد وهو المناسب لما حكاه الشارح عن بعضهم/ أنه سنة لكل قيام وحكى شيخ الإسلام في موضع أنه على قولهما يمسك في القومة التي بين الركوع والسجود لأن في هذا القيام ذكرًا مسنونًا وهو التسميع أو التحميد وخص قولهما لما أنه عند محمد سنة القراءة وقولهما هو ظاهر الرواية كما في (السراج) وهذا التعليل في حق المؤتم والإمام في خير المنع بناء على أن التسميع أو التحميد إنما هو سنة حالة الانتقال نعم هو في حق المنفرد بناء على أنه يجمع بينهما مسلم لما أنه يقول ربنا لك الحمد إذا استوى قائمًا في الجواب الظاهر وهو الصحيح كما في (القنية) ولا نسلم أن هذا قيام لا قرار له مطلقًا لقولهم: إن مصلي النافلة ولو سنة يسن له أن يأتي بالأدعية الواردة نحو ملء السموات والأرض إلى آخره بعد التحميد واللهم اغفر لي وارحمني بين السجدتين واعلم أن الحدادي قيد الإرسال فيما ليس فيه ذكر مسنون بما إذا لم يطل القيام أما إذا أطاله فيعتمد وفي (الخلاصة) وكذا يرسل في ظاهر الرواية في كل قيام له ذكر فيه ولا يطول وهذا يقتضي أن يزاد في الضابط السابق أو يطول والله الموفق. (مستفتحًا) حال من فاعل وضع أي قائلاً سبحانك اللهم وبحمدك فيه إيماء إلى أن الوضع يكون عند الشروع ولو حذف العاطف فعن الإمام أنه صواب وظاهر الرواية أنه يقتصر على المشهور ولم يذكر في المشاهير وجل ثناؤك وقد قال أبو حفص: إنه مكروه وقال مشايخنا: لا يؤمر به ولا ينهى عنه كذا في (المعراج) أطلقه فشمل الإمام والمأموم إلا بالمسبوق إذا كان الإمام يجهر بالقراءة كما صححه في (الذخيرة) كذا في (البحر) والأولى أن يقال: إلا إذا شرع الإمام في القراءة مسبوقًا كان أو مدركًا جهر أو لا لما في (الصغرى). أدرك الإمام في القيام أو الركوع يثني ما لم يبدأ الإمام بالقراءة وقيل: في المخافتة يثني وإن كان الإمام في القراءة بخلاف الجهرية وفي (البحر) أيضًا: لو أدركه في الركوع تحرى إذ أكبر رأيه أنه لو أتى به أردكه في شيء منه أتى به وإلا لا والسجود كالركوع في غيرهما لا يأتي به وقيل: يأتي به في القعدة وينبغي التفصيل السابق ودل كلامه أنه لا يأتي بدعاء التوجه وعن الثاني أنه يأتي به بادئًا بالثناء في

وتعوذ ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية وهو الأصح ومخير في أخرى وأجمعوا أنه يأتي به في النافلة بعد التحريمة في الأصح قائلاً: وأنا من المسلمين فلو قال: وأنا أول المسلمين قيل: فسدت والأصح لا لأنه تال لا مخبر ومعاني الثناء معروفة في المطولات (وتعوذ) لم يقل متعوذًا لاقتضاء كون التعوذ مقارنًا للوضع وليس كذلك بخلاف الاستفتاح وكونها حالاً منتظرة خلاف الأصل وإنما يأتي به للأمر به في الآية والصارف له عن الوجوب إجماع السلف على سنيته كذا في (البحر) معزيًا إلى (الكافي) وفي دعوى الإجماع نزاع فقد روي الوجوب عن عطاء والثوري وإن كان جمهور السلف على خلافه كما في (الفتح) وأبهم صفته لاختلاف اختيار القراء فيها فروي عن حمزة أستعيذ قال في (الهداية): وهو الأولى موافقة لنظم القرآن واختاره الهندواني وقال شيخ الإسلام: إنه المختار وفي (المجتبى): وبه يفتى واختار أبو عمرو وابن كثير وعاصم أعوذ وبه أخذ أصحابنا وأكثر أهل العلم كذا في (المعراج) وجعله الشارح ظاهر المذهب وادعى بعضهم إجماع القراء عليه من حيث الرواية وهذا لأن السين إنما دخلت في الأمر دلالة على طلب الاستعاذة فالقائل أعوذ ممتثل لا أستعيذ لأنه طلب للاستعاذة لا متعوذ ولذا كان أعوذ هو المنقول من استعاذته عليه الصلاة والسلام وقول الجوهري عذت بفلان واستعذت به التجأت إليه مردود عليه عند أهل اللسان كذا في (النشر) لابن الجزري ولا ينبغي له أن يزيد عليه نحو إنه هو السميع العليم كما

سرًا للقراءة فيأتي به المسبوق لا المقتدي ويؤخر عن تكبيرات العيدين وسمى سرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ روى نافع وغيره (سرًا) حال من فاعل تعوذ ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف بل هو أولى لأن مجيء المصدر المنكر حالاً وإن كثر إلا أنه سماعي وجعله في (البحر) قيدًا في الاستفتاح أيضًا وهو بعيد وعليه فهو من التنازع (للقراءة) فيه إيماء إلى أنه تبع لها وهذا قول الإمام والثالث ولم يذكر في عامة نسخ (المبسوط) (والمنظومة وشروحها) قول الإمام وقول الثاني وهو رواية عن محمد أنه تبع للثناء وهو الأصح كما في (الخلاصة) واختاره صدر الإسلام وقيد بقراءة القرآن لأن القاريء في غيره على أستاذه لا يتعوذ كما في (الذخيرة) وظاهره أن الاستعاذة لم تشرع إلا عند قراءة القرآن أو في الصلاة وفيه نظر ظاهر كذا في (البحر). وأقول: ليس ما في (الذخيرة) في المشروعية وعدمها بل في الاستنان وعدمه وفي قوله للقراءة إيماء إلى أنه لو تذكره بعد الفاتحة لا يتعوذ. قال في (البحر): وفي كلامه إشارة إلى أن محل التعوذ بعد الثناء فلو عكس أعاده ولا يخفى بعد هذه الإشارة إذ الواو/ لا تفيد ترتيبًا. (فيأتي به المسبوق) تفريع على أنه للقراءة فيه يظهر أثر الخلاف، أي: إذا قام إلى قضاء ما سبق به لما أنه أو أن في قراءته (لا) يأتي به (المقتدي) لعدم قراءته وقال الثاني يأتيان به (ويؤخر) التعوذ أي يؤخر الإمام (عن تكبيرات العيدين) وعند الثالث لا يؤخر بل يأتي به بعد الثناء (وسمى) القاريء من الإمام والمنفرد لا المقتدي لاتفاقهم على أنها للقراءة وقد سبق أنه لا يتعوذ فأولى أن لا يسمي أي قال لفظًا بسم الله الرحمن الرحيم لا مطلق الذكر كما في الذبيحة والوضوء. (سرًا) حال من الضمير في سمى مساررًا في ابتداء كل ركعة سرية كانت أو جهرية وما في (منية المصلي) من أنه لا يأتي بها في الجهرية فغلط فاحش ودل كلامه أنه لا يسمي بين الفاتحة والسورة وهو قولهما وقال محمد ليس في السرية وجعله في (الخلاصة) رواية الثاني عن الإمام وفي (المستصفى): وعليه الفتوى وفي (البديع): الصحيح قولهما وفي (العتابية) و (المحيط): قول محمد هو المختار، ونقل ابن الضياء في (شرح

في كل ركعة وهي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور ليست من الفاتحة ولا من كل سورة وقرأ الفاتحة وسورة أو ثلاث آيات وأمن الإمام ـــــــــــــــــــــــــــــ الغزنوية) عن (شرح عمدة المصلي) إنما اختير قول أبي يوسف هذا لأن لفظة الفتوى آكد وأبلغ من لفظة المختار ولا خلاف أنه لو سمى كان حسنًا وكونها (في) أول (كل ركعة) هو الأصح كما في (السراج) وعن الإمام تخصيص الأولى وادعى الزاهدي أن نقل هذه الرواية غلط لإجماع أصحابنا على حسنها في أول كل ركعة وإنما الخلاف في الوجوب فعندهما تجب في الثانية لا الأولى. وروى هشام أنها لا تجب إلا مرة واحدة والصحيح الوجوب في كل ركعة وعلى ذلك جرى الشارح في السهو وجزم في (البحر) بضعفه والحق أنهما قولان مرجحان إلا أن المتون على الأول ووجه الثاني كما في (البدائع) أنها من الفاتحة بخبر الواحد لكنه يوجب العمل فصارت منها عملاً فمن لزمه قراءة الفاتحة لزمته التسمية احتياطًا. وأقول: في إيجاب السهو بتركها منافاة من أنه لا يجب بترك أقل الفاتحة فتدبر (وهي آية) واحدة افتتح بها السورة خرج بها ما في النمل لما أنه بعض آية اتفاقًا (من القرآن) للإجماع على كتابتها في المصاحف مع الأمر بتجريدها عما ليس قرآنًا ولم يكفر جاحدها لعدم تواتر كونه قرآنًا والأصح أنها آية في حق حرمتها على الجنب لا في حق جواز الصلاة بها كذا في (المجتبى) وكأنها للاختياط (أنزلت للفصل بين السور) كالديباجة والطراز للسورة (ليست من الفاتحة ولا من كل سورة) على الأصح كما في (المحيط) وفي هذا رد لقول الحلواني أكثر المشايخ على أنها من الفاتحة ومن ثم قيل لوجوبها وجعله في (الذخيرة) رواية الثاني عن الإمام وبه أخذ وهو أحوط ولما قاله بعضهم ليست قرآنًا لاختلاف العلماء فيها. (وقرأ الفاتحة و) قرأ بعدها (سورة أو ثلاث آيات) قصار أو آية طويلة وجوبًا كما مر قال الشارح إلا أن الفاتحة أوجب حتى يؤمر بالإعادة ينزلها دون السورة وفيه نظر ظاهر إذ كل صلاة أديت مع كراهة التحريم وجب إعادتها ولا شك أن ترك السورة الواجبة يوجب التحريم نعم إثم تارك الفاتحة آكد كذا في (البحر) (وأمن الإمام) أي:

والمأموم سرًا وكبر بلا مد ـــــــــــــــــــــــــــــ قال آمين بالمد والقصر مع التخفيف على الأشهر أي استجب وحكى الواحدي التشديد مع المد والإمالة وبه سقط ما قيل: إنه خطأ فاحش وحينئذ فلا تفسد الصلاة به كما هو قول الثاني قيل: وعندهما تفسد قال في (الواقعات): والفتوى على قول الثاني وقيل: الفتوى على قولهما كذا في (السراج) والذي في (التجنيس) عنهما عدم الفساد وعليه الفتوى وهو الأولى ولو حذف الياء مادًا لم تفسد عند الثاني لوجوده في القرآن وفي القصر مع التشديد لا يبعد الفساد (والمأموم) والمنفرد لحديث الشيخين: (إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له) دل بعبارته على المأموم وبإشارته على الإمام وهذا هو ظاهر الرواية وروى الحسن عن الإمام عدم تأمين الإمام والأصح أن معنى الموافقة هو الموافقة في الوقت وقيل: في الصفة والخشوع والإخلاص والمراد بالملائكة هم الحفظة وقيل: غيرهم لرواية مسلم (فإنه من وافق قوله أهل السماء غفر له) وأجاب الأولون بأن الحفظة إذا قالوها قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء تأمينًا (سرًا) هذا بإطلاقه بفيد تأمين المأموم في السرية إذا سمعه وقيل: لا يؤمن لأن جهره لا عبرة به. (وكبر) بعد الفراغ من القراءة (بلا مد) حتى لو مد/ همزة الاسم أو الخبر فسدت ولو في التحريمة لا يصير شارعًا وخيف عليه الكفر إن قاصدًا قال في (المعراج): هذا من حيث الظاهر إذ الهمزة للإنكار وضعًا أما من حيث أنه يجوز أن يكون للتقرير فلا يلزم الكفر وتبعه في (العناية) ثم قال بعدما نقل عن (الخلاصة) ولو مد ألف أكبر تكلموا في كفره ولا تجوز صلاته لأنه إن لزم الكفر فظاهر وإلا كان كلامًا فيه احتمال الكفر فيخشى عليه الكفر وهو خطأ أيضًا شرعًا لأن الهمزة إذا دخلت على كلام منفي كما في قوله تعالى: {ألم نشرح} (الانشراح: 1) تكون للتقرير لا في كلام مثبت ظاهر كذا قيل وأيضًا أفعل التفضيل لا يحتمل المد انتهى ولا يخفى عليك ضعف هذا القيل إذ لا يشترط في التقرير دخوله على منفي لما أنه حمل المخاطب على الإقرار بأمر قد استقر عنده بثبوته أو نفيه بل أغلب أحواله

وركع ووضع يديه على ركبتيه وفرج أصابعه وبسط ظهره وسوى رأسه بعجزه وسبح فيه ثلاثًا ـــــــــــــــــــــــــــــ دخوله على المثبت وكذا أولوا التقرير في {ألم نشرح} بما بعد النفي والهمزة فيه ليست في التحقيق إلا للإنكار الإبطالي وإنكار النفي نفي له ونفي النفي إثبات ومثله {أليس الله بكاف عبده} (الزمر: 36) قال في (المطول): وبه علم أن التقرير لا يجب أن يكون بالحكم الذي دخل عليه الهمزة بل بما يعرف المخاطب من ذلك الحكم وقد يقال: التقرير على معنى التحقيق والتثبت انتهى قال في (البحر): ولعل المراد هنا لاستدعاء الأول مخاطبًا وليس موجودًا انتهى. ولا يخفى أنه يجوز أن يكون فرضًا وبهذا التقرير ظهر لك أن ما قاله ابن أمير حاج من أنه لا ينبغي أن يختلف في عدم صحة الشروع به مبني على أن الاستفهام حقيقي ومقتضى كونه تقديريًا أن يصح ولو مد باء أكبر قيل: تفسد لأنه جمع كبر وهو طبل ذو وجه واحد أو اسم من أسماء أولاد الرجيم وفي (القنية): لا تفسد لأنه إشباع وهو لغة قوم واستبعده الشارح بأنه لا يجوز إلا في الشعر وقيل: هو جمع كبير وفي (المبتغى): لا تفسد وقيل: تفسد قال الحلبي: فظاهره ترجيح عدم الفساد وعليه يتخرج صحة الشروع به ويوافقه ما في (الخلاصة) معزيًا إلى زلة القاريء للشهيد. لو قال: الله أكبار يصير شارعًا قلت: لكن ينبغي أن يقيد بما إذا لم يقصد به المخالفة كما ذهب إليه ابن مقاتل ذكره في (خزانة الأكمل) انتهى. أقول: إذا كان جمعًا للكبير فلا أثر لإرادته المخالفة في اللفظ فقط ومد الراء خطأ كمد الهاء أما مد لام الاسم فحسن ما لم يخرج عن حده كذا في (الشرح) وحده أن لا يبالغ بحيث من ذلك الإشباع ألفًا بين اللام والهاء فإن فعل كره ولا تفسد على المختاركذا في (شرح المنية). (وركع) ظاهره أنه يكبر قائمًا ثم يركع ويحتمل أن يريد أن يكبر مع الانحطاط كما عبر به في (الجامع) وهو الأصح ولو تبعه المصلي لكان أولى وفي (الخلاصة): ويركع حين يفرغ في القراءة وهو منتصب هو الصحيح (ووضع يديه على ركبتيه) ناصبًا ساقيه واحناؤهما شبه القوس كما يفعله العامة مكروه كذا في (الروضة) (وفرج أصابعه) لأنه أمكن من الأخذ بالركبة (وبسط ظهره وسوى رأسه) فلا يرفعهما ولا يخفضهما (بعجزه) وهو مؤخره ويسن أن يلصق به كعبيه (وسبح فيه ثلاثًا) لحديث ابن ماجة (إذا ركع أحدكم فليقل: سبحان ربي العظيم ثلاثًا وذلك أدناه وإذا سجد

فرع

ثم رفع رأسه واكتفى الإمام بالتسميع ـــــــــــــــــــــــــــــ فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثًا وذلك أدناه) وفي (أبي داود): لما نزل قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} (الواقعة: 96) فقال عليه الصلاة والسلام: (اجعلوها في ركوعكم) ولما نزل قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} (الأعلى: 1) قال: (اجعلوها في سجودكم) وسبحان اسم مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره سبحت ربي ولا يستعمل غالبًا إلا مضافًا إلى المفعول به كما هو الظاهر هنا وقيل: ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل إذ المعنى تنزيه الله تعالى ولما كان الركوع تواضعًا وتذللاً ناسب أن يجعل مقابله العظمة لله ولما كان السجود غاية التسفل ناسب أن يجعل مقابله العلو لله تعالى وهو القهر والاقتدار لا العلو في المكان تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، قال الحلبي: وينبغي أن يكون واجبًا لأن المواظبة الظاهرة من حاله عليه الصلاة والسلام والأمر به متظافرين عليه فيسجد لتركه ساهيًا ويعاد لو عامدًا وأجاب في (البحر) بأن عدم تعليمه للأعرابي صارف عنه وقد صرح غر واحد بأن الأمر للندب وعليه فقولهم: لو تركه ونقص عن الثلاث كره أي: تنزيهًا واختلف في معنى الأدنى على. أقوال: ثالثها أدنى كمال السنة ويندب الأعلى بعد أن ينصرف عن وتر خمس أو سبع أو تسع إلا أن الإمام يقتصر على الأدنى وقيل: يزيد رابعة ليتمكن المقتدي من/ الثلاث فلو رفع رأسه قبلها فالأصح وجوب متابعته بخلاف ما لو سلم قبل تمام تشهده حيث لا يتابعه لوجوبه كذا قالوا ومقتضاه أنه لو سلم وهو في أدعية التشهد يتابعه والناس عنه غافلون. فرع أطال الإمام الركوع أو السجود لإدراك الجائي قال الإمام: أخشى عليه أمرًا عظيمًا وقال أبو مطيع: لا بأس بذلك ليدرك الركعة ويؤجر وقيل: إن عرف الجائي كره وإلا لا وهو تأويل المروي ولا خلاف أنه لو ثقل على القوم لا يفعل وهذا إذا أراد به حق القوم فإن أراد به التقرب إلى الله تعالى لم يكره وفاقًا كذا في (البزازية)، (ثم رفع رأسه من الركوع واكتفى الإمام بالتسميع) يعني قوله: سمع الله لمن حمده أي: قبل من حمده فهو دعاء بقبول الحمد وضمن سمع استحباب ولذا عدي باللام وإلا فأصله التعدي بنفسه بنحو {يسمعون الصيحة بالحق} (ق: 43) ويحتمل أن يكون دعاء

والمؤتم والمنفرد بالتحميد ثم كبر ووضع ركبتيه ثم يديه ثم وجهه بين كفيه بعكس النهوض وسجد بأنفه وجبهته وكره بأحدهما ـــــــــــــــــــــــــــــ من الإمام للمأمومين واكتفى الإمام به لحديث الشيخين: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد) قسم بينهما والقسمة تنافي الشركة وهذا عند الإمام وقلما يجمع بينهما وهو رواية عنه اختارها الطحاوي، إلا أنه يأتي بالتحميد في نفسه كما في (الهداية) أي: سرًا. (والمؤتم والمنفرد بالتحميد) أي: بقوله: اللهم ربنا ولك الحمد وهو أفضلها لأنه يجمع الدعاء والاعتراف إذ المعنى يا الله يا ربنا استجب لنا ولك الحمد على هدايتك ويليه حذف الواو ويليه حذف اللهم فقط ويليه المعروف قيل: أما اكتفاء المؤتم فبالإجماع أي: بين الإمام وصاحبيه على الظاهر وإلا فعن الإمام أنه يجمع أيضًا ذكره الأقطع وأما المنفرد فعلى ظاهر الرواية كما في (الخانية) وفي (الخلاصة): إنه الصحيح وعليه أكثر المشايخ كما في (المبسوط) وقيل: يجمع قال الشهيد: وعليه الاعتماد وفي (الهداية) (والمجمع): إنه الأصح فيأتي بالتسميع حالة الرفع وبالتحميد حالة الاستواء كما مر ولو فاته حال الرفع لم يأت به حال الاستواء قال التمرتاشي: وقيل: يأتي به مع التحميد وبقي رواية ثالثة هو أنه يأتي بالتسميع لا غير قال في (البحر): وينبغي أن يعول عليها ولم أر من صححها. وأقول: قد رأيت ذلك ولله الحمد ففي (السراج) عن شيخ الإسلام إنها الأصح وقال الرازي: ينبغي على قول الإمام أن يقتصر المنفرد عليه لأنه إمام في حق نفسه. (ثم كبر ووضع ركبتيه) أولاً (ثم يديه) هذا لم يكن متخففًا فإن كان وضع اليدين أولاً لأنه القدر الممكن أي: من غير عسر (ثم وجهه بين كفيه) مقدمًا بين كفيه ثم جبهته (بعكس النهوض) أي: القيام لأنه الثابت من فعله عليه الصلاة والسلام (وسجد بأنفه) أي: عليه قدمه على الجبهة لأن في الاقتصار عليه خلافًا كذا في (المعراج) وقال غيره: لقربه من الأرض إذا سجد وهو أولى (وجبهته) وهو اسم لما اكتنفه الجبينان وأفاد أن السجود على غيرهما لا يصح وقد مر تعريفه. (وكره) السجود (بأحدهما) فقط أما كراهة الاقتصار على الأنف أي: على ما صلب منه فقول الإمام: وروى عنه أنه لا يجوز وبه قالا وعليه الفتوى قيل: مبنى الخلاف على أنهما عضو واحد عنده، وعضوان عندهما وأجمعوا على عدم جوازه على ما لان

أو بكور عمامته ـــــــــــــــــــــــــــــ منه وهذا الترجيح لا يوافقه رواية ولا القوى من (الدراية) لأن المأمور به إنما هو السجود، وهو يتحقق بالأنف فتوقف أجزائه على وجه آخر معه زيادة بخبر الواحد، وغاية ما تقتضيه المواظبة معه الوجوب ولا يبعد أن يقول به الإمام، ويحمل الكراهة المروية عنه على التحريم وأما الرواية فظاهره هذا، ولو حمل قولهما لا يجوز الاقتصار إلا من عذر على وجوب الجمع كان أحسن إذ به يرتفع الخلاف بناء أن الكراهة عنده للتحريم كما مر، ولم يخرجا عن الأصول إذ يلزمهما الزيادة بخبر الواحد هذا حاصل ما في (الفتح) وأما كراهة الاقتصار على الجبهة فيتبع المصنف فيه صاحب (الخلاصة) و (المفيد) والمذكور في (البدائع) و (التحفة) و (التجنيس) عدمها. وأقول: لو حملت الكراهة في رأي من أثبتها على التنزيه ومن نفاها على التحريم لارتفع التنافي وعبارته في (السراج): المستحب أن يضعهما واعلم أن ظاهر (الشرح) يفيد أن وضع أكثرها شرط إذ قد نقل عن نصير أنه سئل عن من وضع جبهته على حجر صغير فقال: إن وضع الأكثر جاز وإلا لا فقيل له: إن وضعه قدر الأنف منها ينبغي أن يجوز على قوله فأجاب بأنه عضو كامل قال في (البحر): وفيه بحث إذ السجود يصدق بوضع بعض الجبهة ولا دليل على اشتراط الأكثر نعم هو واجب للمواظبة واستدل بما في (المجتبي) سجد/ على طرف من أطراف جبهته جاز ثم نقل ما عن نصير فدل على ضعفه وفي (المعراج): وضع جميع أطراف الجبهة ليس بشرط بالإجماع فإذا اقتصر على بعض الجبهة جاز وإن قل كذا ذكر أبو جعفر. (أو) سجد (بكور عمامته) بفتح الكاف أي: دورها حيث يكره أيضًا لكن تنزيهًا لما فيه من ترك كمال التعظيم ولابد من كونه على الجبهة أما لو كان على الرأس ولم تصب الأرض جبهته ولا أنفه لم يصح وكثيرًا ما يتساهل فيه العوام كذا في (شرح المنية) ودل كلامه على جواز السجود على الحائل غير أنه إن كان منفصلاً كالحشيش والقطن فما دام يجد حجم الأرض يجوز، لا إن لم يجد حجمها وإن كان متصلاً كالكف فالأصح الجواز، وكذا في الفخذ من عذر على المختار لا دونه. قال في (الفتح): والذي ينبغي ترجيح الفساد على الكف والفخذ ولا يعلم خلاف في عدم الجواز في الركبة قال في (البحر): وكأنه لأن السجود يقع على حرف الركبة وهو لا يأخذ قدر الواجب من الجبهة وأقول: إن عني بالواجب الفرض نافاه ما اختاره من أنه لو وجد بوضع بعضها وإن قل، وإن عني به ما هو المصطلح عليه اقتضى أنه يصح مع الإثم لا أنه لا يصح، وغير خاف أن هذه المسألة مؤيدة بما مر عن نصير والأصح عدم جوازه على الكم المبسوط على النجاسة وقول المرغيناني: الصحيح

وأبدى ضبعيه وجافى بطنه عن فخذيه ووجه أصابع رجليه نحو القبلة وسجد فيه ثلاثًا والمرأة تنخفض وتلزق بطنها بفخذيها ثم رفع رأسه مكبرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجواز ليس بشيء ولا كلام على جوازه على فاضل ثوبه غير أنه إن لم يكن لدفع الأذى كره هذا وأما السجود على ظهر مصل للضيق فإن اتحدت الصلاتان وكان المسجود عليه ساجدًا على الأرض جاز وإلا لا. (وأبدى) أي: فرج وقيل: أظهر وقول العيني أنه بالهمز وهم (ضبعيه) بسكون الموحدة لا غير كما في (المغرب) لكن حكى شيخ الإسلام الضم أيضًا أي: عضديه وقيل: وسطهما وباطنهما ولعل المراد هنا الثاني لحديث الشيخين كان عليه الصلاة والسلام (إذا سجد فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه). (وجافى) أي: باعد (بطنه عن فخذيه) لحديث أبي داود كان عليه الصلاة والسلام (إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) والحكمة فيه إظهار كل عضو بنفسه وأنه غير معتمد على غيره في أداء الخدمة قال في (الهداية): وتبعه الشارح وقيل: إن كان في صف لا يجافي كيلا يؤذي جاره واعترضه في (البحر) بأن الإيذاء لا يحصل من مجرد المجافاة فما في (المجتبى) من أنه لا يبدي ضبعيه أولى انتهى إلا أن الظاهر بينهما تلازمًا عاديًا (ووجه أصابع رجليه نحو القبلة) لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك أخرجه البحاري من رواية أبي حميد وصرح في (التجنيس) بكراهة تركه (وسبح فيه ثلاثًا) لما سبق. (والمرأة تنخفض) أي: تضم نفسها فلا تبدي ضبعيها (وتلصق بطنها بفخذيها) لأنه استر لها وقدمنا أن الأمة في هذا كالحرة (ثم يرفع رأسه) من السجدة الأولى (مكبرًا) واختلف في مقدار الشرط منه فقيل: هو أن يكون إلى القعود أقرب وهو الأصح وقيل: أن لا يشكل على الناظر أنه رافع ورجحه في (البدائع) وقيل: هو ما ينطلق عليه اسم الرفع ورجحه في (المحيط) قال في (الدراية): وهذا قريب من الأول انتهى. ولا يخفى قرب الثاني منه أيضًا وروى الحسن رابعة هي مقدار ما تمر الرمح بينه وبين الأرض وظاهر (الكافي) في رجوعها إلى الثالثة والذي ينبغي التعويل عليه

وجلس مطمئنًا وكبر وسجد مطمئنًا وكبر للنهوض بلا اعتماد وقعود والثانية كالأولى إلا أنه ليثني ولا يتعوذ ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ هي الأولى (وجلس) بين السجدتين (مطمئنًا) اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام وتقدم أنه سنة وفي (شرح المنية): الأصح وجوبه بناء على اختياره السابق وليس فيه دعاء مسنون وما ورد فيه محمول على النفل وقد قال الثاني: سألت الإمام أيقول إذا رفع رأسه من الركوع والسجود اللهم اغفر لي قال: يقول ربنا لك الحمد وسكت ولقد أحسن في الجواب إذ لم ينه على الاستغفار (وكبر) أيضًا (وسجد) ثانية حال كونه (مطمئنًا وكبر) بعد ذلك (للنهوض) أي: القيام إلى الثانية وفي ذكر النهوض دون القيام إيماء إلى أنه لا يأتي بما ينافيه ولم يكتف بذلك بل نفاه بقوله: (بلا اعتماد وقعود) على الأرض وبلا تعوذ بين السجدتين مبالغة في التحريض عليه وبيانًا لمحل الخلاف واتباعًا للمأمور أعني ما أخرجه الترمذي كان عليه الصلاة والسلام (ينهض في الصلاة على صدور قدميه) والعمل عليه عند أهل العلم وفي أبي داود (نهي عن أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض للصلاة) وما روي من أنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك محمول على حالة الكبر كذا في (الهداية). قال في (البحر): ويرد عليه أن هذا المحمل يحتاج إلى دليل وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فكذا/ والله أعلم. قال الحلواني: إن الخلاف في الأفضلية حتى لو جلس فلا بأس به عندنا وأقول: لا تنافي بين ما في (الهداية) وما قاله الحلواني بوجه إذ المدعى طلب النهوض وتركه يوجب خلاف الأولى وهو مرجع لا بأس به في أغلب استعماله ولا ينافيه ما في (المعراج) من أن جلسة الاستراحة مكروهة عندنا إذ المراد بها التنزيه وكذا قول الطحاوي: لا بأس به بأن يعتمد على الأرض شيخًا كان أو شابًا وهو قول عامة العلماء فقوله في (البحر) الأوجه أن يكون سنة فيكره تركه ممنوع. والركعة (الثانية كالأولى) في جميع ما مر (إلا أنه لا يثني) بضم المضارعة من أثنى ولا يجوز (الفتح) لأن من ثنى عطف وليس مرادًا (ولا يتعوذ) لأنهما لم يشرعا

ولا يرفع يديه إلا في فقعس صمعج وإذا فرغ من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى وجلس عليها ونصب يمناه ووجه أصابعه نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا مرة واحدة وهذا لأن التعوذ لدفع الوسوسة فلا يتكرر ما اتحد المجلس كما لو تعوذ وقرأه وبهذا اندفع قول الحلبي: ينبغي أن يتعوذ في الثانية على قولهما لما أنه سنة القراءة وهي تعاد في كل ركعة. (ولا يرفع يديه) على وجه السنة (إلا في) سبع مواطن يجمعها حروف (فقعس صمعج) لخبر (لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن) وعددها كما هنا أي: بقاع ولذا حذف التاء وقد أحسن ابن الفصيح إذ نظمها في بيت على الترتيب فقال: فتح قنوت عيد استلم الصفاء .... مع مروة عرفات الجمرات وهي سبع بناء على أن الصفا والمروة واحد نظرًا إلى السعي إلا أن صفته مختلفة ففي الثلاثة الأول كالتحريمة وفي الاستلام والرمي حذاء منكبيه غير أنه يجعل باطنهما نحو الحجر في الأول وفي الثاني نحو الكعبة في ظاهر الرواية وفيما عدا ذلك كالداعي وأورد على الحصر رفع اليدين في الاستسقاء للدعاء وأجيب بأنه مبني على السنن الأصلية والرفع في الدعاء من الزوائد أو أنه مستحب فقط كما في (المعراج) وبالثاني جزم في (القنية) حيث قال: المستجب أنه يرفع يديه عند الدعاء نحو إبطيه باسطًا كفيه ويكون بينهما فرجة وإن قلت، ولا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان به عذر أو برد فأشار بالمسبحة قام مقام كفيه ومسح اليدين على الوجه عقيبه سنة وقيل: ليس بشيء والأول أصح انتهى. والرفع في غير هذه المواضع مكروه فلو فعله في الصلاة قيل: فسدت والمختار لا (وإذا فرغ من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى) فجعلها بين إليتيه (وجلس عليها ونصب يمناه ووجه أصابعه) في المنصوبة (نحو القبلة) هذا وصف عائشة رضي الله عنها قعوده عليه الصلاة والسلام فكان سنة في مطلق الصلاة فما في (المجتبى) هذا في الفرض وفي النفل يجلس كيف يشاء كالمريض بعد أن الكلام في السنة ممنوع. (ووضع يديه على فخذيه) كل يد على فخذها (وبسط أصابعه) لحديث مسلم عن ابن عمر مرفوعًا أنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك وينبغي أن يكون أطراف

وهي تتورك وقرأ تشهد ابن مسعود رضي الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصابع على حرف الركبة لا متباعدة عنها كذا في (الفتح) وقال الطحاوي: يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه كما في الركوع لرواية ابن عمر ذلك في (الخلاصة) ولا يأخذ الركبة هو الأصح وفيه إيماء إلى ترجيح الكيفية الأولى. قال في (البدائع): لأن الأصابع عليها تكون موجهة إلى القبلة لا على الثانية انتهى. لكنه إنما يتم أن لو عطفت الأصابع على الركبة كذا في (البحر) ولا يخفى أن وضع اليدين عليها يستلزمه، وفي إطلاق اليسط إيماء إلى أنه لا يشير بالسبابة عند الشهادتين عاقدًا الخنصر والتي تليها محلقًا الوسطى والإبهام وهذا قول كثير من المشايخ وعليه الفتوى كما في عامة الفتاوى وجزم في (منية المفتي) بكراهته ورده في (فتح القدير) بأنه خلاف الرواية و (الدراية) ففي مسلم كان عليه الصلاة والسلام (يشير بإصبعه التي تلي الإبهام) قال محمد: ونحن نصنع بصنعه عليه الصلاة والسلام وهو قول الإمام وفي (المجتبى): لما اتفقت الروايات وعلم من أصحابنا جميعًا في كونها سنة وكذا عن الكوفيين والمدنيين وكثرت الأخبار والآثار كان العمل بها أولى وفي (التحفة): الإشارة مستحبة وهي الأصح قاله العيني. ثم قال الحلواني: يقيم الإصبع عند النفي ويضعه عند الإثبات ليكون الرفع للنفي والوضع للإثبات (وهي تتورك) لأنه أستر لها (وقرأ بعد ذلك تشهد ابن مسعود) المعروف في الكتب الستة، وهي التحيات لله أي: العبادات القولية والصلوات أي: البدنية والطيبات أي: المالية فكلها لله تعالى لا لغيره قيل: إنه عليه الصلاة والسلام حياه به ليلة الإسراء بهذا فأكرمه الله تعالى بثلاث مقابلة، وهي قوله: السلام عليك أيها النبي، وهو إما بمعنى الأمان من الآفات ورحمة الله أي إحسانه، وبركاته بمعنى: زيادة/ الخيرات فأحب عليه الصلاة والسلام إعطاء سهم من هذه الكرامة لإخوانه وصالحي المؤمنين فقال: السلام علينا معاشر الأنبياء والملائكة وعلى عباد الله الصالحين من الإنس والجن وفي (الدراية) عن زين الأئمة (أن جبريل عليه الصلاة والسلام أمره أن يحيي ربه بهذه التحية ثم أجابه ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله) وصفه بالعبودية لأنه أشرف صفات المخلوقين إذ هي الرضا بما يفعل الرب، ولذا لم تسقط في العقبى وقدمها على الرسالة ردًا لقول اليهود

وفيما بعد الأوليين اكتفى بالفاتحة ـــــــــــــــــــــــــــــ والنصارى في عزير والمسيح وحكى الرافعي الشافعي رحمه الله أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول في تشهده (وأني رسول الله) وفي (المعراج) عن (النظم) لابد أن يقصد في ألفاظ التشهد معناها التي وضعت له كأن يحيي الله تعالى ويسلم على نبيه وعلى نفسه وعلى أولياء الله تعالى أي: أنه يقصد الإنشاء بهذه الألفاظ لا الإخبار وهذا ظاهر في أن الضمير في علينا يعود على الحاضرين من الإمام والمأموم والملائكة قالهما النووي واستحسنه السروجي وهو أولى مما في (السراج) من أنه حكاية عن سلام الله تعالى عليه لا ابتداء السلام من المصلي. واعلم أنه قد مر أن التشهد واجب لكن بقي هل هو خصوص من تشهد ابن مسعود أو ما هو أعم منه قال في (البحر): الظاهر أن خصوصه واجب كما في (السراج) ويكره أن يزيد في هذا التشهد حرفًا أو ينقص منه أو يبتدأ بحرف قبل آخر بناء على أنها تحريمية وأقول: عبارة بعضهم بعد سرد وجوه ترجيحات تشهد ابن مسعود فكان الأخذ به أولى قال الشارح: في وجوه الترجيحات له: أنه عليه الصلاة والسلام أمره أن يعلمه الناس فيما رواه أحمد والأمر للوجوب فلا ينزل عن الاستحباب وهذا صريح في نفي الوجوب وعليه فالكراهة السابقة تنزيهية ولا كلام أن الواجب منه إلى قوله: عبده ورسوله فإن زاد عليه في الأولى بأن قال: اللهم صل على محمد فإن ساهيًا قيل: أو عامدًا سجد للسهو لتأخير القيام عن محله وقيل: لابد أن يقول: وعلى آل محمد والأول أصح. (وفيما بعد الأوليين) أي: من الفريضة إذ الكلام فيها ولما سيأتي قال الشارح وهذا أحسن من قول القدوري وفي الأخيرين لشموله المغرب (اكتفى بالفاتحة) هذا ظاهر في وجوبها وهو رواية الحسن عن الإمام ورجحه ابن الهمام قال العيني: وهو الصحيح لكن ظاهر الرواية أنها سنة فيهما وعليه فالمعنى اكتفى بالقراءة المسنونة بالفاتحة، ولو سبح لم يكن مسيئًا لأن القراءة فيهما شرعت على سبيل الذكر حتى قالوا: إنه ينويه دون القراءة ولذا تعينت الفاتحة وشرع الإخفاء فيهما ولو سكت عمدًا أساء ولا سهو عليه في الصحيح من الروايات كذا في (الدراية) ولذا رجحه في (الذخيرة) و (المجتبى) قال في (الخانية): وعليه الاعتماد إلا أن ظاهر ما في (الذخيرة)

والقعود الثاني كالأول وتشهد وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ـــــــــــــــــــــــــــــ و (البدائع) أنه لا يكون مسيئًا بالسكوت وأن القراءة أفضل فقط وعلى ذلك جرى الشارح ولم أر ما لو قرأ سورة غير الفاتحة وينبغي على ما في (الدراية) أن المقروء وإن ذكرًا أو تنزيهًا لا يكون مسيئًا وإلا كان قراءة سورة أبي لهب وهل يزيد عليها؟ قال في (البحر): الظاهر أنه يباح له ذلك لما في مسلم كان عليه الصلاة والسلام (يقرأ في الظهر قدر حمس عشرة آية) ولذا قال فخر الإسلام: إن السورة مشروعة في الأخريين نفلاً وفي (الذخيرة) أنه المختار وفي (المحيط) وهو الأصح وعلى ما في (الاختيار) من كراهة الزيادة على التنزيه إذ الاكتفاء بالفاتحة أولى كذا في (البحر). وأقول: لا يخفى ما بين دعوى الإباحة وأن الترك أولى من التنافي إذ المباح ما استوى طرفاه والمندوب ما ترجح فعله على تركه. (والقعود الثاني كالأول وتشهد) في الثانية أيضًا (وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -) ولو مسبوقًا كما رجحه في (المبسوط) لكن رجح قاضي خان أنه يترسل في التشهد، قال في (البحر): وينبغي الإفتاء به انتهى. ولعله لأنه يقضي آخر صلاته في حق التشهد وهذا ليس آخرًا فأنى يأتي بالصلاة والدعاء وسئل محمد عن كيفيتها فقال: يقول: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وأخرجه البيهقي بلفظ الأمر وزاد (وارحم محمدًا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم) ومن ثم كان الأصح عدم كراهة الترحم قال في (البحر): والخلاف فيما إن كان ضمن صلاته أما الابتداء فمكروه اتفاقًا كما أفاده ابن حجر وأقول: عبارة الشارح في آخر الكتاب تقتضي أن الخلاف/ في الكل وذلك أنه قال: اختلفوا في الترحم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول: اللهم ارحم محمدًا قال بعضهم: لا يجوز لأنه ليس فيه ما يدل على التعظيم كالصلاة. وقال بعضهم يجوز: لأنه عليه الصلاة والسلام كان من أشوق العباد إلى مزيد رحمة الله تعالى واختاره السرخسي لوروده في الأثر ولا عتب على من اتبع وقال أبو جعفر وأنا أقول: وارحم محمدًا للتوارث به في بلاد المسملين واستدل بعضهم على ذلك بتفسير الصلاة بالرحمة واللفظان إذا استويا في الدلالة صح قيام أحدهما مقام الآخر ولذا أقر عليه الصلاة والسلام الأعرابي على قول: اللهم ارحمني ومحمدًا وخص إبراهيم إما لقوله: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} (البقرة: 129) أو لأن المطلوب منها صلاة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتخذ بها خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً وعلى الثاني فالتشبيه ظاهر وجزم كثير بأنه راجع إلى الأول وأن قوله: وعلى آل محمد استئناف وصل مضمر وقيل: المسؤول المشاركة في أصل الصلاة لا في قدرها، وقيل: المطلوب مقابلة الجملة بالجملة فإن في آل إبراهيم خلائق من الأنبياء لا تعد وليس في آل محمد نبي فطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجمل التي فيها خلائق من الأنبياء قاله النووي في (شرح مسلم) وروى ابن صبرة عن محمد بن زياد في العالمين وهي في (مسلم) وغيره، وبهذا اندفع ما في (منية المصلي) من أنه لا يقولها. اعلم أنه لا خلاف أن الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - أمر بها في السنة الثانية من الهجرة وقيل: في ليلة الإسراء حكاهما السخاوي في (القول البديع) ثم هي فرض في العمر مرة عملاً بالأمر وعلى هذا لو صلى في أول بلوغه صلاة أجزأته الصلاة في تشهده عن الفرض ووقعت فرضًا ولم أر من نبه على هذا وقد مر نظيره في الابتداء بغسل اليدين، واجبة كلما سمع اسمه من نفسه أو من غيره لا في ضمن صلاة عليه فيما اختاره الطحاوي وصححه في (التحفة) وغيرها فيتكرر الوجوب بتكررها ولو اتحد المجلس على الأصح كما في (المجتبى). إلا أنه في التلاوة من (الكافي) رجح الاكتفاء بمرة وأن الزائد مندوب ولا نعلم خلافًا في وجوب التنزيه عند سماع اسمه تعالى وأنه يكفيه مع التكرار ثناء واحد وفي (المجتبى) الصلاة تقضي بخلاف التنزيه فإنه لا يصير دينًا بالترك والفرق أن كل وقت محل للأداء فلا يكون محلاً للقضاء قال في (الفتح): وهذا الفرق ليس بظاهر انتهى. ولعل وجهه أنه وإن كان كل وقت محلاً إلا أن محليته في تفريغ ذمته بالقضاء أولى منه بغيره واختار الكرخي الاستحباب كلما ذكر قال السرخسي: وهو المختار للفتوى وجعله في (شرح المجمع) قول عامة العلماء والله الموفق. تنبيه: ينبغي أن يخص من قول الطحاوي بوجوب الصلاة كلما سمع اسمه عليه الصلاة والسلام التشهد الأول فإنه يشتمل على ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام وتكره الصلاة في هذه الحالة تحريمًا على ما مر فضلاً عن الوجوب ويلزم على قوله: أن الصلاة في قعود التشهد الثاني واجبة ولا ينافيه ما مر من أن الواجب إلى قوله: عبده ورسوله لأن ذلك من حيث التشهد وهذا من حيث الصلاة ولم أر من نبه على ذلك وها هنا فوائد الأولى قال في (المجتبى) معزيًا إلى (خزانة الأكمل): هذا في حق الأمة أما هو فلا يجب عليه أن يصلي على نفسه انتهى. بناء على أن {يا أيها الذين آمنوا} لا تتناول الرسول بخلاف {يا أيها الناس} {يا عبادي} كما عرف في الأصول: الثانية: كثر السؤال عن الحكمة في تأكيد التسليم بالمصدر دون الصلاة فأجاب

ودعا بما يشبه ألفاظ القرآن والسنة ـــــــــــــــــــــــــــــ الفاكهي بأن الصلاة مؤكدة بأن وكذا بإعلامه أن الله يصلي عليه وملائكته ولا كذلك السلام فحسن تأكيده بالمصدر إذ ليس ثم ما يقوم مقامه وأجاب ابن حجر بأن الصلاة لما قدمت في اللفظ فكان للتقديم مزية في الاهتمام حسن تأكيد السلام المتأخر في الذكر لئلا يتوهم قلة الاهتمام به لتأخره. الثالثة: لم أضيفت الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام، وأجاب ابن حجر أيضًا بأنه يحتمل أن السلام من التحية والانقياد فأمر به المؤمنون لصحتها منهم والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد فلم يضف إليهم دفعًا للإيهام كذا في القول (البديع) للسخاوي. (ودعا) لنفسه ولأبويه المؤمنين والمؤمنات أما الدعاء للكافرين بالمغفرة فلا يجوز بل ادعى القرافي المالكي البهنسي أنه كفر وأن الدعاء بقولهم: اللهم اغفر للمؤمنين جميع/ ذنوبهم حرام فقد دلت الأحاديث على أنه لابد من دخول طائفة من المسلمين النار ونقله الأسنوي أيضًا عن الشيخ عز اليدين بن عبد السلام شيخ القرافي وأقرهما عليه ورده ابن أمير حاج. واعلم أنه ذكر في قواعده أن من الحرام أيضًا أن يسأل الله تعالى أن يجعله في مكانين متباعدين في زمن واحد وأن يسأله المستحيلات العادية كنزول المائدة إلا أن يكون نبيًا أو وليًا وأن يسأل الاستغناء عن التنفس ليسلم من الاختناق ومن ذلك أن يسأله العافية من المرض مدى الدهر وأن يقول: اللهم أعطنا خير الدنيا وخير الآخرة واصرف عنا شر الدنيا وشر الآخرة إلا أن يقصد به الخصوص إذ لابد أن يدركه بعض الشر ولو سكرات الموت ومن ذلك أن يسأل الله تعالى نفي أمر دل السمع على نفيه كأن يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا مع أنه عليه الصلاة والسلام قال: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وأن يقول: اللهم اجعلني أول من تنشق عنه الأرض ومن ذلك اللهم قدر الخير وأن يدعوه بألفاظ الأعجمية لاشتمالها على ما ينافي جلال الله تعالى ومنه الدعاء على غير الظالم وبقوله: اللهم اسقه خمرًا أو أعنه على .... انتهى ملخصًا. وفيه ما هو مناقش فيه والله الموفق بمنه (بما) أي: باللفظ الذي (يشبه ألفاظ القرآن) لفظًا ومعنى بكونه فيه نحو: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) وليس منه لأنه إنما أراد به الدعاء لا القراءة (والسنة) بالنصب عطفًا على ألفاظ القرآن أي: بما يشبه السنة

لا كلام الناس وسلم ـــــــــــــــــــــــــــــ والجر عطفًا على القرآن أي: ألفاظ السنة نحو ما في (مسلم): (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) لا يدعو بما يشبه كلام الناس قال في (الدراية): فسره أصحابنا بما لا يستحيل سؤاله من غير الله تعالى كأعطني كذا وزوجني امرأة وبما (لا) يشبه (كلام الناس) بما يستحيل سؤاله منهم، كقوله: اللهم اغفر لي كذا في (الأيضًاح). وقال الفضلي: ما لا يوجد في القرآن يفسد سواء استحال سؤاله أو لا كذا في (الخبازية) انتهى. وفي (الكافي) نحو ما في (الأيضًاح) وفي (الخلاصة): والحاصل أنه إن سأل ما يستحيل من الخلق لا تفسد إذا كان في القرآن وكان مأثورًا وفي (الجامع الصغير) لم يشترط كونه في القرآن وكونه مأثورًا بل قال: إن كان لا يستحيل سؤاله من الخلق تفسد وإن كان يستحيل لا تفسد انتهى. وقد عملت أن هذا التقيد اختيار الفضلي والمذهب الإطلاق وعلى هذا فما في (الذخيرة) لو قال: اغفر لزيد ولعمرو تفسد لأنه ليس في القرآن مبني على ذلك الاختيار وكذا ما في (الظهيرية). لو قال: اغفر لعمي ولخالي تفسد اتفاقًا وبذلك صرح في (الخلاصة) حيث قال: أو قال: اغفر لعمي أو لخالي تفسد اختيار الفضلي ودعوى الاتفاق إما مؤولة باتفاق المشايخ القائلين بهذا الاختيار أو ممنوعة بدليل ما في (المجتبى) وفي أقربائي أو أعمامي اختلاف المشايخ وإلا فلا فرق يظهر بين اغفر لعمي ولأخي وارزقني بقلاً وقثاء (ومن بقلها وقثائها) حيث فسدت في الأول لا الثاني، لأن الثاني في القرآن دون الأول ومقتضى المذهب عدم الفساد فيما يستحيل والفساد فيما لا يستحيل، وجعل في (الهداية) ارزقني من الثاني لما أن الرزق يطلق مجازًا على المخلوق ولو زاد فلانة فالأصح الفساد بخلاف ارزقني الحج فإن الأصح عدمه كارزقني رؤيتك وهذا التخريج ينبغي اعتماده قال الشارح: ومحل الفساد ما إذا لم يقعد قدر التشهد فإن قعد بعد تمت صلاته قالوا: وينبغي له أن يدعوه بما يحفظ لا بما يحضر تحرزًا عن المفسد. (وسلم) أي: قال السلام عليكم ورحمة الله ولا يقول وبركاته كما في (المحيط) قال النووي: لأنه لم يثبت فيه شيء فكان بدعة لكن في (الحاوي) القدسي أنه مروي وأفاد العلامة الحلبي أن الراوي له أبو داود من حديث وائل بن حجر والسنة

مع الإمام كالتحريمة عن يمينه ويساره ناويًا القوم والحفظة ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه خفض الثانية عن الأولى وخصها في (منية المصلي) بالإمام قال: ومن المشايخ من قال: يخفض الأولى أيضًا (مع الإمام) نبه على أنه تسليم مقارنًا لتسليم الإمام وهو أصح الروايتين (كالتحريمة) أي: كما أنه يحرم مقارنًا لتحريمة الإمام باتفاق الروايات ولذا جعلها مشتبهًا به وقالا: بعده قيل: الخلاف في الجواز وقيل: في الأولوية وهو الصحيح (عن يمينه) مرة (و) عن (يساره) أخرى فلو عكس سلم عن يمينه فقط ولو سها عن اليسار أتى به ما لم يخرج من المسجد وفي (السراج) أو يتكلم والصحيح أنه إن استدبر القبلة لا يأتي به كذا في (القنية) ولو تلقاء وجهه سلم عن يساره وثبت في السنة أنه عليه/ الصلاة والسلام كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر (ناويًا) حال من فاعل سلم لأن السلام على هؤلاء قربة فيحتاج إلى النية (القوم) فيه إيماء إلى أنه لا ينوي النساء لكراهة حضورهن حضرن أم لا وما في (البحر) أن المدار في النية وعدمها على حضورهن وعدمه لا يتم إلا على قول من علل العدم بالعدم وأراد بالقوم الذين معه في الصلاة لما في (مسلم): (إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله). قال النووي: أراد به الجنس من الحاضرين عن يمينه ويساره ويلحق به من كان ورائه وأمامه دلالة لأن المقصود به التودد وأما ما قالوا من أنه لما اشتغل بمناجاة ربه صار بمنزلة الغائب وعند التحل بمنزلة من قدم من سفر فلا يفيد الاقتصار على من معه في الصلاة بل يعم كل من حضر مع أن الصحيح الذي عليه الأكثر اختصاصه بمن معه في الصلاة للخطاب وقول الحاكم أن ينوي جميع المؤمنين والمؤمنات ولو من الجن قال السرخسي: هذا عندنا في سلام التشهد لعدم الخطاب به فما في (الخلاصة) من أنه ينوي من كان معه في المسجد ضعيف كذا في (البحر) وأقول: يمكن تخريج ما في (الخلاصة) على الراجح ولفظه وينوي من كان معه في المسجد هو الصحيح فعلى هذا لا ينوي النساء في زماننا انتهى إذ المعنى من معه في الصلاة كائنًا في المسجد بدليل ما بعده وهذا أولى من الجزم بضعفه. (والحفظة) جمع حافظ سموا بذلك إما لحفظهم أعماله فهم الكرام الكاتبون

والإمام في الجانب الأيمن أو الأيسر أو فيهما لو محاذيًا ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ذاته من الجن وأسباب المخاطب منهم جميع من معه وعليه فلا ينوي عددًا محصور لاختلاف الأخبار في عددهم وينبغي أن يظهر أثر الخلاف في الصبي فعلى الأول لا ينوي الحفظة وينويهم على الثاني. تتمة: قال عياض: الجمهور على أن المراد بالملائكة في قوله عليه الصلاة والسلام: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار) الكرام الكاتبون، قال القرطبي: والأظهر أنهم غيرهم واختلف في محل جلوسهما فقيل الفم وأن اللسان القلم والريق المداد لخبر (نقوا أفواهكم بالخلال فإنها مجلس الملائكة الحافظين) وقيل: تحت الشعر على الخنك وقيل: على اليمين والشمال كما هو ظاهر النص قيل: ويفارقه كاتب السيئات عند الغائط والجماع وفي الصلاة ثم اختلف فيما يكتبانه فقيل: ما فيه أجر ووزر روي ذلك عن محمد كما في (الاختيار) واستدل على ذلك في (الكشاف) بقوله عليه الصلاة والسلام: (كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يساره وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرًا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب السيئات دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر). وقيل: كل شيء حتى أنينه في المرض واختلف في وقت محو المباح والذي عليه الأكثر وهو قول المحققين أنه يوم القيامة والأصح أن كيفية الكتابة والمكتوب فيه مما استأثر الله تعالى بعلمه. فائدة في (تفسير العلامة أحمد الكارزوني) المعروف بالأخوين الأصح أن الكافر أيضًا تكتب أعماله إلا أن كاتب اليمين كالشاهد على كاتب اليسار انتهى. (والإمام) عطف على القوم (في الجانب الأيمن أو الأيسر) إن كان (أو) ناويًا له (فيهما) أي: في التسليمتين (لو محاذيًا) كذا رواه الحسن عن الإمام لأنه ذو حظ من الجانبين ونوى الإمام بالتسليميتين أيضًا القوم والحفظة وقصره العيني على القوم ولا وجه له يظهر وقوله في (البحر): إن قوله ناويًا القوم والحفظة يعم الإمام والمأموم سهو إذ قوله حينئذ ونوى الإمام تكرار تخص نعم قد قيل: إنه لا ينوي القوم استغناء بإشارته إليهم بالسلام والأصح أنه يويهم وعلم من كلامه أن المنفرد ينوي الحفظة لا غير

وجهر بقراءة الفجر وأوليي العشاءين ولو قضاء والجمعة والعيدين ويسر في غيرها كمتنفل بالنهار وخير المنفرد فيما يجهر ـــــــــــــــــــــــــــــ وقدم القوم على الملائكة هنا وفي (الجامع) وعكس ذلك في (المبسوط)، وكلاهما واحد إذ الواو لا تفيد ترتيبًا كذا في (الشرح) وأيضًا النية عمل القلب وهي تنتظم الكل بلا ترتيب لكن قال فخر الإسلام: للبداءة أثر في الاهتمام ولذا قال أصحابنا في الوصايا بالنوافل: إنه يبدأ بما بدأ به الميت فما في (الجامع) الذي هو آخر المصنفين دال على أن مؤمني البشر أفضل من الملائكة. قال في (المحيط): وهذا أي: تفضيل الجملة على الجماعة قول بعض أهل السنة والمختار عندنا أن خواص بني آدم وهم الأنبياء والمرسلون أفضل من جملة/ الملائكة وعوام بني آدم وهم الأتقياء أفضل من عوام الملائكة وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم والمراد الأتقياء من الشرك بدليل ما في (الروضة) أجمعت الأمة على أن الأنبياء أفضل الخليقة وأن نبينا عليه الصلاة والسلام أفضلهم وأن أفضل الخلائق بعد الأنبياء الملائكة الأربعة وحملة العرش والروحانيون، وأن الصحابة والتابعين والشهداء والصالحين أفضل من سائر الملائكة واختلفوا بعد ذلك. قال الإمام: سائر الناس أفضل من سائر الملائكة وقالا: سائر الملائكة أفضل والله أعلم. وجهر أي: الإمام لقوله بعد: وخير المنفرد لكن بحسب الجماعة فإن زاد عليه أساء قال في (الخلاصة) ولو اقتدى بعدما قرأ الفاتحة أو بعضها يعني سرًا أعادها (وجهرا بقراءة صلاة الفجر وأوليي العشاءين) أي المغرب والعشاء (ولو) كان المصلي (قضاء) لما أنه يحكي الأداء. (و) يجهر أيضًا بقراءة (الجمعة والعيدين) والتراويح والوتر في رمضان للتوارث (ويسر) بالقراءة (في غيرها) من أخيرتي العشاء وثالث المغرب وصلاة النهار (كمتنفل) أي: كما يسر المتنفل (بالنهار) بلا خلاف (وخير المنفرد فيما يجهر) فيه بين الجهر والإخفاء أداء كان أو قضاء هو الأصح ورجح في (الهداية) أنه يخافت في القضاء حتمًا، قيد بالمنفرد لأن الإمام لا يخير فيما يجهر كما لا يخير فيما يسر فيه على الأصح. وفي (مختصر عصام) أنه يخير وجعله في (العناية) ظاهر الرواية استدلالاً بعدم وجوب السهو عليه لو جهر ساهيًا وفيه نظر لأنه إنما وجب على الإمام لعظم جنايته بارتكابه الجهر والإسماع بخلاف المنفرد كذا في (الشرح)، قال في (الفتح): وفيه نظر ظاهر لأنا لا ننكر أن واجبًا قد يكون آكد من واجب لكن لم ينط سجود السهو إلا

كمتنفل بالليل ولو ترك السورة في أولى العشاء قرأها في الأخريين ـــــــــــــــــــــــــــــ بترك الواجب لا بآكد الواجبات فحيث كانت المخافتة واجبة على المنفرد ينبغي أن يجب بتركها سجود السهو (كمتنفل) أي: كما خير المتنفل المنفرد (بالليل) بين الجهر والإخفاء والجهر أفضل ما لم يؤذ نائمًا ونحوه والتقييد بالمنفرد لابد منه لوجوب الجهر في التراويح على الإمام وكان المصنف استغنى عن التقييد لكون الكلام فيه، ولم أر من عرج على هذا من شراح هذا الكتاب قيد بالقراءة لأن الأذكار التي لا يقصد بها الإعلام لا يجهر فيها بل يسر كالتشهد والتأمين والتسبيحات ومنه القنوت في اختيار صاحب (الهداية). وقال غيره يجهر به هذا واختلف في حد الجهر والإخفاء فاختار الكرخي أنه إسماع نفسه والمخافتة تصحيح الحروف قالوا: وإلى ذلك أشار محمد في (الأصل) عند إعطاء حكم تخيير المنفرد في الجهرية حيث قال: إن شاء قرأ في نفسه وإن شاء جهر فأسمع نفسه قال في (البدائع): وهذا أصح وأقيس وصرح محمد في (الآثار) بأنه إذا حرك شفتيه بالاستثناء فقد استثنى، وهو قول أبي حنيفة واختار الهندواني ونسبه في (الذخيرة) إلى الحلواني أن الجهر إسماع غيره والمخافتة إسماع نفسه زاد في (المجتبى) أو من يقربه وعليه أكثر المشايخ وهو الأصح وإذا علمت هذا فما في (الخلاصة) لو قرأ في المخافتة بحيث سمع رجل أو رجلان لا يكون جهرًا والجهر أن يسمع الكل مشكل وجعله في (المعراج) قول الفضلي وكأنه اختيار له ويتخرج على الخلاف كل ما يتعلق بالنظق كالطلاق والعتاق والاستثناء وتسمية الذبائح وسجود التلاوة والبيع وقيل: الصحيح في البيع أنه لابد أن يسمع المشتري كذا في (الفتح). أقول: ينبغي أن يكون كذلك في كل ما يتوقف تمامه على القبول ولو غير مبادلة كالنكاح. (ولو ترك) المصلي قراءة (السورة في أولى العشاءين) مثلاً عمدًا كان أو سهوًا وخصهما وإن كان الظهر كذلك لقوله بعد جهرًا (قرأها في الأخيرين) تبع (الجامع الصغير) بالإخبار الجاري من المجتهد مجرى إخبار الشارع الذي هو آكد من الأمر دلالة على الوجوب وهو الأصح كما في (غاية البيان) وصرح في (الأصل) بالاستحباب قال في (الفتح): ولا يخفى أنه أصرح فيجب التعويل عليه في (الدراية)، وكون الإخبار آكد رده في (البحر) بأنه في إخبار الشرع لا في غيره ولا يخفى أن أمر المجتهد ناشيء عن أمر الشارع فكذا إخباره، نعم، قال في (الحواشي السعدية): إنما

مع الفاتحة جهرًا ولو ترك الفاتحة لا وفرض القراءة آية ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون دليلاً إذا كان مستعملاً في الأمر الإيجابي وهو ممنوع لم لا يجوز أن يكون المراد الاستحبابي وتكون القرينة عليه ما في الأصل كما أريد بما مر من قوله: افترش رجله اليسرى ووضع يديه على فخذيه. وأمثال ذلك (مع الفاتحة) فيه إيماء إلى أنها واجبة أيضًا وقيل: لا يجب كذا في (البحر) وينبغي ترجيحه وإلى أنه يقدم الفاتحة وقيل: السورة لالتحاقها بالأوليين والأول أشبه ولو نسي الفاتحة فقرأ السورة قرأ الفاتحة ثم السورة وعن الثاني يركع/ والأول اظهر (جهرًا) هذا ظاهر الرواية عن الإمام وهو الصحيح وغير رواية إنما يجهر بالسورة فقط قال التمرتاشي: وهو الصحيح وصرح شيخ الإسلام بأنه الظاهر من الجواب ولا يكون جمعًا للالتحاق وهذا عندهما وقال الثاني: لا يقضيها. (ولو ترك) قراءة (الفاتحة) في الأوليين (لا) يقرأها في الآخرين والفرق أن قراءة الفاتحة شرعت على وجه يترتب عليها السورة فلو قضاها في الأخريين ترتبت الفاتحة على السورة وهو خلاف الموضوع بخلاف ما إذا ترك سورة لأنه أمكن قضاؤها على الوجه المشروع. (وفرض القراءة) في الصلاة (آية) وهي لغة العلامة إما على صدق من أتى بها أو على انقطاع ما بعدها وما قبلها عنها وعرفًا كما قال الجعبري قرآن مركب من جمل ولو تقديرًا ذو مبدأ أو مقطع مندرج في سورة، قال في (البحر): وفي بعض (حواشي الكشاف) أنها طائفة من القرآن مترجمة أقلها ستة أحرف ويرد عليه {لم يلد}. وأقول: قد قيل: بأن الآية هي وما بعدها سورة، ثم قيل: إن آي الإخلاص أربع وقيل: خمس فيجوز أن يكون ما في (الحواشي) بناء على الأول وفي (شرح المصابيح) لزين العرب إنها تقال لكل جملة دالة على حكم من أحكامه تعالى ولكل كلام منفصل عما قبله وبعده بفصل توقيفي آية وكونها توقيفية هو الأصح قال الزمخشري ولذا عدو {ألم} و {المص} آية دون {ألم} و {الر} ثم كون الفرض ما ذكر هو ظاهر الرواية وعن الإمام أنه ما ينطلق عليه اسم القرآن ولم يشبه قصد خطاب أحد قال القدوري: وهو الصحيح من مذهب الإمام وعنه أنه ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وبه قالا وهو أحوط كذا في (الأسرار) وقيل: الخلاف مبني على أن الحقيقة المستعملة

وسنتها في السفر الفاتحة وأي سورة شاء ـــــــــــــــــــــــــــــ عنده أولى من المجاز المتعارف وعندهما بالعكس قال في (الدراية): وفيه تأمل ووجهه أنه منع ما دون الآية بناء على عدم كونه قارئًا عرفًا وأجاز الآية لأنه يعد بها قارئًا عرفًا فالحق أن مبنى الخلاف في قيام العرف في عده قارئًا بالقصيرة نعم ذلك مبناه على رواية (القدوري) كذا في (الفتح). وأثر الخلاف يظهر فيمن لا يحسن إلا آية واحدة يلزمه التكرار عندهما ثلاثًا لا عنده، أما المحسن ثلاثًا لو كرر واحدة ثلاثًا ففي (المجتبى) أنه لا يتأدى به الفرض عندهما وحكى في (الخلاصة) اختلاف المشايخ على قولهما ثم إطلاق المصنف يفيد عدم الفرق بين ما هي كلمات نحو (فقتل كيف قدر) وكلمتين نحو (ثم نظر) أو كلمه اسمًا أو حرفًا نحو (مد هامتان) (ص) (ق) (ن) إذ هي آيات عند بعض القراء وفي الثالث خلاف السرخسي والأصح أنه لا يجوز لأنه يسمى عادًا قال في (البحر): وهو مسلم في نحو صاد لعدم انطباق تعريف الآية عليه أما (مد هامتان) فالمذكور في (البدائع) وغيرها الجواز على قول الإمام من غير ذكر خلاف وأقول: هذا ظاهر في أنه فهم المنع في (مدهامتان) على قوله لعدم كونها آية وهو ممنوع بل لأنه لابد من قدر زائد على ذلك وهو كونه قارئًا عرفًا كما يفصح عن ذلك تعليله لكن في (التجنيس) ذكر السرخسي أن الأشبه الجواز في (ص) و (ن) و (مد هامتان) بالأولى والأول أولى وكون (ص) حرف غلط بل الحرف مسمى ذلك وليس المقروء وهو الاسم صار كلمة كذا في (الفتح). وفي (الحواشي السعدية): لعله باعتبار الكتابة هو صورة الحرف ولو اقتصر على نصف آية طويلة فإن العامة على الجواز لأن بعض هذه الآيات تزيد على ثلاث آيات قصار وهذا يومئ إلى أن النصف ليس قيدًا. تنبيه: قد عرف بما ذكرنا أن حفظ قدر ما يجوز به الصلاة من القرآن فرض عين والفاتحة وسورة واجب وأما حفظ جميع القرآن ففرض كفاية كذا في (المضمرات) وأما المسنون سفرًا وحضرًا فسيأتي والمكروه نقص شيء من الواجب قال في (الفتح): وحيث كانت هذه الأقسام ثابتة في نفس الأمر فما قيل: لو قرأ البقرة ونحوها وقع الكل فرضًا كإطالة الركوع والسجود مشكل إذ لو كان كذلك لم يتحقق قدر القراءة إلا فرضًا فأين باقي الأقسام انتهى وجوابه أن هذه الأقسام بالنظر إلى ما قبل الإيقاع. (وسنتها في السفر) قراءة (الفاتحة وأي سورة شاء) لخبر أبي داود وغيره أنه عليه

وفي الحضر طوال المفصل ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة والسلام (قرأ في الفجر في السفر بالمعوذتين) وإذا كان السفر قد أثر في شطر الصلاة فتأثيره في تخفيف القراءة أولى ولو قال المصنف بعد الفاتحة أي سورة شاء لكان أولى إذ كلامه بظاهره يفيد/ أن قراءة الفاتحة سنة وليس بالواقع هذا إذا كان على عجلة وفرار فإذا كان في أمنة وقرار قرأ في الفجر بنحو سورة البروج وانشقت لإمكان مراعاة السنة مع التخفيف كذا في (الهداية) وعليه جرى الشارح وغيره فقال في (منية المصلي): والظهر كالفجر وفي العصر والعشاء دون ذلك ورده في (البحر) بأنه لا أصل له يعتمد عليه في الرواية و (الدراية) أما الأول فلأن إطلاق المتون تبعًا (للجامع الصغير) يعم حالة القرار أيضًا وأما الثاني فلأنه إذا كان على أمن صار كالمقيم فينبغي أن يراعي السنة والسفر وإن كان مؤثرًا في التخفيف لكن التحديد بقدر سورة البروج لابد له من دليل ولم ينقل وكونه عليه الصلاة والسلام قرأ في السفر شيئًا لا يدل على سنيته إلا لو واظب عليه ولم يوجد انتهى. وأقول: القراءة من المفصل سنة والمقدار الخاص منه أخرى وقد أمكن مراعاة الأولى فأي مانع من الإتيان بهما. وهكذا ينبغي أن يفهم قول (الهداية) لإمكان مراعاة السنة مع التخفيف ويدل على ذلك قول شراحها (بالنهاية) وغيرها فإن قلت: إذا كان في أمنة وقرار كان هو والمقيم سواء في أنه لا مشقة عليه في مراعاة سنة القراءة بالتطويل والمقيم يقرأ في الفجر بأربعين إلى ستين. قلت: قيام السفر أوجب التخفيف والحكم يدور مع العلة لا مع الحكم ألا ترى أنه يجوز له الفطر وإن كان في أمنة وقرار وبهذا علم أن ذكر نحو البروج والانشقاق ليس لعدد آياتهما بل لأنهما من طوال المفصل فاندفع به قوله: إن التحديد بسورة البروج لا دليل عليه ودعوى أن السنة لا تثبت إلا بالمواظبة إن أريد مطلقها منعناه أو المؤكدة فبعد تسليمه ليس مما الكلام فيه وإقرار شراح (الهداية) على ما فيها وجزم الشارح به وغيره دليل على تقييد ذلك الإطلاق. (وفي الحضر) أي: الإقامة في حق الإمام وكذلك المنفرد كما في (القنية) و (المجتبى)، والناس عنه غافلون (طوال) بكسر الطاء وضمها وقال ابن مالك: بالكسر لا غير جمع طويل وبالضم الرجل الطويل وبالفتح المرأة (المفصل) سمي به لكثرة فصوله واختلف في أوله والأكثر على أنه من القتال كذا في (القنية) وقيل: من

لو فجرًا أو ظهرًا وأوساطه لو عصرًا وعشاء وقصاره لو مغربًا وتطال أولى الفجر فقط ـــــــــــــــــــــــــــــ قاف وقال الحلواني وغيره: من الحجرات وهذا الذي عليه أصحابنا كذا في (البحر) إلى البروج فأوساط إلى (لم يكن) فقصار. وقيل: إلى عبس فأوساط إلى الضحى فقصار إلى آخره، ولا يخفى دخول الغاية في المغيا هنا (لو) كان الذي يصليه (فجرًا أو ظهرًا) هذا مخالف لما في (منية المصلي) أن الظهر كالعصر لكن الأكثر على ما عليه المصنف (وأوساطه) جمع وسط محرك السين (لو) كان الذي يصليه (عصرًا وعشاء وقصاره) بكسر القاف جمع قصيرة ككريمة وكرام (لو) كان الذي يصليه (مغربًا) هكذا ورد كتاب عمر إلى أبي موسى وسكت عن قدر المقرر. وفي (الجامع الصغير) يقرأ في الفجر في الركعتين سورة الفاتحة وقدر أربعين أو خمسين واقتصر في (الأصل) على الأربعين وفي (المجرد) ما بين الستين إلى المائة والكل ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام فقيل: ما في (المجرد) محمول على الراغبين وما في (الأصل) على الكسالى والضعفاء أو ما في (الجامع) على الأوساط ورده في (الفتح) بأنه لا يجوز حمل فعله عليه الصلاة والسلام مع أصحابه على ذلك إذ لم يكونوا كسالى. أقول: يجوز أن يراد بالكسالى الضعفاء ولا ينكر أنه عليه الصلاة والسلام كان في أصحابه في بعض الأحيان الضعفاء فجاز أنه كان يراعي حالهم إذا صلوا معه وقيل: ينظر إلى طول الليالي وقصرها وكثرة الأشغال وقلتها وقيل: يقرأ في الآيات القصار مائة وفي الأوساط خمسين وفي الطوال أربعين ويقرأ في العصر والعشاء خمسة عشر في الركعتين في ظاهر الرواية كذا في (شرح الجامع) لقاضي خان وجزم به في (الخلاصة) وفي (المحيط) وغيره يقرأ عشرين وفي المغرب خمس آيات في كل ركعة قال في (الفتح): وهذا وما قبله أولى ما يحمل عليه اختلاف فعله عليه الصلاة والسلام وكأنه إنما كان أولى فقط لما عملت وإلا فيقتضي عدم جواز الأول أن لا يكون الثاني والثالث أولى فقط. (وتطال أولى) صلاة (الفجر) على الثانية بقدر الثلث كما في (الكافي) وفي (الخلاصة) بقدر النصف هذا في الإمام أما المنفرد فيقرأ ما شاء وفي (المجرد) والأفضل أن يفصل كالإمام وأفاد بقوله: (فقط) أن أولى غيره لا تطال ولمام تطال ولمام جاز أن يكون الفجر مثالاً أردفه بقوله فقط دفعًا لهذا الوهم وتنصيصًا على محل الخلاف وذلك أنهما قالا: بأن غيره لا تطال أولاه قال محمد: تطال في كل الصلوات وقوله أحب كما في (الخلاصة) وفي (المعراج) وعليه الفتوى لا فرق في ذلك بين الجمعة والعيدين وغيرهما/. وقيل: يسوي في الجمعة والعيدين إجماعًا تبدأ بالأولى لأن إطالة الثانية بثلاث

ولم يتعين شيء من القرآن لصلاة ـــــــــــــــــــــــــــــ آيات لا بأقل مكروه إجماعًا قال في (البحر): ويشكل عليه ما أخرجه الشيخان إِن عليه الصلاة والسلام (كان يقرأ في الأولى الجمعة والعيدين بالأعلى وفي الثانية بالغاشية) وهي أطول من الأولى بأكثر من ثلاث آيات وأجاب بأن الكلام في غير ما وردت به السنة انتهى وفي (القنية) قرأ في الأولى من المغرب بالعصر وفي الثانية بالهمزة لم يكره ثم ومن يكره لأن الأولى ثلاث آيات والثانية تسع وتكره الزيادة الكثيرة وما روى أنه عليه الصلاة والسلام (قرأ في الأولى من الجمعة بالأعلى وفي الثانية بالغاشية) تزاد الثانية سبعًا لكن السبع في السمو والطوال يسير دون القصار لأن فيها ضعف الأصل والسبع ثمة ضعف أقل من نصفه وأشار إلى أن الكلام في الفرائض أما النوافل والسنن فلا يكره إطالة الثانية فيها على الأولى كذا اختاره أبو اليسر وجرى عليه في (خزانة الفتاوى). لكن جزم في (المحيط) وغيره بالكراهة ولا يخفى أن التسوية أولى (ولم يتعين شيء من القرآن لصلاة) بحيث لا يصح بغيره خلافًا للشافعي في تعينه الفاتحة كذا في الشرح واستثنى العيني الفاتحة مدعيًا أن ذكر خلاف الشافعي في هذا المقام غير موجه لما أنها متعينة إجماعًا إنما الخلاف في جهة التعيين فعنده الفريضة وعندنا الوجوب ولا يخفى أن المتبادر من تعيين شيء لشيء أداه اختصاصه به بحيث لا يصح بغيره فما في الشرح أوجه وإذا لم يعين الشارع عليه شيئًا تيسيرًا كره أن يعين كالسجدة والإنسان لفجر الجمعة لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل كذا في (الهداية). وقيده الإسبيجابي وغيره بما إذا رآه حتمًا لا يجوز غيره أو يكره أما لو كان للتيسير عليه أو تبركًا بالمأثور فلا يكره بشرط أن يقرأ غيرهما أحيانًا كيلا يظن أن غيرهما لا يجوز قال في (الفتح): ولا تحرير في هذه العبارة بعد العلم بأن الكلام في المداومة والحق أنها مطلقًا مكروهة سواء رآه حتمًا يكره غيره أو لا إذ دليل الكراهة وهو إيهام التفضيل لم يفصل ومقتضى الدليل عدم المداومة لا المداومة على العدم كما يفعله حنفية العصر بل يستحب قراءة ذلك أحيانًا ولذا قالوا: السنة أن يقرأ في ركعتي الفجر بالكافرون والإخلاص وظاهر هذا إفاده المواظبة إذ الإيهام متفق بالنسبة

ولا يقرأ المؤتم بل يستمع وينصت وإن قرأ آية الترغيب أو الترهيب ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى المصلي نفسه قال في (البحر): وهذا مبني على أن العلة إيهام التعيين أما على ما علل به المشايخ من هجر الباقي فلا فرق في كراهة المداومة بين المنفرد والإمام والسنة والفرض وأقول: قد علل المشائخ بهما كما قدمناه عن (الهداية) والظاهر أنهما علة واحدة لا علتان وبهذا يتجه ما في (الفتح) (ولا يقرأ المؤتم) أي: لا يحل له ذلك مطلقًا قال في (الخلاصة): واختلف المشايخ في الكراهة في السوية فقيل لا يكره وإليه مال أبو حفص الكبير وقيل هذا قول محمد وعندهما يكره والأصح الكراهة كما في (الذخيرة). قال في (الفتح): والحق أن قول محمد كقولهما إذ عبارته في كتبه مصرحة بالتجافي عن خلافه ففي كتاب (الآثار) قال محمد لا ينبغي أن يقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات التي يجهر فيها أو يسر بذلك جاءت عامة الأخبار وهو قول أبي حنيفة فما في (الهداية) يستحسن أي قراءة الفاتحة في السرية احتياطًا فيما يروى عن محمد ويكره عندهما ضعيف (بل يستمع) قراءة الإمام إذا جهر بالقراءة (وينصت) إذا أسر لقوله تعالى:} فاستمعوا له وأنصتوا {(الأعراف: 204) إذ الخطاب للمقتدي في قول أكثر المفسرين ولما كان عدم قراءة المؤتم لا يلزم منهما الاستماع لجواز أن أردفه بقوله بل يستمع. اعلم أن وجوب الاستماع لا يخص المقتدي ولا كون القارىء إمامًا بل في كلام أصحابنا ما يدل على وجوب الاستماع في الجهر بالقرآن مطلقًا، قال في (الخلاصة): رجل يكتب الفقه وبجنبه رجل يقرأ القرآن فلا يمكنه استماع القرآن فالإثم على القارىء وعلى هذا لو قرأ على السطح في الليل جهرًا والناس نيام يأثم وهذا صريح في إطلاق الوجوب ولأن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب كذا في (فتح القدير) وفي (البيضاوي) ظاهر الآية يقتضي وجوبهما حيث يقرأ القرآن مطلقًا. (وإن قرأ) الإمام (آية الترغيب) في ثواب الله (أو) آية (الترهيب) من عقابه هذا أولى من قول بعضهم في الجنة أو النار ذلك لأن الله تعالى وعده بالرحمة إذا استمع ووعده حتم وإجابة دعاء المتشاغل بخير مجزوم به وكذا الإمام لا يشتغل بغير قراءة القرآن سواء أم في الفرض أو النفل أما المنفرد ففي الفرض/ كذلك وفي النفل يسأل

أو خطب أو صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - والنائي كالقريب. ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنة ويتعوذ من النار عند ذكرهما ويتفكر في آية المثل وقد ذكروا فيه حديث حذيفة وأنه صلى معه عليه الصلاة والسلام فما مر بآية فيها ذكر الجنة إلا سأل فيها وما مر بآية فيها ذكر النار إلا تعوذ، وهذا يقتضي أن الإمام يفعله في النافلة وهم صرحوا بالمنع إلا أنهم عللوا بالتطويل على المقتدي فعلى هذا لو أم من يطلب منه طلب ذلك فعله يعني في التراويح والكسوف وإلا فالتجمع في النافلة مكروه في غيرهما وخطب وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - نبه بذلك على وجوب الاستماع في الثانية أيضًا قيل إلا إذا قرأ آية الأمر بالصلاة فيصلي في نفسه أى سرًا إنما إن إطلاقه يقتضي عدمه قال في (الفتح): وهو الأشبه ودل كلامه أنه لو كتب حالة الخطبة كره أيضًا وهو الأصح كما في (السراج) والحاصل أنه لا يأتي بما يفوت به الاستماع فلا يشمت عاطسًا ولا يرد سلامًا. واعلم أن ظاهر تركيبه يعطي أن خطب معطوف على قرأ وهو فاسد معنى لاقتضائه وجوب الإنصات قبل الخطبة لأن المعنى حينئذ يجب عليهما الإنصات فيها وإن قرأ آية الترغيب أو الترهيب أو خطب وأيضًا يقتضي أن الخطبة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفس الصلاة وليس مرادًا وأجاب العيني بأن فاعل قرأ هو الإمام وخطب هو الخطيب وهو في حالة الخطبة غير الإمام فيكون من عطف الجمل ولا يلزم ما ذكر وأجاب ملا خسرو بأن المؤتم بمعنى من شأنه أن يأتم. وقوله (أو خطب) عطف على قرأ المحذوف والمعنى لا يقرأ المؤتم إذا قرأ إمامه بل يستمع وينصت وإن قرأ آية ترغيب أو ترهيب فلا يقرأ المؤتم إذا خطب إمامه (أو صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -) بل يستمع وينصت وإن قرأ آية ترغيب أو ترهيب وأجاب في (البحر) بأن الضمير في قرأ وخطب وصلى راجع إلى الإمام استعمل في حقيقته ومجازه فبالنسبة إلى قرأ حقيقة وبالنسبة إلى خطب وصلى مجاز باعتبار ما يؤول إليه ويجوز الجمع بينهما عند كثير من العلماء انتهى وأنت خبير بأن ما قاله العيني إنما يتم على التجوز في المؤتم ويلزم على ما قاله خسرو التجوز في الإمام أيضًا وتقييد منع المؤتم عن القراءة بما إذا خطب مع أنه ممنوع بمجرد خروجه للخطبة وكأنه رحمه الله لم يطلع على ما أسلفناه (والنائي) أي: البعيد عن الخبر بحيث لا يسمع الخطبة (كالقريب) منه على المختار فيجب عليه الإنصات وسيأتي لهذا مزيد بيان في باب الجمعة انتهى. خاتمة في مسائل القراءة: قرأ سورة في ركعتين فالأصح أنه لا يكره لكن لا ينبغي أن يفعل ولو فعل لا بأس به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو قرأ وسط سورة أو آخرها في الأولى وفي الثانية كذلك من أخرى فلا بأس به إلا أنه لا يفعله وفي (القنية): قرأ خاتمة السورة في ركعتين مكروه اتفاقًا وفي نسخة الحلواني قال بعضهم يكره وفي (الفتاوي): القراءة في ركعتين من آخر السورة أفضل أم سورة بتمامها العبرة للأكثر وينبغي أن يقرأ في الركعتين آخر سورة واحدة لا آخر سورتين فإنه مكروه عند الأكثر ولا بأس بأن يقرأ سورة ويعيدها في الثانية كما روي ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام كذا في (الشرح) وجزم في (القنية) بالكراهة والظاهر أنها تنزيهية ولفظ لا بأس لا ينافيها ويحمل فعله عليه الصلاة والسلام على بيان الجواز هذا إذا لم يضطر فإن اضطر بأن قرأ في الأولى قل أعوذ برب الناس أعادها في الثانية إن لم يختم القرآن في ركعة فإن فصل قرأ في الثانية من البقرة كذا في (المجتبى) ولا ينبغي أن يجمع بين سورتين في ركعة فإن فعل فلا بأس وحكي في (القنية) قولين في الكراهة وعدمها والانتقال من أي سورة إلى أخرى أو من هذه السورة إلى غيرها وبينهما آيات مكروه وكذا الجمع بين سورتين بينهما سور أو سورة في ركعة أما في ركعتين فإن كان بينهما سورتان لا يكره أو سورة قيل يكره وقيل لا يكره ولو قرأ في الأولى سورة وفي الثانية ما فوقها كره فإن جرى ذلك على لسانه فتذكر قطع وابتدأ وقيل يتمها كذا في (القنية) ثم قال قرأ في الأولى الكافرون وابتدأ في الثاني} ألم تر كيف {(الفيل: 1) أو} تبت {(المسد: 1) ثم ذكر يتم هذا في الفرائض أما في النوافل فلا يكره شيء من ذلك كذا في (الخلاصة) والله الموفق بمنه وكرمه.

باب الإمامة والحدث في الصلاة

باب الإمامة والحدث في الصلاة الجماعة سنة مؤكدة ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الإمامة مصدر أممت القوم وائتم به اقتدى كذا في (الصحاح) ولم أر من عرفهما وسمعت من الشيخ الأخ أنها ربط صلاة المقتدي بصلاة الإمام ثم رأيت ابن عرفة المالكي رسمها في (حدوده) باتباع المصلي في جزء من صلاته أي: أن يتبع فالإمام هو المتبوع ولا يخفى صدق الأول على الاقتداء قيل: هي مشروعة بالكتاب وهو قوله تعالى:} واركعوا مع الراكعين {(البقرة: 43) والسنة المتظافرة عنه/ عليه الصلاة والسلام وكذا الخلفاء بعده، والحكمة في ذلك قيام نظام الإلفة بين المصلين ولذا شرعت المساجد في المحال ليحصل التعاضد باللقاء في الأوقات ولتعلم الجاهل من العالم الصلاة. (الجماعة) وهي ما فوق الواحد كذا عن محمد ولذا لو حلف لا يصلي بجماعة فأم صبيًا يعقل حنث لا فرق بين كونها في المسجد أو غيره حتى لو صلى بنحو زوجته في بيته نال فضلها (سنة) في الصلوات الخمس إلا الجمعة والعيدين فشرط (مؤكدة) بالهمز ودونه وهو الأصح أي: قوية تشبه الواجب قال الزاهدي والظاهر أنهم أرادوا التأكيد بالوجوب لاستدلالهم بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد في تركها وفي (البدائع) عامة المشايخ على الوجوب وبذلك جزم في (التحفة) وغيرها. وفي (المفيد) الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة وهذا معنى قول بعضهم تسميتها واجبة وسنة مؤكدة سواء إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها بلا عذر يوجب إثمًا مع أن قول العراقيين والخراسانين على أنه إنما يأثم إذا اعتاد الترك كما في (القنية) قال في (المعراج): وإذا كانوا لو اجتمعوا على ترك الأذان الذي هو دعاء للجماعة قوتلوا فما ظنك بالجماعة ونقل الشارح عن كثير من المشايخ أنها فريضة ثم اختلفوا فقيل: فرض كفاية وقيل: فرض عين وبالكفاية قال الطحاوي والكرخي وجماعة كما في (القنية) ونقل في (جوامع الفقة) عن أئمتنا قولاً خامسًا أنها مستحبة وأعدل الأقوال وأقواها الوجوب. ولذا قال في (الأجناس) لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافًا ومجانة أما سهوًا

والأعلم أحق ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بتأويل، ككون الإمام من أهل الأهواء ولا يراعي مذهب المقتدي فتقبل واختلف كلام نجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه فمرة قال: لا يعذر ولا تقبل شهادته ومرة قال: يعذر بخلاف مكرر اللغة قيل: الأول في المواظب على الترك تهاونًا والثاني في غيره وجوزوا تعزيزه ولو بأخذ المال كما في (الخلاصة). وأفاد البزازي أن معناه حبسه عنه وتسقط بالأعذار كالريح في الليلة المظلمة لا بالنهار كما في (السراج) والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة في الأصح والخوف من غريم أو ظالم وكونه مقطوع اليد أو الرجل من خلاف أو شيخًا عاجزًا وكونه أعمى عند الإمام كما في (الشرح). قال في (الفتح): والظاهر أنه اتفاق وأن الخلاف في الجمعة لا الجماعة ففي (الدراية) قال محمد: لا تجب على الأعمى انتهى وأقول: الذي رأيته في (الدراية) ما لفظه: قال محمد: لا تجب الجماعة والجمعة على الأعمى وفي (البدائع): وأما الأعمى فأجمعوا على أنه إذا لم يجد قائدًا لا تجب عليه وإن وجد قائدًا فكذلك عند أبى حنيفة وعندهما تجب انتهى واختلف في الأفضل من جماعة حيه وجماعة المسجد الجامع وقالوا في المسجدين يختار أقدمهما فإن استويا فأقربهما بابًا إلى بيته فإن استويا خير العامي والفقيه يذهب إلى أقلهما قومًا ليكثروا وإلى مجلس أستاذه. (والأعلم) بأحكام الصلاة أي بما يصلحها ويفسدها وهذا مراد من قال بالفقه وأحكام الشريعة إذ الزائد على ذلك غير محتاج إليه هنا ومن ثم وقع عبارة أكثرهم أي: بالسنة باعتبار أن تفضيل أحكام الصلاة لم تستفد إلا منها وعلم من تقييد الأعلم بما ذكرنا أنه لا بد أن يكون حافظًا لمقدار ما تجوز به الصلاة لأنه إذا خلي عن ذلك لا يكون عالماً بما يصلحها وحينئذ فلا حاجة إلى التقييد به كما قيل نعم شرط الشارح كونه حافظًا لمقدار المسنون منها، قال في (البحر): وينبغي أن يكون المختار قولاً ثالثًا وهو كونه حافظًا لمقدار المفروض والواجب ولم أره منقولاً لكن القواعد لا تأباه وأقول: ذكر في (الدراية) معزيًا إلى (المبسوط) الأعلم أولى إذا قدر على القراءة قدر ما يحتاج إليه وهذا كما ترى صريح في اشتراط كونه حافظًا لمقدار الواجب أيضًا لظهور أنه يحتاج إليه في تكميل صلاته بل حفظ المسنون يحتاج إليه أيضًا (أحق)

بالإمامة ثم الأقرأ ثم الأروع ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: أولى (بالإمامة) ولو قدموا غير الأولى أساؤوا كذا في (زاد الفقير)، ثم هذا الإطلاق مقيد بقيود أن لا يكون ثمة راتب فإن كان قدم مطلقًا كما في (السراج) وأن لا يكون مما يطعن في دينه كما في (المعراج) وأن لا تكون الصلاة في منزل إنسان فإن كانت فصاحبها المنزل أولى مطلقًا إلا أن يكون معه سلطان أو قاضٍ قاله الإسبيجابي وصرح الحدادي بتقديم الوالي على الراتب والمستأجر أولى من الممالك والمستعير أولى من المعير قال في (البحر): وفي تقديم المستعير نظر لأن له أن يرجع متى شاء بخلاف المؤجر وأقول: هذا لا أثر له يظهر وسيأتي أن العارية تمليك المنافع كالإجارة لكن بلا عوض بخلافها وإذا رجع خرج عن موضوع المسألة. (ثم) تقديم الأعلم قولهما وقدم الثاني (الأقرأ) مطلقًا عملاً بظاهر/ ما في (الصحيحين): (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلامًا) ولهما قوله عليه الصلاة والسلام: (مروا أبا بكر فليصل بالناس) وكان ثمة من هو أقرأ منه بدليل ما روي: (أقرؤكم أبي) فلم يبق إلا لكونه أعلم قال أبو سعيد: وكان أبو بكر أعلمنا وهذا آخر الأمر منه عليه الصلاة والسلام وقدم الأقرأ في الحديث لاستلزامه في زمنه عليه الصلاة والسلام الأعلم لما أنهم كانوا يتلقون القرآن بأحكامه ولا شك في تقديمه حينئذ كذا قالوا وفيه بحث لأن هذا يستلزم أعلمية أبي على الصديق ومن المعلوم أن المدعى إنما هو تقديم الأعلم على القارىء أى غير الأعلم وليس في الحديث ما يدل على تقديم الثاني لا نفيًا ولا إثباتًا فقدمنا الأعلم عليه بالقياس. ثم الأقرأ أي: الأحفظ للقرآن ويحتمل أن يريد به الأحسن قراءة وعليه اقتصر العلاء في (شرح زاد الفقير). (ثم الأورع) أي: الأكثر ورعًا يعني اتقاء للشبهات فالورع اتقاء الشبهات والتقوى اتقاء المحرمات وليس في السنة ذكر الورع قبل الهجرة على ما مر فجعلوا

ثم الأسن ـــــــــــــــــــــــــــــ الهجرة من المعاصي مكان الهجرة عن الوطن لنسخها نعم لو أسلم رجل في دار الحرب ولزمته الهجرة فهاجر فالذي نشأ في دار الإسلام أولى منه إذا استويا في غير هذا وكذا قالوا لو استويا في الورع فأقدمهما ورعًا أولى كذا في (المعراج). (ثم الأسن) لخبر: (وليؤمكما أكبركما سنًا) ولأنه بامتداده في الإسلام كان أكثر طاعة كذا في (البدائع)، وهذا يفيد أن المراد به أقدمهما إسلامًا ويدل عليه ما مر في الحديث من قوله (فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلامًا) فلا يقدم شيخ أسلم على شاب نشأ في الإسلام، وقدم في (المحيط) الأورع والأكثر على ما عليه المصنف فإذا استووا فأحسنهم خلقًا بضم الخاء أي إلفًا بين الناس فإن استووا فأحسنهم وجهًا أي: أكثرهم سماحة له. وفسره في (الكافي) بأكثرهم صلاة بالليل فإن استووا فأكثرهم حسبًا وقدمه في (الفتح) على صباحة الوجه فإن استووا فأشرفهم نسبًا قال الإسبيجابي: فإن استووا فأكبرهم رأسًا وأصغرهم عضوًا فإن استووا فأكثرهم مالاً فإن استووا فأكثرهم جاهًا فإن استووا فأنظفهم ثوبًا، وفي (منية المفتي) المتيمم من الجنابة أولى من المتيمم عن حدث وفي (الخلاصة) الحر الأصلي أولى من العتيق واختلف في المقيم مع المسافر قيل: هما سواء وقيل: المقيم أولى قال في (البحر): وينبغي ترجيحه فإن اجتمعت هذه الخصال في رجلين أقرع بينهما أو الخيار للقوم، واعلم أنه وقع في (زاد الفقير) بعد قولهم: فأحسنهم خلقًا فإن تساووا فأحسنهم وجهًا وفسره في (الكافي) بمن يصلي بالليل فإن تساووا فأصبحهم وجهًا انتهى. ولم أر من جمع بينهما غيره وعليه فأحسنهم وجهًا أي: أكثرهم إضاءة له بدليل ما في (الكافي) أنه روي: (من كثرت صلاته بالليل أضاء وجهه بالنهار) وأصبحهم أسمحهم وجهًا، ثم قال في (الزاد) بعد النسب: فإن تساووا ولكن أحدهم أقدم ورعًا قدم صرحوا به وقياسه يقتضي مثله في سائر الخصال وعلى هذا فقلَّ ما يحتاج إلى القرعة عند التساوي أو يخير القوم انتهى.

فرع

وكره إمامة العبد والأعرابي والفاسق والمبتدع ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلى هذا فيقال: فإن استووا في العلم فأقدمهم علمًا أولى وكذا في الأقرأ إلا أن هذا لا يتأتى في الاستواء في السن ونحوه فتدبره. فرع قال في (الخلاصة) وغيرها: أم قومًا وهم له كارهون: إن الكراهة لفساد فيه أو لأنهم أحق منه بالإمامة كره له ذلك وإن كان هو أحق بالإمامة لا يكره والكراهة على القوم قال الحلبي: ينبغي أن تكون تحريمية لما رواه أبو داوود (لا يقبل الله صلاة من تقدم قومًا وهم له كارهون). (وكره) تنزيهًا (إمامة العبد) مطلقًا وكذا ما عطف عليه لقوله في (الأصل): وغيرهم أحب إلي، وفي (المحيط) لو صلي خلف فاسق أو مبتدع فقد أحرز فضل الجماعة. (والأعرابي) وهو من يسكن البادية عربيًا كان أو أعجميًا لغلبة الجهل عليهما أما العبد فلاشتغاله بالخدمة وأما الأعرابي فلبعده عن مجالس العلم، ومن ثم قيل: أهل الكفور هم أهل القبور، وعرف بهذا كراهة العامي، (والفاسق) بجارحة بدليل عطف المبتدع عليه لعدم اهتمامه بأمر دينه قيل: إلا في الجمعة إن تعذر منعه لأنه في غيرها يجد غيره كذا في (المعراج). قال في (الفتح): وهذا مبني على عدم جواز تعددها أما على المفتى به من جواز التعدد فلا فرق، (والمبتدع) أي: صاحب البدعة من ابتدع الأمر أحدثه ثم غلب على الزيادة في الدين أو النقصان منه كذا في (المغرب) وعرفها بما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة واستحسان/ وجعل دينًا قيمًا وصراطًا مستقيمًا، أطلقه وهو مقيد كما في (الخلاصة) وغيرها بغير المكفرة أما المكفرة كإنكار الإسراء من مكة إلى بيت المقدس والشفاعة له عليه الصلاة والسلام والكرام الكاتبين وقوله إن الله جسم كالأجسام فلا؛ لكن ثبت عن الإمام وغيره عدم تكفير أهل القبلة من المبتدعة فحمل القول بالكفر أن ذلك المعتقد كفر والقائل به قائل بما هو كفر وإن لم يكفر بناء على أن قوله عن اجتهاد في طلب الحق إلا أن جزمهم ببطلان الصلاة خلفه ينافي هذا الجمع اللهم إلا أن يريد بعدم الجواز خلفهم عدم الحل وهو لا ينافي الصحة وإلا فهو مشكل كذا في (الفتح) قال في (البحر): وفيه نظر إذ تعليله في (الخلاصة) فيمن أنكر الرؤية بأنه كافر يرد هذا الحمل.

والأعمى وولد الزنا ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: كيف يرده مع إمكان حمل كافر على معنى قائل بما هو كفر ولا ينكر أنه صرف اللفظ عن خلاف ظاهره ثم قال في (البحر): والأولى ما ذكره يعني ابن الهمام في (البغاة) من أن ألفاظ التكفير المنقولة في (الفتاوى) لم تنقل عن المجتهدين إنما المنقول عنهم عدم تكفير من كان من قبلتنا حتى لم يحكموا بتكفير الخوارج ولا عبرة بغيرهم وذكره في (المسايرة) أن ظاهرة قول الإمام الشافعي أنه لا يكفر أحد منهم وهكذا جزم بحكايته عنه الحاكم الشهيد في (المنتقى) فما نقل من ألفاظ التكفير من تفريعات المشايخ لا عن الإمام انتهى وهذه المقالة ردها البزازي في (الفتاوى) بما يطول ذكره فراجعه والله الموفق. (والأعمى) لأنه لا يتوقى النجاسة وهذا يقتضي كراهة إمامة الأعشى وقيده في (البدائع) وغيرها بأن لا يكون أفضل القوم قال في (البحر): ينبغي جريان هذا القيد في العبد والأعرابي، (وولد الزنا) وأقول: هذا مبني على أن علة الكراهة من غلبة الجهل فيهم لكن قال في (الهداية) ولأن في تقديم هؤلاء تتغير الجماعة قال في (الفتح): وحاصل كلامه الكراهة فيمن سوى الفاسق للتنفير والجهل وفي الفاسق أولى لظهور تساهله في الطهارة ونحوها انتهى. والظاهر أنهما علتان ومقتضى الثانية ظهور الكراهة مع انتفاء الجهل لكن ورد في الأعمى نص خاص وهو استخلافه - صلى الله عليه وسلم - لابن أم مكتوم وعتبان على المدينة وكانا أعميين لأنه لم يبق من الرجال من هو أصلح منهما وهذا هو المناسب لإطلاقهم واقتصارهم على استثناء الأعمى ثم قال في

وتطويل الصلاة وجماعة النساء فإن فعلن يقف الإمام ـــــــــــــــــــــــــــــ (البحر): ينبغي أن يكون محل الكراهة عند وجود غيرهم لا ما إذا لم يوجد غيرهم انتهى. لكن قال في (السراج): إن قلت: هل الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أو الانفراد؟ قيل: أما في الفاسق فالصلاة معه أولى وأما غيره فيمكن أن يكون الانفراد أولى لجهلهم ويمكن أن تكون الصلاة أولى وولد الزنا لنفرة الناس عنه وما قيل لأنه لا أب له يثقفه أي: يؤدبه فيغلب عليه الجهل فتعليل بارد قاله العيني (و) كره الإمام (تطويل الصلاة) على القوم كراهة تحريم وإطلاقه الكراهة على ما يعم التحريم والتنزيه فيه مؤاخذة ظاهرة وأراد بالتطويل الزائد على القدر المسنون إذ هو المكروه كما في (السراج) و (المضمرات)، وذكره في (الفتح) بحثًا إلا أنه استثنى في الكسوف صلاته إذ الأفضل فيها التطويل وأنت خبير بأن تفسير التطويل بما ذكر غني عن الاستثناء ولا فرق في ذلك بين القراءة والتسبيحات وغيرها ورضي القوم أولى لإطلاق الأمر بالتخفيف. (و) كره أيضًا تحريمًا (جماعة النساء) للزوم أحد المكروهين أعني: قيام الإمام وسط الصف أو تقدمه لا فرق في ذلك بين الفرائض وغيرها كالتراويح إلا الجنازة فإنها غير مكروهة لما أنها فريضة وترك التقدم فدار الأمر بين فعل المكروه للرفض أو ترك الفرض فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها ولو صلين فرادى فقد تسبق إحداهن فتبقى صلاة الباقيات نفلاً والتنفل بها مكروه، ودل كلامه أنها صحيحة إذ الكراهة لا تنافي الصحة قال في (السراج): إلا إذا استخلفها الإمام وكان خلفه رجال ونساء حيث تفسد صلاة الكل أما الرجال فظاهر وأما النساء فلأنهن دخلن في تحريمة كاملة وقد قالوا: يكره للرجل أن يؤم النساء في بيت ليس معهن فيه رجل ولا محرم منه كزوجته وأمته وأخته فإن كانت واحدة منهن أو كان في المسجد لم يكره قاله الإسبيجابي قال في (البحر): وإطلاق المحرم على من ذكر تغليب وإلا فليس محرمًا لزوجته وأمته انتهى. وأقول: ذكر بعض المتأخرين أن الزوج محرم مستند لما في (الذخيرة) والمحرم الزوج ومن لا يجوز له مناكحتها على التأبيد وسيأتي تحقيقه في الحج إن شاء الله تعالى. (فإن فعلن) أي: أردن أن يصلين جماعة (يقف الإمام) وهو من يؤتم به أي: يقتدي/ ذكرًا كان أو أنثى، وفي بعض النسخ الإمامة وترك الهاء هو الصواب لأنه اسم لا وصف لأن ترك التقدم أسهل من زيادة الكشف، ولو تقدمت صح، ومقتضى ما علم من التقرير أن يأثم والوسط هنا بسكون السين لا غير، وفي (الصحاح)

وسطهن كالعرات ويقف الواحد عن يمينه والاثنان خلفه ـــــــــــــــــــــــــــــ كل موضع صلح فيه بين فبالتسكين كجلست وسط القوم وغلا فبالتحريك كجلست وسط الدار وربما سكن وليس بالوجه انتهى. وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر قال ابن الأثير: وكأنه الأشبه (كالعراة) أي: كما يقوم إمام العراة وسطهم لما مر وفيه إيماء إلى كراهة جماعة العراة أيضًا كراهة تحريم لاتحاد اللازم وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف كذا في (الفتح) لكن قال في (السراج): الأولى أن يصلوا وحدانًا وفي (الخلاصة) الأولى لإمام العراة أن يقوم وسطهم ومقتضى ما في (الفتح) أن يكون تحريمًا بالأولى وهو أولى (ويقف) المصلي (الواحد) ولو صبيًا يعقل (عن يمينه) مساويًا له وعن محمد أنه يضع إصبعه عند قدم الإمام وظاهر الرواية هو الأول، قيد بالواحد لأن الواحدة تقف خلفه وباليمين لأنه عن الشمال مكروه وكذا خلف في رواية لا في أخرى ومنشأ الخلاف قول محمد وإن صلى خلفه جازت وكذا إن وقف على يساره وهو مسيء فمنهم من صرف الإساءة إلى الأخير ومنهم من صرفها إلى الفعلين وهو الصحيح كذا في (الشرح) والأولى أن يجعل قول محمد منشأ اختلاف القولين لاختلاف الروايتين والعبرة بالقدم لا بالرأس حتى لو كان الإمام أقصر من المقتدي ورأس المقتدي يتقدم في السجود لم يضر ولو تفاوتت الأقدام صغرًا أو كبرًا فالأصح أنه ما لم يتقدم أكثر قدم المقتدي لا تفسد كذا في (المجتبى). (و) يقف (الاثنان خلفه) لأنه عليه الصلاة والسلام (تقدم على أنس واليتيم حين صلى بهما) وما عن ابن مسعود من أنه توسطهما فدليل الإباحة قال في (البحر): ولو قال كما في (النقاية): والزائد خلفه لكان أولى ليشمل ما زاد على الاثنين وأقول: قد علم من كلامه تقدمه على ما زاد بالأولى قيد به لأنه لو توسطهما كما عن الثالث كره والظاهر أنه كراهة تنزيه لقوله في (الخلاصة): فإن قام وسطهما جاز والأفضل أن يتقدم نعم إذا كثر وكره تحريمًا لترك الواجب دل على ذلك قوله في (الهداية) في وجه كراهة إمامة النساء، لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف ولو قام في يمينة الصف أو يسرته أساء أما الإمام فلأنه كالمنفرد فيما يصلي وأما القوم فلأنهم لم يقدموه ولو قام واحد بجنب الإمام وخلفه صف كره بالإجماع والأصح ما روي عن الإمام أكره للإمام أن يقوم بين الساريتين أو سارية أو

ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء وإن حاذته ـــــــــــــــــــــــــــــ ناحية المسجد إلى سارية لأنه خلاف عمل الأئمة وفي كراهة ترك الصف الأول مع إمكان الوقوف فيه اختلاف كذا في (الفتح) وفي (القنية) الأول أفضل من الثاني والثاني أفضل من الثالث وهكذا، ولو وجد فرجة في الأول لا الثاني كان له أن يخرق الثاني ويصلي في الأول لأنه لا حرمة له. واعلم أن الشافعية ذكروا أن الإيثار بالقرب مكروه كما لو كان في الأول فلما أقيمت آثر غيره به وقواعدنا لا تأباه لما قد علمت. (ويصف الرجال) أي: يصفهم الإمام بأن يأمرهم بذلك لقوله عليه الصلاة والسلام (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى)، وصح (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة)، (ثم الصبيان) ظاهره أن هذا الحكم إنما هو عند حضور جماعة منهما فلو كان ثمة صبي فقط أدخل في الصف ولو حضر معه رجل فقط جعلهما خلفه لقوله فيما مر: والاثنان خلفه ويدل عليه حديث أنس: (وصففت أنا واليتيم وراءه عليه الصلاة والسلام والعجوز من وراءنا). قال في (البحر): لم أره في كلامهم (ثم النساء) لم يذكر الخناثى كما في (المجمع) وغيره لندرة هذا النوع حتى لو وجد قدم على النساء قيل: هذا الترتيب ليس حاصرًا لجملة الأقسام الممكنة لانتهائها إلى اثني عشر قسمًا والحاصر لها أن يقدم الأحرار البالغون ثم الصبيان الأحرار ثم العبيد ثم البالغون ثم الصبيان ثم الخناثى البالغون الأحرار ثم الصبيان ثم الخناثى الأرقاء ثم الصبيان ثم النساء البالغات الأحرار ثم الصغار ثم البالغات الأرقاء ثم الصغار كذا في (شرح المنية)، واعترضه في (البحر) بأن ظاهر كلامهم تقديم الرجال على الصبيان مطلقًا أحرارًا كانوا أو عبيدًا نعم يقدم الحر البالغ على العبد البالغ والصبي الحر على الصبي الرقيق والحرة البالغة على الأمة البالغة والصبية الحرة على الأمة (وإن حاذته) قال في (الخانية): حد المحاذاة أن يحاذي عضوًا منها عضوا من الرجل وخص/ الشارح العضو منها بالساق والكعب حيث قال: والمعتبر في المحاذاة الساق والكعب في الأصح وبعضهم اعتبر القدم وإليه يشير اشتراط المصنف كما سيأتي اتحاد المكان وعبارته في (العناية):

مشتهاة في صلاة مطلقة مشتركة تحريمة وأداء ـــــــــــــــــــــــــــــ المحاذاة المفسدة هي أن يحاذي قدم المرأة عضوًا من الرجل في الصلاة قال في (البحر): وهذا قاصر الإفادة لتصريحهم بأن الواحدة إذا وقفت في الصف أفسدت صلاة من عن يمينها ويسارها وخلفها، ولا شك أن المحاذاة بما ذكر لم تتحقق فيمن خلفها فالتفسير الصحيح ما في (المجتبى) المحاذاة المفسدة أن تقوم بجنب الرجل من غير حائل انتهى. وأقول: لا نسلم أنه قاصر لأن من خلفها إنما تفسد صلاته إذا كان محاذيًا لها كما قيد به الشارح وذكره في (السراج) أيضًا. وصرح به الحاكم الشهيد في (كافيه): يعني الساق والكعب نعم هذا التخصيص يحتاج إلى دليل ومقتضى دليلهم الآتي الإطلاق (مشتهاة) ولو في الجملة فخرجت الصغيرة التي لا تصلح للجماع أما العبلة الضخمة فتفسد على الأصح والأمرد قد صرح الكل بعدم الفساد إلا من شذ ودخلت العجوز الشوهاء وسائر المحارم ومن زاد ولو محرمًا كما في (الدرر) فإنما عنى زيادة (الأيضًاح) إلا أنه في (شرحها) أخرج المجنونة بالمشتهاة وفيه نظر بل الظاهر إخراجها بقوله (في صلاة) لعدم انعقاد صلاتها ولا شك أن محاذاة العاقلة التي هي خارجها غير مفسدة فالمجنونة أولى (مطلقة) أي: كاملة ذات ركوع وسجود ولو إيماء احترز به عما لو حاذته في الجنازة فإنها لا تفسد (مشتركة تحريمة) من حيث التحريمة والأداء قيل: الأولى وتأدية لئلا يتوهم مقابلته للقضاء مع أنها تفسد في كل صلاة ولو عيدًا أو وترًا أو نافلة ومعنى الأول أن يكونا بانيين تحريمتهما على تحريمة الإمام ومعنى الثاني أن يكون لهما إمام واحد فيما يؤديانه تحقيقًا كالمدرك أو تقديرًا كاللاحق فصلاة المسبوق مشتركة تحريمة فقط واللاحق تحريمة (وأداء) فكذا لو حاذته وهما مسبوقان في القضاء لا تفسد ولو لاحقين أفسدت قال صدر الشريعة: وفي تفسيرهم الاشتراك بما ذكر تساهل بل ينبغي أن يقال معنى الشركة في الأول: أن يبني أحدهما تحريمته على تحريمة الآخر ويبنيان تحريمتهما على تحريمة ثالث وفي الثاني أن يكون أحدهما إمامًا للآخر فيما يؤديانه، أو يكون لهما إمام واحد وأيضًا لا أجد فائدة في ذكر الشركة في التحريمة بل يكتفى الشركة في الأداء لأنها لا توجد بدون الشركة في التحريمة والشركة في التحريمة قد توجد بدون الشركة في الأداء. ومن هنا قال في (فتح القدير) ما معناه: لو قال بدل ما ذكر الشركة مشتركة أداء وتفسر بما قلنا لعم الاشتراكين وقوله في (البحر): قلنا نعم لكن يلزم من الاشتراك أداء الاشتراك تحريمة فلذا ذكروهما مما لا يجدي نفعًا ثم أقول: إنما اقتصروا على تفسير الشركة في التحريمة والأداء على ما مر لأنه الذي يظهر فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التفاوت وذلك أن بينهما على هذا التفسير من النسب العموم والخصوص المطلق لما قد علمته وأما ما زادوه في التحريمة وهو أن يبني أحدهما تحريمته على تحريمة الآخر وفي الأداء وهو أن يكون أحدهما إمامًا للآخر فيما يؤديانه، فبين الأول والثاني من النسب التساوي لاجتماعهما في هذه الحالة في الصدق فتدبره، وكأنهم إنما ذكروا التحريمة لتوقف المشاركة في الأداء عليها وفرق ما بين التنصيص على الشيء وبين كونه لازمًا لشيء. اعلم أن المقتدي إما مدرك وهو من أدرك أول صلاة الإمام أو مسبوق وهو من لم يدركها وكل منهما قد يكون لاحقًا وعرفه في (فتح القدير) بمن يقضي بعد فراغ الإمام ما فاته بعد ما أدركه معه قال: وإنما لم نقل من أدرك أول صلاة الإمام ثم فاته بعضها إلى آخره كما يقع في بعض ألفاظه لأنه غير جامع لخروج اللاحق المسبوق ثانيًا بمن فاته بعد ما دخل مع الإمام بعض صلاة الإمام قال: وتعريفه بمن أدرك أول صلاة الإمام تساهل انتهى ولا يخفى أن الثاني من تعريفه أولى من الأول لما أنه تعريف بالحكم لكن أورد عليه في (البحر) المقيم إذا اقتدى بمسافر فإنه لاحق مع عدم صدق تعريفه عليه والأصح أن يقال: إنه ملحق به وهذا وارد على تعريفهم أيضًا ولم يقيد الفوات بالنوم والزحمة كما وقع لبعضهم لأنه لا يتقيد به لما أن الطائفة الأولى في صلاة الخوف لاحقون ومن ثم قال بعضهم: لعذر إلا أنه يرد عليه ما في (الخلاصة) لو سبق إمامه في الركوع والسجود قضى ركعة بلا قراءة إلا أن يقال: إنه ملحق به أيضًا ثم لا يخفى أنه في محاذاة اللاحق المسبوق/ فإنهما لو اقتديا به في الثالثة مثلاً ثم ذهبا للوضوء فحاذته في القضاء إن كان في الأولى أو في الثانية وهي الثالثة والرابعة تفسد لوجود الشركة فيهما، وإن في الثالثة والرابعة لعدم الشركة في الأداء بناء على أنه يجب عليه أن يقضي ما لحق به ثم ما سبق به، وباعتباره تفسد وإن صح عكسه عندنا خلافًا لزفر. وينبغي أنه إن نوى قضاء ما سبق به أولاً أن ينعكس حكم المسالة وهذا أحد المواضع الذي خالف فيها اللاحق المسبوق، ومنها لو نسي القعدة الأولى أتى بها المسبوق لا اللاحق، ومنها لو ضحك الإمام أو أحدث عمدًا في موضع السلام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان والأصح عدم الفساد، ومنها لو قال الإمام بعد فراغه من الفجر: كنت محدثًا في العشاء فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان، ومنها لو علم بعد الفراغ مخالفة تحريمتهما لتحريمة الإمام فسدت صلاة المسبوق وفي اللاحق روايتان وكذا لو خرج وقت الجمعة، ومنها لو تذكر المسبوق فائتة عليه فسدت صلاته وفي اللاحق روايتان وكذا لو كانا متيممين فرأيا ماء لو

في مكان متحد بلا حائل فسدت صلاته ـــــــــــــــــــــــــــــ انقضت مدة مسحهما فسدت صلاتهما اتفاقًا وكذا لو خرج وقت الفجر أو العيد، ومنها لو طلعت الشمس في الفجر فسدت في المسبوق لا في اللاحق على الأصح، ومنها لو تحول رأيهما بعدم فراغ الإمام فسدت في اللاحق وبني المسبوق، ومنها لو تذكر الإمام فائتة بعد فراغه لا تفسد صلاة المسبوق والأظهر في صلاة اللاحق الفساد كما في (القنية) (في مكان) في موضع نصب على الحال. (متحد) خرج به ما إذا اختلف كما إذا كان على دكان قدر قامة الرجل وهي على الأرض حيث لا تفسد لعدم تحقق المحاذاة وهذا الشرط وإن كان معلومًا من المحاذاة إلا أن المشايخ ذكروه أيضًاحًا كذا في (الدراية) وأقول: هذا مبني على تفسير المحاذاة بالساق والكعب أما على ما فسرها به قاضي خان فتتحقق وقد صرح بذلك قاضي خان قال بعد ما حد المحاذاة بما مر: حتى لو كانت المرأة على الظلة والرجل بحذائها أسفل منها أو خلفها إن كان يحاذي الرجل شيئًا منها تفسد صلاته وعلى هذا فينبغي أن يفسر اختلاف المكان بما إذا كان على مكان عال بحيث لا يحاذي شيء منها شيئًا منه بلا (بلا حائل) بينهما خرج بذلك ما إذا كان بينهما حائل وأدناه قدر مؤخرة الرحل وغلظه غلظ الإصبع وسكت عن الفرجة وفي (الشرح) إنها كالحائل وأدناه قدر ما يقوم فيها الرجل وحكاه في (الدراية) بقيل. قال في (الفتح): ولا يبعد النظر في صحة هذا القيل إذ مقتضاه أن لا يفسد صف النساء على الصف الذي خلفه من الرجل وأقول: لو حمل الفساد في الصف على ما إذا كان الرجال بحذائهن لاستقام وقد قيد الشارح من خلف الاثنين بما إذا كان بحذائهما ولا فرق يظهر فتدبره (فسدت صلاته) أي: المحاذي لما أنه مأمور بتأخيرها بقوله عليه الصلاة والسلام (أخروهن من حيث أخرهن الله) فإذا لم يؤخرها فقد ترك فرض المقام ففسدت صلاته دونها إذا لم يكن إمامًا أما إذا أشار إليها فلم تتأخر فقد تركته هي فبطلت صلاتها دونه واعترض بأن هذا خبر واحد وبه لا يثبت الفرض القطعي وأجيب بأنه مشهور، وفيه نظر من وجهين الأول أن رفعه لم يثبت فضلاً عن شهرته وإنما أخرجه عبد الرازق موقوفًا على ابن مسعود كما في (الفتح) الثاني سلمنا رفعه واشتهاره لكن لا نسلم أن به يثبت القطعي فإن أريد به العملي فلا حاجة إلى دعوى الاشتهار وفي (الفتح) وبتقدير صحته فهو إنما يفيد حرمة تحاذيهما وترك فرض المقام ثم كونه مفسدًا باعتبار أن فروض الجماعة يصح إثباتها بالآحاد لأن أصلها به وارجع إلى ما مهدناه في أول صفة الصلاة يزول عنك

إن نوى إمامتها ولا يحضرن الجماعات ـــــــــــــــــــــــــــــ الريب انتهى. يعني أن آية الصلاة مجملة وخبر الواحد يلتحق بيانًا لها بحسب المقام (إن نوى) الإمام (إمامتها) وقت شروعه قال في (البحر): وهذا القيد مستغنى عنه بذكر الاشتراك السابق وأقول: غير خاف أنه لا يفهم منه اشتراط النية وإن استلزمه بعد العلم بذلك وفي اشتراط حضورها وقت نيته روايتان لا فرق في اشتراط النية بين الواحدة والمتعددة إلا أن في الواحدة روايتين، ولا بين الجمعة والعيدين وغيرهما وبه قال كثير إلا أن الأكثر على عدمه فيهما وهو الأصح كما في (الخلاصة) وجعل الشارح الأكثر على الاشتراط وأجمعوا على عدمه في الجنازة ثم إذا لم ينوها فهل تصير شارعة في النفل قال في (القنية): فيه روايتان ودل كلامه أن هذا فيمن/ يصح اقتداؤها به أما الصبي لو حاذته وقد نواها لا تفسد صلاته كذا في (الفتح). تكميل: وبقي من الشرائط كونها في ركن كامل حتى لو تحرمت في صف وركعت في آخر وسجدت في ثالث فسدت صلاة من عن يمينها ويسارها وخلفها من كل صف وأجاب في (البحر) بأنه حذفه للاختلاف فيه فقد قيل: إن هذا قول محمد وعند أبي يوسف لو وقف قدره فسدت وإن لم تود. وقيل: لو حاذته أقل من قدره فسدت عند أبي يوسف وعند محمد لا إلا في قدره وهذا الثاني يوافق ما في (الخانية) المحاذاة مفسدة قلت أو كثرت وهو المناسب لإطلاق (الكتاب) وكون الجهة متحدة حتى لو اختلفت كما في جوف الكعبة والتحري في ليلة مظلمة فلا تفسد وإذا تحققت ذلك ظهر لك أنه لو قال: وإن حاذته مشتهاة منوية الإمامة في ركن صلاة مشتركة أداء مع اتحاد الجهة بلا حائل فسدت لكان أخصر وأوفى. (ولا يحضرن) أي: لا يحل لهن أن يحضرن (الجماعات) وذكر في كتاب الصلاة الإساءة التي هي أدون من الكراهة أطلقه فعم الشابة والعجوز كل الصلوات وأباحاه للعجوز مطلقًا وخصها الإمام بالعشاءين والفجر والعيدين واختلف في حضورهن في العيد أهو للصلاة أو لتكثير السواد؟ روى الحسن عن الإمام الأول وروى الثاني الثاني فيقمن في ناحية غير مصلين لأنه عليه الصلاة والسلام أمر الحيض بالخروج ولا أهلية لهن كذا في (الدراية) وأطبق المتأخرون على أن الفتوى على منع الكل في الكل. قال في (الفتح): الأصح العجائز المتفانية فيما يظهر لي دون المتبرجات بزينة وذوات الرمق قال في (البحر): الإفتاء بمنع العجوز مطلقًا مخالف لقول الثلاثة انتهى.

وفسد اقتداء رجل بامرأة أو صبي وطاهر بمعذور ـــــــــــــــــــــــــــــ وفيه نظر بل مأخوذ من قول الإمام وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة غير أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها خوف الترائي كان المنع فيها أظهر من الظهر وإذا منعت عن حضور الجماعة فمنعها من حضور الوعظ والاستسقاء أولى وأدخله العيني رحمه الله في الجماعات وما قلناه أولى. (وفسد اقتداء رجل بامرأة) بالإجماع قيد بالاقتداء لأن صلاة الإمام تامة على كل حال وبالرجل لأن اقتداء المرأة بمثلها ولو خنثى مشكلاً صحيح أما اقتداء الخنثى بالمرأة فلا يصح لاحتمال كونه ذكرًا (أو صبي) فرضًا كان المقتدى فيه أو نفلاً في ظاهر الرواية وهو المختار، ولأن نفله غير مضمون بالإفساد وأورد أن الاقتداء بالمظنون صحيح مع أنه غير مضمون بالإفساد أيضًا وأجيب بأنه مجتهد فيه فاعتبر العارض عدمًا بخلاف نفله، ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق فجعل الجواز قول محمد والمنع قول أبي يوسف أما التراويح فلا تجوز إجماعًا وفي (الدراية) قال مشايخنا: إنما لا يقتدى به لأنه لا صلاة له أصلاً إنما يؤمر بها تخلقًا ولذا لو وصلت المراهقة بغير قناع يجوز. وقال بعضهم: بل صلاته صحيحة بدليل أن المراهقة لو حاذت رجلاً في الصلاة تفسد صلاته لأنها غير فرض وقد ثبت من أصلنا أن اقتداء المفترض بالمتنفل غير صحيح انتهى. وعلى الأول لا يحتاج إلى الفرق بين نفله ونفل البالغ وعلى الثاني يحتاج وهو ما مر والذي ينبغي اعتماده هو الثاني، وإن كان ما في (الدراية) ظاهر في ترجيح الأول والمعتوه كالصبي كما في (المعراج) فالمجنون أولى وكذا السكران (و) فسد أيضًا اقتداء مصل (طاهر بمعذور) توضأ مع العذر أو طرأ عليه بعده أما لو توضأ وصلى خاليًا عنه كان في حكم الطاهر قيد بالطاهر لأن اقتداء المعذور بمثله صحيح إن اتحد عذرهما لا إن اختلف فلا يصح اقتداء من به انفلات ريح بمن به سلس بول لأن الثاني حدث ونجاسة فكان الإمام صاحب عذرين بخلاف عكسه إلا أن يكون مع الانفلات جرح لا يرقأ فلا يصح كذا في (السراج)، وهو ظاهر في أن السلس والجرح من المتحدين وكذا استطلاق البطن مع أحدهما فما في (المجتبى) لا يجوز اقتداء المستحاضة بمثلها كالضالة بالضالة لعله لجواز أن يكون الإمام حائضًا وإلا فمقتضى ما سبق انتفاء هذا الاحتمال أن يجوز، بقي أن مقتضى التعليل السابق أن يجوز اقتداء من به سلس بمن به انفلات الريح وليس بالواقع لاختلاف عذرهما

وقارئ بأمي ومكتس بعار وغير مومئ بمومئ ومفترض بمتنفل وبمفترض آخر ـــــــــــــــــــــــــــــ فالأولى أن يعلل بمحض اختلاف عذرهما إلا يكون الإمام صاحب عذرين والمقتدى صاحب/ عذر واحد فقط فتدبره (وقارئ) وهو من يحفظ آية (بأمي) وهو من لا يحفظها منسوب إلى أمه لما أنه حين يولد منها لا يعقل شيئًا وفي (المغرب) إلى أمه العرب لخلوها من صناعة الكتابة والقراءة ثم استعير لكل من لا يعرف الكتابة ولا القراءة وعلم منه عدم جواز الاقتداء بالأخرس بالأولى لأن الأمي أقوى حالاً منه ومن ثم لم يجز اقتداءه به لقدرته على التحريمة دونه، (ومكتس بعار) قيل: الأولى مستور العورة لا يسمى مكتسيًا عرفًا وإن صحت صلاة المكتسي خلفه إلا أن يراد المكتسي شرعًا. (وغير مومئ بمومئ) لقوه حال الراكع والساجد على المومئ. (ومفترض بمتنفل) لقوة حال المفترض ومنه اقتداء الناذر بالناذر لأن صلاة الإمام نفل بالنسبة إلى المقتدي إلا إذا نذر عين ما نذره الآخر أما اقتداء الحالف بالحالف وبالناذر فيجوز ومصلى ركعتي الطواف كالناذرين ولو اشتركا في نافلة فأفسداها صح مع أنه اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القراءة وأجيب بأن صلاة المقتدي أخذت حكم الفرض بالاقتداء ولذا لزمه ما لم يدركه مع الإمام من شفع الأول. قال في (البحر): والحق أن السؤال من أصله ساقط لما حققه في (غاية البيان) من أن قراءة المقتدى خلف الإمام محظورة فكيف توصف بالفريضة وأقول: فيه تطويل هي فرض عليه وحظرت لتحمل الإمام إياها عنه ولو صح ما ادعاه لبطل تعليلهم عدم صحة اقتداء المسافر بالمقيم بعد الوقت بأن اقتدى المفترض بالمتنفل في حق القراءة كما سيأتي فتدبره. (وبمفترض آخر) صفة لمحذوف أي: فرضًا آخر لا لمفترض لفساد المعنى وإنما فسدا لأن اتحاد الصلاتين شرط عندنا بأن يمكنه الدخول في صلاته بنية الإمام وهذا لأن الاقتداء بناء وموافقة وهو لا يتم بدون الاتحاد وإذا لم يصح قيل: يصير شارعًا في النفل ثم تفسد وهو ظاهر (الكتاب). قال في (الذخيرة): وهو الأصح، وقيل: لا يصير شارعًا قال في (الفتاوى): وهو الأصح وجعله بعضهم قولهما والثاني قول محمد بناء على أن فساد الجمعة لا توجب فساد التحريمة عندهما وعنده يوجب وعبر عنه في (الدراية) بقيل وأثر الخلاف يظهر في الانتفاض بالقهقهة قال الشارح والأشبه أن يقال: إن كان الفساد لفقد شرط كطاهر خلف معذور لم يكن شارعًا وإن لاختلاف الصلاتين ينبغي أن يكون شارعًا في نفل غير مضمون قال في (البحر): وهذا التفصيل مردود بما في (كافي الحاكم) لو نوت العصر خلف

لا اقتداء متوضء بمتيمم ـــــــــــــــــــــــــــــ مصلي الظهر لم تجز صلاتها ولم تفسد على الإمام صلاته. وأقول قد قدم رحمه الله تعالى في المحاذاة عن (السراج) أن الصحيح فساد صلاته وجزم به غير واحد. تتميم: بقي من الموانع للاقتداء أن يكون بين الإمام والمقتدي طريق واسع تمر فيه العجلة فإن كان أقل منه لا يمنع ولذا لو قام المقتدي في عرض الطريق واقتدى به وكان بينه وبين الإمام أقل من ممر العجلة صح لكنه يكره حتى لو اقتدى آخر خلفه وراء الطريق لا يجوز لأنه لكراهة صلاته صار وجوده كالعدم في حق من خلفه إلا أن يكون من في الطريق ثلاثة فتصح صلاة من خلفهم والاثنان كالثلاثة عند أبي يوسف خلافًا لمحمد، ولو قام الإمام في الطريق واصطفوا خلفه في طول الطريق إن لم يكن بين الإمام ومن خلفه في الطريق مقدار ممرها جازت وكذا فيما بين الصف الأول والثاني إلى آخر الصفوف وإلا فلا، ومنها حيلولة نهر يسع الزورق وإلا فلا يمنع والحائط ذكر في (الأصل) أنه لا يمنع به وروى الحسن أنه يمنع فحملوا ما في (الأصل) على ما إذا كان قصيرًا ليس مقدار ذراع أو ذراعين والأخرى على ما إذا كان أكثر وحينئذ لو كان عليه باب مفتوح أو ثقب لو أراد الوصول إلى الإمام أمكنه ولا يشتبه عليه حاله بسماع أو رؤية صح وإن كان الباب مسدودًا أو الثقب لا يمكن فيه ما ذكر فإن كان الأمر لا يشتبه حال الإمام قيل: يمنع وقيل: العبرة في هذا للاشتباه وعدمه واختاره جماعة من المتأخرين وعلى هذا الاقتداء من السطح أو المئذنة بمن في المسجد إن كان لهما باب في المسجد ولا اشتباه فلا اشتباه وإن لم يكن ولا اشتباه يصح وإلا فلا كذا في (زاد الفقير). (لا) يفسد (اقتداء متوضٍ بمتيمم) عندهما خلافًا لمحمد بناء على أن الخلفية بين الآلتين عندهما وعنده بين الطهارتين وأجمعوا على الصحة في الجنازة كما في (الخلاصة) ولا خفاء أن الطهارة للتيمم جهة إطلاق/ باعتبار عدم توقتها بخلاف طهارة المستحاضة وجهة ضرورة باعتبار أن المصير إليها ضرورة عدم القدرة على الماء فاعتبر جهة الإطلاق هنا وجهة الضرورة في الرجعة وعكس محمد فيها احتياطًا وهذا الاختلاف قيده شيخ الإسلام بأن لا يكون مع المتوضين ماء خلافًا لزفر بناء على أن المتوضئ المقتدي بمتيمم إذا رأى ماء في صلاته لم يره الإمام تفسد صلاته خلافًا له لاعتقاده فساد صلاة إمامه لوجود الماء ومنعه زفر بأن وجود الماء لا يستلزم علمه به قال في (الفتح): وينبغي أن يحكم بأن محمل الفساد عندهم إذا ظن علم إمامه لأن اعتقاد فساد صلاة إمامه بذلك انتهى. لكن علل الشارح البطلان في الاثني عشرية بأن إمامه قادر على الماء بإخباره. واعلم أن المراد بالفساد هنا هو فساد الوصف فقد

وغاسل بماسح وقائم بقاعد وبأحدب ومومئ بمثله ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (المحيط): المتوضئ خلف المتيمم إذا رأى الماء وكان على الإمام فائتة لا يذكرها أو صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ذلك والمقتدي يعلم فقهقه المقتدي كان عليه إعادة الوضوء عندهما خلافًا لمحمد وزفر بناء على ما مر إلا أنه ينبغي على ما اختاره الشارح أن يبطل الأصل أيضًا إذ الفساد لفقد شرط وهو الطهارة فتأمل. (و) لا يفسد أيضًا اقتداء (غاسل) رجليه (بماسح) عليهما إجماعًا لاستواء حالهما وعلم منه الجواز بماسح الجبيرة بالأولى وأما شمول الماسح له كما في (البحر) ففيه بعد لا يخفى (و) لا يفسد أيضًا اقتداء (قائم بقاعد) يركع ويسجد عندهما خلافًا لمحمد لأنه فيه بناء القوي على الضعيف ومعناه أن القعود قيام وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام (صلى قاعدًا في مرض موته والناس قيام وكان هذا آخر أحواله) وإنما كان أبو بكر مبلغًا للناس تكبيره وبه يعرف جواز رفع المؤذنين أصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما كذا في (الدراية). قال في (الفتح): ومقصوده حصول أثر الرفع لا خصوص المتعارف في زماننا بل لا يبعد أنه مفسد لاشتماله على مد همزة أكبر أو بآية وكذا إن لم يشتمل لأنهم يبالغون في الصياح زيادة على الحاجة والصياح يلحق بالكلام وسيأتي في المفسدات أن لو ارتفع بكاؤه من وجع أو مصيبة فسدت لأنه لو صرح بذلك قال: وامصيبتاه أو أدركوني فسدت فكذا ما هو بمنزلته ومن المعلوم هنا أن قصده إعجاب الناس بصوته فلو صرح بذلك فسدت ولا أرى ذلك يحصل ممن فيهم معنى الصلاة والعبادة كما لا أرى تجويز النغم في الدعاء كما يفعله القراء بصدد ممن فيهم معنى الدعاء والسؤال. (و) لا يفسد أيضًا اقتداء قائم (بأحدب) سواء بلغت حدبته الركوع أو لا ولا خلاف في الثاني ولم يحك بعضهم خلافًا في الأول أيضًا، وجعله التمرتاشي على الخلاف السابق قال الشارح: وهو الأقيس لأن القيام استواء النصفين وقد وجد استواء الأسفل فيجوز عندهما كما يجوز أن يؤم القاعد القائم قال في (المجتبى): وبه أخذ عامة العلماء خلافًا لمحمد فما في (الظهيرية) لا تصح إمامة الأحدب للقائم وقيل: تجوز والأول أصح انتهى. معناه من قولي محمد إليه أشار في (الفتح) فكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فجزم بضعفه أو أنه محمول على قول محمد (ومؤم بمثله) سواء أومأ الإمام قاعدًا أو قائمًا لاستواء حالهما واختلف فيما لو أومأ المؤتم قاعدًا

ومتنفل بمفترض وإن ظهر أن إمامه محدث أعاد وإن اقتدى أمي وقارئ أمي وقارئ بأمي أو استخلف أميًا في الأخريين ـــــــــــــــــــــــــــــ والإمام مضطجعًا قال التمرتاشي: والأظهر الجواز على قولهما وكذا على قول محمد في الأصح وهو المناسب للإطلاق وجزم الشارح باختيار عدم الجواز. (و) لا تفسد أيضًا اقتداء (متنفل بمفترض) لأن الفرض أقوى والقراءة في الأخيرين وإن كانت نفلاً في حق الإمام لازمة في حق المتنفل إلا أنه إذا كان منفردًا أما المقتدي فلا لحظرها في حقه أو لأنها بالاقتداء صارت نفلاً في حقه أيضًا، أطلقه فعم اقتداء من يصلي التراويح بالمكتوبة لكن رجح في (الخانية) عدم الجواز واستشكله في (البحر) بأنه بنى الضعيف على القوي ودل كلامه أن اقتداء المتنفل بمثله جائز فلو اقتدى مصلي السنة بمثله أو بمن يصلي التراويح صح وإن اقتدى الحنفي في الوتر ممن يراه سنة اختلف المشايخ فيه. (وإن ظهر أن إمامه محدث) بأن شهدوا أنه أحدث ثم صلى أو أخبر الإمام عن نفسه وكان عدلاً وإن لم يكن ندب فقط كذا في (السراج) ويجب عليه الإخبار بلسانه أو بكتابه أو رسوله على الأصح وهذا إذا كانوا معينين فإن لم يكونوا معينين لم يجب كذا في (الدراية) وقالوا: لو أخبر أنه أمهم زمانًا بغير طهارة أو مع نجاسة مانعة لا يجب الإعادة لأن خبره/ غير مقبول في الديانات لفسقه باعترافه وفي (البزازية) وإن احتمل أنه قال ذلك تورعًا أعادوا. ولو زعم أنه كافر لم يقبل ذلك منه لأن الصلاة دليل الإسلام وأجبر عليه وبهذا التقرير ظهر لك سر عدوله عن علم إلى ظهر (أعاد) ما صلاه معه لعدم الاعتداد به لأن الاقتداء بناء والبناء على المعدوم محال قال في (البحر): ولو قال: بطلت لكان أولى لأن الإعادة في اصطلاح الأصوليين هي الجابرة للنقص في المؤدى وأقول: فيه نظر إذ البطلان يؤذن بسبق الصحة نعم الأولى أن يقال: لا يجتزئ بما أداه. واعلم أن المحدث كما عرفت ليس قيدًا فلو قال: ولو ظهر أن بإمامه ما يمنع صحة الصلاة أعادها لكان أولى يشمل ما لو أخل بركن أو شرط والعبرة لرأي المقتدي حتى لو رأى على الإمام نجاسة أقل من قدر الدرهم واعتقد المقتدي أنه مانع والإمام خلافه أعاد وفي عكسه والإمام لا يعلم ذلك لا يعيد ولو اقتدى أحدهما بالآخر فإذا قطرة من ذم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدي لفساد صلاته على كل حال كذا في (البزازية). (وإن اقتدى أمي وقارئ بأمي أو استخلف) الإمام (أميًا في الأخريين) ولو في التشهد أما بعده فصحيح إجماعًا وقيل: تفسد عنده لا عندهما والصحيح الأول

باب الحدث في الصلاة

فسدت صلاتهم. باب الحدث في الصلاة من سبقه الحدث ـــــــــــــــــــــــــــــ (فسجت صلاتهم) أما الأولى فقول الإمام وقالا: صلاة الإمام ومن هو مثله تامة إذ غايته أنه معذور أم مثله وغيره فصار كما إذا أم العاري عراة ولابسين، وفرق الإمام بأنه في المقيس ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء فالموجود في الإمام أمكن وجوده في المقتدي ولا كذلك المقيس عليه ولا فرق في ظاهر الرواية بين علمه بأن خلفه قارئ أو لا وبه ظهر ضعف ما قاله الكرخي من أن الفساد موقوف على نية الأمي إمامة القارئ لأنه إذا لم يشترط علمه فالأولى أن لا يشترط نيته قيد الاقتداء إلا أنه لو صلى كل على حدة جازت صلاة الأمي هو الصحيح كذا في (الهداية) إلا أنه في (النهاية) قال: لو افتتح الأمي ثم حضر القارئ ففيه قولان ولو حضر الأمي بعد افتتاح القارئ فلم يقتد به فالأصح فساد صلاته وحكى الشارح خلافًا في صحة شروعه في صلاة الإمام فقيل: يصح فإذا جاء أوان القراءة تفسد وإليه يومئ قوله فسدت وقيل: لا يصح وهو الصحيح كما في (الذخيرة) وأثر الخلاف يظهر في الانتقاض بالقهقهة فلا خلاف في عدم وجوب القضاء أما على الأول فلأنها أوجبها بغير قراءة وأما على الثاني فظاهر وفي (المجتبى) لو أم من لا يحسن إلا الفارسية القارئين جاز عند الإمام خلافًا لهما والأخرس إذا أم خرسانًا جازت صلاتهم اتفاقًا وفي إمامة الأخرس الأمي اختلاف المشايخ انتهى. أما لو كان معه قارئ فينبغي أن لا يصح شروع القارئ اتفاقًا لعدم قدرته على التحريمة وأما الثانية ففيها خلاف زفر ليتأدى فرض القراءة ولنا أن كل ركعة صلاة فلا تخلو عن القراءة تحقيقًا أو تقديرًا في الأمي لعدم أهليته أما الإمام فلأن استخلافه هذا عمل كثير وصلاة القوم مبنية على صلاته والله سبحانه وتعالى أعلم. باب الحدث في الصلاة لما كان من العوارض أخره وقدمه على المفسدات لأنه في بعض أحواله ليس مفسدًا وهو وصف شرعي يحل في الأعضاء يزيل الطهارة وحكمه المانعية لما جعلت الطهارة شرطًا له وهو المنوي رفعه عند الوضوء دون المعذور والمتيمم كذا في (غاية البيان) وبه علم أن تعريفه كما في (البحر) تبعًا (للفتح) بمانعية شرعية قائمة بالأعضاء إلى غاية استعمال المزيل تعريف بالحكم (من سبقه) في الصلاة (حدث) سماوي لا اختيار له فيه ولا في سببه من البدن غير موجب للغسل ولا نادر الوجود

توضأ وبنى واستخلف ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يأت بمناف له منه بد ولم يؤد ركنًا معه ولم يظهر حدثه السابق ولم يتذكر فائتة عليه وهو صاحب ترتيب وبعض هذه القيود تؤخذ من مسائل الباب فلا يبنى كشجة وعضة ولو منه لنفسه ولا لسيلان دمل غمرها فإن سال لساقط من غير مسقط قيل: بنى وقيل: على الخلاف واختلف فيما لو سبقه لعطاسه أو لتنحنحه والأصح أنه لا يبني ولو سقط الكرسف بغير صنعها بنت اتفاقًا ولو بتحريكها فعلى الخلاف وهذا فرع تصور بنائها ومنعه ابن رستم وبالجواز قال المشايخ: إن أمكنها الوضوء بلا كشف بأن تمسح على خمارها وذراعيها في الصحيح ولا بإصابة نجاسة مانعة من غير سبق حدث خلافًا للثاني وإن منه بنى اتفاقًا ولا لقهقهة واحتلام وكذا لو انقضت مدة مسحه أو كان متيممًا/ فرأى الماء أو خرج الوقت في المستحاضة على الأصح كما في (المحيط). وأما الاستنجاء فإن أمكنه بلا كشف أتى به حتى لو كشف له بطلت في ظاهر المذهب (توضأ) بلا توقف دل على ذلك إيقاعه جزاء الشرط خبرًا فيلزم عنده وإلا لزم الكذب فلو مكث قدر ركن فسدت إلا إذا أحدث بالنوم أو كان لعذر الزحمة، وفي (المنتقى) إن لم ينو بمقامه الصلاة لا تفسد لأنه لم يوجد جزءًا من الصلاة مع الحدث قلنا: هو في حرمتها فما وجد صالحًا لكونه جزءًا منها انصرف إليه غير مقيد بالقصد، ولذا لو قرأ ذاهبًا أو آيبًا فسدت على الأصح وأما الذكر فلا يمنع البناء في الصحيح (وبنى) أي: جاز له البناء ولو في الجنازة واختلف في الاستخلاف فيها كذا في (القنية) والأصح جوازه كما في (السراج) غير أن الاستئناف أفضل فيما روي عن الإمام تحرزًا عن شبهة الخلاف قيل: هذا في المنفرد وأما الإمام والمأموم فيبنيان صونًا لفضل الجماعة وقيده في (السراج) بما إذا كان لا يجد جماعة أخرى وهو الصحيح وقيل: إن كان في الوقت سعة وينبغي وجوبه عند الضيق ثم المنفرد إن شاء أتم في منزله وإن شاء عاد إلى مكانه كالمقتدي بعد فراغ إمامه فإن لم يفرغ وكان بينهما ما يمنع الاقتداء تحتم عليه العود واختلف في الأفضل فقيل: العود واختاره السرخسي وغيره وقيل: عدمه وهو الأولى فقد روى ابن سماعة أنه مفسد وإن كان الأصح خلافه. (واستخلف) أي: جاز له ذلك وما في ابن الملك من وجوبه فمردود لأن له تركه إذا كان الماء في المسجد وينتظره القوم كما في (الشرح) وله أن يستخلف ما لم يخرج من المسجد ويجاوز الصفوف في الصحراء فلو لم يفعل إلا بعد فسدت صلاة القوم وفي صلاته روايتان أشهرهما عدم الفساد كذا في (السراج).

لو إمامًا ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (المحيط): إنه ظاهر الرواية وقال القاضي: الأصح الفساد وفي تيمم (القنية) مسافران انتهيا إلى ماء فزعم أحدهما نجاسته فتيمم والآخر طهارته فتوضأ ثم جاء متوضئ بماء مطلق وأمهما ثم سبقه الحدث فذهب قبل الاستخلاف وأتم واحد منهما صلاة نفسه ولم يقتد بصاحبه جاز لأنه يعتقد أن صاحبه محدث به أفتى أئمة بلخ وهو حسن انتهى فإطلاق فساد صلاة القوم يستثنى منه هذا، وقياسه أنه لو أم صبيًا وامرأة ثم سبقه الحدث فذهب قبل الاستخلاف وأتم كل صلاة نفسه أن يصح بجامع أن كل واحد في المسألتين غير صالح للإمامة، ويظهر لي أن ما في (القنية) ضعيف، بل صلاتهما فاسدة لخلو مكان الإمام، وكذا أطلقه الكثير، وسيأتي في آخر الباب ما يرشد إلى ذلك ولم أر من نبه على هذا والله الموفق للصواب. (لو) كان (إمامًا) بأن يأخذ ثوب رجل إلى المحراب أو يشير إليه والسنة أن يفعله محدوب الظهر آخذًا بأنفه يوهم أنه رعف مشيرًا بإصبعه إن كان الباقي ركعة وبإصبعين إن كان الباقي ركعتين واضعًا يديه على ركبتيه إن ترك ركوعًا وعل جبهته إن ترك سجودًا وعلى فمه إن ترك قراءة وعلى الجبهة واللسان أن ترك تلاوة وعلى صدره إن كان عليه سهو يعني إن لن يعلم الخليفة بذلك ولابد من كونه صالحًا للإمامة حتى لو استخلف امرأة فسدت صلاة المأمومين ولو نساء على ما مر وكذا الإمام إلا أن يستخلف على الأصح ودل كلامه أن الاستخلاف له حتى لو استخلف القوم أيضًا فالخليفة خليفته فمن اقتدى بخليفتهم فسدت صلاته. ولو قدم الخليفة غيره إن قبل أن يقوم مقام الأول وهو في المسجد جاز وإن قدم القوم واحدًا أو تقدم بنفسه لعدم استخلاف الإمام جاز إن قام مقام الأول قبل أن يخرج من المسجد ولو خرج منه قبله فسدت صلاة الكل دون الإمام الأول كذا في (الخانية). ولو تقدم رجلان فالأسبق أولى ولو قدمهما القوم فالعبرة للأكثر ولو استويا فسدت صلاتهم ولو استخلف من آخر الصفوف إن نوى الخليفة الإمامة من وقته فسدت صلاة من قدمه وإن نواها إذا قام مقام الأول فإن خرج من المسجد قبل أن يصل ونواها فسدت صلاتهم واختلفوا في صلاة الإمام والأصح أنها لا تفسد وبه علم أن انفراده يكون بخروجه أو مجاوزة الصفوف الثاني قيام الخليفة مقامه وقد اتفقت الروايات على أن الخليفة لا يكون إمامًا ما لم ينو الإمامة كذا في (الدراية)، فما في (البحر) من أنه لا يخرج عن الإمامة بمجرد الاستخلاف حتى لو اقتدى به

كما لو حصر عن القراءة وإن خرج من المسجد يظن الحدث أو جن أو احتلم ـــــــــــــــــــــــــــــ إنسان من ساعته قبل الوضوء صح على الأصح كما في (المحيط) / محمول على ما إذا لم يقم الخليقة مقامه ناويًا الإمام بدليل ما نص عليه بعد من أن الخليفة لو قام مقام الأول صار الأول مقتديًا به خرج من المسجد أو لا، حتى لو تذكر فائتة أو تكلم لم تفسد صلاة القوم (كما) أي: كما يستخلف (لو حصر) بوزن تعب فعلاً ومصدرًا مبنيًا للفاعل العي وضيق الصدر وللمفعول من حد حصر منع وحبس قال الإتقاني: وبالوجهين حصل في السماع واللغتان في (الصحاح) وغيره وأنكر المطرزي ضم الحاء في مكسور العين، (عن القراءة) مقدار الفرض من خجل اعتراه وهذا عند الإمام وقالا: لا يجوز بل يتمها بلا قراءة لأن نسيان جميع المحفوظ نادر فصار كالجنابة كذا في (الشرح) وفيه تدافع إذ تمامها بلا قراءة يؤذن بصحتها وكونه كالجنابة يقتضي الفساد إلا أن يلتزم البناء عندهما في الجنابة أيضًا وهو بعيد ولذا قال الإتقاني: إن كونه يتمها بلا قراءة عندهما سهو بل تفسد كما صرح به فخر الإسلام وغيره وله أن الاستخلاف لعله العجز وهو هنا ألزم وكونه نادرًا ممنوع قيدنا بمقدار الفرض لأنه لو قرأه لا يستخلف إجماعًا كذا في (الهداية) وغيرها. قال في (البحر) وذكره في (المحيط) بقيل فظاهره أن المذهب الإطلاق وهو الذي ينبغي اعتماده لما قالوه في فتح المصلي على إمامه من أنها لا تفسد وإن قرأ قدر ما تجوز به الصلاة على الأصح فكذا هذا وأقول: يمكن الفرق بأن عدم الفساد في (الفتح) لإطلاق الحديث الآتي والفساد هنا للعمل الكثير بلا حاجة وبالخجل لأنه لو نسي القرآن حتى صار أميًا لا يستخلف إجماعًا وقيده بكونه عن القراءة لأنه لو حصر بالبول لا يستخلف في قول الإمام في غير رواية الأصول وعلى قول الثاني له ذلك كذا في (الظهيرية)، ومحمد مع الثاني كما في (السراج). ويسمى الحاقن لغة وبالباء الموحدة من يدافع الغائط وبالزاي من يدافعها قال بعضهم والحازق من يدافع الريح ومن أثبته في البول ففيها وفي الغائط أولى (وإن خرج) المصلي (من المسجد) ولو حكمًا كالجبانة ومصلى الجنازة والدار إلا في المرأة فموضع مصلاها ومجاوزة الصفوف في الصحراء وإن مشى أمامه وليس بين يديه سترة قيل: يعتبر مقدار ما يمنع الاقتداء وقيل: موضع السجود وهو الأوجه كذا في (الفتح) وفي (البدائع): إنه الصحيح (يظن الحدث) منه بأن خرج منه شيء ظن أنه رعاف فظاهره أنه لو شك فيه فانصرف استقبل، وفي (التجنيس) لو شك الإمام في الصلاة فاستخلف فسدت صلاتهم، وفي (المجمع) لو خاف الحدث فانصرف ثم سبقه استأنف عند الإمام خلافًا للثاني (أو جن) أو قهقه أو تكلك (أو احتلم) عبارة

أو أغمي عليه استقبل وإن سبقه حدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمده أو تكلم تمت صلاته وبطلت إن رأى متيمم ماء ـــــــــــــــــــــــــــــ القدوري لو نام فاحتلم قال في (العناية): إنما قال ذلك لأن النوم بانفراده ليس بمفسد وكذا الاحتلام المنفرد عن النوم وهو البلوغ بالسن فجمع بينهما بيانًا للمراد قال في (البحر): وعلى هذا فالاحتلام هو البلوغ أعم من الإنزال والسن والمراد الأول وأقول: فيه نظر لقول أهل اللغة: الاحتلام اسم لما يراه النائم ثم غلب على ما يراه من خاص، وأيضًا لو كان نفس البلوغ لكان قول القدوري وغيره بلوغ الصبي بالاحتلام والإحبال والإنزال وإلا فحتى يتم له ثماني عشرة سنة غير واقع في محله وكان الداعي إلى هذا التكلف ذكر النوم معه ولا يكون تصريحًا بما علم التزامًا زيادة في الأيضًاح لا سيما (والكتاب) ألفه لولده. (أو أغمى عليه استقبل) لم يقل: فسدت لعله لأن الفساد فيها ليس مقصودًا فيثاب بخلاف ما إذا أفسدها أما الاستقبال بالخروج لظن الحدث فللمنافي بلا عذر والقياس عدم التقييد بالخروج لثبوته بمجرد الانحراف لكن إنما قيد به استحسانًا لأنه انصراف عن قصد الإصلاح فالحق بحقيقته ما لم يختلف المكان ومن هنا ظن بعضهم أن تحويل الصدر عن القبلة غير مفسد عند الإمام وأن الفساد بقولهما أليق وليس كالظن للفرق البين بينهما وهو أن المتوهم معذور فناسبه التخفيف بخلاف المنحرف لأنه عاص متمرد كذا في (التجنيس) قيد بظن الحدث لأنه لو ظن أن افتتاحه كان على غير طهر أو أن مدة مسحه قد تمت أو أن المرئي ماء وهو متيمم أو في الظهر أنه لم يصل الفجر أو الحمرة التي في ثوبه نجاسة فانصرف فسدت خرج أو لا فأما بالجنون وما بعده فلأن هذه العوارض يندر وجودها في الصلاة فلم يكن في معنى ما ورد به النص. (وإن سبقه) أي: المصلي (حدث) يجوز معه البناء (بعد التشهد توضأ) كما سبق (وسلم) واستخلف لو إمامًا وهذا/ الحكم وإن علم مما مر إلا أنه ذكره تمهيدًا لقوله: (وإن تعمده) أي: الحدث (أو تكلم تمت صلاته) عندنا لتمام أركانها بناء على أن السلام ليس إلا واجبًا فقط وفواته لا يوجب فسادها نعم عليه إعادتها جبرًا للنقص القار فيها بترك السلام وقد مر في النواقض ما إذا قهقه الإمام، ثم القوم، (وبطلت) شروع في مسائل قال الإمام فيها ببطلان الصلاة بطروء هذه العوارض بعد التشهد ولو في سجود السهو وقالا: بالصحة فلا خلاف في الفساد قبله وسيأتي بيان الوجه للكل وكلامه ظاهر في بطلان الأصل والوصف لكن سيأتي بقاء الوصف في بعضها (إن رأى متيمم ماء) أي: قدر عليه ولو بإخبار عدل بقربه منه على ما سبق في بابه بخلاف ما

أو تمت مدة مسحه أو نزع خفه بعمل يسير أو تعلم أمي سورة ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا أحدث في صلاته فوجد ماء فإنه يبني والفرق أن انتقاض التيمم برؤية الماء باعتبار ظهور الحدث السابق ورؤيته هنا بعد الحدث فلم توجد القدرة حال قيامه فلا يتحقق انتقاضه مستندًا كذا في (النهاية) والمذكور في (الشرح) عدم الفرق بينهما فإنه لا يبني لظهور الحدث السابق على الشروع وظاهر (الخلاصة) ترجيح ما في (النهاية) فإنه بعدما ذكر أنه يبني قال: وذكر الحاكم الشهيد في (مختصر الكافي) أنه يستقبل وقال إسماعيل الزاهد: وجدت رواية عن أبي يوسف أنه يبني وهذا أقيس بمذهبه فإنه يجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم عنده فكذا بناء الوضوء على التيمم فيحتمل إنما ذكر الحاكم الشهيد قول محمد وصحح في (البحر) عن (المحيط) ما في (الشرح) قال في (الفتح): والذي يظهر أن الأسباب المتعاقبة إن أوجبت أحداثًا متعاقبة يجزئه عنها وضوء واحد فالأوجه ما في (الشرح) وإلا فما في (النهاية) لكن كلام (النهاية) ليس بناء عليه لأنه لا يرى أنها توجب أحداثًا ونازعه في (البحر) بأن تعليلهم الاستقبال بظهور الحدث السابق على الشروع يوجب البطلان سواء قلنا: إنها توجب أحداثًا أو حدثًا فالبناء ممنوع بل محط الخلاف يرجع إلى أن الاستناد هل يتحقق مع سبق الحدث لبقاء أثر التيمم الأول أم لا؟ قال الشارح: والتقييد بالتيمم لا يفيد لأن المتوضئ خلف المتيمم لو رأى الماء في صلاته بطلت أيضًا لعلمه أن إمامه قادر على الماء بإخباره كما مر فلو قال: أو المقتدى به لعلمه ونظر فيه في (البحر) بأن البطلان في المتيمم إنما هو للوصف كما مر عن (المحيط). وأقول: لا يخفى أن المصنف استعمل البطلان بالمعنى الأعم أعني إعدام الفرض فبقي الأصل وإلا فالأولى ما قال العيني أن مسألة المقتدي بمتيمم ليس فيها إلا خلاف زفر ولا خلاف فيها بين الإمام وصاحبيه يعني وهذه المسائل ليس فيها إلا قول الإمام وصاحبيه (أو تمت مدة مسحه) مقيمًا كان أو مسافرًا واجدًا للماء أو لا على ما مر، ولو بعد ما أحدث فعلى ما سبق من الخلاف وصحح الشارح والحدادي أنه يستقبل وهو موافق لما سبق عن (المحيط) في المتيمم إذا رأى الماء بعدما سبقه الحدث (أو نزع) الماسح (خفه بعمل يسير) بأن كان واسعًا لا يحتاج في نزعه إلى عمل كثير حتى لو احتاج تمت اتفاقًا وإفراد الخف الواقع في بعض النسخ أولى من تثنيته (أو تعلم أمي سورة) بأن حفظها بالسماع بلا اشتغال بالتعلم وإلا تمت اتفاقًا قيل: أو تذكرها والتقيد بالسورة اتفاقي قال الشارح: أو هو على قولهما وفيه نظر

أو وجد عار ثوبًا أو قدر موم أو تذكر فائتة أو استخلف أميًا أو طلعت الشمس في الفجر أو دخل وقت العصر في الجمعة أو سقطت جبيرته عن برء أو زال عذر المعذور ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنهما وإن عينا ثلاث آيات لكن لا بقيد كونها سورة واختلف فيما لو كان خلف قارئ والعامة على البطلان قيل: لأن الصلاة بالقراءة حقيقة فوق الصلاة بالقراءة حكمًا فلا يمكنه البناء عليها وقد يمنع بأنها من المقتدي القارئ ليست إلا حكمًا وبناء الكامل على مثله جائز وإن اختلفا شدة وضعفًا فلذا والله أعلم صحح في (الظهيرية) عدمه قال الفقيه: وبه نأخذ. (أو وجد عار ثوبًا) تجوز فيه الصلاة بأن يكون ساترًا لعورة طاهرًا أو نجسًا وعنده ما يطهره، أو لا إلا أن ربعه طاهر (أو قدر موم) على الركوع والسجود لقوة حاله (أو تذكر فائتة) عليه أو على إمامه ولو وترًا وهو صاحب ترتيب وفي الوقت سعة سيأتي أنها تفسد فسادًا موقوفًا عند الإمام (أو استخلف أميًا) بعدما أحدث لعدم صلاحيته للإمامة واختار أبو جعفر وفخر الإسلام أنها بعد التشهد تامة إجماعًا وصححه في (الكافي) وغيره. قال في (الفتح): وهو المختار لأن الاستخلاف عمل كثير في نفسه وإنما لا يؤثر ضرورة ولا ضرورة/ هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح (أو طلعت الشمس في الفجر) ليس المراد أن ينظر إلى القرص بل إذا رأى الشعاع الذي لو لم يكن ثمة حائل يمنعه لرأى القرص كذا في الشرح، (أو دخل وقت العصر في جمعة) قيل: كيف يتحقق الخلاف مع ما عرف من الخلاف في دخول وقت العصر؟ وأجيب بأنه يتأتى على رواية أن بين الوقتين وقتًا مهملاً قال في (العناية): وهذا يخالف قول المصنف أو دخل وقت العصر في الجمعة يعني وعلى تلك الرواية إنما خرج وقت الظهر فقط وقيل: يمكن أن يقعد في الصلاة بعدما قعد قدر التشهد إلى أن يصير الظل مثليه واستبعده في (العناية) واختار في توجيهه أنه على الرواية الموافقة لقولهما ولا يخفى أن التخريج على الصحيح أولى منه على المرجوح فالاستبعاد منظور فيه ولقد أبعد من قال: لم لا يجوز أن يكون هذا من تفريع الإمام على قولهما كما في المزارعة؟. (أو سقطت جبيرته عن برء أو زال عذر المعذور) بانقطاعه وقتًا كاملاً فإذا انقطع بعد قعوده وقف الأمر وإلى هنا تمت المسائل اثني عشر ومن هنا لقبت باثني عشرية إلا أن هذه النسبة خطأ عند أهل العربية لأن العدد المركب العلمي إنما ينسب إلى صدره فتقول في خمسة عشر علمًا خمسي وغير العلمي لا ينسب إليه وزيد عليها مسائل؛ منها ما لو كان يصلي في الثوب النجس فوجد ما يزيلها لكن هذا داخل تحت قوله أو وجد عار ثوبًا كما سبق وقد أدخله الشارح فيه ثم زاده هنا وهذا عجيب ومنها

وصح استخلاف المسبوق ـــــــــــــــــــــــــــــ ما لو كان يصلي وقتًا فدخلت الأوقات المكروهة وهذا مستفاد من قوله أو طلعت الشمس في الفجر إذ لا فرق بين وقت ووقت، ومنها ما إذا خرج الوقت في المعذور قيل: وهذا مستفاد من قوله أو رأى متيمم ماء بجامع أن المفسد فيها ظهور الحدث السابق. واعلم أن البطلان في الأصل والوصف إلا في تذكر الفائتة وطلوع الشمس وخروج وقت الظهر في الجمعة كذا في (السراج) لهما أن هذه المعاني وإن كانت مفسدة كالحدث والكلام إلا أن حدوثهما إنما جاء بعد التمام وله على ما خرجه البردعي من هذه المسائل قيل: وعليه العامة أن الخروج من الصلاة بفعل المصلي فرض عنده لما أنه لا يمكنه أداء أخرى إلا بالخروج من الأولى وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضًا. قال الكرخي: وهذا غلط لأنه قد يكون بمعصية كحدث ولا يجوز أن يكون فرضًا إذ لو كان لاختص بما هو قربه وهو السلام فالحق أنه لا خلاف في أنه ليس فرضًا وإنما فسدت في هذه المسائل لأن ما يغيرها في أثنائها يغيرها في آخرها كنية الإقامة قال في (العناية): أراد بالمغير ما تجب الصلاة به بعد وجوده وعلى غير هذه الصفة الواجبة التي هي عليها قبله كما في هذه المسائل وقيل: أراد به كون الصلاة جائز الاجتماع به وبضده فإنها تصح بالتيمم والمسح والإيماء وأضدادها والمحققون على ما قاله الكرخي كما في (المجتبى) وفي (المعراج) وهو الصحيح ولو سلم القوم قبل إمامهم بعدما قعد ثم عرض له واحد من هذه العوارض بطلت صلاته دونهم. (وصح استخلاف المسبوق) من إضافة المصدر إلى مفعوله ويجوز أن يكون إلى فاعله بأن يستخلف المسبوق مسبوقًا إلا أن التفريع الآتي ظاهر في الأول وإنما صح لوجود المشاركة في التحريمة بينه وبين الإمام والأولى أن لا يفعل وكذلك أن لا تقبل ولو قيل: فإن علم كمية صلاة الإمام وكانوا كلهم كذلك ابتداء من حيث انتهى إليه الإمام وإلا أتم ركعة وقعد ثم قام وأتم صلاة نفسه، ولا يتابعه القوم بل يصبرون إلى فراغه فيصلون ما عليهم وحدانًا ويقعد هذا الخليفة على كل ركعة احتياطًا وقيده في (الظهيرية) بما إذا سبق الإمام الحدث وهو قائم، قال في (البحر): ولم يبينوا ما إذا سبقه وهو قاعد ولم يعلم الخليفة كمية صلاته وينبغي على قياس ما قالوه أن يصلي الخليفة ركعتين وحده وهم جلوس فإذا فرغ قاموا وصلى كل أربعًا وحده والخليفة ما بقي ولا يشتغلون بالقضاء قبل فراغه، ولو أشار إليه الإمام أنه لم يقرأ في الأولتين قرأ في الأخريين ثم إذا قام قرأ أيضًا فتكون القراءة في جميع الركعات فرضًا. واعلم أن اللاحق والمقيم خلف المسافر كالمسبوق في أن الأولى عدم استخلافهما فلو وقع

فلو أتم صلاة الإمام تفسد بالمنافي صلاته دون القوم ـــــــــــــــــــــــــــــ أشار اللاحق إليهم أن لا يتابعوه حتى يفرغ أيضًا مما فاته لما أن الواجب عليه أن يبدأ بما فاته أولاً ثم يتابعونه فيسلم بهم فلو تركه قدم غيره ليسلم، ويقدم المقيم بعد الركعتين مسافرًا يسلم بهم ثم يقضي المقيمون ركعتين منفردتين بلا قراءة كما سبق/ حتى لو اقتدوا به بعد قيامه بطلت. (فو أتم) المسبوق المستخلف (صلاة الإمام) أولاً كما هو اللازم عليه وفيه إيماء إلى أنه لا يقضي ما فاته أولاً فلو فعل كره فقط كما في (الخانية) و (الخلاصة) أي: تحريمًا لقوله في (الفتح): إنه يكون آثمًا وقال الحصيري: إنه الصحيح وجزم في (البدائع) بالفساد لما أنه انفراد في موضع الاقتداء وفي (الظهيرية) هو الأصح وأيده بما قالوه لو أدرك المسبوق إمامه في السجدة الأولى فركع وسجد سجدتين لا تفسد صلاته ولو في الثانية فسدت انتهى. وكأن وجه الفساد أنه زاد في صلاته ركعة غير معتد بها وهذا إنما يأتي فيما لو أدركه في الثانية ولو صح كونه قاضيًا لما فسدت بخلاف الأولى لما أنه يجب عليه متابعة الإمام فيها فلم تكن الركعة كلها غير معتد بها وأنت خبير بأنه على ما في (الخانية) إنما يتميز كونه قاضيًا بنيته فإذا نوى بذلك قضاء ما فاته أولاً ينبغي أن لا تفسد (تفسد بالمنافي) كضحك ونحوه (صلاته) ومن حاله كحاله وكذا الإمام الأول إن لم يفرغ لا إن فرغ وهو الأصح (دون القوم) لأن المفسد في حقه وجد في خلال صلاته وبعد تمام الأركان في حقهم ولذا خرج عن الإمامة وصار منفردًا فيما يقضي إلا في أربعة مواضع لا يقتدي ولا يقتدى به قال في (البحر): واستثنى في (الدرر والغرر) من هذا أنه يصح استخلافه وهو سهو لأن كلامهم فيما إذا قام إلى قضاء ما سبق به وفي هذه الحالة لا يصح الاقتداء به أصلاً. وأقول: عبارته فيها المسبوق فيما يقضي له جهتان جهة الانفراد حقيقة حتى يثني ويتعوذ ويقرأ وجهة الاقتداء حتى لا يؤتم به وإن صلح للخلافة أي: من حيث كونه مسبوقًا لا بخصوص كونه قاضيًا، ومن العجيب أن ما حكم عليه هنا بأنه سهو جزم به في (الأشباه والنظائر) على أنه مستثنى من قولهم ولا يقتدى به وقد علمت ما هو الواقع ويلزمه السجود بسهو إمامه وإن لم يحضر في سهوه ويأتي بتكبيرات

كما تفسد بقهقهة إمامه لدى اختتامه لا بخروجه من المسجد وكلامه ولو أحدث في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى وأعادهما ولو ذكر راكعًا أو ساجدًا سجدة فسجدها لم يعدهما ـــــــــــــــــــــــــــــ التشريق، ولو كبر ناويًا الاستئناف صح بخلاف المنفرد (كما تفسد) صلاته (بقهقهة إمامه) ونحوها (لدى) أي: عند (اختتامه) أي: الإمام في قول الإمام وقالا: لا تفسد لأن هذا العارض لم يؤثر في صلاة الإمام مع صدوره منه، فالأولى أن لا يؤثر في المسبوق وله أن الحدث مفسد للجزء الذي يلاقيه من صلاة الإمام إلا أنه لما لم يحتج إلى البناء لتمام الأركان لم يضره ذلك بخلاف المسبوق لاحتياجه إليه وفساد هذا الجزء يمنعه من البناء عليه لأن البناء على الفاسد فاسد، والخلاف مقيد بما إذا لم يتأكد انفراده أما إذا تأكد بأن أتى بركعة تامة كأن قام قبل سلامه تاركًا للواجب أو في موضع يجوز له القيام قبله كأن خاف وهو ماسح تمام المدة لو انتظر سلامه وفي الجمعة والعيدين أو خاف المعذور خروج الوقت أو أن يبتدره الحدث أو أن تمر الناس بين يديه كما إذا كان في الصف الثاني مثلاً ثم فعل ذلك لم تفسد اتفاقًا قيد بالمسبوق لأن اللاحق فيه روايتان والأصح الفساد كما في (السراج). لكن رجح في (الظهيرية) عدمه معللاً بأن النائم كان خلف الإمام والإمام تمت صلاته فكذا النائم قال في (البحر): وفيه نظر للفرق بينهما وذلك أن الإمام لم يبق عليه شيء بخلاف اللاحق وفي (الفتح) لو فعل الإمام ذلك بعدما قام اللاحق يقضي ما فاته لا تفسد وإلا تفسد عنده وأقول: قد سبق أن الإمام الأول إذا لم يفرغ من صلاته وقد أتى المسبوق الخليفة بمناف تفسد صلاته على الراجح مع أنه لاحق وهذا يعكر على ما في (الفتح) ويؤيد ما في (السراج) (لا) تفسد صلاة المسبوق (بخروجه) أي: الإمام (من المسجد وكلامه) اتفاقًا لأنهما قاطعان لا مفسدان. (ولو أحدث) المصلي (في ركوعه أو) في (سجوده توضأ وبنى) على صلاته (وأعادهما) أي: فعلهما مرة أخرى لعدم الاعتداد بالمفعول أولاً أما على قول محمد فلأن إتمام الركن بالانتقال ولم يوجد وأما على قول الثاني فلأن السجدة وإن تمت بالوضع إلا أن القومة والجلسة فرض عنده ولا يتحقق لهما بغير الطهارة حتى لو لم يعدها فسدت ولو استخلف غيره دام المتقدم على ركوعه وسجوده. (ولو ذكر) أي: تذكر حال كونه (راكعًا أو ساجدًا سجدة) صلبية أو تلاوية (فسجدها لم يعدهما) أي: الركوع والسجود لزومًا وإن ندبت الإعادة فظاهر ما في (الخانية) أنه يعيدهما والأصح لا، لما مر من أن الترتيب ليس بفرض فيما شرع مكررًا في كل الصلاة أو في كل الركعة بخلاف المتحد واعترض بأن انتفاء الافتراض لا

باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

ويتعين المأموم الواحد للاستخلاف بلا نية. باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها يفسد الصلاة التكلم، ـــــــــــــــــــــــــــــ يستلزم/ ثبوت الأولوية لجواز الوجوب بل هو الثابت على ما مر في الواجبات من أن منها مراعاة الترتيب فيما شرع مكررًا وأجاب في (الكافي) بأنه سقط بالنسيان لكنه لم يدفع الاعتراض من الوارد على التعليل السابق بل تعليله إنما يكون بسقوط الوجوب بالنسيان كذا في (الفتح) أي: لم يعدهما فرضًا لأن مراعاة الترتيب في المكرر ليست بفرض ولا وجوبًا لسقوطه بالنسيان فتعين الندب لتقع الأفعال مرتبة بقدر الإمكان مع أن ما في (الكافي) ممنوع إذ الساقط بالنسيان إنما هو ترتيب الفوائت أما الواجبات فنسيانها يوجب السجود والجواب أنهم لم يمنعوا وجوب السجود إنما الممنوع لزوم الإعادة كذا في (البحر). وقيد في (الفتح) ندبها بما إذا قضاها عقيب التذكير فإن أخرها إلى آخر الصلاة قضاها فقط وفي (الخانية): لو تخلل بين المتروكة وبين التي تذكرها فيها ركعة تامة لا ترتفض باتفاق الروايات وإن لم تكن تامة فكذلك في ظاهر الرواية وروى الحسن أنها ترتفض، قيد بالتذكر فيها لأنه لو تذكرها في القعدة فسجدها أعادها وبالسجدة لا لأنه لو تذكر في الركوع لم يقرأ السورة فعاد إليها أعاده (ويتعين المأموم الواحد) الصالح للإمامة (للاستخلاف بلا نية) لعدم المزاحم مع صيانة الصلاة أما غير الصالح كالصبي والمرأة فإن استخلفه بطلت صلاة الإمام أيضًا إجماعًا وإلا بطلت صلاة المقتدي فقط على الأصح كما في (المحيط) وغيره لأن الإمامة لم تتحول إليه لعدم صلاحيته فبقي بلا إمام، ولابد أن يقيد هذا بما إذا خرج الإمام من المسجد لما مر من أنه إذا لم يخرج فهو على إمامته حتى لو توضأ في المسجد وعاد إلى مكانه صح، ولو أحدثا معًا وخرجا من المسجد فسدت صلاة المقتدي دون الإمام كذا في (التجنيس) والله الموفق للصواب. باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها شروع في العوارض الاختيارية بعد الفراغ من السماوية وقدمها لأنها أعرق في العارضية (يفسد الصلاة) مطلقًا (التكلم) أي: النطق بالحروف سمي كلامًا أو لا، وهذا أولى من تعبير (المجمع) بالكلام كذا في (البحر) وفيه نظر إذ مبناه على أن المراد به النحوي وليس بمتعين لجواز أن يريد به اللغوي بل هو الظاهر أطلقه فشمل

والدعاء بما يشبه كلامنا، والأنين، والتأوه، وارتفاع بكائه من وجع أو مصيبة ـــــــــــــــــــــــــــــ الخطأ بأن قصد القراءة فجرى على لسانه كلام الناس والنسيان بأن قصد كلام الناس ناسيًا أنه في الصلاة والسهو والفرق بينه وبين النسيان أن الصورة الحاصلة عند العقل عما من شأنه الملاحظة في الجملة إن كانت بحيث يتمكن من ملاحظتها أي وقت شاء سمي ذهولاً وسهوًا أو إلاَّ بعد كسب جديد سمي نسيانًا وكلام النائم أيضًا وبالفساد قال كثير من المشايخ وهو المختار خلافًا لما اختاره فخر الإسلام قال في (البحر): وشمل أيضًا قراءة التوراة والإنجيل والزبور كما في (المجتبى) وقال في (الأصل): لم يجزئه وعن الثاني إن أشبه التسبيح جاز وأقول: يجب حمل ما في (المجتبى) على المبدل منها إن لم يكن ذكرًا أو تنزيهًا وقد سبق أن غير المبدل يحرم على الجنب قراءته ولو لدغته عقرب فقال: بسم الله فسدت عندهما خلافًا للثاني كذا في (السراج) وفي (الخانية) وقيل: لا تفسد وعليه الفتوى. (و) يفسد أيضًا (الدعاء) من عطف الخاص على العام اهتمامًا بشأنه وتنصيصًا على الرد على من خالفه (بما) أي: بلفظ (يشبه كلامنا) هذا ينبغي أن يكون قيدًا في التكلم والدعاء كذا في (البحر). وأقول: ظاهر ما في (الشرح) وعليه جرى العيني أنه قيد في الدعاء فقط وهو الظاهر لاشتمال الدعاء على ما يشبه كلامنا وما لا يشبهه بخلاف التكلم فإنه يفسد وإن لم يشبه كلامنا كالمهمل ولا شك أن كونه قيدًا فيه يخرجه فتدبر وقد مر الفرق بين ما يشبه كلامنا وما لا يشبه، (و) يفسدها أيضًا (الأنين) وهو صوت المتوجع كذا في (العناية) وخصه العيني بالحاصل من قوله آه، وقيل: هو قوله آه (والتأوه) وهو قوله أوه قال الحلبي: وفيه ثلاث عشرة لغة منها أة فيسميه الأول أنينًا والثاني تأوهًا اصطلاح انتهى. وأنت خبير بأن هذا إنما يتأتى على ما مر من أنه لفظ آه أما أنه صوت المتوجع فالفرق بين. (و) يفسدها أيضًا (ارتفاع بكائه) إن حصل به حروف كما في (الفتح) وفي (الصحاح) البكاء يمد ويقصر فإذا مددت أردت الصوت الذي مع البكاء وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها (من وجع) في بدنه (أو مصيبة) في نفسه أو ماله وهذا الجار والمجرور قيد في الثلاثة وإنما أفسد لأن فيه إظهار التأسف والوجع فكان من كلام الناس قال في (فتح القدير): وهذا صريح في أن كونه إظهارًا بلفظ هو المصير له كلامًا فلا يحتاج/ في تقديره إلى قولهم: لأنه إذا كان إظهارًا للوجع فكأنه قال: أدركوني وأعينوني إذا يعطي ظاهره أن كونه دالاً على ذلك الكلام صيره كلامًا وهو الحق وعن الثاني عدم الفساد في آه بناء على أصله أن الكلمة إن استعملت على

لا من ذكر جنة أو نار والتنحنح بلا عذر، ـــــــــــــــــــــــــــــ حرفين زائدين أو أحدهما زائد لا تفسد ولو أصليين أفسدت أما لو زادت على الحرفين أفسدت على كل حال كذا في (العناية) ويوافقه ما في (المجتبى) لا تفسد عنده في وقف مخففًا، والأصح الفساد في المشدد إلا أنه في (الخلاصة) قال: اختلف المشايخ في الثلاثة على قوله والأصح أنها لا تفسد فيحتمل أن عنه روايتين وحروف الزوائد عشرة قال الشيخ شعبان في تصحيح (ألفية ابن معطي): إنها جمعت عشرين جمعًا وسردها لكن بعضها مؤاخذ فيه ولم يجمعها أحد أربع مرات في بيت إلا ابن مالك في (شرح الكافية) حيث قال: هناء وتسليم تلي يوم أنسه .... نهاية مسئول أمان وتسهيل قال: وفيه نظر، لأن تلا ثلاثي من بنات الياء، وإذا رسم بها تكرر معنى وضع الياء كما تكرر معنى لفظ الهاء وليس بجيد، والصواب أنه يؤتى بها على لفظ المطابقة لفظًا وخطًا كقول بعضهم: سألتمونيها أو كقولي أسهل ما تنوي انتهى. وليس المراد بكونها زوائد أن تكون كذلك حيث ما وقعت بل إنه لو زيد حرف كان من هذه الحروف ولهما أن الفساد إنما هو باللفظ المفيد للمعنى وإن لم يكن موضوعًا إذ المؤثر في الإفساد كونه خارجًا عن عمل الصلاة وذا لا يتوقف على الوضع (لا) يفسدها الأنين أو التأوه أو ارتفاع البكاء (من ذكر جنة أو نار) لدلالة ذلك على الخشوع المطلوب في الصلاة قيد بالأنين لأنه لو استعطف كلبًا أو هرة أو ساق حمارًا لا تفسد لأنه صوت لا هجاء له وبارتفاع البكاء لأنه لو خرج معه بلا صوت لم تفسد بلا خلاف كذا في (البحر) وأقول: هذا ظاهر في أن مجرد الصوت مفسد وقد بينا أنه لابد أن يحصل به حروف ولو وسوسه الشيطان فحوقل إن من أمور الدنيا فسدت لا من أمور الآخرة. (و) يفسدها أيضًا (التنحنح بلا عذر) وهو وصف يطرأ على المكلف يناسب التخفيف عليه قيد بعدم العذر لأنه لو كان بعذر بأن كان مبعوث الطبع لم تفسد بلا خلاف وإن وجدت الحروف والأنين والتأوه كالتنحنح أورد أنه لو تنحنح لإصلاح صوته وتحسينه لا تفسد على الأصح وكذا لاهتداء الإمام عن خطئه أو لإعلام أنه في الصلاة فلو قال: وغرض صحيح لكان أشمل وأقول: لو فسر قوله بلا عذر أي: حاجة لاندفع هذا، نعم لو حذف قوله لا من ذكر جنة أو نار واستغنى عنه بقوله بلا عذر

وجواب عاطس بيرحمك الله، وفتحه على غير إمامه، والجواب بلا إله إلا الله، ـــــــــــــــــــــــــــــ لكان أولى لأنه حينئذ يكون قيدًا في الكل أعنى الأنين والتأوه وارتفاع البكاء والتنحنح (و) يفسدها أيضًا (جواب عاطس) لغيره (بيرحمك الله) لو قال: الحمد لله فإن عين الجواب اختلف المشايخ أو التعليم فسدت أو لم يرد واحدًا منهما لا تفسد اتفاقًا ولو قال العاطس بعد ترحمه، آمين فسدت صلاته أيضًا ولو قالها أيضًا من هو بجانبه لا تفسد كذا في (الخانية) وعلله في (الظهيرية) بأنه لم يدع له قال في (البحر): ويشكل عليه ما في (الذخيرة) إذا أمن المصلي لدعاء رجل ليس في الصلاة تفسد صلاته وهو مفيد لفساد صلاة الآخر وأقول/ إنا لا نسلم أن الثاني تأمين لدعائه لانقطاعه بالأول وإلى هذا يشير التعليل. (و) يفسد أيضًا (فتحه) أي: المصلي (على غير إمامه) هذا شامل لفتح المقتدي على مثله وعلى غير المصلي وعليه وحده أي: على المصلي وحده وعلى إمام آخر ولفتح الإمام والمنفرد على أي شخص كان إن أراد به التعليم لا التلاوة، وقيد به لأن فتحه على إمامه غير مفسد سواء قرأ قدر ما تجوز به الصلاة أم لا انتقل إلى آية أخرى أم لا كرره أم لا هو الأصح لإطلاق الحديث أعني قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا استطعمك الإمام فأطعمه) وقيده في (القنية) أن لا يسمعه المقتدي ممن ليس في الصلاة فلو سمعه وفتح به يجب أن تبطل صلاة الكل لأن التلقين من خارج، ويكره الفتح من ساعته كما يكره للإمام أن يلجئه إليه بل ينتقل إلى آية أخرى لا يلزم من وصلها ما يفسد الصلاة وإلى سورة أخرى أو يركع إذا جاء أوانه كذا في (المحيط) واختلف في أوانه ففي رواية إذا قرأ القدر المستحب وفي أخرى إذا قرأ قدر الفرض وعليها اقتصر الشارح والأولى/ هي ظاهر الدليل كما في (الفتح) لا القراءة. (و) يفسدها أيضًا (الجواب) بنحو (لا إله إلا الله) من كل كلمة هي ذكر أو قرآن أريد به الجواب كما إذا سمع قول القائل أمع الله آخر أأخبر بخبر رسوله فقال: لا إله إلا الله أو سمع الأذان أو اسمه عليه الصلاة والسلام فأجابه أو صلى أراد به الجواب أو لم يكن له نية ولو قال: لبيك عند قول القارئ {يا أيها الذين آمنوا} ففي فسادها قولان وفي (القنية) قال: عند قراءة الإمام صدق الله ورسوله أو ذكر في التشهد الشهادتين عند ذكر المؤذن لهما وأراد الجواب فسدت وأدخل (البحر) هذه الفروع في جواب عاطس وما سلكناه أولى وهذا عندهما وقال الثاني: لا تفسد لأنه

والسلام ـــــــــــــــــــــــــــــ ثناء بصيغته فلا يتغير بعزيمته قلنا: ممنوع ألا ترى أن الجنب لو قرأ الفاتحة على قصد الثناء جاز قال في (الفتح): وأقرب ما ينقض به كلامه ما وافق عليه من الفساد بالفتح على قارئ غير الإمام فهو قرآن وقد تغير إلى وقوع الفساد به بالعزيمة انتهى وفيه نظر أما أولاً فلأن الثاني لا يقول بالإفساد به بالعزيمة كما في (الشرح) ولئن سلم فلكونه تعليمًا. قال في (البحر): ولا خلاف في الفساد فيما لو قال لمن اسمه يحيى أو موسى {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} (مريم: 12) {أو يا بني اركب معنا} (هود: 42) أو نحو ذلك مريدًا به الخطاب إذ لا يشكل على أحد أنه متكلم لا قارئ قيد بالجواب لأنه لو استأذن على المصلي فسبح مريدًا به الإعلام أنه في الصلاة لا تفسد وكذا لو عرض للإمام شيء فسبح لما مر إلا أنه إذا قام إلى الأخيرين لا يسبح إذ لا يجوز له الرجوع إذا كان إلى القيام أقرب كذا في (البدائع) قال في (البحر): وينبغي الفساد حينئذ لعدم الحاجة ثم رأيته في (المجتبى) قال: لو قام إلى الثالثة في الظهر قبل أن يقعد فقال المقتدي: سبحان الله قيل: لا تفسد وعن الكرخي تفسد وأقول: الظاهر أن هذا الاختلاف له التفات إلى آخر هو أنه لو عاد بعدما كان إلى القيام أقرب ففي فساد صلاته خلاف وعلى عدمه فهو مفيد. (و) يفسدها (السلام) عمدًا كان أو سهوًا اشتمل على خطاب أو لا كما في (الخلاصة) وقيده صدر الشريعة وصاحب (المجمع) بالعمد لأنه من الأذكار ففي غير العمد يجعل ذكرًا وفي العمد كلامًا بخلاف الرد لأنه محض كلام فيفسد مطلقًا فيحمل ما هنا على سلام التحية بقرينة عطف الرد عليه، وهذا لا فرق فيه بين الرد وغيره وما قاله صدر الشريعة على سلام التحليل، ولذا قال في (البدائع): السلام على إنسان مبطل مطلقًا وأما السلام وهو الخروج من الصلاة فمفسد إن كان عمدًا انتهى وقيده في (القنية) بما إذا كان قاعدًا أو قائمًا في صلاة الجنازة أما لو سلم قائمًا في غيرها فسدت. وقيل: يبني لأنه سلم في غير محله فلا يعد نسيانه عذرًا لأن حالهما حالة مذكرة وفيها سلم المسبوق ودعا بدعاء كان له عادة أعاد ولو قال: أستغفر الله وهو عادته لا يعيد ولو قال بعد الترويحة سبحان الله إلى آخره كما هو المعتاد ينبغي أن تفسد ثم رأيت في (زاد الفقير) للعلامة ابن الهمام كلامًا حسنًا هنا قال: الكلام مفسد إلا السلام ساهيًا وليس معناه السلام على إنسان إذ صرحوا بأنه إذا سلم على إنسان ساهيًا فقال: السلام ثم علم فسكت تفسد صلاته بل المراد السلام للخروج

ورده، وافتتاح العصر أو التطوع ـــــــــــــــــــــــــــــ من الصلاة ساهيًا قبل ?تمامها ومعنى المسألة ?نه يظن أنه أكمل أما ?ذا سلم في الرباعية مثلاً ساهيًا بعد ركعتين على ظن أنها ترويحة ونحو ذلك تفسد فليحفظ هذا انتهى. (ورده) بالفظ لما سيأتي من أنه باليد مكروه فقط وجعله في (المجمع) مفسدًا آخذًا من قولهم: لو صافح المصلي غيره بنية السلام فسدت قال حسام الأئمة: فعلى هذا تفسد إذا أراد بالإشارة لأنه كالتسليم باليد لكن قال الحلبي: صريح كلام الطحاوي يفيد أن عدم الفساد في الرد باليد هو قول الثلاثة وحينئذ فيحتاج إلى الفرق بينه وبين المصافحة وقول الشارح: إن المصافحة كلام معنى يرد عليه أن الرد عليه باليد كلام معني أيضًا فالأولى أن يعلل الفساد في المصافحة بأنه عمل كثير بخلاف الرد باليد وقد ذكر الشارح أنه يكره السلام على المصلي والقارئ والجالس للقضاء أو البحث في الفقه أو التخلي وزيد عليه مواضع وأحسن منن جمعها الشيخ صدر الدين الغزي فقال رحمه الله تعالى: سلامك مكروه على من تسمع .... ومن بعد ما أبدى يسن يشرع مصل وتال ذاكر ومحدث ..... خطيب ومن يصغي ?ليهم ويسمع مكرر فقه جالس لقضائه ..... ومن بحثوا في العلم دعهم لينفعوا ومؤذن أيضًا أو مقيم مدرس .... كذا الأجنبيات الفتيات أمنع ولعاب شطرنج وشبه بخلقهم .... ومن هو مع أهل له يتمتع ودع كافرًا أيضًا ومكشوف عورة .... ومن هو في حال التغوط أشنع ودع آكلاً إلا إذا كنت جائعًا .... وتعلم منه أنه ليس يمنع قال: وقد زدت عليه المتفقة على أستاذه كما في (القنية) ومغن ومطير الحمام وألحقته فقلت: كذلك أستاذ مغنٍ مطير .... فهذا ختام والزيادة أنفع (و) يفسدها أيضًا (افتتاح العصر أو التطوع) بأن صلى ركعة من الظهر مثلاً ثم افتتح العصر أو التطوع بتكبيرة فإن كان صاحب ترتيب كان شارعًا في التطوع عندهما خلافًا لمحمد أو لم يكن بأن سقط للضيق أو للكثرة صح شروعه في العصر لأنه نوى تحصيل ما ليس بحاصل فخرج عن الأول فمناط الخروج عن الأول صحة الشروع في المغاير ولو من وجه فلذا لو كان منفردًا فكبر ينوى الاقتداء أو عكسه أو

لا الظهر بعد ركعة الظهر وقراءته من مصحف، ـــــــــــــــــــــــــــــ إمامة النساء فسد الأول وكان شارعًا في الثاني وكذا لو نوى نفلاً أو واجبًا أو شرع في جنازة فجيء بأخرى فكبر ينويهما أو الثانية يصير مستأنفًا على الثانية كذا في (فتح القدير) وفيه إفادة أنه لو كبر وهو يصلي الظهر ناويًا العصر أيضًا صار متنفلاً عن الظهر وهو حسن (لا) يفسدها افتتاح (الظهر). وقوله: (بعد ركعة الظهر) ظرف للافتتاح الملفوظ أو المقدر أي: يفسدها افتتاح العصر أو التطوع بعد ركعة الظهر ولا يفسدها افتتاح الظهر بعد ركعة الظهر ومعلوم أن هذا كله إذا لم يتلفظ بلسانه أما إذا قال: نويت أن أصلي كذا صار داخلاً في الثاني مطلقًا. (و) يفسدها أيضًا (قراءته من مصحف) أراد به ما كتب فيه شيء من القرآن وهذا قول الإمام وقالا: يكره فقط لأنها عبادة ضمت إلى مثلها وله أن حمل المصحف وتقليب أوراقه عمل كثير يقطع من رآه أنه ليس في الصلاة ولأنه يتلقن منه فأشبه التلقن من غيره فهاتان علتان وعلى الثانية لا فرق بين المحمول وغيره في الفساد وقال السرخسي: وهو الصحيح ولا بين قراءته مما يمكن حمله أو لا كالمحراب وهو الأصح بقي لو لم يقدر على القراءة إلا منه فصلى بغيرها فالأصح أنه يجوز كذا في (الظهيرية) وفي (النهاية): عن الفضل أنه كان يقول في التعليل للإمام: أجمعنا على أنه لو لم يقدر على القراءة إلا من المصحف فصلى بغير قراءة جاز ولو كانت منه جائزة لما أبيحت بغير القراءة إلا أنهما لا يسلمان هذه المسألة وبه قال بعض المشايخ قال في (البحر): والظاهر أن ما في (الظهيرية) متفرع على العلة الأولى وما في (النهاية) على الثانية ثم قال: وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين القليل والكثير ولا بين الحافظ وغيره لكن قال الرازى: ما قاله الإمام محمول على غير الحافظ، أما الحافظ فلا تفسده صلاته في قولهم جميعًا وجزم به في (فتح القدير) و (النهاية) و (التبيين) وهذا وجيه انتهى. وأقول: إطلاق عدم الفساد في الحافظ إنما يتم على العلة الثانية أما على الأولى فلا فرق بين الحافظ وغيره وعبارة الشارح ولو كان يحفظ وقرأ من غير حمل قالوا: لا تفسد لعدم الأمرين، وفي (الفتح) ولو كان يحفظ إلا أنه نظر وقرأ لا تفسد وهاتان العبارتان لا غبار عليهما.

والأكل والشرب ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) يفسدها أيضًا (أكله وشربه) ولو ناسيًا لأن كل واحد منهما عمل كثير قال في (الخانية): لأنه عمل اليد والفم واللسان واستشكله الحلبي لو أخذ بسمسمة أو وقع في فيه قطرة مطر فابتلعهما فإنها تفسد مطلقًا كما نص عليه وليس كل أكل يفسد بل ما يفسد الصوم وهو أكل مقدار الحمصة كذا في (الشرح) تبعًا (للخلاصة) و (البدائع)، وجعل في (الخانية) هذا قول البعض وقال بعضهم: ما دون ملء الفم لا يفسد وفرق بين الصلاة والصوم وما في (الشرح) أولى ونبه بالأكل والشرب على أن العمل الكثير يفسد لا غيره واختلفوا في الفارق بينهما أقوال فقيل: ما يعمل بيد واحدة قليل وباليدين كثير واختاره أبو الفضل وقيل مفوض إلى رأي المصلي إن استكثره فكثير مفسد وإلا لا قال الحلواني: وهذا أقرب الأقوال إلى دأب الإمام وقيل: الكثير ثلاث والقليل ما دونه. وقيل: إن كان العامل بحيث لو رآه راء على بعد تيقن أنه ليس في الصلاة فكثير وإن شك أنه فيها أو لم يشك فقليل قال في (البدائع): وهذا أصح وتبعه الشارح وغيره واختاره العامة كما في (الفتح) وقال الشهيد: إنه الصواب قال الحلبي: والظاهر أن مرادهم بالناظر من لا علم له بأنه في الصلاة قال في (البحر): ولم أر من رجح الأول، وقد يقال: إنه غير صحيح فإنه لو مضغ العلك في صلاته فسدت وليس فيه استعمال اليد وأقول: لا خفاء أن قيد الحيثية مراعى فمعنى ما يعمل باليدين كثير أي: من حيث أنه يعمل بهما والله أعلم. فروع مهمة: أرضعته أو ارتضعها هو فنزل لبنها فسدت ولو مص مصة أو مصتين ولم ينزل لا تفسد ولو ثلاثًا فسدت وإن لم ينزل كذا في (الخلاصة) و (الخانية)، والمذكور في (المحيط) و (المنية) أنها تفسد بخروج اللبن من غير تقييد بعدد لا إن لم ينزل وصححه في (الدراية)، وفي (القنية) مص ثديها ثلاثًا فسدت وإلا فلا وفي (النوادر) ونزل لها لبن وهو الأصح وهذا ظاهر في أن الفساد بالثلاث مقيد بالنزول قال في (البحر): وقولهم لو أرضعت ولدها فسدت شمل لما إذا حمل إليها فدفعت إليه الثدي وما ارتضع من ثديها وهي كارهة وأقول: هذا سهو ظاهر وأنى يقال في ارتضاعه من غير فعل منها أنها أرضعته، ولو قبل المصلية ولو بغير شهوة أو مسها بشهوة فسدت، ولو قبلته ولم يشتهها لم تفسد كذا في (الخلاصة) قال في (الفتح): والله أعلم بوجه الفرق وذلك أنه لا صنع للمصلي في الوجهين وفي (المجتبي) لو قبل المصلية لا تفسد وقال أبو جعفر: إن كان بشهوة فسدت والأول مفيد للتسوية وعلى ما في (الخلاصة) قد فرق بأن الشهوة لما كانت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في النساء أغلب كان تقبيله مستلزمًا لاشتهائها عادة بخلاف تقبيلها ولو نظر إلى فرجها بشهوة لا تفسد في المختار وإن صار مراجعًا، والفرق لا يخفى، ولو نتف ثلاث شعرات أو حك ثلاثًا في ركن أو كتب ثلاث كلمات أو رمى عن قوس أو ضرب إنسانًا كذلك فسدت، لكن قيد في (الخلاصة) مسألة الحك بما إذا رفع يده أما إذا لم يرفعها فلا فساد لأنه حك واحد وفي (الظهيرية) ما يخالفه حيث قال: ولو حك موضعًا واحدًا من جسده بدفعة واحدة فسدت وكل هذا مبني على قول من فسر الكثير بالثلاث أما على الراجح فلا يتقيد بها. ولذا قال في (المحيط): لو كتب في صلاته على شيء فسدت صلاته وإن على شيء لا يرى لا تفسد ولم يقيده بالثلاث، نعم على قولهم لو قتل القمل قتلاً متداركًا فسدت إلا إن كان بين القتلات فرجه فجاز على كل الأقوال. وأما قولهم لو حرك رجلاً لا على الدوام لا تفسد ولو رجلين فسدت فمشكل إذ الظاهر أن تحريك اليدين فيها غير مبطل ليلتحق به تحريك الرجلين فالوجه قول بعضهم إن حركهما قليلاً لا تفسد ولو كثيرًا فسدت وكأن الفارق العرف، والحاصل أن الاختلاف في الفروع من هنا مبناه على الاختلاف في التخريج. تكميل: بقى من المفسدات الموت والارتداد بالقلب والجنون والإغماء وكل ما أوجب الوضوء والغسل وترك ركن بلا قضاء أو شرط بلا عذر ومنها زلة القارئ وأحسن من لخص كلامهم فيها الكمال في (زاد الفقير) فقال: إن كان الخطأ في الإعراب ولم يتغير به المعنى ككسر قوامًا مكان فتحها وفتح باء نعبد مكان ضمها لا تفسد وإن غير كنصب همزة العلماء وضم هاء الجلالة من قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر: 28) تفسد على قول المتقدمين. واختلف المتأخرون فقال ابن الفضل وابن مقاتل وأبو جعفر الحلواني وابن سلام وإسماعيل الزاهد: لا تفسد وقول هؤلاء أوسع وإن كان بوضع حرف مكان حرف ولم يتغير المعنى نحو إياب لم تفسد وعن أبي يوسف نفسد وكثيرًا ما يقع في قراءة بعض القرويين والأتراك والسودان وإياك نعبد بواو مكان الهمزة والصراط الذين بزيادة الألف واللام وصرحوا في الصورتين بعدم الفساد وإن غير فإن أمكن الفصل بين الحرفين من غير مشقة كالطاء مع الصاد كالطالحات مكان الصالحات تفسد عند الكل وإن لم يمكن إلا بمشقة كالضاد والظاء اختلفوا وأكثرهم لم يفسدها وخرج عن هذا آيات كثيرة من يعالج مخارج الحروف وفي زيادة الحرف وإن لم يتغير المعنى نحو رادوه إليك لم تفسد وإلا فسدت نحو {يس والقرآن الحكيم وإنك لمن المرسلين} (يس: 1 - 3)

ولو نظر إلى مكتوب وفهمه، أو أكل ما بين أسنانه، أو مر مار في موضع سجوده، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه جعل جواب القسم قسمًا كذا ذكروه، والله أعلم بصحته وفي نقصه نحو فجاءهم في فجاءتهم لا تفسد/ إلا أن يكون الحرف من أصل الكلمة كما قال ربيًا أو عريًا في عربيًا فتفسد إما لتغيير المعنى أو لأنه يصير لغوًا إلا أن يكون لغوًا يصح حذفه ترخيمًا نحو يا مال في يا مالك وفي تعدد الحرف إن تغير فسدت وإلا فلا وقيل: فسدت لأنه لا يخلو عن تغيير وفيه ما لا يخفى وفي ذكر كلمة مكان أخرى فإما أن توجد مثل ألق بها الخطأ في الإعراب أو لا وعلى التقديرين إما أن يخالف التي جعلها موضعها معنى أو لا فهذه أربعة أوجه ففي الأول تفسد كما لو قرأ إنا كنا غافلين مكان فاعلين وفي الثاني لا تفسد كما لو قرأ الحكيم مكان العليم وليفهم من هذا معنى الموافقة وفي الثالث تفسد كما لو قرأ إن الفجار لفي جنات وفي الرابع لا تفسد كما لو قرأ طعام الفجار مكان الأثيم والله سبحانه وتعالى الموفق. (ولو نظر) المصلي (إلى مكتوب) قرآن أو غيره (وفهمه) أما عدم الفساد بالقرآن فلا خلاف فيه وأما غيره فقيل: هو قول الثاني وبه أخذ مشايخنا وعند محمد تفسد وبه أخذ الفقيه قياسًا على ما إذا حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر فيه وفهمه والأصح أنه متفق عليه، والفرق أن الفساد بالعمل الكثير ولم يوجد والمقصود من اليمين الفهم وقد وجد وهل يكره ذلك؟ ففي (منية المصلي) ما يقتضيها حيث قال: ولو أنشأ شعرًا أو خطبة ولم يتكلم بلسانه لا تفسد وقد أساء وعلله شارحها بأنه اشتغل بما ليس من أعمال الصلاة بلا ضرورة ثم قال: وينبغي أن يجب عليه السهو إذا أشغله ذلك عن أداء ركن أو واجب انتهى. (أو أكل ما بين أسنانه) مما هو دون الحمصة لأنه مما لا يمكن الاحتراز عنه ولهذا لا يبطل به الصوم فصار كالريق أما إذا كان حمصة فما فوقها أفسد كذا في (الشرح) تبعًا (للبدائع) و (شرح الطحاوي) وفي (الولوالجية) لو ابتلع ما بين أسنانه وكان قدر الحمصة فسد صومه دون صلاته، والفرق أن إفساد الصوم بوصول ما يتغذى به وقد وجد والصلاة بالعمل الكثير ولم يوجد وقدمنا عن (الخانية) أن ما دون ملء الفم لا يفسد قال في (البحر): وينبغي أن يكون محل الخلاف فيما إذا ابتلع ما بين أسنانه بلا مضغ أما إذا مضغه كثيرًا فلا خلاف في الفساد، وعلى هذا فلو عبر الصنف بالابتلاع لكان أولى وأقول: فيه بحث إذ قد تقرر أن العمل القليل لا يفسد ولا شك أن ما دون الحمصة غني عن الكثير من المضغ بل لا يتأتى فيه مضغ لتلاشيه بين الأسنان فلا يفسد بخلاف الحمصة ولا كلام في الكراهة كما في (منية المصلي). (أو مر مار) أي مار كان (في موضع سجوده) أي: صلاته وهو من قدمه إلى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موضع سجوده نبه بذلك على أن مروره فيما وراءه غير مكروه زاد في (الهداية) ولا يكون بينهما حائل وتحاذي أعضاء المار أعضاءه لو كان يصلي على الدكان واعتراض بأن بين هذين القيدين وبين التقييد بموضع السجود تنافيًا إذ الحائل كالأسطوانة والجدار لا يتصور أن يكون بينه وبين موضوع سجوده، وكذا إذا صلى على الدكان ولعله معنى قوله: في موضع سجوده في موضع قريب من موضع سجوده كذا في (العناية)، وأجاب في (البحر) بأنه متصور كما إذا صلى قريبًا من الجدار بالإيماء للمرض بحيث لو لم يكن الجدار لكان موضعه موضع سجوده وأنت خبير بأن هذا إنما يحتاج إليه في تفسير الحائل بالجدار والأسطوانة وليس بلازم لجواز أن تكون ستارة ترتفع إذا سجد وتعود إذا قام كما قال ملا سعدي. واعلم أن اعتبار موضع السجود هو مختار السرخسي ورجحه الشارح وغيره، والذي اختاره فخر الإسلام أنه لو كان بحيث لو صلى صلاة الخاشعين كان بصره في قيامه في موضع سجوده وفي ركوعه في موضع قدميه وفي سجوده إلى أرنبته وفي قعوده إلى حجره وفي سلامه إلى منكبه ولا يقع بصره على المار لا يكره وإلا كره قال التمرتاشي: وهو الأصح أيده في (النهاية) بما مر من الصلاة في الدكان إذ كراهة المرور ثابتة اتفاقًا حيث وقعت محاذاة الأعضاء وإن لم يكن في موضع السجود وانتصر في (البحر) لما في (الهداية) بأنه يلزم على ما اختاره فخر الإسلام أن الموضع الذي يكره المرور فيه يختلف وهو بعيد وقد ذكر في (الهداية) مسألة الدكان فلا نزد عليه. وأقول: إنما أورد المشايخ مسألة الدكان على ما اختار السرخسي لا على صاحب (الهداية) ولذا قال في (فتح القدير) وغيره: فكانت مسألة الدكان نقضًا لما اختاره شمس الأئمة بخلاف ما اختاره فخر الإسلام فإنه ممشى في كل الصور غير منقوص ولا مانع من كون موضع المرور مختلفًا، ثم إطلاق (الكتاب) يفيد أنه لا فرق بين المسجد وغيره إلا أن في المسجد اختلافًا ففي (الخلاصة) لا ينبغي لأحد أن يمر بينه وبين حائط القبلة فيه لكن في (المحيط) وغيره الأصح أنه لو مر عن بعد لا يكره وفي (الذخيرة) إن كان صغيرًا يكره مطلقًا في ظاهر المذهب وإليه أشار في (الأصل) وإن كان كبيرًا فقيل: يكره أيضًا، وقيل: هو بمنزلة الصحراء والحاصل أن المرور بين يديه في الصغير مكروه مطلقًا وفي الكبير عن قرب لا عن بعد، وينبغي أن يكون القريب موضع السجود أو وقوع بصر المصلي عليه على ما مر كما في الصحراء

لا تفسد وإن أثم وكره عبثه بثوبه وبدنه ـــــــــــــــــــــــــــــ أو أسفل الدكان إن حاذى أعضاؤه أعضاء المصلي إلا إن كان بينهما قدر قامة الرجل وكذا السترة والسرير وكل مرتفع (لا تفسد) صلاته في هذه الوجوه كلها. (وإن أثم) فاعل ذلك أعني الناظر والآكل والمار وبهذا يكون كلامه مستوفيًا للفساد والكراهة في الكل، وقصره الشارح وغيره على المار وأنت خبير فإنك قد علمت ثبوت الكراهة في الناظر والآكل بل قد مر عن الحلبي ما يفيد أنها فيه تحريمة ولا كلام في المار لقوله عليه الصلاة والسلام: (لو يعلم المار ماذا عليه من الوزر لوقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه) قال النواوى الراوي: ولا أدري قال أربعين عامًا أو شهرًا أو يومًا لكن أخرج البراز أربعين خريفًا وينبغي للمصلي في الصحراء أن يتخذ ستره إذا خاف المرور ويكره له تركها وينبغي أيضًا أن تكون مقدار ذراع في غلظ الإصبع وأن يغرزها إن أمكن وإلا وضعها على ما قيل: طولاً لا عرضًا والسنة أن يكون قريبًا منها وأن تكون على الجانب الأيمن وسترة الإمام سترة للقوم وفي إنابة الخط منابها عند فقدها روايتان والكثير على أنه لا ينوب وعلى أنه ينوب فقيل: يخط طولاً، وقيل: عرضًا. قال الإمام النووي: والأول هو المختار وله درؤه والأولى أن لا يفعل كما في (البدائع) والله الموفق. (وكره عبثه بثوبه وبدنه) لما أخرجه القضاعي مرسلاً عن يحيى بن كثير عنه عليه الصلاة والسلام (أن الله كره لكم ثلاثًا العبث في الصلاة والرفث في الصوم ولضحك في المقابر) وقدمنا أن الكراهة المطلقة يراد بها التحريم غير أنه ذكر هنا ما يكره تنزيهًا أيضًا مما مرجعه خلاف الأولى قال الحلبي: وكثيرًا ما يطلقون الكراهة عليه وحينئذ فالفارق الدليل، والعبث كل عمل ليس فيه غرض صحيح فلو كان لنفع كسلت العرق عن وجهه والتراب عنه وعن ثوبه فلا بأس به كذا قالوا، وتعقبهم في (شرح المنية) بأنه إذا كان يكره رفع الثوب كيلا يتترب وأنه وقع الخلاف في أنه يكره مسح التراب عن جبهته في الصلاة وندب تتريب الوجه في الصلاة مطلقًا فضلاً عن الثوب فيكون نفض التراب عملاً مفيدًا أو أنه لا بأس به مطلقًا فيه نظر ظاهر.

وقلب الحصى إلا للسجود مرة وفرقعة الأصابع ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما أنه لا بأس بسلت العرق في الصلاة فهو قول بعض المشائخ واختاره في (الخانية) وغيرها، وفي (منية المصلي) يكره أن يمسح عرقه أو التراب عن جبهته في أثناء صلاته أو في التشهد قبل السلام ووفق بينهما بأن المراد بالعرق الممسوح عرق لم تدع الحاجة إلى مسحه وبالكراهة التنزيهية وحينئذ فلا منافاة بينهما وبين قولهم لا بأس لأن تركه أولى، ويحمل فعله عليه الصلاة والسلام إن ثبت على الحاجة أو بيان الجواز قال في (النهاية): لما كان العبث بالثوب والبدن كليًا يشمل ما بعده حقيقة ورده في (العناية) بأن العبث في الثوب لا يشمل ما بعده من تقليب الحصى بل لأنه أكثر وقوعًا انتهى. وأنت خبير بأن هذا لا يخص تقليب الحصى إذ التحضر والإقعاء كذلك وأجاب في (البحر) بأن الشامل للتقليب وغيره العبث بالبدن وما قاله لا يتم إلا لو اقتصروا على العبث بالثوب وهذا ظاهر في أنه فهم أن الكلي ذكرهما وليس بالواقع بل ذكر كل منهما على ما يفصح عن ذلك وأن معنى كون العبث بالبدن شاملاً لسائر ما سيأتي هو أنه لا فرق بين كون البدن معبوثًا فيه أو آلة للعبث هذا وقول (الوقاية) وكره كل هيئة فيها ترك الخشوع أشمل لصدقها على كراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين قيده بالمصلي لأن عبث غيره إنما هو مكروه تنزيهًا فقط ومن ثم قال السروجي في قول (الهداية) ولأن العبث خارج الصلاة حرام فما ظنك بالصلاة فيه نظر إذ العبث بثوبه أو بدنه خارجها خلاف الأولى. (و) كره أيضًا (تقلب الحصى) عن مكان السجود (إلا للسجود مرة) لما في الكتب الستة عن معيقب/ أنه عليه الصلاة والسلام قال له: (لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لا بد فاعلاً فواحدة) ولأن فيه نوع عبث إلا أنه اغتفر إذا كان لا يمكنه السجود عليه لإصلاح صلاته كذا في (الهداية) أي: لا يمكنه السجود التام إذ لو أريد نفي الإمكان حقيقة لكان واجبًا، فيه إفادة أن التسوية بهذا الوصف أولى كذا في (البحر). وأقول: ظاهر قوله: اغتفر يومئ إلا أنه رخصة وبه صرح في (البدائع) والأولى تركه وفي (النهاية) وغيرها أنه الأحب، قيده بالمرة لأن الزيادة عليها مكروهة في ظاهر الرواية وقيل يفعل مرتين كذا في (منية المصلي). (و) كره أيضًا (فرقعة الأصابع) وهو غمزها أو مدها لتصوت للإجماع على

والتخصر والالتفات ـــــــــــــــــــــــــــــ كراهة ذلك فيها كذا في (الدراية) وكذا يكره تشبيكها كما في (المحيط) وغيره، وألحق في (المجتبى) منتظر الصلاة والماشي إليها بمن فيها والظاهر أنها تحريمية فيها للنهي عن ذلك وأما خارجها فقال الحلبي: لم أقف عليه لمشايخنا والظاهر أنها في غير هذين الموضعين لا لعبث ليست مكروهة ولو لإراحة الأصابع وإن لعبث كرهت تنزيهًا قال في (البحر): وينبغي أن يكون لغير حاجة مكروهًا تحريمًا لما مر عن (الهداية) وقد علمت أن ما في (الهداية) غير مسلم. (و) يكره أيضًا (التخصر) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن (الاختصار في الصلاة) أخرجه الجماعة إلا ابن ماجة وفيه تأويلات أشهرها ما قاله ابن سيرين إنه وضع اليد على الخاصرة قال في (المغرب): وهي ما فوق الطفطفة والشراسيف وأراد بالأول: أطراف الخاصرة، وبالثاني: ما يشرف على البطن كذا في (النهاية). وقد جاء مفسرًا هكذا عن ابن عمر قال في (السنن): وحكمته أنه في الصلاة راحة أهل النار، وقال ابن حبان: إنه فعل اليهود والنصارى في صلاتهم الذين هم أهل النار لا أن لهم راحة فيها وصرح في (المبسوط) بكراهته خارج الصلاة وينبغي أن تكون تحريمية فيها لا خارجها، وقيل: هو أن يتكئ على عصى في الصلاة وتسمى المخصرة كذا في (المجتبى) أي: في الفرض أما النفل فلا يكره فيه على الأصح كما في (المجتبى) وقيل: هو أن يختصر السورة فيقرأ منها آية أو آيتين ولا شك في كراهته لما أنه إخلال بالواجب وقيل: أن يحذف السجدة وسيأتي كراهته وكل هذه التأويلات ليس في اللفظ ما يمنع واحدًا منها إلا أن الأنسب هو الأول. (و) كره أيضًا (الالتفات) وهو تحويل وجهه عن القبلة لخبر البخاري (أنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) أطلقه تبعًا لعامة الكتب وقيده في (العناية) بعدم العذر أما للعذر فلا يكره وفي (منية المصلي) بما إذا عاد إلى الاستقبال من ساعته وجزم في (الخلاصة) و (الخانية) بأنه مفسد وأن المكروه إنما هو تحويل بعض الوجه فظاهر ما في (المنية) الفساد فيما إذا لم يعد من ساعته وعليه يحمل ما في (الخانية) كذا في (البحر) وفيه بحث ولا كلام أن تحويل الصدر مفسد

والإقعاء وافتراش ذراعيه ورد السلام بيده والتربع بلا عذر وعقص شعره ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيده في (منية المصلي) بعدم العذر وكأنه يعني بالعذر ما إذا انحرف للوضوء من سبق الحدث على ما مر، ولو نظر بمؤخر عينه فقط لم يكره أي: تحريمًا والأولى تركه، ويكره أن يرفع بصره إلى السماء وأن يطأطئ رأسه وأن يتمايل يمنة أو يسرة كما في (السراج). (و) كره أيضًا (الإقعاء) لنهيه عليه الصلاة والسلام (عن إقعاء الكلب) وفسره الطحاوي بأن يقعد على إليتيه وينصب فخذيه ويضم ركبتيه إلى صدره واضعًا يديه على الأرض، وقال الكرخي: بأن ينصب قدميه ويقعد على عقبيه ويضع يديه على الأرض والأصح الذي عليه العامة هو الأول أي: كون هذا هو المراد بالحديث إلا أن ما قاله الكرخي غير مكروه كذا في (الفتح). قال في (البحر): وينبغي أن تكون الكراهة تحريمة على الأول تنزيهية على الثاني وأقول: إنما كانت تنزيهية على الثاني بناء على أن هذا الفعل ليس بإقعاء وإنما الكراهة لترك الجلسة المسنونة كما علل في (البدائع) ولو فسر الإقعاء بقول الكرخي تعاكست الأحكام. (و) يكره أيضًا (افتراش ذراعيه) أي: بسطهما في حالة السجود للنهي عن ذلك ولأن فيه إظهار التكاسل والتهاون بحاله مع ما فيه من التشبه بالكلاب. (و) يكره أيضًا (رد السلام) بعده لأنه ليس من أفعال الصلاة وقد سبق ما فيه. (و) يكره أيضًا (التربع بلا عذر) لأن فيه ترك سنة الجلوس مع منافاته للخشوع وهذا يفيد أنها تنزيهية وما قيل من أنه من أفعال الجبابرة رد بأنه عليه الصلاة والسلام (كان جل قعوده مع أصحابه في غير صلاته التربع) وكذا عمر، كذا في (الفتح). وعبارة العيني كان عليه الصلاة والسلام يتربع في جلوسه في بعض أحواله وعامة جلوس عمر في مسجده عليه الصلاة والسلام كان متربعًا ولا شك أن فعله عليه/ الصلاة والسلام مبرأ عن فعل الجبابرة ولو في الجملة. (و) يكره أيضًا (عقص شعره) وهو جمعه على الرأس بشيء لئلا ينحل وقيل: هو لف ذوائبه حول رأسه كما يفعله النساء والكل مكروه لما في الكتب الستة من قوله عليه الصلاة والسلام (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وأن لا أكف شعرًا ولا

وكف ثوبه وسدله ـــــــــــــــــــــــــــــ ثوبًا) وفي العقص كف، ومن المكروه أيضًا اعتجاره العمامة وهو لفها حول رأسه وإبداء الهامة كما يفعله كذا في (الظهيرية). وقيل: هو أن يكرر عمامته ويترك وسط رأسه مكشوفًا كهيئة الأشرار وقيل: هو أن يتنقب بعمامته فيغطي أنفيه لأنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن الاعتجار) كذا في (المحيط). وأقرب الأقوال هو الأول كما في (المغرب) أي: كون هذا هو المراد بالحديث لا أن غيره غير مكروه فقد صرح في (المحيط) بكراهة تغطية الأنف في الصلاة لنهي ابن عباس عنه ولا يبعد القول بالكراهة أيضًا على الثاني. (و) يكره أيضًا (كف ثوبه) لما رويناه وهو رفعه بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجود وفي (المغرب) عن بعضهم أن منه الاتزار فوق القميص وعليه فيكره أن يصلي مشدود الوسط وبه صرح في (العناية) معللاً بأنه صنيع أهل الكتاب وفي (الخلاصة) بعدمها قال في (الفتح): ويدخل فيه تشمير الكمين وقيده في (الخلاصة) وغيرها بأن يكون إلى المرفقين إلا أن الظاهر هو الإطلاق وفي (البحر) رأيت في بعض الفتاوى ولا يحضرني تعيينها أنه إن كان للصلاة كره لا إن عمله لعمل ثم حضرته الصلاة وأقول: المذكور في (القنية) و (الخانية) أنه لو شمر كميه لعمل كان يعمله قبل الصلاة اختلفوا في الكراهة وهو ظاهر في الكراهة فيما لو شمر لها. (و) يكره أيضًا (سدله) أي: المصلي لما صرح الحاكم أنه عليه الصلاة والسلام (نهى عنه) ويقال: سدل ثوبه سدلاً من باب ضرب أرسله من غير أن يضم جانبيه وأسدل خطأ قال في (الهداية): وهو أن يجعل ثوبه على رأسه وكتفيه ويرسل أطرافه من جوانبه وفي (فتح القدير) هذا يصدق على أن يكون المنديل مرسلاً بين كتفيه كما يفعله كثير فينبغي له أن يضعه عند الصلاة ويصدق أيضًا على لبس العبا من غير إدخاله اليدين فيه وقد صرح بالكراهة فيه انتهى. وهذا يومئ إلى أن الواو في التعريف بمعنى أو وذكر في (البدائع) هذا التعريف عن الكرخي بأو غير أنه زاد بعد قوله ويرسل أطرافه إذا لم يكن عليه سراويل، وعن الإمام يكره السدل على القميص والإزار

والتثاؤب وتغميض عينيه وقيام الإمام ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه صنيع أهل الكتاب فإن كان سدله بدون السراويل فكراهته لاحتمال كشف العورة عند الركوع وإن كان مع الإزار فكراهته للتشبيه بأهل الكتاب انتهى. بقي أن قوله في (الفتح): فينبغي له أن يضعه لا يتعين لأنه لو خالف بين طرفيه خرج عنها وأما الكراهة في لبس العبا من غير إدخال اليدين فعلى أحد القولين قال في (الخلاصة) والمختار عدمها ثم ظاهر كلامهم أنه لا فرق بين الثوب محفوظًا من الوقوع أو لا وعليه فيكره الطيلسان الذي يجعل على الرأس كما في (شرح الوقاية) ولا كراهة في البرنس لأنه مخيط واختلف في كراهة السدل خارجها والأصح أنه لا يكره كما في كراهة (القنية) أي: تحريمًا وإلا فمقتضى ما مر أنه يكره تنزيهًا قال الحلبي: هذا كله مع عدم العذر ولا كراهة مع العذر، ويكره اشتمال الصماء وهو أن يلف بثوب واحد رأسه وسائر بدنه فلا يدع منفذًا ليده وهل يشترط عدم الإزار مع ذلك عن محمد نعم وعن غيره لا وستر المنكبين فيها مندوب يكره تنزيهًا انتهى ويكره تغطية القدمين في السجود كما في (الخلاصة). (و) يكره أيضًا (التثاؤب) بالهمز لحديث الصحيحين (التثاؤب من الشيطان وإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع) ولذا يندب حبسه ما استطاع فإن لم يقدر وضع يده أو كمه على فيه كذا في (الشرح) لكن في (الخلاصة) إن أمكنه أن يأخذ شفتيه بسنه فلم يفعل وغطى فاه بيده أو كمه يكره كذا عن الإمام ووجهه أن التغطية مكروهة إلا لضرورة وهي منتفية، ثم المذكور في (مختارات النوازل) أن يضع ظهر يده قال الحلبي: وهل يفعل ذلك باليمنى أو اليسرى لم أقف عليه، وأفاد في (البحر) عن (المجتبى) أنه يغطي في القيام باليمنى وفي غيره باليسرى والذي رأيته أنه يغطي باليمنى وقيل: إن كان في القيام وإن كان في غيره فباليسرى. (و) كره أيضًا (تغميض عينيه) ولو في السجود كما هو ظاهر الإطلاق للنهي عن ذلك، كما رواه عدي إلا إذا رأى ما يمنع خشوعه فلا يكره (و) يكره أيضًا (قيام الإمام)

لا سجوده في الطاق وانفراد الإمام على الدكان وعكسه، ولبس ثوب فيه تصاوير، ـــــــــــــــــــــــــــــ في الطاق أي: المحراب (لا) يكره (سجوده في الطاق) والفرق أن في الأول تشبيهًا بأهل الكتاب بخلاف الثاني. وقيل/: لاشتباه حاله على أهل اليمين واليسار وعليه فلا يكره إذا لم يشتبه قال السرخسي: والأول أوجه لأنه المناسب لإطلاق (الكتاب) لكن لا يخفى أن امتياز الإمام بالمكان مطلوب شرعًا حتى كان التقدم واجبًا عليه وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان ولا أثر له لأنه يحاذي وسط الصف وهو المطلوب إذ قيامه في غير محاذاته مكروه وغايته اتفاق الملتين في بعض الأحكام ولا بدع فيه على أن أهل الكتاب إنما يخصون الإمام بالمكان المرتفع على ما قيل فلا يشتبه كذا في (الفتح) وأجاب في (البحر) بأن الامتياز المطلوب حاصل بتقدمه من غير أن يقف في مكان آخر فمتى أمكن تمييزه بلا تشبيه كره له خلافه ومن ثم قال في (التجنيس) وغيره: لو ضاق المسجد بمن خلفه لا بأس بقيامه في الطاق. (و) كره أيضًا (انفراد الإمام على الدكان) للتشبيه أيضًا وأراد بها المكان المرتفع قدر ذراع وقيل: ما يقع به الامتياز وهو الأوجه كما في الفتح. (و) كره أيضًا (عكسه) وهو انفراد على الدكان لما فيه من الازدراء بالإمام وهذا هو ظاهر الرواية وروى الطحاوي عدمها لانتفاء التشبيه قال في (الخانية): وعليه عامة المشايخ، ولا خلاف في عدم الكراهة مع الحاجة كما في الجمعة والعيدين يعني لعذر الزحمة وعن الإمام أن منها إرادة تبليغ انتقالات الإمام عند اتساع المكان وكثرة المصلين وإرادة تعليم المأمومين أعمال الصلاة قاله الحلبي. (و) كره أيضًا (لبس ثوب فيه تصاوير) لأنه يشبه حامل الصنم والصورة عام في ذي الروح وغيره والتمثال خاص بذي الروح وتمثال الشجر مجاز إن صح كذا في (المغرب) والمراد ذو الروح لعدم الكراهة في غيره عملاً بقول ابن عباس (إن كنت ولابد فاعلاً فعليك بتمثال غير ذي روح) وفيه إيماء إلى أن تمثال ذي الروح ممنوع ومن ثم قال في (الخلاصة) ويكره التصاوير على الثوب صلى أم لم يصل ولولا أن الباب معقود لما يكره في الصلاة لأمكن إجراء كلامه على عمومه أعني سواء أكان في الصلاة أو خارجها، وفي (المحيط) صلى بالناس وفي يده تصاوير لا يكره إمامته لأنه مستورة بالثياب فصار كصورة في نقش خاتم وهو غير مستبين وهذا يفيد تقييد الإطلاق بما إذا كان الثوب مكشوفًا قال في (البحر): ويفيد أيضًا عدم الكراهة مع

وأن يكون فوق رأسه أو بين يديه أو بحذائه صورة إلا أن تكون صغيرة ـــــــــــــــــــــــــــــ صورة فيها دنانير عليها صور صغار لاستتارها وغير خاف أن عدم الكراهة في الصغار غني عن التعليل بالاستتار بل مقتضاه ثبوتها إذا كانت منكشفة وسيأتي أنها لا تكره الصلاة لكن تكره كراهة تنزيه جعل الصورة في البيت لخبر (أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة). (و) كذا يكره (أن يكون فوق رأسه) في السقف (أو بين يديه أو بحذائه) يمنة أو يسرة (صورة) قيد بذلك لأنها لو كانت خلفه أو تحت رجليه لا يكره الصلاة لكن تكره كراهة جعل الصورة في البيت لخبر (أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة) كذا في (شرح عتاب) لكنه مخالف لقولهم: أشدها كراهة أن تكون أمام المصلي ثم فوق رأسه ثم بحذائه ثم خلفه ومقتضى كراهتها مطلقًا على بساط مفروش وسيأتي أنه إذا لم يسجد عليها لم يكره وحقق في (فتح القدير) ثبوتها في التي خلفه باعتبار المكان كالصلاة في الحمام أم التي تحت قدمه فلا يكره جعلها في المكان ليتعدى إلى الصلاة وخبر جبريل بخصوص ذلك لما أخرجه ابن حبان: (استأذن جبريل في الدخول على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذنه فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير فإن كنت لابد فاعلاً فاقطع رأسها أو اقطعها أو اجعلها بسطًا) انتهى. وجعل في (المحيط) عدم الكراهة في التي خلفه رواية (الأصل) وفي (الجامع الصغير) وصرح بالكراهة وفي (العناية) أنه تنزيه المكان عما يمنع دخول الملائكة مستحب وفيه تنبيه على أن الكراهة باعتباره تنزيهية ثم قيل: المراد بالملائكة غير الحفظة إذ الحفظة لا يفارقون الإنسان إلا عند الجماع والخلاء كذا في (البخاري) وينبغي أن يراد بالحفظة ما مر أعم من الكرام الكاتبين والذين يحفظونه من الجن هذا واختلف المحدثون في امتناعهم بما على الدنانير فنفاه عياض وأثبته النووي والمراد ملائكة الرحمة (إلا أن تكون صغيرة) لا تبدو للناظرين على بعد لأنها لا تعبد عادة في هذه الحالة والكراهة باعتبارها وفي كراهية (الخلاصة) صلى ومعه دراهم فيها تماثيل

أو مقطوعة الرأس، أو لغير ذي روح، وعد الآي والتسبيح، لا قتل الحية والعقرب ـــــــــــــــــــــــــــــ ملك لا بأس بها لصغرها (أو) تكون الصورة (مقطوعة الرأس) أي: ممحوة إما بنحت أو بخيط خيط على جميعه حتى لو لم يبق لها أثرًا أو يصلي بمفرده ونحوها لأنها لا تعبد عادة في هذه الحالة، ومحو وجه الرأس كمحو الرأس/ كذا في (الخلاصة) بخلاف ما إذا قطعها بخيط من الحلقوم حيث لا تنتفي الكراهة لأن من الطيور ما هو مطوق قيد بالرأس لأن قطع الحاجبين أو العينين أو اليدين أو الرجلين لا يعدمها. (أو) تكون الصورة (لغير ذي روح) لما مر عن ابن عباس ولا فرق في الشجر بين المثمر وغيره في قول (الكافي) خلافًا لمجاهد وجوز في (الخلاصة) لمن رأى صورة في بيت غيره أن يزيلها ويجب عليه، ولو استأجر مصورًا فلا أجر له لأن عمله معصية كذا عن محمد ولو هدم بيتًا فيه تصاوير ضمن قيمته خاليًا عنها. (و) كره أيضًا (عد الآي) جمع آية (و) عد (التسبيح) في الصلاة باليد فرضًا كانت أو نفلاً باتفاق أصحابنا في ظاهر الرواية لأن ذلك ليس من أفعال الصلاة وعن الصاحبين في غير ظاهر الرواية عنهما لأنه لا بأس به وقيل: الخلاف في الفرائض ولا كراهة في النوافل اتفاقًا. وقيل: في النوافل ولا خلاف في الكراهة في الفرائض وصرح ابن أمير حاج بأن كراهة العد تنزيهية قال في (البحر): ظاهر قوله في (النهاية) الصحيح أنها لا تباح أصلاً يفيد أنها تحريمية. وأقول: فيه نظر إذ المكروه تنزيهًا غير مباح أي: غير مستوي الطرفين، قيدنا العد باليد لأنه لو أحصى بقلبه أو غمز بأنامله فلا كراهة اتفاقًا وعليه يحمل ما جاء من صلاة التسبيح، ولو لم يمكنه ذلك وكان مضطرًا قال فخر الإسلام: يعمل بقولهما ولو عد بلسانه فسدت صلاته اتفاقًا وقيد بالآي لأن عد الناسي مكروه اتفاقًا وبالصلاة لأن العمد خارجها لا كراهة فيه في ظاهر الرواية وهو الأصح وكرهه بعضهم. (لا) يكره (قتل الحية والعقرب) لخبر الشيخين (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب) وأدنى مراتب الأمر الإباحة وهذا الإطلاق قيده في (النهاية) بما إذا مرت بين يديه وخاف الأذى وإلا فيكره، أطلق في الحية فعم سائر أنواعها وهو الأصح غير أن الأولى هو الإمساك عما فيه علامة الجان لا للحرمة بل لدفع الأذى وقيل: ينذرها بقول خلى طريق المسلمين وارجعي بإذن الله تعالى وما إذا كان القتل بعمل كثير قال السرخسي: وهو الأظهر لأنه عمل رخص للمصلي فصار كالمشي بعد الحدث والاستقاء

والصلاة إلى ظهر قاعد يتحدث وإلى مصحف أو سيف معلق أو شمع أو سراج ـــــــــــــــــــــــــــــ من البئر، ورده في (النهاية) بأنه مخالف لما عليه عامة رواية شروح (الجامع الصغير) و (مبسوط) شيخ الإسلام من أن الكثير لا يباح قال في (الفتح): وهو الحق فيما يظهر إذ الأمر بالقتل لا يستلزم بقاء الصحة على نهج ما قالوه في صلاة الخوف من الفساد في القتال فيها ثم لا إثم عليه، والتنظير بالاستقاء ممنوع لما مر من أنه مفسد ودعوى أنه لا تفصيل في الرخصة يستلزم مثله في علاج الماء إذا كثر فإنه أيضًا مأمور بالنص مع أنه مفسد فما هو جوابه عنه فهو جوابنا في قتل الحية انتهى. قال الحلبي: ويندب قتل العقرب بالنعل اليسرى إن أمكن كذا أخرجه أبو داود ولا بأس بقياس الحية عليها قيد بالحية والعقرب لأن قتل القمل والبرغوث مكروه عند الإمام فتدفن وقال محمد: القتل أحب إلي وأي ذلك فعل لا بأس به، وكره الثاني كلاهما فيها كذا في (الظهيرية) قال الحلبي: ولعل الإمام إنما يختار الدفن لما فيه من التنزه عن إصابة دمها ليد القاتل وثوبه وإن عفي عنه عنده، هذا إذا تعرضت له بالأذى فإن لم تتعرض له كره الأخذ فضلاً عن غيره وهذا كله خارج المسجد أما في المسجد فلا بأس بالقتل بالشرط المذكور ولا يطرحها فيه بطريق الدفن ولا غيره إلا إذا غلب على ظنه أنه يظفر بها بعد الفراغ منها. (و) بهذا التفصيل يحصل الجمع بين ما سبق عن الإمام أنه يدفنها في (الصلاة) وبين ما عنه أنه لو دفنها في المسجد أساء (و) لا يكره أيضًا (إلى ظهر) شخص (قاعد يتحدث) بعيدًا كان أو قريبًا وما عن ابن عباس (نهينا أن نصلي إلى النيام والمتحدثين) فمحمول في الأول على ما إذا خاف ظهور ما يضحكه من النائم أو يخجله إذا انتبه، وفي الثاني ما إذا رفعوا أصواتهم وخشي المصلي أن يزل في القراءة أو شغل البال وفي قوله: يتحدث إيماء إلى أنه لا كراهة لو لم يتحدث بالأولى، قيد بالظهر لأنها إلى الوجه مكروهة اتفاقًا، ولذا قال في (الذخيرة): يكره للإمام أن يستقبل المصلي وإن كان بينهما صفوف في ظاهر المذهب يعني إذا فرغ من صلاته للزوم الصلاة إلى وجهه وبه علم أن الاستقبال إن كان من المصلي فالكراهة عليه وإلا فعلى المستقبل قال الحلبي: وصرحوا بأنه لو صلى إلى وجه إنسان وبينهما ثالث ظهره إلى وجه المصلي لم يكره كأنه/ للفاصل وقياسه أنه لو صلى إلى وجه إنسان هو على مكان عال ينظره إذا قام لا إذا قعد لا يكره ولم أره لهم. (و) كذا لا تكره الصلاة (إلى مصحف أو سيف معلق) موضوع بين يديه لأنهما لا يعبدان (أو شمع) بفتح الميم على الأوجه والسكون ضعيف مع أنه المستعمل قاله ابن قتيبة (أو سراج) هذا هو المختار كما في (غاية البيان). وقيل: يكره كما لو كان بين يديه جمر أو نار توقد التمرتاشي: وهو الأصح لأنهما لا يعبدهما أحد وفي

فصل فيما يكره خارج الصلاة

وعلى بساط فيه تصاوير إن لم يسجد عليها. فصل كره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء واستدبارها، ـــــــــــــــــــــــــــــ (القنية) المجوس يعبدون الجمر لا النار الموقدة حتى لا تكره النار الموقدة انتهى. قال في (البحر): وينبغي أن الشمع لو كان إلى جانبه كما يفعل في المساجد في رمضان فلا كراهة اتفاقًا. (و) لا يكره أيضًا (بساط فيه تصاوير) لذي روح (إن لم يسجد عليها) هكذا قيده في (الجامع الصغير) وأطلق في (الأصل) الكراهة لأن المصلي يعظم ووضع الصورة فيها تعظيم لها سجد عليها أو لا قال تاج الشريعة: والأصح ما في (الجامع) كذا في (البناية)، لأن القيام عليها إهانة والساجد عليها شبيه بالعابد ولو حمل المطلق على المقيد لارتفع الخلاف ولم يلح لي ما المانع لهم من ذلك. تكميل: من المكروهات أيضًا الصلاة في ثياب المهنة وفسرها صدر الشريعة بما يلبسه في بيته ولا يذهب به إلى الأكابر ووضع دراهم ونحوها في فيه غير مانعة له من القراءة والعمل القليل والصلاة من مدافعة الأخبثين أو الريح وحمل صبي وأما حمله عليه الصلاة والسلام لأمامة بنت زينب فقيل: منسوخ، والصلاة في مظان النجاسة كمعاطن الإبل والمجزرة والمغتسل والحمام وجزم في (زاد الفقير) لابن همام بأنه إذا غسل موضعًا في الحمام وصلى فيه فلا بأس به وكذا لو صلى في موضع نزع الثياب والله أعلم. فصل فيما يكره خارج الصلاة (كره) تحريمًا (استقبال القبلة بالفرج في الخلاء) بالمد بيت التغوط وبالقصر النبت وكذا يكره استقبال الشمس والقمر والريح كما في (البناية) ولو استقبل ناسيًا فتذكر ندب له الانحراف بقدر الإمكان كذا في (الشرح) وغيره وينبغي أن يجب ويدل على ذلك ما في (البزازية) لو تذكر بعد استقبالها فانحرف عنها فلا إثم عليه وقالوا: يكره لها إمساك الصبي نحوها للبول ويكره أيضًا مد الرجل إليها وإلى المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع عن المحاذاة ولا يخفى تفاوت مراتب الكراهة في هذه المواضع (واستدبارها) لما أخرجه الستة: (إذا أتيتم

وغلق باب المسجد والوطء فوقه والبول والتخلي لا فوق بيت فيه مسجد ـــــــــــــــــــــــــــــ الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا وغربوا) وهو بإطلاقه يعم الفضاء والبنيان ولا كلام في كراهة الاستقبال أما الاستدبار فهو أصح الروايتين وثمة ثالثة وهي عدم كراهتها وقيل: إن كان ذيله ساقطًا على الأرض فليس استقبالاً ولو كان رافعًا له قالوا: ينبغي أن يكون مكروهًا كذا في (البناية). (و) يكره أيضًا (غلق باب المسجد) لأنه يشبه المنع من العبادة وقيل: لا بأس به إذا خاف على متاع المسجد في غير أوقات الصلاة وعليه الفتوى وهذا أولى من التقييد بزماننا كما قيل: إن المدار خوف الضرر فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في أوقات الصلوات أو لا فلا أو في بعضها ففي بعضها كذا في (الفتح) قال في (العناية): والتدبير في الغلق لأهل المحلة فإنهم إذا اجتمعوا على رجل وجعلوه متوليًا بغير أمر من القاضي يكون متوليًا انتهى. وقولهم تكره الخياطة في المسجد إلا إذا كان حارسًا له فينبغي أن يخرج على كراهة غلقه أما على عدمها فيكره مطلقًا لانتفاء الضرورة. (و) كره أيضًا (الوطء فوقه والبول والتخلي) أي: التغوط لأنه مسجد إلى عنان السماء بفتح المهملة يعني السحاب ويروي عنان السماء أي: نواحيها قال ابن الأثير وكذا ترتيب الأحكام من حرمة مكث الحائض والجنب فيه ونحو ذلك ودل كلامه على أن إدخال النجاسة فيه لا يحل ومن هنا قيد بعض المتأخرين قولهم بجواز الاستصباح بالدهن النجس بغير المساجد، وفي (التجنيس): ينبغي لمن دخل المساجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة واختلف في كراهة إخراج الريح فيه أنه خلاف الأولى. (لا) يكره البول والوطء والتخلي (فوق بيت فيه مسجد) أعد للصلاة وإن ندب اتخاذه لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك لأنه ليس مسجدًا حقيقة واختلف في مصلى العيد والجنازة قال في (النهاية): والمختار للفتوى أنه مسجد في حق جواز الاقتداء وإن انفصلت الصفوف رفقًا بالناس وفيما عدا ذلك ليس حكم المسجد قال في

ولا نقشه بالجص وماء الذهب ـــــــــــــــــــــــــــــ (البحر): فظاهره جواز البول ونحوه فيه وينبغي أن لا يجوز لأنه لم يعده/ لذلك وإنما تظهر الأحكام في حل دخول الجنب ونحوه وأقول: منع ما ذكر فيما ذكر عن المسجدية ممنوع وليس الكلام في غيرها واختلف أيضًا في المساجد التي عند الأسواق والحياض والأصح أنها ليس لها حرمة فإنه لا بأس بإدخال الميت فيها مع أنا أمرنا بتجنيب المساجد الموتى كذا في (النهاية). (ولا) يكره أيضًا (نقشه بالجص) بالكسر والفتح معرب كج وتسميه العرب القصة (وماء الذهب) ونحوه، قيل: هذه العبارة مساوية لقول (الجامع) لا بأس بذلك بناء على أن المنفي كراهة التحريم أو أن لفظ لا بأس لا يلزم استعماله فيما تركه أولى وقد قال السرخسي: إن ما في (الجامع) فيه إشارة إلى أنه لا يأثم ولا يؤجر وقيل: يندب والخلاف في غير المحراب أما هو فيكره نقشه هذا إذا عمله من مال نفسه وأما المتولي لو عمله من مال الوقف أو وضع البياض فوق السواد ضمن كما في (الشرح) وغيره. قال في (البحر): ولا يخفى أن محله ما إذا لم يفعله الواقف أما لو عمل البياض كان له ذلك لقولهم: إنه يعمر الوقف كما كان وقيد بكونه للتفاخر لأنه لو كان لإحكام البناء فلا ضمان، وبالمسجد لأن نقش غيره يوجب الضمان إلا المعد للاستغلال إذا زادت قيمته بذلك فلا بأس به وأراد بالمسجد داخله لقولهم: إن في التزيين ترغيب الناس في الاعتكاف والجلوس لانتظار الصلاة فيه فأفاد أنه لو زين خارجه كره. خاتمة: يكره البصاق فيه لخبر: (إن المسجد لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلد من النار) أي: ينضم فقيل: ذاته وقيل: ملائكته حكاهما ابن الأثير فإن اضطر كان البصاق فوق البواري خيرًا منه تحتها لما أنه مسجد حكمًا وما تحتها مسجد حقيقة واتخاذه طريقًا وصرح في (القنية) بفسقه ولا تتكرر عليه التحية لما أنه مسجد حكمًا بل يصليها كل يوم مرة وفي التعبير بالاتخاذ إيماءً إلى أنه لا يفسق بمرة أو مرتين ولذا عبر في (القنية) بالاعتياد ولو توسط فندم قيل: يخرج من المكان الذي فيه وقيل: يصلي ثم يخير وقيل: إن كان محدثًا خرج من حيث دخل وتخصيص مكان منه لنفسه لأنه يخل بالخشوع وهل له إزعاج غيره منه قال الأوزاعي: نعم وعندنا ليس له ذلك

باب الوتر والنوافل

باب الوتر والنوافل الوتر واجب ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (القنية)، والكلام المباح لأنه يأكل الحسنات، وقيده في (الظهيرية) بأن يجلس لأجله كذا في (البحر)، والإطلاق أوجه وغرس الأشجار فيه إلا لنفع له واتخاذ بئر وعمل الصفة فيه ومنه الكتابة بأجر لا بغيره إذا كتب العلم أو القرآن أما هؤلاء المكتبون الذين يجتمعون عندهم الصبيان واللغط فلا كذا في (الفتح) ومن عبر بالمسجد يحييه في غير الأوقات المكروهة أي: تحية ربه إذ الداخل لبيت الملك يحييه وتنوب عنها كل صلاة صلاها عند الدخول فرضًا كانت أو سنة وفي (البناية) معزيًا إلى (مختصر المحيط) إن دخوله بنية الفرض أو الاقتداء ينوب عنها وإنما يؤمر بها إذا دخله لغير الصلاة واتفقوا على أن الإمام لو كان يصلي المكتوبة أو أخذ المؤذن في الإقامة أنه يتركها وأنه يقدم الطواف عليها بخلاف السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى. والعامة قالوا: إنه يصليها كما دخل وهو الصحيح وقيل: يجلس ثم يقوم لها وفي (العناية) ولا يسقط بالجلوس عند أصحابنا لقولهم في الحاكم إذا دخل المسجد خير بين أن يصليها حين دخوله أو عند انصرافه فلا يسقط بالجلوس وهذا لأنها لتعظيم المسجد ففي أي وقت فعلها حصول المقصود والله أعلم بالصواب. باب الوتر والنوافل أخرهما عن الفرائض إيماء إلى انحطاط درجتهما وجمع بينهما لمناسبة الوتر للنوافل من حيث أنه زيادة على الفرائض ولأنه نفل عندهما وقدمه لقوته وهو خلاف الشفع وأوتر صلى الوتر والنفل لغة الزيادة وشرعًا زيادة عبادة شرعت لنا (الوتر واجب) هذا آخر أقوال الإمام وهو الظاهر من مذهبه وهو الأصح وعنه أنه سنة مؤكدة وبه أخذ أبو يوسف ومحمد وعنه أنه فريضة وبه أخذ زفر وقيل بالتوفيق ففرض أي: عملاً وواجب أي: اعتقادًا وسنة أي: ثبوتًا وأجمعوا أنه لا يكفر جاحده وأنه لا يجوز بدون نية الوتر وأن القراءة تجب في كل ركعاته وأنه لا يجوز أداؤه قاعدًا أو على الدابة بلا عذر كما في (المحيط) قال في (الهداية) وأنه يجب قضاؤه واعترض بأنه فرع وجوب الأداء وأجيب بأن المراد إجماع الصحابة لقول الطحاوي: إن وجوبه ثبت بإجماعهم

وهو ثلاث ركعات بتسليمة ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلى هذا يشير قوله في (الفتح): أن وجب بمعنى ثبت/ وهذا الجواب اختاره كثير من الشارحين ولا يخفى أن فيه عدولاً عن الظاهر، وقول بعضهم: المراد إجماع الأصحاب على ظاهر الرواية عنهم قال في (المحيط) أما على قوله فظاهر وأما على قولهما، فلقوله عليه الصلاة والسلام: (من نام عن وتر أو نسيه فليصله إذا ذكره) فيه نظر إذ إيجاب القضاء دون الأداء مما لم يعهد ولو اجتمع قوم على تركه أدبهم الإمام وحبسهم فإن لم يمتنعوا قاتلهم كذا في (التجنيس) وغيره. (وهو ثلاث ركعات بتسليمة) حتى لو اقتدى فيه بمن يسلم على رأس الركعتين فسلم فسد اقتداؤه وعلى الأصح وقيل: لا لأنه لم يخرج بسلام الإمام لما أنه مجتهد فيه، وفي (شرح الإرشاد): لا يجوز الاقتداء بالشافعي بالوتر إجماعًا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل وهذا يخالف ما مر لاقتضائه صحة الاقتداء إذا لم يسلم قال الشارح وهو الأصح لأن اعتقاد الوجوب ليس بواجب على الحنفي وكل منهما يحتاج إلى نية الوتر فلم يختلف نيتهما قال في (الفتح): وقد يشكل هذا الإطلاق بما في (التجنيس) وغيره من أن الفرض لا يتأدى بنية النفل ويجوز عكسه وعلى هذا أن لا يجوز وتر الحنفي اقتداء بوتر الشافعي بناء على أنه لم يصح شروعه في الوتر لأنه بنيته إياه إنما نوى النفل الذي هو الوتر ولا يتأدى الواجب بنية النفل وحينئذ الاقتداء به بناء على المعدوم في زعم المقتدي، نعم لو لم يخطر بخاطره عند النية صفة من السنة أو غيرها بل مجرد الوتر فينتفي المانع فيجوز لكن إطلاق مسألة (التجنيس) تقتضي أنه لا يجوز وهو غير بعيد للمتأمل انتهى. ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه بنية الوتر إنما نوى نفلاً بل صلاة مخصوصة عينها بالوترية وهذا كاف في صحة الاقتداء ويدل عليه ما في باب الوتر من (التجنيس) لو اقتدى في الوتر بمن يراه سنة أو تطوعًا جاز الاقتداء بمنزلة من صلى الظهر خلف آخر وهو يرى أن الركوع سنة أو تطوعًا، وإن كان افتتح الوتر بنية التطوع أو بنية السنة لا يصح الاقتداء لأنه يصير اقتداء المفترض بالمتنفل انتهى. فقوله ولأن الفرض لا يتأدى بنية النفل معناه حينئذ إذا نوى صريح النفل كالسنة أو التطوع ونية الوتر ليست نية له كما قد علمت وإذًا تحققت هذا ظهر لك أن قوله في (البحر): ما في (التجنيس) أولاً في الفرض القطعي والوتر ليس كذلك

وقنت في ثالثته ـــــــــــــــــــــــــــــ غير صحيح إذ مفاده أن الوتر يتأدى بنية النفل وهو خلاف الواقع فتدبره (وقنت) أي: المصلي قد مر أنه واجب إلا أن في تعيينه خلافًا حكاه في (المجتبى) فقيل: هو طول القيام لا الدعاء، وفي (الصغرى) أنه الدعاء دون طول القيام وينبغي ترجيحه والمراد من الدعاء مطلقه، وقول محمد ليس في القنوت دعاء مؤقت مجرى على إطلاقه. وقيل: مقيد بغير اللهم إنا نستعينك إلى آخره واللهم اهدني ورجح بأن الإمام ربما كان جاهلاً فدعا بما يفيدها، وأيضًا فيه تبرك بالمأثور المتوارث سلفًا عن خلف وقول محمد محمول على أدعية المناسك وهذا يومئ إلى أن المراد بالقنوت في كلام محمد الطاعة، ونحفد فيه بمهملة أي: نسرع ولو أتى بها معجمة فسدت كما في (الخانية) قيل: ولا يقول الجد لكنه ثبت في (مراسيل أبي داود) وملحق بكسر الحاء وفتحها والكسر أفصح كذا في (الدراية) وفي (الصحاح) الفتح صواب ويصلي فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: الاستغناء بما في آخر التشهد وبالأول يفتى، واختلف فيمن لا يحسنه بالعربية أو لا يحفظه هل يقول يا رب أو اللهم اغفر لي ثلاثًا أو ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة أقوال والظاهر أن الخلاف في الأفضلية وأن الأخير أفضل (في ثالثته) أداء كان أو قضاء ولو شك أنه في الثانية أو الثالثة أتم الركعة وقنت فيها ثم ضم أخرى وقنت فيها أيضًا هو المختار كذا في (التجنيس). وفي (المحيط): لو شك أنه في الأولى أو الثانية أو الثالثة جلس في كل ركعة بعد القنوت فيها هو الأصح، وقيل: لا يقنت أصلاً لأنه في الأولى والثانية بدعة وترك السنة أولى من ارتكاب البدعة وجوابه منع كونه سنة بل واجب كما مر وما تردد بين بدعة وواجب أتى به احتياطًا، هذا وسكت المصنف عن صفته من الجهر والإخفاء لأنها لم تذكر في ظاهر الرواية وقد قال ابن الفضل: يخفيه الإمام والمقتدي. قال في (الهداية) تبعًا للسرخسي: إنه المختار. وفي (المفيد) قال مشايخنا: المؤتم يخفي حتمًا لا الإمام، وأما المنفرد ففي (البدائع) أنه يخير هل يرسل في هذا الدعاء أو يعتمد اختيار الطحاوي والكرخي الأول وغيرهما الثاني وهو قول/ الإمام والثاني وهو الأصح، وفي (الحاوي) لم ير بعض أصحابنا التأمين والإرسال قال في (البناية): ومعنى الإرسال هنا أن يبسطهما كما يفعل الداعي ولو مسح بهما وجهه بعد فراغه قيل: فسدت كذا في (جوامع الفقه) فرع لو وقعت نازلة قنت الإمام في الصلاة الجهرية كذا في (البناية)، ونقل في

قبل الركوع أبدًا وقرأ في كل ركعة منه فاتحة الكتاب وسورة ولا يقنت في غيره ويتبع المؤتم قانت الوتر لا الفجر ... ـــــــــــــــــــــــــــــ (العناية) عن جمهور أهل الحديث أنه يقنت في كل الصلوات، (قبل الركوع) بيان لمحله من الثالثة فلو تذكره بعد الرفع منه لا يقنت كذا روي عن الإمام ولو فيه ففيه روايتان والأصح أنه لا يفعل ولو فعل ولو بعد الركوع لم يفسد كذا في (الخانية). زاد في (الخلاصة) وعليه السهو قنت أو لم يقنت (أبدًا) أي: دائمًا في جميع السنة بعد أن كبر رافعًا يديه لما مر (وقرأ في كل ركعة منه الفاتحة وسورة) أي: سورة كانت إلا أنه لو قرأ في الأولى بالأعلى وفي الثانية بالكافرون وفي الثالثة بالإخلاص تبركًا بالمأثور كان حسنًا، وهذا على إيجاب القراءة في جميعه بالإجماع أما على قولهما فظاهر، وأما على قول الإمام فلأن وجوبه لما كان بالسنة وهي لا تفيد القطع وجبت القراءة في جميعه احتياطًا، وفي (التجنيس) الوتر بمنزلة النفل في حق القراءة إلا أنه يشبه المغرب من حيث أنه لو استتم قائمًا في الثالثة قبل القعود ثم تذكر لا يعود لأنها صلاة واحدة ينبغي أن تفسد لو عاد على ما سيأتي. (ولا يقنت في غيره) أي: الوتر كالفجر وما روي عن قنوته عليه الصلاة والسلام فيه فإنما كان شهرًا يدعو على قوم من العرب ثم تركه، والمشروع لا يترك (ويتبع المؤتم قانت الوتر) في قنوته ولو قبل الركوع قيل: هذا عند أبي يوسف وهو الأصح وعند محمد سكت ويؤمن وفي (الفتح) ويتابعونه إلى بالكفار. ملحق: وإذا دعا باللهم اهدني أو غيره هل يتابعونه ذكر في (الفتاوى) خلافًا بين أبي يوسف ومحمد في قول محمد لا ولكن يؤمنون وقال بعضهم إن شاؤوا سكتوا (لا) أي: لا يتبع المؤتم القانت في (الفجر) عندهما وقال الثاني: يتابعه وفاء بحق الاقتداء ولهما أنه منسوخ ولا متابعة فيه فصار كما لو كبر في الجنازة خمسًا، ثم قيل: إنه يقعد تخفيفًا للمخالفة، وقيل: يقف ساكتًا وهو الأصح ولو كبر في الجنازة خمسًا قيل: يسلم والأصح أنه يقف ساكنًا أيضًا ويتابعه في السلام، قال في (البناية): ولم يذكروا أنه يقعد تخفيفًا للمخالفة كما في القنوت. وأقول: مخالفته في الجنازة ليست بالقعود بل بالسلام لما أنه بعد تمام الأركان وقد ذكروه، ودلت المسألة على جواز الاقتداء بالشافعية وذلك لأن الاختلاف في أنه يتابعه أو لا يقف ساكتًا أو يقعد اتفاقًا على أنه لو كان مقتديًا وهذا فرع صحة الاقتداء به لكنه مشروط بأن يحتاط في موضع الخلاف، بأن لا يتوضأ من قلتين فيهما نجاسة وأن يغسل ثوبه من المني الرطب ويفرك اليابس، وأن يراعي الترتيب بين الفوائت، وأن يمسح ربع ناصيته وأن يتوضأ من القهقهة والفصد، وأن لا يكون الإمام صلى

والسنة قبل الفجر، ـــــــــــــــــــــــــــــ الوقتية قبل الاقتداء به، وقول العيني إن هذا عجيب لأن الشافعي أيضًا يقول بمثله في حق الحنفي تعجب في غير محله، لأن هذا لا يصلح مانعًا لقول الحنفي به والجامع لهذه الأمور أنه لا يتحقق منه ما يفسد صلاته في اعتقاده بنا على أن المعتبر هو رأي المقتدي وهو الصحيح الذي عليه الأكثر وقيل: رأي الإمام وعليه الهندواني وجماعة قال في (النهاية): وهو أقيس وعلى هذا فيصح وإن لم يحتط، ثم على الأول لو غاب عنه وقد عرف من حاله عدم الاحتياط ثم رآه يصلي فالأصح صحة الاقتداء به لكن قولهم لو علم منه عدمه لا يصح الاقتداء به قد يعكر على هذا فإنه سواء علم حاله في خصوص ما يقتدى به أو لا كذا في (الفتح) وما قيل: وأن لا يكون منحرفًا عن القبلة ولا متعصبًا ولا شاكًا في إيمانه رد بأن الانحراف ليس مذهب الشافعي وغاية التعصيب بلا استحلال أن يوجب فسقًا وهي خلف الفاسق صحيحه كذا في (البناية) قال في (الفتح): ولا مسلم يشك في إيمانه والمشيئة في الإيمان إما للتبرك أو باعتبار إيمان المؤافاة فنسأل الله المنان أن يثبتنا عليه في ذلك الأوان. (والسنة قبل الفجر) مشروع في الرواتب المؤكدة والأصل فيها حديث الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة) وعددها كما هنا بدأ المصنف فيها بسنة الفجر لقوتها حتى روى الإمام وجوبها وروى الحسن إن أداها قاعدًا بلا عذر لا يجوز وجعله في (الخلاصة) مجمعًا عليه وأثر الخلاف يظهر في إصابتها بمطلق النية. وفي (التجنيس) لو صلى ركعتين تطوعًا على ظن بقاء الليل فإذا الفجر طالع أجزأته عن ركعتي الفجر/ هو الصحيح وما في (الخلاصة) الأصح أنها لا تجزئه فمخرج إما على رواية الوجوب أو على أن السنة لا تصاب بنية النفل لكن قد يشكل عليه ما فيها أيضًا صلى أربع ركعات تطوعًا فتبين أن الأخيرتين بعد الفجر تحسب عن ركعتي الفجر عندهما وإحدى الروايتين عن محمد وبه يفتى، إذا احتسابهما في الأول أولى إلا أنه في (التجنيس) قال: الأصح عدم احتسابهما كما إذا صلى الظهر ستًا وقعد على الرابعة حيث لا تنوب الركعتان عن سنة الظهر هو الصحيح لأن السنة هي ما واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريمة مبتدأة وترجيح (التجنيس) في المسألتين أوجه وقالوا: العالم إذا صار مرجعًا للفتوى جاز له ترك كل السنن إلا سنة الفجر صرحوا بأنه يأثم بتركها على الأصح كما في (المحيط) بل في (النوازل) لو ترك سنن

وبعد الظهر، والمغرب، والعشاء ركعتان، وقبل الظهر والجمعة، وبعدها أربع وندب الأربع قبل العصر، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة الصحيح أنه يأثم لأنه جاء الوعيد بالترك هذا إذا كان مع رسوخ وأدب فإن لم يكن دار بين الكفر والإثم بحسب الحالة الباعثة. تتمة: صلى ركعتي الفجر مرتين فالسنة آخرهما لأنهما أقرب إلى المكتوبة والسنة هي ما يؤدى متصلاً بالمكتوبة كذا في (المحيط) وهو مبني على أن الأفضل إيلاهما للفرض وقيل: تقديمهما أول الوقت وجزم في (الخلاصة) به وعليه فينبغي كون السنة أولاهما ولو أكل أو باع بعد سنة الفجر أو الظهر أعادها كذا في (الخلاصة). ومن السنة أن يقرأ فيهما بالكافرون والإخلاص (وبعد) صلاة (الظهر والمغرب والعشاء ركعتان وقبل الظهر والجمعة وبعدها أربع) هذا هو ظاهر الرواية كما في (البدائع) وقال الثاني: بعد الجمعة ستة وبه أخذ الطحاوي وأكثر المشايخ كما في (عيون المذاهب) وعبارته في (التجنيس) وغيره: وكثير من مشايخنا أخذوا بقوله في (المنية) والسنة عندنا أن يصلي أربعًا ثم ركعتين هذا واختلف في أقواها بعد ركعتي الفجر ففي (القنية) قيل: الكل سواء والأصح أن الأربع التي قبل الظهر آكد وعليه جرى في (النهاية) و (العناية) وقال الحلواني: ركعتا المغرب ثم التي بعد الظهر ثم التي بعد العشاء ثم قبل الظهر وصححه الحسن وهو أحسن كذا في (فتح القدير) تكميل: في (القنية) أخر السنة حتى أداها في آخر الوقت لا تكون سنة. وقيل: تكون والكلام بعد السنة، وكل عمل ينافي التحريمة لا يسقطها ولكن ينقض الثواب على الأصح ولو جيء بالطعام بعد الفرض فإن خاف ذهاب حلاوته أو بعضها تناوله ثم أتى بالسنة إلا إذا خاف فوت الوقت، ولو نذر السنن وأتى بالمندوب فهو السنة وقال تاج الدين: والد صاحب (المحيط) لا يكون إيتائها لأنها لما التزمها صارت أخرى فلا تنوب مناب السنة ورجح في (عقد الفرائد) الأول بأن النذر لا يخرجها عن كونها سنة ألا ترى أن من شرع في سنة الظهر ثم قطعها ثم أداها كانتا سنة وزادت وصف الوجوب بالقطع انتهى. ولكن يرد عليه ما في (القنية) أيضًا شرع في سنة من السنن أو التراويح لا يلزمه المضي ولا قضاؤها إذا أفسدها إلا أن يلتزم ضعفه وهو الظاهر (وندب الأربع قبل) صلاة (العصر) وإن شاء أتى بركعتين فالكل مروي من فعله عليه الصلاة والسلام.

والعشاء وبعدها، والست بعد المغرب، ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) قبل صلاة (العشاء وبعدها) لأنها كالظهر من حيث أنه لا يكره التطوع قبلها ولا بعدها كذا في (الشرح) وغيره لكن ورد في الأربع بعدها نص صريح أخرجه أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل بيتي إلا صلى فيه أربع ركعات أو ست ركعات) وهذا نص في المواظبة فمقتضى النظر كون الأربع دون الست سنة كذا في (فتح القدير) وأجاب في (البحر) بأن نقل المواظبة معارض بما في (الصحيحين) من حديث ابن عمر: (صليت معه عليه الصلاة والسلام فصلى ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، وحدثني أنه كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد الفجر) وقيل: إن شاء صلى ركعتين وقيل: الأربع قول الإمام والركعتان قولهما لما سيأتي كذا في (الشرح) وغيره وهذا بظاهره ربما أفاد أن الركعتين على قولهما أفضل من الأربع ولا يشك شاك أن الأربع بتسليمة أفضل من الركعتين فقط عند الكل. (و) ندب (الست بعد المغرب) بثلاث تسليمات كما في (التجنيس) لخبر ابن عمر: من صلى بعد المغرب ستًا كتب من الأوابين وتلا قوله تعالى: {فإنه كان للأوابين غفورًا} (الإسراء: 25) وسكت عن ندب الأربع بعد الظهر وبه صرح بعض المشايخ لحديث رواه أبو داود والترمذي. بقي هل المؤكدة محسوبة من/ المندوب في الوقتين أو لا؟ وعلى الأول هل تؤدى بتسليمة واحدة أو لا؟ اختلف علماء العصر فيه فمنعه قوم لأنه إذا نوى السنة لم يصدق عليه في الشفع الثاني أو المندوب لم يصدق في السنة قال في (الفتح): ووقع عندي أنه إذا صلى أربعًا بعد الظهر بتسليمة أو باثنتين وقع عن السنة والمندوب سواء احتسب هو الراتب منها أو لا وأطال فيه وأطاب. تنبيه: هل الأولى وصل السنة التالية للفرض به أو لا؟ ففي (شرح الشهيد) أن القيام إلى السنة متصلاً بالفرض مسنون وصرح في (الاختيار) بأن كل صلاة بعدها سنة يكره الجلوس بعدها، وفي الثاني: كان عليه الصلاة والسلام: (إذا سلم مكث قدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام فتباركت يا ذا الجلال والإكرام)، وقال الحلواني:

وكره الزيادة على أربع في نفل النهار وعلى ثمان ليلاً، ـــــــــــــــــــــــــــــ لا بأس به أن يقرأ بين الفريضة والسنة الأوراد واختاره في (فتح القدير) لأن الثابت عنه عليه الصلاة والسلام (أنه كان يؤخر السنة عن الأذكار) هذا وبقي من المندوبات صلاة الضحى وأقلها أربع ركعات وأوسطها ثمان ركعات أكثرها اثنتا عشر ركعة وذكر في (الذخائر الأشرفية) أن أوسطها أفضلها ووقتها بعد الطلوع إلى الزوال وصلاة الاستخارة ذكرها الشر وغيره ودعاؤها معروف ومشهور، وصلاة الحاجة ذكرها ابن أمير حاج وغيره وأحاديثها مذكورة في (الترغيب والترهيب) وكأن الفارق بينها أن الاستخارة لما يفعل في المستقبل والحاجة لما نزل به وحل، وقيام الليل وأحب الليالي العشر الأخيرة من رمضان والأول من ذي الحجة وليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان، ولا خفاء أنه يكون في كل عبادة تستوعب الليل أو أكثره ومن المعلوم كراهة النفل لجماعة إلا التراويح وعلم بهذا كراهة الجماعة في أول ليلة الجمعة من رجب وهي المسماة بصلاة الرغائب قال البزازي: ولا يخرجون عن الكراهة بنذرها. (وكره الزيادة على الأربع) أي: أربع ركعات بتسليمة في نفل النهار وباتفاق الروايات لأنه لم يرد أنه عليه الصلاة والسلام زاد على ذلك ولولا الكراهة لزاد تعليمًا للجواز كذا قالوا وهذا يفيد أنها تحريمية. (و) كره أيضًا الزيادة (على ثمان) ركعات (ليلاً) أي: في الليل. واعلم أنه لا خلاف في إباحة الثمان بتسليمة ليلاً كما لا خلاف في كراهة الزيادة عليها على ما اختاره القدوري تبعًا لفخر الإسلام وقول السرخسي الأصح أنه لا يكره لما فيه من وصل العبادة تصحيح للواقع من مذهبهم لكن رده في (البدائع) بأنه لو صح لما كرهت الزيادة على أربع في نفل النهار فالصحيح الكراهة لأنه لم يرد ذلك لأن غاية ما انتهت إليه الأعداد الواردة من صلاته عليه الصلاة والسلام ليلاً فيما روته عائشة رضي الله تعالى عنها (إحدى عشرة ركعة ثلاث منهن وتر والباقي نافلة) هكذا استدل به فخر الإسلام وغيره، وروى الطحاوي بما ثبت عن عائشة من رواية الزهري أنه كان يسلم من كل اثنتين منهن ولم نجد عنه من فعله ولا من قوله أنه أباح أن يصلى في الليل بتكبيرة أكثر من ركعتين وبذلك نأخذ وهو

والأفضل فيهما الرباع وطول القيام أحب من كثرة السجود، ـــــــــــــــــــــــــــــ أصح القولين انتهى. قال الإتقاني: وهو الحق لأن كون الثمان نافلة هذا احتمال ويحتمل أن أربعًا منها فرض العشاء وأربعًا سنتها وثلاث ركعات وتر وليس في الحديث قيد التطوع وأقول: يلزم على ما قاله الطحاوي: أنه لم يصل الوتر لأنه لا ذكر له في هذه الأعداد فمتى فعله جاز واحتمال كون العشاء منها مدفوع بما سمعته من ثبوت سلامه وأجاب في (البحر) عما استدل به الطحاوي بما في (مسلم) عن عائشة كان يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا في الثامنة فيذكر الله تعالى ويحمده ويدعو ثم ينهض ولا يسلم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله تعالى ويحمده ثم يسلم تسليمًا لكن مقتضاه عدم لزوم القعدة على رأس الركعتين من النفل وكلمتهم متفقة على لزومها. (والأفضل فيهما) أي: في الليل والنهار (الرباع) غير منصرف للعدل عن أربعة والوصف ولا خلاف في النهار لأنه عليه الصلاة والسلام (كان يصلي الضحى أربعًا لا يفصل بينهن بسلام) وهكذا جاء عنه في سنة الظهر والجمعة وأما في الليل فهو قول الإمام وقالا: المثنى أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام (صلاة الليل مثنى مثنى) واعتبارًا بالتراويح قال في (العيون): وبقولهما يفتى اتباعًا للحديث كذا في (المعراج). ورده الشيخ قاسم بما استدل به المشائخ للإمام من حديث الصحيحين عن عائشة: (ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة/ ركعة يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن وكانت التراويح ركعتين تخفيفًا) وقوله: مثنى يحتمل أن يراد به أيضًا شفع ولا وتر وترجحت الأربع بزيادة منفصلة لما أنها أكثر من مشقة على النفس وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إنما أجرك على قدر نصبك) (وطول القيام) في الصلاة (أحب من كثرة السجود) فيها في الركعات المتعددة كذا عن محمد وهو الصحيح كذا في (البدائع)، لما في (مسلم): لقوله عليه الصلاة والسلام لذلك السائل:

والقراءة فرض في ركعتي الفرض. وكل النفل ـــــــــــــــــــــــــــــ (عليك بكثرة السجود) وظاهر ما في (المعراج) أن فضيلة القيام هي قول الإمام حيث قال: طول القيام أفضل وقال أبو يوسف: إن كان له ورد بالليل فكثرة السجود وإلا فطول القيام وقال محمد: كثرة الركوع والسجود أفضل واختاره في (البحر) لأن القيام وسيلة إلى الركوع والسجود ولذا سقط عن من لا يقدر عليهما فلا يكون أفضل من القعود وقولهم: إن كثرة القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود إنما يكثر التسبيح لا يفيد الأفضلية لأنها ركن زائد مع اختلاف في ركنتيها بخلاف الركوع والسجود فإنهما ركنان أصليان إجماعًا مع أن القيام قد يختلف عن القراءة في الفرض فيما زاد على الركعتين. وأقول: فيه نظر من وجوه أما أولاً فلأن القيام وإن كان وسيلة إلا أن أفضلية طوله إنما كانت بكثرة القراءة فيه وهي وإن بلغت كل القراءة تقع فرضًا بخلاف التسبيحات فإنها وإن كثرت لا تزيد على السنة، وأما ثانيًا فلأن كون القراءة ركنًا زائدًا مما لا أثر له في الفضيلة بخلاف الركوع والسجود، وأما ثالثًا فلأن كون القيام يختلف عن القراءة في الفرض ليس مما الكلام فيه إذ موضوع المسألة في النفل وفيه تجب القراءة في كل (و) لم أر في كلامهم ما لو تطوع الأخرس هل يكون طول قيامه أفضل كالقارئ أم لا فتدبره. (القراءة) في الصلاة (فرض) عملي (في ركعتي الفرض). أما في خصوص الأوليين فقد سبق أنها واجبة وهذا هو ظاهر المذهب وإليه أشار في (الأصل) وهو الصحيح وقيل: فرض في الأوليين وصححه في (التحفة) وغيرها، وأجمعوا أنه قرأ في الأخريين فقط صحت، وأنه يجب عليه السهو وعلى هذا فأثر الخلاف إنما يظهر في سببه فعلى الأول ترك الواجب وعلى الثاني تأخير الفرض عن محله كذا في (البحر) لكن سيأتي في السهو أن تأخير الفرض فيه ترك واجب أيضًا ويمكن أن يظهر في اختلاف مراتب الإثم فعلى الأول يأثم إثم تارك الواجب وعلى الثاني إثم تارك الفرض العملي الذي هو أقوى نوعي الواجب على ما مر تحقيقه وفي (القنية) لم يقرأ في الأوليين وقرأ في الأخريين الفاتحة على وجه الثناء والدعاء لا تجزئه إلا أن المسطور في (التجنيس) أنه لو قرأ في الصلاة على وجه الثناء جازت صلاته لأن القراءة في محلها فلا يتغير حكمها بقصده وهكذا في (الظهيرية) ثم ذكر بعده ما في (القنية) عن الحلواني (و) في (كل النفل) لأن كل شفع منه صلاة على

والوتر، ولزم النفل بالشروع، ولو عند الغروب والطلوع ـــــــــــــــــــــــــــــ حدة والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة ولذا لا يجب بالتحريمة الأولى إلا ركعتان ويستفتح في الثالثة كذا في (الهداية)، قال في (الفتح): وقياسه أن يتعوذ أيضًا واعترض بأنه لو كان كذلك لما صحت ترك القعدة ساهيًا لكنها تصح ويسجد للسهو ويجب العود إليها إذا تذكر بعد القيام ما لم يسجد وأجيب بأن هذا هو القياس وبه قال محمد وزفر في رواية وفي الاستحسان لا يفسد لأن التطوع شرع أربعًا كما شرع ركعتين فإذا ترك القعدة أمكن تصحيحها بجعلها واحدة كذا في (الفتح)، وحاصله بتسليم أن كل شفع صلاة على حدة إلا لعارض وعلى هذا قلا يثني ولا يتعوذ إذا لم يقعد ويدل على ذلك ما في (المجتبى) وغيره، ولا يستفتح في سنة الظهر والجمعة والتي بعدها لأنها صلاة واحدة وسيأتي أنه لو أفسدها قضى ركعتين فقط فكأنها أشبهت الظهر من وجه وفارقته من آخر فعملوا بالشبهين قال الشارح: والثمان كالأربع على الصحيح وفي (الخلاصة) نوى أربعًا تطوعًا لم يقعد على الركعتين عامدًا لا تفسد استحسانًا وهو قولهما وتفسد قياسًا وهو قول الإمام وزفر، ولو ستًا أو ثماني بقعدة واحدة فالأصح أنها تفسد قياسًا واستحسانًا وحكم سنة الظهر حكم النفل عن محمد أما على قول الإمام ففيها قياس أو استحسان في الاستحسان لا تفسد وفي القياس تفسد عنده وه المأخوذ به انتهى. (و) في كل (الوتر) لأن فيه روائح النفلية فلزم فيه الاحتياط في القراءة لأنها ركن مقصود لنفسه لا كالقعدة (ولزم النفل) أي: لزم الصلاة/ (بالشروع) فيه وقول العيني صلاة كان أو صومًا من استعجال الشيء قبل أوانه وهلا قال: أو حجًا لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} (محمد: 33) أطلقه فعم كل نفل إلا أنه في (الخلاصة) قال: لو افتتح الظهر مع الإمام ينوي التطوع ثم تذكر أنه لم يصله فقطع التطوع ثم كبر ينوي الظهر لا شيء عليه وكذا لو دخل مع الإمام ينوي المكتوبة ثم كبر ينوي النافلة ثم أفسدها لم يكن عليه إلا المكتوبة وجه الأول في (القنية) بأن ما شرع فيه يصير مؤدى بأداء الظهر فيكون قطعه لإكماله، وقالوا: لو شرع في الظهر ثم تبين أنه أداء فأفسده لا شيء عليه لأنه إنما شرع فيه مسقطًا لا ملتزمًا، أطلق في الشروع فانصرف إلى الصحيح فلا يلزمه الشروع في غيره حتى لو شرع في صلاة أمي أو امرأة أو جنب أو محدث فأفسدها لا قضاء عليه كما في (البدائع) وفيها اقتدى متطوع بمفترض فقطعه ثم اقتدى به ولم ينو القضاء خرج عن العهدة ولو نوى تطوعًا آخر ذكر في (الأصل) أنه ينوب أيضًا في قول الإمام الثاني، وفي (الزيادات) لا ينوب (ولو) كان الشروع (عند الطلوع والغروب) والاستواء في ظاهر الرواية عن الإمام والأفضل

وقضى ركعتين لو نوى أربعًا وأفسده بعد القعود الأول أو قبله أو لم يقرأ فيهن شيئًا أو قرأ في الأوليين، أو الأخريين ـــــــــــــــــــــــــــــ قطعها وإن أتمها فلا قضاء عليه لكن أساء كذا في (البدائع) وينبغي القطع خروجًا عن المعصية، وعن الإمام أنه لا يلزمه بالشروع في هذه الأوقات اعتبارًا بالشروع في الصوم في الأوقات المكروهة والفرق على الظاهر صحت تسميته صائمًا بالشروع فيه وفي الصلاة لا إلا بالسجود ولذا حنث بمجرد الشروع في لا يصوم بخلاف لا يصلي كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (وقضى ركعتين لو نوى أربعًا) وشرع فيه دل على ذلك قوله (وأفسده) أي: المنوي (بعد القعود الأول) يعني بعد ما قام إلى الثالثة (أو قبله) لما مر من أن كل شفع صلاة على حدة والقيام إلى الثالثة بمنزلة تحريمة مبتدأة فإفساد الثاني بعد القعود لا يستلزم إفساد الأول خلاف إفساد الأول وهذا ظاهر الرواية عن الثلاثة وعن الثاني ثلاث روايات والأصح رجوعه إلى قولهما، قيد بنية الأربع لأنه لو لم ينو شيئًا قضى ركعتين فقط باتفاق الروايات كما في (الخلاصة) وإطلاقه يعم سنة الظهر فإذا أفسدها بعد القعود أو قبله قضى ركعتين أيضًا في ظاهر الرواية وجزم غير واحد بأنه عن الثاني يقضي أربعًا، واختاره بعض المشايخ لأنها صلاة واحدة وأنت قد علمت رجوعه، فالخلاف ليس بناء على قوله بل اختيار لبعض المشائخ وعزاه في (الدراية) للفضلي، وعليه فينبغي أن لا فرق في وجوب الأربع بين نيتها أو لا، لأنها صلاة واحدة وقيد بالقعود الأول لأنه، لو لم يقعد وأفسد الأخريين قضى أربعًا إجماعًا هذا إذا لم يقتد بمن تلزمه الأربع كمصلي الظهر فإن اقتدى به ثم أفسده لزمته الأربع سواء اقتدى في أوله، أو في القعدة الأخيرة كذا في (البدائع) (أو لم يقرأ فيهن) أي: في الأربع (شيئًا أو قرأ في) الركعتين (الأوليين) فقط أو قرأ في الركعتين (الأخريين) لا غير حيث يقضي ركعتين كذلك، هذا شروع في المسألة الملقبة بالثمانية لأنها على ثمانية أقسام لكنها في الحقيقة أقسام في ترك القراءة لا في نفسها ولذا لم يكن منها ما إذا قرأ في الكل مع أن القسمة العقلية تقتضيه وبه تصل الأقسام إلى ستة عشر وذلك أنه إما أن يكون قرأ في الكل أو ترك في الكل أو في الشفع الأول أو في الثاني أو في كل ركعة من الشفع وهذا صادق بأربع صور أو في الأولى والثانية أو الرابعة أو في الأولى والثانية من الشفع الثاني أو الأولى والثالثة أو الرابعة أو ترك في الثانية أو الثالثة أو الرابعة وترك في الثانية أو الثالثة أو الرابعة ولم يذكر الأول لما علمت وتداخلت منها سبعة لاتحاد الحكم فصارت ثمانية فعليك بتمييز المتداخلة بالتفتيش في

وأربعًا لو قرأ في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين وفي إحدى الأوليين ـــــــــــــــــــــــــــــ القياس كذا في (العناية) لكن بقي من الأقسام ما إذا قرأ في الأوليين فقط ولم يقعد أو قعد ولم يقم إلى الثالثة أو قام ولم يقيدها بالسجدة أو قيدها كذا في (البيانية) وقد سمعت ثلاثًا منها في كلام المصنف وأفاد أربعًا بقوله: (وأربعًا لو قرأ في إحدى الأوليين) الأولى والثانية لا غير (وإحدى الأخريين) كذلك (و) الثانية ما إذا قرأ (في إحدى الأوليين) لا غير فإنه يقضي أربعًا عندهما قيد بإحدى الأوليين وإحدى الأخريين لأنه لو قرأ في الأوليين أو إحدى الأخريين أو عكسه قضى ركعتين إجماعًا وكذلك لو قرأ في إحدى الأخريين لا غير ولهذا يصح قضاء الركعتين في تسع وأربع في ست ولا خفاء أنه إذا لم يقعد وقد قرأ في الأوليين/ وأفسد الأخريين أن يقضي أربعًا إجماعًا أو ترك القراءة وقعد ولم يقم يقضي ركعتين أما إذا قام ولم يقيده بالسجدة ثم أفسدها فإنه يلزمه ركعتان عندهما وعند الثاني أربع والمتداخل لا يخفى. واعلم أن الأصل عند الإمام إن ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة لا في أحدهما لأن كل شفع صلاة على حدة والفساد بالترك في ركعة مجتهد فيه فقضينا بالفساد في حق وجوب القضاء وببقاء التحريمة في حق لزوم الشفع الثاني احتياطًا وعند أبي يوسف إنما يوجب بطلان الأداء لأنها ركن زائد فللصلاة وجود بدونها غير أنه لا صحة للأداء بدونها فإفساد الأداء لا يزيد على تركه وعند محمد ترك القراءة في ركعة يوجب بطلان التحريمة إذا قيدها بالسجدة لأنها تعقد للأفعال ومن ثم لو لم يقرأ أصلاً قضى ركعتين عندهما. وأربعًا عند الثاني ولو في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين قضى أربعًا عندهما وقال محمد: يقضي ركعتين وهذه إحدى المسائل التي أنكرها أبو يوسف على محمد قائلاً ما رويت لك هكذا عن الإمام قيل: أنه توقع عن محمد أن يروي عنه كتابًا فوضع (الجامع الصغير) سالكًا فيه طريق الإسناد بقوله محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة فلما عرض عليه استحسنه وقال: حفظ أبو عبد الله إلا ست مسائل أنكر روايتها عنه فلما بلغ محمدًا قال: بل حفظتها ونسي أولها مسألة القراءة قال: إنما رويت لك أن يقضي ركعتين الثانية مستحاضة توضأت بعد طلوع الشمس تصلي حتى يخرج الظهر قال: إنما رويت لك حتى يدخل وقت الظهر الثالثة إذا أجاز المالك عتق المشتري من الغاضب فقد قال: إنما رويت لك أنه لا ينفد الرابعة لا يجوز نكاح المهاجرة إذا كانت حاملاً قال: إنما رويت لك أنه يجوز ولكن لا يقربها الزوج حتى تضع الخامسة لو قتل عبدها مولى لهما فعفى أحدهما بطل الدم عند الإمام وقالا: بدفع ربعه إلى شريكه أو يفديه بربع الدية قال: إنما رويت لك أن قول الإمام كقولنا وإنما رويته من الخلاف إنما هو في

ولا يصلي بعد صلاة مثلها ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد قتل مولاه عمدًا وله وليان فعفى أحدهما فذكر الاختلاف فيهما وأما قول الإمام مع الثاني في الأولى السادسة مات وترك له ابنًا وعبدًا لا غير فادعى العبد العتق في الصحة وادعى رجل على الميت ألفًا وقيمة العبد ألف فصدقهما الابن سعى العبد في قيمته وهو حر فيأخذها الغريم قال: إنما رويت لك أنه عبد ما دام يسعى كذا في (شرح المغني) للهندواني. قال فخر الإسلام واعتمد مشايخنا رواية محمد واستشكل في (فتح القدير) بأن المذهب أن الراوي إذا أنكر روايته لا تبقى حجة فليكن عليه الاعتماد لا بناء على روايته بل تخريج صحيح على أصل أبي حنيفة وإلا فمشكل وأجاب في (البحر) بأن محمدًا روى ذلك عن الإمام بلا واسطة لما ذكره قاضي خان في شرح (الجامع الصغير) إنما رواه محمد هو ظاهر الرواية عن الإمام وأقول: في كونه تخريجًا على أصل الإمام نظر يوضحه سلوك طريق الإسناد في الحكم وقول محمد بل حفظتها ونسي ودعوى أنه رواه بلا واسطة مناف لما ادعاه من الرواية عن الثاني نعم لو قيل: إنما اعتمد المشايخ ذلك لا بناء على ما رواه عن الثاني بل بناء على ما سمعه منه من غير واسطة فإنه وإن بطلت روايته من هذا الوجه إلا إنه لا مانع من ثبوتها من طريق أخرى فقد ذكر في (الأصل) أن قول الإمام فيه قياس واستحسان وإن ما ادعى أبو يوسف روايته قياس وما ذكره محمد استحسان ثم رأيت في شهادات (فتح القدير) لو سمع من غيره حديثًا ثم نسي الأصل روايته للفرع ثم سمع الفرع يرويه عنه عندهما لا يعمل به وعند محمد يعمل به ومن ذلك المسائل التي رواها محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ونسيها أبو يوسف وهي ستة فكان أبو يوسف لا يعتبر رواية محمد ومحمد كان لا يدع روايتها عنه كذا قالوا: وفيه إشكال لأن المذكور أن أبا يوسف أنكر وقال: ما رويت لك عن أبي حنيفة ذلك وهذه الصورة ليست من نسيان الأصل رواية الفرع بخلاف ما إذا نسي الأصل ولم يجزم بالإنكار فلا ينبغي اعتبار قول محمد إلا إذا صح اعتبار ما ذكره تخريجًا على أصل أبي حنيفة انتهى. ملخصًا (ولا يصلي بعد صلاة مثلها) هذا اللفظ أثر مروي عن عمر وغيره وذكره الشارح وغيره حديثًا ولا شك أن ظاهره/ غير وارد إجماعًا إذ الظهر والعصر يصليان بعد سنتيهما فوجب حمله على أخص الخصوص ففي (لجامع الصغير) أراد لا يصلي بعد الظهر نافلة ركعتين منهما بقراءة وركعتين بغير قراءة لتكون مثل الفرض وذكر المصنف لهذا بعد إفادة أن القراءة واجبة في جميع ركعات النفل وما ترتب على ذلك من الثمانية دليل على هذا التأويل كذا في (العناية) وبه اندفع ما في (البحر) من أن ذكر المصنف لفظ الحديث مع أن

ويتنفل قاعدًا مع قدرته على القيام ابتداء وبناءً وراكبًا خارج المصر موميًا إلى أي جهة توجهت دابته ـــــــــــــــــــــــــــــ عمومه ليس مرادًا مما لا ينبغي وقال فخر الإسلام لو حمل على تكرار الجماعة في مسجد له أهل أو على قضاء الصلاة عند توهم الفساد لكان صحيحًا. (ويتنفل) أي: يجوز أن يتنفل حال كونه (قاعدًا مع القدرة على القيام) لخبر: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) أطلقه فشمل التراويح إذ الأصح فيها الجواز كما في (الخلاصة) وسنة الفجر أيضًا وقد سبق ما فيها وغيرها بالجواز أولى ولم يبين للقعود كيفية لما أن الكلام في الجواز ولا شك في حصوله على أي حال كان وبه سقط ما في (البحر) أنه للاختلاف فيه إنما الاختلاف في تعيين ما هو الأفضل، والمختار ما قاله زفر وهو رواية عن الإمام أن يقعد كما في التشهد قال أبو الليث: وعليه الفتوى، ولا خلاف أنه إذا جاء أوان التشهد جلس كذلك سواء سقط القيام بعذر أم لا. وفي (التجنيس) الأفضل أن يقوم فيقرأ شيئًا ثم يركع ولو لم يقرأ، ثم ركع جاز ولو لم يستو قائمًا ثم ركع لا يجوز لأنه ليس ركوع قائم ولا قاعد قيد بالقاعد لأن تنفل المضطجع بلا عذر غير صحيح (ابتداء وبناء) نصب على الحالية أي مبتدئًا وبانيًا والظرفية ومعنى البناء أن يشرع فيه قائمًا ثم يقعد لا عن عذر ولا فرق بين الأولى والثانية كما أفاده الإطلاق وهذا استحسان وبه قال الإمام والقياس أن لا يجوز وبه قالا لما أن الشروع معتبر بالنذر وله أنه لم يباشر القيام فيما بقي ولما باشر صحت بدونه بخلاف النذر لأنه التزمه نصًا حتى لو لم ينص عليه لا يلزمه في الصحيح كما في (المحيط) وقال فخر الإسلام: إنه الصحيح من الجواب وقيل: يلزمه واختاره في (الفتح) ولا خلاف أنه لو شرع قاعدًا ثم أتم قائمًا أنه لا يجوز. (و) يجوز أن يتنفل أيضًا حال كونه (راكبًا) قيد بذلك لأن تنفل الماشي غير صحيح إجماعًا كما في (المجتبى) (خارج المصر) مريدًا سفرًا أو لا والأصح في حده ما يجوز للمسافر أن يقصر فيه، ولو شرع خارجه ثم دخل وهو فيها أتمها وقال كثير ينزل كذا في (الخلاصة) (مومئًا) بالركوع والسجود فلو سجد على نحو السرج لا يجوز لأنها شرعت بالإيماء كذا في (منية المصلي) وحمله في (البحر) على ما إذا لم يكن بحيث يخفض رأسه للسجود لما سيأتي ولا حاجة إليه إذ المنتفى إنما هو كونه سجودًا (إلى أي جهة توجهت دابته) نسب التوجه إليها إيماء إلى أن محل الجواز

وبنى بنزوله لا بعكسه. وسن في رمضان عشرون ركعة ـــــــــــــــــــــــــــــ ما إذا سارت بنفسها أما إذا سيرها فلا يجوز حتى الفرض للعذر كذا قالوا: وينبغي أن يقيد بما إذا كان بعمل كثير لقولهم إذ حرك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يكن كثيرًا قال في (غاية البيان): وقوله إلى أي جهة توجهت دابته ينبغي عدم اشتراط الاستقبال عند التحريمة أيضًا لأنه لما جاز إلى غير القبلة جاز الافتتاح أيضًا وقيل: يشترط الاستقبال فيه ووجهه قوي، ولا كلام في السقوط بعده لأن الأركان لما سقطت فالشرائط أولى ومن ثم قالوا: لو كان على الدابة أو السرج أو الركاب نجاسة صحت في ظاهر المذهب وهو الصحيح، وقياس هذا ولو على المصلي أيضًا مع أن ظاهر كلامهم المنع في هذا والفرق قد يعسر فتدبره، قيد بالنافلة لأن الفرض ولو صلاة الجنازة والواجب وما لزم بالشروع لا يجوز إلا لعذر كخوف عدو وكونها جموحًا لا يقدر إذا نزل على ركوبها إلا بمعين وكونه شيخًا أو امرأة ومن ثم قال في (الخانية) وغيرها: حمل امرأته من القرية إلى المصر كان لها أن تصلي على الدابة لأنها لا تقدر على الركوب والنزول أي: بنفسها وفي (منية المصلي) من أن هذا مقيد بما إذا لم يكن معها محرم، وخرجه في (البحر) على قولهما قال: ولم أر ما إذا كان مع أمه مثلاً في شقي محمل وإذا نزل لا تقدر على الركوب وحدها وينبغي أن يكون له ذلك والعجلة إن لم يكن طرفها على الدابة فكالسرير. (وبنى) على صلاته (بنزوله) بعد افتتاحه راكبًا (لا) يبني (بعكسه) وهو ما إذا افتتحها نازلاً ثم ركب والفرق أن إحرام الراكب انعقد مجوزًا للركوع والسجود فإن أتى بهما صح بخلاف إحرام النازل/ فإنه انعقد ملزمًا فلا يقدر على ترك ما لزمه من غير عذر كما في (الهداية) قال في (فتح القدير): وعليه أن يقال: إن أريد بكونه انعقد مجوزًا بأن ينزل فأول المسألة ومحل النزاع وإن أريد وهو راكب بأن يسجد على الإكاف منعنا كون الأجزاء بهما بل بالإيماء الواقع في ضمنهما وأظهر الأمور في تقديره أن الشرع حكم بالإجزاء بمجرد الإيماء فيلزم الحكم بالخروج عن العهدة قبل وصول رأسه إلى الإكاف فلا يقع بهما وما قيل في الفرق: من أن النزول عمل قليل بخلاف الركوب وعليه اقتصر العيني منع بأنه لو رفع ووضع على السرج لا يبني مع أن العمل لم يوجد. (وسن في رمضان عشرون ركعة) شروع في التراويح وأخرها حتى عن النوافل لكثرة شعبها قال المطرزي روحت الناس صليت بهم التراويح أو ترويحة النفس أي: استراحة سميت الأربع بها لاستلزامها شرعًا ترويحة أي: استراحة وإطلاقها على الأخيرة مجاز من إطلاق اسم الأكثر على الكل عدل عن قول القدوري ويستحب أن

بعد العشاء قبل الوتر وبعده بجماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يجتمع الناس في رمضان فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات كل ترويحة بتسليمتين لما أن الأصح أنها سنة رواه الحسن عن الإمام كذا في (الهداية). قال في (العناية) وتبعه في (البحر): وفيه نظر إذ المحكوم عليه بالاستحباب إنما هو الاجتماع وليس في كلامه دلالة على أن التراويح مستحبة وإلى هذا ذهب بعضهم فقال في التراويح: سنة والاجتماع مستحب وأجاب في (الحواشي السعدية) بأنه لما سكت عن بيان صفة التراويح استقلالاً وذكر لفظ الاستحباب فالظاهر استحبابه على مجموع الصلاة والاجتماع والتسليم بين كل ترويحتين، وأنت خبير بأن ما في (العناية) أولى إذ قد حكى غير واحد الإجماع على سنتها لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء كما في (الخانية) نعم كونها عشرين هو قول الجمهور وحكمته أن السنن شرعت مكملات للواجبات وهي مع الوتر عشرون فكانت التراويح كذلك مساواة بين المكمل والمكمل كذا في (الدراية) ولا يخفى أن الرواتب وإن كملت أيضًا إلا أن هذا أشهر، لمزيد كماله زيد فيه هذا المكمل فتكمل بعشر تسليمات بين كل ركعتين بتسليمة فلو صلى أربعًا فإن لم يقعد نابت عن واحدة في الصحيح قال الزاهدي: وعليه الفتوى وإن قعد فعن اثنتين على ما عليه العامة وعن هذا قال في (المحيط): لو صلاها كلها بتسليمة واحدة أجزأت عن الكل في الأصح وهل يكره؟ ففي (منية المصلي): لا يكره والصحيح مع التعمد يكره كما في (الخزانة) قاله الحلبي ولو شكوا صلوا تسعًا أو عشرًا صلوا ركعتين فرادى في الأصح (بعد العشاء قبل الوتر وبعده) بيان لأول وقتها وقيل: الليل كله وعامة مشايخ بخاري قالوا: إنه ما بين العشاء والوتر وما جرى عليه المصنف هو قول الجمهور وهو الأصح وأثر الخلاف يظهر فيما لو فاتته ترويحة لو اشتغل بها يفوته الوتر بالجماعة يشتغل بالترويحة على قول مشايخ بخاري وبالوتر على قول غيرهم، وهذا ينبغي أن يخرج على قول من جعله بالجماعة أفضل وسيأتي ما فيه وأراد بما بعد العشاء ما بعد الخروج منها حتى لو بنى التراويح عليها لا يصح وهو الأصح كما في (الخلاصة) قال: وكذا لو بناها على سنتها في الأصح فكأنهم ألحقوا السنة بالفرض ولا خلاف أن آخر وقتها إذا طلع الفجر هذا وقت الصحة أما المندوب فإلى ثلث الليل أو نصفه واختلف فيما بعد والأصح عدم الكراهة فيه لأنها صلاة الليل والأفضل فيها آخره (بجماعة) في مسجد أو غيره إلا أنها في المسجد أفضل على ما عليه الاعتماد وهو ظاهر في أنها على الأعيان وهو قول المرغيناني، والصحيح الذي عليه العامة أنها على الكفاية حتى لو تركها كل أهل المسجد أثموا وإن ترك البعض فلا إثم عليهم واختلف فيما لو

والختم مرة بجلسة بعد كل أربع بقدرها، ويوتر بجماعة في رمضان فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ صلاها إمامان كل إمام ركعتين والأصح أنها لا يستحب ولو واحد لا تجوز لأنها لا تتكرر كذا في (الخلاصة) وفي (العناية) لو اقتدى فيها من يصلي مكتوبة أو وترًا أو نافلة لا يصح على الأصح انتهى. وهذا في النافلة مبني على أنها لا تصاب بمطلق النية بقي هل تقضى؟ الأصح أن قضاءها لا يسن. (والختم) بالرفع عطفًا على عشرون وبالجر على بجماعة (مرة) هذه المسألة لم تذكر في ظاهر الرواية إلا أن أكثر المشائخ قالوا: إن الختم سنة وهو الصحيح كذا في (الخانية) وغيرها وفي (فتح القدير) لو كان إمام مسجده لا يختم فله أن ينتقل إلى غيره واختلف في قدر المقدر في كل ركعة قال في مختارات (النوازل) الصحيح أنه عشر/ آيات لأن بها الختم إذ ركعات الشهر ستمائة وآي القرآن ستة آلاف فلو ختم قبله قيل يترك وقيل: يصلي بما شاء. وفي (الخلاصة) الختم سنة والختمان فضيلة لكن في (المحيط) الأفضل في زماننا أن يقرأ ما لا يؤدي إلى تنفير القوم لأن تكثير الجمع أولى من تطويل القراءة وفي (المجتبى) والمتأخرون كانوا يفتون في زماننا بثلاث قصار أو آية طويلة لئلا يمل القوم ويلزم تعطيلها وهذا أحسن فقد روى الحسن عن الإمام أنه لو قرأ ذلك في الفرض بعد الفاتحة فقد أحسن ولم يسئ فما ظنك بغيره وفي (التجنيس) واختار بعضهم سورة الإخلاص في كل ركعة وبعضهم سورة الفيل أي: البداية منها ثم يعيدها وهذا أحسن لأنه لا يشتغل قلبه بعدد الركعات لعدم اشتباهها عليه فيتفرغ للتفكر والتدبر، وأما أدعية التشهد فإذا علم أنها تثقل على القوم يتركها إلا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها فرض عند الشافعي فيحتاط كذا في (الخلاصة) وبعض أئمة زماننا يفرط في الاستعجال فيترك الثناء والتسمية والتسبيحات والطمأنينة ولعمري إن هذا الإفراط يؤدي إلى التفريط (بجلسة) متعلق بسن كائنة (بعد كل أربع) بقدرها بيان لمقدار المسنون منها قال الشارح: إلا أنها مستحبة فقط للتوارث وهو ظاهر في ندبها على رأس الخامسة لكن قال في (الخلاصة): أكثرهم على عدم الاستحباب وهو الصحيح ثم هو مخير في هذه الجلسة بين القراءة والتسبيح والسكوت وأما الصلاة فقيل: مكروهة وقيل: حسنة وهو ظاهر ما في (السراج) وأهل مكة يطوفون وأهل المدينة يصلون أربعًا (ويوتر) على صيغة المجهول (بجماعة في رمضان فقط) لإجماع المسلمين على ذلك وأما غيره فيكره ولا خلاف في صحة الاقتداء إذ لا مانع واختلف فيما هو الأفضل وفي (الخانية) الصحيح أن الجماعة أفضل وفي (الشرح) وغيره المختار أن الانفراد في المنزل أفضل ورجحه في (عقد الفرائد) بما في (الظهيرية)

باب إدراك الفريضة

باب إدراك الفريضة صلى ركعة من الظهر فأقيم يتم شفعًا ويقتدي، ـــــــــــــــــــــــــــــ اختار أبو علي النسفي أنه بالجماعة أحب واختار علماؤنا في المنزل أحب وهكذا في (الذخيرة) وهذا يقتضي أن المذهب خلاف ما في (الخانية) وأنه ترجيح منه لا اختيار في المذهب انتهى والله اعلم. باب إدراك الفريضة لما فرغ من بيان إدراك الفرائض والواجبات والنوافل شرع في الأداء الكامل وهو الأداء بالجماعة كما في (العناية) و (الغاية) وهو أولى مما في (الدراية) و (فنح القدير) من أن حقيقة هذا الباب مسائل شتى تتعلق بالفرائض في الأداء الكامل وكله من (الجامع الصغير) إذ عادتهم أنهم لا يبوبون لها بابًا بل يترجمون عنها بشتى أو متفرقة أو منشورة فكان هذا الداعي لعدوله في (العناية) وغيرها إلى ما مر. (صلى ركعة) أراد شرع في الظهر وصلى ركعة كذا في (البناية) ولا حاجة إليه بعد قوله: قال في (البحر): ولو قال: قيد أولى الظهر بسجدة لكان أولى ولا يخفى تضمين كلامه لذلك (من الظهر) أراد به الرباعي لا خصوص الظهر (فأقيم) حقيقة إقامة الشيء فعله وهذا أراد إلا إذا شرع في الإقامة ولم يدخل فيها فإنه يتم ركعتين في هذه إجماعًا (يتم شفعًا) وجوبًا صيانة للمؤدي عن البطلان وفي هذا تصريح بأن الركعة الواحدة باطلة لا مكروهة فقط كما توهمه بعض حنفية العصر كما في (البحر). وبطلان هذا التوهم غني عن البيان، قيد بالركعة لأن ما دونها وهو ما لم يقيد بالسجدة يقطع في الأصح لأن القطع للإكمال لا يعد قاطعًا وبالظهر لأنه لو شرع في نافلة فأقيمت لا يقطعها لما قلنا: وسنة الظهر والجمعة نافلة ومن ثم قيل: يتمها أربعًا في الصحيح كما في (السراج) وقيل: يقطع على رأس الركعتين قال في (الفتح): وهو الأولى لأنه يتمكن من قضائها بعد الفرض ولا إبطال في التسليم على رأس الركعتين فلا يفوت فرض الاستماع والأداء على وجه الأكمل بلا سبب ومنعه في (البحر) بأن فيه إبطال وصف السنة لا لإكمالهما ولا بد أن تكون الإقامة في مصلاه حتى لو كان يصلي في البيت فأقيمت في المسجد أو عكسه لا يقطع (ويقتدي) إحرازًا لفضيلة الجماعة وفيه إيماء إلى أنه لو تعذر اقتداؤه كما إذا كان يصلي الظهر قضاء فأقيمت للأداء لا يقطع كما في (الخلاصة)، وبه علم أنه أراد بالظهر أداءه وعلم بما ذكرنا أن

ولو صلى ثلاثًا يتم ويقتدي متطوعًا، فإن صلى ركعة من الفجر أو المغرب فأقيم يقطع ويقتدي، وكره خروجه من مسجد أذن فيه حتى يصلي ـــــــــــــــــــــــــــــ القطع للإبطال لا يجوز إلا لعارض كإِن ندب دابته أو خاف ضياع درهم من ماله ومنه ما لو كان في نافلة فجيء بجنازة وخاف فوتها لو لم يقطعها فإنه يقطعها لإمكان قضائها بخلاف الجنازة وقد يجب كما إذا كان لإنجاء من خوف غرق أو حرق وقالوا: لو دعاه أحد الأبويين لا يجيبه في الفرض إلا أن يستغيث وفي النفل إن علم أنه في الصلاة فدعاه لا يجيبه/ وإلا أجابه. (ولو صلى ثلاثًا) بأن قيد الثلاثة بسجدة (يتم) منفردًا قيد بالثالثة لأنه لو لم يقيدها بها قطعها بتسليمة واحدة على الأصح كما في (المحيط) وغيره، (ويقتدي) تحصيلاً لفضيلة لجماعة (متطوعًا) في غير وقت كراهة، وأطلقه إحالة على ما سبق (وإن صلى ركعة من الفجر أو المغرب فأقيم) للصلاة (يقطع) ما صلاه لفضيلة الجماعة وإنما لم يتم شفعًا في المغرب (ويقتدي) للزوم النفل قبل المغرب وقد مر أنه مكروه وكلامه صادق بما إذا لم يقيد الثانية بسجدة فإن قيدها بها أتم ولا يقتدي أما في الفجر فظاهر وأما في المغرب فللزوم مخالفة الإمام أو التنفل بثلاث وذلك مكروه أي: تحريمًا بل صرح قاضي خان في (شرح الجامع) بحرمته قال في (البناية): قلت: الوتر ثلاث وهو نفل عندهما فكيف يكون مثله حرامًا فإن دخل معه أتمها أربعًا آتيا بركعة واحدة ويقعد ولو لم يقعد جازت صلاته استحسانًا ولو سلم معه فقيل: فسدت وعن بشر يسلم معه ولا شيء عليه وبه أخذ السرخسي، ولو قام الإمام إلى الرابعة ساهيًا بعدما قعد على الثالثة قال ابن الفضل: فسدت صلاة المقتدي وفي (الخلاصة) المختار فسادها قعد الإمام أو لا. (وكره خروجه) أي: المكلف (من مسجد أذن فيه) جرى على الغالب والمراد دخول الوقت أذن فيه أو لا، لا فرق بين ما إذا أذن وهو فيه أو دخل فيه بعد الآذان كما دل عليه الإطلاق (حتى يصلي) لما أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أبي الشعثاء كنا مع أبي هريرة (أما هذا فقد عصى أبا القاسم) والموقوف في مثله كالمرفوع ومقتضاه كون الكراهة تحريمية واستثنى المشايخ من ذلك ما إذا كان ينتظم بخروجه جماعة أخرى وكان الخروج لمسجد حيه ولم يصلوا فيه والأفضل أنه لا يخرج قال في (البناية): أو كان لأستاذه وقد خرج لدرسه أو لسماع الوعظ ونحو ذلك وينبغي أن يكون من ذلك ما إذا خرج لحاجة ومن عزمه أن يعود لخبر (لا يخرج من المسجد بعد النداء إلا منافق أو رجل يخرج لحاجة يريد الرجوع) لأن في

وإن صلى لا إلا في الظهر، والعشاء إن شرع في الإقامة، ومن خاف فوت الفجر إن أدى سنته أيتم وتركها وإلا لا ـــــــــــــــــــــــــــــ الخروج لغير ما ذكر إعراضًا عن إجابة داعي الله تعالى وإذا كان الخروج إعراضًا كان عدم الصلاة مع المكث حين الإقامة بالإعراض أولى وبهذا التقرير ظهر أن قوله في (البحر): الظاهر أن المراد بالخروج عدم الصلاة خرج أو لا مما لا حاجة إليه على أن هذا المجاز مما لا قرينة في كلامه عليه. (وإن صلى) وحده (لا) أي: لا يكره له الخروج لأنه أجاب داعي الله تعالى وإن كره له ترك الجماعة وهذا وإن علم مما مر (إلا) أنه ذكره توطئة لقوله إلا استثناء من قوله وإن صلى لا (في الظهر والعشاء إن شرع) المؤذن (في الإقامة) فيكره له بالخروج وإن صلى وحده لأنه مخالف للجماعة عيانًا والتنفل بعدهما غير مكروه ولذا قيد بالظهر والعشاء لأنه يكره في غيرهما لكراهة التنفل بعد الفجر والعصر ولزوم أحد المحذورين السابقين لو اقتدى في المغرب قال في (المحيط): ولو لم يخرج مع عدم كراهة الخروج ولم يدخل معهم كره لأن مخالفة الجماعة وزر عظيم وهذا يقتضي أنها أشد كراهة من التنفل، وعلى هذا فينبغي أن يجب خروجه في هذه الحالة. (ومن خاف فوت) ركعتي الفجر وعلم منه ما إذا غلب على ظنه بالأولى (إذا أدى سنته أيتم وتركها) ولو قيد الثانية منها بالسجدة لأن ثواب الجماعة أعظم والوعيد بالترك فيها ألزم وعلم من كلامه أنه لو كان يرجوا إدراكه في التشهد قطعها لفوات الركعتين وقيل: هو كإدراك الركعة عندهما وعند محمد لا كما في الجمعة وظاهر المذهب هو الأول كذا في (التجنيس) وغيره وبهذا التقرير علم أن قوله في (البحر) إن كلامه شامل لما إذا كان يرجو إدراكه في التشهد تخريج على رأي ضعيف بما لا ضرورة تدعو إليه (وإلا) أي: وإن لم يخف الفوات لو اشتغل بها بأن كان يرجو الإدراك في الثانية (لا) يتركها لا فرق بين ما إذا شرع المؤذن في الإقامة أو لا وما في (البدائع) من أن هذا مقيد بما إذا لم يأخذ المؤذن في الإقامة. أما إذا أخذ في الإقامة كره له التطوع سواء كان بركعتي الفجر وغيرهما لأنه متهم بأن لا يرى صلاة الجماعة ورده ابن أمير حاج بأن هذا الظن يزول عنه بما إذا شرع فيها بعد الفراغ من السنة وقد نص في (الأصل) على أن المؤذن إذا أخذ في الإقامة أيكره التطوع؟ قال: نعم إلا ركعتي الفجر، واختلف في فهمه فقيل: موضوع المسألة فيما إذا انتهى إلى الإمام وقد سبقه بالتكبير فيأتي بركعتي الفجر/ وعامتهم على الإطلاق وهو أنه لا فرق بين ما إذا وصل إلى الإمام بعد شروعه أو قبله ثم إنما يأتي بها بشرط أن يجد مكانًا عند باب المسجد فإن لم يجد تركها لأن ترك المكروه مقدم على فعل السنة غير أن

ولم تقض إلا تبعًا وقضى التي قبل الظهر في وقته ـــــــــــــــــــــــــــــ الكراهة تتفاوت فإن كان الإمام في الصيفي فصلاته إياها في الشتوي أخف من صلاتها في الصيفي وقلبه وأشدها كراهة أن يصليها مختلطًا بالصف كذا في (الفتح) وحكى في (المحيط) فيما لو صلاها في الخارج والإمام في الداخل قولين في الكراهة فقيل: لا يكره لعدم تصوره المخالفة للقوم لاختلاف المكان حقيقة وقيل: يكره لأنه كله مكان واحد فإذا اختلف المشايخ فيه كان الأفضل أن لا يفعل انتهى. وفيه إفادة أنها تنزيهية، قيد بسنة الفجر لأن غيرها لا يأتي به مطلقًا إلا إذا أمكنه أن يدرك الإمام في الركعة الأولى كذا في (الشرح). وفي (عيون المذاهب) الأفضل في السنن أداؤها في المنزل إجماعًا لكن قال في (الشرح) وغيره: الأصح أن الفضيلة لا تختص بوجه دون وجه (ولم تقض) سنة الفجر (إلا تبعًا) لقضاء الفرض لأن الأصل في السنة عدم القضاء لاختصاصه بالواجب ومن ثم قال في (البناية): الأصح أنها لا تقضى إلا تبعًا لما قلنا لكنه تعليل في مقابلة النص وهو ما صح من أنه عليه الصلاة والسلام (قضاها مع الفرض غداة ليلة التعريس) بعد ارتفاع الشمس وكلامه يعطي أنه لا فرق بين ما إذا قضى الفرض قبل الزوال وبعده قال في (البحر): ولا خلاف في الأول وفيه نظر لما سبق واختلف المشايخ في الثاني والأصح أنها لا يقضى لأن ما ورد على خلاف القياس يقتصر فيه على مورد النص، قيد بالتبعية لأنها لا تقضى وحدها عندهما وقال محمد: أحب إلي أن يقضيها إلى وقت الزوال ولا خلاف أن غيرها لا يقضى وحده واختلف في القضاء مع الفرض والصحيح أنها لا تقضى كذا في (العناية) وغيرها. وما في (البحر) من أن السنن لا تقضى بعد الوقت مطلقًا واختلف المشايخ في قضائها تبعًا في الوقت والظاهر قضاؤها لاختلاف الشيخين في قضاء الأربع قبل الظهر قبل الركعتين أو بعدهما كما سيأتي سهو، أما أولاً فلأن ظاهره أنه لا خلاف في قضائها بعد الوقت تبعًا وقد علمت ثبوته، وأما ثانيًا فلأن الخلاف في القضاء بعد الوقت تبعًا ليس هو الخلاف الآتي مع بقائه ولذا كان الراجح في الأول عدم القضاء وفي الثاني القضاء، ولذا قال: (وقضى) السنة (التي قبل الظهر في وقته) هذا قول الجمهور وهو الصحيح لما عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام (فاتته الأربع قبل الظهر فقضاها) ومن المعلوم أن تسميته قضاء مجاز ولذا لا ينوي القضاء فيها على

قبل شفعه ولم يصل الظهر جماعة بإدراك ركعة بل أدرك فضلها وتطوع قبل الفرض إن أمن فوت الوقت وإلا لا وإن أدرك إمامه راكعًا فكبر ووقف حتى رفع رأسه لم يدرك ـــــــــــــــــــــــــــــ الأصح كما في (الكافي) (قبل شفعه) قيل: هذا قول الثاني وذكر في (المحيط) قول الإمام معه والمذكور في (المنظومة) وشرحها أنه قول محمد وعندهم يقدم الشفع قال في (المجمع): وهو الأصح قال الإتقاني: ويحتمل أن يكون عن كل روايتان إلا أنهم جازمون بترجيح تقديم الأربع وإن اختلفوا في خصوص القائل ففي (فتاوى العتابي) قول أبي يوسف في تقديم الأربع أصح وعليه الفتوى، وهذا الخلاف بناه كثير من الشارحين على أن الأربع المقضية أهي سنة أم نفل مبتدأ؟ من قدمها حكم بالأول ومن أخرها جزم بالثاني قال في (الفتح): وعندي أن هذا من تصرف المصنفين لأن المذكور في وضع المسألة الاتفاق على القضاء وإنما الخلاف في محله والاتفاق عليه اتفاق على السنية ألا ترى أنهم لما اختلفوا في سنة الفجر هل تقع بعد الشمس سنة أو لا حكوا الخلاف في أنها تقضى أو لا. (ولم يصل) صلاة (الظهر جماعة بإدراك ركعة) اتفاقًا حتى لو قال: إن صليت جماعة فعبدي حر فأدرك ركعة منه لا حنث عليه وكذا لو أدرك ركعتين ولو ثلاثًا فظاهر الجواب أنه كذلك واختار السرخسي حنثه لأن للأكثر حكم الكل والظاهر الأول قال في (البحر): ومما يضعف قال السرخسي ما اتفقوا عليه فيما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف فإنه لا يحنث إلا بأكله كله وفي (الخلاصة) حلف لا يقرأ سورة فقرأها إلا حرفًا حنث ولو قرأها إلا آية طويلة لا حنث عليه انتهى. (بل أدرك فضلها) أي: الجماعة باتفاقهم أيضًا لأن من أدرك آخر الشيء فقد أدركه ولذا لو حلف لا يدرك الجماعة حنث بإدراك الإمام ولو في التشهد/ فلو قال: يكون مدركًا لها لشمل الثواب والحنث في اليمين كذا في (البحر) والعذر له أن الباب لم يعقد لذلك وذكر مسألة الجماعة كالتوطئة لقوله: بل أدرك فضلها إذ ربما يتوهم أن بين إدراك الفرض والجماعة تلازمًا فاحتاج إلى دفعه (ويتطوع) أي: له أن يتطوع بالسنة أو غيرها من النوافل (قبل الفرض إن أمن فوت الوقت) أي: فوات الفرض غير أنه إن صلى بجماعة سن في حقه أن يأتي بالرواتب وإن منفردًا اختلفوا والأصح أنها تسن أيضًا ويخير فيما زاد عليها (وإلا) أي: وإن لم يأمن فوت الوقت لضيقه (لا) يتطوع أي: لا يشرع في حقه التطوع لأدائه إلى تفويت الفرض، قيد بفوت الفرض لأنه لو خشي فوت الجماعة لو أتى بها اختلفوا والصحيح أنه يسن الإتيان بها كما ذكره قاضي خان في (شرحه) كذا في (البحر) وهو مشكل كيف والجماعة واجبة كما مر. (ولو أدرك إمامه) حال كونه (راكعًا فكبر ووقف حتى رفع الإمام رأسه لم يدرك)

الركعة، ولو ركع مقتدٍ فأدركه إمامه فيه صح. ـــــــــــــــــــــــــــــ المقتدي (الركعة) وكذا لو انحط فرفع الإمام رأسه قبل ركوعه خلافًا لزفر كذا في (الفتح) إلا أنه في (المستصفى) قيد خلافه بما إذا أمكنه وبهذا ظهر نكتة التقييد بقوله: ووقف له أنه أدرك الإمام فيما لو حكم القيام ولنا أنه يشاركه في شيء من القيام والركوع وهي شرط وأثر الخلاف يظهر في محل هذه الركعة فعندنا بعد الفراغ لأنه مسبوق وعنده قبله لأنه لاحق، وأجمعوا أنه لو أدركه في القيام كان مدركًا للركعة ركع أو لا، وأنه لو اقتدى به في قومة الركوع لا يصير مدركًا، ومدركه في الركوع لا يحتاج لتكبيرتين خلافًا لبعضهم، ولو نوى بتلك التكبيرة الركوع لا الافتتاح جاز ولغت نيته، وقدمنا أنه لو كبر منحنيًا ونوى بها تكبيرة الركوع لا يصير شارعًا والفرق لا يخفى ثم إذا لم يدرك الركعة ولم يتابعه لكنه لو سلم قام وأتى ركعة فصلاته تامة وقد ترك واجبًا كذا في (التجنيس). (ولو ركع مقتد) مثلاً قبل (إمامه فأدركه إمامه فيه صح) عندنا مع الكراهة وقال زفر: لا يصح إذا لم يعده لأن ما أتى به قبل إمامه لا يعتد به فكذا ما يبنى عليه ولنا أن الشرط هو المشاركة في جزء واحد وقد وجدت والخلاف مقيد بما إذا قرأ الإمام أما لو ركع قبل أن يأخذ الإمام في القراءة وأدركه في الركوع لا يجزئه قال في (الذخيرة): ولو ركع بعد ما أتم الإمام ثلاث آيات ثم أدركه فيه صح ولو نسي الإمام السورة فعاد ولم يعد المقتدي أجزأه انتهى، والتقييد بثلاث آيات يفيد أن أوانه بعد الواجب وكان ينبغي اعتبار الآية وأنه لو ركع بعدما قرأها الإمام فأدركه فيه أنه يصح، ويتفرع على هذا الخلاف ما إذا سبقه في غيره من الأركان، قيد بإدراكه لأنه لو لم يدركه فيه بأن رفع المقتدي قبله لم يصح اتفاقًا. وذكر في (الخلاصة) أن المقتدي لو أتى بالركوع والسجود قبل إمامه فالمسألة على خمسة أوجه وحاصلها أنه إما أن يأتي بهما قبله أو بعده أو بالركوع معه والسجود قبله أو عكسه أو يأتي بهما قبله ويدركه في كل الركعات ففي الأول يقضي ركعة وفي الثالث ركعتين وفي الرابع أربعًا بلا قراءة في الكل ولا شيء عليه في الثاني والخامس، وفيها أيضًا المقتدي إذا رفع رأسه من السجدة قبل إمامه فملا أطال الإمام ظن أنه سجد ثانية فسجد معه إن نوى بها الأولى أو لم تكن له نية كانت عن السجدة الأولى وكذا إذا نوى الثانية والمتابعة ترجيحا" للمتابعة وتلغو نية غيره للمخالفة، وإن نوى الثانية لا غير كانت عن الثانية. خاتمة: فيما يتابع الإمام فيه وما لا يتابع ذكر الزندويستي في نظمه خمسة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أشياء إذا لم يفعلها الإمام لا يفعلها القوم القنوت وتكبيرات العيدين والقعدة وسجدة التلاوة إذا تلا في الصلاة ولم يسجد أو سها ولم يسجد وأراد بالقعدة القعدة الأولى، وأربعة إذا فعلها لا يتابعه المقتدي إذا زاد سجدة مثلاً أو في تكبيرات العيد ما يخرج من أقوال الصحابة وسمع التكبير من الإمام لا المؤذن على ما سيأتي في العيد أو خامسة في تكبيرة الجنازة أو قام إلى الخامسة ساهيًا، وتسعه إذا لم يفعلها الإمام يفعلها المقتدي إذا لم يرفع يديه في الافتتاح وإذا لم يثن ما دام في الفاتحة وإن كان في السورة فكذا عند الثاني خلافًا لمحمد وقدمنا أنه إذا أدركه في جهر القراءة أثنى وإذا لم يكبر للانتقال وإذا لم/ يسبح في الركوع والسجود ولم يثن وإذا لم يسمع أو لم يقرأ التشهد وإذا لم يسلم وإذا نسي تكبيرة التشريق. مهمة: صلى الكافر بجماعة حكم بإسلامه ومنفردًا لا لأن الجماعة من خصوصيات ديننا كذا في (الفتح) وغيره، وهذا الإطلاق مقيد بقيود الأول أن يكون مقتديًا فلو صلى إمامًا لا يكون مسلمًا كما في (الخانية)، الثاني: أن يتمها فلو أفسدها لا يكون مسلمًا كما فيها أيضًا الثالث: أن يكون في الوقت قيد به الناطفي. وقد قالوا: لو أذن في الوقت صار مسلمًا لا إن أذن في غيره كما في (الظهيرية) وقيد الثاني في (عقد الفرائد) بمن يخصص رسالته عليه الصلاة والسلام بالعرب فيكون من قبيل الأقوال التي لا بد فيها من التبرئ أما في الوقت فإنه دليل على العموم إذ الفعل لا يحتمل ما ذكر ولو سجد للتلاوة كان مسلمًا كما في (البزازية) زاد ابن الطرسوسي إذا أدى زكاة السائمة ولم أره لغيره بل المذكور في (الخانية) أنه لو صام أو حج أو أدى الزكاة لا يحكم بإسلامه في ظاهر الرواية ومن رام إشباع الكلام في ذلك فعليه بكتابنا المسمى (بإعانة السائل باختصار أنفع الوسائل) فإنه قد حوى من هذا النوع نفائس المسائل ضمن تحرير المقاصد والوسائل وقد نظمت ما يصير به الكافر مسلمًا وما لا يصير طبق ما حررته فقلت وبالله أستعين: وكافر في الوقت صلى باقتدا .... متممًا صلاته لا مفسدا أو بالأذان معلنًا فيه أتى .... أو قد سجد عند سماع ما أتى فسلم لا بالصلاة منفرد .... ولا الزكاة والصيام والحج زد

باب قضاء الفوائت

باب قضاء الفوائت ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كيفية قضاء الفوائت ولم يقل المتروكات حملاً لحال المسلم على الصلاح، اعلم أن الأداء كما قاله صدر الشريعة تسليم عين الثابت بالأمر والقضاء تسليم مثل الواجب به قال المصنف تبعًا لفخر الإسلام وغيره من الأصوليين. وقلنا في الأول مثل عين الثابت ليشمل النفل قال في التلويح: والمراد بما ثبت بالأمر ما علم وجوبه بالأمر لا ما علم ثبوته به ولم يعتبر في تعريف الأداء التقييد بالوقت ليعلم أداء الزكاة والأمانات والمنذورات والكفارات ثم هو مبني على أن الأمر حقيقة في الوجوب ومن أدخل النفل فيه كصدر الشريعة أبدل الواجب بالثابت وبه علم أن قوله في (البحر): الأداء ابتداء فعل الواجب في وقته المقيد به سواء كان ذلك الوقت العمر أو غيره ولم يقل: فعل الواجب كما قال غيره إما لأنه لا يشترط فعل كله في الوقت إذ وجود التحريمة فيه كاف لكونه أداءً مدفوع. أما أولاً: فلأن كون الوقت المقيد يدخل فيه المطلق جمع بين المتنافيين. وأما ثانيًا: فلأن هذا المزيد ما لا حاجة إليه إذ تسليم العين يشمل هذا النوع من الأداء وإلا كان مثلاً فيكون قضاء والإعادة ما فعل ثانيًا لخلل في الأول كذا في (التلويح) ولم يقل: في الوقت لما سبق زاد في (التحرير) غير الفساد وعدم صحة الشروع وأقول: لا حاجة إليه إذ اختلال الشيء يؤذن ببقائه ولا وجود له فيما ذكر واختلف هل هي قسم من الأداء أو مستقل؟ قولان إلا أنها بعد الوقت المقدر لا تعاد، ومن ثم قال في (القنية): من لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم أن القضاء أولى في الحالتين وعليه لا وجوب بعد الوقت وإنما استقر الإثم عليه وادعى في (البحر) في تعريف المصنف للقضاء تناقضًا إذ كونه مثله يقتضي أنه بأمر جديد وقوله به أي: بالأمر الأول كما هو مذهب المحققين ينافيه. وأقول: قال بعض المحققين: إن العينية والمثلية بالقياس إلى ما علم من الأمر إذ المأمور به إن كان عين ما علم فهو الأداء وإن كان مثله فهو القضاء وهذا لأن الشارع لما أمره بالصلاة ولم يؤدها بقيت في ذمته وله قدره على مثلها لأن النفل شرع له من جنس ما عليه وهو مثله فأمر بصرف ماله من النفل إلى ما عليه من القضاء وبهذا يندفع التناقض فتدبره، والإعادة فهي ما فعل ثانيًا لخلل ولم يقيدها بالوقت لما مر زاد في (التحرير) غير الفساد وعدم صحة الشروع وهو مبني على أن اختلال الشيء

والترتيب بين الفائتة، والوقتية وبين الفوائت مستحق ويسقط بضيق الوقت ـــــــــــــــــــــــــــــ يصدق بعدمه وفيه تردد وهل هي قسم من الأداء أو مستقل قولان، ثم لا يخفى أن تأخير العبادة عن وقتها لا يجوز إلا لعذر كخوف عدو ومنه خوف القابلة موت الولد لو اشتغلت بالصلاة وجزم في (الولوالجية) بأن قضاء الصلاة على الفور والصوم على التراخي. قال الزاهدي: (و) الأصح تأخير الفوائت لعذر السعي على العيال والحوائج جائز، (الترتيب بين) الصلاة (الفائتة والوقتية و) الترتيب أيضًا (بين الفوائت) القليلة على ما سيأتي (مستحق) / أي: واجب كذا في (المعراج) وغيره إلا أنه قوي يفوت الجواز بفوته ولم يقل: فرض كما قال صدر الشريعة لانصراف المطلق منه إلى القطعي ولا شرط كما في (المحيط) لأن الشرط حقيقة لا يسقط بالنسيان وهذا به يسقط وفي (القنية) صبي بلغ وقت الفجر ولم يصله وصلى الظهر مع تذكر جاز ولا يجب الترتيب بهذا القدر قال في (البحر): وهذا إن صح كان مخصصًا لإطلاقاتهم لكن في صحته نظر اللهم إلا أن يكون جاهلاً فيعذر لقرب عهده. وأقول: يمكن تخريجه على ما روى الحسن أن من جهل فريضة الترتيب يلحق بالناسي واختاره جماعة من أئمة بخارى كما في (البناية) والتقييد بالصبي قد يرشد إليه، وفي كلام المصنف إيماء أن قضاء الفوائت مستحق أيضًا إذ لزوم الترتيب فرع لزوم القضاء لا فرق في ذلك بين أن يعلم أنه صلاة هي أو لا حتى لو علم أنه ترك صلاة من يوم قضى خمسًا كما في (التجنيس)، ولو قرأ في ركعة منها قضى الفجر والوتر كذا في (الحاوي)، قال في (البحر): وينبغي أن يقيد بغير المسافر أما هو فيقضي خمسًا للزوم القراءة في كل صلاته وفي (المحيط) لو تذكر ترك عشر سجدات من صلاته قضى عشرة أيام وينبغي أن يكون الركوع كذلك ولو أخبره عدلان بأنه لم يتم صلاته وجب القضاء لا إن أخبره واحد كذا في (الحاوي). وقيده في (المحيط) بالإمام معللاً بأنه شهادة لأن حكمه يلزم الغير وهو ظاهر وجوب إعادة غيره بالواحد ولو شك أصلى أم لا فإن في الوقت وجبت الإعادة لا بعده قال في (الخلاصة): ولو كان ذلك في العصر قرأ في الأولى والثالثة فقط وكأنه تحاميًا عن التنفل بعده لأنه بفرض أن يكون قد صلى يفسد التنفل غير أن تعيين الأولى والثالثة مما لا أثر له على أن المكروه إنما هو النفل القصدي كذا في (البحر). (ويسقط) استحقاق الترتيب بين الفائتة والوقتية لا بين الفوائت (بضيق الوقت) إذ ليس من الحكمة تفويت الوقتية لتدارك الفائتة ولو قدمها صح وأثم وظاهره اعتبار أصل الوقت في الضيق وهو قياس قول الإمام، والثاني قاله الطحاوي: بل قال

والنسيان وصيرورتها ستًا ـــــــــــــــــــــــــــــ السرخسي: أكثر المشايخ على أن هذا قول علمائنا الثلاثة ونسب لمحمد اعتبار الوقت المستحب وصححه في (المحيط)، وفي (البناية) أنه المختار، وأيده في (الظهيرية) بما في (المنتقى) افتتح العصر في وقتها ناسيًا للظهر فلما احمرت تذكر الظهر مضى في العصر فهذا نص على أن العبرة للمستحب، يعني وعلى اعتبار أصل الوقت يقطع وفيه يظهر أثر الخلاف، وكذا لو كان بحيث لو شرع، ومعنى الضيق على القولين أن يكون الباقي لا يسعهما عند الشروع في نفس الأمر لا بحسب ظنه، ومن ثم قال في (المجتبى): ظن من عليه العشاء ضيق وقت الفجر فصلاها وفي الوقت سعة يكررها إلى أن تطلع الشمس وفرضه ما يلي الطلوع وما قبله تطوع واختلف فيما إذا كان الباقي لا يسع إلا بعض الفوائت مع الوقتية وظاهر ما في (فتح القدير) ترجيح عدم جواز الوقتية ما لم يقض ذلك البعض وقيل: عند الإمام يجوز إذ ليس الصرف إلى هذا البعض أولى منه للآخر. قال الزاهدي: وهو الأصح (والنسيان) أي: ويسقط استحقاق الترتيب بين الفائتة والوقتية بين الفوائت بالنسيان لعدم قدرته على الترتيب نعم قال في (إيضاح الإصلاح): توسعوا في عبارة النسيان حيث أرادوا به ما يعم الجهل المستمر (وصيرورتها ستًا) أي: ويسقط أيضًا الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت بصيرورة الفوائت ستًا وذلك بخروج وقت السادسة على الأصح لدخولها حينئذ في حد التكرار الموجب السقوط دفعًا للحرج، ثم المعتبر أن تبلغ الأوقات المتخللة ستًا وإن أدى ما بعدها في أوقاتها وقيل: يعتبر أن تبلغ الفوائت ستًا ولو متفرقة وأثر الخلاف يظهر فيما لو ترك ثلاث صلوات الظهر من يوم والعصر من يوم والمغرب من يوم ولا يدري أيتها أولى فعلى الأول يسقط الترتيب لأن المتخللة بين الفوائت كثيرة وهو الأصح وعلى الثاني لا يسقط كذا في (الشرح) وجزم في (فتح القدير) بإحالة هذا الخلاف لما سيأتي من أنه لو صلى فرضًا ذاكرًا فائتة ولو وترًا فسد فضه موقوفًا عند الإمام على مضي خمس وقتيات فإن لم يعد شيئًا منها حتى دخل وقت السادسة عادت كلها صحيحة وحينئذ فلا يتصور كون المتخللات ستًا والتحقيق أن خلاف المشايخ في الثلاث هل هو بالاتفاق بين الثلاثة أو على الخلاف كما في الاثنتين يعني ما إذا ترك ظهرًا من يوم وعصرًا من يوم حيث يقضي ظهرًا/ بين عصرين أو عكسه عند الإمام وقالا: يسقط الترتب ولو مغربًا من يوم قضى سبعًا أو عشاء أيضًا فخمسة عشر ولو فجرًا، كذلك فإحدى وثلاثين قال في (الخانية): والفتوى على قولهما واختلف فيما لو كان ستًا فأكثر فصلى مدة ولم يقضها ثم ترك فائتة هل

ولم يعد بعودها إلى القلة ـــــــــــــــــــــــــــــ تضاف إلى القديمة فيسقط الترتيب؟ قيل: نعم وعليه إطلاق المصنف قال الزاهدي: وهو الأصح وفي (الكافي) وعليه الفتوى وقيل: لا وصححه في (المعراج) تبعًا للمحيط وغيره قال في (التجنيس): وعليه الفتوى. (ولم يعد) الترتيب (بعودها) أي: الفوائت (إلى القلة) لأن شأن الساقط أن لا يعود وهذا اختيار شمس الأئمة وفخر الإسلام وعليه الفتوى وقيل: يعود لأن المسقط قد زال قال في (الهداية): وهو الأظهر واستشهد له بما عن محمد فيمن ترك صلاة يوم وليلة وجعل يقضي من الغد مع كل وقتية فائتة فالفوائت جائزة على كل حال والوقتيات فاسدة إن قدمها لدخول الفوائت في حد القلة وإن أخرها فكذلك إلا العشاء الأخير لأنه لا فائتة عليه في ظنه حال أدائها ورده الشارح تبعًا (للكافي) بأنه لا دلالة فيه إذ لو سقط الترتيب لجازات الوقتية التي بدأ بها لكنه لم يسقط لأنه بخروج السادسة ولم يخرج، ولا يمكن حمله على ما روي عن محمد من اعتبار الدخول، لأنه لو كان كذلك لم تفسد الوقتيات وارتضاه في (الفتح) وغاية ما أجاب به أن بطلان الدليل المعين لا يستلزم بطلان المدلول فكيف بالاستشهاد وأجاب الشيخ قاسم بأنه مبني على ما روي عن محمد فقد نص جماعة من محققي المشايخ أن من أصله أنه إذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب إلا أنه يتقدر بخروج وقت السادسة فإذا أدى وقتية توقف جوازها على قضاء الفائتة فإن قضاها دخلت الفوائت في حد القلة فبطلت الوقتية لأنها أديت عند ذكر الفائتة، وكذا صرح في رواية ابن سماعة عن محمد في تعليل ذلك بقوله: لأنه كلما قضى فائتة صارت الفوائت أربعًا وفسدت الوقتية إلا العشاء فإنه صلاها وعنده أن جميع ما عليه قد قضاه فأشبه الناسي انتهى. وفي (المعراج) قال المشايخ: جواب المسألة مفروض فيمن مد الوقتية التي شرع فيها إلى آخر الوقت، ثم قضى الفائتة بعده ولا بد أن يكون الشروع في سعة الوقت إذ لو كان عند الضيق لكانت الوقتية صحيحة فإن قيل: قال في (الكتاب): صلى مع كل وقتية فائتة ومع للقران قلنا: إن القران غير مراد إجماعًا فإن الصلاتين لا تؤديان معًا فيكون المراد أن كل فائتة تقضى مع ما يجانسها من الوقتية من غير اشتراط البيان في وقت واحد انتهى. وهذا أحسن الأجوبة وقوله في (البحر): وما أجاب به في (المعراج) بعني من مد الوقتية إلى آخر الوقت رد بقوله في (الكتاب): صلى مع كل وقتية فائتة ومع للقران ولم يذكر الجواب مما لا ينبغي. تنبيه: إنما قال: ولم يعد إلى آخره مع قوله: ويسقط وقد علمت أن شأن الساقط أن لا يعود تنبيهًا على اختصاص النوع بعدم العود وأنه إذا سقط للنسيان وللضيق، ثم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تذكر أو اتسع الوقت يعود قاله في (الدراية) اتفاقًا، ويدل عليه ما سبق أنه لو تذكر بعد التشهد فائتة فسدت وما قاله الزاهدي: من أنه لو سقط للضيق لا يعود على الأصح وكذا لو سقط للنسيان جزم في (البحر) بأنه خطأ مستدلاً بما مر عن (الدراية) إلا أن الأولى أن يحكم بضعفه وإن من حكى الاتفاق لم يلتفت إليه لشذوذه. تكميل: بقي مما يسقط به الترتيب الظن المعتبر ذكره الشارح وغيره كما إذا صلى الظهر ذاكرًا أن عليه الفجر حتى فسد ظهره فقضى الفجر ثم صلى العصر ذاكرًا للظهر جازت إذ لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر وهو ظن معتبر ومن هذا النوع ما لو صلى الظهر بلا طهارة ثم صلى العصر بطهارة ذاكرًا للظهر أعاد العصر، ولو صلى هذه الظهر بعد هذه العصر ولم يعد العصر حتى صلى المغرب ذاكرًا لها صحت المغرب، والفرق أن فساد الظهر قوي لعدم الطهارة فصلح استتباعه لفساد العصر بخلاف فساد العصر لقول طائفة من الأئمة بعدمه فلا يصلح مستتبعًا فساد المغرب، قال في (الفتح): ويؤخذ من هذا أن مجرد كون المحل مجتهدًا فيه لا يستلزم اعتبار الظن فيه من الجاهل بل إن كان المجتهد فيه ابتدأ لا يعتبر الظن وإن كان مما يبنى على المجتهد ليستتبعه اعتبر ذلك الظن بزيادة الضعف ففساد العصر وهو مجتهد فيه ابتداءً وفساد المغرب بسبب ذلك فاعتبر انتهى. وفيه تصريح بأن محل اعتبار هذا الظن وعدمه في الجاهل لا العالم بوجوب الترتيب ويؤيده ما في (المجتبى) عن القدوري الكبير أن صحة المغرب مقيدة بغير العالم أما العالم بأن عليه العصر فمغربه/ غير صحيحة ولم يفرق في الأصل بين العالم والجاهل لكن رأيت في (البناية) أن الجواز مطلقًا هو ظاهر الرواية وهو مشكل ومن الغريب ما في (الكشف الكبير) أن الظن إنما يكون مفيدًا من المجتهد والذي ظهر عنده أن مراعاة الترتيب ليست بفرض فهو دليل شرعي كالنسيان فأما إذا كان ذاكرًا غير مجتهد فيه فمجرد ظنه ليس بدليل شرعي فلا يعتبر انتهى فلو أراد ذلك لما فرقوا بين ظن وظن لما أنه يجب عليه العمل بما أدى إليه اجتهاد على كل تقدير فتعين أنهم إنما أرادوا به غير المجتهد. قال في (البحر): أما المقلد فإن كان لأبي حنيفة فلا عبرة بظنه المخالف لرأي إمامه فيعيد المغرب أيضًا وإن للشافعي فلا يعيد العصر أيضًا وإن عاميًا فمذهبه فتوى مفتيه فإن أفتاه حنفي أعادهما وإن شافعي لا يعيدهما وإن لم يستفت فإن صادف فعله الصحة على مذهب مجتهد لم يعد شيئًا ولذا قال في (الخلاصة): رأى التيمم إلى الرسغ والوتر ركعة ثم رآه إلى المرفقين وثلاثًا لا يعيد ما صلى وإن فعله عن جهل

فلو صلى فرضًا ذاكرًا فائتة ولو وترًا أفسد فرضه موقوفًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم سأل فأمر بالثلاث يعيد وأقول: فيه نظر إذ كون هذا الظن لا عبرة به لمخالفته لرأي إمامه في حيز المنع وكيف يكون مخالفًا له وقد اعتبره وحينئذ فإفتاء الحنفي بإعادة المغرب غير صحيح والله الموفق للصواب. (فلو صلى) شخص (فرضًا) حال كونه (ذاكرًا فائتة) عليه (ولو) كانت (وترًا) على قول الإمام (فسد) أصل (فرضه) فسادًا (موقوفًا) فإن قضى الفائتة قبل أن تصير الفوائت معها كثيرة تنجز الفساد لما صلاه قبلها وإن لم يقضها حتى صارت الفوائت معها ستًا صح الكل وهذا ما يقال: واحدة تفسد خمسًا وتصحح خمسًا كذا في (المبسوط) وهذا استحسان وهو قول الإمام والقياس أن يفسد الفرض باتًا وبه قالا اعلم أن المذكور في (الهداية) وشروحها وعليه جرى الشارح أن انقلاب الكل جائز موقوف على أداء ست صلوات قبل قضاء الفائتة والصواب أن يقال: على أداء خمس ويخرج وقت الخامسة إذ يلزم على ما ذكروه أن تصير الصلوات سبعًا. ولذا قال في (المجتبى): إن الفساد موقوف عنده فإن كثرت وصارت الفواسد مع الفائتة ستًا ظهر صحتها وإلا فلا وفي (الفتح) لا يخفى على متأمل أن التعليل أي: للإمام يوجب صحة المؤديات بمجرد دخول وقت سادستها التي هي سابعة المتروكة وأنت خبير بأن الأولى أن يقال: بخروج وقت خامستها التي هي سادسة المتروكة لأن دخول وقت السادسة غير شرط ألا ترى أنه لو ترك فجر يوم وأدى باقي صلواته انقلبت صحيحة بعد طلوع الشمس وقد تبجح في (البحر) بإبداء ذاك السر المكنون من الصواب مدعيًا أن شراح (الهداية) أغفلوه ولم يذكره في (الفتح) إلا بحثًا وقد اطلع عليه في (المجتبى) فذكر ما مر مع أنه مذكور في (الدراية) قال: اعلم أن الشرط لتصحيح الخمس صيرورة الفوائت ستًا بخروج وقت الخامسة التي هي سادسة الفوائت لأداء السادسة لا محالة إلا أنهم ذكروا أن السادسة التي هي سابعة الفوائت لتصير الفوائت ستًا بيقين لا أنه شرط الستة، ثم قال: كان ينبغي أنه لو أدى الخامسة ثم قضى المتروكة قبل خروج وقتها أن لا تفسد المؤداة بل تصح لوقوعها غير جائزة وبها تصير الفوائت ستًا وأجاب بمنع كونها فائتة ما بقي الوقت إذ احتمال الأداء على وجه الصحة قائم وأدخل في (البحر) قوله ذاكرًا فائتة ما لو شك في صلاة الفجر أصلاه أم لا؟ وهو يصلي الظهر فلما فرغ تيقن أنه لم يصله أعاد الظهر كما في (الولوالجية) وأطلق الفساد فعم ما إذا ظن وجوب الترتيب أولاً لكن قيده في (المحيط) عن المشايخ بما إذا لم يظنه فإن ظنه كان الفساد باتًا ورده في (الفتح) بأن التعليل للإمام يقطع إطلاق الجواب والله أعلم بالصواب.

باب سجود السهو

باب سجود السهو يجب ـــــــــــــــــــــــــــــ باب سجود السهو لما فرغ من ذكر الأداء والقضاء شرع في بيان ما يكون جابرًا لنقصان يقع فيهما كذا في (العناية) قال في (البحر): والأولى أن يقال: لما فرغ من ذكر الصلاة نفلها وفرضها أداء وقضاء شرع فيما يكون جابرًا لنقصان يقع فيها فإن السجود لا يختص بالفرائض بل في مطلق الصلاة وأقول: قد مر عن صدر الشريعة أن الأداء يقال على النفل أيضًا وقد أفصح عن ذلك في (الدراية) فقال: لما ذكر الفرائض أتبعها النوافل لأنها من الأداء والقضاء لأنه خلف شرع في بيان نقصان يتمكن فيهما انتهى. لما كان سجود السهو للإصلاح أشبه قضاء الفوائت فأولاه به/ وغير خاف أن هذه الإضافة من إضافة الحكم إلى السبب وهي الأصل في الإضافات لأنها للاختصاص وأقوى وجوهه اختصاص المسبب بالسبب والسهو والنسيان لغة: عدم تذكر الشيء وقت حاجته وظاهر كلامهم أن لا سجود في العمد لعدم السبب وبه جزم الولوالجي وعلله بأن الشارع لما جعل السجدتين جابرتين جعلهما مثلاً للفائت لا فوقه فصلحا جابرتين والنقصان في العمد فوق النقصان في السهو فلم يصلحا لأن الشيء لا يجبر بما هو دونه لكن ذكر الزاهدي عن بديع الدين وجوبه في العمد بما إذا ترك القعدة الأولى أو شك في بعض أفعال صلاته فتفكر عمدًا حتى شغله ذلك عن ركن قال في (الينابيع): وكذلك لو أخر إحدى سجدتي الركعة الأولى إلى آخر الصلاة ورأيت في (ألغاز) ابن الشحنة رابعة هي ما إذا صلى على النبي صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في القعدة الأولى وجعله بديع الدين سجود عذر لا سهو قال في (البحر): وكأنهم نظروا إلى أن هذه الواجبات هي أدنى الواجبات فصلح السجود جابرًا لها مطلقًا وفيه ما لا يخفى. (يجب) للأمر به ولأنه شرع لجبر النقصان وهو واجب كالدماء في الحج غير أنه لما كان للمال مدخل فيه كان بالدماء بخلاف الصلاة لأن شأن الجبر أن يكون من جنس الكسر، وظاهر كلامهم أنه لو لم يسجد أثم لترك الواجب والسجود كذا في (البحر) وأقول: فيه نظر بل إنما يأثم لترك الجابر فقط إذ لا إثم على الساهي نعم هو في صورة العمد ظاهر، وينبغي أن يرتفع هذا الإثم بإعادتها، وهذا الإطلاق مقيد بما إذا كان الوقت صالحًا حتى لو لم يسجد حتى طلعت الشمس بعد السلام الأول واحمرت

بعد السلام سجدتان بتشهد وتسليم ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد كان يقضي فائتة أو خرج الوقت في الجمعة أو وجد منه ما يمنع البناء (بعد السلام) سقط عنه كذا في (الفتح). وفي (القنية) لو بنى النفل على فرض سها فيه لم يسجد بعد السلام (سجدتان) ظاهر في أنه لا سجود قبله فلو أتى به لا يعتد به ويعيده وهو مروي عن أصحابنا كذا في (المحيط) لكن ظاهر الرواية أنه يعتد به مع الكراهة كما في (الخزانة) وأن البعدية إنما هي أولى فقط، وعلى هذا فبعد ليس ظرفًا ليجب، وكان بعده لأنه أخر عن سائر واجبات الصلاة والسلام منها ولأنه لا يتكرر وتأخر عن السلام لأنه لو سها عنه كان جابرًا له أيضًا وصورة السهو عنه بأن قام إلى الخامسة ساهيًا أو استمر قاعدًا ظانًا أنه سلم ثم تبين أنه لم يسلم، وأل في السلام للعهد والمعهود تسليمتان وهو الأصح وبه قال العامة كما في (البدائع)، واختار فخر الإسلام أنه يسلم واحدة تلقاء وجهه فرقًا بين سلام القطع والسهو وجعله في (المحيط) قول عامة المشايخ، وفي (الكافي) قول الجمهور وهو الصواب وإليه أشير في (الأصل) وفي (المجتبي) وهو الأصح وقيل: يسلم واحدة عن يمينه وصححه في (المجتبي) أيضًا. قال في (البحر): وهو الذي ينبغي اعتماده لأنه عن اليمين معهود وبه يحصل التحليل فلا حاجة لغيره قال خواهر زادة: لو أتى بتسليمتين سقط عنه السجود وجعله في (البحر) قولاً رابعًا إلا أن الظاهر أنه تفريع على القول بالواحدة (بتشهد وتسليم) فيه إشارة إلى أن سجود السهو يرفعه دون القعدة لقوتها بخلاف الصلبية حيث يرفعهما وكذا التلاوية على المختار لأن محلها قبل القعدة وعلى هذا لو سلم بمجرد رفعه من السجود كان تاركًا للواجب كذا في (الفتح). قال في (الحواشي السعدية): وفي الإشارة كلام بل لا يبعد أن يدعي الإشارة إلى رفع القعدة لأن التشهد لا يوجد إلا فيها انتهى. وأقول: فيه نظر إذ لا يلزم من توقفه عليها افتراضها بل وجوبها ولا يضرنا ذلك وقالوا: إنه يأتى بالصلاة والدعاء في قعدة السهو هو الأصح لأن الدعاء موضعه آخر الصلاة، وجعل بعضهم هذا قول محمد وعندهما يأتى بهما في الأولى بناء على أن سلام من عليه السهو يخرجه منها عندهما لا عنده قال في (العناية): وفيه نظر لأن الأصل المذكور متقرر فلو كانت هذه المسألة مبنية على ذاك لكان الصحيح مذهبهما انتهى. وأجاب بعض المتأخرين بأنه يخرجه عندهما خروجًا موقوفًا لا باتًا فقد قال في (المحيط البرهاني): وعندهما يخرجه خروجًا موقوفًا إن عاد إلى

بترك واجب ـــــــــــــــــــــــــــــ سجود السهو تبين أنه لم يخرجه وإن لم يعد تبين أنه أخرجه، وهذا يقتضي أن نفصل بين ما إذا عزم على العود فيؤخر أو لا ورجح الشارح قولهما حيث قال: وعندهما يصلي في الأولى بناء على أن سلام من عليه السهو يخرجه فكانت الأولى/ هي القعدة للختم فيصلي فيها قال في (المفيد): وهو الصحيح وعند محمد يؤخر بناء على أنه لا يخرجه واختار الطحاوي أنه يدعو أو يصلي فيهما وهو أحوط كذا في (الخانية). وفي (البدائع) واختار عامة مشايخنا بما وراء النهر أنه يأتي بالدعاء والصلاة في قعدة السهو وهو الأصح ثم قرر أن سلام من عليه السهو إنما يخرجه خروجًا موقوفًا ومنهم من قال: لا توقف في أنه يخرجه إنما التوقف في عودها ثانيًا إن إلى السهو عندهما يعود وإلا فلا وهذا أسهل لتخريج الفروع والأول أصح (بترك واجب) أي: بسببه قال في (المحيط): تكلم المشايخ في الموجب للسهو وأجمع ما قيل فيه إنه ترك الواجب وعليه المحققون وهو الأصح، وقيده في (البحر) بالأصلي لما في (التجنيس) لو قرأ سورة ثم ما قبلها ساهيًا لا يجب عليه السجود لأن مراعاة ترتيب نظم السور من واجبات القرآن لا من واجبات الصلاة، وفيه لو أخر سجدة التلاوة ساهيًا لا سجود عليه لأنها ليست بواجب أصلي انتهى. وأقول: هذا ضعيف ففي (الخلاصة) لو أخر سجدة التلاوة عن موضعها أو الصلبية كان عليه السهو، وذكر في (التحفة) أنه لو أخر واجبًا أصليًا أو تركه ساهيًا يجب عليه السهو أما إن أخر التلاوة أو سلم ساهيًا لا سهو عليه، وما ذكر في (التحفة) سهو لا اعتماد عليه والأول أصح وقد مر أنها اثنا عشر قراءة الفاتحة فلو ترك أكثرها وجب لا إن ترك أقلها كذا في (المحيط) وبه جزم في (فتح القدير)، والمذكور في (المجتبي) أنه يجب عليه بترك آية منها وهو الأولى ويؤيده ما سيأتي وحكاه في (المعراج) عن شيخ الإسلام. ثم قال: وعند أبي يوسف ومحمد إذا قرأ أكثرها لا يجب وضم سورة أو ما قام مقامها ولو بدأ بحرف من السورة قبلها أو قرأ مع الفاتحة آية قصيرة وجب كذا في (الشرح) وهو ظاهر في عدم الوجوب مع الآيتين إلا أن المسطور في (الظهيرية) الوجوب، وهو يؤيده لما مر عن (المجتبي) في الفاتحة وقياس الاكتفاء بالأكثر ففي وجوبه إذ لا فرق يظهر ولو قرأ الفاتحة مرتين متواليتين وجب لا إن فصل بينهما بالسورة وهو الأصح وتحقق ترك كل منهما إنما يكون بالسجود حتى لو ترك أو بعد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الرفع من الركوع يعود ثم يعيد الركوع إلا أنه في تذكر الفاتحة يعيد السورة أيضًا قال الشارح: ولو قرأ آية في الركوع أو الرفع منه أو السجود أو الجلسة ساهيًا سجد والتشهد فلو تركه أو بعضه سجد في ظاهر الرواية لأنه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كله ولا فرق في ذلك بين الأول والثاني، ولذا قال في (الظهيرية): لو تركه ناسيًا في الأولى أو الثانية، وتذكره بعد السلام لزمه السجود وعن الثاني لا، قالوا: إن كان إمامًا يأخذ بقوله وإلا فبقول محمد لكن في (فتح القدير) قد لا يتحقق ترك التشهد الثاني على وجه يوجب السجود فإنه لو تذكره بعد السلام ثم سلم وسجد فإن تذكره بعد شيء يقطع البناء لم يتصور إيجاب السجود ومن فروع هذا ما لو اشتغل بعد السلام والتذكر به فلو قرأ بعضه وسلم قبل تمامه فسدت عند أبي يوسف لارتفاض القعدة بالعود إلى التشهد لا عند محمد وعليه الفتوى. قال في (البحر): فظاهره أنه لو تذكره بعد السلام ولم يقرأه لا يسجد بتركه لأنه لما تذكره وأمكنه فعله ولم يفعله صار كأنه تركه عمدًا فلا يلزمه وإنما يكون مسيئًا ولو وجب عليه السجود لتحقق وجوبه بتركه وعلى هذا تصير كلية هي أن من ترك واجبًا سهوًا وأمكنه فعله بعد تذكره فلم يفعله لا سجود عليه كمن تركه عمدًا وأقول: فيه نظر وذلك أن تركه إنما يتحقق إذا أتى بما يمنع البناء في هذه الحالة يمتنع السجود عن كل واجب ترك لا أن امتناعه لتركه إياه عمدًا والكلية ممنوعة ألا ترى أنه لو تذكر في ركوعه أنه ترك الفاتحة فلم يعد مع إمكانه وجب عليه السجود وقالوا: لو أتى بالتشهد في قيامه أو قعوده أو سجوده فلا شيء عليه لأنها محل الثناء وهذا يقتضي تخصيص القيام بالأولى، ومن ثم قال في (الظهيرية): إنه في الأولى فلا شيء عليه واختلف المشايخ في الثانية والصحيح أنه لا يجب، وقيده الشارح بما قبل الفاتحة أما بعدها قبل السورة فيجب على الأصح لتأخير السورة ومقتضاه نفي الوجوب فيما لو أتى به بعد السورة، ولفظ السلام والسهو عنه أن يطيل القعدة ويقع عنده أنه خرج عن الصلاة ثم يعلم ذلك فيسلم ويسجد لأنه أخر واجبًا كذا في (التجنيس) إذ لا شك أنه كالسلام في أنه لا يتحقق تركه على وجه يوجب السجود، وقنوت الوتر وقدمنا أنه لو نسيه فركع لا يعود إليه على الأصح، ولو عاد/ لا تبطل ويتحقق تركه بالركوع ولو تذكر أنه ترك الفاتحة أو السورة أو سها بعدما ركع قام وقرأ وأعاد القنوت والركوع لأنه رجع إلى محله قبله وسجد للسهو وأما وجوب التكبير فيه فلا رواية فيه وقد قيل: يجب وقيل: لا يجب كذا في (الظهيرية) وبالأول جزم الشارح وفي (البحر) ينبغي ترجيح الثاني لأنه الأصل، وتكبيرات العيدين فلو تركها

وإن تكرر وبسهو إمامه ـــــــــــــــــــــــــــــ أو شيئًا منها أو زاد عليها أو أتى بها في غير موضعها سجد للسهو ولو تذكرها في ركوعه عاد إلى القيام لأنه قادر على الأداء حقيقة بخلاف المسبوق إذا أدركه في الركوع حيث يأتي به لعجزه عن حقيقته فيعمل بشبيهه وألحق بها تكبير الركوع الثاني من العيد والجهر للإمام والإسرار لكل مصل والأصح في مقداره أنه ما تجوز به الصلاة في الفصلين هذا في حق الإمام أما المنفرد إذا خافت فيما يجهر فيه فلا سهو عليه وإن جهر فيما يخافت فيه اختلف المشايخ. ففي (العناية) ظاهر الرواية أن المخافتة غير واجبة عليه وجعل في (البدائع) الوجوب رواية (الأصل) قال: وهو الصحيح وينبغي عدم العدول عن ظاهر الرواية وأقول: بل الذي ينبغي أن يعول عليه ما في (البدائع) للمواظبة على أن ما في (الأصل) هو ظاهر الرواية وفي (المجتبي) سها الإمام فخافت في الفاتحة ثم تذكر يجهر بالسورة ولا يعيد الفاتحة قال شرف الأئمة: لا خلاف أنه إذا جهر بأكثر الفاتحة ثم ذكر يتمها مخافتة ولو خافت بأكثر الفاتحة يجهر قيل: يتمها شمس الأئمة: قياس مسائل (الجامع) أن يؤمر يالإعادة هذا، وأما الجهر بالأذكار حتى التشهد فلا يوجبه قال الحلبي: لكنه في التشهد لا يعرى عن تأمل. وأما إيجاب السجود في باقي الواجبات المذكورة في (الكتاب) فظاهر. تتميم: بقي ما إذا تفكر في صلاته ولو بعد سبق الحدث حين ذهابه لشك اعتراه فإن طال قدر ركن وكان في الصلاة التي هو فيها وجب لا إن كان أقل أو في غيرها هذا إذا منعه عن التسبيح والقراءة أما لو لم يمنعه فلا سهو عليه وفي (الظهيرية) لو شك بعدما قعد قدر التشهد صلى ثلاثًا أو أربعًا حتى شغل ذلك عن السلام ثم استيقن وأتم صلاته فعليه السهو انتهى. وعلى هذا فالأحسن أن يفسر طول التفكير بما إذا أشغله عن أداء ركن أو واجب كما في (المحيط) وقد ذكر الخلاف في وجوب التسمية بما فيه كفاية. (وإن تكرر) ترك الواجب في صلاة واحدة أما المسبوق فكالمنفرد وكذا قلنا: إنه إذا لم يتابع الإمام في السهو وسها في القضاء كفته سجدتان فإن قلت: ذكرت أنه أكثر ما يقع في التشهد في الصلاة عشر مرات وأنه يتكرر قلت: لم يتكرر وإنما يعيد لرفعه وبالعود إلى التلاوة أو الصلبية (وبسهو إمامه) عطف على قوله بترك واجب نبه به على سبب آخر للوجوب وهو سهو الإمام سواء كان مقتديًا وقته أو لا حتى لو

لا بسهوه، وإن سها عن القعود الأول، وهو إليه أقرب عاد وإلا لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ اقتدى به بعدما سجد واحدة تابعه في الثانية ولو بعدما أتى به بأن اقتدى به في تشهده لا يقضيهما، وعم كلامه المدرك والمسبوق واللاحق غير أن اللاحق إذا انتبه لا يتابعه بل يبدأ بما فاته ثم يسجد ولو تابعه فيه لم يعتد به لأنه في غير محله بخلاف المسبوق، والمقيم خلف المسافر حيث يتابعه وقالوا: لو تابعه المسبوق ثم تبين أنه لا سهو عليه فسدت وقيده في (البدائع) بما إذا علم أن لا سهو عليه، ولو لم يتابعه سجد في آخر صلاته استحسانًا (لا) يجب على المقتدي (بسهوه) لأنه إن سجد وحده أي: قبل السلام فقد خالف الإمام فلو تابعه انعكس الموضوع ولو أخره إلى ما بعد سلام الإمام فات محله لخروجه بسلامه لأنه سلام عمد ممن لا سهو عليه ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه يخرج منها بسلامه وقد سبق خلاف فيمن لا سهو عليه فكيف بمن عليه السهو وحينئذ فيمكنه أن يأتى بهذا الجابر، ثم مقتضى كلامهم أنه يعيدها لثبوت الكراهة مع تعذر الجابر وعم كلامه اللاحق واختلف في المقيم خلف المسافر. والمذكور في (الأصل) أنه يسجد وصححه في (البدائع) لأنه إنما اقتدى بالإمام بقدر صلاته وقال الكرخي: لا لأنه بدليل أنه لا حق وأجيب بأنه إنما لا يقرأ لأنها فرض في ركعتين وقد أتى بها الإمام وبهذا علم أنه كاللاحق في حق القراءة فقط. فرع: أحدث الإمام الساهي بعد السلام فاستخلف مسبوقًا ليس له أن يتقدم لأنه لا يقدر عليه إذ محله بعد السلام ولا قدرة له عليه لكونه في أثناء صلاته ومع هذا لو تقدم لم تفسد لما أنه يقدر على الإتمام في الجملة بأنه يتأخر ويقدم مدركًا ليسلم بهم ويسجد الخليفة المسبوق معهم. (وإن سها) المصلي (عن القعود الأول) في الفرض ولو عمليًا (وهو) أي: والحال أنه0 (إليه أقرب) بأن لم ينتصب النصف الأول منه على الأصح كما في (الكافي) وفي كلامه تقديم معمول أفعل التفضيل وهو ممتنع/ عندهم وجوزه صدر الأفاضل توسعًا (عاد) إليه وجوبًا ولا يسجد للسهو على الأصح لأن ما قرب من الشيء أعطي حكمه (وإلا) أي: وإن لم يكن إلى القعود أقرب (لا) أي: لا يجوز له لا أن يعود لأنه كالقائم معنى وهذا التفصيل مروي عن الثاني قال في (الكافي): واستحسنه مشايخنا لكن ظاهر المذهب أنه ما لم يستقم قائمًا، يعود وهو الأصح ولو عاد فيما لا يجوز له العود فيه فسدت على الأصح لرفض الفرض مما ليس بفرض، قال في (المبتغى): وهذا غلط لأنه محض تأخير لا رفض فصار كما لو سها عن السورة وركع فإنه يعود إلى القيام كأنه سها عن القنوت فركع فإنه لو عاد لم تفسد صلاته

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ على الأصح وأجاب في (البحر) بأن السورة وإن كانت واجبة إلا أنها تقع فرضًا وفي القنوت عاد إلى فرض وهو القيام لما استقر من أن كل ركن طوله في أنه يقع فرضًا نعم قال في (الفتح): في النفس من التصحيح شيء وذلك أن غاية أمر الراجع أنه زاد في صلاته قيامًا وهو وإن كان لا يحل فهو بالصحة لا يخل إلا أن يفرق باقتران هذه الزيادة بالرفض لكن المستحق لزوم الإثم لا الفساد فترجح بهذا البحث القول المقابل قال في (البحر): وهو ظاهر في أنه لم يطلع على تصحيح آخر لكن في (المعراج) عن (المجتبي) لو عاد بعد الانتصاب مخطئًا. قيل: يتشهد لنقضه القيام والصحيح أنه لا يتشهد ويقوم ولا ينتقض قيامه بقعود لم يؤمر به كمن نقض الركوع لسورة أخرى لا ينتقض ركوعه انتهى. وأقول: صرح ابن وهبان بأن الخلاف في التشهد وعدمه مفرع على القول بعدم الفساد وترجيح أحد القولين بناء عليه لا يستلزم ترجيح عدم الفساد ظاهرًا، نعم قال الشيخ عبد البر، رأيت بخط العلامة نظام الدين السيرامي تصحيح عدم الفساد ثم قال: ولقائل أن يمنع قول المحقق غاية ما وجد إلى آخره بأن الفساد لم يأت من قبل الزيادة بل من رفض الركن الواجب والذي رأيته منقولاً عن (شرح القدوري) لابن عوف والزوزني إن القول بعدم الفساد في صورة ما إذا كان إلى القيام أقرب وأنه في الاستواء قائمًا لا خلاف في الفساد انتهى. هذا في غير المأموم وأما المأموم فيعود حتمًا وإن خاف فوت الركعة كذا في (السراج) معللاً بأن التشهد فرض عليه بحكم المتابعة وهو ظاهر في أنه لو لم يعد بطلت وفيه مالا يخفى، والذي ينبغي أن يقال: إنها واجبة في الواجب فرض في الفرض وأفاد الولواجي أن قراءة المصلي قاعدًا كالقائم لكن لا يأتي فيه ما مر من التفصيل واعلم أن في (الذخيرة) وغيرها صور ذلك في الفرائض كالظهر ونحوه ومقتضاه أنه في النوافل يعود وبه صرح ابن وهبان مستدلاً بأن كل شفع منه صلاة على حدة ولا

ويسجد للسهو، وإن سها عن الأخير عاد ما لم يسجد، وسجد للسهو ـــــــــــــــــــــــــــــ سيما على قول محمد من أن الأولى من التطوع فرض فكانت كالأخيرة وفيها يقعد وإن قام وفي (شرح التمرتاشي) لو نهض إلى الثالثة في التطوع بالارتفاع فاستتم قائمًا قيل: يعود وقيل: لا يعود وذكر الشهيد عن محمد أنه يعود والأوجه أنه لا يعود وفي الوتر الصحيح أنه لا يعود وفي (الخلاصة) والأربع قبل الظهر حكمه حكم التطوع وكذا الوتر عند محمد، وعند أبي حنيفة فيه قياس واستحسان في الاستحسان لا يفسد وفي القياس يفسد وهو المأخوذ به انتهى. وفي (المعراج): أما في النفل فيعود على كل حال (ويسجد للسهو) راجع لقوله: وإلا لا لما مر من أنه لا يسجد فيما إذا كان إلى القعود أقرب إلا أن هذا مختار صاحب (الهداية) وعليه جرى المصنف في (الكافي) وفي (الولوالجية) المختار أنه يسجد وكلامه لا يأباه وفي (الخلاصة) و (الخانية) في رواية إذا قام على ركبته لينهض قعد وعليه السهو يستوي فيه القعدة الأولى والثانية وعليه الاعتماد وإن رفع إليتيه عن الأرض وركبتاه عليها لم يرفعهما لا سهو عليه هكذا روي عن الثاني، قال في (الفتح): ولا يخفى أن هذه الصورة اختلاف الرواية وقد اختار في (الأجناس) في هذه الصورة أن عليه السهو اللهم إلا أن يحمل الأول على ما إذا فارقت ركبتاه الأرض دون أن يستوي نصفه الأسفل شبه الجالس لقضاء الحاجة. (وإن سها عن) القعود (الأخير) أي: الذي هو آخر الصلاة سبق بالأولى أو لا فدخل الثناء أي: (عاد) إليه (ما لم يسجد) أي: ما لم يقيد ركعته بالسجدة وهذا أراد لا ما إذا سجد دون ركوع فإنه يعود أيضًا لعدم الاعتداد بهذا السجود فيعود لأن فيه إصلاح صلاته وقد أمكنه ذلك لأن ما دون الركعة محل الرفض (وسجد للسهو) لأنه أخر واجبًا كذا في (الهداية) ولم يفصل هنا بين ما إذا كان إلى القعود أقرب أو لا وكان ينبغي أن لا يسجد فيما إذا كان إليه أقرب كما في الأولى لما سبق قال في (الحواشي السعدية): ويمكن أن يفرق بينهما بأن القريب من القعود وإن جاز أن يعط له حكم القاعد إلا أنه ليس بقاعد حقيقة فاعتبر جانب الحقيقة فيما إذا سها/ عن الثانية وأعطي له حكم القاعد في السهو عن الأولى إظهارًا للتفاوت بين الواجب والفرض وبه علم أن من فسر الواجب بالقطعي وعليه اقتصر في (الفتح) فقد أصاب وإلا أشكل الفرق وقد يقال: لم لا يجوز أن لا يفسر بالقوي من نوعه وهو ما يفوت الجواز بفوته ولا يشكل بثبوت التفاوت بين نوعيه نعم يشكل على من فسره بإصابة لفظ السلام أو التشهد وما في (البحر) من أنه لا يؤخر السلام عن محله لأن محله بعد القعود ولم يقعد مدفوع بأن التأخير واقع فيهما فصح إضافة السجود إلى أيهما كان.

فإن سجد بطل فرضه برفعه، وصارت نفلاً فيضم إليها سادسة، ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإن سجد) للتي قام إليها (بطل فرضه برفعه) لأنه استحكم شروعه في النافلة قبل أركان المكتوبة ومن ضرورته خروجه عن الفرض وإذا ثبت هذا في السهو ففي العمد أولى، ومن ثم سوى في (الخلاصة) بينهما وأفاد فيها أنه لا فرق بين ما إذا قرأ في الخامسة أو لا واستشكله في (البحر) بأن المفسد هو الخلط ولم يوجد إفساد الركعة لخلوها عن القراءة وأقول: ويؤيده ما مر من أن السجود الخالي عن الركوع لا يعتد به فكذا الخالي عن القراءة إلا أن يفرق بأنه قد عهد إتمام الركعة دون القراءة كما في المقتدي بخلاف الخالية عن الركوع، وهذا أعني التقييد بالرفع قول محمد وعليه الفتوى. وقال الثاني: بوضع الجبهة، وأثر الخلاف يظهر فيمن سبقه الحدث وهو ساجد أمكنه إصلاحها عند محمد فيقعد لا عند الثاني قيل: لما أخبر بجواب محمد قال: زه صلاة فسدت أصلحها الحدث وزه بمعجمة مكسورة بعدها هاء تعجب أريد به التحكم وقيل: الصواب ضمها والزاي غير خالصة قال في (الفتح): وهذا أعني صحة البناء لسبق الحدث إذا لم ينذكر في ذلك السجود أنه ترك سجدة صلبية من صلاته فإن تذكر ذلك فسدت اتفاقًا لما سنذكره في تتمة نقعدها في السجدات وقررت في تلك التتمة أنه إذا علم أنها من غير الركعة الأخيرة أو تحرى فوقع تحريه على ذلك أو لم يقع تحريه على شيء وبقي شاكًا في أنها من الأخيرة أو ما قبلها وجب عليه نية القضاء وإن علم أنها من الركعة الأخيرة لم يحتج إلى نية وعلى هذا ما ذكر في من سلم من الفجر وعليه السهو فسجد وقعد وتكلم ثم تذكر أن عليه صلبية من الأولى فسدت وإن من الثانية لا ونابت إحدى سجدتي السهو على الصلبية انتهى. وهذا التقرير يقتضي نقض منع ما قدمه من دعوى الاتفاق على الفساد بتذكر وذلك أنه إن علم أنها من الأخيرة فينبغي أن لا تفسد اتفاقًا لانصرافه إليها أو من غيرها أو لم يعلم وقد نواها فكذلك إلا أنه لا يعيدها لما مر، أما إذا لم ينوها فسدت عند أبي يوسف خلافًا لمحمد لعدم انصرافها إليها، وعلى هذا فما في (الخلاصة) لو قيد الخامسة بالسجدة فتذكر صلبية من صلاته لا تنصرف هذه السجدة إليها لما أنه يشترط النية في السجدة وصلاته فاسدة ليس على إطلاقه بل فسادها إنما هو قول الثاني فقط قالوا: والعبرة للإمام حتى لو عاد ولم يعلم القوم به حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم كذا في (المحيط) وفي (المجتبي) إن تعمدوا ذلك فسدت وفي السهو خلاف والأحوط الإعادة (وصارت نفلًا) لما مر ولأن تركه القعود على رأس ركعتي النفل لا يبطله عندهما خلافًا لمحمد (فيضم إليها سادسة) لأن التنفل في الوتر غير

وإن قعد في الرابعة، ثم قام عاد وسلم، وإن سجد للخامسة تم فرضه، وضم إليها سادسة، وسجد للسهو، ـــــــــــــــــــــــــــــ مشروع لكنه لا يجب لأنه ظان بل يندب كما في (الكافي) تبعًا (للمبسوط) إلا أن قوله في (الأصل): وكان عليه أن يضم يشير إلى الوجوب قال في (البحر): والأول أظهر لأن منع التنفل بالوتر القصدي لا غيره وإطلاقه يفيد الضم في سائر الأوقات قال الحدادي: إلا في العصر فإنه لا يضم لأنه يكون تطوعًا قبل المغرب وذلك مكروه، وفي قاضي خان إلا الفجر لأن التنفل قبلها وبعدها مكروه انتهى، وأنت خبير بأن ما اقتصر عليه قاضي خان من الفجر هو الصواب وذلك أن موضوع المسألة حيث كان فيما إذا لم يقعد وبطل فرضه كيف لا يضم في العصر ولا كراهة في التنفل قبله ثم بعد مدة عن لي حين أقرأ هذا المحل بالجامع الأزهر أنه يمكن حمله على ما إذا كان يقضي عصرًا أو ظهرًا بعد العصر فإنه لا يضم كما هو ظاهر وعليه فيصح التوجيه والله الموفق ولم يذكر سجود السهو إيماء إلى أنه لا يسجد وهو الأصح، لأن النقصان بالفساد لا يجبر بالسجود. (ولو قعد) في الركعة (الرابعة ثم قام) إلى الخامسة يظنها الأولى (عاد وسلم) ولو بعد التشهد لأن ما دون الركعة محل الرفض والتسليم في القيام غير مشروع ومع ذلك لو سلم قائمًا صح كما في (الخلاصة) واختلف في متابعة القوم له في هذا القيام والأصح لا بل ينتظرون فإن عاد قبل أن يقيدها تبعوه وإن سجد سلموا (وإن سجد للخامسة تم فرضه) / لأنه لم يبق عليه إلا واجب وهو السلام (وضم) ركعة (سادسة) ندبًا وجوبًا على ما مر وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يكن وقت كراهة فإن كان لم يندب ولم يجب وهل يكره؟ الأصح لا قال في (المجتبي) وغيره: وعليه الفتوى وعلى هذا فالأولى أن يكون معنى ضم أي: جاز له الضم ليعم كل وقت ولا يخرج عن كلامه بتقدير حمله على الندب والوجوب وقت الكراهة، وجزم الشارح بالكراهة في الفجر دون العصر مما لا وجه له يظهر لتصير الركعتان نفلًا لكنهما لا ينوبان عن سنة بعده على الأصح لأن المواظبة عليها إنما كانت بتحريمة مبتدأة، ولو اقتدى به رجل في هذه الحالة لزمه ركعتان عند الثاني وست عند محمد كما إذا لم يقعد وهو الأصح والفرق على رأي الثاني أن الشروع في النفل لا يوجب أكثر من ركعتين إلا باقتداء الإمام وهنا لم يتنفل إلا بركعتين بخلاف ما إذا لم يقعد ولو أفسده قضى ركعتين عند الثاني قيل: وهو قول الإمام وبه يفتى وقال محمد: لا شيء عليه اعتبارًا بالإمام ولهما أن السقوط يعارض الإمام فلا يتعداه. وقوله (وسجد للسهو) راجع إلى ما إذا عاد فلأنه أخر واجبًا وهو السلام وأما إذا

ولو سجد للسهو في شفع التطوع لم يبن شفعًا آخر عليه، ولو سلم الساهي فاقتدى به غيره فإن سجد صح وإلا لا، وسجد للسهو، وإن سلم للقطع ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يعد فلإدخال النقص في فرضه بترك الواجب وهو السلام عند محمد وعند أبي يوسف لتمكن النقصان في النفل بالدخول فيه لا على الوجه المسنون والفتوى على قول محمد وقال الماتريدي: الأصح أن يجعل جابرًا للنقص المتمكن في الفرض والنفل. قال في (البحر): واختاره في (الهداية) انتهى. لكن كلام الشارحين لها يأباه ولولا خوف الإطالة لبيناه. (ولو سجد للسهو في شفع التطوع لم يبن شفعًا آخر عليه) لما فيه من نقض السجود لوقوعه وسط الصلاة وظاهر كلامهم أنه مكروه تحريمًا لكنه صحيح ويعيد السجود على الأصح، قيد بالتطوع لأن المسافر لو نوى الإقامة بعده لم يكره ويعيده لأنه لو لم يبن لبطلت ومن ابتلي ببليتين وجب أن يختار أقلهما محذورًا، وإذا امتنع البناء في التطوع ففي الفرض الذي سجد لسهوه أولى لكراهة البناء عليه بدون السهو. (ولو سلم الساهي) أي: من عليه السهو (فاقتدى به غيره) توقف الأمر (فإن سجد) للسهو (صح) اقتداء الغير به (وإلا) أي: إن لم يسجد بل أتى بما يمنع البناء (لا) أي: لا يصح وبهذا علم أن مجرد عدم السجود لا يتبين به عدم السجود وهذا عندهما وقال محمد وزفر: يصح الاقتداء مطلقًا والخلاف مبني على ما مر من أن سلام الساهي يخرجه عن الصلاة عندهما على سبيل التوقف وعند محمد وزفر لا يخرجه، قال في (الهداية): وأثر الخلاف يظهر في هذا وفي انتقاض الطهارة بالقهقهة وتغير الفرض بنية الإقامة في هذه الحالة انتهى. يعني فعند محمد ينتقض ويتغير وعندهما لا وما في (غاية البيان) من أنه إن عاد إليه انتقضت ولزمه الإتمام عندهما وإلا لا قال في (البحر): إنه غلط، أما في القهقهة فلتعذر العود لأنها تسقط عند الكل ولذا جزم في (المحيط) بنقضه على قوله لا على قولهما، وأما في نية الإقامة فقال في (المحيط) وغيره: إنه لا يتغير فرضه ويسقط عنه سجود السهو وفي (المعراج) سواء سجد أو لا لأنه لو تغير به لصحت نية قبله ولو صحت لوقعت السجدة في وسط صلاته ولا يعتد بها فصار وكأنه لم يسجد أصلاً فلو صحت صحت بلا سجود ولا وجه له عندهما لأنه لم يحصل به الخروج فلا يتغير فرضه (وسجد للسهو) وجوبًا نبه على دفع ما قد يتوهم من قوله صح وإلا لا من التخيير بين السجود وعدمه. (وإن) وصلية (سلم للقطع) أي: لأجله لأن السلام في محله فلا يعد قاطعًا والنية المجردة عن العمل غير المتحقق لا تؤثر في إبطال ما ركنه عمل الجوارح وهو السجود فلغت. قيد بالسجود لأنه لو سلم وعليه صلبية وتلاوية وهو ذاكر لأحدهما

وإن شك أنه كم صلى أول مرة استأنف، ـــــــــــــــــــــــــــــ فسدت، أما في الصلبية فظاهر لأنه سلم عليه، وأما في التلاوية فهو ظاهر الرواية وقد علل محمد الفساد فيهما بأنه لا يستطيع أن يقضي ما هو ذاكر له بعد تسليمه بخلاف ما إذا كان ناسيًا حيث لا تفسد لكنه إذا تذكرهما أتى بالصلبية أولاً ثم التلاوية، ولو كان عليه تلاوية فقط فسلم ذاكرًا لها كان سلامه قاطعًا وسقطت عنه التلاوية فلأن الصلاتية لا تقضى خارجها وأما السهو ففي (البحر) أن في النفس من سقوطه شيئًا لما أنه لا يؤدي في نفس الصلاة بل في حرمتها لكن علل في (فتح القدير) البناء بسبب الانقطاع إلا إذا تذكر أنه لا يتشهد فإنه يعود إليه وسجد للتلاوية/ وصلاته تامة كما في (الخانية) يعني لما عد هذا السلام قاطعًا امتنع السهو لأنه لا يجامعه وإن أمكن اعتباره قاطعًا من حيث التلاوة فقط إلا أنه اعتبار لم يقم عليه دليل. (وإن شك) في صلاته بدليل استأنف (أنه كم صلى أول مرة) ظرف لشك واختلف في معناه وأكثر المشايخ كما في (الخلاصة) وغيرها على أنه أول ما عرض له في عمره وقيل: لم يكن عادة له وقال فخر الإسلام: أول ما عرض له في تلك الصلاة وأثر الخلاف يظهر فيما لو سها فاستقبل ثم سها بعد سنين (استأنف) على القول الأول أو تحرى على الآخرين كذا في (السراج). قال في (البحر): وفيه نظر بل يستأنف على قول فخر الإسلام أيضًا استأنف صلاته بالسلام أو غيره مما ينافي التحريمة والسلام قاعدًا أولى لخبر: (إذا شك أحدكم في صلاته فليستقبل الصلاة) ولأنه قادر على إسقاط ما عليه من الفرض بيقين فيلزمه ذلك كما لو شك في الوقت أصلى أم لا، وظاهر أن الاستئناف لا يتصور بغير ما مر، قال في (البحر): وظاهر كلامهم أنه لو أبطلها على غالب ظنه لم تبطل إلا أنها تكون نفلاً ويلزم الفرض ولو كان نفلاً فعليه قضاؤه، قيد بالشك في صلاته لأنه لو شك بعد الفراغ منها أو بعد ما قعد قدر التشهد لا يعتبر إلا إذا وقع في التعيين ليس غير بأن تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضًا وشك في تعيينه فإنه يسجد سجدة ثم يقوم فيصلي ركعة بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد للسهو كذا في (الفتح). قال في (البحر): ولا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن الكلام في الشك بعد الفراغ وهذا تذكر تركه ركن غير أنه شك في تعيينه نعم يستثنى منه ما في (الخلاصة) لو

وإن كثر تحرى وإلا أخذ بالأقل وإن توهم مصلي الظهر أنه أتمها فسلم، ثم علم أنه صلى ركعتين أتمها وسجد للسهو. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخبره عدل بعد السلام أنه ما صلى الظهر أربعًا وشك في صدقه وكذبه أعادها احتياطًا وبالصلاة لأنه لو شك في ركن من أركان الحج قال عامة المشايخ: يؤديه ثانيًا لأن تكرار الركن لا يضر بخلاف زيادة ركعة كذا في (المحيط) وفي (البدائع) بنى على الأقل في ظاهر الرواية ولو شك في بعض وضوئه غسل ذلك الموضع. (وإن كثر) لم يلتفت إليه كذا في (المعراج) وبالكمية لأنه لو شك في ثانية الظهر أنه في العصر وفي الثالثة أنه في التطوع وفي الرابعة أنه في الظهر قالوا: يكونوا في الظهر ولا عبرة بالشك وإن كثر بأن عرض له مرتين في عمره على ما عليه أكثرهم أو في صلاته على ما اختاره فخر الإسلام وقيل: عرض له مرتين في سنتين كما في (المجتبى) وكأنه على قول السرخسي (تحرى) أي: طلب أحرى الأمرين وهو أولاهما بفعل منه وهو ما يكون أكبر رأيه عليه (وإلا) أي: وإن لم يقع تحرى على شيء (أخذ بالأقل) وبنى عليه لأن المتيقن به فيجعلها واحدة لو شك أنها ثانية، وثانية لو شك أنها ثالثة، وعلى هذا إلا أنه يقعد في كل محل يتوهم أنه محل قعوده فرضًا كان أو واجبًا وهذا أولى من قول الشارح تبعًا لصاحب (الهداية) يتوهم أنه أخر صلاته وأغفل سجود السهو تبعًا (للهداية) مع أنه لا ينبغي وقد قالوا: إنه يسجد في جميع صور الشك سواء عمل بالتحرى أو بنى على الأقل كذا في (الفتح) قال في (البحر): وقد ترك في (الفتح) قيد لا بد منه وهو أن يشغله الشك قدر أداء ركن وأقول: إنما تركه هنا لأنه قدمه وفي (السراج) إن بنى على الأقل سجد مطلقًا. (وإن) تحرى إن شغله ذلك قدر ركن سجد وإلا لا وكأنه بحصول النقص مطلقًا باحتمال الزيادة ولم تحصل في الثاني إلا بطول التفكر (توهم مصلي الظهر) مثلاً (أنه أتمها فسلم ثم علم) بعد ذلك (أنه صلى ركعتين أتمها وسجد للسهو) لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك في حديث ذي اليدين ولأن السلام لكونه دعاء من وجه لا يبطلها بخلاف ما إذا سلم على ظن أنه مسافر أو أنها الجمعة أو أن العشاء تراويح أو أن فرض الظهر ركعتان لقرب عهده بالإسلام حتى لا تبطل لأنه سلام عمد كذا في (الشرح) وفي (المجتبى) لو سلم عامدًا قبل التمام قيل تفسد وقيل لا حتى يقصد به خطاب آدمي انتهى. وعلى الثاني لا تفسد في هذه المسائل مطلقًا والله أعلم.

باب صلاة المريض

باب صلاة المريض تعذر عليه القيام، أو خاف زيادة المرض صلى قاعدًا يركع ويسجد ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة المريض كل من السهو والمرض عارض سماوي إلا أن السهو أعم موقعًا لتناوله حالة المرض أيضًا فقدم، وإضافته من إضافة الفعل إلى الفاعل أو إلى المحل قيل مفهومه ضروري إذ لا شك أن فهم المراد منه أجلى من قولنا: إنه معنى يزول بحلوله في بدن الحي اعتدال الطبائع الأربع فيؤول إلى التعريف بالأخفى (تعذر عليه) كل (القيام) أي: تعسر إذ ليس المراد منه عدم الإمكان كذا في (الذخيرة) بل أن يلحقه بالقيام رزء على الأصح وفي (الظهيرية) وعليه الفتوى وأراد به الحقيقي بدليل عطف / الحكمي عليه قال في (البحر): إذا كان التعذر أعم فلا حاجة لجعله بمعنى التعسر وأقول: حيث أراد به الحقيقي لزم أن يكون بمعنى التعسر لما علمت، قيدنا بالكلمة كل لأنه لو قدر على التحريمة أو آية قائمًا لزمه ذلك ولو انتفى الضرر باتكائه على عصا أو حائط تعين على الأصح ولم يذكر في (الأصل) ما إذا لم يقدر على القعود مستويًا وقدر عليه متكئًا أو مستندًا إلى حائط أو إنسان. قال مشايخنا: وينبغي أن يصلي قاعدًا مستندًا ولا يجزئه أن يصلي مضطجعًا في (المحيط) قيد بتعذر القيام لأنه لو اشتبه عليه أعداد الركعات أو السجدات لم يلزمه الأداء ولو أداها بتلقين غيره ينبغي أن تجزئه كذا في (القنية) (أو خاف زيادة المرض) أو بطء البرء ودوران الرأس ومنه لو كان بحيث لو صلى قائمًا سلس بوله أو تعذر عليه الصوم على ما مر بخلاف ما لو كان بحيث لو صلى قاعدًا سلس بوله ولو مستلقيًا لا (صلى قاعدًا) لأن الاستلقاء لا يجوز بحال كما لا يجوز مع الحدث فاستويا كذا في (المحيط)، صلى قاعدًا كيف شاء فيما روى عن الإمام قال في (البدائع): وهو الصحيح لأن المرض أسقط عنه الأركان فلأن يسقط الهيئات أولى وقال زفر: يجلس كما في التشهد وعليه الفتوى كذا في (الخلاصة) وغيرها والخلاف في غير حالة التشهد وقد سبق في المتنفل (يركع ويسجد) لما أخرجه الجماعة إلا النسائي من حديث عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: (صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنبك) زاد النسائي: (فإن لم تستطع فمستلقيًا لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) أو صلى قاعدًا

موميًا إن تعذر وجعل سجوده أخفض، ولا يرفع إلى وجهه شيئًا يسجد عليه فإن فعل وهو يخفض رأسه صح وإلا لا، وإن تعذر العود أومأ مستلقيًا، أو على جنبه وإلا ـــــــــــــــــــــــــــــ (مومئًا) أومأ برأسه أمالها إلى أسفل وهذا بيان الأولوية حتى لو أومأ قائمًا بهما أجزأه وقال شيخ الإسلام: يجوز للركوع لا للسجود قلت: وهذا أقيس وأحسن كما لو أومأ بالركوع جالسًا لا يصح على الأصح كذا في (الدراية) معزيًا إلى (المجتبى) وجزم به الولواجي إلا أن المذهب الإطلاق (إن تعذر) ليس تعذرها شرطًا بل تعذر السجود كاف ففي (الزيادات) من بحلقه خراج لا يقدر على السجود ويقدر على غيره يصلي قاعدًا بالإيماء وفي (البدائع) لو قدر على الركوع دون السجود سقط الركوع وفي (القنية) أخذته شقيقة ولا يمكنه السجود يوميء وإذا لم يقدر على الركوع فعلى السجود أولى فلذا أغفلوه (وجعل سجوده أخفض) من ركوعه تمييزًا بينهما ولا يلزمه أن يبالغ في الانحناء أقصى ما يمكنه بل يكفيه أدنى الانحناء فيهما ففي (التحفة) لو كان بجبهته وأنفه عذر يصلي بالإيماء ولا يلزمه تقريب الجبهة إلى الأرض بأقصى ما يمكنه كذا في (المجتبى). (ولا يرفع إلى وجهه شيئًا) كعود أو وسادة سجد عليه لنهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك كذا في (المحيط) وهذا يؤذن بأن الكراهة تحريمية (فإن فعل) ذلك (وهو) أي: والحال أنه (يخفض رأسه) للركوع والسجود (صح) على أنه إيماء لا سجود على الأصح كذا في (السراج) وغيره. قال الشارح: وكان ينبغي أن يقال: لو كان ذلك الموضوع يصح السجود عليه كان سجودًا وإلا فإيماء انتهى. وعندي فيه نظر لأن خفض الرأس بالركوع ليس إلا إيماء ومعلوم أنه لا يصح السجود دون الركوع ولو كان الموضوع مما يصح السجود عليه (وإلا) أي: وإن لم يخفض رأسه بل وضع المرفوع على جبهته (لا) أي: لا يصح لعدم الإيماء. (وإن تعذر القعود) ولو حكمًا بأن كان لو قعد بزغ الماء من عينيه وأمره الطبيب بالاستلقاء (أومأ) أي: جاز له الإيماء (مستلقيًا) على ظهره واضعًا وسادة تحت كتفيه مادًا رجليه ليتمكن من الإيماء وإلا فحقيقة الاستلقاء تمنع الصحيح منه فكيف بالمريض وينبغي له أن ينصب ركبتيه إن قدر تحاميًا عن مد رجليه إلى القبلة (أو على جنبه) ووجهه إلى القبلة والحالة الأولى عندنا أولى لأن إشارة المستلقي تقع إلى هواء الكعبة ومن هو على جنبيه إلى جانب قدميه وعن الإمام أن الثانية أولى وما في (القنية) لو اضطجع على جنبيه قادرًا على الاستلقاء قيل: يجوز والأظهر أنه لا يجوز شاذ (وإلا)

أخرت ولم يوم بعينه وقلبه وحاجبه وإن تعذر الركوع والسجود لا القيام أومأ قاعدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: وإن لم يقدر على الإيماء برأسه (أخرت) أي: الصلاة عنه أداء وفيه إيماء إلى أنها لا تسقط فيجب عليه القضاء ولو كثرت بشرط أن يفهم مضمون الخطاب قال في (الهداية): وهو الصحيح لكن صحح قاضي خان وصاحب (البدائع) عدم لزومه إذا كثرت وإن كان يفهم وفي (الخلاصة) أنه المختار وجعله في (الظهيرية) ظاهر الرواية قال: وعليه الفتوى واستشهد له قاضي خان بما عن محمد فيمن قطعت يداه من المرفقين ورجلاه من الساقين لا صلاة عليه ورده الشارح/ بأن ما عن محمد في العجز المتيقن امتداده وكلامنا فيما إذا صح المريض قبل ذلك حتى لو مات قبل القدرة على القضاء لم يجب عليه ولا كالمسافر والمريض إذا أفطرا في رمضان وماتا قبل الإقامة والصحة أقول: وهذا الفرق إنما يحتاج إليه على تسليم أن لا صلاة عليه لكن قدمنا في الطهارة ترجيح الوجوب عليه بلا طهارة. قال في (الفتح): ومن تأمل تعليلهم في الأصول وسيأتي أن المجنون إذا أفاق في الشهر ولو ساعة لزمه قضاء كل الشهر وكذا الذي جن أو أغمي عليه أكثر من يوم وليلة لا يقضي وفيما دونها يقضي انقدح في ذهنه إيجاب القضاء على هذا المريض إلى يوم وليلة حتى يلزمه الإيصاء به إذا قدر عليه بطريق ويسقط عنه إذا زاد ثم رأيته عن بعض المشايخ قال في (الينابيع): وهو الصحيح وفي (السراج) جعل المسألة مربعة إن زاد على يوم وليلة وهو لا يعقل فلا قضاء إجماعًا أو نقصت وهو يعقل قضى إجماعًا يعني إن صح أو كان يعقل مع الزيادة أو لا يعقل مع النقصان فعلى الخلاف (ولم يوم) عند عجزه عن الإيماء برأسه (بعينه وقلبه وحاجبيه) لما روينا من قوله: (فإن لم يستطع فعلى قفاه يوميء إيماء فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه) بناء على أن مسمى الإيماء لغة خاص بالرأس وأنه بغيرها إشارة وقد جاء مفسرًا في قوله - صلى الله عليه وسلم - لذلك المريض: (وإلا فأوم برأسك واجعل سجودك أخفض) ولا يتحقق زيادة الخفض بالعين ونحوها. (وإن تعذر) عليه (الركوع والسجود) أو السجود فقط كما مر (لا القيام أومأ) أي: جاز الإيماء للركوع والسجود حال كونه (قاعدًا) بل هو الأفضل لأنه أشبه بالسجود وركنيه القيام للتوصل إليه فلا يجب دونه وهذا أولى من قول بعضهم صلى قاعدًا إذ

ولو مرض في صلاته يتم بما قدر ولو صلى قاعدًا يركع ويسجد فصح بنى ولو كان موميًا لا. وللمتطوع أن يتكىء على شيء إن أعيا ولو صلى في فلك قاعدًا بلا عذر صح، ومن جن، أو أغمي عليه خمس صلوات قضى، ولو أكثر لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يفترض عليه أن يقوم للقراءة فإذا جاء أوان الركوع والسجود أومأ قاعدًا (ولو مرض في صلاته) بعد ما شرع وهو صحيح (أتم) صلاته قاعدًا (بما) أي: بالذي (قدر) عليه من ركوع وسجود أوإيماء إن تعذر على ما مر، وعن الإمام أنه يستقبل والصحيح المشهور هو الأول لأن بناء الضعيف على القوي أولى من الإتيان بالكل ضعيفًا (ولو صلى) المريض حال كونه (قاعدًا يركع ويسجد فصح) في أثنائها (بنى) على ما مضى قائمًا عندهما وقال محمد: يستقبل بناء على عدم صحة اقتداء القائم بالقاعد عنده وقد مر. (ولو كان) صلى حال كونه (موميًا) فصح حتى قدر على الركوع والسجود (لا) أي: لا يبني بل يستأنف للزوم بناء القوي على الضعيف قيد بكونه موميًا لأنه لو افتتحها فقدر قبل أن يومىء للركوع والسجود بنى لكن يرد عليه ما لو كان يومىء مضطجعًا فقدر على القعود فإنه يستأنف على المختار وقوله في (البحر) إن في كلامه إشارة إلى هذا الحكم فيه نظر (وللمتطوع) أي: المتنفل (أن يتكىء على شيء) أي شيء كان كعصا ونحوها (إن أعيا) أي: تعب وقد جاء لازمًا ومتعديًا يقال: أعيا الرجل في المشي إذا تعب وأعياه الله والمراد اللازم، قيد بالإعياء لأن الاتكاء بدونه مكروه وقيل: لا يكره لأن القعود بغير عذر لا يكره فالاتكاء أولى وعندهما لما لم يجز القعود كره الاتكاء إلا أن الأصح ما قال فخر الإسلام: إنه يكره الاتكاء بلا عذر دون القعود لجواز أن يعد الاتكاء إساءة أدب دون القعود إذا كان على هيئة لا تعد إساءة أدب. (ولو صلى) فرضًا (في فلك) حال كونه (قاعدًا بلا عذر صح) عند الإمام استحسانًا مع الإساءة كما في (البدائع) وقالا: لا يجوز وهو القياس، وجه الاستحسان أن الغالب دوران الرأس وهو كالمتحقق قيد بعدم العذر لأنها معه جائزة بالاتفاق وترك القيام لأن ترك الاستقبال لا يسقط اتفاقًا وإطلاقه يقتضي عدم الفرق بين المربوطة على الشط والسائرة إلا أن هذا قول البعض، والأصح أن المربوطة على الشط كالشط فلا تجوز قاعدًا اتفاقًا وأما المربوطة في لجة البحر فالأصح أن الريح إن حركتها تحركًا شديدًا فكالسائرة وإلا فكالواقفة وظاهر ما في (الهداية) وغيرها الجواز قائمًا في المربوطة على الشط مطلقًا استقرت على الأرض أو لا وصرح في (الأيضًاح) بمنعه في الثاني حيث أمكنه الخروج إلحاقًا لها بالدابة ولو اقتدى أحدهما بالآخر في فلكين فإن مربوطتين صح وإلا لا (ومن جن) أي: سلب عقله (أو أغمي عليه) أي: غطي على عقله مدار (خمس صلوات قضي) إذا أفاق (ولو) جن وأغمي عليه (أكثر) من خمس (لا) يجب

باب سجود التلاوة

باب سجود التلاوة تجب بأربع عشرة آية منها، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه القضاء وهذا استحسان والقياس أنه لا يجب حيث استوعب وقتًا كاملًا لتحقق العجز وجه الاستحسان أن المدة إذا طالت كثرت الفوائت فيخرج في القضاء ولا حرج إذا قصرت والكثير ما زاد على يوم وليلة ليدخل في حد التكرار والتسوية بين الإغماء والجنون هو الأصح وأطلق فيهما/ فعم ما إذا وجد الفزع من سبع أو آدمي إلا أنه يرد عليه من زال عقله بشرب خمر أو أغمي عليه ببنج ودواء حيث يقضي في الأول وإن زاد على يوم وليلة اتفاقًا وكذلك في الثاني عند الإمام كما في (الشرح) وقيد بالإغماء والجنون لأنه لو نام أكثر من يوم وليلة قضي اتفاقًا وبالأكثر لأنه لو أفاق في بعض المدة فإن كان لإفاقته وقت معلوم قضى وإلا لا ثم اعتبار الكثرة من حيث الأوقات عند محمد وهو الأصح واعتبرها الثاني وهو رواية عن الإمام من حيث الساعات وأثر الخلاف يظهر فيما لو أصابه ذلك قبل الزوال ثم أفاق من الغد بعد الزوال سقط عنده خلافًا لمحمد. باب سجود التلاوة حق هذا الباب أن يقرن بالسهو لأن كلاً منهما فيه بيان السجود لكنه قدم المرض لمجامعته للسهو في أن كل منهما عارض سماوي وتأخر هذا ضرورة وهو من إضافة الحكم إلى سببه ولم يقل والسماع مع أنه سبب أيضًا لأن التلاوة سبب للسماع من وجه كذا في (البحر) تبعًا لشراح (الهداية) وأقول: هذا مما لا حاجة إليه على رأي المصنف فقد رجح في (الكافي) أن السبب إنما هو التلاوة وأن السماع في حق السامع إنما هو شرط فقط نعم ذهب صاحب (الهداية) إلى أن السماع سبب أيضًا فاعتذر عنه شراحها بما مر وفي ذكر التلاوة إيماء إلى أنه لو كتبها أو تهجاها لم تجب، وركنها وضع الجبهة على الأرض أو الركوع أو ما يقوم مقامهما من الإيماء للمريض أو للتالي على الدابة وشرائطها شرائط الصلاة إلا التحريمة وينبغي أن يزاد إلا نية التعيين ففي (القنية) أنه لا يجب يعني تعيين أنها سجدة آية كذا ويفسدها ما يفسدها (يجب) سجود التلاوة وجوبًا متراخيًا على المختار وقيل: على الفور والخلاف في غير الصلاتية الآتية وينبغي أن يكون محله في الإثم وعدمه حتى لو أداها بعد مدة كان مؤديًا اتفاقًا لا قاضيًا وصرحوا بأنها لو أخرتها حتى حاضت سقطت وكذا لو ارتد بعد تلاوتها كذا في (الخانية) (بأربع عشرة آية) أي: بسبب تلاوتها ويجوز أن يكون

أولى الحج، وص على من تلا ولو إمامًا أو سمع ولو غير قاصدًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بمعنى في أربع عشرة آية وكأنه الأولى إذ مقتضى الأول توقف الوجوب على تلاوة الأربعة عشر وقوله في (البحر) أي: تجب بسبب تلاوة آية من أربع عشرة آية في أربع عشرة سورة مما لا دليل في كلامه عليه وترك تعدادها لشهرتها ولا يجب على المحتضر الإيصاء بها وقيل: يجب كما في (القنية) والثاني بالقواعد أليق منها (أولى الحج) دون الثانية ومنها (صاد) أي: السجدة التي فيها وهذا عندنا وأثبتها الشافعي في ثانية الحج ونفاها في صاد والدلائل من الجانبين معروفة (على من تلا) متعلق بيجب بشرط أهليته لوجوب الصلاة أداء وقضاء فخرج الحائض والنفساء والصبي والمجنون والكافر فليس عليهم شيء لا بالتلاوة ولا بالسماع ودخل النائم وفي (السراج) فيه روايتان والسكران لأن عقله اعتبر حاضرًا زجرًا له. (ولو) كان التالي (إمامًا) هذا بإطلاقه يعم ما إذا كان في السرية أو الجهرية إلا أنه يكره له قراءتها في السرية كالجمعة والعيدين ويسجد لها، وكذا في الجمعة والعيدين عند المتقدمين واختار المتأخرون أنه لا يسجد فيهما. واعلم أن إطلاق الكراهة في السرية مقيد بما إذا لم تكن السجدة آخر السورة كما في (الخانية) وفي (القنية) إلا إذا ركع بها والسجود أولى من الركوع في الجهرية دون السرية وينبغي كون الجمعة والعيدين كذلك وفي (القنية) لو نواها في الركوع عقب التلاوة ولم ينوها المقتدي لا ينوب عنه ويسجد إذا سلم الإمام ويعيد القعدة، ولو تركها فسدت صلاته وينبغي حمله على الجهرية نعم لو ركع وسجد لها على الفور نابت عن السجدة دون نية ففي (الخلاصة) أجمعوا أن سجدة التلاوة تتأدى بسجدة الصلاة وإن لم ينوها للتلاوة واختلفوا في الركوع قال خواهر زادة: لا بد من النية وهو المأخوذ به ويشترط معها كونه على الفور وهل ينقطع بثلاث آيات؟ فخواهر زادة نعم والحلواني لا وقال الإسبيجابي: أكثر المشايخ لم يقدروا لطول القراءة شيئًا فكان الظاهر تفويضه إلى رأي المجتهد ولو نواها في ركوع غير الصلاة فالمروي في الظاهر أنه يجوز كذا في (البزازية) فرع عن الإمام لو تلاها الإمام فوق المنبر سجد هو (أو) من (سمع) وعلى من سمع آية السجدة (وكان غير قاصد) للسماع بشرط كون المسموع منه آدميًا وجب عليه الصلاة أو لا حتى لو/ سمعها من طير لا تجب وفي (السراج) لو سمعها من مغمى عليه أو نائم ففيه روايتان أصحها عدم الوجوب صحح في (الخلاصة) و (الخانية) وجوبها من النائم وإطلاقه يقتضي عدم اشتراط الفهم وهذا في العربية بالإجماع لكن لا يجب على الأعمى ما لم يعلم كذا في (الفتح) وعبارته في (الخلاصة) لكن يعذر في التأخير ما لم يعلم بها، وأما بالفارسية فقيل: هو قول الإمام

أو مؤتمًا لا بتلاوته، ولو سمعها المصلي من غيره سجد بعد الصلاة، ولو سجد فيها أعادها لا الصلاة، ولو سمع من إمام فأتم به قبل أن يسجد سجد معه وبعده لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وشرطاه والأصح عدمه احتياطًا كذا في (المحيط)، إلا أنه في (السراج) حكى رجوع الإمام إلى قولهما في الاشتراط قال: وعليه الاعتماد (أو) كان السامع (مؤتمًا) عطفًا على غير قاصد لكنه يقتضي اشتراط إسماعه وليس بشرط بل يجب عليه وإن لم يسمع أو لم يكن حاضرًا واقتدى به قبل السجود للمتابعة ومن ثم قال في (البحر): لو قال: اقتداء عطفًا على تلا لكان أولى (لا) تجب (بتلاوته) عليه وعلى من سمعه من المقتدي بإمامه عندهما وقال محمد: يسجدونها بعد الفراغ لأن السبب قد تقرر ولا مانع ولهما أنه محجور ولا حكم لتصرفه بخلاف الحائض والجنب فإنهما منهيان، وإطلاقه يفيد عدم الوجوب على من كان خارجها أيضًا لكنه قول البعض، والأصح الوجوب لأن الحجر ثبت في حقهم فلا يعدوهم كذا في (الهداية) وتعقب بأن كونه محجورًا يقتضي أن لا حكم لتصرفه وأجيب بأن تصرفه لغيره صحيح وهذا إذا لم يدخل معهم فإن دخل سقطت كذا في (السراج) قال الشارح: ولو تلاها في ركوعه أو سجودهأو تشهده لم يجب للحجر عن القراءة في هذه الأماكن. (ولو سمعها) أي: السجدة (المصلي) مطلقًا (من غيره) أراد به من لم يكن محجورًا عليه بقرينه ما سبق (سجد بعد الصلاة) لتحقق السبب في حقه وهو التلاوة التي هي خارج الصلاة (ولو سجد) تلك السجدة (فيها) أي: الصلاة (أعادها) لأنها ليست من أفعال الصلاة حتى تستتبع فعله في الصلاة لما أنها غير صلاتية فتكون زيادة منهيًا عنها وبذلك تكون ناقصة فلا يتأدى بها ما وجب كاملاً وقول الشارح وعليه جرى في (البحر) حكم هذه التلاوة لما تأخر عن الفراغ إلى ما بعد الصلاة لم يصر سببًا إلا بعده فلا يجوز تقديمها عليه ممنوع، هذا إذا لم يكن قرأها المصلي غير المؤتم فإن قرأها أولاً ثم سمعها فسجدها لم يعدها في ظاهر الرواية وإن سمعها أولاً ثم تلاها ففيه روايتان وجزم في (السراج) بأنه لا يعيدها و (لا) يعيد (الصلاة) لأن زيادة ما دون الركعة لا يفسد وما في (النوادر) من فساد قيل: إنه قول محمد على أن السجدة الواحدة يتقرر بها عنده لكن الأصح عدمه اتفاقًا كذا في (غاية البيان)، وقيده في (التجنيس) وغيره بما إذا لم يتابع المصلي التالي في سجوده فإن تابعه فسدت. (ولو سمع) مكلف آية السجدة (من إمام فأتم به) أي: بذلك الإمام (قبل أن يسجد) الإمام لها (سجد) المؤتم (معه) تحقيقًا للمتابعة (و) إن ائتم به (بعده) أي: بعد السجود (لا) أي: لا يسجد في الصلاة ولا بعد الفراغ، أما إذا اقتدى به في الأولى فباتفاق الروايات، وأما في الثانية فظاهر إطلاق (الأصل) أنها كذلك لأنها

وإن لم يقتد سجدها ولم تقض الصلاتية خارجها، ولو تلاها خارج الصلاة فسجد وأعادها فيها سجد أخرى. وإن لم يسجد أولاً كفته واحدة، كمن كررها في مجلس، ـــــــــــــــــــــــــــــ بالاقتداء صارت صلاتية فلا تقضى خارجها واختار البزدوي تخصيصه بالأولى وحمل الإطلاق عليه وهو ظاهر ما في (الهداية) (وإن لم يقتد) به أي: الإمام (يسجدها) لتقرير السبب في حقه مع عدم المانع (ولو تقض) السجدة (الصلاتية) قيل: الصواب في النسبة الصلوية رد الألف واوًا وحذف التاء وأجيب بأن الخطأ المستعمل عند الفقهاء خير من الصواب النادر ولا يخفى ما فيه، خارجها لأن لها مزية الصلاة فلا يتأدى بالناقص ولأنها صارت جزءًا من أفعال الصلاة وأفعالها لا تتأدى (خارجها) وهذا إذا لم يفسدها قبل السجود فإن أفسدها قضاها خارجها لأنها لما فسدت لم يبق إلا مجرد تلاوة فلم تكن صلاتية ولو بعدما سجدها لا يعيدها كذا في (القنية). لكن في (الخانية) لو تلاها في نافلة فأفسدها وجب قضاؤها دون السجدة وهذا بالقواعد أليق لأنها بالإفساد لم تخرج عن كونها صلاتية وبهذا التقرير استغني عن قوله في (البحر) يستثنى من فسادها ما إذا فسدت بالحيض إلا أن يحمل ما في (الخانية) على ما إذا كان بعد سجودها وقيد بالخارج لأنها لأنها تقضى داخلها لما أنها واجبة على الفور وإذا أخرها حتى طالت القراءة صارت قضاء لأنها لما وجبت بما هو من أفعال الصلاة وهو القراءة التحقت بأفعال الصلاة وصارت جزءًا من أجزائها وإذا التحقت وجب أداؤها مضيقا كسائر أفعال الصلاة كذا في (البدائع) (ولو تلاها) أي: السجدة (خارج الصلاة فسجد) لها (وأعادها) أي: تلك السجدة (فيها) أي: في الصلاة (سجد أخرى) / لأن الصلاتية أقوى فلا تكون تبعًا للأضعف، (وإن لم يسجد) لها أولاً بعدما تلاها خارج الصلاة ثم أعادها فيها واتحد المجلس أو أختلف كما في (البدائع) (كفته) سجدة (واحدة) عن التلاوتين، وجعلت الخارجية تبعًا للصلاتية لقوتها حتى لو لم يسجد الصلاتية لم يأت بالخارجية أيضًا وأثم، وهذا على إطلاقه ظاهر الرواية، وفي رواية (النوادر) لا تكفيه الواحدة ومنشأ الخلاف هل بالصلاة يتبدل المجلس أم لا، ولو سجد لصلاتية ثم أعادها بعد السلام قيل: تجب أخرى. قال الشارح: وهذا يؤيد رواية (النوادر)، وقيل: لا يجب ووقف الفقيه بحمل الأول على ما إذا تكلم لأن القدم يقطع حكم المجلس، والثاني: على ما إذا لم يتكلم وهو الصحيح وعليه فلا تأييد، وأفرد هذه المسألة بالذكر مع دخولها تحت قوله: (كمن كررها في مجلس) لافتراقها في أنه لو سجد للخارجية أولاً لم تكفه للصلاتية بخلاف ما إذا لم تكن صلاتية حيث يكتفى بالسجود الأول لأن مبناها على التداخل ما أمكن،

لا في مجلسين، وكيفيته: أن يسجد بشرائط الصلاة بين تكبيرتين ـــــــــــــــــــــــــــــ وذلك باتحال المجلس حقيقة كالبيت والمسجد إلا إذا كان كبيرًا كدار السلطان أو حكمًا كأكل لقمتين أو مشي خطوتين، واختلف في الصلاة، قال الثاني: هي واحدة وقال محمد: الانتقال من ركعة إلى أخرى يوجب الاختلاف، لأن القول بالتداخل يؤدي إلى إخلاء إحدى الركعتين عن القراءة فيفسد، قلنا: ليس من ضرورة الاتحاد بطلان العدد في حق حكم آخر كذا في (الفتح). وهو ظاهر في ترجيح قول الثاني، إلا أنه في (السراج) جعل قول محمد استحسانًا، وقيده بما إذا صلى بغير الإيماء أما به فإن لمرض فلا، وإن لكونه على الدابة اختلفوا على قوله، قال بعضهم: يتكرر وآخرون لا، ثم قال في (الفتح): ما علل به لمحمد يفيد تقييد الصلاة بالنفل أو الوتر مطلقًا. وفي الفرض بالركعة الثانية أما بعد أداء فرض القراءة فينبغي أن تكفيه واحدة إذ المانع من التداخل منتف مع وجود المقتضى، وهذا البحث منقول، ففي (السراج) لو أعادها في الثالثة أو الرابعة اختلفوا فيه على قول محمد (لا) تكفيه واحدة لو كررها (في مجلسين) حقيقة كمكانين، ومنه الانتقال من غصن إلى غصن وتسوية الثوب بناء على ما هو المتعارف في ديارهم، ومنها غرس الحائك خشبًا يسوي فيها السدى ذاهبًا وآيبًا، أما على ما هي ببلاد الإسكندرية وغيرها بأن يديرها على دائرة عظيمة وهو جالس في مكان واحد فلا، ومنه أيضًا الدوس والسبح في نهر أو حوض في الأصح، وكذا لو كان على دابة وهي سائرة بخلاف السفينة السائرة إلا إذا كان يصلي عليها فكررها، أما لو سمعها من آخر فسارت ثم ثانيًا تكرر على الأصح أو حكمًا، كما إذا باع أو اشترى أو تكلم أكثر من كلمتين أو نكح أو اضطجع أو أرضعت ولدًا، وكذا وكذا كل عمل يعرف أنه قاطع للمجلس. وفي (القنية) صليا على الدابة فقرأ أحدهما آية السجدة في صلاته مرة وآخر مرتين وسمع كل من صاحبه فعلى من تلى مرتين سجدة واحدة خارج الصلاة وعلى صاحبه سجدتان والمذكور في (الخانية) إن على كل واحد منهما سجدتين صلاتية بتلاوته وخارجية بسماعه، واعلم أن العبرة في التبدل بمن تجب عليه حتى لو تبدل مجلس السامع دون التالي تكرر على السامع وفي العكس لا، وهو الأصح وعليه الفتوى، هذا وأما الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكره أو سمع ذكره مرارًا في مجلس قال المتقدمون: هذا على قياس السجدة، وقال المتأخرون: يتكرر ولو عطس مرارًا فالأصح أنه إذا زاد على الثلاثة لا يشمته كذا في (الخلاصة). (وكيفيته) أي: السجود (أن يسجد بشرائط الصلاة) المتقدمة إلا التحريمة ونية التعيين على ما مر (بين تكبيرتين) أولاهما عند الوضع، والأخرى عند الرفع، وعن الإمام أنه يقتصر على الأولى وعنه على الثانية والأول هو الظاهر فيندب أن يتقدم

بلا رفع يد وتشهد وتسليم، وكره: أن يقرأ سورة ويدع آية السجدة لا عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــ التالي ويصف القوم خلفه وليس باقتداء حتى جاز كون المرأة إمامًا فيها كما في (المجتبى)، ويندب أن يقوم ويخر ساجدًا ولو كان عليه سجدات كثيرة، روي ذلك عن عائشة وما في المعراج من أنه لا يقوم فشاذ. قال في (المضمرات): ويستحب إذا فرغ منها أن يقوم ولا يقعد قال الشارح: ويقول في سجوده مثل ما يقول في سجود الصلاة على الأصح، قال في (الفتح): وينبغي أن لا يكون ما صحح على عمومه، بل إذا كانت السجدة في الصلاة فإن كانت فريضة قال: سبحان ربي الأعلى أو نفلاً قال: ما شاء مما ورد كسجد وجهي أو خارج الصلاة، قال: كلما أثر من ذلك انتهى. (وكره أن يقرأ سورة) فيها سجدة/ (ويدع) أي: يترك (آية السجدة) قال محمد في (الجامع الصغير): لأن فيه هجر شيء من القرآن وذلك ليس من أعمال المسلمين ولأنه فرار من السجدة، وذلك ليس من أخلاق المؤمنين، وفي (البدائع) لأن فيه قطعًا لنظم القرآن وتغييرًا لتأليفة واتباع النظم والتأليف مأمور به وهذا يرشد إلى أن الكراهة تحريمية (لا) يكره (عكسه) وهو أن يقرأ السجدة ويدع ما سواها لأنه مبادرة إليها، قال محمد: وأحب إلي أن يقرأ قبلها آية أو آيتين دفعًا لتوهم تفضيل أي السجدة على غيرها مع أن الكل من حيث أنه كلام الله في رتبة، وإن كان لبعضها زيادة فضيلة باشتماله على صفات الحق جل وعلا، وعبارته في (الخانية) الأحب أن يقرأ آية أو آيتين تقتضي أنه لو قرأ بعدها آية أو آيتين فقد أتى به، وفي (الكافي) قيل: من قرأ آي السجدة كلها في مجلس واحد وسجد لكل منها كفاه الله ما أهمه. قال في (الفتح): وما مر عن (البدائع) في تعليل الأولى يقتضي كراهة ذلك، قال في (البحر): وأقول: وإن كان مقتضاه لكن صرح بعده بخلافه فقال: لو قرأ السجدة من بين السورة لم يضره وقيده قاضي خان بغير الصلاة فظاهره أنه لو كان في الصلاة كره. وأقول: كونه صرح يعده بما يخالفه مبنى على أن الرواية في (البدائع) لو قرأ آية السجدة بين السور جمع سورة وهو تحريف والذي فيها إنما هو من بين السورة بالإفراد، وهذا كما ترى ليس مخالفًا لما ذكر أولاً بقي أن ما في (الكافي) وإن كان ظاهرًا في أنه قرأ آية السجدة على الولاء ثم سجد لها إلا أنه يحتمل أنه سجد لكل واحدة عقب قرأتها، وهذا ليس بمكروه، وما في (الكتاب) من قوله: لا عكسه شامل له إذ ليس فيه تغيير لنظم القرآن فيحمل عليه فتدبره، ويندب اخفاؤها شفقة على السامعين وقيده في (البدائع) بما إذا لم يكونوا متأهبين، فإن كانوا جهر بها قال في (المحيط): بشرط أن يقع في قلبه أن لا يشق عليهم أداء السجدة فإذا وقع أخفاها انتهى. وينبغي أنه إذا لم يعلم بحالهم يخفيها.

باب صلاة المسافر

باب صلاة المسافر من جاوز بيوت مصره مريدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة المسافر السفر عارض مكتسب كالتلاوة، إلا أنها عارض هو عبادة في نفسه إلا بعارض، والسفر عارض مباح إلا بعارض فأخر، وهذه الإضافة من إضافة الشيء إلى شرطه، أو محله، ويجمع على أسفار، سمي بذلك لأنه يسفر، أي: يكشف عن أخلاق الرجال وسافر بمعنى سفر، وهو لغة: قطع المسافة مطلقًا، وليس كل قطع به تتغير الأحكام بل هو خاص، وهو ما سيأتي. (من جاوز بيوت مصره) من الجانب الذي خرج منه، وإن لم يجاوزها من الجانب الآخر كما في (الأصل)، ويدخل في بيوت المصر ربضه، وهو ما حول المدينة من بيوت ومساكن. وأما القرية المتصلة بالربض فظاهر كلامه أنه لا يشترط مجاوزتها، وصحح الشارح بقرب المصر لا. يقصر وإلا قصر، والمختار أنه يقصر فيهما؛ لأنه جاوز الربض، ومتى جاوز الربض فقد جاوز البلد، وكلامه يعطي عدم اشتراط مجاوزة الفناء فكان ينبغي اشتراطه؛ لأنهم لما جوزوا الجمعة والعيدين فيه فقد ألحقوه بالمصر، وأجاب في (الدراية): بأنه إنما ألحق بالمصر فيما هو من حوائج أهله المقيدين لا مطلقًا، وفي (الخانية): إن كان بينه وبين المصر أقل من غلوة ولم يكن بينهما مزرعة اشترطت مجاوزته، وإلا فلا. (مريدًا) أي: قاصدًا نبه بذلك على أنه لو طاف الدنيا من غير قصد إلى قطع المسافة لا يترخص، وعلى هذا قالوا: لو خرج الأمير في طلب العدو بجيش ولم يعلم أين يدركهم لا يقصر في الذهاب، وإن طالت المدة، أما في الرجوع، فإن كانت مدة سفر قصر، ولو أسلم حربي، فلما علم به أهل داره هرب منهم مسيرة ثلاثة أيام لم يصر مسافرًا، وإن لم يعلموا به أو علموا، ولم يخشهم فهو على إقامته، ثم الإرادة إنما تكون من الأهل، فلو خرج صبي ونصراني قاصدين مسيرة سفر فلما سافرا بعض الطريق بلغ الصبي وأسلم النصراني والباقي أقل من ثلاثة قصر النصراني دون الصبي بناء على اعتبار نيته في المختار كما في (الخلاصة). وفي (التجنيس): لو افتتح الصلاة في السفينة حال إقامته في طرف البحر فنقلها

سيرًا وسطًا ثلاثة أيام في بر، أو بحر، أو جبل، قصر الفرض الرباعي ـــــــــــــــــــــــــــــ الريح وهو في السفينة ونوى السفر يتم صلاة المقيم عند أبي يوسف خلافًا لمحمد. (سيرًا وسطًا ثلاثة أيام). قال الشارح: وسطًا صفة لمصدر محذوف العامل فيه السير المذكور، لأنه مقدر بأن والفعل تقديره مريدًا؛ أن يسير سيرًا وسطًا في ثلاثة أيام، ومراد التقدير لا أن يسير فيها سيرًا وسطًا، ولا أن يريد بذلك السير، انتهى. أو دعاه إلى ذلك أنه ليس في الكلام ما يعمل في ثلاثة؛ إذ لا يصح أن يكون العامل مريدًا؛ لأنه/ حينئذ يكون مفعولاً به، والمعنى إنما هو على الظرفية ولا سيرًا لأن المصدر إذا وصف لا يعمل فتعين ما قال، لكن قال العيني: إن هذا التكلف مستغنى عنه بأن يكون سيرًا مفعول مريدًا ووسطًا، وثلاثة أيام صفتان له، أي: كائنًا في ثلاثة أيام، لأنه لا ترخص إلا إذا أراد السير الوسط المقدر بثلاثة أيام، وأراد بالوسط سير الإبل، ومشي الأقدام، وكون الرياح معتدلة في البحر، حتى لو أسرع يريده فقطع ما يقطع بالسير المعتاد في ثلاثة في أقل منها قصر، والتقدير بثلاثة أيام هو ظاهر المذهب، وهو الصحيح، وعامة مشايخنا قدره بالفراسخ، ثم اختلفوا فقيل: يعتبر أحد عشر فرسخًا، وقيل: خمسة عشر، والفتوى على ثمانية عشر، كذا في (الدراية)، فهو على التقدير بالأيام، فيعتبر كونها من أقصر أيام السنة، ولم يقل ولياليها كما في (الجامع الصغير)؛ لأن ذكر الأيام يستتبع ما بإزائها من الليالي. وقوله في (الينابيع): المراد بالأيام النهار؛ لأن الليل للاستراحة، فلا يعتبر لا يريد به أنه لا يعتبر قصده كما قد توهم، بل لا يعتبر السير فيه، وقد أفصح عن ذلك ما في (المحيط) وغيره من أن المسافر لا بد له من النزول لاستراحة نفسه ودابته فلا يشترط أن يسافر من الفجر إلى الفجر، لأن الدابة لا تطيق ذلك فالآدمي أولى، فالتحقت مدة الاستراحة بمدة السفر ضرورة؛ إذ لو لم يشترط قصدها لما احتيج إلى إلحاقها، واختلف في اشتراط استغراق النهار بالسير، والأصح عدمه حتى لو بكر في اليوم الأول ومشى إلى الزوال، ثم في الثاني والثالث كذلك قصر وهذا أيضًا يؤيد ما قلنا، فتدبر. (في بر أو بحر أو جبل) واقعًا ذلك السير في ما ذكر، وفصله إيماء إلى أن الثلاثة أيام تعتبر في كلٍّ على حدة، فيعتبر في البحر أيضًا ثلاثة أيام معتدلة الأرباح، وكذا في الجبل ثلاثة أيام أيضًا. (قصر لفرض الرباعي) هذا أعني تسميته قصرًا مجاز لما أن فرض المسافر ركعتان حتى لا يجوز له الإتمام، ولو قال: صلى الفرض الرباعي ركعتين لكان أولى، قيد بالفرض لأنه لا قصر في الوتر والسنن، كذا في (البحر). وهذا يومئ إلى أن

فلو أتم وقعد في الثانية صح وإلا لا حتى يدخل مصره، أو ينوي إقامة نصف شهر ببلد أو قرية لا بمكه ومنى ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ المراد الاعتقادي، ذلك أن تقول: أراد به العملي ويخرج بالرباعي الثلاثي، ولو وترًا والثنائي، واختلف فيما هو الأولى في السنن فقيل: الإتيان بها، وقيل: عدمه والمختار: أنه يأتي بها إن كان على أمن وقرار، لا على عجلة وفرار، كذا في (التجنيس)، ولو جعلت شقي هذا القول محمل القولين لارتفع الخلاف. (فلو أتم) بأن صلى أربعًا (وقعد) قدر التشهد (في) الركعة (الثانية صح) فرضه، والزائد نفل كالفجر، لكنه مسيء لتأخير السلام (وإلا) أي: وإن لم يقعد هذا المقدار (لا)، أي: لا يصح فرضه؛ لأنه خلط الفرض بالنفل قبل إكماله؛ إذ بقي عليه القعدة الأخيرة، وأفاد أنه لو ترك القراءة في الأوليين أو في أحدهما فالحكم كذلك لما مر. قال الشارح: هذا إذا لم ينو الإقامة، فإن نواها بعد ما قام إلى الثالثة صح فرضه لانقلابه أربعًا بنيته، ومراده ما إذا لم يقيدها بالسجدة فإن قيدها بها لم تصح، وقالوا: لو قام وركع ثم نواها أعاد القيام والركوع؛ لأن الفعل بنية التطوع لا ينوب عن الفرض. (حتى يدخل مصره) غاية القصر، وصرح الشارح بكونه غاية لقوله: وإلا لا، واقتصر العيني على الأولى وتبعه في (البحر) وهو الظاهر. لأن قوله: فلو أتم تفريع على قوله: قصر فالأولى كون الغاية للمفرع عليه لأنه الأصل أطلقه فعم ما إذا نوى الإقامة فيه أو لا، وما إذا كان في الصلاة كما إذا أحدث فدخله للماء أو لا إلا اللاحق فإنه خلف الإمام حكمًا. (أو) حتى (ينوي الإقامة) حقيقة (نصف شهر ببلد أو قرية) بعد دخوله فيهما أو حكمًا لما في (المحيط)، ولو وصل الحاج إلى الشام وعلم أن القافلة إنما تخرج بعد خمسة عشر يومًا، وقد عزم أن لا يخرج إلا معهم لا يقصر، لأنه كناوي الإقامة هذا إذا استحكم سفره بأن سار ثلاثة أيام، أما لو أقل أتم بمجرد عزمه على العود ولو في المفازة، وقياسه أن لا يحل فطره لأنه يقبل النقض قبل استحكامه؛ إذ لم يتم علة فكانت نقضًا للعارض لا ابتداء علة للإتمام. قال في (الفتح): ولو قيل: العلة مفارقة البيوت قاصدًا مسيرة ثلاثة أيام لا استكمال سفره ثلاثة أيام بدليل ثبوت حكم السفر بمجرد ذلك فقد تمت العلة بحكم السفر، فيثبت حكمه ما لم يثبت علة حكم الإقامة لما احتاج إلى الجواب، ولما ضاق الأمر على صاحب (البحر) قال: الذي يظهر أنه لابد في دخوله المصر مطلقًا وأنت خبير بأن إبطال الدليل المعين لا يستلزم إبطال المدلول. (لا) يتم إذا نوى الإقامة (بمكة ومنى) ونحوهما من مكانين كل منهما أصل بنفسه؛ لأنها لو

وقصر إن نوى أقل منه، أو لم ينو وبقي سنين، أو نوى عسكر ذلك بأرض الحرب، وإن حاصروا مصر أو حاصروا أهل البغي في دارنا في غيره بخلاف أهل الأخبية، ولو اقتدى مسافر بمقيم في الوقت صح، وأتم ـــــــــــــــــــــــــــــ جازت في مكانين لجازت في أماكن، وحينئذ فلا يتحقق سفرًا إلا إذا نوى أن يقيم بأحدهما/ ليلاً، فإنه يصير مقيمًا بدخوله فيه بخلاف ما إذا كان أحدهما تبعًا للآخر، كالقرية إذا قربت من المصر بحيث تجب الجمعة على ساكنها، لأنها في حكم المصر وقد استفيد من كلامه أن شرائط نية الإقامة خمسة: ترك السير، والمدة، وصلاحية الموضع، واتحاده، وسيأتي الخامس وهو: الاستقلال، ومن رام بيانها في كلامه لا ينبغي له النظر في هذا الكتاب. (وقصر) المسافر (إن نوى أقل منه) أي: من نصف الشهر (أو لم ينو) شيئًا، بل أضمر الخروج في غد أو بعده، وهذا تصريح بمفهوم ما سبق، وكان حذفه بالكتاب أليق. (أو نوى) عطف على إن نوى (عسكر ذلك) أي: إقامة نصف شهر (بأرض الحرب) سواء كانت الشوكة لهم أو لا، لأن حالهم يناقض عزيمتهم لترددهم بين الفرار والقرار حتى لو غلبو على المدينة واتخذوها وطنًا أتموا كما في (التجنيس). وقيد بالعسكر لأن الداخل دارهم بأمان لو نوى الإقامة نصف شهر أتم. (وإن) كانوا (حاصروا مصرًا) من أمصار أهل الحرب (أو حاصروا) عطف على إن نوى أيضًا أو حاصر المسلمون (أهل البغي) وهو قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام (في دارنا) أي: دار الإسلام (في غيره) أي: في غير المصر، قيد به لأنها في المصر أتموا بخلاف أهل الأخبية، حيث يصح منهم نية الإقامة، وإن كانوا في المفازة في الأصح، قال في (المحيط): وعليه الفتوى لأن الإقامة أصل فلا تبطل إلا بالانتقال من مرعى إلا مرعى، إلا إذا ارتحلوا عن موضع الصيف قاصدين لمكان الشتاء وبينهما مسيرة سفر، حيث يقصرون إن نووا سفرًا، قيد بهم لا غيرهم من المسافرين، لو نوى الإقامة معهم لا يصير مقيمًا عند الإمام وهو الصحيح، وعن الثاني روايتان. وأهل الأخبية هم الأعراب والترك والكرد الذين يسكنون المفاوز جمع خباء، وهو بيت من وبر أو صوف، كذا في (غاية البيان) زاد في (ضياء الحلوم): فإن كان من شعر فليس بخباء وقصره في (المغرب) على الصوف فقول العيني: وهو بيت الشعر فيه نظر نعم لا فرق في ساكن المفازة بين أن يكون بيته من صوف أو غيره. (وإن اقتدى مسافر بمقيم في الوقت) سواء اقتدى به في جزء من صلاته أو كلها (صح) اقتداؤه (وأتم) صلاة المقيمين بقي الوقت أو خرج قبل إتمامها لتغير فرضيته

وبعده لا وبعكسه صح فيهما ـــــــــــــــــــــــــــــ بالتبعية لاتصال المغير بالسبب، وهو الوقت ولو أفسده صلى ركعتين لزوال المغير بخلاف ما لو اقتدى به متنفلاً حيث يصلي أربعًا إذا أفسده، لأنه التزم صلاة الإمام، وأشار بقوله: أتم إلى أن الكلام في الرباعي أما غيره فلا تتقيد صحته بالوقت فظاهر أن معنى اقتدى نوى الاقتداء به، فلا يرد عليه ما لو سبق الإمام المسافر الحدث فاستخلف مقيمًا حيث لا يتم، وإن صار مقتديًا به لأن المؤتم لما كان خليفة كان المسافر كأنه الإمام وبهذا اندفع ما في (البحر) من استثناء هذه المسألة من كلامه، وإذا لزمه الإتمام صارت القعدة الأولى واجبة في حقه أيضًا حتى لو تركها الإمام ولو عامدًا، وتابعه المسافر لا تفسد صلاته على ما عليه الفتوى، وقيل: تفسد، كذا في (السراج)، ولا وجه له يظهر. (وبعده) أي: بعد خروج الوقت. (لا) أي: لا يصح اقتداؤه لعدم تغيره لانقضاء السبب فكأن اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة إن كان الاقتداء أول الصلاة أو القراءة، إن كان في الأخريين زاد الشارح: أو التحريمة، وعزاه في (السراج) إلى (الحواشي)، وعلله بأن تحريمة المأموم اشتملت على الفرض لا غير، وإنما زيد ليدخل فيه ما لو اقتدى به في القعدة الأخيرة، فإنه لا يصح اقتداءه لأن تحريمته اشتملت على نفلية القعدة الأولى والقراءة بخلاف الإمام وهذا معنى ما في (السراج). وقوله في (البحر): إنه ليس بظاهر وبه يظهر عدم الصحة فيما إذا لم يقرأ في الأوليين واقتدى به في الأخريين كما هو مقتضى الإطلاق، وفي (البدائع): فيه روايتان، ووجه الفساد في (المحيط): بأنه إذا قرئ فيهما قضاء التحقت القراءة بمحلها فخلتا عن القراءة. وأقول: هذا مبني على تعيين الأوليين لها، ويمكن أن يكون وجه الفساد بناء على أنها في ركعتين غير معينين فيصير اقتداء المفترض بالمتنفل في حق التحريمة، وبهذا يترجح رواية الفساد، وأما رواية الصحة فلا يخلو من احتياجها إلى تأمل ووجهها، واعلم أن عدم الصحة مقيد بكونها فائتة في حق الإمام والمأموم، فلو كانت فائتة في حق الإمام مؤداة في حق المأموم صحت كما لو اقتدى حنفي في الظهر بشافعي بعد المثل، وقبل المثلين كما في (السراج)، وينبغي الاقتصار على المأموم. (وبعكسه) وهو اقتداء المقيم بالمسافر. (صح فيهما) أي: في الوقت وبعده لقوة حال الإمام، وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام أم أهل مكة وهو مسافر ثم قال: (أتموا صلاتكم/ فإنا قوم سفر)، جمع مسافر كركب جمع راكب، ومن ثم قالوا: يندب للإمام المسافر أن يقول ذلك بعد السلام الثاني على الأصح لجواز أن يكون

ويبطل الوطن الأصلي بمثله لا السفر، ووطن الإقامة بمثله والسفر والأصلي ـــــــــــــــــــــــــــــ خلفه من يجهل حاله، ولا يتيسر عليه السؤال عنه قبل ذهابه، فيحكم بفساد صلاته وصلاة الإمام لظن إقامته وسلامه الركعتين، وهذا محمل ما في (الفتاوى) لو اقتدى بإمام لا يدري أمسافر هو أم مقيم؟ لا يصح لأن العلم بحال الإمام شرط الأداء بجماعة لما في (المبسوط) لو صلى بالقوم الظهر ركعتين في قرية وهم لا يدرون أمسافر هو أم مقيم، فصلاتهم فاسدة مقيمين كانوا أم مسافرين، لأن الظاهر من حال من هو في موضع الإقامه أنه مقيم والبناء على الظاهر واجب، حتى يتبين خلافه، فإن أخبرهم أنه مسافر جازت صلاتهم، وإنما كان مندوبًا فقط لأنه لم يتعين معرفًا، فإنه ينبغي أن يتموا ثم يسألوه، ولو قام المقتدي المقيم قبل سلام الإمام فنوى الإمام الإقامة، إن كان بعد ما قيد ركعته بسجدة لا يتابعه، فلو تابعه فسدت، وإن قبله رفض ما أتى به وتابعه، فإن لم يفعل وسجد فسدت كذا في (الفتح)، وقيده في (الخلاصة) و (الخانية) بما إذا نوى تحقيق الإقامة، أما إذا لم يرد ذلك بل ليتم صلاة المقيم لا يصير مقيمًا، وفي (القنية): اقتدى بمسافر فترك القعدة الأولى مع إمامه فسدت، فالقعدتان فرض في حقه، وقيل: لا تفسد وهى نفل. (ويبطل الوطن الأصلي) وهو مولد الإنسان أو البلدة التي تأهل بها، ومن قصده التعيش لا الارتحال، ولو تزوج المسافر في بلد قيل: يصير مقيمًا، وقيل: لا. (بمثله) قيد بذلك، لأنه لو انتقل منه قاصدًا غيره ثم بدا له أن يتوطن في مكان آخر فهو بالأول أتم، لأنه لم يتوطن بغيره، ولو نقل أهله ومتاعه وله دور في البلد لا تبقى وطنًا له وقيل: تبقى كذا في (المحيط) وغيره. (لا بالسفر) أي: لا يبطل بالسفر لأنه دونه والشيء إنما يبطل بما هو مثله أو فوقه ولا بوطن الغقامه، ولو صرح به لعلم السفر بالأولى. ويبطل (وطن الإقامة) وهو الموضع الذي نوى المسافر فيه أن يقيم خمسة عشر يومًا (بمثله) وبإنشاء (السفر و) الوطن (الأصلي) لأنه فوقه وتقديم السفر ليس بشرط لثبوت الأصلي بالإجماع، وهل هو شرط لثبوت وطن الإقامة؟ فيه روايتان، عن محمد في رواية لا يشترط كما هو ظاهر الرواية، وفي أخرى يشترط، وقد استفيد من كلامه الوطن نوعان: زاد بعضهم وطن السكنى، وحذفه لأن المحققين على أنه لا فائدة له، وهو الصحيح، وقول الشارح: عامتهم على أنه يفيد ويتصور تلك الفائدة فيمن يخرج إلى قرية لحاجة ولم يقصد سفرًا ونوى أن يقيم بها أقل من نصف شهر يتم، فلو خرج منها لا لسفر ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره، وقبل أن يقيم يومًا وليلة في موضع آخر قصر، ولو عاد ومر بتلك القرية أتم لأنه لم يوجد ما يبطله مما هو

وفائتة السفر، والحضر تقضى ركعتين، وأربعًا والمعتبر فيه آخر الوقت، ـــــــــــــــــــــــــــــ فوقه أو مثله ممنوع بل يقصر لأنه مسافر، وقد مر أن وطن الإقامة يبطل بالسفر فوطن السكن أولى. (وفائتة) في (السفر والحضر تقضى ركعتين)، لو فاتت في السفر، (وأربعًا) لو في الحضر، لأن القضاء يحكي الأداء بخلاف فائتة الصحة والمرض حيث يعتبر فيهما حالة القضاء، والفرق أن المرض لا تأثير له في أصل الصلاة بل في وصفها بخلاف السفر، وقد صارت بالفوات دينًا فلا يتغير. (والمعتبر فيه) أي: في ذلك الحكم (آخر الوقت) وهو قدر ما يسع التحريمة، وهذا وإن كان معلومًا من لفظ الفائتة، إلا أنه أفاد بهذا ما أصله أهل الأصول، وهو أن المعتبر في الأهلية في لزوم القضاء وعدمه آخر الوقت، فلو بلغ صبي أو أسلم كافر أو أفاق مجنون أو طهرت حائض أو نفساء في آخره وجبت عليهم، وإن أداها الصبي في أوله، ولو عرض الحيض ونحوه في آخره سقطت، لأن المعتبر في السببية عند عدم الأداء هو آخر الوقت، كذا في (الهداية). واعترض عليه بأنه ميل إلى المذهب المرجوح من تقرر السببية على الجزء الأخير، وإن خرج الوقت والراجح أنه بالخروج يضاف إلى كله، ولذا لا يجوز قضاء عصر الأمس الذي أسلم فيه في آخر الوقت من اليوم الثاني فيه. قال في (العناية) وأقول: الاعتراض ليس بوارد لأن المصنف قال: القضاء بحسب الأداء، يعني كل من وجب عليه أربع قضى أربعًا ومن وجب عليه ركعتان قضى ركعتين، ثم بين أن المعتبر في السببية للأداء هو الجزء الأخير من الوقت وهذا لا نزاع فيه وبه يتم مراد المصنف، وإما أن السببية تنتقل بعد الفوت إلى كل الوقت يظهر أثره في عدم جواز قضاء العصر الفائت في اليوم الثاني وقت الاحمرار فشيء آخر لا مدخل له في مراد المصنف، قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث/ فإنه لم لا ينتقل أيضًا هذا إلى كل الوقت ليظهر أثره في مقيم سافر في آخر الوقت فيتم صلاته أربعًا لكونه مقيمًا في أكثره. وأقول: قد قرر في (الفتح) وغيره ما يدفع هذا البحث حيث قال: إنما اعتبر في السببية في حق المكلف آخر الوقت لأنه، وإن تقرر دينًا في ذمته وصفة الدين تعتبر حال تقرره كما في حقوق العباد، وأما اعتبار كل الوقت إذا خرج في حقه فيثبت الواجب عليه بصفة الكمال إذ الأصل في أسباب المشروعات أن تطلب العبادات كاملة، وإنما تحمل نقصها بعروض تأخيره إلى الجزء الناقص مع توجه طلبها فيه إذا عجز عن أدائها قبله، ولخروجه عن غير إدراك لم يتحقق ذلك العارض انتهى. هذا واعتبر زفر الجزء الذي يلزمه الشروع فيه فإذا سافر، وقد بقي من الوقت قدر ما يمكنه

والعاصي كغيره وتعتبر نية الإقامة والسفر من الأصل دون التبع أي: المرأة والعبد والجندي. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يصلي فيه صلاة السفر أو دونه صلى صلاة المقيم لأن السبب حينئذ أول الوقت ويشكل عليه ما لو أقام المسافر في آخر جزء من الوقت فإنه يصلي أربعًا اتفاقًا كما في (المصفى) وعندنا ينتقل إلى الجزء الذي يسع التحريمة على ما مر، وعلى هذا قالوا: لو صلى الظهر أربعًا ثم سافر فصلى العصر ركعتين ثم رجع إلى منزله لحاجة فتبين أنه صلاهما بلا وضوء صلى الظهر ركعتين والعصر أربعًا لأنه كان مسافرًا في آخر وقت الظهر ومقيمًا في العصر. (والعاصي) في السفر (كغيره) لإطلاق النصوص. (وتعتبر نية الإقامة في السفر من الأصل) لأنه المتمكن من الإقامة، والسفر. (دون التبع) فلو نوى الأصل الإقامة ولم يعلم التابع قيل: يصير مقيمًا في ظاهر الرواية كذا في (الخلاصة). وقيل: لا بد من علمه قال في (المحيط): هو الأصح دفعًا للضرر عنه والفرق بين هذا وبين عزل الوكيل الحكمي أنه غير ملجأ إلى البيع بخلاف التبع لأنه مأمور بالقصر منهي عن الإتمام، فلو صلى فرضه أربعًا بإقامة غيره لحق ضرر من جهة غيره وهو مدفوع (أي: المرأة) بشرط أن تستوفي مجمل مهرها، (والعبد) أطلقه فشمل المدبر وأم الولد وأما المكاتب فقال في (البحر): ينبغي أن لا يكون تبعًا لأن له السفر بغير إذن المولى وفي المشترك إذا سافر معهما ثم نوى أحدهما الإقامة، قيل: يتم، وقيل: يقصر ومحل الخلاف ما إذا لم يكن بينهما مهايأة فإن كانت قصر في نوبة المسافر وأتم في نوبة المقيم كذا جزم به الرازي. (والجندي) بشرط أن يرتزق من بيت المال، وكأن المصنف استغنى بذكر التبع عن ذكر الشرطين والأمير مع الخليفة كالجندي كما في (الخلاصة) ومن هذا النوع الأخير، ولو قايدًا مع المستأجر بخلاف المتبرع، وبه علم تبعية المحمول للحامل إلا أنه ينبغي أن يفصل فيه كالقائد، وأما الغريم إذا لازمه غريمه أو حبسه فإن كان قادرًا على أداء ما عليه من الدين قبل نصف شهر لم يكن تبعًا وإلا كان.

باب صلاة الجمعة

باب صلاة الجمعة شرط أدائها المصر: وهو كل موضع له أمير وقاضٍ ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الجمعة كل من السفر والجمعة تنصيف بواسطة إلا أنه في السفر في كل رباعية وهنا في خاص وتقديم العام هو الأوجه كذا قالوا، واعترضهم في (الحواشي السعدية) بأن هذا يجر إلى قول من يقول: صلاة الجمعة صلاة ظهر قصرت لا فرض مبتدأ ولا يخفى عليك ترخيمه انتهى. وجوابه: أن المراد بالتنصيف أنها نسبتها من الظهر النصف لا أنها تنصيف الظهر بعينه بل هي فرض ابتداء كذا في (الفتح) وهي بسكون الميم في استعمال أهل اللسان، والقراء يضمونها وقيل: الضم أشهر، وبه قرأ العامة وبالسكون قرأ الأعمش وقرئ بالفتح والكسر أيضًا مأخوذة من الاجتماعن إما لاجتماع الناس فيها أو لما جاء من جمعه خلق آدم فيها أو مع حوى في الأرض وجمعها جمع وجمعات ولها شرائط وجوب وأداء منها ما هو في المصلي ومنها ما هو في غيره، والفرق أن الأداء لا يصح بانتفاء الثاني دون الأول بدأ بشرائط الأداء. فقال: (شرط أدائها المصر) فلا تصح في قرية ولا مفازة لما رواه ابن أبي شيبة موقوفًا عن علي: (لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع)، وقالوا: لو دخل القروي المصر يوم الجمعة ونوى إقامة يومه والخروج بعد الوقت لزمته وإلا لا، ولا بأس بالسفر يوم الجمعة إذا جاوز العمران قبل العصر (وهو) أي: المصر (كل موضع له أمير) ينصف المظلوم من ظالمه (وقاضٍ ينفذ الأحكام) الشرعية وقوله: (يقيم الحدود) قيل: من عطف الخاص على العام اهتمامًا بها لزيادة خطرها، واكتفى بذكر الحدود عن القصاص لأن من ملك إقامتها ملكه واختار غير واحد من شراح (الهداية) أنه من المغاير احترازًا عن المحكم، والمرأة إذا كانت قاضية لصحة قضائها في غير حد وقود كما سيأتي، واعترضهم في (الحواشي السعدية) بأن الألف واللام في الأحكام إذا كانت للاستغراق، وهو الظاهر إذ لا عهد يبطل ما ذكروه، وأقول: لم لا يجوز أن تكون/ للجنس بل الحمل عليه هنا أولى إذ الأصل في العطف التغاير، وكون الأصل في لام التعريف إذا لم يكن له معهود الحمل على الاستغراق عند الجمهور. وإن كان العهد الذهني مقدمًا عند صدر الشريعة فهو معارض بالأصل المذكور، بقي أن مقتضى هذا أن البلدة التي ولي فيها القضاء أو السلطنة امرأة، لا تكون مصرًا.

أو مصلاه، ومنى مصر ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): والظاهر خلافه، ففي (البدائع) وأما المرأة والصبي العاقل فلا تصح منهما إقامة الجمعة، إلا أن المرأة لو كانت سلطانًا فأمرت رجلاً صالحًا للإمامة حتى يصلي بهم الجمعة جاز، لأن المرأة تصلح سلطانًا أو قاضية في الجملة فتصح إنابتها، انتهى. وفيه نظر، ولم يذكر المفتي اكتفاء بذكر القاضي، لأن القضاء في الصدر الأول كان وظيفة المجتهدين، حتى لو لم يكن الوالي أو القاضي مفتيًا، اشترط المفتي كما في (الخلاصة)، وأسقط في (الظهيرية) و (الخانية)، الأمير وزاد وبلغ أبنيته أبنية ما هذا شأنه أبنية منى انتهى. وعلى هذا يفرع ما في (الخلاصة): لو سافر الخليفة في القرى ليس له أن يجمع بالناس، واعلم أن هذا الحد مروي عن الثاني، واختاره الكرخي وجعله في (الهداية) ظاهر المذهب، وعنه لو اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يسعهم، قال البلخي: وهذا أحسن شيء سمعته، وعليه فتوى الفقهاء، كذا في (المجتبى) وفي (البدائع): إنه صحيح واعتمده برهان الشريعة، وقال الإمام: المصر كل بلدة فيها سكك وأسواق ولها رساتيق، وقال: ينصف المظلوم من ظالمه وعالم يرجع إليه في الجواب في الحوادث، وبما قررناه علمت رجوع ما قاله المصنف إليه. (أو مصلاه) أي: فناءه، وهو المكان المعد لصالح المصر، متصل به أو منفصل عنه بغلوة كذا قرره محمد في (النوادر) وشرط بعضهم عدم الفاصل من مزرعة، واختاره في (الخانية) قال: والميل والغلوة والأميال ليس بشيء كذا روي عن الإمام، وقدره بعضهم بميلين، قال في (المحيط): وعليه الفتوى، وآخرون بثلاثة أميال، قال الولوالجي: وهو المختار للفتوى، واعتبر بعضهم عوده إلى مبيته من غير كلفة، قال في (البدائع): وهذا أحسن، وفي (المضمرات) يجب على أهل القرى القريبة الذين يسمعون النداء بأعلى الصوت وهو الصحيح، والتقييد بالمصلى اتفاقي إذ الحكم غير مقصور عليها، بل تجوز في جميع أفنيته، وإن لم يكن بها مصلى وقد وقع الشك في بعض قرى مصر التي لم يسكن فيها قاضٍ ولا والٍ، وإنما لها قاضٍ يسمى قاضي الناحية يأتي إليها أحيانًا ليفصل ما اجتمع فيها من التعلقات وينصرف. ووالٍ كذلك أهي مصر أو لا، قال في (الفتح): والذي يظهر اعتبار كونهما مقيمين بها وإلا لم يكن قرية أصلاً، وإن لم تكن مشمولة بحكم، وأقول: مقتضى اشتراط أن تبلغ أبنيتها أبنية منى، وكذا ما مر عن الإمام من اشتراط أن يكون لها سكك وأسواق عدم تمصرها، ولو كانا مقيمين بها ويوافقه ما مر عن (الخلاصة) وسيأتي ما يؤيده أيضًا. (ومنى مصر) في أيام الموسم لوجود الخليفة أو نائبه، والسكك والأبنية فيها

لا عرفات، وتؤدى في مصر في مواضع ـــــــــــــــــــــــــــــ فتقام الجمعة فيها حينئذ دون العيد، تخفيفًا بخلاف أمير الموسم لأنه إنما يلي أمور الحج لا غير، وفي (المحيط): إلا إذا استعمل على مكة وكان من أهلها وفي قولهم بتمصرها أيام الموسم إيماء إلى أنها لا تقام في غير أيامه لزوال تمصرها بزوال الموسم. قال في (الفتح): وهذا يفيد أن الأولى في قرى مصر أن لا تصح فيها إلا حال حضور المتولي، وأقول: كيف هذا مع أنه جعل تمصر منى في الموسم لاجتماع من ينفذ الأحكام، ووجود الأسواق والسكك فيها، وهذا لعمري لا يوجد في كل القرى، ومن علل الجواز بأنها من فناء مكة رد بأن بينهما فرسخين، وتقدير الفناء بذلك غير صحيح، وإليه يومئ كلامه، إذ لو كان كذلك لاستغنى بذكر المصلى عن ذكرها. (لا عرفات) ولو كان الخليفة بها في قولهم جميعًا لأنها فضاء وبمنى الأبنية، (وتؤدى) الجمعة (في مصر في مواضع) منه رواه محمد عن الإمام، وهو الصحيح، وفي باب الإمامة من (فتح القدير) وعليه الفتوى، دفعًا للحرج اللازم من إلزام الاجتماع في موضع واحد خصوصًا إذا كان مصرًا كبيرًا كمصرنا، وخص الثاني الجواز بموضعين وجعله في (البدائع) ظاهر الرواية. قال: وعليه الاعتماد وما عن محمد من إطلاق الجواز في ثلاث مواضع فمحمول على موضع الحاجة والضرورة، انتهى. وفي (الحاوي القدسي) وعليه الفتوى وفي (التكملة) للرازي، وعن محمد عدم الجواز في أكثر من موضعين وبه نأخذ ويبنى على الخلاف صلاة الأربع بعد الجمعة بنية آخر ظهر عليه. قال الزاهدي: لما ابتلي أهل مرو بإقامة الجمعتين بها أمر أئمتهم بأداء الظهر بعد الجمعة حتمًا احتياطًا، ثم اختلفوا في النية، والأحسن أن ينوي آخر ظهر عليه والأحوط أن يقول: نويت آخر ظهر أدركت وقته ولم أصله بعد، ثم اختلفوا فقيل: يقرأ في الكل، وقيل: في الأوليين، والمختار عندي أن يحكم فيها برأيه واختلفوا/ في مراعاة الترتيب في الأربع بعد الجمعة حسب اختلافهم في النية، وفي السبق بماذا يعتبر؟ فقيل: بالشروع، وقيل: بالفراغ، والأول أصح، انتهى. وكل هذا مبني على عدم جواز التعدد، وقد علمت أن الراجح جوازه مطلقًا. قال ابن وهبان: وفي حفظي عن بعض كتب الأصحاب أنه يصليها قبل الجمعة لئلا يكون ظانًا أن جمعة هذا الجمع غير صحيحة، ورده في (عقد الفرائد) بأنه غير سديد إذ التقديم المذكور ليس إلا لهذا الظن فقد وقع فيما منه فر، ولو سلم فبسعيه للجمعة يبطل ظهره عند الإمام وعندهما بالشروع، فلا يقع الإحتياط به لفساد ظهره فتعين التأخير، ثم نقل عن (التاترخانية). اختلف المشايخ في القرى الكبيرة إذا لم

والسلطان، أو نائبه ـــــــــــــــــــــــــــــ يعان بالحكم والقضاء فيها إلى أن قال: يصلي الأربع بنية الظهر في بيته أو في المسجد أولاً، ثم يسعى ويشرع في الجمعة فإن كانت جائزة كانت نفلاً وإلا فهي الفرض. أما البلاد فلا يشك في الجواز وإلا تعاد الفريضة، بل يصلي الجمعة ثم سنتها ثم ركعتين، وهذا هو الصحيح المختار, وعن الهندواني قول الناس يصلي أربعًا بنية أقرب صلاة علي ليس له أصل في الروايات، ولا شك في جواز الجمعة في البلاد والقصبات، انتهى. وأقول هذا إنما ينفي تحتم صلاة الأربع، أما ندبها على القول بجواز التعدد خروجًا عن الخلاف فلا ينبغي أن يتردد فيه، وعليه يحمل ما في (الفتح)، وكذا لو تعددت الجمعة وشك أن جمعته سابقة أو لا وينبغي أن يصلي ما قلنا، يعني: أربعًا بنية آخر فرض أدركت وقته ولم أؤده بعد. فائدة: قال في (عقد الفرائد): قضاة زماننا يحكمون بصحة الجمعة عند تجديده في موضع بأن يعلق الواقف عتق عبده بصحة الجمعة في هذا الموضع، وبعد إقامتها فيه بالشروط ويدعي لمعلق عتقه عليه بأنه علق عتقه على صحة الجمعة في هذا الموضع. وقد صحت ووقع العتق فيحكم بعتقه فيتضمن الحكم بصحة الجمعة، ويدخل ما لم يأت من الجمع تبعًا، انتهى. وفي دخول ما لم يأت نظر فتدبره (والسلطان) عطف على المصر أو المصلى، والأول أولى وهو الوالي الذي لا والي فوقه، ولو جائرًا أي: وشرط أدائها حضور السلطان أو (نائبه) المأمور بإقامتها ولو عبدًا ولي قضاء ناحية، وإن لم تجز أنكحته وأقضيته. بخلاف القاضي الذي لم يؤمر بإقامتها لأنها تقام بجمع عظيم فيقع الاختلاف في التقديم والتقديم ويرتفع ذلك بحضور من ذكر، وفي (الخلاصة) ليس للقاضي إقامتها إذا لم يؤمر، ولصاحب الشُرَط وإن لم يؤمر وهذا في عرفهم. قال في (الظهيرية): أما اليوم فالقاضي يقيمها لأن الخلفاء يأمرون بذلك قيل: أراد به قاضي القضاة الذي يقال له قاضي الشرق والغرب، أما في زماننا فالقاضي وصاحب الشرط لا يوليان ذلك. قال في (البحر): وعلى هذا فلقاضي القضاة بمصر أن يولي الخطباء ولا يتوقف على إذن كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم يؤذن له مع أن القاضي ليس له الاستخلاف إلا بإذن السلطان لأن تولية قاضي القضاة إذن بذلك دلالة كما صرح به في (فتح القدير) ولا يتوقف ذلك على تقرير الحاكم المسمى بالباشا، لكن قال في (التجنيس): في إقامة القاضي روايتين وبرواية المنع يفتى في ديارنا إذا لم يؤمر به ولم يكتب في منشوره انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويمكن حمل ما في (التجنيس): على ما إذا لم يول قضاء القضاة أما إن ولي أغنى هذا اللفظ على التنصيص عليه. بقي هل لهذا المولي أن يستخلف بلا إذن؟ جزم منلاخسرو بأنه ليس له ذلك، قال: والناس عنه غافلون، ورد عليه العلامة ابن الكمال في رسالة خاصة له في هذه المسألة برهن فيها على الجواز من غير شرط وأطنب فيها وأبدع ولكثير من الفوائد أودع. والحاصل: أن حق التقديم في الجمعة للخليفة إلا أنه لا يقدر على إقامة ذلك بنفسه في كل الأمصار فيقيمها نائبه والسابق في هذه النيابة في كل بلدة الأمير الذي ولي عمل تلك البلدة، ثم الشرطي، ثم القاضي، ثم الذي ولاه قاضي القضاة. وفي (العتابية): عن ابن المبارك الشرطي أولى من القاضي، وفي (الخانية): أحدث الإمام فتقدم واحد لا بتقديم أحد لا يجوز صلاتهم خلفه، وإن قدمه أحد من جماعة السلطان ممن فوض إليه أمر العامة يجوز، وإذا عرفت هذا فيتمشى عليه ما يقع في زماننا أن من أذن له السلطان في إقامة الجمعة فيما يستحدث من الجوامع مصحح لإذن رب الجامع لمن يقيمه خطيبًا ولأن ذلك الخطيب لمن عيناه أن يستنيبه، انتهى. قال في (البحر): وهو حسن لكن لم يستند فيه إلى نقل من أن ظاهر كلامهم يدل عليه، ففي (الولوالجية): الإمام إذا خطب وأمر من لم يشهد الخطبة أن يجمع بهم فأمر بذلك فجمع بهم جاز لأن الذي لم يشهد الخطبة من أهل الصلاة فصح التفويض إليه لكنه عجز لفقد شرط الصلاة وهو سماع الخطبة/ فملك التفويض إلى الغير، ولو جمع هو ولم يأمر غيره لا يجوز بخلاف ما لو شرع في الصلاة ثم استخلف من يشهد الخطبة فإنه يجوز، وكذلك إن تكلم هذا المقدم فاستقبل بهم جاز لأنه إنما يؤدي الصلاة بالتحريمة الأولى، ووجه دلالته أنه أراد بالإمام نائب الوالي وهو الخطيب فقد جوز له الاستنابة مطلقًا، أو الوالي فقد جوزها لنائبه كذلك، وقالوا: ليس للقاضي أن يستخلف بلا إذن بخلاف المأمور بإقامة الجمعة وتقييد الشارح هذا بما إذا سبقه الحدث، مما لا دليل عليه وعبارته في (البدائع) كل من ملك إقامة الجمعة ملك إقامة غيره مقامه، ولو أمر صبي أو نصراني على مصر ليس لهما إقامتها بعد البلوغ أو الإسلام، إلا بأمر جديد خلافًا لمن قال: إنه لا يحتاج إليه، ولو قيل للنصراني: إذا أسلمت فصل وللصبي إذا بلغت فصل جاز لهما الإقامة، لأن الإضافة في الولاية جائزة، ولو نهى السلطان عن التجميع صح نهيه، وقيد أبو جعفر بما إذا

ووقت الظهر فتبطل بخروجه، والخطبة قبلها ـــــــــــــــــــــــــــــ كان عن اجتهاد لا إن كان تعنتًا أو إضرارًا ولهم أن يجتمعوا على رجل ليصلي بهم، وأشار المصنف إلى إن النائب لو عزل قبل الشروع لا تصح إقامته لأنه لم يبق نائبًا لكن شرطوا أن يأتيه الكتاب بعزله أو يقدم عليه الأمير الثاني قبل شروعه، فلو حضر بعده مضى على صلاته، ولو صلى صاحب شرط جاز لأن عماله على حاله حتى يعزلوا وبه علم أن نائب السلطنة بمصر لو عزل لا يحتاج الخطباء إلى إذن من الثاني. (و) شرط أدائها أيضًا دخول (وقت الظهر) فلا تصح قبله، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يصلها خارج الوقت، ولا بدون الخطبة (فتبطل بخروجه) تفريع على اشتراط الوقت، وفيه إفادة أنها لا تصح بعده، وكذا ذكره مع تقدم المسألة الاثني عشرية وأطلقه فعم اللاحق فلو انتبه بعد الوقت فسدت، وفي (السراج) عن (النوادر) لو لم يستطع الركوع والسجود للزحمة فأخرهما إلى ما بعد فراغ الإمام فدخل وقت العصر أتم جمعة وجزم في (البحر) بضعفه إذ مقتضاه أن يتم في اليوم أيضًا، واعلم إن جعلهم الوقت من الشروط المختصة بالجمعة فيه نظر بل هو شرط لسائر الصلوات، والجواب أن شرطيته للجمعة ليس كشرطيته لسائرها، فإنه بالخروج لا تصح الجمعة، ولا القضاء بخلاف سائرها. (و) شرط أدائها أيضًا إيقاع (الخطبة قبلها) أي: قبل الجمعة في وقت الظهر، قال في (البحر): ولو قاله: لكان أولى، وأقول: الظاهر أن تقديم قوله ووقت الظهر أغناه عن ذلك لما أنه يومئ إلى اشتراطها، وكونها فيه ليخرج ما لو خطب قبله وصلى فيه حيث لا يجوز ويكتفي فيها حضور واحد ولو خطب وحده ففيه روايتان، ولو بحضرة النساء وحدهن لم يجز كذا في (الخلاصة) وهو خلاف ما يفيده ظاهر كلام الشارح حيث قال بحضرة جماعة فتعقد بهم الجمعة، وإن كانوا صمًا أو نيامًا وصحح في (الظهيرية) عدم الجواز فيما لو كان وحده. قال في (البحر) وفي (فتح القدير): المعتمد أنه لو خطب وحده جاز أخذًا من قولهم يشترط في التسبيحة والتحميدة، أن يقال: على وجه الخطبة وفيه نظر ظاهر إذ لا يدل على ما ذكره شيء من أنواع الدلالات، انتهى. وأقول هذا وهم فاحش فأنى ينسب إلى هذا الإمام مثل هذا الفاسد من الكلام، وها أنا أذكر كلامه ليظهر مرامه، قال: الأمر بالسعي إلى الذكر يقتضي أن الشرط إنما هو الذكر الأعم والحمد لله ونحوها، تسمى خطبة لغة، وإن لم تسم به عرفًا، والخطاب القرآني إنما تعلقه باعتبار المفهوم اللغوي، ولأن هذا العرف إنما يعتبر في محاورات

وسن خطبتان ـــــــــــــــــــــــــــــ الناس بعضهم لبعض للدلالة على غرضهم، فأما فيما بين العبد وبين ربه فيعتبر فيه حقيقة اللفظ لغة، ثم يشترط عنده في التسبيحة والتحميدة أن يقال على قصد الخطبة فلو حمد العاطس لا تجزئ عن الواجب ومقتضى هذا الكلام أنه لو خطب وحده من غير حضرة أحد أنه يجوز، وهذا الوجه هو المعتمد لأبي حنيفة، فوجب اعتبار ما يتفرع عليه، انتهى .. وحاصله أن الدليل إنما دل على أن الشرط مطلق الذكر المسمى خطبة لغة غير مقيد بحضرة أحد فيعتبر فيه حقيقة اللفظ وهذا ظاهر في اقتضائه صحتها وحده لأن اشتراط قصد التحميدة ونحوها يقتضي أنه لو خطب وحده جاز، لكن لقائل أن يقول: إن الأمر بالسعي إلى الذكر ليس إلا لاستماعه والمأمور جمع فإذا جازت وحده لم يفد الأمر فائدته وكان هذا هو وجه ما رجحه في (الظهيرية)، وبه يترجح ما جزم به الشارح من اشتراط حضرة جماعة تنعقد بهم الجمعة على ما مر. واعلم أن أكثر شراح (الهداية) على أنها قائمة مقام ركعتين أجابوا عن كونها مع ذلك شرطًا/ بأن ركن الشيء ما يقوم به الشيء والجمعة إنما تقوم بأركانها لا بالخطبة وعدم اشتراط الاستقبال فيها يؤذن بشرطيتها، لكن قال في (المضمرات) وتبعه الشارح: الأصح أنها غير قائمة مقام ركعتين لعدم اشتراط الاستقبال والطهارة فيها، ثم بين شرط الانعقاد في حق من ينشئ التحريمة للجمعة لا في حق كل من صلاها واشتراط حضور الواحد والجمع لتحقق معنى الخطبة لأنها من النسبات، فلو أحدث الإمام فقدم من لم يشهدها جاز أن يصلي بهم لأنه بنى تحريمته على تلك التحريمة، فإن قلت: لو أفسدها الخليفة جاز استقباله مع بطلان ذلك البناء. قلت: هذا استحسان لأنه لما قام مقامه فقد التحق به حكمًا ولا شك أن الأول أفسدها استقباله، فكذا الثاني، ولو أحدث الأول قبل الشروع فقام من لم يشهدها لا يجوز، ولو تذكر فيها فائتة، ولو وترًا حتى فسدت واحتاج إلى القضاء أو أفسدها فاحتاج إلى إعادتها وافتتح التطوع بعد الخطبة أو خطب جنبًا أعادها على وجه الأولوية وإن لم يعدها أجزأه كذا في (الفتح)، هذا إذا بطل الفصل بأجنبي فإن طال بأن ذهب إلى بيته بعدما خطب وتغدى أو جامع واغتسل كذا في (الخلاصة) أي: لزومًا لبطلان الخطبة كما في (السراج)، وفي (القنية) اتحاد الخطيب والإمام ليس بشرط فيها على المختار. (وسن خطبتان) خفيفتان قدر سورة من طوال المفصل مشتملتان على حمد الله تعالى والثناء عليه والشهادتين والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتختص الأولى بالوعظ

فرع

بجلسة بينهما، وطهارة قائمًا وكفت تحميدة، أو تهليلة، أو تسبيحة، ـــــــــــــــــــــــــــــ المشتمل على الخوف والرجاء وقراءة سورة أو آية قال في (المجتبى): تاركها مسيء والثانية: بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات. وأما الدعاء للسلطان فيها ففي (السراج) أنه غير مستحب، وقد روي أن عطاء سئل عن ذلك فقال: إنما كانت الخطبة تذكيرًا وهذا محدث (بجلسة) كائنة (بينهما) مقدار ثلاث آيات في ظاهر الرواية لا مقدار ما يمس موضع جلوسه على المنبر، كما قال الطحاوي: (بطهارة) متعلق بيجلس والأظهر تعلقه بمحذوف أي: يخطب خطبتين بطهارة حال كونه (قائمًا) مستقبلاً للقوم بوجهه متعوذًا في ابتدائها في نفسه مقلدًا سيفًا في بلدة فتحت عنوة لا صلحًا إعلامًا بأنكم متى رجعتم عن الإسلام فهذا السيف باقٍ، كذا في (المضمرات). ولا ينافيه ما في (الحاوي القدسي) إذا فرغ المؤذن قام الإمام والسيف بيساره وهو متكئ عليه لإمكانه مع التقليد، قال في (الخلاصة): ويكره أن يتكئ على قوس أو عصا ومن السنة في حقه ترك السلام من خروجه إلى دخوله في الصلاة، وقال الشافعي: إذا استوى على المنبر سلم كذا في (المجتبى)، وجعله في (السراج) مستحبًا عندنا وهو غريب، ومن السنة أيضًا جلوسه في مخدعه على يمين المنبر ولبس السواد اقتداء بالخلفاء وغيرهم وصلاته في المحراب قبلها مكروهة كذا في (الحاوي القدسي). فرع الترقية المتعارفة في زماننا ينبغي أن تكون مكروهة على قول الإمام لا على قولهما، وما يفعله المؤذنون بعد الأذان حال الخطبة من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والترضي عن الصحابة والدعاء للسلطان بالنصر فينبغي أن يكون مكروهًا اتفاقًا، (وكفت في الخطبة تحميدة) أي: قول الحمد لله، (أو تسبيحة) أي: قوله سبحان الله، (أو تهليلة) أي: قول لا إله إلا الله بشرط القصد كما سبق، وهذا عند الإمام وشرطا ما يسمى خطبة عرفًا وأقله قدر التشهد الواجب لأنه المأثور عنه - صلى الله عليه وسلم -، وله قوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9]، من غير فصل كونه يسمى خطبة أو لا وغاية المأثور اختيار أحد الفردين والمواظبة إنما تفيد الوجوب أو السنة، لا أنه الشرط الذي لا يجزئ غيره، إذ لا يكون بيانًا لعدم الاحتمال في لفظ الذكر وعلم تنزيل المشروعات على حسب أدلتها، فهذا الوجه نفي قصة عثمان فإنها لم تعرف في كتب الحديث بل في كتب الفقه، وهي: أنه لما أراد أن يخطب في أول جمعة ولي الخلافة صعد المنبر فقال: الحمد لله فأرتج عليه فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان

والجماعة: وهو ثلاثة سوى الإمام فإن نفروا قبل سجوده بطلت والإذن العام ـــــــــــــــــــــــــــــ لهذا المقام مقالاً وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال وستأتيكم الخطب بعد استغفر الله لي ولكم ونزل وصلى بهم ولم ينكر عليه أحد وأرتج مخففًا على الأصح أي: استغلق عليه الخطبة فلا يقدر على إتمامها كذا في (المغرب)، ولا يعني بقوله: إنكم إلى آخره تفضيله على الشيخين بل عنى الخلفاء الذين يكونون بعد الراشدين فإنهم يكونون على كثرة للمقال يرتكبون لأقبح الفعال. (والجماعة) أي: وشرط أدائها أيضًا الجماعة للإجماع على عدم صحتها من المنفرد لأخذها/ من الاجتماع (وهم ثلاثة سوى الإمام) ونبه بالتاء على أن المراد ثلاثة رجال تصح إمامتهم فيها، إذ المطلق ينصرف إلى الكامل فدخل العبيد والمسافرون والصم والأميون والخرسان وخرج الصبيان، وهذا عندهما وشروط الثاني: اثنان سوى الإمام لإنهما معه جمع مطلقًا كذا في (البحر) والأولى أن يقال: إن مسمى الجماعة متحقق فيها والشرط إنما هو جماعة لا بشرط أن يكون جمعًا، وقد وجدت وهما قالا: بل الشرط ذلك لأن قوله تعالى: {فاسعوا} [الجمعة: 9] صيغة جمع فقد طلب الحضور مطلقًا بلفظ الجمع وهو الواو إلى ذكر مستلزم ذاكر فلزم كون الشرط جمعًا هو مسمى لفظ الجمع مع الإمام وهو المطلوب (فإن نفروا) تفريغ على كون الجماعة شرط فيها بيان أن هذا الشرط لا يلزم وجوده إلى آخره عندنا إلحاقًا بالخطبة (قبل سجوده) بعد شروعهم معه (بطلت) الجمعة عند الإمام، وقالا: لا تبطل لأن الجماعة شرط. وقد وجدت وله أن تحقق تمامه موقوف على وجود تمام الأركان لأن دخول الشيء في الوجود بدخول جميع أركانه فما لم يسجد لا يصير مصليًا بل مفتتحًا فكان ذاهبهم قبلهم كذاهبهم قبل التكبير، قيد بما قبل السجود لأنه لو كان بعده لم تبطل اتفاقًا إلا عند زفر على ما مر، وليس الشرط ذهاب الكل كما هو ظاهر كلامه بل واحد ولا عبرة ببقاء ما لم يصلح إمامًا فيها قال في (البحر): ولا يخفى أن مراد المصنف أنهم نفروا قبله ولم يعودوا قبله وإلا فلو نفروا قبله وعادوا إليه قبل فلا فساد كما في (الخلاصة) وأقول: هذا يفيد أنهم لو عادوا إليه بعدما رفع رأسه من الركوع أنها تصح وليس هذا في (الخلاصة) بل المذكور فيها أنهم لو جاؤوا قبل أن يرفع رأسه من الركوع جاز، ولا بد منه لأنهم لو لم يفتتحوا معه، وإنما أدركوه في الركوع جاز وإلا لا، كما في (الشرح) وغيره، فكذا هذا. (و) شرط أدائها أيضًا (الإذن العام) من الإمام حتى لو غلق بابه وصلى باتباعه لا تجوز، ولو أذن للناس بالدخول فيه جاز ويكره فالإمام يحتاج للعامة في دينه ودنياه

وشرط وجوبها: الإقامة، والذكورة، والصحة، والحرية، وسلامة العينين، والرجلين. ومن لا جمعة عليه إن أداها جاز عن فرض الوقت، وللمسافر والعبد والمريض أن يؤم فيها ـــــــــــــــــــــــــــــ كما يحتاج العامة إليه فسبحان من تنزه عن الاحتياج، بل كل موجود إليه محتاج وهذا الشرط لم يذكر في الظاهر، بل في رواية (النوادر)، ولهذا حذفه في الهداية. (وشرط وجوبها الإقامة) فلا تجب على مسافر وقدمنا حكم السفر يوم الجمعة، (والذكورة) فلا تجب على المرأة وينبغي كون الخنثى المشكل كذلك، (والصحة) فلا تجب على مريض ساء مزاجه، وأمكن في الأغلب علاجه فخرج المقعد والأعمى، ولذا عطفه عليه فلا تكرار في كلامه، كما توهمه في (البحر)، وأما الشيخ الفاني فملحق بالمريض واختلفوا فيما إذا وجد ما يركبه كالأعمى يجد القائد قيل: لا تجب عليه اتفاقًا وقيل: تجب في قولهم وهو الصحيح كذا في (القنية)، وسيأتي خلافه، وأما الممرض فالأصح أنه إن بقي المريض ضائعًا بخروجه لم تجب عليه أيضًا (والحرية) فلا تجب على عبد مطلقًا، وصحح في (السراج) وجوبها على المكاتب ومعتق البعض، ولو أذن له مولاه وجبت وقيل: يتخير، انتهى. وبالثاني: جزم في (الظهيرية) وهو الأليق بالقواعد والإطلاق ولو حضر مع مولاه المسجد لحفظ ماله فالأصح أن له أن يصليها حيث لم يخل بحفظ مال المولى، ولو ذهب إليها بغير إذنه إن علم رضاه جاز وإلا لا، كذا في (التجنيس). (وسلامة العينين) فلا تجب على الأعمى فإن وجد قائدًا متبرعًا أو بأجرة ومعه ما يستأجر به عند الإمام خلافًا لهما وظاهر أن ال إذا أدخلت على المثنى أبطلت معنى التثنية كالجمع فلا يرد أنها تجب على الأعور (والرجلين) فلا تجب على مقعد ولا على مقطوعهما وبقي عدم الحبس والخوف والمطر الشديد، وقول الشارح والعقل والبلوغ زائد إذ الكلام فيما يخص الجمعة، وأما الأجير فقيل: إن للمستأجر منعه، وقال الدقاق: لا غير أنه إن قرب لم يحط شيئًا وإلا سقط عن المستأجر بقدر اشتغاله وهو بالقواعد أليق (ومن لا جمعة عليه) لقيام المرخص كالمسافر ونحوه، ولم يدخل الصبي بقوله: (إن أداها جاز عن فرض الوقت) لأن السقوط للتخفيف، فإذا ارتكبوا الأشق جاز وظاهر ما في (الهداية) وشروحها أن الظهر لهم رخصة فيقضي أن الجمعة في حقهم أفضل لكن ينبغي أن يستثنى من ذلك المرأة، كذا في (البحر). (وللمسافر والعبد والمريض أن يؤم فيها) عندنا خلافًا لزفر، لأنه لا فرض عليه فأشبه الصبي قلنا: إنما سقطت الجمعة عنهم رخصة فإذا أدوها وقعت فرضًا كالمسافر

وتنعقد بهم، ومن لا عذر له لو صلى الظهر قبلها كره، فإن سعى إليها بطل ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا صام (وتنعقد/ بهم) نبه بذلك على أنه إنما يشترط في الجماعة لها صلاحتيهم للإمامة على ما مر، وقد أفاد صلاحيتهم لها فلذا انعقدت بهم. (ومن لا عذر له) يوجب عدم خطابه بها (لو صلى الظهر قبلها كره) تحريمًا ما صلاه، قال في (الفتح): لابد أن يكون المرام حرم لأنه ترك الفرض القطعي باتفاقهم الذي هو آكد من الظهر غير أنها تقع صحيحة، وإن كان مأمورًا بالإعراض عنها وتعقبه في (البحر) بأن ترك الفرض إنما نشأ من ترك السعي لا من صلاة الظهر كيف وقد صرحوا بلزوم السعي بعد الظهر فإذا تركه فقد فوته فحرم عليه، وكره الظهر لأنه قد يكون سببًا للترك باعتماده عليه وهو حسن، وقال زفر: لا تصح بناء على أن فرض الوقت إنما الجمعة والظهر بدل وعكسا ذلك للإجماع على أنه لو خرج وقتها صلى الظهر بنية القضاء، ولو لم يكن الظهر أصلاً لما نواه. قال في (الفتح): وهذا الوجه يستلزم وجوب الظهر أولاً ثم إيجاب إسقاطه بالجمعة وفائدة هذا الوجوب حينئذ جواز المصير إليه عند العجز عن الجمعة، وإذا كان وجوب الظهر ليس إلا على هذا المعنى ثم يلزم من وجوبها كذلك صحتها قبل تعذر الجمعة، والفرض أن الخطاب قبل تعذرها لم يتوجه عليه إلا بها، انتهى. ولقائل منع هذا الحصر بل فائدته صحتها قبله أيضًا، وأثر الخلاف يظهر فيما لو نوى فرض الوقت كان شارعًا في الظهر عندنا خلافًا له، أما لو نواهما كان شارعًا فيها على الأصح كذا في (البزازية)، وفيما لو تذكر فائتة لو صلاها فاتته الجمعة قضاها وصلى الظهر بعد ذلك عندنا خلافًا له (فإن سعى) أي: لا من عذر له وجعله في (البحر) عائدًا إلى مصلى الظهر لأنه لا فرق في ذلك بين المعذور وغيره كما في (السراج) وغيره. وأقول: الضمير في صلى واقع على من فما فر منه وقع فيه غاية الأمر أنه سكت عن المعذور، قيد بالسعي، لأنه لو كان جالسًا في المسجد لم تبطل إلا بالشروع اتفاقًا، وقيد بقوله: (إليها) لأنه لو خرج لحاجة أو كان الإمام قد فرغ منها أو قارن الفراغ السعي أو لم يقمها ِأصلاً لا تبطل، وقيل: تبطل، والأول أصح، وبهذا علم أن البطلان مقيد بما إذا كان يرجو إدراكها أما إذا كان لا يدركها لبعد المسافة فالأصح أنها لا تبطل كذا في (السراج)، (بطل) الظهر ولم يقل: بما صلاه لأنها تنقلب نفلاً، وهذا البطلان مقصور عليه، فلو كان إمامًا لم تبطل فإنها ظهر المقتدي كما في (المنتقى)، وهذا عند الإمام وقصراه على الدخول معه في رواية وفي أخرى حتى يتمها لأنه دون الظهر فلا ينقضه بعد تمامه والجمعة فوقه فيبطل بها وله أن السعي من خصائصها فنزل منزلتها في حق ارتفاضه احتياطًا.

وكره للمعذور، والمسجون أداء الظهر بجامعة في المصر، ومن أدركها في التشهد أو في سجود السهو وأتم جمعة، وإذا خرج الإمام ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكره) تحريمًا (للمعذور والمسجون) من عطف الخاص على العام اهتمامًا به للخلاف فيه (أداء الظهر) قبل الجمعة وبعدها (بجماعة) قيد بذلك لأن الأذان، والإقامة غير مكروهين كما في (السراج) معزيًا إلى (جمع التفاريق) إلا أنه في (الولوالجية) قال: ولا يصلي يوم الجمعة جماعة في مصر ولا يؤذن ولا يقيم في سجن وغيره لصلاة الجمعة، وهذا أولى. (في المصر) قيد به لأن أهل السواد لا تكره الجماعة في حقهم، وذلك لأنه في المصر ربما تطرق غير المعذور إلى الاقتداء بهم وفيه أيضًا صورة معارضة للجمعة بإقامة غيرها، قال في (البحر): ولو حذف المعذور وزاد منفردًا قبل الإمام لكان أولى لأن من فاتهم الجمعة في المصر يكره لهم الجماعة أيضًا، كما في (الظهيرية)، وفي (الخلاصة) ويستحب للمريض أن يؤخر الصلاة إلى أن يفرغ الإمام من الجمعة فإن لم يؤخره يكره هو الصحيح، وأقول: فيه نظر أما الحذف كما ذكر فغير محتاج إليه لأنه معلوم بالأولى، وأما الزيادة فلأنها توهم أن الكراهة فيها كالتي قبلها تحريمية وظاهر (الخلاصة) يقتضي أنها تنزيهية. (ومن أدركها) أي: الجمعة (في التشهد) منه. (أو في سجود السهو أتم جمعة) هذا عندهما. وقال محمد: يتمها ظهرًا لأنها جمعة من وجه فيقعد على رأس الركعتين، ظهر من وجه لفوات بعض الشروط في حقه غير أنه يقرأ في الكل لاحتمال النفلية، ولهما أنه مدرك للجمعة حتى تشترط بنية الجمعة إجماعًا، كذا في (المضمرات)، ولا وجه لما ذكره يختلفان فأنى يبنى أحدهما على الآخر، قيد بالجمعة، لأنه لو أدركه في تشهد العيد أتمه عيدًا اتفاقًا كما في (فتح القدير) لكن في (السراج) أنه عند محمد لا يصير مدركًا له، وفي (الظهيرية): الصحيح أنه يتمه عيدًا اتفاقًا، وفيها عن (المنتقى) / مسافر أدرك الإمام يوم الجمعة في التشهد يصلي أربعًا بالتكبيرة التي دخل بها معه، قال في (البحر): وهذا مخصص للمتون بما إذا كانت الجمعة واجبة، وأما إذا لم تكن فإنه يتم ظهرًا، وأقول: الظاهر أن هذا مُخرّج على قول محمد غاية الأمر أنه جزم به لاختياره إياه، والمسافر مثال لا قيد، (وإذا خرج الإمام) أي: صعد على المنبر كذا في (المعراج) وغيره وعليه جرى الشارح، وفي (السراج) أي: من المقصورة فظهر عليهم، وقيل: صعد المنبر فإن لم يكن ثمة ما يخرج منه لم يتركوا القراءة إلا إذا قام إلى الخطبة، ثم قال في (شرح المجمع)

فلا صلاة، ولا كلام، ويجب السعي إليها وترك البيع بالأذان الأول ـــــــــــــــــــــــــــــ والتعبير بالخروج جرى على عادة العرب من اتخاذهم للإمام مكانًا يخرج منه إذا أراد الصعود تعظيمًا لشأنه والقاطع في ديارنا هو قيام الإمام للصعود، وهذا أولى من قوله في (السراج) إلى الخطبة كما لا يخفى (فلا صلاة) جائزة نفلاًَ وقدمنا أنه لو خرج وهو يصلي السنة القبلية يكملها على الأصح، أما الفرض فإن كان فائتة والترتيب لم يسقط فتجوز لأنه مضطر إليها لصحة الجمعة وإلا لا، (ولا كلام) جائز أيضًا يريد به ما سوى التسبيح وقيل: بل كل كلام والأول أصح كذا في (العناية) وغيرها. قال في (البحر): (ويجب) حمله على ما قبل الخطبة أما وقتها فيكره تحريمًا، ولو كان أمرًا بالمعروف أو تسبيحًا أو غيره كما صرح به في (الخلاصة). وأقول: لم أجد ذكر التسبيح في (الخلاصة) وإنما عبارته ما يحرم في الصلاة يحرم في الخطبة حتى لا ينبغي له أن يأكل ويشرب والإمام في الخطبة، ويحرم الكلام وسواء كان أمرًا بالمعروف أو كلامًا آخر نعم في (البدائع) يكره الكلام حال الخطبة، وكذا قراءة القرآن، وكذا الصلاة، وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها، بل يجب عليه أن يستمع ويسكت وهذا قول الإمام، وقالا: لا بأس به إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر وإذا جلس عند الثاني قيل الخلاف في إجابة المؤذن أما غيره فيكره إجماعًا، وقيل: في كل كلام يتعلق بالآخرة، أما المتعلق بالدنيا فيكره إجماعًا، وشمل كلامه الخطيب أيضًا إلا أن يتكلم بما يشبه الأمر بالمعروف ولا كلام في كراهة تشميت العاطس ورد السلام، والصحيح أنه يحمد الله تعالى في نفسه لأنه لا يشغله كذا في (البدائع)، وفي (المجتبى) الاستماع إلى خطبة النكاح والختم وسائر الخطب واجب والأصح وجوب الاستماع إلى الخطبة من أولها إلى آخرها، وإن كان فيها ذكر الولاة، انتهى. ووجب (السعي إليها) أي: لزم (وترك البيع) أراد به كل عمل ينافيه وخصه اتباعًا للآية، فظاهر كلامه منعه أيضًا، ولو مع السعي إلا أنه في السراج جزم بعدم كراهته إذا لم يشغله وينبغي التعويل على الأول، وقد قال في (المضمرات): إنه في المسجد أعظم وزرًا (بالأذان الأول) الواقع بعد الزوال رواه الحسن عن الإمام، لأنه لو اعتبر الثاني لفاتته السنة وسماع الخطبة وربما فاتته الجمعة إذا كان بيته بعيدًا واعتبر بعضهم الثاني لأنه الذي كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - والشيخين بعده. قال البخاري: فلما كثر الناس في زمن عثمان زادوا النداء على الزورا موضع بسوق المدينة، وفي (البدائع) هي منارة أو حجر كبير وجزم المصنف بالأول لأنه الأصح، وفي (المعراج) أكثر فقهاء الأمصار على الثاني، قال العتابي: وهو المختار

باب صلاة العيدين

فإن جلس على المنبر أذن بين يديه، وأقيم بعد تمام الخطبة. باب صلاة العيدين تجب صلاة العيدين ـــــــــــــــــــــــــــــ ويرد عليه أنه لا سنة للجمعة حينئذٍ لأن بلالاً كان يأخذ في الأذان حين صعوده عليه الصلاة والسلام، فإذا فرغ منه شرع عليه الصلاة والسلام في الخطبة فمتى كانوا يصلونها؟ ومن ظن أنه بعد الفراغ من الأذان فهو من أجهل الناس والجواب: إن خروجه عليه الصلاة والسلام بالضرورة كان بعد الزوال فيجوز كونه بعد ما كان يصليها ويجب الحكم بوقوعه لعموم أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بعد الزوال أربعًا، وكذا في حقهم لأنهم كانوا يعلمون دخول الوقت كذا في (فتح القدير). قال في (البحر): ولم يجعل السعي فرضًا مع أنه كذلك للاختلاف في وقته أهو الأذان الأول أم الثاني أو العبرة بدخول الوقت، وأقول: وقوع الخلاف في وقته لا يمنع القول بفرضيته وكفا بوقت العصر شاهدًا (فإن جلس) الخطيب (على المنبر أذن بين يديه) أي: الخطيب (وأقيم بعد تمام الخطبة) بذلك جرى التوارث من فعله عليه الصلاة والسلام. خاتمة: يستحب لمن أراد حضورها أن يدهن وأن يمس طيبًا وأن يلبس أحسن ثيابه. قال في (الدراية): ويستحب أن تكون بيضاء، وإن يقعد عند استماع الخطبة كما في التشهد ولا بأس بالاحتباء وينبغي أن يقرأ فيها كالظهر، ولو قرأ في الأولى بالجمعة أو الأعلى، وفي الثاني: بالمنافقين والغاشية/ تبركًا بالمأثور كان حسنًا إن لم يواظب عليه وأن يبكر وأن يصلي في الصف الأول إن قدر وهو مما يلي الإمام، ولو سمع النداء وهو يأكل تركه إن خاف فوت الجمعة أو المكتوبة لا الجماعة والمختار أن السائل إن كان لا يمر بين يدي المصلي ولا يتخطى الرقاب ولا يسأل إلحافًا بل لأمرٍ لا بد منه فلا بأس بالسؤال والدفع والله الموفق للصواب. باب صلاة العيدين ذكرهما بعد الجمعة لاشتراكهما في الشرائط إلا الخطبة وقدمها لثبوتها بالكتاب سمي عيدًا لأن لله فيه عوائد الإحسان أو تفاؤلاً بعوده وجمعه أعياد، ولم يجمع على أعواد مع أنه من العود للزوم الياء في المفرد أو للفرق بينه وبين عود الخشبة فإن جمعه عيدان، وعود اللهو أعواد، وشرعت في السنة الأولى من الهجرة كما رواه أبو داود (تجب صلاة العيد) للمواظبة من غير ترك وهذا رواية الحسن عن

على من تجب عليه الجمعة بشرائطها سوى الخطبة، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمام، وفي (الهداية) وغيرها أنه المختار وهو قول الأكثر كما في (المجتبى) ويدل عليه قوله في (الأصل) ولا يصلى نافلة بجماعة إلا قيام رمضان والكسوف في (الجامع الصغير) عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما، وهذا نص على السنية يعني المؤكد، قال في (المجتبى): وهو الصحيح، وفي (غاية البيان) أنه الأظهر، وأيده في (البحر) لوجهين، أحدهما: أن (الجامع) صنف بعد (الأصل) فما فيه هو المعول عليه، والثاني: أنه صريح في السنة بخلاف ما في (الأصل)، وأقول: فيه نظر أما أولاً: فلأن (الجامع) وإن صنف بعد (الأصل) إلا أن قوله ولا يترك واحد منهما يدل على الوجوب إذ مثل هذا الكلام في الرواية يذكر في الواجب غالبًا، كما في (المعراج). وأما ثانيًا: فأنه صرح في (الأصل) في موضع آخر بالوجوب، وفي (المجتبى) ذكر محمد في (الأصل): أرأيت العيدين هل يجب الخروج فيهما على أهل القرى والجبال والسواد؟ قال: إنما يجب على الأمصار والمدائن فنص على الوجوب، انتهى. وبهذا يستغنى عما مر من أن في (الأصل) ما يدل على الوجوب، وفي (البدائع) وتأويل ما في (الجامع) أنها وجبت بالسنة أو هي سنة مؤكدة، وأنها في معنى الواجب على أن إطلاق اسم السنة لا ينفي الوجوب بعد قيام الدليل على وجوبها، وذكر أبو موسى الضرير في (مختصره): أنها فرض كفاية والصحيح أنها واجبة، انتهى. وقيل: في المسألة روايتان كذا في (الظهيرية). فائدة: سمى الأصل أصلاً لأنه صنف أولاً ثم (الجامع الصغير) ثم (الكبير) ثم (الزيادات)، كذا في متن (غاية البيان). وذكر الحلبي في بحث التسميع أن محمدًا قرأها على أبي يوسف إلا ما كان فيه اسم الكبير (كالمضاربة الكبير) و (المزارعة الكبير) و (المأذون الكبير) و (السير الكبير)، وفي (عقد الفرائد) أن السير الكبير هو آخر تآليف محمد رحمه الله تعالى، (على من تجب عليه الجمعة بشرائطها) المتقدمة حتى الإذن العام (سوى الخطبة) فإنها سنة وليست بشرط، لأنها تؤدى بعد الصلاة وشرط الشيء يسبقه أو يقارنه وتأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد سنة كذا في (الظهيرية) وهذا يقتضي أنه لو خطب قبلها كان آتيًا بأصلها، وفيه توقف إذ لم ينقل، ولو تركها كان مسيئًا واقتضى كلامه أنها لا تجب على العبد، وإن أذن له مولاه لأن منافعه لا تصير مملوكة فحاله بعده كحاله قبله كذا في (المعراج) وغيره، وجزم في (السراج) بالوجوب وفي (الظهيرية) قيل: يكره له التخلف مع الأذن، وقيل: لا والأصح أن له أن يصليها بلا إذن إذا حضر مع مولاه حيث لم يخل بحفظ ماله وظاهره أن الكراهة تحريمية.

وندب في الفطر أن يطعم، ويغتسل، ويستاك ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويؤدي صدقة الفطر، ثم يتوجه إلى المصلى غير مكبر، ـــــــــــــــــــــــــــــ (وندب في الفطر أن يطعم) أن يأكل قبل خروجه دل على ذلك قوله بعد ثم يتوجه ويندب أن يكون حلوًا أو تمرًا عدده وترًا، ولو تركه لا إثم عليه، ولو لم يأكل في ذلك اليوم ربما يعاتب كذا في (الدراية) (و) أن (يغتسل) على ما مر وأعاد ذكره تحاميًا عن إخلائه عن محله إلا أن الأصح ما مر أنه سنة وسماه مندوبًا لاشتمال السنة عليه، ولذا عد بعضهم سائر المندوبات المذكورة سنة كذا في (المجتبى). (ويستاك ويتطيب) ولو من طيب أهله بما له ريح لا لون كالمسك والبخور كذا في (الدراية) (ويلبس أحسن ثيابه) أي: أجملها جديدًا كان أو لا (لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس برد حمرة في كل عيد)، رواه البيهقي، وهذا يقتضي عدم الاختصاص بالأبيض والحلة الحمراء ثوبان من اليمن فيها خطوط حمر وخضر لا أنهما أحمر بحت فليكن محمل البردة أحدهما كذا في (فتح القدير). وبقي من المندوبات التختم كما في (النوازل)، قال في (الدراية): ومن كان لا يتختم من الصحابة كان يتختم يوم العيد، والتبكير هو سرعة الانتباه والابتكار وهو المسارعة إلى المصلى وصلاة الغداة في مسجد حيه والخروج ماشيًا والرجوع من طريق أخرى والتهنئة بقوله: تقبل الله منا ومنكم كذا في (القنية) وإظهار البشاشة والإكثار من الصدقة حسب الطاقة كذا في (الحاوي القدسي). (ويؤدي صدقة) الفطر عطف على يطعم إذ الكلام/ في أدائها قبل الخروج إلى المصلى ولاشك في ندبه في هذه الحالة لخبر (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)، ولأنه يندب له الأكل قبل الخروج فينبغي له أن يقدم للفقير ما يأكل ليتفرغ قبله للصلاة (ثم يتوجه إلى المصلى) بالرفع، لأنه واجب لا مندوب كذا في (غاية البيان). وقد يقال: ليس الكلام في مطلق التوجه بل إلى خصوص المصلى، ولاشك في ندبه ففي (التجنيس) وغيره الخروج إلى الجبانة لصلاة العيد سنة. وإن كان يسعهم المسجد الجامع عند عامة المشايخ وهو الصحيح، وعليه فالنصب أولى غائر الأسلوب إيماء إلى تراخي هذا الفعل على قبله. وفي (الخلاصة): ولا يخرج المنبر إلى الجبانة. واختلف في كراهة بنائه فيها، فقيل: يكره، وقيل: لا. وعن الإمام أنه لا بأس به واستحسنه خواهر زاده في زماننا (غير مكبر) أي: في الطريق جهرًا، دل على

ومتنفل قبلها. ووقتها: من ارتفاع الشمس إلى زوالها، ويصلي ركعتين مثنيًا قبل الزوائد وهي ثلاث في كل ركعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك قوله بعد في الأضحى ويكبر في الطريق جهرًا وهذا رواية المعلى عن الإمام. وروى الطحاوي عن ابن أبي عمران البغدادي عن الإمام: أنه يكبر وهو قولهما. واختلف المشايخ في الترجيح، فقال الرازي: الصحيح من قول أصحابنا ما رواه ابن عمران، وما رواه المعلى لم يعرف عنه وفي (الخلاصة)، الأصح ما رواه المعلى كذا في (الدراية)، قال الرزاي: وعليه مشايخنا بما وراء النهر فالخلاف في الجهر وعدمه كما صرح به في (التجنيس)، وعليه جرى (غاية البيان) و (الشرح) فما في (الخلاصة) من إيهام أن الخلاف في أصله قال في (فتح القدير): ليس بشيء إذ لا يمنع من ذكر الله تعالى بسائر الألفاظ في شيء من الأوقات، بل من إيقاعه على وجه البدعة، ورده في (البحر) بأنه تخصيص وقت بعبادة ولم يرد الشرع بها ممنوع، ومن ثم قال في (غاية البيان): من الجهر لا يكبر في طريق المصلى عند الإمام، أي: حكمًا للعيد. ولكن لو كبر لأنه ذكر الله يجوز. ويستحب وغير (متنفل قبلها) أطلقه إيماء إلى أنه لا فرق بين المصلى والبيت ولا خلاف في المصلى واختلف في البيت. والأصح كما في (الخانية) وغيرها لا فرق في ذلك بين الضحى وغيرها، ولا بين من يجب عليه العيد وغيره حتى يكره للنساء أن يصلين الضحى يوم العيد قبل صلاة الإمام كما في (الخلاصة)، وقيد بالقبلية لأنه بعدها غير مكروه، بل الأفضل أن يصلي أربعًا كما في (الخانية) يعني في بيته. أما في المصلى فيكره على ما عليه العامة. (ووقتها من ارتفاع الشمس) قدر رمح أو رمحين بكسر القاف أي قدره، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يصليها كذل (إلى زوالها) حتى لو دخل وهو فيها فسدت كما في (السراج)، لما في (السنن): (أن ركبًا شهدوا برؤية الهلال عنده عليه الصلاة والسلام بالأمس بعد الزوال فأمرهم بالفطر وأن يصلوا من الغد)، ولو بقي الوقت لما أخرت. ويندب تعجيل الأضحى وتأخير الفطر بذلك (كتب عليه الصلاة والسلام إلى عمرو بن جزم)، ويصلي الإمام ركعتين بالإجماع لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك حال كونه (مثنيًا)، أو آتيًا بالثناء (قبل) التكبيرات (الزوائد) لأنه شرع أول الصلاة فيقدم عليها كما يقدم على سائر الأذكار، وسكت عن التعوذ استغناءً بما مر، (وهي) أي: الزوائد (ثلاثة في كل ركعة) لا غير. هذا رأي ابن مسعود وبه أخذ الإمام، وعن غيره أنها أزيد وأكثر ما روي ستة عشر في الركعتين، فلو زاد

ويوالي بين القراءتين ويرفع يديه في الزوائد، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها لم يتبع هذا إن سمعها من الإمام وإن من المؤذن أتى به، وإن زاد لجواز الغلط وينوي الافتتاح بكل تكبيرة كذا في (المحيط) وصلاة الشيخين على رأي ابن عباس. إنما هي لأن أولاد الخلفاء كانوا يأمرون القضاة بذلك حتى كتبوه في مناشيرهم. وقالوا: لو خشي المدرك في الركوع أن يرفع الإمام رأسه لو كبر قائمًا أتى بها راكعًا، ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يأتي به في الركوع على الأصح. ولو ركع الإمام قبل أن يكبر لا يعود إلى القيام ليكبر في ظاهر الرواية، ولم أر ما إذا عاد وينبغي أن تفسد. ومن فاته أول صلاة الإمام يكبر في الحال برأي نفسه، (ويوالي) الإمام (بين القراءتين) اقتداء بابن مسعود، لأن التكبير من أعلام الدين حتى يجهر به. والأصل فيه ضم بعضه إلى بعض لما أن الجنسية، علة الضم فألحق الركعة الأولى بتكبيرة الإحرام لقوتها في الثانية بتكبيرة الركوع فضم إليها، ولو لم يوال فقد ترك الأولى. وقالوا: إن المسبوق بركعة إذا قام إلى القضاء وكان على رأي ابن مسعود قرأ أولاً ثم كبر. وفي (النوادر): أنه يكبر أولاً وجه الظاهر أن البدأة بالتكبير تؤدي إلى الموالاة بين التكبير وهو خلاف الإجماع. ولو بدأ بالقراءة وافق رأي علي، وفي (المجتبى): لو قدم المؤخر أو أخر المقدم ساهيًا أو اجتهادًا، فإن كان لم يفرغ مما دخل فيه يعيد، لا إن فرغ. ولو كبر برأي ابن مسعود فتحول رأيه إلى رأي ابن عباس بعد ما قرأ/ الفاتحة كبر ما بقى وأعاد الفاتحة، وإن تحول بعد ضم السورة لا يعيد القراءة (ويرفع) مصلي العيد (يديه في الزوائد)، هذا أولى من قول القدوري في تكبيرات العيدين لشموله تكبير الركوع الثاني إذ قد ألحق بها حتى قلنا بوجوبه أيضًا مع أنه لا رفع فيه، ومن ثم قال في (الهداية): يريد به ما سوى تكبير الركوع وهذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يدركه راكعًا وقد خشي فوت الركوع معه، فإن أدركه كذلك كبر راكعًا من غير رفع لأن أخذ الركبتين باليدين سنة في محله والرفع في غير محله. وقيل: يرفع وربما يومئ إليه الإطلاق وجزم في (الفتح) بالأول وهو الأولى، قيل: الرفع في الزوائد قولهما، وعن الثاني: لا يرفع وادعى الإمام حميد الدين شذوذه عنه ونازعه الإتقاني، ويسكت بين كل تكبيرتين مقدار ثلاث تسبيحات، قال السرخسي: وليس هذا التقدير بلازم، بل يختلف بحسب قلة الزحمة وكثرتها، لأن المقصود منه إزالة الاشتباه. وفي كلامه إيماء إلى أنه لو لم يرفع إمامه رفع.

ويخطب بعدها خطبتين، يُعَلَّم فيهما أحكام صدقة الفطر. ولم تقض إن فاتت مع الإمام، وتؤخر بعذر إلى الغد فقط وهي أحكام الأضحى لكن هنا يؤخر الأكل عنها، ويكبر في الطريق جهرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (ويخطب بعدها) أي: الصلاة (خطبتين) اقتداءً به - صلى الله عليه وسلم -. ولو خطب قبلها صح وكره لأنه لو تركها صحت فإذا أتى بها قبلها أولى ويندب أن يفتتح الأولى بتسع تكبيرات تترًا والثانية بسبع، وأن يكبر قبل أن ينزل من المنبر أربع عشرة، وإذا صعد إليه لا يجلس عندنا كذا في (المعراج). (يعلم) الناس (فيها أحكام صدقة الفطر) الخمسة أعني على من تجب، ولمن تجب، ومتى تجب، ومم تجب، وكم تجب. فإن قلت: إذا ندب أداؤها قبل كما مر فلا فائدة لهذا التعليم، قلت: يمكن أن تظهر في حق من أتى بها في العام القابل، وفي حق من لم يؤدها قبل الصلاة، ولم يذكر لها أذان ولا إقامة لأنه لم ينقل (ولم تقض) صلاة العيد منفردًا (إذا فاتت) أي: الصلاة، وقوله: (مع الإمام) قيد للفاعل لا للفعل لأن الصلاة بهذه الصفة لم تعرف قربة إلا بشرائط لا تتم بالمنفرد. وقال في (البحر): أطلقه فشمل ما إذا كان في الوقت أو خرج الوقت. وأما إذا لم يدخل مع الإمام أصلاً أو دخل معه وأفسدها وأقول: الأولى أن يراد بالقضاء الأداء مجازًا ويعلم منه ما إذا خرج الوقت بالأولى. ولو قدر بعد الفوات مع الإمام على إدراكها مع غيره فعله للاتفاق على جواز تعددها. فإن أحب قضاءها منفردًا صلى أربعًا، يقرأ في الأولى بالأعلى، وفي الثانية بالضحى، وفي الثالثة بما بعدها، وكذا في الرابعة، بذلك جاء الخبر. (وتؤخر) صلاة العيد (بعذر) كمطر ونحوه ومنه مما إذا غم الهلال قيد به، لأنه لو أخرها بلا عذر لم يصلها بخلاف عيد الأضحى كذا في (الدراية) معزيًا إلى (المجتبى) (إلى الغد) يعني إلى الزوال منه، وأطلقه إحالة على ما مر (فقط)، لأن الأصل فيها عدم القضاء كالجمعة غير أنا تركناه بما روينا من أنه عليه الصلاة والسلام أخرها إلى اليوم الثاني فبقي ما وراءه على (الأصل). وجعل الطحاوي هذا قول الثاني. وعن الإمام لا تؤخر مطلقًا كذا في (المجتبى) والظاهر ضعف هذا الخلاف ولذا أهملوه (وهي) أي: الأحكام المذكورة للفطر (أحكام الأضحى) صفة ووقتًا وشرطًا وندبًا. (لكن) أي: إلا أنه (هنا يؤخر الأكل) أي: ليأكل بعد الصلاة اقتداءً به عليه الصلاة والسلام. ولو أكل لم يكره في المختار أي: تحريمًا وإطلاقه يعم ما إذا لم يضح. وقيل: لا يؤخر وما في (غاية البيان) من تقييده بالمصري أما القروي فلا يؤخر يناسب القول الثاني: (ويكبر) في حالة ذهابه (في الطريق جهرًا) اقتداء به عليه الصلاة

ويعلم الأضحية وتكبير التشريق وتؤخر بعذر إلى ثلاثة أيام، والتعريف ليس بشيء، ـــــــــــــــــــــــــــــ والسلام، وفيه إيماء إلى أنه يقطعه حين ينتهي إلى المصلى. وهو رواية وبها جزم في (البدائع) وفي أخرى حتى يشرع في الصلاة وعللها في (المحيط) بأنه وقت تكبير لأنه يكبر عقب الصلاة جهرًا. وعمل الناس اليوم عليها وظاهر كلامه أنه لا يندب في البيت. (و) أن (يعلم) الناس أحكام (الأضحية وتكبير التشريق) في الخطبة لما أنها شرعت لذلك. هكذا ذكروا مع أن تكبير التشريق يحتاج إلى تعليمه قبل يوم عرفة فينبغي له أن يفعل ذلك في الجمعة التي قبل العيد، كذا في (البحر). وقدمنا ما يستغنى به عن ذلك فارجع إليه، (وتؤخر) صلاة الأضحى (بعذر) من الأعذار السابقة (إلى ثلاثة أيام)، لأنها مؤقتة بوقت الأضحية فتجوز ما بقي وقتها، قيد بالعذر، لأن تأخيرها عن اليوم الأول بغير عذر مكروه. وفي (البحر) عن (المجتبى): قيد بالعذر لأنه لو تركها في اليوم الأول بغير عذر لم يصلها بعد كذا في (صلاة الجلابي) وهو من غرائبه. انتهى. وأقول: الذي في (المعراج) عن (المجتبى) ما قدمناه وهو الموافق لكلامهم. والظاهر أن ما في (البحر) سهو (والتعريف) هذا اللفظ جاء لمعان الإعلام والتطيب من العرف وهو: الريح أي: الرائحة الطيبة، وإنشاد الضالة والوقوف بعرفة والتشبه بأهل عرفة وهو المراد، كما في (الدراية). ولذا قال في (الهداية): الذي يصنعه/ الناس وكأنه استغنى عن ذلك يجعله أل للعهد (ليس بشيء) أي: في حكم الوقوف كقول محمد: دم السمك ليس بشيء أي: في حكم الدماء وهذا لأنه شيء حقيقة إلا أنه لما لم يكن معتبرًا نفي عنه الشيئية لأن الوقوف لما كان عبادة مخصوصة بمكان لم يجز فعله إلا في ذلك المكان، كالطواف وغيره. ألا ترى أنه لا يجوز الطواف حول سائر البيوت تشبيهًا كذا في (غاية البيان) وهذا ظاهر في أنه يكره تحريمًا، وصرح في (المعراج) بأنه: لو طاف حول مسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر وفي (الفتح) ظاهر هذا اللفظ يعني ليس بشيء أنه مطلوب الاجتناب، وفي (النهاية) ليس بشيء يتعلق به الثواب وهو يصدق بالإباحة. وعن أبي يوسف ومحمد في غير رواية الأصول: أنه لا يكره لما روي أن ابن عباس فعل ذلك بالبصرة وهذه المقاسة تفيد أن مقابله من رواية الأصول الكراهة، انتهى.

وسن بعد فجر عرفة إلى ثمان مرة الله أكبر إلخ، بشرط إقامة، ومصر ومكتوبة ـــــــــــــــــــــــــــــ وبذلك صرح الشارح حيث قال بعد ما ذكر أنه لا يكره في غير رواية (الأصول): وجه الظاهر أن الوقوف عرف عبادة مختصة بمكان، فلا يكون عبادة دونه كسائر المناسك. وما عن ابن عباس يحتمل أنه خرج للدعاء والاستسقاء. وحمله في (النهاية) وغيرها على أنه ما كان للتشبه بل للدعاء والتضرع. وهذا يقضي أن الكراهة معلقة به، والأولى إطلاقها إذ نفس الوقوف وكشف الروس يستلزم التشبه، وإن لم يقصد نعم، لو عرض ما يوجب الوقوف في ذلك اليوم كالاستقساء لم يكره. والحاصل أن عباراتهم ناطقة بترجيح الكراهة وشذوذ غيره والله الموفق. (وسن) مؤكدًا قيل: الأصح وجوبه للأمر به ولفظ السنة لا ينافي الوجوب لأنها الطريقة المرضية، وكل واجب هذه صفته لكن هذا مجاز ولابد له من قرينة، وجعلها الشارح قوله: (بعد) ..... يجب بعد أي: عقب (فجر عرفة) بيان لها وله. قال في (السراج): ولا خلاف فيه، وفيه نظر ففي (غاية البيان) عن الشافعي أن أول وقته الظهر وهو قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت نعم المشهور عن الأصحاب ما في (الكتاب) ودل كلامه أنه يأتي به عقب الصلاة بلا تراخ حتى لو خرج من المسجد أو جاوز الصفوف في الصحراء أو أتى بما يمنع البناء لا يأتى به. ولو سبقه حدث بعد السلام فإن شاء توضأ وكبر، أو أتى به على غير طهارة قال السرخسي: والأصح عندي أنه يكبر ولا يخرج من المسجد، وبين آخره بقوله: (إلى ثمان) أي: مع ثمان صلوات ولذا لم يقل ثمانية، والغاية هنا داخلة في المغيا كذا في (المصفى) وهذا قول الإمام وهو قول ابن مسعود، وقالا: إلى ثلاث وعشرين صلاة، وهو قول عمر وعلي، وهو أحوط كما في (السراج) وغيره وبه يفتى. وفي (المجتبى): والعمل والفتوى في عامة الأمصار وكافة الأعصار على قولهما. (مرة) واحدة بدل من الضمير المستتر في سن (الله أكبر) إلى أخره، ولم يقل تكبير التشريق لما أن المتبادر منه تشريق اللحم ومبدؤه اليوم الثاني من النحر، وكذا لا يتأتى إلا على قولهما، لكن اختار في (الفتح) أن الإضافة بيانية فيتأتى على قول الكل. وقد جاء إطلاق التشريق على التكبير عن الخليل وغيره (بشرط إقامة)، فلا يكبر مسافر، ولو صلى المسافرون جماعة ففيه روايتان، والأصح أنهم لا يكبرون كما في (الخلاصة) (ومصر) فلا يكبر أهل القرى (ومكتوبة) فلا يكبر عقب الواجب كالوتر والعيدين.

وجماعة مستحبة، وبالاقتداء يجب على المرأة والمسافر. ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكر أبو الليث في (مبسوطه) أنه: لا بأس به عقب العيد لأن المسلمين توارثوه فوجب ابتاعهم، وعليه البلخيون. وقال أبو جعفر: مشايخنا يرون التكبير في أيام التشريق فلا تمنع العامة منه، وبه نأخذ كذا في (المجتبى) ولا خفاء في دخول الجمعة في المكتوبة وخرج الجنازة لانصرافها إلى ما كتب علينا من الخمس (وجماعة) فلا يكبر المنفرد (مستحبة)، فلا يكبر النسوة ولو صلين جماعة في المصر فلو كبرن كان بدعة كذا في (غاية البيان). وفي (جامع قاضي خان): وإذا ثبت اختصاص التكبير بالمصر علم أنه من الشعائر بمنزلة الخطبة فيشترط له ما يشترط للجمعة، إلا ما سقط اعتباره من السلطان والحرية في الأصح والخطبة كذا في (المعراج)، وعليه جرى الشارح قال في (البحر): وليس بصحيح إذ ليس الوقت والإذن العام من شروطه. وأقول: بل هو الصحيح؛ إذ من شرائطه الوقت أعني أيام التشريق حتى لو فاتته الصلاة في أيامه فقضاها في غير أيامه أو في أيامه من القابل لا يكبر بخلاف ما إذا قضاها في أيامه من تلك السنة حيث يكبر لأنه لم يفت عن وقته من كل وجه. وإذا لم يشترط السلطان أو نائبه فلا معنى لاشتراط الإذن العام وكأنهم استغنوا بذكر السلطان عنه، على أنا قدمنا أن الإذن العام لم يذكر في الظاهر. نعم بقي أن يقال: من شرائطها الجماعة التي هي جمع والواحد هنا مع الإمام جماعة، فكيف يصح أن يقال: إن شروطه الجمعة. وهذا كله قول الإمام، وقالا: هو على كل من يصلي المكتوبة/ لأنه تبع لها. والفتوى على قولهما في هذا أيضًا كما في (السراج) (وبالاقتداء) أي: بسبب الاقتداء بمن يجب عليه (يجب على المرأة والمسافر) بطريق التبعية. إلا أن المرأة تخافت وكذا يجب على المسبوق لكنه لا يكبر معه، بل بعد قضاء ما فاته. ولو تابعه فيه لا تفسد ويبدأ المحرم بالتكبير ثم بالتلبية .. ولو تركه الإمام أتى به المقتدي، قال يعقوب: صليت بهم المغرب يوم عرفة فنسيت أن أكبر فكبر الإمام الأعظم. وهذا لأنه لا يؤدى في حرمة الصلاة فلم يكن الإمام فيه حتمًا وإنما هو مندوب، وفي الحكاية جلالة كل من الأستاذ وتلميذه عند الآخر، أما التلميذ فلتقديمه، وأما الأستاذ فلأن التلميذ نسي ما لا ينسى عادة لما علم أنه خلفه وهذا لأن العادة إنما هي نسيان الأول لا بعد توالي ثلاثة أوقات يكبر فيها والله الموفق بمنه ويمنه.

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف يصلي ركعتين كالنفل إمام الجمعة ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الكسوف قرنه بالعيد لأنهما يؤديان بالجماعة وقدم العيد لوجوبه، يقال: كسفت الشمس كسوفًا وكسفها الله كسفًا. قال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: الشمس طالعة ليست بكاسفة .... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا روي بنصب نجوم على أنه معمول لكاسفة أي: لم يكسف ضوءها مع طلوعها لقلة ضوئها ببكائها عليه، ويجوز أن يكون معمولاً لتبكي من باكيته فبكيته غلبته في البكاء ورفعها على أنها تبكي والقمر منصوب على المعية وألفه للإطلاق وسببها الكسوف لأنها تضاف إليه وهي سنة، وقيل: واجبة واختاره في (الأسرار) كذا في (العناية) وهكذا في (البدائع)، وأجاب عما مر عن (الأصل) بأن تسميتها نافلة لا تنفي الوجوب لأنها الزيادة وكل واجب على الفرائض زائد (يصلي ركعتين) بيان لأقل مقدارها، وإن شاء أربعًا أو أكثر كل ركعتين بتسلميتين أو كل أربع كذا في (المجتبى والبدائع). (كالنفل) في الركوع والسجود وإطالة القيام بالقراءة والأدعية التي هي من خصائص النافلة وعدم الإذن وعدم جوازها في الأوقات المكروهة وينادي الصلاة جامعة ليجتمعوا إن لم يكونوا اجتمعوا واحترز به عن قول الثاني أنها كالعيد (إمام الجمعة) فيه إيماء إلى أنه لابد من شرائط الجمعة، وهو كذلك إلا الخطبة كذا في (السراج)، ورده في (البحر) بما في (الإسبيجابي) يستحب في كسوف الشمس ثلاثة أشياء: الإمام والوقت والموضع. أما الإمام: فالسلطان ومن له إقامة الجمعة والعيد. وأما الوقت: فهو الذي يباح فيه التطوع. وأما الموضع: فهو الذي يصلي فيه العيد أو المسجد الجامع، إلا أن جعل الوقت من المستحبات لا يصح انتهى. وأقول: معنى كونه لا به من شرائط الجمعة أي: في تحصيل كمال السنة نعم ظاهر ما قاله (الإسبيجابي): يفيد أنه لو صلاها عند الاستواء صحت فتدبره. وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول لكل إمام مسجد أن يصلي بجماعة في

بلا جهر وخطبة ثم يدعو حتى تنجلي الشمس، وإلا صلوا فرادى كالخسوف، والظلمة، والريح، والفزع. ـــــــــــــــــــــــــــــ مسجده والصحيح ظاهر الرواية وهو أنه لا يقيمها إلا الإمام الذي يصلي بالناس الجمعة كذا في (البدائع). (بلا جهر) تصريح بما علم من قوله: كالنفل لأن النهاري لا يكون جهرًا كذا في (البحر) واستفيد النهاري من أن الكلام في الكسوف، وهو لا يكون إلا نهارًا لكن لك أن تقول: إن قوله إمام الجمعة ربما أشعر بالجهر فيه فنفاه صريحًا ردًا لقولهما من أنه يجهر لحديث عائشة (أنه عليه السلام جهر بالقراءة فيه) وله قوله عليه السلام: (صلاة النهار عجماء) وذاك محمول على الجهر بالآية والآيتين دل على ذلك قولها فحرزت قراءته فإذا هو قرأ سورة البقرة ولو جهر لسمعت. وفي (البدائع): عامة الروايات على أن محمدًا مع الإمام (و) بلا (خطبة) لأنه عليه الصلاة والسلام: أمر بالصلاة وسكت عن الخطبة، والمقام مقام البيان وخطبته عليه السلام لما كسفت الشمس يوم موت سيدنا إبراهيم، ليست إلا للرد على من توهم أنها كسفت لموته (ثم يدعو) بعد الصلاة جالسًا مستقبلاً القبلة، أو قائمًا يستقبل الناس بوجهه والقوم يؤمنون. قال الحلواني: وهذا أحسن ولو اعتمد على قوس أو عصا كان حسنًا ولا يصعد المنبر للدعاء ولا يخرج كذا في (المحيط). (حتى تنجلي الشمس) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى تنجلي الشمس). (وإلا) أي: وإن لم يحضر إمام الجمعة (صلوا فرادى) في منازلهم تحرزًا عن الفتنة لما أنها تقام بجمع عظيم (كالخسوف) أي: كما يصلون فرادى في خسوف القمر لأنه خسف مرارًا في زمنه عليه السلام، ولم ينقل أنه جمع لها (والظلمة) الهائلة نهارًا (والريح) الشديد والزلازل والصواعق وانتشار الكواكب والضوء الهائل ليلاً والثلج والأمطار الدائمة وعموم الأمراض والخوف الغالب من العدو، ونحو ذلك/. وقد علمت الخلاف في صفة الصلاة في الكسوف ولم أره في الخسوف ونحوه/. قال العيني: أطلق الشيخ الحكم فيهما، والتفصيل فيه أن صلاة الكسوف سنةٌ أو واجبة وصلاة الخسوف حسنةٌ، وكذا البقية انتهى. واعلم أن كلمتهم متفقة على أنهم يصلون فرادى ويدعون في عموم الأمراض وهو شامل للطاعون لأن الوباء اسم

باب الاستسقاء

باب الاستسقاء له صلاة لا بجماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ لكل مرض عام فكل طاعون في ذلك وباء ولا ينعكس، وإن الدعاء برفعه كما يفعله الناس في الجبل مشروع وليس دعاء برفع الشهادة لأنه أثره لا عينه، وعلى هذا فما قاله ابن حجر من أن الاجتماع للدعاء برفعه بدعة يعني حسنة، فإذا اجتمعوا صلى كل واحد ركعتين ينوي بهما رفعه، وهذه المسألة من حوادث الفتوى، وفي (المجتبى): في خسوف القمر قيل: الجماعة جائزة عندنا لكنها ليست بسنة. باب صلاة الاستسقاء أخرها عن الكسوف لأنها سنة بخلافه على ما سيأتي، ولأنها تؤدى بجماعة بلا خلاف بخلافه، وهو: طلب السقيا وسقى وأسقى. وقيل: سقى ناوله ليشرب، وأسقاه جعل له شيئًا يشرب منه (له صلاة) مشروعة (لا بجماعة). أما شرعيتها للمنفرد: فلأنها فعل مطلقًا، وأما مشروعية الجماعة فيها فلقول محمد كما في (الكافي) لا صلاة في الاستسقاء إنما فيها الدعاء، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج ودعا، وبلغنا عن عمر أنه صعد المنبر ودعا واستسقى، ولم يبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك إلا حديث واحد شاذ انتهى. وهذا يفيد أن الجماعة فيها مكروهة ويدلك على ذلك ما مر عن (الأصل)، وفي (البدائع) ظاهر الرواية أنه لا صلاة في الاستسقاء، وأراد بقوله: لا صلاة، أي: لا صلاة فيه بجماعة بدليل ما عن الثاني، سألت الإمام عن الاستسقاء أفيه صلاة، أو دعاء مؤقت، أو خطبة؟ قال: أما بجماعة فلا ولكن الدعاء والاستغفار، وهذا خلاف ما ذكره شيخ الإسلام من أن الخلاف في السنية لا في أصل المشروعية، وجزم به في (غاية البيان) معزيًا إلي شرح الطحاوي، والأول أليق بكلامه، وهذا قول الإمام. وقال محمد: يصلي الإمام أو نائبه ركعتين كما في الجمعة، ثم يخطب، أي: يسن في حقه ذلك. ولم يذكر ظاهر الرواية قول أبي يوسف، وذكر في بعض المواضع قوله مع الإمام. وذكر الطحاوي قوله مع محمد وهو الأصح، لهما ما روي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك حين استسقى، قلنا: فعله مرة وتركه أخرى فلم

ودعاء واستغفار لا قلب رداء وحضور ذمي، وإنما يخرجون ثلاثة أيام. ـــــــــــــــــــــــــــــ يكن سنة، كذا في (الهداية)، وهذا أليق بطريقة شيخ الإسلام وكفاك في الاستدلال ما مرّ عن محمد (دعاء واستغفار) لقوله تعالى: {استغفروا ربكم} [نوح: 10]، (لا قلب رداء) للإمام عند الإمام. وقال محمد: يقلبه يجعل أعلاه أسفل إن كان مربعًا، وإن مدورًا كالحية جعل اليمين يسارًا، لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك وأبو يوسف مع الإمام فيما ذكره الحاكم، ومع محمد فيما ذكره الكرخي، ولأبي حنيفة أنه دعاء فيعتبر بسائر الأدعية، وما روي من فعله كان تفاؤلاً واعترض بأنه لم لا يتفاءل من ابتلي به تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، وأجيب بأنه علم بالوحي أن الحال تتقلب متى قلب الرداء أو هذا مما لا يتأتى في غيره فلا فائدة بالتأسي ظاهرًا، كذا في (العناية) وغيرها، وفيه بحث إذ الأصل في أفعاله عليه الصلاة والسلام كونها شرعًا عامًا حتى يثبت دليل الخصوص، وقوله في (البدائع) يحتمل أنه تغيير عليه فأصلحه، فظن الراوي أنه قلب أبعد من البعيد. ومن هنا جزم القدوري بقول محمد، وأما القوم فلا يقلبون أرديتهم بالتشديد، أي: في يقلبون، كما في (السراج) عند كافة العلماء خلافًا لمالك. (و) لا (حضور ذمي) يعني لا يُمَّكن من حضوره عند عامة العلماء إذ لا فائدة في دعائهم لقوله تعالى: {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [الرعد: 14]، نعم الراجح أنه يجوز أن يقال: إن دعائهم يستجاب، أي: يجوز عقلاً وإن لم يقع، (وإنما يخرجون ثلاثة أيام) متتابعات لا غير، لأنه لم ينقل أكثر منها إلا في مكة وبيت المقدس فيجتمعون في المسجد، كذا في (الفتح)، ولم يذكر المدينة كأنه لضيق مسجدها وينبغي له الخروج مشاة مع تواضع وتخشع في ثياب خلقة ناكسي رؤوسهم بعد تقديم التوبة والصدقة. وفي (الخلاصة الغزالية): يستحب للإمام أن يأمرهم بصيام ثلاثة أيام قبل الخروج ثم يخرج بهم في الرابع، وإخراج الدواب يستحب، انتهى. كذا في (المعراج). وينبغي لهم تقديم الضعفة والشيوخ، والأولى أن يخرج الإمام معهم. ولو أمرهم بالخروج أو خرجوا بغير إذنه جاز، كذا في (المجتبى) وغيره.

باب صلاة الخوف

باب صلاة الخوف إذا اشتد الخوف من عدو أو سبع وقف الإمام طائفة بإزاء العدو، وصلى ركعة وركعتين لو مقيمًا ومضت هذه إلى العدو وجاءت تلك فصلى بهم ما بقي وسلم، وذهبوا إليهم وجاءت الأولى وأتموا بلا قراءة، وسلموا، ثم الأخرى وأتموا بقراءة وصلى في المغرب بالأولى ركعتين، وبالثانية ركعة ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الخوف كل من الاستقساء والخوف شرع لعارض، إلا أن الاستقساء السماوي هو: انقطاع المطر، وهذا الاختياري وهو الجهاد الناشيء عن الكفر (إذا اشتد الخوف من عدو أو سبع) ليس اشتداده شرطًا عند العامة، إنما الشرط حضور/ العدو. (وقف الإمام) من الوقف لا من الموقوف، كذا في (مسكين) وليس المراد أنه يوفقهم بل يحبسهم بإزاء العدو، ولو كانوا جلوسًا (طائفة بإزاء العدو) بحيث لا يلحقهم أذاهم، هذا إذا تنازع القوم في الصلاة خلف واحد فإن لم يتنازعوا فالأفضل أن يصلي بإحدى الطائفتين كل الصلاة، وبالثانية غيره كذلك (وصلى) بطائفة (ركعة إن كان مسافرًا أو الفرض ثنائيًا، ولو جمعة أو كان المصلى عيدًا (أو ركعتين لو) كان (مقيمًا ومضت هذه إلى العدو) مشاة، فلو ركبوا بطلت، (وجاءت تلك فصلى بهم) الإمام (ما بقي) من الصلاة (وسلم وذهبوا إليهم) أي: العدو (وجاءت) الطائفة (الأولى وأتموا) صلاتهم (بلا قراءة) لأنهم لاحقون فهم خلف الإمام حكمًا (وسلموا). (ثم) جاءت (الأخرى وأتموا بقراءة) لأنهم مسبوقون، كذا فعله عليه السلام وثمة كيفيات أخر يطول الكلام بذكرها، والخلاف فيما هو الأولى، كما في (المجتبى) وهذه الصورة فضلها عندنا، لا فرق بين ما إذا كان العدو بإزاء القبلة أو لا وعم كلامه المقيم خلف المسافر حتى يقضي ثلاثًا بلا قراءة إن كان من الأولى، وبقراءة إن كان من الثانية، والمسبوق إن أدرك ركعة من الشفع الأول فهو من أهل الأولى وإلا فمن الثانية، (وصلى في المغرب بالأولى ركعتين) لأن تنصيف الركعة الواحدة غير ممكن فجعلها بالأولى أولى بحكم السبق، (وبالثانية ركعة)، فلو عكس فسدت صلاة الكل. ولو جعلهم ثلاث طوائف وصلى بكل طائفة ركعة فسدت صلاة الأولى لا غير. ولو صلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعة فسدت صلاة الأولى أيضًا، والأصل في هذا أن الانصراف في أوان العدو مبطل لا العود في أوان الانصراف. وعلى هذا لو جعلهم

فرع

ومن قاتل بطلت صلاته وإن اشتد الخوف صلوا ركبانًا فرادى بالإيماء إلى أي جهة قدروا ولم تجز بلا حضور عدو. ـــــــــــــــــــــــــــــ أربعًا في الرباعية وصلى بكل طائفة ركعة فسدت صلاة الأولى والثالثة دون الثانية والرابعة. (ومن قاتل) منهم بعمل كثير (بطلت صلاته) لا بالقليل كرمية سهم، لأنه عليه السلام أخر أربع صلوات يوم الخندق، ولو جازت مع القتال لما أخرها. قيل: فيه نظر لأن صلاة الخوف إنما شرعت في الصحيح بعد الخندق. وأجاب في (الكافي) بأنها شرعت بذات الرقاع وهي قبل الخندق، قاله ابن إسحاق وغيره قال في (الفتح) وهذا وهم بل إنما شرعت بعد الخندق ولا يضرنا ذلك في المدعى، وذلك أن المشروع بعد ذلك من صلاة الخوف لم يفد جوازه. وإن اشتملت الآية على الأمر يأخذ الأسلحة فإنه لا ينبغي وجوب الاستئناف إن وقع محاربة، فالقدر المتحقق من فائدة الأمر بأخذ الأسلحة إباحة القتال المفسد فأفادت حله بعد أن كان حرامًا، فيبقى كل ما علم على ما علم ما لم ينف نافٍ، والذي كان معلومًا حرمة مباشرة المفسد وثبوت الفساد بفعله، والقدر الذي يستلزمه الأمر بأخذ الأسلحة رفع الحرمة لا غير فيبقى الآخر فتجب الإعادة. (وإن اشتد الخوف) بأن لم يدعهم العدو ويصلون نازلين بل يهجمونهم، ولا بد من كونه خارج المصر وأهمله لما مرّ (صلوا ركبانًا) لقوله تعالى: {فإن خفتم فرجالاً أو ركبانًا} [البقرة: 239]، (فرادى) إلا إذا كان على دابة واقتدى بالمتقدم فإنه يجوز (بالإيماء إلى أي جهة قدروا)، لأن فرض التوجه يسقط بالعذر قيد بالاشتداد، لأنها مع عدمه لا تجوز راكبًا. ومن ثم قال في (المحيط): الراكب إن كان طالبًا لا تجوز صلاته، وإن مطلوبًا جازت بالركوب، لأن الماشي لا تجوز صلاته. (ولم تجز) صلاة الخوف على هذه الكيفية للقوم (بلا حضور عدو) لعدم الحاجة، حتى لو رأوا سوادًا فظنوه عدوًا ثم تبين خلافه، إلا إذا ظهر الحال قبل مجاوزة الصفوف فلهم البناء استحسانًا. ولو ذهب ببعد ما شرعوا لا يجوز لهم الانصراف والانحراف لزوال سبب الرخصة. ولو شرعوا فيها ثم حضر جازت. فرع قال في (الظهيرية): صلاة الخوف ليست بمشروعة، في حق العاصي في السفر، انتهى. وعلى هذا فلا تصح من البغاة، والله الموفق للصواب.

باب صلاة الجنائز

باب صلاة الجنائز ولي المحتضر القبلة على يمينه، ولقن الشهادة، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الجنائز لاشك أنها صلاة في وجه لا مطلقة، ثم هي متعلقة بعارض، هو آخر ما يعرض للحي في دار التكليف، وكل منهما لا يستقل بمناسبة تأخيرها عن كل الصلوات، فكيف وقد اجتمعتا، إلا أن هذا يقتضي ذكر الصلاة في الكعبة قبلها، لكنه أخرها ليكون ختم كتاب الصلاة بما يتبرك به حالاً ومكانًا، وهي بفتح الجيم لا غير، جمع جنازة، بالفتح للميت، وبالكسر للسرير، وقيل: لغتان، وسيأتي بينا ركنها وصفتها وشرائطها، ثم قيل: الموت صفة وجودية خلقت ضدًا للحياة، وقيل: هو عدم الحياة عما في شانه الحياة، كذا في (التلويح) (ولي) أي: وجه (المحتضر) وهو من قرب من الموت، وعلاماته لا تخفى (القبلة على يمينه) أي: على جنبه الأيمن بيان للسنة، والمختار ببلادنا الاستلقاء، لأنه أيسر لطلوع الروح/ كذا قالوا: ولا يعلم إلا نقلاً نعم هذا أيسر لتغميضه وشد لحيته وأمنع من تقويس أعضائه وينبغي أن يرفع رأسه قليلاً ليكون وجهه إلى القبلة، قال في (المبتغى): والأصح أن يوضع كيف تيسر هذا إذا لم يشق عليه وإن شق ترك على حاله والمرجوم لا يوجه كذا في (المعراج)، (ولقن) كلمة (الشهادة) عبارته في (التحفة) وغيرها الشهادتين وهو أصح لأن الأولى لا تقبل بدون الثانية إلا أن يقال: الشهادة المتعارفة ما يدل على التوحيد كذا في (الدراية)، ولو قدر مضافًا إلى كلمة الشهادة لاستغنى عن هذا لقوله عليه السلام: (لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله). والمراد من قرب من الموت ويلقن عند النزع قبل الغرغرة ويندب أن يكون الملقن غير متهم بالمسرة بموته وأن يكون ممن يعتقد فيه الخير ونقل الحدادي اختلاف المشايخ في وقت السؤال فقيل بعد الدفن ونسب إلى أبي بكر الأعمش وقيل: في بيته تنطبق عليه الأرض كالقبر وقال أبو جعفر البلخي: قيل: في التابوت والأول أشهر انتهي. أقول: وينبغي أن يخرج ما في ظاهر الرواية من أنه لا يفعل إذ لا فائدة له في القبر بعد ذلك ومن نفاه على الأول أثبت الفائدة وإذا فعل ذلك بعد الدفن

فإن مات شد لحياه، وغمض عيناه، ووضع على سرير ـــــــــــــــــــــــــــــ كما هو المتعارف فكيفيته أن يقول: يا فلان يا ابن فلان اذكر ما كنت عليه فقل: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا. قيل: يا رسول الله فإن لم يعرف اسمه قال: ينسب إلى حوى كذا في (الحواشي)، ومن لم يسأل ينبغي أن لا يلقن وقد اختلف في الصبي فجزم المصنف في (العمدة) بأنه يسأل والأصح أنه لا يسأل وكذلك النبي وخص ذلك في (المسايرة) لابن الهمام بأطفال المؤمنين فقال: الأصح أن الأنبياء لا يسألون ولا أطفال المؤمنين واختلف في أطفال المشركين ودخولهم الجنة أو النار. فرعان: الأول: يكره تمني الموت لضر نزل به للنهي عن ذلك (فإن) كان ولا بد فليقل اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي كذا في (السراج). الثاني: اختلف في قبول توبة اليائس ففي (البزازية) قيل: تقبل توبته لا إيمانه وقيل: لا تقبل كإيمانه ثم قال: المسطور في (الفتاوى) أن توبته مقبولة مطلقًا لإطلاق قوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} [الشورى: 25] لا إيمانه لأن الكافر أجنبي غير عارف بالله تعالى ويبتدىء إيمانًا وعرفانًا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء أسهل والدليل على قبولها منه مطلقًا إطلاق قوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} [الشورى: 25] انتهى، ملخصًا ومعنى تلقينها ذكرها جهرًا عنده عساه أن يأتي بها لتكون آخر كلامه لا الأمر بها ولو أتى بها مرة كفاه ولا يكثر عليه ما لم يتكلم بأجنبي وهذا التلقين مستحب بالإجماع كذا في (الدراية)، فما في (القنية) الواجب على إخوانه وأصدقائه أن يلقنوه تجوز وإذا ظهر منه ما يوجب الكفر لم يحكم بكفره ويعامل معاملة موتى المسلمين حملاً له على أنه حال زوال عقله ومن ثم اختار بعضهم الحكم بزواله في هذه الحالة ولم أر تلقين المجنون والأصم والأخرس والصغير والذي لا يعقل وينبغي تلقين الأولين لأن المدار على أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله وكل منهما يمكن منه ذلك بخلاف الأخيرين فتدبره ويستحب قراءة {يس} عنده واستحسن بعض التابعين سورة الرعد وينبغي إحضار الطيب وإخراج الحائض والنفساء والجنب ويوضع على بطنه سيف أو مرآة لئلا ينتفخ وأما تلقينه بعد الموت فلا يفعل عندنا في ظاهر الرواية وكذا في (المعراج). وقيل: لا يؤمر به ولا ينهى عنه كذا في (السراج). وإذا (مات شد لحياه وغمض عيناه) بذلك جرى التوارث وفيه أيضًا تحسينه وينبغي أن يقول مغمضه: بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده (ويوضع على سرير) وهو التخت الذي يغسل عليه كما في (الدراية)

مجمر وترًا، وستر عورته، وجرد، ووضىء ـــــــــــــــــــــــــــــ ويوضع طولاً وقيل: عرضًا والأصح كيف تيسر وفيه إيماء إلى أنه يوضع كما مات لئلا يغيره نداوة الأرض وقيده القدوري بما إذا أرادوا غسله والأول أشبه كذا في (الشرح). (مجمر) أي: مبخر فيه إشارة إلى أنه يجمر قبل وضعه تعظيمًا وإزالة للرائحة الكريهة منه وقرأ خمس ولا يزاد عليها كذا في (الشرح)، وفي (النهاية) وغيرها إلى سبع ولا يزاد عليها وقراءة القرآن عنده قبل غسله مكروهة (وستر عورته) الغليظة والخفيفة هو الصحيح. وقيل: الغليظة فقط تيسيرًا ورجحه في (الهداية) وغيرها وجعله بعضهم ظاهر الرواية، ثم إذا سترها لف على يده خرقة وغسلها تحاميًا عن مسها (وجرد) من ثيابه لأنه أمكن في التنظيف وقالوا: إنه يجرد كما مات وغسله عليه السلام في الثياب خصوصية (ووضئ) اعلم أن غسله فرض كفاية بالإجماع واختلف في سببه فقيل: الحدث الحال بالموت وقيل: النجاسة وهذا قول العامة كما في (البدائع)، وفي (الكافي) وهو الصحيح، ولذا لو حمل ميتًا قبل غسله وصلى به لم تصح/ صلاته قال في (التجنيس): ولابد من النية في غسله في الظاهر يعني لإسقاط وجوبه ولا ينافيه ما في (الخانية) لو غسله أهله من غير نية الغسل يجوز عندنا أي: لطهارته وعن أبي يوسف في الميت إذا أصابه المطر أو جرى عليه الماء لا ينوب عن الغسل لأنا أمرنا بالغسل وقالوا: في الغريق يغسل ثلاثًا في قول أبي يوسف وعن محمد في رواية إن نوى الغسل عند الإخراج من الماء يغسل مرتين وعنه مرة واحدة كان هذه ذكر فيها القدر الواجب كذا في (الفتح). وهذا التعليل يفيد أنهم لو صلوا عليه بدون إعادة غسله صح وإن لم يسقط الوجوب عنهم فتدبره وعندي أنه يستثنى من هذا نبينا - صلى الله عليه وسلم - وعيسى عليه السلام إذا مات وقد ظفرت بذلك في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم - ففي (البدائع) أن الميت يجرد من ثيابه وأما غسله عليه الصلاة والسلام في قميصه فمخصوص به ولأن المقصود من التجريد هو التطهير وأنه عليه الصلاة والسلام كان طاهرًا حتى قال علي حين تولى غسله: (طبت حيًا وميتًا) انتهى. وإنما يوضىء لأن الوضوء سنة الاغتسال وفيه إيماء إلى أنه يمسح رأسه وهو الصحيح أطلقه فعم البالغ وغيره إلا أن الصبي الذي لا يعقل لا يوضىء لأنه لم يكن نجسًا بحيث يصلي قاله الحلواني وهذا يقتضي أن من بلغ مجنونًا لا يوضئ أيضًا ولم

بلا مضمضة، واستنشاق، وصب عليه ماء مغلي بسدر، أو خرض وإلا فالقراح وغسل رأسه ولحيته بالخطمي، وأضجع على يساره فيغسل حتى يصل الماء إلى ما يلي التخت منه ثم على يمينه كذلك ثم أجلس مسندًا إليه ومسح بطنه رفيقًا وما خرج منه غسله ولم يعد غسله ـــــــــــــــــــــــــــــ أره لهم وأنه لا يوضئ إلا من بلغ سبعًا لأنه الذي يؤمر بالصلاة حينئذ (بلا مضمضة واستنشاق) لأن إخراج الماء منه متعذر فيتركان وبقي أنه لا يبدأ بغسل يديه بل بوجهه ولا يؤخر غسل رجليه واستحب بعض العلماء مسح أسنانه ولهاته وشفتيه ومنخريه وعليه عمل الناس الآن (وصب عليه ماء مغلي) من الأغلال من الغلي والغليان لأنه لازم (بسدر) وهو ورق شجر النبق ويطلق على الشجر نفسه وعلى الغاسول (أو حرض) وهو أشنان غير مطبوخ مبالغة في التنظيف ودل كلامه أن الحار أفضل مطلقًا أعني سواء كان عليه وسخ أم لا (وإلا) أي: وإن لم يتيسر ذلك (فالقراح) بفتح القاف وتخفيف الراء الخالص عن مشائبة الخلط لأن المقصود وهو الطهارة به تحصل (وغسل رأسه ولحيته بالخطمي) بكسر الخاء والفتح لغة ضعيفة ونقل القاضي عياض في تنبيهاته غيره نبت بالعراق طيب الرائحة يعمل عمل الصابون في التنظيف فإن لم يوجد فبالصابون ونحوه هذا إذا كان على رأسه شعر كذا في (الشرح). ولم يقل أي الزيلعي ولحيته لأن الغالب وجود شعر فيها بخلاف الرأس حتى لو كان أمرد أو أجرد لا يفعل وهذا القيد اعتله في (البحر). (وأضجعه على يساره) لتكون البدأة في الغسل بشقه الأيمن لما في (البخاري) من حديث أم عطية قالت: لما غسلنا ابنته عليه الصلاة والسلام قال: (ابدؤوا بميامنها) (فيغسل حتى يصل الماء إلى ما يلي التخت) بالمعجمة الجنب المتصل به لا بالمهملة لأنه يوهم أنه يغسل ما يلي التخت من الجنب لا الجنب المتصل بالتخت كذا في (المعراج). وجوز العيني الوجهين (ثم أضجع عن يمينه) فيغسل (كذلك ثم أجلس) حال كونه (مسندًا) على صيغة اسم المفعول (إليه ومسح بطنه) مسحًا (رفيقًا) أي: لينًا (وما خرج منه غسله) أي: غسل موضعه تنظيفًا (ولم يعد غسله) بضم الغين، قيل: وبالفتح أيضًا، وقيل: إن أضيف إلى المغسول فتح وإلى غيره ضم، وكذا لا يعاد وضوءه أيضًا لأنه عرف نصًا وقد حصل مرة. اعلم أن تثليث الغسلات مسنون ولم يذكر المصنف إلا غسلتين الأولى في قوله: وأضجع على يساره إلى آخره والثانية: بعد إقفائه يضجعه على شقه الأيسر ويغسله.

ونشف في ثوب وجعل الحنوط على رأسه ولحيته والكافور على مساجده، ولا يسرح شعره، ولحيته، ولا يقص ظفره، وشعره، ـــــــــــــــــــــــــــــ وما قيل: إن الثالثة هي قوله: وصب عليه ماء مغلي فيعيد لأنه قال بعده: وغسل رأسه ولحيته بالخطمي وغسل الرأس بعد الوضوء قبل الغسل بالإجماع بل قد أجمل في قوله وصب عليه ثم ذكر كيفية الماء والغسل كذا في (المعراج). وهذا أولى من قوله في (البحر) إذ هو غير صحيح لأن الواو لا تفيد ترتيبًا غاية الأمر أنه لم يذكر كيفية الغسلات مرتبة كما أنه لم يفصل في هيئتها بين القراح وغيره قال في (الفتح): والأولى غسل الأوليان بالسدر ومعلوم أن الواجب منهما مرة ويسن أن يصب عليه عند كل إضجاع ثلاثًا (ونشف في ثوب) كيلا تبتل أكفانه (وجعل الحنوط) وهو عطر مركب من أشياء طيبة كذا في (غاية البيان) ولا بأس بسائر الطيب فيه غير الزعفران والورس يعني للرجال وجعل الزعفران في رأس الكفن جهل كذا في (البحر). (على رأسه ولحيته) لأمر علي وغيره بذلك قال الرازي: وهذا الجعل مندوب (والكافور على مساجده) أي: مواضع سجوده جمع مسجد بالفتح لا غير وهو الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان يروى ذلك عن ابن مسعود لأنه لما كان يسجد بها خصت بزيادة كرامة وصيانة/ لها عن سرعة الفساد وأسقط السرخسي الأنف والقدمين ولم يذكر القطن في الروايات الظاهرة ولا بأس بجعله على الوجه وما يخشى منه من مخارقه كالدبر والقبل والأذنين والفم وكذا في (الشرح). وظاهر ما في (البحر) أن طائفة خصوا الفم والمنخر وآخرين خصوا الصماخ (ولا يسرح شعره) أي: شعر الميت أي: يكره ذلك وظاهر ما في (القنية) أنها تحريمية حيث قال: أما التزيين بعد الموت والامتشاط وقطع الشعر فلا يجوز (ولحيته) من عطف الخاص على العام اهتمامًا بشأنه لا تكرار محض كما ادعاه الشارح. (ولا يقص ظفره) إلا أن يكون مكسورًا روي ذلك عن الإمام والثاني والحاصل أنه لا يفعل به ما هو للزينة. فروع: لا يغسل الرجل امرأته ولا أم ولده ولا مدبرته ومكاتبته ولا يغسلونه في المشهور عن الإمام إلا الزوجة فلها ذلك ولو ذمية بشرط بقاء الزوجية عند الغسل حتى لو كانت مبانة وهي في العدة أو محرمة برده أو رضاع أو صهرية لم تغسله، وكذا لو ارتدت بعد موته ثم أسلمت، ولو أقامت الأختان بينة على النكاح والدخول ولم يدر الأول منهما أو قال لنسائه: إحداكن طالق ومات بلا بيان لم تغسله واحدة منهن وإن لم يكن للميتة إلا رجال يممها ذو رحم محرم منها وإن لم يكن لها أحد لف الأجنبي على يده خرقة فيممها إلا أن تكون أمه لا يحتاج إلى حائل أو للرجل إلا نساء يممه

وكفنه سنة إزار ـــــــــــــــــــــــــــــ واحدة من محارمه إلا أن تكون له زوجة فتغسله والظاهر في الخنثى المشكل المراهق أن ييمم أيضًا أما الذي لم يبلغ حد الشهوة فكغيره يغسله الرجال والنساء وقدره في (الأصل) بما قبل التكلم ولو وجد أطراف ميت أو بعض بدنه لم يغسل ولم يصل عليه بل يدفن إلا أن يوجد أكثر من النصف من بدنه أو النصف ومعه الرأس يصلى عليه ولو شق نصفين فوجد أحد النصفين لا يغسل، وإذا لم يدر حاله أمسلم هو أم كافر فإن كان عليه سيما المسلمين غسل وإن لم يكن ففيه روايتان والصحيح أنه يغسل ويصلى عليه لأن دلالة المكان بها تحصل غلبة الظن بكونه مسلمًا، ولو في دار الحرب نظر إلى العلامة فإن لم يكن ففيه روايتان والصحيح أنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابرنا كذا في (البدائع). وفيها علامة المسلمين أربعة أشياء الختان والخضاب ولبس السواد وحلق العانة هذا والأولى أن يكون الغاسل أقرب الناس إلى الميت فإن لم يحسن الغسل فأهل الأمانة والورع وتغسيل الجنب والحائض مكروه والله الموفق. (وكفنه سنة) أي: من حيث السنة. اعلم أن التكفين فرض كفاية هو والحنوط وسائر تجهيزه مقدم على الدين إلى قدر السنة ما لم يتعلق بعينه حق الغير كالرهن والمبيع قبل القبض حتى يكون البائع والمرتهن أحق به من كل أحد، وكذا العبد الجاني وإن لم يترك شيئًا فعلى من تجب نفقته عليه إلا الزوجة في قول محمد وقال أبو يوسف: هو على زوجها قال ابن الساعاتي: وعليه الفتوى وأجمعوا على أنها لو تركت مالاً كان في مالها كذا في (السراج) وغيره إلا أن المذكور في (الخانية) وغيرها وجوبه عليه ولو غنية وعليه الفتوى وإذا تعدد من تجب عليه النفقة كان على قدر ميراثهم ولو كان للمعتق خالة ومعتق كان على معتقه. وقال محمد: على خالته، وإن لم يكن له أحد ففي بيت المال فإن لم يعط ظلمًا أو عجزًا فعلى الناس أن يسألوا له ثوبًا فإن فضل شيء رد على المتصدق فإن لم يدر كفن به مثله فإن استغنى عنه تصدق به وهذا ظاهر في أنهم لا يجب عليهم إلا سؤال كفن الضرورة لا الكفاية ولو كان في مكان ليس فيه إلا واحد وذلك الواحد ليس له إلا ثوب لا يجب عليه أن يكفنه ولو نبش وهو طري كفن ثانيًا من جميع المال فإن قسم ماله فعلى الورثة وإلا ففي بيت المال قال في (البدائع): ولو نبش بعد ما تفسخ وأخذ كفنه كفن في ثوب واحد ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع حتى لو افترس الميت سبع كان للمتبرع لا للورثة (إزار) من قرنه أي شعره إلى قدمه وفي بعض النسخ المختار من المنكب قال

وقميص ولفافة، وكفاية: إزار ولفافة ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الفتح): وأنا لا أعلم مخالفة إزار الميت إزار الحي من السنة وقد قال عليه الصلاة والسلام في ذلك المحرم: (كفنوه في ثوبيه) وهما ثوبا إحرامه إزاره ورداؤه ومعلوم أن إزاره من الحقوة (وقميص) من المنكب إلى القدم/ بلا جيب ولا دخريص ولا كم غير مكفف الأطراف ولو كفن في قميصه قطع جيبه ولبته. (ولفافة) من القرن إلى القدمين أيضًا لخبر البخاري أنه عليه السلام (كفن في ثلاثة أثواب سحولية) بفتح السين على المشهور نسبة إلى قرية باليمن وسكت عن العمامة لأن ظاهر الرواية أنه لا عمامة فيه، وفي (المجتبى): الأصح أنها مكروهة وعللها في (البدائع)، بأنها لو فعلت لصار الكفن شفعًا والسنة أن يكون وترًا واستحسنها بعضهم لما عن ابن عمر أنه كان يعممه ويجعل العذبة على وجهه وفي (النهاية) واستحسن المتأخرون أن الميت إذا كان عالمًا أو من أشراف الناس أن يعمم ويجعل ذنب العمامة على وجهه وقيده في (الظهيرية) بالأشراف والعلوية. وفي (السراج): إذا كان من الأوساط فلا يعمم ونبه باقتصاره على الثلاثة أن الزيادة عليها مكروهة كما في (المجتبى) إلا أن يوصي بالأكثر ولو وصى بأن يكفن بألف درهم كفن كفنًا وسطًا كذا في (البحر) معزيًا إلى (الروضة) والمذكور في (غاية البيان) أنه لا بأس بالزيادة على الثلاثة في كفن الرجل ذكره في كتاب الخنثى فالاقتصار على الثلاث لنفي كون الأقل مسنونًا هذا ويجوز تكفين الرجل في كل ما يجوز لبسه لو كان حيًا وكذا المرأة وأحبه البياض والجديد وغيره سواء بعد أن يكون نظيفًا قال ابن المبارك: وتكفينه فيما كان يصلي فيه أحب إلي، وفي (الظهيرية) ويكفن في كفن مثله وهو أن ينظر إلى ثيابه في حياته للجمعة والعيدين وفي المرأة ما تلبسه لزيارة أبويها كذا في (المعراج) فقول الحدادي وتكره المغالاة في الكفن يعني زيادة على كفن المثل. واعلم أنه سيأتي في الشهيد أنه ينزع عنه ما ليس من جنس الكفن كالفرو والحشو وهذا يفيد أن التكفين فيه ابتداء لا يجوز إلا أن يقال: المراد أنه ليس من جنس المسنون وهو الظاهر فيجوز كذا في (البحر). (وكفاية) أي: من حيث الكفاية (إزار) أو لفافة لحديث المحرم السابق وقيل: قميص (ولفافة) والأول أصح كذا في (الشرح) قال في (البحر): وينبغي عدم التخصيص بالإزار واللفافة لأن كفن الكفاية معتبر بأن ما يلبسه الرجل في حال حياته من غير

وضرورة ما يوجد، ولف من يساره، ثم يمينه، وعقد إن خيف انتشاره، وكفنها سنة درع وإزار وخمار، ولفافة، وخرقة تربط بها ثدياها، ـــــــــــــــــــــــــــــ كراهة وهو ثوبان كما علله به في (البدائع) وأقول: المراد بالثوبين في كلام (البدائع) الإزار والرداء لأنه قال: أدنى ما يكفن فيه إزار أو رداء لقول الصديق كفنوني في ثوبي هذين ولأن أدنى ما يلبسه الإنسان في حال حياته ثوبان انتهى، نعم مقتضاه أن القميص مع الإزار كفاية قالوا: وكفن الكفاية أولى عند قلة المال وكثرة الورثة وكفن السنة أولى في العكس وقضية هذا أنه لو كان عليه كفن السنة وهو مديون ولا مال له سواه أن يباع واحد منها للدين وقد صرحوا بأنه لا يباع اعتبارًا بما إذا أفلس حالة الحياة وله ثلاثة أثواب هو لابسها فإنه لا ينزع عنه شيء قال في (الفتح): ولا يبعد الجواب (و) كفنه (ضرورة ما وجد) لما أخرجه الجماعة أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا نمرة فكانت إذا وضعت على رأسه بدت رجلاه أو على رجليه بدت رأسه فأمر عليه السلام (بتغطية رأسه وأن يوضع على رجليه شيء من الإذخر) قال الشارح: وفيه دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي (ولف) الميت (من يساره ثم يمينه) بأن نبسط اللفافة ثم الإزار فوقها فيوضع عليها مقمصًا ثم يعطف عليه الإزار من قبل اليسار ثم اليمين ثم اللفافة كذلك والأولى كون الإزار طويلاًَ ليعطف على رأسه وبعد هذا قوله وضرورة ما يوجد كذا في عامة النسخ فليكتب كذلك (وعقد) الكفن (إن خيف انتشاره) صيانة عن الكشف (وكفنها سنة درع) بمهملة أي: قميص وهو مذكر بخلاف درع الحديد فإنه مؤنث كذا في (غاية البيان)، قال في (البحر): والتعبير بالقميص أولى لأنه قد قيل: إن الدرع ما تلبسه فوق القميص كذا في (المغرب) وليس مرادًا وأقول: أنى يتوهم هذا مع قوله بعد وتلبس الدرع أولاً (وإزار ولفافة وخمار) لحديث أم عطية أنه عليه الصلاة والسلام (أعطى اللاتي غسلن ابنته خمسة أثواب) ففي (مسلم) أنها زينب وفي (أبي داود) أنها أم كلثوم. (وخرقة تربط بها ثدياها) وبطنها هو الصحيح فوق الأكفان أي: تحت اللفافة وفوق الإزار والقميص هو الظاهر كذا في (السراج) والأولى أن يكون من الثديين إلى

وكفاية إزار، ولفافة، وخمار، وتلبس الدرع أولاً، ثم يجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع، ثم الخمار فوقه تحت اللفافة، وتجمر الأكفان أولاً وترًا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفخذ كما في (الخانية)، وفي (المستصفى) من الصدر إلى الركبتين وفي (المغرب) إلى السرة (و) كفنها (كفاية إزار ولفافة وخمار) اعتبارًا لما تلبسه حية بلا كراهة وفي (الهداية) ثوبان وخمار وفسرهما في (الفتح) بالقميص واللفافة قال في/ (البحر): والظاهر عدم التعيين بل إما قميص وإزار أو إزاران إلا أن يجعلهما إزارين زيادة في ستر الرأس والعنق وأبدل في (الخلاصة) الخمار بالقميص. وما في (الكتاب) أولى فإن بهذا تكون جميع عورتها مستورة بخلاف ترك الخمار قالوا: والخنثى المشكل كالمرأة إلا أنه يجنب الحرير والعصفر والزعفران احتياطًا. (وتلبس الدرع أولاً ثم يجعل شعرها على صدرها فوق الدرع ثم الحمار فوقه وتحت اللفافة) ثم يعطف الإزار ثم اللفافة كما سبق في الرجل. تنبيه: الغلام المراهق كالرجل والمراهقة كالبالغة أما الذي لم يراهق فإن كفن في إزار ورداء فحسن أو في إزار واحد جاز ولا بأس بتكفين الصغيرة في ثوبين كذا في (البدائع). (وتجمر الأكفان أولاً) أي: قبل الغسل حال كون التجمير (وترًا) ولا تزاد على خمس من جمر ثوبه وأجمره بخره والتجمير أكثر ومنه (جنبوا صبيانكم مساجدكم وجمروها) أي: (طيبوها بالجمر) وهو ما يبخر به الثياب من عود ونحوه ويقال الشيء الذي يوقد فيه مجمرة أيضًا والجمار صغار الأحجار جمع جمرة وبها سمي الموضع الذي يرمى فيه الجمار للملابسة وقيل: لتجمع ما هناك من تجمر القوم تجمعوا وجمر شعره جمعه كذا في (المغرب). ولا خفاء في تبادر المعنى الأول في كلام المصنف وعليه اقتصر الشارح وغيره قال في (المجتبى): قيل: ويحتمل إرادة الثاني أي جمعها قبل الغسل وترًا وبعده لا يخفى على أن ظاهره أنه لا يجمعها قبل الغسل إلا في حال كونه وترًا فيخرج منه كفن الكفاية للرجل وعليه فيحتاج إلى الفرق والله أعلم.

فصل في الصلاة على الميت

فصل السلطان أحق بصلاته ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الصلاة على الميت قال الفاكهاني المالكي في (شرح الرسالة): إنها من خصائص هذه الأمة كالوصية بالثلث وعورض بما أخرجه الحاكم وصححه عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (كان آدم رجلاً أشقر طوالاً كأنه نخلة سوق فلما حضره الموت نزلت الملائكة بحنوطه وكفنه من الجنة فلما مات عليه السلام غسلوه بالماء والسدر ثلاثًا وجعلوا في الثالثة كافورًا وكفنوه في وتر في الثياب وحفروا له لحدًا وصلوا عليه وقالوا لولده هذه سنة من بعده) وفي رواية أنهم قالوا: (يا بني آدم هذه سنتكم من بعده فكذاكم فافعلوا) وبه يتبين أن الغسل وما ذكر مما بعده من الشرائع القديمة وأنه لا خصوصية لشرعنا فإن صح ما يدل على الخصوصية تعين حمله على أنه بالنسبة لمجرد التكبير والكيفية وهل شرعت صلاة الجنازة بمكة أو بالمدينة قال بعض الشافعية: لم أر في ذلك تصريحًا. وقال الواقدي: إنها لم تكن شرعت يوم موت خديجة وموتها بعد النبوة بعشر سنين على الأصح وهذا يدل على أنها إنما شرعت بالمدينة، (السلطان أحق بصلاته) من غيره لأن في التقديم عليه إهانة له وتعظيمه واجب قال في (البحر): أطلق السلطان وأراد به من له سلطنة أي: حكم وولاية على الناس سواء كان الخليفة أو غيره والإمام الفضلي إنما نقل تقديم الخليفة فقط وأما غيره فليس له التقدم على الأولياء إلا برضاهم وعليه فالمراد الوالي الذي لا والي فوقه وأقول: كل من الاحتمالين غير صحيح لقوله بعد ثم القاضي وعطف الخاص على العام شرطه الواو والتحقيق أن المراد به إمام المصر ويعلم منه تقديم الإمام الأعظم بالأولى.

وهي فرض كفاية، وشرطها إسلام الميت وطهارته ثم إمام الحي، ـــــــــــــــــــــــــــــ اعلم أن الحسن ابن زياد روى عن الإمام الأعظم تقديم الإمام الأعظم ثم إمام المصر ثم القاضي ثم صاحب الشرط بالسكون والحركة وهو أمير البلدة كأمير بخارى ثم إمام الحي ثم الأقرب فالأقرب وبهذه الرواية أخذ كثير من المشايخ قال في (السراج): وهو قول أبي حنيفة ومحمد وما في كتاب الصلاة من تقديم إمام الحي محمول على ما إذا لم يحضر واحد ممن ذكر زاد الشارح عن نص الإمام بعد صاحب الشرط خليفة الوالي ثم خليفة القاضي وجزم به في (فتح القدير) إلا أنه في (الخلاصة) قال: لو لم يحضر الوالي لكن حضر خليفته فهو أحق في القاضي وصاحب الشرط والمختار أن الإمام الأعظم أولى فإن لم يكن فسلطان المصر فإن لم يكن فإمام المصر والقاضي فإن لم يكن فإمام الحي وهذا يقتضي تقديم إمام الحي على صاحب الشرط وخليفة الوالي والقاضي وهو المناسب لما سيأتي. (وهي) أي: الصلاة عليه (فرض كفاية) لقوله تعالى: {وصل عليهم} [التوبة: 103] والحمل على المفهوم الشرعي أولى ما أمكن، وقد أمكن بجعلها صلاة الجنازة ورد بإجماع المفسرين على أن المأمور به هو الدعاء والاستغفار للمتصدق فالأولى أن يستدل بالإجماع، وفي (القنية) من أنكرها كفر، وإنما كانت على الكفاية لأن في الإيجاب على الجميع استحالة أو حرجًا فاكتفى بالبعض/ وهذه الجملة كالتي بعدها اعتراضية لا يخفى وجه ارتباطها. (وشرطها) الخاص (إسلام الميت) فلا تصح على كافر (وطهارته) فلا تصح على من لم يغسل ولا من عليه نجاسة إذا أمكن غسله فإن لم يمكن بأن دفن بلا غسل ولا يمكن إخراجه إلا بالنبش سقط وصلى على قبره بلا غسل ضرورة فإن لم يهل عليه التراب بعد أخرج وغسل ولو صلى عليه بلا غسل ودفن أعيدت على القبر وقيل تنقلب صحيحة وبقي من الشروط حضوره فلا يصح على غائب وسيأتي ووضعه وكونه أمام المصلي فلا تصح على محمول على دابة ونحوها ولا على موضوع خلفه لأنه كالإمام من وجه لا من كل وجه بدليل صحتها على الصبي وأما طهارة مكانه فإن كان على الجنازة فيجوز وإن كان على الأرض لا رواية فيه وينبغي أن يجوز كذا في (الفوائد). وجزم في (القنية) بأنها شرط ثم القاضي إن حضر قيد فيهما (ثم إمام الحي) فيه إيهام ذلك أن تقديم الولاة واجب وتقديم إمام الحي مندوب فقط بشرط أن يكون أفضل في الولي ولقد أحسن القدوري إذ أفصح بذلك وفي (العتابية) إمام المسجد الجامع أولى من إمام مسجد المحلة كذا في (الدراية)، وهذا صريح في أن المراد

ثم الولي وله أن يأذن لغيره ـــــــــــــــــــــــــــــ بإمام الحي إمام مسجد محلته لأنه رضيه إمامًا في حياته فكذا بعد مماته قال في (البحر): وقد وقع الاشتباه في إمام المصلى الراتب المجعول من قبل الواقف هل يقدم على الولي إلحاقًا له بإمام الحي والذي يظهر أنه إن كان مقررًا من جهة القاضي فكنائبه وإن كان من جهة الناظر فكالأجنبي وأقول: مقتضى ما سبق في الإمامة تقديمه حتى على إمام الحي وذلك أن تقديم إمام الحي كالأعلم مندوب فقط وقد مر أن الراتب مقدم عليه هناك فكذا هنا إذ لا فرق يظهر فتدبر. (ثم الولي) لأنه أقرب الناس إليه والولاية له في الحقيقة كغسله وتكفينه وإنما قدم عليه من ذكر لعارض ويقدم الأقرب من الأولياء على الأبعد وترتيبهم كالعصبات في الإنكاح إلا الأب مع الابن فيقدم الأب عليه اتفاقًا في الأصح لأن الصلاة تعتبر فيها الفضيلة والأب أفضل قال في (البحر): ولو كان الأب جاهلاً والابن عالماً ينبغي أن يقدم الابن إلا أن يقال: إن صفة العلم لا توجب التقديم في صلاة الجنازة لعدم احتياجه له وأقول: بل صفة العلم بوجب التقديم فيها أيضًا. ألا ترى إلى ما مر من أن إمام الحي إنما يقدم على الولي إذا كان أفضل منه نعم علل القدوري كراهة تقديم الابن على أبيه بأن فيه استخفافًا به وهذا يقتضي وجوب تقديمه مطلقًا وفي (الفتح) لا يبعد أن يقال: إن تقديمه واجب بالسن، قال أبو يوسف: وله بحكم الولاية أن يقدم غيره لأن الولاية له وإنما منع عن التقديم للاستخفاف فلم يسقط ولايته في التقديم كذا في (البدائع). ولو استوى وليان قدم الأسن ولو قدم غيره كان للآخر منعه ولو أحدهما أقرب لم يكن للأبعد منعه إلا أن يكون غائبًا لا يمكنه إدراكها وقد كتب إلى غيره ومولى العتاقة وابنه أولى من الزوج والأصح أن المكاتب أولى بالصلاة على عبده وأولاده من المولى ولو كان الميت مكاتبًا لم يترك وفاء فإن ترك وأديت الكتابة أو كان المال حاضرًا يؤمن عليه، فالمولى أولى والزوج والجيران أولى من الأجنبي ولو أوصى بأن يصلي غيرهم فالفتوى على بطلانها. (وله) أي: للولي (أن يأذن لغيره) في الصلاة لما أنه حقه فيملك إبطاله إلا أنه ليس على إطلاقه لما مر أو في الانصراف قبل الدفن بعد الصلاة لأنه لا ينبغي إلا بإذنه وعبارته في (الجامع) لا بأس بالإذن في صلاة الجنازة يشير إلى أن الأولى تركه كذا في (الشرح) وفي (الكافي) إن فرغوا فعليهم أن يمشوا خلف الجنازة إلى أن ينتهوا إلى القبر ولا يرجع أحد بلا إذن فما لم يؤذن لهم فقد يتحرجون والإذن مطلق للانصراف لا مانع من حضور الدفن وعلى هذا فالأولى هو الإذن، وإن ذكر بلفظ لا

فإن صلى عليه غير الولي، والسلطان أعاد الولي ولم يصلِّ غيره بعده وإن دفن بلا صلاة صلي على قبره ـــــــــــــــــــــــــــــ بأس، فإنه لم يطرد فيه كون ترك مدخوله أولى كما عرف في مواضعه كذا في (الفتح) وفي بعض نسخ (الجامع) لا بأس بالأذان أي: الإعلام بموته للصلاة عليه وتشييعه ولو بالنداء في الأسواق وكرهه بعضهم والأصح أنه لا يكره (فإن صلى غير الولي) لم يكن مقدمًا عليه. (و) غير (السلطان) أراد به من له سلطنة أي: ولاية (أعاد الولي) والسلطان وعلم منه أن لإمام الحي أن يعيد أيضًا لأن الإعادة حيث ثبتت لمن هو أدنى وهو الولي كان ثبوتها للأعلى أولى وليست الإعادة بواجبة بل لحقه فإن لم يعد سقط الفرض بالأولى وما في (التقويم) من أنه لو صلى غير الولي كانت الصلاة باقية على الولي ضعيف ولذا قلنا ليس لمن صلى عليها أن يصلي مع الولي كما في (القنية)، وجعل في (غاية/ البيان) الأمر موقوفًا إن أعاد الولي تبين أن الفرض ما صلى وإلا سقط بالأولى ورده في (البحر) بأن مقتضاه أن لمن صلى أولاً أن يصلي مع الولي وليس كذلك. (ولم يصل غيره) أي: الولي (بعده) لأن الفرض تأدى بالأولى والتنفل بها غير مشروع هذا إذا لم يحضر من يقدم عليه أما لو حضر السلطان وصلى الولي أعاد السلطان كذا في (المجتبى) وعليه جرى في (النهاية) و (العناية) وفي (النافع) ليس له الإعادة وجزم به في (السراج) و (غاية البيان) وحمل في (البحر) ما في (النهاية) وغيرها على ما إذا حضر السلطان وما في (السراج) وغيره على ما إذا لم يحضر. وأقول: فيه نظر لأن كلمتهم متفقة على أنه لاحق للسلطان عند عدم حضوره وقد علمت ثبوت الخلاف مح حضوره ودل كلامه أنها لا تعاد فيما لو صلى من هو مقدم على الولي لأنها إذا منعت بصلاة الولي فبصلاة من هو مقدم عليه أولى (وإن دفن) الميت (بلا صلاة) قيل: هذا شامل لما إذا صلى من لا ولاية له كما في (المجتبى) (صلى على قبره) هذا إذا أهيل التراب عليه فإن لم يهل أخرج وصلي عليه كذا في (الفتح)، ولا حاجة إليه بعد أن موضوع المسألة ما إذا دفن أطلقه فشمل ما إذا لم

ما لم يتفسخ وهي أربع تكبيرات بثناء بعد الأولى، وصلاة على النبي بعد الثانية، ودعاء بعد الثالثة ـــــــــــــــــــــــــــــ يغسل أيضًا لكن هذا رواية ابن سماعة والصحيح أنه لا يصلى على قبره في هذه الحالة لأنها بدون الغسل غير مشروعة كذا في (غاية البيان). لكن في (السراج) وغيره لو دفن بعد الصلاة قبل الغسل قيل: لا يصلى على قبره وقال الكرخي: يصلى وهو الاستحسان لأن الأولى لم يعتد بها لترك الشرط مع الإمكان والآن زال الإمكان فسقطت فرضية الغسل وهذا يقتضي ترجيح الإطلاق وهو الأولى (ما لم يتفسخ) فإن تفسخ لم يصل عليه لأنها شرعت على البدن ولا وجود له مع التفسخ ويعتبر في معرفته أكبر الرأي هو الصحيح لاختلاف الحال والزمان والمكان يعني فإن لم يغلب على الظن تفسخه صلى عليه وإلا لا وفي الشك روى ابن رستم عن محمد أنه لا يصلى عليه كأنه تقديمًا للمانع (وهي أربع تكبيرات) كل تكبيرة منها قائمة مقام ركعة قال في (الفتح): والذي يفهم من كلامهم أن أركانها الدعاء والقيام والتكبير لقولهم: إن حقيقتها الدعاء ولو صلى عليها قاعدًا من غير عذر لا يجوز وقالوا: كل تكبيرة بمنزلة ركعة ولا يخفى أن الأولى شرط لأنها تكبيرة الإحرام انتهى. قال في (البحر): وفي كون الدعاء من أركانها نظر ففي (المحيط) ركنها التكبيرات والقيام وسننها التحميد والثناء والدعاء ولا نسلم أن الأولى شرط بل هي ركن ولذا لا يجوز بناء صلاة جنازة على تحريمة أخرى كما في (المحيط) أيضًا وفي (غاية البيان) للسروجي فإن قلت: التكبيرة الأولى للإحرام وهي شرط وقد تقدم أنه يجوز بناء الصلاة على التحريمة الأولى لكونها غير ركن قيل له: التكبيرات الأربع في الجنازة قائمة مقام أربع ركعات بخلاف المكتوبة والنافلة (بثناء بعد) التكبيرة (الأولى) قال في (المبسوط): اختلف المشايخ في الثناء قال بعضهم: يحمد الله كما في ظاهر الرواية وقال بعضهم سبحانك اللهم وبحمدك كما في سائر الصلوات وهو رواية الحسن عن الإمام كذا في (الدراية) ولا يقرأ الفاتحة إلا على وجه الثناء (والصلاة على النبي) عليه الصلاة والسلام (بعد الثانية ودعاء) للميت ولنفسه ولأبويه وللمؤمنين (بعد الثالثة) وأطلقه إيماء إلى أنه لا توقيت فيه ولو تبرك بالمأثور كان حسنًا ومنه ما في (مسلم) من حديث عوف بن مالك: (صليت معه عليه الصلاة والسلام على جنازة فحفظت من دعائه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم منزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من

وتسليمتين بعد الرابعة، فلو كبر الإمام خمسًا لم يتبع، ولا يستغفر لصبي، ولا لمجنون، ويقول: اللهم اجعله لنا فرطًا، واجعله لنا أجرًا وذخرًا، واجعله لنا شافعًا ومشفعًا وينتظر المسبوق ليكبر معه ـــــــــــــــــــــــــــــ زوجته وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار. قال عوف حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت) (وبتسليمتين بعد) التكبيرة (الرابعة) من غير دعاء بعدها في ظاهر المذهب واختاره بعض المشايخ أنه يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وبعضهم قال: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله وبعضهم قال: ربنا لا تزغ قلوبنا إلى آخره وبعضهم قال: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وينوي بالتسليمتين الميت مع القوم كذا في (الفتح)، وغيره وجزم في (الظهيرية) بأنه لا ينوي الميت قال في (البحر): وهو الظاهر واقتضى ما مر في فقعس أنه لا يرفع يديه في غير الافتتاح وهذا ظاهر الرواية واختار كثير من أئمة بلخ الرفع والصحيح ظاهر الرواية كذا في (المبسوط) وسكت في ظاهر الرواية عن رفع الصوت بالسلام وذكر ابن زياد أنه لا يرفع إلا أن العمل في زماننا على خلافة كذا في (البدائع). (فلو كبر الإمام عليها خمسًا لم يتبع) / أي: لم يتبعه المقتدي لأنه منسوخ بل يقف ساكتًا حتى يسلم معه على ما عليه الفتوى لأن البقاء في حرمة الصلاة بعد الفراغ منها ليس بخطأ إنما الخطأ في المتابعة هذا إذا سمع من الإمام ولو سمع من المبلغ تابعه وينوي الافتتاح بدل التكبيرة كما في العيد على ما مر (ولا يستغفر لصبي ومجنون) ومعتوه لأنه لا ذنب عليهم (و) لكن (يقول) ما جاءت به السنة وهو (اللهم اجعله لنا فرطًا) بفتحتين أي: أجرًا متقدمًا قاله العيني وغيره ورده في (البحر) بأنه على تقديره يكون قوله: (واجعله لنا أجرًا) تكرارًا فالأولى أن يقال: متقدمًا مهيئًا مصالح والديه في دار القرار لما قال بعضهم: الفارط هو الذي يسبق الوارد إلى الماء فيهيىء لهم ما يحتاجون إليه واجعله لنا أجرًا، قيل: الفرق بينه وبين الثواب أن الثواب هو الحاصل بأصول الشرع والأجر هو الحاصل بالمكملات لأن الثواب لغة بدل العين والأجر بدل المنفعة وهي تابعة للعين ولا ينكر إطلاق أحدهما على الآخر (و) اجعله لنا (ذخرًا) بضم الذال أي: ذخيرة من ذخرت الشيء أذخره وبالفتح وهو معنى قول بعضهم أي: خيرًا باقيًا (شافعًا) لغيره (مشفعًا) بفتح الفاء أي: مقبول الشفاعة (وينتظر المسبوق) ولو بثلاث تكبيرات تكبير الإمام (ليكبر معه) في ظاهر الرواية

لا من كان حاضرًا في حالة التحريمة ويقوم للرجل والمرأة بحذاء الصدر ولم يصلوا ركبانًا، ولا في مسجد، ـــــــــــــــــــــــــــــ عنهما خلافًا لأبي يوسف لما مر من أن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة والمسبوق لا يقضي ما فاته قبل فراغ الإمام ولو لم ينتظر وكبر لا تفسد عندهما لكن ما أداه غير معتبر كذا في (الخلاصة) وتبعه في (فتح القدير) وقضيت وعدم اعتبار ما أداه أنه لا يكون شارعًا في تلك الصلاة وحينئذ فتفسد التكبيرة مع أن المسطور في (القنية) أنه يكون شارعًا وعليه فيعتبر ما أداه وهذا لم أر من أفصح عنه فتدبره وأثر الخلاف يظهر فيما لو سبق بأربع فاتته عندهما لا عنده. (لا) ينتظر تكبير الإمام من (كان حاضرًا في حالة التحريم) بل يكبر اتفاقًا للتحريمة لأنه بمنزلة المدرك دفعًا للحرج ويكبر ما زاد على التحريمة بعد الفراغ نسقًا إن خشي رفع الميت على الأعناق حتى لو رفعت على الأيدي كبر في ظاهر الرواية لا فرق في ذلك بين المدرك واللاحق نص على ذلك غير واحد فما في (المجتبى) من أنه يكبر الكل للحال شاذ واللاحق فيها كاللاحق في سائر الصلوات فلو كبر مع الإمام الأولى دون الثانية والثالثة، قال في (الواقعات): كبر أولاً ثم ما بقي مع الإمام وفي (البحر) معزيًا إلى (المحيط) لو كبر الإمام أربعًا والرجل حاضر كبر ما لم يسلم ويقضي الثلاث في قول أبي يوسف وعليه الفتوى وروى الحسن أنه لا يكبر وقد فاتته فما في (الحقائق) من أن الفتوى على قول أبي يوسف إنما هو في الحاضر لا في مسألة المسبوق انتهى. وأنت خبير بأن مسألة الحاضر لا خلاف فيها فأنى ينسب إلى أبي يوسف وحده ولذا ذكر المسألة في (غاية البيان) غير معزوة إليه ثم قال وعن الحسن لا يدخل معه وعن أبي يوسف أنه يدخل. (ويقوم) من (الرجل والمرأة بحذاء الصدر) استحبابًا في ظاهر الرواية عن الإمام لما أنه موضع القلب الذي فيه نور الإيمان وفي القيام عنده إشارة إلى أنه العلة التامة في الشفاعة وفي التعبير بالحذاء إيماء إلى أنه لا يبعد عن الميت (ولم) يجز أن (يصلوا ركبانًا) جمع راكب استحسانًا والقياس أنه يجوز لما أنها دعاء، وجه الاستحسان أنها صلاة من وجه لوجود التحريمة ولذا يشترط لها ما يشترط للصلاة إلا أن يتعذر النزول لطين ونحوه قال في (غاية البيان) ولأنها ليست بأكثر من القيام فإذا نزل انعدمت أصلاًَ ورأسًا ونظر فيه في (البحر) باقتضائه قصر الركنية على القيام وليس كذلك لما مر. وأقول: يمكن أن يقال: المعنى ليس المقصود منها لذاته إلا القيام وأما التكبيرات ذاتها وإن كانت أركانًا إلا أن معنى الانتقال لا يفارقها فهي مقصودة لغيرها ودل كلامه على عدم جوازها قاعدًا (ولا في مسجد) أي: مسجد جماعة لقوله عليه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة والسلام: (من صلى على ميت في مسجد جماعة فلا أجر له) رواه أبو داود وإطلاقه يفيد الكراهة سواء كان الإمام والقوم في المسجد أو كان الميت خارج المسجد والقوم في المسجد أو كان الإمام مع بعض القوم خارج المسجد والقوم الباقون في المسجد أو الميت في المسجد والإمام خارج المسجد وهو المختار خلافًا لما رواه النسفي كذا في (الخلاصة). وهو مبني على أن علة المنع كون المسجد لم يبن إلا للمكتوبة وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم وهو الموافق لإطلاق الحديث وقيل إذا كان الميت خارجه فلا كراهة بناء على أنها احتمال تلويث المسجد/ وعبارته في (النهاية): وعندنا إذا كان الميت خارجه فلا كراهة وعليه جرى في (العناية)، وفي (الغاية) و (الدراية) لو كان الإمام وبعض القوم خارجه فلا كراهة اتفاقًا، ووجهه في (الحواشي السعدية) بأنه يعطي للجماعة حكم الإمام، ومنع في (البحر) دعوى الاتفاق إذ مقتضى التعليل السابق الكراهة، وهو ظاهر ما مر عن (الخلاصة)، وأقول: يمكن التوفيق بين كلامهم بأن نفي الكراهة اتفاقًا في حق من كان خارجًا وإثباتها فيمن كان داخلاً، وهذا لأنه لا معنى لإثباتها في حق الخارج، بل لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، وهذا فقه حسن فتدبر. واعلم أن قوله: في المسجد يحتمل أن يكون ظرفًا لصلى، أو لميت أو لهما وعلى كل تقدير فلا يفيد ما مر من إطلاق الكراهة غير أنه لما لم يقم دليل على تعيين: أحدهما قيل بها بوجود، أي كان منها وظاهر عطف المصنف هذا الحكم على الممنوع يفيد أن الكراهة تحريمية، ويدل على ذلك ما في (الرواية) الأخرى فلا صلاة له وهذا هو إحدى الروايتين عن الإمام ورجحها الشيخ قاسم في رسالة له وفي رواية تنزيهية واختارها في (فتح القدير). تتمة: اجتمعت الجنائز خُير الإمام بين أن يصلي على كل واحدة وحدها، أو على الكل جملة وعلى الثاني فإن شاء جعلهم صفًا واحدًا، وقام عند أفضلهم، وإن شاء رتبهم كترتيبهم خلفه حال الحياة فيقدم الأفضل بأن يجعل الرجل مما يليه، ثم الصبي، ثم الخنثى، ثم الأنثى البالغة، ثم المراهقة كذا في (الفتح) وغيره، والمشهور تقديم الحر على العبد على كل حال وعن الإمام إن كان العبد أصلح قدم وترتبهم في القبر على عكس هذا فيجعل الأفضل مما يلي القبلة، وفي (البدائع): أنه

ومن استهل صلي عليه وإلا لا ـــــــــــــــــــــــــــــ كما في الصلاة وجزم في (البحر) بأنه سهو، وفي الرجلين أكثرهما علمًا وقرآنًا. قال ابن أبي ليلى: يجعل رأس كل واحد أسفل من رأس صاحبه هكذا درجًا واستحسنه الإمام لأنه عليه الصلاة والسلام مع صاحبه هكذا دفنوا، فإن استووا في الفضل ينبغي له أن لا يعدل عن المحاذاة. (ومن استهل) بالبناء للفاعل يقال: استهلوا الهلال إذا رفعوا أصواتهم عند رؤيته واستهل مبني للمفعول إذا أبصر كذا في (المغرب) وبهذا ظهر وجه اقتصاره في (العناية) على الأول إلا أن خصوص رفع الصوت إنما هو معناه اللغوي، أما الشرعي: فهو أن يكون منه ما يدل على حياة كحركة عضو أو رفع صوت (صلي عليه) طوى ذكر تغسيله، وكونه يرث ويورث استغناء بالصلاة عليه لما أن الغسل شرط لها وهي من أحكام الذين سبقت لهم حياة فيرثون ويورثون ويعتبر في ذلك خروج أكثره حيًا وحد الأكثر من قبل الرجل سرته، ومن قبل الرأس صدره كذا في (منية المفتي). (وإلا) أي: وإن لم يستهل صارخًا لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث اتفاقًا، وكذا (لا) يغسل ولا يسمى في ظاهر الرواية، وروى الطحاوي: أنه يغسل ويسمى، قال في (الهداية): وهو المختار وجعله في شرح (المجمع) مرويًا عن الثاني، قال: وهو الأصح ثم قال هذا إذا كان تام الخلق فإن لم يكن لا يغسل إجماعًا، قال في (البحر): وبهذا ظهر ضعف ما في (الخلاصة) و (فتح القدير) من أن سقط الذي لم يتم خلقة أعضائه المختار أنه يغسل لما سمعت من الإجماع ولعله سبق نظرهما إلى الذي تم خلقه أو سهو من الكاتب، وأقول: ما في (الخلاصة) عزاه في (الدراية) إلى (المبسوط)، (والمحيط) أفسبق نظر السرخسي وصاحب (المحيط) أيضًا كلا، وفي (الظهيرية) السقط الذي لم يتم أعضاؤه لا يصلى عليه باتفاق الروايات واختلفوا في غسله، والمختار أنه يغسل ويدفن ملفوفًا بخرقة، وهل يحشر هذا السقط عن أبي حفص الكبير أنه إن نفخ فيه الروح حشر وإلا لا، والذي يقتضيه مذهب أصحابنا أنه إن استبان بعض خلقه فإنه يحشر، ووجه في (غاية البيان) رواية الطحاوي بأنه تثبت له حرمة بني آدم بدليل ثبوت الاستيلاد وانقضاء العدة به وهذا ينهض فيمن لم يتم خلقه أيضًا. واعلم أن كونه لا يرث مقيد بما إذا انفصل بنفسه أما إذا أفصل كما إذا ضرب بطنها فألقت جنينًا ميتًا، فإنه يرث ويورث؛ لأن الشارع لما أوجب الغرة على الضارب فقد حكم بحياته.

فرع

كصبي سبي مع أحد أبويه إلا أن يسلم أحدهما، أو هو، أو لم يسب أحدهما معه ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع ماتت الحامل والولد يضطرب في بطنها شقت وأخرج الولد لا يسعهم إلا هذا (كصبي) أي: كما لا يصلى على صبي (سبي مع أحد أبويه) لأنه تبع له ولم يقل الكافرين استغناء بلفظ سبي، وقيده في (البحر) بغير العاقل أما العاقل فيستنفل بإسلامه ولا يرتد بردة من أسلم منهما، وقد علل الشرع تبعية/ اليد بأن الصغير الذي لا يعبر عن نفسه بمنزلة المتاع وهو ظاهر في أن من يعبر ليس كذلك (وإلا أن يسلم أحدهما) فيصلى عليه لصيرورته تبعًا للمسلم منهما (أو) يسلم (هو) لأن إسلامه صحيح عندنا بشرط أن يعقل الصفة المذكورة في حديث جبريل وهذا دليل على أن مجرد قول لا إله إلا الله لا يوجب الحكم بالإسلام، وعلى هذا قالوا: لو اشترى جارية أو تزوج امرأة فاستوصفها الإسلام فلم تعرفه لا تكون مسلمة، والمراد من عدم المعرفة قيام الجهل بالباطن لا ما يظهر من التوقف في جواب ما الإسلام كما يكون من بعض العوام لقصورهم في التعبير وقل ما يكون ذلك لمن نشأ في دار الإسلام فإنا نسمع من يقول لا أعرف وهو من التوحيد والخوف بمكان كذا في (الفتح)، وعلى هذا فلا ينبغي أن يسأل من العامي عن الإسلام بل يذكر عنده حقيقته وما يجب الإيمان به، ثم يقال له: أنت مصدق بهذا؟ فإن قال: نعم اكتفي به وقيل: أن يعقل المنافع والمضار وأن الإسلام هدى واتباعه خير له، وفي (فتاوى قارىء الهداية) المراد بالعاقل المميز وهو من بلغ سبع سنين فما فوقها فلو ادعى أبوه أنه ابن خمس وأمه أنه ابن سبع عرض على أهل الخبرة ورجع إليهم في ذلك انتهى. وكان ينبغي أن يقال ما قيل في الحضانة عند اختلاف الأبوين في سنه إن كان يأكل وحده ويشرب ويستنجبي وحده فابن سبع، وإلا فلا، (أو لم يُسْبَ أحدهما معه) فيصلى عليه تبعًا للدار والسابي وكذا في (الشرح). وما في (البحر) من أن الظاهر أن المصنف لم يتعرض للسابي لما أن فائدته إنما تظهر في دار الحرب على ما سيأتي، فممنوع واختلف في أقوى التبعية بعد الولاد فالذي في (الهداية) وغيرها تبعية الدار، وفي (المحيط): تبعية اليد قال في (الفتح): ولعله أولى فإن من وقع في سهمه صبي من الغنيمة في دار الحرب فمات يصلى عليه، ويجعل مسلمًا تبعًا لصاحب اليد.

ويغسل ولي مسلم الكافر، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): وفيه نظر لأن تبعية اليد في هذه الحالة متفق عليها لعدم صلاحية الدار لها على أنه يرد عليه ما في (كشف الأسرار)، ولو سرق ذمي صبيًا وأخرجه إلى دار الإسلام فمات صلي عليه ولا اعتبار بالآخذ حتى وجب تخليصه من يده، ولم يحك خلافًا. واعلم أن تبعية الأبوين إنما هي في أحكام الدنيا لا في العقبى فلا نحكم بأن أطفالهم في النار بل فيه خلاف قيل هم خدم أهل الجنة، وقيل: إن كانوا قالوا بلى عن اعتقاد ففي الجنة وإلا ففي النار، وفي (المسايرة) تردد فيهم أبو حنيفة وغيره ووردت فيهم أخبار متعارضة فالسبيل تفويض أمرهم إلى الله تعالى، وقد قال محمد: أنا أعلم أن الله تعالى لا يعذب أحدًا بغير ذنب انتهى. ونقل في (شرح المقاصد) عن الأكثرين أنهم في النار قيل ويشهد له ما في (تذكرة القرطبي) أنه عليه السلام (كان يصلي على طفل فيقول اللهم أجره من عذاب القبر) وهذه إحدى المسائل الثمان التي توقف فيها إمامنا النعمان وقد جمعها بعضهم في قول: ورع الإمام الأعظم النعمان .... سبب التوقف في جواب ثمان سؤر الحمار تفاضل جلالة .... وثواب جني على الإيمان والدهر والكلب المعلم ثم مع .... ذرية الكفار وقت ختان وفي التقييد بالكفار إيماء إلى أنه لم يتوقف في أطفال المؤمنين، وما في (الخلاصة) من أنه توقف فيهم أيضًا فقريب (ويغسل) غسل الثوب النجس بلا وضوء ولا تيامن وليس المعنى وجوبه عليه لما أن من شرائط وجوبه كونه مسلمًا بل لا بأس أن يفعله معه كذلك كما في (البدائع) (ولي مسلم الكافر) هذا لفظ (الجامع الصغير)، وأطلقه ليتناول كل قريب له من ذوي الأرحام، قال في (فتح القدير): والعبارة معيبة وما وقع من أنه أراد القريب لا يفيد لأن المؤاخذة إنما هي على نفس التعبير به بعد إرادة القريب وهو ظاهر في قصر كونها معيبة على ذكر الولي مع أن إطلاق الغسل والتكفين والدفن مما لا ينبغي أيضًا لانصرافها إلى الشرعي منها زاد في (البحر) غير محررة، لأنه أطلق جواب المسألة، وهو مقيد بما إذا لم يكن له قريب كافر فإن كان خلي بينه وبينهم، وفي الكافر وهو مقيد بغير المرتد، أما المرتد فيلقى

ويكفنه ويدفنه ويؤخذ سريره بقوائمه الأربع، ويعجل به بلا خبب، ـــــــــــــــــــــــــــــ في حفرة ولقائل أن يقول: لا نسلم أنها معيبة؛ إذ غاية الأمر أن إطلاق الولي على القريب مجاز لكن بقرينة، وهي ما اشتهر أنه لا توالي بين كافر ومسلم/ وقد صرحوا بأنه لا عيب في المجاز الذي معه قرينة في الحدود، فما بالك في غيرها؟ ولا نسلم أيضًا أنها غير محررة لأن جواب المسألة إنما هو جواز الغسل قال الإمام التمرتاشي: إذا كان للميت الكافر من يقوم به من أقاربه فالأولى للمسلم أن يتركه لهم كذا في (السراج)، وبهذا القدر لا ينتفي الجواز، وأما المرتد فقد تعورف إخراجه من لفظ الكافر فتدبر وحيث كانت العبارة واقعة من إمام المذهب محمد بن الحسن فنسبة العيب وعدم التحرير إليها مما لا ينبغي كيف وقد تبعه في ذلك كبار الأئمة كالمصنف وغيره وسكت المصنف عن عكسه وهو ما إذا مات المسلم وليس له قريب إلا كافر، لأنه لم يذكر في (الكتاب) وينبغي أن لا يمكن من ذلك بل يغسله المسلمون لقوله - صلى الله عليه وسلم - لما أسلم اليهودي عند موته وله أب كافر: (تولوا أخاكم). فرع: اجتمع موتى المسملين والكفار ولم يكن ثمة علامة إن المسلمون أكثر غسلوا وكفنوا وصلي عليهم وينوي بالدعاء المسلمين، وفي عكسه يغسلون ولا يصلى عليهم كذا ذكره القدوري، زاد الإسبيجابي ويكفنون ويدفنون في مقابر المشركين، ووجه أن غسل المسلم واجب، وغسل الكافر جائز في الجملة فيؤتى به تحصيلاً للواجب، وإن استووا غسلوا وهل يصلى عليهم؟ قيل: نعم وقيل: لا ولا رواية في الدفن، واختلف المشائخ فيه فقيل يدفنون في مقابر المسلمين، وقيل في مقابر المشركين. قال الهندواني: يتخذ لهم مقبرة على حدة وهذا أحوط كذا في (البدائع). (ويكفنه) في ثوب غير مراع سنة كفنه، (ويدفنه) في حفيرة من غير لحد ولا توسعة. (ويأخذ بسريره) أي: الميت المسلم (بقوائمه الأربع) بذلك جاءت السنة وفيه صيانته مع زيادة الكرامة، قال الكرخي: ويكره حمله بين عمودي السرير، والكلام في الكبير، أما الصغير فلا بأس أن يحمله واحد فوق اليدين. (ويعجل) أي: يسرع (به) أي: بالميت بحيث لا يضطرب على الجنازة لخبر: (أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قدمتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك فشر تضعوه عن رقابكم) (بلا خبب) بخاء معجمة وموحدتين، أي عدو سريع، ويندب تعجيل تجهيزه ولو مات يوم الجمعة يكره تأخيره ليصلى عليه بجمع عظيم بعدها

وجلوس قبل وضعه ومشي قدامها، وضع مقدمها على يمينك، ثم مؤخرها، ثم مقدمها على يسارك، ثم مؤخرها، ويحفر القبر، ويلحد ويدخل من قبل القبلة، ـــــــــــــــــــــــــــــ كما في (القنية). (و) بلا (جلوس قبل وضعه) للنهي عن ذلك كما في (الشرح) ولأنه قد تقع الحاجة إلى التعاون والقيام أمكن منه وفيه إيماء إلى أن الكلام فيه المشيع، أما القاعد إذا مرت عليه فلا يقوم لها في المختار، (و) بلا (مشي قدامها) لما فيه من ترك الأفضل وهو المشي خلفها لأنها متبوعة قال الشارح وفي المشي أمامها فضيلة أيضاً وقيده في (فتح القدير) بما إذا لم يتباعد عنها أو يتقدم، فإن فعل كره هذا إذا لم يكن خلفها نساء فإن كان كما في زماننا كان المشي أمامها أحسن كذا في (الاختيار)، وقيد بالمشي لأن الركوب أمامها مكروه مطلقاً وبقدامها، لأنه لا يمشي عن يمينها ويسارها هذا ويكره لمشيعها رفع الصوت بالذكر والقراءة، ويذكر في نفسه كذا في (الفتح). (وضع) إذا أردت حملها من الجوانب الأربعة (مقدمها) بكسر الدال على الأوضح نقيض المؤخر (على يمينك ثم مؤخرها) على يمينك أيضاً (ثم مقدمها على يسارك ثم مؤخرها) بيان للسنة عند كثرة الحاملين، إنما يبدأ بما ذكر إيثاراً للتباين والمقدم وإنما يثنى بالمؤخر دون المقدم الأيسر لاحتياجه حينئذ إلى المشي أمامها، وينبغي له أن يحمل عشر خطوات من كل جانب لخبر: (من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعين كبيرة) (ويحفر القبر) في غير الدار لاختصاص هذه السنة بالأنبياء كما في (الواقعات) نصف قامة وقيل: إلى الصدر وإن زاد فحسن هذا عند الإمكان فإن لم يكن كما لو مات في سفينة ولم يتمكنوا من الوصول إلى البر ألقي في البحر، وينبغي أن يحال حده إلى ما هو المتعارف. (ويلحد) بيان للسنة لخبر: (اللحد لنا والشق لغيرنا) وهو بفتح اللام وضمها أن يحفر من جانب القبلة حفيرة، والشق أن يحفر من وسطه واختاروا الشق فيما إذا كانت الأرض رخوة ثم هو مخير بينه وبين اتخاذ تابوت من حديد أو حجر وبفرش التراب، وأما وضع المضربة تحته في القبر فلا يجوز وما عن عائشة، يعني: من فعله فغير مشهور ولا يؤخذ به كذا في (الظهيرية) (ويدخل) الميت (من قبل القبلة) بأن توضع الجنازة من جانبها ويحمل الميت ويوضع في اللحد هكذا فعل عليه الصلاة

ويقول واضعه: باسم الله، وعلى ملة رسول الله، ووجه إلى القبلة، وتحل العقدة ويسوى اللبن عليه، والقصب لا الآخر والخشب، ـــــــــــــــــــــــــــــ والسلام/ وما ورد من أنه عليه السلام (سل سلاً) فإنما كان لضيق المكان، وهو أن توضع الجنازة على يمين القبلة وتجعل رجلا الميت إلى القبل طولاً. (ويقول واضعه): أي الميت والأولى إن كان أنثى أن يكون رحماً محرماً منها وإلا فرحماً وإن لم يوجد فمن الأجانب فلا يحتاج إلى النساء في الوضع (بسم الله) يعني وضعناك زاد في (الظهيرية) وبالله، وفي الله كذا جاء في بعض الروايات، وفي (البدائع) ذكر الحسن في (المجرد) عن الإمام أن يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله وكان يقول النوم وفاة) (وعلى ملة رسول الله) سلمناك لما رواه ابن ماجة من حديث ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام (كان إذا أدخل ميتاً القبر قال كذلك) زاد الترمذي بعد بسم الله وبالله وقال حسن غريب. قال الماتريدي: وليس هذا بدعاً له لأنه إن مات على الإسلام أو غيره لم يبدل غير أن المؤمنين شهداء الله في الأرض يشهدون بوفاته على الإيمان (ويوجه) في قبره (إلى القبلة) بذلك أمر عليه الصلاة والسلام علياً، وينبغي أن يكون على شقه الأيمن غير منكب على وجهه ولا مستلقى على ظهره (وتحل العقدة) للاستغناء عنها (ويسوى اللبن عليه) جمع لبنة وهو الآجر النيئ (والقصب)؛ لأنه عليه الصلاة والسلام (جعل على قبره اللبن وطناً من قصب) بضم الطاء، أي: حزمة واختلف في المنسوج منه، أما ما ينسج من البردي فيكره في قولهم كذا في (المجتبى) (لا) يسوى (الآجر) بضم الجيم وتشديد الراء فارسي معرب وهو الطين المطبوخ (و) لا (الخشب) لأنهما لإحكام البناء. وقيل: يكره الآجر فقط لمماسة النار دون الخشب ودفع بأن السنة أن يغسل بالماء الحار مع أن النار وفي الدفع نوع نظر كذا في (الفتح)، ولعل وجهه أن الآجر إنما كره في القبر تفاؤلاً لأن به أثر النار، ألا ترى أنه يكره الإجمار عند القبر واتباع الجنازة بالنار بخلاف الغسل بالماء الحار، لأنه يقع في البيت ولا يكره الإجمار فيه

ويسجى قبرها لا قبره، ويهال التراب، ويسنم القبر، ولا يربع، ولا يجصص ولا يخرج من القبر إلا أن تكون الأرض مغصوبة. ـــــــــــــــــــــــــــــ وإليه أشار الشارح وفي (الخلاصة):ويكره الآجر في اللحد إذا كان يلي الميت أما فيما وراء ذلك فلا بأس به وهذا يقتضي أن بناء القبر دون اللحد لا بأس به هذا إن لم تكن الأرض رخوة فإن كانت فلا بأس بالآجر والخشب حوله. قال ابن الملك وفي (الفتح) يكره الدفن في الأماكن التي تسمى فساقي، قال في (البحر):لوجود عدم اللحد ودفن جماعة بلا ضرورة واختلاط الرجال بالنساء بلا حائل، وتجصيصها وأقربها الأول. (ويسجى) أي: يغطى (قبرها) بثوب ليجعل اللبن على اللحد مع الستر (لا قبره) إلا لضرورة كمطر أو ثلج، (ويهال التراب) أي: يصب يقال هلت الدقيق في الحرب صببته من غير كيل وكل شيء أرسلته إرسالاً من رمل وتراب أو طعام ونحوه قلت أهلت أهيله هيلاً فانهال أي جرى فانصب ويندب حثوه من قبل رأسه ثلاثاً إقتداء به عليه الصلاة والسلام ويكره أن يزاد على ما خرج ولا بأس برش الماء على القبر (ويسنم) أي: يرفع فقيل قدر شبر وقيل قدر أربع أصابع لرواية البخاري عن سفيان (أنه رأى قبره عليه الصلاة والسلام مسنماً). وجعله في (الظهيرية) واجباً، وفي (المجتبى) مندوباً وهو الأولى، وفي (البدائع) التربيع من صنيع أهل الكتاب والتشبه بهم فيما منه بد مكروه، (ولا يجصص) أي لا يطلى بالجص بالفتح والكسر للنهي عن ذلك (ولا يخرج) الميت (من القبر) بعدما أهيل التراب عليه. (إلا أن تكون الأرض مغصوبة) فيخرج إحياء لحق الآدمي، ودل كلامه أنه يجوز نبشه لذلك كما إذا كفن في ثوب مغصوب، أو دفن معه مال ولو درهم أو أخذ الأرض إلا أنه يخير المالك بين إخراجه ومساواته بالأرض بخلاف ما إذا دفن بلا غسل، أو وضع على شقه الأيسر أو جعل رأسه مكان رجليه حيث لا يجوز نبشه طالت المدة أو قصرت، واتفقت كلمة المشايخ في امرأة دفن ولدها في غير بلدها فأرادت نقله لا يسعها ذلك فتجويزه شواذ بعض المتأخرين لا يلتفت إليه. وأما نقله قبل الدفن فجزه بعضهم مطلقاً، وبعضهم قدره بميل أو ميلين ويكره فيما زاد. قال في (عقد الفرائد):وهو الظاهر ولا كلام أن دفنه في الموضع الذي مات فيه مندوب.

فرع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ خاتمة: اتباع الجنائز أفضل من النوافل إن كانت لقرابة أو جواراً أو صلاح معروف، ويكره رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن فيها تحريماً، وقال علاء الدين الناصري: الترك أولى، ومن المكروه فيها أيضاً النوح والصياح واتباع النساء لها وإن معها نائحة زجرت/ ولا يترك اتباعها لأجلها، كذا في شرح (المنية)، ولو استمع باكية تلييناً لقلبه فلا بأس به إذا أمن الفتنة، وإرثاء الميت بشعر أو غيره ولا بأس به أيضاً إلا أن الإفراط في مدحه مكروه، والتعزية وهي قوله للمصاب أعظم الله أجرك وأحسن عزاك وغفر لميتك سنة، ولا بأس بالجلوس لها إلى ثلاث وكونه على باب الدار مع فرش بسط على قوارع الطريق من أقبح القبائح كذا في (التجنيس) وغيره، وكره شداد التعزية عند القبر، وأول الأيام أفضلها، ويكره أن يدفن في قبر واحد أكثر من واحد إلا لضرورة فيرتبون على ما مر، ويجعل بين كل واحد حاجز من تراب أو رمل بذلك أم عليه الصلاة والسلام في شهداء أحد، وقال: (قدموا أكثرهم قرآناً) ويكره الجلوس على القبر، وكذا النوم والصلاة والبول والغائط. قال في (المجتبى): والمشي على التابوت يجوز عند بعضهم كالمشي على السقف انتهى، ولو وجد طريقاً للمقبرة ظن أنهم أحدثوه ولا يمشي وإلا مشى ولو لم يصل إلى قبره إلا بوطء قبر تركه، وبهذا يعلم حكم زوار القرافة الذين يحسبون أنهم على شيء، وكان عليه الصلاة والسلام يعلم السلام على الموتى: (السلام عليكم أيها الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع)، ويكره عند القبر كل ما لم يعهد من السنة والمعهود زيارتها والدعاء عندها. فرع هل يعذب الميت ببكاء أهله: نعم لخبر: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله) وعامة العلماء نفوه وحملوا الحديث على ما إذا أوصى بذاك كذا في (الظهيرية).

باب صلاة الشهيد

باب صلاة الشهيد هو من قتله أهل الحرب، أو البغي، أو قطاع الطريق، أو وجد في معركة وبه أثر، أو قتله مسلم ظلماً، ولم تجب به دية ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صلاة الشهيد أخرجه من صلاة الجنازة مبوباً له مع أن المقتول ميت بأجله لاختصاصه بالفضيلة التي ليست لغيره، وهو فعيل إما بمعنى فاعل لشهوده، أي حضوره حياً يرزق عند ربه على المعنى الذي يصح أو لأن عليه شاهداً يشهد له وهو دمه وجرحه وشجه، أو لأن روحه شهدت دار الإسلام وروح غيره لا تشهدها إلا يوم القيامة أو لقيامه بشهادة الحق حتى قتل أو لأنه يشهد عند خروج روحه ما له من الثواب، أو بمعنى مفعول لما أنه مشهود له بالجنة، أو لأن الملائكة تشهده إكراماً له. (هو) أي: الشهيد في العرف ما ذكر وهو تعريف له باعتبار الحكم الآتي، أعني: عدم تغسيله ونزع ثيابه لا لمطلقه لأنه أعم من ذلك لما جاء أن الغريق، والحريق، والمبطون ونحوهم شهداء، ثم هو على قول الكل بناء على ما اختار بعضهم من أن المختلف فيه من الأحكام والأوصاف يجتنب في الحد من أي شخص مسلم، ولو أريد تعريفه على مذهب الإمام خاصة فسر (من) بمسلم مكلف ظاهر، (قتله أهل الحرب والبغي). وقوله: (وقطاع الطريق) بالرفع عطف على أهل لا بالجر لفساد المعنى حينئذ. وأهل قطاع الطريق مع أن القطاع جمع قاطع ففيه إضافة الشيء إلى نفسه ولا فرق بين كون القتل مباشرة أو تسبباً، كما لو نفروا دابة مسلم فرمته ولا بين كون القاتل ذاباً عن نفسه أو ماله أو أهله أو عن واحد من المسلمين، أو من أهل الذمة كما في (الخلاصة)، وأحتزر به عما لو رمى العود فأصاب نفسه فمات حيث يغسل، لأنها لم يقتل بفعله مضاف إلى العدو كما في (التجنيس)، قال يعقوب باشا: وأما قتل أهل البغي بعضهم بعضاً وكذا قطاع الطريق فلا يبعد أن يعد المقتول منهم شهيداً انتهى، ولا خفاء أن إطلاق المصنف يفيده، (ووجد في المعركة) وهي موضع القتال، أي: وجد ميتاً (وبه أثر) دال على قتله كسيلان الدم من عينيه أو أذنه بخلاف من أنفه أو ذكره أو دبره قيد بذلك لأنه لو وجد مقتولاً بين عسكر المسلمين بعد القتال ولم يكن به أثر لا يكون شهيداً، (أو قتله مسلم) أو ذمي ظلماً، أي: بغير حق (ولم تجب) بقتله أي بنفس قتله (دية) بل قصاص حتى ولو وجبت بعارض كالصلح أو قتل الأب

فيكفن، ويصلى عليه بلا غسل ويدفن بدمه وثيابه إلا ما ليس من الكفن، ويزاد وينقص، ـــــــــــــــــــــــــــــ ابنه لا تسقط الشهادة قيد بالظلم لأنه لو قتل بحد أو قصاص أو عداء على القوم فقتلوه لا يكون شهيداً، وبعدم وجوب الدية بنفس القتل لا من قتل خطأ أو وجد مذبوحاً ولم يعلم قاتله لا يكون شهيداً، وإنما لم يكن القصاص مانعاً لأنه للميت من وجه وللوارث من آخر وللمصلحة العامة فلم يكن عوضاً مطلقاً، فإن قلت هلا استغنى بقوله: أو قتله مسلم ظلماً عن أهل البغي وقطاع الطريق كما فعل صاحب (المجمع) قلت: للفرق بينهما وذلك أن أهل البغي وقطاع الطريق لا يشترط في/ قتلهم أن يكون بما يوجب القصاص بل بأي وجه قتل فإنه يكون شهيداً إلحاقاً للقتال معهم بقتال أهل الحرب بجامع الأمر في كل بخلاف قتل غيرهم حيث يشترط فيه ذلك كذا في (البحر). وأقول: فيه نظر إذا لو قالوا هو من قتل ظلماً ولم يجب بقتله دية لا مستفيد ما ذكره مع كمال الاختصار، وأما من قتل مدافعاً عن نفسه فكونه شهيداً مع قتله بغير المحدد مشكل جداً لوجوب الدية بقتله فتدبره ممعناً النظر فيه، وبقي من قتل مدافعاً عن نفسه أو ماله أو المسلمين أو أهل الذمة فإن المقتول يكون شهيداً بأي آلة قتل من غير أن يكون القاتل واحداً من الثلاثة كما في (المحيط) عاطفاً له عليها، أو جاعلاً إياه سبباً رابعاً يتظر في (المحيط) (فيكفن ويصلى عليه) لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على شهداء أحد، والشهيد وإن طهر عنه الذنوب إلا أنا لظاهر عنها لا يستغني عن الدعاء كالنبي والصبي كذا في (الهداية). قال في (الفتح): ولو اقتصر على النبي لكان أولى لأن الدعاء في الصلاة على الصبي لأبويه، قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث. وأقول: لعل وجهه مع كون الدعاء لأبويه فقط بل له أيضاً بكونه فرطاً وما في (البحر) من كلام (الهداية) في نفس الصلاة لا في المدعو له فممنوع، ولو اختلط قتلى المسلمين بقتلى الكفار لم يصل عليهم إلا أن يكون موتى المسلمين أكثر فيصلى عليهم، وينوي بالدعاء أهل الإسلام (ويدفن بدمه وثيابه) بذلك أمر عليه الصلاة والسلام في شهداء أحد، ويكره أن ينزع عنه ثيابه وأن يجدد له الكفن (إلا ما ليس) من جنس (الكفن) كالفرو والحشو والسلاح والقلنسوة والخف، وقد سبق ما فيه (ويزاد) على ما عليه من الثياب إن لم يبلغ كفن السنة وينقص) منها إن كانت

ويغسل إن قتل جنباً أو صبياً، أ, ارتث بأن أكل، أو شرب، أو نام أو تداوى، أو مضى وقت صلاة وهو يعقل، أو نقل من المعركة حياً، ـــــــــــــــــــــــــــــ زائدة هذا ما عليه جمهور الشارحين، وفي (المعراج): بهذا استدل المشايخ على جواز الزيادة في الكفن على الثلاثة انتهى، وهذا يفيد أن المراد يزاد على الثلاث وقد مرعن (الغاية) (ويغسل) من قتله أهل الحرب (إن قتل) حال كونه (جنباً) أو حائضاً بعد الانقطاع أو قبله في الأصح بشرط أن يستمر ثلاثة أيام أو تسعاً، (أو) قتل حال كونه (صبياً) أو مجنوناً عند الإمام، وقالا: لا يغسلون لأن ما وجب بالجنابة سقط بالموت والصبي أحق بهذه الكرامة وله أن الشهادة عرفت مانعة لا واقعة، والسيف أغنى عن الغسل لكونه طهرة ولا ذنب للصبي ولا للمجنون وهذا يقتضي أن يقيد المجنون بمن بلغ كذلك أما من طرأ الجنون عليه بعد بلوغه فلا خفاء في احتياجه إلى ما يطهر ما مضي من ذنوبه إلا أن يقال: إنه إذا استمر مجنوناً حتى مات لم يؤاخذ بما مضى لعدم قدرته على التوبة كذا في (البحر)، ولا يخفى أن هذا مسلم فيما إذا جن عقب المعصية أما لو مضى بعدها زن يقدر فيه على التوبة فلم يفعل كان تحت المشيئة. (أو ارتث) بالبناء للمفعول، أي: حمل من المعركة رثيثاً، أي: جريحاً وفي (النهاية) الرث البالي الخلق، أي صار خلقاً في الشهادة، ومعناه الشرعي ما أفاده بقوله: (بأن أكل أو شرب أو نام أو تداوى) قليلاً كان أو كثيراً، وكذا لو باع أو ابتاع (أو مضى) عليه (وقت صلاة وهو) أي: والحال أنه (يعقل) ويقدر على أدائها حتى يجب عليه القضاء كذا قيده الشارح، قال في (الفتح): والله أعلم بصحته وفيه إفادة أنه إذا لم يقدر على الأداء لا يجب القضاء، فإن أراد لم يقدر للضعف مع حضور العقل فكونه يسقط به القضاء قول طائفة والمختار هو ظاهر كلامه في المريض أنه لا يقسط، وإن أراد لغيبة العقل فالمغمى عليه يقضي ما لم يزد على يوم وليلة فمتى سقط القضاء مطلقاً لعدم قدرة الأداء في الحرج انتهى. وقد يقال أراد الأول وكون عدم القدرة للضعف لا يسقط القضاء هو فيما إذا قدر بعده أما إذا مات على حاله فلا إثم لعدم القدرة عليها بالإيماء قيد بكونه يعقل لأنه لو كان لا يعقل كان شهيداً (أو نقل من المعركة) سواء استقر في مكان أو لا، بأن مات على أيدي الرجال إلا إذا كان لخوف وطء الدواب له باد لأنه ما نال شيئاً من الراحة كذا في (الهداية)،ومنعه في (غاية البيان) وقرر في (البدائع) أن النقل يوجب ضعفاً وحدوث ألم، فيكون مشاركاً للجراحة في إثارة الموت فلم يمت بها يقيناً فلا يسقط الغسل بالشك، وهذا يفيد أن كونه مرتثاً ليس للجراحة ولا بد منه.

أو أوصى أو قتل في المصر، ولم يعلم أنه قتل بحديدة ظلماً ـــــــــــــــــــــــــــــ وعلم منه أنه انتقل بنفسه كان مرتثاً بالأولى لكن لا بد في وضع المسألة من أن يعقل فلو أخره لكان أقعد، (أو أوصى) يعني بأمور الدنيا، أما بالأخرى فلا يكون مرتثاً إجماعاً؛ لأنه في الأول نال بعض مرافق الحياة فصار خلقاً في حكم الشهادة أعني عدم تغسيله لا في نفسها هذا كله إذا وضعت/ الحرب أوزارها فإن لم تضع لا يكون مرتثاً بشيء مما ذكر، (أو قتل في المصر قيد) به؛ لأنه لو قتل في المفازة التي ليست بقربها عمران كان شهيداً لوجوب القتل بحكم قطاع الطريق إلا أنه يرد عليه القرية وما في (البحر) أراد به العمران، وما يقربه مصراً كان أو قرية ففيه نظر على أنه لا بد أن يقيد بموضع تجب فيه القسامة والديه كما قيده بعضهم ليخرج المسجد الجامع. (ولم يعلم) أي: والحال أنه لم يعلم (أنه) أي: المقتول (قتل) بحديدة يعني بما يوجب القصاص قتلاً ظلماً قيد بذلك لأنه لو وجد مذبوحاً في المصر كان شهيداً فقوله: ظلماً داخل تحت النفي أي: لم يعلم أنه قتل مظلوماً (بحديدة) فكان فيه شأن عدم العلم بكونه قتل بحديدة ثانيهما عدم العلم بكونه مظلوماً بأن لم يعلم قاتله لأنه إذا لم يعلم قاتله لم يتحقق كونه مظلوماً. وأما إذا علم قاتله فقد تحقق كونه مظلوماً واعلم أن عبارة (الهداية) من وجد قتيلاً في المصر غسل لأن الواجب فيه القسامة والدية فحق أثر الظلم إلا إذا علم أنه قتل بحديدة (ظلماً) لأن الواجب فيه القصاص قال صدر الشريعة: أقول: هذه الرواية مخالفة لما ذكره في (الذخيرة). لأن رواية (الهداية) فيما لم يعلم قاتله لأنه علل بوجوب القسامة ولا قسامة إلا إذا لم يعلم قاتلة ففي صورة عدم العلم بالقاتل إذا علم أن القتل بالحديدة، ففي رواية (الهداية): لا يغسل لأن نفس هذا القتل أوجب القصاص وأما وجوب الدية والقسامة فلعارض العجز عن إقامة القصاص فلا يخرجه هذا العارض عن أن يكون شهيداً وأما على رواية (الذخيرة) فيغسل. وعبارة (الذخيرة) وإن حصل القتل بحديدة فإن لم يعلم قاتلة تجب الدية والقسامة على أهل المحلة فيغسل وإن علم قاتلة لم يغسل عندنا ففي (الذخيرة) لم يقيد نفس القاتل بوجوب الدية وإن كان بالعارض أخرجه عن الشهادة ورده منلا خسروا بأن الشارحين (للهداية) صرحوا بأن قوله إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلماً محمول على ما إذا علم قاتله وفي قوله لأن الواجب فيه القصاص إشارة إليه إذ لا

أو قتل بحد، أو قصاص لا لبغي وقطع طريق. ـــــــــــــــــــــــــــــ قصاص يجب إلا على القاتل المعلوم انتهى. قال ابن الكمال: وغاية ما لزم من ذلك أن يكون الاستثناء منقطعاً ولا بأس به لا يقال: يوجب القتل بحديدة القصاص ووجوب المال إذا لم يعلم القاتل سبب للعارض وهو الجهل به فينبغي أن يكون الحكم فيه كالأب إذا قتل ولده بحديدة ظلماً لأنا نقول ليس القصاص موجب القتل بحديدة بل لا بد أن يكون القتل ظلماً وذلك غير ثابت في الصورة المذكورة فلا مخالفة بين رواية (الهداية) (والذخيرة) والله الموفق. وفي (البدائع):لو قتله اللصوص ليلاً في المصر بسلاح أو غيره كان شهيداً وهذه ترد على المصنف والجواب أنهم ألحقوا بقطاع الطريق كما في (غاية البيان) وبهذا التقرير علم أنه لا قسامة ولا دية فيمن قتله اللصوص في بيته في المصر لأنها فيما إذا لم يعلم القاتل وقد علم هنا كونه من اللصوص غاية الأمر أن عينه لم تعلم فليحفظ. (أو قتل بحد) أي: بسبب حد الزنا أو قود أي: قصاص لأنه لم يقتل ظلماً وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام غسل ماعزاً (لا) يغسل من قتل (لبغي) أي: خروج عن طاعة الإمام الحق ولا لأجل (قطع الطريق) إهانة لهما وأفاد أنه لا يصلى عليهما أيضاً قيل: هذا إذا قتلا حالة المحاربة أما لو قتلا بعد ثبوت الأمان عليهما غسلا قال الشارح وهذا التفصيل حسن أخذ به الكبار من المشايخ لأنه في هذه الحالة حد (أو قصاص) وفيه يغسلان والعصبية كالبغاة ومن هذا النوع الخناق وقاتل أحد أبويه. وأما قاتل نفسه فقيل يغسل عندهما وهو الأصح وبه يفتى خلافاً للثاني وجعل في (غابة البيان) قوله الثاني أصح وأيده في (فتح القدير) بما في (مسلم) أنه عليه الصلاة والسلام (أتي له برجل قتل نفسه بمشاقص ولم يصل عليه) وصرح في (الخانية) قبيل كتاب الوقف بأن قاتل نفسه أعظم وزراً وإثماً من قاتل غيره فظاهر أنه لو قتل نفسه خطاً غسل وصلي عليه اتفاقاً والله الموفق للصواب.

باب الصلاة في الكعبة

باب الصلاة في الكعبة صح فرض ونفل فيها وفقوها، ومن جعل ظهره إلى ظهر إمامه فيها صح، وإلى وجهه لا يصح وإن تحلقوا حولها صح لمن هو أقرب إليها من إمامه إن لم يكن في جانبه. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الصلاة في الكعبة سبق وجه تأخيرها (صح) إقامة (فرض) أداء كان أو قضاء (و) إقامة (نفل) أي: نفل كان (فيها) أي: في الكعبة يعني داخلها (و) صح أيضاً إقامة ما ذكر (فوقها) أي: على سطحها أما الأول فلما صح من أنه عليه الصلاة والسلام (صلى فيها يوم الفتح) / ولأنها صلاة استجمعت شرائطها لوجود استقبال القبلة لما أن استيعابها ليس بشرط وأما الثاني فلأن القبلة هي العرصة والهواء إلى عنان السماء دون البناء ألا ترى أنه لو صلى فوق أبي قبيس جازت ولا بناء بين يديه إلا أنه يكره للنهي عنه لما فيه من ترك التعظيم. والكعبة من الكعوب بمعنى الارتفاع أو من الكاعب. (ومن جعل) من المقتدين (ظهره إلى ظهر إمامه فيها) أي: في داخلها (صح) لأنه يتوجه إلى القبلة غير متقدم على إمامه ولا معتقد خطأه وحذف في (البحر) قيد التقدم ولا بد منه لقوله: (وإلى وجهه) أي: لو جعل ظهره إلى وجهه لا أي: (لا يصح) مع أنه متوجه إلى القبلة غير معتقد خطأ إمامه غير أنه تقدم عليه فالمؤثر إنما هو التقدم وعدمه واقتضى كلامه أنه لو جعل وجهه إلى وجه أو إلى جنبه أنه لا يصح إلا أنه يكره في الأول بلا حائل لأنه عبادة الصورة (وإن تحلقوا حولها) أي: الكعبة بأن صلى بهم في المسجد الحرام (صح) الإقتداء (لمن) أي: كالذي (هو أقرب إليها) أي: إلى الكعبة (من إمامه إن لم يكن في جانبه) فلا يجوز لتقدمه على إمامه قيل: لأن التقدم والتأخر من الأسماء الإضافية فلا يظهر إلا عند اتحاد الجهة قال في (العناية): وفيه نظر لأنه ليس للإضافة تقييد بالجهة انتهى. قيل: وفيه بحث وقيل: لأنه عند الاتحاد يكون في معنى من جعل هره إلى وجه الإمام وهذا جيد ولو قام الإمام فيها وتحلقوا حولها جاز أيضاً إذا كان الباب مفتوحاً نسأل الله الفتاح أن يفتح لنا الباب وأن يسلك بنا طريق الصواب.

كتاب الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الزكاة هي تمليك المال من فقير ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الزكاة قران الصلاة بالزكاة في اثنين وثمانين موضعاً في التنزيل دليل على كمال الاتصال بينهما وهي لغة بمعنى الطهارة ومنه {خيراً منه زكاة} (الكهف:81) والبركة يقال: زكت البقعة أي: بورك فيها والصدقة من الصدق لدلالتها على صدق إيمانه قيل: والنماء يقال: زكا الزرع نما قال في (الفتح): وفيه نظر إذا المصدر منه جاء على زكاء فيجوز كون الفعل منه لا من الزكاة بل كونه منها يتوقف على ثبوت عين الزكاة في معنى النماء إلا أنه في (ضياء الحلوم) قال: قيل: سميت زكاة المال زكاة لأن المال يزكو بها أي: ينمو ويكثر وشرعاً ما أفاد بقوله: (هي تمليك المال) لأنها تصوف بالوجوب وهو من صفات الأفعال وقد تطلق على المال المؤدى وهو المعنى بقوله تعالى {وآتوا الزكاة} (التوبة:11) لأن الإيتاء لا يصح إلا في الأعيان وعرفها منلا خسرو بأنها تمليك بعض مال جزماً عينه الشارع ثم ذكر أن تعريف المصنف يتناول جميع الصدقات وقولنا: عينه الشارع يفيد التخصيص إذ لا تقييد في الصدقة وأيضاً قال الزيلعي: يرد عليه الكفارة إذا ملكت لأن التمليك بالوصف المذكور فيها ولو قال: على وجه لا بد منه لانفصل عن هذا فقلت: جزماً لئلا يرد عليه مثل ذلك فإن معناه بلا احتمال في نفسه لغير التمليك كالإباحة وأجاب في (البحر) عن الكفارة بأنها خرجت بقوله مسلم لما أنه خرج مخرج الشرط والإسلام ليس بشرط في الكفارة لما سيأتي وهذا كما ترى يصلح جواباً عن الإيراد الأول لكن بقي أن يقال: شأن الشروط أن تكون خارجة عن الماهية لا أنها جزء منها فالأولى أن يقال: ال في المال للعهد أيك المعهود إخراجه شرعاً ولم يعهد فيها إلا التمليك وكون المخرج ربع العشر وبه عرف أن حقيقتها تمليك ربع العشر لا غير. وقوله: (من فقير) إلى آخره بيان لشروطها وبه استغني عن قول العيني ولو قال: تمليك جزء من المال لكان أحسن وهو اسم لما يتمول ويدخر لوقت الحاجة وهو

مسلم غير هاشمي، ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه لله تعالى، وشرط وجوبها العقل والبلوغ ـــــــــــــــــــــــــــــ خاص بالأعيان عند الإطلاق فخرج بالتمليك الإباحة حتى لو أطعم يتيماً ناوياً الزكاة لا تجزئه إلا إذا دفع إليه المطعوم كما لو كساه بشرط أن يكون مراهقاً يعقل القبض وإن كان صغيراً لا يجزئه كما لو وضعها على دكان فأخذها فقير كذا في (الخانية) وبالمال تمليك المنافق فلو أسكن فقيراً داره سنة بنية الزكاة لا تجزئه لأن المنفعة ليس بعين متقومة كذا في (الكشف الأصولي). (مسلم) من فقير خرج الغني والكافر (غير هاشمي ولا مولاه) أي: معتقه فلا يجوز الدفع لهم مع العلم بحالهم بما سيأتي ولم (يشترط) العقل والبلوغ لما مر أن تمليك الصبي العاقل صحيح وفسره في (فتح القدير) بالذي لا يرمي به ولا يخدع عنه فإن لم يكن عاقلاً فقبض عنه أبوه أو وصيه أو من يعوله قريباً أو أجنبياً أو ملتقطه صح والدفع إلى المعتوه يجزئ واحترز بقوله بشرط (قطع المنفعة عن المملك من كل وجه) عن الدفع لأصله وإن علا وفرعه وإن سفل ومكاتبه وأحد الزوجين لآخر لما سيأتي مفصلاً في/ المصرف وأما الدفع إلى نحو الأخ فتجوز بشرط أن لا تجب نفقته عليه فيحتسبها من النفقة لأن الواجب لا يجزئ عن واجب آخر كما في (الولوالجية)، (لله تعالى) متعلق بتمليك بين به اشتراط النية لما أنها عبادة وكل عبادة لا بد لها من النية ينتج المطلوب وسببها المال النامي تحقيقاً أو تقديراً بدليل الإضافة إليه (و) شرطها ما أفاده بقوله: شرط (وجوبها) أي: لزومها عدل عن الحقيقة وهو الفرض إليه لما أن بعض مقاديرها وكيفياتها ثبتت بأخبار الآحاد ولكن ذكر فكركار في (شرح المنار) أن مقاديرها ثبتت بالتواتر كنقل القرآن وأعداد الركعات وعلى هذا فالواجب على ما قيل: نوعان قطعي وظني فلا عدول بل اسم الواجب من المشكك فهو حقيقة في كل نوع (العقل) فلا يجب على مجنون (والبلوغ) فلا يجب على صبي لأنها عبادة محضة وليسا مخاطبين بها وإيجاب النفقات والغرامات لكونها من حقوق العباد والعشر وصدقة الفطر لأن فيها معنى المؤنة قيد بالمجنون لأن المغمى عليه كالصحيح كما في (المجتبى) ولا خلاف أنه في المجنون الأصلي يعتبر ابتداء الحول من وقت إفاقته كوقت بلوغه أما العارضي فإن استوعب كل الحول فكذلك في ظاهر الرواية وهو قول محمد ورواية عن الثاني وهو الأصح وإن لم يستوعبه لغا وعن الثاني أنه يعتبر في وجوبها إفاقة أكثر الحول.

والإسلام والحرية، وملك نصاب ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: طريق الحكم في إسقاط الزكاة عن الصبي أن الإمام أو نائبه يدعي على وليه بوجوبها عليه فيجيب أنها لم تجب عليه لصغره فيحكم بمنعه وسقوطها عنه وعن ماله قال الطرسوسي وهذا إنما يتم في الأموال الظاهرة لا الباطنة فالطريق مطلقاً ما قدمنا في تجديد الجمعة ومن رام إشباع الكلام في ذلك فعليه بكتابنا المسمى (بإجابة السائل باختصار أنفع الوسائل). (والإسلام والحرية) فلا تجب على عبد ولو كان مكاتباً أو مستسعى لأن العبد لا ملك له والمكاتب ونحوه وإن ملك إلا أن ملكه ليس تاماً قال في (البحر):ولو حذف هذا الشرط وزاد في الملك قيد التمام ليخرج من ملك المكاتب والمشتري قبل القبض لكان أوجز وأتم ولا يخفى أن في الاحتياج إلى الزيادة يفيد أن المطلق ينصرف إلى الكامل تأمل (وملك نصاب) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: ونصاب مملوك فلا تجب في اقل منه لأنه عليه الصلاة والسلام قدر السبب به ولا تنافي بين جعل المصنف له شرطاً وما مر من أنه سبب لاشتراكهما في أن كلا يضاف إليه الوجود لا على وجه التأثير إلا أنا لسبب ينفرد بإضافة الوجوب إليه دون الشرط قال في (البحر):أطلق في الملك فانصرف إلى الكامل وأنت خبير بأن هذا مناف لما مر قريباً من احتياجه إلى قيد التمام فلا وجوب فيما اشتراه للتجارة قبل القبض ولا في المرهون بعد قبضه لعدم تمام الملك فيهما واختلف فيما في يد المأذون الذي لا دين عليه فقيل: يزكيه المولى وإن كان في يده كالوديعة والأصح أنه لا يلزمه زكاته قبل أخذه لأنه لا يد للمولى عليه حقيقة بل للمأذون بدليل جواز تصرفه فيه كذا في (المحيط). تنبيه: قال في (فتح القدير):لا يخرج عن ملك النصاب المذكور ما ملكه بسبب خبيث ولذا قالوا: لو أن سلطاناً غصب مالاً وخلطه صار ملكاً له حتى وجبت عليه الزكاة وورث عنه ولا يخفى أن هذا بناء على قول الإمام من أن خلط دراهمه بدراهم غيره استهلاك أما على قولهما فلا ضمان وحينئذ فلا يثبت الملك لأنه فرع الضمان ولا يورث عنه لأنه مال مشترك وإنما يورث عنه حصة الميت منه انتهى. وقول ارفق بالناس إلا أن في إيجاب الزكاة على قوله إشكالاً لأنه مع الملك مشغول

حولي فارغ عن ـــــــــــــــــــــــــــــ بالدين ولذا شرط في (المبتغى) أن يبرئه أصحاب الأموال لأنه قبل الإبراء مشغول بالدين وهو حسن يجب حفظه كذا في (البحر) وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن له مال غيره يوفي منه الكل أو البعض فإن كان زكى ما قدر على وفائه ثم رأيته في (الحواشي السعدية) قال: محمل ما ذكروه ما إذا كان له مال غير ما استهلكه بالخلط يفضل عنه فلا يحيط الدين بماله وهذا طبق ما فهمته ولله المنة (حولي) منسوب إلى الحول سمي به لما أن الأحوال تحول عليه والعبرة للحول القمري كذا في (القنية). وقالوا: لو دفع إليها ألفاً مهراً وحال الحول وهي عنده ثم علم أنها أمه تزوجت بغير إذن مولاها ردت إليه الألف، أو أقر بها لشخص ودفعها إليه فحال الحول وهي عنده ثم تصادقا أن لا دين فردت أو وهبه وسلم ثم رجع بعد الحول فلا زكاة/ في هذه الصور على أحد وهو مشكل في حق من كانت في يده وملكه وحال عليه الحول فالظاهر أن هذا بمنزلة هلاك المال بعد الوجوب كما في (الولوالجية) وما في (الفتح) يمكن أن تكون هذه الفروع من مال الضمار الآتي بيانه ولا زكاة فيه على أحد لأنه كان غائباً غير مرجو القدرة على الانتفاع به مردود بأن من كان في يده كان متمكناً من الانتفاع به قلم يكن ضماراً في حقه وكذا من لم يكن في يده إذ لا ملك له ظاهراً في الحول كذا في (البحر) وفيه بحث فإن تعليله بأنه كان غائباً إلى آخره ظاهر في أن كونه ضماراً يعني بالنسبة إلى المالك الأصلي نعم هو بالنسبة إلى ما كان في يده كالهالك بعد الوجوب فتدبر. (فارغ) عن الدين لأن المشغول بالحاجة الأصلية كالمعدوم وأراد به ماله مطالب من جهة العباد سواء كان حقاً لله تعالى كدين العشر والخراج وزكاة السائمة والتجارة لما أن للإمام أخذها من الآبي جبراً بعد تعزيره أو للعبد أصاله كان أو كفالة حالاً كان أو مؤجلاً ولو صداق الزوجة وعم كلامه نفقة الزوجة والأقارب إذا صارت ديناً بالقضاء أو الرضاء كما في (المعراج) قال في (البحر):وقيد نفقة الزوجة والأقارب في (البدائع) بقصر المدة فإن طالت لم تمنع انتهى. لأن غير المقضي بها تسقط بمضي المدة الطويلة لا القصيرة والفاصل بينهما شهر كما في (الذخيرة) وقد ذكره في (المحيط) بقيل. أما دين النذر والكفارة وصدقة الفطر ووجوب الحج وهدي المتعة والأضحية فلا يمنع قال في (الجامع): ومتى استحق النذر بجهة الزكاة بطل النذر فيه كما إذا كان له مائتا درهم نذر أن يتصدق بمائه منها وحال الحول سقط النذر بقدر درهمين ونصف ويتصدق بباقي المائة ولو تصدق بكلها للنذر وقع (عن) الزكاة درهمان ونصف لما أنه متعين بتعيين الله تعالى فلا يبطله تعيينه ولو

الدين، وحاجته الأصلية ـــــــــــــــــــــــــــــ نذر مائة مطلقة لزمته فإذا تصدق بها لزمه أن يتصدق بمثل ما وقع عن الزكاة كذا في (الدراية) ولو كان له نصب صرف (الدين) إلى أيسرها قضاء حتى لو كان له دراهم ودنانير وعروض تجارة وسوائم صرفه إلى الدراهم والدنانير أولاً فإن فضل الدين فإلى العروض فإن فضل السوائم فإن كانت أجناساً صرفه إلى أقلها ولو له أربعون شاة وخمس من الإبل خير، قيد بالزكاة لأن الدين لا يمنع وجوب العشر والخراج وكذا التكفير على الأصح بخلاف صدقة الفطر، (و) عن (حاجته الأصلية) فسرها ابن الملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقاً أو تقديراً فالثاني كالدين والأول كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرث والثياب المحتاج إليها لدفع الحر والبرد وآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن كانت له دراهم يصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة انتهى. وفيه بحث من وجوه الأول أن تفسير الحوائج بما ذكر يقتضي أن ذكر الفراغ عن الدين مستدرك أو أنه عطف العام على الخاص وبالجملة فالاقتصار على التحقيق هو التحقيق الثاني أن تقييد كتب العلم بالأهل وإن وقع في (الهداية) إلا أنه غير مفيد لأنها وإن كانت لغير أهلها وهي تساوي نصاباً لا تجب الزكاة فيها إلا أن يكون أعدها للتجارة وإنما يفترق الحال بين الأهل وغيرهم أن الأهل إذا كانوا محتاجين لها للتدريس ونحوه لا يخرجون بها عن الفقر وإن ساوت نصباً فلهم أن يأخذوا الزكاة إلا أن يفضل عن حاجتهم نسخ تساوي نصاباً كإن كان عنده من كل صنف نسختان وقيل ثلاث والمختار الأول بخلاف غير الأهل فإنهم يحرمون بها أخذ الزكاة إذ الحرمان تعلق بملك قدر نصاب غير محتاج إليه وإن لم يكن نامياً وإنما النماء يوجب عليه الزكاة والمراد كتب الفقه والحديث والتفسير أما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقاً كذا في (الفتح) تبعاً (للنهاية) و (العناية) و (الدراية). وأجاب في (البحر) بأن كلامهم في بيان ما هو من الحوائج الأصلية ولا شك أن الكتب لغير الأهل ليست منها فهو مفيد وأقول: هذا غير سديد إذ الكلام في شرائط وجوب الزكاة التي منها الفراغ عن الحوائج الأصلية ومقتضى القيد وجوبها على غير الأهل لما أنها ليست من الحوائج الأصلية في قهم وليس بالواقع لفقد شرط آخر هو نية التجارة فالأهل وغير الأهل في نفي الوجوب سواء والثالث أن نفي وجوبها فيما إذا كان له دراهم مستحقة للصرف إلى تلك الحوائج مخالف لما في (الدراية) و (البدائع) تجب الزكاة في النقد كيف ما أمسكه للنماء أو للنفقة واعلم أن المراد بآلات الحرف ما لا يستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو يستهلك لكن لا

نام ولو تقديراً، ـــــــــــــــــــــــــــــ يبقى أثر عينه حتى لو اشترى صابوناً أو حرضاً يساوي/ نصاباً وحال عليه الحول لم تجب فيه الزكاة أما ما يبقى كالعصفر والدهن لدبغ الجلد ففيه الزكاة ولحم الخيل والحمير والمشتراه للتجارة ومقاودها وجلاجلها إن كان من غرض المشتري ربحاً بها كان فيها الزكاة وإلا فلا. (نام) أي: زائد (ولو) كان النماء (تقديراً) بأن يكون المال في يده أو يد نائب وهو متمكن من الزيادة فلا زكاة في مال الضمار وهو لغة الغائب الذي لا يرجى وشرعاً كل مال غير مقدور الانتفاع به مع قيام أصل الملك كذا في (البدائع) وذلك كالآبق والمفقود والدين المجحود والمغصوب الذي لا بينة عليه فإن كان ثمة بينه فليس ضماراً إلا في غصب السائمة فلا زكاة عليه وإن كان الغاصب مقراً كذا في (الخانية) وفي المصرف منها قيد الدين المجحود الذي لا بينة عليه بما إذا حلف عليه عند القاضي أما قبله فيكون نصاباً وعن محمد عدم الوجوب مع البينة أيضاً لأنها قد لا تقبل وقد لا يعدل القاضي وصححه في (التحفة) وفي (الخانية) ومنه الساقط في (البحر) والذي أخذه السلطان مصادرة. قال في (الفتح): والذي ذهب به العدو إلى دار الحرب وينبغي أن يقيد بما إذا كان بعد قتال لما سيأتي في السير ومنه المدفون في مفازة واختلف في المدفون في كرم أو أرض مملوكة بخلاف المدفون في حرز ولو دار غيره والوديعة إذا نسي المودع وليس من معارفه وقيد بالدين المجحود لأنه لو كان على مقر ففيه تفصيل معروف في تقسيم الديون وذلك أنها على ثلاثة أقسام قوي وهو بدل القرض والتجارة ومتوسط وهو بدل ما ليس للتجارة كثياب البذلة وعبد الخدمة وضعيف وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية وبدل الخلع فتجب الزكاة في الأول إذا حال الحول لكن يتراخى الأداء إلى أن يقبض أربعين درهماً فيجب درهم وفيما زاد بحسابه ولا تجب في الثاني إلا أن يقبض نصاباً ويعتبر ما مضى من الحول في الصحيح ولا بد في الثالث من أن يحول الحول بعد القبض وثمن السائمة كثمن عبد الخدمة ولو ورث ديناً على رجل فهو كالوسط ولو أج داره أو عبده بنصاب إن لم يكونا للتجارة فكالضعيف وإن كانا فكالأقوى ولو اختار الشريك تضمين المعتق أن المعتق للتجارة فكالوسط هو الصحيح وكذا لو كان للخدمة ولو اختار الاستسعاء كذا في (الولوالجية). هذا إذا لم يكن عنده ما يضمه إليه فإن كان ضم ما قبضه من الضعيف إلى ما عنده وزكاه ولو أبرأ رب الدين المديون بعد الحول فلا زكاة عليه سواء كان الدين قوياً أو لا كذا في (الخانية) وقيده في (المحيط) بما إذا كان معسراً أما إذا كان موسراً فهو استهلاك وهو حسن يجب حفظه كذا في (البحر).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: هذا ظاهر في أنه تقييد للإطلاق وهو غير صحيح في الضعيف كما لا يخفى ولم يبين المصنف النماء التقديري وقد قسم الشارح كلاً من التحقيقي والتقديري على قسمين خلقي وفعلي، فالأول: الذهب والفضة، والثاني: ما يكون بإعداد العبد ولا شك أنه ينبئ عن القصد، فلذا قلنا: إنه لا يصح بدونه غير أن التجارة من أعمال الجوارح فلا يتحقق بمجرد النية بل لا بد من اتصالها بعمل هو تجارة حتى لو اشترى ثياباً للبذلة ثم نوى بها التجارة لا يكون لها ما لم يبعها ليكون بدلها للتجارة بخلاف ما لو نوى فيما هو للتجارة أن يكون للخدمة حيث يصح بمجرد النية لأن التروك يكتفى فيها بمجدها ونظيره السفر والفطر والإسلام والإقامة زاد الشارح وكونها علوفة لا يثبت واحد منها إلا بالعمل ويثبت أضدادها بمجرد النية إلا أن المذكور في (النهاية) و (فتح القدير) أن السائمة تصير علوفة بمجرد النية وحمل في (البحر) ما في (الشرح) على ما إذا وقعت النية وهي في المرعى. وما في (النهاية) على ما إذا وقعت بعد الإخراج وفي تعريف السائمة في (النهاية) ما يدل عليه وأقول: في (الدراية) لو أراد أن يبيع السائمة أو يستعملها أو يعلفها فلم يفعل حتى حال الحول فعليه زكاة السائمة لأنه نوى العمل ولم يعمل فلا ينعدم به وصف الإسامة ولو نوى في المعلوفة صارت سائمة لأن معنى الإسامة تثبت بترك العمل وقد ترك العمل حقيقة كذا في (المبسوط) و (الخلاصة). وهذا يخالف النقلين فتدبره ثم نية التجارة قد تكون صريحاً وقد تكون دلالة فالأول أن ينوي عند عقد التجارة أن يكون المملوك به للتجارة سواء كان العقد شراء أو تجارة لا فرق في ذلك بين كون الثمن نقداً أو عرضاً أما العرض المملوك بالإرث فلا تصح فيه نية التجارة إجماعاً إلا إذا تصرف فيه فتجب الزكاة كذا في (شرح المجمع) يعني ونوى وقت البيع مثلاً أن يكون بدله للتجارة ولا يكفيه/ النية السابقة كما هو ظاهر ما في (البحر) وفي (الخانية) لو ورث سائمة كان عليه الزكاة إذا حال الحول نوى أو لم ينو ويلحق بالإرث ما دخله من حبوب أرضه فنوى إمساكها للتجارة فلا تجب لو باعها بعد حول واختلف في المملوك بهبة أو وصية أو نكاح أو خلع أو صلح عن قود أو بدل عتق إذا نواه للتجارة قال الثاني: يصح وقال الثالث: لا وقيل: الخلاف على العكس قال في (الفتح): والذي يقع في نفسي ترجيح الأول إلا أنها في (البدائع) قال: الأصح هو الثاني لأن التجارة كسب المال ببدل وهو مال والقبول اكتساب بغير بدل وفيها لو استقرض عرضاً ونوى أن يكون للتجارة اختلف المشايخ والظاهر أنه يكون وإليه أشار بقوله في (الجامع) وخرج ببدل الصلح عن

وشرط أدائها نية مقارنة للأداء، ولعزل ما وجب ـــــــــــــــــــــــــــــ عمد ما لو قتل عبد التجارة عبداً خطأ ودفع به حيث يكون المدفوع للتجارة كذا في (الخانية) والثاني كاستبدال مال التجارة بمال التجارة كما إذا اشترى عيناً بعرض التجارة حيث يكون للتجارة وإن لم ينور واختلف في بدل منافع العين المعدة للتجارة والمذكور في (زكاة الأصل) أنه كذلك وفي (الجامع) ما يدل على التوقف على النية فكأن في المسألة روايتان ومشايخ بلخ كانوا يصححون ما في (الجامع) ذكره في (البدائع) وينبغي أن يكون من ذلك ما يشتريه المضارب حيث يكون للتجارة وإن لم ينوها أو نوى الشراء للنفقة لما أنه لا يملك بمالها إلا الشراء لها حاجة إلى استثنائها. تتميم: بقي من شروط الوجوب العلم به حقيقة أو حكماً كالكون في دار الإسلام كما في (البدائع). (وشرط أدائها نية مقارنة للأداء) إلا أن القران هو الأصل في كل نية ومؤداه بيان تفصيل النية لا بيان أصلها لأنه قد مر ويكفيه نية أصل الزكاة حتى لو كان له أربعون شاة وخمس من الإبل فأدى عنها شاة لا ينويها عن أحدهما صرفها إلى أيهما شاء كما لو كفر بعتق عن ظهار امرأتين كذا في (الظهيرية) ولو نوى الزكاة والنفل وقع عن الزكاة عند الإمام والثاني وقال محمد عن النفل: ولا يشترط علم المدفوع إليه بأنه زكاة حتى لو وهب لمحترم زكاته أو أقرضه إياها ناوياً الزكاة أجزأه على الأصح كما في (القنية) و (المبتغى) وإطلاقه يعم النية المقارنة كما إذا نوى والمال في يد الفقير أو وقته الدفع للوكيل ثم دفع الوكيل بلا نية لأن العبرة لنية الآمر ومن ثم قالوا: لو قال: هذا تطوع أو عن كفارتي ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل صح هذا إذا لم يخلطه الوكيل بماله أو مال زكاة أخرى فإن خلطه ضمنه وكان متبرعاً بما أداه وكذا الناظر لو في يده أوقاف والبائع والسمسار والطحان إلا في موضع يكون الطحان مأذوناً هذا إذا لم يوكله الفقراء فإن وكلوه لم يضمن الوكيل أن يدفع إلى ولده الفقير وزوجته لا إلى فسه إلا إذا قال ربها: ضعها حيث شئت ولو تصدق عنه بأمره جاز ورجع عند الثاني خلافاً لمحمد وبغير أمره لا يجوز أي: اتفاقاً ولو بلغه فأجاز لأنها وجدت نفاذاً على المتصدق ولم يصر نائباً عن غيره فنفدت عليه ولو عين للوكيل فقيراً فدف لغيره لا يضمن وقيل: في الزكاة يضمن كذا في (القنية) إلا أن إلغائهم تعيين الناذر الفقير قد يشهد للأول أ (و) نية مقارنة (لعزل ما وجب) ضرورة لأن العزل يتفرق فاكتفى بوجودها حالة العزل تيسراً حصر الجواز في الأمرين فأفاد أنه لو نوى الزكاة وجعل يتصدق ولو إلى آخر السنة ولم تحضره النية لم تسقط عنه وأشار إلى أنه ليس للفقير أخذها منه جبراً ولا مطالبة فإذا أخذها بغير علمه استردها وضمنه مع

أو تصدق بكله. ـــــــــــــــــــــــــــــ هلاكها ولو كان الأخذ ليس في قرابته أحوج منه إلا أنه في الديانة يرجى أن يحل له الأخذ ولو سرق ما عزله لم يقطع كذا في (التجنيس) لكن سيأتي في السرقة أنه يقطع وإلى أنها لا تؤخذ من تركته إلا إذا أوصى بها فمن الثلث وإلى أنه لو أخذها الساعي جبراً عليه لم تقع زكاة نعم له حبسه ليؤدي بنفسه لا فرق في ذلك بين السائمة وغيرها لكن الفتوى على سقوطها عنه في الأموال الظاهرة دون الباطنة لما أن ولاية الأخذ له كذا في (التجنيس) أيضاً قال في (البحر): وإلى أنه لا يخرج بالعزل عن العهدة بل لا بد من التصدق به حتى لو ضاعت لم تسقط عنه كذا في (الخانية) وتورث عنه كما في (المحيط). (أو تصدق بكله) لدخول الواجب فيه فلا حاجة إلى التعيين وهذا استحسان لا فرق في ذلك بين ما إذا لم تحضره النية أو نوى نفلاً بخلاف ما إذا نواه عن واجب آخر على ما مر وأطلقه فعم العين والدين حتى لو أبرأ الفقير عن النصاب صح وتسقط عنه ولو عن بعضه سقط عن ذلك البعض دون الآخر ولو نواه عن الكل لأن البعض الباقي يصير بالقبض عينا وأداء الدين/ عن العين لا يجوز بخلاف أداء الدين عن الدين حيث يجوز لو وهبه لغني ضمن الواجب في أصح الروايتين وشمل كلامه أيضاً ما إذا لم ينو شيئاً أصلاً ونوى غير الزكاة وهو صحيح فيما إذا نوى التطوع أما إذا نوى النذر أو واجباً آخر وقع عما نوى وضمن قدر الواجب كما في (الشرح) كذا في (البحر). وأقول: في التبعية بالتصدق إيماء إلى إخراج النذر والواجب الآخر. خاتمة: أم غيره بدفع زكاته فدفعها من مال آخر خبيث اختلف فيه وظاهر ما في (القنية) ترجيح الإجزاء استدلالاً بقولهم: لو وكل مسلم ذمياً يبيع خمراً فباعها من ذمي فللمسلم أن يصرف هذا الثمن إلى الفقراء من زكاة ماله انتهى. والأفضل في زكاة الفرض إعلانها وفي النفل إخفاؤه كذا في (الفتح) وقيده بعضهم بما إذا لم يكن ثمة ظلمة يتبعون أرباب الأموال فيأخذونها منهم ويأخذون زكاتها ويضعونها في غير أهلها فإن كان فالسر أفضل وقالوا: لو شك أزكى أم لا أعاد وفي الصلاة بعد الوقت لا والفرق أن وقتها العمر فصار كما إذا شك في الصلاة مع بقاء الوقت. ومن حوادث الفتاوى لو شك هل أدى ما عليه أم لا بأن كان لا يضبط ما أداه هل يلزمه إعادتها؟ قال في (البحر): ومقتضى ما مر لزومها حيث لم يغلب على ظنه دفع قدر معين والله الموفق.

باب صدقة السوائم

باب صدقة السوائم هي التي تكتفي بالرعي في أكثر السنة، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب صدقة السوائم بدأ محمد في تفصيل أموال الزكاة بالسوائم إقتداء بكتبه عليه الصلاة والسلام وكانت كذلك لأنها إلى العرب وكان جل أموالهم السوائم والإبل أنفسها عندهم فبدأ بها وسماها صدقة تأسياً بالقرآن المجيد لأنها حيث أطلقت فيه فالمراد بها الزكاة وهي جمع سائمة يقال: سامت الماشية رعت وأسامها إسامة كذا في (المغرب) سميت بذلك لأنها تسيم الأرض أي: تعلمها ومنه {شجر فيه تسيمون} (النحل:10) في (ضياء الحلوم) السائمة المال في المراعي. (هي) أي: السائمة في عرف الفقهاء (التي تكتفي بالرعي في أكثر السنة) هذا تعريف لمطلق السائمة لا التي تجب فيها ما سيأتي إذ يشترط فيها ذلك لقصد الدر والنسل حتى لو أسامها للحمل والركوب لم يجب فيها شيء أو للتجارة كذا في (النهاية) و (فتح القدير) قال في (البحر):. وقد يجاب بأنهم إنما تركوا هذا القيد لتصريحهم بعد ذلك بالحكمين الآخرين وأقول هذا غير دافع إذ التعريف بالأعم لا يصح ولا ينفع فيه ذكر الحكمين بعده ولكن بقي أن هذا الشرط يقتضي أنها لو كانت كلها ذكوراً أو إناثاً لا زكاة فيها إذ لا در ولا نسل حينئذ مع أن المذكور في (البدائع) و (المحيط) وجوب الزكاة فيها. وأجاب في (البحر) بأن القصد نفي الإسامة للحمل والتجارة لاشتراط أن تكون للدر والنسل، ومن ثم زاد في (المحيط) أو السمن إلا أنه في (البدائع):قال: لو أسامها للحم فلا زكاة فيها انتهى. وأقول: فيه نظر إذ نفي الإسامة للحمل والركوب قد يحصل بدون قصد الدر والنسل بأن لا يقصد شيئاً أصلاً ولا شك أن هذه الحالة لا زكاة عليه أيضاً والرعي مصدر رعت الماشية وبالكسر الكلأ نفسه واحد الأكلاء وهو كل ما رعته الدنواب من الرطب واليابس كذا في (المغرب) قال في (البحر): وينبغي أن يكون الفتح هو المراد ولتعريفهم إياها بالتي ترعى ولا تعلف لقصد الدر والنسل حتى لو حمل إليها الكلأ لم تكن سائمة ولا يلزم على الكسر أن يكون سائمة وأقول: الكسر هو المتداول على الألسنة ولا يلزم عليه أن تكون سائمة إلا لو أطلق الكلام على المنفصل ولقائل منعه بل ظاهر ما مر عن (المغرب) يفيد اختصاصه بالقائم في

ويجب في خمس وعشرين إبلاً بنت مخاض، وفيما دونه في كل خمس شاة، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وفي إحدى وستين جذعة، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، ـــــــــــــــــــــــــــــ معدنه ولم تكن منه سائمة لأنه ملكه بالحوز فتدبره، ولا بد من كونه مباحاً كما قيد به الشمني حتى لو رعت غير المباح لا تكون سائمة واكتفى بأكثر السنة لأن القليل لا يمكن الاحتزاز عنه وقيد به لأنه لو علفها نصف الحول لم تكن سائمة للشك في الموجب. (ويجب) أي: يلزم (في خمس وعشرين إبلاً وهي) مؤنثة لا واحد لها من لفظها بدليل التصغير على أبيلة والنسبة إليها إبلى بفتح الباء (بنت مخاض) وهي التي طعنت في الثانية سميت بذلك لأن أمها تصير مخاضاً بأخرى عادة أي: حاملاً (وفيما دونه) أي: المذكور يجب (في كل خمس شاة) هذا اللفظ يقع على الذكر والأنثى فيجوز أخذ الذكور في هذه الحالة وفي البقر والغنم بخلاف الإبل فلا يجوز أخذ الذكور منها إلا بالقيمة قيل: لأن الشارع جعل الجواب في نصاب الإبل من الصغار تيسيراً بدليل عدم جواز الأضحية وإنما تجوز بالثني فصاعداً وجعله في الإناث لأن الأنوثة تعد فضلاً في الإبل فصار الواجب/ وسطاً (و) يجب (في ست وثلاثين بنت لبون) وهي التي طعنت في الثالثة سميت بذلك لأن أمها تكون ذات لبن عادة ويجب (وفي ست وأربعين حقة) وهي التي طعنت في الرابعة سميت بذلك لأنه حق أن يحمل عليها أو حق لها الضراب. (و) يجب (في إحدى وستين جذعة) وهي التي طعنت في الخامسة سميت بذلك لمعنى في أسنانها يعرف أهل اللغة قال في (البدائع): ولا اشتقاق لاسمها وفي (غاية البيان) سميت بذلك لأنها أطافت الجذع يقال جذع الدابة إذا حبسها على غير علف وهذا أعلا سن يجب في الزكاة وبعدها أسنان أخر كالثني والدين والباذل لم يذكروها لأنه لا مدخل للزكاة فيها وذلك لأن هذه الأسنان الأربعة هي نهاية الإبل في الحسن والدر والنسل وما زاد فهو رجوع إلى الكبر والهرم. (و) يجب (في ست وسبعين بنتا لبون و) يجب (في إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين) بهذا اشتهرت كتبه عليه السلام وهو أمر توقيفي وظاهر (المبسوط) يعطي أنه معقول المعنى وذلك أنه قال: إن إيجاب الشاة في خمسة من الإبل لأن المأمور به ربع العشر والشاة تقرب منه فإنها كانت تقوم بخمسة دراهم وبنت المخاض بأربعين فإيجاب الشاة في خمسة كإيجاب الخمسة في المائتين ورده في

ثم في كل خمس شاة إلى مائة وخمس وأربعين ففيها حقتان، وبنت مخاض، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق، ثم في كل خمس شاة، وفي مائة وخمس وسبعين ثلاث حقاق وبنت مخاض، وفي مائة وست وثمانين ثلاث حقاق، وبنت لبون، وفي مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين، ثم تستأنف أبداً كما بعد مائة وخمسين والبخت ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتح) بأنه جاء في السنة فيمن وجب عليه سن فلم يوجد وضع العشر موضع الشاة عند عدمها وهو مصرح بخلافه أطلق في الإبل فشمل الصغار والكبار لكن بشرط أن لا يكون الكل صغاراً لما سيأتي والأعمى والمريض ونقل في (الظهيرية) فيما إذا كانت عمياء روايتان وعندهما تجب كما لو كان فيها عمي وجزم في (الجوهرة) بعدم الوجوب في المهازيل شاة بقدرهن بأن ينظر إلى الشاة الوسط كم هي من بنت المخاض الوسط فإن كانت خمسين مثلاً وقيمة الشاة الوسط عشرة ظهر أن الشاة الوسط خمس بنات مخاض فتجب شاة قيمتها خمس واحدة منها أو سدس فسدس وعلى هذا وتمام تفريعات المسألة معروف في المطولات والأعرج يعد ولا يؤخذ كما في (الولوالجية). (ثم) يجب (في كل خمس شاة) مع الحقتين (إلى مائة وخمس وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض) لزيادتها على المائة والعشرين خمس وعشرين وفيها بنت مخاض (وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق) والعفو فيه بين الواجبات أربعة أربعة (ثم) يجب (في كل خمس شاة). (و) يجب (في مائة وخمس وسبعين ثلاث حقاق) وفي مائة وخمسين منها (و) يجب (بنت مخاض) فيما زاد وهو خمسة وعشرون (و) يجب (في مائة وست وثمانين ثلاث حقاق) كما مر (و) يجب (بنت لبون) فيما زاد وهو ست وثلاثون (و) يجب (في مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين) فإذا صارت مائتين فهو بالخيار إن شاء دفع أربع حقاق أو خمس بنات لبون وفي (الدراية) إذا صارت مائة وستاً وتسعين خير بين أن يؤدي أربع حقاق أو يصبر حتى تكمل مائتين فيخير بينها وبين خمس بنات لبون على ما مر (ثم تستأنف) الفريضة (أبداً كما) أي: كالاستئناف الذي (بعد مائة وخمسين) يعني في كل خمس شاة مع الأربع حقاق والخمسة بنات لبون وفي العشر شاتان فإذا بلغت مائتين وخمساً وعشرين ففيها بنت مخاض معها إلى ست وثلاثين فبنت لبون معها إلى ست وأربعين ومائتين فخمس حقاق إلى ثلثمائة وهكذا واحترز به عن الاستئناف الأول فإنه ليس فيه بنت لبون لانعدام نصابها كما لا يخفى (والبخت) جمع بختي وهو المتولد بين العربي والعجمي منسوب إلى بخت نصر لأنه

باب صدقة البقر

كالعراب. باب صدقة البقر وفي ثلاثين بقراً تبيع ذو سنة أو تبيعه، وفي أربعين مسن ذو سنتين أو مسنة ـــــــــــــــــــــــــــــ أول من جمع بين العربي والعجمي (كالعراب) في الزكاة والربا والأضحية لأن اسم الإبل يتناولها واختلافهما في النوع لا يخرجها من الجنس وفرق بينهما في الإيمان للعرف وهو جمع عربي للبهائم وللأناسي عرب ففرقوا بينهما في الجمع وهو مستوطنو المدن والقرى العربية والأعراب أهل البدو واختلف في نسبتهم والأصح أنهم نسبوا إلى عربة بفتحتين وهي من تهامة لأن أباهم إسماعيل عليه السلام نشأ بها كذا في (المغرب). باب صدقة البقر قدمها على الغنم لقربها من الإبل ضخامة وقيمة من بقر بطنه شقه سمي بذلك لأنه يشق الأرض بالحراثة ومنه قيل لمحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: الباقر لأنه بقر العلم فدخل فيه مدخلاً بليغاً ووصل منه غاية مرضية وهو اسم جنس والواحدة منه بقرة والتاء للوحدة والتبقير والبقر والبقرات (و) باقورة بمعنى يجب (في ثلاثين بقراً تبيع ذو سنة أو تبيعة) سمي الحولي من أولاد البقر بذلك لأنه يتبع أمه أو لأن قرنه يتبع أذنيه وترقوته والجمع أتبعة/ وتباع وتبايع. (و) يجب في (أربعين مسن ذو سنتين أو مسنة) بضم الميم وكسر السين سميت بذلك لزيادة سنها والجمع مسنات بذلك أمر عليه الصلاة والسلام (معاذاً حين بعثه إلى اليمن) كما رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي ثم إن وجد في الثلاثين تبيع وسط وجب أو ما يساويه وجب تبيع يساوي الوسط وإن شاء دفع القيمة عن تبيع ولو كان الكل عجافاً ليس فيها ما يساوي الوسط وجب أفضلها ولو كان البقر أربعين وفيها مسنة وسط أو ما يساويها فعلى ما عرف في الثلاثين ولو كان الكل عجافاً وجب أن ينظر إلى قيمة تبيع وسط لأنه المعتبر في نصاب البقر وما فضل عنه عفو وإلى قيمة مسنة وسط فما وقع به التفاوت وجب مسنة في أخرى تلي أفضلها في الفضل مثلاً لو كانت قيمة التبيع الوسط أربعين وقيمة المسنة الوسط خمسين يجب

وفيما زاد بحسابه إلى ستين ففيها تبيعان وفي سبعين مسن وتبيع وفي ثمانين مسنتان فالفرض يتغير بكل عشر من تبيع إلى مسنة والجاموس كالبقر. ـــــــــــــــــــــــــــــ مسنة تساوي أفضلها وربع التي تليها في الفضل حتى لو كانت قيمة أفضلها ثلاثين والتي تليها عشرين يجب مسنة تساوي خمسة وثلاثين ولو كانت مسنين عجافاً ليس فيها ما يساوي تبيعاً وسطاً ففيها تبيعان إن كانا وإلا فاثنتان من أفضلها وإن كان فيها تبيع وسط أو ما يساويه وجب التبيع الوسط وآخر من أفضل الباقي كذا في (الفتح). (وفي ما زاد) على الأربعين (بحسابه) فيجب في الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة أو ثلث عشر التبيع وهذا رواية الثاني عن الإمام وهي ظاهر الرواية وروى الحسن عنه أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ خمسين ففيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع وعنه حتى تبلغ ستين وبها أخذا وهي أعدل كما في (المحيط) وفي (جوامع الفقه) المختار قولهما وفي (الينابيع) و (الإسبيجابي) وعليه الفتوى (إلى ستين ففيها تبيعان) أو تبيعتان إجماعاً. (وفي سبعين) يجب (مسنة وتبيع وفي ثمانين يجب مسنتان فالفرض يتغير في كل عشرة من تبيع إلى مسنة) ففي تسعين ثلاثة أتبعة وفي مائة تبيعان وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع وفي مائة وعشرين أربع أتبعة أو ثلاث مسنات وعلى هذا (والجاموس) معرف كواميش (كالبقر) في الزكاة والأضحية والربا لأن اسم البقر يتناولها فيكمل نصاب البقر به ويؤخذ الزكاة من أغلبها وعند الاستواء يؤخذ على الأدنى وفي أدنى الأعلى والمراد الأهلي وأما الوحشي من البقر والغنم وغيرهما فلا يعد في النصاب وكذا المتولد من أهلي ووحشية كذا في (الدراية) وإنما لم يحنث بالجاموس فيما إذا حلف لا يأكل لحم البقر لأنهما غيران عرفاً وفي (الخانية) قال بعضهم: إنه يحنث وفي العكس لا يحنث وهذا أصح وينبغي أن لا يحنث في الفصلين انتهى. قال الشارح: وقوله والجاموس كالبقر ليس بجيد لأنه يوهم أنه ليس ببقر كان ذلك كافياً في التغاير المقتضي لصحة التشبيه وفيه نظر والأولى أن يقال: إن في كلامه مضافاً محذوفاً أي: وحكم الجاموس كالبقر وعليه فلا إشكال.

فصل في الغنم

فصل في الغنم في أربعين شاة شاة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، ثم في كل مائة شاة شاة، والمعز كالضأن، ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الغنم سميت بذلك لأنه ليس لها آله الدفاع فكانت غنيمة لكل طالب وهي اسم جنس مؤنثة لا واحد لها من لفظها وقول العامة في مفردها غنمة وتخصيصهم إياها بالضأن خطأ. يجب (في أربعين شاة) نصب على التمييز والفاعل (شاة). (و) يجب (في مائة وإحدى وعشرين شاتان، و) يجب (في مائتين وواحدة ثلاث شياه و) يحب (في أربعمائه أربع شياه ثم) يجب (في كل مائة شاة شاة) بهذا اشتهرت كتبه عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعليه انعقد الإجماع كذا في (الشرح) وجعله في (البدائع) قول عامة العلماء وقال الحسن بن حيي: إذا زادت عن ثلاثمائة واحدة ففيها أربع شياه وفي أربعمائة خمس شياه والصحيح قول العامة انتهى. والمتولد بين الغنم والظباء يعتبر فيه الأم فإن كانت غنماً وجبت فيها الزكاة ويكمل به وإلا فلا كذا في (المحيط)، ونبه بقوله وفي مائة وإحدى وعشرين أن الشاة تجب في المائة والعشرين حتى لو أراد الساعي تفريقها وأن يأخذ على كل أربعين منها شاة ليس له ذلك لأنه باتحاد الملك صار الكل نصاباً، وقالوا: في الخليطين في السائمة وأموال التجارة يعتبر نصيب كل منهما على حدته سواء كانت شركتهما عناناً ومفاوضه أو شركة ملك بالإرث أو غيره اتحد مرعاهما أو اختلف بأن بلغ أحدهما نصاباً زكاه دون الآخر فلو كان بينهما خمس من الإبل لم تجب على واحد/ منهما وإن بلغت عشراً فعلى كل منها شاة ولو أربعون من الغنم لم تجب وفي الثمانين تجب شاتان ولو كان بينه وبين ثمانين رجلاً ثمانون شاة قال الإمام ومحمد: لا شيء عليه لأنه مما لا ينقسم بخلاف ما إذا كانت بينه وبين واحد، وقال أبو يوسف: يجب عليه كذا في (السراج). (والمعز) جمع ماعز كتجر جمع تاجر ذات الشعر اسم للأنثى ويقال للذكر: تيس (كالضأن) جمع ضائن كركب جمع راكب من ذوات الصوف اسم لذكر ويقال للأنثى نعجة وكان كذلك لأن النص ورد باسم الشاة والغنم وهو شامل لهما والمراد كالضأن في تكميل النصاب وكذا في الأضحية والربا لا في أداء الواجب كما في

ويؤخذ الثني في زكاتها لا الجذع، ولا شيء في الخيل، ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتح) والإيمان حتى لا يحنث بأكل المعز فيما إذا حلف لا يأكل لحم الضأن لما مر. (ويؤخذ الثني) من الضأن وهو ما تم له سنة (في زكاتها) أي: (لا الجذع) وهو ما أتى عليه أكثرها وقيل: ما تم له ثمانية أشهر وقيل: سبعة وقال الأقطع: الجذع عند الفقهاء ما تم له ستة أشهر قال في (البحر): وهو الظاهر وهذا أعني تعيين الثني هو ظاهر الرواية لقول علي رضي الله تعالى عنه: (لا يؤخذ في الزكاة إلا الثني فصادعاً) وروى الحسن عن الإمام جواز الجذع وهو قولهما لقول عمر رضي الله عنه كما في (الموطأ): نأخذ الجذعة والثنية قال في (الفتح):وأما ما مر عن علي فغريب والدليل يقتضي ترجيح هذه الرواية والخلاف في الضأن أما المعز فلا يؤخذ منه إلا الثني اتفاقاً كما في (الدراية) هذا وأما الثني من البقر فما تم له سنتان ومن الإبل فما تم له خمسة والجذع من البقر ما تم له سنة ومن الإبل ما تم أربع سنين وفي أضحية الشارح أن الثني من الضأن والمعز سواء ها كله عند الفقهاء وقال أهل اللغة: الجذع من البهائم قبل الثني إلا أنه من الإبل في السنة الخامسة ومن البقر والشاة في الثانية وعن الأزهري الجذع من المعز لسنة ومن الضأن لثمانية أشهر قال في (البحر): ولم أر الجذع من المعز عند الفقهاء. (ولا شيء في الخيل) السائمة إذ الباب معقود لها فلا يرد أن فيها زكاة التجارة حيث كانت لها اتفاقاً وهذا قولهما لما أخرجه أصحاب الكتب الستة من قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقه) زاد مسلم إلا صدقة الفطر. وقال الإمام: إذا كانت سائمة للدر والنسل ذكوراً وإناثاً وحال عليها الحول وجب فيها الزكاة غير أنها إن كانت من أفراس العرب خبر بين أن يدفع عن كل واحدة

لا في الحمير، والبغال، ولا في الحملان، والفصلان، والعجاجيل، ـــــــــــــــــــــــــــــ ديناراً وبين أن يقومها ويعطي عن كل مائتي درهم خمسة وإن كانت من أفراس غيرهم قومها لا غير وإن كانت ذكوراً وإناثاً فقط فراويتان أشهرهما عدم الوجوب كذا في (المحيط). وفي (الفتح) الراجل في الذكور عدمه وفي الإناث الوجوب وأجمعوا أنها لو كانت للحمل والركوب أو علوفة فلا شيء فيها وجزم بقولهما لما في (الخانية) قالوا: الفتوى على قولهما وكذا رجح قولهما في (الأسرار) وأما شمس الأئمة وضاحب (التحفة) فرجحا قول أبي حنيفة وأجمعوا أن الإمام لا يأخذها جبراً واختلف المشايخ في اشتراط النصاب على قوله: (و) الصحيح أنه (لا) يشترط و (البغال والحمير) السائمة إجماعاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لم ينزل علي فيهما شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة) {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} (الزلزلة:7 - 8) واستدل في (غاية البنيان) على نفي الوجوب بقوله عليه الصلاة والسلام: (ليس في الجبهة ولا في الكسعة ولا في النخة صدقة) فالأول الخيل والثاني الحمير والثالث البقر العوامل كما في الديوان وإذا لم يجب في الحمير لم يجب في البغال لأنها من نسلها ومعلوم أنها إن كانت للتجارة كان فيها الزكاة. (والحملان) بضم الحاء وقيل: بكسرها أيضاً جمع حمل بفتحتين ولد الشاة في السنة الأولى (والفصلان) جمع فصيل ولد الناقة قبل أن يصير من مخاض (والعجاجيل) جمع عجول ولد البرة حين تضعه أمه إلى شهر كما في (المغرب) يعني لا شيء في الصغار من السوائم وهذا عندهما وأوجب الثاني واحدة منها قبل: المسألة مشكلة إذ الوجوب متوقف على الحول وبعده لم تبق صغاراً فقيل: صورتها ملك نصاباً منها في أول الحول هل ينعقد الحول فيجب فيها الزكاة عند تمامه أو لا. وقيل: كانت له الأمهات فولدت في نصف الحول ثم ماتت وتم الحول على الأولاد صغاراً قال في (المحيط): وهذا أصح ولعل وجهه أنه على التصوير الأول لم يبق محلاً للنزاع حيث/ يوجد الواجب وهو الطعن في السنة الثانية كما نبه عليه في (الحواشي السعدية) والمراد بالنصاب خمس وعشرون من الإبل أو ثلاثون من البقر أو أربعون من الغنم لا خمسة من الإبل لأن الثاني أوجب واحدة منها وذا لا يتصور في

ولا في العلوفة، والعوامل، ولا في العفو، ـــــــــــــــــــــــــــــ غير هذا المقدار والخلاف مقيد بما إذا كان فيها كبار فإن كان كما إذا كان له مع تسعة وثلاثين جملاً مسن وكذلك في الإبل والبقر كانت الصغار تبعاً لها ووجب إجماعاً كذا في (الدراية) ثم إن كانت المسنة وسطاً أخذت وإن كانت جيدة لم تؤخذ ويؤدي صاحب المال شاة وسطاً وإن كانت دون الوسط لم يجب إلا هذه فإن هلكت الكبيرة بعد الحول بطل الواجب عند الإمام ومحمد وعند الثاني يجب في الباقي تسعة وثلاثون جزءاً من أربعين جزءاً من حمل ثم الأصل الذي يعتبر في حال اختلاط الصغار بالكبار أن كون العدد الواجب في الكبار موجوداً كما إذا كان له مسنتان ومائة وتسعة عشر جملاً حيث يجب مسنتان في قولهم أما لو كان مسنة ومائة وعشرون جملاً وجبت مسنة واحدة عندهما، وقال الثاني مسنة وجمل وعلى هذا لو كان له تسعة وخمسون عجولاً وتبيع كذا في (غاية البيان). (و) كذا (لا) يجب (في العلوفة) بفتح العين ما يعلف من الغنم وغيرها الواحد والجميع سواء وبالضم جمع علف يقال: علفت الدابة ولا يقال: أعلفتها (و) لا يجب أيضاً في (العوامل) والحوامل لخبر: (ليس في الحوامل والعوامل والعلوفة صدقة) ولأن السبب هو المال النامي ودليله الإسامة أو التجارة ولم يوجدا حتى لو كانت العلوفة للتجارة كان فيها زكاة التجارة بخلاف العوامل (ولا) يجب أيضاً (في العفو) وهو ما بين النصب وهذا قول الإمام والثاني لقوله عليه الصلاة والسلام: (في خمس من الإبل السائمة شاة وليس في الزيادة شيء حتى تكون عشراً) ذكره ابن الجوزي في (التحقيق). وقال محمد وزفر: الواجب عن الكل وأثر الخلاف يظهر فيمن يملك تسعاً من الإبل فهلك بعد الحول منها أربعة لم يسقط شيء منها عند الإمام والثاني وعند محمد وزفر يسقط أربعة أتساع شاة وعلى هذا لو كان له مائة وعشرون من الغنم فهلك بعد الحول منها ثمانون وهذا لأن العفو تبع فحق الهالك أن يصرف إليه كمال المضاربة إذا هلك يصرف أولاً إلى الربح ولذا قال الإمام لو كان له نصب صرف الهالك إلى العفو ثم إلى النصاب الأخير الذي يليه إلى أن ينتهي إلى الأول وأبو يوسف يصرفه إلى العفو ثم إلى النصاب شائعاً كذا في (الشرح)،وفي (المحيط) ظاهر الرواية عنه كقول الإمام فلو كان له أربعون من الإبل فهلك منها عشرون بعد

ولا الهالك بعد الوجوب، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحول وجب عليه أربع شياه عند الإمام وعند محمد نصف بنت لبون وعلى ما عن الثاني عشرون جزءاً من ستة وثلاثين جزءاً من بنت لبون واعلم أن العفو عند الإمام في جميع الأموال وخصاه بالسوائم كذا في (غاية البيان). (و) كذا لا يجب في (الهالك بعد الوجوب) أي: وجوب الزكاة لتعلقها بالعين لا بالذمة دل على ذلك قوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} (الزاريات:19)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (في أربعين شاة وشاة) وكذا قوله في السرقة ربع العشر لا فرق في ذلك بين ما إذا تمكن من الأداء بأن وجد الفقير في الباطنة أو الساعي في الظاهرة وأخرها حتى هلك أو لا واختلف فيما لو منع الإمام أو الساعي حتى هلك والصحيح الذي عليه العامة أنها لا تجب لأن الساعي وإن تعين لكن للمالك رأي في اختيار محل الأداء بين العين أو القيمة ثم القيمة شائعة في محال كثيرة والرأي يستدعي زماناً فالحبس لذلك قيد بالهالك لأنه لما استهلك النصاب ضمن الواجب وفي (المجتبى) لو حبسها عن العلف والماء حتى هلكت قيل: هو استهلاك فيضمن. وقيل: لا لأنه لو فعل ذلك في الوديعة لم يضمن فكذا هذا انتهى. والذي يقع في نفس ترجيح الأول ثم رأيته في (البدائع) جزم به ولم يحك غيره واستبدال مال التجارة بمال التجارة ليس استهلاكاً بلا خلاف سواء استبدلها بجنسها أو بخلاف جنسها ألا أنه إذا حابى فيه بما لا يتغابن الناس في مثله فإنه يضمن قدر زكاة المحاباة ويغير التجارة استهلاك وقيده في (فتح القدير) بما إذا نوى في البدل عدم التجارة عند الاستبدال أما إذا لم ينو وقع البدل للتجارة واستبدال السائمة بالسائمة إن كان بخلاف جنسها بأن باع الإبل بالبقر أو البقر بالغنم استهلاك إجماعاً وإن بجنسها فكذلك عند أصحابنا خلافاً لزفر والفرق كما في (البدائع) أن الواجب في مال التجارة متعلق بالمعنى وهو المالية أو القيمة وفي السائمة بالعين لا بالمعنى. ألا ترى/ أنه لو كان له خمس عجاف من الإبل لا تساوي مائتي درهم وجب فيها الزكاة ثم إذا حضر المصدق وقت البيع خير بين أخذ القيمة من البائع وإمضاء البيع وبين أخذ الواجب من العين المبتاعة ويبطل البيع بقدر الواجب بخلاف إذا باع الطعام العشري فإن المصدق يأخذ من البائع إن شاء أو من المشتري حضر قبل الافتراق

ولو وجب سن ولم يوجد دفع أعلى منها، وأخذ الفضل أو دونها ورد الفضل ـــــــــــــــــــــــــــــ أو بعده لأن تعلق العشر بالعين أكثر من تعلق الزكاة وإقراض مال الزكاة بعد الحول ليس استهلاكاً وإن نوى المال وكذا إعادة ثوب التجارة كذا في (الخانية)، ولو أزال ملك النصاب بغير عوض كالهبة من غير الفقير والوصية أو بعوض ليس بمال كالأمهار وبدل الصلح عن دم العمد والخلع ونحوهما أو بما ليس هو مال الزكاة كالعبد للخدمة صار مستهلكاً ولا يخفى أن هذا كله إذا كان بعد الحول أما قبله فلا ولو كان البدل مال الزكاة لا تجب إلا بحول جديد أو يكون عنده دراهم وقد استبدل بإحدى النقدين ولو فعله فراراً من الزكاة كره عند محمد خلافاً لأبي يوسف وهو الأصح وأجمعوا أنه لا يكره للحاجة ولو رجع في هبته بقضاء أو غيره فهلكت عنده لا شيء عليه لأن الرجوع فسخ من الأصل والنقود تتعين في مثله فعاد إليه قديم ملكه كذا في (الفتح). وفي (الظهيرية) وهب النصاب ثم استفاد مالاً في خلال الحول ثم رجع في الهبة يستأنف الحول في المستفاد من حين استفاده فهذه المسألة تدل على أن الرجوع في الهبة ليس فسخاً للهبة من الأصل إذ لو كان فسخاً لما وجب استئنافه في المستفاد من وقت الاستفادة انتهى. ولو قيل: إنه فسخ من الأصل فيما وقعت الهبة عليه لاندفع ما ذكر وهذا لأنه لا يمكن أن يجعل فسخاً من الأصل في المعدوم (ولو وجب أصل) السن المعروفة ثم سمي بها صاحبها كالناب للمسنة من النوق ثم استعيرت لغيره كابن المخاض وابن اللبون كذا في (المغرب) وذكر السن وأراده ذات السن إنما يكون في الحيوان لا في الإنسان لأن عمر الدواب إنما يكون بالسن (ولم يوجد) هذا اتفاقي في ثبوت الخيار الآتي مع وجود الواجب (دفع) رب المال (أعلى منها) أي: من السن التي وجب (وأخذ الفضل) من الساعي (أو) دفع (دونها ورد) رب المال (الفضل) إلى الساعي لم يقدره بشيء لأنه يختلف بحسب الأوقات غلاء ورخصاً وهو ظاهر في أن الخيار لرب المال في الوجهين. والواقع أن الخيار له إنما هو في الثاني فقط لقولهم: إن المصدق لا يجبر الساعي على قبول الأعلى ورد الفضل لأنه يتضمن بيع الفضل من الساعي ومبنى البيع على التراضي فيما في (النهاية) من أن الصواب أن الخيار إلى من عليه لأن الخيار شرعاً رفقاً بمن عليه الواجب والرفق إنما يتحقق بتخييره ليس على إطلاقه اللهم إلا أن يراد أنه له الخيار ولو طلب الساعي منه الأعلى فيكون له أن يتخير بين إعطائه أو الأدنى وما في (غاية البيان) من أن كون الساعي لا يجبر على أخذ الأعلى فيه نظر لقولهم

أو القيمة، ويؤخذ الوسط ـــــــــــــــــــــــــــــ الخيار لرب المال رفقاً به لأن الزكاة وجبت بطريق اليسر فلو قلنا بعدم إجباره لعاد على موضوعه بالنقص وما في (البحر) وقولهم: لا إجبار في الشراء ممنوع لأنه ليس شراء حقيقياً ولا ضرر على الساعي بإجباره لأنه عامل لغيره فالظاهر إطلاق (الكتاب) ممنوع وكيف يعود على موضعه بالنقض مع جواز دفع القيمة وكونه ليس شراء حقيقة بل ضمناً لا يقتضي الإجبار كيف والفاضل عن الواجب يصير ملكاً للساعي ولا طريق لتملكه إياه إلا بالشراء والذي تحصل من كلامهم ثلاثة أقوال: الأول: ما جرى عليه القدوري واختاره الإسبيجابي وذكره محمد في (الأصل) أن الخيار للمصدق. والثاني: أن الخيار لرب المال مطلقاً وعليه جرى المصنف ولا خيار للساعي إلا إذا أراد المالك دفع بعض العين له عن الواجب كما إذا وجب عليه بنت لبون فدفع بعض الحقة فإن له أن لا يقبل لما فيه من عيب التشقيص ذكره في (البدائع). الثالث: ما قاله الصيرافي الصحيح أن الخيار إلى المتصدق إذا كان فيه دفع زيادة وإلى المالك إذا أراد دفع الأدنى والزيادة لأنه دفع بالقيمة وفي دفع القيمة إجبار له إجماعاً كذا في (السراج) وفيه دليل لما قاله الشارح من أن ما في (البدائع) أنه لا خيار للساعي إلا في تلك المسألة غير مستقيم لوجهين: الأول أنه مع العيب يساوي قدر الواجب وهو المعتبر في الباب والثاني أن فيه إجبار المصدق على شراء الزائد انتهى. يعني في صورة ما إذا دفع المالك الأعلى ودفع القيمة لأن المقصود سد خلة الفقير وذلك يحصل بأي مال كان والمخصوص لبيان القدر لا التعيين حتى لو أدى ثلاث شياه سمان عن أربع وسط أو بعض بنت لبون عن بعض بنت مخاض/ جاز. وفي كلامه رد على من ظن بدلية القيمة إذ شأن البدل أن لا يجوز إلا عند تعذر الأصل ثم القيمة تعتبر عنده يوم الوجوب وعندهما يوم الأداء وفي السوائم تعتبر يوم الأداء إجماعاً هو الأصح كما في (المحيط) وكما يجوز دفع القيمة في الزكاة يجوز في الكفارة والصدقة والفطر والعشر والنذر بأن نذر التصدق بهذا الدينار أو الخبز فتصدق بعدله دراهم (أو قيمته ويؤخذ) في زكاة السائمة (الوسط) وهو أعلى الأدنى وأدنى الأعلى لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تأخذوا من حزرات أموال الناس أي: كرائمها وخذوا من حواشي أموالهم أي: من أوساطها) ولأن فيه نظراً من الجانبين

ويضم مستفاد من جنس نصاب إليه، ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (الهداية) والحزرات بالفتحات جمع حزرة بالحاء المهملة وتقديم الزاي المنقوطة على الراء في اللغة المشهورة وقال في (غاية البيان): وفي كل من التفسيرين نظر أما الأول فلأن تفسير الشيء بلفظ المجاز عيب لأن حزرة المال خياره والكرائم تستعمل في خيار الأموال ونفائسها على المجاز وأما الثاني فلأن الحواشي جمع حاشية وهي لم تجئ بمعنى الوسط بل معناه في جانب من جوانبها من غير اختيار وهي في الأصل جمع حاشية الثوب وغيره لجانبه كذا في (المغرب). قال في (العناية): وتفسير الحواشي بالأوساط هو الحق لقوله ولأن فيه نظراً من الجانبين وفي (الظهيرية) له نخيل ثمر جيد برني ودقل قال الإمام: يأخذ من كل نخلة حصتها من العشر وقال محمد يأخذ الوسط إذا كانت أصنافاً قال في (البحر) وهذا يقتضي إذا أخذ الوسط إنما هو فيما إذا اشتمل المال على جيد ووسط ورديء أو على صنفين منهما أما لو كان المال كله جيداً وجب واحدة من الكرائم لا شاة وسط عند الغمام خلافاً لمحمد انتهى. وفي (الدراية) وإن لم يكن فيها وسط يعتبر أفضلها فيكون الواجب بقدره. (ويضم مستفاد) سواء كان حاصلاً من الأصل كالأولاد والربح أول م يكن كالإرث والهبة والشراء والوصية (من جنس نصاب إليه) فيزكيه بحول الأصل وأشار بقوله إليه إلى أن الضم إنما يكون ما بقي الأصل حتى لو ضاع استأنف للمستفاد حولاً منذ ملكه فإن وجد منه شيئاً قبل الحول ولو بيوم ضمه وزكى الكل كذا في (المبسوط) وكذا لو وهب له ألفاً فاستفاد مثلها في الحول ثم رجع الواهب بقضاء فإنه يستأنف حولاً للفائدة كما في (المحيط) وشمل كلامه ما لو كان له نصاب دين ثم استفاد مائة فإنها تضم إجماعاً غير أنه لا يلزمه الأداء من المستفاد عند الإمام ما لم يقبض أربعين درهماً وعندهما يلزمه وأثر الخلاف يظهر فيما لو مات المديون مفلساً سقط زكاة المستفاد عندها لا عندهما. وما لو أدى عشر طعام أو أرض أو صدقة فطر عبد ثم باع حيث تضم أثمان هذه إجماعاً والخلاف إنما هو في ثمن السائمة المزكاة قال الإمام: لا يضم وقالا: يضم والفرق له أن ثمن السائمة بدل مال الزكاة وللبدل حكم المبدل منه فلو ضم لأدى إلى الثني بخلاف ما مر لأن البدل ليس مال الزكاة وعلى هذا فيخرج ثمن السائمة بقوله من جنس يضاف إليه لأن الثمن عين السائمة حكماً وكذا لو جعلها علوفة بعد ما زكاها ثم باعها أو جعل عبد التجارة كذلك للخدمة ثم باعه ضم ولو أدى زكاة بقدره ثم اشترى به سائمة لا يضم لما قلنا، ولو كان عنده نصابان نقدان مما لم يضم

ولو أخذ العشر، والخراج، والزكاة بغاة لم يؤخذ أخرى، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما كثمن شائمة مزكاة وألف درهم ثم وهب له ألف ضمت إلى أقربهما حولاً من حين الهبة نظراً للفقر فلو ربح في أحدهما ضم إلى أصله لأن الترجيح بالذات أقوى منه في الحال. (ولو أخذ الخراج) أي: خراج الأرض كما في (غاية البيان) والظاهر أن خراج الرؤوس كذلك (والعشر والزكاة بغاة) وهو قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام الحق بأن ظهروا فأخذوا ذلك (لم يؤخذ) ما ذكر مرة (أخرى) لأن الإمام لم يحمهم والجباية بالجماعة لكن يفتون بإعادة ما عدا الخراج لأن مصرفه الفقراء وهم لا يصرفونه إليهم بخلاف الخراج لأنهم مصارف له لكونهم مقاتلة وقيل: إذا نوي بالدفع التصدق عليهم سقط عنه، وكذا الدفع إلى كل جائر، ولذا قال في (المبسوط): وما يأخذه ظلمة زماننا من الصدقات والخراج والجبايات والمصادرات فالأصح أنه يسقط عن أرباب الأموال إذا نووا عند الدفع التصدق عليهم لأن ما بأيديهم أموال المسلمين وما عليهم من التبعات فوق أموالهم فلو ردوا ما عليهم/ لم يبق في أيديهم شيء انتهى. وكان أمير بلخ وجبت عليه كفارة يمين فأفتى بالصيام وعلى هذا لو وصى بثلث ماله للفقراء فدفع للسلطان الجائر سقط ذكره قاضي خان فإنكارهم على يحيى ابن يحيى تلميذ مالك حين أفتى بعض ملوك المغاربة في كفارته بالصوم غير لازم وتعليلهم بأنه اعتبار للمناسب المعلوم الإلغاء غير لازم لجواز أن يكون للاعتبار الذي ذكرنا من فقرهم لا لكونه أشق عليهم من الإعتاق ليكون هو المناسب المعلوم الإلغاء كونهم لهم مال وما أخذوه خلطوه به وذلك استهلاك إذا كان لا يمكن تمييزه عنه عند أبي حنيفة فبملكه ويجب عليه الضمان حتى قالوا: يجب عليهم فيه الزكاة ويورث عنهم ضائر لاشتغال ذمتهم بمثله والمديون بقدر ما في يده فقير كذا في (الفتح). ولا يخفى أن فيه تدافعاً ظاهراً وذلك أن وجوب الزكاة عليه يؤذن بفنائه وجواز الصرف إليه يقتضي فقره وتنبه لما قيدنا به المسألة فيما مر فإنه مما لا غنى عنه هنا واعلم أن ظاهر (الكتاب) أنه لا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة وهو ظاهر ما رجحه السرخسي وفرق في (الواقعات) بينهما حيث قال: السلطان إذا أخذ الصدقات قيل: إن نوى الصدقة عليه لا يؤمر بالإعادة وقيل: الأحوط أن يؤمر بالأداء ثانياً ديانة وقال

ولو عجل ذو نصاب لسنين، أو لنصب صح ـــــــــــــــــــــــــــــ أبو جعفر: لا يؤمر لأن أخذه صحيح لما أن له ولاية الأخذ وهذا في الأموال الظاهرة أما لو صادرة ونوى بالمدفوع إليه الزكاة قال المتأخرون: إنه يجوز والصحيح أنه لا يجوز وبه يفتى وهكذا رجحه في (الولوالجية) وفي (البزازية) السلطان الجائر إذا أخذ صدقة الأموال الظاهرة يجوز ويسقط في الصحيح ولا يؤمر بالأداء ثانياً فإن صادر أو أخذ الجبايات ونوى أن يكون عن الزكاة أو نوى أن يكون المسكن زكاة فالصحيح أنه لا يقع عن الزكاة ولو نوى الزكاة فيما يدفع إلى صبيان أقاربه أو لمن يهدي إليه الباكورة أو من يبشره بقدوم صديقه أو المعلم في الكتب إذا لم يستأجروه يجوز. واعلم أن اشتراط أخذهم الخراج ونحوه اتفاقي حتى لو لم يأخذوا منه سنين وهو عندهم لم يأخذ منه شيء لا فرق في ذلك بين أن ينشأ الإسلام في دار الحرب أو يدخل إليهم مسلماً إلا أنه إذا كان عالماً بوجوب الزكاة يفتى بإعادتها وإلا لا كذا في (الشرح). (ولو عجل ذو نصاب) واحد أي: النصاب كان (لسنين أو) عجل ذو نصاب (لنصب) متعددة (صح) تعجيله سواء بقي الفقير على حاله أو لا بأن أيسر أو ارتد ومات قبل الحول أما الأول فلأنه أدى بعد سبب الوجوب. قيد بقوله ذو نصاب لأنه لو ملك أقل منه فعجل خمسة عن مائتين ثم تم الحول على مائتين ثم هلك ما في يده إلا درهماً ثم استفاد فتم الحول على مائتين جاز ما عجل بخلاف ما لو هلك الكل وأن يكون النصاب كاملاً في آخر الحلو فلو عجل شاة من أربعين وحال الحول وعنده تسعة وثلاثون فإن كان دفعها للفقير وقعت نفلاً وإن كانت قائمة في يد الساعي فالمختار كما في (الخلاصة) وقوعها زكاة لا فرق في ذلك بين السوائم والنقود ولا بين ما إذا كانت في يد الساعي حقيقة أو استهلكها أو أنفقها على نفسه قرضاً أو أخذها من عمالته لأنه كقيام العين حكماً إلا في السائمة فيما إذا أخذها في عمالته فإنها لا تقع زكاة لأنها لما أخرجت عن ملك المعجل بذلك السبب فحين تم الحول يصير ضامناً للقيمة والسائمة لا تكمل نصابها بالدين. فإن قلت: ما في ذمة الساعي دين والدين عن العين لا يجوز قلت: هذا إذا كان الدين على غير الساعي أما إذا كان على الساعي فيجوز لأن حق الأخذ له فالطلب منه ثم الدفع إليه لا يفيد ولو صرفها إلى الفقراء أو إلى نفسه وهو فقير لا تقع زكاة وكذا لو ضاعت من الساعي ثم وجدها بعد الحول وللمالك أن يستردها لأنه عينها للزكاة هذه السنة ولم تصرف لو دفعها الساعي إلى الفقراء فلا ضمان عليه إلا إذا نهاه قيل: هذا عندهما أما عند الإمام فيضمن بناء على الاختلاف في الوكيل بدفع الزكاة إذا أدى بعد أداء الموكل بنفسه وأما الثاني فلأن النصاب الأول هو الأصل في السببية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والزائد تبع والمسألة مقيدة بما إذا ملك ما عجل عنه في سنة التعجيل فلو كان عنده مائتا درهم فعجل زكاة ألف ثم استفادها وتم/ الحول وعنده ألف جاز عن الألف وإن استفاد بعد الحول لم يجز عن زكاته أو عليه الزكاة بعد تمام الحول من حين الاستفادة كما في (المبسوط). وعلى هذا تفرع ما في (الخانية) لو كان خمس من الإبل الحوامل فعجل شاتين عنهما وعما في بطونها ثم نتجت خمساً قبل الحول أجزأه وإن عجل عما تحمل في السنة الثانية لا يجوز انتهى. ذلك انه لما عجل عما تحمله في السنة الثانية لم يوجد المعجل عنه في سنة التعجيل فلم يجز عما نوى التعجيل عنه وهذا أراد لا نفي الجواز مطلقاً لأنه يقع عما في ملكه في الحول الثاني فيكون من المسألة الأولى لأن التعيين في الجنس في ملكه في الحول الواحد لغو وفي (الولوالجية) لو كان عنده أربعمائة درهم فأدى زكاة خمسة ظاناً أنها كذلك كان له أن يحسب الزيادة للسنة الثانية لأنه أمكن بأن الزيادة تعجيلاً. قال في (البحر): وهذا مستثنى من تقييد المسألة وأقول: الظاهر أنه لا استثناء وأن هذا منا لمسألة الأولى ومن هنا اعترض في (الفتح) على إطلاق الجواز الواقع في (الخانية) وقد علمت ما فيه ومن فروع إلغاء التعيين في الجنس الواحد ما لو كان له ألف بيض وألف سود فعجل خمسة عن البيض والسود فهلك قبل تمام الحول ما عين عنه لا زكاة عليه في الباقي وكان المخرج عنها. ولو ضاع أحدهما بعد الحول كان نصف ما عجل عما بقي وعليه تمام زكاة الباقي وكذا لو أدى عن أحدهما بعد الحول كان الأداء عنهما والدراهم والدنانير وعروض التجارة جنس واحد بدليل الضم وكذا الدين مع العين فهلكت قبل الحول جاز عن الدين ولو بعده لا يقع عنه. واعلم أن التعجيل بعد وجود السبب لا يخص الزكاة بل كذلك لو عجل عشر أرضه أو ثمره بعد الخروج قبل الإدراك واختلف الشيخان فيه قبل الخروج فمنعه محمد وجوزه الثاني. والأظهر أنه لا يجوز في الزرع قبل النبات وكذا قبل طلوع الثمرة في ظاهر الرواية وكذا لو عجل خراج رأسه ولو نذر صوم يوم معين فعجل جاز عند الثاني خلافاً لمحمد وعلى هذا الخلاف والصلاة والاعتكاف ولو نذر حج كذا فأتى به قبلها جاز عندهما خلافاً لمحمد كذا في (السراج).

باب زكاة المال

باب زكاة المال تجب في مائتي درهم وعشرين ديناراً ربع العشر ولو تبراً، أو حلياً، أو آنية، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب زكاة المال قدمنا أنه اسم لما يتمول ويدخر وهذا يتناول السوائم أيضاً إلا أن أل فيه للمعهود في قوله عليه الصلاة والسلام: (هاتوا ربع عشر أموالكم) إذ لا خفاء أن المراد به غير السوائم لأن زكاتها غير مقدر به وبهذا استغني عما قيل المال في عرفنا يتبادر إلى النقد والعروض وقدمها على خمس الركاز والعشر لأنهما كالمستفاد ثم قدم النقدين على العروض لأنهما أصلان لسائر الأموال في معرفة القيم وقدم الفضة على الذهب إقتداء بكتبه عليه الصلاة والسلام ولأنها أكثر تناولاً ورواجاً. (يجب في مائتي درهم) بيان لنصاب الفضة (و) في (عشرين ديناراً) بيان لنصاب الذهب فلو نقص النصاب منهما نقصاناً يسيراً يدخل بين الوزنين لا تجب كذا في (البدائع)، (ربع العشر) بضم العين أحد الأجزاء العشرة لما أخرجه الشيخان ليس فيما دون خمس أواق صدقة وجاء ليس في أقل من عشرين ديناراً صدقة وفي عشرين ديناراً نصف دينار وفي رواية الدارقطني والأوقية أربعون درهماً وهي بضم الهمزة ولا يقال: وقية خلافاً لما حكاه اللحياني وتشديد الياء أفعولة من الوقاية لأنها تقي صاحبها من الضرر وقيل: فعيلة من الأواق وهو النقل والجمع أوقى بتشديد الياء وتخفيفها فمن شدد جعل وزنها أفاعيل ومن خفف جعله أفاعل وهي الفضة مضروبة أو غير مضروبة وأصلها ورقة. (ولو) كان النصاب منهما تبراً قطعة معدن (أو) كان (حلياً) بضم الحاء وكسرها وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وإسكان اللام ما تتحلى به المرأة من ذهب وفضة وحلية السيف جمعها حلي ونبه بقوله (أو آنية) على أن الحكم ليس مقصوراً على ما تتحلى به المرأة بل حلية السيف والمصحف والمنطقة واللجام والسرج والأواني إن تخلصت كذلك سواء نوى بها للتجارة أو التجمل أو لم ينو شيئاً كما في

ثم في كل خمس بحسابه والمعتبر ـــــــــــــــــــــــــــــ (البدائع) وغيرها (ثم) يجب (في كل خمس) بضم المعجمة أحد الأجزاء الخمسة وهو أربعون درهماً وأربعة مثاقيل (بحسابه) فيجب فيه من نصاب الفضة درهم وفي نصاب الذهب قيراطان وأفاد أنه لا شيء فيما نقص عنه وهذا قول الإمام وقالا: يجب فيما زاد/ مطلقاً. فيجب في الدرهم الزائد جزء من ربعين جزءاً من درهم لقول علي رضي الله عنه فما زاد بحسابه وله قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ: (لا تأخذ من الكسور شيئاً فإذا بلغ الورق مائتي درهم فخذ منها خمسة دراهم ولا تأخذ مما زاد حتى يبلغ أربعين درهماً فتأخذ منها درهماً) قيل: المعنى لا تأخذ من الشيء الذي يكون المأخوذ منه كسوراً فسماه كسوراً باعتبار ما تجب فيه. فإن قيل: يجوز أن يكون المراد به ما قبل المائتين بدليل قوله بعد فإذا بلغ الورق إلى آخره فالجواب أن المراد به ما قبل المائتين وما بعده لأنه قال: فإذا بلغ الورق إلى آخره وعلى هذا وقوله فإذا بلغ إلى آخره وقع بياناً لقوله لا تأخذ من الكسور شيئاً لئلا يلزم التكرار وللزوم التكرار جعلت الفاء تفسيرية لا تعقيبية واعترض بأن قوله في الحديث فإذا بلغ إلى آخره لا يدل على ما ادعاه وكيف يلزما لتكرار إذا حمل الأول على ما قبل المائتين والثاني على ما بعدها وما عن علي يحتمل ما قلنا وحديث معاذ محكم فلا يعارضه. إلا أنه في (الفتح) قال: الله به أعلم وأثر الخلاف يظهر فيما لو كان له مائتان وخمسة دراهم ومضى عليها عامان قال الإمام: يلزمه عشرة وقالا: خمسة لأنه وجب عليه في العام الأول خمسة وثمن فبقي السالم من الدين في الثاني نصاب إلا ثمن وعنده لا زكاة في الكسور فبقي النصاب في الثاني كاملاً وفيما إذا كان له ألف حال عليها ثلاثة أحوال كان عليه في الثاني أربعة وعشرون وفي الثالث ثلاثة وعشرون عنده وقالا: تجب مع الأربعة والعشرين ثلاثة أثمان ومع الثلاثة والعشرين نصف وربع وثمن ثمن درهم ولا خلاف أنه يجب في الأول خمسة وعشرون كذا في (السراج)، وما لو هلك بعد الحول من النصاب عشرون درهماً وجب أربعة عنده وقالا: ونصف، وفي (المحيط) ولا يضم إحدى الزيادتين إلى الأخرى ليتم أربعين درهماً أو أربعة مثاقيل عند الإمام لأنه لا زكاة في الكسور وقالا: يضم (والمعتبر) في

وزنهما أداء، ووجوباً في الدراهم وزن سبعة وهي أن تكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل ـــــــــــــــــــــــــــــ النصابين (وزنهما) أداء أي: من حيث الأداء يعني يعتبر أن يكون المؤدى قدر الواجب وزناً عند الإمام والثاني. وقال زفر: تعتبر القيمة واعتبر محمد الأنفع للفقراء فلو أدى عن خمسة جيدة زيوفاً قيمتها أربعة جيدة جاز عندهما وكره وقال محمد وزفر: لا يجوز حتى يؤدي الفضل ولو أربعة جيدة قيمتها خمسة لم يجز إلا عند زفر ولو كان له إبريق فضة وزنه مائتان وقيمته ثلاث مائة إن أدى من عينه فلا كلام أو من غيره جاز عندهما خلافاً لمحمد وزفر إلا أن يؤدي الفضل وأجمعوا أنه لو أدى من خلاف جنسه اعتبرت القيمة حتى لو أدى من الذهب ما تبلغ قيمته خمسة دراهم من غير الإناء لم يجز في قولهم لتقوم الجودة عند المقابلة بخلاف الجنس فإن أدى القيمة وقعت عند المستحق كذا في (المعراج). (ووجوباً) أي: من حيث الوجوب يعني يعتبر في الوجوب أن يبلغ وزنها نصاباً إجماعاً حتى لو كان له إبريق فضة وزنه مائة وخمسون وقيمته مائتان لم تجب وكذا لو كان له إناء ذهب وزنه عشرة مثاقيل وقيمته مائتا درهم ويعتبر (في الدراهم وزن سبعة وهو) أي: ذلك الاعتبار (أن يكون العشرة منها) أي: من الدراهم (وزن سبعة مثاقيل) جمع مثقال وهو الدينار عشرون قيراطاً في الجاهلية والإسلام وأما الدراهم فبعضها كان كالدينار وبعضها كان اثني عشر قيراطاً وبعضها كان عشرة إلى زمن عمر رضي الله عنه فطلب الخراج بأكثرها وراموا دفع الأصغر تخفيفاً فاستشار الصحابة وأجمعوا على أنه يؤخذ من كل نوع ثلثه فصارت الدراهم أربعة عشر قيراطاً وعليه استقر الخراج والدية والمهر ونصاب الزكاة والسرقة. وفي (المغرب) وغيره إن هذا التقدير كان في زمن عبد الملك والأول هو المشهور وأنكر ابن الفضل لزومه وقالك المعتبر في كل أهل بلد دراهمهم وأفتى به جماعة من المتأخرين وجزم به في (الولوالجية) و (الخلاصة) واختاره في (المجتبى) و (جمع النوازل) و (العيون) كما في (النوازل) و (العيون) كما في (المعراج) لأن هذه الزنة لم تكن في زمنه عليه الصلاة والسلام ولا شك في وجوب الزكاة فيه قال في (الفتح): وهو الحق فقد قال أبو عبيدة: أي الدراهم وجد في زمنه عليه الصلاة والسلام كانوا يزكونه قال: لكني أقول: ينبغي أن يقيد بما إذا كانت دراهمهم لا تنقض عن/ أقل وزن كان في زمنه عليه الصالة والسلام فلا تجب في مائتين من المسعودية بمكة وإن كانت دراهم قوم قال في (السراج) إلا أن كون الدراهم أربعة عشر قيراطاً عليه الجم الغفير والجمهور الكثير وإطباق كتب المتقدمين والمتأخرين

وغالب الورق، ورق لا عكسه، وفي عروض تجارة ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا وفي (الغاية) أن درهم مصر أربعة وستون حبة وهو أكبر من درهم الزكاة فالنصاب منه مائة وثمانون درهماً وحبتان قال في (الفتح): وفيه نظر على ما اعتبروه في درهم الزكاة لأنه إن أراد بالحبة الشعيرة فدرهم الزكاة سبعون شعيرة إن كانت العشرة وزن سبعة والمثقال مائة شعيرة فهو إذن أصغر لا أكبر وإن أراد بالحبة شعيرتان كما وقع في تفسير بعضهم فهو خلاف الواقع إذ الواقع أن درهم مصر لا يزيد على أربعة وستين شعيرة لأن كل ربع مقدر بأربع خرانيب وكل خرنوبة بأربع حبات وسط. (وغالب الورق) بكسر الواو وفتحها الفضة المضروبة (ورق لا عكسه) ورقاً بل عرضاً وكذا الذهب وهذا لأن الدراهم لا تخلو عن قليل غش لأنها لا تنطبع إلا به بخلاف الكثير فجعلنا الغلبة فاصلة فإن كانت للفضة كان فيها زكاتها لا زكاة العروض ولو أعدها للتجارة وإن للغض فإن نواها للتجارة اعتبرت قيمتها كذا في أكثر الكتب. وقيده في (البدائع) و (المجتبى) بما إذا لم تكن أثماناً رائجة فإن كانت وبلغت نصاباً من أدنى ما تجب الزكاة فيه من الدراهم وجبت وإلا لا وإن لم تكن رائجة ولا منوية للتجارة فلا زكاة فيها إلا إن كان يخلص منها فضة تبلغ نصاباً أو أقل وعنده ما لو ضمه إليها بلغت به قال في (غاية البيان): والظاهر أن الخلوص ليس بشرط لما في (مختصر الكرخي) إلا أن يبلغ ما فيها من الفضة مائتين انتهى. وفيه نظر لأنها إذا لم تخلص فقد هلكت فيه فلم ينتفع بها لا حالاً ولا مالاً فبقيت العبرة للغش وكذا جزم في أكثر الكتب باشتراط الخلوص وعلى التفصيل السابق جرى جواب السلف في الدراهم الغطارفيه المنسوبة إلى غطريف بن عطا الكندي أمير خراسان في أيام الرشيد وكان من أعز النقود أفتى ابن الفضل بوجوب الزكاة مطلقاً وقول السلف أصح كذا في (البدائع) وسكت المصنف تبعاً لمحمد عما إذا استويا واختار في (الخانية) و (الخلاصة) الوجوب احتياطاً وقيل: لا تجب قال الزاهدي: والمفهوم من كتاب الصرف أن للمساوي حكم الذهب والفضة ومن كتاب الزكاة خلافة وأما الذهب المخلوط بالفضة فإن غلب الذهب فذهب أولا فإن بلغ الذهب أو الفضة نصابه وجبت. (و) تجب أيضاً (في عروض تجارة) عطف على قوله في مائتي درهم جمع عرض بفتحتين حطام الدنيا وبسكون الراء المتاع وكل شيء فهو عرض سوى الدراهم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ والدنانير كذا في (الصحاح) وقال أبو عبيد: العروض الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا يكون حيواناً ولا عقاراً قال في (النهاية): وعلى هذا فجعلها هنا جمع عرض بالسكون أولى لأنه في بيان الأموال التي هي غير النقد والحيوانات انتهى. وهو ممنوع بل في بيان أموال التجارة حيواناً كان أو غيره على ما تقدم من أن السائمة المنوية للتجارة يجب فيها زكاة التجارة سواء كانت جنس ما يجب فيه زكاة السائمة كالإبل أو لا كالبغال والحمير فالصواب اعتبارها جمع عرض بالسكون على تفسير (الصحاح) فتخرج النقود لا على قول أبي عبيدة وإياه عني في (النهاية) بقوله وعلى هذا فإنه فرع عليه أخرج الحيوان كذا في (الفتح). ولقائل أن يقول: لا نسلم أنه عين ما ذكر وكيف يصح ذلك وقد أخرج أبو عبيدة الكيلي والوزني والعقار كالحيوان بل قوله وعلى هذا أي: على الفرق بين الفتح والسكون فالأولى السكون لأنه في بيان حكم غير النقدين والحيوانات غير السائمة لتقدم ذكرها فخرج بقيد التجارة ما كان للغلة والخدمة وما يسم لا للتجارة وإنما تحقق التجارة عند عمل هو تجارة فلو اشترى جارية ناوياً الخدمة ثم نوى التجارة لا يكون لها حتى يبيعها أو يؤجرها ولو نواها عند الهبة أو الوصية أو النكاح أو الخلع والصلح عن القود لا تصح لما قلنا. قال الشارح: وكلام المصنف ليس على إطلاقه لأنه لو اشترى أرض خراج ونوى بها التجارة لا يكون لها وكذا لو اشترى أرض عشر وزرعها أو بزراً وزرعه وجب فيه العشر دون الزكاة وأجاب في (شرح الدرر) بأن الأرض ليست من العروض لما مر عن أبي عبيد وفيه نظر لأنه لو كان كما قال ملا صحت نية التجارة فيها مطلقاً مع أن عدم الصحة إنما هو لقيام المانع المؤدي إلى الثني/. واعلم أن نية التجارة في الأصل تعتبر تابعة في بدلة كما لو قايض بعروض التجارة أو قتل عبد عبد التجارة ودفع به فإن المدفوع يكون للتجارة وإن لم ينو فيه ما لم يخرجه بنية عدمها ولو ابتاع مضارب عبداً أو ثوباً وطعاماً وحمولة زكى الكل وإن قصد غير التجارة لأنه لا يملك الشراء لغيرها بخلاف رب المال إذا اشترى عبداً للتجارة وثوباً وحمولة حيث لا يزكي الثوب والحمولة لملكه ذلك قال في (الفتح):وهذا أعني عدم تزكية الثوب لرب المال محمول على ما إذا لم يقصد بيعه معه لما

بلغت نصاب ورق، أو ذهب ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الخانية) النخاس إذ اشترى دواب للبيع واشترى لها مقاود وجلاجل إن كان لا يدفع ذلك مع الدابة إلى المشتري لا زكاة فيها وإن كان يدفعها معها وجبت وكذا العطار إذا اشترى قوارير انتهى. وقد يفرق بأن ثوب العبد يدخل في بيعه بلا ذكر تبعاً حتى لا يكون له قسط من الثمن فلم يكن مقصوداً أصلاً فوجوده كعدمه بخلاف جلاجل الدواب والقوارير فإنها تباع قصداً ولذا لم يدخل في البيع بلا ذكر كذا في (البحر) وأقول: هذا الحمل مستفاد من تعليلهم بأن المالك كما يملك الشراء للنفقة والبذلة يعني فلا يكون للتجارة إلا بالنية وإذا قصد حين شرائه بيعه معه فقد نوى التجارة بخلاف المضارب لما قد علمته فأما عدم صحة قصده مقصود التبعية فممنوع بل يصح قصده بهما وإن دخل تبعاً على أن دخول الثوب مطلقاً ممنوع بل ثياب المهنة ثم مع الدخول لا تتعين بل إن شاء البائع أعطى غيرها مما هو كسوة مثله كما تقرر في محله (بلغت نصاب ورق) أي: فضة مضروبة وفيه إيماء إلى أن التقويم إنما يكون لها (أو) نصاب (ذهب) والمذكور في (الأصل) أن المالك مخير في تقويمها بأيهما شاء وعن الإمام في (رواية النوادر) يقومها بالأنفع للفقراء وجعله الشارح مذهب الإمام وجمع بينهما بحمل ما في (الأصل) على ما إذا كان التقويم بكل منهما لا يتفاوت وتفسير الأنفع أن يقومها بما تلبغ نصاباً وعن الثاني بما إذا اشترى إن كان الثمن من النقود وإلا فبالنقد الغالب وعن محمد بالنقد الغالب على كا حال كذا في (الهداية). وعليه جرى الشيخ وغيره وهو مخالف لما في (النهاية) من أنه إن كان تقويمه بأحد النقدين يتم به النصاب وبالآخر لا قومها بما به يتم اتفاقاً وفي (الخلاصة) إن شاء قومها بالذهب أو بالفضة وعن الإمام أنه يقومهما بما اشترى هذا إذا كان يتم النصاب بأيهما تقوم فلو كان يتم بأحدهما دون الآخر قوم بما به يصير نصاباً وعليه فلا يصح تفسير الأنفع بما ذكر إذ باقي الأموال لا يخالف هذا نعم يتجه جعله تفسيراً لبعض المراد بالأنفع فالمعنى يقوم المالك بالأنفع مطلقاً فيتعين ما يبلغ به نصاباً دون ما لا يبلغ فإن بلغ بكل منهما وأحدهما أروج تعين التقويم بالأروج وإن استويا رواجاً خير المالك كذا في (الفتح). لكن بقي أن يقال: إن تفسير الأنفع لم ينحصر فيما ذكره في (السراج) لو كانت بحيث لو قومها بالدراهم بلغت مائتين وأربعين وبالدنانير ثلاثاً وعشرين قومها بالدراهم لوجوب ستة فيها بخلاف الدنانير فإنه يجب فيها نصف دينار وقيمته خمسة ولو بلغت بالدنانير أربعة وعشرين وبالدراهم مائة وستة وثلاثين قومها بالدنانير

ونقصان النصاب في الحول لا يضر إن كمل في طرفيه، وتضم قيمة العروض إلى الثمنين، والذهب إلى الفضة قيمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ونقصان النصاب) أي: نصاب مال الزكاة (في) خلال (الحول لا يضر) أي: لا يمنع وجوب الزكاة (إن كمل) النصاب (في طرفيه) لأن اشتراط كماله في الابتداء للانعقاد وفي الانتهاء للوجوب ولا كذلك ما بينهما وهذا عندنا. وقال زفر: ولا خلاف بين الفقهاء أن نقصان عروض التجارة في الحول لا يوجب استئناف الحول قيد بنقصانه لأن هلاك كله يوجب استئناف الحول ومنه ما لو جعل السائمة علوفة لأن زوال الوصف كزوال العين ونقصان القيمة بعد الحول لا يسقط شيئاً عند الإمام وقالا: عليه زكاة ما بقي وفي (المجتبى) الدين في خلال الحول لا ينقطع حكمه وإن كان مستغرقاً وقال زفر: يقطع ومن فروع المسألة ما لو كان له غنم للتجارة تساوي نصاباً فماتت قبل الحول فدبغ جلودها وتم الحول عليها كان عليه الزكاة إن بلغت نصاباً ولو تخمر عصيره الذي كان للتجارة قبل الحول ثم صار خلاً وتم الحول عليه وهو كذلك لا زكاة عليه لأن النصاب في الأول باق لبقاء الجلد لتقومه بخلافه في الثاني/ وروى ابن سماعة أن عليه الزكاة في الثاني أيضاً. (ويضم قيمة العروض) بعد تقويمها (إلى الثمنين) لأن الواجب في الكل باعتبار التجارة وإن افترقت جهة الإعداد قال الزاهدي: وله أن يقوم أحد النقدين ويضمه إلى قيمة العروض عند الإمام وقالا: لا يقوم النقدين بل العروض ويضمها وفائدته تظهر فيمن له حنطه للتجارة قيمتها مائة درهم وخمسة دنانير قيمتها مائة تجب الزكاة عنده خلافاً لهما لأن النقدين أثمان يقوم بهما الأِشياء فلا يقوم بالأشياء وله أن عروض التجارة والنقود سواء في تعلق الزكاة بهما بقدر الواجب فلم يكون أحدهما بالاعتبار أولى من الآخر وعلى هذا فلو قال المصنف: ويضم قيمة الثمنين إلى العروض لكان أولى. (و) يضم (الذهب إلى الفضة) والفضة إلى الذهب للمجانسة بجامع الثمينة (قيمة) أي: من حيث القيمة عند الإمام وقالا: من حيث الأجزاء بأن يعتبر تكميل أجزاء النصاب من نحو الربع والنصف لأن المعتبر فيها القدر دون القيمة حتى لا يحب في مصوغ وزنه أقل من مائتي وقيمته فوقها وله أن الضم للمجانسة وهي تحقق باعتبار القيمة دون الصورة وأثر الخلاف يظهر فيمن له مائة وخمسة مثاقيل قيمتها مائة كان عليه الزكاة عنده خلافاً لهما لأن الحاصل ثلاثة أرباع نصاب، قال في (الكافي): ولا تعتبر القيمة عند تكامل الأجزاء كمائة وعشرة دنانير لأنه متى نقص

باب العاشر

باب العاشر هو من نصبه الإمام ـــــــــــــــــــــــــــــ قيمة أحدهما يزاد قيمة الثاني فيمكن تكميل ما ينتقص قيمته بما زاد، قال في (الفتح):ولا يخفى أن مؤدى الضابط بتكامل الأجزاء لا يعتبر القيمة أصلاً لهما أو لأحدهما حتى يجب خمسة في مائة وعشرة دنانير سواء كانت قيمة العشرة أقل من مائة وغير خاف أنه لا مطابقة بين الضابط وعلته إذ مقتضاه عدم اعتبار القيمة عند التكامل لهما أو لأحدهما ومقتضى التعليل وجوب اعتبار قيمة ما زاد عند انتقاص أحدهما بعينه وهو الواقع دفعاً لقول من قال في مائة وعشرة لا تساوي مائة لا زكاة فيها لأنه يعتبر القيمة وعلى اعتبارها لا يتم النصاب على هذا التقدير ودفعه الشارح بأنه لا يلزم من مطلق اعتبار قيمة أحدهما عيناً فإن لم يتم باعتبار قيمة الذهب بالفضة يتم باعتبار تقويم الفضة بالذهب ومن ثم قال في (المحيط) بعد ذكر المسألة والوجوب عندهما: اختلف المشايخ على قول الإمام والصحيح الوجوب لما قلنا في (المعراج) له مائة وخمسون درهماً وخمسة دنانير لا تساوي خمسين تجب على قولهما واختلف المشايخ على قوله. قال بعضهم: لا تجب عنده لأن الضم باعتبار القيمة ويضم الأقل إلى الأكثر وقال أبو جعفر: يجب وهو الصحيح ويضم الأكثر إلى الأقل وذكر البزودي أنه يضم بالقيمة والأجزاء عنده وعندهما بالأجزاء فقط انتهى. وعلى هذا لو زادت قيمة أحدهما ولم تنقص قيمة الآخر كمائة وعشرة دنانير قيمتها مائة وأربعون فمقتضى الضابط أنه لا يجب عنده إلا خمسة والمصرح به في (المحيط) وجوب ستة وهو الملائم لما مر من الضم للمجانسة وهي باعتبار المعنى وهو القيمة لا باعتبار الصورة ولا خفاء في وجوب الخمسة على قولهما والله الموفق للصواب. باب العاشر ألحقه بالزكاة اتباعاً (للمبسوط) وغيره لأن بعض ما يأخذه زكاة وليس متمحضاً فلذا أخره عما تمحض وقدمه على الركاز لما فيه من معنى العبادة مأخوذ من عشرت القوم أعشرهم عشراًَ بالضم فيهما إذا أخذت عشر أموالهم فقيل: هذا من تسمية الشيء باسم بعض أحواله ولا حاجة إليه بل العشر علم على ما يأخذه العاشر سواء كن المأخوذ عشراً لغوياً أو ربعه أو نصفه كذا في (الحواشي السعدية) وأراد به العلم الجنسي وسيأتي ما يؤيده، (هو من نصبه الإمام) على طريق المسافرين كما في

ليأخذ الصدقات من التجارة فمن قال لم يتم الحول، أو علي دين، أو أديت أنا أو إلى عاشر آخر ـــــــــــــــــــــــــــــ (النهاية) تبعاً (للمبسوط) وهذا القيد لا بد منه ليخرج الساعي فإنه الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقات المواشي في أماكنها هكذا فرق بينهما في (البدائع) قال: والمصدق اسم جنس (ليأخذ الصدقات) فيه تغليب لاسم العبادة على غيرها (من التجار) المارين عليه ويستوي في ذلك الأموال الظاهرة والباطنة لاحتياجها/ إلى الحماية كما في (الشرح) وعلى هذا فقول القدوري إذا مر على العاشر بمال شرط معتبر المفهوم خلافاً لأكثر شراح (الهداية). وقولهم: لو اعتبر لاقتضى أنه إذا لم يمر بماله لا يأخذ منه العاشر وليس كذلك فإنه يأخذ منا لأموال الظاهرة وإن لم يمر بها فوجب تقييده بالباطن ليتقيد به مفهوم شرطه مبني على عدم التفرقة بين العاشر والساعي وقد علمت الفرق بينهما وفائدة نصبه حمايته من اللصوص ومن ثم شرط فيه أن يكون قادراً عليها وعن هذا قال السروجي: يشترط فيه أن يكون حراً مسلماً غير هاشمي لأنه لا حماية لعبد ولا كافر وأما الهاشمي فلأن المأخوذ زكاة، (فمن قال) من التجار: (لم يتم الحول) على بيان لأن شرط أخذه وجوب الزكاة ولا شك أن الحول شرط في وجوبها فإذا قال ذلك وليس ما في يده مستفاد يضم إلى ما حال الحول عليه في بيته صدق وكذا لو قال: لم أنو التجارة (أو) قال: (على دين) للعباد. قيل: المراد به المحيط وبه جزم الإتقاني وعليه جرى العيني ومن ثم قال الحلواني: الأصح أن العاشر يسأله عن مقداره فإن اختبره بإحاطته صدقه وإلا لا وقيل: ينبغي أن يصدقه في غير المحيط أيضاً لأن ما يأخذه زكاة كذا في (المعراج)،قال في (البحر): وهو الحق ولذا أطلقه المصنف ثم قال: وأشار إلى أنه لو قال: ليس في هذا المال صدقة صدق مع اليمين كما في (المبسوط) وفيه أيضاً لو أخبره أن متاعه هروي مثلاً واتهمه حلفه وأخذ الصدقة منه بقوله وقد قال عمر: (لا تنبشوا على الناس متاعهم). (أو) قال: (أديت أنا) يعني إلى الفقراء في المصر حتى لو قال: بعد خروجي لم يصدق لانتقال ولاية الدفع في الباطنة بعد خروجه إلى الإمام (أو) أديت (إلى عاشر آخر) لأنه ادعى وضع الأمانة موضعها هذا إذا كان ثمة غيره فإن لم يكن لا يصدق للتيقن بكذبه ولو لم يدر أهناك عاشر أم لا قال الصفار: لا يصدق كذا في (السراج)

وحلف صدق إلا في السوائم في دفعه بنفسه وكل شيء صدق فيه المسلم صدق فيه الذمي ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن الأصل عدمه ولم يشترط إخراج البراءة تبعاً (للجامع الصغير) لما أن ظاهر الرواية أنها ليس يشترط كما في (البدائع) لأن الخط يشبه الخط وشرطه في (الأصل) واختلف في اشتراط اليمين معها كذا في (المعراج) وفي (الفتح). قيل: على قول الإمام لا يصدق ويصدق على قولهما ولا يخفى بعد قولهما إن كان لأن اليمين بحسب حال التدين أولى من الخط فكيف يمكن تركها إليها وذكر في (المعراج) قول محمد مع الإمام قال في (البدائع): ولو أتى بها على خلاف اسم ذلك العاشر (وحلف صدق) على جواب ظاهر الرواية وقد يقال: ينبغي أن لا يصدق كما ذكر الجد الرابع وغلط فيه حيث لا تسمع دعواه مع أنه مستغنى عنه كذا في (البحر)،ولك أن تفرق بينهما بأن البراءة مستغنى عنها فإذا أتى بها على خلاف اسم العاشر عدت عدماً بخلاف الحد الرابع فإن غابة أمرة أن ذكر الثلاثة يغني عنه فإذا ذكر صار أصلاً فأثر فيه الغلط وحلف في المسائل كلها صدق والقياس أن لا يمين عليه لأنها عبادة ولا يمين فيها وجه الاستحسان أنه منكر وله مكذب وهو العاشر فهو مدعى عليه معنى لو أقر به لزمه فيحلف لرجاء النكول بخلاف باقي العبادات لأنه لا مكذب له وفي (المحيط) حلف أنه أداها إلى عاشر آخر فظهر كذبه ولو بعد سنين أخذت منه. (إلا في السوائم) فإنه لا يصدق (في دفعه) زكاتها (بنفسه) إلى الفقراء في المصر بل تؤخذ منه ثانياً لأن حق الأخذ إلى الإمام فلا يملك إبطاله والزكاة هو الثاني والأول ينقلب نفلاً هو الصحيح وقيل: الثاني سياسة وهذا لا ينافي انفساخ الأول ووقوع الثاني زكاة بأدنى تأمل كذا في (الفتح) ولو لم يأخذ منه ثانياً لعلمه بأدائه ففي براءة ذمته اختلاف المشايخ وفي (جامع أبي اليسر) لو أجاز الإمام أعطاه فلا بأس به لأنه لو أذن له في الدفع جاز فكذا إذا جاز دفعه وفيما أي (و) في (كل شيء صدق فيه المسلم) مما مر (صدق فيه الذمي) لأن ما يؤخذ منه ضعف ما يؤخذ من المسلم فيراعى فيه شرائطه تحقيقاً للتضعيف كذا في (الهداية) يعني أن تضعيف الشيء إنما يتحقق إذا كان المضعف على أوصاف المضعف عليه وقد يقال: المضعف عليه زكاة وليس المضعف كذلك والظاهر أنه ابتدأ وظيفة عند دخوله تحت الحماية وصدق لقوله عليه السلام: (لهم ما لنا) الحديث ثم كلام المصنف

لا الحربي إلا في أم ولده، وأخذ منا ربع العشر، ومن ذمي ضعفه ومن الحربي العشر بشرط نصاب، ـــــــــــــــــــــــــــــ خص منه ما لو قال: أديتها إلى فقراء أهل الذمة في المصر حيث لا يصدق لأن المأخوذ جزية وليسوا بمصارف لها ولو صرفها إلى مصالح المسلمين فليس له ولاية ذلك كما في (الشرح) أي: حكمها حكم الجزية/ من حيث المصارف لا أنها جزية حقيقة حتى لا تسقط جزية رأسه في تلك السنة إلا في نصارى بني تغلب لأن عمر صالحهم على الصدقة مضاعفة مكان الجزية فإذا أخذها العاشر منهم سقطت عنهم الجزية كذا في (غاية البيان). (لا) يصدق (الحربي) في شيء مما ذكر (إلا في أم ولده) فإنه يصدق في دعواه أن الجارية التي معه أم ولده لأن إقراره بنسب من في يده صحيح فكذا بأمومية الولد فانعدمت المالية والأخذ لا يجب إلا من المال وهذا لا يشكل على قول أبي حنيفة أما على قولهما فيدار الأمر على ديانتهم فإن دانوا ذلك لا يؤخذ وعلى هذا التفصيل لو مر بجلد الميتة كذا في (المعراج) معزياً إلى (النهاية) وبه علم أن ما في (البحر) عن (النهاية) لو مر بجلد الميتة فإن كانوا يدينون أنها مال أخذ منهم وإلا فلا مقتصراً عليه مما لا ينبغي بل التفصيل إنما هو على قولهما وصحة إقراره بالنسب مقيدة بأن يولد مثله لمثله فإن لم يكن عتق عليه وعشر لأنه أقر بالعتق فلا يصدق في حق غيره قيد بكونها أم ولده لأنه لو ادعى التدبير لم يصدق كما في (المعراج).واعلم أن مقتضى حصر المصنف أنه لو قال: أديت إلى عاشر آخر وثمة عاشر أن لا يقبل قوله وبه جزم في (العناية) و (غاية البيان). قال السروجي وتبعه الشارح: وينبغي أن يقبل لئلا يؤدي إلى استئصاله وجزم به العيني وتبعه في (شرح الدرر) وارتضاه في (البحر) إلا أن كلام أهل المذهب أحق ما إليه يذهب (وأخذ منا ربع العشر) لأن المأخوذ زكاة ومن الذمي ضعفه لما مر أنه يراعى فيه شرائط الزكاة وإن صرف مصارف الجزية والخراج (ومن الحربي العشر) لأنه من الذمي بمنزلة الذمي من المسلم وقد أخذ منه ضعف المسلم فمن الجرمي ضعف الذمي وقد أمر عمر رضي الله عنه عماله بذلك (بشرط نصاب) قيد في الثلاثة أما في المسلم وذمي فظاهر وأما في الحربي فلأن القليل عفو لعدم احتياجه إلى الحماية وما دونه قليل.

وأخذهم منا ولم يثن في حول بلا عود، وعشر الخمر لا الخنزير ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) بشرط (أخذهم منا) حتى لو لم يأخذوا شيئاً لم نأخذ منهم لأنا أحق بمكارم الأخلاق وكلامه يعطي أنا لا نأخذ منهم مما هو دون النصاب وإن أخذوا منا وهذا رواية كتاب الزكاة لأن الأخذ من القليل ظلم ولا متابعة عليه وفي (الجامع الصغير) نأخذ منهم إذا أخذوا والحاصل أنه إن عرف كمية ما يأخذون منا أخذنا مثله مجازاة إلا إذا أخذوا الكل فلا نأخذه على الأصح بل نبقي معه ما يبلغه مأمنه لأن ذلك بعد إعطاء الأمان عذر فلا نفعل وإن فعلوه وإن لم يعلم فالعشر لأنه قد ثبت حق الأخذ بالحماية وتعذر اعتبار المجازاة فقدر بمثلي ما يؤخذ من الذمي لأنه أحوج إلى الحماية منه وإن لم يأخذوا شيئاً أو أخذوا من القليل فقد مر. (ولم يثن) أي: لم يؤخذ من الحربي ثانياً (في حول) بعد ما أخذ منه أولاً (بلا عود) إلى داره لأن حكم الأمان الأول باقي والأخذ في كل مرة استئصال وبعد الحول يتجدد الأمان لأنه لا يمكن من المقام بدارنا حولاً كاملاً بل يقول له الإمام حين دخوله: إن أقمت ضربت عليك الجزية فإن فعل ضربها ثم لا يمكن من العود ووقع في أكثر نسخ (الهداية) إلا حولاً وهذا منه سهو القلم وأوله بعضهم بأن معناه إلا قريباً في الحول ولا يخفى بعده وأبعد منه قول من قال: إلى أن يحول الحول وفيه أيضاً خروج عن العربية ولو مر عليه بعد الحول ولم يعلم بمقامه حولاً عشره ثانياً زجراً له ويرده إلى دارنا ولو عاد إلى داره ولم يعلم به العاشر حتى خرج ثانياً لم نؤاخذه بما مضى لسقوطه بانقطاع الولاية بخلاف المسلم والذمي إذا مر ولم يعلم بهما حيث يؤخذ منهما لعدم المسقط كذا في (المحيط). (وعشر الخمر) من قيمته أي: أخذ العشر منه لقول عمر لعماله في خمور أهل الذمة: (ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانه) وهذا في الحربي ظاهر لا في الذمي لأنه إنما يؤخذ منه نصف العشر كما مر فقول القدوري: فإن مر ذمي بخمر أو خنزير عشر الخمر (لا الخنزير) مشكل والجواب ما سبق أن العشر علم على ما يأخذه العاشر وعلى هذا فإطلاق المصنف أولى لشمول الحربي إلا أن يراد بالذمي الكافر لكن قوله في (الدراية) أي: مر بهما بنية التجارة وهما يساويان مائتا درهم في إيماء إلى إبقاء الذمي على بابه إذ لا يشترط نية التجارة في الحربي وأما النصاب فعلى ما مر بقي أنه لو قال: خمر الكافر لكان أولى لأن المسلم لو مر به لم يأخذ منه شيء اتفاقاً كما في (الفوائد)، قالوا: وتعرف القيمة بقول فاسقين تابا أو ذميين أسلما وفي الكافر بالرجوع إلى أهل الذمة لا يعشر الخنزير سواء مر به وحده أو مع الخمر عندهما/ وقال

وما في بيته، والبضاعة، ومال المضاربة، وكسب المأذون وثني إن عشر الخوارج ـــــــــــــــــــــــــــــ الثاني: إن مر بهما عشراً فكأنه جعله تبعاً للخمر ولم يعكس لأنها أظهر مالية إذ هي قبل التخمر مال وكذا بعده بتقدير التخلل وليس الخنزير كذلك والفرق لهما على الظاهر أن الخنزير قيمي بخلاف الخمر وأخذ القيمة من ذوات القيم لها حكم العين لا من ذوات الأمثال وأورد أنه لو اشترى ذمي داراً بخنزير وشفيعها مسلم أخذها بقيمة الخنزير ولو أتلف خنزير ذمي ضمن قيمته. ولو أخذ الذمي قيمة خنزيره الذي استهلكه مثله وقضى بها دين مسلم طاب فهلا كان أخذ القيمة هنا كأخذ العين وأجيب عن الأخير بأن اختلاف السبب كاختلاف العين شرعاً وملك المسلم سبب آخر وهو قبضه عن الدين وعما قبله بأن المنع لسقوط المالية في العين وذلك بالنسبة إلينا لا إليهم ليتحقق المنع بالنسبة إلينا عند القبض والحيازة لا عند دفعها إليهم لأن غايته أن يكون كدفع عينها وهو تبعيد وإزالة فهو كتسبيب الخنزير والانتفاع بالسرقين باستهلاكه كذا في (الفتح) وفيه يجب لأن المسلم ممنوع عن تمليك الخمر وفي الدفع ذلك فالأولى ما في (العناية) أن أخذ القيمة كأخذ العين من وجه دون وجه لا أنها عين حقيقة وإنما كانت كالعين من حيث أن الأداء لا يمكن إلا بالتعيين ولا تعيين إلا بالتقويم فأخذت حكم العين من هذا الوجه ولم تأخذه في حق الإعطاء لأنه موضع إزالة وتبعيد. (و) لا يعشر أيضاً (ما) أي: المال الذي (في بيته) لعدم دخوله تحت حمايته (و) لا يعشر أيضاً (البضاعة) وهي لغة القطعة من المال وعرفاً ما يدفعه المالك لمن يتجر فيه ليكون الربح كله للمالك لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه ولو عبر كصدر الشريعة بالأمانة لأغناه عما بعده (و) لا يعشر (مال المضاربة) لما مر وهذا ما رجع إليه الإمام قيد بمالها لأن المضارب لو كان له من الربح ما يبلغ نصاباً عشره. (و) لا يعشر أيضاً (كسب الماذون) والتجارة لما تقدم إلا إذا كان عليه دين محيط قيل هذا قولهما وعند الإمام يعشره والصحيح أن قول الكل وإن رجوع الإمام في المضاربة رجوع في الماذون إذ مناط عدم الأخذ من المضارب كونه ليس مالكاً ولا نائباً عنه وهذا موجود في المأذون ومجرد دخوله تحت الحماية لا يوجب الأخذ إلا مع توفر الشروط (وثني) أي: أخذ العشر ثانياً (إن عشر) عاشر (الخوارج) لأن التقصير منه بمروره عليه بخلاف ما إذا غلب الخوارج على بلدة فأخذوا زكاة السوائم حيث لا تؤخذ ثانياً لأن التقصير إنما جاء من الإمام. تتمة: مر برطاب اشتراها للتجارة كالبطيخ ونحوه لا يعشره عند الإمام وقالا: يعشره لاتحاد الجامع وهو حاجته إلى الحماية وهو يقول: هذا إنما يوجب الاشتراك

باب الركاز

باب الركاز خمس معدن نقد ـــــــــــــــــــــــــــــ في الحكم عند عدم المانع وهو ثابت هنا فإنها تفسد بالاستبقاء وليس عند العامل فقراء في البر ليدفع لهم فإذا بقيت ليجدهم فسدت فيفوت المقصود فلو كان عنده أو أخذ ليصرف إلى عمالته كان له ذلك والله الموفق للصواب. باب الركاز حق هذا الباب أن يذكر في السير لأن المأخوذ منه ليس زكاة وإنما يصرف مصروف الغنيمة قال في (الحواشي السعدية):ويجوز أن يقال: لما كان كونه زكاة مقصوداً بالنفي على ما ذهب إليه الشافعي أورده ها هنا لهذه العلاقة وفيه بحث والأولى أن يقال: إنما ألحق هذا الباب بالزكاة لكونه من الوظائف المالية وقدمه على العشر لأن العشر أكثر وجوداً. اعلم أن الكائن في الأرض إما كنز وهو دفين الكفار كما في (الشرح)، والذي في غيره أنه دفين بني آدم ومراد الشارح ما يخمس ولا شك أنه الأول فقط كما سيأتي أو معدن بفتح الميم وكسر الدال وفتحها وهو المال الذي خلقه الله في الأرض من عدن بالمكان أقام به ثم اشتهر في الأجزاء المستقرة التي ركبها الله في الأرض حتى صار الانتقال من للفظ إليه ابتدأ بلا قرينة والركاز يعمها وهو كما في (شرح الدرر) ما تحت الأرض لأنه من الركز بمعنى الإثبات مراداً به المركوز أعم من كون راكزه الخالق أو المخلوق فكان حقيقة فيهما مشتركاً معنوياً وليس خاصاً بالدفين ولو دار الأمر فيه بين كونه مجازاً فيه أو متواطئاً إذ لا شك في صحة إطلاقه على المعدن كان التواطؤ متعيناً كذا في (الفتح). وهذا التقرير هو الملائم لترجمة المصنف ولا يجوز أن يكون حقيقة في المعدن مجازاً في الكنز كما قيل لامتناع الجمع بينهما بلفظ واحد والباب معقود لهما (خمس) مخففاً (معدن نقد) أي: أخذ الخمس منه تقول خمست/ القوم أخمسهم بالضم إذا أخذت منهم خمس أموالهم وبالكسر إذا كنت خامسهم أو كلمتهم خمسية بنفسك وشيء مخمس له خمسة أركان كذا في (الصحاح). ومنه يعلم أن التشديد غير سديد إذ لا معنى لكونه بجعل خمسة أخماس فقط وهذا التقرير أولى مما في (البحر) من أنه بالتخفيف لأنه متعد بجاز بناء المفعول منه وبها

ونحو حديد في أرض خراج أو عشر لا داره، وأرضه، وكنز ـــــــــــــــــــــــــــــ اندفع قول من شدده ظناً منه أنه لازم وليس كذلك انتهى. أي: أن خمس المخفف لازم ضعيف يتعدى فيصح بناء المفعول منه وليس كذلك. (و) خمس أيضاً (نحو حديد) وهو كل ما يذوب وينطبع كالصفر والرصاص لقوله عليه الصلاة والسلام: (العجماء جبار والبير جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس) ولا شك أنه يعم المعدن كما مر ولا يصح عدم إرادته لعطفه بعد إفادة أنه هدر للتناقض لأن الحكم المعلق بالمعدن ليس هو المعلق به في ضمن الركاز ليختلف بالسلب والإيجاب إذ المراد أن إهلاكه أو الهلاك للأجير الحافر له غير مضمون لا أنه لا شيء فيه نفسه كائناً (في أرض خراج أو) أرض (عشر) وباقية للواحد إن لم يكن أرضه ملكاً قيد بأرض الخراج والعشر لإخراج الدار لكن ورد عليه الأرض التي لا وظيفة فيها كالمفازة إذ يقتضي أنه لا شيء في المأخوذ منها وليس كذلك فالصواب أن لا يجعل للإخراج بل للتنصيص على أن وظيفتهما المستمرة لا تمنع الأخذ مما يوجد فيها كذا في (الفتح). وفيه بحث بل يصح أن يكون للاحتزاز عن الدار ويعلم حكم المفازة بالأولى لأنه إذا وجب في الأرض مع الوظيفة فيها فلأن يجب في الخالية عنها أولى أطلقه فعم ما إذا كان الواجد حراً أو لا بالغاً ولا مسلماً أو لا إلا أن يكون حربياً فلا يستحق شيئاً لأنه لا حق له في الغنيمة فإن عمل بإذن الإمام كان له المشروط ولو عمل فني طلبه رجلان كان لمن وجده ولو كانا أجيرين فهو للمستأجر وعن الثاني لو باعه فالخمس على المشتري ويرجع بخمس الثمن على البائع كذا في (المحيط). وللواجد صرف الخمس إلى نفسه إن كان الباقي لا يغنيه وإلى أصله وفرعه (لا) يخمس معدن وجد في (داره وأرضه) عند الإمام أما في الدار ونحوها كالحانوت فباتفاق الروايات وأما في الأرض فهذا رواية (الأصل) وفي رواية (الجامع) يجب وهو قولهما في الدار أيضاً لإطلاق ما روينا وله أنه من أجزاء الأرض ولا مؤونة في سائر الأجزاء فكذا هنا ولا يرد عدم جواز التيمم لأنه إنما يجوز بما كان من جنسها لا من أجزائها والفرق على رواية (الجامع) أن الأرض لا تملك خالية عن المؤن بدليل وجوب العشر والخراج فيها بخلاف الدار حتى قالوا: لو كان فيها نخلة تطرح كل سنة أكراراً فلا شيء فيها لما قلنا، (وكنز) عطف على معدن أي: وخمس كنز أيضاً سواء

وباقية للمختط له وزئبق، لا ركاز دار حرب، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان نقدا أو غيره كأثات المنازل والفصوص والقماش وقد مر أنه دفين الكفار وعلامته أن يكون عليه اسم صنم أو ملك من ملوكهم أما دفين أهل الإسلام المكتوب عليه نقش معروف لهم أو كلمة الشهادة فلقطة ولو اشتبه الضرب كان جاهليا في ظاهر المذهب وقيل: يجعل إسلاميا في زماننا للتقادم وله صرفه لنفسه كما مر (وباقية للمختط له) وهو في ملكه لإمام البقعة أول الفتح إن كان حيا وإلا فلورثته إن عرفوا فإن لم يعرفوا قال السرخسي: هو لأقصى مالك للأرض أو لورثته وقال أبو اليسر: يوضع في بيت المال قال في (الفتح): وهذا أوجه للمتأمل وهذا قولهما. وقال الثاني: هو للواجد مطلقا لحيازته ولهما أن يد المختط سبقت إليه وهي يد الخصوص فتملك به ما في الباطن كمن اصطاد سمكة في بطنها درة حيث يملكها الصائد لسبق يده إليها حال إباحتها ثم لا يملكها مشتري السمكة في ظاهر الرواية لانتفاء الإباحة وقيل: غن كانت غير متقومة ملكها مشتري السمكة كما لو كان في بطنها عنبر لأنها تأكله ويدخل في بيعها ولذا لو كانت الدرة في صدفها ملكها المشتري قلنا هذا الكلام لا يفيد إلا مع الدعوة أنها تأكل الدرة غير المتقومة كأكلها العنبر وهو ممنوع نعم قد يتفق أنها تبتلعها مرة بخلاف العنبر فإنه حشيش والصدف دسم ومن شأنها أكل ذلك والخلاف محله ما إذ لم يدعه المالك فإن ادعاه قبل قوله اتفاقا كذا في (المعراج)، ولو وجده في أرض غير مملوكة كالجبال والمفازة كان للواجد أي: اتفاقا. (و) خمس أيضا (زيبق) بالياء وقد يهمز ومنهم حينئذ من يكسر الموحدة بعد الهمزة كذا/ في (الفتح) وهو ظاهر في أنها إذا لم تهمز فتحت وفي (المغرب) أنها بالياء فارسي معرب وقد عرب بالهمزة ومنهم من يقول بكسر لياء بعد الهمزة وهذا قول الإمام وهو قول محمد وكان أولا يقول لا شيء عليه وبه قال الثاني آخرا لأنه بمنزلة القير يعني المياه ولا خمس فيها ولهما أنه يستخرج بالعلاج من عينه وينطبع مع غيره فكان كالفضة والخلاف في المصاب في معدنه أما الموجود في خزائن الكفار ففيه الخمس اتفاقا (لا) يخمس (ركاز دار حرب) وجده مستأمن معدنا كان أو كنزا لأنه ليس غنيمة إذ هي المأخوذ جبرا جهرا وهذا كالمتلصص حتى لو دخل جماعة ذوو منعة وظفروا بركاز فيه الخمس، أطلقه فشمل ما إذا وجده في أرض مملوكة أو لا إلا أنه في المملوكة إن دخل بأمان يرده على مالكه فإن لم يرده ملكه ملكا خبيثا كذا في (البحر) والمذكور في (المحيط) وغيره أنه إن أخرجه إلى دار

باب العشر

وفيروزج ولؤلؤ وعنبر. باب العشر ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسلام ملكه ملكا خبيثا ولو بغير أمان حل له ولا خمس فيه لما قلنا لا فرق في ذلك بين المتاع وغيره وما في (النقاية) وغيره من أن ركاز المتاع الموجود في أرض غير المملوكة يخمس سهو (و) لا يخمس أيضا (فيروزج) عطف على ركاز وما في العيني من انه عطف على زيبق فهو من سهو القلم وهو معرب فيروز حجر مضيء يوجد في الجبال لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا خمس في الحجر) ومن ثم قلنا: لا خمس في كل جامد لا ينطبع كالياقوت وسائر الجواهر بشرط أن يؤخذ من معادنها أما إذا وجدت كنزا كان فيها الخمس. (و) لا يخمس أيضا (لؤلؤ) وهو مطر ربيع يقع في الصدفة الذي هو حيوان فيصير لؤلؤا، وقيل: إنه يخلق فيه ابتداء (وعنبر) وهو حي في ذاته في (البحر) وقيل نبت فيه كالحشيش وما مر يؤيده وكذا كل حلية استخرجت من (البحر) حتى الذهب والفضة بأن كانت كنزا فيه وهذا عندهما وأوجب الثاني الخمس في الكل لأنه مما تحويه يد الملوك ولهما أن قعر (البحر) لا يرد عليه قهر أحد فانعدمت اليد فيه وهي شرط لوجوبه وقد جاء عن ابن عباس: (لا خمس في العنبر) والحاصل أن المعدن غن كان يذوب وينطبع كان فيه الخمس وما لا فلا سواء كان مائعا كالقير أو لا كسائر الأحجار ولا نقصان في الكنز بل يجب فيه الخمس كيف كان ما كان والله أعلم. باب العشر ذكره في الزكاة لما أنه يصرف مصارفها وأخره لأنه ليس عبادة محضة بل مؤنة فيها العبادة ولذا وجب في أرض الصبي والمجنون وأرض الوقف والمأذون والمكاتب ولو أخذه الإمام جبرا سقط عن المالك ولو مات أخذ في تركته ويجب أيضا مع الدين في ظاهر الرواية ومع عدم الحول حتى لو أخرجت الأرض مرارا وجب في كل مرة فقوله في (الفتح): لا شك أن المأخوذ عشرا أو نصفه زكاة حتى يصرف مصارفها فيه بحث والظاهر ما في (العناية) وغيرها من أن تسميته زكاة مجاز وركنه التمليك وسببه الأرض النامية بالخارج تحقيقا وشرطه ابتداء الإسلام والعلم بالوجوب كغيره

يجب في عسل أرض العشر ومسقي سماء وسيح بلا شرط نصاب، وبقاء ـــــــــــــــــــــــــــــ من العبادات وشرائط الأداء فيه كالزكاة ويسقط بهلاكه وبهلاك بعضه بقدره بخلاف الاستهلاك وبردته كذا في (البدائع). (يجب) العشر (في عسل أرض العشر) الموجود فيها لما أخرجه عبد الرزاق (أنه عليه الصلاة والسلام كتب إلى أهل اليمن أن يؤخذ من أهل العسل العشور) وقيد بأرض العشر لأنه لو وجده في أرض خراج فلا شيء فيه لكن يرد عليه ما لو وجد في مفازة أو جبل فإنه يجب العشر أيضا عندهما خلافا للثاني وعلى هذا كل ما يوجد في الجبال من الثمار والجوز ومن ثم زاد صدر الشريعة أو الجبل ولم يذكر المفازة اكتفاء بذكره لأنها في حكمه وخصه دفعا لقول الثاني من أنه لا وجوب فيما يوجد فيه لكن لا يخفى أنه لو قال في عسل أرض غير الخراج لكان أولى. وفي (شرح الدرر) عن التمرتاشي ما يوجد في الجبال والبراري والموات والموات من العسل والفاكهة إن لم يحمه الإمام فهو كالصيد وإن حماه ففيه العشر لأنه مال مقصود انتهى. وقد قالوا: إنه يملكه سواء هيأ أرضه لذلك أو لا بخلاف الطير إذا فرخ في أرضه والفرق أنه لم يفرخ فيها ليترك فيها بل ليطير فلم يصر صاحب الأرض محرزا للفرخ بملكه (و) يجب أيضا (مسقي سماء) سمي بذلك مجازا من/ تسمية الشيء باسم ما يجاوره أو ما يحل فيه (و) في (سيح) وهو الماء الجاري أنه عليه السلام قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عشريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر) والعثري بالمهملة والمثلثة المفتوحتين ما يشرب بعروقه بلا سقي قاله الخطابي (بلا شرط نصاب) راجع إلى الكل. (و) بلا شرط (بقاء) فيجب فيما دون الصاب بشرط أن يبلغ صاعا وقيل: نصفه وفي الخضراوات التي لا تبقى وهذا قول الإمام وهو الصحيح كما في (التحفة) وقالا: لا يجب إلا فيما له ثمرة باقية حولا بشرط أن يبلغ خمسة أوسق إن كان مما يوسق والوسق ستون صاعا بصاعه عيه السلام وكل صاع أربعة أمناء فخمسة أوسق ألف ومائتان قال الحلواني: هذا قول أهل الكوفة وقال أهل ابصرة: هو ثلثمائة وإلا فحتى يبلغ قيمة نصاب من أدنى الموسوق عند الثاني واعتبر الثالث خمسة أمثال مما

إلا الحطب والقصب والحشيش ونصفه في مسقي غرب، ودالية، ـــــــــــــــــــــــــــــ يقدر به نوعه ففي القطن خمسة أحمال وفي العسل أفراق وفي السكر أمناء ولو كان الخارج نوعين يضم أحدهما إلى الآخر لتكميل النصاب وإن كانا جنسين وكل واحد أقل من خمسة أوسق لا يضم لقوله عليه السلام ليس في حب ولا ثمرة صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق) وقال عليه السلام: (ليس في الخضراوات شيء) رواه الترمذي وله عموم ما روينا والمنفي زكاة التجارة لأنهم كانوا يتبايعون بالأوساق وقيمة الوسق أربعون درهما وعلى إرخاء العنان يتقدم العام على الخاص عند التعارض احتياطا وحديث الخضراوات طعن فيه الترمذي (إلا الحطب) استثناء من يجب (والقصب) الفارسي أما قصب السكر فيجب فيه قل او كثر. قال الشارح: وعلى قياس قول أبي يوسف يعتبر قيمة ما يخرج منه أن يبلغ خمسة أوسق وعند محمد نصاب السكر خمسة أمناء انتهى. وهذا تحكم بل إذا بلغ نفس الخارج خمسة أوسق من أدنى ما يوسق به كان ذلك نصاب القصب عنده وقوله عند محمد إلخ يريد إذا بلغ القصب قدرا يخرج منه خمسة أمناء وجب على قوله وإلا فالسكر نفسه ليس مال الزكاة إلا إذا أعد للتجارة فالصواب على قوله أن يبلغ الخارج خمسة مقادير من أعلى ما تقدر به القصب نفسه لخمسة أطنان في ديارنا كذا في (الفتح) و (الحشيش)، لأنه لا يقصد بالاستغلال حتى لو استغل بهما أرضه وجب وظاهر كلامه أن ما سوى المستثنى داخل في الوجوب لكن نصوا على إخراج السعف أعني غصون الشجر والتبن ويمكن إدراجها في مسمى الحشيش بقي أنهم أخرجوا أيضا الطرفا وشجر القطن والباذنجان ويمكن إدراجها في الحطب وقالوا: لا شيء في الأدوية كالهليلج والكندر. وقيل: إلا الحبة السوداء وإلا فيما يخرج من الأشجار كالصبغ والقطران ولا فيما هو تابع للأرض كالنخل والأشجار لأنهما كالأرض ولذا تستتبعهما الأرض في البيع ولا في كل بزر لا يقصد بالزراعة كبزر البطيخ والقثاء بخلاف العصر والكتان وبزره قال في (الفتح): فعدم الوجوب في بعض هذه الصور مما لا يرد على الإطلاق بأدنى تأمل (ونصفه) عطف على ضمير يجب وجاز الفصل (في سقي غرب) بفتح المعجمة وسكون الراء الدلو العظيم (ودالية) أي: دولاب تديره البقر ولو سقاه بها وسيحا اعتبر الأكثر ولو استويا قيل: يجب ثلاثة أرباع العشر وهو قول الأئمة الثلاثة ولا نعلم فيه

ولا ترفع المؤن، ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافا كذا في (الغاية)، قال الشارح: والقياس على السائمة يوجب الأقل (ولا ترفع المؤن) جمع مؤونة أي: لا تحسب يعني لا يقال: يجب العشر في قدر الخارج الذي بمقابلة المؤونة كنفقة العمال وأجرة البقر ونحو ذلك كالبزر بل يجب العشر في الكل وظاهره أنه لا فرق بين كون المؤونة من عين الخارج أو لا. قال الصيرفي: ويظهر أنها إذا كانت جزءا من الطعام أن يجعل كالهالك ويجب العشر في الباقي لأنه لا يقدر أن يتولى ذلك بنفسه فهو مضطر إلى إخراجه لكن ظاهر كلامهم الإطلاق وذلك أنه عليه الصلاة والسلام (حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤونة) كما روينا فلا معنى لدفعها لأنه يستلزم عدم التفاوت/ المنصوص عليه وهو باطل بيانه أن الخارج في مسقي السماء إذا كان عشرين قفيزا كان العشر قفيزين وإذا كان في مسقي الغرب أربعين والمؤونة تساوي عشرين فلو رفعت كان الواجب قفيزين وحينئذ فلا تفاوت والمنصوص خلافه وهذا من خواص هذا الشرح كما في (العناية) ولا يخفى أنه إذا لم ترفع يكون الواجب قفيزين أيضا لأنهما نصف العشر فلو اعتبر ما ذكر من المؤونة فيما سقته السماء لكان أولى فتدبره. تتميم: أجر أرضه فالعشر على المؤجر عنده. وقالا: على المستأجر ولو هلك الزرع قبل الحصاد لم يجب شيء إجماعا وبعده يجب عند الإمام بخلاف المالك وسوياه به وخراج المقاسمة على هذا الخلاف أما الموظف فعلى المؤجر اتفاقا ولا فرق عنده أن يؤجرها من مسلم أو ذمي وقال أبو يوسف: على المستأجر عشران ووحده محمد والعارية منه على هذا الخلاف أما من المسلم فعلى المستعير اتفاقا في ظاهر الرواية عن الإمام وفي الكافر على رب الأرض عنده ولو دفع العشرية مزارعة أن البزر من قبل العامل فعلى رب الأرض في قياس قوله لفسادها. وقالا: في الزرع لصحتها وقد اشتهر أن الفتوى على الصحة وإن من قبل رب الأرض كان عليه إجماعا ولو باع الأرض مع زرعها أو هو فقط بعد الإدراك من مسلم فالعشر على البائع وقال محمد: على المشتري ولو لم يدرك كان على المشتري اتفاقا لأنه انتهى على ملكه. واعلم أن وجوبه عند الإمام إذا ظهرت الثمرة وأمن عليها الفساد لا وقت الإدراك كما قال الثاني، ولا حصوله في الحظيرة كما قال الثالث وأثر الخلاف يظهر في وجوب الضمان بالإتلاف.

وضعفه في أرض عشرية لتغلبي، وإن أسلم أو ابتاعها منه مسلم، أو ذمي وخراج إن اشترى ذمي أرضا عشرية من مسلم، وعشر إن أخذها منه مسلم بشفعة، أو رد على البائع للفساد، وإن جعل مسلم داره بستانا فمؤونته تدور مع مائه ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) يجب (ضعفه) أي: العشر وهو الخمس (في أرض عشرية) كائنة (لتغلبي) بكسر اللام على الأفصح ويجوز فتحها نسبة لبني تغلب بفتح المثناة وكسر اللام قوم من نصارى العرب بقرب الروم أجمع الصحابة على تضعيف العشر عليهم لا فرق في ذلك بين ما إذا اشتراها من مسلم أو لا وإطلاقه يعم أطفالهم وإناثهم أيضا لأنه حيث وجب في أراضي المسلمين فهو أولى. (وإن أسلم) التغلبي (أو ابتاعها) أي: اشتراها (منه مسلم أو ذمي) لأن التضعيف صار وظيفة للأرض فتنتقل إلى المشتري بما فيها من الوظيفة وهذا قول الإمام ومحمد في الأصح عنه وقال الثاني إن أسلم وكان المشتري مسلما تعود إلى عشر واحد، (و) يجب (خراخ إن اشترى ذمي) غير تغلبي وأطلقه لما مر (أرضا عشرية من مسلم) وقبض منه كما قيد به في (الهداية) وكأنه مطوي تحت قوله وخراج لما اشتهر من أنه لا يجب إلا بالتمكن من الزراعة وذلك بالقبض وهذا عند الإمام لأن في العشر معنى العبادة والكفر ينافيها ولا وجه إلى التضعيف لأنه ضروري ولا ضرورة هنا وبهذا اندفع قول محمد ببقاء العشر وقول أبي يوسف بالتضعيف. (و) يجب (عشر) واحد (إن أخذها) أي: (من الذمي مسلم بشفعة) لتحول الصفقة إليه كأنه اشتراها من المسلم (أو رد) البيع (على البائع للفساد) لأنه بالرد والفسخ جعل البيع كأن لم يكن ومنه إيماء إلى أن كل موضع كان الرد فيه فسخا كان الحكم فيه كذلك كالرد بخيار الشرط والرؤية مطلقا وبخيار العيب إن كان بقضاء ولو بغيره بقيت خراجية لأنه إقالة وهي في حق المتعاقدين بيع جديد في حق ثالث وهذا مبني على تصور ثبوت الرد. وفي نوادر زكاة (المبسوط) ليس له الرد لأن الخراج عيب حدث في ملكه وأجيب بارتفاعه بالفسخ فلا يمنع الرد (وإن جعل داره بستانا) وهو كل أرض يحوط عليها حائط وفيها أشجار متفرقة وكذا لو جعلها مزرعة (فمؤونته) أي: البستان (تدور مع مائه) فإن سقى بماء العشر فعشري أو بماء الخراج فخراجي ولو سقاه بهما كان عشريا لأنه أحق بالعشر من الخراج واختلف في سيحون نهر الترك وجيحون نهر ترمذ ودجلة نهر بغداد والفرات نهر الكوفة كذا في الشمني وفي (غاية البيان) جيحون نهر بلخ ووافق على الباقي الشمني ثم قال: وهذا من المشهور وفي (الكشاف) سيحون نهر الهند فأقول: لا مشاحة في التسمية انتهى.

بخلاف الذمي وداره حر، كعين قير ونفط في أرض عشر ولو في أرض خراج يجب الخراج. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبهذا عرف الجواب عما وقع في (الخانية) وسيحون وهو نهر الروم ونيل وهو نهر في الروم وتوهم أن المراد به نيل مصر غلط فاحش وقصارى الأمر أن الروم بها نهران سيحون ونيل وإذا عرف هذا فقال الثاني: عشرية والثالث خراجية قيل: المسألة مشكلة لأن فيها وضع الخراج على المسلم ابتداء، وقد نص محمد في (سير الزيادات) أن المسلم لا يبتدأ به حتى قال السرخسي رحمه الله: الأظهر وجوب العشر عليه مطلقا وأجيب/ منع كونه ابتداء بل انتقال ما تقدر فيه الخراج بوظيفته إليه وهو الماء كما لو اشترى خراجية وبهذا اندفع ما في (النهاية) من جوازه ابتداء أخذا من قول أبي اليسر إن وضعه عليه ابتداء جائز. وقال شمس الأئمة: لا صغار في خراج الأراضي إنما الصغار في خراج الجماجم قيد بالمسلم لأن الكافر يجب عليه الخراج مطلقا كما سيأتي وبالبستان لأنه لو كان فيه أشجار يخرج منها أكرار في كل سنة لم يجب فيها شيء كما مر (بخلاف الذمي) إذا جعل داره بستانا حيث يجب عليه الخراج كيفما كان لأنه بحاله أليق ولو حذفه لأغناه التقييد بالمسلم وكان يأتي بالضمير في داره ظاهرا (وداره) أي: الذمي (حرة) لا يجب فيها شيء لأن عمر رضي الله تعالى عنه جعل المساكين عفوا وكذا المقابر (كعين قير) أي: زفت والقار لغة فيه (ونفط) بكسر النون في الأفصح ويجوز فتحها دهن يكون على وجه الماء في العين وجدا (في أرض عشرية) لأنهما ليسا من أتراب الأرض بل عين فوارة كعين الماء. (لو) وجد (في أرض خراج يجب الخراج) فيهما إن كان حريمهما يصح للزراعة وإلا لم يجب الخراج أيضا وهل يمسح موضع القير والزفت فيه روايتان في رواية يمسح وفي أخرى لا لعدم صلاحيته والله الموفق. خاتمة: العشر والخراج لا يجتمعان فلا عشر على المالك في الخراجية عندنا ولا خلاف أن العشرية لا خراج فيها وكذا الزكاة والعشر لا يجتمعان ولو اتجر بهما عندهما خلافا لمحمد وأجمعوا أن الزكاة مع الخراج لا يجتمعان وهذا مما اشتهر أن عشرة لا تجتمع مع عشرة وزيد عليها فمن ذلك زكاة الفطر مع التجارة والحد مع المهر والأجر مع الضمان والوصية مع الميراث والقطع مع الضمان والمتعة مع المهر والتيمم مع الوضوء والحيض مع الحمل والفدية مع الصوم ومهر المثل مع التسمية والقصاص مع الدية والجلد مع الرجم والجلد مع النفي والقصاص مع الكفارة والقيمة مع الدية والأجر مع النصيب في الغنيمة وهذا الجمع من خواص هذا الشرح ولو ترك الإمام الخراج للمالك جاز عند الثاني وعليه الفتوى خلافا لمحمد ولو غنيا ضمن السلطان مثله لبيت المال كذا في (البناية) وأجمعوا أن ترك العشر لا يجوز والله أعلم.

باب الصرف

باب الصرف هو الفقير ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المصرف لما ذكر الزكاة وما يلحقها من خمس المعدن والعشر احتاج إلى بيان من يصرف إليه ذلك ولذا لم يقيده بمصرف الزكاة إليه أشير في (النهاية) إلى أن الأولى حذف خمس المعدن فيما يلحقها وإن ذكره في (العناية) و (الغاية) و (الدراية) أيضا لما مر أن مصرفه مصرف الغنيمة والمذكور في هذا الباب إنما هو مصرف الزكاة وعلى هذا فما في (النقاية) من التقييد بمصرف الزكاة أحسن لئلا يتوهم أن المراد مصرف ما مر ولم يعرفه استغناء بحصره بالعد. (هو الفقير) بدأ به اقتداء بما هو الأصل في هذا الباب وهو قوله تعالى:} إنما الصدقات للفقراء والمساكين {[التوبة:60] وسكت عن المؤلفة قلوبهم إيذانا بسقوطهم وكانوا ثلاثة أقسام قسم كفار وكان عليه الصلاة والسلام يعطيهم ليتألفهم على الإسلام وقسم كان يعطيهم لدفع شرهم وقسم أسلموا وفي إسلامهم ضعف فكان يتألفهم ليثبتوا ولا حاجة إلى إيراد السؤال القائل كيف يجوز صرف الصدقة إلى الكفار؟ وجوابه أنه كان من جهاد الفقراء في ذلك الوقت أو من الجهاد لأنه تارة بالسنان وتارة بالإحسان لأن الذي إليه نصب الشرع إذا ينص على الصرف إليهم وبين من هم بالإعطاء كان هو المشروع كذا في (فتح القدير). وفي (الدراية) هم قسمان مسلمون وكفار والمسلمون قسمان قسم أسلموا وفي إسلامهم ضعف فكان يعطيهم تألفا أو كانوا شرفاء قومهم فكان يعطيهم ترغيبا لأمثالهم لكن من خمس الخمس دون الصدقات وقسم بإزاء كفار أبعدهم عن الجهاد والضعف فكان يعطيهم من سهم الغزاة وقيل: من سهم المؤلفة أو بإزاء منعة الزكاة يأخذون منهم الزكاة ويحملونها إليه فيعطيهم منها وقيل: من الغنيمة وأما الكفار فمن يخشى شره أو يرجى إسلامه انتهى. ثم منعهم عمر في خلافة الصديق ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا فإما أن يكون لعلمهم بالناسخ بناء على القول بأنه لا إجماع إلا عن سنة أو بدليل أفاد تقييده الحكم بحياته عليه الصلاة والسلام أو أنه حكم مغيا بانتهاء علته وقد اتفق انتهاؤها بعد وفاته أو من آخر إعطاء أعطي لهم والمراد العلة الغائية إذ الدفع لهم هو العلة للإعزاز لما أنه يحصل به فانتهى.

المسكين وهو أسوأ حالا من الفقير والعامل، ـــــــــــــــــــــــــــــ ترتب الحكم الذي/ هو لإعزاز الدفع الذي هو علته وعن هذا قيل: عدم الدفع الآن لهم تقرير لما كان في زمنه عليه الصلاة والسلام لا نسخ لأنه كان للإعزاز وهو الآن في عدمه ورده في (الفتح) بان هذا لا يبقي النسخ لأن جواز الدفع حكم شرعي كان ثابتا وقد ارتفع وغاية الأمر أنه نسخ لزوال علته ويمكن أن يكون الناسخ للكفار وهو قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ: (خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم) وهذا كان آخر الأمر منه عليه الصلاة والسلام. (والمسكين) أفهم بالعطف أنهما صنفان وهو قول الإمام وهو الصحيح وقال الثاني: صنف واحد وأثر الخلاف يظهر فيما إذا أوصى بثلث ماله لزيد والفقراء والمساكين أو وقف كذلك كان لزيد الثلث ولكل صنف ثلث عنده وقال الثاني: لزيد النصف ولهما النصف وفي (البدائع) لا خلاف أن كل واحد منهما جنس على حدة هو الصحيح وما قاله بعض المشايخ من أنهما جنس واحد في الزكاة بلا خلاف بدليل جواز صرفها إلى جنس واحد والخلاف إنما هو في الوصايا غير سديد بلا لا خلاف في أنهما جنسان مختلفان فيهما وإنما جاز الدفع في الزكاة لواحد لأن المقصود دفع الحاجة وهو حاصل به بخلاف الوصية لأنها لم تشرع لذلك بدليل جواز صرفها للفقير والغني وقد يكون للموصي أغراض لا يوقف عليها فأجرى كلامه على ظاهره من غير اعتبار للمعنى انتهى. وكذا لو أوصى بثلث ماله للأصناف السبعة فصرفها الوصي لواحد لا يجوز وقيل: يجوز كذا في (المحيط). (وهو) أي: المسكين (أسوأ حالا من الفقير) لأنه الذي له أدنى شيء وهو ما دون النصاب أو قدر نصاب غير تام مستغرق في الحاجة كذا في (الفتح) وهذا أولى من تفسير (الشريعة) بمن له ما دون النصاب والمسكين من لا شيء له وعن الإمام عكسه والأول أصح وأثر الخلاف إنما يظهر في الوصايا والأوقاف والنذور كما إذا أوصى لفقراء والمساكين أو وقف أو نذر (والعامل) أي: عامل الصدقة يعني جابيها ساعيا كان أو عاشرا وقد مر الفرق بينهما فيعطى مما يجبيه ما يكفيه وأعوانه وسطا مدة ذهابهم وإيابهم إلا إذا استغرق الزكاة فلا يزاد على النصف ولو ضاعت في يده بطلت عمالته ولا يستحق شيئا وفي (البرازية) أخذ عمالته قبل الوجوب أو القاضي رزقه قبل المدة جاز والأفضل عدم التعجيل لاحتمال أن لا يعيش إلى المدة انتهى.

والمكاتب، والمديون، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم أر ما لو هلك المال في يده وقد تعجل عمالته والظاهر أنه لا يسترد منه ولذا قالوا: إن لها شبها بالأجرة حتى جازت للغني ولو أداها أرباب الأموال للإمام فلا شيء له وبالصدقة فمنعت عن الهاشمي واعتبر هذا الشبه في الهاشمي دون الغني لعدم موازاته للهاشمي في استحقاق الكرامة على أن منع الهاشمي صريح في السنة وفي (النهاية) استعمل الهاشمي على الصدقة فأجري له منها رزق لا ينبغي له أخذه ولو عمل ورزق من غيرها فلا بأس به قال في (البحر): وهذا يفيد صحة توليته وأن أخذه منها مكروه لا حرام انتهى. والمراد كراهة التحريم لقولهم: لا يحل له ذلك لكن ما مر من أن من شرائط الساعي أن لا يكون هاشميا يعارضه وهو الذي ينبغي أن يعول عليه. (والمكاتب) إعانة له في فك رقبة وهذا هو المعنى بقوله تعالى:} وفي الرقاب {[البقرة: 177] في قول أكثر أهل العلم وهو المروي عن الحسن البصري أطلقه فعم مكاتب الغني أيضا وقيده الحدادي بالكبير أما الصغير فلا يجوز كمكاتب الهاشمي مطلقا وفيه نظر إذ قد صرحوا بأن المكاتب يملك المدفوع إليه وهذا بإطلاقه يعم الصغير أيضا وعلى هذا فالعدول فيه وفيما بعده عن اللام إلى في دلالة على أن الاستحقاق للمجتهد لا للرقبة أو للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم من غيرهم لا لأنهم لا يملكون شيئا كما قد ظن إلا أن يراد لا يملكون ملكا مستقرا وهل يجوز للمكاتب صرف المدفوع إليه في غير ذلك الوجه لم أره لهم. (والمديون) تفسير للغارم زاد في (الفتح) تبعا للشارح أو من له دين على الناس لا يقدر على أخذه وليس عنده نصاب فاضل في الفصلين وهذا لأن الغريم فعيل يطلق على المديون وقد يطلق على رب الدين كما في (الصحاح) وهو بمعنى فاعل إلا أن الظاهر ما اقتصر عليه المصنف فقد قال العتبي: الغارم من عليه الدين ولا يجد وفاء وأما ما زيد فإنما جاز الدفع له لأنه فقير يدا كابن السبيل كما علل في (المحيط) إلا أنه غارم وفي (الخانية) أن من له مؤجل إذا احتاج إلى النفقة يجوز أخذ الزكاة قدر كفايته إلى حلول الأجل ولو كان حالا/ إلا أن الذي عليه الدين معسر يجوز له الأخذ في أصح الأقاويل لأنه بمنزلة ابن السبيل ولو موسرا معترفا لا يحل.

ومنقطع الغزاة، وابن السبيل فيدفع إلى كلهم، أو إلى صنف، لا إلى ذمي ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا إذا كان جاحدا وله بينة عادلة وإن لم تكن عادلة لا يحل أيضا ما لم يحلف القاضي وفي (الفتح) دفع إلى فقيرة لها مهر دين على زوجها يبلغ نصابا وهو موسر بحيث لو طلبت أعطاها لا يجوز وغن كان لا يعطي لو طلبت جاز قال في (البحر): المراد من المهر ما تعورف تعجيله وهذا مقيد لعموم ما في (الخانية) ويكون عدم إعطائه بمنزلة إعساره ويفرق بينه وبين سائر الديون بأن رفع الزوج للقاضي مما لا ينبغي للمرأة بخلاف غيره، لكن في (البزازية) إن موسرا والمعجل قدر النصاب لا يجوز عندهما وبه يفتى احتياطا وعند الإمام يجوز مطلقا انتهى. قال في (السراج): والخلاف مبني على أن المهر في الذمة ليس بنصاب عنده وعندهما نصاب بقي أنه في (الأصل) لم يجعل الدين المجحود نصابا ولم يفصل بين ما إذا كان له بينة عادلة أو لا قال السرخسي: والصحيح جواب (الكتاب) إذ ليس كل قاض يعدل ولا كل بينة تعدل وفي الجثو بين يدي القاضي ذل وكل أحد لا يختار ذلك وينبغي أن يعول على هذا كما في (عقد الفرائد). (ومنقطع الغزاة) فسر به سبيل الله اختار القول الثاني قال في (غاية البيان): وهو الأظهر وفي (الإسبيجابي) أنه الصحيح وفسره محمد بمنقطع الحاج وقيل: طلبة العلم واقتصر عليه في (الظهيرية) وفسره في (البدائع) بجميع القرب فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله تعالى ثم ذكر ما عن الشيخين والخلف لفظي للاتفاق على أن الأصناف كلهم سوى العامل يعطون بشرط الفقر فمنقطع الحاج يعطى اتفاقا وعن هذا قال في (السراج): وغيره فائدة الخلاف تظهر في الوصية يعني ونحوها كالأوقاف والنذور على ما مر. (وابن السبيل) هو المسافر الذي له مال في وطنه وهو في مكان آخر لا شيء له فيه كذا في (الهداية) سمي بذلك لثبوته في السبيل أي: الطريق وفي (النقاية) هو من له مال لا معه سواء كان في غير وطنه أو في وطنه وله ديون لا يقدر على أخذها إلا أن الشارح جعل هذا ملحقا به فيجوز له الأخذ قدر كفايته لا ما زاد لأنه فقير يدا والأولى له أن يستقرض إن قدر لكن لا يلزمه ذلك لعجزه عن الأداء (فيدفع) المزكي (إلى كلهم أو إلى صنف) أي صنف شاء يعني أنه مخير بين الدفع إلى الكل أو إلى صنف مما مر وله أن يقتصر على واحد من أي صنف كان لقوله تعالى:} وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم {[البقرة: 271] وكما روينا من حديث معاذ والمراد من الآية بيان الأصناف التي يجوز الدفع لهم (لا) تعيين الدفع لهم ولذا روي عن كثير من الصحابة عدم التعيين لا يدفع (إلى ذمي) لقوله عليه الصلاة والسلام في

وصح غيرها، وبناء مسجد، وتكفين ميت، وقضاء دينه، وشراء قن يعتق، وأصله وإن علا ـــــــــــــــــــــــــــــ حديث معاذ: (خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم) كما مر إذ لا خلاف ان الضمير في أغنيائهم يرجع للمسلمين فكذا جمع ضمير فقرائهم واعترض بأنه فيه زيادة على الكتاب وأجيب بأنه مشهور وبفرض أن لا يكون فقد خص منه الفقير الحربي بالقطعي وأصله وفرعه بالإجماع فجاز تخصيصه حينئذ بخبر الواحد كما تقرر في محله (وصح) دفع (غيرها) أي: غير الزكاة كالنذر والفطرة والكفارات خلافا للثاني وأجمعوا على جواز دفع التطوع إلا أن فقراء المسلمين أحب أما الحربي فلا يجوز دفع صدقة ما إليه اتفاقا كذا في (غاية البيان) وغيره وإطلاقه يعم المستأمن وبه صرح في (النهاية) لكن جزم في (الشرح) بجواز التطوع له فإن قلت: يرد عليه العشر فإنه لا يجوز دفعه له قلت: هو ملحق بالزكاة فليس غيرا مطلقا. (و) لا إلى (بناء مسجد) وقنطرة ونحوها (و) لا إلى (تكفين ميت) لعدم صحة التمليك منه ألا ترى أنه لو افترسه سبع كان الكفن للمتبرع لا للورثة (و) لا إلى (قضاء دينه) لأن قضاء دين الغير لا يقتضي التمليك منه لا سيما من الميت بدليل أنهما لو تصادقا أن لا دين استرده الدافع وليس للمدين أخذه قيد به لأنه لو قضى دين حي بأمره جاز ويكون القابض كالوكيل في قبض الصدقة ثم يصير قابضا لنفسه بقي لو أذن ومات فظاهر ما في (المحيط) و (المفيد) أنه لا يجوز حيث قالا: لو قضى بها دين حي أو ميت بأمره جاز وهو ظاهر ما في (الخانية) أيضا فإنه قال: لو بنى مسجدا بنية الزكاة لا يجوز وكذا لو قضى دين ميت أو حي بغير أمره وإطلاق (الكتاب) يفيد أنه لا يجوز وهو ظاهر ما في (الخلاصة) أيضا حيث قال: بنى مسجدا للغير بنية الزكاة أو حج أو اعتمر أو أعتق أو قضى دين حي أو ميت بغير إذن/ الحي لا يجوز وهو الوجه لأنه لا بد من كونه تمليكا وهو لا يقع عند أمره بل عند أداء المأمور وقبض الغائب وحينئذ لم يكن المديون أهلا للتمليك بموته. وعلى هذا فإطلاق مسألة التصادق السابقة محمول على ما إذا كان الوفاء بغير أمر المديون أما لو كان بأمره فينبغي أن يرجع المديون إذ غاية الأمر أنه ملك فقيرا على ظن أنه مديون وظهور عدمه لا يؤثر عدم التمليك بعد وقوعه لله تعالى (و) لا إلى (شراء قن يعتق) لما مر والحيلة في هذا أن يتصدق على الفقير ثم يأمره بفعل هذه الأشياء وهل له أن يخالف أمره؟ مقتضى صحة تمليكه أن له ذلك ولم أره (و) لا يدفع أيضا إلى (أصله) من الآباء والأمهات (وإن علا) ذلك الأصل كالأجداد والجدات

وفرعه وإن سفل، وزوجته وزوجها وعبده، ومكاتبه، ومدبره، وأم ولده، ومعتق البعض، ـــــــــــــــــــــــــــــ من قبلهما (و) لا إلى (فرعه) ولده ومنه في هذا الباب المخلوق من مائه بالزنى والذي نفاه احتياطا (وإن سفل) بضم الفاء كالأولاد لأن منافع الأملاك بينهم متصلة فلم يتحقق التمليك على الكمال ومن ثم منع من كل صدقة واجبة كالفطر والنذور والكفارات أما التطوع فيجوز بل هو الأولى كما في (البدائع) قيد بالأصول لأن غيرهم من الأقارب يجوز الصرف إليه واختلف في المريض إذا دفع زكاته إلى أخيه وهو وارثه قيل: يصح، وقيل: لا كمن أوصى بالحج ليس للوصي أن يدفعه إلى قريب الميت لأنه وصيته وقيل: للورثة الرد باعتبارها كذا في (القنية). وظاهر كلامهم يشهد للأول (و) لا يدفع أيضا إلى (زوجته) اتفاقا (و) لا تدفع المرأة إلى (زوجها) عند الإمام وقالا: تدفع لقوله عليه الصلاة والسلام لامرأة ابن مسعود وقد سألته في التصدق عليه: (لك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة) وله أن منافع الإمام بينهما مشتركة عادة والحديث محمول على النافلة ولا خلاف في جوازه ويدل عليه ما جاء في بعض الطرق أن السؤال وقع عن التصدق عليه وعلى ولده فقال عليه الصلاة والسلام: (زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم) والزكاة على الولد لا تجوز اتفاقا ودخل في اسم الزوجة المعتدة ولو بثلاث كما في (الدراية). تتمة: تعتبر الزوجية في شهادة أحدهما للآخر وقت الأداء وفي (الخانية) ما يفيد أن الاعتبار لوقت القضاء وفي الرجوع في الهبة وقت الهبة وفي الوصية وقت الموت وفي الإقرار لها في المرض وقت الإقرار ويعتبر في السرقة كلا الطرفين. (و) لا إلى (عبده) لعدم التمليك (و) لا إلى (مكاتبه) لأن له حقا في كسبه وكذا لم يجز تزوج المولى في أمته (و) لا إلى (مدبره) مطلقا كان أو مقيدا (و) لا إلى (أم ولده) لما قلنا، (و) لا إلى (معتق البعض) سواء كان له أو لا كعبد بينه وبين ابنه أعتق الأب نصفه وهو معسر سعى العبد ولا يجوز له دفع زكاته إليه لأنه مكاتب أمته فإن قلت: أنى يتصور دفع الزكاة من المعسر؟ قلت: يتصور بأن يكون زكاة مال استهلك قبل الإعتاق ويكون عند الإعتاق فقيرا وأما إذا كان بينه وبين أجنبي فجواز الدفع إليه قد علم لما مر أول الباب وهذا عند الإمام وقالا: يجوز الدفع إليه مطلقا بناء على تجزئ العتق عنده لا عندهما كما سيأتي.

وغني يملك نصابا وعبده ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) لا إلى (غني يملك نصابا) قيد بذلك لأن الغني على مراتب ما يتعلق به وجوب الزكاة وقد مر ما يتعلق به وجوب الأضحية وصدقة الفطر ونفقة الأقارب وحرمان الأخذ وهو أن يكون مالكا لنصاب فاضل عن حوائجه الأصلية وهو المراد هنا وما يتعلق به حرمة السؤال وسيأتي كذا في (الشرح) وغيره. وجعل بعضهم النصب ثلاثة وجرى في (فتح القدير) وغيره وأن الثالث ما يتعلق به حرمة السؤال وعليه فيشكل كلامه وأجاب في (البحر) بأن إطلاق النصاب عليه مجاز لما في (الصحاح) النصاب من المال القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه نحو مائتي درهم وخمس من الإبل وليس قوت اليوم كذلك في (ضياء الحلوم) نصاب كل شيء أصله ومنه النصاب المعتبر في وجوب الزكاة وهذا يقتضي أن إطلاق النصاب عليه حقيقة إذ قوت اليوم أصل تحريم السؤال انتهى. والأولى أن يكون مجازا شرعيا بقي هل الاعتبار في هذا النصاب المحرم للأخذ الوزن أو القيمة ففي (المحيط) عن محمد الثاني حتى لو كان له تسعة عشر دينارا قيمتها ثلثمائة درهم لا تحل له الصدقة إلا أن المذكور في (الظهيرية) عنه أنها تحل فيحمل على اختلاف الروايتين أطلق النصاب فشمل أي نصاب كان حتى لو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم السائمة لا تحل له الصدقة بلغت قيمتها مائتي درهم أو لا وقيد به لأن من ملك ما دونه تحل له لكن لا يحل له الأخذ ولا تلازم بينهما كذا في (الدراية). وجزم في (البحر) بعدم صحته/ فقد صرح في (غاية البيان) بجواز الأخذ له وحكم الصدقة الواجبة كالزكاة ومنه الوقف لما أنه صدقة واجبة إلا إذا سماه الواقف كما في (البدائع) أما النافلة فتجوز قال في (الواقعات): وليس له أن يقبل جائزة السلطان من بيت المال وإن أعطاه من مورث جاز أما الفقير فله ذلك إن كان السلطان يأخذ من الناس ما يجوز له أخذه كما في (السراج) وله أكل الواجبة من الفقير بشراء أو هبة واختلف فيما لو أباحها له قال خواهر زادة: لا تحل وأبو المعين النسفي: تحل ويدل للأول قوله في حديث بريزة: (هو لهما صدقة ولنا هدية) ولو اكتفى بالإباحة لما احتيج إلى هذا إلا أن يقال: بأن الشبهة في الهاشمي كافية في المنع بخلاف الغني على ما مر (و) لا إلى (عبده) أي: الغني لأن الملك يقع للمولى وقد مر جواز

وطفله، وبني هاشم، ـــــــــــــــــــــــــــــ الدفع إلى المكاتب وهو بإطلاقه يتناول مكاتب الغني فلذا لم يستثنه نعم يرد عليه المأذون المديون بما يستغرق رقبته وكسبه حيث يجوز الدفع إليه عند الإمام خلافا لهما بناء على أنه لا يملك أكسابه عنده وعندهما يملك وإطلاقه يعم ما لو كان زمنا وليس في عيال المولى ولا يجد شيئا أو كان مولاه غائبا، وفي (الذخيرة) عن الثاني جواز الدفع إليه وفيه نظر لأنه بهذا العارض لا ينتفي المانع وغاية ما في هذا وجوب كفايته على السيد وتأثيمه بتركه واستحباب الصدقة النافلة عليه وقد يجاب بأنه إذا كان في هذه الحالة لا ينزل على حال ابن السبيل كذا في (الفتح)، وقد يقال: بأن ابن السبيل مصرف بخلاف الغني كذا في (البحر). وفي (السراج) قيل: إنما لم يجز الدفع إليه لأن نفقته على مولاه فعلى هذه العلة يجوز الدفع (و) لا إلى (طفله) أيضا ذكرا كان أو أنثى في عياله أو لا على الأصح لما أنه يعد غنيا بغناه وأفاد كلامه أن طفل الغنية يجوز الدفع إليه كما في (القنية) ولو كان أبوه ميتا لانتفاء المانع قيد بالطفل لأن الكبير يجوز الدفع إليه ولو زمنا قبل الفرض بالإجماع وبعده عند محمد خلافا للثاني وعلى هذا بقية الأقارب وفي بنته ذات الزوج خلاف والأصح الجواز وهو قولهما ورواية عن الثاني وابنا زوجته فذكر الكرخي أنها تعطى عندهما خلافا للثاني والأصح قولهما كذا في (السراج). وفي (الفتح) وهو ظاهر الرواية وسواء فرض لها أو لا وعن الثاني لا (و) لا إلى (بني هاشم) لخبر البخاري (نحن أهل بيت لا تحل لنا الصدقة) وكلامه ظاهر في أن المراد أقرباؤه عليه الصلاة والسلام من بني هاشم وإن لم يناصروه فيدخل فيه من أسلم من أولاد أبي لهب وبه صرح في (غاية البيان) إلا أن الأكثر على إخراج أبي لهب وأولاده من هذا النوع وعلى ذلك جرى جمهور الشارحين ومن ثم قال القدوري تبعا للكرخي: وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل عباس والحارث بن عبد المطلب فبنو الحارث والقياس أبناء عبد المطلب جده عليه الصلاة والسلام والباقون آل أبي طالب لأنهم ينسبون إلى هاشم بن عبد مناف ونسبة القبيلة إليه كذا في (الهداية). واعترضه في (الحواشي السعدية) بأن آل أبي لهب تنسب أيضا إلى هاشم وتحل لهم الصدقة وأقوال: قال في (النافع) بعد ذكر بني هاشم: إلا من أبطل النص قرابته يعني به قوله عليه الصلاة والسلام: (لا قرابة بيني وبين أبي لهب فإنه آثر علينا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الأفجرين) وهذا صريح في انقطاع نسبته عن هاشم وكان هذا هو السر في قصر صاحب (الهداية) النسبة إلى هؤلاء وبه ظهر أن في اقتصار المصنف على بني هاشم كفاية وإن من قال: وهم آل كذا فإنما عنى زيادة الإيضاح أو دفع ما عساه أن يتوهم وإن من أسلم من أولاد أبي لهب غير داخل لعدم قرابته وهذا حسن جداً لم أر من نحا نحوه فتدبره قيد ببني هاشم لأن بني المطلب تحل لهم الصدقة وهذا لأن الجد الثالث له عليه الصلاة والسلام وهو عبد مناف ترك أربعة أولاد هاشم وعبد المطلب ونوفل وعبد شمس وكان علية الصلاة والسلام من نسل هاشم ونسبته الجمع عليها إلى عدنان مشهورة وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين دفع غيرهم لهم ودفعهم لبعضهم بعضا وجوز الثاني دفع بعضهم لبعض وهو رواية عن الإمام وقول العيني والهاشمي يجوز له أن يدفع زكاته إلى هاشمي مثله عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف صوابه لا يجوز ولا يصح حمله على اختلاف الرواية السابقة عن الإمام لمن تأمل ولا فرق في المنع بين الزكاة وغيرها كالنذور والكفارات وجزاء الصيد إلا خمس الركاز فيجوز صرفه إليهم كما في (السراج). وأما الوقف عليهم فالمذكور في (الكافي) في جوازه كالنفل وعليه جرى في وقف (الخانية) وقيده في الزكاة منها تبعا لغيره/ بما إذا أسماهم فإن لم يسمهم لا يجوز الصرف إليهم لأنها صدقة واجبة وجزم به في (السراج) وغيره ونقل في (النهاية) الإجماع على جواز النقل لهم وكذا يجوز للغني قال في (الفتح): والحق إجراء الوقف مجرى النافلة إذ لا شك أن الواقف متبرع بتصدقه بالوقف لأنه لإيقاف واجب وكان منشأ الغلط وجوب دفعها على الناظر وبذلك لم تصر واجبة على المالك بل غاية الأمر أن وجوب شرط الواقف على الناظر ونقل عن الشارح أنه قال: لا فريق بين الواجبة والتطوع. وقال بعضهم: يحل له التطوع وهذا يشعر بترجيح حرمة النافلة وهو الموافق للعمومات فوجب اعتباره انتهى. وحاصله ترجيح منع الوقف عليهم كالنافلة وفيه بحث أما أولا فلأن قوله: لا لإيقاف واجب ممنوع لأنه لو نذره بأن قال: لله علي أن أقف هذه الدار كان الوقف واجبا فإن قلت: لا بد في النذر من أن يكون من جنسه واجب وأين هو هنا قلت: هو أنه يجب على الإمام أن يقف مسجدا من بيت مال المسلمين وإن لم يكن في بيت المال شيء فصلى المسلمون كذا في (فتح القدير)

ومواليهم, ولو دفع بتحر فبان أنه غني أو هاشمي, أو كافر, أو أبوه أو ابنه صح, ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الظهيرية) سقط منه شيء فقال: إن وجدته فلله علي أن أقف أرضي هذه على أبناء السبيل فوجده كان عليه الوفاء به فإن وقف أرضه على من يجوز له صرف الزكاة إليه من الأقارب والأجانب جاز وأما ثانيا فلأن ما أشعر به كلام الشارح مخالف لما مر عن (النهاية) وتبعه في (الدراية) و (غاية البيان) واختاره في (المحيط) وجزم به الأقطع وغيره وروى أبو عصمة جواز إعطائهم الواجبة في زماننا لمنعهم من خمس الخمس قال الطحاوي: وبه نأخذ إلا أن ظاهر الراوية إطلاق المنع. (و) لا إلى (مواليهم) لقوله عليه الصلاة والسلام: (مولى القوم من أنفسهم) رواه أبو داود وغيره أي: في حل الصدقة وحرمتها لا في جميع الوجوه ألا ترى أنه ليس بكفو لهم وإن مولى المسلم إذا كان كافرا تؤخذ منه الجزية ومولى التغلبي لا تأخذ منه المضاعفة بل الجزية قيد بمواليهم لأن موالي الغني يجوز الدفع إليه وفي آخر (المبسوط) تكلم الناس في حق سائر الأنبياء هل تحل لهم الصدقة منهم من قال: لا تحل وإنما كانت تحل لأقاربهم فأظهر الله تعالى فضيلته - صلى الله عليه وسلم - بتحريمها على أقاربه وقيل: بل كانت تحل لهم وهذه خصوصية به - صلى الله عليه وسلم - انتهى. والذي ينبغي اعتماده الأول لقوله في الحديث: (وحرم عليكم أوساخ الناس) ولا شك أن الأنبياء منزهون عن ذلك (ولو دفع) المزكي (بتحر) أي: اجتهاد وهو لغة الطلب والابتغاء ويرادفه التوخي إلا أن الأول يستعمل في المعاملات, والثاني في العبادات وعرفا طلب الشيء بغالب الظن عند عدم الوقوف على حقيقته (فبان) أي: ظهر (أنه) أي: المدفوع إليه (غنى هاشمي و) بان أنه (كافر أو أبوه أو ابنه) أو زوجته (صح) دفعه عندهما خلافا للثاني لأنه ظهر خطؤه بيقين لكن لا يسترده اتفاقا وهل يطيب له؟ لا رواية فيه واختلف المشايخ وعلى أنه لا يطيب يتصدق به وقيل: يرده على المعطي له على وجه التمليك منه ليفيد الأداء ولهما قوله عليه الصلاة والسلام لزيد حين وقعت زكاته في يد ولده: (لك ما نويت ولك يا معين ما أخذت) رواه البخاري، قيد بالتحري في أنه مصرف لأنه لو لم يتحر ولم يشك فظهر أنه ليس مصرفا أعاد إجماعا وإن لم يظهر فهو على الجواز ولو شك فلم يتحر أو تحرى فغلب

ولو عبده أو مكاتبه لا، وكره الإغناء ـــــــــــــــــــــــــــــ على ظنه أنه غير مصرف ودفع لم يجز حتى يظهر أنه مصرف فيجزئه هو الصحيح خلافا لمن ظن عدم إجزائه عندهما قياسا على ما إذا صلى إلى غير جهة تحريه حيث لا تجزئه وإن أصاب والفرق على الراجع أن الصلاة لتلك الجهة معصية لتعمده الصلاة إلى غير جهة القبلة كيف؟ وقد قال الإمام: أخشى عليه الكفر وهنا نفس الإعطاء لا يكون عاصيا فصلح مسقطا إذا ظهر صوابه كذا في (الفتح): وأقول كون الإعطاء لا يكون به عاصيا مطلقا ممنوع فقد صرح الإسبيجابي بأنه إذا غلب على ظنه غناه حرم عليه الدفع. واعلم أن المدفوع إليه لو كان جالسا في صف الفقراء يصنع صنيعهم أو كان عليه زيهم أو سأله فأعطاه كانت هذه الأسباب بمنزلة التحري كذا في (المبسوط) حتى لو ظهر غناه لم يعد قيد بالزكاة لأن الوصي لو دفع الثلث الموصى به للفقراء فبان أنهم أغنياء ضمن اتفاقا لأن الزكاة حق الله تعالى فاعتبر فيها الوسع والوصية حق العبد فاعتبر/ فيها الحقيقة كذا في (الدراية) معزيا إلى جامع شمس الأئمة. قال في (البحر): وقياسه أن الوصي بشراء دار لتوقف إذا اشترى ونقد الثمن ثم ظهر أنها وقف الغير وضاع الثمن أنه يضمن وهي واقعة حال أطلق الكافر فعم الحربي أيضا وبه صرح في (المبتغى) وفي (المحيط) وفيه روايتان وجزم في (الدراية) بعدم الجواز وفي (التحفة) أجمعوا أنه لو ظهر حربي أو مستأمن لا يجوز كذا في (غاية البيان). (ولو) بان أنه (عبده) ولو مدبرا وكانت أم ولده (أو) بان أنه (مكاتبه) أو ما في حكمه كالمستسعي (لا) أي: لا يصح لأنه لم يخرج عن ملكه (وكره الإغناء) بأن يدفع إلى فقير ما به يصير غنيا بأن يعطيه نصابا أو يكمله له حتى لو كان له مائة وتسعة وتسعون درهما فأعطاه درهما كره أيضا كما في (الضهيرية)، والظاهر أنه لا فرق في ذلك النصاب بين كونه نام أو لا حتى لو أعطاه عروضا تبلغ نصابا فكذلك ولا بين كونه من النقود أو من الحيوانات حتى لو أعطي له خمس من الإبل لم تبلع قيمتها نصابا كره لما مر ولو أعطى مديونا أكثر من نصاب لا يفضل له بعده نصاب أو كان له عيال بحيث لو وزع المعطى له عليهم لا يصيب كل واحد نصابا لم يكره وإنما كره مع مقارنة الغنى للأداء فقط لأنه حالة التمليك فقير وذلك إنما يحصل بعد

وندب عن السؤال وكره نقلها إلى آخر لغير قريب، وأحوج، ولا يسأل من له قوت يومه. ـــــــــــــــــــــــــــــ تمامه (وندب) الإغناء (عن السؤال) لقوله عليه الصلاة والسلام: (أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم) أطلقه هنا وقيده في (النقاية) بقوله يوما وفي (غاية البيان) المراد الإغناء عنه بأداء قوت يومه والإطلاق أولى لما انه ينبغي أن ينظر إلى ما يقتضيه الحال في كل فقير من عيال وحاجة كدين وثوب وغير ذلك واقتضى كلامه أن إعطاء الكثير لواحد أولى من توزيعه على جماعة (وكره نقلها) أي: الزكاة (إلى بلد غير بلد) المال لما روينا من حديث معاذ ولو نقلها صح لأن المصرف مطلق الفقراء بالنص (لغير قريب و) لغير (أحوج). أما القريب والأحوج فلا يكره النقل إليهما لأن المقصود منهما سد خلة المحتاج وفي القريب جمع بين الصلة والصدقة وكذا لا يكره النقل إلى الأورع والأصلح كما فعل معاذ ولذا قيل: إن التصدق على العالم الفقير أفضل كذا في (الدراية)، ولا من دار الحرب إلى دار الإسلام، وفي (الخلاصة) لا يكره نقل زكاته المعجلة قبل الحول لفقير غير أحوج ومديون قالوا: والأفضل صرفها إلى إخوته الفقراء ثم أولادهم ثم أعمامه الفقراء ثم أخواله ثم ذوي أرحامه ثم جيرانه ثم أهل سكنه ثم أهل ربضه كذا في (الظهيرية). ويعتبر في الزكاة مكان المال في الروايات كلها واختلف في صدقة الفطر فرجح في (فتح القدير) وغيره اعتبار مكان الرأس وفي (المحيط) إن كان يؤدي عن نفسه يعتبر حيث هو وإن كان عن ولده وعبده فعن الثاني يؤدي حيث العبد وعن محمد حيث المولى وهو الأصح وذكر الإسبيجابي قول الإمام مع الثاني (ولا) يسأل أي: لا يحل له أن (يسأل) شيئا من القوت (من له قوت يومه) وهذا أولى من قوله في (البحر) أي: لا يحل له أن يسأل قوت يومه لأن عدم الحل لا يتقيد به لخبر: (من سأل الناس وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر جمر جهنم قالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: يغديه ويعشيه) قيد بالسؤال لأن الأخذ لغيره لمن له القوت جائز وبقوت يومه لأن له أن يسأل الكسوة إذا كان عاريا كمن لا قوت له إلا إذا كان مكتسيا فلا يحل له السؤال إلا إذا كان غازيا لاشتغاله بالجهاد كذا في (غاية البيان). قال في (البحر): وينبغي إلحاق طالب العلم. بقي هل يأثم معطى من له القوت مع اعلم بحاله؟ قال الأكمل في (شرح المشارق): في القياس نعم للإعانة

باب صدقة الفطر

باب صدقة الفطر تجب ـــــــــــــــــــــــــــــ على المحرم لكنه يجعل هبة والهبة لغير المحتاج لا يكون إثما انتهى. وهذا لأن الصدقة على الغني هبة كما أن الهبة للفقير صدقة وأنت خبير بأن هذا إنما يتم بتقدير أن يراد بالغني من يملك قوت يومه وحينئذ يملك الرجوع وكل من المقدمتين في حيز المنع بل المراد من يملك نصابا وحينئذ فما فر منه وقع فيه لأن الهبة لغيره صدقة وعلى ما قلنا يحمل ما مر عن الإسبيجابي من انه حيث غلب على ظنه غناه حرم عليه الدفع وهذا بالقواعد أليق فتدبره. باب صدقة الفطر ألحقها بالزكاة لما أنها من المصارف المالية وقدم الزكاة والعشر وإن كان فيه معنى العبادة وفي هذه معنى المؤونة لثبوتها أي: الزكاة والعشر ملحق بالزكاة بالكتاب وهذه/ بالسنة وذكرها في (المبسوط) بعد الصوم نظرا إلى الترتيب الوجودي وما هنا أولى لأن المقصود من الكلام إنما هو المضاف لا المضاف إليه خصوصا ما إذا كان مضافا إلى شرطه إذ لا شك أن الفطر ليس سببا كما سيأتي ولم يقل: صدقة الرأس تحريضا على الأداء في يوم الفطر إذ المراد به يومه كيوم النحر لا الفطر اللغوي لحصوله في كل ليلة إليه أشار في (الدراية) وقدمها الطحاوي على الصرف قال الإتقاني: وهذا أقيس عندي لأن وجوب الصدقة مقدم على المصرف انتهى. وكأن من أخرها نظر إلى أن لها ارتباطا بالصوم والفطر لفظ إسلامي اصطلح عليه الفقهاء كأنه من الفطرة بمعنى الخلقة وأما لفظ الفطرة الواقع في كلام الفقهاء وغيرهم فمولد حتى عد بعضهم من لحن العامة كذا في (شرح الوقاية). اعلم أن ركنها الأداء إلى المصرف وسبب شرعيتها ما جاء في حديث ابن عباس: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو داود وغيره قال الشمني: وأمر بها في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة وحكمها سقوط الواجب عنه وأما كيفيتها أي: صفتها وكميتها وشرطها وسببها فسيأتي مفصلا (تجب) صدقة

على كل حر مسلم ذي نصاب فضل عن مسكنه, وثيابه, وأثاثه, وفرسه وسلاحه, وعبيده عن نفسه, وطفله الفقير وعبده للخدمة, ـــــــــــــــــــــــــــــ الفطر لما روينا وفرض في الحديث السابق بمعنى قدر للإجماع على أن جاحدها لا يكفر وتعبيره في (المجرد) بالنسبة لما أن الوجوب يثبتها كذا في (الدراية). (على حر) فلا تجب على رقيق لعدم تحقق التمليك منه (مسلم) فلا تجب على كافر لما أنها قرية الكفر ينافيها (ذي) أي: صاحب (نصاب) فلا تجب على من يملك ما دونه لأنه فقير شرعا ولم يقيده بالنامي إيماء إلى عدم اشتراطه لأنها وجبت بقدرة ممكنه بدليل أنه لو هلك بعد الوجوب لم تسقط بخلاف الزكاة وفي جعله إياه من الشرائط إشارة إلى أنه لو عجلها قبل ملكه لكن بعد ملك الرأس ثم ملكه صح فظن الوجوب ليس تعجيلا كذا في (القنية). (فضل عن مسكنه وثيابه وأثاثه وفرسه وسلاحه وعبيده) لأن المشغول بالحاجة الأصلية كالمعدوم وحوائج عياله كحوائجه ولم يشترط العقل والبلوغ لأنها تجب على المجنون والصبي فيخرجها الوي عنهما وعن عبيدها (عن نفسه) متعلق ليجب أي: يجب إخراجها عن نفسه (وعن طفله وعبيد الخدمة) بيان للسبب والأصل فيه رأسه ولا شك أنه يمونه ويلي عليه فيلحق به ما هو في معناه بمن يمونه ويلي عليه لخبر أبى داود: (أدوا عن كل حر أو عبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من شعير) وفي حديث الدارقطني عن تمونون وما بعد عن يكون مسببا عما قبلها وزيدت الولاية لأنه لو مان صغيرا لله تعالى لا لولاية شرعية لم يجب عليه أن يخرج عنه إجماعا وهذا أولى من استدلاله في (الهداية) على السببية بالإضافة في قولهم زكاة الرأس إذ تمامه موقوف على أن هذا التركيب مسموع من الشارح لأنها لا تثبت إلا بوضعه أو من أهل الإجماع كذا في (الفتح). وعورض بأنا لا نسلم أن عدم الوجوب إجماعا فيمن مان صغيرا لا لولاية لعدمها بل لعدم وجوب نفقته عليه ألا ترى أن الأئمة الثلاثة قائلون بوجوبها على الأبوين المعيرين ولا ولاية عليهما فالأحسن أن يقال: إن نفقة الفقير واجبة على الإمام في بيت المال ولا تجب صدقة فطره إجماعا لعدم الولاية. واعلم أن قصرهم السبب على ما مر يرد عليه الجد إذا كانت نوافله صغارا في عياله لموت الأب أو فقره

ومدبره, ـــــــــــــــــــــــــــــ حيث لا يجب عليه الإخراج في ظاهر الرواية, قال في (فتح القدير): ودفعه بانتفاء السبب لأن ولايته منتقلة من الأب فكانت غير تامة كولاية الوصي غير قوي إذ الوصي لا يمونه إلا من ماله إذا كان له مال فكان كالأب فلم يبق إلا مجرد الولاية ول أثر له كمشتري العبد ولا مخلص إلا بترجيح رواية الحسن من أنها على الجد انتهى. واختارها في (الاختيار) , وهذه إحدى المسائل التي خالف فيها الجد الأب في ظاهر الرواية لا رواية الحسن ومنها التبعية في الإسلام وجر الولاء والوصية لقرابة فلان. قال في (البحر): وقد يجاب بأن انتقال الولاية له أثر في عدم الوجوب للقصور لأنها لا تثبت إلا بشرط عدم الأب فلا نسلم أن ولاية المشتري انتقلت بل انقطعت ولاية البائع وثبت/ للمشتري ولاية مطلقة كأنه ملكه ابتداء وأقول: على تقدير تسليمه لم لا يجوز يقال كذلك في الجد مع الأب على أن انقطاع ولاية الأب بموته أظهر ويرد عليهم أيضا العبد الموصى بخدمته لواحد وبرقبته لآخر حيث تجب صدقة فطره على الثاني ولا تجب مؤونته إلا على الأول كما في (الظهيرية) ولم أر من أجاب عنه, وما في (الشرح) من أنها لا تجب على أحد فسبق قلم كما في (الفتح) وكأن منشأ توهمه ما مر ويمكن أن يجاب بأن وجوب النفقة على الموصى له بالخدمة إنما هي للخدمة وهذا لا يمنع الوجوب على المالك ألا ترى أن نفقة المؤجر على المستأجر فيما اختار الفقيه أبو الليث. (و) الفطرة على المولى (مدبره) زاد في (البحر) على قولهم ويلي عليه ولاية كاملة مطلقة ليخرج العبد المشترك ولا حاجة إليه لأن المطلق في الولاية ينصرف إلى الكامل وولاية الجد غير كاملة أيضا كما اعترف به أطلق في الطفل فشمل ما إذا كان بين أبوين ادعاه كل منهما حيث يجب على كل فطرة كاملة عند الثاني وقال محمد: تجب عليهما صدقة كاملة ولا رواية فيه عن الإمام كما في (المبسوط) قيد بالفقير لأن الغني تجب صدقة فطره في ماله على ما مر لعدم وجوب نفقته وفيه إشارة إلى أن الصغيرة لو سلمت لزوجها لا تجب صدقة فطرها على أبيها لعدم المونة كما في (الخلاصة)، وفي (القنية) تزوج صغيرة معسرة فإن كانت تصلح لخدمة الزوج فلا صدقة على الأب وإلا فعليه صدقة فطرها وقيد بقيد بكون العبد للخدمة لأنه لو كان للتجارة لم تجب صدقة فطره لأن إيجابها يؤدي إلى الثني لا فرق في عبد الخدمة بين كونه مديونا أو مستأجرا أو مرهونا إذا كان عنده وفاء بالدين أو جانيا عمدا أو خطأ أو منذورا بالتصدق به أو معلقا عتقه بمجيء يوم الفطر وأما الابن فلا يجب على يجب على مولاه لما مضى إلا بعد عوده ولا تجب عن عبده المأسور لأنه خارج عن يده وتصرفه فأشبه

لا عن زوجته، وولده الكبير، ومكاتبه، أو عبيد لهما، ويتوقف لو مبيعا بخيار ـــــــــــــــــــــــــــــ المكاتب ولا في رقيق الأخماس والقوام كزمزم والفيء والسبي والغنيمة والأسرى قبل القسمة لأنهم ليس لهم مالك معين كذا في (البدائع). (لا) تجب (عن زوجته) لقصور المونة والولاية إذا لا يلي عليها في غير حقوق الزوجية ولا يجب أن يمونها في غير الرواتب كالمداواة (وولده الكبير) لانعدام السبب ولذا لم يجب عن أبويه نعم لو كانا مجنونين فقيرين وجبت لوجود السبب قالوا: أدى عن الزوجة والولد الكبير جاز استحسانا وظاهر ما في (الظهيرية) أن هذا الحكم جاز في كل من في عياله (و) لا عن (مكاتبه) ومستسعاه لعدم الولاية ولا عن عبد (أو عبيد لهما) لقصور الولاية والمؤنة في حق كل واحد منهما وهذا عند الإمام وقالا: لا تجب في العبيد على كل واحد من الشريكين فطرة ما يخصه من الرؤوس دون الأشقاص بناء على أنهما يريدان قسمة الرقيق وقيل لا يجب اتفاقا لأن النصيب لا يجتمع قبل القسمة فلم تتم رقبته لواحد (ويتوقف) وجوب صدقة الفطر. (لو) كان (مبيعا بخيار) لأحدهما أو لهما أو لأجنبي فإذا مر يوم الفطر والخيار باق وجبت على من يصير العبد له وقال زفر: على من له الخيار إلا أن يشترط البائع لغيره فيكون على البائع أيضا لأن الولاية والزوال بيده فلا يعتبر في حكم عليه، ولنا أن الولاية والملك موقوفا فيتوقف ما يبنى عليهما ألا ترى أنه لو فسخ يعود إلى قديم ملك البائع ولو أجيز يستند الملك للمشتري إلى وقت العقد حتى يستحق به الزوائد وزكاة التجارة على هذا بأن اشترى شيئا للتجارة فتم الحول في مدة الخيار فعندنا يضم إلى من يصير له أن كان عنده نصاب فيزكيه مع نصابه. قال في (البحر): وأشار إلى أنه لو لم يكن في البيع خيار ولم يقبضه المشتري حتى مر يوم الفطر فالأمر موقوف فإن قبضه المشتري فالفطر عليه ولم يلح إلي مأخذ هذه الإشارة بل ربما أفاد التقليد بالخيار أنه لو لم يكن ثمة خيار لا يتوقف ولو مات قبل قبضه فلا فطرة على أحد ولو رد قبل القبض بعيب أو رؤية بقضاء أو غيره فعلى البائع لأنه عاد إليه قديم ملكه وبعد القبض على المشتري لأنه زال ملكه بعد تمامه وتأكده في البيع الموقوف الذي أجازه المالك بعد الفطر على المجيز كما في (الظهيرية) والوجه فيه بين وفي الفاسد إذا مر يوم الفطر وهو في يد المشتري فإن رد فعلى البائع وإن باعه أو أعتقه فعليه وفي المجعول مهرا إن كان بعينه فعلى الزوجة قبضته أو لا لتمام/ ملكها ولذا جاز تصرفها قبل القبض ولو طلقها قبل الدخول ومر يوم الفطر إن لم يكن مقبوضا فلا فطرة وإن كان مقبوضا فكذلك عنده وعندهما يجب عليهما. وفي (الأصل) لا صدقة في عبد المهر في يد قيد الزوج قيد بالصدقة لأن

نصف صاع من بر، أو دقيقه، أو سويقه، أو زبيب، أو صاع تمر، أو شعير وهو ثمانية أرطال ـــــــــــــــــــــــــــــ الفطرة تجب على من كان الملك له وقت الوجوب لعدم احتمالها التوقف كذا في (الكافي) ومفاده أن الخيار إذا كان للمشتري لم تجب على أحد أما البائع فلخروجه عن ملكه وأما المشتري فلعدم دخوله في ملكه عند الإمام مع أنه حكى في (الجوهرة) الإجماع على وجوبها على المشتري وكأنه لما ملك التصرف فيه دون البائع نزل منزلة ملكه إياه (نصف صاع من بر) خبر لمحذوف وبدل كل من الضمير أو فاعل لتجب فيذكر الفعل، (أو دقيقة) أي: البر (وسويقه) وهو المقلو منه ودقيق الشعير وسويقه كالشعير والأولى أن يراعى فيهما القدر والقيمة بأن يعطى نصف صاع دقيق حنطة. (أو) صاع دقيق شعير يساويان الواجب، وحذفه المصنف اعتبارا لغالب وأطلقه فشمل الجيد والرديء، قيد بالدقيق لأن الخبز يعتبر فيه القيمة في الأصح كسائر الحبوب التي لم ينص عليها، أو نصف صاع أيضا من (زبيب) هذا قول الإمام في رواية (الجامع الصغير) وجعلاه كالتمر وهو رواية وصححها أبو اليسر لأنه يقارب التمر من حيث المقصود وهو التفكه، ووجه الأول أنه يقارب البر من حيث أنه لا يرمى منه الحب إلا المترفهون والأولى أن يعتبر فيه أيضا القدر والقيمة (أو صاع تمر أو شعير) لما روينا قال في (الهداية) والدقيق أولى من البر والدراهم أولى من الدقيق فيما يروى عن أبي يوسف وهو اختيار أبي جعفر لأنه أدفع للحاجة وعن الأعمش تفضيل الحنطة لأنه أبعد من الخلاف وقال الحدادي والقنوي: إن أدى القيمة أفضل انتهى. وقال أبو سلمة: هذا في السعة أما في الشدة فالأداء من العين أفضل وهو حسن، (وهو) أي: الصاع (ثمانية أرطال) بالبغدادي هذا قولهما، وقال الثاني: خمسة أرطال وثلث وروى الطحاوي عن الثاني قال: قدمت المدينة فأخرج لي من أثق به صاعا وقال: هذا صاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته خمسة أرطال وثلث قال: وسمعت ابن عمران يقول: إن المخرج له هو مالك وهما حديث الدارقطني عن أنس وعائشة كان عليه الصلاة والسلام (يغتسل بالصاع ثمانية أرطال) قيل: لا خلاف لأن الثاني إنما وجده برطل أهل المدينة وهو أكبر من رطل أهل العراق لأنه ثلاثون إستار- بكسر الهمزة- أربعة مثاقيل ونصف، والبغدادي عشرون إذا قابلت ثمانية بالبغدادي بخمسة أو ثلاث بالمدني وجدتها سواء وهذا هو الأشبه، لأن محمدا لم

صبح يوم الفطر فمن مات قبله، أو أسلم، أو ولد بعده لا تجب، وصح لو قدم أو أخر ـــــــــــــــــــــــــــــ يذكر خلاف أبي يوسف ولو كان لذكره لأنه أعرف بمذهبه كذا في (الفتح) لكن في (الينابيع) الصحيح أن الخلاف ثابت وفي كلامه إيماء إلى أن الصاع أو نصفه إنما يعتبر بالوزن لأنهم لما اختلفوا في انه ثمانية أرطال أو خمسة وثلث كان إجماعا منهم على اعتبار الوزن إذ لا معنى لاختلافهم فيه إلا لو اعتبر به وروي عن رستم عن محمد أنه إنما يعتبر بالكيل لجواز ثقل الحنطة فلا تبلغ نصف صاع وإن وزنت ثمانية إلا أن قولهم يعتبر الوزن بما لا يختلف كيله ووزنه وهو العدس والماش يقتضي دفع الخلاف إذا تأمل كذا في (الفتح). فظاهر ما في (البدائع) يعطى اعتبار الوزن وإن اختلف وذلك أنه قال: عن أبي حنيفة اعتبار الوزن وعن محمد اعتبار الكيل حتى لو وزن وأدى جاز عند الإمام لا عند محمد وقال الطحاوي: الصاع ثمانية أرطال فيما يستوي كيله ووزنه، وهو العدس والماش والزبيب، فإذا كان الصاع يسع ثمانية أرطال من العدس والماش فهو الذي يكال به الشعير لأن من الأشياء ما لا يختلف كيله ووزنه كالعدس والماش وما سواهما يختلف منها ما يكون وزنه أكثر من كيله كالشعير ومنها ما يكون على العكس كالملح فوجب تقدير الكيل بما لا يختلف كيله ووزنه فإذا كان المكيال يسع ثمانية أرطال من ذلك فهو الصاع الذي يكال به التمر والشعير ووجه قول محمد: أن النص ورد باسم الصاع وأنه مكيال لا يختلف وزن ما يدخل فيه خفة وثقلا فوجب اعتبار النصوص عليه وجه قول أبي حنيفة: أن الناس إذا اختلفوا في الصاع يقدرونه بالوزن فدل أن المعتبر/ هو الوزن وفي (الظهيرية) ويجوز نصف صاع من تمر ومد من حنطة وجوزه في (الكفاية) وهكذا ذكره الزندويسي، (صبح يوم الفطر) ظرف ليجب لما روينا من حديث بن عباس. والمراد بالفطر ما مر وإخراجها قبل الصلاة مندوب به جاء الأمر ثم فرع على هذا بقوله (فمن مات قبله) أي: الصبح (أو أسلم، أو ولد بعده لا يجب) لأنه وقت الوجوب ليس بأهل (وصح لو قدم) صدقة الفطر على وقت الوجوب لأن وجود السبب كاف في صحة التعجيل والفطر إنما هو شرط فقط لا فرق في ذلك بين وقت ووقت في ظاهر الرواية كما في (الولوالجية) وفي (الهداية) وغيرها أنه الصحيح وثمة أقوال أخر ثالثها ما قاله خلف بن أيوب: إنه مشروط بدخول رمضان وفي (الخانية) وهو الصحيح زاد في (الظهيرية) وهو اختيار ابن الفضل وعليه الفتوى واتباع (الهداية) أولى (أو أخر)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني أخرها عنه لإنهاء قربة مالية لا تسقط بعد الوجوب كالزكاة وهذا ظاهر أن وقتها موسع لا يتضيق إلا آخر العمر وهو قول أكثر أصحابنا وبه قال العلامة كذا في (البدائع). وقيل: يعتد بيوم الفطر فيكون بعده قاضيا واختاره في (التحرير) لظاهر قوله عليه السلام: (أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم) لكن حمل الأمر في (البدائع) على الندب ومن هنا صرح في (الظهيرية) بعدم كراهية التأخير أي: تحريما. خاتمة: اختلف في إعطاء فطرة شخص إلى أكثر من واحد فعند الكرخي يجوز وعند غيره لا يجوز ويجوز أن يعطى واحد صدقة جماعة كذا في (الفتح) وهو ظاهر في ترجيح مقالة الكرخي. وقد جزم بها في (الولوالجية) و (البدائع) و (المحيط) و (الخانية) إلا أنه لا ينبغي أن يفعل لما روينا وقد تبعهم الشارح في الظهار فقال: لو أعطى الواجب في كفارته لمسكينين أو أكثر لا يجزئه بخلاف صدقة الفطر والفرق أن العدد منصوص عليه فيها بخلاف صدقة الفطر وكلامه هنا يعطي ترجيح عدم الجواز وقد علمت أن الجم الكثير على الأول فينبغي أن يكون عليه المعول ثم رأيت بخط ثقة قال في (مواهب الرحمن): ويجوز دفع زكاة واحد لجمع وجمع لواحد على الأصح فيهما انتهى. قال في (البدائع): ولا ينبغي للإمام أن يبعث على صدقة الفطر ساعيا وفي (عمدة الفتاوى) لو دفع صدقة فطره إلى زوجة عبده جاز وغن كانت نفقتها عليه ولو أمر زوجته بأداء صدقة فطره فخلطت حنطتها بحنطته بغير إذنه جاز عنها لا عن الزوج عنده لا عندهما وحمل قولهما على ما إذا أجاز الزوج كذا في (الظهيرية) وبني الخلاف في الحيرة على أن الخلط عنده استهلاك يقطع حق صاحبه وعندهما لا يقطع فيجوز عنده ولم أر ما لو كان الإذن من جانبها والمسألة بحالها ومقتضى ما مر أنه يصح عنهما غير متفق على إجازتها فتدبره ونسأل الله الحنان المنان أن يمن علينا بإتمام قواعد الإيمان آمين.

كتاب الصوم

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصوم ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصوم ذكره محمد بعد الصلاة لأن كل منهما عبادة بدنية إذ هو ترك الأعمال البدنية وذكره المصنف كغيره بعدا لزكاة لما مر من أن قرآن الصلاة بها في آيات كثيرة فلزم تأخير الصوم وقدمه على الحج لإفراده وتركيب الحج من المال والبدن على أن هذا الترتيب جاء في قوله: {والخاشعين والخاشعات} [الأحزاب: 35] وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) الحديث فاقتضت الحكمة أن يبدأ في التكليف بالأخف وهو الصلاة ويثني بالوسط وهو الزكاة ويثلث بالأشق وهو الصوم لأن المنع من الأكل يومًا كاملاً أشق على النفوس ولاسيما المتنعمة قال في (البحر): ولو قال الصيام لكان أولى لما في (الظهيرية) لو قال: لله على صوم لزمه يوم ولو قال: صيام لزمه ثلاثة كما في قوله تعالى: {ففدية من صيام} [البقرة: 196] انتهى. وأقول: لعل وجهه أنه أريد بلفظ صيام في لسان الشارع ثلاثة أيام فكذا في النذر خروجًا عن العهدة بيقين بخلاف صوم، وتوهم في (البحر) أن الصيغة لها دلالة على التعدد ولا شك أن الصوم له أنواع ثلاثة فادعى أن الأولى صيام وهو ممنوع فقد قال القاضي في (تفسيره): الآية بيان لجنس الفدية، وأما قدرها فبينة عليه الصلاة والسلام في حديث كعب فإن قلت: صرحوا بأن صيامًا جاء جمعًا لصائم قلت: هذا لا يصح مرادًا في الآية ولا في الترجمة كما يدركه الذوق السليم والطبع المستقيم على أن/ أل الداخلة على الجمع تبطل معنى الجمعية فتدبره وهو لغة مطلق الإمساك [116/ أ] قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم كذا في (الصحاح) وفي (المغرب) هو إمساك الإنسان عن الأكل والشرب ومن مجازه صيام الفرص إذا لم يعتلف ومنه قول النابغة: خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى علك اللجما. وعرفًا ما سيأتي واختلف في سببه فاختار السرخسي أنه شهود الشهر والدبوسي وغيره أنه الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم أن بين اليومين ما لا يصح الصوم فيه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (غاية البيان): وهو الحق عندي وصححه الإمام الهندي وأثر الخلاف يظهر فيمن أفاق في أول ليلة من الشهر ثم جن باقيه قبل أن يصح أو في ليلة في وسطه ثم أصبح مجنونًا أو في أخر يوم منه بعد الزوال فعلى قول السرخسي يلزمه القضاء وعلى قول غيره لا لكن جمع في (الهداية) بينهما بأنه لا منافاة فشهود جزء من الشهر سبب لكله ثم كل يوم سبب لصومه غاية الأمر أنه تكرر سبب وجوب صوم اليوم باعتبار خصوصه ودخوله في ضمن غيره كذا في (الفتح). قال في (البحر): والظاهر أن صاحب (الهداية) يختار مقالة عن السرخسي لأن السرخسي يقول: إن كل يوم مع ليلته هو السبب عنده لا اليوم وحده وشرط وجوبه التكليف من العقل والبلوغ والإسلام وفي (غاية البيان) وأما العقل فليس بشرط للوجوب ولا للأداء لو جن في بعض الشهر ثم أفاق يلزمه القضاء بخلاف استيعاب الشهر حيث لا يلزمه للحرج واختار في (الكشف الكبير) قائلاً: إنه أهل للوجوب إلا أن الشارع أسقط عنه عند تضاعف الواجب للحرج، وفي (البدائع): وأما العقل فعامة مشايخنا قالوا: ليس من الوجوب بل من شرائط وجوب الأداء مستدلين بوجوب القضاء على المغمي عليه والنائم كل الشهر بعد الإفاقة والانتباه وكذا المجنون إذا أفاق في بعض الشهر. وقال أهل التحقيق من مشايخ ما وراء النهر: إنه شرط الوجوب وعندهم لا فرق بينه وبين وجوب الأداء وأجابوا عما مر بأن وجوب القضاء لا يستدعي سابقة الوجوب وإنما يستدعي فوق العبادة وهكذا وقع الاختلاف في الطهارة عن الحيض والنفاس فعند أهل التحقيق هما شرط بالوجوب أو الكون في دار الإسلام فلا قضاء على من أسلم في دار الحرب والطهارة عن الحيض والنفاس والنية كذا في (البدائع)، زاد في (النهاية) الوقت القابل للصوم ليخرج الليل وفيه بحث لأن التعليق بالنهار مأخوذ من مفهوم الصوم لا قيد له كذا في (البحر)، وحكمه سقوط الواجب ونيل الثواب إن كان صومًا لازمًا وإلا فالثاني قاله في (فتح القدير) تبعًا لغيره اعترضه في (البحر) بأن صوم الأيام المنهية لا ثواب فيه فالأول أن يقال: إن لم يكن الصوم منهيًا عنه وإلا فالصحة وأقول: ظاهر قولهم كما سيأتي أن النهي فيها لمعنى مجاور بعد الإعراض عن الضيافة يفيد أن فيه ثوابًا كالصلاة في أرض مغصوبة وأقسامه فرض واجب وسيأتي ومسنون وهو صوم عاشوراء مع التاسع ومندوب وهو صوم ثلاثة أيام من كل شهر ويندب

هو ترك الأكل والشرب والجماع من الصبح إلى الغروب بنية من أهله وصح صوم رمضان، ـــــــــــــــــــــــــــــ كونها البيض وكل صوم ثبت بالسنة طلبه وهو الوعد عليه كصوم داود عليه الصلاة والسلام ومنه عند العامة صوم الجمعة منفردًا والاثنين والخميس ويوم عرفة إلا للحاج إن كان يضعفه وإلا كان مندوبًا في حقه أيضًا كذا في (البدائع) ومكروه تحريمًا وهو صوم الأيام الخمسة يوما العيد وأيام التشريق وتنزيهًا وهو إفراد عاشوراء وصوم المهرجان كذا في (فتح القدير) قال في (البحر): ومن المكروه صوم يوم الشك انتهى. لكن سيأتي على إطلاقه نعم يكره صوم الوصال والصمت والسبت منفردًا وأما الست من شوال فعامة المتأخرين على أنه لا بأس به ومحاسنه كثيرة منها الحمل على التقوى ولذا ختمت آية بقوله: {لعلكم تتقون} [البقرة: 183] وشكر النعمة وإلى ذلك أشير بقوله {لعلكم تشركون} [البقرة: 185] والاتصاف بصفة الملائكة والعلم بحال الفقير للرحمة. (هو ترك الأكل الشرب والجماع) / أي: الكف عنه وأولى منه قول القدوري هو [116/ ب] الإمساك يعني ولو حكمًا فلا يرد على كل من العبارتين من الأكل ناسيًا (من) طلوع (الصبح إلى الغروب) ملتبسًا (بنية) تمييزًا للعبادة عن العادة لأنه قد يكون حمية حاصلة (من أهله) وهو من توفرت فيه شرائط الصحة المتقدمة وقوله من الصبح إلى أخره أحسن من قول القدوري نهارًا مع النية إذ قد نقض طروه بإمساك الحائض والنفساء كذلك فإنه يدق الحد دون من أمسك من طلوع الشمس كذلك بعض ما أكل بعد الفجر بناء على أن النهار اسم لما من الطلوع إلى الغروب وأجيب بأن المراد من النهار اليوم في السان الفقهاء والحيض والنفاس خرجت عن الأهلية شرعًا ولا يخفي ما فيه من العناء كذا في (الفتح). وأجاب في (إيضاح الإصلاح) بأنه أراد النية المعهودة وهي التي اعتبرت شرعًا احتراز عن نية غير الأهل ولذا لم يقل مع نية مع أنه خصه. وأعلم أن الصوم لا يختص بالكف عما يؤكل كما سيأتي في إفطاره بإدخال نحو الحديد وما في (البحر) أراد بترك الأكل ترك إدخال شيء في بطنه فبعيد فلو قال كما في (الفتح): فهو إمساك عن الجماع وعن إدخال شيء بطنًا أو ما له حكم الباطن من الفجر إلى الغروب عن نية لكان أفود إلى أنه لو عرف النية لكان أولى لما مر. (وصح صوم رمضان) من رمض احترق سمي به لاحتراق الذنوب فيه قال بعضهم: الصحيح ما رواه محمد عن مجاهد ولم يحك خلافه أنه كره أن يقال جاء رمضان وذهب رمضان لأنه اسم من أسمائه تعالى وعامة المشايخ على أنه لا يكره لمجيئه في الأحاديث الصحيحة كقوله: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما

وهو فرض قطعي، والنذر المعين، ـــــــــــــــــــــــــــــ تقدم من ذنبه) و (عمرة في رمضان تعدل حجة) ولم يثبت في المشاهير كونه من أسمائه تعالى ولئن ثبت فهو من الأسماء المشتركة كالحكيم كذا في (الدراية) واعلم أنهم أطبقوا على أن العلم في ثلاثة أشهر هو مجموع المضاف والمضاف إليه شهر رمضان وربيع الأولى والآخر فحذف شهر هنا من قبيل حذف بعض الكلمة إلا أنهم جوزوه لأنهم أجروا مثل هذا العلم مجرى المضاف والمضاف إليه حيث أعربوا الجزأين كذا في (شرح الكشاف) للسعد (وهو) أي: والحال أنه (فرض قطعي) لثبوته بالقاطع وهذا وإن كان من الضروريات إلا أن ذكره إنما يكون توطئة لقوله (و) صح أيضًا صوم (النذر المعين) كنذر صوم شعبان مثلاً وهو أي والحال أنه واجب لأن قوله تعالى: {وليوفوا نذورهم} [الحج: 29] خص منه النذر بالمعصية وما ليس من جنسه واجب كعيادة المريض وما ليس مقصودًا لذاته بل لغيره كالوضوء فصار ظنيًا كالآية المؤولة فأفاد الوجوب وفي (المجمع) تابعًا لصاحب (البدائع) يفترض صوم رمضان وصوم المنذور والكفارة. قال في (الفتح): وهو الأظهر للإجماع على لزومه وفي العدول إلى الإجماع تسليم لدعوى التخصيص قيل: وفيه نظر إذا من شرطه المقارنة والمخصص غير معلوم فضلاً عن كونه مقارنًا وأيضًا قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] خص منه المجانين والصبيان ولم ينتف به عنه إثبات الفرضية وعليه فلا حاجة للإجماع على أنه ممنوع بدليل أن جاحده لا يكفر وقد قال في أوائل السي من (المحيط البرهاني) و (الذخيرة): الفرق بني الفرض والواجب ظاهر نظرًا إلى الأحكام حتى إن الصلاة المنذورة لا تؤدي بعد صلاة العصر وتقضي الفوائت بعد صلاة العصر انتهى. ولوكان ثمة إجماع لكانت تؤدي بعده قال بعض المتأخرين: والحق أن التخصيص ثابت بالإجماع يعني على عدم صحة النذر بالمعصية ونحوها ولا بد له من مستند وهو المخصص في الحقيقة والإجماع كاشف عنه ومقرر له وعند عدم العلم بالتاريخ يحمل على المقارنة كما تقرر ولم ينعقد الإجماع على فرضية ما بقي بعد التخصيص بخلاف آية الصيام وما اختاره (العناية) في الجواب من أن سبب الوجوب يكون في رمضان وهو شهود الشهر من الشارع وفي المنذور وهو النذر

والنفل بنية من الليل إلى ما قبل نصف النهار، ـــــــــــــــــــــــــــــ من العبد فكان الثابت بالأول فرضًا دون الثاني فرقًا بين إيجاب الرب وإيجاب عبده فمدفوع أما أولاً فلأن هذا الفرق يخالف لإجماعهم أن الفرض ما ثبت بقطعي والواجب ما ثبت بظني ولا عبرة بالسبب وأما ثانيًا فلأنه بتقدير تسليمه لا يجدي نفعًا إذ الكلام في الفرق بين النصين المذكورين كيف أفاد أحدهما الفرض دون الآخر لا بين حكمهما وأما ثالثًا فلأن الوتر سببه/ الوقت وهو من الشارع مع أنه واجب [117/ أ] وكذا العيد والكفارات أسبابها فعل العبد وهو فرض كما نص عليه الشارح وغيره وإن جرى صدر الشريعة فيها على الوجوب. (والنفل) أي: الزائد على ما كتب علينًا سنة كان أو مكروهًا ولذا لم يقل: وهو مندوب، (بنية) الشرط فيها أن يعلم بقلبه أي صوم يصومه قال الحدادي: والسنة أن يتلفظ بها مبدؤها (من الليل) وهو ما بعد الغروب نبه أكثره أولى لأن النهار يطلق لغة على زمن أوله طلوع الشمس وإن كان في الشرع هو واليوم سواء كذا في (البحر) وأقول: الظاهر أن عبارة المصنف هنا أولى لإفادتها مبدأ النية وغايتها مع ظهور المراد منها بخلاف ما في أصله إذ ليس المراد أننية أكثره كافية كماي عطيه ظاهره بل نية واقعة في أكثره وكأن هذا هو السر في التغيير وأما ذاك الإطلاق فممنوع فقد نقل في (غاية البيان) عن (الديوان أنه لغة أيضًا من طلوع الصبح الصادق ولو سلم لا يضرنا إذ ألفاظ أهل كل فن إنما تصرف إلى ما تعارفوه وبهذا التقرير علمتٍ أن تقييد النهار بالشرع كما في (النقاية) مما لا حاجة إليه وكل من العبارتين تبعًا (للجامع الصغير) أولى من قول القدوري تبعًا للطحاوي والكرخي: ما بينه وبين الزوال فشرطنا النية قبلها لتتحقق في الأكثر وكون ما في (الجامع) فقط أولى كما في (البحر) فيه نظر إذ مقتضى ما في القدوري جوازها قبل الزوال والواقع أنها لا تجوز لخلو أكثر اليوم عن النية كما قد علمت ومن هذا قال في (الهداية): إن ما في (الجامع) أصح وفي (الطيهرية) لو ارتد المتطوع ثم عاد قبل الزوال ونواه قال زفر: لا يكون صائمًا ولا قضاء عليه لو أفطر وقال الثاني: يكون صائمًا وعليه القضاء وعلى هذا الخلاف لو أسلم النصراني في غير رمضان ونوى التطوع كان صائمًا عند الثاني خلافًا له أطلقه فشمل الصحيح والمريض والمقيم والمسافر لأنه لا تفصيل في الدليل أعني قوله عليه

وبمطلق النية، ونية النفل، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة والسلام في يوم عاشوراء: (من أكل فليمسك بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم) رواه الشيخان وكان فرضًا فنسخ برمضان وصار سنة وصح أيضًا صوم رمضان. (و) ما عطف عليه (بمطلق النية) قال بعض المتأخرين: أراد الإطلاق عن وصف الصوم بقرينة المقام وإلا فلابد من تعيين أله فلو قال بنية المطلق لكان أولى انتهى. وكأنه فهم أن مطلق النية معناه أن ينوي عبادة وأنت خبير بأن أل في النية تدل على المضاف إليه أي: نية الصوم إذ الكلام فيه وعليه فلا يتجه ما ذكر ثم رأيته في (الحواشي اليعقوبية) صرح بما فهمت وإن قوله في (الوقاية) بنية مطلقة أي: عن تعيين صوم مخصوص فلا وجه لقول بعض الشارحين الصواب أنه تركيب إضافي انتهى. وأما أولويته فلا ينبغي أن يتردد فيها (وبنية النفل) أما رمضان فلتعينه بتعين الشارع فيصاب بمطلق النية كالتوحد في الدار يصاب باسم جنسه كزيد مثلاً بيا حيوان ويا رجل وإذا نوى مباينًا فقد نوى أصل الصوم وزيادة جهة وقد لغت الجهة فبقي الأصل قال في (التحرير): وجمهور العلماء على خلافه وهو الحق لأن نفي شرعية غيره إنما توجب صحته لو نواه ونفي صحة ما نواه من الغير لا يوجب وجوب نية ما يصح وهو مصرح بقوله: لم أره بل لو ثبت لكان جبرًا ولا جبر في العبادات وقولهم: إن الأخص يصاب باسم الأعم إنما يصح إذا أراد الأخص بالأعم ولو أراده لارتفع الخلاف وأعجب من هذا ما روي عن زفر أن التعيين شرعًا يوجب الإصابة بلا نية انتهى. ولا يخفي أن قوله ونفي صحة ما نواه من الغير في حيز المنع ولا حيز إلا لو وجد خاليًا عن نية على أن المخالف التزم ذلك في الحج فأسقط الفرض فيه بنية مباينة فما هو جوابه عنه فهو جوابنا، وأما النذر فلأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى ولم يقل: وواجب أخر كما في (الهداية) مع أن رمضان يصاب به لأن النذر المعين لا يصاب به إجماعًا كما في (البدائع) وكذا النفل قال في (البحر): ويمكن أن يكون ذكر نية النفل إشارة إلى صحة رمضان بنية واجب أخر بجامع إلغاء الجهة ولا [117/ ب] يرد المسافر فإنه لو نوى واجب أخر وقع عما نواه/ عنه الإمام لإثبات الشارع الترخص له وهو في الميل إلى الأخف وهو في صوم المغاير كما لو أطلق للنية وفي النفل

وما بقي لم يجز إلا بنية معينة مبيتة، ـــــــــــــــــــــــــــــ روايتان أصحهما وقوعه عن فرض الوقت لأن فائدة النفل الثواب وهي في فرض الوقت أكثر كذا في (التقرير) فعلم بهذا أن المسافر يصح صومه بمطلق النية ونيته النفل على الأصح فلهذا لم يستثنه في (المجتبي) انتهى. وأقول: فيه تدافع إذ بتقرير هذه الإشارة يكون النفل صفة كاشفة والصحة بالمغاير خاة برمضان ولا دلالة في الكلام على الاختصاص به وقوله فعلم إلى آخره يقتضي أن يكون قيدًا فتدبره والصواب أن يجعل قيدًا ولا دلالة في الكلام على إصابة رمضان بنية واجب آخر وإلى ذلك أشار الشارح بقوله وكذا يجوز أيضًا صوم رمضان بنية واجب آخر وإلى ذلك أشار الشارح بقوله وكذا يجوز أيضًا صوم رمضان بنية واجب أخر وعبارته في (الوافي) بالمقصود مما هنا أو في حيث قال: وإن أطلق أو نوى واجبًا من غير نذر ونفل وسفر، ويعلم الصحة فيما إذا نوى نفلاً بالأولى. وقيد بالسفر لأن المريض لو نوى واجبًا أخر وقع عن رمضان على ما اختاره فخر الإسلام وغيره وصححه في (المجمع) وإن كان أكثر مشايخ بخاري على أنه يقع عما نوى قيل: وهو ظاهر الرواية واختاره الكرخي وغيره قال السرخسي: ما ذكره الكرخي سهو أو مؤول بمريض يطيق الصوم ويخاف زيادة المرض ووفق بين القولين بأن الأول فيمن لا يضره الصوم والثاني فيمن يضره ذكره في (الكشف الأصولي) ورده في (التقرير) بأن من يضره الصوم صحيح وليس الكلام فيه وفيه عن بعض المشايخ إن إصابة رمضان بنية النفل من الصحيح المقيم مصور بما إذا كان بيوم شك أما في غيره فيخشى عليه لأنه ظن أن الأمر بإمساك المعين نفل انتهى. وفي (النهاية) ما يرده حيث قال في رد قول الشافعي أنه لو اعتقد أن المشرع نفل كفر: بأن نية النفل لم يحقق الإعراض وبه يبطل قوله: إنه لو اعتقد أن المشروع نفل كفر أما إذا نوى المريض نفلاً فظاهر الرواية وقوعه عن رمضان قال الهندي وفي (الخلاصة) أنه أصح الروايتين وروى الحسن وقوع عما نوى واختاره الإمام فخر الإسلام والولوالجي وظهير الدين البخاري وابن الفضل الكرماني قال في (السراج): وهو الأصح (وما بقي) وهو قضاء رمضان والنذر المطلق قضاء النذر المعين بعد إفساده والكفارات السبع وما ألحق بها من جزاء الصيد والحلق والمتعة (لم يجز إلا بنية معينة) لأن الشارع لم يعين له وقتًا فلزمه التعيين (مبيتة) فلا يجوز بنية نهارية والقياس يقتضي اشتراط مقارنتها للشروع كالصلاة إلا أنا جوزناه بنية متقدمة ضرورة كذا في (الذخيرة) وعرف أن حصر الجواز في التبييت فيه مؤاخذة ظاهرة وجعل في (البحر) القرآن في حكم التبييت وأنت خبير بأن الأنسب فيه مؤاخذة عكسه إذا القرآن هو الأصل وفي التبييت قرآن حكمًا.

ويثبت رمضان برؤية هلاله، أو بعد شعبان ثلاثين يومًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ من فروع المسألة ما لو نوى القضاء نهارًا يصير شارعًا في النفل فليلزمه القضاء بالإفساد ففي (ففتاوي النسفي) نعم قيل: هذا إذا علم أن صومه للقاء بهذه النية غير صحيح فإن لم يعلم لا قضاء عليه كالمظنون قال في (البحر): والذي ظهر ترجيح الإطلاق إذا الجهل في دار الإسلام غير معتبر خصوصًا أن عدم جواز القضاء بهذه النية متفق عليه فليس كالمظنون، وأعلم أنه يشترط في الأجزاء بالمبيتة أن لا يرجع عنها فإن رجع بأن عزم على الفطر ليلاً بعد ما نواه لم يكن صائمًا كذا في (الطهيرية). (ويثبت رمضان برؤية هلاله) أي: بسبب رؤية هلاله (أو بعد شعبان ثلاثين يومًا) لقوله عليه الصلاة ولسلام: (لا تصوموا رمضان حتى تروا الهلال فإن غم عليكم فاقدروا له) رواه البخاري أي: قدروا عدده باستيفاء عدد الثلاثين. وحاصل كلامه أن صوم رمضان لا يلزمه إلا بأحد هذين فلا يلزم بقول المؤقتين أنه يكون في السماء ليلة كذا وإن كانوا عدولاً في الصحيح كما في (الإيضاح) قال مجد الأئمة: وعليه أتفق أصحاب أبي حنيفة إلا النادر والشافعي، وفسر في (شرح المنظومة) الوقت بالمنجم انتهى. وهو من يرى أن أول الشهر طولع النجم الفلاني والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم هنا وللإمام السبكي الشافعي تأليف مال فيه إلى اعتماد قولهم لأن الحساب قطعي. قالوا: والوجه في إثبات الرمضانية والعيد أن يدعي وكالة معلقة بدخوله بقبض [118، أ] دين على حاضر فيقر بالدين والوكالة وينكر الدخول فيشهد الشهود/ برؤية الهلال فيقضي عليه ويثبت دخول الشهر لأن مجرد دخول لا يدخل تحت الحكم حتى لو أخبره عدل في يوم غيم بلا مجلس قضاء ولفظة شهادة برؤية هلال صوم أمر الحاكم الناس بصومه أما العبد فيدخل تحت الحكم لأنه من حقوق العباد فيشترط لفظها قال في (البحر): وعبارته في (الوافي) ويصام رمضان برؤية الهلال أو إكمال شعبان أولى وأوجز إذ الصوم لا يتوقف على الثبوت ولا يلزم من رؤيته ثبوته لما مر وأقول: ليس في كلامه ما يفيد توقف الصوم على ثبوته يعني عند القاضي كما اقتضاه كلامه بل إن السبب لثبوته أحد هذين لا غيره كما قد علمت قال في (الهداية): وينبغي للناس أن يلتمسوا الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شعبان أي: يجب عليهم وفيه

ولا يصام يوم الشك إلا تطوعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ تساهل فإن الترائي إنما يجب ليلة الثلاثين لا في اليوم الذي وعشيته كذا في (الفتح) قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث فإنه يبدأ بالالتماس قبل الغروب انتهى، وأنت خبير بأنه ينبغي حيث كان بمعنى يجب فالتساهل باق إذ لا وجوب قبله وقول بعض المتأخرين إن رأوه ببل الزوال وبعده فهو للمستقبلة وقال الثاني: إن كان بعد العصر فللمستقبلة وإن كان قبله فللماضية والمختار قولهما كما في (التجنيس) وبهذا التفضيل تبين فائدة الالتماس في اليوم التاسع والعشرين مدفوع أيضًا بما علمت. (ولا يصام يوم الشك) وهو يوم الثلاثين من شعبان لاستواء طرفيه في الآخرين والأولية قال الشارح: ووقوعه بأحد أمرين إما أن يغم عليهم هلال رمضان أو هلال شعبان فيقع الشك أنه أول يوم من رمضان أو أخر يوم من شعبان انتهى. وفيه بحث فإذا لم يغم هلال رمضان فلا شك وإذا غم فقد جاء الشك منه فلا وجه لقوله بأحد أمرين وقوله: أو هلال شعبان وجوابه أنه إذا غم هلال شعبان تشتبه ليلة الثلاثين منه فيتحقق الشك في الليلتين الأخيرتين فليتأمل كذا في (الحواشي السعدية)، وفي (الفتح) موجبة أن يغم الهلال ليلة الثلاثين من شعبان فيشك في اليوم الثلاثين أمن رمضان هو أو من شعبان؟ أو يغم من رجب هلال شعبان فأكملت عدته ولم يكن رؤى هلال رمضان فيقع الشك في الثلاثين من شعبان أو هو الثلاثون أو الحادي والثلاثون وكان ذلك مع أن الأصل بقاء الشهر لأن كونه تسعة وعشرين وثلاثين على حد سواء كما يعطيه الحديث المعروف في الشهر فإن لم يكن ثمة غيم كان الظاهر أن المنسلخ ثلاثون إذ لو كان من المستهل لرؤي عند الترائي كذا قالوا. قال بعض المتأخرين: وفيه نظر بل يجوز أن يكون شكًا أيضًا لجواز أن تتحقق الرؤية في بلدة أخرى بناء على ما سيأتي مع أنه لا عبرة باختلاف المطالع وفي (السراج) عن (الإيضاح) لو لم يغم هلال شعبان أو كانت السماء مصحبة يحتمل أن يقال: ليس بشك وأن يقال: إنه شك للتقصير في طلب الهلال أو لعدم إصابة المطالع انتهى. ولو قيل: بأن الأول بناء على أنه لا اعتبار باختلاف المطالع، والثاني على اعتبارها لم يبعد (إلا تطوعًا) لقوله عليه الصلاة والسلام لرجل: (هل صمت من سرر شعبان قال: لا قال: فإذا أفطرت صم يومين مكانه) وفي لفظ فصم يومًا أخر أخرجه الشيخان وسرار الشهر آخره قيد بالتطوع إذ صوم غيره مكروه وأن تفاوتت مراتب الكراهية فيه سواء قطع النية كأن نوى رمضان أو واجبًا أخر وورد في وصفها بأن

ومن رأى هلال رمضان، أو الفطر ورد قوله صام فغن أفطر قضي فقط، ـــــــــــــــــــــــــــــ نوى رمضان إذا كان وإلا فعن واجب آخر قضاء أو كفارة أو نذرًا أو يقول: وإلا فهو تطوع ولا كلام أنه إن ظهر أنه من رمضان كان عنه وإلا كان نفلاً غير مضمون بالإفساد أما إذا ردد في أصلها بأن نوى رمضان إن كان وإلا فليس بصائم لم يكن صائمًا وأطلق في التطوع فشمل ما إذا كان ابتداء أو موافقة لصوم كان يصومه ولا خلاف في أفضلية الثاني واختلف في الأول فقيل: الفطر أفضل وقيل: الصيام واخترا غير واحد تفضيل صوم الخواص وأمر العوام بالتلوم إلى نصف النهار وهو المختار وفي (الطهيرية) الأفضل أن يتلوم غير آكل ولا شارب ما لم يتقارب انتصاف النهار فإن تقارب فعامة المشايخ على أنه ينبغي للقضاة والمفتين أن يصوموا تطوعًا ويفتوا بذلك خاصتهم ويفتوا العامة بالإفطار انتهى. وهذا يفيد أن التلوم أفضل في حق الكل وأن من لا يقدر على العزم فهو من العامة وفي (السراج) قال بعضهم: يصح صوم يوم الشك متلومًا غير آكل ولا عازم على الصوم فإن تبين أنه من رمضان عزم على الصوم وإن لم يتبين أفطر قال الخجندي: والفتوى على هذا (ومن رأى هلال رمضان أو) هلال (الفطر ورد قوله) أي: يرد القاضي لقيام المانع الآتي من قبول الشهادة وهو إما فسقه أو غلطه (صام) قال في (البدائع): المحققون قالوا: لا رواية في وجوب الصوم عليه وإنما الرواية أنه يصوم وهو محمول على الندب احتياطًا انتهى. لكن قال في (التحفة): يجب عليه الصوم وفي (المبسوط) عليه صوم ذلك اليوم وهو ظاهر استدلالهم في رمضان بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] وفي العيد بالاحتياط ولو أكمل العدة لم يفطر إلا مع الإمام لقوله عليه الصلاة والسلام: (صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون) رواه الترمذي وغيره، والناس لم يفطروا في مثل هذا اليوم فوجب أن لا يفطر وعلم من كلامه وجوب صومه قبل رد قوله بالأولى ولو رآه الإمام وحده لا ينبغي له أن يأمرهم بالصوم ولا الفطر بل يصوم في رمضان ولا يفطر في العيد وغير خاف أن الصوم حيث أطلق في لسان الفقهاء أراد به الشرعي وما بعده يؤكد ذلك فاندفع به قول أبي الليث وغيره أنه في الفطر يصوم يومًا لغويًا (فإن أفطر قضي فقط) يعني دون أن يكفر أما في هلال الفطر فلأنه يوم عيد عنده وأما في

وقبل بعلة خبر عدل ولو قلنا أو أنثى لرمضان، وحرين أو حر، وحرتين للفطر، ـــــــــــــــــــــــــــــ الصوم فلأن رد شهادته بدليل شرعي أو ورث شبهة وهذه الكفارة بها تندرئ وقيل: تجب والأول أصح ولو أفطر قبل ردها لم تجب أيضًا في الصحيح وأفاد كلامه أن القاضي لو قبل شهادته وأمرهم بالصوم فأفطر هو أو غيره وجبت وهذا في الفاسق قول العامة قال في (الفتح): فلو كان عدلاً لا ينبغي أن يكون فيها خلاف، (وقبل بعلة) مانعة من الرؤية كغيم ودخان (خبر عدل) بأنه رأى الهلال وشرط الإشهاد أن يقول: رأيته خارج المصر أو بين السحاب في البلد وبدونه لا تقبل لكن ظار الرواية أن هذا ليس بشرط، قيد بالعدل لأن الفاسق لا يقبل وظاهر الرواية في المستور عدم قبوله وروى الحسن القبول وبه أخذ الحلواني وصححه البزازي وقول الطحاوي عدلاً أو غير عدل مؤول بالمستور فيرجع إلى رواية الحسن لما مر من الاتفاق على عدم القبول في الفاسق وهذا أول من قوله في (خزانة الأكمل) في أدب القاضي ذكر الطحاوي قبول قول الفاسق على رؤية هلال رمضان انتهى. وكأن هذا عملاً بظاهر كلامه وفي التبعير بالخبر إيماء إلى عدم اشتراط الدعوى ولفظ الشهادة والحكم وجوزوا فيه شهادة واحد على آخر كأنثى على مثلها وعبد على مثله ولم أر مأ إذا شهد عبد أو أنثى على شهادة حر أو ذكر وينبغي القبول وفي (الحافظية) الجارية المخدرة إذا رأته مع العلة وجب أن تخرج في ليلتها بغير إذن مولاها وتشهد ثم إذا قبلت وأكملوا العدة روي عن الإمام وهو قول الثاني أنهم لا يفطرون وسئل محمد عنه فقال: يثبت الفطر بحكم القاضي لا بقول الواحد وفي (غاية البيان) وقول محمد أصح قال الشارح: والأشبه أن يقال: إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطة وإن كان مغيمة يفطرون لعدم ظهوره ولو ثبت برجلين أفطروا وعن السعدي لا هكذا في (مجموع النوازل) قال في (الفتح): ولو قيل: إن قبلهما في الصحو لا يفطرون أو في الغيم أفطروا لم يبعد وفي (السراج) صاموا بشاهدين أفطروا عند كمال العدة إجماعًا وهذا ظاهر فيما إذا كانت متغيمة عند الفطر أما لو كانت مصحية ينبغي أن لا يفطروا كما لو شهدوا لسماعه. (ولو) كان (قنا) مدبرًا أو مكاتبًا أو أم ولد أو محدودًا في قذف وقد تاب في ظاهر الرواية (أو) كانت (أنثى) حرة أو أمة (لرمضان) أي: لأجله متعلق يقبل لأنه من أمور الديانات وفيها يقبل خبر الواحد العدل (و) قيل: خبر (حرين أو) خبر (حر وحرتين للفطر) لأنه تعلق به نفع العباد وهو الفطر فأشبه سائر حقوقهم ولذا اشترط فيه

وإلا فجمع عظيم، والأضحى كالفطر، ولا عبرة باختلاف المطالع. ـــــــــــــــــــــــــــــ ما اشترط في حقوقهم من العدد والعدالة والحرية ولفظ الشهادة وأما الدعوى ففي (الخانية): ينبغي أن لا يشترط كعتق الأمة وطلاق الحرة عند الكل وعتق العبد في قولهما وأما على قياس قول الإمام فينبغي اشتراط الدعوى في هلال رمضان والفطر، وفيها: رأى هلال رمضان في الرستاق وليس ثمة وال ولا قاض فإن كان ثقة يصوم الناس بقوله وفي الفطر إن أخبر عدلان برؤية الهلال لا بأس بأن يفطروا ولا تنافي لأن الأول حين أمكن. (وإلا) أي: وإن لم يكن ثمة علة (فجمع) أيك فيشترط جمع (عظيم) أي: كثير من بقاع مختلفة/ كما في (مختارات النوازل) يقع العلم أي: غالب الظن لا اليقين لأن التفرد في هذه الحالة ظاهر في الغلط وليس المراد تفرد الواحد بل من يقع العلم يخبرهم من بين أصنافهم من الخلائق ولا تقدير في هذا الجمع العظيم في ظاهر الرواية بل الأصح أنه مفوض إلى رأي القاضي إن وقع في قلبه صحة ما شهدوا به وكثرت الشهود أمر بالصوم وإلا فلا كذا في (السراج) ويوافقه ما عن الشيخين أن العبرة بمجيء الخبر وتواتره من كل جانب وذكر الطحاوي أن الواحد يكفي حين جاء من خارج المصر أو كان على مكان مرتفع وصححه في الأقضية فظاهر المذهب أنه لا فرق وعن الإمام الاكتفاء بشاهدين واختار هذه الرواية في (البحر) لهما أي: لرمضان والفطر. (و) خلال (الأضحى كالفطر) فلا يثبت إلا بما يثبته هلال الفطر ف يظاهر الرواية وهو الأصح وعن الإمام في رواية (النوارد) أنه كرمضان ورجحها في (التحفة) (ولا عبرة باختلاف المطالع) جمع مطلع بكسر اللام موضع الطلوع فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب في ظاهر المذهب وعليه الفتوى كذا في (الخلاصة). وقيل: يعتبر فلا يلزمهم قال الشارح: وهو الأشبه لكن قال في (الفتح): الأخذ بظاهر الرواية أحوط وعلى الأول فإنما يلزمهم إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب حتى لو شهد جماعة أن أهل بلدة كذا رأوا هلال رمضان قبلكم بيوم فصاموا وهذا اليوم ثلاثين بحسابهم ولم ير هو الهلال لا يباح فطر غده لأنهم لم يشهدوا بالرؤية وإنما حكوا رؤية غيهم ولو شهدوا أن قاضي بلدة كذا شهد عنده اثنان برؤية الهلال في ليلة كذا وقضي بشهادتهما جاز لهذا القاضي أن يحكم بشهادتهما لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به والله الموفق للصواب.

باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده فإن أكل الصائم، أوش رب، أو جامع ناسيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ [2] باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده لما فرغ من باب الصوم وأنواعه شرع في العوارض الطارئة عيه وفساد الشيء إخراجه على ما هو المطلوب منه وبينه وبين البطلان في العادات من النسب التساوي (فإن أكل الصائم) أي: أدخل جوفه ما يفطره (أو شرب أو جامع) حال كونه (ناسيًا) جواب المسائل لم يفطر لما أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة السلام قال: (من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة) وهذا أولى مما استدل به في (الهداية) من قوله عليه الصلاة السلام للذي أكل ناسيًاك (تم على صومك فإنما أطعمك الله وسقاك) لجواز أن يراد بالصوم اللغوي لأنه بتقدير فطره يلزمه الإمساك تشبيهًا وبه يستغني عن قولهم إذا ثبت هذا في الأكل والشرب ثبت في الجماع دلالة إذ لفظ أفطر يم ما إذا كان بالجماع أيضًا أطلقه فشمل ما إذا كان قبل النية أو بعدها إذ لا فرق بينهما في الصحيح كما في (الفنية). ولو ذكره فم يتذكر بل استمر ثم تكر أفطر عند الإمام والثاني وهو الصحيح كما في (الظهيرية) لما أنه أخبر بأن الأكل حرام وخبر الواحد حجة في الديانات بقي هل يكره له أن لا يذكره إن رأى قوة تمكنه على إتمام الصوم بلا ضعف كره في المختار يعني تحريمًا. وقال الولوالجي: يلزمه أن يخبره وإن كان بحال يضعف عن الصوم ولو أكل يتقوى على سائر الطاعات وسعه أن لا يخبره كذا في (الفتح) وعبارة غيره الأولى أن لا يخبره وقول الشارح: إن كان شابًا ذكره أو شيخًا لا جريًا على الغالب ثم هذا التفصيل جرى عليه غير واحد وفي (السراج) عن (الواقعات) إن رأى فيه قوة أن يتم الصوم إلى الليل ذكره وإلا فلا والمختار أنه يذكره وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين الفرض ولو قاء أو كفارة والنقل في أنه يذكره أولاً ولو تذكر المجامع إن نزع من ساعته لم يفر وإلا لزمه القضاء دون الكفارة قيل: هذا إذا لم يحرك نفسه فإن حركها لزمته كما لو نزع ثم أولج ولو اطلع الفجر وهو مجامع نزع للحال وجوبًا فإن حرك نفسه

أو احتلم، أو أنزل بنظر، أو ادهن أو احتجم، ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو على ... كذا في (الخلاصة) قيد بالناسي لأن المخطئ وهو الذاكر للصوم غير القاصد للفطر إذا أكل أو شرب بأن تمضمض فوصل الماء إلى حلقه أو جامع أفطر ويمكن أن يكون صورة الخطأ في الجماع ما إذا باشرها مباشرة فاحشة فتوارت حشفته وفي (الفتح) المراد بالمخطئ من فسد صومه بفعل المقصود دون قصد الإفساد كمن تسحر على ظن عدم الفجر أو أكل يوم الشك ثم ظهر أنه في الفجر ورمضان انتهى. وظاهر أن التسحر ليس قيدًا بل لو جامع على هذا الظن فهو مخطئ أيضًا وبه يستغنى عن التكلف والمكره والنائم كالمخطئ (أو احتلم) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يفطر من/ قاء ولا من احتلم) رواه أبو داود (أو أنزل بنظر) واحد أو متعدد ولو إلى فرجها لعدم وجود صورة الجماع ومعناه وهو الإنزال عن شهوة بالمباشرة قيد بالنظر لأن المباشرة بالقبلة ولو فاحشة بان يدغدغ شفتيها واللمس ولو بحائل توجد معه الحرارة والمباشرة الفاحشة ولو بين انثييها مع الإنزال ومنه ما لو استمنى بكفه في قول العامة قال في (التجنيس): هو المختار لأنه جماع معنى قيل: فينظر لأن معنى الجماع بقيد المباشرة ولم توجد وأجيب بأن معناه وجب ما هو المقصود من الجماع وهو قضاء الشهوة كذا في (العناية) والأولى ما في (فتح القدير) من أن المباشرة المأخوذة في معنى الجماع اعتبرت أعم من كونها مباشرة الغير أو لا بأن يراد مباشرة هي سبب الإنزال سواء كان ما بوشر مما يشتهي عادة أولا ولهذا أفطر بالإنزال في فرج البهيمة والميتة وليسا مما يشتهي عادة ولا يحل له إلا الاستمناء بالكف فإن غلبته الشهوة ولو يجد من يحل له وطؤه وخاف الوقوع في الزنا قال أبو الليث: أرجو أن لا وبال عليه. ولو مسته فأنزل فلا فساد وقيل: إن تكلف له فسد ولو قبلته فوجدت لذة الإنزال لكنها لم تنزل ما فسد صومها عند أبي يوسف خلافًا لمحمد كذا في (الدراية) ولابد من كون المباشرة فيما يشتهي حتى لو مس فرج بهيمة أو قبلها فأنزل لم يفسد صومع إجماعًا. (أو دهن) بنحو زيت لعدم المنافي (أو احتجم) لما أخرجه البخاري أنه عليه الصلاة والسلام: (احتجم وهو صائم) وقال أنس: أول ما كرهت الحجامة للصائم أنه عليه الصلاة والسلام مر على جعفر بن أبي طالب وهو يحتجم فقال: (أفطر هذا

أو اكتحل، أو قبل، أو دخل حلقة غبار، أو ذباب وهو ذاكر لصومه، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم رخص بالحجامة بعد للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم) رواه الدارقطني وقال كل رواته ثقاة ولا أعلم له علة وبه يخرج الجواب عن قوله عليه الصلاة والسلام: (أفطر الحاجم والمحجوم) ولا بأس بها إن لم تضعه عن الصوم وإلا كرهت قاله الإتقاني (أو اكتحل) لأنه عليه الصلاة والسلام: (أكتحل وهو صائم) أخرجه الدارقطني ولا فرق بين ما إذا وجد طعمه في حلقه أو لا كما دل عليه الإطلاق لأن الموجود في حلقة أثر داخل من المسام الذي هو خلل البدن والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ للاتفاق على أن من اغتسل في ماء فوجد برده في باطنه أه لا يفطر وإنما كره الإمام الدخول في الماء والتلفف بالثوب المبلول لما فيه من إظهار الضجر في إقامة العبادة لا لأنه مفطر ولو ما الهليلج فدخل البزاق في عينه لم يفسد صومه بخلاف الفانيد والسكر ويلزمه القضاء والكفارة كذا في (الظهيرية) وغيرها والفرق لا يخفى. (أو قبل) ولم ينزل لما أخرجه الدارقطني أنه عليه الصلاة والسلام (أرخص القبلة للصائم) وسيأتي حمله على ما إذا أمن (أو دخل حلقه) أي: الصائم (غبار أو ذباب وهو) أي: والحال أنه (ذاكر لصومه) لم يفطر وهذا في الذباب استحسان والقياس فطره وجه الاستحسان أنه لا يمكن الاحتراز منه فأشبه الغبار والدخان ونظيره ما في (الخزانة) إذا دخل دموعه أو عرقه حلقه وهو قلل كقطرة أو قطرتين لا يفطر وإن كان أكثر بحيث يجد ملوحة في الحلق فسد قال في (الفتح): وفهي نظر لأن القطرة يجد ملوحتها فالأولى عندي الاعتبار بوجدان الملوحة لصحيح الحس لأنه لا ضرورة في أكثر من ذلك القدر وما في (فتاوي قاضي خان) لو دخل معه أو عرق جبينه أو دم رعافة حلقة فسد صومه يوافق ما ذكرناه انتهى. وأقول: في (الخلاصة) في القطرة والقطرتين لا فطر أما في الأكثر فإن وجد الملوحة في جميع الفم واجتمع شيء كثير وابتلعه أفطر وإلا فلا وهذا ظاهر في تعليق الفطر على وجدان الملوحة في جميع الفم ولا شك أن القطرة والقطرتين ليسا كذلك وعليه يحمل ما في (الخانية) فتدبر واختلف في المطر والثلج والصح أنه يفسد

أو أكل ما بين أسنانه، ـــــــــــــــــــــــــــــ لإمكان الامتناع عنه إذا أوته خيمة كذا في (الهداية) وهذا يقتضي أنه لو لم يقدر على ذلك بأن كان سائرًا مسافرًا ألا يفسد فالأولى تعليل الإمكان بتيسير طبق الفم وفتحه أحيانًا مع الاحتراز عن الدخان كذا في (الفتح) وهذا الاعتراض أصله لابن الفرس حكاه عنه في (الحواشي السعدية) ثم قال: وفيه تأمل وكأن وجهه أن المدعي إنما هو إن كان الاحتراز عنه في الجملة بخلاف نحو الغبار فتأمل. (أو أكل) الصائم (ما) أي: مأكولاً بقي (بين أسنانه) إذا كان أقل من قدر الحمصة كما قيد به في (النقاية) وإن كان قدرها أفطر لأنه كثير كذا اختار الشهيد قال الدبوسي هذا للتقرير والتحقيق أن الكثير ما يحتاج في ابتلاعه إلى استعانة/ بالريق واستحسنه في (فتح القدير) لأن المانع من الحكم بالإفطار بعد تحقق الوصول كونه لا يسهل الاحتراز عنه وذلك فيما يجري بنفسه مع الريق إلى الجوف لا فيما يتعمد في إدخاله لأنه غير مطر فيه وعلى ذا فلو قال المصنف: وأكل القليل بين أسنانه لكان أولى وقوله في (البحر): إن الكثير لا يبقى بين الأسنان ممنوع إذ قدر المفطر مما يبقى ومن ثم قال الشارح: المراد بما بين الأسنان القليل أطلقه فشمل ما إذا ابتلعه ومضغه لكنه مقيد بما إذا لم يخرجه أما إذا أكله بعد ما أخرجه ينبغي أن يفسد صومه كما روي عن محمد في الصائم إذا ابتلع سمسمة بين أسنانه لا يفسد صومه ولو كان من الخارج فسد ولو مضغها لا كذا في (الشرح) ويجب أن يراد بالأكل بعد الإخراج الابتلاع لا ما هو أعم منه ليوافق ما عن محمد وليطابق قوله بعد لو مضغ ما أدخله وهو دون الحمصة لا يفطر. وفي (الإيضاح) و (المحيط) و (الكافي) في السمسمة إن مضغها لا يفسد إلا أن يجد طعمها في حلقة قال في (الفتح): وهذا حسن جدًا فليكن الأصل في كل قليل مضغة. وأعلم أن لا كفارة في الفطر بما بين الأسنان ولو أخرجه وأكله عند الثاني خلافًا لزفر وعلى هذا تفرع ما لو مضغ لقمة ناسيًا فتذكر فأخرجها ثم ابتلعها لا كفارة عليه بالأصح لأن الطبع يعاف ذلك قال في (الفتح): والتحقيق أن المفتي ينظر في صاحب الواقعة إن رأى أن طبعه يعاف ذلك أخذ بقول أبي يوسف وإلا فبقول زفر والمختار وجوبها في ابتلاعه السمسمة ولو خرج دم من أسنانه فدخل حلقة فإن غلب الريق أفطره وكذا إن ساواه استحسانًا وإلا لا هذا ما عليه أكثر المشايخ، وفي (السراج) عن (الوجيز) لو كان الدم غالبًا لا يفطر وهو الصحيح إلحاقًا له بما بين الأسنان بجامع عدم الاحتراز عنه وفي (الشرح) إن ابتلعه وعبارته في (الفتح) و (الخلاصة) لو دخل حلقة أفطر ومقتضى الأول انه لو سبق إلى حلقة لا يفطر ولو ابتلع ريقه أو

أو قاء وعاد لم يفطر، وإن أعاده أو استقاء، ـــــــــــــــــــــــــــــ نخامته لمي فطر إلا أن يخرجه فيبتلعه لا كفارة عليه كابتلاع ريق غيره قيل أن يكون صديقه (أو قاء وعاد) قيد به ليفهم عدم الفطر فيما إذا لم يعد بالأولى ولو حذفه لخلي مكانه عن إفادة عدم الفطر به وإنما (لم يفطر) لم أخرجه أصحاب السنين الأربعة واللفظ للترمذي عنه عليه الصلاة والسلام إنه قال: (من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض) وعم كلامه ما إذا ملء الفم وهذا قول محمد وهو الصحيح. وقال أبو يوسف: يفطر (وإن أعاده) أي: القيء وإطلاقه يفيد أنه يفطر ولم لم يملأ الفم وهو المختار (أو استقاء) يعني طلب القيء ولم يقل عامدًا كما في (الهداية) لإخراج الناسي لأن الاستقاء استفعال من السقي وهو التكلف فيه ولا يكون التكلف إلا بالعمد فذكر العمد تأكيد كذا في (غاية البيان) إلا أن المذكور في (الدراية) وعليه جرى في (العناية) إلا أن المذكور في (الدراية) وعليه جرى في (العناية) أن في التقييد إشارة إلى أنه لو استقاء ناسيًا لصومه لا يفسد كما لو أكل ناسيًا قال في (الحواشي السعدية): وبهذا ظهر ضعف ما قاله الاتقاني انتهى. وأقول: وجهه إن تعمد القيء من الاستقاء وأما تعمد الفطر فمن قوله عامدًا ولم يقيد المصنف به استغناء بما قدمه من أن الأكل والشرب ناسيًا غير مفسد وهذا لأن تعمد القيء إنما أفسد لأنه لا يخلو عن قليل يعود منه ولا فرق في ذلك عند محمد بين أن يملأ الفم أم لا ولم يقيد الثاني بما دونم ملء الفم وهو المختار عند بعضهم لكن ظاهر الرواية كقول محمد ذكره في (الكافي) والحاص أن جملة المسائل اثنتا عشرة لأنه إما أن يكون قاء أو استقاء وكله إما أن يكون ملء الفم أو دونه وكل من الأربعة إما إن عاد بنفسه أو أعاده أو خرج لا يفطر في الكل على الأصح إلا في الإعادة والاستقاء بشرط ملء الفم كما قد علمت وإطلاقه يفيد الفطر بما لو استقى بلغمًا وهو قول الثاني، وقالا: لا يفطر بناء على اختلافهم في انتقاض الوضوء به قال في (الفتح) بما يدخل أو بالقيء أن قول الثاني هنا أحسن بخلاف نقض الطهارة لأن الفطر إنما أنبط بما يدخل أو بالقيء عمدًا ما غير نظر إل طهارة أو نجاسة فلا فرق بين البلغم وغيره بخلاف نقض الطهارة ولو استقاء مرارًا في مجلسي ملأ فيه أفطر لا إن كان في مجالس أو غدوة ثم نصف الهار ثم عشية كذا في (الخزانة)، قال في (البحر): وينبغي أن يعتر عند محمد السبب لا المجلس كما في نقض الوضوء وأن يكون هو الصحيح وأن يكون ما في (الخزانة) مفرعًا على قول أبي يوسف وأما على قول محمد

أو ابتلع حصاة أو حديدًا قضي فقط، ومن جامع، أو جومع، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه يبطل/ صومه بالمرة الأولى وأقول: كون ما في (الخزانة) على قول الثاني مسلم أما على قول محمد فلا يأتي التفريع لما أنه يفطر عنده بما دون ملء الفم وحينئذ فلا يصح اعتبار السبب على قوله كما في الوضوء وهو ظاهر. (أو ابتلع حصاة أو حديدًا) ولم يقل: أكل لأن الأكل ما يتأتى فيه المضغ والهشم والحصاة والحديد ليس كذلك (قضي) لوجود صورة الفطر (فقط) أي: بلا كفارة لعدم وجود معناه وهو إيصال لما فيه نفع البدن إلى الجوف سواء كان يتغذى به أو يتداوى فقصرت الجناية فانتفت الكفارة ومن ثم لم يكفر في الدقيق والأرز والعجين عند الثاني وبه أخذ الفقيه خلافًا لمحمد ولا في الملح إلا إذا اعتاد أكله وقيل: يجب في قليله دون كثيره وجزم به في (الجوهرة) وفي (الخلاصة) لو أكل الملح وجبت الكفارة وهو المختار ولا في النواة والقطن والكاغد والسفرجل إذا لم يدرك ولم يكن مطبوخًا ولا في ابتلاع الجوزة الرطبة بخلاف ما لو مضغها وبلغ اليابسة وكذا يابس اللوز البندق الفستق وقيل: هذا إذا وصل القشرة أولاً إلى حلقة أما لو وصل اللي أولاً كفر كذا في (التجريد) عن بعض المشايخ وفي (الخلاصة) ي حب الفستق والرمان لو كان مشقوق الرأس قال عامة العلماء: لا كفارة عليه وقال أبو سعيد البخاري: واختار أبو الليث الوجوب قال في (السراج) وفي ابتلاع البطيخة الصغيرة والخوخة والهليليجة روي هشام عن محمد الوجوب كذا في (الفتح) والأقيس في الهليليجة الوجوب لأنه يتداوى بها عن هذه الصورة ومن هنا جزم الشارح وغيره بوجوبها بأكل الطين الأرمني وفي (البناية) هذا قول محمد وجعله الثاني كسائر الأطيان. ,اعلم أن كل ما انتفى فيه الوجوب محله ما إذا لم يقع منه ذلك مرة بعد أخرى لأجل قصد المعصية فإن فعله وجبت بذلك أفتى أئمة الأمصار وعليه الفتوى كذا في (القنية) وهو حسن. (ومن جامع) أي: وارى حشفته في أحد السبيلين أنزل أو لا وهو أحد الروايتين في الدين وهو قولهما وروى الحسن أنه لا كفارة عليهما والأول أصح وبه أخذ المشايخ كما في (الخلاصة) (أو جومع) في أحد السبيلين قال في (البحر): وأشار به إلى أن المحل لابد أن يكون مشتهى على الكمال فلا تجب الكفارة لو جامع بهيمة أو ميتة ولو أنزل، وفي الإشارة بعد ظاهر، واقتصر في (الهداية) وغيرها عل البهيمة والميتة ولم يذكر الصغيرة التي لا تشتهي لأنه لا رواية فيها كما في (القنية)

فرع

أو أكل، أوش رب عمدًا غذاء، أو دواء قضي، وكفر ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد قيل: لا تجب عندمهما خلافًا لأبي يوسف كما في حرمة المصاهرة وقيل هو بالإجماع وقيل: لا تجب بالإجماع انتهى. وهو الوجه لقولهم: إن المحل ليس مشتهي على الكمال فلا غسل إلا بالإنزال وقد علم افتقار الكفارة إلى تكامل الجناية ونبه بمن على أه لا فرق في هذا الحكم بين الذكر والأنثى والحر والعبد (أو أكل أو شرب غذاء) بكسر الغين وبالذال المعجمتين وبالمد وما يتغذى به أو دواء يتداوى به وهو قول الحدادي واختلف في معنى التغذي فقيل هو ما يميل إليه الطبع وتنقضي به شهوة البطن وقيل: هو ما يعود نفعه إلى إصلاح البدن وأثر الخلاف يظهر فيما لو ابتلع لقمة بعدما أخرجهما من فيه تجب على الثاني لا الأول وعلى هذا الورق الحبشي والحشيش بعيد عن التحقيق غذ بتقديره يكون قولهم أو دواء حشوًا والذي ذكره المحققون أن معنى الفطر وصول ما فيه صلاح البدن إلى الجوف أعم من كونه غذاء (أو دواء) يقابله القول الأول وهذا هو المناسب في تحقيق محل الخلاف ومما يمكن أن يخرج على الخلاف أيضًا ما لو ابتلع ريق غيره لا تجب الكفارة للعيافة قال الحلواني وغيره: إن كان حبيبه تجب. قال في (الدراسة): لوجود معنى صلاح البدن فيه وجزم به المصنف في آخر الكتاب (عمدًا) خرج به المخطيء والمكره فإنه وإن فسد صومهما لا تلزمهما الكفارة كذا في (البحر) ولا خلاف في عدم الوجوب على المكرهة أما لو أكرهته فقد قيل تحب عليهما والفتوى على أه لا وجوب عيه أيضًا (قضي) استدراكًا للمصلحة الفائتة فإن أمر الحكيم بأداء العبادة في هذا اليوم لا يخلو عن حكمه ومصلحة وكفر مقيد بما إذا نوى الصوم ليلا أما إذا نواه نهارًا وأفطر بما ذكر لم يفكر (و) قالا: إن أفطر قبل الزوال (وكفر) وقد علل الإمام بعلتين تعارض الإخبار في هذا الصوم الثانية/ شبهة الاختلاف وعليهما لو صام لمطلق النية ثم أفطر لم تجب وبما إذا لم يوجد في ذلك اليوم ما يسقطها كما لو مرضت في يوم الجماع أو حاضت أو نفست خلافًا لزفر وكذا لو مرض هو في الأصح واختلف المشايخ فيما إذا مرض بحرج نفسه والمختار عدم سقوطها كما لو سافر مكرهًا في ظاهر الرواية وهو الصحيح واتفقت الروايات على سقوطها فيما لو سافر طائعًا يعني بعدما أفطر أما لو أفطر بعدما سافر لم تجب. [3] فرع أكل في رمضان شهرة عمدًا بلا عذر قال في (الفنية): يؤمر بقتله وجرى عليه في (البزازية) وعبارة ابن وهبان قيل: بالقتل يؤمر قال: ويحتمل أن يكون عبر بالقتل عن الضرب البليغ لكن الظاهر أن المراد به القتل بالسيف قال في (عقد الفرائد): وهو كذلك فقد علل في (البزازية) بأن صنعه دليل الاستحلال فتعبير ابن وهبان بما يشعر

ككفارة الظهار، ولا كفارة بالإنزال فيما دون الفرج، وبإفساد صوم غير رمضان، وإن احتقن، أو استعط، أو أقطر في أذنه ـــــــــــــــــــــــــــــ بتضعيفه وأن المعتمد خلا فه ولم أقف على ما يخالفه بعد التتبع انتهى. (ككفارة الظهار) في الترتيب فيعتق أولاً فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا لحديث الأعرابي المعروف في الكتب الستة فلو أفطر ولو لعذر استأنف إلا لعذر الحيض وكفارة القتل يشترط في صومها التتابع أيضًا وهكذا كل كفارة شرع فيها العتق. وأعلم أن الغالب في هذه الكفارة العقوبة وشأنها التداخل بشرط اتحاد السبب وعدم التكفير قبله حتى لو جامع مرارًا في أيام رمضان ولم يكفر كان عليه واحدة ولو كفر أولاً ثم جامع أو كان ذلك في رمضانين تعددت في ظاهر الرواية وعن الغمام لا قال في (الأسرار): وعليه الاعتماد كذا في (البزازية) ولو أعتق رقبة عن فطر يوم ثم أفطر وأعتق أخرى وفي الثالثة كذلك فاستحقت الأولى والثالثة أعتق للثالثة والضابط أن الثاني يجزئ عما قبله لا عما بعده. (ولا كفارة بالإنزال فيما دون الفرج) أي: القبل والدبر كالبطن والفخذ ونحوها لانعدام الجماع صورة قال في (المغرب): الفرج قبل الرجل والمرأة باتفاق أهل اللغة وقوله القبل والدبر كلاهما فرج يعني في الحكم (و) لا (بإفساد صوم غير) أداء (رمضان) كأن وجوبها لهتك حرمة الشهر ولا كذلك غير بخلاف كفارة الحج لأنها هتك حرمة العبادة ولذا وجبت في الفرض وغيره (وإن احتقن أو استعط) الرواية بالبناء للفاعل فيهما من حقن المريض داواه بالحقنة أو عالجه بها وصب السعوط وهو الدواء في الأنف وبناؤهما للمفعول غير جائز (أو أفطر في أذنه) قبل: الصواب قطر لأن أقطر لم يأت متعديًا يقال: أقطر الشيء حان له أن يفطر بخلاف قطر فإنه جاء متعديًا ولازمًا وبالتضعيف متعد لا غير وأما الإفطار بمعنى التقطير فلم يأت ذكره الجوهري وبهذا تبين فساد ما قيل: إن أقطر على لفظ المبنى للمفعول لأن مبناه على أن يجيء الإقطار متعديًا ولا صحة له على أنه لو صح لكان حقه أن يقرأ على لفظ المبني للفاعل لتتفق الأفعال وتنتظم الضمائر في سلك واحد. وأقول: في (المغرب) قطر الماء صبه تقطيرًا وقطره مثل قطر أو أقطره لغة وعلى هذه اللغة يتخرج كلامهم وحينئذ فيصح بناؤه للفاعل وهو الأولى لما مر وللمفعول

أو داوى جائفه، أو آمة بدواء، ووصل الدواء إلى جوفه، أو دماغه أفطر ـــــــــــــــــــــــــــــ ونائب الفاعل هو قوله: في أذنه أي: وجد في إقطاره في أذنه دهنًا كان أو ماءً ولا خلاف في الأول واختلف في الثاني فجزم في (الهداية) وعلهيا جرى شارحها بأنه لا يفطر مطلقًا في (الولواجية) و (التجنيس): إنه المختار وذكر قاضي خان أنه لو دخل بجوفه الماء يفسد ولو صبه اختلفوا والصحيح أنه يفسد وهو الموافق لإطلاق (الكتاب) وبه يستغني عن قول الشارح والمراد بإقطار في أذنه الدهن. (أو داوي جائفه) أي: جارحة في بطنه (أو آمة) بالمد وهي الجراحة في الرأس من أممته بالعصا ضربت أم رأسه وهي الجلدة التي هي مجمع الرأس وقيل للشجة آمة على معنى ذات أم كعيشة راضية (بدواء فوصل) أي: (الدواء إلى جوفه) يرجع إلى الجافة (أو دماغه) يرجع إلى الآمة قال في (الهداية): هذا قول الإمام وعندهما لا يفطر وادعى في (الفتح) أنه لا تحرير في العبارة لأنه بعد أخذ الوصول في صورة المسألة يمتنع نقل الخلاف. وأقول: رأيت في نسخة معتمدة من (الهداية) .... ما يصل إلى جوفه ثم قال: والذي يصل إلى الجوف هو الرطب انتهى. وهذه العبارة لا غبار عليها وفيها كمال اتصال الثاني ولا شك حينئذ في ثبوت الخلاف قال شمس الأئمة: فرق في ظاهر الرواية بين الرطب وليابس وأكثر مشايخنا على أن العبرة للوصول حتى إذا علم أن اليابس وصل فسد وإن علم أن الطري لم يصل لم يفسد إلا أنه ذكر الرطب واليابس بناء على العادة وهذا بظاهره/ يعط التنافي بين ما ذكره في ظاهر الرواية وأكثر المشايخ من أنه لا تنافي بينهما لأنه لما بني الفساد في الرطب على الوصول نظرًا إلى دليله علم بالضرورة أنه إذا علم عدم الوصول لا يفسد كذا في (الفتح). (أفطر) لقوله عليه الصلاة والسلام: (الفطر مما دخل وليس مما خرج) رواه أبو يعلي وهو مخصوص بحديث الاستقاء أو الفطر فيه باعتبار أنه يعود شيء وإن قل حتى لا يحس به كذا في (الفتح). وقالوا: لو شد الطعام بخيط وأرسله في حلقة وطرف الخيط بيده لا يفسد صومه وكذا لو أدخل خشبة ونحوها وطرف منها بديه بخلاف ما إذا غيبها قال في (البدائع): وهذا يدل على أن استقرار الدخل في الجوف شرط للفساد ومن ثم كان المختار أنه لو أدخل الإصبع في دبره أو أدخلته في فرجها فلا فساد إلا إذا كانت مبتلة بماء أو دهن وكذا لو أصابه سهم وخرج من لجانب الآخر، وإن بقي النصل في جوفه

وإن أقطر في إحليله لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ فسد، واختلفوا فيما لو بقي الرمح والصحيح أنه لا يفسد لأنه لم يوجد منه الفعل ولم يصل إليه ما فيه صلاحه ذكره قاضي خان في (شرح الجامع) ويشكل عليه ما لو استنجى فوصل الماء إلى داخل دبره لمبالغته فيه قال في (الخلاصة): والحد الذي يتعلق بالوصول إليه الفساد قدر المحقنة وقيل: ما يكون وما إذا أدخل خشبة وغيبها على ما مر حيث يفطر في الصورتين مع أنه لم يوجد منه الفعل أعني صورة الفطر وهو الابتلاع وما معناه وهو ما فيه صلاحه لما ذكروه من أن إيصال الماء إلى الحقنة يوجب داء عظيمًا وجوابه أن هذا مبني على تفسير الصورة بالابتلاع كما في (الهداية) والأولى تفسيرها بالإدخال بصنعه كما علل به الإمام قاضي خان الفساد بإدخال الماء أذنه بأنه موصل إليه بفعله فلا يعتبر فيه صلاح البدن كما لو أدخل خشبة وغيبها إلى أخر كلامه. (وإن أقطر في إحليله) وهو مخرج البول قال ابن الملك: ومخرج اللبن من الثدي أيضًا وإطلاقه يعم الماء والدهن (لا) يفطر عند الإمام وهو الأصح من قول محمد وقال أبو يوسف: وهو رواية يفطر فكأنه وقع عنده أن بينه وبين البول منفذًا بدليل خروجه منه وعند الإمام أن المثانة حائل بينهما والبول يترشح منه وصحح في (التحفة) قول الثاني ورجح في تصحيح القدوري ظاهر الرواية وفي الحقيقة ليس هذا الخلاف من الفقه بل في ترشيح العضو الراجع إلى علم الطب ولا خلاف أنه ما دام في القصبة لم يفسد كما صرح به غير واحد. قال الشارح: وبعضهم جعل المثانة نفسها جوفًا عند أبي يوسف وحكي بعضهم لخلاف ادام في قصبة الذكر وليسا بشيء وأجاب في (الفتح) بأنه أناط الفساد بوصوله إلى جوف المثانة باعتبار أنه يصل إذ ذاك إلى الجوف لا باعتبار نفسه وما في (الخزانة) فيما إذا حشي ذكره بقطنة فغيبها أنه يفسد كأحشائها مما يقتضي بطلان حكاية الاتفاق على عدم الإفساد ما دام في قصبة الذكر ولا شك في ذلك ألا ترى إلى التعليل من الجانبين كيف هو بالوصول إل الجوف المثانة باعتبار أنه يصل إذا ذاك إلى الجوف لا باعتبار نفسه وما في (الخزانة) فيما إذا حشى ذكره بقطنة فغيبها أنه يفسد كأحشائها مما يقتضي بطلان حكاية الاتفاق على عدم الإفساد ما دام في قصبة الذكر ولا شك في ذلك ألا ترى إلى التعليل من الجانبين كيف هو بالوصول إلى الجوف وعدمه على وصول المنفذ واستقامته وعدمه لكن هذا يقتضي في حشو الدبر وفرجها عدم الفساد ولا مخلص إلا بإثبات أن المدخل فيهما تجتذبه الطبيعة فلا يعود إلا مع الخارج المعتاد وهو في الدبر علوم لمن فعل ذلك بفتيل دواء أو صابونة غر أنا لا نعلم في غيره أن شأن الطبيعة ذلك في كل مدخل كالخشبة أو فيماي تداوى به لقبول الطبيعة إياه فتجذبه لحاجتها إليه وفي القبل ذكرت لنا من تضع مثل الحمضة تشد بها في الداخل تحرزًا من الحبل أنها لا تقدر على إخراجها حتى تخرج هي بعد أيام الخارج انتهى. قيد بالإحليل لأن الإفطار في قبلها يفسد بلا خلاف في الأصح لأنه شبيه بالحقنة.

وكره ذوق الشيء ومضعه بلا عذر، ومضغ العلك ـــــــــــــــــــــــــــــ (وكره) للصائم (ذوق شيء و) كذا يكره له (مضغة) لما فيه من تعريض اليوم للإفساد قال في (العناية): بسبب التسبب لأن الجاذبة قوية فلا يأمن أن يجذب منه شيئًا إلى الباطن قال بعض المتأخرين: وهذا وهم بل التعريض بطريق المباشرة لا بطريق التسبب انتهى. ويمكن أن يعلق الجار بالإفساد (بلا عذر) قيد فيهما وجعله الشارح قيدًا في الثاني فقط والأول أولى فمن العذر في الأول ما لو كان زوجها أو سيدها سيء الخلق فذاقت المرقة وليس منه ذوق نحو العسل ليعرف الجيد أو الرديء منه عند الشراء كما في (الفتح) وفي (المحيط) يجوز أن يقال: إنه لا بأس به/ كيلا يغبن وعبارته في (المجتبي) يكره ذوق العسل والدهن عند الشراء لمعرفة جودته كما للمرأة ذوق المرقة وقيل: لا بأس به إذا لم يجد بدًا من شرائه ويخاف الغبن انتهى. وينبغي حمل الأول على ما إذا وجد بد والثاني على ما إذا لم يجده وقد خشي الغبن هذا كله في الفرض أما النفل فلا لأنه يباح الفطر فيه بالعذر اتفاقًا ولا عذر في رواية الحسن والثاني فالذوق أولى بعدم الكراهة لأنه ليس بإفطار بل يحتمل أني صير إياه قال ابن المال: وفيه نظر إذ لا دلالة فيما ذكر على عدم كراهة تعريض الصوم للفساد لأن الإفطار بعذر أو بغيره ينجبر بالقضاء ولا جابر للتعريض وأقول: منع الدلالة مطلقًا فيه نظر لأن الفطر حيث جاز بلا عذر على رواية الحسن فلا وجه لكراهة الذوق إذ غاية ما يفضي إليه الإفساد وتعمده جائز فيما أفضى إليه أولى نعم الإشكال على ظاهر المذهب متجه لأن الفطر لا يجوز إلا من عذر فما أفضى إليه بلا عذر أولى نعم يمكن أن يقال: إنما يكره في النفل وكره في الفرض إظهارًا لتفاوت المرتبتين ومن العذر في الثاني أن لا تجد من يمضغ لبيها من حائض أو نفساء أو غيرهما ممن لا يصوم ولم تجد طبيخًا ولا لبنًا حليبًا. (و) كره أيضًا (مضغ العلك) لما مر ولأنه يتهم بالإفطار أطلقه تبعًا لمحمد في (الجامع الصغير) وحمله المشايخ على الأبيض الممضوغ أو الأسود أما غير الممضوغ مطلقًا فيفطر بالقطع بأن عدم الإفطار معلل بعدم الوصول فإذا فرض في بعض العلك معرفة الوصول عادة وجب الحكم فيه بالفساد لأنه كالمتيقن قال فخر الإسلام: وفي عموم كلام محمد إشارة إلى أنه لا يكره لغير الصائم إلا أنه يستبح للرجال تركه إلا من عذر كبخر في فيه كذا في (البحر) وفي (الدراية) ويكره للرجال إلا في الخلوة بعذر قال في (الفتح): وهو الأولى لأن الدليل وهو التشبيه بالنساء يقتضيها خاليًا عن المعارض أما النساء فيستحب فعله لهن لأنه سواكهن.

لا كحل، ودهن شارب، ـــــــــــــــــــــــــــــ (لا) يكره (كحل و) لا (دهن شارب) بفتح الفاء مصدرين وبضمها اسمين وعلى الثاني فالمعنى لا يكره استعمالهما إلا أن الرواية هو الأول قال ابن الكمال: والاسم لا يناسب المقام لأن الإضافة إلى الشار ب تآباه وفيه نظر إذ يكتفي بالإضافة بأدنى ملابسه على أنه في (الفتح) قال: دهن الشارب بالضم على إقامة اسم العين مقام المصدر وفي الأمثلة عجبت من دهنك لحيتك بضم الدال وفتح التاء على هذه الإقامة يعني بدليل نصب المفعول ولا حاجة حينئذ إلى تقدير مضاف ولم يكره لأنه عليه الصلاة والسلام: (ندب إلى الاكتحال يوم عاشوراء وإلى الصوم فيه) والدهن يعمل عمل الخضاب كذا في (الهداية) وتعقبه ابن أبي العز بأنه لم يصح عنه عليه الصلاة والسلام في يوم عاشورا غير صومه وإنما الروافض لما ابتدعوا إقامة المآتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء لكون الحسين قتل فيه ابتدع جهله أهل السنة إظهار السرور واتخاذ الحبوب والأطعمة والاكتحال ورووا أحاديث موضوعة في الاكتحال وفي التوسعة فيه على العيال انتهى. وهو مردود بأن أحاديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كيف وقد خرجها في (الفتح) ثم قال: فهذه عدة طرق إن لم يحتج بواحدة منها فالمجموع يحتج به لتعدد الطرق وأما أحاديث التوسعة فرواه الثقات وقد أفرده ابن الفراء في جزء خرجه فيه وأعلم أن عدم الكراهة مقيد بما إذا لم يقصد الزينة فإن قصدها كره قالوا: ولا يفعل الدهن لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة بضم القاف وبفتحها على أن المصدر بمعنى اسم المفعول كما في قوله تعالى: {فقبضت قبضة} [طه: 96] وما وراء ذلك قال في (النهاية): يجب قطعه هكذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أنه كان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها) رواه الترمذي وظاهر أن يجب من الوجوب وسمعتمن بعض أعز الموالي أنه بالحاء المهملة ولا بأس به. تنبيه: أفاد المصنف أولاً إن الاكتحال لا يفطر وثانيًا أنه لا يكره لأنه لا يلزم من نفي الإفطار عنه عدم كراهته لجواز أن يكون مكروهًا كما في الذوق ولهذا عرف أن الأول لا يغني عن الثاني لكن لا خفاء أن الثاني يغني عن الأول ولم يقل: لا بأس به

فصل في العوارض

وسواك، وقبلة إن أمن فصل في العوارض ـــــــــــــــــــــــــــــ للرجال كما في (الهداية) دفعًا لتوهم أن هذا الحكم مما قد يختلف الحال فيه بين الرجال والنساء لأن الأصل عدمه (و) لا يكره أيضًا (سواك) بل يسن قيل: أي: استعماله ولا حاجة إليه لما مر في الطهارة أطلقه فعم الرطب اليابس وكل الأوقات وهذا هو ظاهر الرواية وكره الثاني المبلول بالماء لما فيه من إدخاله فاه من غير ضرورة ورد بأنه ليس اقوى من المضمضمة أما الرطب الأخضر فلا بأس به اتفاقًا كذا في (الخلاصة) (و) لا يكره أيضًا (القبلة إن أمن) على نفسه من المفسد لما أخرجه البخاري من حديث عائشة: (كان عليه/ الصلاة والسلام يقبل ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملك لإربه) فإن لم يأمن كره والمعانقة على هذا التفصيل في المشهور وكذا المباشر الفاحشة في ظاهر الرواية وعن محمد كراهتها مطلقًا وهو راية الحسن قيل: وهو الصحيح وأما القبلة الفاحشة فتكره على الإطلاق بأن يضع شفته على شفتها كذا في (السراج) وينبغي أن يكون الإطلاق بناء على ما عن محمد في المباشرة الفاحشة وإلا فليس التقبيل الفاحش بأشد منها والله الموفق. [5] فصل في العواض هي جديرة بالتأخير جمع عارض وهو كل ما استقبلك ومنه {عارض ممطرنا} [الأحقاف: 24] وهو السحاب والعارض الباب وعرض له عارض أي: آفة من كبر أو مرض كذا في (ضياء الحلوم) ولما كان إفساد الصوم بغير عذر يوجب إتمامه وبعذر لا يوجبه احتيج إلى بيان الأعذار المسقطة له وهي ثمانية كذا في (البدائع) ويرد عليه أن السفر من الثمانية مع أنه لا يبيح الفطر إنما يبيح عدم الشروع في الصوم ومنها كبر السن وفي عروضه في الصوم ليكون مبيحًا للفطر ما لا يخفي فالأولى أن يراد بالعوارض ما يبيح عدم الصوم ليطرد في الكل وقد ذكر المصنف منها خمسة وبقي الإكراه والعطش والجوع الشديد إذا خيف منها الهلاك ونقصان العقل كالأمة إذا شعفت عن العمل وخشيت الهلاك نقصان العقل بالصوم وكذلك الذي ذهب متوكل السلطان إلى العمارة في الأيام الحارة والعمل حيث إذا خشي الهلاك بالصوم

لمن خاف زيادة المرض الفطر وللمسافر، وصومه أحب إن لم يضره، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخلاصة) الغازي إذا كان يعلم يقينًا أنه يقاتل العدو في رمضان ويخاف الضعف إن لم يفطر أفطر. (لمن خاف) خوفًا قويًا ارتقى إلى غلبة الظن (زيادة المرض) أو امتداده أو إبطاء البرء أو فساد العضو بإمارة أو تجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق وقيل: عدالته شرطة وبه جزم الشارح ولم يقيد في (الكتاب) الطبيب بغير الحاذق قال في (الظهيرية): وهذا عندي محمول عل المسلم دون الكافر كمسلم شرع في الصلاة بالتيمم فوعده كافر إعطاء الماء فإنه لا يقطع الصلاة لعل غرضه إفساد الصلاة عليه فكذا في الصوم انتهى. وفيه إيماء إلى أنه يجوز أن يستطب بالكافر فيما ليس فيه إبطال عبادة قيد بالازدياد لأنه لو برء منه والضعف باق لكنه يخاف المر ض لم يفطر قال الشارح: والصحيح الذي يخشى المرض كالمريض ولا تنافي بينهما لأن الخشية بمعنى غلبة الظن بخلاف مجرد الخوف قال في (القنية): ولا يجوز للخباز أن يخبز خبزًا يوصله إلى ضعف مبيح للفطر بل بخبز نصف النهار فإن قال: لا يكفيني كذا بأقصر أيام الشتاء (الفطر) لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 185] أباح الفطر لكل مريض يحرج بالصوم لقوله بعد {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] (وللمسافر) الفطر أيضًا لما قلنا. (و) لكن (صومه أحب) لقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم} [البقرة: 184]، (إن لم يضره) فإن أضره بأن أجهده أو ضعفه كره لحديث (الصحيحين): (كان عليه الصلاة والسلام في سفر فرأى رجلا قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم قال: ليس من البر الصيام في (السفر) قال في (البحر): ولو قال: وصومهما أحب إن لم يضرهما لكان أولى ليشمل المريض وقدم عن (البدائع) ما أن الفطر رخصة والصوم عزيمة فكان أفضل إلا إذا خاف الهلاك فالإفطار واجب انتهى. وأقول: لم أجد هدفا في (البدائع) دائما الذي فيها المرض المرخص هو الذي يخاف ازدياده بالصوم والمبيح المطلق بل الموجب هو الذي يخاف فيه الهلاك انتهى. والظاهر أن هذا من سهو القلم وكيف يقال في المريض الذي لا يضره الصوم إن صومه أحب من فطره والمبيح لفطره إنما هو تيقن ضرره ولم يقيد الضرر ببدنه ليشمل ما لو كان رفيقه أن عامتهم مفطرون والنفقة مشتركة فإن الفطر أفضل كما في (الخلاصة) لما أن ضرر المال كضرر البدن كذا في (البحر) لكن علل في (الفتاوى).

ولا قضاء إن ماتا عليهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ أفضلية الإفطار بموافقة الجماعة كما في (السراج) وهو أولى وأما لزوم ضرر المال الضياعة بصومه فممنوع ومعلوم أنه عند خوف الهلاك يجب الفطر كما لو أكرها على الفطر بالقتل حتى لو لم يفطرا حتى قتلا كانا آثمين بخلاف الصحيح المقيم إذا أكره بقتل نفسه فصبر حتى قتل كان مثاباً ولو أكره عليه بمقتل ابنه لا يباح له الفطر كقوله لتشرين الخمر أو لأقتلن ولدك. (ولا قضاء إن ماتا) أي: المريض والمسافر (عليهما) أي: على المرض والسفر لأنهما لم يدركا وحدة من أيام أُخر قيد بذلك لأنهما لو ماتا بعد الصحة والإقامة لزمهما القضاء/ أي: الإيصاء بقدر الصحة والإقامة باتفاق الثلاثة جعل الطحاوي هذا قول محمد وعندهما يلزمه الإيصاء بالكل بعثرة أن لا يصوم ما قدر عليه فإن صامه ومات لم يلزمه الإيصاء بشيء قال القدوري، وهذا غلط يعني دراية ورواية إذ لزوم الكل متوقف على القدرة عليه ولم توجد، والكتب المعتمدة ناطقة بخلاف ما قال والعادة قاضْية باستحالة نقل غير المذهب وترك المذهب وبهذا اندفع ما في (غاية البيان ما من أنه لا معنى للتغليط لأنه ناقل غير متهم نعم هذا الخلاف ثابت لمحي القدر وهو ما إذا قال المريض: لله علي صوم هذا الشهر فصح يوماً ثم مات فعندهما الإيصاء بالكل وقال محمد: بقدر ما صح والفرق لهما أن السبب في وجوب الكل إنما هو النذر فإذا وجد منه المرضي ولم يصح فلا شيء عليه وإذا صح صار كأنه قال ذلك في الصحة والصحيح هو قاله ومات قبل إدراك محدد المنذور لزمه الكل وكذا هذا بخلاف القصباء لأن السبب هو إدراك العدة. قال في (الفتح): وحقيقة هذا الكلام إنما يصح على تقديم كون النذر بذلك غير موجب شيئا لمحي حالة المريض وإلا لزم الكل وإن لم يصح لتظهر فائدته في الإيذاء بل هو متعلق بالصحة تقديرًا تصحيحات لتصرف المكلف ما يمكن ثم قال: قولهم: السبب إدراك العدة هل المراد أنه سبب لوجوب القضاء أو الأداء؟ صرح الشارح بالأول، وفي (المبسوط) بالثاني، فعلى ظاهر الأول أن سبب القضاء على ما اعترفوا بصحته هو سبب وجوب الأداء فيكون إدراك العدة هو سبب وجوب الأداء ويلزم محرم حل التأخير عن أول محطة يدركها فإن قال: هو سبب وجوب الأم داء ولا يستلزم حرمة المواخير قلنا. فليكن رمضان هو سبب وجوب الأداء على المريض إذ لا مانع من هذا الاعتبار معوي ذلك اللازم فإذا كان منتفيًا لزم إذ هو الأصل ويلزم الإيصاء بالكل إذا لم يدرك العدة كما هو قول محمد على رواية الطحاوي انتهى. وقوة في (العناية) ما أن إدراك العدة إنما هو سبب لنفس الوجوب فقط وذلك أنه قال: إن كون السبب إدراك

ويطعم وأيهما لكل يوم كالفطرة بوصيه وقضيا ما قدرا بلا لترك ولاء فإذا جاء رمضان ـــــــــــــــــــــــــــــ العدة فيه بحث لأن القضاء يجب بما يجب به الأداء عند المحققين وسبب الأداء شهود الشهر فكذا القضاء وأجاب بأن ذلك ليس فيما يتعلق به نفس الوجوب بل فيما يتعلق به تسليم الواجب أو مثله وهو الخطاب وهذا من مزال الأقدام فلا تغفل وأوضحه بعض المتأخرين بان في القضاء سببين كالأداء نفصل الوجوب وهو بالسبب ووجوب القضاء وهو بالخطاب الذي يوجب الأداء لولا العذر وإدا تحقق العذر انتفى وجوب الأداء وأما نفس الوجوب ومتحقق بتحقق السبب سواء كان نفصل السبب الذي في الأداء كما في الصلاة أو غيره كما في الصوم ولهذا لا يلزم الإحصاء بالكل كما في ما (الفتح) فتدبر. (ويطعم) فيه إيماء إلى أن الإراحة كافية في هذا الإطعام (وليهما) وهو من له ولاية التصرف في مالهما ولو وصيا (عن كل يوم كالفطرة) في المقدار (بوصية) فيه إيماء إلى لزوم الإطعام لأن تنفيذها على الولي واجب وأما لزومها فلأنهما لما عجزا عن أداء ما أدركاه التحقا بالشيخ الفاني دلالة فوجب عليهما الإحصاء وإلى أن كل معذور كذلك وأما من أفطر متعمدا فوجوبها عليه بالأولى وبهذا اندفع ما في ما (البحر) من أنه لو قال: ويطعم ولي من مات وعليه قضاء رمضان لكان اشمل لادن هذا الحكم لا يخص المريض والمسافر ولا من أفطر لعذر بل يدخل فيه من أفطر متعمدا على أن الفصل معقود للعوارض وإلى أن الوصية من الثلج وقيد بها لأنه لو لم يوص لا يجب على الولي الإطعام غير أنه لو تبرع به ولو في كفارة قتل أو يمين أجزأه استحسانا إلا العمق لما فيه من إلزام الولاء للغير قالوا. والصلاة كالصوم استحسانا وتعتبر كل صلاة بصوم يوم وما عن ابن مقاتل من اعتبار كل صلاة يوم بصومه فمرجوع محنه. (وقضيا ما قدرا محليه بلا شوط ولاء) بكسر الواو أي: موالاة بمعنى المتابعة قال بعض المتأخرين: ومن فسره بالتتابع فقد سها، لأن المتابعة فعل المكلف دود التتابع لإطلاق قوله تعالى. {فعدة من أيام أخر} [البقرة: 185]، وأما قراءة أبي متتابعة فلكونها غير مشهورة لم يزد بها على الكتاب بخلاف قراءة ابن مسعود في كفارة اليمين فإنها لشهوتها ريد بها على الكتاب، وقدمنا أن كل كفارة شرع فيها العتق كان التتابع شرطا في صومها وما لا فلا خلاف في وجوب التتابع في أداء رمضان، كما لا خلاف في ندب التتابع فيما لم يشترط افيه ولمحي كلامه إيماء إلى أن القضاء ليس على الفور بخلاف الصلاة فإنه على الفور كما في (الولوالجية) وكذا قالوا: لا يكره لمن عليه رمضان أن يصوم تطوعا كما في (العناية) لما وهذا ظاهر في أله يكره التنفل بالصلاة لمن عليه فرائض ولم أره لهم أفإن جاء رمضاني الثاني ولم يقض الأول

قدم الأداء على القضاء، وللحامل، والموضع إد خافتا على الولد أو النفس، وللشيخ الفاني، وهو يفدي ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ (تقدم الأداء) لأنه في وقته (على القضاء) لأن وقته الأمر أي: ينبغي له ذلك وإلا فلو قدم القضاء وقع عن الأداء كما مر. (وللحامل) عطف على قوله لما خافت إلى آخره وهي المرأة التي في بطنها حمل بفتح الحاء أي. ولد والحاملة التي على طهوها أو رأسها حمل بكسر الحاء (والمرضع) وهي التي شانها الإرضاع وإن لم تباشره والمرضعة هي التي في حال الإرضاع القمة ثديها الصبي وهذا الفرق مذكور في (الكشاف) لا وبه اندفع ما في (غاية البيان) من أنه لا يجوز إدخال التاء في أحدهما كما في حائض وطالق لأنه من الصافات الثابتة إلا إدا أريد الحدود ويجوز أد يقال: حائرة ألان أو غدا قال في (الذخيرة): المراد بالمرصع الظهر لوجوب الإرضاع عليها بالعمد بخلاف الأم فإن الأب يستأجر غيرها وعليه فينبغي أن يشترط يسار الأب وأخذ المرضع ضرع عير الأم ورده الشارح بقول القدومي وغيره. إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما إذ لا ولد للوسط جدة وقد يقال: إنه ولدها من الإرضاع لأن المفرد المصاف يعم كذا في (البحر). ولا يخفى أن هذا إنما يتم لو أرضعته والحكم أعم من ذلك فإنها بمجود العقد لو خافت على الولد جاز لها الفطر وعن هذا فال المصنف: (إذا خافتا) خوفًا ارتقى إلى غلبة الظن (على الولد) دون أن يضعفه ليعم ما دكرنا (أو النفس) لخبر (إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعق الحامل والمرصع الصوم دي بقي هل حكمهما حكم المريض والمسافر من أنهما لو ماتا قبل زوال خوفهما لا قضاء عليهما ولو قال خوفهما أياما لزمهما القضاء بقدره؟ الظاهر نعم ويدل على دلك قوله في (البدائع) من شوائب القضاء القدرة عليه. (وللشيخ الفاني) أي: الذي فنيت قوته أو أشرف على الفناء ولذا عرفوه بأنه الذي كل يوم لمحي نقص إلى أن يموت (وهو يفدي) فصار بعضهم الفدية بأنها تمليك ما به يتخلص عن مكروه وتوجه عليه وهذا يقتضي اشتراط التمليك فيها وبه جزم في (الدراية) ما فعللها بأنها تبنى على التمليك إلا أن المذكور في (الفتح) لما تبعا لما لهي (فتاوى قاضي خان) أد الإباحة كافية فيها وحمل الأول على الفدية في الحج وكأن

فروع

فقط، وللمتطوع بفيض عذر في رواية، ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك التفسير هو معناها اللغوي (فقط) وهي كالفطرة لأن عذره ليس بعرض للزوال حتى يصار إلى القضاء فوجبت الفدية إن كان موسرا وإلا فليستغفر الله تعالى ثم إن شاء أعطاها في أول رمضان بمرة أو شاء أخرها إلى أخوه قال أبو حمص الكبير: بشرط أن يخاطب بأداء الصوم حتى لو كان مسافرا فمات قبل الإقامة ينبغي أن لا يجب عليه الإيفاء بها وشوط أن يكون أصلا بنفسه كما لو وجب عليه قضاء شيء من رمضان فلم يقضه حتى صار فانيا وكذا لو نذر صوم الأبد فصعد عن الصوم لاشتغاله عن الصوم بالمعيشة أو نذر يوما معينا فلم يصم حتى صار فانيا لا بدلا عن غيره كما لو وجب عليه كفارة قتل أو يمين فلم يجد ما يكفر به أو لم يصم حتى صار شيخا كبيرا لا يجوز له الفدية لأن الصوم لنا بدل عن غيره فقط دود الحامل والمرضع. (وللمتطوع) الفطر أيضا (بغير عذر) من الأعذار الآتية (في رواية) عن أبي يوسف بشرط أد يكون من نيته القضاء كما في (السراج) ما وهذه الرواية اختارها تاج الشريعة وصدرها في (الوقاية) و (شرحها) قال في (الفتح) وفي الأوجه في اعتقادي وظاهر الرواية أنه لا يباح إلا من عشر ومنه المضيافة في ألا (وهو كما في) النهاية لا وغيرها يصي في حق المضيف والصيف كما في لا روح الوقاية لا وقال المرغيناني: الصحيح أن صاحب الدعوى إذا لم يرض بمجرد حضوره كالت عذرا لا إن رضي وقال الحلواني: أحسن ما قيل: إنه إن كاد من يثق في نفسه القضاء أفطر وإلا لا وإن تأذى صاحبه ومنه ما لو حلف بطلاق امرأته إن لم يفطر وفي (البزازية) ما إن نفلاً أفطر وإن قضاء لا والاعتماد أنه يفطر فيهما ولا يحدثه هـ قال في (الذخيرة): هذا إذا كان قبل الزوال أما إذا كان بعده فلا يفطر إلا إذا كان في تركه وحقوق الوالدين أو أحدهما كذا في (النهاية) وغيرها وعيناه في (السراج) في الوالدين إلى العصر لا بعده. [6] فروع يكون للعبد والأجير والمرأة صوم التطوع بغير إذن من له الحق فإن صاموا بلا إذن كان له أن يفطرهم كذا في (الظهيرية) لا وقيد في (المحيط) له وغيره الكراهة في حق المرأة بما إذا كان الصوم يضر بالزوج أما إذا كان لا يضم بان كان صائما أو مريضًا فإن لها الصوم وليس له المنع بخلاف العبد ولو مدبرا والأمة ولو أم ولد فليس لهم التطوع بلا إذن وإد لم يضر لأن منافعهم/ مملوكة للمولى بخلاف الزوجة وفي (الخانية) لا يصوم المملوك تطوعا إلا بإذن المولى إلا إذا كان غائبا ولا دور له في ذلك وفيها لو أحرمت المرأة تطوعًا بعير إذنه كان له أن يحللها وكدا الأجير إذا كان يضم بالخدمة وكذلك في الصلاة قال في (البحر): وإطلاق (الظهيرية) في العبد والمرأة أظهر لأن

ويقضي ولو بلغ صبي، أو أسلم كافر أمسك يومه ـــــــــــــــــــــــــــــ الصوم يضر بلبن المرأة ويهزلها وإن لم يكن له أن يطأها ومنافع العبد مملوكة للمولى ولو كان غائبا وعندي أن إحالة المنع على الضرر وعدمه على عدمه أولى للقطع بأن صوم يوم لا يهزلها فلم يبق إلا منعه عن وطئها وذلك إضرار به فإن انتفى بأن كان مريضًا أو مسافرًا جاز. (ويقضي) يوما مكانه قال في (الفتح): لا خلاف بين أصحابنا في وجوب القضاء إذا فسد عن قصد أو غير قصد بأن عرض الحاضر للصائمة المتطوعة انتهى. ويعكر عليه ما في (النهاية) لو حاضت الصائمة تطوعًا وجب القضاء في أصح الروايتين (ولو بلغ صبي أو أسلم كافر) في بعض النهار دل على ذلك قوله (أمسك) كل منهما بقية (يومه) والأصل شبه أد كل من صام في آخر النهار بصفة لو كان في أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الإمساك كذا في (الخلاصة) و (النهاية) و (العناية) لكنه غير جامع إذ لا يدخل فيه مع أكل في رمضان عمدًا لأن الصيرورة للتحول ولو لامتناع ما يليه ولا يتحقق المفاد بهما فيه ومن ثم قال في (الفتح): كل من تحقق بصفة في أثناء النهار أو قارن ابتداء وجودها طلوع الفجر وتلك الصفة بحيث لو كانت قبله واستمرت معه وجب عليه الصوم فإنه يجب عليه الإمساك تشبيهًا كالحائض والنفساء يطهران بعد الفجر أو معه والمجنون يفيق والمريض يبرأ والمسافر يقدم قبل الزوال أو بعده بعد الأكل والذي أفطر عمدًا أو خطأ أو مكرهًا أو أكل يوم الشك ثم استبان أنه من رمضان وقيل: الإمساك مستحب لا واجب انتهى. وفيه بحث من وجوه الأول: أن ما فر منه وقع فيه أنه أتى بكلمة لو الامتناعية المفيدة لأن الصفة لم تكن موجودة أول اليوم فلا يشمل كلامه من أكل عمدًا كذا في (البحر) الثاني: أن قوله أو قارن إلى آخره حشو إذ المراد بأثناء النهار بعده ولا شك في صدقه عند طلوع الفجر وهذا لأنه إنما لم يلزمها الصوم لاتصال جزء من النهار بحيضها الثالث: أن كلامه يعطي أن الخلاف ثابت فيمن أكل عمدًا وما بعده وليس كذلك ففي (الخلاصة) أجمعوا أن من أفطر خطأ أو أكل متعمدًا أو مكرهًا أو أكل يوم الشك ثم ظهر أنه من رمضان أنه يلزمه التشبه نعم الخلاف ثابت فيما عدا هؤلاء فقيل: بالاستحباب ذكره ابن شجاع لأنه مفطر كيف يجب الكف وقد قال الإمام في الحائض تطهر نهارًا: لا يحسن أن تأكل وتشرب والناس صيام لكن صنيع محمد يدل على الوجوب حيث قال: فليصم وفي الحائض فلتدع قال الصفار: وهو الصحيح وقال بعض المتأخرين: إن صنيع محمد يدل على أن مختاره الوجوب لا أنه هو الصحيح مدفوع بأنه حكاية للمذهب لا لقوله عرف ذلك من مارس كتبه وما مر عن الإمام تعليل للوجوب أي: بل يقبح بدليل قوله في المسافر إذا أقام بعد الزوال إني

ولم يقض شيئًا، ولو نوى المسافر الإفطار ثم قدم، ونوى الصوم في وقته صح ـــــــــــــــــــــــــــــ ستقبح أنه يأكل ويشرب والناس صيام وترك القبيح شرعًا واجب وبهذا اندفع قول بعض المتأخرين هذا تعسف ظاهر فإن عدم الحسن لا يستلزم وجود القبح والقبيح إذا كان قبحه عن كواهل تنزيهية لا يجب تركه إذ استلزامه مع القرينة وهي ما جاء في المسافر مما لا كلام لمحيط ولا نسلم أن ارتكاب المكروه تنزيها قبيح. تتمة: قال الرازي: يؤمر الصبي بالصوم إذا أطاقه وذكر أبو جعفر فيه اختلاف مشايخ بلخ والأصح أنه يؤمر به وسئل أبو جعفر أيضرب ابن عشر سنين على الصوم كالصلاة؟ قال: اختلفوا فيه فقيل: لا وبه قال مالك والصحيح أنه بمنزلة الصلاة فيضرب كذا في (الدراية) (ولم يفض) كل منهما (شيئًا) لأن الصوم غير واجب فيه عليهما خلافا لزفر في الكافر حيت أوجب عليه القضاء لأن إدراك جزء من الوقت مع الأهلية موجب كما في الصلاة قيل: وينبغي أن يكون جوابه في الصبي إذا بلغ كذلك وفرقنا بينهما بان التسبب في الصلاة الجزء الدائم عند الأهلية أي جزء كان فيتحقق الموجب في حقهما وفي الصوم الجزء الأول يعني من كل يوم ولم يصادفه أهلا قال في (الفتح): وعلى هذا فقولهم: الواجب المؤقت قد يكون الوقت فيه سببا للمؤدي وظرفًا له كوقت الصلاة أو سببًا ومعيارًا وهو ما يقع فيه مقدرًا كوقت الصوم تساهل إذ يقتضي أن السبب تمام الوقت فيهما وقد بان خلافه على ما مر من تحقيق المراد قد يقال: يلزم أن لا يجب الإمساك في نفس الجزء الأول من اليوم/ لأنه السبب للوجوب وإلا لزم سبق الوجوب على السبب لزوم تقدم السبب فالإيجاب لمحيط يستدعي سببًا سابقًا والفرض خلافه ولو لم يستلزم ذلك لزم كون ما ذكروه في وقت الصلاة من أن السببية تضاف إلى الجزء الأول فإن لم يؤد عقيبه انتقلت إلى ما يلي ابتداء الشروع فإد لم يشرع إلى الجزء الأخير تقررت السببية فيه واعتبر حال المكلف عنده مستغنى عنه إذ لا داعي له لجعله دون ما وقع فيه انتهى. وفيه نظر كيف وقد ذكر عنهم انتقال السببية إلى ما يلي ابتداء الشروع انه إن لم يؤد في الجزء الأول فإن لم يؤد حتى خرج الوقت أضيف إلى السبب كله وهذا لأن السبب في الحقيقة إنما هو كل الوقت لكنه عدل عنه للضرورة ولا نسلم ما ادعاه من اللزوم إذ تقدم السبب إنما هو عند إمكانه فإذا لم يكن اكتفى بقرانه للمسبب كما هنا وقد صرحوا به (ولو نوى المسافر الإفطار) ليعمل بشرط إذ الحكم عند عدم نيته كذلك وكأنه إنما قيد به ليعلم الحكم فيما إذا لم ينو بالأولى وثم قدم) نهارا (ونوى الصوم في وقته) الذي (صح) لمحيط نيته وقيل: ما قبل نصف النهار على ما مر صح لأن السفر لا ينافي صحة الشروع ثم إن كان في رمضان لزمته النية لزوال المرخص في

ويقضي بإغماء سلوى يوم حدث في ليلته وبجنود غير ممتد وبإمساك بلا نية صوم وفطر ـــــــــــــــــــــــــــــ وقتها ألا ترى أنه لو كان مقيمًا في أول اليوم وهل سافر لا يباح له الفطر فهذا أولى لأنه إذا سافر قبل الزوال يكون لمحي أكثر الوقت مسافرا ومع هذا لا يباح له الفطر ففي ما إذا دخل المصل قبل الزوال وهو مقيم في أكتر اليوم أولى ولقائل أد يفرق بينهما بأنه إنما لا يباح له الإفطار صيانة للمؤدى عن البطلان وثمة لم توجد النية فلا يكونان مثلين حتى يشتغل بإثبات الأولوية. (ويقضي) ما فاته (بإغماء) أي. بسببه لأنه مرض يضعف القوى (سوى يوم حدث) الإغماء (في ليلته) لأن الظاهر من حاله أد ينوي الصوم ليلاً حملاً له على الأجمل ولو حدث له ذلك نهارًا أمكن حمله كذلك بالأولى حتى لو كان متهتكًا يعتاد الأكل في رمصان أو مسافرًا قضى لكل كذا قالوا: وينبغي أن يقيد بمسافر يضره الصوم أما من لا يضره فلا تقض ذلك اليوم حملاً لأمره على الصلاح لما مر أن صومه أفضل وقول بعضهم: إن قصد صوم الغد في الليالي من المسافر ليس بظاهر ممنوع فيما إدا كان لا يضره قال الشمني: وهذا إذا لم يذكر أنه نوى أو لا أما إذا علم أنه نوى فلا شك في الصحة وإن علم أنه لم ينو فلا شك في عدمها أو كلامه ظاهر في أن فرض المسألة في رمضان دلو حدث له ذلك لمحي شعبان قضى الكل. (و) يقصي أيضًا (بجنون غير ممتد) أي: مستوعب شهرًا فإد استوعبه سقط للزوج بخلاف الإغماء فإنه لا يستوعبه عادة وإلا ربما مات لفقد الغداء فانتفى الحرج في حقه والمراد بالاستيعاب أن لا يفيق مقدار ما يمكنه إنشاء الصوم لمحيط حتى لو أفاق في ليلة أو في آخر اليوم منه فقط لا قضاء عليه على ما عليه الفتوى كما في (الدراية) وإطلاقه يفيد عدم الفرق بين الأصلي والعارض قيل: وهو ظاهر الرواية وعن محمد أنه فرق بينهما فخص القضاء بالعارض واختاره بعض المتأخرين وجعله في (شرح الطحاوي) قول أصحابنا وفي (النهاية) عن الثاني في أن لا عن محمد قياس ولكني أستحسن عدم الفرق بينهما والمحفوظ عن محمد عدم القضاء في الأصلي ولا رواية فيه عن الإمام واختلف المتأخرون على قياس مذهبه والأصح أنه ليس عليه قضاء ما مضي (بإمساك بلا نية صوم) وفطور دون كفارة وقال زفر: عليه القضاء والكفارة بناء على أنه يتأذى بغير نية عنده من الصحيح للمقيم. قلنا: المستحق إنما هو الإمساك بجهة العبادة ولا عبادة إلا بالنية كذا في (الهداية) قال بعض المتأخرين: المعتبر في المسألة عدم الفطر لا عدم نيته فكان حقه أن يقول: بلا نية صوم ولم يفطر وأنت خبير بأن هذا التوهم نشأ من عطف الفطر على الصوم وليس بالواقع بل هو معطوف على نية والمعنى بلا نية صوم (و) لا (فطر)

ولو قدم مسافر، أو طهرت حائض، أو تسحر ظنه ليلاً، والفجر طالع، ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: هذه المسالة من خواص مسائل (الجامع الصغير) ولا بد في تأويلها إذ دلالة حال المسلم كافية في وجود النية كما مر في المغمى عليه قال في (العناية): ورأيي أنه ليس بمحتاج إليه لأن الدلالة إنما تكفي إدا لم يعرف منه كالمغمى عليه والفرض في هذه المسألة العلم بأنه لم ينو بإخباره بذلك والدلالة إنما تعتبر إذا لم يخالفها صريح انتهى. وأيضا لا يستقيم خلاف زفر على هذا التأويل. (ولو قدم مسافر أو طهرت حائض) في أثناء النهار بدليل الوجوب (أو تسحر ظنه ليلاً) قال في ما البحر): المراد بالظن هو التردد في بقاء الليل وعدمه/ سواء توجد عنده أو لا فيدخل الشك فإن الحكم فيه لو ظهر طلوع الفجر عدم وجوب الكفارة كما لو ظن والأفضل له أن لا يتسحر وقوله ليلا ليس بقيد لأنه لو ظن الطلوع وأكل مع دلك ثم تبين صحة ظنه فعليه القضاء ولا كفارة لأنه بنى الأمر على الأصل فلم تكمل الجناية فلو قال: ظنه ليلاً أو نهارًا لكان أولى انتهى. وأقول: في شقي كلامه بحث أما الأول: فلأنه لا يصح أن يوجد بالظن هنا ما يعم الشك إذ لا يلائم قوله بعد أو أفطر كذلك والشمس حية كما ترى فالصواب بقاؤه على بابه غاية الأمر أنه لم يتعرض المسألة الشك وأما الثاني: فلأنه إنما قيد بالليل ليطابق دوله أو تسحر إذ لا خفاء أن التسحر أكل السحور وهو بفتح السين ما يؤكل وقت السحر وهو السدس الأخير من الليل واختار في ما (الظهيرية) ندبه وفي (البدائع) استنانه ما لم يشك في الطلوع فإن شك فالأفضل تركه وجعل تسحر بمعنى أكل تكلف مستغنى عنه. (و) الحال أن (الفجر طالع) يعني في نفس الأمر كما هو ظاهر ما في (الشرح) لا بدليل قوله: هذا إذا تبين أنه أكل بعد ما طلع وإن لم يتبين لا شيء عليه وفي (البحر) أراد به تيقن الطلوع لما في (الظهيرية) لو غلب على ظنه أنه أكل بعد طلوع الفجر لا قضاء عليه ما لم يخبره رجل عدل في أشهر الروايات ولا يخفى أنه لا مطابقة بين الدعوى والدليل إد خبر الواحد المضاف إلى غالب الظن لا يفيد يقينًا وما في لا (البزازية) تسحر على تيقن أن الفجر طالع أو أفطر على تيقن أن الشمس غربت ثم وهو بخلافه قضى ولا كفارة عليه أراد به غالب الظن نعم في هده الحالة ليس له الأكل، ولو أكل ولم يتبين شيء قيل: يقضيه احتياطًا وصححه في (التحفة) وصحح في ما (الإيضاح) عدمه قيل: وهو ظاهر الرواية ولو شهدا على الطلوع وآخران على عدمه فأكل ثم بأن الطلوع قضى وكفر وفاقًا ولو شهدوا على الطلوع واثنان على عدمه فلا

أو أفطر كذلك، والشمس حية أمسك يومه وقضى ولم يكفر كأكله عمدا بعد أكله ناسيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كفارة (أو أفطر كذلك) أي: إنه غروب الشهر (و) الحال أن (الشمس حية) سواء غلب على ظنه ذلك أو لا بخلاف ما إذا لم يظهر شيء نعم حل الفطر مقيد بما إذا غلب على ظنه الغروب أما إدا لم يغلب لا يفطر وإن أذن المؤذن كما في (البزازية) قيد بالظن لأنه لو شك في الغروب فبان أنها لم تغرب كفر وهذا فيما إذا كان ذلك أكبر رأيه أولى وبهذا التقرير علمت أنه لا يصح حمل الظن على ما يعم الشك لأنه لا يكون كذلك. وقد قال في (البحر): هنا أراد بالظن في قوله كذلك غلبته وهذا ما سبق الوعد به ولو شهدا أنها غربت وآخران أنها لم تغرب ثم بان عدم الغروب قضي ولا كفارة عليه اتفاقًا والحاصل إما أن يتيقن أي: يغلب على ظنه أو يظن أو شك وكل من الثلاثة إما أن يكون في وجود المبيح أو قيام المحرم فهي ستة وكل منها على ثلاثة لأنه إما أن تبين صحة ما بدا له أو بطلانه أو لم يتبين شيء وكل من الثمانية عشر إما أن يكون في ابتداء الصوم أو في انتهائه فتلك ستة وثلاثون تعرف بما مر أسقط في (البحر) منها ثلاثًا مع أنهم ذكروه (امسك بقية يومه) أي: وجب عليه الإمساك تشبها بالصائمين كما مر. (وقضي) أما فيما عدا المسافر والحائز فظاهر وأما هما فلثبوت أصل الوجوب في ذمتهما وإن تأخر وجوب الأداء عليهما (ولم يكفر) أما المسافر والحائض فلعدم الجناية منهما وأما في غيرهما فقال في (الهداية) القصور الجناية واعترض بأنه لا جناية من الفاعل أصلا كيف وقد صرحوا بأنه لا إثم عليه اللهم إلا أن يراد بها عدم تثبته كما قالوا في القتل الخلق من أنه لا يأثم فيه إثم القتل وإن أثم فيه إثم ترك العزيمة والمبالغة في التثبت حال الرمي (كأكله) يعني كما لا يجب التكفير بأكله (عمدًا بعد أكله ناسيًا) سواء ظن فطره به بان لا يبلغه الحديث أو عدم لمحطته بأن بلغه في ظاهر الرواية وهو الصحيح كما دل عليه الإطلاق أما إذا لم يبلغه فلان الاشتباه استند إلى القياس فتحققت الشبهة وأما إذا بلغه فلقيام الشبهة الحكمية وهي التي تحققت بقيام الدليل النافي للحرمة في ذاته ولا تتوقف على ظن الجاني واعتقاده كما سيجيء في الحدود ولو احتجم أو اكتحل أو لمس أو قبل بشهوة فظن الفطر ثم أكل متعمدًا كفر إلا إذا أفتاه فقيه به أو بلغه خبر وإن أخطا الفقيه ولم يثبت الخبر بعد أن يكون ممن يعتمد على فتواه في بلده كما رواه الحسن عن الإمام وبشر عن الثاني وابن رستم عن محمد بخلاف ما لو ادهن أو اغتاب حيث يكفر مطلقا كما في (البدائع) وجعل في (المحيط) الغيبة كالحجامة قال الشارح: والأول عليه عامة

فصل في النذر

ونائمة، ومجنونة وطئتا. [7] فصل ـــــــــــــــــــــــــــــ المشايخ والظاهر توضيح ما في (المحيط) للشبهة كذا في (البحر) وفي احتلم ثم تعمد الأكل/ كفر ولو جاهلاً فكذا عند الإمام في ظاهر الرواية وعند محمد أنه بعدما أفتاه فيقه بالفطر فلا كفارة وهو الصحيح ولو ذرعه القيء أو اغتسل فظن الفطر وأكل كفر على كل حال وقيده في بعض الروايات بالعالم أما الجاهل فكذلك عند الإمام خلافًا للثاني وقول محمد مضطرب ولو أكل ظانًا الفطر بإنزاله ناظرًا إلى محاسن امرأة فحكمه كالقيء. (ونائمة ومجنونة وطئتا) عطف على المجرور أي: وكنائمة ومجنونة وطئتا ثم أكلتا عمدا بعد، لا كفارة عليهما لفساد الصوم قبله بالجماع وهذا لمحي النائمة ظاهر لا في المجنونة لأنه فرع صحة صومها ولا صحة له قال أبو سليمان الجوزجاني: قلت لمحمد: كيف تكون صائمة وهي مجنونة؟ فقال لي: دع هذا فإنه انتشر في الأفق فمنهم من قال: كأنها كانت في الأصل المجبورة فصحفت وعن ابن أبان قلت لمحمد: هذه المجنونة فقال: لا بل المجبورة أي: المكرهة قلت: ألا تجعلها كذلك قال: بلى ثم قال: كيف وقد سارت بها الركبان دعوها وأكثر المشايخ قالوا: تأويله أنها كانت عاقلة بالعة في أول النهار ثم جنت فجامعها زوجها ثم أفاقت وعلمت بما فعل بها الزوج كذا في (العناية) تبعًا (للنهاية) وغيرها وهذا يقتضي عدم تصحيفها وجزم في (الفتح) بأنها مصحفة من الكاتب مستندًا لما هو عن أبي سليمان وابن أبان قال: وتركها محمد بعد التصحيف لإمكان توجيهها انتهى. وهذا يفيد رفع الخلاف السابق إذ لا تنافي بين تصحيفها وتأويلها وقد اندفع ما في (البحر) من أن كونها مجحفة مدفوع بإمكان، لكن لا يخفى أن ما عن أبي سليمان ليعمل نصًا في أن الكاتب صحفها بل وقعت من محمد كذلك غير انه لم يصلحها لانتشارها وإمكان تحويلها وأيضا استعمال مجبور بمعنى مجبر ضعيف. [8] فصل في النذر أخره بما أوجبه الله تعالى لأنه قرعة بدليل أن من شرائط صحته أن يكون من

ومن نذر صوم يوم النحر أفطر، وقضي، وإن نوى يمينًا قضي وكفر، ـــــــــــــــــــــــــــــ جنسه واجما (و) أن لا يكون واجبًا بإيجابه تعالى كما سيأتي، (من نذر صور يوم النحر أفطر) أي: وجب عليه الفطر تحاميًا عن المعصية (وقصى)، فيه إيماء إلى أن النذر صحيح إذ الباطل لا يمضي وذلك أنه نذر بصوم مشروع والنهي لغيره وهو ترك إجابة دعوة الله تعالى فيصح في ظاهر الرواية وروى الثاني عن الإمام عدم الصحة وبه قال زفر وروى الحسن عنه أنه إن عين الغد لم يصح وإن قال: غدًا فوافق يوهم النحر صح قياسًا على ما لو نذرت يوم حيضها حيث لا يصح. ولو قالت: غدًا فوافق يوم حيضها صح وجعل في (السراج) شقي رواية الحسن محمل الروايتين توفيقًا بين الروايات وإطلاق المصنف يرده وقد صرحوا بأن ظاهر الرواية أنه لا فرق بين أن يصرح بذكر المنهي عنه أو لا ولا تنافي بين الصحة ليظهر أثرها في وجوب القضاء والحرمة للإعراض عن الضيافة. الحلم أن المذكور في (النهاية) أن شروط النذر ثلاثة في (الأصل) إلا إذا لمحام الدليل على خلافه أن يكون من جنسه واجمًا شرعًا فلا يسمح بعيادة المريض وأن لا يكون واجب عليه في الحال أو في ثاني الحال وقد من والثالث أن يكون مقصودًا لا وسيلة فلا يصح بالوضوء وسجدة التلاوة. قال في (الواقعات): ومنه تكفين الميت وأسقط بعضهم الثاني وعليه جرى في (الفتح) كأنه استغنى بالثاني إد قولهم من جنسه واجب يفيد أن المنذور غير الواجب من جنسه وهاهنا عينه وزاد وأن لا يكون معصية وهذا بظاهره مضاد لقولهم بصحة نذر يوم النحر فيجب أن يراد كون المعصية باعتبار نفسه حتى لا ينفك شيء من أفراد الجنس عنها كالنذر بالزنى وشر ب الخمر فلا يلزمه الوفاء به لكنه ينعقد للكفارة بخلاف النذر بالطاعة حيت لا يكون يمينًا إلا بالنية على ما عليه الفتوى فلو فعل المعصية المحلوف عليها انحلت وأثم وإنما قال في (النهاية): إلا إذا قام إلى أخره لئلا يرد عليه النذر بالحج ماشيًا والاعتكاف وإعتاق الرقبة فإن النذر بها صحيح مع أن موجب له كذا قرره في (النهاية) وفيه نظير بل إنما صح النذر بها لأن من جنسها واجبًا أما الحج فلما صرح به الشارح من أن أهل مكة ومن حولها لا يشترط في حقهم الراحلة بل يجب المشي على القادر منهم وأما الاعتكاف فلان القعدة الأخيرة في الصلاة فوض وهي لبث كالاعتكاف وأما الإعتاق فلأن من جنسه واجبًا هو الإعتاق في الكفارة وأما كونه من غير سبب فليس مرادًا كذا في (البحر) وجعل بعض المتأخرين جنس الواجب في الاعتكاف هو الوقوف في عرفة لأنه الحبس واللبث خوان نوى يمينًا) بنذر الصمود (كفر) أيضًا أي: (مع القضاء) حيث لم يوف بالمنذور/ فيه إيماء

ولو نذر صوم هذه السنة أفطر أيامًا منهية، وهي يومًا العيد، وأيام التشريق وقضاها، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى أن الكفارة وحدها لا تجزئ عن الفعل وهو الظاهر عن الإمام لكن روي عنه أنه وجع عن ذلك قبل موته بسبعة أيام وقال: إنها تجزئ محنه واختاره الشهيد والسرخسي وبه يفتى قيد بنية اليمين لأنه لو لم ينو أو نوى النذر خاصة أو نوى أن لا يكون يمينًا بل نذرًا كان نذرًا فقط إجماعًا وعلم من كلامه بالأولى أنه لو توهمًا كفر أيضًا ولو نوى اليمين وأن لا يكون نذرًا كان يمينًا فقط فهذه وجوه خمسة والسادس منطوق (الكتاب) وهو ما إذا نوى اليمين ولم يخطر له النذر كان نذرًا ويمينًا عندهما كما لو نواهما وقال الثاني: يكون يمينًا في الأول ونذرًا في الثاني فقط لأن النذر حقيقة واليمين مجاز بدليل عدم توقفه على النية بخلاف اليمين فإذا نواه تعين بنيته أو نواهما تعينًا ولهذا أنه لا تنافي بين الجهتين لأنهما يقتضيان الوجوب إلا أن النذر يقتضيه لعينه واليمين لغيره فجمعنا بينهما عملاً بالدليلين كما جمعنا بين جهتي التبرع والمعاوضة بشوط العوض كذا في (الهداية) دي واعترضه في (الفتح) بلزوم التنافي من جهة أخرى هي أن الوجوب الذي يقتضيه اليمين وجوب يلزم بترك متعلقة الكفارة ولا كذلك النذر وتنافي اللزوم أقل ما يقتضي اليمين التغاير وغير خاف أنه لم يدع عدم التنافي من كل وجه كما لو ظاهر كلامه بل من حيث الوجوب وهذا القدر كاف في المطلوب وللناس في تحقيق مذهبهما أنواع من التوجيهات من رام إليها الوصول فعليه بالأصول. واعلم انه لو نذر صوم كل خميس والمسالة بحالها فأفطر أكثر من واحد كفر للأول فقط لانحلال اليمين بالأول كذا في (الولوالجية) لا والله الموفق. (ولو نذر صوم هذه الصنة) لزمه جميعها دل على ذلك قوله (أفطر أيامًا منهية وهي يومًا العيد وأيام التشريق وقضاها) لأن النذر بالسنة المعينة نذر بهذه الأيام ولا شك في صحة النذر بها على ما مر قال في (العناية): هذا محمول على ما إذا نذر قبلها أما لو نذر بعدها لم يقض شيئًا وإنما يلزمه ما بقي من السنة قال الشارح: وهذا سهو لأن هذه السنة عبارة عن اثني عشر شهرًا من وقت النذر إلى وقت النذر وهذه المدة لا تخلو من هده الأيام ورده في (الفتح) بأنه هو السهو لأن المسالة كما هي في (الغاية) منقولة في (الخلاصة)، و (الخانية) في هذه السنة وهذا الشهر وهذا لأن كل سنة عربية معينة عبارة عن مدة معينة فإذا قال: هذه فإنما تفيد الإشارة إلى التي هو فيها فحقيقة كلامه أنه نذر المدة المستقبلة والماضية فيلغو في حق الماضي كما يلغو في قوله: لله علي صوم أمس ومما يناسب هذا لو قال: لله علي صوم أمس اليوم أو اليوم أمس لزمه صوم يوم ولو قال: غدًا هذا اليوم أو هذا اليوم غدًا لزمه أول الوقتين تفوه به ولو قال: شهرًا لزمه شهر كامل ولو قال: هذا الشهر وجب محليه بقية الشهر

ولا قضاء إن شرع فيها فأفطر. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي هو فيه فإن نوى شهرًا فهو على ما نواه وفيه تأييد لما في (الغاية) أيضًا قال في (البحر): ويمكن حمل ما فيها على ما إذا لم ينو وما في (الشرح) لا على ما إذا نوى توفيقًا وإن كان بعيدًا وبه ظهر أن ما في (الفتح) من أنه يلغو فيما مضى كما يلغو في قوله: لله علي صوم أمس ليحر بقوي أنه لو كان لغوا لما لزمه نيته. وأقول: هذا وهم إد الذي يدعم بنية سنة أولها ابتداء النذر على ما مر لا ما مضى منها والمحكوم عليه باللغو إلزام ما مضى وحينئذ فتشبيهه بصوم الأمس صحيح فتدبر. قيد بهذه السنة لأنه لو نكرها لمحسن لثمرة التتابع اتحد الحكم إلا أنه يقضيها هنا متتابعة وإلا لم يصبح صوم هذه الأيام بل عليه أن يقضيها مع رمضان والفرق لا يخشى (ولا قضاء عليه إن شرع فيها ثم أفطر) يعني في الأيام المنهية أي: في صومها هذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة وعق الشيخين وجوبه لأن الشروع ملزم كالنذر فصار كالشروع في الصلاة في الوقت المكروه وجه الظاهر أن وجوب القضاء يستدعي وجوب الإتمام فإذا فوته وجب جبره به وهو هنا منتف بل المطلوب قطعه لارتكاب المنهي بمجرد الإمساك بخلاف النذر والشروع في الأوقات المكروهة حيث لم يصر مرتكبًا له بمجردهما بل حتى يقيده ما وذلك لأن الصلاة عبارة عن أركان معلومة فما لم يفعلها لم يتحقق لأن وجود الشيء بوجود جميع حقيقته فإذا قطعها لمحمد قطعه ما لم يطلب منه بعد فيكون مبطلا له فيلزمه القدماء وهذا يقتضي أن القطع بعد السجدة لا يوجبه ولا مخلص إلا بجعل الكراهة تنزيهية كذا في (الفتح). وأجاب في (البحر) بأن لنا مخلصًا مع جعلها تحريمية كما هو ظاهر المذهب هو أنه بالشروع فيها ليس مرتكبًا للنهي فوجب المضي وحرم القطع وبالسجدة حرم المصري فتعارض المحرمان ومع أحدهما وجوب فقدمنا حرمة القطع. وأقول: هذا يقتضي حرمة القطع بعد التقييد بالسجدة وليس كذلك. خاتمة: نذر شهرًا لزمه كاملاً أو/ رجب فبهلاله أو جمعة فسبعة أيام نواها أو لا إلا أن ينوي اليوم فيصرف ولو نذر صوم السبت ثمانية أيام صام سبتين ولو قال سبعة فسبعة أسبت والفرق أن السبت في سبعة لا يتكرر فحمل كلامه على العدد بخلاف الأول وعلى هذا لو نذر صوم هذا اليوم أو يوم كذا شهرًا أو سنة لزمه ما تكرر منه في الشهر والسنة ولو نذر صوم اليوم الذي أكل فيه لمحوا شيء عليه على المشهور بخلاف الذي يأكل لمحيط حيث لا يصح إجماعا وفي نذر صوم يوم يقدم الآن فقدم بعد الأكل أو حصصها قال محمد: لا شيء عليه وأوجب الثاني عليه القدماء ولو قدم بعد الزوال لا شيء عليه أيضا عند محمد ولا رواية فيه عن غيره قال السرخسي: والأظهر التسوية

باب في الاعتكاف

باب الاعتكاف من لبث في مسجد ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهما كذا في (البناية) ولو قال: أبدًا والمسألة بحالها فقدم بصد الأكل فلا شيء عليه ويلزم صوم كل يوم مثله فيما يستقبل وقال زفر: يقضيه ولو قدم في رمضان لم يلزمه شيء عند الثاني ولو عنى به اليمين كفر فقط إن قدم بعد نيته وإن قبلها فنواه ولم ينو عن رمضان بالنية ووقع عن رمضان وفي نذر يومين متتابعين من أول الشهر وآخره يلزمه الخامس عشر والسادس عشر. وأعلم أن الشيخ قاسم قال في (شرح في رب البحار): إن النذر الذي يقع من أكثر العوام بأن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء ويكشف الستر قائلاً سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الذهب أو الفخمة أو الطعام أو الماء أو الشمع أو الزيت كذا باطل إجماعًا لوجوه منها أن النذر للمخلوق لا يجوز ومنها أن المنذور له بيت وهو لا يملك ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف في الأمن دون الحق سبحانه وتعالى واعتقاد هذا كفر تعم لو قال: يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي ونحوه أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة ونحوها أو أشتري حصيرًا لمسجدها أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها مما يكون فيه نفع للفقراء وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لكن لا يجوز صرفه إلا إلى الفقراء لا إلى أي علم يعلمه ولا لحاضر الشامخ إلا أن يكون واحدًا من الفقراء فإذا عرف هذا فما يؤخذا الدراهم والشمع والزيت ونحوها وينقل إلى شرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين ما لم يقصدوا بصرفها للفقراء الأحياء قولا واحدا انتهى. وقد ابتلي الناس بدلك ولا زعيما في موعد الشيخ أحمد البدوي ولقد قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني: لو كان العوام عبيدي لأعتقهم وأسقطت ولائي وذلك لأنهم لا يهتدون فالكل بهم يتعيشون. [10] باب الاعتكاف ذكره بعد الصوم لما أنه من شرطه يعني في بعض أنواعه على ما سيأتي ولأنه يطلب مؤكدًا في العشر الأخير من رمضان فناسب ختم الصوم به وهو لغة: افتعال من عكف اللازم أي: أقبل على الشيء وأقام به من حد طلب ومصدره العكوف ومنه {يعكفون على أصنام لهم} أ [الأعراف: 138] أو المتعدي بمعنى الحبس والمنع (من) باب ضرب ومصدره العكف ومنه {والهدي معكوفًا} [الفتح: 25] وشرعا (لبث في مسجد)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بنية فالركن أو اللبث وأما المسجد والنية فشرطان ولا حياء أن صحتها تتوقف على العقل والإسلام فلا حاجة لذكرهما في الشروط كما لمحي ما البدائع دم، نعم من الشرائط فيه الطهارة عن الحيف والنفاس وينبغي أن يكون هذا على رواية اشتراط الصوم في نفسه أما على عدمه وينبغي أن يكون من شوائب الحد فقط كالطهارة عن الجنابة ولم أر من تعرض لهذا وسببه في المنذور النذر وفي غيره النشاط الداعي إلى طلب الثواب وهو من أشرف الأعمال إذا كان عن إخلاص وحكمه لمحي الواجب سقوطه ونيل الثواب في غيره وسيأتي ما يفسده وما يمنع فيه، سق الاعتكاف بيان لصفته وبدأ بها اهتمامًا لبيان الأحكام وكونه آمنة هو الصحيح حلافا لما ذكوه القدومي من أنه يستحب. قيل: والحق خلاف كل من الإطلاقين بل هو ينقسم إلى واجب وهو المنذور تعجيزا أو تعليقا وإلى سنة مؤكدة وهو اعتكاف العشر الأخير من رمضان وإلى مستحب وهو ما سواهما كذا في (الشرح) وعليه جرى في (الفتح) ما قال في (البحر): والظاهر أنه سنة في الأصل وهي مؤكدة وغير مؤكدة وأطلق عليها الاستحباب لأنها معناه وأما النذر فبعارض هو النذر وكأنه عنى بذلك الجواب عن الاطلاقية وهو ظاهر في أن القدومي أطلق اسم الاستحباب على المؤكدة وغيرها لأمنها بمعناه لكن لا يخفى ما في إطلاق المستحب على المؤكدة من المؤاخذة فالأقرب أن يقال. إنه اقتصر على نوع منه وهو غير المؤكدة وكلام المصنف لا غبار عليه لأن المشكك حقيقة لم هي أفراده وقيل: إنه آمنة على الحماية قال بعضهم: ويؤيده قول مالك: لم يبلغني أد أبا بكر وعمر وعثمان وابن المسيح ولا أحد لمحي سلف هذه الأمة اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الأحمق لكن ثبت في (الصحيحين ما: (أنه- صلي الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الله الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى). وقال الزهري: عجبا للناس كيف تركوا الاعتكاف وقد كان رسول الله عبيطًا يفعل الشيء ويتركه وما ترك الاعتكاف حتى قبض يعني من غير عذر فقد جاء في الصحيح أنه تركه وذلك أنه أذن لعائشة فيه فضربت لها قبة فسمعت حمامة ففعلت كذلك ثم زينب فامض عليه الصلاة والسلام بنزعها فنزعت وترك الاعتكاف في رمضان ثم اعتكف العشر الأول من شوال وبهذا استدل في (فتح القدير) عدم وجوبه مع

بصوم ونية، ـــــــــــــــــــــــــــــ المواظبة لكن لا يخفى أن الترك لعدد لا يعد تركا فالأولى ما قدمه من أنها لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنة ومدمنا في الطهارة إيضاحه وهو لبث بفتح اللام بمعنى المكث خبر لمحذوف ويجوز أن يكون نائبًا لفاعل والأول أولى في مسجد أي. مسجد جماعة وهو من له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو لا قال في (البحر). أطلق في المسجد فأفاد أنه صح في كل مسجد وصححه في (غاية البيان) لإطلاق قوله: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187]. وأقول: فيه نطو ففي (الخلاصة) و (الثانية) ويصح في كل مسجد له أذان وإقامة وهو الصحيح وهذا هو مسجد الجماعة كما في (العناية) لما وقد نقل بعضهم أن صحته في كل مسجد قولهما وهذا الكتاب لم يوضع إلا لبيان أقوال إلى عام وعبارته في (غاية البيان) قال: الصحيح عندي أنه يصح في كل مسجد نعم اختار الطحاوي قولهما وروى الحسن عن الإمام أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم يصلى فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه وصححه بعض المشايخ كذا في (المتن،، قال في (الكافية. أراد به غير الجامع أما الجامع فيجوز وإن لم يصل فيه المصلى وثمة روايات أخو عن الإمام، هذا وأما أفضل الاعتكاف ففي المسجد الحرام ثم في مسجده- صلي الله عليه وسلم- ثم في المسجد الأقصى ثم في الجامع قيل: إذا كان يصلى فيه جماعة فإن لم يكن في مسجده أفضل لئلا يحتاج إلى الخروج ثم ما كان أهله أكثر قال في (البحر): وهذا ظاهر في عدم كراهة المجاورة بمكة والنووي عن الإمام الكراهة إلا أن يقال: مرادهم في أيام الموسم انتهى. وأقول: لا يخفى أنه لا دلالة في الكلام على ما ادعى أما أولاً فلأنه لا يلزم من الاعتكاف في غير أيام الموسم المجاورة بل قد يكون خاليا عنها فيمن كان حول مكة وأما ثانيًا فلأنه لا يلزم أيضًا من كراهة المجاورة كون اعتكافه في المسجد ليس أفضل ألا ترى أن الصلاة فيه ونحوها من المجاور أفضل من غيرها (بصوم ونية) هذا في نقل رواية الحسن وفي رواية (الأصل) ليس الصوم بشرط فيه لقول محمد إذا دخل المسجد بنية الاعتكاف فهو معتكف ما أقام تارة له إذا خرج ولا خلاف في اشتراطه في النذر قال لمحي لا الفتح (: ولمحي هذا الاستنباط نحو لجواز القول بصحته ساعة مع اشتراط الصوم وإن لم يصح أقل من يوم ولا مانع صن عتبات شرط يكون أطول من مشروعه انتهى. ولا يخفى أن هذا التجهيز العقلي مما لا قائل به فيما نعلم فلا يصح حمل كلام محمد عليه قال في ما البدائع د: وأما اعتكاف التطوع فالصوم ليس بشرط

وأقله نقلاً ساعة، والمرأة تعتكف في مسجد بيتها ولا يخرج منه ـــــــــــــــــــــــــــــ لجوازه في ظاهر الرواية وروى الحسن أنه شرط واختلاف الرواية فيه مبني على اختلاف الرواية في اعتكاف التطوع أنه مقدر وذكر محمد في (الأصل (أنه غير مقدر فلم يكن الصوم شرطا فيه لأن الصوم مقدر بيوم إذ صوم بعض اليوم ليس بمشروع فلا يصلح شرطا لما ليس بمقدور انتهى. وبهذا عرف أن ما في (البحر) أن الثقات يصرحون بان طاهر الرواية عدم اشتراطه فجاز أن يكود مستندا ما بل هو الظاهر من ضيق العطن بقي أن ظاهر اختيار المصنف له ولرواية الحسن مناف لقوله (وأقله نملأ ساعة) وحمله لحد اعتكاف العدو الأخير من رمضان حتى لو اعتكف فيه بلا صوم لمرض أو مصفو ينبغي أن لا يصح مدفوع بتصريحهم بأن الصعود إنما هو شرط في المنذور فقط وأقرب الأحوال أنه بين الروايتين فعلى رواية الحسن يجب بالشروع وعلى رواية (الأصلي لا وكلام المصنف أولا وثانيا ظاهر في اختيار رواية الحسن وإن حكى غيرها دل على ذلك قوله بعد فإن خرج ساعة بلا عذر سد وبطل بوطئه ونحو ذلك ولما كان المسجد شوطا لصفحة اعتكاف كل معتكف اواختصت المرأة بجوازه أيضا في غيره احتاج إلى بيان ذلك فقال: (والمرأة تعتكف) أي: يجوز لها بل هو الأفضل أن تعتكف أيضا (في مسجد بيتها) وهو المعد لصلاتها الذي يندب لها ولكل أحد اتخاذه كمالي (البزازية) ما فإن اعتكفت في المسجد كله حسما في (الثانية لا فمالي (غاية البيان ما من أن مسجد حيها أفضل من المسجد الأعظم معناه أقل كوجهة وظاهر ما في (النهاية، أنها كراهة تنزيهية حيث قال: ظاهر الرواية وهو المذكور في (الأصل) أنها لا تعتكف في المسجد وعن الإمام أنها تعتكف في أيهما فجاءت وأد مسجد بيتها أفصح وهو الصحيح وفي (البدائع) لا خلاف بين الأصحاب بأن اعتكافها في مسجد الجماعة صحيح وما في (الأصل) محمول على نفي الفصيلة وينبغي على قياس ما مر من أن المختار منعهن من الخروج في الصلوات كلها أن لا يتردد في متعهد من الاعتكاف في المسجد هذا وذات الزوج لا تعتكف إلا بإذنه فلو أذنها باعتكاف وهو فأرادت التتابع كاد له التفريق بخلاف شهر بعينه كذا في (المحيط) لا فإن لم يأذن كان له أن يأتيها إلا إن أذن بخلاف الأمة حيث يملكه بعد الإذن لكن مع الإساءة والإثم كما قال محمد والعبد كالأمة إلا المكاتب. تنبيه: لم أر حكم اعتكاف الخنثى المشكل في بيته وينبغي أن لا يصح لاحتمال كونه ذكرًا (ولا يحرج) المعتكف أي: لا يجوز له أن يخرج (منه) أي: من المسجد هدا مبني على رواية الحسن يعني أنه يلزم بالشروع وقوله في ما البحث ما: أي:

إلا لحاجة نوعية كالجمعة أو طبيعية، كالبول والغائط فإن خرج ساعة بلا عذر فسد، ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يخرج المعتكف اعتكافه واجبة أما نملأ فله ذلك عدول عن الظاهر بما لا داعي إليه على أن الواجب لم يسبق له ذكر (إلا لحاجة نوعية كالجمعة) والعيدين والأذان لو كان مؤذنًا وباب المئذنة خارج المسجد كذا في (السراج) ما، فيخرج لها حين تزول النصر هذا إذا كان منزله قريبا فإن بعد فعن محمد حين يرى أنه يبلغه وقت النداء وهو قبل الزوال هو الصحيح كما في (الخلاصة) لا ليتمكن من الأربع قبلها أو من الست في ولاية بضمه وكعتي التحية لكن قدمنا أن الفرض والسنة يجزئان عنها فهذه الرواية إما ضعيفة أو مبنية على أن كون الوقت مما يسع فيه السنة وأداء الفرض بعد قطع المسافة مما يعرف تخمينا لا قطعة فقد يدخل قبل الزوال لعدم مطابقته ظنه فلا يمكنه أن يبدأ بالسنة بل يبدأ بالتحية فينبغي أن يتحرى على هذا التقرير لأنه قل ما يصدق الحزب كدا في (الفتح (، ويمكث بعدها قدر ما يصلي أربعًا أو ستًا على حسب اختلافهم في سنة الجمعة كما مر ولو أتمه حيث لو صح والرجوع إلى الأصول أفضل لأن الإتمام في محل واحد أحجر على النفس. (أو) لحاجة (طبيعية كالبول والغائط) والغسل أو احتلم ولا يمكنه الاغتسال في المسجد لما في الكتب الستة من حديث عائشة رضي الله عنها كان عليه الصلاة والسلام: (إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) ولأن هذه الأشياء مستثناة للعلم بوقوعها وعدم الاستغناء عنها ولا يمكث بعد فراغه من الطهور ولا يلزمه أن يأتي بيت صديقه القريب واختلف فيما لو كان له بيتان فأتى البعيد منهما قيل: فسد وقيل: لا كذا في (السراج) وينبغي أن يخرج على القولين ما لو ترك بيت الخلاء للمسجد القريب وأتى بيته (وإن خرج ساعة) زمانية (بلا عذرا يبيح الخروج عامدا كان أو ناسيا (فسد) اعتكافه ووجب محليه قضاؤه إن كان منذوره أو غيره على رواية الحسن إلا إذا أفسده وهذا قول الإمام وقالا: لا يفسد إلا إذا خرج أكثر النهار وقال محمد: وقول أبي حنيفة أقيس وقول أبي يوسفي أوسع قالوا: هذا الاستحسان قيد بعدم العذر لأنه لو كان به لم يفسد ومنه انهدام المسجد وتفرق أهله وإخراج السلطان أو غيره له والخوف على نفسه أو ماله وما لو طلقت وهي في المسجد فخرجت منه لمسجد بيتها وليس منه الخروج لجنازة أو لأداء شهادة وإن تعينت أو لنفيه عم أو لإنقاذ غريق أو حريق كذا في (الشرح)، وغيره والمذكور في (الخانية) وغيرها أن الخروج عامدا أو ناسيا أو مكرهًا بأن أخرجه السلطان أو الغريم أو خروج

وأكله وشره ونومه ومبايعته فيه، وكره إحضار المبيع والصمت ـــــــــــــــــــــــــــــ للبول فحبسه الغريم ساعة أو لعذر الموت مفسد مسند الإمام وعلله في المرض بأنه لا يغلب وقوعه فلم يصمد مستثنى عن الإيجاب، قال في (الفتح): فأفاد هذا التعليل الفساد في الكل وعن هذا فسد إذا عاد مريضًا أو شهد جنازة تعينت إلا أنه لا يأثم بل يجب محليه الخروج وهذا المعنى يفيد الفساد أيضا بالخروج لانهدام المسجد وقد ذكره في (الخانية) أيضًا وتفرق أهله وانقطاع الجماعة عنه كذلك ونص الحاكم في (كافيه) فقال: وأما قول أبي حنيفة فاعتكافه فاسمع إذا خرج ساعة/ لغير غائط أو بول أو جمعة فالظاهر أن العذر الذي لا يغلب مسقط للإثم لا البطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد انتهى. لكن صرح به في (البدائع) وغيرها بأن عدم الفساد في تفريق الانهدام والإكراه استحسان لأنه مضطر إليه لما أنه بعد الانهدام خرج عن أن يكون معتكفًا لأنه لا يصلي بالجماعة الصلوات الخمس وهذا يفيد عدم الفساد تفريق أهله. (وأكله) أي: المعتكف (وشربه ونومه ومبايعته فيه) أي: في المسجد فلو خرج لأجلها فسد لعدم الضرورة حتى لوهم يكن الأكل فيه خرج كما في (العناية) و (الظهيرية) وقيل: يخرج الأكل والشرب بعد الغروب حمله في (البحر) إحدى ما إذا لم يجد من يأتي له به أطلق المبايعة وقيدها في (الذخيرة لما وغيرها بالتي لا بد منها أما التجارة فمكروهة لأبنه منقطع لله تعالى فلا ينبغي الاشتغال بأمور الدنيا قيد بالمعتكف لأن مبايعة غيره فيه مكروهة للنهي وكذا نوعه قيل: إلا الغريب. (وكره إحضار المبيع) فيه لأن المسجد محور عن حقوق العباد وهو شاغله بها والظاهر أنها تحكيمية لأنها محل إطلاقهم ودل التعليل أن المبيع أو كان لا يشغل البقعة كدراهم ودنانير وكتاب ونحوه لا يكوه إحضاره وأفاد إطلاقه أن إحضار الطعام المبيع الذي يشتريه للأكل مكروه وينبغي عدمها كما لا يخفى كذا في (البحر) وأقول: مقتضى التعليل الأول الكراهة وأن لم يشغل، وقوله وأفاد إطلاقه إلى آخره ظاهر في أن كلامه متناول بغير ما يأكله بناء على ما موفق إطلاق المبايعة وقد علمت أنها مقيدة بما لا بد منه وفي هذه الحالة يكوه له إحضار السلعة فيه. (و) كله أيضا تحريما (الصمت) عدد محن السكوت للفرق بينهما وذلك أنه ضم الشفتين فإن طال سمي صمتًا وقد نبه على ذلك في (العناية) ما حيث قال هو ترك التحدث أو إطالة السكوت قيل: إلا أنه لم يصب في تخصيصه التحدي بإضافة الترك إليه فإن ما تعنى صدق محليه أنه ترك التحدث ولا يصدق محليه أنه صمت وأنت خبير بان الواو في قوله وإطالة بمعنى مع فلا يرد عليه ما ذكر فتدبر. وهذا الإطلاق

والتكلم إلا بخير وحرم الوطء ودواعيه ـــــــــــــــــــــــــــــ قيده حميد الدين بما إذا تعبد به كفعل المجوس فإن لم يتعبد به لم يكره وجزم به الشارح وغيره لخبر (من صمت نجا). (و) كذا يكره له (التكلم) فيه (إلا بخير) أي: بكلام لا إثم فيه فيتكلم بالمباح لأنه خير عند الحاجة إليه لما أنه عبارة عن الشعير الحاصل وما من شانه أن يكون حاصلاً له إذا كان مؤثرًا والمباح عند الحاجة إليه كذلك كذا في ما العناية، وهو ظاهر ما في (الروح) وغيره وإليه يشير قول (الهداية) بعد لكنه يتحاشى ما يكون مؤثمًا وعبارة الإسبيبجابي ولا بأس أن يتحدث بما لا إثم فيه والظاهر أن المباح محمد الحاجة إليه خير لا محمد عدمها وهو محمل ما في (الفتح) قبيل الوتر أنه مكروه في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وبهذا التقرير اندفع ما في (البحر) من أن الأولى تفسير الخير بما فيه ثواب يعني أن المعتكف يكره له التكلم بالمباح بخلاف غيره إذ لا شك في عدم استغنائه محنه فأنى يكره له مطلقًا. (و) حوم على المعتكف (الوطء) لقوة هـ تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} [البقرة: 187] إذ المراد بها الوطء بقرينة {فالآن باشروهن} [البقرة: 187] ومعنى المسألة أنه لو خرج للحاجة الإنسانية حرم الوطء عليه لأنه معتكف وإلا فحرمة الوطء في المسجد لا يخصه ودل على هذا المعنى ما محق قيادة كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع يغتسلون فيوجعون فنزلت وعليه فالجار متعلق باسم الفاعل لا بالفعل فإن قلت: لا يتعلق بالفعل ونهوا عنه لما أن حرمته على المعتكف أشد قلت: لأنه لا يستفاد منه حينئذ حرمة الوطء خارجه وإذا علق باسم الفاعل علم منه ذلك وعرف أيضًا حرمته على المعتكف فيه بالأولى. (و) حرم عليه أيضا (دواعيه) من الصف والقبلة كما في الحج والعمرة والاستبراء والظهار بخلاف الصوم والحيض والفرق أن الوطء في الاعتكاف ونحوه محظور لأن محظور الشعير ما نهي محنه بعد وجوده وقد جاءت لوائح النهي عنه في هذه الأبواب أما الاعتكاف فلما تلونا وأما الحج فلقوله تعالى: {فلا رفث} [البقرة: 197] الآية وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا لا توطأ الحبارى حتى يضعن ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة) وقال تعالى: {ومن قبل أن يتماسا} [المجادلة: 3] فتعدت الحرمة إلى الدواعي أن الشبهات في باب المحرمات ملحقة بالحقيقة

ويبطل بوطئه، ولزمه الليالي أيضا بنذر اعتكاف أيام ـــــــــــــــــــــــــــــ بخلاف الصور فإن الكف ركنه لا محظوره وهذا لان قوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187] إنما تقتضي حرمة الكف وحرمة الوطء ثبتت ضمنًا فلم تتعد إلى الدواعي إذ لو تعدت وكان الكف ركتي والركنية لا تتبع بالشبهة فالحرمة تثبت بها وكان القياس في الحيض حرمة الدواعي فيه أيضا لصريح قوله تعالى: {ولا تقربوهن احتى يطهرن} [البقرة: 222] لكنها لم تحوم للزوج ولأن النص فيه معلول بعلة الأذى وهو لا يوجد في الدواعي وما في (الفتح) ما من أن النهي فيه ضمني لا قصدي وعليه جرى في (البحر) قال: إن الحرمة فيه لم تثبت بصريح النهي ففيه نظر ففي (العناية) أنه قصدي وفي (الغاية) ورد صحيح أن نهي في الحيض كالاعتكاف فكان ينبغي أن تحوم الدواعي وأجيب بما مر. (وبطل) الاعتكاف بوطئها في قبل أو دبي لما مر من أنه محظور فكان مفسدًا عامدًا كان أو ناسيًا ليلاً أو نهارًا أنزل أو لا لأن له حالة مذكرة فلم يكن نسيانه عذر كحالة الإحرام والصلاة بخلاف الصوم قيد بالوطء لأن دواعيه لا يفسد بها إلا بالإنزال كالجماع فيما دون الفوج لأنه في معنى الجماع حينئذ بخلاف ما إذا لم ينقل لعدم معنى الجماع ولذات ما يفسد به الصوم وأورد أنه كان ينبغي أن يكون نفس المباشرة مفسدة عملا بظاهر قوله تعالى: {ولا تباشروهن} [البقرة: 187] وأجيب بأن الجماع لما كان مرادًا بالإجماع بطل أن يكون الحقيقة مرادف ولاكن الاعتكاف معتبر بالصوم فيكون فرعا محليه وقد أستقر أنها لا تفسد الصوم فكذا الاعتكاف إليه ألبير في (الأسرار) قال في (الدراية): وفيه تأمل ووجه ما في (الفتح (لا نسلم أنه من باب الحقيقة والمجاز بل المباشرة أمر كلي له جزئيات في الجماع فيما دون الفوج والمس باليد والجماع وأيها أريد كان حقيقة غير أنه لا يوجد به فردان من مفهومه في إطلاق واحد في سياق الإثبات وما نحن فيه سياق النهي وهو يفيد العموم فيفيد تحويم كل فرد من أفراد المباشرة جماعا أو غيره. (ولزمه الليالي أيضًا) كالأيام (بنحو اعتكاف أياما بان يقول بلسانه: لله علي أن أعتكف ثلاثة أيام مثلاً حيث يلزمه الأيام بلياليها متتابعة وكذا يلزمه أيضًا بنذر اعتكاف ليال لأن ذكر أحدهما بلفظ الجمع يتناول الآخر دل على ذلك عرف الاستعمال يقال: ما رأيتك منذ أيام والمراد بلياليها وقال تعالى لزكريا عليه السلام: {آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا} [آل عمران: 41] وفي أخرى {ثلاثة ليال سويًا} [مريم: 10] والقصة واحدة ويدخل الليلة الأولى فيدخل قبل الغروب ويخرج بعد الغروب من آخر الأيام ولو نرى بالأيام الشهر صحت نيته لأنه نوى حقيقة

وليلتان بنذر يومين. ـــــــــــــــــــــــــــــ كلامه نجلاء ما إذا نوى بها الليالي حيث لا تصح ويلزمه الكل كما في (البدائع) ما ولو نوى الليالي خاصة بنحو اعتكافها صحت نيته ولا شيء عليه لعدم محليتها للصوم كذا في (الكافي) ولو نذر اعتكاف وهو بعينه ولو نوى الأيام دون الليالي أو قبله لا يصح إلا أن يقول شهود بالنهار أو إلا الليالي ولو قال: الأيام صح ولا يجب عليه شيء. (و) لزمه (ليلتان بنذر) اعتكاف (يومين) لأن المثنى معنى جمع فيلحق به احتياطا والحاصل أنه إما أن يأتي بالمفرد أو المثنى أو المجموع وكل منهما إما أن يكون اليوم أو الليل وفي كل منهما إما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو لم ينوهما أو لم يكن له نية فهي أربعة وعشرون وقد علمت منها حكم المثنى والمجموع وبقي المفرد ولو ما إذا قال: لله علي اعتكاف يوم فيلزمه فقط نواه أو لا ولا تدخل الليلة إلا أن ينويها ولو نوى اعتكاف ليلة لم يصح ولو نود اليوم معها كما في (الظهيرين) لكن في (الثانية، أو نحو اعتكاف ليلة ونوى اليوم ينظمه الاعتكاف وإن لم ينو فلا شيء عليه والفوق بين ما إذا نوى اليوم معها وبين ما إذا نوى لها اليوم لا يخفى. واعلم أن كل ليلة تابعة لليوم الآتي إلا ليلة محرفة فإنها تابعة يوم النووية وليلة النحو فإنها تابعة ليوم عرفة كذا في (المحيطة. وفي أضحية (الولوالجية) أنها في أيام الأضحى تابعة لنهار ما مضى رفقة بالناس. تتمة: نذر اعتكاف يوم أو شهر معين فاعتكف قبله صح ونذر اعتكاف أيام العيدين صحيح ويجب في غيورا لأن شرطه الصوم وهو فيها ممتنع والردة تفسد الاعتكاف وكذا الإغماء والجنون إذا تطاولا أيام فإن طاول جنونه سنة وجب عليه القضاء استحسانًا ويصح الاعتكاف مع الصبي العاقل، هذا وليلة القدر دائرة في رمضان إلا أنها تتقدم وتتأخر وقالا: لا تتقدم ولا تتأخر وأمر الخلاف يظهر فيما إذا قال لعبده بعد مضي ليلة منه أناسًا حر ليلة القدر قال الإمام: لا يعتق حتى ينسلخ رمضان من العام القابل لجواز أنها كانت في الشهر الماضي في الليلة الأولى وفي الآتي في الأخيرة وقالا: إذا مضى ليلة منه في العام القابل محتل ولا خلاف أنه لو قاله قبل دخول رمضان عتق إذا انسلخ االشهير قال في (المحيط): والفتوى علي قول الإمام لكن قيده بما إذا كان الحالف فقيها يعرف الاختلاف أما إذا كان عاميا فهي ليلة السابع والتشويق وفي (الثانية (المشهور عن الإمام أنها تدور في السنة وقد تكون في رمضان وقد تكون في غيره والله الموفق للصواب بمنه ويمنه.

كتاب الحج

كتاب الحج هو زيارة مكان مخصوص ـــــــــــــــــــــــــــــ [16] كتاب الحج لما تركب من المال والبدن وسط ن ما سبق مفوضة أخر كذا اختاره الكثير وفيه نظر بل هو عبادة بدنية محضة والمال إنما هو شرط في وجوبه لا أنه جزء مفهومه وأخره عن الصوم لأنه عبادة تمنع النفس عن شهواتها والحج يشتمل على السفر وقد يكون أي: السفر مشتهى لها أي: للنفس لما فيه تفويج الهموم اللازم في المقام أو لأن كلاً منهما عبادة هجرة عن المألوفات إلا أنها في الصوم عما هو أصلي فيه وهو نفسه فقدم وفي الحج عما هو خارج عنه وهما الأسهل والوطن وهو بفتح الحاء وبكسرها في لغة نجد وقيل: الأول الاسم، والثاني المصدر وقيل: قلبه اختاره على المناسك التي في جمع منسك بفتح السين بمعنى النسك وهو كل ما يتقرب به واختصت عرفت بأفعال الحج والعمرة وبها عبد الطحاوي والكوري تأسيس بالكتاب والسنة وهو لغة: القصد كذا في غير كتاب مت اللغة وقيده في (الفتح له بكونه إلى معظم لا مطلقه مستشهدًا بقوله: وأشهد من عوف حلولاً كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا أي: يقصدونه معظمين إياه فإن بني سعد بق زيد كانوا يحجون عصابته إذا استهلوا رجب في الجاهلية إجلالا وإعظاما والحؤولي جمع حول كالأحوال كما في (القاموس) والسب بكسر المهملة العمامة والزبرقان لقب حريق بق بدر التميمي وأصله القمر لقب به لجماله والمزعفر يعمي المصبوغ عمامة به وكانت رؤساؤهم تفعل ذلك. قال ابن السكيت: هذا معناه الأصلي ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك تقول: حججت البيت أحجه فانه حاج وشرعت ما أفادت بقوله: (هو زيارة مكان مخصوص) أي: قصد زيارته ففيه المعنى اللغوي مع زيادة وصف كذا في (الشرح) قال في (الفتح): والظاهر أنه عبارة عن الأفعال المخصوصة من الطواف والوقوف في وقته محرمة بنية الحج لأن أركانه الطواف والوقوف ولا وجود للشيء إلا بأجزائه الشخصية وماهيته منتزعة منها ولأن سائر العبادات السابقة جعلت اسمًا للأفعال فليكن الحج كذلك وحاول في (البحر) لا تخريج كلام المصنف على هذا، فقال: أراد

في زمان مخصوص بفعل بخصوص ـــــــــــــــــــــــــــــ بالزيارة الطواف والوقوف وبالمكان المخصوص الكعبة الشريفة وعرفات وبقوله وفي عمان مخصوصة في الطواف من طلوع الفجر يوم النحو إلى آخر العمر وفي الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر. وأقول: فيه بحث إذ بتقديره يكون قوله: (بفعل مخصوص) حشود إذ المواد به كما قالوا: هو الطواف والوقوف على أن الجار متعلق بزيادة وإذا فسرت بالفعل آل المعنى إلا أنه فعل يفعل وفساده لا يخفى ويمكن أن يقال: المواد به الإحرام وبه يصير الثاني غير الأول وفسروا الزمان المخصوص بأشهر الحج وهو الذي ينبغي إذ الوقوف الذي هو أعظم أركانه مقيد به ولم يقل ة لأداء ركن حق أركان الدين كما في (النهاية) ليدخل في التعريف حج النفل لكن لا يخفى ما فيه من الإجمال ولقد أجحفت صاحب لا (العناية) في الاختصار إذ عرفه بزيارة البيت على وجه التعظيم لأمن الزيارة كل وقت ليبست حجة على أنه ليس هو مجردها إذ الوقوف أعظم أركانه كما قد علمت. تكميل: ينبغي لمريد الحج أو الغزو أن يستأذن أبويه لكراهة الخروج مع كراهة أحدهما وهو محتاج إلى خدمته لا أن كان مستغنيا والأجداد والجدات كالأبوين عند فقدهما وفي (النوازل): لو كان الابن صبيح الوجه فللأب منعه حتى يلتحي وينبغي للمديون أن يستأذن رب الدين ولو فقيرًا ولو كان به كفيل استأذنه أيضا ثم يستخير الله سبحانه وتعالى كذا قالوا ومعناه هل يشتري أو يكتري وهو يسافر في (البحر) أو في البر وهل رافق فلانا أو لا لأن الاستخارة في الواجب والمكروه ود وحرام لا محل لها وكيفيتها أن يصلي ركعتين يقرأ فيهما بالكافرون والإخلاص قائلاً الدعاء المعروف ويشاوره الرأي في سفره في وقت معين لا في الحج ثم يبدأ بالتوبة مراعيا شروطها في رد المظالم إلى أهلها عند الإمكان وقضاء ما قصر في فعله من العبادات والندم على تفريطه والعزم على أن لا يعود والاستحلال من ذوي الخصومات والمعاملات ويجتهد في تحقيق نفقة حلال ولا بدأه من رفيق صالح يذكوه إذا نسي ويصبره إذا/ لم جزع ويعينه إذا عجز وعق بعض الصالحين أن كونه من الأجانب أولى تباعدا عن ساحة القطيعة وينبغي له أن يرى المجاري ما يحمله ولا يحمل أكثر منه إلا بإذنه وعن بعض الأكابر أنه امتنع عن حمل بطاقة الإنسان لعدم إذن المجاري وبعد الإذن فينبغي له التباعد عن تحميل الدابة فوق طاقتها وفي إجارة (الخلاصة) حمل البعير مائتان وأربعون منذ والحمار مائة وخمسون وظاهر أن البغل كالحمار وتجريد السفر عن التجارة أحسن لكنه لو متجر لا ينقص ثوابه كالغازي ذكره الشارح في لا السير) وينبغي له التباعد عما فيه رياء وسمعة ومن ثم كره بعض العلماء الركوب في

فرض مرة على الفور ـــــــــــــــــــــــــــــ المحمل فالركوب في المحطة أولى وقيل إذا تجود عن قصد ذلك لا يكوه وعن الممارسة في شراء الجاد ومما يحتاجه والمشي لمن يطيقه ولا يسيء خلقه أفضل من الركوب وكره الإمام الحج على الحمار ويندب أن يكون خروجه في يوم الاثنين أو الخميس وآداب السفر كثيرة وفيما ذكرناه كفاية والله الموفق. أفرضت أي: فرضه الله سبحانه وتعالى بقوله: {ولله على الناس حج البيت} [آل عمران: 97]، والمراد المؤمنون بقرينة ومن كفر، (مرة) واحدة في العمر لقوله- صلي الله عليه وسلم- للأقرع بن حابس لما سأله حين إخباره عليه السلام بفرض الله الحج أفي كل عام أم في العمر قال: (لا في العمر ولو قلتها لوجبت ما ولأن سببه البيت وهو واحد فإن قلت: فكيف قال: لو قلتها لوجبت قلت: لأنه الشارع هو الذي إليه نصب الأسباب كذا في (التلويح) والآية وإن كانت كافية في الاستدلال على نفي التكرار لأن الأمر لا يحتمله إلا أن إثبات النفي بمقتضى النفي أقوى (على الفور) وهو الإتيان به في أول أوقات الإمكان من فارت القدر غلت استعير للسرعة ثم أطلق على الحال التي لا تراخي فيها مجاز مرسل وهذا قول التالي وهو أصح الروايتين عن الإمام كما في (المحيط) و (الخانية) وفي (القنية) أنه المختار. قال القدوري: وهو قول مشايخنا وبهذا استغني عن قول بعضهم عن الإمام ما يدل عليه وهو ما رواه ابق شجاع عنه أنه سئل عمق ملك ما يبلغه إلى بيت الله تعالى أيحج أم يتزوج؟ فقال: يحج ووجه الدلالة أنه أطلق الجواب بتقديم الحج على النكاح مع أنه يكون واجبًا في بعض أحواله وفي (التجنيس) له مال يكفي للحج وليعر له مسكن ولا خادمة أو خاف العزوبة فأراد أن يتزوج ويصرف الدراهم في ذلك إن كان قبل خروج أهل بلده إلى الحج يجوز لأنه لم يجب الأداء بعدوان كان وقت الخروج فليس له ذلك لأنه قد وجب عليه قال في (الفتح): ولا يخفى أن المنقول عن الإمام مطلق فإن كان الواقع وقوع السؤال أوان الخروج فهو خلاف ما في (التجنيس) وإلا فلا يفيد الاستشهاد والمطلوب انتهى وفيه نحو لظهور موافقته لما في (التجنيس) حيث كان السؤال أوان الخروج وقال محمد ة وهو رواية عن الإمام هو على التراخي لأن فرضه كان سنة تسع وحجه عليه السلام كان سنة عشر ولنا أنه لا

بشرط حرية ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز إلا في وقت معين من السنة والموت فيها غير نادر فتأخيره بعد التمزق في وقته تعريض له على الفولت وهو لا يجوز وأما تأخيره عليه السلام فلم يتحقق فيه تعريض الفوات وهو الموجب للفور لأنه كان يعلم بقاء الحياة إلى أن يعلم الناس مناسكهم تكميلا للتبليغ والحاصل أن الفورية واجب احتياطي حتى لو أتى به متراخية كان أداء اتفاقا وأثر الخلاف يظهر في الفسق بالتأخير والإثم ورد الشهادة. قال أبو يوسف: نعم ونفاه محمد وأجمعوا أنه لو حج في آخر عمره لم يأثم ولو مات ولم يحج أثم كذا في (الروح)، قال في (البحر): ولا يخفى ما فيه فإن المشايخ اختلفوا على قول محمد فقيل: يأثم مطلقا وقيل: لا يأثم مطلقا وقيل: إن خاف الفوت بان ظهرت له مكايل الموت في قلبه فأخره حتى مات أثم وإن فاجأه الموت لا يأثم وينبغي اعتماد الأول وتضعيف الثاني لأنه حينئذ يفوت القول بفرضية الحج لأن فائدته الإثم عند عدم الفعل سواء كان مضيقًا أو موسعًا اللهم إلا أن يقال: فائدته وجوب الإيحاء به قبل موته فإن لم يوص أثم انتهى. وأقول: لم أر عن محمد القول بالإثم مطلقا إذ بتقديره يرتفع الخلاف فالظاهر أن هذا سهو نعم المنقول محنه كما في (الفتح) أنه على التراخي فلا يأثم إذا حج قبل موته فإذا مات بعد الإمكان ولم يحج ظهر أنه أثم ونقل القولين الأخيرين ثم قال: وصحة الأول غنية عن الوجه وعلى اعتباره قيل: يظهر الإثم من السنة الأولى وقيل من الأخيرة من سنة رأى في نفسه الضعف قيل: يأثم في الجملة غير محكوم بمعين بل علمه إلى الله تعالى. واعلم أن جزمهم بفسقه على قول الثاني بتأخيره يؤذن بأنه كبيرة وقولهم: إن الفورية/ واجبة يقتضي أنه صغيرة وبارتكابها لا يفسق بل لا بد من الإصرار عليها وأقول: لعل هذا هو وجه ما في (الثانية) و (الخلاصة) من أن الفتوى على سحقوا العدالة بتأخير الزكاة من غير عذر لحق الفقراء دون الحج خصوصا في زماننا قال ابن وهران: وما صححه قاضي خان أو المروي عن أبي يوسف انتهى. وحينئذ فيأثم بالتأخير فقط والله الموفق. تتميم: قد يكون الحج واجبة وهو ما إذا جاوز الميقات بصير إحكام فإنه كما سياسي يجب عليه أحد النسكية إما الحج وإما العمرة فإذا اختار الحج اتصف بالوجوب وقد يتصرف بالحرمة كما إذا حج بمال حرام وبالكراهة كما إذا حج بغير إذن من يجب عليه استئذانه (بشرط حرية) فلا يجب على عبد مدبرًا كان أو مكاتبه أو مبغضًا أو مأذونًا له فيه ولو بمكة أو كانت أم ولد لعدم أهليته لملك الزاد والراحلة ولذا لم يجب على عبيد أهل مكة بخلاف اشتراط الزاد والراحلة في حق الفقير فإنه للتيسير لا لا للأهلية فوجب على فقراء مكة وبهذا التقرير وهو الفرق بين وجوب الصلاة

وبلوغ وعقل وصحة ـــــــــــــــــــــــــــــ والصوم على العبد دون الحج. أعلم أن الشروط منها شوط وجوب ووجوب أداء وصحة والمصنف لم يميز بينها مع حذف بعضها فالأول: التكليف والإسلام والحرية والوقت والاستطاعة والعلم بكونه فرضت ويثبت ذلك إما في الكون في دار الإسلام سواء نشأ على الإسلام أأو لا، أو بأحد ركني الشهادة إما العدد أو العدالة لو كان في غيره، والثاني: صحة البدن وزوال الموانع الحدسية وأما الطريق وعدم قيام العدة في حق المرأة وخروج الزوج أو المحرم معها والثالث الإحرام بالحج والزمان المخصوص والمكان المخصوص زاد ابن أمير حاج الإسلام وقد سبق عده في شرائط الوجوب وهو الظاهر إذ الكفار غير مخاطبين بما يحتمل السقوط من العبادات على الأصح خلافا للعراقيين وعلى قولهم: فهو من شوائب الصفحة فتدبر. والإسلام: فلا يجب على كافة حتى لو ملك ما به الاستطاعة ثم ألملم بعدما افتقد لا يجب عليه شيء بتلك الاستطاعة بخلاف ما لو ملكه مسلما فلم يحج حتى أفتقر حيت يتقرر وجوبه ديني في ذمته كذا في (الفتح (وهذا التقويم ظاهر على القول بالفورية لا التراخي كما يخفى. (بلوغ) فلا يجب على صبي ومن في حكمه كالمعتوه بناء على ما اختاره فخبر الإسلام من عدم وجوب العبادات عليه وإن اختار الدبوسي وجوبها عليه احتياطا (وعقل) فلا يجب على مجنون لعدم تكليفه (وصحة) أي: صحة الجوارح كذا في (الشرح) وغيره. قال بعض المتأخرين: ويرد عليه المريض إذا كان صحيح الجوارح فإنه لا يجب عليه الحج أيضا ومن ثم فسرها بعضهم بصفحة البدن ويرد عليه أن الأعمى كذلك بدليل أن تصرفه ينفد من كل المال مع أنه لا يجب عليه الحج فالأولى أن يفسر سلامة البدن من الآفات المانعة عن القيام بما لا بد منه في السفر فلا يجب على مقعد ومفلوج وشيخ لا يثبت على الراحلة بنفسه وأعمى وإن وجد قائدًا في المشهور عن الإمام ويلحق بهم المحبوس والخائف من السلطان الذي يمنع الناس من الخروج إلى الحج وكذا لا يجب الإحراج عنهم وظاهر الرواية عنهما وجوبه على هؤلاء إذا ملكوا الزاد والراحلة ومؤونة من يردعهم ويضعهم ويقودهم إلى أن المناسك وإذا وجب الأصل وجب البدء وهو الإحراج فإذا فعلوا أجزأه ما ما دام العجز مستمرًا فإن زال أعادوه واختاره في (التحفة) والخلاف مبني على أن الصحة هل أي من شرائط الوجوب أو وجوب الأداء قال الإمام بالأول وهما بالثاني وأثر الخلاف يظهر في وجوب الإحراج والإيفاء به لكنه مقيد بما إذا لم يقدر على الحج وهو صحيح فإن قدر عليه ثم زالت القدرة وجب الإحراج اتفاقا ولو مات في الطريق لا يجب عليه الإيفاء أي: اتفاقا. ولا كلام أنهم لو تكلفوا الحج سقط عنهم لأن عدم وجوبه

وقدرة زاد، وراحلة فعملت محن مسكنه، ومحمد لا بدء هـ منه، ونفقة ذهابه، وإيابه، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهم الحرج فإذا تحملوه وقع عن حجة الإسلام كالفقير إذا حج (و) بشرط (قدرة زاد) وسط لا إسراف فيه ولا تقتير بما به يصح بدنه معه فالمتحف المعتاد بأكل اللحم ونحوه من الأطعمة المترفعة إذا قدر على ما تيسر من خبز وجبن دون لحم لا يعد قادرًا، وراحلة وهي لغة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى وفي التعبير بها إيماء به إلى أنه لو قدر على غيرها من بغل أو حمار لم يجب ولم أره كذا في (البحر) وأراد القدرة بالملك أو الإجارة دون الإباحة والإعارة في الراحلة في الوقت الذي يخرج فيه أهل بلده حتى لو وهب له مال ليحج به لا يجب عليه سواء كان الواهب ممن يعتبر منته كالأجانب أو كالأبوين والولد لأن شرائط الوجوب لا يجب تحصيلها وتعتبر في الراحلة في حق كل إنسان ما يبلغه فالمترفه إذا قدر على رأسه كاملة المسمى عندنا، بالمكتب لا يجب عليه االحج إلا إذا قدر على شق تحمل لأنه لا يستطيع السفر كذلك بل قد يهلك وعلم أن هذه القدرة من شرائط الوجوب لا نعلم عن أحد خلافه كذا في (الفتح) وفي (البحر) عن الأصوليين: أنها من شرائط وجوب الأعداء ولم يوافقهم الفقهاء على ذلك لأمن أثر الفرق إنما يظهر في الإيحاء به عند الموت وعدمه وذلك لا يتأتى في الفقير هذا كله في الآفاقي أما المكي فلا تشترط (الراحلة) في حقه لأنه لا يلحقه المشقة بالمشي فأشبه السعي إلى الجمعة حتى هو كان لا يستطيعه اشترطه (فضلت عن مسكنه) وعن مؤونته كما في (المحيط لا ولم يقل عن داره إيماء إلى أنه لو كان له دار لا يسكنها كان عليه بيعها لعبد لا يستخدمه بخلاف ما لو كانت كبيرة يمكنه الاستغناء ببعضها للسكنى وأن يحج بالفائض حدثا لا يجبا عليه بيع الزائد نعم هو أفضل وعوف بهذا عدم وجوب الكل وإلا اكتفى بسكنى الإجارة بالأولى (وعما لا بد منه) يعني في غيره بفرسه وسلاحه وثيابه وعبد خدمته وقضاء ديونه وإلا فالمسكن أيضًا مما لا بد منه كذا في (الفتح (ولحم كلامه ما لو كان عنده ما لو اشترى به مسكنًا وخادمة لا يبقى بعده ما يكفيه للحج حدثا لا يلزمه كما أشار إليه في (الخلاصة) ودخل في قضاء ديونه مصدقة النساء وقيل ة لا يمنع كذا في (السراج) وينبغي قصة الخلاف على المؤجل منها وهل يشترط أن يبقى له بعد ذلك رأسه مال يتجر به لو كان يتجه به لو كان تاجرًا أو آلات حرثه لو كان حراثًا قال بعض العلماء: نعم ذكره في (الخانية) وجزم به في (النهاية) و (فتح القدير)، وعصاه في (السراج) (لروضة العلماء) وذكره في (الخلاصة) ثم قال: أما المحترف إذا ملك قدر ما يحج به (ونفقة أحماله وذهابه وإيابه) فعليه الحج انتهى. يعني اتفاقا لأنه غير محتاج إلى رأسه ماله لقيام حوزته وينبغي أن يقيد بحرفة لا

وعياله، وأهن طريق، ومحرم ـــــــــــــــــــــــــــــ تحتاج إلى كل أما المحتاجة إليها فيشترط أن يبقى له قدر ما يشتري به وعق نفقة ذهابه وإيابه وإن لم يبق بعد الإياب شيء في ظاهر الرواية وقيل: لا بد أن يبقى بعده نفقة يوم وهو مروي عن الإمام كما في (الخلاصة لما ولا يخفى أن مقدار النفقة مدة ذهابه وإيابه إنما يعلم بطريق التخمين لا بطريق التحقق فلا يتفاوت قدم نفقة يوم في التخمين وعق الثاني نفقة وهو لأنه لا يمكنه التكعيب كما تقدم. (وعياله) عمق يلزمه نفقته نفقة وسطا من غير تبذير ولا تقتير كذا في (الشرح) وقد يقال: هذا الإطلاق في الزوجة مبني على اعتبار حاله أما على ما سيأتي من أن الفتوى على اعتبار حالهما فالوسيط إنما يعتبر إذا كان أحدهما غنيًا والآخر فقيرًا وأعلم أن نفقة الذهاب والإياب والعيال داخلة تحت ما لا بد منه فهو من عطف الخاص على العام اهتمامًا بيانه وعطف ما لا بد منه على المسكن عكسه. (و) بشرطة (أمن الطريق) على نفسه وماله وقت خروج أهل بلده والاعتبار للغالب فإن غلبت السلامة عدم غلبة الخوف حتى لو غلب لوقوع النهب والغلبة من المحاربين مرارة أو سمعوا أن طائفة تعرضت للطريق ولها شوكة والناس يستضعفون أنفسهم محنهم لا يجب وما أفتى به الوادي من سقوطه عن أهل بغداد وقول الإسكان: في سنة سمت وثلاثين وثلاثمائة لا أقول: فإنه فرض في زماننا وقول البلخي: ليعر على أهل خراسان حج منذ كذا كذا سنة إنما كان وقت غلبة النهب والخوف في الطريق ثم زار ولله المنة وقول من قال: لا أوى الحج فوضع منذ عشرين سنة من حين خرجت القرامطة لأنه لا يتوصل إليه إلا بإرشادهم فتكون الطاعة سبب المعصية فيه نظر لأن هذا لم يكن في شأنهم إنما شأنهم استحلال قتل الأنفس وأخذ الأموال وكانوا يغلبون على أماكن يترصدون فيها للحاج وبتقديره فالإثم في مثله على الآخذ مما عرف من تقسيم الرشوة في كتب الفضاء كذا في (الفتح لا، ورده بعض المتأخرين بان ما ذكر في القضاء ليعر على إطلاقه بل فيما إذا كان المعطي مضطرة بان لزمه الإعفاء ضرورة عن نفسه أو ماله أما إذا كان بالالتزام منه في الإعطاء أيضا يجثم وما نحن فيه من هذا القبيل. (و) بشرط (محرم) وهو من لا يجوز له مناطحتها على التأبيد بقرابة أو رضاع أو صهرية مسلمًا كان إلا أن يكون فاسقا أو كافرا إلا أن يكون مجوسيا يعتقد إباحة نكاحها حرب كان أو عبدا بشرط العقل والبلوغ قال الحمادي والمواهب كالبالغ وأدخل في (الظهيرين ما بنت موطوءته من الزنا حيث يكون محرما لها وفيه دليل على ثبوتها بالوطء الحرام وبما يثبت به حرمة المصاهرة كذا في (الثانية).

أو زوج لامرأة ـــــــــــــــــــــــــــــ (أو زوج لامرأة) قال بعض المتأخرين: هذا مما لا حاجة إليه لأن المحرم هنا يعمه قال في (الذخيرة): والمحور الزوج ومن لا يجوز له لم مناطحتها على التأبيد بنسب أو رضاع أو صهرية لأن المقصود من المحرم الحفظ والزوج يحفظها وقي (التحفة) بعد أن ذكر ما مر من الشرائط قال: هذا في حق الرجل أما في حق المرأة فلا بد من وجود هذه الشرائط مع شرطين آخرين أن يكون لها محرم من زوج أو من لا يحل له مناطحتها على التأبيد برضاع أو قرابة أو شهرية والثاني أن لا تكون معتدة من طلاق بائن أو رجعي أو وفاة انتهى. وبه استغني عما في (الحواشي السعدية ما مت أن ظاهر الاستثناء في قوله- صلي الله عليه وسلم- (لا تحقق امرأة إلا ومعها محرم) يفيد عدم جواز الحج لها مع أزواجهن وجوابه أنه يعلم جوازه معه بالدلالة انتهى. لكن المذكور في (البدائع) و (العناية) وغيرهما تفسير المحرم بما هو وهو المناسب وحينئذ فيحتاج إلى ذكر الزوج وينبغي أن يشترط فيه ما شرط في المحرم واعلم أن المشايخ اختلفوا في أن سلامة البدن وأمن الطريق ووجود المحرم من شرائط الوجوب أو الأداء ذهب ابق شجاع إلى الأول قيل: وهو رواية عن الإمام وصححه في (البدائع ما والقاضي أبو حازم إلى الثاني ورجحه في (النهاية) تبعًا لقاضي خان واختاره في (الفتح) وأثر الخلاف يظهر في وجوب الوصية ونفقة المحرم وراحلته وفي تزوجها فعلى الأول لا يحب ومحلى الثاني يجب كذا قالوا: وفي (منية المفتى) أحرمت بلا محرم فهي كالمحار ورأيت العلامة ابق الكمال عن ظاهر كلامهم مال فقال فيما كتب على (الهداية) ما بعدما ذكر الاختلاف في أمن الطريق أهو شرط الوجوب أو الداء: المراد من شرط الوجوب شرط وجوب الأداء لا شرط الوجوب لأنه بنفس الوجوب لا يجب الإيفاء كالمريض والمسافر ومن جعله شرط نفصل الأداء لا شرط وجوبه قال بوجوب الوصية لأنه وجب عليه الأداء إلا أنه عثر في التأخير ثم قال: فإن قلت: شرط الأداء ما لا صحة للأداء بدونه وأصر تطويق ليس كذلك بالنسبة إلى الحج فإن أداءه ممكن بدونه قلت: من يقول إنه شرط الأداء لا يقول بصحة الحج بدونه إذ حينئذ لا يتوصل إليه إلا بالرشوة فتكون الطاعة سببًا للمعصية وإذا كانت سببًا للمعصية لا تبقى طاعة ذكره قاضي خان أنتهى. وهذا الكلام الله أعلم بصحته بل الذي ينبغي أن لا يتودد فيه أن من قال: إنه شرط الوجوب أراء نفس الوجوب ومن قال: إنه شرط الأداء أراد وجوب الأداء على

في سفر فلو أحرم صبي، أو عبد فبلغن أو أعتق فمضى لم يجزه عن فرضه ـــــــــــــــــــــــــــــ ذلك جرى غير واحدة سواح ((الهداية) وحينئذ فحجه مع مقدم أمن الطريق صحيح إذ لو لم يصبح للزم عدم الصحة أيضًا مع عدم سلامة البدن وقد من فيه نقل الصحة وكذلك مع عدم المحرم. واعلم أن الخلاف في وجوب الإحصاء محله ما إذا مات قبل أمن الطريق فإن مات بعده فلا خلاف في وجوبه (في سفر) لخبر (الصحيحين): (لا تسافر امرأة ثلاثًا إلا ومعها محرم) زاد مسلم أو زوج والمراد البالغة إذ هي المخاطبة بالأوامر والنواهي أما الصبية التي لم تبلغ حد الشهوة لها أن تخرج بلا محرم فإن بلغتها خوطب وليها بمنعها منه إلا بمحرم فإن لم يكن لها ولى لم تستصحب فيه وأما جواز الخروج للمهاجرة والمأسورة بلا محرم فلأنه ليس سفرا لأنهما لا يقصدان مكانًا معينًا بل النجاة خوفا من الفتنة حتى لو وجدتا مأمنًا كعسكر المسلمين وجب محليهما القرار. (فلو أحرم صبي) تفريع على اشتراط البلوغ والحرية وفيه إيماء إلى صحته منه بشرط أن يعقل وظاهر قوله في (المبسوط) لو أحرم صبي وهو يعقل أو أحرم عنه أبوه صار محرمًا وينبغي له أن يجرده ويلبسه إزاره أو رداء يفيد أن إحرامه عنه مع عقله صحيح فمع عدمه أولى (أو عبد فبلغ) الصبي (أو أعتق) العبد قبل الوقوف ولم يذكره اكتفاء بقوله (فمضى) يعني كل منهما على إحرامه غير بحده غيره وهذا بعد الوقوف لا يتأتى (لم يجزه) ما أداه (عن فرضه) أي: الحج لأنه انعقد لأداء النفل فلا ينقلب للقرض وأورد أن الإحرام عندكم شوط فينبغي أن يجوز أداء الفرض بإحرام النفل كصبي توضأ ثم بلغ بالسن جاز له أن يصلي الفرض بذلك الوضوء وأجيب بأنه إنما يكون بالنية وبها يصير شارعًا في أفعاله فصار كصبي شرع في الصلاة وبلغ فيها بالحق فنوى أن يكون فوضا لا ينقلبا فيها كذا في (العناية) وفيه نظر إذ يجوز تقديمه على أشهر الحج عندنا فلو صار بالنية شارعا في أفعاله للزم تقديم الشروع فيها على الوقت واللازم باطل فكذا الملزوم والتحقيق أن يقال: إنه شرط يشبه الركن من حيت إمكان اتصال الأداء به فلا يؤدي الفرض بما انعقد منه للنفل والشرط المحض من حيث أنه لا يلزم اتصال الأداء به فراعينا الشبهين. قيد بقوله فمضى لأنهما لو جرداه بعد ذلك للفرض صح في الصبي لا في العبد لأمن إحرامه غير لازم لعدم أهليته بخلاف العبد قال في (الفتح لما: والكافر والمجنون كالصبي فلو حج كافر أو مجنون وآفاق وأسلم فجدد الإحرام أجزأهما اقيل: وهذا دليل على أن الكافر إذا

ومواقيت الإحرام ذو الحليفة ـــــــــــــــــــــــــــــ حج لا يحكم بإسلامه بخلاف الصلاة بجماعة انتهى وفيه بحث من وجهين الأول: أن المجنون لا يتصور منه الإحرام بنفسه وصحته من وليه كالصبي يحتاج إلى نقل الثاني: أن هذه الدلالة بعد أن موضوع المسالة أنه أحرم فقط ولم يقفز بعرفات ممنوعة كذا في (البحر) وأقول: معنى قولهم أو حج كافر أو مجنون أي: شرع فيه صورة بأن أتى بإحرامه وإن لم يعتبر ثم رأيته كذلك قال في ما (البدائع): أحرم العبد ثم عتق فاحرم بحجة الإسلام بعد العتق لا يكون ذلك عن حجة الإسلام بخلاف الصبي والمجنون والكافر والفرق أن إحرام الكافر والمجنون لم ينعقد لعدم الأهلية وإحرام الصبي العاقل وقع صحيحا لكنة غير لازم لكونه غير مخاطب فكان محتملا للانتقال فأما إحرام العبد فإنه وقع لازمة لكونه أملأ انتهى. وظاهر أن مقتضى صحة إحرام الولي عن الصبي الذي لم يعقل مسته عن المجنون بجامع عدم العقل في كل فإن قلت: هذا يقتضي جعل العقل والإسلام من شرائط الصحة وقد جعلوهما من شرائط الوجوب قلت: أما بالنظر إلى الحج من شرائط الوجوب وبالنظر إلى الإحرام من شرائط الصحة وأما تلك الدلالة فضعفها ظاهر كما يشير إلى ذلك لفظ قيل وجزمه في لا البحر، بإسلامه إذا أتى بسائر الأفعال ضعيف كما مر. (ومواقيت الإحرام) جمع ميقات بمعنى الوقت المحدد استعير للمكان أعني مكان الإحرام كما استعير للوقت في قوله تعالى: {هنالك ابتلي المؤمنون} [الأحزاب: 11] قال بعض المتأخرين: ومنه قولهم ووقته البستان وهو سهو ظاهر إذ المعنى كما في (المغرب) وغيره ميقات بستان بني عامر ولا ينافيه قول الجوهري الميقات موضع الإحرام لأنه ليس من دأبه التفرقة بين الحقيقة والمجاز وكأنه في (البحر) استند إلى ظاهر ما في لا الصحاح (فزعم أنه مشترك بين الوقت والمكان المعين والمواد هنا الثاني وأعرض محن كلامهم السابق وقد علمت ما هو الواقع. واعلم أن الفرق بين الوقت والمدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها والزمان مدة مقسومة والوقت الزمان المفروض للأمر قاله البيضاوي وأن المواقيت ثلاث: ميقات الآفاقي وأهل الحل وأهل الحرم بدأ المصنف بالأصول وهو خمسة جمعت في قوله: عرق العراق يلملم اليمني ... وبذي الحليفة يحوم المدني للشام تحفة إن مررت بها ... ولأهل نجد قرن فاستبن ... على الأخريين (ذو الحليفة) بحاء مهملة مضمومة وفاء لأهل المدينة على ستة أميال منها وقيل: سبعة بها آبار تسميها العوام آبار علي لأنه قاتل الجن في

وذات عرق والجحفة وقرن ويلملم لأهلها ولمن هو بها، وعيه تقديمه عليها لا عكسه، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعضها قال الحلبي: وهو كذب (وذات عرق) بكاسر العين وسكون الراء لأهل العراق على مرحلتين من مكة قيل: وفي الحد بين نجد وشهامة والعرق في الأصل الأرض التي أحياها قوم بعد عثورها وقيل: في السبعة التي تنبت الطرفة ونحوها، (والجحفة) بضم المعجمة ومعاون المهملة موضع قريب من رابع والعوام يسمونها به وليس كذلك سميت بذلك لأن السيل صحف أهلها أي: استأصلهم لأهل مصر والشام (وقرن) بفتح القاف ومعاون الراء جبل مطل على عرفات لا خلاف في ضبطه بهذا بين رواة الحديث واللغة والفقه وأصحاب الأخبار وغيره ما وغلطوا الجوهري في قوله: إنه بفتح الراء وفي قوله: إن أليسا منسوب إليه كذا في (تهذيب الأسماء واللغات لا لأهل اليمن والحجاز ونجد وهامة والطائف، (ويلملم) بفتح المثناة التحتية وللأمين وربما أبدلوا الياء همزة جبل في جبال وهامة تهامة لأهل اليمن أي: لبعض أهلها لما أنه نجد وشهامة (لأهلها) أي: المواقيت (ولمن مر بها) من غير أهلها لخبر (الصحيحين) أنه- صلي الله علي وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجافة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال: (هن لها ولما أتى عليهن من غير أهلهن) وفي (أبي داود) و (النسائي) ووقت لأهل العراق ذات عرق ولم يكونوا مسلمين لأنه علم بإسلامهم بعد ذلك وحيا. (وصح) أي: جاز (تقديمه) أي: الإحرام (عليها) أي: على المواقيت بل هو الأفضل كما في (الشرح) لكنه مقيد بما إذا كان يؤمن على نفسه لأنه أكثر مشقة فكان أعظم أجرا وقد جاء عن الصحابة تفسير الأمر بإتمام الحج والعمرة بأنه يحرم من دويلة أهله وقال عليه الصلاة والسلام: (من أول من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر له ما تقدم من ذنبه لا رواه أحمد قيد بتقديمه على المواقيت لأن تقديمه محلى أشهر الحج مكروه مطلقا إجماعا اوجعله في (الظهيرين ما في التفصيل كالأول قال في (البحر): وهو خطأ لما هو فإنه شبيه بالركن فيكره تقديمه احتياطًا (لا) يجوز (عكسه) وهو تأخيره عن المواقيت قال في ما الهداية): وفائدة التوقيت المنع من التأخير لأنه يجوز التقديم بالإجماع واعترض بأنه يلزم عليه وجوب الإحرام من أول ميقات يمر به وإن أتى بعده آخر والمسطور لمحي فروعهم عدمه وقد قال الحاكم في (كافيه): من جاوز وقته غير محرم ثم أتى وقتل آخر فاحرم منه أجزأت وإحرامه من وقته أحب إلي ولذا كان الظاهر عن الإمام أن المدني لو جاوز ميقاته فاحرم من الجحفة

ولداخلها الحل، وللمكي الحرم للحج، والحل للعمرة ـــــــــــــــــــــــــــــ لأدم عليه والجواب أن المنع من الأخير مقيد بالميقات الأخير دل على ذلك ما عن عائشة أنها كانت إذا أرادت أن تحج أحرمت مع ذي الحليفة وإذا أرادت أن تعتمر أحرمت من الجحفة ومعلوم أنه لا فرق في الميقات بين الحج والعمرة فلو لم تكن الجحفة ميقاتًا لها لما أحرمت بالعمرة منها قالوا: وما كان في بر أو نحو لا يمر بواحد من المواقيت يحرم إذا حاذى آخرها فعليه أن يجتهد فإن لم يكن بحيث يحاذي فعلى مرحلتين من مكة قال في (البحر): وذكرني بعض أقل العلم من الشافعية يعني به الشيخ شهاب الدين بن حجر شارح (المنهاج) ودا المثل مائل، وغيرهما وكان من إجلائهم وقد أدركته في آخر عموه أنه كان ينبغي على مسعاكم أن لا يلزم الإحرام من رابع بل من خليل لمحاذاته لآخر المواقيت وهو قرب المنازل وأجبته بجوابين الأول أن المحاذاة إنما تعتبر عند عدم المرور على المواقيت وأهل مصر يمرون على التحفة وإن لم تكن معروفة غاية الأمر أنهم يحومون قبلها احتياطا الثاني أن مرادهم المحاذاة القريبة ومحاذاة المارين بقرن بعيدة لأن بينهم وبينه بعض جبال. وأقول: في الثاني ما لا يخفى لأن من لا يمر على المواقيت يحوم إذا حاذى آخرها قربت المحاذاة أو بعدت والحاصل أن الآفاقي إذا قصد دخول مكة وجب عليه الإحرام حق آخر المواقيت سواء أراد الحج أو العمرة أو القتال أو التجارة أو غير ذلك أما لو يصمد موضعه من الحل جاز له مجاوزته بلا إحرام وهو الحيلة لما أراد الدخول كذلك قال في ما البحري: وينبغي أن لا تجوز لله مور بالحج لابنه مأمور بحجة آفاقية وإذا دخلها بلا إحرام صارت مكية فكان مخالفة كما أنه يكون مخالفا أيضا لو أحرم بالعروة حتى دخلها (ولداخلها) أي: المواقيت زاد في (الفتح (أو كان في نفسها انتهى. ولك أن تقول: أراد بالداخل ما قابل الخارج (الحل) بكسر الحاء الموضع الذي بين المواقيت وبعد اليوم فاليوم في حقه كالمجلات للآفاقي هذا إذا لم يكن ساكنا في أرض الحرم فإن كان فيها كان ميقاته كأهل مكة كذا في (الفتح). (و) الميقات (للمكي) يعني ساكن مكة أما القار في حرمها فليس بمكي وإن أعطي حكمه فقوله في (البحر): أراد به من كان داخل (الحرم) سواء كان بمكة أو لا عدول عن المعنى المجازي بلا دليل اليوم وحده من طريق المدينة ثلاثة أميال ومن طريق اليمن بالجعرانة والطائف سبعة وما بطن محرفة أحد عشر (للحج) أي: لمريده (والحل للعمرة) وعليه انعقد الإجماع وكان عليه السلام عامر بذلك حتى لو أحرم المكي من الحل ومريد العمرة من اليوم لزمه دم.

باب الإحرام

باب الإحرام وإذا أردت أن تحوم فتوضأ والغسل أفضل ـــــــــــــــــــــــــــــ [18] باب الإحرام مناسبة ذكره بعد ذكر المواقيت التي لا يجوز للإنسان أن يجاوزها إلا محرمًا جلية أي: واضحة وهو لغة مصدر أحرم إذا دخل في حرمة لا تنتهك ورجل حرام أي محرم كذا في (الصحاح) وهذا أولى ص قوله في (العناية): إنه لغة مصادر أحرم إذا دخل في الحرام كوشتا إذا دخل في الشتاء وشوعًا الدخول في حرمات مخصوصة أي: التزامها غير أنه لا يتحقق شرعًا إلا بالنية مع الذكر والخصوصية كذا في (البشع، فيهما شوطان في تحققه لأجواء ماهيته كما توهمه في (البحر) إذا محرفة بنية النسك من الحج أو العمرة من الذكر أو الخصوصية وإذا تم لم يخرج عنه إلا بإتمام ما أحرم به إلا في الفوات فبالعمرة والإحصاء فبالذبح ولا بد في القضاء مطلقا ولو مظنونة حتى أحرم بالحج على حق أنه عليه فبان خلافه كان عليه المضي فيه فإن أبطله قضاه. (وإذا أردت) أيها الطالب للحج أو العصور أولهما اختار الخطاب في هذا الباب تنبيهًا على الاهتمام بأحكام الإحرام لشدة الاحتياج إلى معرفتها بأن تحرمه أي: الإحرام (فتوضأ) بالمسكون يعني وضوءك للصلاة أو اغتسل (والغسل أفضل) لاختياره عليه الصلاة والسلام له لما أنه أعم وأبلغ في التنظيف المطلوب في هذه الحالة ولذا أمر به الحائض والنفساء والصبي وقد أمر عليه الصلاة والسلام أبا بكر حين نفست زوجته أسماء بابنه محمد أن يسموها أن تغتسل وأن تحرم بالحج) ولا يتصور حصول الطهارة لها ولذا لم يعتبر التيمم عند العجز عن الماء بخلاف الجمعة والعيدين كذا في (الشرح) وعزاه في (المعراج (إلى (روح بكر). وقال في (البحر): وفيه نظر لأن/ التيمم لم يشرع لهما محمد العجز إذا كان طاهرًا عم الجنابة ونحوها والكلام فيه. وأقول: فيه نظر إذ مبناه على أن المخالفة راجعة إلى قوله: ولهذا لم يعتبر التيمم عند العجز والظاهر وجوعها إلى قوله والمراد بهذا الغسل تحصيل النظافة لا الطهارة بخلاف الجمعة والعيدين فإنه يلاحظ فيهما مع النظافة الطهارة أيضا لأنه إنما نوع للصلاة ولذا لم تؤمر به الحائض والنفساء مع أنه قد قيل: بأنهما يحضران العيد

والبس إزارًا، ورداء جديدين أو غسيلين، وتطيب، وصل ركعتين ـــــــــــــــــــــــــــــ كما مر نعم سوى في (الكافي) بين الإحرام والجمعة والعيدين وهو التحقيق لأن التراب لا أثر له في تحصيل النظافة لأنه ملوث ومحبو بقي أن هذا الغسل إنما شرع للإحرام فيشترط لنيل السنة فيه أن يحرم وهو على طهارته حتى اغتسل فأحدث ثم أحرم فتوضأ لم ينل فضله كذا في (البناية) لما معزيا إلى (جوامع الفقه). واعلم أنه ينبغي أن يندب الغسيل أيضًا لمن أهل عنه رفيقه أو أبوه لصغره لقولهم: إن الإحرام قائم بالمغمى عليه والصغير لا يمن أتى به لجوازه مع إحرامه عن نفسه وقد استقر ندبه لكل محرم هذا ويندب له أيضا كمال التنظيف من قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة وجماع أمله كذا في (الفتح) زاد غيره وحلق الرأس لمن لما اعتاده أو تسريح الشعر لما يعتده وغسل جسده بالخطمي والأشنان ونحوهما. (والبس إزارًا) وهو ما يكون من السنة إلى الوجبة يذكر ويؤنث (ورداء) وهو ما يكون على الظهر ويسن أن يدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر، وقيل: لير بسنة ولا يزره ولا يعقده ولا يخلله فإن فعل ذلك أساء ولا دم عليه حال كونهما (جديدين) قدم الجديد وأفضليته دفعة لقول بعض السلف بكراهته والأبيض منهما أفضل من غيره (أو غسيلين) لأنه- صلي الله عليه وسلم- (لبس الإزار والرداءة وأصحابه) رواه مسلم وهذا بيان السنة حتى لو اقتصر على لما تر العورة جاز (وتطيب) زاد القدومي إن كان طيب وفيه فائدتان الأولى أنه إن لم يكن عنده لا يطلبه كما في (العناية) الثانية أنه من سنن الفوائد لا الهدى كما في (الزواج) أطلقه فشمل أي: طيب كان بقيت عينه كالمسك والغالية أو لا في ظاهر الرواية هو المشهور وروى الأعلى عن محمد كراهة ما تبقى عينه وهو قول زفر قيل: لأنه إذا عرق تنتقل إلى موضع آخر من بدنه فيكون بمنزلة ابتدائه بعده لكنه تعليل في مقابلة النص وهو ما في (الصحيحين) من قول عائشة: (كأني أنظر إلى وبين الطيب في تفوق رسول الله طلا وهو محرم) والقميص اللمعان هذا في البدن أما الثوب ففيه روايتان والمأخوذ به أنه لا يجوز والفوز أنه اعتمد في البدن تابع والمتصل بالثوب منفصل عنه وأيضا المقصود من استناده وهو حصول الارتفاع حالة المنع منه حاصل بما في البدن فأغنى عن تجهيزه في الثوب (وصل) بعد ذلك (ركعتين) في غير وقت كراهة وأطلقه اكتفاء بما مر ولم

وفي دبر صلاتك تنوي بها الحج، ـــــــــــــــــــــــــــــ يقل شفعًا لعمومه وهذا الأحمر للندب وفي (الغاية، من السنة ويجزئ عنهما المكتوبة كالتحية ولو قرأ فيهما بالكافرون والإخلاص كان أفضل وقل: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني لأنه أداءه في أزمنة متفوقة وأماكن متباينة فناسب سؤال التيسر فيه وكذا في العمرة كما قال الكرخي فالقارئ أولى بخلاف الصلاة لأن مدتها يسيرة وأداؤها عادة متيسر كذا في (الهداية). وفي (التحفة) و (القنية) ما قال محمد: في الصلاة يجب أن يقول كذلك وعممه الشارح في كل العبادات وما في (الهداية) أولى. (ولب دبر صلاتكم) بضم الباء وسكونها آخوها وهذا بيان الأفضل حتى لو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز وقد اختلفت الروايات فيه الاله عليه السلام، وروايات أنه لبى بعد ما استوت به راحلته أكثر وأصح لكن أخرج أبو داود والحاكم وقال على شرط الشيخين من حديث جبير قلت لابن عباس: عجبت لاختلاف الصحابة في إذلاله عليه السلام فقال: إني لأعلم بذلك إنما كانت لرسول الله- صلي الله عليه وسلم- حظه حجة واحدة خرج رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ظل حاجة فلما صلى بمسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه وأهل بالحج حيث فرغ من ركعتين فسمع ذلك منه أقوام حفظته عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك أقوام فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك أقوام فقالوا: إنما أهل على شرف البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين انتقلت به ناقته وأهل حيث علا شرف البيداء وبهذا يقع الجمع ويزول الإشكال (تنوي بها) أي: بهذه التلبية (الحج) إن كنت مفردا به لأنها شرط لكل عبادة وفيه إيماء إلى أنها حاصلة بقوله: اللهم إني أريد الحج إلى آخوه لأنها أمر آخر/ لم وراء الإرادة وهو العزم على الشيء كما قال البرازي وقد أفصح عن ذلك ما قاله الراغب أن في واعي الإنسان للفعل على مراتب السانح ثم الخاطر ثم الفكر ثم الإرادة قيم الهمة ثم العزم ولو قال بلسانه: نويت الحج وأحكمت به لبيك إلى آخوه كان حسني ليجتمع القلب واللسان كذا في (الشرح لما، فال في (الفتح): وعلى قياس ما قدمنا في شروط الصلاة إنما يحسن إذا لم يجتمع عزيمته لا إذا اجتمعت ولم تعلم الرواة لنسكه عليه السلام فصلاً فصلاً قط وروى واحد منهم أنه سامعه عليه السلام يقول: (نويات العمرة والحج لله تعالى).

وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد، والنعمة لك والملك لا شريك لك، وزد فيها ـــــــــــــــــــــــــــــ (وهي) أي: التلبية (لبيك) مصدر مثنى لب تثنية أريد بها التكثيف أو المبالغة مهزوم النصب والإضافة والعامل فيه لفظه أي: أجبتك إجابة بعد إجابة وكانه من الحث بالمكان أقام به فهو مصدر محذوف الزوائد وقيل: مخير ذلك قال بعضهم: وفي مشروعية التلبية تنبيه محلى! نص أم الله تعالى لعباده بأن وفودا ما إنما كان باستدعاء منه واختلف في الداعي والأظهر أنه الخليل كما في (السراج). (اللهم) يا الله البيت (لبيك لا شريك لك) في ملكك (لبيك إن الحمد) بالكسر والفتح والأول أفضل قال في (المحيط): لابنه عليه السلام فعله ورده في (البناية) بأنه لم يعرف نعم علل أكثرهم الأفضلية بأنه استئناف للثناء فتكون التلبية للذات بخلاف الفتح فإنه تعليل للتلبية أي: لبيك لأن الحمد لك (والنعمة والملكة وتعليق الإجابة التي لا نهاية لها بالذات أولى منه باعتبار صفة واعترض بان الكسر يجوز أن يكون تعليلاً مستأنفًا أيضًا ومنه {وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم} [التوبة: 103]، {إنه ليس من أهلك} [هود: 46]، وفي الخبر (إنها في الطوافين عليكم والطوافات) ومنه أيضًا علم ابنك العلم إن العلم نافعه وأجيب بأنه وإن جاز فيه كل منهما إلا أنه يحمل هنا على الاستئناف لأولويته بخلاف الفتح إذ ليس فيه سوى التعليل وحكى الشراح عن الإمام الفتح وعن محمد والكسائي والفراء الكسر إلا أن المذكور في (الكشاف) اختيار الإمام الكسر والشافعي الفتح وهو الذي يعطيه ظاهر كلام هم والله أعلم. والنعمة لك: بالنصب على المشهور ويجوز الرفع محلى الابتداء ومتعلق الجار هو الخبر وفي كل ما يصل إلى الخلق من النفع والملك بدعم الميم سعة المقدور وقوع الحمد والنعمة وإفراد الملك لأن الحمد متعلق بالنعمة ولذا يقال: الحمد لله على نعمه فكأنه قال: لا حمد إلا لك لأن له لا نعمى إلا لك وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر تحقيق أن النعمة كلها لله تعالى لما أنه صاحب الملك قاله ابن المنير (لا شريك لك) في شيء من ذلك (وزد فيها) أي: زد على هذه الألفاظ ما شئت كذا في (الشرح) فالظرف بمعنى على لأن الزيادة إنما تكون بعد الإتيان بها لا في خلالها كما

ولا تنقص، فغذا لبيت ناويًا فقد أحرمت، فاتق الرفث، ـــــــــــــــــــــــــــــ في (السراج) وعن ابن عمر كان يقول: لبيك وسعديك والخير بيدك والرغباء إليك وهي مندوبة كما قال الحلبي والظاهر أن المراد مطلقها المشتملة على الثناء لا بقيد كونها مأثورة (ولا تنقص) منها شيئًا لأنه هو المنقول عنه عليه السلام باتفاق الروايات كذا في (الهداية) ومن ثم حكى ابن الملك الاتفاق على أن النقص مكروه وظاهر قول المصنف في (الكافي) أن لا يجوز أنها تحكيمية قال في (البحث): وفيه نظر ظاهر لأن التلبية سنة فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة التنزيه فالنقص أولى وأقول: فيه نظر ففي (الفتح) التلبية مرة شوط والقيادة سنة قال في (المحيط): حتى يلزمه الإساءة بتركها ثم قال: إن رفع الصوت بها سنة وإن تركه مسيئا انتهى. فالنقص بالإساءة أولى. واعلم أن دعوى كون النقص لم يقع في رواية معارض بما في لا البخاري ما عن عائشة: (إني لأعلم كيف كان رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يلبي) ولم يذكر الملك وشريك لك. (فإذا لبيت) حال كونك (ناويًا فقد أحرمت) هذا الشرط غير معتبر المفهوم لأن ظاهر المذهب أنه يصير محرما بكل ثناء وتسبيح ولو كان يحسن التلبية حتى بالفارسية وإن كان يحسن العربية والفرق بينه وبين الصلاة على قولهما سعة باب الحج دونها بدليل أن غير الذكر أقيم مقامه كتقليد البدنة وسموق الهدي ثم إن هذه العبارة لا يستفاد منها إلا أنه يصير محرمًا عند النية والتلبية أما أن الإحرام بهما أو بأحدهما بشرط ذكر الآخر فلا وذكر الشهيد أنه يصيب شارعًا بالنية ولكن عند التلبية لأمنها كشروعه في الصلاة فإنه بالنية لكن عند التكبير لا به كذا في (الفتح (تبعا للشارح وبه اندفع ما قد يتوهم من ظاهر كلام المصنف أنه يصير شارعًا بالتلبية بشرط النية مع أن المحكي عن الشهيد عكسه كما مر، ومن ثم غير بعض المتأخرين العبارة فقال: إذا نوى ملبيًا فقد أحرم لأن الأصل في انعقاد الإحرام أو النية وأنت خبير بأن إذا كان المفاد إنما هو صيرورته لم محورا عندهما فالعبارتان على حد سمراء، فاتق الفاء فصيحة أي: إذا أحرمت (فاتق الرفث) لقوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197]، جيء بالنهي على صورة النفي مبالغة والرفث الجماع ومنه: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: 187] أو الكلام الفاحش لأنه من دواعيه أو ذكر الجماع بحضرة النساء فإن لم يكن لم يكره وعليه ابن عباس وذلك أنه أنشد وهو محرم: وهن يمشين بنسا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا فقيل له: أترفث وأنت محرم فقال: إنما الرفث بحضور النساء ضميرهن يعود

والفسوق، والجدال، وقتل الصيد، والإشارة إليه، والدلالة عليه، ولبس القميص، والسراويل ـــــــــــــــــــــــــــــ على الإبل والهميس صوت نقل أخفافها وكانوا يتفاءلون بالطيور عند صياحها فقال: (إن يصدق هذا الطير بنك لميسان) تفعيل اسم امرأة والخلاف في المراد في الآية وإلا فالكل ممنوع وظاهر صنيع غير واحد ترجيح ما عن ابن عباس. واعلم أنه يؤخذ من كلامه ما قاله بعضهم في قوله- صلي الله عليه وسلم-: (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) أن ذلك من ابتدأ الإحرام لأنه لا يتسمى حاجًا قبله. (والفسوق) المعاصي كذا قالوا قال في (الحواشي السعدية): وهذا التفسير مشعر بكون الفسوق جمع فسق كعلم وعلوم إلا أن المناسب من حيث اللفظ والمعنى أن يكون مصدرا كالدخول انتهى. وأقول: أما وجه كونه مناسبا من حيث اللفظ فلأنه حينئذ يتناسق مع الرفث والجدال وأما من حيت المعنى فلان الجمع ليس مواده إذ المنهي عنه إنما هو إيجاد الفسق لا بقيد كونه جمعة وحينئذ فالمصدر أولى، (والجدال) أي: الخصام وهو المنازعة والسباب بين الرفقة والمجاري وما قيل: من أنه مجادلة المشركين في تقديم الحج وتأخيره فذاك باعتبار الآية لا في كلام الفقهاء إذ لا معنى لنهينا عن المجادلة الماضية في عهد المشركين. (و) اتق أيضًا (قتل الصيد) أي: المصيد لا المعنى المصدري إذ لا يصح إسناد القتل إليه قيل أي: ذبحه ورده بعض المتأخرين بان المحرم لا يحل له قتل الصيد بأي طريق كان وأقول: الكلام فيما يحرم بالإحرام ولا شك أنه الذبح أما غيره فلا يخص المحرم وعبر بالقتل إيماء إلى أن ذبحه قتل والمراد صيد البر لما سيأتي (والإشارة إليه) حال حضرته (والدلالة عليها حال غيبته لما سيأتي من حديث أبي قيادة ومحل تحريمهما ما إذا لم يعلم المحرم أما إذا مسلم فلا وقيل: يحرم مطلقا والأول أصح. (و) اتق أيضًا (لبس القميص) لو قال المخيط لأغناه ذلك عن ذكر (السراويل) والقباء إلا أنه أراد اتباع الحديث وهو ما أخرجه أصحاب الكتب الستة من حديث ابن عمر قال رجل: يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبي من الثياب في الإحرام قال: ما لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الأخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا يلبسوا شيئا مسه زعفران ولا ورس)، ولما كان ما لا يجوز لباسه محصورة بخلاف ما يجوز عدل- صلي الله عليه وسلم- في الجواب

والعمامة، والقلنسوة والقباء، والخفين إلا أن لا تجد النعلين فأقطعهما أسفل من الكعبين، والثوب المصبوغ بورس، أو زعفران أو عصفر إلا أن يكون غسيلاً لا ينفض ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى المحصور ليعلم الجواز فيما عداه وهذا من أسلوب الحكيم قال الحلبي: والضابط لنا أن كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يستمسك عليه بنفسه بخياطة أو لزق وغيرهما يكون لبسًا فتمتنع الزدية والبرنس والسراويل جمع سروال يذكر ويؤنث وسهولته ألبسته السروال فتسرول (والعمامة والقلنسوة والقباء) بان يدخل يديه في كميه قيد باللبس لأنه لو اتزر بالقميص أو جعل القباء على عاتقه من غير إدخال الكمين جاز عندنا (والخفين إلا أن لا تجد النعلين فاقطعها أسفل هن الكعبين) والكعب هنانو المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشمراخ لا العظم الناتئ كما في الطهارة على ما مر ولم يذكر هذا في الحديث لكن لما كان الكعب يطلق عليه وعلى الثاني حمل عليه احتياطي وعن هذا قال المشايخ: يجوز لبس المكعب لأن الباقي من الخفض بعد القطع كذلك كذا في (الفتح) ما وعلى هذا يجوز لبس الزرموجة دون الجوربين ثم ظاهر الحديث يفيد أنه لو وجد تعليق لا يحل له قطع الخفين لما فيه من إتلاف المال بغير حاجة. (و) اتق أيضًا لبس (الثوب المصبوغ بورس) بفتح الواو وسكون التاء قال في (المغرب): إنه صبغ أصفر وقيل: نبت طيب الرائحة وفي (القانون، هو شيء أحمر يشبه الزعفران وبالأول جزم في (الصحاح) و (الديوان) وقال العيني: إنه الكركم (أو زعفران أو عصفر) لما روينا إلا أن يكون الثوب غسيلأ أي: مغسولاً لا ينفض: الفقهاء ينسبونه إلى الفاعل والصواب بناؤه للمفعول لأنه يقال نفضت الثوب أنفضه نفضًا إذا حركته ليسقط ما عليه فالثوب مرفوض لا نافض وأجاب في لا العناية لما وغيرها بأن هذا من المجاز في الاستناد وزعم بعض المتأخرين أن الإسناد حقيقي لادن النفض كما يسند إلى من يحرك الثوب كذلك يسندا إلى الثوب قال المطرزي: النفض تحريك الشيء ليسقط ما عليه من غبار أو غيره يقاضي ة نفضه فانتفض وثوب نافض ذهب بعض لونه من حمرة أو صفرة وقد نفض نفضل وحقيقته نفض صبغه والنفض عند الفقهاء التناثر وعن محمد أنه لا يتعدى أثر الصبغ إلى غيره أو يفوح منه رائحة الطيب ومنه قولهم ما لم يكن نفض ولا درع وقوله: (إلا أن يكون غسيلا لا ينفض) انتهى. ولا يخفى أن هذا ليخفيه دلالة قاطعة على أنه معنى حقيقي بل مجازي لمن تأمل ثم قيل: يعني ينفض يتناثر قال العيني: وهذا أقرب لمادة اللفظ وقيل: يفوح والوجهان مرويان عن محمد واقتصر في (الخانية) لا على الثاني وهو الوجه لان المنع

وستر الوجه، والرأس، وغسلهما بالخطمي ومس الطيب، ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس إلا للرائحة لا اللون بدليل لبس المصبوغ برغوة ثم رأيت في (المحيط) و (السراج) ما أنه الأفصح وفي (الخاطبة (لا ينبغي له أن يتوسد الثوب المصبوغ بالزعفران ولا أن ينام عليه. (و) إتش أيضًا (ستر الرأس) والوجه لقوله- صلي الله علي وسلم- في المحرم الذي وقصته ناقته: (لا تخمروا رأسه (و) لا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) دل على أن للإحرام أثر في عدم تغطية (الوجه) غير أن أصحابنا قالوا: بتغطية وجه المحرم إذا مات لدليل آخر وهو ما روي أنه عليه السلام (سئل عن محرم عامر بتخمير رأسه ووجهه) وإنما أمر بذلك لانقطاع الإحرام بالموت لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله لا) الحديث ولا شك أنه عمل قال بعض المتأخرين: وأما من وقصته ناقته فخص بقاء إحرامه فلذا نهاهم عن تخميرها وأراد سترو يعد تغطية لا ما لا يعد كحمل العدل والطبق والإجابة كذا في (الشرح)، ولا ينافيه ما في ما الثانية ما لو حمل المحرم على رأسه شيئا يلبسه الناس يكون لابسة وإن كان لا يلبسه الناس كالإهانة ونحوها لا يكون لابسة ويكره له تعصيب رأسه ولو فعل ذلك يوما أو ليلة كان عليه صدقة ولا شيء عليه لو عصب غيره من بدنه ولو لغير علة إلا أنه في هذه الحالة يكره. (و) اتق أيضا (غسلهما) أي: الرأس والوجه وأراد به اللحية من إطلاق المحل على الحال بقرينة قوله: (بالخطمي) لأن الوجه لا يغسل به عادة وهو بكسر الخاء نبت قال الإمام: له رائحة طيبة وإن لم تكن زكية وقالا: بل يقتل الهوام ويليق الشاعر وأثر الخلاف لا يظهر في إنمائه للإجماع عليه بل في وجوب الدم عنده لا عندهما بل إنما تجب الصدفة والخلف إنما نشأ من الاشتباه فيه فهو لفظي كنكاح الصابئة ولذا قال بعضهم: لا خلاف في خطتي العراق لأن له رائحة طيبة كما لا خلاف في عدم وجوب الدم فيما لو غسل بالصابون والحرق أو الأشنان. (و) اتق أيضًا (مس الطيب) وهو ما له رائحة طيبة كالزعفران والبنفسج والياسمين والغالية والورد والحرس لقوله- صلي الله عليه وسلم- (الحاج الشعث التفل) بكسر العين نعت وبفتحها مصدر وهو انتشار الشعر وتغيره لقلة تعهده والتفل بمثناة من التفل وهو ترك الطيب حتى توجد منه رائحة كريهة والمراد به استعماله في الثوب والبدن

وحلق رأسه، وقص شعره، وظفره لا الاغتسال، ودخول الحمام، والاستظلال بالبيت، والمحمل، وشد الهميان في وسطه، وأكثر التلبية متى صليت ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى لو شمه كره فقط ولا شيء عليه كما في (الخانية) وغيرها وقالوا: لو ليس إزارًا مبخرًا لا شيء عليه لأنه ليس بمستعمل لجزء من الطيب وإنما حصل مجرد الرائحة ومن ثم قال في (الخانية) لو دخل بيتًا قد بخر فيه واتصل بثوبه شيء منه لم يكن عليه شيء. (و) ليتق أيضًا (حلق الرأس) فيه التفات ظاهر (وقص شعره) أي: إزالته ولو بالقص والإحراق والنورة من أي مكان كان مباشرة أو تمكينًا وخص الحلق بالرأس والقص بالشعر لأنه المطلوب في حق غير المحرم لكنه منع منه لقوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم} [البقرة: 196] الآية، دل بعبادته على النهي عن حلق الرأس وبدلالته عن حلق شعر البدن قال الحلبي: ويستثنى من ذلك قلع الشعر النابت في العثن فقد ذكر بعض المشايخ أنه لا شيء فيه (و) قلم (ظفره) لأن في كل ذلك إزالة الشعث وقضاء التفث. (لا) يتق (الاغتسال) لأنه- صلي الله عليه وسلم- (اغتسال وهو محرم) رواه مسلم (و) لا (دخول الحمام) لأنه عيه الصلاة والسلام (لما دخل الحمام في الجحفة قال: ما يعبأ الله بأوساخنا شيئًا) (و) لا (الاستظلال بالبيت) والفسطاط (والمحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية وفيه العكس أيضًا لأنه- صلي الله عليه وسلم- (استتر من الحر حتى رمي جمرة العقبة) رواه مسلم وأبو داود ولابد لا يصيب وجهه ولا رأسه فإن أصاب واحد منها كره. (و) لا يتق أيضًا (شد الهيمان في وسطه) بكسر الهاء من همي الماء والدمع يهمي هميًا إذا سأل سمي به لأنه يهمي ما فيه ما يجعل فيه الدراهم ويشد على الحقو وفتح الهاء فيه غلط لا فرق في ذلك بين نفقته ونفقة غيره وأشار إل أن له أيضًا شد المنطقة والسيف/ والسلاح، ولا يتق أيضًا الاكتحال بغير المطيب والاحتقان والفصد والحجامة وقلع الضرس وحك رأسه وبدنه لكن برفق إن خاف سقوط شيء من الشعر به، (وأكثر التلبية) ندبًا (متى صليت) فرضًا أو نفلاً في ظاهر الرواية وخصه الطحاوي بالفرائض المؤداة دون النوافل والفوائت إجراء لها مجرى تكبير التشريق

أو علوت شرفًا وهبطت واديًا، أو لقيت ركبًا وبالأسحار رافعًا صوتك، ـــــــــــــــــــــــــــــ (أو علوت) أي: صعدت (شرفًا) بفتحتين يعني مكانًا مرتفعًا وقيل: إنه بضم الشن جمع شرفة قال بعض المتأخرين: هذا غير مناسب لقوله: (أو هبطت واديًا) إنما المناسب من الأول انتهى. يعني ليتناسق المعطوف عليه إفرادًا إذا بتقدير الأول كان ينبغي أن يقول: أو هبطت أو دية يعني من الأمكنة العالية (أو لقيت ركبًا) وهو أصحاب الإبل في السفر ولا يطلق على ما دون العشرة وهذا خرج مخرج العادة وإلا فالحكم كذلك إذا لقي بعضهم بعضًا كما عبر به بعضهم. (وبالأسحار) عطف على متى صليت أي: وفي وقت الأسحار قيل: لو قال: أو أسحرت لكان أولى وهو ظاهر وخص الأسحار لأن فيها يستجاب الدعاء فهذه مواضع خمسة كان- صلي الله عليه وسلم- يلبي فيها ذكره في (الإلمام) وفي رواية ابن أبي شيبه عن خثيمة: (كانوا يستحبون التلبية عند هذه المواضع وزاد أو إذا استقلت بالرجل راحلته) ولذا قال الشارح: وعند كل ركوب ونزول وكذا لو استعطف دابته وفي (البدائع) وغيرها وكذا عند استيقاظه من منامه وأخرج الحاكم عنه عليه السلام: (ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله) قال في (الفتح): وهذا دليل ندب الإكثار غير مقيد بتغير الحالات وندب أن يكررها كلمًا أخذ فيها ثلاث مرات ويأتي بها على الولاء ولا يقطعها بكلام ولو رد السلام في خلالها جاز لكنه يكره السلام عليه في هذه الحالة وإذا رأى ما يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة ثم يصلي على النبي- صلي الله عليه وسلم- سرًا ويدعو بما شاء من الأدعية وأن يتبرك بالمأثور فحسن (رافعًا صوتك) بها لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (أتاني جبريل فأمرني أن أمر أصحابي في أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية) رواه أبو داود وغيره ولأنها من شعائر الحج والسبيل فيها الإظهار والإشهار كالأذان ونحوه ولا ينبغي أن يجهد نفسه كيلاً يتضرر ولا تنافي بين هذا وبين ما جاء (أفضل الحج العج والثج) أي: أفضل أفراد الحج حج يشتمل على هذا لا أفضل أفعاله إذ الطواف والوقوف أفضل منهما والعج رفع الصوت بالتلبية والثج إسالة الدم بالإراقة لأن الإنسان قد يكون جهوري الصوت طبعًا فيحصل الرفع العالي مع عدم نعيه به وهذا الحديث هو الصارف للأمر الأول عن الوجوب.

وابدأ بالمسجد بدخول مكة، وكبر، وهلل تلقاء البيت، ثم استقبل الحر مكبرًا مهللاً ـــــــــــــــــــــــــــــ (وأبدأ بالمسجد) الحرام من باب بني شيبة وهي المسمى بباب السلام والباء للتعدية وفي قوله: (بدخول مكة) للسببية والمجرور في محل نصب على الحال أي: حال كونك ملتبسًا بدخولك مكة ففاعل المصدر محذوف لأن هذا أول شيء فعل- صلي الله عليه وسلم- وكذا الخلفاء بعده يعني لم يشتغل بشيء من أفعال الحج قبله فلا يرد أنه توضأ أولاً ويندب أن يدخلها من المعلى ويخرج من أسفل وأفاد كلامه أن مكة اسم للبلد ويقال لها: بكة أيضًا وقيل بالباء المسجد وبالميم البلد سميت بذلك لأنها تبك الذنوب أي: تذهبها وقيل: لأن الناس يتباكون فيها أي: يزدحمون في الطواف. (وكبر) أي: قال الله أكبر ثلاثًا يعني من كل كبير وحذف المفضل عليه للتعميم فيدخل تحته الكعبة المعظمة (وهلل) أي: قبل لا إله إلا الله ومعناه التبري من عبادة غيره تعالى ويلزمه التبري عن عبادة (البيت) المشاهد وهذا أبلغ من قصد التبري عن عبادته بخصوصه ولم يعين محمد للمشاهد شيئًا من الدعوات لأن توقيتها يذهب برقة القلب لأنه يصير كمن يكرر محفوظة لكنه إن يتبرك بالمأثور منها كان حسنًا ومن أهم الأدعية طلب الجنة بلا حساب كذا في (الفتح). قال الحلبي: ومن أهم الأذكار الصلاة على المختار- صلي الله عليه وسلم (ثم استقبل الحجر) الأسود لأنك تبدأ حين دخولك بتحية البيت وهي الطواف دون الصلاة اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام وإلا أن تدخل في وقت منع الناس من الطواف فيه أو كان عليه فائتة أو خاف خروج وقت المكتوبة أو فوت جماعتها أو الوتر أو سنة راتبة فيقدم كل ذلك على الطواف ثم طف فإن كنت حلالاً فطواف التحية أو محرمًا بالحج فطواف القدوم هذا إن دخل قبل النحر وإن دخل فيه أغنى طواف الفرض عن التحية أو بالعمرة فطوافها وللطواف قدوم لها كذا في (الفتح) /. ووصف الحجر بالأسود باعتبار ما هو عليه الآن وإلا فقد أخرج الترمذي وصححه من حديث ابن عباس مرفوعًا: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني أدم) قال العسقلاني: وطعن بعض الملحدين كيف سودته الخطايا ولم تبيضه الطاعات أجيب عنه بأن الله أجرى عادته أن السواد يصبغ ولا يتصبغ وبأن في ذلك عظة ظاهرة هي تأثير الذنوب في الحجارة السواد فالقلوب أولى لكن أخرج الهندي في (فضائل مكة) بسند ضعيف عن ابن عباس: (إنما غير بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا لزينة الجنة) فإن ثبت هذا فهو الجواب (مهللاً مكبرًا)

مستلمًا بلا إيذاء وطف مضطبعًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه- صلي الله عليه وسلم- دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستقبله فكبر وهلل رواه أحمد (مستلمًا) إليه استلامه تناوله باليد أو القبلة أو مسحه بالكف من السلمة بفتح السين وكسر اللام وهي الحجر والاستلام طلبه كذا في (المغرب). وقال الأزهري: من السلام بالفتح بمعنى التحية ولهذا سمي المحيا عند أهل اليمن لأن الناس يحيونه وعند الفقهاء هو أن يضع كفيه عليه ويقبله ففيه بلا صوت وفي (الخانية) ذكر مسح الوجه باليد مكان التقبيل لكن بعد أن يرفع يديه كما في الصلاة كذا في (المجتبى) و (مناسك الكرماني) زاد في (التحفة) ويرسلهما ثم يستلم وفي (البدائع) وغيرها الصحيح أن يرفعهما حذو منكبيه وهل يندب السجود عليه نقل ابن عبد السلام الشافعي عن أصحابنا ذلك وعن ابن عباس أنه كان يقبله ويسجد عليه وقال: رأيت عمر فعل ذلك ثم قال: (رأيت وسول الله- صلي الله عليه وسلم- يفعله ففعلت) رواه ابن المنذر والحاكم وصححه في (المعراج) وعن الشافعي أنه يقبله ويسجد عليه وعليه جمهور أهل العليا وقال مالك: السجود عليه بدعة وعندنا الأولى أن لا يسجد لعدم الرواية في المشاهير وجزم في (البحر) بضعف ما في (المعراج) وفيه نظر إذ صاحب الدار أدرى. (بلا إيذاء) لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (لعمر إنك رجل قوى لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وكبر وهلل) رواه أحمد لأبنه سنة والتحرز عن الإيذاء واجب وأورد أن كف النظر عن العورة واجب وقد ترك لإقامة سنة الختان وأجيب بأنه من سوق الهدي ولأنه لا خلف له بخلاف الاستلام قال بعض المتأخرين: والصواب أن يقال: وجوب الكف مقيد بغير الضرورة ومنها الختان والحاصل أنه إن لم يمكنه تقبيله بلا إيذاء وضع يديه وقبلهما أو أحدهما فإن لم يقدر أمر شيئا كالعرجون وقبله فإن لم يقدر رفع يديه على ما مر والمقتبلة بباطن كفيه وفي بقية الرفع في الحب يجعل يعني ناطق كفيه نحو السمراء إلا عند الجمرتين فنحو الكعبة في ظاهر الرواية كذا في (الخانية). (وطف) بالبيت حال كونك (مضطبعًا) ووجه إيماء إلى أنه ينبغي له أن يفعله

وراء الحطيم أخذًا عن يمينك مما يلي الباب سبعة أشواط ـــــــــــــــــــــــــــــ قبل طوافه والاضطباع افتعال تاؤه طاء لوقوعها إثر حر ف إطباق وهو أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على كتفه الأيسر سمي بذلك الإبداء الضبع وهو العضد يقال: اضطبع بثوبه وردائه وأما اضطبع رداءه كما في (الهداية) فهو سهو ذكره في (المغرب) وأقره الشارون وأجاب بعض المتأخرين بأنه لما فسره بالجعل نبه بذلك على تضمينه إياه إظهارًا لجهة تعديه وهو سنة لفعله- صلي الله عليه وسلم- له ولو تركه كالرمل لا شيء عليه إجماعًا (وراء الحطيم) أي: خارجه والوراء كما قال الزمخشري: اسم اللجهة التي يوازيها الشخص من خلف أو قدام والحطيم قال ابن عباس: إنه الجدار يعني جدار حجر العبة كذا في (الصحاح) ومن فسره بالبناء المحيط بالحجر فقد تسامح فعيل بمعنى مفعول من الحطم بمعنى الكسر لأنه كسر من البيت أو بمعنى فاعل إما لأن من دعا على من ظلمه فيه حطمه الله تعالى أو لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب فتبقى حتى تحطم بطول الزمان والطواف وراءه واجب لأنه ستة أذرع منه من البيت على ما جاء في حديث عائشة كما في مسلم حتى لو تركه أعاد الطواف إما من أصله أو من الحطيم ما دام بمكة فإن رجع ولم يعده لزمه دم ولو استقبله وحده لا تجوز صلاته لأن فريضة التوجه ثبتت بالقاطع فلا يتأدى بما ثبت بالظني احتياطيًا (آخذًا عن يمينك مما يلي الباب) بيان لجهة الطواف لا لمبدئه للعلم به بقوله: ثم استقبل الحجر وهذا لأن الابتداء من الحجر واجب ويتعين أن يكون من الجهة التي فيها الركن اليماني ليكون مارًا بجميع بدنه على الحجر والأخذ من اليمين واجب أيضًا فلو طاف منكوسًا صح وأثم ويعيده ما دام بمكة فإن رجع ولم يعده أراق دمًا ولو افتتحه من غير الحجر لم يذكره محمد في (الأصل). واختلف المتأخرون فيه قال بعضهم: لا يجوز/ لأنه ترك فرضًا وجوزه آخرون مع ترك الواجب فيعيده على ما مر وفي جنايات (فتح القدير) ظاهر الرواية أن الابتداء به سنة وجعله في (المحيط) قول عامة المشايخ حتى لو افتتح من غيره جاز وكره ولو أريد بالسنة المؤكدة وبالكراهة التحريمية لقربه من الثاني، (سبعة أشواط) جمع شوط وهو جرى مرة كذا في (المغرب)، وهو من الحجر إلى الحجر ولو طاف الثامن عامدًا فالأصح أنه يلزمه إتمام الأسبوع لأنه شرع فيه ملتزمًا بخلاف ما لو طاف على ظن أنه السابع لأنه شروع فيه مسقطًا كالعبادة المظنونة وأفاد كلامه أن المسجد كله محل السابع لأنه شروع فيه مسقطًا كالعبادة المظنونة وأفاد كلامه أن المسجد كله محل للطواف حتى لو طاف من وراء السواري جاز وأطلقه فعم كل الأوقات لما أنه ليس بصلاة حقيقة بدليل جواز الكلام فيه والأكل والشرب والبيع وإن كره لغيره حاجة وأما

ترمل في الثلاثة الأول فقط، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإفتاء فيه فلا بأس به وقراءة القرآن بغير رفع الصوت مباحة ورفع الصوت بها مكروه كما في (الكافي) والذكر أفضل منها في الطواف وقد قال- صلي الله عليه وسلم-: (من طاف بالبيت سبعًا لا يتكلم فيه إلا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محي عنه عشر سيئات ورفع له بها عشر درجات) رواه ابن ماجد ولو خرج منه إلى جنازة أو مكتوبة أو تجديد وضوء ثلاث عاد بنى كذا في (المحيط). وأعلم أن ركز الطواف من الأشواط أكثرها وهو أربعة في الأصح وقال الجرجاني: ثلاثة وثلثا شوط والزائد واجب فقط (ترمل في التلاثة الأول فقط) بيان للسنة والرمل بفتحتين سرعة المشي مع تقارب الخطى وهز الكتفين لخبر الشيخين أنه- صلي الله عليه وسلم- لما قدم مكة بأصحابه وقد وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة أمرهم عليه الصلاة والسلام أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم فلما فعلوا قال المشركون: (هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم هم أجلد من كذا وكذا) قال ابن عباس ولم يمنعهم أن يرملوا كل الأشواط إلا الإبقاء عليهم وهذا السبب قد زال وعن هذا قال ابن عباس أنه ليس بسنة وبه قال بعض المشايخ: كما في (مناسك الكرماني) لكن العامة على أنه سنة لأن الحكم الشرعي يستغني عن قيام علته الشرعية في بقائه وإنما يفتقر إليها في ابتدائه والتقييد بالشرعي في الحكم والعلة لإخراج العقلي فإنه يفتقر في بقائه إلى علته العقلية عند المحققين كذا في (الفتح)، من العشر لكن في (التقرير الأكملي) أن العلة الآن هي رمله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع تذكيرًا لنعمة الأمن بعد الخوف ويجوز أن يثبت الحكم بعلل متبادلة فحين غلبه المشركين كانت العلة إيهامهم قوة المؤمنين ومحمد زوالها هي تذكيرًا للنعمة كما أن علة الرق في الأصل استنكاف الكافر عن عبادة ربه ثم صارت علته حكم الشرع برقه وإن أسلم وأشار بقوله فقط إلى أنه لو تركه في الشوط الأول لم يرمل إلا في الشوطين بعده ولو نسيه في الثلاثة لم يرمل في الباقي. وقالوا: لو زحمه الناس وقف فإذا وجد فرجة رمل ولا يتركه ولو رمل في الكل قال في (البناية): لا شيء عليه أي: لا دم وإلا فالزائد مكروه والقرب من البيت أفضل فإن لم يقدر فالبعد منه أفضل من الطواف بلا رمل قال في (السراج): كل طواف بعده سعي ففيه الرمل والاستلام وما لا فلا وفي (الغاية) لو كان قارنًا وقد رمل في

واستلم الحجر كلمات مررت به إن استطعت واختم الطواف به، وبركعتين في المقام، ـــــــــــــــــــــــــــــ طواف العمرة كما يرمي في طواف القدوم وفي (المحيط) لو طاف للتحية محدثا وسعى بعده كان عليه أن يعمل في طواف الزيارة ويسعى بعده لحصول الأول بعد طواف ناقص وإن لم يعده فلا شيء عليه. (واستلم الحجر كلما مررت به) بيان للسنة كما في (غاية البيان) وقصرها في (المحيط) وغيره على الابتداء والانتهاء وفيما بين ذلك أدب لحديث البخاري أنه- صلي الله عليه وسلم- (طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر) ولأن أشواط الطواف كركعات الصلاة فكما يفتتح كل ركعة بالتكبير كذلك يفتتح كل شوط بالاستلام وهذا التعليل يشير إلى أنه لا يرفع يديه في هذا الاستلام كما لا يرفعها في تكبير الانتقال إلا أن عموم الرفع في الاستلام يؤذن بأنه رفع، قال في (الفتح): واعتقادي أن الصواب هو الأول ولم يرو عنه عليه الصلاة والسلام خلافه ولم يذكر استلام غير الحجر لكرامة استلام العراقي والشامي بل في (غاية البيان) أنه لا يجوز لأنه لم يثبت ولأنهما ليسا على قواعد إبراهيم لأن بعض الحطيم من البيت بركنين في الحقيقة وأما اليماني فظاهر الرواية أنه مندوب لكن بلا تقبيل وذكر الرازي قول الثاني مع الإمام كما في (البناية). وقال محمد: إنه سنة ويقبله كالحجر لما أخرجه أبو داود عن ابن عمر (كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه) وروى البخاري في (تاريخه) أنه- صلي الله عليه وسلم-: (استلم الركن اليماني وقبله) (إن استطعت) ذلك بلا إيذاء وإلا/ فافعل كما مر. (واختم الطواف به) افتداء بفعله- صلي الله عليه وسلم- في حجة الوداع (و) اختمه أيضًا (بركعتين) تقرأ فيهما والكافرون والخلاص تبوكًا بفعله عليه الصلاة والسلام (في المقام) يعني مقام إبراهيم عليه السلام وهو الحجر الذي أثرت فيه قدماه والموضع الذي كان فيه الحجر حين وضع عليه قدميه ودعا الناس إلى الحج ورفع بناء البيت وهو موضعه الآن قاله البيضاوي وفي (المستصفى) هو حجارة كان يقوم عليها حين نزوله وركوبه من الإبل حين يأتي إلى زيارة هاجر وإسماعيل وهما واجبان (لأنه- صلي الله عليه وسلم-

أو حيت تيسر هن المسجد للقدوم، وهو سنة لغير المكي، تم اخرج إلى الصفا، ـــــــــــــــــــــــــــــ لما انتهى إلى المقام قرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125] (فصلى ركعتين) رواه مسلم نبه بالتلاوة قبل الصلاة أنها إنما كانت امتثالا للأمر إلا أن ذلك التنبيه ظني فكان الثابت به الوجوب كذا في (الفتح) حتى لو تركها ذكر في بعض المناسك أن عليه دما كذا في (السراج) لكن في (البناية) هذا قول أبي طاهر وعند الإمام وأصحابه لا يجبران بالدم بل يصليهما في أي مكان شاء ولو بعد الرجوع إلى أهله وعليه فكونهما في المقاوم. (أو حيث تيسر من المسجد) سنة والأولى أقوى غير أنه إن أراد طوافة كره له تحريمًا فعله قبل صلاتهما لكراهة وصل الأسباع عندهما خلافًا لأبي يوسف فيما إذا انصرف عن وتو والخلاف مقيد بما إذا لم يكن وقت كراهة فإن كان لم يكره إجماعًا كذا في (السراج) ويتفرع على الخلاف ما لو نسيهما فلم يتذكر إلا بعد الشروع في طواف آخر فإن كان قبل إتمام شوط رفضه لا ما إذا أتمه (للقدوم) متعلق بطف (وهو) أي: طواف القدوم (سنة لغير المكي) لأنه كتحية المسجد لا تسن للجالس فيه قال في (البحر): وليس كالتحية من كل وجه لما عرف من أن الفرض والسنة يغني عنها وطواف القدوم ليس كذلك لما سيأتي من أن القارئ يطوف للعمرة أولاً ثم للقدوم ثانيًا. وأقول: قد مر بأنه إذا دخل يوم النحر أغناه طواف الفرض عن القدوم وإنما لم يغن طواف العمرة عنه لأن الغنى محن الشيء فرع عن طلب ذلك الشيء وهو لم يطلب إذ ذاك بل لو أراد به القدوم لم يقع إلا عن العملة لما أن زمنه لا يقبل غيره كرمضان على ما سيأتي هذا ويندب له بعد ذلك الالتزام بالملتزم والشرب من ماء زمزم، (ثم أخرج إلى الصفا) عبد بثم إيماء إلى اشتراط تقدم الطواف أو أكثره لصحة السعي فلو سعي ثم طاف أعاده لأنه تبع للطواف فلا يقدم عليه كما في (الولوالجية) وإلى أن إيقاعه عقب الطواف ليس بشرط وإن كان أو السنة ولم يعين من أي باب يخرج إشارة إلى أنه يخرج من أي باب شاء وخروجه عليه الصلاة والسلام من باب بني مخزوم) وهو المعروف الآن بباب الصفا لأنه كان أقرب إليها لا أنه سنة كذا في (الهداية) والمذكور في (السراج) أن الخروج منه أفضل من غيره والصفا والمروة علمان لجبلين قيل ذكر الأول لأن آدم وقف عليه وأنث الثاني لن حواء وقفت عليه

وقم عليه مستقبلاً البيت مكبرًا مهللاً مصليًا على النبي- صلي الله عليه وسلم- راعيًا ربك بحاجتك، ثم اهبط نحو المروة ساعيًا بين الميلين الأخضرين، وافعل عليها فعلك على الصفا، وطف بينهما لسبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الكشاف) لأنه كان على الأول صنم يدعي أساف وعلى الثاني آخر يدعي نائلة روي أنهما كانا رجلاً وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدًا. (وقم عليه) بحيث يكون البيت بمرأى منك حال كونك (مستقبلاً البيت مكبرًا مهللاً) بصوت مرتفع كما في (الخانية) (داعيًا ربك بحاجتك) لم يذكره في الاستلام لأن تلك الحالة حالة ابتداء العبادة وهذه حالة ختمها وهي محل الدعاء كذا في (النهاية) (ثم اهبط نحو المروة) حال كونك (ساعيًا بين الميلين الأخضرين) هذا تغليب وإلا فأحدهما أصفر وهما شيئان على شكل الميلين فجوتان من نفحة جدار المسجد غير أنهما منفصلان عنه وهل ما علامتان لموضع الهرولة في ممر بطن الوادي بين الصفا والمروة كذا في (المغرب)، (وافعل عليها) أي: على المروة (فعلك على الصفا) مش استقبال البيت والتكبير والتهليل والدعاء بالحاجة بما هو مسنون حتى لو تركه لا دم عليه (وطف بينهما) أي: الصفا والمروة (سبعة أشواط) هذا أعني السعي بعد طواف القدوم إنما هو رخصة لاشتغاله يوم النحر بطواف الفرض والذبح ورمي الجمار وإلا فالأفضل تأخيره إلى ما بعد طواف الفرض لأنه واجب فجعله تابعا أولى كذا في (الفتح) وغيرها (ابتداء) الشوط الأول مش هذه السبعة (بالصفا) بقوله- صلي الله عليه وسلم-: (ابدؤوا بما بدأ الله به) أخرجه النسائي وغيره حتى لو بدأ بالمروة لم يعتبر ذلك الشوط إلى الصفا لأن شروط الواجب بمثل ما ثبتت أو أقصى حالاته وهو مما يثبت بالآحاد فكذا شرطه (ويختم بالمروة) قال في (الذخيرة): لا خلاف بين أصحابنا أن الذهاب من الصفا إلى المروة شوط وأما الرجوع منها إليه هل هو شوط آخر أشار محمد في (الأصل) إلى أنه شوط آخر/ وكان الطحاوي لا يعتبره شوطًا آخر والأصح أنه شوط آخر انتهى. وهو ظاهر المذهب وقوله: لا يعتبره شوطًا آخر يحتمل بل شوطًا لتحصيل الثاني، أو لأنه عنده من الصفا إلى الصفا فهو بعضه قياسًا على الطواف وبه صرح الشارح تبعًا للإسبيجابي وغيره فدعوى بعض المتأخرين تعيين الاحتمال الأول لا دليل عليه، وقد أبطلوا قول الطحاوي بقول جابر: فلما كالا آخر طوافه على المروة قال: لو استقبلت من أمري

ثم أقم بمكة حرامًا لأنك محرم بالحج، فطف بالبيت كلما بدا لك، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث وبأنه يلزم على قوله أن تكون الأشواط أربعة عشر وقد اتفقت روايات نسكه عليه السلام بأنه إنما طاف سبعًا، وأجيب عن الأول بأنه على الاحتمال الأول لا شك أن المروة ورجوعه عنها إلى حال سبيله وعلى الثاني يصح أن يقال عند رجوعه من المروة وهذا آخر طوافه بالمروة وإن احتاج إلى رجوعه إلى الصفا ليتمم الشوط، وعن الثاني بأنه إنما يتم بناء على أن يقول: هذا اعتباركم لا اعتبار الشرع وأقل الأمور إذا لم يثبت عن الشارع تنصيص في مسماه أن يثبت احتمال أنه كما قلتم وكما قلته، وقد رأينا إطلاق الشوط في الطواف على ما مر من المبدأ إلى المبدأ شرعا فوجب أن يحتمل عليه إطلاقه في السعي كذا في (الفتح)، وأنت خبير بأنه على قوله تكون الأشواط أربعة، فقط والظاهر أن الاحتمال الأول أقوى إذ الثاني يتوقف على ثبوت أنه عليه الصلاة والسلام عاد عند اختتامه باروه إلى الصف ولم ينقل، وأحسن ما يستدل به لقول العامة أن مسمى الشوط لغة يصدق على كل من الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع منها إلى الصفا لأنه في الأصل مسافة يعدوها الفرس ونحوه جمرة واحدة فسبعة أشواط قطع مسافة مقدرة سبع مرات فإذا قال: بين كذا وكذا طبعا صدق بالتردد من كل جانب من الغايتين إلى الأخرى سبعة بخلاف طاف بكذا فإن حقيقته متوقفة على أن يشتمل بالطواف ذلك الشيء فإذا قال: طاف به سبعا كان بتكرير تعميمه بالطواف سبعًا فمن هنا افترق الحال بين الطواف بالبيت والسعي والله الموفق. تتميم: يندب له إذا فرغ من السعي أن يدخل المسجد فيصلي ركعتين لأنه- صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك رواه أحمد ولأن ختم السعي كختم الطواف (ثم) بعد ذلك (أقم بمكة حرامًا) أي: محرمك (لأنك تحرم بالحج) فلا تتحلل قبل الإتيان بأفعاله وفيه إيماء إلى أنه لا يجوز له أن يفسخ الحج بالعملة وأما أمره محليه الصلاة والسلام بذلك أصحابه إلا من ساق الهدي فمخصوص بهم ومنسوخ، (وطف بالبيت كلما بدا) أي: ظهر (لك) لأنه كما جاء في السنة وهو خير موضوع وكذا الطواف إلا أن صلاة التطوع للمكي أفضل منه بخلاف الغريب لأن المكي لا يفوته الأمران فعند

ثم اخطب قبل يوم للتروية بيوم وعلم فيها المناسك، ثم زي يوم التروية إلى مني، ـــــــــــــــــــــــــــــ الاجتماع الصلاة أفضل وأما الغريب فيفوته الطواف لا الصلاة كما في (العناية) قال في (السراج): ونظيره الغازي في دار الحرب فإن التطوع أفضل في حقه إن ثم غيره وإلا فالحرب قال في (البحر): وينبغي تقييده يؤمن أن موسم وإلا فالطواف أفضل من الصلاة مطلقا انتهى. ولو أقيمت وهو يطوف أو يسعى ترك ذلك وصلى ثم بنى. تكميل: سكت المصنف عن دخول البيت ولا شك أنه مندوب إذا لم يشتمل على إيذاء نفسه أو مخيمه وهذا مع الزحمة قل ما يكون، ويندب لداخله أن يقصد مصلاه عليه الصلاة والسلام فيصلي فيه، (وكان ابن عمر إذا دخله جعل الباب قتل ظهره ومشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي هو قبل وجهه ثلاث أذرع ثم يصلي)، وينبغي له أن يلزم الأدب ما استطاع ظاهرة أو باطنه وأن يضع خده على الجدار الذي صلى إليه ويستغفر الله تعالى ويحمده ثم يأتي الأركان فيحمد الله تعالى ويهلله ويسبحه ويكبر ويسأله ما شاء مما يليق به ولا يرفع بصره إلى السقف (ثم اخطب قبل يوم التروية بيوم) وهو اليوم السابع صن ي الحجة ويوم التروية وهو الثامن سمي بذل ك إما لأن الناس كانوا يروون إبلهم فيه استعدادًا للوقوف وإما لأن رؤيا الخليل عليه السلام كانت في ليلته وتروى فيه من الوادي أن ما رآه من الله أو لا، لأن الإمام يروي للناس مناسكهم فيه وإما لأن الناس يرون ظهورهم فيه إلى منى قال العسقلاني في (شرح البخاري): وما عدا الأول شاذ وعبارته في (المغرب) تعطي تعيين الثاني حيث قال: وأصلها الهمز وأخذها من الرواية خطا وصن لوبي منظور فيه (وعلم فيها المناسك) الذي يحتاجون إليها من الإحرام لم بالحج والخروج إلى منى، وهذه أول الخطب والثانية بعرفات والثالثة بمنى وكلها واحدة بعد الزوال والصلاة يبدأ فيها بالتكبير ثم بالتلبية ثم بالتحميد إلا الثانية فإنها اثنتان وقبل الصلاة قال في (السراج): ولو خطب قبل الزوال جاز وكره، وقال زفر: يخطبها متوالية أولها السابع وما قلناه هو المروي عنه عليه السلام. (ثم رب يوم التروية إلى منى) قوية في الحرم على فوسعت من مكة الغالب فيها التكسير والصرف وقد تكتب بالألف كذا في (المغرب) ولم يبين خصوص وقت الخروج إيماء إلى جوازه في أي وقت شاء، واختلف في المستحب انه والأصح أنه بعد طلوع الشمس فيبيت بها عملاً بالسنة ولو تركه جاز وأساء، وينبغي له أن لا يترك التلبية في الأحوال كلها وفي المسجد إلا حال طوافه، ويلبي عند الخروج إلى منى،

ثم إلى عرفات بعد صلاة الفجر يوم عرفة، ثم اخطب تم صلّ بعد الزوال الظهر والعصر بأذان ـــــــــــــــــــــــــــــ ويدعو بما شاء ويندب أن ينزل بالقرب من مسجد الخير، (ثم) رد بعد ذلك (إلى عرفات) جمع سمي به قارعات وكسر ونون مع العلتين أعني العلمية والتأنيث لأن تنوين الجمع تنسيق مقابلة لا تمزيق وقال الزمخشري: إنه مصروف لادن تافه ليست للآنية وإنما هي والألف للجمع ولا يصح تقديم غيرها لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث يأبى ذلك كما لا تقدر في بنت مع أن التاء المذكورة مبدلة من الواو ولكن اختصاصها بالمؤنث يأبى ذلك. وقال ابن مالك: اعتبر تاء عودة في منع الصمود أولى من اعتبار نحو عرفة ومسلمة لأنها للتأنيث معه جمعية لأمنها علامة لا تتغير وصلت ولا وفقآ ومن ثم سميت بذلك، إما لأمن الخليل عوف فيها أن الحكم من الله تعالى أو لأن جبريل عليه الصلاة والسلام محرف فيها المناسك أو لأمن آدم وحوى تعارفا ثمة بعد الهبوط، أو لأن الناس يتعارفون فيها كذا في (الكشاف)، (بعد صلاة الفجر) من (يوم عرفة) بيان للسنة، ويندب أن يسير على طريق ضب ملبيا إلى أن يدخل عرفات ويعود على المأزمين اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام، وقد عهدنا ذلك في العيدين، وينزل مع الناس وكونه بقرب الجبل أفضل، ونزوله وحده أو على الطريق مكروه، لأن الانفراد تجبر والمقام مقام خضوع وتحير، ولمحي النزول في الطريق تضييق على المارة، وليس للإمام أن لا ينزل بندوة لادن نزوله عليه السلام بها مما لا نزاع فيه. (ثم اخطب) كان ينبغي أن يقول: خطبتين بعد الزوال والأداء بين يديه قبل الصلاة بجلوس بينهما كما مر، وأجاب في (البحر) بأنه إنما أطلقه لإفادة أنها جائزة قبل الزوال، ثم قال: لما كان الإطلاق منصرفًا إلى المعهود ولابنه إذا صعد المنبر أذن المؤذن بين يديه. وأقول: لا يخفى ما بين الأول والثاني من التدافع إذ لو انصرف إلى المعهود لما أفاد الجواز قبل الزوال ولم يقل ة يعلم فيها المناسك يعني الوقوف بعرفة والمزدلفة الإفاضة منهما ورمي جمرة العقبة يوم النحو والذبح والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة استغناء بما مر. (ثم صل بعد الزوال الظهر والعصر) بقراءة سرية كما في (المحيط) (بأذان) واحد (وإقامتين)، لأن العصر في غير وقتها المعتاد فأقيم لها للإعلام، وقوله: بعد

بشرط الإمام ولإحرام ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوال يحتمل أن يكون المراد عقبه بأن أخذ بالاشتغال في مقدمات الصلاة من غير تأخير وهو ظاهرة قول القدوري، وإذا زالت الشمس يصلي الإمام إلى آخره ويحتمل أن يكون المراد آخره يصدق ما بعد الزول عليه وبه صرح قاضي خان في شرح (الجامع الصغير) وفي قوله الظهر والعصر إيماء إلى أنه لا يتطوع بينهما، وعلى ذلك اتفقت كلمتهم ومنه سنة الظهر البعدية لكن في (الذخيرة) و (المحيط) وعليه جرى في (الكافي)، أنه يأتي بها، قال في (الفتح): وهذا ينافي إطلاقهم في التطوع بينهما لأنه يقال على السنة أيضا انتهى. وقد يقال: الإطلاق بناء على اصطلاحهم في تغير الماضيتين عرفت وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلاها فعلى الأول يعاد الأذان للعصر لا على الثاني وظاهر الرواية هو الأول، وعن محمد أنه لا يعاد (بشرط الإمام) الأعظم أو نائبه حتى لو مات جمع نائبه فإن لم يكن صلوا وحدانًا، (والإحرام) بالحج حتى لو لم يكن محرمًا أصلاً أو كان محرمًا بالعمرة ولو في الظهر فأحرم بالحج في العصر لم يجمع وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن يوجده قبل الزوال أو بعده لكن قبل الصلاة وهو ألا صح وفي رواية لا بد في إيجاده قبل الزوال وبقي من الشرائط صحة الأولى حتى لو تبين أنه صلاها محدثة أعادهما ويمكن أخذه من قوله صلى الظهر أي: أوجدها والمفاسدة عدم، والوقت حتى لو صلى بهم في يوم مخيم فتبين أن الظهر قبل الزوال والعصر بعده أعادهما استحسانا، وهذا يؤخذ من قوله بعد الزواج، والمكان وأخذه من سيادتي الكلام ظاهر، والمجماعة فلو صلى كل في رحلة وهو الإمام الأعظم لا يجمع وعلى هذا تفرع ما لو أحدث الإمام في الظهر ثم لم يرجع حتى فرغ الخليفة من العصر لا يجمع، ولو نفروا بعد شروعه جاز، واختلفوا فيما لو نفروا قبله قال الشارح: ووجه لم الجواز على قوله الضرورة إذ لا يقدر أن يجعل غيره مقتدين به وجزم في (البحث) بعدم اشتراط الجماعة وحتى لو لحق الناس فزع بعرفات فصلى الإمام وحده الصلاتين جاز إجماعا على الصحيح كما في (الوجيز) فيما في (النقاية)، و (الجوهرة) والجمع من اشتراط الجماعة ضعيف انتهى. وأقول: فيه نظر فقد نقل غير واحد اشتراط الجماعة على قول الإمام قال الإسبيجابي وهو الصحيح، وأما مسألة الفهم فتقدير تسليمه إنما جازاه الجمع ضرورة

ثم إلى الموقف، وقف بقرب الجبل وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا مصليًا داعيًا ... ـــــــــــــــــــــــــــــ كما علل به الشارح فيما إذا نفروا لأن الجماعة غير شرط، ثم هذا كله قول الإمام وقالا: لا يشترط إلا الإحرام في حق العصر. (ثم) رض (إلى الموقف وقف) راكبًا أو راجلاً والأول حيث أمكن أفضل (بقرب الجبل) الذي في وسط عرفات يعني جبل الرحمة ويقال له: خلال كهلال وأما صعوده كما يفعله العوام فلم يذكر أحد ممن يعتد به فيه فضيلة بل حكمه حكم سائر أراضي عرفات، وادعى الطبري والماوردي أنه مستحب، ورده النووي بأنه لا أصل له لأنه لم يرد فيه خبر ضعيف ولا صحيح، (وعرفات كلها موقف) بكسر القاف أي: موضع وقوف (إلا بطن عرنه) بفتح الراء وضمها واد بحذاء عرفات وبتصغيرها سميت عرينة التي ينسب إليها العرنيون لحديث البخاري: (عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة بالمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر، وشعاب مكة كلها منحر)، (حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا) ساعة بعد أخرى (داعيًا) بحاجتك وهذه أحوال مترادفة وذو الحال هو المستكين في وقف وهو الأظهر وكونها متداخلة بان تكون الثانية حالا من المستكن في الحال الأولى والثانية ص المستحق في الثانية وعلى هذا ففيه بعد لا يخفى إذ لا يتصف بكونه مكبوت إلا بعد الفراغ من اتصافه بالحمد فتأمله وفد صح أنه عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في الدعاء في هذا الموقف. واعلم أن تواضع استجابة الدعاء أي: فترة رجاء استجابته حصروها في خمسة عشر موضعا في الحج جمعتها في قولي: دعاء البرايا يستحاب بكعبة ... وملتزم والموقعين كذا الحجر طواف وسعي بروتين وزمزم ... مقام وميزان جمارك تعتبر والمراد بالموقفين عرفة والمشعر الحرام. تتميم: ظاهر قوله- صلي الله عليه مسلو: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) رواه البخاري وقوله كما في مسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله والهجرة تهدم ما كان قبلها والحج يهدم ما كان قبله) يقتضي أن الحج يكفر الصغائر والكبائر ولو من حقود االعباد وقد التزموا ذللت في الحربي فقالوا: لو قتل وأخذ المال فأحرزه بداره ثم أتعلم لم يؤاخذ بشيء من ذلك لكن قال الأكمل: في (شرح المشارق)

ثم إلى مزدلفة بعد الغروب وانزل بقوة جبل قزح ومما بالناس العشاءين بأذان وإقامة، ـــــــــــــــــــــــــــــ إن الهجرة والحج لا يكفران المظالم ولا يقطع فيهما بمحو الكبائر وإنما يكفران الصغائر وذكرهما إنما كان للتأكيد في شان الحربي والترغيب في مبايعته، ويجوز أن يقال: إنهما يكفران الكبائر التي ليبست من حقوق العباد أيضا كالإسلام من أهل الذمة وحينئذ لا نشك أن ذكرهما كان للتأكيد انتهى. وقال فياض: أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة ولا نعلم قائلا بسقوط الدين عنه به سواء كان حقا للعبد أو لله تعالى، كد يا الصلاة والصوم والزكاة، نعم أثم المطل وتأخير الصلاة ونحوها يسقط عنه وهذا معنى التكفير محلى القول به والله الموفق. (ثم) رح (إلى المزدلفة) مسرعًا إن وجدت زوجة ويندب أن يدخلها ماشيا حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا والازدلاف الاجتماع، سميت بذلك إما لاجتماع الناس أو الأبوين فيهما أو لاقتراب الساعة فيها من منى (بعد الغروب) أي: عقبه حتى لو مكث بعدما أفاض الإمام كثيرا بلا عذر أساء، ولو أبو الإمام ولم يفض حتى ظهر الليل أفاضوا لأنه أخطا السنة، قيد بما بعد الغروب لأبنه لو دفع قبله فإن جاوز حدود محرفة لزمه دم إلا أن يعود قبله ويدفع بعده فيسقط عندنا خلافا لعفو وهو إحدى الروايتين عن الإمام، بخلاف مايو أعاد بعده، (وانزل بقوة جبل قزح) الإعاقة بيانية إنه هو علم على الجبل من قازح الشيء ارتفع، ولم يصرف للعلتين الظاهرتين فيه وهو المشعر الحرام محلى الأصح كما في (الكشاف)، وفي (المطالع): إنه موقف قوية في الجاهلية إذ كانت لا تقف بعرفة وينبغي أن ينزل عن يمين الطريق أو يساره، (وصل بالناس العشاءين) أي: المغرب والعشاء (بأذان) واحد (وإقامة) واحدة، وقال زهو بإقامتين قياسًا محلى الجمع الأصول اواختاره الطحاوي قلنا: قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك كما في (مسلم) ولأنه ثمة العصر متقدمة عن وقتها المعهود فاحتيج إلى الإقامة، وان مغرب والعشاء وقتهما واحد بدليل أنه ينوي في المغرب الأداء لا القضاء كما في (الزواج (وبه اندفع ما في (البحث) من أن المغرب تقع قضاء وقوله بالناس بيان لكونها بجماعة لكنها ليبست شموط بل مندوبة قبل أن يحط رحله، قال الإمام المحبوبة: وكذا الإمام والإحرام أقول: وينبغي اشتراط الإحرام لكن في المغرب مؤديًا وأشار بقوله وإقامة إلى أنه لا يتطوع بينهما ولو سنة مؤكدة في الأصح، فلو

ولم يجز المغرب في الطريق، تم صل الفجر بغلس، تم قف مكبرًا مهللاً ملبيًا مصليًا على النبي- صلي الله عليه وسلم- داعيًا ربك بحاجتك، وقف على جبل قزح إن أمكنك وإلا فبقرب منه وفي موقف إلا بطن محصر، ثم إلى منى بعدما أسفر جدًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فعل أعاد الإقامة ومقابل الأصح أنه لا يعيدها لو أتى بالراتبة على وزان ما هو في الجمع الأول، هذا وينبغي له إحياء هذه الليلة الجامعة لشرف الزمان والمكان وقد وقع السؤال في شرفها على ليلة الجمعة وقدم كنت ممن مال إلى ذلك ثم رأيت في (الجوهرة) أنها أفضل ليالي السنة، (ولم يجز المغرب) أي: لم يحل (في الطريق) لقوله- صلي الله علي وسلم- لأسامة حين قال وقد كانوا في الطريق: الصلاة يا رسول الله أمامك أي: وقتها أو مكانها حكام ما الشارح، وكلامهم يعطي أن المواد وقت جوازها، وفيه إيماء إلى أنها لا تحل في عرفات بالأولى وإلى أن العشاء لا يجوز أيضا أما الحكم بالصحة فموقوف إن أعادها في المزدلفة، قبل طلوع الفجر كانت في الفوز وانقلبت الأولى نفلا وإلا جازت وكذلك العشاء وهذا التفصيل ثابت أيضا فيما لو قدم العشاء على المغرب في للمزدلفة هذا إذا لم يخف طلوع الفجر في الطريق فإن خافه صلاهما. قال في (البحر): وتعبيرهم بعدم الجواز يوم ما عدم الصحة فلو عبروا بعدم الحل لزال الاشتباه وأقول: أنى يتوهم عدم الصحة للصلاة بعد دخول وقتها، (ثم صل الفجر بغلس) مبالغة في الصلاة أول الوقت إذ الغطس ظلمة آخر الليل، (وقف) بالمزدلفة (على جبل قزح إن تيسر وإلا فبالقرب منه) وأشارت إلى أن ابتداء وقته بعد الطلوع وينتهي بطلوع الشمس، فلو وقفت قبل الصلاة صح، وكذا لو هو بجزء من أجزائها فيه ولو تركه بعذر زحمة ونحوها فلا شيء عليه (مكبر ًا مهللاً ملبيًا مصليًا على المختار- صلي الله علي وسلم- داعيًا ربك بحاجتك وهي) أي: المزدلفة (موقف إلا بطم محسر) استثناء منقطع كبطن عرضه لادن وادي محور بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المشددة سمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسرتنا وعيي ليس منها كما قال الأزرقي فصا في (البدائع) من أنه لو وقفت به أو ببطء محولة جاز مع الكراهة مخالف للمشهور من كلامهم والذي يقتضيه كلامهم، عدم الإجراء كذا في (الفتح). (ثم) رح (إلى منى بعد ما أسفر) الصبح (جدًا) بحيث لم يبق له طلوع إلا مقدار ركعتين كما في (المحيط) وغيره، وينبغي له الإكثار من الذكر والصلاة والدعاء ذاهبة فإذا بلغ وادي محور أسهم بالسير أو الرؤى قدر رمية حجر اقتداء بفعله عليه

فارم جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات كحصى الخذف ـــــــــــــــــــــــــــــ الصلاة والسلام (فارم جمرة العقبة) سميت بذلك لتجميع ما هنالك من الحصباء من تجمر القوم إذا اجتمعوا، وقيل: الجمار وقيل: الصغار من الأحجار جمع جمرة وبه سمى المواضع التي ترمى جمار أو جمرات لما بينهما من الملابسة، ووقته المسنون بعد الطلوع وينتهي ذلك إلى الزوال، ومنه إلى الغروب صباح، ومنه إلى طلوع الفجر أو تبله مكروه، كذا في (المحيط)، (من بطن الوادي) بيان السنة حتى لو رماها من فوق العقبة أجزأه مع كراهة التنزيه (سبع حصيات) نفي للأقل حتى لو زاد لم يضره كما في (المحيط) وإن كان خلاف السنة وأراد سبع رميات بها فلو رماها دفعة واحدة كان عن واحدة، ويندب غسيلها وأخذوا من قارعة الطريق، وفي (مناسك الحصيري) جرى التوارث بحمل الحصى من جبل على الطريق فيحمل عنه سبعين حصاة لكن المذكور في (مناسك النص ماني (أنه يدفع بسبع حتميات، وقال قوم بسبعين حصاة وليس مذهبنا كما في (الدراية). ولو أخذها من جمار رميت منها جاز وأسماء وكذا لو رمى بالنجس كذا في (المحيط) فما في (الفتح) من أن أخذها من المرمى إنما هو مكروه تنزيها فيه نظر، ويكره أيضًا أن يكسر من حجر سبعين حصاة ونبه بذكر الحصاة إلى أنه يجوز بكل ما كان من أجزاء الأرض كالطين والدودة والكحل والزرنيخ وكف من تراب، وظاهر الإطلاق يعطي جوازه بالياقوت والفيروز وفيه خلاف، ومتعه الشارحون وغيرهم بناء على اشتراط الاستهانة بالمرمى وأجازه بعضهم بناء على نفي ذلك الاشتراط وممن ذكر جوازه الفارسي في (مناسكه)، كذا في (الفتح) وهذا يفيد ترجيح اعتبار الشرط المذكور ومقتضى كلام الشارح تبعا (للغاية) عدم اعتباره وحيت جزما بجوازه بالأحجار النقية بخلاف الخشب والعنبر واللؤلؤ يعني كباره لأنها ليبست من أجزاء الأرض وأما الذهب/ والفضية فنثار وليس برمي (كحصى الخذف) أي: مثل حصى الخزف بالمعجمتين وهي الرمي الخاص، واختلف في كيفيته فقيل: هو أن يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه ولا يخفى محسوب وخصوصا مع الرحمة والأصح أنه يأخذنا بطرف إبهامه وسبابته وهذا الخلاف في الأولوية لا في أصل الجواز حتى لو رمى على أي حال جاز بعد أن لا يكون وضعا لانتفاء ماهيته، وهل الحصاة مقدار الحمصية أو النواة أو الأنملة؟ أقوال: وهذا بيان المندوب وأما الجواز فيكون ولو بالأكبر لكن مع الكراهة، ومقدار الرمي، المسنون أن يكون بين موضع الرامي وموضع

وكبر بكل حصاة، واقطع التلبية بأولها، ثم اذبح، ثم أحلق، ـــــــــــــــــــــــــــــ السقوط خمسة أذرع كما رواه الحسن عن الإمام، ولو وقعت على ظهر رجل أو محمل وثبتت عليه حتى طرحها إلى الحامل ألا: لا لأن وقعت بنفسها عند الجمرة، (وكبر بكل حصاة) أي: معها فالياء للمصاحبة يعني: قل الله أكبو ولو هلل أو منح أجزأت وظاهر الروايات أنه يقتصر على التكبير وروى الحسن أنه يؤيد رغما للشيطان وحزبه وزاد بعضهم اللهم اجعل حجي مبرورا وسعيي مشكورا وذنبي مغفورا، وقد جمع في (النهاية) بين الكل ولم يذكر الدعاء لأنه لا يقف عندها على ما سيأتي. (واقطع التلبية بأولها) أخبر الشيخين: (لم يزل- صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة) أطلقه فشمل المفرد والقارئ وفاسد الحج أيضا لو زار البيت قبل الرمي والحلق والذبح قطع التلبية في قول الإمام، وظاهر الرواية عن الثاني، ولو حلق قبل الرمي قطعها اتفاقا، ولو ذبح قبل الرمي وهو متمتع أو قارن قطعها في قول الإمام لا إن كان مفردا إليه أشار في (البدائع) قيد بالمحرم بالحج لأن المعتمر يقطعها إذا استلم الحجر الأسود ويكون مدركًا لأن فائت الحج يقطعها حين يأخذ في الطواف الثاني والمحور إذا ذبح # فيه والقارئ يأخذ في طواف الثاني. (ثم اذبح) هذا المر للندب إذ الكلام في المفرد ولا ذبح عليه نعم هو علي القارئ والتمتع، وقد جاء في حديث جابر: (أنه عليه الصلاة والسلام نحر بيده ثلاثا وستين بدنة وأمر عليه بذبح ما بقي وأشوكه في هديه) وإنما اقتصر على ذلك لأن مدة عمره كانت إذ ذاك تبلغ هذا العدد فجعل عن كل سنة بدنة قال ابن حبان: (ثم) بعد ذلك (احلق) جميع رأسك وهذا بيان للسنة أما الواجب فالربع قال الكرماني: بفتح الكاف وكسرها في (القاموس) وأنكر شارح البخاري الفتح وسمعت من ثقة عن ابن خلكان بفتح الراء أيضا. ولو حلق أو قصور اقل من النصف أجزأت وهو مسيء وأراد به إزالة الشعر وأفاد أنه لو أزاله بالصورة أو الإحراق أو النتف كفاه إلا أنه خلاف السنة، ثم الإزالة فرع وجودها يزال فلو لم يكن ثمة شيء وجب إمرار الموسى على رأسه إن أمكن هو المختار وإلا بان كان بها قروح ولا يمكن التقصير أيضا سقط عنه الواجب وحل كالحالق، ولو لم يجد آلة أو ممن يحلق لم يكن عذرا فلا يجزئه إلا

أو قصر، والحلق أحب، وحل لك كل شيء غير النساء، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحلق أو التقصير لأمن إصابة الآلة والفاعل مرجو في كل وقت بخلاف برء القروح)، (أو قصر) وهو أن يأخذ الوجل أو المرأة من رؤوس شعب ربع الرأس مقدار الأنملة كذا في (الشرح) أي: أن يأخذ من كل شعرة هذا المقدار كما في (المحيط) وفي (البدائع) قالوا: يجب أن يزيد في التقصير على قدم الأنملة حتى يستولي قدرها من كل شعوب لأن أطراف الشعر غير متساوية عادة واستحسنه الحلبي في (مناسكه) وهذا بيان الواجب ومن فسره كصاحب (الهداية) بأن يتخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة أراد به المسنون ثم إذا التخييل فرع إمكانهما فلو لم يمكن إلا أحدهما تعين. (والحلق أحب) من التقصير لأنه- صلى الله عليه وسلم- للمحلقين بالوحدة فقيل: والمقصرين ففي الرابعة قال: والمقصرين، وإطلاقه يفيد أن حلق النصف أولى من التقصير، ولم أره، وأما حلق الربع فقط فينبغي أن يكون التقصير منه أولى لما موقن أنه مسيء وفي التقصير لا إساءة قالوا: ويندب البدأة بيمين الحالق لا المحلوق إلا أن ما في (الصحيحين) يفيد العكس وذلك أنه- صلى الله عليه وسلم- قال للحلاق: خذ وأشار إلى الجانب الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس، قال في (الفتح): وهو الصواب وإن كان خلاف المذهب انتهى. أقول: ويوافقه ما في (الملتقط) عن الإمام حلقت وأسي بمكة فخراني الحلاق في ثلاثة أشياء لما أن جلست قال: استقبل القبلة وناولته الجانب الأيسر فقال: ابدأ بالأيمن فلما أردت أن أذهب قال: ادفن شعرك فرجعت ودفنته انتهى. ويندب أيضا الدعاء عند الحلق وبعد الفراغ من التكبير وقص أظفاره وشواربه بعده، وهل يأخذ شيئًا من لحيته مع الحلق؟ عندنا الائذا في غير المحصن أما المحرر فلا حلق عليه أي: واجب، (وحل لك كل لشيء غير النساء) من الطيب والصيد ولبس الثياب لحديث الدارقطني: (إذا رميتم وذبحتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) وحل لكم التيار والطيب بخلاف وطء النساء وما كان من دواعيه كالقبلة والمس إلا أنه في (الخانية) رجح عدم حل الطيب أيضا لأنه من دواعي الجماع وجزم في (البحر) بضعفه لما مر ومنع أبو الليث الصيد وضعفه لا يخفى.

ثم إلى مكة يوم النحر أو غدًا، أو بعده. فطف للركن سبعة أشواط بلا رمل وسعي عن قدمتها وإلا فعلاً، وحل لك النساء، وكره تأخيره عن أيام النحر، ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم) رح (إلى مكة يوم النحر) بيان لاحول وقت طواف الركن ويمتد إلى آخر العمل وقوله: وأو مخدر أو بعده) بيان لوقته الواجب يعني أيام النحر، فلو أخره عنها لزمه دم عند الإمام وأفضلها أولها، وقد ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- طاف يوم النحر بعد الزوال (فطف للركن) ويسمى أيضا طواف الإفاضة والزيارة ويوم النحر (سبعة أشواط) هذا ظاهر فيه أن الكل ركن ولا قائل به عندنا وقد من أنه أربعة في الأصح، ويجب أن يكون قائما ماشية فلو طاف ناصبًا ساقيه فقط أو محمولاً أو راكبًا أو معنى كذلك لزمه ولو نذره كذلك لزمه ولو نذر قيل لا شيء عليه، لأنه أداه كما التزمه، ثم هل يخرج الحامل عن طواف محليه نعم وجزم به في (الفتح) وغيره، وقيل: لا، والخلاف مقيد بأن لا يقصد حمل المحمول فإن قصده لم يقع عن نفسه بناء محلى أن نية الطواف الواقع جزء نسك ليبست شرطا بل الشرط أن لا ينوي شيئا آخر ولذا لم يجز لو طاف هاربا من عدو أو طالبة لغريم، والحاصل أن كل من طاف طوافة في وقته وقع عنه بعد أن ينوي أصل الطواف نواه بعينه أولاً، ونوى طوافة آخر لأن النية تعتبر في الإحرام لأنه عقد على الأداء فلا تعتبر في الأداء، فلو قدم معتمد وطاف وقع عن العمرة أو مفيد قبل النحر فعن العمرة والثاني عن القدوم وبعده في الزيارة وإيه نوى نذرت، ولو بعدما حل النفط وقع عق الصدر ولو نواه نفلح، ويجب أيضًا أن يكون على طهارة. وقال ابق شجاع: في سنة، وأن يكون مستور العورة فلو طاف وقد انكشفت منه قدرًا لا تجوز الصلاة معه وجبتا إعارته ما دام بمكة فإن رجع لزمه دم فلو طاف ومحليه نجاسة مانعة كرة فقط وصرح الاسبيجابي بأنه مسيء، والفرق بينه وبين كشف العورة أن النجاسة لم يمنع منها لمعنى يختص بالطواف نفسه بل لخوف تلويت المسجد بخلاف الكشفي بدليل النهي عن طواف العريان فأورث نقصًا فيه، (بلا رمل) في هذا الطواف (و) بلا (سعي) بعده (إن قدمتهما) في طواف القدوم (وإلا فعلام قيل: كان ينبغي أن يقول: أفعالهم ليتناسق مع ما قبله من الأوامر لم يفعلا هذا الطواف أيضا لأن تكرارها لم يشرع وقد من أن الأفضل تأخيرهما إلى هذا الطواف (وحل لك النساء) بالحلق السابق لا بالطواف بدليل أنه لو طاف قبل أن يحلق لا يحل غاية الأمر أن أثر الحلق تأخر إلى ما بعد الطواف كالطلاق الرجعي. (وكره) تحريمًا (تأخيره) أي: طواف الركن (عن أيتام النحر) ولياليها نبه بذلك على أن إيقاعه فيها إنما هو واجب فقط وإلا لقال: حرم، وفيه رد لما ذكره القدوري

ثم إل منى فارم الجمار الثلاث في ثاني النحر بعد الزوال بادئًا بما يلي المسجد، ثم بما يليها ثم بجمرة العقبة وقف عند كل رمي بعده رمي، ـــــــــــــــــــــــــــــ من أن آخره أيام التشريق، فظاهر أن الكراهة إنما هي لتقوية الواجب، فإذا منع منه كالحائض أنى تكون؟ وعن هذا قال في (المحيط): لو طهرت في آخر أيام التشريق فإن أمكنها الطواف أربعة أشواط قبل الغروب فلم تفعل لزمها دم وإلا لا. (ثم) رح (إلى منى) فبت بها لذويها ويكره أن يبيت بمكة أو في الطريق، (فارم الجمار الثلاث في ثاني النحو بعد الزوال)، بيان لأول وقته وهذا المشهور عن الإمام وعنه أنه أحب فقط حتى لو رمى قبله أجزاه، والمروي من فعله عليه الصلاة والسلام لبيان ألا فضل، والظاهر الأول وآخره عند طلوع الشمس من الغد، فلو رمى ليلة صح وكره كما في (المحيط)، وفيه لو أخر رمي الجمار كلها إلى اليوم الرابع رماها على التأليف، لأن أيام التشريق كلها وقت الرمي فيقضي مرتبًا وعليه دم واحد عند الإمام، ولو أخرها حتى غابت الشمس من أيام التشريق سقط لانقضاء وقته، وعليه دم واحد اتفاقا، (بادئًا مما) أي: بالجمرة التي (تلي المسجد) أي: مسجد الخيف. (ثم بما) أي: بالجمرة التي (تليها) وهي الوسطى (ثم بجمرة العقبة) بذلك جاءت الأخبار، وكلامه ظاهر في ترتيبه الثانية وهل هو متعلق أو مسنون؟ لا دلالة في كلامه عليه، وعبارته في (المجمع) صريحة في عدم تعينه، قال: ويسقط الترتيب، وصرح في (المناسك) بأنه سنة حتى لو بدأ في الثاني بجمرة العقبة ثم بالوسطى ثم بالتي تلي المسجد فإن أعاده على الوسطى ثم على العقبة في يومه فحسن، وإن لم يعد أجزأه وفي (المحيط) لو رمى كل جمرة بثلاث أتم الأولى بأربع ثم أعاد الوسطى بسبع ثم العقبة كذلك، ولو كل واحدة بأربع أتم/ كل واحدة بثلاث ثلاث ولا يعيد الادن للأكثر حكم الكل فكأنه رمى الثانية والثالثة بعد الأولى، وإيه استقبل فيها فهو أفضل، وعن محمد لو رمى الجمار الثلاث فإذا في يده أربع حريات لا يدري من أيتهن يوميين على الأولى ويستقبل الباقيتين لاحتمال أنها من الأولى فلا يجوز رمي الأخيرتين، ولو كل ثلاثة أعاد على كل جمرة واحدة ولو كانت حصاة أو حصاتين أعاد على كل واحدة ويجزئه لأبنه رمى كل واحدة بأكثرها انتهى. قال في (الفتح): وهذا صريح في الخلاف زاد في (البحث) وفي اختيار السنة وأقول: هذا سهو بل في اختيار التعيين نعم قال في (الفتح): الذي يقع عندي استعان الترتيب لا تعينه بخلاف تعين الأيام للرمي والفرق لا يخفى على محصل، (وقف عند) تمام (كل رمي بعده رمي) قدر سورة البقرة داعيا مثبتًا، وظاهر الرواية أنه يجعل باطن كفيه في هذا

ثم غدًا كذلك، ثم بعد كذلك إن مكثت، ولو رميت في اليوم الرابع قبل الزوال وصح، وكل رأي بعده رمي فارمه ماشيًا وإلا فراكبًا، وكره أن تقدم ثقلك إلى مكة، وتقيم بمنى للرمي ـــــــــــــــــــــــــــــ الدعاء نحو الكعبة كذا في (السراج) وقال الثاني: يرفع يديه حذاء منكبيه كما في سائر الأدعية، واقتصر عليه في (البحر). (ثم) ارم (غدًا كذلك) يعني كما راجت في اليوم الأول (ثم بعده كذلك إن مكثت) إلى طلوع فجر اليوم الرابع في الظاهر عن الإمام، وعنه إلى الغروب من اليوم الثالث، وفيه إيماء إلى تخييره بين المكث وعدمه والأول أفضل اقتداء به عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) [البقرة: 203] الآية فالتخيير بين الفاضل والأفضل، كالمسافر في رمضان حيث خير بين الصوم والإفطار والأول أفضل إن لم يضره اتفاقًا، وقوله: (لمن اتقى) [البقرة: 203]، متعلق بما قبله على اعتبار حاصل المعني أين هذا التخيير ونفى الإثم عنها للمتقي لئلا يقع في قلبه أن أحدهما يوجب إثمًا في الإقدام عليه، لولو رميت في اليوم الرابع قبل الزوال صحي عند الإمام استحسانًا وقالا: لا يصح اعتبارا لسائر الأيام، ومذهبه مروي عق ابن عباس كما أخرجه البيهقي ولا كلام في أفضلية الرمي بعد الزوال، وما في (المحيط) من كراهته قبله على قوله ينبغي أن يراد به التنبيه. (وكل رأي بعده رمي) كالأول والوسطى في الأيام الثلاثة (فارم) حال كونك (ماشيًا وإلا) أي: إن لم يكن بعده رمي كجمرة العقبة والأخيرة من الثلاثة فارم حال كونك (فراكبًا) بيان للأفضل كما رواه إبراهيم بن الجراح عق الثاني، والحكاية معه مشهورة اختاره المصنف تبعا لصاحب (الهداية) واختلف النقل عق الإمام ومحمد ففي (الثانية) أنه راكبًا أفضل مطلقا وفي (الظهيرين) بعدما حكى أنه ماشية أفضل ذكر عق الثاني لكن الثابت عنه عليه الصلاة والسلام إنما هو الرمي راكبًا وكان الثاني حمله على أنه إنما ركب ليظهر فعله فيقتدي به، (وكره أن تقدم ثقلك) بفتح المثلثة والقاف متاع المسافر وخدمة من والجمع أثقال وبكسر الثاء وتحريك القاف مصدر وبسكونها واحد الأثقال وإلى مكة وتقيم بمنى للرمي) لأن فيه شغل قلبه عن العبادة، وقد كان محمر يمنع منه ويؤدب عليه، وهذا يؤذن بأنها تحريضية إذ لا يؤدب على التنبيه فما في (البحر) من الظاهر أنها تنزيهية ففيه نظر، وعلم من ك. من أن الذهاب إلى عرفات وتركها بمكة مكروه بالأولى لأمن القلب ثمة أشد كراهة من غيره وظاهر أنه إذا أمر عليها فلا كراهة لانتفاء الشغل.

ثم إلى المنصب فطف للصدر سبعة أشواط، وهو واجب ـــــــــــــــــــــــــــــ (ثم) رح (إلى المحصب) بضم الميم وفتح المهملتين موضع ذو حصل بين مكة ومنى، وليست المقابر منه فانزل به لأنه- صلى الله عليه وسلم- نزل به قصدًا لا اتفاقا على الأصح، وذلك أن الكفار كانوا يتحالفون فيه على إضراره عليه الصلاة والسلام فلما أجلاهم الله وأعز الإسلام نزل عليه الصلاة والسلام قراءة للطيف صنع الله به وتكويمه بنصرته فصار سنة يكون مسيئا بنوكها بلا عذر، وأدناها أن يقيم فيه ساعة، وكمالها أن يصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة ثم يدخل مكة. قال في (البحر): وعبارته في (المجمع): ثم ينزل إذا نزل بالمحصب أولى لأن الرواح إليه لا يستلزم النزول فيه، ولا يخفى أن المصنف في هذا الباب استعمل الرواح إلى الشيء بمعنى النزول فيه ومنه ثم رد إلى منى ثم إلى عرفات (فطف) الفاء فصيحة أي: إذا رحت إليه ونزلت (للصدر) بفتحتين يعني الرجوع عن أفعال الحج ويقال له؟ طواف الوداع والإفاضة وآخر عهد بالبيت والواجب وعن الثاني وابن زياد أنه الرجوع إلى الوطن، وأثر الخلاف يظهر فيما لو أتى به ثم قام بمكة لحاجة لا يعيده عندنا خلافًا لهم نعم يندب الإعادة وأول وقته لم بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر لو طاف كذلك ثم أطال الإقامة بمكة ولم ينوها ولم يتخذها دارت جاز طوافه ولا أجر له وهو مقيم، بل لو أقام عامًا لا ينوي الإقامة فله أن يطوف ويقع أداء نعم المستحب إيقاعه عند إرادة السفر، ولو نفر ولم يطف وما عليه ما لم يجاوز الميقات الرجوع ليطوف، فإن جاوزه خير بين إراقة الدم والرجوع بإحرام جديد بعمرة مبتدئًا ثم بطوافها ثم بالصدر ولا شيء عليه لتأخيره، والأول أولى تيسيرًا عليه ونفعًا للفقراء. (سبعة أشواط) بيان لكميته والركن منه أكثرها، والظاهر أن ما مر من الخلاف في معنى الأكثر يأتي هنا يفترق الحال في أن الباقي من طواف الركن يجبر بالدم وفي هذا في الصادقة كما في (المحيط) ويصلي بعده ركعتين ولم يذكرهما اكتفاء بما مر، (وهو) أي: الصادر (واجب) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم وغيره وفي رواية إلا أنه خفف عن المرأة الحائض متفق عليه، ولم يقيده بالمحرم بالحج ولا بمن أدركه ليفيد أن المعتمر

إلا على أهل مكة، ثم اشرب من زمزم والتزم الملتزم، وتشبث باقة ستار والتصق بالجدار. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليس عليه طواف صدر وكذا من فاته الحج لاستحقاق العود إليه لأن الكلام فيه. (إلا على أهل مكة) ومن هو في حكمهم لمن كان داخل المواقيت وكذا الآفاقي الذي اتخذ مكة دارا يعني استوطنها، حتى لو لم يستوطنها وأقام بها سنين لم يسقط عنه، وقيد في (البدائع) بأن ينويها قبل أن يحل النفر الأول أما إذا نوايا بعد لم يسقط عنه في قول الإمام خلافا للثاني لأنه نوابا في الأول قبل طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج وهذا المعنى موجود في حقهم، وكذا لا يجب على حائض ونفسا. (ثم) بعد ذلك (اشرب من) ماء (زمزم) قائمة مستقبل القبلة متنفسًا منه مرارًا صابًا منه على جسدك وهي مشتقة من الهمزة التي هي الغمز بالعقب في الأرض كما أتوجه الفاكهة عن مجال د بإسناد صحيح، وقيل (غير ذلك)، (والتزم الملتزمة وهو ما بين الباب والحجر والتزامه أن يلزق وجهه وصدره به والأصح ما هنا، (وتشبث) أي: تعلق (بالأستار) أي: ستار البيت الشريف إن كانت قريبة بحيث تناولها وإلا ضع يدك على رأسك مبسوطتين على الجدار قائمتين، (والتصق بالجدار) مجتهدًا في البكاء والتنوع مع مؤيد الخشوع والخضوع على الفراق ناظور إليه فعسى أن يعقبه تلاقي. تنبيه: لم يذكر تقبيل العتبة قبل الشرب كما في (الفتح)، ولا الاستقاء منه ولا رجوع القهقرى كما في (المجمع) لما قيل: من أنه لم يثبت شيء من ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام، وأما الالتزام والتشبث فجاء فيهما حديثان ضعيفان. خاتمه: تكره المجاورة بمكة عند الإمام خلافا لهما وبقوله قال الخائفون المحتاطون من العلماء كما في (الأحياء) قال: ولا يظن أن كراهة القيام تناقض فضل البقعة لأن هذه الكرامة علتها ضعف الخلق وقصوره م عن القيام بحق الموضع. قال في (الفتح): وعلى هذا فيجب كون الجوار في المدينة المشرفة كذلك يعني مكروها عنده فإن تضاعف السيئات أو تعاظمها إن قعد فيها فمخافة السآمة وقلة الأدب المفضي إلى الإخلال لوجوب التوقير والإجلال قائم. تكميل: في زيارة قبو المصطفى- صلى الله عليه وسلم- قال مشايخنا: هي أفضل من المندوبات، وفي (مناسك الفارسي) و (شرح المختار) أنها قريبة من الوجوب لمن له سعة وكفاك داع إليها ما رواه الدارقطني: (من زار قبوي وجبت له شفاعتي) ثم إن كان الحج فوضع فالأحسن أن يبدأ به ثم يثني بالزيارة، وإن كان تطوعا كان بالخيار، ثم إذا نوى زيارة القبو فلينو معه زيارة المسجد قال في، (الفتح): والأولى، فيما يقم عندي تجريد

فصل

فصل ومن لم يدخل مكة، وول ابعرفة لمسقط عته طواف القدوم، ومن وقف بعرفة ساعة من الزوال إلى فجر ـــــــــــــــــــــــــــــ النية لزيارته وينبغي الإكثار من الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- مدة الطريق، وقد مر ندب الغسل لكنه يغتسل قبل أن يدخلها ويلبس أحسن ثيابه والجديد أفضل، وما يفعله بعض الناس من النزول بالقرب من المدينة وان معلمي إلى أن يدخلها فحسب، كذا كل ما كان أدخل في الأدب والإجلال، ورأيت بعض الأكابر يكشف رأسه عند دخولها، ولا باس بإخراج ماء زمزم، وكذا تراب الحجر وأحجاره، وانه لا يحمل أوعية الماء المعروفة بالطباشير، أما تراب البيت المكرم فإن كان يسيرًا للتبرك بحيث لا يفوت به عمارته جاز، وإلا لا لأنه تخريب كذا في (الظهيرية) قال ابن وهران: والصواب المنع منه مطلقا لئلا يتسلط الجهال فيفضي إلى الخراب والعياذ بالله تعالى والقليل من الكثير كثيرهم ولا كلام في جواز نقل التراب منه ولا يجوز أخذ شيء من طيبه، فإن أأراد التبول أتى مسحه به وأخذه، وأما نقل الكسوة فإن كان لملكه لها بطريق شوعي بأن اشتراها من الإمام أو نائبه فيجوز للمشتري حينئذ لبسها ولا جنبا أو حائضا وإلا بأن اشتراها من بني شيبة أو قطعها فلا يجوز وعليه ورد هذا ويندب له زيارة الأماكن المشهورة بمكة كولده وبيت خديجة الذي ساكنه عليه الصلاة والسلام وفيه توفيت ولم يزل عليه الصلاة والسلام فيه إلى أن تاجر، والغار الذي كان يتعبد فيه بحراء والذي في جبل ثور المشار إليه بقوله تعالى: (إذ هما في الغار) [التوبة: 40] كذا في (السراج). [20] فصل حاصله وسائل شتى من أفعال الحج هي عوارض خارجة، (من لم يدخل مكة) بعدما أحرم من الميقات (ووقف بعرفة سقط عنه) طلب وطواف القدومي لابنه شجع على وجه يترتب عليه أفعال الحج فلا يكون الإتيان به على غير ذلك الوجه سنة كذا في (الهداية (قيل: ولأن طواف الزيارة يغني عنه وفي كل منهما نظر أما الأول فمنقوض بالأربع قبل الظهر والجواب أنها في قوة الواجب ولا يخفى ضعفه، وأما الثاني فلأن مقتضاه أنه لا كراهة عليه في ذلك وهو ممنوع بل هو مسيء كما قال بعضهم نعم لا دم عليه، وعبارة أصله ولم يطف للقدوم من لم يدخل مكة ووقف بعودة أولا كما لا يخفى، (ومن وقف بعرفة ساعة) زمانية ولو مارس بها مسرعا لأن المشي السريع لا يخلو عن قليل وقوف على ما تقرر في وقته ومن الزوالي أي: زوال عرفة وإلى فجوة يوم

النحر فقد تم حجه، ولو جاهلاً أو نائمًا أو مغمى عليه، ولو أهل عنه رفيقه بإغمائه صح ـــــــــــــــــــــــــــــ (النحر فقدت تم حجه) عدل عن قوله صح اقتداء بالسنة وهي ما صححه الحاكم من قوله- صلى الله عليه وسلم-: (الحج عرفة فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه) وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام: (وقف بعد الزوال) فبين أوله بفعله وآخره بقوله والمراد التمام من أمن الفساد ولما مر من أن استمراره إلى الغروب واجب وأنه قد بقي عليه الركن الثاني وهو طواف الزيارة. (ولو) كان (جاهلاً أو نائمًا أو مغمى عليه) لأمن الوقوف ليس بعبادة مقصودة بل ركن لها بدليل أنه لا يتنفل به فأغنى وجود النية على العقد عن وجودها فيه بخلاف الطواف فإنه عبادة مستقلة ولذا يتنفل به فاشترط فيه أصل النية، ولأن الوقوف يؤدى في إحرام مطلق فأغنت النية عند العقد على الأداء عنها بخلاف الطواف فإنه يؤد بعد التحلل من الإحرام بالحلق فلا يغني وجود 1 عند الإحرام عنها فيه، وهذا الفرق لا يتأتى إلا في طواف الزيارة لا العمرة والأول يعمها، لكن يود على الأصول القراءة في الصلاة فإنها عبادة مستقلة بدليل أنه يتنفل لها مع أنه لا يشترط لها النية وهذا لم أره لأحد، والمزدلفة كعرفة يجزئه الكون بها ولو نائمًا أو مارس لا يعلم أنها للمزدلفة ولم يظهر لي عنه جواب فتدعوه في الوقوف والمزدلفة ولم أره لأحد كذا في (الفتح). (ولو أهل) أي: أحرم (عند رفيقه) الذي رافقه في سفره وفسروه في التيمم بمن كان معه في القافلة وظاهر كلامهم هنا يعطي خلافه حيث حكوا الخلاف في أن الرفيق قيد أو لا؟ إلا أن يوجد بغيره خلاف من في القافلة وفيه بعد لا يخفى، وعلى الثاني فلو أهل عنه غير رفقائه جاز قال في (الفتح): وهو الأولى لأمن هذا من باب الإعانة لا الولاية، ودلالة الإعانة قائمة عند كل من علم قصده رفيقي كان أو لا انتهى. (بإغمائه) هذا شامل لما إذا أحرم عنه بعمرة أو حجة أو بهما من الملفات أو من مكة ولم أره كذا في (البحر). وأقول: ظاهر ما قدمناه عن (الفتح) يفيد أنه لا بد من العلم بقصده فإن لم يعلم ينبغي أن لا يجوز له الإحرام بهما بل إما بالعملة أو الحج، فإن ضاق وقت الحج بان غلب على الظن أن دخول مكة من الميقات ليلة الوقوف مثلا تعين الإحرام بالحج منه، وإلا بأن دخلوا في أثناء السنة فبالعمرة لأن الإعانة إنما تكون بما ينفع لا بغيره، وعلى هذا فينبغي أنه لو أحرم بالعمرة والوقت للحج أن لا يصح وإذا فقه حسن لم أر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من أفصح به، ثم لا فرق بين أن يأمره بذلك أو لا محمد الإمام وقصراه على الأول، وأصله أن الإحرام شوط عندنا اتفاقًا كالوضوء وستر العورة، وإن كان له شبه بالركض، فجازت النيابة بعد وجود نية العبادة لأنه عند وخروجه من بلده وإنما اختلفوا في هذه المسالة بناء على أن المرافعة هل تكون إذنا دلالة محمد العجز عنه أو لا؟ قال الصاحبان: لا إذ المرافقة إنما تواد لأمور السفر لا غير فلا يتعدى إلى الإحرام وقال الإمام: نعم لأن عقد المرافقة استعانة كل منهم بكل منهم فيما يعجز عنه في لسفره وليس المقصود بهذا السفر إلا الإحرام/ إذ هو أهمها ومعنى الإهلال عنه أن ينوي عنه ويلبي فيصير المغمى عليه محرمة بذلك لانتقال إحرام الرفيق إليه بدليل أن له أن يحرم عن نفسه، وليس معناه أن يجردوه وأن يلبس الإزار، لأن هذا كف عن بعض محظورات الإحرام لا عين الإحرام لما مر، واختلف فيما لو استمر مغمى محليه إلى وقت الأفعال هل يكتفى بأداء الرفقة أو لابد أن يشهدوا به المشاهد من الطواف والسعي والوقوف؛ قولان والأصح الأصول وإنما ذلك أولى فقط، والخلاف مقيد بما إذا أحرموا عنه أما لو أغمي عليه بعدما أحرم هو تعين أن يشهدوا به، فإذا طيف به المناسك أجزأت عند أصحابنا جميعًا قال فهو الإسلام: لأنه هو الفاعل وقد سبقت النية منه فهو كما نوى الصلاة في ابتدائها ثم أدى الأفعال ساهيًا لا يدري ما يفعل حيث يجزئه لسبق النية. قال في (الفتح): ويشكل عليه اشتراط النية لبعض أركان هذه العبادة وهو الطواف بخلاف سائر أركان الصلاة ولم يوجد منه هذه النية. وأقول: ما محلل به فخر الإسلام مبني على مقدم اشتراط النية للطواف أصلا وإن نية الإحرام مغنية عنه يفصح عن ذلك ما في (البدائع) ذكر القدوري في (شرح مختصر الكرخي) أن الطواف لا يصح من غير نية الطواف محمد الطواف، وأشار الماضي في شرح (مختصر الطحاوي) إلى أن نية الطواف ليبست بشرط أصلا وأن نية الحج عند الإحرام كافية ولا يحتاج إلى نية مفردة كما في سائر أفعال الصلاة انتهى. نعم في حكاية الإجماع مؤاخذة لا تخفى، وعلى هذا تفرع ما في (المحيط) لو طاف بنائم إن كان بأمره جاز لا بغية أموه ولا يشترط نية الحامل الطواف لأن نية الإحرام كافية، وقد غفل عن هذا في (البحث) فزعم أن ما في (المحيط) فيه بحت، إذ الطواف لا بد له من أصل النية ونية الإحرام غير كافية فينبغي أنه لا بد من نية الحامل في المسالتين يعني النائم والمغمى عليه، لأن ما فيه مبني على اشتراط النية فلا يصح أن يعترض عليه بالقول المقابل، وبهذا التحوير علمت أن نية الحامل شرط فيهما بناء على اشتراطها لا علي، مقدم اشتراطها.

والمرآة كالرجل غير آنها تكشف وجهها لا رأسها، ولا تلبي جهرًا، ولا ترمل، ولا تسعى ـــــــــــــــــــــــــــــ تنبيه: لم أر ما لو جن فأحرم عنه وليه أو رفيقه وشهد به المشاهد كلها هل يصح ويسقط عنه حجة الإسلام أم لا؟ تم رأيته في (الفتح) نقل عن (المنتقى) عن محمد أحرم وهو صحيح مما أصابه عته فقضى به أصحابه المناسك ووقفوا به كذلك فمكث سنين ثم أفاق أجزاه ذلك عن حجة الإسلام انتهى. وهذا ربما يوما إلى الجواز فتدبر. (والمرأة) في جميع ما مر من الأحكام وكذا الخنثى المشكل (كالرجل) لعموم الخطاب لكل المكلفين، وهي منهم ما لم يقم على التخصيص دليل (غير أنها تكشف وجهها لا رأسها) عبارة أصله وخصت المرأة بان لم تكشف رئيسها لأن أكبر كشف الوجه أجنبي لاستوائها مع الرجل فيه، وأجاب في (البحر) بأنه لما كان خفيا عدم كشفه لما أنه محل الفتنة نص عليه، ولما قدم في الإحرام أن الرجل يكشف وجهه لم يتوج م من عبارته اختصاصها به. وأقول: لا يخفى أن ذكره على طريق الاستثناء يوم م الاختصاص وكان يمكنه للتنصيص على الخفاء أن يقول كما في (الهداية) غير أنها لا تكشف رئيسها وتكشف وجهها لما أخرجه أبو داود من حديث عائشة كان الركبان تمر بنا ونحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- محرمات فإذا جاوزنا سدلت إحداها جلبابها من وأسسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه) قالوا: ويستحب أن تجعل على رأسها شيئًا وتجافيه، وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه ويسدل فوقها ودلت المسالة والحديث على أنها منهية على إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة، كذا في (الفتح) وقول قاضي خان دلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب أي: لا يحل لها ذلك، وما في (البحر) من أن معناه لا ينبغي كشفها أخذا من قول النووي: قال العلماء في قوله: (سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفتاة فأمرني أن أصرف بصري) حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة ويجب على الرجل غض البصر إلا لغرض شرعي إذ ظاهرة نقل الإجماع ممنوع بل المواد علماء مذهبه. (ولا تلبي جهرًا) بحيث تسمع غيرها بل تسمع نفسها فقط، لأن صوتها يؤدي إلى الفتنة، وما قيل من أنه عورة وعليه اقتصر العيني فضعيف، (ولا ترمل) في طوافها وفيه إيماء إلى أنها لا تضطلع أيضًا (ولا تسعى) أي: لا تهرول، بدليل قوله:

بين الميلين، ولا تحلق رأسها، ولكن تقع ووتلبس المخيط، ومن قلد بدنة تطوع، آو نذر، أو جزاء عميد، أو نحوه فتوجه معها يريد الحج فقد أحرم فإن بعث بها ثم توجه إليها لا يصير محرمًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (بين الميلين) لأنه يخل بستر العورة، (ولا تحلق رأسها) لأنه مثله كحلق اللحية (وتقصر) لخبر: (إنما على النساء التقصير) رواه أبو داود/ (وتلبس المخيط) والرفيق لأنها عورة، وزيد عليه أنها لا تسافر إلا بمحرم، وتترك الصدر وتؤخر طواف الزيارة عق أيام النحر بعذر الحيض، وأجاب في (البحر) بان اشتراط السمو بالمحرم لا يخص الحج ولا اشتراك لها مع الرجل في الحيض لتخالفه في أحكامه انتهى، والأولى أن يقال: إن المحرم عرف مما مر. (ومق قلد بدنه تطوع) بيان لما يقوم مقام التلبية ومن ثم قال بعض المتأخرين: حق المسالة أن تذكر في أول الإحرام، والتقليد أن يجعل في عنقها ما يدل على أنها هدي لئلا ترد على الماء والمرعى، كقطعة لحم أو لحاء شجرة أو نحو ذلك (أو نذر أو جزاء صيد) قتله في الحرم (أو) في إحرام سابق، ومن قصره على الثاني فقد قصمت، و (نحوه) من الدماء الواجبة للجناية ودم المتعة والقرآن. (ثم توجه معها يريد الحج فقد أحرم) لقول ابن عمر: (إذا قلد الرجل هديه فقد أحرم) قيد جواب المسالة بكونه قلد وتوجه وإيواء الحج أفاد أنه لو قلد واحدة منها لا يكون محرما فما في الإسبيجابي من أنه لو قلد بدنه لغير نية الإحرام لا يصير محرما ولو ساقها هديا قاصدا إلى مكة صار محرما بالسوق نوى الإحرام أو لم ينو مخالفة لعامة الكتب فلا يعود عليه، كذا في (الفتح (، قال في (البحر): وقد يقال: إن قصد مكة نية منه فلا يحتاج معه إلى أخرى فلا مخالفة وأقول: المعتبر في الإحرام إنما هو نية النسك ولا خفاء أن قصد مكة لا يستلزمه وفي (الإيضاح): السنة أن يقدم التلبية على التقليد لأنه إذا قلدنا فربما يصيب شارعا في الإحرام، والسنة أن يكون الشروع بالتلبية وهذا يجب حمله على ما إذا كان المقلد ناويا كما في (الفتح). (فإذا بعث بها ثم توجه إليها لان أي: لا (يصير محرمًا) سواء ساقها أو لا كما في رواية (الجامع) وفي (الأصل) ويسوقه ويتوجه معه قال فهو الإسلام: هذا أعني ذكر السوق أمس اتفاقي إنما الشرط أن يلحقه ولا يخفى بعد هذا التمويل، ولذا لم يلتفت

فرع

حتى يلحقها إلا في بدنة المتعة وإن جللها أو أشعرها، أو قلد شاة لم يكن محرمًا، والبدن من الإبل والبقر. ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه من أثبت الخلاف وبهذا التقرير علمت أن قوله في (الفتح)، في قول (الهداية) فإن أدركها وساقها أو أدركها ردد بين السوق وعدمه لاختلاف الرواية، ثم ذكر ما مر عن (الأصل) قال: وهو أمر اتفاقي فيه مؤاخذة ظاهرة إن كونه أمرا اتفاقيا يرفع الخلاف الذي حكاه أولا في (البحث) والظاهر يعني رواية (الجامع) لأن فعل الوكيل بحضرة الموكل كفعل الموكل كذا علل به في (فتح القدير) وقد يقال: لا حاجة إليه لأنه لا يصيب محرمًا باللحوق بلا سوق أحد، وهذا التعليل إنما هو على قول من يشترطه مع اللحوق، وأقول: هذا سهو إذ ليمين موضوع رواية (الجامع) إن غيره ساق بل لو لم يسفها أحد بعدما لحقها صار محرما على رواية (الجامع) وليس في (الفتح) تعليل ما في (الجامع) بهذا إنما ذكر مسألة مبتدئة بعدما حكى الخلاف وهي أنه لو أدركها ولم يسق وساق غيره فهي كسوقه لأمن فعل الوكيل بحضارة الموكل كفعل الموكل انتهى، نعم يحبذ أن يكون هذا مفرعا على رواية (الأصل) انتهى. واعلم أنه لو وصل إلى الميقات ولم يلحقها لزمه الإحرام بالتلبية من الميقات ولا إثم للحوق بعد ذلك ذكره بعض المتأخرين وهو حسن، إلا في بدنة المتعة استثناء من قوله: وحتى يلحقها) أي: فإنه يصيب محرمة بمجود التوجه إليها استحسانا لأن هذا الهدي من خصائص الحج وضعًا لا فرق في ذلك بين المتعة والقران، غير أنه اقتصر على الأول لأنه المذكور في القرآن، ولما كان التمتع في غير أشهر الحج غير معتد به أغناه ذكر المتعة عن اشتراط كون التقليد والتوجه في أشهر الحج أفإن جللها) أي: البدنة يعني ألبسها الجل (أو أشعرها)، الإشعار هو إعلامها بالإدماء بالجرح أنها هدي وما في (العناية) من أن إعلامها بشيء أنها هدي من الشعار بمعنى العلامة تسامح لما سيأتي في أنه مكروه، وليس الإعلام بغير الإدماء مكروهًا (أو قلد شاة لم يكن محرمًا)، لأن شيئا من ذلك ليس من خصائص الحج إذ التحليل وإن ندب إلا أنه يكون لدفع الأذى والإشعار مكروه عند الإمام على ما سمياتي وعندهما وإيه كان حسنًا إلا أنه يفعل للمعالجة، وتقليد الشاة سنة والتقليد أحب من التحليل، لذكره في القرآن. [21] فرع اشترك جماعة في بدنة فقلدها أحدهم صاروا محرمين إن كان بأمر البقية وممارسا معها كذا في (الفتح). (والبدن من الإبل) بلا خلاف (و) من (البقر) عندنا لما في (مسلم) عن جابر: (أنا ننحر البدنة عن سماعة فقيل: والبقرة فقال: وهل هي

باب القران

باب القران هو أفضل، ثم التمتع، ثم الإفراد ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا من البدن) وقول المطرزي: البدنة في اللغة من الإبل خاصة معارض بقول الخليل في العيني والجوهري وابن الأثير في (النهاية) البدنة ناقة أو بقرة قال النووي: وهو قول أكثرا أهل العلم، فإن قلت: ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: (من راح يوم الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة) يفيد التغاير بينهما أجيب عنه بأن التخصيص باسم خاص لا يمنع الدخول تحت العام كقوله: (من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل) [البقرة:98]، كذا في (الغاية) وغيرها والذي ينبغي أن يقال في الحديث: أريد بالبدنة الواحدة من الإبل خاصة من إطلاق العام وإرادة الخاص بدليل المقابلة وبه يحصل التفاوت فتدبوه، وأبو الخلاف يظهر فيما لو نذر بدنة ولا نية له والله الموفق للصواب وإليه الموجع والمآب. [23] باب القرآن أخره عن الإفراد وإن كان أفضل لتوقف معرفته على معرفة الإفراد قال في (المغرب): وهو مصدر قرن بين الحج والعمرة إذا جمع بينهما وفي (الصحاح (قرن بين الحج والعمرة قرانه بالكسر وقرنت البعيرين أقرنهما قرانه إذا جمعتهما في حبل واحد وذللت الحبل يسمى القران وقرنت الشيء بالشيء وصلته وقرنته صاحبته، ومنه قران الكواكب. (هو) أي: القرآن (أفضل) من التمتع فوق الإفراد أولى، (ثم التمتع) أفضل من الإفراد بالعمرة وأفهم كلامهم جواز الكل ولا خلاف في ذللت إنما الخلاف فيما هو الأفضل فظاهر الرواية كما هنا، وروى الحسن أفضلية الإفراد على التمتع ونسب إلى الشافعي ومالك أن الإفراد أفضل ثم التمتع ثم القرآن، وقال أحمد: التمتع أفضل (ثم الإفراد) ومنشأ الخلاف اختلاف الصحابة في حجته محليه الصلاة والسلام، ورجح علماؤنا أنه كان قارنا إذ بتقديمه يمكن الجمع بين الروايات بان ما روى الإفراد سمعه يلبي بالحج وحد هـ، ومن روى التمتع سمعه يلبي بالعمرة وحدها، ومن روى القرآن

وهو أن يهل بالعمرة، والحج من الميقات ـــــــــــــــــــــــــــــ سمعه يلبي بهما، ونظيره ما هو في إهلاله عليه الصلاة والسلام وأيضًا في (الصحيحين) عن عمر سمعته عليه الصلاة والسلام بوادي العتيق يقول: (أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل عمرة في حجة) ومعلوم أنه لا بد له من امتثال ما أمر به في مقامه الذي هو فيه. واعلم أن من فضل الإفراد يحتمل أن يريد به إفراد الحج فقط والعمرة أو كل منهما بإحرام إلمام صحيح بينهما على حدة قال في (النهاية): والمواد الثالث استدلالا بمواضع الاحتجاج لقولهم في دليله: إن ما في الإفراد زيادة الإحرام والسفر والحلق وهذا لا يكون إلا بالإحرام ... ؟ الكل ولقول محمد: لأن إحرامهما لو اتحد لكان هو القرآن، ورده الشارع بأنه إنما قاله حرزا واستدلالا بمواضع الخلاف لا نقلاً وإطلاقهم أفضلية الإفراد يرده لأن ظاهره يراد به الأفراد بالحج وأيضا لو كان كما قال وكان محمد مع الشافعي أو كلهم كانوا معه لأن محمدًا لم يبين أن قولهما خلاف ذلك فيحتمل أن يكون مجمعا عليه انتهى، لكن جزم في (فتح القدير) بما في (النهاية) وهو الحق فقد قال النووي: الصواب الذي نعتقده أنه- صلى الله عليه وسلم- أحرم بالحج مفردًا ثم أدخل عليه العمرة فصار قارنًا)، وهذا الإدخال وإن كان لا يجوز لنا على الأفصح، إلا أنه يجوز له- صلى الله عليه وسلم- للحاجة، ويؤيد ذلك أنه لم يعتمر تلك السنة عمرو مفردة لا قبل الحج ولا بعده، وقدمنا أنه لا خلاف أن القران أفضل من إفراد الحج بلا عمرة ولو جعلت حجته صلى الله عليه وسلم مفردة لزم أن لا يكون اعتمد تلك السنة ولم يقل أحد أن الحج وحده أفضل من القران انتهى، ولزوم كون محمد مع الشافعي ممنوع لما أنه يفضل الإفراد سواء أتى بالنسكين في سافرة واحدة أو في سفرتين ومحمد إنما فضله إذا اشتمل على سفرتين كذا في (البحر) وبه استغنى عما في (الحواشي السعدية (من أنه يجوز أن يكون معه على هذه الرواية وأما لزوم كون الكل معه فممنوع بقوله عندي. (وهو أن يهل) أي: يحرم، وعدل عنه إيماء إلى أنه يرفع صوته بالتلبية (بالعمرة والحج) أي: يجمع بينهما في الإحرام حقيقة أو حكما بان يحرم بالعمرة أولا ثم بالحج قبل أن يطوف لها الأكثر، أو محبسه بان يدخل إحرام العمرة على الحج قبل أن يطوف به، وهو مسيء في الثاني، (مق الميقات) اتفاقي إذ لا يشترط في الجمع الحقيقي ولا الحكمي أن يكون كذلك حتى صح من دويلة أهله بل هو الأفضل كذا

ويقول اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما مني ويطوف ويسعى لها ثم يحج كما هو فإن طاف مهما طوافين، وليعي سعيين جاز، وأساء ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الثسرح) وفي (البحر) أراد بالميقات مكة وما كان في حكمها وذكره إشارة إلى أن القارن لا يكون إلا آفاقيًا، وهذا أحسن من كونه اتفاقيًا، (ويقول: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني) بالنصب عطف على يهل والمراد به النية لا التلفظ فهو من تمام الحد، وبالرفع استئناف بيان للسنة إذ السنة للقارئ بها كذا في (البحر) انتهى. وأقول: فيه نظر ظاهر لأنه وإن أريد بالقول النفسي لا يتم لما هو أن الإرادة غير/ النية فالحق أنه ليس من الحد في شيء، ولم يبين ما به يصير القارة داخلا في الإحرامين اكتفاء بما مر في إحرام الحج، إذ النية مع التلبية لا يختلف الحال فيهما بين أن يكون بحج أو عمرة، وما أحسن قول صاحب (الهداية) ويقول بعد صلاة الركعتين إلى آخره، وحذفه المصنف هنا استغناء بما مر في الحج، وهذا لأن الواو لا تفيد ترتيبًا (ويطوف) لمطبعة أشواط يحمل في الثلاثة الأول منها (ويسعى) مهرولاً بين الميلين الأخضرين كما مر، (لها) أي: للعمرة. (ثم) بعد ذلك (يحج كما مر)، فيبدأ بطواف القدوم ويسعى بعده إن شاء، وفيه إيماء إلى أنه يقدم أفعال العمرة وهذا على وجه الوجوب، حتى لو نوى الطواف للحج لم يكن إلا لها لقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) [البقرة: 196] جعل الحج غاية وهو في معنى المتعة لأن فيها ترفقه بأداء النسكية أيضًا فالحق به دلالة، وقرر في (فتح القدير) أن تقديم العمرة في القوات مستفاد من نظم الآية لا بإلحاق، ولا يتحلل بالحلق لأنه يكون جناية على إحرام الحج كذا في (الهداية) والظاهر أنه جناية على الإحرامين، وفي (المنتقى) عن محمد في قارن طاف لعمرة ثم حلق فعليه عمان، ولا يحل من عمرته بالحلق، ويؤيده أن المتمتع الذي ساق الهدي لو حلق بعد ما فرغ من أفعال العمرة وجب عليه دم ولا يتحلل بذلك من عمرته، بل يكون الحلق جناية على إحرامها مع أنه ليس محرمًا بالحج فهذا أولى. (فإن طاف لهمام) أي: الحج والعمرة (طوافين) لعمرته متوالية بلا سعي بينهما (وسعى سعيين) متواليين أيضا وعبارته في (الجامع الصغير) القارئ لو طاف طوافين لعمرته وحجته ثم سعى تعيين يجزئه وقد أساء أزهى، إذ فرض المسالة فيما لو أتى بالسعي بعد الطواف والواو لا تفيد هذا المعنى (جاز) لأبنه أتى بمايو المستر (وأساء) بتأخير سعي العمرة وتقديم طواف التحية عليه، كذا في (الهداية)، وهو ظاهر في أن المراد بأحد التوافيق القدوم وعليه جرى في (المبسوط) وغيره، إلا أن

وإذا رمى يوم النحر ذبح شاة، أو بدنة، أو سبعها وعام العاجز محنه ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة ـــــــــــــــــــــــــــــ لفظ الإجراء في كلام محمد أن المراد بأحد الطوافين طواف الزيارة بأن أتى بطواف العمرة ثم استقبل بالوقوف بها طاف للزيارة يوم النحر ثم سعى أربعة عشر شوطا، ويدل محلى ذللت قوله في جواب المسالة يجزئه، إذ المجزئ عبارة محمد يكون كافيا في الخروج عق عهدة الفرض، ولا يحصل الإجراء بالإتيان بالسنة وترك الفرض وقولهم: إن القارئ يطوف طوافين ويسعى سعيين وليس المراد بهما إلا طواف العمرة والزيارة، فإن قلت: المراد بالإجراء معناه اللغوي وهو الاكتفاء به يرده التعليل بقوله: لأنه أتى بما هو المستحق عليه، إذ ظاهره أن المراد به المعنى الاصطلاحي، لقائل أن يقول: معنى قول محمد يجزئه أي: ما فعله من الإتيان بالسعي الواجب عليه للعمرة وإن قدم طواف الحج عليه لأن وصل سعي العمرة بطوافها غير واجب وهو المعني بقول صاحب (الهداية) لأنه أتى بما هو المستحق عليه، وهذا لأن محط الفائدة أن سعره صحيح لكنه مسيء بتقديم طواف الحج عليه، وبهذا اكتفينا مؤونة التعبير بالإجراء فتدبر، ولا دم إجماعًا. (وإذا رمي) جمرة العقبة (يوم النحو ذبح شاة) قبل الحلق، فإن حلق قبله لزمه دم عند الإمام وأفاد كلامه أن الذبح قبل الرمي لا يجوز، لوجوب الترتيب، (أو بدنة أو سبعها) وهو جزء من سبعة أجزاء لقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استفسر من الهدي) [البقرة: 196]، فإما أن التمتع يشمل القرآن العرفي أو أنه لحق به دلالة لأن وجوبه في المتعة أشكو نعمة إطلاق التدفق بهما، وفي (الصحيحين): (نحرنا البعير عن سبعة والبقرة عق سبعة) ولا بد من إرادة الكل للقربة وإن اختلف جهتها، حتى لو أراد أحدهم اللحم لم يجز كما سيأتي في الأضحية، والجزور أفضل من البقرة والبقرة أفضل من الشاة كذا في (الخانية) وغيرها، (وصام العاجز عنه) أي: عن الهدي (ثلاثة) وهو متفوقة لقوله تعالى: (فصيام ثلاثة أيام في الحج) [البقرة: 196] أي: في وقته لاستحالة كون أعماله ظرفا له. وأفاد بقوله؟ (آخرها يوم عرفة) أن صومها بعده لا يجوز، فقوله في (البحر): أرادوا به بيان الأفضل فيه نحو، نعم لم يبين أول وقته ولا شك أنه بعد الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، وإنما كان الأفضل تأخيرها إلى الثلاثة الأخيرة رجاء وجود الهدي، حتى لو قدر عليه في خلالها أو بعدها قبل يوم النحر لزمه وبطل الصوم لا إن قدر عليه

وسبعة إذا فرغ ولو بمكة، فإن لم يزعم إلى يوم النحر تعيق الدم، وإن لم يدخل مكة، ووقف بعرفة فعليه دم بعرفة فعليه دم لرفض العمرة ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد الحلق، قبل صوم السبعة في أيام الذبح أو بعدها، ولو صام معه إن بقي يوم النحر لم يجب وإلا جاز. (و) صار أيضا وسبعة إذا فرغت منها أي: من أفعال الحج (ولو) كان صومه إياها (بمكة) 1 لقوله تعالى: (وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) لأالبقرة196] وفائدة الأخبار بأنها عدوة دفع توهم كون الواو في سبعة بمعنى أو كاملة، أي: في الثواب وفي كلا e. إيماء إلى تفسير الرجوع بالفراغ عن الأفعال لأنه سبب للرجوع فذكر المسبب وأراد السبب مجازي، بدليل أنه لو لم يكن له وطن بأن استمر على السياحة وجب عليه صومها بهذا النص إجماعي، وكذا لو رجع إلي مكة غير قاصد الإقامة بها حتى تحقق رجوعه إلى غير أهله ثم بدا له اتخاذها وطني كان له أن يصوم بها إجماعا أيضا، مع أنه لم يتحقق منه الرجوع إلى وطنه بل إلى غيره كذا في (الفتح) قال بعض المتأخرين: والأقرب للصواب أن يوجد به المعنى الحقيقي وهو الرجوع من منى بالفراغ عن أفعال الحج لتقدم ذكره. وأقول: لا يخفى أن الداعي لهم إلى تفسير الرجوع بالفراغ عن الأفعال دون الرجوع إلى الأهل المراد الأصولي دون الثاني ولا شك أن تفسره بما قال لا يطرد إذ الحكم يعم المقيم بمنى أيضًا ولا رجوع منه إلا بالفراغ عق الأفعال فما قاله المشايخ أولى، أفإن لم يصم) الثلاثة (إلى يوم النحر تعيق الدمج ولم يجب الصوم مطلقًا لأن الهدي أصل وقد نقل حكمه عند العجز عنه إلى بدء موصوف بصفة خاصة على خلاف الأصل، إذ لا مماثلة تعقل بينهما فواعينا تلك الأوصاف فعند التعذر وجب المصير إلى الأصل، وهذا إنما يتم في السبعة على قول الرازي، أما على قول غيره من أن صوم السبعة ليعمل بدلا بدليل جوازها مع وجوده فلا، لكن لا كلام أنه مقيد بتقدم الثلاثة أفإن لم يدخل مكة) كنى به عن عدم إتيان القارة بأكثر طواف العمرة، إذ الغالب أن الداخل المعتمد يأتي به فلا يرد عليه أنه لو دخلها ولم يأت به فالحكم كذلك، (ووقف بدرفة) بعد الزوال كما قيد به الحاكم قال في (الفتح): وهو حق لأن ما قبله ليعمل وقتا للوقوف فحلوله فيه كحلوله في غيره، وقيد بالوقوف لأنه لا يكون رافضا لها بمجرد التوجه في الصحيح خلافا لما روى الحسن قياسًا على الجمعة والصرف على الظاهر أن ثالث منهي عنه وهذا مأمور به فأقيم بما هو من خصوصيات الشيء مقامه مساوى عد إلى التخلص من الحرمة (فعليه دم ترفض العمرة) لتعذر أدائها إذ لو فعل لصار بانيًا أفعالها علي، أفعال الحجه وهو خلاف المشروع، لكنه تحلل منها

باب التمتع

وقضاؤها. باب التمتع وهو أن يحرم بعمود من الميقات فيطوف لها، ويسعى، ـــــــــــــــــــــــــــــ بغير طواف فوجب عليه دم كالحصر، وفيه إيماء إلى سقوط دم القرآن عنه، (و) عليه (قضاؤها) لأن الشروع فيها مهزوم كالنذر والله الموفق للصواب وإليه الموجع والمآب. [25] باب التمتع ذكره عقب القران لاقترانهما في معنى النفع بالناسكين، وقدم القران لمؤيد فضله وهو لغة من المتاع أو المتعة وهو الانتفاع أو النفع، وشرعت الترفق بأداء النسكين في سفر واحد من غير أن يلم بأهله بينهما إلماما صحيحه كذا في (الهداية) واعترضه الإتقاني بأنه غير مانع لدخول من ترفق بهما في غير أشهر الحج في سفر واحد ومن ترفق بهما في أشهر الحج من عامين وليسا متمتعين، وعن هذا عرفه الشارح بأن يفعل أفعال العمرة في أشهر الحج ثم يحج من عامه ذلك من غير أن يلم بأهلها إلمامًا صحيحًا، واستغنى بقوله: من غير أن يلم إلى آخره عن قوله في سفر واحد لأن أحدهما يغني عن الآخر، وأجاب في (العناية) بان ما ذكره تفسيره وما أورد شرطه وسيذكره، بعض المتأخرين بأنه لا بد في التفسير من ذكر الشروط وبتقدير الاكتفاء بما هو الركن لا وجه للتعرض لبعض الشروط، قال في (الحواشي السعدية): ويرد عليه أيضًا أنه غير جامع لعدم تناوله من توفق بهما وقد ألم إلمامًا غير صحيح مع أنه متمتع عند الإمام والثاني، وأنه يصدق على القارئ أيضا وأجاب عن الأول بان المواد في سفر واحد حقيقة أو حكماً وعن الثاني بأن القران غير محدود. وأقول: ويرد على الكل فائت الحج إذا أخر التحلل بعمرة إلى شوال فتحلل بها فيه وحج من عامة ذلك لا يكون متمتعًا مع صدق التعريفين عليه، ولا سيما على تعريف الشارح ولذا قال في (الفتح): والمراد من العام عام الفعل لا عام الإحرام، فقد روى ابق سماعة عن محمد فيما أحرم بعمرة في رمضان وأقام محلى إحرامه إلى شوال من قابل فطاف لعمرته فيه ثم حج من عامه كان متمتعًا، والحيلة لمن دخل مكة محرما بعمرة قبل أشهر الحج يريد التمتع أنه لا يطوف بل يصبو إلى أن تدخل أشهر الحج ثم يطوف؛ فإنه متى طاف وقع عن العمرة ثم لو أحرم بأخرى بعد دخول أشهر الحج وحج من عامه لم يكن متمتعا في قول الكل، لأنه صار حكمه حكم أهل مكة بدليل أنه صار ميقاته ميقاتهها، إذا تطور هذا فقول المصنف: (وهو أن يحرم بعمرة من الميقات فيطوف لها ويسعى) ليس محلى إطلاقه بل لا بد من كون الطواف أو أكثره في

ويحلق، أو يقصر وقد حل منها، ويقطع التلبية بأول الطوال، ثم يحوم بالحج يوم التسوية من الحرم ويحج ويذبح فإن عجز فقد ما فإن صام ثلاثة من شوال فاعتمر لم يجبه عن الثلاثة، وصح أو بعد ما أحرم بها قبل أن يطوف ـــــــــــــــــــــــــــــ أشهر الحج كما هو والاعتذار/ عنه بأنه إنما أطلقه لما سيصرح به في هذا الباب أ) (ويحلق أو يقصره جعله ذلك من صفته ظاهر في لزومه وليس كذلك، بل لو أخره حتى أحرم بالحج وحلق بمنى كان متمتعا كذا في (الفتح) وقوله في (البحث): إنما ذكره لبيان تمام أفعال العمرة لا لأنه شرط فيه خروج عن الظاهر بلا دليل، ولو قيل: إنما قاله ليقابل به قوله بعد في المتمتع الذي سادتي الهدي ولم يتحلل إلى آخره بيان للفرق بين المتعين لم يبعد. (ويقطع التلبية بأول الطواف) لأنه عليه الصلاة والسلام (كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر) رواه أبو داود (ثم يحرم بالحج) فيه إيماء إلى أن إحرامه به بعد الفراغ من أفعالها غير شرط بيوم النووية من الحرمة لأنه في معنى المكي، وكونه من المسجد أفضل ومكة أفضل من غيرها، ولم يقل: وقبله أحب مع أنه كذلك مسارعة إلى الخير اكتفاء بما سيأتي فيمن ساقا الهدي لأنهما لا يختلفان فيه، ثم يحج لا بد أن يقول: من عامه ذلك لما مر وما في (البحث) من أنه إنما حذفه للعلم به ففيه نظر ظاهر، ثم إذا حج فعل ما يفعله المفرد إلا طواف القدوم وقول صاحب (الهداية): لو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحج طاف ولمعنى قبل أن يروح إلى منى لم يعمل في طواف الزيارة ولا يسعى بعده لأنه قد أتى بذلك مرة لا يدل على مشروعية طواف القدوم للمتمتع كما توهمه صاحب (العناية) إنما دلالته على أن السعي لا يكون إلا بعد طواف لا بقيد كونه طواف القدوم، حتى لو تنفل بطواف ثم سعى بعده سقط عنه طواف الحج نبه على ذلك في (فتح القدير). (ويذبح فإن عجز) عن الذبح (فقد مر) في القوات أفإن صام ثلاثة) أيام (من شوال) قبل أن يحرم بالعمرة دل على ذلك قوله: (فإن اعتمر) أي: أحرم بعمرة ولم يقل ثم اعتمر لأنه إذا لم يجد مع التعقيب فمع التراخي أولى (لم يعجز عن الثلاثة) لأنه تعجيل قبل وجود السبب أعني التمتع، بمعنى الترفق لأداء النسكين، ولم يطلق عدم الجواز لأنه يجوز نفلاً (وصح لو) صامها (بعد ما أحرم بها قبل أن يطوف)، لأنه بعد وجود السبب قيد بكونه في، أشهر الحكم لأنه قبلها لا يجوز مطلقا، أعنى سواء أحرم

فإن أراد سوق الهدى أحرم وساق وقلد بدنته بمزادة، أو نعل ولا يشعر، ولا يتحلل بعد عمرته، ........ ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لا، وقد مر أن الأفضل تأخيره إلى سابع الحجة لرجاء القدرة على الهدي، (فإذا أراد سوق الدنة) بيان للنوع الثاني من نوعي التمتع وهو الأفضل اقتداء به عليه الصلاة والسلام وأخره لما فيه من زيادة وصفه وتقديم الذات أولى (أحرم) أي: أتى بالإحرام وهو النية مع التلبية يعني إحرام العمرة (وساق) الهدي بعده لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك بذي الحليفة، قال في (البحر): والواو هنا بمعنى ثم لادن الأفضل أن لا يحرم بالسوق والتوجه بل بالتلبية والنية ثم السوق. وأقول: ليس في كلامه بتقدير إبقاء الواو على بابها ما يدل على ما ادعاه لأنها لمطلق الجمع، وظاهر أن معنى أحرم أتى به وهو إنما يكون والنية مع التلبية لأنه شرع فيه لا كما توج به في (البحر) والسوق أفضل من القوة إلا إذا تعذر وقلد بدنته بمعادة وهي قطعة من أدم وأو نعلم لابنه عليه الصلاة والسلام (قلد بدنته) وقد مر أنه أفضل من التحليل لأن له ذكرت في القوين، وأشار إلى أن الغنم لا تقلد، (ولا يشعر) بدنته عند الإمام، فإن فعله كره تحريمًا وقالا: إنه حسن يعني أدون من السنة، وهو لغة الروح حتى يسيل منه الدم كما هو ظاهر كلام الجوهري وغيره، وعوفا ضربها بالحربة في أحد سنامها حتى يخرج منه الدم ليلطخ به سنامها فقيل: في الجانب الأيمن واختاره القدومي، والأشبه بالصواب كونه في الجانب الأيسر، وجعله فخر الإسلام الأول عن الشافعي، والثاني عن أئمتنا، ونسب في (الكافي) الثاني إلى الثالث والأولي إلى الشافعي وقدم القدوري قولهما، قيل: لأنه يرى أن الفتوى ذلك لما اشتهر في إشعاره عليه الصلاة والسلام. وما قيل من بدأ تعارض اللحوم وهو النهي عن المثلة والمبيح رد بمنع كونه مظلة للقطع بأنها ليست كل جرح بل ما تكون تشويها كقطع الوجه والأذنين، وما قيل: من أنها ما يصنع بالحيوان مما يصير به مثلة أو إيلام ما وجب قتله أو أبيح قتله فلا أصل له، والأولى ما قاله الطحاوي: إنه إنما كره إشعار أهل زمانه لأمنهم كانوا لا يحسنون مجرد شق الجلد بل يبالغون في اللحم حتى يكثر الألم ويخاف منه السراية وبه يستغني عن كون العمل على قولهما، (ولا يتحلل بعد عمرته) لخبر البخاري: (إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر) ولو حلق في هذه الحالة لزمه

ويحرم بالحج يوم التروية، وقبله أحب فإذا حلق يوم النحر حل من إحراميه، ـــــــــــــــــــــــــــــ دم ومقتضاه أنه ايلزمه كل جناية أتى بها على الإحرام، (ويحرم) المتمتع الذي ساق الهدي (بيوم التروية) ما مر فيما لم يعممه، (وقبله أحب) مسارعة إلى البر. (فإذا حلقة هذا المتمتع رأسه ويوم النحر حل من إحرامية)، يعني: إحرام العمرة والحج، وأورد أن إحرام العمرة لو بقي للزم القارة بقتل الصيد قبل الحلق بعد الوقوف عمان لكنه إنما يلزمه دم واحد، وأجيب بان إحرامها انتهى بالوقوف ولم يبق إلا في حق التحلل، لأن الله تعالى جعل الحج غاية إحرام العمرة ولا وجود للمضروب له الغاية بعد إلا ضرورة وهي ما ذكرنا فلم تقع الجناية محليه كذا في (النهاية)، واستبعده الشارح بقولهم: لو جامع القارن بعد الوقوف كان عليه بدنة للحج وشاة للعمرة، ولو بعد الحلق قبل الطواف لزمه شاتان. قال في (الفتح): وما في (النهاية) إنما هو قوة شموخ الإسلام ومن تبعه، وقد صرح به صاحب (النهاية) عنه في آخر فصل جزاء الصيد، وأكثر عبارات الأصحاب مطلقة وهي الظاهرة أن قضاء الأعمال لا يمنع بقاء الإحرام والوجوب إنما هو باعتبار أنه جناية على الإحرام، والفرع المنقول في الجماع يدل على ما قلنا، بل سنذكر عن الكتب المعتبرة عن بعضهم أن فيما بعد الحلق البدنة والشاة وعن بعضهم البدنة فقط ونبين ما هو الأولى، ثلاث ذكر في الجنايات عن الوبري إيجاب البدنة للحج ولا شيء عليه للعمرة، قال: ويظهر أنه الصواب من إحرام العمرة لم يعهد بحيث يتحلل منه بالحلق من مخير النساء، ويبقى في حقهن فإذا حلق، فلينظر بعد أفعالها حل بالنسبة إلى ما حرم عليه وإنما عهدنا ذلك في إحرام الحج فإذا ضخم إحرام العمرة إليه استمر كل إلى ما عهد له في الشرع فينطوي بالحلق إحراز العمرة بالكلية فلا يكون له موجب بسبب الولاء بل بالحج فقط انتهى، وهو ظاهر في بقاء الإحرام لها قبل الحلق فقط لا مطلقًا كما لو ظاهر ما في (الشرح). تم قال في (الفتح): إن شيخ الإسلام قيد لزوم الدم الواحد بغير الجماع وفي الجماع بعد الوقوف شاتين فلا يخلو إما أن يكون إحرام الصحوة بعد الوقوف يوجب الجناية محليه شيئا أو لا، فإن أوجب لزم شمول الوجوب وإلا فشمول العدم انتهى. ومن هنا قال في (البحر): تناقض كلا شموخ الإسلام. وأقول: يمكن أنه قائل بانتهائه بالوقوف إلا في حق النساء وقد نقل في (الغاية) معزيًا إلى (المبسوط) و (البدائع) والإسبيجابي لو جامع القارئ أول مرة بعد الحلق قبل طواف الزيارة كان عليه بدنة للحج وشاة للعمرة، لابن القارح يتحلل من إحرامين بالحلق إلا في حق النساء فهو محرم بهما في حقوق أيضا، وهذا يخالف ما ذكره في (الكتاب) و (شروح القدوري).

ولا تمتع ولا قرآن لمكي ومن حولها فإن عاد المتمتع إلى بلده بعد العمرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولا تمتع ولا قرآن لمكي ومن يليها) أي: مكة وإنما لهم الإفراد لقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) [البقرة: 196] بناء على عود اسم الإشارة إلى التمتع، والقرآن بمعناه لا إلى الهدي، ومن يليها ممن كان داخل الميقات في حكم حاضري المسجد الحرام، وإن كان بينهم وبينها مسيرة سفر نفى الصحة أو الحل، وبالتاني جزم في (غاية البيان) حيث قال: ومن تمتع منهم أو قرن كان عليه دم وهو دم جناية لا يأكل منه. وفي) التحفة) لو تمتعوا جاز وأساؤوا وعليهم دم الجبر: زاد في (السراج) ولا يجزئ عنه الصوم مع الإعسار وهكذا ذكر الإسبيجابي وعليه فاشتراط عدم الإلمام في المتمتع يعني المثاب عليه المستلزم لدم الشكو، إلا أن ظاهر كلامهم هو الأول وهو الموافق لقوله بعد: (فإن عاد المتمتع إلى بلده) إلى آخره وعليه فلا يتحقق العمرة منه في أشهر الحج، انه إذا لما يتحقق منه التمتع الشرعي لا يكون متعة منه إلا للعمرة لعدم امتناع الحكم، وقد صرح أصحاب المذهب بأن الوفاقي المتمتع لو عاد إلى بلده بطل تمتعه اتفاقا بين الإمام وصاحبيه وأن شرط التمتع مطلقا عدم الإلمام الصحيح ولا وجود للمشروط بدون شرطه، ولا شك أنهم قالوا بوجود الفاسد مع الإثم ولم يقولوا بوجود الباطل شرعا مع ارتكاب النهي، ومقتضى كلام أئمة المذهب أولى بالاعتبار من بعض المشايخ كذا في (الفتح) ملخصا، واختار منعها أيضا وإن لم يحج لكن لا يخفى أن ما استدل به من كلام أئمة المذهب لا يقتضي عدم تحققها منه بل عدم كونه متمتعا وهو الموافق لما سيأتي في إضافة الإحرام إلى الإحرام من أن المكي لو أدخل إحرام الحج على العمرة بعد أما طاف لها أو لم يطف ولم يرفض شيئا أجزأت لابنه أتى بأفعالها كما التزمه غير أنه منهي عنه، وبهذا عرف أنه يتصور الجمع بين العمرة والحج في حق المكي لكن لا على وجه التمتع والقران، وهذا هو المترجم له في الباب الآتي. وأعلم أن إطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن يسوق الهدي أو لا، لأن سوق الهدي إنما يمنع صحة الإلمام في حق الآفاقي لما أن العود واجب عليه، وليس المكي حصولك، وقد يتحقق القران منه إدا خرج إلى الكوفة وأحرم بحجة وعمرة لأنهما ميقاتيتان حينئذ وقيده المحبوبة بما إذا خرج قبل أشهر الحج أما إذا خرج بعدها فقد منع من الميقات فلا يتغير بخروجه منه بخلاف المتمتع لوجود الإلمام وسيأتي لهذا إضافة بيان في باب الإضافة، وإن عاد التمتع أي: مريد التمتع إلى بلده (بعد العمرة) أي: بعد الفراغ من أفعالها.

ولم يسق الهدي بطل تمتعه، وإن ساق لا، وهن طاف أقل أشواط العمرة قبل أشهر الحج وأتمها فيها وحج كان متمتعًا وبعكسه لا، وهي شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة، ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) الحال أنه اسم يسق الهدي بطل تمتعها فيه تجوز ظاهر إذ بطلان المسيء فرع وجوده ولا وجود له مع فقد شرطه فلو قال: لم يكن متمتعا لكان أولى، قيد بالمتمتع لأن القارئ لا يبطل قرانه بعوده، وببلده لأن عوده إلى غيرها لا يبطله عند الإمام وسويا بينهما، وبقوله بعد العمرة لأبنه لو عاد قبل أن يطوف لها أو بعد ما طاف الأقل لم يبطل وكذا لو عاد قبل لأن العود مستحق عليه عندهما ومندوب عند الثاني، (وإن ساق) الهدي الآن يبطل تمتعه بعوده عندهما خلافا لمحمد لأن العود مستحق عليه ما دام على نية التمتع، لأن السوق يمنعه من التحلل فلم يصح إلمامه كذا في (الهداية)، وفي قوله ما دام إيماء إلى أنه لو بدا له بعد العمرة أن لا يحج في عامه كان له ذلك لابنه لم يحرم بالحج بعد، وإذا ذبح الهدي أو أمر بذبحه وقع تطوعي أما إذا لم يعد إلى بلده وأراد نحر الهدي والحج من عامه لم يكن له ذلك، فلو فعل وحج من عامه لزمه دم التمتع ودم آخر لإحلاله قبل يوم النحر، كذا في (المحيط). (ومن طاف أقل أشوط العمرة قبل أشهر الحج وأتمها) أي: الأشواط (فيها) بأن طاف فيها أربعة أشواط بعد ما طاف قبلها ثلاثة (وحج) من عامه ذلك (كان متمتعًا)، لأنه أوقع أكثر طوافها في أشهر الحج، (وبعكسه) وهو ما لو طاف الأكثر قبلها والا قل فيهاش لان أي: يكون متمتعًا، لأن المتعة اختصت بأفعال العمرة في أشهر الحج ولم يوجد، لا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك الطواف جنبًا أو محدثًا ثم يعيده فيها أو لا لأن طواف المحدث لا يرتفع بالإعادة وكذا الجنب على قول الكرخي والرازي وإن قال بارتفاعه، إلا أنه ثمة منع منه مانع أو تعلق المنع به عن المتعة في هذا السفر، كذا في (المحيط): ودل كلامه أن الاعتمار قبل أشهر الحج مانع من التمتع سواء اعتمر بعد ذلك فهي أشهر الحج أو لا وأن إنشاء الإحرام فيها غير شرط، وهل هذا الشرط في القران أيضًا؟ قال في (المحيط): لا، أي: أشهر الحج المفادة بقوله تعالى: (الحج أشهر معلومات) [البقرة: 197] شهران وبعض الثالث روي ذلك عن المبادلة وغيرهم وإلى ذلك أشار بقوله: (شوال) سمي به أشول أرباب اللقاح فيه، (وذو القعدة) بفتح القاف وكسرها سمي بذلك لأن العرب كانت تقعد عن القتال فيه، (وعشر ذي الحجة). أما كون شوال وما بعده منها مع أن الحج لا يصح فيهما فلصحة بعض أفعاله فيهما ألا ترى أن الآفاقي لو قدم مكة في شوال وطاف للقدوم ثم سعى بعده أجزاه ذلك عن السعي الواجب في الحج، ولو فعل ذلك في

وصح الإحرام به قبلها وكره ولو اعتمر كوفي فيها، وأقام بمكة، ـــــــــــــــــــــــــــــ عشر ذي الحجة يوم النحر، وعن الثاني لا بدليل فوات الحج بطلوع فجره، ورد بأنه يبعد أن يوضع لأداء ركن عبادة وقت ليس وقتها ولا هو منه، وقد وضع لطواف الزيارة على أنه وقت للوقوف في الجملة بدليل ما قاله السروجي: لو اشتبه يوم عرفة فوقفوا ثم ظهر أنه يوم النحر أجرأهم لا إن ظهر أنه الحادي عشر، فإن قلت: كيف كان الشهران وبعض الثالث أشهراً؟ أجيب بان اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، أو نزل بعض اللهو منزلة كله قاله الزمخشري، قال بعض المتأخرين: والأول أوجه لما في الثاني من إخراج الثالث عن غير المراد، قال في (البحر): وما في (غاية البيان) من أنه عام مخصوص ففيه نظر، لأن أخص الخصوص في العام إذا كان جمعة ثلاثة، وأقول: الذي في (غاية البيان) ما لفظه يجوز أن يراد من العام الخاص إذا دل الدليل وقد دل نقلاً وعقلاً انتهى. والفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به خاص لا يخفى. (وصح الإحرام به) بالحج (قبلها) أي: الأشد هو لأنه شرط فأشبه الطهارة في حق جواز التقديم/ على الوقت لا مطلقة، ألا ترى أن الصبي لو بلغ بعده لا يجوز له أداء الفرض به بخلاف ما لو بلغ بعد التوضؤ، وإنما لم يجز تقديم تكبيرة الإحرام على القول بشرطيتها لاتصالها بالأفعال، (وكره) اختلف المتأخرون في المعنى الذي لأجله كره التقديم فكان ابن شجاع يقول: لابنه أحرم قبل الوقت، وكان الفقيه أبو عبد الله يقول: لأنه لا يأمن من مواقعة المحذور وأما إذا أمن ذلك لا يكره، كذا في (الذخيرة) وفيها لا يكوه الإحرام بالحج يوم النحو ويكره قبل أشهر الحج. أقول: فيه إفادة أن المراد بالوقت وقت الحج ولون عام مضى، إلا أن الظاهر ما قاله الفقيه إذ لا معنى لكراهة فعل شرط قبل وقت شروطه إلا كما قال، ولذا لم يعرج أكثر الشواء على غيره وإحرامه يوم النحر ينبغي أن يكون مكروهًا حيث لم يؤمن وإن كان في أشد هو الحج وما في (الكتاب) مقيد بذلك، وإطلاقه يفيد التحويم، وقد صرح في (النهاية) ساءته (ولو اعتمر كوفي) أي: آفاقي لا بخصوص كونه منسوبة إلي الكوفة (فيها) أي: في أشتهر الحج اتخذه دارا بان نوى الإقامة فيه لمعمعة عشر يوما أو لا كما في (البدائع) وغيرها (و) حج من عامه ذلك كان متمتعًا أما إذا وأقام بمكة) أو دخل المواقيت فلانا ترفق بنسكين في سفر واحد في أشهر الحج وهو آية التمتع، وأما إذا أمام خارجها فذكر الطحاوي أن هذا قول الإمام، وعندهما لا يكون متمتعا لأنه من كانت عمرته ميقاتيًا وحجته مكية وله أن حكم السفر الأول قائم ما لم يعد إلى وطنه، وأثر الخلاف يظهر في لزوم الدم وغلطة الرصاص في نقل الخلاف بل

أو ببصرة، وحج صح تمتعه، ولو أفسدها فأقام بمكة وقضى وحج لا إلا آن يعود إلى أهله، وأيهما أفسد مضى فيه، ولا دم عليه، ولو تمتع، وضحى لم يجزه عن المتعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون متمتعًا اتفاقًا، لأن محمدًا ذكر المسالة ولم يحك فيها خلافًا قال أبو اليسر: وهو الصواب وفي (المعراج): إنه الأصح، لكن قال في (الحقائق)؟ كتير في مشايخنا قالوا: الصواب ما قاله الطحاوي وقال الصفار: كثيرًا ما جربناه فلم نجده غالطًا وكثيرًا ما جربنا الجصاص فوجدناه غالطًا، قال الشارح: والمسألة الآتية تؤيد ما حكاه الطحاوي، قيد بالكوفي لكن المكي لا تمتع له، وبأشهر الحج لأنه لو اعتمر قبلها لا يكون متمتعًا اتفاقًا أيضًا إن لم يكن ساق الهدي، قال في (البحر): ولو قال: وخرج إلى البصرة كما في (المجمع) لكان أولى لأن الحكم عند الإمام لا يختلف بيق الإقامة وعدمها والأول محل الخلاف، وفي الثاني يكون متمتعًا اتفاقًا كما في (المصفى). وأقول: فيه نظر لأن إذا لم يبطلا (تمتعه) بالإقامة فبعدمها أولى، والتقييد بالخروج لا يفهم الحكم فيما لو أقام، فما هنا أولى، (ولو أفسدهما) أي: أفسد الكوفي العمرة السابقة بأن جامع قبل أفعالها (وأقام بمكة) ليس بقيد والمواد بموضع لا أهل له فيه دل على ذلك قوله إلا أن يعود (وقضى) عمرته (وحج) من عام ذلك، (لا) أي: لا يكون متمتعًا لأن سفره انتهى بالفاسدة، وصارت عمرته الصحيحة مكية ولا تمتع لأهل مكة (إلا أن يعود إلى أهله) بعد ما أفسدوا وحل لأنها ثم رجع فيقضيها ويحج من عام، فإنه يكون متمتعًا لأن عمرته حينئذ ميقاتية وحجته مكية، وقالا: إن خرج من مكة وجاوز الميقات ثم عاد كان متمتعًا وإن لم يعد إلى أهله، لأنه لما وصل إلى موضع لأهله التمتع التحق بهم، وله أنه باق على السفر الأول ما لم يرجع إلى وطنه وقد انتهى بالفاسدة، وفي كلامه إيماء إلى أنه أفسدها في أشهر الحج بخلاف ما لو أفسدها قبلها ثم خرج قبل أشهر الحج وقضاها فيها وحج من عامة كان متمتعًا، وهذا القيد لا بد منه ليتم الحصر والله الموفق. (وأيهما) يعني النسكين من الحج أو العمرة (أفسد) الكوفي المتمتع (مضي فيه) لأنه لا يمكنه الخروج عن عهدة الإحرام بالأفعال أي: أفعال الحج فيما إذا أحرم به وأفسده، وأفعال العمرة كذلك وقول بعض الشارحين أي: أفعال العمرة لأن فائت الحج يتحلل بأفعالها ود بما سيأتي أن من أفسد حجه لؤمه شاة وأن يمضي فيه لولا دم عليه) للمتعة، لأنه لا يترفق بأداء نسكين صحيحين، (ولو تمتع) الشخص (وضحى لم يجز) تلك الأضحية (عن) دم (المتعة)، لأنه أتى بغير الواجب عليه إذ لا أضحية على المسافر ولم ينو دم التمتع، والتضحية إنما تجب بالشراء بنيتها أو الإقامة ولم يوجد واحد منهما وعلى فرض وجوبها لم يجب أيضا لأنهما غيران، فإذا نوى عن

باب الجنايات

ولو حاضت عند الإحرام أتت بغير الطواف، وهو عند الصدر تركته كمن أقام بمكة. باب الجنايات ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما لم يجز محن الآخر كذا في (الدراية) وفيه تصريح باحتياج دم المتعة إلى النية، قال في (البحث): وفد يقال: إنه ليس فوق طواف الوطن ولا مثله وقد مر أنه لو نوى به التطوع أجزأه فينبغي أن ايكون الدم كذلك بل أولى وقد خالف المصنف أصله إذ وضع المسألة فيه في المرأة تبعًا (الجامع) إيماء إلى أنها مثال، وقد قال لهم: إنما وضعها فيها لأنها إما واقعة امرأة سالت عنها الإمام فنقلت كذلك أو لأن الجهل عليهن أغلب، (ولو حاضت) المرأة (محمد الإحرام) اغتسلت وأحرمت فإذا جاء أوان الأفعال (أتت بغير الطواف) من الموقفين ورمي الجمار وغيرها لقوله- صلى الله عليه وسلم- لعائشة حين حاضت وسوف ككتف جبل بطريق المدينة: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) متفق عليه. (ولو) حاضت (عند الصدر تركته) لابنه عليه الصلاة والسلام رخص للحيض تركه، حتى لو طهرت قبل أن تخرج لؤمها بشرط أن يكون للعشرة أو لأقل وتعطى شيئًا من أحكام الطهارة (كمن) أي: كترك منا أقام بمكة لأنه التحق بأهلها سواء أقام بعد ما حل النفط الأول وهو اليوم الثالث من أيام النحو أو لا، وهو قول أبي يوسف إلا أن ينوي الإقامة من بعد ما افتتح الطواف، والمروي محن الإمام محمد عدم سقوطه بعد ما حل قال في (الهداية): لأنه وجب عليه بدخول وقته فلا يسقط بنية الإقامة بعد وفيه نمو إذ السبب أو الصدر ولم يوجد والوقت شوط ولهذا لا يجب عليها لو حاضت بعد الحلول والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. [27] باب الجنايات لما فرغ من ذكر أقسام المحرمين وأحكامهم شرع في باب عوارضهم باعتبار الإحرام والحرم من الجنايات والفوات والإحصار وقدم الجنايات لأن أداء القاصر أفضل من العدم وهي ما تجنيه من شر، أي: تحدثه تسمية بالصدر ومن جنى عليه جناية وهو عام إلا أنه خص بما يحرم من الفعل، وأصله من جني الثمر وهو أخذه من الشجر

تجب شاة إن طيب محرم عضوًا، وإلا تصدق، أو ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (المغرب) والمراد هنا خاص منه وهو ما يكون حومته بسبب الإحرام أو الحوم وجمعها باعتبار أنواعها. (تجب شاة إن طيب محرم عضوًا) مق أعضائه كالفخذ والساق والوجه والرأس لتكامل الجناية بتكامل الارتفاق، والطيب جسم له رائحة طيبة كالزعفران والبنفسج والياسمين ونحو ذلك أطلقه فشمل العامد والناسي، ومحلم مق مفهوم شرطه أنه لو شيم طيبًا أو ثمارًا طيبة لا كفارة عليه وإن كوه، وقيد بالمحرم لأن الحلال لو طيب عضوا ثم أحرم فانتقل منه إلى آخر فلا شيء عليه اتفاقًا، وقيدنا بكونه من أعضائه لأنه لو طيب عضو غيره أو ألبسه المخيط فلا شيء عليه إجماعًا كما في (الظهيرية)، ومن هنا قال في (البحر): لو قال: عضوه لكان أولى، والبدن كله في حكم عضو واحد إن طيب كله في مجلس واحد لزمه كفارة واحدة ولو في مجالس لزمه لكل طيب كفارة كفر للأول أو لا عندهما، وأوجب محمد عليه واحدة إن لم يكفر للأول وعم قوله عفوًا ما لو طيب مواضع مق بدنه كل واحد منها أقل مق عضو لكن لو جمعت بلغته حيث تجب الكفارة والاقتصار على الشاة محله ما لو أزاله لوقته بعد الكفر فلو أبقاه لزمه أخرى في أظهر القولين، لأنه محظور فكان لدوامه حكم الابتداء ويوافقه ما في (المنتقى) مس طيبًا كثيرًا فأراق له دمًا ثم تركه على حاله وجب عليه لتركه دم آخر. (وإلا) أي: وإن كان أقل من عضو (تصدق) كالفطرة وعندهما لقصور الجناية وقال محمد: يجب من الدم بقدره اعتبارًا للجزء بالكل وبه جزم الإسبيجابي. أعلم أن عبارات محمد قد اختلفت في الحد الفاصل بين الكثير والقليل ففي بعضها جعل الكثير هو العضو فقال: لو خضب رأسه أو لحيته بالحناء لزمه دم وفي بعضها جعل الكثير في نفس الطيب فقال: إذا اكتحل المحرم بكحل فيه الطيب يكفيه الصدقة ما لم يفعل مرارا فإذا فعل ذلك مرارًا فعليه دمه وقال في مواضع أخر: لو مس الطيب (أو) استلم الحجر فأصاب يده فإن كان كثيرًا فعليه دم كذا في (الذخيرة) فبعض المشايخ أخذ بالأول وعليه جرى المصنف وغيره والإمام الهنداوي أخذ بالثاني ووفق بعضهم باعتبار العضو عند قلة الطيب، والطيب محمد كثرته هو التوفيق. قال في (المحيط) وغيره: وهو الصحيح هذا في البدن، أما الثوب والفراش إذا أكثر فيه طيب اعتبر فيه الكثرة والقلة على كل وكان الفارق هو العنف وإلا فما يقع عند المبتلى. وفي (المجرد): لو كان في ثوبه شبر في أبو فمكث عليه يوما يطعم نصف صاع، وإن كان أقل مما فصدقة وهذا يفيد تقدير الطيب في الثوب بالزمان وأن

خضب رأسه بحناء، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشبر في الشبر داخل في/ القلة كذا في (الفتح) إذ (خضب) عطف على طيب برأسه بحناء) بالمد والتنوين مصروفا لأن وزنه فعال لا فعلاء ليمنع صرفه ألفا التأنيث بل الهمزة فيه أصلية، ولذا ذكره الجوهري في باب الهمزة دون النون لقوله عليه الصلاة والسلام: (الحناء طيب) رواه البيهقي، وأفرد كلاً في الحناء والرأس بالذكر مع دخولها تحت الطيب والعضو لخفاء كون الحناء طيبة، وتنصيصًا على أن الرأس عضو مستقل تبعا لما في (الجامع الصغير)، وما في (الأصل) من قوله: وخضب وألمه ولحيته فالواو فيه بمعنى أو لأن اقتصاره في (الجامع) دل على أن كل واحد منهما مضمون كذا في (الهداية). قال الشارح: أي: بالدم وادعى في (البحر) أنه سهو بل اللحية مضمونة بالصدقة كما في (المعراج) عن (المبسوط). وأقول: بل هو الساهي وذلك أن صاحب (المعراج (إنما نقل هذا عن (المبسوط) فيما لو اختضت بالقسمة بكسر السين وسكونها والأول أفصح شجرة ورقها خضاب فقال ما لفظه: ذكر في (المبسوط) خضب وألمه بالقسمة فعليه دم للخضاب بل لتغطية الرأسي هذا هو الصحيح، فإن خضب لحيته به فليس عليه دم ولكن إن خاف من قتل الدواب أعطى شيئا لأن فيه معنى الجناية من هذا الوجه لكونه غير متكامل فيلزمه الدم والصدقة منهما أي: من خضاب الرأس فإنه مضمون بالدم وخضاب اللحية فإنه مضمون بالصدقة كما ذكر في (المبسوط) انتهى. وكيف يكون ما في (الجامع (دليلا على أن كل منهما مضمون على ما توهم ولا اشتراك بينهما إذ وجوب الدم يغاير وجوب الصدقة، ويلزمه إيجاب الصدقة أيضا فيما لو دهنها بالخطمي، وقد برش مما فيه بوجوب الدم عنده وعبارته في (الظهيرية): لو دقق لألمه أو لحيته بالخطمي وقد دم عند الإمام هذا كله إذا كان الحناء مائعا فإن كان متلبدة فعليه دم آخر لتغطية الرأس ولم يقيده به إحالة محلى ما سيأتي من أنه لو غطى وألمه يوم لزم دم وإلا فصدقة إذ لا شك أن التغطية بالتلبد لا يختص بالحناء بل قد تكون بالصمغ ونحوه وفيه يجب الدم فقط، قيد بالرأس لأنها لو خضبت يدها أو كفها كان عليها دم إن كان كثيرا فاحشا وإلا فصدقة ذكره الإسبيجابي وغيره بخلاف خضاب الرأس فإنه موجب للدم مطلقا كذا في (البحر). وأقول: فيه نظر والتحقيق أن الرأس مثال لا قيد، والمراد بها العضو حتى لو خضب بها عضوا من أعضائه وجب الدم وهذا لأن من اعتبر في حد الكثرة العضو لا

أو أدهن، بزيت، أو لبس مخيطًا، أو غطى رأسه يومًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ معنى للتفريق على قوله بين الرأس وغيره ولهذا سوى في (الفتح)، بين الرأس واليد فقال: وكذا لو خضبت يدها بها ولم يقيده بقلة ولا كثرة وما في الإسبيجابي مبني على اعتبار الكثرة في نفس الطيب ولا تنس ذلك التوفيق. (أو ادهن بزيت) خصه من بين الأدهان التي لا رائحة لها ليفيد بمفهوم اللقب نفي الجزاء فيما عداه من الأدهان كالشحم والسمق، ولا بد على هذا من كونه عمم الزيت في الحل بفتح الحاء وتشديد اللام يعني دهن السمسم فقد ذكر في (المبسوط) أنه كالزيت الذي هو دهن الزيتون وهذا محند الإمام، وقالا ة عليه صدقة لأنه من الأطعمة إلا أن فيه ارتفاقًا فكانت الجناية قاصرة ولو أنه من أصل الطيب فإن الروائح تلقى فيه فتصير غالبة فصار كبيض الصيد في الأصالة يلزم بكسره الجزاء فكذا باستعماله وكونه مطعومًا لا ينافيه كالزعفران كذا قالوا، ولقائل أن يقول: كونه يصير طيبًا بإلقاء اللوائح فيه لا يقتضي إلحاقه به بخلاف البيض فإنه بعرضية أن يصير صيدًا، والخلاف مقيد بالزيت البحت بالمهملة أي: الخالص، أما المطيب منه فيجب به الدم اتفاقا قيد الادهان، لأنه لو أكل أو داوى به شقوق رجليه أو قطر أذنه لم يجب شيء بخلاف المسك وما أشبهه صن لعنبر والغالية حيث يلزمه الجزاء بالاستعمال على وجه التداوي، لكنه يتخير إذا كان لعذر بين الدم والصوم والإطعام على ما سيأتي هذا إذا أكله كما هو فإن جعله في طعام قد طبخ فلا شيء عليه، وإن خلطه بما يوصل بلا طبخ فإن كان مغلوبًا فكذلك غير أنه إذا وجدت معه الرائحة كره وإن غالبًا وجب الجزاء ولو بما يشرب غالبًا فدم وإلا فصدقة إلا أن يشرب مرارًا فيجب دم فإن كان تداويًا خير به كما مر، قال الحلبي: لم أرهم تعرضوا بماذا تعتبر الغلبة ولم يفصلوا بين القليل والكثير كما في أكل الطيب بعده وإنه بإثباته لجديد، والظاهر أنه إن وجد من الخالص رائحة الطيب كما قبل الخلط فهو غالب وإلا فمغلوب وإذا كان غالبًا فإن أكل منه أو شرب شيئًا كثيرًا وجب عليه دم والكثير ما يعده العارف العدل كثيرًا والقليل ما عداه، فلو أكل ما يتخذ من الحلوى المتخذة بالعود ونحوه فلا دم عليه غير أنه إن وجدت الرائحة منه كره بخلاف الحلوى المضاف إلى أجزائها الماورد والمسك فإن في أكل الكثير دمًا والقليل صدقة انتهى. قال في (البحر)،: وينبغي التسوية بين المأكول والمشروب المخلوط منهما بطيب مغلوب إما بعدم وجوب شيء أصلاً أو وجوب الصدقة فيها (أو لبس مخيطًا أو غطى رأسه يومًا) قيد فيهما لأن الانتفاع الكامل لا يحصل إلا بالدوام إذ المقصد د منه دفع الحر والبرد واليوم يشتمل عليهما فقيدناه به أطلق في لبس المخيط

وإلا تصدق، أو حلق ربع رأسه، أو لحيته، ـــــــــــــــــــــــــــــ فشمل ما لو وجد اللبس بعد الإحرام أو أحرم وهو لابسه فدام عليه يومأ وليلة، وما لو كان مختارا أو مكرهًا أو نائمًا، نعم عدم الاختيار إنما أسقط الإثم فقط بخلاف ما لو ارتدى بالقميص أو الذردية أو وضع القبا على كتفيه والتقييد باليوم إنما هو لنفي الأقل لا الزيادة حتى لو دام على ذلك أيامًا أو كان ينزعه ليلاً ويعاود لبسه نهارًا أو عكسه فكذلك إلا أن يعزم على الترك عند الخلع، فإن عزم ثم لبس يعود الجزاء إن كفر للأول اتفاقًا، وإلا فكذلك عندهما خلافا لمحمد، وأجمعوا أنه لو لبس القميص والعمامة والخفين يومأ كان عليه دم واحد لأنه لبس واحد وقع على جهة واحدة هذا إذا لم يتعدد سبب اللبس فإن تعدد كما إذا اضطر إلى عمامة فلبسها مع قميص كان عليه كفارتان يتخير في أحدهما، وهي ما للضرورة دون الأخر ولو اضطر إلى قميص فلبس قميصين أو إلى قلنسوة فلبسها مع عمامة لزمه واحدة يخير فيها لاتحاد المسبب، ولو لبس لضرورة فزالت فدام بعدها يوما أو يومين فما دام في شك مق زوالها فليس عليه إلا كفارة واحدة، وإن تيقن زوالها كان عليه أخرى لا يتخير فيها قال الحلبي: ومقتضى هذا أنه لو لبس مخيطًا لبرد ثم صار يلبس وينزع حتى زال ذلك البرد ثم أصابه برد غير الأول عرف ذلك بوجه مق الوجوه فلبس كذلك إنه يلزمه كفارتان انتهى. والحكم في المذهب مسطور كذلك ففي (فتح القدير) من صور تعدد المسبب واتحاده كما إذا كان به مثلاً حمى يحتاج إلى اللبس لها ويستغني عنه في وقت زوالها كان عليه كفارة واحدة وإن تعدد اللبس ما لم تؤل عنه فإن زالت وأصابه مرض آخر أو حمى عيرها عرف ذلك فعليه كفارتان. واعلم أن عطف غطى على لبس يقتضي أنه غيره، فال في (البحر): والتحقيق أنه مق جملة لبس المخيط لما مر مق مسألة جمع اللباس. وأقول: التحقيق أن بين لبس المخيط والتغطية عمومًا وخصوصًا مطلقًا فيجتمعان في التغطية بنحو العرقية المخيطة وتتفرد التغطية بوضع نحو الشاش مما ليس مخيطًا على رأسه وهذا كاف في صحة التغاير وأراد بها ما يغطى به محادة فخرج نحو الطشت والإجانة والعدل وسكت عن مقدار التغطية الموجبة للدم، والمذكور في (الأصل) تقديرها بربع العضو لا فرق في ذلك بيق الرأس والوجه وغيرهما وفيما دونه صدقة وروى ابن سماحة عن محمد اعتبار الأكثر، (وإلا) أي: وإن لم يلبس ولم يغط يومًا كاملاً والليلة كاليوم (تصدق) لقصور الجناية وجعل في (الخزانة) في الساعة نصف صاع وفيما دونها قبضة من بو وهو ظاهر في أنه أراد بها الساعة الفلكية (أو حلق) عطف على ما يجب فيه الدم من (ربع رأسه أو) ربع (لحيته)، لأن حلق هذا

وإلا تصدق كالحالق، أو رقبته، أو إبطيه، أو أحدهما، أو محجمه، ـــــــــــــــــــــــــــــ المقدار منها فيه ارتفاق كامل لأنه معتاد لما أن بعض الأتراك يحلقون رؤوسهم وبعض العلوية نواصيهم وأخذ الربع من اللحية معتاد بأراضي العراق إلا أن هذا احتمال أن فعلهم للواحة أو للزينة فتجب الكفارة احتياطًا، والتقدير بالربع وهو قول علمائنا الثلاثة وهو الصحيح خلافا لما حكاه الطحاوي عنهما من التقدير بالأكثر، ولو حلق رأسه وأراق دمًا ثم لحيته وهو في قيام واحد فعليه لم آخر بخلاف ما إذا لم يكفرا لأول وما في (مناسك الفارسي) لو سقط من شعرات رأسه ولحيته عند الوضوء يلزمه كف من طعام إلا إن زيد على ثلاث شعرات فإن بلغ عشوا لزمه دم، وكذا إذا أخبر فاحترقا ذلك. قال في (الفتح): إنه غير صحيح لما علمت من التقدير بالربع نعم في الثلاث كفى مق الطعام عق محمد وهو خلاف ما في (الخانية) قال: لو نتف من رأسه أو أنفه أو لحيته شعرات فلكل شعرة كف من طعام، وفي (الخانية): في الخصلة نصف صاع، ومن هنا قال في (البحر) إن قوله؟ (وإلا) أي: فإن لم يكن المحلوق قدر الربع (تصدق) استثناها بناء على أن المراد بالصدقة المطلقة نصف صاع من بر كما في (الهداية) وغيرها، جرى الشارح وغيره إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة أطلقه فشمل ما إدا كان في رأسه ما يبلغ ربعًا فحلق ما دونه أو لا، حتى لو كان أصلع والذي على ناصيته أقل من الربع فحلقه تصدق، وعلى هذا تفوع من بلغت لحيته الغاية في الخفة كالحالق أي: تصدق (كتصدق الحالق) رأس غيره، لا فرق بيق كونه محرمًا أو حلالاً وكذا المحلوق رأسه إلا إذا كانا حالق، إلا أن في كلامه اشتباه أيضًا وذلك أن المحلوق رأسه لو كان حلالاً وكان الحالق محرمًا تصدق بما شاء وفي غيره نصف صاع، (أو رقبته) بالنصف عطف على ربع وأسه أي: فحلق رقبته كلها (أو) حلق (إبطيه أو أحدهما أو محجمه) بفتح الميم موضع المحجمة لأن كل واحد مما ذكر عضو كامل وبحلقه يكمل الارتفاق وعبارته في (الجامع الصغير) أخصر وأفود منها هنا حيث قال: وقال أبو يوسف ومحمد: إذا حلق عضوا فعليه دم وإن كان أقل من ذلك فطعام وإذا لأن الجزاء يلزم بحلق الصدر والساق والعانة أيضًا وخصصهما بالذكر لأن الرواية محفوظة عنهما لا غير، واعتبر في هذه الأعضاء الكل وفي الرأس واللحية الربع لأن العادة لم تجر فيها بالاقتصار على البعض ارتقاقًا وهذا في المحجمة قول الإمام، وقالا: (عليه صدقة لأنه- صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم) متفق عليه وحمله

وفي أخذ شاربه حكومة عدل، وفي شارب حلال، أو قلم أظفاره طعام، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإمام على أنه احتجم في موضع لا شعو فيه أطلق في محجمه وهو مقيد هنا بما إذا كان الحلق لهذا الموضع وسيلة إلى الحجامة أما إذا لم يكن حلقه ولم يحتجم لزمه صدقة كذا في (البحر) معزيًا إلى (فتح القدير) ولم أجده في نسختي منه. واعلم أن المتفوق مق الحلق يجمع كالطيب، وذكر الحلق في الإبطين تبع فيه (الجامع الصغير) إيماء إلى جوازه وإن كان النتف بان ينظر إلى المأخوذ ما نسبته من اللحية معتبرًا معها الشارب كما يفيده ما في (المبسوط) من الشارب طرف من اللحية هو معها عضو واحد لا أنه ينسب مق وبع اللحية وحدها فإن كان المأخوذ مثل ثمنها معه وجب ثمن الشاة أو أقل أو أكثر فبحسابه وهذا رواية (الجامع الصغير) وجعله الجرجاني قول محمد، والأصح أنه يجب نصف صاع لأن عند الإمام ما لا يجب فيه الدم تجب فيه الصدقة، قيل: في ذكر محمد الأخذ في الشارب وهو القص دلالة على أنه السنة فيه دون الحلق، وفيه نظر أن الحلق أخذ أيضًا فإن ادعى أن استعماله في القص أكثر منعناه، ولئن سلم فليس المقصود من ذكره أولاً ما ذكر بل بيان ما فيه إزالة الشعو على المحرم ألا توى أنه ذكر الحلق في الإبطين والسنة فيهما النتف هذا واختلف في المسنون منهما، والمذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص، قال في (البدائع): وهو الصحيح وقال الطحاوي: القص حسن والحلق أحسن، وهو قول علمائنا الثلاثة. (وفي) أخذ المحرم (شارب الحلال أو قلم أظافره طعام)، لأنه لا يعرى عن نوع ارتفاق لما أنه يتأذى بتفث غيره وإيه كان أقل من التأذي بتفث نفسه فيلزمه الطعام، وفسره الشارح بالصدقة، وقال العيني: كالفطرة وهو معالم في قلم الأظافر على ما في (المبسوط) حيث قال: الجواب في قص الأظافر هنا كالجواب في الحلم وفي (المحيط): قال عليه صدقة. قال في (شروح الطحاوي) نصر عن الإمام: لكن في (الأصل) و (الكافي) لو حلق المحور رأس حلال تصدق بشيء وإيه حلق المحور رأس محرم آخر بأمره أو بغير أمره فعلى المحلوق دم وعلى الحالق صدقة ثم قال: والجواب في قص الأظافر كالجواب في الحلق وهذه العبارة تقتضي في الحلال أنه يطعم أي شيء شاء وبذلك صرح قاضي خان في (شرح الجامع) حيث قال: محرم أخذ من شارب حلال أو قص

أو قص أظفار يديه ورجليه بمجلس، أو يدًا أو رجلاً، وإلا تصدق، كخمسة متفرقة ولا شيء بأخذ ظفر منكسر، ـــــــــــــــــــــــــــــ أظافره أو حلق رأسه أطعم ما شاء وفي (التاتارخانية) لو حلق رأس أو أخذ من شارب لم حلال وفي (الجامع الصغير) أو قلم أظافير غيره أطعم ما شاء عندنا خلافًا للشافعي، وعلى هذا الخلاف إذا حلق رأس محرم أو أخذ من شارب محرم انتهى. وبهذا علم أن أخذ المحرم شارب غيره يوجب الطعام سواء كان المأخوذ شاربه حلالاً أو لا فالحلال ليس فيدًا غير أن المذكور في غير كتاب أنه في أخذ شارب الحلال يتصدق بما شاء لا بقيد كونه كالفطرة والأولى أن يقال: عبر بالطعام دون الصدقة إيماء إلى أنه يطعم ما شاء كما مر عن (الأصل) و (الكافي) وهو الموافق لما في (الهداية)، (أو قص) عطف على ما يجب فيه الدم بقوينة قوله: وإلا تصدق (أظفار يديه ووجليه في مجلس) واحد لتكامل الجناية مع اتحاد النوع قيد بالمجلس الواحد لأنه لو قصها في مجالس تعدد الدم سواء كفر للأول أو لا عندهما خلافًا لمحمد، لأن الغالب في هذه الكفارة معنى العبادة بدليل إيجابها على المكره والنائم والمخطئ والناسي والمضطر والجاهل بالحرمة ولا خلاف في تعددها مع اتحاد المحل كما إذا حلق رأسه أربع مرات كل مرة ربعًا. (أو) قص (يدًا) أي: أظافير يد (أو رجلاً) إقامة للربع مقام الكل، (وإلا) أي: وإن لم تكن يدًا كاملة أو رجلاً (تصدق) لقصور الجناية (كخمسة؟ أي: كما يتصدق بقص خمسة من الأصابع (متفرقة) عندهما إلا أن يبلغ ذلك دما فيدفع عنه ما شاء وأوجب محمد عليه الدم اعتبارا بما إذا حلق ربع رأسه من مواضع متفرقة والفرق لهما أن الجناية هنا قاصرة لأنه يشينه بخلاف الحلق فإنه على هذا الوجه معتاد وإنما قال؟ كخمسة متفرقة مع دخولها في قوله: وإلا تصدق إيماء إلى أنه ليس المراد بالصدقة نصف صاع فقط بل كما يتصدق في قص خمسة متفرقة وقد استقر أنها عن كل ظفر نصف صاع وبه اندفع ما في (البحر) أن في كلامه اشتباهًا وخص الخمسة وإن كان الحكم في الزائد عليها كذلك تنصيصًا على محل الخلاف. (ولا شيء) عليه (بأخذ ظفر منكسر) سواء انكسر بعد الإحرام أو كان قبله منكسرًا قال في (البحر): وهذا أولى مما في (الهداية) و (الخانية) من التقييد بظفر المحرم يعني أنه لا فرق بين كون المأخوذ ظفره محرما أو حلالاً وكان الأخذ محرمًا

وإن تطيب، أو لبس، أو حلق بعذر، ذبح شاة، أو تصدق بثلاثة أصوع على ستة، أو صام ثلاثة أيام. ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن لا يخفى عليك أن التقييد بالمحرم يفهم أنه لا شيء بأخذ ظفر الحلال بالأولى فالعبارتان على حد سواء، وإذا لأنه إنما لم يكن عليه شيء لأنه لا ينتفع به فكان قطعه كقطع عضو يابس أو منكسر، كذا علل به في (شرح الجامع) الصغير وهذا أولى من قوله في (الهداية) لأنه لا ينمو بعد الانكسار فأشبه اليابس من شجر الحرم إذ عدم النمو غير معتبر لأن إزالة ما تم نموه جناية أيضًا. (وإن تطيب) المحرم (أو لبس) مخيطًا (أو حلق) رأسه أو لحيته (بعذر) كخوف الهلاك من البرد أو المرض ولبس السلاح للقتال ونحو ذلك (ذبح شاة) في الحرم وأطلقه لما سياتي، قيد بالعذر لأنه لو فعل ذلك بلا عذر أثم ووجب عليه دم أو صدقة وهل يرفعانه بلا توبة، فال في (البحر): لم أره وينبغي أن يكون مبنيًا على الاختلاف في الحدود هي كفارات أو لا والظاهر أنه لا يخرج الحج بذلك عن كونه مبرورًا وأفاد كلامه أنه يخرج عن العهدة بمجرد الذبح فلو ذلك أو سرف لا يجب غيره، وإنما لا يأكل منه رعاية لجملة التصدق، ولو ذبح في غيره لكنه تصدق باللحم علي ستة مساكين من كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع من حنطة أجزأه ذلك بدلاً عن الإطعام كذا في (شرح الطحاوي). (أو تصدق بثلاثة أصوع) كأرجل جمع صاع، قيل: وفيه دلالة على أنه لا بد فيه من التمليك ولذا لو قال: تصدقت بهذا الشيء عليك فقيل: كان هبة فيثبت له الملك بالقبض وهذا قول محمد وقال أبو يوسف: تكفي الإباحة قال الإتقاني: وهذا أصح عندي ولا نسلم إن بناء الصدقة على التمليك ولذا قال عليه الصلاة والسلام: (نفقة الرجل على أهله صدقة) وإنما يكون ذلك بالإباحة واختلف النقل عن الإمام ففي (الظهيرين) أنه مع محمد وفي (شرح الطحاوي): أنه مع الثاني، (على ستة) كل واحد نصف صاع حتى لو تصددا بها على ثلاثة أو سبعة فظاهر كلامهم أنه لا يجوز لأن العدد منصوص عليه وعلى قول من اكتفى بالإباحة ينبغي أنه لو غدى مسكينًا واحدًا أو عشاه ستة أيام أنه يجوز أخذًا من مسألة الكفارات وأو صام ثلاثة أياما متتابعة أو متفرقة لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا} [البقرة: 184] الآية وهذه الكفارة فسرها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ففي (الصحيحين) عن كعب بن عجرة بضم

فصل

فصل ولا شيء إن نظر إلى فرج امرأة بشهوة فأمنى، وتجب شاة إن قبل، أو لمس بشهوة، أو أفسد حجه بجماع في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة، ـــــــــــــــــــــــــــــ العين وسكون الجيم: (حملت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى الجهد/ بلغ منك ما أرى أتجد شاة قلت: لا قال: (صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين نصف صاع) فراعى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الترتيب المذكور في الآية وبدأ فيها بالصيام والصدقة تطيبًا لقلوب العاجزين في النسك بإظهار العناية بتقديم كفاراتهم على غيرها ولم يفتق المصنف هذا الأثر نظرا إلى أن مقتضى الظاهر في مقام التخيير البدأة بالأشق وكأن القياس وجوب صوم ستة أيام لولا ما فسره- صلى الله عليه وسلم- والآية وإن نزلت في أذى الرأس إلا أن الطيب واللون بها دلالة بجامع الأذى والله الموفق للصواب. [29] فصل لما كانت الجناية بالطيب ونحوه كالوسيلة إلى الجماع ودواعيه قدمها أن حق الوسائل التقديم ثم الجماع سبق من المحظورات بانه يفسده قبل الوقوف فأفرده بفصل على حدة وذكو الدواعي فيه إظهارًا للوصل المعنوي بينهما وبين ما سبق من حيث أن الكل محظور لا يفسد به الحج فلا جرم صدر بقوله: (ولا شيء) على المحرم (إن نظر إلى فرج امرأة) أجنبية أو زوجته، وتقييد القدوري بامرأته من حسن الظن، وحمل الفوج على الداخل كما في (العناية) و (الغاية) مما لا حاجة إليه إذ الأصل إجراء المطلق على إطلاقه حيث أمكن كما هنا، (بشهوة فأمنى) لأن المحرم بالإحرام هو الجماع ولم يوجد والمنفي هو الكفارة والصدقة فقوله في (غاية البيان) سوى الغسل فيه نظر، وعلم منه أنه لا شيء عليه فيما لو احتلم فأمنى بالأولى. (وتجب شاة إن قبل أو لمس بشهوة) أنزل أو لم ينزل كما دل عليه الإطلاق وهو الموافق لما في (الأصل) وشرط في (الجامع) الإنزال قال قاضي خان: وهو الصحيح ليكون جماعا من وجه واختار الأول في (الهداية) تبعًا للكرخي وغيره وكذا الجواب في الجماع فيما دون الفوج وفي (السراج): لو استمنى بكفه فعليه دم انتهى. يعني إذا أنزل كما لو جامع بهيمة فأنزل لكن لا يفسد حجه لأنه وطء غير مقصود كذا في (شرح القدوري)، (أو أفسد) عطف على قبل (حجه بجماع في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة) لما أخرجه البيهقي أن رجلاً جامع امرأته وهما محرمان فسالأه- صلى الله عليه وسلم-

ويمضي ويقضي، ولم يفترقا فيه، وبدنة لو بعده ولا فساد، أو جامع بعد الحلق، ـــــــــــــــــــــــــــــ فقال لهما: (اقضيا نسككما واهديا هديًا) الحديث وهو يتناول الشاة أطلقه فشمل المكلف وغيره فلو جامع صبي أو معتوه فسد حجه إلا أنه لا يجب عليه دم كذا في (الولوالجية)، وعليه جرى ابن الضياء في مناسكه فما في (الفتح) من أنه لو كان صبيًا يجامع مثله فسد حجها دونه ولو كانت هي صبية أو مجنونة انعكس الحكم فضعيف، كذا في (البحر)، ويدل على ذلك قولهم: لو أفسد الصبي حجه لا قضاء عليه ولا يتأتى ذلك بغير الجماع وأما إذا تعدد الجماع في امرأة أو نسوة واتحد المجلس فإن اختلف ولم يقصد به رفض الفاسدة تعدد الدم لا إن قصد رفضها عندهما، وفي (المعراج): لو استدخلت ذكر حمار أو ذكرًا مقطوعًا فسد حجها إجماعًا، ولو لف ذكره بخرقة وأدخله إن وجد حرارة الفرج واللذة فسد وإلا وأما شموله الناسي وغيره كما في (البحر) فمما لا ينبغي لأنه يأتي بعد، ثم هذا في الدبر أصح الروايتين وهو قولهما أو الإحصار ولا وجود لأحدهما وإنما وجب المضي فيه مع فساد إلا أنه مشروع بأصله دون وصفه ولم يسقط الواجب به لنقصانه. (ويقضي) لأن أداء الأفعال بوصف الفساد لا ينوب عما لزمه بوصف الصحة .... حرمًا وقد سألني بعض الطلبة بالجامع الأزهر عما إذا أفسد القضاء أيضأ أيجب أن يقضيه أيضأ؟ فقلت: لم أر المسألة وقياس كونه إنما شوع فيه مسقطًا لا ملومًا إذ المراد بالقضاء معناه اللغوي والمراد الإعادة كما هو الظاهر (ولم) يجب أن (يفترقا فيه) أي: في القضاء لكنه يندب عند خوف الوقاع، وقت الإحرام بان يأخذ كل منهما طريقًا غير طريق الآخر بحيث لا يرى أحدهما صاحبه لأن تذكر ما لحقهما من المشقة كاف في التحرز عن الوقاع. (و) يجب (بدنه لو) جامع (بعده) قيل: الحلق وسياتي حكم ما بعده روى ذلك عن ابن عباس وغيره، ومتله لا يعرف إلا سماعًا، أطلقه فشمل ما إذا تعدد جماعه أو لا بشوط اتحاد المجلس فإن اختلف لزمه لما بعد الأول شاة كفر أو لا خلافًا لمحمد على ما مر لولا فساد) لخبر: (من وقف بعرفة فقد تم حجه) ومعلوم أن حقيقة التمام غير مرادة ليبقى طواف الزيارة فتعيق إرادة التمام حكمًا بالأمن من الفساد وأو جامعة عطف على قبل (بعد الحلق) أي: قبل أن يطوف أكثر طواف

أو في العمرة قبل أن يطوف لها الأكثر، وتفسد ويمضي ويقضيها، أو بعد طواف الأكثر ولا فساد، وجماع الناسي كالعامد، أو طاف للركن محدثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الزيارة، فإن طافه فلا شيء عليه وهذا يخالف ما مر عن (البدائع) وغيرها/ من إيجاب البدنة والشاة على القارن لو جامع بعد الحلق إذ مفاده إيجاب البدنة على المفرد قال في (الفتح): وهو أوجه لأن إيجابها ليس إلا بقول ابن عباس والمروي عنه ظاهره فيما بعد الحلق ثم المعنى يساعده، وذلك أن وجوبها قبله ليس إلا للجناية على الإحرام باعتبار تحريمه لعينه لا لغيره كسائر الجنايات، وهذا المعنى ثابت فيما بعد الحلق في حق الجماع، ولهذا لم يفصل في ظاهر الرواية بين كوله قبل الحلق أو بعده، نعم ذكر فيه أن لو جامع بعد ما قصر وطاف أكثر الزيارة لم يكن عليه شيء وإن لم يكن قصو فعلجه دم وأجاب في (البحر): بأن الجناية إنما يراعى فيها الكمال وعدمه لا التحريم فقط ألا ترى إن تطيب أقل من عضو ولبس أقل من يوم حرام ولا تجب الشاة فيه لعدم كمالها وما نحن فيه كذلك، أن الجماع قبل الحلق جناية على إحرام تام وبعده على ناقص فحقت الجناية فاكتفى بالشاة هذا وأما القارن فإن جامع قبل الوقوف وطواف العمرة فسد حجه وعمرته ولزمه د# أن وسقط عنه دم القران وإن بعدها قبل الحلق لزمه بدنة للحج وشاة للعمرة واختلف فيما بعده. (أو) جامع (في العمرة قبل أن يطوف الأكثر) من طوافها وهو أربعة أشواط على الأصح كما مر يعني يلزمه شاة (وتفسد) عمرته لوقوعه قبل الإتيان بركنها فصار كما قبل الوقوف في الحج (ويمضي) فيها لأن فسادها أيضًا في هذا كصحيحها (ويقضي) بعد ذلك لما مر في الحج (أو) جامع (بعد طواف الأكثير) من العمرة يعني يجب عليه شاة أيضًا وإنما لم تجب البدنة كما في الحج إظهارًا للتفاوت وهذا ظاهر في حج الفرض لا في النفل لاستوائهما في عدم الوجوب قبل الشروع وفي الوجوب بعده إلا أن يدعي قوة نفله على نفلها لولا فساد) إقامة للأكثر مقام الكل، (وجماع الناسي) والمخطئ والجاهل والنائم والمكره (كالعامد) لاستواء الكل في الارتفاق وهل ترجع المكرهة بالدم على المكره خلاف حكاه في (الفتح) وجزم الإسبيجابي بعدمه وعليه جرى في (البدائع) معللاً بأن حصل لها استمتاع به فلا ترجع كالمغرور إذا وطئ الجارية ولزمه العقر لا يرجع على الغار كذا هذا (أو طاف للركن محدثًا) حدثا أصغر أي: تجب شاة لتركه الواجب فيه وهو الطهارة على ما اختاره الرازي وهو الأصح بدليل وجوب الكفارة بتركها، وقدمنا عن ابن شجاع القول ببنيتها قال: ووجه قوله لأنه لا يمتنع أن تكون سنة ويجب بتركها الكفارة، ولهذا قال محمد فيما أفاض من عرفة قبل الإمام: يجب عليه دم لأنه ترك سنة الدفع، وهكذا ذكر في (المعراج) قال

وبدنة لو جنبًا ويعيد، وصدقة لو محدثًا للقدوم في (البحر): وهذا يفيد أن الخلف لفظي وفيه نظر إذ إثم ترك الواجب أشد، ثم ما قاله ابن شجاع يلزمه في توك كل سنة في الحج وفيه ما لا يخفى، والظاهر أن السنة في كلام محمد بمعنى الطريقة أو أن وجوبه ثبت بالسنة كما في (الحواشي السعدية) وقيد بالمحدث لأن الطواف مع النجاسة المانعة قدمنا أنه مكروه فقط وما في (الظهيرية) في إيجاب الدم في نجاسة كل الثوب لا أصل له في الرواية بخلاف الطواف عريانًا والفرق قد مر وقدمنا أن الركن من الطواف هو أكثره فلو طاف أقله محدثًا ولم يعد يصدق عن كل شوط كالفطرة إلا إذا بلغت قيمته دمًا فينقص ما شاء كذا في (غاية البيان). (و) تجب (بدنة لو) طاف للركين (جنبًا) روى ذلك عن ابن عباس ولأن الجنابة أغلظ من الحدث فغلظ موجبها إظهارًا للتفاوت (ويعيد) الطواف فيهما وسكت عن صفة الإعادة والأصح ندبها مع الحدث ووجوبها مع الجنابة، فإن أعاده في أيام النحر فلا ذبح وإلا وجب عليه دم عند الإمام للتأخير قاله الإسبيجابي، وما في (الهداية) من أنه في فصل الحدث لا ذبح عليه مطلقًا قال في (غاية البيان): إنه لمسهو، وليس كما قال بل مبني على أن المعتبر في الجنابة هو الطواف الأول ولو جنبًا كما اختاره الكرخي، قال في (الإيضاح): وهو الأصح خلافا للرازي وإنما وجب الدم بالإعادة بعد النحر لأن النقصان لما تفاحش كان كتركه من وجه فجعل وجود جابره كوجود فما في (البحر) من أن الأول في فصل الحدث معتد به اتفاقًا والخلاف إنما هو في الثاني لكنه لفظي للاتفاق على وجوب الدم فيه نظر إذ مقتضى ما قاله الإسبيجابي اعتبار الثاني وعليه فالخلاف معنوي فائدته تظهر في إيجاب الدم وعدمه في فصل الحدث ولهذا التقدير عرف أن الواجب ليس خصوص الدم بل إما هو أو الإعادة فالواو في كلامه بمعنى أو والأفضل هو الدم ما دام بمكة فإن عاد فكذلك في الحدث اتفاقًا واختلفوا في الجنابة فاختار في (الهداية) العود يعني بإحرام جد يد وفي (المحيط) البعث. (و) تجب (صدقة لو) طاف (محدثًا للقدوم) ولكل لم طواف هو تطوع جبرًا لما دخله من النقص بترك الطهارة وهو وإن وجب بالشروع إلا أنه اكتفى فيه بالصدقة إظهاره لدون رتبته عن الواجب بإيجابه تعالى قيد بالمحدث لأنه لو طاف جنبًا لزمه الإعادة ودم إن لم يعد كذا في (المحيط) قال في (البحر): وبه تبين بطلان ما في (غاية البيان) معزيًا إلى الإسبيجابي من أنه لو طافه جنبًا أو محدثا لا شيء عليه. وأقول: ما قاله الإسبيجابي موافق لما في (مبسوط) شيخ الإسلام كما في (الدراية) وجسمه في (المحيط (بحكم لا يقتضي عدم وجوبه ألا ترى أنه لا شيء

والصدر، أو ترك أقل طواف الركن، ولو ترك أكثره بقي محرمًا، أو ترك أكثر الصدر، أو طافه جنبًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه لو طاف مع النجاسة كما مر مع وجوب التحامي عنها عن الطائف نعم القول بضعفه له وجه وجيه، (والصدر) عطف على القدوم يعني لو طافه محدثًا لزمه صدقة وكان ينبغي وجوب الدم لوجوبه. وأجاب في (الهداية): بانه دون طواف الزيارة وإن كان واجبًا فلا بد من إظهار التفاوت بينهما وعن الإمام أنه يلزمه شاة والأول أصح ولو طافه جنبًا فعليه شاة لأنه نقص كبيير ثم هو دون طواف الزيارة فيكتفي بالشاة انتهى، فإن أعاده ظاهرًا فلا شيء عليه اتفاقًا، ولو طاف أقله محدثًا وجبت الصدقة في الروايات كلها وسقطت الإعادة بالإجماع قاله الإسمبيجابي وأورد أنه حينئذ يلزم التسوية بينه وبيق طواف القدوم وحقهما التفاوت لأن وجوب أحدهما بإيجاب الله تعالى والآخر بفعل العبد وقد مر أن الثاني أدنى مرتبة من الأول وأجيب أن أحد المحظورين لازم أعني التسوية بينه وبيق طواف الزيارة والقدوم فالتزم أهونهما وهو التسوية بين الواجب ابتداع والواجب بعد الشروع وما قيل: من أن طواف الصدر واجب بفعل العبد أيضأ وهو الصدر. قال بعض المتأخرين: إنه وهم لأنه واجب قبله كما في شوح (الجامع الصغير) بخلاف القدوم وإذا علمت ذلك ظهر لك أن ما في (البحر) من قوله وأجاب في (الهداية) يعني عن التسوية بين القدوم والصدر بان طواف القدوم يصير أيضأ واجبا بالشروع وأقره الشارحون سهو إذ ليس في (الهداية (إلا ما سمعته نعم هو مذكور في (الشرح) وكأنه لم يطلع على ما أسلفناه فقال: وقد يقال: إن ما وجب ابتداع قبل الشروع أقوى مما وجب بالشروع فينبغي عدم التسوية. (أو ترك أقل طواف الركن) وهو ثلاثة أشواط يعني يجب عليه دم لأن النقصان يسير فأشبه النفصان بالحدث ثم هذا الترك لا يتصور إلا إذا لم يكن طاف الصدر أما إذا طاف له انتقل منه إلى طواف الزيارة ما يكمله ثم ينظر في الباقي من الصدر إن كان أقله لزمه صدقة وإلا فدم، (ولو) كان طاف للمصدر في آخر أيام التشريق وقد (ترك) من الزيارة (أكثره) كمل من الصدر ولزمه دمان في قول الإمام دم لتأخير ذلك وآخر لتركه أكثر الصدر، ولو ترك أقله لزم دم للتأخير وصدقة للمتروك من الصدر مع ذلك الدم كذا في (الفتح) ولو ترك أكثره يعني طواف الركن (بقي محرمًا) ابدآ في حق النساء حتى يطوفه ومعنى الأبدية الدوام والاستمرار لا المعنى الحقيقي لأنه لا يجامع الغاية، (أو ترك أكثر الصدر أو طاف جنبًا) أما وجوب الدم بترك أكثره فلانه بتركه يجب الدم فكذا يترك أكثره لأن له حكم الكل وأما بالطواف جنبا فلما مر

وصدقة بترك أقله، أو طاف للركن محدثًا، وللصدر طاهرًا في آخر أيام التشريق، ودمان لو طاف للركن جنبًا، أو طاف لعمرته وسعى محدثًا ولم يعد، ـــــــــــــــــــــــــــــ تكرر بالإعادة ما دام بمكة (وصدقة) وهي نصف صاع من بر لكل شوط (بترك أقله) إظهارًا للتفاوت بين ترك ما في حكم الكل وبين ترك الأقل (أو طاف للركن) يعني تجب شاة لو طاف للركن) كونه (محدثًا و) طاف (للصدر) حال كونه (طاهرًا في آخر أيام التشريق و) يجب (دمان لو طاف للركن) حال كونه (جنبًا) وللصدر طاهرًا في آخر أيام التشريق، لأن طواف الصدر في الأولى لم ينتقل إلى الزيارة لأنه وجب، وإعادة طواف الزيارة للحدث مندوبة فقط. قال في (البحر): ولأنه لا فائدة في النقل لأنه لو نقل لوجب عليه دم بترك الصدر إجماعًا إن كان رجع إلى أهله سواء طاف للصدر في أيام النحر أو لا وقد يقال: إن نفي الفائدة ممنوع إذ لو نقل لسقط عند الدم ووجب عليه الإعادة ما دام بمكة وانتقل في الثانية بدليل سقوط البدنة عنه فكان تاركًا للصدر مؤخرًا طواف الزيارة عن أيام النحر فوجب عليه دم بالترك اتفاقًا إن رجع إلى أهله وإلا طاف للصدر وليس عليه إلا دم واحد للتأخير عند الإمام خلافا لهما، فإن قلت: لتم لئم يؤمر بالإعادة ليستغني عن النقل ويكتفي بدم التأخير؟ قلت: لأنه يلزم حينئذ تغيير المشروع لما أن الأول ينفسخ بالثاني فيقع طواف الصدر قبل الزيارة قاله متأخر، لكنه إيما يتم لم بناء على أن العبوة للثاني وقد مر أنه غير المنصور فتدبره، قيد بكون الثاني للصدر لأنه أعاد الركن بعد أيام النحر ففي الحدث لا شيء عليه وفي الجنابة يلزم- دم عند الإمام كذا في (الهداية) وادعى الإتقاني في أنه سهو لما في (شرح الطحاوي) أنه يلزمه دم بالإعادة بعد أيام النحر للتأخير سواء كان ذلك بسبب الحدث أو الجنابة لح وأجاب في (البحر) بان ما في (الهداية) رواية حكاها في (الولوالجية) وثمة ثالثة هي الصدقة في الحدث. (أو طاف) عط ف# على ما يجب فيه الدم (لعمرته وسعى) حال كونه (محدثًا) أو جنبًا استحسانًا (ولم يعدهما) أي: والحال أنه لم يعدهما حتى رجع إلى بلده لتركه الطهارة في الطواف ولا شيء عليه للسعي لأنه لا يفتقر إلى الطهارة، وقد أتي به بعد طواف معتدًا به غير أنه ما دام بمكة يندب له أن يعيد الطواف والسعي أيضا. واعلم أن ظاهر التقييد كونه لم يعدهما يفيد أنه لو أعاد الطواف وحده وجب الدم أيضا وهو مسلم فيما لو أعاد السعي فقط أما لو أعاد الطواف وحده فوجب الدم في رواية التمرتاشي لأن بالإعادة انتقص الطواف فبقي السعي قبل الطواف فلم يعتد به لح والأصل عدم وجوبه ولا نسلم الانتقام بل معتد به والثاني يعتد به جابر الدم، ولما

أو ترك السعي، أو أفاض من عرفات قبل الإمام، أو ترك الوقوف بمزدلفة، أو رمى الجمار كلها أو رمى يوم، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ كان جعل الواو للحال كما هو ظاهر ما في الشرح يلزم عليه المشي على الرجوع عدل العيني عنه فقال: أي: ليس عليه إعادتهما لما علمت من أنها مندوبة فقط، وعندي أن هذا الحل أجل ومحل ندبه ما إذا لم يكن قارنًا فإن كان وقد دخل يوم النحر تعين الدم كما في (المحيط)، قيد بكونه طاف الكل محدثًا لأنه لو طاف الأقل كذلك تصدق عن كل شوط كالفطرة فإن بلغ قيمته دم نقص ما شاء ولو جنب ألزمه دم كما في (الظهيرية) ولم يذكر ترك الأقل من طوافها وفي (الظهيرين) أيضًا أنه يجب فيه الدم. (أو ترك السعي) أو أكتره كما في الحاكم، أو بدأ فيه بالمروة (أو أفاض من عرفات قبل الإمام) حق العبارة أن يقال: قبل الغروب لأنه الذي يجب فيه الدم وأجاب في (العناية) بأن هذا يستلزم ذاك لأن الاستدامة إذا كانت واجبة قبل غروب الشمس فالإفاضة قبل الإمام لا تكون إلا قبل الغروب لأن الظاهر أن الإمام لا يترك ما وجب عليه من الاستدامة، ومنع في (الحواشي السعدية) الملازمة بجواز أن يفيض مع الغروب بحيث لا يتحلل بين الإفاضة والغروب زمان ما مع أنه لا يلوم على ذلك بعد الغروب قبل الإمام شيء ومقتضى ظاهر (الكتاب) أن يلومه ثم لو عاد بعد الغروب لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية وروى أبن شجاع عق الإمام أنه يسقط قال في (شرح القدوري): وهو الصحيح كذا في الرواية وأشار أنه لو أفاض قبله ليلاً لا شيء عليه. (أو ترك الوقوف بالمزدلفة) في وقته المتقدم بيانه (أو) ترك (رمي الجمار كلها) بأن لم يرم حتى غربت الشمس من اليوم الرابع وما دامت الأيام باقية يمكنه الرمي على الترتيب ويجب عليه دم بالتأخير إلى آخر الأيام عند الإمام خلافًا لهما بناء على أن رمي كل يوم مؤقت به عنده لا عندهما، (أو ترك رمي يوم) واحد يعني بعد وجوبه إذ الكلام فيما يجب بتركه الدم فلا يرد أنه لو نفر النفر الأول وترك الرمي لا يجب عليه دم لما مر من أنه يخير قبل طلوع الفجر من اليوم الرابع بين الذهاب والإقامة فإن طلع وهو مقيمًا وجب عليه الرمي وإنما اكتفى بدم واحد بترك كل الرمي لاتحاد الجنس سما في الحلق، ووجب بترك رمي يوم لأنه نسك تام حثى لو ترك إحدى الجمار الثلاث تصدق عق كل حصاة كالفطرة إلا أن تبلغ دمًا فعلى ما مر، أو يكون المتروك أكثر من النصف بأن ترك رمي أحد عشر من إحدى وعشرين فيلزمه دم لأن للأكثر حكم الكل، وفي (شرح الطحاوي): لو أخر رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني لزمه دم ولو أخرها في اليوم الثاني إلى الثالث إلى السابع ورمى الجمرتين فصدقة لأنها في اليوم

أو أخر الحلق، أو طواف الركن، أو حلق في الحل، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول كل الرمي وفي غيره ثلاثة، ولو لم يرم الجمرتين لزمه دم. واعلم أن لزوم الدم بترك كل واجب من محله ما إذا لم يكن ثمة عذر، فإن كان لم يجب، (أو أخر الحلق) عن وقته أعني أيام النحر (أو) أخر (طواف الركن) عنها أيضا يعني يجب محليه لكل منهما دم عند الإمام، وقالا: لا شيء محليه وكذا الخلاف في تأخير الرمي وفي تقديم نسك على نسك، كالحلق قبل الرمي، وحلق القارن قبل الذبح، والحلق قبل الذات، كذا في (الهداية) وشروحها وعلى هذا جرى الشارح وغيره فيهما كما في (المنظومة) وشرحها الموسوم (بالحقائق). وأقول: الظاهر أن هذا رواية عنهما بدليل ما استدلوا ابه لهما من أن ما فات يستدرك بالقضاء ولا يجب مع القضاء شيء آخر، وفي (الصحيحين): (قال رجل: يا رسول الله لم أشعر حلقت قبل أن أذبح قال: أفعل ولا حرج، وقال آخر حلقت قبل أن أرمي، قال: (أفعل ولا حرج فما سئل رسول الله ظلت عن شيء أو آخر إلا قال؟ افعل ولا حرج) عم يكون مسيئًا كما في (المبسوط) وله ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عباس: (من قدم نسكًا على نسك لزمه دم) ولا حجة لهما في الحديث لأنه متروك الظاهر إجماعًا بدليل أنه لو طاف أو حلق قبل الوقوف لا يجوز ولأن ظاهره يفيد عدم القضاء فحمل نفي الحرج على نفي الإثم بدليل قوله: لم أشعر وفي شول آخر إيماء إلى أن الكلام في حلق الحج وطوافه أما حلق العمرة وطوافها أو سعي الحج فلا يتحقق فيها ذلك لأنهما غير موقتين. واعلم أن ما يفعل يوم النحر أربعة الرمي والنحر والحلق والطواف وهذا الترتيب واجب عند أبي حنيفة والشافعي في وجه ومالك وأحمد ى افي (الدراية)، وهو ظاهر في أنه لو قدم الطواف على الحلق لزمه دم عنده لكنه نقل في مسالة حلق القارن قبل الذبح عن (مبسوط) شيخ الإسلام أنه لو قدم الطواف على الحلق لا يلزمه شيء والحاصل أنه لو حلق قبل الرمي لزمه دم مطلقًا ولو ذبح قبله فكذلك إن كان قارنًا أو متمتعا لا إن كان مفردًا لعدم وجود الذبح عليه كذا في (البحر). (أو حلق) رأسه وفي الحلم يعني أيام النحر ولم يقيده به لما مر قريبا وهذا عند الإمام لتوقته بالزمان أعنى أيام النحر وبالمكان وهو الحرم كالوقوف ووافقه محمد في

ودمان لو حلق القارن قبل الذبح. ـــــــــــــــــــــــــــــ المكان وخالفه الثاني فيهما، ولا خلاف أن حلق العمرة لا يتوقف بالزمان وأورد أنه لو كان موقتًا بهما كالوقوف لما اعتد به في غير ذلك المكان مع أنه يعتد به اتفاقًا في حق التحليل، والخلاف إنما هو في حق التضيق بالدم وأجيب بأن محل الفعل هو الحل دون الحرم ولكنه جاز بالتأخير عن مكان فيلزمه دم كما يلزمهما بالتأخير عن وقته بخلاف الوقوف فإن محل الفعل هو الجبل وبالخروج عند تبدل المحل فلا يجوز ودل كلامه أنه لو حلق فبل أيام النحو في الحل لزمه دمان. (و) يجب (دمان لو حلق القارن قبل الذبح) عند أبي حنيفة دم بالحلق في غير أوانه لأنه أوانه بعد الذبح ودم بتأخير الذبح عن الحلق، وعندهما يجب عليه دم واحد وهو الأول ولا يجب بسبب التأخير شيء لما قلنا، كذا في (الهداية) وجزم في (فتح القدير) بأنه سهو بل أحد الدمين لمجموع التقديم والتأخير والثاني دم القران، والذي يجب عندهما هنا دم القران لأن الحلق قبل أوانه ولو وجب ذلك وجب في كل تقديم نسك على نسك دمان لأنه لا ينفك عن الأمرين ولا قائل به، ولو وجب في حق القارن قبل الذبح ثلاثة دماء في تفريع من يقول؟ إن إحرام عمرته انتهى بالوقوف وفي تفريع من لا يراه كما قدمناه خمسة دماء لأن جنايته على إحرامين والتقديم والتأخير جنايات فيهما أربعة دماء ودم القران وهكذا سماه في (العناية) لكن من حيث مطابقته لما في (الجامع)، وذلك أن محمدًا قال في (الجامع الصغير) ما لفظه: فإن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان دم للحلق قبل الذبح ودم للقران يعني عند الإمام، وقالا: ليس عليه إلا دم القران ومع عدم مطابقته فهو مناقض لما قدمه من أنه لا شيء عليه عندهما بالحلق قبل الذبح. وفي (غاية البيان): خبط صاحب (الهداية) لأنه جعل الدمين هنا للجناية وفي القران جعل أحدهما للشكر والآخر للجناية وأجاب بعض بأنه لم يرد بقوله بالحلق قبل أوانه تقديم الحلق على الذبح ليلزم ما ذكر بل الجناية على الإحرام يفصح عن ذلك ما قاله الصدر الشهيد في شرح (الجامع الصغير): قارن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان وقال أبو يوسف ومحمد: عليه دم آخر لتأخير الذبح على الحلق وأما دم القارئ فمتفق عليه ولم يذكوه لأن الكلام في الدماء الواجبة بسبب الجناية على الإحرام وأما لزوم إيجاب الخمسة فهو اعتراض المحبوبي، وقد أجيب عنه بان ما على المفرد فيه دم فعلى القارئ عمان ولو قدم المفرد الحلق على الذبح لا شيء عليه فلا يتضاعف على القارئ، وعدم مطابقته ما في (الجامع) إنما هو على نقل فخر الإسلام ومن حذا حذوه لا على ما قدمناه عن الشهيد وعن هذا قال في (الدراية): اختلفت عبارات

فصل في جزاء الصيد

فصل إن قتل محرم صيدًا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء ـــــــــــــــــــــــــــــ المشايخ في هذه المسالة فذكر فخر الإسلام في (جامعه) قارن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان وقالا: ليس عليه إلا دم القارن وهكذا ذكر محمد في (الجامع (وقاضي خان في (جامعه) وقال بعضهم: دم القران واجب إجماعًا ويجب دم آخر إجماعًا بسبب الجناية على الإحرام ودم آخر عند أبي حنيفة بسبب تأخير الذبح عن الحلق وواليه مال صاحب (الكتاب) انتهى. وقو صاحب (العناية) /هذا يآباه فيما مر وقالا: لا شيء عليه في الوجهين فإنه تصريح بانهما لا يقولان في هذه الصورة بوجوب شيء يتعلق بهذه الكفارة أصلاً ورده في (الحواشي السعدية) بأن المرأة لا يجب شيء بسبب تأخير النسك إذ الكلام فيه وبه عرف أنه لا مناقضة بين كلامه إذ المنفي فيما سبق دم التأخير والمثبت هنا دم الجناية على الإحرام ودعوى الخبط في كلامه لعدم فهمه، وذلك أن ما مر في القران إنما هو عند العجز عن الذبح وتأخيره في هذه الحالة مرخص فيه لا يجب به دم، ولهذا لم ينقل ثمة الخلاف ولو كان الواجب دم جناية التأخير لكان لهما خلاف وإذا تقرر هذا فقوله في (البحر): نص محمد أن أحد الدمين دم القران والآخر لتأخير النسك عن وقته وقد وقع لكثير من المشايخ اشتباه بسبب ذكر الدم الواحد كافيًا للعلم بدم القران، وهذا الجمع لا نراه في غير هذا الكتاب وإنما أطلنا في هذا المقام لأنه من مزال الأقدام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. [30] فصل في جزاء الصيد لما كانت الجناية على الإحرام في الصيد نوعا آخر مغايرًا لما مر من أنواع الجنايات أوردها في فصل على حدة وجمعه مع ما تقدم في باب واحد للاتحاد في الجندر، ولا يخفى أن الصيد اسم للحيوان الممتنع للتوحش بأصل الخلقة أي: الذي يمنع نفسه عمن قصده إما بقوائمه أو بجناحه فخرج نحو الغنم والبقر من الحيوانات الأصلية وقيد بالمتوحش بأصل الخلقة ليدخل الحمام المسؤول والظبي المستأنس وليخرج الإبل المتوحشة وإنما لم تجب الزكاة أي: الذبح فيها للضرورة، وأورد على التعريف أنه صادق على الكلب والسنور المستوحشين وليسا بصيد، وأجيب بأن الكلب أهلي في الأصل لكن ربما توحش وأما السنور المتوحش ففيه روايتان، ولا كلام أن الأهلي منه ليس بصيد. قال بعض المتأخرين: وبقي قيد أهملوه في التعريف وهو أن يكون مقصودًا بالأخذ لقولهم في الجرادة؟ إنها صيد لادن الصيد ما لا يمكن أخذه إلا بحيلة، ويقصد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأخذ وفي (الفتح) هذا القيد الزائد يلزم منه إما فساد التعريف السابق أو هذا اللاحق ثم إن كان توالده في البر فبري وإلا فبحري فالمعول عليه في كونه بريًا أو بحريًا إنما هو التوالد لا مع كون مثواه أي: إقامته فيه كما هو ظاهر عبارة من زاد ومثواه فيه، وعلى هذا فلا يجب الجزاء بقتل كلب أز الضفدع المائي وإن كان يعيش في البر، والمحرم على المحرم إنما هو صيد البر للآية الكريمة لا البحر مطلقًا في الأصح خلافا لما في (مناسك الكرماني) من تخصيص الإباحة فيه كالسمك لأن قتل محرم صيدًا بريًا مأكولاً أو مملوكًا عامدًا كان أو لا مباشرًا ولو غير متعمدًا كنائم انقلب على صيد أو متسببًا إذا كان متعديًا كما إذا نصب شبكة أو حفر له حفير بخلاف ما لو نصب فسطاطًا لنفسه فتعلق به صيد أو حفر حفرة للماء أو لحيوان مباح القتل كذئب فعطب فيها صيد أو أرسل كلبه إلى حيوان مباح فأخذ ما يحرم أو إلى صيد في الحل وهو حلال فجاوز إلى الحرم حيث لا يلزمه شيء لعدم التعدي، فما في (المحيط) لو خرج أربعة من بيتهم بمكة إلى منى وأمروا أحدهم أن يغلق الباب وفيه حمام مات عطشًا فعلى كل واحد جزاء، لأن الآمرين تسببوا والخالق بالإغلاق محمول على ما إذا علم الآمرون بذلك أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء ليس مطلق الدلالة يوجما الجزاء بل مقيدة بأن يصدقه وأن لا يكون المدلول عالمًا بمكانه وأن لا ينفلت منه وأن يبقى الدال محرمًا إلى قتله وأن يتصل القتل بالدلالة فإن فقد واحد من هذه الشروط انتفى الجزاء وبقيت الكراهة، أي: التحريمية. فقد صرح في (النهاية) الإثم فيها وليعر معنى التصديق أن يقول: صدقت بل أن لا يكذبه، وعن هذا قال في (الكافي) وغيره: لو أخبر محرم بصيد فلم يره حتى أخبره محرم آخر فلم يصدق الأول ولم يكذبه ثم طلب الصيد فقتله كان على كل واحد منهما الجزاء ولو كذب الأول لم يكن عليه، ولو أرسل المحرم محرمة إلى محرم يدله على الصيد فقتله المرسل إليه فعلى كل من الثلاثة الجزاء، قال في (البحر): وظهر بالشرط الثاني ضعف ما في (المحيط) عن (المنتقى) قال: خذ هذين وهو يراهما فقتلهما كان على الدال جزاء واحد وإن كان لا يراهما فجزاءان لأنه مع الرؤية عالم بمكانه ولذا لم يذكروا هنا الإشارة كما في الإحرام لاختصاصها بالحاضر وشرط وجوب الجزاء عدم العلم بالمكان، فالحاصل أنهما سواء في منع المحرم منهما لكن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الدلالة موجبة للجزاء بشروطها والإشارة لا توجب الجزاء اللهم إلا أن يقال: إن الأمر بالأخذ غير الدلالة فيوجب الجزاء مطلقًا ويدل عليه ما في (الفتح) وغيره أو أمر غيره بأخذ صيد فامر المأمور آخر فالجزاء لم على الآمر الثاني لأنه لم يشتمل أمر الأول بخلاف ما لو دل الأول على صيد وأمره فامر الثاني ثالثا بالقتل حيث يجب الجزاء على الثلاثة انتهى. وأقول: قدمنا في الإحرام أن كلأ من الإشارة والدلالة إنما يحرم إذا لم يعلم المحرم لا إن علم هو الأصح وقيل: يحرم مطلقًا وعلم منه ثبوت حرمة الإشارة مع عدم العلم اتفاقًا فيلزم الجزاء بها بل هي أقوى من الدلالة ثم رأيته في (البدائع) قال: لو دل عليه أو أشار إليه فإن كان المدلول يرى الصيد أو يعلم به من غير دلالة وإشارة فلا شيء على الدال، وإيه رآه بدلالته فقتله فعليه الجزاء عند أصحابنا، وفي (السراج) لو أشار المحرم لرجل إلى صيد فقال: خذ ذلك الصيد فأخذه وصيدًا كان معه في الوكر فعلى الآمر الجزاء في الأول دون الثاني فقولهم: إن الإشارة لا شيء فيها وأنهم لم يذكروها ممنوع ولا تلازم بين الإشارة وعلم الإشارة إليه قبلها كما هو واضح والشروط المتقدمة في الدلالة ينبغي إن ثابتة فيها الأول معنى لتكذيبه مع رؤيته وهذا وإن لم أره في كلامهم صريحًا إلا أن النظر الصحيح يقتضيه، وقولهم: اللهم إلا أن يقال: إلى آخره ممنوع من قبيل الدلالة فقد علل في (السراج) ما في (الفتح) من كون الجزاء في الآمر على الثاني فقط بأنه أمره بالقتل ولم يأمره بالدلالة فلم يكن ممتثلاً ما أمره به انتهى. فجعل الأمر الثاني دلالة ولا فرق بينه وبين الأول غاية الأمر أنه لما لم يشتمل أمره فكأنه كذبه وإنما تعدد الجزاء في الثانية باعتبار الدلالة لا الأمر لعدم امتثاله إياه فلم يبق ثمة إلا دلالة تعددت والأمر بعدها ليس تكذيبًا لها فما في (الفتح) لا دلالة فيه واقتصارهم علي الإشارة والدلالة فيه دلالة على ذلك فتدبر، ومما ألحق بالدلالة ما لو رأى محرم صيدًا في وضع لا يقدر عليه فدله محرم على الطريق أو صيدًا دخل غارًات فلم يعرف بابه فدله عليه قال في (المحيط): لأنه لما دله على الطرلمجتى فكانه على الصيد دله وعلى هذا لو رآه في موضع لا يقدر على أخذه إلا أن يرميه فدفع له ما يرميه به أو دل عليه سكينًا فقتله كان عليهما الجزاء وما في (الأصل) من عدم الجزاء على المعير حمله أكثر المشايخ على ما إذا كان مع القاتل سلاح آخر قال السرخسي: والأصح عندي أنه لا جزاء عليه مطلقا وبهذا عرف أنه لا حاجة لما في (البحر) من أن هذه الفروع من الإعانة لا الدلالة وأنه إذا فقد شروطها

وهو قيمة الصيد بتقويم عدلين في مقتله أو أقرب موضع منه ـــــــــــــــــــــــــــــ وجب الجزاء للإعانة لأن تعليله في (المحيط) يآباه ثم هذا الجزاء يتعدد بتعدد المقتول إلا إذا قصد به رفض إحرامه كما نص محليه في (الأصل). (وهو) أي؟ الجزاء (قيمة الصيد) من حيث إنه صيد لا من حيثما ما زاد بالصنعة فيه كذا في (العناية) وهو أولى من قول ببعضهم تعتبر قيمته لحمآ إذ مقتضاه أن الجلد لا يقوم وليس موادًا، على أن المرأة عدم اعتبار الصنعة فيه حتى لو قتل صيدًا مملوكًا معلمًا كالبازي والحمام الذي يجيء من الأماكن البعيدة لزمه قيمته لمالكه معلمًا وعير معلم حقًا لله تعالى، والفرق لا يخفى، واختلفت الرواية فيما لو قتل حمامة مصوتة ففي رواية يضمن قيمتها ذلك، لأن ذلك من باب الحسن والملاحة والصيد مضمون بذلك كما لو قتل صيدًا حسنا له زيادة قيمة تجب قيمته على تلك الصفة كما لو قتل حمامة مطوقة، وفي أخرى إنما يضمن قيمتها غير مصوتة لأن هذا الوصف لا يرجع إلى كونه صيدًا وحق الله تعالى إنما يتعلق بذلك. قال في (البدائع): وهذا يشكل بالمطوقة والصيد الحسن المليح (بتقويم عدلين) خبيرين بقيمة الصيد والواحد يكفي واثنان أحوذ، وقيل: يعتبر المثنى هاهنا بالنص والذين لم يوجبوه حملوا العدد في الآية على الأولوية لأن المقصود زياد الاهتمام والإتقان والظاهر الوجوب وقصد الإتقان لا ينافيه بل قد يكون داعيته كذا في (الفتح) ومن ثم صح في (شرح الدرر) اعتبار المثنى وعلى الأول فينبغي الاكتفاء بالقاتل حيث كان له معرفة بالقيمة كذا في (البحر) (في مقتله) أي: موضع قتله وهذا أولى من قوله في (الهداية) في الموضع الهذي أصابه بناء على أن الفاعل هو المحرم كما في (العناية) إذ ظاهره أنه لو أصابه فهي موضع وقتل في آخر اعتبر موضع الإصابة وهذا عار عن الإصابة لكن الظاهر أن الفاعل هو القتل (أو) في (أقرب موضع منه) أي: من مقتله إن كان في برية الفاء للتنويع. قال في (المحيط): وعلى رواية (الأصل) اعتبر مع المكان الزمان في اعتبار القيمة وهو الأصح ثم هذا أعني كون الجزاء قيمها الصيد قول الإمام والثاني وخصه محمد بما لا مثل له ويجب له مثل مثله وفي نحو الظبي شاة وفي النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة لظاهر قوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95]، بناء على حمل المثل على المماثل صورة/ ومن النعم بيان للجزاء أو المثل أولهما أن المثل المطلق هو المثل صورة ومعنى على لا يمكن الحمل محليه فحمل على المثل معنى لكونه معهودا في الشرع كما في حقوق العباد والآية تحتمل ذلك لأنها اشتملت على شرط وجزاء حذف منه المبتدأ بعد فالجزاء والخبر أي: فالواجب جزاء

فيشتري بها هديًا وذبحه إن بلفت هديًا أو طعامًا، وتصدق به كالفطرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو فعليه جزاء، وفيه قراءتان قرأ الكوفيون بتنوين ورفع مثل على أنه صفة والباقون بإضافة مثل إليه إضافة بيانية أي: فجزاء مثل ما قته ومن النعم بيان لما قتل أو للعائد إلميها أي: ما قتله من النعم الوحش، وقد جاء إطلاقه عليه لغة كالأهلي وهي في موضع الحال من الضمير في فتل وجملة يحكم به ذوا عدل صفة لجزاء الذي هو القيمة أو المثل الذي هو هي لأن مثلاً لا يتعرف بالإضافة فجاز وصفها ووصف ما أضيف إليها بالجملة وبهذا اندفع قول أبي البقاء إن الصفة إنما هي على ألتنوين أما على الإضافة فهي في موضع الحال من الضمير في مقدرة من الهاء في به أي: صائرًا أديًا به وذلك في نقس الأمو بواسطة الشراء، وبالغ الكعبة صفة لهدي لما أن إضافته لفظية وقوله: أو كفارة عطف على جزاء وطعام بدل منها أو عطف بيان أو خبر محذوف وقوله: أو عدل عطف# على كفارة وصياما تمييز للعدل. (فيشتري) القاتل (بها) أي: (هديًا وذبحه) بالحرم ولم يقيده به اكتفاء بلفظ الهدي، والمراد من الكعبة في الآية الحرم كما قال المفسرون فعبر عنه بمعظمه وجعله تنبيهًا على أن استحقاقه الشرف لهذا الاختصاص لاشتماله على ذلك البقعة الشريفة، و (إن بلغت) قيمته أي: المقتول (هديًا) تجرى فيه الأضحية من إبل وبقر وغنم، لأن المعهود في إطلاقه في هدي المتعة والقوات والأضحية فيحمل عليه وإنما انصرف إلى الشاة في قوله: إن فعلت كذا فعلي هدي حملاً على الأدنى وإلى الثوب في قوله: فثوبي هذا هدي لأنه بقرينة التقييد جعل مجازًا عق الصدقة قال في (البدائع): ويقوم مقام الإبل والبقر سبع شياه وفي (الحقائق) ولا يجاوز عن الهدي في غير المأكول في ظاهر الرواية وفي المأكول تجب قيمته بالغة ما بلغت وإن بلغت هديين، ثم إذا ذبحه وجيمًا التصدق بلحمه على غير من لا تقبل شهادته له ولو أتلفه وأكل منه شيئًا ضمنه فيتصدق به، ولا ضمان لو سرق منه بعد الإراقة للضرورة بخلاف ما لو سرق قبلها لأن المقصود من الهدي هو التقرب بالإراقة مع التصدق بلحم القوبات ولم يوجد، واشترى بقيمة الصيد (أو طعامًا) وفيه إيماء إلى أن الخيار للمصدق، (وتصدق) على حصل مسكين (به الفطرة) أو تصدقًا كتصدق الفطرة المتقدمة، ولا يجوز إعطاء أقل من نصف صاع كذا في (الهداية)، وقدمنا خلافا في جواز إعطاء فطرته لأكثر من واحد وينبغي إجراؤه هنا، نعم لا يجوز الاقتصار على واحد لأن العدد منصوص عليه وفي كلامه إيماء إلى أنه لا يجوز لأصله وإن علا ولا لفرعه وإن سهل ولا لزوجته وإلى أن الذمي مصرف وإن كان المسلم أحب وإلى أن دفع القيمة جائز لكن يرد عليه أن الإباحة هنا كافية كما قال الإسبيجابي في صدقة الفطر

أو صام عن إطعام كل مسكين يومًا، ولو فضل أقل من نصف صاع تصدق به، أو صام يومًا وإن جرحه، أو قطع عضوه، أو نتف شعره، ضمن ما نقص ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (البحر) وأقول: قد عوف أن المشبه لا يلزم أن يعطي حكم المشبه به من كل وجه على أن الظاهر أن التشبيه إنما هو في المقدار لا غير كما جرى عليه الشار أوغيره. (أو صام) القاتل (عن إطعام كل مسكين لمومًا) يعني يقومه طعامًا ثم يصوم كذلك لأنه لا قيمة للصوم فلا يمكن تقديره بالمقتول فقدر بالطعام وقد عهد في الشرع إقامة طعام مسمكين مقام صوم يوم كما في كفارة الظهار، (ولو فضل) من الطعام (أقل من نصف صاع) تمر أو شعير (تصدق به) إن شاء (أو صام يومًا) لأن صوم ما هو أقل من يوم غير مشروع وكذا لو كان هذا هو الواجب ابتداء كما إذا قتل نحو عصفور، وفيه تصريح بجواز الجمع بين الصوم والإطعام بخلاف كفارة أليمين والفرق أن الصوم هنا أصل كالإطعام بدليل جوازه مع القدرة على الإطعام وفي كفارة اليمين بدل عن المال بدليل أنه لا يصار إليه مع القدرة على المال والجمع بين الأصل والبدل لا يجوز، وعن هذا قلنا فلو فصل بعد الهدى وما يبلغ آخر أو أقل خير أيضًا. (وإن جرحه) أي: جرح المحرم الصيد (أو قطع عضوه أو نتف شعره فحمن ما نقص) اعتبارًا للجزاء بالأصل هذا إذا أبرأ وبقي أثره أما إذا مات منه ضمن كله، ولم يكن يقيده به استغناء بالمقاتل ولا شيء لو لم يبق له أثو، وكذا لو قلع سنه فنبتت أو عينه فابيضت ثم زال البياض، وقال الثاني: يلزم صدقة الألم كذا في (المبسوط) لكن في (المبسوط) المذكور في (البدائع) عدم سقوط الضمان عنه وهو المناسب للإطلاق، ولو غاب عنه ولم يدر أمات أو لا لزمه ممل القيمة استحسانًا فإن وجده بعد ذلك ميتًا وعلم موته ابسبب آخر ضمن الجرح فقط، وعم كلامه ما لو قطع يده وآخر رجله إلا أن الثاني إنما يضمن ما نقص قيمته مجروحًا كما في (الخزانة) والمسألة مقيدة بأن لا يخرجه القطع عن حيز الامتناع فإذا أخرجه ضمن كما في (السراج (وهذا القيد يعلم من قوله بعد ونتف ريشه وأن يقصد القطع فإن له يقصده كما إذا خلص حمامة من سنور أو سبع أو شبكة أو خيط من رجله فقطعت فلا شيء عليه، وكذا في كل قتل قصد به الإصلاح كذا في (الدراية) وأن يقتله بعد قبل أن يكفر فإن قتل كان عليه كفارة واحدة وما نقصه الجرح يتساقط كذا في (الفتح) فإن كقر ثم قتله كان عليه أخرى، ولو جرحه ثم كفر أي: على موته فمات أجزأت لأنه أدي بعد السبب.

وتجب القيمة بنتف ريشة، وقطع قوائمه، وحلبه، وكسر بيضه، وخروج فرخ ميت به، ولا شيء بقتل غراب، ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتجب القيمة بنتف ريشه) جمع ريشة (وقطع قوائمه) لأنه فوت الأمن عليه بتفويت آلة الامتناع كالإتلاف، (وحلبة) أي: تجب قيمة اللبن أيضًا بحلبة لأنه من أجزائه (وكسر بيضه) روي ذلك عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ولأنه أص الصيد وله عرضية أن يصير صيدًا فنزل منزلته احتياطيًا، وهذا الإطلاق مقيد بغير الفاسد فلا شيء عليه لأن ضمانه ليس لذاته لما علمت وما في (مناسك الكرماني) من أن هذا في غير بيض النعامة أما هو فيجب الجزاء بكسره ولو مذرًا لأن لقشرة قيمة رد بأن المحرم ليس ممنوعًا من التعرض للقشر بل للصيد وهذا المعنى مفقود في المذرة مالاً أ] ضًا، ولو أدى قيمة بيض كسره أو جراد شواه حل له ولغيره أكله لأنه لا يفتقر إلى الزكاة بدليل إباحة أكله قبل شيه فلم يصر ميتة كذا في (المحيط) والله الموفق. (وخروج فرخ ميت به) أي: بكسرة استسحانًا والقياس أنه لا يلزمه غير البيض وجه الاستحسان أنه معد ليخرج منه الفرخ الحي، والكسر قول أو أنه سبب لموته فيحال عليه احتياطيًا وهذا مقيد أن هذا الحكم فيما إذا جهل أن موته قبله فلا شيء عليه، ولو عرفت حياته قبله كان عليه القيمة بالأولى ولا يجب في البيض شيء قيد بالميت لأنه لو خرج حيًا وطار لم يكن عليه شيء، ولو ضرب بطن ظبية فألقت جنينيًا وماتت الأم أيضًا كان عليه ضمانها أم الأم فظاهر وأما الجنين فلأن ضرب البطن سبب ظاهر لموته وقد ظهر عقبيه ميتًا فيحال عليه. (ولا شيء) على المحرم ولا على الحلال في الحرم (يقتل غراب) يأكل الجيف أما العقعق فلا يسمى غرابًا لا يبتدئ بالأذى كذا في (الهداية) و (شروحها) وعليه جرى الشارح وغيره فقوله في (البحر) أطلق في الغراب فشمل أنواعه الثلاثة كما في (غاية البيان) ففيه نظر لأنه دائمًا يقع على دبر الدابة كما في (غاية البيان) فمردود قال في (البدائع): قال أبو يوسف: الغراب المذكور في الحديث الذي يأكل الجيف أو يخلط لأن هذا النوع هو الذي يبتدئ بالأذى انتهى. قيل: لأنه يقع على دبر الدابة وقول الاتقاني فيه نظر لأن العقعق يقع على دبر الدابة أيضًا أشار في (المعراج) إلى دفعه بأنه لا يفعل ذلك غالبًا وبه اندفع دعوى الديمومة فيه ولما كان المطرد هو ابتداؤه بالأذى اقتصر الإمام على الثاني في التعليل عليه، وقد أمر- صلى الله عليه وسلم- بقتل خمس من

وحدأة، وذئب، وحية، وعقرب، وفارة، وكلب محاور، وبعوض، ونمل وبرغوث، وفراد، وسلحفاة، وبقتل قملة ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ الفواشق في الحل والحرم الغريب (والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقود) متفق عليه (و) في لفظ لمسلم بدل الغراب (الحية) وقيد الغيران بالأبقع ومن هنا حمل الترمذي الغراب على غير الأبشع وهو الذي يأكل الزرع دفعًا للتعارض ومن ثم رأيته في (الظهيرين) قال: وفي العقيق روايتان والظاهر أنه من القيود والحدأة بكسر الحاء أما ب (الفتح) ففاس ينقر بها الحجارة لها رأسان، (وذئب) بالهمز والجمع ذهب وذئاب، قيل: اشتقاقه من ذهبت الريح إذا جاءت من كل وجه لما أخرجه الدارقطني عن ابق عمر قال: أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (بقتل الذئب والفأرة والحدأة والغراب) ورواه ابق أبي شيبة مقتصرًا على الذئب، لأنه يبتدئ بالأذى غالبًا، والغالب كالمتحقق وأن له الطحاوي منها. وعلى هذا فلا حاجة لما قيل المراد من الذئاب الكلب في الحديث أو أنه ألحق بالكلب دلالة بجامع الابتداء بالأذى وحية وعقرب وفأرة بالهمز أهلية أو وحشية وكلب عبور أي: وحشي لأنه صيد إلا أن أذاه أسقط جزاءه أما غيره فليس بصيد أصلاً وعن الإمام أنه لا فرق بينه وبين غيره (وبعوض ونمل) بسائر أنواعه إلا أن ما لا يؤذي لا يحل قتله، ومن ثم قالوا: لا يحل قتل المهلب الأهلي إذا لم يكن مؤذيًا والأمر بقتل/ الكلاب منسوخ كذا في (الفتح)، لكن رأيت في (الملتقط) ما لفظه: وإذا أكثرت الكلاب في قرية وأضر بأهل القرية أمر أربابها بقتلها وإن أبوا رفع الأمر إلى القاضي حتى يأمر بذلك انتهى. فيحمل ما في (الفتح (على ما إذا لم يكن ثمة ضرر (وقراد وسلحفاة) بضم السمين وفتح اللام ووزع وذباب وزنبور وحلمه وصرصر وابق عرس وقنفذ وخنفس وصياح ليل لأمنها ليست بقيود بل من هوام الأرض على وحشراتها (وبقتل قملة) من بدنه أو رأسه أو ثوبه مباشرة أو تسببًا إذا كان قاصدًا له كما إذا ألقى ثوبه في الشمس أو غسله كذلك وقولهم إن ألقاه على الأرض كالقتل ينبغي أن يكون من حيث إنه سبب له فيشترط فيه القصد، فلو أمن الحلال برفع القمل أو دفع ثوبه إليه وقتله كان على الآمر الجزاء وكذا لو أشار إلى قملة فقتلها الحلال كان عليه جزاؤها، لأن الدلالة موجبة

وجرادة تصدق بما شاء، ولا يجاوز عن شاة بقتل السبع، ـــــــــــــــــــــــــــــ في الصيد فكذا ما في حكمه، قيدنا بكونها من بدنه وما عطف عليه لأنه لو وجدها على الأرض فقتلها لم يكن عليه شيء قال الخجندي: وكذا لو قتلها وهي على غيره فقول بعض المدخرين: أطلق القملة ليشمل قملة نفسه وغيره إذا الحكم فيها واحد ومن زاد على بدنه فقد أفسد سهو، إلا أنه ينبغي أن يقيد عدم الجزاء بكونها على غيره بما إذا لم يكن منه بوضعه، ولو قال: وبقتل قليل القملة وجرادة يتصدق بما شاءت لكان أولى، إذ الثلاث من القمل كالواحدة وفي الزائد بالغا ما بلغ نصف صاع لابنه كثير وفي (الفتاوى) الكثير عشر فما زاد وجرادة قال في (البحر): لم أر من فرق بين القليل والكثير وينبغي أن يكون كالقمل وأقول: في (المحيط) مملوك أصاب جرادة وهو محرم إن صام يومًا فقد زاد وإن شاء جمعها حتى تصير عدة جراد ثم يصوم يوما انتهى. وينبغي أن يكون حكم القمل في حقه كذلك تصدق بما شاء، أما في القملة فلأن في قتله إزالة الشعث لما أنه لا دم من البدن كالشعر، وأما في الجراد فلقول عمر رضي الله عنه كما في (الموطأ): (تمرة خير من جرادة) ولأنه من صيد البر وأما ما رواه أبو داود والترمذي من أنه عليه الصلاة والسلام (أمر أصحابه بأكله وقال: إنه من صيد البحر) فقال النووي: اتفق الحفاظ على ضعفه لكن نقل في (المعراج) عن ابن عباس وكعب بن شجرة وأبي سعيد أنه من صيد البحر وقال جمهور العلماء والفقهاء: إنه من صيد البر ولذا يموت في الماء وفي قوله تصدق إيماء إلى اشتراط القليل وما في (الجامع) من قوله أطعم ما شاء يدل على جواز الإباحة وقدمنا عن الإسبيجابي التصريح بذلك ولم يذكر للصدقة مقدار لعدم ذكره في ظاهر الرواية وروى الحسن أن في الواحدة كقوة وفي الاثنين أو الثلاث قبضة من طعام وفي الأكثر نصف صاع كذا في (البدائع) وغيرها وفي (ألدراية) معزيا إلى (الجامع الصغير) أطعم شيئا يسيرا ككسرة خبز هذا في قملة واحدة وفي الاثنتين أو الثلاث كفر من حنطة، هكذا روي عن ابن عباسي، وفي الزائد على الثلاثة نصف صاع من حنطة (ولا يجاوز عن قيمة شاة بقتل السبع) وهو كل مختطف منتخب جارح قاتل عاد عادة سواء كان سباع البهائم كالأسد والفهد والنمو والفيل والخنزير أو الطير كالبازي والصقر. وقول العتابي: الفيل المتوحش صيد ليس على ما ينبغي إذ المستأنس يجب

وإن صال لا شيء بقتله، بخلاف المضطر، وللمحرم ذبح شاة، وبقرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه صيدًا أيضًا لعروض الاستئناس ثم عدم التجاوز عن قيمة الشاة مذهبنا وقال زفر: تجب قيمته بالغة ما بلغت اعتبارا بمأكول اللحم ولنا قوله خلاصه: (الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن) رواه الحاكم ولأن اعتبار قيمته لمكان الانتفاع بجلده لا لابنه محارب مؤذ ومن هذا الوجه لا تزداد قيمته على قيمة الشاة ظاهرة وأيد في (الفتح)، ما ذهب إليه زفر بأن حديث الضبع يجب حمله على أنه كان قدر المالية في وقت التنصيص ولا تلزم المعارضة بينه وبين قوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] وقولهم: ولأن اعتبار قيمته إلى آخره معارض لعموم هذا النص لأنه واجب عليه قيمة المقتول مطلقًا فتعتبر قيمة مجرد جلده في بعض المقتول خروج عن مقتضاه مع أن أخذه لم ينحصر في أخذ جلده بل قد يكون لغرض أن يصطاد به ومن هذا الوجه تجب قيمته انتهى. ومن ثم عدل قاضي خان في شرح (الجامع الصغير)، عن هذا حيث قال: ولأن قتله إنما كان حراما موجبة للجزاء باعتبار إراقة الهدم لا باعتبار فساد اللحم لأنه غيار مأكول وبإراقة الدم لا يجب إلا دم واحد أما ما حول اللحم ففيه فساد اللحم أيضا فتجب قيمته بالغة ما بلغت، (وإن صالح أي: ولب حتما في (الصحاح) (لا شيء) عليه أي: لا جزاء (بقتله) إذ الكلام فيه فلا يرد وجوب قيمته لو كان مملوكة، لأنه حينئذ التحق بالفوارق وقيده في (المنتقى) بما إذا لما يمكن دفعه إلا بالقتل حتى لو أمكنه الدفع بغيره فقتله لزم الجزاء، قيد بما إذا صال لابنه لو لم يصل لؤمه الجزاء وما في (البدائع) من أن هذا فيما لا يبتدئ / بالأذى كالضبع والثعلب وغيرهما، (ما ماء) يبتدئ به غالبًا كالأسد والذئب ق النمر والفهد فللمحرم قتله ولا شيء عليه، قال بعض المتأخرين: إنه بمذهب الشافعي أنسب. واعلم أن هذا الحكم لا يخص السبع لأن غيره إذا لا شيء بقتله أيضًا ذكره شيخ الإسلام فكان عدم التخصيص أولى، إذ المفهوم معتبر في الولايات اتفاقا ومنه أقوال الصحابة كما في (الحواشي السعدية) وينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا ما لا يدرك به، وبخلاف المفوض إلى الأكل إذا ذبح صيدا وأكله حيث يجب عليه جزاؤه، والفرق أن الإذن عند الأذى مطلق وعند الاضطرار مقيد بالكفارة بالخص أعني قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196] الآية فإنه وإن ورد في الحالف المعذور إلا أن الاضطرار ألحق به دلالة (وللمحرم ذبح شاة وبقرة

وبعير، ودجاج، وبط أهلي، وعليه الجزاء بذبح حمام مسؤول، وظبي مستأنس، ولو ذبح المحرم صيدا حرم، وغرم بأكله، ـــــــــــــــــــــــــــــ وبعير ودجاج وبط أهلية لأنها لامست بقيود وعليه الإجماع وأراد بالأهلي ما يكون في المساكن والحياض لأنه ألوف بأصل الخلقة وقيد به لأن الطائر منه صيد وينبغي أن تكون الجواميس كذلك لما أنها بالسودان لا يعرف منها مستأنس كذا في (الشرح) ولو نزا ظبي على شاة فالولد كأمه، هو عليه الجزاء بذبح حمام مسرول) بفتح الواو في رجليه ريش كأنه سراويل بوظبي مستأنس) لأنهما متوحشان بأصل الخلقة فالاستئناس فيهما عارض بالمسؤول وإن كان كل الحمام كذلك تنصيصًا على محل الخلاف بيننا وبين مالك حيث قال بجواز أكله وليعلم غيره بالأولى، (ولو ذبح محرم صيدًا) أو حلال صيد الحرم (حرم) أكله على كل أحد، لأن الزكاة فعل مشروع وهذا إحرام فلا يكون ذكاء كذبيحة المجوسي، وعدل عن قول القدومي فهو ميتة لا يحل أكله لما أنه ليس ميتة حقيقة بل حكمًا بدليل أنه لو اضطر إلى أكل الميتة وصيد فإنه يذبح الصيد هياكله في قول الإمام والثاني. وقال محمدي زفر: يأكل الميتة كذا في (المبسوط (إلا أنه في (الثانية (جعل الميتة أولى في قول الإمام ومحمد وقال أبو يوسف والحسن: يذبح الصيد ولو كان مذبوحا كان أولى بأن في الصيد ارتكاب محظورين الذبح والميتة، لأنه ميتة حكما يعني: فكان أغلظ حرمة، هذا إذا لم تكن الميتة ميتة آدمي فإن كانت ذبح الصيد استحسانا، لأمن لحم الإنسان حرام حقا لله تعالى وللعبد، والصيد حرام حفل لله تعالى فقط، كذا في (الواقعات) والكلام فيما هو الأولى حتى لو تناول من لحم الإنسان جاز، واستثنى الشافعية ما إذا كان نبيل ولو وجد صيدا حيًا ومال إنسان فالصيد أولى، وذكر الكرخي أن مال المسلم أولى وعن محمد الصيد أولى من لحم الخنزير. (وغرم) الذابح زيادة على الجزاء الذابح قيمة ما أكله عند الإمام سواء ضمان المذبوح قبل الأكل أولا غير أنه إن أداء قبله ضمن ما أتلفه على حدته بالغا ما بلغ، وإن أكل قبله دخل ما أكل في ضمان الصيد فلا يجب له مميز ولا فرق بين أكله وإطعام كلابه، وقالا: لا يغرم (بأكله) شيئا لأن تناول الميتة لا يوجب غير الاستغفار وله أد حرمته باعتبار كونه ميتة وباعتبار كونه محظورًا له هو الذي أخرج الصيد عن المحلية والذابح عن الأسلية فصارت حرمة التناول لهذه الوسائط مضافة إلى إحرامه، فظاهر كلام بعضهم أن الخلاف مقيد بما إذا أكل بعدما الجزاء لا قبله، والتحقيق ما أسمعتك، وقول بعض المتأخرين: الخلاف إنما هو في إيجاب القيمة زيادة على الجزاء الواجب بالقتل لا في إيجابها مطلقا زائدة كانت على الجزاء

لا محرم آخر، وحل له لحم ما صاده حلال وذبحه،، إن لم يدل عليه ولم يأمره بصيده، وبذبح الحلال صيد الحرم .. ـــــــــــــــــــــــــــــ وداخلة فيه مدفوع، بان كونها داخلة فرع كونها زائدة وفي (المحيط) محرم وهب ومحرم صيدا فأكله لزمه قيمتان للذبح والأكل وثالثة للواهب لفساد الهبة وعلى الواهب قيمة، وقال محمد: لا شيء عليه بالأكل (لا) يغرم (محرم آخر) بأكله ولا حلال قتل صيد الحرم فأكل منه، وتقييده في (الفاتح) بكونه أن القيمة اتفاقي لأنهما لم يتناولا محظورة باعتبار الإحرام ولا الحرم إذ الأصل ليعمل من محظورات الحرم، بل تفويت الأمن الذي استحقه لحلوله في الإحرام فقير وقد ضمنه وكانت الحرمة لأكل الميتة فقط وقدمنا أنه لا ضمان عليه بأكل برفح الصيد الذي كسره وأدى جزاء هـ، ونقل في (خزانة الأكمل) لواهة بيعه فإن باعه حيط وإن شاء جعل ثمنه في الغد، وكذا شجر الحرم واللبن. ووحل لها أي: للمحرم (ما) أي: (اصطاده حلال وذبحها سواء اصطاده لمحرم أو دلا، لأن أبا قيادة اصطاد حمار وحقق لأصحابه وهم محرمون فأباحه لهم عليه الصلاة والسلام (كره الطحاوي وإن لم يدل) المحرم (عليه ولم يأمره) بصيدها لحديث أبي قيادة المتقدم، قيد بذلك لأبنه لو وجد أحدهما حرم على المحرم في رواية الطحاوي، وهو المختار، قال الجرجاني: لا محرم وغلطه القد وري فاعتمد رواية الطحاوي، وفق الإتقاني أن الروايتين في حركة الصيد على الحلال وعدم حرمته وعليه جرى بعض المطورين لم إذ حكى عن الحلواني عن أسسا أي: علي النجفي أنه قال: كنت في سفر الحج فدخلت على القاضي أبي عاصم العامود وهو يدرس في هذه المسالة ويقول: إن الصيد يحوم على الهلال فقلت: إن الرواية محفوظة أنه لا يحرم وأحضرت رواية (الزيادات) فشكرني طلى ذلك ثم قال؟ ولهذا تبين أن الاعتماد على ما قاله الجرجاني وأن القديري لم كيمب في تخطئته له، وأنت خبير بان الكلام فيما يحل للمحرم وما يحرم عليه فلا وجه لإدخال الحلال في هذا ولا خفاء أن مبنى التخطئة على أن القولين في المحرم وهو الحق (وبذبح حلال صيد الحرم) تجب قيمته لأنه استحق الأمن بالحرم لموله: (ولا ينفي صيدها) استفيد منه بطريق الدلالة حرمته فتجب القيمة وعليه انعقد الإجماع، وعبر هنا بالذبح وفي المحرم

قيمة ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقتل إيماء إلى أن الذبح قبل، ولهذا لم يفترق الحال بين أن يكون سكين أو عصا أو نحو ذلك، ولا فرق فيه أيضا بين المباشرة والسبب، وقد أفاد الثاني بقوله: ومن أخرج ظبية الحرم إلى آخره وما في (البحر) من أنه أراد الإتلاف حقيقة أو حكمة كما سيصرح به بعد ومن أخرج ظبية الحرم إلى آخره يعني فيدخل التسبب في الثاني ففيه نظر، إذ بتقديره يستغنى عما سيأتي بعد. وقيد بالحلم لأن المحرم وإيه لزمته (قيمته) لكنه يخير فيها لأن حرمة الإحرام أقوى، واقتصر على الذبح إيماء إلى أنه أته لا شيء فيها إلا الإثم بخلاف المحرم، والفرق أن الضمان على المحرم جزاء الفعل والدلالة فعل وعلى الحلال جزاء المحل، وبمها لم يتصل به شيء، ويصفي كون بعض قوائمه فيه حتى لو كانت قوائمه ورأسه في غير الحرم فلا شيء عليه، ولو كانت قوائمه أو بعضها في الحرم كان عليه الجزاء، هذا إذا كان قائما أما لو كان مضطجعًا فالعبرة لرأسه لسقوط اعتبار قوائمه في هذه الحالة، كذا في (البدائع (وغيرها، ولو كان على غصن شجرة في الحرم وأصلها في الحل كان منعه، ومقتضى هذا أنه لو رماه من الحل إلى الحرم غير أن سمو السهم كان في الحرم إذ لا يلزم العزاء به صرح في (المبسوط) لكنه ذكر في موضع آخر أن عليه الجزاء وفي (البدائع) لا يجب عليه قياسا ويجب استحسانا انتهى. ويكره أكله في كل حد ل قال في (البحران: ولم أر حكم جزء صيده كبيضه ولبنه، ولا شك أنه معتبر بالكل ثم رأيت في (المحيط) بان جراحته مضمونة: وثمة فروع لم أرها وإن تمكين استخراجها من كلامهم، لو نفر صيدًا فهلك في حد ل هربه وينبغي أن يكون ضامنا، ومنها لو صاح عليه فمات من صياحه وينبغي أن يقاس على ما لو على صغير فمات، ومنها ما لو حفر بئرا فمات فيها صيد وأقول: المذكور في (البدائع) لو حفر وفيرة في الحرم إن كانت للصيد كان عليه الجزاء كمالي نصب فيه شبكة، وإيه كانت للماء لا شيء عليه كما لو نصب خيمة فتعلق فيها صيد على وزن ما مر انتهى. ومنها ما لو جرح الحلال الصعيد في الحل ثم دخل الحرم فجرحه أيضًا ومات منهما، وينبغي أن يلزمه قيمته مجروحًا كما مر، ومنها لو أمسك صيدا في إلا وله فرخ في الحرم فمات وينبغي أن يكون ضامنا لتسببه في وأقول: هذه المسالة تعرف مما مر فيما لو قفل الباب على صيد فمات عطشا، ومنها لو وقف على غصن في الحل وأصله في الحرم ورمى إلى الصعيد أو كان الغصن في الحرم والشجرة والصيد في الحل وينبغي أن يكون كالطائر فلا ضمان في الأولى بخلاف الثانية.

يتصدق بها لا صوم، ومن دخل الحرم بصيد أرسله، فإن سامحه رد البيع إن بقي ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: في (السويج) لو كان الرامي في الحرم والصيد في الحل أو على العكس فهو من صيد الحرم، ولو رمى إلى صيد في الحل فنفر فأصابه في الحرم فعليه الجزاء ولو أصابه في الحل ومات في الحرم يحل أكله قياسًا، ويكره استحسانًا انتهى. والفرع الأول يعلم منه ما لو كان الرامي عي غصن في الحرم والمراد به حرم مكة فإنها حرم منذ خلق الله السموات والأعرض على الأفصح، لا بسؤال إبراهيم أما المدينة فلا حرم لها محنتنا، ومنها لو رمى خلال وهو في الحرم صيدًا في الحل هل يحل له أن يغدو إليه أنتهي. وأقول: لا ينبغي أن يتوقف في الجواز إذ لا منع ثمة، (يصدق بهاء على الفقراء الأن الجزية (صوم) لأنها غرامة لا كقارة فأشبهت ضمان الأصول وهذا لأدن الضمان فيه باعتبار المحل وهو الصيد، بخطف المحرم فإنه باعتبار الفعل فكان لصفارة الصوم يصلح جزاء الأفعال لا ضمان المحال، وفيه إيماء إلى جواز الهدي، وهو ظاهر الرواية وروي الحسن عدم الإجزاء وأثر الخلاف يظهر فيما إذا صانت قيمة الهدي أقل من قيمة الصيد وفيما إذا سردته المذبوح فعالى ما روى الحسن يجب أن يتصددتى بتمام القيمة وبعده ل المذبوح وهو على الظاهر لا. (ومن دخل الحرم بصيد) في يده أعني الجارحة (أرسله) أي: وجب عليه إرساله لأنه بدخيرل الحرم صار من صيده لا فردتي في ذلك بين أدن يكون جارحة أو حتى لو كان بازيل قتل بعد الإرسال فلا شيء عليه، وشمل إطلاقه لم ما لو غصبه وهو احلال فاحرم فإنه يلزمه إرساله وعليه قيمته، فلو رب برئ ولزم الجزاء كذا في (الدراية) معزيا إلى (المنتقى) وسيأتي أنه لو كان في بيته أو في قفصه لا يجب إرساله. (فإن باعه) سواء كان البيع في الحرم أو الحل حرم البيع إن بقيت أي: بقي الصيد أي: فسخ لوسا: ولو تبايعا في الحرم صيدا في الحل جاز عند الإمام خلافا لمحمد، قياسا على منع رسمه من الحرم إلى صيد في الحلل، وفوق الإمام بان البيع ليس بتعريض له حسب بل حكمة، بخلاف ما لو رماه من الحرم للاتصال الحسي، وما في (المحيط)، من أنه لو أخرج ظبية من الحرم فباعها أو ذبحها أو أكلها جاز البيع والأكل لكنه يكره فضعيف موافق لرواية ابق سماعة قال في (البدائع): روى ابق سماعة عن محمد في رجل أخرج صيدا من الحرم أن ذبحه والانتفاع بلحمه ليس يحرم سواء أد ى جزا ءه أو لم يؤد غير أني أكره هذا الصنع، فإن باعه واستكان بقيمته في جزائه جاز.

وإن فات فعليه الجزاء، ومن أحرم وفي بيته أو قفصه صيد لا يرسله، ولو أخذ حلال صيدًا فاحرم فمن مرسله، ولو أخذ محرم، لا يضمن، فإن قتله محرم أخر ضمنًا ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن فتات) أي: الصيد (فعليه الجزاء) لأن رد البيع لوجوب إرساله فإن تعذر نزل منزلة إتلافه كذا في (البدائع) قيل: وهذا أولى ص قول صاحب (الهداية) لأنه تعرض للصيد بتفويت الأمن الذي استحقه لما روي من أن البيع ليس بتعريض له حسًا بل حكمًا. (ومن أحرم وفي بيته أو قفصه صيدًا لا يرسله) أي: لا يجب إرساله لأن الصحابة كانوا يحرمون وفي بيوتهم صيود دواجن ولم ينقل عنهم الإرسال فكان إجماعًا فعليًا والدواجن جمع داجن وهو الذي يألف المكان أي: صيود وحشيات ومستأنسة ومن خص الصيود بالطيور والدواجن بغيرها كالغزالة فقد أبعد، وقوله: أو قفصه شامل لما إذا كان القفص في يده بناء على أن كونه فيه ليس في يده ولهذا جاز للمحدث أخذ المصحف بغلافه، وقيل: يجب إرساله لكن على وجه لا يضيع كأن يودعه بناء على أنه ولو كان في القفص فهو في يدله ألا ترى أنه صيبوا غاصبًا له بغصب القفص وهو فيه، وعبارة فخر الإسلام تؤذن بتوجيج الأول حيث قال: ويستوي إذا كان القفص في يده أو في رحله وقال بعض مشايخنا: إن في يده يلزمه إرساله وأفاد في (الفوائد الظهيرية (أن يد خادمه كوحله وبه اندفع منع بعض المتأخرين مق إيداعه على القول بإرسائه فإن يد المودع جده فهلا كانت يد خاد , كيده ....... من يده عند الإمام إذا كان لا يقدر على إمساكه إلا بحيلة كذا في (الدراية). وقالا: (لا يضمن) لأنه آمر بمعروف ناه محن ينكر، وله أنه ملك الصيد بالأخذ ملكة محترمة فلا يبطل احترامه بإحجامه لابنه أثره إنما هو حرمة البعوض لا زال الملك وذلك حاصل بإرسماله في بيته قيدنا بكون الإرسال من يده إنه لو الإرسال من قفصه ضمنه اتفاقات اتفاقا لأنه لا يملكه بالأخذ لحرمته عليه بالنص فصار كالخمر والخنزير كما في (السراج)، وهو ظاهر في أن بيعه له باطل لكن المصرح به في (المحيط (فساده بخلاف الأولى لملكه إياه، وكذا لو وجده بعد الإرسمال في يد آخر أخذه وفي #ذه ?، واعلم أن عدم ملك المحرم الصيد إنما هو إذا كان بسبب اختياري كالشراء أو الهبة والوصية، أما إذا كان يجري كالفرت فيملكه كذا في (البحر) معزيا إلى (المحيط) لكن في (السراج): إنه لا يملكه بالميراث وهو الظاهر لما سيأتي. (فإن قتله محرم آخر) بالغ مسلم في يد المحرم (فحمنا) أما الأول فبالأخذ وأما الثاني فبالقتل، قيدنا بذلك لأنه لو كان صبيا أو نصرانيًا فلا ضمان عليه يعني: لا

ورجع آخذه محلى قاتله. فإن قطع حشيش الحرم، أو للمجرم غيره ملوك، ولا مما ينبته الناس، ضمن قيمته إلا فيما جف ـــــــــــــــــــــــــــــ يجب عليه الجزاء، لكن للآخذ أن يرجع عليه بالقيمة لابنه يلزمه حقوق العباد، كما لو كان القاتل حلالا والصيد ليس صيد اليوم، وفي قوله: محرم إيماء إلى أن القاتل لو كان بهيمة ضمن الآخذ فقط، (ويرجع آخذه محلى قاتلهم إن كفر يعني بغير الصوم كما في (المنتقى) قيل: الرجوع يستلزم تعميق ما ليس بمملوك وأجيب بان الضمان لا يستلزم المثلث لجواز أن يكون في مقابلة يد محترمة وفي موجودة ها لتمكين الأخذ بيده من الإرسال وإسقاط الجلاء عن نفسه وقد فوتها القاتل عليه فيضممنه، كغاصب المدبر إذا أتلفه إنسان في يده فأدى الغاصب وليمته فإنه يرجع على القاتل بقيمته، كما لو مداه، وإن حسان المدبر لا يقبل الانتقال ما من مثلث إلى آخر، والفرق بين هذا وبين ما لو غصب مسلم خمر الذمي فاستهلاكه مسلم آخر في يده حيث يضمن الآخذ ولا يرجع على مع ممتلكه لأن اتحاد اعتقاد سقوط تقويمها يمنع من رجوع المسلم على المستهلك. (فإن قطع حشيش الحرم) سواء كان القاطع محرمة أو حلالا وقيد به لأنه لو نصب الفسطاط أو الوقوف عليه منه أو من الدواب فلا شيء عليه، كذا في (السراج) (أو) قطع (شجرًا غير مملوك) قيد فيهما وكذا قوله: أولا مما ينبته الناسخ كالشيح ونحوه (ضمن قيمته)، لخبر (الصحيحين) لم: (لا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها) والخلق مقصور الوطن من الحشيش الواحدة، كذا في (الصحاح) وفي (المغرب) إنه بالقصور الحشيش واختلاه قطعه والعضد قطع الشجرة من باب ضرب، ولهذا عارف أن الرطب سمي حشيشا فقولي بعحهم أنه خاص باليابس منه ولا يقال له: رطبا حشيش إلا من باب (أعصر خمرًا) ليوسف: 36 بقرينة وإلا فيما جفت ممنوع، والشجر اسم للقائم الذي بحيث ينمو فإذا جف فهو حطب، قيل: التقييد بكونه غير مملوك حشو، لوجوب القيمة مع المهللة أيضا فقد قالوا: لو نبت في ملكه أم غيلان وقطعها إنسان لسان عليه قيمته لمالكها وأخرى لحق الشرع بناء على قولهما، وفي رواية الحسن وبه يفتى من تصور بملك أرض الحكم لا على ما هو ظاهر الرواية عن الإمام من أن أرضها مموائب، والحق أن هذا القيد إنما هو لإخراج ما لو أنبته إنسان فلا شيء عليه لقطعه بملكه إياه، ولا يرد ما مر لأمن المتون إنما هي على قول الإمام، وإيه رجح خلافه، وقد علمت أن تملكه أن أرضه على قول الإمام غير

وحرم رعي حشيش الحرم وقطعه، إلا الإذخر. وكل لشيء على المفرد به دم فعلى القارئ دمان، ـــــــــــــــــــــــــــــ متحقق وحينئذ فوجوب القيمتين مخير متصور، وهذا مما خفي على كثير من الناظرين في هذا المقام، وقد سألني بعض الأحبة من أكابر الدولة عن حل هذا الإشكال فكتبت له رسالة عزيزة المثال ضمنتها هذا الجواب وأوضحت فيها طريق الصواب، وبهذا التقرير استغني عن قوله في (البحر) المراد بغير المملوك الذي لم ينبته أحد سواء كان مملوكًا أو وقيد بقوله ولا مما ينبته الناس فلأنه لو قطع ما نبت بنفسه من جنس ما ينبته الناس فلا شيء عليه لأن كونه من هذا الجنس يقطع النسبة إلى الحرم كإنباتهم وكذلك قطع الشجر المثمر لأن إثماره أقيم مقام الإنبات إلا ما جف أو إنكار لأنه ليس بنام فكان من جملة الحطب، ولذا جاز الكمية منه لعدم نموها ثم القيمة ملكه مخير أنه يكره له بيعه والانتفاع به بعد، أما المشتري فمباح له ذلك، لأن الكراهة في حق القاطع خوف التطور وهذا المعنى مفقود في حق المشتري، كذا في (المحيط) أما الصيد الذي أدى جزاؤه فلا يجوز بيعه بحال، والسوق لا يخفى. (وحرم رعي حشيش الحرم) بالدواب أيضا (قطعه) بالمناجل لما روينا من قوله- صلى الله عليه وسلم: (لا يختلي خلاها) قال فيه (الفتح): منع القطع مطلقا أعم من كونه بالمناجل والمشاعر ومشفر كل شيء حرفه، ومن ذلك شفرة السبق حرفه وشفير الخندق والنهر والبئر حرفه ومشفر البعير شرفته انتهى، وفيه إشارة إلى أنه لو اقتصر على قوله وحرم قطعه لكفاه لكنه أراد الرد على الثاني إذ أباح الرعي للضرورة مع اندفاعها بحمله على الحل وإلا الفذ خرج نبت زفر الرائحة معروف بمكة لقول العباس يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لرعي دوابنا وقبورنا فقال عليه الصلاة والسلام: (الإذخر) ومثله يسمى بالاستثناء التلقيني ولهم عطف تلقيني أيضا ومنه قالوا: (والمقصرين الحديثة) والظاهر أنه عليه الصلاة والسلام علم بعد سؤال العباس بالوحي حل الله له تخفيفًا فاستثناه. (وكل شيء مر محلى المفرد به دم) من لجنايته على إحرام، ولو قال: دم كفارة لكان أولى، لأن الصدقة تثني على القارئ أيضا (فعلى القارن) ويلحق به المتمتع الذي ساق الهدي (دمان) لجنايته على الإحرامين وأورد أن إحرام الحج أقوى لكونه فرضا دون

إلا أن يجاوز الميقات غير محرم. وهو قتل المحرمان صيدًا، تعدد الجزاء، ولو حلالان، لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ العمرة فينبغي الأضعف كالمعدوم كقتل المحور صيد الحرم وأجيب بمنع كونه أقوى بل مساو لإحرام العمرة بدليل أن إحرام العمرة يحرم به جميع ما يحرم بإحرام الحج، لكن يرد عليه ما مر من أنه لو جامع بعدما طاف لها أربعة أشواط تجب شاة ولو كان ذلك بعد الوقوف فبدنة فقالوا: في الفرق إظهار للتفاوت بينهما ولو تساويا لم يتفاوت وقدمنا خلافا في أنهما إحرام العملة بالوقوف وعدمه وعليه يتفرع تعدد الدم واضحا ? هـ. (إلا أن يجاوز المعيقات يخص محرم) استثناء منقطع لأمن ذلك ليس مما ذكره يعني يلزم دم واحد ولو أحرم بعد ذلك قارنًا لأن الواجب عليه أن يحرم من الميقات بأحدهما وتأخر واجب واحد لا يجب إلا جزاء واحد وقال زفر: يتعدد وما في (غاية البيان) من أن الاقتصار علي استثناء هده المسألة فيه نظر لأن القارئ لو أفاض قبل الإمام أو طاف للزيارة جنبًا وقد رجع إلى أهله يلي من دم واحد وكذا لو قتل صيدا بعد الوقوف أو حلق قبل الذبح فلو قطع حشيش الحرم كان عليه قيمة واحدة مدفوع بما أشرنا إليه من الكلام فيما كان جناية على الإحرام وليس في الإضافة وعدم الطهارة في الطواف إلا ترك واجب فقط ألا أنه لو كان غير محرم ثم طاف بلا طهارة يلي، وقتل الصيد بعد الوقوف قد مر ما فيه وكيف يرد الحلق قبل الذبح والكلام فيما على المفرد به دم ولا ذبح محلى المفرد وأما وجوب القيمة بقطع شجر الحرم فمن باب الغواصة إدخال الصوم فيها. (ولو قتل محرمان) فأكثر (صيدا تعدد الجزاء) فيجب علي كل واحد جزاء كامل (ولو) قتل (حلالان) لاند صيد الحرم الآن أفي: لا يتعدد الجزاء، والفرق أن الضمان في حق المحور بدل الجناية وهي متعددة وفي الحلال بدل المحل وهو متحد كما مصر، إلا أن فيه معنى الجزاء لوجوبه حقا لله تعالى، وللأخذ أن يرجع على القاتل اتفاقا كذا في (البدائع) ودل كلامه أنه لو كان أحدهما حرمًا كان على الحلال نصف القيمة وعلى المحرم جميعها إن كان مفردا وإن كان قال آنا فقيمتان، ولو كان مع الحلال مفرد وقارن كان عليه ثلثا القيمة فقط وعلى هذا قالوا؟ لو اشترك محرمون وغيرهم في قتل صيد الحرم وجوب جزاء واحد يقدر على عددهما، ويجب على كل محرم ما حصته من ذلك جزاء كامل ولو كان فيهم من لا تجب عليه كصبي وكافر كان على الحلال ما يخصه من القسمة لو قسمت على الكل. واعلم أن قتل الحلاقين إن كان بضربة فلا شك في لزوم النصف على كل أما إذا ضرب كل ضربة فعلى كل نصف قيمته مضروبة بضربتين كذا في (الفتح)، وقيد في (المحيط) بما إذا وقعتا معا بعدما فرض المسألة

ويبطل بيع المحرم صيدًا وشراؤه، ومن أخرج ظبية الحرم فولدت فماتا ضمنهما، فإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد. ـــــــــــــــــــــــــــــ من محرم وحلال أما إذا لم يقعا معه بأن جرحه الحلال أولا ثم ثنى المحرق ضمن الحلال ما انتقص بجرحه صحيحة ونصف قيمته وبه الجرح الأول، وفيه حلا J قطع يد صيد ثم فقأ محرم عينه ثم جرحه فإن كان على الحلال قيمته وعلى الثاني قيمته وبه الجرح الأول وعلى القارئ قيمتان وبه الجراحتان. (وبطل بيع المحرمة وسائر تصرفاته من الهبة ونحوها (صيدًا) ولو من حلال (و) كذا (شراؤه) صيدا ولو كان البائع حلالا والصيد حي، لأنه بعد الذبح ميتة وكذا قبله إذا كان هو المشتري لما أنه محرم العيش في حقه بقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم} [المائدة: 96]، لما عرف من إضافة التحريم سلمى الأعيان بعدم المشروعية فلم يبق محلا لسائر التصرفات أما إذا كان بائعا فلو أخذه لا ل إحرامه فكذلك، وإن قبله لكنه باعه بعد الإحرام فالبيع فاسد حتى لو هلك في يد المشتري ضمن قيمته للبائع مع الجلاء ش في الباطل لا ضمان، قيد بالبيع لأن توكيله به جائز عند الإمام خلافا لهما، ولو وقع البيع قبل إحرامهما فلم يقبضه المشتري حتى إحرام أحدث ما بطل في قيام قول الإمام والثاني، كذا في (الروح (ولو قبضه حتى وجد به المشتري عيبا بعد إحرام أحدث ما تعيق الوجود بالنقصان. (ومن) أي: وكل محرم أو حد ل (أخرج ظبية اليوم فولدت وماتا ضمنهما) لأن الصيد بعد الإخراج بقي ممشوق الأمن شرعًا، وهذه صفة شرعية كالون والحرية فخسرت إلى الولد عند حدوثه فيصير خطاب رد الولد مستمرة فكان الإمساك تعريضه، فإذا اتصل به الموت ثبت الضمان بخلاف ولد المغصوب لأن سبب الضمان الغصب ولم يوجد في حق الود حتى لو منع الولد فيه حتى مات فحمله أيضًا (وإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد) لأنه حينئذ لم يسر إليه استحقاق الأمن لانتفاء هذه الصفة قبل وبعد لو ذبح الأم والأولاد يحل لكن مع الكراهة كما في (الغاية) وكل زيادة في الصيد كالسوق والشعر فضمانهما على التفصيل، قال في (الفتح) والذي يقتضيه النظر أن أداء الجزاء كان حال القدرة على إعادة أمها لا يمنع الصفارة ولا يحل بعد التعرض لها وإن كان لها النحر عنه بان هربت في الحل خرج به عن العهد فلا يضمن ما يحدث بعده من أولادها وله اصطيادها لكن مع الكراهة كشبهة كون دوام العجز أداء الكفارة إذا كان للرد فقد صرح هو بان الأخذ ليس سببًا للضمان بل القتل بالنص فالتكفير قبله واقع قبل السبب فلا يقع إلا نفلح، فإذا ماتت بعد ذلك لؤمه الجزاء قال: وهذا ما إذا أتى الله به ونازعه في (البحر)

باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

باب مجاوزة الميقات بغير إحرام من جاوز الميقات غير محرم، ثم عاد محرماً ملبياً، أو جاوز ثم أحرم بعمرة، ثم أفسد ـــــــــــــــــــــــــــــ بما حصله منع كون القتل هو السبب وذلك أنه إن كان محرماً والسبب هو التعرض للصيد ولذا وجب بالدلالة وقدمنا أنه لو جرح صيداً فكفر ثم مات لا يلزمه أخرى لما أنه كفر بعد السبب، وكذا إن كان حلالا لأن هذا هو المراد بالنهي عن التنفير فإذا أخرجها فقد اتصل فعله بها فوجد السبب فجاز التكفير، فإذا أدى الجزاء ملكها خبيثاً، ولذا قالوا بكراهة أكلها وهي عند الإطلاق ينصرف إلى التحريم فدل على أن ردها بعد أداء الجزاء، ولو كان القتل هو السبب لم يجب إخراجها، وعدم قدرته على ردها بالهرب والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. باب مجاوزة الميقات بغير إحرام هذا أيضاً من الجنايات إلا أنه لما كان المتبادر منها في الحج ما يقع جناية على الإحرام وهو قبله فصله وأخره وإن تعذر وقوعاً على الجناية على الإحرام، وأراد بالميقات المكاني بدليل المجاورة/ (من جاوز الميقات) الذي تجب عليه الإحرام [155/ 1] (غير محرم) كان عليه أن يقول: لزمه دم إلا أنه اكتفى بما فهم اقتضاء من قوله بطل الدم، لأن مجاوزته بمنزلة إيجاب الإحرام على نفسه ولو قال: لله علي أن أحرم لزمه إما حج أو عمرة، فكذا إذا وجب بالفعل (ثم عاد) إلى الميقات حال كونه (محرماً) بحج أو عمرة أو بهما أو حال كونه (ملبياً) قد به لأنه لو عاد محرماً فقط لا يسقط عنه الدم عند الإمام وقالا: يسقط لأنه أظهر حق الميقات كما إذا مر به محرماً ساكتاً، وله أن العزيمة في الإحرام من دويرة أهله فإذا ترخص بالتأخير إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية فكان التلافي بعوده محرماً ملبياً، وأجمعوا أنه لو عاد وأنشأ الإحرام منه سقط عنه الدم وأنه لو عاد بعدما طاف ولو شوطاً أو وقف بعرفة أنه لا يسقط، ومتى خاف فوت الحج لو عاد فالأفضل عدمه، وإلا فالأفضل عوده كما في (المحيط). واعلم أن إطلاق المصنف يشمل المكي أيضاً حتى لو خرج من الحرم فأحرم بحجة لزمه دم فإن عاد إلى الحرم قبل الوقوف محرماً ملبياً سقط عنه على ما مر من الخلاف وكذا الممتنع، ولو أحرم بعمرة من الحرم فكذلك إذا عاد إلى الحل سقط، وعلى هذا لو أحرم أهل المواقيت من الحرم بحج أو عمرة (أو جاوز) الميقات كذلك (ثم أحرم بعمرة)، وعلم منه ما إذا أحرم بحجة بالأولى (ثم أفسد) تلك العمرة أو

وقضى، بطل الدم. فلو دخل الكوفي البستان لحاجة، له دخول مكة بلا إحرام، ووقته البستان. ومن دخل مكة بلا إحرام، وجب عليه أحد النسكين، ـــــــــــــــــــــــــــــ الحجة (وقضى) ما أفسده من الميقات بأن أحرم في القضاء منه، كذا في (الشرح) وبه اندفع ما في (البحر) من أنه لا حاجة إلى قوله: أو جاوز ثم أحرم إلى آخره لدخوله تحت قوله ثم عاد محرماً ملبياً لأنه لا فرق بين إحرام الحج أداء أو قضاء خصوصاً أنه يوهم غير المراد كعدم اشتراط العود إلى الميقات في القضاء ولابد منه انتهى. لأن موضوع الأولى ما إذا عاد بعد الإحرام إلى الميقات وفيها لا فرق بين الحج والعمرة أداء أو قضاء، والثانية ما إذا أنشأ إحرام القضاء من الميقات، ولذا لم يقل ثم عاد قاضياً لأن المتبادر منه هو العود إليه محرماً وقد دخل في الأولى فتدبره. (بطل الدم فلو دخل كوفي البستان) أي مكان من الحل داخل الميقات (لحاجة) قصدها يعني أن الدخول لهذا القصد (له دخول مكة بلا إحرام ووقته) أي: ميقاته البستان نبه بهذا التفريغ على أن ما مر من لزوم الإحرام من الميقات إنما هو على من قصد أحد النسكين أو دخول مكة والحرم، فقصد مكة والحرم موجب له سواء قصد نسكاً أو لا أما إذا قصد مكاناً من الحل داخل الميقات فإنه يجوز له الدخول لالتحاقه بأهله سواء نوى الإقامة الشرعية فيه أو لا في ظاهر الرواية وعن الثاني أنه لابد من نية الإقامة قال في (البحر): ولم أر أن هذا القصد لابد منه حين خروجه من بيته أو لا والذي يظهر هو الأول إذ لا شك أن الآفاقي يريد دخول الحل الذي بين الميقات والحرم وليس كافياً فلابد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل حين يخرج من بيته. وأقول: الظاهر أن وجود ذلك القصد عند المجاوزة كاف ويدل على ذلك ما في (البدائع) بعدما ذكر حكم المجاوزة بغير إحرام قال: هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم بغير إحرام فأما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شيء عليه انتهى، فاعتبر الإرادة عند المجاورة كما ترى. (ومن دخل مكة بلا إحرام ثم) بعد ذلك (حج عما عليه) من حجة الإسلام أو المنذورة، وكذا لو أحرم بعمرة منذورة (صح) أي: أجزأه ذلك (عما لزمه من دخول مكة بلا إحرام) يعني من (وجب عليه أحدا النسكين) حتى لزمه يعني من آخر دخول بغير إحرام فإنه لو دخلها مراراً وجب عليه لكل مرة حجة أو عمرة فإذا خرج فأحرم بنسك أجزأه عن آخر دخوله لا عما قبله لأن الواجب قبل الإحرام صار ديناً في ذمته فلا يسقط إلا بالنية كذا في (شرح الطحاوي) و (البدائع)، قال في (الفتح): وينبغي أن لا يحتاج إلى التعيين بل لو رجع مراراً فأحرم كل مرة بنسك على عدد دخلاته

باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

ثم حج عما عليه صح عن دخول مكة بلا إحرام، وإن تحولت السنة لا. باب إضافة الإحرام إلى الإحرام مكي طاف شوطاً لعمرة فأحرم بحج رفضه، ـــــــــــــــــــــــــــــ خرج عن عهدة ما عليه كما قلنا فيمن عليه يومان من رمضان فصار ينوي مجرد ما عليه ولم يعين الأول ولا غيره جاز، وكذا لو كان من رمضانين على الأصح (وإن تحولت السنة لا) يصح وهو القياس فيما إذا لم تتحول وبه قال زفر وجه الاستحسان، أنه تلافي المتروك وقته، لأن الواجب عليه تعظيم هذه البقعة بالإحرام، كما إذا أتاها بحجة الإسلام في الابتداء بخلاف ما إذا تحولت السنة لأنه صار ديناً في ذمته فلا يتأدى إلا بالإحرام مقصوداً كما في الاعتكاف المنذور فإنه يتأدى بصوم رمضان في هذه السنة دون العام الثاني وأورد أن العمرة بتحول/ السنة لا تصير ديناً لعدم توقتها [155/ ب] فينبغي أن تسقط الواجبة بدخوله بلا إحرام بالمنذورة في الثانية كالأولى أجيب بأنه إذا أخرها إلى وقت تكره فيه أيام النحر والتشريق صار كأنه فوتها فصارت ديناً كذا في (العناية) وغيرها قال بعض المتأخرين: ولا يخفى ضعفه وفي (الحواشي السعدية) الظاهر أن العمرة ولو منذورة زائدة والدين يختص بالأصلي. تتمة: قال في (المبسوط): عبد جاوز الميقات بغير إحرام ثم أذن له مولاه كان عليه دم إذا أعتق لأنه مخاطب كالحر بخلاف الصبي والنصراني إذا جاوزا ثم بلغ الصبي وأسلم النصراني فأحرما به حيث لا يلزمهما دم لعدم خطابهما والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. باب إضافة الإحرام إلى الإحرام الإضافة في حق المكي ومن بمعناه جناية دون الآفاقي إلا في إضافة إحرام العمرة إلى الحج فبالاعتبار الأول، ذكره عقب الجنايات وبالاعتبار الثاني جعلها في باب على حدة وأيضاً ما يذكر في هذا الباب نقصاً عن الإحرام في السابق الخلو عنه فكان بينهما أشد المقابلة فذكر عقبه قال في (الحواشي): ولعل هذا الوجه أولى، (مكي) أراد به غير الآفاقي فشمل من كان داخل الميقات أيضاً (ضاف شوطاً لعمرته)، ليس بقيد بل المراد أقل أشواطها في أشهر الحج وغيرها (فأحرم بحج رفضه) بالتحلل منه بالحلق مثلاً تحامياً عن الإثم وهذا قول الإمام وقالا: رفض العمرة أحب لأنه لابد من رفض أحدهما والعمرة أدنى حالاً إذ ليس من جنسها فرض وأقل أعمالاً وأيسر قضاءً، وله أن إحرام العمرة قد تأكد بالأداء شيء من أفعالها بخلاف أحرام الحج،

وعليه حج وعمرة ودم لرفضه، فلو مضى عليهما صح وعليه دم، ومن أحرم بحج، ثم بآخر يوم النحر فإن حلق في الأول لزمه الآخر، ولا دم وإلا لزم وعليه دم قصر ـــــــــــــــــــــــــــــ ورفض غير المتأكد أيسر، قيد بالمكي لأن الآفاقي لا يرفض واحداً منهما غير أنه إن أضاف بعد فعل الأقل كان قارناً وإلا فهو متمتع إن كان ذلك في أشهر الحج كما مر، وبالعمرة لأنه لو أهل بالحج وطاف له ثم بالعمر رفضها اتفاقاً، وبكونه طاف لأنه لو لم يطف رفضها أيضاً اتفاقاً، وبالأقل لأنه لو أتى بأكثره رفضه اتفاقاً وفي (المبسوط) أنه لا يرفض واحداً منهما وجعله الإسبيجابي ظاهر الرواية. (وعلي حج وعمرة) لأنه كغائب الحج يتحلل بأفعال العمرة ثم يأتي بالحج من قابل، ولو أتى به في سنة قضاء سقطت عنه العمرة (و) عليه أيضاً (دم لرفضه) الحج، لأنه عليه الصلاة والسلام أمر عائشة لرفضها العمرة بالدم وهو دم جبر لا يأكل منه، قيل: كان ينبغي لزوم دمين لدخول النقص على الإحرامين وأجيب بأنه غير ممنوع عن أحدهما (فلو مضى عليهما صح) لأنه أدى أفعالهما كما التزم. (وعليه دم) لتمكن النقصان في نسكه بارتكاب المنهي عنه لأنه قارن، ولو أضاف بعد فعل الأكثر في أشهر الحج فتمتع ولا تمتع ولا قران لمكي كما مر، وهذا يؤيد قول من قال: إن نفي التمتع والقران لمكي معناه نفي الحل كما مر، ولو طاف الأكثر في غير أيام الحج ففي (المبسوط) أنه عليه الدم أيضاً، لأنه أحرم بالحج قبل الفراغ من العمرة وليس لمكي أن يجمع بينهما فإذا صار جامعاً من وجه كان عليه الدم كذا في (الفتح). (ومن أحرم بحج ثم) أحرم (بآخر يوم النحر) اعلم أن لجمع بين الإحرامين بحسب القسمة العقلية أربعة أقسام إدخال إحرام الحج على العمرة والحج على مثله والعمرة على مثلها والعمرة على الحج، قدم الأول لكونه أدخل في الجناية ولذا لم يسقط به الدم بحال، ثم ذكر الثاني مقدماً له على غيره لقوة حاله لاشتماله على ما هو فرض، ثم الثالث مقدماً له على الرابع لما فيه من الاتفاق في الكمية والكيفية فإذا أحرم بالثاني (فإنه حلق في) الحج (الأول لزمه) حج (الآخر) لصحة الشروع فيه عند الإمام والثاني وقال محمد: لا يصح (ولا دم) عليه اتفاقاً لانتفاء الحج بانتهاء الأول فلا جناية، وهذا لأن الباقي بعد الحلق الرمي وبذلك يصير جانباً بالإحرام ثانياً (وإلا) أي: وإن لم يحلق فيه (لزمه) الثاني (وعليه، دم قصر) أي: حلق إذ التقصير لا دم فيه إنما فيه الصدقة لأنه ارتفاق ناقص وعبر به لأنه قال في موضوع المسألة: ومن المتناول

أولاً، ومن فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى لزمه دم، ومن أحرم بحج، ثم بعمرة، ثم وقف بعرفات فقد رفض عمرته، وإن توجه إليها لا فلو طاف للحج، ثم أحرم بعمرة ومضى عليهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ للذكر والأنثى فذكر أولاً الحلق وثانياً التقصير لما أن الأفضل في حق الرجل الحلق، وفي حقها التقصير (أولاً) لأنه إذا حلق كان جانياً على الثاني وإلا كان مؤخراً للحلق وفيه يلزم الدم عند الإمام خلافاً لهما على ما مر. (ومن فرغ من عمرته) ولم يبق عليه (إلا التقصير فأحرم بأخرى لزمه دم) للجمع بينهما، وهذا أعني الفرق بين العمرة والحج رواية (الجامع الصغير) وجعله في (المحيط) ظاهر الرواية، وسوى في رواية (الأصل) بينهما في اللزوم ووجه الفرق أن الجمع في الإحرام إنما كان حراماً لأجل الجمع في الأفعال إذ الجمع فيها يوجب نقصاً، وهذا القدر ثابت في العمرتين معقود في الحجتين لا الأفعال الثانية متأخر إلى القابلة كذا في (الشرح) وفيه إفادة الجمع بين العمرتين حرام مكروه تحريماً وفي (الهداية) بدعة قال في (البحر): وأفرط في (غاية البيان) فقال: إن الجمع بين الإحرامين بحجتين أوب عمرتين حرام لأنه بدعة وهو سهو لما في (المحيط) والجمع بين إحرامي الحج لا يكره في ظاهر الرواية/ بخلاف العمرتين وذكر ما مر من الفرق / 1] انتهى. وأقول: ليس من السهو في شيء بل مبني على رواية (الأصل) قيل: وليس ثمة إلا هي وسكوته في (الجامع) لا يدل على النفي، قيد بكون الإحرام الثاني متراخياً عن الأول لأنه لو أحرم بهما معاً أو على التعاقب لزماه عند الإمام والثاني، لكن ترتفض أحدهما إذا توجه سائراً في ظاهر الرواية وقال الثاني: عقب صيرورته محرماً بلا مهلة، وأثر الخلاف يظهر فيما إذا جنى قبل الشروع وقال محمد: يلزمه في المعية أحدهما وفي التعاقب الأولى فقط والعمرتان كالحجتين،، وبكونه يوم النحر لأنه لو كان بعرفات ليلاً أو نهاراً رفض الثانية وعليه دم الرفض وحجة وعمرة، ثم عند الثاني ترتفض كما مر وعند الثاني بوقوفه كما مر في (المحيط) وينبغي أنه لو أحرم ليلاً بعده أن ترتفض بالوقوف بالمزدلفة كذا في (البحر) لكن قياس ظاهر الرواية المتقدم أن تبطل بالسير إليها. (ومن أحرم بحج ثم) أحرم (بعمرة) يعني جمع بينهما حتى صار قارناً مسيئاً بتقدم إحرام الحج، وكان عليه أن يأتي بالترتيب في الأفعال فيقدم أفعال العمرة فإذا لم يفعل وإليه أشار بقوله: (ثم وقف بعرفات فقد رفض عمرته) لتعذر أدائها بعد، (وإن توجه إليها لا) أي: لا يصير رافضاً لها حتى لو عاد أمكنه أداؤها، (فلو طاف) يريد الجمع (للحج) طواف القدوم (ثم أحرم بعمرة) بعد ذلك (ومضى عليهما) بأن قدم

باب الإحصار

يجب دم، وندب رفضها. وإن أهل بعمرة يوم النحر لزمته ولزمه الرفض والدم والقضاء؛ فإن مضى عليها صح، ويجب دم ومن فاته الحج فأحرم بعمرة أو حجة رفضها، والله أعلم. باب الإحصار لمن أحصر بعدو أو مرض ـــــــــــــــــــــــــــــ أفعال العمرة (يجب) عليه (دم) للجمع بينهما شكراً لأنه قارن لكن مسيء به أكثر من الأول، وقال فخر الإسلام: إنه دم جبر وهو الصحيح وأثر الخلاف يظهر في الأكل منه (وندب رفضها) أي: العمرة لفوات الترتيب من وجه بتقدم الطواف ولا يجب لأن هذا الطواف ليس ركناً فيه وعليه قضاؤها. (ومن أهل) أي: أحرم (بعمرة يوم النحر) أو أيام التشريق (لزمته) لصحة الشروع فيها لكن مع كراهة التحريم (ولزمه الرفض) تخلصاً من الإثم (و) لزمه (الدم) للتحلل مها قبل الأفعال (والقضاء) تداركاً لما فات أطلقه فشمل ما إذا كان قبل الحلق أو قبل طواف الزيارة أو بعده وقيل: بعد الحلق لا يرفضها ذكره في (الأصل) والأصح أنه يرفضها وتأويل المذكور أنها لا ترتفض بلا رفض (فإذا مضى عليها) أي: العمرة (صح) لأن الكراهة لمعنى في غيرها هو كونه مغولاً بأفعال الحج (ويجب) عليه (دم) للجمع بينهما إحراماً وأفعالاً، وهو دم جبر (ومن فاته الحج) بفوت الوقوف (فأحرم بعمرة أو بحج رفضها)، لأن فائت الحج يتحلل بأفعال العمرة من غير أن ينقلب إحرامه العمرة والجمع بين حجتين أو عمرتين غير مشروع على ما مر فرض ما أحرم به وعليه دم للرفض والقضاء (والله) سبحانه وتعالى (الموفق) للصواب. باب الإحصار لما كان التحليل بالإحصار نوع جناية بدليل أن ما يلزمه ليس له أن يأكل منه ذكر عقب الجنايات وأخره لأن مبناه على الاضطرار وتلك على الاختيار وبهذا اعرف أن ما في (العناية) من أنه لما كان من الإحصار ما هو جناية على المحرم يعني الإحصار بالعدو أعقبه بباب الجنايات منظور فيه وهو لغة: المنع قال في (الكشاف): يقال: أحصر فلان إذا منعه أمر من خوف أو مرض أو عجز وحصر إذا حبسه عدو عن المضي أو سجن هذا هو الأكثر وحكاه في (المغرب) ثم قال: هو المشهور وفي الشرع منع عن الوقوف والطواف فإذا قدر على أحدهما فليس به كذا في (الشرح) لكنه لا يشمل الإحصار من العمرة وسيأتي أنه يتحقق فيزداد فيه أو الطواف والسعي (لمن أحصر بعدو) آدمي ولو كافراً وغيره، (أو مرض) يزداد بالذهاب.

أن يبعث شاة تذبح عنه فيتحلل، ولو قارناً بعث دمين ويتوقف بالحرم لا بيوم النحر ـــــــــــــــــــــــــــــ والركوب وكذا لو هلكت نفقته في الطريق بشرط عدم قدرته على المشي، قال في (المبسوط): ولا يبعد أن يلزمه المشي بعد الشروع وإن كان لا يلزمه ابتداء ألا ترى أن حج النفل لا يلزمه ابتداء وبالشروع يلزمه وجعل هذا في (المحيط) قول محمد وقال الثاني: إن قدر عليه في الحال لكن خاف العجز لا يلزمه قال في (السراج): ولو مات محرمها في الطريق كانت بمنزلة المحصر يعني لا تحل إلا بالدم لأنها لو أحرمت ابتداء بلا زوج ولا محرم كانت محصرة ولا تحل إلا بالدم كما في (الفتح)، فكذا هذا، لأنها منعت شرعاً منعاً آكد من المنع بالعدو فإن قلت: بقي ما لو أحرم عبده أو أمته ولو بإذنه فإن قلت: له أن يحللهما كالزوج إذا كان الإحرام بغير إذنه ولو باعهما أو تزوجت المحرمة كان للمشتري والزوج فعل ذلك أيضاً وكلامه لا يشمل هذا قلت: يمكن إدخاله في قوله بعدو بأن يراد القاهر إلا أن الظاهر أن كلامه في محصر يتوقف تحلله على الهدي كما سيأتي وتحلل هؤلاء لا يتوقف عليه فقد قالوا: إن تحلل الزوج والسيد أن يصنع بهما أدنى ما يحظر في الإحرام من قص ظفر أو شعر أو تطيب أو تقبيل وفي كراهته بالجماع قولان حكاهما في (المحيط). وينبغي أن ترجح/ الكراهة ثم تبعث الحرة هدياً، وأما الأمة والعبد فبعد العتق [156/ ب] (أن يبعث شاة) أو قيمتها ليشتري به شاة أو سبع بدنة، ولا يدخل الصوم والإطعام هنا، (تذبح عنه) في الحرم ولا شيء عليه لو سرقت بعده، لكن لو أكل الذابح منها شيئاً ضمن قيمة ما أكل إن كان غنياً ويتصدق به على المحصر، ولو كان معسراً بقي محرماً إلى أن يحج إن زال قبل فوات الحج، ويتحلل بالطواف والسعي إن استمر الإحصار حتى فاته الحج كذا في (الفتح)، (فيتحلل) بعد الذبح فلو ظن ذبحه ففعل ما يفعله الحلال ثم ظهر أنه لم يذبح كان عليه جزاء كذا في (العناية). وقيد في (الكافي) قولهما بما إذا كان الإحصار في الحل أما إذا كان في الحرم فيحلق يعني على وجه الوجوب كما في (السراج)، (ولو) كان المحصر (قارناً بعث دمين) لأنه محرم بإحرامين ولا يحتاج إلى تعيين ما عن أحدهما فلو بعث واحداً ليتحلل به عن إحرام الحج يتحلل عن واحد منهما لأن في ذلك تغيير المشروع (ويتوقف) دم الإحصار (بالحرم) يعني بالمكان (لا بيوم النحر) يعني لا يتوقف بالزمان وهذا عند الإمام، وقالا: يتوقف بالزمان أيضاً كهدي المتعة والقران، ولا خلاف في أن المحصر بالعمرة لا يتوقت دمه بالزمان، وله أنه دم كفارة حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات بخلاف دم المتعة

وعلى المحصر بالحج إن تحلل حجة وعمرة، وعلى المعتمر عمرة، وعلى القارن حجة وعمرتان. فإن بعث، ثم زال الإحصار، وقدر على الهدي، والحج توجه وإلا لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ والقران لأنه دم نسك (وعلى المحصر بالحج إن تحلل) ولم يحج من عامه (حجه) قضاء عما فاته (وعمرة) لأنه في معنى فائت الحج يتحلل بأفعال العمرة، فإن لم يأت بها قضاها على أن هذا مروي عن ابن عباس وابن عمر، قيدنا بكونه لم يحج من عامه لأنه لو حج منه كان عليه حجة فقط وهل يحتاج إلى نية القضاء؟ إن تحولت السنة وكان الحج نفلاً احتيج إليها؟ لا إن كانت حجة الإسلام. (وعلى المعتمر) إذا أحصر قضاء (عمرة) وهذا نوع تحقيق الإحصار عنها، ومن فروع المسألة ما لو أهلك بنسك مبهم فأحصر قبل التعيين كان عليه أن يبعث بهدي واحد ويقضي عمرة استحساناً، وفي القياس حجة وعمرة لأن إحرامه إن كان للحج لزماه فكان فيه الاحتياط لكنه استحسن المتيقن وهو العمرة فتصير ديناً في ذمته، قيل: فيه نظر لأنه إن كان متمكناً من الخروج عن ذلك بأداء عمرة فكذا بغيره، بخلاف ما لو كان عين نسكاً فنسيه حيث يحل بهدي ويلزمه حجة وعمرة لأن ثمة تيقناً بعدم نية الحج وهنا جاز كون المنوي الحج (وعلى القارن حجة وعمرتان) يقضيها بقران أو إحرام، وهذا إذا تحولت السنة فإن لم تتحول وحج من عامه كان عليه عمرة القران فقط، قال في (البحر): ويرد عليه ما قالوه في هذا الباب من أنه إذا زال الإحصار، إنما لم يجب عليه أن يأتي بالعمرة التي وجبت بالشروع في القران لأنه غير قارن على أدائها على الوجه الذي التزمه وهو أن تكون أفعال الحج مترتبة عليها وبفوات الحج يفوت ذلك فإن هذا يقتضي تعيين القران، والحق هو الأول لأنه بالشروع التزم أصل القربة لا صفتها وهذا هو الموافق لما قدمه جواز القران للمفرد في القضاء. (فإن بعث) الهدي (ثم زال الإحصار وقدر على) إدراك (الهدي والحج توجه) لأداء الحج لقدرته على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، (وإلا) أي: وإن لم يقدر عليهما أو قدر على أحدهما دون الآخر (لا) أي: لا يلزمه التوجه أما إذا لم يقدر عليهما أو قدر على الهدي فقط فظاهر لكنه لو توجه للتحلل بأفعال العمرة جاز لأنه هو الأصل في التحلل، وفيه سقوط العمرة عنه في القضاء وله أن يأتي بالعمرة لو قارناً لما مر وأما إذا قدر على الحج دون الهدي فجواز التحلل قول الإمام وهو الاستحسان، والقياس أن لا يجوز وبه قال زفر وجه الاستحسان أنه لو لم يتحلل لضاع ماله مجاناً وحرمة المال كحرمة النفس إلا أن الأفضل أن يتوجه قالوا: وهذه القسمة لا تتأتى على قولهما لما مر من توقيت دم الإحصار بالزمان فيلزم من إدراك الحج إدراك الهدي

ولا إحصار بعدما وقف بعرفة، ومن منع بمكة عن الركنين فهو محصر وإلا لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ضرورة وفي (السراج) أنه يتأتى على قولهما أيضاً بأن أحصر بعرفة وأمرهم بالذبح قبل طلوع الفجر يوم النحر أقول: الإحصار قبيل الفجر بحيث يدرك الحج دون الهدي لأن الذبح بمنى، واعترضه في (البحر) بما سيأتي من أنه لا إحصار بعرفة فلو قال: بمكان قريب من عرفة لاستقام وأقول: هذا الاعتراض منشؤه التحريض وما في (السراج) إنما هو لو أحصر بعرنة بالنون وكيف يصح أن يكون بحيث يدرك الحج. قال في (المحيط): ولو زال الإحصار وحدث آخر فنوى أنه يكون الهدي للأول عن الثاني جاز، وإن لم ينو حتى نحر لم يجز وكذا لو بعث جزاء صيد أو قلد بدنة تطوع وأوجبها ثم أحصر فنوى أن/ يكون ذلك عن الإحصار جاز، (ولا إحصار) [157/ 1] يتحقق شرعاً (بعد) ما (وقف بعرفة) لوقوع الأمن من الفوات وأورد أن هذا القدر ثابت في العمرة مع تحقق الإحصار بها وأجيب بأن الأمن في الحج بتحقق الفعل بخلافه في العمرة لأنه لو لم يتحلل للزمة الضرر بامتداد الإحرام فوق ما التزمه بخلاف المحصر بالحج لتمكنه من التحلل بالحلق يوم النحر في حق غير النساء ثم إن دام الإحصار لزمه دم لترك كل واجب بعد من الوقوف بالمزدلفة ورمي الجمار وكذا التأخير بالحلق والطواف عند الإمام خلافًا لهما، قال في (البحر): وقدمنا عن (البدائع) وغيرها أن واجب الحج يسقط بالعذر حتى لو ترك الوقوف يعني بالمزدلفة خوف الزحام لا شيء عليه، وكذا لا شيء على الحائض بترك طواف الصدر، ولا شك أن الإحصار عذر قال: وقد ظهر لي أن كلامهم في الإحصار بالعدو أما بالمرض فهو عذر سماوي فيكون مسقطاً، ونظيره ما مر في التيمم، هذا واختلف في تحلله في مكانه قيل: لا يفعل لوقوع الحلق في غير الحرم ولو أخره وقع في غير زمانه لكن تأخره عن الزمان أهون منه عن المكان ويدل عليه قوله في (الأصل): هو حرام حتى يطوف طواف الزيارة، وقيل: يفعل ويدل عليه قوله في (الجامع الصغير): وهو محرم عن النساء حتى يطوف طواف الزيارة قال العتابي: وهو الأظهر وكأنه لإمكان حمل الإطلاق في (الأصل) على هذا التقييد والله الموفق. (ومن منع بمكة عن الركنين) يعني الوقوف والطواف قال العيني: لم يقل: أحصر لأن الإحصار لا يتحقق بمكة عندنا خلافاً للثلاثة وأقول: هذا يرده قوله: (فهو محصر) وما ادعاه رواية مرجوحة وإن قال في (المحيط): إنه ظاهر الرواية والأصح ما في (الهداية) وغيرها من تحقق الإحصار فيها عند الكل حيث كان عن الركنين (وإلا) أي: وإن لم يمنع عنهما بل قدر على أحدهما (لا) أي: لا يكون محصراً أما إذا قدر على الوقوف فلما مر وأما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه فيه فلا حاجة إلى الهدي والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

باب الفوات

باب الفوات من فاته الحج بفوت الوقوف بعرفة، فليحل بعمرة، وعليه الحج من قابل بلا دم، لا فوت لعمرة وهي طواف وسعي، وتصح في السنة، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الفوات لما كان كل من الإحصار والفوات من العوارض إلا أن الإحصار وقع له عليه الصلاة والسلام فقدم، ولأنه بالنسبة إلى الفوات بمنزلة المفرد من المركب، وذلك لأن الإحصار إحرام بلا أداء والفوات إحرام وأداء (من فاته الحج) فرضاً كان ولو منذوراً أو تطوعاً صحيحاً كان أو فاسداً سواء طرأ إفساده أو انعقد فاسداً، كما إذا أحرم مجامعاً (بفوت) وقت (الوقوف بعرفة) المتقدم (فيحل) من أحرامه (بعمرة) أي: بأفعالها، وفيه إيماء إلى أن ذلك واجب، وبه صرح في (البدائع) وإلى أن إحرام الحج باق وهذا عندهما، وقال الثاني: انقلب إحرامه عمرة بدليل أنه لو أقام محرماً حتى حج مع الناس من قابل بذلك الإحرام لا يجزئه عن حجته، ولو بقي أصل الإحرام لأجزأه، ولهما أن الإحرام عقد لازم لا يقيل الانفساخ، وفي الانقلاب انفساخ والدليل على عدم انقلابه أن المكي إن فاته الحج يتحلل بالطواف كالآفاقي، ولو انقلب إحرامه إحرام عمرة للزمه الخروج للحل وإن فاته الحج. (و) لو جامع ليس (عليه) قضاء العمرة كذا في (البدائع)، وأنه لو مكث محرماً حتى دخل أشهر (الحج من قابل) فتحلل بعمل العمرة ثم حج من عامه ذلك لا يكون متمتعاً، ولو انقلب لكان كذا في (المبسوط) وأجاب عما استدل به الثاني بأنه وإن بقي الأصل لكن تعين عليه الخروج بأفعال العمرة فلا يبطل هذا التعيين بتحول السنة، وأثر الخلاف يظهر فيما لو أحرم فائت الحج بأخرى صح عند الإمام ويرفضها لئلا يصير جامعاً بين إحرامي حج وعليه دم وحجتان وعمرة من قابل، وقال الثاني: يمضي فيهما إحرام الأولى وقال محمد: لا يصح إحرامه أصلاً (ولا فوت لعمرة) لأنها غير مؤقتة إجماعاً (وهي) لغة: الزيارة يقال: اعتمر فلان إذا زار وفي (المغرب) أصلها القصد إلى مكان عامر ثم غلب على القصد إلى مكان مخصوص، وعرفاً (طواف وسعي) غير أن ركنها الطواف فقط، وأما السعي فواجب فيها كالحلق ولم يذاكره لأنه مخرج منها، وكذا لم يذكر الإحرام لأنه شرط خارج على ماهيتها (وتصح) العمرة (في) كل (السنة) ولو أتى بالفاء تفريعاً على عدم فوتها لكان أولى، وقد صح أنه

وتكره يوم عرفة، ويوم النحر وأيام التشريق وهي سنة مؤكدة. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه الصلاة والسلام اعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة وهذا يقتضي أن أفضل أوقاتها أشهر الحج لكن جاء في الصحيح: (عمرة في رمضان تعدل حجة) ومن ثم تردد بعض أهل العلم في أي الوقتين أفضل؟ (وتكره) كراهة تحريم (يوم عرفة/ ويوم النحر وأيام التشريق) لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: حلت العمرة في السنة كلها إلا أربعة أيام يوم عرفة ويوم النحر ويومان بعده) وعن الثاني عدم كراهتها في يوم عرفة قبل الزوال والأظهر من المذهب الإطلاق وفي (الخانية): وتكره العمرة في خمسة أيام لغير القارن انتهى. قال في (البحر): وهو تقييد حسن وينبغي أن يكون راجعاً إلى يوم عرفة لا في الخمسة وأن يلحق المتمتع بالقارن انتهى. وأقول: هذا ظاهر في أنه فهم أن معنى ما في (الخانية) من استثناء القارن أنه لا بد له من العمرة ليبني عليها أفعال الحج ومن ثم خصه بيوم عرفة وهو غفلة عن كلامهم فقد قال في (السراج): تكره العمرة في هذه الأيام أي: يكره إنشاؤها بالإحرام أما إذا أداها بإحرام سابق كما إذا كان قارناً ففاته الحج وأدى العمرة في هذه الأيام لا يكره، وعلى هذا فالاستثناء الواقع في (الخانية) منقطع ولا اختصاص ليوم عرفة. (وهي) أي: العمرة يعني الإتيان بها مرة في العمر (فسنة مؤكدة) في الصحيح لنص محمد في كتاب الحج على أنها تطوع وقيل: واجبة وفي (حل النوازل): إنه الصحيح قال في (التحفة): والواجب والسنة المؤكدة متقاربان وفي (البدائع) قال أصحابنا: إنها واجبة كصدقة الفطر والأضحية والوتر ومنهم من أطلق اسم السنة وهذا الإطلاق لا ينافي الوجوب ولا ينافيه ما أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح، قال رجل: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (لا وإن تعتمر خير لك) لأن الظاهر أنه عنى بالوجوب هنا الفرض نعم هو حجة على من قال: بأنها فرض كفاية كالموصلي من أصحابنا كما في (الدراية) وسكت المصنف عن سنتها وأدائها اكتفاء بما بينه في الحج لاشتراكهما في ذلك، وقدمنا أن الجماع قبل طواف الأكثر يفسدها وليس لها طواف صدر خلافاً لابن زياد والله والهادي للصواب والرشاد بمنه وكرمه.

باب الحج عن الغير

باب الحج عن الغير النيابة تجزئ في العبادة المالية عند العجز، والقدرة، ولم تجز في البدنية بحال، وفي المركب منهما تجزئ عن العجز فقط، والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت وإنما شرط ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحج عن الغير إدخال أل على غير واقع على وجه الصحة بل هو ملزوم الإضافة كذا في (الفتح) يعني معنى وفيه نظر فقد صرح في (المنية) بأنه يقال: (قبضت غيراً والتنوين للتمكن عن الإضافة فيجوز دخول أل، على أن الكوفيين وبعض البصريين وكثير من المتأخرين أجازوا نيابة أل عن الضمير المضاف إليه، وهو بإطلاقه يعن ما يلزم الإضافة وما يلزم، ولما كان الأصل كون عمل الإنسان لنفسه لا لغيره كان هذا الباب خليقاً بالتأخير. واعلم أن كل من أتى بعبادة وجعل ثوابها لغيره قال علماؤنا: يصح جعله لظواهر الأدلة، وقال بعض أهل العلم: لا يصح وظاهر كلامهم يعطي أنه لا فرق في هذا الجعل بين الفرض وغيره. (النيابة) عن المكلف (تجزئ في العبادات المالية) كالزكاة والكفارات (عند العجز والقدرة)، لأن المقصود منها سد خلة المحتاج وذا إلى خصوص الأداء بنفسه غير محتاج (ولم تجز) أي: النيابة (في) العبادة (البدنية) كالصلاة والصوم، ومعنى كونه بدنياً أن فيه ترك أعمال البدن كما في (الحواشي السعدية)، (بحال) من الأحوال لأن المقصود منها قهر النفس وإتعابها وذا غير حاصل بغيرها وعلى هذا حمل قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يصم أحد عن أحد ولا يصل أحد عن أحد). (وفي المركب منهما) أي: من البدن والمالي كالحج (تجزئ) النيابة (عند العجز) عن الأداء بنفسه اعتباراً لجهة المال (فقط)، يعني لا عند القدرة اعتباراً لجهة البدن وكان القياس عدم جوازها مطلقاً نظراً إلى هذا الاعتبار لكنه تعالى رخص في إسقاطه بتحمل المشقة الأخرى أعني إخراج المال عند العجز المستمر إلى الموت رحمة منه وفضلاً. (والشرط) في جواز النيابة فيه بعد وجوبه عليه (العجز الدائم إلى وقت الموت)، لأنه فرض العمر فإذا أحج غيره لمرض يرجى زواله أو لا أو كان محبوساً كان أمره مراعى إن استمر به ذلك المانع حتى مات ظهر أنه وقع مجزياً وإن عوفي أو خلص من الحبس ظهر أنه لم يقع مجزياً وظهر وجوب المباشرة كذا في (الفتح) وهذا صريح في

عجز المنوب للحج الفرض لا للنفل، ومن أحرم حج آمريه ضمن النفقة، ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه لا فرق بين كون المرض يرجى زواله أو لا كالزمانة والعمى وهو الملائم لكلام المصنف لكن في (الدراية) عن (الإيضاح) ما يفيد الفرق بينهما وذلك أنه قال: إن كان عجزاً لا يزول كالزمانة والعمى جاز أن يحج عنه لأن العجز إذا لزم صار كالموت ولو كان يرجى زواله كالمرض والحبس فالأمر موقوف فإن دام إلى الموت حكم بوقوعه موضع الفرض ولو زال وجب عليه الحج لزوال/ المعنى المجوز وعزاه في (البحر) إلى (الخيانة)، وفي (المحيط) و (المبسوط) قال: وهو الحق واقتضى كلامه أن الصحيح لو أحج غيره ثم عجز لا يجزئه، وبه صرح غير واحد ولا ينافيه ما في (الفتاوى) لو قال: لله علي ثلاثون حجة فأحج ثلاثين نفساً في سنة واحدة، وإن مات قبل أن يجيء أوان الحج جاز على الكل وإن جاء وقت الحج وهو يقدر بطلت حجة، وعلى هذا كل سنة تجيء لأن المراد بالعجز السابق هو الحاصل بعد فراغ النائب عن الحج. قال في (البحر): وينبغي أن يكون المراد بوقت الحج في مسألة النذر وقت الوقوع فإن كان فيه ميتاً أجزأه الكل وإلا بطلت واحدة وتوقف الباقي، هذا وبقي من شرائط جواز النيابة كما في (البدائع) أمره به فلا يجوز حج غيره عنه بغير إذنه إلا الوارث فإنه لو حج عن مورثه بغير إذنه تجزئه إن شاء الله تعالى، ونية المحجوج عنه عند الإمام، وكون أكثر النفقة من مال الآمر لا متبرعاً بها، حتى قال في (الفتح): لو أنفق الأكثر أو الكل من مال نفسه لبعث الحاجة ولا يكون المال حاضراً فيجوز ذلك كالوكيل والوصي يشتري لليتيم ويعطي من مالٍ نفسه فإنه يرجع به من مال اليتيم، وأن يكون راكباً حتى لو أمره بالحج فحج ماشيًا ضمن النفقة ويحج عنه راكباً، وإذا توافرت الشروط فظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه وعن نحمد أنه يقع عن الحاج واختاره جمع من المتأخرين منهم صدر الإسلام والإسبيجابي وقاضي خان ونسبه شيخ الإسلام لأصحابنا وفي (العناية) وإليه مال عامة المتأخرين ونقل التمرتاشي أنه على هذا القول لا يسقط عنه فرض الحج بل يكون نفلاً لأنه لا يتأدى إلا بنية الفرض أو بمطلق النية ولم توجد، وإنما وجدت النية عن الآمر وبه ظهر أن قول الشارح الصحيح الأول، ولهذا لا يسقط به الفرض عن المأمور لا يصح شاهداً كما قد علمت. (ومن أحرم عن آمريه) اللذان أمراه بالحج عنهما (ضمن النفقة) فيه إيماء إلى أنها لا تقع عن أحدهما لأن كل واحد إنما أمره أن يخلص النفقة له ولا يمكنه الإيقاع عن أحدهما لعدم الأولوية فوقعت عن المأمور نفلاً وضمن ما أنفقه لصرفه إياه عن حج نفسه، واعلم أنه وقع في (الهداية) ومن أمره رجلان بأن يحج عن كل واحد

ودم الإحصار على الآمر، ـــــــــــــــــــــــــــــ منهما حجة فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة لأن الحج يقع عن الآمر حتى لا يخرج عن حجة الإسلام ولا خفاء في عدم مطابقة الدليل للمدعي، وقد اختلف الشارحون في إصلاح هذا المقام وما رأيت من أفصح منهم عن المرام، لكني رأيت في نسخة قديمة معتمدة لا أن الحج يقع عن الآمر بلا النافية وليس تعليلاً للمسألة، وقوله: حتى لا يخرج غاية لقوله فهي عن الحاج نفلاً وهذا أولى ما رأيت فتدبره، قيد بالأمر بها لأنه لو أحرم عنهما بغير أمرهما كان له أن يجعله عن أحدهما، لأنه متبرع بجعل ثواب عمله فبقي على خياره وكذا في (البحر). وأقول: فيه نظر لأن من حج عن غيره بغير أمره لا يكون حاجاً عنه، لما مر بل جاعلاً ثوابه له وذلك إنما يكون بعد الفراغ كما في (الشرح) وهذا القدر لا فرق فيه بين أن يأمره أو لا لأنه حيث وقع الحج عنه كان له أن يجعل ثوابه لمن أراد فلا يصح أن يكون التقييد بالأمر احترازاً عما إذا لم يأمره لاستوائهما في أن الحج للفاعل في الوجهين، نعم قيد بقوله عن آمريه لأنه لو أحرم بحج عن أحدهما فما لم يشرع في الأفعال فالأمر موقوف، فإن عين أحدهما قبل الوقوف انصرف إليه وإلا انصرف إلى نفسه وضمن النفقة، أما لو عين ذلك الأحد غير أنه أبهم بما أحرم به كان له أن يعين بعد ذلك فلا خلاف. قال في (الكافي): وينبغي أن يكون له التعيين أيضاً إجماعاً فيما لو أهل بحجة ولم يعين المحجوج عنه فصور الإبهام أربعة، هذا ومن صور (المخالفة) ما لو أهل بحجتين أحدهما عن نفسه والأخرى عن الآمر إلا أنه لو رفض التي عن نفسه عاد إلى الوفاق، ومنها ما لو أمره بالإفراد بحجة أو عمرة فقرن أو تمتع وكذا لو أمره بالعمرة فحج أولاً ثم اعتمر بخلاف ما لو فعلها ثم حج عن نفسه كذا في (المحيط) وليس من صور المخالفة ما لو أمره أن يحج عنه هذه السنة فحج عنه بعدها لأن تعينها للاستعجال فصار كما لو أمره أن يعتق عبده غداً فأعتقه بعد غد كذا في (الخانية). تتمة: الحاج عن الغير إن شاء قال: لبيك عن فلان وإن شاء اكتفى بالنية، والأفضل إحجاج الذكر الحر العالم بالمناسك الحاج عن نفسه فيكره إحجاج المرأة لنقصانه إذ ليس عليها رمل ولا سعي ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا تحلق، والعبد لأنه ليس أهلاً لأداء الفرض عن نفسه فكيف عن غيره والصيرورة لأنه تارك فرض وصرح في (المعراج) بالإساءة في المرأة والعبد ولو مأذوناً،/ وفي (البدائع) الأفضل أن يكون قد حج عن نفسه، واعلم أن العلة المتقدمة في كراهة إحجاج العبد تعم الصبي ولم أره، (ودم الإحصار على الآمر) ولو ميتاً لأنه هو الذي أدخله في هذه العهدة نعم

ودم القران، والجناية على المأمور، فإن مات في طريقه يحج عنه من منزلة بثلث ما بقي ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل في الميت: إنه من الثلث وقيل: من جميع المال ثم يجب عليه الحج من قابل من مال نفسه فلا يكون ضامناً للنفقة كفاية الحج كذا قالوا، قال في (البحر): ولم يصرحوا بأنه لا اقتضاه في الإحصار والفوات هل يكون عن الآمر ويقع عن المأمور وأقول: علله في (السراج) بأن الحج لزمه بالدخول فإن فات لزمه بالدخول قضاؤه وهو ظاهر على قول محمد: إن الحج يقع عن الحاج انتهى. يعني وعلى قول غيره من أنه يقع عن الآمر فينبغي أن يكون القضاء عنه وتلزمه النفقة. (ودم القران) والمتمتع (والجناية على المأمور) أما القران فلأنه وجب شكراً للجمع بين النسكين والمأمور هو المختص بهذه النعمة لوقوع الفعل منه وهذه المسألة تشهد لصحة المروي عن محمد أن الحج يقع عن المأمور كذا في (الهداية) قال في (الفتح): وقد يقال: لا يلزم هذه الشهادة إذ لا شك أن الأفعال إنما وجدت من المأمور حقيقة غير أنها تقع عن الآمر شرعاً، ووجب هذا الدم سبب عن الوجود الحقيقي، ولأن موجب هذا الفعل أحد أمرين من الهدي والصوم على أن كل واحد يجب على تقدير وأحدهما يجب تقديره على المأمور وهو الصوم فكذا الآخر، لأن كلاً منهما موجب واحد لهذا الفعل انتهى. قال في (الحواشي السعدية): وفيه تأمل وأقول: لعل وجهه أن كون الصوم على المأمور فكذا الهدي لا يصلح قادحاً في الشهادة للاتفاق على أنه على المأمور وإن اختلفت جهة الإيجاب، وأما دم الجناية فلأنه على الجاني فتجب عليه الكفارة لا فرق في ذلك بين جناية الجماع وغيره إلا أنه إن كان قبل الوقوف حتى فسد حجة ضمن النفقة أيضاً لمخالفته، وكذا لو كان عليه دم رفض النسك أيضاً، قال في (الفتح): ولا يبعد لو فرض أنه أمره بحجتين معاً ففعل حتى ارتفضت إحداهما كونه على الآمر ولم أره، انتهى. ولو قال: حججت وكذبه كان القول له بيمينه ولو برهن الوارث أو الوصي على أنه كان يوم النحر بالبلد لم يقبل لأنها شهادة نفي، نعم لو برهن على إقراره أنه لم يحج قبلت، هذا إذا لم يكن المأمور مديوناً أمر بأن يحج مما عليه، فإن كان لم يصدق إلا ببرهان، والفرق لا يخفى على متدرب في الفن. (فإن مات) المأمور بالحج (في طريقه) أو سرقت منه النفقة قبل الوقوف (يحج عنه) أي: عن الآمر (من منزله) إن كان له منزل، فإن لم يكن فمن حيث مات ولو تعددت منازله فمن أقربها إلى مكة (بثلث ما بقي) من التركة، هذا إذا كان الثلث يكفي للحد من منزله فإذا لم يكن حج عنه من حيث يبلغ استحساناً، ولو بلغ من منزله ماشياً وراكباً من غيره قال محمد: يحج عنه من حيث بلغ راكباً فإن مات أو

ومن أهل بحج عن أبويه فعين صح. ـــــــــــــــــــــــــــــ سرقت ثانياً يحج عنه من ثلث الباقي بعدها هكذا مرة بعد مرة أخرى إلى أن لا يبقى من ثلثه ما يبلغ الحج فتبطل الوصية، وهذا عند الإمام. وقال محمد: إن بقي من المدفوع شيء حج به وإلا بطلت، وبه قال أبو يوسف: فيما إذا كان المدفوع تمام الثلث فإن كان بعضه كمل فإن بلغ باقيه يحج به وإلا بطلت، قال في (البحر): ولم يختلف في أنه يحج عنه من حيث مات، وقد اقتصر الشارحون على أن فعل مات هو المأمور مع ما فيه من تعقيد الضمائر لاختلاف مرجعها كما قد علمت، مع أنه يحتمل أن يكون هو الموصي فيتحد المرجع وهو صحيح فإنه إذا مات بعد ما خرج حاجاً وأوصى بالحج فإنه يحج عنه من منزله بثلث تركته ويصدق عليه أنه بثلث ما بقي أي: بعد الإنفاق في الطريق انتهى. ولا يخفى أن المتبادر من ثلث ما بقي يعني من التركة على أن المصنف رمز على صحة الخلاف بقوله من منزله فبثلث ما بقي، وعلى ما ادعى لا خلاف أنه يحج عنه بثلث تركته، هذا إذا أطلق الوصية ومات، أما إذا عين مكاناً فإنه يرجع إلى بيانه اتفاقاً ولو مات المأمور بعد الوقوف جاز عن الآمر لأنه أدى الركن الأعظم، كذا في (الفتح) وقيدنا بكون الآمر أوصى بالحج عنه لما في (المحيط) لو دفع إلى رجل مالاً ليحج به عنه فأهل بحجة ثم مات الآمر فللورثة أن يأخذوا ما بقي من المال ويضمونه ما أنفق بعد موته لأن نفقة الحج كنفقة ذوي الأرحام/ تبطل بالموت، واعلم أن الثلث لو كان يسع أكثر من حجة خير الوصي بين أن يحج في كل سنة وبين أن يفعل في سنة واحد حججاً، وهو الأفضل لما فيه من تعجيل تنفيذ الوصية وللوصي أن يحج بنفسه إلا أن يقول له الميت: ادفع هذا إلى من يحج عني وإلا أن يكون وارثاً فلا يصح إلا بإجازة الباقين إن كانوا كباراً، وفي (التجنيس): أوصى بأنه يحج عنه ابنه ليرجع في التركة جاز كالدين إذا قضاه من مال نفسه، (ومن أهل) أي: أحرم (بحجة عن أبويه) بغير أمرهما (فعين) بعد ذلك أحدهما (صح) لما مر من أن جعل الثواب للغير لا يحصل إلا بعد الأداء فلغت نيته قبله، وفي هذا لا فرق بين الولد والأجنبي إلا أنه خص الولد لأنه يندب له ذلك، وعلم منه أنه لو أحرم عن أحدهما مبهماً كان له التعيين بعد ذلك بالأولى وهذا ظاهر فيما إذا كان متنفلاً عنهما، أما لو كان على أحدهما حج الفرض فتبرع الوارث عنه بالإحجاج والحج بنفسه قال الإمام: يجزئه إن شاء الله تعالى لقوله عليه الصلاة والسلام للخثعمية: (أرأيت لو كان على أبيك دين)

باب الهدي

باب الهدي أدناه شاة، وهو إبل، وبقر، وغنم وما جاز في الضحايا جاز في الهدايا ـــــــــــــــــــــــــــــ الحديث وإنما علقه الإمام بالمشيئة بعد صحة الحديث لما أن خبر الواحد لا يفيد اليقين بل الظن، ولا شك أن هذا من الأمور التي طريقها العلم فإن سقوط الفرض عن ذمة الميت بعد القطع باشتغاله أمر يشهد به على الحق سبحانه وتعالى، فاحتيج إلى المشيئة، بخلاف ما طريقه العمل فإنه لا يحتاج إليها. خاتمة: على المأمور بالحج أن يرد ما فضل عن نفقة نفسه ذهاباً وإياباً وما يحتاج إليه من كسوة ونحوها إلا أن يتبرع له الوارث أو يوصي بذلك الميت بناء على صحة وصيته وقيل: لا يجوز ذكره الإسبيجابي وليس له إطعام أحد ولا دخول حمام ولا شراء دهن سراج ولا دواء ولا إعطاء أجرة حجام ولا خادم إلا أن يكون ممن لا يخدم نفسه، ولو نوى الإقامة بمكة نصف شهر سقطت نفقته من مال الميت ثم إذا عاد تعود عند محمد، وهو الأظهر خلافاً للثاني. قالوا: هذا في زمانهم أما في زماننا فلا يقدر أن يخرج إلا مع الناس فعلى هذا إذا كان مقامه بمكة غيرها لانتظار القافلة فنفقته في مال الميت وإن كان أكثر من نصف شهر وفي (الظهيرية): مات وعليه حجة الإسلام فحج عنه رجل بأمره غير أنه لم ينو فرضاً ولا نفلاً. جاز عن حجة الإسلام بخلاف ما إذا نوى نفلاً وفي وصايا العمرة أوصى بأن يحج عنه بألف من ماله فأحج الوصي من مال نفسه ليرجع في التركة ليس له ذلك لأن الوصية باللفظ فيعتبر لفظ الموصي، وهو إضافة المال إلى نفسه والله الموفق للصواب. باب الهدي (أدناه شاة) لما كان هدي المتعة والقرآن والإحصار وجزاء الصيد والجناية فرع معرفة ذلك أخره (وهو إبل وبقر وغنم) إلا أن الأقل متيقن له، ولذا لو قال: لله علي أن أهدي ولا نية له يلزمه شاة وإن عين شيئاً لزمه، ولو أهدى قيمتها جاز في رواية أبي سليمان اعتباراً بزكاة الغنم، حيث يجوز دفع القيمة فيها لا في رواية أبي حفص لأن القربة تعلقت بالإراقة والتصدق باللحم، وليس في القيمة غير التصدق كذا في (البدائع) وهذا يقتضي أنه لو أهدى مثل الشاة أجزأه على هذا الرواية وروى ابن سماعة أنه لا يجوز ولا كلام أنه إذا كان لا يراق فتصدق بقيمته جاز، ولو عقارا تعين التصدق بقيمته على الفقراء ولو من غير مكة، هذا إذا لم يلحق بلفظ الهدي ما يبطله فإن ألحق به ما يبطله لم يلزمه شيء عند الإمام، كما إذا قال: هذه الشاة هدي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام، (وما) أي: وكل حيوان (جاز في الضحايا جاز في الهدايا)

والشاة تجوز في كل شيء إلا في طواف الركن جنباً، ووطء بعد الوقوف، ويأكل من هدي التطوع والمتعة، والقران فقط، ـــــــــــــــــــــــــــــ قيل: الأولى ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاز في الضحايا، كما في (الهداية) ولعل وجهه أن ينبغي أن يكون عنوان المسألة مما الكلام فيه، فيجوز الثني من الأنواع الثلاثة وهو من الإبل ما تم له خمس سنين ومن البقر ما تم له سنتان ومن الغنم ما تم له سنة، أما الجذع فلا يجوز إلا من الضأن والمعز وهو ما تم له سنة، وقيل: أكثر السنة بشرط أن يكون بحيث لو اختلط بالثنايا ظن الناظر أنه منهم كذا في (الوجيز) وهو معنى ما في (غاية البيان) بشرط أن يكون عظيم الجثة أما إذا كان صغيراً فلا بد من تمام السنة، ولا يجوز المعيب من هذه الأنواع إذا كان العيب موجوداً قبل ذبحها أما إذا أحدث وقت ذبحها فإنه يجوز استحساناً، لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه وفي كلامه إيماء إلى جواز الاشتراك في البدنة كالأضحية حيث أراد الكل القربة وإن اختلفت أجناسها/ من دم متعة وإحصار وجزاء صيد إلا أن كون الكل من جنس واحد أحب، هذا إذا نوى وقت الشراء الاشتراك أما إذا لم ينو فلا يجوز، لأن كلها صارت واجبة وإن كان بإيجاب الشرع والبعض بإيجابه. (والشاة تجوز في كل شيء) وجب فيه الدم في الحج، فلا يرد أن من نذر بدنة أو جزوراً لا تجزئه الشاة إذ الكلام في الحج بدليل قوله: (إلا في طواف الركن جنباً) أو حائضاً أو نفساء، لأن الجناية أغلظ فجعل جبر نقصانها بالبدنة إظهاراً للتفاوت بين الأصغر والأكبر، (ووطء بعد الوقوف) لما مر وجعل في (الفتح) الحيض والنفاس موضعاً ثالثاً والأظهر ما علمته، (ويأكل ندباً من هدي التطوع والمتعة والقران) لقوله تعالى: {فكلوا منها} [الحج: 28] وفي التعبير بمن إيماء أنه يتصدق بالبعض ويندب أن يكون بالثلث ويدخر الثلث ويطعم الأغنياء ما بقي قال في (البحر): وفي قوله من هدي التطوع إشارة إلى أنه بلغ الحرم فلو لم يبلغه لا يأكل منه، والفرق أن القربة فيما إذا بلغ بالإراقة والأكل بعد حصولها وفيما إذا لم يبلغ بالتصدق والأكل ينافيه، ومن ثم قالوا: كل دم لا يجوز له الأكل منه يجب عليه التصدق منه بعد الذبح، وفي الإشارة نظر (فقط)، فلا يأكل من غيرها كدم الإحصار والنذر والكفارات، ولو هلك بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين، أما إن استهلكه فإن كان مما يجب عليه التصدق به ضمن قيمته وإلا لا، ولو باع اللحم جاز بيعه في النوعين إلا أن ما لا يجوز له أكله عليه أن يتصدق بثمنه، كذا في (الفتح) معزياً إلى (البدائع) وعلل في (البدائع) جواز البيع بأن ملكه قائم فيه ووجب عليه التصدق بالثمن لأنه ثمن مبيع والتصدق لتعلق حق الفقير فيتمكن في ثمنه خبث فكان سبيله التصدق انتهى.

وخص ذبح هدي المتعة، والقران بيوم النحر فقط، والكل بالحرم لا بفقيره، ولا يجب التعريف بالهدي، ويتصدق بجلاله وخطامه، ولم يعط أجر الجزار منه، ولا يركبه بلا ضرورة ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن قدم في (الفتح) أنه ليس له بيع شيء من لحومها الهدايا وإن كان مما يجوز له الأكل منه فإن باع شيئاً كان عليه التصدق بقيمته وفيه مخالفة لما في (البدائع) من وجهين الأول وجوب التصدق فيما له الأكل منه أيضاً الثاني أنه لا ينظر للثمن فيما لا يجوز أكله، ويمكن التوفيق في الثاني بأن ينظر إلى الثمن إن كان أكثر من القيمة وإلى القيمة إذا كانت أكثر قال بعض العصريين: وفيه نظر إذا مقتضى كونه باع ملكه أنه لا ينظر إلى القيمة البينة، وما في (البحر) من أن التصدق بالثمن فيما لا يجوز أكله وبالقيمة فيما يجوز، والجواز في الأول بمعنى الصحة لا الحل فيه نظر فتدبره. (وخص ذبح المتعة والقران بيوم النحر) أي: وقته وهو الأيام الثلاثة لأنه دم نسك فيختص بالوقت كالأضحية حتى لو ذبح قبله لا يجوز إجماعاً أو بعده كان تاركاً للواجب عند الإمام فيلزمه وللسنة عندهما (فقط) أما دم النذر والكفارات فلا اختصاص له به وكذلك دم الإحصار عندهما وقال محمد: لا يجوز قبلها، وأفاد أن هدي التطوع ليس كذلك وهو الصحيح خلافاً لما ذكره القدوري من اختصاصه، (والكل) أي: وكل دم يجب على الحاج ولو هدياً يختص (بالحرم) لقوله تعالى: {هدياً بالغ الكعبة} [المائدة: 95] وقال تعالى: {ثم محلها إلى البيت العتيق} [الحج: 33] والمراد الحرم فيجوز الذبح في أي موضع شاء منه، ومن الناس من عين مناً والصحيح ما قلنا (لا) يختص جواز التصديق بالدماء (بفقير) بل هو لا يبني عن التعريف بل عن النقل إلى مكان ليتقرب بإراقته فيه غير أنه يندب إن كان دم شكر لا إن كان دم كفارة، والفرق لا يخفى (ويتصدق بجلاله) جمع جل وهو ما يلبس على الدابة، (وخطامه) أي: زمامه وهو ما يجعل في أنف البعير، (ولم يعط أجر الجزار) أي: الذابح (منه) فإنه أعطى ضمنه، قيد بذلك لأنه لو تصدق عليه منه شيء جاز، (ولا يركبه) أي: الهدي سواء جاز له الأكل منه أو لا وصرح في (المحيط) بحرمته، وكذا لا يحمل عليه فإن نقص بذلك ضمن ما نقص، ويتصدق به على الفقراء، (بلا ضرورة) نبه بذلك على أنه يجوز له الركوب للضرورة بأن لم يجد ظهراً ولا يقدر على المشي لحديث أصحاب السنن: (اركبها بالمعروف إذا لجأت إليها حتى تجد ظهراً) وعلله الناصحي في (أحكام الأوقاف) أنها باقية على ملكه فجاز له الانتفاع

مسائل منثورة

ولا يحلبه، وينضح ضرعه بالنقاخ، وإن عطب واجباً أو تعيب أقام غيره مقامه، والمعيب له، ولو تطوعاً نحره، وصبغ نعله بدمه، وضرب به صفحته، ولم يأكله غني، وتقلد بدنه التطوع والمتعة والقران فقط. مسائل منثورة ولو شهدوا بوقوفهم قبل يومه تقبل ـــــــــــــــــــــــــــــ بها للضرورة بدليل أنه لو مات قبل أن تبلغ المحل كانت ميراثاً والظاهر أنه لا شيء عليه بركوبه في هذه الحالة (ولا يحلبه) لأن اللبن جزؤه كوبره وصوفه ولا يجوز له الانتفاع بشيء من أجزائه، فإن فعل أو دفعه لغني ضمنه بالقيمة كما في (المحيط) وكان القياس أنه يضمنه/ بالمثل ولو باقياً تصدق به على الفقراء، (وينضح) أي: برش (بالنقاح) بضم النون والقاف أي: وبالخاء المعجمة كما في (الصحاح) و (المغرب) و (القاموس) الماء البارد لينقطع اللبن هذا إذا كان وقت الذبح قريباً، فإن بعد حلبه وتصدق به، (فإن عطب) الهدي أي: هلك حال كونه (واجباً أو تعيب) عيباً يمنع الأضحية (أقام غير مقامه) لأن الواجب القار في ذمته لا يسقط إلا بالذبح، (والمعيب له) لأنه عينه لجهة وقد بطلت فبقي على ملكه، (ولو تطوعاً) أي: ولو كان المعطوب أي: الذي قرب من الهلاك المعطوب تطوعاً (نحره وصبغ نعله) أي: الهدي أراد به قلادته (بدمه) ليعلم الناس أنه هدي فتأكل منه الفقراء. (وضرب به صفحته) أي: صفحة سنامه يعني جانبه، (ولم يأكل غني) لما مر (وتقلد بدنة التطوع والمتعة والقران) بأن يضع القلادة عليها من بلده، إن بعث بها، وإن توجه معها فمن حيث يحرم هكذا السنة، وإنما يقلدها لما أنها دم نسك فناسب إشهارها وإظهارها (فقط)، فلا يقلد دم الجنايات لأن الستر بها أليق ويلحق بها دم الإحصار كما في (المبسوط) وفي (المحيط): إنه يقلد دم النذور وأدخله في (البحر) في دم التطوع لما أنه بإيجاب العبد دون إيجاب الشرع. مسائل منثورة جرت عادتهم بذكر ما شذ في الأبواب السابقة من المسائل آخر الكتاب تارة يعبرون عنها بمنثورة أي: غير مرتبة في أبوابها، كاللؤلؤ المنثور وأخرى بمتفرقة أو شتى، والمصنف استعمل كل ذلك في كتابة، (ولو شهدوا بوقوفهم) بعرفة (قبل يومه) بأن شهدوا بأنهم وقفوا يوم التروية (تقبل) شهادتهم، وكان عليهم الإعادة لأن التدارك ممكن في الجملة يعني إذا ظهر الخطأ قال صدر الشريعة: صورة المسألة مشكلة لأن هذه الشهادة لا تكون إلا بأن الهلال لم ير ليلة كذا وهو ليلة الثلاثين بل

وبعده لا، ولو ترك الجمرة الأولى في اليوم الثاني، رمى الكل أو الأولى فقط، ومن أوجب ـــــــــــــــــــــــــــــ رأى ليلة بعدها وكان شهر ذي القعدة تماماً ومثل هذه الشهادة لا تقبل لاحتمال كون ذي القعدة تسعة وعشرين فصورتها أنهم وقفوا ثم علموا بعد الوقوف أنهم غلطوا في الحساب فكان الوقوف يوم التروية فإن علم هذا المعنى قبل الوقت بحيث يمكن التدارك أمر الإمام الناس بالوقوف وإن علم في وقت لا يمكن تداركه فبناءً على الدليل الأول وهو إمكان التدارك ينبغي أن لا يعتبر هذا المعنى، ويقال: قد تم حج الناس أما بناء على الثاني وهو أن جواز المقدم لا نظير له لا يصح الحج انتهى، وحاصل الإشكال على ما صور أن هذه الشهادة شهادة نفي قال في (الحواشي اليعقوبية): ويحتمل أن يشهدوا بأن ذا القعدة غرته يوم الأحد مثلاً وكان الناس تقول الأمر على أن الغرة يوم الاثنين، فغرة ذي الحجة في زعم الناس يوم الأربعاء وفي زعم الذين يشهدون في يوم الثلاثاء فلا تكون شهادة على النفي قال: وقوله: بأن غلطوا في الحساب لا يخفى أن الغلط من عامة الناس والحساب خارج عن حد القبول انتهى. وأفاد في (الحواشي السعدية) معزياً إلى (الجامع الصغير) لقاضي خان أنه لو تبين أنهم وقفوا يوم التروية تقبل أيضاً لأن العبادة قبل وقتها لا تصح وشهدوا بوقوفهم (بعده) أي: بعد يوم الوقوف بأن شهدوا أنهم رأوا هلال ذي الحجة في ليلة كذا يكون الوقوف منه العاشر (لا) أي: لا تقبل شهادتهم استحساناً، قيل: لأنها قامت على نفي جواز الوقوف وهو ما لا يدخل تحت الحكم، ورد بأنها إنما قامت على الإثبات حقيقة وهو الهلال في ليلة قبل رؤية أهل الوقوف وهو مستلزم لعدم جواز وقوفهم، ولا حاجة إلى الحكم بل الفتوى، فقيد عدم سقوط الفرض فيخاطب به، وعدم سقوطه هو المراد، والأولى أن يقال: إنما لا تقبل لا لمانع قام بها بل لأن وقوفهم جائز لأن هذا الفرع من الاشتباه مما يغلب ولا يمكن التحرز عنه فلو لم يحكم بهذا الاجتهاد للزم الحرج الشديد وهو مدفوع، وإذا لم يثبت بها عدم صحة الوقوف فلا فائدة في سماعها فيقول لهم الإمام لا أسمعها وقد تم حج الناس حتى الشهود وفيما روى هشام عن محمد ولو شهدوا عشية عرفة برؤية الهلال والوقوف في بقية الليل مع الناس أو أكثرهم غير ممكن لم تسمع أيضاً بخلاف ما إذا أمكن، وعلى هذا لو شهدوا يوم التروية أن هذا اليوم يوم عرفة فإن لم يقفوا مع الإمكان فقد فاتهم الحج في الوجهين، (ولو ترك الجمرة الأولى من اليوم الثاني) من النحر عامداً كان أو ناسياً أو اقتصر على الثانية والثالثة (رمى الكل) رعاية للترتيب المسنون، (أو) رمى (الأولى فقط) ولا شيء عليه، لأنه في المتروك في وقته ولم يترك غير الترتيب، (ومن أوجب

حجاً ماشياً لا يركب حتى يطوف للركن، ولو اشترى محرمة حللها وجامعها. ـــــــــــــــــــــــــــــ على نفسه (حجاً) بالنذر حال كونه (ماشياً) منجزاً كان/ أو معلقاً كإن شفى الله مريضي أو قدم زيد فعلي حجة ولا فرق أيضاً بين أن يقول: لله عليه أو علي حجة ولو قال: علي المشي ولم يذكر حجة ولا عمرة كان عليه أحد النسكين فإن جعلها عمرة (لا يركب) حتى يحلق هذا إذا لم تكن له نية فإن نوى به المشي إلى مسجد المدينة المنورة أو إلى بيت المقدس أو غير ذلك فلا شيء عليه، ولو قال: علي المشي إلى مكة أو إلى الكعبة فهو كقوله إلى بيت الله تعالى، ولو قال: إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لم يلزمه شيء عند الإمام وقالا: يلزمه النسك احتياطاً، وقوله أوجه إذا لم يكن عرفة كذا في (الفتح) (حتى يطوف للركن) وفاء بما التزم إذ به ينتهي الإحرام وفيه إيماء إلى صحة نذره فإن قلت: لا نظير للمشي في الواجبات ومن شرط صحة النذر أن يكون من جنس المنذور واجب قلت: بل له نظير وهو مشي المكي القادر على المشي إلى عرفات ونفس الطواف أيضاً، وقدمنا وجوب المشي على المحصور أيضاً، والسعي إلى الجمعة واجب فهو من الجنس أيضاً ولو ركب في أكثره أراق دماً وفي الأقل بحسابه، ولم يذكر مبدأ مشيه والأصح أنه منزله. (ولو اشترى) جارية (محرمة) بإذن المولى (حللها) المشتري إن شاء (وجامعها) هذا ظاهر في أنه يحللها بغير الجماع، وما في نسخ (الجامع) أو يجامعها يدل على أنه يحللها به والأول أولى تعظيماً لأمر الحج، وقال زفر: ليس له ذلك ويردها قلنا: تعارض حق الله تعالى وحق العبد فقدم حق العبد رعاية لحاجته والله الموفق للصواب. قال مؤلفه: وقد تم تبييض هذا الربع في يوم السبت المبارك غرة شهر القعدة سنة تسع وثمانين وتسع مائة على يد مؤلفه ختم الله له بالحسنى وبلغه المقام الأسنى والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

كتاب النكاح

كتاب النكاح ـــــــــــــــــــــــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح لما فرغ من العبادات شرع في المعاملات لأن بها بقاء العاملين وقدم النكاح لأنه أقرب إليها حتى كان الاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة أي: الاشتغال بالنكاح وما يشتمل عليه من القيام بالمصالح وإعفاف الحرام عن نفسه وتربية الولد ونحو ذلك، وأورد الجهاد فإنه عبادة حتى ذكره بعضهم عقيب العبادات قبل النكاح وقد أخره، وأجيب بأن النكاح سبب لما هو المقصود منه وزيادة فإنه سبب لوجود المسلم والإسلام، والجهاد سبب للإسلام فقط، ورده (بالفتح) بأن الجهاد سبب لهما أيضاً إذ نقل الموصوف من صفة إلى صفة أعني من الكفر إلى الإسلام يصح قولنا: إنه سبب لوجود المسلم والإسلام لكنه لا نسبة بينهما في تحصيل ذلك، فإنه يحصل بأنكحة أفراد المسلمين إلى أضعاف ما يحصل بالقتال إذ الغالب حصول القتل به أو الذمة فقدم الأكثرية انتهى. وحاصله أن الذات المتصفة بالإسلام لم تكن موجودة فقد يمنع بأن المتجدد إنما هو الصفة فقط على أنه يرد الوقف، ولو قيل: إن العبادات علم بالغلبة على تلك الأركان الربعة لكان حسناً واندفع إيراد الجهاد والوقف ومنهم من قدم البيع نظراً إلى بساطته والأكثر على الأول إذ قد اجتمع فيه دواعي الشرع والعقل والطبع قال في (العناية): ولم تجتمع في حكم من أحكام الشرع غيره ونقضه في (الحواشي السعدية) بالأكل والشرب انتهى. وقد يقال: المراد في حكم هو المعاملات إذ الكلام فيها، واختلف في مفهومه لغة فقيل: إنه مشترك لفظي بين الوطء والعقد، وأيده في (غاية البيان) بأن الأصل في الكلام الحقيقة والمشترك مستعمل في الموضوع الأصلي، وقيل: حقيقة في العقد مجاز في الوطء وهو أصح أقاويل الشافعي، وقيل: عكسه وعليه مشايخنا، وقالوا: إنه حقيقة في الضم أيضاً ولا منافاة بين كلامهم، إذ الوطء من أفراد الضم والموضوع للأعم حقيقة في كل فرد من أفراده كإنسان في زيد ثم أفراد الضم تختلف شدة وضعفاً فلفظ النكاح من المشكل كذا في (الفتح) وعورض بما في (المغرب) النكاح الوطء وإطلاقه على العقد مجاز وقولهم: النكاح الضم مجاز أيضاً، إلا أن هذا

هو عقد يرد على ملك المتعة قصداً، ـــــــــــــــــــــــــــــ من تسمية السبب باسم المسبب والأول عكسه انتهى. يعني أن النكاح بمعنى الوطء سبب للضم والضم مسبب عنه، وأطلق السبب على المسبب والعكس ظاهر، وقد يمنع بأن الوطء نفسه ضم وقد جعل صاحب (المحيط) الضم أعم من ضم الجسم إلى الجسم والقول إلى القول فيكون مشتركاً معنوياً أيضاً غير أن المتبادر من لفظ الضم تعلقه بالأجسام لا الأقوال لأنها أعراض يتلاشى الأول منها قبل وجود الثاني فلا يصادف الثاني منها ما ينضم إليه، إلا أن قولهم الحقيقة والمجاز أولى من الاشتراك يرجح ما في (المغرب) وأن إطلاقه يعم المعنوي أيضاً وأما مفهومه عرفاً/ ما أفاده بقوله: (هو عقد) أي: مجموع إيجاب وقبول ولو حكماً فهو عندهم حقيقة وبه صرح في (المجتبي) وغيره فقول الشارح: هذا تفسيره يجب أن يراد به عرف أهل الشرع، إلا أن الشارع نقله فإنه لم يثبت وإنما تكلم به على وفق اللغة فحيث جاء في الكتاب والسنة مجرداً عن القرائن يحمل على الوطء كما في {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22] حتى أثبتوا بهذه الآية حرمة مزنية الأب على الابن، (يرد) أي: يفيد ولو عبر به أو قال يثبت لكان أظهر كذا في (البحر) والأقرب أن يكون بمعنى يأتي. قال الجوهري: الورود خلاف الصدر انتهى. أي: الرجوع وعلى تعليلته أي: يأتي وضعاً لكذا (على ملك المتعة) أي: لملكها وهو اختصاص الزوج ببعضها أو سائر أعضائها استمتاعاً أو ملك الذات أو النفس في حق المتمتع كذا في (البدائع) وفي (سراج الدبوسي) اختلفوا في أن هذا الملك في حكم ملك العين أو المتعة قال أصحابنا بالأول والشافعي بالثاني وأجمعوا على أن جميع أجزائها ومنافعها لها واستدل لأصحابنا بجواز نكاح المرضعة أي: الصغيرة ولا متعة وطء فيها، ولا يرد ما لو وطئت بشبهة فإن البدل لها ولو ملك العين لكان له لأن هذا الملك ليس حقيقياً بل في حكمه في حق تحليل الوطء دون ما سواه من الأحكام التي لا تتصل بحق الزوجية، والظاهر أن الخلاف لفظي وإذا عرف هذا فما في (البحر) من أن المراد بالملك الحل لا الملك الشرعي لأن المنكوحة لو وطئت بشبهة كان العقر، ولو ملك الانتفاع ببعضها حقيقة لكان بدله فيه نظر، بل يملك الانتفاع به حقيقة ولا يلزم ذلك لما مر، قصداً خرج به شراء الأمة للتسري فإن الشارع إنما وضع هذا العقد لتملك المنفعة بالأنثى (قصداً) وتملك المنفعة في شراء الأمة ضمني وإن قصده التسري والمقصود إنما هو ملك الرقبة ومن ثم صح شراء المشتركة ونحوها دون نكاحها وقد اشتمل التعريف على العلل الأربع، فالإيجاب والقبول في العقد علة مادية وكل من

وهو سنة وعند التوقان واجب، ـــــــــــــــــــــــــــــ الموجب والقائل علة فاعلية، والعقد الحاصل علة صورية، وملك الاستمتاع هو العلة الفائتة ولا خفاء في تقديمها ذهناً وإن تأخرت خارجاً وسببه تعلق البقاء المقدر بتعاطيه على الوجه الأكمل، وشرطه العام الأهلية والعقل والبلوغ. قال في (الفتح): وينبغي أن يزاد في الوطء لا في الزوج والزوجة، ولا في متولي العقد فإن تزويج الصغير والصغيرة جائز وتوكيل الصبي الذي يعقد العقد وقصده جائز في البيع، وصحته هنا أولى، وأما الحرية فشرط النفاذ بلا إذن أحد انتهى، لكن في (النهاية) من قول شرطه العام في تنفيذ كل تصرف دائر بين النفع والضرر إلى آخره يفيد أن هذا شرط النفاد في العاقد نفسه، ومن ثم توقف نكاح الصغير والصغيرة إذا عقدا لأنفسهما مميزين لا إن كانا غير مميزين، ومنه أيضاً المحلية وجعلها في (المحيط) من الخاصة والأول أولى، وهي امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي فخرج الذكر والخنثى المشكل أيضاً لجواز أن يكون ذكراً، وبقوله لم يمنع إلى آخره الجنية فلا يجوز نكاحها وأجاز الحسن بشهود كذا في (القنية) والمحارم أيضاً، وسقوط الحد عند الإمام بوطء محرمة بعد العقد لما أنها محل في الجملة، بدليل حلها لغيره ولم يسقطاه نظراً إلى سلب محليتها قال في (الخلاصة): وعليه الفتوى والخاص سماع اثنين بوصف خاص للإيجاب والقبول وركنه الإيجاب والقبول، ولو حكماً وحكمه حل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه المأذون فيه وأما صفته فنبه عليها بقوله: (وهو) أي: النكاح (سنة) مؤكدة على الأصح يعني: حالة الاعتدال بدليل جعل التوقان مقابلاً، وهو القدرة على المهر والنفقة والوطء مع عدم الخوف من الزنا والجور وترك الفرائض والسنن، وقال بعض مشايخنا: إنه فرض كفاية وقيل: بل واجب على الكفاية وقيل: على التعيين وينبغي ترجيحه لثبوت المواظبة عليه، والإنكار على من رغب عنه ولهذا يضعف القول باستحبابه جداً، لكن في (الفتح) كثيراً ما تساهل في إطلاقه على السنة. (وعند التوقان) مصدر واقت نفسه إلى كذا اشتاقت من حد طلب كذا في (المغرب) والمراد شدة الاشتياق كما في (الشرح) بحيث يخاف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج لا أصله ليصح قوله: (واجب) أي: لازم إذ لا وجوب لو لم يصل إلى هذه الحالة غير أنه إن كان بحيث أنه لا يمكنه الاحتراز عنه إلا به كان فرضاً كما في (النهاية) وإلا كان واجباً لأن ترك الزنا واجب وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به يكون واجباً كوجوبه كذا قالوا: وفيه نظر إذ الترك قد يكون بغير النكاح وهو التسري

وينعقد بإيجاب وقبول ـــــــــــــــــــــــــــــ وحينئذ فلا يلزم وجوبه إلا لو/ فرضنا المسألة بأنه ليس قادراً عليه ومع عدم القدرة عليه لابد في الوجوب من القدرة على المهر والنفقة وأن لا يخاف الجور أي: الظلم فإن خافه بحيث لا يمكنه الاحتراز عنه وإلا كره ولم ... منه لأنه ليس من صفاته الخاصة. تتميم: يندب تقديم خطبة قبل عقد النكاح وأن يكون طاهراً وإن ندب كونه في المسجد يوم الجمعة وأن يتولى العقد ولي رشيد، وأن يكون الشهود عدولاً وأن يستدين له والنظر إلى الزوجة قبله سنة، ويحترز الشهوة ما أمكن، وينبغي أن يتزوج صالحة معروفة النسب في الحسب والديانة وأن يتزوج ما من هي فوقه في الخلق والأدب والورع والجمال، ودونه في العز والحرمة والحسب والمال والسن والقامة، ويجتنب الحسناء في المنبت السوء، ولا يتزوج امرأة لعزها وحسبها ومالها وجمالها ولا يتزوج طويلة مهزولة ولا قصيرة ذميمة، ولا مكثرة ولا سيئة الخلق، ولا ذات ولد، ولا مسنة ولا زانية ولا أمة مع طول الحرة ولا حرة بلا ولي ويختار أيسرهن خطبة، ونكاح البكر حسن، هذا واختلف في كراهة الزفاف والمختار عدم كراهته، إذا لم يشتمل على مفسدة دينية، وفي ضرب الدف منه يعني بما خلا عن الجلاجل، وفي الغناء في العرس والوليمة، ومنهم من قال: بعدم الكراهة كذا في (الذخيرة) وينبغي للمرأة أن تختار الزوج الدين الحسن الخلق الجواد الموسر، والله الميسر. (وينعقد) أي: يثبت انعقاد ذلك العقد الخاص (بإيجاب وقبول) والانعقاد ارتباط أحد الكلامين بالآخر على وجه يسمى باعتباره عقداً شرعياً متعقباً لأحكامه وذلك بوقوع الثاني جواباً معتبراً محققاً لفرض الكلام السابق ويسمع كل واحد من المتعاقدين كلام صاحبه كذا في (الفتح) وفي البيوع منه قال: أي يثبت حكمه بالإيجاب والقبول ليلائم ما مر من تفسير العقد بمجموع الإيجاب والقبول فيما عين لا غير، كما قد يتبادر النهي وقال صدر الشريعة: العقد ربط أجزاء التصرف أي الإيجاب والقبول شرعاً أريد به هنا الحاصل بالمصدر وهو الارتباط وإنما قلنا هذا لأن الشارع يعتبر الإيجاب والقبول أركان عقد النكاح، لا أمور خارجية كالشرائط، وقد ذكرت في شرح (التنقيح) في فصل النهي: كالبيع فإن الشرع يحكم بالإيجاب والقبول الموجودين حساً يرتبطان ويحصل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثراً له، وذلك المعنى المركب من الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشيء لا أن البيع مجرد المعنى الشرعي والإيجاب والقبول آلة له كما توهم البعض، لأن كونهما أركاناً ينافي ذلك انتهى، والعقد في صدر كلامه بمعنى الانعقاد، والإيجاب لغة الإثبات وعرفاً الصيغة الصالحة لإفادة ذلك العقد بقيد كونها أولاً، والقبول من قبلت العقد

وضعاً للمضي، أو أحدهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ أقبله قبولاً مقيداً في العرف بكونه ثانياً من أي جانب كان، فما قيل الإيجاب صدر الصيغة الصالحة لتلك الإفادة خلاف الواقع من العرف المشهور مع أنه غير مانع لصدقة على القبول وبهذا عرف أنه لا يتصور تقديم القبول على الإيجاب فقول من قال: لو قدم القبول على الإيجاب بأن قال: تزوجت ابنتك فقال: زوجتها أي: ينعقد النكاح كما في (البحر) ينعقد ممنوع كونه من تقديم الإيجاب (وضعا) نبه بذلك على أن القبول لا يكون بالفعل فلو قال عند شاهدين: تزوجتك بألف فلم تقل شيئاً حتى أعطاها المهر في المجلس لا ينعقد وما أجاب به صاحب (البداية) من أنه ينعقد أنكره صاحب (المحيط) للمضي قيل: لأن الوضع لم يضع للإنشاء لفظاً خاصاً وإنما عرف بالشرع والماضي أدل على التحقق والثبوت، وقيل: إن هذا الصيغ أي: تزوجت وطلقت وأعتقت وبعت واشتريت وضعت لغة للإنشاء والإخبار لأن ذلك كان معروفاً في الجاهلية لتحقق الحاجة إليه لأن لهم أنكحة معتبرة قال عليه الصلاة والسلام: (ولدت من نكاح لا من سفاح) فقره الشرع كذا في (الدراية) أو وضع (للمضي) والآخرة لغيره مستقبلاً كالأمر. (أو) حالاً كالمضارع بناء على أنه موضوع له، أما الأول فكما إذا قال: زوجيني نفسك أو كوني امرأتي فقالت: زوجتك أو قبلت أو بالسمع والطاعة كما في (النوادر) وجزم به البزازي وادعى في (شرح الدرر) أن ما زعمه المصنف من أن الأمر إيجاب مخالف للكتب، بل هو توكيل كما في (الهداية) وهو مردود لوجهين الأول أن ما في (الكتاب) ليس نصاً في أنه إيجاب أن كون (أحدهما) للماضي يصدق بكون الثاني للحال، الثاني سلمناه لكن لا نسلم أنه مخالف لكلامهم كيف وقد صرح في (الخلاصة) و (الخانية) بأنه إيجاب وعبارته في (الخانية) ولفظة الأمر في النكاح إيجاب وكذا في الخلع والطلاق والكفالة والهبة قال في (الفتح): وهو أحسن لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ/ المفيد تحقق المعنى أو لا، وهو صادق على لفظة الأمر فليكن إيجاباً مستغن عما أورد من أنه لو كان توكيلاً لما اقتصر على المجلس، وجوابه بأنه في ضمن الأمر بالفعل فيكون قبوله تحصيل الفعل في المجلس، ثم قال: والظاهر أنه لابد من اعتباره توكيلاً وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول: بعت بلا جواب قال في (البحر): إنه يرد على كونه إيجاباً ما في (الخلاصة) لو قال الوكيل بالنكاح: هب ابنتك لفلان فقال الأب: وهبت لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت معللاً بأن الوكيل لا يملك التوكيل انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن في بيوع (الفتح) الفرق بين النكاح والبيع على أن الأمر إيجاب أن النكاح لا يدخله المساومة لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ومراجعات فكان للتحقيق، بخلاف البيع وما في (الخلاصة) مفرع على أنه توكيل كما دل عليه التعليل وينبغي على أنه إيجاب أن لا يحتاج إلى القبول وما في (الظهيرية) لو قال: هب بنتك لابني فقال: وهبت لا يصح ما لم يقل أبو الصغير قبلت مشكل إذا لا يصح أن يفرع على أن الأمر إيجاب كما هو ظاهر ولا على أنه توكيل لما أنه يجوز للأب أن يوكل بنكاح ابنه الصغير، إذ بتقريره يكون تمام العقد بالمجيب غير متوقف على قبول الأب بعد وبه اندفع ما في (البحر) من أنه مفرع على أنه توكيل وإذا كان التمام قائماً بالمجيب فقط فينبغي أن لا يشترط سماع الشاهد للأمر وعلى أنه إيجاب يشترط لكن في (المعراج) عن حميد الدين تفريعاً على أن الأمر توكيل إن قوله زوجت بمنزلة الإيجاب والقبول فيتحقق شطري العقد لكن قوله زوجت بمنزلة شطري العقد إلا بقوله زوجني لأنه به يصير وكيلاً، فصار كأنه شطر العقد انتهى. وهذا ظاهر في اشتراط سماع الشاهدين بلفظ الأمر قال في (البحر): ورأيت في (الظهيرية) ما يدل على عدم اشتراطه قال: في النكاح بالكتابة سواء قال: زوجي نفسك مني فبلغها الكتاب فقالت: زوجت أو كتب تزوجت فبلغها فقالت: زوجت نفسي منك، لكن في الوجه الأول لا يشترط إعلامه الشهود وفي الوجه الثاني يشترط، وأما الثاني وهو المضارع فإن كان مبدوءاً بالهمزة كأتزوجك أو بالتاء كتزوجني نفسك فقبلت انعقد إن لم يقصد به الاستقبال لتحقق الاحتمال في هذا بخلاف الأول. قال الإسبيجابي ولو قال: هل أعطيتنيها فقال: أعطيتك إن كان المجلس للوعد فوعد، وإلا فنكاح والانعقاد بقوله: أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمز كذا في (الفتح) ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كتزوجك أو نزوجك من ابني، وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمز، واعلم أن للإيجاب والقبول شرائط اتحاد المجلس فلو اختلف لم ينعقد بأن أوجب أحدهما فقام الآخر قبل القبول واشتغل بعمل آخر، ومنه ما لو عقدا وهما يمشيان ويسيران على دابة بخلاف ما لو كانا في سفينة، وعدم مخالفة القبول للإيجاب فلو قالت: قبلت النكاح لا المهر لم يصح كما في (البزازية) وغيرها بخلاف ما لو زوجت نفسها منه بألف فقبله بألفين أو بخمسمائة صح وتوقف لزوم الزيادة على قبولها في المجلس على ما عليه الفتوى، وسماع كل منهم كلام صاحبه على ما مر وأن يضيف النكاح إلى كلها أو ما يعبر به

وإنما يصح بلفظ النكاح، والتزويج، وما وضع لتمليك العين في الحال ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الكل كالرأس والرقبة بخلاف اليد والرجل وفي الظهر خلاف والأشبه بمذهب أصحابنا أنه ينعقد كذا في (الذخيرة) ورجحوا في الطلاق عدم الوقوع فيحتاج إلى الفرق والأصح في الإضافة إلى نصفها عدم الصحة احتياطاً كما في (الخانية) وفي (المحيط) زوج ابنته منه على أن يكون نصفها لفلان لا رواية في المسألة وقد قيل: إنه يجوز وإنه لا يجوز، وأن تعلم المنكوحة فلو زوج ابنته منه وله بنتان لا يصح إلا إذا كانت إحداهما متزوجة فينصرف إلى الفارغة كما في (البزازية) ولو كان له كبرى تدعى زينب وصغرى تدعى فاطمة أراد تزويج الكبرى غير أنه سماها باسم الصغرى غلطاً انعقد على الصغرى ولو كان لبنته اسمان تزوج بالذي تعرف به قال في (الظهيرية): والأصح عندي أنه يجمع بينهما، وفي اشتراط الفهم خلاف فلو عقداه بلفظ لا يفهمان أنه نكاح قيل: ينعقد وكذا في تمييز الرجل من المرأة حتى لو قال والد أحد الصغيرين زوجت ابنتي هذه من ابنك هذا وقبله الآخر ثم ظهر أن الجارية غلام والغلام جارية انعقد خلافاً لما ذكره العتابي، وخرج بالإيجاب والقبول الإقرار فلو قالت: هو زوجي وقال: نعم عندي شاهدين لم ينعقد هو المختار كما في (الخلاصة) ورجح في (الذخيرة) / انعقاد واختاره ابن الفضل. فرع: النكاح المضاف كقوله زوجتكها غداً غير صحيح، أما المعلق فإن كان على أمر مضى صح لأنه معلوم للحال، وعليه فرع ما لو خطبت ابنته فأخبر أنه زوجها من فلان قبل هذا فكذبه فقال: إن لم أكن زوجتها منه فقد زوجتها من ابنك وقبل الأبوين عند الشهود فبان أنه لم يكن زوجها من أحد صح النكاح كذا في (الفتح). (وإنما يصح) عقد النكاح (بلفظ النكاح والتزويج) بلا خلاف، (وما) أي: باللفظ الذي (وضع لتمليك العين في الحال) لأن نكاحه عليه الصلاة والسلام انعقد بلفظ الهبة إجماعاً دل على ذلك قوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} [الأحزاب: 50] الآية كذا في (غاية البيان) لكن في (المنبع) اختلف العلماء هل كانت عنده صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس: لم يكن وإنما ذاك على طريق الشرط والجزاء وقال غيره: بل كانت ثمن اختلفوا في اسمها فقيل: أم شريك وقيل: غيرها وخالصة يرجع إلى عدم المهر بقرينة العطف على المحللات المأتي أجورهن، قوله: {إنا أحللنا لك} [الأحزاب: 50] الآية والتعليل ينفي الحرج إذ ليس هو في ترك لفظ إلى غيره خصوصاً بالنسبة إلى أفصح العرب وجوز صدر الشريعة كونه متعلقاً بأحللنا قيداً في إحلاله أزواجه له لإفادة عدم حلهن لغيره صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه حال من المفعول أعني أزواجك وهذا أولى مما في (المنبع) من أنه حال من الضمير في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهبت قيد في حلها له لإفادة عدم حلها لغيره، لأن هذا الحكم لا يخصها ولأن الهبة سبب لملك المتعة وإطلاق السبب وإرادة المسبب من طرق المجاز، واعلم أن الألفاظ التي ينعقد بهما النكاح نوعان صريح وكناية فالصريح لفظ النكاح والتزويج ما عداهما وهو ما يفيد ملك العين في الحال كناية كذا في (المبسوط) وغيره، ومن ثم أورد كيف يصح بهذه الألفاظ مع اشتراط الشهادة فيه والكناية لابد فيها من النية ولا اطلاع للشهود عليها وأجيب بأنها ليست بشرط مع ذكر المهر قال السرخسي: ولأن كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال، وعلى هذا قالوا: لو طلب الزنا من امرأة فقالت: أجرت نفسي منك قيل: ينعقد وقيل: لا ينعقد وفي (الدراية) في تصوير الانعقاد بلفظ الإجارة عند من يجيزه أن يقول: أجرت نفسي منك ونوى به النكاح وأعلم الشهود. ولو قال أبو البنت وهبت بنتي منك، فإن كان الحال يدل على النكاح مع إحضار الشهود وتسمية المهر مؤجلاً أو معجلاً ينصرف إلى النكاح، وإن لم يدل الحال عليه فإن نوى وصدقه الموهوب له فكذلك وإن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة قال في (الفتح): والظاهر أنه إذا لم يدل الحال فلابد مع النية من إعلام الشهود وإذا عرف هذا فلا خلاف في انعقاده بلفظ الهبة والصدقة والجعل والسلم إن جعلت المرأة رأس مال السلم فلو كانت مسلماً فيها قيل: لا ينعقد لأن السلم في الحيوان لا يصح، وقيل: ينعقد لأنه إذا اتصل به القبض أفاد ملك الرقبة ملكاً فاسداً وليس كل ما يفسد المعنى الحقيقي للفظ يفسد مجازيه لعدم اشتراك المفسد فيها، والمنقول عن الإمام من انعقاده بكل لفظ يملك به الرقاب يؤيده، وعلى هذا فقولهم: الأصح انعقاده بلفظ البيع والشراء يعني ولو فاسداً وفي الصرف والقرض والصلح والرهن قولان وينبغي ترجيح انعقاده بالصرف عملاً بالكلية لما أنه يفيد ملك العين في الجملة، وبه ترجيح ما في (الصيرفية) من تصحيح انعقاده بالقرض وإن رجح في (الكشف) وغيره عدمه وجزم السرخسي بانعقاده بالصلح والعطية ولم يحك الإتقاني غيره ورجح في (الولوالجية) عدم انعقاده بلفظ الرهن وهو الموافق للكلية وجعله في (فتح القدير) من القسم الذي لا خلاف في عدم الانعقاد به والواقع ثبوته ففي (البناية) وفي الرهن اختلاف المشايخ وخرج بما وضع للتمليك ما لم يوضع أصلا كالفداء والإجزاء والفسخ والإقالة والكتابة والتمتع والإباحة والإحلال والرضى والإجارة بالرأي والوديعة والخلع. وأقول: وينبغي أن يقيد بما إذا لم تجعل بدل الخلع فإن جعلت كما إذا قال أجنبي: اخلع زوجتك ببنتي هذه فقبل صح أخذاً من قولهم لا ينعقد بلفظ الإجارة

عند حرين، أو حر وحرتين ـــــــــــــــــــــــــــــ في الأصح إن جعلت المرأة مستأجرة أما إذا جعلت بدل إجارة كما إذا قالت: استأجرت دارك هذه ببنتي هذه ينبغي أن/ لا يختلف في جوازه لأنه أضافه إليها بلفظ تملك به الرقاب وقيد بالتمليك بالعين أي: كلها احتراز عن الشركة فلا ينعقد بها كما في (الظهيرية) ولا بما يفيد ملك المتعة كالعارية، وخرج بقوله: في الحال الوصية لأنها توجب ملكاً مضافاً إلى ما بعد الموت، ولو صرح بالنكاح إلى ما بعد الموت لا يصح لأنه زمان زوال ملكه لا زمان ثبوته، وعن هذا قيد الكرخي المسألة بما إذا أطلق أو أضاف أما إذا قال: أوصيت لك ببنتي الآن انعقد لأنه حينئذ صار مجازاً عن التمليك وارتضاه غير واحد. قال في (الفتح): وينبغي أن لا يختلف في صحته حينئذ وخالفهم في (البحر) فقال: المعتمد الإطلاق لأن الوصية مجاز عن التمليك فلو انعقد بها لكان مجازاً عن النكاح والمجاز لا مجاز له، واعلم أن كل لفظ لا ينعقد به النكاح تثبت به الشبهة فيسقط به الحد ويجب لها الأقل من المسمى ومن مهر المثل، هذا ويرد على حصر المصنف ألفاظ ينعقد بها النكاح غير ما ذكر كراجعتك إن ذكر المال كما في (الخانية) زاد في (التجنيس) أو نوى الزوج وخصه بعضهم بالمبانة دون الأجنبية كرددتك واستحسنه في (فتح القدير) وعرستك نفسي كما في (الخانية) وفي (التاترخانية) لو قال لها: يا عرسي فقالت: لبيك كان نكاحاً قال بديع الدين: هذا خلاف ظاهر الرواية ولو قال له: زوج ابنتك مني فقال أبوها بمحضر من الشهود: ارفعها واذهب بها حيث شئت قال ابن الفضل يكون نكاحاً وجزم في (الولوالجية) بعدمه لاحتمال الوعد ولو قال: جئتك خاطباً فقال الأب: ملكتك كان نكاحاً، صرت لي أو صرت لك كان نكاحاً عند القبول، وقد قيل: بخلافه، ولو قال: زوجي نفسك مني فقالت بالسمع والطاعة فهو نكاح، وأجاب في (البحر) بأن العبرة في العقود للمعاني حتى في النكاح مما صرحوا به وهذه الألفاظ تؤدي معناه انتهى، يعني إن أراد لفظ النكاح والتزويج وما يؤدي معناهما. وفيه ما لا يخفى (عند حرين أو حر وحرتين) ظرف لينعقد وفيه إيماء إلى أن الشرط إنما هو حضور الشاهدين لا سماعهما وهو قول السعدي والإسبيجابي وعليه تفرع انعقاده بحضرة النائمين والأصمين وعامة المشايخ شرطوا السماع وهو الصحيح لأنه المقصود من الحضور، وقول الشارح بانعقاده بحضرة النائمين على الأصح دون الأصمين في المختار تحكم، لأن من قال بانعقاده بالنائمين قال بانعقاده بالأصمين كما في (التنجيس) كذا في (البحر).

عاقلين بالغين مسلمين، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: وقد يندفع التحكم بحمل النائمين على الوسنانين نعم حمل ابن وهبان القول بانعقاده بالنائمين على ذلك مما لا حاجة إليه وينبغي أن لا يختلف في انعقاده بالأصمين إذا كان كل من الزوج والزوجة أخرس لأن نكاحه كما قالوا ينعقد بالإشارة حيث كانت معلومة وفي (الخلاصة) يصلح أن يكون شاهداً في النكاح إذا كان يسمع انتهى، وعلى اشتراط الحضور فقط ينبغي أن لا يشترط سماعه ثم رأيته في (الخانية) قال: لا نص عن أصحابنا في النكاح بشهادة الأخرسين أما على قول القاضي الإمام السعدي لا شك أنه ينعقد لأن عنده الشرط حضور الشاهدين دون السماع وعلى قول غيره إذا كان يسمع كلام العاقدين ينبغي أن يصح وإن لم يكن أهلاً لأداء الشهادة انتهى، ثم المقصود من السماع إنما هو الفهم، ومن ثم شرطوا في انعقاده بحضرة السكارى أن يفهموا أنه نكاح وإن لم يذكروا بعد الصحو. قال في (الفتح): والذي أدين به نفي شهادة السكارى في النكاح وإن كانوا بحيث يذكرونه بعد الصحو، وقالوا: لو عقد بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم ينعقد في الأصح قاله الحدادي، وفي (الظهيرية) والظاهر أنه يشترط أن يفهما أنه نكاح وعلى هذا فما في (الخلاصة) لو تزوجها بالعربية والزوجان يعرفانها دون الشهود اختلف المشايخ والأصح أنه ينعقد انتهى، مفرع على اشتراط الحضور فقط أما على اشتراط السماع مع الفهم فينبغي أن لا ينعقد، بقي أنه لابد من فهمهما معاً كما جزم به في (الخانية) وعليه جرى الشارح لو كان أحدهما أصم أي: أخرس لم يسمع حتى صاح عليه صاحبه السامع أو غيره لم يجز، ولو سمع أحدهما كلام الزوج والآخر كلام المرأة ثم أعيد على الذي كان يسمع كلام المرأة لا يجوز عند العامة وقال أبو سهل: إن اتحد المجلس جاز ولابد أيضاً من تمييز المسموع كلامه عند الشاهد حتى لو سمع كلام امرأة من وراء جدار إن كان غيرها لا يصح وإلا صح ولو حاضرة اكتفي بالإشارة إليها وتوكيلها بالتزويج على هذا التفصيل ولو عقد لها الوكيل وهي غائبة فإن عرفها الشهود/ اكتفى بذكر اسمها إن علموا أنه أرادها وإلا فلا بد من ذكر اسم أبيها وجدها أيضاً ولا يشترط الخصاف شيئاً من ذلك، حتى لو قال: زوجت من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي صح قال السرخسي: والخصاف كبير في العلم يقتدي به، وخرج بالحرين ما إذا كان عبدين أو أحدهما مدبراً أو مكاتباً أو معتق بعض ثم وصفهما بقوله: (عاقلين بالغين مسلمين) احترازاً عما إذا كانا مجنونين أو صبيين أو كافرين، والمرأة مسلمة كما سيأتي قال الإسبيجابي: والأصل أن كل من صلح أن يكون ولياً فيه بولاية نفسه صلح أن يكون شاهداً فيه وقولنا بولاية

ولو فاسقين، أو محدودين، أو أعميين، أو ابني العاقدين، وصح تزوج مسلم ذمية عند ذميين، ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسه لإخراج المكاتب فإنه وإن ملك تزويج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بما استفاده من المولى انتهى. وهذا يقتضي عدم انعقاده بالمحجور عليه ولم أره، ثم الصبي والعبد وإن لم يكونا أهلاً للشهادة إلا أنهما أهل للتحمل حتى لو حضراه مع من تقبل شهادته ثم شهدا به بعد البلوغ والعتق جاز. واعلم أن صاحب (البدائع) قرر أن الإشهاد فيه إنما هو لدفع تهمة الزنا لا لصيانة العقد عن الجحود والتهمة تندفع بحضور من لا تقبل شهادته لأنه يظهر وينتشر بحضوره فإذا ظهر وانتشر تقبل الشهادة فيه بالتسامع فتحصل الصيانة قال في (البحر): ظاهره أن من لا تقبل شهادته إذا حضر ثم أخبر من تقبل شهادته جاز له الشهادة بالتسامع فليحفظ انتهى وفيه نظر. (ولو) كانا (فاسقين) لأن الفاسق من أهل الولاية القاصرة على نفسه بلا خلاف فصلح شاهداً على الانعقاد لأنه لا إلزام فيه فكانت الولاية قاصرة (أو) كانا (محدودين) في قذف وقد تابا وهذا القيد لابد منه وإلا لزم التكرار وانعقد بهما كما مر والفائت إنما هو ثمرة الأداء وليس الكلام فيها (أو) كانا (أعميين أو ابني العاقدين) بالإجماع غير أن شهادة الفرعين عند تجاحد الأصلين لا تقبل نعم لو كانا فرعين لواحد قبلت عليه لا له، واختلف الشيخان فيمن زوج ابنته بشهادة ابنيه ثم تجاحدا وكان الأب مع المدعي منهما قال أبو يوسف: لا تقبل وقال محمد: تقبل وهو الصحيح ولو مع الجاحد قبلت وعلى هذا الخلاف لو توكل عن غيره فشهد أبناء الوكيل على العقد فإن كانت حقوق العقد لا ترجع إليه قبلت عند محمد مطلقاً خلافاً لأبي يوسف، وإن كان ينكر قبلت كذا في (البدائع) وجعل في (الظهيرية) قول الإمام مع الثاني وفي (المحيط) زج ابنته فأنكرت الرضا فشهد أخواها وهما ابناه به لم تقبل اتفاقاً انتهى. وكأن الفرق لمحمد أن هذه شهادة للأب وفيما مر للأخت. (وصح تزويج مسلم) امرأة (ذمية عند الذميين) موافقين لها في دينها أو لا وهذا عند الإمام والثاني وقال محمد وزفر: لا يصح لأن السماع في النكاح شهادة ولا شهادة للكافر على المسلم فكأنهما لم يسمعا كلامه ولهما أن الشهادة شرطت فيه على اعتبار إثبات الملك له لو ردوه على محل ذي خطر لا على اعتبار وجوب المهر إذ لا شهادة تشترط للزوم المال، للزومه بدونها كالبيع ونحوه بخلاف ما إذا لم يسمعا كلامه لأن العقد ينعقد بكلامهما والشهادة عليه شرط وأجمعوا أن أداؤهما إنكار المسلم غير صحيح أما عند إنكارها فمقبول عندهما مطلقاً، وقال محمد: إن قالا

ومن أمر رجلاً أن يزوج صغيرته، فزوجها عند رجل، والأب حاضر صح، وإلا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان معنا مسلمين وقت العقد قبلت وإلا لا وعلى هذا الخلاف لو أسلما وأديا وعنه أنها لا تقبل مطلقاً وهو الصحيح من مذهبه كما في (البدائع) لأنها قامت على إثبات فعل المسلم أو على نكاح فاسد. (ومن أمر رجلاً أن يزوج صغيرته) الضمير راجع إلى من المستكن في قوله (فزوجها) راجع إلى الرجل (عند رجل) أو امرأتين (و) الحال أن (الأب حاضر صح) النكاح (وإلا) أي: وإن لم يكن الأب حاضراً (فلا) أي: لا يصح، والفرق أن الوكيل في النكاح سفير أي: رسول ومعبر بنقل عبارة الموكل فإذا كان من يعبر عنه حاضراً يجعل مباشراً للعقد لاتحاد المجلس ويكون الوكيل سفيراً ومعبراً فيبقى الزوج شاهداً ولا يمكن ذلك حال غيبته لاختلاف المجلس. قال في (النهاية): هذا التكلف غير محتاج إليه لأن الأب يصلح أن يكون شاهداً في النكاح فلا حاجة إلى نقل المباشرة من المأمور إلى الآمر حكماً، نعم يحتاج إليه فيما لو أمرت البالغة وليها بتزويجها فزوجها عند رجل فإن كانت حاضرة صح لا إن غابت وفي (العناية) وأرى أنه محتاج إليه أيضاً لأن الأب إذا كان حاضراً لا يصلح أن يكون شاهداً في نكاح أمريه لأن الوكيل سفير ومعبر فكان الأب هو المزوج ولا يجوز أن يكون الأب شاهداً، وقد يشكل عليه ما قالوه: لو زوج المولى عبده البالغ بحضرته صح/ ولا شك أنه المزوج حقيقة وقد جعلوه شاهداً لكن هذا أحد قولين قال المرغيناني: لا يجوز وهو الظاهر ويدل عليه ما جزموا به من أنه لو وكل رجلاً في تزويج عبده فزوجه الوكيل بحضرة واحد والعبد حاضر لم يجز ولو كانت مباشرة السيد فكاك الحجر لكانت مباشرة وكيله كذلك. وقيل في تزويج السيد ووكيله روايتان: نعم لو أذن له فزوج بحضرة المولى وواحد صح في الأصح والفرق لا يخفى على متأمل، واعلم أنه يلزم على ما في (النهاية) أن المأمور لو كان امرأة عقدت بحضرة الآمر وواحد أنه ينعقد، وأن الأب لو شهد ببلوغها وهي تنكر أن تقبل شهادته، وكذلك لو كان الآمر أخاً أو عماً فشهدا لها أو عليها وهي على ما مر لا قبل يعني إذا قال: أنا زوجتها أما إذا قال: هذه زوجته قبلت. فرع: بعث قوماً للخطبة فزوجها الولي بحضرتهم فالصحيح الصحة وعليه الفتوى لأنه لا ضرورة في جعل الكل خاطبين بل يجعل المتكلم فقط والباقي شهود كذا في (الفتح) لكن في (الخلاصة) المختار عدم الجواز والأول مختار الشهيد والله الموافق للصواب.

فصل في المحرمات

فصل في المحرمات حرم تزوج أمه، وبنته ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في المحرمات قدمنا أن من شرائط النكاح المحلية وقد أخرج الله عنها بعض بنات آدم بالنسبة إلى بعض بنيه ولتكاثر شعبها جعلها في فصل على حدة وأسباب الحرمة أنواع القرابة والمصاهرة والرضاع والجمع وعدم الدين السماوي والتنافي وإدخال الأمة على الحرة وأدخله الشارح في الجمع وجعله في (النهاية) و (المحيط) قسماً برأسه وظاهر صنيع المصنف يعطيه، وبه يتم الأقسام سبعة ذكرها المصنف في هذا الفصل على هذا الترتيب وبقي المطلقة ثلاثاً والمحرمة لحق الغير من نكاح أو عدة وأجاب في (البحر) بأنه ذكر الأول فيما تحل به المطلقة ولم يصرح بالحرمة لحق الغير لظهوره انتهى، والظاهر أن في قوله فيه: وينكح مبانة في العدة وبعدها إيماء إليه إذ قيد بمبانته لأن مبانة غيره لا ينكحها فيها وعرف منه المنع في المنكوحة بالأولى. (حرم تزوج أمه وابنته) أي: العقد عليهما وعلم من حرمة الوطء دواعيه بالأولى قال في (البحر): لو قال: حرم تزوج أصله لأفاد أن عين الأم ونحوها حرام كما هو المذهب المنصور عند أهل الأصول فإنه لا فرق في المحرمة بين تزويجه وتزويجها انتهى. وأقول: معنى حرمة العين خروجها من أن تكون محلاً للفعل شرعاً كما أن حرمة الفعل خروجه من الاعتبار شرعاً فلا ضرورة إلى اعتبار الحذف أو المجاز وأيضاً الحرمة تشعر بالمنع فمعنى حرمة الفعل أن العبد منع من اكتسابه وتحصيله فالعبد ممنوع والفعل ممنوع عنه وهذا كما يقال: لا تشرب هذا الماء وهو بين يديه ومعنى حرمة العين أنها منعت على العبد تصرفاً فيها فالعين ممنوعة والعبد ممنوع عنه وذلك كما إذا صببت الماء الذي بين يديه فهذا آكد وأبلغ كذا في (التلويح) وقرر السيرافي أن إقامة العين مقام الفعل ليس بمعنى أن يوصف في المحل بالحرمة بدلاً عن توصيف الفعل بها لأن استعمال لفظ الأسد في الشجاع بدل عن استعماله في المفترس فيكون مجازاً بل معنى أن توصف العين بالحرمة حقيقة لكن المقصود منه إفادة حرمة الفعل ونفيه بالطريق الأولى لأنه يتصور بدون المحل فإذا انتفى المحل كان الفعل بالانتفاء أولى وبالمنع أحرى، فهذا كالكناية أريد بها الموضوع له لكن لا

وإن بعدتا، وأخته، وبنتها، وبنت أخيه، وعمته، وخالته، ـــــــــــــــــــــــــــــ لذاته بل لينتقل إلى لازمه فلا يكون من المجاز في شيء وفي (التحرير) وادعى فخر الإسلام وغيره من الحنفية الحقيقة بقصد إخراج المحل عن المحلية تصححه بادعاء تعارف تركيب منع العين لإخراجها عن محليته بالفعل المتبادر لا مطلقاً وفيه زيادة سبب العدول عن التعليق بالفعل إلى التعليق بالعين انتهى، وكأن المصنف إنما صرح بالتزويج بناء على ما هو المتبادر ثم هذا المصدر يجوز أن يكون مضافاً إلى فاعله أيضاً والظاهر أن الموجب يكون مرتكباً للنهي عن القائل ولم أره لهم (وإن بعدتا) أي: الأم والبنت وفيه إيماء إلى أن الجدة وإن علت وبنت وإن سفلت أم وبنت فيتناولهما، وقوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} [النساء: 23] بطريق الوضع، إذ الم هي الأصل لغة، والبنت الفرع فتكون الأم والبنت حينئذ من المشكل، أو أن ذلك من عموم المجاز والمعروف لإرادة ذلك في النص الإجماع على حرمتهن والاستدلال على ذلك بالإجماع وبدلالة النص المحرم للعمات والخالات وبنات الأخ والأخت لا يلائم ما في (الكتاب) وعم كلامه البنت من الزنا بأن زنا ببكر فأمسكها حتى ولدت بنتاً لما تلونا إذ هي بنته لغة والخطاب إنما هو باللغة/ العربية ما لم يحصل نقل وبه علم أن الإتيان بهذه الجملة، أعني {حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء: 23] بعد قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22] مع أن الأم ليست إلا منكوحة الأب ليس إلا الإفادة تحريم الأم على ابن لا أب له كما إذا زنا بامرأة فجاءت بولد، فهي أمه لا منكوحة أبيه؛ لأن أب حكماً عندنا وإن لم يكن شرعاً بدليل أنه لا تقبل شهادة أحدهما للآخر، ولا يجوز لأحدهما أن يدفع زكاته للآخر فلم يبق إلا إفادة أن عين الأم حرام وهو أولى من التأكيد فتدبره، وكذا تحرم أخته وبنت أخيه وأخته وابنه من الزنا، وقالوا: إن لولد الملاعنة حكم البنت فلو لاعن فنفى القاضي نسبها من الرجل وألحقها بالأم لا يجوز أن يتزوجها لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها كذا في (الفتح)، قال في (البحر): وقد يقال ثبوت حرمتها لا باعتبار هذا التكلف بل باعتبار أنها ربيبته وقد دخل بأمها انتهى. وأقول: ثبوت اللعان لا يتوقف على الدخول بأمها وحينئذ فلا يلزم أن تكون ربيبته (و) حرم أيضاً تزوج (أخته وبنتها وبنت أخيه) لقوله تعالى: {وأخواتكم} [النساء: 23] لا فرق في ذلك بين الأشقاء وغيرهم؛ لأن جهة الاسم عامة وهذا لأن اسم الأخت مثلاً وضع لذات باعتبار حلولها ما حلته الأخرى من صلب فكان حقيقة في الكل بالتواطؤ. (و) حرم أيضاً تزوج (عمته وخالته) لقوله تعالى: {وعماتكم وخالاتكم}

وأم امرأته وبنتها إن دخل بها وامرأة أبيه وابنه وإن بعدا، ـــــــــــــــــــــــــــــ [النساء: 23] وإطلاقه يعم المتفرقات وغيرهن وأما عمة العمة وخالة الخالة فإن كانت العمة القربى لأمه لا تحرم، وإلا حرمت وإن كانت الخالة القربى لأبيه لا تحرم وإلا حرمت لأن أب العمة حينئذ يكون زوج أم أبيه فعمتها أخت زوج أم الأب، وأخت زوج الأم لا تحرم فأخت زوج الجدة أولى، وأم الخالة القربى تكون امرأة الجد أب الأم، فأختها أخت امرأة أب الأم وأخت امرأة الجد لا تحرم. (و) حرم أيضاً تزوج (أم امرأته وبنتها إن دخل بها) لقوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في جحوركم} [النساء: 23] الآية قال في (المغرب): حجر الرجل بالفتح والكسر حضنه وهو ما دون إبطه إلى الكشح، ثم قالوا فلان في حجر فلان، أي: في كنفه ومنعته كما في الآية انتهى. إما أنه خرج مخرج الغالب أو ذكر للتشنيع عليهم وشرطه الدخول؛ لأن قوله تعالى: {اللاتي دخلتم بهن} [النساء: 23] صفة لقوله: {من نسائكم} [النساء: 23] ولا يجوز أن يكون صفة للأمهات أيضاً. قال الشارح: ويدخل في الربائب بنات الربيبة والربيب لأن الاسم يشملهن بخلاف حلائل الآباء والأبناء، لأن الاسم خاص بهن فلا يتناول غيرهن انتهى. فلا تحرم بنت زوجة الابن ولا بنت ابن زوجة الابن ولا بنت زوجة الأب ولا بنت ابن زوجة الأب. (و) حرم أيضاً تزوج (امرأة أبيه) لقوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 23] عدل عن من لأنه أريد به الصفة، أي: المنكوحة أو الزوجة، وقيل: ما صدر به على إرادة المفعول، أي: المنكوحة وأورد أن الآية استدل بها المشايخ على ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا على إرادة الوطء بالنكاح معنى وبتقديره فلا دلالة على إرادة الحكم المطلوب هنا، أعني: الحرمة بنفس العقد إلا أن يراد بالنكاح معنى مجازي يعم العقد والوطء ولك النظر في تعيينه لكنه يحتاج إلى دليل يوجب اعتباره في المجازي كذا في (الفتح)، ولو اشترى أمة من ميراث أبيه كان له وطؤها حتى يعلم أن الأب وطئها ولو بإخبار الأب حيث كانت ملكه لا إن كانت في غير ملكه فلو تزوج بكراً فوجدها مفضاة وادعت أن أباه أفضاها إن صدقها بانت منه بلا مهر وإلا لا كذا في (المحيط). وحرم أيضاً تزوج امرأة أبيه (وابنه وإن بعدا)، أي: الأب والابن لقوله تعالى: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} [النساء: 23] بناء على أن الحليلة مأخوذة من الحل بكسر الحاء لكنه يقصر عن إفادة حرمة الموطوءة بملك اليمين أو بشبهة أو الزنا واعتبارها من حلول الفراش أو حل الإزار، يقصر أيضاً عن إفادة حرمة المعقود

والكل رضاعاً، والجمع بين الأختين نكاحاً ووطئاً بملك يمين فلو تزوج أخت أمته الموطوءة لم يطأ واحدة منهما حتى يبيعها ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها. قال في (الفتح): فيجب اعتباره في الأعم من الحل والحل ثم يراد بالأبناء الفروع فتحرم حليلة الابن السافل على الجد الأعلى، قال في (البحر): والظاهر أن المراد بها الزوجة كما في (المغرب)، وحرمة الموطوءة غيرها بدليل آخر وذكر الأصلاب في الآية لإسقاط حليلة المتبني لا لإحلاله حليلة الابن برضاها. (و) حرم أيضاً تزوج (الكل) أي: جميع ما ذكر تحريم تزوجه نسباً، (رضاعاً) أي: من جهة الرضاع لما أخرجه الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) والمناسب في معنى من هنا أن تكون للسببية ولم يستثن شيئاً إحالة على ما سيأتي في الرضاع وسنستوفيه ثمة إن شاء الله/ تعالى. (و) حرم أيضاً (الجمع بين الأختين) نسباً ورضاعاً حتى لو تزوج أختين رضاعاً فالنكاح فاسد، ومن هنا قال (البحر): لو قدموا حرمة الجمع على قولهم والكل رضاعاً لكان أولى، (نكاحاً) أي: عقداً بأن عقد عليهما (ووطئاً بملك يمين) تمييز أن النسبة إضافية والأصل بين نكاح أختين أو وطئهما لقوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين} [النساء: 23] إذ التحريم المذكور في أول الآية أضيف بواسطة العطف إلى الجمع وهو أعم من كونه عقداً أو وطئاً كذا في (الفتح)، وقد يقال: إنه أعم لكن لابد أن يكون المعنى بين نكاح أختين، وعليه فيلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد فلو قبل إحداهما حرم عليه وطء واحدة منهما حتى يحرم فرج الأخرى بتمليك أو نكاح أو عتق، ودل كلامه على جواز الجمع ملكاً. (فلو تزوج) أي: نكح نكاحاً صحيحاً (أخت أمته الموطوءة) حرة كانت أو أمة، قيد بالتزوج لأنه لو اشترى أخت أمته الموطوءة جاز له وطء الأولى وخرج الفاسد فلا تحرم إلا بالوطء، وقيد بالموطوءة لأن غيرها لا تحرم المنكوحة، ولو لم يدخل بالمنكوحة حتى اشترى أختها حرمت المملوكة فقط، (لم يطأ) أي: لا يجوز له أن يطأ (واحدة منهما) أي: من الموطوءة والمنكوحة (حتى يبيعها) أي: يفعل بها ما به يحرم وطؤها عليه من بيع كل أو بعض أو هبة مع تسليم أو عتق أو كتابة أو تزوج فالبيع مثال، ولو قال: حتى يحرمها على نفسه لكان أولى، وخرج به ما لو رهنها أو أجرها أو دبرها أو أحرمت أو حاضت أو نفست لئلا يكون جامعاً بينهما وطئاً، وإن لم يكن وطء المنكوحة لأنها موطوءة بدليل ثبوت نسب ولدها بمجرد العقد، ولم أر

ولو تزوج أختين في عقدين، ولم يدر الأول فرق بينه ونبيهما، ولهما نصف المهر، ـــــــــــــــــــــــــــــ في كلامهم ما لو باعها بيعاً فاسداً أو وهبها كذلك وقبضت، والظاهر أنه يحل وطء المنكوحة، قيل: كان ينبغي عدم صحة النكاح حتى يحرم الأمة على نفسه؛ لأن به يصير جامعاً وطئاً، أما في المنكوحة فلما مر، وأما في الأمة فلأن حكم الوطء الأول قائم حتى ندب له عند إرادة بيعها استبراؤها وأجاب الشارح وغيره أنه بنفس العقد لا يكون جامعاً، بل بعد تمامه ليثبت حكمه وهو حل الوطء وحكم الشيء يعقبه، ورده في (فتح القدير) بأنه وإن كان ليس جامعاً في نفسه ولكنه يستلزمه حيث كان هو حكمه، وهو لازم باطل شرعاً وملزم الباطل باطل فاختار في الجواب أن هذا اللازم بيده إزالته فليس لازماً على وجه اللزوم فلا يضر بالصحة لكنه منع من الوطء بعد لقيامه إذ ذاك. (ولو تزوج أختين) ليس بقيد بل كل من لا يجوز جمعه من المحارم كذلك (في عقدين) قيد به لأنهما لو كانا في عقد واحد بطلا، وقيد في (المحيط) بأن لا تكون إحداهما مشغولة بنكاح الغير أو عدته فإن كانت صح نكاح الفارغة كما لو تزوجت بزوجين في عقد واحد وأحدهما متزوج بأربع حيث تكون زوجة للآخر، (ولم يدر الأول) أي: لم يعلم السابق منهما، قال في (البحر): لو قال في عقدين معاً ولم يدر الأول لكان أولى لأنه لو وكل رجلاً بأن يزوجه ثم آخر كذلك فزوجاه منفردين أختين رضاعاً ووقعا معاً بطلاً كذا في (الذخيرة). أقول: كيف يتم هذا مع قوله (ولهما نصف المهر) وهذا لأن الباطل لا مهر فيه، وقيد بعدم علم الأول لأنه لو علم بطل الثاني فقط وحل له وطء الأولى إلا أن يطأ الثانية فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة كما لو وطأ أخت امرأته بشبهة حيث تحرم امرأته. وفي (الدراية): عن (الكامل) لو زنا بأحد الأختين لا تعرف المنكوحة حتى تحيض المزنية حيضة واستشكله في (فتح القدير)، ووجهه في (البحر) بأن ماء الزنا لا اعتبار له ولذا لو زنا بامرأة رجل لم تحرم عليه، وجاز له وطؤها عقب الزنا. وأقول: يشكل عليه ما في (نظم ابن وهبان): ولو زنت امرأة حرمت على زوجها حتى تحيض وتطهر وعزاه في (الشرح) إلى (النتف) معللاً باحتمال علوقها من الزنا فلا يسقي ماؤها زرع غيره إلا أن يدعي ضعفه وسيأتي أن الموطوءة بالزنا يحل

وبين امرأتين أية فرضت ذكراً حرم النكاح، ـــــــــــــــــــــــــــــ وطؤها بالنكاح من غير استبراء عندهما، وقال محمد: لا أحب أن يطأها من غير أن يستبرئها فرق القاضي بينه وبينهما ولو لم يعلم افترض على الزوج ذلك دفعاً للمعصية بقدر الإمكان وينبغي أن يكون معنى التفريق من الزوج إن لم يطلقهما ولم أره وهذا لأن نكاح أحدهما باطل بيقين إذ لا وجه إلى التعيين لعدم الأولوية ولا إلى التنفيذ مع التجهيل لعدم الفائدة من عدم حل الاستمتاع ولزوم مواجب النكاح مع عدم حصول المقصود منه فتعين التفريق. قال في (الفتح): والظاهر أنه طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة، ولو تزوجها بعد ذلك فإن وقع قبل الدخول فله أن يتزوج أيهما/ شاء للحال أو بعده فليس له أن يتزوج بواحدة منهما حتى تنقضي عدتها فإن انقضت عدة واحدة له أن يتزوج بالتي لم تنقض عدتها، أو دخل بإحداهما كان له أن يتزوج بها في الحال دون الأخرى ولهما نصف المهر قيده الهندواني بأن تدعي كل منهما أنها الأولى ولا بينة أو يصطلحا عليه، فإن قالتا: لا ندري لم يقض لهما بشيء وتنصيفه فرع وتسميته فلو لم يكن مسمى وجب لهما متعة واحدة ولم يقل بالسوية بينهما إيماء إلى أنهما لو كانا مختلفين قضى لكل واحدة بربع مهرها ومعلوم أن هذا حكم الفرقة قبل الدخول فلو كانت بعده كان لكل واحدة مهر كامل وفي النكاح الفاسد يقضي بمهر كامل وعقر كامل قال في (الفتح): ويجب حمله على ما إذا اتحد المسمى لهما قدراً وجنساً، فإن اختلفا تعذر إيجاب العقر إذ ليست إحداهما أولى، لجعلها ذات العقر من الأخرى، لأن فرع الحكم بأنها الموطوءة في النكاح الفاسد، هذا مع أن الفاسد ليس حكم الوطء فيهما، إذا سمي فيه العقر بل الأقل من المسمى مهر المثل انتهى. (و) حرم أيضاً الجمع (بين امرأتين) بنكاح أو ملك يمين وطئاً أية أي: (أية) امرأة منهما (فرضت ذكراً حرم النكاح) بينهما كالمرأة وعمتها إذ لو فرضت المرأة ذكراً حرم عليه نكاح عمته أو العمة كذلك حرم عليه نكاح بنت أخيه فحرم الجمع لما روى أبو داوود في (مراسيله) عن عيسى بن طلحة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة) وخرج بقوله أية إلى آخره أنها لو حرمت بتقدير وحلت بآخر لم تحرم كالجمع بين المرأة وبنت زوجها أو امرأة ابنها والجمع بين الأمة وسيدتها والأمة متقدمة إذ لو فرضت السيدة ذكراً لم تحرم بخلاف العكس وحكى في (القنية) في هذا قولاً شاذ بالتحريم قال في (البحر): نظراً إلى أن المراد بالحرمة في قوله حرم النكاح مطلقها والأول بناء على أن المراد بها المؤبدة وبها خرج الجمع بين الأمة وسيدتها لأنها مؤقتة وأقول: الظاهر أن هذا القول له التفات إلى أن الحرمة

والزنى، واللمس، ـــــــــــــــــــــــــــــ من أحد الجانبين كافية كما قال زفر فحرم الجمع بين المرأة وبنت زوجها إلا بالنظر إلى التأبيد وعدمه (والزنا) وهو وطء مكلف في قبل مشتهاة خال عن الملك وشبهته قيد به وإن كان وطء المنكوحة فاسداً أو المشتراة كذلك والأمة المشتركة والكتابية وزوجته الحائض والنفساء والمظاهر منها يوجب كل منهما حرمة المصاهرة أيضاً لأنه محل الخلاف وفيه إيماء إلى أن الوطء غير المكلف لا يوجب حرمة المصاهرة حتى لو جامع ابن أربع سنين زوجة أبيه لا تثبت الحرمة لعدم اشتهائه كذا في (الفتح) قال في (البحر): وظاهره اعتبار السن الآتي في حد المشتهاة أعني تسع سنين انتهى. وأقول: التعليل بعدم الاشتهاء يفيد أن من لا يشتهي لا تثبت الحرمة بجماعه ولا خفاء أن ابن تسع سنين عارض بل لابد أن يكون مراهقاً ثم رأيته في (الخانية) قال: الصبي الذي يجامع مثله كالبالغ قالوا: وهو أن يجامع ويشتهي وتستحي النساء من مثله وهو ظاهر في اعتبار كونه مراهقاً لا ابن تسع ويدل عليه ما في (الفتح) مس المراهق كالبالغ. وفي (البزازية): المراهق كالبالغ حتى لو جامع امرأته أو لمس بشهوة تثبت حرمة المصاهرة وإلى أن الوطء في الدبر لا يوجبها أيضاً هو الأصح ومن ثم قالوا لو أفضاها لم تحرم عليه أمها لعدم تيقن كونه في الفرج إلا إذا حملت وعلم كونه منه وقد يقال: إذا كان المس بشهوة تنتشر لها الآلة محرماً يجب القول بالتحريم إذا أفضاها ولم ينزل والجواب أن العلة هي الوطء المسبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا كونه سبباً لهذا ولم يتحقق في صورة الإفضاء ذلك كذا في (الفتح) وإلى أن وطء غير المشتاة لا يوجبها وما دون تسع غير مشتهاة على ما عليه الفتوى وفي (المعراج) بنت خمس سنين غير مشتهاة اتفاقاً وفيما بين الخمس والتسع اختلاف الرواية والمشايخ والأصح أنها لا تثبت الحرمة ويكفي كونها مشتهاة ولو ماضياً وفي (الخلاصة): قيل لرجل: ما فعلت بأم امرأتك؟ فقال: جامعتها تثبت الحرمة ولا يصدق أنه كذب وإن كان هازلاً والإصرار ليس بشرط في الإقرار بحرمة المصاهرة وفي (المحيط): لو قال: وطئت جاريتي لا تحل لابنه وإن كان في غير ملكه تحل إن كذبه لأن الظاهر يشهد له (واللمس) أي: من لمس بدن المشتهاة ولو بحائل لا يمنع من وصول الحرارة ولمسها له كذلك في لمس الشعر روايتان وظاهر ما في (الخانية) ترجيح أنه ليس من البدن حيث قال: لو مسه، قالوا: لا تثبت حرمة المصاهرة وفي الكيسانيات تثبت وبه جزم في (المحيط) وخصه في (الخلاصة) بما على الرأس بخلاف/ المسترسل وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمل القولين، فينبغي أن

والنظر بشهوة ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون الخلاف في لمسها لشعره كذلك ولم أره وإطلاقه يعم الناسي والعامد والمكره والمخطئ حتى لو أيقظ زوجته أو أيقظته لجماعها فوقعت يده على بنته المشتهاة أو يدها على ابنه من غيرها، حرمت عليه زوجته حرمة مؤبدة كذا في (الفتح) وقيد بابنه من غيرها ليعلم ما إذا كان منها بالأولى. (والنظر) إلى الفرج الداخل في ظاهر الرواية وبه يفتى وإنما يتحقق ذلك إذا كانت منكبة. واكتفى الثاني بالنظر إلى منابت الشعر وقال محمد: لابد من النظر إلى الشق وصححه في (الخلاصة) وهذا الخلاف يفيد الاتفاق على أن النظر إلى غيره من الأعضاء لا عبرة به وهو ظاهر ما في (الذخيرة) وغيرها فإطلاق المصنف في غير محزه وشمل إطلاقه النظر من وراء زجاج بخلافه في المرآة والماء لأن المرئي فيهما مثاله لا هو ولذا لو كانت في الماء فرأى فرجها فيه تثبت (بشهوة) في موضع الحال نبه بذلك على أن الشهوة يشترط وجودها حال المس والنظر فلو وجدا خاليين عنها فنشأت عنهما لا يحرم. وحدها أن تنتشر آلته إن لم تكن منتشرة وتزداد انتشاراً إن كانت هو الصحيح قال في (الخلاصة): وبه يفتى، وقيل أن يشتهي قبلة إن لم يكن مشتهياً أو يزداد إن كانت انتشرت أو لا وصححه في (التحفة) و (المحيط) قال الإتقاني: وعليه الاعتماد وأثر الخلاف يظهر في الشيخ الكبير والعنين فعلى الأول لا تثبت وعلى الثاني تثبت كذا في (الذخيرة)، لكن قيد في (النهاية) القول بالشباب أما الشيخ والعنين فحد الشهوة فيه تحرك القلب أو زيادة تحركه إن كان متحركاً وهذا يفيد الاتفاق على ثبوت الحرمة منهما فأثر الخلاف إنما يظهر في الشباب إذا مال قلبه ولم تنتشر آلته فعلى الأول لا تثبت وعلى الثاني تثبت نعم حكى ابن مقاتل الرازي أنه كان لا يعتبر تحرك القلب بل تحرك الآلة فعلى هذا لا تثبت في الشيخ الكبير والعنين الذي ماتت شهوته. قال في (الجوهرة): النظر إلى الفرج لا يشترط فيه تحرك الآلة وهو الصحيح وعليه الفتوى بقي أن هذا الحد إنما هو في حقه وقد أغفلوه في حقها مع أن وجود الشهوة من أحدهما كاف. قال في (الفتح): وأقله تحرك القلب على وجه يتشوش الخاطر فإن دعتها وأنكر صدق إلا إذا كان المس على الفرج والتقبيل على الفم قاله الحدادي. وفي (الفتح) يتراءى إلحاق الخدين بالفم وفي (البزازية) أخذ ثديها أو ركب معها على دابة أو قام إليها منتشراً أو عانقها وقبلها وزعم عدم الشهوة لا يصدق وهل تقبل الشهادة عليها بالشهوة؟ فقيل: لا تقبل وإليه مال ابن الفضل وهو المختار كما في

يوجب حرمة المصاهرة، وحرم تزوج أخت معتدته، وأمته، وسيدته، والمجوسية، ـــــــــــــــــــــــــــــ (التجنيس) وقيل: تقبل وإليه مال البزدوي وهكذا ذكر محمد في نكاح (الجامع) لأن الشهوة مما يوقف عليها في الجملة إما بتحرك العضو أو بآثار أخرى ممن لا يتحرك بعضوه وعلى هذا الخلاف نظره إلى فرجها أو نظرها إلى فرجه بشهوة (يوجب) كل منهما (حرمة المصاهرة) مقيد في اللمس بأن لا ينزل فإن أنزل لا يثبت في (المختار) وعليه الفتوى لأنه بالإنزال تبين أنه غير مفض إلى الوطء وليس المراد أنه بالإنزال ترتفع الحرمة، بل الأمر موقوف إلى ظهور عاقبته إن ظهر أنه لم ينزل حرمت وإلا لا وظاهر أن حرمة المصاهرة عبارة عن حرمة الموطوءة على أصول الزاني وفروعه نسباً ورضاعاً وحرمة أصولها وفروعها على الزاني كذلك قال في (البحر): ولو قال: يوجب المحرمية لكان أولى لما في (الخانية): زنا بامرأة كان محرماً لابنتها لأنه حرم عليه نكاحها على التأبيد وهذا دليل على أن المحرمية تثبت بالوطء الحرام وبما يوجب حرمة المصاهرة انتهى. ولا يخفى أن الكلام في محرمات النكاح (وحرم تزوج أخت معتدته) وكذا سائر محارمها فإن أثر النكاح قائم فلو جاز للزم الجمع أطلق في المعتدة فشمل المعتدة عن بائن أو رجعي أو تفريق بعد نكاح فاسد أو إعتاق أم ولده أو عبده خلافاً لهما ولا يرد ما لو ارتدت وبدار الحرب لحقت قبل انقضاء العدة حيث يجوز تزوج أختها لأنها ليست في هذه الحالة بمعتدة إذ لا عدة عليها من مسلم للتباين فإن عادت مسلمة بعدما تزوج أختها لم يفسد النكاح أو قبله كان له التزوج عند الإمام لأن الساقط لا يعود سبب جديد خلافًا لهما ولو أخبر عن مطلقته بانقضائها والمدة لا تحتمله ليس له التزوج إلا أن يفسره بإسقاط مستبين الخلق بخلاف ما إذا احتمله ولو كذبته في الإخبار فتزوج بأختها ومات فإن كان الإخبار في صحته في الميراث للثانية ولو كان الطلاق رجعياً/ وإلا فللثالثة. (و) حرم أيضاً تزوج (أمته) ولو كان له فيها جزاء للإجماع على بطلانه لكن في (المضمرات): لو فعل ذلك تنزهاً عن وطئها حراماً على سبيل الاحتمال كان حسناً لاحتمال أن تكون حرة الأصل أو معتوقة الغير أو محلوفاً بعتقها. وقد حنث الحالف وكثيراً ما يقع إذا تداولتها الأيدي (وسيدته) ولو قل جزؤها فيه للتنافي كما قالوا، وبينه السروجي بأن مقتضى الزوجية قيام الرجل على المرأة بالحفظ والصون والتأديب لإصلاح الأخلاق والاسترقاق يقتضي قهر السادات للعبيد بالاستيلاء والاستهانة فتعذر أن تكون الزوجة سيدة. (و) حرم أيضاً تزوج (المجوسية) نسبة إلى مجوسي وهم عبدة النار وعدم

والوثنية، وحل تزوج الكتابية، ـــــــــــــــــــــــــــــ جواز نكاحهم ولو بملك يمين وهو قول الصحابة وفقهاء الأمصار وعليه أجمع الأئمة الأربعة لخبر: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم) قال المطرزي: أي اسلكوا بهم طريقتهم يعني عاملوهم معاملتهم في إعطاء الأمان بأخذ الجزية منهم وغير نصب على الحال وما قيل من أنهم كان لهم كتاب فواقع ملكهم أخته فأسرى به فنسوه رد بأن العبرة للحالة الراهنة على أنه في (القاموس) قال: مجوس كصبور صغير الأذنين وضع ديناً ودعا إليه. (و) حرم أيضاً تزوج (الوثنية) نسبة إلى عبادة الوثن وهو ما له جثة أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت والجمع أوثان والصنم صورة بلا جثة هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة، وقيل: لا فرق وقيل: يطلق الوثن على غير الصورة كذا في (البناية)، وحرمة نكاحها بالإجماع والنص ويدخل في عبدة الوثن عبدة الشمس والنجوم والصور المستحسنة والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية وكل مذهب يكفر به معتقدة لأن اسم الشرك يتناول الكل. وأما المعتزلة: فتجوز مناكحتهم لأنا لا نكفر أحداً من أهل القبلة وإن وقع إلزاماً في المباحث بخلاف من خالف القواطع المعلومة من الدين بالضرورة كالقائل بقدم العالم ونفي العلم بالجزئيات على ما صرح به المحققون. أقول: وكذا القول بالإيجاب بالذات ونفي الاختيار كذا في (الفتح) قال في (البحر): إن من اعتقد مذهباً بكفره إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك وإن طرأ عليه فهو مرتد (وحل تزوج الكتابية) ولو حربية لقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} [المائدة: 5] أي: العفائف واعترض بأنهم مشركون لقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله} إلى قوله: {سبحانه عما يشركون} [التوبة: 30] ومن ثم جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه جواز عدم نكاحهم وأجيب بأن الله تعالى عطفهم على المشركين في قوله: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} [البينة: 1] والعطف يقتضي المغايرة فإن قلت: اتخاذهم ما ذكر أرباباً صريح في شركهم قلت: إنما كانوا يعظمونهم تعظم الأرباب فشبه ذلك باتخاذهم إياهم أرباباً ثم حذف المشبه وذكر المشبه به استعارة تصريحية وقوله: {عما يشركون} تصريحية تبعية وذلك أنه شبه اتخاذهم بالأحبار والرهان أرباباً بشرك المشركين وسرى ذلك إلى الفعل ثم حذف المشبه وذكر المشبه به كذا في (العناية) وتعقبه في (الحواشي السعدية) بأنه إنما

والصابئة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يصار إلى المجاز في الآية لو كانت دلالة العطف على المغايرة أقوى من دلالته على الاتحاد مع أن قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} [المائدة: 73] يدل على أنهم مشركون فتقدير (النهاية) أوضح حيث قال: وعلم من العطف أن الاشتراك صار مغلوباً منهم ولم يلتفت لوجوده انتهى. بقي أن إطلاق المصنف يقتضي جواز النكاح وإن قال: إن الله تعالى ثالث ثلاثة وهو اختيار السرخسي وعلى هذا حل ذبحيته لكن في (المستصفى) قالوا: هذا إذا لم يعتقد المسيح إلهاً أما إذا اعتقدوه فلا يوافقه ما في (مبسوط شيخ الإسلام): يجب أن لا تؤكل ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيزاً إله وأن لا تزوجوا نساءهم، قيل: وعليه الفتوى. واعلم أن من اعتقد ديناً سماوياً وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم، كذا في (الشرح) وفي (الدراية) الأولى أن لا يفعل ذلك إلا لضرورة وما في (الخانية) من كراهة تزوج الكتابية إذا كانت حربية محمول على التنزيه، يتحتم للمسلم منع زوجته الذمية من/ الخروج إلى الكنائس واتخاذ الخمر في منزله أما شربها منه فلا لأنه حلال عندها كذا في (الخانية) لكن المذكور في ظهار (البزازية) أن له المنع كالمسلمة إذا أكلت الثوم أو البصل أو ما ينشف الفم لأن القبلة حقه وذلك يخل بها لو يكرهه. (و) حل أيضاً تزوج (الصائبة) من صبأ إذا خرج من الدين وهم قول خرجوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الكواكب، وفي (الصحاح) أنهم من أهل الكتاب كذا في (العناية) فقيل: من اليهود كالسامرة وعليه السدي وقيل: من النصارى كذا في (البناية) وظاهر صنيع المصنف يعطي أنهم من أهل الكتاب إذ لا تحل مناكحة غيرهم، وعطفهم على أهل الكتاب من قبيل عطف الخاص على العام فقول صاحب (الهداية) إن كانوا يدينون بدين نبي ويقرون بالكتاب لأنهم من أهل الكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم يجز مناكحتهم ليس تقييداً لإطلاق ما في (الكتاب) كما توهمه في (البحر) بل هو تمهيد لقوله والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم وأراد به ما حكي عن الإمام من حل نكاحهم بناء على تفسيرهم بالشق الأول وحكى عنهما الحرمة بناء على تفسيرهم بالشق الثاني نعم ظاهر ما في (الهداية) يعطي أنهم لو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب يجوز نكاحهم وهو قول البعض، والصحيح أنهم حيث عبدوها فليسوا أهل الكتاب كما في (المجتبي). وما مر من أن معنى الإشراك صار مغلوباً يؤيد قول البعض.

والمحرمة، ولو محرماً، والأمة، لو كتابية، والحرة على الأمة لا عكسه ولو في عدة الحرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) حل أيضاً تزوج (المحرمة ولو) كان الزوج أو الولي المزوج (محرماً) لما أخرجه الستة عن ابن عباس: (تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال) وأما قوله عليه الصلاة والسلام: (المحرم لا ينكح ولا ينكح) بتفح الياء في الجملة الأولى وضمها في الثانية مع كسر الكاف وفتحها تصحيف فمحمول إما على نهي التحريم والنكاح للوطء والمراد بالجملة الثانية التمكين من الوطء والتذكير باعتبار الشخص أي: لا تمكن المحرمة من الوطء زوجها ودعوى اختلاله عربية ممنوع إذ غاية ما فيه دخول لا الناهية على المستتر الغائب، والمحققون في جوازه وإن كان غيره أكثر أو على المنفي وفيه التأويل السابق وعلى هذا فقوله في الرواية الأخرى ولا يخاطب محمول على النهي عن التماس الوطء كما في (غاية البيان) وجوز في (الفتح) أيضاً أن يكون نهياً عن كراهة العقد لأن ذلك يشغل قلبه عن الإحسان عن العبادة لما فيه من الخطبة ومناداة ودعوة واجتماعات ويتضمن تنبيه النفس لطالب الجماع ولا يلزم أن يكون عليه الصلاة والسلام باشر المكروه لانتفاء ذلك في حقه انتهى. ولا يخفى أن هذا الوجه ظاهر في كراهة العقد تحريماً وتعبير المصنف بحل ينبي عنه (و) حل أيضاً تزوج (الأمة ولو) كانت (كتابية) لإطلاق قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3] لكنه مكروه كما في (البدائع) أي: تنزيهاً. (و) أيضاً تزوج (الحرة على الأمة لا) يحل (عكسه) - تزوج الأمة على الحرة- قال: وتنكح الحرة على الأمة قيده بالنكاح لأن مراجعة الأمة على الحرة جائز وفي (المحيط): لا يجوز نكاح الأمة على الحرة ولا معها ولا يجوز نكاح الأمة على الأمة ومعها ولو تزوج أمة بغير إذن مولاها ولم يدخل بها حتى تزوج حرة فأجازه المولى لم يجز لأن للإجازة حكم الإنشاء في حق الحكم ولو تزوج ابنتها قبل الإجازة جاز، لأن الموقوف عدم في حق المحل فلا يمنع نكاح غيرها. قال الشارح: ولو تزوج أربعاً من الإماء وخمساً من الجرائر في عقد واحد صح نكاح الإماء فقط (ولو) كان العكس (في عقد الحرة) سواء كانت العدة من بائن أو رجعي وجوازه في البائن ولا خلاف في منع تزوج الأخت في عدة أختها على بائن أو الخامسة في عدة الرابعة والفرق لهما أن الممنوع ثمة الجمع وقد وجد هنا الإدخال عليها لتنقيصها ولم يوجد، وقال الإمام: لبقاء العدة حكم قيام النكاح ولابد أن

وأربع من الحرائر، ـــــــــــــــــــــــــــــ تكون عن نكاح صحيح فلو كان عن فاسد أو عن وطء بشبهة لم تمنع (و) حل تزوج (أربع من الحرائر) جمع حرة والإماء جمع أمة كما في (الصحاح) خلاف الحرة وعليه إجماع الأئمة الأربعة ومن جوز أكثر من ذلك فقد خرق الإجماع وسنده قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] وحاصل الحال أن حل الواحدة كان معلوماً وهذه الآية لبيان حل الزائد عليها إلى حد معين مع بيان التخيير بين الجمع والتفريق في ذلك وإنما كان العدد في الآية مانعاً من الزيادة لوقوعه حالاً. قيد في الإحلال المفهوم من فانكحوا ولم يعطف بأو لأنه لو عطف بها لكان الحل مقتصراً على هذه الأعداد/ وليس بمراد بل لهم أن يحصلوا إن شاؤوا بطريق التثنية وإن شاؤوا بطريق التثليث وإن شاؤوا بطريق التربيع، كذا في (الفتح)، وكونه قيداً في الإحلال المفهوم من الآية ظاهر في أنه حال من ما طاب وبه صرح العلامة وجعله القاضي وغيره حالاً من فاعل طاب ولا منافاة بينهما في المعنى وقوله لكان الحل مقتصراً على هذه الأعداد أي: على أحدهما، وقد أفصح عن ذلك قوله في (الكشاف) لو أتى بأو وعلم أنه لا يسوغ لهم أن يقسموا إلا على أحد هذه الأنواع وليس لهم أن يجمعوا بينهما وبين نكتة التكرير بقوله ولما كان الخطاب للجميع وجب التكرير ليصيب كل ناكح يريد الجمع ما أراد من العدد الذي أطلق له، وتحريره أن الواو دلت على الإطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا من النساء على طريق الجمع إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد متفقين فيها محظوراً عليهم بما وراء ذلك انتهى. ملخصاً قيد بالتزوج لأن التسري غير مقيد بعدد حتى لو كان له أربع من الحرائر وألف من الإماء فأراد شراء أمة أخرى فلامه رجل، قال في (الفتاوى): يخشى عليه الكفر. قال في (البزازية): لقوله تعالى: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} [المؤمنون: 6] ثم قال: له امرأة أو جارية أراد أخرى فقالت: أقتل نفسي له أن يأخذ ولا يمتنع لأنه مشروع. قال تعالى: {لم تحرم} [التحريم: 1] الآية الفاصلة تدل على أنه ترك الأفضل وفي التسري على الزوجة مخالفة دين النصارى وكذا في التزويج بامرأتين وإن خاف أن لا يعدل بين امرأتين لا يتزوج بأخرى لقوله تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} [النساء: 3] ولو لم يفعل كيلا يدخل الغم على ضعيف القلب ورق عليها فهو مأجور قال عليه الصلاة والسلام: (من رق لأمتي رق الله له) وترك إدخال الغم عليها يعد من الطاعة والإمام اختار في هذا أفضلية الاكتفاء بالواحدة الحرة انتهى.

والإماء فقط للحر وثنتين للعبد، وحبلى من زنى لا من غيره، والموطوءة بملك يمين ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): ولم أر حكم ما إذا أراد أن يتزوج على امرأته أخرى فلامه رجل وينبغي أن لا يخاف عليه الكفر وأقول: الدليل المقتضي للخوف في الإماء مع الزوجات واحد فأني وقع الفرق بينهما وما فرق به من أن الجمع بين الحرائر مشقة بسبب وجوب العدل بينهما بخلاف الجمع بين السراري فإنه لا قسم بينهن مما لا أثر له مع النص. (و) حل تزوج (اثنتين) حرتين أو أمتين (للعبد) ولو مدبراً أو مكاتباً قيد بالتزوج لأن التسري لا يحل له ولو مكاتباً لعدم صحة تملكه، ومن هنا يعرف أن ما يقع لبعض التجار من أنه لو دفع جارية لعبده ليطأها من غير عقد فذاك حرام فليجتنب وإنما ملك الطلاق لأنه لمن أخذ بالساق (و) حل تزوج (حبلى من زنا) وإن حرم الوطء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره) وقال الثاني: (لا) يصح النكاح قياساً على الحبلى (من غيره) بجامع أن كلاً منهما محترم لا يجوز إسقاطه والفرق لهما أن الامتناع في ثابت النسب لحرمة صاحب الماء لا للحمل ولا حرمة للزاني إلا أنه لا نفقة لها وقيل: يجب والأول أوجه ولا خلاف في جوازه للزاني فإن قلت: كيف يسقيه مع انسداد فم الرحم، قلت: الشعر ينبت من ماء الغير، لا يحل تزوج حبلى ولو من حربي في ظاهر المذهب وهو الأصح من غيره، أي: الزنا هذا شامل لأم ولده الحامل فلو زوجها فالنكاح باطل لأنها فراش لمولاها حتى يثبت نسب ولدها منه من غير دعوة فلو صح النكاح لحصل الجمع بين الفراشين إلا أنه غير متأكد حتى ينتفي الولد بالنفي من غير لعان فلا يعتبر ما لم يتصل به الحمل، كذا في (الهداية) وأورد أن ولدها إذا كان ينتفي لمجرد النفي كان ينبغي أن يصح النكاح ويكون نافياً دلالة فإن النسب كما ينتفي بالصريح ينتفي بالدلالة كما إذا قال لجارية له ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة: هذا الأكبر مني ثبت نسبه منه وانتفى نسب الباقين، وأجيب بأن الدلالة إنما تعمل إذا لم يخالفها صريح وهنا كذلك إذ المسألة مقصورة فيما إذا أقر به. قال في (التوشيح): فعلى هذا ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفياً، أقول: ومن هنا علمت أنه لو تزوج غير أم الولد وهي حامل أنه يجوز لأنه إذا كان نفياً فيما لا يتوقف على الدعوة ففيما يتوقف عليها أولى. (و) حل أيضاً تزوج (الموطوءة بملك) أي: بملك (يمين) لأنها ليست فراشاً

أو زنى، والمضمومة إلى محرمة، والمسمى لها، ـــــــــــــــــــــــــــــ للمولى بدليل أن نسب ولدها لا يثبت بلا دعوة وللزوج أن يطأها قبل/ الاستبراء قال محمد: لا أحب أن يطأها حتى يستبرئها لاحتمال الشغل بماء المولى فإن استبرأها المولى كان للزوج أن يطأها بدونه اتفاقاً، ولهما أن الحكم بجواز النكاح أمارة الفراغ فلا يؤمر بالاستبراء إلا استحباباً لا وجوباً كذا في (الهداية)، ومنع بجواز نكاح الحامل من الزنا وأجيب بأن المراد أنه أمارة الفراغ عن حمل ثابت النسب أو في المحتمل لا فيما تحقق وجوده، وهذا كله إنما يحتاج إليه بناء على أن استحباب الاستبراء هو قول محمد خاصة لا على ما قاله بعض المشايخ من أنه قول الكل وذلك أن محمد إنما نفى الاستحباب وهما أثبتا جواز النكاح بدونه فلا معارضة وهذا من الحسن بمكان إذ لا ينبغي التردد في نفي الاستبراء على قول وبهذا استغنى عن ترجيح قول محمد، فقد قال أبو الليث: إنه أقرب إلى الاحتياط وبه نأخذ كذا في (البناية) هذا وأما استبراء المولى فظاهر قوله في (الهداية) عليه الاستبراء يفيد وجوبه، وحمله الشارحون على الندب وقد صرح في (الولوالجية) باستحبابه وفيه نظر بل هو واجب ففي (الذخيرة) أن الندب قول بعض المشايخ والصحيح وجوبه وإليه مال شمس الأئمة السرخسي والله الموقف. (أو) الموطوءة (بزنا) أي: وحل تزوج من رآها تزني، قيل: وينبغي أن لا يحل وطؤها لاحتمال الشغل ودليل الحرمة عند معارضة دليل الحل راجح وأجيب بأنه تعارض احتمال وجود الحمل وعدمه فرجحنا جانب العدم لأصالته ولتقوى الأصالة بعدم حرمة صاحب الماء كذا في (العناية) لكنه يندب له استبراؤها قبل الوطء على ما مر وفي هذا تصريح بجواز نكاح الزانية وفي (المجتبي): لا يجب على الزوج تطليق الفاجرة، ولا يجب عليه تسريح الفاجر إلا إذا خاف أن لا يقيما حدود الله. (و) حل أيضاً تزوج (المضمومة إلى) امرأة (محرمة) كما إذا تزوج امرأتين في عقد واحد إحداهما محل والأخرى غير محل لكونها حراماً أو ذات زوج أو مشتركة لأن المبطل في إحداهما فيتقرر بقدره بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة حيث يبطل البيع في الكل لما أنه يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف النكاح، (و) جميع (المسمى) من المهر (لها) أي: المضمومة إلى محرمة عند الإمام وقالا: يقسم على مهر مثليهما حتى لو كان ألفاً ومهر مثل المحرمة ألفان والمحللة ألف كان لها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث درهم وسقط الباقي لأن المسمى قوبل ببضعين ولم يسلما وكل ما قوبل بشيئين ولم يسلما فاللازم حصة السالم وله أن ضم المحرمة لغو لعدم المحلية فصار كضم الجدار، والانقسام حكم

وبطل نكاح المتعة، والمؤقت، وله وطء امرأة ادعت عليه أنه تزوجها، وقضى بنكاحها ببينة، ولم يكن تزوجها. ـــــــــــــــــــــــــــــ المساواة في الدخول في العقد ولو دخل بالمحرمة أيضًا فالمذكور في الأصل لها مهر المثل بالغًا ما بلغ وللمحللة كل الألف على قوله وهو الأصح، وما في (الزيادات) من أن لها مهر مثلها ولا يجاوز حصتها من الألف فقولهما وأورد على قول الإمام أن إيجاب مهر المثل وإسقاط الحد بالدخول فرع دخولها في العقد وقد قال بعدمه. وأجيب بأن ذلك من حكم صورة العقد وعلى قولهما كيف وجب حصتها من الألف بالدخول وهو حكم دخولها في العقد ثم يجب الحد ولا يجتمع الحد والمهر؟ قال في (الفتح): ولا مخلص إلا بتخصيصها بالدعوى فيجب الحد لانتفاء شبهة الحل والمهر للانقسام بالدخول في العقد. (وبطل نكاح المتعة) وهو: أن يقول لامرأة: أتمتع بك مدة بكذا من المال (والمؤقت) مثل أن يتزوج امرأة بشهادة شاهدين عشرة أيام كذا في (الهداية)، قال في (العناية): والذي نفهم من كلامهم في الفرق بينهما شيئان، أحدهما: وجود لفظ يشارك المتعة في الاشتقاق في نكاح المتعة، والثاني: شهود الشهود في نكاح المؤقت مع ذكر لفظ النكاح أو التزويج وأن تكون المدة معينة. وصرحوا بأنه إنما بطل لكونه متعة معنى وهى الاستمتاع بالمرأة لا لقصد مقاصد النكاح من القرار للولد وتربيته إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها أو غير معينة، بمعنى بقاء العقد ما دمت معك إلى أن أنصرف عنك فلا عقد. ونازعهم في (فتح القدير) بما حاصله لا نسلم أنه متعة معنى بل حقيقة فيكون من أفرادها وما ادعوه من التغاير مبني على أنه يشترط في مسماها وجود لفظ يشاركها في الاشتقاق كما مر ولا دليل لهم عليه وهذا لأنه ليس معنى إجازته صلى الله عليه وسلم للمتعة أن مباشرة هذا المأذون فيه يتعين عليه أن يخاطبهما بلفظ أتمتع ونحوه لما عرف من أن اللفظ يطلق ويراد معناه فإذا قال تمتعوا من هذه/ النسوة فليس معناه إلا أوجدوا معنى هذا اللفظ ومعناه ما مر ولذا لم يعرف في شيء من الآثار لفظ واحد ممن باشرها من الصحابة بلفظ تمتعت بك ونحوه انتهى، وعلى هذا فعطف المؤقت من عطف الخاص على العام ولا فرق فيه بين طول المدة وقصرها على الأصح ولا بين المدة المعلومة والمجهولة وليس منه ما لو تزوجها على أن يطلقها بعد شهر أو نوى أن يقيم معها مدة معينة. قالوا: ولا بأس بتزوج النهاريات. (وله وطء امرأة ادعت عليه) أو ادعى هو عليها عند قاض (أنه تزوجها) بنكاح صحيح (وقضى) أي: قضى القاضي (بنكاحها ببينة) أقيمت (ولم يكن تزوجها) هذه

باب الأولياء والأكفاء

باب الأولياء والأكفاء ـــــــــــــــــــــــــــــ المسألة من جزئيات ما سيأتي في كتاب القاضي إلى القاضي من أن القضاء بشهادة الزور في العقود والفسوخ ينفذ عن الإمام ظاهرًا وباطنًا إذا كان مما يمكن القاضي إنشاء العقد فيه تبع المصنف (الجامع الصغير) في ذكرها هاهنا ومعنى النفوذ ظاهرًا وجوب النفقة والقسم وغير ذلك، وباطنًا ثبوت الحل عند الله تعالى وإن أثم المدعي إثم إقدامه على الدعوى الكاذبة وقالا: لا يحل له وطؤها. قال الفقيه: وبه يفتي. وفي (الفتح): وقول الإمام أوجه وقولنا يمكن إلى آخره يخرج ما لو كانت معتدة الغير أو مطلقة ثلاثًا أو ذات زوج فإنه لا ينفذ قضاؤه لعدم قدرته على الإنشاء في هذه الحالة وإن كانت خالية فهل يشترط للنفوذ باطنًا عند قضائه حضرة الشهود، قيل: نعم وبه أخذ عامة المشايخ كذا في (كافي المصنف)، وقيل: لا، قال في (الفتح): وهو الأوجه لهما أن القاضي أخطأ الحجة أن الشهود كذبة فصار كما إذا ظهر أنهم عبيد أو كفار وله أن الشهود صدقة عنده وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق بخلاف الكفر والرق لأن الوقوف عليها متيسر وإن ابتنى القضاء على الحجة وأمكن تنفيذه باطنًا بتقديم النكاح ينفذ قطعًا للمنازعة بخلاف الأملاك المرسلة لأن في الأسباب تزاحمًا فلا إمكان وذكر الأكمل أن بعض أذكياء المغاربة لما أن قدم مصر حاجًا سنة سبع وأربعين وسبعمائة فسأله عن هذه المسألة طاعنًا في المذهب. قال: فأجبته بقولهم هذا قطعًا للمنازعة. فقال: قطع المنازعة ممكن بالطلاق. فقلت له: أتعني الطلاق المشروع أو غيره، لا عبرة بغيره، والمشروع يستلزم المطلوب إذ لا يتحقق إلا في نكاح صحيح ورده شيخ ابن الهمام قارئ (الهداية) بأنه غير صحيح إذ له أن يريد غير المشروع وكونه لا عبرة به لا يضر إذ يثبت أن قطع المنازعة الواجب لا يتوقف على التنفيذ باطنًا بل يتحقق طريقًا لقطع المنازعة وهو الطلاق فلم يجب التنفيذ باطنًا، قال في (الفتح): وهذا مسلم فيما إذا كانت هي المدعية لا فيما إذا كان هو المدعي لأنها لا تقدر على التخلص بلفظ الطلاق فالحق التفصيل انتهى. يعني: لإبائة ولا يمكن أن يجبر عليه والله الموفق. باب الأولياء والأكفاء لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان عاقده. والأولياء جمع ولي وهو العاقل البالغ الوارث فخرج الصبي والمعتوه والعبد والكافر على المسلمة. وما في (البزازية) من أن الأب والجد إذا كان فاسقًا فللقاضي أن يزوج من الكفؤ، قال في (الفتح): إنه غير معروف في المذهب وهو على نوعين ولاية ندب وهي الولاية على

نفذ نكاح حرة مكلفة بلا ولي، ولا تجبر بكر بالغة على النكاح ـــــــــــــــــــــــــــــ العاقلة البالغة بكرًا كانت أو ثيبًا، وولاية إجبار وهي الولاية على الصغيرة بكرًا كانت أو ثيبًا والمعتوهة والمرقوقة وتثبت بالقرابة والملك والولاء والإقامة، والأكفاء جمع كفؤ وهو النظير ولما كان نفي وجوب الولاية في النكاح هو المهم لاشتهار الوجوب في بعض الديار افتتح الباب فيه (نفذ نكاح حرة) بكرًا كانت أو ثيبًا خرج بذلك الأمة ولو مدبرة أو مكاتبة وأم ولد (مكلفة) أي: بالغة عاقلة وما في (العيني) مسلمة فمن سهو القلم فخرج الصغيرة والمجنونة (بلا) رضى (ولي) سواء تزوجت نفسها من كفؤ أو لا في ظاهر الرواية عن الإمام وصاحبيه، لأنها تصرفت في غالب حقها فصار كما إذا تصرفت في مالها وروى الحسن عن الإمام أنه إن كان كفؤًا نفذ وإلا لا وهو المختار في زماننا إذ ليس كل قاض يعدل ولا كل ولي يحسن المرافقة، وفي الجثو بين يدي القاضي مذلة فسد الباب كذا في (الخانية) وغيرها وصرح صدر الإسلام بأن المطلقة ثلاثًا لو زوجت نفسها غير كفؤ ودخل بها الزوج ثم طلقها لا يحلها للأول على ما هو المختار وهذا مما يجب حفظه قال في (الفتح): لأن الغالب في المحلل كونه/غير كفؤ أما لو باشر الولي عقد المحلل فإنها تحل انتهى، وكذا لو لم يباشره لكن رضي به وهل يشترط معرفته إياه أو يكفي ذكره صارت واقعة الفتوى. قال في (البحر): وينبغي أن لا يكفي لأن الرضى بالمجهول لا يصح، وفي (البزازية): ذكر برهان الأئمة أن الفتوى في جواز النكاح بكرًا كانت أو ثيبًا على قول الإمام الأعظم لقوة دليله هذا إذا كان لها ولي فإذا لم يكن صح النكاح اتفاقًا (ولا تجبر بكر بالغة على النكاح) لأنها حرة مخاطبة فلا يكون لغيرها عليها ولاية وإنما ملك الأب قبض الصداق برضاها دلالة ولهذا لا يملكه مع نهيها كذا في (الهداية) والجد كالأب عند فقده وكذا القاضي كما في (جوامع الفقه) إلا إذا زفت. قال البزازي: وليس لها أن لا تجيز القبض عند عدم النهي أما غيرهما من الأولياء فليس لهم ذلك، إلا بالأمر ولو صغيرة إلا إذا كان هو الوصي فيملكه كسائر الديون هذا إذا قبض المسمى فإن قبض بدله ضيعة جاز إن تعورف وإلا لا ولو صغيرة فقبض ضيعة لا تساوي المسمى فكذلك قال في (الذخيرة): وعليه الفتوى وعلله في النوازل بأنه قبض المهر بحكم العرف، وليس شراء في الحقيقة، وقيد بالبكر لأن الثيب ليس لأحد قبض مهرها إلا بأمرها وعلى هذا تفرع ما لو طالبه بمهرها، فقال الزوج: دخلت بها فلا يملك القبض، وقال الأب: بل هي بكر. فالقول للأب ولو طلب الزوج تحليفه ففي (أدب القاضي) أنه لا يحلفه، وقال الشهيد: يحتمل أن

فإن استأذنها الولي فسكتت، ـــــــــــــــــــــــــــــ يحلف وهو صواب وأما لو أقر الأب بقبضه فإنه يقبل إن كانت بكرًا لا ثيبًا إلا إذا كانت الثيب صغيرة وما لو ادعى رده على الزوج بعد قبضه فإن أنكر لم يصدق إلا ببرهان لأن له حق القبض دون الرد وإن ثيبًا صدق لأنه أمانة للزوج في يده فيصدق في ردها كما في (المحيط) ولو امتنع من الدفع إلا بتسليم الزوجة إليه أجيب إلى ذلك إلا قال الأب: إنما أجهزها به وأسلمها فإنه يؤمر بالدفع إليه وللزوج أن يطلب كفيلًا به وهكذا كان يقول الثاني، ثم رجع وقال: إن الأب يؤمر بجعل الزوجة مهيأة للتسليم ويأمر الزوج بدفع المهر والأب بتسليمها نظرًا للزوج لأنه لا يصل إليها بالكفالة بل إلى ما دفعه قال الخصاف: وهذا أحسن القولين كذا في (الذخيرة)، وقيد أيضًا بالمهر لأنه ليس له قبض ما وهبه وأهداه الزوج له قبل الدخول حتى لو قبضه كان للزوج استرداده ذكره فيها أيضًا ولو طالبته بعد البلوغ به فادعى دفعه إلى الأب وهي صغيرة وصدقه، لم يصح إقراره عليها اليوم وترجع به على الزوج. ولا رجوع له على الأب لأنه أقر باستحقاقه القبض ولو وهبه البعض منه قائلًا إن لم تجز الهبة فقد ضمنت من مالي لا يصح بخلاف ما لو قال إن أنكرت الإذن حيث تصح لأنه مضاف إلى سبب الرجوع. (فإن استأذنها الولي) أي: طلب الإذن منها ولي النكاح ورسوله كهو وأطلقه فانصرف إلى الكامل منه وهو أن يسمي الزوج ولو نفسه على وجه يقع لها المعرفة به إما باسمه أو في ضمن العام نحو جيراني أو بني عمي، وهم محصورون معروفون لها بخلاف بني تميم أو من رجل حيث لا يكون السكوت إذنًا ما لم تعرض الأمر إليه واختلف فيما لو زوجها غير كفؤ فسكتت فقالا: لا يكون رضا وجزم به في (الدراية) بلفظ قالوا، وقيل: في قول الإمام يكون رضى إن كان الزوج أبًا أو جدًا لا غيرهما واختلف أيضًا فيما لو زوجها بحضرتها ولم يستأذنها فسكتت، والأصح الصحة. وينبغي تقييده بما إذا كان الزوج حاضًرًا أو عرفته قبل ذلك، كذا في (الفتح) وأما المهر فرجع في (الهداية) أنه لا يشترط تسميته وقيل: يشترط. قال في (الذخيرة) وهو قول المتأخرين من أصحابنا، وصرح في (الكافي) أن المزوج إذا كان أبًا أو جدًا لا يشترط وإلا يشترط، قال في (الفتح): وليس بشيء لأن ذلك في الصغيرة والكلام في الكبيرة وفي (التجنيس) ذكر المزوج ولم يذكر المهر (فسكتت) إن وهبها يعني فوضها ينفذ العقد وإن زوجها بمهر مسمى لا ينفذ لأنه إذا وهبها فتمام العقد بالزوج والمرأة عالمة به وإذا سمي مهرًا فتمامه به انتهى.

أو ضحكت، أو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو إذن، ـــــــــــــــــــــــــــــ ويجب أن يقيد بما إذا علمت بالتفويض وبه اندفع ما في (البحر) من أنه مشكل إذ مقتضى الاشتراط أن لا يصح الاستئذان وسكوتها إنما هو لعلمها بعدم صحته وأراد بالولي من له الولاية ندبًا إذ الكلام في البالغة وفيها أيضًا يقدم الأقرب فالأقرب فأفاد أنه لو استأذنها الأبعد فلا بد من القول كالأجنبي فسكتت عن رده مختارة حتى لو تكلمت بكلام أجنبي كان إذنًا، ولو أخذها سعال أو عطاس أو أخذ فمها ثم ردته ارتد ومنه قولها غيره أولى منه قبل النكاح لا بعده، كذا في (الذخيرة) ولم يقل صمتت لدلالة السكوت على القدرة/على النطق دونه (أو ضحكت) غير مستهزئة على ما عليه الفتوى وضحك الاستهزاء لا يخفى على من يحضره قاله بعض المتأخرين، وذكر في كتاب له وضعه في التعاريف السكوت عدم الكلام مع القدرة عليه انتهى. وهذا الفرق لم أجده في كتب اللغة والذي في (القاموس) وغيره الصمت السكوت في (المغرب) صمت صمتًا وصموتًا وصماتًا أطال السكوت وروي (إذنها صماتها) ومنه الصامت خلاف الناطق انتهى. ثم بتسليمه ينبغي أن يكون صمتها أولى للدلالة على أن الخرساء إذا استأذنها وليها بإشارة معلومة لها فصمتت كان إذنًا فتدبره. وكذا لو تبسمت أو بكت بلا صوت في الأصح لا إن كان بصوت لأنه دليل السخط فلم يكن إذنًا. قال في (الدراية): لكنه ليس برد حتى لو رضيت بعده انعقد فقوله في (الوقاية) وغيرها البكاء بلا صوت إذن ومعه رد فيه نظر ثم المعول عليه في البكاء والضحك اعتبار قرائن الأحوال فإن تعارضت أو شك احتيط (أو زوجها) أي: زوج البكر وليها، (فبلغها) أي: (خبر النكاح فسكتت) أو ضحكت أو بكت بلا صوت وهذا شامل لما إذا استأذنها في معين فردت ثم زوجها منه فسكتت حيث يكون أجازها على الأصح. قيد بقوله: زوجها لأنه لو تزوجها بغير إذنها فسكتت حين بلغها الخبر لم يكن رضى، وأجمعوا أنه لو استأذنها في ذلك فسكتت كان رضى كذا في (الخانية). (فهو إذن) أي: توكيل في الأول وإجازة في الثاني وكذا لو استأذنها في معين فقالت لا أرضى به ولم يعلم الولي في المسألتين بذلك فزوجها صح كما في (الظهيرية) فوكل من يزوجها ممن سماه جاز إن عرف الزوج والمهر واستشكله في (البحر) بأنه ليس للوكيل أن يوكل إلا بإذن أو باعمل برأيك والمسألة مقيدة في الأول بما إذا اتحد الولي أما إذا تعدد كما إذا زوجها وليان استويا رتبة فسكتت فظاهر

وإن استأذنها غير الولي فلا بد من القول، كالثيب، ـــــــــــــــــــــــــــــ الجواب أنه لا يكون إذنًا بل لا بد من إجازة أحدهما بالقول أو الفعل وفي الثاني ببقاء الزوج حتى لو علمت بالنكاح بعد موته فسكتت لا يكون إجازة لبطلان النكاح بموته ولو قال بعد الموت: زوجني أبي بأمري وقالت الورثة: بل بغيره ولم تعلمي بالنكاح قبله، فالقول لها وعليها العدة ولها الميراث. ولو قالت: بغير أمري ولكن بلغني النكاح فرضيت، كان القول لهم لأنها أقرت أن العقد وقع غير تام ثم ادعت النفاذ بعد فلا يقبل منها للتهمة، واعلم أنهم جعلوا السكوت رضى في مسائل نظمها في (فتح القدير) نحوًا من عشرين ثم قال: والاستقراء يفيد عدم الحصر وهذه المشهودة لا المحصورة ووصلها في العمادية إلى ثلاثين وقد نظمتها في الرجز فقلت: وقد أقاموا الصمت كالإفصاح .... في عدة تأتيك بالإيضاح سكوت بكر عند قبض المهر .... تزويجها مع السكوت قادر وواهب لو عند قبض ما وهب .... تصرف الصبي مع سكوت الأب كذاك مولى العبد والحنث له .... في قوله والله لا أذنه سكوت مديون مع الإبراء .... كذا الوصي عند ذي الإيصاء وبائع لو عند قبض المشتري .... وقول هازل ببيع عزلي أن اجعليه صحيحًا وكذا .... مع قوله وقفته عليك ذا كذا الوكيل وقت ما قد وكلا .... أو الرقيق عند ما قد نقلا كذا الشفيع بالمبيع قد علم .... أو الشريك باختصاصه فهم (وإن استأذنها) أي: البكر البالغة (غير الولي) كالأب الكافر والرقيق والولي الأبعد (فلا بد من القول) لأن السكوت إنما يكون دليل الرضى في الأولياء للحاجة لأنهم المرجون لها وهي لا تنطق فلو لم تكتف بالمحتملة لتعطلت مصالحها بخلاف غيرهم إذ لا يعتبر المحتمل في غير محل الحاجة وأراد أن هذا مناف لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: في البكر (إذنها إن تسكت) غير مقيد بكون المستأمر وليًا، وأجيب بأنه تقيد بالعرف والعادة (كالثيب) أي: كما أن الثيب لو استأذنها الولي أو غيره فلا بد من رضاها بالقول ولم يقيدها بالكبيرة لأن الكلام فيمن يستأذن/وغيرها لا استئذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم: (الثيب تشاور) أي: يطلب رأيها والمشاورة لا تكون إلا بالقول ثم

ومن زالت بكارتها بوثبة، أو حيضة، أو جراحة، أو تعنيس، أو زنى فهي بكر، ـــــــــــــــــــــــــــــ هي مفاعلة فتقتضي وجوده من الجانبين لكن حصرها في القول فيه نظر بل قد تكون بغيره لقولهم رضى الثيب كما يكون بالصريح كرضيت أو أوجبت يكون بالدلالة كطلب المهر أو النفقة أو تمكينها من الوطء أو قبول التهنئة أو الضحك سرورًا وليست قولًا وحينئذ فلا فرق سوى أن سكوت البكر رضى بخلاف الثيب لا بد في حقها من دلالة زائدة على مجرد السكوت والجواب تظافر الأدلة على اختصاصها بالقول ففي حديث أبي هريرة: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر) والأمر لا يكون بغير القول وأصرح منه قوله في حديث آخر: (والثيب تعرب عن لسانها) وأما الدلالة فالحق أنها من قبيل القول إلا بالتمكين فيثبت به بدلالة إلزام القول، كذا في (الفتح). قال في (البحر): وفيه نظر إذ قبول التهنئة ليس منه، ولهذا أعد في مسائل السكوت لا فوقه وجعل في (الفتح) أولًا الضحك كالسكوت وهنا جعله من قبيل القول انتهى. وبقى ما لو خلا بها برضاها قال في (الظهيرية): لا رواية في المسألة وعندي أنه يكون إجازة بخلاف ما لو قبلت الهداية أو أكلت من طعامه أو خدمته (ومن زالت بكارتها) أي: عذرتها وهي الجلدة، (بوثبة) أي: نطة أو درور (أو حيضة أو جراحة) أصابت موضع العذرة (أو تعنيس) أي: طول مكث قال عنست الجاررية تعنس بضم النون عنوسًا وعناسًا فهي عانس إذا طال مكثها بعد إدراكها في منزل أهلها حتى خرجت من أعداد الأبكار، كذا في (الصحاح) أو خرق استجناء أو عود أو حمل ثقيل (أو زنى) غير مشهور (فهي بكر) شرعًا. أما فيما عدا الزنا فبكر حقيقة لأن مصيبها أول مصيب ومنه الباكورة لأول الثمار والبكرة بضم الباء لأول النهار ولذا كان من فرق بينها وبين زوجها بحب أو عنة أو طلقها أو مات بعد الخلوة قبل الدخول بها بكرًا حقيقة ودخل الكل في الوصية لأبكار بني فلان، واعترض بأنه له رد الجارية المبيعة بكرًا إذا وجدت كذلك. وأجيب بأن البكارة تقال على العذرة أيضًا فهو من المشترك ويجوز أن تكون قائمة العذرة من أفراد من لم يصبها مصيب فيكون من المتواطئ حمل على هذا الفرد في البيع المبني على المشاححة وعلى الأعم الأغلب في النكاح المبني على التوسعة وأما في الزنا فثيب حقيقة عند الكل في الأصح كما في (الظهيرية) وإنما زوجت كالأبكار عنده فاكتفى بسكوتها مع أن القياس يأباه لأن في إلزامها النطق إشاعة الفاحشة فعارض دليل إلزامها النطق دليل المنع من إشاعة الفاحشة والمنع مقدم ولا

والقول لها إن اختلفا في السكوت ـــــــــــــــــــــــــــــ خفاء أن من اشتهر زناها بأن أقيم عليها الحد، أو صار الزنا عادة لها، أو وطئت بشبهة أو نكاح فاسد تزوج كالثيبات. (والقول لها) أي: البكر البالغة (إن اختلفا) أي: الزوج والزوجة قبل الدخول (في السكوت) فادعى الزوج أن وليها زوجها من قبل الاستئذان فلما بلغها سكتت وقال: بل رددت ولا بينة. وقال زفر: القول له ونظير هذا الاختلاف ما لو قال السيد لعبده: إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فمضى اليوم، وقال العبد: لم أدخل وكذبه المولى، فالقول له عندنا وعنده للعبد للتمسك بالأصل المتبادر وهو عدد الكلام والدخول قياسًا على ما اتفقوا عليه من أن المشتري بالخيار إذا ادعى بعد المدة رد المبيع قبل مضيها. وقال البائع: بل سكت حتى مضت أو قالت بعد البلوغ: رددت حين بلغت وكذبها الزوج فالقول للبائع وللزوج وكذا الشفيع لو قال: علمت بالبيع أمس وطلبت، وقال المشتري: بل سكت فالقول للمشتري أما لو قال: طلبت الشفعة حين علمت بالبيع فالقول له، ولنا التمسك بالظاهر سواء كان هو الأصل المتبادر أو بحسب المعنى وفيما نحن فيه ادعى بسكوتها تملك بضعها من غير ظاهر معه وهي تنكر وعدم ورود ملك البضع عليها هو الأصل فكانت متمسكة بمعنى هو الظاهر فقبل: قولها بخلاف مسألة الخيار لأن العقد ثبت صحيحًا في الأصل ولزم بمضي المدة ظاهرًا فالتمسك بعدمه تمسك بالظاهر، وكذا الصغيرة تدعي ببلوغها زوال ملكه بعدما عقد عليها حال صغرها يقينًا والزوج ينكر ومثله الشفيع قيدنا بكون/الاختلاف قبل الدخول لأنه لو كان بعده لم يقبل قولها إلا إذا كانت مكرهة ولا يقبل عليها قول وليها بالرضى لأنه يقر عليها بثبوت الملك، والإقرار بعد بلوغها بالنكاح غير صحيح اتفاقًا، كذا في (الفتح). قال في (البحر): وينبغي أن لا تقبل شهادته أيضًا لو شهد عليها مع آخر بالرضى لاتهامه لكونه ساع في إتمام ما صدر منه وبكون الاختلاف كما مر لأنها لو قالت: بلغني النكاح يوم كذا فرددت وقال: بل سكت فالقول له ونظيره الشفيع على ما مر، كما في (الولوالجية) هذا وسكت المصنف عن اليمين إيماء إلى نفيها وهو قول الإمام وأوجباها، وهذه إحدى المسائل الست الآتية في الدعوى وسيصرح المصنف بأن الفتوى على قولهما وفي (فتاوي القاضي): ادعى الأب أن زوجه بنته الصغيرة حلف عند الإمام، وفي (الكبيرة) لا اعتبار بالإقرار فيهما واستشكله الشارح بأن امتناع اليمين عنده لامتناع البدل لا لامتناع الإقرار ألا ترى أن امرأة لو أقرت لرجل بنكاح نفذ إقرارها ومع هذا لا تحلف ولو ادعى عليها فأنكرت فالأشبه أن

وللولي إنكاح الصغير والصغيرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون هذا قولها انتهى. وقد صرح في (العمادية) من الخامس عشر بما فهمه الشارح وقيدنا بعدم النية لأنها لو وجدت- من أيهما كان- فلا كلام فإن قلت: كان ينبغي أن لا تقبل بينة على السكوت لأنها إنما قامت على النفي قلت: ممنوع بل على حالة وجودية هي ضم الشفتين في مجلس خاص يحاط بطرفيه ولو سلم فهي نفي يحيط به علم الشاهد، ولو أقاماها فبينتها أولى إلا إذا شهدت ببينة أنها رضيت أو أجازت حين علمت فتقدم كذا في غير كتاب والمذكور في (الخلاصة) عن الخصاف أن بينتها أولى أيضًا قال في (الفتح): ولعل وجهه أن السكوت لما كان مما يحقق الإجازة لم يلزم من الشهادة بالإجازة كونها بأمر زائد على السكوت ما لم يصرحوا به. واعلم أن الاختلاف في البلوغ كالاختلاف في السكوت فلو زوجها الأب فادعت البلوغ وأن النكاح لم يصح وقال الأب: بل كنت صغيرة فالقول لها إن كانت مراهقة وقيل: له والأول أصح وعلى هذا لو باع مال ابنه، كذا في (الذخيرة) وفي (الولوالجية) زوجها الأب فردت فادعى الزوج صغرها وادعت البلوغ فالقول لها إن كانت مراهقة، (وللولي) الآتي بيانه (إنكاح الصغير والصغيرة) جبرًا لما ذكره سبط بنت الجوزي عن علي موقوفًا ومرفوعًا: (الإنكاح إلى العصبات) والمعتوه والمعتوهة والمجنون والمجنونة كالصغير والصغيرة فللولي إنكاحها إذا كان الجنون مطبقًا وهو شهر على ما عليه الفتوى وفي (منية المفتي) بلغ مجنونًا أو معتوهًا تبقى ولاية الأب كما كانت، فلو جن أو عته بعد البلوغ تعود في الأصح وفي (الخانية) زوج ابنه البالغ فجن. قالوا: ينبغي للأب أن يقول: أجزت النكاح على ابني لأنه لا يملك إنشاؤه بعد الجنون قيد بالولي لأن الوصي لا يملك ذلك وإن أوصى إليه به وإنما ملك تزويج اليتيم لأنه من الكسب، والإراحة من المونة، قال في (الفتح): إلا إذا كان غير الموصي رجلًا في حياته فزوجها الوصي به كما لو وكل بتزويجها في حياته انتهى. وفيه نظر إذ الوصي لو زوجها في حياته فليس من المسألة في شيء لأنه وكيل محض وبالموت تبطل الوكالة وتنتقل إلى القريب فإن لم يوجد فإلى الحاكم، كذا في (البحر). وأقول: في (الذخيرة) الوصي لا ولاية له في إنكاح الصغيرة سواء أوصى إليه الأب بالنكاح أو لم يوص إلا إذا كان الوصي وليًا، فحينئذ يملك الإنكاح بحكم الولاية انتهى.

والولي العصبة بترتيب الإرث، ولهما خيار الفسخ بالبلوغ في غير الأب، والجد ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (المحيط) روى هشام في (نوادره) عن أبي حنيفة أن للوصي ولاية التزويج ولا يشترط على هذه الرواية أن يوصي إليه بذلك فما في (الفتح) من أن الوصي لا يملك ذلك وإن أوصى إليه به موافق لظاهر الرواية وقوله: إلا إذا كان عين الموصي رجلًا موافق لإطلاقه رواية هشام فإنه على هذه الرواية إذا كان يملك ذلك وإن لم يعين الموصي أحدًا ففيما عين ذلك أولى، فما في (الفتح) ملفق من القولين وما في (الذخيرة) هو المذهب وبالإنكاح لأن إقراره به عليهما غير جائز إلا ببينة وطريق سماعها أن ينصب القاضي خصمًا عن الصغير فينكر فتقام عليه البينة وعلى هذا لو أقر الأب باستيفاء بدل الكتابة من عبد ابنه الصغير. (والولي هو العصبة) وهو كما سيأتي في الفرائض من يأخذ كل المال/إذا انفرد والباقي مع ذي سهم وهذا أولى من تعريفه بذكر يتصل بلا واسطة أنثى، كما في (البحر) إذ المعتقة لها ولاية الإنكاح على معتقها الصغير حيث لا أقرب منها موجود ولا خفاء في انصراف المطلق منها إلى العصبة بنفسه فلا يرد العصبة بغيره كالبنت مع الابن أو مع غيره كالأخوات مع البنات (بترتيب الإرث) الآتي فيقدم الابن وابنه وإن سفل ولا يتأتى هذا إلا في المجنونة على قولهما ثم الأب ثم أبوه ثم الأخ الشقيق ثم لأب. وذكر الكرخي أن تقديم الجد على الأخ قول الإمام وعندهما يشتركان، والأصح أنه قول الكل ثم ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم أبناء العم كذلك فيقدم الشقيق ثم أبناؤه ثم عم الجد الشقيق ثم أبناؤه ثم المعتق ولو أنثى ثم بنوه وإن سفلوا ثم عمته من النسب على ترتيب عصبات النسب، كذا في (الفتح) وإن استوى وليان في الدرجة كسيدين ادعيا ولد أمة أو شقيقين جاز تزويج أيهما كان فإن زوجا قدم السابق فإن لم يدر أو وقعا معًا بطلا وليس لأحد السيدين الاستقلال بنكاح الأمة، كما في (الظهيرية) وغيرها، وفي (النوادر) والاحتياط فيما إذا زوج غير الأب والجد أن يعقد مرتين بتسمية وبغيرهما لجواز أن يكون في التسمية نقصان فلا يصح الأول أو أن يكون الزوج حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها فينحل بالأول ويصح الثاني، كذا في (المحيط) (ولهما) أي: الصغير والصغيرة وكذا ما لو ألحق بهما (خيار الفسخ) أي: فسخ النكاح (بالبلوغ) والكلام في الحرين ولو ذميين أما الرقيقان إذا زوجهما المولى ثم أعتقهما فبلغا فلا خيار لهما لإغناء خيار العتق عنه حتى لو أعتق أمته الصغيرة أولًا ثم زوجها فبلغت كان لها خيار البلوغ (في غير الأب والجد) والابن في المجنونة كالأب بل أولى، كذا في (الخلاصة)، وقال الثاني: لا خيار لهما اعتبارًا

بشرط القضاء ـــــــــــــــــــــــــــــ بالأب والجد ولهما أن قرابة الأخ ناقصة والنقصان يشعر بقصور الشفقة فيتطرق الخلل إلى المقاصد والتدارك بخيار الإدراك، ولا خفاء أن غير الأب والجد يتناول الأم والقاضي وهو الصحيح لقصور الرأي في الأم ونقصان الشفقة في القاضي. واعلم أن الإطلاق يقتضي أنها لو بلغت وهو صغير لم ينظر بلوغه ويفرق بينهما بحضرة والده أو وصية وبذلك صرح في أحكام الصغار (بشرط القضاء) لأن في أصله ضعفاً فيوقف عليه كالرجوع في الهبة وفيه إيماء إلى أن الزوج لو كان غائباً لم يفرق بينهما ما لم يحضر للزوم القضاء على الغائب. وفي قوله خيار الفسخ تصريح بأن هذه الفرقة فسخ لا طلاق كخيار الإعتاق والفرقة بعدم الكفاية ونحو ذلك. وقد جمع بعض الفضلاء فرق الفسخ والطلاق وما لا يحتاج في قوله: في خيار البلوغ والإعتاق .... فرقه حكمها بغير طلاق فقد كفؤ ونقصان مهر .... ونكاح فساده باتفاق ملك إحدى الزوجين أو بعض .... زوج وارتداد كذا على الإطلاق ثم جب وعنة ولعان .... وأبا الزوج فرقة بطلاق وقضاء القاضي في الكل شرط .... ملك وردة وعتاق وقوله: باتفاق احتراز عن الحامل من الزنا فإن نكاحها جائز عندهما فالفرقة منه طلاق فاسد عند الثاني فالفرقة منه فسخ وقوله على الإطلاق احترازاً عن قول محمد فإنه يفرق بين الردة من الزوج فهي فرقة بطلاق، ومن المرأة فهي فسخ، كذا في (الفتح) ويزاد عليه التفرقة بتقبيل ابن الزوج فإنها فسخ وبالإيلاء، فهي طلاق، وبإسلام أحدهما في دار الحرب إذا حاضت المرأة ثلاث حيض أو مضت ثلاثة أشهر فيمن لا تحيض وهل هي طلاق أو فسخ خلاف سيأتي بيانه والفرقة بتباين الدارين وإسلام أحدهما ثم قصر الاستثناء على ما ذكر يقتضي أن النكاح الفاسد يحتاج إلى القضاء وليس كذلك ولما من الله علي بفضله بجمع ما تشتت نسخته في هذه الأبيات فقلت وبالله الإعانة: فرق النكاح أتتك جمعاً نافعاً .... فسخ طلاق وهذا الدار يحكيها تباين الدار مع نقصان مهر .... كذا فساد عقد وفقد الكفؤ ينعيها/ تقبيل سبي وإسلام المحارب أو .... إرضاع ضرتها قد عددا فيها خيار عتق بلوغ ردة وكذا .... ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها أما الطلاق فجب عنه وكذا .... إيلاؤه ولعان ذاك يتلوها قضا قاض أتى شرط الجميع خلا .... ملك وعتق وإسلام أتى فيها تقبيل سبي مع الإيلاء يا أملي .... تباين مع فساد العقد يدليها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ تتميم: لم أذكر خيار المخيرة والأمر باليد والخلع لأنها من الكنايات وإن كان الأمر باليد والتخيير من كنايات التفويض والكلام في الفرقة التي ليست بصريح ولا كنايات والضابط أن كل فرقة جاءت من قبل المرأة لا بسبب من الزوج فهي فسخ كخيار العتق والبلوغ وكل فرقة جاءت من قبل الزوج فهي طلاق كالإيلاء والجب والعنة وإنما كانت ردته فسخاً مع أنها من قبله لأن بها ينتفي الملك فينتفي الحل والفرقة إنما جاءت بالتنافي لا بوجود المباشرة من الزوج هذا وأما المهر فإن كان الزوج دخل بها ولو حكماً وجب كله وإلا لم يجب شيء، ودخل في قولنا ولو حكماً ما لو خلا بها خلوة صحيحة وما لو دخل بها ثم طلقها بائناً ثم تزوجها في العدة واختارت نفسها بخيار عتق مثلاً حيث يجب لها كل المهر عندهما خلافاً لمحمد وعلى هذا الخلاف لو وقعت الفرقة بينهما بتقبيل ابن الزوج أو الردة منها، كذا في (المحيط) واعلم أن سقوط المهر فيما إذا كان الخيار منها ظاهر، وأما إذا كان منه فلأن الفرقة بالخيار فسخ للعقد، والعقد إذا انفسخ يجعل كأنه لم يكن قال في (الاختيار): وليست لنا فرقة جاءت من قبل الزوج ولا مهر عليه إلا هذه انتهى. قال في (البحر): وهذا الحصر غير صحيح لما في (الذخيرة) تزوج مكاتبة بإذن على جارية بعينها فلم يقبضها حتى زوجتها منه على مائة فطلق المكاتبة ثم الأمة، فطلاق الأمة غير واقع لفساد نكاحها يعود نصفها إليه قبل طلاقها ولا مهر عليه مع أن الفرقة جاءت من قبله لأنها إن كانت فسخاً من كل واحد يسقط كل المهر كالصغير إذا بلغ وكذا لو اشترى منكوحته قبل الدخول بها سقط كل الصداق لأنه فسخ من كل وجه لكن يرد عليه أن الردة قبل الدخول فسخ من كل وجه وبها لا يسقط كل المهر بل يجب نصفه انتهى. أقول في دعوة كون الفرقة من قبله فيما إذا أملكها أو بعضها نظر ففي (البدائع) الفرقة الواقعة بملكه إياها أو شقصاً منها فرقة بغير طلاق لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج فلا يمكن أن تجعل طلاقاً فتجعل فسخاً انتهى. وسيأتي إيضاحه في محله بقي هل يقع الطلاق في العدة إذا كانت هذه الفرقة بعد الدخول يعني الصريح أو لا؟ لكل وجه والأوجه الوقوع، كذا في (الفتح) وادعى في (البحر) أن الظاهر عدمه لما في (المحيط) الأصل أن المعتدة بعدة الطلاق يلحقها طلاق آخر في العدة والمعتدة بعدة الفسخ لا يلحقها طلاق آخر في العدة وذكر في خصوص مسألتنا أنه لا يقع وأقول: هذا الأصل منقوض بما إذا أبت عن الإسلام وفرق بينهما ثم طلقها في العدة وقع مع أنه فسخ، وبوقوع طلاق المرتد مع أن

ويبطل بسكوتها إن علمت بكراً ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرق بردته فسخ ولا خلاف في أنها بردتها فسخ ومع هذا يقع طلاقه عليها في العدة، كذا في (الفتح) ووجه في النكاح وقوع الطلاق من زوج المرتدة بأن الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعاً فائدة من حرمتها عليه بعد الثلاث حرمة مغياة بوطء زوج آخر بخلاف حرمة المحرمية فإنها متأبدة فلا يفيد لحوق الطلاق فائدة انتهى. وكأن هذا هو وجه كون الوقوع هنا أوجه لمن تأمل إلا إنه يقتضي عدم فضها الوقوع في العدة على ما إذا كانت الفرقة بما يوجب حرمة مؤبدة كالتبيل وكالإرضاع وفيه مخالفة ظاهرة لظاهر كلامهم عرف ذلك من تصحفه (وبطل) خيارها (بسكوتها) عن اختيار (إن علمت) بالنكاح حال كونها (بكراً) لدلالته على الرضى اعتباراً بابتداء النكاح قيد بعلمها به لأنها لو تعلم لا يكون رضا لأنها لا تتمكن من التصرف إلا به والولي به ينفرد فعذرت، أما علمها بالزوج وقدر المهر فليس بشرط حتى لو سألت عن ذلك أو سلمت على الشهود بطل خيارها، كذا في (الشرح)، وادعى في (فتح القدير) أن هذا تعسف لا دليل عليه إذ غاية الأمر كون هذه الحالة كحالة ابتداء/ النكاح ولو سألت البكر عن الزوج لا ينفذ عليها وكذا عن المهر وإن كان عدم ذكره لها لا يبطل كون سكوتها رضى على الخلاف فإن ذلك إذا لم تسأل عنه لظهور أنها راضية بكل مهر، والسكوت يفيد نفي ظهوره في ذلك وأنها يتوقف رضاها على معرفته كميته وكذا السلام على القادم لا يدل على الرضى كيف وأنها سلمت لغرض الإشهاد على الفسخ ونازعه في (البحر) في السلام بأن الاشتغال به فوق السكوت وأقوى ممنوع فقد نقلوا في الشفعة أن سلامه على المشتري لا يبطلها لأنه صلى الله عليه وسلم قال: (السلام قبل الكلام) ولا شك أن طلب المواثبة بعد العلم بالبيع يبطل السكوت كخيار البلوغ ولو كان فوقه لبطلت وقالوا: لو قال من اشتراها وبكم اشتراها لا تبطل شفعته كما في (البزازية)، وهذا يؤيد ما في (فتح القدير) نعم ما وجه في المهر إنما يتم إذا لم يخل بها أما إذا خلى بها خلوة صحيحة فالوقوف على كميته اشتغال بما لا يفيد لوجوبه بها فإطلاق عدم سقوطه مما لا ينبغي، وأفاد المصنف أنها غير مقدورة بالجهل بأن لها الخيار لأنه لا يشترط غير علمها بالنكاح بخلاف خيار العتق وأن هذا الخيار لا يمتد إلى آخر المجلس ومن ثم قالوا: إنها تختار عند رؤية الدم، ولو في الليل ففي تلك الساعة ثم تشهد إذا أصبحت قائلة رأيت الدم الآن وليس بكذب محض بل من المعاريض المسوغة لإحياء الحق لأن الفعل الممتد بدوامة حكم

لا بسكوته ما لم يقل رضيت ولو دلالة، وتوارثا قبل الفسخ، ولا ولاية لعبد، وصغير، ومجنون ـــــــــــــــــــــــــــــ الابتداء، والضرورة داعية إليه، ثم إذا لم يأت إلى القاضي بعد ذلك الشهر أو الشهرين فهي على خيارها وما في (الشرح) لو بعثت خادمها للشهود فلم تقدر عليهم وهي في مكان منقطع بطل خيارها محمول على ما إذا لم تفسخ بلسانها وبالبكر لأن الثيب. (لا) يبطل خيارها بالسكوت (بسكوته) أي: الصغير بقى بما إذا يبطل هذا الخيار بينه بقوله: (ما لم يقل رضيت) لأن وقته العمر فيبقى إلى أن يوجد الرضى (ولو) كان ذلك الرضى (دلالة) كالوطء والتقبيل والكسوة والنفقة ودفع المهر وهذا محمول على ما إذا لم يكن دخل بها فينبغي أن لا يكون دفعه رضى، وكالتمكن من المهر وطلب الواجب من النفقة بخلاف الأكل من طعامه وخدمته، كما في (الخلاصة) وإذا عرف هذا فما في (شرح الطحاوي) مع أن خيار الثيب والزوج لا يبطل إلا بصريح الإبطال أو بوجه دل على إبطال الخيار كما إذا اشتغلت بشيء آخر أو أعرضت عن الخيار مشكل، إذ مقتضاه أن الاشتغال بعمل آخر يبطله وهذا تقييد بالمجلس ضرورة أن تبدله حقيقة أو حكماً يستلزمه ظاهراً، كذا في (الفتح) وأجاب في (البحر) بأن المراد بالشيء الآخر عمل يدل على الرضى لا مطلق العمل فقد صرح بأن القيام عن المجلس لا يبطله. واعلم أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في ثبوته للأنثى فقط وفي عدم بطلانه بالسكوت، وعدم اشتراط القضاء فيه وفي كون الجهل عذراً وفي بطلانه بما يدل على الإعراض بخلاف خيار الثيب والغلام على ما مر، والله الموفق. (وتوارثا) لو مات أحدهما بعد البلوغ (قبل الفسخ) لدخول هذا تفريغ على اشتراط القضاء فيه فإذا لم يوجد توارثا لثبوت الملك بالنكاح الصحيح بدليل حل الوطء قبل الفسخ لكنه بالموت انتهى. بخلاف الموقوف والفاسد، (ولا ولاية) في النكاح (لصغير وعبد) ولو مكاتباً لقصور نظرهما. قيدنا بالنكاح لأن نفي الولاية من العبد مطلقاً ممنوع لصحة إقراره بالحدود والقصاص وأمانة لو مأذوناً وروايته الحديث ولأنه يلي على زوجته الحرة في أمور النكاح كالمنع من الخروج والتمكين من الوطء وطلب الزينة (ومجنون) جنوناً مطلقاً وهو شهر على ما مر قال في (الفتح): ولا حاجة إلى التقييد به لأنه لا يزوج حال جنونه مطلقاً أو غير مطبق ويزوج حال إفاقته عن جنون مطبق وغير مطبق، لكن المعنى أنه إذا كان مطبقاً تسلب ولايته فلا تنتظر إفاقته وغير المطبق الولاية ثابتة له فتنتظر إفاقته كالنائم، ومقتضى النظر أن الكفؤ

ولا لكافر على مسلم، وإن لم تكن عصبة فالولاية للأم، ثم للأخت لأب وأم، ثم لأب، ثم لولد الأم، ثم لذوي الأرحام، ـــــــــــــــــــــــــــــ الخاطب إن فات بانتظار إفاقته يزوج وإن لم يطن مطبقاً، وإلا انتظر على ما اختاره المتأخرون في غيبة الولي الأقرب على ما سنذكره انتهى. وكافر على مسلمة لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141] وهو نكرة في سياق النفي فيعم كل سبيل قيد بالمسلمة لأن الكافر له ولاية على ابنته/ الصغيرة وكما انتفى ولاية الكافر على المسلمة انتفى ولاية المسمل على الكفارة أعني ولاية الإنكاح والتصرف في المال واستثنى ما إذا كان سلطاناً أو سيد أمة وقواعدنا لا تأبى ذلك بل قد يقتضى به على أن بعضهم قال: رأيت في موضع معزو إلى (المبسوط) الولاية بالسبب العام تثبت للمسلم على الكافر كولاية السلطنة والشهادة. (ولا) تثبت (للكافر على المسلم) فقد ذكر معنى هذا الاستثناء وعلى هذا فللقاضي تزويج اليتيمة الكافرة حيث لا ولي لها وكان ذلك في منشوره ولم يقل وفاسق إيماء إلى أن الفسق لا يسلب وهذا هو المشهور، لا كما في (المعراج) ولا خلاف أن ثبوت الولاية للمستور فما في (الجوامع) وجزم به البزازي أن الأب إن كان فاسقاً فللقاضي أن يزوج قدمنا أنه غير معروف (وإذا لم يكن) ثمة (عصبة) لا نسبية ولا سببية، (فالولاية) أي: فولاية الإنكاح (للأم) هذا ظاهر في تقديمها على أم الأب وفي (القنية) أم الأب مقدمة (ثم الأخت لأب وأم) هذا الترتيب هو المفتى به، كما في (الخلاصة) وحكي عن خواهر زادة وعمر النسفي تقديم الأخت على الأم لأنها من قوم الأب أقول: وينبغي أن يخرج ما مر عن (القنية) على هذا القول بقى أن الجد الفاسد مقدم على الأخت عند الإمام وعندهما يشتركان، كما في (المستصفى) قال في (الفتح): وينبغي على ما صححه في الأخ والجد من تقديم الجد الفاسد على الأخت. وكلامه يعطي تأخيره لأنه من ذوي الأرحام فكان ينبغي ذكره مقدماً (ثم لأب ثم لولد الأم) في التعبير بولد الأم إيماء إلى استواء الذكر والأنثى (ثم لذوي الأرحام) هم كما سيأتي قريب ليس بذي سهم ولا عصبة وترتيبهم كالعصبات فتقدم العمات ثم الأخوال ثم الخالات ثم بنات الأعمام ثم بنات العمات وهذا عند الإمام. وقال محمد: ليس لغير العصبات ولاية وإنما هي للحاكم واختلف النقل عن الثاني ففي (الهداية) الأشهر أنه مع محمد، وفي (الكافي) الجمهور أنه مع الإمام قال الشارح وغيره: وهو الأصح له قوله صلى الله عليه وسلم: (النكاح إلى العصبات) وأل فيها للجنس أي: هذا الجنس مفوض إلى هذا الجنس لا لغيره وحمله الإمام على ما إذا وجدوا أما

ثم للحاكم، ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم يوجد فالولاية نظرية ولا شك أن هذا النظر يتحقق بالتفويض إلى من هو المختص بالقرابة الباعثة على الشفقة ومن ثم كان قول الإمام استحسان، وما قاله غيره قياس وقد عرف أن العمل على الاستحسان؛ إلا في مسأئل محصورة ليس هذا منها فما في تهذيب القلانس مع أن ما قالاه رواية ابن زيادة وعليه الفتوى غريب. بقي مولى الموالاة ولم يذكروه مع أنه مقدم على القاضي لأنه بمنزلة ذوي الأرحام كما في (المحيط). (ثم الحاكم) وهو الإمام أو القاضي إذا كان ذلك في منشوره منه وأما نائبه فإن فوض إليه ذلك ملكه وإلا لا، وقوله في (المجتبي): ثم السلطان ثم القاضي ونوابه إذا شرط في عهده تزويج الصغار والصغائر وإلا فلا لا يفيد عدم اشتراط تفويض الأصل للنائب كما توهمه في (البحر) ولو لم يكتب في منشوره فزوج ثم أذن له فأجاز جاز استحساناً في الأصح ثم تزويجه مقيد بغير أبيه ونفسه وينبغي أن من لا تقبل شهادته له كذلك لأنه حكم وحكمه لا يجوز لمن ذكر، وكذا لا يجوز له أن يبيع مال اليتيم من نفسه وبهذا استدل على أن فعله حكم وإن عري عن الدعوة لكن في (فتح القدير) الإلحاق بالوكيل يكفي للحكم مستغنياً عن جعل فعله حكماً مع انتفاء شرطه وكذا إذا باع مال يتيم من نفسه لكل من الوجهين والأوجه ما ذكرنا. وأقول: الإلحاق بالوكيل يقتضي أن لو زوج أو باع من ابنه بأكثر من القيمة ومن مهر المثل جاز إذ لا خلاف في جواز بيع الوكيل ممن لا تقبل شهادته له بذلك وتعليلهم بأن فعله حكم يقتضي المنع مطلقاً وهو الظاهر، وأيضاً الوكيل يلحقه العهدة والقاضي لا عهدة عليه ومن ثم قال في (القنية): ادعى رجل عليه إجارة أرض اليتيم فأنكر وأراد تحليفه لم يحلف. وكذا لو باع مال يتيم فرده المشتري عليه بعيب، فقال: أبرأتني منه فالقول له بلا يمين وهذا إنما يتم على أنفعله حكم وقد نص محمد في (الأصل) على أن الورثة لو طلبوا القسمة وفهيم غائب وصغير، قال الإمام: لا أقسم بينهم بقوله ولا أقضي على الوارث والصغير لأن قسمة القاضي قضاء منه وحيث على ذلك نص الإمام لم يبق للبحث فيه مجال، فإن قلت: فماذا يفعل فيما إذا اتفقت كلمتهم عليه من أن شرط نفاد القضاء في المجتهدات أن يصير الحكم حادثة تجري فيه خصومة صحيحة عند القاضي/ من خصم على خصم؟ قلت: الظاهر أنه محمول على الحكم القولي أما الفعلي فلا يشترط فيه ذلك من إقامة البينة فخلاف المشهور وقول ابن الإمام حماد يقول لها القاضي: إن لم تكوني قرشية ولا عربية ولا ذات بعل ولا معتدة فقد أذنت لك. فالظاهر أن الشرطين الأولين محمولان على رواية عدم الجواز من غير الكفؤ وأما الثالث فمعلوم الاشتراط، كذا في

وللأبعد التزويج بغيبة الأقرب مسافة القصر ولا يبطل بعوده ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتح) قال في (البحر): والظاهر أنهما عند كذبها بأن كان لها ولي أما إذا كانت صادقة فليس بشرط على جميع الروايات. وأقول: هذا مما لا حاجة إليه إذ الحمل لا يتأتى وجوده إلا على فرض كذبها لأن الخلاف إنما هو مع وجود الولي لا مع عدمه كما مر والله الموفق. (وللأبعد التزويج بغيبة الأقرب مسافة القصر) لأن هذه الولاية نظرية ولا نظر في التفويض إلى من لا ينتفع برأيه ففوضناه إلى الأبعد وهو مقدم على الحاكم واختلف في حدها فاختار المصنف أنها مسافة القصر ونسبة في (الهداية) لبعض المتأخرين والشارح لأكثرهم وعليه الفتى إلا أن أكثر المشايخ كما في (الهداية) قدروه بفوت الكفؤ الخاطب لو استطلع رأي الأقرب وهو الأصح كما في (المبسوط) ولا تعارض بين أكثر المتأخرين وأكثر المشايخ والأشبه بالفقه قول أكثر المشايخ كذا في (الفتح)، وفرع عليه قاضي خان في (الجامع الصغير) ما لو كان مختفياً في المدينة بحيث لا يتوقف عليه تكون غيبة منقطعة وفيه تظهر فائدة الخلاف ولو زوجها حيث هو لا رواية فيه. وينبغي أن لا يجوز لانقطاع ولايته كذا في (المحيط) وجزم به في (المبسوط). قال الشارح: وما قالوه في الجنائز من أن الغائب لو كاتب إليه أن قدم زيداً في جنازة الصغير فللأبعد منعه يدل على ذلك إذ لو كانت باقية لما كان له منعه، لكن في (البحر) عن (الخانية) و (الظهيرية) أن الظاهر هو الجواز ولو عضل الولي انتقلت الولاية إلى الأبعد إجماعاً، كما في (الخلاصة) و (البزازية) وفي (المحيط) أنها تنتقل إلى الحاكم ونقل ابن وهبان عن (المجرد) أن تزويج القاضي الصغيرة عند العضل ينفي ثبوت الخيار لها وفي (المنتقى) عن محمد أن لها الخيار والأول بناء على تزويجه عند العضل بطريق النيابة والثاني على أنه بطريق الولاية وفيه إشارة إلى وهم الطرطوسي حيث لم يجعل تزويجه بطريق الولاية انتهى. وأقوى ما تمسك به الطرطوسي أنهم قالوا بعدم انتقال الولاية إلى الأبعد عند العضل لولية ولو كان فعله بطريق الولاية لتناقض كلامهم لأنه ولي أبعد وأنت خبير بأن ما في (المجرد) لو خرج على أن فعله بطريق الولاية على القولين لاستقام إذ الخلاف ثابت في تزويجه بطريق الولاية أيضاً على ما مر، والتناقض مبني على تسليم عدم انتقال الولاية إلى الأبعد وقد علمت بثبوته إجماعاً ولو سلم فالمراد بالأقرب والأبعد أولياء النسب لا غيرهم كما في (عقد الفرائد) (ولا يبطل) التزويج السابق (بعوده) أي: الأقرب لأنه صدر عن ولاية تامة، وجعل الشارح الضمير عائداً على الولاية بناء على أن الفعل بالتاء الفوقية أي: لا تبطل ولاية الأبعد يعني السابقة بعود

فرع

وولي المجنونة الابن لا الأب. فصل في الكفاءة ـــــــــــــــــــــــــــــ الأقرب ليترتب عليها بطلان النكاح وبهذا اندفع ما في (البحر) من أنه بعيد عن النظم والمعنى. (وولي المجنونة) والمجنون في النكاح الابن وابنه وإن سفل لا الأبعد عندهما وقدمه محمد وبه أخذ الطحاوي لأنه أوفر شفقة وهما أن هذه الولاية مبنية على العصوبة و (الابن) فيها هو المقدم و (لا) معتبر بزيادة الشفقة كأب الأم مع بعض العصبات أطلق الجنون فعم الأصلي والعارض خلافاً للزفر في الثاني وقيدنا محل الخلاف بالنكاح لأن (الأب) في التصرف في المال مقدم اتفاقاً كما في (التهذيب القلانسي). فرع هل لولي المجنون أو المعنوه تزويجه أكثر من واحدة لم أره لأئمتنا والمذكور في كتب الشافعية المنع لاندفاع الضرورة بالواحدة أناطوا ما زاد على الواحدة في الصبي بالحاجة والله الموفق. فصل في الكفاءة في النكاح لما كانت شرطاً في اللزوم على الولي إذا عقدت المرأة بنفسها كان اعتبارها فرع وجود الولي فقدم بيان الأولياء ثم أعقبه بيان الكفاءة وهية (بالفتح) والمد مصدر والاسم منه الكف وهو النظير من كافأه إذا ساواه والمراد هنا المساواة في أمور خاصة إذا لم تكن المرأة أدنى حالاً منه لعدم انتظام المصالح/ بينهما إذا كانت أعلى لاستنكاف الشريفة عن أن تكون فراشاً للأدنى بخلاف العكس لأن الزوج المستفرش لاتغيظه دناءة الفراش، ولذا لم تكن الكفاءة معتبرة من جانبها عند الكل كما في (الخبازية) وجعل هذا في (المحيط) و (الظهيرية) قول الإمام واعتبراها في جانبها أيضاً استحساناً نص عليه محمد في (الجامع الصغير) وفي (البناية) عن المرغيناني الكفاءة في النساء غير معتبرة عنده وعندهما معتبرة وروي غير معتبرة، وفي (البدائع) بعد أن ذكر اعتبارها في جانب الرجال خاصة قال ومن مشايخنا من قال: إنها معتبرة في جانب النساء عندهما أيضاً استدلالاً بمسألة (الجامع) وهي ما لو وكله أمير أن يزوجه امرأة فزوجه أمة لغيره جاز عند الإمام خلافاً لهما ولا دلالة فيها على ما زعموا لأن عدم الجواز عندهما يحتمل أن يكون لأن المطلق فيها مقيد بالعرف

من نكحت غير كفء فرق الولي، ورضا البعض كالكل، وقبض المهر ونحوه ـــــــــــــــــــــــــــــ والعادة أو لاعتقاد الكفاءة في تلك المسألة خاصة وقد نص محمد على القياس والاستحسان فيها في وكالة (الأصل) فلم يكن دليلاً على ماذكر و (من نكحت غير كفؤ فرق الولي) العصبة لا غيره وإن لم يكن محرماً كابن العم على الأصح دفعاً للعار عنه لا فرق في ذلك بين أن يكون تزوجها أولاً برضاها ثم طلقها أو لا، ولا بين ما إذا كانت معروفة النسب وقت النكاح أو عرف بعد ذلك حتى لو تزوجت مجهولة النسب بحجام فادعى قرشي أنها ابنته وأثبت نسبها منه كان له أن يفرق بينهما وأضاف التفريق إليه وإن توقف على القضاء لأن الطلب منه هو السبب والقضاء شرط فقط وفيه إيماء إلى صحته فيتوارثان ويقع طلاقه قبل التفريق وهذا هو ظاهر الرواية وقدمنا أن رواية عدم نفاذه هو المفتى بها وهل لها على ظاهر الرواية أو تمنع نفسها من الوطء، ظاهر الجواب لا، واختار الفقيه أن لها ذلك وكثير من المشايخ أفتوا بظاهر الرواية كذا في (الخلاصة)، ولا خفاء أنه على رواية عدم النفاذ يحرم عليها التمكين كما يحرم عليه والوطء ثم على ظاهر الرواية يجب المسمى بالدخول أو الخلوة الصحيحة والنفقة في العدة ولو أبانها بعد الدخول ثم تزوجها بدون رضى الولي أيضاً يجب المهر الثاني والعدة بمجرد العقد عندهما على ما سيأتي في العدة وعلى رواية الحسن يجب مهر واحد وهو الأقل من المسمى ومن مهر المثل ولا نفقة في هذه العدة. (ورضى البعض) أي: بعض الأولياء المستوين في الدرجة بعد العقد أو قبله (كالكل) عندهما خلافاً للثاني قياساً على الدين المشترك والفرق لهما أن الحق فيه متعدد وهنا واحد غير متجزئ لثبوته بما لا يتجزأ فيثبت الكل على الكمال كولاية الأمان والتقييد بالاستواء في الدرجة يومئ إليه قوله بعض الأوليات إذ الأبعد مع الأقرب ليس ولياً في هذه الحالة حتى لو رضي كان للأبعد التفريق ومن قيد به فإنما أراد زيادة الإيضاح، قيد بالرضى لأن التصديق بالكفاءة من البعض لا يسقط حق الباقين حتى لو صدق أحد الأولياء على أنه كفؤ وأثبت الأخر أنه غير كفؤ كان له طلب التفريق لأن المصدق منكر سبب الوجوب وإنكار سبب وجوب الشيء لا يكون إسقاطاً، كذا في (المبسوط). قال في (البحر): ولو قال: رضيت بتزويجك من غير كفؤ ولم يعينه أو رضي بعد العقد ولم يعرف الزوج ينبغي أن لا يعتبر هذا الرضى فقد ذكر في (الخانية) مسألة وعللها بأن الرضى بالمجهول لا يتحقق (وقبض المهر) جهزها به أو لا في الأصح (ونحوه) بالدفع على قبض أي: قبض نحوه كالهدية والجر عطف على المهر

رضا لا السكوت. والكفاءة تعتبر نسباً فقريش أكفاء، والعرب أكفاء، ـــــــــــــــــــــــــــــ كالنفقة التي ادعى بها بوكالة منها هذا إذا كان عدم الكفاءة ثابتاً عند القاضي قبل مخاصمته فإن لم يكن لا يكون (رضا) بالنكاح قياساً واستحساناً، كذا في (الذخيرة) (لا السكوت) أي: لا يكون سكوت الولي بعد العلم بالنكاح رضى لأنه محتمل وهذا بإطلاقه شامل لما إذا ولدت فله التفريق، كما في (مبسوط شيخ الإسلام) كذا في (الدراية) لكن جزم الشارح وغيره بعدمه وكأنه هو المعتمد عندهم. قال في (البحر): وينبغي أن يكون الحبل الظاهر كالولادة (والكفاءة تعتبر نسباً) أي: من حيث النسب في العرب لتفاخرهم بالأنساب دل على ذلك قوله (فقريش)، وهم أولاد النضر سموا بذلك إما تشبيهاً بدابة في (البحر) تدعى قرشاً تأكل دوابه لأنهم من أعظم دواب البر عدة وفخراً ونسباً، أو لأن النضر كان يقرش أي: يفتش عن خلة المحتاج يسدها، أو لأن قريش بن الحارث بن مخلد كان صاحب عيرهم أو لتجارتهم/ والقرش الكسب (أكفاء) أي: بعضهم أكفاء لبعض فلا يعتبر التفاضل فيما بينهم وعن محمد إلا أن يكون نسباً مشهوراً كأهل بيت الخلافة يعني فلا يكافئهم غيرهم من القرشيين أو قال ذلك تسكيناً للفتنة وهذا لأن ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل) يقتضي عدم اعتبار التفاضل فيما بينهم ولما كانت الطبقات التي عليها ستاً وهي الشعب بفتح الشين والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة بالشعب أعمها لأنها تجمع القبائل والقبيلة تجمع العمارة والعمارة تجمع البطون والبطن يجمع الأفخاذ والفخذ يجمع الفصائل فربيعة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة. قال عليه الصلاة والسلام: (في قريش بطن ببطن وفي العرب قبيلة بقبيلة) وقد معها بعض الأدباء في قوله: قبيلة فوقها شعيب وبعدها عمارة .... عمارة ثم بطن تلوه فخذ وليس يأوي الفتى الأفضلية .... ولا سداد لهم ماله فزر (والعرب) وهما صنفان عرب عاربة وهم أولاد قحطان وهو أبو اليمن كلهم ومتعربة وهم أولاد إسماعيل عليه السلام وقيل: قحطان من ذرية إسماعيل والعجم أولاد فروخ أخو إسماعيل بعضهم (أكفاء) لبعض قيل: إلا بني باهلة لأن الخساسة والدناءة سيمتهم. وباهلة في الأصل اسم امرأة من همدان والتأنيث للقبيلة سواء كان في الأصل اسم رجل أو امرأة كذا في (الصحاح).

وحرية وإسلاماً، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): ولا يخلو عن نظر لأن النص السابق لم يفصل مع أنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم بالعرب وأخلاقهم، وليس كل باهلي كذلك بل فيهم الأجواد وكون القبيلة أو بطن صعاليك فعلوا كذلك لا يسري في حق الكل انتهى. وهذا البحث يعضده إطلاق المصنف ودل كلامه على أن غير العربي لا يكافئ العربي وإن كان حسيباً لكن في (جامع قاضي خان) قالوا: الحسبي يكون كفؤاً للنسب فالعالم العجمي يكون كفؤاً للجاهل العربي والعلوية لأن شرف العلم فوق شرف النسب، وارتضاه في (فتح القدير) وجزم به البزازي وزادوا العالم الفقير يكون كفؤاً للغني الجاهل والوجه فيه ظاهر لأن شرف العلم فوق شرف النسب فشرف المال أولى. وادعى في (البحر) أن ظاهر الرواية أن العجمي لا يكون كفؤاً للعربية مطلقاً واستدل عليه بما في (المبسوط) أفضل الناس نسباً بنو هاشم ثم قريش ثم العرب لخبر: (إن الله اختار من الناس العرب ومن العرب قريشاً واختار منهم بني هاشم واختارني من بني هاشم) ولا يخفى أن هذا لا دلالة فيه أن كون شرف الحسب يوازي شرف النسب فلا ينافي كون بني هاشم أفضل الناس نسباً ونعم الحسيب قد يراد به المنصب والجاه كما فسر به في (المحيط) عن صدر الإسلام وهذا ليس كفؤاً للعربية كما في (الينابيع)، واقتضى كلامه عدم اعتباره الكفاءة نسباً في الموالي وهم العتقاء والمراد بهم غير العرب وإن لم يمسهم رق لأنهم لا يفتخرون بها لتضييعهم أنسابهم فكان افتخارهم بالدين والي ذلك أشار سلمان رضي الله عنه حين افتخرت الصحابة بالأنساب وانتهى الأمر إليه بقوله: (أبي الإسلام لا أب له سواه) سموا بذلك إما لأن العرب لما افتتحت بلادهم وتركتهم أحرار بعد أن كان لهم الاسترقاق فكأنهم أعتقوا أو لأنهم نصروا العرب على قتل الكفار والناصر يسمى مولى (وحرية) عطف على نساء أي: تعتبر الكفاءة من حيث الحرية أيضاً فلا يكون العبد ولا المعتق كفؤاً للحرة الأصلية. قال في (التجنيس): ولو كان أبوها معتقاً وأمها حرة الأصل لم يكافئها المعتق وفي (المجتبي) معتقة الشريف لا يكافئها معتق الوضيع (وإسلاماً) فالكتابية لا تكون كفؤاً للمسلم حتى لو وكل رجلاً بالنكاح فزوجه كتابية لم يجز لتقييدها على قولها بالكفاءة، كذا في (الخانية) وهذا إنما يتم على ما قدمناه عنهما من اعتبار الكفاءة في حق النساء أيضاً. أما على عدم اعتبارها فالكفاءة في الإسلام باعتبار الآباء فلا

وأبوان فيهما كالآباء، وديانة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون من أسلم بنفسه كفؤاً لمن لها أب في الإسلام وهذا في حق العجم لتفاخرهم به لا في حق العرب لأنهم لا يتفاخرون بغير الأنساب فمن كان له أب كافر لو تزوج بمن لها في الإسلام أباً كان كفؤاً. قال في (الفتح): ولا يبعد أن يكون من أسلم/ بنفسه كفؤاً لمن عتق بنفسه. وفي (القنية) المرتد إذا أسلم يكون كفؤاً لمن لم تجر عليها ردة هذا وأما الكفاءة بين أهل الذمة فغير معتبر بل بعضهم أكفاء فلو ادعى الولي أن الزوج غير كفؤ لم يفرق بينهما قال في (الأصل): إلا أن يكون نسباً مشهوراً كبنت ملكهم إذا خدعها حائك لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين (وأبوان فيهما) أي: في الحرية والإسلام (كالآباء) هذا ظاهر الرواية وهو الصحيح، كما في (المبسوط) وما عن الثاني من أنه ألحق الواحد بالمثنى فإما رواية عنه أو أنه إنما قال ذلك في موضع لايعد كفر الجد عيباً وهما قالاه في موضع يعد عيباً ويدل على ذلك اتفاقهم على أنه ليس بعيب في العرب لأنهم لا يعيرون بذلك وهذا حسن به ينتفي الخلاف ونظير هذا ما قيل أن اكتفاء الثاني في التعريف في الدعاوي والشهادات بذكر الأب في قرية صغيرة لا يلتبس الاسم فيها وما قالاه من عدم الاكتفاء فيما إذا كانت كبيرة كالمصر (وديانة) عدل عن قول غيره وديناً لأن المراد التقوى لا اتفاق الدين لما مر من أنه شرط لنكاح المسلمة والكلام في شرط الكفاءة. وأما التساوي في إسلام الآباء فقد مر وفسر في (النقاية) الديانة بالتقوى والصلاح والحسب وهو مكارم الأخلاق واقتصر في (الفتح) على التقوى وكأنه الأقوى، قال في (البحر): وظاهر كلامهم اعتبارها في العرب والعجم انتهى. وأقول: صرح بهذا في (إيضاح الإصلاح) على أنه المذهب وهذا قول الإمام والثاني في الأصح عنه ولم يعتبر محمد الكفاءة فيها وهو رواية عن الإمام ورجحه السرخسي حيث قال: الصحيح من مذهب الإمام أن الكفاءة من حيث الصلاح غير معتبرة. قال في (المحيط): وعليه الفتوى وكذا في (الفتح) وغيره ولم يوجد في الرضوى فكأنه غيره وعلى الأول فلو نكحت امرأة من بنات الصالحين فاسقاً كان للأولياء حق الاعتراض، كذا في (المحيط) وهذا يقتضي اعتبار الصلاح من جهة الأب لا من جهتها واعتبر في (المجمع) صلاحها. وفي (الخانية) قال أبو يوسف: الفاسق إذا كان معلناً يخرج سكراناً لا يكون كفؤاً للصالحة بنت الصالحين. قال في (البحر): والظاهر أن الصلاح منها أو من آبائها كاف لعدم كون الفاسق

ومالاً، وحرفة، ـــــــــــــــــــــــــــــ كفؤاً لها. ولم أره، وأقول: ما في (الخانية) يقتضي اعتبار الصلاح من حيث الآباء فقط حيث قال: إذا كان الفاسق محترماً معظماً عند الناس كأعوان السلطان يكون كفؤاً لبنات الصالحين ثم قال وقال بعض المشايخ بلخ لا يكون كفؤاً لبنت الصلاح معلناً كان أو لا، وهو اختيار ابن الفضل. وهذا هو الظاهر ويؤيده ما مر عن (المحيط) وحينئذ فلا اعتبار بفسقها والله الموفق. (ومالاً) أي: تعتبر الكفاءة من حيث المال أيضاً لوقوع التفاخر أيضاً وظاهر الرواية أنه لا يشترط التساوي فيه بل يكفي أن يكون قادراً على المهر المعجل والنفقة والكسوة وإن كانت تطيق الجماع وهو الأصح. والصبي يعد كفؤاً بغنى أبيه في الأصح كما في (المجتبى)، يعني بالنسبة إلى المهر لا بالنسبة إلى النفقة، كذا في (الذخيرة) زاد في (المحيط) وبغناء أمه وجده ولو كان عليه دين يقدر المهر كان كفؤاً لأن له أن يقضي أي: الدينين شاء ولم يشترط بعضهم القدرة على المهر في ذي الجاه واكتفى بالقدرة على النفقة فقيل نفقة شهر وصححه في غريب الرواية. قال في (المجتبي): والصحيح أنه إن كان قادراً عليها بالكسب يكون كفؤاً ولو قيل: إن كان غير محترف فنفقة شهر وإلا فإن كان يكتسب كل يوم قدر ما يحتاج إليه لكان حسناً ثم رأيته في (الخانية) نقل ما في (المجتبي) عن الإتقاني ثم قال: والأحسن في المحترفين قوله: وإن لم يجد نفقتها لا يكون كفؤاً وهذا يشير إلى ما قلنا. ولو قدر على نفقتها دون نفقته يكون كفؤاً، وإن لم يجد نفقتها لا يكون كفؤاً، ولو فقيرة، كذا في (الذخيرة) (وحرفة) بكسر الحاء سميت بذلك لأنه ينحرف إليها وتسمى صنعة أيضاً كذا في (القاموس). قال في (البحر): والظاهر أنها أعم من الصناعة لأنها العمل الحاصل من التمرن على العمل ولذا عبر بالحرفة دونها. وأقول: هذا مسطور في (حاشية شرح المواقف) لابن الفناري حيث قال: الصناعة أخص من الحرفة لأنها يحتاج في حصولها إلى طرو آلة وقد يراد بالحرفة ما يقابل الصناعة انتهى. وإنما اعتبرت الكفاءة فيها لأن الناس يتفاخرون بشرفها ويعيرون بدناءتها وهذا قول الإمامين وهو رواية عن أبي حنيفة وهو/ الصحيح كما في (الخانية) وظاهر الرواية عنه عدم اعتبار الكفاءة فيها وجعل الأقطع اعتبارها قول الإمام قال: وعنه لا تعتبر ونحوه في (النافع) وفي (الإسبيجابي) الصناعات المتقاربة أكفاء كالبزاز والعطار بخلاف المتباعدة وعد الخيط مع الدباغ والحجام والكناس

ولو نقصت عن مهر مثلها فللولي أن يفرق بينهم، أو يتم المهر، ـــــــــــــــــــــــــــــ فهؤلاء بعضهم أكفاء بعض ولا يكافئون سائر الحرف. وفي (البناية) عن (الغاية) الكناس والحجام والدباغ والحارس والسائس والراعي والقيم أي: البلان في الحمام ليس كفؤاً لبنت الخياط ولا الخياط لبنت البزاز والتاجر ولا هما لبنت عالم وقاض، والحائك ليس كفؤاً لبنت الدهقان وإن كانت فقيرة وقيل: هو كفؤ انتهى. وقد غلب اسم الدهقان على ذي العقار الكثير كما في (المغرب). قال في (الفتح): وينبغي أن يكون الحائك كفؤاً للعطار بالإسكندرية لما هناك من اعتبارها وعدم عدها نقصاً البتة إلا أن يقترن بها خساسة غيرها انتهى. وينبغي أن يكون الوظائف من الحرف فيكون صاحبها كفؤاً لبنت التاجر إلا أن تكون دنية كبوابة وسواقة وإن من بيده وظيفة تدريس أو نظر يكون كفؤاً لبنت الأمير بمصر كذا في (البحر) وفي (المحيط) وغيره وههنا خساسة هي أخس من الكل وهو الذي يخدم الظلمة يدعى شاكرباه تابعاً وإن كان ذا مروءة ومال، وصرح في (الظهيرية) بأن بعض هؤلاء أكفاء لبعض قال في (البناية): قلت في مصر جنس هو أخس من كل جنس وهم الطائفة الذين يسمون بالسريانية. واعلم بأنهم صرحوا بأن العبرة لكونه كفؤاً وقت التزوج، فلو كان دباغاً ثم صار تاجراً ينبغي أن يكون كفؤاً لبنت التاجر الأصلي لكن قولهم كما في (المجتبي) بأن الصنعة وإن أمكن تركها يبقى عارها يخالفه، كذا في (البحر). وأقول: المخالفة مبنية على تسليم كونه كفؤاً ولقائل منعه لقيام المانع به وهو بقاء عار الحرفة السابقة واعتبارها وقت العقد معناه أنه لو كان وقته كفؤاً ثم صار عاجزاً إذا عري لا ينفسخ النكاح كما صرح به غير واحد ولو قيل: بأنه إن بقي عارها لم يكن كفؤاً إلا بأن ينسى أمرها لتقادم زمانها كان كفؤاً لكان حسناً. تتميم: لم يذكر العقل لعدم اعتبارها في الكفاءة عندنا كسائر الأمراض وهذا أحد القولين وقيل: يعتبر لأنه يفوت مقاصد النكاح فكان أشد من الفقرة ودناءة الحرفة وينبغي اعتماده لأن الناس يعيرون بتزويج المجنون أكثر من ذي الحرفة الدنية وفي (البناية) عن المرغيناني لا يكون المجنون كفؤاً للعاقلة وعند بقية الأئمة هو من العيوب التي يفسخ بها النكاح نعم لا عبرة بالجمال كما في (الخانية). (و) لا بالبلد فالقروي كفؤاً للمدني (لو نقصت) من زوجت نفسها (عن مهر مثلها للولي) وهو العصبة على ما مر لا غيره من الأقارب ولا القاضي لو كانت سفيهة كما في (الذخيرة) (أن يفرق بينهما) فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها وبعده ولو حكماً لها المسمى (أو يتم المهر) أي: مهر مثلها فالثابت له أحد أمرين وهو فرع قيام مكنه كل واحد منهما حتى لو لم يعلم حتى ماتت ليس له المطالبة بتكميل مهر

ولو زوج طفله غير كفء، ـــــــــــــــــــــــــــــ المثل هذا قول الإمام وقالا: ليس له ذلك لأن الزائد على العشرة حقها ولا اعتراض على من أسقط كما في الإبراء وله أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بنقصانه فأشبه الكفاءة ولا يتعيرون بالإبراء ثم أن نسبة هذا إلى محمد إنما تصح على اعتبار قوله المرجوع إليه في الكفاءة بغير ولي وهذه شهادة صادقة عليه، كذا في (الهداية) وفي هذه الشهادة طعن وذلك أن المسألة كما هنا هي في (الجامع الصغير) ورجوعه قبل موته بسبعة أيام ومعلوم أن وضع (الجامع) سابق، وحينئذ فيتعين أن يكون وضع المسألة فيما إذا أذن لها الولي في النكاح ولم يسم مهراً فعقدت على هذا الوجه أو أكره على تزويجها بمهر قليل ثم زال الإكراه ورضيت المرأة بدونه ليتأتى ذكر الخلاف. (ولو زوج) الأب أو الجد (طفله) أي: ولده الصغير ذكراً كان أو أنثى (غير كفؤ) بأن زوج الذكر أمة أو الأنثى عبداً أو زوجه بغبن فاحش بأن نقص من مهرها أو زاد في مهره صح النكاح عند الإمام ولزم الصغير سواء كان موسراً أو معسراً والأصح عندهما أنه لا يصح لأن الولاية مقيدة بشرط النظر فعند فواته يبطل العقد وله أن الحكم يدار على دليله وهو القرابة والإعراض عن الكفاءة لمصلحة تفوقها وفي النكاح مقاصد تربو على المهر وهذا موافق لما قدمناه عن (المحيط) وغيره من اعتبار الكفاءة في جانبها مخالف لما مر عن (الخبازية) من عدم اعتبارها عند الكل قال/ في (الحواشي السعدية) ولعلهما يعتبران الكفاءة بالحرية من جانبها دون غيرها لأن رقبة الزوجة تتبع رقبة أولادها انتهى. وهذا يرشد إليه تصويرهم المسألة بما إذا زوجه أمة إلا أن الظاهر اعتبارها في جانبها عندهما مطلقاً على ما مر. بقي أن إطلاق المصنف كغيره يفيد أن لا فرق في الصحة على قوله بين أن يزوجها ممن ليس له في الإسلام أب أو من دني الحرفة أو من فقير أو فاسق واستثنى في (فتح القدير) الديانة لما قالوه من أن الأب لو كان معروفاً بسوء الاختيار مجانة، وفسقاً كان العقد باطلاً على قول الإمام على الصحيح ومن زوج ابنته القابلة للتخلق بالشر والخير ممن يعرف أنه شرير فاسق ظهر سوء اختياره ولأن ترك النظر هنا مقطوع به فلا يعارض ظهوره إرادة مصلحة تفوق ذلك نظراً إلى شفقة الأبوة. قال في (البحر): وظاهر كلامهم أنه إن كان معروفاً بسوء الاختيار لم يصح عقده بغبن فاحش ولا من غير كفؤ سواء كان عدم الكفاءة بسبب الفسق أم لا فقصره في (الفتح) على الفاسق مما لا ينبغي.

فصل في الوكالة

أو بغبن فاحش صح، ولم يجز ذلك لغير الأب والجد. فصل لابن العم أن يزوج بنت عمه من نفسه، وللوكيل أن يزوج موكلته من نفسه، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: التحقيق أن الأب تارة يعرف بسوء الاختيار فلا صيح عقده مطلقاً أو لا فيصح مطلقاً. ولو من فاسق بشرط أن يكون صاحياً إذ لو كان فعله ذلك أية سوء اختياره لزم إحالة المسألة فتدبره هذا إذا ظنه غير كفؤ أما لو ظنه كفؤاً فبان أنه مدمن خمر فإن كان أغلب أهل بيته صالحين فالنكاح باطل اتفاقاً، وكذا لو ظنه حر الأصل فبان معتقاً ووقع في أكثر الفتاوى أنه باطل وفي (الذخيرة) أي: يبطل وهذا يؤذن بانعقاده أولاً وهو الحق ويؤيده قوله في (الظهيرية) نفرق بينهما قيد بتزويج الطفل لأنه لو زوج أمه الطفل بغبن فاحش لم يصح اتفاقًا لما فيه من إضاعة المال وكذا سائر التصرفت المالية كالبيع والصلح عن دعوى المال والإجارة والاستئجار وبالطفل لأنه لو زوج الكبيرة برضاها من مملوكه (أو بغبن فاحش صح، ولم يجز ذلك) المذكور أي: لم صح (لغير الأب والجد) لقصور الشفقة في العصبات ونقصان الرأي في الأم وكلامه شامل لوكيل الأب أيضاً فلو زوج الطفل بغبن فاحش لم يجز كما في (القنية) وينبغي أن يكون معناه ما لو وكله أن يزوج طفله أما لو عين له المقدار الذي هو غبن فاحش فيصح والله الموفق. فصل في الوكالة بالنكاح وغيرها من أحكام الولي ونكاح الفضولي ولما كانت الوكالة نوعاً من الولاية من حيث نفاذ تصرفه على الموكل كالولي على المولى كانت تالية الولاية الأصلية فلا جرم أوردها ثانية في التعليم ثم ذكرها غيرها من الفضولي لتأخره عنها لأن النفاذ بالإجازة إنما ينسب للولي المخير فنزل عقد الفضولي كالشرط له حيث لم يستقل بنفسه حكمه وبدأ بالولي لقوته وإن كان الفصل معقوداً للوكيل (لابن العم أن يزج بنت عمه) الصغيرة وهذا القيد لابد منه وإلا فإن كانت كبيرة وكان ذلك بإذنها كان فضولياً وحكمه سيأتي وأنت خبير بأن هذه المسألة من جزئيات ما مر من قوله: وللولي إنكاح الصغيرة، لأنه أعم من إنكاحها لنفسه أو لغيره (من نفسه) بأن يقول: أشهدوا أني تزوجت بنت عمي فلانة بنت فلان أو زوجتها من نفسي (وللوكيل) بتزويجها منه (أن يزوج موكلته من نفسه) بأن يقول عند الشهور زوجت فلانة من نفسي وكذا في كل شيء يكون من الطرفين قيدنا بكونه وكيلاً في هذا الخصوص لأنها لو وكلته أن يزوجها من رجل أو ممن شاء لا يملك تزويجها من نفسه، وكذا لو وكلته أن يتصرف في أمورها كما في (الخانية)

ونكاح العبد والأمة بلا إذن السيد موقوف، كنكاح الفضولي، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الظهيرية) قال: ابن العم للكبيرة أريد أن أزوجك من نفسي فسكتت فزوجها من نفسه جاز وقيده في (غاية البيان) بالبكر ولابد منه كما مر وبقي قيد آخر وهو كونه ولياً كما مر ثم إن كانت حاضرة أو عرفها الشهود فلا كرم وإلا فلابد من ذكر اسمها ونسبها لهم خلافاً للخصاف. قال الحلواني: والخصاف كبير في العلم يقتدى به هذا كله قول علمائنا الثلاثة ومنعه زفر لامتناع كون الواحد مملكاً ومتملكاً كما في بيع قلنا: هو في النكاح سفير ومعبر وكل من كان كذلك لا يمتنع أن يكون مملكاً ومتملكاً إذ لا تمانع في التعبير إنما التمانع في الحقوق كالتسلم والتسليم/ والإيفاء والاستيفاء وفي البيع أصل ولذا رجعت الحقوق إليه وقوله في (الغاية) هذا منقوض بما إذا زوجها على عبده فإنه يلزمه تسليمه مع أنه سفير رد بأنه إنما لزمه بالتزامه لا بأصل العقد كالبيع، وأفاد في (الذخيرة) أنه إذا سلمه لا يرجع على الزوج بشيء ولو قال: بألف من مالي أو بألفي هذه جاز ولا يلزم الوكيل شيء، والسفير الرسول والجمع سفراء كفقيه وفقهاء كذا في (الصحاح) وفيه عبر عن فلان إذا تكلمت عنه انتهى. وهذا يفيد أن عطف المعبر على السفير تفسيري. تتمة: بقي الرسول ذكره في (المبسوط) حيث قال: إذا أرسل إلى المرأة رسولاً حراً أو عبداً صغيراً أو كبيراً فقال: إن فلاناً سألك أن تزوجيه نفسك فأشهدت أنها زوجته وسمع الشهود كلامها فإن ذلك جائز إذا أقر الزوج بالرسالة أو قامت عليه بينة فإن لم يكن أحدهما فلا نكاح بينهما لأن الرسالة لما لم تثبت كان الآخر فضولياً ولم يرض الزوج بصنعه. قال في (الفتح): ولا يخفى أن مثل هذا بعينه في الوكيل انتهى. وإنما لم يذكر المصنف الرسول استغناء عنه بالوكيل لأنه ليس إلا رسولاً والله الموفق. (ونكاح العبد) ولو مدبراً أو مكاتباً (والأمة) ولو أم ولد (موقوف) فإن أجازه المولى بالقول أو بالفعل نفذ وإلا بطل وفي (التجنيس) (لو أذن له فيه) بعدما تزوج لم ينفذ إلا بإجازة العاقد (كنكاح) أي: وقف كوقف نكاح (الفضولي) لأنه صدر من أهله مضافاً إلى محله فيتوقف في عقوده بشرط أن يكون له مجيز الوقوع وفسروه في (النهاية) بقابل يقبل الإيجاب سواء كان فضولياً أو وكيلاً أو أصلياً وقال في فصل بيع الفضولي منها: الأصل أن العقود تتوقف على الإجازة إذا كان لها مجيز حالة العقد وإلا تبطل والشراء إذا وجد نفاذاً على العاقل وإلا توقف بيانه، الصبي لو باع ماله أو اشترى أو تزوج أو زوج أمته أو كاتب عبده ونحوه توقف على إجازة الولي فلو بلغ هو فأجاز نفذ ولو طلق أو خلع أو أعتق عبده على مال أو دونه أو وهب أو تصدق أو

ولا يتوقف شطر العقد على قبول ناكح غائب، والمأمور بنكاح امرأة ـــــــــــــــــــــــــــــ زوج عبده أو باع ماله بمحاباة فاحشة أو اشترى بأكثر من القيمة بما لا يتغابن فيه أو غير ذلك مما لو فعله وليه لا ينفذ كان باطلاً لعدم المجيز وقت العقد إلا إذا كان لفظ الإجازة يصلح لابتداء العقد فيصح على وجه الإنشاء كأن يقول بعد البلوغ: أوقعت ذلك الطلاق أو العتاق. وقال في (الفتح): وهذا يوجب أن يفسر المجيز هنا بمن يقدر على إمضاء العقد لا بالقابل مطلقاً ولا بالولي فالصواب أن يحمل المجيز على من له قدرة الإمضاء وما لا مجيز له أي: من لا يقدر على الإجازة يبطل كما لو كان تحته حرة فزوجه الفضولي أمة أو أخت امرأته أو معتدة أو مجنونة أو يتيمة صغيرة في دار الحرب ولم يكن ثمة سلطان ولا قاضي ولا وقعت الإجازة بعد زوال المانع. واعترض بالمكاتب إذا تكفل بمال ثم أعتق صحت حتى يطلب بها بعد العتق صح. وأجيب بأن كفالته نافذة عليه في حق نفسه غير أنه لم يظهر أثرها لحق المولى وبالعتق وإن وأما التوكيل والوصية فالإجازة فيها إنشاء. واعلم أن الفضولي قبل الإجازة لا يملك نقض النكاح لا قولاً ولا فعلاً بخلاف البيع وفي (الظهيرية) وكله أن يزوجه امرأة بعينها فزوجها له بغير رضاها ملك نقضه قولاً لا فعلاً حتى لو زوجه أختها لا ينتقض نكاح الأولى ولو لم يعينها ملكه فعلاً لا قولاً ولو أجاز نكاحها باشره قبل ذلك صح استحساناً. (ولا يتوقف شطر العقد) أي: نصفه وهو الإيجاب (على قبول ناكح غائب) عن المجلس بل يبطل بلا خلاف لا فرق بين البيع والنكاح وغيرهما فالنكاح اتفاقي، كذا في (البحر) وأقول: هذا مبني على أن أل في العقد للجنس لكن الظاهر أنها للعهد أي عقد النكاح إذ الكلام فيه بقي أن ما يقوم بالفضولي سواء كان من الجانبين أو من جانب واحد أصيلاً كان من الجانب الآخر أو وكيلاً أو ولياً هل هو عقد تام أو شرطه قال الإمام ومحمد: شطر فلا يتوقف. وقال الثاني: تام فيتوقف. ولا فرق عندهما بين أن يتكلم بكلام واحد أو بكلامين إذ قبوله غير معتبر شرعاً فالحق بالعدم فما في (الحواشي) وغيرها من تقييد الخلاف بما إذا تكلم بكلام واحد أما إذا تكلم بكلامين فيتوقف اتفاقاً ضعيف قيد بالغائب لأنه لو كان حاضراً فتارة يتوقف كالفضوليين وتارة ينفذ كما إذا كان ولياً أو وكيلاً من الجانبين أو أصيلاً/ من جانب وكيلاً أو ولياً من آخر أو ولياً من جانب وكيلاً من آخر فهذه خمس صور اتفاقية. وقد مر أربعة خلافية في متولي الطرفين ولم يذكروا الأصل من الجانبي مع أن القسمة العقلية تقتضيه لاستحالته (والمأمور بنكاح امرأة) نكرها دلالة على أنه لو عينها فزوجها له مع أخرى لا يكون مخالفاً بل ينفذ عليه في المعينة وفي (الخانية) وكله

باب المهر

مخالف بامرأتين لا بأمة. باب المهر ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يزوجه فلانة أو فلانة فأيها زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الحالة (مخالف) أمره (بامرأتين) أي: بتزويجه امرأتين يعني في عقد واحد قيد به في (الهداية) ولابد منه لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في أحدهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية. قال في (الهداية): فيتعين التفريق ورده الشارح بأنه غير مستقيم إذ له أن يجيز أحدهما أيتها شاء أو نكاحهما والمنفي إنما هو اللزوم للمخالفة وأجاب في (الحواشي السعدية) بأن المراد إذا لم يجز تزويجهما ورده بقرينة السياق قيد بامرأة لأنه لو أمره أن يزوجه امرأتين في عقدة فزوجه واحدة فإنه يجوز، كما في (الخلاصة). قال في (البناية): إلا إذا قال: لا تزوجني إلا امرأتين في عقد وقيدنا بكونه في عقد واحد لأنه لو زوجه أيهما في عقدين نفذ الأول وتوقف الثاني وقيد بامرأتين لأنه لا يكون مخالفاً بالواحدة ولو صغيرة لا يجامع مثلها إجماعاً إلا إذا وصفها بأن قال سوداء فزوجه بيضاء أو عكسه لا يجوز وكذا لو قال من قبيلة كذا فزوجه من أخرى ثم إذا لم يصفها واختلفا في تعيينها فقال الموكل هي هذه وقال الوكيل إنما زوجتك هذه كان القول للزوج إذا صدقته المرأة كذا في (الخانية) (لا) يكون مخالفاً (بأمة) ولو مكاتبة أو أم ولد بشرط أن لا تكون للوكيل التهمة وهذا عند الإمام، وقالا: لا يجوز إلا أن يزوجه كفؤاً وذكر في الوكالة أن هذا استحساناً عندهما لأن كل واحد لا يعجز عن التزويج بمطلق الزوج فكانت الاستعانة في التزويج بالكفؤ، كذا في (الهداية) وهو ظاهر في ترجيح قولهما ويوافقه ما في (شرح الطحاوي) أنه الأحسن للفتوى واختاره أبو الليث وأجمعوا أنه لو زوجه ابنته الصغيرة أو موليته لا يجوز ولو كبيرة فكذلك عند الإمام وقالا: يجوز ولو زوجه امرأة قد أبانها قبل التوكل لا يكون مخالفاً إلا أن يكون الموكل قد شكى إليه من سوء خلقها وكذا الزوجة من آلي منها أو حلف بطلاقها ثلاثًا إن تزوجها ويقع الطلاق وفيه خلافهما والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. باب المهر لما فرغ من بيان ركن النكاح وشرطه شرع في بيان حكمه وهو المهر فإن مهر المثل يجب بالعقد فكان حكماً، كذا في (العناية) قال في (الحواشي السعدية): لا أدري لم خص مهر المثل مع أن وجوب المهر مطلقاً مسمى كان أو مهر المثل من

صح النكاح بلا ذكره، وأقله عشرة دراهم ـــــــــــــــــــــــــــــ أحكام النكاح فكان الأولى الإجراء على العموم. وأقول: إنما خص مهر المثل لأن حكم الشيء هو أثره الثابت به والواجب بالعقد إنما هو مهر المثل، كما صرح به في (العناية) بعد ولذا قالوا إنه هو الموجب الأصلي في باب النكاح وأما المسمى فإنما قام مقامه للتراضي به ثم عرفه في (العناية) بأنه اسم للمال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة البضع إما بالتسمية أو بالعقد انتهى لكنه غير جامع لعدم شموله الواجب بالوطء بشبهة ومن ثم عرفه بعضهم بأنه اسم تستحقه المرأة بعقد النكاح أو الوطء إلا أن يقال: المعرف إنما هو المهر الذي هو حكم النكاح بحكم العقد ويقال له الصداق والنحلة والأجر والفريضة والصدقة والحباء وجاء في السنة تسميته بالعقليقة والعقر وقد جمعها بعضهم: صداق ومهر نحلة وفريضة .... حباء وأجر ثم عقر علائق لكنه لم يذكر الصدقة قيل وقد سماه الله تعالى بالابتغاء وفي الصداق سبع لغات أوضحها عند تغلب فتح الصاد وعند الفراء والأخفش كسرها (صح) عقد (النكاح بلا ذكره) لأنه عقد انضمام لغة فيتم بالزوجين ثم المهر واجب شرعاً إبانة لشرف المحل فلم يحتج إلى ذكره لصحته ولذا لم ينقل عن أحد خلاف في صحته بدون ذكره وكذا يصح مع نفيه لما ذكرنا (وأقله) أي: أدناه (عشرة دراهم) فضية ولو غير مصكوكة لخبر الدارقطني: (لا مهر أقل من عشرة دراهم) وقد ضعف لكنه بتعدد طرقه ارتقى إلى الحسن فقد رواه البيهقي في السنن الكبيرة من طرق وضعفها وأخرج عن علي: (أقل ما تستحل به المرأة عشرة دراهم) لا فرق في ذلك بين الدين والعين لو تزوجها على عشرة/ له على زيد صح وتأخذها من أيهما شاءت فإن اتبعت المديون أجبر الزوج على أن يوكلها بالقبض منه ولو على الألف التي له على فلان إلى سنة فاتبعت الزوج أخذته بالمال إلى سنة، كذا في (الخانية) وفي (الظهيرية) تزوجها على ألف على أن ينقد ما تيسر له والباقي إلى سنة كان الألف كله إلى سنة إلا أن تقيم البينة على أنه تيسر له البعض أو الكل فتأخذه ولو تزوجها أحد الدائنين على حصته من دين لهما عليها ليس للثاني مشاركته ولو على دراهم مطلقة بقدر حصته من الدين وصار قصاصاً كان له المشاركة والفرق أن النكاح في الأول أضيف إلى دراهم عين فتعلق بعين ما في ذمتها له وفي الثاني إلى مطلقة فتعين بمثلها، كذا في (الذخيرة) وفي (الظهيرية) تزوجها على ما وجب له من الدية على عاقلتها لأنها

فإن سماها أو دونها فلها عشرة بالوطء، أو الموت، وبالطلاق قبل الدخول ـــــــــــــــــــــــــــــ مؤدية عنهم. قال في (المحيط): ولو تزوجها على عيب عبد اشتراه منها جاز لأنها بقبول النكاح صارت مقرة بحصة العيب لأن النكاح لابد له من مهر فيكون نكاحها بمال فإن كانت قيمة العيب عشرة دراهم فبها وإلا كانت لها وغير الدراهم يقوم مقامها باعتبار القيمة وقت العقد في ظاهر الرواية حتى لو تزوجها على ثوب أو مكيل أو موزون قيمته يوم العقد عشرة فصارت يوم القبض أقل ليس لها الرد وفي العكس لها ما نقص. قال في (المحيط): ولو صارت أكثر وقد طلقها قبل الدخول بعدما استهلكته ردت نصف قيمته يوم القبض لأنه إنما دخل في ضمانها بالقبض فتعتبر قيمته يومه ولو كسدت الدراهم قبل القبض كان على الزوج قيمتها قبل الكساد كذا في (الخانية) وفي (الولوالجية) المختار يوم الكساد (فإن سماها) أي: العشرة (أو) سمى (دونها فلها عشرة بالوطء) ولو حكماً لتحقق تسليم المبذل وبه يتأكد البدل (أو الموت) أي: يموت أحدهما لأنه به ينتهي النكاح والشيء بانتهائه يتقرر بجميع مواجبه لكن بقي يتأكد أيضاً بوجوب العدة عليها لما سيأتي من أنه لو أبانها بعد الدخول ثم تزوجها في العدة وجب كل المهر وإن لم يدخل بها لأن وجوبها فوق الخلوة بها وحكم النكاح الفاسد في هذا حكم الصحيح وبما إذا زال بكارتها بحجر ونحوه، بخلاف ما إذا أزالها بدفعة حيث يجب النصف بالطلاق قبل الدخول ولو كان الدفع من أجنبي. (و) جب (بالطلاق قبل الدخول) نصف المسمى على الزوج وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها، وفي (الجامع الفصولين): تدافعت جارية مع أخرى فزالت بكارتها وجب عليها مهر المثل انتهى. وهو بإطلاق يعم ما لو كانت المدفوعة متزوجة يستفاد منه وجوبه على الأجنبي كاملاً فيما إذا لم يطلقها الزوج قبل الدخول فتدبره ثم إيجاب العشرة فيما إذا سمي ما دونها استحسان. وقال زفر: يجب مهر المثل قياساً على عدم التسمية، وجه الاستحسان أن العشرة في كونها صداقاً لا تتجزأ شرعاً وتسمية بعض ما لا يتجزأ ككله ولأن في المهر حقين وهو ما زاد على العشرة إلى مهر مثلها وحق الشرع وهو العشرة فإذا أسقطت حقها برضاها بما دون العشرة بقي حق الشرع فوجب تكميلها قضاء لحقه وبالطلاق قبل الدخول والخلوة ولم يذكرها لأن اسم الدخول يشملها كذا في (المجتبي) تتنصف العشرة لقوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] الآية وجعل في (البحر) الضمير في يتنصف عائداً إلى المسمى بناء

ينتصف، وإن لم يسمه أو نفها فلها مهر مثلها إن وطئ أو مات عنها، ـــــــــــــــــــــــــــــ على أن الفعل بالياء إلا أن كونه بالتاء الفوقية أولى لأنه لو سمي ما دونها لا يتنصف المسمى فقط في (المبسوط) وغيره تزوجها على ثوب قيمته خمسة فطلقها قبل الدخول كان له نصف الثوب ودرهمان ونصف وما في (الخلاصة) لو تزوجها على أقل من العشرة أو ثوب قيمته أقل من عشرة كان لها نصف المسمى عند الطلاق قبل الدخول محمول على هذا ومعنى تنصيفها استحقاق الزوج النصف منهما لا أنه يعود إلى ملكه كما فهمه في (البحر) فلا يرد أن هذا إذا لم يكن مقبوضاً لها فإن كان لم يبطل ملكها منه إلا بالقضاء والرضى ولذا نفذ تصرفها فيه بعد الطلاق من عتق أو بيع أو هبة وكان عليها نصف قيمته للزوج يوم القبض خلافاً لقول من قال إنه يسقط ويجب النصف بطريق المتعة وهذا القول وإن جرى عليه في (الهداية) في الرجوع عن الشهادات لكن خلاف طريق الأصحاب لعدم فائدته كما في (البدائع). قال الحدادي: وأثر الخلاف يظهر فيما لو كان به رهن عندها فعلى ما في (الكتاب) لها إمساكه لا على الثاني ولو اختلفا في الدخول وعدمه فالقول لها كما في (القنية)، واعلم أن الزيادة في المهر أما متصلة أو متولدة كالسمن أو لا/ كالصبغ أو منفصلة متولدة كالولد أو لا كالأرش وكل إما أن يكون قبل القبض فينتصف إلا لغير متولدة أو بعده فلا (ينتصف) فالأقسام ثمانية والنقصان يصيبه من غيرها إن كان فاحشاً ردته وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل: ما لا يتغابن في مثله وقيل فيما يخرجه من الجيد إلى الوسط ومن الوسط إلى الرديء ثم لا يخلو إما أن يفعله قبل الطلاق أو بعده أو بفعلها أو أجنبي أو بفعل المهر نفسه أو بآفة سماوية وكل منها إما أن يكون في يده قبل الطلاق أو في يدها بعده قبل الحكم بالرد أو بعده. فهي خمسة وعشرون ففي الزوج والأجنبي إن شاءت أخذته مع النقصان أو قيمته من الزوج يوم العقد وظاهر الرواية أن فعل المهر كالزوج وفي الآفة إن شاءت أخذته بلا غرم أو قيمته وبفعلها صارت قابضة، كذا في (المحيط) وغيره وفيه تزوجها على أمة بعينها فماتت في يدها ثم علمت أنها كانت عمياء رجعت بنقصان العمى كما في البيع ولو لغير عينها ضمن قيمتها عيباً والزوج قيمة خادم وسط فيتقاضاه وترد الفضل ولو كانت قيمتها أكثر من الوسط ولم يرجع عليها بشيء. (وإن لم يسمه) تسمية صحيحة أو سكتت عنه (أو نفاه فلها مهر مثلها إن وطء) ولو حكماً (أو مات عنها) أو ماتت، لما رواه أبو داود أن ابن مسعود قال: (في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق كاملاً عليها العدة ولها الميراث فقال معقل بن سنان أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمثله) هذا لفظ أبو داود وله روايتان بألفاظ أخر قال البيهقي جميع روايات هذا الحديث وأسانيدها صحاح والأشهر في بروع كسر الباء وعم كلامه ما لو تزوجها على ألف على أن ترد عليه ألفاً بمقابلتها مثلها فبقي النكاح بلا تسمية، كذا في (الفتح). وفي (القنية) لو قال: زوجيني نفسك بخمسين ديناراً وأبرئيني منها فقالت قبلت ينعقد بمهر المثل لعدم التسمية فأما لو تزوجها على حكمه أو حكمها أو أجنبي فلو حكم واحد من هؤلاء بأكثر من مهر المثل أو أقل توقف على رضى من له الحق وما لو سمى مجهولاً كدراهم أما لو ذكر معه معلوماً كما لو تزوجها على دينار وشيء كان لها الدينار ونصف إلا شيء فإن كان مهر المثل أقل من الدينار كان لها الدينار فقط، كذا في (المحيط) وفيه تزوجها على وزن هذا الحجر ذهباً ثم علم وزنه فالخيار للزوج لا للمرأة لأن تمليك المهر يستفاد من جهته كما في الشراء، ولو قال: تزوجتك على حصة مهر مثلك من ألف إذا قسمت على مهر مثلك ومهر فلانة فقبلت، كان لها مهر المثل لا تزاد على ألف انتهى. وما لو سمى ما لا يصح مهراً لتأخير الدين عنها والتأخير باطل أو قال: على ما تلبسه العام أو تزنه أو على ما وجب له عليها من القصاص ويكون عفواً وعلى عتق أبيها أو طلاق فلانة، ويقع العتق على المعتق والطلاق رجعياً. ولو قال: عنها صح ولا شيء لها لثبوت الملك اقتضاء ولو على حجة كان لها قيمة حجة وسط، كما في (الظهيرية) ولو على أن يحج بها كان لها مهر المثل، كما في (الخانية) وفي (المحيط) تزوجها على بيت فإن كان بدويا كان لها بيت من شعر وإلا قال محمد لها: بيت وسط أي: ثياب وسط لقوله بعد مما جهز هنالك قالوا: هذا في عرفهم أما في عرفنا فلا ينصرف إلا إلى المبنى من المدر وأنه لا يصلح مهراً انتهى. يعني فوجب مهر المثل ولو تزوجها على مهر جائز في الشرع ففي (المعراج) عشرة وفي (القنية) مثل المهر وهاهنا فرعان في (المحيط) وغيره الأول قال في (النوادر): ولو قال لها: أتزوجك على أن تعطيني عبدك هذا فقبلت جاز النكاح بمهر المثل ولا شيء له من العبد لأن هذا شرط فاسد والنكاح لا يبطل به وأراد بالشرط الفاسد اشتراطه عليها أن تهب له العبد الثاني تزوجها على أن يدفع إليه هذا العبد قسم مهر مثلها على قيمة العبد وعلى مهر مثلها فما أصاب قيمة العبد فالبيع فاسد والباقي يصير مهراً كما في (أجناس

والمتعة إن طلقها قبل الوطء، وهي درع، وخمار، وملحفة، ـــــــــــــــــــــــــــــ الناطفي) ووجه الثاني في (الولوالجية) بأنها بذلت البضع والعبد بإزاء مهر مثلها والمبذول ينقسم على قدر قيمة المبذل فما أصاب قيمة العبد فالبيع فيه فاسد لأنها باعته بشيء مجهول والباقي يصير مهراً قال في (الفتح: وهذا اختلاف في القدر الذي يجب لها إذ مقتضى الأول أنه تمام مهر المثل بخلاف الثاني انتهى. وإنما لم يكن تمام مهر المثل في الثاني لرضاها بذلك وأما لو تزوجها على ألف على تدفع/ إليه هذا العبد صح البيع والنكاح والله الموفق. (والمتعة) عطف على قوله لها مهر مثلها أي ولها المتعة واجبة و (إن طلقها) أو فارقها بإيلاء أو لعان أو جب أو عنة أو ردة أو إباء منه أو تقبيل ابنتها أو أمها بشهوة بخلاف ما لو فارقته بخيار البلوغ أو عتق أو عدم كفاءة أو إرضاع أو تقبيل ابنه بشهوة حيث تسقط المتعة وكذا لو اشترى منكوحة من مولاها لمشاركة المولى الزوج في سبب السقوط (قبل الوطء) هذا إذا أنسدت التسمية من كل وجه أما لو صحت من وجه كما إذا تزوجها على ألف وكرامتها أو على أن يهدي لها هدية وجب لها نصف المسمى لا المتعة مع أنه لو دخل بها وجب مهر المثل لا ينقص من الألف كما في (غاية البيان) كذا في (البحر) انتهى. وأقول: قدمنا عن (المحيط) أنه لو تزوجها على ألف أو ألفين وجب مهر المثل عند الإمام خلافاً لهما قال: ولو طلقها قبل الدخول كان لهما خمسمائة بالإجماع وهي عنده بحكم المتعة لأن الظاهر أن قيمة المتعة عنده لا تزيد على خمسمائة حتى لو زادت كان لها المتعة عنده كما في العشرة والعشرين انتهى. وهذا يقتضي أن إيجاب الخمسمائة فيما إذا تزوجها على ألف وكرامتها أو على أن يهدي إليها ليس لصحة التسمية من وجه بل لأن قيمة المتعة لا تزيد عليه وحينئذ فلا حاجة إلى هذا التقييد (وهي درع) بكسر المهملة ما تلبسه المرأة فوق القميص كذا في (المغرب) قال في (البحر): ولم يذكر في (الذخيرة) وإنما ذكر القميص وهو الظاهر. وأقول: درع المرأة قميصها والجمع أدرع وعليه جرى العيني وعزاه في (البناية) لابن الأثير وعلى هذا فكونه في (الذخيرة) لم يذكره مبني على تفسير المطرزي (وخمار ما تغطى به المرأة رأسها (وملحفة) بكسر الميم ما تلحف به المرأة من قرنها إلى قدمها. قال فخر الإسلام: هذا في ديارهم أما في ديارنا فتزاد على هذا إزار ومكعب، كذا في (الدراية) ولا يخفى عنا الملحفة عن الإزار إذ هي بهذا التفسير إزار إلا أن يتعارف تغايرهما كما في مكة المشرفة. ولو دفع قيمتها أجبرت على القبول كما في (البدائع) ولم يبين المصنف بماذا تعتبر. وقد قال الكرخي: يعتبر كما في (البدائع) حالها واختاره

وما فرض بعد العقد، أو زيد لا ينتصف، ـــــــــــــــــــــــــــــ القدوري. واختار السرخسي اعتبار حاله ورجحه في (الهداية) قال في (الفتح): وقد يقال إن هذا يناقض قولهم أنها لا تزاد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم يعني إذا كان نصف مهر مثلها أقل منها نص عليه في (الأصل) و (المبسوط) وهو صريح في اعتبار حالها وهذا لأن مهر المثل هو العوض الأصلي وقد تعذر تنصيفه لجهالة فيصار إلى المتعة خلفاً عنه فلا تجوز الزيادة على نصف المهر ولا تنقص عن خمسة لأن أقل المهر عشرة. وأجاب في (البحر) بأن اعتبار حاله مقيد بأن لا يزاد على نصف المهر المثل لأنه عند التسمية التي هي آكد لا يزاد على نصف المسمى فعند عدمها أولى ودعوى الصراحة في اعتبار حالها ممنوعة لأنها لو كانت غنية قيمة متعها مائة والزوج فقيراً يناسبه أن تكون عشرين وجب المائة على اعتبار حالها والعشرون على اعتبار حاله وفي عكسه يجب عشرون يعني على كل الأقوال لا باعتبار حالها بل لما ذكرنا انتهى. وفيه نظر فتدبره واعتبر الخصاف حالهما وهو أشبه بالفقه قال في (الولوالجية): وهو الصحيح وعليه الفتوى وفي (الذخيرة) وهي الوسط لا جيد غاية الجودة ولا رديء غاية الرداءة. قال في (الفتح): وهذا الإطلاق لا يوافق رأياً من الثلاثة وفي (البحر) لعله سهو فإن اعتبار الوسط موافق للآراء كلها كأنها لو كانت فقيرة وجب لها الكرباس الوسط على قول من اعتبر حالها أو متوسطة فقز وسط أو غنية فإبريسم وسط وكذلك حاله على قول من اعتبر حاله وعلى اعتبار حالهما فإن غنيين وجب إبريسم وسط أو فقيرين فكرباس وسط انتهى. وعندي أنه ليس سهواً بل هو الساهي إذ ظاهر الإطلاق في (الذخيرة) يفيد أن يجب من القز أبداً لأنه الوسط المطلق وهذا لا يوافق رأياً من الثلاثة. ولا نسلم أن إيجاب الوسط من القز أو الكرباس إيجاب وسط مطلق بل إيجاب وسط من الأعلى أو من الأدنى فظاهر أن المطلق خلاف المقيد نعم صرف الكلم على ظاهر بحمل ما في (الذخيرة) على ما ادعاه في (البحر) ممكن واعتراضه في (الفتح) ليس إلا على الإطلاق والله الموفق. (وما) أي: والذي (فرض بعد العقد) الخالي عن/ المهر (أو زيد) على المهر المسمى عند العقد (لا ينتصف) بالطلاق قبل الدخول أما الأول فلأن هذا الفرض تعين للواجب بالعقد وهو مهر المثل وذلك لا ينتصف فكذا ما نزل منزلته لا فرق في ذلك الرض بين أن يكون بتراضيهما أو بفرض القاضي لأن لها أن تطالبه عند القاضي بأن يفرض لها مهراً إذا لم يكن فرض عند العقد ذكر التمرتاشي كذا في (الدراية) و (فتح القدير)، والمراد بفرض القاضي مهر المثل لما في (البدائع)، ولو تزوجها على أن لا مهر لها وجب مهر المثل بنفس العقد عندنا ثم قال: والدليل على صحته ما قلنا أنها لو طلبت الفرض من

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوج يجب عليه الفرض حتى لو امتنع فالقاضي يجبره على ذلك ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض وهذا دليل الوجوب قبل الفرض انتهى. ثم رأيت في (المحيط) ما لفظه: فإن فرض القاضي والزوج بعد العقد جاز لأن ذلك يجري مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد ونقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز ويلتحق بأصل العقد لئلا يلزمها تحمل جهالة مهر المثل وهذا ينبغي أن يحمل على ما إذا رضيا بذلك وإلا فالزيادة على مهر المثل عند إبائه والنقص عنه عند إبائها لا يجوز وأما الثاني فإنما لا يتنصف لاختصاص التنصيف بالمفروض في العقد للنصف المفيد بالفائدة وفي كلامه إشارة إلى جواز الزيادة فيه سواء كانت من جنس المهر أو لا من زوج أو ولي فقد صرحوا بأن الأب والجد لو زوج ابنه ثم زاد في المهر صح بشرط أن تكون معلومة القدر حتى لو راجعها ثم قال: زدتك في مهرك لا يصح للجهالة، كما في (الخانية). وبشرط أن تقبل في المجلس على الأصح كما في (الظهيرية) أو يقبل وليها لو صغيرة وفي اشتراط بقاء المهر في ذمته خلاف ففي (القنية) راقماً لقاضي خان قال: بعد الهبة جعلت ألف درهم مهرك لا يلزم وفيها الزيادة في المهر بعد الهبة تصح وفي (الخانية) لو وهبته مهرها ثم أشهد أن لها عليه كذا وكذا من المهر تكلموا فيه واختار الفقيه الصحة إذا قبلت ويحمل على أنه زادها في مهرها وفي (البزازية) الأشبه أن لا يصح ولا يجعل زيادة بلا قصد الزيادة وكذا في اشتراط بقائها في عصمته ففي (المحيط) الزيادة في المهر صحيحة حال قيام النكاح عند علمائنا الثلاثة خلافاً لزفر والخلاف فيه نظير الخلاف في الزيادة في الثمن وفي إكراه شيخ الإسلام الزيادة في المهر بعد الفرقة باطلة وهكذا روى بشر عن الثاني فيمن طلق امرأته ثلاثاً قبل الدخول بها أو بعده ثم زادها في مهرها لم تصح الزيادة لكن ذكر القدوري أن الزيادة بعد الموت جائزة عند الإمام خلافاً لهما واستنبط منه في (أنفع الوسائل) جوازها بعد البائن وانقضاء العدة في الرجعي بالأولى. وأقول: الظاهر عدم جوازها بعد الموت والبينونة وإليه يرشد تقييد (المحيط) بحال قيام النكاح إذ قد نقلوا أن ظاهر الرواية أن الزيادة بعد هلاك المبيع لا يصح وفي رواية (النوادر) تصح ومن ثم جزم في (المعراج) وغيره بأن شرطها بقاء الزوجية حتى لو زادها بعد موتها لم تصح والالتحاق بأصل العقد وإن كان يقع مستنداً إلا أنه لابد أن يثبت أولاً في الحال ثم يثبت وثبوته متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده وما ذكره القدوري موافق لرواية (النوادر) وقد قالوا: لو أعتق المشتري الجارية ثم زاد في الثمن لم يصح وهو قولهما ورويا عنه الصحة ذكره في (البزازية) ولوجود النكاح بزيادة ألف قيل: على قول الإمام والثاني لا يلزم الألف الثانية وعلى قول محمد يلزمه وقيل: الخلاف على عكس هذا وفي

وصح حطها، والخلوة ـــــــــــــــــــــــــــــ (الكافي) ظاهر المنصوص في الأصل أنه يلزمه الألفان على قول الإمام، وعند الثاني المهر وهو الأول وفي (الولوالجية) زوجت نفسي منك بألف فقبل بألفين إن قبلته قبل التفريق لزماه لا بعده وهذا يجب أن يكون قو أبي يوسف ومحمد بناء على أن الألفين ألف وزيادة وعلى الفتوى، قال في (الفوائد): والحاصل أن الصور ثلاث الزيادة بلفظ الزيادة ويستوي فيها ما كان قبل الهبة وبعدها الثانية: الإقرار بعد الهبة أن عليه مهرها وهو كذا الثالثة: تجريد النكاح بزيادة وقد مر الكل بحمد الله تعالى. وفي قوله ويستوي/ إلى آخره إيماء إلى أن الخلاف في الزيادة بعد الهبة محله ما إذا لم يكن بلفظ الزيادة وهو حسن والله الموفق. (وصح حطها) أي: إسقاطها المهر كلاً أو بعضاً قبل أو لا وهل يرتد بالرد؟ قال في (أنفع الوسائل): لم أر فيه نفلاً والظاهر أنه يرتد قال في (البحر): وقد ظفرت به في (مداينات القنية) قالت لزوجها: أبرأتك ولم يقل قبلت أو كان غائباً فقالت: أبرأت زوجي يبرأ إلا إذا رده انتهى. ولا يخفى أن المدعي إنما هو رد الحط وكأنه نظر إلى أنه إبراء معنى وقيده في (البدائع) بما إذا كان المهر ديناً للاحتراز عما إذا كان عيناً فإنه لا يصح ومعنى عدم صحته أن لها أن تأخذ منه ما دام قائماً فلو هلك في يده سقط المهر عنه لما في (البزازية) أبرأتك عن هذا العبد يبقى العبد وديعة عنده انتهى. وظاهر كلامهم أنه صحيح ولو بعد الموت والبينونة وقد قالوا إن الحط بعد هلاك المبيع صحيح لأنه إسقاط محض فلا يشترط لصحته قيام العقد لكن لابد فيه من المرض ومن ثم قال في (الخلاصة) من الهبة: خوف امرأته بضرب حتى وهبت مهرها لا يصح إن كان قادراً على الضرب وفي (القنية) لو تزوجها سراً فقال لها: أصدقاؤه إن لم تبرئيه من المهر وإلا قلنا للشحنة كذا وكذا فيسود وجهك، فأبرأته خوفاً كان إكراهاً ولا يبرأ ولو لم يقولوا فيسود وجهك فليس بإكراه ولو قال لها أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فوهبته وأبى الزوج أن يهب لها يعود المهر وعلى هذا لو قالت: وهبته منك على أن لا تظلمني أو على أن تحج في وإن لم يكن هذا شرطاً في الهبة لا يعود المهر لو قالت: وهبته لك بشرط كذا وقال: بغير شرط فالقول لها وقد عرف أنها في مرض الموت وصية تتوقف على الإجازة إلا أن تكون مبانة منه وقد انقضت عدتها فينفذ من الثلث فلو وهبته له ثم ماتت فقال الزوج: كانت في الصحة والورثة في المرض فالقول له لأنه ينكر المهر كذا في (الخلاصة) قيد بحيطها لأن حط أبيها لو بالغة يتوقف على إجازتها ولو صغيرة بطل (والخلوة) شروع

بلا مرض أحدهما، وحيض، ونفاس، وإحرام، وصوم فرض ـــــــــــــــــــــــــــــ في بيان الخلوة الصحيحة وهي الخالية عن المانع الحسي والطبعي والشرعي كالوطء في تأكيد المهر بها أشار إلى الأول بقوله (بلا مرض) في أيهما كان لكن الأصح أن مرضها يمنع إلا إذا لحقه به ضرر ومنه أن يكون بفرجها شعر أو قرن وهو غدة غليظة أو لحكمة أو عظم أو عفل وهو شيء مدور يخرج في الفرج ومنه أن يكون صغيراً لا يجامع مثله أو صغيرة كذلك ومنه أن يكون معها ثالث بصيراً كان أو أعمى نائماً كان أو يقظاناص صغيراً كان أو كبيراً إلا أن يكون مجنوناً أو مغمى عليه أو لا يعقل وفسره في (الخانية) بالذي لا يمكنه أن يعبر عما يكون بينهما لكن في (البزازية) في المجنون والمغمى عليه إن في الليل صحت لا في النهار وكذلك الأعمى في الأصح ولا تمنع جارية (أحدهما) في (المختار) كما في (الخلاصة)، قال في (المبتغى): وعليه الفتوى وقالوا: إن كلبها مانع بخلاف كلبه إلا أن يكون عقوراً قال في (الفتح): وعندي أن كلبه لا يمنع وإن كان عقوراً لأنه قط لا يعتدي على سيده ولا على من يمنعه عنه سيده ومنه عدم صلاحية المكان كالمسجد والطريق والصحراء والسطح واختلف في البيت إذا كان بابه مفتوحاً أو طوابقه بحيث لو نظر إنسان رآهما ففي (النوازل) إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذنه فهي خلوة واختاره في (الذخيرة) أنه مانع والصالح كما في (شرح الطحاوي) أن يكونا في مكان يأمنان اطلاع الناس عليهما كالدار والبيت يعني المغلوق بابهما وإلى الثاني بقوله (وحيض ونفاس) لكنه إنما يكون كذلك عند درور الدم لا عند عدمه مع أنه شرعي فيهما أيضاً والظاهر أنه لا يوجد طبعي إلا وهو شرعي فلو اكتفوا بالشرعي عنه لكان أولى كذا في (البحر) وجعل منه في (البدائع) وجود الثالث وجعله في (الأسرار) من الحسي وإلى الثالث بقوله (وإحرام) وأطلقه إيماء إلى أنه لا فرق فيه بين إحرام الفرض والنفل والعمرة قالوا: لأنه يلزم من الوطء معه الدم والفساد والمضي والقضاء وهذا يقتضي أنه لو خلا بها بعد الوقوف أو بعد طواف أكثر العمرة صحت والجواب مطلق ويمكن أن يقال: المنظور إليه إنما هو لزوم الدم ولا شك أن البدنة فوقه وأما لزوم الفساد فمؤكد للمانع فقط/ بقوله (وصوم فرض). اعلم أنه لا خلاف في أن أداء رمضان مانع واختلف فيما عداه من التطوع والنذور والكفارات والقضاء والأصح أنه غير مانع لعدم وجوب الكفارة بالإفساد وعلى هذا فقول القدوري أو كان أحدهما صائماً في رمضان من الحسن بمكان أقول: بقي أن هذا يقتضي أنه لو أكل ناسياً ثم أمسك وخلا بها أن تصح وعلى هذا كلما أسقط الكفارة وإذا عرف هذا فقوله في (البحر): فتقييده بالفرض ليس على قول من الأقوال فكان ينبغي أن يقيده بالأداء أو يطلق وأقول: عبارة قاضي خان في (الفتاوى) تفيد أن ثمة خلافاً في الفرض وآخر

كالوطء، ـــــــــــــــــــــــــــــ في التطوع وذلك أنه قال: إن الخلوة في صوم الفرض أو صلاة الفرض لا تصح وفي صوم القضاء والكفارات والمنذور روايتان والأصح أنه لا يمنع الخلوة وصوم التطوع لا يمنع الخلوة في ظاهر الرواية وقيل: يمنع انتهى. وفي شرح (الهداية) أن رواية المنع في التطوع شاذة وعلى هذا فالتقييد بالفرض صحيح غاية المر أنه اختار المرجوح والصلاة كالصوم فرضها كفرضه ونفلها كنفله كذا في (الهداية)، وفي (شرح الوقاية) أن الواجبة منها كالنفل قال في (البحر): وينبغي أن يكون الفرض في الصوم ولو منذوراً مانعاً اتفاقاً لأنه يحرم إفساده وإن كان لا كفارة فيه وكذا ينبغي أن يكون مطلق الصلاة مانعاً لحرمة الإفساد لغير عذر وأقول: لا شك أن الحرمة في الأداء أقوى منها في غيره لما اشتملت عليه من إفساد الصوم وهتك حرمة الشهر ولذا غلظ عليه بالكفارة مع القضاء ولابد من التزام هذا في الصلاة وإلا أشكل. تتميم: من الموانع الشرعية أن يعلق طلاقها بخلوتها كقوله إن تزوجت فلانة فخلوت بها فهي كذا لحرمة وطئها حينئذ بالبينونة، فلا يتمكن من وطئها ويجب نصف المهر ولا عدة عليها، كما في (الخلاصة) وسيأتي ما ينافيه ومنها أن لا يعرفها حين اجتماعها لأن التسليم والتمكن لا يحصل بدون المعرفة، كذا في (المحيط) قال في (الخانية): ويصدق في أنه لا يعرفها بخلاف ما إذا لم تعرفه والفرق لا يخفى ولو كان نائماً صحت علم أو لم يعلم كما في (الخلاصة) فجعلوه كاليقظان وقالوا: إن الكافر إذا خلا بامرأته بعدما أسلمت صحت الخلوة ولو أسلم الكافر وامرأته مشركة فخلا بها لم يصح وكأن الفرق هو أن المانع في الأول منه إذ بيده إزالته وفي الثاني منها وهذا أولى مما في (البحر) من أن الفرق لعله مبني على أن الكافر غير مخاطب بالفروع فكان متمكناً من وطئ المسلمة بخلاف وطء المسلم المشركة. قال: وينبغي أن يكون منها كونه مظاهراً منها لحرمة وطئها عليه ويدل عليه تفسير الدبوسي الشرعي بما يحرم معه جماعها عليه كذا في (البحر). وأقول: الظاهر أنه ليس منها ولذا أغفلوه وذلك أن المانع منه وبيده إزالته بالتكفير (كالوطئ) لرواية الدراقطني: (من كشف خماره امرأة ونظر إليها وجب المهر دخل أو لم يدخل) وعليه إجماع الصحابة كما قال الطحاوي وظاهر كلامه يعطي أنها كالوطء في حق تأكد المهر لأنه جعله سبباً ثالثاً لتأكده ووجوب العدة كما سيأتي وما زاده الشارح وغيره من وجود النفقة والسكنى في هذه العدة ومنع الأربع والإماء واعتبار زمن الطلاق فالتحقيق أنه من فروع وجوب العدة وإن كان راجعاً إليها كما في (عقد الفرائد) وكذا كون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المختار ووقوع طلاق بائن آخر في هذه العدة وهذا مما غفل عنه في (عقد الفرائد) و (البحر) بقي أن مما زيد أيضاً النسب وجعله في (البحر) من أحكام العقد وهو الظاهر وعلى هذا النمط من التحقيق جرى الإمام الخصاف في (أدب القاضي) حيث قال: إنها قائمة مقامه في تكميل المهر ووجوب العدة ولم تقم مقامه في حق بقية الأحكام انتهى وهي الإحصان وحرمة البنات وحلها للأول والرجعة والميراث وتزويجها كالأبكار كما جزم به غير واحد وفي (المجتبي) أنها تزوج كالثيب والأول أولى لأنه في المبسوط) لم يحك فيه خلافاً وإسقاط مطالبتها بالوطء مرة في العمر زاد ابن وهبان أن عنته بها لا تسقط ولا يكون أتياً بالفيء لو كان مولياً ولا تفسد عبادته ولا تكفير عليه ول كان صائماً ولا غسل وقد كنت نظمت ما أقيمت فيه وما لم تقم ضامناً إليه ما زاده ابن وهبان تتميماً وإن كان مثله لا يخفى ولذا أغفله أهل التحقيق فقلت: وخلوة الزوج مثل الوطء في صور .... وغيره وبهذا العقد تحصيل/ تكميل مهر وأعداد كذا نسب .... إنفاق سكنى ومنع الأخت مقبول وأربع وكذا قالوا الإماء ولقد .... راعوا زمان فراق فيه ترحيل وأوقعوا فيه تطليقاً إذا لحقا .... وقيل لا والصواب الأول القيل أما المغاير فالإحصان يا أملي .... ورجعة وكذا التوريث مقبول وسقوط وطء وإحلال لها وكذا .... تحريم بنت نكاح البكر مبذول كذلك الفيء والتكفير ما فسدت .... عبادة وكذا بالغسل تكميل واعلم أن عد التكفير هنا مما لا ينبغي إذ الكلام في الصحيحة وصوم الأداء يفسدها كما مر. قال في (عقد الفرائد): قولهم بعدم حرمة البنات فيه نظر عندي؛ لأنهم قد أوجبوا العدة بها، وهي إنما شرعت لصون الماء واستبراء الرحم لما أنها قائمة مقام الوطء ولأنهم أثبتوا حرمة المصاهرة فمسه ابنته منها، وهو يظنها الأم التي هي زوجته والخلوة لا تخلو عنه وعن تقبيل غالباً إلا أن يحمل على المجرد عن ذلك، وقد رأيت ذلك منقولاً ولله المنة قال في (البزازية): في مسائل الخلوة وفي تحريم البنت اختلفوا وإن خلى بها وهو محرم أو صائم عن رمضان ثم طلقها له أن يتزوج بابنتها خلافاً للإمام والثاني انتهى. وأنت تعلم أن هذه الخلوة غير صحيحة ثم رأيت في (الظهيرية) لا تثبت حرمة المصاهرة بالخلوة عند محمد خلافاً لأبي يوسف ولعل هذا محمول على غير الصحيحة وفي (النجنيس والمزيد) بعد أن رقم (لأجناس الناطفي) قال في (نوادر أبي يوسف): إذا خلا بها في رمضان أو حال الحرمة لا يحل له أن يتزوج بابنتها وقال محمد: يحل له أن يتزوج بابنتها فإن الزوج لم يجعل واطئاً حتى كان لها نصف المهر، وجه رواية أبي يوسف أنه

ولو مجبوباً أو عنيناً ـــــــــــــــــــــــــــــ يجعل واطئاً فيما يحتاط فيه حتى وجبت العدة والحرمة مما يحتاط فيها فيجعل واطئاً في حق الحرمة كما في حق العدة انتهى. وبهذا يظهر لك أن الحمل الذي حملناه عليه كلام (الظهيرية) هو الحق ليس إلا وإن محمد يقول: إن في هذه الخلوة لا تجب العدة لأن الزوج لم يجعل واطئاً ولهذا لا يلزمه إلا نصف المهر فقط وإما إذا كانت صحيحة فيلزمه كل المهر فيجعل واطئاً فقياسه الحرمة على قول محمد أيضاً جرياً على مقتضى هذا التعليل ويكون الخلاف خاصاً بهذه الصورة التي يكون الفساد فيها لأمر شرعي مع التمكن من الوطء حقيقة وهذا تحرير المذهب في هذه المسألة وقد نقبت فيه كثيراً انتهى. فحاصله أن حرمة البنات بالخلوة الصحيحة لا خلاف فيها بين الصاحبين واختلفوا في الفاسدة، قال محمد: لا تحرم وحرمها الثاني لكن كلامه ظاهر في أن القول بحرمة البنات في الخلوة الصحيحة مما لا خلاف فيه وهو ممنوع ففي (الخلاصة) بعد ما نقل عن (الأجناس) كما في (التجنيس) قال: وجملته أن الخلوة توجب تكميل المهر والعدة إلى آخر ما مر ولا توجب الإحصان والإباحة للزوج الأول وفي تحريم البنت عليه بعد الخلوة اختلفت الروايات وأنت خبير بأن هذا إنما هذا إنما هو في الخلوة الصحيحة والظاهر عدم الحرمة ففي (الشرح) و (فتح القدير) وغيرهما أقام أصحابنا الخلوة الصحيحة مقام الوطء في حق بعض الأحكام تأكد المهر إلى آخره ولم يقيموها مقامه في الإحصان وحرمة البنات فجزم هؤلاء الأعلام بعدم الحرمة دليل على ضعف ما عداه بلا كلام. (ولو) كان الزوج (مجبوباً) أي: مقطوع الذكر والخصيتين من الجب وهو القطع قال في (الغاية): والظاهر أن قطع الخصيتين ليس بشرط في المجبوب ولهذا اقتصر الإسبيجابي على قطع الذكر وهذا عند الإمام وقالا: إنما يجب عليه نصف المهر لأنه أعجز من المريض وله أن المستحق عليها التسليم في حق المستحق لأنه وسع مثلها في هذه الحالة وقد أتت بما وجب عليها وأورد بأنه كان ينبغي على هذا القول أن يجب عليه للرتقى كل المهر إذ ليس هذا تسليم غيره وأجيب بأن الرتق قد يزول فكأن هذا التسليم منتظراً غيره وهو الكامل واقتضى كلامه ثبوت النسب منه كما قال أبو سليمان وقال التمرتاشي: هذا إذا علم أنه ينزل والأول أحسن إذ علم القاضي بأنه ينزل أو لا ربما يتعذر أو يتعسر كذا في (الفتح). (أو) كان (عنيناً) لأن الحكم أدير على سلامة الآلة وقد/ وجدت قال في (عقد الفرائد): ولو كان عدم القدرة على الوطء لمانع هو الكبر لم أقف على نقل فيه والظاهر أنه لا يكون مانعاً لثبوت القدرة قبل ذلك ثم رأيته في بحث العنين هو من لم يصل إلى النساء إلى آخره وقد يكون ذلك لمرض أو ضعف في خلقته أو كبر في سنه انتهى. وهذا تصريح

أو خصياً. وتجب العدة فيها وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا للمفوضة قبل الوطء، ـــــــــــــــــــــــــــــ في أنه من أقسام العنين (أو خصياً) وهو من سلت خصيتاه وبقي ذكره يقال بخصاه نزع خصيتيه يخصيه خصياً على فعال والإخصاء في معناه خطأ وأما الخصي على فعل فقياس وإن لم نسمعه والمفعول حصي على فعيل والجمل خصيان كذا في (المغرب) قال في (البحر): وأشار المصنف إلى صحة خلوة الخنثى بالأولى. وأقول: يجب أن يراد به من ظهر حاله أما المشكل فنكاحه موقوف إلى أن يتبين حاله ولهذا لا يزوجه وليه من مخنثته لأن النكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر، كذا في (النهاية) وأفاد في (المبسوط) أن حاله يتبين بالبلوغ فإن ظهرت فيه علامة الرجال وقد زوجه أبوه امرأة حكم بصحة نكاحه من حين عقد الأب فإن لم يصل إليها أجل كالعنين وإن تزوج رجلاً تبين بطلانه وهذا صريح في عدم صحة خلوته قبل ذلك وبهذا التقرير علمت أن ما نقله في (الأشباه) عن (الأصل) لو زوجه أبوه رجلاً فوصل إليه جاز وإلا فلا علم لي بذلك أو امرأة فبلغ فوصل إليها جاز وإلا أجل كالعنين ليس على ظاهره والله الموفق. وتجب العدة فيها أي: في الخلوة وهذا وإن عرف من كونها كالوطء إلا أن وجوبها لا يختص بالخلوة التي هي كالوطء بل تجب في الفاسدة أيضاً استحساناً فلا جرم نص عليها وهذا لأن توهم الشغل قائم والعدة حق الشرع والولد للنسب فلا تصدق في إبطال حق الغير بخلاف المهر وذكر القدوري أن المانع إن كان حسياً كالمرض (و) الصغر لا (تجب). وإن كان شرعياً وجبت واختاره التمرتاشي وقاضي خان ويؤيده ما قاله العتابي تكلم مشايخنا في (العدة فيها) الواجبة بالخلوة الصحيحة أهي واجبة ظاهراً أو حقيقة فقيل: لو تزوجت وهي متيقنة عدم الدخول حل لها ديانة لا قضاء إلا أن الأوجه على هذا أن يختص الصغير بغير القادر والمرض بالمدفف لثبوت التمكن حقيقة في غيرهما كذا في (الفتح). واعلم أن الموت أيضاً أقيم مقام الدخول في حق العدة والمهر لا فيما سواهما وعلى هذا لو ماتت الأم قبل الدخول بها حلت ابنتها (وتستحب المتعة لكل مطلقة) دخل بها الزوج أو لا (إلا للمفوضة) بكسر الواو من فوضت أمرها إلى وليها فزوجها بلا مهر، وبالفتح من فوضها وليها إلى الزوج بلا مهر. وقال العيني: هي بالكسر التي فوضت نفسها إلى زوجها منه بلا مهر وجوز بعضهم فتح الواو على معنى أن وليها زوجها بغير تسمية المهر قال في (المغرب): وفيه نظر (قبل الوطء) فيجب لها على ما مر. قال العيني: هذا التركيب لا يخلو عن خلل لأن الذي يعينهم منه أن المتعة تستحب لكل مطلقة إلا المفوضة فإنها لا تستحب لها وليس كذلك فيكون استثناء الواجب من المستحب فلا يصح لأن اسم المستحب لا يطلق على الواجب في اصطلاحهم وإن كان مستحباً وزيادة

ويجب مهر المثل في الشغار، وخدمة زوج حرمته للإمهار، ـــــــــــــــــــــــــــــ انتهى. ولا يخفى أن دعوى الخلل ممنوعة إذ غاية الأمر استثناء منقطع لأن الواجب خلاف جنس المستحب في الاصطلاح ثم الكلية شاملة للتي طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهراً وهو الموافق لما في (المبسوط) وغيره، وفي (مختصر القدوري) تستحب المتعة لكل مطلقة إلا لمطلقة واحدة وهي التي طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهراً وفي بعض النسخ ولم يسم لها مهراً والثانية من الأولى أولى إذ مقتضى الأول أن لا تكون المتعة واجبة للمفوضة وقد تقدم أنها واجبة ومقتضى هذا التقدير أن لا تكون صحيحة وقد يقال: أراد كل مطلقة دخل بها أو سمى لها مهراً وأما من طلقها قبل الدخول ولم يسم لها مهراً فقد قدم أن لها المتعة فلا حاجة لإدراجها في الكلية وعلى هذا فالأولى أولى فتدبره. والاستثناء مبني على رأيه كما نص عليه في مشكلاته من أنها في هذه الحالة ليست واجبة ولا سنة ولا مستحبة لا على معنى أنه لا ثواب فيها بل على أنها من أحكام الطلاق كما في (الإتقاني). (ويجب مهر المثل في الشغار) وهو أن يشاغر الرجل الرجل أي: يزوجه حريمته على أن يزوجه الآخر حريمته ولا مهر إلا هذا، كذا في (المغرب) أي: على أن يكون بضع كل صداقاً عن الأخرى وهذا/ القيد لابد منه في مسمى الشغار حتى لو لم يقل ذلك ولا معناه بل قال: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك فقبل أو على أن يكون بضع بنتي صداقاً لبنتك فلم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقاً لم يكن شغاراً بل نكاحاً صحيحاً اتفاقاً وإن وجب مهر المثل في الكل لما أنه سمى ما لا يصح صداقاً وأصل الشغور الخلوة يقال: بلدة شاغرة إذا خلت عن السلطان والمراد هنا الخلو عن المهر لأنها بهذا الشرط كأنما أخليا البضع عنه (و) يجب أيضاً في التزويج على (خدمة زوج حرمته للإمهار) أي: لجعله إياها مهراً وهي لا تصلح مهراً فصح العقد ووجب مهر المثل عندهما وقال محمد: لها قيمة خدمته سنة قيد بالخدمة لأنه لو تزوجها على سكنى داره أو ركوب دابته أو الحمل عليها أو على أن تزرع أرضه ونحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التسمية، لأن هذه المنافع مال وألحق به لمكان الحاجة، كذا في (البدائع)، ولابد في زراعة أرضه أن لا يكون له شيء من الخارج أما لو تزوجها على أن تزرع أرضه بالنصف ببذرها صح وفسدت فيجعل مهرها نصف أجر مثل الأرض وربعه إن طلقها قبل الدخول وإن كان هو العامل ببذرها في أرضها يجعل مهرها نصف أجر مثل عمله لا مهر المثل وعلى أن تزرع هي ببذره وهو أرضها ببذره وجب مهر المثل كذا في مزارعة (المجمع) ويكون الزوج خادماً لأنه لو تزوجها على خدمة عبده أو أمته صح ولو على خدمة معينة تستدعي مخالطة حر آخر صحت هو الصحيح وترجع على الزوج بقيمة خدمته كذا في (العناية)

وتعليم القرآن، ولها خدمته لو عبداً، ولو قبضت ألف المهر، ووهبته له فطلقها قبل الوطء رجع عليه بالنصف ـــــــــــــــــــــــــــــ وهذا يشير إلى أنه لا يخدمها فإما لأنه أجنبي لا تأمن الانكشاف عليه مع مخالطته وإما لأنه بغير أمره ولم يجزه حتى لو كان بأمره ينظر فإن كانت خدمة معينة تستدعي المخالطة لا يأمن معها الانكشاف والفتنة وجب أن تمنع وتعطى القيمة أو لا تستعدي وجب تسليمها وإن كانت غير معينة حتى صارت أحق بها لأنه جبر وحد فإن صرفته في الأول فكالأول أو في الثاني فكالثاني كذا في (الفتح). واختلفت الرواية في رعي غنمها وزراعة أرضها للتردد في تمحضها خدمة وعدمه فعلى رواية (الأصل) و (الجامع) لا يجوز وهو الأصح وروى ابن سماعة أنه يجوز ألا ترى أن الابن لو استأجره أباه للخدمة لا يجوز ولو استأجره للرعي والزراعة يصح كذا في (الدراية)، وهذا شاهد قوي ومن هنا قال المصنف في كافيه بعد ذكر رواية (الأصل): الصواب أن يسلم لها إجماعاً وبكونه حراً احتراز عما سيأتي واعلم أن الظاهر من كلامهم يعطي أنه لا فرق في الزوجية بين الحرة والأمة بل الثاني المعلل به في الأمة أقوى منه في الحرة نعم لو تزوج أمة على أن تخدم سيدها سنة أو حرة على أن يخدم وليها سنة ينبغي أن يصح ولم أره. (و) يجب أيضاً في التزويج على (تعليم القرآن) لأنه ليس أجرة بل عبادة ولذا لا يستحق الأجر عليه كالأذان والإقامة والحج وعند الشافعي يجوز أخذ الأجرة على هذه فتصح تسميتها كذا في (الفتح). لكن سيأتي في الإجازات أن المتأخرين اختاروا جواز الاستئجار على تعليم القرآن والفقه وعليه فينبغي أن تصح تسميته والظاهر أنه يلزمه تعليم كله إلا إذا قامت قرينة على إرادة البعض والحفظ ليس من مفهومه كما لا يخفى (ولها) أي: المزوجة (خدمته) يعني: الزوج فيما لو تزوجها على أن يخدمها مدة معينة (لو) كان الزوج (عبداً) مأذوناً في ذلك قيد به القدوري وكأن المصنف طواه تحت قوله: ولها أن الخدمة لا تكون لها إلا إذا كان مأذوناً فيه لأنها مال لما فيه من تسليم رقبته ولأنه يخدم مولاه يعني حيث كان يأمره ومن هنا لم تحرم خدمته لها، كما في (غاية البيان) بخلاف خدمة الحر فإنها حرام صرح به غير واحد لما فيه من الإهانة والإذلال وكذا استخدامه كما في (البدائع). (ولو قبضت) الزوجة (ألف المهر ووهبت له) المقبوض (فطلقت قبل الوطء) والخلوة (رجع عليها بالنصف) أي: بنصف المقبوض لأنه لم يصل إليه عين ما يستحقه بل غيره لعدم تعيين الدراهم في العقود والفسوخ وكذا لو أشار في النكاح إلى دراهم كان له أن يمسكها ويدفع مثلها جنساً ونوعاً وقدراً وصفة ولو لم تهب شيئاً والمسألة بحالها كان لها إمساك المقبوض ودفع غيره ولذا تزكى الكل ولو كان المهر سائمة زكت نصفها

فإن لم تقبض الألف، أو قبضت النصف ووهبت الألف، أو وهبت العرض المهر قبل القبض أو بعده ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا شيء على الزوج لأن استحقاقه النصف بغير اختيارها كالهلاك وحكم المكيل والموزون غير المعين وهو ما كان في الذمة حكم النقد أما المعين منه فكالفرض واختلف في التبر والنقر من الذهب والفضة ففي رواية هي كالعرض وفي أخرى كالمضروب كذا في (البدائع). (فإن لم تقبض الألف/ أو قبضت النصف ووهبت الألف) قوله قبضت الألف وقوله وهبت الألف عائد إلى المسألتين ومعنى وهبت الألف بعد قبض النصف إنما وهبت له المقبوض وغيره (أو هبت العرض المهر) معيناً كان أو في الذمة (قبل القبض أو بعده) وهذا أيضاً تصريح بمفهوم التقييد بالألف لم يرجع عليها بشيء أما إذا لم تقبض شيئاً فالقياس أن يرجع عليها بخمسمائة لأن الواصل إليه وإن كان نفس الدين لكن بسبب غير الطلاق وهو الإبراء واختلاف الأسباب توجب اختلاف المسببات شرعاً وجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه ذاتاً بسبب الإبراء ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقود سابقاً إذا لم يؤثر شيئاً حينئذ ولهذا استغنى عما تكلف في دفع لزوم اختلاف السبب باختلاف المسبب من تخصيص الدعوة بالأعيان لأنها تقبل التغير بتغير صفاتها بخلاف الأوصاف كالدين فيما نحن فيه لاستحالة القيام بالصفة مع أنه فاسد لأن ثبوت التغيير شرعاً لا يتوقف على ذلك إنما هو اعتبار شرعي وقيام الصفة بمعنى الاختصاص الباعث ليس محالاً على ما عرف في موضعه وأما إذا قبضت النصف فقط فعدم الرجوع قول الإمام وقالا: يرجع عليها بنصف المقبوض إلحاقاً للبعض بالكل ولأن هبة البعض حط فتلحق بأصل العقد وله أنها لما قبضت النصف انصرف إلى حقها فإذا أبرأته بعد ذلك كان الواصل إليه عين ما تستحقه على ما مر والحط لا يلتحق بأصل العقد في النكاح ألا ترى أن الزيادة لا تلتحق حتى لا تنتصف كذا في (الهداية) وغيرها. قال في (فتح القدير): وهو مشكل فإن التحاق الزيادة بأصل العقد هو الرافع لقول المانعين لها لو صحت كان ملكه فإذا لم يلتحق بقي إبطالهم بلا جواب فالحق أنها تلتحق كما يعطيه كلام غير واحد من المشايخ وإنما لم تنتصف لأن الانتصاف خاص بالمفروض في نفس العقد قال في (البحر): إنه تناقض كلامهم فصرحوا هنا بعدم الالتحاق وفي مسألة زيادة المهر بالالتحاق فيرجح المحقق ما صرحوا به في المسألة السابقة وأبطل كلامهم هنا والحق أن كلامهم في الموضعين صحيح لأن قولهم هناك بالالتحاق إنما هو من وجه دون وجه لتصريحهم بأنها لو حطت من المهر حتى صار الباقي أقل من عشرة لا يضر ولو التحق الحط بأصل العقد من كل وجه أوجب تكميلها وأوجب مهر المثل لو حطت الكل كأنه لم

فطلقت قبل الوطء لم يرجع عليها بشيء ولو نكحها بألف على أن لا يخرجها، أو على أن لا يتزوج عليها، ـــــــــــــــــــــــــــــ يسم شيئاً وقولهم هنا بعدمه إنما هو من وجه دون وجه عملاً في كل موضع بما يناسبه فروعي جانب الالتحاق لتصحيح الزيادة حتى لا يكون ملكه وجانب عدمه هنا لأنه لا داعي إليه لأن المقصود سلامة النصف للزوج وقد حصل فلا ضرورة إلى القول الذي هو خلاف الأصل انتهى ومما يتخرج على الخلاف لو قبضت النصف ووهبت النصف الباقي لم يرجع شيء عند الإمام، وقالا: يرجع وبه علم أن التقييد بهبة الألف في الثانية اتفاقي نعم التقييد بالنصف للاحتراز عما إذا قبضت أكثر منه حيث ترد ما زاد عنده ونصف المقبوض عندهما ولا يرد عليه ما لو قبضت أقل من النصف لأنه معلوم بالأولى وأما إذا كان المهر عرضاً معيناً فوهبته له قبل القبض أو بعده فعدم الرجوع عليها بشيء استحسان لأنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول لتعيينه في النسخ كالعقد بدليل أنه ليس لواحد منهما دفع بدله حتى لو تعيب فاحشاً فوهبته له رجع عليها بنصف قيمته يوم القبض قيد بالهبة لأنها لو باعته فطلقها قبل الدخول رجع عليها بالنصف كما في (غاية البيان) يعني بنصف قيمته يوم القبض، وعلى هذا يتخرج ما في (المبسوط) لو وهبته من أجنبي بعد القبض ثم وهبه الأجنبي منه رجع عليه بالطلاق قبل الدخول بنصف الصداق والحاصل أن هذه المسألة على ستين وجهاً لأن المهر إما ذهب أو فضة أو مثلي غيرهما أو قيمي فالأول على عشرين لأن الموهوب إما الكل أو النصف وكل منهما إما أن يكون قبل القبض أو بعده أو بعد قبض النصف أو أقل منه أو أكثر فهي عشرة وكل منها أن يكون مضروباً أو تبراً والعشرة الأولى في المثلي وكل منها إما أن يكون معيناً أو لا وكذا في القيمي والأحكام قد مرت والله الموفق. (ولو نكحها بألف على أن يخرجها) من البلد (أو على أن لا يتزوج عليها) أو على أن لا/ يتسرى أو على أن يطلق ضرتها أو يعتق أخاها أو يكرمها أو يهدي لها هدية حاصله شرط ما فيه منفعة لها أو لأبيها أو لأخيها أو لذي رحم محرم منها لكن لابد أن يكون مما لا يحل كخمر ونحوه فإن كان المسمى عشرة فصاعداً وجبت لها وبطل الحرام وإلا أكمل مهر المثل لها أما لو شرطت تلك المنفعة لأجنبي نحو أن تقول على أن لا يعتق ولده ولم يوف به فليس لها إلا المسمى كذا في (المحيط)، وبه عرف أنه لو شرط ما يضرها كالتزوج عليها فليس إلا المسمى بالأولى كذا في (البحر)، وقيدوا المسألة في طلاق الضرة وعتق الأخ بالمضارع لأنه لو كان بالمصدر طلقت وعتق الأخ بقبول الناكح فإن قال عنها كان الولاء لها (أو على الألف إن أقام بها) في بلدها أو إن كانت مولاة أو ثيباً.

أو على ألف إن أقام بها، وعلى ألفين إن أخرجها فإن وفى وأقام فلها الألف وإلا فمهر المثل، ـــــــــــــــــــــــــــــ (وعلى ألفين إن أخرجها) منها أو كانت عربية أو بكراً حاصلة أنه سمى لها مهراً على تقدير آخر وتقديم الألف غير شرط بل كذلك لو قدم الألفين (فإن وفى) لها بما اشترطه لها من عدم إخراجها والتزوج عليها في الصورة الأولى (وأقام) بها في بلدها في الثانية (فلها الألف) المسماة لرضاها بها مع صلاحيتها لأن تكون مهراً (وإلا) أي: وإن لم يوف ولم يقم فلها نصف المثل عند الإمام لا يزاد به على ألفين ولا ينقص عن الألف ولو طلقها قبل الدخول بها يجب نصف المسمى بناء على أن لا خطر فيها، وكذا المسألة الأولى لأن بالطلاق قبل الدخول يسقط اعتبار هذا الشرط وقالا الشرطان جائزان لأن الإقامة والإخراج كل منهما مقصور عرفاً فاختلافهما كالاختلاف في النوع فلا يجتمع في كل حال تسميتان فصار كما لو تزوجها على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة وله أن أحد التسميتين منجزة والأخرى معلقة فإذا أخرجها فقد اجتمعا فيفسدان لأن المعلق لا يوجد قبل شرطه والمنجز لا ينعدم بوجود المعلق لكن هذا لا يتم في قوله على ألف إن طلق ضرتها وعلى ألفين إن لم يطلق إذ المنجز هنا إنما هو الثانية فينبغي فساد الأولى وأما في قوله إن كانت مولاة فلم يعلم المنجز منهما من المعلق كذا في (البحر)، وإنما صح الشرطان اتفاقاً في قوله على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة لأنه خطر في التسمية الثانية لأن أحد الوصفين ثابت الأمر جزماً غير أن الزج يجهله وجهالته لا توجب خطراً بالنسبة إلى الوقوع وعدمه كذا فرق الدبوسي وغيره ورده الشارح بأن مقتضاه ثبوت الصحة اتفاقًا فيما لو تزوجها بألف إن كانت مولاة أو ليست له امرأة وبألفين إن كانت حرة الأصل أو له امرأة لكن الخلاف مقول فيه. قال في (الفتح): والأولى أن تجعل مسألة القبيحة والجميلة على الخلاف فقد نص في (نوادر ابن سماعة) عن محمد على الخلاف فيها وجزم في (البحر) بضعف هذا الخلاف وفرق بين القبح والجمال وغيره بأن الجهالة فيه يسيرة لمشاهدته فنزلت منزلة العدم وفي غيره متفاحشة لعدم المشاهدة فكانت فيها مخاطرة ولا يخفى أن مبنى النكاح على الشهرة كيف هو بالتسامع يثبت فكان ينبغي الصحة في قوله وعلى ألفين إن كانت له امرأة الجهالة فيه لما علمت وكونها يسيرة خلاف الأصل واعمل أن جعل الكرامة والهدية من الصورة الأولى هو ظاهر ما في (الهداية) والمذكور في (المحيط) في الكرامة وجوب مهر المثل لأنها مجهولة القدر والجنس فكانت متفاحشة ثم رأيت في (المبسوط) ما يؤيد ما في (الهداية) وذلك أنه بعد أن ذكر عبارة محمد لو تزوجها على الألف وكرامتها أو يهدي لها هدية (فلها مهر مثلها) لا

ولو نكحها على هذا العبد أو على هذا الألف حكم مهر المثل ـــــــــــــــــــــــــــــ ينقص من الألف قال: هذه المسألة على وجهين إما أن يكرمها أو يهدي لها هدية أو لم يكرمها ولم يهد لها فإن أكرمها أو أهدى لها هدية فبها ونعمت ولها المسمى وإلا فلها مهر مثلها انتهى. وهذاكما ترى مقيد للإطلاق والظاهر أنه يكفي في ذلك أدنى ما يعيد إكراماً وهدية (ولو نكحها على هذا العبد) أو على هذا العبد (أو على هذا الألف) أو على هذا العبد أو على ألف أو ألفين حاصله سمى شيئين مختلفي القيمة اتحد الجنس أو اختلف (حكم مهر المثل) أي: حكمه القاضي أي: على معنى يجعله حكماً فإن كان أكثر من أرفعهما أو مثله فلها الأرفع أو أقل من أوكسهما أو مثله إن كان فلها الأقل وإلا وجب مهر المثل عند الإمام وقالا: لها الأقل والخلاف كما في (الهداية) وغيرها مبني على الخلاف في الواجب الأصلي في النكاح قال الإمام هو مهر المثل لأنه أعدل فلا يعدل عنه إلا عند صحة التسمية وقد فسدت/ للجهالة بإدخال كلمة أو وقالا هو المسمى فلا يعدل عنه إلا إذا فسدت التسمية من كل وجه وذاك منتف بإيجاب الأقل للتيقن به. قال في (الفتح): وهذا إن كان منقولاً عنهم فلا كلام وإن كان تخريجاً فليس بلازم لجواز أن يتفقوا على أن هذا الأصل مهر المثل ثم يختلفوا في فساد التسمية في هذه المسألة فعنده فسدت لإدخال أو تصير إلى مهر المثل وعندهما لم تفسد لأن المهور بينهما لما تفاوتت ورضيت هي بأيهما كان فقد رضيت بالأوكس فتعين أنه منقول عنهم مستنداً إلى أنه في (غاية البيان) عزاه إلى (الجامع الكبير). وأقول: في (المبسوط) بعدما ذكر الخلاف قال: وأصل المسألة أن النكاح بمثل هذه نكاح بتسمية مجهولة لإدخال كلمة الشك في قول أبي حنيفة وجهالة التسمية توجب مهر المثل وهما يقولان: إن المال وجب على الزوج والأقل منه متيقن والشك وقع في الزيادة فلا تجب الزيادة بالشك وهذا ظاهر في أن مبنى الخلاف فيه فساد هذه التسمية وعدم فسادها لا أن الأمر الموجب الأصلي عنده مهر المثل وعندهما المسمى وسيأتي أنهما لو اختلفا في قدر المهر حكم مهر المثل عند الإمام ومحمد وقال أبو يوسف: القول له. قال في (الهداية): ولهما أن القول في الدعاوى قول من يشهد له الظاهر والظاهر شاهد لمن يشهد له مهر المثل لأنه الموجب الأصلي في باب النكاح وهذا صريح في أن محمداً يجعله موجباً أصلياً فيه وهو يعين أن ما مر تخريج فقط وإلا لزم مخالفة أصله السابق فتدبر ولا خلاف أنها لو طلقت قبل الدخول كان لها نصف الأوكس لأن

وعلى فرس وحمار يجب الوسط أو قيمته، ـــــــــــــــــــــــــــــ الواجب في مثله المتعة ونصف الأوكس يزيد عليها عادة فوجب لاعترافه بالزيادة كذا في (الهداية)، وهذا يفيد أن نصف الأقل لو كان أقل من المتعة وجبت وبه صرح في (الدراية) فالحكم في الطلاق قبل الدخول ليس إلا متعة مثلها كذا في (الفتح)، ولو قال: على أحد هذين العبدين فالحكم كذلك كما في (المحيط) ولا كلام أنه لو شرط الخيار في تعيين المعطى لها أو له صحت التسمية وكذا إذا اتحدت قيمة العبدين كما في (الغاية)، ومما يتخرج على إطلاق الخلاف لو تزوجها على ألف حالة أو مؤجلة إلى سنة ومهر مثلها ألف أو أكثر فلها الحالة وإلا فالمؤجل وقالا: لها المؤجلة ولو على ألف حالة أو ألفين إلى سنة ومهر مثلها كالأكثر فالخيار لها وإن كان كالأقل فله وإن كان بينهما وجب مهر المثل وعندهما الخيار له قيد بالنكاح لأنه في الخلع والإعتاق والإفراد يجب الأقل اتفاقاً والفرق أن هذه ليس لها موجب أصلي فيصار إليه فوجب الأقل ولا يخالفه ما في (الخانية) لو كان هذا في الخلع تعطيه المرأة أيهما شاءت كما توهمه في (البحر) كما لا يخفى. (و) لو تزوجها (على فرس أو) تزوجها على (حمار) ولو أظهر الفعل في المعطوف لكان أولى دفعاً لتوهم أنه من المسألة الأولى إذ موضوع هذه أنه تزوجها على حيوان بين جنسه دون نوعه (يجب) لها (الوسط أو قيمته) تضمن كلامه صحة التسمية لأن النكاح معاوضة مال بغير مال فجعلناه التزام المال ابتداء حتى لا يفسد بأصل الجهالة كالدية وشرطنا أن يكون المسمى مالاً وسطه معلوم رعاية للجانبين وذلك عند إعلام الجنس لاشتماله على الجيد والرديء والوسط ذو حظ منهما بخلاف مجهول الجنس لأنه لا وسط له لاختلاف معاني الأجناس والوسط من العبيد في مصر الحبش والأبيض الأعلى والسود الأدنى وتقدير الإمام في السود بأربعين وفي البيض بخمسين لما كان في زمانه ويجبر لأن الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فكانت في الإيفاء وتعتبر القيمة بحسب اختلاف الأوقات من الغلاء والرخص هو الأصح قيد بالمبهم لأنه في المعين كهذا العبد والفرس يثبت الملك فيه لما بمجرد القبول إن كان مملوكاً له وكذا لو لم يكن مشاراً إليه إلا أنه أضافه لنفسه كعبدي وإلا فلها أن تأخذه لشرائه لها فإن عجز عن شرائه لزمته قيمته كذا في (الفتح) يعني فلا تجبر في المضاف على قبول القيمة لأن الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة وهذا بخلافها في الوصية فإن من أوصى لإنسان بعشرة من رقيقه فهلكوا واستفاد آخرين لا تبطل الوصية ولو التحقت الإضافة بالإشارة لبطلت كما لو أشار إلى الرقيق فهلكوا فإنها تبطل لأن الإضافة بمنزلة الإشارة من وجه من حيث أن كل واحدة وضعت للتعريف إلا أنها

وعلى ثوب ـــــــــــــــــــــــــــــ بمنزلة الإطلاق من وجه من حيث أنها لا تقطع الشركة من كل وجه والعمل بالشبهين متعذر في جميع العقود فعملنا بشبه الإشارة في الإيمان والنكاح والخلع وشبه الإطلاق في الوصية عملاً بهما/ بقدر الإمكان كذا في (الذخيرة). قال في (البحر): وبهذا عرف أنه لا يسوى هنا بين المشار إليه والمضاف من كل وجه لأن المشار إليه ليس فيه شركة أصلاً ولذا تملكه المرأة بمجرد القبول إن كان ملكاً للزوج وأما المضاف فلا تملكه المرأة بمجرد القبول حتى يعينه الزوج فما في (فتح القدير) من التسوية بينهما في هذا الحكم غير صحيح. وأقول: هذا سهو بل هو صحيح وذلك أن المدعى إنما هو ثبوت الملك لها بمجرد القبول ولا شك أن هذا القدر ثابت في المشار إليه والمضاف غير أنه في الأولى مستغنى عن التميز بخلاف الثاني فإذا قال: على عبدي وله أعبد ثبت لها الملك في واحد وسط مما في ملكه وعليه تعينه ودعوى توقف ملكه لها غير صحيح إذ لو كان كذلك لاستوى الإبهام والإضافة في هذا فإنه لو عين لها في الإبهام وسطاً أجبرت على قبوله وإذا عرف هذا في (الخانية) لو قال: تزوجتك على ناقة من إبلي هذه قال أبو حنيفة: لها مهر مثلها وقال أبو يوسف: يعطيها ناقة من إبله ما شاء مشكل وقد سوى في (البدائع) بين الجمل والعبد في صحة التسمية ولا فرق يظهر بين الجمل والناقة. قال في (البحر): إلا أن يقال إنه مجهولة ولا يمكن إيجاب الوسط مع التقييد بقوله من إبلي هذه فالمفسد للتسمية قوله من إبلي لا مطلق ذكر الناقة ويدل عليه ما في (الدراية) لو تزوجها على ناقة من هذه الإبل وجب مهر المثل وإن لم يكن المشار إليه والمضاف في ملكه كان لها أن تأخذه بشرائه فإن عجز لزمته القيمة. (و) لو تزوجها (على ثوب) ذكر ثلاث مسائل يجب فيها مهر المثل الأولى: ما لو تزوجها على مجهول الجنس كثوب ودابة ولم يزد على ذلك وقدمها لأنها بيان المفهوم ما قبلها أما لو قال على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها العشرة فقط ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك كذا في (الخانية) وكان ينبغي وجوب الخمسة ولو كانت متعتها أكثر لصحة التسمية ولو وصفه بأن قال هروي أو مروي صح وخير بين دفعه أو القيمة على ما مر وكذا لو بالغ في وصفه بأن قال طوله كذا وعرضه كذا في ظاهر الرواية وعن الإمام أنه يجبر على دفع عين الوسط منه نعم لو ذكر الأجل مع هذه المبالغة كان لها أن لا تقبل القيمة والأصل فيه كما قال محمد إن كل ما جاز فيه السلم كان لها أن لا تأخذ إلا المسمى وما لم يجز فيه يخير الزوج فيه وصحة السلم في الثاني موقوفة على ذكر الأجل إلا في

أو خمر، أو خنزير، أو على هذا الخل فإذا هو خمر، ـــــــــــــــــــــــــــــ المكيل والموزون فإنه إذا ذكر وصفته كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحيرية يتعين المسمى وإن لم يذكر الأجل لأن الموصوف فيها ثبت في الذمة حالاً أيضاً كالقرض. واعلم أن الفقهاء يجعلون المقول على كثيرين مختلفين في الأحكام جنساً وإن اتحدت الحقائق والمقول على كثيرين متفقين فيها نوعاً ومن هنا صح جعل الثوب جنساً وإن كان نوعاً عند أهل المعقول لأن من القطن والكتان والحرير والأخير لا يحل لبسه وغيره يحل وبهذا عرف أنه لا حاجة إلى حمل الجنس على اسم الجنس ولا على النوع وأشار إلى الثانية بقوله: (أو) نكحها على (خمر أو خنزير) لم يقيده بإسلام الزوج مع أن فساد التسمية مشروط بذلك لأن المسمى ليس بمال متقوم في حق المسلم حتى لو تزوج مسلم ذمية على رطل من خمر وجب مهر المثل لأن الكلام في نكاحه وسيأتي بيان غيره وفيه إيماء إلى فساد تسمية الدم والميتة بالأولى وقيد بتسمية الخمر فقط لأنه لو سماه مع أقل المهر وجب أقل المهر المسمى ولو طلقها قبل الدخول وكانت متعتها أكثر من خمسة فمقتضى ما مر عن (الخانية) وجوب المتعة وفيه ما علمت ونبه على الثالثة بقوله أو نكحها على هذا العبد فإذا هو حر. (أو على هذا الخل فإذا هو خمر) يعني: سمى حلالاً وأشار إلى حرام وقوله وجب مهر المثل جواب للمسائل الثلاثة وهذا في الثالثة قول الإمام وقال الثاني تصح التسمية ويجب عليه في المثلي مثله وفي القيمي قيمته ومحمد مع الإمام في القيمي ومع أبي يوسف في المثلي ولا خلاف بينهم في اعتبار المشار إليه حيث كان المسمى من جنسه وإلا فالمسمى إنما الخلاف في التخريج قال الإمام الحر مع العبد والخل مع الخمر جنس واحد لاتحاد الصورة والمعنى فالعبرة للإشارة والمشار إليه لا يصلح مهراً فوجب مهر المثل وقال الثاني جنسان مختلفان لاختلافهما حكماً فالعبرة للمسمى ووافقه محمد في الخل مع الخمر لأن المطلوب منه غير المطلوب من الآخر وظاهر (الهداية) يقتضي افتراقهم في معاني الخلاف والتحقيق ما أسمعك وعلى هذا فما قدمناه من أن/ الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالأحكام إنما هو على قول أبي يوسف وعند محمد مختلفين بالمقاصد وعند الإمام هو المقول على متحدي الصورة والمعنى قال الشارح: ثم إذا تعلق العقد بالمسمى عند اختلاف الجنس يعني على قول الثاني ينكحها إن كان المسمى مما يمكن أن يجعل مهراً وثبت في الذمة ثبوتاً صحيحاً لزمه تسليمه من غير خيار، وإلا فإن بين جنسه دون وصفه فلها الوسط منه ويجبر الزوج وإلا فمهر المثل على ما تقدم ولهذا أوجب أبو

أو على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل، وإن أمهر عبدين وأحدهما حر فمهرها العبد، ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف في الخل مثله وفي العبد القيمة وإنما لم يجب عبد وسط لاعتبار الإشارة من جهة انتهى. وبه اندفع ما في (الفتح) من أن اللائق كون الجواب على قول الثاني وجب القيمة أو عبد وسط لأن اعتبار المسمى يوجب كون الحاصل أنه تزوجها على عبد وحكمه ما قلناه قد يكون المشار إليه خمراً أو حراً لأنه لو كان طلاً أو مدبراً أو مكاتباً أو أم ولد كان لها مثل الدن من الخل وقيمة العبد، كذا في (الخانية) وكان ينبغي في غير الطلا وجوب مهر المثل لأن المشار إليه لا يصلح مهراً أما الطلا فصرح في (المبسوط) بأنه مال وأجاب في (البحر) بأنه ما لم يخرج عن المالية بالكلية صحت التسمية واعتبر المسمى انتهى. وأقول: في أشربه الواني يصح بيع غير الخمر من الأشربة المحرمة وضمن متلفه فالطلاب وهو العصير إن طبخ فذهب أقل من ثلثه ليس بقيد إذ السكر وهو الني من ماء الرطب، ونقيع الزبيب إن اشتد وغلا كذلك وإذا عرف هذا فالمثلث العنبي بالأولى لأنه لا يحل شربه عند الإمام لا على قول محمد قيل: هذا في أم ولد على قول الإمام ممنوع وقد عرف من هذا أنهما لو كانا حلالين وقد اختلفا جنساً كما إذا قال على هذا الدن من خلال فإذا هو جارية أو على هذا الثوب الهروي فإذا هو قوهي كان له مثل ذلك الدن خلا وعبداً بقيمة الجارية وثوب هروي بقيمة القوهي كما في (الذخيرة) إلا أن المذكور في (الخانية) أنهما لو كانا حلالين وجب لها مهر مثل ذلك المسمى ومقتضاه وجوب عبد وسط أو قيمته ويكون المسمى دون المشار إليه حلالًا لأنه لو كان العكس كما إذا قال على هذا الحر فإذا هو عبد كان لها المشار إليه في الأصح عند الإمام وعرف من كلامه أنهما لو كانا حرين وجب مهر المثل بالأولى ودل إطلاقه أن الحر لو كان حربياً فاسترق وملكه الزوج لم يجبر على تسليمه اتفاقاً ذكره في (الأسرار) وكذا الخمر لو تخللت وفي (البدائع) تزوجها على هذا الدن من الخمر وقيمة الظرف عشرة فصاعداً ففي رواية لها الدن لا غير وأوجب مهر المثل في أخرى والله الموفق. (وإذا أمهر العبدين) بأن قال تزوجتك على هذين العبدين (و) الحال أن (أحدهما حر فمرها العبد) الباقي عند الإمام إن ساوى أقل المهر والأكمل وقال الثاني: لها قيمة الحر لو كان عبداً وقال محمد: لها الباقي وتمام مهر مثلها إن كان أكثر من قيمة العبد وقد خرجت المسألة على ما مر من الأصل فعند الإمام تسمية العبد عند الإشارة إلى الحر لغو فصار كأنه تزوجها على عبد فقط واعتبرها الثاني وإذا سمى عبدين وعجز عن تسليم أحدهما وجبت قيمته ومحمد يقول كما قال الإمام

وفي النكاح الفاسد إنما يجب مهر المثل بالوطء ـــــــــــــــــــــــــــــ لكنها لم ترض بتمليك بضعها بعبد واحد فوجب مهر المثل دفعاً للضرر عنها لهما في عدم الاقتصار على الباقي الإلحاق بما مر أعني ما إذا تزوجها بألف على أن لا يخرجها من البلد ولم يف حيث يكمل لها المهر المثل لأنها لم ترض بذلك القدر فقط وقد امتنع الباقي فلم يجب الاقتصار عليه وفرق الإمام بأن ترك الإخراج مما يمكن الوفاء به فلم تكن راضية بالمسمى بدونه والحر لا يمكن الوفاء به لأنه ليس بمال فكانت راضية بالباقي ولأنه لا يمكن الوقوف على المشروط قبل العقد بخلاف معرفة الحر فكان التقصير منها كذا في (الغاية) قال في (الفتح): وكونها مقصرة في ذلك ممنوع بأن العادة مانعة من التردد في أن المسمى حر أو عبد ورجح قول أبي يوسف وأراد بالعبدين القيمين فشمل ما لو تزوجها على هذه الثياب العشرة فإذا هي تسعة قال الإمام لها التسعة لا غير وبه يفتى وقال محمد لها ذلك مع تمام مهر مثلها إن كان أكثر ولو زاد الهروية كان لها مع التسعة هروي وسط بالإجماع والفرق أنه لما لم يصفها صار كأنه تزوجها على هذه التسعة وثوب آخر وهو مطلق فيلغو بخلاف ما إذا وصفها لأن المعنى أنه تزوجها على هذه التسعة وثوب هروي فلا تبطل تسميته غير أن مقتضى (الأصل) أن يتخير بين عبده وقيمته كذا في (الفتح) ولو وجدتها/ أحد عشر قال محمد: يعطيها عشرة من أيتها شاء وقال الإمام إن كان مهر مثلها مثل أجود العشرة أو زيادة فلها أجود العشرة وهو الأصح وعليه الفتوى قيد بكون أحدهما حراً لأنه لو استحق كان لها مع الباقي قيمته اتفاقاً. (وفي النكاح الفاسد) وهو المفقود منه شرط من شرائط الصحة كالشهود ونحو ذلك وجعل منه في (المحيط) ما لو تزوج ذمي مسلمة ويجب على القاضي إذا علم به أن يفرق بينهما كي لا يلزم ارتكاب المحظور اغتراراً بصورة العقد قاله الإتقان وقول الشارح ولكل منهما فسخة بغير محضر من صاحبه لا يريد به عدم الوجوب إذ لا شك أنه خروج من المعصية والخروج منها واجب بلا فائدة أي: لكل منهما وحده أنه أمر ثابت له وحده (إنما يجب مهر المثل بالوطء) في القبل لأنه لا جائز أن يجب بالعقد لفساده ولا بالخلوة لوجود المانع الشرعي فيها وبالوطء قد استوفى منافع بضعها وخص المهر مع أن حرمة أمها إنما تكون أيضاً به لأن الكلام فيه ولو ادعت فساده وهو صحته فالقول له وعلى عكسه فرق بينهما وعليها العدة ولها نصف المهر إن لم يدخل والكل إن دخل كذا في (الخانية) لكن ذكر الحاكم أنه لو ادعى أحدهما أن النكاح في صغره فالقول له ولا نكاح بنيهما أو لا مهر إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك فيخص هذا من إطلاق (الخانية) وفي (المحيط): صبي أو مجنون جامع امرأة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ثيباً وهي نائمة فلا مهر عليه ولو كانت بكراً فافتضها فعليه مهر مثلها وروى هشام عن محمد صبي جامع امرأة بشبهة نكاح فلا مهر عليه لأن الولي لا يملك النكاح الفاسد في حقه ولا الإذن له فسقط اعتبار قوله فصار كأنه وطيء في حق نفسه من غير شبهة عقد وتجب عليها العدة لأن فعلها جائز في حق نفسها لنفوذ العقد في حقها انتهى، قال في (البحر): وينبغي أن يلزمه المهر في الحالتين حيث كانت نائمة لأنه يؤاخذ بأفعاله ولا يسقط حقها إلا بالتمكين ولم يوجد انتهى. وأقول: فيه نظر إذ الضمان فيما إذا كانت بكراً ضمان إتلاف وكذا تدافعت جارية مع أخرى فأزالت بكارتها وجب عليها مهر المثل كما قدمناه عن (جامع الفصولين) ولا إتلاف فيما إذا كانت ثيباً وإذا كان على ما روى هشام مع شبهة العقد لا مهر فمع عدمه أولى، إلا أنه ينبغي أن يقيد رواية هشان بغير البكر كما لا يخفى. تتمة: قال في (الخلاصة): من النكاح التصرفات الفاسدة عشرة جمعتها تفقها تسهيلاً لحفظها وهي النكاح والبيع والإجارة والرهن والصلح والقرض والهبة والمضاربة والمكاتبة والمزارعة وأحكامها مختلفة بينها رحمه الله تعالى وقد نظمتها طمعاً في مزيد تسهيل حفظها فقلت وبالله الإعانة ومنه التوفيق: وفاسد من العقود عشر .... إجارة وحكم هذا الأجر وجوب أدنى مثل أو مسمى .... أو كله مع فقد المسمى والواجب الأكثر في الكتابة .... من الذي سماه أو قيمته وفي النكاح المثل إن يكن دخل .... وخارج البذر لمالك أجل والصلح والرهن لكل نقضه .... أمانة أو كالصحيح حكمه ثم الهبة مضمونة يوم قبض .... وصح بيعه لعبد افترض مضاربة وحكمها الأمانة .... والمثل في البيع وإلا القيمة وبقي من التصرفات الفاسدة الصدقة والخلع والشركة والسلم والكفالة والوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية والقسمة أما الصدقة ففي (جامع الفصولين) أنها كالهبة الفاسدة مضمونة بالقبض وأما الخلع فحكمه أنه إذا بطل العوض فيه وقع بائناً وذلك كالخلع على خمر أو خنزير أو ميتة وأما الشركة وهي المفقود منها شرطها مثل أن يجعل الربح فيها على قدر المال كما في (المجمع) ولا ضمان عليه لو هلك المال في يده كما في (جامع الفصولين) وأما السلم وهو ما فقد فيه شرط من شرائط الصحة فحكم رأس المال فيه كالمغصوب فيصح فيه أن يأخذ به ما بدا له كذا في الفصول وأما الكفالة إذا جهل المكفول عنه مثلاً كقوله ما بايعت أحداً فعلي

ولم يزد على المسمى، ويثبت النسب ـــــــــــــــــــــــــــــ فحكمها عدم الوجوب عليه ويرجع بما أداه حيث كان الضمان فاسداً كذا في (الفصول) أيضاً وأما الوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية فالظاهر أنهم لم يفرقوا بين فاسدها وباطلها وصرحوا بأن الإقالة كالنكاح/ لا يبطلها الشرط الفاسد وقد عرف أنه لا فرق بين فاسدة وباطلة وقالوا: لو وقعت الإقالة بعد القبض بعدما ولدت الجارية فهي باطلة. (ولم يزد على المسمى) لأنها أسقطت حقها في الزيادة لرضاها بما دونها ولم يقل ولم ينقص منه إيماء إلى أنه لو كان أكثر من مهر المثل وجب مهر المثل فقط وظاهر كلامهم ولو كان ذلك أقل من العشرة وفي قوله المسمى إشارة إلى أنه معلوم ولو كان مجهولاً وجب المثل بالغاً ما بلغ وفي (الخانية) لو تزوج محرمة فلا حد عليه في قول الإمام وعليه مهر مثلها بالغاً ما بلغ وحكى في (جامع الفصولين) خلافاً فيه فقيل باطل عنده وسقوط الحد لشبهة الاشتباه وقيل فاسد وسقوطه لشبهة العقد والظاهر أن ما في (الخانية) بناء على الثاني، وفي (الظهيرية) زوج أحد الموليين أمة ودخل بها الزوج فإن نقض الآخر كان له نصف مهر المثل وللزوج الأقل منه ومن نصف المسمى انتهى. وإيجاب نصف مهر المثل للناقض يعني بالغاً ما بلغ (وثبت النسب) أي: نسب المولود في النكاح الفاسد احتياطاً إحياء للولد وابتداء مدته عند محمد من وقت الدخول وبه يتفى، قيل: وعندهما من وقت العقد والمذكور في كتاب الدعوى أن الأمة إذا تزوجت بغير إذن ودخل بها الزوج فولدت لستة أشهر منذ تزوجها فادعاه المولى والزوج فهو ابن الزوج فاعتبره من وقت العقد ولم يحك خلافاً وذكر شيخ الإسلام أن النكاح لا ينعقد في الفاسد إلا بالدخول وأول المسألة بأن الدخول كان عقب النكاح بلا مهلة وهذا بعد ثبوت الخلاف لا حاجة إليه إذ ما في (الأصل) مفرع على قولهما إلحاقاً للفاسد بالصحيح واستبعد بأن الفاسد ليس بداع إلى الوطء لحرمته بخلاف الصحيح ولا يخفى أن النسب حيث كان يحتاط في إثباته فالاعتبار بوقت العقد به أمس، قال في (الغاية): قد اعتبروا العدة من وقت التفريق فكان الأحوط في النسب من وقت التفريق أيضاً لا من وقت النكاح ورده الشارح بأنهم إنما اعتبروها من وقت النكاح ليثبت نسبه بمجرد العقد إقامة للتمكن من والوطء بالشبهة مقام الوطء حتى لو جاءت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول ثبت نسبه كما في (الصحيح) ولا ينافي ذلك اعتبارها من وقت التفريق ألا ترى أنها لو جاءت بولد لأكثر من سنتين من وقت النكاح ولم يفارقها وهي معه نسبه ولو

والعدة، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الاعتبار لوقت التفريق لا غير لما ثبت وكذا لو فارقها بعد عشر سنين لا يمكن الاعتبار لوقت التفريق لا غير، قال في (الفتح) بعد ذكره والحاصل أنه يعتبر من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وما لم تقع فمن وقتها النكاح أو الدخول قال في (البحر): ويرد عليه ما إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر من يوم العقد ولأقل منها من وقت التفريق يثبت النسب ومقتضى ما في (الفتح) خلافه. وأقول: اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل حتى لو جاءت به لأقل من سنة من هذا الابتداء لا يثبت نسبه واعتبارها من وقت التفريق معناه أنها لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب فهي نفي للأكثر لا للأقل كما في (الصحيح) فلا يرد ما ذكر فتدبر. (و) تثبت (العدة) أي: عدة الطلاق وجوباً إلحاقاً للشبهة بالحقيقة في موضع الاحتياط ولو قال: لم أدخل بها فالقول له لا عدة الوفاة لو مات عنها كما في (الفصول) وغيره وابتداؤها من وقت التفريق، قال في (الدراية): أو عزم الوطئ على ترك وطئها والظاهر أن المراد بها المتاركة إذ لا اطلاع لنا عليه ولذا قال في (الفتح): ابتداؤها من وقت التفريق أو الافتراق بالمتاركة هو الصحيح وقال زفر: من آخر الوطئات واختاره الصفار ولا تحقق المتاركة إلا بالقول كتاركتك أو خليت سبيلك أو خليتها أو تركتها هذا في المدخول بها أما غيرها فبتفريق الأبدان. قال في (الفتح): ويجب أن يكون هذا في القضاء أما فيما بينها وبين الله تعالى إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثًا ينبغي أن يحل لها التزوج قال في (البحر): ومحله فيما إذا فرق بينهما أما إذا حاضت ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقاً كما أشار إليه في (غاية البيان) وظاهر الزيلعي يوهم خلافه انتهى. وفيه نظر وعلم غير المارك ليس بشرط لصحة المتاركة في (الأصح) كما في (الصحيح) كذا في (الشارح) وقيل بشرط، قال في (القنية): وهو الصحيح وإياك أن تظن أن ما في (الشرح) يفيد أن المتاركة/ تكون منها أيضاً لأنه قدم أولاً تخصيص المتاركة بالزوج فالمراد كما قال غيره إن علم المرأة ليس بشرط ويؤيده قوله كما في الصحيح لكن قالوا: لكل منهما فسخه بغير محضر من الآخر وقيل: بعد الدخول لابد من حضوره وهذا يقتضي صحة الفسخ منها بمحاضره إجماعاً. قال في (البحر): ولا شك أنه متاركة إلا أن يفرق بينهما وهو بعيد وأقول من تصفح كلامهم جزم بالفرق بينهما وذلك أن المتاركة في معنى الطلاق فيختص به

ومهر مثلها يعتبر بقوم أبيها إذا استويا سناً وجمالاً مالاً وبلداً وعصراً وعقلاً وديناً وبكارة ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوج أما الفسخ فدفع العقد فلا يختص به وإن كان في معنى المتاركة وإنكار النكاح بحضرتها متاركة وإلا لا وشرط في (الفصول) أن يقول لها اذهبي وتزوجي وإن يم يقل لها ذلك لا يكون متاركة (ومهر مثلها) أي: الحرة إذ الكلام في نكاحها أما الأمة فعلى قدر الرغبة منها وعن الأوزاعي هو ثلث قيمتها كذا في (المجتبي) وغيره (يعتبر) أي: يعتبره القاضي (بقوم أبيها) لقول ابن مسعد في المفوضة: (لها مهر مثلها مثل نسائها) والظاهر من إضافة النساء إليها أنها باعتبار قرابة الأب لأن الإنسان من جنس أبيه وكذا صحة خلافة ابن الأمة إذا كان أبوه قرشياً، قال في (الخلاصة): ويعتبر بأخواتها وعماتها وبناتهن فإن لم يكن لها أخت ولا عمة فبنت الأخت لأب وأم وبنت العم انتهى. وهذا يفيد في الاعتبار بقوم أبيها فهو مقيد لإطلاق المصنف (إذا استويا سناً) أي: صغراً وكبراً (وجمالاً) قيل هذا في أوساط الناس أما بنت الحسب والشرف فلا يعتبر فيهم الجمال، قال في (الفتح): وهذا جيد انتهى، وإطلاق الكتاب كغيره يرده (ومالاً وبلداً وعصراً) أي: زماناً (وعقلاً وديناً) أي: تقوى (وبكارة) لأن المهر يختلف باختلاف الأوصاف لاختلاف الرغبات فيها. قال في (الفتح): حتى لو كانت من قوم أبيها لكن اختلف مكانهما أو زمانهما لا تعتبر بمهرها لأن البلدين تختلف عادة أهلها في المهر في غلائه ورخه وبقي أنه يشترط أن يستويا أيضاً علماً وأدباً وكمالة خلق وعدم ولد وقالوا: يعتبر حال الزوج أيضاً بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمها، كذا في (الفتح) قال في (البحر): وينبغي أن يكون للجمال والبلد والصغر والتقوى والسن مدخل فيه أيضاً إذ الشاب والمتقي يزوج بأرخص من الشيخ والفاسق وإنما تعتبر هذه الأوصاف وقت التزويج كما في (الذخيرة) وفي (المنتقى) يشترط أن يكون المخير بمهر المثل رجلين أو رجلاً وامرأتين ويشترط لفظه فإن لم يوجد على ذلك شهود عدول فالقول قول الزوج مع يمينه فظاهره أنه لا يصح القضاء بمهر المثل إلا بالشهادة أو الإقرار ويخالفه ما مر عن (المحيط) من أن الزوج أو القاضي لو فرض بعد العقد جاز لأنه يجري مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط منه جائز، كذا في (البحر) وبما قدمناه من حمل ما في (المحيط) ترتفع المخالفة فارجع إليه قال: ولم أر حكم ما لو ساوت امرأتين من قوم أبيها في كل الأوصاف واختلف مهرها قلة وكثيرة بما تعتبر هذه

فإن لم يوجد فمن الأجانب، وصح ضمان الولي المهر، ـــــــــــــــــــــــــــــ وينبغي أن كل مهر حكم به القاضي صح (فإن لم يوجد) أحد من قوم أبيها أو من يماثلها في الأوصاف كلها أو بعضها (فمن الأجانب) أي: فتعتبر منهم قال الشارح من قبيلة هي مثل قبيلة أبيها وهو مقيد بإطلاق (الكتاب) ويوافقه ما في (الخلاصة) فإن لم يكن مثلها في قبيلتها ينظر في قبيلة أخرى مثلها. قال في (الفتح): أي: مثل قبيلة أبيها وهذا التفسير متعين وبهذا اندفع ما في (البحر) من أن الأولى أن يرجع الضمير إلى المرأة ليكون موافقاً لما في (الكتاب) من الاعتبار بالأجنبيات مطلقاً وعن الإمام عدم الاعتبار بالأجنبيات ويجب حمله على ما إذا كان لها الأقارب وإلا امتنع القضاء بمهر المثل في النظر إلى ما يماثل فالمروي صحيح وأنت قد علمت بأن ما في (المحيط) لا يمكن إجراؤه على ظاهره فلا يتم الاستشهاد به والله الموفق. (وصح ضمان الولي) سواء كان ولي الزوج أو الزوجة صغيرين كانا أو كبيرين بشرط أن يكون ذلك في صحته فإن كان فيمرض الموت وهو وارثه لم يصح وإلا صح من الثلث وأن تقبل المرأة أو غيرها في مجلس الضمان لأن الموجود شرط فلا يتوقف على ما وراء المجلس في المذهب كذا في (البزازية) فهو ظاهر في أن هذا/ شرط في ضمان ولي الصغيرة إلا أن إطلاقهم يفيد أن إيجابه يقوم مقام القبول عنها أما ضمان ولي الكبير منهما فظاهر لأنه في هذه الحالة كالأجنبي ثم إن كان عن إذن رجع وإلا لا، وأما ولي الصغيرين فإنما يصح ضمانه لأنه في النكاح سفير ومعبر فإذا مات الضامن كان للزوجة أن ترجع في تركته ولباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير وقال زفر لا يرجعون لعدم أمر المكفول عنه قلنا: بل صدرت بأمر معتبر من المكفول عنه لثبوت ولاية الأب عليه فإذن الأب إذن منه معتبر وإقدامه على الكفالة دلالة ذلك من جهته، كذا في (الفتح) وفيه إيماء إلى أن (المهر) لا يلزم الأب بعقد إذ لو لزمه به لما أفاد الضمان شيئاً وهذا أعني عدم لزومه هو المذكور في (المنظومة وشروحها) وفي (شرح الطحاوي) لها مطالبة الأب به ضمن أو لا. قال في (الفتح): والمعول عليه هو الأول وحمل في (البحر) ما في (شرح الطحاوي) على ما إذا كان للصغير مال فإن لها حينئذ مطالبة الأب به لأنه مال لزم ذمة الصغير بالعقد فإن قلت: فإذا ضمن حينئذ كان ينبغي أن لا يصح ضمانه لعدم فائدته قلنا: فائدته تظهر فيما إذا مات كان لها الأخذ من تركته بخلاف ما إذا لم يضمن قال في (الفتح): ولا يرجع إذا أدى عن ابنه الصغير وضمن عنه للعرف يتحمل مهور الصغار اللهم إلا أن يشهد أنه يدفع له ليرجع عليه في أصل الضمن ولا يخفى أن هذا

وتطالب زوجها، أو وليها، ولها منعه من الوطء والإخراج للمهر، وإن وطئها، ـــــــــــــــــــــــــــــ مقيد بما إذا لم يكن للصغير مال انتهى وفيه نظر لما في (غاية البيان) لو أدى الأب من مال نفسه فالقياس أن يرجع وفي الاستحسان لا رجوع له لأن الآباء يتحملون المهر عن أبنائهم عادة ولا يطمعون في الرجوع والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فحينئذ يرجع لأن الصريح يفوق الدلالة بخلاف الوصي إذا أدى بحكم الضمان فإنه يرجع كبقية الأولياء غير الأب انتهى. وفي (الشرح) لو أدى الولي بعدما ضمن من مال نفسه فله الرجوع في مال الصغير أن أشهد أنه يؤديه ليرجع وإن لم يشهد فهو متطوع استحسان انتهى وأنت قد علمت أن عدم الرجوع عند عدم الإشهاد خاص بالأب فإطلاق الشارح الولي فيه مؤاخذة ظاهرة نعم لو اشترى الأب له ما يؤكل ونقد من مال نفسه كان له الرجوع في ماله لعدم العرف كما في (الذخيرة) وإذا كان في ذي المال لا يرجع إلا إذا أشهد ففي الفقير أولى بقي أن غير الأب هل يرجع بدون الإشهاد في الفقير لم أره لهم فتدبره. (وتطالب زوجها) إن شاءت يعني إن كان بالغاً ولم يقيده به لظهور أن غير البالغ لا يطالب لعدم الفائدة وأيضاً التخيير المستفاد من قوله (أو وليها) إنما يتم لو كان الزوج بالغاً وإلا طالبت الولي فقط ولو قال: أو الولي لكان أولى ليطابق إطلاق صحة ضمان الولي لأن الضامن لو كان وليه خيره أيضاً (ولها منعه) أي: الزوج من الوطء) فيما ينبغي ولم أره لهم ثم رأيت ابن الملك قال لها أن تمنعه من الاستمتاع بها وهذا نص في المسألة ولله الحمد ولا يحل له أن يطأها عن كره منها عند الإمام خلافاً لهما كذا في نفقات (المحيط) وينبغي تقييد الخلاف بما إذا وطئها أولاً برضاها أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقاً. (والإخراج) من بيتها أو بلدها وهذا أولى من تخصيصهم بالإخراج من البلد كما في (الهداية) وعليه جرى الشارح وغيره (للمهر) أي: لأجله (وإن وطئها) ولو حكماً برضاها يتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج المبدل فصار كالبيع وهذا التعليل لا يصح إلا في المهر الدين لا العين كما لو تزوجها على عبد بعينه لأنه بالعقد ملكته وتعين حقها فيه حتى ملكت عتقه كذا في (الفتح) ويمكن أن يقال المراد التعيين التام المخروج عن الضمان ولن يكون ذلك إلا بالتسليم ألا ترى أن العبد المهر في ضمانه ما بقي في يده ثم التشبيه بالمبيع يقتضي أن المهر لو كان عيناً يقال لهما سلماً معاً كما في بيع المقايضة قال في (الفتح): ومثله لا يتأتى في النكاح إذا كان المهر عبداً معيناً مثلاً ولا في معينة الخلوة لإطلاق الجواب بأن لها الامتناع إلى أن تقبض ورده في (البحر) بأن المراد بالتسليم/ هنا التخلية برفع الموانع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو ممكن في العبد أيضاً بأن يخلى بينه وبينها بشرط التخلية برفع الموانع ويخلى بينه وبين نفسها برفع الموانع هذا قبل الاطلاع على النقل ثم رأيت في (المحيط) وإن كان عيناً فإنهما يتقابضان كما في بيع المقايضة وبهذا سقط ما في (الفتح) انتهى. وأقول: ما في (الفتح) منقول كلامهم قال في (البدائع): وإذا كان يعني الثمن عيناً يسلمان معاً وههنا يقدم تسليم المهر على كل حال سواء كان ديناً أو عيناً لأن القبض والتسليم معاً متعذر ولا تعذر في البيع انتهى. وفي (المحيط) ولا يشترط إحضار المرأة لاستيفاء الأب مهر ابنته وعند أبي يوسف وزفر يشترط ولهما أن العادة جرت أن تسليم المرأة يتأخر عن قبض صداقها زماناً فلما علم الزوج بذلك كان راضياً بتعجيل الصداق وتأخير تسليمها ولا كذلك في البيع ولو طالب الزوج الأب بتسليم المرأة وهو لا يقدر على تسليمها فليس له قبض الصداق ولو كانت في منزله ولكن اتهمه الزوج فالقاضي يأمر الأب بأن يعطيه كفيلاً بالمهر ولو كانت الخصومة بالكوفة والبنت بالبصرة لا يكلف الأب نقل البنت ولكن يقال للزوج: ادفع المهر إلى الأب واخرج معه إلى البصرة لتأخذ المرأة انتهى. وهذه الإطلاقات إنما تناسب ما في (البدائع) فما في (المحيط) أولاً يحمل على أنه رواية وأطلق في المهر وهو ظاهر فيما لو شرطاً تعجيل كله أما لو شرطا تأجيله ولو بعد العقد فليس لها الامتناع وعن الثاني أن لها الامتناع. قال في (الولوالجية): ويفتى به استحساناً وفي (الخلاصة) كان الأستاذ ظهير الدين يفتي بالأول والصدر الشهيد بالثاني انتهى ولا خلاف أنه لو شرط الدخول فيها قبل حلوله فليس لها الامتناع ولو سكتا اعتبر عرف بدلهما على ما عليه الفتوى وجزم به في غير كتاب بقي لو تزوجها على مائة مثلاً على حكم الحلول على أن يعطيها قبل الدخول أربعين والباقي على حكمه كان لها الامتناع حتى تقبضه وقول الشارح ليس لها أن تحبس نفسها فيما تعورف تأجيله ولو كان حالاً أي: بمقتضى العقد وليس في اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق والموت بوجه من وجوه الدلالات والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير اختيار المطالبة وقال الزاهدي: صار تأخير الصداق إلى الطلاق والموت بخوارزم عادة مأثورة وشريعة معروفة عندهم انتهى. وهو خلاف الواقع في مصر والشام وما وراءهما كذا في (القاسمية) وتسوية المصنف بين ما لو وطئها أو لا قول الإمام وقالا إن دخل بها راضية وهي مما يعتبر رضاها فليس لها المنع ولا خلاف أنه لو دخل بها كارهة أو غير مكلفة فزال الإكراه وصارت مكلفة أن لها الامتناع وأفهم كلامه أن لها إخراجها إن

وإن اختلفا في قدر المهر حكم مهر المثل ـــــــــــــــــــــــــــــ أوفاها المهر وكلام بعضهم يعطي جوازه من القرية إلى المصر وعكسه اتفاقاً وحكى في (القنية) خلافاً في نقلها من المصر إلى الرستاق قال: والصواب أن له ذلك وحكوا الخلاف لإخراج إلى مصر أخرى فظاهر الرواية أن له ذلك لإطلاق النص في (جامع الفصولين) وغيره وعليه الفتوى وأفتى الفقيه بأنه ليس له ذلك جبراً عليها وبه أفتى كثير من المشايخ، وفي (المختار) وعليه الفتوى، وفي (المحيط) وهو المختار وبه جزم البزازي وغيره وهو الذي عليه العمل في ديارنا وما شنع به ظهير الدين من الأخذ بكتاب الله أولى من الأخذ بقوله الفقيه يرد لأن الكتاب مقيد بعدم المضارة بقوله ولا تضاروهن بعد أسكنوهن ولا شك أن في النقل إلى غير بلدها مضارة وجعل الولوالجي جواب ظاهر الرواية باعتبار ما كان في زمانهم يعني من غلبة الصلاح والأمن عليها بخلاف زماننا وبهذا اندفع ما في (البحر) من أنه لا تفصيل في ظاهر الرواية بين كونه مأموناً عليه أو لا. (ولو اختلفا) أي: الزوجان (في قدر المهر) نقداً كان أو مكيلاً أو موزوناً أو ديناً ولم يقيده بحال الحياة لأن اختلافهما لا يتصور إلا كذلك (حكم مهر المثل) أي: جعل حكماً فمن كان من جهته كان القول له مع يمينه وإن لم يكن من جهته أحد بأن كان بين الدعوتين تحالفا ويعطي مهر المثل عند الإمام ومحمد على تخريج الرازي وعلى تخريج الكرخي يتحالفا في الفصول كلها ثم يحكم مهر المثل وبه جزم المصنف في باب التحالف حيث قال: لو اختلفا في المهر قضي لمن رهن وإن رهنا فالمرأة وإن عجز تحالفا ولم يفسخ النكاح بل يحكم مهر المثل فيقضى بقوله لو كان كما قال أو أقل وبقولها لو كان كما قالت أو أكثر وبه لو بينهما. قال في (البحر): ولم أر من رجح تخريج الرازي والذي رجحه في (المحيط) وفي (المبسوط) تخريج الكرخي فيحمل كلام المصنف هنا عليه ليطابق ما صرح به في التحالف/. وأقول: تقديم الشارح وغيره تبعاً لصاحب (الهداية) ما خرج الرازي يؤذن بترجيحه وصححه في (النهاية)، وقال القاضي خان: إنه الأولى ولم يذكر في (شرح الجامع الصغير) وغيره واختيار المصنف له هنا لا ينافي اختيار غيره في موضع آخر وحمل كلامه هنا على ما قاله في التحالف ظاهر البعد إذ وجه المسألة حينئذ تحالفا وحكم مهر المثل ولا دلالة في كلامه على هذا المحذوف ولم يذكر الخلاف في باب التحالف من يبتدئ بيمينه إيماء إلى أنه لو بدأ بأيهما كان صح نعم. قال في (غاية البيان): يندب أن يقرع بينهما واختار كثير أن الأولى البدأة فيمين الزوج لأن أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه كتقديم المشتري في التحالف وقوله وإن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ برهنا فللمرأة ظاهر فيما إذا كان مهر المثل شاهداً له أما إذا شهد لها فتقديم بينتها أحد قولين وجزم الشارح وغيره بأن البينة له لأنها تظهر حط الألف عن مهر المثل ولو كان بينهما تهاتراً في الصحيح ويجب مهر المثل فيه فيخير فيه الزوج بين دفع الدراهم والدنانير وفي التحالف السابق يجب قدر ما اتفقا عليه على أنه يسمى كما في النكول والزائد على أنه مهر المثل فيخير فيه الزوج أيضاً والفرق أن بينة كل واحد منهما تتقي تسمية صاحبه فخلا العقد عن تسمية فوجب مهر المثل ولا كذلك التحالف وسوى قاضي خان بين الفصلين. قال في (البحر): والظاهر الأول وهذا كله عندهما وقال الثاني: القول للزوج إلا أن يأتي بشيء مستنكر واختلفت الروايات عنه في معناه فروي عنه في (الجامع الصغير) أن المستنكر عرفاً يعني ما لا يتعارف مهراً وصححه في (الهداية) وغير وعنه كما في (البدائع) أنه المستنكر شرعاً وهو ما دون العشرة ورجحه الإسبيجابي وغيره وقال الوبري: إنه الأشبه بالصواب وقوله في (الجامع) إلا أن يأتي بشيء قليل لا يعين هذا كما توهمه عبارة بعضهم إذ التعليل كما جاز أن يكون عرفاً وفي (المحيط) قال محمد: رجل أقام بينة أنه تزوج هذه المرأة بألف وأقامت بينة أنه تزوجها بألفين فالمهر ألف ولو أقام بينة أنه اشترى هذه الدار بألف والبائع بينة أنه باعها بألفين فهي بالألفين والفرق أن بالبيع أمكن العمل بالبينتين لاحتمال أنه اشتراها منه بألفين فيصح لأن البيع يحتمل الفسخ والنكاح لا يحتمله وكل منهما ادعى عقداً غير ما ادعاه الآخر فتهاترت البينتان ووجب الألف باعتراف الزوج انتهى. فهذا إن كان نقلاً للمذهب لا قوله وحده فمعنى قولهم وإن برهنا فالمرأة ما إذا أشهدت ببينة فإن المهر ألف وبينتها بأنه ألفان ولو تقع الشهادة بالعقد أما إذا وقعت به مع المسمى فقد علمت حكمه كذا في (البحر) ولا يخفى ما فيه فتدبره قيد بالاختلاف في قدره لأنه لو كان من جنسه بأن قالت تزوجتني على عبد فقال: بل على جارية أو صفة من الجودة والرداءة أو نوعه كالتركي مع الرومي أو ذرعه إن كان مذروعاً والمسمى عين أو اختلفا في قيمته وهو هالك فالقول قوله ولا يتحالفان لأنهما اتفقا على المسمى إلا أنها تدعي عليه ضماناً زائداً وهو ينكر ولو كان ديناً فهو كالاختلاف في الأصل ولو اختلفا في الوصف والقدر جميعاً فالقول له في الوصف ولها في القدر إلى تمام مهر مثلها كذا في (المحيط) وفي (البدائع) الاختلاف في الجنس والنوع والصفة إذا كان المهر ديناً كالاختلاف في العينين إلا الدراهم والدنانير فكالألف والألفين لأنها لا تملك إلا بالتراضي بخلاف الدراهم

والمتعة لو طلقها قبل الوطء، ولو في أصل المسمى يجب مهر المثل، ـــــــــــــــــــــــــــــ والدنانير فإنهما وإن اختلفا جنساً إلا أن المهر يقضى من جنسهما فجاز أن يستحق المائة دينار مثلاً من غير تراض بخلاف العبد لأن مهر المثل لا يقضى من جنسه فلم يجز أن يملكه من غير تراض فيقتضي بقدر قيمته إن كان غنياً وكان الاختلاف في الجنس كالعبد والجارية فكالاختلاف في الألف والألفين إلا إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية وأكثر فلها قيمة الجارية لا عينها هذا حاصل ما قاله وفيه ما لا يخفى من المخالفة لما في (المحيط). (و) حكمت (المتعة لو طلقها قبل الوطء) أو الخلوة فمن شهد له متعة مثلها كان القول له مع يمينه أو يحلفان مطلقاً على اختيار الكرخي ثم يحكم على ما مر ولا خلاف أنها إذا لم تشهد لأحد يحلفان وهذا رواية (الجامع الكبير) والمذكور في (الأصل) وعليه جرى في (الجامع الصغير) أن القول للزوج ووفق بينهما بأن وضع المسألة في (الأصل) في الألف والألفين ومتعة مثلها لا تبلغ نصف الألف الذي يقر به فلا يفيد التحكيم وفي (الجامع الكبير) في العشرة والمائة ومتعة مثلها تزيد على نصف العشرة عادة فيفيد ووجهه أن المتعة موجبة بعد الطلاق قبل الدخول/ فتحكم كمهر المثل وقد يقال: لا نسلم أنها موجبة مطلقاً بل فيما إذا لم يكن ثمة تسمية وقد اتفقا عليها هنا فقلنا ببقاء ما اتفقنا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج ويحلف على نفي دعواها الزائد وعن هذا صدر في (البدائع) بتحقيق الخلاف وصحح أن القول للزوج ثم حكى التوفيق والجواب مع كون التسمية موجودة بل أحدهما غير عين وهو لا ينفي الرجوع إلى الأصل إذا تعذر القضاء بأحدهما عيناً كعدمها إليه أشار في (الفتح) وبه اندفع ما في (البحر) من اختيار أن القول فيه للزوج هذا إذا كان المسمى ديناً وإن كان عيناً كما مر في العبد والجارية كان لها المتعة إلا أن يرضى الزوج بأن يأخذ نصف الجارية لأن نصف الألف هناك ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف فكان القضاء بنصفها حكماً بالمتيقن وتمليك نصف الجارية ليس ثابتاً بيقين لعدم اتفاقهما فلم يكن القضاء بنصف الجارية إلا باختياره وإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة كذا في (البدائع). (ولو كان الاختلاف (في أصل المسمى يجب مهر المثل) اتفاقاً سواء كان في حياتهما أو بعد موت أحدهما ولو بعد الطلاق قبل الدخول وجبت المتعة لأنه هو الأصل عندهما وعند الثاني تعذر القضاء بالمسمى فيصار إليه كذا في (الهداية) واستشكله الشارح بأن محمداً مع الثاني في أن المسمى هو الأصل كما صرح به قبلها فيما إذا تزوجها على هذا العبد أو هذا وأجاب في (البحر) بأنه أصل في التحكيم لا

ولو ماتا، ولو في القدر فالقول لورثته، ومن بعث إلى امرأته شيئاً فقالت: هو ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنسبة إلى المسمى وقد مر فيما لو تزوجها على هذا العبد أو على هذه العبد ما يعينك عن هذا الجواب وما فيه من التعسف وإذا وجب لا يزاد به على ما تدعيه ولا ينقص عن ما ادعاه وهل يحلف عندهما؟ نعم فإن نكل ثبت المسمى وإن حلف وجب مهر المثل وأما عند الإمام، فقال صدر الشريعة: ينبغي أن لا يحلف عنده في النكاح وهذا وهم بل هو بالإجماع لأنه لا ينكر الاستحلاف في المهر كما سيأتي كذا في (إيضاح الإصلاح). (ولو ماتا) أي: الزوجين واختلف ورثتهما (ولو) كان الخلاف (في القدر) فضلاً عن كونه في أصل المسمى (فالقول لورثته) فما اعترفوا به لزمهم وإلا لا وجعلاه كالاختلاف في حياتهما فإن في القدر حكم مهر المثل على قول محمد وأبو يوسف مر على أصله وأن القول للزوج ويحلفه الوارث إلا أن يأتي بشيء قليل فالقول للمنكر عنده وعندهما يقضي بمهر المثل ويحلفه الوارث إلا إذا برهن الوارث على الإيفاء أو على إقرار ورثتها به لأنه لو كان في ذمته فلا يسقط بالموت كالمسمى واستدل الإمام في الكتاب على ذلك بقوله: أرأيت لو ادعى ورثة علي على ورثة عمر مهر أم كلثوم بنت علي أكنت أقضي فيه بشيء وهذا يشير إلى أن عدم القضاء به عند تقادم العهد أما إذا لم يتقادم فإنه يقضى به والخلاف مقيد بما إذا لم تقم بينة على المهر فإن أقامها الوارث قضي له بها على ورثة الزوج وعبارته في (المحيط) قال أبو حنيفة: لا أقضي بشي حتى يثبت بالبينة أصل التسمية وبه اندفع ما وجه به بعض المشايخ قول الإمام من أن مهر المثل من حيث هو قيمة البضع يشبه المسمى ومن حيث أنه يجب بغير شرط يشبه النفقة والصلة فباعتبار الشبه الأول لم يسقط بموت أحدهما وباعتبار الثاني سقط ولذا قال في (الفتح): إن تعليل (الهداية) أوجه قال المشايخ: هذا كله إذا لم تسلم المرأة نفسها فإن سلمت لا يحكم لها بمهر المثل بل يقال لها إما أن تقري بما تعجلت وإلا حكمنا عليك بالمتعارف تعجيله ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا كذا في (الشرح) تبعاً (للمحيط) وغيره. قال في (البحر): ولا يخفى أن محله ما إذا ادعى الزوج إيصال شيء لها، لا ما إذا لم يدع وفي (المحيط) عن (النوادر) ادعت بعد موته أن لها عليه ألفاً من مهرها، فالقول قولها إلى تمام مهر مثلها عند الإمام لأن مهر المثل يشهد لها وهذا يخالف ما ذكره المشايخ انتهى. وأقول: لا مخالفة بعد إذ هذا المطلق محمول على المقيد (ومن بعث إلى امرأته شيئاً) من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعدما بنى بها (فقالت هو)

هدية وقال هو من المهر فالقول له في غير المهيأ للأكل، ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: المبعوث (هدية) ولا رجوع فيها (وقال) أي: الزوج (هو من المهر) أو الكسوة أو عارية (فالقول له) بيمينه لأنه المملك فكان أعرف بجهة التمليك وقد أنكره في العارية والأصل عدمه (في غير المهيأ للأكل) وهو: ما يفسد ببقائه كالعسل والسمن والشاة الحية والثياب ونحو ذلك أما المهيأ له كالطعام والدجاج/ المطبوخ والفواكه التي لا تبقى فلا يقبل قوله فيه بل القول لها مع اليمين، كما في (الدراية) لأن الظاهر شاهد لها للعرف ومن قنا قال الفقيه المختار أن ما يجب عليه من الخمار والدرع ونحو ذلك لا يقبل قوله فيه لأن الظاهر يكذبه بخلاف ما لا يجب كالخف والملاءة لكن هذا إنما ينفي احتسابه من المهر أما الكسوة فلا لأن الظاهر معه في هذا ثم إذا حلف والمبعوث قائم إن كان من غير جنس المهر ولم يرضيا ببيعه أخذه وإن هلك وقد بقي لأحدهما شيء رجع به ولو بعث له أبوها شيئاً وكان قائماً رجع به إن كان من ماله لا إن كان من مال الزوجة لأنه لا رجوع لها فيما وهبته له ونقل الشارح عن (فتاوى أهل سمرقند) أنها لو عوضته بعدما بعث إليها هدية ثم ادعاه عارية كان لها أن تسترد ما عوضته له علله البزازي بأن المرأة زعمت أن الإعطاء كان عوضاً عن الهبة ولم تثبت الهبة فلا يثبت العوض انتهى. ولا خفاء أن هذا التعليل يأتي في دفع أبيها من مالها بإذنها فينبغي أن يرجع أيضاً وفي (التجنيس) بعث إليها بقرة عند موت أبيها وتصرفت فيها ثم طلب منها القيمة إن اتفقا على عدم ذكرها فلا رجوع له أو على ذكر الرجوع بها كان له الرجوع وإن اختلفا فالقول لها وهذا قد يشكل على ما مر لأنه المملك في هذه الحالة فكان أعرف بجهة التمليك ولذا قال القاضي: ينبغي أن يكون القول للزوج وفي (البزازية) اتخذ لها ثياباً ولبستها حتى تخرقت، ثم قال: هو من المهر، وقالت: هو من النفقة أعني الكسوة فالقول لها قيل فما الفرق بينه وبين ما إذا كان الثوب قائماً حيث يكون القول ثمة له، قلنا: الفرق أن في القائم اتفقا على أصل التمليك وإن اختلفا في صفته والقول للمالك لأنه أعرف بجهة التمليك بخلاف الهالك فإنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر ذلك فإن قيل لِمَ لم يجعل هذا اختلاف في جهة التمليك كالقائم قلنا بالهلاك خرج عن المملوكية والاختلاف في أصل التمليك أو في جهته ولا ملك بحال باطل فيكون اختلافاً في ضمان الهالك وبدله فالقول لمن يملك البدل والضمان انتهى. وهذا يقتضي أن القول لها فيما لو كان هالكاً في مسألة (الكتاب) لأنه بذلك

ولو نكح ذمي ذمية بميتة، ـــــــــــــــــــــــــــــ يدعي عليها ضمان الهالك وهي تنكر وهو مخالف لما قدمناه والفرق يعسر فتدبره. وفي (الخلاصة) قال: هو من الكسوة وقالت: هو هدية فالقول له، والبينة بينتها، وينبغي أن يكون كذلك في مسألة (الكتاب). قال في (الفتح): والذي يجب اعتماده في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيه قول المرأة لأن المتعارف في ذلك له إرساله هدية فالظاهر مع المرأة لا معه ولا يكون القول له إلا في نحو الثياب والجارية انتهى. وأقول: وينبغي ألا يقبل قوله أيضاً في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف هذا كله إذا لم يذكر مصرفاً فإن ذكره كقوله اصرفوا بعض الدراهم إلى الشمع والبعض إلى الحناء ثم قال: هي من المهر لم يقبل قوله كما في (القنية) قيد بدعواه المهر لأنها لو قالت هو منه وقال هو وديعة فإن من جنسه فالقول لها وإلا له كذا في (الشرح). تتمة: زفت إليه بلا جهاز يليق فيه فله مطالبة الأب بما دفعه إليه من الدراهم والدنانير إلا إذا سكت طويلاً فليس له الخصومة بعد ولو جهز بنته وسلمه إليها ليس له في الاستحسان استرداده منها وعليه الفتوى ولو أخذ أهل المرأة منه شيئاً عند التسليم فله استرداده لأنه رشوة كذا في (البحر) معزياً إلى (المبتغي). وأقول: في (البزازية) عن المرغيناني في الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود وقال قبله المختار في مسألة الجهاز أن العرف إن كان مستمراً أن الأب يدفع الجهاز ملكاً لا عارية كما في ديارنا فالقول للزوج وإن كان مشتركاً فالقول للأب انتهى. قال الشهيد: وهذا التفصيل هو المختار للفتوى والعرف في مصر مشترك قال الإمام قاضي خان: وينبغي أن يقال إن كان الأب من الأشراف لم يقبل قوله أنها عارية وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله، وها لعمري من الحسن بمكان والحيلة أن يشهد عند التسليم إليها أنه إنما سلمها هذه الأمتعة عارية، أو يكتب بها نسخة ويشهد الأب على إقرارها أن ما في هذه النسخة ملك والذي عندي عارية لكن هذا إنما يصلح للقضاء لا للاحتياط؛ لجواز أنه اشترى لها بعض هذه الأشياء في صغرها وبهذا الإقرار لا يصير له في الديانة فالاحتياط أن يشتريه بثمن منها ثم تبريه، (ولو نكح ذمي ذمية بميتة) سواء كانوا يتمولونها كالموقوذة أو لا كالميتة حتف أنفها أو دم بيان لمهور الكفار بعد/ مهر المسلمين وما في (غاية البيان) من أنه بيان لأنكحتهم جزم في (البحر) بأنه سهو وليس كما قال، بل إنما أراد

أو بغير مهر وذا جائز عندهم فوطئت، أو طلقت قبله، أو مات، فلا مهر لها وكذا الحربيان، ثم ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين فأسلما أو أسلم أحدهما لها الخمر والخنزير، وفي غير العين لها قيمة الخمر، ومهر المثل في الخنزير. ـــــــــــــــــــــــــــــ به بيان لحكم أنكحتهم ولا شك أن المهر من أحكامه ثم الأولى أن يقال كافر ليعم المستأمن فإنه كالذمي هنا كما في (العناية) (أو بغير مهر) بأن نفياه صريحاً أو سكتا عنه (وذا) أي: والحال أن ذا أي: النكاح المذكور (جائز عندهم) أي: في دينهم (فوطئت أو طلقت قبله أو مات) عنها (فلا مهر لها) ولو أسلما أو ترافعا إلينا وهذا عند الإمام وقالا لها مهر المثل إن دخل بها أو مات عنها والمتعة لو طلقها قبل الوطء لأن أهل الذمة التزموا أحكامنا في المعاملات والنكاح منها، ولذا جرت عليهم أحكامه من لزوم النفقة والعدة وثبوت النسب والتوارث وخيار البلوغ وحرمة المطلقة ثلاثاً ونكاح المحارم وله أنهم لم يلتزموها فيما يعتقدون خلافه منها إلا ما شرط عليهم ولم يؤمر بالتزامهم بل تركهم وما يدينون فإذا دانوا ذلك فقط اتفقوا على عدم المهر، وقيل: في الميتة والسكوت روايتان والأصح أن الكل على الخلاف كذا في (الهداية)، وفي (فتح القدير) وظاهر الرواية وجوب مهر المثل في السكوت عنه لأن النكاح معاوضته فما لم ينص على نفي العوض يكون مستحقاً لها وذكر الميتة كالسكوت لأنها ليست مالاً عندهم فذكرها لغو. (وكذا) إذا تناكح (الحربيان ثم) بفتح المثلثة ظرف مكان أي: في دار الحرب باتفاق الثلاثة خلافاً لزفر لأنهم لا يلتزمون الأحكام ولا ولاء لنا عليهم للتباين (ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين) أي: أشار إليه (فأسلما أو أسلم أحدهما) قبل القبض ولم يقيده به لأن التفرقة بين المعين وغيره إنما تتأتى في هذه الحالة أما بعد القبض فليس لها إلا ما قبضته ولو كان غير عين وقت العقد (لها الخمر والخنزير) فتخلل الخمر وتسيب الخنزير (ولها في غير العين) بالإشارة (قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير) عند الإمام، وقال الثاني: لها مهر المثل في الوجهين والثالث لها القيمة في الوجهين لهما أن القبض مؤكد للملك في العين ألا ترى أنه لو هلك أو تعيب فاحشاً قبله هلك من مال الزوج فكان له شبه بالعقد فيمتنع بالإسلام كما في غير المعين غير أن الثاني يقول لو كانا مسلمين وقت العقد يجب مهر المثل فكذا هنا ومحمد يقول: صحت التسمية لكون المسمى مالاً عندهم إلا أنه امتنع التسليم للإسلام فوجب القيمة وله أن الملك في المعين يتم بنفس العقد ولذا ملكت التصرف فيه وبالقبض ينتقل من ضمان الزوج إلى ضمانها وذلك لا يمتنع بالإسلام وفي غير المعين القبض موجب فيمتنع بالإسلام فوجب قيمة الخمر لأنه من ذوات

باب نكاح الرقيق

باب نكاح الرقيق لم يجز نكاح العبد، والأمة، والمكاتب، والمدبر، وأم الولد إلا بإذن السيد، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمثال ولم تجب القيمة في الخنزير لأنه من ذوات القيم وأخذ قيمته كأخذ عينه ولذا لو أتى لها بقيمة الخنزير لا تجبر على قبوله قال السروجي: ويرد عليه ما لو اشترى ذمي من مثله داراً بخنزير وشفيعها مسلم فإنه يأخذها بقيمة الخنزير فهلا كانت قيمته هنا كعينة وأجاب الشارح بأنها إنما تكون كعينة أن لو كانت بدلاً عنه كما في مسألتنا لا إن كانت بدلاً عن غيره كمسألة الشفعة إذ هي بدل عين الدار المشفوعة وإنما صير إليها للقدير لا غير، قال في (الحواشي السعدية): ولك أن تقول كذلك فيما نحن فيه بدل عنه منافع البضع وإنما صير إليها للتقدير بها، وأقول: لا نسلم إنما هنا بدل عن منافع البضع إذ منافعه إنما قوبلت بالخنزير وبالإسلام تعذر أخذ القيمة لما مر فيصار إلى مهر المثل والله الموفق للصواب. باب نكاح الرقيق لما فرغ من بيان نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق وقدمه على الكافر لأن الإسلام فيهم غالب، والرقيق العبد كذا في (المغرب) وفي (الصحاح) الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع قال في (البحر): والمراد هنا المملوك لقولهم إن الكافر إذا أسر فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج يعني إلى دار الإسلام فهو مملوك رقيق ولا عكس. وأقول: هذه التفرقة في عتق (فتح القدير) حيث أول ما يؤخذ الأسير يوصف بالرق لا المملوكية حتى يحرز بدار الإسلام انتهى. ومقتضاها أن الأمة لو تزوجت في هذه الحالة لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له آن وقوعه ولم أظفر بها صريحة في كلامهم (لم يجز نكاح العبد والأمة) لو قال: القن لأغناه عن ذكر الأمة قيل الصواب لم ينفذ ولا يخفى أن عدم الجواز في المعاملات التي منها النكاح يستعمل في عدم النفاذ كيف والقرينة عليه قائمة وهي ما مر من قوله ونكاح العبد والأمة بلا إذن السيد موقوف كنكاح الفضولي وما سيأتي في قوله طلقها رجعية إجازة النكاح الموقوف نعم دعوى التكرار مع أحسنية ما مر كما قال العيني لائحة غير أن ما ذكر في بابه لا يعد بما ذكر قبله/ استطراداً وقد مر مثله في غسل الإحرام. (و) كالعبد (المكاتب) وما في حكمه كمعتق البعض على قول الإمام (والمدبر وأم الولد) وما في حكمها كمولاها من غير المولى (إلا بإذن السيد) لما

فلو نكح عبد بإذنه بيع في مهرها ـــــــــــــــــــــــــــــ حسنه الترمذي (أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر) أي: زان دل بإشارته أن العقد غير جائز إذ لو جاز لم يكن بالوطء زان شرعاً ولو شهدا أنه أعتق أمته وهو يجحد فقضى بالعتق ثم رجع فتزوجها أحدهما قال الثاني إن قبل القضاء بالقيمة عليهما لا يجوز وإلا جاز كذا في (الظهيرية). قال في (البحر): وكأنه لما ..... الشاهد أنها أمة وبعد القضاء له خرجت عن ملكه انتهى وهو ظاهر في أن نكاح غيرهما صحيح مطلقاً والمراد بالسيد في الأمة من له ولاية التزويج مالكاً كان أو ولياً إذ الأب والجد والقاضي والوصي يملكون تزويج أمة اليتيم دون العبد وكذا المكاتب والمفاوض وما في (الدراية) من أن المضارب يملك ذلك فهو قول الثاني كالمأذون وشريك العنان وعندهما لا يملكونه نص عليه في (المحيط) وغيره ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الإمام والمتولي وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي ثم رأيت في (البزازية) لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه وفي (التجنيس) الورثة يملكون إذن المكاتب لأن لهم الولاء وفي (الظهيرية) زوج الوصي أمة اليتيم من عبده لا يجوز ولو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه جاز عند الثاني خلافاً لزفر انتهى. لكن في (المبسوط) ظاهر الرواية أنه لا يجوز أيضاً وقدمنا عن (الظهيرية) ما يفيد أن الأمة المشتركة لا يجوز نكاحها إلا بإذن الجميع وبه صرح في (المحيط) قيد بالنكاح لأن التسري بإذنه غير جائز وربما فعله بعض التجار فيدفع لعبده جارية ليتسرى بها فيجب التحرز عن مثله لأن النكاح لا يثبت شرعاً إلا بملك اليمين أو عقد النكاح والأول منتف فتعين الثاني وقد مر وفي (البزازية) إذنه أن يتزوج بدينار فتزوج بدينارين لا يصح النكاح ولو طلب منه أن يزوجه من معتقته فأبى فطلب منه الإذن في النكاح فأذنه كان له أن يتزوجها انتهى. (فلو نكح عبد بإذنه) أي: بإذن السيد صريحاً أو دلالة كما سيأتي (بيع) أي: باعه سيده مرة واحدة (في مهرها) لأنه دين تعلق في رقبته وقد ظهر في حق المولى بإذنه فيؤمر ببيعه فإن امتنع باعه القاضي بحضرته إلا إذا رضي أن يؤدي قدر ثمنه كذا في (المحيط) فإن لم يوف المهر لم يبع ثانياً وطولب بالباقي بعد عتقه إلا إذا باعه منها كما في (الخانية). وقالوا في دين النفقة: يباع مرة بعد أخرى يعني إذا اجتمع عليه من النفقة ما

وسعى المدبر، والمكاتب ولم يبع فيه، ـــــــــــــــــــــــــــــ يعجز عن أدائه يباع فيه ثم إذا اجتمع مرة أخرى يباع أيضاً لأن تجد وجوبها بمضي الزمان في حكم دين حادث، كذا في (المبسوط)، وهو ظاهر أنه إن لم يوف ثمنه بالمرة الأولى لا يباع لما بقي أطلق المهر فشمل المسمى ومهر المثل والمتعة لو طلقها قبل الدخول وأشار بقوله: بيع إلا أن المستحق غيره فلو كان هو بأن زوج عبده من أمته لم يجب على الأصح. وقيل: يجب ثم يسقط وبه جزم البزازي حيث قال زوج عبده من أمته يسقط المهر لا النفقة وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة فإن كانت بيع أيضاً ويدل عليه ما في (الفتح) مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى حتى لو كان عليها دين قضي من المهر وفي (البدائع) كلما وجب من مهر الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد إلا المكاتبة والمعتقة بعضها فإن المهر لها وفي (المحيط) ارتد قبل الدخول أو قبلت ابن زوجها قيل: لا يسقط لأن الحق للمولى وقيل: يسقط لأنه يجب لها ثم ينتقل إلى المولى إذا فرغ من حاجتها حتى لو كان عليه دين يصرف إلى حاجتها، وفيه ادعى الزوج أن التقبيل كان بشهوة وكذبه المولى بانت منه ولزمه نصف المهر. واعلم أنهم ذكروا في المأذون أن الولي لو باعه وهو مديون فللغرماء رد البيع إن كان الدين حالاً ولو عينه المشتري ضمنوا البائع أو المشتري قيمته أو أجازوا البيع وأخذ الثمن ولو أعتقه خير الغريم بين تضمينه القيمة أو ابتاع العبد لكل الدين ولو وهبه بغير إذنه كان له نقضها ولو بالإذن فروايتان وعلى رواية عدم النقض فللغريم بيعه وأخذ دينه منه لأنه انتقل إليه بدينه ولو دبره فإن شاء ضمنه القيمة أو استسعى العبد في جميع دينه ذكره في (المحيط) وغيره وهذه الأحكام تثبت في المهر أيضاً لأنه عن جملة الديون. (وسعى المدبر) وأم الولد في المهر (و) كذا (المكاتب) ببقاء الكتابة احترازاً عما إذا عجز كما في (البحر) لأنه حينئذ لم يبق مكاتباً (ولم يبع فيه) واحداً منهما لعدم قبولهما النقل ولما كان الاستسعاء لا يستلزم عدم البيع إذ الزوجة لو اختارت/ استسعاء القن في مهرها ورضي به المولى جواز بيعه احتاج إلى نفي البيع صريحاً واعلم أن المهر كسائر الديون إنما يثبت في الذمة فإن أذن المولى ظهر في حقه فإن امتنع عن أدائه وأمكن استيفاؤه من ذات الزوج لكونه مالاً كالقن بيع وإلا بقي في ذمته وعلى هذا تفرع ما في (القنية) زوج مدبره ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤاخذ به إذا عتق انتهى. قال في (البحر): وفيه نظر لأن حكمه السعاية قبل العتق لا التأخير إلى ما بعد العتق وهذا مدفوع بأن ما في (القنية) فيه إفادة حكم سكتوا عنه هو أن المدبر إذا

وطلقها رجعية إجازة للنكاح الموقوف لا طلقها أو فارقها، ـــــــــــــــــــــــــــــ لزمته السعاية في حياة المولى فمات المولى هل يؤاخذ بالمهر بعد العتق قال: نعم وهو ظاهر في أنه يؤاخذ به جملة واحدة حيث قدر عليه ويبطل حكم السعاية (و) قول المولى لعبده (طلقها رجعية إجازة للنكاح الموقوف) على إذنه ولم يقل أذن لأنه لو كان لاحتجاج إلى الإجازة ومن ثم قالوا: لو زوجه فضولي فأذن المولى بالنكاح فإن أجازه العبد صح (لا) يكون قوله له (طلقها) ولو قال: بائناً كما في (المحيط) (أو فارقها) إجازة لأن الطلاق الصريح وإن كان فرع النكاح كذلك إلا أنه استعمل كثيراً في المتاركة في العقد الفاسد فكان مشتركاً من حيث الاستعمال بين الإجازة والرد. والثاني أليق بحال العبد المتمرد على مولاه فحمل عليه حتى لو أجازه بعد ذلك لا ينفذ وبهذا فارق الفضولي المحض لأنه معين والإعانة تنهض سبباً لإمضاء تصرفه ومن ثم قلنا: لو قال له طلقها كان إجازة كذا في (الفتح). وأقول: وعلى هذا فينبغي أنه لو زوجه فضولي فقال المولى لعبده: طلقها إنه يكون إجازة إذ لا تمرد منه في هذه الحال بخلاف طلقها رجعية أو طلقة تملك بها الرجعة أو أوقع عليها الطلاق حيث تكون إجازة لأن شيئاً منها لم يستعمل في المتاركة ودل كلامه أن الإجازة تكون دلالة كما تكون صريحاً فمن الأول أيضاً هذا حسن أو الصواب أو نعم ما صنعت أو بارك الله لك فيها أو أحسنت أو أصبت أو لا بأس به في اختيار الفقيه وبه كان يفتي الشهيد وهو الذي يجب ترجيحه ما لم يعلم قصد الاستهزاء كما في (الفتح) لما مر من أنها لم تستعمل في المتاركة ونفى الفقيه أبو القاسم كون شيء منها إجازة ولا كلام أن سوق المهر أو شيء منه إجازة ومن الثاني أجزت أو رضيت أو أذنت كذا في (البدائع)، ولا ينافيه ما في (الفتح) لو أذن له السيد بعدما تزوج لا يكون إجازة فإن أجاز العبد ما صنع جاز استحساناً لأن الأول فيما إذا علم بالنكاح زاد في (البدائع) أنها تكون بالضرورة أيضاً كأن يعتق العبد أو الأمة الكبيرة أو الصغيرة فيتوقف على إجازته إن لم يكن لها عصبة وسيأتي ولو ورثها من لا تحل له بجماعة أو امرأة أو ابن المولى وقد كان وطئها أبوه أو أخته رضاعاً توقف على إجازة الوارث فإذا حلت بطل لأن الثبات طرأ على الموقوف فأبطله. قال في (البحر): وعلى هذا فما في (المحيط) لو تزوج المولى امرأة على رقبتها بطل النكاح الموقوف لأنه ملكها للمرأة فيه نظر بل ينبغي أن يتوقف على إجازة المرأة كما لو باعها من امرأة انتهى. واعلم أنه يستفاد من قوله الموقوف أنه عقد الفضولي فيتحرى فيه الأحكام من فسخ العبد والمرأة له قبل إجازة المولى ويدل

والإذن في النكاح يتناول الفاسد أيضاً، ـــــــــــــــــــــــــــــ على ذلك ما في (الولوالجية) و (المحيط) مكاتب أو قن تزوج بغير إذن المولى ثم طلق كان لك رداً منه لأن الطلاق يقطع النكاح النافذ فلأن يقطع الموقوف أولى فإن أجاز المولى بعد الثلاث لم يجز لأنه أجازه بعد الفسخ ولو أذن له بعد الثلاث يتزوجها فتزوجها لم يفرق بينهما لكنه يكره عندهما وقال الثاني: لا يكره وفي (الذخيرة) زوجت نفسها من صبي بغير إذن وليه كان للولي فسخه ولكل من العاقدين فسخ (والإذن) أي: إذن المولى لعبده (بالنكاح يتناول) العقد (الفاسد أيضاً) كما يتناول الصحيح عند الإمام وقصره على الثاني ولا خلاف أن التوكيل بالبيع يتناوله والتوكيل بالنكاح لا يتناوله فألحقاه بالتوكيل بالنكاح لأن علة الأصل تحصيل المقاصد في المستقبل من الإعفاف وغيره وذلك بالصحيح وألحقه بالبيع بجامع أن بعض المقاصد حاصلة به من ثبوت النسب ونحوه وذلك يكفي لتصحيح التعميم وإجراء اللفظ على إطلاقه وأثر الخلاف يظهر في بيعه وانتهاء الإذن به وأجمعوا أنه لا ينتهي بالموقوف كالوكالة حتى جاز لهما أن يجددا العقد ثانياً عليها أو على غيرها كذا في (الشرح). قال في (البحر): قيد بالانتهاء احترازاً عن لزوم المهر فإن المأذون له في النكاح إذا تزوج بفضولي فأجازه كان المهر في رقبته يباع فيه فيتناول الإذن الموقوف في حق هذا الحكم وإن كان لم يتناوله في حق انتهاء الإذن ولم أره صريحاً انتهى. وأقول: لا نسلم أنه يتناوله في حق هذا الحكم أيضاً إذ ثبوته بعد الإجازة ولا توقف إذ ذاك. واعلم أنه ينبغي أن يقيد/ الخلاف أيضاً بما إذا لم ينو المولى الصحيح فقط فإن نواه تقيد به أخذاً من قولهم لو حلف أنه ما تزوج في الماضي يتناول يمينه الفاسد أيضاً قال في (التلخيص): ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف رعاية لجاني الحقيقة وعرف عن النهي هنا أنه لو قيده به لفظاً تقيد اتفاقاً. قال في (البدائع): ولو أذن له في النكاح الفاسد نصاً ودخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعاً أما في أصل الإمام فظاهر وأما على أصلهما فإن الصرف للصحيح لضرب دلالة أوجبت إليه فإذا جاء النص بخلافه بطلت الدلالة قال في (البحر): ومقتضاه أن لو تزوج صحيحاً في هذه الحالة لا يصح. وأقول: فيه نظر بل ينبغي أن يصح اتفاقاً ويدل على ذلك قوله أما على أصله فظاهر يعني من أنه للتنصيص عليه غاية ما فيه أنه تنصيص على بعض ما يتناوله لفظه وهو به يملكه فإذا نص عليه أولى وأما على أصلهما فلأن الصرف إلى الصحيح لضرب دلالة هي أن مقاصده لا تنتظم بأفعاله فإذا جاء النص بطلت الدلالة المقتضية لعدم

ولو زوج عبداً مأذوناً له امرأة صح، وهي أسوة الغرماء في مهرها، ومن زوج أمته لا يجب عليه تبوأتها ـــــــــــــــــــــــــــــ دخول المقاصد وكل من الوجهين كما ترى صريح في الصحيح وكأنه النظر الصحيح وفي كلامه إيماء إلى أن الإذن به لا يتناول إلا مرة واحد ولو نوى مرة بعد أخرى لم يصح ولو نوى اثنتين يصح لأن ذلك كل نكاحه ولو قال ما شئت من النساء كان له أن يتزوج اثنتين (ولو زوج عبداً مأذوناً له) مديوناً ولم يقيده به اكتفى بذكر الغرماء (امرأة صح) النكاح لأنه ينبني على ملك الرقبة وهو باقي (وهي أسوة للغرماء في مهرها) قال في (القاموس): الأسوة وتضم القدرة وما يتأسى به الحزين جمع أسى وتضم انتهى. قال في (الحواشي السعدية): وأنت خبير بأن هذا لا يناسب المقام فإن المرأة تأخذ معهم، وإذا كانت تأخذ معهم فهي مساوية لهم وبذلك فسر الشارحون الأسوة هنا إلا أنه في (المغرب) قال بعد أن ذكر ما في (القاموس) وقولهم: ما سوى التراب من الأرض أسوة أي تبع له مجاز انتهى. وهذا المعنى صحيح هنا وإذا كانت أسوتهم فتضرب في ثمنه بمهرها كما يضرب كل واحد بدينه وهذا الإطلاق قيده الشارح وغيره بما إذا كان النكاح بمهر المثل أو أقل فإن كان بأكثر طولب بالزيادة بعد استيفاء الغرماء كدين الصحة مع دين المرض إلا إذا باعه منهما لما في (الخانية) زوجه بألف وباعه منهما بتسعمائة وعليه دين ألف فأجاز الغريم البيع كانت التسعمائة بينهما يضرب الغريم فيها بألف والمرأة بألف ولا تبيعه المرأة ويبيعه الغريم بما بقي من دينه وفي كلامه تصريح بأن المهر كسائر الديون فلو مات العبد وكان له كسب يوفى منه وما في (الفتح) عن التمرتاشي لو مات العبد سقط المهر والنفقة يجب حمله في المهر على ما إذا لم يترك شيئاً (ومن زوج أمته) أو مدبرته أو أم ولده وحذفها استغناء بقوله فتخدمه وبه خرجت المكاتبة إذ لا خدمة عليها (لا يجب على المولى تبوأتها) أي: أن يهيأ بيتاً للزوج يبيت إليها فيه من بوأت للرجل منزلاً وبوأته منزلاً أي هيأته له كذا في (العناية) وعليه جرى العيني والأولى تفسيرها بما قال الخصاف في شرح النفقات أن يخلي بينها وبينه ويدفعها إليه ولا يستخدمها فإن كانت تذهب وتجيء وتخدم المولى لا تكون تبوئه ولم يعتبر فيها كون ذلك في منزله وذلك إنما هو تفسيرها، وحينئذ فلا حاجة إلى ما قيل من أن إسنادها إلى المولى باعتبار أنه يمكن الزوج من ذلك. واعلم أن لابد في المعنى العرفي من التقييد بدفعها إليه كما ذكره بعضهم والاكتفاء بالتخلية كما ظن بعضهم غير واقع في تسليمها إليه بعد استيفاء الصداق

فتخدمه ويطؤها الزوج إن ظفر بها ـــــــــــــــــــــــــــــ واجب بمقتضى العقد وذلك بالتخلية والتبوئة أمر زائد عليها وإقدام المولى على هذا لا يستلزم رضاه بها بل بمجرد إطلاق وطئه إياها متى ظفر بها بتوفر مقتضاه كذا في (الفتح) وهو ظاهر في أن هذا القول كان في التسليم وبه صرح في (الدراية) حيث قال: التبوئة قدر زائد على التسليم يتحقق بدونها بأن قيل له متى ظفرت بها وطئتها فما في (البحر) من أنه بعد استيفاء الصداق يؤمر بأن يدخلها على زوجها معناه أنه يسلمها إليه وإطلاق المصنف يعم ما لو شرطها في العقد أو لا لأنه شرط ما لا يقتضيه العقد وأورد أنه لو شرط حرية أولادها فيه صح وعتق كل من ولدته في هذا النكاح مع أن الشرط لا يقتضيه العقد أيضاً وأجيب بأن قبول المولى الشرط والتزويج على اعتباره وهو معنى تعليق الحرية بالولادة وتعليق ذلك صحيح وعند وجود التعليق فيما يصح يمتنع الرجوع عن مقتضاه فتثبت الحرية عند الولادة جبراً من غير اختيار بخلاف اشتراط التبوئة فإن بتعليقها لا تقع هي عقد ثبوت الشرط بل يتوقف وجودها/ على معنى حسي اختياري من فاعل مختار فإذا امتنع لم توجد فالحاصل أن المعلق هنا وعد يجب الوفاء به غير أنه إن لم يف به لا يثبت متعلقه أعني نفس الموعود به كذا في (الفتح). قال في (البحر): ومقتضاه أنه لو باع الأمة ومات عنها قبل الوضع لا تثبت الحرية وبذلك صرح في (المبسوط) في قوله كل ولد تلدينه فهو حر إلا أن يفرق بين التعليق صريحاً ومعنى. تنبيه مهم: واعلم أن الأولاد كما يكونون أحراراً بالشرط يكونون أحراراً بالغرور أيضاً لكن بالقيمة فلو قالت امرأة لرجل تزوجني فإني حرة فتزوجها فولدت ثم ظهر أنها أمة الغير فالأم رقيقة والولد حر بقيمته ولا يرجع إذ الرجوع بعقد المعاوضة ولم يوجد كذا في (جامع الفصولين) من التاسع والثلاثين وقيد الرجل في (الفتح) بالحر حتى لو كان عبداً كانت الأولاد عبيداً عندهما خلافاً لمحمد بقي لو ادعى الرجل أنه تزوجها على هذا هل يقبل قوله أو لابد من البينة ففي السادس عشر من (جامع الفصولين) ما يفيد أنه لا يقبل قوله وذلك أن قال أخبرته أمة أنها حرة فتزوجها على ذلك فولدت فاستحقت يقضى بها وبالولد للمستحق إلا أن يبرهن الزوج على أنه تزوجها على أنها حرة فحينئذ يكون الولد حراً وعلى أبيه قيمته فيما له حالاً وقت الحكم به دون الولد ولا بينة للزوج على ذلك وطلب يمين المولى على علمه حلفه لأنه يدعي عليه ما لو أقر به يلزمه فإن أنكر يحلف انتهى. وقد صارت حادثة الفتوى (فتخدمه ويطؤها الزوج إن ظفر بها) أي: في أي زمان ومكان وقيده في (المحيط) بما إذا كانت فارغة عن خدمته حيث قال متى وجد

وله إجبارهما على النكاح، ويسقط المهر بقتل السيد أمته قبل الوطء ـــــــــــــــــــــــــــــ فرصة وفراغاً في خدمة المولى ليلاً ونهاراً يستمتع بها (وله) أي: للمولى حيث تم الملك (إجبارهما) أي: العبد والأمة ولو مدبرين أو كانت أم ولد (على النكاح) على معنى نفاذه منه عليهما بدون رضاهما لأن فيه إصلاح ملكه بتحصينه عن الزنا الذي هو سبب الهلاك والنقصان فيملكه بخلاف المكاتب والمكاتبة لأنهما التحقا بالأحرار تصرفا فاشترط رضاها وعلى هذا تفرعت مسألة استطرفت من (المحيط) نقلت هي أنه لو زوج المولى مكاتبته الصغيرة توقف النكاح على إجازتها فلو لم ترد حتى أدت فعتقت توقف على إجازته يعني إذا لم يكن لها عصبة غير المولى على ما مر فاعتبر التوقف على إجازتها حال رقها لأنها ملحقة بالبالغة فيما يبتنى على الكتابة ولم يعتبر بعد العتق لأنها لم تبق مكاتبة بل صغيرة وليست من أهل الإجازة. قال في (الفتح): هكذا توارده الشارحون والذي يقتضيه النظر عدم التوقف على إجازته بعد العتق بل بمجرد عتقها ينفذ النكاح لما صرحوا به من أن العبد لو تزوج بغير إذن فأعتقه المولى نفذ لأنه لو توقف فإما على إجازة المولى وهو ممتنع لانتفاء ولايته وإما على العبد فلا وجه له لأنه صدر من جهته فكيف يتوقف ولأنه كان نافذاً من جهته وإنما توقف على السيد هنا لأنه ولي مجبر وإنما التوقف على إذنها لعقد الكتابة وقد زال فبقي النفاذ من جهته فهذا هو الوجه وكثيراً ما يقلد الساهون الساهين ولقد أحسن صاحب (البحر) في الجواب حيث قال: إن المسألة صرح بها محمد في (الجامع الكبير) وليست تخريجاً لينسب المخرج والمقلد فيها إلى السهو معللاً توقفه على إجازة المولى بأنه تجدد له ولاية لم تكن وقت العقد هي الولاء بالعتق ولذا قيدت بعدم ولي أقرب منه فصار كالشريك إذا زوج العبد ثم ملك الباقي وكمن أذن العبد ابنه أو نافلته ثم مات الابن والحاصل أن الولاية التي قارنها برضاه بتزويجها ولاية بحكم الملك والمتجددة بعد العتق بحكم الولاء كذا في (شرح تلخيص الجامع الكبير) ومنه لو عجزت المكاتبة والحالة هذه بطل النكاح فلو مكاتباً لم يبطل لكن لابد من إجازة المولى وإن رضي أو لا كأنه إنما رضي بتعلق مؤن النكاح كالمهر والنفقة بكسب المكاتب لا يملك نفسه وهو بعد العجز ملك المولى (ويسقط المهر) عن ذمة الزوج (بقتل السيد أمته) مباشرة أو تسبباً عمداً كان أو خطأ كما هو مقتضى الإطلاق والدليل الآتي وبالخطأ صرح في (فتح القدير) (قبل الوطء) عند الإمام وقالا: لا يسقط اعتبارً بموتها حتف أنفها إذ المقتول ميت بأجله وله أنه منع البدل قبل التسليم فيجازى بمنع المبدل إذا كان من أهل المجازاة. وأقول:

لا بقتل الحرة نفسها قبله والإذن في العزل لسيد الأمة، ـــــــــــــــــــــــــــــ وينبغي أن يقيد الخلف بما إذا لم تكن مأذونة لحقها به دين فإن كنت لا يسقط اتفاقاً لما مر من أن المهر في هذه الحالة لها يوفى منه ديونها غاية الأمر أنه إذا لم يف بدينها كان على المولى قيمتها للغرماء فيضم إلى المهر ويقسم بينهم وسيأتي/ أنه لو أعتق المديون كان عليه قيمته فالقتل أولى وإذا سقط عن ذمته فإن لم يكن مقبوضاً امتنعت المطالبة وإن كان رده السيد عليه كما في (المبسوط) قيد بالقتل لأنه لو باعها وذهب بها المشتري من المصر أو غيبها بموضوع لا يصل إليه الزوج لا يسقط نعم لا يجب دفعه على الزوج قبل حضورها وفي (الخانية) لو أبقت فلا صداق لها ما لم تحضر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وبالسيد لأن قتل غيره لا يسقط المهر به اتفاقاً وفي قتلها نفسها روايتان والصحيح عدم سقوطه كما في (الخانية) وهو قولها وفي ردتها وتقبيلها ابن زوجها روايتان أيضاً كما في (الشرح) وينبغي ترجيح عدم السقوط كما في قتلها نفسها إذ لا تفويت من المولى في هذه الحالة وفي (الفتح) لا رواية في ردتها فاختلف المشايخ قيل لا يسقط لأن المنع وهو المسقط لم يجر ممن له الحق وهو المولى وقيل يسقط لأن المهر يجب أولاً لها ثم ينتقل إلى المولى بعد الفراغ من حاجتها حتى لو كان عليها دين يصرف إليه ولا يخفى ضعف الثاني لأنه وجب لها أولاً لكنه يستقر للمولى فوقت الردة والتقبيل كان مستقراً له فلا يسقط إلا بفعل منه وبهذا عرف أن ما في (غاية البيان) من حكاية الاتفاق على سقوطه بالردة ضعيف وإطلاقه السيد يقتضي أنه لا فرق بين البالغ وغيره إلا أن في غير البالغ روايتين وفي (الفتح) قالوا: يجب أن لا يسقط في قول أبي حنيفة انتهى. فقتل المجنون أولى، وقيد بالأمة ولو مدبرة أو أم ولد لأن المكاتبة لو قتلها سيدها لا يسقط اتفاقاً وبكونه قبل الوطء ولو حكماً لأنه لو كان بعده لم يسقط اتفاقاً. (لا) يسقط (بقتل الحرة نفسها قبله) لأن جناية الحر على نفسه هدر في أحكام الدنيا بخلاف ردتها فإنها معتبرة في أحكام الدنيا حتى حبست بها وعزرت وانفسخ نكاحها وسقط بها المهر وبتسليم أنها ليست هدراً فقتلها نفسها تفويت بعد الموت وبالموت صارت للورثة فلا وإذا لم يسقط بقتلها نفسها مع أن الحق لها أولاً فعدم السقوط بقتل الوارث أولى (والإذن في العزل) وهو الإنزال خارج الفرج (لسيد الأمة) ولو مدبرة أو أم ولد أما المكاتبة فينبغي أن تكون كالحرة وهذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة لأن حقها في نفس الوطء قد تأدى بالجماع وأما سفح الماء ففائدته الولد والحق فيه للمولى فاعتبر إذنه في إسقاطه فإذا أذن فلا كراهة في العزل عند عامة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العلماء وهو الصحيح وبذلك تظافرت الأخبار وفي (الفتح) وفي بعض أجوبة المشايخ الكراهة وفي بعضها عدمها. أقول: وينبغي أن يقيد احتياجه إلى إذن المولى بالبالغة أما الصغيرة فله العزل عنها بغير إذن المولى كما يفيده التعليل السابق ثم على الجواز في أمته لا يفتقر إلى إذنها وإذا عزله ولو بلا إذن فظهر بها حبل هل يحل نفيه؟ إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه وإن لم يبل لا يحل كذا عن علي انتهى. لكن في (الخانية) له أمة غير محصنة ويعزل عنها فجاءت بولد وأكبر ظنه أنه ليس منه كان في سعة من نفيه وإن كانت محصنة لا يسعه نفيه لأنه ربما يعزل فيقع الماء في الفرج الخارج ثم يدخل فلا يعتمد على العزل وهذا يفيد ما مر من أن النفي مع العزل بعدم التحصين قيد بالأمة لأن العزل عن الحرة لا يحل إلا بإذنها أقول وينبغي أن يقيد بما إذا كانت بالغة. قال في (البحر): وينبغي أن يكون سد المرأة فم رحمها كما تفعله النساء بغير إذن الزوج غير جائز قياساً على عزله بغير إذنها أقول فيه نظر لأن لها أن تعالج نفسها في إسقاطها الولد قبل اكتمال الخلقة كما سيأتي بشرطه فمنع سبب بالجواز أحرى والفرق بين هذا وبين كراهة العزل بغير إذنها لا يخفى على متأمل وفي (الخانية) قالوا: في زماننا يباح لسوء الزمان، قال في (الفتح): فيعتبر مثله من الأعذار مسقطاً لإذنها انتهى. وعل هذا فيباح لها سد فم الرحم بغير إذنه بقي هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يتخلق منه شيء ولم يكن ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة كذا في (الفتح)، وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز إسقاطها قبل المدة المذكورة على إذن الزوج وفي كراهة (الخانية) ولا أقول بالحل إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها إثم لهذا إذا أسقطت بغير عذر انتهى. قال ابن وهبان: ومن الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأب الصبي ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه ونقل عن (الذخيرة) / لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟ اختلف المشايخ فيه وكان الفقيه علي ابن موسى يقول: إنه يكره فإن الماء بعدما وقع في الرحم ماله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم ونحوه في (الظهيرية): قال ابن وهبان: فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل انتهى. وبما في (الذخيرة)

ولو عتقت أمة، أو مكاتبة خيرت، ولو زوجها حراً، ـــــــــــــــــــــــــــــ تبين أنهم أما أرادوا بالتخليق إلا نفخ الروح وإن قاضي خان مسبوق بما مر من التفقه والله الموفق. (ولو عتقت أمة) ولو مدبرة أو أم ولد (أو مكاتبة) ولو حكماً كمعتقة البعض (خيرت) في مجلس على العتق ولو في عدة الرجعي كما في (جامع القصولين) سواء كان النكاح برضاها أو لا ولو صغيرة تأخر إلى بلوغها وليس لها خيار بلوغ في الأصح ولو اختارت نفسها بلا علم الزوج يصح وقيل: لا يصح بغيبته كذا في (جامع الفصولين) ولم لم تعلم أن لها الخيار حتى ارتد ولحقا بدار الحرب ثم علمت به ولو في دار الحرب تفسخت صح إلا إذا قضي باللحاق، وكذا الأمة الحربية إذا تزوجها حربي ثم عتقت خيرت سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الإسلام وليس هذا بحكم على ما دار الحرب بل فتوى كذا في (كافي المصنف) ويبطل بما يدل على الأعراض كخيار المخيرة ولو جعل لها قدراً على أن تختاره ففعلت سقط خيارها. (ولو) كان (زوجها حراً) لقوله صلى الله عليه وسلم لبريرة حين أعتقت: (ملكت بضعك فاختاري) وكان زوجها حراً كما في (الصحيحين) وأورد أن هذا لا يتناول المكاتبة لأنها كانت مالكة لبضعها قبل العتق ومن ثم قال زفر: إنه لا خيار لها وأجيب بالمنع لأن ملك البضع تابع لملك نفسها ولم تكن مالكة لها بل لأكسابها ولقائل أن يقول قوله: ملكت بضعك ليس معناه إلا منافع بضعك إذ لا يمكن ملكها لعينه فملكها لأكسابها تبع لملكها لمنافع نفسها وأعضائها فلزم كونها ملكها لبضعها بالمعنى المراد قبل العتق فلم يتناولها النص كذا في (الفتح) ويمكن أن يجاب بأن المراد ملكاً تاماً وقبل العتق ليس تاماً ألا ترى أن نكاحها كان موقوفاً على إذنه ولأنه يقبل النقض بالتعجيز وعن هذا المراد ما في (الموطأ أن بريرة كانت مكاتبة. واعلم أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في أنه يبطل بالقيام عن المجلس وإن الجهل به عذر وأنه يثبت للأمة فقط وأنه لا يبطل بالسكوت وإن كانت بكراً وأن الفرقة فيه لا تتوقف على القضاء كذا في (الخانية) وبقي الجهل بأن لها الخيار عذر كما مر والأول هو الجهل بالعتق وفرق بينهما بأن الأمة لا تتفرغ للعلم بخلاف الحرة قال في (الجامع الفصولين): ومقضاه أن المخيرة لو كانت أمة تعذر بالجهل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): والظاهر الإطلاق إذ قد عللوا بأن سبب الخيار في العتق لا يعرفه إلا الخواص لخفائه بخلاف خيار البلوغ لأنه ظاهر يعرفه كل واحد وهذه مفيدة لأن ثبوت الخيار مع التخيير ظاهر يعرفه كل أحد وقالوا: إن الفرقة به ليست بطلاق ولذا كان لها أن تختار ولو حائضاً. تتمة: فرق النكاح إلى اثني عشر بعضها طلاق وبعضها فسخ منها ما يحتاج إلى القضاء ومنها ما لا يحتاج في (فتح القدير) وقد جمع بعض الفضلاء في قوله في خيار البلوغ والإعتاق فرقة حكمها بغير طلاق .... فقد كفؤ كذا ونقصان مهر ونكاح فاسده باتفاق .... ملك أحد الزوجين أو بعض زوج وارتداد كذا على الإطلاق .... ثم جب وعتقه ولعان وأبا الزوج فرقة بطلاق .... وقضى القاضي في الكل شرط غير ملك وردة وعتاق. وقوله: باتفاق احتراز عن الحامل من الزنا فإن نكاحها جائز عندهما فالفرقة منه طلاق، فاسد عنده فالفرقة من فسخ وقوله: احتراز عن قول محمد فإنه يقول: إن الردة من الزوج طلاق ومن المرأة فسخ انتهى. ويزاد الإيلاء وهو طلاق والفرقة بتقبيل ابن الزوج وهي فسخ وكذا لو سبي أحد الزوجين وبمهاجرة أحدهما مسلماً أو ذمياً وكذا لو خرجا مستأمنين فأسلم أحدهما أو صار ذمياً فإنها إذا حاضت ثلاث حيض وقعت بينها والكل فسخ كذا في طلاق الفسخ ولا شك أن قصد الاستثناء على الثلاثة غير سديد إذ النكاح الفاسد كذلك وكذلك تباين الدارين ولما من الله بهذا الجمع نظمته طبق ما مهدت فقلت: فرق النكاح أتتك حقاً نافعاً .... فسخ طلاق وهذا القد يحكيها متباين الدار مع نقصان مهر/ .... فاسد عقد وفقد الكفؤ يبغيها خيار عتق بلوغ ردة وكذا .... ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها تقبيل سبي وإسلام المهاجر .... أو شطر الجميع خلا إسلام مستأمن قد زيد يتلوها أما الطلاق فجب عنة وكذا .... إيلاؤه ولعان الزوج يقضيها قضى قاض أي عتق .... وملك كذا ما زيد يدينها إيلاؤها وفساد العقد منه كذا .... تباين الدار رب اغفر لبانيها وقولي ملك لبعض يفهم أن الملك الكامل يوجب ذلك بالأولى في إطلاقه يعم الزوج والزوجة وبقى ما لو تزوج أختين في عقدين ولم يدر الأول فإنه يجب التفريق

ولو نكحت بلا إذن فعتقت نفذ بلا خيار، ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهما. قال في (الفتح): والظاهر أن هذه الفرقة طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة (ولو) تزوجها بعد ذلك كذا في هامش المصنف بخطه وهو ساقط من أكثر النسخ (نكحت) أمة أو مكاتبة (بلا إذن) وفرضها في الأمة وإن كان العبد كذلك ليترتب عليها المسألة التي تليها تفريعاً (فعتقت) بأي سبب كأن (نفذ) النكاح عليها (بلاخيار) عتق لها أما النفاذ فلأن التوقف إنما كان لحق المولى وقد زال ونقض هذا التعليل بما لو تزوج بغير إذن مولاه ثم أذن لا يجوز حتى يجيز ما صنع وبما إذا زوج فضولي شخصاً ثم وكله توقف على إجازته بعد الوكالة وما إذا زوج ولي أبعد مع وجود الأقرب فغاب الأقرب أو مات حتى تحولت الولاية للمزوج توقف على إجازة مستأنفة، وكذا سيد المكاتبة لو زوجها بلا إذنها توقف على إجازتها فإذا عتقت بالأداء لم يجز إلا بإجازة السيد مع أنه المزوج وأجيب عن الأول والثاني بأن الإذن والتوكيل فكذا الحجر فيما يستقبل لا فيما مضى وكأن مقتضى هذا أن لا يجوز بالإجازة أيضاً إلا إذا استحسناه. وعن الثالث والرابع بأن كلاً من الأبعد والسيد حين زوج لم يكن ولياً فوجب توقفه على إجازته بعد صيرورته ولياً ليثبت ظهور كونه أصلح وأما عدم الخيار فلأن النفاذ إنما كان بعد العتق فلم يتحقق ازدياد الملك عليها ولو اقترنا كما لو زوجها فضولي وأعتقها آخر فأجاز المولى الكل فلا خيار أيضاً كما في (تلخيص الجامع) وقيد بالنكاح لأنها لو اشترت شيئاً بغير إذن مولاها ثم عتقت بطل لتغير المالك وبالأمة لأن الحرة الصغيرة لو نكحت بلا إذن ثم بلغت توقف على إجازتها أطلق في الأمة فشمل المدبرة وأم الولد إلا أن هذا مسلم في المدبرة إذا أعتقت في حياة المولى أما إن أعتقت بموته ولم يخرج من الثلث توقف نفاذه حتى تؤدي السعاية عند الإمام وعندهما يجوز، كذا في (الظهيرية) وأما أم الولد فإن دخل بها الزوج قبل العتق نفذ وإلا لا سواء عتقت في حياته أو بموته جزم به في (الخلاصة) و (البزازية) لأن العدة بالعتق وجبت عليها من المولى وهي تمنع نفاذ النكاح غير أنها لما وجبت من الزوج بوطئه لم تجب من المولى. قال في (المحيط): وهذا إنما يصح على رواية ابن سماعة عن محمد من وجوب العدة على الزوج وأما على ظاهر الرواية فلا تجب على الزوج بل على المولى ووجوبها منه يوجب انفساخ النكاح وقدم أولاً أن مرجع الخلاف وجوب العدة في

فلو وطئ قبله فالمهر له, وإلا فلها, ومن وطئ أمة ابنه ـــــــــــــــــــــــــــــ النكاح الموقوف على رواية ابن سماعة وعلى ظاهر الرواية لا تجب وعلى هذا تفرع ما لو زوجت الأمة نفسها بلا إذن فدخل بها الزوج ثم مات المولى فأجازه الابن جاز على رواية ابن سماعة لا على رواية (الأصل). (فإن وطئ) الزوج الأمة (قبله) أي: قبل العتق (فالمهر) أي: المسمى وقت العقد (له) أي: للمولى لأنه استوفى منافع مملوكه وكان ينبغي وجوب مهر المثل لعدم صحة التسمية حينئذ لكن نفاذ العتق لما استند إلى وقت وجود العقد صحت التسمية لا يقال فيجب أن يكون المهر لها لأن بالاستناد صارت مالكة لمنافع بضعها من وقت العقد لأنا نقول الاستناد يظهر في القائم لا في الفائت ومنافع البضع فاتت وحين فاتت كانت على ملك المولى فكان بدلها له وظاهر أن العقد لو خلي عن التسمية وجب لها مهر المثل قيل: كان ينبغي أن لا يكون الكل له لما مر في توجيه قول الإمام أن لها حبس نفسها للمهر ولو دخل بها بأن المهر مقابل بجميع وطئات توجد في النكاح لئلا يخلو الوطء من المهر وأجاب في (البحر) بأن قسمته على جميع الوطئات إنما هي إذا لم يختلف المستحق لأن الجهالة لا تضر فيه أما إذا اختلف كما هنا لم يمكن قسمته بل يستحقه من حصل الوطء على ملكه وفيه بحث إذ يلزم على ما ادعاه أنه لو اشترى جارية فزوجها ودخل بها/ الزوج ثم استحق نصفها أن لا يقسم المهر بينهما وهو خلاف الواقع. (ومن وطئ أمة ابنه) ولو صغيرًا نبه بإضافة الأمة إليه إلى أنها ملكه ويشترط بقاء هذا الملك من حين العلوق إلى التمليك وما في (البحر) من أن الإضافة تفيد ذلك ففيه نظر لا يخفى فلو جاءت به في غير ملكه أو فيه وأخرجها عن ملكه ثم استردها لم تصح الدعوة لأن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك. وأقول: هذا يفيد أنه لو باعها لأخيه مثلًا أن تصح الدعوة ولم أره وعلى هذا تفرع ما في (المحيط) لو جاءت الأمة بولدين وباع المولى أحدهما ثم ادعاهما الأب صحت وعتق ما في يد الابن بلا شيء وما في يد الأجنبي عبد. قال في (البحر): هذا إن كذبه الابن فإن صدقه صحت الدعوة ولا يملك الجارية كما إذا ادعاه الأجنبي ويعتق على المولى كما في (المحيط). وأقول: المذكور في (الشرح) وعليه جرى في (فتح القدير) وغيره أنه لا يشترط في صحتها عوى الشبهة ولا تصديق الابن وفيه إيماء إلى أن الملك له فيها

فولدت فادعاه ثبت نسبه, وصارت أم ولده وعليه قيمتها لا عقرها, وقيمة ولدها, ودعوة الجد, كدعوة الأب حال عدمه, ولو زوجها أباه فولدت لم تصر أم ولد له, ـــــــــــــــــــــــــــــ تام إذ الإضافة تفيد الاختصاص ولو كانت مشتركة بينه وبين الأب أو غيره وجبت حصة الشريك من العقر وقيمة باقيها لانتفاء موجب الملك إذ ما فيها من الملك له يكفي لصحة الاستيلاد وإذا صح ثبت الملك في باقيها حكمًا له لا شرطًا كذا في (الفتح) وأراد بالأمة القنة إذ هي القابلة للانتقال من ملك إلى آخر بقرينة قوله بل صارت أم ولد فلو ادعى أم ولده المنفي أو مبرته أو مكاتبته توقف صحتها على تصديق الابن كما في (المحيط) قيد بابنه لأنه لو وطئ أمة أصله وإن علا أو زوجته فادعى ما جاءت به لم يثبت نسبه إلا أن يصدق المالك في أنها حلال له, وأن الولد منه وإذا لم يصدق ثم ملكها يثبت نسبه كما في (الخانية) , (فولدت) قيد بذلك لأنها لو لم تلد وجب عقرها وارتكب محرمًا ولا يحد قاذفه في الوجهين (فادعاه) الأب حرًا مسلمًا عاقلًا فلو كان عبدًا أو مكاتبًا أو مجنونًا أو كافرًا لم تصح دعوته لعدم الولاية نعم لو كان أمن أهل الذمة ولو اختلفت ملتاهما صحت ولو أفاق المجنون ثم ولادته لأقل من ستة أشهر صحت استحسانًا. قال في (البحر): وفيه إشارة إلى أنه لو ادعاه قبل الولادة لم تصح ولم أره وأقول: ينبغي أنها لو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت دعوته أن تصح وظاهر أن فرض المسألة فيما إذا ادعاه وحده فلو ادعاه مع الابن قدم الابن ولو كانا شريكين قدم الأب والفرق لا يخفى على متأمل (ثبت نسبه) منه أي: من الأب صيانة لمائة عن الضياع (وصارت) الأمة (أم ولد له وعليه قيمتها) فقيراً كان أو موسراً لأنه وإن كانت له تملك مال ابنه للحاجة إلى البقاء ولهذا كان له تملك أمته للحاجة إلى صيانة ماله إلا أن الحاجة إلى بقاء نسله دونها إلى بقاء نفسه فلذا تملك أمته بقيمتها والطعام بغير قيمته (لا عقرها) أي: مهرها لأن الملك ثبت له مستنداً تصحيحاً لاستيلاده فبان أن الوطء في ملكه (و) لا (قيمة ولدها) لأنه انعلق حراً لتقدم ملكه (ودعوة الجد) أب الأب وإن علا لأنه الذي يقوم مقامه حال عدمه أما أب الأم وكذا سائر ذوي الأرحام فلا تصح دعوتهم (كدعوة الأب حال عدمه) أي: عدم الأب حقيقة أو حكماً لعدم ولايته لكفر أو رق أو جنون ويشترط ثبوتها من وقت العلوق إلى وقت الدعوى فلو جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح لما مر في الأب (ولو زوجها إلى زوج أمته (أباه) ولو فاسداً أو تزوجها الأب بأن كان الولد صغيراً كما في (الخانية) ولو قال: ولو تزوجها الأب لأفاد المسألتين (لم تصر) أي: إذا ولدت منه (أم ولد له) لأن نكاحه صحيح عندنا إذ الأمة ملك للولد من كل وجه بدليل أن له من

ويجب المهر لا القيمة وولدها حر. حرة قالت لسيد زوجها أعتقه عني بألف، ففعل فسد النكاح، ـــــــــــــــــــــــــــــ التصرفات فيها ما لا يجامعه ملك وبه يصير ماؤها مصوناً وفي (النهاية) أو كان بشبهة معللاً له بأنه غير محتاج إلى تملكها لإثبات النسب بل النكاح أو شبهة النكاح تكفي لذلك. قال في (البحر): وعلى هذا فالمسألة الأولى مقيدة بما إذا كان عالماً بالحرمة مع أنهم قالوا كما مر: لا فرق بين أن يدعي الشبهة أو لا فظاهر كلامهم أن الوطء بالشبهة ليس كالنكاح. (ويجب) عليه (المهر) لالتزامه إياه بالنكاح وهو إن لم يكن سمى مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب به في مثلها جمالاً فقط وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنى ولو جاز فليس معناه بلى العادة إنما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهراً لأن الثاني للبقاء بخلاف الأول والعادة زيادته عليه كذا في (الفتح) وفي (الجوهرة) ذكر السرخسي أن العقر أي: المهر في الحرائر هو مهر المثل وفي الإماء عشر قيمتها لو بكراً أو نصف عشر لو ثيباً (لا) تجب (القيمة) لعدم تملكها (وولدها حر) بملك أخيه له وقيل بعتق قبل انفصاله وأثر الخلاف يظهر في الإرث بموت المولى فعلى الأول لا يرث وعلى الثاني يرث والوجه هو الثاني لأنه حدث على ملك الأخر من حين/ العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة، كذا في (غاية البيان). قال في (البحر): والأول هو الظاهر لأنه لم يملكه من كل وجه بدليل عدم صحة بيعه وهبته وإن صح إعاقته والإيصاء به ولو قال: كل مملوك أملكه فهو حر لم يعتق لأنه ليس بمملوك من كل وجه (حرة) متزوجة برقيق (قالت لسيد زوجها) الحر العاقل البالغ: (أعتقه عني بألف) وزادت ورطل من خمر لأن الفاسد ملحق بالصحيح هنا (ففعل) ما أمر به بأن قال: أعتقه (فسد النكاح) عندنا خلافاً لزفر مبنى الخلاف على أن العتق يقع عن المأمور عنده وعن الآمر عندنا لأنه أمكن تصحيح كلامه صوناً عن إلغائه بتقديم الملك اقتضاء قولها: أعتق طلب للتمليك منه بألف وقوله أعتقت تمليك منه ففسد النكاح للتنافي وأورد أن هذا ملك غير مستقر ومثله لا يوجب انفساخ النكاح ألا ترى أن الوكيل لو اشترى زوجته لا يفسد نكاحه، وأجيب بأن الملك ملزوم للانفساخ فإذا ثبت ثبت وعدم الانفساخ في الوكيل لعدم ثبوت الملك له بل يقع ابتداء للموكل على المختار، واعلم أنه لو صرح بالبيع فقال: بعتك إياه وأعتقته وقع العتق عن المأمور لعدم القبول كذا في (الحواشي السعدية) والشيء قد يثبت ضمناً وإن لم يثبت صريحاً كبيع الأجنة في الأرحام انتهى.

باب نكاح الكافر

ولو لم تقل بألف لا يفسد النكاح، والولاء له. باب نكاح الكافر تزوج كافر بلا شهود، أو في عدة كافر وذا في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) مقتضاه أنه (لو) قال: قبلت وقع عن الآمر وفي كلامه إيماء إلى سقوط المهر لاستحالة وجوبه على عبدها لكن قدمنا أنه لو تزوج امرأة على منكوحته الأمة فأجاز مولاه لم ينفسخ النكاح بينهما وعللوه بأن هذا غير مستقر فيحتاج إلى الفرق فإن (لم تقل) الحرة (بألف لا يفسد النكاح والولاء له) أي: للمعتق عندهما وسوى الثاني بين الأول والثاني لأنه أمكن تصحيحه أيضاً بتقديم الملك بهبة سقط فيها القبض، فصار كالأمر بالتكفير عنه بالإطعام، ولهما أن القبض الذي هو شرط فيها لا يمكن إثباته اقتضاء لأنه فعل حسي، ولا وجود له في ضمن القول، بخلاف القول فإنه يتضمن قولاً آخر، ويعتبر مراداً معه، بخلاف المقيس عليه لأن الفقير يكون نائباً عن الآمر فيصير قابضاً له، ثم بالاستيفاء يصير قابضاً لنفسه، فإن قلت: لم لا يجوز أن يجعل بيعاً أيضاً وذكر الثمن لا يستلزم وانعقد البيع؟ قلت: المقصود تصحيح التصرف وإن لم يذكر الثمن ينعقد البيع فاسداً كذا في (الحواشي السعدية) أقول: ويشكل عليه ما في (الشرح) لو أكره المأمور على أن يعتق عنه بألف وقع العتق عن الآمر، وبيع المكره فاسد والفرق بين فاسد وفاسد مما لا دليل عليه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب. باب نكاح الكافر لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار، وهذا التعبير أولى من قول القدوري أهل الشرك لأن الباب معقود لنكاح أهل الكتاب أيضاً، واعتذر عنه بأن أراد بهم الكفار إما تغليباً أو ذهاباً إلى أن أهل الكتاب داخلون في المشركين على ما اختاره بعض أصحابنا وإطلاقاً للمشرك عليهم باعتبار قول طائفة منهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، (تزوج كافر بلا) سماع (شهود أو في عدة كافر وذا) أي: هذا التزوج (في دينهم جائز ثم أسلما) أو ترافعا إلينا ولم يذكره لأنه معلوم بالأولى (أقرا عليه) عند الإمام، وقال زفر: لا يقران وهما مع الإمام وفي الأول ومع زفر في الثاني، لأن الخطابات عامة وإنما لا نتعرض لهم إعراضا لا تقريراً فإذا ترافعا أو أسلما والحرمة قائمة وجب التفريق، والفرق لهما أن حرمة نكاح المعتدة مجمع على بطلانه فكانا ملتزمين لها بخلاف النكاح بلا شهود، وله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقاً للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقه ولا وجه لإيجاب العدة حقاً للزوج لأنه لا يعتقده، وإذا صح النكاح فحالة المرافعة والإسلام حالة البقاء والشهادة ليست شرطاً لها، وكذا العدة لا تنافيها حالة البقاء، كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة، وهذا يفيد نفي وجوب العدة من طلاق الكافر عنده حتى لا يثبت الرجعة ولا نسب ولدها إذا أتت به بعد الطلاق لأقل من ستة أشهر. وقيل: تجب لكنها لضعفها لا تمنع الصحة كالاستبراء يجوز الأمة في حال قيام وجوبه على السيد، والأول أليق، وفي (الهداية) وهو الأصح لما عرف من وجوب تركهم وما يدينون، وفيه نظر لأن تركهم تحرزاً عن الغدر لعقد الذمة لا يستلزم صحة ما تركوا وإياه كالكفر وهو الباطل الأعظم، ولو سلم لم يستلزم عدم ثبوت النسب في الصورة المذكورة بل ملحق به إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق، كذا في (الفتح) ولا يخفى أن وجوب تركهم وما يدينون لا دلالة فيه على القول بصحة ما تركوا وإياه ليورد عليه أنه لا يستلزمه قوله: ولو سلم لم يستلزم مبني على عدم ثبوت النسب منه إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر، والمذكور في (المحيط) / وعليه جرى الشارح أنه لا يثبت النسب إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر وقد غفل عنه في (البحر)، بقي أن مقتضى ما مر من توجيه الإمام أن الكفار لا يخاطبون بالمعاملات وهو خلاف ما ذكره أهل الأصول من الاتفاق على أنهم مخاطبون بها في أحكام الدنيا والنكاح منها، وكونه من حقوق الشرع لا ينافي كونه معاملة فيلزم اتفاق الثلاثة على أنهم مخاطبون بأحكام النكاح غير أنه حكم الخطاب إنما يثبت في حق المكلف ببلوغه إليه والشهرة تنزل منزلته وهي متحققة في حق أهل الذمة دون أهل الحرب، فمقتضى النظر التفصيل بين أن يكون ذمياً فلا يقر عليه وبين أن يكون حربياً فيقر عليه، كذا في (فتح القدير) أيضاً، وأجاب في (البحر) بأن كلام الأصوليين فيما تمحض معاملة والنكاح فيه معنى العبادة على ما مر فلا منافاة، قيد بعدة الكافر لأن نكاح الكافر كافرة في عدة المسلم فاسد إجماعاً، وبكون المتزوج كافراً، لأن المسلم لو تزوج ذمية في عدة كافر ذكر بعض المشايخ أنه يجوز، ولا يباح له وطئها حتى يستبرئها، وقالا: النكاح باطل كذا في (الخانية). وأقول: وينبغي أن لا يختلف في وجوبها بالنسبة إلى المسلم لأنه يعتقد وجوبها ألا ترى أن القول بعدم وجوبها في حق الكافر مقيد بكونهم لا يدينونها، وبكونه جائز عندهم، لأنه لو لم يكن جائز بأن اعتقدوا وجوبها يفرق إجماعاً. قال في (الفتح): فيلزم في المهاجرة وجوب العدة إن كانوا يعتقدون لأن

ولو كانت محرمه فرق بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــ المضاف إلى تباين الدار الفرقة لا نفي العدة، ولا خلاف بينهم أنهما لو أسلما أو ترافعا وهي منقضية أنه لا يفرق. (ولو كانت) المنكوبة (محرمه) أي: الكافر كأمه أو بنته وليس الحكم مقصور على المحامية بل كذلك لو تزوج مطلقته ثلاثة وجمع بين خمس أو أختين في عقد (فوق) أي: فرق القاضي (بينهما) بإسلامهما، وكذا بإسلام أحدهما أو مرافعتهما جميعا لا بمرافعة أحدهما عند الإمام خلافا لهما، أما على قولهما فظاهر، لأن لهذه الأنكحة حكم البطلان فيما بينهم، وأما على قوله فلانا وإن كان لها حكم الصحة في الأصح حتى تجب النفقة ويحد قاذفة إلا أن المحامية وما معها تنافي البقاء كما تنافي الابتداء، بخلاف العدة، وأجمعوا أنهم لا يتوارثون بها لأن الإرث ثبت بالنص على خلاف القياس فيما إذا كانت الزوجة مطلقة بنكاح صحيح فيقتصر عليه، قيدنا بكونه تزوج خمسة في عقد لأنه لو تزوجهن على التعاقب فرق بينه وبين الخامسة فقط ولو تزوج واحدة ثم أربعة جاز نكاح الواحدة لا غير، وقال محمد وزفر والشافعي: له أن يختار أربعة منهن كيف ما تزوج، كذا في (الثانية) وبكونه تزوج أختين في عقد وأسلم أنه لو أسلم بعدما فارق واحدة منهما أقرا عليه كذا في (النهاية). قال في (الفتح): وينبغي على قول مشايخ العراق ما ذكرناه من التحقيق أن يفرق لوقوع العقد فاسدا ويجب التعرض بالإسلام انتهى. ولا يخفى أن مجرد وقوع العقد فاسدا لا أثر له في وجوب التفرقة وإلا لفرق في النكاح بلا شهود بل لا بد من قيام المنافي في البقاء كالمحرمية وهو هنا قد زال فما في (النهاية) أوجه، واعلم أنهما لو ترافعا قبل الإسلام لم يفرق بينهما وفي (الغاية) عن (المحيط) أنه يفرق بطلب المطلقة ثلاثا إجماعا وكذا في الخلع وعدة المسلم لو كانت كتابية وكذا لو تزوجها قبل زوج آخر في المطلقة ثلاثا كذا في (الروح) وغيره والذي رأيته في (المحيط الراوي) بعدما نقل أن المطلقة ثلاثا لو طلبت التسويق يفرق إجماعا قال: وإن لم يطلبا التفريق لا يفرق خلافا لأبي يوسف وزفر لقوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: 49]، وإنا نقول: بانا أمرنا بتركهم وما يدينون إذا أعطوا الجزية وهذا هو حكم الله تعالى إلا في مواضع يفرق من غير مرافعة بان يخلعها ثم يقيم معها من غير عقد أو يطلقها ثلاثا ثم يتزوجها قبل التزوج بآخر لأنه زنى، لأن الذمي يعتقد كون الطلاق مزيلا للنكات وهو حرام في آية ديان كلها يحدون به، وكذا لو تزوج كتابية في عدة مسلم صيانة لماء المسلم انتهى. وهذا كما ترى يخالف ما

ولا ينكح مرتد أو مرتدة أحدث والولد يتبع خير الأبوين دينا والمجوسي شر من الكتابي، ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الغاية) من التوقف على الطلب في الخلع ونحوه وعلى ظاهر ما في (الغاية) فسر في (الفتح) الخلع بأن اختلعت من زوجها الذمي ثم أمسكها فرفعته إلى الحاكم فإنه يفرق. (ولا ينكح) أي: ولا يصح أن ينكح (مرتد ولا) أن ينكحن (مرتدة أحدًا) من الناس لا موحدة ولا مسلمة ولا كافرة ولا هي كذلك، أما المرتد فلاستحقاقه القتل والإمهال ضرورة التأمل والنكاح يشغله عنه، ولا يرد من وجب عليه القصاص لأن العفو مندوب إليه وأما المرتدة فلأنها محبوسة لله مل وخدمة الزوج يشغلها ولابنه لا ينتظم بينهما المصالح والنكاح ما شرع لعينه بل لمصالحهم (والولد يتبع خير الأبوين دينًا) نظرت له وهذا يتصور من الطرفين في الإسلام/ العارض بان كانا كافرين فاعلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر والتفريق أو بعده في مدة يثبت النحيب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما، وأمامي الأصل فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلمة وهذا إذا اتحدت دارهما ولو حكمت بأن أسلم الأب في دار الحرب والولد في دار الإسلام أما لو تباينت بأن كان الولد في دار الحرب وأبوه في دار الإسلام فإنه لا يصير مسلما إلا بإسلامه. وقوله في (الفتح) أو على العكس في عدم وجوب نية فرض الإيمان بعد بلوغ من حكم بصحة إسلامه صبيا تبعد لأبويه المسلمين أو لإسلامه وأبواه كافرين ولو كان ذللت فرضا لم يفعله أهل الإسلام عن آخرهم، وقد من أن الصبي لو أسلم وقع فرضا ولا يجب عليه الإتيان به بعد البلوغ اتفاقا ونقل هذا في (البحث) عنه فيما أسلم تبعا والواقع ما قد علمته. واعلم أن محتارة المصنف أولى من قول القدومي فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه، لأن عمومه غير صحيح إذ لا وجود لنكاح المسلمة مع كافر وإيه أجيب عنه بحمله على حالة البقاء، بأن أسلمت المرأة ولم يعوض الإسلام على الزوج بعد فجاءت بولد قال في (الحواشي السعدية): ويمكن أن يقال: محل المسالة ما إذا تزوج كافر بمسلمة بالقهر والغلبة كما وقع في (الفتاوى التاترخانية) انتهى. وهذا الاحتمال رده قول القدومي: الزوجين وقول المصنف: الأبوين فتدبره وفرض المسالة في القهر والغلبة لأنه لو خلا عنهما عوقب وعوقبت إن كانت عالمة بحاله والساعي بينهما أيضًا امرأة أو رجلاً كذا في (الفتح)، (والمجوسي شر من الكتابي) أردف هذه الجملة لبيان أن أحد الأبوين لو كان كتابيا والآخر مجوسيًا كان الولد كتابيا نظرًا له

وإذا أسلم أحد الزوجين محور الإسلام على الآخر ـــــــــــــــــــــــــــــ في الدنيا لاقترابه من المسلمين بالأحكام من حل الذبيحة والمناكحة وفي الآخرة بنقصان العقاب هذا في (الفتح)، يعني أن الأصل بقاؤه بعد البلوغ على ما كان عليه وإلا فأطفال المشركين في الجنة، وتوقفت فيهم الإمام كما مر ولم يدخله في الجملة الأولى تحاميل عما وقع في بعض العبارات من إطلاق الخير على الكتابي، بل الشر ثابت فيه أيضا غير أن المجوسي شر، وعن هذا قال في (الخلاصة): لو قال: النصرانية خير من اليهودية كفر، وينبغي أن يقول: اليهودية شرين لنصرانية وعلله الجزائي بأنه أثبت الخير لما هو قبيح شرعي ومحققا ثابت قبحه بالقطعي. قال في (البحر): وهذا يقتضي الكفر بقوله؟ الكتابي خير من المجوسي، مع أن العبارة وقعت لبعض المشايخ كما قد علمت إلا أن يفرق بأنه لا حيوية في إحدى الملتين على الأخرى في أحكام الدنيا والأخرى بخلاف الكتابي بالنسبة إلى المجوسي للفرق بين أحكامهما في الدارين، وأقول: هذا الفرق ينافيه ما مر من التعليل على أنه نقل عن (جامع الفصيلين) لو قال: النصرانية خير من المجوسية كفر قال الجزائي: والمذكور في كتب السنة أن المجوسي أقعد حالة من المعتزلة لإثبات المجوسي خالقين فقط وهؤلاء خالقا لا عدد له وفيه إثبات الخيارية للمجوسي على المعتزلة بقدر ما، وأجيب عنه بأن المنهي عنه أو كونهم خيول من كذا مطلقة لا كونهم أسعد حالاً بمعنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشوك، إذ يجوز أن يقال: كفر بعض أخف من بعض وعذاب بعض أدنى من بعض وأهون، أو الحال بمعنى الوصف كذا قيل، ولا يتم وقد يقال: المنع من قولهم النصرانية خير من اليهودية لأن نزاعهم في النبوات ونزاع النصراني في الإلهيات، وقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير بن الله) [التوبة: 30]، كلام طائفة قليلة كما صرح به في التفسير انتهى. وهذا يقتضي أن لا كفر بقوله: الكتابية خير من المجوسي على معنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشرك وأنه لا كفر أيضا بقوله: اليهودية خير من النصرانية حيث كان المنع من العكس، باعتبار أن كفر النصرانية أغلظ لكن مقتضى ما مر عن (جامع الفصيلين) القول بالكفر في الصورتين وهو الموافق للتعليل الأول وكانه الذي عليه المعول. قال في (البحر) ويلزم على الثاني تبعية الولد المتولد بين يهودي ونصراني للأول، يعني: وليس بالواقع، (ولو أسليم أحد الزوجين) هذا اللفظ دمامل لما كانا كتابيين أو مجوسيين أو أحدهما كتابيا والآخر مجوسية والمسلم الزوج أو الزوجة أخرج المصنف مما سيأتي ما لو أسلم زوج الكتابية فبقي ما عداه مرادًا (وعرض الإسلام على الآخر) بالغة كان أو مميزا ولو كان غير مميز انتظر عقله ولو مجنونا لم

فإن أسلم وإلا فرق بينهما وإباؤه طلاق، لا إباؤها، ولو أسلم أحدهما ثمة لم تبن حتى تحيض ثلاثا، ـــــــــــــــــــــــــــــ ينتظر لعدم نهايته فيعرض الإسلام/ على أبويه فإن أسلم أحدهما بقي النكاح لتبعيته له أفإن أسلمت لم يفرق بينهما (وإلا) أي: وإن لم يسلم الآخر بان أبى عن الإسلام ومنه ما إذا سكت غير أنه في هذه الحالة يكرر عليه العرض ثلاثا احتياطي، كذا في (المبسوط) (فرق بينهما)، لما رواه الطحاوي وغيره: (أن عمر رضي الله عنه فرق بين نصراني ونصرانية بإبائه عن الإسلام) وقيده إيماء إلى بقاء النكاح قبل التفريق حتى لو مات قبله وجب لها كل المهر وإن لم يدخل بها. قال في (البحر): ويرد عليه ما لو أسلم زوج المجوسية فتهودت أو تنصرت فإنهما على نكاحهما كما لو كانت كذلك ابتداء كما في (المبسوط) ويمكن أن يراد بالكتابية ولو مآلاً فلا يرد، (وإباؤه) أي: الزوج (طلاق) عندي ما خلافًا للثاني لأنه لا يتصور وجوده من المرأة، وبمثله لا يقع الطلاق فصار كالفرقة بسبب الملك وخيار البلوغ والمحرمية بالرضاع ولهما، أنه فات الإمساك بالمعروف فوجب التسريح بالإحسان، فإن طلق وإلا ناب القاضي منابه في ذلك فيكون طلاقا إذا كان نائبا عمن إليه الطلاق، لأن له إنما ينوب عنه فيما إليه التفريق والذي إليه الطلاق، وفي هذا تصريح بأنه لو طلق وقع ولم يحتج إلى التفريق وأما المرأة فالذي إليها عند قدرتهما على الفرقة شرعا الفسخ فإذا أبت ناب القاضي منابها فيما إليها التفريق به فلا تكون الفرقة منها إلا فسخه، وهذا معنى قوله (لا إباؤها) بخلاف الملك والحرفية فإن الفرقة فيهما لا بهذا المعنى بل للتنافي، وأما خيار البلوغ فإنه ملك الفرقة فيه لتطرق الخلل إلى المقاصد بسبب قصور موفقة العاقد لقصور قرابته وعلى اعتباره لا يكون النكاح منعقدا من الأهل، واعلم أن في جعل الإباء طلاقا نوع تجوز، وفي الحقيقة إنما هو سبب فقط كما يفصح عق ذلك ما هو. (ولو أسلم أحدهما) أي: في دار الحرب (لم تبني) زوجته منه إن لم يسلم الآخر (حتى تحيض ثلاثاً) أو يمضي عليها ثلاثة أشهر لو كانت آنسة أو صغيرة، لأنه لا بد من الفرقة تخليصه للمسلمة عن ذل الكافر، والإسلام لا يصلح أن يكون سببا لها والعرض متعذر لعدم الولاية فأقمنا شروطها وهو مضي الحيض مقام السبب كما في حفر البئر، وهذا يقتضي أنه لو كان هو المعالم توقف انخساف على مضي ثلاث حيض وهو الموافق لما مر لا أنها تبين كما هو ظاهر الإطلاق، أقول: وينبغي أن يكون

فإذا حاضت ثلاثة بانت، ولو أسلم زوج الكتابية بقي نكاحها، وتباين الدارين سبب الفرقة ـــــــــــــــــــــــــــــ ما ليس بدار حرب ولا إسلام ملحقة بدار الحرب هنا كالبحر لأنه لا قهر لأحد عليه فإذا أسلم أحدهما وهو راكب توقفت البينونة على مضي ثلاث حيض أخذ من تعليلهم بتعذر العرض بعدم الولاية، وإطلاقه يعم المدخول بها وغيرها، وفيه إيماء إلى أن هذه الحيض ليست بعدة إذ لو كانت لاختصت بالمدخول بها، وسكت عنها للإشارة إلى عدم وجوبها في المدخول بها، أما إذا وقعت الفرقة بإسلامه فبالإجماع وإن كانت هي المسلمة فكذلك عند الإمام خلافا لهما كما في (المبسوط) وغيره وجزم الطحاوي بوجوب العدة عليها وكانه ميل إلى قولهما، وفي قوله: لم تبن إيماء إلى أن هذه الفرقة طلاق وهو قولهما وجزم به محمد في (السير الكبير) وقال الثاني: هي فسخ وروي عنه كقولهما. (ولو أسلم زوج الكتابية) ولو مآلاً كما مر (بقي نكاحها) لأنه يجوز له التزوج بها ابتداء فالبقاء أولى لأنه أسهل، ولذا شرطت الشهادة فيه ابتداء لا بقاء (وتباين الدارين) يعني حقيقة وحكمًا إذ المطلق يصرف إلى الكامل (سبب الفرقة) حتى لو خرج أحدهما من دار الحرب إلى دار الإسلام مسلما أو ذميا أو أسلم أو عقد عقد الذمة في دار الحرب وقعت الفرقة بينهما لأنه ينافي انتظام المصالح، وما ينافيها يقطع النكاح كالمحرمية والمراد بالتباين حقيقة تباعدت ما شخصاً وبالحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار والسكنى، حتى لو دخل الحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه في داره حكما إلا إذا قبل الذمية وفي (المحيط) مسلم تزوج حربية في دار الحرب فخرج بها رجل إلى دار الإسلام بانت من زوجها بالتباين، فلو خرجت بنفسها فبل تزوجها لم تبن لأنها صارت من أهل دارنا بالتزامها أحكام المسلمين، إذ لا تمكن من العود والزوج من أهل دار الإسلام فلا تباين. قال في (الفتح) بعد نقله: يريد في الصورة الأولى إذا أخرجها الرجل قهرًا حتى ملكها لتحقق التباين بينها وبين زوجها حينئذ حقيقة وحكما أما حقيقة فظاهر وأما حكمًا فلأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الإسلام، قال في "الحواشي السعدية": وفي فوله وأما حكما فلأنها في دار الحرب حكما بحث انتهى. ولعل وجهه ما مر من أن معنى الحكم أن لا يكون لم في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل عليه سبيل القرار وهي هنا كذلك إذ لا تمكن من الرجوع ثم راجعت (المحيط الرضوي) فإذا الذي فيه ما لفظه: مسلم تزوج حربية كتابية في دار الحرب فخرج عنها الزوج وحده بانت ولو خرجت المرأة قبل الزوج لم تبن، وعلله بما مر وهذا لا غبار

لا السبي، وتنكح المهاجرة الحائل بلا عدة وارتداء أحدهما فسخ في الحال، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه فالظاهر إنما وقع في نسخة صاحب (الفتح) تحريف والتصويب ما أسمعتك، ألا السبيل لأنه يوجب ملك الرقبة وهو لا ينافي النكاح ابتداء ولذا لو زوج أمته جاز فكذا بقاء، ولهذا لو كانت النسبية منكوبة مسلم أو ذمي لا يبطل النكاح كذا في (العناية) وهذا يؤيد البحث السابق والله الموفق، (وتنكح المهاجرة) إلينا وهي التاركة دارها إلى أخرى على عزم عدم العود مسلمة أو ذمية، (الحائل) وهي التي لم تكن حاملاً بلا عدة) بيان لحكم ما تضمنته الجملة الأولى، وهي ما لو خرجت المرأة حتى بانت فإنه يجوز نكاحها بلا عدة، وهذا عند الإمام وأوجباها، وضع المسألة في المهاجرة لأن التي طلقت في دار الحرب لا عدة عليها اتفاقا لهما أن الفرقة وقعت بعد الدخول في دار الإسلام فيلزمها حكم الإسلام واختلف في لحوق الطلاق محليها في العدة لو خرج بعدها قال أبو يوسف: لا يقع. وقال محمد: يقع إلا أن تكون محرمة وأثر الخلاف يظهر فيما لو طلقها ثلاثًا لا يحتاج زوجها في تزويجها إذا أسلم إلى زوج آخر عند أبي يوسف خلافا لمحمد، وله أنها وجبت لإظهار خطر النكاح المتقدم ولا خطر لملك الحربي، قيد بالحائل لادن الحامل لا يسمح نكاحها حتى تضع وروى الحسن أنه يصح ولكن لا يقربها زوجها حتى تضع والأول أصح، ورجح المقطع رواية الحسن وظاهر الرواية هو الأول وظاهر كلامه يعطي أن عدم صحة نكاح الحامل للعدة وليس بالواقع، بل لا عدة عليها أيضا وحرمة نكاحها إنما هي لأن في بطنها ولدت ثابت النسب فظهر في حق المنع احتياطًا. (وارتداد أحدهما) أي: أحد الزوجين (فسخ) عند الإمام فلا ينقص عددا بخلاف إبائه وسوى محمد بينهما في أن كلأ منهما طلاق، وأبو يوسف مر على أصله من أنها فسخ كإبائه وفرق الإمام بأن الردة منافية للنكاح لمنافاتها العصمة والطلاق يستدعي قيام النكاح فتصدر أن تجعل طلاقا بخلاف الإباء لأنه يفوت الإمساك بالمعروف فيجب التسريح بالإحسان، ولذا توقف على القضاء دونها، (في الحال) فلا يتوقف على القضاء لا فرق بين المدخول بها وغيرها وهذا في المرأة هو ظاهر الرواية لكنها تجبر على الإسلام، بخلاف ما إذا ارتد هو، والنكاح مع زوجها الأول ولا يتزوجها غيره وهو الصحيح كما في (المحيط) وغيره قال الولوالجي: وعليه الفتوى ولكن للقاضي أن يحدده بمهر يسير ولو دينارا رضيت أم لا، وظاهر أن يحل جبرها

فللموطوءة المهر ولغيرها النصف إن ارتد، وإن ارتدت لا، والإباء نظيره ـــــــــــــــــــــــــــــ على النكاح ما إذا طلبه أما لو سكت أو تركه صريحًا فإنها لا تجبر وتزوجٍ من غيره لأنه ترك حقه، وأفتى بعض مشايخ بلغ وسمرقند بعدم الفرقة بردتها حسما لاحتيالها على الخلاص بأكبر الكبائر، وعامة مشايخ بخارى قالوا: إن هذا يحصل بالجبر المتقدم فلا ضرورة إلى إسقاط اعتبار المنافي. قال في (جامع الفصيلين): وأقول: إن جبر الحرة البالغة مناف للشرع أيضا ما هربوا منه من إسقاط اعتبار الثاني ورده في (البحر) بان الجبر محليه ضرورة عهد شرعًا في الجملة كالرقيق والصغير بخلاف بقائه جمع المنافي واختاروا في تعزيرها هنا قول الثاني في أكتره وهو خمسة وسبعون وسطا كأنه لزيد جرمها بخلاف غيرها مع أن (الحاوي القدسي) قال: وبقول الثاني نأخذ يعني في الكل، ولا تسترق ما دامت في دار الإسلام في ظاهر الرواية وفي رواية (النوادر) تسترق ولو كان الزوج عالمي استولى عليها بعد الردة تكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة ثم يشتريها من الإمام أو يصرفها إليه إن كان مصرفا فلو أفتى مفت بهذه الرواية حسما لهذا الأمر لا بأس به كذا في "القنية". قال في (البحر): وعلى هذهـ الرواية فللزوج أن يبيعها بعد الاستيلاء إلا أن تكون ولدت منه لما في (الثانية) لو لحقت أم الولد بعد ارتدادها بدار الحرب ثم سبيت وملكها السيد عاد كونها أم ولد ولا يخفى أن الإفتاء بما اختاره بعض أئمة بلد أولى من الإفتاء بما في " النوادر" ولقد شاهدنا من المشاق في تجديدها فضلا عن جبرها بالضرب ونحوه ما لا يعد ولا يحد وقد كان بعض مشايخنا من علماء العجم ابتلي بامرأة تقع فيما يوجب الكفر كثيرًا ثم تنكر وعن التجديد تابي، ومن القواعد المشقة تجلب التيسر والله الميسر/ لكل عسير، هذا وسكت عن العدة ولا ريبة في 111951، وجوبها غير أنه لا نفقة لها فيها لكن لها السكنى وبه يفتى كما في ألفاظ التكفير من (الخلاصة) هذا إذا كانت في المرتدة فإن كان هو المرتد فلها النفقة ولو ماتت فيها ورثها زوجها المسلم استحسانا لا قياسا وهو قول زفر كذا في "الثانية" وفيها لو لحقت بدار الحرب كان له أن يتزوج بأختها وأربع سواها (فللموطوءة) ولو حكما (المهو) سواء كان الارتداد منه أو منها لتأكده بالوطء (ولغيرها) أي: الموبوءة (النصف) أي: نصف المسمى وإلا فالمتعة لأن الفرقة من قبله، (وإن ارتدت) المرأة (لا) أي: لا يجب شيء لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل تؤكده لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة الكبيرة والصغيرة، (والإباء) أي: إباء أحدهما عن الإسلام بعد إسلام الآخر (نظيره) أي: الارتداد، فإن وجد من أيهما كان بعد الدخول وجب المهر وإلا

وإذا ارتدا معًا أو أسلما معًا لم تبن وبانت لو أسلما متعاقبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن كان منه فالنصف وإلا فلا شيء، (وإن ارتدا معًا) بان لم يعرف سبق أحدهما على الأخر أما المعية الحقيقية فمتعذرة وما في (البحر) هي ما لو مسلم أنهما أبى جدًا بكلمة واحدة ففيه بعد ظاهر نعم ارتدادهما معًا بالفعل ممكن بان حملاً مصحفًا وألقياه في القارورة أو سجدا للصنم معا أو أسلما معًا لم تبني من زوجها استحسانا، لأن بني حنيفة حي من العرب ارتدوا بمنع الزكاة فبعث إليهم الصديق بالجيوش فاعلموا ولم تذمرهم الصحابة بتجديد الأنكحة والارتداد منهم كان معًا لجهالة التاريخ والمراد بالمعية عدم تعاقب كل زوجين منهم أما جميعهم فلا، لأن الرجال جاز أن يتعاقبوا ولا تفسد أنكحتهم إدا كان كل رجل ارتد مع امرأته معه، لكن هذا الاستدلال إنما يتم بتقدير أن منعهم كان لجحد افتراضها ولم ينقل وقتالهم لا يستلزمه لجوازه إذ أجمعوا على منعهم حقًا شرعيًا وعطلوه فالأوجه الاستدلال بوقوع ردة العرب وقتالهم على ذلك فإنه من غير تعيين بني حنيفة ومانعي الزكاة قطعي، ولم يؤمروا بتجديد الأنكحة هذا حاصل ما في (الفتح) وقد يقال: إن قوله في الرواية فاعلموا دليل على أن المنع كان جحدا، والمسألة مقيدة بما إذا لم يلحق أحدهما بدار الحرب فإن لحق بانت وكان استغنى عنه بما قدمه من أن تباين الدارين محبب الفارقة قيده بالردة لأن المسلم لو كان تحته نصرانية فتهودت وقعت الفرقة بينهما اتفاقا واختلف الشيخان فيما لو توجسا قال أبو يوسف: تقع ومحمد: لا تقع، لأبي يوسف أن الزوج لا يقر على ذلك والمرأة تقر فصار كردة الزوج وحده، وفرق محمد بان المجوسية لا تحل للمسلم فإحداثها كالارتداد. وفي (المحيط) لو كانت النصرانية صغيرة فتوجس أبواها بانت ولا مهر لها ولو ارتدا لم تبق إلا إذا لحقا بدار الحرب لأنها مسلمة تبعا للأبوين والدار ولا يمكن في الأول الحكام بالإسلام تبعد للدار لانتفاء تبعيتها ما دامت تبعية الأبوين قائمة، ولو مات أحدهما مسلما أو مرتدة ثم ارتد الآخر ولحق بدار الحرب لم تبن لأن التبعية حكم تنامى بالموت مسلما أو مرتدة لأن أحكام الإسلام قائمة، ألا ترى أن كسبه يكون لورثته المسلمين، ومتى تناهت لا تبطل بكفر الآخر ولو بلغت عاقلة مسلمة ثم جنت فارتدا ولحقا بدار الحرب لم تبق انتهى ملخصًا وفي الفرق بين ما لو توجسا أو ارتدا تعمل فليتدبر، (وبانت) المرأة الو أسلما) أي: الزوجان المرتدان (متعاقبًا) صفة لمحذوف أي: إسلامي متعاقبة لأن ردة الآخر منافية للنكات ابتداء فكذا بقاء وعرف منه بينونتها بما لو بقي أحدهما مرتدا بالأولى ثم إن كان المسلم هو الزوج قيل الدخول فلا مهر لها وإن أي كان لها النصف أو المتعة.

باب القسم

باب القسم والبكر كالثيب، والجديدة كالقديمة، والمسلمة كالكتابية فيه ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: بلغت المنكوبة المسلمة ولم تصف الإسلام بانت وقد من بيان ذلك مفصلا فارجع إليه والله الموفق. [32] باب القسم لما ذكر جواز نكاح العدد من النساء لم يكن بد من بيان القسم بينهم غير أن اعتراض ما هو أهم بالذكر أوجب تأخيره وهو بفتح القاف مصدر بمعنى القسمة وبكسرها واحد الأقسام، والنصيب من الخير كالطرق للدقيق كذا في (الشرح) معزول إلى الجوهري والمطرزة والطحن بكسر الطاء وعبارة الجوهري القسم بالكسر الحظ والنصيب من الخير مثل طحنت طحنا والطحين الدقيق انتهى. قال العيني: ويقال: كلاهما بمعنى النصيب إلا أن الأول يستعمل في موضع خاص بخلاف الثاني، ويقال لموضع القسم: المقسم بكسر السين كمجلس، قال في (الفتح): وهو واجب لقوله تعالى بعد بيان حل الأربع: {فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3]، فاستفدنا أن حل الأربع مقيد لم بعدم 1951/ بل خوف عدم العدل وثبوت المنع عق أكثر من واحدة عند خوفه فعلم إيجابه عند تعددهن انتهى. وكان ينبغي أن يكون فرضًا لظاهر الآية فتدبر، (البكر كالثيب والجديدة) الثيب (كالقديمة) لإطلاق النصوص، وخصهما مع أن المجنونة التي لا يخاف منها والرتقاء والحامل والنفساء والصغيرة التي يمكن وطئها والمحرمة والمظاهرة والمولى منها والحامل كغيرها، لابنهما محل الخلاف ولم أر حكم المنكوبة إذا وطئت بشبهة وهي في العدة، والمحبوسة بدين لا قدرة لها على وفائه والناشزة، والمسطور في كتب الشافعية أنه لا قسم لها في الكل وعندي أنه تجمع الموطوءة بشبهة أخذا من قولهم: إنه لمجرد الإيناس ودفع الوحشة وفي المحبوسة تردد، وأما الناشزة فلا ينبغي التردد في سقوطه لأنها بخروجها رضيت بإسقاط حقها، وأما المطلقة الرجعية فإن أراد مراجعتها قسيم لها وإلا لا كما في (البدائع) ولما ارتفعت المسلمة عق الكتابية بالإسلام فربما توهم عدد استوائها معها في القسم فدفع هذا الوهم بقوله: (والمسلمة كالكتابية فيه) أي: في القسم وهي التسوية في البيتوتة لا في المجامعة كما في (الهداية) وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن عمله ليلا فإن كان كحارس ونحوه قسم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ نهارًا كما ذكره الشافعية، وهو حسن وما في (الغاية) اتفقوا على وجوبها في النفقة أيضا رده الشارح بأنه لا يتأتى إلا على قول من اعتبر حاله لا على في اعتبر حالهما أي: لا يطرد تأتيه، وإلا فهو مرات على قول من اعتبر حالهما أيضا فيما إذا كانا فقيرين أو غنيين، نعم يرد عليه أن التسوية نهارا واجبة أيضًا. قال في (الفتح): وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى، بل ذلك في البيتوتة وأما النهار ففي الجملة انتهى، يعني لو مكث عند إحداهما بعد الغروب ثم جاء الثانية في الليلة الثانية بعد العشاء فقد ترك القسم، وفي "الجوهرة" لا يجامع المرأة في غير نوبتها ولا يدخل بالليل على التي لا قسم لها، ولا بأس أن يقيم عندها حتى تختفي أو تموت انتهى. يعني إذا لم يكن عندها من يؤنسها، واعلم أن عدم وجوب التسوية في المجامعة يقتضي أن له بعدما أدى ما عليه منه وهو مرة في العمر أن يترك وطئها أبدًا وهذا إنما هو في القضاء أما في الديانة فجماعها أحيانا واجب ولم يقدروا فيه مدة، قال في (الفتح): ويجب أن لا يبلغ به مدة الإيلاء إلا برضاها. تنبيه: في هذا الكلام تصريح بان الجماع بعد المرة حقه لا حقها ولم أر حكم ما لو تضررت من كثرة جماعه ومقتضى النظر أنه لا يجوز أن يزيد على قدر طاقتها، أما تعيين المقدار فلم أقف عليه لأئمتنا، نعم في كتب المالكية خلاف قيل: يقضى عليهما بأربع في الليل وأربع في النهار وقيل: بأربع فقط في اليوم والليلة وعن أنس بن مالك عضو موات في اليوم والليلة وفي (دقائق ابن فرحون) باثني عشر مرة، وعندي أن الرأي في مقدار العدد منوط بالقاضي فيقضي بما يغلب على ظنه أنها تطيقه والله الموفق، ثم لا فرق في وجوب القسم بين كون الزوج صغيرًا دخل على امرأته أو كبيرًا عنينًا أو خصيًا أو مجبوبًا أو لا، والاختيار في مقدار الدور إليه لأن المستحق هو التسوية دون طريقها. قال في (الفتح): وهذا الإطلاق لا يمكن اعتباره على طرافته لابنه لو أراد أن يدور ستة ما يحق إطلاق ذلك له بل لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وإذا كان وجوبه للآنية ودفع الوحشة وجب أن تعتبر المدة القريبة وأظن أكثر من جمعة

وللحرة ضعف الأمة، ويسافر بما شاء، والقرعة أحب، ـــــــــــــــــــــــــــــ مضارة إلا أن يوميا به قال في (البحث): والظاهر الإطلاق أنه لا مضارة حيث كان على وجه القسم لأنها مطمئنة بمجيء نوبتها ودني نفي المضارة مطلقا نظر لا يخفى، وفي (الدراية) وغيرها لو أقام عند إحداهما شهرا فخاصمته الأخرى في ذلك قضي عليه أن يستقبل العدل بينهما وما مضى هدر غير أنه أثم فيه لأن القسمة تكون بعد الطلب ولو عاد بعدما نهاه القاضي أوجعه عقوبة وأمره بالعدل انتهى. وفي (الجوهرة) ولا يضرره بالحبس وهذا ينبغي أن يقيد بما إذا لم يقل: إنما فعلت ذلك لأمن الخيار في مقدار الدور إلي فإن ادعاه مكث عند الأخرى بقدره وما في (الفتح) من الذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت لأنه حق آدمي وله قدرة/ إيفائه فجوابه ما مر من التعليل، (وللحرة) من القسم (ضعف الأمة) ولو مكاتبة أو مبعدة بذلك قضى الصديق وعلي رضي الله تعالى عنهما ولأن حل الأزمة أنقص من حل القوة بدليل أنه لا يجوز نكاحها معها ولا بعدها فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق. قال في (البدائع): وهذا التفاوت في السكنى والبيتوتة يسكن عند الحرة ليلتين وعند الأمة ليلة وأما المأكول والمشروب والملبوس فيسوي بينهما، لأن ذلك من الحاجات اللازمة، ولا ينافيه ما في " الغاية " بخلاف النفقة والكسوة والسكنى فإنهم اتفقوا على التسوية فيها لأن المراد بالسكنى فيما في (البدائع) سكناه معها بدليل قوله فيسكن، وما في (الغاية) إسكانه لها في منزل يصفونها لأنه من النفقة وأنت قد علمت أن هذا إنما يتأتى على قول من اعتبر حاله فقط. تنبيه: لم يذكر حكم الواحدة إيذانا أنه لا قسم لها وروى الحسن عن الإمام أنه يجعل لها يوم من أربعة إياهم، وظاهر الرواية أن هذا لا يتعين بل يؤمر الصائم أن يبيت عندها إذا طلبت لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولزوجك عليك حقاً) كذا في (المحيط)، وذكر القاضي في (روحه) أن ما روى الحسن هو قول الإمام أولا ثم رجع عن ذلك، وقال: هذا ليس بشيء كذا في (البدائع) (ويسافر) ذو الزوجات (بمن يشاء) منهن لأنه لا حق لهن في القسم حالة السفر لأنه لا يتيسر إلا بحملهن معه وفي إلزامه ذلك من الضرر ما لا يخفى فكان له أن يأخذ أيا شاء، لأبنه قد يثق بإحداهن في السفر وفي الأخرى في الحضر، (والقرعة) بينهن (أحب) تطييبًا لقلوبهن لما روى الجماعة من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها كان عليه الصلاة والسلام (إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فمن خرج سهمها خرج بها معه) ومطلق الفعل لا يقتضي الوجوب فكيف

ولها أن ترجع إن وهبت قسمها للأخرى. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد اقترن بما يدل على الندب وذلك أن القسم لم يكن واجبا محليه - صلى الله عليه وسلم - دل على ذلك قوله تعالى: {بترجي من تشاء منهن} [الأحزاب: 51]، الآية أي: تؤخر فكان ممن أخر كما قال المنذرة سعودة وجوهرية وأم حبيبة وصفية وميمونة وممن آوى عائشة والباقيات، قال البيضاوي: أو ترجئ أي: تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء منهن ومن ابتغيت طلبت ممن عزلت طلقت فلا جناح عليك في شيء من ذلك انتهى. ومحليه فلا دلالة في الآية على المدعى، قيد بالسفر لأن مرضه لا يسقط القسم. قال في (البحر): ولم أر كيفية قسمه في مرضه حيث كان لا يقدر على التحول إلى بيت الأثري، والظاهر أن المراد أنه إذا صح ذهب عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا، ولا يخفى أنه إذا كان الاختيار في مقدار الدور إليه حال صحته ففي مرضه أولى، فإذا مكث عند الأولى مرة أقام عند الثانية بقدرها وإذا مرض في بيت له دعي كل واحدة في نوبتها، لأنه لو كان صحيحا وأراد ذلك ينبغي أن يقبل منه، (ولها) أي: الزوجة بأن ترجع إن وهبت قسمها للأخرى) تضمن كلامه صحة الهبة أيضا لأن سعودة بنت جمعة سألته - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها ويجعل نوبتها لعائشة رضي الله تعالى عنها هكذا استدل به المشايخ وتعقبهم في (الحواشي السعدية) بما قدمناه من أن القسم لم يكن واجبًا عليه عليه الصلاة والسلام فلا يصح قياس الواجب، لجواز أن يكون جعلها إياه لعائشة لعدم وجوب القسم انتهى. ولا يخفي أن هذا مما لا أثر له إذ المدعى إنما هو صحة الهبة شعواء كان القسم واجبًا أو مندوبا وقد اقتضى الدليل ذلك وسودة هذه تزوجها - صلى الله عليه وسلم - بأربعمائة دينار وماتت في آخر خلافة عمر ثم تزوج عائشة ولذا خصتها بالهبة، وإنما صح رجوعها لأنها أسقطت حقا لم يجب فلا يسقط وفي (البدائع) لأن الهبة كانت إباحة منها والإباحة لا تكون لازمة كالمباح له الطعام يملك المبيح المنع منه والرجوع عن ذلك انتهى. وهو صريح في أن طلاق الهبة مجاز، وفي كلام غيره ما يومئ إلى أن الهبة بمعنى العارية وما في (البدائع) لا ينافيه لأنه قد قيل بان العارية إباحة المنافع على ما سياسي وإن كان الأصح خلافه، بقي لو جعلته لمعيته هل يجوز لها أن يجعله بغيرها لم أرها لهم، والمسطور في كتب الشافعية أنه لا يجوز، وفرعوا عليه ما إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسيم لها ليلتين متواليتين، وإن كانت هل له الموالاة قولان قال في (البحر): ولعل المشايخ إنما لم يعتبروا هذا التفصيل لأمن هذه الهبة إنمائي إسقاط عنه فكان الحق له سعداء وهبت له أو لصاحبتها فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: كون الحق فيما إذا وهبت لصاحبتها ممنوع ففي (البدائع) في توجيه المسالة بأنه حق يثبت لها فلها أن تستوفي ولها أن تترك انتهى. خاتمة؟ يندب أن يسوي بين الزوجات في جميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة وكذا بين الجواري وأمهات/ الأولاد ليحصنهم عن اشتهاء الزنا والميل إلى الفاحشة وأن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف بان يعمل مع صاحبه كما يجب أن يعمل مع نفسه وفي (البزازية) من الحظر وحق الزوج محلى الزوجة أن تطيعه في كل مباح ياماها به انتهى. ولا يجمع بين الضرائر إلا بالرضى، ويكون وطء إحداهما بحضور الأخرى، وله أن يمنعها من أكل ما يتغذى من رائحته، وما القول ومحلى هذا فله أن يمنعها من التزين بما يتغذى بريحه كان يتغذى برائحة الحناء المخضب، كذا في (الفتح) وعلى هذا فله منعها من النقش أيضًا إذا تأذى برائحته والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

كتاب الرضاع

كتاب الرضاع هو مص الرضيع من ثدي الآدمية في وقت مخصوص، ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الرضاع لما كان الولد المقصود من النكاح لا يعيش في ابتداء أمره إلا بالرضاع وكان له أحكام تتعلق به من آثار النكاح المتأخرة عنه جعله آخر أحكامه ثم لما ذكر في المحرمات ما تتعلق المحامية به أورد ههنا التفاصيل الكبيرة، والحاكم الشهيد لما ذكر أغلب أحكامه في المحرمات استغنى محق أن يبوب له لا كما ظن بعضهم من أنه ليس من تصانيف محمد، وإنما عمله بعض أصحابه وروجه بنسبته إليه، وهو لغة بكسر الراء وفتحها مص اللبن من الثدي، ولم يذكروا الضم مع جوازه لأنه بمعنى أن يرضع معه آخر كما في (القاموس) وقيه أد فعله جاء من باب علم في لغة تهكمية وهي ما فوق نجد ومن باب ضرب في لغة نجد وجاء من باب كرم، وعرفت ما أفاده بقوله: (هو مص الوضيع) اللبن ولو قليلاً (من ثدي الآدمية) ولو بكرًا أو ميتة كما سيأتي أو آيسة كما هو مقتضى الإطلاق وهي حادثة الفتوى وخرج به الوجل والشاة، والثدي مذكر كما في (المغرب) زاد في (المصباح) ويؤنث أيضا فيقال: وهو الثدي وهي الثدي وهو للمرأة وقد يقال في الرجل أيضًا، وفي وقت مخصوصة هو مدة الرضاع الآتية قيل: التعريف منقوض طردًا وعكسًا أما الأول فلأنه قد يوجد المص ولا رضاع إن لم يصل إلى الجوف، ففي (الولوالجية) لو أدخلت حلمة ثديها فيه فم مرضع ولا تدري أدخل اللبن في حلقه أم لا لا يحرم النكاح لأن في المانع شكل وفي "القضية" أعطت ثديها صبية أو اشتهر ذلك ثم قالت: لم يكن إذ ذاك في ثديي لبن ولا يعلم ذلك إلا منها جاز لابنها تزوج هذه الصبية، وأما الثاني فلان المص ينفي ويثبت الرضاع كما لو وصل إلى جوفه بالوجود والسعوط من فمه أو أنفه لا من جوفه وإحليله أو جائزة وآمل في ظاهر الروايات وأجيب بأنه أراد بالمص الوصول إلى الجوف من المنفذين وخصه لأنه سبب للوصول وأطلق السبب وأراد المسبب إذا حاصل ما في (البحر) ولقائل أن يقول: لا نسلم وجود مص باللبن فيما إذا لم يعلم أوصل أم لا للتلازم العادي بين المص والوصول لغة. قال في (القاموس): مصصته بالكسر أحصنته أحصنه شربته شربا رقيقة كامتصصه انتهى، وكيف يصح ما ادعاه مع قوله من ثدي الآدمي وأما الوجود والسعوط فملحقان بالمص في غاية الأمر أنه خصه جريا على الغارب، بقي أن قوله في

وحرم به وإن قل في ثلاثين شهرًا ما حرم منه بالنسب ـــــــــــــــــــــــــــــ وقت مخصوص قد يقال: إنه لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالرضيع وذللت أنه بعد المدة لا يسمى رضيعا نص عليه في " العناية "، وحرم بها أي: بالرضاع (وإن قل): وهو ما يعلم وصوله إلى الجوف موجود (في ثلاثين شهرًا ما) أي: الذي (حرم بالنسب) أما تحريم القليل منه لإطلاق قوله تعالى: {وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: 23]، ولما روينا من حديث الشيخين (يحرم من الرضاع ما يحرم من النمسا) وهو قول أكثر أهل العلم وشمل كلامه حليلة الابن والأب رضاعة وصرح في (القضية) بأنه لو زنى بامرأة حوم عليه بنتها رضاعة، ولا بد أن تعلم المرضعة لما في (الخانية) أرضعها أقل أهل القرية أو أكثرهم ولا يدري من أرضعها فأراد واحد من أهل تلك القرية نكاحها قال الصفار: إذا لم يظهر له علامة ولا يشهد بذلك يجوز نكاحها وفيها من الحظر يكره لها الإرضاع من غير إذن زوجها إلا إذا خافت هلاكه فحينئذ لا بالمس به انتهى. قال في (البحر): وينبغي وجوبه وفي (الولوالجية) الواجب على النساء أن لا يرضعن من غير ضرورة فإن فعلن فليحفظن أو يكتبن ثم إذا دعت الحاجة فلا ينفي أن ترضعه الحمقى للنهي عن ذلك وأما كون مدته ما ذكر فهو قول الإمام وقالا: حولين لقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولاده ق حولين كاملين} [البقرة: 233]، وله قوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} [الأحقاف: 15]، وفصاله فطامه وعبر به عنه لأنه منتهاه أي: مدتهما ثلاثون شهرا وذلك أنه تعالى ذكر شيئين وضرب لهما مدة فكانت بكمالها لكل واحد منهما كالأجل المضروب للدينين كأن يقول لفلان علي ألف وخمسة بقفزة حنطة إلى شهرين غير أن النقص قام في أنهما وهو قول عائشة: (لا يبقى الولد في بطن أمه أكثر من سنتين) ولو بملكة مغزل وفي هذا/ الاستدلال نظر من وجوه الأول أد هذا النقص وإن كان مثله لا يعرف إلا سماعا إلا أنه يلزم به تعبير الكتاب وأجيب بأنه مؤول فإن عامة المفسرين جعلوا الأجل المضروب متوزعة عليهما بيانا لأقل مدة الحمل وأكثر الرضاع وخصهما تحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما فلم تكن دلالته قطعية، الثاني سلمنا أنه مؤول لكن يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وذلك أن لفظ الثلاثين استعمل في حقيقته وفي أربعة وعشرين، الثالث أن أسماء العدد لا يتجول بشيء منها في الآخر كما نص عليه كثير من المحققين وعن هذا قال في (الفتح): قولهما هو مختار الطحاوي، وفي (تصحيح القدوري)

إلا أم أخيه، وأخت ابنه، ـــــــــــــــــــــــــــــ معزيًا إلى (العيون) على (الدراية) وبقولهما نأخذ في الفتوى وهذا أولى انتهى، ثم إطلاقه يفيد ثبوت التحريم في المدة على القولين سواء فطم أو لا واستغنى بالطعام أو لا وهو ظاهر الرواية وعليه الفتوى، كما في (مختارات النوازل) و (الواقعات) و (الينابيع) وروى الحسن عنه أنه إن اكتفى بغير اللبن لا تثبت الحرمة قال الشارح: وعليه الفتوى والأكثرون على الأول، ولا خلاف في عدم وجوب أجرة الإرضاع عليه بعد الحولين. قال في (المجتبى): ولا في عدم وجوبه عليها ديانة، وليس له إجبار زوجته على الفطام قبل الحولين إذا كان ذللت لا يضره بخلاف أمته، ثم الإرضاع بعد المدة لا يجوز وهو الصحيح لأنه جزء الآدمي فلا يباح الانتفاع به إلا لضرورة وقد اندفعت وعلى هذا لا يجوز الانتفاع به للتداوي نحو وجع العيش، وقيل: يجوز إذا علم أنه يزول به الرمد أي: إن غلب على ظنه، (إلا أم أخيه) استثنت من حرم يعني أن أم أخيه وأخت أبيه من الرضاع لا تحرم بخلاف النسب ولو قال: إلا أم شقيقه وأخت ولده لكان أشمل لابنه لا فردتي بين أم أخيه (وأخت ابنه) وبنته وهذا لأن أم شقيقه من النسب إنما حرمت لأنها إما أمه أو موبوءة أبيه، وأخت ابنه منه إما بنته أو ربيبته بخلاف الرضاع، قيل: الحصر في الثاني ممنوع فإن أخت أبيه من النسب يجوز أن لا تكون واحدة منهما كما إذا ادعيا ولد أمة بينهما يثبت النسب منهما وكانت بنت كل واحد منهما أخت ولد الآخر وليست بنته ولا ربيبته، ولهذا أحل له نكاحها وادعى البيضاوي وتبعه في (إيضاح الإصلاح) أن هذا الاستثناء غير صحيح لأن حرمة من ذكر بالمصاهرة لا بالنسب وجوابه أن الاستثناء منقطع وذللت لأن قوله عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ليس مفاده إلا إحالة ما يحرم من الرضاع على ما يحرم من النسب وما يحرم من النسب وهو ما تعلق به خطاب تحريمه وقد تعلق بما عبر عنه بلفظ الأمهات وما بعدهن من المحرمات السبع السابقة، فما كان من مسماها متحققًا في الرضاع حرم فيه وليس شيء مما ذكر من مسمى تلك وإذا تحققت مناط الاحتياج أمكن تسمية صورة أخرى وستاتيك مفصلة. واعلم أن الجار والمجرور أي: من الرضاع يجوز أن يتعلق بالأم كان تكون له أخت من النسب لها أم من الرضاع وبالأخ كان يكون له أخ من النسب له أم من الرضاع وبهما كان يجتمع مع أخرى على ثدي أجنبية ولأخيه رضاعة أم أخرى من الرضاع. وقوله في (البحر): مع صبية ولهذه الصبية أم من الرضاع لم ترضع الصبي أخذًا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من شرح (الهداية) إنما يناسب أم أخته كما في (الهداية) لا أم أخيه كما هنا، وهذا الاعتبار يأتي في أم أخت ابنه أيضا وزيد أم عمه أو عمته وأم خاله أو خالته رضاعا وأم حفدته وأم أولاد أولاده وجدة ولده وعمته زاد في (البحث) بنت أخت ولده وبنت عمته فهذه مع ما في (الكتاب) سبع صور تصل باعتبار الذكورة والأنوثة إلى ثمانية عشر وباعتبار ما يحل له أو لها إلى ستة وثلاثين، مثلا يجوز له التزوج بأم أخيه ويجوز له التزوج بابن أخيها وكل ما يأتي ما مر من الاعتبارات الثلاث فهي مائة وثمانية وقصارى ما وصلها ابن وهران إلى نيفي وستين وأحد ل حلها إلى الذهن، وصاحب (البحث) إلى أحد وثمانين وأطال في حلها بما في إلغائنا إليه كفاية مع صعوبة في حصرها، وهذا الجمع مع سهولته واختصاره لا وجود له في غير هذا الكتاب إذ هو من فيض الملك الوهاب، وإذا عرف هذا فتعجب الشارح من قول صاحب (الغاية) تحل أم العم والخال من الرضاع لأنها إما جدته أو موبوءة جده مبني على تعلق الجار بالمضاف إليه وليس مرادًا له بالمضاف كان يكون له عم وخال مرضعتهما أجنبية وعليه اقتصر في "الفتح " ويجوز أن يتعلق بهما بان يكون له عم وخال رضاعًا ولكل منهما أم رضاع/ ويجوز كما قال الشارح: أن يراد بالعم من رضع مع أبيه وبالخال من رضع مع أمه وعلى هذا فتعلقه بالمضاف إليه فقط كما مر في التقسيم إنما هو على هذا الوجه الأصول فتأمل. قال في (الفتح): هذا من حيث المعنى أما من حيث الصناعة فإنما يتعلق بالأم حالاً منه لأن الأم معرفة فيجيء المجرور حالا منه لا متعلقا بمحذوف وليس صفة، لأنه معرفة أعني أم أخيه بخلاف أخيه لأبنه مضاف إليه، وليس فيه شيء من مسموعات مجيء الحال منه ومثل هذا يأتي في أخت ابنه، وفيه بحت أما أولا فإن قولي: لا متعلقًا بمحذوف ليس بصحيح لأن الظرف والمجرور يجب تعلقهما بمحذوف في مواضع ثمانية منها وقوعهما حالا كذا في (البحر). وأقول: هذا وهم للقطع بأنه أراد بالتعلق في قوله: فإنما يتعلق بالأم التعلق المعنوي وهو كونه وصفا له لما استقر من أن الحال قيد في معاملها وصف لصاحبها وهذا هو النفي، يعني لأن متعلقها بمحذوف وهو صاحب الحال، والتقدير إلا أم أخيه فإنها لا تحرم من الرضاع فيكون صاحب الحال هو الضمير في يحرم إذ لا محوج إليه وهذا مما يجب أن يفهم في هذا المقام وكيف ينتسب إلى مثل هذا الإمام أنه قد خفي عليه مثل هذا الكلام، وأما ثانيا فقوله وليس صفة الخ بل يصح أن يعرب صفة أيضًا لما استقر من أن كل حكم ثبت لآل فهو للإضافة، ولا خفاء أن الإضافة هنا إلى

زوج مرضعته لبنها منه أب للرفيع، وابنه أخ، وبنته أخت، وأخوه لحم وأخته عمة، وتحل أخت أخيه رضاعًا ونسبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجنس فهو كالمعرف بأل الجنسية، والظرف والمجرور بعده يصح أن يكون صفة كما يصح أن يعرب حالاً ومنه قولهم يعجبني الزهر في أكمامه والثمر على أغصانه، واعلم أن قوله وليس فيه شيء من مسموعات مجيء الحال منه مبني على مذهب الجمهور، والمحكي عن بعض البصريين جواز مجيء الحال من المضاف إليه بلا شرط، وعليه فالتعلق لفظي أيضًا، (زوج مرضعته) جرى على الغالب إذ السيد كذلك، وجملة قوله (لبنها منه) أي: من زوج صفة مرضعة، (أب للرضيع) عدل عن قول القدومي ولبن الفحل يتعلق به التحريم مع أنه أخطر لأن الإسناد فيه ليس على حقيقته، أعني ما إذا نزل اللبن منه بل من إضافة الشيء إلى سببه، قيد بالزوج لأنه لو زنى بامرأة فولدت منه وأرضعت صبية جاز لأصول الزاني وفروعه التزوج بها كذا اختاره الدوري وعليه جرى الإسبيجابي وصاحب (الينابيع) وجعله في (المحيط) كل لحلال وجزم به قاضي خان والأول أوجه لأن الحرمة من الزنى للبعضية وذلك في الولد نفسه لأنه مخلوق من مائه دون اللبن، كائنًا من منيه لأنه فرع التغذي، وهو لا يقع إلا بما يدخل من أعلى المعدة لا من أسفل البدن فلا إثبات فلا حرمة بخلاف ثابت النسب للنص كذا في (الفتح). قال في (البحر): وظاهر كلامهما أنه لا تحرم على عم الزاني وخاله اتفاقا، لأن التحريم على الزاني وفروعه على القول به لاعتبار الجزئية وهي مفقودة بينهما ويكون لبنها منه لأنه لو لم يكن منه بل من غيره كما إذا تزوج ذات لبق من غيرهـ ولم يكن مين أحد كما إذا ننقل لها لبن من غير ولادة أو جف بعد البلاد ثم رد لم يكن زوجها أبو فلو أرضعته بنته كان لابنه مين غيرها التزوج بها كما في (الثانية) ولو حملت من الوطء بشبهة ثم أرضعت صبيح فهو ابن الواطئ من الرضاع قاله الحدودي وهذا أيضا يخرج بقوله لبنها منه هدا إذا لم تلد من الثاني فإن ولدت منه كان اللبن له ولو حملت فقط كان للأول عند الإمام (وابنه) أي: الزوج (أخ) للرضيع (وبنته أخت) له (وأخوه لحم وأخته عمة)، وإذا تبت هذا مع الزوج فمعها أولى فلا تزوج الصبية أبو للمرضعة لأنه جدها لأمها ولا أخت لها لأنه خالها ولا عمها لأنها بنت بنت أخيه ولا خالها لأنها بنت بنت أخته (وتحل أخت أخيه رضاعًا)، يصح أيضا اتصاله بكل من المضاف والمضاف إليه وبهما كان يكون له أخ من الرضاع له أخت نسبية والثالث لا يخفى، (ونسبًا) بان يكون له أخ من النمسا ولهذا الأخ أخت رباعية، أو أن يكون له أخ من أب له أخت من أمه فهو متصل بهما، ولا يصوت اتصاله بأحدهما فقط للزوم

ولا حل بين رضيعي ثدي، وبين مرضعة، وولد مرضعتها، وولد ولدها، واللبن المخلوط بالطعام لا يحرم، ويعتبر الغالب لو بماء، ودواء، وسبق شاة، وامرأة أخرى ـــــــــــــــــــــــــــــ التكرار كما لا يخفى، (ولا حل بين وضيعي ثدي) لامرأة يعني: الصبي والصبية لكنه غلب الذكر لخفته لأنهما أخوان لأب وأم إن كان اللبن لواحد وإن كان لاثنين فلام ولا يتصور أن يكون لأب فقط إلا إذا تعددت المرضعة واتحد الزوج. (و) لا (بين مرضعة) بصياغة اسم المفعول (و) بين (ولد مرضعتها) بصيغة اسم الفاعل لابنه أخوها من الرضاع، وأفاد بالجملة الأولى اشتراط الاجتماع من حيث المكان في الأجنبيين وبالثانية عدم اشتراطه، والأجنبية وولدها إذ المرضعة أخت لولدها رضاعًا/ سواء أرضعت ولدها أو لا، وبهذا لا يستغني الأولى عن الثانية هذا حاصل ما أفاد الشارح المحقق، ووقع في (البحر) في تقدير هذا المحل خلط فاجتنبه، (واللبن المخلوط بالطعام لا يحرم) سواء كان اللبن غالبا أو مغلوبا عند الإمام وقالا: إن كل غالبًا يحرم والخلاف مقيد بالذي لم تمسه النار فإذا طبخ فلا تحريم مطلقًا اتفاقًا، وبما إذا كان الطعام ثخينًا أما إذا كان رقيقًا يشوب اعتبرت الغلبة اتفاقًا، قيل: وبما إذا لم يكن اللبن متقاطرًا عند رفع اللقمة أما معه فيحرم اتفاقا والأصح عدم اعتبار التقاطر على قوله، قيد بالمخلوط لأنه لو جبنه تعلق به التحريم قاله الحدادي، والمذكور في (البدائع) أنه لا يتعلق به التحريم. (ويعتبر الغالب لو) كان مخلوطًا (بماء ودواء ولبن شاة) وكندا بكل مائع أو جامد لأمن المغلوب مستهلك، ألا ترى أنه لو حلف لا يشرب لبنك لم يحنث بشرب الماء الذي فيه أجزاء اللبن وفسر الغلبة في أيمان (الثانية) من حيت الأجزاء، وينبغي أن يكون كل مائع كذلك وقال هنا: فسو محمد الغلبة في الدواء بأن يغيره يعني عن كونه لبنًا وقال الثاني: إن غير الطعام واللون، وإذا عرف هذا فما في (الغاية) لم يذكروا الحكم في المتساويين وينبغي أن لا تثبت الحومة احتياطي غفلة عن معنى الغلبة كما قال بعض المتأخرين، وذلك أنه منع التساوي لا يوجد شيء من ذلك فتثبت الحومة على كل حد ل. (و) كذا يعتبر لو كان مخلوطًا بلبن (امرأة أخرى) عندهما، وقال محمد وزفر: يتعلق التحريم بهما لأن الجنس لا يغلب الجنس فلا يصير مستهلكا به لاتحاد المقصد: ولهما أن الأقل تابع للأكثر في بناء الحكم عليه، وأصل المسألة فيما إذا حلف لا يشرب لبن هذه البقرة فخلط لبنها بلبن أخيرا فشربه ولبن الفقرة المخلوط عليها مغلوب عليه على هذا الخلاف، ولو كان غالبا حنث اتفاقا، قيل: الأصح قول محمد كذا في (شرح المجمع) وقال في (الغاية): إنه أظهر وأحوط ولو استويا تعلق

ولبن البكر والميتة محرم لا الاحتقان، ـــــــــــــــــــــــــــــ التحريم إجماعا كولبن البكري التي بلغت تسعة وما دونها لا يتعلق به تحريم قاله الحمادي، ولم أر له سلفا فيه إلا أنه في (شرح الرهبانية) للشيخ عبد البر قال: نصوا على أن اللبن لا يتصور إلا ممن يتصور له الولادة وعلى هذا يلزم في البكر أن تكون قريبة من البلوغ، حتى لو لم تبلغه لا يتعلق به التحريم ويحكم بأنه ليس لبنة، كما لو نزل للبكر ماء أصفر لا يثبت من إرضاعه تحريم انتهى. (و) لبن (الميتة محرم) أما البكر فلإطلاق النصوص ولأنه سبب النمو وعليه الأربعة إلا رواية عن الشافعي وأحمد وأما الميتة فلانا سبب للنمو لأنه لبن حقيقة فيتناوله إطلاق النصوص وهو ظاهر أيضا عند الإمام لأن التنجس بالموت لما حلته الحياة قبله وهو منتف في اللب، وهما وإن قالا بنجاسته بالمجاورة للوعاء النجس لكنه غير مانع من الحرمة كما لو حلب في إناء نجس وأرجو به الصبي، ثم فائدته بالنسبة إليهما فيما لو تزوجت هذه الصربية رجلا في الحال حل له دفن الميتة وأن ييممها لأنها محرمه أم زوجته وإلى غيرها حتى لا يجوز له الجمع بين الوضعية وبنت الميتة لأنهما أختان، (لا) يحرم (الاحتقان) بلا خلاف بين الأصحاب في رواية الأصول وبين الأئمة الأربعة، وعن محمد أنه يحرم وكذا الإفطار في الإحليل والأذن والجائزة والأمة، لأن المناط طريق الحرمة وليس ذلك في الواصل من السافل بل إلى المعدة وذلك من الأعلى فقط، والإقرار في الإحليل غاية ما يصل إلى المثانة فلا يتغذى به الصبي، وكذا في الأذن لضيق الثقب والطائفة، وفيه نظر لتصريحهم بالفطر بإقرار الدهن في الأذن فيصل إلى باطنه ولا يمنعه ضيقه، والأوجه كونه ليس مما يتغذى به والمفسد في الصوم لا يتوقف عليه كذا في (الفتح)، ثم الاحتقان مصدر احتقن الصبي باللبن. قال في (النهاية): والصواب حقن، يقال: حقن المريض داواه بالحقنة، واحتقن الصبي غير صحيح لعدم قدرته على ذلك في مدة واحتقن مبنيا للمفعول غيار جائز فتعيق حقن، ولكن ذكر في (تاج المصادر) الاحتقان حقنه كردن فجعله متعديًا فعلى هذا يجوز استعماله مبنيا للمفعول وهو الأكثر في استعمال الفقهاء انتهى. قال في (الفتح): يريد أن منع البناء للمفعول لعدم التعدد وإذ قد نص صاحب (تاج المصادر) على ما يفيد أنه متعد لم يكن بناؤه للمفعول خلطًا وهذا غلط لأن ما في (تاج المصادر) من التفسير يفيد تعدية الافتعال منه للمفعول الصريح كالصبي في عبارة صاحب (الهداية) حيث قال: إذا احتقن الصبي، بل إلى الحقنة وهي آية الاحتقان والكلام في بنائه للمفعول الذي هو الصبي ومعلوم أن كل قاصرة يجوز بناؤه

ولبن الرجل، والشاة ولو أرفعت ضرتها حرمتا ـــــــــــــــــــــــــــــ للمفعول بالنسبة إلى المجرور والظرف كجلس في الدار ومر زيد وليس يلزم/ من جواز البناء باعتبار الآلة والخوف جوازه بالنسبة إلى المفعول بل إذا كان متعديا إليه بنفسه انتهى، وأنت خبير بأن هذا إنما يتم أن لو كانت الرواية محقنة كل دن وكان هذا هو الواقع في نسخته، أما إذا كانت حقنة كر- ن كما مر أي: فعل الحقنة ففي كونه غلط نحو فتدعو. (و) لا يحرم أيضًا (لبن الرجل) لأنه ليس بلبن حقيقة لأنه إنما يتصور ممن يتصور منه الولادة. قال في (الفتح): ويلزم في هذا أنه لو نؤل البكر ولم تبلغ سن البلوغ لبن لا يتعلق به التحريم ويحكم بأنه ليس لبنك كما لو نؤل للبكر ماء أصفر لا يثبت به إرضاعه تحريم، ش الوجه الفرق بعدم التصور مطلقة فإذا تحقق لبنك ثبت الحرمة بخلاف الوجل لأن الحكم لازم دائما أنه ليس بلبن انتهى، وعلى ما قدمناه عن الحداثي لا يحتاج إلى هذا. تنبيه: سكت كثير عن حكم إرضاع الخنثى المشكل قال الحمادي: إن قال النساء: إنه لا يكون على غرابته إلا للمرأة تعلق به التحريم لا إن لم يقلن ذلك وظاهر إن ظهر أنه امرأة تعلق به أو رجل لا، (و) لا يحرم أيضا لبن (الشاة) لأنه لا جزئيه بين الآدمي والبهائم والحرمة باعتبارها وحكي أن الإمام البخاري صاحب (الصحيح) دخل بخاري وجعل يفتي في زمن تلميذ محمد بن الحسن أبي حمص الكبير فقال له؟ لا تفعل فأبى إلا أن أفتى بثبوت الحرمة بين صبيين ارتضوا شاة تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام: (كل صبيين ارتضعا على ثدي واحد حرم أحدهما على الآخر) فاجتمع علماؤها عليه فأخرجوه منها قال في (الفتح): والله أعلم أي: بصحة هذه الحكاية فإن من تدعو مواقع تواجده في (الصحيح) وحسن استنباطه الأحكام من الأحاديث جسم باستبعادها عنه، ولد الإمام أبو حمص في سنة خمسين ومائة العام الذي توفي فيه الإمام ومات في سنة سبع عشرة ومائتين، وصاحب (الصحيح) بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من أموال سنة أربع وتسعين ومائة وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين. (ولو أرضعت) الكبيرة ولو في عدتها عن ثلاث (ضرتها) الصغيرة يعني امرأة زوجها جمعه ضرات وسمع ضرائب وكانه جمع ضريبة ككريمة ولا يكاد يوجد له نظير كذا في (المصباح) حرمتا عليه، لأنه صار جامعًا بين الأم وابنتها رضاعة ولا فرق

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في ذلك بين أن تكون الكبيرة في نكاحه أو في عدته ولو عن ثلاث كما في (البدائع) معللاً بأن حرمة الجمع حال قيام العدة كالجمع في حال قيام النكاح قال في (البحر): وهذه الحومة لا تتوقف على الإرضاع منها بل المواد وصول لبنها حتى لو أجره رجل فيها حرمتا أيضا كما في (المحيط) انتهى. وقدم في تعريف الوضاع أنه حمل المصنف على الوصول فهل حمله هنا عليه أيضًا؟ ثم الكبيرة حرمتها مؤبدة وكذا الصغيرة إن كان دخل بالاسم أو كان البن منه فإن لم يكن جاز له أن يتزوج بها ثانية، وفيه إيماء إلى أنه متى لزم الجمع بين من لا يجوز جمعه حرمتا أيضا وإن لم توقعها الكبيرة بل كان الموضع أمها أو أختها أو بنتها نسبا أو رضاعة بخلاف ما لو أرضعتها عمة الكبيرة أو خالتها لجواز الجمع بين المرأة وبنت خالتها نسبة ورضاعة قيد بضرتها لأنها لو أرضعت ضرتيها الصغيرتين على التعاقب لم تحرم الثالثة إن لم يكن دخل بالكبيرة، ولو كن صغيرتين وأرضعت كل من الكبيرتين صغيرة حرمت عليه الأربع للجمع بين الأمين وبنتيهما ولو أرضعت إحدى الكبيرتين الصغيرتين ثم أرضعتهما الكبيرة الأخرى وذلك قبل الدخول بالكبيرتين، فالكبرى الأولى مع الصغرى الأولى باندا منه، والصغرى الثانية لم تبن بإرضاع الكبرى الأولى ش الكبرى الثانية إن ابتدأت بإرضاع الصغرى الثانية بانت منه أو بالصغرى الأولى فالصغرى الثانية امرأته ولو كانت أجنبية أرضعتهما معه أو على التعاقب حرمتا وكذلك لو كل ثلاثا وأرضعتهن معا أو واحدة ثم الثلاث حرمن وكذا لو أرضعتهن على التعاقب. قال في (البحر): ولا يشترط قيام نكاح الصغيرة وقت إرضاعهما بل وجوده فيما مضى كاف لما في (البدائع) لو تزوج صغيرة ثم طلقها بها كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوبة كانت له فتحرم بنكاح البنت انتهى، أقول: ليمر هذا مما الكلام فيه إذ الكلام في حرمتهما عليه للجمع والصغيرة لا تحرم هنا بل الكبيرة فقط، نعم إن كان قد دخل بالأم حرمتا عليه لا لأنه صار جامعة بل لأن الدخول بالأمهات يحرم البنات والعقد على البنات يحرم الأمهات، وقد وجد الرضاع الطارئ على النكاح كالسابق وعلى هذا تفوق ما فيها أيضا زوج ابنه الصغير كبيرة فبانت بالرب ة ثم تزوجت لم بكبير وأرضعت الصغير بلبنه حرمت لأنها صارت منكوبة ابنه رضاعة وفي (الثانية) لو زوج أم ولده بعبده الصغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها لأن العبد صار ابدأ للمولى فحرمت عليه لأنها كانت موبوءة أبيه وعلى المولى لابنها امرأة ابنه انتهى، ولم يعلل الحومة في الصغير بكونه صار ابناً

ولا مهر للكبيرة إن لم يطأها، وللصغيرة نصفه، ويرجع به محلى الكبيرة إن تعمدت الفساد وإلا لا ويثبت بما يثبت به المال. ـــــــــــــــــــــــــــــ لها لظهوره، (لا مهر للكبيرة إن لم يطأها) لأن الفرقة جاءت من قبلها فصار كردتها وتقبيلها ابق زوجها، حتى لو كانت نائمة أو مكررة أو مجنونة كان لها نصف المهر لعدم صحة إضافة الفرقة إليها حينئذ وخرج بقوله إن لم يطأها أما لو وطئها فإنها تستحق كل المهر لكن لا نفقة عدة لها لجنايتها، (وللصغيرة نصفهم لم يقل: إن لم يراها لأنه لا يتصور في المرضعة وإنما استحقته لوقوع الفرقة لا من جهتها، والإرضاع وإن كان فعلها لكن غير مؤثر في إسقاط حقها لعدم خطابها كما لو قتلت مورثها، واعترض بما لو لحق أبواها بدار الحرب مرتديا حتى بانت حيزا لا يجب لها شيء من المهر ولا فعل لها فضلا عن كونه وجد ولم يعتبر، وأجيب بأن الردة محظورة في حق الصغيرة أيضًا وإضافة الحرمة إلى ردتها التابعة لردة أبويها، والارتفاع لا حظر له تستحق الشطر فلا يسقط المهر. (ورجع) الزوج (به) أي: بنصف المهر ومحلى الكبيرة إن تعمدت الفساد) أي: قصدته بأن أرضعتها لا لرفع الجوع أو الهلاك عند خوفها عالمة بقيام النكاح وإن كان الإرضاع منها مفسد كذا في (الفتح) واشتراط استيقظ ليخرج المجنونة والنائمة كما في (الشرح) مما لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالقصيد، والقول قولها في ذلك مع يمينها لأنه لا يعرف إلا من جهتها وقيده في (المعراج) بما إذا لم يظهر معها تعمد الفساد يعني بأن تقوم قرينة على ذلك، والجهل في دار الاستلام وإيه لم يعتبر إلا أنه إنما اعتبر هنا لدفع قصد الفساد لا لدفع الحكم، فعدم الحكم لعدم العلة لا للجهل مع وجود العلة، وخص الضرة مع أن الأجنبية والأجنبي إذا أخذ كل ثديها وأدخله في فيه كذلك لأنه المتيسر عادة ولا سيما مع الحامض محليه (ويثبت) أي: الإرضاع (بما) أي: بالذي (يثبت به المال) وهو شهادة عدلين أو عدل وامرأتين لكن لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي لتضمنها إبطال حق العبد فلا يتعلق الحكم بها إلا بانضمام القضاء إليها كذا في " المحيط " والظاهر أن عدم توقفها على الدعوى لتضمنها حرمة الفرج التي هي حق الله تعالى. قال في (البزازية): وبثبوت حرمة المصاهرة وحرمة الوضاع لا يرتفع النكاح حتى لا تملك المرأة التزوج بزوج آخر إلا بعد المشاركة وأن تمضي عليها سنون انتهى، والحاصل أن المذهب عندنا كما قاله الشارح في (اللعان) أن النكاح لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد، حتى لو وطئها قبل التسويق لا يجب محليه الحد اشتبه البئر أو لم يشتبه نص عليه في (الأصل)، وفي الفاسد لابد من تفريق القاضي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أو المشاركة بالقول في المدخول بها، وفي غيرها يكتفى بالمفارقة بالأبدان كما مر ونقل ابن وأبان أنه لو شهد عندها عدوان على الرضاع بينهما وهو يجحد ثم ماتا أو غابا قبل الأداء عند القاضي لا يسعها المقاوم معه، كما لو شهدا بطلاقهما الثلاث وأفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد امرأة كان أن رجلا سواء كان ذلك قبل العقد أو بعده، وبه صرح في (الكافي) و (النهاية) تبعا لما في رواج (الخانية) إلا أنه ذكر في المحرمات منها أنه إن كان قبل النكاح وكان المخبر عدلا ثقة لا يجوز النكاح وإن بعده وهما كبيران فالأحوط أن يتنزه وبه جزم البرازي معللا بان الشك في الأول وقع في الجواز وفي الثاني في البطلان، والدفع أشمل من الرفع، واختلاف الجواب في البابين لاختلاف الروايتين ففي " المحيط " أشهدت واحدة به قبل العقد قيل يعتبر في رواية ولا يعتبر في أخرى انتهى، ومقتضاه أنه بعد العقد لا يعتبر بالاتفاق لكن نقل الشارح عن (المغني)، وكراهة (الهداية) أن خبر الواحد مقبول في الرضاع الطارئ بان كان تحته صغيرة فشهدت واحدة بأنها أرضعت أمه أو نحوه ووجه بأن إقدامهما على النكاح دليل صحته فمن شهد بالرضاع المتقدم على العقد صار منازعة لهما لأنه يدعي العقد ابتداء وأما من شهد بالمتاجر فإنما يدعي حدوث المفسد بعد إقدامهما عليه الدال على الصحة لا يدل على انتفاء ما يطرأ عليه، ألا ترى أن من أخبر بارتداد مقارن من أحدهما لا يقبل قوله ولو بطارئ قبل، وعلى هذا فينبغي أن يقبل قول الواحد قبل العقد لانتفاء ما يدل/ على الصحة وإزالة الملك، وفي (الخزانة) أخبرت الزوج والزوجة بأنهما أرضعتهما إن صدقاها ارتفع النكاح ولا مهر لها إن كان قبل الدخول وكذا إن صدقها وحده إلا أنه يلزمه نصف المهر إن لم يكن دخل بها لا إن كذباها، غير أنه إن كان أكبر رأيه أنها صادقة فارقها احتياطي أو صدقتها هي فقط، ولها استخلافه بالله ما يعلم أنها أخته رضاعة. تتمة: قال لزوجته: هي أمي أو أختي أو بنتي من الرضاع وأصر على ذلك بأن قال بعده وهو حق أو كما قلت فرق بينهما كان لم يصر بان أخطاء أو نسيت لم يفرق ولو أقرت المرأة بذلك قبل النكاح وأصرت عليه جاز أن يتزوجها، لأن الحرمة ليست لها قالوا: وبه يفتى في جميع الوجوه كذا في (البرازية). قال في (الصغرى): هذا دليل على أنها لو أقرت بالثلاث من رجل حل لها أن تزوج نفسها منه انتهى لأن الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل فصح رجوعها، ومثل هذا في الإقرار بالنسب فيمن نسبه معروف والله الموفق بمنه وكرمه لإكماله وإتمامه والله أعلم بالصواب.

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق وهو رفع القيد الثابت شرعًا بالنكاح ـــــــــــــــــــــــــــــ [36] كتاب الطلاق لما كان متأخرًا عن النكاح طبعا أخره وضعت ومناسبته للرضاع من حيث أن كلأ منهما يوجب حومة لكنه فدم الرضاع لأن حرمته مؤبدة والطلاق. بغاية، وتقدم الأرشد أشد، وهو لغة اسم مصدر بمعنى التطليق كالسلام أو مصدر طلقت بضم اللام أو فتحها طلاقا كالفاسد، وأنكر الأخفش الضم وعلى كل تقدير فلفظه يدل على الحل والانحلال ومن ثم قال الشارح وغيره: إنه لغة عبارة عن حل القيد ورفعه غير أنه استعمل في النكاح بالتفعيل يقال: طلق تطليقة فهو مطلق فإن كثر منه قيل تطليق وإطلاق وفي غيره بالانفعال تقول أطلقت أسيوط وبعيري إن حللت إساره قال الأزهري: وكلهم يقول: طالق بغير هاء لاختصاص الأنثى به، ولذا لم تدخل في طامي وحائض والمذكور في (الصحاح) أنه يقول: طالبة (و) كانه لغة ضعيفة، وهو رفع القيد الثابت (شرعًا) خرج به عن الثابت حسب، (بالنكاح) خرج به العتق ولو قال كغيره: هو رفع قيد النكاح لكان أخصب والمراد به حكمه. قال في (البدائع): وأما ما يرفع حكم النكاح فالطلاق وقال قبله: للنكاح الصحيح أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع فالأول حل الوطء إلا لعارض والثاني حل النظر وملك المتعة وملك الحبس والقيد وغير ذلك انتهى، وبه عرف أن ما في (البحر) من أن القيد هو صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز كما صرح في (البدائع) في أحكام النكاح ورفعه يحصل بالإذن لها في الخروج والبروز فكان التفريق مناسبا للمعنى اللغوي ليس بصحيح، لما علمت من أن القيد ليس مقصورًا على ما ذكره وليس في كلام (البدائع) ما يوهم هذا، ولم يقل: رفع عقد النكاح لأن الوضع إنما يرد على الموجود وهو الحكم وأما العقد فعرض انقضى ولم يقل من الأهل في المحل لأمن هذا شرط في وجودهـ لا في حقيقته قيل: التعريف غير مطرد لصدقه على الرسوخ كخيار العتق والبلوغ وارتداد أحدهما فكان عليه أن يقول: بلفظ مخصوص كما في "الفتح" لكن يرد عليه أنه مع هذا غير منعكس إذ الرجعي لا شك أنه طلاق ولا رفع فيه لما في المحيط) الطلاق الرجعي لا يزيل العقد والحل للحال بل في المآل متى انضم إليه اثنتان أو انقضاء العدة فكان عليه أن يقول: ولو ماش وركنه اللفظ المخصوص الخالي عن الاستثناء وهو ما اشتمل على مادة طلق ولو هجاء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بلا تركيب أو كنافي كمطلقة محققًا أو غيرها كقول القاضي- فرقت بينهما عند إنجاز الزوج عن الإسلام وسببه الحاجة إلى الخلوص عند عروض البغضاء الموجبة عدم إقامة الحدود أي: حقوق الزوجية وشرطه كون المطلق عاقلا ولو تقديرا كذا في "البدائع" ليدخل السكران كما سيأتي لا مجنونا ولا معتوها ولا مدهوشًا ولا مبرسمًا، بالغًا لا صبيًا مستيقظًا، لا مغمى عليه ولا نائمًا، وكون المرأة في النكاح أو عدته التي تصلح بها أهلا محلا للطلاق، وضبطها في (المحيط) فقال: المعتدة بعدة الطلاق يلحقها الطلاق، والمعتدة بعدة الوطء لا يلحقها الطلاق فلا تقع في عدة عن فصل كخيار العتق والبلوغ ونحو ذلك، وأورد عليه في (فتح القدير) المعتدة عن تفريق بإبائها أو ارتداد أحدث ما حيث يلحقها الطلاق مع أنها معتدة عن فسخ وسببه الحاجة إليه أي: سحبت شرعيته، وصفته أنه أبغض المباحات على ما رواه أبو داود وغيره / (أبغض المباحات عند الله الطلاق) وليس المراد بالمباح هنا ما استوى فعله وتركه بل ما ليس تركه بلازم الشامل للمباح والواجب والمندوب والمكروه قاله الشمني، وهو مبني على أنه محظور إلا لحاجة. قال في (الفتح): وهو الأصح ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات يعني أوقات تحقق الحاجة ككبر وريبة أو أن يلقي إليه عدم اشتهائها أو لا طول له، أو لم ترض بالإقامة بلا قسم لكن في (الغاية) تبعا (للدراية) ذهب بعض الناس إلى أن غير مباح إلا للضرورة لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله كل مذواق مطلاق) والعامة على إباحته بالنصوص المطلقة، وهذا خلاف ما يرجحه في (الفتح) وهو الحق إذ لا خلاف لأحد في عدم كراهة المسنون منه يعني المباح ولا ينافيه قولهم: الأصل فيه الحظر وإنما أبيح للحاجة لأن معناه أن الشارع ترك هذا الأصل فأباحه كقولهم: الأصل في النكاح الحظر والإباحة للحاجة، وبهذا التقويم عوف أن ما في (الفتح) من أن بين حكمهم بإباحته وتصريحهم بأنه محظور وإنما أبيح للحاجة ما ذكرنا في بيان سببه تدافعت ممنوع، بل الحاجة أعم من ذلك ومنها إرادته التخلص منها وهي بالواحدة تندفع، ويكون مستحبًا وهو ما إذا كانت مؤذية أو تاركة للصلاة لا تقيم حدود الله كما في "غاية البيان" وهذا يفيد أن معاشرة من لا تفعلي لا إثم فيها، وواجبا كما إذا فات الإمساك بالمعروف كامرأة العنين والمحبوب، وسيأتي أنه يكون حراما، وحكمه زوال الملك عن المحل موجبة لانقضاء العدة في الرجعي

تطليقها واحدة في طهر لا وطء فيه وتركها حتى تمضي عدتها أحسن وثلاثا في أطهار حسن وسني ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ وبدونه في البائن وزوال حل المناكفة في الثلاث وهذا معنى قوله في (الجوهرة): الطلاق عنده م لا يزيل الملك وإنما يحصل زوال الملك عقابه إذا كان طلاقا قبل الدخول أو بائنا وإن كان رجعيا وقف على انقضاء العدة وسياسي ألفاظه مبينة، وأما أقسامه فسني وبدعي وكل منهما من حيث العدد ومن حيث الوقت فالسني حسن وأحسن وقد مر أن المواد به المباح المستوجب للثواب لأن الطلاق ليس عبادة في نفسه ليثبت له ثواب، فمعنى المسنون منه ما ثبت على وجه لا يستوجب عتابي أفاعي المصنفة القسم الأصول من السنون بقوله: بتطليقها واحد يعني رجعية وفي طهرت هذا ما دق بأوله وآخره قيل. والثاني أولى احتراز من تطويل العدة محليها وقيل: الأول. قال في (الهداية): وهو الأظهر أي: من كلام محمد ألا وطء فيها جملة في محل جو صفة لطهر، ولم يقل: منه ليدخل في كلامه ما لو وطئت بشبهة فإن طلاقها والحالة هذه فيه لديهما نص عليه الاسبيجابي لكي يرد عليه الزنا فإن الطلاق في طهر وقع فيه سعي حتى لو قال لها: أنت طالق للسنة وهي طاهرة ولكن وطئها غيره فإن كان زنا وقع وإن بشبهة لا كذا في (المحيط)، وكان السوق أن وطء الزنا لم يترتب عليه أحكام النكاح فكان هدرا بخلاف الوطء بشبهة وبهذا عرف أن كلام المصنف أولى من قول غيره لم يجامعها فيه لكن لا بد من أن يقول: ولا في حيض قبله ولا طلاق فيهما، ولم يظهر حملها ولم تكن آيسة ولا صغيرة، كما في (البدائع) لأنه لو طلقها في طهو وطئها في حيض قبله كان بدعية، وكذا لو كان قد طلقها فيه وفي هذا الطهر لأن الجمع بين تطليقتين في طهر واحد مكروه عندنا ولو طلقها بعد ظهور حملها وكانت ممن لا تحيض في طهر وطئها فيه لا يكون بدعيا لعدم العلة أعني تطويل العدة عليها. (وتوكها) أي: من غير تطليق تحشى توفي عدتها أحسنت قال الشمري: أي: بالنسبة إلى البعض الآخر فلا ينافي كون الطلاق مبغضا لما أسند ابن أبي شيبة عن إبراهيم النوعي: (كان أصحابه عليه الصلاة والسلام يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة) وإن هذا أفضل عندهم من أن يطلق امرأته ثلاثا عند كل طهر واحدة وإنما كان هذا القسم أحسن مت الثاني لأنه لا خلاف لأحد في عدم الكراهة فيه كما هو بخلاف الثاني فإن مالكا يقول فيه بالكراهة. (و) تطليقها (ثلاثة فيه ثلاثة (أطهار حسن وسني)، تخصيص هذا باسم طلاق

وثلاثا في طهر، أو بكلمة بدعي، ـــــــــــــــــــــــــــــ السنة لا وجه له لما علمت من أن الأول أيضا كذلك فالمناسب تمييزهـ بالمفضول من طلاقي السنة كذا في (الفتح)، وعن هذا حذفه في (الوافي) واقتصر على الأحسن والحسن وأجاب في (البحر) بأنهم إنما خصوه اتباعا لما جاء في واقعة ابن عمر: (السنة أن يستقبل الطهر فتطلق لكل طهر تطليقة) انتهى. لكن لو قيل: إنه إنما خص الحسن بهذا ليعلم أنه في الأحسن سني بالأولى لكان في الجواب أولى، ولم يقل لا وطء فيه اكتفاء بالأول ولا بد أن يكون في حيف قبله ولا طلاق فيه أيضاً ولو كان غائبا وأنا أن يطلقها للسنة لم كتب إليها إذا جاءك كتابي هذا ثم حضت فطهرت فأنت طالق لجواز أن يكون قد امتد طهرها الذي جامعها فيه، ولو أراد أن يفعل ذلك ثلاثة كتب ثلاثا إذا حضت وطهرت فأنت طالق ثلاثا للسنة، وان كانت لا تحيض كتب ثم أهل الشهر فأنت طالق ثلاثا للسنة، وهذه الكتابة على هذا الوجه واجبة كما في (الفتح) ثم التعليل بجواز امتداد طهرها يفيد أنه لو لمسافر وهي حائض لم يجامعها فيه كتب إليها إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق إلا أن يقال: جاز أن تكون في غيبته وطئت بشبهة. (و) تطليقها (ثلاثًا) متفرقة (في طهر، أو بكلمة) واحد ة (بدعي) منسوب إلى البدعة وهي اسم من الابتداع غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة، ثم هي محرمة وغير محرمة والمراد هنا الأول ولو قال: والبدعي ما خالفها لكان أوجز وأفاد إن تطليقها اثنتين في طهر أو بكلمة واحدة كذلك ويستغني عق قوله بعد وطلاق الموبوءة حامضا بدعي واختلفت الرواية في البائن وظاهر الرواية أنه كذلك لابنه لا حاجة في الخلاص إلى إثبات البينونة وهذا يقتضي عدم كراهة الخلع، وبه صرح غير واحد بل حكى الإسبيجابي الإجماع على عدم كراهته ولو في حالة الحيض لكن ذكر الحدادي هذا رواية (المنتقى) وفي رواية (الزيادات) يكره إيقاعه حالة الحيض والكلام في الخلع على مال فقد علل في (المحيط) عدم الكراهة بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به، واستدل في (المعراج) بإطلاق قوله تعالى: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229] قال؟ وكذا الطلاق على مال انتهى، وهذا بإطلاقه يعم ما لو طلبت منه أن يطلقها ثلاثا بألف فإن له أن يوقع الثلاث لتحصيل الألف. وقوله في (البحر): لم أرى المسألة ولكن لا ضرورة إلى الثلاث لأن بعض العوض

وغير الموطوءة تطلق للسنة، وهو حائضًا، وفرق محلى الأشهر فيمن لا تحيض ـــــــــــــــــــــــــــــ حاصل بالواحدة وللغائب كمال الألف بخلاف الخلع مدفوع بما علمت على أن استحقاق ثلث الألف ليس متفقًا عليه فجائز أن يرفع إلى من يرى عدم استحقاقه شيئا لو فعل فكان مضطرة إلى الكل فتدبره، ثم كون الثلاث في طهر بدعي مقيد بما إذا لم يراجعها بغير الجماع فإن راجعها كان له أن يطلقها فيه آخرين عند الإمام وزفر لأن الرجعة فاصلة وقالا: غير فاصلة فلا يطلقها وتفوق على هذا الخلاف ما لو قال لها: أنت طالق ثلاثا للسنة وهو ممسك يدها بشهوة وقعت الثلاث عنده متعاقبة لما أنه صار مراجعا بالمس عن شهوة والرجعة فاصلة، وعندهما تقع واحدة للحال واثنتان في طهيرين آخرين أنها غير فاصلة! وأجمعوا أن النكاح يعتبر فاصلا حتى لو كان الأول بائنا لا يكره الثاني، وأنه لو راجعها بالجماع ولم تحمل يكرهـ إيقاع الثاني، كذا في (المحيط) وتقدم أن ظاهر الرواية أن الرجعية لا تكون فاصلة انتهى، وعلى هذا يحمل قول من قال: إنه في تحلل الرجعة ليحر له أن يطلقها اتفاقا، وحينئذ فلا حاجة لقوله في " الفتح ": ولا وجه أنه على اختلاف الرواية عنه. (وغير الموطوءة) حقيقة (تطلق للسنة) يعني: تطليقة رجعية أو (تطلق للسنة) يعني: تطليقة رجعية (ولو) كانت (حائضًا) نبه بهما على أن السنة في الطلاق من حيت العدد لا فرق فيها بين المدخول بها وغيرها حتى لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت واحدة للحال ولو حائضا ولا تقع الثانية والثالثة إلا أن يتزوجها أما من حيث الوقت أعني الطهر الخالي عق الجماع فهودي المدخول بها خاصة، والفرق أن الرغبة متوفرة فيها ما لم يذقها فطلاقها في الحيض يقوم دليلا على الحاجة بخلاف المدخول بها دل أي ذلك قوله في حديث ابق عمر (فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) وقوله فليراجعها والعدة والمراجعة فرع سبق ألد خول. (وفرق) أي: فرق الزوج الطلاق ومحلى الأشهر فيمن لا تحيض) بان بلغت بالحق ولم ترد ما لو كانت حاملا أو صغيرة لم تبلغ تسع سنين على المختار أوديسة بلغت خمسة وخمسين سنة على الراجح، أما معتدة الطهر فمن ذوات الفقراء ولا يطلقها للسنة إلا واحدة ما لم تدخل في حد الإياس إذ الحيض مرجو في حقها، صرح به غير واحد، والأصح الأشهر قائمة مقام الحيض قيل: ومقام الطهر أيضًا ولا ثمرة لهذا الخلاف، ثبت إن أوقعه في أو كل شهر أعني أول ليلة يرى فيها الهلال اعتبرت الأشهر- بالأهلة اتفاقا وإن في وسطه فبالا عام في التفريق اتفاقا فلا يوقع الثانية في اليوم الموفي

وحل طلاقهن بعد الوطء، وطلاق الموطوءة حائضًا بدعي، فيراجعها، ويطلقها في طهر ثان، ـــــــــــــــــــــــــــــ ثلاثين بل في الحادي والثلاثين وحصصا في العدة عند الإمام وعندهما/ يعتبر واحد بالأيام وشهران بالأدلة فيه: والفتوى على قولهما كذا في (الكافي). قال في (الفتح): (و) ليس بشيء أي: يحل طلاقهن) يعني من لا تحيف وبعد الوطء) من غير فصل، لأن الكرامة في ذوات الحيض باعتبار توه م الحمل وهو مفقود هنا فصارت كالحامل ومن ثم قال الحلواني: هذا في صغيرة لا يرجى حبلها أما من يرجى فالأفضل أن يفصل بين وطئها وطلاقها بشهر كما قال زفر، واعترضه في (الفتح) بأن قول زفر ليس هذا في أفضليته الفصل بل لزومه وأجاب في (البحر) بأن التشبيه في أصل الفصل لا في الأفضلية (وطلاق الموطوءة) حد ل كونها (حائضًا) أو نفساء (بدعي) لقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] أي: لإظهار عدتهن وقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر لما أن طلق زوجته وهي حائض: (ما هكذا أمرنا الله تعالى) ولا خلاف بين الفقهاء أنه بهذا الإيقاع عاص قيد بالطلاق لأن تفريق القاضي باختيار نفسها بالبلوغ والتخييل والاختيار فيه غجر مكروه وكذا الخلع والطلاق على مال كما مر. (فيراجعها) في الحيض خروجًا عن المعصية بقدر الإمكان لأن رفعه غجر ممكن فلم يبق إلا رفع أجره وهو العدة بالمراجعة، وهذا يؤذن بوجوبها وهو الأصح إذ الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام لعمر: (مر ابنك فليراجعها) تم حقيقة في الوجوب (ويطلقها في طهر تان) هذا ظاهر المذل، وهو المذكور في (الأصل) وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهو الذي يلي الحيضة قال الطوخي موفقا بين الروايتين: ما ذكره الطحاوي قول الإمام وما في "الأصل" قولهما لكن الظاهر أن ما في (الأصل) قول الإمام أيضا لأنه إنما يحكى أو، فإن كان ثمة خلاف ذكره وعن هذا والله أمحلت. قال في (الكافي): إنه ظاهر الرواية ومنشأ الخلاف اختلاف الرواية في حديث ابن عمر فجاء في رواية الجماعة إلا ابن ماجد: (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر وتحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله تعالى تطلق لها النساء) وفي (مسلم) وغيره: (ثم ليطلقها إذا طهرت أو وهي

ولو قال لموطوءته: أنت طالق ثلاثًا للسنة، وقع عند كل طهر طلقة، وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند كل شهر واحدة صحت، ـــــــــــــــــــــــــــــ حائل) قال البيهقي: وبهذا جاء أكثر الروايات ولو لم يراجعها حتى طهرت تقررت الحيضية كما هو المفهوم من كلام الأصحاب عند التأمل كذا في (الفتح). قال في (البحر): وهو ظاهر على رواية الطحاوي أما على ظاهر الرواية فينبغي أن لا يتقرر حتى يأتي أوان طلاوتها وهو الطهر الثاني، (ولو قال لموطوءته: أنت طالق ثلاثًا) أو اثنتين كما في (البدائع) (للسنة) أو فيها أو عليها أو معها أو طلاق عدلا أو طلاق العدل أو العدة أو عدة أو القوات أو الإسلام أو أحسن الطلاق أو أجمله أو طلاق الحق أو القرآن أو الكتاب. (وقع عند كل طهر طلقة) لأن هذه الألفاظ محمولة على أوقات السنة لأن ذلك لا يكون إلا في المأمور به، ولو قال: في كتاب الله أو بكتاب الله أو معه فإن نوى طلاق السنة وقع في أوقاتها وإلا فللحال ولو على كتاب الله أو به أو على قول القضاة أو الفقهاء وقع في القضاء للحال وإن نوى السنة دين، ولو عدلية أو سنية وقع عند الثاني للسنة ولو حسنة أو جميلة ففي الحال، وقال محمد في (الجامع الكبير): للحال في كليهما قيد بالموطوءة لابنه في غيرها تقع واحدة للحال يقع قبلها قبل التزوج شيء كذا في (الشرح) وغيره، فما في (الدراية) من وقوع الثلاث للحال سبق قلم وأشار بقوله طهر إلى أنها من ذوات الحيض فلو كانت من ذوات الأشهر أو حاملاً وقعته واحدة للحال، وبعدد شهر طلقة، وفي (المنتقى) أنت طالق للشهور يقع عند كل شهر طلقة ولو قال: للحيض فعند كل حيضة واحدة، وتكره الثانية في رواية ولا تكره في أخوي وقيده في (الدراية) بان ينوي الثلاث معللا بأنه أضاف الطلاق إلى ما له عدد وإلى أنها لو كانت وقت قوله في طهو لم يجامعها فيه واحدة للحال وإلا فلا بد أن تحيفتم تطهر. (ولو نوى) بقوله أنت طالق ثلاثا للسنة وأن تقع الثلاث الساعة أول نوى أن يقع (وعند) رأس (كل شهر طلقة صحت) نيته، نبه بهذا على أن وقوع الثلاث على الأطهار مقيد بما إذا نواه أو أطلق أما إذا نوى غيره فإنه يصح لأن اللفظ يحتمله، وهذا لأن اللام كما جاز أن تكون للوقت جاز أن تكون للتعليل أي: لأجل السنة التي أوجبت وقوع الثلاث وإذا صحت نيته للحال فأولى أن تصح عند رأس كل شهر لأنه إما أن يكون زمان حيضها أو طهرها فعلى الثاني هو السني وقوعه وإيقاعه وعلى الأول سني

ويقع طلاق كل زوج عاقل بالغ ـــــــــــــــــــــــــــــ وقوعًا فنيته الثلاث مع العلم بأن رأسه الشهر قد تكون حائضًا فيه نية الأعم من السني وقوعا وإيقاعه معًا أو أحدهما، قيد بذكر الثلاث لأنه لو لم يذكرها وقعت واحدة للحال إن كانت في طهر لم يجامعها فيه، وإلا فئتي تطهر لأن اللام فيه للاختصاص أي: الطلاق المختص بالسنة ولو نوى ثلاثا مفرقة على الأطهار صح لأن المعنى في أوقات طلاقي السنة، ولو نوى ثلاثا جملة ذهب صاحب (الهداية) تبعا لفخر الإسلام والصدر الشهيد إلى أنه لا يصح وذهب الدبوسي وشمس الأئمة وشيخ الإسلام إلى الصحة. قال في (الفتح): والأول أوجه لأنه مع نية الجملة لا تكون اللام للوقت مقيدة للعموم وما وقع الثلاث إلا عند ضرورة تعميمها بالوقوع لأن مجرد طالق لا يصح فيه نية الثلاث انتهى. ولو أراد بطالق واحدة وبقوله للسنة أخوي لم يقع غير واحدة، لأن لفظ السنة ليس من ألفاظ الطلاق وباللام لأنه لو صرح بلفظ الأوقات لم تصح نية الثلاث لعدم احتمال اللفظ، والنية إنما تعمل مع لفظ وهذا التعليل يفيد أنه لا فرق بين جمع الوقت وإفراده إذ هو مع الإفراد لا يحتمل غيره أيضا والله أعلم. (ويقع طلاق كل زوج) هذه الكلية منقوضة بزوج المباني إذ لا يقع طلاقه بائنة عليها في العدة وأجيب بأنه ليس بزوج من كل وجه أو أن امتناعه لعارض هو لزوم تحصيل الحاصل ثم كلامه شامل لما إذا وكل به وأجازه من الفضولي ولو زوجته بأن قال نعم ما صنعت أو أصبت لا على وجه الإنكار، وفي (القنية) في نعم ما صنعت قال أبو بكر لا يكون إجازة، ولو قال: بئس ما صنعت فهو إجازة، وعندي على عكسه وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهو الظاهر، وفي (الثانية) عن ابن الفضل التسوية بين نعم وبئس في أن كلأ منهما لا يكون إجازة وفي (البزازية) وتطليق الفضولي والإجازة قولا وفعلا كالنكاح انتهى. فلو حلف لا يطلق فطلق فضولي إن أجاز بالقول حنث وبالفعل لا أقول: ويمكن أن يكون كيفية الإجازة بالفعل أن يدفع إليها مؤخر صداقها بعدما طلقها الفضولي، (عاقل بالغ) لصدوره من أهله مضافة إلى محله، وخرج غيرهما على ما مر ويؤخذ من قوله بعد الإطلاق النائم اشتراط كونه مستيقظا وقد قدمناه، وبقي أنه لا بد أن يضاف إلى المحل وحده حتى لو جمع بين زوجته ورجل، فقال: إحداكما طالق لم يقع شيء عند الإمام، ولو كان المجموع بهيمة أو حجرا وقع عندهما خلافا لمحمد ولو كانت إحداهما ميتة أو أجنبية وقع، أما لو كانت إحداهما صحيحة النكاح والأخرى فاسدته لا تطلق صحيحة النكاح كذا في (الخانية)، وكان ينبغي أن يكون الرجل كالحجر والبهيمة كما قال أبو يوسف بجامع أن كلأ ليس بمحل للطلاق

ولو مكرهًا, ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن وجه في (المحيط) قول الإمام بأن إضافة الطلاق إلى الرجل وإن لم تصح إلا أن حكمه يثبت في حقه وهو الحرمة ولهذا لو أضاف الزوج الحرمة والبينونة إلى نفسه صح فصار كالأجنبية, وفيه لو قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق فالقول له أنه لم يرد امرأته مع يمينه لأنه صادق في هذا الإخبار في حق الأجنبية أعني كونها فارغة عن قيد النكاح, ولو قال: طلقت أحداكما وقع على امرأته لأنه إيقاع ظاهر مستعمل فيه عرفًا انتهى, وهذا يجري فيما لو جمع بينهما وبين رجل بالأولى. (ولو) كان الزوج (مكرهًا) على إنشاء لفظ الطلاق لكنه لا يصير فارًا فلا ترث منه كما في (القنية) وإنما وقع لما صححه الحاكم: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والعتاق واليمين) ولا خلاف أنه لو أكره على الإقرار به لا يقع كذا في غير كتاب, يعني قضاء وديانة بخلاف ما لو أقر به وادعى أنه كان هازلًا أو كاذبًا حيث يقع قضاء إلا إذا أشهد قبل ذلك لزوال التهمة به كما في (القنية) وقيد البزازي بالمظلوم والإقرار بالحرية كالطلاق ولو أكره على كتابته فكتب فلانة بنت فلان طالق لم يقع علله في (الخانية) بأن الكتابة أقيمت مقام العبارة باعتبار الحاجة ولا حاجة هنا. وفيها أكره على أن يوكل به فقال: أنت وكيل ثم قال لم أوكله بطلاقها لم يسمع منه لأنه أخرج الكلام جوابًا لكلام الآمر والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال وقد حصر غير واحد ما يصح مع الإكراه في مواضع عشرة وأوصلها في (الخزانة) إلى ثمانية عشر وهي: الطلاق والنكاح والرجعة والحلف بطلاق / أو عتاق والمظاهر والإيلاء والعتق وإيجاب الصدقة والعفو عن دم العمد وقبول قوله الطلاق على مال والإسلام وقبول الصلح عن دم العمد على مال والتدبير والاستيلاد والرضاع واليمين والنذر ولم يذكر الفيء مع أن من اقتصر على العشرة عده فهي تسعة عشر والعشرون الإكره على قبول الوديعة ففي (القنية) أكره على قبول الوديعة فتلتفت في يده فلمستحقها تضمين المودع إن كان بفتح الدال وهو الظاهر ولا يخفى أن الطلاق ولو على مال والعتق كذلك يشمل المعلق والمنجز وكذلك النذر ويشمل إيجاب الصدقة فهي ستة عشر كذا في (البحر) وقد نظمتها فقلت وبالله المستعان: طلاق وإيلاء ظهار ورجعة .... نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفئ ونذره .... قبول لإيداع كذا الصلح عن عمد طلاق على جعل يمين به أتت .... كذا العتق والإسلام تدبير للعبد

أو سكران, ـــــــــــــــــــــــــــــ وإيجاب إحسان وعتق فهذه .... تصح مع الإكراه عشرين في العد ثم ظهر لي بعد ذلك أن ما في (القنية) إنما هو بكسر الدال فليس من المواضع في شيء وذلك أنه في (البرازية) قال: أكره بالحبس على إيداع ماله عند هذا الرجل وأكره المودع أيضًا على قبوله فضاع لا ضمان على المكره والقابض لأنه ما قبضه لنفسه كما لو هبت الريح فألقته في حجره فأخذ ليرده فضاع في يده لا يضمن انتهى. وأطلق كثير صحة إسلام المكره. قال في (البحر): وقيده في سير (الخانية) بكونه حربيًا وإن كان ذميًا لا يكون مسلمًا انتهى. وأقول: وهذا التقييد لم يوجد في سير (الخانية) بل في (المبسوط) إنه مذهب الشافعي (أو) كان الزوج (سكران) خلافًا لما اختاره الطحاوي والكرخي أنه لا يقع, ولنا أن عقله زال بسبب هو معية فجعل باقيًا حكمًا زجرًا له حتى لو شرب فصدع رأسه وزال عقله لالصداع لم يقع كذا في (الهداية) وفي كون العقل به قد زال مسامحة لا تخفى بل هو مغلوب, وإلا لم يكن مخاطبًا لكن لما كان المغلوب كالمعدوم أطلق عليه اسم الزوال كذا في (العناية) , لكن قدمنا في الطهارة إنه سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض, وقالا: بل يغلب عليه فيهذي في كلامه وأنهم قد رجحوا قولهما في الطهارة والأيمان والحدود وما في (الفتح) من تفسيره هنا بمن لا يعرف الرجل من المرأة ولا السماء من الأرض إنما هو على قول الإمام ونقل عن (شرح بكر) أن السكر الذي تصح به التصرفات أن يصير بحال يستحسن ما يستقبحه الناس ويستقبح الناس ما يستحسنونه لكنه يعرف الرجل من المرأة انتهى. قال في (البحر): والمعتمد في المذهب هو الأول ثم الإطلاق يشمل من سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل كما هو قول محمد وهو المختار كما في (البرازية) وفي (الفتح) وبه يفتى لأن السكر من كل شراب حرام وعندهما لا يقع بناء على أنه حلال وصححه في (الخانية). قال في (الجوهرة): والخلاف مقيد بما إذا شربه للتداوي أما غذا كان للهو والطرب فيقع بالإجماع وكذا يقع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش, قال في (أشربة الجوهرة): أو البنج أو الأفيون لأن كل ذلك حرام لكن تحريمه دون تحريم الخمر انتهى, وهذا في الحشيش مسلم لاتفاق مشايخ المذهبين من الشافعية والحنفية على التحريم وذلك لما أنه فشي اكله في زمن المزني افتى بالتحريم وكان أو ظهور ذلك في عراق العرب والمزني ببغداد فبلغ ذلك أسد بن عمر صاحب الإمام وكان بعراق العجم فقال: إنه يباح ما لم يسكر فلما عمت بليته وشملت الأماكن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ فتنته اتفق أئمة ما وراء النهر على ما أفتى به المزني وأمروا بإحراقه مع حظر قيمته وتأديب بائعه والتشديد على آكله وإيقاع طلاقه زجرا. وأما البنج والأفيون فصرح في (البدائع) وغيرها بعدم وقوع الطلاق بأكله معللًا بأن زوال عقله لم يكن بسبب هو معصية وفي (شرح المنار) لابن الملك أن فخر الإسلام والمصنف وكثيرًا ذكروا البنج من أمثلة المباح مطلقًا وذكر قاضي خان في (شرح الجامع) عن الإمام أنه إن علم تأثيره في العقل فأكله فسكر يصح طلاقه وعتاقه وهذا يدل على أنه حرام انتهى, والحق التفصيل وهو أنه إن كان التداوي لم يقع لعدم المعصية وإن لم يكن بل للهو وإدخال الآفة قصدًا فينبغي أن لا يتردد في الوقوع وقد قيد ابن الملك في (شرح المنار) إباحة البنج والأفيون بما إذا كان للتداوي وفي (تصحيح القدوري) معزيًا إلى (الجوهرة) وفي هذا الزمان إذا سكر من البنج والأفيون يقع طلاقه زجرًا وعليه الفتوى وأما من سكر مكرهًا أو مضطرًا / فالأصح عدم وقوع طلاقه كما في (التحفة) و (شرح الجامع) و (الفتاوى) لقاضي خان في كتاب الطلاق وأعاده في الأشربة وقال: الصحيح أنه لا يقع وعن محمد أنه يقع والصحيح الأول, وجزم في (الخلاصة) بالوقوع معللًا بأن زوال عقله حصل بفعل هو محظور وإن كان مباحًا بعارض الإكراه ولكن السبب الداعي للحظر قائم فأثر في حق الطلاق. قال في (الفتح): والأول أحسن لأن موجب الوقوع عند زوال العقل ليس إلا السبب في زواله بمحظور وهو منتفٍ وفي (تصحيح القدوري) وهو التحقيق وإطلاق المصنف بناء على ما في (الخلاصة) وكان له العذر في اختياره ما في (المحيط) من أن القول بعدم الوقوع خلاف إجماع الصحابة فإن بعضهم قالوا: لا يقع معذورًا وغير معذور ومنهم من قال: يقع في الحالين فمن فرق بينهما كان قوله خلاف قول الصحابة فيكون باطلًا انتهى, وقد استثنى الأصوليون من تصرفات الإقرار بالحدود الخالصة والردة زاد في خلع (الخانية) الإشهاد على شهادة نفسه وفي السير منها هذا إذا كان لا يعرف الأرض من السماء فإن كان يعرف فكفره صحيح وزاد في (البزازية) رابعة وهي ما لو وكله بطلاقها على مال فطلقها في حال السكر فإنه لا يقع ولو كان التوكيل والإيقاع حال السكر وقع, ولو بلا مال وقع مطلقًا لأن الرأي لا بد منه لتقدير البدل, والخامسة الأب أو الجد إذا زوج الصغير والصغيرة بأكثر من مهر المثل

وأخرس بإشارته, حرًا أو عبدًا, ـــــــــــــــــــــــــــــ وبأقل وهو سكران لا ينفذ, السادسة الوكيل بالبيع لو سكر فباع لم ينفذ على موكله, السابعة لو غصب من صاح ورد عليه وهو سكران وهي في (العمادية). (و) لو كان الزوج (أخرس) وقع طلاقه ونفذت سائر تصرفاته (بإشارته) إذا كانت له إشارة معروفة استحسانًا للضرورة ولا يخفى ان المراد بها المقرونة بتصويت منه لأن العبارة منه ذلك فكان ذلك بيانًا لما أجمله كذا في 0الفتح). وهذا الإطلاق قيده الشارح عن (الينابيع) بما إذا ولد أخرس أو طرأ عليه ذلك ودام أما إذا لم يدم فإنه لا يقه وفي آخر (النهاية) عن التمرتاشي تقديره بسنة وعن الإمام أنه لا بد أن يدوم إلى الموت, قالوا: وعليه الفتوى انتهى, وعلى هذا فتصرفاته قبل ذلك موقوفة عن بعض الشافعية إن كان يحسن الكتابة لم يقع طلاقه بدونها. قال في (الفتح): وهو قول حسن فالخلاف إنما هو في قصر صحة تصرفاته على الكتابة وإلا فغيره يقع طلاقه بكتابته ويحتاج إلى النية حيث كان على وجه الرسم فما بالك به, حرًا أي: سواء كان الزوج (حرًا أو عبدًا) ولو مدبرًا أو مكاتبًا للعمومات ولما سيأتي ثم بين المحترزات, فقال: لا يقع طلاق الصبي ولو مراهقًا أو أجازه بعد البلوغ والمجنون لخبر (كل طلاق جائز غلا طلاق الصبي والمجنون) وأراد بالجواز النفاذ كذا في (الفتح) , ثم المراد بالمجنون من في عقله اختلال فيدخل المعتوه والمبرسم والمغمى عليه والمدهوش كذا في (البحر) , والتحقيق ما قدمناه من أن المغمى عليه كالنائم وفي 0الخانية) لو طلق المبرسم امرأته فلما صح قال قد طلقت امرأتي إن كان قال في حال البرسام لا يقع وإلا وقع, ولا يرد على المصنفين ما لو كانا مجنونين وأسلمت الزوجة وأبى أبواه الإسلام أو كان المجنون عنينًا وأجل بطلبها ففرق القاضي حيث يكون طلاقًا لمن تأمل. وقالوا: لو علق طلاقها أو قال لها: طلقي نفسك إن شئت ثم جن فوجد الشرط وطلقت نفسها حال جنونه وقع وقد قال الشيباني: كل شيء يملك الرجوع فيه يبطل بالجنون وإلا فلا, ولا النائم حتى لو طلقها وهو نائم ثم قال: أجزت ذلك الطلاق أي: أوقعت ما تلفظت به في النوم لم يقع, اما لو قال: أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقًا وقع لأنه ابتداء إيقاع ولا طلاق السيد على امرأة عبده لرواية ابن ماجة وغيره: (قال رجل: يا رسول الله إن سيدي زوجني أمته وزعم أن طلاقها بيده فقال عليه الصلاة والسلام: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) أما إذا قبل العبد النكاح على أن

باب الثلاث الصريح

واعتباره بالنساء وطلاق الحرة ثلاث, والأمة ثنتان. باب الطلاق الصريح هو كأنت طالق ومطلقة ـــــــــــــــــــــــــــــ أمرها بيده يطلقها كيف يشاء صح وكان الأمر في يده بخلاف ما لو قال له: زوجني أمتك على ان أمرها بيدك فزوجها منه حيث لا يكون في يده كما في (الخانية) وفيها لو قال العبد إذا تزوجتها فأمرها في يدك أبدًا كان الأمر في يده ولا يمكنه إخراجه أبدًا وسيأتي نظيره في المحلل (واعتباره) أي: اعتبار عدده له (بالنساء وطلاق الحرة ثلاثًا) حرًا كان زوجها أو عبدًا. (و) طلاق (الأمة انثتان) حرًا كان زوجها أيضًا أو عبدًا لما أخرجه الترمذي وغيره (طلاق الأمة اثنتان وعدتها حيضتان) ولا خلاف في كونه مفردًا مضافًا فيعم كل أمة من غير نظر إلى حرية الزوج أو رقبته / ولا خلاف في اعتبار العدة بحال النساء والله الموفق بمنه وكرمه وجوده وإحسانه لإتمامه. باب الطلاق الصريح لما فرغ من بيان أصل الطلاق ووصفه شرع في بيان تنويعه كذا في (العناية) يعني تنويع ما به الإيقاع غلى الصريح والكناية فبدأ أولًا ببيان الصريح ثم اعقبه بالكناية وفي 0الفتح) ما تقدم كان ذكر الطلاق نفسه وأقسامه الأولية السني والبدعي وإعطاء لبعض الأحكام تلك الكليات, وهذا الباب لبيان أحكام وجزئيات تلك الكليات فإن المورد فيه خصوص ألفاظ كانت طالق ومطلقة, وطلاق لإعطاء أحكامها هكذا أو مضافة غلى بعض المرأة وإعطاء أحكام الكلي وتصويره قبل الجزئي منزل منزلة تفصيل يعقب إجمالًا, (الصريح هو) لغة: إما من صرح خلص من تعلقات الغير وزنًا ومعنى فهو صريح وكل خالص صريح وهو الذي لا يفتقر إلى إضمار أو تأويل, أو من صرحه أظهره, وفقها: ما استعمل في الطلاق دون غيره وفي (التحرير) هو ما يثبت حكمه الشرعي بلا نية هو (كأنت طالق ومطلقة) بتشديد اللام ولو كان لها زوج طلقها قبل فقال: أردت ذلك الطلاق صدق ديانة باتفاق الروايات وقضاء في رواية ابي سليمان وهو حسن كذا في (الفتح) , وهو الصحيح كما في (الخانية) , ثم قال في (الفتح): وينبغي على قياس ما في العتق لو سماها طالقًا ثم

وطلقتك, ـــــــــــــــــــــــــــــ ناداها به لا تطلق أما بتحقيقها فيعطى حكم الكناية (وطلقتك) عدل عن قول القدوري فالصريح قوله أنت طالق إلخ لأن ظاهر الحمل يفيد أن لا صريح سوى ذلك وليس مرادًا, فمن أتى بالكاف المشعرة بعدم الحصر إيذانًا بأن منه غير هذه الألفاظ فيذكر منه مطلق التطليق بالمصدر, وعلى هذا فلا يصح ضبط الصريح بأنه ما اجتمع ف ط ل ق بصيغة التفعيل لا الأفعال إلا أن يقال: الوقوع بالمصدر لتأوله بطالق كذا في (الفتح). وأقول: عبارة القدروي فالصريح قوله أنت طالق غلى آخره وقوله أنت الطلاق إلى آخره وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكر, وقوله في (البحر): أن منه شئت ورضيت طلاقك ووهبته لك وكذا أودعتك ورهنتك وخذي طلاقك في الأصح ولا يفتقر إلى قولها أخذت كما في (البزازية) ظاهر في أنه فهم أن الصريح يكون بغير الثلاثة والمصدر وليس كذلك إذ الوقوع فيما ادعاه إنما هو بالمصدر على أنه في (تصحيح القدوري) نقل عن قاضي خان وهبتك طلاقك الصحيح فيه الوقوع انتهى, ففي أودعتك ووهبتك بالأولى, وسيأتي أن رهنتك كناية وفي (المحيط) لو قال: رهنتك طلاقك قالوا: لا يقع لأن الرهن لا يفيد زوال الملك وعلل في (الصيرفية) الوقوع بأن الرهن والإيداع لا يكونان إلا في الموجود, وفي أعرتك صار الأمر بيدها كقولي أنا طالق وكذا إذا بدل الطاء تاء والقاف عينًا أو غينًا أو كافًا أو لامًا ولم يصدق أنه لم يرد الطلاق إلا إذا أشهد على ذلك قبل التكلم سواء كان عالمًا أو جاهلًا وعليه الفتوى, وقوله أنت أطلق من فلانة كناية كما في (الولوالجية) فإن كان جوابًا لقولها إن فلانًا طلق امرأته وقع ولا يدين كما في (الخلاصة) لأن دلالة الحال قائمة مقام النية حتى لو لم تكن قائمة لم يقع غلا بالنية وأما طلقك الله ففي (النوازل) أنه يقع وبه جزم في (المحيط) معللًا بأنه لا يطلقها الله إلا وهي طالق وشرط النية في موضع آخر. قال في (الفتح): وهو الحق, وفيه لو قال: أطلقك لم يقع إلا إذا غلب استعماله في الحال وفي (الصيرفية) لو كان جوابًا لسؤالها الطلاق وقع عند مشايخ سمرقند كأنه لأن سؤالها إياه معينة للحال لكن ينبغي أن لا يختلف في عدم الوقوع فيما إذا قرنه بحرف التنفيس إلا إذا نواه فتكون السين لمجرد التأكيد نحو (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ([الضحى: 5] واختلف في قوله طلاقك على واجب أو لازم أو ثابت أو فرض فرجح بعضهم عدم الوقوع في الكل وفي (البزازية) هو المختار وفي (الواقعات) الأصح الوقوع وفي (فتاوى الخاصي) أنه المختار, قال في (الفتح): وقد تعورف في عرفنا الحلف بالطلاق يلزمني لا أفعل كذا يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع

وتقع واحدة رجعية, وإن نوى الأكثر أو الإبانة, ـــــــــــــــــــــــــــــ فيجب أن يجري عليهم لأنه صار بمنزلة قوله إن فعلت فأنت كذا, وكذا تعارف أهل الأرياف بقوله على الطلاق لا أفعل كذا انتهى, ويؤيده ما سيأتي في قوله كل حل على أنه حرام أو أنت علي حرام أو حلال الله علي حرام حيث قال المتأخرون: وقع بائن بلا نية لغلبة الاستعمال بالعرف, ولو قال: علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم وفي (الفتح) لو قال: طلاقك علي لا يقع وفي (تصريح القدوري) ومن الألفاظ المستعملة في مصرنا وريفنا الطلاق يلزمني والحرام يلزمني وعلي الطلاق وعلي الحرام. قال في (المختارات): وإن لم / يكن له امرأة يكون يمينًا فتجب الكفارة بالحنث وهكذا ذكر الشهيد في (واقعاته) وبه كان يفتي الإمام الأوزجندي وكان نجم الدين النسفي يقول: غن الكلام يبطل ولا يجعل هذا يمينًا انتهى. قيد بخطابها لما في أيمان (البزازية) قال لها: لا تخرجي من الدار غلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها ويحتمل الحلف بطلاق غيرها والقول له انتهى. ولو قال: فلانة طالق ولم ينسبها أو نسبها إلى ابنها أو أمها أو أختها أو ولدها وامرأته بذلك الاسم والنسب فقال: عنيت غيرها لم يصدق قضاء ولو سماها بغير اسمها لم تطلق إلا بالنية, وعلى هذا لو حلف لدائنه فقال: إن خرجت من البلد قبل أن أعطيك فامرأته فلانة كذا واسم امرأته فلانة غيرها لا تطلق إذا خرجت قبله ولم يقيد لام طالق بالكسر إيماء غلى أنه لو فتحها وقع أيضًا ولو كان تركيًا فقال: أردت به الطحال لأنه لغتي لم يصدق كما في (الخانية) وفيها لو حذف القاف فإن كسر اللام أو كان ذلك في مذاكرة الطلاق وقع بلا نية, وإلا توقف عليها ووجه الوقوع بأنه ترخيم قال في (الفتح): وهو غلط لأنه إنما يكون اختيارًا في هذا وفي غيره اضطرارًا في الشعر انتهى. وأقول: الترخيم لغة: يقال على مطلق الحذف كما نص عليه الجوهري وغيره وهو المراد هنا لو قال: يا طال بكسر اللام وقع بلا نية كذا في 0الخانية9 أيضًا أقول: وينبغي أن يكون الضم كذلك إذ هو لغة من ينتظر بخلاف (الفتح) فإنه يتوقف على النية وفي (البحر) لو حذف اللام أو الطاء معها لم يقع, (ويقع) بما ذكر من الألفاظ الثلاثة (واحدة رجعية وإن نوى الأكثر أو الإبانة) لا بالصريح مطلقًا لما سيأتي من أنه لو نوى بالمصدر منه الثلاثة صحت نيته, أما وقوع الواحدة ولو نوى الأكثر فهو ظاهر الرواية, وإليه رجع الإمام وكان الإمام يقول أولًا: بأنه يقع ما نوى وبه قالت الأئمة الثلاثة, لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ووجه المرجوع إليه أن هذا الخبر أعني: أنت

أو لم ينو شيئًا, ـــــــــــــــــــــــــــــ طالق نقله الشارع إلى إنشاء الواحدة لأنه لا يفهم منه لازمته أعني احتمال الصدق والكذب فجعله موقعًا به ما شاء استعماله في غير المنقول إليه, قيد بنيته لأنه لو قال: جعلتها بائنة أو ثلاثًا كانت كذلك عند الإمام, ومعنى جعل الواحدة ثلاثًا على قوله أنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثًا كذا في (البدائع) , ووافقه الثاني في البينونة دون الثلاث ونفاهما الثالث ولو راجعها ثم قال جعلتها بائنة لأنه لا يملك إبطال الرجعة وعلى هذا تفرع ما في (اليتيمة) لو طلقها واحدة ثم قال: جعلتها بائنة رأس الشهر إن لم يراجعها فهي بائنة لا إن راجعها بخلاف ما لو قال: جعلتها ثلاثًا رأس الشهر حيث يكون مطلقًا والفرق بين لمن تدبر, ولو علق طلاقها بدخول الدار ثم قال قبل الدخول: جعلتها بائنة ثلاثًا فهو لغو وأما وقوع الرجعي بها ولو نوى الإبانة بنيته إياها قصد بهذا اللفظ تنجيز ما علقه الشرع بانقضاء العدة فرد عليه قصده قيل: هذا مقيد لما إذا لم يعرض عارض كتسمية مال أو ذكر وصف على ما سيأتي. قال في (الفتح): وقد يقال: الصريح هو المقتصر عليه من ذلك فلا حاجة إلى القيد لكن جعل (البدائع) الصريح على قسمين: رجعي وبائن والثاني: ما كان بحروف الإبانة أو بحروف الطلاق قبل الدخول أو بعده مقرونًا بالثلاث نصًا أو إشارة أو موصوفًا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها, والرجعي: بخلافه وهو الظاهر, للقطع بأنه قبل الدخول أو على مال أو نحو ذلك ليس كناية وإلا لاحتاج إلى النية أو دلالة الحال, فتعين أن لا يكون صريحًا إذ لا واسطة بينهما وفي (القنية) لو قال: على أن لا رجعة لي عليك فبائنة ولو قال: ولا رجعة لي عليك فرجعية, فإن قلت: لو قال وإن نوى غيرها لكان موفيًا بالمراد مع أخصريته؟ قلت: لو قاله لاقتضى إطلاقه وقوع الواحدة الرجعية فيما إذا نوى الطلاق عن وثاق وكان مكرهًا لصدق الغيرية بذلك والحكم أنه لا يقع شيء ويقبل منه ذلك قضاء أيضًا كما في 0فتح القدير) وسياتي بقية تفاريعه, (أو لم ينو شيئًا) لأن المعنى لا يحتاج إلى النية يعني إذا لم ينو شيئًا اصلًا يقع ولم يقل أو لم ينوهما لئلا يرد عليه ما لو نوى غيرهما بأن نوى الطلاق عن وثاق فإنه يصدق ديانة أما عن العمل فلا إلا في رواية, ولو صرح بالمنوي ففي العمل لا يصدق قضاء وفي الوثاق بفتح الواو وكسرها بمعنى القيد يصدق لأنه يستعمل قليلًا وهذا الإطلاق قيده في (المحيط) بما إذا لم يقرنه / بالثلاث أما غذا قال أنت طالق من هذا القيد ثلاثًا لم يصدق في القضاء أنه لم ينو طلاقًا لأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات فانصرف إلى قيد النكاح كيلا يلغو انتهى, وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال: مرتين.

ولو قال: أنت الطلاق ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): وفي قولهم لو قرن بالعمل وقع قضاء دلالة على أنه لو قال: على الطلاق من دراعي كما يحلف به العوام أن يقع قضاء بالأولى ثم قال: والحاصل أن قولهم الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو في القضاء أما في الديانة فمحتاج إليها لكن وقوعه في القضاء بلا نية بشرط أن يقصدها بالخطاب بليل ما قالوه لو كرر مسائل الطلاق بحضرة زوجته ويقول: أنت طالق ولا ينوي لا تطلق, وفي متعلم يكتب ناقلًا من كتاب رجل قال: ثم يقف ويكتب امرأتي طالق وكلما كتب قرن الكتابة بالتلفظ يقصد الحكاية لا يقع عليه وفي (القنية) امرأة كتبت أنت طالق ثم قالت لزوجها: اقرأ علي هذا فقرأ لا تطلق, وما في (الفتح) ولا بد من القصد بالخطاب بلفظ الطلاق عالمًا بمعناه أو بالنسبة غلى الغائبة كما يفيده. فروع: وذكر ما ذكرناه فليس بصحيح نه صرح بالوقوع قضاء فيمن سبق لسانه وإن كان شرطًا للوقوع ديانة لا قضاء فكذلك لأنه يقتضي الوقوع قضاء فيما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها وفي المتعلم فالحق ما اقتصرنا عليه انتهى, وأقولل: هذا وهم بل هو صحيح وذلك أنه أراد أنه شرط للوقوع قضاء وديانة فخرج ما لا يقع به لا قضاء ولا ديانة كمن كرر مسائل الطلاق وما يقع فيه قضاء فقط كمن سبق لسانه, وبه عرف أنه لا يرد عليه من سبق لسانه لأنه لا يقع فيه ديانة كما أفصح عنه في (الفتح) في آخر كلامه حيث قال: وقد يشير إليه أي: إلى الوقوع قضاء فقط في (الخلاصة) بعد ذكر ما لو سبق لسانه ولو كان بالعتاق يدين انتهى, يعني ولا فرق بين الطلاق والعتاق وبهذا يبطل قوله في (البحر) أن الوقوع في القضاء بشرط أن يقصد خطابها لظهور أن من أراد أن يقول: اسقني فسبق لسانه بالطلاق ولم يقصد خطابها بع فعم الهازل يقع عليه قضاء وديانة لأنه مكابر فاستحق التغليظ. وفي (البزازية) لقنته الطلاق بالعربية وهو لا يعلم أو العتاق أو التدبير أو لقنها الزوج الإبراء عن المهر ونفقة العدة بالعربية وهي لا تعلم, قال الفقيه أبو الليث: لا يقع ديانة, وقال المشايخ أوزجند: لا يقع اصلًا صيانة لأملاك الناس عن الإبطال بالتلبيس وكما إذا باع أو اشترى بالعربية وهو لا يعلم, والبعض فرقوا بين البيع والشراء والطلاق والعتاق والخلع والهبة باعتبار أن للرضا أثر في وجود البيع لا الطلاق, والهبة تمامها بالقبض وهو لا يكون إلا بالتسليم وكذا لو لقنت الخلع وهي لا تعلم وقيل: يصح الخلع بقبولها والمختار ما ذكرنا وكذا لو لقن المديون الدائن الإبراء عن الدين بلسان لا يعرفه الدائن لا يبرأ فيما عليه الفتوى نص عليه في (هبة النوازل) انتهى, ولا خلاف أنه لو أراد شيئًا فجرى على لسانه النذر يلزمه أو الكفر لا يلزمه, (ولو قال: أنت الطلاق)

أو أنت طالق الطلاق, أو أنت طالق طلاقًا تقع واحدة رجعية بلا نية, أو نوى واحدة, أو ثنتين وإن نوى ثلاثًا فثلاث, ـــــــــــــــــــــــــــــ أو طلاق (أو) قال: (أنت طالق الطلاق, أو أنت طالق طلاقًا يقع عليه) بهذه الأفاظ (واحدة رجعية بلا نية, أو نوى واحدة, أو اثنتين) قيده في (النهاية) بما إذا لم ينوهما بالتوزيع أما إذا نواهما به بأن نوى بالمصدر واحدة أخرى وقعتا رجعيتين وهو يروى عن الثاني وبه قال أبو جعفر, ومقتضى الإطلاق عدم الصحة وبه قال قفخر الإسلام لأن طالقًا نعت وطلاقًا مصدر فلا يقع إلا واحدة وكذا في أنت طالق الطلاق. قال في (الفتح): ويؤيده أن طلاقًا نصب ولا يرفع بعد صلاحية اللفظ لتعذره وصحة الإرادة به ليست إلا بإهدار لزوم صحة الإعراب في الإيقاع من العالم والجاهل انتهى, وسيأتي أنه المرجح في المذهب (وإن نوى ثلاثًا فثلاث) أما بالأولى فلأن المصدر حيث استعمل في الطلاق كان الغالب إرادة الاسم به كرجل عدل ومن ثم كان صريحًا فيه ويحتمل أن يراد أنت ذات طلاق أو أنه جعلها عينه ادعاء مبالغة وبتقديرها تصح الثلاث ولما كان هذا من محتملات اللفظ توقف على النية, وبهذا اندفع ما أورد من أنه إذا أريد به الاسم يلزم أن لا تصح نية الثلاث والجواب بما أشرنا إليه أوجه مما قيل أنه وإن أريد به الاسم لم يخرج عن كونه مصدرًا لأن الإرادة باللفظ ليست إلا باعتبار معناه فإذا فرض أن معناه الذي أريد به ليس إلا ما يصلح إرادته معه فكيف يراد به ذلك الذي لا يصلح كذا في (الفتح) ملخصًا. واعلم أن نية الثلاث إنما صحت باعتبار أنها جنس / واحد بخلاف الاثنتين في الحرة فإنها عدد محض وألفاظ الوحدان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد وهو بالفردية الحقيقة والجنسية والمثنى بمعزل عنهما وأفاد في 0البحر) أنه لو كان طلقها واحدة فنوى الاثنتين لم يقع إلا واحدة كما في 0الخانية) لو طلق الحرة ةاحدة ثم قال: أنت بائن ناويًا الاثنتين لم يقع إلا واحدة وعلله في (البدائع) بأن الباقي ليس كل جنس طلاقها وما في (الجوهرة) أنه إذا تقدم على الحرة واحدة فإنه يقع اثنتان إذا نواهما يعني مع الأولى فسهو ظاهر انتهى. وأقول: فيه نظر لأنه إذا نوى الاثنتين مع الأولى فقد نوى الثلاث وإذا لم يبق في ملكه الاثنتان وقعتا وقصر الطحاوي نية الثلاث على المعرف أما المنكر فتقع به واحدة لا أصل له في الرواية المهورة بل لا فرق بينهما كما قال الخصاف, وأما الباقي فظاهر لأن ذكر النعت وحده يقع به مع المصدر المؤكد له أولى غير أن وقوع الثلاث بطالق طلاق إن لم يكن بالمصددر ويلغو طالق في حق الإيقاع كما إذا ذكر معه العدد وإن الواقع إنما هو بالعدد وإلا فمشكل فإنه حينئذ يقع به واحدة وإن نوى

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلاثة, ويجب أن يكون طالق الطلاق مثله وإن لم يذكر إلا في المنكر قيدنا نية الاثنتين بمجموعهما كذا في (الفتح). تتميم: في (مغنى الليث) كتب الرشيد إلى أبي يوسف ليسأله عن قول القائل: فإن ترفقني يا هند فالرفق أيمن .... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة .... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم ماذا يلزمه إذا رفع الثلاث أو نصبها؟ قال أبو يوسف: فقلت هذه مسألة نحوية فقهية ولا آمن الخطأ فيها إن قلت فيها برأيي فأتيت الكسائي وهو في فراشه فسألته فقال: إن رفع ثلاثًا وقعت واحدة لأنه قال أنت طالق ثم أخبر أن الطلاق التام ثلاث وإن نصبها طلقت ثلاثًا لأن معناه أنت طالق ثلاثًا وما بينهما جملة معترضة فكتبت بذلك غلى الرشيد فأرسل إلي جوائز فوجهتها إلى الكسائي, قال ابن هشام: والصواب أن كلًا من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث والواحدة أما الرفع: فلأن ال في الطلاق إما لمجاز الجنس كما تقول: زيد الرجل أي: هو الرجل المعتد به, وإما للعهد الذكري أي: وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث ولا تكون للجنس الحقيقي لئلا يلزم الإخبار عن العام بالخاص, كما يقال: الحيوان إنسان وذلك باطل إذ ليس كل حيوان إنسانًا ولا كل طلاق عزيمة وثلاث فعلى العهدية يقع الثلاث وعلى الجنسية يقع واحدة, وأما النصب: فلأنه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق فيقتضي وقوع الثلاث إذ المعنى فأنت طالق ثلاثًا ثم اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة ولأن يكون حالًا من الضمير المستتر في عزيمة فلا يلزم وقوعها لأن المعنى والطلاق عزيمة غذا كان ثلاثًا فإنما ما نواه كذا فيه تأمل هذا ما يقتضيه معنى هذا اللفظ وأما الذي أراده الشاعر فهو الثلاث لقوله بعد: فبيني بها إن كنت غير رفيقة .... وما لامرئ بعد الثلاث مقدم انتهى ملخصًا, وفيه أبحاث الأول: أن من شرط الاجتهاد معرفة العربية وأساليبها لأنه يقع في الأدلة السمعية واتصاف ابي يوسف به يبعد أن يحتاج مع إمامته وجلالته في مثل هذا التركيب غلى غيره والذي نقل أهل الدار خلاف هذا ففي (المبسوط) ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فرفعها إلي فإذا فيها ما مر وأنه أجاب بما سبق كذا في (الفتح) قلت: وهو المروي في (تاريخ الخطيب البغدادي)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كما ذكره الحافظ السيوطي في (حاشية المغني) , الثاني: نازعه ابن الصائغ في منع كونها للجنس الحقيقي وكان وجهه أنه لا يلزم ما ادعاه إذ المعنى كل طلاق يملكه عليها تام الثلاثة ثلاث, الثالث: أنه سوى بين احتمالي الرفع مع أن الظاهر كما قال البهاء السبكي في (شرح التلخيص) وقوع الثلاث لكون النكرة أعيدت معرفة فتكون هي الأولى كما قرره علماء البيان وعليه جرى في (فتح القدير) , ثم قال: فجواب محمد بناء على ما هو الظاهر كما يجب في مثله من حمل اللفظ على الظاهر وعدم الالتفات إلى الاحتمال, وأنت خبير بأن هذا إنما يتم لو كان جوابه مطابقًا لما ادعاه لكنه مخالف كما قد علمته إلا أن يكون قوله فجواب محمد حينئذ مقصور على النصب كما سيأتي, الرابع: أن يكون النصب على المفعولية المطلقة يقتضي وقوع الثلاث إنما يتم أن لو كانت اللام للعهد أما إذا كانت للجنس وثلاثًا مفعول مطلق للثاني فلا قاله الشمني, الخامس: أنه يجوز أن يكون/ النصب على التمييز من الأول كما قال القرافي في (قواعده). ثم قال: فإن قلت: يمكن أن يكون منصوبًا على الحال من الثاني أيضًا أي: الطلاق معزوم عليه في حال كونه ثلاثًا أو تمييزًا له فلم خصيتموه بالأول؟ قلت: لأنه منكر يحتمل بسبب تنكيره جميع مراتب الجنس وأعداده وأنواعه من غير تنصيص على شيء من ذلك لأجل التنكير فاحتاج للتمييز ليحصل المراد من ذلك المنكر المجهول, وأما الثاني فمعرفة استغنى بتعريفه واستغراقه الناشئ عن اللام التفريق عن البيان فهذا هو المرجح انتهى. السادس: أن عدم وقوعها بتقدير أن يكون حالًا من المستتر في عزيمة ممنوع بل يحتمل وقوع الثلاث أيضًا بجعل ال فيه للعهد الذكري كأنه قال: والطلاق الذي ذكرت ليس بلغو ولا لعب بل معزوم عليه حال كونه ثلاثًا ولا يقدر حينئذ إذا كان بل إذا كان قاله الدماميني وأجاب الشمني بأنه إنما نفى لزوم الثلاث وهو صادق, السابع: أنه سوى بين الاحتمالين مع أن الظاهر هو الأول ولقلة الفائدة في إرادة أن الطلاق عزيمة إن كان ثلاثًا كذا في (فتح القدير) وقول الشارح في وجه الرفع الطلاق مبتدأ وثلاث خبره وعزيمة إن رفعها خبر وإن نصبها حال معناه

وإن أضاف الطلاق إلى جملتها, أو إلى ما يعبر به عنها كالرقبة, والعنق, والروح, ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الثلاث خبر ثان كما قال الزجاج وابن يعيش وجواز أن يكون بدلًا وأن يكون نصب عزيمة مع رفع الثلاث على احتمال فعل كأنه قال: والطلاق ثلاث أعزم عليه عزيمة ويجوز أن يكون التقدير والطلاق غذا كان عزيمة ثلاث كذا في (حاشية المغني) للسيوطي ولم يذكر كثير نصبها وعليه فالخبر محذوف أي: واقع. واعلم أن هذه التكلفات إنما يحتاج إليها بناء على ما قدمناه من أن طلاقًا من الصريح أما على أنه كناية كما قال الشافعية فالعبرة بما نواه سواء رفع أو نصب ثم في (شرح الشواهد) للجلال الجليل أيضًا الرفق ضد العنف يقال: رفق بفتح الفاء يرفق بضمها والخرق بالضم وسكون الراء الإثم من خرق بالكسر يخرق به (الفتح) خرقًا بفتح الخاء والراء وهو ضد الرفق وفي (القاموس) إن ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم وأيمن من اليمن وهو البركة وأشأم من الشؤم وهو ضد اليمن وذكر ابن يعيش أن في البيت الثاني حذف الفاء والمبتدأ أي: فهو أعق وإن تعليله واللام مقدرة أي: لأجل كونك غير رفيقة والمقدم مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدم أي: ليس لأحد تقدم غلى العشرة والأفة بعد تمام الثلاث إذ بها تمام الفرقة, وهذا الجمع المحرر من خواص هذا الكتاب فنرجو أن يكون مقبولًا عند العزيز الوهاب, (وإن أضاف) أي: نسب (الطلاق إلى جملتها) كأنت طالق. قال في (العناية): هذا وإن عرف مما مر إلا أنه ذكره تمهيدًا لقوله (أو إلى ما يعبر به عن الجملة) يعني إلى الجزء الذي يعبر به عن الإنسان من حيث هو إنسان كذا في 0الحواشي السعدية) وبه بندفع ما في (الفتح) من أن الإضافة في أنت طالق ورقبتك طالق إلى ما يعبر به عن الجملة وأن التحقيق أن ما يعبر به عن الجملة إما بالوضع أو التجوز لأنه بتسليمه يلزم عليه استعمال اللفظ أعني ما يعبر به عن الجملة في حقيقته وهو أنت طالق ومجازه وهو رقبتك طالق وأن الجملة الأولى حشو محض فتدبره, وبهذا التقرير علمت أن الإضافة إلى الجملة مقصورة على أنت طالق وأن ما عداه من أمثلة ما يعبر به عن الجملة فقول الشارح من الإضافة إلى الجملة أيضًا الروح والجسد والبدن ممنوع, أما الروح فلأنها جزء من الإنسان وكذا الجسد أيضًا باعتبار الروح وأما البدن فلأن الرأس والأطراف غير داخلين فيه بخلاف الجسد كذا فرق بينهما في (إيضاح الإصلاح) (كالرقبة والعنق) قال تعالى: (فتحرير رقبة ([النساء: 92] أي: ذات وقال: (فظلت أعناقهم ([الشعراء: 4] أي: ذواتهم (والروح)

والبدن, والجسد, والفرج, والوجه, ـــــــــــــــــــــــــــــ والنفس يقال: هلكت روحه وقال تعالى: (النفس بالنفس ([المائدة: 45] (والبدن والجسد والفرج) ومنه ما روي: (لعن الله الفروج على السروج) لكنه غريب جدًا وفي بضعك ما يقع وما في بعض النسخ من أنه يقع قال شمس الأئمة: تصحيف, وإنما هو بعضك وفي (الخلاصة) استك كفرجك بخلاف الدبر قال الإتقاني: وعندي فيه نظر لأن الاست بمعنى الدبر ورده في (فتح القدير) بأن البضع أيضًا بمعنى الفرج ويقع في الفرج دونه لجواز تعارف أحدهما في الكل دون الآخر (والوجه) والرأس قال تعالى: (ويبقى وجه ربك ([الرحمن: 27] أي: ذاته ويقال: أمري حسن ما دام رأسك سالمًا كذا في (الشرح) وعدل عن استدلال كثير بقوله يا وجه العرب ويا رأس القوم لأنه فاسد إذ معنى الأول أنك في العرب بمنزلة الوجه والثاني أن القوم كالجسد وفلان الرأس منه لا أنه عبر عن جملة العرب بالوجه وناداهم به وبفلان عن القوم كلهم قال في (الفتح): وهو مبني / على أن الاستعارة مكنية لكن يجوز أن تكون حقيقية بأن يكون شبه الرجل بالرأس لشرفه على سائر الأعضاء لكونه مجمع الحواس وبالوجه لظهوره وشهرته فأطلق عليه رأس القوم ووجه العرب أي: اشرفهم انتهى, وسكت عن الدم مع أنهم صححوا الكفالة به لما في (الخلاصة) الأصح أنه لا يقع به والعتق كالطلاق فكأنه تعورف إطلاقه على الكل في الكفالة كما يقال: دمه هدر دون غيره لكن صحح في 0الجوهرة) الوقوع, والقلب والعين. وقد قال في (الظهيرية): لو أضاف إلى قلبها لا رواية لهذا في (الكتاب) وجزم الشارح بأنه لا يقع به إلا أن يتعارف إطلاقه في الكل وفي كفالة (فتح القدير) لم يذكر محمد ما إذا كفل بعينه قال البلخي: لا تصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن, والذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما يعبر بها عن الكل يقال: عين القوم وهو عين في الناس ولعله لم يكن معروفًا في زمانهم, أما في زماننا فلا شك في ذلك, قيد بالإضافة إلى ما يعبر به عن الجملة لأنه لو قال: الرأس أو الوجه منط طالق أو وضع يده على أحدهما أو قال: هذا العضو طالق لم يقع في الأصح كذا في 0الشرح) وفي 0الخانية) لو قال: هذا الرأس طالق وأشار إلى رأس امرأته فالصحيح أنه يقع كما لو قال: رأسك هذا طالق ولهذا لو قال لغيره: بعت منك هذا الرأس بألف درهم وأشار غلى رأس عبده فقال المشتري: قبلت جاز البيع, وعليه فالإضافة إلى ما يعبر به عن الكل ليست مقصورة على الإتيان بضمير المخاطبة بل قد يكون بالإشارة إليه أيضًا وكأن هذا هو السر في عدم إتيان المصنف بضمير المخاطبة, ولو نوى اقتصار الطلاق على ذلك العضو قال الحلواني: لم يبعد أن يصدق, قال في (الفتح):

أو إلى جزء شائع منها كنصفها، أو ثلثها تطلق، وإلى اليد والرجل والدبر لا، ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ وينبغي أن يكون ذلك فيما بينه وبين الله تعالى، أما في القضاء إذا كان التعبير به عرفا مشهورا لا يصدق وسيأتي ما يؤيده، (أو) أضافه (إلى جزء شائع منها كنصفها وثلثها) لأنه محل لسائر التصرفات فيكون محلا للطلاق إلا أنه لا يتجزأ فيثبت في الكل. قال في (البحر): والتقييد بالشائع ليس بالاحتراز عن المعين لما في (الخلاصة) لو قال: نصفك الأعلى طالق واحدة ونصفك الأسفل اثنتين وقعت المسألة ببخارى فأفتى بعضهم بوقوع الواحدة لأن الرأس في النصف الأعلى وبعضهم اعتبر الإضافتين لأن الفرج في الأسفل، وبه علم أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاق وأقول: بل هو احتراز عن المعين الذي لا يعبر به عن الكل كما سيأتي والوقوع بالنصف الأعلى أو بهما ليس إلا باعتبار أن في كل منهما ما يعبر به عن الكل كما أفصح عنه التعليل، ثم ظاهر قوله وبعضهم اعتبر الإضافتين يعني فأوقع الثلاث واحدة بالأول واثنتين بالثاني وبه عرف أن قوله: لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا ممنوع في الثاني كما هو الظاهر، (تطلق) ظاهر الكلام أن المضاف إلى الجزء المعبر به عن الكل. (وإلى) الجزء الشائع صريح إذا لم يشرط في الوقوع به النية وهذا يؤيد ما مر من أنه لا يصدق قضاء لو نوى غيره إذا كان التعبير به عرفا مشتهرا وأن إضافة (اليد والرجل والدبر) مما لا يعبر به عن الجملة، كالشعر والأنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان والأذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والحمل والقلب، (لا) أي: لا تطلق لأن هذه أتباع وذكر التبع لا يكون ذكرا للأصل بخلاف ما مر وأورد أنه جاء إطلاق اليد على الكل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (على اليد ما أخذت حتى ترد) وأجيب بأن المراد صاحبها، وعندنا أنه إذا قال عنيت بها صاحبتها فهو على ما قال بخلاف السن ونحوه كذا قالوا. وفيه بحث من جهتين الأول: أن هذا التقرير ممكن في قوله تعالى: {فتحرير رقبة} [النساء: 92] ونحوه أي: فتحرير صاحب رقبة، الثاني أن تأنيث الفعل في الحديث يأباه ويمكن أن يجاب عن الأول بأنه لا محوج إليه والشرط موجود لأن الأخذ ينسب إلى اليد أيضا ولا كلام أنه في الآية لشيوع إطلاق الرقبة على الذات بخلافه في الحديث، وعن الثاني أجاب في (الحواشي السعدية) بأن التأنيث بناء على اكتسابه إياه من المضاف إليه والشرط موجود لأن الأخذ ينسب إلى اليد أيضا ولا كلام أنه إذا تعارف قوم التعبير بها عن الكل وقع بالإضافة إليها والعتاق

ونصف التطليقة، أو ثلثها طلقة، وثلاثة أنصاف تطليقتين ثلاث، ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ والظهار والإيلاء وكل سبب من أسباب الحرمة والعفو عن القصاص كالطلاق وما كان من أسباب الحل لا تصح إضافته إلى الجزء المعين الذي لا يعبر به عن الكل بلا خلاف ونصف الطلقة بالرفع على الابتداء وهو الظاهر لبعده عن التكلف البعيد والنصب على أنه صفة لمصدر محذوف يعني أنت طالق تطليقا نصف التطليقة/ هذا من حيث التركيب. (و) أما من حيث الإيقاع فهو أن يقول: أنت طالق (نصف التطليقة) وكذا قوله: (أو ثلثها) وعلى الثاني فقوله: (طلقة) خبر لمحذوف لأن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله صونا لكلام العاقل عن الإلغاء ولذا جعل الشارع العفو عن بعض القصاص عفوا عن كل وخصوا النصف الثاني بالتمثيل لزيادة الإيضاح وإلا فكل جزء شائع كذلك ولذا يتكرر عليه لو قال: نصف تطليقة وثمن تطليقة بخلاف ما إذا قال: وسدسها وثمنها حيث يقع واحدة فقط لأن النكرة إذا أعيدت كذلك كانت غيرا وإن أعيدت معرفة كانت عينا إلا إذا زادت الأجزاء فتقع أخرى وهكذا وهو المختار كما في (المحيط) وغيره وفي (المبسوط) الأصح في اتحاد المرجع وإن زادت الأجزاء واحدة أن تقع واحدة فقط وفي (الظهيرية) أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة قيل: على قول أبي يوسف يقع اثنتان لأنها لا تجزأ في الاستثناء أيضا وعلى قول محمد تقع الثلاث لأن النصف في الطلاق يتجزأ في الإيقاع لا في الاستثناء ولو قال: تطليقة إلا نصفها تقع واحدة وهذا إشارة إلى ما قال محمد انتهى، يعني أن وقوع الواحدة في الفرع الثاني اتفاق وهو شاهد لمحمد وقد يمنع بأن وقوع الواحدة على قول الثاني لا من حيث تجزؤ النصف بل لا يتجزأ أيضا لكنه استثناء الكل من الكل فلغا. (وثلاثة أنصاف) طلقتين ثلاث لأن نصف التطليقتين واحدة فثلاثة أنصاف (تطليقتين ثلاث) تطليقات ضرورة قيل: ينبغي أن يقع اثنتان لأن التطليقتين إذا نصفتا كانت أربعة أنصاف فثلاثة منها طلقة ونصف فتكمل تطليقتين وأجيب بأن هذا التوهم منشؤه اشتباه قلنا: نصفها طلقتين وكلا من طلقتين والثاني هو الموجب للأربعة أنصاف واللفظ وإن كان يحتمله ولذا لو نواه دين لكنه خلاف الظاهر، ولقائل أن يقول هذا الكلام إما أن يكون حقيقة فيما أراد أو مجازا لا سبيل إلى الأول لأن اللفظ لا يستعمل فيما وضع له ولا إلى الثاني لعدم تصور الحقيقة وعدم الاتصال والجواب أنه مجاز وتصور الحقيقة ليس بشرط عند أبي حنفية والاتصال موجود لأنه من باب ذكر الجزء وإرادة الكل كذا في (العناية) وفيه بحث لأن تصور الحقيقة إذا لم يكن شرطا عنده فينبغي أن تكون المسألة خلافية ولم ينقلوه، وأيضا كون العلاقة

ومن واحدة، أو ما بين واحدة إلى ثنتين واحدة، وإلى ثلاث ثنتان ـــــــــــــــــــــــــــــ هنا ما ذكر ممنوع إذ لا يعقل كون ثلاثة أنصاف جزء الشيء إلا أن يراد باعتبار المجموع وعرف من كلامه وقوع الثلاث فيما إذا زاد على ثلاثة أنصاف بالأولى، أما إذا قال: نصفي طلقتين فاثنتان كنصف ثلاث تطليقات كما في (الذخيرة) قيد بالتطليقتين لأنه لو أفرد وقعت طلقتان، وقيل: ثلاث والأول أصح كما في (العناية) وهو المنقول في (الجامع الصغير) والحاصل أن المضاف مع المضاف إليه إما أن يتحد إفرادا أو تثنية أو جمعا أو لا، فإن اتحد كنصف تطليقة واحدة ونصفي تطليقتين ثنتان وثلاث أنصاف أو أربعة أنصاف تطليقات ثلاث، وإن لم يتحد كنصف تطليقتين واحدة وتطليقات ثلاث وأربعة تطليقة واحدة وتطليقتين أو ثلاث اثنتان (و) في أنت طالق (من واحدة أو) قال (ما بين واحدة إلى اثنتين) تقع (واحدة و) قال: من واحدة (إلى ثلاث) يقع (اثنتان) وهو قول الإمام، وقالا: في الأول اثنتان وفي الثاني ثلاث ولم يوقع زفر بالأولى شيئا وأوقع بالثانية واحدة وهو القياس أي: قضية الأصل لا الأصولي. قال في (الهداية):لأن الغاية لا تدخل تحت المضروب له الغاية انتهى. وقد نص غير واحد على أن قولهما استحسان لكن قولهم في وجه قول الإمام أن مثل هذا الكلام متى ذكر في العرف يراد به الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر يعني إذا كان بينهما عدد يفيد أن قوله استحسان أيضا، ومن ثم قال في (الفتح): إن قول كل من الثلاث استحسان بالعرف إلا أنهما أطلقا فيه وأبو حنيفة يقول: إنما وقع كذلك فيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي أو بع من عبيدي ما بين مائة إلى ألف وكل من الحامض إلى الحلو أما ما أصله الحظر حتى ما يباح إلا لحاجة فلا والطلاق منه فكان قرينة على عدم إرادة الكل، قيل: إن الأصمعي حاج زفر عند باب الرشيد فقال له الأصمعي: ما تقول في رجل قيل له: كم سنك؟ فقال: من ستين إلى سبعين أيكون سنه تسع سنين؟ ونسب ذلك إلى الإمام غير أنه قال له: كم سنة فقال: ما بين ستين إلى سبعين فقال الإمام: سنك إذًا تسع سنين/. قال في (الفتح): وهذا يفيد أنه يجب أن يجيب فيما بين واحدة إلى ثلاث ونحوه بذلك ثم يقال كم سنك فيجيب بلفظ ما بين أن يقال: خمسة وستون ونحوه مع ظهوره ورود الإلزام حينئذ إلا وقد أعد جوابه فلم يكن حيث ينقطع، على أنه روي أنه قال عند إلزام الأصمعي: استحسن في مثل هذا يعني إرادة الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر، وقد جمعت مسائل الغاية في هذا المقام بلغنا الله منها المرام ففي أنت طالق إلى سنة وقع بعد السنة إلا أن ينوي الوقوع للحال، وأمرك بيدك إلى عشرة أيام

وواحدة في ثنتين، واحدة إن لم ينو، أو نوى الضرب، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الأمر بيدها من هذا الوقت إلى عشرة أيام بحفظ الساعات، ولو نوى إذا مضت عشرة أيام لا يصدق قضاء كذا في (الخلاصة). والعتق والكفالة إلى شهر كالطلاق وعن الثاني أنه كفيل في الحال والفتوى على أنه كفيل بعد شهر كذا في (البزازية) وفي (التتارخانية) وغيرها أنت علي كظهر أمي إلى شهر لا يكون مظاهرا قبل، وفي (جامع الفصولين) حلف ليقضين دينه إلى خمسة أيام لا يحنث ما لم تغرب الشمس من اليوم الخامس وكذا لا يكلمه إلى عشرة أيام دخل العاشر، وكذا إن تزوجت إلى عشر سنين دخلت العاشرة وفي (الخلاصة) من الأمر باليد البيع إلى شهر تأجيل للثمن إلى شهر والوكالة تقبل التأقيت حتى لو تصرف بعد مضي الوقت لا يصح، وفي (فتاوى) شمس الأئمة يصير وكيلا بعد الشهر، وفي رواية يصير وكيلا مطلقا، أجرتك إلى شهر تثبت الإجارة في الحال وتنتهي بمضي الشهر، والمزارعة كذلك والصلح إلى شهر لا يصح والقسمة والشركة كالإجارة والإبراء عن الدين إلى شهر كالطلاق إلا إذا قال: عنيت به التأخير فحينئذ يكون تأخيرا إلى شهر، والإقرار إلى شهر إن صدقه المقر له ثبت الأجل وإن كذبه فالقول قول ويجب حالا ويستحلف في الأجل، إذن العبد في التجارة لا يتوقف ويصير مأذونا مطلقا، والتحكيم والقضاء يقبلان التأقيت انتهي. وسيأتي أن العارية تتوقت وفي (الجوهرة) لو شرط الخيار في البيع إلى الليل أو إلى الغد أو إلى الظهر كان له الخيار وفي الغد كله والليل كله ووقت الظهر كله عند الإمام وقال: الخيار في الليل إلى غروب الشمس، وفي الظهر إلى الزوال وفي الغد إلى طلوع الفجر انتهى، قيد بقوله: إلى ثلاث لأنه لو قال: ما بين واحدة وثلاث وقعت واحدة عند الكل إلا أن يتعارف مع يقع في (الغاية) ولو قال: عشرة فاثنتان عنده وقيل تقع الثلاث بالإجماع. قال في (القنية): وهذا حسن من حيث المعنى، وفيها أنت طالق من ثلاث إلى واحدة يقع ثلاث قال بديع الدين: ينبغي أن يكون هذا بالاتفاق ثم ظهر أنه منصوص عليه في بعض الكتب وإن هذا قولهما وعندهما يقع اثنتان والله الموفق بمنه قال: أنت طالق (واحدة في اثنتين) يقع (واحدة) (وإن لم ينو) شيئا (أو نوى الضرب) أي: ضرب واحدة في اثنتين عالما يعرف الحساب، ولو قال: وإن نوى الضرب يعرف منه أن تقع الواحدة فيما إذا لم ينو شيئا بالأولى وقال زفر: يقع اثنتان فيما إذا نوى الضرب لأن عرفهم فيه تضعيف أحد العددين بقدر الآخر فقوله: واحدة في اثنتين كقوله مرتين ولنا أن عمل الضرب في تكثير الأجزاء لا في زيادة المضروب، إذ لو أفاده لما وجد في الدنيا فقير وتكثير أجزاء الطلقة لا يوجب تعددها كذا قالوا.

وإن نوى واحدة وثنتين فثلاث وثنتين في ثنتين ثنتان وإن نوى الضرب ومن هاهنا إلى الشام واحدة رجعية ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وهذا لا معنى له بعد قولنا أن عرف الحساب في التركيب اللفظي كون أحد العددين مضعفا بعدد الأجزاء والعرف لا يمنع والغرض أنه تكلم بعرفهم وأراداه فصار كما لو أوقع بلغة أخرى فارسية أو غيرها وهو يدريها، وكذا الإلزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير لأن ضرب درهمه في مائة ألف مثلا إن كان على معنى الإخبار كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب، وإن كان على وجه الإنشاء كجعلته في مائة لا يمكن لأنه لا ينجعل بقوله ذلك، وليس الكلام في ذلك وعن هذا اختار قوله في (غاية البيان) أيضا وما أجاب به في (البحر) من أن اللفظ لما لم يكن صالحا لم يعتبر فيه العرف ولا النية كما لو نوى بقوله اسقني الماء الطلاق ممنوع بالفرق البين بينهما. (وإن نوى) بقوله في اثنتين (واحدة واثنتين فثلاث) إن كانت مدخولا بها وإلا فواحدة لأنه نوى ما لا يحتمله كلامه وفيه تشديد على نفسه، وذلك أن الواو للجمع والظرف بمعنى المظرف أما لو نوى معنى لفظة مع وقع الثلاث ولو غير مدخول بها لأن كلمة في تأتي بمعنى مع كما في قوله تعالى: {فادخلي في عبادي} [الفجر: 30] عند بعض أهل التأويل / وهذا لأن أحد العددين لا يصلح ظرفا للآخر وبين الظرف والمظروف معنى المعية فاستعير له كذا في (العناية) لكن لا مانع من حمل الظرفية في الآية على بابها بل هو الظاهر وإليه يرشد قول العلامة: المراد ادخلي في عبادي وقيل: في أجساد عبادي ويؤيد قراءة في عبدي، قال في (الفتح): على أن تأويلها بمعنى مع ينبو عنه وادخلي جنتي فإن دخلها معهم ليس إلا إلى الجنة، فالأوجه أن يستشهد على ذلك بنحو قوله تعالى: {ونتجاوز عن سيآتهم في أصحاب الجنة} [الأحقاف: 16] وسكت عما إذا نوى الظرفية لأن حكمه كما إذا لم ينو شيئا، (و) قال: أنت طالق (اثنتين في اثنتين) فالواقع (اثنتان) يعني: إذا لم ينو شيئا أو نوى الضرب أو الظرف، (وإن نوى) معنى الواو أو مع فعلي ما مر. (و) لو قال: أنت طالق (من هنا إلى الشام) بسكون الهمزة تقع (واحدة رجعية) وقال زفر: بائنة لأنه وصفه بالطول وأورد عليه أنه لو وصفه به أو بالعرض صريحا تقع واحدة رجعية عنده وأجيب باحتمال كونه يفرق بين وصفه به صريحا فيوقع به الرجعي وكناية فيوقع به البائن لأن الكناية أقوى من الصريح لكونها دعوى الشيء ببينة، ألا ترى أن قولهم: فلان كثير الرماد أبلغ من جواد، وجوز في (الكافي) أن يكون عنه روايتان.

وبمكة، أو في مكة أو في الدار تنجيز، وإذا دخلت مكة تعليق. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (العناية): وهذا أقرب قلنا: بل وصفه بالقصر لأنه متى وقع في مكان وقع في كل الأماكن فتخصيصه بالشام تقصير بالنسبة إلى ما وراءه ثم هو لا يحتمل القصر حقيقة فكان قصر حكمه وهو بالرجعي وطوله بالبائن ولأنه لم يصفها بعظم ولا كبر بل مدها إلى مكان وهو لا يحتمله فلم يثبت به زيادة في شدة على أن التمرتاشي يقول: إنما قصد المرأة لا الطلاق ووجهه في (الفتح) بأنه حال ولا يصلح صاحب الحال في التركيب إلا الضمير في طالق حتى لو وصفها بكبر أو عظم أو طول بأن قال: كبيرة أو عظيمة أو طويلة كانت بائنا كما في (المحيط). (و) لو قال: أنت طالق (بمكة أو في مكة أو في الدار) أو في ثوب كذا وعليها غيره أو مريضة أو مصلية أو وأنت مريضة أو في الظل أو في الشمس فهو (تنجيز) لأن الطلاق لا يتصور أن يتعلق بمكان بعينه دون غيره بخلاف الزمان لأن بينه وبين الفعل مناسبة من حيث أنهما لا بقاء لهما ولا كذلك المكان، ولو عنى إذا أنت بمكة أو إذا لبست أو مرضت أو صليت ونحو ذلك صدق ديانة. (و) لو قال: (إذا دخلت مكة) فهو (تعليق) لوجود الشرط وكذا لو قال: في دخولك إياها أو في مرضك أو صلاتك لصحة استعارة الظرف لأداة الشرط المقاربة بين معنى الشرط والظرف من حيث أن المظروف لا يوجد بدون الشرط فيحمل عليه عند تعذر معناه، أعني: الظرف، وفي (المحيط) أنت طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة طلقت للحال وإن نصبها تعلقت والفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فكان فاصلا وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة فلم يكن فاصلا وفيه أيضا معزيا إلى (الجامع) ولو قال: أنت طالق فيها دخولك الدار طلقت للحال لأنه جعل الطلاق ظرفا للدخول وأنه لا يصلح ظرفا فبقي مرسلا انتهى. إن الضمير حينئذ يرفع للطلقة الواحدة وهو ظاهر في أنه لو قال: فيه فالحكم كذلك بل هو أظهر لرجوع الطلاق وفي (الخانية) لو قال: لدخولك الدار ولحيضك طلقت، ولو بالباء الموحدة لا تطلق حتى تدخلها وتحيض وفي (المحيط) أنت طالق في حيضك وهي حائض لم تطلق حتى تحيض أخرى ولو قال: في حيضة أو في حيضتك فحتى تحيض وتطهر ولو في ثلاثة أيام طلقت للحال لأن الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات، ولو عنى في مجيء ثلاثة أيام لم تطلق حتى يجيء الثالث لأن المجيء فعل فلم يصلح ظرفا فصار شرطا ولا يحتسب باليوم الذي حلف فيه لأن الشروط تعتبر في المستقبل لا في الماضي جزء منه، ولو قال في مضي يوم طلقت في الغد من مثل تلك الساعة، ولو قال: في مجيء يوم طلقت يطلع الفجر من الغد والله الموفق بمنه وكرمه.

فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان أنت طالق غدا، أو في غد تطلق عند الصبح، ونية العصر تصح في الثاني، وفي اليوم غدا، أو غدا اليوم يعتبر الأول ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل يعني في إضافة الطلاق إلى الزمان وهو تأخير حكمه عن وقت التكلم إلى الزمان يذكر بعده بغير كلمة شرط كذا في (العناية) لكنه غير شامل لإضافته إلى الزمن الماضي نحو أنت طالق أمس وقد نكحها قبل أمس، مما يذكر في هذا الفصل (أنت طالق غدا أو في غد تطليق عند) طلوع (الصبح) ولم يقل الفجر لأن كما مر فجران وذلك لأنه وصفها بالطالقية في الغد فيقع في أول جزء منه ضرورة، وكذا لو قال: تطليقة تقع عليك غدا بخلاف ما لو قال لا تقع عليك إلا غدا حيث تقع للحال / لأنه وصفها بما لا تتصف إذ ليس من الطلاق ما لا يقع إلا في غد فلغا ذكر الوصف فبقي مرسلا كما لو قال: تصير أو تصبح، ولو قال: بعد يوم الأضحى طلقت حين يمضي اليوم، ولو قال: بعدها يوم الأضحى طلقت للحال والفرق أن البعدية في الأول صفة للطلاق فصار الطلاق مضافا إلى ما بعد يوم الأضحى فلم يقع قلبه وفي الثاني صفة لليوم فيتأخر الطلاق عن اليوم فبقي مرسلا، ولو قال: أنت طالق لا بل غدا طلقت الساعة واحدة وفي الغد أخرى كذا في (المحيط). (ونية العصر) آخر النهار (تصح في الثاني) قضاء وقالا: لا تصح كالأول ولا خلاف في صحتها فيهما ديانة والفرق له عموم متعلقتها بدخولها مقدرة لا ملفوظا للفرق لغة بين صمت سنة وفي سنة وشرعا بين لأصومن عمري حيث لا يبر إلا بصوم كله، وفي عمري حيث يبر بساعة وبين قوله إن صمت شهرا فعبده حر حيث يقع على صوم جميعه بخلاف إن صمت في الشهر حيث يقع على صوم ساعة منه، كما في (المحيط) بخلاف ما لا يتجزأ من الزمان كصمت يوم الجمعة وفيها فإذا نوى جزءا من الزمان مع ذكرها فقد نوى الحقيقة، وإذا نواه مع حذفها فقد نوى تخصيص العام وهو خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء كذا قيل: وفيه نظر إذ الغد نكرة في الإثبات فلا يعم وجوابه أنهم نزلوا الأجزاء منزلة الأفراد تجوزا، وعلى هذا الخلاف أنت طالق كذا شعبان وفي شعبان فتطلق في أول جزء وإن نوى آخره فعلى ما مر. (وفي) أنت طالق (اليوم غدا، أو غدا اليوم يعتبر) اللفظ (الأول) فيقع في اليوم في الأول وفي الثاني في غدا لأنه بذكره إياه ثبت حكمه تنجيزا في الأول وتعليقا في الثاني فلا يحتمل التغيير بذكر الثاني لأن المنجز لا يقبل التعليق والمعلق التنجيز ولو

أنت طالق قبل أن أتزوجك، أو أمس، ونكحها اليوم لغو، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أنت طالق اليوم وغدا أول النهار وآخره فالحكم كذلك أعني لا يقع إلا واحدة، لأنها طالق في الغد وآخر النهار بطلاقها في اليوم وأول النهار بخلاف ما لو قال: إذا جاء غدا حيث لا تطلق إلا بطلوع الفجر لاتصال مغير الأول بالآخر، وما لو قال: غدا واليوم وآخر النهار وأوله حيث تقع اثنتان لأن الأول وقع مضافا صحيحا والواو في عطف المفرد وهو المسمى بالجملة الناقصة يوجب تقدير ما في الأولى بما بعدها فصار أنت طالق اليوم، وبعد غد طلقت اثنتان في قول الإمام والثاني وقياس ما مر أن تقع واحدة لأنها طالق بعد غد بطلاقها في اليوم الأول، وفي (التنقيح) لو قال بالنهار: أنت طالق بالليل والنهار يقع اثنتان وفي النهار والليل واحدة ولو كان بالليل انعكس الحكم. قال في (البحر): فما مر من التفرقة بين قوله أول النهار وآخره أو آخره وأوله مقيد بما إذا كانت هذه المقالة في أول النهار فلو كانت في آخره انعكس الحكم انتهى، يعني فيقع في قوله أول النهار وآخره إذا قال: في آخر النهار اثنتان وفي آخر النهار وأوله واحدة، وأقول: قد يشكل عليه ما في (المحيط) لو قال: وسط النهار أنت طالق أول النهار وآخره وقعت واحدة لأنه بدأ بالوقت الكائن فجعل الماضي بقيد كونه فيه كائنا وهذا يفيد كونه لو كان في آخر النهار وقعت واحدة أيضا لأنه بدأ بالوقت الكائن وبه يحصل الفرق بين هذا وما في (التنقيح) وذلك أنه لو قال في النهار: أنت كذا في ليلك ونهارك أو قلبه وهو في الليل لا يمكن أن يقال: إنه بدأ بالكائن بعد مضيه فوقعتا وفي (المحيط) أيضا الأصل أنه متى أضاف الطلاق إلى وقتين أحدهما كائن والآخر مستقبل بحرف العطف فإن بدأ بالكائن وقع الطلاق واحد وإن بالمستقبل فطلاقان، ثم قال: لو قال أمس واليوم فاثنتان لأن الواقع في اليوم لا يكون واقعا في الأمس ولو قال اليوم وأمس فهو واحدة مثل قوله اليوم وغدا انتهي. وأنت خبير بأن العلة المذكورة في الأمس واليوم تأتي في اليوم والأمس فتدبر في الفرق فإنه دقيق على أن مقتضى الضابط وقوع واحدة في الأمس واليوم لأنه بدأ بالكائن والله الموفق، ولو قال أنت طالق ما خلا أو في دخولك الدار وقع للحال، ولو: قال اليوم أو رأس الشهر اتحد الواقع في الأصح وفي (الخانية) أنت طالق غدا إن شئت كانت المسألة إليها في الغد، ولو قال إن شئت فأنت طالق غدا كانت المشيئة للحال عن محمد وقال الثاني: المشيئة إليها في الغد فيهما وقال زفر: للحال في الفصلين وهو قول / الإمام انتهى، ولو قال: (أنت طالق قبل أن أتزوجك أو) قال: أنت كذا (أمس و) الحال أنه قد (نكحها اليوم) فهو (لغو) بإجماع الفقهاء لأنه أسنده إلى حالة

وإن نكحها قبل أمس وقع الآن ـــــــــــــــــــــــــــــ معهودة منافية لمالكية الطلاق، فصار كما لو قال: طلقتك وأنا مجنون وقد عهد جنونه، ولو قال في الأولى: إن تزوجتك فأنت طالق قبله أو عكس لغت القبلية ووقع الطالق عند وجود الشرط اتفاقا، أما إذا قدم القبلية فلأن التعليق ناسخ للإضافة فصار كما لو قال: أنت كذا قبل أن تدخلي الدار إذا دخلتها حيث تلغو ويتعلق بالدخول وأما إذا أخرها فلأنه قصد إبطال التعليق ولو أخر الجزء فكذلك عندهما خلافا للثاني لأن ذكر الفاء رجح جهة الشرطية والمعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده (وإن نكحها قبل أمس وقع) الطلاق (الآن) لأنه لم يسنده إلى حالة منافية ولا يمكن تصحيحه إخبارا لكذبه وعدم قدرته على الإسناد فكأن أنشأ في الحال. قال في (الفتح): وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور المنقولة عن متأخري الشافعية وهي إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا بوقوع الطلاق وحكم أكثرهم أنها لا تطلق بتنجيز طلاقها لأنه لو لم تنجز وقع المعلق قبله ثلاثا ووقوع الثلاث سابقا على التنجيز يمنع المنجز والمعلق لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال ونقول أيضا: إن هذا تغيير لحكم اللغة لأن الأجزئة تنزل بعد الشرط أو معه لا قبله، ولحكم العقل أيضا لأن مدخول أداة الشرط سبب والخبر مسبب عنه ولا يعقل تقدم المسبب على السبب فكان قوله قبله لغو البتة فيبقى الطلاق جزاء للشرط غير مقيد بالقبلية، ولحكم الشرع لأن النصوص ناطقة بشرعية الطلاق وهذا يؤدي إلى رفعها فيتفرع في المسألة المذكورة وقوع ثلاث للواحدة المنجزة واثنتان من المعلقة، ولو طلقها اثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة أو ثلاث وقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو ولو كان قال: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وقع اثنتان المنجزة والمعلقة وقس على ذلك انتهي، وما اختاره من الوقوع جزم به في (القنية) حيث قال في آخر الإيمان: قال لها كلما وقع عليك طالق فإنك طالق قبله ثلاثا ثم طلقها بعد ذلك ثلاثا يقعن وهذا طلاق الدور وإنه لا يقع عند الشافعي انتهى. لكن الذي رجحه الشيخان عندهم وقوع المنجزة دون المعلقة وقد منع في (البحر) كون عدم الوقوع فيه تغييرا لحكم العقل والشرع، أما الأول فلأنا لا نسلم أنه يلزم كون مدخول أداة الشرط سببا والجزاء مسبب عنه فقد قال الرضي: لا يلزم مع الفاء كون الأول سببا للثاني بل اللازم أن يكون ما بعدها لازما لمضمون ما قبلها كما في جميع صور الشرط والجزاء ففي قوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [النمل: 53] كون النعمة منه لازم حصولها معنى ولا تعتبر من قول بعضهم أن الشرط

وأنت طالق ما لم أطلقك، أو متى لم أطلقك، أو متى ما لم أطلقك وسكت طلقت ........ ـــــــــــــــــــــــــــــ سبب في الجزاء انتهى، وحينئذ فلا يلغو قوله قبله لعدم المنافاة وأما الثاني فلأنا عهدنا شرعا أن من ألزم نفسه بشيء لزمه وإن كان فيه سد باب المشروع له ألا ترى أنه لو قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق صح وإن كان فيه سد باب النكاح المشروع له انتهى. وأقول: فيه نظر من وجهين الأول: ما قاله الرضي إنما هو مذهب النحاة يفصح عن ذلك ما في (المطول) لا نسلم أن الشرط النحوي ما يتوقف عليه وجود الشيء بل هو المذكور بعد إن وأخواته معلق عليه حصول مضمون الجزاء أي: حكم بأنه يحصل مضمون تلك الجملة عند حصوله، فهو في الغالب ملزوم والجزاء لازم وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم من غير عكس، ثم قال: الشرط عندهم أعم من أن يكون سببا نحو لو كانت الشمس طالعة فالعالم مضيء وشرطا نحو لو كان لي مال لحججت أو غيرها نحو لو كان النهار موجودا لكانت الشمس طالعة انتهى، الثاني: سلمنا أن أداة الشرط لا يلزم أن تكون سببا لكن بطلان تقدم الشيء على شرطه ضرورة لأنه موقوف عليه فلا يحصل قبله كما في (التلويح) وفيه الحق أن بطلان تقديم الشيء على شرطه أظهر من بطلان تقديمه على السبب لجواز أن يثبت بأسباب شتى انتهى، وبهذا يبطل قوله: فلا يلغو قوله: قبله لعدم المنافاة. (و) لو قال: (أنت طالق ما لم أطلقك أو متى لو أطلقك أو متى ما لم أطلقك) أو زمان لم أطلقك أو حيث لم أطلقك أو يوم لم أطلقك (وسكت طلقت) باتفاق العلماء لأنها أضاف الطلاق إلى زمان أو مكان خال عن طلاقها وبمجرد سكوته وجد المضاف إليه فيقع وهذا لأن ما عدا ما وحيث من ظروف الزمان/ وأما ما فهي وإن كانت مصدرية إلا أنها تأتي نائبة عن ظرف الزمان ومنه {ما دمت حيا} [مريم: 31] وهي وإن استعملت للشرط إلا أن الوضع للوقت، لأن التطليق استدعى الوقت لا محالة فترجحت جهة الوقت قاله المصنف قال الشارح: وهذا تحكم لأن الطلاق يتعلق بالشرط أيضا فينبغي أن يكون أولى كيلا يقع بالشك انتهى، وهذا بعد تسليمه فيه خرق لإجماعهم، وحيث من ظروف المكان فكأنه قال: أنت كذا مكان لم أطلقك على أن الأخفش جعلها للزمان أيضا ولو ذكر لا بدل لم بأن قال: زمان لا أطلقك أو حين لا أطلقك لم تطلق حتى تمضي ستة أشهر، والفرق أن لم تقلب المضارع ماضيا مع النفي وقد وجد زمان لم يطلقها فيها فوقع، ولا للاستقبال غالبا فإن لم يكن له نية لا يقع في الحال وأوسط استعمال الحين ستة أشهر فحمل عليه وكذا الزمان لاستوائهما في الاستعمال، ولو قال: يوم لا أطلقك لا تطلق حتى يمضي يوم كما في (المحيط) وسيذكر المصنف محترز قوله وسكت ثم لا يخفى أن الفرق

وفي إن لم أطلقك، أو إذا لم أطلقك، أو إذا ما لم أطلقك لا حتى يموت أحدهما ـــــــــــــــــــــــــــــ بين البر والحنث لا يظهر له أثر في أنت طالق ما لم أطلقك ونحوه كما قال المصنف ومن ثم قيد بعض المتأخرين موضوع المسألة بقوله: ثلاثا وهو الأولى، نعم لو قال: كلما لم أطلقك فأنت طالق وقع الثلاث متتابعات ولذا لو كانت غير مدخول بها وقعت واحدة لا غير. (وفي) أنت طالق (إن لم أطلقك وإذا لم أطلقك) هذه المسألة مع ما بعدها من التعليق لا الإضافة فذكرها فيه أنسب (أو إذا ما لم أطلقك لا)، يعني: لا تطلق (حتى يموت أحدهما) لأنه جعل الشرط عدم طلاقها ولن يتحقق ذلك إلا باليأس وذلك في آخر جزء من أجزاء حياته فتطلق قبيل الموت وهذا يقتضي التسوية بين موته وموتها وهو الأصح خلافا، ولو كان الطلاق ثلاثا ولا ميراث له في موتها مطلقا أعني سوء كان بعد الدخول أو قبله وكان الطلاق واحدة أو ثلاثا لأنها لما أن بانت قبيل الموت لم يبق بينهما زوجية حال الموت وما في (الشرح) من التقييد بكونه ثلاثا في المدخول بها لأنه منه وجد سهو، هذا كله إذا لم يكن ثمة نية وما يدل على الفور فإن كان طلقت غير مقيد بالموت ثم الدلالة قد تكون لفظية وقد تكون معنوية فمن الأول طلقني طلقة فقال إن لم أطلقك فأنت كذا كان على الفور كما في (القنية) ومن الثاني ما لو طلب جماعها فأبت فقال: إن لم تدخلي البيت فأنت كذا فدخلته بعدما سكنت شهوته طلقت، والبول لا يقطعه وينبغي أن يكون الطيب ونحوه وكل ما كان من دواعي الجماع كذلك، وفي الصلاة خلاف وسيأتي ثم التسوية بين أن وإذا قول الإمام وجعلاها كمتى كما في قوله: وإذا تكون كريهة أدعى لها وله أنها استعملت للشرط كما في قوله: وإذا تصبك خصاصة فتجمل فلا يقع الطلاق بالشك أي: إن تصبك فقر ومسكنة فأظهر الغنى من نفسك والتزين وتكلف الجميل أو كل الجميل وهو الشحم المذاب قال الشاعر: قد كنت قدما مثريا متمولا .... متجملا متعففا متدينا فالآن صرت وقد عدمت تمولي ..... متجملا متعففا متدينا أي كنت ذا ثروة وعفة وديانة فصرت آكل شحم مذاب وشارب عفافة أي: بقية ما في الضرع من اللبن وزاد ديني كذا في (التلويح) واعترض بأن الشك يوجب الوقوع تقديما للمحرم وأجيب بأن ذاك إنما هو إذا تعارض دليل الحرمة والحل أما هنا

أنت طالق ما لم أطلقك، أنت طالق طلقت هذه الطلقة، أنت كذا يوم أتزوجك فنكحها ليلا حنث بخلاف الأمر باليد ـــــــــــــــــــــــــــــ لو اعتبرنا الحرمة لم نعمل إلا بالشك والخلاف مقيد بما إذا لم ينو شيئا أما إذا نوى معنى الشرط أو الظرف فهو على ما نوى، (أنت طالق ما لم أطلقك، أنت طالق طلقت هذه الطلقة) بيان لما علم من التقييد بالسكوت في المسألة السابقة ولو أولاه بها قائلا بعد قوله طلقت إلا أن يقول: أنت طالق فتطلق هذه الطلقة لكان أولى يعني هذه الطلقة فقط المعلقة أيضا والقياس أن يقع به قال زفر: لأنه وجد زمان لم يطلقها فيه وهو زمان قوله أنت كذا قبل أن يفرغ. وجه الاستحسان أن زمان البر مستثنى عن اليمين بدلالة حاله لأنه المقصود ولا يمكنه تحقيقه إلا بجعله مستثنى. وفي (المحيط) إن لم أطلقك اليوم فأنت كذا ثلاثا فحيلته أن يقول لها: أنت كذا ثلاثا على ألف ولا تقبل المرأة فإن مضى اليوم وقعت الثلاث في قياس ظاهر الرواية وعن الإمام أنها لا تطلق وعليه الفتوى/ لأنه أتى بالتطليق وإن كان مقيدا، (أنت كذا يوم أتزوجك فنكحها ليلا) يعني بعد غروب الشمس (حنث، بخلاف الأمر باليد) أي: بخلاف ما لو قال لها: أمرك بيدك يوم يقدم زيد فقدم ليلا حيث لا يكون الأمر بيدها ولو قال: الأمر باليد لكان أولى والفرق أن مظروف اليوم إن كان مما لا يمتد أي: لا يصح ضرب المدة له كالطلاق والعتاق والتزويج والدخول والقدوم يراد باليوم معناه المجازي أعني: مطلق الوقت ومنه {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141] وقال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره} [الأنفال: 16] والتولي عن الزحف حرام مطلقا وقيل: حقيقة والأول أصح وإن كان مما يمتد أي: يصح ضرب المدة له كالسير والصوم وتخيير المرأة وتفويض الطلاق يراد به المعنى الحقيقي وهو بياض النهار ولأن مظروف اليوم لما امتد كان الظاهر من ذكر الظرف دون حرف في ضرب المدة تقرير والحقيقة هي الأصل فضرب إليها وإذا لم يمتد الفعل لم يمتد الظرف لأن الممتد لا يكون معيارا لغير الممتد، وأورد أنه قد يمتد الفعل مع كون اليوم لمطلق الوقت نحو اركبوا يوم يأتيكم العدو وأحسنوا الظن بالله يوم يأتيكم الموت وبالعكس كأنت طالق يوم يصوم زيد وأنت حر يوم تنكسف الشمس وأجيب بأن ما مر إنما هو عند الإطلاق والخلو عن الموانع ولا تمتنع مخالفة بمعرفة القرائن، كذا في (التلويح) واختلفت في الكلام فجزم في (الهداية) بأنه من الأول والهندي في (شرح) المغني بأنه من الثاني وجعل الأول ظنا لبعض المشايخ، ولم أر من أظهر لهذا الخلاف ثمرة وينبغي أن تظهر في اشتراط استيعاب النهار فيما يمتد وعدمه فمن اشترطه جعل الكلام مما لا يمتد، ومن لم يشترطه جعله من الممتد وإذا عرف هذا

أنا منك طالق لغو إن نوى ـــــــــــــــــــــــــــــ فما في (البحر) المراد بالامتداد امتداد يمكن أن يستوعب النهار لا مطلق الامتداد لأنهم جعلوا التكلم من غير الممتد ولاشك أنه قد يمتد زمانا لكن لا بحيث يستوعب النهار، وكذا في شرح (الوقاية) مبني على أحد القولين، نعم اختار في (التلويح) أنه مما لا يمتد معللا بأن امتداد الأعراض إنما هو بتجدد الأمثال كالضرب والجلوس والركوب ومما يكون في المرة الثانية مثلها في الأولى من كل وجه فجعل كالعين الممتد بخلاف الكلام فإن المتحقق في المرة الثانية لا يكون مثله في الأولى فلا يتحقق تجدد الأمثال انتهى، وأنت خبير بأن من جعله من الممتد نظر إلى أن المرة الثانية كالأولى أيضا من حيث النطق بالحروف والاختلاف بالوصف لا يبالي به ألا ترى أن الجلوس لو اختلفت كيفيته عد ممتدا فكذا هذا ثم المحققون على أن المراد بالممتد وغير الممتد هو الجواب، وتسامح بعضهم فاعتبر المضاف إليه حيث لم يختلف الجواب بأن كانا ممتدين نحو أمرك بيدك يوم يركب زيد أو غير ممتدين نحو أنت طالق يوم يقدم زيد أما إذا اختلفا نحو أمرك بيدك يوم يقدم زيد فقد اتفقوا على أن المعتبر هو ما يتعلق به الظرف لا ما أضيف إليه حتى لو قدم ليلا لا يكون الأمر بيدها، والمضاف إليه وإن كان مظروفا أيضا إلا أنه لم يقصد بذكر ذلك الظرف بل لتعيين الظرف فيتم المقصود من تعيين زمن وقوع مضمون الجواب، ولاشك أن اعتبار ما قصد الظرف له لاستعلام المراد من الظرف الحقيقي أهو أم المجازي أولى من اعتبار ما يقصد له، وإذا تحققت هذا ظهر لك أن ما قاله صدر الشريعة من أنه ينبغي اعتبار الممتد منهما. قال الشارح: وهو الأوجه وعليه مسائلهم فيه نظر ظاهر إذ مقتضاه أنه لو قال لها: أنت كذا يوم يركب زيد فركب ليلا أنه لا يقع، وقد علمت أنهم اتفقوا على خلافه. قال في (البحر): وهذا أعني: كون اليوم لمطلق الوقت فيما لا يمتد مقيد بما إذا كان اليوم منكرا أما إذا كان معروفا باللام التي للعهد الحضوري فإنه يكون لبياض النهار ولذا قال في أيمان (الظهيرية) لو قال: والله لا أكلمك اليوم ولا غدا ولا بعد غد كان له أن يكلمه في الليالي ولو قال: اليوم وغدا وبعد غد فهو كقوله ثلاثة أيام يدخل فيه الليالي انتهى، يعني على أن اليوم لمطلق الوقت لكن لو خرج الفرع الأول على أن الكلام مما يمتد لاستغنى عن هذا التقييد ولو قال لامرأته، (أنا منك طالق) فهو (لغو وإن نوى) به الطلاق لأن محلية الطلاق إنما هي قائمة بها لا به فالإضافة إليه إضافة إلى غير محله فيلغو، وقد قال ابن عباس في امرأة جعل زوجها أمرها بيدها

وتبين في البائن والحرام، أنت طالق واحدة أو لا، أو مع موتي، أو مع موتك لغو، ولو ملكها أو شقصها أو ملكته، أو شقصه بطل العقد، ـــــــــــــــــــــــــــــ فقالت: طلقتك خطا الله نوءها هلا قالت: طلقت نفسي والنوء كوكب تستمطر به العرب وروى خطا الله وصوبه مولانا نج الدين عمر النسفي قال ولا يجوز خطا وصاحب (الفائق) عكسه والخط من الخطيطة وهي أرض لم تمطر/ كذا في (الدراية). (وتبين بالبائن والحرام) أي: في قوله: أنا منك بائن أو عليك حرام لأن لفظ الإبانة موضوع لإزالة الوصلة والتحريم لإزالة الحل وكل منهما مشترك بينهما فصحت الإضافة ولذا لو لم يقل: منك أو عليك لم يقع بخلاف ما لو قال: أنت بائن أو حرام حيث يقع إذا نوى وما في (خزانة الأكمل) معزيا إلى (العيون) لو قال: أنت بائن أو حرام ولم يقل: مني فهو باطل، قال الزاهدي: إنه سهو والمذكور فيها إنما هو إذا كان الخطاب من جانبها بأن جعل أمرها بيدها فقالت: أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو حرام أو أنا عليك بائن أو حرام وقع، ولو قالت: أنت بائن أو حرام ولم تقل مني فهو باطل ولو قال لها: (أنت طالق واحدة أو لا أو) أنت طالق (مع موتي أو مع موتك) فهو (لغو)، أما الأول فهو قول الإمام والثاني آخرا وقال محمد: وهو قول الثاني أولا تطلق رجعية لأنه أدخل الشك في الواحدة فبقي قوله أنت طالق، ولهما أن الوصف متى قرن بذكر العدد كان الوقوع بالعدد بدليل ما أجمعوا عليه من أنه لو قال لغير المدخول بها: أنت كذا ثلاثا وقعن ولو كان الوقوع بالوصف للغى ذكر الثلاث. ولو قال: أنت كذا واحدة إن شاء الله أو ماتت قبل ذكر العدد واحدة أو ثلاثا لم يقع شيء، ولم ينقلوا خلافا في أنه لو أراد أن يقول: أنت طالق بائن أو للسنة فمات قبل أن يقول: بائن أو للسنة لا يقع شيء وخلاف محمد هنا لا يلزم منه الخلاف في هذه القاعدة، أعني: أن الوقوع بالعدد أو الصفة كما قد ظن، بل لأنه يصرف الشك إلى العدد فكأنه لم يتلفظ به، وهما صرفاه إلى أصل الإيقاع فلم يقع شيء ومن ثم أجمعوا أنه لو قال: أنت طالق أو لا وغير طالق أو لا شيء أنه لا يقع شيء وأما الثاني فلأنه أضاف الطلاق إلى حالة منافية له وهو موته وموتها لأن موته بناء في الأهلية وموتها ينافي المحلية ولابد في الوقوع من الأهلية وفي الموقع عليها من المحلية، (ولو ملكها) أي: ملك الزوج زوجته بشراء أو هبة أو إرث كلها (أو شقصها) أي: جزءها (أو ملكته) أي: الزوج كذلك (شقصه بطل العقد) أي: انفسخ للمنافاة بين الملكين أما في ملكه إياها فلأن ملك النكاح ضروري، ولا ضرورة مع قيام ملك اليمين كذا في (الهداية) وبين في (العناية) بأن ملك النكاح إثبات الملك

فلو اشتراها، وطلقها لم يقع، ـــــــــــــــــــــــــــــ على الحرة وهو على خلاف القياس وما هو كذلك فهو ضروري فإذا طرأ عليه الحل القوي وهو ملك اليمين ينتفي الحل الضروري لضعفه. قال في (الحواشي السعدية): ولقائل أن يقول ثبوت ملك اليمين على الآدمي على خلاف القياس أيضا فالكبرى ممنوعة، ولو قال: وهو على خلاف الأصل لحاجة الناس لكان سالما انتهى، وعن هذا قرر في (فتح القدير) وجه كونه ضروريا بأن إثباته على الحرة للحاجة إلى إبقاء النسل فكان ملك النكاح في الأصل مع المنافي وهو حرية المملوكية للضرورة وقد اندفعت بقيام ملك اليمين لثبوت الحل الأقوى به فيرتفع الأضعف وهذا ظاهر في ملك كلها وأما في بعضها فأقيم ملك اليمين مقام الحل لأنه سببه احتياطا وظاهرا أن بطلانه مقتصرا لا مستندا لما قالوه: من أنه لو طلقها اثنتين ثم ملكها لا تحل إلا بعد زوج آخر وفي (المحيط) لو ظاهر من امرأته أو لاعنها وفرق بينهما ثم ارتدت فسبيت لا يحل للزوج وطئها بملك اليمين لأن حكم اللعان والظهار باق فحرم الاستمتاع والاجتماع معها، أطلقه فانصرف إلى حقيقته الكاملة فخرج ما لو اشترى المكاتب زوجته حيث يبقى النكاح بينهما لأن الثابت له حق الملك لا حقيقته وهو لا يمنع بقاء النكاح وإن منع ابتداؤه، حتى امتنع على المولى نكاح جارية مكاتبة، وما لو تزوج أمة ثم حرة على رقبة الأمة فأجازه المولى صارت ملكا للحرة ولا ينفسخ النكاح وإن انتقل منه إلى الحرة لكنه غير مستقر، وأما في ملكها فلاجتماع المالكية والمملوكية. (فلو اشتراها) أي: ملكها تفريع على أن ملكه يبطل العقد (ثم طلقها لم يقع) لأن الطلاق فرع قيام النكاح، ولا وجود له مع المنافي لا من وجه ولا من كل وجه، ولو قال: فلو طلقها تفريعا على ما لو ملكها أو ملكته لكان أولى، لأنه لا فرق في ظاهر الرواية عن الثلاثة بينهما وعن محمد أنه لو طلقها بعدما ملكته وقع لقيام العدة والمنقول في المنظومة عنه تقييد الوقوع بما إذا أعتقه أما إذا لم تعتقه حتى طلقها لم يقع اتفاقا فيحمل على اختلاف الروايتين وظهر بهذا أن ما في (الكافي) من نسبة هذا إلى محمد صحيح لا أنه سهو/ كما ادعى الشارح بخلاف ما إذا ملكها لأنه لا عدة عليها يعني منه، وظاهره أنه يحل تزويجه إياها وقد قيل: لكن الأصح أنه لا يجوز فعلم بهذا أنها لا تجب العدة عليها في حق من اشتراها، وفي غيره روايتان كذا في (الكافي)، وعن هذا قلنا: لو أعتقها بعدما ملكها ثم طلقها وهي في العدة وقع لزوال المانع، وعلى هذا تفرع ما لو علق طلاقها بشرط أو آلى منها أو قال: أنت كذا للسنة قبل الشراء فوجد الشرط أو جاء وقت السنة أو مضت مدة الإيلاء بعده قبل

أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك، ـــــــــــــــــــــــــــــ العتق لم يقع، وإلا وقع اتفاقا، ولو كان المشتري هي وقع أيضا على قياس قول محمد وعلى قياس قول أبي يوسف لا يقع وعليه الفتوى، كذا في (الولوالجية). وفي (المحيط) تزوج أمة وارثة ثم قال لها: إن مات مولاك فأنت طالق اثنتين فمات المولى وقع الطلاق عند أبي يوسف خلافا لمحمد، وفيه وكل بشراء زوجته من سيدها فاشتراه قبل الدخول فلا مهر عليه، ولو باعها المولى لرجل ثم اشتراها الزوج منه كان عليه للسيد الأول نصف المهر، والفرق انفساخ النكاح في الأولى وقع من المولى بخلافه الثانية، (أنت طالق اثنتين مع عتق مولاك إياك) فأعتق له الرقبة فلينظر لأنه علق التطليق بالإعتاق غير أنه عبر عنه بالعتق مجازا من استعارة الحكم للعلة والمعلق يوجد بعد الشرط فتطلق وهي حرة، وهذا لأن الشرط ما يكون معه وما على خطر الوجود وللحكم تعلق به والمذكور بهذه الصفة وما في (الهداية) من أنه علقه بالعتق أيضا لأنه لفظ العتق ينتظمهما فمشكل، لأنه لازم وإنما يعمل في المفعول أعني لفظ إياك المتعدي كذا في (كافي المصنف)، وهو مبني على أنه مصدر وجوابه إن أعمل فيه على اعتبار كونه اسم مصدر كأعجبني كلامك زيدا، والعجب مما نقل في جوابه من أنه لما علق التطليق بالإعتاق يلزم منه تعليقه بالعتق الحاصل منه وأين هذا من صحة الإعمال، وفي (العناية) إنما يقال ذلك لتبيين أثره فيما إذا قال أنت طالق مع عتقك في عدم اختلاف الحكم بينه وبين الصورة المذكورة في (الكتاب) وعبارة (الوقاية) مع عتق سيدك لك. قال بعض المتأخرين: إنما قال: لك دون إياك لئلا يتعين المعنى المجازي للعتق وهو الإعتاق فإن المراد تقدير المسألة على وجهين فينتظم المعنيين لعدم الفرق في الجواب. وأقول: فيه نظر وذلك أن العتق حيث أضيف إلى السيد تعيين أن يكون بمعنى الإعتاق لأنه هو الموجد له، وأما العتق فوصف قائم بالمعتق لا تصح إضافته إلى السيد، نعم مع عتقك يصح أن يكون بمعنى إعتاقك، فيكون مضافا إلى مفعوله وأن يبقى على بابه فيكون مضافا إلى فاعله، ليشمل ما لو اشتراه من تعتق عليه حيث يقع الطلاق ويملك الرجعة، ولو عبروا به لكان أولى، وأورد أن كلمة مع للقرآن فيكون منافيا لمعنى الشرط وأجيب بأنها قد تذكر للتأخير تنزيلا له منزلة القارن لتحقق وقوعه، ومنه {فإن مع العسر يسرا} [الشرح: 5] وصير إليه هنا الموجب هو وجود معنى الشرط لها، وطولب بالفرق بين هذا وبين قوله أنت طالق مع نكاحك فإنه يصح فيه أن يكون بمعنى إن نكحتك مع أن الطلاق لا يقع بنكاحك لها، وأجيب بأن عدم وقوعه للمانع وهو عدم ملكه ذلك أعني التعليق بغير صريح الشرط بخلاف ما

فأعتق له الرجعة، ولو تعلق عتقها وطلقتها بمجيء الغد فجاء لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد النكاح فإنه يملك التعليق به وبمعناه، ولقائل أن يقول: الدليل إنما قام على ملك اليمين المضافة إلى الملك فتعلق بما يوجب معناها كيف ما كان اللفظ، والتقييد بلفظ خاص بعد تحقق المعنى تحكم، ولذا قال في (الدراية): هذا الجواب لم يتضح لي فإنه يملك تعليق الطلاق بالنكاح ويمكن تصحيح كلامه على اعتبار معنى الشرط فينبغي أن يحمل عليه كذا في (الفتح). قال في (البحر): ويمكن أن يجاب بأن الطلاق مع النكاح يتنافيان فلم تصح الحقيقة فيه بخلاف ما نحن فيه لأن الطلاق والعتق لا يتنافيان وأقول: هذا مأخوذ مما في (الشرح) حيث قال في جوابه: أصل الإشكال قلنا: إنما تركنا الحقيقة فيما نحن فيه باعتبار أن الزوج مالك للطلاق تنجيزا أو تعليقا وتصرفه نافذ فلزم من صحته تلعقه به وأما الأجنبي فلا يملك ذلك ولكن يملك اليمين فإن صح التركيب بذكر حروفه كإن تزوجتك فأنت طالق صح ضرورة صحة اليمين مع المنافي فيما لم يلزم العدول فيه عن الحقيقة وفيما لم يؤد إلى التنافي/ والطلاق والعتق لا يتنافيان انتهي ملخصا، وأنت إذا تحققته علمت أن ما أجاب به في (البحر) لا يمس ما نحن فيه، على أنه غير صحيح في نفسه إذ صحته الحقيقة ليس هو المدعى ليترتب نفيها على التنافي، (ولو تعلق عتقها) أي: علق المولى عتق أمته (وطلقتها) يعني علقهما الزوج (بمجيء الغد فجاء) أي: فجاء الغد ووقع العتق والطلاق (لا) أي: لا يملك الزوج الرجعية اتفاقا في رواية أبي سليمان وجعل في رواية أبي حفص هذا عندهما، وقال محمد: يملكهما، وأصله أن العلة مع المعلول يفترقان في الخارج عند الجمهور وقيل: يتعاقبان ومنهم من خص العلة بالشرعية فجعلها تستعقب المعلول لأنها اعتبرت كالأعيان واقية فأمكن فيها اعتبار الأصل وهو تقديم المؤثر على أثره، بخلاف نحو الاستطاعة مع الفعل لأنها عرض لا يبقى فلم يمكن اعتبار تقديمها وإلا بقي الفعل بلا قدرة. قال في (الفتح): والذي نختاره التعقيب في العلل الشرعية والعقلية حتى أن الانكسار يعقب الكسر في الخارج غير أنه لسرعة أعتابه مع قلة الزمن إلى الغاية إذا كان آنيا لم يقع تمييز التقدم والتأخر فيهما وهو لأن المؤثر لا يقوم به التأثير قبل وجوده، وحالة خروجه من العدم لم يكن ثابتا فلابد أن يكمل به هويته ليقوم به عارضه وإلا لم يكن مؤثرا انتهى، وأفاد المولى سعد الدين أنه لا نزاع في تقدم العلة على المعلول بمعنى احتياجه إليها ويسمى التقديم بالعلية وبالذات، ولا في مقارنة العلة العقلية لمعلولها بالزمان كيلا يلزم التخلف، والخلاف في العلل الشرعية، وإذا

وعدتها ثلاث حيض، أنت طالق هكذا، وأشار بثلاث أصابع فهي ثلاث، ـــــــــــــــــــــــــــــ عرف هذا فمن الأوجه لمحمد وهو معتمده أنهما تعلقا بشرط واحد وجب أن تطلق زمان نزول الحرية فيصادفها وهي حرة لاقترانهما وجودا فلا تحرم بهما حرمة غليظة، ولهما أن زمان ثبوت العتق زمان ثبوت الطلاق ضرورة تعلقهما بشرط واحد ولا خفاء أن العتق في زمان ثبوته ليس بثابت لإطباق العقلاء على أن الشيء في زمان ثبوته ليس بثابت فلا تصادفها التطليقات وهي حرة بخلاف المسألة الأولى، لأن العتق ثمة شرط فيقع الطلاق بعده وبهذا التقرير اندفع ما في (غاية البيان) من أن قول محمد أقرب إلى التحقيق وهو الأصح عندي (وعدتها) في المسألتين (ثلاث حيض) اتفاقا، لأنها حكم الطلاق فيعقبه ولأنه يحتاط فيها. قال في (المبسوط): ولو كان الزوج مريضا لا ترث منه لأنه حين تكلم بالطلاق لم يقصد الفرار إذ لم يكن لها حق في ماله ولأن العتق والطلاق يقعان معا ثم الطلاق يصادفها وهي رقيقة فلا ترث انتهى، ومقتضى ما مر عن محمد أن ترث، (أنت طالق هكذا وأشار بثلاث أصابع) جمع إصبع مثلث الهمزة والباء والعاشرة أصبوع كعصفور وقد جمعها بن مالك في قوله: أتثليث يا إصبع مع شكل همزته ..... من غير قيد مع الأصبوع قد كملا إلا أن المشهور منها كسر الهمز وفتح الباء ولم يقل وأشار بالإبهام والسبابة والوسطى كما قال محمد لأنه أخصر وأفود، لأن الإشارة لا تختص بها ولأن التعبير بالسبابة جاهلي على ما قيل والاسم الشرعي إنما هو المسبحة، وإن أجيب عن هذا بأنه جاء في رواية ابن عباس في صفة طهوره عليه الصلاة والسلام: (وأدخل السبابتين في أذنيه) ولو كان جاهليا لتحامى عنه ابن عباس بناء على أن الحديث روي لا بالمعنى (فهي ثلاث) لأن الإشارة بالأصابع تفيد العلم بالعدد في مجرى العادة إذا اقترنت بالعدد المبهم قال عليه الصلاة والسلام: (الشهر هكذا أو هكذا) الحديث كذا في (الهداية)، واعترض بأن الذي يكنى به عن العدد المبهم هو لفظ كذا أما هكذا إنما يستعمل بها ما يقصد به معا في أجزاء لفظها نحو {أهكذا عرشك} [النمل: 42] فقصد بالهاء التنبيه وبالكاف التشبيه وبذا الإشارة وهذا هو المراد هنا في الحديث فقوله: أنت طالق هكذا تشبيه بعدد المشار إليه وهو العدد المفاد كميته بالأصابع المشار إليه بذا، بخلاف كذا الكناية فإنه لم يقصد بها معاني الأجزاء بل كلمة مركبة للدلالة على عدد مبهم الجنس والمقدار.

أنت طالق بائن، أو البتة، أو أفحش الطلاق، أو طلاق الشيطان، أو البدعة، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: المراد بالعدد المبهم ما لم يصرح فيه بكميته لا ما كان كناية عنه ولا شك أن كونه تشبيها بعدد المشار إليه بذا في هكذا ليس صريحا في الكمية ويدلك على ذلك عنونة صاحب (الهداية) الفصل بقوله في تشبيه الطلاق وهذا أولى من كونه غلطا لفظا ومعنى كما في (فتح القدير) قيد بهكذا بأنه لو قال: أنت طالق وأشار/ بالثلاث فقط تقع واحدة ولو سألته الطلاق فأشار إليها مريدا بها ثلاث طلقات ولم يقل هكذا لم تطلق كذا في (المحيط)، وفي (المبتغى): أنت طالق مثل هذا وأشار إلى أصابعه الثلاث فهي ثلاثا إن نواها وإلا فهي واحدة أي بائنة كقوله أنت طالق كألف كذا في (المحيط) وأيضا لم يقل: منشورة لأن الإشارة إنما تقع بها ولو نواها بالمضمومة منها أو بالكف صدق ديانة وفي (الدراية) الإشارة بالكف أن تكون الأصابع كلها منشورة، وقيد بالثلاث لأنه لو أشار بواحدة أو اثنتين وقع بما أشار به. (أنت طالق بائن أو ألبتة) شروع في بيان وقوع البائن بوصف الطلاق بما ينبئ عن الشدة والزيادة، والبتة مصدر بت أمره إذا قطع به وجزم، وإنما وقع البائن فيها بلا نية لأنه وصف الطلاق بما يحتمله ألا ترى أن البينونة قبل الدخول وبعده عند ذكر المال وبعده العدة تحصل به، وأورد أنه لو احتملها لصحت إرادتها بطالق مع أنه لا يصح وأجيب بأن عمل النية في الملفوظ لا في غيره، ولفظ بائن ما صار ملفوظا بالنية ورد بأنه ليس معنى عمل النية في الملفوظ إلا توجيهه إلى بعض محتملاته فإذا فرض اللفظ ذلك صح عمل النية فيه وقد فرض بطالق ذلك، على أن هذا قد يعطي بظاهره افتقار وقوع البائن فيما نحن فيه إلى النية، ولو نوى بطالق واحدة وببائن أو البتة أخرى فهو على ما نوى، قيد بقوله: بائن لأنه لو قال: ثم بائن وقال: لم أعن بذلك شيئا فهي رجعية ولو بائنا فهو بائن كذا في (الذخيرة). (و) أنت طالق (أفحش الطلاق) وأرد به كل وصف على أفعل مرادا به أصله كأخبثه وأسوأه وأشره وأخشنه وأطوله وأعظمه وأكبره بالموحدة لأن الطلاق إنما يوصف بهذا الوصف باعتبار أثره وهو البينونة في الحال لا باعتبار ذاته لأنه غير محسوس، وما هو كذلك فإنما يعرف بأثره، فصار كأنه قال أنت بائن قيد بأفحش الطلاق، لأنه لو قال أجمل الطلاق أو أكمله أو أعدله أو أحسنه وقعت رجعية إلا أن ينوي ثلاثا، (و) أنت طالق (طلاق الشيطان أو) طلاق (البدعة) لأن الرجعي هو السنة فيكون البدعة وطلاق الشيطان بائنا كذا في (الهداية)، وفيه تساهل بل السني أعم لأنه لو طلقها في الحيض كان رجعيا ولو سنيا. قال في (البدائع): لو قال: أنت طالق طلاق البدعة والشيطان ولا نية له فإن

أو كالجبل، أو أشد الطلاق، أو كألف، أو ملء البيت، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ كان في طهر جامعها فيه وهي في حالة الحيض وقع من ساعته وإن لم يكن لا يقع الحال ما لم تحض أو يجامعها في ذلك الطهر، ومقتضى كلام المصنف وقوع بائنة للحال وإن لم تتصف بهذا الوصف، وهذا لأن البدعي لم ينحصر فيما ذكره، إذ البائن بدعي كما مر. (و) أنت طالق (كالجبل) أي: مثله في الثقل والعظم وقال الثاني: يقع رجعيا لجواز أن يكون التشبيه فيما ذكرنا فيثبت أشده في وصفه للفظ وتتوقف الواحدة على النية، ولا خلاف في وقوع البائنة فيما لو قال: كعظم الجبل (أو) أنت طالق (أشد الطلاق) لأنه وصفه بالشدة لما مؤ من أن أفعل يراد به أصل الوصف أي: الشديد وهذا إنما يكون بالبائن، لأنه لا يحتمل النقض والرجعي يحتمله (أو) أنت طالق (كألف) أي: مثلها في القوة كما يقال: زيد كألف رجل أي: بأسه وقوته كقوتهم، ويحتمل أن يراد في العدد أي: كعدد ألف أو قدر عددها وفيه يقع الثلاث اتفاقا فأيهما نوى صحت نيته وعند عدمها يثبت الأقل إذ التشبيه في القوة أشهر، وبه اندفع قول محمد من وقوع الثلاث بلا نية وفي (الظهيرية) أنت طالق كالنجوم فهي واحدة بائنة بناء على أن التشبيه في ضيائها لا في عددها وفي (البزازية) أنت حرام ألف مرة تقع واحدة ولو شبيهة بما لا عدد له كعدد الشمس أو التراب وقعت واحدة بائنة في قياس قول الإمام قاله الحدادي: ولو قال كعدد الرمل فهي ثلاث إجماعا أقول: إنما كان التراب غير معدود لأنه اسم جنس إفرادي بخلاف الرمل فإنه اسم جنس جمع لا يصدق على أقل من ثلاثة. قال في (الصحاح): الرمل واحد الرمال والرملة أخص منه انتهى. وبعدد معلوم البقى كعدد شعر بطن كفي أو مجهول النفي والإثبات كعدد شعر إبليس فكذلك أو بما من شأنه الثبوت لكنه كان زائلا وقت الحلف بعارض عدد شعر ساقي أو ساقك وقد تنور لم يقع لعدم الشرط، كذا في (الفتح) وفي (الظهيرية): أنت طالق عدد ما في هذا الحوض من السمك وليس فيه سمك تقع واحدة، ولو قال: عدد ما في هذه القصعة من الثريد إن قال هذا بعد صب المرقة فهي واحدة، وعلل في (المحيط) مسألة السمك وشعر إبليس بأنه إذا لم يكن على جسده شعر ولا في الحوض سمك [211/ ب] لم يعتبر ذكر عدد السمك بل يصير لغوا وصار كأنه قال أنت طالق/ وهكذا علل في شعر بطن كفي وبه يعلم الفرق بين هذه (أو) أنت طالق (ملء البيت) من حيث العظم في نفسه أو في كثرته فأيهما نوى صحت نيته وعند عدمها يثبت الأدنى كما مر.

أو تطليقة شديدة، أو طويلة، أو عريضة فهي واحدة بائنة إن لم ينو ثلاثا. ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) أنت طالق (تطليقة شديدة أو طويلة أو عريضة) لأن ما لا يمكن تداركه يشتد عليه وهو البائن، وقيد بذكر التطليقة لأنه لو قال: أنت طالق قوية أو شديدة أو طويلة أو عريضة كان رجعيا، لأنه لا يصلح صفة للطلاق بل للمرأة قال الإسبيجابي وقد قال: لم لا يجوز أن يكون الموصوف محذوفا دل عليه لفظ طالق للطلاق ويمكن أن يجاب بأن هذا احتمال ويحتمل أن يكون لفظ قوية حالا من الضمير في طالق فلا تثبت البينونة بالشك أو بطويلة لأنه لو قال: طول كذا أو عرض كذا لم تصح نية الثلاث وإن كانت بائنة أيضا (فهي) في كل هذه المسائل (واحدة بائنة)، والأصل أنه إن وصف الطلاق بما لا يوصف به نحو طلاق لا يقع عليك أو علي أني بالخيار يلغو الوصف ويقع رجعيا، وإن لم يوصف به فإما أن لا ينبئ عن زيادة في أثره كأحسن الطلاق وأجمله وأعدله وأتمه وأفضله يقع رجعيا أيضا أو ينبئ كأشده وأطوله يقع بائنا، أو شبهه بأي شيء كان المشبه به ذكر العظم أو لا كرأس إبرة وسمسمة وحبة خردل وقع بائنا عند الإمام لأن التشبيه يقتضي زيادة وصف، واشترط الثاني ذكر العظم ومحمد قيل: مع الإمام وقيل: معه واشترط زفر كونه عظيما عند الناس، وأثر الخلاف يظهر في قوله مثل سمسمة أو عظمها وفي (الشرح) كالثلج بائن عند الإمام لكن للزيادة وعندهما إن أراد بياضه فرجعي وإن أراد به برده فبائن انتهى، ولهذا التفصيل جزم البزازي على أنه بيان المذهب. قال في (الفتح): وهذا يقتضي أن أبا يوسف لا يقصر البينونة في التشبيه على ذلك العظم بل يقع بدونه عند قصر الزيادة وكذا يبعد كل البعد أن يقع بائن عند أبي حنيفة لو قال: أنت طالق كأعدل الطلاق وكأنسبه وحسنه قال في (الحواشي السعدية): وأنت خبير باحتياج صحة التفريغ بقوله وكذا إلى آخره إلى توجهه وأقول: يمكن أن يوجه بالمعنى مثل ما اقتضى ما ذكر عن الثاني اقتضى أن التشبيه مطلقا يوجب البينونة عند الإمام لأنه جعله مقابلا للتفصيل وقدم أن كلمتهم عليه متفقة لكن يبعد كل البعد في قوله: أنت طالق أعدل الطلاق إلى آخره (إن لم ينو) بهذه الألفاظ (ثلاثا) فإن نواها وقعت لتنوع البينونة إلى خفيفة وغليظة فأيهما نوى صحت نيته لكن قال العتابي: الصحيح أنها لا تصح في تطليقة شديدة أو طويلة أو عريضة لأن النية إنما تعمل في المحتمل وتطليقة بتاء الوحدة لا تحتمل الثلاث ونسبه إلى السرخسي رحمه الله.

فصل في الطلاق قبل الدخول

فصل في الطلاق قبل الدخول طلق غير الموطوءة ثلاثا وقعن، وإن فرق بانت بواحدة، ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الطلاق قبل الدخول لما كان من العوارض على خلاف الأصل أخره وأفرده بفصل على حدة لكثرة شعبه، (طلق غير المدخول بها) ثلاثا بأن قال: أوقعت عليك ثلاث تطليقات أو أنت كذا (ثلاثا وقعن) بلا خلاف في الأول، وفي الثاني بين السلف خلاف والجمهور على أنه يقع وهو المروري عن علي وابن مسعود قال محمد: وبلغنا ذلك عنه عليه الصلاة والسلام، وهذا لأنه متى ذكر العد كان الوقوع به على ما سبق وفي (الحافظية) قال لغير المدخول بها: أنت طالق يا زانية ثلاثا قال الإمام: لا حد ولا لعان لأن الثلاث وقع عليها وهي زوجته ثم بانت بعده وأنه كلام واحد يتبع لأوله آخره والمرأة طالق ثلاثا، وقال الثاني: تقع واحدة وعليه الحد، لأن القذف فصل بين الطلاق والثلاث ألا ترى أنه لو لم يدخل بها حتى قال أنت طالق طالق تقع واحدة، وكذا قوله: أنت طالق يا طالق ثلاثا، وكذا: قوله أنت طالق يا زانية ثلاثا لأن قوله يا زانية فيه حكم أشد من قوله يا طالق وهو الحد وليس مثله قوله أنت طالق يا عمرة ثلاثا لأنه لا يقع به شيء بل هو نداء محض، ثم قال: يا طالق أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله تقع وصرف الاستثناء إلى الوصف، وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله وكذا أنت طالق يا صبية إن شاء الله يصرف الإنشاء إلى الكل انتهى، وفي (المحيط) لو قال لنسائه: أنت طالق وهذه وهذه ثلاثا طلقت كل واحدة ثلاثا، ولو قال واحدة وهذه ثلاثا طلقت الأولى واحدة والثانية ثلاثا. (وإن فرق) الطلاق بأن قال: أنت طالق طالق أو كرر المبتدأ أيضا أو فرق بحرف العطف وذكره بعدما انعطف الخاص ومنه ما في (الظهيرية) / أنت طالق ثلاثا متفرقات (بانت بواحدة) لأنها بانت بالأولى لا إلى عدة فلا يقع ما بعدها ثم عند الثاني تبين بالأولى قبل الفراغ من الكلام الثاني ومحمد يعتبر الفراغ منه ويرجح السرخسي في (أصوله) قول أبي يوسف، وفائدة الخلاف تظهر فيمن مات قبل الفراغ فعند أبي يوسف يقع خلافا لمحمد لجواز أن يلحق بآخره شرطا أو استثناء كذا في (الدراية) وغيرها لكن هذا الخلاف إنما يتحقق عند العطف بالواو ولأن بدونه لا يلحق به الشرط والاستثناء كذلك في المبيع وحمل في (التحرير) قول محمد على أنه بعد الفراغ يعلم الوقوع بالأول لتجوير إلحاق المغير ولو كان المراد أن نفس الوقوع متأخرا إلى الفراغ من الثاني لوقوع الكل ومن ثم قال في (الفتح): لا خلاف بينهما في

ولو ماتت بعد الإيقاع قبل العدد لغا، ولو قال: أنت طالق واحدة وواحدة، أو قبل واحدة، أو بعدها واحدة تقع واحدة، ـــــــــــــــــــــــــــــ المعنى لأن الوقوع بالأول وظهور الفراغ من الثاني ونازعه في (البحر) بما مر من أثر الخلاف فهو معنى، قيد بغير المدخول بها لأن المدخول بها يقع عليها الكل، وبالتفريق لأنه لو جمع وقع الكل، ومنه أنت طالق واحدة وعشرين فيقع الثلاث، ولو قال واحدة ونصفا وقع اثنتان لأنه إذا أراد الإيقاع بهما ليس لهما عبارة يمكن النطق بها أخصر منها، ولو قال: واحدة وأخرى وقع اثنتان لعدم استعمال أخرى ابتداء كذا في (الشرح) وفي (المحيط) نصفا وواحدة وقعت واحدة لأنه غير مستعمل على هذا الوجه فلم يجعل كله كلاما واحدا، وفيه لو قال واحدة وعشرا وقعت واحدة بخلاف أحد عشر حيث يقع الثلاث لعدم العطف، وكذا لو قال: واحدة ومائة أو واحدة وألفا أو واحدة وعشرين فتقع واحدة لأن هذا غير مستعمل في المعنى فإنه يقال في العادة: مائة وواحدة وألف وواحدة فلم يجعل هذه الكلمة كلاما واحدا بل اعتبر عطفا، وقال أبو يوسف: يقع الثلاث انتهى، وجزم الشارح به في واحدة وعشرين يومئ إلى ترجيحه، وفي (الظهيرية) لو قال: أنت طالق واحدة يتقدمها اثنتان وقع الثلاث، وكذا لو قال: أنت طالق فاشهدوا ثلاثا وإن بالواو فواحدة، ولو قال: أنت طالق ثلاثا إن شئت فقالت: شئت واحدة واحدة واحدة وقع الثلاث. (ولو ماتت) الزوجة (بعد الإيقاع) بقوله أنت طالق (قبل العدد) أي: قبل قوله واحدة أو اثنتين أو ثلاث والواحدة وإن لم يكن عدد إلا أنه مبدؤه وقد مر أن الوقوع بالواحدة عند ذكرها لا بقوله أنت طالق (لغا) كلامه فلم يقع شيء وهذه المسألة تجانس على ما قبلها من حيث المعنى وهو فوات المحل عند الإيقاع قيد بالعدد لأنه لو قال: أنت كذا ثلاثا يا زينب فماتت قبل ندائها وقع الثلاث كما في (المحيط) وفيه لو قال: أنت طالق إن شاء الله فماتت قبل الاستثناء لم يقع شيء ويرثها، وبموتها لأنه لو أراد أن يقول: أنت طالق ثلاثا فمات أو أخذ إنسان فاه قبل أن يقول: ثلاثا تقع واحدة كذا في (الخانية) (ولو قال: أنت طالق واحدة وواحدة أو قال): أنت طالق واحدة (قبل واحدة أو) قال: أنت طالق واحدة (بعدها واحدة تقع واحدة) أما في العطف بالواو فلأنها بانت بالأولى إلى عدة فلا تلحقها الفائتة وفيه إيماء إلى أن الحكم كذلك في العطف بالفاء وثم وبل وبه صرح في (المحيط) وأما قبل وبعد فالضابط فيها حيث ذكر بين شيئين أنهما إن أضيفا إلى ظاهر كان صفة للمذكور أولا كجاءني زيد قبل عمرو وإن أضيف إلى ضمير كان صفة للمذكور وآخرا نحو قبله أو بعده عمرو ولأنه في هذه الحالة خبر عنه والخبر وصف للمبتدأ والمراد بالصفة

وفي بعد واحدة أو قبلها واحدة، أو مع واحدة أو معها ثنتان إن دخلت الدار، فأنت طالق واحدة، وواحدة، فدخلت يقع واحدة، وإن أخر الشرط فثنتان. ـــــــــــــــــــــــــــــ المعنوية والمحكوم عليه بالوصفية هو الظرف فقد وإلا فالجملة في قبله عمرو حال من زيد لوقوعها بعد معرفة، والحال وصف إذا عرف هذا فعن واحدة قبل واحدة وقعت واحدة قبل الثانية المذكورة في اللفظ أعني المضاف إليه فلم تلحق، وفي بعدها واحدة أوقع طلقة موصوفة ببعدية لها أخرى فوقعت الأولى فلا تلحقها الثانية، (وفي) قوله أنت طالق واحدة (بعد واحدة أو قبلها واحدة أو مع واحدة أو معها) يقع (اثنتان)، لأنه في بعد واحدة أو قبلها واحدة موصوفة بأنها بعد أخرى موصوفة بقبلية أخرى لها ولا قدرة له عليه إن لم يكن في الواقع لها وجود، والإيقاع في الماضي إيقاع في الحال فيقترنان فيقعان ولا فرق في الحاصل بين إضافة مع إلى الظاهر أو إلى الضمير لأنها للقران فيتوقف الأول على الثاني تحقيقا لمعناها وفي مسائل قبل وبعد ما قبل منظوما: ما يقول الفقير أيده الله .... ولا زال عنده الإحسان في فتى علق الطلاق بشهر ..... قبل ما بعد قبل رمضان وهذا البيت يمكن إنشاده على ثمانية أوجه حاصلها أنه إما أن يكون المذكور محض قبل أو بعد أو الأولين قبل أو بعد أو الأول فقط أو قبل بين بعين أو عكسه فعند الاجتماع يلغي قبل وبعد لأن كل شهر بعد قبله وقبل بعده فيبقى قبله رمضان وهو شوال أو بعده رمضان وهو شعبان وعند عدمه في قبل يقع في ذي الحجة وفي بعد يقع في جمادى الآخرة، ولو قال لها (إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وواحدة فدخلت) الزوجة (يقع) طلقة (واحدة) عند الإمام، وقالا: تقع اثنتان، لهما لأن الواو للجمع أعني جمع المتعاطفين بما قبلها وما بعدها في الحكم سواء كان هناك عامل كجاء زيد وعمرو وبكر، أم لا زيد ولا عمر وبكر جاؤوا بلا قيد معية أو ترتيب بل أعم من ذلك وقد جمع بين الواحد والواحدة في التعليق فصار كما إذا جمع بينهما بلفظ الجمع، وله أن الجمع المطلق يحتمل القرآن والترتيب فعلى الأولى يقع الكل وعلى الثاني لا يقع إلا واحدة فلا يقع الزائد بالشك، قيد بحرف العطف لأنه لو حذف وقعت واحدة اتفاقا عند وجود الشرط ولغا الباقي لعدم ما يوجب تشريكه معه، وبكونه واوا لأنه لو كان فاء وقعت واحدة أيضا اتفاقا في الأصح، قال الفقيه، أو كلمه ثم تعلق الأول وتنجز الثاني ولغا الثالث (وإن أخر الشرط فاثنتان) أي: فالواقع اثنتان اتفاقا، لأن صدر الكلام يتوقف على آخره لا فرق في ذلك بين الواو والفاء، أما في ثم فتقع واحدة للحال ويلغو الباقي وفي المدخول بها يقع اثنتان وتتعلق الثالثة وعلى

باب الكنايات ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الخلاف لو قال لغير المدخول بها: إن دخلت الدار فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي والله لا أقربك فدخلت طلقت وسقط الظهار عنده والإيلاء، وعندهما هو مطلق مظاهر مؤول، ولو قال ذلك لأجنبية فتزوجها فعلى ما مر من الخلاف ما لو قدم الظهار والإيلاء، فتزوجها حيث يقع الكل عند الكل أما عندهما فظاهر وأما عنده فلسبق الإيلاء ثم هي بعد محل للظهار وبعدهما هي محل للطلاق فتطلق وفي (الحاوي القدسي): يوم أتزوجك فأنت طالق طالق وطالق فتزوجها وقعت واحدة ولغى ما بقي ولو أخر اليوم وقع الثلاث والله الموفق للصواب. باب الكنايات لما فرغ من أحكام الصريح الذي هو الأصل في الكلام لما أنه موضوع للإفهام والصريح أدخل فيه، شرع في الكنايات وهو مصدر كنى يكنو إذا ستر وعند النحاة واللغويين أن يعبر عن شيء معين لفظا أو معنى بلفظ غير صريح إما للإبهام على السامع كقولك: جاءني فلان وأنت تريد معينا، أو للشناعة كالهن للفرج أو للاختصار كالضمير، أو لنوع من الفصاحة كثير الرماد، وعند الأصوليين ما استتر المراد منه في نفسه وخرج بالأخير ما استتر المراد في الصريح بواسطة نحو غرابة اللفظ، أو انكشف المراد في الكناية بواسطة التفسير والبيان، وهما أعني الصريح والكناية من أقسام الحقيقة والمجاز فالحقيقة التي لم تهجر صريح والمهجور التي غلب المجازي كناية، والمجاز الغالب الاستعمال صريح وغير الغالب كناية، وعند علماء البيان لفظ قصده بمعناه معنى ثان وملزوم له أي: استعمل في معناه الموضوع له لكن لا ليتعلق به الإثبات والنفي ويرجع التصديق والتكذيب إليه بل لينتقل منه إلى ملزومه فيكون هو مناط الإثبات والنفي ومرجع الصدق والكذب، بخلاف المجاز فإنه استعمل في غير ما وضع له فينافي إرادة الموضوع له فقولنا: فلان طويل النجاد وقصد بطول النجاد إلى طول القامة فيصح الكلام وإن لم يكن له نجاد قط، بل وإن استحال المعنى الحقيقي نحو {والسموات مطويات بيمينه} [الزمر: 67] و {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] وأمثال ذلك فإن هذه كلها كنايات عند المحققين كذا في (التلويح) وإذا عرف هذا فما في (البحر) من أنها أن لا يصرح اسم المستعار بل يذكر رديفه ولازمه فتلك الاستعارة بالكناية التي من المجاز بعلاقة المشابهة، ولا يصح إرادتها في شيء من الألفاظ الآتية بخلاف الكناية بالمعنى

لا تطلق بها إلا بنيته، أو دلالة الحال ـــــــــــــــــــــــــــــ المذكور فإنه يصح إرادتها في نحو اعتدى كما سيأتي، وعند الفقهاء ما احتمل طالق وغيره (لا تطلق بها) أي: بالكناية يعني قضاء (إلا بالنية) أي: نية الطلاق (أو دلالة الحال) / وهي حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب، أما في الديانة فيصدق بيمينه ويكفي تحليفها له في البيت فإن امتنع رفعته إلى القاضي، فإن نكل فرق بينهما كما مر في (المجتبي) وقد سوى المصنف بين هذه الألفاظ في أنه لا يصدق مع الدلالة إذا قال: نويت غير الطلاق تبعا للإمام السرخسي والمشايخ كفخر الإسلام وغيره قالوا: هذا إنما هو فيما لا يصلح ردا أما ما يصلح له فيصدق إذا ادعى الرد وجملة الأمر أن الأحوال ثلاثة: حالة مطلقة، وحالة مذاكرة الطلاق، وحالة الغضب، والكنايات ثلاثة أقسام منها ما يصلح جوابا فقط، وهو: أمرك بيدك واختاري اعتدي ومرادفها، وقسم يصلح جوابا وشتما لا ردا: هي خلية برية بتة بائن حرام ومرادفها، وقسم يصلح جوابا وردا لا سبا: اخرجي اذهبي اغربي قومي تقنعي ومرادفها ومعنى الرد في هذه أي: اشتغلي بالتقنع الذي هو أنفع لك ففي الرضى لا يقع بشيء منها إلا بالنية، والقول له مع اليمين في عدمها وفي الحال المذاكرة وهي أن تسأله هي أو أجنبي الطلاق يقع بها في القسم الأول والثاني دون الثالث، وفي حالة الغضب يقع بالقسم الأول فقط وأجاب بعض المتأخرين بأن صلاحيته وكان معارضة لحال مذاكرة الطلاق فلم يبق دليلا فكانت الصور المذكورة خالية عن دلالة لحال ولذا توقف فيها على النية. قال في (فتح القدير): وحقيقة التقسيم في الأحوال قسمان الرضى والغضب وأما المذاكرة فيصدق مع كل منهما بل لا يتصور سؤالهما الطلاق إلا في إحدى الحالتين لأنهما ضدان لا واسطة بينهما فتحرير التقدير أن في حالة الرضى المجرد عن سؤال يصدق في الكل، والمسئول فيه الطلاق يصدق فيما يصلح ردا وفي حالة مع الغضب المجرد يصدق فيما يصلح سببا أو ردا لا فيما يصلح جوابا ففي الغضب مع السؤال يجتمع في عدم التصديق في المتمحض جوابان سببيان، وكذا في قبول قوله: فيما يصلح ردا وفيما يصلح للسب ينفرد الغضب فلا تتغير الأحكام انتهى، ملخصا. قال في (البحر) - بعد نقله -: وبه علم أن الأحوال ثلاثة حالة مطلقة عن قيدي الغضب والمذاكرة وحالة المذاكرة وحالة الغضب انتهى، وعندي أن الأولى هو الاقتصار على حالة الغضب والمذاكرة إذ الكلام في الأحوال التي تؤثر فيها الدلالة لا مطلقا ثم رأيته في (البدائع) بعد أن قيم الأحوال ثلاثة كالشارح قال: ففي الحالة حالة الرضى يدين في القضاء وإن كان في حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب فقد قالوا: إن الكنايات أقسام ثلاثة وذكر ما مر وهذا هو التحقيق. واعلم أن دلالة الحال تعم

فتطلق واحدة رجعية في اعتدي، واستبري رحمك، وأنت واحدة، ـــــــــــــــــــــــــــــ دلالة المقال أيضا وعلى هذا فتفسير المذاكرة بسؤال الطلاق أو تقديم الإيقاع كما سيأتي في اعتدي ثلاثا، (وتطلق) الزوجة (واحدة رجعية) يعني عند النية (أو) دلالة الحال (في) قوله: (اعتدي) لأنه عليه الصلاة والسلام قال لسودة: (اعتدي) ثم راجعها فيصح أن تكون الثلاث كنايات بتفسير علماء البيان بناء على أنها أريد بها معانيها لينتقل منها إلى الطلاق الملزوم إلا أنها لا دلالة في معانيها على البينونة بخلاف لفظ بائن أو حرام وبيان اللزوم أن اعتدي يحتمل عدي الدراهم والدنانير أو نعم الله عليك أو ما بعد من الإقراء فإذا نواه ثبت الطلاق بطريق الاقتضاء ضرورة أن وجود عد الأقراء يقتضي سابقة الطلاق والضرورة تندفع بإثبات واحدة رجعية فلا يصار إلى الزائد، وفي هذا تنبيه على الملزوم المنتقل إليه في الكناية قد يكون لازما متقدما على ما هو المعتبر في الكناية هذا إذا كان ذلك بعد الدخول فإن كان قبله فلا جهة للاقتضاء فيجعل مجازا عن كوني طالقا بطريق إطلاق اسم المسبب على السبب لأن الطلاق سبب لوجوب الاعتداد ولا يجعل مجازا عن طلقي أن لا يقع به طلاق ولا عن أنت طالق أو طلقتك لأنهم يشترطون التوافق في الصفة والحاصل أنه لما جاز إرادة المعنى الحقيقي جعل اللفظ كناية، ولما تعذر جعل مجازا وأما تفسير علماء الأصول فهو كناية على التقديرين لاستتار المراد منه، وقد يقال: أن اعتدي من باب الإخبار أي: طلقتك فاعتدي أو اعتدي لأني طلقتك ففي المدخول بها ثبت الطلاق وتجب العدة وفي غيرها يثبت الطلاق عملا بنيته ولا تجب العدة كذا في (التلويح). واختار في (الفتح) أنه في غير المدخولة من إطلاق الحكم وإرادة العلة لأن شرط إطلاق المسبب على السبب اختصاصه بالسبب لتحقق الاتصال من جانبه أيضا والعدة لا تختص بالطلاق لثبوتها في أم الولد وما أجيب من أن ثبوتها فيما ذكر لا بأصالة/ فغير دافع سؤال الاختصاص انتهى، وما في (البحر) من قوله في (التلويح): وقد يقال إلى آخره يفيد أنه من باب الاقتضاء في غير المدخولة أيضا ففيه نظر، وقد جعله مقابلا له فتدبره (و) في قوله: (استبري رحمك) لاحتمال أن يريد لأني طلقتك ويجب أن يكون فيما إذا كانت آيسة أو صغيرة مجازا عن كوني طالقا، كما إذا لم تكن مدخولا بها (و) قوله: (أنت واحدة) أي: طالق تطليقة واحدة ويحتمل أنت واحدة عندي أو في قومك مدحا أو ذما فإذا نوى الأول فكأنه قال: ولا اعتبار بإعراب الواحدة عند العامة وهو الأصح لأن العوام لا يميزون بين وجوهه والخواص لا يلتزمونه

وفي غيرها بائنة، وإن نوى ثنتين، وتصح نية الثلاث، وهي بائن بتة ـــــــــــــــــــــــــــــ في مخاطباتهم بل تلك صناعتهم والعرف لغتهم، ولذا ترى أهل العلم في مجاري كلامهم لا يلتزمونه على أن الرفع لا ينافي الوقوع لاحتمال أن يريد أن طلقة واحدة فجعلها نفس الطلقة مبالغة كرجل عدل لكن قد اعتبروه في الإقرار فيما لو قال له: على درهم غير دانق رفعا ونصبا فيطلب الفرق وكأنه عملا في الاحتياط في البابين فتدبره، قيل: كونه نعتا لمصدر محذوف تكلف غير محتاج إليه بل يحتمل أن يراد به منفرده عن الزوج ورده في (الفتح) بأن التطليق بالمصدر الملفوظ به شائع في طلاق العرب كما مر في قوله فأنت طالق والطلاق عزيمة بخلافه بلفظ أنت منفرد عن الزوج فكان احتمال أنت واحدة هو للمصدر أظهر من الاحتمال الثاني فضلا عن تعينه. (و) تقع (في غيرها) أي: غير هذه الألفاظ الثلاثة من الكنايات طلقة (بائنة، وإن نوى اثنتين) ولو كان طلقها واحدة قبل ذلك ولم يبق إلا الاثنتين كما في (المحيط) (وتصح نية الثلاث) لأنها كل الجنس ولذا صحت نية الاثنتين في الأمة لا في غيرها لأن نية العدد في الجنس لا تصح وفي كلامه مؤاخذة من وجهين الأول أن كون ما عدا الثلاث يقع به بائن ممنوع بل يقع الرجعي ببعض الكنايات سوى الثلاث كإن أبرئ من طلاقك، الطلاق عليك يقع، وهبتك طلاقك، بعتك طلاقك، خليت سبيل طلاقك أنت مطلقة بسكون الطاء، أنت أطلق من امرأة فلان وهي مطلقة، أنت طالق بلا قاف لكن في (فتح القدير) الوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا إذا لم يكن هناك دلالة حال، خذي أقرضتك أعرتك طلاقك وفي برئت من طلاقك خلاف، والأصح لا يقع. قال في (الفتح): والأوجه عندي أن يقع بائنا، الثاني أن من الكنايات المذكورة اختاري ولا تصح نية الثلاث وغاية ما أجاب به في (البحر) عن الأول بأن تلك الألفاظ ملحقة بالثلاثة وعن الثاني بأنه مقيد بغير اختاري لما سيذكره في بابه وأرى أن في قوله (وهي) أي: غير الثلاث من الكنايات التي يقع بها البائن هذه الألفاظ المحصورة فكأنه قال: وفي غيرها التي هي كذا لا غيرية مطلقة دفعا للإيراد نعم قوله في (الهداية) وذلك مثل قوله أنت بائن حينئذ يرد عليه ما ذكر وفرق بين العبارتين لمن تأمل، (بائن) من بان الشيء انفصل وتطليقة بائنة بمعنى مبانة فيحتمل عن وصلة النكاح أو عن الخير أو بائن مني نسبا فلا بد من المعين لا فرق في ذلك بين المنجز والمعلق، (بتة) من البت بمعنى القطع جاء المضارع منه من باب ضرب وقتل وأبت طلاقها لغة وفي (أدب الكاتب) أن سيبويه لا يجيز إلا البت بالألف واللام وأجاز القراء

بتلة حرام خلية برية، حبلك على غاربك الحقي بأهلك، وهبتك لأهلك ـــــــــــــــــــــــــــــ إسقاطهما وحكى أنهما لغتان، وقد جاء مجردا في (مسلم) فيحتمل ما مر في بائن، (بتلة) من البتل وهو الانقطاع وبه سميت مريم لانقطاعها عن الرجال وفاطمة الزهراء لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسنا، وقيل: عن الدنيا إلى ربها وفيه من الاحتمال ما مر، (حرام) من حرم الشيء بالضم حراما امتنع أريد به هنا الوصف ومعناه الممنوع فيحتمل ما سبق وسيأتي وقوع البائن به بلا نية في زماننا للتعارف، لا فرق في ذلك بين محرمة وحرمتك سواء قال: علي أو لا وحلال المسلمين علي حرام وكل حل علي حرام أو أنت معي في الحرام، وفي قوله: حرمت نفسي لابد أن يقول عليك، وأورد أنه إذا وقع الطلاق بهذه الألفاظ بلا نية فينبغي أن يكون كالصريح في إعقابه الرجعة، وأجيب بأن المتعارف إنما هو إيقاع البائن به لا الرجعي، حتى لو قال: لم أنو لم يصدق ولو قال مرتين ونوى بالأولى واحدة وبالثانية ثلاثا صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى كذا في (البزازية). (خلية) بفتح الخاء المعجمة فعليه بمعنى فاعلة أي: خالية إما عن النكاح أو عن الخير، (برية) بالهمز وتركه أي: منفصلة إما عن قيد النكاح أو عن حسن الخلق/ أو عن الدنيا مدحا أو ذما، (حبلك على غاربك) تمثيل لأنه تشبيه بالصورة المنتزعة من أشياء وهي هيئة الناقة إذا أريد إطلاقها للرعي وهي ذات رسن، فألقى الحبل على غاربها، وهو ما بين السنام والعنق كيلا يتعقل به إذا كان مطروحا فشبه بهذه الهيئة الإطلاقية انطلاق المرأة من قيد النكاح، أو العمل والتصرف من البيع والشراء والإجارة والاستئجار، وصار كناية في الطلاق لتعدد صور الطلاق كذا في (الفتح) وحاصله أنه استعارة تمثيلية وقال غيره: هذا اللفظ استعير للمرأة وجعل كناية عن طلاقها أي: خليت سبيلك كما يخلى البعير في الصحراء ويترك حبله على غاربه فاذهبي حيث شئت إما لأني طلقتك أو لأني لا أمنعك، (الحقي بأهلك) أو برفقتك بكسر الهمز وفتح الحاء من اللحوق قيل: وفتح الهمز مع كسر الحاء خطأ لأنه يصير من الإلحاق المتعدي لكن في (المصباح) لحقته ولحقت به من باب تعب لحاقا بفتح اللام أدركته وألحقته بالألف مثله وعليه فلا يكون خطأ والمعنى لأني طلقتك أو سيري كسيرهم، (وهبتك لأهلك) أو لأبيك أو لأمك عفوت عنك لأجلهم أو رددتك إليهم مجازا، ولذا لم يشترط قبولهم فتصير إلى حالتها الأولى وهي البينونة، وعلم منه ما لو قال: وهبتك لنفسك بالأولى وقيد بالأهل لأنه لو قال: وهبتك الطلاق وقع قضاء بلا نية، وأراد بهم من ترد إليهم عادة، فلو قال لأخيك أو لأختك أو لعمتك أو لخالتك لم يقع وإن نوى، وعرف منه عدم الوقوع فيما لو قال

سرحتك فارقتك أمرك بيدك اختاري أنت حرة تقنعي تخمري استتري اغربي، اخرجي، اذهبي قومي، ابتغي الأزواج، ـــــــــــــــــــــــــــــ للأجانب بالأولى بخلاف وهبتك الأزواج حيث يقع بالنية، (سرحتك) من السراح بفتح السين وهو الإرسال وفي (الخانية): أنت السراح كأنت خلية، (فارقتك) لأنهما لا يتعينان في النساء بل يقال سرحت إبلي وفارقت مالي وما لا يتعين يكون كناية كذا في (الشرح) وقد يقال: ليس الكلام في المطلق من التسريح والمفارقة بل في المضافين إليهما ولو قيل: إن سرحتك بمنزلة أرسلتك لأني طلقتك أو لحاجة لي وكذا فارقتك لأني طلقتك أو في هذا المنزل فلم تمكثي فيه لاحتمل الطلاق وغيره وفي (المجتبي) ومشايخ خوارزم من المتقدمين والمتأخرين كانوا يفتون بأن لفظ التسريح بمنزلة الصريح يقع به الرجعي بلا نية، (أمرك بيدك اختاري) كنايتان عن تفويض الطلاق. قال في (الحواشي السعدية): وهذا لا يناسب ذكره في هذا المقام ولقد وقع بسبب ذلك خطأ عظيم من بعض المفتيين فزعم أنه يقع به الطلاق وأفتى به وحرم حلالا نعوذ بالله من ذلك ثم هو يحتمل عملك بيدك أو في تصرف آخر وفي الطلاق واختاري نفسك بالفرق أو في عمل، فإذا نوى الطلاق وطلقت نفسها وقع، (أنت حرة) لبراءتك من الرق أو عن رق النكاح وأعتقتك مثل أنت حرة كما في (الفتح) وكذا كوني حرة أو أعتقي كما في (البدائع)، (تقنعي) أمر بأخذ القناع أي: الخمار على الوجه أو بالقناعة، (تخمري) يقال: تخمرت المرأة واختمرت لبست الخمار، (استتري) لأنه حرام علي النظر إليك بالبينونة أو لئلا ينظر إليك الأجانب، ولو قال: مني خرج عن كونه كناية، (اغربي) جاء بالغين المعجمة والراء المهملة بمعنى تباعدي وبالعين المهملة والزاي من العزوبة أي: كوني عازبة أو تباعدي عني أيضا يقال: غرب عني فلان يغرب ويغرب أي: بعد كذا في (الصحاح) اذهبي لحاجتك وافلحي بمعنى اذهبي لغة واظفر بمرادك (اخرجي قومي) إليها أو لأني طلقتك، ولو قال: فبيعي لا يقع وإن نوى عند أبي يوسف، لأن معناه عرف لأجل البيع فكان صريحه خلاف المنوي ووافقه زفر، ولو قال: (اذهبي) فتزوجي وقال: لم أنو لم يقع لأن معناه إن أمكنك قاله قاضي خان والمذكور في (الحافظية) وقوعه بالواو بلا نية، ولو قال: إلى جهنم وقع إن نوى كما في (الخلاصة) والله الموفق، (ابتغي الأزواج) إن قدرت أو لأني طلقتك ومثله تزوجي. تتمة: في الكنايات أيضا تنجي واختلف في قوله لم يبق بيني وبينك عمل أو شيء قيل: يقع إذا نوى وقيل: لا ومنها فسخت النكاح وإن نوى الطلاق وقع بائنا ولو

ولو قال لها: اعتدي ثلاثا ونوى بالأول طلاقا وبما بقي يحضا صدق، وإن لم ينو بما بقي شيئا فهي ثلاث، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: أربع طرق عليك مفتوحة لا يقع بالنية إلا أن يقول: أيها شئت ومنها خالعتك كما سيأتي، ومنها أنت علي كالميتة أو الخمر أو لحم الخنزير إن نوى الطلاق يقع ومنها نحوت كما في (الفتح). وقالوا: لو كتب الطلاق أو العتاق مستبينا لكن لا على وجه الرسالة والخطاب ينوي فيه الكلام فإن كان كقوله أما بعد يا فلانة فأنت طالق أو أنت حرة أو إذا وصل إليك/ كتابي فأنت كذا فإنه يقع منجزا عقب الكتابة إذا لم يقله ولا يصدق في عدم النية والله الموفق. (ولو قال لامرأته: اعتدي ثلاثا) أي: قال هذا اللفظ ثلاثا (ونوى بالأول) أي: بلفظ الأول من هذه الألفاظ الثلاثة (طلاقا و) نوى (بما بقي حيضا صدق) قضاء لأنه نوى حقيقة كلامه، والظاهر شاهد له (وإن لم ينو بما بقي شيئا فهي) أي: الألفاظ الثلاث (ثلاثا) لأنه لما نوى بالأول طلاقا صار الحال حال مذاكرة الطلاق فتعين ما بقي للطلاق بهذه الدلالة، والأصل أنه إذا نوى الطلاق بواحدة ثبتت حالة المذاكرة الطلاق فإذا نوى بما بعدها الحيض صدق لظهور الأمر بالاعتداد بالحيض عقب الطلاق ولا يصدق في عدم نية شيء بما بعدها وإذا لم ينو الطلاق بشيء صح فكذا قبل المنوي بها ونية الحيض بواحدة غير مسبوقة بواحدة منوي بها الطلاق يقع بها الطلاق وثبت بها حالة المذاكرة فيجري فيها الحكم المذكور بخلاف ما إذا كانت مسبوقة بواحدة أريد بها الطلاق حيث لا تقع بها الثانية وفروع هذا الأصل وصلت إلى أربعة وعشرين فربما حاصلها إما، ينوي بالكل طلاقا أو بالأولى طلاقا أو حيضا لا غير، أو بالأوليين طلاقا لا غير، أو بالأولى والثلاثة كذلك، أو بالثانية والثالثة طلاقا وبالأولى حيضا لا غير أو بالأخريين طلاقا لا غير أو بالأوليين حيضا لا غير أو بالأولى والثالثة حيضا لا غير أو بالأولى والثانية طلاقا وبالثلاثة حيضا أو بالأولى والثالثة طلاقا أو بالثانية حيضا أو بالأولى والثانية حيضا وبالثالثة طلاقا أو بالأولى والثالثة حيضا وبالثانية طلاقا أو بالثانية حيضا لا غير فهذه أحد عشر وجها يقع فيها ثنتان أو ينوي بكل منها حيضا وبالثالثة طلاقا أو حيضا لا غير، وبالثالثة طلاقا وبالثانية حيضا لا غير أو بالثانية والثالثة حيضا أو بالأولى طلاقا وبالأخريين حيضا لا غير وفي هذه الوجوه الستة تطلق واحدة والرابع والعشرون أن لا ينوي بكل منها شيئا فلا يقع شيء والكل في (فتح القدير) وبقي ما لو نوى بالكل واحدة وهو الخامس والعشرون، وفيه يقع الثلاث كما في (المحيط) لأنه يكون ناويا بكل لفظ ثلث تطليقة. قال في (العناية): وبناء هذه الوجوه على الاقتصار على حال مذاكرة الطلاق وعلى أن النية تبطل مذاكرة الطلاق فاعتبر ذلك قيد بما ذكر، لأنه لو قال: أنت طالق

وتطلق بلست لي بامرأة أو لست لك بزوج إن نوى طلاقا والصريح يلحق الصريح .... ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتدي أو عطفه بالواو والفاء فإن نوى واحدة يعني لا غير وقعت واحدة أو اثنتين وقعتا، وإن لم يكن له نية فعن الثاني أنه في الفاء تقع واحدة وفي الواو اثنتان وبه جزم في (المحيط) على أنه المذهب والمذكور في (الخانية) وقوع الاثنتين في الوجوه الثلاثة، (وتطلق) رجعيا (بلست لي امرأة أو) كذا بقوله: (لست لك بزوج) أو ما أنا لك بزوج (إن نوى طلاقا) عند الإمام وقالا: لا يقع لأن نفي النكاح ليس طلاقا بل كذب محض وله أن اللفظ يحتمل لأني طلقتك كما يحتمل لأني لم أتزوجك فيتعين الأول بالنية، ولو قالت له: لست لي بامرأة سواء ولو قال: صرت غير امرأتي أو فسخت النكاح تطلق إذا نوى، ولو قال لها: لست بامرأتي إن دخلت الدار وقع إذا دخلت الدار، وأجمعوا أنه لو أكده بالقسم أو قال: لم أتزوجك أو قال: لم يبق بيني وبينك شيء، أو قال: ما لي امرأة أو قال: علي حجة إن كانت لي امرأة أنه لا يقع وإن نوى، وفي (الأجناس) أجمعوا على أنه لو قال: لا سبيل لي عليك يقع إذا نوى، كذا في (الخلاصة) وفيها من النكاح عن (المنتقى) قال لها: ما أنت لي بزوجة وأنت طالق فليس بإقرار بالنكاح. قال البزازي: لقيام القرينة المتقدمة على أنه ما أراد الطلاق حقيقة انتهى. يعني ولو أراده حقيقة لكان إقرارا بنكاح سابق وقع ولذا ذكر في (البزازية) قبله لو قالت له: أنا امرأتك فقال لها: أنت طالق كان إقرارا بالنكاح وتطلق لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا وإذا عرف هذا فقول المصنف: وتطلق مستغنى عن تقييده بما إذا كان النكاح ظاهر كما في (البحر) أخذا من الفرع الأول، لأنه إذا كان مع الصريح لا يقع فالكناية أولى، إن المسألة مفروضة فيما إذا نوى الطلاق ولا خفاء أنه في هذه الحالة مقر بالنكاح اقتضاء إذا لم يكن ثابتا قيل: ويقع ولم يذكر الدلالة هنا لما مر من أنها إنما تعمل فيما يصلح جوابا فقط وهو ألفاظ مخصوصة ليس هذا منها (والصريح) وهو ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا كذا في (الفتح) (يلحق/ الصريح) ويلحق البائن حتى لو قال لها: أنت طالق ثم طلقها على مال وقال: أنت بائن أو خالعها على مال ثم قال: أنت طالق أو طالق بائن وقع الثاني، وكذا لو طلقها ثلاثا بعدما أبانها، لكن مقتضى التعريف أنه لو أبانها ثم قال لها في العدة: اعتدي ينوي الطلاق أنه لا يقع وهو رواية عن الثاني، وظاهر الرواية يقع كما في (البدائع) إلا أن

والبائن يلحق الصريح لا البائن ـــــــــــــــــــــــــــــ يدعي أن نحو اعتدي صريح حكما وسيأتي ما يؤيده ويرد على إطلاقه ما في (البزازية) لو قال: كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة، ولو قال: إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على المعتدة من بائن انتهى، (والبائن يلحق الصريح) حتى لو قال لها: أنت طالق ثم قال في العدة: أنت بائن وقع إن نواه. قال في (البحر): أطلقه فشمل ما لو خالعها أو طلقها على مال بعد الطلاق الرجعي حيث يصح ويجب الحال كما في (الخلاصة). وأقول: قوله أو طلقها على مال سهو لما مر أن هذا من الصريح لا من البائن الذي يلحق الصريح نعم ما في (القنية) راقما لشمس الأئمة والأوزجندي طلقها على ألف فقبلت، ثم قال في عدتها: أنت بائن لا يقع مشكل وكذا ما في (الخلاصة) طلقها على مال ثم خلعها في العدة لم يصح، وحمله على عدم لزوم المال بدليل ما صرح به في عكسه وهي ما لو خلعها ثم طلقها على مال ولا يجب المال بعيد ولابد من عدم لزوم المال في وقع الطلاق من قبولها كما في (البزازية)، (لا) يلحق البائن (البائن) أراد به ما كان بلفظ الكناية عرف ذلك من استدلالهم الذي أطبقوا عليه كذا في (الفتح) وفي (تحرير الكرماني) لفظ الكنايات التي تقتضي البينونة لا يقع على المبانة وما هو في حكم الصريح يلحقها فذكر اعتدي واستبري رحمك وأنت وحدة وفي (المنصوري) (شرح المسعودي): المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة والكناية أيضا تلحقها إذا كانت في حكم الصريح، فذكر الألفاظ الثلاثة ثم قال والكنايات والبوائن لا تلحقها وإن كان الطلاق رجعيا تلحقها الكنايات. قال في (عقد الفرائد): وهذا مؤيد لما في (الفتح) ومعنى العطف في كلام المنصوري ما أوقع من البوائن لا بلفظ الكناية فإنه يلغو ذكر البائن كما أطبقوا عليه فلا حاجة إلى جعله إنشاء، حتى لو قال: عنيت به البينونة الغليظة يصدق في نيته وقيل: لا يصدق وحكاهما في (المحيط) واقتصر على الأول غير واحد بلفظ ينبغي والظاهر أن معناه يجب لا أنه بحث كما فهمه كثير، قال في (عقد الفرائد): والذي ظهر لي أن مقتضى تعليلاتهم أنه إذا تعذر حمله على الإخبار يكون إنشاء فيلحق، ففي (البزازية) قال للمبانة: أبنتك بأخرى يقع لأنه لا يصلح إخبارا وفيها قال للمبانة: أنت طالق بائن يقع أخرى بائنة، ولو قال: أنت بائن لا يقع لأنه إخبار بخلاف الأول، ولو قال لها: أبنتك بتطليقة لا يقع انتهى، وذلك لأنه يصلح إخبارا ثم نقل ما قدمناه عن (القنية) طلقها على ألف فقبلت ثم قال في عدتها أنت طالق لا يقع وكذا لو قال: أنت بائن ثم قال في عدتها: أنت بائن بتطليقة أخرى يقع، ثم برقم لو قال

إلا إذا كان معلقا بأن قال لها: إن دخلت الدار فأنت بائن. ثم قال: أنت بائن. ـــــــــــــــــــــــــــــ لمبانته: أبنتك بطليقة لا يقع قال: ونحوه في (البدائع) وقد علم الوجه فيه مما مر انتهى، وهو ظاهر في أن وجه عدم الوقوع فيما قدمناه عن (القنية) أنه يصلح إخبارا وفيه نظر ظاهر والله الموفق، (إلا إذا كان) البائن (معلقا) قبل إيجاد المنجز أو مضافا حتى لو أبانها ثم علق البائن في العدة لم يصح اعتبارا بتنجيزه كذا في (البدائع)، ولو قال لها: أنت بائن غدا ناويا الطلاق ثم أبانها ثم جاء الغد وقعت أخرى كذا في (الذخيرة) وظاهر أنه لو أبانها ثم أضافه لا يقع كما في التعليق وهذا لأنه إنما لم يقع في غير المعلق لجواز أن يكون خبرا عن الأول كما مر وفي هذه الحالة لا يصلح أن يكون خبرا بل الواقع إنما هو أثر التعليق السابق وهو زوال القيد عند وجود الشرط وهي محل فيقع، وعلى هذا تفرع ما لو قال: إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال هكذا لأمر آخر ففعل أحدهما وقع طلاق بائن ولو حنث في اليمين الثاني وهي في العدة قيل: لا يقع والأشبه الوقوع لالتحاق البائن بالبائن إذا كان معلقا كما في (البزازية). تتمة: قال في (عقد الفرائد): نظم شيخنا سعد الدين الديري ما يلحق وما لا يلحق فقال: وكل طلاق بعد آخر واقع .... سوى بائن مع مثله لم يعلق قال: يعني والده وقوله: لم يعلق مطلق يشمل البائن الأول والثاني والمراد الأول لا الثاني فهو طلاق في محل التقييد فقلت مفردا من الرجز: كلا أجز لا بإيلاء مع مثله .... إلا إذا علقته من قبله قلت: وقد فات الشيخين التنبيه على أن ذلك خاص بالعدة فقلت منبها على ذلك مفردا من الرجز: بعدة كل طلاق لحقا .... لا بائن لمثله ما علقا وقولي لحقا يشعر بكون البائن هو المعلق ووصفت البائن بأنه مثل البائن مشعرا بإخراج البينونة الكبرى لما فيها من الخلاف الذي قدمته انتهى، ولا يخفى أن الضمير في ويعلق يتعين أن يرجع إلى البائن لا إلى المثل لما استقر من أن ما بعد مع متبوع لما قبلها نحو جاء زيد مع عمرو، ولاشك أن البائن هو التابع للمثل أي: اللاحق فإن لم يعلق يقع وإلا بأن سبق تعليقه وقع نعم يرد عليه أنه يشترط كما مر أن يعلقه قبل المنجز وليس في بيته ما يفيد هذا المعنى، وهذا وارد على بيت الشيخ البر أيضا فبيت والده من الحسن بمكان غير أنه لا يخفى ما في قوله كلا من الإبهام ويرد

باب تفويض الطلاق

باب تفويض الطلاق ولو قال لها: اختاري ينوي به الطلاق فاختارت في مجلسها بانت بواحدة، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ على الكل ما قدمناه لو قال: كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة ولو قال: إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على المعتدة من بائن فقلت مفردا من الرجز مبينا لما عن الكلية قد خرج: ألا بكل امرأة وقد خلع .... والحق الصريح بعد لم يقع باب التفويض لما كان الطلاق بولاية مستفادة من الغير على خلاف الأصل ذكره بعد بيان ما هو الأصل، ثم التفويض بالاستقراء ثلاثة فصول الاختيار والأمر باليد والمشيئة بدأ المصنف منها بالاختيار لثبوته بصريح الأخبار، ولم يجعله فصلا على حدة كصاحب (الهداية) لأنه لم يسبقه شيء يفصل به عما قبله بخلاف الأخيرين فاكتفى فيه بالباب، (قال لها: اختاري) حال كونه (ينوي به) تفويض (الطلاق) دل على هذا المضاف عقد الباب ولم يذكر الدلالة اكتفاء بما مر (فاختارت في مجلسها) أو مجلس علمها لو غائبة، فإن قيده بوقت اعتبر مجلس علمها فيه، حتى لو مضى ثم علمت خرج الأمر من يدها، ولو قال: اختاري اليوم واختاري غدا كان اختيارين في اليوم وغدا اختيار واحد، ولو جعل لها الخيار رأس الشهر كان لها الخيار في الليلة الأولى واليوم الأول منه، (بانت) منه (بواحدة) لأن المخيرة لها المجلس بإجماع الصحابة إجماعا سكوتيا، ولأنه تمليك الفعل منها والتمليكات تقتضي جوابا في المجلس فإن قلت: لا نسلم أنه تمليك بل توكيل إذ لو كان للزم إما انتفاء ملكه أو كون الشيء كله مملوكا لأكثر من واحد. والأول ممنوع بدليل صحة طلاقه بعد والثاني محال، وكونه عاملا لنفسه لا ينافي كونه وكيلا ألا ترى أن رب الدين لو وكل المديون بإبراء نفسه صح مع أنه عامل لنفسه، وأيضا لو خيرها ثم حلف أن لا يطلقها فاختارت نفسها حنث ولو كان تمليكا لم يحنث؟ قلت: ما ذكرت إنما يلزم في الأعيان لا في الأفعال كما هنا، ألا ترى أن القصاص يثبت لأكثر من واحد على وجه الكمال وما في (العناية) من أن ملكها إنما يثبت بالقبول فقبله لا ملك لها وبعده زال ملكه ظاهر في أن القبول هو اختيارها نفسها، وبه صرح بعضهم لكن رده في (فتح القدير) بأنه لا يتم إذ هو التصرف المتفرع على ثبوت ملكه مع أنه مناف لما سيأتي من أن الإعراض يبطله،

ولم تصح نية الثلاث فإن قامت، أو أخذت في عمل آخر بطل خيارها، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأي شيء يبطل إذا لم يثبت لها ملك؟ وفي (الحواشي السعدية) هذا يجر إلى أن يوجد التمليك والتملك ولا يحصل الملك للمتملك وصرح في (الدراية) بأن هذا التمليك لا يتوقف على القبول لكونها تطلق بعد التفويض وهو بعد تمام التمليك ويبقى إلى ما وراء المجلس إذا كانت غائبة، وبهذين خالف سائر التمليكات وهكذا ذكر في (الذخيرة) وزاد، وإنما لا يصح الرجوع عنه لتضمنه معنى التعليق. قال في (فتح القدير): حيث كان الملك يثبت فيه بالمملك وحده لم يصح القول بأنه يخالف سائر التمليكات من حيث أنه يبقى إلى ما وراء المجلس بل بقاؤه وهو الموافق لسائر التمليكات التي يثبت الملك عندها، وإنما لا يقدر على الرجوع لأنه تم به وحده لا لكونه متضمنا معنى التعليق لأنه اعتبار ممكن في سائر الوكالات لتضمنها معنى إذا بعته فقد أخبرته، والولايات لتضمنها معنى إذا حكمت بين من شئت فقد أجزته انتهى ونازعه في (البحر) بأن تعليق الإجازة بالشرط غير صحيح. وأقول: فرق ما بين الضمني والقصدي وقد أجازوا القضاء على الغائب ضمنا ومنعوه قصدا وأما المديون فوكيل في الإبراء وثبت أثر التصرف لنفسه في ضمنه ومسألة اليمين ممنوعة والحنث إنما هو قول محمد وفي (العمادية) تفويض الطلاق. قال بعض العلماء: هو وكالة يملك قولها فيه والأصح أنه لا يملكه وخرج باختيارها نفسها ما لو اختارت زوجها بأن قالت: اخترت زوجي أو قالت: بل/ نفسي وزوجي حيث لا يقع وخرج الأمر من يدها ولو كان بالواو اعتبر المتقدم ولغى ما بعده وما في (الاختيار) من أنها لو قالت: اخترت نفسي لا بل زوجي لا يقع لأنه للإضراب عن الأول سهو، وقيد بمجلسها لأنه لو خيرها ثم قام هو لم يبطل بخلافها ووضع المسألة في اختاري نفسك لأنه لو قال لها: اختاري الطلاق فاختارته فهي رجعية كما سيأتي (ولم تصح نية الثلاث) لأن اختيارها إنما يفيد الخلوص والصفاء والبينونة ثبتت فيه مقتضى ولا عموم له، بخلاف أنت بائن وأمرك بيدك وما قيل: من أن الوقوع بالاختيار على خلاف القياس بإجماع الصحابة بخلاف بائن ونحوه لأن الوقوع مقتضى نفس الألفاظ ومقتضاها البينونة وهي متنوعة ففيه نظر لانتفاء الإجماعي فقد روي عن زيد وقوع الثلاث قولا بكمال الاستخلاص. (فإن قامت وأخذت في عمل آخر) يدل على الإعراض (بطل خيارها) لأنه تمليك فيبطل بما يدل على الإعراض، ولو قال: فإن فعلت ما يدل على الإعراض بطل لكان أخصر وأفود إلا أنه حاول أنه يبطل بتبدل المجلس حقيقة كالقيام أو حكما كالأخذ في عمل آخر لكن كونه يبطل بكل قيام سواء دل على الإعراض أو لا إنما هو قول

وذكر النفس، أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط، ولو قال لها: اختاري، فقالت: أنا أختار نفسي، أو اخترت نفسي تطلق، ـــــــــــــــــــــــــــــ البعض والأصح أنه لابد أن يدل على الإعراض وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت لتدعو الشهود ولو أقامها أو جامعها مكرهة بطل لتمكنها من المبادرة إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الإعراض، وقيدنا العمل بكونه دالا على الإعراض لأنها لو أكلت ما ليس كثيرا أو شربت أو لبست ثوبا قاعدة لم يبطل خيارها بخلاف ما إذا امتشطت أو خاضت في كلام آخر. (وذكر التقبيل) وما يقوم مقامها كما أفاده بقوله: (والاختيارة) يعني التي هي مصدر اختاري أو التطليقة أو تكرار لفظ اختاري وكذا قولها: اخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج بخلاف اخترت قومي وذا رحم محرم وينبغي أن يحمل على ما إذا كان لها أب أو أم أما إذا لم يكن لها ولها أخ ينبغي أن يقع لأنها تكون عنده عادة كذا في (الفتح) ولم أر ما لو قالت: اخترت أبي أو أمي وقد ماتا ولا أخ لها وينبغي أن يقع لقيام ذلك مقام اخترت نفسي، (في أحد كلاميهما) أي: الزوج والزوجة (شرط) لأن الوقوع به إنما عرف بإجماع الصحابة وهو في المفسر من أحد الجانبين فيقتصر على مورد النص فيه ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية بعد أن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه لكنه باطل وإلا لوقع لمجرد النية مع لفظ لا يصلح له كاسقني الماء كذا في (الفتح) وهو مخالف لما في (الفوائد التاجية) من أن عدم الوقوع فيما لو قال لها: اختاري فقالت: اخترت مقيد بما إذا لم يصدقها الزوج أنها اختارت نفسها، فإن صدقها وقع الطلاق بتصادقها وإن خلا كل منهما عن ذكر النفس وذكره في (العناية) بقيل، وفيه إيماء إلى ضعفه وهو الحق. وفي (المحيط) لو قال لها: اختاري فقالت: فعلت لا يقع لأنه كناية عن قولها اخترت وبه لا يقع ولو زاد نفسك وقع وفي (جامع الفصولين) قال لها: اختاري فقالت: ألحقت نفسي بأهلي لا يقع واكتفى بما ذكر في أحد كلاميهما لأنها إذا كانت في كلامه فقد تضمن جوابها وإعادته وإن كان في كلامها فقد وجد ما يختص بالبينونة فإذا نوى الزوج الطلاق تمت عليه البينونة وإنما كان مصدر اختياري مفسرا لأن التاء فيه للوحدة واختيارها نفسها هو الذي يتحد مرة ويتعدد أخرى فإن كرر لفظ اختاري ثلاثا فقالت: اخترت يقع الثلاث فلما قيد بالوحدة ظهر أنه أراد تخييرها في الطلاق فكان مفسرا، فإن قلت: هذا مناقض لما مر من أن الاختيار لا يتنوع قلت: لا تناقض إذ لا يلزم مما ذكر كون الاختيار نفس يتنوع كالبينونة إلى غليظة وخفيفة حتى يصاب كل نوع منه بالنية من غير لفظ آخر. (ولو قال لها: اختاري فقالت: أنا أختار نفسي أو) قالت: (اخترت نفسي تطلق)

قال: اختاري اختاري اختاري، فقالت: اخترت الأول أو الوسطى أو الأخيرة أو اختيارة، وقع الثلاث ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني بائنا ولم يقيده به إحالة على ما قدمه، وبين بهاتين الجملتين أن قوله في أول الباب: فاختارت لا فرق فيه بين الماضي والمضارع سواء ذكرت أنا أو لا لكن القياس في المضارع عدم الوقوع لأنه وعد أو محتمله فصار كما إذا قال لها: طلقي نفسك فقالت: أنا أطلق نفسي وجه الاستحسان حديث عائشة في (الصحيحين): (فإنها قالت لما قال لها عليه الصلاة والسلام حين نزول آية التخيير إني مخيرك بأمر فلا/ تجيني حتى تستأمري أبويك ثم أخبرها بالآية: أفي هذا أستأمر أبوي بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة) واعتبره عليه الصلاة والسلام جوابا يفيد قيام معناه في الحال، وإن كان التخيير في الآية ليس هو التخيير الذي الكلام فيه بل إذا اختارت نفسها طلقها كما هو ظاهر من الآية ولأن المضارع حقيقة في الحال كما في كلمة الشهادة وأداء الشهادة في أنا أطلق نفسي تعذر الحمل على الحقيقة لأنه ليس حكاية عن حالة قائمة كأختار نفسي، إذ الإيقاع إنما يكون باللسان دون القلب وفعل اللسان لا يصح أن يكون حكاية عن فعل قائم باللسان على طريق لأنه معدوم والحكاية تقتضي وجود المحكي عنه، والاختيار عمل القلب فكأن الذكر باللسان حكاية عن أمر قائم لا محالة، وقيد المسألة في (المعراج) بما إذا لم ينو شيئا الطلاق وإن نواه وقع، وفي (الفتح) قدمنا أنه لو تعورف يعني الإيقاع بنفس أطلق جاز، وفي (البزازية) لو قالت اخترت أن أطلق نفسي جاز، وفيها لو قال: إن شفى الله مريضي فأنا أحج كان نذرا وفي الكفالة لو قال: إن لم يؤده فلان فأنا أدفعه إليك كان كفالة لما علم أن المواعيد باكتساب صور التعاليق تكون لازمة انتهى. وعلى هذا لو قال: إن دخلت الدار فأنا أطلقك، ولو (قال) لها: (اختاري اختاري اختاري، فقالت: اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة أو) قالت: اخترت (اختيارة) أو الاختيارة أو مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو اختيارة واحدة (يقع الثلاث) عند الإمام في المسألة الأولى، وقالا: واحدة وفيما عداها بالإجماع (بلا نية) لدلالة التكرار على إرادة الطلاق، إذ الاختيار في حق الطلاق هو الذي يتكرر وهذا رأي الشهيد وعليه جرى المصنف تبعا لصاحب (الهداية) لأنه لم يشترطها في (الجامع الصغير) وشرطها في (الزيادات) و (الجامع الكبير) قال الإتقاني: وهو الظاهر واختاره أبو المعين النسفي وقاضي خان حيث قال في شرح (الزيادات): قال لها: أمرك بيدك أو

بلا نية، ولو قالت: طلقت نفسي، أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة، ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ وأمرك بيدك أو فأمرك بيدك فقالت اخترت نفسي وقال الزوج: لم أنو الطلاق كان القول قوله لأن التكرار لا يزيل الإبهام، وكذا لو كرر الاختيار انتهى، وغاية الأمر أن ما في (الجامع) مطلق وما في غيره مقيد فيحمل المطلق على المقيد وفي (الكافي) قيل: لابد من ذكر النفس وإنما حذف لشهرته لأن غرض محمد التفريغ دون بيان صحة الجواب قال الشارح: وعلى هذا فينبغي أن تكون النية حذفت بهذا المعنى لا أنها ليست بشرط، ويدل على ذلك ما في (البدائع) قال لها: اختاري ثلاثا فاختارت نفسها فقال: نويت بالأولى الطلاق وبالباقيتين التأكيد لم يصدق قضاء لأنه لما نوى بالأولى الطلاق صار الحال حال مذاكرة الطلاق فكان طلاقا ظاهرا ومثله في (المحيط) وهذا يدل على اشتراطها بل يصرح به. قال في (الفتح): وهو الوجه لأن تكرار أمره بالاختيار لا يصير ظاهرا في الطلاق لجواز أن يريد اختاري في المال واختاري في المال واختاري في المسكن ونحوه انتهى، وبهذا تبطل تلك المقدمة القائلة إن الاختيار في حق الطلاق هو الذي يتكرر، لهما في الأولى أن ذكر الأولى وما جرى مجراه إن كان لا يفيد من حيث الترتيب فيفيد من حيث الإفراد، وله أن هذا الوصف لغو لأن المجتمع في الملك لا ترتيب فيه والكلام للترتيب والإفراد من ضروراته فإذا لغى في حق الأصل لغى في حق التبع فبقي قولها اخترت وهو يصلح جوابا للكل، ولقائل أن يقول: لا نسلم أن الإفراد من ضرورة الترتيب بل كل منهما مدلول اللفظ بالأصالة إذ الأول اسم لفرد سابق فالفردية مدلول تضمين، والجواب بعد تسليم هذا أنه قد يكون أحد جزأي المدلول المطابق هو المقصود والآخر تبعا فينتفي بانتفاء المقصود، والوصف كذلك لأنه ما وضع لذات باعتبار معنى هو المقصود ومعنى السبق هو المقصود فكان الترتيب أصلا والإفراد من ضروراته، وأجمعوا أنها لو قالت: اخترت التطليقة الأولى وقعت واحدة، ثم لا فرق على قوله بين العطف وتركه ولو قال: على ألف لزمها الكل عنده وعندهما مع العاطف لا يقع شيء ومع عدمه إن اختارت الأخيرة لزمها المال وإلا لا، (ولو قالت) في جواب/ التخيير ثلاثا (طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة) لأنها أتت ببعض ما فوض إليها إذ التطليق داخل في ضمن التخيير والتخيير هو العامل، والواقع به بائن ألا ترى إلى ما سيأتي من أنه لو أمرها بالبائن فأوقعت رجعيا وقع ما أمر به وما وقع في (الهداية) من أنه يملك الرجعة. قال الشارحون: إنه غلط من (الكتاب) والأصح من الرواية فهي واحدة ولا يملك الرجعة، لأن روايات (المبسوط) و (الجامع الكبير) و (الزيادات) وعامة نسخ

أمرك بيدك في تطليقة، أو اختاري تطليقة، فاختارت نفسها طلقت رجعية. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الجامع الصغير) هكذا سوى (الجامع الصغير) لصدر الإسلام فإنه ذكر فيه مثل ما ذكر في (الكتاب) كذا في (العناية). وأقول: كيف يكون ما في (الهداية) غلطا من (الكتاب) وقد علل المسألة بأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق بعد انقضاء العدة فكأنها اختارت نفسها بعد العدة فالصوب كما في (الشرح) إطلاق كونه غلطا نعم ما وقع في بعض نسخ (الجامع الصغير) خال عن التعليل فكونه غلطا من (الكتاب) صحح وما في (البحر) من أن صدر الشريعة قال: إن في المسألتين روايتين في رواية تقع رجعية وفي أخرى بائنة وهذا أصح وبه ظهر أن ما في (الهداية) هو إحدى الروايتين، فقول من قال: إنه غلط أو سهو مما لا ينبغي غلط إلا أن صدر الشريعة لا يعني أنهما روايتان عن الإمام إنما أراد بالأولى رواية (الجامع الصغير) لصدر الإسلام وفي هذه قال الشهيد: إنها غلط من الكاتب، وكيف يقول ذلك فيما هو مروي عن الإمام؟ قال: (أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت نفسها طلقت طلقة رجعية) لأنه جعل لها الاختيار لكن بتطليقة وهي تعقب الرجعة قيل: لو كان كذلك لكان هذا كقوله طلقي نفسك مع أنه لا يقع ما اخترت له جوابا له، وأجيب بأن آخر كلامه لما فسر الأول كان القائل هو المفسر وهو الأمر باليد والتخيير وقولها اخترت يصلح جوابا له؛ قيد بقوله في تطليقة لأنه لو قال لها: تطلقي نفسك أو لتطلقي نفسك أو حتى تطليق فطلقت فهي بائنة كذا في (جامع الفصولين). تتمة: قال لرجل: خير امرأتي فلا خيار لها ما لم يخيرها، ولو قال: أخبرها بالخيار فسمعت من غيره واختارت نفسها وقع لأن الأمر بالإخبار يقتضي تقدم المخبر به فكأنه إقرار منه بثبوت الخيار لها كذا في (المحيط)، ولو قال لها: أنت طالق إن شئت واختاري فقالت: شئت واخترت وقعت اثنتان كذا في (الفتح)، والبائن منهما هو الثانية وفي (البزازية) زوجني امرأة فإذا فعلت فأمرها بيدها فزوجه الوكيل ولم يشترط ذلك كان الأمر بيدها بحكم التعليق من الزوج، ولو قال: واشترط لها على أني إن تزوجتها فأمرها بيدها لم يكن بيدها بلا اشتراط الوكيل والله الموفق للصواب.

فصل في الأمر باليد

فصل في الأمر باليد أمرك بيدك ينوي ثلاثا، فقالت: اخترت نفسي بواحدة وقعن، ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الأمر باليد التفويض بالاختيار والأمر باليد لا يعلم فيه خلاف بل هو صحيح قياسا واستحسانا غير أن التفويض بالاختيار عرف بإجماعهم نصا بخلافه بلفظ الأمر باليد فإنه لم يقع به ذلك النقل صريحا فلا جرم قدم الأول (أمرك بيدك) أو في يدك أو بيمينك أو شمالك أو كفك أو فمك أو لسانك ولو قال: في عينك سئل عن نيته، وأمري بيدك المختار أنه كأمرك بيدك كذا في (الخلاصة)، وفي (الولوالجية) أعرتك طلاقك كأمرك بيدك ولو قال بيدي ويدك لم تنفرد حملا على التعليق، وفي أمرك بيد الله ويدك تنفرد وذكر اسمه تعالى للتبرك ذكره في (تلخيص الجامع) وفي (المحيط) أنت طالق أو أمرك بيدك لا تطلق حتى تختار نفسها في مجلسها وحينئذ يخير الزوج إن شاء أوقع تطليقة وإن شاء أوقع باختيارها ولو جعل أمرها بين رجلين فطلقها أحدهما لم يقع كذا في (الفصول) وفي (الخانية) وكلهما بطلاقها لكل أن يطلق إلا أن يكون بمال وكذا العتق انتهى، فيطلب الفرق ولا فرق بين صغيرة أو كبيرة إذ هو تعليق الطلاق بإيقاعها وعن هذا قال في (الخانية): جعل أمر امرأته بيد مجنون أو صيب لا يعقل صح وليس للزوج أن يرجع ثم نقل بعده عن (الأصل) أن الصبي إن كان ممن يعبر يجوز قال: ولو جعل أمرها بيد آخر فجن المجعول إليه فطلق. قال محمد: إن كان لا يعقل ما يقول لا يقع طلاقه انتهى، ومعنى يعبر ينطق بالطلاق والفرق بين ما إذا فوضه إلى مجنون أو عاقل بجن في الأول علق بإيقاع غير العاقل وفي الثاني بإيقاع العاقل ولم توجد نية لخطابها (ينوي ثلاث) أي: ينوي التفويض في ثلاث (فقالت) في مجلسها كما أفاده بالفاء التعقيبية وسيأتي تعاريفه: (اخترت نفسي بواحدة) أو اخترت أمري أو قبلت نفسي أو قال أبوها قبلتها كما في (الخلاصة) وينبغي أن تقيد مسألة/ الأب بالصغيرة ولو قالت في جواب الأمر باليد: أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو أنا منك بائن كان جوابا، لأن هذه الألفاظ تفيد الطلاق وكذا لو قالت: أنا منك طالق وأنا طالق بخلاف أنت مني طالق (وقعن) أي: الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لكونه تمليكا كالتخيير والواحدة صفة للاختيارة فصار كأنها قالت: اخترت نفسي واحدة بمرة واحدة وبذلك يقع الثلاث، قيد بنية الثلاث لأنه لو نوى واحدة أو اثنتين وكانت حرة أو لم ينو شيئا وقعت واحدة، ولو طلقت ثلاثا فقال الزوج: ما نويت إلا واحدة حلف كما في (الفتح) إلا إن كان في حالة الغضب أو مذاكرة الطلاق فلا يصدق أنه لم يردها، فإن ادعت أنه

وفي طلقت نفسي واحدة، أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة، ولا يدخل الليل في أمرك بيدك اليوم، وبعد غد، وإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر ذلك اليوم، وكان بيدها بعد غد، ـــــــــــــــــــــــــــــ كان في هذه الحالة أو أنه نوى وأنكر كان القول له مع يمينه، وتقبل بينتها في إثبات هذه الحالة لا على نيته إلا أن تقام على إقراره بها، كذا في (العمادية) وبذكر النفس يعني أو ما يقوم مقامها لأنها لو قالت: اخترت أو طلقت لم يقع شيء كما في (المحيط)، وبهذا ظهر أن الأمر باليد كالاختيار إلا في نية الثلاث فقط وما في (البدائع) من عدم اشتراط ذكر النفس فيه فمخالف لعامة الكتب وتعليق الأمر باليد كالتخيير حتى لو قال لها: إن دخلت الدار فأمرك بيدك، فإن طلقت نفسها حين وضعت قدمها ما وقع وإن بعد ما مشت خطوتين لا يقع لخروج الأمر من يدها كذا في (المحيط). (وفي) الفصول دعوى المرأة على زوجها أنه جعل أمرها بيدها لا تسمع إلا إذا طلقت نفسها بحكم الأمر ثم ادعت وقوع الطلاق ووجوب المهر بناء على الأمر فتسمع وفي قولها جوابا للأمر باليد: (طلقت نفسي بواحدة أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة)، لأن الواحدة صفة لمصدر هو طلقة إذ خصوص العامل اللفظي قرينة خصوص المقدر، وبهذا وقع الفرق بين جوابها بهذا أو اخترت نفسي بواحدة واندفع به ما أورد من أنه ينبغي وقوع الواحدة في الثاني أيضا لأن الموصوف كما احتمل أن يكون مرة احتمل أن يكون طلقة لما قد علمته من أن الاحتمالين ليسا على حد سواء، (ولا يدخل الليل في) قوله لها: (أمرك بيدك اليوم وبعد غد) لأنهما تمليكان، وجعلها زفر تمليكا واحدا قياسا على طلقي نفسك اليوم وبعد غد حيث لا يقع إلا طلاق واحد. قلنا: الطلاق لا يحتمل التأقيت بخلاف الأمر باليد غير أن عطف زمن على زمن مماثل له مفصول بينهما بزمن مماثل لهما ظاهر في قصده تقييد الأمر المذكور بالأول وتقييد أمر آخر بالثاني وإذا كان كذلك فيكون للفظ يوم مفردا غير مجموع على ما بعده في الحكم المذكور من باب عطف الجمل فلا يدخل الليل، (وإن ردت الأمر في يومها) ولو أتى بالفاء لكان أولى (بطل أمر ذلك اليوم)، قيد بقوله: اليوم لأنه لو قال: في اليوم تقييد بمجلسها (وكان بيدها بعد غد) وهو الأمر الثاني، وهذا أعني الحكم بصحة ردها مناقض لما صرح به في (الذخيرة) من أنه لو جعل أمرها بيدها أو يد أجنبي لا يصح لأن هذا تمليك شيء لازم فيقع لازما والمسألة مروية عن أصحابنا رحمهم الله تعالى.

وفي أمرك بيدك اليوم وغدا يدخل، وإن ردت في يومها لم يبق، في الغد، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال العمادي في (فصوله): والتوفيق أنه يرتد بالرد عند التفويض أما بعد ما قبله ثم أراد المفوض إليه رده لا يرتد نظيره الإقرار فإن من أقر لإنسان بشيء فصدقه المقر له ثم رد إقراره لا يصح الرد انتهى. قال في (فتح القدير): وحاصله أنه كالإبراء عن الدين ثبوته لا يتوقف على القبول ويرتد بالرد واختار قبله توفيقا آخر هو أن المراد بردها هنا اختيارها زوجها اليوم وحقيقته انتهى ملكه وهناك المرد أن يقول: رددت انتهى، وإليه يرشد قول صاحب (الهداية) حيث قال بعد ما حكى عن الإمام أنها إذا ردت الأمر في اليوم كان لها الخيار غدا: والظاهر أنها إذا اختارت نفسها اليوم لا يبقى لها الخيار في غد فكذا إذا اختارت زوجها يرد الأمر، وقال ابن قاضي سماونة في (جمعة): يحتمل أن يكون في المسألة روايتان لأنه تملك من وجه فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك ولا يصح نظرا للتمليك وفساده نظرا للتعليق، واعلم أن هاهنا تناقضا آخر. قال في (الذخيرة): جعل أمرها بيدها ثم طلقها طلاقا بائنا خرج الأمر من يدها في ظاهر الرواية وفي (النوادر) عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه لا يخرج وإن كان الطلاق رجعيا لا يخرج وفي موضع آخر لا يخرج وإن كان الطلاق بائنا ووقف/ بأن الخروج فيما إذا كان التفويض منجزا وعدمه فيما إذا كان معلقا بأن قال إن فعلت كذا فأمرك بيدك ثم طلقها بائنا وعبارة العمادي في (فصوله) بعدما حكى ما قدمناه. قالوا: هذا إذا كان الأمر منجزا أما إذا كان معلقا لا يبطل سواء تزوجها في العدة أو بعد انقضائها والرواية في (المنتقى) انتهى، وأصله ما مر من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان معلقا فما في (القنية) من أن المعلق لا يبقى بعد الطلاق البائن في ظاهر الرواية ثم رقم إن تزوجها قبل انقضاء العدة فالأمر باق وإلا لا مشى على إطلاق ظاهر الرواية وقد علمت أنه مقيد والتوفيق هو وفي (أمرك بيدك اليوم وغدا يدخل) الليل أنه لم يتخلل بين الوقتين وقت من جنسهما لم يتناوله الكلام فكان جمعا بحرف الجمع في التمليك الواحد، وصار كقوله: أمرك بيدك في يومين وفيه تدخل الليلة المتوسطة استعمالا لغويا وعرفيا (وإن ردت) الأمر (في يومها لم يبق في الغد)، قيد بقوله وغدا لأنه لو قال: أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك غدا كان في أمرين كذا عن الثاني، قال السرخسي: وهذا صحيح لأنه لما ذكر لكل وقتا عرفنا أنه لم يرد اشتراك الوقتين في خبر واحد والأصل في كل كلام الاستقلال ولم يحك قاضي خان فيه خلافا. قال في (الفتح): فلم يبق تخصيص أبي يوسف إلا أنه مخرج للفرع ويتفرع عليه عدم جواز اختيارها نفسها ليلا فلا يغفل عنه وفي (جامع التمرتاشي) أمرك

ولو مكثت بعد التفويض يوما ولم تقم أو جلست عنه، أو اتكأت عن القعود، أو عكست، أو دعت أباها للمشورة، أو شهودا للإشهاد، أو كانت على دابة، فوقفت بقي خيارها، ... ـــــــــــــــــــــــــــــ بيدك اليوم غدا أو بعد غد أمر واحد في ظاهر الرواية ولو قال: أمرك بيدك فأمرك بيدك فأمر واحد، كأنه لأن الفاء في الثاني فصيحة وفي (الولوالجية) أمرك بيدك إلى رأس الشهر فلها أن تطلق نفسها مرة واحدة في الشهر، لأن الأمر متحد، ولو قالت اخترت زوجي بطل خيارها في اليوم، ولها أن تختار نفسها في الغد عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: خرج الأمر من يدها في الشهر كله، ولو قال: هذه السنة واختارت نفسها ثم تزوجها لم يكن لها خيار في باقي السنة، ولو طلقها واحدة قبل الدخول ثم تزوجها في تلك السنة كان لها الخيار عند الإمام، وقال أبو يوسف: لا خيار لها انتهى، وأنت خبير بأن الفرع الأول لا يخلو من احتياج إلى تأمل، وجهه إذ مقتضى كونه أمرا واحدا أن لا يبطل خيارها في الغد كما قال المصنف ثم رأيته في (الدراية) وجه قول الإمام بأن الأمر باليد تمليك نصا تعليق معنى فمتى لم يذكر الوقت فالعبرة للتمليك ومتى ذكره فالعبرة للتعليق. (ولو مكثت) مكانها (بعد التفويض) أي: تفويض الزوج (يوما) ليس بقيد وإنما خصه لأنه غاية ما تمكث عادة مع ضعف بنيتها ولما كان معي مكثت بقيت مكانها بعد التفويض وهذا صادق بما إذا كانت قائمة إلا أنه لما قرره بيوم وكان قيامها في كله غير ممكن عادة أردفه بقوله (ولم تقم) فكأنه قال: مكثت قاعدة يوما وأراد بذلك أن بإطالة مكثها لا يخرج الأمر من يدها لأنه لا دلالة فيه على الإعراض، فلا يرد عليه أنه مقيد بما إذا لم يوجد منها ما يدل على الإعراض أو جلست عنه أي: عن القيام (أو اتكأت عن القعود أو عكست) بأن قعدت عن الاتكاء أو كانت محتبية فتربعت أو عكست، قيد بالاتكاء لأنها لو اضطجعت فإن هيأت الوسادة كما يفعل للنوم بطل، وقيل: لا يبطل مطلقا كذا في (الخلاصة) (أو دعت أباها للمشورة) بفتح الميم وضم الشين أي: المشاورة (أو) دعت (شهودا للإشهاد) ولم يكن عندها من يدعوهم سواء تحولت من مكانها أو لا، ولا خلاف في الثاني واختلفت في الأول بناء على أن المعتبر في بطلان الخيار إعراضها أو تبدل المجلس فعند البعض أيهما وجد، وعند البعض الإعراض وهذا أصح وفي (الفتح) لو قامت لتدعوهم ولم تنتقل قيل: لا يبطل وإن انتقلت ففيه روايتان (أو كانت على دابة فوقعت) بإيقافها أو اتفاقا (بقي خيارها) لأنه لم يوجد منها ما يدل على الإعراض ومن ثم لم يبطل فيما لو نامت قاعدة أو كانت تصلي المكتوبة أو الوتر فأتمتها أو السنة المؤكدة في الأصح أو ضمت إلى النافلة أخرى أو لبست من غير قيام أو أكلت قليلا أو شربت أو قرأت قليلا

وإن سارت لا، والفلك كالبيت. ـــــــــــــــــــــــــــــ أو سبحت أو قالت: لمَ لم تطلقني بلسانك. قال في (الذخيرة): وفيه نظر لأن هذا كلام زائد به يتبدل المجلس ورده في (الفتح) بأن المبدل له ما يكون قطعا للكلام الأول وإفاضة في غيره وليس هذا كذلك بل الكل يتعلق/ بمعنى واحد هو الطلاق انتهى. ويدل عليه ما في (الخلاصة) لو قالت: ما تصنع بالولد ثم طلقت نفسها وقع وكذا لو قالت لله علي نسمة أو هدي بدنة أو حجة أو الحمد لله شكرا لما فعلت، ولو جعل أمرها وأمر عتق العبد بيدها فبدأت بالعتق قيل: إن كان عبد زوجها كان إعراضا وإلا لا، (وإن سارت لا) أي: لا يبطل خيارها لأن سيرها مضاف إليها قيل: لو اختارت نفسها مع سكوته والدابة تسير طلقت لأنه لا يمكنها الجواب بأسرع من ذلك إذ اتحاد المجلس إنما يعتبر ليصير الجواب متصلا بالخطاب وقد وجد إذا كان من غير فصل كذا في (الفتح) وفسر الإسراع في (الخلاصة) بأن يسبق جوابها خطواتها ولا فرق بين كون الزوج معها على الدابة أو الأرض إذ دلالة الإعراض قائمة في الكل، ولذا بطل خيارها لو كانت نازلة فركبت أو تحولت إلى أخرى أو أمرت وكيلها أو أجنبيا ببيع أو شراء أو دعت بطعام فأكلته أو اغتسلت أو امتشطت أو اختضبت أو جومعت أو نامت أو قالت: أعطني كذا إن طلقتني كما في (الخلاصة) (والفلك) يعني السفينة (كالبيت) لأن سيرها غير مضاف إلى راكبها بل إلى غيره من الريح ودفع الماء في ماله جرية فلا يبطل بسعيها بل بتبدل المجلس، وعند الثاني أنها إذا كانت واقفة فسارت بطل وقالوا: لو كانا في محل تقوده الجمال لا يبطل خيارها بالسير. قال في (الفتح): لأنه والحالة هذه كالسفينة يعني بجامع أن السير في كل منهما غير مضاف إلى راكب، وقياس هذا أنها لو كانت على دابة وثمة من يقودها أن لا يبطل بسيرها. تكميل: طلب أولياء المرأة من الزوج أن يطلقها فقال الزوج لأبيها ما تريد مني أفعل ما تريد وخرج فطلقها أبوها لم تطلق إن لم يرد الزوج التفويض، والقول له أنه لم يرده كذا في (الخلاصة) جعل أمرها بيدها حال غيبتها فطلقت نفسها ثم اختلفا، فقال: علمت منذ أيام ولم تطلقني في مجلس العلم وقالت: بل علمت الآن فالقول لها ولو جعل الأمر بيدها إن ضربها بغير جناية تطلق نفسها متى شاءت فضربها ثم اختلفا فقال: ضربتها بجناية فالقول له لأنه ينكر صيرورة الأمر بيدها وإن يبين الجناية كذا في (فصول العمادي) وفي الفصل الثالث عشر منه: لو أقامت بينة أنه ضربها بغير

فصل في المشيئة

فصل في المشيئة ولو قال لها: طلقي نفسك، ولم ينو، أو نوى واحدة فطلقت وقعت رجعية، وإن طلقت ثلاثا، ونواه وقعن ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ جناية ينبغي أن تقبل وإن قامت على النفي لكونها على الشرط يجوز إثباته بالبينة وإن كان نفيا. ولو قال: إنما طلقت نفسها في ذلك المجلس بلا تبدل فالقول لها لأنه وجد سببه بإقراره وهو التخيير فالظاهر عدم الاشتغال بشيء آخر، قال: خيرتك أمس فلم تختاري وقالت: قد اخترت فالقول له قال لقنه: جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك وقال القن: فعلت لا يصدق إذ المولى لم يقر بعتقه لأن جعل الأمر بيده لا يوجب العتق ما لم يعتق القن نفسه والقن يدعي ذلك والمولى ينكر ولا قول للقن في الحال لأنه يخبر بما لا يملك إنشاؤه لخروج الأمر من يده بتبدل مجلسه. قال ابن القاضي سماونة: أقول: على هذا في مسألة الاشتغال بكلام آخر ينبغي أن لا يقبل قولها وفرق في (البحر) بينهما بأنه في الأول اتفقا على صدر الإيقاع منها بعد التفويض والزوج يدعي إبطاله فلم يقبل منه بخلافه في الثانية إذ المولى يقر بالإيقاع من العبد بعده، وفي (العمادية) فضولي قال لامرأة الغير: جعلت أمرك بيدك فاختارت نفسها فأجازه الزوج لا يقع لكن يصير الأمر بيدها لأن إيقاعها ليس له مجيز إن وقوعه لما مر من أن الزوج لا يملك الإيقاع وعلى هذا لو قالت: جعلت أمري بيدي واخترت نفسي لا يقع ويصير الأمر بيدها بخلاف ما لو قالت بدل اخترت: طلقت وفي (المحيط) جعل أمر كل امرأة يتزوجها بيد امرأته حيث يقع بالإجازة وفي (البزازية) جعل أمرها بيدها في النكاح الفاسد أن ضربها بلا جرم فطلقت نفسها بحكم التفويض إن قيل: يكون متاركة كالطلاق وهو الظاهر فله وجه لأن المتاركة فسخ، وتعليق الفسخ بالشرط لا يصح، ولو قال: طلقي نفسك فطلقت نفسها يكون متاركة والله أعلم بالصواب. فصل في المشيئة (ولو قال: لها طلقي نفسك و) الحال أنه (لم ينو) شيئا (أو نوى) طلقة (واحدة) ول حذف هذا لعلم بالأول (فطلقت) نفسها (وقعت) واحدة (رجعية وإن طلقت) نفسها (ثلاثا، ونواه) أي: الزوج أي: نوى الثلاث (وقعن) / معناه افعلي فعل التطليق فهو مذكور لغة لأنه جزء معنى اللفظ فتصح نية العموم غير أنه في حق الأمة اثنتان وفي الحرة ثلاث، ولا فرق بين إيقاعها بلفظ واحد ومتفرقا، ولو قالت: فقلت وقد

وبأبنت نفسي طلقت لا باخترت، ولا يملك الرجوع، وتقيد بمجلسها ـــــــــــــــــــــــــــــ نوى الثلاث وقعن كما في (الخانية) قيد بخطابها لأنه لو قال لها: طلقي أي نسائي شئت أو أمر نسائي بيدك فطلقت نفسها لم يقع كذا في (الخانية) وفيها طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فقالت: أنا أطلق أو قد شئت أن أطلق نفسي كان باطلا، واعلم أن المناسب للترجمة الابتداء بمسألة فيها ذكر المشيئة كذا في (العناية). وأجاب في (الحواشي السعدية) بأن ما ذكر فيه المسألة بما لم يسبق المركب يذكر فيها بمنزلة المركب من المفرد يعني والمفرد يسبق المركب وكذا ما نزل منزلته، (وبأبنت نفسي) أو طلقت نفسي طلاقا بائنا جوابا لقوله لها: طلقي نفسك وزاد تطليقة رجعية (طلقت) بشرط نيتها كما في الأمر (تلخيص الجامع) وفيه إيماء إلى أنه رجعي، (لا باخترت) وخرج الأمر من يدها والفرق أن الإبانة من ألفاظ الطلاق التي تستعمل في إيقاعه كناية فقد أجابت بما فوض إليها غير أرادت فيه وصفا فيلغو بخلاف الاختيار إذ ليس هو من الصريح ولا من الكناية ومن ثم لو قالت: أبنت نفسي توقف على إجازته وفي اخترت لا تلحقه الإجازة بل يبطل (ولا يملك) الزوج (الرجوع) عن تفويض الطلاق إليها بعد صدوره منه لما فيه من معنى التعليق (وتقيد بمجلسها) لأنه تمليك فإذا قامت أو أتت بما يدل على الإعراض بطل فالتفويض به أحكام تترتب على جهة التمليك وأحكام على جهة التعليق. قال في (الفتح): والظاهر أن كلها بما يمكن ترتيبها على التمليك فصحة التوقيت على أنه تمليك ضعيفة وقدمنا أن إلحاقها بالعارية أقرب، ثم من صور التوقيت ما يوجب التوقف سواء امتداد الملك الذي تحقق في الحال وكذا عدم صحة الرد بل سكوته بلا علة وأما عدم صحة الرجوع فيناسب كلا من التعليقين والتمليك لأنه لو ثبت يلزم بلا قضاء ولا رضا بخلاف قوله طلقي ضرتك وقوله لأجنبي: طلقها أو لها: طلقي فلانة وقول رب الدين للمديون: أبرئ ذمتك فإنه في هذه المسائل محض توكيل، والمديون وإن كان عاملا لنفسه إلا أنه ضمنه على أن الشارح في الوكالة جزم بأنه تمليك غير أن مقتضاه عدم صحة الرجوع وتقييده بالمجلس والمصرح به صحته وعدم تقييده. وفي (الظهيرية) قال للمدخول بهما: طلقا أنفسكما ثلاثا فطلقت كل واحدة منهما نفسها أو صاحبتها ثلاثا على التعاقب طلقتا ثلاثا بتطليق الأولى وتطليق الثانية باطل ولو بدأت الأولى بتطليق صاحبتها ثم طلقت نفسها لم يقع عليها شيء لخروج الأمر من يدها ووقع على صاحبتها والفرق بين البدأة بنفسها وبصاحبتها لا يخفى على متأمل، فإن قلت: صرح في (الخلاصة) وغيرها بأن اشتغالها بطلاق ضرتها لا

إلا إذا زاد متى شئت ولو قال لرجل: طلق امرأتي لم يتقيد بالمجلس إلا إذا زاد إن شئت، ... ـــــــــــــــــــــــــــــ يخرج الأمر من يدها قلت: ذلك في الأمر باليد والكلام في الأمر بالتطليق ولا خفاء أنها فيه وكيلة ولذا لو نهاهما كان لكل واحدة أن تطلق نفسها في المجلس دون غيرها كما في (المحيط) (إلا إذا زاد متى شئت) أو إذا شئت أو إذا ما شئت أو حين شئت أو أردت أو رضيت أو أحببت فإن لها أن تطلق في المجلس وبعده لأن هذه الألفاظ لعموم الأوقات فصار كما إذا قال: في أي وقت شئت، وكلما كمتى مع إفادة التكرار إلى الثلاث بخلاف أن وكيف وحيث وكم وأين وأينما في هذه تقييد بالمجلس. قال في (المحيط) ولو قال: عن شئت فأنت طالق إذا شئت كما لها مشيئة في الحال وأخرى في عموم الأحوال لأنه علق بمشيئتها في الحال طلاقا معلقا بمشيئتها في أي وقت كما إذا شئت في المجالس صار كأنه قال أنت طالق إذا شئت انتهى، وهذا ظاهر في أنها لو قامت عن المجلس بطل الثاني أيضا. واعلم أنه متى ذكر المشيئة سواء أتى بلفظ يوجب العموم أو لا إذا طلقت نفسها بلا قصد غلطا لا يقع بخلاف ما إذا لم يذكرها حيث يقع. قال في (الفتح): وقدمنا ما يوجب حمل ما أطلق من كلامهم من الوقوع بلفظ الطلاق غلطا على الوقوع قضاء لا ديانة ولو طلقت نفسها بعد جنونه مطبقا، قال محمد: كل شيء يملك الزوج إن رجع عن كلامه يبطل بالجنون وكل شيء لم يكن له أن يرجع عن كلامه لم يبطل، (ولو قال لرجل) عاقل: (طلق امرأتي لم يتقيد) أمره (بالمجلس) لأنه توكيل ولذا كان له الرجوع إلا إذا زاد وكلما عزلتك فأنت وكيلي فإنه لا يقبل الرجوع ويصير لازما كما في (الخلاصة) وغيرها (إلا إذا زاد إن شئت) / كما في (المحيط)، ولو قال لها: أنت طالق إن دخلت الدار فدخلت لم يقع وكذا لو وكل بطلاقها وقال زفر: هذا والأول سواء، والتصريح بالمسألة كعدمه إذ الفعل الاختياري لا يتحقق بدونها وإذا تساويا كان الثاني توكيلا كالأول وصار كما لو قال له: بع عبدي إن شئت فإن ذكر المشيئة لا يخرج التوكيل إلى التمليك قلنا: المشيئة نوعان مشيئة تفتقر إليها الحركة الإرادية وهي ثابتة في كل متحرك بها ومشيئة يترتب عليها استحسان الفعل وتركه والأولى ثابتة في التوكيل مع جهة خطر رفعها قوله طلقها إيقاعا للفعل الموكل به والثانية إنما تكون في الملاك وقد فوضها إليه بقوله إن شئت هذا ما أمكنني تلخيصه من كلام المشايخ، ثم أقول: الوكيل في الطلاق كالرسول وحيث لا يتصور أن يكون الإنسان رسولا لنفسه كان قوله طلقي نفسك تمليكا وأما قوله: طلقي ضرتك وقوله لأجنبي: طلق امرأتي فيحتملان الرسالة فلم

ولو قال لها: طلقي نفسك ثلاثا، فطلقت واحدة وقعت واحدة لا في عكسه، ـــــــــــــــــــــــــــــ يذكر كلمة إن شئت كان توكيلا وإن ذكرها كان تمليكا صونا للزيادة عن الإلغاء، إذ التوكيل يحصل بدونه كذا في (الغاية) وإنما لغى ذكر المشيئة في البيع لأنه لا يحتمل التعليق ألا ترى أنه إذا علقه به بطل الشرط وصح البيع كما في (المحيط) واعترض بأن المعلق إنما هو الوكالة بالبيع وهي قابلة للتعليق لا البيع نفسه وأجيب بأنه اعتبر التوكيل بالبيع بأصل البيع. قال في (الفتح): وهذا غلط يظهر بأدنى تأمل وذلك لأن التوكيل هو قوله: بع فكيف يتصور كون نفس قوله معلقا بمشيئة غيره، بل وقد تحقق وفرع منه قبل مشيئة ذلك الغير ولم يبق لذلك الغير سوى فعل متعلق بالتوكيل أو عدم القبول والرد، وادعى في (البحر) أن هذا سهو إذ المدعى إنما هو تعليق الوكالة التي هي أثر التوكيل فجاز إطلاق التوكيل عليها في قوله، وكأنه اعتبر التوكيل أي: الوكالة ثم قال: والحق أن المعلق إنما هو الوكالة وتعليقها صحيح فيحتاج إلى الفرق انتهى. أقول: لا نسلم أن الوكالة معلقة بمشيئة لا تصافه بها يكون قبل مشيئة البيع ولا وجود للمشروط دون شرطه وإنما المعلق فعل متعلقها واعتبار التوكيل بالبيع غير صحيح لأن الأول قابل للتوكيل بخلاف الثاني فكيف يعتبر به، واعلم أنه لو قال له: طلقها إن شاءت لا يصير وكيلا ما لم تشأ ولها المشيئة في مجلس علمها، فإن شاءت وصار وكيلا فلو طلقها في مجلس وقع ولو قام عن مجلسه بطل التوكيل هو الصحيح لأن ثبوت الوكالة بالطلاق بناء على ما فوض إليها من المشيئة ومشيئتها تقتصر على المجلس فكذا الوكالة كذا في (الخانية). قال الحلواني: ينبغي أن يحفظ هذا فإنه مما عمت به البلوى فإن الوكلاء يؤخرون الإيقاع عن مشيئتها ولا يدرون أن الطلاق لا يقع وهذا مما يستثنى من قوله: لم يتقيد بالمجلس، ومن الفروع طلقها فأبتها أو أبانها لم يقتصر على المجلس ولو قال: طلقها وقد جعلت أمرها بيدها أو جعلت أمرها بيدك فطلقها كان الثاني غير الأول يعني فيقتصر التفويض دون، (ولو قال) لزوجته: (طلقي ثلاثا) أو اثنتين (فطلقت) نفسها (واحدة وقعت واحدة) لأنها ملكت إيقاع أكثر من واحدة فتملك إيقاع الواحدة ضرورة، وكذلك الوكيل إلا أن يقول: بألف فإنه إن طلقها واحدة بألف وقعت وإلا لم يقع شيء كما في الحاكم الشهيد (لا) يقع شيء (في عكسه) وهو ما إذا قال لها: طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا عند الإمام وقالا: تقع واحدة لأنها أتت بما ملكته وزيادة كما إذا طلقتها الزوج ألفا، وله أنها أتت بغير ما فوض إليها وهذا لأن الزوج إنما ملكها الواحدة والثلاث غير الواحدة بخلاف الزوج لأنه يتصرف

وطلقي نفسك ثلاثا إن شئت، فطلقت واحدة وعكسه لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ بحكم الملك وكذا هي في الأولى، واعترض بأن مذهب أهل الحق أن الجزء من الثلاثة ليس عينا ولا غير وأجيب بأن ذلك في الأمور الموجودة بخلاف نحو الطلاق، ولا يخفى أن هذا اصطلاح للمتكلمين، فالإلزام به إلزام بمجرد الاصطلاح، وغاية ما يلزم بعد التزامه أن التعبير بلفظ غير مجاز كذا في (الفتح). قال في (الحواشي السعدية): والأولى أن يقال: المراد المغايرة اللغوية لا ما اصطلح عليه المتكلمون، والخلاف مقيد بما إذا وقعت الثلاث بكلمة واحدة أما إذا قالت: واحدة وواحدة وقعت واحدة اتفاقا، قيد بقوله: طلقي لأنه لو قال لها: أمرك بيدك ينوي واحدة فطلقت ثلاثا وقعت واحدة اتفاقا كما في (المبسوط). وفي (الخانية): قالت: اللهم نجني منك فقال الزوج: أمرك بيدك ونوى به الطلاق/ ولم ينو العدد فقالت: طلقت نفسي فقال الزوج: نجوت لا يقع شيء في قول الإمام، لأنه إذا لم ينو الثلاث كان كأنه قال لها: طلقي نفسك ولم ينو العدد وقوله نجوت يحتمل الاستهزاء وتقع واحدة في قول صاحبيه انتهى، وهذا يخالف ما قدمناه أول الباب أنه إذا لم ينو شيئا في الأمر باليد تقع واحدة وفي وكالة الحاكم وكله أن يطلقها فطلقها الوكيل ثلاثا إن نوى الزوج الثلاث وقعن، وإن لم ينو لم يقع شيء في قوله، وقالا: تقع واحدة. (و) لو قال لها: (طلقي نفسك ثلاثا إن شئت) الثلاث (فطلقت) نفسها (واحدة و) في (عكسه) وهو قوله طلقي نفسك واحدة وإن شئت فطلقت ثلاثا (لا) يقع شيء في الوجهين، أما الأول فلأن تفويض الثلاث معلق بشرط هو مشيئتها بها ولم يوجد الشرط، وأما الثاني فهو قول الإمام وقالا: تقع واحدة على ما مر إذ مشيئة الثلاث ليست مشيئة الواحدة وانتقضت المطابقة بين ما أوقعته وما فوض إليها، ومن هنا قالوا: لو قال لها: طلقي نفسك واحدة إن شئت فقالت شئت نصف واحدة وعشرا إن شئت فقالت: طلقت نفسي ثلاثا لم يقع شيء، ولو قالت: ثلاثا أنت طالق إن شاء زيد، فقال زيد: شئت واحدة، قال البلخي: لا يقع ولو قالت: شئت أربعا فكذلك في قول الإمام وقالا: لا تقع الثلاث، ولو قال: أنت طالق إن شئت وشئت وشئت لا يقع شيء حتى تقول ثلاث مرات شئت الكل في (الخانية). وفي (المحيط): لو قالت في المسألة الأولى: طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة وإن فصلت بينها بسكون لم يقع شيء لأن السكون فاصل فلم توجد مشيئة الثلاث وإلا وقع الثلاث وعلى هذا تفرع ما في (الخانية) أنت طالق واحدة إن شئت

ولو أمرها بالبائن، أو الرجعي فعكست، وقع ما أمر به أنت طالق إن شئت فقالت: شئت إن شئت فقال: شئت ينوي الطلاق، أو قالت: شئت إن كان كذا لمعدوم باطل ـــــــــــــــــــــــــــــ أنت طالق اثنتين إن شئت، فقالت: قد شئت واحدة وقد شئت اثنتين إذا وصلت فهي طالق ثلاثا، (ولو أمرها بالبائن) بأن قال لها: طلقي نفسك بائنة (أو الرجعي فعكست) بأن قال رجعية فأوقعت في الأولى رجعية وفي الثانية بائنة (وقع ما أمر به) الزوج ولغي وصفها بهذا عرف أن المخالفة في الوصف لا تبطل الجواب، بخلاف ما إذا كانت في الأصل كما إذا فوض إليها واحدة فطلقت ثلاثا على ما مر وفي (الخانية) لو أمره بالرجعي فقال الوكيل: أبنتها لا يقع شيء. ولو قال: طلقتك بائنة تقع رجعية وهو صريح في أن الوكيل يكون مخالفا بإيقاعه بالكناية، وقد مر أنه يقع بقولها: أبنت نفسي وكأنه للتفرقة بين المالك والوكيل على ما مر أنه لو علق البائن أو الرجعي بمشيئتها فعكست لم يقع شيء على قول الإمام، وبه صرح في (الخانية) ولو قال: (أنت طالق إن شئت) أنت (فقالت: شئت) حال كونه (ينوي الطلاق أو قالت: شئت إن كان كذا المعدوم) كإن جاء المطر (بطل) كل من كلاميه فلا يقع شيء لأنه علق طلاقها بالمشيئة المطلقة منها وهي أنت بالمعلقة فلم يوجد الشرط، ثم هو اشتغال بما لا يعنيها فخرج الأمر من يدها ولا يقع بقوله: شئت وإن نوى إذ ليس في كلامه ذكر الطلاق أصلا ولا في كلامهما حتى لو قالت: شئت طلاقي إن شئت أو قال الزوج: شئت طلاقك ينويه يقع بخلاف أحببته ونضيته وأردته والفرق أن المشيئة تنبئ عن الوجود لأنها من الشيء وهو الموجود، فكان شئت بمنزلة أوجدت وليس إيجاد الطلاق إلا بإيقاعه وأما الإرادة فهي الطلب لغة وليس من ضرورة الطلب الوجود. وأورد أن أهل السنة على أنه لا فرق بينهما في صفاته تعالى فلا يدخلها أي: لا يكون الوجود جزء مفهوم أحدهما غير أن ما شاء الله كان وكذا ما أراده فكذلك أهل اللغة ففي المهموزة من (الصحاح) المشيئة الإرادة وفي الدال الإرادة المشيئة فما هذه التفرقة وأجيب بأنه لا مانع منها بالنسبة إلى العباد عملا بالعرف وهذا التخاطب العرفي إذا شئت كذا فمعناه أوجدته عن اختيار وبلا خلاف أردت كذا مجردا يفيد عرفا عدم الوجود غير أن الوجود في المشيئة لما كان محتمل اللفظ لا موجبه احتاج إلى النية، وبهذا ظهر أن فرق الإمام بين الإرادتين في حق العباد ليس رواية عنه في الفرق بينهما في صفاته، وأن ما قاله الإتقاني من أن التفرقة ضعيفة مستندا إلى أن أهل اللغة والأصول لم يفرقوا بينهما وارتضاه العيني مدفوع بما علمت، يفرع على عدم التفرقة بالنسبة إليه تعالى ما لو قال: أراد الله طلاقك/ فإنه يقع كشاء الله

وإن كان لشيء مضى طلقت وأنت طالق متى شئت، أو متى ما شئت، أو إذا شئت، أو إذا ما شئت فردت الأمر لا يرتد، ولا يتقيد بالمجلس، ـــــــــــــــــــــــــــــ طلاقك على التفرقة بالنسبة إلى العباد، ولو قال: شاء طلاقك ناويا فقالت: شئت وقع، ولو قال: أريديه أو اهوية وأحبيه أو ارضيه فقالت: أردته هويته أحببته رضيته لا يقع بخلاف ما لو علقها كأن أردت إن أحببت إلى آخرها فإنه يقع وإن لم ينو كذا في (الفتح). ونقل في (البحر) عن (المحيط) إن شئتي طلاقك لا يتوقف على النية لأنه بمعنى أوجدي، وفيه أنت كذا إن أحببت فقالت: شئت وقع، ولو قال: إن شئت فقالت: أحببت لا يقع، ولو قال: إن شئت فأنت كذا فقالت نعم أو قبلت فقالت: شئت فعن (البحر) أنه يقع. قال في (البحر): ولم أر حكم ما إذا علقه بالإرادة فأجابت بالمحبة أو عكسه أو بالرضا، (وإن كان) قولها: شئت إن كان كذا (لشيء مضى) أي: سبق وجوده كإن قدم زيد من البصرة وكان قد قدم، أو إن كان هذا ليلا أو نهارا أو هي فيه، وإن كان هذا أبي أو أمي أو زوجي وكان الأمر كذلك (طلقت) لأن التعيين بالكائن تنجيز، (أنت طالق متى شئت، أو متى ما شئت، أو إذا شئت، أو إذا ما شئت) بزيادة ما فيهما للتوكيد (فردت الأمر) بأن قالت: لا أشاء (لا يرتد) وكان لها بعد ذلك أن تشاء، لأنه لم يملكها في الحال بل إضافة إلى وقت مشيئتها وقولها: طلقت إيجاد للشرط الذي هو مشيئتها وليس الواقع إلا طلاقه المعلق، نعم هذا صحيح في قوله: أنت طالق إن شئت كذا في (الفتح)، وقد يجاب بأن هذا بالنظر إلى صورته وأما بالنظر إلى معناه فتمليك لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته لنفسه وهذه كذلك، وأجاب في (البحر) بأنهم أجروه مجرى التمليك في جميع الوجوه فيتقيد بالمجلس ويبطل بما يدل على الإعراض انتهى. وهذا بعد أن الكلام في متى شئت سهو ظاهر يرشد إليه قول المصنف: (ولا يتقيد بالمجلس)، أما في كلمة متى ومتى ما فلأنها للوقت وهي عامة في الأوقات كلها كأنه قال: في أي وقت شئت وأما إذا وإذا ما فكمتى عندها، وعند الإمام وإن كانت تستعمل للشرط كما تستعمل للوقت لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالقيام عن المجلس بالشك، نعم لو قال: أردت مجرد الشرط لنا أن نقول يتقيد بالمجلس ويحلف لنفي التهمة لكن كونه صار بيدها مناف لما مر من أنه لم يملكها في الحال شيئا بل إضافة إلى وقت مشيئتها فتدبر، والحين كإذا كما في (المحيط). ولو قال: إذا شئت إن شئت أو عكسه فهما سواء تطلق نفسها متى شاءت، وعن الثاني أنه إن قدم الشرط تعتبر المشيئة في الحال فإن شاءت في المجلس تطلق

ولا تطلق إلا واحدة، وفي كلما شئت لها أن تفرق الثلاث، ولا تجمع، ولو طلقت بعد زوج آخر لا يقع، وفي حيث شئت، وأين شئت، لم تطلق حتى تشاء في مجلسها، وفي كيف شئت يقع رجعية فإن شاءت بائنة أو ثلاثا ونواه وقع، ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسها بعد ذلك إن شاءت، ولو قامت عن المجلس قبل أن تقول شيئا بطل، وقال شمس الأئمة: هنا مشيئتان أولى على المجلس وأخرى مطلقة إليها معلقة بالمؤقتة فمتى شاءت بعد هذا طلقت وإن لم تقل في المجلس حتى قامت بطلت مشيئتها كذا في (الفتح) وبمقالة شمس الأئمة جزم في (المحيط) (ولا تطلق) المرأة بهذه الألفاظ (إلا) طلقة (واحدة) لأنها تعم الأزمان دون الأفعال (وفي) قوله لها: (كلها شئت) فأنت أي: (وليس لها أن تجمع) لأنها لعموم الأفراد لا لعموم الاجتماع. قال في (الهداية): فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا وفي (العناية) معناهما واحد وقيل: الجملة أن تقول: طلقت نفسي ثلاثا والجمع أن تقول: طلقت واحدة وواحدة وواحدة هذا هو الظاهر انتهى. يعني في تفسير الجمع يشير ما في (الدراية) حيث فسر بأن يقول طلقت وطلقت وطلقت قال: والأول أصح يعني كونهما بمعنى واحد، وعلى هذا فليس لها أن تطلق اثنتين أيضا ولو فعلت لم يقع شيء عند الإمام وقالا: تقع واحدة بناء على ما مر. وفي (المبسوط) لو قالت: شئت أمس تطليقة وكذلها الزوج فالقول له لأنها أخبرت عما لا تملك إنشاؤه وهذا لأنها إنما تملك المشيئة في الحال وهي غير المشيئة في الأمس، (ولو طلقت) نفسها بعد ما أوقعت ثلاثا متفرقة وعادت إليه (بعد زوج آخر لا يقع)، لأن التعليق والتقييد بكونها أوقعت ثلاثا مرموز إليه بقوله بعد زوج آخر، حتى لو طلقت نفسها واحدة أو اثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر كان (لها أن تفرق الثلاث وفي) قوله: أنت طالق (حيث شئت، وأين شئت) من ظروف المكان (لم تطلق حتى تشاء في مجلسها) لأن الطلاق لا تعلق له بالمكان فيلغو ويجعل مجازا عن الشرط الذي هو إن لأن كلا منهما يفيد ضربا من التأخير وهو أولى من الغاية أصلا وإن أصل الباب لأنها لمحض الشرط/ والاعتبار بالأصل أولى وبهذا اندفع إيرادان ظاهران (في) قوله لها: أنت طالق (كيف شئت تقع) طلقة (رجعية) يعني قبل مشيئتها كما أومأ إليه بقوله: (فإن شاءت بائنة أو ثلاثا و) الحال أن الزوج (نواه وقع) ما شاءت للمطابقة هذا في المدخول بها، أما غير المدخول بها فتبين وخرج الأمر من يدها لفوات محليتها بعدم العدة، قيد بقوله ونواه يعني الذي شاءته لأنه لو نوى خلاف ما شاءته وقعت رجعية، لأن مشيئتها لغت لعدم الموافقة فبقي إيقاع الزوج بالصريح ومجرد نيته لا تعمل في جعله بائنا ولا ثلاثا ولو لم تحضره نية لم يذكرها في

وفي كم شئت، أو ما شئت تطلق ما شاءت فيه، وإن ردت ارتد، وفي طلقي من ثلاث ما شئت تطلق ما دون الثلاث. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الأصل) ويجب أن تعتبر مشيئتها وهذا أعني وقوع الرجعي قبل مشيئتها قول الإمام، لأنه أوقع الطلاق وخيرها في وصفه وقالا: لا يقع شيء ما لم تشأ وعلى هذا الخلاف أنت حر كيف شئت وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت عن المجلس فعنده وقعت رجعية وعندهما لا يقع شيء وقول الشارح وتبعه العيني وفيما إذا كان ذلك قبل الدخول فعنده تقع رجعية وعندهما لا يقع شيء سهو ظاهر ومثله يعد من سهو القلم، والصواب وفيما إذا كان ذلك بعد الدخول (وفي) قوله: أنت طالق (كم شئت أو) قوله: (ما شئت تطلق) نفسها (ما شاءت) إلى الثلاث ولا يكون بدعيا لأنها مضطرة إليه (فيه) أي: المجلس فلا يقع شيء قبل مشيئتها اتفاقا لأن كم اسم للعدد فكان التفويض في نفس العدد إذا ذكر، وليس الواقع إلا بالعدد فصار التفويض في نفس الواقع فلا يقع شيء ما لم تشأ، والواحد عدد في اصطلاح الفقهاء وما عامة تتناول الكل (وإن ردت) الأمر (ارتد) وخرج من يدها، وكذا لو أتت بما يدل على الإعراض على ما مر (وفي) قوله: (طلقي) نفسك (من ثلاث ما شئت تطلق ما دون الثلاث) فلا تملك إيقاع الثلاث عند الإمام خلافا لهما، وعلى هذا الخلاف اختاري من ثلاث ما شئت، لهما أن ما للعموم ومن للبيان وله أنها للتبعيض حقيقة إذا دخلت على ذي أبعاض والطلاق منه وما للعموم وقد أمكن العمل بهما بأن يجعل المراد بعضا عاما والاثنتان كذلك لأنه بالنسبة إلى الواحدة عام وإلى الثلاث بعض وأورد أنه حينئذ لا يتناول الواحد إذ لا عموم فيه وأجيب بأنه يتناوله دلالة ولا يحسن هنا طلقي نفسك ما شئت الذي هو الثلاث، لأن ما موصولة معرفة فلابد من كون موصوفة معرفة وهو هنا العدد فانحل إلى طلقي نفسك العدد الذي شئته الذي هو الثلاث، ويستلزم سبق العهد بالعدد الذي شاءته أو تشاؤه وأنه هو الثلاث، وإنما تملك الواحدة لأنها جزء ما ملكته بالتفويض فليس المعنى عليه بل على التفويض حيث لا يستلزم بنوه المعنى عددا شئته على أن ما نكرة موصوفة بالجملة والجار والمجرور في موضع الحال من الضمير الرابط المحذوف، قيد في العدد يزيل إبهامه كذا في (فتح القدير) وفي (التحرير) تقديره على البيان ما شئت مما هو الثلاث وطلقي ما شئت وإن به فالتبعيض مع زيادة من الثلاث أظهر والله الموفق. تتميم: أنت كذا ثلاثا إلا أن تشائي فشاءت واحدة وقعت عند الثاني وقال محمد: لا يقع شيء، أنت طالق إن شاء الله وفلان أو ما شاء الله وفلان أو طلقها إن شاء الله وشئت لا يقع بالمشيئة شيء لأنه عطف على باطل فيبطل، أنت كذا إن

باب التعليق

باب التعليق إنما يصح في الملك كقوله لمنكوحته: إن زرت فأنت طالق، ـــــــــــــــــــــــــــــ شئت أو أبيت أو إن شئت ولم تشائي لم تطلق أبدا لأنه جعل المشيئة والإباء شرطا واحدا ولا يمكن اجتماعهما، ولو قال: إن شئت وإن لم تشائي فشاءت في المجلس طلقت ولو قامت بلا مشيئة تطلق أيضا ولو قال أنت طالق وطالق وطالق إن شاء زيد فقال: شئت واحدة أو أربعا لا يقع شيء قالت له: طلقني وطلقني طلقني فقال طلقت فهي ثلاث ولو بلا واو فطلق فإن نوى واحدة وإن نوى ثلاثا فثلاثا الكل من (فتح القدير) والله الموفق للصواب. باب أحكام التعليق ذكره بعد بيان تنجيز الطلاق صريحا وكناية لأنه مركب من ذكر الطلاق والشرط فأخر عن المفرد وهو ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون أخرى، وفي بعض النسخ باب الأيمان في الطلاق كما في (الهداية) قيل: والأول أصح وفي وهو الأولى لشمول التعليق ما ليس عينا كالتعليق بحيضها أو طهرها أو بحيضها حيضة أو بما تملك الامتناع عنه كطلوع الشمس ومجيء الغد أو يفعل من أفعال قبلها كالمحبة/ والمشيئة أو من أفعال قلبه فإنه في هذه ليس بيمين كما في (المحيط) فلا يحنث لو حلف أن لا يحلف بها مع أن بعضها مذكور في هذا الباب كالمحبة والحيض. وأقول: فيه نظر لأنه إنما لم يحنث لأنها ليست يمينا عرفا وهذا لا ينافي كونها يمينا في اصطلاح الفقهاء ومن ثم قال في (الدراية): اسم اليمين تقع على الحلف بالله تعالى على التعليق ووجهه في (الفتح) بأن اليمين في الأصل القوة وسمي الحلف يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه ولاشك في إفادة تعليق المكروه للنفس على أمر بحيث ينزل شرعا عند نزوله قوة الامتناع عن ذلك الأمر وتعلي المحبوب لها على ذلك الحمل عليه فكان يمينا نعم التعليق في الحقيقة إنما هو شرط وجزاء الطلاق اليمين عليه، مجاز لما فيه من معنى السببية فكان التعبير بالتعليق أولى، (إنما يصح) التعليق أي: يلزم (في الملك كقوله) أي: الرجل (لزوجته المنكوحة إن زرت) زيارة (فأنت طالق) من زاره زيارة وزورا قصده ونسوة زور أيضا وزوار وزائرات وموضع الزيارة في العرف قصد المزور إكراما له واستئناسا به كذا في (المصباح) وعلى هذا فينبغي توقف الحنث على زيارتها للإكرام حتى لو ذهبت من

أو مضافا إليه كإن نكحتك فأنت طالق، فيقع بعده ـــــــــــــــــــــــــــــ غير قصده لم يحنث وفي عرفنا زيارة المرأة لا تكون إلا بطعام معها يطبخ عند المذكور كذا في (البحر) ثم نقل في (المحيط) أنه لو حلف ليزورن فلانا غدا أو ليعودنه فأتى بابه واستأذن فلم يؤذن له لا يحنث وإن لم يستأذن حنث والفرق أن في الأولى لم يتصور البر فلم تنعقد اليمين وفي الثاني يتصور وهكذا ذكر في (العيون) وعلى قياس من قال: إن لم أخرج من هذا المنزل اليوم فمنع أو قيد حيث يجب أن يحدث هنا في الوجهين وهو المختار لمشايخنا (أو مضافا إليه) أي: إلى الملك قيدنا باللزوم لأنهما في غير الملك والمضاف إليه من الأجنبي موقوفا على الإجازة (كإن نكحتك فأنت طالق) في كون هذا من المضاف إلى الملك نظر من وجهين، الأول أنه تعليق محض إضافة، الثاني أن النكاح ليس بملك وإنما هو اسم للعقد. وأجاب في (الفتح) عن الأول بأنه استعمل الإضافة في المفهوم اللغوي وفي غيره وأجيب عن الثاني بأن الإضافة إلى النكاح إضافة إلى سبب الملك فاستعير اسم السبب للمسبب فكأنه قال: إن ملكتك بالنكاح فأنت طالق (فيقع) أي: الطلاق بعد (بعده) أي: بعد وجود الشرط فيهما وفيه إيماء إلى أن الحكم يتأخر عنه وهو المختار لأن الطلاق المقارن لا يقع، كقوله: أنت طالق مع نكاحك إذ لا يثبت الشيء منتفيا كذا في (الفتح)، وفي (الدراية) وكذا لو قال: في نكاحك ولو قال: مع تزوجي إياك وقع. قيل: والفرق أن الكلام في هذا قام لذكر الفاعل والمفعول فجعل مجازا عن الملك ومع بمعنى بعد، وبقي من الشروط أن يكون الشرط على خطر الوجود فلو كان محققا نحو أنت طالق إن كانت السماء فوقنا كان تنجيزا ولذا قال في (الخانية): لو قال لصحيحة: إن صحت فأنت طالق أو قال: إن أبصرت أو سمعت وهي كذلك طلقت انتهى، ولو قال: إن حضت أو مرضت وهي حائض أو مريضة فعلى ما يستقبل لأنهما لا يمتدان فلم يكن لبقائهما حكم الابتداء وكان مستحيلا نحو إن دخل الجمل في سم الخياط لم يقع ومنه ما في (القنية) سكران طرق الباب فلم يفتح له، فقال: إن لم تفتح الباب الليلة فأنت طالق ولم يكن في الدار أحد فمضت الليلة ولم يفتح لا تطلق، وفي (الخانية) إن لم تردي على الدينار الذي أخذته في كيسي فأنت كذا فإذا الدينار في كيسه لا تطلق، وأن يكون التعليق في المعينة بصريح الشرط لا بمعناه بخلاف غير المعينة حتى لو قال: المرأة التي أتزوجها طالق طلقت بتزوجها ولو قال: هذه المرأة التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق لأنه عرفها بالإشارة فلا تؤثر فيها الصفة.

فلو قال لأجنبية: إن زرت فأنت طالق فنكحها، فزارت لم تطلق، وألفاظ الشرط ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الذخيرة): والتعريف بالاسم والنسب كالتعريف بالإشارة فلو قال: فلانة بنت فلان التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق، وأن لا يقصد به المجازاة فلو وصفته بنحو سفلة فقال: إن كنت كما قلت فأنت طالق تنجيز سواء كان الزوج كذلك أو لا، وأن يكو الشرط متصلا فلو أتي به بعد سكونه لم يصح إلا أن لا يمكنه إتمام الكلام إلا بعد مدة كما في (الظهيرية) ووجود رابط/ حيث تأخر الجزء كما سيأتي وذكر المشروط حتى لو اقتصر على الأداة لم يكن تعليقا اتفاقا، واختلف في تنجيزه فلو قال: أنت طالق إن ولم يزد عليه أو أنت كذا ثلاثا لولا أو إن كان أو إن لم يكن لم تطلق في قول الثاني وبه يفتى ووافقه محمد للحال، واعلم أن للحاكم الحنفي أن يرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة فإذا كانت بالثلاث فلما تزجها ادعت الطلاق عند الشافعي فحكم ببقاء العصمة وأن الطلاق ليس بشيء حل له ذلك ولو وطئها بعد النكاح قبل الفسخ ثم فسخ كان حلالا، ولو قال: كل امرأة أتزوجها فهي كذا فتزوج امرأة ثم فسخ اليمين فتزوج أخرى لم يحتج إلى الفسخ في كل امرأة كذا في (الخلاصة) وهذا قول محمد وبه يفتى كما في الظهيرية وحكم المحكم كالقضاء على الصحيح كما في (الخانية). قال الحلواني: وهذا مما يعلم ولا يفتى به، وعن أصحابنا ما هو أوسع من ذلك وهو أنه لو استفتى فقيها عدلا فأفتاه ببطلان اليمين حل له العمل بفتواه ولو أفتاه آخر بالحرمة عمل بالإفتاء الثاني في حق امرأة أخرى والتزوج فعلا أولى من فسخ اليمين في زماننا، ثم صحة الفسخ مقيدة بأن لا يكون طلقها ثلاثا كما في (الخانية). قال الزاهدي: وظفرت برواية عن محمد أنه في المضافة لا يقع وبه كان يفتي كثير من أئمة خوارزم، (فلو قال) تفريغ على ما مهد (لأجنبية: إن زرت) فلانا (فأنت طالق فنكحها، فزارت لا يقع) لأن الحالف لم يضفه إلى الملك ولا إلى سببه ولابد من أحدهما واعترض بأنه لم يعتبر تمام الكلام مضمرا تصحيحا له والتقدير إن تزوجتك فزرت وأجيب بأن اليمين مذموم شرعا أو غير مطلوب فلا يحتاط في تصحيحه ورده في (العناية) بأن التعليق ليس بيمين حقيقة على ما مر فالصواب أن يقال: المقدار إما أن يكون محذوفا أو مقتضى لا جائز أن يراد الأول لأن المذكور غير متوقف عليه لغة ولا الثاني لأن من شرطه أن يكون المقدر أحط رتبة من المذكور وأن لا يتغير المذكور عند التصريح بالمقدر والشرطان منتفيان، (وألفاظ الشرط) عدل عن الأسماء والحروف لاشتمالهما عليهما وهو بسكون الراء مشتق اشتقاقا كبيرا من الشرط محركة بمعنى العلاقة سمي بذلك لأنه علامة على ترتيب الثانية على الأولى،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وسمي الثاني جوابا لأنه لما لزم على القول الأول صار كالجواب الآتي بعد كلام السائل وجزاء تجوزا لأنه لما ترتب على فعل آخر أشبه الجزاء وهذا أولى من قول صاحب (الهداية) وهذه الألفاظ يليها أفعال فتكون علامات على الحنث ولا يلزم من كونها وليها فعل أن يكون ثمة حنث. وأشار في (الفتح) إلى الجواب بأن قوله فتكون علامات على الحنث فهي ألفاظ الشرط علامات وجود الجزاء أي: تدل على ذلك بالذات وأراد به اللغوي، واعلم أن جواب الشرط يجب اقترانه بالفاء حيث لم يصلح جعله شرطا وذلك في مواضع جمعت في قوله: طلبية واسميه وبجامد .... وبما وقد وبلن وبالتنفيس أي: جملة طلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض وبالتنفيس والدعاء، وأراد بالجامد نعم وبئس وعسى وفعل العجب وقوله: وبما أي: وبالجملة الفعلية المقرونة بما النافية وبقد وهي ظاهرة أو مقدرة كما في (التسهيل) وعبارة الرضى كل فعلية مصدرة بحرف سوى لا ولم في المضارع سواء كان الفعل المصدر ماضيا أو مضارعا فدخل النفي كما زاده المرادي وزاد المقرونة بالقسم أو رب لكن جعل ابن هشام في (مغنيه) القسيمة من الطلبية وجعل الشارح المواضع سبعة بناء على أن التنفيس واحد وإن عم السين وسوف وعلى عد بهما موضعين كما فعل غيره مع إدخال القسمية في الطلبية تكون تسعة فلو حذف الفاء في الجواب تنجز سواء أبدل مكانها واوا أو لا، فإن نوى التعليق دين ولو أدخلها على الشرط كانت طالق فإن دخلت الدار. قال في (الدارية): لا رواية في هذا ولقائل أن يقول: تعلق انتهى، والأول أوجه إذ التعليق حينئذ ليس مدلولا للفظ والفاء وإن كانت حرف تعليق لكنه لا توجيه إلا في محله فلا أثر له هنا، ولو أتى بالواو طلقت بكل حال لأنها في مثله عاطفة على شرط هو نقيض المذكور وتقديره إن لم تدخلي الدار وإن دخلت وإن هذه هي الوصلية كذا في (الفتح)، وفي (المحيط) وثم كالواو وفيه لو قال: أنت طالق لدخلت الدار أو لدخولك الدار تنجيز، ولو قال: لا دخلت الدار أو بدخولك الدار تعلق بالدخول، ولو قال: على دخولك الدار فإن قبلت وقع وإلا لا، وفي (الفتح) / ادخلي الدار وأنت طالق تعلق بالدخول لأن الحال شرط وفي (الدارية) أدى إلى الفا فأنت طالق تنجيز، ولو قال: أنت طالق ووالله لا أفعل كذا كان تعليقا ويمينا، ولو قال: والله لأفعلن كذا تنجيز ثم المذكور هنا من ألفاظ الشرط سبعة وسيأتي ما زيد

إن وإذا إذا ما، وكل، وكلما، ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها أولها (إن) المكسورة بدأ بها لأنها أصل الباب وجوزي بغيرها لتضمينه معناه وبكل مع اختصاصها بالاسم لاتصالها بفعل لا محالة فكان في معنى الشرط، فلو فتحها وقع للحال وهو قول الجمهور، لأنها للتعليل ولا يشترط وجود العلة وزعم الكسائي مناظرا للشيباني في مجلس الرشيد أنها شرطية بمعنى إذا وهو مذهب الكوفيين ورجحه في (المغني) بأمور ثلاثة وعلى كل حال فإذا نوى التعليق ينبغي أن تصح نيته. (و) الثاني (إذا) والغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمنا معنى الشرط وتختص بالدخول على الفعلية ويكثر كون الفعل ماضيا أما نحو {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] فالسماء فاعل بفعل محذوف لا مبتدأ والمحققون على أن العامل فيها شرطها لا ما في جوابها من فعل أو شبهة كما قال الأكثر، والجمهور على أنها لا تخرج عن الظرفية قبل وقد تخرج عن الشرطية نحو {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} [الشورى: 39] فإذا ظرف للخبر ولو كانت شرطية والجملة اسمية لوجب اقترانها بالفاء وقول بعضهم: إنه على إضمارها مردود، والثالث (إذا ما) بزيادة ما للتوكيد لا للتكرير وإلا لم تكن زائدة ومن ثم لم تكن زائدة في كلما وتزاد في كل شرط نحو {فإما نذهبن بك} [الزخرف: 41] وفي أيان قليل، إلا في حيثما وإذا ما فإنها ليست زائدة لأنها هي المصححة لكونهما جازمتين وهي كافة عن الإضافة قاله الرضي. (و) الرابع (كل) وهو اسم عام معنى لاستغراق أفراد المنكر نحو {كل نفس ذائقة الموت} [العنكبوت: 57] والمعرف المجموع نحو {وكله آتيه يوم} [مريم: 95] وأجزاء المفرد المعرف نحو كل زيد حسن فإذا قلت: أكلت كل الرغيف لزيد كان لعموم الأفراد فإن أضفت الرغيف إلى زيد صارت لعموم أجزاء فرد واحد ومن ثم وجب في قراءة غير أبي عمرو وأبي ذكوان {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر} [غافر: 35] بإضافة قلب بتقدير كل بعد قلب ليعم أفراد القلوب كما عم كل أجزاء القلب، الخامس (كلما) قال العيني: زيد على كلما للتوكيل ثم قيل: يجوز أن يكون حرفا مصدريا وأن يكون اسما نكرة انتهى. وهذا سهو ظاهر إذ الزائدة لا تكون كذلك وكيف تكون زائدة مع أنها إفادة معنى لم يكن موجودا قبل، نعم نقل النجاة أن كلما المقتضية للتكرار منصوبة على الظرفية والعامل فيها محذوف ودل عليه جواب الشرط والتقدير أنت طالق كلما كان كذا وكذا وما التي معها هي المصدرية التوقيتية وزعم ابن عصفور: أنها مبتدأ وما

ومتى، ومتى ما. ففيها إن وجد الشرط انتهت اليمين. إلا فل كلما ـــــــــــــــــــــــــــــ نكرة موصوفة والعائد محذوف وجملة الشرط والجزاء في موضع الخبر ورده أبو حيان بأن كلما لم تسمع إلا منصوبة، وأنت خبير بأن هذا بعد تسليمه لا ينافي كونها مبتدأ إذا الفتحة فيها فتحة بناء وبنيت لإضافتها إلى مبني ومحل الخلاف وجود الفاء فإن لم تكن فالعامل هو الجواب، على أن بعضهم جوز ذلك مع الفاء ذكره أبو البقاء في قوله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث} [الضحى: 11] وغيره في قوله: {إذا جاء نصر الله إلى قوله فسبح} [النصر: 1 - 3]، (و) السادس (متى) نحو متى دخلت الدار فأنت كذا، (و) السابع (متى ما) بزيادة ما وبقي من نحو من دخلت منكن الدار فهي طالق، فلو دخلت واحدة مرارا طلقت بكل مرة لأن الدخول أضيف إلى جماعة فيراد به تعميمه عرفا مرة كذا في (الدراية) وهي من غريبه وأين وأيان وأنى وأي وكلها تجزم والمشهور في إذا اختصاص جزمها بالشعر ولم يذكر كثير لو مع أنها من أدوات الشرط كلما غير أن لما وضعت لإفادة أن الشرط قد وجد وفرغ فخصت بقولنا: حرف وجود لوجود، ولو وضعت لإفادة امتناع الملزوم ودلت على الوجود للوجود بالالتزام كباقي الأدوات فخصت بحرف امتناع لمنافاتها التعليق على ما هو خطر الوجود لأنها أفادت تحقيق عدمه فلا يحصل بمعنى اليمين ولعدم حصوله لم يذكر لما في (النهاية) إنما لم يذكر لو لأنها تعمل عمل الشرط معنى لا لفظا وغيرها تعمل عمله لفظا ومعنى ورده في (العناية) بأن هذا لا مدخل له في علم الفقه. أقول: وعلى ما قرر فهي أولى بالذكر لأن الفقيه إنما نظره للمعنى ألا ترى إلى أن كل ذكرت نظرا إلى ما فيها من معنى الشرط وهو التعليق بأمر على خطر الوجود على ما مر، وقد تخرج عن معناها الأصلي وعلى هذا تفرع ما في (الحاوي) أنت طالق لو تزوجتك تطلق إذا تزوجها وما في (المحيط) أنت كذا لو دخلت الدار لم تطلق حتى تدخل الدار وفي (الفتح) لو قال: لولا دخولك أو لولا أبوك أو مهرك/ لم يقع وكذا في الإخبار لو قال: طلقتك بالأمس لولا كذا (ففيها) أي: الألفاظ (إن وجد الشرط انتهت اليمين) أي: تمت وإذا تمت حنث فلا يتصور الحنث ثانيا إلا بيمين أخرى لأنها غير مقتضية للعموم والتكرار لغة (إلا في كلما) فإن اليمين لا ينتهي بوجود الشرط مرة وأفاد حصره أن متى لا تفيد التكرار، وقيل: تفيده والحق أنها إنما تفيد عموم الأوقات ففي متى خرجت فأنت طالق المفاد أن أي وقت تحقق فيه الخروج يقع الطلاق فإذا تحقق في وقت وقع ثم لا يقع بخروج آخر وإن المقرونة بلفظ أبدا كمتى منفردة فإذا قال: إن تزوجت فلانة أبدا فهي كذا فتزوجها فطلقت، ثم تزوجها ثانيا لا تطلق، كذا أجاب الدبوسي وعلله البزازي بأنه إنما ينفي التوقيت لا

لاقتضائه عموم الأفعال كاقتضاء كل عموم الأسماء. فلو قال: كلما تزوجت امرأة يحنث بكل امرأة، ولو بعد زوج آخر. وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها ـــــــــــــــــــــــــــــ التوحيد فيتأبد عد التزوج ولا يتكرر، وإن أبا كذلك حتى لو قال: أي امرأة أتزوجها فهي طالق على امرأة واحدة كما في (المحيط) وغيره بخلاف كل امرأة أتزوجها حيث تعم بعموم الصفة واستشكل لمَ لم يعم أي امرأة أتزوجها بعموم الصفة (لاقتضائها عموم الأفعال كاقتضاء كل عموم الأسماء) تعليل لعدم انتهاء اليمين لأن كلا منهما وضع لاستغراق ما دخل عليه، وكل ما تدخل على الأسماء وكلما على الأفعال وعموما الأسماء ضروري كما أن عموم الأفعال في كل كذلك، وخص كلما وإن كانت كل كذلك باعتبار بقاء اليمين لا تنتهي فيها بوجود الشرط مرة بخلاف كل فإنها تنتهي في حق ذلك الاسم وبه تبين أنه لو قال: إلا في كل وكلما إلا وهم أن اليمين لا تنتهي بمرة فيهما وقد علمت أن هذا مطلقا في كل غير صحيح، لكن لما كان في كل عموم لا ينتهي بمرة باعتبار ما مر بينه بقوله كاقتضاء كل عموم الأسماء وجعلها مشبها بها لأنها الأصل وأدخلها عليها ولم أر من نبه على هذا وبه عرف أن ما في (البحر) من أنه لو قال: إلا في كل وكلما لكان أولى لما مر من فروع. (فلو قال: كلما تزوجت امرأة) فهي كذا تفريع على اقتضائها عموم الأفعال (حنث بكل امرأة ولو) كان التزوج (بعد زوج آخر)، لأن الشرط ملك يوجد في المستقبل وهو محصور وكلما وجد هذا الشرط تبعه ملك فيتبعه جزاؤه ومن فروع كلما اللفظية ما لو قال لمدخول بها: كلما طلقتكم فأنت طالق فطلقها واحدة وقعت اثنتان ولو قال: كلما وقع عليك طلاقي فطلقها واحدة وقع الثلاث، والفرق أن الشرط في الثانية اقتضى تكرر الجزاء بتكرر الوقوع فيتكرر غير أن الطلاق لا يزيد على الثلاث فيقتصر عليها، وفي الأولى اقتضى تكرره بتكرر طلاقه، ولا يقال: طلقها إذا طلقت بوجود الشرط فيقع تطليقتان أحدهما بحكم الإيقاع والأخرى بحكم التعليق (وزوال الملك) يعني ملك النكاح واليمين (بعد اليمين لا يبطلها)، لأن الشرط لم يوجد والجزاء باق لبقاء محله فبقيت، حتى لو طلقتها فانقضت عدتها بعد التعليق بدخول الدار مثلا ثم تزوجها فدخلت فطلقت وكذا لو قال ذلك لعبده فباعه ثم اشتراه فدخل عتق وسيأتي أن تنجيز الثلاث يبطل تعليقه وكذا يبطل بلحاقه بدار الحرب عند الإمام خلافا لهما، حتى لو دخلت الدار معتدة بعد لحاقه لا تطلق عنده خلافا لهما وأثر الخلاف يظهر فيما إذا جاء ثانيا مسلما فتزوجها لم ينتقض من عد الطلاق شيء عنده وعندها انتقض كذا في (الفتح). قال في (البحر): والبطلان عنده لخروج المعلق عن الأهلية لا لزوال الملك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: الظاهر أنه لزوال ملكه بدليل عتق مدبرته وأمهات أولاده ويلزم على ما ادعى أنه لو عاد ثانيا بعد الحكم بلحاقه وهي في العدة ووجود الشرط أن يقع، وإطلاقهم بطلاق التعليق يقتضي عدمه، وأيضا خروج المعلق عن الأهلية لا يوجب البطلان ألا ترى أنه لو علق عاقلا ثم جن فوجد الشرط حال جنونه وقع كما مر، نعم لو وصفها بوصف فزال بزوال الملك بطلت كقوله إن كنت زوجتي غدا فأنت طالق ثلاثا فجعلها في الغد ولم ينو كونها زوجة له في بعض النهار لم تطلق كما في (المحيط) وفي (القنية) إن سكنت في هذه البلدة فامرأته طالق وخرج في الفور وخلع امرأته ثم سكنها قبل انقضاء العدة لا تطلق لأنها ليست امرأته وقت وجود الشرط وقها إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ففعل أحد الفعلين حتى بانت امرأته ثم فعل الآخر قيل لا يقع الثاني لأنها ليست بامرأته عند الشرط، وقيل: يقع وهو الأظهر. قال في (البحر): والأظهر عندي أنه مثل امرأته طالق كما لا يخفى وفيه نظر ظاهر وفي (القنية) أيضا إن خرجت من الدار إلا بإذني فأنت طالق فوقع لها غرق أو حرق غالب فخرجت لم يحنث قيد بزوال الملك/ لأن زوال إمكان البر المصحح للتعليق مبطل له وعلى ذلك تفرع ما في (البزازية) إن لم أدفع الدينار الذي علي إلى شهر فأبرأته قبل الشهر بطل اليمين وسيأتي بقية تفاريع المسألة في الأيمان وهنا فرعان كثير وقوعهما، الأول حلف بالطلاق ليؤدين له اليوم كذا من دينه فعجز عنه بأن لم يكن معه شيء ولم يجد من يقرضه، الثاني ما يكتب في التعاليق متى نقلها أو تزوج عليها أو أبرأته من كذا من باقي صداقها فدفع لها جميع ما لها عليه قبل الشرط فهل تبطل اليمين والجواب أن ظاهر قوله في (القنية) والحاصل أنه متى عجز عن اليمين واليمين مؤقتة فإنها تبطل يقتضي بطلانها في الفرع الأول وكذا في (البحر). وأقول: نقل في (عقد الفرائد) عن (التجنيس) ما حاصله لا أسكن في هذا البيت فأغلق الباب أو قيد المختار أنه لا يحنث فيهم، ولو قال: إن لم أخرج من هذا المنزل فكذا فقيد ومنع أو قال لها في منزل أبيها: إن لم تحضري الليلة إلى منزلي فأنت كذا فمنعها أبوها حنث فيهما هو المختار للفتوى، والفرق أن شرط الحنث في الأول الفعل وهو السكنى والإكراه يؤثر فيه وفي الثاني عدم الفعل والإكراه لا يؤثر فيه. قال في (العقد): وهذا معنى ما نقله بعض علماؤنا الأصل في هذا الباب أن شرط الحنث إن كان عدما وعجز عن مباشرته فالمختار الحنث وإن كان وجوديا وعجز فالمختار عدم الحنث انتهى واعتبارها الأصل يفيد الحنث في مسألتنا إذ شرط

فإن وجد الشرط في الملك طلقت، وانحلت وإلا لا، وانحلت، وإن اختلفا في وجود الشرط فالقول له. إلا إذا برهنت ـــــــــــــــــــــــــــــ الحنث فيها عدمي كما هو ظاهر والله الموفق، وهذا من المواضع المهملة فكن فيه على بصيرة، وأما الثاني: ففي (نظر ابن وهبان) في الهبة وعزاه في (الشرح) إلى (المبسوط) لو قبض البائع الثمن ثم أبرأ المشتري منه صح الإبراء ويرجع على البائع بما دفعه إليه وهذا يقتضي بقاء اليمين لصحة الإبراء بعد القبض ويرجع بما وقع الإبراء به عليها إذ لا فرق بين دين ودين في هذا المعنى والمراد براءة الإسقاط لا براءة الاستيفاء كما لا يخفى (فإن وجد الشرط) الذي تقع به الطلاق بدليل قوله بعد طلقت فعم كلامه ما لو علقه بشرطين فإنه يشترط الملك إلى آخرهما وتنصيصه على ذلك بعد لخلاف زفر ولخفائه (في الملك) الذي ملك حبسهما، وهذا شامل لما إذا وجد في العدة (طلقت) لقبول المحل للجزاء (وانحلت) اليمين أي: انتهت لأن بقائهما ببقاء الشرط والجزاء لا وجود لها، (وإلا) أي: وإن لم يوجد الشرط في الملك (لا) أي: لا تطلق لعدم قبول المحل للجزاء (وانحلت) اليمين لوجود الشرط (وإن اختلفا) أي: الزوجان (في وجود الشرط) المعلق عليه طلاقها أي: في تحققه وثبوته سواء كان وجوديا أو عدميا فتعبير بعض المتأخرين الوجود بالوقوع ليس فيه كبير فائدة (فالقول له)، لأنه متمسك بالأصل وهو عدم الشرط ولأنه ينكر وقوع الطلاق وزوال الملك وهي تدعيه كذا في (الهداية) والعلة الثانية شاملة لما إذا علق طلاقها بعد دخولها الدار أو بعدم جماعها في الحيض وقالت: لم أدخل ولم تجامعني فيه فإن القول له مع أن الأصل عدم ذلك وإنما كان القول لها فيما إذا قال وهي طهر خال عن الجماع أنت طالق للسنة، ثم قال: جامعتك في حيضك وأنكرت لأنه يريد أبطال حكم واقع بعد وجود السبب والمضاف إليه، أما الأول فلأن المضاف سبب للحال وأما الثاني فلأن الوقت وقت طلاق السنة بالفرض حتى لو كانت حائضا قبل قوله، وعلى هذا لو ادعى قربانها بعدما آلى منها فإن كان بعد مضي المدة لم يقبل قوله وإلا قبل، وكذا لو قال: عبده حر إن طلقتك ثم خبرها فقالت: اخترت نفسي وادعى أنها أخذت في عمل آخر قبل ذلك وأنكرت فالقول لها ووقع العتق لوجود سبب الطلاق والظاهر وقوعه ودعواه الإعراض دعوى المبطل فلا تقبل كذا في (الكافي) واعلم أن إطلاق (الكتاب) كغيره يقتضي أنه لو علق طلاقها بعدم وصول النفقة إليها عشرة أيام مثلا فادعى الوصول وأنكرت أن القول له وبه جزم في (القنية) لكن صحح في (الخلاصة) وغيرها أن القول لها يعني في وجود الشرط فيقع الطلاق. قال في (البحر): وكأنه ثبت في ضمن قبول قولها في عدم وصول المال (إلا إذا برهنت) أي: أقامت البرهان/ يعني البينة على دعواها سواء كانت بينة على نفي أو

وما لا يعلم إلا منها فالقول لها في حقها كإن حضت فأنت طالق، وفلانة أو إن كنت تحبيني فأنت طالق، وفلانة فقالت: حضت، أو أحبك طلقت هي فقط ـــــــــــــــــــــــــــــ إثبات فقد ذكر السرخسي أن الشرط يجوز إثباته بالبرهان وإن كان نفيا، كما لو قال لعبده: إن لم أدخل الدار اليوم فأنت حر فأقام ببينته أنه لم يدخل تقبل، فعلى هذا يتخرج جواب واقعة الفتوى، ولو جعل أمرها بيدها إن ضربها بغير جناية ينبغي أن تقبل وفي (شهادات الصغرى) إن لم تجئ صهرتي في هذه الليلة ولم أكلمها في كذا فامرأته كذا فشهد أنها لم تجئه ولم يكلمها وأنها طلقت قبلت كذا في الفصل الثالث عشر من (العمادية) لكن يشكل عليه ما سيأتي. لو قال: عن لم أحج العام فعبدي حر فشهد بنحره بالكوفة لم يقبل عندهما خلافا لمحمد لأنها قامت على النفي معنى نعم إن كان عدم القبول لاشتراط دعوى العبد كما قد قيل فلا إشكال، (وما) أي: وكل شرط (لا يعلم) وجوده (إلا منها فالقول لها في حقها) ظاهره من غير يمين ويدل عليه قوله: فقالت: حضت أو أحبك طلقت وهذا لأن الطلاق إنما تعلق بإخبارها وقد وجد، والمراهقة في هذه كالبالغة، واختلف فيما لو قال لعبده: إن احتلمت فأنت حر فقال: احتلمت فروى هشام أنه لا يصدق والأصح أنه يصدق لأن الاحتلام لا يعرفه غيره كالحيض كذا في (المحيط) (كإن حضت فأنت طالق، وفلانة أو إن كنت تحبيني) سواء قال بقلبك أو لا أو تحبيني يعذبك الله بنار جهنم أو تحبين الفراق أو الطلاق كما في (المحيط) أو تكرهين الجنة أو تبغضيني (فقالت: حضت) وهي حائض فإن طهرت لم يقبل قولها لأنه ضروري فيشترط قيام الشرط ولم أر ما لو كانت صغيرة لا تحيض مثلها أو آيسة وينبغي أن يقبل قول الآيسة لا الصغيرة (أو) قالت: (أحبك) أو أحب أو أكره أو أبغض (طلقت هي فقط) دون فلانة إذا كذبها الزوج بإجماع الأربعة، فإن صدقها طلقت فلانة أيضا وكذا تطلق فلانة إذا علم وجود الحيض منها كما في (الجوهرة). فإن قلت هذا الحصر ممنوع فإنه لو قال: إن شربت مسكرا بغير إذنك فأنت كذا وشربه ثم اختلفا في الإذن فالقول له والبينة لها كذا في (الحافظية). ولو قال: إن ذهبت على بيت أبي بغير إذنك فأنت طالق فادعى إذنها وأنكرت فالقول له لأنه ينكر وقوع الطلاق نص عليه في (الصيرفية) ومعلوم أن الإذن لا يستفاد إلا منها قلت: كل من الحيض ونحو المحبة لا يطلع عليها غيرها بخلاف الإذن فإنه يطلع عليه غيرها بقولها إذ هو فعل اللسان، قيد بمحبتها لأنها لو علقها بمحبة غيرها توقف الوقوع على تصديقه فقد نص في (المحيط) على أنه لو قالت: أنت كذا إن لم تكن أمك تهوى ذلك فقالت الأم: أنا لا أهواه وكذبها الزوج لا تطلق فإن صدقها

وبرؤية الدم لا يقع فإن استمر ثلاثا وقع من حين رأت، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــ طلقت وعن محمد لو قال: إن كان فلان مؤمنا فأنت طالق لا تطلق لأن هذا لا يعلمه غيره وإن كان هو من المسلمين ويصلي ويحج. ولو قال: لي إليك حاجة فقال: امرأته طالق إن لم أقضها، فقال: هي أن تطلق زوجتك كان له أن لا يصدقه وفي (الخانية) إن سررتك فأنت طالق فضربها فقالت: سرني قالوا: لا تطلق لأنا تيقنا بكذبها واستشكله بأن السرور لا يتوقف عليه فينبغي أن يتعلق الطلاق يخبرها وإن تيقنا بكذبها كقوله: إن كنت تحبيني يعذبك الله بنار جهنم فقالت: أحب ولو أعطاها ألف درهم فقالت: لم يسرني كان القول لها لاحتمالها طلبها الألفين فلم يسرها الألف انتهى، وقد يفرق بنيهما بأن إيلام الضرب القائم بها دليل ظاهر على كذبها بخلاف مجرد محبة العذاب فإنه لا دليل فيه على التيقن بكذبها بل لشدة بغضها إياه، وقد تحب التخلص منه به وعلى هذا فينبغي أنه لو قال لها: إن كنت تحبين العذاب فأنت كذا فحرقها بالنار فقالت: أحببته أنه لا يقع ثم رأيت في (فتح القدير) ما يومئ إلى ذلك حيث قال: جاز أن تحملها شدة بغضها مع غلبة الجهل وعدم الذوق للعذاب للحال على الخلاص منه بالعذاب، واعلم أن تسوية المصنف بين الحيض والمحبة في الطلاق لا يقتضي عدم الفرق بينهما من وجه آخر فقد فرقوا بينهما بأن التعليق بالمحبة يقتصر على المجلس بخلاف الحيض وأنها لو كانت كاذبة في الإخبار طلقت ديانة في التعليق بالمحبة بخلاف الحيض. وفي (الفوائد الظهيرية) أنت طالق إن كنت أنا أحب كذا ثم قال: لست أحبه فهي امرأته ديانة أيضا. قال السرخسي: هذا مشكل لأنه يعرف ما في قلبه وإن كان لا يعرف ما في قلبها لكن الحكم يدار على الظاهر وهو الإخبار وجودا وعدما (وبرؤية الدم لا يقع) الطلاق المعين بحيضها لجواز أن يكون المرئي دم استحاضة (فإن استمر) الدم (ثلاثة أيام وقع) الطلاق (من حين رأت) الدم لأنه بالاستمرار تبين أن المرئي كان حيضا من الابتداء وفائدة/ هذا الإسناد تظهر فيما إذا كانت غير مدخول بها فتزوجت حين رأت الدم، أو كان المعلق بالحيض عتقا فجنى العبد أو جني عليه بعد رؤية الدم قبل أن يستمر فإذا استمر صح النكاح وكانت الجناية جناية الإحرام، (و) فيها إذا خالعها (في) الثلاث حيث يبطل الخلع لأنها مطلقة قاله الحدادي ونظر فيه بأن البائن يلحق الصريح لكن الظاهر أنه محمول على ما إذا لم تكن مدخولا بها وعليه فلا إشكال وعلى المفتي بأن يقول: طلقت حين رأت الدم ولا تحسب هذه الحيضة من العدة لأن الشرط حيث كان هو رؤية الدم لزم أن يكون الوقوع بعد بعضها، ومن ثم قالوا:

إن حضت حيضة يقع حين تطهر وفي إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فثنتين فولدتهما، ولم يدر الأول تطلق واحدة قضاء وثنتين تنزها ومضت العدة ـــــــــــــــــــــــــــــ (إن) الطلاق بدعي ولو ماتت بعدما تزوجت من ساعتها كان ميراثها للزوج الأول دون الثاني كما في (الخانية). وفي قوله: (حضت حيضة يقع) الطلاق (حين تطهر) أي: يحكم بطهرها إما بانقطاعه لعشرة أو بالاغتسال أو بما يقوم مقامه من صيرورة الصلاة دينا في ذمتها فيما إذا انقطع لما دونها، لأن الحيضة اسم للكامل منها، وكذا لو قال: أنت كذا نصف حيضة كان الحكم كما في حيضة، ولو قال: إذا حضت نصفها فأنت كذا وإذا حضت نصفها الآخر فأنت كذا لا يقع شيء ما لم تحض وتطهر فإذا طهرت وقع طلقتان كذا في (الجوهرة) ولو كانت حائضا لا تطلق ما لم تطهر ثم تحيض، فإن نوى ما يحدث من هذا الحيض فهو على ما نوى، وكذا إذا قال: إن حبلت إلا أنه هنا إذا نوى الحبل الذي فيه لا يحنث لأنه ليس له أجزاء متعددة بخلاف الحيض قاله الحدادي. ولو قال لطاهرة: إذا طهرت فأنت كذا لم تطلق حتى تحيض فتطهر، قيد بقوله إن حضت لأنه لو قال لها: أنت كذا قبل أن تحيض حيضة طلقت إذا حاضت ولا ينتظر طهرها (وفي) قوله: (إن ولدت ولدا ذكرا فأنت طالق) طلقة (واحدة وإن ولدت أنثى فاثنتين فولدتهما) أي: واحدا بعد واحد (ولم يدر الأول) منهما (تطلق واحدة قضاء واثنتين تنزها) تباعدا عن الحرمة. (ومضت العدة) أي: انقضت لأن الغلام إن كان أولا تقع واحدة وبوضع الجارية تنقضي العدة ولا يقع، شيء لما استقر أن الطلاق المقارن لانقضائها لا يقع وإن كانت الجارية أولا وقعت اثنتان ولا يقع بالغلام لما قلنا ولو اختلفا فالقول للزوج وقيدنا بكون الولادة واحدا بعد واحد لأنه لو تحقق ولادتهما معا وقع الثلاث وتعتد بالإقرار ولم يذكره لاستحالته عادة، وقيد بكونه لم يدر الأول لأنه لو علم وقع المعلق بالسابق ولا يقع بالآخر شيء لما مر ويكون المولود غلاما أو جارية لأنها لو ولدت معه جاريتين وقع اثنتين قضاء وثلاث تنزها لأن الغلام إن كان أولا تطلق ثلاثا واحدة به واثنتان بالجارية الأولى وإن كان آخرا وقع اثنتان بالجارية الأولى ولم يقع بالثانية شيء ولا بالغلام لما مر ولو ولدت غلامين وجارية واحدة في القضاء وفي التنزه ثلاث، قيد بالولادة لأنه لو قال: إن كان حملك غلاما فأنت طالق واحدة وإن كان جارية ثنتين

والملك يشترط لآخر الشرطين، ـــــــــــــــــــــــــــــ فاثنتان فولدتهما والمسألة بحالها لم تطلق لأنه اسم جنس مضاف فيعم كله فما لم يكن الكل غلاما أو جارية لم تطلق، وكذا لو قال إن كان ما في بطنك غلاما والباقي بحاله لأن كلمة ما عامة، ولو قال: إن كان في بطنك والمسألة بحالها وقع الثلاث ولو علق طلاقها بحبلها لم تطلق حتى تلد لأكثر من سنتين من وقت اليمين، ويندب أن يستبرئها قبل أن يطأها لتصور حدوثه، (والملك) أي: ملك الطلاق (يشترط) وجوده (لآخر الشرطين) دون أولهما يعني بعد انعقاد اليمين لقوله أول الباب: إنما يصح في الملك أو تضاف إليه. اعلم أن تحقق الشرطين إنما يكون بتكرار إرادتهما وهو على وجهين بواو وبغيره، أما الثاني فكقوله إن أكلت إن لبست فأنت طالق لا تطلق ما لم يوجد بأن تلبس ثم تأكل لا فرق في ذلك بين تقديم الجزاء أو تأخيره أو توسطه، ويشترط الملك عند آخرهما وهو الملفوظ به أولا في التقديم والتأخير وفي التوسط عندهما. ففي (التجريد) قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا لابد من اعتبار الملك عند الشرط الأول فإن طلقها بعد الدخول ثم دخلت الدار وهي في العدة ثم كلمت فلانا وهي في العدة طلقت انتهى. وعلله في (البدائع) بأن جعل الدخول شرط انعقاد اليمين كأنه قال عند الدخول: إن كلمت فلانا فأنت طالق واليمين لا تنعقد إلا في الملك أو مضافة إليه فإن كانت في ملكه عند دخول الدار صحت اليمين المتعلقة بالكلام/ فإذا كلمت يقع، وإن لم تكن في ملكه عند الدخول لم يصح التعليق فما في (فتح القدير) من أن ما في (التجريد) بناء على الظاهر من التقديم والتأخير فكان المتقدم شرط الانحلال فيعتبر الملك عنده فيه تأمل، إذ لو كان كذلك لكان الشرط الأول هو الكلام وما في (التجريد) ظاهر في أنه الدخول وبه صرح في (البدائع) هذا إذا كان الثاني غير الأول فإن كان عينه كإن دخلت هذه الدار إن دخلت هذه الدار فعبدي حر حنث بدخول واحد استحسانا، ويجعل الثاني تكرارا والقياس أن لا يحنث إلا بدخولين، ولقائل أن يقول لو جعل تكرارا لزم ثبوت الحرمة حالا ويصير الثاني فاصلا كما في أنت حر وحر إن شاء الله تعالى، وحاصل الجواب أن مع العطف لا يمكن جعل الثاني تكرارا لفظا وإن كان تكرارا معنى إذ لا يعطف الشيء على نفسه، فكان فاصلا لانتفاء التكرار بخلافه مع عدمه كما في (البزازية)، وفي (الخانية) إن دخلت الدار وإن دخلت الدار فأنت طالق فهذا على دخلتين انتهى، فإما أن يفرق بين الصورتين أو أن هذا اختيار لوجه القياس، وفي (المحيط) لو قال: إن تزوجتك وإن

ويبطل تنجيز الثلاث تعليقه، ـــــــــــــــــــــــــــــ تزوجتك فأنت طالق لم يقع حتى يتزوجها مرتين بخلاف ما إذا قدم الجزاء أو وسطه وعلى هذا فيفرق بين ما إذا كان بالواو أو بدونه فيما إذا أخر الجزاء وكان بمعنى واحد فليحفظ كذا في (البحر). أما الأول فإذا قال: أنت طالق إذا قدم فلان وفلان أو ذكر بكلمة إن أو متى فأيهما قدم أولا وقع الطلاق ولا ينتظر قدوم الآخر، وكذا إذا خلل الجزاء بين الشرطين ولابد من الملك عند أيهما وجد، فإن قدما معا لم يقع إلا واحدة فإن أخره لم يقع حتى يقدما، أما إذا لم يكرر الأداة بل ذكر شرطا متعلقا بشيئين من حيث هو متعلق بهما كإن كلمت أبا عمر وأبا يوسف، وإن دخلت دار زيد ودار عمرو فأنت كذا اشترط قيام الملك عند آخرهما عندنا، وقال زفر عند كل منهما، وقياسه فيما إذا كان فعلا قائما باثنين من حيث هو قائم بهما أن يكون كذلك نحو إن جاء زيد وعمرة فأنت طالق فلا يقع إلا أن يجيء كل منهما، وإذا علم هذا فالمراد بالشرطين أمر يتعلق الطلاق بهما ولا يقع بأحدهما، سواء كانا شرطين حقيقة بتعدد أداتهما أو لا فقصر الشارح كلام المصنف على ما إذا كان الشرط ذا وصفين مما لا ينبغي، واعترض الكمال على الشارح في جعله مسألة الكلام من تعدد الشرط سهو لأنه إنما جعله من قبيل الشرط المشتمل على وصفين، وعلى حمل عبارة المصنف لا من قبيل تعدد الشرط ويرد عليه ما إذا وسط الجزاء فإنه حينئذ يشترط الملك لأولهما وعن هذا أجاب ابن الملك إنما اشترط في الأولى لانعقاد الثانية وقد مر أن التعليق إنما يصح في الملك أو مضاف إليه، وأنت خبير بأن هذا فيه إيهام خلاف الواقع وذلك أن الشرطين صادقان بالعطف أيضا، وقد علمت أنه يقع الطلاق معه بأولهما، ودعواه أن الشارح لم يجعله من تعدد الشرط كما فهمه في (فتح القدير) سهو وذلك أنه قال بعد ذكر كلام المصنف يعني إذا كان الشرط ذا وصفين إلى آخره وهو ظاهر في أن هذا من تعدد الشرطين وكان العذر للشارح أنه لا يصح أن يراد كل شرطين لما قد علمته بخلاف كل شرط ذا وصفين فإن اشتراط الملك آخره صحيح فتدبر هذا المقام فإنه من مزال الأقدام، (ويبطل تنجيز الثلاث تعليقه) أي: تعليق الثلاث قال مسكين، وإلى هذا يشير أكثر الكتب والأولى أن يعود إلى الزوج يشمل ما دون الثلاث. وفي (البحر) الأولى أن يعود إلى الطلاق ولا يخفى أن إضافة المصدر إلى فاعله هي الأصل ومعنى المسألة أنه لو علق طلاقها ثلاثا أو واحدة أو اثنتين بدخول الدار فطلقها ثلاثا ثم عادت إليه بعد زوج آخر ثم دخلت لم تطلق لأن المعلق إنما هو طلقات هذا الملك وقد فات قيد بالثلاث لأنه لو طلقها اثنتين فعادت إليه بعد زوج

ولو علق الثلاث، أو العتق بالوطء ـــــــــــــــــــــــــــــ آخر وقد كان المعلق الثلاث فوجدت طلقت ثلاثا عندهما وعند محمد ما بقي من الأول بناء على مسألة الهدم الآتية، وعلى هذا تفرع ما لو كان المعلق واحدة والمنجز اثنتين فعادت إليه بعد زوج آخر ووجد الشرط حرمت عنده حرمة غليظة، وعندهما لا تحرم، وأورد بعض الأفاضل أنه يجب أن لا يقع إلا واحدة لقولهم: المعلق طلقتان هذا الملك. وأجاب في (الفتح) بأن هذه قضية مشروطة بدوام ملكه لها فإذا زال بتطليقها اثنتين بقي المعلق ثلاثا مطلقة ما بقيت محليتها، وأمكن وقوعها وهذا ثابت في تنجيزه الاثنتين فيقع وقيد بالطلاق لأن الظهار لا يبطل به لأنه تحريم الفعل لا الحل الأصلي إلا أن قيام النكاح من شرطه فلا يشترط/ بقاؤه لبقاء المشرط. تتميم: مما يبطل به أيضا الحكم بلحاقه مرتدا بدار الحرب كما مر، وفوت محل البر نحو إن كلمت فلانا أو دخلت هذه الدار فمات أو جعلت بستانا ومنه ما في (القنية) لا يخرج من بخارى إلا بإذن هؤلاء الثلاثة فجن أحدهم لا يخرج، ولو مات لم يحنث لبطلان اليمين وستأتي مسألة الكون بفروعها، (ولو علق) الطلقات (الثلاث أو) علق (العتق بالوطء) في الجماع بأن قال: إن وطئتك أو جامعتك فأنت كذا حنث بالتقاء الختانين ولو نوى بالأول الدوس بالقدم لم يصدق في صونه عن الجماع لكن يحنث به أيضا. ولو قال: إن وطئت كان على الدوس بالقدم باتفاق أصحابنا، كذا في (الدراية) وبالثاني الموافقة لها في شيء من الأشياء فالظهار أنه لا يصدق أيضا، حكي عن الطحاوي: أنه كان يملي أمته مسائل قائلا فيها إننا جامعناكم على كذا ألستم جامعتمونا على كذا مريدا هذا المعنى فتبسمت يوما فقال لها: ما شأنك فتبسمت أيضا فلما أحس أنها ذهبت إلى الجماع المعروف بهذا اللفظ غضب وقطع الإملاء وقال: اللهم إني لا أريد الحياة بعد هذا فمات بعد خمسة أيام وكان سنه اثنتين وستين أو إحدى وستين بناء على الاختلاف في ولادته فقيل سنة تسع وعشرين وقيل ثلاثين ومائتين ولم يختلفوا في أن موته سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، وله من المكتب (أحكام القرآن ومعاني الآثار ومشكل الآثار والمختصر الفقهي والشروط الكبير والصغير والأوسط والمحاضر والسجلات والوصايا والفرائض وتاريخ كبير ومناقب أبي حنيفة والنوادر الفقهية والنوادر والحكايات واختلفا الفقهاء وعقيدة في أصول الدين وحكم أراضي مكة وقسمة الفيء والغنائم) وشرح (الجامع الصغير) و (الكبير والعقيدة) وغير ذلك تفقه علي جعفر أحمد بن أبي عمران وموسى بن عيسى وغيره

لم يجب العقر باللبث، ولم يصر به مراجعا في الرجعي، إلا إذا أولج ثانيا ولا تطلق في إن نكحتها عليك، فهي طالق فنكح عليها في عدة البائن ولا في أنت طالق إن شاء الله ـــــــــــــــــــــــــــــ تغمده الله برضوانه، (لم يحب العقر) بضم العين دية الفرج المغصوب وصداق المرأة كذا في (القاموس) وفي (المصباح) إنه دية فرج المرأة إذا غصب ثم كثر حتى استعمل في المهر وبفتحها الجرح، (باللبث) بفتح اللام وسكون الباء المكث من لبث كسمع وهو نادر لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه بالتحريك إذا لم ينفد كذا في (القاموس) أيضا وعن الثاني وجوبه في الفصلين لوجود الجماع بالدوام بعد الثلاث والحرية وجه الظاهر أن الجماع الثاني هو الإدخال ليس له دوام حتى يكون لدوامه حكم الابتداء. (ولم يصر به) أي: بالمكث (مراجعا في) الطلاق (الرجعي)، هذا قول محمد لأنه فعل واحد فليس لآخره حكم على حدة، وقال الثاني: يصير مراجعا لوجود المس بشهوة وهو القياس (إلا إذا أولجه ثانيا) حقيقة أو حكما بأن حرك نفسه فإنه يجب عليه العقر ويصير مراجعا اتفاقا، لكن لا يجب الحد ولقائل أن يقول: هذا في الطلاق مسلم لوجود العدة أما في العتق فينبغي أن يجب لخلو الوطء عن الملك وشبهته وجوابه أن هذا ليس بابتداء فعل من كل وجه لاتحاد المجلس والمقصود، واعلم أنه روي عن محمد أنه لو زنى بامرأة فتزوجها في تلك الحالة فإن لم ينزع من ساعته بل لبث وجب مهران مهر بالوطء ومهر باللبث لأن دوامه على ذلك فوق الخلوة، وهذا يشكل على ما مر إذ قد جعل لآخر هذا الفعل الواحد حكم على حدة. (ولا تطلق) الجديدة (في) قوله للقديمة: (إن نكحتها) أي: فلانة (عليك فهي طالق فنكح) فلانة (عليها في عدة) الطلاق (البائن)، لأن التزوج هو أن يدخل عليها من يشاركها في القسم ولو يوجد، قيد بقوله عليك لأنه لو لم يقله طلقت الجديدة بالبائن لأنه لو كان رجعيا طلقت كذا في (شرح مسكين) وينبغي أن يقيد بما إذا أراد رجعتها لما مر من أنه لا يقسم لها إلا عند هذه الإرادة، وهذه واردة على المصنف (ولا) تطلق في قوله: (أنت طالق إن شاء الله)، حاصله أنه إذا علقه بمشيئة من لا تعلم مشيئته أو بإرادته أو محبته أو رضاه كالباري والملائكة والجن والإنس والحائط وأشرك معه من تعلم مشيئته كإن شاء الله وزيد بأداة هي إن أو إلا إن أو إذا أو ما أو الياء أو إن لم تطلق لرواية الترمذي: (من حلف على يمين وقال: إن شاء الله لم يحنث) ولو قال: بأمره أو يحكمه أو بقضائه أو بعلمه أو بقدرته أو بعونه وقع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ للحال، سواء أضافه إلى الله أو إلى العبد، بخلاف ما إذا أضاف المشيئة وما بعدها إلى العبد حيث يكون تمليكًا يقتصر فيه على مجلس علمه فإن شاء فيه بأن قال: شئت وكله إلى فلان وقع ذكر الطلاق أولى، ولو أتى باللام التعليلية/ وقع في الوجوه كلها سواء أضافه إلى الله تعالى أو إلى العبد، ولو بفي لم يقع في الوجوه كلها إن أضافه إلى الله تعالى إلا في العلم والقدرة إن أراد حقيقتها وإن أضافه إلى العبد كان تمليكًا في الأربعة الأولى وما بمعناها من الهوى والرؤية تعليقًا في الباقي، والحاصل أن هذه المسألة أعني ما إذا لم يعلق بإن على ستين وجهًا وذلك أن كل واحد من هذه الألفاظ العشرة إما أن يضاف إلى الله تعالى أو إلى العبد وكل وجه على ثلاثة لأنه إما أن يكون بالباء أو اللام أو بفي. واعلم أن عدم الوقوع فيما شاء الله مسلم بتقدير كون ما مصدرية ظرفية لا ما إذا قدرت موصولاً اسميًا أي: الذي شاء الله تعالى من الواقع واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا ولا شك في أنت طالق المذكور هنا فصار كقوله: أنت طالق كيف شئت كذا في (الفتح). ولكنه إنما يتم بتقدير إرادة المقدار الذي شاء تعالى وليس بمتعين لجواز أن يراد الطلاق الذي شاء الله تعالى ومشيئته لا تعلم فلم يقع إذ العصمة ثابتة بتعين فلا تزول بالشك ثم التعليق بالمشيئة إبطال عندهما، وقال الثاني: إنه تعليق وقد نقل الخلاف بين الشيخين على عكسه، وأثر الخلاف يظهر فيما إذا قدم الشرط فقال: إن شاء الله أنت طالق، فعلى التعليق تطلق لعدم إلغاء في عدم وجوبها إلا على الإبطال وفي (المجمع) وإن شاء الله أنت طالق يجعله تعليقًا وهما تطليقًا، وشرحه المصنف بناء على ما هو الظاهر فنسب إلى الثاني عدم الإيقاع بنا على أنه تعليق وإليهما الإيقاع قال في (الفتح): وهو غلط فاجتنبه، والظاهر أن هذا الغلط واقع في المتن أيضًا إذ مقابلة التعليق بالتطليق يقتضي عدم الوقوع على الأول والوقوع على الثاني وما في (البحر) أن الذي يقتضيه ما في المتن أنه يقع على التعليق لعدم الرابط ولا يقع عندهما يأباه قوله: وهما تطليقًا، وفيما إذا جمع بين يمينين فقال: أنت طالق إن دخلت الدار وعبدي حر إن كلمت زيدًا إن شاء الله فعلى التعليق يعود إلى الثانية وعلى الإبطال إلى الكل وفيما إذا حلف لا يحلف بالطلاق وقال حنث على التعليق لا الإبطال، وفيما إذا قال: كنت طلقتك أمش إن شاء فعندهما لا يقع وعند أبي يوسف يقع. قال في (الفتح): وفي (فتاوى) قاضي خان الفتوى على قول أبي يوسف إلا أنه عزى إليه الإبطال فتحصل على أن الفتوى على أنه ظاهر على أنه باطل أو إبطال وجزم

متصلاً، ـــــــــــــــــــــــــــــ في (البحر) بأن هذا سهو، وإنما عزى إليه قاضي خان اليمين حيث قال: لو قال: إن شاء الله أنت طالق لا تطلق في قول أبي يوسف وتطلق في قول محمد والفتوى على قول أبي يوسف، وكذا لو قال: إن شاء وأنت طالق، ثم اختلف أبو يوسف ومحمد أن الطلاق المقرون بالاستثناء في موضع يصح الاستثناء هل يكون يمينًا؟ قال أبو يوسف: يكون يمينًا حتى لو قال: إن حلفت بطلاقك فعبدي حر ثم قال لها: أنت طالق إن شاء الله حتى صح الاستثناء عندهما حنث في قول أبي يوسف، وقال محمد: لا يكون يمينًا ولا يحنث وكذا لو قال لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار وعبدي حر إن كلمت فلانًا إن شاء الله تعالى على قول محمد ينصرف الاستثناء إلى الطلاق والعتاق جميعًا وعلى قول أبي يوسف ينصرف إلى اليمين الثانية انتهى، قال: فظهر بهذا أن أبا يوسف قائل بأنها يمين لا إبطال وأن على القول بالتعليق لا يقع الطلاق فيما إذا قدم الشرط ولم يأت بإلغاء كما في (شرح المجمع) لا أنه يقع الطلاق فيما إذا قدم الشرط على القول به، وإن (شارح المجمع) قد غلط كما توهمه في (فتح القدير). وأقول: أنت خبير بأن مقتضى الإبطال القابل للتعليق عدم الوقوع فيما إذا قدم المشيئة فقوله في (الفتح) إلا إليه عزى إليه الإبطال أي المومأ إليه بعدم الوقوع لا خصوص هذا اللفظ كما توهمه في (البحر) فجزم بأنه سهو ولا يصح أن يخرج هذا على القول بالتعليق إذ لا يعرف ثبوته مع عدم الرابط، فتعين أن يخرج على الإبطال فعليك أبدًا بالتدبير في كلام هذا الإمام مخافة أن تنزل بك الأقدام، وما في (البزازية) أن الفتوى على قول الثاني من الحنث فيما إذا حلف لا يحلف فخرج على التعليق، وقد علمت أن بعض المشايخ نسبه إليه، وما فيها أيضًا أنت طالق إن شاء الله أنت طالق فالاستثناء ينصرف إلى الأول ويقع الثاني وقال زفر: لا يقع شيء، وكذا أنت طالق ثلاثًا إن شاء الله تعالى طالق وقعت واحدة في الحال مبني على كل القولين أعني التعليق والإبطال، وهذا لأن الجملة الثانية منعطفة على الأولى وتوهم في (البحر) بناء على ما سبق له من أنه يصح أن يوجد التعليق مع عدم الرابط ولا يقع فقال: ينبغي أن تكون الفتوى على قول زفر لما مر من عدم الوقوع في إن شاء/ الله أنت طالق وأنت قد علمت ما هو الواقع (متصلاً) بما قبله بأن لم يكن بين اللفظين فاصل حقيقي ولا حكمي، فمن الأول والسكون بلا عذر تنفس أو جشاء أو تفل لسان أو إمساك لفيه، ومن الثاني أنت طالق إن شاء الله تعالى وثلاثًا وواحدة إن شاء الله عند الإمام وقالا: يقع وأجمعوا أنه لو قال: طالق واحدة وثلاثًا إن شاء الله لم يقع،

وإن ماتت قبل قوله: إن شاء الله ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (النوازل) والله لا أكلم فلانًا أستغفر الله إن شاء الله فهو مستثن ديانة لا قضاء ولو قال: أنت طالق ثلاثًا بواوين وقع، ولو قال: واحدة بائنة لم يقع كذا في (الشرح) وعلى هذا تفرع ما في (القنية) أنت طالق رجعيًا إن شاء الله وقع وبائنًا لا يقع ولو قال: رجعيًا أو بائنًا يسأل عن نيته فإن عنى البائن يقع وادعى في (البحر) أن الصواب عكس هذا لأن الفاصل موجود فيما إذا عنى الرجعي دون البائن. وأقول: بل الصواب ما في (القنية) وذلك أن معنى كلامه أنت طالق أحد هذين ولهذا لا يكون الرجعي لغوًا وإن نواه بخلاف ما إذا نوى البائن، وأما البائن فليس لغوًا على كل حال (وإن ماتت) الزوجة (قبل قوله: إن شاء الله) لأن بالاستثناء خرج الكلام من أن يكون إيجابًا والموت ينافي الوجوب دون المبطل، بخلاف ما إذا مات الزوج وهو يريده لأنه لم يتصل به الاستثناء وتعلم إرادته بأن ذكر لآخر ذلك قبل الطلاق. تتمة: ادعى الاستثناء أو الشرط في الطلاق أو الخلع وكذبته فالقول له إلا إذا ذكر البدل كما في (الصغرى) ولو قال: ما قبضته إنما هو حق لي عليك وقالت: بل هو بدل الخلع فالقول له كذا في (الفصول) وإلا إذا شهد عليه بأنه طالق أو خالع بغير استثناء وقالا: لم يستثن وهو من المسائل التي تقبل فيها الشهادة على النفي فإن لم يشهد عليه بل قالا: لم نسمع منه غير لفظة الطلاق والخلع والزوج يدعي الاستثناء ففي (المحيط) القول له وفي (فوائد) شمس الإسلام لا يقبل قوله وفي (الفصول) وهو الصحيح. وفي (الخانية) لو قال الزوج: طلقتك أمس وقلت إن شاء الله ففي ظاهر الرواية القول قول الزوج وذكر في (النوادر) خلافًا بين أبي يوسف ومحمد، فعلى قول أبي يوسف يقبل وعلى قول محمد لا يقبل وعليه الاعتماد والفتوى احتياطًا في أمر الفروج في زمن غلب على الناس الفساد انتهى، ويوافقه ما نقله نجم الدين النسفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن أن مشايخنا أجابوا في دعوى الاستثناء في الطلاق أن لا يصدق الزوج إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر. قال في (الفتح): والذي عندي أن ينظر إلى حال الزوج فإن عرف بالصلاح والشهود لا يشهدون على النفي ينبغي أن يؤخذ بما في (المحيط) من عدم الوقوع وإلا فبالوقوع، ومن الاستثناء أنت كذا لولا أبوك ولولا حسنك أو لولا أني أحبك فلا

وفي أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة يقع اثنتان وفي إلا ثنتين واحدة وفي إلا ثلاثًا ثلاث ـــــــــــــــــــــــــــــ يقع شيء كما في (الخانية) قال أبو الليث: ويقرب منه إن دخلت الدار فلله علي أن أتصدق بمائة مثلاً لأن من الأمثال ما هو حقيقة ومنها ما ليس على الحقيقة وبه نأخذ، لأن في المثل تشبيه ولا يكون في التشبيه إيجاب إلا أن يريد الرجل الإيجاب على نفسه فيلزمه كذا في (المحيط) (وفي) قوله: (أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة يقع اثنتان) شروع في بيان الاستثناء الوضعي بعد الفراغ من العرفي وألحق بالتعليق لاشتراكهما في منع الكلام عن إثبات موجبه إلا أن الشرط يمنع الكل والاستثناء البعض وقدم المشيئة لمشابهتها للشرط في منع الكل وذكر إرادة التعليق غير أنه منع لا إلى غاية والشرط منه إلى غاية تحققه، ثم الاستثناء بيان بإلا وإحدى أخواتها أن ما بعدها لم يرد بحكم الصدور بما سبق إلى الفهم أن في المتصل تناقضًا من حيث أن قولك لزيد على عشرة إلا ثلاثة إثبات للثلاثة في ضمن العشرة ونفي لها صريحًا فاضطروا إلى بيان كيفية عمله على ثلاثة أقوال: الأول: - وعليه أكثرهم -: أن العشرة مجاز عن السبعة ولا قرينة، الثاني: أن المراد بعشرة معناها أي: عشرة أفراد فيتناول الثلاثة والسبعة معًا ثم أخرج منها ثلاثة حتى بقيت سبعة ثم أسند الحكم إلى العشرة المخرج منها الثلاثة فلم يقع الإسناد إلا على سبعة، الثالث: أن عشرة إلا ثلاثة موضوع بأن السبعة حتى كأنه وضع له اسمان مفرد وهو سبعة ومركب وهو عشرة إلا ثلاثة، وحجة كل قول مبسوطة في (التلويح) وغيره (وفي) قوله: أنت طالق ثلاثًا (إلا اثنتين يقع واحدة) وفيه إيماء إلى صحة استثناء الأكثر وهو الأصح. وعند الثاني: أنه لا يصح وبه قال أكثر البصريين، وظاهر الرواية هو الأول ولا خلاف في عد جواز استثناء الكل وإلى ذلك أشار بقوله: (وفي) أنت طالق (إلا ثلاثًا) يقع (ثلاث) لا فرق/ في ذلك بين أن يكون بلفظ المصدر كما مثل أو مساوية كعبيدي أحرار لا مماليكي فيعتقون كما في (المبسوط) وغيره. وفي (الولوالجية) قال لعبيده الثلاث: أنتم أحرار إلا فلانًا أو فلانًا وقع العتق ولا يصح استثناء الكل من الكل انتهى، ومنه أيضًا أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين وواحدة علله في (المحيط) بأنه استثناء الكل من الكل، لأن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع وقالوا: لو قال: عبيدي أحرار إلا فلانًا أو فلانًا وليس له غيرهما لم يعتقوا وكذا نسائي طوالق إلا فلانة وفلانة لأن المساواة في الوجود لا يمنع صحة الاستثناء إن عدم وضعًا كقوله كل امرأة لي طالق إلا هذه أو قال: إلا هؤلاء وليس له غير هؤلاء كما في (المحيط) وعلى هذا فينبغي أنه لو قال: أنتن طوالق إلا فلانة وفلانة وليس له

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ غيرهما أن يقع، ولو قال: أنت طالق واحدة إلا نصفها وقعت واحدة أي: اتفاقًا وإنما اختلفوا في التوجيه فقيل: إن استثناء النصف وإن صح لكنه يصير كأنه قال: أنت طالق نصف تطليقة وهي مما لا يتجزأ فيتكامل، وقيل: لأنه استثناء الكل لأن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله وأثر الخلاف يظهر فيما لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا نصف واحدة وقع الثلاث على الأول وهو قول محمد وهو المختار، وعلى الثاني يقع اثنتان ونسب إلى الثاني وفي (الخانية) أنت طالق ثلاثًا إلى نصفها يقع اثنتان، ولو قال: إلا أنصافهن يقع الثلاث، ثم كون المتفرق لغوًا مقيدًا بما إذا لم يكن بعده استثناء آخر يكون خبرًا للصدر فإن كان صح وعلى هذا تفرع ما لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة حيث يقع واحدة وقعت اثنتان لأن الاستثناء إذا تعدد بلا واو كان الكل إسقاطًا مما يليه فيلزم أن كل فرد إسقاط من الصدر وكل شفيع خبر له، ولو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة أو اثنتين طولب بالبيان فإن مات قبله طلقت واحدة في رواية ابن سماعة عن أبي يوسف وهو قول محمد وهو الصحيح لأنه وقع الشك في الثانية فلا يقع بالشك. وفي (المحيط) لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة للسنة طلقت اثنتين للسنة في كل طهر واحدة، بخلاف ما لو قال: ثلاثًا بوائن إلا واحدة حيث يقع بائنتان، ولو قال اثنتين إلا واحدة بائنة وقعت واحدة رجعية إلا أن ينوي بالبائنة الاثنتين، ولو قال: أنت طالق اثنتين إلا واحدة البتة وقعت بائنة والله الموفق بمنه ويمنه. تتمة: اعلم أن الأصل أن المستثنى إذا وصف بما يليق بالمستثنى يجعل صفة للمستثنى ويبطل ببطلان المستثنى وإن كان يليق بالمستثنى منه لا غير قيل: يجعل وصفًا حتى يثبت بثبوته تصحيحًا بقدر الإمكان وقيل: يجعل وصفًا للكل تخفيفًا للمجانسة بين المستثنى والمستثنى منه لأنه الأصل ظاهرًا وإن ذكر وصفًا يليق بهما قيل يجعل وصفًا للكل تحقيقًا للمجانسة وقيل للمستثنى منه لا غير لأنه لو جعل للمستثنى بطل هذا إذا ذكر وصفًا زائدًا أو إن ذكر وصفًا أصليًا لا يعتبر أصلاً ويجعل ذكره وعدمه سواء، بيانه أنت طالق اثنتين إلا واحدة بائنة إلا واحدة بائنًا تطلق رجعيًا لأنها لا تصلح صفة للمستثنى منه لا يقال طلقتان بائن بل للمستثنى فبطل ببطلانه، ولو قال: أنت طالق اثنتين البتة إلا واحدة تقع واحدة بائنة، وكذا أنت طالق اثنتين إلا واحدة البتة تقع واحدة بائنة، لأن البتة لا تصلح للمستثنى لعدم وقوعه بل للمستثنى منه فيجعل صفة للكل والمستثنى منه كأنه قال اثنتين البتة إلا واحدة، ولو قال: أنت طالق ثلاثًا بائنًا إلا واحدة يقع رجعيتان لأن كل منهما وصف أصل للثلاث لا يوجد

باب طلاق المريض

باب طلاق المريض طلقها رجعيًا، أو بائنًا في مرضه، ـــــــــــــــــــــــــــــ بدونها فلا يفيد إلا بما أفاد الثلاث فلا يعتبر، فصار كأنه قال أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة كذا في (البزازية) والله الموفق للصواب. باب طلاق المريض ويقال الفار أيضًا، وبه عنون بعض المتأخرين لأن حكم الباب لا يختص بالمريض والمصنف كغيره إنما ترجم به نظرًا إلى أصالته فيه، ثم حده هنا أن يعجز عن قضاء مصالحه خارج البيت هو الأصح كما في (الشرح) وفي (البزازية) وفي حقها أن تعجز عن المصالح الداخلة، وهذا أولى من قوله في (فتح القدير): وأما في المرأة فإذا لم يمكنها الصعود إلى السطح فهي مريضة انتهى. وهو مذكور في (الذخيرة) ومقتضى الأول أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضة وهو الظاهر والمفلوج والمسلول والمقعد/ ما دام يزداد ما به فهو غالب الهلاك وإلا فكالصحيح وبه كان يفتي برهان الأئمة والصدر الشهيد، والمقرب للقتل كالمريض وكذلك المرأة في حال الطلقة وهل كذلك الصحيح في حال فشو الطاعون قال الشافعية: نعم. قال في (الفتح): ولم أره لمشايخنا انتهى، لكن قواعدهم تقتضي أنه كان كالصحيح قال العسقلاني في كتابه (بذل الطاعون) وهو الذي ذكره لي جماعة من علمائهم واستدل عليه في (الأشباه) كما سيأتي: إن من كان في صف القتال إذا طلق لا يكون فارًا وغاية من كان ببلد فيها الطاعون أن يكون كذلك انتهى، (طلقها رجعيًا، أو بائنًا) طائعًا احترازًا عما لو أكره على طلاقها فإنها لا ترث كما لو أكرهت على سؤالها الطلاق حيث ترث كما في (القنية) وعرف منه أن لو جامعها ابنه مكرهة فإنها ترث، ولم يقيده به لأن الطواعية هي الأصل فصرف الطلاق إليها، نعم الطلاق ليس بقيد بل كذلك لو أبانها بخيار بلوغ وتقبيل أمها وابنتها وردته كما في (البدائع) وكأنه أراد به كل فرقة جاءت من قبله (في مرضه) قيد في البائن أما الرجعي فيتوارثان فيه مطلقًا ما بقيت العدة ولا يشترط فيه أهليتها لميراثه إلا وقت الموت

ومات في عدتها ورثت، وبعدها لا ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى لو كانت وقت الطلاق مملوكة أو كتابية فأعتقت أو أسلمت في العدة ورثته بخلاف البائن فإنه يشترط أهليتها فيه لإرثها من وقت الطلاق إلى الموت، وخرج به ما لو أبانها وهو صحيح ثم مرض (ومات) وهي في العدة فإنها لا ترث وعندي إنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث، ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض، ولقد أحسن القدوري في اقتصاره على البائن، ولم أر من نبه على هذا ثم المراد بالمرض الذي اتصل به الموت حتى لو صح ثم مات (في عدتها) لم ترث أما إذا لم يصح حتى قتل أو مات من غيره (ورثت)، وكذا لو علق طلاقها بمرضه كما صححه في (الخانية) أو وكل به وهو صحيح فأوقعه حال مرضه فأدوا على عزله لا إذا لم يقدر كما في (الظهيرية)، وفي الكافي قال صحيح لزوجتيه: إحداكما طالق ثم بين ذلك في المرض صار بالموت فار. أقول وعلى هذا فينبغي أنه لو حلف وهو صحيح لكنه حنث وهو مريض فبينة في واحدة أنه يكون فارًا أيضًا ولم أره ولو كذبها الورثة بعد الموت في كون الطلاق فيه القول لها، بخلاف ما لو كانت أمة فادعت العتق قبل موته وقالت الورثة: إنما كان بعده حيث يكون القول لهم، واعلم أنه لو ارتد وهو الصحيح وقتل على ردته أو لحق بدار الحرب ورثته بخلاف ردتها وهي صحيحة، والفرق أن ردته في معنى مرض موته بخلاف ردتها أما لو ارتدت وهي مريضة ورثها ومات في العدة فيه إيماء إلى أنها مدخول بها قيد بموته لأنها لو ماتت وهي مريضة في العدة لم يرثها الزوج لأنه بطلاقه إياها رضي بإسقاط حقه ورثت منه سواء على أهليتها لإرثه أو لا، حتى لو كانت أمة أعتقها المولى أو كتابية أسلمت ولم يعلم حتى أبانها في مرضه ورثت، كما في (الظهيرية) وفي (الخانية) قال المولى لأمته: أنت حرة غدًا وقال الزوج: أنت طالق ثلاثًا بعد غد إن علم بكلام المولى كان فارًا وإلا لا (وبعدها لا)، لأن الزوجية سبب لإرثها في مرضه وقد قصد إبطاله فرد عليه قصده بتأخير علمه إلى زمان انقضاء العدة دفعًا للضرر عنها وقد أمكن، لأن النكاح في العدة يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق بعض الآثار فجاز أن يبقى في حق إرثها عنه بخلاف ما بعد الانقضاء لأنه لا إمكان وما في (البحر) قد علم من كلامهم أنه لا يجوز للزوج المريض التطليق لتعلق حقها بإرثه فيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيًا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبره، وفي (البدائع) اختلف في الوقت الذي يصير النكاح سببًا لاستحقاق الإرث، فالمتأخرون على أن النكاح القائم وقت المرض هو السبب وبقولنا قال كثير من الصحابة بل لم

ولو أبانها بأمرها، أو اختلعت منه، أو اختارت نفسها بتفويضه لم ترث. وفي طلقني رجعية فطلقها ثلاثًا ورثت، وإن أبانها بأمرها في مرضه أو تصادقا عليها في الصحة، ومضى العدة فأقر أو أوصى لها ـــــــــــــــــــــــــــــ يعلم عن صحابي خلافه كما في (الفتح) (ولو أبانها بأمرها) نبه بهذا على أن ذلك الإطلاق مقيد بما إذا كان الطلاق بغير رضاها، وأورد أن أمرها لا يزيد على قولها أسقطت ميراثي منك وثم لا يسقط، وأجيب بأن الميراث لا يحتمل السقوط مقصودًا ولكن سببه وهو الزوجية يحتمل الرفض قيد بالبائن/ لأن سؤالها الرجعي لا يمنع إرثها كما سيأتي وفي كلامه إشارة إلى أنها لو فارقته بجب أو عنة أو خيار بلوغ أو عتقها لم ترث ولو وجدت هذه الأمور منها حال مرضها ورثها كذا في (الشرح) والمذكور في (الجامع) أنه في الفرقة بالجب واللعان لا يرثها لأنه طلاق فكانت مضافة إليه وجزم به في (الكافي) (أو اختلعت منه) أي: من الزوج (أو اختارت نفسها بتفويضه) واحدة وهي قوله لها: اختاري نفسك (لم ترث) لأنها رضيت بإسقاط حقها، أما في الأول فالأمر منها بالعلة، وأما في الأخيرين فلأنهما باشرا العلة، أما في التخيير فظاهر لأنه تمليك منها وأما في الخلع فلأن التزام المال علة العلة لأنه شراء الطلاق ومباشرة إحدى وصفي العلة كمباشرتها. وقالوا: لو طلقت نفسها ثلاثًا في صحته أو مرضه فأجازه الزوج في مرضه ورثته مع أن تطليقها ظاهر في رضاها به، وأجاب الشارح وغيره بأن المبطل للإرث إنما هو إجازته وأنت خبير بأن هذا لا يجدي نفعًا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل المرض فيه قائم وفي (الخانية) أبانها في مرضه ثم قال لها: إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثًا فتزوجها في العدة ومات في مرضه لم ترث لأنه موت في عدة مستقبلية فأبطل حكم الفرار بالطلاق الأول، والثاني وإن وقع إلا أن شرطه حصل بفعلهما فلا يكون فرارًا خلافًا لمحمد قيد باختلاعها لأن الاختلاع الأجنبي لا يبطل إرثها، (وفي) قولها: (طلقني رجعية فطلقها ثلاثًا ورثت) تصريح بمفهوم قوله أبانها بأمرها، وهذا لأنها لم تكن بسؤالها الرجعي راضية بإبطال حقها، ولو قال: وفي طلقني فأبانها ورثت لكان أفود وأخصر إذ يعلم منه ما لو نصت على الرجعي أو أوقع ثلاثًا بالأولى. وفي (البحر) أراد بالرجعي نفي سؤالها البائن وبالثلاث البائن، ولك أن تقول: قيد بقوله رجعية احترازًا عما لو قالت بائنة فطلقها ثلاثًا فإنها لا ترث، كما هو مقتضى إطلاقه المتقدم، (وإن أبانها بأمرها) أي: الزوجة (في مرضه) أي: الزوج وأعاد المسألة ليترتب عليها وجوب الأقل من الإرث ومما أقر به (أو تصادقا عليه) أي: على وجوب البينونة منه (في الصحة و) على (مضي العدة فأقر) لها بدين (أو أوصى لها)

فلها الأقل منها ومن إرثها ـــــــــــــــــــــــــــــ بشيء تنازع فيه أقر وأوصى، (فلها الأقل منه) أي: من المقر والموصى به (ومن إرثها) منه ليست من فيها صلة لا فعل التفضيل لاقتضائه أن يكون الواجب أقل من كل واحد منهما بل للبيان وأفعل استعمل باللام فيجب أن يقال: أو من الإرث لأنه لما كان الأقل بينه بأحدهما وصلة الأقل محذوفة وهو من الأجزاء فلها أحدهما الذي هو أقل من الآخر، فتكون الواو بمعنى أو تكون على معناها لكن لا يراد بها المجموع بل الأقل الذي هو الإرث تارة والموصى به أخرى فتكون الواو للجمع لأن الأقلية ثابتة لكن بحسب زمانين قاله صدر الشريعة، واعترضه يعقوب باشا بأنها إذا كانت للجمع في أفعل بحسب زمانين لا يجب إذا كانت صلة أن يكون الواجب أقل من كل واحد منهما ومعلوم أن لها أحدهما لا غير، نعم لا يجتمع من واللام وجعلها في (إيضاح الإصلاح) متعلقة بالظرف أي: يثبت لها دائمًا من الموصي به ومن الإرث ما هو أقل وهذا عند الإمام وقالا: في التصادق يجوز قراءة ووصية لأنها صارت أجنبية عنه فانعدمت التهمة، ألا يرى أنه يقبل شهادته لها ويجوز وضع الزكاة فيها بخلاف الأولى، لأن بقاء العدة سبب للتهمة وله أن التهمة قائمة في المسألتين أما في الأولى فلبقاء العدة وأما في الثانية فلأن المرأة قد تختار الطلاق لينفتح باب الإقرار والوصية فيزيد، والزوجان قد يتواضعان على ذلك ليبوئها الزوج بماله زيادة على ميراثها فينفتح، وهذه التهمة في الزيادة فرددناها ولا تهمة في قدر الميراث ولا في حق الزكاة والشهادة، قال السروجي: وينبغي تحكيم الحال إن تركت خدمته في مرضه لخصومة سبقت فيصح لعدم التهمة، وإلا لا يصح أخذًا مما في (الذخيرة) قال: تزوجت علي فقال: كل امرأة لي طالق قيل: الأولى تحكم الحال إن كان قد جرى بينهما خصومة نزل على غضه يقع الطلاق عليها أيضًا وإلا لا. قال في (الفتح): وقد يفرق بأن حقيقة الخصومة ظاهرة في قولها: تزوجت علي ونحوه إذا أقرت بالمشاجرة أما هنا فلا إذ الإيصاء بما هو أكثر من الميراث ظاهر في أن تلك الخصومة ليست على حقيقتها، وكثير ما يفعل أهل الحيل ذلك للإعراض، وأنت خبير بأن اعتزالها عنه في مرضه الذي هو زمان للحرمة والشفقة ظاهر أيضًا في خصومته والإيصاء لها بالأكثر قد يكون طمعًا في إبراء ذمته وتذكيرًا بسبق مودته وقد قرر في العدد عند قول صاحب (الهداية) / ومشايخنا يعني بخاري وسمرقند يفتون في الطلاق إن ابتدأها من وقت الإقرار نفيًا للتهمة والمواضعة انتهى، يعني ليصح إقرار المريض لها بالدين أو ليتزوج أختها أو أربعًا سواها وإذا كان مخالفة هذا الحكم بهذه التهمة فينبغي أن يتجزى به محال التهمة، والناس الذين هم مظانها،

ومن بارز رجلاً، أو قدم ليقتل بقود، أو رجم، فأبانها ورثت ـــــــــــــــــــــــــــــ ولذا فصل السعدي حيث قال ما ذكر محمد من أن ابتدأ بها من وقت الطلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامه ظهر فلا يصدقان في الإسناد انتهى، وهذا كما ترى ظاهر في تحكيم الحال، وإذا ثبتت التهمة وكان ابتداؤها من وقت الإقرار على ما عليه الفتوى فينبغي أن لا تقبل الشهادة ولا يجوز دفع الزكاة لها أيضًا، وظاهر أنه لو مات بعدما انقضت عدتها من وقت الإقرار كان لها جميع ما أقر لها به أو أوصى كما في (العمادية) وقالوا: إنما تأخذه له شبهة بالميراث فلو توى شيء من التركة قبل القسمة كان على الكل، ولو طلبت أخذ الدراهم والتركة عروض لم يكن لها ذلك، وبالدين حتى كان للورثة أن يعطوها من غير التركة، وظاهر كلامهم أن ما تأخذه فيما لو أوصى لها فيه الشبهان أيضًا وهو ظاهر فيما لو أوصى لها بدراهم مرسلة ففي وصايا (البزازية) هي على ثلاثة أنواع: أن يكون الموصى له كالمودع والوصية في يد الموصي وورثته كالوديعة بأن يوصي بعين مال قائم يخرج من الثلث حتى لو هلك بلا تعد لا يضمن، الثاني: أن يكون الموصي كالشريك مع الورثة بأن يوصي بثلث ماله ولهذا لو استفاد مالاً بعد الوصية يعطي ثلث المستفاد أيضًا. الثالث: أن يكون الموصي له كالغريم بأن يوصي بالدراهم المرسلة فإن لم تكن حاضرة تباع التركة وتعطى كل تلك الدراهم كالدين إلا أن الدين من كل التركة وهذه من الثلث انتهى. وفي (جامع الفصولين) قال لها في مرضه: كنت أبنتك في صحتي أو تزوجتك بلا شهود أو جامعت أمك أو ابنتك أو بيننا رضاع قبل النكاح أو تزوجتك في العدة وأنكرت بانت منه وترثه، لا لو صدقته، ولو ادعت عليه مريضًا أنه أبانها ثلاثًا فجحد وحلفه القاضي فحلف ثم صدقته ومات ترثه صدقته قبل موته لا لو بعده. (ومن بارز رجلاً) أي: خرج عن صف المقاتلين لقتاله بيان لأن الفرار لا ينحصر في المرض بل كما يكون عند غلبة الهلاك بالمرض يكون عند غلبته مع عدمه أيضًا ولذا قيد بعضهم المسألة بما إذا علم أن المبارز ليس من أقرانه بل أقوى منه، (أو قدم ليقتل بقود) أي: قصاص (أو رجم) بزنا ثبت عليه، أو كان في سفينة فتلاطمت الأمواج بها وانكسرت به وبقي على لوح، أو افترسه سبع وبقي في فمه وقدمنا أن من هذا القبيل الحامل وقت الطلق، واختلف في تفسير الطلق، فقيل: هو الوجع الذي لا يسكن حتى يموت أو تلد، وقيل: وإن سكن لأن الوجع يسكن تارة ويهيج أخرى كذا في (المجتبى) (فأبانها) في هذه الأحوال (ورثت) لثبوت الفرار بهذه، وفي

إن مات في ذلك الوجه، أو قتل، ولو محصورًا، أو في صف القتال لا، ولو علق طلاقها بفعل أجنبي، أو بمجيء الوقت، والتعليق والشرط في مرضه، أو بفعل نفسه، وهما في مرضه، أو الشرط فقط، أو بفلعها ولا بد لها منه وهما في المرض، أو الشرط ورثت ـــــــــــــــــــــــــــــ قوله: (إن مات في ذلك الوجه أو قتل) عليه دون أن يقول: بذلك الوجه دلالة على أنه لا فرق بين أن يموت بهذا السبب أو بسبب آخر، ولذا قال في (الأصل): مريض صاحب فراش أبان امرأته ثم قتل ورثته وما في (البحر) من أن تلاطم الأمواج قيده الإسبيجابي أن يموت من ذلك الموج أما لو سكن ثم مات لا ترث مما لا حاجة إليه، لأنه في هذه الحالة لم يمت في ذلك الوجه بخلاف ما لو قدم للقتل بسبب من الأسباب المتقدمة ثم خلي سبيله ثم قتل أو مات في ذلك الوجه. (ولو) كان (محصورًا) أي: ممنوعًا في حصن لخوف عدو يقال: حصره العدو حصرًا من حد قتل أحاطوا به ومنعوه من المضي لأمره (و) كان (في صف القتال) أو في مسبعة أو راكب في سفينة، أو محبوسًا ليقتل في حد أو قصاص (لا) ترث، إذ الغالب فيه السلامة وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن تكون فئة من كان في القتال قليلة بالنسبة إلى الأخرى أو لا، ولم أره لهم (ولو علق) الزوج (طلاقها) يعني البائن ولم يقيده به اكتفاء بما مر أول الباب وهذا لأن قوله وهما في المرض أو الشرط فقط، إنما يتم في البائن (بفعل أجنبي) أراد به غير الزوجين لا خصوصه، إذ لو علق طلاقها بفعل ولدها منه كان كالأجنبي. (أو بمجيء الوقت) كإن جاء رأس الشهر فأنت كذا (و) الحال أن (التعليق والشرط في مرضه أو) علقه (بفعل نفسه) سواء كان له منه بد، ككلام زيد ودخول الدار أو لا، كالأكل والصوم والصلاة وكلام الأبوين وقضاء الدين واستيفاؤه، دل على ذلك اشتراطه إلا أن يكون لها منه بد، (وهما) أي: التعليق والشرط (في مرضه أو الشرط) في مرضه (فقط أو) علقه (بفعلها ولابد لها منه) طبعًا أو شرعًا كما مر (وهما في المرض أو الشرط) / فقط (ورثت) إذا كان التعليق بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت ووجدا في المرض فلأن القصد إلى الفرار وقد تحقق بمباشرة التعليق في حال تعلق حقها بماله، ولذا لو كان الموجود في المرض إنما هو الشرط فقط لم ترث عندنا خلافًا لزفر، وأما إذا كان بفعل نفسه وكانا في المرض أو كان الشرط في المرض فقط فلأنه قصد إبطال حقها بالتعليق والشرط أو بالشرط وحده لأن للشرط شبهًا بالعلل لما أن الوجود عنده فكان متعديًا من وجه صيانة لحقها، واضطراره لا يبطل حق غيره كإتلاف مال الغير حالة الاضطرار وعلى هذا تفرع ما في (البدائع) إن لم أطلقك أو إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثًا فلم يفعل حتى مات ورثته ولو ماتت هي لم يرثها،

وفي غيرها لا، ولو أبانها في مرضه فصح فمات، أو أبانها فارتدت فأسلمت، فمات لم ترث وإن طاوعت ابن الزوج أو لاعن، أو آلى مريضًا ورثت، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخانية) إن شئت أنا وفلان فأنت طالق ثلاثًا ثم مرض فشاء الزوج والأجنبي معًا أو الزوج ثم الأجنبي ومات لم ترث، وإن شاء الأجنبي أولاً ثم الزوج ورثت انتهى. والفرق لا يخفى إذ بمشيئة الأجنبي أولاً صار الطلاق معلقًا على فعله فقط، وأما إذا كان بفعلها الذي لابد منه وكان الشرط في المرض فلأنها مضطرة في المباشرة لما لها من الامتناع من خوف الهلاك في الدنيا وفي العقبى، ولا رضى مع الاضطرار، وقال محمد: إذا كان التعليق في الصحة فلا ميراث لها مطلقًا قال فخر الإسلام: وهو الصحيح (وفي غيرها لا) أي: غير ما ذكر وهو ما إذا كانا في الصحة والتعليق فقط في الوجه الأول وكيف ما كان في فعلها الذي لها منه بد، والحاصل أن هذه المسألة على ستة عشر وجهًا وذلك أن التعليق إما بمجيء الوقت أو بفعل الأجنبي أو بفعله وكل وجه على أربعة، لأن التعليق والشرط إما أن يوجدا في الصحة أو في المرض أو يوجد أحدهما دون الآخر وتفصيل الأوجه يعرف مما مر والله الموفق. (ولو أبانها في مرض فصح) منه (أو أبانها فارتدت فأسلمت فمات لم ترث) في الوجهين، أما الأول فلأنه تبين أن هذا المرض ليس هو مرض الموت لما مر من أنه لا بد أن يتصل به الموت، فلم يتعلق حقها بماله قيل: هذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يكن به حمى ربع وهي ما كانت داخل العروق، فإن كانت فزالت ثم عادت جعلت الثانية عين الأولى فترث. قال في (الدراية): وفيه نظر لأنها لما زالت لم يبق لها تعليق بماله وفي هذا تصريح بأن المحموم مريض ووقع في (ملتقى الأبحر) لبرهان الدين الحلبي أنه ليس مريضًا ويمكن التوفيق بينهما بحمل الأول على ما إذا جاءت نوبتها، والثاني على ما إذا تأتى والله الموفق، وأما الثاني فلأنها بالردة أبطلت أهلية إرثها حتى لو مات أو لحق بدار الحرب وهي في العدة ورثت كما مر وفي (المحيط) لو ارتدا معًا ثم أسلم الزوج ومات لا ترث منه وإن أسلمت هي ثم مات مرتدًا ورثته، لأن الفرقة وقعت ببقائه على الردة فصار بمنزلة ارتداده، (وإن طاوعت ابن الزوج) يعني بعدما أبانها ليخرج بذلك ما لو وقعت الفرقة بالمطاوعة، ولو في عدة الرجعي فإنها لا ترث لما مر (أو لاعن) زوجته بعدما قذفها (أو آلى) منها حال كونه (مريضًا) قيد فيها (ورثت)

باب الرجعة

وإن آلى في صحته، وبانت منه في مرضه لا. باب الرجعة هي: استدامة الملك القائم في العدة، وتصح إن لم يطلق ثلاثًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أما في المطاوعة بعد البينونة فلأنها إنما ثبتت المحرمية وهي لا تنافي الإرث، وأما في اللعان والإيلاء فلأن الفرقة جاءت بسبب منه وهي ملجأه إلى اللعان لدفع العار عنها، ولا فرق في ذلك بين كون القذف في الصحة أو المرض وقال محمد: إن كان القذف في الصحة واللعان في المرض لا ترث ولا خلاف أنهما لو كانا فيه ورثت (وإن آلى) الزوج (في صحته، وبانت منه) بمضي المدة (في مرضه لا) أي: لا ترث لأن الإيلاء في معنى تعليق الطلاق، وبمضي مدته الخالية عن الوقاع فيكون ملحقًا بالتعليق بمجيء الوقت والله الموفق للصواب. باب الرجعة ذكرها بعد الطلاق لأنها متأخرة عنه طبعًا فكذا وضعًا والجمهور على أن الفتح فيها أصح من الكسر خلافًا للزهري في دعوى أكثرية الكسر، وللمكي تبعًا لابن دريد في إنكار الكسر على الفقهاء، يتعدى ولا يتعدى يقال: رجع إلى أهله ورجعته إليهم رددته رجعًا ورجوعًا ومرجعًا، (هي استدامة النكاح القائم في العدة) زاد بعض المتأخرين بعد الوطء لما مر أن الخلوة الصحيحة تجب العدة بعدها ولا تصح الرجعة، ولا حاجة إليه في الماهية لأن هذا من الشروط، وعلى هذا فلو قال المصنف: هي استدامة القائم لكفاه إذ العدة من الشرط أيضًا ونقل البزازي وغيره أنه لو ادعى الوطء بعد الخلوة/ وأنكرت كان له الرجعة لا في عكسه، ثم الدليل على ذلك قوله تعالى: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف} [الطلاق: 2] أي: قاربن الانقضاء، والإمساك استدامة القائم لا إعادة الزائل ولذا صح منها الإيلاء والظهار واللعان وتناولها قوله: زوجاتي طوالق ولم يشترط فيها شهود، ولم يجب عوض مالي حتى لو راجعها على ألف توقف لزومها على قبولها وتجعل زيادة في مهرها وقال أبو بكر: لا تصير زيادة فلا تجب، ولو راجع الأمة على الحرة التي تزوجها بعد طلاقها صح، نبه بقوله: في العدة على أن غير المعتدة لا تراجع سواء كان انقضاؤها بالحيض في مدة تحتمل ذلك إلا إذا قالت: أسقطت سقطًا فإن طلب يمينًا بذلك حلفت اتفاقًا. (وتصح) الرجعة (إن لم يطلق) الزوج (ثلاثًا) أو اثنتين إن كانت أمة ولم يقترن الطلاق الواحد بعوض ما إذ لا صفة تنبئ عن البينونة ولا مشيئة ولم يكن بكناية يقع

ولو لم ترض براجعتك، أو راجعت امرأتي، وبما يوجب حرمة المصاهرة ـــــــــــــــــــــــــــــ بها البائن، وعلى هذا فلو قال: إن لم يطلق بائنًا لكان أولى وفي (الخانية) لو كان اللقيط امرأة أقرت بالرق لآخر بعدما طلقها اثنتين كان له الرجعة، ولو بعد ما طلقها واحدة لا يملكها، والفرق أنها بإقرارها في الأول تبطل حقًا يثبت له وهو الرجعة، بخلافة في الثاني إذ يثبت له حق البتة وفي (القنية) قال لزوجته الأمة: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثًا ثم أعتقت ودخلت وقع اثنتان وملك الرجعة، ولعل وجهه أن المعلق إنما وهو طلقات هذا الملك هو اثنتان وبالعتق ثبت له ملك آخر كما هو ظاهر. (ولو لم ترض) بذلك بعد علمها ولو لم تعلم بها أصلاً، وما في (العناية) من أنه يشترط إعلام الغائبة بها فسهو، ولما استقر من أن إعلامها إنما هو مندوب فقط ولو قال: أبطلت رجعتي أو لا رجعة لي كان له الرجعة كما في (البدائع) (راجعتك) في حال خطابها بيان لركنها وهو قول أو فعل بدأ بالقول لأنه لا خلاف فيه، (وراجعت امرأتي) في حال غيبتها أو حضورها وهذا من الصريح ومنه أرجعتك ورجعتك ورددتك أمسكتك، واشترط في بعض المواضع في الصلة بأن يقول إلي أو إلى نكاحي أو إلى عصمتي. قال في (الفتح): وهو حسن إذ مطلقه يستعمل في ضد القبول ومنه النكاح والتزويج عند محمد وعند الإمام لا تكون رجعة وعن الثاني روايتان، وجعل في (البدائع) قول محمد هو ظاهر الرواية وفي (الينابيع) وعليه الفتوى، والكناية أنت عندي كما كنت وأنت امرأتي فلا يصير مراجعًا إلا بالنية لأن حقيقته تصدق على إرادته باعتبار الميراث، (وبما) أي: وبكل فعل (يوجب حرمة المصاهرة) من الوطء في قبلها واللمس والتقبيل على أي موضع كان من بدنها والنظر إلى فرجها الداخل بشهوة لا فرق بين كون اللمس وما بعده منه أو منها بعد كونه باختيار منه، فإن كان اختلاسًا بأن كان نائمًا أو مكرهًا قيل: على قول أبي حنيفة ومحمد تثبت الرجعة خلافًا لأبي يوسف وأجمعوا أنها لو أدخلت فرجه في فرجها وهو نائم أو مجنون كان رجعة، ومقتضى ظاهر كلامه أن الوطء في الدبر لا يكون رجعة لما مر من أنه لا يوجبها لكن الفتوى على أنه رجعة وإن لم يوجب حرمة المصاهرة ولم أره لهم، وفي (المحيط) يكره التقبيل واللمس بغير شهوة إذا لم يرد الرجعة قيل فيه دلالة على أنهما لا يكونان رجعة يعني إذا تجردا عنها، لكن قولهم في الاستدلال على أن الفعل يكون رجعة بأن يصلح دليلاً على الاستدامة والدلالة إنما تكون بفعل يختص بالنكاح أي: يختص حكمه به يفيد عدم اشتراطها في القبلة لأن القبلة مطلقًا يختص حكمها به كذا في (الفتح).

والإشهاد مندوب عليها، ولو قال بعد العدة: راجعتك فيها فصدقته تصح، وإلا لا، كراجعتك فقالت مجيبة: مضت عدتي، ـــــــــــــــــــــــــــــ واختلفوا في رجعة المجنون على أقوال ثالثها اختصاصها بالفعل وجزم به البزازي وتقديم الشارح له يؤذن بترجيحه لما عرف من أنه مؤاخذ بأفعاله دون أقواله، (والإشهاد) أي: إشهاد عدلين (مندوب عليها) أي: على الرجعة بالقول لئلا يجري التناكر فيها، وقيدنا بالعدلين أخذًا من قولهم إن الأمر في قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: 2] محمول على الندب والحاصل أن الرجعة سنية وبدعية فالسنية هي أن يراجعها بالقول معلمًا بها وأن يشهد عليها عدلين ومن ثم قال في (الحاوي القدسي): لو راجعها بقبلة أو لمس فالأفضل أن يراجعها بالإشهاد ثانيًا، وخلافها بدعية (ولو قال) الزوج لها (بعد انقضاء العدة راجعتك فيها وصدقته تصح) الرجعة لأن النكاح يثبت بتصادقهما فالرجعة أولى (وإلا) / أي: وإن لم تصدقه (لا) أي: لا تصح الرجعة لأنه أخبر عما لا يملك إنشاءه ولا مصدق له حتى لو أقام البرهان على أنه قال في العدة راجعتها أو جامعتها قبل قوله، قال السرخسي: هذا من أعجب المسائل حيث يثبت إقرار نفسه بالبرهان، ولو أقر به في الحال لم يقبل، ثم إذا لم يكن له برهان فلا يمين عليها لما سيأتي، (كراجعتك) أي: كما لا تصح إذا قال لها: راجعتك (فقالت مجيبة) له: (مضت عدتي) عند الإمام، وقالا: تصح لأنها صادفت العدة إذ هي باقية ظاهرًا إلى أن تخبر، وله أنها صادفت حالة الانقضاء لأنها أمينة في الإخبار عنه فإذا أخبرت دل ذلك على سبقه وأقرب أحواله حال قول الزوج وفي قوله: فقالت مجيبة إيماء إلى أنها قالته موصولاً إذ شأن الجواب المعتد بقولها أن يكون كذلك، فلو قالت مفصولاً ثبتت الرجعة اتفاقًا. قال في (البحر): وأشار بكون الزوج بدأ إلى أنها لو بدأت فقالت: انقضت عدتي فقال الزوج: راجعتك فالقول لها اتفاقًا وفي (الفتح) لو وقع الكلامان معًا ينبغي أن لا تثبت الرجعة، ثم لا يخفى أن هذا مقيد بما إذا كانت المدة تحتمل الانقضاء، فلو لم تحتمله ثبتت الرجعة إلا إذا ادعت أنها ولدت وثبت ذلك، وتستحلف المرأة هنا على أن عدتها كانت منقضية حال إخبارها بالإجماع، فإن نكلت ثبتت الرجعة بناء على ثبوت العدة بنكولها ضرورة، والفرق لأبي حنيفة بين هذا وما قبلها أن إلزام اليمين لفائدة النكول وهو بدل عنه وبدل الامتناع عن الزوج والاحتباس في منزله جائز بخلاف الرجعة. واعلم أن حكاية الإجماع والاستحلاف هنا وقع للشارح وتبعه في (فتح القدير) وفيه بحث وذلك لأنها صحيحة عندهما فعلام تستحلف؟ والذي في (البدائع) وغيرها الاقتصار على قول الإمام.

ولو قال زوج الأمة بعد العدة: راجعت فيها فصدقه سيدها، وكذبته، أو قالت مضت عدتي، وأنكرا فالقول لها. وتنقطع إن طهرت من الحيض الأخير لعشرة، وإن لم تغتسل ولأقل، لا حتى تغتسل، أو يمضي وقت صلاة، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجاب في (الحواشي السعدية): بأن المراد أنهما قالا كما قال الإمام من عدم صحة الرجعة ونظير ذلك في المزارعة فراجعها انتهى، وبعده لا يخفى والله الموفق، (ولو قال زوج الأمة بعد) انقضاء (العدة راجعتك فيها فصدقة سيدها وكذبته) ولا بينة (أو قالت مضت عدتي وأنكر) الزوج والمولى (فالقول لها) في المسألتين، أما الأولى فهو قول الإمام وقالا: القول للمولى لأنه أقر بما هو خالص في حقه فيقبل، كما لو أقر عليها بالنكاح، وله أن حكم الرجعة من الصحة وعدمها مبني على العدة من قيامها أو انقضائها وهي أمينة فيها مصدقة بالإخبار بالانقضاء لا قول للمولى فيها أصلاً، وإنما قبل قوله بالنكاح لانفراده به بخلاف الرجعة، قيد بقوله وكذبته لأنهما لو صدقا ثبتت الرجعة اتفاقًا، ولو كذبه المولى وصدقته فكذلك في الأصح، والفرق للإمام هذا وما مر أنها منقضية العدة في الحال ويستلزم ظهور ملك المولى المتعة فلا يقبل قولها في إبطاله بخلاف ما مر، لأن المولى بالتصديق في الرجعة مقر بقيام العدة فلم يظهر ملكه لها فيقبل قوله، وقيدنا بعدم البينة لأنه لو أقامها ثبتت الرجعة وأما الثانية فلأنها أمينة في ذلك إذ هي العالمة به، ولو قالت: بعد ذلك لم تنقضي كان له الرجعة لأنها أخبرت بكذبها في حق عليها كذا في (شرح النقاية). وفي (فتح القدير) لو قالت: انقضت بالولادة لا يقبل إلا ببينة، أو قالت: أسقطت سقطًا مستبين بعض الخلق، له أن يطلب يمينها على أن صفته كذلك لا فرق في ذلك بين الأمة والحرة، (وتنقطع) الرجعة (إن طهرت) المعتدة (من الحيض الأخير) لم يقل كما (الهداية) من الحيضة الثالثة ليشمل الأمة (لعشرة) علة لطهرت أي: لأجل تمامها سواء انقطع الدم أو لا (وإن لم تغتسل، ولأقل) أي: وإن طهرت لأقل منها (لا) أي: لا ينقطع (حتى تغتسل) ولو بماء مشكوك كسؤر الحمار، (أو يمضي) عليها (وقت الصلاة) لأن احتمال العدد فيما إذا انقطع لما دون العشرة قائم، ولابد أن يعتضد بحقيقة الاغتسال أو بلزوم حكم من أحكام الطهارات بمضي وقت الصلاة بأن يخرج وقتها الذي طهرت فيه فيصير دينًا في ذمتها، وعلى هذا لو طهرت وقت الشروق لا تنقطع إلا بدخول وقت العصر، ودل كلامه أن هذا فيمن يخاطب بالغسل أو الصلاة أما الكتابية فبمجرد الانقطاع لما دون العشرة تنقطع رجعتها لعدم خطابها، وينبغي أن تكون المجنونة والمعتوهة كذلك ولقائل أن يقول: اشتراط الغسل بعد الانقطاع لتمام العادة/ قبل العشرة يرده الدليل وهو قوله تعالى {ثلاثة قروء} [البقرة

أو تتيمم، وتصلي ـــــــــــــــــــــــــــــ 288] لخلوة عن اشتراطه فإن أجيب بأن تعين الانقضاء منتف لفرض أنه ليس أكثر من الحيض، واحتمال عود الدم دفع بأن هذا الاغتسال الزائد لا يجدي قطع هذا الاحتمال لا في الواقع ولا شرعًا، لأنها لو اغتسلت ثم عاد الدم ولم يجاوز العشرة كان له الرجعة بعد أن قلنا انقطعت الرجعة فكأن الحال موقوفًا على عدم العود بعد الغسل كما هو كذلك قبله، ولو راجعها بعد هذا الغسل الذي قلنا: إن به تنقطع الرجعة ثم عاودها ولم يجاوز العشرة صحت رجعية، وكذا الكلام في التيمم فليس جواب المسالة في الحقيقة إلا مقيدًا هكذا إذا انقطع لأقل من عشرة ولم يعاودها أو عاودها وتجاوزها ظهر انقطاع الرجعة من وقت الانقطاع لانقضاء العدة إذ ذاك، حتى لو كانت تزوجت قبل الغسل ظهر صحته، وإن عادوها ولم يجاوز فالأحكام المذكورة بالعكس كذا في (فتح القدير) قال في (البحر): وهذا أعني: صحة الرجعة والنكاح فيما إذا عاودها الدم فيما دون العشرة أفاده في (فتح القدير) بحثًا وهو وإن خالفه ظاهر المتون لكن المعنى يساعده انتهى، وأنت قد علمت بأن البحث ليس إلا في اشتراط الغسل فقط ولا نسلم المخالفة لظاهر المتون، لأنه إذا عاودها تبين عدم انقطاعه والله الموفق. (أو) حتى (تتيمم) إن فقد الماء (وتصلي) ولو نفلاً صلاة تامة في الأصح وقيل: تنقطع بمجرد الشروع، قيد بالصلاة لأنها لو قرأت القرآن أو دخلت المسجد أو مست المصحف لا تنقطع فيما اختاره الرازي، وقال الكرخي: تنقطع، وتقييد المصنف بالصلاة يومئ إلى اختيار الأول وهذا عندهما وقال محمد: تنقطع لمجرد التيمم وهو القياس لأنها طهارة مطلقة، ولهما أنه ملوث غير مطهر وإنما اعتبر طهارة ضرورة أن لا تتضاعف الواجبات وهذه الضرورة محققة حال أداء الصلاة لا فيما قبلها من الأوقات والأحكام الثابتة أيضًا ضرورية اقتضائية، وأورد أن محمدًا منع اقتداء المتوضئ بالمتيمم لأنه طهارة ضرورية وجوزاه لأنها مطلقة واتفقت كلمتهم على جواز أداء الفرائض المتعددة بالتيمم الواحد، لأنه طهارة مطلقة وجعلاه هنا ضرورية، والجواب أن فيه جهة الإطلاق وجهة الضرورة وفيه أيضًا أنه ملوث في نفسه مغير لا يطهر أي: لا ينظف فمعنى الإطلاق أنه يزيل الحدث أو الماء ومعنى الضرورة أن شرعيته ضرورة أداء المكتوبات، وهذا يفيد الإحلال بمعنى الإطلاق، وأما كونه ملوثًا ومغيرًا فهو سبب عدم شرعيته ابتداء كالماء ولا تناقض في الأقوال. قال في (فتح القدير) -بعدما أطال في التوجيه وأطاب-: وعندي أن قولهما في الاقتداء أحسن من قول محمد وقول محمد في الرجعة أحسن من قولهما، لأن

ولو اغتسلت ونسيت أقل من عضو تنقطع، ولو عضوًا لا، ولو طلق ذات حمل أو ولد، وقال: لم أطأها راجع، ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ الضعف الكائن فيه لم يظهر له تأثير في شيء من الأحكام عندنا فعلمنا أنه شيء له معنى في نفسه فتنقطع الرجعة به. (ولو اغتسلت ونسيت أقل من عضو) كالإصبع وبعض الساعد (تنقطع) الرجعة لأن تسارع الجفاف إليه بعد إصابته بالماء غير بعيد، ولا سيما في الحر الشديد لكن لا يحل لها التزوج، وكذا لا يحل قربانها حتى تغسله احتياطًا في أمر الفروج، أو يمضي عليها وقت صلاة. قيد بقوله نسيت لأنها لو تعمدت إخلاءه عن إصابة الماء له لم تنقطع، (ولو) نسيت (عضوًا) كاليد والرجل (لا) أي: لا تنقطع لأن احتمال جفافه بعد الإصابة يبعد جدًا، وترك المضمضة والاستنشاق كالعضو عند الثاني وعنه كما دون العضو وهو قول محمد، لأن في فرضيتها اختلاف فعل الافتراض لا تنقطع وعلى السنة تنقطع فقطعها ملاحظة لهذا الاحتمال احتياطًا، ولو بقي أحد المنخرين لم تنقطع كذا في (الفتح). (ولو طلق) امرأته وقد كانت (ذات حمل أو ولد) قبل الطلاق وهي في عصمته (وقال) الزوج (لم أطأها) سواء قال ذلك حال التطليق أو بعده (راجع) أي: كان له أن يراجعها، أما إذا ولدت منه فلأنها بولادتها لستة أشهر فصاعدًا من وقت التزويج ثبت نسبه منه وصار مكذبًا في زعمه شرعًا، وأما ذات الحمل ففيها إشكال، وذلك أن وجود الحمل وقت الطلاق إنما يعرف إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقته، وإذا ولدت انقضت العدة فكيف يملك الرجعة ولا يراد/ أنه يملك الرجعة قبل وضع الحمل، لأنه لما أنكر الوطء لم يكن مكذبًا شرعًا إلا بعد الولادة لأقل من ستة أشهر لا قبلها ففي العبارة تساهل، والصواب أن يقال: ومن طلق حاملاً منكرًا وطأها فراجعها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر صحت الرجعة، هذا حاصل ما قاله صدر الشريعة. قال في (الحواشي اليعقوبية): وفيه كلام من وجهين الأول أنه سيجيء في المسألة الآتية أنه لو راجعها ثم ولدته لأقل من عامين ثبت نسبه فعلم أن الحمل يعرف بالولادة لأكثر من ستة أشهر اللهم إلا أن تحمل هذه المسألة على إقرارها بمضي العدة لكنه بعيد، الثاني أن الحمل يعرف بدون الولادة بقول النساء ويحكم به كما صرحوا به في دعوى النسب لسبب الحمل، وصرح أيضًا في (الهداية) وسائر الكتب في باب ثبوت النسب إذا كان الحبل ظاهرًا وصدر الاعتراف من قبل الزوج يثبت النسب قبل الولادة فيحكم بها هاهنا حملاً لقوله على الحمل انتهى، ولو حمل

وإن خلا بها وقال: لم أجامعها، ثم طلقها لا، وإن راجعها، ثم ولدت بعدها لأقل من عامين صحت تلك الرجعة، إن ولدت فأنت طالق، فولدت، ثم ولدت من بطن آخر فهي رجعة، كلما ولدت فأنت طالق فولدت ثلاثة في بطون فالولد الثاني والثالث رجعة، والمطلقة الرجعية تتزين، ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول على ما إذا أقرت بمضي العدة والثاني على ما إذا لم تقر لكان حسنًا ولا بعد، وإلى ذلك يشير قوله في (الهداية) في وجه الثانية والمرأة فيه لم تقر بانقضاء العدة فتدبره، (وإن خلا بها) يعني خلوة صحيحة (وقال: لم أجامعها ثم طلقها لا) أي: لا يراجع لأنه تأكد الملك بالوطء وقد أقر بعدمه والرجعة حقه فيصدق في حق نفسه وليس مكذبًا شرعًا لأن تأكيد المهر بني على تسليم المبدل لا على القبض، قيد بإنكاره لأنه لو أقر وأنكرته كان له الرجعة كما مر ولو لم يخل بها فلا رجعة له لأن الظاهر شاهد لها كذا في (الولوالجية). (فإن راجعها) والمسألة بحالها (ثم ولدت بعدها لأقل من عامين) من وقت الطلاق (صحت تلك الرجعة) أي: يظهر صحتها لتكذيب الشارع له في قوله: لم أراجعها حيث جعله واطئًا حكمًا، لأن الرجعة تنبني على الدخول، وقد ثبت لثبوت النسب لأنه لا نسب بلا ماء ونزل واطئًا قبل الطلاق لا بعده وإن أنكر لأن تكذيبه أولى من حمله على الزنا، (إن ولدت فأنت طالق، فولدت) ووقع الطلاق (ثم ولدت) ولدًا آخر (في بطن آخر) يعني بعد ستة أشهر وإن كان أكثر من عشر سنين ما لم تقر بانقضاء العدة، لأن الطهر لا غاية له إلا الإياس (فهي) أي: الولادة (رجعة) لأن الثاني يضاف إلى علوق حادث بعد الطلاق في العدة وبه يصير مراجعًا، قيد بالبطن الآخر لأنهما لو كان بينهما أقل من ستة أشهر لم تكن رجعة لأنهما حينئذ من بطن واحد، إذا لم يقم دليل على كون الثاني من بطن على حدة، (كلما ولدت فأنت طالق فولدت ثلاثة) أولاد (في بطون) مختلفة وهو أن يكون بين كل ولادتين ستة أشهر (فالولد الثاني والثالث رجعة) أي: تظهر بهما الرجعة السابقة لأن العلوق بوطء حادث في العدة، فإن قلت: فيه حكم عليه بالوطء في النفاس وهو حرام قلت: ليس للنفاس كمية خاصة إذ جوز أن لا ترى شيئًا أصلاً، قيد بقوله: في بطون لأنهما لو كان بينهما أقل من ستة أشهر كانا توأمين فيقع طلقتان بالأولين لا غير، وبالثالث تنقضي العدة ولو كان الأول في بطن والثالث في بطن تقع واحدة بالأول لا غير وتنقضي العدة بالثاني ولا يقع بالثالث شيء، ولو كان الأول في بطن والثاني والثالث في بطن تقع اثنتان بالأول والثاني وتنقضي العدة بالثالث فلا يقع به شيء. (والمطلقة الرجعية تتزين) لأنها زوجة والتزين للأزواج مندوب لأنه حامل على

فصل فيما تحل به المطلقة

وندب أن لا يدخل عليها حتى يؤذنها، ولا يسافر بها، والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء. فصل فيما تحل به المطلقة وينكح مبانته في العدة، وبعدها ـــــــــــــــــــــــــــــ الرجعة وهي مندوبة أيضًا كذا في (الشرح) وفيه إيماء إلى أن زوجها حاضر إذ لا تكون حاملاً مع غيبته، وعليه فلا تفعل ذلك لو كان غائبًا وقيده مسكين بكونها مرجوة فإن كانت لا يرجوها لشدة بغضه إياها لا تفعل. قال في (البحر): وصرحوا بأن للزوج أن يضرب زوجته على ترك الزينة إذا طلبها وهي شامل للمطلقة الرجعية، قيد بالرجعية لأن المعتدة عن بائن أو وفاة يحرم عليها ذلك، (وندب أن لا يدخل عليها) أي: على المطلقة رجعيًا (حتى يؤذنها) أي: يعلمها بما به الإعلام عادة، يعني إذا لم يكن من قصده مراجعتها لأنه ربما تكون متجردة فيقع بصره على موضع يصير به مراجعًا ثم يطلقها فتطول العدة عليها كذا في (الهداية) وعليه جرى الشارح وغيره، قال في (البحر): ولا حاجة إلى هذا الحمل بل كلامهم شامل لما إذا أراد رجعتها أيضًا لأنه لا يأمن من أن يرى الفرج بشهوة فتكون/ رجعة بالفعل من غير إشهاد وهو مكروه من وجهين كما مر. وأقول: الداعي إلى هذا الحمل تقدم إفادة ذلك الحكم تلويحًا بقوله الإشهاد مندوب عليها وقد علمته، (ولا يسافر بها) أي: بالمطلقة الرجعية لقوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن} [الطلاق:1] نزلت في الرجعة وبحرمته لم يجعل رجعة لأنها مندوبة والمسافرة حرام قيل: ولا دلالة له لأن الكلام فيمن يصرح بعدم رجعتها، وكذا لا يحل إخراجها إلى ما دون السفر لأن مناط الحرمة إنما هو الخروج لا خصوص السفر إلا إذا أشهد على رجعتها وفي (الهداية) ما يدل على أن الحرمة مفيدة بما إذا لم يراجعها في العدة فإن راجعها زالت الحرمة كذا في (البحر) وفيه نظر يعرفه من تدبر ما في (الهداية) والله الموفق، (والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء) لأن الله تعالى سمى المطلق بعلاً بقوله: {وبعولتهن أحق بردهن} [البقرة: 228] والتسمية حقيقة تستلزم قيام الزوجية وقيامها يستلزم حال الوطء إجماعًا والله الموفق للصواب بمنه ويمنه. فصل فيما تحل به المطلقة لما ذكر ما يتدارك به الرجعي ذكر ما يتدارك به غيره، (وينكح مبانته) بما دون الثلاث (في العدة وبعدها) أي: بعد انقضائها لأن الحل الأصلي باق ما لم يتكامل العدد ومنع غيره إلى انقضائها خوفًا من اشتباه الأنساب والاشتباه بالنسبة إليه، واعترض بالصغيرة والآيسة وعدة الوفاة قبل الدخول ومعتدة الصبي والحيضة الثانية

لا المبانة بالثلاث لو حرة، وبالثنتين لو أمة، حتى يطأها غيره، ولو مراهقًا ـــــــــــــــــــــــــــــ والثالثة فإنه لا اشتباه في هذه المواضع ولا يجوز التزوج في العدة، وأجيب بأن هذه حكمة للحكم ووجودها يراعى في الجنس لا في كل فرد قال في (العناية) أقول: اشتباه النسب مانع من جواز النكاح في عدة الغير وهذا صادق وأما أنه يلزم جوازه إذا عدم هذا المانع فليس بلازم لجواز أن يكون ثمة مانع آخر هو جهة التعبد انتهى، ورد بأن هذا أيضًا تعليل في مقابلة النص فالأولى أن يقال: المنع علم في العدة بالنص وهو قوله تعالى: {ولا تعزموا عدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله} [البقرة: 235] خص منه العدة من الزوج نفسه بالإجماع (لا) ينكح (المبانة بالثلاث لو) كانت (حرة و) لا المبانة (بالاثنتين لو) كانت (أمة) ولا بملك يمين بأن ارتدت المطلقة ثلاثًا أو لحقت بدار الحرب ثم استرقها، أو طلق زوجته اثنتين ثم ملكها ففي هاتين لا يحل له الوطء إلا بعد زوج آخر، ودخولهما في قول المصنف بعد لا بملك يمين كما ادعاه في (البحر) أبعد من البعيد، وعم كلامه غير المدخول بها أيضًا وما في (مشكلات) القدوري من أن له أن يتزوجها بلا تحليل لقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره} [البقرة: 230] يعني المدخول بها. قال في (فتح القدير): إنه مزلة عظيمة والأمر به من ضروريات الدين الذي لا يبعد إكفار مخالفه انتهى، لكن الأولى حمله على إذا طلقها ثلاثًا متفرقة لا أنه أوقع الثلاث بكلمة واحدة كما ذكر البخاري (شارح الدرر) نعم في الإطلاق مؤاخذة لا تخفى، (حتى يطأها) ولو حائضًا أو نفساء أو محرمة في المحل المتعين به فلو جامع المفضاة لا يحلها ما لم تحمل، ولو صغيرة لا يجامع مثلها لا يحلها وإن كان مثلها يجامع حلت، وإن أفضاها وفي (القنية) أولج في مكان البكارة تحل للأول وكأنه ضعيف لما في (الشرح) يشترط أن يكون الإيلاج موجبًا للغسل وهذا ليس كذلك ففي طهارة (المحيط) لو أتى امرأة وهي عذراء لا غسل عليه لأن العذرة مانعة من مواراة الحشفة وفيه إيماء إلى أن الإيلاج شرط دون الإنزال يقيد كونه عن قوة نفسه ولو بحائل توجد معه لذة حرارة المحل، فلا يحلها الشيخ الذي لا يقدر على الإيلاج إلا بمساعدة اليد إلا إذا انتفش وعمل، وخرج المجبوب لم يبق له شيء يولجه في محل الحمل فلا تحل بسحقه إلا إذا حملت وفي (التجريد): إن حملت وولدت حلت للأول عند أبي يوسف خلافًا لمحمد وفي (الخلاصة) لو كان مسلولاً وجامعها حلت عن أبي يوسف خلافًا لزفر والحسن، (غيره) أي: زوج غيره ولو ذمية كانت تحت مسلم أو مجنونًا حرًا كان أو عبدًا (ولو) صبيًا (مراهقًا) وهو الداني من البلوغ، وفسره في (الجامع) بأن يجامع مثله وقيل: وهو الذي تتحرك آلته ويشتهي النساء كذا

بنكاح صحيح، وتمضي عدتها ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الفتح) ولا يخفى أنه لا تنافي بين القولين وقدره شيخ الإسلام بعشر سنين وفي (العمادية) معزيًا إلى (فتاوى النسفي) لو صاح المراهق قائلاً: أنا بالغ فالقول له بشرط أن يكون ابن ثلاث عشرة سنة لأن أقل من ذلك نادر فانتبه انتهى. وينبغي أن يحمل هذا على ما إذا تم له اثنا عشرة سنة وطعن في الثالثة فلا ينافي قولهم: أقل مدة البلوغ/ اثني عشر سنة، (بنكاح صحيح) متعلق بيطأ وخرج الفاسد، ومنه ما لو كان الزوج غير كفؤ على ما عليه الفتوى هذا إذا كان لها ولي فإن لم يكن صح اتفاقًا وعلى هذا فكون الزوج عبدًا مفرع على ظاهر الرواية، أو محمول على عدم وجود الولي ولا بد أن يكون نافذًا إذ الموقوف لا يحلها كما لو تزوجها عبد بغير إذن المولى ودخل بها، نعم لو وطئها بعد الإجازة حلت ولو قالت: دخل بي وأنكر أو عكسه اعتبر قولها، ولو قال: النكاح فاسد لأنني جامعت أمها فإن صدقته لا تحل وإلا حلت. قال في (النهاية): ولم يمر بي ما لو قالت المحلل بعد الدخول: كنت حلفت بطلاقها إن تزوجها قلت: يبنى الأمر على غالب ظنها فإن كان صادقًا عندها لا تحل وإلا حلت، واعلم أن هذا كله فرع صحة النكاح الأول ومن ثم قال في (البزازية): لو كان النكاح بلا ولي فطلقها ثلاثًا ثم تزوجها بلا تحليل وقضى نحبه أخذًا بقول محمد أولاً والشافعي رضي الله تعالى عنه والقاضي شافعي أو حنفي جاز. قال صاحب (المنظومة): وكان أستاذي شيخ الإسلام لا يرى ذلك للحنفي لأن محمدًا قال: بكراهة هذا النكاح ولكن يبعثه بالكتاب إلى الشافعي، وبه لا يظهر أن الوطء في النكاح الأول كان حرامًا وإن في الأولاد خبثًا لأن القضاء اللاحق كدليل النسخ يعمل في القائم والآتي لا في المقتصر انتهى، والولي مثال إذ كذلك لو كان بلفظ الهبة أو بحضرة فاسقين ولا فرق مع صحة الأول بين أن يعترف الزوج بالطلاق الثلاث أو لا، حتى لو علمت بذلك وأنكره كان لها أن تتزوج بآخر سرًا إذا غاب ثم إذا حضر التمست منه تجديد النكاح قيل: هذا في الديانة، أما في القضاء فليس لها ذلك ونقل في (القنية) عن العلاء الترجماني أنه لا يجوز في المذهب الصحيح وفي (البزازية) إن الزوج غائبًا ساغ لها التزوج بآخر ولو كان غائبًا لا ولو لم تقدر على منعه إلا بقتله فإنها تقتله بالدواء ولا تقتل نفسها وكان الإسبيجابي يقول: ليس لها أن تقتله وعليه الفتوى ذكر الأوزجندي أنها ترفع الأمر إلى القضاء فإن حلفته حيث لا بينة لها وحلف فالإثم عليه، وفي (القنية) سئل عن امرأة حرمت على زوجها ولا يقدر أن يتخلص عنها ولو غاب عنها سحرته وردته إليها هل يحتال في قتلها بالسم؟ قال: لا يحل ويبعد عنها بأي وجه قدر، (وتمضي عدته) أي: عدة النكاح الصحيح بعد الطلاق ويجوز أن يرجع الضمير إلى الزوج وعليه جرى الشارح لكنه مجاز.

لا بملك يمين، وكره بشرط التحليل للأول، ـــــــــــــــــــــــــــــ قال العيني: والأول أقرب، والثاني أظهر وفيه إيماء إلى وقوع الفرقة بينهما إذ لا عدة دونها، ثم هذا أولى من قول القدوري ثم يطلقها أو يموت عنها لأن الطلاق ليس له غاية إنما الغاية مضي عدته لا نفسه وأيضًا لا وجه لتخصيص الطلاق أو الموت بالذكر إذ الحكم في الفرقة بغير طلاق كذلك، وحذف بعض المتأخرين هذه الجملة لأن الكلام في الحرمة الثابتة بالثلاث وهي تنتهي بدخول الزوج الثاني، والباقي بعد ذلك إلى أن يطلقها الزوج الثاني وتنقضي عدتها منه حرمة أخرى وتظهر بنكاح الثاني ولا اختصاص لها بالثلاث بل يعم الأجنبيات كلهن، وعلى وفق هذا وقعت الإشارة في قوله تعالى: {حتى تنكح زوجًا غيره} [البقرة: 230] ومن ذكر عليه ما ذكر من الفرق الدقيق ذكر منها وتمضي عدة طلاقه أو موته انتهى وفيه نظر لأن قولهم حتى يطأها ويمضي عدتها وقع غاية لقوله تنكح أي: (لا) يعقد وأما الآية لا تحل المبانة بالاثنتين لو أمة إذا وطئها مولاها (بملك يمين)، لأن النص إنما جعل الحرمة نكاح زوج آخر والمولى ليس بزوج، (وكره) النكاح كراهة تحريم (بشرط التحليل) بأن يقول: تزوجتك على أن أحللك أو تقول هي، وعلى هذا حمل ما صححه الترمذي: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له) قيد باشتراط لأنهما لو نوياه فقط لم يكره بل يكون الرجل مأجورًا لقصده الإصلاح، وإن وصلية حلت (للأول) لوجود الدخول في نكاح صحيح لما عرف من أنه لا يبطل بالشرط الفاسد وعن الثاني أنه لا يحلها لفساده وعن محمد كذلك لكن لا لفساده بل لأنه استعجل ما أخره الشرع فيجازى بمنع مقصوده، كما لو قتل المورث، ومن الحيل إذا خافت أن لا يطلقها المحلل أن تقول: زوجتك نفسي على أن أمري بيدي أطلق نفسي متى شئت، فإذا قبل على هذا جاز النكاح وصار الأمر بيدها، وهذا إنما يحتاج إليه بناء على أن شرط التحليل يبطل ويصح النكاح لكن في (روضة الزندويستي) أن الإمام قال بجوازهما حتى لو امتنع الثاني من تطليقها أجبره القاضي عليه وتحل للأول قال الإمام ظهير الدين هذا البيان لم يوجد في غيره من الكتب كذا في (العناية)، وفي (فتح القدير) وهذا مما لم يعرف في ظاهر الرواية ولا ينبغي أن يعول عليه ولا يحكم به لأنه مع كونه ضعيف الثبوت تنبو عنه قواعد المذهب لأنه لا شك أنه شرط في النكاح لا يقتضيه/ العقد وهو مما لا يبطل بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط ويصح فيجب بطلان هذا وأن لا يجبر على الطلاق.

ويهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث، ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته، وعدة الزوج الثاني، والمدة تحتمله، له أن يصدقها إن غلب على ظنه صدقها. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الفصول) لو قال لها: تزوجتك على أن أمرك بيدك فقبلت جاز النكاح ولغي الشرط لأن الأمر إنما يصبح في الملك ومضاف إليه ولم يوجد واحد منهما بخلاف ما مر فإن الأمر صار بيدها مقارنًا لصيرورتها منكوحة، ومن الحيل أيضًا أن يقول لها: إن تزوجتك فأمرك بيدك بعدما أتزوجك تطلقي نفسك، ومنها لأن يقول: إن تزوجتك وجامعتك فأنت بائن، وإن خافت أن يمسكها من غير وطء يقول لها: إن تزوجتك وأمسكتك فوق ثلاثة أيام ونحوها كذا في (الفصول) أيضًا. (ويهدم) نكاح (الزوج الثاني ما دون الثلاث) في الحرة واثنتين في الأمة أي: يجعل ذلك الباقي من الملك الأول كأن لم يكن كذا قيل ورده الهندي بأن هذا من سوء تصوره للهدم بل الزوج الثاني يهدم ما وقع من الطلقة والطلقتين فجعلهما كأن لم يكونا لا أنه يهدم ما بقي وهذا عندهما وقال محمد وباقي الأئمة: لا يهدم لأن الزوج غاية للحرمة بالنص فيكون منهيًا ولا أنها لها قبل الثبوت قلنا يثبت لها وصف آخر بنص آخر وهو إثبات الحل مطلقًا بقوله عليه الصلاة والسلام أي: المثبت للحل فالمعنى حينئذ لعن الله مثبت الحل إذا شرطه، وبهذا عرف أن ما تقدم من حمل الحديث على شارطه لا ينافي كونه مثبتًا للحل، وأورد أنه أنها جعل محللاً في صورة الحرمة الغليظة فلا يلزم ثبوته في غيرها، وأجيب بأنها نفي الحقيقة أولى، والخلاف مقيد بما إذا دخل بها لا يهدم اتفاقًا وانتصر الكمال لمحمد بما يطول ثم قال: فظهر أن القول ما قاله وهو الحق. (ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته) أي: الزوج الأول أسند العدة إليه لأنه سببها (و) أخبرت أيضًا بمضي (عدة الزوج الثاني) ليس المراد أنها قالت: مضت عدتي من الثاني فقط بل قالت: تزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي كما ذكره في (الهداية) (والمدة تحتمله) أي: تحتمل مضي العدتين جاز (له أن يصدقها إن غلب على ظنه صدقها)، لأن هذا معاملة أو أمر ديني لتعلق الحل به، وقول الواحد فيهما مقبول وإنما لم يكن ذلك مرادًا لأن قولها مضت عدتي لا يفيد ما ذكر لوجوبها بالخلوة، وبمجردها لا تحل، ومن ثم قال الإمام الفضلي: لو قالت: تزوجني فإني تزوجت غيرك وانقضت عدتي ثم قالت: ما تزوجت صدقت، إلا أن تكون أقرت بدخول الثاني منها لأنها غير متناقضة بحمل قولها تزوجت على العقد وقولها ما تزوجت معناها ما دخل بي فإذا أقرت بالدخول ثبت تناقضها كما أفاده في (الفتح) وفي (النهاية) إنما ذكر صاحب (الهداية) إخبارها مبسوطًا لأنها لو قالت: حللت لك

باب الإيلاء

باب الإيلاء هو الحلف على ترك قربانها ـــــــــــــــــــــــــــــ فتزوجها ثم قالت: لم يكن الثاني دخل بها إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق، وفيما ذكر مبسوطًا لا تصدق بكل حال عن السرخسي لا يحل أن يتزوجها حتى يستفسرها، للاختلاف بين الناس في حلها بمجرد العقد وفي التفاريق لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت: ما تزوجت أو ما دخل بي صدقت والمنقول في (الخلاصة) أنها لو قالت بعدما تزوجها الأول: ما تزوجت بآخر وقال الأول: تزوجت بآخر ودخل بك لا تصدق المرأة، واختلف في أقل ما تصدق فيه إذا ادعت انقضاء العدة بالإقرار فقال الإمام: ستون يومًا إن كانت حرة وقالا: تسعة وثلاثون يومًا ولو علق طلاقها بولادتها لم تصدق عنده في أقل من خمسة وثمانين يومًا على تخريج محمد وعلى تخريج الحسن لم تصدق في أقل من مائة، وعند الثاني في حق الأول تصدق في خمسة وستين يومًا وعند محمد في أربعة خمسين يومًا وساعة والتوجيه معروف في المطولات والله الموفق للصواب. باب الإيلاء كل من الرجعي والإيلاء يوجب حرمة الزوجة لا في الحال غير أنها بلفظ الطلاق تنجيزًا أو تعليقًا هي الأصل فقدمت ثم أولى الإيلاء لعدم استلزامه للمعصية بخلاف الظهار واللعان فإنهما لا ينفكان عنها، والخلع وإن شاركه في ذلك إلا أنه لاختصاصه بالمال كان بمنزلة المركب من المفرد، والإيلاء لغة مصدر آلى كأعطى حلف والجمع ألايا كعطايا ومنه قوله: قليل الألايا حافظ ليمينه .... وإن نذرت منه الألية برت والأصل بر في يمينه فحذف المضاف مع حرف الجر ثم انقلب الضمير المجرور مرفوعًا كما في قوله تعالى: {والذي خبث لا يخرج إلا نكدًا} [الأعراف: 58] على ما عرف في (الكشاف) كذا في (النهاية) والذي في (الكشاف) أن قوله: لا يخرج أي: نباته فحذف المضاف وانقلب الضمير المجرور مرفوعًا وقياس هذا أن يكون الأصل في برت بر فيها فحذف الجار/ وانقلب المجرور مرفوعًا وعلى ما قال يكون الأصل برت يمينه فوقع الحذف والانقلاب ثم أسند البر إلى اليمين مجازًا فيه من التعسف ما لا يخفى، وجوابه أن قوله: على ما عرف في (الكشاف) أي: من انقلاب الضمير المجرور مرفوعًا فقط وعرف ما أفاده بقوله: (وهو الحلف على ترك قربانها) أي:

أربعة أشهر، أو أكثر، ـــــــــــــــــــــــــــــ وطئها (أربعة أشهر) فإن هذا التعرف غير مانع لصدقه بنحو إن وطئتك فلله علي أن أصلي ركعتين مع أنه لا يكون موليًا بذلك كما سيأتي فلا بد من أن يقال: بالله أو يتعلق ما يستشقه على القربان ليخرج مثل ذلك، فإنه ليس مما يشق في نفسه وإن تعلق إشقاقه بعارض ذميم في النفس من الجبن والكسل، بخلاف إن وطئتك فعلي حج ونحوه كما سيأتي. وأجاب في (البحر) بجوابين: الأول: أن هذا تعريف لأحد قسمي الإيلاء وهو الحقيقي أعني ما اشتمل على القسم وأما ما كان فيه معناه فسيأتي، الثاني: ما ذكر فيه خلاف الشيخين فجاز أنه أراد تعريف المتفق عليه. وأقول: في كل منهما نظر، أما الأول فلا نسلم أنه أراد تعريف الحقيقي فقط إذ لو أراده لذكر للثاني تعريفًا فلما لم يذكره علمنا أنه أدرج القسمين تحت تعريفه بناء على أن الحلف أعم من كونه بالله أو بمعناه، وأما الثاني فلأنه لو أراد تعريف المتفق عليه لذكر ما يشق إذ الخلاف إنما هو فيما لا يشق كما سيأتي وبهذا عرف أن هذا المولي هو الذي لا يخلو عن أحد المكروهين من الطلاق أو لزوم ما يشق عليه وهو أولى من قولهم المولي من لا يخلو عن أحد المكروهين من الطلاق أو الكفارة لعدم تناوله لنحو إن قربتك فعبدي حر وأورد على هذا في (البحر) إيلاء الذمي فإنه يصح عنده ولا كفارة عليه لو قربها وأما لو قال لنسائه الأربع: والله لا أقربكن فإنه يمكنه قربان واحدة منهن من غير شيء يلزمه انتهى. وأقول: إنما لم تجب الكفارة في حنث الذمي لما أنها عبادة وهو ليس من أهلها، ولذا وقع الطلاق عليه بمضي العدة، وأما الثاني فأجاب عنه شراح (الهداية) بما حاصله أن الإيلاء متعلق بمنع الحق في المدة وقد وجد فيكون موليًا منهن وعدم وجوب شيء لعدم الحنث لأنه يفعل المحلوف عليه وذلك بقربان جميعهن والموجود قربان بعضهن قال في (الفتح): وحاصل هذا تخصيص اطراد الأصل بما إذا حلف على واحدة بأدنى تأمل. وفي (البدائع) لو قال لامرأته وأمته: والله لا أقربكما لا يكون موليًا من امرأته حتى يقرب الأمة، وركنه الحلف المذكور وشروطه محلية المرأة بكونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء فلا حاجة إلى إدخاله في التعريف بقولنا حاصلاً في النكاح أو مضافًا إليه كما في (الإصلاح) قال: وهذا التقييد لا بد منه ولا يشكل ما لو قال لأجنبية: إن تزوجتك فوالله لا أقربك خمسة أشهر فتزوجها قبل مضي شهر فإنه يكون موليًا، لأن شأن الشروط خروجها عن الماهية، وأهلية الحالف بأهلية الطلاق عنده

كقوله: والله لا أقربك أربعة أشهر، أو والله لا أقربك، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأهلية الكفارة عندهما فيصح إيلاء الذمي بما فيه كفارة عنده كما مر، ولا خلاف في صحته بما لا يلزم قربة كإن قربتك فعبدي حر كما لا خلاف في عدم صحته بما هو قربة كقوله فعلي حج أو صوم ومن الشرائط أيضًا عدم النقض عن أربعة أشهر كما سيأتي ولا خلاف أنه إن وقع في غرة الشهر اعتبرت مدته بالأهلة ولو وقع في بعضه فلا رواية فيه عن الإمام وقالا: يعتبر بالأيام وعن زفر اعتبار بقية الشهر بالأيام والشهر الثاني والثالث بالأهلة وتكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع كذا في (البدائع)، وسببه كالسبب في الرجعي وهو الداعي من قيام المشاجرة وعدم الموافقة، وألفاظه صريح وكناية نبه على الأول بقوله (كقوله) لمكنوحته: (والله) وتالله أو بصفة من صفاته التي ينعقد بها اليمين لا مالا ينعقد بها على ما نبين في الأيمان، إن شاء الرحمن (لا أقربك أربعة أشهر) سواء كانت طاهرة أو حائضًا. (أو) كقوله (والله لا أقربك) بشرط أن لا تكون حائضًا كذا في (الحواشي السعدية) وأصله في (غاية البيان) معزيًا إلى (الشامل) علله بأنه ممنوع عن الوطء بالحيض فلا يصير المنع مضافًا إلى اليمين ونبه بالكاف على أنه ليس منحصرًا في هذين بل منه أيضًا لا أجامعك لا أطأك لا أباضعك لا أغتسل منك من جنابة فإن ادعى أنه لم يعن الجماع لم يدين في القضاء، وجعل في (البدائع) الصريح وهو لا أجامعك وإن ما عداه يجري مجرى الصريح وذكر منه الافتضاض في البكر. قال في (الفتح): والثاني أولى لأن الصراحة منوطة بتبادر المعنى لغلبة الاستعمال سواء كان حقيقة أو مجازًا لا بالحقيقة وإلا لوجب كون الصريح لفظ لا آتيك فقط والكناية لا أمسك لا آتيك/ لا أغشاك لا ألمسك لأغيظنك لأسؤنك لا أدخل عليك لا أجمع رأسي ورأسك لا أضاجعك لا أقرب فراشك، ولو آلى من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى: أشركتك معها لم تصح بخلاف الظهار وبخلاف ما لو قال للأولى: أنت علي حرام ثم قال للثانية: أشركتك معها حيث يكونان إبلائتين والفرق مبني على أن قوله: والله لا أقربكما إيلاء واحد وبالتشريك يلزم نقض مدته وقوله: أنتما علي حرام إيلآن فلا يلزم أنه لو علقه بشرط أو أضافه إلى وقت صار موليًا من وقت وجود الشرط والوقت، ولو وقته بغاية فإن لم يتصور وجودها في مدة الإيلاء كان موليًا كقوله في شعبان: والله لا أقربك حتى تصومي من المحرم وإلا في مكان كذا وبينه وبين ذلك المكان أربعة أشهر فصاعدًا وكذا لو قال حتى تخرج الدابة أو الدجال أو تطلع الشمس من مغربها استحسانًا وكذا حتى تقوم الساعة وإن تصور، فإن لم يتصور بقاء النكاح معه حتى تموتي أو أموت أو أقتل أو أقتلك أو تقتليني كان موليًا

فإن وطئ في المدة كفر، وسقط الإيلاء وإلا بانت، وسقط اليمين لو حلف على أربعة أشهر، وبقيت لو على الأبد، ولو نكحها ثانيًا وثالثًا ومضت المدتان بلا فيء بانت بأخريين، ولو نكحها بعد زوج آخر لم تطلق، فلو وطئها كفر لبقاء اليمين. ولا إيلاء فيما دون أربعة أشهر، والله لا أقربك شهرين، وشهرين بعد هذين الشهرين إيلاء، ـــــــــــــــــــــــــــــ أيضًا، وإن تصور كحتى اشتريك لا يكون موليًا، لأن مطلق الشراء لا يزيل النكاح، حتى لو قال: نفسي وأقبضك كان موليًا، واختلف فيما لو قال: حتى أعتق عبدي أو أطلق زوجتي فعندما يكون موليًا خلافًا لأبي يوسف، ولا خلاف أنه لا يكون موليًا فيما لو قال: حتى أدخل الدار أو أكلم فلانًا كذا في (البدائع) ملخصًا (فإن وطئ) المولي (في المدة كفر) لحنثه، ونبه بذلك على أن لو كفر قبله لم يجزه ولا فرق في الحنث بين كونه يوجبها وهو الكفارة (وسقط الإيلاء وإلا) أي: وإن لم يطأها في المدة (بانت) منه بواحدة هو المأثور عن العبادلة الثلاثة وغيرهم، ولو ادعاه بعد مضي المدة لم يقبل قوله إلا إذا نور دعواه في البرهان كما في (المبسوط). (وسقط) الإيلاء (لو حلف على أربعة أشهر) لأنها مؤقتة بوقت فلا تبقى بعده، (وبقيت اليمين لو) حلف (على الأبد) بأن يصرح أو يطلق بشرط أن تكون طاهرة على ما مر إلا أنه لا يتكرر عليه الطلاق قبل التزوج في المختار، لأنه لم يوجد منه منع الحق بعد البينونة وسيأتي بقاء اليمين في حق الحنث ثم قالوا: لا يصح الإيلاء من المبانة في العدة وهو الأصح (فلو نكحها) يعني المبانة بالإيلاء نكاحًا (ثانيًا وثالثًا ومضت المدتان) أي: مدة الإيلاء بعد التزوج الثاني والثالث (بلا فيء بانت) منه (بأخريين) لأنها لما تزوجها ثانيًا ثبت حقها في الجماع وبامتناعه عنه صار ظالمًا فيجازى بإزالة نعمة النكاح واختلف في اعتبار ابتداء مدته ففي (الهداية) وعليه جرى في (الكافي) أنها من وقت التزوج وقيده في (النهاية) و (العناية) تبعًا للتمرتاشي والمرغيناني بما إذا كان التزوج بعد انقضاء العدة فإن كان فيها اعتبر ابتداؤه من وقت الطلاق قال الشارح: وهذا لا يستقيم إلا على قول من يقول بتكرر الطلاق قبل التزوج وقد مر ضعفه. قال في (الفتح): فالأولى الإطلاق كما في (الهداية) (فإن نكحها) يعنني التي بانت منه بالإيلاء بثلاث (بعد زوج آخر لم تطلق) لتقييده بطلاق هذا الملك، ولو نكحها بعدما بانت بالإيلاء مرة أو مرتين وعادت إليه بثلاث بانت كلما مضت أربعة أشهر لم يجامعها فيها حتى تبين بثلاث (فلو وطئها) بعد ذلك (كفر لبقاء اليمين) في حق الحنث وإن لم تبق في حق الطلاق، (ولا إيلاء) صحيح (فيما دون أربعة أشهر) رجع إليه الإمام حين بلغه فتوى ابن عباس بذلك وبه قالت الأئمة الثلاثة، والكلام في الحرة وسنذكر أحكام الأمة، ولو قال: (والله لا أقربك شهرين، وشهرين بعد هذين الشهرين إيلاء) والتقييد بالظرف اتفاقي إذ كونه إيلاء ثابت بدونه،

ولو مكث يومًا، ثم قال: والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأولين، ـــــــــــــــــــــــــــــ قيد بالعطف لأنه ذكر معه حرف النفي أو القسم لم يكن موليًا لأنهما يمينان تداخلت مدتهما ولذا لو قال: والله لا أكلم فلانًا يومين ولا يومين أو قال: والله لا أكلمه يومين فكلمه في اليوم الأول والثاني لزمه كفارتان ولو كان بدون حرف النفي أو القسم يلزمه كفارة واحدة، ولو قال: والله والله لا أفعل كذا فظاهر الرواية أنهما يمينان، وفي (نوادر) ابن سماعة يمين واحد وفي (المنتقى) جعل كونهما يمينين قياسًا وكونهما واحدة استحسانًا (ولو مكث يومًا) يعني بعد قوله: والله لا أقربك لشهرين ويومًا يجوز أن يراد به مطلق الوقت أو أنه اتفاقي (ثم قال: والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأوليين) / لم يكن موليًا، لأن الثاني إيجاب مبتدأ فلم تتكامل المدة، والتقييد بالظرف لا لأنه يكون موليًا مع حذفه بل لتعيين مدة اليمين الثانية، حتى لو حذف كانت مدتهما واحدة وتتأخر الثانية عن الأولى بيوم، ولو قربها في الشهرين الأوليين في مسألة (الكتاب) لزم كفارة واحدة وما توارد عليه شراح (الهداية) من أنه يلزمه بالقربان كفارتان. قال في (الفتح): وإنه خطأ لأنه لم يجتمع على شهرين يمينًا بل على كل شهرين يمين واحدة يعني: وإذا كان لكل يمين مدة على حدة فلا تداخل بين المدتين حتى تلزم الكفارتان إلا أن يراد بالقربان في مدتيهما، كذا في (الحواشي السعدية) وعندي أن هذا الحل مما يجب المصير إليه عرف ذلك من تأمل قوله في (العناية) ويكون كلامه يمينين مستقلين يلزمه بالقربان كفارتان ولك أن تجعل بالقربان للجنس وغير خاف عنك ما مر أنه لا تلازم بين الإيلاء الشرعي واليمين فلذا قد يتعدد البر والحنث وقد يتجددان وقد يتعدد البر ويتجدد الحنث وعكسه، فالأول نحو إذا جاء غد فوالله لا أقربك، إذا جاء غد فوالله لا أقربك فإن قربها في أربعة أشهر من اليوم الأول بر في الأولى وبانت فإذا مضى يوم آخر بر في الثانية وطلقت أيضًا ولو قربها في الغد وجب عليه كفارة واحدة وبعد الغد كفارتان، والثاني نحو والله لا أقربك أربعة أشهر ومنه مسألة (الكتاب) كما مر والثالث كلما دخلت هذه الدار فوالله لا أقربك فدخلتها في يوم ثم في يوم آخر فإن تركها أربعة أشهر من اليوم الأول بانت وإذا مضى يوم آخر بانت بأخرى وإن قربها وجب عليه كفارة واحدة لاتحاد الحنث. قال في (الفتح): وفي هذا المثال نظر لأن اليمين وقع جزاء لشرط متكرر فيتكرر بتكرره ولعله اشتبه بوالله كلما دخلت الدار لا أقربك بكلما دخلت الدار فوالله لا أقربك وأجاب في (البحر) بأنه لا اشتباه لأن المنقول في (الفتاوى): أن

أو قال: والله لا أقربك سنة إلا يومًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الطلاق والعتاق والظهار متى علق بشرط متكرر يتكرر بخلاف اليمين حتى لو قال: كلما دخلت الدار فوالله لا أكلم زيدًا فدخلها مرارًا لا يتكرر اليمين لأنه إنشاء عقد والإنشاء لا يتكرر بلا تكرر صيغته ألا ترى أنه لا يتعدد وإن سمى المتعدد، لأن الكفارة لا تلزم بلا هتك حرمة اسم الله تعالى والرابع إذا جاء غد فوالله لا أقربك ثم قال في المجلس: إذا جاء غد فوالله لا أقربك فهو إيلاء واحد في حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر من الغد طلقت وإذا قربها فعليه كفارتان لاتحاد المدة وتعدد الاسم. (أو قال والله لا أقربك سنة إلا يومًا) أو قال: لا أقربك إلا يومًا لم يكن موليًا أيضًا في الحال حتى لو قربها وبقي بعد يوم القربان أربعة أشهر لم يقربها فيها حنث عندنا وقال زفر: يكون موليًا ويصرف الاستثناء إلى آخر السنة كما لو قال: أجرتك داري سنة إلا يومًا وكما لو أجل الدين سنة إلا يومًا وكما إذا قال في مسألة (الكتاب) إلا نقصان يوم قلنا: المولي من لا يمكنه القربان إلا بشيء يلزمه وهاهنا يمكنه إذ المستثنى يوم منكر فيصدق على كل يوم من أيام تلك السنة حقيقة فيمكنه قربانها قبل مضي أربعة أشهر من غير شيء يلزمه وصرفه إلى الآخر إخراجًا له عن حقيقته، أعني التنكير إلى التعيين بلا حاجة بخلاف الإجارة فإن الحاجة دعت إليه تصحيحًا لها والمقصود من التأجيل تأخير المطالبة فتعين بدلالة الحال، وكذا النقصان ينصرف إلى الأخير، وأورد هنا في (النهاية) ما لو قال: والله لا أكلم فلانًا سنة إلا يومًا فإنه ينصرف الاستثناء فيه إلى الأخير مع تنكير اليوم وأجاب بأن المعنى هو الحائل وهو المغايظة المقتضية لعدم كلامه في الحال، ورده الشارح بما حاصله أنه مشترك الإلزام إذ الإيلاء أيضًا يكون عن المغايظة قال تاج الشريعة: ونحن نقول في الفرق بين اليمينين أن الاستثناء لو انصرف إلى آخر السنة يلزمه أحد المكروهين لأنه إما أن يقربها فتلزم الكفارة أو لا، فيلزمه الطلاق عند انقضاء المدة ولا كذلك اليمين انتهى. قال في (الحواشي السعدية): ولعل مراده أنه تعارض جهة المغايظة ولزوم أحد المكروهين فمتقضى الأول صرف اليوم إلى آخر السنة ومقتضى الآخر خلافه فتساقطا وعمل بمقتضى اللفظ وهو التنكير انتهى، وأنت خبير بأن هذا إنما يحتاج إليه بتقدير تسليم أنه مشترك الإلزام وهو في حيز المنع إذ الإيلاء لا يلزم أن يكون الحامل فيه المغايظة بل قد يكون عن رضا كخوف غيل على ولدها وعدم موافقة مزاجهما فيتفقان عليه لقطع لجاج النفس كما نبه عليه في (فتح القدير) أول الباب بخلاف

أو قال بالبصرة: والله لا أدخل مكة وهي بها لا. وإن حلف بحج، أو صوم، أو صدقة، أو عتق، أو طلاق، أو آلى من المطلقة الرجعية فهو مول، ـــــــــــــــــــــــــــــ اليمين على عدم الكمام (أو قال): وهو مقيم (بالبصرة والله لا أدخل/ مكة وهي) أي: المرأة (بها) يعني بمكة (لا) أي: لا يكون موليًا في هذه المسالة وووجه الأخيرة أنه يمكنه قربانها في المدة من غير شيء يلزمه بأن يخرجها من مكة فإن كان لا يمكنه بأن كان بينهما ثمانية أشهر صار موليًا على ما في (جوامع الفقه) واعتبر قاضي خان أربعة أشهر فقط، (وإن حلف بحج) أو عمرة شروع في الثاني من نوعي الإيلاء وهو الحلف بذكر الشرط والجزاء ولا يخفى حسن تقديم الأول بأن قال: إن قربتك فلله علي حج أو عمرة (أو صوم) غير معين كيوم وشهر، أما المعين فإن بقدر مدة الإيلاء أو أكثر كقوله فلله علي صوم أربعة أشهر أولها هذا فكذلك أما لو قال: هذا الشهر فإنه لا يكون موليًا لأنه يمكنه ترك القربان إلى أن يمضي ثم يطأها بلا شيء ولذا يكون موليًا بقوله: فلله علي (صدقة أو عتق) سواء كان المعتق معينًا كعبدي هذا حر، أو كان معلقًا كقوله: فكل مملوك اشتريته فهو حر وفي (الخانية) إن قربتك فعبدي هذا حر فمضت المدة وفرق بينهما فبرهن العبد أنه حر الأصل وقضى القضاء بحريته يبطل الإيلاء وترد المرأة إلى زوجها، لأنه تبين أنه لم يكون موليًا وظاهر أنه في العبد المعين لو باعه أو مات سقط الإيلاء ولو اشتراه صار موليًا من وقت الشراء إن لم يكن قربهما أو طلاق منجز ولا فرق بين كونه طلاقها. (أو طلاق) غيرها، حتى لو قال: إن قربتك فكل امرأة أتزوجها من أهل الإسلام طالق صار موليًا وكذا لو قال: فلله علي هدي أو عتاق أو يمين أو كفارة، أو قال: علي مائة ركعة فهو مول، ولو قال: وإن حلف بما يستشقه لكان أفود وأخصر، فخرج ما لو قال: فعلي إتباع الجنازة أو سجدة التلاوة أو قراءة القرآن أو الصلاة في بيت المقدس أو تسبيحة أو أن أغزو أو نقل في الصلاة خلاف محمد فعنده يكون موليًا، وينبغي على قياس مائة ركعة أنه لو قال: مائة ختمة أو إتباع مائة جنازة أن يكون موليًا ولم أره، فإن قلت: ينبغي أن يكون موليًا اتفاقًا في الصلاة في بيت المقدس لأنها مما يشق كالحج قلت: هذا مسلم لو تعين لكن المذهب عدم تعين المكان في النذر حتى يسقط بالصلاة في غيره كتعيين الدرهم والفقير وكذا لو قال: فعلي أن أتصدق بهذه الدراهم على هذه المساكين لم يصح إلا أن ينوي التصدق به وكذا لو قال: مالي هبة في المساكين (أو آلى من المطلقة الرجعة فهو مول) في هذه المسائل، أما في الشرط والجزاء فلأن هذه الأجزئة مانعة من الوطء فكانت في معنى اليمين وأما المطلقة رجعيًا فلأنها زوجة فتناولها النص فإن امتد طهرها فكانت من ذوات الأقراء

ومن المبانة والأجنبية لا ومدة إيلاء الأمة شهران وإن عجز المولى عن وطئها بمرضه، أو مرضها أو بالرتق أو بالصغر أو بعد مسافة ففيئه أن يقول: فئت إليها وإن قدر في المدة ففيئه الوطء ـــــــــــــــــــــــــــــ بانت بمضي مدة الإيلاء، وإن انقضت عدتها قبل مضي مدة بطل، وأورد أن وقوع الطلاق في الإيلاء لظلمها بمنع حقها في الوطء ولا حق لهذه هي الجماع، فلا يكون بالمنع ظالمًا وأجاب شمس الأئمة الكردي وهو أول من قرأ (الهداية) على مؤلفها بأن العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعناه وهذه من نسائنا فيشملها نص الإيلاء، بدليل أن الله تعالى سمى المطلق رجعيًا بعلاً، وهو الزوج حقيقة ومجرد عدم ثبوت حقها في الجماع في أثر له في عدم صحة الإيلاء ألا ترى إلى أنه صح ولو أسقطت حقها من الوطء. (و) لو آلى (من المبانة) بثلاث أو ببائن (و) من (الأجنبية لا) لفوات محله وهو الزوجية ولأنبه لو صح لوقع به البائن بمضي مدته والبائن لا يلحق مثله، ولو وطئها كفر كما مر من عدم التلازم بين الإيلاء واليمين، قيد بالمبانة لما في (الخانية) لو آلى من امرأته ثم أبانها إن مضت مدة الإيلاء وهي في العدة بانت بأخرى لا إن انقضت، ولو أعادها إن قبل انقضاء العدة بقي الإيلاء على حاله وإن بعدها اعتبرت مدته من وقت التزوج، (ومدة إيلاء الأمة) المنكوحة (شهران) لأن هذه المدة ضربت إحلالاً لبينونة فأشبهت العدة فتنصف بالرق لأنها من حقوق النكاح، وإطلاقه يعم ما لو كان زوجها حرًا أيضًا، ولو أعتقت في أثنائها بعدما طلقت انتقلت إلى مدة الحرائر، (وإن عجز المولى عن وطئها بمرضه أو) بسبب (مرضها أو) عجز عنه (بالرتق) وهو انسداد فم الرحم بنحو لجة أو القرن (أو) عجز عنه (بالصغر أو بعد مسافة) لا يقدر على قطعها في مدة الإيلاء أو جب أو عنة أو أسر أو وكانت في مكان لا يعرفه وهي ناشزة أو حال القضاء بينهما بالشهادة عليه بالثلاث للتزكية أو كان احدهما محبوسًا ولا يقدر على وطئها في السجن (ففيئه أن يقول) فيه إيماء إلى أنه لا اعتبار بالقلب: (فئت إليها)، وما دل عليه كأبطلت الإيلاء ورجعت عنه وأرجعتك/ وارتجعتك ونبه بهذه الأسباب على أنه لو كان محرمًا وقت الإيلاء بينه وبين الحج أربعة أشهر لا يكون موليًا فيه باللسان، لأن المتسبب باختياره فيما لزمه فلا يستحق تحقيقًا ولو آلى مؤبدًا وهو مريض وبانت بمضي المدة ثم صح وتزوجها وهو مريض لم يصح فيه باللسان عندهما وصح عند أبي يوسف قالوا: وهو الأصح. (وإن قدر) المولى على الوطء (في المدة ففيئه الوطء) لأن الفيء بالقول خلف عن الوطء فحيث قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالخلف بطل حكمه

أنت عليّ حرام إيلاء إن نوى التحريم، أو لم ينو شيئًا وظهار إن نواه، وكذب إن نوى الكذب، وبائنة إن نوى الطلاق، وثلاث إن نواه. ـــــــــــــــــــــــــــــ كالمتيمم إذ وجد الماء، ونبه بهذه الجملة على أنه يشترط دوام العجز من وقت الإيلاء إلى مضي مدته، وبقي شرط ثالث نبه عليه في (البدائع) هو قيام النكاح وقت الفيء باللسان حتى لو أبانها ثم فاء بلسانه لم يصح فلو تزوجها ومضت المدة بانت منه، (أنت علي حرام) أو حرمتك أو أنت محرمة علي أو لم يقل علي أو أنا عليك حرام أو محرم أو حرمت نفسي عليك، وفي هذا يشترط أن يقول عليك وأنت معي في الحرام وحلال المسلمين علي حرام وأنت علي كالخمر أو الخنزير أو ما كان محرم العين كانت علي حرام (إيلاء إذا نوى التحريم، أو لم ينو شيئًا) لأن تحريم الحلال يمين (وظهار إن نواه) لأن الحرمة أعم من الحرمة التي فيها ظهار أو لا، والأعم يحتمل الخصوصيات فنية الظهار نية محتمل كلامه لا نية خلاف ظاهره فيصدق قضاء، وذ كر في (الهداية) خلاف محمد في ذلك ولم يذكر الخلاف في ظاهر الرواية وإنما نقله السرخسي عن (النوادر) والمذكور في (جوامع الفقه) عن محمد كقولهما. (وكذب) بفتح الكاف مع كسر الذال ويجوز كسرها مع إسكان الذال (إن نوى الكذب)، لأنه نوى حقيقة كلامه هنا لأن وصفها بالحرمة وهو حلال كذب ظاهر الرواية واعترض بأن الحقيقة لا تتوقف في صحة إرادتها على النية وأجيب بأن هذه حقيقة أولى واليمين الحقيقة الثانية بواسطة الاشتهار وعن هذا قال السرخسي إنما يصدق في نية الكذب ديانة، لأن هذا يمين ظاهر فلا يصدق في القضاء في نية خلافه الظاهر. قال في (الفتح): وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى كما سنذكره والأول ظاهر الرواية لكن الفتوى على العرف الحادث انتهى، وفيه نظر لأن الفتوى إنما هو في انصرافه إلى الطلاق لا في كونه يمينًا كذا في (البحر) (بائنة إن نوى الطلاق) أو عليه دلت الحال وفي (البزازية) أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة وفي (الفتح) لو طلقها طلقة ثم قال: أنت علي حرام ونوى اثنتين لم يقع شيء انتهى. يعني بنيته وإن وقع بلفظ أنت علي حرام بائنة وبهذا عرف أنه لا منافاة بين هذا وبين قول غيره لم تصح نيته واندفع ما في (البحر) من أنه سبق قلم إن عبارة غيره لم تصح نيته، (وثلاث إن نواه) أي: الثلاث لأن هذا اللفظ من الكنايات على ما مر وفيها تصح نية الثلاث والأول أولى وفي الفتوى أي: التي بها يفتي المفتي ووقع في كثير من النسخ وفي الفتاوى والأول أولى، إذا قال لامرأته: أنت علي حرام والحرام عنده طلاق ولكن لم ينو طلاقًا وقع الطلاق يعني البائن ولم يقيده به اكتفاء بما قدمه من أن هذا حكم كل

باب الخلع

باب الخلع هو: الفصل من النكاح ـــــــــــــــــــــــــــــ كناية وقد عده منها نعم كان ينبغي حين استغنى عن النية أن يكون الواقع به رجعيًا وأجيب بأن المتعارف إنما هو إيقاع البائن به كما أفتى به المتأخرون، ولذا لا يحلف به إلا الرجال حتى لو حلفت به يلزمها بالحنث كفارة اليمن وفي الفتاوى لو كان له أكثر من امرأة وقع على كل واحدة تطليقة بائنة، فإن لم يكن له امرأة كان عليه كفارة اليمين وأفتى الأوزجندي وغيره بأنها إنما تقع واحدة فقط وإليه البيان، وفي (الذخيرة) و (الخلاصة) وهو الأشبه. قال في (الفتح): وعندي أن ما في (الفتاوى) أشبه لأن قوله حلال الله أو حلال المسلمين يعم كل زوجة فإذا كان فيه عرف في الطلاق يكون بمنزلة قوله: هن طوالق لأن حلال الله يشملهن على سبيل الاستغراق. وأقول: هذا لا يتم في قوله: أنت علي حرام مخاطبًا لواحدة كما قال المصنف وقول الشارح: ولو كان له أربع نسوة والمسألة بحالها يقع على كل واحدة منهن طلقة بائنة وقيل: تطلق واحدة منهن وإليه البيان وهو الأظهر، والأشبه يجب أن يكون معناه والمسألة بحالها يعني في التحريم لا بقيد أنت كما لا يخفى، بل في هذا يجب أن لا يقع إلا على المخاطبة، ولو قال: إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال كذلك لأمر آخر ففعل أحدهما حتى وقع الطلاق ثم فعل الآخر في العدة قيل: لا يقع والأشبه الوقوع لالتحاق البائن بالبائن إذا كان معلقًا كذا في (الذخيرة). باب الخلع أخره عن الإيلاء لأنه بخلوه عن المال كالمفرد وبذلك كان أقرب إلى الطلاق أي: الرجعي والخلع باستلزامه إياه/ كالمركب كما مر، وأيضًا الفرقة فيه لا تحصل إلا بعد مدة وفي الخلع تحصل في الحال فكانت نسبته إلى الخلع نسبة الرجعي إلى البائن، وهو لغة النزع واستعمل في نزع الزوجية بالضم وفي غيره بالفتح يقال: خالعت المرأة زوجها خلعًا افتدت منه والخلعة لغة فيه وخلع ثوبه ونعله خلعًا نزعه، صيغ منهما المفاعلة ملاحظة لملابسة كل الآخر كالثوب الملبوس قال تعالى: {هن لباس لكم وأنت لباس لهن} [البقرة: 187] وعرفًا (هو الفصل من النكاح) هذا تعريف المطلقة أعني سواء كان معه مال أو لا لكن لا بد أن يتأد بلفظ الخلع فإن الطلاق على

الواقع به، وبالطلاق على مال طلاق بائن، ـــــــــــــــــــــــــــــ مال ليس هو الخلع بل في حكمه من وقوع البائن به لا مطلقًا، وإلا لجرى فيه الخلاف في أنه فسخ وفي سقوط المهر به لو كان المسمى غيره والصحيح في تعريف الأول كما في (الفتح) إزالة ملك النكاح ببدل بلفظ الخلع فإزالة ملك النكاح كالجنس لشمولها الإزالة بالطلاق وخرج بملك النكاح الخلع في النكاح الفاسد وبعد الردة فإنه لغو كما في (الفصول) وبقوله بلفظ الخلع الطلاق على مال زاد في (البحر) أو ما في معناه المتوقف على قبولها ليدخل ما إذا كان بلفظ المبارأة فإنه كما سيأتي يقع به البائن وتسقط به الحقوق وما إذا كان بلفظ البيع والشراء فإنه كذلك على ما صححه في (الصغرى) وإن صرح في (الخانية) بخلافه، وخرج بالمتوقف ما لو قال لها: خلعتك ناويًا الطلاق فإنه يقع بائنًا غير مسقط شيئًا كما سيأتي، وأما خالعتك ولم يسم شيئًا فقبلت كان خلعًا مسقطًا للحقوق فلا يرد على التقييد بالبدل كما لا يخفى. وأقول: من تأمل قوله في (الفتح) كما مر الطلاق على مال ليس هو الخلع بل في حكمه لا مطلقًا وإلا لجرى فيه الخلاف في أنه فسخ وفي سقوط المهر علم أن المبارأة من ألفاظ الخلع، وأما الخلع بلفظ البيع والشراء فلا يرد لأنه يرى ما في (الخانية) وشرطه كالطلاق وصفته أنه يمين من جانبه معاوضة من جانبها عند الإمام على ما سيأتي، وحكمه ما أفاده بقوله: (الواقع به) أي: بالخلع سواء كان على مال أو لا (وبالطلاق على مال طلاق بائن) لخبر (الخلع تطليقة بائنة) وأما الثاني فلأنها لم تبذل المال إلا لتسلم لها نفسها ولا يكون ذلك في الرجعي، وخرج بالتقييد بالمال ما لو قالت: طلقني على آخر مالي عليك ففعل الزوج كان الطلاق رجعيًا، فلو قضي قاض بكون الخلع فسخًا ففي نفاذه قولان حكاهما في (الخلاصة) ولو ادعى فيه شرطًا أو استثناء فالفتوى على صحة دعواه، إلا إذا وجد التزام البدل أو قبضه، ولو قال: إنما هو من حق لي عليك وقالت: من بدل الخلع فالقول له، ولو قال لها: بعتك طلاقك بمهرك فقالت: طلقت نفسي بانت منه، وقيل: يقع رجعيًا والأول أصح، وفي آخر (القنية) من مسائل لم يوجد فيها رواية ولا جواب شاف للمتأخرين، قال: أبرأتك من المهر بشرط الطلاق الرجعي فقال لها: أنت طالق طلاقًا رجعيًا يقع بائنًا للمقابلة في المال كمسألة (الزيادات) أنت طالق اليوم رجعيًا وغدًا أخرى بألف، فالألف مقابل بهما وهما بائنتان أو رجعيًا وهل يبرأ لوجود الشرط صورة أأو لا يبرأ؟ انتهى.

ولزمها المال. وكره له أخذ شيء إن نشز وإن نشزت لا ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الذخيرة) لو قال: أنت طالق الساعة واحدة أملك الرجعة وغدًا أخرى أملك الرجعة بألف فقبلت انصرف البدل إليهما وهما في (الزيادات) و (الذخيرة) نص في أنهما بائنتان (ولزمها المال) لأنه لم يرض بخروج البضع عن ملكه إلا به. قال في (البحر): ولو قال: وكان له المسمى لكان أولى ليشمل إبراءها عما لها عليه أصالة أو كفالة فإنه في هذه الحالة يقع بائنًا أيضًا، والمراد بالكفالة الكفالة بالمال لما في (التاتارخانية) طلقها على أن تبرئه من كفالة نفس فلان فالظاهر رجعي، ولو على أن تبرئه عن ألف الذي كفل عن فلان فالطلاق بائن انتهى، ولو اتفقا على الخلع غير أنها قالت: إنه كان بغير عوض فالقول لها ومعلوم أنه لا بد أن تكون غير محجورة بالسفه، أما لو كانت وقبلته لم يلزمها المال وكذا لو كانت مكرهة، ولو اختلفا في الطواعية والإكراه فالقول له مع اليمين كما في (القنية). وأما المريضة إذا اختلعت اعتبر من الثلث حتى يكون له الأقل من ميراثها ومن بدل الخلع إذا كان يخرج من الثلث، فإن لم يخرج كان له الأقل من الإرث ومن الثلث إذا ماتت وهي في العدة ولو بعد انقضائها، أو كانت غير مدخول بها كان له بدل الخلع إذا كان يخرج من الثلث/ زادته في البدل بعد تمامه فالزيادة غير صحيحة كما في (الخانية) وفي (المجتبى) لو تخالعا ولم يذكرا مالاً لا يصح الخلع في رواية عن محمد والأصح أنه يصح انتهى. يعني ويسقط المهر على ما مر. (وكره له) كراهة تحريم (أخذ شيء) له قيمة قليلاً كان أو كثيرًا ويلحق به الإبراء من صداقها (إن نشز) أي: كرهها والنشوز يكون من الزوجين وهو كراهة كل منهما صاحبه كذا عن الزجاج وفي (المصباح) نشزت المرأة من زوجها نشوزًا من بابي قعد وضرب عصته ونشز الرجل من امرأته نشوزًا بالوجهين تركها وجفاها والحق أن الأخذ في هذه الحالة حرام للنهي القطعي (وإن نشزت) المرأة أي (لا) يكره الأخذ لأن قوله تعالى: {فلا تأخذوا منه شيئا} [النساء: 20] حمل على ما إذا كان النشوز منه وقوله: {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229] على ما إذا كان النشوز منها سواء كان منه نشوز أيضًا أو لا غير أنه إن كان النشوز منهما كانت إباحة الأخذ بعبارة النص وإن كان منها فقط فبدلالته ومن هنا قال الشارحون في قول القدوري: وإذا تشاق الزوجان فلا بأس أن تفتدي المرأة نفسها منه أي: تخاصما وخافا أي: علما أن لا يقيما حدود الله أن هذا الشرط خرج مخرج الغالب إذا الباعث على الاختلاع غالبًا لا أنه شرط معتبر المفهوم وهو منتف فيهما. قال في (الفتح): وقد يقال: جواب الشرط الإباحة فإنه قال: لا بأس وإباحة

وما صلح مهرًا صلح بدل الخلع ـــــــــــــــــــــــــــــ الأخذ مشروطة بمشاقتها فهو معتبر شرطًا في ذلك قال في (الحواشي السعدية): وفيه نوع تأمل وإطلاقه يشمل أخذ الزائد على المهر وهو المذكور في (الجامع الصغير) لإطلاق ما تلونا في الأصل تكره الزيادة (لقوله - صلى الله عليه وسلم - حين قال لجميلة زوجة ثابت بن قيس أتردين حديقته عليه؟ قالت: نعم وزيادة: وأما الزيادة فلا) وأورد أن شرط قبول خبر الواحد أن لا يعارض الكتاب وهذا كذلك وأجيب بأنه إذا خص منه شيء آخر أو عورض بنص آخر مثله خرج عن القطعية فجاز أن يخص بعد بخبر الواحد مع أنه إن كان معارضًا لنص فهو موافق لآخر وهو النهي عن الأخذ مطلقًا فكان في الحقيقة معارضة الكتاب. قال في (الفتح): وفيه نظر لأن النهي عن الأخذ في هذه الآية مقيد بنشوزه وحده وإطلاق الأخذ منها قيد بنشوز كل منهما عن الآخر فلا تعارض فلا تخصيص، لأن مورد العام غير صادق على مورد الخاص، وعلى هذا فيظهر كون رواية (الجامع) أوجه نعم يكون أخذ الزيادة خلاف الأولى لكن صحح الشمني رواية (الأصل) وفي (الحواشي السعدية) بعد ذكر النظر أقول: ممنوع بل بخوف كل منهما أن لا يقيم حدود الله وذلك يحصل بنشوز الواحد فإنه إذا نشزت المرأة فقط يجوز أن يخاف الرجل من استيلاء الغضب عليه فلا يقيم حدود الزوجية وكذا إذا نشز الرجل فقال قوله: فيه بحث فتدبره. (وما) أي: كل شيء (صلح مهرًا صلح بدل خلع) لأن ما يصلح أن يكون عوضًا للمتقوم وهو البضع حالة الدخول فلأن يصلح لأن يكون عوضًا لغيره وهو حالة خروجه أولى فظاهر أن القضية الموجبة تنعكس جزئية وانعكاسها كلية قضية كاذبة، والصادق ما جاز بدل خلع جاز كونه مهر فالبعض كالأقل من العشرة وما في يدها وما في بطن غنمها وبطن جاريتها يجوز وله ما في بطونها ولا يجوز مهرًا بل يجب مهر المثل، والفرق أن ما في البطن ليس مالاً في الحال بل في المآل فكأنه تعليق بالانفصال من البطن وأخذ العوضين هنا يقبل التعليق فكذا الأخذ عن المال ولا يقبله سابقًا بل المال هناك وهو ملك النكاح فكذلك عوض الآخر، وجوز الإتقاني انعكاسها كلية صادقة وعليه جرى العيني إذ الغرض من طرد الكلي أن يكون مالاً متقومًا ليس فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة بهذه المثابة، ومن عكسه أن لا يكون مالاً متقومًا أو أن يكون فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة مال متقوم لا جهالة فيه

فإن خالعها، أو طلقها بخمر، أو خنزير، أو ميتة وقع بائن في الخلع رجعي في غيره مجانًا كخالعني على ما في يدي، ولا شيء في يدها، وإن زادت من مال، أو دراهم ردت مهرها، أو ثلاثة دراهم ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا يخفى أن الصلاحية المطلقة هي الكاملة، وكون مطلق المال المتقوم خاليًا عن الكمية يصلح مهرًا ممنوع فلذا منع المحققون انعكاسها كلية والله الموفق، (فإن خالعها، أو طلقها بخمر، أو خنزير، أو ميتة) بما ليس بمال (وقع) طلاق (بائن في الخلع رجعي في غيره) وقوعًا (مجانًا) فيهما وزنه فعال. قال الفارابي: يقال: هذا الشيء لك مجان أي: بلا بدل لأنها لا غرور منها حيث لم يسم مالاً والخلع من الكنايات والواقع بها بائن بخلاف غيرها، لكن بشرط النية أو دلالة الحال على ما مر لتسمية البدل، وإن لم يكن مالاً من دلالة الحال وفي (البزازية) قال: خالعني بمال أو على مال ولم تذكر قدره لا يتم في ظاهر الرواية بلا قبول وإذا لم يجب البدل هل يقع الطلاق؟ قيل: يقع وبه يفتي وقيل لا/ وهو الأشبه بالدليل (كخالعني) أي: كما يقع الطلاق مجانًا في قولها: خالعني (على ما في يدي و) الحال أنه (لا شيء في يدها) لما قلنا، وسواء قالت: من شيء أو لا، وكذا لو قالت: على ما في بيتي أو من بيتي، أو على ما في بطن جاريتي أو غنمي، أو على ما في نخلي فإذا لا شيء فيها كذا في (المحيط) (وإن زادت) على قولها خالعني على ما في يدي (من مال) أو متاع أو قالت: من مال من المهر وقد أوفاه لها أو على ما في جاريتي أو غنمي من حمل (أو) زادت من (دراهم) أو دنانير منكرًا أو معرفًا ولم يكن في يدها شيء (ردت) في الصورة الأولى وما ألحق بها (مهرها) لأنها لما سميت مالاً لم يكن الزوج راضيًا بالزوال إلا بالعوض، ولا وجه إلى إيجاب المسمى وقيمته للجهالة ولا إلى قيمة البضع أعني مهر المثل لأنه غير متقوم حالة الخروج، فتعين إيجاب ما قام على الزوج. وفي قوله: ردت إيماء إلى أنه مقبوض لا فرق في ذلك بين كونه مسمى أو مهر المثل، فإن لم يكن مقبوضًا فلا شيء عليها كما في (العمادية) وكذا لو كانت قد أبرأته منه كما في (الجوهرة) وفي (الولوالجية) أما إذا وقع الخلع على مهرها فإن لم يكن مقبوضًا لها سقط عنه وإلا ردته، وفي (الولوالجية) خلعها بما لها عليه من المهر ظانًا أن عليه بقية فإذا هو قد أوفى الكل ردت عليه، أما إن علم أنه لا شيء عليه وقع مجانًا، (أو) ردت (ثلاثة دراهم) لأنها ذكرت الجمع وأقصاه لا غاية له وأدناه ثلاثة فوجبت، واعترض بأن هذا في المنكر ظاهر أما في المحلى فينبغي أن يلزمها درهم لبطلان الجمعية باللام إلى الجنسية وهو يصدق بالواحد وأجيب بأن هذا عند عدم

وإن خالع على عبد آبق لها على أنها بريئة من ضمانة لم تبرأ ـــــــــــــــــــــــــــــ إمكان العهدية مع إمكان الاستغراق وقد أمكنت العهدية لأن قولها: على ما في يدي أفاد كون المسمى مظروف يدها وهو عام يصدق على الدراهم وغيرها فصار بالدراهم عهد في الجملة من حيث هو كل صدقات لفظة ما، وهو مبهم ولفظة من وقعت بيانًا له ومدخولها وهو الدراهم هو المبين لخصوص المظروف، والاستغراب هنا غير ممكن ولذا لم تكن للجنس في لا أشتري العبيد فلم يبر إلا بثلاثة وكانت له في لا أشتري العبيد حتى حنث بواحد لإمكانه في النفي، ولو قال: على ما في المكان من الشياه والخيل والبغال أو الحمير أو الثياب لزمها ثلاثة أيضًا كذا في (الدراية)، قال في (البحر): وفي الثياب نظر للجهالة. وأقول: ينبغي إيجاب الوسط في الكل وبه يندفع ما قال، قيد بقوله ولا شيء في يدها لأنه لو كان في يدها شيء من المال كان له ولو قليلاً في الأولى إلا أنه في الثانية لو كان في يدها درهم لزمها أن تكمل الثلاثة وبهذا عرف نفي الشيئية فيما لم تسم شيئًا معناه نفي الوجود فيما إذا سمت مالاً أو دراهم معناه نفي وجود ما سمته، وعلى هذا فلا مسامحة أصلاً إلا أن مقتضاه أنها لو سمت دراهم فإذا في يدها دنانير أنه لا يجب له غير الدراهم ولم أره. (وإن خلعها على عبد أبق لها) أي: المرأة (برأته من ضمانه) إن لم يعد من إباقة بل إن وجدته سلمت وإلا فلا شيء عليها، (لم تبرأ) وكان عليها تسليم عينه إن قدرت وقيمته إن عجزت وأفاد كلامه أن التسمية صحيحة وأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة كالنكاح، وإنما صحت لأنه مبني على المسامحة لما أنه اعتياض عن غير مال، فالعجز عن تسليمه لا يفضي إلى المنازعة في القيمة وإذ صحت وجب تسليم المسمى، فاشتراط البراءة عن ضمانه باطل لأنه اشتراط عدم البدل في عقد المعاوضة، قيد بالبراءة من ضمانه لأن البراءة من عينه صحيحة، ومن الشروط الفاسدة ما لو اختلعت على أن يكون صداقها لولدها أو لأجنبي أو على أن تمسك ولدها عندها، وفي (القنية) خالعها على ثوب بشرط أن تسلم إليه الثوب فقبلت فهلك الثوب قبل التسليم لم تبن، لأنه يجعل نفس التسليم شرطًا، وهبت مهرها لأخيها فأخذ أخوها منه المهر قبالة ثم اختلعت نفسها منه بشرط أن تسلم إليه القبالة غدًا فقبل ولم تسلم إليه القبالة غدًا لم تحرم، ولو اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها أقمشتها

قالت: طلقني ثلاثًا بألف، فطلق واحدة له ثلث الألف وبانت، وفي عليّ ألف وقع رجعي مجانًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فقيل: لا تحرم ويشترط كتبه الصك ورد الأقمشة في المجلس (له ثلث الألف، وبانت) لأن البائن تصحب العوض وهو ينقسم على العوض، قيدنا بكونه في المجلس لأنه لو قام فطلقها لم يجب شيء، والمسألة مقيدة بما إذا لم يكن طلقها قبل ذلك اثنتين فإن كان واحدة كان له كل الألف كما في (المبسوط) وغيره كما لو طلقها ثلاثًا سواء كانت بلفظ واحد أو متفرقة بعد أن يكون في مجلس واحد، ولم أر ما لو طلقها واحدة وقد بقي من طلاقها اثنتان والظاهر أن عليها ثلث الألف أيضًا، نعم لو طلقها اثنتين باقيتين/ من طلاقها كان الألف كاملة بالأولى، وقيد بقوله: ثلاثًا لأنها لو قالت له: طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثًا بألف فإن قبلت وقع الثلاث بألف وإلا لم يقع شيء، فإن لم يذكر المال وقع الثلاث بغير شيء في قول الإمام، وقالا: تقع واحدة بثلث الألف واثنتان بغير شيء كما لو أوقعها متفرقة. (وفي) قولها: طلقني ثلاثًا (علي ألف) فطلقها واحدة (وقع) طلاق (رجعي) وقوعًا (مجانًا) عند الإمام وقالا: هذا والأول سواء بناء على أنها في المعاوضات كالباء والإمام جعلها هنا للشرط وهذا لأنها حقيقة في الاستعلاء إذا اتصلت بالأجسام الممسوحة كقمت على السطح والعتبة وهو محمل النحاة وفي غير ذلك حقيقة في معنى اللزوم الصادق في ضمن ما يجب فيه الشرط المحض نحو {يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا} [الممتحنة: 12] وأنت طالق على أن تدخلي الدار وما يجب فيه المعاوضة الشريعة المحض كبعني هذا على ألف، والعرفية كافعل هذا على أن أشفع لك عند زيد، وما نحن فيه مما يصح فيه كل من الأمرين لأن الطلاق على الشرط المحض والاعتياض. فإن قلت: كون مدخولها مال مما يرجح الثاني قلت: المال يصح جعله شرطًا محضًا حتى لا تنقسم أجزاؤه على أجزاء مقابلة كما في قولها: إن طلقتني ثلاثًا فلك ألف كما يصح جعله عوضًا منقسمًا كما في بألف، فعلى اعتبار المعاوضة يكون له بالطلقة الواحدة الثلث، وعلى اعتبار الشرط لا، فلا يلزم بالشك ولا يختلط في اللزوم إذ الأصل براءة الذمة، وأورد على قوله ما لو قالت: طلقتني وضرتي على ألف فطلقها واحدة كان عليها حصتها من الألف وأجيب بأنه لا غرض لها في طلاق فلانة ليجعله كالشرط بخلاف إيقاع الثلاث على نفسها لتحصل البينة الغليظة قيل: ولا يخلو عن شيء بل لها غرض في عدم بقاء ضرتها معه بعدها ورأيت بخط بعض أهل العصر فرقًا هو أن طلبها للفرقة منشؤه شدة بغضها له فلا تطلب نجاة ضرتها منه، وأنت خبير بأن

طلقي نفسك ثلاثًا بألف، أو على ألف فطلقت واحدة لم يقع شيء، أنت طالق بألف، أو على ألف فقبلت لزم، وبانت ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا الفرق ضعيف جدًا لظهور أن بغضها لضرتها إنما لزوجها منها بغضها، والأقرب ما قيل: إنها على الخلاف. قال في (التاتارخانية): وهو الأصح، وفيها ولو زادت على فطلق إحداهما ولقائل أن يقول: لزمها حصتها من الألف ولقائل أن يقول: لا حتى يطلقها وعندي أن الثاني أوجه لأنها إذا كانت شرطًا مع عدم قولها على فمعه أولى فتدبره، وفي (المحيط) قالت: طلقني وفلانة وفلانة على ألف على فطلق واحدة ومهورهن سواء وجب ثلث الألف لأنها امرأته بعقود لأن طلاق كل واحد على مال خلع حدة فانقسم الألف عليهن ضرورة أنه لابد أن يكون لكل عقد بدل على حدة ولو قال لها: (طلقي نفسك ثلاثًا بألف، أو على ألف فطلقت) المرأة نفسها (واحدة لم يقع شيء) لأنه لم يرض بالبينة إلا بسلامة كل ألف له بخلاف ما مر، لأنها لما رضيت بالبينة بألف كانت ببعضها أولى أن ترضى ولو أراد بالسنة فقالت: طلقت نفسي ثلاثًا فإن كانت طاهرة من غير جماع طلقت للحال واحدة يعني بثلث الألف ولا تقع الثانية والثالثة إلا بتجديد الإيقاع في وقت مجلس السنة فيقعان بغير شيء لأنها بانت بالأولى فلا تملك نفسها بالثانية والثالثة ولو كان غير مدخول بها طلقت واحدة بثلث الألف ثم إذا تزوجها ثانيًا وثالثًا فكذلك ولا يحتاج قبول جديد كذا في (المحيط). ولو قال لها: (أنت طالق بألف) أي: بعوض يجب لي عليك (أو على ألف) أي: على شرط ألف يكون لي عليك على قول الإمام كما مر (فقبلت) المرأة ذلك في مجلسها (لزم) المال (وبانت) منه، نبه بذلك على أنه يمين من جانبه فصلح تعليقه وإضافته، ولا يصح رجوعه فيه والقيام عن المجلس لا يبطل معاوضة من جانبها، فإن قلت: هذه الأحكام تتوقف على قبولها وظاهر إطلاقهم صحة تعليقه، لأنه لا فرق بين القبول والإيجاب إلا أنه في (فتح القدير) نقل عن (كافي الحاكم) أنها لو قالت له: إن طلقتني ثلاثًا فلك علي ألف فإن قبل في المجلس فله الألف وإلا فلا شيء، وهذا يفيد تخصيص بطلان التعليق منها بالقبول، ولا فرق في اشتراط القبول بين هذا وبين قوله: على أن تعطيني ألفًا، أما إذا قال: أعطيتني أو متى أعطيتني ألفًا فإنها لا تطلق حتى تعطيه ثم إن أعطيتني يشترط لوقوع الطلاق إعطاؤها في المجلس وفي إذا ومتى لا يشترط/ الإعطاء في المجلس وادعى في (البحر) أن هذا تكرار لأنه علم مما سبق أول الباب غير أنه زاد القبول، ولو ألحقه ثمة لتوج بالقبول وأنت إذا تأملت ما أشرنا إليه من التقرير علمت أن كلامه خال عن التكرير وفي (التاتارخانية) لو قال: أنت

فرع

أنت طالق، وعليك ألف، أو أنت حر وعليك ألف طلقت، وعتق مجانًا ـــــــــــــــــــــــــــــ طالق واحدة بألف فقبلت نصف تطليقة بألف طلقت واحدة بلا خلاف، ولو قبلت نصفها بخمسمائة كان باطلاً، ولو ابتدأته هي بأن قالت له: طلقني واحدة فقال الزوج: أنت طالق نصف تطليقة بألف طلقت واحدة ولو قالت: بخمسمائة طلقت واحدة بخمسمائة. قال في (البحر): وقد طلب مني الفرق بين على أن تعطيني حيث توقف على القبول وبين على أن تدخلي الدار حيث توقف على الدخول وبين أنت كذا على دخولك الدار حيث توقف على قبولها لا على الدخول كما في (الخانية) وعلى أن تدخلي حيث لا يكفي القبول، مع أن أن والفعل بمعنى المصدر ولم يبد فرقًا. فرع قال: لأجنبية أنت طالق على ألف إن تزوجتك فقبلت ثم تزوجها لا يعتبر القبول إلا بعد التزوج، ولم يحك فيه خلافًا كذا في (جوامع الفقه) والحق قول أبي حنيفة لأنه خلع بعد التزوج فيشترط القبول بعده كذا في (فتح القدير)، ولو قال: (أنت طالق، وعليك ألف أو) قال لعبده: (أنت حر وعليك ألف) أو قالت: هي أو العبد: طلقني أو أعتقني ولك ألف (طلقت وعتق) العبد بمجرد ذكرهما سواء قبلا أو لم يقبلا، وفي الثاني إذا أجاب (مجانًا) أي: بغير شيء في الكل عند الإمام وقالا: لا يقع شيء ما لم يقبلا فكأنه قيل: أنت طالق في حال وجوب الألف لي عليك أو لك علي ولن يتحقق ذلك إلا بالقبول وبه يلزم المال إن الواو للعطف حقيقة فيكون الزوج قد عطف بعد الإيقاع جملة أخرى تامة هي دعوى المال، وكذا قولها: ولك ألف إيجاب صلة مبتدأة وعدًا منها، والمواعيد لا يتعلق بها اللزوم إلا أن فيه عطف الخبر على الإنشاء وهو ممتنع على ما ذكروه في الأصول فيجب أن يكون واو الاستئناف، وحينئذ إن ادعى أنها حقيقة فيها تبادر إليه المنع فيحتاج في ترجيحه على الحال إلى دليل، والجواب أن احتماب الواو للحال أو الاستئناف حاصل وبأحدهما يلزم المال وبالآخر لا فلا يلزم الشك، على أنا نمنع كون جملة أنت طالق إنشائية بل خبرية، والطلاق يقع عنده شرعًا بالتطليق الثابت ضرورة كذا في (الفتح). وعطف الخبر على الإنشاء ليس ممنوعًا مطلقًا بل إنما هو في الجمل التي لا محل لها من الإعراب كما نحن فيه، فالإطلاق مقيد بخصوص المسألة وكون الخلع معاوضة عندهما ممنوع، بل يمين من جانب الزوجين فإن قلت: إنما قالا ذلك على طريق الإلزام قلت: لو سلم ذلك منعنا كون هذا خلعًا ولا خلاف أنها للحال في أدّ إلي

وصح خيار الشرط لها في الخلع لا له. طلقتك أمس بألف فلم تقبلي، فقالت: قبلت صدق ـــــــــــــــــــــــــــــ ألفًا وأنت حر وبمعنى في اعمل هذا ولك ألف، والعطف في خذه واعمل به في البر ومحتملة للأمرين في نحو أنت طالق وأنت مريضة فتنجيز قضاء ويتعلق ديانة إن عناه والضابط اعتبار الصلاحية وعدمها فإن تعين المال تعين وإلا فإن احتمل فالمعنى النية وإلا كانت الجملة. (وصح خيار الشرط لها في الخلع) لما مر من أنه معاوضة من جانبها، (لا) يصح (له) لأنه يمين من جانبه وهو قول الإمام وقالا: لا يصح بناء على أنه يمين من جانبها، فإن قلت: ثبوته في البيع على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره قلت أثبتاه هنا دلالة وذلك أن ثبوته في البيع إنما كان لدفع الغبن في الأموال ولا شك أن الغبن في النفوس أضر، والحاجة إلى التروي فيه أكثر فإنه ربما يفوتها هذا الازدواج على وجه لا يحصل مثله لها أبدًا كذا في (الفتح) وفيه نظر من وجهين: الأول: أن الحاجة في حقه موجودة أيضًا. الثاني: لا نسلم أن الخلع على خلاف القياس كالبيع ليحتاج إلى الإلحاق بطريق الدلالة وقد قال في (الكشف الأصولي): إن اشتراطه في البيع على خلاف القياس لأنه من التمليكات فيقتصر فيه على مورد النص وفي الخلع على وفقه لأنه من الإسقاطات والمال وإن كان مقصودًا فيه بالنظر إلى العاقد لكنه تابع في الثبوت في الطلاق الذي هو مقصود العقد، كما أن القن تابع في البيع وبالنظر إلى/ المقصود يلزم أن لا يتقرر خلعها وقالت: إن لم أؤد البدل إلى أربعة أيام فالخلع باطل فمضت المدة ولم تؤد فهذا بمنزلة الخيار في الخلع، وهو على الخلاف إذا كان من جانبها. قال في (البحر): وينبغي أنها لو طلقته كان لها الخيار خيار المجلس فإن قامت منه بطل، استنباطًا مما إذا أطلقا في البيع لما أن له شبهًا بالبيع انتهى، وعندي فيه نظر لاقتضائه أنه يقبل النقص بعد التمام والظاهر أنه لا يقبله بدليل أنه لا يجري التقايل فيه بخلاف البيع وهذا كما سيأتي في البيع مع أن ثبوته عند الإطلاق مقيد بما إذا قال له البائع ذلك بعد البيع، أما حين العقد فيفسد البيع عند الإمام والفرق بينهما سيأتي في البيع إن شاء الله تعالى، وأما خيار الرؤية فلا يثبت كما في (العمادية) وفيها أن خيار العيب الفاحش وهو ما يخرجه من الجودة إلى الرداءة ثابت فيه دون اليسير، ولو قال لها: (طلقتك أمس بالألف فلم تقبلي فقالت): بل (قبلت صدق) الزوج بيمينه كما في (الفتح) ولم تطلق، وكذا لو قال لعبده: أعتقتك أمس على ألف فلم تقبل وقال: قبلت فالقول للمولى بخلاف البيع أي: بخلاف ما لو قال لغيره: بعتك هذا العبد فلم تقبل أو قال: بعتك طلاقك أمس بألف فلم تقبلي، أو قال

ويسقط الخلع، والمبارأة كل حق لكل واحد على الآخر مما يتعلق بالنكاح، ـــــــــــــــــــــــــــــ لعبده: بعتك نفسك منك بألف فلم تقبل، وقال: قبلت حيث لا يصدق الزوج ولا السيد، والفرق أن الطلاق على مال يمين من جانبه فالإقرار به لا يكون إقرارًا بالشرط لصحته بدونه، أما البيع فلا يتم بالقبول فالإقرار به إقرار بما لا يتم إلا به، فإنكاره القبول رجوع منه، ولو أقاما بينة فبينة المرأة أولى كما في (التاتارخانية) وفي (القنية) أقامت بينة أن زوجها المجنون خالعها في صحته وأقام وليه أو هو بعد الإفاقة أنه خالعها في جنونه فبينة المرأة أولى. وفي (كافي الحاكم) قال لها: طلقتك واحدة بألف فقبلت قالت: إنما سألتك ثلاثًا بألف فطلقتني واحدة قيد ثلثها فالقول لها مع اليمين، ولو أقاما بينة فبينة الزوج أولى وكذا لو اختلفا في مقدار الجعل بعد الاتفاق على الخلع أو قالت: اختلعت بغير شيء فالقول قولها والبينة بينة الزوج، وفي (الفصول) ادعى أنه خالعها وهي تنكر كان القول لها والطلاق واقع بإقرار الزوج لأنه أقر بالطلاق ثم ادعى عليها البدل وهي تنكر فكان القول لها، (ويسقط الخلع) في النكاح الصحيح ولو بلفظ البيع والشراء على ما رجحه بعضهم واعتمده العمادي في (فصوله) (والمبارأة) بفتح الهمزة مفاعلة من البراءة وترك الهمز خطأ وهي أن يقول الزوج: برئت من نكاحك بكذا قاله صدر الشريعة وفي (الفتح) هو أن يقول: بارأتك على ألف فتقبل وعبارة القدوري والمبارأة كالخلع. قال في (المختارات): أي: يقع بها الطلاق البائن بدون البينة كما في الخلع والمبارأة أن يبريء كل واحد منهما صاحبه وفي (البزازية) وغيرها نية الطلاق في الخلع والمبارأة شرط للصحة إلا أن المشايخ لم يشترطوه في الخلع لغلبة الاستعمال ولأن الغالب كون الخلع بعد مذاكرة الطلاق فلو كانت البراءة أيضًا كذلك فلا حاجة إلى النية وإن لم تكن كذلك بقيت مشروطة في المبارأة وسائر الكفايات على الأصل، معناه إذا خليا عن ذكر المال وكذا. قال في (الإيضاح): والخلع والمبارأة طلاق بائن بعوض (كل حق) ثابت وقتهما (لكل واحد) من الزوجين (على الآخر مما) أي: من الحق الذي (يتعلق بالنكاح) هذا مقيد بالمهر والنفقة الماضية إذا كانت معروضة أما نفقة العدة والسكني في العدة فلا تقع البراءة منهما، وإن كان من حقوق النكاح بل للمختلعة النفقة والسكنى إلا إذا اختلعت على نفقة العدة فتسقط دون السكنى لأنها حق الشرع إلا إذا أبرأته عن مؤنة السكنى فتصح كذا في (الفتح)، وأنت خبير بأن فيما أشرنا إليه استغناء عن هذا التقييد إذ النفقة والسكنى لم يجىء وقتهما بل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعدهما والمراد بالمهر الواجب بالنكاح الذي وقع الخلع منه حتى لو تزوجها على مهر مسمى ثم طلقها بائنًا ثم تزوجها ثانيًا على مهر آخر فاختلعت منه على مهرها برىء عن الثاني دون الأول، كذا في (الخلاصة) والمتعة كالمهر. قال البزازي: ولو خالعها قبل الدخول ولم يسم مهرًا سقطت المتعة، قيد بالخلع والمبارأة لأن في الطلاق على مال روايتين، وأكثرهم على أنه لا يوجب البراءة عن المهر وهو ظاهر الرواية وعليه الفتوى كذا في (الفصول) وذكر القاضي أنه عندهما كالخلع والصحيح من الروايتين عن الإمام كقولهما بقوله مما يتعلق بالنكاح لأن ما وجب من الدين/ بسبب غير النكاح لا يسقط بالاتفاق على ظاهر الرواية هو الصحيح، وفي (البزازية) اختلعت على أن لا دعوى لكل على صاحبه ثم ادعى أن له عندها كذا من القطن يصح لأن البراءة تختص بحقوق النكاح حتى لو خالعها بين ذلك على أن المراد بالخلع المسقط للحقوق ما كان بلفظ المخالعة. حتى لو قال لها: خلعتك لا يسقط شيء من المهر ويقع به البائن إذا نواه سواء قبلت أم لا كما في (البزازية) أو بارأها قيد به لأنه لو قال: برئت من نكاحك وقع الطلاق وينبغي أن لا يسقط به شيء، بمال متقوم قيد به لأنه لو كان مجهولاً جهالة غير مستدركة كثوب بطلت التسمية وردت ما قبضته من المهر، وكذا لو قالت: على ما في هذا البيت وليس فيه شيء أو على ما يثمر نخلي العام بخلاف ما لو كانت مستدركة كثوب هروي، ولو خالعها على إرضاع ولده ونفقته بعد الفطام عشر سنين صح والجهالة لا تمنع هنا كذا في (البزازية) كان له ما سمت إنما فرض المسألة فيما إذا كان البدل عليها، لأنه لو كان عليه ففيه خلاف قيل: لا يجوز والمختار جوازه بأن يحمل على الاستثناء من المهر. وكأنه قال: الإقرار من المهر فإنه لا يسقط عني فإن لم يكن عليه مهر جعل كأن ذلك المقدر استثني من نفقة العدة فإن زاد عليها جعل كأنه زاد على مهرها ذلك ثم خالعها تصحيحًا للخلع بقدر الإمكان كذا في (البزازية) والذي ذكره غيره الحمل على الاستثناء من المهر أو الزيادة فيه وفيها أيضًا خالعته على مهرها ونفقة عدتها على أن يرد الزوج عليها عشرين دليله ما ذكر في (الأصل) خالعته على دار على أن يرد الزوج عليها ألفًا لا شفعة فيها، وفيه دليل على أن إيجاب بدل الخلع عليه يصح وكذا إذا لم يذكر نفقة العدة في الخلع ويكون تقرير النفقة العدة وهذا من الحسن بمكان، ولم يبق لأحدهما قبل صاحبه دعوى في المهر مقبوضًا أو غير مقبوض قبل الدخول بها أو بعده.

وإن خلع صغيرته بمالها لم يجز عليها، ـــــــــــــــــــــــــــــ اعلم أن قوله: ويسقط الخلع إلى آخره ليس على إطلاقه فإنه لو خالعها على مهرها أو بعضه وكان مقبوضًا ردت ما وقع الخلع عليه، وحاصل وجوه المسألة أن البدل إما أن يكون مسكوتًا عليه أو منفيًا أو مثبتًا على الزوج أو عليها أو على مهرها أو بعضه أو مال آخر وكل من الستة على وجهين إما أن يكون مقبوضًا أو لا وكل من الاثني عشر إما أن يكون قبل الدخول بها أو بعده فإن كان البدل مسكوتًا عنه ففيه روايتان، أصحها براءة كل منهما عن المهر لا غير، فلا يطالب به أحدهما الآخر، وهذا شامل لما إذا قبضت بعضه وبقي عليه بعضه وبه صرح في (المحيط) وإن كان منفيًا كما إذا قال: اخلعي نفسك مني بغير شيء، ففعلت وقبل الزوج صح بغير شيء لأنه صريح في عدم المال ووقوع البائن كذا في (البزازية). قال في (البحر): فلا يبرأ كل منهما عن حق صاحبه وإن كان معينًا على الزوج فقد يزاد عليها على مهرها فإن كانت قبضته ردته ولو شرطته لولدها أو لأجنبي كان للزوج كما في (البزازية)، ولو كانت وهبته لإنسان أو باعته منه رجع بقيمته لو قيميًا وبمثله إن كان مثليًا، ولو خالعته بغير خسران يلحقه فإن برأته عن مهرها وقع الطلاق وإلا لا، لأن ارتفاع الخسران يكون بسلامة المهر له كذا في (البزازية) وهو ظاهر في أن المهر لو كان مقبوضًا ثم ردته وقع الطلاق أو على بعضه فإن كان مقبوضًا رجع بالمسمى فقط إن كان بعد الدخول وإن قبله فنصفه، وإن لم يكن سقط الكل مطلقًا وإن سميا مالاً آخر فقد مر، واعلم أن الخلع لو وقع في نفقة العدة أو الولد ثم مات الولد في أثناء المدة أو تزوجها فإنه يرجع عليها ببقية نفقة العدة وبقية نفقة الولد كما في (القنية) ويستفاد منه أنها لو نشزت وهي في العدة أنه يرجع عليها بالنفقة وموتها أو عدم وجود ولد في بطنها كموت الولد في أثناء المدة كما في (المحيط) فلو ترك الولد وهربت فللزوج أن يأخذ قيمة النفقة منها، ولو خالعته على نفقة عشر سنين وهي معسرة فطالبته بها أجبر عليها وعليه الاعتماد لا على ما أفتى به بعضهم من سقوطها، ولو تزوجت كان للزوج أخذ الولد منها ولو اتفقا على تركه، وينظر إلى مثل إمساك الولد في تلك المدة فيرجع به عليها كذا في (الفتح)، وفي (الخانية) الحيلة في براءتها مع موت الولد أن تقول فإن مات الولد قبل المدة فلا رجوع لي عليك. (و) قياسه أنها لو شرطت براءتها إذا نشزت (إن) يصح الشرط ولو (خلع) الأب (صغيرة بمالها) من صداق أو غيره (لم يجز) خلعه أي: لم ينفذ (عليها) هذا اللفظ وإن احتمل عد وقوع الطلاق بسؤال الأب لكنه/ متعين أن يراد به عدم لزوم المال،

ولو بألف على أنه ضامن طلقت، والألف عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه لا نظر لها فيه مع وقوع الطلاق لا أنه الأصح فإن كان بلفظ الطلاق وقع رجعيًا، وإن بلفظ الخلع وقع بائنًا فلو بلغت وأجازت ما فعله الأب جاز كذا في (الفتح) هذا إذا قبل الأب، فإن قبلت هي وهي تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب وقع اتفاقًا، قيد بالأب لأن الأم لو وقع الخلع بينهما وبين زوج الصغير فإن أضافت البدل إلى مال نفسها أو قبلت تم الخلع كالأجنبي وإن لم تضف ولم تضمن لا رواية فيه والصحيح أنه لا يقع الطلاق بخلاف الأب كذا في (البزازية)، وبالصغيرة لأن الكبيرة لا يلزمها المال بالأولى إلا إذا قبلت وهذا دليل على أن الطلاق واقع قيل: لا يقع هاهنا إلا بإجازتها وقد ذكروا لسقوط المهر والمتعة عن الزوج في الصغيرة حيلاً، منها أن يجعلا بدل الخلع على أجنبي بقدر المهر ثم يجعل به الزوج من له ولاية قبض ذلك منه، ومنها أن يحيل الزوج بالصداق على الأب وهو يملك قبولها إذ المحتال عليه أملى والغالب كونه من الزوج أيسر حتى لو كان مثله ذكر إسحاق (الولوالجية) أنه لا يملك قبولها، ومعنى هذه الحيلة إن بدل الخلع كان على الأب وإلا فالمحتال عليه يرجع بمثل ما أحيل به عليه إذا كانت الحوالة بإذن المحيل، ومنها أن يقر الأب بقبض ذلك ثم يطلقها الزوج بائنًا لكن هذه غير شرعية فيما إذا كان الأب كاذبًا إذ لا يبرأ الزوج بذلك عند الله تعالى ويحرم عليه ذلك وفي (الظهيرية) وكلت الصغيرة بالخلع ففعل الوكيل في رواية يصح ويتم الخلع وفي أخرى لا، إلا إذا ضمن البدل وإن لم يضمن الطلاق ولو قال لصغيرة: إن غبت عنك فأمرك بيدك فطلقي نفسك متى شئت بعد أن تبرئي ذمتي من المهر فوجد الشرط فطلقت نفسها بعد ما أبرأته لا يسقط المهر ويقع الرجعي، (ولو) جعلها أي: الأب (بألف) درهم (على أنه ضامن) لها أو ملتزم لا كفيل لعدم وجوب المال عليها (طلقت و) تجب (الألف عليه) لأن اشتراط بدل الخلع على الأجنبي صحيح فعلى الأب وإنه يملك التصرف في نفسها ومالها أولى، وكذلك لو خلعها على مهرها على أنه ضامن له صح ولا يسقط مهرها لأنه لم يدخل في ولاية الأب، فإذا بلغت تأخذ نصف الصداق قبل الدخول وكله إن كان بعده من الزوج ويرجع هو على الأب الضامن، أو ترجع على الأب ولا يرجع على الزوج ولو كان المهر عينًا أخذته كله من الزوج إن كان بعد الدخول، ونصفه إن كان قبله ويرجع الزوج على الأب الضامن بقيمته كذا في (الفتح). وقوله في (البحر): هذا ليس بصحيح لأن هذا حكم ما لو خالعها على صداقها على أنه ضامن له وكلامنا فيما إذا خالعها على ألف على أنه ضامن لها وفي هذا إذا رجعت على الزوج بمهرها لا يرجع به على أبيها لأنه لم يضمن خطأ فاحش، وأنى

باب الظهار

باب الظهار ـــــــــــــــــــــــــــــ يفهم هذا مع قوله في (فتح القدير) سواء خلعها الأب على مهرها وضمنه أو ألف مثلاً فيجب الألف عليه ثم قال: ولا يسقط مهرها يعني فيما إذا وقع الخلع عليه كما هو ظاهر، وبالجملة فالأولى بالإنسان حفظ اللسان. تتمة: فيها خلع الفضولي وحاصل الأمر فيه أنه إذا خاطب الزوج فإن أضاف البدل إلى نفسه على وجه يفيد ضمانه لو أو ملكه إياه بأن قال: اخلعها بألف علي أو على أني ضامن لها أو على ألفي هذه، أو عبدي هذا ففعل فالخلع تام والبدل عليه فإن استحق لزم قيمته ولا يتوقف على قبول المرأة، وإن أرسله بأن قال: على ألف أو على هذا العبد فإن قبلت المرأة لزمها تسليمه أو قيمته إن عجزت، وإن أضافه إلى غيره بأن قال: على عبد فلان اعتبر قبول فلان ولو خاطبها الزوج أو خاطبته بذلك اعتبر قبولها لأن الخطاب جرى معها فكانت هي الداخلة في العقد، ولا يطالب الوكيل بالخلع بالبدل إلا إذا ضمنه فإن أداه رجع به عليها لأنه يملك الخلع من ماله، ففائدة أمرها به الرجوع عليها بخلاف الوكيل بالنكاح إذا ضمن المهر وأداه فإنه لا يرجع على الزوج إلا إذا كان الضمان بأمره، لأنه لا يملك إنكاحه إلا بأمره، والزيادة في الخلع بعد تمامه باطلة ولو كان تحته أمتان خلعهما سيدهما بعد الدخول على رقبة الصغرى صح في الكبرى وبطل في الصغرى ولو خلع كل منهما على رقبة الأخرى طلقت مجانًا، ولو كان لها ابنا عم هما وارثان تزوجت بأحدهما ودخل بها ثم خلعها بمهرها في مرض موتها ولا مال لها غيره/ وماتت في العدة فالمهر بينهما ولا يعتبر من الثلث إذ لا يصح ذكر البدل في حق الوارث فبقي لفظ الخلع فتبين، ويرثان بالقرابة رزقنا الله قربه والإنابة ومنَّ علينا بمنازل الإنابة. باب الظهار كل من الخلع والظهار يكون عن النشوز غالبًا، وقدم الخلع لأنه أكمل في التحريم إذ هو تحريم يقطع النكاح وهذا مع بقائه، وهو لغة: مصدر ظاهر فأقبل ظهره بظهره وغايظه ونصره وبين ثوبين لبس أحدهما فوق الآخر، ومن امرأته، وأظهر وتظاهر والظاهر وتظهر قال لها: أنت علي كظهر أمي وعدي بمن مع أنه متعد لتضمينه معنى التبعية، لأنه كان طلاقًا ثم في (الكشاف) فالظهر كناية عن البطن لئلا يذكر البطن الذي ذكره يقارب ذكر الفرج، وكنى به عنه لأنه عموده، ووجه آخر وهو أن إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان محرمًا، ظاهر امرأته شبهها بالظهر ثم لم يقنع بذلك حتى جعله كظهر أمه انتهى.

هو: تشبيه المنكوحة بمحرمة عليه على التأبيد ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح) بعدما حكى الوجه الأول: لكن لا يظهر ما هو الصارف عن الحقيقة من النكات، وأنت خبير بأن في كلام (الكشاف) ما يفيد الصارف فلا تكن عنه مصروفًا، (هو تشبيه المنكوحة) مصدر مضاف إلى مفعوله أي: تشبيه الزوج المنكوحة يعني المسلم العاقل ولو حكمًا، البالغ فلا يصح ظهار الذمي والمجنون والصبي والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم، أما السكران فيصح ظهاره وكذا المكره والمخفي والآخرس بإشارته المفهمة ولو بكتابة الناطق أو بشرط الخيار كما في (البدائع) وأراد بالمنكوحة المملوكة بملك النكاح من كل وجه مسلمة أو كتابية صغيرة أو كبيرة مدخولاً بها أو لا عاقلة أو لا، ولو رتقاء فلا يصح الظهار من الأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة والمستسعاة ولا من الأجنبية إلا إذا أضافه إلى سبب الملك كإن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، ولا من المبانة بواحدة أو ثلاثة وسيأتي أن الجزء الشائع أو العضو الذي يعبر به عن الكل كالكل، (بمحرمة) أي: بأنثى محرمة (عليه) أي: المشبه خرج بذلك ما لو شبهها بظهر أبيه. قال في (البدائع): من شرائط الظهار التي ترجع إلى المظاهر به أن يكون من جنس النساء، حتى لو قال لها: أنت على كظهر أبي أو ابني لا يصح الظهار، لأنه إنما عرف بالشرع والشرع إنما هو ورد بها فيما إذا كان المظاهر به امرأة انتهى. وبه عرف الجواب ما في (المحيط) لو شبهها بفرج أبيه وقريبه، ويبنغي أن يكون مظاهرًا إذ فرجهما في الحرمة كفرج أمه واندفع ما في (البحر) من أنهم لو قالوا من محرم صفة شخص المتناول للذكر والأنثى لكان أولى، أخذا ما في (المحيط) وجزم ولم ينقله بحثًا وأنت قد علمته ما هو الواقع، نعم يرد على المصنف ما في (الخانية) أنت علي كالدم والخنزير فالصحيح أنه إن نوى طلاقًا أو ظهارًا فكما نوى وإن لم ينو شيئًا كان إيلاء على التأبيد خرج بذلك ما لو شبهها بأخت زوجته أو بأمتعة الغير وأمواله والمراد تأبد الحرمة باعبتار وصف لا يمكن زواله، لا باعتبار وصف يمكن زواله فإن المجوسية محرمة (على التأبيد) ولو قال: كظهر مجوسية لا يكون ظهارًا ذكره في (الجامع) لأن التأبيد باعتبار دوام الوصف وهو غير لازم لجواز إسلامها بخلاف الأمية والأختية كذا في (الفتح). لكن قال في (البحر): والتحقيق أن حرمة المجوسية ليست مؤبدة لما في (المحيط) إن حرمة المجوسية ليست مؤبدة وكذا المرتدة وعندي أن التحقيق ما في (فتح القدير)، ألا ترى إلى قولهم أن اللعان يوجب حرمة مؤبدة ولو شبهها بامرأته الملاعنة لا يصير مظاهرًا كما في (الجوامع) أيضًا لأن هذا الوصف يمكن زواله بأن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكذب نفسه كما سيأتي فإن قلت: لو ظاهر من امرأته فكفر أو ماتت ثم قال لأخرى: أنت علي مثل هذه كان مظاهرًا مع أن المشبه بها ليست محرمة على التأبيد وكذا لو ظاهر رجل من امرأته فقال لها: أنت علي مثل فلانة قلت: إنما كان مظاهرًا باعتبار تضمن قوله لها أنت علي مثل أمي لأن تشبيهها بمن قبل لها ذلك إنما هو في ذلك، واقتضى كلامه أنها لو قالت له: أنت علي كظهر أمي أو أنا عليك كظهر أمك لا يكون ظهارًا قالوا: ولا يمينًا أيضًا وهو الصحيح وفي (الجوهرة) وعليه الفتوى، بقي أنه لا بد أن يكون المشبه بها لا يكون مظاهرًا نص عليه في (شرح الطحاوي) كذا في (النهاية) لكن هذا قول محمد وقال أبو يوسف: يكون مظاهرًا قيل: وهو قول الإمام قال القاضي والإمام ظهير الدين: وهو الصحيح لكن رجح العمادي قول محمد والخلاف مبني على نفاذ/ حكم الحاكم لو قضى بحلها عند محمد وقال أبو يوسف: لا ينفذ. قال في (الفتح): فظهر أن مبنى ثبوت الخلاف في الظهار وعدمه ليس كون الحرمة المؤبدة مجمعًا عليها أو لا، بدليل بل كونها يسوغ فيها الاجتهاد أو لا، وعدم تسويغ الاجتهاد لوجود الإجماع أو النص الغير المحتمل للتأويل من غير معارضة نص آخر في نظر المجتهد انتهى. على أنك قد علمت ترجيح قول أبي يوسف، وأن الإمام معه وحينئذ فلا حاجة إلى ما زيد في (الدراية)، زنى أبوه بامرأة أو ابنه فشبهها بأمها أو بنتها يصير مظاهرًا عند أبي يوسف ولا ينفذ حكم الحاكم بحلها له، وعند محمد لا يصير مظاهرًا وينفذ حكم الحاكم. قال في (الفتح): وهذا مشكل لأن غاية أم مزنية الأب والابن أن تكون كأم زوجة الأب والابن ولا تحرم أم زوجة الأب ولا أم زوجة الابن على الأب انتهى. وادعى في (البحر) أن التعبير يكون ما في (الدراية) غلط أو سبق قلم أولى من كونه مشكلاً فقط، وكأنه لأن المشكل يمكن الجواب عنه وهذا لا يمكن الجواب عنه وعندي أن الضمير يرجع في شبهها إلى الزاني المستفاد من الزنى وعليه فلا إشكال، إذ الخلاف المذكور إنما هو فيما إذا شبهها بالزاني وإكمال أدب الكمال دعاه إلى محض الإشكال والله الموفق، وفيها أيضًا أنت علي كظهر أختي من لبن الفحل لا يكون مظاهرًا كأن وضع على امرأة لها لبن من زوج له بنت من غير المرضعة فإن الرضيع بعد بلوغه لو شبه زوجته بهذه البنت لا يكون مظاهرًا. قال في (الفتح): كأنهم اتفقوا على تسويغ الاجتهاد فيها أما إن أريد من

حرم عليه الوطء، ودواعيه، بأنت عليَّ كظهر أمي حتى يكفر فلو وطىء قبله استغفر ربه فقط، وعوده عزمه على ... ـــــــــــــــــــــــــــــ أرضعه نس الفحل فلا إشكال لكنه بعيد انتهى، (حرم الوطء ودواعيه) من القبلة والمس والنظر إلى فرجها بشهوة لدخول الدواعي تحت النص الموجب لحرمة الوطء أعني قوله تعالى: {من قبل أن يتماسا} [المجادلة: 3] إذ لا موجب للحمل على المجاز وهو الوطء بل الوطء من أفراد التماس وأما المس بغير شهوة فخارج بالإجماع وكذا النظر إليها أو إلى نحو ظهرها بشهوة وكما يحرم عليه ذلك يحرم عليها أن تمكنه منه كما في (البدائع) وعن محمد للمظاهر تقبيلها إذا قدم من سفر الشفقة كذا في (الدراية)، وما في (البحر) من تقييده بعدم الشهوة فتحريف لأن ذلك لا يخص المسافر، (بأنت علي كظهر أمي) الباء للسببية بيان لركنه وأنت معي ومني وعندي وكأنت علي وكذا أنا منك مظاهر وقد ظاهرت منك فإذا نوى غيره لا يصدق لأنه صريح فيه، ولو حذف علي. قال في (البحر): لم أره وينبغي أن لا يكون مظاهرًا وفيه نظر بل ينبغي أن يكون مظاهرًا فتدبره، وفي (الخانية) أنت علي كظهر أمك كان ظهارًا وسيأتي كناياته، (حتى يكفر) أفاد بالغاية أنه لو طلقها ثلاثًا ثم عادت إليه تعود بالظهار، وكذا لو كانت أمة فاشتراها وانفسخ العقد أو كانت حرة فلحقت بعد ردتها بدار الحرب وسبيت ثم اشتراها لا تحل له ما لم يكفر، قالوا: ولها أن تطالبه بالوطء وعلى القاضي إجباره على التكفير حيث أبي بالحبس، فإن تمرد به إلى أن يكفر زاد في (التاتارخانية) أو يطلق فإن قال: كفرت صدق ما لم يعرف بالكذب، هذا إذا أطلقه أما أذا قيده بوقت كشهر أو سنة سقط الظهار بمضي ذلك الوقت كذا في (النهاية) ولو علقه بمشيئة الله تعالى بطل ولو بمشيئة فلان أو بمشيئتها كان على المشيئة في المجلس كما في (الخانية). (فلو وطىء) المظاهر (قبله) أي: قبل التكفير (استغفر ربه) أي: تاب إلى الله تعالى عما وقع منه من ارتكاب حرمة الوطء (فقط) أي: دون أن تجب عليه كفارة أخرى بالوطء كما نقل عن ابن جبير أو غيره أو ثلاث كفارات كما نقل عن الحسن البصري، أما الاستغفار فلم يعرف فيه حديث، نعم في (الموطأ) قال مالك فيمن يظاهر ثم يمسها قبل أن يكفر: يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر فذلك أحسن ما سمعت، وأما عدم تعدد الكفارة فلرواية الترمذي في المظاهر لو واقع قبل أن يكفر قال: كفارة واحدة، (وعوده) بيان لسبب وجوب الكفارة أي: العود المفاد بقوله تعالى: {ثم يعودون لما قالوا} [المجادلة: 3] هو (عزمه) عزمًا مؤكدًا (على) إباحة

وطئها وبطنها، وفخذها، وفرجها كظهرها، وأخته وعمته وأمه رضاعًا كأمه، ورأسك وفرجك وظهرك ووجهك ورقبتك ونصفك، وثلثك كأنت، وإن نوى بأنت عليَّ مثل أمي برءًا، أو ظهارًا، أو طلاقًا، فكما نوى وإلا لغا، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ (وطئها) أي: يعودون لضد ما قالوا ولتداركه نزل القرآن في منزلة القول، والتقييد بالمؤكد يفيد أنه لو عزم ثم بدا له أن لا يعود لا كفارة عليه لأنها وجبت بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم: لأنه الكفارة بعد سقوطها لا تعود إلا لسبب جديد كذا/ في (البدائع) وبه سقط ما قيل: مجرد العدم لا يصلح سببًا إذ الكفارة لا تتقرر به، نعم يرد على قيل: تتكرر بتكرر السبب وإنما تتكرر بتكرر الظهار لا العزم وأيضًا لو قدمها على العزم، صح ولو كان سببًا لم يصح، وأجيب عن الثاني بأنها إنما وجبت لدفع الحرمة الثابتة فيجوز بعد ثبوتها كما جازت الطهارة قبل إرادة الصلاة مع أنها سببها لأنها رفع الحدث فتجوز بعد وجوده وفيه نظر، وكون العود هو السبب لا ينافي كون الظهار شرطًا، وقيل: الظهار هو السبب والعود شرط وقيل: السبب هما وعليه العامة. (وبطنها) أي: الأم (وفخذها، وفرجها كظهرها) لأن الظهار ليس إلا تشبيه المحللة نكاحًا بالحرمة تأبيدًا وهذا المعنى يتحقق في عضو لا يجوز النظر إليه بخلاف نحو اليد والرجل والجنب لأنه يجوز النظر إليه ولمسه بلا شهوة، وقياس هذا أن تكون ركبتها أيضًا كظهرها إلا أنه في (الخانية) قال: في القياس يكون مظاهرًا ولو قال: فخذك كفخذ أمي لا يكون مظاهرًا انتهى. والوجه فيه ظاهر إذ يشترط في المشبه أن يكون عضواً يعبر به عن الكل، (وأخته) أي: الزوج المظاهر (وعمته وأمه رضاعًا) قيد في الكل (كأمه) نسبًا بيان وإيضاح لقوله لمحرمة عليه على التأبيد، ولو حذف هذه الجملة لكان أولى لأن حرمتهن المؤبدة معلومة من الرضاع المتقدم. (ورأسك) بين بذلك أن تشبيه المنكوحة إما بعضو يعبر به عن الكل، أو بجزء شائع كرأسك (ووجهك وفرجك ورقبتك ونصفك وثلثك) علي كظهر أمي (كأنت) أي: كقوله أنت علي، فخرج ما لا يعبر به عن الكل والجزء المعين وقد مر، (وإن نوى) شروع في كناياته يحتاج إلى النية (بأنت علي مثل أمي) أو كأمي وكذا لو حذف علي كما في (الخانية) (براءًا) أي: من جهة البراء الكرامة (أو ظهارًا أو) نوى (طلاقًا فكما نوى) يعني أنه يستغفر عن نيته لأن اللفظ يحتمل كلاً من هذه المعاني، وفيه إيماء إلى أن الصريح ما كان فيه ذكر العضو وفي نيته الطلاق يقع بائنًا (وإلا) أي: وإن لم ينو شيئًا (لغا) عندهما لأنه يحمل في حق جهة التشبيه فما لم يتبين مراد مخصوص لا يحكم بشيء كذا في (الفتح) وفي (الشرح) لما كانت كاف التشبيه لا

وبأنت علي حرام كأمي ظهارًا، أو طلاقًا فكما نوى وبأنت عليّ حرام كظهر أمي طلاقًا، أو إيلاء فظهار، ولا ظهار إلا من زوجته. فلو نكح امرأة بغير أمرها فظاهر منها، فأجازته بطل أنتن عليّ كظهر أمي ظهارًا أمي ظهارًا منهن، وكفر لكل. ـــــــــــــــــــــــــــــ عموم لها تعين الأدنى يعني الكرامة، وعلى هذا فمعنى كونه لغوًا يعني في حق الظهار والطلاق وقال محمد: يكون ظهارًا لو نوى التحريم لا غير قيل: عند أبي يوسف يكون إيلاء، وعند محمد يكون ظهارًا والأصح أنه ظهار عند الكل، قيد بالمثل لأنه لو قال: أنت أمي لا يكون مظاهرًا وينبغي أن يكره، فقد صرحوا بكراهة قوله لزوجته يا أخية للنهي عن ذلك، ومثله با ابنتي ويا أختي ونحوه، إن نوى (بأنت علي حرام كأمي ظهارًا، أو طلاقًا كما نوى). أما إذا نوى الطلاق فلأن هذا اللفظ من الكنايات وبها يقع فلأنه شبهها في الحرمة بأمه وهو إذا شبهها بظهرها يكون مظاهرًا فبكلها أولى، ولم أر ما لو قامت دلالة الحال على إرادة الطلاق بأن سألته إياه وقالت: نويت الظهار ولم ينو شيئًا كان ظهارًا لأن حرمته دون حرمة الطلاق وجعله الثاني إيلاء والصحيح الأول كذا في (الخانية)، (و) إن نوى (بأنت علي حرام كظهر أمي طلاقًا، أو) نوى (إيلاء فظهار) أي: فهو ظهار عند الإمام إذ الصريح لا تعمل فيه النية وعرف منه أنه يكون ظهارًا فيما إذا لم ينو شيئًا بالأولى وقالا: هو على ما نوى فإن لم ينو شيئًا فظهار، (ولا ظهار) صحيح (إلا من زوجته) ولو أمة مدبرة كانت أو أم ولد فخرجت أمته كذلك ومبانته والأجنبية إلا إذا أضافه على ما مر لأن النص خصه بنسائنا وليست أمته كذلك، وقدمنا أنه لو ظاهر من زوجته الأمة ثم اشتراها بقي الظهار لا باعتبار أنها محل له بقاء فكذا ابتدأ لأن حرمة الظهار إذا صادفت المحل لا تزول إلا بالكفارة. (فلو نكح امرأة بغير أمرها فظاهر منها، فأجازته) أي: النكاح (بطل) الظهار لأنه صادق في التشبيه في ذلك الوقت وإنما لم يتوقف على الإجازة كالنكاح، لأنه ليس من حقوقه وتوقف عتق المشتري من الفضولي، لأنه من حقوق الملك على معنى أنه يثبت له بالملك حق أن يعتق إن شاء ولا يثبت بملك النكاج ذلك بل هو منهي عنه، وإن كان لو قاله نفذ حكمه، ولهذا عرف الجواب عن كون الطلاق/ ليس من حقوقه أيضًا، ولذا صرحوا بأنه لو طلقها ثلاثًا في الموقوف لا تحرم إذ هو محظور في الجملة، (أنتن علي كظهر أمي ظهارًا منهن) بلا خلاف لوجود ركنه وهو التشبيه، ولأنه أضاف الظهار إليهن فكان كإضافة الطلاق ولما احتمل قوله منهن من جميعهن أو من مجموعهن فالمراد الأول أردفه بقوله: (وكفر للكل) أي: لكل واحدة منهن عند عزمه على استباحة وطئها، قيده بالظهار لأنه لو آلى منهن كان عليه كفارة واحدة، والفرق

فصل في الكفارة

فصل في الكفارة وهي: تحرير رقبة ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها في الظهار لرفع الحرمة وهي متعددة بتعددهن وفي الإيلاء لهتك حرمة الله تعالى وهو الواحد، ولو كرر الظهار من واحدة في مجلس أو مجالس تكررت الكفارة عليه إلا إذا نوى التأكيد بالثاني فيصدق قضاء ولو علقه بنكاحها بأن قال: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة كان عليه بكل مرة كفارة كما في (التاتارخانية). فروع أنت علي كظهر أمي في رجب ورمضان وكفر في رجب أجزأه عنهما، ولو ظاهر واستثنى يوم الجمعة مثلاً لم يجز كذا في (الفتح) وفي (التاتارخانية) إذا تزوجتك فأنت طالق ثم قال: إذا تزوجتك فأنت كظهر أمي فتزوجها وقع الطلاق ولا يلزم الظهار عند الإمام وقالا: لزماه جميعًا كذا في (البحر) والمذكور في (الخانية) لزومها جميعًا في هذه الصورة لأنهما يقعان في حالة واحدة وكذا لو قال: إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فأنت طالق فتزوجها لزماه، ولو قال: إذا تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي فتزوجها يقع الطلاق ولا يلزمها الظهار في قول الإمام وقالا: لزماه جميعًا بناء على أن الترتيب في التعليق يوجب الترتيب في النزول عنده وعندهما لا يوجب انتهى والله الموفق للصواب. فصل في الكفارة وهي كما في (القاموس) ما كفر به من نحو صدقة وصوم وقال غيره: هي من كفر الله عنه الذنب وكفر عن يمينه فعل الكفارة، والمراد بها هنا التكفير ولذا قال: (وهي: تحرير رقبة) أي: إعتاقها بنية الكفارة نبه بذلك على أنه لو ورث من يعتق عليه فنوى به الكفارة مقارنًا لموت المورث لم يجزه، وإطلاقه يشمل الكبير ولو شيخًا فانيًا والصغير ولو رضيعًا والمسلم والكافر والمرتدة وفي المرتد خلاف وبالجواز قال الكرخي: كما لو أعتق حلالاً لدم ومن منع قال: إنه بالردة صار حربيًا وصرف الكفارة إليه لا يجوز كذا في (المحيط)، أما العبد الحربي في دار الحرب فلا يجوز كما في (الفتح) وفي (التاتارخانية) هذا إذا لم يخل سبيله فإن خلي سبيله اختلف المشايخ فقيل: يجزئه وقيل: لا يجزئه وعلله في (المحيط) بأنه صرف الكفارة إلى الحربي فلا يجوز كما لو صرف إليه الطعام والكسوة، والصحيح والمريض إلا مريضًا لا يرجى برؤه لأنه ميت حكمًا كما في (التجنيس) ومباح الدم والمديون

ولم يجز الأعمى، ومقطوع اليدين، وإبهاميهما أو الرجلين والمجنون، والمدبر، وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئًا .... ـــــــــــــــــــــــــــــ والمرهون كما في (الجوامع) ولو اختار الغرماء استبقاء المديون، وعن محمد إن مباح الدم لا يجوز ولو عفي عنه والمغصوب إذا وصل إليه كذا في (المحيط) والآبق إذا علمت حياته، واعلم أنه يشترط في هذه الرقبة أن تكون كاملة الرق خالية عن بدل وما يفوت به جنس المتعة ومن ثم قال: (ولم يجز الأعمى) وفيه إيماء إلى جواز الأعور والأعمش والأعشى والأرمد (ومقطوع اليدين) أو أكثرهما وهو ثلاثة أصابع من كل يد غير الإبهامين لأن للأكثر حكم الكل، قيد بذلك لأن مقطوع أحد اليدين أو الرجلين من خلاف جائز بخلاف مقطوع أحد اليدين والرجلين من جهة واحدة فلا يجوز. (أو الإبهامين أو الرجلين) لأن بفوات هذه يفوت جنس المنفعة فيكون هالكًا معنى، ومن ثم لم يجز الأصم الذي لا يسمع شيئًا على المختار ولأنه بمنزلة الأعمى ولا ساقط الأسنان العاجز عن الأكل وجاز مقطوع المذاكير والأذنين وذاهب الحاجبين وشعر اللحية والرأس ومقطوع الأنف والشفتين إذا كان يقدر على الأكل، والعنين والمحبوب والخصي والرتقاء والقرناء (والمجنون) أي: المطبق لأن المنافع كلها في حقه فائتة، أما الذي يجن ويفيق فعتقه في حال إفاقته جائز. (و) لم يجز أيضًا (المدبر وأم الولد) لنقصان الرق فيهما باستحقاقهما الحرية لجهة، أما المكاتب فرقه كامل وإن نقص الملك فيه فجاز عتقه ولا تلازم بينهما لعموم الملك فيه فجاز بثبوته في غير الآدمي فقول السروجي: لو قال: كل مملوك لي حر عتق مدبروه وأمهات أولاده وفيه دليل على كمال الرق فيهما رد بأنهم إنما أعتقوا لاقتضاء التركيب ملكًا تامًا والكلام في مكاتب لا يستحق/ العتق لا بجهة المكاتبة حتى لو كانت أم ولده ثم أعتقها عن الكفارة لم يجز. (و) لم يجز أيضًا عتق (المكاتب الذي أدى شيئًا) من بدل الكتابة في المشهور من الرواية، لأنه عتق ببدل وفي (الاختيار) لو أبرأه عن الكتابة أو وهبه عتق فلو قال: لا أقبل صح عتقه ولم يبرأ من مال الكتابة. قال في (البحر): وعلى هذا فينيبغي أن لا يجزئ عن الكفارة وأقول: يعني لو أبرأه ناويًا بذلك العتق عن الكفارة فإن يراد الإبراء أجزأه عن الكفارة ولو رده لا يجزئه إلا إن صحت بنيته عن الكفارة مع الإبراء يحتاج إلى نقل، وعندي أنها لا تصح لأن نيته إنما اقترنت بالشرط وهو الإبراء المتضمن للاستيفاء فلا يعتبر، ألا ترى أنه لو قال لعبد الغير: إن اشتريتك فأنت حر واشتراه ينوي به عن الكفارة لا يجوز لما قلنا، بخلاف ما لو قال: فأنت حر عن كفارة ظهاري فأبرأه يجزئه عن الكفارة قلت: ولم أر

فإن لم يؤد شيئًا أو اشترى قريبه ناويًا بالشراء الكفارة، أو حرر نصف عبده عن كفارته، ثم حرر باقيه عنها صح، وإن حرر نصف عبد مشترك، وضمن باقيه، أو حرر نصف عبده، ثم وطىء التي ظاهر منها ثم حرر باقيه لا ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ المسألة في كلامهم والذي ينبغي أن يقال: إن لم يقبل الإبراء لا يصح لأنه عتق ببدل وإن قبله صح والله الموفق، ثم المسألة مقيدة بما إذا لم يعجز نفسه فإن عجز بعدما أدى شيئًا فأعتقه جاز وهي الحيلة لجواز عتقه بعد أدائه شيئًا (فإن لم يؤد شيئًا) يعني جاز عتق المولى لما مر من أن الرق فيه كامل، وإذا جاز انفسخت كتابته ضمنًا، ولذا سلمت الأولاد والأكساب له، وقيدنا العتق بكونه من المولى لأنه لو مات فأعتقه الوارث عن كفارته لم يجز إجماعًا والفرق أنه لا ملك بالإرث لعدم قبوله النقل، بخلاف المولى فإن به فيه ملكًا وإن كان ناقصًا، وإنما صح عتق الوارث له ابتداء لتضمنه الإبراء عن بدل الكتابة، (أو اشترى) المظاهر أي: دخل في ملكه بسبب اختياري ولو بهبة أيضًا أو قبول صدقة أو وصية (قريبه)، أي: محرمه (ناويًا) حال من الفاعل (بالشراء الكفارة) جاز أيضًا لأن النية قارنت علة العتق فتصح على ما مر، قيد بالشراء لأنه لو نوى عند موت مورثه إعتاقه عنها لم يجز، وباقتران النية به لأنها لو تأخرت عنه لم يجز أيضًا وفي (الخانية) وكله بأن يشتري أباه ليعتقه بعد شهر عن ظهاره فاشتراه عتق كما اشتراه عن ظهار الأمر انتهى يعني ويلغو قوله بعد شهر لأن فيه تغييرًا للمشروع. (وحرر نصف عبده عن كفارته ثم حرر باقيه عنها، صح) جواب للمسائل والصحة في الثالثة استحسان إذ غاية الأمر أنه أعتق رقبة كاملة لكلامين والنقصان في الباقي من آثار العتق الأول فلا يمنع، قيد بقوله ثم حرر باقيه لأنه لو حرر نصفًا من رقبة أخرى لم يصح وكذا لو كمل بالإطعام عند الإمام وعندهما إنما جاز لأن العتق لما لم ينجز صار متبرعًا بالإطعام كذا في (المحيط)، وفيه لو أعتق عبدين بينه وبين غيره لم يجز عند الكفارة انتهى، وينبغي أنهما لو أعتقاهما معًا عن كفارتهما أن يصح (وإن حرر) المظاهر (نصف عبد مشترك) بينه وبين غيره عن كفارته (وضمن) لشريكه حرر (باقيه) أي: النصف الآخر وأعتقه. (أو حرر نصف عبده، ثم وطىء) المرأة (التي ظاهر منها ثم حرر باقيه قيد)، في المسألتين في الأولى إعتاق النصف الآخر بعد التضمين وإلا فمجرد الضمان لا يكفي لوضع المسألة لم يجز، أما في الأولى فلأن نصيب صاحبه انتقص على ملكه ثم تحول إليه بالضمان ومثله يمنع الكفارة وهذا بناء على تجزؤ العتق عند الإمام، وعندهما لا يتجزأ، فإن كان موسرًا أجزأه (لا) إن كان معسرًا، لأنه عتق ببدل وعلى

فإن لم يجد ما يعتق صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان وأيام منهية، ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا تفرعت الثانية فإن إعتاق النصف الثاني إنما حصل بعد التماس عنده وعندهما قبله لعدم تجزئته، وأورد على قول الإمام بأنه لو كان عتق النصف الثاني مانعًا من الإجزاء لما جاز عتق كامله بعده أيضًا مع أنه يجوز، وأجيب بأنه إنما جاز لأنه قبل المسيس الثاني، وتقرر الإثم بذلك المسيس لعدم وجود شرط حله وهو إعتاق رقبة كاملة (فإن لم يجد) أي: يملك المظاهر (ما يعتق) من رقبة بأن لم يكن في ملكه أو لم يقدر على ثمنها وقت الأداء ولو كانت في ملكه لكنه يحتاج إليها لزمه العتق كما في (التاتارخانية). قال في (الخزانة): بخلاف المسكن وعلى هذا فما في (الحدادي) لو كان له عبد للخدمة لا يجوز له الصوم إلا أن يكون زمنا انتهى يعني العبد هذا هو الموافق لكلام (التاتارخانية) ويحتمل أن يرجع الضمير إلى المولى لكنه يحتاج إلى نقل، وغير خاف فإن الاحتياج شامل لما إذا احتاج إليها لقضاء الدين أيضًا وهو مذكور في (البدائع) أيضًا معللاً بأنه واجد حقيقة/ وأما إذا كان له مال لكن عليه دين فإن أدى الدين أجزأه الصوم فإن لم يؤده فقيل: يجزئه أيضًا وقيل: الابن يشتري رقبة ويعتقها حكاهما في (المحيط) قال: وعن محمد ما يدل على القولين وفيه معسر له دين على الناس أو عبد غائب يجزئه الصوم يريد بالغائب غير المملوك أما إذا كان في ملكه لا يجزئه الصوم، وبالدين ما لم يكن قادرًا على أخذه فإن قدر لا يجزئه أيضًا، وكذا لو تزوجت على عبد من قادر عليه ووجبت عليها كفارة لم يجزها الصوم انتهى. وبه عرف أنه لو كان مال غائب انتظره وإن نقل الرازي ذلك عن أصحاب الشافعي موافق لمذهبنا أيضًا، وفي (المحيط) لا يجوز صومه لأنه صام وهو قادر على التكفير بالمال ويستفاد منه أنه لو كان عليه كفارتا ظهار وفي ملكه رقبة فصام عن أحدهما ثم أعتق عن الأخرى أنه لا يجوز، بخلاف ما لو أعتق أولاً، (صام شهرين) فإن كان صومه بالأهلة أجزأه ولو كانت الأيام ثمانية وخمسين يومًا، وإن بالأيام فلا بد من ستين يومًا (متتابعين) فلو أفطر يومًا منها بعذر سفر أو مرض استقبل بخلاف ما لو أفطرت للحيض في كفارة القتل أو الفطر في رمضان حيث لا تستأنف فتصل قضاءها بعد الحيض لأنها لا تجد شهرين وليس فيهما أيام حيض عادة، وعن هذا روي عن محمد أيضًا لو آيست بعدما حاضت استقبلت كما في (المحيط). وقالوا: إن النفاس يقطع التتابع ولو لم تصل القضاء بعد الحيض استقبلت كما في (البدائع) (ليس فيهما) شهر (رمضان وأيام منهية) يعني يومي العيد وأيام التشريق

وإن وطىء ليلاً، أو يومًا ناسيًا، أو أفطر استأنف الصوم، ولم يجز للعبد إلا الصوم وإن أطعم أو أعتق عنه سيده فإن لم يستطع الصوم ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن التتابع منصوص عليه وهو في سعة من صومهما خاليين عن هذه الأيام فبدخولها ينقطع التتابع، لأن رمضان لم يشرع غيره في حق الصحيح المقيم، والصوم في تلك الأيام منهي عنه فلا يتأدى به الكامل، وكل صوم شرط فيه التتابع كالمنذور والمشروط فيه ذلك معينًا أو مطلقًا فهو كالكفارة وأما الخالي عن اشتراطه كرجب مثلاً فإن التتابع فيه وإن لزم لكنه لا يستقبل لأنه لا يزيد على رمضان كذا في أيمان (فتح القدير). (فإن وطىء) المظاهر (فيهما ليلا) لم يقل كما قال القدوري: عامدًا لأنه لا فرق بين العمد والنسيان كما في (البدائع) والتقييد به اتفاقي للاحتراز عن النسيان كما قد توهم (أو يومًا ناسيًا) قيد بالنسيان لأنه لو جامعها نهارًا عامدًا استأنف اتفاقًا ولم يعف عن وطىء الناسي، كما عفي عنه في الصوم لأنه فيه على خلاف القياس بالحديث وبهذا عرف أن قوله: ناسيًا ليس قيدًا فيهما ولم يقل: نهارًا ليدخل فيه ما بين الفجر إلى طلوع الشمس كذا في (الشرح) وكأنه عنى العرفي وإلا فالشرعي من طلوع الفجر وقد مر في الصوم، (أو أفطر) ولو بعذر سفر (استأنف الصوم) عندهما وخصه الثاني بالإفطار ولما أن الشرط كونه قبل المسيس بالنص وهو مفقود هنا، والخلاف مقيد بوطىء المرأة المظاهر منها أما بوطئ غيرها ناسيًا فلا يستأنف به اتفاقًا كذا في (النهاية)، وقيد بكفارة الظهار لأنه في كفارة القتل لو وطئ ناسيًا لا يستأنف لأن المنع من الوطء فيها لمعنى يختص بالصوم كذا في (الجوهرة). (ولم يجز للعبد) ولو مكاتبًا أو مستسعى (إلا الصوم) المذكور وهو شهران متتابعان، (ولو أعتق عنه المولى أو أطعم) ولو بأمره لم يجز لأنهما يعتمدان الملك ولا أهلية فيه له، إلا في الإحصار فإن إطعام المولى عنه جائز جزم به جنايات (الفتح) وفي (البدائع) نقلاً عن (مختصر) الكرخي أن المولى لا يلزمه ذلك لأن لزومه لحق العبد ولا يجب للعبد على مولاه حق فإذا أعتق وجب عليه وذكر القاضي في (شرح مختصر) الطحاوي أن على المولى ذلك لأنه وجب لبلية ابتلي بها العبد بإذن المولى فصار بمنزلة النفقة وليس للمولى منعه من هذا الصوم لتعلق حق المرأة به بخلاف سائر الكفارات، وإنما لم تتنصف لما فيها من معنى العبادة، واعلم أن المحجور عليه بالسفه بناء على قولهما الراجح يكفر بالصوم لا بالمال فلو أعتق عبده في كفارة الظهار سعى في قيمته ولم يجز عن تكفيره كذا في (خزانة الأكمل) وغيرها. وذكره ابن وهبان في (منظومته) في الحجر (فإن لم يستطع الصوم) لمرض لا

أطعم ستين فقيرًا كالفطرة أو قيمته، فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره، ففعل أجزأه، وتصح الإباحة في الكفارات، والفدية ـــــــــــــــــــــــــــــ يرجي زواله أو لكبر (أطعم ستين مسكينًا) ولو حكمًا فإن كان فيهم من ليس بمراهق/ لم يحز كذا في (البدائع) أي: ملكهم قدرًا (كالفطرة) يعني نصف صاع من بر أو صاعًا من تمر أو شعير ودقيق كل كأصله، وكذا السويق ولو دفع البعض من الحنطة والبعض من الشعير جاز ويكون التشبيه في المصرف على ما مر ودفع قيمته يعني من غير ما نص عليه حتى لو دفع نصف صاع تمر يبلغ قيمة نصف صاع بر أو صاعًا من البر (أو) أقل من نصف صاع بر عن صاع تمر و (قيمته) تبلغه لم يجز لأن العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعناه، ولو لم يعتبر لزم إبطال التقدير المنصوص عليه في كل صنف وهو باطل، وعليه أن يتم للذين أعطاهم ما قدر من ذلك الجنس فإن لم يجدهم استأنف هكذا في (الفتح). وما في (البحر) من أنه أفاد ذلك أعني كونه من غير المنصوص عليه بالعطف ففيه نظر إذ القيمة أعم من قيمة المنصوص عليه أو غيره ولا يجوز في سائر الكفارات أن يعطي الواحد أقل من نصف صاع وفي الفطرة خلاف، وقدمنا أن الجواز جزم به غير واحد وأنه صحيح وعليه فالفرق أن العدد المنصوص عليه في الكفارة بخلاف غيرها وقوله في (البحر): إن هذا الفرق مفرع على القول الضعيف ممنوع. (فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره، ففعل) الغير ذلك (أجزأه)، لأنه طلب منه التمليك معنى ويكون الفقير قابضًا له أولاً ثم لنفسه وهل يرجع؟ إن قال: على أن يرجع علي رجع وإن سكت لم يرجع عند الإمام في ظاهر الرواية، خلافًا للثاني وأجمعوا أنه في الدين يرجع بمجرد الأمر، وفرق في وكالة (السراج) بأنه لو رجع بمجرد الآمر لرجع بأكثر مما أسقط عن ذمة الأمر بدليل أن الوجوب كان من أحكام الآخرة وثبوت الرجوع يقتضي وجوبه في الدنيا والآخرة ولا يجوز أن يرجع بأكثر مما أسقط عن ذمته، أما الدين فحق مضمون في الدنيا والآخرة انتهى، ومقتضاه أنه لا يرجع ولو شرطه وقد علمت أنه يرجع، قيد بالآمر لأنه لو أطعم عنه بلا أمر لم يجز، وبالإطعام لأنه لو أمره بالعتق عن كفارته لم يجز عندهما خلافًا لأبي يوسف، ولو بجعل سماه جاز اتفاقًا وتكفير الوارث بالإطعام جائز وفي كفارة اليمين بالكسوة أيضًا بخلاف الإعتاق، ولذا امتنع تبرعه في كفارة القتل كما في (المحيط) (وتصح الإباحة في) إطعام (الكفارات) أعني كفارة الظهار واليمين والصوم وقول العيني: والقتل سهو. (و) في (الفدية) كفدية الشيخ الفاني عن الصوم والجنايات في الحج ونحوها

دون الصدقات، والعشر والشرط غداءان أو عشاءان مشبعان، أو غداء وعشاء وإن أعطى فقيرًا شهرين صح، ولو في يوم لا إلا عن يومه، ـــــــــــــــــــــــــــــ (دون الصدقات والعشر) لأن المنصوص عليه في الكفارات والفدية الإطعام وهو حقيقة في التمكين وجواز التمليك بدلالة النص، وفي غيرها الإيتاء وهو للتمليك حقيقة (والشرط) في إطعام الإباحة أكلتان مشبعتان (غداءان) تثنية غداء والسحور كالغداء (أو عشاءان) تثنية (مشبعان، أو غداء وعشاء)، لأن المعتبر دفع حاجة اليوم وذلك بالغداء أو العشاء عادة ويقوم قدرهما مقامهما فاكتفى بغدائين أو عشاءين مما يؤكل غالبًا من غير أدام، أما خبز الشعير والذرة فلابد فيهما من الأدام بناء على القول بإجزائهما فيه وإليه مال الكرخي، وجزم به الشارح وغيره معللاً اشتراط الأدام بقوله ليمكنه الاستيفاء إلى الشبع، وعلي هذا فاشتراط الأدام يؤخذ من قوله مشبعان وقيل: بالمنع وأفاد به أيضًا أنه لو كان فيهم شبعان. قال: الشارح أو فطيم لم يجز، وقدمنا عن (البدائع) أنه ما لم يكن مراهقًا لا يجوز، وأنه لا يعتبر في الإباحة كونه نصف صاع ولذا روي عن الإمام في كفارة اليمين أنه لو قدم بين يدي عشرة أربعة أرغفة أو ثلاثة فشبعوا أجزأهم وإن لم يبلغ ذلك نصف صاع، نعم يعتبر ذلك المقدار في التمليك ولو جمع بينهما بأن غدا واحدًا وأعطاه مدًا ففيه روايتان وجزم في (البدائع) بالجواز وكذا لو ثلاثة وأعطاهم قيمة العشاء أو عكسه وفي (الينابيع) لم أطعم مائة وعشرين مسكينًا أكلة واحدة مشبعة لم يجز إلا عن نصف الإطعام وفي (البدائع) لو أوصى بأن يطعم عنه فعد الوصي العدد المنصوص عليه ثم ماتوا قبل العشاء استأنفه انتهى. ولو غابوا انتظرهم فإن لم يجدهم استأنف أيضًا، وهل يجب الانتظار على الوصي؟ لم أر المسألة في كلامهم، وينبغي القول بالوجوب في حقه دون غيره إلى أن يغلب على ظنه عدم وجودهم فيستأنف. (ولو أعطى فقيرًا) واحدًا أي: أعطاه ما يطعم (شهرين صح) لأن المقصود سد خلة الفقير بفتح المعجمة أي: حاجته وهي تتجدد بتجدد الأيام فكان الدفع إليه في اليوم الثاني كالدفع إلى غيره كذا قالوا:/ لكنه إنما يتم بها على أن ستين مسكينًا مراده به الأعم من الستين حقيقة أو حكمًا فستين حاجة أعم من كونها حاجات ستين أو حاجات واحد إذا تحقق تكررها فيكون من عموم المجاز بلا خلاف، أما في التمليك. (و) ملكه (في يوم) واحد بدفعات فقيل: إنه جائز والأصح أنه (لا) يجوز (إلا عن يومه) فقط لانعدام حاجته في ذلك اليوم فإن قلت: لو كسى مسكينًا واحدًا عشرة

ولا يستأنف بوطئها في خلال الإطعام، ولو أطعم عن ظهارين ستين فقيرًا كل فقير صاعًا صح عن واحد، وعن إفطار وظهار صح عنهما، ولو حرر عبدين عن ظهارين، ولو يعين صح عنهما ومثله الصيام والإطعام وإن حرر عنهما رقبة، أو صام شهرين صح عن واحد، وعن ظهار، وقتل لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أثواب في عشرة أيام جاز مع انتفاء حاجته له في اليوم الثاني قلت: تجدد الحاجة إليه تختلف باختلاف أحوال الناس ولا يمكن تعليق الحكم فيه بغير الحاجة فأقيم مضي الزمان مقامها لأنها به تتجدد وأدنى ذلك اليوم وما دونه ساعات لا يمكن ضبطها. (ولا يستأنف) الإطعام (بوطئها) أي: يطأ المظاهر منها (في خلال الإطعام) لأنه تعالى ما شرطه فيه أن يكون قبل المسيس، ومن قواعدنا أنا لا نحمل المطلق على المقيد وإن كانا في حادثة واحدة إلا أن يكونا في حكمين وإنما منع من الوطء قبله منع تحريم لجواز قدرته على العتق والصيام فيقعان بعده كذا قالوا، وفيه نظر فإن القدرة حال قيام العجز بالفقر والكبر والمرض الذي لا يرجى زواله أمر موهوم، وباعتبار الأمور الموهومة لا تثبت الأحكام ابتداء بل تثبت بالاستحباب. (ولو أطعم) المظاهر أي: ملك ما يطعم ناويًا عن كونه (عن ظهارين) لمتحدة أو متعددة (ستين فقيرًا كل فقير صاعًا) من البر (صح عن) ظهار (واحد) عندهما لأنه زاد في قدر الواجب ونقص عن المحل والتعيين مع اتحاد الجنس لغو وقال محمد: يجوز عنهما وعلى هذا الخلاف لو أعطى عشرًا كل واحد صاعًا عن يمينين والخلاف مقيد بما إذا كان دفعة واحدة فإن كان بدفعات جاز اتفاقًا ذكره الشارح وغيره. (و) لو أطعمهم ذلك المقدار ناويًا كونه (عن) كفارة (إفطار وظهار صح عنهما) لاختلاف الجنسين، (أو حرر) أي: عتق (عبدين عن ظهارين، ولم يعين) نية أحدهما (صح) الإعتاق (عنهما وكذا) حكم (الصيام) يعني لو صام أربعة أشهر عن ظهارين ولم يعين، (والإطعام) بأن أطعم مائة وعشرين مسكينًا عن ظهارين ولم يعين صح أيضًا لاتحاد الجنس فلا حاجة إلى التعيين، ولو كان عليه كفارات مختلفة الأجناس أعتق عنها عبيدًا لا يجزئه عن كفارة، ولو نوى بكل واحدة لا بعينها جاز إجماعًا ولا تضر جهالة المكفر عنه كذا في (المحيط). (وإن حرر عنهما) أي: الظهارين (رقبة واحدة، أو صام) عنهما (شهرين صح عن واحد) يعينه المعتق (و) حرر مؤمنة (عن ظهار وقتل لا) أي: لا يجوز عن واحد منهما، قيد بالمؤمنة لأنه لو أعتق كافرة كانت عن الظهار استحسانًا، وإن اختلف الجنس لعدم صلاحيتها للثانية، والأصل أن نية التعيين في الجنس المتحد لغو فبقي

باب اللعان

باب اللعان هي: شهادات ـــــــــــــــــــــــــــــ مطلق النية وحينئذٍ فله أن يعين أيهما شاء مقيدة في المختلفة كما أشرنا إليه وتعرف الأول باتحاد السبب الثاني باختلافه، ولذا كان صوم رمضان من قبيل الأول والصلاة من الثاني وكذا صوم يومين من رمضانين فإذا لم يعرفهما ينوي مما علي من رمضان الأول والثاني ولو نوى ظهرًا أو عصرًا أو صلاة جنازة لم يكن شارعًا في شيء للتنافي بخلاف ما إذا نوى ظهرًا أو نفلاً حيث يقع عن الظهر عند أبي يوسف وهو رواية ترجيحًا للقوي، وعند محمد لا يصير شارعًا أصلاً للتنافي، ولو نوى صوم القضاء والنفل أو الزكاة والتطوع أو الحج المنذور والتطوع كان على الأقوى عند أبي يوسف، وعند محمد عن التطوع لأن النيتين لما لغتا بقي مطلق النية، ولو نوى حجة الإسلام والتطوع كان على حجة الإسلام اتفاقًا أما عند أبي يوسف فللقوة، وأما عند محمد فلما ذكرنا. قال في (الفتح): وقد يعكر على هذا الأصل ما عن أبي يوسف لو تصدق عن يمين وظهار فله أن يجعله عن أحدهما استحسانًا وهو مبني على ما هو الظاهر من أن المراد نية بعض الأفراد في الجنس المتحد لغو لكن قال في (النهاية): أراد به تعميم الجنس في النية ألا ترى أنه إذا عين ظهار أحدهما صح وحل له قربانها للتكفير والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. باب اللعان هو لغة: مصدر لاعن سماعًا والقياس الملاعنة لكن ذكر غير واحد من النحاة أنه قياس أيضًا نعم تنفرد المفاعلة غالبًا بما فاؤه ياء كياسر مياسرة ومن غير الغالب ياومه مياومة ويوامًا حكاهما ابن سيده وهو من: اللعن بمعنى الطرد والإبعاد ورجل/ لعنة بفتح المهملة كثير اللعن وبسكونها لعنه الناس كثيرًا، ولقب الباب به لما فيه من لعن الرجل نفسه في الخامسة من تسمية الشيء باسم جزيه ولم يسم بالغضب وإن كان موجودًا فيه من جانبها لأن لعنه أسبق والسبق من أسباب الترجيح، وشرعًا ما أفاده بقوله (هي) أي: اللعان والتأنيث فيه باعتبار الخبر أعني (شهادات) نبه بذلك على أنهما لو تلاعنا فلم يفرق القاضي بينهما حتى مات أو عزل فإن الثاني يعيده، كما لو شهدا عنده فمات أو عزل فإن الثاني يعيده قبل القضاء وهذا عند أبي يوسف.

مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه، ومقام حد الزنا في حقها، ولو قذف زوجته بالزنا وصَلُحَا شاهدين، ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال محمد: اللعان أيمان فينبني كذا في (الجوهرة) (مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن) هذا ركنه وليس من الأيمان ما يتعدد في جانب المدعى عليه إلا هنا وفي القسامة وشرطه في المتلاعنين أن يكونا زوجين عاقلين بالغين مسلمين ناطقين غير محدودين كذا في (البدائع) زاد في (الجوهرة) وأن يكون النكاح صحيحًا وقد أشار المصنف إليه بما سيأتي من قوله: فلو قذف زوجته بالزنا، وفي القاذف عدم إقامة البينة على دعواه، وفي المقذوف إنكاره، وسببه قذف الزوجة بما يوجب الحد في الأجنبية وحكمه حرمة الوطء بعد التلاعن، وسيأتي بيان أهله، (قائمة مقام حد القذف في حقه) لأن الاستشهاد بالله تعالى مهلك كالحد بل أشد فقام مقامه، ولذا لو قذفها مرارًا كفاه لعان واحد بخلاف ما لو قذف أكثر من واحدة من نسائه بكلمة أو بكلمات حيث يتعدد عليه اللعان ولو كن أجنبيات حد حدًا واحدًا، والفرق أن المقصود وهو دفع العار عن الكل حاصل بواحد، وفي الجمع لم يحصل لتعذر الجمع بين كلمات اللعان، وجاز أن يكون صادقًا في البعض، وظاهر إطلاقه يقتضي عدم قبول شهادته أبدًا، وبه جزم العيني هنا تبعًا لما في (الاختيار). (و) ذكر الشارح في القذف أنها تقبل قائمة (مقام حد الزنا فيحقها) ولذا لم يصح العفو عنه ولا الإبراء والصلح، إذ كل من حد الزنا والقذف لا يحتمل ذلك، والمراد أنه قائم مقام حد القذف في حقه إن كان كاذبًا ومقام حد الزنا في حقها إن كانت كاذبة وهو صادق إليه أشار في (الفتح) (فلو قذف زوجته) الحية بنكاح صحيح ولو في عدة الرجعي لا البائن في دار الإسلام (بالزنا) الكائن في نكاحه أو قبله بأن قال لها: يا زانية أو زنيت، ولو قال لها: يا زانية أنت طالق ثلاثًا فلا حد ولا لعان، ولو قال: أنت طالق ثلاثًا يا زانية وجب الحد كذا في (البدائع) وغيرها ولو حذف التاء اتفق أبو حنيفة وصاحباه على وجوب اللعان والحد في الأجنبية ثم قاس محمد عليه ما لو قال الرجل يا زانية فأوجب الحد، وفرق بأن الترخيم شائع في النداء والخطاب دليل على إرادة التاء والحقيقة مقصورة بخلاف الثاني، وفي كون التاء للمبالغة شك فلا يجب بالشك كذا في (شرح المجمع) للمصنف، قيد بالزنا لأنه لو قذفها بعمل قوم لوط أي: رماها به لم يجب اللعان عند الإمام بناء على عدم وجوب الحد وعندهما يجب بناء على وجوب الحد ذكره في (البدائع). (وصلحا) أي: الزوجان (شاهدان) عند القاضي يعني صلحا لأداء الشهادة فلا لعان بين الكافرين والمملوكين ولا فيما إذا كان أحدهما مملوكًا أو صبيًا أو مجنونًا

وهي ممن يحد قاذفها، أو نفى نسب الولد، وطالبته بموجب القذف وجب اللعان، ـــــــــــــــــــــــــــــ أو محدودًا في قذف، فإن قلت: قد أجروا اللعان بين الأعميين والفاسقين ولا أداء لهما قلت: هما من أهله إلا أنه لا يقبل للفسق ولعدم قدرة الأعمى على التمييز وهو هنا يقدر على أن يفضل بين نفسه، وأيضًا الأعمى من أهل الشهادة فيما يثبت بالتسامع كالموت والنكاح والنسب وهذا الثاني بالتوجيه أنسب، وما في (الشرح) من أن الأعمى أهل لها ولذا ينعقد النكاح بحضوره مدفوع بأن الكلام في أهلية الأداء إلا في أهلية التحمل، (هي) أي: المرأة (ممن يحد قاذفها) حتى لو كانت ممن لا يحد قاذفها بأن دخل بها الزوج في نكاح فاسد أو قال: كان لها ولد ولم يعرف له أب، أو زنت في عمره مرة أو وطئت وطئًا حرامًا ولو مرة بشبهة لم يجز اللعان بينهما، وخصها مع أن هذا شرط في جانب الرجل أيضًا حتى لو كان ممن لا يحد قاذفه فلا لعان بينهما، لأنها لو لم تكن محصنة لا يجب شيء أما قذف الزوج عند عدم إحصانه فموجب للحد لا لعان كذا في (النهاية) ورده الشارح بأنه يوجب اللعان أيضًا إذ غاية الأمر أنه فاسق وقد مر إجراؤه بين الفاسقين وإنما حصنها لتثبت عفتها وهذا لأن/ حد القذف لا يجب إلا إذا كان المقذوف عفيفًا. قال في (الفتح): والحاصل أن المرأة هي المقذوفة دونه فاختصت باشتراط كونها ممن يحد قاذفها بعد اشتراط أهلية الشهادة بخلافه ليس مقذوفًا وهو شاهد فاشترطت أهلية الشهادة دون كونه ممن يحد قاذفه، (أو نفى) الزوج (نسب الولد) منه أو من غيره ورماها بالزنا أولا والتقييد بكونه مولدًا على فراشه في كلام بعضهم اتفاقي، لأنه لو نفى نسب ولدها من غيره عن أبيه المعروف لاعن لكونه أيضًا قاذفًا كما لو نفاه أجنبي، (وطالبته) عند القاضي. نبه بالواو على أن التقادم لا يسقطه ولهذا قلنا: لو تركته ثم طلبته كان لها ذلك إلا أن الأفضل لها عدم المطالبة أصلاً ويستحسن للقاضي أن يدعوها إلى الترك. قال في (البحر): ومراده طلبها إذا كان القذف بصريح الزنا أما بنفي الولد فالطلب حقه أيضًا لاحتياجه إلى نفي من ليس هو ولده عنه (بموجب القذف) الذي أنكرته، ولم يبرهن على ما ادعى أما إذا برهن بأربعة رجال رجمت لو محصنة وإلا جلدت، ولو أقام رجلين أو رجلاً وامرأتين على إقرارها به فلا حد ولا لعان هذا إذا كان مقرًا بالقذف ولو أنكره فطلبت يمينه لا يستحلف، فإن أقامت رجلين أو رجلاً وامرأتين على قوله لاعن ولو صدقته، ولو نفى الولد فلا حد ولا لعان لأن النسب إنما ينقطع حكمًا باللعان ولم يوجد وهو حق الولد فلا يصدقان في إبطاله كذا في (الشرح) وغيره، وبه اندفع ما في (شرح الوقاية) من أن نسب الولد ينتفي (وجب اللعان)

فإن أبى حبس حتى يلاعن، أو يكذب نفسه، فيحد فإن لاعن وجب عليها اللعان فإن أبت حبست حتى تلاعن، أو تصدقه، فإن لم يصلح شاهدًا حد وإن صلح وهي ممن لا يحد قاذفها فلا حد، ولا لعان، ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهما إذ ألحق وجب لها (فإن أبى) امتنع حبس لامتناعه عن أداء ما وجب لها عليه (حتى يلاعن، أو يكذب نفسه، فيحد) لارتفاع سبب اللعان بالتكذيب، وفيه دلالة على أنه لا يحد لمجرد امتناعه خلافًا لمن شد من المشايخ (فإن لاعن وجب عليها اللعان) بعده، ولو أخطأ القاضي فبدأ بالمرأة ينبغي أن يعيده لأنه شهادة والمرأة بشهادتها تقدح في شهادة الزوج فلا يصح إلا بعد وجود شهادته كذا في (البدائع) ولو فرق قبل الإعادة. قال في (الاختيار): جاز لها لأن المقصود تلاعنهما وقد وجد وعلل في (البدائع) المسألة بأن التفرقة صادفت كل الاجتهاد ولأنه يزعم أن اللعان ليس بشهادة بل يمينين ويجوز تقديم أحد اليمينين على الأخرى انتهى، وهذا يؤذن بأن المفرق لو كان ممن يرى أنه شهادة لا ينفذ فتدبره، (فإن أبت حبست حتى تلاعن، أو تصدقه) فيسقط عنها طلبه وما في بعض نسخ (القدوري) فتحد غلط من الناسخ لأن الحد لا يجب بالإقرار فكيف بالتصديق الذي دونه بدليل أنها لو صدقته أربع مرات لا تحد، ولم يذكر ما لو امتنعا منه بعد ثبوته والمذكور في الإسبيجابي أنهما يحبسان وينبغي حمله على ما إذا لم تعف المرأة كذا في (البحر) وعندي في حبسها بعد امتناعه نوع إشكال وهذا لأنه لا يجب عليها إلا بعده فقبله ليس امتناعًا لحق وجب عليها، وكان هذا هو السر في إغفال المصنف وغيره لهذا فتدبره. (فإن لم يصلح) للزوج (شاهدًا) وصلحت لوصف قام به مع بقاء تكليفه بأن كان عبدًا أو محدودًا في قذف أو كافرًا بأن أسلمت ثم قذفها قبل عرض الإسلام عليه بقرينة قوله: (حد) فلا يرد الصبي والمجنون وهذا لأن الحد إنما يقام على المكلف ولما تعذر اللعان لمعنى من جهته صير إلى الموجب الأصلي (وإن صلح) الزوج شاهدًا (و) الحال أنها (هي ممن لا يحد قاذفها) لوصف قام بها، وهو إما عدم تكليفها لصغر أو جنون أو كونها غير عفيفة (فلا حد) عليه (ولا لعان) لعدم أهليتها للشهادة، ولعدم إحصانها وإذا انتفى اللعان لعدم صلاحيتها فلعدم صلاحيتهما أولى، فإن قلت: يرد عليها أنها لو كانت ممن يحد قاذفها بأن كانت عفيفة إلا أنها لا تصلح للشهادة بأن كانت محدودة في قذف فلا حد ولا لعان أيضًا، وكان ينبغي أن يجب الحد لأن امتناع اللعان لعدم شرطه لا يستلزم امتناع الحد كما في جانبه لكن لما لم يكن حكم قذفه إلا اللعان لا الحد فإذا امتنع من جهتها امتنع تمام الموجب بخلاف حكم قذفه

وصفته ما نطق به النص فإن التعنا بانت بتفريق الحاكم، ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنه الحد لا اللعان قلت في كلامه جملة حالية مطوية أي: وإن صلح شاهدًا ولم تصلح وهذا لأن قوله فلو لم تصلح شاهدًا إلى آخره تصريح مفهوم قوله: وصلحا شاهدين، وهي ممن يحد قاذفها احتراز عما إذ لم يصلح وصلحت أو عكسه/ وبهذا عرف أنه لو قال بدل قوله: وهي ممن يحد قاذفها وهي ليست من أهل الشهادة كما في (البحر) لغاية الاحتراز عن قوله وهي ممن يحد قاذفها فإذا تحققت هذا ظهر لك أن الإيراد منشؤه عدم التدبير في كلامه. (وصفته) أي: اللعان يعني كيفيته (ما نطق به النص) أي: نص الشارع فعم الكتاب والسنة، وقد سبق في الطهارة نحوه وبه استغنى عما في (البحر) الظاهر أنه أراد بالصفة الركن يعني الماهية إذ صفته على وجه السنة لم ينطق به النص وهو أن القاضي يقيمهما متقابلين ويقول: التعن فيقول الزوج: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وفي الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في كل مرة، ثم تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وفي الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا، وخصت المرأة بالغضب دون اللعن لأنها تكثره كما جاء في السنة فلا تبالي به والقصد إنما هو التغليظ عليها للحث على اعترافها بالحق والغضب أردع لها، وفي (البقاعي) أنه أبلغ من اللعن لأنه قد يكون بسبب غير الغضب، ولو كان القذف بنفي الولد ذكره أو به وحده اقتصر عليه ولو وجد بينة على صدقه بعد اللعان. قال في (البحر): ينبغي أن لا يقبل لأن القذف أخذ موجبه وكأنها حدت للزنا فلا تحد ثانيًا انتهى. ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يقبل ليترتب عليه حل نكاحها له وقد علل في (الهداية) حل نكاحها فيما إذا كذب نفسه فحد بأنه لما حد لم يبق أهلاً للعان فارتفع بحكمه المنوط به وهو التحريم وهذا يتأتى هنا فإنه إذا ثبت أنها غير عفيفة لم يبق أهلاً للعان فارتفع حكمه فتدبره، (فإن التعنا) ولو أكثر اللعان (بانت بتفريق الحاكم) لا باللعان لخبر الشيخين (أن عويمر العجلاني لاعن امرأته عنده عليه الصلاة والسلام فلما فرغا قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فهي طالق ثلاثًا) ولم ينكر ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم - وإنما وقع الطلاق لبقاء النكاح وعن هذا قلنا: لو آلى منها أو ظاهر صح ولو مات أحدهما ورثه الآخر ولو زالت أهلية اللعان في

وإن قذف بولد نفى نسبه، وألحقه بأمه ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الحالة بما لا يرجى زواله بأن كذب نفسه أو قذف أحدهما إنسانًا فحد أو خرس أحدهما أو وطئت وطئًا حرامًا ولم يفرق بينهما، بخلاف ما لو جن أحدهما حيث يفرق لأنه يرجى زواله ولو تلاعنا فغاب أحدهما أو وكل بالتفريق يفرق كذا في (التاتارخانية) وهو ظاهر في أنه إذا لم يوكل ينتظر، قيدنا بذلك بأكثر اللعان لأنه لو فرق بعد التعانهما مرتين لا تقع الفرقة ذكره الإسبيجابي فما في (التتارخانية) لو فرق بينهما بعد التعان الزوج قبل التعان المرأة نفذ حكمه لكونه مجتهدًا فيه مشكل، ويمكن أن يقال: بأنه قضى في الثاني في فصل مجتهد فيه فينفذ لأن الشافعي قائل بوقوع الفرقة بلعان الزوج فقط بخلافه في الأول، وعلى هذا فيجب أن يقيد القاضي بالمجتهد وأشار بقوله: بتفريق الحاكم إلى أنه غير متوقف على رضاهما، واعلم أن النكاح وإن كان باقيًا قبله إلا أنه يحرم عليه وطؤها لخبر (المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا) كذا في (الفتح). (وإن قذف) الزوج (بولد نفى) القاضي (نسبه) عن أبيه (وألحقه بأمه) هذا غير لازم في النفي وإنما خرج مخرج التأكد كما في (النهاية) وظاهر صنيعه يعطي أنه يفرق ويقول: قد ألزمته أمه وأخرجته من نسب الأب كذا عن الثاني لأنه ينقل عنه فلا بد من ذكره، وإن التفريق غيركاف في النفي. قال في (النهاية) عن (المبسوط): وهذا صحيح إذ ليس من ضرورة التفريق نفي النسب وفي ابن الملك وهو الصحيح ولابد أن يكون العلوق في حال يجري بينهما اللعان حتى لو علقت وهي كافرة أو أمة ثم عتقت وأسلمت فنفي نسب ولدها لا ينتفي لأنه لا تلاعن ولابد أيضًا أن يكون النكاح صحيحًا كما مر والمصنف استغنى عن هذا الشرط بذكره النفي بعد اللعان وحيث لا لعان فكيف يتصور النفي، وسيأتي بيان شرائط صحة النفي ثم إذا قطعه بقي في سائر الأحكام من الزكاة والشهادة والقصاص وعدم صحة دعوى غيره له إلا في حق النفقة والإرث كما في (التتارخانية) وزاد في (البحر) كون النكاح صحيحًا وكونه في حال يجري التلاعن بينهما كما قدمناه والحق ما أسلفناه/ من أن هذا من شرائط اللعان لا من شرائط النفي. فائدة: يقال: إن الإمام محمد بن حبيب كان ولد ملاعنة ومن ثم قيل: إنه اسم أمه وأنه غير منصرف وقيل: هو اسم أبيه والأكثرون على الأول وكان بغداديًا عالمًا

فإن أكذب نفسه حد، وله أن ينكحها وكذا إن قذف غيرها فحد أو زنت فحدت، ولا لعان بقذف الأخرس، ولا ينفي الحمل ـــــــــــــــــــــــــــــ بالنسب وأخبار العرب مكثرًا من رواية اللغة موثوقًا به في روايته توفي في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائتين قاله الدماميني في (حواشي المغني). قال في (فتح القدير) - في كتاب الشهادات بعدما أثنى على الدماميني-: ودمامين بالنون بلدة بالصعيد: (فإن أكذب نفسه) صريحًا بأن اعترف بذلك أو قامت عليه بينة بذلك أو دلالة بأن مات الولد المنفي عن مال فادعى نسبه (حد) لإقراره بوجوب الحد عليه، وهذا إذا كان بعد اللعان كما اقتضاه كلامه ليس القذف الأول لأنه أخذ موجبه بل لأنه نسبها في كلمات اللعان إلى الزنا، وهو شهادة وشهود الزنا إذا رجعوا يحدون، ولو كان المنفي ترك ولدًا يثبت نسبه من الأب وورثه لاحتياجه إلى النسب ولو ترك بنتًا ولها ابن فأكذب الملاعن نفسه ثبت نسبه أيضًا عند الإمام خلافًا لهما وقيل: الخلاف على العكس، له أن الابن يصير بانتفاء نسب أمه كأبيه فهو محتاج إلى ثبوت نسبها كذا في (الفتح). (وله أن ينكحها) سواء حد أو لا وكذا إذا صدقته كذا في (البحر) وهذا عندهما وقال الثاني: ليس له ذلك لما روينا، ولهما أن الإكذاب رجوع والشهادة بعد الرجوع لا حكم لها في حق الراجع فيرتفع اللعان لئلا يجتمع الحد واللعان كذا في (الشرح) وهذا إنما يتم بتقدير أن يكون الحد بعد الإكذاب للقذف الأول لا ما إذا كان لما تضمنه كلمات اللعان من الرمي بالزنا كما قدمناه، وخبر: (المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا) لا يمكن إجراؤه على حقيقته لأنهما كما فرغا منه زالت الحقيقة فلم يبق إلا من بينهما تلاعن حكمًا وبالإكذاب انتهى. الحكم أيضًا، وفيه نظر لم لا يجوز أن يراد من وجد بينهما تلاعن في الخارج وارتفاع الحكم لا يوجب ارتفاع هذا. (وكذا) له أن ينكحها (إذا قذف غيرها فحد) لخروج القاذف بعد الحد عن أهلية اللعان، (أو زنت) بتشديد النون نسبت غيرها للزنا فيكون قوله: (فحدت) قيدًا معتبر المفهوم بخلافه على التخفيف إذ لا يشترط في حل نكاحها بعدما زنت أن تحد سواء زنت قبل الدخول أو بعده بل ولا أن يكون موجبًا للحد حتى لو وطئت بشبهة كان له ذلك كما ذكره الإسبيجابي وأيضًا حدها بعد الدخول الرجم فلا يتصور حلها للزوج وبه يصير المؤلف مستوفيًا لقذفه وقذفها، (ولا لعان بقذف الأخرس) زوجته الناظقة لتعذر الركن منه وهو التلفظ بالشهادة وكذا لا تلاعن بالكتابة ولا بقذف الناظق الخرساء لاحتمال تصديقها إياه لو كانت ناطقة، (ولا) لعان أيضًا (بنفي الحمل) عند الإمام وقالا: يجب وقت الوضع إذا تحقق وجوده بأن وضعته لأقل من

فرع

وتلاعنا بزنيت، وهذا الحمل منه، ولم ينف الحمل، ولو نفى الولد عنه التهنئة، وابتياع آلة الولادة صح وبعدها لا، ولاعن فيهما وإن نفى أول التوءمين، وأقر بالثاني حد، وإن عكس لاعن، ويثبت نسبهما فيهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ ستة أشهر من وقت القذف، وله أنه مع التيقن بقيامه فيه تعليق القذف بالشرط ولذا قلنا: يصح عتق الحمل لصحة تعليقه بالشرط وأما رد المبيعة بعيب الحبل فلظهوره وكونه ريحًا شبهة والرد به يثبت معها (وتلاعنا بزنيت) أي: بقوله: زنيت (وهذا الحمل منه) أي: من الزنا للقذف الصريح (ولم ينف) القاضي (الحمل) لعدم ترتب الأحكام عليه قبل ولادته، ونفيه عليه الصلاة والسلام ولد هلال وقد قذف زوجته حاملاً لعلمه به بالوحي. (ولو نفى) الزوج (الولد عند التهنئة) بالهمز من هنأته بالولد بالتثقيل والهمز مشروع في شرائط صحة النفي، وبقي منها أن يكون المنفي حيًا نص عليه في (البدائع) ولم يقدر لمدتها مقدار في ظاهر الرواية بل ما جرت العادة وعن الإمام تقديره بثلاثة أيام وفي رواية الحسن بسبعة وضعفه السرخسي بأن نصب المقادير بالرأي لا يجوز. (وابتياع) أي: شراء (آلة الولادة) كالمهد ونحوه قاله العيني والأولى أن يفسر بالكرسي التي تولد عليه المرأة ونحوه، كشراء ما يشتريه حال ولادتها هذا هو آلة الولادة/ (صح) نفيه ولو غائبًا اعتبرت المدة التي ذكرناها على الأصلين (لا) يصح (بعده) لأن تقادم العهد دليل التزام وعندهما تعتبر مدة النفاس لأنها أثر القياس، ودل كلامه أنه لو أقر به صحيحًا أو دلالة بأن قبل التهنئة/ أو سكت عندها ثم نفاه لا يصح، (ولاعن) الزوج (فيهما) لوجود القذف منه (وإن نفى أول التوءمين، وأقر الثاني حد) لأنه أكذب نفسه بدعوى الثاني، وعلى هذا لو كانوا ثلاثة أقر بالأول والثالث ونفى الثاني، ولو قال بعد ذلك هما أبنائي أو ليسا أبنائي فلا حد عليه كذا في (الفتح). (وإن عكس) بأن أقر بالأول ونفى الثاني (لاعن) لأنه قاذف بنفي الثاني مصر عليه (ويثبت نسبهما فيهما) أي: في الصورتين لأنهما خلقا من ماء واحد وثبوت النسب الذي أقر به ثبوت نسب الآخر. فرع نفى نسب التوءمين ثم مات أحدهما عن أخيه المنفي وأخ لأمه وأمه فالإرث أثلاثًا فرضًا وردا للأم السدس وللأخوين الثلث والنصف الباقي يرد عليهم كذا في (شرح التلخيص) وبه عرف أن نفيه يخرجه عن كونه عصبة والله الموفق للصواب بمنه وكرمه.

باب العنين وغيره

باب العنين وغيره هو: من لا يصل إلى النساء، أو يصل إلى الثيب دون الأبكار، وجدت زوجها مجبوبًا فرق في الحال ـــــــــــــــــــــــــــــ باب العنين وغيره من المجبوب شروع في بيان من به مرض تعلق بالنكاح يقال: رجل عنين لا يقدر على إتيان النساء ولا يشتهي، سمي بذلك لأن ذكره يعن بقبل المرأة يمينًا وشمالاً أي: يعترض إذا أراد الإيلاج وامرأة عنينة لا تشتهي الرجال والفقهاء يقولون: به عنة، وفي كلام الجوهري ما يشبهه ولم أجده لغيره والمشهور بين التعنن كذا في (المصباح) وجمعه عنين فعيل بمعنى مفعول (هو من لا يصل) أي: من لا يقدر أن يصل (إلى النساء) أي: إلى جماعهن في القبل مع قيام الآلة لآفة أصلية أو لمرض أو ضعف أو كبر سن أو سحر (أو يصل إلى الثيب دون البكر) أو إلى بعض النساء الثيبات دون البعض انتصبت آلته أو لا، وليس منه من قصرت آلته بحيث لا يمكن إدخالها داخل الفرج كما في (المحيط). وفي (المعراج) لو أولج الحشفة فقط فليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر ولو أنزل قبل أن يخالطها ثم لم تنتشر آلته بعد فهو عنين، قيدنا بالقبل لأنه لو قدر على إدخاله في الدبر فقط كان عنينًا خلافًا لأبي عقيل فإنه يقول الدبر أشد من القبل كذا في (المعراج). (وجدت) الحرة البالغة الخالية عن الرتق ولو مجنونة (زوجها) ولو مريضًا أو صغيرًا أو مجنونًا (مجبوبًا) أي: مقطوع الذكر والخصيتين يقال جببته جبًا من باب قتل قطعته ولم يذكروا مقطوع الذكر فقط والظاهر أنه يعطى هذا الحكم أيضًا (فرق للحال)، إذ لا فائدة في التأخير لكن بطلبها إذ لا يقيد كونه على الفور حتى لو أقامت معه زمانًا وهو يضاجعها كانت على خيارها ما لم تعلم بحاله وقت العقد أو علمت ولم ترض، ولو أقام الولي بينة على رضاها بجبه أو عنته أو علمها بحاله عند العقد لم يفرق، ولو طلب يمينها على ذلك حلفت فإن نكلت لم يفرق، وفي قوله: وجدت إيماء إلى أنه لو جب بعدما وصل إليها لا خيار، وفي (التتارخانية) لو لم تعلم بحاله حتى جاءت بولد فادعاه وأثبت القاضي نسبه منه ثم علمت به وطلبت التفريق كان لها ذلك انتهى، وعلى هذا قالوا لو جاءت بولد بعد التفريق إلى سنتين ثبت نسبه منه ولا يبطل التفريق، وفي العنين يبطل ونظر فيه الشارح بأنه بالتفريق في العنين وقع

وأجل سنة لو عنينًا، أو خصيًا ـــــــــــــــــــــــــــــ البائن فكيف يبطل، ألا ترى أنها لو أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها لا يبطل، وجوابه أنه بثبوت النسب في العنين ثبت أنه ليس بعنين بخلاف المجبوب فإن ثبوت النسب منه باعتبار إنزاله بالسحق وهذا لا ينافي كونه مجبوبًا، وإنما لم يقبل إقرارها لتناقضها مع احتمال كذبها، وفي (الخانية) لو شهد شاهدان على إقراراها قبل التفريق بأنه وصل إليها بطل التفريق، قيدنا بالحرة لأن الخيار في الأمة إنما هو للمولى عند الإمام وقال الثاني: لها ومحمد قيل: مع الإمام وقيل: مع الثاني كذا في (الخانية)، وبالبالغة لأن الصغيرة ينتظر بلوغها لجواز رضاها به بعد وبالخالية عن الرتق لأن الرتقاء لا خيار لها كما في (الخانية) والخصم فيما إذا كان أحدهما مجنونًا وليه فإن لم يكن نصب القاضي من يخاصم ولو كان يجن ويفيق هل تنتظر إفاقته لم أر المسألة والذي ينبغي أن يقال: إن كان هو الزوج لا ينتظر وفي الزوجة ينتظر لجواز رضاها به إذا هي أفاقت، كما لو كانت غير بالغة ويثبت كونه مجبوبًا بالمس من وراء الثياب فإن لم يمكن إلا بالنظر أمر القاضي أمينًا لينظر إليه ويخبر كذا في (الخانية). (وأجل) أي: أجل القاضي الزوج (سنة) قمرية بالأهلة في ظاهر الرواية ورجحه في (الواقعات) أو شمسية بالأيام على ما عليه الفتوى كما في (الخلاصة) وهي تزيد على القمرية أحد عشر يومًا وقيل عشرة أيام وربع عشر يوم تقريبًا/ ولا خلاف في الاعتبار بالأيام فيما إذا كان التأجيل في أثناء الشهر كما في (المجتبى) ودل كلامه على أن تأجيل غير القاضي لا عبرة فيه، وأطلق الزوج فشمل المجنون والمعتوه إلا أن يكون مريضًا فيؤخر تأجيله إلى صحته مطلقًا على المفتى به، أو صغيرًا فينتظر بلوغه فإن بلغ أربعة عشر سنة ولم يصل إليها ووصل إلى غيرها يؤجل كما في (الخانية)، أو محرمًا فبعد الإحرام ولو مظاهرًا لا يقدر على الإعتاق أمهله القاضي شهرين ثم أجله، ولو ظاهر بعد التأجيل لا يلتفت إليه وتحسب المدة عليه وتحسب منها أيام حيضها ورمضان وحجه وغيبته وكذا مرضه ومرضها وعليه فتوى المشايخ كذا في (غاية البيان) وعن محمد هذا فيما دون الشهر أما الشهر التام فلا. وفي (الخانية) وهو أصح الأقاويل ولا يحسب منها حجها وغيبتها وحبسها وامتناعها عن المجيء إلى السجن بعد أن يكون فيه موضع خلوة ولو على مهرها (لو) كان عنينًا لأنه بعد السنة تبين أن العجز أصلي فيه، (أو) كان (خصيًا) بفتح الخاء فقيل: بمعنى مفعول تقول: خصيت العبد أخصيه خصيًا بالمد والكسر سللت خصيته، والفرس قطعت ذكره فهو مخصي، ويجوز استعمال فعيل ومفعول فيهما ولا بد أن لا ينتشر ذكره فلو انتشر فليس به كما في (المحيط)، وعلى هذا فعطفه عليه

فإن وطىء، وإلا بانت بالتفريق إن طلبت فلو قال: وطئت، وأنكرت وقلن: بكر خيرت، وإن كانت ثيبًا صدق .... ـــــــــــــــــــــــــــــ من عطف الخاص على العام لخفائه وإن كان بأو ولأن الفقهاء يتسامحون في ذلك، ولو قال الشيخ الكبير: لا أرجو الوصول إليها أو كان خنثى يبول مبال الرجال أجل أيضًا، وفي كلامه إيماء إلى دفع ما عن الهندواني من أنه يؤتى بطشت فيه ماء بارد فيجلس فيه العنين فإن تقلص ذكره أو تروى علم أنه لا عنة به وإلا علم أنه عنين، إذ لو اعتبر هذا لزم أن لا يؤجل. (فإن وطىء) مدة واحدة في المدة بطل التأجيل لاستيفائها حقها بمرة وما زاد فهو مستحق عليه ديانة، ولذا يأثم إذا تركها متعننًا مع القدرة وعليه فالأمة مع احتياجها إليه ينبغي أن لا يأثم كذا في (النهاية) (وإلا) أي: وإن لم يطأ بإقراره (بانت) منه أي: طلقت طلقة بائنة (بالتفريق) أي: بتفريق القاضي بينهما عند امتناعه عن تطليقها لأنه وجب عليه التسريح بالإحسان حين عجز عن الإمساك بالمعروف فإذا امتنع كان ظالمًا فناب عنه، وأضيف فعله إليه وقيل: يكفي اختيارها نفسها ولا يحتاج إلى القضاء كخيار العتق قيل: وهذا الأصح كذا في (غاية البيان) وجعل في (المجمع) الأول قول الإمام والثاني قولهما فظاهر أن قوله: تطليقه إياها لا يقال: فيه تفريق فقول العيني أي: تفريق الزوج أو القاضي فيه مؤاخذة ظاهرة، (إن طلبت) المرأة قيد في الأفعال كلها أعني فرق وأجل وبانت لا بقيد كونه على الفور أيضًا حتى لو وجدته عنينًا ومضت مدة من غير أن تخاصم أو مضت مدة الأجل ولم تخاصمه كذلك لا يبطل حقها. (فلو قال) الزوج يعني بعد السنة دل على ذلك الإتيان بالغًا: (وطئت، وأنكرت) المرأة ذلك نظر إليها النساء، فإذا فعلن (وقلن) إنها (بكر خيرت) للحال بين الإقامة والفرقة في مجلسها، فإن اختارت نفسها أمره القاضي بالتطليق فإن أبى فرق بينهما والواحدة تكفي وشرط الحاكم عدالتها والاثنان أحوط في بعض الكتب أفضل وعلى هذا فقوله قلن بناء على ما هو الأولى، غاية الأمر أنه أطلق الجمع على المثنى وطريق معرفة أنها بكر أن تدفع يعني المرأة في فرجها أصغر بيضة للدجاج فإن دخلت من غير عنف فهي ثيب وإلا فبكر، أو تكسر وتسكب في فرجها فإن دخل فثيب وإلا فبكر، وقيل: إن أمكنها تبول على الجدار فبكر وإلا فثيب، وظاهر كلامه أنها لا تستحلف، ولم أر ما لو رجعت الواحدة عن الشهادة أو الاثنتان بعد التفريق هل يضمنان نصف المهر كشهود الطلاق قبل الدخول أو مقتضى كونه إخبارًا حتى اكتفى فيه بالواحدة عدم الضمان، (وإن كانت ثيبًا) يعني بأن قلنا: إنها ثيب (صدق)

بحلفه، وإن اختارته بطل حقها ولم يخير أحدهما بعيب. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزوج (بحلفه) إذ ليس من ضرورة ثبوت الثيابة الوصول إليها لجواز زوالها بغيره فيحلف، بخلاف البكارة وفيه إيماء إلى إلغاء قولهن ولذا لو كانت الثيابة فيها أصلية قبل قوله بيمينه. وقال الشارح: هذا كله في الانتهاء وسكت المصنف عن كيفية ثبوت العنة للتأجيل ابتداء ولابد منه أيضًا وأجاب في (البحر) بأن قوله فلو قال: وطأت حينئذ شامل لما إذا اختلف في الابتداء/ والانتهاء، وقوله: خيرت أي: في التأجيل أو التفريق وقوله: وإن كانت ثيبًا صدق شامل لهما أيضًا، وأنت خبير بأن الإتيان بإلغاء بعد قوله وأجله حينئذ ينبو عنه كما أشرنا إليه وكأن المصنف استغنى بذكر الانتهاء عن الابتداء لاتحاد الحال فيهما ولو امتنع عن الحلف وقد وطئها فرق القاضي بينهما ولا يسعها أن تتزوج بآخر ولا يسعه أيضًا أن يتزوج بأختها كذا في (المحيط). (وإن اختارته) ولو دلالة بأن وجد منها ما يدل على الإعراض بأن قامت من مجلسها أو أقامها أعوان القاضي أو قام القاضي عن مجلسه كما في (الخانية) (بطل خيارها) لأن المخير بين شيئين ليس له أن يختار إلا أحدهما وفي كلامه إيماء إلى أنه لو فرق بينهما ثم تزوجته فلا خيار لها كما لو تزوجته عالمة بحاله على ما عليه الفتوى. واختلفت الروايات فيما لو تزوج بأخرى عالمة بحاله وذكر في الأصل أنه لا خيار لها وبه يفتى، وذكر الخصاف: أن لها الخيار لأن العجز عن الأولى لا يدل عن العجز عن غيرها، قال في (الخانية): وهو الصحيح (ولم يخبر أحد الزوجين بعيب) في الآخر سواء كان عيبًا يخل الجماع كالقرن والرتق أو يعافه الطبع كالجنون والبرص والجذام وهذا عندهما، وقال محمد: لها الخيار وإذا كان في الزوج واحد من الثلاثة الأخيرة وقيده في الحقائق بما إذا كانت بحال لا تطيق المقام معه ولنا أن نقول: فوت الاستيفاء أصلاً بالموت لا يوجب الفسخ فإحلاله بهذه العيوب أولى كذا في (الهداية)، وتعقب بأن النكاح يوقت بحياتهما يعني وإنما لا يوجبه لعدم قبوله إياه أما مع هذه العيوب فيقبله ولم أر من أجاب عنه من الشارحين وأجاب في (البحر) بجوابين: الأول: أن النكاح بالموت ينتهي لا أنه ينفسخ، والشيء بانتهائه لا ينفسخ والثاني: وهو الأحسن أنه على حذف مضاف أي لا يوجب خيار الفسخ حتى لا يسقط به شيء من مهرها. وأقول: كل من الجوابين غير مانع في دفع هذا الإيراد لمن تأمل والذي ينبغي أن يقال أراه إن فوت الاستيفاء أصلاً بالموت يعني قبل التسليم لا يوجب فسخ

باب العدة

باب العدة هي: تربص يلزم المرأة ـــــــــــــــــــــــــــــ النكاح قبل الموت مع أنا عهدنا ذلك شرعًا في البيع فعلمنا أن اختلاله بهذه العيوب أولى أن لا يوجبه وهذا لأنه قبل التسليم هو الذي يفوت به الاستيفاء أصلاً لا بعده وبهذا يظهر المراد ويندفع الإيراد والله الموفق. والقرن: بفتح القاف وسكون الراء كما في (النهاية) وقيل بفتحها في الفرج غدة غليظة أو عظم يمنع سلوك الذكر، والرتق: بفتح التاء الالتحام جمع رتقة ومصدر قولك امرأة رتقاء وفي كراهية القنية له شق الرتق من أمته المشتراة وإن تألمت وقالوا في وجه عدم رد الزوجة بعيب الرتق لإمكان شقه بقي هل يشق جبرًا عليها، قال في (البحر): لم أره، أقول: ينبغي أن تجبر عليه لأن التسليم الواجب عليها لا يمكن بدونه. باب العدة ذكرها بعد الفراق من النكاح لترتبها في الوجود عليه وهي بكسر العين. قال الجوهري: عدة المرأة إقرائها انتهى، وقيل: تربصها المدة الواجبة وبالضم الاستعداد للأمر وما أعددت لحوادث الدهر من مال وسلاح وعرفًا أفاده بقوله: (هي تربص يلزم المرأة)، أي: انتظار انقضاء مدة بالتزوج فحقيقته ترك لزم شرعًا للتزوج والزينة. قالوا: ركنها وحرمان تثبت عند الفرقة وعند الشافعي الكف عنها، وينبغي على الخلاف تداخل العدتين عندنا لا عنده. قال في (الفتح): فعلى هذا ينبغي أن يقال هي لزوم التربص لأنه فعلها والحرمات أحكام الله فلا يكون نفسه وهذا التقرير غير محتاج إليه في كلام المصنف مع قوله يلزم المرأة كما توهمه في (البحر) إذ لا معنى لوصف التربص باللزوم مع إضافته إليها نعم. قال في (الحواشي السعدية): إذا كان ركنها الحرمات أي حرمة التزوج والخروج فيكون التعريف بالتربص على هذا تعريف باللازم خص المرأة باللزوم بناء على أن العدة اصطلاحًا تختص بتربصها لا بتربصه، وإن كان هو في العدة أيضًا لأن وجوب الانتظار بالتزوج يشمله وقد حصر مواضع وجوبها عليه في (الخزانة) في عشرين موضعًا حاصلها يرجع إلى أن من امتنع نكاحها عليه لمانع لابد من زواله كنكاح أختها وأربع سواها وعرفها في (البدائع) بالأجل المضروب لانقضاء ما بقي

عند زوال النكاح، أو شبهته عدة الحرة للطلاق، أو الفسخ ثلاثة أقراء ـــــــــــــــــــــــــــــ من آثار النكاح وهو شامل/ لعدة الصغيرة بخلاف تعريف المصنف وإن مسماها الحرمات فإنه لا يشملها أيضًا وأكثر المشايخ لا يطلقون لفظ الوجوب عليها بل يقولون تعتد والوجوب إنما هو على الولي بأن لا يزوجها حتى تنقضي العدة. قال شمس الأئمة: مع أنها مجرد مضي المدة فثبوتها في حقها لا يؤدي إلى توجيه خطاب الشرع عليها فإن قلت كون مسماها المدة لا يستلزم انتفاء خطاب الولي أن لا يزوجها قلت: إذا كان كذلك فالثابت فيها عدم صحة التزوج لا خطاب أحد بل وضع الشارع عدم صحة التزوج لو فعل (عند زوال النكاح) المتأكد بالدخول أو ما يقوم مقامه من الخلوة والموت قال في (البحر): ولم أر ما لو أدخلت منيه في فرجها من غير إيلاج في قبلها والمذكور في كتب الشافعية وجوبها ولا يبعد أن يحكم على أهل المذهب به لاحتياجها منه إلى تعرف براءة الرحم انتهى. وأقول: ينبغي أن يقال إن ظهر حملها كان عدتها وضع الحمل وإلا فلا عدة عليها (أو شبهته) عطف على النكاح دخل فيه العدة من النكاح الفاسد وما لو زفت إليه غير امراته فوطئها زاد بعض المتأخرين أو فراشه لتدخل عدة أم الولد وفي بعض النسخ أو شبهه بالإضافة إلى ضمير النكاح وعلى كل فهو عطف على النكاح ليكون الزوال ملاحظًا فيه، وعلى هذا فلا حاجة إلى ما زيد إلا أنه يلزم عليه أن لا يكون جامعًا لمن زفت إليه غير امرأته على ما مر وسبب وجوبها النكاح أو شبهته وزوال ذلك شرط فالإضافة في عدة الطلاق إلى الشرط وحكمه حرمة نكاح أختها أو أربع سواها، وما قيل: من أن منه حرمة نكاحها على غيره رده في (الفتح) بأن هذا من جزئيات تلك الحرمات التي هي أركانها كما مر وأنواعها حيض ووضع حمل وأشهر (عدة الحرة) ولو كتابية تحت مسلم (للطلاق، أو الفسخ) زاد في (إيضاح الإصلاح) أو الرفع وقرر أن النكاح بعد تمامه لا يقبل الفسخ عندنا فكل فرقة بغير طلاق قبل تمام النكاح كالفرقة بخيار البلوغ والفرقة بخيار العتق والفرقة بعدم الكفاءة فسخ، وكل فرقة بغير طلاق بعد تمام النكاح كالفرقة بملك أحد الزوجين الآخر والفرقة بتقبيل ابن الزوج ونحوه رفع وهذا واضح على من له خبرة في هذا الفن وهذا التقسيم لم نر من عرج عليه والذي ذكره أهل الدار أن القسمة ثنائية وأن الفرقة بالتقبيل من الفسخ كما قدمناه (ثلاثة أقراء) بالنصب على الظرفية أي: في مدة ثلاثة أقراء خبر عدة ليلائم كون مسمى العدة لزوم تربص أو تربص يلزم المرأة على ما مر والرفع إنما يناسب كون مسماها نفس الأجل إلا أن يكون أطلقها على المدة فجاز كما في (فتح القدير) ولما كانت الأقراء التي هي جمع قرء بالضم والفتح واقتصر الجوهري على

أي حيض وثلاثة أشهر إن لم تحض وللموت أربعة أشهر وعشرًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفتح مشتركًا لفظيًا بين الحيض والطهر، والمراد الأول قيل أو معنويًا فسره بقوله: (أي حيض) بكسر الحاء وفتح الياء جمع حيضة ولم يقل ابتداء ثلاث حيض اتباعًا للنص أعني قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] وجملة يتربصن خبر واقع موقع الأمر والظاهر أن المفعول محذوف أي: تربص التزويج أو الازداوج أو هو ثلاثة قروء أي مضيها وبأنفسهن متعلق بيتربصن والباء للسببية وقيل تأكيد معنوي والياء زائد قاله السمين. وفي ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص لأنهن لما كانت نفوسهن طوامح للرجال أمرن أن يتربص ويغلبنها على التربص وأتى بتمييز العدد جمع كثرة مع أنه لا يعدل عن جمع القلة غالبًا أعني أقراء إما لأن الحكم لما عم جمع المطلقات تضمن جمع الكثرة فحسن أو أنهم يستعيرون كل واحد من البابين مكان الآخر اتساعًا أو عدتها ثلاثة أشهر هلالية اتفاقًا إن وقع الطلاق في أول الشهر وإن في أثنائه اعتبرت بالأيام عند الإمام وعندهما يكمل الأول ثلاثين من الشهر الأخير والشهران المتوسطان بالأهلة وجعل في (الصغرى) الاعتبار فيها بالأيام إجماعًا والخلاف بين الإمام وصاحبيه إنما هو في الإجادة وإن لم تحض بأن بلغت ولم تر دمًا أو رأته دون مدته أو كانت مستحاضة نسيت عادتها أو صغيرة لم تبلغ تسعًا على المختار أو كبيرة بلغت سن الإياس قيد بالتي لم تحض لأن التي حاضت ثم امتد طهرها لا تعتد بالأشهر إلا إذا بلغت سن الإياس. وعن مالك انقضاؤها بحول وقيل بتسعة أشهر ستة لاستبراء الرحم (وثلاثة أشهر) للعدة ولو قضى به قاض نفذ. قال الزاهدي: وقد كان بعض أصحابنا يفتون به للضرورة خصوصًا الإمام والدي/ وفي (البزازية) والفتوى في زماننا على قول مالك في عدة الآيسة وأنت خبير بأنه لا داعي إلى الإفتاء بقول نعتقد أنه خطأ يحتمل الصواب مع إمكان الترافع إلى مالكي يحكم به وفي نكاح (الخلاصة) قيل: لحنفي ما مذهب الإمام الشافعي في كذا؟ وجب عليه أن يقول: قال أبو حنيفة كذا لما قلنا. واعلم أن الصغيرة لو حاضت في أثناء الشهر استأنفت كالكبيرة إذا آيست في أثناء الحيض تحاميًا عن الجمع بين الأصل والخلف. (و) العدة أي: عدة الحرة (للموت) أي: لموت الزوج سواء كان مدخولاً بها أو لا، صغيرة كانت أو كبيرة ولو آيسة مسلمة أو كتابية حرًا كان زوجها أو عبدًا (أربعة أشهر وعشرًا) لقوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} [البقرة: 234] الآية وتأنيث العشر باعتبار الليالي لأنها غرر الشهور والأعوام ولعل المقتضي لهذا التقرير

والأمة قرءان ونصف المقدر، ـــــــــــــــــــــــــــــ أن الجنين في غالب الأمر يتحرك في ثلاثة إن كان ذكرًا وفي أربعة إن أنثى فاعتبر أقصى الأجلين وزيد عليه العشرة استظهارًا قاله القاضي في (تفسيره) وتعقب بما في (الصحيح) أنه يكون في البطن أربعين نطفة ومثلها علقة ومثلها مضغة ثم تنفخ فيه الروح اللهم إلا أن يكون معنى الحديث أن كمال النفخ في كل عضو لا يكون إلا بعد المدة المذكورة وهذا لا ينافي النفخ في بعضها قبل المدة المذكورة قاله الكازروني، وابتداؤها من وقت الموت فإن مات في أول الشهر اعتبرت الأشهر بالأهلة وإن في أثنائه فعلى ما مر من الخلاف. قال في (المحيط): ومدة الإيلاء واليمين أن لا يكلم فلانًا أربعة أشهر والإجارة سنة وفي أثناء الشهر وسن الرجل ولد كذلك وصوم الكفارة إذا شرع فيه في وسط الشهر على هذا الاختلاف. أقول: ومقتضى هذا إجراء الخلاف أيضًا في العنين إذا أجل في أثناء الشهر وقدمنا أنه لا خلاف في اعتباره بالأيام فيحتاج إلى الفرق ولابد من بقاء النكاح صحيحًا إلى وقت الموت حتى لو اشترى المكاتب زوجته ومات عن وفاء لم تجب عدة الوفاة لفساد النكاح قبل الموت فتعتد بحيضتين إن لم تلد منه وقد دخل بها فإن ولدت سعت وسعى ولدها على نجومه فإن عجزا فعدتها شهران وخمسة أيام، فإن أديا فكان الأداء في العدة كان عليها ثلاث حيض مستأنفة تستكمل فيها شهرين وخمسة أيام من يوم مات زوجها فإن أديا بعد ما انقضت كان عليها ثلاث حيض مستقبلة كذا في (البدائع) فإن لم يدخل بها فلا عدة أيضًا (و) العدة (للأمة) قنة كانت أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة أو مستسعاة على قول الإمام كمعتقة البعض والمعتقة في مرض الموت والمدبرة إذا لم يخرجا من الثلث (قرءان) لقوله عليه الصلاة والسلام: (طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان). (ونصف المقدر) من ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وعشر إن كانت ممن لا تحيض لصغر أو كبر أو غيرهما، على ما مر إن طلقها بعد الدخول أو مات عنها مطلقًا والعدة للحال وضعه حرة كانت أو أمة مسلمة أو كتابية وسواء كانت عن طلاق أو وفاة أو متاركة أو وطئ بشبهة وضع الحمل لقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 40] والمحافظة على هذا العموم أولى من المحافظة على عموم قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} [البقرة: 234] الآية لأن عموم أولات

فرع

والحامل وضعه وزوجة الفار أبعد الأجلين ـــــــــــــــــــــــــــــ الأحمال بالذات وعموم أزواجًا بالعرض والحكم يتعلل هنا بخلاف ثم كذا في (تفسير) القاضي. قال في (الحواشي السعدية): وكان عموم الأول ذاتيًا لأن الجمع المعرف من صيغ العموم، والثاني عرضيًا لكونه واقعًا في خبر صلة العام وإلا فالجمع المنكر لا عموم له في المختار وأقول: صدر القاضي بأن المبتدأ محذوف والتقدير وأزواج الذين يتوفون منكم ولا خفاء أن الجمع المعرف بالإضافة عام إلا أن يدعى عمومه عرضي أيضًا بالإضافة، لكن بقي أن يقال: المحكوم عليه إنما هو ذوات الأحمال ودعوى أن العموم إنما هو من الجمع المعرف ممنوعة بل من إضافة أولات إليه وعليه فيستوي مع آية الوفاة بالتقدير المتقدم وهذا الإشكال لم أر من عرج عليه وهو قوي يحتاج إلى الجواب والحق إن مشى كلام القاضي هنا على أن الذين مبتدأ والخبر ما يتربص أو محذوف أي فيما يتلى نعطيكم حكم الذين فتدبره، والحكم معلل بكون المعتدة ذات حمل فبراءة الرحم من حق الغير يصلح أن يكون مبيحًا للتزوج بآخر ويتعقل ذلك بخلاف الآية الأخرى حيث لا يعقل تأثير كون المرأة متوفى عنها في تربصها أربعة أشهر وعشرًا وإنما هو تعبدي وللمعل قوة على غيره لكن قدمنا عن القاضي ما يفيد أنه/ معقول المعنى أيضًا إلا أن يدعى أنه حكمة لا علة فإذا عرف هذا إنما هو مما في (البحر) مع أن معنى كون عموم أولات بالذات وأزواجهن بالعرض لأن الموصول من صيغ العموم وعموم أزواجًا بدل سهو خلافًا لما اشتهر من أن أولات ليس موصولاً بل اسم جمع ملحق بجمع المؤنث السالم. وفي (البدائع) قد تنقضي العدة من الزنا بوضع الحمل بأن تزوجت الحامل منه ثم طلقها انقضت عدتها عندهما بالوضع ولو خرج أكثر الولد قال في (الهارونيات): لم تصح الرجعة وحلت للأزواج، وقال مشايخنا: لا تحل للأزواج أيضًا احتياطًا، وفي (البزازية) لو قالت المعتدة: ولدت، لا يقبل قولها بلا بينة فإن طلب يمينها بالله لقد أسقطت سقطًا مستبين الخلق حلفت اتفاقًا. فرع لو مات الحمل في بطنها ومكث مدة بماذا تنقضي عدتها؟ لم أر المسألة وينبغي أنها تبقى معتدة إلى أن ينزل أو تبلغ مدة الإياس، (و) عدة (زوجة الفار) إذا مات قبل انقضاء عدتها من طلاق بائن (أبعد الأجلين) أي: أطولهما من أربعة أشهر وعشر وثلاث حيض فإن تم الأجل الأول ولم تحض بأن امتد طهرها لم تنقض عدتها

ومن عتقت في عدة الرجعي لا البائن، والموت كالحرة ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى تدخل في حد الإياس، وكذا لو حاضت ولم يتم الأجل الآخر ولهذا فمن فسر أبعد الأجلين بأن تعتد بأربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض فقد قصر كذا في (الفتح)، يعني لعدم شموله له ما لو امتد طهرها حتى مضت مدة الوفاة فإن الحيض يكون خارجًا عنها، وبقي أن فيه قصورًا من وجه آخر وذلك أن الحيض يعتبر من وقت الطلاق لأن الموت كما في (المجتبى) حتى لو حاضت حيضتين ثم مات احتسبت تلك الحيضة من العدة كما في (البزازية) وهذا عندهما استحسانًا. وقال الثاني: وهو القياس يكتفى بثلاث حيض يعني فيمن تحيض لانقطاع النكاح بالبائن ولهما أنه بقي في حق الإرث فيبقى في حق العدة احتياطًا ولا خلاف أنها في عدة الرجعي تنتقل إلى عدة الوفاة، واختلف فيما لو قتل زوجها المرتدة على ردته أو مات فذكر الكرخي أنه على الخلاف أيضًا، وقيل: عدتها بالحيض إجماعًا ويستند استحقاقها الإرث إلى وقت الردة ثم هذا الحكم ثابت فيما إذا قال لزوجاته: إحداكن طالق بائن ومات بلا بيان فإن على كل واحدة أن تعتد بأبعد الأجلين وفيما إذا مات سيد أم الولد وزوجها ولم يدر أيهما أول وحكم أن بينهما شهرين وخمسة أيام فصاعدًا فإنها تعتد عدة الوفاة للحرة إجماعًا فإن لم يعلم قال الإمام: عليها أربعة أشهر وعشر لا حيض فيها، وقالا: فيها ثلاث حيض كذا في (البدائع) وفيما إذا أسلم وتحته أكثر من أربع ومات بلا بائن على قول محمد من تخييره وهما إبطال نكاح الكل. واعلم أن المعتدة لو حملت في عدتها، ذكر الكرخي أن عدتها وضع الحمل ولم يفصل بين المعتدة عن طلاق أو وفاة والذي ذكره محمد أن هذا في عدة الطلاق، أما عدة الوفاة فلا تتعين بالحمل وهو الصحيح كذا في (البدائع) وأراد حلت بالوطء لشبهة (و) عدة (من عتقت في عدة) الطلاق (الرجعي لا) إن عتقت في عدة الطلاق (البائن، والموت كالحرة) حتى تنتقل عدتها إلى عدة الحرائر في الرجعي لأن النكاح فيه قيام من كل وجه وبالبينونة والموت قد زال ولو عتقت بعدما آلى منها ثم أبانها انتقلت مدتها إلى مدة الحرائر، وقد صور الانتقال إلى جميع كميات العدة البسيطة وهي أربعة في أمة صغيرة منكوحة طلقت رجعيًا فعدتها شهر ونصف فلو حاضت في أثنائها انتقلت إلى حيضتين فلو أعتقت قبل مضيهما صارت ثلاث حيض فلو مات زوجها قبل انقضائها انتقلت إلى أربعة أشهر وكأنه أطلق الجمع على الأكثر وإلا فبقي من الكميات عدة الأيسة، ويمكن أن يزاد في التصوير ثم استمرت طهارة بعد ما حاضت الثانية بعد العتق فهي في العدة إلى أن تدخل في حد الإياس فتنقضي عدتها بثلاثة أشهر.

ومن عاد دمها بعد الأشهر الحيض والمنكوحة نكاحًا فاسدًا، والموطوءة بشبهة ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) عدة (من عاد دمها) على جري عدتها (بعدما اعتدت) عدة (الأشهر) / لإياسها (الحيض) أي: ينتقض ما مضى من عدتها حتى يظهر فساد نكاحها الكائن بعد تلك المدة، ولو ولدت معه لأن عودها يبطل الإياس هو الصحيح قيدنا بكونه على عادتها لأن مجرد وجوده لا يوجب كونه حيضًا لجواز كونه دمًا فاسدًا، وفسره بعضهم بكونه دمًا كثيرًا وقيدوه أيضًا بكونه أحمر وأسود فلو كان أصفر أو أخضر أو تربية لا يكون حيضًا ومنهم من لا يتصرف فيه وهو يفيد أنها إذا كان عادتها قبل الإياس أصفر أو نحوه فرأته كذلك كان حيضًا، والفتوى على الأول كما في (المعراج) وهو رواية (النوادر) وعليه المشايخ كما في (البزازية)، وإطلاق المصنف الاستئناف بناه في (الإيضاح) على ظاهر الرواية من عدم تقدير الإياس عدة بل هو أن تبلغ من السن مالا تحيض فيه مثلها ويمكن أن يكون المراد بمثلها المماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال. أما على رواية تقديره بخمس وخمسين سنة وعليه الفتوى أو خمسين فقد قيل: وعليها الفتوى فلا تستأنف، وقيل: لا يستأنف أيضًا على رواية عدم التقدير، قال الإسبيجابي: وهو المختار، واختار الشهيد أنها إن رأته قبل تمام الأشهر استأنف لا بعدها، قال في (المجتبى): وهو المختار للفتوى، وقيل: إنما ينتقض هذا في المستقبل فلا تعتد بعد ذلك إلا بالحيض لا فيما مضى فلا تفسد الأنكحة وصححه في (النوازل) وفي بعض الروايات ما يفيد عدم الانتقاض ما إذا حكم القاضي بالإياس وتقيد الانتقاض بعدم حكمه، وفي (الخلاصة) الآيسة إذا اعتدت بالشهور وتزوجت ثم رأت الدم يكون النكاح فاسدًا عند بعض المشايخ إلا إذا قضى القاضي بجواز النكاح فإنه لا يكون فاسدًا، والأصح أن النكاح جائز ولا يشترط القضاء وفي المستقبلة بالعدة بالحيض انتهى. وهذا مبنى على رواية (النوازل) وهي أعدل الروايات وفي (البزازية) ولا تبطل الأنكحة وبه يفتى، ولك أن تخرج كلام المصنف عليها والله الموفق. (و) عدة (المنكوحة نكاحًا فاسدًا) كالنكاح بغير شهود ونكاح المحارم مع العلم بعدم الحل عند الإمام وامرأة الغير ولا علم للثاني بذلك فإن علم كان زنًا ولا عدة فيه ولا يحرم على زوجها وطئها وبه يفتى، (والموطوءة بشبهة) كالتي وفت إلى غير زوجها والموجودة ليلاً على فراشه إذا ادعى الاشتباه كذا في (الفتح)، وأدخل في (شرح السمرقندي) منكوحة الغير تحت الموطوءة بشبهة حيث قال: أي شبهة الملك أو العقد بأن زفت إليه غير امرأته فوطئها أو تزوج منكوحة الغير ولم يعلم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بحالها وأنت خبير بأن هذا يقتضي الاستغناء عن المنكوحة فاسدًا إذ لا شك أنها موطوءة بشبهة العقد أيضًا، بل هي أولى بذلك من منكوحة الغير إذ اشتراط الشهادة في النكاح مختلف فيه بين العلماء بخلاف الفراغ عن نكاح الغير، وقد وقع الاستغناء عنها، اشترى أمة ووطئها ثم ادعت الحرية الأصلية وحكم لها بذلك هل عليها عدة؟ وكنت ممن مال إلى وجوبها لقول السمرقندي: أي لشبهة الملك، ثم رأيت في (المحيط) اشترى الحرة فوطئها لا حد عليه لأن بعض المشايخ قال بانعقاد النكاح بلفظ البيع فكان بشبهة انتهى، وهو ظاهر بل نص في وجوبها فإن قلت قد مر أن الأصح انعقاده بلفظ البيع والشراء وحينئذ فمعنى ما في (المحيط) أن العقد خال عن الشهود قلت: لا يحتاج إلى ذلك لما قدمناه من أنه كناية فيحتاج إلى النية وعلم أن الشهود وفرض المسألة أنه إنما نوى الشراء لا النكاح ودخلت تحت الشبهة ما لو وطىء معتدته وادعى الشبهة بأن تزوجها قبل زوج آخر وقال: ظننت أنها تحل لي أو كان منكرًا طلاقها ولذا تستقبل في هذه الحالة بخلاف ما إذا كان عالمًا بحرمتها كما في (الفتح). قال البزازي: فليس لها طلب النفقة في العدة المستأنفة ولا يقع الطلاق فيها ولا يحرم نكاح الأخت لأنها عدة وطىء لا طلاق نعم للموطوءة بشبهة النفقة والسكنى على زوجها الأول ولها الخروج في هذه العدة بإذنه قاله الإسبيجابي: وفي (الخانية) تزوجت/ المنكوحة ففرق بينهما بعد الدخول لا يجب على الأول نفقتها ما دامت في العدة لأنها صارت ناشزة فتحمل الأول على ما إذا لم تعلم أن الواطىء غير زوجها. وفي نكاح الرقيق من (فتح القدير) قالوا: في أمة تزوجت بغير إذن مولاها فباعها المولى للمشتري الإجازة لأنه لا يحل له وطئها لأنها صارت معتدة، فإذا حاضت بطل العقد لحلها للمشتري فما في (المحيط) وعليه جرى في (الاختيار) من أنه لا عدة في النكاح الموقوف كنكاح الفضولي قبل الإجارة لأن النسب لا يثبت فيه لأنه موقوف فلم ينعقد في حق حكمه فلا يورث شبهة الملك والحل والعدة وجبت احترازًا عن اشتباه الأنساب فيه نظر، وقد صرح في (الأصل) بأن الأمة التي تزوجت بغير إذن دخل بها الزوج لو جاءت بولد لستة أشهر فادعاة المولى والزوج فهو ابن الزوج وصورته على ما في (المحيط) زوجها فضولي وقبل عنها ولم تعلم بذلك ولم تجز حتى وطئها الزوج وأم الولد الحيض للموت أي موت الواطىء وغيره من تفريق أو عزمه على ترك وطئها أو عتق أم الولد إن لم تكن حاملًا ولا آيسة ولم يقيد المسألة

وأم الولد الحيض للموت وغيره، وزوجة الصغير الحامل عند موته وضعه، والحامل بعده الشهور، والنسب منتف فيهما، ولم يعتد بحيض طلقت فيه، وتجب عدة أخرى بوطء المعتدة بشبهة، وتداخلتا والمرئي منهما، وتتم الثانية إن تمت الأولى، ـــــــــــــــــــــــــــــ بذلك إحالة على ما قدمه لأن عدة هؤلاء لتعرف براءة الرحم لا لقضاء حق النكاح، والحيض هو المعروف في غير الحامل والآيسة فلا يختلف بين الموت وغيره ولم يكتف بحيضة لأن الواطىء بشبهة كالفاسد، والفاسد ملحق بالصحيح. (و) عدة (أم الولد) وجبت بزوال الفراش فأشبهت عدة النكاح (و) عدة (زوجة الصغير) يعني الصغير غير المراهق (الحامل) صفة زوجة خص بالإناث الحائض فاستغنى عن علامة التأنيث (عند موته) يعني الصغير (وضعه) ويعرف ذلك بأن تضعه لأقل من ستة أشهر من موته في الأصح وهذا استحسان، وعن الثاني رواية شاذة أن عدتها عدة الوفاة (و) عدة (الحامل بعده) أي: بعد موته (للشهور) لأنه لم يثبت وجوده وقت الموت لا حقيقة ولا حكمًا فتعينت الأشهر وذلك بأن ولدته لأكثر من ستة أشهر من موته وقيل أن تلده لأكثر من سنتين وفيما دون ذلك يكون الانقضاء بالوضع. قال في (الفتح): وليس بشيء لأن التقدير للحدوث بأكثر من سنتين، أو بسنتين كوامل ليس إلا للاحتياط في ثبوت النسب ولا يمكن ثبوته في الصبي فلا حاجة إلى تأخير الحكم بالحدوث إلى السنتين قيدنا بكونه غير مراهق، لأنه إذا كان مراهقًا وجب أن يثبت النسب منه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من العقد (والنسب) أي: نسب الولد (منتف فيهما) أي: في الموجود عن الموت وفي الحادث بعده وفي (كافي) الحاكم المجبوب إن لم ينزل لم يلزمه الولد فكان بمنزلة الصبي في الولد والعدة (ولم تعتد) المطلقة من الاعتداد (بحيض طلقت فيه) لأن ما وجد قبل الطلاق لا تحتسب به منها لعدم السبب فكذا ما بعده لعدم السبب، فكذا ما بعده لعدم التجزؤ فلو احتسب لكل من الرابعة فوجبت كلها لعدم التجزؤ أيضًا، (وتجب عدة أخرى) بعد الأولى (بوطىء المعتدة بشبهة) من أجنبي أو من الزوج ولو بعد الثلاث، إذا قال: ظننت أنها تحل لي على ما مر. قال في (الدراية): وفيه نظر لأن هذا من قبيل شبهة الفعل، والنسب لا يثبت فيها بالوطء ولو ادعى ظن الحل وإذا لم يثبت النسب لم تجب العدة وقيد بالمعتدة مع أن المنكوحة لو وطئت بشبهة ثم طلقها كان عليها عدة أخرى وتداخلتا لأنه وضع المسألة في وجوب الثانية بالوطء وهذه بالطلاق (وتداخلتا) أي: العدتان وبينه بقوله: (والمرئي) من الدم يحتسب (منها، وتتم) المرأة العدة (الثانية إن تمت الأولى)

ومبدأ العدة بعد الطلاق والموت ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى لو كانت وطئت بعد حيضة من الأولى فعليها حيضتان للأولى ويحتسب بهما من عدة الثاني، فإذا حاضت واحدة بعد ذلك تمت الثانية أيضًا هذا إذا كانت ممن تحيض فإن كانت ممن لا تحيض كما إذا وطئت الحامل بشبهة أو كانت حاملًا فحملت من وطء في العدة فإن عدتها وضع الحمل فيهما، وكما إذا كانت آيسة ووطئت بشبهة في خلال عدتها فإناه تتم الثانية بالأشهر أيضًا، ويرد عليه المعتدة عن وفاة إذا وطئت في خلال العدة وكانت ممن تحيض وسمي ذلك بالتداخل من جنسين فإن المرئي من الحيض محسوب من عدة الوطء كما في (الدراية) ولو حذف / قوله والمرئي منها ويتم الثانية إلى آخره لدخل في كلامه الحامل والآيسة وفي (الخلاصة) وكل من حملت في عدتها فعدتها أن تضع حملها وفي المتوفى عنها زوجها إذا حملت بعد موت الزوج فعدتها بالشهور انتهى، وقد مر عن (البدائع). (ومبدأ العدة) أي: ابتداؤها (بعد الطلاق) يعني عقبه (و) بعد (الموت) أي: موت الزوج لأن عدة الطلاق والموت يتم السبب فيستعقبها من غير فصل فيكون هو المبدأ ضرورة وعم كلامه ما لو اعترف به أو أنكر حتى لو ادعته عليه في شوال وقضى به في المحرم فالعدة من وقت الطلاق لا من وقت القضاء كما في (البزازية) وفي (الخانية) طلقها ثلاثًا أو بائنًا ثم أقام معها زمانًا إن أقام وهو ينكر طلاقها لا تنقضي عدتها وإن تعدى به تنقضي، وعلى هذا ينبغي أن يخرج ما في (المجتبي) قال لها: إن فعلت كذا فأنت طالق ثم فعلته ولم تعلم الزوج به ومضى عليه ثلاثة أقراء وتزوجت بآخر ودخل بها، ثم طلقها واعتدت ثم أخبرت بما صنعت فصدقها لم تحل له لأن عدة المطلقة ثلاثًا من وقت الفراق لا من الطلاق عندنا، وعند زفر تحل له من وقت الطلاق. وفي (الخلاصة) وغيرها: العدة في الطلاق المبهم من وقت البيان وفي (فتح القدير) جعل أمر امرأته بيدها إن ضربها فضربها فطلقت نفسها فأنكر الضرب وأقيمت البينة عليه وقضى القاضي بالفرقة فالعدة من وقت القضاء أو من وقت الضرب، وينبغي أن يكون من وقت الضرب انتهى، أي: يجب وفي (الذخيرة) شهدا عليه بطلاقها ثلاثًا فلم يعدلا حتى مضت أيام، ثم عدلا وقضى القاضي بالفرقة فالعدة من وقت الشهادة لا القضاء انتهى. ولو أقر بطلاقها في زمان ماض فإن كذبته أو قالت: لا أدري، كان ابتداؤها من وقت الإقرار وتجب لها النفقة والسكنى، وإن صدقته فالفتوى أنه من وقت الإقرار أيضًا نفيًا للتهمة المواضعة كإقراره إذا كان مريضًا بدين لها أو لتزوج أختها أو أربع سواها.

وفي النكاح الفاسد بعد التفريق، أو العزم على ترك وطئها، وإن قالت: مضت عدتي، وكذبها الزوج، فالقول قولها مع الحلف ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وإذا كان مخالفة هذا الحكم ومذهب الأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين لهذه التهمة فينبغي أن يتحرى به محل للتهمة والناس الذين هم مظانها، ولذا فصل السعدي حيث قال: ما ذكره محمد من أن ابتداؤها من وقت الطلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين، أما إذا كانا مجتمعين، فالكذب في كل منهما ظاهر، ثم قال: وعرف أن تقييده بالإقرار يفيد أنه لو ثبت بالبينة، ينبغي أن يعتبر من وقت قامت لعدم التهمة انتهى. ثم مع تصديقها لو كان قد وطئها كان عليه مهر ثان كما في (الاختيار) ولا نفقة لها ولا كسوة (و) مبدؤها (في النكاح الفاسد بعد التفريق)، أي: تفريق القاضي وهو حكمه بذلك بينهما ولو وطئها بعد ... كما في (الجوهرة) وغيرها يعني لعدم الشبهة وينبغي أن لا يقيد بما إذا انقضت منه، (أو العزم) أي: عزمه (على ترك وطئها) بأن أخبرها أنه ترك وطئها لأنه أمر ظاهر، فيدار الحكم عليه كذا في (الدراية) وهذا لأن العزم أمر باطني لا اطلاع لها عليه فأدير الحكم على دليله، وهو إخباره بذلك، وعن هذا قال بعض المتأخرين: وإظهار عزمه ومنه تطليقها. قال في (البحر): وقد يكون من جانبها أيضًا ذكر مسكين أن من صورها أن يقول: تركتك وقدمنا ما يدفعه وفي (الخلاصة) المتاركة في الفاسدة بعد الدخول لا تكون إلا بالقول كتركتك وما يقوم مقامه كخليت سبيلها، أما عدم المجيء أو إنكار نكاحها فلا، (وإن قالت) المعتدة: (مضت عدتي، وكذبها الزوج) والمدة تحتمله ولم يقيد به هنا إحالة على ما مر في الرجعة (فالقول قولها مع الحلف) لأنها أمينة، والقول قول الأمين مع اليمين كالمودع إذا ادعى الرد فإن كانت المدة لا تحتمله فإن قالت: أسقطت سقطًا قبل قولها وكما لا يقبل قولها مع عدم احتمال المدة، كذلك لا يقبل قوله فيما لو قال: أخبرتني بانقضائها أيضًا إلا أن يبين مما هو محتمل من إسقاط مستبين الخلق، ثم لو كذبته في المحتمل لم تسقط نفقتها، وله التزوج بأختها لأنه أمر ديني يقبل قوله فيه. وفي (القنية) قالت: انقضت عدتي في يوم أو أقل تصدق أيضًا، وإن لم تقل أسقطت لاحتماله والظاهر أنه لا بد من بيانها صريحًا كما مر. وفي (البزازية) قالت: ولدت لم تقبل إلا أن تبين ولو قالت: أسقطت مستبين الخلق قبل/ قولها وله أن يحلفها. وفي (الخلاصة) قالت: طلقني زوجي وانقضت عدتي ووقع في قلبه

ولو نكح معتدته، وطلقها قبل الوطء وجب مهر تام، وعدة مبتدأة ولو طلق ذمي ذمية لم تعتد. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدقها، وهي عدلة أو لا حل له تزوجها، وإن قالت: وقع نكاح الأول فاسدًا لم تحل ولو عدلة. (لو نكح معتدته) عن بائن (وطلقها قبل الوطء) ولو حكمًا (وجب) عليه (مهر تام، وعدة مبتدأة) أي: مستقبلة عندهما وقال زفر: عليه نصف المهر ولا عدة، ووافقه محمد غير أنه أوجب إتمام العدة الأولى، ولهما أنها مقبوضة في يده حقيقة بالوطأة الأولى وبقي أثره وهو العدة فإذا جدد النكاح، ناب ذلك القبض عن المستحق في هذا النكاح كالغاصب يشتري المغصوب الذي في يده، إلا أن هذا ليس من كل وجه بل في حق تكميل المهر ووجوب استئناف العدة احتياطيًا فلا يرد أنه حينئذ يملك الرجعة وهذا الأصل، وهو أن الدخول في النكاح الأول يكون دخلًا في الثاني عندهما. فرع عليه مسائل منها ما في الكتاب، ومنها ما لو تزوجها في عدة الفاسد وطلقها قبل الدخول كان عليه مهر كامل، وعليه عدة مستقبلة. وفي قلته لا يجب شيء، ومنها ما لو طرأ له المرض فتزوج معتدته فيه وطلقها قبل الدخول يكون فارًا، ومنها لو فرق بينهما بعدم الكفاءة بعد الدخول فنكحها في العدة وفرق بينهما أيضًا قبله كان عليه مهر تام أيضًا، وعدة مستقبلة عندهما استحسانًا. ومنها تزوجها في العدة فارتدت قبل الدخول، ومنها تزوجها في العدة فاختارت نفسها قبل الدخول، ومنها لو اعتقت بعد الدخول، ومنها اختارت نفسها بالبلوغ بعد الدخول فنكحا في العدة ثم طلقها قبل الدخول، ومنها لو أعتقت بعد الدخول فاختارت نفسها قتزوجها في العدة وطلقها قبل الدخول. (ولو طلق ذمي ذمية لم تعتد)، أي: لا يجب عليها ذلك عند الإمام فلها التزوج من ساعتها وقالا: عليها العدة والخلاف فيما كانوا لا يدينونها، فإن دانوها وجبت اتفاقًا ولا خلاف أيضًا أنها إذا كانت حاملًا كان عليها العدة أطلقه في (الهداية) لأن في بطنها ولدًا ثابت النسب. وقيده غيره لما إذا دانوا ذلك، وعن الإمام أنها كالحامل من الزنا، والأول أصح ودل كلامه أنه لا عدة عليها لو مات، إذ لا فرق بين عدة وأخرى وقيد بالذمي لأن المسلم لو كانت تحت ذمية وجبت عليها العدة من طلاقه ومن وفاته أيضًا بلا خلاف ولو كانت لا تدينها لأنها حقه ومعتدة كما في (الفتح).

فصل في الإحداد

فصل في الإحداد تحد معتدة البت والموت بترك الزينة، والطيب والكحل، والدهن، ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في الإحداد لما ذكر العدة ومن عليه تجب أردفه بذكر ما يجب فيها على المعتدات فإنه في المرتبة الثانية من أصل وجوبها والإحداد مصدر: أحدت المرأة تحد إحدادًا فهي محد، ويقال أيضًا: الحداد من حدت المرأة تحد من حد نصر وضرب حداد فهي حاد، ولم يجوز الأصمعي غير الأول. والمشهور بالحاء المهملة، ويروى بالجيم من جددت الشيء قطعته، فكأنها انقطعت عن الزينة وما كانت عليه (تحد) بضم الحاء وكسرها على ما مر من اللغتين (معتدة البت)، أي: القطع يعني المبتوت طلاقها وحذفه للعلم به ولكثرة الاستعمال، وهي المطلقة ثلاثًا أو واحدة بائنة، والمختلعة، والفرقة بخيار الجب والعنة ونحوهما قيد به لأن المطلقة الرجعية لا تحد، أي: لا يجب عليها ذلك بل له أن يضربها على تركها إذا امتنعت وهو يريدها، وهذا الإحداد مباح لها لا واجب عليها، وبه يفوت حقه. (و) معتدة (الموت) حرة كانت أو أمة وفيه إيماء إلى أنه لا يجب الإحداد عليها بسبب غيرها. قال في (الفتح):ولا نعلم فيه خلافًا وهل يباح؟ قال محمد في (النوادر): لا يحل الإحداد لمن مات أبوها أو ابنها أو أمها أو أخوها، وإنما هو الزوج خاصة قيل: أراد به فيما زاد على الثلاث لما في الحديث من إباحته للمسلمات على غير أزواجهن ثلاثة أيام. أقول: وينبغي أن يقيد عدم حل ما زاد على الثلاث بما إذا لم يرض الزوج بذلك، فإن رضي فقد أسقط حقه منها، أما غير ذات الزوج إذا لم تكن معتدة فينبغي أن يحل لها ذلك، بقي هل له منعها في الثلاث؟ مقتضى الحديث أنه ليس له ذلك، والمذكور في كتب الشافعية أن له ذلك، وقواعدنا لا تأباه وحينئذ فيحمل الحل في الحديث على عدم منعه والله الموفق، ولو أمرها المطلق أو الميت بتركه لم يحل له لأنه حق الشرع كذا في (المعراج) (بترك الزينة) أي: التزين بما يتحلى به من ذهب وفضة وجوهر/ وقصب، قال العيني: ولبس حرير وغيره من الثياب المصبوغة انتهى. ومنه الامتشاط بضيق الأسنان (و) ترك (الطيب) أي: التطيب. قال في (الفتح): ولا تحضر عمله ولا تجبر فيه وإن لم يكن لها كسب فيه (و) ترك (الدهن) بالفتح مصدر دهن اسم معنى وبالضم اسم غين، وفي عطفه على

إلا بعذر والحناء، ولبس المعصفر والمزعفر إن كانت بالغة مسلمة لا معتدة العتق، والنكاح الفاسد، ـــــــــــــــــــــــــــــ الطيب إيماء إلى منعه وإن لم يكن مطيبا كالزيت الخالص ونحوه (والكحل) بالفتح وهو استعمال الكحل بالضم (والحناء إلا بعذر) قيد في الكحل فيجوز لها لبس الحرير للحكة والقمل، والثوب المصبوغ لعدم وجود غيره، واستعمال الطيب والدهن للتداوي والكحل للرمد ونحوه. وقوله في (البحر): لو أخر هذا عن الجميع لكان أولى لما مر من جواز لبس المصبوغ إذا لم تجد غيره مدفوع بما قدمناه من أن قوله بترك الزينة شامل للكل والمذكور بعده تفصيل لذلك الإجمال (و) هو (لبس المعصفر) وهو الثوب المصبوغ بالعصفر، (والمزعفر) وهو المصبوغ بالزعفران، والثوب الممشق وهو المصبوغ بالمشق أي: المغرة ولم يقل لبس المصبوغ بل بين ما به الصبغ لأن الأسود لا بأس به لأنه لا يقصد به الزينة، وكذا الأزرق فيما ينبغي، وعن هذا قيد الحلواني أي منع المعصفر ونحوه بالجديد، أما الحلق فيجوز لما قلنا. واعلم أن ما قدمناه من جواز لبس المصبوغ بما ذكر لستر العورة مثلًا ينبغي أن يقيد بقدر ما تستحدث ثوبًا غيره أما بيعه والاستخلاف بثمنه أو من مالها إن كان لها مال، كذا في (الفتح) ومن الممنوع أيضًا العصب عندنا وهو نبت يصبغ به الثياب هذا هو الصحيح في تفسيره (وإن كانت مسلمة) فلا حداد على كافرة، نعم لو أسلمت في خلالها لزمها فيما بقي قاله الحدادي: بالغة فلا حداد على صغيرة لعدم تكليفها وفيه إيماء إلى أنه لا يجب على مجنونة أيضًا، وقياس ما مر أنها لو بلغت أو أفاقت في أثنائها وجب عليها فيما بقي ومنعت من ذلك لخبر أبي داود من حديث أم سلمة قال عليه الصلاة والسلام: (لا تلبسن المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل) وفي الباب أحاديث أخر دالة على المدعى يطول الكلام بذكرها، (لا) تحد (معتدة العتق) بأن مات عن أم ولده أو أعتقها وقصره عن الثاني قصور. (و) لا معتدة (النكاح الفاسد) والموطوءة بشبهة لأنه لإظهار التأسف على فوات نعمة النكاح وهي مفقودة، وأفاد في (البدائع) أنه لو ملك زوجته بعدما ولدت منه وفسد النكاح بينهما لا يجوز لغيره أن يتزوج بها حتى تحيض حيضتين، فلو أعتقها كان عليها عدة العتق أيضًا ولا حداد فيها بل تحد في حيضتين دون الثالثة،

ولا تخطب معتدة، وصح التعريض ولا تخرج معتدة الطلاق ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه لما فسد النكاح صارت معتدة في حق غيره وفي حقه بعد العتق، وعدة النكاح يجب فيها الإحداد ولو كان طلقها بائنًا ثم اشتراها حل له وطئها عنها الإحداد انتهى. (ولا تخطب معتدة) من الخطبة بكسر الخاء، وحكي عن يونس ضمها وهو غريب، وهي طلب النكاح، وخطب فلان فلانة سألها أمرًا وشأنًا في نفسها وخاطبها بذلك، قال العيني: أي معتدة كانت وهذا شامل للمعتدة عن عتق أو نكاح فاسد أو غيرهما قيد بالمعتدة لا الخالية تخطب، وقيده بعض الشافعية بما لم يخطبها غيره وترضى به فإن سكت فقولان وقواعدنا لا تأباه (وصح) أي: جاز (التعريض) وهو خلاف التصريح والفرق بينه وبين الكناية أن التعريض تضمين الكلام دلالة ليس فيها ذكر نحو ما أقبح البخل تعريض بأنه بخيل، والكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف كطويل النجاد وكثير الرماد يعني أنه طويل القامة ومضياف كذا في (المغرب) والمراد به هنا أن يذكر شيئًا يدل على شيء لم يذكره لقول ابن عباس فيما أخرج البخاري في قوله تعالى:} لا جناح عليكم فيما عرضتم به {] البقرة: 235 [(يقول إني أريد أن أتزوج ولوددت أن تيسر لي امرأة صالحة) وما قيل من أنه يقول لها إنك جميلة، وإني فيك لراغب فإني لأرجو أن أجتمع أنا وأنت، فرده في (البدائع) بأنه غير سديد إذ لا يحل لأحد أن يشافه أجنبية لا يحل له نكاحها للحال بذلك انتهى. وفيه نظر فقد أخرج البيهقي عن ابن جبير في قوله تعالى:} إلا أن تقولوا قولاً معروفًا {] البقرة: 235 [يقول: إني فيك لراغب وإني لأرجو أن نجتمع. قال/ في (الفتح): ونحوه إنك لجميلة أو صالحة فلا يصرح بنكاحها ولم يعول على ما في (البدائع). واعلم أن كلامه صريح في جواز التعريض لكل معتدة وليس بالواقع بل خاص بالمتوفى عنها زوجها، أما المطلقة فلا يجوز التعريض لها بالإجماع لأنها لا تخرج فلا يتمكن من التعريض على وجه يخفى على الناس. وكذا في (المعراج) معزيا إلى شرح (التأويلات) ثم نقل عن (الينابيع) ولا يجوز التعريض في عدة الطلاق لإفضائه إلى عداوة المطلق ولم أر حكم المعتدة من عتق أو نكاح فاسد أو وطء بشبهة، ومقتضى التعليل أن يجوز (ولا تخرج معتدة الطلاق) ولا الفسخ ولا إلى ضمن دار فيها منازل لغيره لقوله تعالى:} لا تخرجوهن من بيوتهن ولا

من بيتها ومعتدة الموت تخرج اليوم، وبعض الليل، ـــــــــــــــــــــــــــــ يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة {] الطلاق: 1 [يعني الزنا وأفاد إطلاقه المنع ولو أذن لها ولو في عدة الرجعي لأنهما لا يمكنهما إبطال حق الله تعالى بخلاف ما قبله قيد بمعتدة الطلاق لأن معتدة الوطء لا تمنع من الخروج كالمعتدة عن عتق ونكاح فاسد ووطء بشبهة إلا إذا منعها لتحصين مائه كذا في (البدائع) وفي (الظهيرية) خلافه حيث قال: سائر وجوه الفرق التي توجب العدة من النكاح الصحيح والفاسد سواء يعني في حق حرمة الخروج (من بيتها) وحكى فتوى الأوزجندي أنها لا تعتد في منزل الزوج، وشمل إطلاقه المختلعة على نفقة عدتها كما أفتى به الشهيد وصحح في (جامع قاضي خان) وعليها أن تكتري بيت الزوج. قال في (الفتح): والحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع فإن علم في واقعة عجز هذه عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل وإلا فالحرمة، ولا بد أن تكون حرة، أما الأمة فتخرج لخدمة المولى إلا إذا بوأها منزلاً ثم طلقت بالغة عاقلة مسلمة، أما الصغيرة إلا أن تكون مراهقة والمجنونة والكتابية فلهن الخروج لعدم الخطاب كذا في (البدائع) وفي (الظهيرية) الكتابية لا تخرج إلا بإذن بخلاف المسألة فإنها لا تخرج ولو بالإذن، (ومعتدة الموت تخرج يومًا) أي: يباح لها الخروج في اليوم (وبعض الليل) قدر ما تستكمل به حوائجها لأنها لا نفقة لها فتحتاج إلى الخروج نهارًا لطلب المعاش، وقد يمتد إلى أن يهجم الليل كذا في (الهداية) ويعرف من التعليل أنها لو كان لها قدر كفايتها صارت كالمطلقة فلا يحل لها الخروج لزيارة أهلها ليلا ولا نهارًا كذا في (الفتح). قال في (البحر): لو صح هذا لعم أصحابنا الحكم وقالوا: لا تخرج المعتدة عن طلاق أو موت إلا لضرورة لأن المطلقة تخرج لها فأين الفرق؟ فالظاهر من كلامهم جواز خروج معتدة الموت ولو كانت قادرة على النفقة انتهى. وفيه نظر، إذ المتوفى عنها زوجها إنما أبيح لها الخروج لضرورة اكتساب النفقة، فإذا قدرت عليها فلا ضرورة تلحقها، بخلاف المطلقة فإن نفقتها عليه وبهذا اتضح الفرق، وقد رجع رحمه الله في آخر كلامه إلى أن هذا، واعلم أن جواز الخروج إذا كان لأمر المعاش اختص بالنهار. قال في (الكافي): إن الخروج لنفقتها غير أن أمر المعاش يكون بالنهار عادة دون الليل فأبيح الخروج لها بالنهار دون الليالى ووافقه في (البدائع) وإنما المتوفى عنها زوجها فلا تخرج ليلاً ولا بأس أن تخرج بالنهار في حوائجها فيحمل ما في (الكتاب) على ما اضطرت إلى ذلك وإليه ما قدمناه عن (الهداية) وفي (القنية)

وتعتدان في بيت وجبت فيه إلا أن تخرج، أو ينهدم ـــــــــــــــــــــــــــــ خرجت المعتدة لإصلاح ما لا بد منه كالزراعة وطلب النفقة وإخراج الكرم ولا وكيل لها فلها ذلك انتهى. ولا بد أن يقيد ذلك بأن تبيت في منزلها، (وتعتد) المتوفى عنها زوجها إن أمكن (في بيت وجبت فيه) العدة بإن كان نصيبها من الإرث منه يكفيها أو لم يكفها لكن إذنها للورثة بالسكنى وهم كبار وتركوها أن تسكن فيه بأجر وهي قادرة على ذلك، كذا في (الشرح) وجعل العيني الألف ضمير التثنية ويبعده توحيد الضمير في (إلا أن تخرج) وقياسه أن يثنى إلا أن يعود الضمير إلى المعتدة إلا أن يخرجه الورثة فيما إذا كان نصيبها لا يكفيها أو صاحب المنزل لعدم قدرتها على الأجرة وفي (المجتبي) كان نصيبها من الدار لا يكفيها اشترت من الأجانب والأولاد الكبار، وكذا في الطلاق البائن انتهى، يعني فيما إذا اختلف على السكنى. قال في (البحر): وهو ظاهر في وجوب الشراء عليها لو كانت قادرة، والمراد إن لم ترض الورثة بإجارتها إياه (أو ينهدم) البيت قال في (البحر): والمراد خوفه وليس بمتعين / بل لو انهدم جانب منه وخافت على نفسها أو مالها من اللصوص كان لها أن تخرج إلى غيره قال في (الدراية): يعني إلى أقرب موضع إليه وفي الطلاق إلى حيث شاء الزوج، فإطلاق الشارح وغيره من أن تعين ما تنتقل إليه في الوفاة إليها مقيد بكونه قريبًا، ومن الأعذار ما لو كانت لا تجد الكراء وتجد ما هو بلاء كراء منها ما لو خافت نقلتها من أمر الميت والموت ليلاً خوفًا شديدًا وليس عندها من يؤنسها كما في (الظهيرية) ومنها ما لو كانت في السواد وخافت من سلطان أو غيره فلها أن تنتقل إلى المصر كما في (الدراية)، ومنها ما لو كان في الورثة من ليس محرمًا لها وحضنها غير كافية لها فلها أن تخرج، وإن لم يخرجوها كما في (الخانية) وغيرها ومنها ما في (القنية) طلقها بالبادية وهي معه في خيمة والزوج ينتقل إلى موضع آخر للكلأ والماء فإن كان يدخل عليها ضرر بين في نفسها ومالها فلها أن تتحول وإلا فلا، ومنها لو ضاق منزل الطلاق بالزوج والزوجة أو لم يضق لكن تعذر وجود امرأة ثقة تعذر على الحيلولة لفسقه والأولى خروجه في الحالتين. قال في (الفتح): ولعل المراد به أنه أرجح فيجب الحكم به كما يقال إذا تعارض المحرم والمبيح ترجح المحرم أو المحرم أولى ويراد ما قلنا: وهذا لأنهم عللوا أولوية خروجه بأن مكثها واجب لا مكثه فإن كان المكان يسعهما لا بد من سترة بينهما كذا في (الهداية) وفي (المجتبي) الأفضل أن يحال بينهما في البينونة بسترة إلا أن يكون الزوج فاسقًا فيحال بامرأة ثقة تعذر على الحيلولة انتهى. ونفقتها في

باب ثبوت النسب

بانت، أو مات عنها في سفر، وبينها وبين مصرها أقل من ثلاثة أيام رجعت إليه، ولو ثلاثة رجعت، أو مضت معها ولى أو لا، ولو في مصر تعتد ثم، فتخرج بمحرم. باب ثبوت النسب ومن قال: إن نكحتها فهي طالق، فولدت لستة أشهر مذ نكحها لزمه نسبه، ـــــــــــــــــــــــــــــ بيت المال كما في تلخيص (الجامع) وفائدة السترة لئلا تقع الخلوة بالأجنبية واكتفى بها لاعترافه بالحرمة كذا قالوا، وفيه دليل على أن الحائل يمنع الخلوة الحرمة بالأجنبية (بانت أو مات عنها في سفر وبينها وبين مصر أقل من ثلاثة أيام رجعت إليه) سواء كان من مصر أو لا إذ ليس في ذلك إنشاء سفر قيل ثم إذا كان مقصدها ثلاثة أيام ولو أقل خيرت والرجوع أولى ليكون الاعتداد في منزل الزوج، وفي (المبسوط) عليها أن ترجع أيضًا لأنها تصير مقيمة بالرجوع وبالمعنى تصير مسافرة وإطلاق المصنف يقتضية، قال في (الفتح): وهو أوجه (ولو) كان بينها وبين مصرها (ثلاثة) أيام وبينهما وبين مقصدها كذلك (رجعت) أي: عادت إلى منزلها (أو مضت) إلى مقصدها والرجوع أولى (معها ولى أو لا) قيد راجع إلى الصورتين، (ولو) كانت (في مصر تعتد ثمة) أي: في المصر عند الإمام سواء كان معها محرم أو لا، وقالا: إن كان معها (محرم تخرج) وإلا فلا، وفي (البدائع) وغيرها لو كان بين الجهتين مدة سفر فمضت أو رجعت وبلغت أدنى مواضع التي تصلح للإقامة أقامت فيه واعتدت إن لم تجد محرمًا بلا خلاف، وكذا إن وجدت عند الإمام قيد بالبائن لأن معتدة الرجعي تابعة لزوجها والله الموفق. باب ثبوت النسب لما فرغ من ذكر أنواع المعتدات وذكر ما يلزم من اعتداد ذوات الحمل وهو ثبوت النسب وهو مصدر نسبة إلى أبيه (ومن قال: إن نكحتها) أي: عقدت عليها صدر الباب بهذه المسألة لأنها كما قال فخر الإسلام: من خواص مسائل (الجامع الصغير) (فهي طالق فولدت لستة أشهر مذ) أي: من حين (نكحها) من غير زيادة ولا نقصان (لزمه نسبه) هذا استحسان وهو قول محمد الآخر لأن النسب يحتاط في إثباته والتصور ثابت بأن يتزوجها وهو مخالطها بتكلمها أو بسماع الشهود كلامهما أو وكلا في ذلك فوافق النكاح الإنزال قال صدر الشريعة: على أن الزوج إن علم أنه لم يكن على هذه الصفة وأنه لم يطأها في تلك الليلة فهو قادر على اللعان فلما لم ينف الولد باللعان فليس علينا نفيه عن الفراش مع تحقق الإمكان انتهى. وفيه

ومهرها ويثبت نسب ولد معتدة الرجعى، وإن ولدته، لأكثر من سنتين ـــــــــــــــــــــــــــــ بحث إذ كيف يقدر واللعان لا يتم إلا به؟ ثم من شرائط اللعان قيام الزوجية وهي مطلقة عقب النكاح كذا في (الحواشي السعدية) يعني وبوضع الحمل انقضت العدة وإلا فالطلاق الرجعي لا يمنع اللعان، بقي أن في حمله على أنه تزوجها وهو مخالطها حمل المسلم على ما لا يجوز أن المراد به الوطء كما في (الفتح)، ولذا عدل بعض المشايخ عن هذا بأن قيام الفراش كاف ولا يعتبر إمكان الدخول كما في تزوج المشرق بالمغربية ورد/ بأن التصور شرط وهو الحق ولذا لم يثبت النسب من زوجة الصبي وهو موجود وفي المشرق بأن يكون صاحب حظوة كرامة له اقتصر عليه في (الدراية) زاد في (الفتح) وأن يكون له استخدام والاقتصار على الثاني أولى لما استقر من أن طي المسافة عندنا ليس من الكرامة في شيء ولا كلام في عدم ثبوت النسب لو ولدته لأقل منها لأنه من زوج سابق ولا لأكثر لاحتمال حدوثه بعد الطلاق لأنا حكمنا بعدم وجوب العدة لكونه قبل الدخول، فلم يتبين بطلان هذا الحكم ولا يخفي أن منعهم النسب فيما إذا جاءت به لأكثر في مدة يتصور أن يكون منه وهو سنتان ينافي الاحتياط في إثباته واحتمال كونه بعد الطلاق فيما إذا جاءت به لستته ويوم في غاية البعد فإن العادة مستمرة بكونه أكثر منها وربما يمضي دهور ولم يسمع فيها ولادة لنصف حول فكان الظاهر عدم حدوثه احتمال فأي احتياط في إثبات النسب إذا انتفيا لاحتمال ضعيف يقتضي نفيه وتركناه ظاهرًا يقتضي ثبوته، وليت شعري، أي الاحتمالين أبعد الاحتمال الذي فرضوه لتصور العلوق منه أو احتمال كونه إذا زاد على ستة يومًا يكون من غيره كذا في (الفتح). وفي (النهاية) معزيًا إلى (المنتقى) أنه لا يكون به محصنا (و) لزمه (مهرها) لأنه بثبوت النسب منه جعل واطئًا حكمًا، وما قيل من أنه لا يلزم إذ قد يكون الحمل من إدخال الماء الفرج دون جماع رد بأنه نادر والوجه الظاهر هو المعتاد قال الشارح: وكان ينبغي أن يجب مهران، مهر بالوطء، ومهر بالنكاح كما لو تزوج امرأة حال وطئها انتهى. لكن إذا كان الأصح في ثبوت هذا النسب إمكان الدخول وتصوره ليس إلا بما ذكر وقد حكم فيه بمهر واحد في صريح الرواية فالفرع المشبه به مشكل لمخالفته لصريح المذهب، وأيضًا الفعل واحد وقد اتصف بشبهة الحل فيجب مهر واحد به هذا حاصل ما في (فتح القدير)، (ويثبت نسب ولد المعتدة) بالطلاق (الرجعي) سواء اعتدت بالحيض أو بالأشهر لا يأسها، (وإن ولدته لأكثر من سنتين) ولو لعشرين سنة فأكثر لاحتمال العلوق في العدة لجواز كونها ممتدة الطهر ولا مجال للحمل على الزنا والوطء بشبهة مع إمكان الحل وهو أولى أيضًا من كونها تزوجت

ما لم تقر بمضي العدة، فكانت رجعة في الأكثر منهما، لا في الأقل منهما، والبت لأقل منهما وإلا لا ـــــــــــــــــــــــــــــ بغيره لأن البقاء أسهل من الابتداء، وأفهم كلامه أنها لو جاءت به لأقل منهما ثبت نسبة بالأولى وقيد بقوله (ما لم تقر بانقضاء العدة) لأنها لو أقرت بانقضائها في مدة تحتمله بأن تكون ستين يومًا على قوله، وتسعة وثلاثين يومًا على قولهما، ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار، فإنه يثبت نسبة للتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار فيظهر كذبها (وكانت) الولادة (رجعة في الأكثر منها) لما بينا ان العلوق في العدة فيصير بالوطء مراجعًا (لا في الأقل) لأنه كما احتمل أن يكون العلوق بعد الطلاق واحتمل أن يكون قبله مراجعًا بالشك وأورد أن الاحتمال الأول مرجحًا هو أن الظاهر أن الحوادث تضاف إلى أقرب أوقاتها وأجيب بأن محله ما لم يعارضه ظاهر آخر وهو الوطء في العصمة لا في العدة وفيه أيضًا مخالفة السنة في الرجعة بالوطء والعادة، وهو الرجعة باللفظ فكان ما قضت به العادة والسنة أرجح ولم يكتف بقوله في الأكثر بل صرح في المفهوم لأنها لو جاءت به لسنتين كان كالأكثر كما في (الاختيار). (و) يثبت نسب ولد معتدة (البت لأقل منهما) أي: من السنتين من وقت الطلاق لجواز كون الحمل وقت الطلاق (وإلا) أي: وإن لم تأت به لأقل منهما (لا)، أي: لا يثبت نسبه منه هذا ظاهر فيما إذا جاءت به لأكثر من سنتين إذ الحمل حادث بعد الطلاق فلا يكون منه وأما إذا جاءت به لتمام سنتين فعدم ثبوته منه كما هو ظاهر كلامه مخالف لما سيأتي من أن أكثر مدة الحمل سنتان، ورواية (الإيضاح) والإسبيجابي والأقطع من أنه يثبت إذا جاءت به لسنتين، ومن ثم جزم الشارح بحمل كلامه على الأول. وأجاب في (البحر) بأنه لو ثبت النسب فيما إذا جاءت به لسنتين لزم أن يكون العلوق سابقًا على الإطلاق لحل الوطء وبه يلزم أن يكون الولد في البطن أكثر منهما بخلاف غير المبتوتة لحل الوطء بعد الطلاق وأقول كون لزوم الولد في البطن أكثر ممنوع بالحمل على جعل العلوق في حال الطلاق لأنه حينئذ قبل زوال الفراش كما قدره قاضي خان وهو حسن، / وفي (الجوهرة) إن قول القدوري بعدم ثبوت النسب فيما إذا جاءت به لسنتين سهو والمذكور في غيره من الكتب أنه يثبت والحق حمله على اختلاف الروايتين لتوارد المتون على عدم ثبوته - كما قال القدوري - إذ قد جرى عليه المصنف هنا وفي (الوافي) وهكذا صدر الشريعة وصاحب (المجمع) وهم بالرواية أدرى والمسألة مقيدة إذا لم تلد توءمين أحدهما لأقل من سنتين والآخر

إلا أن يدعيه، والمراهقة لأقل من تسعة أشهر، وإلا لا والموت لأقل منهما ـــــــــــــــــــــــــــــ خلافًا لمحمد هذا وأما حكم العدة فإن جاءت به لأكثر من سنتين فقد انقضت قبل ولادتها ستة أشهر عندهما فترد نفقتها، وقال أبو يوسف: بوضع الحمل فلا ترد (إلا أن يدعيه) استثناء مفرغ من قوله وإلا لا، أي لم يثبت في حال من الأحوال إلا في الحال التي هي دعواه لأنه التزمه، وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة وفي اشتراط تصديقها روايتان. قال في (الفتح): والأوجه عدم اشتراطه لأنه ممكن منه وقد ادعاه ولا معارض، ولذا لم يذكر الاشتراط السرخسي والبيهقي في (الكامل) وذلك ظاهر في الضعف والغرابة، قيل: هذا مناقض لما نص عليه في (حدود الحدود) من أن المطلقة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة في الفعل وفيها لا يثبت النسب وإن ادعاه، وأجيب بأن الشبهة هنا لم تتمحض بالفعل بل شبهة عقد أيضًا كذا في (البحر) والذي ادعاه في (الفتح) أن المذكور هناك إذا لم يدع شبهه والمذكور هنا محمول على كونه وطئًا بشبهة والأجنبية يثبت النسب بوطئها بشبهة، فكيف بالمعتدة؟ فيجب الجمع مثلاً بأن يقال ينبغي أن يصرح بدعوى الشبهة المقبولة غير مجرد شبهة الفعل، ثم قال: والوجه أن لا يشترط غير دعواه لأنه لم يشترط في (الكتاب) سواه ثم يحمل على مجرد الشبهة التي هي غير مجرد ظن الحمل. (و) يثبت نسب ولد المطلقة ولو بائنًا (المراهقة) إذا جاءت به (لأقل من تسعة أشهر) من وقت الطلاق (وإلا)، أي: وإن لم تأت به لأقل منها لا يثبت عندهما لأنهما لصغرهما ينزل سكوتها منزلة الإقرار بانقضاء عدتها، وقال أبو يوسف: يثبت في الطلاق البائن إلى سنتين وفي الرجعة إلى سبعة وعشرين شهرًا، والمسألة مقيدة بما إذا دخل بها فإن لم يدخل بها فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه (لا) لأكثر وبما إذا لم تقر بانقضاء العدة فإن أقرت ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار يثبت نسبه فإن لستة أو أكثر لا يثبت لانقضاء العدة بإقرارها وما جاءت به لا يلزم كونه قبلها للتيقن بكذبها وبما إذا لم تقر بالحمل فإن أقرت به كان إقرارًا منها بالبلوغ فيقبل قولها فصارت كالكبيرة في حق ثبوت النسب إذ أقرت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر من وقت الطلاق ثبت نسبه لظهور كذبها بيقين وإلا لم يثبت قيد بكونها مطلقة لأنها لو مات عنها زوجها فإن جاءت به لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ثبت نسبه وإلا لا عندهما، وقال الثاني: يثبت إلى سنتين كالكبيرة فإن أقرت بانقضاءها بعد أربعة أشهر وعشر فولدته لستة أشهر فصاعدًا لم يثبت نسبه. (و) يثبت نسب معتدة (الموت) إذا جاءت به (لأقل منهما) أي: من السنتين

والمقرة بمضيها، لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار وإلا، لا. والمعتدة إن جحدت، ولادتها بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين ـــــــــــــــــــــــــــــ من وقت الموت ولو غير مدخول بها لا فرق في ذلك بين أن كانت من ذوات الأقراء أو الأشهر إلا أنه في (البدائع) قيدها بذوات الأقراء قال: وأما ذوات الأشهر فإن كانت آيسة أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما هو حكمها في الطلاق، وهذا لم أجده في (البدائع) والذي في (الشرح) أن الصغيرة إذا توفي عنها زوجها فإن أقرت بالحبل فهي كالكبيرة يثبت نسبه إلى سنتين وإن أقرت بانقضاء عدتها بعد أربعة أشهر ثم ولدت لستة فصاعدا لم يثبت نسبه وإن لم تدع حبلا ولم تقر بانقضاء عدتها فعندهما إذا ولدت لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ثبت النسب منه وإلا لم يثبت، ثم قال: والآيسة إذا كانت معتدة عن وفاة فهي والتي من ذوات الأقران سواء لأن عدة الوفاة تكون بالأشهر في حق كل واحدة منهما إذا لم تكن حاملاً. (و) يثبت نسب ولد (المقرة بمضيها) إذا جاءت به (لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار) للتيقن بكذبها / هذا إذا جاءت به لأقل من سنتين من وقت الفراق وإن لأكثر لا يثبت ولو لأقل من ستة أشهر، واعلم أن التيقن ظاهر فيما إذا قالت: انقضت عدتي الساعة ثم جاءت به لأقل من ستة أشهر من قبل وقت الإقرار، أما إذا جاءت به لأقل من ستة من وقت الإقرار ولأقل من سنتين من وقت الفراق فالتيقن بكذبها غير ظاهر لجواز أن عدتها انقضت في ثلاثة أشهر مثلا ثم أقرت بعد ذلك بزمان طويل وعلى هذا ينبغي أن لا يثبت النسب وأن يقيد إطلاق المتون بما إذا قالت انقضت عدتي الساعة (وإلا) أي: وإن لم تأت به لأقل منهما بل جاءت به لأكثر (لا) أي: لا يثبت النسب لعدم التيقن بكذبها لاحتمال الحدوث بعده. (و) يثبت نسب ولد (المعتدة إن جحدت ولادتها بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتان) هذا بإطلاقه يعم المعتدة عن وفاة وعن طلاق بائن أو رجعي وبه صرح فخر الإسلام وعليه جرى الإمام قاضي خان، وقيده السرخسي بالبائن. قال في (البحر): والحق أنها في الرجعي إن جاءت به لأقل من سنتين احتيج إلى الشهادة كالبائن، وإن لأكثر يثبت نسبه بشهادة القابلة اتفاقًا لقيام الفراش وهذا قول الإمام، واكتفيا بالقابلة، وفي اشتراط لفظ الشهادة خلاف على قولها وهل تقبل شهادة رجل واحد؟ قيل: نعم ولا يفسق لما سيأتي، ومبنى الخلاف على أن الفراش باق أم انقضى؟ قالا: بالأول لقيام العدة والحاجة إلى شهادة الواحدة لتعين الولد، وقال الإمام بالثاني لإقرارها بوضع الحمل والمقتضى ليس بحجة فمست الحاجة إلى إثبات النسب ابتداء وذلك بكمال النصاب على ولادتها، وأورد أن شهادة الرجل تستلزم

أو حبل ظاهر، أو إقرار به، أو تصديق الورثة والمنكوحة لستة أشهر فصاعدًا إن سكت وإن جحد، فبشهادة امرأة على الولادة ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا تقبل، وأجيب بأنها لا تستلزم النظر كما إذا دخلت بيتًا بحضرتهم يعلمون أنه ليس فيه غيرها ثم خرجت ومعها ولد فيعلمون أنها ولدته ولئن استلزمه فجاز أن يقع اتفاقًا من غير قصد (أو حبل ظاهر) يعرفه كل أحد (أو إقرار به) أي: بالحبل من الزوج لأن النسب في هذين ثابت قبل الولادة كذا في (الفتح)، وهذا ظاهر في أنها لو ولدت وقد كان الحبل ظاهرًا فأنكره اكتفي بالشهادة بكونه كان ظاهرًا (أو تصديق الورثة) على ولادتها لأن الإرث خالص حقهم فيقبل فيه تصديقهم، وفيه إيماء إلى أنه لا يشترط فيه لفظ الشهادة ولا مجلس الحكم ولا العدد ولا العدالة. وأما في حق ثبوت النسب من الميت ليظهر في حق الناس كافة فقالوا: إذا كان من أهل الشهادة بأن يكونوا ذكورًا مع إناث وهم عدول ثبت لقيام الحجة فيشارك المنكرين أيضًا، وعلى هذا قيل: يشترط لفظ الشهادة في مجلس الحكم والأصح أنه لا يشترط لأن الثبوت في حق غيرهم ولا يراعي التبع شرائطه إذا ثبت أصالة وعلى هذا فلو لم يكونوا من أهل الشهادة لا يثبت النسب في حق المقرين منهم كذا في (الفتح)، وصرح في (شرح الجامع الصغير) بأنه كما لا يعتبر لفظ الشهادة لا تعتبر الخصومة بين يدي القاضي نظرًا إلى شبه الإقرار واشتراطنا العدد نظرًا إلى شبهة الشهادة، واعلم أن ظاهر كلامه يعطي عدم الاحتياط في ثبوت النسب إلى شهادة القابلة مع ظهور الحبل والإقرار وبه صرح في (البدائع) وعليه جرى السرخسي، ورده الشارح بأنه سهو فإن شهادة القابلة لا بد منها لتعيين الولد إجماعًا إنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة بقولها فعنده ثبت بقولها وعندهما لا يثبت إلا بشهادة القابلة، وأما نسب الولد فلا يثبت إلا بشهادتها إجماعًا لاحتمال أن يكون غير هذا وأثر الخلاف يظهر في حق الطلاق والعتاق بأن علقهما بولادتها فعنده يثبت بقولها وعندهما لا تثبت إلا بشهادة القابلة. قال ابن بندار. وأقول: شهادة القابلة شرط زوال التهمة كاليمين في رد الوديعة واليمين في انقضاء العدة فإذا لم تشهد قابلة بقيت متهمة فلا يقبل قولها، قال في (البحر): وهذا حسن به يحصل التوفيق بين كلامهم، فمن نفاها أراد أنها ليس بشرط في نفس الأمر ومن أثبتها أراد أنها شرط لزوال التهمة انتهى. وللبحث فيه مجال فتدبره. (و) يثبت نسب ولد (المنكوحة) إذا جاءت (لستة أشهر فصاعدًا) أي: أكثر من وقت التزوج نصب على الحال وصاحبه محذوف تقديره وذهب صاعدًا (إن سكت وإن جحد) أي: أنكر ولادتها (فشهادة امرأة) حرة مسلمة عدلة (على الولادة) / لأن

فإن ولدت ثم اختلفا، فقالت: نكحتني منذ ستة أشهر وادعى الأقل فالقول لها، وهو ابنه ولو علق طلاقها بولادتها، وشهدت امرأة على الولادة لم تطلق، وإن كان أقر بالحبل طلقت بلا شهادة، وأكثر مدة الحمل سنتان، وأقلها ستة أشهر فلو نكح أمة فطلقها ـــــــــــــــــــــــــــــ الفراش قائم والمدة قامت فوجب القول بثبوته فإن نفاه لاعن، قيد بستة أشهر لأنها لو جاءت به لما هو دونها لم يثبت النسب ويفسد النكاح لجواز كونه من زوج أو من وطء بشبهة وكذا لو أسقطت لأقل من أربعة أشهر إذا كان قد استبان خلقه لأنه لا يستبين في أقل منها ولو جاءت له لستة من غير زيادة كانت كالأكثر لاحتمال أنه تزوجها واطئًا لها فوافق الإنزال النكاح والنسب يحتاط في إثباته. (فإن ولدت ثم اختلف) في المدة بأن (قالت: نكحتني منذ ستة أشهر وادعى الأقل فالقول لها وهو ابنه) لأن كلاً منهما وإن كان معه ظاهر شهد له هو أنها لا تلد إلا من نكاح وكون الحوادث تضاف إلى أقرب أوقاتها إلا أنه ترجح ظاهرها بأن النسب يحتاط في إثباته، وسيأتي أن الفتوى أنها تحلف ولا يحرم عليه بهذا الجواز أن تكون حاملاً من زنا حين تزوجها وتقدير أن لا يكون من زنا فقصارى الأمر أن يكون مقرًا بفساده لكن لما صار مكذبًا شرعًا بإثبات النسب فبطل إقراره، وكذا في (الفتح)، إلا أن المذكور في (الخلاصة) من القضاء أنه إنما يبطل إذا كان التكذيب بالبرهان فالتوجيه الأول أسلم. (ولو علق الزوج طلاقها بولادتها) بأن قال: إن ولدت فأنت طالق (فشهدت امرأة على الولادة لم تطلق) عند الإمام وقالا: تطلق لأن شهادتها حجة في ذلك وله أنها ادعت الحنث فلا يثبت إلا بحجة تامة. قيد بالطلاق لأن النسب وما كان من لوازمه كأمومية الولد لو كانت أمة واللعان ووجوب الحد عند أهليته له يثبت بشهادتها (وإن كان) الزوج (أقر بالحبل) أو كان ظاهرًا (طلقت بلا شهادة) عند الإمام خلافًا لهما لأن الإقرار به إقرار يفضي إليه وهو الولادة، (وأكثر مدة الحمل سنتان) لرواية البيهقي والدراقطني عن عائشة أنها قالت: (لايبقى الولد في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بظل مغزل) أي: ولو بقدر ظله مثل لقلته لأنه ظله حالة دورانه أسرع زوالاً من سائر الظلال ومثله لا يدرك بالرؤى فحمل على السماع (وأقله ستة أشهر) إجماعًا لقوله تعالى:} وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا {] الأحقاف: 15 [وفسر الفصال في الآية الأخرى بكونه في عامين فلزم كون الفاصل في الحمل ستة أشهر (فلو نكح أمة فطلقها) بعد الدخول واحدة رجعية أو بائنة أما لو طلقها قبل

فاشتراها فولدت لأقل من ستة أشهر منه لزمه وإلا لا. ومن قال لأمته: إن كان في بطنك ولد فهو منى، فشهدت امرأة بالولادة فهي أم ولده، ومن قال لغلام هو ابني، ومات فقالت أمه: أنا امرأته، وهو ابنه يرثانه فإن جهلت حريتها، فقال جهلت حريتها، فقال وارثه: أنت أم ولد أبي فلا ميراث. ـــــــــــــــــــــــــــــ الدخول لم يلزمه إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ فارقها أو كان بعده والطلاق اثنتان ثبت نسبه إلى سنتين من وقت الطلاق (فاشتراها) ليس بقيد بل المراد أنها دخلت في ملكه بأي سبب كان والطلاق ليس بقيد أيضًا حتى لو اشتراها ولم يطلقها فالحكم كذلك ولا بد من كونه قبل الإقرار بانقضاء عدتها قيد به في (فتح القدير). قال في (البحر): ولم يبين مفهومه. أقول: إنما لم يبينه استغناء بما مر من أنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار لا من وقت الشراء، كما قال هنا (فولدت لأقل من ستة أشهر منه) أي: من وقت الشراء (لزمه) أي: الولد لأنه ولد المعتدة لتحقق كون العلوق سابقًا على الشراء، وولدها يثبت نسبة بلا دعوة (وإلا) أي: وإن تلده لأقل من ذلك بل ولدته لستة فصاعدًا (لا) أي: لا يلزمه ولد المملوكة وقد عرف أن نسبه لا يثبت بدون الدعوة. (ومن قال لأمته: إن كان في بطنك ولد) أو كان بها حبل (فهي مني، فشهدت امرأة) طاهرة سواء كانت هي القابلة أو غيرها (على الولادة فهي أم ولده) إجماعًا، لأن سبب وجود النسب وهو الدعوة قد وجد والحاجة إلى تعيين الولد وشهادة المرأة حجة فيه قيد هذا إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فإن كان لأكثر لم تكن أم ولد لاحتمال أن العلوق بعد المقال قيد بالتعليق لأنه لو قال هذه حامل مني لزمه الولد وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر إلى سنتين جيء نفيه كذا في (غاية البيان). (ومن قال لغلام: هو ابني ومات) بعد ذلك0 (فقالت أمه) المعروفة بحرية الأصل وأنها أمه دل على ذلك قوله فإن جهلت حريتها (أنا امرأته، وهو ابنه يرثانه) استحسانًا لأن المسألة حيث فرضت فيما ذكر لزم كونه من نكاح صحيح عادة وعرفًا وكونه من فاسد أو وطء بشبهة احتمالان لا يعتبران في مقابلة الظاهر القوي وكذا احتمال/ كونه طلقها في صحته وانقضت عدتها لأنه لما ثبت النكاح وجب الحكم بقيامه ما لم يتحقق زواله (فإن جهلت حريتها فقال وارثه: أنت أم ولد أبي فلا ميراث) لها ليس بقيد إذ الجهل بالحرية كاف بمنع إرثها سواء قال الوارث ذلك أم لا أو كان صغيرًا وما أحسن قول من قال بأن للوارث أن يقول ذلك وفي سكوته عن المهر إيذان بعدم وجوبه وأوجب التمرتاشي لها مهر المثل لأنهم أقروا بالدخول ولم يثبت كونها أم ولد بقولهم وارتضاه في (فتح القدير) ورده الإتقاني بأن الدخول إنما يوجب مهر المثل

باب الحضانة

باب الحضانة ـــــــــــــــــــــــــــــ في غير صورة النكاح إذا كان الوطء عن شبهة ولم يثبت النكاح هنا والأصل عدم الشبهة والله الموفق للصواب بمنه. باب الحضانة لما ذكر ثبوت النسب عقيب أحوال المعتدة ذكر من يكون عنده الولد؛ والحضانة: بفتح الحاء وكسرها تربية الولد، والحاضنة: المرأة توكل بالصبي، وقد حضنت ولدها حضانة من باب طلب كذا في (المغرب)، والحضن ما دون الإبط إلى الكشح، وحضن الشيء جانباه وهل هي حق من ثبتت لها الحضانة أو حق الولد خلاف؟ قيل بالأول فلا تجبر إذا هي امتنعت ورجحه غير واحد في (الواقعات) وغيرها وعليه الفتوى. وفي (الخلاصة) قال مشايخنا: لا تجبر الأم عليها، وكذلك الخالة إذا لم يكن لها زوج لأنها ربما تعجز عن ذلك وقيل بالثاني فتجبر واختاره أبو الليث وخواهر زاده والهندواني وأيده في (الفتح) بما في (كافي) الحاكم لو اختلعت على أن تترك ولدها عند الزوج فالخلع جائز والشرط باطل لأنه حق الولد فأفاد أن قول الفقهاء جواب الرواية، ثم قال في (الفتح): فإن لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف انتهى. وعلى هذا فما في (الظهيرية) قالت الأم: لا حاجة لي به وقالت الجدة أنا آخذه دفع إليها لأن الحضانة حقها فإذا أسقطت حقها صح الإسقاط منها لكن إنما ذلك إذا كان للولد ذو رحم محرم كما هنا أما إذا لم يكن أجبرت على الحضانة كيلا يضيع الولد كذا اختاره الفقهاء الثلاثة انتهى، قيده في (الظهيرية) بما إذا لم يكن للصغير ذو رحم فحينئذ تجبر الأم كيلا يضيع الولد، وأنت قد علمت أنه إذا لم يكن له أحد فليس من محل للخلاف في شيء هذا ويجبر الأب على أخذ الولد بعد استغنائه من الأم لأن نفقته وصيانته عليه بالإجماع، بقي أن قولهم فإن لم يوجد يعم ما إذا وجد وامتنع من القبول. فرع قال في (السراج): تستحق الأم الأجرة على الحضانة حيث لم تكن منكوحة ولا معتدة قال في (الفتح): ولو كان الأب معسرًا وأبت الأم أن تربي إلا بأجر وقالت العمة أنا أربي بغير أجر فالعمة أولى وهو الصحيح، واختلف في هذا المسكن الذي يحضن فيه الصبي فقيل يجب في ... إن كان وإلا فعلى من تجب نفقته عليه وفي

أحق بالولد أمه قبل الفرقة، وبعدها، ثم أم الأم، ثم أم الأب، ـــــــــــــــــــــــــــــ (التفاريق) لا تجب كذا في (الخزانة) وينبغي ترجيحه إذ وجوب الأجر لا يستلزم وجوب المسكن بخلاف النفقة (بالولد) أي: بتربيته (أمه) النسبية (قبل الفرقة) من أبيه (وبعدها) ولو كتابية أو مجوسية كما سيأتي لأن الشفقة لاتختلف باختلاف الدين وهي أشفق عليه منه لأنه خلق من مائها الخارج من ترائبها القريب من القلب كما في (أبي داود) قالت امرأة: يا رسول الله إن ابني هذا كانت بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواءً وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني، فقال عليه الصلاة والسلام: (أنت أحق به ما لم تنكحي) ورواه الحاكم أيضًا وصححه، والحواء بالكسر: بيت من الشعر والجمع الأحوية، وهذا الإطلاق مفيد بما إذا لم تقع الفرقة بردتها لحقت بدار الحرب أو لا فإن وقعت فلا حق لها لأنها تحبس وعلى الإسلام تجبر وبما إذا كانت أهلاً للحضانة فإن لم تكن أهلاً لها بأن كانت فاسقة أو تخرج كل وقت وتترك البنت ضائعة أو كانت أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فلا حق لها فيها. قال في (البحر): وينبغي أن يكون المراد بالفسق هنا هو الزنا المقتضي لاشتغال الأم عن الولد للخروج من المنزل ونحوه، ولا مطلقة الصادق بترك الصلاة لما سيأتي من أن الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل إلا بإذن فالفاسقة أولى. وأقول: في قصره على الزنا قصور إذ لو كانت سارقة أو مغنية / أو نائحة فالحكم كذلك، وعلى هذا فالمراد فسق يضيع الولد به، وفي (القنية) الأم أحق بالولد وإن كانت سيئة السيرة معروفة بالفجور ما لم تفعل ذلك انتهى. أي: ما لم يثبت فعله عنها أي الأم وإن علت إذا لم يكن أم بأن كانت ميتة أو ليست أهلاً للحضانة لأن هذه الولاية مستفادة من قبل الأم فكانت التي من قبلها أولى وعلى هذا فالجدة من قبل الأم أولى من أم الأب ومن الخالة في الأصح، كما في (الولوالجية) وذكر الخصاف إذا كان للصغيرة جدة لأم من قبل أبيها وهي أم أبي أمه لم تكن بمنزلة قرابة (أم الأم) من قبل أمها وهذا ظاهر في تأخير أم أب الأم عن أم الأب بل عن الخالة أيضًا، وهي واقعة الفتوى كذا في (البحر). (ثم أم الأب) وإن علت وقال زفر: الشقيقة أو الخالة أحق لأنهن يدلين بقرابة الأم وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الخالة أم) قلنا هي أم ولذا تحوز ميراث الأم من السدس وغلبة الشفقة تتبع الولاد ظاهرًا فكانت مقدمة على من ذكر وما روي

ثم الأخت لأب وأم، ثم لأم، ثم لأب، ثم الخالات كذلك، ثم العمات كذلك. ومن نكحت غير محرمة سقط حقها، ثم تعود بالفرقة ـــــــــــــــــــــــــــــ يحتمل كونه في ثبوت الحانة أو غيره إلا أن السياق إرادة الأول فبقي أعم من كونه في ثبوت أصل الحضانة أو كونها أحق به من كل من سواها ولا دلالة على الثاني والأول متيقن فيثبت فلا يفيد الحكم بأنها أحق من أحد بخصوصه فبقي المعنى المتقدم بلا معارض كذا في (الفتح)، (ثم الأخت لأب وأم) لأنها أشفق (ثم لأم)، وقال زفر: يشتركان لاستوائهما في الإدلاء بالأم وهو المعتبر وجهة الأب لا مدخل لها فيه ونحن نقول إنها تصلح للترجيح (ثم لأب) هذا رواية (كتاب النكاح) اعتبارًا لقرب القرابة وفي رواية (كتاب الطلاق) الخالة أولى لأنها تدلي بالأم وتلك بالأب. قال في (الفتح): فعلى رواية (كتاب النكاح) تدفع الأخت لأب إلى بنت الأخت الشقيقة ثم إلى بنت الأخت لأم ثم إلى بنت الأخت لأب ثم إلى الخالة الشيقة انتهى. وفي غيره كان أولاد الأخوات لأب وأم أو لأم أحق من العمات والخالات باتفاق الروايات، وأما أولاد الأخوات لأب والأصح أن الخالة منهن أولى (ثم الخالات) أي: خالات الصغير (كذلك) يعني تقدم الشقيقة ثم التي لأم ثم التي لأب (ثم العمات كذلك) وبعدهن خالة الأم الشقيقة ثم لأم ثم لأب ثم عماتها كذلك وخالة الأم أولى من خالة الأب عندنا ثم خالات الأب وعماته على هذا الترتيب، وأما بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات فلا حق لهن في الحضانة لأن قرابتهن لم تتأكد بالحرمة، (ومن نكحت) ممن لها حق الحضانة (غير محرم) للصغير (سقط حقها) لما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام: (أنت أحق به ما لم تتزوجي) فينتقل الحق إلى غيرها كأمها مثلاً، وقيده في (القنية) بقيد حسن هو أن لا تمسك الصغير في بيت الأجنبي مع المتزوجة فإن فعلته كان للأب أن يأخذه منها. قال في (البحر): وقد وقع التردد فيما لو أمسكته الخالة في بيت أجنبي عن الصغير عازبة والظاهر سقوط حضانتها قياسًا على ما مر. وأقول: الظاهر عدم سقوطها للفرق البين بين زوج الأم والأجنبي قيد بغير المحرم لأنه لو كان محرمًا له كعمه مثلاً لا يسقط حقها لعدم الضرر في حقه بخلاف ما لو كان رحمًا فقط كابن العم فإنها تسقط، ولو ادعى تزوجها وأنكرت فالقول لها ولو أقرت به لكنها ادعت الطلاق فإن لم يتعين الزوج فالقول لها لا إن عينته وينبغي أن يكون مع اليمين في الفصلين (ثم يعود) حق الحضانة (بالفرقة) البائنة أما الرجعية

ثم العصبات بترتيبهم والأم والجدة أحق به حتى يستغني، وقدر بسبع سنين وبها حتى تحيض ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا بد من انقضاء العدة فيها وعاد لزوال المانع كالناشزة إذا عادت لمنزل الزوج وبه تبين أن قوله سقط حقها فيه تجوز لا يخفى، (ثم) بعدما ذكروه (العصبات بترتيبهم) يعني في الإرث فيقدم الأب ثم الجد وإن علا ثم الأخ الشقيق ثم لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم الأب وكذا كل من سفل من أولادهم ثم العم شقيق الأب ثم لأب أما أولاد الأعمام ومولى العتاق فإنما يندفع إليهم الصغير دون الصغيرة. قال في (البحر): وينبغي أن يقيد بما إذا كانت تشتهى وكان غير مأمون عليها فإن لا تشتهى وكان مأمونًا عليها فلا مانع، وقالوا: لو كان في المحارم من لم يؤمن على الصبي والصبية فلا حق له في الحضانة، وفي (تحفة الفقهاء) ليس للجارية غير ابن العم / فالاختيار للقاضي إن رآه أصلح ضمها إليه وإلا وضعها عند أمينة وسكت المصنف عن ذوي الأرحام وقد قالوا: إذا لم يكن له عصبة دفع إليهم فيدفع إلى الأخ للأم ثم إلى ولده ثم إلى العم ثم إلى الخال لأب وأم ثم لأب ثم لأم وإذا اجتمع مستحقو الحضانة في درجة فأصلحهم أولى فإن تساووا فأسنهم (والأم والجدة) ونحوهما دل على ذلك ما مر من بيان من له حق الحضانة بالغلام (حتى يستغني) عن النساء لاحتياجه إذ ذاك إلى الأدب والرجال على ذلك أقدر. (وقدر بسبع) أي: قدر الخصاف بذلك قالوا: وعليه الفتوى، وفسر القدوري الاستغناء: بأن يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده أي: يتطهر، وقيل: معناه أن يزيل النجاسة عنه وإن لم يقدر على تمام الطهارة وحده، قال الشارح: وهو قريب من الأول بل عينه لأنه إذا بلغ سبع سنين يستنجي وحده انتهى. ويدل على ذلك أنهم جعلوا ذلك مرجعًا عند اختلافهما في كونه بلغ سبعًا أو لا، والأم والجدة (و) نحوهما أحق (بها) أي: بالجارية (حتى تحيض) لأنها بعد الاستغناء تحتاج إلى معرفة أدب النساء والأم أقدر على ذلك فإذا حاضت احتاجت إلى التزوج والصيانة وللأب ولاية ذلك وهذا هو ظاهر الرواية كما في (التجنيس) ولو ادعى الأب حيضتها وأنكرت قال في (البحر): ينبغي أن يكون القول لها كما ادعى تزوجها وأنكرت. وأقول: ينبغي أن ينظر إلى سنها فإن بلغت سنًا تحيض فيه الأنثى غالبًا فالقول له وإلا لها، وعن محمد أنها إذا بلغت حد الشهوة فالأب أحق بها، قال صدر الشريعة: وهو المعتبر لفساد الزمان، وعزاه الخصاف إلى الثاني، قال الشارح: وبه يفتى، وفي (الخلاصة) وعليه الاعتماد والفتوى على تقدير حد الشهوة بتسع سنين.

وغيرهما أحق بها حتى تشتهى، ولا حق للأمة، وأم الولد ما لم يعتقا، والذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل دينًا، ولا خيار للولد، ولا تسافر مطلقة بولدها إلا إلى وطنها وقد نكحها ثم. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وغيرهما) أي: الأم والجدة من قبل الأم والأب (احق بها) أي: الجارية (حتى تشتهى) بأن تبلغ تسع سنين على ما مر وفي (الجامع الصغير) حتى تستغني وعدل عنه المصنف إيماء إلى أن المراد به ما ذكر لأن غيرهم لا يقدر على استخدامها شرعًا وتعليم آداب النساء من نحو طبخ وغسل ثياب إنما يحصل بذلك، وهذا الفرق إنما يحتاج إليه على ظاهر الرواية كما لا يخفى. (ولا حق للأمة) ولو مدبرة أو مكاتبة جاءت بالولد قبل كتابتها (وأم الولد) في الحضانة (ما لم يعتقا) لأن فيها نوع ولاية ولا ولاية لهما على أنفسهما فعلى غيرهما أولى، بل هي للمولى إن كان الولد رقيقًا ولا يفرق بينه وبينها حيث كان في ملكه على ما سيأتي وإن كان حرًا كانت لأقربائه الأحرار، وقالوا: المكاتبة أحق بولدها المولود في كتابتها فإن أعتقها ثبت لهما حق الحضانة في أولادهما الأحرار، (والذمية) ولو مجوسية (أحق بولدها المسلم) لأن الحضانة تنبني على الشفقة وهي أشفق عليه من غيرها (ما لم يعقل الأديان) فينزع منها لاحتمال الضرر، ولم أر من قدر لذلك مدة وينبغي أن يقدر بسبع سنين، ففي فتاوى قارىء (الهداية) المراد بقولهم ويصح إسلام الصبي العاقل من بلغ سبعًا فما فوقها لأنه روي أنه عليه الصلاة والسلام (عرض الإسلام على عليّ وهو ابن سبع سنين فأجابه) انتهى. زاد في (الهداية) وعليه جرى في (الإصلاح) أو يخاف أن يألف الكفر وفي أكثر النسخ ويخاف أن يألف الكفر وحذفه المصنف لأنه إذا علقها خيف عليه أن يألف الكفر نعم ما في بعض النسخ يحتاج إلى التوجيه، وفي (فتح القدير) ويمنع أن تغريه بالخمر والخنزير فإن خيف ضم إلى ناس من المسلمين، (ولا خيار للولد) ذكرًا كان أو أنثى إذا بلغ سبعًا أو بلغت الأنثى تسعًا بل يأخذه الأب ولو اختار أمه لضعف عقله يختار من عنده الراحة والتخلية بينه وبين اللعب وتخييره عليه الصلاة والسلام الغلام لأنه دعا له بالهداية فوافق اختيار الأنظر ولذا لم يثبت عن الصحابة بعده تخيير، وفي (الفتح) والمعتوه لا يخير ويكون عند الإمام وظاهر أن هذا مفرع على القول بالتخيير كما هو مذهب الشافعي، وإذا عرف هذا في المعتوه فالمجنون أولى (ولا تسافر) المرأة (المطلقة) طلاقًا بائنًا عند انقضاء عدتها (بولدها) لما فيه من الإضرار به (إلا إلى وطنها/). (و) الحال أنه (قد نكحها ثمة) أي: فيه لأنه فيه التزم المقام فيه شرعًا وعرفًا فلا

باب النفقة

باب النفقة ـــــــــــــــــــــــــــــ يملك منها ولو بعدت المسافة إلا أن تسافر به إلى دار الحرب وهو مسلم أو ذمي وإن كانت هي حربية ولو كانا مستأمنين جاز ذلك، والظاهر أن المراد بالسفر هنا اللغوي الذي هو قطع المسافة لا الشرعي إذ لا يشترط أن يقصد مسيرة ثلاثة أيام غير أنها لو قربت بحيث يتمكن من مطالعة ولده ويرجع إلى وطنه في يوم جاز لها النقل وكذلك لها أن تنقله من القرابة إلى المصر أما إلى غيرها فليس لها إلا بالشرطين المذكورين وعلم منه أنها لو أرادت الخروج به إلى ما نكحها فيه لكنه غير وطنها لم تمكن من ذلك في الأصح خلافًا لما في (الجامع الصغير) وفي التعبير بالمطلقة إيماء إلى أن المنكوحة لا تسافر به بالأولى ومنه المطلقة طلاقًا رجعيًا وأما المعتدة من بائن فقدم أنها لا تخرج وإن لم يكن معها ولد وبالولد المضاف إليها إشارة أيضًا إلى أن الجدة ليس لها ذلك وكذلك أم الولد إذا أعتقت لأنه لا عقد بينهما، كذا في (الفتح) وغيرها بالأولى وقيد بالأم لأن الأب ليس له إخراج الولد من بلد أمه ما بقي حق الحضانة لها. وقيده في (الحاوي القدسي) بغير القريب أما المكان القريب الذي لا يقطعه عنها إلا إذا أرادت أن تنظر ولدها كل يوم فإنه يجوز كما في جانبها وهو حسن، وفي (السراجية) لو أخذ المطلق ولده منها لزواجها هل له أن يسافر به؟ قال: نعم له ذلك إلى أن يعود حق أمه انتهى. وهذا يجب أن يقيد بما إذا لم يكن له من ينتقل الحق إليه بعدها، واعلم أنه لو أخرج الولد ثم طلقها فطالبته بإعادته إن كان الإخراج بإذنها ليس عليه الرد، ويقال لها اذهبي وخذيه وإن كان بغير إذنها كان عليه الإعادة والله الموفق. باب النفقة ذكر العلامة أن كل ما فاؤه نون وعينه فإنه يدل على معنى الخروج والذهاب كنفق ونفر ونفخ ونفس ونفد قال في (البحر): وهي في اللغة ما ينفقه الإنسان على عياله ونحو ذلك كذا في (ضياء الحلوم)، وبه علم أن النفقة المرادة هنا ليست مشتقة من النفوق بمعنى الهلاك بل هي اسم للشيء الذي ينفقه الرجل على عياله، وفي الشرع كما قال هشام: سألت محمدًا عنها فقال: هي الطعام والكسوة والسكنى. وأقول: كونها عبادة عما ذكر لا يمنع الاشتقاق المذكور لمن تأمله، وما قاله محمد إنما هو باعتبار المعنى الأغلب وإلا فقد عرفها في (العناية) وارتضاه في

تجب النفقة ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتح) بأنها الإدرار على الشيء بما به بقاؤه، وأنت خبير بأن هذا شامل لنفقة الدواب كما سيأتي، ثم النفقة على الغير تجب بأسباب الزوجية والقرابة والملك، بدأ المصنف بالأول لمناسبته لما مر من أن النكاح والعدة (تجب النفقة) المنصوص الصريحة فيها، وعلى ذلك انعقد الإجماع وهي الإدرار عليها بما تحتاجه أعم من كونه طعامًا أو شرابًا أو نقدًا لما قالوه من أنها لو شكت منه عدم الإنفاق عليها ولم يكن صاحب مائدة فإن القاضي يفرض عليه دراهم ونبه بوجوبها على أن لها أن تأكل من طعامه وتلبس من كرباسه بغير إذنه كما في (الذخيرة) فإن قلت هل تملك الدراهم المفرروضة بقبضها حتى كان لها خذي هذه الدنانير الخمسة لنفقتك ولم يعين الوقت فهو تمليك الإباحة. وفي (الذخيرة) فرض لها عشرة نفقة شهر فمضى الشهر وقد بقي منها شيء تفرض لها أخرى وفي (الخلاصة) لو سرقت المفروضة لا يفرض لها أخرى بخلاف المحارم ولا يعارضه ما في (الخلاصة) أيضًا وغيرها من أن الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر مطله فيؤمر بأن يعطيها لتنفق عليه لأن ذلك لرفع الضرر عنه لا لعدم ملكها وفي (الخلاصة) وللزوج أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بلبس الثوب لأن الزينة حقه وهو ظاهر في أنها لو قترت على نفسها كما هو شأن نساء زماننا حتى صارت هزيلة كان له أن يرفعها إلى القاضي ليأمرها بصرف ما يمنع من ذلك أو أن الزوج يتعاطى ذلك بنفسه. واعلم أنه لو شرط في العقد أن النفقة تموين كان الشرط غير لازم / ولو حكم بموجب العقد حاكم يرى ذلك عرف ذلك من مارس كتبهم بقي أنه لو حكم الحنفي بفرضها دراهم واستوفى ما لا بد منه هل للشافعي أن يحكم بعد ذلك بالتموين؟ قال الشيخ قاسم في (موجبات الأحكام) بعدما ذكر صورة سجل النفقة قلت: هذا دليل لما أقوله من أنه ليس للشافعي ذلك بناء على أن الزوجية والقرابة سبب لوجوبها بشرطها وإن كان كل يوم سببًا لنفقته أيضًا وأن القضاء يعتمد السبب وتبدل الحال والسعر ونحو ذلك يعتمد السبب الثاني انتهى. وعلى هذا فلو حكم الشافعي بالتموين ليس للحنفي أن يحكم بخلافه وهذا من الحوادث المهمة فليحفظ، وفي (البحر) من القضاء فإن قلت هل تقدير القاضي النفقة حكم منه؟ قلت: هو حكم وطلب التقرير بشرطه دعوى فقد وجد بعد الدعوى والحادثة ويدل عليه ما في نفقات (خزانة المفتين) وإذا أراد القاضي أن يفرض النفقة يقول: فرضت عليك نفقة امرأتك كذا وكذا في مدة كذا وكذا أو يقول

للزوجة على زوجها والكسوة ـــــــــــــــــــــــــــــ فرضت عليك النفقة مدة كذا يصح ويجب على الزوج حتى لا تسقط بنص المدة لأن نفقة الزمان المستقبل تصير واجبة بقضاء القاضي حتى لو أبرأت بعد الفرض صح انتهى، فإن قلت إذا فرض لها كل يوم أو كل شهر هل يكون قضاء بالجميع ما دامت في العصمة؟ قلت: نعم ما لم يمنع مانع بدليل ما في (الخزانة) فرض كل شهر عشرة دراهم فأبرأته من نفقة ما مضى وما يستقبل برىء مما مضى ومن شهر مما يستقبل وتمامه فيها انتهى. ولو طلبت منه كفيلاً بها خوفًا من غيته استحسن الثاني أنها تأخذ كفيلاً بنفقة شهر وبه يفتى، أي: يجبر الزوج على ذلك. قال في (الفتح): ولو علم القاضي أنه يمكث في السفر أكثر من شهر أخذ الكفيل بأكثر من شهر ولو كفل لها النفقة كل شهر وقالا يلزمه نفقة شهر وقال الثاني: ما دام النكاح قائمًا وهو أرفق بالناس وعليه الفتوى، وأجمعوا أنه لو قال ما دمتما زوجين أو على الأبد كان الأمر كما قال ولو كان له دين عليها التقيا قصاصًا إن رضي الزوج لأن دين النفقة يضعف عن سائر الديون ودين الزوج أقوى فاشترط رضاه بخلاف سائر الديون (للزوجة) مسلمة كانت أو كتابية وفيه إيماء إلى أنه لا نفقة لها في الفاسد لأنها ليست زوجة وفي (البزازية) بعدما ذكر أنها في الفاسد لا تلزم قال: وفي النكاح بلا شهود تلزم، وفيه نظر إذ هو من أفراده (على زوجها) ولو فقيرًا أو صغيرًا له مال (و) تجب (الكسوة) أيضًا، وهي كما قال محمد درعان وخماران وملحفة في كل سنة، وثنى الدرع والخمار باعتبار الصيف والشتاء وأراد بالملحفة الملاءة التي تلبسها عند الخروج، وقيل: هي غطاء الليل ولم يذكر السراويل ولا بد منها في الشتاء وهذا في عرفهم، أما في عرفنا فتجب لها ثياب أخر كالجبة والفراش الذي تنام عليه واللحاف وما يدفع به أذى الحر والبرد ولم يذكر الخف والمكعب لأن ذلك إنما يحتاج إليه للخروج وليس للزوج تهيئة أسباب الخروج كذا في (الظهيرية)، وهذا يعين كون المراد بخطا الليل والخصاف أبدل الدرع بالقميص، قال في (الفتح): وهما سواء إلا أن القميص يكون مجيبًا من قبل الكتف والدرع من قبل الصدر، وذكر شمس الأئمة أن لها فراشًا على حدة ولم يكتف بفراش واحد لأنها ربما تعتزل عنه في أيام الحيض أو في زمان مرضها. قال في (البحر): وقد استفيد من هذا أنه لو كان لها أمتعة من فرش ونحوها لا يسقط عن الزوج ذلك بل يجب عليه، وقد رأينا من يأمرها بفرش أمتعتها له ولا ضيافة جبرًا عليها وذلك حرام انتهى. لكن قدمنا عنه في باب المهر معزيًا إلى (المبتغى) أنها لو زفت إليه بلا جهاز يليق بها فله مطالبة الأب بما دفعه من الدراهم والدنانير إلا

بقدر حالهما ولو مانعة نفسها للمهر لا ناشزة ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا سكت انتهى. وعلى هذا فإذا زفت إليه به لا يحرم عليه الانتفاع به وفي عرفنا يلتزمون كثرة المهر لكثرة الجهاز وقلته بقلته ولا شك أن المعروف كالمشروط فينبغي العمل بما مر، (بقدر حالهما) فإن كانا موسرين وجبت نفقة اليسار أو معسرين فنفقة الإعسار ولو كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا/ فظاهر الرواية وبه قال الكرخي ورجحه غير واحد اعتبار حال الزوج، والخصاف وغيره اعتبر حالهما فأوجب نفقة وسطًا يعني فوق نفقة المعسر ودون نفقة الموسر فيخاطب بقدر وسعة والباقي دين عليه إلى الميسرة قالوا: وعليه الفتوى، وعلى هذا فلا تجب عليه إذا كان موسرًا وهي فقيرة أن يطعمها مما يأكل نعم يندب له ذلك ثم إذا كانت دراهم فإن كان محترفًا دفع لها يومًا بيوم عند المساء عن اليوم الآتي، وإن كان تاجرًا دفع نفقة شهر بشهر، وإن كان من الدهاقين دفع سنة بسنة، أو من الصناع الذي لا يبقى عملهم إلا بانقضاء الأسبوع فكذلك كذا في (الفتح) ومعناه إذا تراضيا عن ذلك أما لو قال التاجر: أنا أدفع لها كل يوم كان لها ذلك، وفي (التجنيس) لو طلبت بعد فرض الشهر النفقة كل يوم كان لها ذلك. (ولو) كانت (مانعة نفسها للمهر) المعجل سواء دخل بها أو لا على قول الإمام كما مر لأن المنع بحقه حتى لو كان كله مؤجلاً كانت بالمنع مناشزة إلا على قول الثاني من أن لها المنع وبه يفتى (لا ناشزة) بالجر عطفًا على الزوجة وجعله العيني خبرًا لكان المحذوفة مع اسمها وهي لغة: العاصية على الزوج المبغضة له، وعن الزجاج نشوز المزوجين كراهة كل منهما صاحبة كذا في (المغرب)، وعرفًا: الخارجة عن منزل الزوج بغير عذر شرعي فالممتنعة عن المجيء منزله خارجة عنه وأما التي لم تمكنه من الدخول إلى منزلها المملوك الذي كانت تسكن معه فيه قبل أن تسأله أن يحولها إلى منزله أو يكتري لها منزلاً فكالخارجة إلى موضع آخر ولو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو عكسه كانت ناشزة. قال في (المجتبي): وبه عرف جواب مسألة في زماننا هي ما لو تزوج من المحترفات التي تكون في النهار في مصالحها وبالليل عنده فإنه لا نفقة لها انتهى. وفيه نظر سيأتي إيضاحه ولو ادعى عليها نكاحًا فجحدت ثم أقام البينة فلا نفقة لها وكذلك لو كان الإنكار منه كما (الفتح) وخرج ما لو مانعته من الوطء فإنها لا تكون ناشزة، وقولنا كذلك لو أجرت نفسها لإرضاع صبي وزوجها شريف وقيل تكون ناشزة وبقولنا بغير عذر شرعي ما لو أبت السكنى في مكانه المغصوب أو بعث أجنبيًا بحملها إليه أبت أن تذهب معه وسيأتي أنها تخرج لزيارة أحد أبويها، وقالوا: إنها

وصغيرة لا توطأ، ومحبوسة بدين، ومغصوبة ـــــــــــــــــــــــــــــ تخرج أيضًا لمسألة وقعت لها لم يعرفها زوجها وعنها لم يسأل ولو عادت إلى منزله بعدما سافر أجابوا بأنها خرجت عن أن تكون ناشزة كذا في (الخلاصة) وفيها شهدوا أنه أوفاها المعجل وليست في بيته فلا نفقة لها ولو شهدوا أنها في طاعة الزوج للجماع لا تقبل انتهى. وبه علم أن القول لها في عدم النشوز مع يمينها (وصغيرة) أي: لا تجب النفقة لصغيرة (لا توطأ) أي: لا تطيق الوطء سواء كانت تصلح للخدمة والاستئناس أو لا لأن امتناع الاستمتاع لمعنى فيها وأورد أن هذا المعنى موجود في الرتقاء والقرناء ومن بها مرض يمنع الجماع مع أن النفقة واجبة لهن سواء أصابهن هذا بعدما انتقلت إلى بيت الزوج أو قبله وأجيب بأن المعتبر في إيجاب النفقة احتباس ينتفع به الزوج بالوطء أو الدواعي والثاني موجود هنا وعلى هذا قالوا: إذا كانت الصغيرة مشتهاة يمكن جماعها في ما دون الفرج تجب النفقة كذا في (الذخيرة). قال في (الفتح): والظاهر أن من تشتهى للجماع فيما دون الفرج مطيقة للجماع في الجملة والأصح أن الإطاقة ليس لها حد مقرر بالسن وأن السمينة تطيقه ولو صغيرة، قيد بالنفقة لأن المهر يجب لها ولو كانت ولدت ويجبر الزوج على دفعه وبالصغيرة لأن الكبيرة تجب نفقتها ولو كان زوجها صغيرًا جدًا في ماله فإن لم يكن له مال لا تجب على أبيه إلا إذا ضمنها كالمهر كما في (الخلاصة)، (ومحبوسة بدين) أطلقه تبعًا (للجامع الصغير) ليعم ما إذا كانت قادرة على إيفائه أو لا لفوات الاحتباس واستشهد له محمد بما لو غصب العين المؤجر ضمن يد المستأجر فإن الأجرة تسقط لفوات الانتفاع لا من جهته / وعليه الاعتماد وفي (الفتح) وغيره وعليه الفتوى. قال الحدادي: ولو حبسها هو بدين له عليها فلها النفقة على الأصح وعليه ففي إطلاقه مؤاخذة وقيد بالدين حملاً لحال المسلم على الإصلاح وإلا فالمحبوسة ظلمًا لا نفقة لها أيضًا كما في (الذخيرة). قال الإتقاني: وفرض محمد المسألة في المفروضة لأنه في غيرها لا تتصور المسألة لسقوطها، وفيه نظر لأن عدم الوجوب لشيء لا يستلزم ثبوته أولاً قيد بحبسها لأن حبسه مطلقًا غير مسقط لنفقتها كذا غير كتاب إلا أنه في (تصحيح القدوري) نقل عن قاضي خان أنه لو حبس في سجن السلطان ظلمًا اختلفوا، والصحيح أنها لا تستحق النفقة انتهى. ولو طلب أن تحبس معه لا يجاب إلى ذلك كما في (الخلاصة) وفي (مآل الفتاوى) إذا خيف عليها الفساد يجاب إلى ذلك عند المتأخرين، (ومغصوبة) أي: ممنوعة عنه لما قلنا وهذا هو ظاهر الرواية، وعن الثاني عدم السقوط في الفصلين

وحاجة مع غير الزوج، ومريضة لم تزف، ولخادمها لو موسرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ والفتوى على السقوط، (وحاجة) أي: فرضًا أو نفلاً (مع غير الزوج) سواء كان معها محرم أو لا بعدما سلمت نفسها أو قبلها في ظاهر الرواية لما مر ولو تطوعًا أما إذا حج معها فلها النفقة اتفاقًا يعني نفقة الحضر على مضى أنه ينظر إلى قيمة الطعام فيدفع لها أما الكراء ونفقة السفر فلا، وقال أبو يوسف: إن حجت مع محرم كان لها النفقة، والأول قول محمد وهو الأظهر وأما إذا حجت قبله التعلة فلا نفقة لها بالإجماع ولو بمحرم كذا في (الجوهرة) وهذا مناف لما مر، (ومريضة لم تزف) إلى بيت الزوج صحيحة هذا ظاهر في أنها لو سلمت نفسها وهي مريضة فلا نفقة لها، أما إذا كانت صحيحة فمرضت بعدما زفت إليه فإن لها النفقة استحسانًا لقيام الاحتباس فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت والمانع لعارض فأشبه الحيض كذا في (الهداية). قال في (الفتح): وهذا مبني على اشتراط التسليم لوجوبها وقدمنا أنه مختار بعض المشايخ ورواية عن أبي يوسف والفتوى على ظاهر الرواية وهو الأصح تعلقها بالعقد الصحيح ما لم يمنع نشوزه والمستحسنون لهذا التفصيل هم المتأخرون لتلك الرواية والمختار وجوب النفقة لتحقق الاحتباس لاستيفاء ما هو من مقاصد النكاح من الاستئناس والاستمتاع بالدواعي، قال في (الخلاصة): لو كانت مريضة ومعها زوجها أو قبل الدخول أو بعده تجب، وفي (الجامع الكبير) سواء أصابتها هذه العوارض بعدما انتقلت إلى بيت زوجها أو قبله فيما إذا لم تكن مانعة نفسها وهذا جواب ظاهر الرواية انتهى. ومثله في (البدائع) وادعى في (البحر) أن ما ذكر المشايخ ليس مفرعًا على ما عن الثاني بل إطلاق ظاهر الرواية يفيد بأن يمكنها الانتقال معه أما إذا لم يمكنها فإنها لا تجب وأنت خبير بأن ما في (الكتاب) ظاهر في أن المريضة لا نفقة لها حيث لم تزف إليه سواء كان يمكنها الانتقال إليه أو لا، وهذا برواية الثاني أليق. (و) تجب النفقة والكسوة أيضًا (لخادمها لو موسرًا) أي: الزوجة يعني المملوك لها في ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في (الذخيرة) الذي لا شغل له غير خدمتها بالفعل فلو لم يكن في ملكها أو كان له شغل غير خدمتها أو لم يكن له لكنه لم يخدمها فلا نفقة له وقيد المسألة في (الخلاصة) ببنات الأشراف ويوافقه ما قيد به أبو الليث إطلاق الخصاف من أنها لو أبت عن الطبخ ونحوه لا تجبر عليه، وعلى الزوج أن يأتيها بمن يكفيها عمل ذلك بأن هذا إذا كان بها علة لا تقدر على ذلك، أو كانت ممن لا تباشر العمل بنفسها فإن كانت ممن تخدم بنفسها وتقدر على ذلك لا يجب عليه وفي بعض المواضع وتجبر على ذلك، وقال السرخسي: لا

ولا يفرق بعجزه عن النفقة وتؤمر بالاستدانة عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ يجبر ولكن إذا لم تطبخ لا يعطيها الأدام، وهو الصحيح أي أدام هو طعام لا مطلقًا كما لا يخفى وفي كلامه إيماء إلى أنه لا يفرض لها أكثر من نفقة واحد ولو تعددت خدامها وهذا عندهما، وقال الثاني: يفرض لها نفقة خادمين ولا خلاف أنه لو كان له أولاد لا يكفيهم خادم واحد فرض عليه نفقة خادمين أو أكثر كما في (الفتح)، ولو جاء الزوج بخادم / يخدمها لم يقبل منه إلا برضاها كذا قالوا: وينبغي أن يقيد إذا لم يتضرر من خادمها، أما إذا تضرر منه بأن كان يختلس من ثمن ما يشتريه كما هو دأب صغار العبيد في ديارنا ولم يستدل به غيره وجاءها بخادم أمين فإنه لا يتوقف على رضاها قيد يساره لأن المعسر لا تجب عليه ذلك فيما رواه الحسن عن الإمام وهو الأصح خلافًا لمحمد وجه الظاهر أنها تكتفي بخدمة نفسها وإنما الخادم لزيادة التنعم فلا يلزمه إلا حالة اليسار. قال في (الفتح): وهذا يخالف ما مر من اعتبار حالهما وأنه عند إعساره دونها تنفق بقدر حاله والباقي دين عليه وقياسه أن تجب نفقة الخادم دينًا عليه، قال في (البحر): وقد يقال إنما قبل ذلك في نفقتها للجمع بين الدليلين أعني الآية وحديث هند وليس ذلك في الخادم فكان على الأصل من اعتبار حاله. وأقول: وفيه نظر إذ لو اعتبر حاله فيه لوجب عليه نفقته لها إذا كان موسرًا وهي فقيرة وقد علمت أنها لا تجب ولو ادعت يساره وأنكر فالقول له إلا أن تقيم البينة على ذلك ولو طلبت من القاضي السؤال عن حاله من جيرانه لا يجب عليه ذلك ولو سأل فأخبره عدلان يساره ثبت ليساره بخلاف سائر الديون، كذا في (البزازية) (ولا يفرق) أي: لا يفرق القاضي بين الزوجين (لعجزه عن النفقة) لأن التفريق إبطال حقه وفي عدمه تأخير حقها والثاني أحق صدرًا من الأول، فكان أولى على أن غاية النفقة أن تكون دينًا في الذمة وقد أعسر الزوج بها فكانت مأمورة بالانتظار بالنص، (وتؤمر بالاستدانة عليه) يعني بعد فرض القاضي نفقتها عليه وهي أن تشتري الطعام على أن يؤدي الزوج ثمنه، وقال الخصاف: وهي الشراء بالنسة ليقضي الثمن من مال الزوج، وفائدة الأمر بها إحالة الغريم على الزوج وإن لم ترض. وقال في (التحفة): هي أن لصاحب الدين أخذ دينه من الزوج أو من المرأة وبدون الأمر لها ليس له الرجوع إلا على المرأة وأيضًا ومن الفوائد أنها لا تسقط بموت أحدهما في الصحيح بخلاف القضاء وحده، وإنما لم يؤمر الرجل بالاستدانة لأنه بعد ثبوت إعساره لا يأمنه أحد غالبًا على ماله ولو كان للزوجة ابن أو أخ موسر أمر الابن أو الأخ بالإنفاق عليها ويرجع به على الزوج إذا أيسر فإن امتنع حبس لأن هذا من

وتمم نفقة اليسار بطروه وإن قضي بنفقة الإعسار ـــــــــــــــــــــــــــــ الموروث كذا في (شرح المختار). قال الشارح: وبهذا تبين أن الإدانة لنفقتها إذا كان الزوج معسرًا وهي معسرة تجب على من كانت تجب عليه نفقتها لولا الزوج وعلى هذا لو كان للمعسر أولاد صغار ولم تقدر على نفقتهم تجب نفقتهم على من تجب عليه لولا الأب كالأم وكالأخ والعم ثم ترجع به على الأب. وقوله في (البحر) ما في (شرح المختار) ينبغي أن يكون محله ما إذا لم تجد أجنبيًا يبيعها بالنسبة أو يقرضها مدفوع بالتعليل بالموروث إذ ليس منه أن يقترض من أجنبي لنفقتها مع وجود من هو قادر عليها من أقاربها، واعلم أنه إذا لم يوجد من هؤلاء أحد ولا من يدينها استحسن علماؤنا أن يأمر القاضي شافعي المذهب أن يفرق بينهما وينفذ قضاؤه، فإن كان الزوج غائبًا وأقامت بينه على إعساره فالصحيح أن قضاءه لا ينفذ ولو نفذه قاض آخر لا ينفذ أيضًا في الأصح كذا في (الذخيرة) يعني القاضي الحنفي فلا ينافيه ما في فتاوى قارىء (الهداية) ولو فسخ مع البينة فإن نفذه قاض آخر وتزوجت صح الفسخ والتنفيذ والتزويج فلا يرتفع بحضور الزوج وادعائه أنه ترك عندهما نفقة من عينه وأقامت البينة بذلك لأن المرأة بعدم النفقة اتصل بها القضاء فلا تنقض، كذا في فتاوى قارىء (الهداية). (وتتمم نفقة اليسار بطروئه) أي: حدوثه (وإن قضى) عليه (نفقة الإعسار) لأن القضاء إنما كان للإعسار وقد زال فبطل، قال الشارح: هذه المسألة تستقيم على قول الكرخي من اعتبار حاله لا على ما ذكر الخصاف من اعتبار حالهما، فيكون فيه نوع تناقض لأنه جرى في أول الباب على قول الخصاف وهنا على قول الكرخي وعبارته في (الهداية) وإذا قضي القاضي لها بنفقة الإعسار ثم أيسر فخاصمته تم لها نفقة الموسر. قال في (الفتح): هكذا مشى عليه أيضًا / صاحب (الكنز) بعد اعتبار حال الزوج والزوجة في وجوب النفقة فاعترض عليه شارحه فحكى ما مر وأجاب في (البحر) بأنه مستقيم على قول الكل لأن الخلاف إنما يظهر فيما إذا كان أحدهما معسرًا والآخر موسرًا وكلام المصنف أعم من ذلك فإنهما إذا كانا معسرين ثم أيسرا يتم نفقة اليسار اتفاقًا وإذا أيسر وحده قضي بنفقة يساره وهي الوسط عند الخصاف، وكذا إذا أيسرت وحدها إذا لم يقيدها يسار الزوج وإن قلنا إن المراد كما وقع التصريح به في (الهداية) فهو محول على يسارها أيضًا، ومتى أمكن الحمل فلا تناقض. وأقول: ما ذكر مبني على أن نفقة الوسط تسمى نفقة يسار وهو ممنوع، وقال العيني: بل هو مستقيم على قول الخصاف أيضًا لأن المعتبر على قوله عند إعسار

ولا تجب نفقة مضت إلا بالقضاء، أو الرضا، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما النفقة المتوسطة فبعد يساره يتم نفقة الموسرين انتهى. لكن يرد عليه أن العبارة صادقة بما إذا كانا معسرين فأيسرت وعكسه فإنه لا يتم لها نفقة الموسرين على قول الخصاف فيهما ويتم على قوله الكرخي فيما إذا أيسر هو وحينئذ قال في اليسار بدل من المضاف إليه أي يسار الزوج كما فهمه الشارح وجرى عليه في (فتح القدير) كما قد علمت، وهذا لأن الكلام السابق فيه أعني قوله ولا يفرق بعجزه عن النفقة وكذا قوله وإن قضي عليه بنفقة الإعسار والله الموفق. (ولا تجب نفقة مضت) يعني دينًا في الذمة وكذلك كسوة لأنها صلة فلم تستحكم الوجوب فيها (إلا بالقضاء) بفرضها عليه أصنافًا أو دراهم ودنانير (أو الرضى) بينهما بأن يصالحها الزوج على مقدار منها، كذا في (الشرح) وفي (الفتح) والحاصل أن نفقتها لا تثبت دينًا في ذمته إلا بقضاء القاضي بفرض أو اصطلاحهما على مقدار انتهى، والمراد به الماضية فإذا اصطلحا في الماضي على مقدار معين صار دينًا في ذمته لأن ولايتهما على أنفسهما فرق ولاية القاضي. قال في (البحر): والمراد بالرضى اصطلاحهما على قدر معين أصنافًا أو دراهم وكذا عبر الحدادي بالفرض والتقدير فإذا فرض لها الزوج شيئًا معينًا كل يوم ثم مضت مدة فإنها لا تسقط فهذا هو المراد بقولهم، وأما ما توهمه بعض حنفية العصر من أن المراد بالرضى أنه إذا مضت مدة بغير فرض ولا رضى ثم رضي الزوج بشيء فإنه يلزمه فخطأ ظاهر لا يفهمه من له أدنى تأمل. وأقول: رأيت في (الظهيرية) مايؤيد ما في (البحر) ولفظه فإن فرض لها القاضي أو صالحت زوجها من النفقة على شيء معلوم كل شهر ولم ينفق عليها حتى أنفقت من مال نفسها أو استدانة أولى، وفي (الذخيرة) وغيرها اختلفا فيما مضى من المدة من وقت القضاء ومن وقت الصلح فالقول للزوج والبينة لها، وهذا الثاني أظهر من الأول ومقتضى ما في (البحر) أن الصلح بناء على ما ادعاه من خطأ ذلك الفهم غير صحيح، وكان وجهه أنه صلح عما لم يجب في الذمة واعلم أنه ينبني على كونها لا تثبت دينًا في الذمة إلا بما ذكر، أن الإبراء عنها قبل ذلك صحيح لما أنه أبرأ قبل الوجوب ولو كان القاضي فرض لها ذلك كل شهر كذا صح في الشهر الأول فقط وكذا لو قالت أبرأتك عن نفقة سنة لا يبرأ إلا عن شهر إلا أن يكون فرض لها كل سنة كذا ولو أبرأته بعد مضي شهر عما مضى وعما يستقبل برىء عما مضى وشهر فيما يستقبل كذا في (الفتح) يعني إذا فرض كل شهر

وبموت أحدهما تسقط المقضية، ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا وقياسه أنه لو فرض لها كل سنة كذا فلما مضت سنة برأته عما مضى وعما يستقبل أن يبرأ عن سنتين ماضية ومستقبلة، وأنها لو فرض لها كل يوم نصفًا فأبرأته عن النفقة برىء عن يوم فقط وكذا الكفالة بها كما في (الذخيرة). وذكر ما قدمناه عن الثاني من أنه يجبر على إعطاء كفيل ينفقه شهر استحسانًا عند الثاني قال: لما فرق في هذا الحكم بين أن تكون النفقة معروضة أو لا انتهى، وكأنه جعل نفقة الشهر لا تسقط بمضي المدة حتى صحت الكفالة بها والذي ذكره في (الغاية) عن (الذخيرة) إن عم السقوط يقيد بما دون الشهر فيحمل على أن قولهما توفيقًا وفيها الأصل أن الصلح متى حصل بشيء يجوز للقاضي أن يفرضه كان تقديرًا للنفقة سواء كان فرض القاضي أو التراضي أو بعد أحدهما وإن وقع على شيء لا يجوز فرضه كالثوب والعبد إذا كان قبل قضاء القاضي أو التراضي اعتبر تقديرًا أيضًا، وإن كان بعد أحدهما اعتبر معاوضة، وفائدة الأول أن تجوز الزيادة عليه والنقصان عنه، وفائدة الثاني أن لا يجوز ذلك انتهى، وفي قوله أو بعد أحدهما إيماء إلى أن الصلح بعد فرض القاضي مبطل لفرضه حتى لا يلزمه إلا ما تراضيا عليه وبه يعرف/ أنهما لو اتفقا على أن تأكل معه تموينًا بعد الفرض والإنفاق على قدر معين فإنه يبطل ما مضى كذا في (البحر). (وبموت أحدهما) أي: الزوجين (تسقط) النفقة (المقضية) أي: المقتضى بها لأنها صلة، والصلاة بالموت كالهبة والدية إلا إذا استدانتها بأمر القاضي فلا تسقط بخلاف ما لو كانت الاستدانة بغير الأمر لأن للقاضي ولاية عامة فنزلت استدانتها منزلة الاستدانة وسكت عن سقوطها بالطلاق فإن فيه خلافًا فقيل لا تسقط والذي جزم به الخصاف السقوط حيث قال: وتسقط بموته وموتها وتسقط أيضًا إذا طلقها أو أبانها انتهى، وهو صريح في سقوطها بالرجعي ما لم يأمرها القاضي بالاستدانة وتستدين في الأصح، وفي (البزازية) وبالطلاق تسقط بلا خلاف، والبقالي ذكر الخلاف بين الثاني ومحمد وعلى ثبوت الخلاف فالأصح السقوط كما في شرح (المنظومة) للشيخ عبد البر لابن الشحنة، وادعى في (البحر) أنه ينبغي ضعف القول بالسقوط لما في (البدائع) لا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به عن سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح، وقال قبله: وأما حكم الخلع فإن كان بغير بدل بأن قال: خالعتك ونوى الطلاق لا يسقط شيء من المهر والنفقة الماضية، وفي (غاية البيان) فإن كان بلفظ الطلاق على مال ففي ظاهر الرواية لا تقع البراءة عن الحقوق المتعلقة بالنكاح، وفي رواية الحسن تقع وهو ظاهر في أنه إذا كان على غير

ولا ترد المعجلة، ويباع القن في نفقة زوجته ونفقة الأمة المنكوحة، إنما تجب بالتبوئة والسكنى ـــــــــــــــــــــــــــــ مال لا تقع البراءة اتفاقًا قال: وهذا مما يتعين المصير إليه، وفيه نظر، (ولا ترد) النفقة (المعجلة) ولو قائمة بموت أحدهما أو تطليقه إياها وبالثانية صرح في (الخانية) وهذا عندهما وقال محمد: ترد القائمة، والفتوى على قولهما. (ويباع القن) وهو العبد الذي لا حرية فيه بوجه (في نفقة زوجته) فيه إيماء إلى أن النكاح بإذن المولى، قيل: لأنه دين وجب في ذمته لوجود سببه وقد ظهر وجوبه في حق المولى فيتعلق برقبته كدين التجارة، وفي هذا التعليل إيماء إلى أنه يباع في المفروضة كما في (الفتح) وغيره المتجمدة عليه ما لم يختر المولى فداه، وفي (الذخيرة) فإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجز عن أدائه يباع فيه ما لم يفديه المولى، وبه عرف أنه لا يباع في نفقة يوم ولو اختارت استسعاءه ينبغي أن يجاب إلى ذلك كالمأذون على ما سيأتي ولو قتل سقطت في الأصح، وكذا لو مات اشتراه من علم بحاله أو لم يعلم ثم على فرض ظهر السبب في حقه أيضًا فإذا اجتمعت عليه النفقة مرة أخرى يباع ثانيًا وكذا حاله عند المشتري الثالث وهلم جرا، ولا يباع مرة بعد أخرى إلا في دين النفقة كذا في (الفتح). وفي قوله: فإذا اجتمعت حينئذ إيماء إلى أنه لو بيع فلم تف قيمته بما عليه لم يبع في الباقي ثانيًا وما وقع في صدر الشريعة من أنه يباع في الباقي أيضًا فسهو قيد بالعبد لأن المكاتب والمدبر صوابه ولد أم الولد، وأم الولد إنما يستسعون إلا إذا عجز المكاتب وأطلق في الزوجة فشمل الحرة ولو بنت المولى كما في (الذخيرة) والأمة إلا أمة المولى ونفقتها لأن نفقة أولادهما لا تجب عليه. وهل يباع في كفر زوجته بناء على ما مر من وجوبه على الزوج مطلقًا؟ على قول الثاني يبنبغي أن يباع (ونفقة الأمة المنكوحة) ولو مدبرة وأم ولد، أما المكاتبة فالكالحرة (إنما تجب بالتبوئة) وهي: أن يخلي المولى بينه وبينهما ولا يستخدمها كذا في (كافي الحاكم)، وهو ظاهر في أنها لو خدمته من غير استخدامه تجب وبه صرح في (الذخيرة) وفيها أن استخدام أهله كاستخدامه ولو استخدمها وهي في منزل الزوج فظاهر ما في (الكافي) سقوطها إلا أن تعليلهم السقوط بعدم التبوئة بأنه فات الاحتباس يفيد خلافه قيد بالأمة لأن الحرة تجب نفقتها بدونها ولو كان زوجها عبدًا ولو بؤها بعد الطلاق لا تجب بخلاف الحرة إذا نشزت ثم عادت بعد الطلاق والفرق لا يخفى، وفي قوله إنما تجب إيماء إلى فرضها قبلها غير صحيح (و) تجب أيضًا (السكنى) بمعنى الإسكان للزوجة على زوجها بقدر حالهما ولم يقيدهما بذلك

في بيت خال عن أهله، وأهلها ولهم النظر، والكلام معها ـــــــــــــــــــــــــــــ استغناء بما مر وهذا لأن اسم النفقة يعمها أيضًا، غير أنه أفردها لأن لها حكمًا يخصها (في بيت) لأنها في كفايتها تجب لها كالنفقة ولم يقل في دار لأنه لو أسكنها في بيت منه مفرد وله غلق كفاها لحصول المقصود، وكذا في (الهداية) وفيه إفادة إلى أنه كاف ولو كان الخلاء مشتركًا بعد أن يكون له غلق يخصه فليس لها أن تطالبه بمسكن آخر، وبه قال القاضي الإمام: لأن الضرر بالخوف هنا على المتاع وعدم التمكن / من الاستمتاع قد زال ولا بد من كون المراد كون الخلاء مشتركًا بينهم وبين غير الأجانب، والذي في شرح (المختار) أنه إن أخلى لها بيتًا وجعل له مرافق وغلقا على حدة ليس لها أن تطلب بيتا، كذا في (الفتح) وهذا يفيد أنه لا بد من بيت للخلاء ومطبخ وينبغي الاعتناء به كذا في (البحر). (خال عن أهله) ولو ولده من غيرها إلا أن يكون صغيرًا لا يفهم الجماع فله إسكانه معها كأمته (وأهلها) كأصلها وفرعها من غيره ولم نجد في كلامهم ذكر المؤنسة إلا أنه في فتاوى قارىء (الهداية) قال: إنها لا تجب ويسكنها بين قوم صالحين بحيث لا تستوحش وهو ظاهر في وجوبها فيما إذا كان البيت خاليا عن الجيران ولا سيما إذا كانت تخشى على عقلها من سفه (ولهم النظر، والكلام معها) أي وقت اء أو تحاميًا عن قطيعة الرحم مع عدم الضرر عليه بدخول بيته، وفيه إيماء إلى أنهم يمنعون من الدخول بخلاف القيام على باب الدار كما في (الخانية) لكن الأصح أنه لا يمنع الأب والأم من الدخول عليها ولا تمنع هي من خروجها إليهما في كل جمعة وفي غيرهما من المحارم في كل سنة وإنما يمنعهم من البيتوتة عندها وعليه الفتوى، وقيد في (النوادر) عن الثاني خروجها بأن لا يقدرا على إتيانها فإن قدرا لا تذهب. قال في (الفتح): وهو حسن، ثم قال: واختار بعض المشايخ منعها من الخروج إليهما، والحق الأخذ بقول أبي يوسف إذا كان الأبوان بالصفة التي ذكرت وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر يتعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصًا إذا كانت شابة والرجل من ذوي الهيئات ولو كان أبوها زمنًا مثلاً وهو محتاج إلى خدمتها وهو يمنعها كان عليها أن تعصيه مسلماً كان الأب أو كافرًا انتهى. قالوا: وله أن يأذن لها في الخروج إلى زيارة الأبوين وعيادتهما وتعزيتها أو أحدهما وزيارة المحارم فإن وقعت لها نازلة فسأل الزوج عنها وأخبرها بحكمها لا تخرج، وإن امتنع خرجت بلا إذن وإن أرادت أن تخرج لتعلم مسألة من مسائل الصلاة أو الوضوء فإن

وفرض لزوجة الغائب، وطفله، وأبويه في مال له عند من يقربه، وبالزوجية ويؤخذ كفيل منها ولمعتدة الطلاق ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ أغناها الزوج عن ذلك لا تخرج وإلا فالأولى أن يأذن لها أحيانًا وإن لم يأذن فلا شيء عليه لو كانت غاسلة أو قابلة أو لم تقبض معجل مهرها أو كان لها على آخر حق تخرج بغير الإذن والحج على هذا يعني الفرض وينبغي أن يقيد حروجها فيما إذا كان لها حق بكونها غير محذرة لأنه لا يقبل التوكيل منها حينئذ فإن كانت وكلت وقول الفقيه: إنها تمنع من الحمام، خالفة الناس. قال في (الفتح): وحيث أبحنا الخروج فإنما يباح بشرط عدم الزينة وتغيير الهيئة على ما لا يكون داعية لنظر الرجال والاستمالة والله الموفق. (وفرض) أي: فرض القاضي النفقة (لزوجة الغائب) ولو مفقودًا (وطفله وأبويه من مال له) وديعة أو مضاربة أو دينًا ويشترط أن يكون من جنس النفقة كالدراهم والدنانير وغلة العبد والدار لأن خلاف الجنس يحتاج إلى البيع ولا يباع مال الغائب اتفاقًا لأنه لما أقر بذلك فقد أقر بحق الأخذ (عند من يقربه وبالزوجية) ولا بد أن يقر بالنسب أيضًا في الوالد والولد قالوا: وعلم القاضي بذلك كاف قيد بإقراره لأنه لو أنكر وطلب يمينه لا يستحلف، ولو أقامت البرهان بما ادعته عليه لم تقبل لأنه ليس خصمًا (ويؤخذ كفيل منها) بما أخذته لا بنفسها وجوبًا في الأصح وسكت عن تحليفها، وقد قالوا: إن القاضي يسألها هل عجل لها نفقة؟ ولم تكن ناشزة ولا مطلقة انقضت عدتها وبهذا ظهر اختصاصها بأخذ الكفيل منها فاندفع بعض ما في نسخ (المستصفى) من قوله ويؤخذ كفيل منه أي من أخذ النفقة إذ ليس في الأخذ من غير الزوجة فائدة إذ غاية الأمر أن يكون قد عجل النفقة أيضًا، ولو ادعى القريب هلاكها أو سرقتها قضى بأخرى فلو جاء الغائب وأقام البرهان على تعجيلها أو إرسالها رجع عليها أو على الكفيل، قيل: ولو نكلت عن اليمين فكذلك قيد بالنفقة لأن دين الغائب لا يقضى منه ولو أقر به من عنده المال وبالمال لأنه لو لم يترك مالا وطلبت من القاضي فرض النفقة لا يفرض لها القاضي شيئًا أقامت بينه على النكاح أو لا، قال زفر: يسمعها ويفرض لها النفقة أمرًا لها بالاستدانة فإن حضر الزوج وأنكر النكاح/ كلفها القاضي إقامة البينة ثانيًا. قال الخصاف: وهذا أرفق بالناس، وفي (ملتقى البحار) وهو المختار وفي غيره وبه يفتى، وفي (الفتح) ونقل مثل قول زفر عن أبي يوسف يقوي عمل القضاة لحاجة الناس إلى ذلك ولو غاب وترك صغارًا والمسألة بحالها أجبرت الأم على الإنفاق عليهم بعد فرضه لترجع وإلا استدانت، (و) تجب أيضًا النفقة والسكنى (لمعتدة الطلاق) لا

لا للموت والمعصية، ـــــــــــــــــــــــــــــ فرق في ذلك بين البائن والرجعى كذا في (الشرح) ولم يذكر محمد الكسوة واعتذر عنه بأنها لا تبقى في العدة زمنًا تحتاج إليها حتى لو بقيت يعنى بأن كانت ممتدة الطهر وجبت لها أيضًا وهذه النفقة كما هي في النكاح وتسقط بمضي المدة إلا بفرض أو صلح وإن استدانت عليه بعد فرضها فإن بقضاء رجعت وإن بغيره ففيه اختلاف الروايات والمشايخ، وأشار السرخسي إلى أنها تسقط وهو الصحيح لعدم قيام السبب حينئذ. وقال الحلواني: المختار عندي لا تسقط، وإطلاق المتون يشهد للثاني، وفي (فروق المحبوبي) لو نشزت المبانة في العدة أو قبلت ابن الزوج لا تسقط نفقتها بخلاف المنكوحة لأن السكنى في الأول حق الله تعالى فكذا النفقة، وفي الثاني حقها وإن ادعت حبلاً أنفق عليها ما بينها وبين سنتين من يوم طلقها فإذا مضت هذه المدة وادعت أن الذي بها ريح وأنها ظنت الحمل به وأنها ممتدة الطهر ألزمه القاضي بالنفقة إلى انقضاء عدتها بحيضها، (لا) تجب النفقة لمعتدة (للموت) ولو حاملاً لأن احتباسها ليس لحق الزوج بل لحق الشرع. قال في (الجوهرة): إلا إذا كانت أم ولد وهي حامل فلها النفقة من جميع المال، كذا في (الفتاوى)، وينبغي أن يكون معناه إذا حبلت أمة من سيدها واعترف بأن الحمل منه لكنها لم تلد إلا بعد الموت فتدبره. وفي (الظهيرية) لو أنفق الوصي على الحامل فضمنه رجع بما أنفقه عليها إلا أن يكون بإذن القاضي أي قاض يرى ذلك لأن عليا وشريحا كانا يريان ذلك من جميع المال، (و) لا تجب أيضا بفرقة (المعصية) من قبلها كتمكينها ابن الزوج وإبائها إذا أسلم هو وهي مجوسية أو وثنية ولم يقل من قبلها لأن نفي وجوبها محصور في كون المعصية منها لأنها صارت حابسة نفسها بغير حق فصارت كالناشزة بل أبعد قيد بالمعصية لأنها لو كانت بغيرها بخيار بلوغ وعتق وعدم كفاءة ووطىء ابن الزوج بها مكرهة وجبت نفقتها، وبكونها منها لأنها لو كانت منه كتقبيل بنت زوجته أو إيلائه مع عدم فيه حتى مضت المدة أو إبائه عن الإسلام إذا أسلمت هي وارتد فأبى عن الإسلام وجبت لها النفقة لأن بمعصيته لا تحرم هي النفقة. قال في (الفتح): ولها السكنى في جميع الصور لأن القرار في منزل الزوج حق

وردتها بعد البت تسقط نفقتها لا تمكين ابنه، ولطفله الفقير ولا تجبر أمه لترضع ـــــــــــــــــــــــــــــ عليها فلا تسقط بمعصيتها، أما النفقة فحق لها فتجازى سقوطه بمعصيتها انتهى. والظاهر أن الكسوة كالنفقة بجامع أن كلاً منهما حق لها (وردتها بعد) الطلاق (البت تسقط نفقتها) لأن الشارع أوجب حبسها ولا نفقة للمحبوسة وكذا لو لحقت بدار الحرب حتى لو لم تلحق ولم تحبس كان لها النفقة، ولو حبست أو لحقت فعادت إلى الإسلام ورجعت إلى بيتها عاد، ولم يقيد المسألة الأولى بحبسها لأن أوامر الشرع لا يتخلف عنها المكلف فحكم سقوطها بمجرد ردتها إيذانًا بأنه موجود عقب ردتها بلا تخلف. (و) يجب النفقة والكسوة والسكنى (لطفلة) وهو الصبي حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم، ويقال جارية طفل وطفله كذا في (المغرب) وقيل اول ما يولد صبي ثم طفل (الفقير) لقوله تعالى:} وعلى المولود له رزقهن {] البقرة: 233 [الآية، أوجب على الأب رزق الوالدات وعبر بالمولود تنبيهًا على علة الإيجاب عليه وهي الولادة، وإذا وجبت نفقة غيره بسببه فنفقة نفسه أولى قبل بالطفل لأن الكبير القادر على الكسب لا تجب نفقته على أبيه بخلاف العاجز كالذي به زمانه أو عمى أو شلل أو ذهاب عقل ومنه الأنثى إلى أن تتزوج وليس له أن يؤجرها وأبناء الكرام إذا كانوا لا يجدون من يستأجرهم وكذا طلبه العلم إذا كانوا لا يهتدون إلى الكسب، وقيده الحلواني بأن يكون لهم رشد وبالفقير لأنه لو كان غنيًا فنفقته في ماله إلا أن يكون المال غائبًا فتجب على الأب فإذا أراد أن يرجع أنفق بإذن القاضي فلو أنفق بلا إذن لم يرجع إلا إذا/ أشهد أنه أنفق ليرجع، فلو لم يشهد لم يرجع وإن جاز له ذلك ديانة وإطلاقه يعم ما لو كان الأب فقيرًا أيضًا لكنه قادر على الكسب فإن أبى عنه حبس، وإن كان عاجزًا. قال الخصاف: يتكفف الناس وينفق عليهم ولو لولده الصغير مال كانت نفقته في مال ابنه وفي (الذخيرة) إذا خاصمت الأم في نفقة الصغار ففرضها القاضي على الأب فإنها تدفع إليها، فإن قال الأب لا تنفق عليهم لم يقبل قوله ولو طلب من القاضي السؤال من جيرانها فأخبروا بما قال منعها وزجرها ومن مشايخنا من قال: إن القاضي مخير إن شاء دفع النفقة إلى ثقة يدفعها إليها صباحًا ومساء وإن شاء أمر غيرها أن ينفق على الأولاد ولو صالحته على نفقتهم موسرًا كان أو معسرًا جاز، (ولا تجبر أمه لترضع) يعني قضاء وإن لزمها ديانة لأنه كالنفقة وهي على الأب، وإطلاقه يعم ما إذا لم يكن للأب ولا للصغير مال، وذكر الخصاف أنها في هذه الحالة تجبر. قال في (الاختيار): وهو الصحيح، وفي (الخانية) تجبر في هذه الحالة عند

ويستأجر من ترضعه عندها لا أمه لو منكوحة أو معتدة وهي أحق بعدها ما لم تطلب زيادة ـــــــــــــــــــــــــــــ الكل وما إذا لم تجد من ترضعه أو وجد إلا أن الولد لا يأخذ ثدي غيرها لأنه لا يتغذى بالدهن وغيره من المائعات، لكن الأصح أنها تجبر أيضًا، قال في (المجتبي): عند الكل وفيه نظر، وفي (الخانية) وعليه الفتوى، وقال في (الفتح): إنه الأصوب لأن فطم الصبي الذي لم يأنس الطعام على الدهن والشراب سبب بمرضه وموته (ويستأجر) الأب (من ترضعه عندها) لأن الحضانة حقها والنفقة عليه. قال في (الهداية): وقوله عندها معناه إذا أرادت ذلك لأن الحجر لها بناء على ما قدمه من أن الأم لا تجبر على الحضانة لكن قدمنا عن الفقهاء الثلاثة إجبارها، واعلم أن المرضعة لا يلزمها أن تمكث في بيت الأم إلا أن يشترط ذلك بل لها أن ترضعه ثم ترجع إلى منزلها فيما يستغنى عنها من الزمان أو تقول: أخرجوه فترضعه عند فناء الدار ثم تدخل الصبي إلى أمه أو تحمل الصبي معها إلى البيت كذا في (الشرح) ولو انقضت المدة وأبت أن ترضعه ولم يقبل ثدي غيرها. قال محمد: أجبرها عليه، قاله الإتقاني، (الأمة لو منكوحة أو معتدة) أي: لا يجوز ذلك لأن الإرضاع مستحق عليها بالنص فإن امتنعت عذرت لاحتمال عجزها غير أنه بالأجر ظهرت قدرتها فكان الفعل واجبًا عليها ولا يجوز أخذ الأجرة عليه وهو ظاهر في عدم جواز أخذ الأجرة ولو من مال الصغير، وذكر في (الذخيرة) أنه يجوز قال: وما ذكر من عدم جواز استئجار زوجته فتأويله إذا كان ذلك من مال نفسه كيلا يؤدي إلى اجتماع أجرة الرضاع ونفقة النكاح في مال واحد، وجزم به في (المجتبي)، والأوجه عندي عدم الجواز ويدل على ذلك ما قالوه من أنه لو استأجر منكوحة لإرضاع ولده من غيرها جاز من غير ذكر خلاف لأنه غير واجب عليها مع أن فيه اجتماع أجرة الرضاع والنفقة في مال واحد ولو صلح مانعًا لما جاز هنا فتدبره، وأطلق المعتدة ولا خلاف في الرجعي. وفي البائن روايتان: قيل: وظاهر الرواية الجواز وهي أصح الروايتين كذا في (الجوهرة) (والقنية) معللاً بأن النكاح قد زال فهي كالأجنبية إلا أن ظاهر (الهداية) يفيد ترجيح عدمه وهو رواية الحسن عن الإمام وهو الأولى، (وهي) أي: الأم (أحق) بإرضاعه وهو رواية الحسن بإرضاعه بأجر (بعدها) أي: بعد العدة (ما لم تطلب زيادة)، أي: زيادة أجر على الأجنبية لأنها أشفق ونظرًا لأن طلبها الزيادة فيه إضرار بالزوج فلا يجبر عليه، وأورد أنه المانع من جواز استئجارها منكوحته وهو وجوب الإرضاع عليها وهو القدر موجودًا بعد العدة، وأجيب بأنه مقيد بإيجاب رزقها عليه بقوله:} وعلى المولود له رزقهن {] البقرة: 233 [الآية، وهذا المعنى مفقود فيما

ولأبويه، وأجداده وجداته ـــــــــــــــــــــــــــــ بعد العدة، قال الشارح: ولو رضيت الأجنبية بلا أجر أو بدون أجر المثل والأم بأجر المثل فالأجنبية أولى انتهى. أي: بالإرضاع، أما الحضانة فهي للأم وتستحق أجرة عليها كما في فتاوى قارىء (الهداية). وفي (الولوالجية): لو طلبت العمة أن تربية وتمسكه من غير أجر ولا تمنع الأم عنه، فالصحيح أن يقال للأم إما أن تمسكيه بغير أجر وإما أن يدفع إلى العمة انتهى. والعمة ليست بقيد فيما يظهر، بقي أن الأجنبية هل تكون كذلك؟ قال في (البحر): ظاهر المتون أن الأم تأخذه / بأجر المثل ولا تكون الأجنبية أولى، وظاهر كلامهم أن هذه الأجرة لا تتوقف على عقد إجارة مع الأم بل تستحقه بالإرضاع في المدة المذكورة، وعليه أيضًا نفقته وكسوته فقد صرح الشارح في إجازة (الظهيرية) بأن الطعام والثياب على الوالد انتهى. ولا تسقط هذه الأجرة بموته بل هي أسوة الغرماء كذا في (الولوالجية) هذا إذا لم يكن للصغير، مال فإن كان له كانت مؤونة الرضاع ونفقته بعد الفطام في ماله كذا في (المجتبي) وتجب النفقة والكسوة والسكنى أيضًا على الابن الموسر وهو من تحرم عليه الصدقة وبه يفتى، وشرط في (الأجناس) نصاب الزكاة قال الصدر: وبه يفتى. قال في (الفتح): هذا إذا لم يكن كسوبًا فإن كان كسوبًا يعتبر قول محمد وهو أن اليسار بما يفضل عن كسبه كل يوم حتى لو كان كسبه ويكفيه أربعة دوانق وجب عليه الدانقان للغريب، وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى لا يديه، وليس من المعروف تركهما بالجوع والعري وأن تتقلب هي في التنعيم إلا أن محلها على غير الحربيتين، فأما الآباء الحربيون وإن كانوا مستأمنين في دارنا لا يجبر الابن على النفقة عليهم (وأجداده وجداته) من قبل الأم والأب لو فقيرًا. قال في (البدائع): اختلف في حد المعسر الذي يستحق النفقة، قيل: هو الذي لا تحل له الصدقة ولا تجب عليه الزكاة، وقيل: هو المحتاج ولو كان له خادم ففي استحقاقه روايتان في رواية لا يستحق وفي أخرى يستحق وهو الصواب، ولو قال الابن هو غني وادعى الأب الإعسار فالقول للأب والبينة بينه الابن، ودل إطلاقه أن الأب لو كان مع فقره يقدر على الكسب تجب نفقته أيضًا وهذا قول السرخسي حيث قال: وقال الحلواني: أي: لا تجب، وجزم الحاكم بما قاله السرخسي حيث قال في (كافيه): ولا يجبر الموسر على نفقة أحد من قرابته إذا كان رجلاً صحيحًا إلا إذا كان لا يقدر على الكسب إلا في الوالد خاصة أو في الجد أب الأب فإني أجبر الولد على نفقته وإن كان صحيحًا انتهى.

لو فقراء، ولا تجب مع اختلاف الدين إلا بالزوجية، والولاد ولا يشارك الأب والولد في نفقة ولده وأبويه أحد، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن هنا قيل: إن ما قاله السرخسي هو ظاهر الرواية وفي كلام المصنف إيماء إليه إذا لم يشترط فيه غير الفقر، وفي القريب شرط معه العجز عن الكسب، وهل تجب نفقة زوجة أبيه أيضًا؟ قيل: نعم، وقال الحلواني: أي هذا أجدى الروايتين، وفي أخرى لابد أن يكون مريضًا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة، وبالثانية جزم في (البدائع)، وعلى هذا فما في (الخانية) منه أنه يجب عليه أيضًا نفقة الخادم خادم الأب امرأة كانت الخادم أو جارية إذا كان الأب محتاجًا إلى من يخدمه محمول على أن المراد بالحاجة ما ذكرنا قيدنا بيسار الابن لأنه لو كان معسرًا لا تجب عليه نفقته إلا إذا كان زمنًا أو لا يقدر على عمل كان على الابن أن يضمنه إلى عياله وينفق على الكل، وفي (المبتغى) لو سرق الأب عند إباء الابن الإنفاق عليه من ماله ما يكفيه إن كان في البلدة قاض أثم وإلا لا، ولا بد أن تقيد نفقة الأم بما إذا لم تكن متزوجة لا إن كانت متزوجة إلا إذا كان الزوج معسرًا فإنه يؤمر بأن يقرضها ليرجع عليه إذا أيسر. (ولا تجب) النفقة لأحد (مع اختلاف الدين إلا بالزوجية) لأن وجوبها باعتبار الحبس المستحق بالعقد الصحيح دون اتحاد الدين (والولاد) وإن علا وفرعه وإن سفل كذمي تحته ذمية جاءت منه بولد فأسلمت وتبعها ولدها فقبل الإسلام على الأب النفقة عليه لأنه كما لا تمتنع نفقة نفسه لكفره فكذا نفقة جزئه، (ولا يشارك الأب والولد في نفقة ولده وأبيه أحد) لف ونشر مرتب أما الولد: فلما مر لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير وفي رواية إن نفقة الابن الكبير تجب على الأبوين ثلاثًا اعتبارًا بالإرث والظاهر هو الأول غير أن الأب إذا كان معسرًا وكان للولد أم وجد معسران أمر القاضي الأم بالإنفاق لترجع عليه إذا أيسر، ولو لم يكن له إلا جد موسر فكذلك فيما ذكره القدوري. قال في (الذخيرة): فلم تجعل النفقة عليه حال عسرة الأب، وقد ذكرنا في أول الفصل أن الأب الفقير يلحق بالميت في استحقاق النفقة على الجد وهذا هو الصحيح من المذهب انتهى. وهو ظاهر في أنه لا رجوع له على الأب إذا أيسر ولو كان زمنًا لم يرجع الجد/ بالإنفاق على أحد يعني اتفاقًا لأن نفقة الأب عليه في هذه الحالة فكذا أولاده الصغار، ثم قال في (الذخيرة): فإن لم يكن له قرابة من قبل الأب قضيت بالنفقة على أبيه وامرأة قرابة الأم بالإنفاق ليكون دينًا عليه، وهذا الجواب إنما يستقيم إذا لم يكن في قرابة الأم من يكون محرمًا للصغير ويكون أهلاً للإرث فإن كان تجب النفقة عليه ويلحق الأب المعسر بالميت لما ذكرنا انتهى، وأما الأبوان

ولقريب محرم فقير عاجز عن الكسب بقدر الإرث لو موسرًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فلأن الولد أقرب الناس إليهما فكان أولى باستحقاق نفقتهم عليه وهي على الذكور والإناث بالسوية بينهما في ظاهر الرواية وهو الصحيح. (و) تجب النفقة أيضًا (لقريب محرم) على قريبه صغيرًا كان أو كبيرًا حتى يفرض على الصغير في ماله، قيد بالقريب كالأخ من الرضاع لا تجب نفقته وبالمحرم لأن غير المحرم كان العم لا تجب نفقته أيضًا كابن العم إذا كان أخًا من الرضاع فإنه قريب محرم ولا تجب نفقته (فقير عاجز عن الكسب) حقيقة كالزمن والأعمى ومقطوع اليدين أو الرجلين أو حكمًا كالأنثى لقوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233] وقرأ ابن مسعود: (ذي الرحم المحرم) والمراد به من هو أهل للميراث لا لكونه وارث حقيقة إذ لا يتحقق ذلك إلا بعد الموت حتى لو كان له خال وابن عم فنفقته على خاله وميراثه لابن عمه نعم عند الاستواء في الحرمية النفقة على الوارث كالعم مع الخال وأفاد بقوله (بقدر الإرث) أنه لو تعذر من تجب عليه النفقة قسمت عليهم بقدر الإرث كأم وعم للصغير أو أم وأخ شقيق، فلو كان الأقرب معسرًا والأبعد موسرًا فكل من كان حاز جميع المال وهو معسر جعل كالميت، وكانت النفقة على الباقين بقدر الإرث وكل من حاز بعضه لم يجعل كالميت على قدر مواريث من يرث معه. بيانه: معسر له ابن فقير أو صغير وثلاثة إخوة متفرقين فنفقة الأب على الشقيق والأخ للأم أسداسًا خمسة أسداسهما على الشقيق والباقي على الآخر ونفقة الولد على الشقيق خاصة كما في (البدائع). ولو اجتمع المعسرون والموسرون ووجبت النفقة على الموسرين اعتبر الموسرون أحياء في حق إظهار قدر ما يجب على الموسرين، ثم يجب الكل على الموسرين. بيانه: صغير له أم وأخت شقيقة ولأم فقط ولأب كذلك والشقيقة والأم موسرتان فالنفقة عليهم على أربعة أسهم ثلاثة على الشقيقة والباقي على الأم، قاله الخطابي والخصاف. (لو) كان (موسرًا) لأن المعسر عاجز عنه ولا نفقة على العاجز بخلاف نفقة الزوجة وأولاده الصغار، واعلم أن هذه النفقة لا تجب إلا بالقضاء أو الرضا بخلاف الأصول والفروع والزوجة، ولذا لا يقضى بها على الغائب وليس لهم أخذ شيء ظفروا به من جنس النفقة بخلاف الأصول ونحوهم لأن وجوبها للقريب مختلف فيه فقضاء القاضي يكون إيجابًا مبتدأ والقضاء على الغائب باطل بخلاف غيره فإن القضاء إنما هو إعانة لهم على أخذ حقهم، كذا في (الذخيرة). قال السروجي: وهذا مشكل جدًا فإن القاضي غير مشرع فكيف جعل له ولاية

وصح بيع عرض ابنه لا عقاره للنفقة، ولو أنفق مودعه على أبويه بلا أمر ضمن، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإيجاب ابتداء بل الموجب هو الله تعالى لما تلونا ولا إرث للاختلاف في نفيه، ألا ترى أن القضاء بنفقة المبتوتة ليس إعانة مع ثبوت الخلاف فيه، وأجاب تاج الشريعة بأن معنى قولهم لا تجب، أي: لا تجب أداؤها أما نفس الوجوب فثابت عندنا انتهى. وعلى هذا فقوله يكون إيجابًا مبتدأ أي للأداء إلا أن مقتضاه جواز أخذ شيء ما ظفروا من جنس النفقة وليس كذا فتدبر. (وصح بيع) الأب الفقير (عرض ابنه) الكبير الغائب (لا عقاره للنفقة) قيد في الصورتين، وهذا أعني جواز بيع العرض استحسان، وبه قال الإمام والقياس أن لا يجوز كالعقار وهو قولهما لزوال ولايته بالبلوغ ولذا لا يملكه حال حضرته، وجه الاستحسان أن للأب ولاية حفظ مال الغائب وبيع المنقول من الحفظ دون العقار قيد بالأب لأن الأم وعيرها من الأقارب وكذا القاضي ليس لهم ذلك إجماعًا لكن في الأقضية جواز بيع الأبوين، وهكذا القدوري في (شرحه) فيحتمل أن يكون في المسألة روايتان وبتقدير الاتفاق فتأويل ما ذكر فيهما أن الأب هو الذي يتولى البيع لكن لنفقتهما فأضيف البيع إليهما لأنه بعد بيع الأب يصرف الثمن إليهما، وهذا هو الظاهر فإن جواز بيع الأم بعيد كذا في (الدارية)، وقيدنا بالكبير لأن له بيع عرض الصغير والمجنون وكذا عقارهما اتفاقًا وليس لغير الأب بيع العقار/ مطلقًا كذا في (الفتح) يعني للنفقة وإلا فسيأتي أن للوصي ذلك عند استيفاء الشروط الآتية. وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها كذا في (شرح الطحاوي) ولم يقل لنفقته لما مر من أنه ينفق على الأم أيضًا من الثمن، وينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك، وقيد بالنفقة لأنه ليس له البيع لدين سواها إجماعًا، قال الشارح: وفيه نوع إشكال وكذلك أن البيع حيث كان من الحفظ، فما المانع منه لدين آخر؟ وجوابه: أن دين النفقة خالف سائر الديون على ما مر ولو جاز بيعه للدين للزم القضاء على الغائب وهو لا يجوز، (ولو أنفق مودعه) أراد به من له عنده مال أن مديونه كذلك كما في (الولوالجية) (على أبويه) وزوجته وأولاده الصغار وكأنه إنما خص الأبوين ليعم غيرهما مما ذكر بالأولى (بلا أمر) المالك أو القاضي (ضمن) قضاء لا ديانة حتى لو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنه بريء وللمسألة أخوات معروفة وهذا الإطلاق قيده في (النوادر) بما إذا وجد قاضيًا فإن لم يجده لم يضمن استحسانًا، وقالوا إذا ضمنه للغائب لم يرجع شيء لأنه بالضمان ظهر ملكه لما دفعه حالة دفعه فيظهر أنه كان مبترعًا بملكه وينبغي أنه لو انحصر إرثه في المدفوع إليه كالأب مثلاً فلا ضمان كما لو أطعم المغصوب

ولو أنفقا ما عندهما لا، ولو قضى بنفقة الولاد، والقريب، ومضت مدة سقطت إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ للمالك بغير علمه، وهذا لأنه وصل إليه عين ما يستحقه وأنه لا فرق في وجوب الضمان بين الإنفاق ودفع الوديعة ضمن بالأولى كما في (الذخيرة) وظاهره ولو بأمر القاضي لأنه قضاء على الغائب وهو لا يجوز، كذا في (البحر) (ولو أنفقا) أي: الأبوان (ما) أي: المال الذي (عندهما) للابن (لا) أي: لا ضمان عليهما لأنهما استوفيا حقهما. ولو قال الابن: أنفقته وأنت موسر، وكذبه الأب حكم الحال ثم الخصومة فإن كان موسرًا فالقول له استحسانًا وإلا فللأب ولو أقاما بينة، فالبينة بينة الابن كذا في (الخلاصة) لما عندها من زيادة العلم إذ اليسار ليس أصليًا في الإنسان بل طارئ عليه قيد بالأبوين لأن القريب المحرم ولو أنفق ما عنده بغير قضاء ضمن والفرق ما مر، (ولو قضى بنفقة الولاد) وهم الأبوان والأولاد كما مر (والقريب) المتقدم ذكره وهو المحرم (ومضت مدة) طويلة (سقطت) لأن نفقة هؤلاء باعتبار الحاجة وقد وقع الاستغناء عن الماضي قيدنا بالطويلة لأن القصيرة وهي ما دون الشهر لا تسقط بل تصير دينًا. قال في (الدراية): وكيف لا تصير القصيرة دينًا؟ والقاضي مأمور بالقضاء، ولو لم تصر دينًا لم يكن للأمر بالقضاء بالنفقة فائدة، ولو كان كلما مضى تسقط لم يكن استيفاء شيء، واستثنى الشارح تبعًا لغيره نفقة الصغير فإنها تصير دينًا بالقضاء (إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة) فلا تسقط لأنه لعموم ولايته يصير إذنه كما مر في الغائب، وهذا الإطلاق مقيد بما إذا وقعت الاستدانة بالفعل، حتى لو أنفق من ماله أو من صدقة تصدق بها فلا رجوع له لعدم الحاجة، كذا في (المبسوط). وما في (البحر) من أنه مقيد أيضًا بالإنفاق مما استدانه وعزاه إلى (الهداية) وغيرها ففيه نظر، إذ لا أثر لإنفاقه مما استدانه حتى لو أنفق بعدما استدان من مال آخر ووفى مما استدانه لم تسقط أيضًا والمذكور في (الدراية) عن (الجامع) أن نفقة المحارم تصير دينًا بالقضاء ولا تسقط واختلف المشايخ فيه، قيل: ما ذكر في (الجامع) إذا استدان المقضي له بالنفقة وأنفق فكانت الحاجة قائمة لقيام الدين وما ذكر في غيره إذا أنفق من غير الاستدانة، بل أكل من الصدقة أو بالمسألة وإليه مال السرخسي في (كتاب النكاح) وقيل ما في سائر الكتب إذا طالت المدة وما في (الجامع) إذا قصرت، وفي (البدائع) لو امتنع عن نفقة القريب المحرم يضرب ولا

ولمملوكه فإن أبى ففي كسبه، ـــــــــــــــــــــــــــــ يحبس بخلاف الممتنع من سائر الحقوق لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمن فيستدرك بالضرب بخلاف سائر الحقوق انتهى. وينبغي أن يقيد بما زاد على الشهر أما الشهر وما دونه فيحبس عليه لعدم سقوطه على ما مر، تجب النفقة أيضًا لمملوكه منفعة أعم من أن تكون الرقبة له أو لا، فلا يجب للمكاتب ووجب للمدبر وأم الولد وللموصى بخدمته على الموصى له بها إلا إذا مرض مرضًا يمنعه من الخدمة أو كان صغيرًا لا يقدر على الخدمة فنفقته على الموصى له بالرقبة حتى يصح ويبلغ الخدمة وللقاضي أن يبيع المريض/ ويشتري بثمنه عبدًا يقوم مقام الأول في الخدمة، ولو أوصى بجارية لإنسان وبما في بطنها لآخر، فالنفقة على من له الجارية ومثله لو أوصى بدار لرجل وسكنها لآخر فالنفقة على صاحب السكنى. وقالوا: إنها على الراهن والمودع فلو غاب فجاء المودع وطلب من القاضي أن يأمره بالنفقة أو بالبيع أمره أن يؤجره وينفق عليه من الأجرة، وإن رأى القاضي بيعه فعل ونقلوا في أخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره وإن خاف أن تأكله النفقة أمره بالبيع فيقال: إن أمره بالأجرة أصلح كالمودع فلم لم يذكروه، وأما المغصوب فنفقته على الغاصب ولو طلب من القاضي أمره بالإنفاق لم يجبه وفي (القنية) نفقة المبيع على البائع ما دام في يده هو الصحيح وفيه إشكال إذ لا ملك له لا رقبة ولا منفعة أن تكون على المشتري وتكون تابعة للملك كالمرهون كالجثة بعضهم انتهى. ولو شهدا بحرية أمته فوضعها القاضي على يد عدل ليسأل عن الشهود فالنفقة على من هي في يده إن طلبت الأمة ذلك ادعت الحرية أو لا، ولا رجوع بما أنفق إذا ثبت حريتها إلا إذا أجبره القاضي على الإنفاق أو أكلت في بيته بغير إذنه وإن كان عبدًا أمره بالاكتساب وأن ينفق على نفسه ولو أن عبدًا صغيرًا في يد آخر قال لغيره: هذا عبدك أودعته عندي فأنكر يستحلف ما أودعه ثم يقضي بنفقته على من هو في يده ولو كان كبيرًا لا يحلف كذا في (الفتح). (فإن أبى) الإنفاق عليه (ففي كسبه) إن كان له كسب ولو نهاه المولى عن الكسب كان له أن يتناول بقدرها من ماله كالعاجز (وإلا) أي: وإن لم يكن له كسب بأن كان زمنًا أو كانت جارية لا يؤجر مثلها، أما الصحيح الذي لا يعرف حرفة فليس بعاجز لإمكان أن يؤجر نفسه في بعض الأعمال لحمل شيء وتحويله كمعين البناء

وإلا أمره ببيعه. ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (الفتح)، امرؤ (أمره) القاضي أمر إجبار (ببيعه) بأن يحبسه حتى يبيعه حيث كان قابلاً له لأن فيه إبقاء حقه والمولى حقه باق أيضًا بالخلف، وما قيل من أن القاضي يبيعه فقال الأقطع: ينبغي أن يكون على قولهما لأنهما يريان جواز البيع على الحر لأجل حق الغير وسيأتي في الحجر أن الفتوى عليه، فأما الإمام فإنه لا يرى ذلك ولكن يحبسه فإن لم يكن قابلاً كالمدبر وأم الولد أجبر على الإنفاق لا غير، قيد بالرقيق لأن غيره من الحيوانات لا يجبر المولى على الإنفاق عليها في ظاهر المذهب لأنه فيه نوع قضاء وهو يعتمد المقضي له وأهلية الاستحقاق في المقضي وليس فليس لكنه يؤمر ديانة ويكون إثمًا معاقبًا بحبسها عن البيع مع عدم الإنفاق، وعن الثاني أنه يجبر وبه أخذت الأئمة الثلاثة، قال الطحاوي: وبه نأخذ، وفي (الفتح) وهو الحق وغاية ما فيه أن يتصور فيه دعوة حسية، قال: فيجبره القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه. والله الموفق للصواب.

كتاب العتق

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب العتق ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب العتق اعلم أن الإسقاطات أنواع ميزت بأسماء تنسب إليها اختصارا ضمن إسقاط منافع البضع بالطلاق، وملك الرقبة بالإعتاق، وما في الذمة بالإبراء، وملك القصاص بالعفو، فذكر العتق بعد الطلاق لاشتراكهما في ذلك وفي أن كلا منهما لا يقبل الفسخ غير أنه قدم الطلاق وإن كان غير مندوب إليه على العتق المندوب إليه وصلا له بمقابله وهو النكاح وعبر القدوري بالعتاق ليشمل ما لو ملك ذا رحم محرم منه والاستيلاد الآتي بيانهما بخلاف الإعتاق وقد يقال: إنه الأصل ولذا عنون به هنا وهو لغة كما في (المغرب) الخروج عن المملوكية جاء المضارع منه على يفعل بالكسر. قال في (ضياء الحلوم): وأما العتاق بمعنى القدم والعتق بمعنى الجمال فبالضم وفي (المبسوط) وعليه جرى كثير أنه لغة: القوة، وادعى في (البحر) أن أهل اللغة لم يقولوا عتق العبد إذا قوي وإنما قالوا: عتق العبد إذا خرج عن المملوكية وقالوا: عتق الطائر إذا قوي على الطيران وانت خبير بأن هذا بعد أن الناقل ثقة لا يلتفت إليه على أن في كلامهم ما يفيده وذلك أنهم قالوا: الرق في اللغة الضعف ومنه ثوب رقيق وصوت رقيق، ولا شك أن العتق إزالة الضعف وإزالته تستلزم القوة وكون المضارع جاء في العتق بمعنى القدم والجمال بالضم لا ينافي كونه بمعنى القوة. ولذا قال في (الفتح): قيل للقديم عتيق لقوة سبقه وسمي البيت عتيقا لاختصاصه بالقوة الدافعة عنه والصديق / عتيق لجماله أو تقدمه أو لعتقه من النار وكل هذه المفهومات ترجع إلى زيادة قوة في معانيها وفي (الصحاح) العتق الحرية بناء على أن القوة المفسر هو بها لغة أعم من كونها في البدن أو ما يرجع إلى معنى آخر، ولذا أطلقوه في تلك المواضع التي عددناها باعتبار قوة ترجع إلى معان مختلفة لأنه مقيد بالحرية الطارئة على الرق، وبه صرح في (المغرب) حيث قال: العتق الخروج عن المملوكية كما مر وسببه المثبت له، إما دعوى النسب والملك في القريب أو الإقرار بحرية عبد غيره أو الدخول في دار الحرب فإن الحربي لو اشترى عبدا مسلما فدخل به إلى دار الحرب ولم يشعر به عتق عند الإمام، وكذا لو هرب منه إلى دار الإسلام، أو اللفظ الإنشائي الدال عليه وهو ركنه، وصفته واجب وهو الإعتاق في الكفارات ومندوب وهو الإعتاق لوجه الله تعالى لما في الكتب الستة (من أعتق

هو إثبات القوة الشرعية لمملوكه، ويصح من حر مكلف لمملوكه ـــــــــــــــــــــــــــــ رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار) زاد أبو داود: (وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين كانتا أفكاكه من النار يجزى مكان عظمين منها عظما من عظامه) ومن هنا قال المشايخ: يندب أن يعتق الرجل الرجل والمرأة المرأة لظهور أن عتقه بعتق امرأتين بخلاف عتقه امرأة، ولم أر هل تشترط الصيغة لتحصيل هذا المندوب عملا بظاهر قوله أعتق أو أنه به يحصل ولو بالتدبير أو شراء القريب، والظاهر أنه يحصل بهما وأفضلهما أغلاها كما جاء في السنة بالمعجمة والمهملة وهذا المطلق يجب تقييده بالأعلى من المسلمين إذ المقصود من العتق غير حاصل بالكافر ومعلوم أنه لا يلزم في تحققه شرعا وقوعه عبادة إذ قد يوجد بلا اختيار ومن الكافر، ومباح وهو الإعتاق بلا نية، وحرام وهو الإعتاق للشيطان أو الصنم، وكذا لو غلب على ظنه أنه يذهب إلى دار الحرب أو ترتد أو يخاف منه السرقة وقطع الطريق وحكمه زوال الملك وأما حقيقته الشرعية فما أفاده بقوله: (هو إثبات القوة الشرعية) وهي القدرة على التصرفات والتأهل للشهادات والولايات. قال العيني: وهذا التفسير على مذهبهما لأن الإعتاق عندهما هو إثبات العتق، وعند أبي حنيفة هو إثبات الفعل المفضي إلى حصول العتق فلذا يتجزئ عنده خلافا لهما على ما يجيء انتهى. (لمملوكه) ويندب له أن يكتب كتابا ويشهد عليه شهودا صيانة عن التجاحد كما في المداينة بخلاف سائر التجارات لأنه مما يكثر وقوعهما فالكناية فيها تؤدي إلى الخرج كذا في (المحيط). (ويصح) الإعتاق كائنا (من حر) فلا يصح إعتاق غيره، ولو كان حرا يدا (مكلف) خرج الصبي والمجنون والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم فإنه لا يصح ولو أسنده إلى حالة من هذه الأحوال أو إلى دار الحرب وقد علم ذلك فالقول له لأنه أسنده إلى زمان لا يتصور منه حال كونه (لمملوكه) خرج به إعتاق غير المملوك فإنه لا يصح، ومنه إعتاق الحمل إذا ولدته لأكثر من ستة أشهر ولا يرد عتق الفضولي في المجاز كما توهمه في (البحر) لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، ومعلوم أن الوكيل فيه سفير محض وفيه أنه يستغنى بهذا عن قيد الحرية وأن الكلام في شرائط الصحة وهذا من شرائط النفاذ، فلو قال لمملوك لكان أولى، والعذر للمصنف أنه أراد زيادة الإيضاح وشأنه في كتابه أنه لا يميز بين الشروط بل يجمع

بأنت حر، أو بما يعبر به عن البدن ـــــــــــــــــــــــــــــ مثلا شرائط الصحة مع شرائط الوجوب عرف ذلك من مارسه فإن كان معلقا بما سوى الملك وسببه اشترط وجوب الملك وقت التعليق ونزول الجزاء لا ما بينهما وفيه إيماء إلى أنه لا يشترط أن يكون طائعا فيصح عتق المكره ولا عالما بأنه مملوكه، حتى لو قال الغاصب للمشتري: أعتق هذا العبد، أو قال البائع للمشتري: أعتق عبدي هذا، فأعتقه صح ولا قاصدا فيصح عتق المخطئ ولا صحيحا فيصح عتق المريض إن خرج من الثلث ولو شرط المالك الخيار فيه له فيصح العتق ويبطل الشرط نعم إذا كان العتق على مال فإن الشرط في جانب العبد صحيح (بأنت حر) متعلق بيصح بدأ بالصريح من ألفاظه لأنه الأصل ثم بدأ منها بالوصف لكثرة استعماله فيه ونبه بذلك على أنه لو قيل له: أعتقت هذا فأومأ برأسه أن نعم يعتق، كما في (المحيط) ولو زاد من هذا العمل عتق قضاء كذا في (البدائع). وفي (الخانية) لو قال / لأمته: أنت حر أو لعبده أنت حرة عتق، وفي (البزازية) [263/أ] أنت حر النفس ونوى به كرم الأخلاق عتق وإن زاد في أخلاقك لا يعتق، لكن في (فتح القدير) هذا قول أبي حنيفة، وقال محمد: يعتق إذا أراد به الحرية، قيل: والظاهر قول محمد، وبأدنى تأمل يظهر أنه لا فرق بين العبارتين في المعنى فلا خلاف بينهما وفيه تصبح حرا إضافة للعتق وتقوم حرا وتقعد حرا يعتق للحال إذا مررت على العاشر فقل أنا حر فقال بعد المرور عتق، ولا يعتق قبل المرور إلا إذا نوى، ولول قيل له: ابتداء قل أنا حر لا يعتق. وفي (المحيط) قال: إن أنت عبدي فأنت حر لا يعتق لأن في كونه عبدا له قصور (أو بما) أي: وباللفظ الذي (يعبر به عن البدن) كالرأس والوجه والرقبة وفرج الأمة، وفي قوله لعبده: فرجك حر قيل: يعتق، وعن محمد لا يعتق لأنه لا يعبر به عنه بخلاف الذكر في ظاهر الرواية، كذا في (الخانية). وفي (الفتح) الأولى ثبوت العتق فيه لأنه يقال في العرف وهو ذكر من الذكور وفلان فحل ذكر وهو ذكر وفيه لسانك حر يعتق، لأنه يقال: هو لسان القوم وفي الدم والعنق روايتان، والأصح في الدبر والاست أنه لا يعتق. ولو قال: فرجك علي حرام ينوي العتق لا يعتق لأن حرمة الفرج مع الرق يجتمعان كذا في (الفتح) وينبغي أن يكون كناية لجواز أن يكون الحرمة للعتق فإذا نواه تعين، وفي (المجتبى) لو قال: كبدك حر أو بدنك حر عتق وخرج نحو اليد والرجل ولو لم يقل كما في الطلاق أو لجزء شائع للفرق البين بينهما وكان هذا مما يتجرأ كما سيأتي بخلاف الطلاق، ولو قال: سهم منك حر عتق السدس، ولو قال:

وعتيق، ومعتق ومحرر، وحررتك وأعتقتك نواه أو لا، وبل ملك، ولا رق، ـــــــــــــــــــــــــــــ جزء وشيء منك حر أعتق المولى ما شاء، وكذا في (الخانية) (و) بقوله أنت (عتيق ومعتق) وحر قيد بذكر المبتدأ لأنه لو اقتصر على الخبر كان كناية. قال في (الخانية): لو قال: حر فقيل: من عنيت فقال: عبدي عتق، وكذا لو قال: أنت عتيق فلان بخلاف أعتقك فلان في كذا في (المجتبى) وكأن وجهه أنه في الأول اعتراف بالقوة الحاصلة بالعتق فيه، وفي الثاني إنما أخبر بأن فلانا أوجد الصيغة (وحررتك وأعتقتك) بيان لما إذا وجد بصيغة الفعل وفي (الخانية) قال لعبده الذي حل دمه بقصاص: أعتقتك، وقال: عنيت به عن القتل عتق في القضاء وسقط عنه الدم بإقراره، ولم يذكر المصنف المصدر نحو العتاق عليك وعتقتك على أنه من الصريح أيضا ولو زاد واجب لم يعتق لجواز وجوبه عليه بكفارة وبهذا اتضح ضعف ما في (جوامع الفقة) من أنه لو قال: أنت عتق أو عتاق ولا يعتق إلا بالنية إذ لا فرق بين مصدر ومصدر. ومن ثم قال في (المحيط): إنه يعتق وإن لم ينو، ولو قال عبيد أهل الدنيا أحرار فالمختار للفتوى قول عصام بن يوسف إنه لا يعتق عبده وأجمعوا على عدم عتق عبده فيما لو قال: ولد آدم كلهم أحرار وينبغي عتقه بالنية فيهما وعلى عتقه فيما لو قال: كل عبيد في هذه الدار أحرار وعبده فيهم، كذا في (الظهيرية)، وفي (المحيط) كل مالي حر لم يعتق أرقاؤه لوجوب اعتبار عموم كلامه وغير الأرقاء من الأموال لا يقبل الوصف بالحرية فلغي، واعلم أن الملحق بالصريح وهبتك نفسك فيعتق أو بعتك نفسك فيعتق، وإن لم ينو لم يقبل العبد ولا يرتد بالرد فإن قال: بكذا توقف على القبول كذا في (الفتح). زاد في (الخانية) تصدقت بنفسك عليك وأما أفعل التفضيل نحو أنت أعتق من فلان في ملكي أو في السن أو مني فجزم في (الخانية) وغيرها أنه من الكنايات، وفي (المجتبى) إن نوى عتق وقيل: يعتق بدون نية وفي (البدائع) وغيرها دعا عبده سالما فأجاب آخر، فقال: أنت حر ولا نية له عتق المجيب ولو قال: عنيت سالما عتقا في القضاء، ولو قال: يا سالم أنت حر فإذا هو عبد آخر عتق سالم (وبلا ملك) أي: يصح التعق أيضا بقوله لا ملك. (و) بقوله (لا رق) لي عليك شروع في الكنايات لأن نفيهما جاز أن يكون بالبيع والكناية، كما جاز أن يكون بالعتق فلا بد من النية ولذا كان منها أيضا خرجت من ملكي وقوله لأمته: أطلقتك أو أنت حر أو قال لعبده: أنت حرة وقوله لا حق لي عليك عند أبي حنيفة ومحمد وقد مر أنه صريح فيحمل على الاختلاف

ولا سبيل لي عليك إن نوى وهذا ابني، أو أبي، أو أمي ـــــــــــــــــــــــــــــ وسيأتي ما يفيده وفي (المحيط) عن أبي / يوسف رجل قال لثوب خاطه مملوكه: [263/ب] هذه خياطة حر أو لدابة مملوكه هذه دابة حر أو لمشي عبده هذه مشية حر أو لكلامه لم يعتق إلا بالنية لأنه قد يراد به الشبيه كفعل حر كما يقال عيناك عيناها وجيدك جيدها أي: كجيدها انتهى. وفيه عن أبي يوسف أيضا لو تهجى إعتاق عبده أو تطليق زوجته ونوى به العتق والطلاق وقع انتهى. قال في (البحر): وإذا لم يعق العتق في لا ملك لي فهل له أن يدعيه؟ قال في (الخلاصة): لو قال لعبده: أنت غير مملوك لا يعتق، لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك ولا أن يستخدمه فإن مات لا يرث بالولاء فإن قال بعد ذلك: أنا مملوك له قصدقه كان مملوكا له، وكذا لو قال: ليس هذا بعبدي لا يعتق انتهى. وظاهره أنه يكون حرا ظاهرا لا معتقا فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا انتهى. وأقول: علل في (المحيط) أنت غير مملوك بأن نفي الملك ليس صريحا في العتق بل يحتمله انتهى. فإذا لم ينوه لم يعتق وبقي إقراره بكونه غير مملوك أصلا فترتب عليه ما ذكر، وعندي أن هذه المسألة مغايرة لمسألة (الكتاب) وذلك أنه في مسالة (الكتاب) إنما أقر بأنه لا ملك له فيه وهذا لا ينافي ملكه لغيره وفي مسألة (الخلاصة) موضوعها إقراره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه أو لحريته الأصلية فنفيه لهذا فإنه مهم. (و) بقوله أيضا: (لا سبيل لي عليك) وقوله (إن نوى) قيد في الكل لأن نفي السبيل يحتمل أن يكون عن العقوبة واللوم لكمال الرضى وأن يكون للعتق فيؤول إلى معنى لا ملك لي عليك إذ هو الطريق إلى نفاذ التصرف وقد مر أن نفيه كناية، ولو قال: أنت لله أو جعلتك لله خالصا لا يعتق ولو نوى كذا روي عن الإمام وعنه يعتق إذا نوى، وقالا: يعتق ووافقاه على النية في رواية، ولو قال: اذهب حيث شئت من بلاد الله لا يعتق وإن نوى، وجعله في المعنى كناية وبه قال بعض المشايخ في قوله أنت مثل الحر (و) يصبح العتق أيضا بقوله (هذا ابني، أو) هذا (أبي، أو) هذه (أمي) نوى العتق أو لا غير أنه إذا كان معروفه لكن يثبت العتق عندنا وإن كان لا يولد مثله له فكذلك عند الإمام، وقالا: لا يعتق والخلاف مبني على أن المجاز خلف عن الحقيقة في الحكم عندهما وعنده في التكلم على ما عرف في الأصول ثم إن كان هذا دخل في الوجود وعتق قضاء وديانة والا فقضاء ولا تصير أمه أم ولد كذا في (الفتح).

وهذا مولاي، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قال: هذا ابني من الزنا يعتق ولا يثبت نسبه قاله الشمني، وفي (المحيط) لو قال: هذه خالتي أو عمتي من الزنا أعتقت، وكذا لو قال: هذا ابني أو أخي من زنا لا تثبت بينهما القرابة المحرمية للقطعية والمتاركة وإن لم يثبت النسب. وهل يشترط تصديقه فيما سوى دعوة النبوة؟ قولان، ولو قال: هذا أخي لم يعتق في ظاهر الرواية إلا أنه ينوي به الأخ من النسب لأن الأخ كما يقال على نسبي يقال أيضا على الأخ في الدين والابن وإن أطلق على الرضاعي والمتبنى لكنه إطلاق مجازي فلا يعارض الحقيقة، كذا في (المحيط) ملخصا، ولو قال لعبده الصغير: هذا جدي فالأصح أنه على الخلاف أيضا لأنه وصفه بصفة من يعتق بملكه واختلف المشايخ فيما لو قال لعبده: هذه بنتي أو لأمته هذا ابني. قال في (المجتبى): والأظهر أنه لا يعتق، يعني إلا بالبينة ويدل عليه ما مر من أنه لو قال لعبده: أنت حرة أو لأمته أنت حر ذكر في بعض المواضع أنه صريح وفي بعضه أنه كناية. (و) بقوله أيضا (هذا مولاي) لأنه ملحق بالصريح وهذا لأنه وإن كان اللفظ ينتظم معان وصلها ابن الأثير إلى نيف وعشرين معنى كالناصر وابن العم والموالاة في الدين وعلى الأعلى والأسفل إلا أنه لما كان المولى لا يستنصر بعبده عادة وله نسبه معروف، والموالاة مجاز وإضافته إلى العبد تنافي الأعلى تعين الأخير وكونه صريحا هو الأصح كما في (الروضة) و (الولوالجية). واختار بعض المشايخ أنه / لا يعتق إلا بالبينة، وأيده الإتقاني بأنه مشترك استعمل في معان فلا يكون مكشوف المراد فلك يكون صريحا، وقولهم المولى لا يستنصر بمملوكه عادة ممنوع بل تحصل له النصرة بهم على أنا نقول الصريح يفوق الدلالة والمتكلم ينادي أنا عنيت الناصر وهم يقولون ولاية الحال من كلامك يدل على أن المراد الأسفل ولا تعتبر إرادة الناصر ونحوه وهذا في غاية المكابرة. وأجاب في (فتح القدير) بأن قوله استعمل حينئذ إن أراد دائما معناه لجواز أن ينكشف المراد باقترانه بما ينفي غيره اقترانا ظاهرا كما هو فيما نحن فيه ومنعه أن المولى لا يستنصر بعبده لا يلائم ما استند به من قوله تحصل النصرة بهم لأن المراد أنه إذا أحزنه الأمر لا يستدعي للنصر بعبده بل ببني عمه، وإن كان العبيد والخدم ينصرونه لكن يأنف من دعائهم عادة ونداهم لذلك فأين دعاهم إياهم لذلك من كونهم ينصرونه، وأما قوله: الصريح يفوق الدلالة، فكأنه أراد الكناية فطغى قلمه فيقول هذا الصريح وهو قوله أردت الناصر بلفظ المولى إنما قاله بعد قوله عما هو

أو يا مولاي أو يا حر، أو يا عتيق، لا بيا ابني، ويا أخين ولا سلطان لي عليك، وألفاظ الطلاق، ـــــــــــــــــــــــــــــ ملحق بالصريح في إرادته المعتق فأثبت حكمه ذلك ظاهر وهذا الصريح بعده رجوع منه فلا يقبله القاضي والكلام فيه انتهى. وأنت خبير بأن قوله إنما قال بعد قوله عما هو ملحق بالصريح أو المسألة ومحل النزاع وفي (الخانية)، لو قال: أنت مولى فلان عتق (أو) قال: (يا مولاي) لأنه لما التحق بالصريح كان كقوله يا حر قيد بالمولى لأنه لو قال يا سيدي أو يا ملكي لم يعتق، لأنه يراد به التعظيم وقيل: يعتق والأصح أنه لا يعتق ما لم ينو كذا في (المحيط) والمختار في قوله: أنا عبدك عدم العتق وبذلك أجاب الصفار حين سئل عن جاريةجاءت بسراج لمولاها فقال: ما أفعل بالسراج يا من وجهك أضوأ من سراج يا من أنا عبدك لأن هذه كلمة تلطف، وفي (المحيط) عبد قدم على مولاه فقال المولى: أي حر قدم علينا لا يعتق لأنه لا يراد به التحقيق انتهى. (و) بقوله أيضا (يا حر يا عتيق)، لأنه ناداه بما هو صريح في الدلالة على العتق إلا إذا سماه بذلك لأن مراده الإعلام باسم علمه ولو ناداه بالفارسية يا ازاد وقد لقبه بالحر قالوا: يعتق وكذا عكسه لأنه ليس نداء باسم علمه فيعتبر إخبارا عن الوصف كذا في (الهداية) وشرط في (الخانية) وغيرها الإشهاد على ذلك، وفي (المبسوط) لو جعل اسم عبده حرا وكان ذلك معروفا عند الناس وناداه به فقال: يا حر لم يعتق، (لا) يعتق (بيا ابني، ويا أخي) لأن النداء لإعلام المنادى بطلب حضوره فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته يتضمن تحقيق ذلك الوصف تصديقا له كما في يا حر، وإن لم يكن تجرد للإعلام والبنوة لا يمكن إثباتها بهذا اللفظ. قال في (الفتح): وينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فمشكل إذ يجب أن يثبت النسب تصديق اله فيعتق، وفي (نوادر ابن رستم) عن محمد، لو قال: يا أبي يا جدي يا خالي يا عمي ولو قال في جاريته يا خالي أو يا خالتي لا يعتق في جميع ذلك زاد في (تحفة الفقهاء) إلا بالنية وأشار إلى أنه لو ناداه بغير إضافة أو مصغر لا يعتق وقيد بإطلاق الأخ المتناول للأخ من النسب أو من الرضاع أو من الدين لأنه لو قال من أمي أو أبي أو من النسب عتق كذا في (المبسوط). (و) لا بقوله (لا سلطان لي عليك) وإن نوى لأنه عبارة عن اليد يقال: لفلان سلطنة ويراد بها القدرة من حيث اليد ولو صرح بنفي اليد ناويا العتق لم يعتق لجواز أن يزول ويبقى الملك كما في المكاتب، وذهب بعض المشايخ إلى أنه يعتق بالنية وبه قالت الأئمة الثلاثة. قال في (الفتح): وهو الذي يقتضيه النظر (و) كذا (ألفاظ الطلاق) نحو طلقتك

وأنت مثل الحر وعتق بما أنت إلا حر وبملك قري محرم، ولو كان المالك صبيا، أو مجنونا، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأنت مطلقة وإن نوى وهذا لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه لأن العتق إثبات القوة والطلاق رفع القيد، وهذا لأن العبد ألحق بالجماد وبالعتق يحيا فيقدر ولا كذلك المرأة فإنها قادرة إلا أن قيد النكاح مانع وبالطلاق يرتفع المانع فتظهر القوة وعم ألفاظ الطلاق كناياته حتى لو قال لأمته: أنت علي حرام لا يعتق وإن نوى إلا في قوله أمرك بيدك أو اختاري فإنه يقع بالنية كما في (البدائع)، وفيها قال لها: عتقك أو في العتق لا يحتاج [264/ب] إلى النية لأنه صريح / لكن لا بد من اختيار العبد العتق في المجلس لأنه تمليك، وفي (الفتح) قال لأمته: أطلقتك أو قال لعبده ذلك يقع العتق إذا نوى بالاتفاق انتهى. وهذا وإن كان من كنايات الطلاق أيضا إلا أن الممتنع إنما هو استعارة ما كان كناية للطلاق فقط للعتق، (و) كذا لا يعتق بقوله: (أنت مثل الحر)، هذا الإطلاق يشير إلى أنه سواء نوى العتق أو لم ينو، وفي (المبسوط) لا يعتق إلا بالنية كذا في (العناية). وفي (التحفة) قالوا: إذا ينوي يعتق، وإلى ذلك يشير توجيه الشارح المسألة بأنه أثبت المماثلة بينهما وهي قد تكون عامة وقد تكون خاصة فلا يعتق بلا نية للشك انتهى، وأراد بكونها عامة يعني في العرف العام فإن العامة يستعملونه للمشاركة في بعض الأوصاف فيقولون: زيد مثل عمرو مثلا إذا كان عمرو مشهورا بعلم أو خط أو جود، وبكونها خاصة يعني في العرف الخاص فإن بعض أهل العلم يستعملونه في الاتحاد بالحقيقة (وعتق بما أنت) أيك بقوله: ما أنت (إلا حر) لأن الاستثناء من النفي إثبات على وجه التأكيد. قال في (الفتح): وهذا هو الحق المفهوم من تركيب الاستثناء لغة وهو خلاف قول المشايخ في الأصول، وقد بينا في (الأصول) أنه لا ينافي قولهم الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا قيد بذلك لأنه لو قال: ما أنت إلا مثل الحر لم يعتق ولو نوى العتق كما في (المحيط) وفيه لو قال لحرة: أنت حرة مثل هذه الأمة لا تعتق، وعلل فيه بأنه قد بين أن هذه أمة غير حرة (وبملك قريب) عطف على القول مع مقوله ولا يصح عطفه على قوله ما أنت إلا حر كما توهم (محرم) ولو شقصا منه فيعتق بقدره عنده (ولو كان المالك صبيا أو مجنونا) أو ذميا لخبر (من ملك ذا رحم محرم عتق عليه) رواه النسائي وصححه عبد الحق وهو بعمومه يتناول المسلم والكافر في دار الإسلام

وبتحرير لوجه الله، وللشيطان وللصنم وبكره، وسكر، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولا حكم لنا في دار الحرب أو أعتق المسلم عبده فيه لم يعتق خلافا للثاني، وعلى هذا الخلاف إذا أعتق الحربي عبده ثمة كذا في (الإيضاح). وجزم في (الكافي) ببطلان عتق الحربي، أما إذا خلي سبيله ففي المختلف عتق عند الثاني وولاءه له وقالا: لا ولاء له لأن عتقه بالتخلية لا بالإعتاق فهو كالمراغم ثم قال: المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فاعتق ثمة القياس أن لا يعتق بدون التخلية، وفي الاستحسان يعتق بدونها ولا ولاية له عندهما قياسا وله الولاء عند أبي يوسف استحسانا، قال في (الفتح): والجمع بين هذا وبين ما في (الغيضاح) أن يراد بالمسلم ثمة الذي نشأ في دار الحرب، وعم كلامه ما لو اشترى المأذون من يعتق على المولى ولا دين عليه، وفي (البدائع) لو اشترى زوجة أبيه الحامل منه عتق ما في بطنها دون الأمة وليس له بيعها قبل أن تضع حملها لأنه ملك أخاه فيعتق عليه انتهى، وهذا مناف لقولهم إن الحمل لا يدخل تحت المملوك حتى لم يعتق بقوله كل مملوك لي حر فيحتاج إلى الجواب، كذا في (البحر). وأقول: لا يلزم من كون الشيء ملكا كونه مملوكا مطلقا. قال في (البدائع): ويدخل الحمل تحت اسم المملوك إن كانت أمه في ملكه دخل وإن كان في ملكه الحمل فقط بأن كان موصى له به لا يسمى مملوكا على الإطلاق لأن وجوده خطر ولهذا لا يجب على المولى صدقة فطره انتهى. وكان غير المكلف أهلا لهذا العتق لأنه تعلق به حق العبد فأشبه النفقة (و) يصح العتق أيضا (بتحرير لوجه الله) أي: لذاته لا لغرض من الأغراض، (و) كذا (للشيطان) وهو واحد شياطين الإنس والجن، أي: مردتهم والنون فيه أصية إن كانت من شطن بعد عن الخير، وزائدة إن كانت من شاط بمعنى هلك، (وللصنم) وهو صورة إنسان من خشب وذهب أو فضة فإن كان من حجر فهو وثن بأن يقول: أنت حر لوجه الشيطان أو الصنم لأن الإعتاق هو الركن المؤثر في إزالة الرق، وصفة القربة لا تأثير لها في ذلك وينبغي أن المسلم إذا أعتق للصنم أن يكفر. (و) كذا يصح (بكره) أي: إكراه سواء كان ملجئا وهو ما يخاف منه فوت النفس أو العضو، أو غير ملجئ (وسكر) لصدوره من أهله مضافا إلى محله أطلقه وهو مقيد بما إذا كان من محرم أو مثلث يقصد السكر أما إذا كان من مباح كشرب المضطر والحاصل من الأدوية والأشربة المتخذة من غير العنب والمثلث لا بقصد السكر بل بقصد الاستمراء والتقوي ونقيع الزبيب بلا طبخ / فإنه كالإغماء لا يصح [265/أ] معه تصرف ولا طلاق ولا عتاق كذا في (التحرير) وهذه على قول الإمام، أما على قول

وإن أضافه إلى ملك، أو شرط صح، ولو حرر حاملا عتقا، وإن حرره عتق فقط ـــــــــــــــــــــــــــــ محمد المفتى به من أن كل مسكر حرام فلا يخرج إلا شرب المضطر وسيأتي إن شاء الله تعالى (وإن أضافه) أي: العتق (إلى ملك) بأن قال: إن ملكتك فأنت حر، والإضافة إلى سببه كإن اشتريتك فأنت حر كالإضافة إليه والتقييد بالآتي مخرج نحو، إن ملكتك فأنت حر وهو في ملكه فإنه يعتق للحال لما عرف من أن التعليق بالكائن تنجيز فرق بين هذا وبين قوله لمكاتبه: إن أنت عبدي فأنت حر حيث لا يعتق. قال الشهيد: وبه نأخذ لأن في الإضافة قصور، كذا في (البدائع)، (أو) إلى (شرط) كإن دخلت الدار فأنت حر. ومن لطائف هذا الباب ما في (الظهيرية) قال لأمته: إن مات والدي فأنت حرة فباعها من والده ثم تزوجها فقال: إن مات والدي فأنت طالق اثنتين فمات الوالد كان محمد أولا يقول: تعتق ولا تطلق، ثم رجع وقال: لا يقع طلاق ولا عتاق انتهى. وكأن وجهه أن الملك يثبت مقارنا لهما بالموت فتدبره. (ولو حرر حاملا عتقا) أي: الأم والحمل لأنه تبع لها لاتصاله بها، وقيده الثاني بأن لا يخرج أكثره فإن خرج لا يعتق لأنه كالمنفصل في حق الأحكام، ألا ترى أنه تنقضي به العدة ولو مات في هذه الحالة يرث بخلاف ما لو خرج الأقل وعزي إلى الثاني، لأنه المخرج له وكلامه وإن عم ما إذا ولدت لأقل من ستة أشهر أو أكثر إلا أنه في الثاني يعتق تبعا وفي الأول مقصود فليكن هو المراد، (وإن حرره) أي: الحمل وحده بأن قال: حملك حر، أو قال: المضغة أو العلقة التي في بطنك حرة كما في (الخانية)، ولو قال: أكبر ولد في بطنك حر فولدت ولدين فأولهما خروجا أكبر كذا في (المحيط) وكذا لو قال: إن حملت ولدا فهو حر (عتق فقط) إذ لا وجه لإعتاقها مقصودا لعدم الإضافة ولا تبعا لأن فيه قلب الموضوع وعم كلامه ما لو كان على مال وإن لم يجب لكن بشط قبول من وجب عليه المال. قال في (المحيط): لو قال: أعتقت ما في بطنك على ألف عليك فقبلت فجاءت به لأقل من ستة أشهر عتق بلا شيء لأن العتق تعلق بقبول الأمة الألف وقد قبلت فعتق الولد وبطل المال وفي (الظهيرية) ما في بطنك حر متى أدى إلي ألفا أو إذا أدى إلي ألفا فوضعته لأقل من ستة أشهر فهو حر متى أدى إليه ألف درهم، بقي هل يشترط أن تلده حيا؟ قال في (البحر): ظاهر ما في (المحيط) أنه يشترط حيث قال: لو أعتق أحد شريكي الأمة ما في بطنها فولدت توءما ميتا لا ضمان عليه لأن الإتلاف لم يثبت لاحتمال أن الجنين لم يكن حيا ولم تنفخ فيه الروح أصلا فلا يجب الضمان بالشك انتهى. وللبحث فيه مجال والتدبير في الأصح لأنه في معنى هبة المشاع.

والولد يتبع الأم في الملك، والحرية، والرق، والتدبير، والاستيلاد، والكتابة ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع أوصى بما في بطن جاريته لإنسان ومات فأعتق الورثة ما في بطن الجارية جاز إعتاقهم ويضمنون قيمة الولد يوم الولادة، كذا في (الظيرية) (والولد) في حال كونه جنينا (يتبع الأم في الملك) بسائر أسبابه حتى لو ملك الأم بشراء أو هبة ملك حملها أيضا، (والحرية) أي: الأصلية بأن تزوج عبده حرة أصلية فحملت منه، وأما الطارئة فقد مرت ولو قال المولى في الطارئة: ولدته قبل العتق، وقالت: بعده، حكم الحال إن كان الولد في يدها فالقول لها وإن كان في يده فالقول له، كذا في (البدائع) وفي دعوى (الخانية) لو كان في أيديهما فالقول لها أيضا لأنها تدعي الحرية في أقرب الأوقات ومنه حرية الولد ولو أقاما بينة فبينته أولى انتهى. ولو كان مكان العتق تدبير فالقول قول المولى مع يمينه على علمه والبينة بينتها (والرق) وهو الذي ركبه الله تعالى على عباده جزاء استنكافهم عن طاعته، وهل هو حق الله تعالى أو حق العبد؟ خلاف معروف فأول ما يؤخذ الأسير يوصف بالرق لا المملوكية حتى يحرز بدار الإسلام على ما قدمناه في نكاح الرقيق وبذلك تغايرا مفهوما فإذا أخذت امرأة ومعها ولد تبعها في الرق، وصور العيني المسألة بأن أسر امرأة من دار الحرب وأخرجها ومعها ولد فإنه يملكها وولدها رقيق مثلها (والتدبير) بأن دبر حاملا تدبيرا مطلقا، أما المقيد فلا يتبعها فيه كما في (الظهيرية) (والاستيلاد) بأن زوج أم ولد فحملت تبعها ولدها في حكم أمومية الولد حتى يعتق بموت المولى أيضا وينبغي أن يقيد هذا بما إذا / لم يشترط الزوج على المولى حرية [265/ب] الولد (والكتابة) بأن كاتب أمته الحامل فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الكتابة وزيد على المصنف أن يتبعها أيضا في حق الاسترداد في البيع الفاسد وفي الدين فيباع مع أمه، وفي الرهن فإذا رهن حاملا فولدت كان رهنا معها وفي حق الأضحية كذا في (جامع الفصولين) ولا يتبعها في النسب حتى لو تزوج هاشمي أمة غيره فجاءت منه بولد كان هاشميا تبعا لأبيه رقيقا تبعا لأمه. تتمة: قال في (الأشباه): لم أر ما لو حملت أمة كافرة لكافر من كافر فأسلم هل يؤمر مالكها ببيعها لصيرورة الحمل مسلما بإسلام أبيه؟ قالوا: ينبغي أن يصح الوقف عليه كالوصية بل أولى. وأقول: مقتضى النظر أنه لا يجبر لأنه قبل الوضع موهوم وبه لا يسقط حق المالك ولذا قال في (الخانية): لو أوصى بما في بطن جاريته لفلان إن كان في بطنها ولد يوم الوصية بأن جاءت به لأقل من ستة أشهر يومها جازت الوصية وإن لستة أشهر فالوصية باطلة انتهى.

باب العبد يعتق بعضه

وولد الأمة من سيدها حر. باب العبد يعتق بعضه من أعتق بعض عبده لم يعتق كله، وسعى فيما بقي، وهو كالمكاتب ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الظهيرية) قد يكون الولد حرا من زوجين رقيقين بأن كان لحر ولد هو عبد لأجنبي زوجة الأب جاريته برضى مولاه فولدت ولدا كان حرا لأنه ولد ولد المولى، ولما كان هذا الحكم في غير ولد الأمة من السيد قال: (وولد الأمة من سيدها حر) قيل: لأنه مخلوق من مائه فعتق عليه والتحقيق أنه علق حرا للقطع بأن إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قط إلا حرا لا أنه علق مملوكا ثم عتق كما يعطيه ظاهر العبارة، وفي (المبسوط) الولد يعلق حرا لأن ماءه وماء جاريته مملوك لسيدها فلا تتحقق المعارض والله الموفق. باب العبد يعتق بعضه أخره عن الكل إما لأنه من العوارض لقلة وقوعه أو للخلاف أو لأنه تبع للكل أو لأنه دونه في الثواب (من أعتق بعض عبده) سواء كان ذلك البعض معينا كربعك حرا أو لا كبعضك أو شقصك أو جزء منك غير أنه يؤمر بالبيان، ولو قال: سهم منك حر فقياس قول الإمام أن يعتق سدسه كالوصية بالسهم من عبده وقد مر (لم يعتق كله) عند الإمام، وقالا: يعتق كله، والخلاف مبني على أن الإعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو منجز وعندهما زوال الرق وهو غير منجز، وأما نفس الإعتاق والعتق فلا خلاف في عدم تجزئه وكفاك حجة للإمام خبر الصحيحين عن ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق العبد عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق) (وسعى فيما بقى) من قيمته لولائه عنده فإن كان له عمل معروف أخذ من أجره وإن امتنع عن العمل أجره وأخذ ذلك (وهو كالمكاتب) في توقف عتق كله على أداء البدل وكونه أحق بمكاسبه ولا يد له عليه والاستخدام وكون الرق فيه كاملا ولا يلزم إعطاء المشبه حكم المشبه به من كل وجه، ولذا خالف في أنه لو عجز لا يرد إلى الرق والفرق أن معتق البعض زال الملك عنه لا إلى مالك ولزمه المال ضرورة الحكم الشرعي وهو تضمينه قهرا، أما المكاتب فتعتقه في مقابله التزامه بالبدل بعقد يقبل الإقالة والفسخ بتعجيزه بنفسه ومعتق البعض ليس كذلك ولذا لو جمع بين عبد ومعتق البعض فباعهما صفقة واحدة بطل البيع فيهما بخلاف المكاتب ولو قتله إنسان عمدا لا عن

وإن أعتق نصيبه، فلشريكه أن يحرر، أو يستسعي، والولاء لهما أو يضمن لو موسرا ويرجع به على العبد، والولاء له .... ـــــــــــــــــــــــــــــ وفاء لا يقتص من القاتل بخلاف المكاتب لأنه مات رقيقا لانفساخ الكتابة بموته عاجزا (وإن أعتق) رجل (نصيبه، فلشريكه) الخيار إما (أن يحرر) أي: يعتق نصيبه منجزا أو مضافا وينبغي أنه إذا أضافه أن لا يقبل منه إضافته إلى زمان طويل لأنه كالتدبير معنى ولو دبره وجب عليه السعاية في الحال كما صرحوا به فينبغي أن تضاف إلى مدة الاستسعاء، كذا في (الفتح) (أو يستسعي) العبد كما مر (والولاء لهما) في الوجهين (أو يضمن) المعتق قيمة نصيبه (لو) كان (موسرا) أي" قادر على قيمته لا غنيا في ظاهر الرواية واستثنى في رواية الحسن الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن. قال في (البحر): والذي يظهر أن هذا الاستثناء لا بد منه على ظاهر الرواية وقول الشارح ثم المعتبر يسار / التيسير لا يسار الغني وهو أن يملك من المال قدر [266/أ] نصيب الآخر فاضلا عما يحتاج إليه من ملبوسه ونفقة عياله وسكناه، ويؤيده وصححه الزاهدي وأراد بنفقة الإعيال قوت يومه كما في (المحيط) ثم القيمة تعتبر يوم الإعتاق حتى لو كان العبد أعمى يومه فانجلى بياض عينه تجب نصف قيمته أعمى، أو كان موسرا فأعسر لم يسقط عنه الضمان بخلاف العكس. ولو اختلفا في قيمته يومه فإن كان قائما نظر إليها يوم ظهور العتق حتى إذا لم يتصادقا عليها فيما مضى قوم للحال، ولو تصادقا عليها واختلف في قيمته في ذلك الوقت فالقول قول المعتق ولو في يساره يومه حكم للحال يوم ظهور العتق إلا إذا تصادقا على سبق زمانه في مدة يختلف حاله فيها فالقول قول المعتق (ويرجع به على العبد، والولاء له) وهذا قول الإمام. وقالا: ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار وإن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده وعندهما يمنعها، زاد في (التحفة) خيار التدبير والكتابة وحذفها المصنف لرجوعها إلى السعاية لأنه لو دبره وجب السعاية للحال ولو كتابه على أكثر من قيمته من النقدين مما لا يتغابن فيه لم يجز لأن الشارع أوجب السعاية على قيمته فلا يجوز الأكثر ولو على عروض قيمتها أكثر جاز، وأنت خبير بأنهما وإن رجعا إلى معنى السعاية إلا أن للتدبير فائدة أخرى هي أنه لو مات المولى سقطت عنه السعاية إذا كان يخرج من ثلث ماله وللكتابة أيضا فائدة هي الاستغناء عن تقويمه وقضاء القاضي بها، وأشار المصنف بذكر الخيارات إلى أنه ليس له خيار الترك على حاله لأنه لا سبيل إلى الانتفاع به بعد ثبوت الحرية في جزء منه فلا بد من تخريجه

ولو شهد كل بعتق نصيب صاحبه سعى لهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى العتق كما في (البدائع) وهو الظاهر في أن الشريك يجبر على أن يختار واحدا مما ذكر. قال في (المبسوط): وليس له أن يختار التضمين في البعض والاستسعاء في البعض الآخر، وفي (البدائع) إلا إذا كان الساكت جماعة فاختار بعضهم السعاية وبعضهم الضمان فلكل منهم ما اختار ولو اختار الاستسعاء امتنع عليه التضمين وكذا عكسه، نعم له الإعتاق ولو مات العبد تعين التضمين في ظاهر الرواية فإذا ضمن وكان للعبد كسب رجع المعتق بما ضمن وليس للساكت أن يأخذ من تركة العبد قيمة نصيبه في قول العامة، وظاهر قول محمد يدل عليه أو المعتق وكان العتق في صحته أخذ بالضمان وإن في مرضه لم يجب في ماله شيء عندهما، وقال محمد: يستوفي القيمة من ماله أو الشريك الساكت فللورثة ما مر من الخيار لكن لبعضهم أن يختار العتق وللبعض أن يختار التضمين في ظاهر الرواية، وروى الحسن أنه ليس لهم ذلك وصححه في (المبسوط) ومعنى العتق في حق الوارث هو الإبراء لا حقيقته لأن المستسعى كالمكاتب عنده ولا تورث رقبته بموت المولى، إنما الموروث بدل الكتابة لكن لهم الإبراء عن السعاية كذا هذا، واعلم أن إثبات هذه الخيارات للشريك مفيد بمن يصح منه الإعتاق حتى لو كان صبيا أو مجنونا انتظر بلوغه وإفاقته إن لم يكن له ولي أو وصي فإن كان امتنع عليه العتق فقط ولو كان مأذونا مديونا كان له التضمين والاستسعاء والولاء لمولاه، وإن لم يكن مديونا كان له الخيارات الثابتة للمولى وإلا فالأربع والمكاتب كالمأذون المديون. تنبيه: في أن الاقتصار على هذه الخيارات إيماء إلى أن الساكت لو ملك نصيبه للمعتق ببيع أو هبة لم يجز استحسانا لأنه لم يبق محلا للتمليك وأما إذا ضمنه الساكت فإنما ملكه بالضمان ضرورة لكن ليس ملكا مطلقا، ألا ترى أنه ليس له بيعه بل إما العتق أو الاستسعاء كما لو كان له فأعتق نصفه، والله الموفق. (ولو شهد) أي: أخبر (كل) أي: كل واحد من المالكين الآخر (بعتق نصيب صاحبه) وكونه (سعى) العبد (لهما) أي: لكل واحد منهما في نصيبه موسرين كانوا أو معسرين، وكذا إذا كان أحدهما موسرا وعتق عند الإمام لأن كل واحد منهما يزعم أن صاحبه أعتق نصيبه فصار العبد بذلك في حكم المكاتب، وأنه حرم عليه استرقاقه [266/ب] فيصدق في حق نفسه فيمنع من / استرقاقه وله أن يستسعيه إن شاء أو يعتقه فيصدق لأنا تيقنا بحق الاستسعاء كاذبا كان أو صادقا لأنه مكاتبه أو مملوكه ولا يختلف ذلك باليسار والإعسار لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده وقد تعذر التضمين

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لإنكار الشريك فتعين الآخر وهو السعاية والولاء لهما. وتقييد المصنف بشهادتهما اتفاقي إذ لو أخبر واحد أو صاحبه أعتق نصيبه وكذبه فالحكم كذلك ولو كانوا ثلاثة فشهد اثنان على الثالث أنه أعتق نصيبه لم يقبل لأنهما يجران إلى أنفسهما مغنما ولا يعتق نصيب الثالث هذا ولا يضمن لصاحبه وسعي العبد في جميع قيمته كذا في (البدائع). وقالا: إن كانا موسرين فلا سعاية عليه لأن كل واحد منهما يتبرأ عن سعايته وإن كان الموسر إنما هو أحدهما سعى له فقط لا للمعسر، وإن كانا معسرين سعى لهما وولاؤه موقوف إلا أن يتفقا على إعتاق أحدهما واعترض بأن التضمين لم يتعذر بتقدير التحليف فإنه لما أنكر يحلف فإن أنكر أوجب الضمان، وأجيب بأنه لما كان من اعتقاد كل واحد منهما أنه أعتقه صاحبه لم يجب الضمان على تقدير الحلف فلا فائدة في التحليف بل يتعين السعاية بلا تحليف لأن المال إليه كذا في (العناية)، ولك أن تقول: من أين علم أن اعتقاد كل منهما ما ذكر فيجوز أن يكون خبره عير مطلق لاعتقاده لا يقال: وضع المسألة فيما لا يؤدي إلى شبهة فإن الشهادة هي الإخبار الذي لا يكون عن مواطأة، قلت: لو سلم أن معناه ما ذكر فالقاضي يحكم بالظاهر كذا في (الحواشي السعدية)، ثم هذا الجواب صريح في أنه لا تحليف في المسألة وحينئذ فلا معنى لقوله في (الكتاب) كاذبا كان أو صادقا بل يجب أن يحكم بصدق كل منهما كذا في (الفتح). قال في (الحواشي) المذكورة: وفيه بحث لأن الصدق ليس بمطابقة الحكم للاعتقاد بل للواقع والإقدام على اليمين بناء على الاعتقاد والمذكور في (شرح الأقطع) و (حواشي الخبازي) وابن الساعاتي في شرح (مجمعه) ثبوت التحليف، قال في (الفتح): وهو أوجه فيجب في الجواب المذكور وهو لزوم استسعاء كل منهما للعبد أنه فيما إذا لم يترافعا إلى قاض بل خاطب كل منهما الآخر بأنك أعتقت نصيبك وهو ينكر فإن هذه ليس حكمها إلا الاستسعاء، أما لو أراد أحدهما التضمين أو أراداه ونصيبهما متفاوت فترافعا أو رفعهما ذو حسبة فيما لو استرقاه بعد قولهما فإن القاضي لو سألهما فأجابا بالإنكار فحلفا لا يسترق لأن كلا يقول: إن صاحبه حلف كاذبا أو اعتقاده أن العبد يحرم استرقاته ولكل استسعاءه ولو اعترفا أنهما أعتقاه معا أو على التعاقب وجب أن لا يضمن كل الآخر إن كانا موسرين ولا يستسعى العبد لأنه عتق كله من جهتهما ولو اعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن المنكر يجب أن يحلف لأنه فيه فائدة إن نكل صار معترفا أو باذلا وصارا معترفين فلم يجب على العبد سعاية كما قلنا انتهى.

ولو علق أحدهما عتقه بفعل فلان غدا وعكس الآخر، ومضى، ولم يدر عتق نصفه، وسعى في نصفه لهما، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع قال في (المحيط): عبد بين اثنين قال أحدهما لصاحبه: بعت منك نصيبي وإن لم أكن بعته منك فهو حر، وقال الآخر: بما اشتريته وإن كنت اشتريته منك فهو حر فالقول لمنكر الشراء مع يمينه فإن حلف وليس للبائع بينه عتق العبد ولا سعاية عليه لمدعي البيع ويسعى للآخر في نصف قيمته على كل حال عند الإمام وكذا عندهما إن كان البائع معسرا وإن كان موسرا لم يسع للآخر في رواية أبي حفص وفي رواية أبي سليمان سعى لهما عندهم جميعا إن كانا معسرين وإن موسرين يسعى لمدعي البيع ي نصف قيمته فقط. ورواية أبي حفص أصح والتوجيه فيه فراجعه إن شئت، (ولو علق أحدهما) أي: الشريكين (عتقه بفعل فلان) أو أمره (غدا) أو في وقت والغد مثال بأن قال: إذا دخل فلان الدار غدا فأنت حر، (وعكس) الشريك (الآخر) بأن قال: إن لم يدخل (أو مضى) الغد (ولم يدر) أدخل أم لا (عتق نصفه ويسعى) العبد (في نصفه) أي: نصف قيمته (لهما) أي: للشريكين عندهما، وقال محمد: يسعى في جميع قيمته لأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول ولا يمكن القضاء على المجهور ولهما أنا [267/أ] تيقنا بسقوط السعاية لأن أحدهما حانث بيقين والجهالة ترتفع / بالشموع وتوزيعه عليهما على قول الإمام كما لا يخفى، ولا فرق على قول الإمام بين كونهما معسرين أو موسرين وعند محمد إن كانا موسرين فلا سعاية عليه لأحد ولو كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما لأن الذي يأخذ السعاية أبدا يكون هو الساكت فزعمه أن لا سعاية له على العبد وإنما حقه في تضمين المعتق الموسر وتضمينه متعذر للشك في أن العتق من جهته أو من جهة الآخر، وأبو يوسف مع الإمام في المقدار ومع محمد في اعتبار اليسار والإعسار فلو كان أحدهما موسرا فقد سعى في الربع هنا ولو حلف كل بعتق عبده، والمسألة بحالها لم يعتق منهما لأن الجهالة ي المقضي له والمقضي عليه متفاحشة وبها يمتنع القضاء وفيما مر المقضي له معلوم وأورد أنه لو كان بينهما عبدان فعلق أحدهما عتقه بفعل فلان غدا وعكس الآخر عتق كل واحد منهما مع جهالة المقضي له وعليه وسعى كل عبد لكل واحد منهما في جميع قيمته عند الإمام فتكون بينهما، وأجيب بأن كل واحد منهما أقر بفساد نصيبه هنا لزعمه أن شريكه هو الحانث بخلاف ما مر فإن كل واحد يزعم

ولو حلف كل واحد بعتق عبده لم يعتق واحد ومن ملك ابنه مع آخر عتق حظه، ولم يضمن، ولشريكه أن يعتق، أو يستسعي وإن اشترى نصف ابنه ممن يملك كله لا يضمن لبائعه ـــــــــــــــــــــــــــــ أن صاحبه هو الحانث فحسب حتى لو تقاضيا عتق عليهما لإقرار كل واحد منهما بحرية عبد الآخر، وفي مسألة (الكتاب) لو اشتراهما إنسان صح وإن كان عالما بحنث أحد المالكين لأن كلا منهما يزعم أنه يبيع عبده وزعم المشتري في العبد قبل ملكه له غير معتبر كما لو أقر بحرية عبد ومولاه ينكر ثم اشتراه صح وإذا صح واجتمعا في ملكه عتق عليه أحدهما لأن المقضي عليه معلوم ويؤمر بالبيان وعليه ثمنهما كما في (المحيط) وفيه وإن لم يعلم المشتري بحالهما فالقاضي يحلفهما ولا يجبر على البيان ما لم تقم البينة على ذلك، وأنت خبير بأن التعليل يكون المقضي عليه معلوما يفيد أنهما لو اجتمعا في ملك أحد الحالفين فالحكم كذلك وقيد بتعدد الحالف لأنه لو كان اتحد بأن قال: عبده حر إن لم يكن فلان دخل هذه الدار اليوم ثم قال: امرأته طالق إن كان دخل اليوم عتق وطلقت لأنه باليمين الأولى مقر بوجود شرط الثانية، وبالثانية صار مقرا بوجود شرط الأولى، وقيل لا يعتق ولا تطلق لأن أحدهما معلق بعدم الدخول والآخر بوجوده وكل منهما يحتمل تحققه وعدمه قلنا: ذلك في مثل قوله: إن لم تدخلي فعبدي حر بخلاف إن لم يكن دخل فإنه يستعمله للرد على للرد على المماري في الدخول وعدمه لتحقيق الدخول فيه وحقيقة شرطه ظهور أنه لم يدخل في الماضي، وكذا إن كان دخل بخلاف إن دخل كذا في (الفتح) وبه عرف الجواب عن قول الشيخ ينبغي أن يفرق بين التعليق بالشرط الكائن وبغير الكائن فيقع في المعلق بالكائن لا بغيره. (ولو ملك الأب ابنه) بشراء أو هبة أو صدقة أو إرث، والمراد من يعتق عليه (مع آخر عتق حظه) أي: الأب لأنه ملك قريبه فيعتق عليه بخلاف ما لو اشترى العبد نفسه مع أجنبي لا يصح لوقوع البيع والعتق معا في زمان واحد (ولم يضمن) قيمة نصيب شريكه لو موسرا (ولشريكه أن يعتق، أو يستسعي) عند الإمام لأنه رضي بإفساد نصيبه بمشاركته فيما هو علة العتق، ولا فرق في ظاهر الرواية بين أن يعلم أنه ابنه أو لا وقالا: يضمن الأب في غير الإرث لو موسرا قيد بكونه قريبه لأنه لو ملك مستولدته بالنكاح مع آخر ضمن نصف قيمة شريكه ولو بالإرث لأن هذا ضمان تملك فلا يختلف بين اليسار والإعسار وبملكه مع آخر لأنه لو ملك حظه بعد الأجنبي ضمن نصيبه لو موسرا إذ لو حلف أحدهما بعتق عبد إن ملك نصفه فملكه مع آخر كان كمسألة (الكتاب) حكما وخلافا، (وإن اشترى) الأب (نصف ابنه ممن يملك) ابنه (لا يضمن) الأب (لبائعه) شيئا لو موسرا عند الإمام لأن البائع شاركه في العلة وهذا

عبد لموسرين دبره واحد، وحرره آخر ضمن الساكت المدبر، والمدبر المعتق ثلثه مدبرا لا ما ضمن ـــــــــــــــــــــــــــــ لأن علة دخول المبيع في ملك المشتري الإيجاب والقبول وقد شركه فيه وأوجبا عليه الضمان وقد يكون البائع يملك كله لأنه لو اشترى نصفه من أحد الشريكين وهو موسر لزم الضمان عليه إجماعا ولم يذكر ما لشريكه من الخيار لهنا اكتفاء بما مر. (عبد لموسرين) فلأنه (دبره واحد، وحررخ) الشريك (الآخر)، الثالث ساكت [267/ب] (ضمن الساكت المدبر) بكسر الباء ثلث قيمته قنا وليس له / أن يضمن المعتق. (و) ضمن (المدير المعتق ثلثه مدبرا لا ما ضمن) ثلثه قنا لأن الضمان ضمان المعارضة حيث أمكن لا يعدل عنه وهو موجود في تضمين الساكت المدبر بخلاف المعتق فإنه وإن غير نصيب المدبر والساكت حيث كان لهما ولاية الاستخدام بعد التدبير وبطل ذلك بالعتق حيث استحق به العبد خروجه إلى الحرية بالسعاية والتضمين، إلا أن ضمانه ضمان إتلاف لأنه لا يمكن ملك هذا المضمون وهذا عند الإمام. وقالا: العبد كله للمدبر أولا ويضمن ثلثي قيمته للشريكين موسرا كان أو معدما، والخلاف مبني على أن التدبير يتجزأ كإعتاق لأنه شعبة ولا يتجزأ عندهما فاقتصر عنده على نصيبه لكنه أفسد به نصيب الآخر حيث امتنع عليهما البيع ومعناه من الهبة والوصية والأمهار فيثبت لكل منهما الخيارات المتقدمة من العتق وفرعيه الدبير والمكاتبة، وكذا الاستسعاء وتركه على حاله فإذا أعتقه صار بالعتق مسقطا حقه في الضمان، وغير خاف أن يسار الساكت لا أثر له ولو كان بين اثنين والمسألة بحالها كان للمدبر أن يضمن المعتق ثلثه مدبرا ولو كان العتق أولا والتدبير ثانيا كان للمدبر أن يستسعيه لاختياره لتدبير ترك الضمان ولو لم يعلم أيهما أولا أو صدرا معا كان للمدبر تضمين المعتق ربع القيمة ويرجع بها على العبد أو استسعاء العبد في ذلك وهذا عند الإمام. وقالا: العتق أولى في الكل فإن كان المعتق موسرا ضمن للمدبر وإلا سعى العبد له في نصيبه كذا في (المحيط)، وقيمة المدبر ثلثا قيمته قنا كما اختاره الشيهيد وبه يفتى، وقيل: يسأك أهل الخبرة لو جاز بيع فائت المنفعة أعني البيع كم يبلغ فيما ذكروا هو القيمة واستحسنه في (الفتح) وسكت عن الولاء، قال في (الهداية): وهو بين المعتق والمدبر أثلاثا. قال في (النهاية): وعليه جرى في (النهاية) و (الغاية) أي: بين عصبة المدبر

ولو قال لشريكه: هي أم ولدك، وأنكر تخدمه يوما، وتتوقف يوما ـــــــــــــــــــــــــــــ إذ لا يثبت للمدبر إلا بعد موت مولاه، ونسبه إلى قاضي خان، قال في (الفتح): وهو غلط لأن العتق المنجز يوجد إخراجه إلى الحرية بتنجيز أحد الأمور من التضمين مع اليسار والسعاية والعتق وقيد بكون الساكت اختار تضمني المدبر بعد تحرير الآخر لأنه لو ضمنه قبل تحريره ثم حرره كان للمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته قنا مع قيمة ثلثه مدبرا لأن الإعتاق وجد بعد تملك المدبر نصيب الساكت. قال في (الفتح): وأورد بعض الطلبة على هذا أنه ينبغي أن يضمنه قيمة ثلثيه مدبرا لأنه حيث ملك ثلث الساكت بالضمان صار مدبرا، ولذا قلنا: إن ثلثي الولاء له لأنه صار كأنه دبر ثلثيه ابتداء والجواب لا يتم إلا بمنع كون الثلث الذي ملكه بالضمان صار مدبرا بل هو قن على ملكه إذ لا موجب لصيرورته مدبرا لأن ظهور الملك الآن لا يوجبه والتدبير يتجزأ وذكرهم إياه في وجه كون الولاء له غير محتاج إليه إذ يكفي أنه إلى ملكه حين أعتق الآخر وأدى الضمان وإنما لم يكن ولاءه له لما ذكرنا من أنه ضمان جناية لا تملك، (ولو قال رجل لشريكه: هي أم ولدك، وأنكر) ولا بينة فهي (تخدمه يوما وتتوقف يوما) أي: المنكر لا للمقر لأنه يتبرأ منها ويدعي الضمان على شريكه وهذا عند أبي حنيفة وهو قول الثاني آخرا كما في (الأصل)، لأنها إن كانت أم ولده كان له استخدامها وإن كانت قنة كان له استخدام النصف فكان النصف ثابتا بيقين. وقال محمد: ليس للمنكر إلا الاستسعاء في نصف قيمتها وفي (المختلف) في باب محمد نفقتها في كسبها فإن لم يكن لها كسب فنفقتها على المنكر وهذا بقول الإمام ألي ونسبه العيني إليه. قال في (الفتح): وينبغي على قول محمد أن لا نفقة لها عليه أصلا لأنه لا خدمة له عليها ولا احتباس وعلى قول محمد فالجناية عليها موقوفة في نصيب المقر دون المنكر فيأخذ نصف الأرش، وأما جنايتها فقيل هي كذلك والصحيح أنها موقوفة في حقها لأنه تقرر إيجابها في نصيب المنكر عليه بعجزه عه دفعها لها من غير صنع منه فلا يلزمه الفدية فوجب التوقف في نصيبه ضرورة كالمقر بخلاف الجناية عليها لأنه أمكن وقع نصف الأرش إلى المنكر كذا في (المحيط)، ولو مات المنكر قبل تصديقه تعتق بشهادة الآخر ولا سعاية عليها له وتسعى لورثة المنكر في نصف قيمتها لأنه عند موت الشريك كأنه قال أعتقت / الجارية من جهة شريكي [268/أ] نصيبه فإنه إن لم يتمكن من نصيبه إذا كان موسرى وهو ينكر لكنه يفسد الرق فيه لأنه لما كان متمكنا من إفساده اعتبر إقراره بفساده لم يسع العبد في تمام قيمته بينهما عند الإمام موسرين كانا أو معسرين أو أحدهما موسر والآخر معسر وعندهما كذلك

وما لأم ولد تقوم، فلا يضمن أحد الشريكين بإعتقاقها ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان المقر عليه معسرا فإن كان موسرا سعى له ولم يسع للمقر وجه قول محمد إنه لما لم يصدقه صاحبه انقلب إقراره عليه فصار كأنه هو استولدها، ووجه قولهما أن استحقاق المنكر نصف قيمته فأبت بيقين ولا نسلم انقلاب الإقرار لأن الإقرار بأمومية الولد إقرار بالنسب وهو أمر لازم لا يرتد بالرد فلا يمكن أن يجعل المقر كالمستولد حكما، نعم يؤاخذ بإقراره فيمتنع استسعاؤه واستخدامه ولا يسري قوله في حق شريكه فيبقى على ما كان عيه. (وما لأم ولد تقوم) أي: قيمة هذا شطر بيت من المظومة، وهذا عند الإمام، وقالا: لها القيمة وهي ثلث قيمتها قنة، وبه قال الجمهور لأنه ينتفع بها وطئا وإجارة واستخداما ويملك كسبها وهو آية التقوم ويدل على ذلك أيضا أن ولد أم النصراني إذا أسلمت سعل له، وله أن التقوم إنما يثبت بالإحراز على وجه التمول ولما استولدها تحولت صفتها إلى ملك مجرد فصارت محرزة للنسب لا للتمول وما ذكر أن جواز الانتفاع إلى آخره إنما هي لوازم الملك ولا كلام فيه إنما الكلام في تقوم المالكية وقد علمت انتفاؤه ولا نسلم أن السعاية في أم ولد النصراني إذا أسلمت للتقوم بل لضرورة، وذلك أنه لا يمكن بقاؤها مسلمة مملوكة ولا إخراجها عن ملكه الصحيح مجانا فأنزلت مكاتبة عليه على قيمتها ولا تفتقر الكتابة إلى التقويم أو أنهم يدينون ذلك (فلا يضمن أحد الشريكين) نصف قيمتها (بإعتاقها) تفريع على ما مهده به يظهر أثر الخلاف هي لو كان بينهما أمة ادعى كل منهما أنها أم ولد له فأعتقها أحدهما وهو موسر فلا ضمان عليه عند الإمام، وهي قول الجمهور، وعندهما يضمن إن كان معسرا قيد بأم الولد لأن المدبر مقوم اتفاقا ولذا يسعى في قيمته لو لم يخرج من الثلث أو خرج والتركة بالدين مستغرقة، بخلاف أم الولد لا تسعى ولو استغرقت التركة أو لم تخرج من الثلث لأن ثبوت سببية التدبير في الحال على خلاف القياس في التعليقات لضرورة هي أن تأخره يوجب بطلانه لأن ما بعد الموت زوال أهلية التصرف فلا يتأخر سببيه كلامه إليه فيقدر بقدر الضرورة فيظهر أثره في حرمة البيع خاصة لا في سقوط التقوم بل يبقى في حق سقوط التقوم على الأصل يعني فيتأخر سببية السقوط التقوم إلى ما بعد الموت، ومن فوائد الخلاف أنها لو ولدت ولدا فادعاه أحدهما ثبت نسبه ولا شيء عليه لشريكه ولا سعاية على الولد عنده لأن ولد أم الولد كأمه وعندهما يضمن نصف قيمته إن كان موسرا ويسعى الولد في نصف قيمته إن كان معسرا كذا في (النهاية)، وعليه جرى في (العناية) وغيرها ونظر فيه الشارح بأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يعلق شيء منه على ملك

له أعبد قال لاثنين: أحدكما حر، فخرج واحد ودخل آخر، وكرر ومات بلا بيان عتق ثلاثة أرباع الثابت ونصف كل من الآخرين ـــــــــــــــــــــــــــــ الشريك وهكذا ذكر صاحب (الهداية) في الاستيلاد في القنة فضلا عن أم الولد، فكيف يتصور أن يكون سقوط الضمان لأجل أنه كأمه عنده؟ وعندهما يضمن وهو حر الأصل ولو كان مكان الدعوى إعتاق لاستقام. وأجاب في (البحر) بالفرق بينهما وذلك أن الاستناد في القنة ممكن لقبولها النقل من ملك إلى ملك ولا يمكن في أم الولد لعدم قولها إياه فكان في نصيبه كالأجنبي وولد أم الولد من الأجنبي كأمه، ومنها أن المشتراة لو جاءت بولد عند المشتري لأقل من ستة أشهر وماتت فادعى البائع أنه ابنه ثبت نسبه منه ورد الثمن كله عنده، وعندهما يرد حصة الولد فقط، ومنها أنها لا تضمن بالغصب عنده لو ماتت خلافا لهما وإنما ضمن أم الولد اتفاقا فيما إذا قربا لمسبعة فافترسها سبع فماتت لأن هذا ضمان جناية لا غصب. (له أعبد فقال) المولى: (لاثنين) منهم (أحدكما حر فدخل واحد وخرج آخر، وكرر) قوله أحدهما حر (ومات) المولى (بلا بيان) لمن عناه بالعتق أولا وثانيا (عتق ثلاثة أرباع الثابت) وهو من أعيد عليه القول (و) عتق أيضا (نصف كل من الأخيرين) وهما الداخل والخارج /، أما الخارج فلأن الإيجاب الأول دائر بينه وبين الثابت [268/ب] فأوجب عتق رقة بينهما فيصيب كل منهما النصف إذا لا يرجح، وكذا الإيجاب الثاني بينه وبين الداخل غير أن نصف الثابت شاع في نصفيه فما أصاب منه العتق الأول لغا وما أصاب الفارغ من العتق عتق فتم له ثلاثة الأرباع ولا معارض لنصف الداخل فعتق نصفه عندهما. وقال محمد: يعتق ربعه لأنه إذا أريد بالإيجاب الأول الخارج صح الثاني وإن أريد الثابت بطل، فدار بين أن يوجب أو لا فيتنصف فيعتق نصف رقبة بينهما، واستشكل قول الثاني بعتق النصف وقوله مع محمد بعتق ثلاثة الأرباع مع قولهما بعد تجزئ العتق، وأجيب بأن عدم التجزيء إنما هو إذا صادف محلا معلوما أما إذا كان بطريق التوزيع والانقسام باعتبار الأحوال فلا؛ لأن ثبوته حينئذ بطريق الضرورة وهي لا تتعدى موضعها ورده بعض الطلبة بمنع الضرورة للانقسام لأن الواقع أن كل من عتق منه البعض الذي ذكر لا يقر بالرق بل يسعى في باقيه حتى يخلص كله حرا فيمكن أن يعول بعتق جميع كل واحد عندهما ويسعى في ذلك القدر فيتحد الحاصل على قولهما وقول أبي حنيفة غير أنهم يسعون وهم عبيد وعندهما يسعون وهم أحرار والحاصل أن الضرورة أوجبت أن لا يعتق جميع واحد مجانا لا أن يعتق

ولو في المرض قسم الثلث على هذا والبيع، والموت، ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض فقط ثم يتأخر عتق الباقي إلى أداء السعاية ورد عليه بأنه لو عتق الكل من واحد ابتداء ثم يسعى وهو حر لزم أن يكون موجب قوله أحدكم حر عتق الاثنين وهو باطل وقد يدفع عنه بمنع كون الموجب ذلك بل عتق رقبة شائعة، وإنما عتق الكل من كل منهما للضرورة التي اقتضت توزيعه كذا في (الفتح) قيد بكونه مات بلا بيان بأن لم يخاصمه العبد فيه لأنه لو بين شيئا عمل به وسيأتي أو خاصمه أجبر عليه فإن بين الإيجاب الأول في الثابت بطل الثاني، وإن بينه في الخارج أمر ببيان الثاني، ولو بدأ به وبينه في الداخل طولب ببيان الأول فإن بينه في الثابت والخارج عمل به ولو قال عنيت بالثاني الثابت عتق وتعين الخارج بالإيجاب الأول. (ولو) كان هذا القول (في المرض) وقد ضاق الثلث عنهم ولم يكن له مال غيرهم أو كان ولم تجز الورثة (قسم الثلث) بينهم (على هذا) النمط السابق وذلك أنا نجمع بين سهام العتق وهي سبعة على قولهما لأنا نجعل كل رقبة على أربعة لاحتياجنا إلى ثلاثة أرباع فيعتق من الثابت ثلاثة من أربعة ومن الآخرين من كل واحد سهمان فمبلغ السهام سبعة خارجة من الثلث وكل المال هو الأعبد الثلاثة فيكون كل منهم وهو ثلث المال سبعة أسهم فيعتق من الثابت ثلاثة من سبعة ويسعى في أربعة ومن الآخرين الداخل والخارج من كل منهما سهمان ويسعى في خمسة فصار ثلاثة أرباع الثابت إلى ثلاثة أسباعه وذلك أقل من نصفه بنصف سبع وصار نصف كل من الآخرين سبعين وذلك أقل من ثلثه بثلث سبع، وأما على قول محمد فإنما يضرب الداخل بسهم ويسعى في خمسة فصار ربعه سدسا على هذا تكون سهام العتق ستة وكل المال ثمانية عشر فيجعل كل عبد عن ستة فيعتق من الثابت ثلاثة ويسعى في ثلثه فكان المعتق على قوله نصفه ومن الخارج سهمان وهما ثلثه ويسعى في أربعة ومن الداخل سهم وهو سدسه ويسعى في خمسة (والبيع) أي: بيع عبد معين منهما سواء كان صحيحا أو فاسدا معه قبض أو لا مطلقا أو بشرط الخيار وظاهر أنه لو باعهما معا لم يكن بيانا لبطلان البيع لأن أحدهما حر بيقين والعرض على البيع ملحق به في المحفوظ عن الثاني، وكذا المساومة وأشار به إلى كل تصرف لا يصح إلا في الملك كالهبة والصدقة والرهن والإجارة والإيصاء والتزويج وما في (الهداية) من اشتراط التسليم في الهبة والصدقة فاتفاقي كذا في (الكافي). (والموت) أي: موت أحدهما ولو بالقتل من المولى أو من أجنبي، وإذا أخذ المولى القيمة منه فبين العتق في المقتول عتقا وكانت لورثته وينبغي أن يكون قتل

والتحرير، والتدبير بيان في العتق المبهم لا الوطء وهو، والموت بيان في الطلاق المبهم، ـــــــــــــــــــــــــــــ العبد نفسه كذلك واحترز به عن قطع اليد فإنه لا يكون بيانا غير أن المولى إن / بين [269/أ] العتق فيه فالأرش له فيما ذكر القدوري، وقال الإسبيجابي للمجني عليه. (والتحرير) أي: إنشاؤه حتى لو ادعى أنه عنى بقوله أعتقتك ما لزمه بقوله أحدكما جر صدق قضاء ولم يقل شيئا عتقا وإطلاقه يعم المنجز والمعلق كقوله لأحدهما إن دخلت الدار فأنت حر وبه يعتق الآخر (و) إطلاق (التدبير) يدخل المقيد أيضا لأن فيه تعليق العتق ولم يذكر الاستيلاد مع أنه كذلك لأنه مفهوم بالأولى إذ هو فوق التدبير والكتابة كالتدبير (بيان في العتق المبهم) ولو معلقا بأن قال لأحد عبديه: إذا جاء الغد عتق الباقي لخروج الميت ومن تصرف فيه عن محلية العتق فتعين الآخر وفرقوا في المعلق بين البيان الحكمي والصريح، فإن الحكمي قد علمت أنه يصح قبل الشرط بخلاف الصريح فإنه لو قال قبل الشرط اخترت أن يعتق فلان ثم وجد الشرط لا يعتبر لأنه اختيار قبل وقته كما لو قال: إنه أنت حر إن دخلت هذه الدار وهذه الدار ثم عين إحداهما للحنث لا يصح تعيينه ولو باع إحداهما أو كليهما ثم اشتراهما ثم جاء الغد ثبت حكم العتق المبهم فيعتق أحدهما ويؤمر بالبيان. وفي (الاختيار) لو قال: أحدهما حر فقيل: أيهما نويت؟ فقال: لم أعن هذا عتق الآخر فإن قال بعد ذلك: لم أعن به عتق الأول أيضا، وكذلك طلاق إحدى المرأتين بخلاف ما لو قال: لأحد هذين على ألف فقيل له: هو هذا؟ فقال: لا، لا يجب للآخر شيء، والفرق أن التعيين في الطلاق والعتاق واجب عليه فإذا نفاه عن أحدهما تعين الآخر إقامة للواجب، أما الإقرار فلا يجب عليه البيان فيه لأن الإقرار بالمجهول لا يلزم حتى لا يجبر عليه فلم يكن نفي أحدهما تعيينا للآخر (لا الوطء) أي: لا يكون الوطء بيانا، وكذا الدواعي من اللمس والتقبيل والنظر إلى فرجها بشهوة عند الإمام وقالا: يكون الوطء ودواعيه بيانا لأنه لا يحل إلا في الملك وإحداهما حرة فكان مستثنيا الملك في الموطوءة فتعينت الأخرى لزواله بالعتق وفي (الهداية) ولا يفتى بقول الإمام ولا خلاف أن الاستخدام ولو كرها لا يكون بيانا وأنه في التدبير المبهم ليس بيانا أيضا، (وهو) أي: الوطء (والموت بيان في الطلاق المبهم) حتى تطلق التي لم يطأها والحية ولا بد أن يكون الطلاق بائنا فلو كان رجعيا لا يكون بيانا نص عليه في (النوادر) وهل يثبت البيان فيه المقدمات؟ ففي (الزيادات) لا يثبت، وقال الكرخي: التقبيل كالوطء

ولو قال: إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت حرة، فولدت ذكرا، وأنثى، ولم يدر الأول رق الذكر، وعتق نصف الأم، والأنثى ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو) طلق إحداهما ينبغي أن لا يكون بيانا، كذا في (البحر). (قال) لأمته: (إن كان أول ولد تلدينه ذكر فأنت حرة فولدت ذكرا وأنثى ولم يدر الأول) منهما (رق الذكر) على كل حال (وعتق نصف الأم والأنثى) ويسعى كل منهما في نصف قيمته لأنهما بتقدير ولادة الغلام أولا يعتقان بتقدير ولادة الجارية أولا فيعتق نصف كل منهما والذكر رقيق على كل حال لأن ولادته شرط لحرية الأم فتعتق بعد ولادته فلا يتبعها وهكذا ذكر في (الجامع الصغير) من غير خلاف فيه والمذكور لمحمد في (الكيسانيات) في هذه المسألة أنه يحكم بعتق واحد منهم وفي (النهاية) عن (المبسوط) ذكر محمد هذا ليس جواب هذا الفصل في هذا الفصل لا يحكم بعتق واحد منهم ولكن يحلف المولى بالله أنها ولدت الغلام أولا فإن نكل كان مقرا وإن حلف كانوا أرقاء، وأما جواب الكتاب ففيما إذا قال لأمته: إن كان أول ولد تلدينه غلاما فأنت حرة وإن كانت جارية فهي حرة، فلودتهما ولم يدر الأول رق الغلام والأنثى حرة وعتق نصف الأمة. قال في (النهاية): وما في (الكيسانيات) هو الصحيح لأن الشرط الذي لم يتيقن وجوده وهو ما كان في طرف واحد القول فيه قول من ينكر وجود اليمين كقوله لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر فمضى الغد ولا يدري أدخل أم لا؛ لا يعتق لوقوع الشك مذكورا في طرف الوجود والعدم وأحدهما موجود لا محالة فيحتاج إلى اعتبار الأحوال كما في مسألة (الكيسانيات) انتهى. ورده في (فتح القدير) بمنع كون ما ذكر جواب مسألة (الكتاب) لأنه في هذ الصورة يعتق جميع الجارية ونصف الأم [269/ب] وجواب مسألة (الكتاب) عتق نصفها فإن قلت: المفروض / في مسألة (الكتاب) تصادقهم على عدم علم المتقدم كيف ولا دعوى ولا منازع؟ قلت: محمول على الدعوى من أجنبي حسبة إلا أن تعليله في (المبسوط) بأن الأم تدعي العتق وهو ينكر فقيل: إن ذلك في صورة دعوى الأم وهي غير ما في (الكتاب)، وحقيقة ما مر من الترجيح إبطال قولهما مع أنهما لم ترد عنهما رواية شاذة بخلاف ذلك واستدلاله بأن الشرط الكائن حينئذ فينظر فيه بأن ذلك الشرط الظاهر لا الخفي والولادة يمكن أن يكون من الأمور الخفية فيوجب الشك فيها اعتبار الأحوال انتهى. وفي (الغاية) قال: هذا الجواب ليس جواب هذا الفصل، يريد به الجواب بطريق التوزيع على الأحوال انتهى. وهذا كما ترى يصلح جوابا عن الرد الأول بل هو متعين إذ كيف يتوهم أن جواب مسألة الجواب ما ذكر وهذا مخالف في حكم

ولو شهد أنه حرر أحد عبديه، أو أمتيه لغت إلا أن تكون في وصية، ـــــــــــــــــــــــــــــ الجارية ظاهرا وكون الولادة يمكن أن تكون من الأمور الخفية رده في (البحر) بأن الخفية ما لا يمكن الإطلاق عليها والولادة مما يمكن الاطلاع ولا يخفى أنه ليس المراد بالولادة مطلقها بل التي الكلام فيها وهو كون الغلام أولا وهذا مع ولادتها أيهما في حمل واحد مما يخفى غالبا وأقرب الأمور عندي ما مال إليه الطحاوي من أن محمدا كان معهما أولا ثم رجع، يعني فما في (الجامع) قولهما وما في (الكيسانيات) قوله المرجوع إليه قيد بقوله ولم يدر الأول فإن تصادقا على ذلك لأنهما لو اتفقا على أن الغلام أولا عتقت الأم والجارية أو أنه كان ثانيا لم يعتق أحد ولو ادعت الأم أن الغلام أولا عتقت الأم والجارية أو أنه كان ثانيا لم يعتق أحد ولو ادعت الأم عن الغلام أولا وأنكر والجارية صغيرة حلف المولى على العلم فإن نكل عتقت الأم والبنت وإلا لم يعتق أحد ولو كانت الجارية كبيرة ولم تدع ونكل عتقت الأم فقط ولو ادعت البنت دون الأم عتقت فقط إذا نكل فهذه وجوه ستة ولو أقامت البنت الكبيرة أو الأم بينة على أولية الغلام ينبغي أنهما يعتقان. فائدة: كيسان من الرجال وإليه ينسب أبو عمرو سليمان بن شعيب الكيساني وهو من أصحاب محمد ومنه قولهم: ذكر محمد في (الكيسانيات) أو في (إملاء الكيساني) كذا في (المغرب)، (ولو شهدا أنه حرر أحد عبديه أو) أنه حرر إحدى (أمتيه لغت) شهادتهما عند الإمام وقالا: تقبل، والخلاف مبني على أن العتق من حقوق العباد عنده فتوقفت الشهادة على دعوى العبد لا فرق في ذلك بين الحرية الطارئة والأصلية في الأصح ولا تحقق لها من المملوك فلم تطابق الدعوى الشهادة فلغت، ومن حقوق الله تعالى عندهما فلم تتوقف وعتق الأمة وإن لم يتوقف على الدعوى إجماعا لما فيه من تحريم فرجها على المولى وهو خالص حقه تعالى فأشبه الطلاق إلا أن العتق المبهم لا يوجب تحريم الفرج عنده على ما مر فانتفى المسقط فيه وصار كالشهادة على عتق المجوسية وأخته من الرضاع وفي الشهادة على الطلاق الرجعي ولاكتفى بشهادة الواحد فإنه حجة في الأمر الديني وأجيب بأنه يثبت بالشهادة بعتقهما نوع آخر من التحريم فإن وطء المجوسية والأخت رضاعا ليس بزنى حتى لا يلزمه الحد بوطئهما قبل العتق وبعده يلزمه، والرجعي ينعقد سببا للحرية لأنها تحرم به عند انقضاء العدة، وخبر الواحد حجة في الأمر الديني إذا لم تقع

أو طلاق مبهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحاجة إلى التزام المذكور وهنا وقعت (إلا أن تكون) الشهادة (في وصية) استثناء متصل يعني لغت الشهادة في كل الأحوال إلا في هاتين الحالتين، وما في (البحر) من أنه منقطع ففيه نظر لا يخفى بأن شهدا أنه أعتق أحد عبيده في مرض موته أو دبر أحدهما ولو في حصته (أو طلاق مبهم) بأن شهدا أنه طلق أحد نسائه فتجوز الشهادة إجماعا، والقياس في الأول عدم قبولها لأن المقضي له مجهول وللاستحسان وجهان: أحدهما: أن العتق في المرض والتدبير مطلقا وصية والخصم فيها إنما هو الموصي لأنها حقه فكان مدعيا تقديرا وعنه خلف وهو الوصي أو الوارث، والثاني: أن العتق بالموت يشيع فيها ولذا يعتق نصف كل واحد منهما فصار كل واحد خصما متعينا. [270/أ] قال صدر الشريعة: والأول مشكل لأن المتنازع فيه ما إذا أنكر المولى تدبير / أحدهما والعبدان يريدان إثباته، فكيف يقال: إن المدعي هو المولى أو نائبه؟ وأجاب في (الحواشي السعدية): بأن المولى وإن كان منكرا صورة إلا أنه نزل مدعيا معنى لأن نفع العتق يعود إليه وهو معلوم وعنه الخلف وهو الوصي أو الوارث فنزل الوارث أو الوصي مدعيا للعتق خلفا عن الميت فقبلت الشهادة وفي (فتح القدير) ولا يخفى أن المراد بالخصم هنا من تكون الشهادة على طبق دعواه، ولا تقام البينة إلا على منك ففرض بعض الشارحين أن تكون الورثة منكرين فعلى هذا يكون قوله وعنه خلف وهو الوصي أو وارثه يعني الوصي إن كان الورثة منكرين أو الورثة إن كان الوصي منكرا، فقيل: فيشكل ما لو كان كل من الوارث والوصي منكرا إذ لا تبطل البينة لكونها شهادة بوصية وليس واحد منهما خلفا ولا مخلص إلا اعتبار جعل الميت مدعيا تقديرا، والوجه الثاني يقتضي أن الشهادة بعتق أحد عبديه بغير وصية إن أقيمت بعد الموت تقبل لشيوع العتق بالموت وهو الذي صححه فخر الإسلام، وتبعه المصنف في (الكافي)، لجواز أن يكون الحكم معللا بعلتين فيتعدى بأحدهما وقلائل أن يقول: شيوع العتق الذي هو مبنى صحة كون العبدين مدعيين متوقفا على ثبوت قوله أحدكما ولا يثبت له إلا الشهادة وصحتها متوقفة على الدعوى الصحيحة من الخصم فصار ثبوت شيوع العتق متوقفا على ثبوت الشهادة، فلو أثبت الشهادة بصحة خصومتهما وهي متوقفة على ثبوت العتق فيها شائعا لزم الدور، وإن لم يتم وجه ثبوت هذه الشهادة على قوله لزم ترجح القول بعدم قبولها وعلى هذا يبطل الوجه الثاني من وجهي الاستحسان انتهى. قال في (البحر): وهذا من العجب العجاب لأن صحة كونهما مدعيين لا

باب الحلف بالدخول

باب الحلف بالدخول ومن قال: إن دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر عتق ما يملك بعده به ـــــــــــــــــــــــــــــ يتوقف على الثبوت إذ يلزم مثله في كل دعوى بل يقال: صحة كونه مدعيا متوقفة على ثبوت قوله وثبوت قوله متوقف على ثبوت الدعوى الصحيحة وإنما صحته متوقفة على كون المدعي معلوما مع بقية الشرائط. وأقول: لزوم مثله في كل دعوى ممنوع إذ الكلام في ثبوت صحة الدعوى عليه وهو كون المدعي خصما معلوما كما اعترف به وهو موقوف على الشهادة ولا وجود لهذا المعنى في كل دعوى، نعم يمكن أن يقال: لا نسلم توقف الشيوع على ثبوت قوله أحدكما بل على صدوره منه فإذا ادعياه أو أحدهما فقد ادعى كل واحد أنه أعتق نصفه فإذا برهن على ذلك قبل برهانه والله الموفق للصواب. باب الحلف بالدخول أي: الحلف بالعتق متعلقا بالدخول وهو بفتح الحاء وكسر اللام، مصدر حلف سماعي القسم وجاء فيه سكون اللام أيضا وبكسرها مع سكون لام العهد، ولو قال: كغيره بالعتق لكان أوضح ولما كان التعليق مؤخرا في السبب أخره وذكر التعليق بالولادة في معتق البعض لبيان أنه يعتق منه البعض عند عدم العلم، (ومن قال: إن دخلت الدار فكل مملوك لي) أملكه (يومئذ حر عتق ما يملك بعده) أي: بعد الحلف سواء كان في ملكه أو تجرد ملكه له (به) أي: الدخول لأن التنوين عوض عن الجملة المضاف إليها فقط إذ التقدير إن دخلت ولفظ اليوم ظرف للملوك فكان التقدير كل من يكون في ملكي يوم الدخول وهذا في الحقيقة إضافة عتق المملوك يوم الدخول إلى يوم الدخول، والمملوك لا يكون إلا بملك فصار كأنه قال: إن ملكت مملوكا وقت الدخول فهو حر ويصدق بملك قبل الدخول يقارن بقاء الدخول فكان إضافة العتق إلى الملك الموجود عند الدخول معنى والمراد باليوم هنا مطلق الوقت لأنه أضيف إلى ما لا يمتد حتى لو دخل ليلا عتق. وفي (البدائع) لو قال: كل مملوك اشتريه إذا دخلت الدار فهو حر فهذا على ما اشترى بعد الفعل الذي حلف عليه ولا يعتق ما اشترى قبل ذلك إلا أن يعينه، ولو قال: كل مملوك أملكه اليوم أو هذا / الشهر أو هذا السنة وله مملوك فاستفاد في [270/ب] الوقت الذي عينه آخر عتق ما استفاده أيضا، ولو نوى أحد الصنفين لم يقبل قوله

ولو لم يقل يومئذ لا والمملوك لا يتناول الحمل كل مملوك لي، أو أملكه فهو حر بعد غد أو بعد موتي يتناول من ملكه منذ حلف فقط، ـــــــــــــــــــــــــــــ قضاء ويقبل ديانة (ولو لم يقل يومئذ لا) أي: لا يعتق ما ملكه بعد اليمين بل يقتصر على المملوك وقت التكلم لأن المجاز في الوصف كاسم المفعول وهو مملوك إن معناه قائم حال التكلم ثم نسب إليه على وجه قيامه به أو وقوعه عليه، واللام للاختصاص جرت معنى متعلقها إليه وهو مملوك فلزم من التركيب اختصاص ياء المتكلم بالمتصف بالمملوكية للحال فلو لم يكن في ملكه شيء يوم حلف كان اليمين لغوا، لا فرق بين كون التعليق بإن أو إذا ما أو متى ولا بين كونه منجزا أو معلقا قدم الشرط وأخره، (و) لفظ (المملوك لا يتناول الحمل) لأن المطلق منه إنما ينصرف إلى المملوك بالأصالة والاستقلال، والحمل مملوك تبعا لأنه كعضو من أعضائها ولذا لم يجزئ عن الكفارة ولم تجز صدقة فطره ولا يجوز بيعه منفردا حتى لو قال: كل مملوك لي حر وله حمل أوصى له به دو أمه أو قال: (كل مملوك لي) ذكر فهو حر وله جارية حامل ولدت ذكرا لأقل من ستة أشهر، أو قال: إن اشتريت مملوكين فهما حران، أو قال للحامل: كل مملوك غيرك فهو حر لم يعتق الحمل في هذه المسائل ولا الأم. قال في (البحر): وقيدنا بالصور الأربع لأنه لو قال: كل مملوك لي حر وله جارية حامل فإن الجارية تدخل قيد حل الحمل تبعا لها، وأنت خبير بأن هذا لا يرد على إطلاق المصنف بعد أن الحمل إنما عتق تبعا لا يتناول اللفظ، قيد بالحمل، لأنه يتناول المرهون والمأذون والمديون والمؤجر من العبيد وأمهات الأولاد وأولادهم ولا يدخل المكاتب ولا العبد المشترك ولا عبد التاجر كالجنين إلا بالنبينة، وقال الثاني: يعتق بها وعند الثالث بدونها، وفي (المحيط) المشترك لا يدخل تحت قوله: إن ملكت مملوكا فهو حر إلا إذا ملك النصف الآخر بعده، ولو نوى الذكور فقط لم يصدق قضاء وإن صدق ديانة. قال في (الذخيرة): وفي مماليكي كلهم أحرار إذا نوى الرجال فقط لا يصدق ديانة، وفرق في (الفتح) بأن كلهم تأكيد للعام قبله وهو مماليكي لأنه جمع مضاف فيعم وهو يرفع احتمال المجاز غالبا والتخصيص يوجب المجاز فلا يجوز بخلاف كل مملوك لي فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقيل: التخصيص كل مملوك لي (أو) قال: (أملكه حر بعد غد) ظرف لأملكه أو قال: كل مملوك لي (أو) أملكه حر (بعد موتي تناول من ملكه منذ حلف فقط) دون من ملكه بعد اليمين لأن الوصي للحال كما مر وكذا المضارع فيعتق بعد غد من كان في ملكه وقت اليمين ويكون مدبرا في

باب العتق على جعل

وبموته عتق من ملك بعده من ثلثه أيضا. باب العتق على جعل ـــــــــــــــــــــــــــــ الحال من ملكه في ذاك الوقت ولا يعتق ولا يصير مدبرا من ملكه بعد اليمين قيد بجعله ظرفا للحر لأنه لو جعل ظرفا للملك كما إذا قال: مملوك أملكه غدا فهو حر ولايته له عتق في غد ومن كان في ملكه قبل كذا في (البدائع) وقصره الثاني على الأول وهو رواية ابن سماعة عن محمد، وعلى هذا الخلاف إذا قال: كل مملوك أملكه كذا رأس الشهر وهو الليلة التي يهل فيها الهلال ومن الغد إلى الليل، ولو قال: كل مملوك أملكه إذا جاء غد فهو حر فهذا على ما ملكه في قولهم (وبموته عتق من ملك) الولي (بعده) أي: بعد اليمين (من ثلثه أيضا) عندهما فإن خرج من الثلث فلا كلام وإلا ضرت كل بقيمته فيه ولو كانت التركة بالدين مستغرقة وجبت السعاية، ولا يخفى أن من كان في ملكه يوم حلفه مدبر مطلق وما ملكه بعد مقيد، هذا هو ظاهر مذاهب الكل، وعن الثاني لا يعتق ما استفاده بعده لأن اللفظ حقيقة للحال كما سبق فلا يعتبر به ما سيملكه، ولهما ن هذا أي: مجموع التركيب إيجاب عتق وأيضا إيصاء بقوله بعد موتي، ولذا اعتبر من الثلث فمن حيث الجهة الأولى يتناول المملوك حتى صار مدبرا مطلقا، ومن حيث الجهة الثانية يتناول المستفاد لما استقر من أن الوصية يعتبر فيها كل من الجهتين، ألا ترى أنه يدخل في الوصية بالمال الأولاد فلان ما يستفيده ومن تولد له بعدها فيصير كأنه قال عند الموت كل مملوك أملكه فهو حر. تكميل: فيه بعض مسائل / التعاليق: إن بعتك فأنت حر، فباعه لم يعتق أيضا. [271/أ] ولو علق عتق عبد مشترك بينه وبين غيره ثم اشترى باقيه ففعل ما علق عتقه عليه لم يعتق إلا نصفه ويبقى في قيمة نصفه الثاني عند الإمام، وعندهما يعتق كله فلا يسعى ولو باع النصف الأول ثم اشترى الثاني ودخل الدار لم يعتق منه شيء، إن دخلت دار فلان فأنت حر فشهد فلان وآخر أنه قد دخل عتق، ولو قال: إن كلمته فشهد هو وآخر أنه كلمه لم يعتق لأنه في هذه شاهد على فعل نفسه فلم يبق إلا واحد بخلاف الأول، ولو شهد ابنا فلان فأنه كلم أباهما فإن جحد جازت وكذا إن دعاه عند محمد، وأبطلها أبو يوسف كذا في (فتح القدير). باب العتق على جعل أخره لأنه خلاف الأصيل، والجعل بضم الجيم، ما جعل للإنسان من شيء على شيء يجعله، وكذا الجعالة بالكسر كذا في (العناية) وقد تبع الجوهري في تخصيص

حرر عبده على مال فقبل عتق، ـــــــــــــــــــــــــــــ الكسر والمذكور في (ديوان الأدب) وغيره الفتح ففيه وجهان وفي (المغرب) الجعل جمع جعيلة أو جعالة بالحركات بمعنى الجعل، والمراد هنا المال المجهول شرطا لعتقه (حرر عبده على مال) كحررتك على ألف، أو بألف أو على أن تعطيني أو تؤدي إلي ألفا ونحو ذلك، أو بعت لك نفسك أو وهبتها منك على أن تعوضني كذا، والمال يعم الحيوان ولو بغير عينه، والعروض إذا علم جنسها ويلزمه الوسط والطعام والمكيل والموزون، ويجبر المولى على قبول القيمة وإن لم يعلم كثوب وحيوان عتق بالقبول ولزمه قيمة حجة وسط، لو قال له: أنت حر على أن تحج عني فلم يحك، ولو قال: صم عني يوما أو صل عني ركعتين وأنت حر لا يعتق، والفرق أن الحج مما تجري فيه النيابة بخلاف غيره، وعلى هذا فينبغي أنه لو قال: أعتقتك على أن تكفر عن ظهاري أنه لو أعتق أو كسى عتق ولم أره ولو استحق العوض فإن كان بغير عينه فعلى العبد مثله في المثل، وقد علمت أن القيمة مخلص والوسط القيمي وإن كان معيبا رجع بقيمة العبد عندهما وقال محمد بقيمة المستحق وعلى هذا الخلاف لو أعتق الذمي عبده على خمر فأسلم قبل قبضه كما في (المحيط). ولو اختلفا في جنس المال أو مقداره فالقول للعبد مع يمينه كما لو أنكر أصله، والبينة للمولى لأن الاختلاف إنما هو في الدين الواجب عيه لما أنه عتق بالقبول، ولو كان العتق معلقا بالأداء كما سيأتي انعكس الحكم لأن الاختلاف فيما يقع به العتق، فإن أقاما البينة فالبينة بينة العبد (فقبل) العبد ذلك في مجلسه إن كان حاضرا أو في مجلس علمه إن كان غائبا شرط القبول لأنه معاوضة من جانبه، ولذا ملك الرجوع لو ابتدأ وبطل بقيامه قبل قبول المولى وبقيام المولى وإن كان تعليقا من جانب المولى ولذا لم يصح رجوعه عنه ولم يبطل بقيامه عن المجلس، ولا بد أن يقبل في الكل حتى لو قبل في النصف لم يجز عند الإمام لما فيه من الإضرار بالمولى، وقالا: يجوز ويعتق كله بالألف بناء على تجزؤ الإعتاق وعدمه ولا خلاف أن ما لا يتجزأ كالطلاق والدم يكون النصف فيه قبولا في الكل قيد بكون العبد معينا لأنه لو قال: أحدكما حر على الألف والآخر بغير شيء عتقا مجانا ويكون الكل له لأنه لو كان له النصف فقط فقال له: أنت حر على ألف عتق نصفه بنصفها، فإن أجاز الآخر كانت بينهما عند الإمام. ولو قال: أعتقت نصيبي بألف فقبل لزمه كذا في (المحيط) (عتق) لأن هذا كما قد علمت معاوضة من جانبه ومن حكم المعاوضات ثبوت الحكم بقبول

ولو علق عتقه بأدائه صار مأذونا وعتق بالتخلية، ـــــــــــــــــــــــــــــ المعوض في الحال كما في البيع وهذا لأن ثبوت ملك المولى في العوض يستلزم زوال ملكه في العوض وإلا اجتمع العوضان في ملكه (ولو علق) المولى (عتقه بأدائه) المال بأن قال: إن أو متى أديت إلي ألفا فأنت حر، (صار) العبد (مأذونا) له في التجارة ضرورة الحكم الشرعي بصحة هذا التعليق واستقفائه به آثاره من العتق عند الأداء وذلك يقتضي أن يتمكن شرعا من الاكتساب بالتجارة لا التكري لأنه خسة يلحق المولى عارها، مع أنه لو اكتسب مدة وأدى عتق (وعتق بالتخلية) بين المال والمولى بحيث لو مد يده إليه أخذ لأنه نزل قابضا جبرا عليه وهذا هو معنى الإجبار / [271/ب] على القبض في سائر الحقوق ولو أدى البعض أجبر على قبوله في رواية (الزيادات) لأن الذي أتى به بعض الجملة، فإذا ثبت الإجبار في الكل ثبت في البعض لكنه لم يعتق إلا بأداء الكل وفي (مبسوط) شيخ الإسلام أنه لا يجبر قيل: الأول استحسان والثاني قياس كذا في (العناية). وفي (المحيط): لو قال لأجنبي: إذا أديت إلي ألفا فعبدي حر، فخلى بينه وبين المولى لا يعتق ما لا يقبض ويتقيد في إن أديت إلي ألفا بأدائه في المجلس قبل الإعراض، ولو قال: إذا أو متى أديت يعتق بالأداء ولو في غير المجلس، ثم المسألة مقيدة بأن يكون العرض معلوما فلو قال: على دراهم لم يجبر على القبول لأن مثل هذه الجهالة لا تكون في المعاوضة، كذا في (الشرح) وكذا لو قال على ثوب أو دابة ولو أتى به وسطا أو جيدا لأن مجهول الجنس لا يصلح عوضا وأن يكون صحيحا فلو قال: على كذا من الخمر لم يجبر أيضا وإن كان يعتق بقبوله، والقياس أن لا يجبر كما قال زفر لأن تعليق العتق يمين ولا إجبار على مباشرة شروط الإيمان. قلنا: هو تعليق لفظا معاوضة معنى إذ المقصود إنما هو حثه على دفع المال لينال الحرية والسيد المال عوضا عنه، وقد فرض صحة هذا التصرف لتحقيق العوض شرعا فلزم اعتباره معاوضة وإذا قد ثبت له جهتا التعليق والمعارضة وجب توفير مقتضى كل ما عليه، وعلى هذا تخريج المسائل المختلفة التي بعضها يقتضي اعتباره تعليقا وبعضه يقتضي اعتباره معاوضة غير أنه لما تأخر اعتبار المعاوضة إلى وقت القضاء كانت أحكام الشرط أكثر ولم يثبت من أحكام المعاوضة إلا ما هو بعد الأداء وهو ما لو وجد بعض المؤدى زيوفا كان له أن يرجع بقدره جيادا وما لو كان من ضرورياتها وهو تقديم ملك العبد لما أداه وإنزاله قابضا إذا أتاه به وفيما قبل ذلك المعتبر جهة التعليق فلذا خالف المعاوضة التي هي الكتابة في أحد عشر صورة كا في (الفتح).

وإن قال: أنت حر بعد موتي بألف، فالقبول بعد موته، ـــــــــــــــــــــــــــــ لو مات المولى فهو رقيق يورث عنه مع اكتسابه أو العبد فما تركه لمولاه ولا يؤدى منه عنه ولو كانت أمة ولدت ثم أدت لم يعتق ولدها ولو حط المال أو أبرأه المولى عنه لم يعتق، ويقتصر على المجلس إن كان بكلمة إن وللمولى بيعه قبل الأداء وأن يأخذ ما ظفر به من كسبه قبل التعليق ولو أداه عتق ورجع السيد بمثله عليه، بخلاف المكاتب إلا إذا كاتبه على نفسه وماله. الحادية عشر لو باعه المولى ثم اشتراه أو رد عليه بخيار عيب ففي وجوب قبول ما يأتي به خلاف عند أبي يوسف نعم، وعند محمد لا بخلاف المكاتب في الكل زاد في (البحر) ثلاث صور ما لو قيد المؤدى بكونه في كيس أبيض فأداه في أسود لا يعتق بخلاف المكاتب ولو قال في هذا الشهر فأدى الألف في غيره لم يعتق، وفي الكتابة لا يبطل إلا بحكم الحاكم أو بتراضيهما، والمسألتان في (البدائع) ولو أمر غيره بالأداء فأدى لا يعتق بخلاف الكتابة كما في (المحيط). واعلم أن ذكرهم الإبراء فيما خالف فيه المكاتب لا موقع له إذ الفرق إنما يكون بعد تحقق الإبراء في الموضعين ولا تحقق له هنا إذ لا دين عليه بخلاف المكابت، وإن الكتابة قد تثبت بصيغة الشرط إذا حف بما يقتضيها كقوله: إن أديت إلي ألفا كل شهر مائة فأنت حر فإنه يصير مكاتبا لا يباع كذا في (الدراية) وجعل في (المبسوط) هذا قول أبي سليمان لأن التنجيم من حكم الكتابة والعبة للمعاني، وقال أبو حفص: لا يكون مكاتبا واستشهد له بما مر لو قال: إن أديت إلي ألفا في هذا الشهر وأداه في غيره لا يعتق اتفاقا وأجيب بأنه لا تنجيم هنا والمسألة تحتمل التأويل. (ولو قال: أنت حر بعد موتي بألف، فالقبول بعد موته) لأنه أضاف الإيجاب إلى ما بعده فلا يعتبر القبول قبله بخلاف أنت مدبر على ألف حيث يكون القبول في الحال لأن في هذا إيجاب التدبير في الحال، غير أنه لا يجب المال بقيام الرق وإذا عتق بالموت لا يلزمه شيء لعدم وجوبه قبله وأورد أنه ينبغي أن تكون مسألة (الكتاب) تصرف اليمين من [272/أ] المولى / حتى لا يتمكن من الرجوع وفي الإيمان يعتبر اللفظ ولا إضافة في الثانية لفظا لتكون يمينا فلم يعتب القبول بعده، وإذا قبل: بعد موت المولى لم يعتق في الأصح إلا بإعتاق الوصي أو الوارث أو القاضي عند امتناع الوارث والولاء للميت ولو أعتقه الوارث عن كفارة الميت لا يصح عن الكفارة بل عن الميت، وإنما توقف على إعتاق هؤلاء لما أنت الميت ليس بأهل للإعتاق، واعترض بأن الأهلية ليست بشرط

ولو حرره على خدمته سنة، فقبل عتق، وخدمه، فلو مات تجب قيمته، ـــــــــــــــــــــــــــــ عند الإضافة والتعليق، ولذا لو جن بعد التعليق ثم وجد الشرط وقع الطلاق، والعتاق، وكذا يعتق المدبر بعد الموت، وليس التدبير إلا تعليق العتق، وأجيب بالفرق وذلك أنه في تلك المسائل الموجود إنما هو بطلان أهلية المعلق فقط، وهنا الثابت مع هذا زيادة، هي خروجه عن ملك المعلق إلى ملك الورثة، فلم يوجد الشرط إلا وهو في ملك غيره. واعلم أنه روي عن الإمام أنه يعتق بمجرد القبول وأيده في (الفتح) وادعى في (البحر) أن ظاهر إطلاق المتون يفيده وفيه نظر، وفي (الخانية) إذا جاء غد فأنت حر إن شئت فالمشيئة له بعد طلوع الفجر من الغد، ولو قال: إن شئت فأنت حر غدا كانت المشيئة للحال في ظاهر الرواية وهو قولهما، وفي (البدائع) أنت حر غدا إن شئت فالمشيئة في الغد، ولو قال: أنت حر إن شئت غدا فالمشيئة للحال، لأنه في الأول علق الإعتاق المضاف إلى الغد بالمشيئة، وفي الثاني أضاف الإعتاق المعلق بالمشيئة إلى الغد والله الموفق، (ولو حرره) أي: العبد (على خدمته) أي: المولى (سنة) مثلا بأن قال: أعتقتك على أن تخدمني سنة عتق من ساعته ووجب عليه أن يخدمه، وأفاد كلامه أنه لا بد من بيان المدة فلو قال على خدمته أو على خدمة فلانة ولم يعين مدة كان عليه قيمة نفسه، قيد بكونه حرره على خدمته، لأنه لو عتق عتقه على خدمته لا يعتق حتى يخدمه إياها. ولو قال: إن خدمت ابنى وابنتي حتى يستغنيا فأنت حر فإن كانا صغيرين فحتى يدركا ولو أدرك أحدهما يخدمهما إلى أن يدرك الآخر وإن كانا مدركين يخدم البنت إلى تزوجها والابن إلى قدرته على ثمن الجارية، ولو تزوجت البنت وبقي الابن خدمها أيضا، ولو مات أحدهما بطلت الوصية في (الذخيرة): اخدمني سنة وأنت حر عتق الساعة في قول الإمام، وقال الثاني: لا يعتق إلا بالخدمة قبل أو لا انتهى. والوجه للإمام ظاهر بعد أن الواو واو الحال وسكتوا في مسألة (الكتاب) عن حكم نفقته ونفقة أولاده حيث لا مال له وهي حادثة الفتوى. قال في (البحر): وينبغي أن يقال: إنه يشتغل بالاكتساب للإنفاق فإن استغنى خدم المولى لأنه الآن في حكم المعسر فصار كما لو أعتقه على مال ولم يقدر عليه والله الموفق بمنه. (ولو مات) المولى أو العبد (تجب قيمته) فتؤخذ منه للورثة أو من تركته للمولى إن كان لم يخدم شيئا فإن خدم مدة قوبلت سقط عنه بقدرها من قيمته وهذا عندهما وقال محمد: يجب قيمة الخدمة وينبغي أن يكون مرضه الذي لا يرجى برؤه كالعمى ونحوه كالموت، قال في (الحاوي القدسي): وبقول محمد نأخذ وإنما لم

ولو قال: أعتقها بألف على أن تزوجنيها، ففعل، وأبت أن تتزوجه عتقت مجانا، ولو زاد عني قسم الألف على قيمتها، ومهر مثلها، ويجب ما أصاب القيمة فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ يخلفه الوارث في استيفاء الخدمة إما لأن المنفعة لا تورث أو للتفاوت الفاحش فيها، (ولو قال) رجل لسيد أمة (أعتقها بألف على أن تزوجنيها) لم يقل على كما في عامة نسخ (الهداية) وأثبتها في بعض النسخ وهي أدل على إيجاب المال على المتكلم وإن كان كذلك مع تركها أيضا، كذا في (الفتح) وكان لها مع الترك دلالة على الإيجاب أيضا لأن العبارة أعتق أمتك على ألف درهم فاكتفى بدلالة علي للوجوب وذكرها في بعضها للتأكيد، كذا في (العناية) وبه اندفع ما في (الشرح) من أن الحق ما في بعض النسخ وعلته تدل على ذلك من أن اشتراط بدل العتق على الأجنبي لا يجوز، ولا يكون اشتراط إلا إذا قال على انتهى. وهذا التقدير لا يتأتى في عبارة المصنف إذ ليس فيها ما يدل على الوجوب، وسنح لي أنه يجوز أن تكون إن شرطية والمضارع بعدها مجزوم بها لا مصدرية وقد غفل عن هذا في (البحر) فقال: الأولى ذكرها لتفيد عدم الوجوب عند عدم ذكرها بالأولى (ففعل فأبت أن تتزوجه عتقت مجانا) أي: بغير شيء يلزمه من الألف فإن [272/ب] تزوجته (ولو زاد عني قسمت / الألف على قيمتها، ومهر مثلها) فما أصاب قيمتها سقط عنه وما أصاب مهرها وجب، فإن استويا سقط عنه النصف ووجب النصف الآخر وإن تفاوتا كأن كان قيمتها مائتين والمهر مائة سقط عنه ستمائة وستة وستون وثلث أي: ووجب لها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث كذا في (الفتح). وبنا قررناه اندفع ما في (البحر) من أنه لو حذف قوله: وأبت، لكان أولى لأنها لا تعتق مجانا وإن تزوجته واعتذر عن قوله على أن تزوجنيها مع أنه ليس بقيد لأنها تعتق مجانا في قوله: أعتقها بألف علي ففعل فأنه إنما ذكره ليفرع عليه المسألة الثانية وأنت خبير بأن تفريع الثانية بما ذكر مع حكمها الآتي لا يتم مع حذف قوله وأبت لما ستسمعه، وإن زاد لفظ عني قسم المهر على قيمتها ومهر مثلها (ويجب ما أصاب القيمة فقط) كأن هذا اللفظ لتضمن الشراء اقتضاء، وقد قابل الألف بالرقية شراء وبالبضع نكاحا فانقسم عليها وكان عليه حصة ما سلم له فإن تزوجته فما أصاب قيمتها فهو للمولى وما أصاب مهرها فهو لها. تتمة: أعتق أمته على أن تزوجه نفسها ففعلت كان لها مهر مثلها عندهما لعدم صلاحية العتق لأن يكون مهرا، وجوزه الثاني اقتداء بفعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك في صفية. قلنا: كان - صلى الله عليه وسلم - مخصوصا بالنكاح بغير مهر على ما مر، فإن أبت أن تتزوجه لزمها قيمتها في قولهم جميعا ولو أعتق أم ولده على أن تزوج نفسها منه فقبلت عتقت ولو أبت نكاحه فلا سعاية عليها، كما في (الخانية) والله الموفق للإتمام.

باب التدبير

باب التدبير هو: تعليق العتق بمطلق موته ـــــــــــــــــــــــــــــ شروع في العتق الواقع بعد الموت بعد الفراغ من الواقع في الحياة وقدمه على الاستيلاد لشموله الذكر أيضا، والتدبير لغة النظر في عواقب الأمور قال في (المغرب) وغيره: وتدبير المملوك الإعتاق عن دبر وهو ما بعد الموت، وشرط في المدبر نفسه الأهلية من العقل والبلوغ فلا يصح تدبير الصبي والمجنون أما لو قال لصبي أو مجنون: دبر عبدي إن شئت فدبره جاز وهذا يقتصر على المجلس كذا في (المبسوط). وفي (الخانية) يصح تدبير المحجور عليه بالسفه وبموته يسعى في كل قيمته، وإن وصية المحجور عليه بالسفه بالثلث جائز انتهى، فيطلب الفرق ولعل الفرق هو أن التدبير إتلاف الآن بخلاف الوصية فإنها بعد الموت وله الرجوع قبله فلا إتلاف فيها والملك فلا يصح تدبير المكاتب لانتفاء حقيقة الملك عنه، أما السكران والمكره فيصح تدبيرهما كإعتاقهما وصفته التجزؤ عنده لا عندهما وأحكامه ستأتي (هو تعليق العتق) والإضافة كأعتقتك بعد موتي كالتعليق (بمطلق موت المولى) لفظا أو معنى لخرج ما لو علقه بموته وموت فلان فليس بمدبر مطلقا حتى كان للورثة بيعه إذا مات المولى قبل فلان نعم لو مات فلان قبله كان مطلقا وما لو علقه بموت موصوف بصفة كما سيأتي. وما لو قال: أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر فإنه لا يعتق إلا بإعتاق الوارث أو الوصي نص عليه ابن سماعة في (نوادره) ولو قال: قبل موتي بشهر كان مدبرا مقيدا فإن مضى شهر كان مطلقا عند البعض، وقال بعضهم: هو باق على التقييم كذا في (الظهيرية). وفي (الخانية): لو مات بعد شهر قيل: يعتق من الثلث، وقيل: من جميع المال لأن على قول الإمام يستند العتق إلى أول الشهر وهو كان صحيحا فيعتق من كله وهو الصحيح وعلى قولهما يصير مدبرا بعد مضي الشهر قبل موته وفي (المجتبى) قبل مضي الشهر ليس مدبرا وإن كان يعتق بعد موته ويجوز بيعه ثم إذا مضى شهر لا يجوز بيعه لأنه صار مدبرا مطلقا وأكثر المشايخ أنه يجوز بيعه وهو الأصح انتهى، والحاصل أنه مقيد قبل مضي الشهر وبعده على الراجح، إلا أن مقتضى كونه يعتق من جميع المال على ما صححه في (الخانية) أن لا يكون مدبرا كما سيأتي.

كإذا مت، فأنت حر، وأنت حر يوم أموت، أو عن دبر مني، أو مدبر أو دبرتك ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قال: أنت حر بعد موتي إن شئت ينوي فإن نوى المشيئة الساعة فشاء العبد ساعته فهو حر بعد موته من الثلث وإن نوى المشيئة بعد الموت فشاء العبد [273/أ] عند موته فهو حر لوجود الشرط لا باعتبار التدبير. وكان / الشيخ أبو بكر الرازي يقول: الصحيح أنه لا يعتق إلا بإعتاق من الورثة أو الوصي، وبه جزم الحاكم في (مختصره)، والفرع الذي قبله يؤيده فرق بين هذا وما لو قال: أنت حر بعد موتي إن دخلت الدار بعده حيث لا يجب على الوارث إعتاقه بعد دخوله بأن الوصية بالإعتاق توكيل به بعد الموت وتعليقها بالمشيئة جائز، كأعتق عبدي إن شاء وبالدخول لا تصح كأعتق عبدي هذا إذا دخل الدار، كذا في (المحيط) ملخصا، وقولنا لفظا أو معنى يصح أن يكونا حالين من تعليق، والتعليق معنى كالوصية برقبته أو بنفسه أو بثلث ماله لا منه وأن يكونا حالين من مطلق، والمطلق معنى كإن مت إلى مائة سنة فأنت حر فإنه مطلق في المختار (كإذا) أو متى أو إن (مت) أو توفيت أو هلكت أو حدث في حادث (فأنت حر) أو عتيق أو معتق أو محرر (أو أنت حر يوم أموت)، أراد به مطلق الوقت لأنه قرن بفعل لا يمتد فإن نوى النهار صحت نيته ولم يكن مدبرا، كذا في (المبسوط) ومنه ما في (المحيط) أنت حر في موتي أو مع موتي وعنه أيضا لو قال لرجلين: دبرا عبدي فدبره أحدهما جاز، ولو قال: آمر عبدي في التدبير إليكما فدبره أحدهما لم يجز، ومنه أيضا ما في (الخانية) وغيرها لا سبيل لأحد عليك بعد فدبره أحدهما لم يجز، ومنه أيضا ما في (الخانية) وغيرها لا سبيل لأحد عليك بعد فدبره أحدهما لم يجز، ومنه أيضا ما في (الخانية) وغيرها لا سبيل لأحد عليك بعد موتي - إن شاء الله - كان مدبرا كما في (الحاوي القدسي). ولو زاد إن شاء الله صح الإيصاء بخلاف ما لو قال: أنت حر بعد موتي إن شاء الله حيث لا يصح، والفرق أن الاستثناء في الأول من الأمر وفي الثاني من الإيجاب كذا في (الولوالجية)، (أو) أنت حر (عن دبر مني) يقال: دبر الرجل إذا ولى فكأنه دبر من الحياة (أو بدرتك) ولو زاد بعد موتي كان مدبرا الساعة ويلغوا قوله بعد موتي لعدم مكانه في (الظهيرية) أنت حر الساعة بعد موتي كان مدبرا، ونبه (بالكافي) على عدم حصر الألفاظ فيما ذكر كما أفاد إثباته عن دبر كان صريحا. وعن الثاني فيمن أوصى لعبده بسهم من ماله أنه يعتق بعد موته ولو بجزء لأن الجزء عبارة عن الشيء المبهم والتعيين فيه إلى الورثة بخلاف السهم فإنه السدس فكان سدس رقبته داخلا في الوصية. فرع: تدبير الحمل وحده صحيح كعتقه فإن ولدته لأقل من ستة أشهر كان مدبرا وإلا فلا، ولو كانت بين اثنين دبر أحدهما وولدته لأقل من ستة أشهر خير الثاني بين التضمين والتدبير والاستسعاء بعد أن يقدر ولو دبره أحدهما، وقال الثاني للأم: أنت حرة بعد موتي فإن ولدته لأقل من ستة أشهر بعد كلام الأول كان الولد مدبرا

باب الاستيلاد

فلا يباع، ولا يوهب ويستخدم ويؤجر وتوطأ، وتنكح، وبموته يعتق من ثلثه، وسعى في ثلثيه لو فقيرا ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهما ولو لأكثر وأقل من تدبير الأم كان مدبرا للذي دبر الأم بلا ضمان، نعم له أن يضمنه حصته في الأم إن كان موسرا (فلا يباع) لما عن ابن عمر (لا يباع المدبر (ولا يوهب) وهو حر من الثلث، أي: لا يصح بيعه بل يبطل حتى لا يملك بالقبض وعلى هذا لو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد في القن ولو قضى قاض بجواز بيعه نفذ وكان فسخا للتدبير حتى لو عاد إليه ومات على ملكه لم يعتق واستشكل بأنه إنما يبطل بالقضاء ما هو مختلف فيه وذاك لزوم التدبير لا صحة التعليق فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير كذا في (الظهيرية). وفي (الولوالجية): والحيلة إذا أراد أن يدبر عبده على وجه يملك بيعه أن يقول: إذا مت وأنت في ملكي فأنت حر، فيكون مدبرا مقيدا وعلى هذا المعنى يحمل قوله في هذا الباب لو قال: هذه أمتي إن احتجت أبيعها وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز كذا أفتى به الشهيد وأراد بالبيع الإخراج عن الملك بعوض فلا يمهر أيضا ولا يرهن، لأن الرهن والإرهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من تمليك العين وتملكها أي: لا يخرج عنه بعوض ولا بغير عوض فلا يوصى به أيضا إلا إلى الحرية بلا بدل أو بالكتابة أو أعتق على مال (ويستخدم) المدبر (ويؤجر وتوطأ) المدبرة (وتنكح) جبرا وكذا المدبر والأجر والمهر له وكذا أرشهما لأن ملكه ثابت فيه وبه يستفاد ولاية هذه التصرفات وبقي أن جنايته على المولى وهي الأقل من قيمته ومن أرش الجناية ودينه يتعلق بكسبه (وبموته) ولو حكما كما إذا لحق / بدار [273/ب] الحرب لأن الردة مع اللحاق تجري مجرى الموت، وكذا المستأمن إذا اشترى عبدا في دار الإسلام فدبره ولحق بدار الحرب فاسترق عتق مدبره كما في (البدائع) (يعتق المدبر) في آخر جزء من أجزاء حياته، كذا في (المحيط) (من ثلثه) يوم موته لما رويناه لأنه وصية ونفادها منه، ولذا لم يفترق الحال بين كون التدبير في الصحة أو في المرض إلا إذا قال في صحته: أنت حر أو مدبر ومات بلا بيان فإنه يعتق نصفه من جميع المال ونصفه من الثلث ولو قتل المدبر سيده سعى في كل قيمته إذ لا وصية للقاتل. وفي (الخانية) يصح تدبير المحجور عليه بالسفه وبموته يسعى في كل قيمته وفيها أن وصية المحجور عليه من الثلث جائزة فيطلب الفرق (ويسعى في ثلثيه لو كان) المدبر (فقيرا) لا مال له سواه ولو كانت مدبرة فإن خرج من الثلث عتق بالتدبير

وكله لو مديونا ويباع لو قال: إن مت من سفري، أو مرضي، أو إلى عشر سنين، أو عشرين سنة، أو أنت حر بعد موت فلان، ـــــــــــــــــــــــــــــ وسقطت عنه الكتابة وإن لم يكن له مال غيره فإن شاء سعى في بدل الكتابة، وإن شاء سعى في ثلثي قيمته بالتدبير عند الإمام، وقال الثاني: سعى في الأقل منهما بلا خيار، وقال الثالث: يسعى في الأقل من ثلثي البدل وقيمته ولو كاتبه وثم دبره خير عند الإمام بين أن يسعى في ثلثي قيمته أو ثلثي بدل الكتابة وقالا: يسعى في أقلها عينا كذا في (الفتح). (و) يسعى في (كله) أي: في قيمة كله (لو مديونا) بدين مستغرق للتركة لأن الدين يقدم على الوصية ولا يمكن نقض العتق فنقض معنى برد القيمة أي: قيمته مدبرا ذكر في قط وذكر محمد السفيه لو دبر ثم مات يسعى الغلام في قيمته مدبرا، كذا في (المجتبى) ونحوه في (المحيط) حيث قال: مات الولي وعليه دين محيط سعى المدبر في جميع قيمته واختلفوا في قيمته مدبرا والصحيح هي نصف قيمته انتهى. وفي (الجوهرة) إنه يسعى في قيمته قنا، وقدمنا أن المدبر لو كان محجورا عليه فإنه يسعى في كل القيمة (ويباع) شروع في التدبير المقيد وهو تعليق عتقه بموته على صفة (لو قال: إن مت من مرضي) هذا أو إن مت وغسلت أو كفنت أو دفنت أو إن مت أو قتلت فأنت حر وهذا في الأخير قول الثاني، وجعله زفر من المطلق. قال في (الفتح): وهو أحسن لأنه تعليق بمطلق موت المولى يعني كيفما كان، (أو) قال: (أنت حر بعد موت فلان) لأنه ليس بمدبر مطلق قاله العيني يعني بل مقيد ومنع في (البحر) كونه مقيدا وإنما جاز بيعه لأن سبب الحرية لم ينعقد في الحال للتردد في هذا القيد لجواز أن لا يموت منه فصار كسائر التعليقات بل هو تعليق العتق بشرط مطلق لما في (المبسوط)، لو قال: أنت حر بعد موت فلان فلم يكن مدبرا لأن موته ليس بسبب للخلافة في حق هذا المولى ووجوب حق العتق باعتبار معنى الخلافة. وفي (البدائع) لو قال: إن مات فلان فأنت حر لم يكن مدبرا، لأنه لم يوجد تعليق عتق عبده بموته فلم يكن تدبيرا بل تعليقا بشرط مطلق، فإن قلت: ذكر المصنف له فيه لمساواته له في حكمه من جواز البيع قلت: بينهما فرق وهو أن المدبر بتسميته يعتق من الثلث وهذا من جميع المال إذا وجد الشرط، ويبطل التعليق بموت المولى قبل وجوده بخلاف المدبر انتهى.

ويعتق إن وجد الشرط. باب الاستيلاد ولدت أمة من السيد ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: عبارة أصله (الوافي) أو إن مات فلان وأنا وكأن الأصل إنما هو بعد موتي وفلان فتحرف (ويعتق إن وجد الشرط) نبه بذلك على أنه لا بد أن يموت في ذلك السفر أو المرض أو تلك المدة حتى لو مات بعدما أقام أو صح أو مضت لم يعتق لبطلان اليمين والله الموفق للصواب. باب الاستيلاد ولما اشترك كل من الاستيلاد والتدبير في استحقاق العتق بعد الموت، إلا أن التدبير إيجاب باللفظ فناسب ما قبله فقدم على الاستيلاد الذي هو مصدر استولد طلب الولد أريد به خاص وهو طلبه من الأمة أي من .... وكان المناسب للترجمة بالإعتاق أن يترجم للاستيلاد بكتاب نعم هذا على الترجمة بالعتق ظاهر، وأم الولد نفسها هي التي ثبت نسب ولدها من مالكها، وإن أطلقت لغة على الزوجة أيضا (ولدت أمة) قنة أو مدبرة غير أن التدبير يبطل على ما مر ومقتضاه عدم صحته بعد الاستيلاد إلا أن / المسطور في (المحيط) صحته لأن فيه استجماع سببي الحرية. [274/أ]. وأفاد في (الذخيرة) أن معنى إبطاله عدم ظهور حكمه بعد فكأنه بطل لأنها تعتق من جميع المال وفي غيره لا يصح تدبيرها لأنه لا يفيد، كذا في (الفتح) وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين كون الولادة من جماع أو استدخال مني كما في (المحيط) عن الإمام (من سيدها) بأن اعترف فسقط ما قيل: إن في العبارة قصورا، لأن المدار على ثبوت النسب منه وولادتها منه لا تستلزم على أنا لا نسلم كون المدار على ثبوت النسب بل على مجرد الدعوى يثبت النسب معها أو لا لما نقلوه من أنه لو ادعى نسب ولد أمته التي زوجها من عبده فإن نسبه إنما يثبت من العبد لا من السيد وصارت أم ولد له لإقراره بثبوت النسب منه، وإن لم يصدقه الشرع وإطلاقه يعم الذمي والمرتد والمستأمن وما لو ولدت منه حال كونها زوجة أو موطوءة بشبهة ثم ملكها بعد وحينئذ فلا حاجة لزيادة، كما في (الإصلاح). قال في (البحر): ولو قال: حملت لكان أولى لما في (البدائع) وغيرها، لو قال: حملها مني صارت أم ولد له وكذا لو قال: هي حبلى مني أو ما في بطنها من ولد فهو مني ولا يقبل منه إنما كان ريحا ولو صدقته.

لم تملك وتوطأ، وتستخدم، وتؤجر وتزوج فإن ولدت بعده ثبت بلا دعوة بخلاف الأول. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: ينبغي أن يقيد هذا بما وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتراف فإن وضعته لأكثر لا بصير أم ولد وفي (الشرح) لو اعترف بالحمل فجاءت به لستة أشهر من وقت الإقرار لزمه للتيقن بوجوده وقت الإقرار ويوافقه ما في (المحيط) لو اقر أن أمته حبلى منه ثم جاءت بولد لستة أشهر يثبت نسبه منه، لأن الدعوى صادفت ولدا موجودا في البطن، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه النسب لأنا لم نتيقن بوجوده وقت الدعوى لاحتمال حدوثه بعدها فلا تصح الدعوى بالشك انتهى. وعلى هذا فصيرورتها أم ولد موقوف على ولادتها فلا جرم أناطوا الحكم بها وعم الولد الحي والميت، ولو سقطا بعد أن كان مستبين الخلق على ما مر في الطهارة لم تملك لقوله عليه الصلاة والسلام في أم إبراهيم (أعتقها ولدها) رواه أحمد وغيره. وفي رواية الدارقطني وغيره (من وطئ أمة فولدت فهي معتقة عن دبر منه) ومعنى (لم تملك) أي: ملكا بعد ملك سيدها فلا يرد أنها ملك لسيدها بدليل ما سيأتي من جواز وطئها ونحوه، ولو قرئ بتشديد اللام لكان أبعد عن التكلف، وإلى ذلك يشير قول الشارح أي: لا يجوز تمليكها فلا تخرج عن الملك بسبي ولا رهن ولو قضى قاض بجواز بيعها لم ينفذ في أظهر الروايات، ولو ملكها بسبي بعد ارتدادها فهي أم ولد بخلاف المدبر (وتوطأ) أم الولد (وتستخدم وتزوج) لقيام ملكه فيها كالمدبرة وفيه إيماء إلى أن الكسب والعقر وأرش الجناية له، ولم يقل في التزويج بعد استبرائها دلالة على أنه لا يجب على المولى بل يندب فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح فسد لا لأكثر، وإن ادعاه المولى إلا أنه يعتق عليه ولو باع خدمتها منها أو كاتبها على خدمتها جاز وتعتق يعني إذا أدت ما قابل الخدمة من المال أو تمت مدة الخدمة التي وقعت الكتابة عليها (فإن ولدت بعده) أي: بعد الولد الذي اعترف (ثبت) نسبه منه (بلا دعوة بخلاف الأول) حيث يثبت نسبه بدونها، والفرق أن وطئ الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد فإذا اعترف بالأول بقي الولد مقصودا منها فصارت فراشا كالمعقودة، وعلى هذا ينبغي أنه لو قال عند مجيئها الولد: كنت أطأ لقصده أن يثبت نسبه وإن لم يقل: هو ولدي لأن ثبوته بذلك القول بناء على وطئه حينئذ لقصد الولد، وعلى هذا قال بعض فضلاء الدرس: ينبغي أنه إذا أقر أنه كان لا يعزل عنها وحصنها أن يثبت نسبه من غير توقف على دعوة، وإن كنا

وانتفى بنفيه، وعتقت بموته. ـــــــــــــــــــــــــــــ نوجب عليها في هذه الحالة الاعتراف فلا حاجة إلى أن يوجب عليه الاعتراف ليعترف بل يثبت نسبه ابتداء، وأظن أن لا بعد في أن يحكم على المذهب بذلك، كذا في (فتح القدير)، ورده في (البحر) بأنه لا يصح أن يحكم له على أهل المذهب لتصريحهم بخلافه. قال في (البدائع): القنة والمدبرة لا يثبت نسب ولدها وإن حصنها المولى وطلب الولد من وطئها بدون الدعوى عندنا انتهى. وأقولك أنت خبير بأن المدعي ما لو أقر أنه كان لا يعزل عنها وحصنها هل يكون ذلك كالدعوة أم لا؟ وما في (البدائع) لا يصادمه بقليل تأمل واعلم أن / ثموته [274/ب] بلا دعوة مقيد بحل وطئها له بعد الولد، ما لو عرض له حرمة مؤيدة بأن وطئها ابن سيدها أو أبوه أو وطئ السيد أمها أو ابنتها أو حرمت عليه برضاع أو كتابة فإنه لا يثبت نسبه منه إلا باستلحاقه لأن حرمة وطئها كالنفي دلالة. قال في (الفتح): ولا يخفى أنه يجب أن يفصل بين أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من حين عروض الحرمة أو لتمامها، ففي الأول يجب أن يثبت نسبه بلا دعوة للتيقن بأن العلوق كان قبل عروض الحرمة هذا كله حكم القضاء، أما فيما بينه وبين الله تعالى فالمروي عن الإمام أنه إن لم يعزل عنها وحصنها عن مظان الريبة يلزمه أن يدعيه بالإجماع لأن الظاهر كونه منه والعمل به واجب، وإن كان عزل عنها حصنها أولا جاز له نفيه. فرع قال في (المجتبى): يصح استيلاد المجنون وهو مشكل لأن الدعوى لا تتصور منه فهذا إن صح يستثنى، كذا في (البحر) ويمكن أن يكون من وليه كعرض الإسلام عليه بإسلام زوجته إلا أن يفرق بينهما بالنفع والضرر والموضع موضع تأمل فتدبره، (وانتفى) الولد الثاني (بنفيه) صريحا أو دلالة كما إذا ولدت أكثر من واحد في بطن فادعى الأول كان نفيا لما بعده، ولو كان في بطون مختلفة كما في (الظهيرية) ولو ادعى الأخير كان تبعا للأولين وإنما صح نفيه لضعف فراشها بدليل أن له نقله بالتزويج بخلاف المنطوحة حيث تتوقف على اللعان لتأكده، وهذا الإطلاق قيده في (المبسوط) بما إذا لم يقض القاضي به ولم يتطاول الزمن فإن قضى به قاض يعني يراه فقد لزمه فلا يملك إبطاله، والتطاول دليل إقراره لأنه يوجد منه ما يدل عليه من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح بالإقرار واختلافهم في التطاول في اللعان (وعتقت) الأم (بموته) أي: السيد ولو حكما كلحاقه بدار الحرب مرتدا، وكذا المستأمن لو عاد إلى دار الحرب فاسترق وله أم ولد في دار

من كل ماله، ولم تسع لغريمه ولو أسلمت أم ولد النصراني سعت في قيمتها ولو ولدت بنكاح، فملكها فهي أم ولده، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ الإسلام (من كل ماله) هذا إذا كان إقراره بالولد في الصحة أو المرض ومعها ولد وكانت حبلى فإن لم يكن شيء من ذلك عتقت من الثلث لأن عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية، كذا في (المحيط) وغيره وإذا عتقت فمال في يدها للمولى إلا إذا أوصى لها به كما في (الخانية) وعن محمد أستحسن إن ترك لها ملحفة وقميصا ومقنعة، أما المدبر فلا شيء له من الثياب، كذا في (المجتبى). (ولم تسع لغريم) لرواية الشيباني (أمر عليه الصلاة والسلام بعتق أمهات الأولاد وأن لا يبعن في دين ولا يجعلن من الثلث) أي: حكم ودل قوله ولا يبعن على انتفاء المالية وإذا انعدمت لم يبق عليها سعاية ونكر الدين نفيا للسعاية للغرماء والورثة وقوله ولا يجعلن من الثلث تأكيد لأنه يفهم من قوله وأن لا يبعن في دين كذا في (العناية) ومنعه في (الحواشي السعدية) فإن المدبر لا يباع في دين ويجعل من الثلث (ولو أسلمت أم ولد النصراني) أراد به الكافر يعني فأبى عن الإسلام (سعت في قيمتها) أم ولد وهو ثلث قيمتها قنة قاله الإتقاني بأن يقدر القاضي قيمتها فينجمها عليها فتصير مكاتبة إلا أنها لا ترد إلى الرق بعجزها دفعا للضرر عنه وعنها فإنه لا يصل إلى البدل عقب عتقها لإفلاسها، وقد تتوانى في الاكتساب بحصول مقصودها بعده وتتضرر هي بشغل ذمتها بحق ذمي وربما تموت قبل إيفائه، وقد قال علماؤنا: خصومة الذمي والدابة يوم القيامة أشد من خصومة المسلم. ولو مات عتقت بلا سعاية ولو ماتت هي ومعها ولد ولد في سعايتها سعى فيما عليها كما في (المحيط)، والمدبرة في هذا الحكم كأم الولد وهي وإن كانت عند الإمام غير متقومة إلا أن الذي يعتقد في هذا تقومها قيد بأم الولد لأن القنة يجبر على بيعها، وكذا القن يعني إن أبى عن الإسلام (ولو ولدت بنكاح) ولو فاسدا أو مشروطا فيه كونها حرة الأصل فإذا هي أمة أو وطئ بشبهة على ما مر وخرج به ما لو ولدت منه بزنا فإنها لا تكون أم ولد بملكه لها استحسانا (فملكها) بأي سبب كان كلا أو بعضا (فهي أم ولده) لأن السبب هو الجزئية وقد ثبتت منها نسبة الولد إلى كل واحد منها [275/أ] وقد / ثبت النسب فثبت الجزئية بينهما بواسطة انتساب الولد إليهما ثم عندنا تصير أم ولد من وقت ملكها لا من وقت العلوق وعند زفر من وقت ثبوت النسب منه، وأثر الخلاف يظهر فيما لو ملك ولدا لها من غيره فإنه في حكم أمه ومعلوم أن أولاده منها

ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه، وهي أم ولده، ولزمه نصف قيمتها، ونصف عقرها لا قيمته ولو ادعياه معا ثبت نسبه منهما، ـــــــــــــــــــــــــــــ أحرار بملكه لهم (ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه) أي: الولد منه لاحتياج الولد منه إلى النسب ولا فرق بين كون المدعي مسلما أو كافرا صحيحا أو مريضا حرا أو مكاتبا، غير أنه إذا عجز كان له أن يبيعها كما في (الظهيرية) وفيها أخوان اشتريا أمة حاملا فجاءت بولد فادعاه أحدهما فعليه نصف قيمة الولد، ولا يعتق بالقرابة لأن الدعوة لما تقدمت أضيف الحكم إليها (وهي أم ولد له) ابتداء لعدم تجزؤ الاستيلاد عندهما وعنده صار نصفها أم ولد له ثم يملك الآخر لأنه قابل للنقل والحاصل أن الاتفاق أنه لا يستقر تجزؤها في حق الأمومية في الابتداء عنده، وعندهما من أول الأمر (ولزمه نصف قيمتها) يوم العلوق لتملكه نصيب صاحبه باستكمال الاستيلاد (و) لزمه إيفاء (نصف عقرها) يوم العلوق لأن ملكه إنما يثبت بعد الوطء حكما للاستيلاد فيعبه الملك في نصيب صاحبه (لا قيمته) لأنه على حر الأصل لاستناد النسب إلى وقت العلوق وعم كلامه ما إذا كان الشريك أبا بخلاف ما لو استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يلزمه العقر على ما مر، لأن ماله من الملك فيها كاف لإخراجه عن كون فعله زنا، أما إذا لم يكن له فيها ملك فالحاجة ماسة إلى إثبات ملكه قبل الوطء تحاميا عن ذلك (ولو ادعياه) أي: ادعى الشريكان نسب الولد ولو اختلف أنصباؤهم (معا) بأن لم يعلم بسبق أحدهما (ثبت نسبه منهما)، كذا جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وفرضها في الاثنين لعدم الاختلاف فيهما وإن كان عند الإمام يثبت من أكثر خلافا للثاني، وقصره محمد على ثلاثة وزفر على خمسة. وفي (غاية اليان) لو تنازع في امرأتان أو أكثر قضي به بين الكل عند الإمام خلافا لهما، ولو امرأة ورجل قضي بينهما عنده أيضا، وقالا: يقضى للرجل ولو كانت المنازعة بين رجلين وامرأتين كل يدعي عنه ابنه من هذه المرأة قضي به بين الرجلين فقط عنده وأطلق في ثبوت النسب منهما وهو مقيد بما إذا لم يكن مع أحدهما مرجح فإن كان كما إذا كان أحدهما أبا فيقدم الأب على الابن كما في (الهداية)، وبه عرف أنه لو ادعاه الابن والأب والجد قدم الجد. والمسألة في (الظهيرية) والمسلم على الذمي والحر على العبد والذمي على المرتد والكتابي على المجوسي، ومن تقدم نكاحه حتى لو كان الحمل على ملك أحدهما نكاحا فاشترياها معا فولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فادعياه فهي أم ولد للنكاح أولا لكن لا يثبت نسب ولدها الثاني إلا بالدعوة كما في (المجتبى) معللا بأن الوطء حرام فتعتبر الدعوة قيد بادعائهما النسب، لأنهما لو ادعى أحدهما

وهي أم ولدهما، وعلى كل واحد نصف العقر، وتقاصا، وورث من كل إرث ابن وورثا منه إرث أب، ولو ادعى ولد أمة مكاتبه، وصدقه المكاتب لزمه النسب، والعقر وقيمة الولد، ولم تصر أم ولده، ـــــــــــــــــــــــــــــ العتق والآخر النسب معا قدم الثاني، (وهي أم ولدهما) لأن دعوة كل منهما في نصيبه راجحة على صاحبه فتتبعه الأم وتخدم كل منهما يوما وإذا مات أحدهما عتقت ولا ضمان للحي في تركة الميت ولا سعاية عليها عند الإمام وتسعى عندهما في نصف قيمتها ولو أعتقها أحدهما عتقت ولا ضمان عليه للساكت ولا سعاية عليها عنده، وعندهما يضمن إن كان موسرا أو تسعى إن كان معسرا كذا في (الفتح)، (وعلى كل واحد) منهما (نصف العقر) لأن الوطء في المحل المحترم لا يخلو عن عقر أو عقر وقد تعذر الأول للشبهة فتعين الثاني، (وتقاصا) أي: الشريكان وفائدة إيجاب العقر مع هذا أنه لو أبرأ أحدهما صاحبه بقي حق الآخر ولو قدم نصيب أحدهما بالدراهم والآخر بالذهب كان له أن يدفع الدراهم ويأخذ الذهب ولو كان نصيب أحدهما أكثر كان له أخذ الزيادة، وكذا الغلة والكسب والخدمة كما في (البدائع) (وورث من كل إرث ابن) كامل لإقرار كل منهما أنه ابنه على الكمال (وورثا منه إرث أب) لأن المستحق أحدهما فيقسمان نصيبه لعدم الأولوية والنسب وإن كان يتجزأ لكن يتعلق به أحكام متجزئة كالميراث والنفقة والحضانة والتصرف في المال، وأحكام غير [275/ب] متجزئة كالنسب وولاية الإنكاح فيما يقبل التجزئة يثبت بينهما على التجزئة / وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما على الكمال كأنه ليس معه غيره قاله الشارح، ونص في صدقة الفطر أنها عليهما لكن عند الثاني، على كل صدقة تامة وقال محمد: عليهما صدقة واحدة. وأما الجزية ففي (الخانية) لو ادعى نجراني وتغلبي ولد أمة لهما ومات أو كبر الولد تؤخذ منه جزية وفي (السير الكبير) لو مات التغلبي أولا أخذ منه جزية أهل نجران أو النجراني أولا أخذ منه جزية بني تغلب، ولو ماتا معا أخذ النصف من هذا والنصف من هذا، (ولو ادعى) المولى (ولد أمة مكاتبة، فصدقه المكاتب، لزم النسب) لأن غاية أمره أن يكون كالأجنبي، ولو ادعى ولد جارية أجنبي قصدقه المولى ثبت نسبه. قيد بمكاتبه لأنه لو ادعى ولد مكاتبته لم يشترط تصديقها وخيرت بين البقاء على كتابتها وأخذ عقرها وبين أن تعجز نفسها وتصير أم ولد كذا في (الهداية) (والدراية) (و) لزم (العقر) لما بينا، (وقيمة الولد) لأن في معنى ولد المغرور حيث اعتمد دليلا وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه إلا أن القيمة هنا تعتبر يوم الولادة، وولد المغرور يوم الخصومة (ولم تصر أم ولد له) لأنه لا ملك فيها حقيقة كما في أم

وإن كذبه لم يثبت النسب. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولد المغرور المبيعة المستحقة وماله من الحق كاف لصحة الاستيلاد فلا حاجة إلى النقل فإن قلت بين قولهم لم تصر أم ولد وقولهم ماله من الحق كاف لصحة الاستيلاد تناقض قلت: المراد من الاستيلاد استلحاق الولد وصحته بثبوت النسب منه، أما ثبوت أمومية الولد فإنما هو لازم في بعض الصور وليس عينا ليلزم نفي ما أثبت (وإن كذبه) أي: المكاتب (لم يثبت النسب) لأنه لا يملك التصرف في اكتساب مكاتبه لأنه بالعقد حجر على نفسه فاشترط تصديقه إلا أنه لو ملك الولد يوما عتق عليه والله الموفق. خاتمة: ولدت منه جارية غيره فقال: أحلها إلى مولاها والولد ولدي وكذبه في الولد لم يثبت نسبه غير أنه إن ملكها يوما ثبت نسبه وصارت أم ولد له وإن صدقه ثبت النسب ولو استولد جارية أحد أبويه أو امرأته وجاءت بولد فقال: ظننت حلها لم يثبت النسب وإن ملك أمه بعد لم تصر أم ولد له غير أنه في ملكه الولد عتق عليه، وفي (الوافي) قالا في الصحة: هي أم ولد أحدنا ومات أحدهما يبين الحي فإن عين نفسه فهي أم ولده وضمن نصف قيمتها لا عقرها بخلاف ما لو ولدت في ملكهما، وإن عين الميت عتقت صدقته الورثة أو لا، ولا سعاية، وإن كان في المرض وقولوا: عناك لم تسمع وإن قالوا: عنى نفسه ولو صدقه، فللحي نصف قيمتها في تركته وتعتق من الثلث ومن الكل لو ولدت في ملكهما وثبت النسب.

كتاب الأيمان

كتاب الإيمان ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الأيمان اشترك كل من اليمين والطلاق والعتاق والنكاح في أن الإكراه والهزل لا يؤثر فيه، غير أنه قدم النكاح لقربه من العبادة كما مر، وأولاه الطلاق لأنه رفعه بعد تحققه ثم ذكر العتاق بعد لمشاركته للطلاق في تمام معناه الذي هو الإسقاط وفي لازمه الشرعي الذي هو السراية، واليمين لغة لفظ مشترك بين الجارحة والقوة القسم إلا أن قولهم كما في (المغرب) وغيره سمي الحلف يمينا لأن الحالف يتقوى بالقسم، أو أنهم كانوا يتماسكون بأيمانهم عند القسم يفيد كما في (الفتح) أن لفظ اليمين منقول ومفهومه لغة جملة أولى إنشائية صريحة الحزأين يؤكد بها جملة بعدها خبرية، وترك لفظ أولى يصيره غير مانع لدخول نحو زيد قائم زيد قائم وهو على عكسه فإن الأولى هو المؤكدة بالثانية من التأكيد اللفظي كذا في (الفتح) وتبعه في (البحر). وأقول: فيه بحث أما أولا فلأن هذا إنما بتم على أن الجملة الثانية المؤكدة إنشائية وهو ممنوع، وأما ثانيا بتقدير التسليم فقد خرج بقوله بعدها فتدبره، والجملة تشمل الفعلية كحلفت بالله وأحلف، والاسمية كعلي عهد الله ولعمرك لأفعلن كذا، وخرج بالإنشائية تعليق الطلاق والعتاق فإن الأولى ليست إنشاء والشرعي ما أفاده بقوله كما هو في كثير من النسخ اليمين تقوية أحد طرفي الخبر من الصدق والكذب أو النفي والإثبات كما قال ابن الفصيح في نظمه نظرا إلى قول [276/أ] المحققين أن له طرفا واحدا هو الصدق، وأن الكذب احتمال عقلي في نفس / السامع ظاهرا فدخل يمين الغموس بالمقسم به سواء كان اسما من أسمائه تعالى أو صفة أو التزام مكروه كفر أو زوال ملك فدخل التعاليق، كإن فعل كذا فهو يهودي وإن دخلت الدار فأنت كذا بضم التاء لمنع نفسه وبكسرها لمنعها وإن بشرتني فأنت حر وركنها اللفظ المستعمل فيها، وشرطها كون الحالف مسلما. وفسر في (الحواشي السعدية) التكليف بالإسلام والعقل والبلوغ وعزاه إلى (البدائع) وما قلناه أولى زاد في (الدراية) الحرية وتبعه الشمني وهو سهو لقولهم: إن العبد إذا حنث كفر بالصوم هذا باعتبار الحالف، وأما باعتبار اليمين فقال في (المحيط): شرطها كون الخبر المضاف إليه اليمين محتملا للصدق والكذب متمثلا بين البر والهتك فيتحقق حكمه وهو وجوب البر وسببها البقائي تارة إيقاع

حلفه على ماض كذبا عمدا غموس وظنا. ـــــــــــــــــــــــــــــ صدقه في نفس السامع، وأخرى حمل نفسه أو غيره على الفعل أو الترك، وحكمها وجوب البر فيما إذا حلف على طاعة أو ترك معصية، والحنث فيما إذ احلف على ضدهما وندبه فيما إذا كان عدم المحلوف عليه جائزا ثم قيل: يكره الحلف بغير اسم الله تعالى كالطلاق وقيل: إن أضيف إلى الماضي يكره وإن أضيف إلى المستقبل لا يكره وهو الأحسن كما في (المحيط) وعامتهم على عدم الكراهة. قال العيني: وبه أفتوا، لا سيما في زماننا (حلفه على ماض) شروع في أقسام اليمين بالله تعالى لأن كلا من الغموس واللغو لا يتصور في اليمين بغيره لأن تعليق الطلاق والعتاق والنذر بأمر كائن في الماضي لا يتحقق فيه اللغو والغموس لأن الطلاق يقع به وكذا العتاق والنذر، سواء كان وقت اليمين عالما أو لم يكن كذا في (الشرح) فإن قلت: هذا منقوض بما لو قال: هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا لشيء قد فعله فإنه غموس مع أنه ليس يمينا بالله تعالى، قلت: هو كناية عن اليمين بالله تعالى وإن لم يعقل وجه الكناية كما صرح به في (البدائع). قال في (الحواشي السعدية): ولم يقل كغيره: هي ثلاثة لعدم انحصارها فيها إذ اليمين الصادقة على الماضي كقوله: والله إني لقائم الآن في حال قيامه ليست منها مع أنها يمين، وأجاب صدر الشريعة بأن المراد بها اليمين التي اعتبرها الشرع ورتب عليها الأحكام ورده في (البحر) بأن عدم الإثم فيها حكم وفيه نظر، (كذبا عمدا) حالان من الضمير أي: كاذبا متعمدا (غموس) لأنها تغمس صاحبها في الذنب ثم في النار فعول بمعنى فاعل والماضي يشمل الفعل والترك فإن قلت: لو قال: والله إن هذا حجر كيف يصح أن يقال: إنه حلف على الفعل؟ قلت: يقدر كان أو يكون إن أريد الماضي والمستقبل فإن قلت: الحلف كما يكون على الماضي يكون على الحال فلم لم يذكر أيضا وهو من أقسام الحلف؟ قلت: لم يذكره لمعنى دقيق هو أن الكلام يحصل أولا في النفس فيعبر عنه باللسان فإذا أتم التعبير به انعقد اليمين فزمان الحلف صار ماضيا بالنسبة إلى زمان انعقاد اليمين فإذا قال: كتبت فلا بد من الكتابة قبل ابتداء التكلم، وأما إذا قال: سوف أكتب فلا بد من الكتابة بعد الفراغ من التكلم في ابتداء الزمان الذي من ابتداء التكلم إلى آخره فهو زمان الحال بحسب العرف وهو ماض بالنسبة إلى أن الفراغ وهو آن انعقاد اليمين فيكون الحلف عليه الحلف على الماضي كذا في (شرح الوقاية)، وهذا التكليف لم يعتبره شراح (الهداية) بل قالوا: التقييد بالماضي بناء على الثلاث إذ الحلف على الحال أيضا كذلك كوالله ما لهذا علي دين وهو يعلم خلافه (و) حلفه على ماض (ظنا) أن الأمر كما قال من فعل أو

لغوا وأثم في الأولى دون الثانية وعلى آت منعقدة، وفيها كفارة فقط، ـــــــــــــــــــــــــــــ ترك أو صفة وهو بخلافه (لغوا). قال في (المغرب): اللغو الباطل من الكلام ومنه اللغو في الأيمان لما لا يعقد عليه القلب وقد لغى في الكلام يلغو ويلغي ومنه فقد لغوت والماضي ليس بقيد أيضا، كما في (البدائع) وما مر من التكلف باق هنا (وأثم) الحالف أي: استحق العقوبة (في الأولى) أي: في الغموس لرواية البخاري (الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) ومن ثم قال السرخسي: إن إطلاق اليمين عليها مجاز لأنها عقد مشروع وهذه كبيرة محضة، وجاء في كثير من الروايات تقييد الوعيد فيها بأن يقطع بها حق امرئ مسلم ومن ثم [276/ب] قال في (البحر): ينبغي / أن تكون كبيرة إذا اقتطع بها ما مسلم أو أذاه، وصغيرة إذا لم يترتب عليها مفسدة، وأنت خبير بأن هذه ينافي إطلاق ما روينا وما قدمناه عن شمس الأئمة صريح فيه ومعلوم أن إثم الكبائر متفاوت (دون الثانية) وهو اللغو لقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} (البقرة: 225) وقول محمد فهذه اليمين نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها على ما علمت من النص مشكل، وأجيب إنما علق نفي المؤاخذة بالرجاء للاختلاف في تفسير اللغو فإن تفسير الشافعي له بكل يمين صدر من غير قصد في الماضي والمستقبل لبيان ما مر من أن تفسيره إذ الظن لا يكون إلا عند قصد، وقال ابن جبير: هو أن يحرم على نفسه ما أحل الله من قول أو عمل فلما اختلف في معناه علقه بالرجاء. قال في (الفتح): والأصح أن اللغو بما ذكر من التفاسير متفق على عدم المؤاخذة به في الآخرة وكذا في الدنيا بالكفارة فلم يتم العذر عن التعليق بالرجاء فالأوجه ما قيل: إنه لم يرد به التعليق بل التبرك باسمه تعالى والتأدب انتهى. وأقول: اختلف المتأخرون في المؤاخذة المنفية فقيل: المعاقبة قي الآخرة وقيل: هي المؤاخذة بالكفارة كما في (الكشاف) وغيره، والثاني أظهر بدليل ما بعده ولا شك أن تفسير اللغو على أمرنا ليس أمرا مقطوعا به إذ الشافعي قائل بأن هذا من المنعقدة فلا جرم علقه بالرجاء وهذا معنى دقيق ولم أر من عرج عليه (و) حلفه (على آت منعقدة) أي: على أمر يفعله أو لا يفعله ويجب أن يراد بالفعل فعل الحالف ليخرج نحو والله لا أموت ولا تطلع الشمس فإنه في هذين غموس. قال في (الحواشي اليعقوبية): لقوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان} (المائدة: 89) (وفيها الكفارة) لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم) (المائدة: 89) ولا يتأتى الحفظ والهتك إلا في المستقبل، وقوله (فقط)، قال الشارح: لا معنى له لأن في المنعقدة إثما أيضا ولفظ الكفارة ينبئ عنه إذ هي الساترة للإثم.

ولو مكرها أو ناسيا أو حنث كذلك، واليمين بالله تعالى، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجاب العيني بأنه أشار بذلك إلى أنها لا تجب إلا فيه ولا تجب في الغموس، قال في (البحر): ولا نسلم أن الإثم لازم للمنعقدة بل يكون الحنث واجبا ويكون مستحبا والعجب أنه بعد يسير ناقض نفسه إذ قال: لو فعله الحالف وهو مغمى عليه أو مجنون حنث لتحقق الشرط حقيقة، ولو كانت الحكمة رفع الذنب فالحكم يدور على دليله وهو الحنث لا على حقيقة الذنب. وأقول: في الثاني نظر إذ المدعى أن في المنعقدة إثما وتخلفه فيما ذكر لعارض فلا يرد (ولو) كان الحالف (مكرها أو ناسيا) أراد به المخطئ كما إذا أراد أن يقول: اسقني الماء فقال: والله لا أشرب الماء، وفي (الكافي) وعليه اقتصر في (العناية) (والفتح) هو من يلفظ باليمين ذاهلا عنه والملجئ إلى ذلك أن حقيقة النسيان في اليمين لا تتصور قاله الشارح، وقال العيني وتبعه الشمني بل يتصور بأن حلف أن لا يحلف ثم نسي الحلف السابق فحلف ورده في (البحر) بأنه فعل المحلوف عليه ناسيا لا أن حلفه كان ناسيا انتهى. وفيه نظر إذ فعل المحلوف عليه ناسيا لا ينافي كونه يمينا بدليل أنه يكفر مرتين مرة باعتبار أنه فعل المحلوف عليه وأخرى باعتبار حنثه في اليمين وأورد أن حقيقة اليمين أعني تقوية أحد طرفي الخبر لا يتأتى في الناسي إذ لا اختيار له وأجيب بأن هذا هو القياس لكنه ترك بالنص وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والعتاق واليمين) ورده في (الفتح) بأن حديث اليمين لا دلالة فيه على المدعى بتقدير ثبوته لأن المذكور فيه جعل الهزل باليمين جد والهازل قاصد لليمين غير راض فلا يعتبر عدم رضاه به شرعا بعد مباشرة السبب مختارا والناسي بمعنى الذاهل لم يعتقد شيئا وكذا المخطئ لم يقصد التلفظ به بل شيئا آخر فلا يكون الوارد في الهازل، وأراد في الناسي (أو حنث كذلك) أي: مكرها أو ناسيا لأن الفعل حقيقة لا ينعدم بالإكراه والنسيان وهو الشرط كذا قالوا وهذا يفيد أن معنى الإكراه عليه أنه أكره أن يفعل المحلوف فلو لم يفعله كما لو حلف أن لا يشرب فصب الماء في حلقه مكرها فلا حنث عليه، (واليمين) مستقرة (بالله) أي: بهذا الاسم ولو بغير هاء كما هو عادة الأتراك / كذا في (المجتبى) وفيه إيماء إلى أنه [277/أ] لا بد أن يكون خاصا وعلى هذا تفرع ما في (الخلاصة) باسم الله ليس يمين إلا بالنية وبالواو يمين وفي (الفتح) تبعا لما في (المحيط) المختار أن اسم الله (تعالى) ليس

والرحمن والرحيم وعزته وجلاله وكبريائه وأقسم، وأحلف وأشهد. ـــــــــــــــــــــــــــــ بيمين لعد التعارف وعلى هذا بالواو لأن نصارى ديارنا تعارفوه (والرحمن الرحيم) ومنه والذي لا اله إلا هو رب السموات والأرض رب العالمين ومالك يوم القيامة والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والطالب والغالب يمين لتعارف أهل بغداد الحلف به ويلزم عليهما اعتبار العرف فيما لم يسمع من الأسماء من الكتاب والسنة لأنه لم يسمع إلا الغالب، وأما كونه على القول المفصل في الأسماء كذا في (فتح القدير). وأفاد إطلاقه أنه لا فرق بين أن يتعارفوا الحلف به أو لا وهو الصحيح، وقيل: كل اسم لا يسمى به غيره تعالى كالله والرحمن فهو يمين، وما يسمى به غيره كالحكيم والعليم فإن أراد به اليمين كان يمنيا وإلا لا، ورجحه بعضهم بأنه حيث كان مستعملا لغيره تعالى أيضا لم يتعين إرادة أحدهما إلا بالنية، ورده الشارح بأن دلالة القسم معينة لإرادة اليمين إذ القسم بغيره تعالى لا يجوز، نعم إذا نوى غيره صدق لأنه نوى محتمل كلامه، وأنت خبير بأن هذا مناف لما قدمه من أن العامة يجوزون الحلف بغيره تعالى (وعزته وجلاله وكبريائه) بيان للحلف بالصفة، والمراد بها اسم المعنى الذي لا يتضمن ذاتا ولا يحمل عليها فهو كالعزة والكبرياء والعظمة بخلاف نحو العظيم، قال في (البحر): ولم يقيد الحلف بالصفات بالعرف ولا بد منه. وأقول: ممنوع فقد أشار إلى ذلك بقوله لا بعلمه إلى آخره وعن هذا تم حكم محمد في قوله وأمانة الله تعالى أنه يمين ثم سئل عن معناه فقال: لا أدري لأنه رآهم يحلفون به لكن وجهه أن الحالف به أراد معنى والله الأمين فالمراد الأمانة التي تضمنتها لفظة الأمين وأفاد إطلاقه أنه لا فرق بين كونها صفة ذات أو فعل وهو الصحيح ولا خفاء أن ما جاز أن يوصف الله تعالى به وبضده كالغضب والرضا فهو من صفات الفعل، وما لا يجوز أن يوصف بضده كالجلال فهو من صفات الذات، والمراد بصفات الأفعال صفات تدل على تأثير لها اسما غير اسم القدرة يجمعها اسم التكوين فإن كان ذلك الأثر مخلوقا فالاسم الخالق والصفة الخلق أو رزقا فالاسم الرازق والصفة الترزيق أو حياة فهو المحيي أو موتا فهو المميت، فمتأخرو الحنفية أنها صفات قديمة زائدة على صفة الذات والأشاعرة يقولون: ليست صفة التكوين سوى صفة القدرة باعتبار تعلقها بإيصال الأرزاق (و) قوله: (أقسم) وأعزم (وأحلف وأشهد) بفتح الهمزة والهاء وضمها وكسر الهاء خطأ وكان حالفا بهذه الألفاظ لأنها حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال، ولهذا لا ينصرف إليه إلا بقرينة السين ونحوه،

وإن لم يقل بالله، ولعمر الله، وأيم الله، ـــــــــــــــــــــــــــــ وما قيل من أنه في العرف كذلك كأشهد أن لا إله إلا الله وكذا قول الشاهد أشهد ففيه نظر، لأن ذلك بدلالة الحال إلا أنه في نفسه كذلك عرفا قيد بالمضارع لأنه محل الخلاف بينا وبين الشافعي، أم الماضي نحو حلفت أو أقسمت أو شهدت بالله لأفعلن فيمين بلا خلاف كذا في (الفتح) إلا أنه في شرح (المجمع) حكى الاتفاق على أن أشهد بالله يمين. واعلم أنه وقع في (النهاية) وتبعه في (الدراية) أن مجرد قول القائل اقسم أو أحلف يوجب الكفارة من غير ذكر محلوف عليه ولا حنث تمسكا بما في (الذخيرة) أن قوله: علي يمين موجب للكفارة وأقسم ملحق به وهذا وهم بين إذ اليمين بذكر المقسم عليه وما في (الذخيرة) معناه إذ أوجد ذكر المقسم عليه وانقضت اليمين وترك ذلك للعلم به يفصح عن ذلك قول محمد في (الأصل) واليمين في الله تعالى أو أحلف أو أقسم إلى أن قال: وإذا حلف بشيء منها ليفعلن كذا فحنث وجبت عليه الكفارة، (وإن لم يقل بالله) لقوله تعالى: {إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} (القلم: 17) وقوله تعالى: {يحلفون لكم لترضوا عنهم} (التوبة: 96) وفي الآية الأخرى {اتخذوا أيمانهم جنة} (المجادلة: 16) وادعى في (فتح القدير) أن أقسموا مجرد عن وجود قسم منهم وهو لا يستلزم ذلك القسم كأن قولهم نقسم ليصرمنها / ومثله في يحلفون لكم لترضوا عنهم لا يلزم كون [277/ب] حلفهم بلفظ الحلف أصلا فضلا عن لفظ الحلف يصدق بالمدعى، فإن أقسموا إخبار عن قسم واقع منهم وهو صادق بقوله كل واحد أقسم لأصرمنها مصبحا وكذا في يحلفون لكم أحلف لك ما فعلت كذا وهذا القدر كاف في الاستدلال به على المدعي (و) بقوله أيضا (لعمر الله) بفتح العين أي: بقاؤه وهو من صفات الذات فكأنه قال: وبقاء الله والضم وإن كان بمعنى البقاء أيضا إلا أنه لا يستعمل في القسم، قال الرضي: لأن القسم موضع التخفيف لكثرة استعماله وظاهر أنه مع اللام مرفوع على الابتداء والخبر محذوف وجوبا، أي: قسمي وحذف لسد جواب القسم مسده ومع حذفها منصوب نصب المصادر وحرف القسم محذوف تقول: عمر الله ما فعلت. قال في (الفتح): وأما قولهم: عمرك الله ما فعلت فمعناه بإقرارك له بالبقاء وينبغي أن لا ينعقد يمينا لأنه حلف بفعل المخاطب وهو إقراره واعتقاده انتهى. وفي (البزازية) وسلطان الله يمين في الأصح إن أراد به قدرة الله تعالى (و) بقوله (أيم الله) جمع يمين عند الفراء سقطت نونه وهمزته في الوصل تحقيقا ثم

وعهد الله وميثاقه وعلي نذر، ونذر الله وإن فعل كذا فهو كافر لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ خففت أيضا فقيل أمر الله وهو قول الأكثر، وعند سيبويه كلمة اشتقت من اليمين ساكنة الأول اجتلبت لها الهمزة للنطق وكان يمينا لقوله عليه الصلاة والسلام: (تطعنون في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل وأيم الله أن كان لخليقا بالإمارة) أخرجه البخاري، وهو في الحديث بكسر الميم لواو القسم وإنما يضم إذا لم يكن في أول حرف القسم نبه عليه بعضهم وهو ظاهر (و) بقوله (عهد الله) لأفعلن كذا (و) بقوله أيضا (ميثاقه) أي: ميثاق الله بمعنى عهده ولنا الذمة وكذا سمي الذمي معاهدا والأمانة قال الله تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} (النحل: 91)، وقد غلب استعمالها بمعنى اليمين ثم إذا نوى غيره بأن نوى العبادات لم يكن يمينا. (و) بقوله (علي نذر و) علي (نذر الله) لأفعلن كذان وهذا القيد أعني ذكر المحلوف عليه لا بد منه في كونه يمينا وإن لم يذكره لا يكون يمينا لأن اليمين إنما يتحقق بمحلوف عليه إلا أنه يلزمه الكفارة لأن هذا التزام لها ابتداء بهذه العبادة، هذا إذا لم ينو بالقدر المطلق شيئا من القرب المقصودة التي يصح النذر بها كالحج ونحوه فإن نواه لزمه ما نوى، وإن ذكر صيغ النذر بأن قال: لله علي صلاة ركعتين أو صوم يوم مطلقا عن الشرط أو معلقا به أو ذكر لفظ النذر مسمى معه المنذور مثل لله علي نذر صوم يومين مطلقا أو منجزا فسيأتي في الكفارة فظهر الفرق بين صيغة النذر ولفظ النذر، كذا في (الفتح) يريد أن لفظ النذر يكون يمينا ونذرا إذا نوى به قربة وأما صيغة النذر فلا يكون يمينا البتة. (و) بقوله: (إن فعل كذا فهو كافر) أو يهودي أو نصراني، أو قال: فاشهدوا علي بالنصراينة كما في (الولوالجية) إلحاقا له بتحريم الحلال لأنه لما جعل الشرط علما على الكفر وقد اعتقده واجب الامتناع وأمكن القول بوجوبه لغيره جعلناه يمينا، وكذا لو قال: فأنا أعبدك من دون الله أو أعبد الصليب كم في (المجتبى) قيد بكون اليمين على فعل مستقبل لأنه لو كان على ماض كإن كنت فعلت كذا فهذا كافر وهو عالم أنه فعله كان غموسا، واختلف في كفره، والأصح أنه يمين لا يكفر بالماضي وإن كان جاهلا أو عنده أن الكفر بالغموس أو بمباشرة الشرط في المستقبل يكفر فيهما لأنه رضي بالكفر، واختلف أيضا في قوله: يعلم الله أنه فعل كذا ولم يفعله وهو يعلم خلافه وعامتهم على أنه يكفر وقيل: لا يكفر وهو رواية عن أبي يوسف لأنه قصد ترجيح الكذب دون الكفر، كذا في (المجتبى) (لا) يكون

بعمله، وغضبه، وسخطه، ورحمته. والنبي، والقرآن والكعبة، وحق الله. ـــــــــــــــــــــــــــــ اليمين بقوله (بعلمه) أي: بعلم الله تعالى (وغضبه وسخطه ورحمته) لأفعلن كذا لعدم تعارف الحلف بها ولأن العلم قد يراد به المعلوم والغضب والسخط يراد بهما العقوبة ويراد بالرحمة أثرها وهو الجنة، ومن ثم قلنا: لو قال: وعذاب الله وثوابه ورضاه ولعنته أنه لا يكون يمينا. وفي (البدائع) لو قال: لا إله إلا الله أو سبحان الله والله أكبر لأفعلن كذا لا يكون يمينا لعدم ... ، وملكوت الله وجبروته يمين لأنه من صفاته التي لا تستعمل إلى في الصفة وفي (الخانية) لو قال: بصفة الله لا أفعل / كذا لا يكون يمينا [278/أ] لأن صفاته ما يكون في غيره ولا بقوله (والنبي والقرآن والكعبة) لأفعلن كذا، أم النبي والكعبة فلخبر (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) متفق عليه، وأما القرآن فلأنه غير متعارف. قال في (الفتح): ولا يخفى أن الحلف به متعارف فيكون يمينا كما هو قول الأئمة الثلاثة، قال العيني: وعندي أنه لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه وقال: (وحق) هذا فهو يمين ولا سيما في زماننا الذي كثرت فيه الأيمان الفاجرة ولا خلاف أنه لو قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من النبي أو من كلام (الله) القائم به انعقد يمينا، وكذا لو قال: فأنا بريء من الإسلام أو من القبلة أو من المؤمنين أو من الصلاة والصوم أو من صوم رمضان أو من المصحف كما في (المجتبى). ولو قال: من شهر رمضان فإن أراد به البراءة عن فرضه كان يمينا فإن أراد عن أجره لا يكون يمينا ولو قال: فأنا بريء من كل آية من المصحف فيمين واحدة، وكذا لو قال: من الكتب الأربعة أو من الله ورسوله، ولو كرر لفظ بريء كان عليه كفارتان، ولو زاد الله ورسوله بريئان منه كان عليه أربع كفارات ولو قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من الله ألف مرة كان عليه كفارة واحدة، وفي (الخانية) لو قال: دين الله وطاعته أو حدوده أو شريعته أو المصحف لا يكون يمينا والله الموفق. فرع فال في (الفتح): بحياتك أو حياة رأس السلطان إن اعتقد أن البر فيه واجد كفر وفي تتمة (الفتاوى) قال علي الرازي: أخاف على من قال بحياتي وحياتك أن يكفر، ولولا أن العامة يقولونه ولا يعلمونه لقلت: إنه شرك، ولا بقوله: حق الله عندهما، وإحدى الروايتين عن الثاني عن حق الله يراد به طاعته أداء الطاعات حقوقه وصار ذلك متبادرا شرعا حتى كأنه حقيقة حيث لا يتبادر سواه واستدل الشارح وغيره

وإن فعلته فعلي غضب الله وسخطه أو أنا زان، أو سارق أو شارب خمر، أو آكل ربا وحروفه الباء، ـــــــــــــــــــــــــــــ على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم - حين سئل ما حق الله على العباد؟ فقال: (أن لا يشركوا به شيئا) حينئذ وليس بشيء لأن صلته بلفظ على العبادتين المراد بأنه غير وجوده وحقيقته، والكلام في غير المقرون مما يدل على أحد المعنيين، وعن أبي يوسف أنه يمين. قال في (الاختيار): والله المختار للتعارف ورده في (فتح القدير) بأن التعارف إنما يعتبر بعد كون الصفة مشتركة في الاستعمال بين صفة الله وصفة غيره ولفظ حق لا يتبادر منه ما هو صفة الله بل هو من حقوقه، قيد بالمضاف لأن المعرف بين إجماعا واعترض بأنه الحق المعروف يطلق على غيره تعالى ومنه {فماذا بعد الحق إلا الضلال} (يونس: 32)، {فلما جاءهم الحق من عندنا} (غافر: 45) فكيف يكون يمينا بلا خلاف؟ وأجيب بأنه إن نوى اليمين باسم الله تعالى يكون يمينا وإلا فلا، وأنت خبير بأنه على المختار إذا ثبت كونه اسما لله تعالى لا تعبير فيه النية وإن أطلق على غيره ولو نكره لا يكون يمينا، لأنه يراد به تحقيق الوعد فصار كأنه أفعل كذا حقيقة لا محالة، قال قاضي خان: والصحيح أنه إن أراد به اسم الله يكون يمينا وفي (المجتبى) بحرمة الله كحق الله وفي (فتاوى النسفي) بحرمة شهد الله أو لا إله إلا الله ليس بيمين والله الموفق، (و) لا بقوله: (إن فعلته فعلي غضب الله أو سخطه) لأنه دعا على نفسه ولم يتعارف الحلف به (أو) إن فعلته (فأنا زان أو سارق أو شارب خمر أو آكل ربا) لأن حرمة هذه الأشياء تحتم النسخ والتبديل فلم تكن في معنى حرمة الله تعالى، ولأنه ليس بمتعارف كذا في (الهداية) ومعنى احتمال النسخ فيها أن حرمتها تحتمل السقوط أما الخمر فظاهر، وأما السرقة فعند الاضطرار، وكذا إذا أكرهت المرأة بالسيف على الزنا وأما الزنا ففي دار الحرب وعلى هذا تفرع ما لو قال: هو الميتة أو يستحل الخمر والخنزير إن فعل كذا لأنه علقه بما يسقط حرمته بحال ما كما في (المجتبى) بخلاف حرمة اسم الله تعالى فإنها لا تحتمل السقوط. قال في (الفتح): وهذا فيه نظر لأن كون الحرمة تحتمل الارتفاع أو لا تحتمل لا أثر له فإنه إن كان يرجع إلى تحريم المباح فهو يمين وإلا لا، وظاهر كلامهم أنه لو تعورف الحلف به كان يمينا فظاهر ما في (الفتح) يفيد أنه لو تعورف الحلف به لا يكون يمينا حيث قال: إن مضي اليمين أن يعلق ما يوجب امتناعه عن الفعل [278/ب] بسبب لزوم وجوده عند الفعل وليس بمجرد الفعل يصير زانيا أو سارقا لأنه لا يكون / كذلك إلا بفعل مستأنف يدخل في الوجود بخلاف الكفر فإنه بالرضى به يكفر من غير توقف على عمل آخر (وحروفه) أي: القسم (الباء) قدمها لأنها الأصل إذ هي

والواو، والتاء وقد تضمر ـــــــــــــــــــــــــــــ صلة الحلف، والأصل أقسم أو أحلف حذف الفعل كثرة الاستعمال مع فهم المقصود ومعناها الإلصاق لأنها تلصق فعل القسم بالمحلوف به ولأصالتها دخلت على المظهر والمضمر (والواو) أعقبها بها لأنها بدل منها لمناسبة معنوية وهي في الإلصاق من الجمع التي هي معنى الواو للبدلية انحطت عنها فدخلت على المظهر فقط (والتاء) ثلث بها لأنها بدل عن الواو وإذ هي من حروف الزيادة أبدلت كثيرا منها كتراث فانحطت عنها درجتين فلم تدخل على المظهر إلا على اسم الله وترب الكعبة. قال الشارح: وبقي لام القسم وحرف التشبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل والميم المكسورة والمضمومة في القسم ومن كقوله: وهاء الله ومراد الله ومن الله (وقد تضمر) حرف القسم فيكون حالفا بقوله: الله لا أفعل لأن حذف الحرف من عادة العرب إيجازا، ثم قيل: ينتصب لنزع حرف خافض وقيل: ينخفض ليكون الكسر دلالة على المحذوفة كذا في (الهداية) وفيه بحثان: الأول أن التعليل بالحذف لا يطابق فكأنه أراد به الإضمار تسامحا والفرق أن الإضمار يبقى أثره بخلاف الحذف، كذا في (الدراية)، قال في (الفتح): وعلى هذا فينبغي أن يكون في حالة النصب محذوفا وفي الجر مضمرا. وأقول: الظاهر أن المراد بالإضمار عدم الذر فيصدق بالحذف وحينئذ فالتعليل مطابق، وهذا لأنه كما يكون حالفا مع بقاء الأثر يكون أيضا حالفا مع النصب بل هو الكثير في الاستعمال وذاك شاذ والتزام ذلك الاصطلاح للفقهاء غير لازم وإذا تحققت هذا ظهر أن ما في (البحر) لم يقل يحذف للفرق بينهما، وذكر ما مر بمعزل عن التحقيق لما قد علمت من أنه يكون حالفا مع الحذف أيضا، الثاني، أن قوله: ثم قيل حينئذ ظاهر في نقل الخلاف تبعا للسرخسي فيه نظر، إذ هما وجهات سائغان للعرب ليس أحد ينكر أحدهما ليتأتى الخلاف وكون النصب بنزع الخافض ممنوع بل هو عند النحاة بفعل القسم لما حذف أفضل الفعل به وحكى الرفع فقيل على أنه خبر لمحذوف والأولى أن يكون المضمر هو الخبر لما عرف من أن الإجماع على أن أعرف المعارف هو الاسم الكريم قيد بحرف القسم لأن إضمار حرف التأكيد، أعني النون واللام في المقسم عليه لا يجوز. قال في (المحيط): والحلف بالعربية أن يقول في الإثبات: والله لأفعلن كذا مقرونا بجملة التأكيد وفي المنفي يقول: والله لا أفعلن كذا والله ما فعلت كذا حتى لو قال: والله أفعل كذا اليوم كان بمعنى قوله لأفعل فتكون لا مضمرة لأن الحلف في

وكفارته تحرير رقبة، أو إطعام عشرة مساكين كهما في الظهار، أو كسوتهم بما يستر عامة البدن فإن عجز عن أحدهما صام ثلاثة أيام متتابعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ الإثبات عند العرب لا يكون إلا بحرف التأكيد وهو اللام والنون، وإضمار الكلمة تستعمل بخلاف إضمار بعضها في البعض فإن غير مستعمل (وكفارته) أي: اليمين بمعنى الحلف أو القسم فلا يرد أنها مؤنثة سماعا وهذا من إضافة الشيء إلى شرطه، إذا السبب كما سيأتي إنما هو الحنث (تحرير رقبة) أم إعتاقها، ولم يقل: عتق رقبة لأنه لو ورث من يعتق عليه فنواه عن الكفارة لم يجز، (أو إطعام عشرة مساكين كهما) أي: كالتحرير والإطعام (في) كفارة (الظهار) المتقدم من كونها غير فائت جنس المنفعة منها ولا مستحقة للحرية بجهة، وفي الإطعام، أما التمليك والإباحة فيعشيهم ويغديهم ولو أطعم خمسة وكسى خمسة أجزأه ذلك عن الإطعام إن كان أرخص من الكسوة وعلى العكس لا يجوز هذا في إطعام الإباحة، أما إذا ملكه فيجوز ويقام مقام الكسوة ولو أعطى عشرة كل واحد ألف مد من الحنطة عن كفارات اليمين لا يجوز إلا عن واحدة عند الإمام والثاني وكذا في كفارة الظهار وكذا في (الخلاصة). وفي (الخانية) لو أعطى عشرة كل واحد مدا مدا فاستغنوا ثم افتقروا، وأعاد عليهم مدا مدا عن أبي يوسف لا يجوز لأنهم لما استغنوا بطل ما أدى فصار كما لو أدى إلى مكاتب مثلا فرد في الرق ثم كوتب ثانيا فأعطاه مدا لا يجوز (أو كسوتهم) [279/أ] لقوله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} (المائدة: 89) الآية والتخيير / لا يمنع صحة التكليف كما ظنه من أوجب الكل مع السقوط بالبعض لأن صحته بإمكان الأمثال وهو ثابت بفعل أحدهما وقد قالوا: لو فعل الكل وقع عن الكفارة ما كان أعلى قيمة فإن قلت: إذا فعل واحدا بعد واحد وقع الأول عن الكفارة فكيف يتعين الأعلى؟ قلت بأن فعل الكل جملة ناوية أن يكون الكل عن الكفارة أو مرتبا ولم ينو أن يكون الكل عن الكفارة إلا بعدما تمت، وهذا لأن النية في التكفير لا بد من وجودها كما في (الفتح) وبترك الكل يعاقب على الأدنى ونبه بقوله (بما يستر عامة البدن) أن المراد بالكسوة ما يثبت به اسم المكتسي وينبغي عند اسم العريان فلا يجزئ إلا نحو القميص والجبة والإزار السائل الذي يتوشح به، وفي المرأة لا بد من الخمار مع الثوب أما العمامة والسراويل فلا إلا أنه يجزئ عن الإطعام باعتبار القيمة ثم قيل: يعتبر في الثوب حال القابض. قال السرخسي: والأشبه بالصواب أنه يكفي أن يصلح للأوسط (فإن عجز) الحانث (عن أحدهما) أي: الإعتاق والإطعام والكسوة (صام ثلاثة أيام) لقوله تعالى: {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} (المائدة: 89) (متتابعة) لقراءة ابن مسعود

ولا يكفر قبل الحنث، ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث، ويكفر ولا كفارة على كافر، وإن حنث مسلما، ... ـــــــــــــــــــــــــــــ متتابعات والمراد بالعجز أن لا يفضل عن حاجته قدر ما يكفر به فإن فضل لا يجزئه الصوم في ظاهر المذهب ولو كفر بالصوم ناسيا لرقبة أو طعام أو كسوة في ملكه، فالصحيح أنه لا يجزئه كذا في (المجتبى). وقياس ما مر أنه لو صام لعجزه فظهر أن له مالا وعليه دين فإن قضى دينه بذلك المال كفر بالصوم وإن صام قبل قضاء الدين قيل: يجوز وقيل: لا ولا كلام أنه لو كان ماله غائبا أو دينه مؤجلا فصام أنه يجوز هذا إذا لم يكن الغائب عبدا، فإن كان عبدا يجوز في الكفارة ولا يجوز له الصوم ويعتبر العجز وقت الأداء لا وقت الحنث حتى لو وهب ماله وسلمه ثم صم ثم رجع عن الهبة أجزأه الصوم وقيد بالتتابع لأن التفريق غير جائز ولو لعذر الحيض كما في (الخلاصة) ولا بد من بقاء العجز إلى إتمام الصوم حتى لو أيسر أو أعتق العبد قبل أن يفرغ من الصوم ولو ساعة فأصاب مالا استأنف التكفير بالمال، (ولا يكفر) الحالف بالمال ولا بالصوم (قبل الحنث) حتى لو كفر لم يعق ما أداه كفارة وإن وقع تطوعا حتى منع من استرداده من الفقير لأنها تستر الجناية، ولا جناية قبل الحنث، كذا قالوا وفيه نظر إذ كون الحنث جناية مطلقا ممنوع لأنه قد يكون فرضا على ما سيأتي. وأجاب بعضهم بأن هذا كلام خرج مخرج الظاهر المتبادر من إخلال المحلوف عليه (ومن حلف على) فعل (معصية) نفيا كلا يصلي الظهر أو لا يكلم أباه أو إثباتا نحو ليشربن الخمر اليوم (ينبغي) أي: يجب (أن يحنث ويكفر) لأنه أهون الأمرين، وارتكابه واجب إذا لم يكن بد من ارتكاب أحدهما، وظاهر أن وجوب الحنث لا يتأتى إلا في اليمين المؤقتة لأنه في المطلقة لم يحنث إلا في آخر جزء من أجزاء حياته فيوصي بالكفارة إذا هلك الحالف، ويكفر إذا هلك المحلوف عليه قيد بكونه معصية لأنه لو لم يكن فتارة يكون الحنث أولى، كالحلف على ترك وطء زوجته شهرا أو ضرب عبده أو شكاية مديونه إن لم يوف به وتارة يكون البر أولى كما إذا حلف أن لا يأكل هذا الخبز أو لا يلبس هذا الثوب، ولو قيل: إنه واجب بقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم} (المائدة: 89) على ما هو المختار في تأويلها أنه البر فيها أمكن كذا في (الفتح). وبقي قسم رابع وهو أن يكون المحلوف عليه واجبا قبل الحلف نحو لأصلين الظهر اليوم فإن البر فيه فرض، وكذا إذا كان المحلوف عليه ترك معصية فيثبت وجوبان لأمرين الفعل والبر كذا في (البحر) (ولا كفارة) تجب (على كافر، وإن حنث مسلما)

ومن حرم ملكه لم يحرم، وإن استباحه كفر ـــــــــــــــــــــــــــــ لعدم أهليته لليمين لقوله تعالى: {إنهم لا أيمان لهم} (التوبة: 12) وعن هذا قلنا: إنه لو ارتد بعدما حلف مسلما ثم أسلم فحنث لا يلزمه الكفارة وكذا لو نذر ما هو قربة من صدقة أو صوم لا يلزمه شيء وقوله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} (التوبة: 12) فالمراد بها صور الإيمان التي أظهروها وأما تحليف القاضي وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (تبرئكم اليهود بخمسين يمينا) فالمراد كما قلنا صور الأيمان إذ المقصود منها رجاء النكول والكافر وإن ثبت اليمين في حقه شرعا لكنه يعتقد حرمة اليمين بالله تعالى فيمتنع عنه فشرع إلزامها بصورة لهذه الفائدة (ومن حرم ملكه) [279/ب] على نفسه بأن قال / مالي أو ثوبي أو جاريتي أو ركوب دابتي علي حرام (لم يحرم) لأن فيه تغيير المشروع، والقادر على ذلك إنما هو رب العالمين (وإن استباحه) أي: طلب أن يكون مباحا كما كان (كفر) فيه إيماء إلى أنه يمين وكان كذلك لقوله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} (التحريم: 2) بعد قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} (التحريم: 1) قال أنس: (كانت له أمة يطؤها فلم تزل عائشة وحفصة به حتى حرمها على نفسه) رواه النسائي قيل: فيه نظر لأنه - صلى الله عليه وسلم - حلف صريحا فنزلت بأن قال: (والله لا أقربها)، كما في (الكشاف). وأجاب في (الفتح): بأن الحلف لم يذكر في الآية ولا في الحديث فلا يجوز أن يحكم به وتقد به حكم النص، وقيل: إنما حرم الفعل والتقيين بالملك اتفاقي فإن نحو كلام زيد علي حرام، يمين وعبارة القدوري ومن حرم على نفسه شيئا مما يملكه لم يحرم، قال في (الفتح): لو أريد بلفظ شيئا ما هو أعم من الفعل دخل نحو كلام زيد انتهى. وهو ظاهر في أن القول داخل في مسمى الملك أيضا، وهذا لأنه القدرة على المتصرف والتصرف في كل شيء مما يليق به ويدل عليه قولهم بصحة الإجارة على الأقوال، كالأذان وهي تمليك المنافع، فالأقوال منافع مملوكة وعليه فهو أيضا اتفاقي لأن قوله: هذا الطعام علي حرام لطعام لا يملك أيضا لأن حرمته لا تمنع كونه حالفا، ألا ترى أنه لو قال الخمر علي حرام فالمختار للفتوى أنه إن أراد الإنشاء كفر، أو الإخبار

كل حل علي فهو حرام على الطعام، والشراب، ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يكفر وعند عدم النية لا تلزمه الكفارة كذا في (الذخيرة) وفيها من فصل الأكل الصحيح أنه إذا قال: الخمر والخنزير علي حرام كان يمينا. وفي (الفتح) لو قال: الخنزير علي حرام فليس يمين إلا أن يقولك إن أكلته وقيل: هو قياس الخمر وهو الوجه، واعلم أن الظاهر من تحريم الأعيان تحريم الفعل المقصود منها فلو قال: هذا الثوب علي حرام حنث بلبسه إلا أن ينوي غيره، ولو قال: كل طعام آكله في منزلك فهو علي حرام، ففي القياس لا يحنث بأكله وبالاستحسان يحنث لأن الناس يريدون بهذا أن أكله حرام كذا في (الخلاصة) وعلى هذا فيجب أن يحنث في قوله: إن أكلت طعاما يأكله ولو قال: مالي علي حرام فأنفق منه شيئا حنث، وكذا مال فلان علي حرام فأكل منه وأنفق حنث ولو تصدق أو وهب لم يحنث بحكم العرف كذا في (المحيط)، ولو قال لقوم: كلامكم علي حرام حنث وفي مجموع (النوازل) وكذا كلام فلان وفلان علي حرام يحنث بكلام أحدهما وكذا فلان وفلانا وفلانا، الصحيح أنه لا يحنث في المسألتين ما لم يكلمهما إلا أن ينوي كلام واحد منهما فيحنث بكلام أحدهما لأنه شدد على نفسه، ولو حلف لا يكلمهما ونوى واحد لا يحنث بكلام أحدهما انتهى. وفي (الخانية) قال مشايخنا: الصحيح أنه لو قال أكل هذا الرغيف علي حرام لا يحنث بأكل اللقمة منه لأن هذا بمنزلة قوله: والله لا آكل هذا الرغيف ولو قال هكذا لا يحنث بأكل البعض وجزم في (الخلاصة) في أكل الرغيف علي حرام بأنه يحنث وبه جزم في (المحيط) أيضا بخلاف والله لا آكل هذا الرغيف إذا كان كله يؤكل في مجلس، يعني حيث لا يحنث بأكل لقمة، ولم يبين الفرق ولعل وجهه أن تحريمه الرغيف على نفسه تحريك أجزائه أيضا وفي الثاني إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض، وبهذا يضعف ما في (الخانية) وعبر بمن ليشمل ما لو قالت لزوجها: أنت علي حرام أو حرمتك على نفسي فإنه يمين حتى لو طاوعته أو أكرهها على الجماع لزمها الكفارة انتهى. وأنت خبير بأن في شمول كلامه لذلك نظرا بينا (كل حل) أو حلال الله أو حلال المسلمين (علي حرام واقع على الطعام والشراب) إلا أن ينوي غيره، حتى لو نوى الكذب كان كذبا نص عليه في (كافي) الحاكم وهذا استحسان والقياس أنه يحنث كما فرغ لأنه باشر من هذا العام فعلا حلالا هو التنفس وفتح العينين ونحو ذلك وجه الاستحسان أن المقصود وهو البر لا يحصل مع اعتبار العموم فقط، وانصرف إلى الطعام والشراب للعرف، ولا تدخل الزوجة إلا بالنية فإذا

والفتوى على أنه تبين امرأته من غير نية ومن نذر نذرا مطلقا، أو معلقا بشرط، ووجد وفى ـــــــــــــــــــــــــــــ نواها كان موليا ولا تصرف اليمين عن الطعام والشراب (والفتوى) في زماننا (على أنه [280/أ] تبين زوجته بلا نية) لأنه صار طلاقا عرفا ولذا لا يحلف به إلا الرجال ولو قال لم أنو به / الطلاق لم يصدق قضاء. قال في (الظهيرية): فإن كان له ثلاث نسوة أو أربع وقع على كل واحدة بائنة لكن في (الدراية) لو كان له امرأتان وقع الطلاق على واحدة وإليه البيان في الأظهر كقوله: امرأتي كذا وله امرأتان وأكثر ولو لم يكن له زوجة ذكر في (النوازل) أنه تلزمه كفارة يمين وقيده في (الظهيرية) بما إذا كانت يمينه على مستقبل فإن كانت على ماض كذبا عمدا فلا كفارة عليه لأنه غموس، ومقتضاه أنه لو كان ظنا أن يكون لغوا، ولو كانت له وقت اليمين امرأة فأبانها ثم فعل المحلوف عليه بعد العدة لا كفارة عليه لانصرافها إلى الطلاق، ولو نكح امرأة بعد اليمين ثم باشر الشرط اختلفوا، والفتوى أن زوجته لا تبين، وبه أخذ أبو الليث لأنه جعل يمينا وقته فلا تنصرف إلى الطلاق ولعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك ونحوه كأكل هذا ولبسه دون الصيغة العامة وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني، ولا شك أنهم يريدون الطلاق معلقا فإنهم يريدون بعده لا أفعل كذا أو لأفعلنه وهو مثل تعارفهم الطلاق يلزمني لا أفعل كذا فإنه يراد إن فعلت كذا فلهي طالق ويجب إمضاؤه عليهم، والحاصل أن المعتبر في انصراف هذه الألفاظ عربية أو فارسية إلى معنى بلا نية المتعارف فيه فإن لم يتعارف فيه سئل عن نيته كذا في (فتح القدير). (ومن نذر نذرا مطلقا، أو معلقا بشرط) يراد كونه أو لا (ووجد) الشرط (وفي) المنذور هذا ظاهر الرواية لقوله عليه الصلاة والسلام: (من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى) وعن الإمام أنه قبل موته بسبعة أيام رجع عن لزوم عين المنذور إذا كان معلقا بشرط لا يراد كونه وقال: إنه يحير بين فعله وكفارة يمين كقوله: إن فعلت كذا فعلي صوم. قال في (الهداية): وهذا التفصيل هو الصحيح، ووجهه رواية مسلم: (كفارة النذر كفارة اليمين) فإنه يقتضي السقوط بالكفارة مطلقا وهو معارض لإطلاق الحديث الأول فحملنا مقتضى الإيفاء بعينه على المنجز أو المعلق بشرط يراد كونه وفي (الخلاصة): لو جعل على نفسه حجا أو صلاة أو صدقة مما هو طاعة إن فعل

به ولو وصل بحلفه إن شاء الله بر في حلفه ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا ففعله لزمه ذلك الشيء الذي جعله على نفسه ولم تجز كفارة اليمين في ظاهر الرواية، والشيخ القاضي الإمام علي المروزي كان يقول: إن شاء صام أو صلى أو حج وإن شاء كفر، كذا في مجموع (النوازل) وعن أبي حنيفة أنه رجع عن هذا قبل موته بسبعة أيام، وقال: تجب فيه الكفارة قال السرخسي: وهو اختياري لكثرة البلوى (به) وهكذا اختار الشيهد وبه يفتى انتهى. قال في (البحر): فتحصل أن الفتوى على التخيير مطلقا انتهى. وأقول: وضع المسألة في (الخلاصة) في التعليق بالشرط الذي لا يراد كونه فالإطلاق ممنوع أعني سواء أريد كونه أو لا - والله الموفق - هذا كله إذا سمى شيئا فإن لم يسم شيئا كان عليه كفارة يمين في المطلق وفي المعلق عند وجود الشرط. وفي (الولوالجية) وإذا حلف بالنذر وهو ينوي صياما ولم ينو عددا معلوما كان عليه صيام ثلاثة أيام وإذا نوى صدقة ولم ينو عددا فعليه إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، واعلم أنه لو التزم بالنذر أكثر ما يملكه لا يلزمه إلا ما يملكه في المختار حتى لو قال: إن فعلته فألف درهم من مالي صدقة ففعله وهو لا يملك إلا مائة لا يلزمه غيرها لأنه فيما لم يملك لم يوجد في الملك ولا مضافا إلى سببه فلا يصح كقوله: ما لي في المساكين صدقة ولا مال له لا يصح فكذا هذا كذا في (الولوالجية). وفي (البزازية) لله علي أن أهدي هذه الشاة وهي ملك الغير لا يصح النذر ولو قال: لأهدين هذه الشاة والمسألة بحالها يلزمه وإن نوى يمينا كان يمينا انتهى. والفرق بين التأكيد وعدمه مما لا أثر له يظهر في صحة النذر وعدمه ثم على الصحة هل تلزمه قيمتها؟ أو يتوقف الحال إلى ملكها محل تردد. وفي (الخلاصة) لو قال: لله علي إطعام المساكين فهو على عشرة عند الإمام وفي إطعام مسكين يلزمه نصف صاح من حنطة استحسانا ولو قال: إن فعلت كذا فألف / درهم من مالي صدقة، لكل مسكين درهم فحنث وتصدق بالكل على واحد [280/ب] أجزأه، ولو قال: لله أن أعتق هذه الرقبة وهو يملكها فعليه أن يفي بذلك ولو لم يف أثم لكن لا يجبره القاضي، (ولو وصل) الحالف (بحلفه إن شاء الله بر في حلفه) أي: لغا يمينه كما عبر به في (الوافي) وعبر به هنا إيماء إلى أن عدم الانعقاد هنا كالبر إلا أن فيه إيهام الميل إلى قول الثاني من أن الاستثناء للشرط وقالا: إنه مبطل للكلام الأول وما استدل به المشايخ من قوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف على يمين

باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك

باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك حلف لا يدخل بيتا لا يحنث بدخول الكعبة والمسجد، والبيعة والكنيسة، والدهليز والظلة، والصفة. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال إن شاء الله تعالى فلا حنث عليه) رواه أبو داود وغيره، وقال الترمذي: حديث حسن لا يعين ما قالاه. قيد بقوله وصل لأنه لو فصله كان رجوعا إذا لم يكن لنحو تنفس وسعال. قال في (البحر): وظاهر كلامهم أن المشيئة المتصلة تبطل كلما تعلق بالقول عبادة أو معاملة بخلاف المتعلق بالقلب كالنية والله الموفق للصواب. باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان وغير ذلك من الركوب لما كان انعقاد اليمين على فعل شيء أو تركه لم يكن بد من ذكر أنواع الأفعال ويعلم منها التروك وقد علمت أن المذكور في هذا الباب منها خمسة أفعال أي: الكف عنها غير أنه قدم منها الكلام على الدخول والسكنى دون الأكل والشرب، مع أنه أهم ليطابق التقديم الوجودي للترتيب الوضعي، وذلك أن أول ما يحتاج إليه الإنسان المسكن الذي يدخل فيه ويسكن ثم يتوارد عليه الأفعال من الأكل والشرب والركوب. (حلف) أن (لا يدخل بيتا لا يحنث بدخول) البيت الشريف وهو (الكعبة) كما عبر به في بعض النسخ (والمسجد والبيعة) بكسر الموحدة متعبد اليهود، (والكنيسة) متعبد النصارى، (والدهليز) بكسر الدال ما بين الباب والدار فارسي معرب، (والظلة) وهي الساباط الذي يكون على باب الدار مسقفا له جذوع أطرافها على جدار الباب والأطراف الأخر على جدار الجار المقابل (والصفة) لأن البيت عرفا ما أعد للبيتوتة، وهذه البقاع لم تبن لها والأيمان مبنية على العرف عندنا أي: على عرف الحالف فإن كان من أهل اللغة اعتبر فيه عرف أهلها، وإن لم يكن اعتبر عرف غيرهم وفي مشترك الاستعمال تعتبر اللغة على أنها العرف ثم من المشايخ من جرى على هذا الإطلاق

وفي دارا بدخولها خربة، وفي هذه الدار يحنث، وإن بنيت دارا أخرى بعد الانهدام، وإن جعلت بستانا، أو مسجدا، أو حماما أو بيتا لا ـــــــــــــــــــــــــــــ فحكم بأن ما ذكر في (الذخيرة) من الحنث بهدم بيت العنكبوت في أن لا يهدم بيتا خطأ، ومنهم من حمله على ما إذا لم يمكن العمل بحقيقته وهو بعيد، إذ المتكلم إنما يتكلم بالعرف الذي به التخاطب نعم إن نوى بيت العنكبوت في عموم البيت حنث وإلا وجب أن لا يحنث بالدخول في البيت الحرام والمسجد إذا نوى ذلك لأن الآيات القرآنية ناطقة بإطلاق اسم البيت عليهما، وإذ قد علمت أن البيت ما يبات فيه وكان الدهليز كبيرا يبات فيه الضيف وبعض الأتباع وجب أن يحنث بدخوله، وعلى هذا فيحنث بالصفة إذا كانت بحيث لو أغلق الباب كانت داخله سواء كان لها أربعة حوائط كما في الكوفة أو ثلاثة على ما رجحه في (الهداية) بعد أن يكون مسقفا لأنه يبات فيه غاية الأمر أن مفتحه واسع، وكذا الظلة إذا كان معناها ما هو داخل الباب مسقفا. وقول العيني: الصفة هي ما مر غير أنه ليس لها مزم فإذا أراد البيت الذي له مزم ينبغي أن لا يحنث، يعني ديانة لأنه نوى تخصيص العام بنيته صرح به في (الدراية) (وفي) حلفه على دخوله (دارا) لا يحنث (بدخولها خربة وفي) لا يدخل (هذه الدار يحنث) بدخولها خربة (ولو بنيت دارا أخرى) لأن الدار اسم للعرصة لغة كما شهدت بذلك أشعار العرب، والبناء وصف فيها غير لازم، إنما اللازم كونها قد نزلت إلا أنه في عرف أهل المدن لا يقال إلا بعد البناء فيها ولو انهدم بعد ذلك بعضها قيل: دار خراب فيكون هذا الوصف جزءا لمفهومها، فأما إذا عادت ساحة فإطلاق اسم الدار عليها عرفا باعتبار ما كان والحقيقة أن يقال: كانت دارا وقد عرف أن الوصف في الحاضر لغو لأن ذاته تتعرف / بالإشارة فوق ما تتعرف بالوصف وفي الغائب معتبر لأنه [281/أ] المعرف له فإن كون الإشارة تعين بالذات إنما يقتضي تعين هذا البناء مع الساحة محلوفا عليه وقد انتفى، وفي (المحيط) لو كانت دار صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابا إلى الطريق أو إلى باب أخرى لا يحنث بدخولها لتبدل الاسم والصفة بحدوث أمر جديد انتهى، والمراد بخرابها أن تصير ساحة، فأما إذا زال بعض حيطانها فينبغي أن يحنث في المنكر ودل كلامه أنه لو حلف لا يدخل هذا المسجد فصار خرابا، حنث بدخوله وهو مروي عن الثاني (وإن جعلت) في لا يدخل هذه الدار (بستانا أو مسجدا أو حماما) أو نهرا (أو بيتا لا) أي: لا يحنث بدخولها، سواء دخلها وهي حمام أو بستان أو بعدما انهدم الحمام، أو اتخذها بيتا لزوال اسم وبالانهدام لم يعد وهو وإن عاد بالبناء لكنه بصفة أخرى فكان غير المحلوف عليه قيد بهذه الدار،

كهذا البيت فهدم، أو بنى آخر. والواقف على السطح داخل، ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه لو لم يسمها بل قال: هذه حنث بدخولها على أي صفة كانت كما في (الذخيرة) (كهذا البيت) أي: كما لا يحنث في حلفه لا يدخل هذا البيت (فهدم أو بنى آخر) ثم دخله، وقيدنا بالإشارة إلى أنه لا يحنث في المنكر بالأولى، أما إذا انهدم فلزوال الاسم عنه حتى لو سقط السقف وبقيت حيطانه حنث بدخوله وجعل في (البدائع) هذا في المعين، أما المنكر فلا حنث فيه لأنه بمنزلة الصفة له وهي في الحاضر لغو وفي الغائب معتبرة انتهى. وفيه نظر بل لا فرق بين المنكر والمعرف حيث صلح لأن يبات فيه فتدبره. وأما إذا بنى بيتا آخر ولو بنقض الأول فلأن هذا المبني غير البيت الذي منع نفسه من دخوله، ومن هذا النوع لا يكتب بهذا القلم أو لا يقص بهذا المقص فكسره ثم رآه وأعاده مقصا يحنث، وكذا السيف والسكين كما لو قال: لا أستند إلى هذه الأسطوانة والحائط فنقضا ثم بينا أو لا أركب هذه السفينة فنقضت ثم أعيدت بذلك الخشب لزوال الاسم في الكل بخلاف ما لو حلف على ثوب لا يلبسه أو قباء محشوا أو جبة مطبقة أو قلنسوة أو خفين فنقض ذلك كله ثم أعاده حيث يحنث، لأن الاسم بقي بعد النقض وقي المباسيط من هذا النوع ما يطول الكلام بذكره، (والواقف على السطح) أي: سطح الدار المحلوف على عدم دخولها إذا وصل إليه من سطح آخر (داخل) لأنه من الدار، ألا ترى أن سطح المسجد منه حتى حرم على الجنب والحائض الوقوف عليه ولم يبطل الاعتكاف بالصعود عليه كذا في (الشرح) وغيره وقد يقال: المعنى مختلف فإن الأيمان مبنية على العرف فجاز كون بعض ما هو في حكم المسجد خارجا في العرف، فالأقرب ما قيل: الدار عبارة عما أحاطت به الدائرة وهذا حاصل في علو الدار وسفلها وهذا يتم إذا كان السطح بحضير، فلو لم يكن له حضير فليس هو إلا في الدار، والحق أن السطح من الدار لأنه من أجزائها حسيا لكن لا يلزم من القيام عليه أن يقال في العرف: دخل الدار وقيل: في عرفنا لا يحنث وهو قول المتأخرين، قال الشارح: وهو المختار، وفي (الكافي) وعليه الفتوى وقال المتقدمون: إنه يحنث. قال في (الفتح): ولو حمل الأول على ما إذا لم يكن حضير، والثاني على ما إذا كان له حضير اتجه وهذا اعتقادي انتهى. ومقتضاه أنه لو حلف أنه لا يخرج منها فصعد إلى سطحها الذي لا حضير له أن يحنث والمسطور في (غاية البيان) أنه لا يحنث مطلقا لأنه ليس بخارج، ويؤيده ما في (المحيط): لو ارتقى إلى شجرة والمسألة بحالها أغصانها خارج الدار بحيث لو سقط في الطريق لم يحنث، وفيه أيضا لو حلف

وفي طاق الباب لا. ودوام اللبس والركوب والسكنى كالإنشاء. ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يدخل دار فلان فحفر سردابا أو قناة تحت داره فدخل ذلك السرداب أو القناة لم يحنث لأنه لم يدخل ولو كان للقناة موضع مكشوف في الدار، فإن كان كبيرا يستسقي منه أهل الدار فبلغ ذلك الموضع حنث وإلا لا، ولو اتخذ سردابا تحت داره وجعله بيوتا وجعل لها أبوابا إلى الطريق فدخلها الحالف حنث، (و) الواقف (في طاق الباب) أي: عتبة الفناء إذا أغلقه كانت خارجة أي: (لا) يكون داخلا فلا يحنث بذلك لو حلف لا يدخل هذه الدار وهذا البيت قيد بالواقف في الطاق، أي: على قدميه لأنه لو وقف بإحدى رجليه على العتبة وأدخل الأخرى فإن استوى الجانبان أو كان الخارج أسفل لم يحنث، وإن كان الجانب الداخل أسفل حنث كذا في (الشرح) وغيره وفي (الظهيرية) الصحيح أنه لا يحنث مطلقا. واعلم أنه إذا حلف لا يدخل دار زيد فداره مطلقا دار يسكنها / فلو دخل دار [281/ب] غلته لم يحنث كما في (المحيط) وعلى هذا تفرع ما في (المجتبى) إن دخلت دار زيد فعبدي حر، وإن دخلت دار عمرو فامرأته طالق، فدخل دار زيد لم يعتق وتطلق فإن نوى شيئا صدق ولا فرق في الساكن بين كونه تبعا أو لا، حتى لو حلف لا يدخل دار أمه أو ابنته وهي تسكن مع زوجها حنث بالدخول كما في (الخانية) ولا بين كون المسكن بالملك أو الإجارة أو العارية إلا إذا استعارها ليتخذ فيها وليمة فدخلها الحالف فإنه لا يحنث كما في (العمدة) والوجه فيه ظاهر والمسألة مقيدة بالطائع، أما المكره فلا يحنث بالدخول ولو رضي بقلبه في الأصح وصورة المسألة ما إذا حمله الإنسان وأدخله، أما إذا هدد حتى دخل بنفسه فإنه يحنث لوجود الفعل منه، ومن صور الإكراه ما لو عثر فوقع في الدار أو كان على دابة فانفلتت به وأدخلته فيها غير قادر على إمساكها وقد نص في (الظهيرية) على أن الصحيح في المسألتين عدم الحنث قال: ولو أدخل مكرها ثم دخلها مختارا فالفتوى على أنه يحنث ثم إذا لم يحنث هل تنحل اليمين؟ قيل: نعم، والصحيح أنها لا تنحل كذا في (الدراية). فرع في (الواقعات): والله لا أكلم إخوة فلان وله أخ واحد فإن كان يعلم يحنث بالواحد وإلا لا، ولا ينافيه ما في (القنية) إن أحسنت إلى أقربائك فأنت طالق فأحسنت إلى واحد منهم يحنث ولا يراد الجمع في عرفنا انتهى. وبما في (الواقعات) عرف جواب حادثة الفتوى وهي ما إذا حلف بالطلاق أن أولاد زوجته لا يطلعون إلى بيته وطلع واحد منهم فإنه لا يحنث، (ودوام اللبس والركوب والسكنى كالإنشاء) حتى لو

لا دوام الدخول لا يسكن هذه الدار، أو البيت، أو المحلة فخرج وبقي متاعه، وأهله حنث ـــــــــــــــــــــــــــــ حلف لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه، أو لا يركب هذه الدابة وهو راكبها، أو لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها فمكث ساعة حنث فلو نزع الثوب أو نزل وأخذ في النقلة من ساعته لم يحنث وجه الحنث أن هذه الأفاعيل لها دوام بحدوث أمثالها، ولهذا فو قال لها: كلما ركبت وهي راكبة فأنت طالق فمكثت ساعة يمكنها النزول فيها طلقت واحدة، وإن طال مكثه، لا ركبت إذا لم يكن الحالف راكبا يراد به إنشاء الركوب فلا يحنث بالاستمرار، وإن كان له حكم الابتداء بخلاف ما لو حلف الراكب لا يركب فإنه يراد به الأعم من ابتداء الفعل في حكمه عرفا (لا دوام الدخول) حتى لو حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها لم يحنث بالمكث فيها كما لو حلف لا يخرج وهو خارج أو لا يتزوج وهو متزوج، أو لا يطهر وهو متطهر حيث لا يحنث باستدامة الخروج والنكاح والطهارة، لأن هذه الأفعال لا يصح ضرب المدة لها إذ لا يقال لنفس الدخول: دخلت يوما بل يقال في مجاز الكلام دخلت هذه يوما مراد به مجرد بيان الظرفية أو مطلق الوقت بخلاف اللبس ونحوه فإنه يصح ضرب المدة له فيقال: لبست وركبت يوما وسكنت شهرا وقد علمت أن معنى الدوام في هذه الأفعال هو يحدد أمثالها وإلا فدوام الفعل حقيقة مع أنه عرض لا يبقى مستحيل، وهذا لا يوجد في الدخول ونحوه بخلاف الركوب ونحوه وعليه فرع بعض أهل العلم ما لو كان الحلف على الإثبات نحو: والله لا ألبس هذا الثوب غدا فاستمر لابسه حتى مضى الغد لا يحنث لأن لدوامه حكم الابتداء. واعلم أنه إنما يحنث بتأخير ساعة إن أمكنه النقل فيها فإذا لم يكن يقدر بأن دخل الليل وخاف من لص أو منع من ذي شوكة أو لم يجد ما ينتقل إليه أو أغلق عليه الباب فلم يقدر على فتحه أو كان شريفا أو ضعيفا عن حمل المتاع بنفسه ولم يجد من ينقلها لم يحنث، ويلحق ذلك الوقت بالعدم للعذر وقولنا وخاف من لص إنما قيد في الرجل إذ وجود الليل كاف في حق المرأة لما في (المجتبى) قال لها: إن سكنت هذه الدار فأنت طالق وكانت اليمين ليلا عذرت حتى تصبح لأنها في معنى المكره ولو قال ذلك لرجل: لم يكن معذورا لأنه لا يخاف هو المختار وينبغي في ديارنا أن يكون وجود الليل كاف في حق الرجل أيضا إذا كان ممن يخشى من مصادفة الوالي أو أتباعه فيه، ولما كان الأخذ في النقلة بين ذكر معنى النقلة التي بها يتحقق فقال (لا يسكن هذه الدار أو البيت أو المحلة فخرج وبقي متاعه وأهله حنث) [282/أ] لأنه / يعد ساكنا في محل سكنى أهله وماله عرفا، وجواب المسألة مقيد بقيود أن يكون اليمين بالعربية فلو كانت بالفارسية لم يحنث قاله الفقيه، وكأنه بناه على

بخلاف المصر لا يخرج فأخرج محمولا بأمره حنث، ـــــــــــــــــــــــــــــ عرفهم وأن يكون الحالف مستقلا بالسكنى فلو كان تبعا كابن كبير يسكن مع أبيه لا يحنث بتركهما وأن لا يكون الترك لطلب منزل فإن كان لم يحنث ولو بقي أياما في الأصح لأنه من عمل النقل فصارت مدة النقل مستثناة إذا لم يفرط في الطلب، وهذا إذ خرج من ساعته لطلب المنزل ولو أخذ في النقلة شيئا فشيئا فإن لم تفتر النقلات لم يحنث ولا يلزمه النقل بأسرع الوجوه بل بقدر ما يسمى ناقلا في العرف حتى لا يلزمه أن يستأجر من ينقل متاعه في يوم ولو قدر على ذلك. قال في (البحر): والواو في كلامه بمعنى أو لأن الحنث يحصل ببقاء أحدهما، ثم قال الإمام: لا بد في بره من نقل كل المتاع حتى لو بقي نحو وتد حنث، وقال بعض مشايخنا: هذا إذا كان الباقي يتأتى به السكنى فإن بقي نحو مكنسة أو وتد لم يحنثن وقال محمد: يعتبر ما تقوم به السكنى، قالوا: هذا أحسن وبالناس أرفق وعليه الفتوى وشرط الثاني نقل الأكثر وصرح كثير بأن الفتوى عليه وعلى هذا فما مر عن بعض المشايخ ليس قول واحد منهم ولا خلاف أنه في (الأصل) يشترط نقل الكل ثم أنت خبير بأنه ليس المدار إلا على العرف في أنه ساكن أو لا ولا شك أن من خرج على نية ترك المكان وعدم العود إليه ونقل من أمتعته فيه ما يقوم به أمر سكناه وهو على نية نقل الباقي يقال ليس ساكنا في هذا المكان، بل انتقل عليه وسكن في المكان الفلاني، وبهذا يترجح قول محمد وأثر الخلاف يظهر في فرع في إجارة (البزازية) لو كان الحياك يسكن مع صهره فاكترى دارا وخرج وترك الغزل وحده في الدار الأول لا يضمن عند الأول لبقاء السكنى ببقائه حتى لو انتقل المودع وترك الوديعة لا غير في المنزل المنتقل عنه لا يضمن وعندهما يضمن بكل حال انتهى بلفظه وأفهم كلامه أنه يبر بنقل أهله ومتاعه، سواء كان إلى منزل أو لا كالسكة والمسجد وما في (الهداية) قالوا: لا يبر دليله في (الزيادات) أن من خرج بعياله من مصره فلم يتخذ وطنا آخر يبغى في وطنه الأول في حق الصلاة، كذا هذا وفي (الظهيرية) وهو الصحيح وقال أبو الليث: إن لم يسلمها إلى أهلها حنث لا إن سلمها. قال في (الفتح):وإطلاق عدم الحنث أوجه وكون وطنه باقيا في حق إتمام الصلاة ما لم يستوطن غيره ولا يلزمه تسمية كونه ساكنا عرفا بذلك المكان بل يقطع في العرف بأنه غير ساكن (بخلاف المصر) والبلد والقرية في الأصح حنث لا يتوقف البر على نقل المتاع والأهل فيها لما أنه لا يعد ساكنا عرفا بذلك المكان بل يقطع في العرف في الذي انتقل عنه عرفا، وفي مصرنا يعد ساكنا بترك أهله ومتاعه فيها ولو خرج وحده فينبغي أن يحنث، حلف (لا يخرج) من هذا المسجد مثلا (فأخرج محمولا بأمره حنث) لأن فعل المأمور مضاف إليه، وفي (البدائع) الخروج من الدور

وبرضاه لا بأمره أو مكرها لا كلا يخرج إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى حاجة لا يخرج أو لا يذهب إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث .... ـــــــــــــــــــــــــــــ المسكونة أن يخرج الحالف بنفسه ومتاعه وعياله كما إذا حلف لا يسكن من البلدان والقرى أن يخرج ببدنه وخاصته، وعلى هذا فمن صور المسألة في البيت يحمل كلامه على أن الحالف كان تبعا لغيره في السكنى كما مر. (و) إن خرج (برضاه لا بأمره أو) أخرج حال كونه (مكرها) بأن حمله إنسان وأخرجه كارها لذلك (لا) أي: لا يحنث في الوجهين، أما الأول فلأن الانتقال إليه إنما يكون بالأمر لا بمجرد الرضا وقيل: يحنث لأن عدم امتناعه مع القدرة عليه ينزل منزلة الأمر والأول أصح لما قلنا، وأما الثاني فلعدم فعله حقيقة وحكما وقيدنا الإكراه بذلك لأنه لو توعده فخرج بنفسه حنث لما عرف أن الإكراه بهذا المعنى لا يعدم الفعل عندنا وقدما ترجيح أن اليمين لا تنحل، وقال السيد أبو شجاع: تنحل وهو أرفق بالناس، وأثر الخلاف يظهر فيما لو دخل بعد هذا الإخراج فعلى الراجح يحنث ولا يحنث على مقابله (كلا يخرج) أي: لا يحنث في حلفه لا يخرج (إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى حاجة) لأن الخروج إلى الجنازة مستثنى من الخروج المحلوف عليه [282/ب] والإتيان بعد ذلك ليس بخروج ونبه بقوله إليها لأنه لا بد أن يقصد. / ومن ثم قال في (الظهيرية): لو قال: إن خرجت إلى منزل أبيك فأنت كذا فهو على الخروج عن قصد، وأفاد في (المحيط) أنه يكفي فيه الانفصال من باب الدار لأنه بذلك يعد خارجا انتهى. سواء مشى معها وصلى عليها أم لا ولذا قال في (البدائع): لو قال: إن خرجت من هذه الدار إلا إلى المسجد فأنت كذا فخرجت تريد المسجد ثم بدا لها فذهب إلى مسجد آخر لا تطلق. حلفه (لا يخرج أو لا يذهب إلى مكة فخرج يريدها) أي: يقصدها (ثم رجع) أي: عاد قبل الوصول إليها (حنث) لوجود الخروج على قصدها إذ هو الانفصال من الداخل إلى الخارج فيحنث به سواء رجع أم لم يرجع كذا في (الفتح)، وفيه إيماء إلى أن العود ليس شرطا في حنثه مما هو ظاهر ما في (الكتاب) إلا أن يراد به العود على إرادته إياها وهذا صادق بما إذا قصد غيرها وجواب المسألة مقيد بما إذا جاوز العمران على قصدها كأنه ضمن لفظ أخرج معنى أسافر ليعلم بأن المضي إليها سفر لكن على هذا لو لم يكن بينه وبينها مدة سفر ينبغي أن يحنث بمجرد انفصاله من الداخل، وهذا التضمين ممكن في كلام المصنف والتسوية بين الخروج والذهاب هو الأصح. قال في (البحر): ولم أر من صرح بلفظ الرواح وهو كثير في كلام المصريين، وقد قال الأزهري: إنه الذهاب لغة سواء كان من أول الليل أو آخره أو في الليل، قال

وفي لا يأتيها لا ليأتينه فلم يأته حتى مات حنث في آخر حياته ليأتينه إن استطاع فهو استطاعة الصحة، وإن نوى القدرة دين لا تخرج إلا بإذني شرط لكل خروج إذن. ـــــــــــــــــــــــــــــ النووي: وهو الصواب وعليه فهو كالخروج، (وفي) قوله (لا يأتيها) يعني مكة (لا) أي: لا يحنث بالخروج فقط بل لا بد من الوصول إليها لأنه عبارة عنه سواء قصد أم لا بخلاف الخروج والذهاب على ما مر، وفي (الذخيرة) حلف لا تأتي امرأته عرس فلانة فذهبت قبل العرس لا يحنث ذكره في (المنتقى) معللا بأنها ما أتت العرس بل العرس أتاها ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لا أتى مسجده لم يحنث، ولو حلف (ليأتينه) أي: زيدا مثلا (فلم يأته حتى مات) أحدهما (حنث) الحالف (في آخر حياته) أي: الميت لأن اليمين حيث لو يوقت بوقت يفوت البر بفواته يبقى إلى أن يقع اليأس عنه ولم يتحقق ذلك إلا في آخر جزء من أجزاء حياته، وفي قوله حنث إيماء أنه لو ارتد وبدار الحرب لحق لا يحنث وإن كان ذلك موتا حكما لبطلان يمينه بالله تعالى بمجرد الردة كما مر فتنبه له والإتيان مثال بل كل فعل ليفعلنه منقلبا وأطلقه كذلك حتى لو حلف بطلاقها ليفعلن فلم يفعل حنث بموت أحدهما، لا فرق في ذل بين موته وموتها في الصحيح فإن قيدها بوقت اعتبر آخره فإن مات قبل مضي الوقت ولم يفعل لم يحنث ولو حلف (ليأتينه إن استطاع فهي) أي: الاستطاعة (استطاعة الصحة) وهي سلامة آلات الفعل المحلوف عليه وصحة أسبابه لأنه المتعارف والمراد بآلات الجوارح، فالمريض ليس بمستطيع وصحة الأسباب تهييئه لإرادة الفعل على وجه الاختيار فخرج الممنوع. وعن هذا قال في (الاختيار): هي سلامة الآلات ورفع الموانع وإذا عرف هذا فما في (الشرح) من زيادة قوله ورفع الموانع الحسية بعد قوله سلامة الأسباب والآلات حشو (وإن نوى) بالاستطاعة (القدرة) التي لا تسبق الفعل بل تخلق معه بلا تأثير لها فيه لأن أفعال العباد مخلوقة له تعالى (دين) حتى لا يحنث إذا لم يأته ولا عذر له لأن المعنى حينئذ لا ينفك إن خلق الله إتياني إلا أنه خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء، وقيل: يصدق قضاء أيضا لأنه نوى حقيقته إذ اسم الاستطاعة يطلق بالاشتراك عليهما ورد بأنه وإن كان مشتركا إلا أنه تعورف استعماله عند الإطلاق عن القرينة للمعنى الأول فصار ظاهرا فيه فلا يصدقه القاضي في خلافه (لا تخرجي إلا بإذني) أو بأمري أو بعلمي أو برضاي أو لا تخرجي بغير إذني (شرط لكل خروج إذن)، لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن فما وراء الخروج المطلق بالإذن داخل في الحظر العام وهو النكرة المؤولة بالفعل في سياق النقل فإذا خرجت مرة واحدة بلا إذن حنث

بخلاف إلا أن، وحتى. ـــــــــــــــــــــــــــــ بشرط بقاء النكاح حتى لو أبانها ثم تزوجها فخرجت بلا إذن لم تطلق وإن بان زوال الملك لا يبطل اليمين لأنها لم تنعقد إلا على مدة بقاء النكاح، كذا في (الفتح). [283/أ] قال الشارح: وهذا / صحيح إذا كانت الزوجة قائمة وقت اليمين، أما إذا قال ذلك لأجنبي أو لأجنبية بأن قال: إن خرجت إلا بإذني فعبدي حر أو امرأتي طالق فينبغي أن يصح ولا يتقيد بشيء انتهى. وفيه تأمل ويشترط أيضا أن لا يكون الخروج لوقوع غرق أو حرق غالب فإن كان لم يحنث كما في (المنتقى) ثم إذا حنث بخروجها مرة بغير إذن لم يحنث بخروجها مرة أخرى لعدم ما يوجب التكرار، وانحلت اليمين بالأول كذا في (الظهيرة). قالوا: وطريق إسقاط هذا الإذن أن يقول: كل ما أردت فقد أذنت لك ولو نهاها عنه بعد ذلك لم يعمل نهيه عند ابي يوسف خلافا لمحمد وبه أخذ ابن الفضل وأجمعوا أنه لو أذن لها في خرجة ثم نهاها عن تلك الخرجة فإن نهيه يعمل ولو أذن لها ثم قال: كلما نهيت فقد أذنت لك فيها لم يصح نهيه ويشترط في إذنه لها أن تسمعه فلو كان غير مسموع لم يكن إذا قبل هذا قولهما وعند أبي يوسف وزفر يكون إذنا، والصحيح أنه على قولهما أيضا لا يكون إلا بالسماع وأن تفهمه فلو أذن لها بالعربية ولا عهد لها بها فخرجت حنث، وأن تقوم قرينة على أنه لم يرد الإذن فلو قال لها: اخرجي أما والله لو خرجت ليخزيك الله لا يكون يمينا صرح به محمد رحمه الله تعالى وكذا لو قال لها في غضب: اخرجي ينوي التهوية لم يكن إذنا إذ المعنى حينئذ اخرجي حتى تطلقي ولو نوى الإذن مرة واحدة باللفظ المذكور صدق ديانة لا قضاء وعليه الفتوى لأنه يحتمل كلامه لكنه خلاف الظاهر. وفي (المحيط) حلفه ثلاثة رجال أنه لا يخرج من بخارى إلا بإذنهم فأجاز أحدهم لا يخرج ولو مات أحد الثلاثة فخرج لم يحنث لأنه ذهب الإذن الذي وقعت عليه اليمين، ولو قال: إلا بإذن فلان فمات المحلوف عليه بطلت اليمين عندهما خلافا لأبي يوسف (بخلاف) ما إذا قال: (إلا أن) آذن لك (أو) قال: (حتى) آذن لك حيث لا يشترط لكل خروج إذن الإذن مرة واحدة كاف لأن حتى للغاية وأن محمولة عليها فكان الإذن مرة موجب الغاية، واعترض بأن أن والفعل في تأويل المصدر فيكون المعنى إلا خروجا بإذني على إرادة الباء إذ لا يصح إلا خروجا إذني فيلزم تكرار الإذن وأجيب بأن كلا منهما مجاز أعني إرادة الباء وكونها بمعنى حتى، إلا أن الثاني أولى لما استقر من أن مجاز غير الحذف أولى من مجاز الحذف عندهم لأنه لا تصرف في وصف اللفظ وجاز الحذف في ذاته بالإعدام مع الإرادة إلا إذا عينه بنيته له

ولو أرادت الخروج، فقال: إن خرجت، أو ضرب العبد، فقال: إن ضربت تقيد به كاجلس فتغد عندي، فقال: إن تغديت ومركب عبده مركبه إن ينو، ولا دين عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيصح لأن فيه تشديدا عليه ووجوب تكرار الإذن في قوله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} (الأحزاب: 53) مأخوذ من العلة أعني قوله تعالى: {إن ذلكم كان يؤذي النبي} (الأحزاب: 53) قيل: وهذا ممكن فيما نحن فيه لأن خروج المرأة من غير إذن الزوج مما يؤذيه أيضا. ورده في (الفتح) بأنه ذهول عظيم لأن الثابت بالعلة المنصوصة المنع الذي هو حكم شرعي وهو يثبت بالعلل الشرعية أما هنا فالنظر ينعقد عليه يمين الحالف ويلزم بعدمه الكفارة وذلك لا يكون إلا باللفظ الناص على المحلوف عليه لا بالعلة لو صرح بها بأن قال: والله لا أشرب ماء العنب المشتد لإسكاره فإنه لو شرب مرارا لا يقول أحد إنه حنث ولزمه كفارة مع أنه لم يحلف عليه (ولو أرادت) المرأة (الخروج فقال: إن خرجت) فأنت طالق (أو) أراد رجل (ضرب العبد فقال) رجل (إن ضربت) العبد فعبدي حر (تقيد) حلفه (به) أي: بذلك الخروج والضرب حتى لو قعدت ثم خرجت أو ترك ضرب العبد ثم ضربه يحنث، وهذا يمين الفور، فإما من فارت القدر غلت استعير للسرعة ثم سميت بها الحالف التي لا ريب فيها أو من فوران الغضب انفرد الإمام بإظهارها فكانت أولا قسمين مؤبدة أي مطلقة، ومؤقتة وهذه مؤبدة لفظا مؤقتة معنى تقييد بالحال إما بأن تكون بناء على أمر حالي كأمثل، أو تقع جوابا لكلام يتعلق بالحال أشار إليه بقوله (كاجلس) أي: لا يتقيد بقوله اجلس (فتغد عندي فقال) المخاطب: (إن تغديت) فعبدي حر فلا يحنث لو تغذى في يومه في منزله لأنه حين وقع جوابا تضمن إعادة ما في السؤال الغداء الحالي أي: المدعو إليه فينصرف الحلف إليه لتقع المطابقة فلزم الحال بدلالة الحال قيد بإطلاق التغذي لأنه لو قال: اليوم أو معك فتغدى في بيته أو معه في وقت آخر حنث لأنه زاد على حرف الجواب فيكون مبتدئا لا مجيبا / فيعمل بظاهر لفظه هذا إذا لم يكن له نية. [283/ب]. وفي (المحيط) قال لها عند خروجها من المنزل: إن رجعت فأنت كذا ثلاثا فجلست ثم خرجت ورجعت وهو يقول نويت الفور فالظاهر أنه يصدق لأنه لو قال: إن خرجت ولا نية له تنصرف إلى هذه الحالة فكذا إذا قال: إن رجعت ونوى الرجوع بعد هذه الخرجة كان أولى أن تنصرف إلى الرجوع عن هذه الخرجة وفي (القنية) عن (الجامع) قال لها: إن لم أضربك فأنت طالق، فإن كان فيه دلالة الفور بأنه قصد ضربها فمنع انصرف إليه وإن نوى الفور بدونها صدق أيضا، لأن فيه تغليظا وإن نوى الأبد أو لم تكن له نية انصرف إلى الأبد وإن نوى الغد أو اليوم لم تعمل نيته (ومركب عبده مركبه إن نوى، ولا دين عليه) مستغرقا حتى لو حلف لا يركب دابة فلان فركب

باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام ـــــــــــــــــــــــــــــ دابة عبده فإن نواه ولم يكن عليه دين حنث، وإن لم ينو لا يحنث لأن الملك وإن كان للمولى إلا انه يضاف إلى غير المولى عرفا وشرعا قال عليه الصلاة والسلام (من باع عبدا وله مال) الحديث فتختل الإضافة إلى المولى فلا بد من النية فإن نواه ولم يكن له دين العبد مستغرقا حنث لأنه شدد على نفسه وإن كان مستغرقا لا يحنث لأنه لا ملك له حينئذ في كسبه عند الإمام، قال الثاني: يحنث في الوجوه كلها إذا نوى، وقال محمد: يحنث مطلقا نوا أو لم ينو وفي (المحيط) لو ركب دابة مكاتبه لم يحنث لأن ملكه ليس بمضاف إلى المولى لا ذاتا ولا يدا، واعلم أن يمينه إنما تنعقد على ما يركب عرفا من فرس وحمار وبغل وبرذون حتى لو ركب فيله أو بعيره أو بقرة لم يحنث استحسانا إلا أن ينوي. قال في (الفتح): وينبغي أن الحالف لو كان من البدو أن ينعقد على الجمل أيضا بلا نية لأن ركوبها معتاد لهم، وكذا إذا كان حضريا جمالا والمحلوف على دابته جمالا ولو نوى الحمار دون الفرس والبغل مثلا لم يصدق لأن نية الخصوص غير صحيحة في اللفظ ولو حلف لا يركب مركبا حنث بكل مركب سفينة أو محمل أو دابة والله الموفق للصواب. باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام ذكر الأكل والشرب بعد الخروج لأنه إنما يراد به غالبا تحصيل ما به بقاء البنية من المأكول والمشروب ولا خلاف في احتياجه إلى اللبس والكلام فلا جرم أن يذكرهما بعده ثم الأكل إيصال ما فيه المضغ إلى الجوف وأن تبلعه بلا مضغ كالخبز ونحوه والشرب إيصال ما لا يأتي فيه كالماء ونحوه فلو حلف لا يأكل بيضة فابتلعها حنث ولو حلف لا يأكل عنبا فابتلع ماءه فقط لم يحنث لأن هذا ليس بأكل ولا شرب ولو عصره وأكل قشره حنث كذا في (البدائع)، والذوق إيصال الشيء إلى فيه لاستبانة طعمه. وقال الزندويستي: الأكل عمل الشفاه والحلف والذوق عمل الشفاه دون الحلق، والابتلاع عمل فقط والمص عمل اللهاة فعلى هذا ينبغي أن لا يحنث بالابتلاع فيما إذا حلف لا يأكل، وفي (فتاوى أبي الليث) ما يدل على أنه يحنث وقد مر عن (البدائع) وهو الصواب إذ لا شك في أنه لا يحل إذا كان مما يمضغ على التفسير الأول وكذا على الثاني إنه من عمل الشفاه لأنه حركتها ولا بد في الابتلاع من

لا يأكل من هذه النحلة حنث بثمرها، ـــــــــــــــــــــــــــــ حركتهما، ثم قيل: كل أكل ذوق ولا عكس فبينهما من النسب العموم المطلق وهذا ظاهر على الثاني، أما على الأول فبينهما عموم وخصوص من وجه لأن عمل الفم ليس معتبرا في مفهومه فيجتمعان في إيصال ما هشم وينفرد الذوق فيما لم يوصل والأكل فيما ابتلع بلا مضغ كذا في (الفتح) وفيه نظر، إذ بتقديره يلزم الترادف بين الأكل والابتلاع لأن التغاير كما هو ظاهر كلام الزندويستي. وفي (الشرح) حلف لا يأكل هذا اللبن فشربه لا يحنث ولو حلف لا يشربه فثرد فيه فأكله لا يحنث لأن هذا ليس بشرب ولا الأول بأكل ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فمصه وابتلع ماءه لم يحنث لأن المص نوع ثالث ليس بأكل ولا شرب وفي (تهذيب القلانسي) لو حلف لا يأكل سكرا فمصه وابتلع ماءه لا يحنث وفي عرفنا يحنث والمذكور في (الخانية) عدم الحنث ويوافقه ما في (الخلاصة) لا يأكل رمانة فمصها لم يحنث، وفيها لو عنى بالذوق الأكل لم يدين في القضاء إلا / إذا [284/أ] تقدم ما يدل عليه كتغدى معي فحلف أنه لا يذوق معه طعاما ولا شرابا فهذا على الأكل والشرب انتهى. حلف (لا يأكل من هذه النخلة حنث بثمرها) بالمثلثة وهو ما يخرج منها حيث لم يتغير بصفة كالرطب والتمر والبسر والرامخ والجمار والطلع بخلاف النبيذ والخل والناطف والدبس المطبوخ، وأما ما يسيل بنفسه من الرطب فإنه يحنث وهذا لأنه لما أضاف يمينه إلى ما لا يؤكل صرفناه إلى ما يخرج منه من إطلاق اسم السبب على المسبب تصحيحا لكلامه، ولو لم يكن لها ثمر كانت على ثمنها فإذا اشترى به مأكولا حنث بأكله، قالوا: ومثله لو حلف لا يأكل من هذا الكرم فهو على عنبه وحصرمه وزبيبه ولو أكل من عين النخلة لا يحنث هو الصحيح. قال في (الولوالجية): ولو نواها لأن الحقيقة مهجورة بدلالة محل الكلام، وفي (المحيط) لو نوى أكل عينها لم يحنث بأكل ما يخرج منها لأنه نوى حقيقة كلامه ومقتضى الأول أنه يحنث فإن قلت: ورق الكرم مما يؤكل عرفا فينبغي أن لا تنصرف اليمين إلى عينه، قلت: أهل العرف إنما يأكلونه مطبوخا قيد بما لا تؤكل لأنه لو حلف على ما تؤكل عينه كهذه الشاة أو هذا العنب انصرفت اليمين إلى اللحم والعنب دون اللبن والزبد والزبيب والعصير.

ولو عين البسر، والرطب، واللبن لا يحنث برطبه، وتمره، وشيرازه بخلاف هذا الصبي، وهذا الشاب وهذا الحمل. ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع حلف هذا لا يأكل من هذه الشجرة فقطع غصنا منها ووصله بأخرى فأكل من ثمر هذا الغصن لا يحنث، وقيل: يحنث (ولو عين البسر أو الرطب أو اللبن) بأن حلف لا يأكل هذا البسر أو الرطب أو اللبن فصار البسر رطبا والرطب ثمرا واللبن شيرازا (لم يحنث برطبه وثمره) بالمثناة وهو ما يبسر منه (وشيرازه) أي: اللبن وهو ما خثر منه أي ثخن بعدما استخرج ماؤه يقال خثر اللبن وغيره من حد قتل ثخن واشتد فهو خاثر وخثر خثرا كتعب ويعدى بالهمز والتضعيف كذا في (المصباح)، وإنما لم يحنث لأن الأصل أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف والمنكر فإن زالت زال اليمين عنه وما لا تصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف، ولا خفاء أن صفة البسورة والرطوبة واللبنية مما قد تدعو إلى اليمين بحسب الأمزجة فإذا زالت زال ما عقدت عليه اليمين فأكله أكل ما لم تنعقد عليه (بخلاف) ما إذا حلف لا يكلم (هذا الصبي وهذا الشاب وهذا الحمل) فكلمه بعدما شاخ حنث لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي فلم يعتبر ما يحال داعيا إلى اليمين من جهله وسوء أدبه. وكذا لو حلف لا يأكل من هذا الحمل فأكله بعدما صار كبشا حنث لأن صفة الصغر في هذا ليست داعية إلى اليمين فانعقدت على ذاته، قيل: فيه نظر إذ لا نسلم أن الشارع منع الهجران مطلقا بل قد يجوز أو يجب إذا كان لله بأن كان يتكلم بما هو معصية أو يخشى فتنة أو إفساد عرضه بكلامه ولأن صفة الحمل غير داعية، كيف وهو غير محمود لكثرة زيادة رطوباته بخلاف الكبش فإن لحمه أكثر قوة وتقوية للبدن لقلة رطوباته؟ وأجاب في (الفتح) بأن هذا ذهول عن وضع المسائل وأنها إنما بنيت على العرف فينصرف اللفظ إلى المعتاد في العمل والعرف في القول وأن المتكلم لو أراد معنى تصح إرادته من اللفظ لا يمنع منه ففي الحمل العموم يفضلونه وهو عندهم في غاية الصلاح وما يدركه إلا الأفراد من الأطباء فوجب بحكم العرف صرف اليمين إلى ذاته، وكذا الصبا لما كان موضع الشفقة والرحمة عند العموم وفي الشرع لو يجعل داعية إلى اليمين فينصرف إلى ذاته وهذا لا ينافي كون حالف أراد تقييد يمينه بالحملية والصبا، إذ الكلام فيما إذا لم ينو ذلك قيد بالإشارة إليه لأنه لو حلف لا

لا يأكل بسرا فأكل رطبا لا يحنث، وفي لا يأكل بسرا، أو رطبا، أو لا يأكل رطبا، ولا بسرا حنث بالمذنب، ـــــــــــــــــــــــــــــ يكلم صبيا تقيد بزمن صباه فلو كلمه بعدما بلغ لم يحنث كما في (الكشف الكبير) لأنه بعد البلوغ يدعى شابا وفتى إلى ثلاثين أو إلى ثلاث وثلاثين. قال في (منية المفتي): ما لم يغلب عليه الشمط فإذا جاوزها فكهل إلى خمسين وبعدها فهو شيخ، والأرملة التي بلغت ومات زوجها أو فارقها دخل بها أو لا، والأيم التي لا زوج وقد جومعت بنكاح صحيح أو فاسد أو فجور، والثيب كل امرأة جومعت بحلال أو حرام لها زوج أو لا، والبكر التي لم تجامع بنكاح ولا غيره وإن ذهبت العذرة بحيض وغيره / وحليف القوم من يقول: أنا منكم ويحلف على [284/ب] ذلك ويحلفون له على الموالاة انتهى ما في (المنية). وينبغي في الصبية والشابة والعجوز أن يلاحظ فيهما السن المتقدم في الصبي والشاب والشيخ، وكذا الكهلة وظني أنه لم يسمع وعلى كل حال فإذا حلف لا يكلم كهلة وجب أن يراعي فيها سن الكهل المتقدم والله الموفق. واعلم أنه قد يتراءى أنه لو حلف لا يكلم هذا المجنون فكلمه بعدما أفاق أن يحنث لأنه محل للرحمة والشفقة أيضا كالصبي بل أولى لكن المنقول في (المجتبى) أنه لا يحنث، وكأنه لأن هذه الصفة داعية مخافة أن يبطش به ولو حلف (لا يأكل بسرا فأكل رطبا لم يحنث) لأنه لم يأكل المحلوف عليه وهذا لأن يمينه إنما انعقدت على خصوص صفة البسرية لما مر من أنه داعية إليها قيد بالبسر لأنه لو حلف لا يأكل لوزا أو جوزا أو فستقا حنث برطبه أيضا، لأن الاسم يتناولهما كذا في (البدائع). (وفي) حلفه (لا يأكل رطبا أو بسرا أو) حلف (لا يأكل رطبا ولا بسرا حنث بالمذنب) بكسر النون منهما وهو من الرطب ما كان رطبه أكثر ومن البسر ما بدأ الإرطاب من ذنبه وهو ما سفل من جانب القمع والعلاقة وهذا عند الإمام، وقالا: لا يحنث كذا في عامة نسخ (الهداية) وفي بعضها ذكر قول محمد مع الإمام وهو الموافق لما في أكثر كتب الفقه المعتبرة حيث. قال في (النهاية): الله أعلم بصحة الأول، إلا أنه في (غاية البيان) جعل سلفه في ذلك الصدر الشهيد حسام الدين وحائل أن يكون عنه روايتان ولا خلاف أنه يحنث في حلفه لا يأكل رطبا أو لا يأكل بسرا فأكل الرطب المذنب وكذا البسر لأبي يوسف أنه لم يفعل المحلوف عليه لأن البسر المذنب لا يسمى رطبا ولا الرطب الذي فيه شيء من البسرية لا يسمى بسرا، ويشهد لذلك ما اتفقوا عليه من أنه لا يحنث بشرائهما في حلفه لا يشتري بسرا ورطبا ولهما إن أكل ذلك الموضع أكل رطبا وبسرا فيحنث به لا يأكل هذا لأن أكل

ولا يحنث بشراء كباسة بسر فيها رطب في لا يشتري رطبا، وبسمك في لا يأكل لحما، ولحم الخنزير، والإنسان، والكبد والكرش لحم ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ كل جزء مقصود لأنه يمضع ويبلع بمضغ وابتلاع يخصه فلا يتبع القليل منه الكثير بخلاف الشراء فإنه يتعلق بجملة المشتري فيكون القليل تابعا. قال في (الفتح): وقد يقال أولا: التعليل المذكور يقتصر على ما فصله فأكله وحده، أما لو أكل ذلك المحل مخلوطا ببعض البسر تحققت التبعية في الأكل، وثانيا هو بناء على انعقاد اليمين على الحقيقة لا العرف وإلا فالرطب الذي يعقبه بسر لا يقال لآكله أكل بسر في العرف، فكان قول أبي يوسف أقعد بالمعنى (ولا يحنث) أيضا (بشراء كباسة بسر فيها رطب) بكسر الكاف أي: عرجون ويقال العنقود أيضا (في لا يشتري رطبا) لأن القليل تابع كما مر (و) لا يحنث (بسمك) أي: بأكله (في) حلفه (لا يأكل لحما) استحسانا، والقياس أن يحنث وهو قول أبي يوسف كما قال في (المجمع): لأنه سمي في القرآن لحما وجه الاستحسان أن التسمية مجازية لأن اللحم منشؤه من الدم ولا دم فيه لسكونه في الماء كذا في (الهداية)، ونقض بالإلية فإنها تنعقد من الدم ولا يحنث بأكلها فالأولى أن يعلل بأنه لا يسمى به عرفا، وقد علمت بناء الأيمان عليه وهذا المعنى لا يخالف فيه الثاني وعن هذا جزم في (الفتح) بأن الرواية عنه شاذة هذا إذا لم ينو شيئا، أما إذا نواه فإنه يحنث بالطري والمالح. واعلم أنه كما لا يحنث بأكل السمك لا يحنث بأكل مرق اللحم أيضا إلا إذا نواه (ولحم الخنزير والإنسان والكبد والكرش لحم) فيحنث بأكلها في حلفه لا يأكل لحما لأنها لحم حقيقة وإن حرم تناول لحم الخنزير والإنسان لأن اليمين قد تعقد على الحرام، ألا ترى أنه لو حلف لا يزني أو لا يكذب انعقدت يمينه واستشكل بأن الكفارة فيها معنى العبادة فكيف تناول بالمحظور؟ وأجيب بأن الحل والحرمة إنما يراعيان في السبب لا في الشرط والسبب في الحقيقة هو اليمين لأنه ينقلب سببا عند الحنث والحنث شرط والشرط لا يضاف إليه الحكم. قال في (الفتح): وهذا انصراف عن المذهب المجمع على نقله من أن السبب إنما هو الحنث وفيه أيضا بطلان ما اتفقوا عليه من أن الإضافة في كفارة اليمين إلى الشرط لا إلى السبب وكل هذه بسبب التزام أن الكفارة تستر الجناية الثابتة بالحنث ونحن جعلناها جبرا لحرمة [285/أ] اسم الله الثابتة بالحنث معصية كان / الحنث أو طاعة واجبة أو مندوبة انتهى. ملخصا ثم أنت خبير بأن هذا أعني حنثه بأكل ما ذكر ينافي بناء الأيمان على العرف إذ لا تذهب الأوهام في أكل اللحم إلى أكل لحم الآدمي والخنزير.

وبشحم الظهر في شحما. ـــــــــــــــــــــــــــــ ومن ثم قال العتابي: قيل: الحالف إذا كان مسلما ينبغي أن لا يحنث لأن أكله ليس بمتعارف ومبنى الإيمان على العرف وهو الصحيح، وفي (الكافي) وعليه الفتوى، ورده الشارح بأن هذا عرف عملي وهو لا يقيد اللفظ بخلاف اللفظي، ألا ترى أنه لو حلف لا يركب دابة لا يحنث بالركوب على الإنسان للعرف اللفظي لأن اللفظ عرفا لا يتناول إلا الكراع وإن تناوله لغة ولو حلف لا يركب حيوانا يحنث بالركوب على الإنسان لأن اللفظ يتناوله والعرف العملي وهو أنه لا يركب عادة لا يصلح مقيدا. قال في (الفتح): وهذا لقولهم في الأصول تترك الحقيقة بدلالة العادة وليست العادة إلا عرفا عمليا، وفي بحث التخصيص من التحرير مسألة العادة العرف العملي مخصص عند الحنفية خلافا للشافعية كحرمة الطعام وعادتهم أكل البر انصرف إليه وهو الوجه، أما بالعرف العقلي باتفاق كالدابة للحمار والدراهم على النقد الغالب وفي (الحواشي السعدية) أن العرف العملي يصلح مقيدا عند بعض المشايخ بلخ لما ذكر في كتب الأصول في مسألة إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا انتهى. وهذه النقول تؤذن بأنه لا يحنث بركوب الآدمي في لا يركب حيوانا فإيراد الفرع على ما في (الفتح) كما في (البحر) غير وارد لأن العادة حيث كانت مخصصة انصرفت يمينه إلى ما يركب عادة فتدبره، وأما الكبد والكرش وكذا الرئة والقلب والطحال فلأن نموها من الدم وتستعمل استعمال اللحم قيل: هذا في عرف أهل الكوفة، وفي عرفنا لا يحنث ذكره في (الخلاصة) وغيرها. ولا خلاف أنه يحنث بأكل لحم الإبل والغنم والبقر والطير في لا يأكل مطبوخا كان أو مشويا أو قديدا واختلف في أكل النيء، والأظهر انه لا يحنث وفي (الذخيرة) لا يأكل لحم شاة لا يحنث بلحم العنز مصريا كان أو قرويا، قال الشهيد: وعليه الفتوى ولو حلف لا يأكل لحم بقرة فأكل لحم الجاموس يحنث لا في عكسه لأنه نوع لا يتناول الأعم، وفي (الخانية) ينبغي أن لا يحنث في الفصلين لأن الناس يفرقون بينهما ويؤيده ما في (التتارخانية) لا يأكل لحم بقر فأكل لحم جاموس لا يحنث ذكره في (الجامع) (و) لا يحنث أيضا (بشحم الظهر) وهو اللحم السمين أي: يأكله (في) حلفه لا يأكل (شحما) وإنما يحنث بشحم البطن خاصة عند الإمام، وقالا: يحنث به أيضا وعلى هذا الخلاف لو حلف لا يشتريه أو لا يبيعه لهما أن خاصية الشحم وهي الذوب بالنار موجودة فيه فوجب كونه من نفس مسماه وله انه لحم حقيقة لأنه ينشأ من الدم ويستعمل استعمال اللحم في اتخاذ ألوان الطعام

وبإلية في لحما وشحما، وبالخبز في هذا البر. ـــــــــــــــــــــــــــــ وبائعه في العرف لا يسمى إلا بائع اللحم، وعن هذا صحح غير واحد قول الإمام وحكى الطحاوي قول محمد معه وقال ابن الساعاتي في (شرح مجمعه): الحق انه إذا أريد به شحم اللحم فقوله أظهر وإن أريد شحم الكلية فقولهما أظهر وبقي من الشحوم شحم مختلط بالعظم وشحم على ظاهر الأمعاء، وقد علمت أنه يحنث بشحم البطن اتفاقا. قال في (الكافي): والثلاثة على الخلاف ولا يخلو عن نظر بل لا ينبغي خلاف في الحنث بما على الأمعاء لأنه لا يختلف في تسميته شحما كذا في (الفتح)، والحاصل انه لا خلاف في الحنث في شحم البطن وما على الأمعاء كما لا خلاف في عدمه بما في العظم ولذا وضع المسألة في شحم الظهر لأنه محل الخلاف والله الموفق. (و) لا يحنث أيضا (بإلية) أي: بأكلها (في) حلفه لا يأكل (لحما وشحما)، وكذا في لا يشتري لأنه نوع ثالث حتى لا تستعمل استعمال اللحوم والشحوم كذا في (الهداية) وعليه جرى الشارح وغيره، والأول مسلم والثاني ممنوع إلا أن يراد جميع استعمالاته (و) لا يحنث أيضا (بالخبز) أي: بأكله (في) حلفه لا يأكل من (هذا البر) بل لا بد من حنثه من أ، يقضمها بكسر الضاد أي: يأكل بأطراف أسنانه غير نية عند الإمام. وقالا: إن يأكل من خبزه حنث لأنه مفهوم منه عرفا وله أن أكل عينه متعارف لأنه يأكل مغليا ويسمى بالبليلة ومقليا بأن يوضع جافا في القدر ثم يؤكل فصار مطبوخا هريسة، والحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف وعندهما بالعكس، ورجح بعضهم قولهما وفي (الذخيرة) الصحيح قول الإمام ولا خلاف أنه [285/ب] إذا نوى شيئا / اعتبر نيته وأنه لو قضمها حنث عندهما أيضا هي الأصح، وقيل: الأصح أنه لا يحنث عندهما ولو أكلها نية لا يحنث وفي (الأصول) يحنث كذا في (الدراية). ولو وزعه وأكل ما خرج منه لم يحنث اتفاقا، ودل كلامه أنه لا يحنث بأكل دقيقها وسويقها عند الإمام ووافقه أبو يوسف وجزم محمد بأنه يحنث والفرق لأبي يوسف أن الحنطة إذا ذكرت مقرونة بالأكل يراد به الخبز دون السويق، قال ابن الساعاتي: أقول: كلام أبي يوسف على الرواية الناطقة أنه لا يحنث بقضمها أشد التئاما، وأما على الرواية الأخرى التي اعتبر فيها عموم المجاز فقول محمد وضع المسألة في المعينة لأنه لو حلف لا يأكل حنطة قال شيخ الإسلام: على أن يكون جوابه كجوابهما ورده في (الفتح) بأنه تحكم والدليل المذكور المتفق على إيراده في جميع الكتب

وفي هذا الدقيق حنث بخبزه لا بسفه، والخبز ما اعتاده بلده، والشواء، والطبيخ على اللحم. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو أن عينها مأكول يعمها، لكن في (الكشف الكبير) أشار شيخ الإسلام خواهر زاده في أيمان (الأصل) أن قول الإمام كقولهما في أن الحقيقة تترك بالمتعارف لكنه خالفهما في هذه المسألة لأنه قال: التعارف في حنطة غير معينة لا في حنطة بعينها وإذا لم يوجد التعارف في المعينة لا يترك العمل بالحقيقة لأنه تترك بالنية أو بالعرف، ولم يوجد واحد منهما وعلى قياس قوله يجب أن يكون الجواب كما قال انتهى. إلا أن هذا بخلاف ما عليه أكثر الأصوليين من أن الحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف، وعندهما بالعكس وعلى هذا فيجب أن يكون الجواب عنده أولى من المجاز في المعينة وفي المنكرة على حد سواء، ويوافقه ما في (الكشف) أيضا معزيا إلى (التهذيب) من أن المسألة على ثلاثة أوجه: أحدهما أن يقول: هذه، من غير أن يقول حنطة فيحنث بأكلها سواء أكلها كذلك أو طحنها فأكل المطحون وخبزها فأكل الخبز، الثانية أن يقول: حنطة فيحنث بأكل الحنطة سواء أكلها نيا أو مطبوخا أو مبلولا أو مقليا ولا يحنث بأكل الدقيق والسويق والعجين والخبز، الثالثة أن يقول: هذه الحنطة وأشار إلى صبرة لا يحنث بأكله من دقيقها أو سويقها أو خبزها لقيد الاسم والله الموفق. (وفي) حلفه لا يأكل من (هذا الدقيق يحنث بخبزه) وعصيده (لا بسفه) في الأصح لأن عينه غير مأكول فانصرفت يمينه إلى ما يتخذ منه، وفي (النوازل) لو اتخذ منه خبيصا أخاف أن يحنث وينبغي أن لا يتردد في حنثه إذا أكل منه ما سمي في ديارنا بالكسكس (والخبز ما اعتاده) أهل (بلده) حتى لو حلف المصري والشامي أنه لا يأكل خبزا انصرف إلى البر. قال في (الفتح): وينبغي أن يحنث بأكل الكماج لأنه خبز وزيادة، وفي (الخانية) أنه يحنث بالرقاق انتهى، وينبغي أن يراد به المسمى في ديارنا بالبيساني لا ما هو يحشى بالسكر واللوز كما هو ظاهر وأما الشعير فإنه يعتاده بعض أهل القرى فيحنث به ولو أن بدويا اعتاده ودخل إلى بلدة المعتاد فيها أكل خبز الحنطة واستمر لا يأكل إلا الشعير كما أفتى به العلامة الكمال ولو كان الحالف زبيديا انصرف إلى الذرة والدخن، أو من طبرستان فإلى خبز الأرز وهي اسم آمل وأعمالها والنسبة إليها طبري لأنه أهلها كانوا يحاربون بالفأس أي: الطبر معرب قبر (والشواء والطبيخ) يقعان (على اللحم) أي: على ما يشوى منه ويطبخ فلو حلف لا يأكل شواء لا يحنث بأكل الجزر والباذنجان المشويين إلا أن ينوي كل ما يشوى، وكذا لو حلف لا يأكل طبيخا لا يحنث إلا بأكل اللحم المطبوخ بالماء لتعذر التعميم إذ الدواء مما يطبخ وكذا

والرأس ما يباع في مصره، والفاكهة التفاح والبطيخ، والمشمش، ـــــــــــــــــــــــــــــ الفول اليابس المسمى في بلادنا بالفول الحار فصرف إلى أخص الخصوص وهو ما ذكرنا عملا بالعرف فيهما، وفي عطف الطبيخ على الشواء إيماء إلى تغايرهما وهذا لأن الماء مأخوذ في مفهوم الطبيخ وإلا لكانا سواء، وكذا لو أكل قلية يابسة لم يحنث لأنها لا تسمى طبيخا ومعنى وقوعه على اللحم أنه لا يقع على غيره إلا أن هذا يقتضي أنه لا يحنث بالأرز المطبوخ بلا لحم. وفي (الخلاصة) أنه يحنث بالأرز المطبوخ بالودك بخلاف السمن والزيت، قال ابن سماعة: الطبيخ يقع على الشحم أيضا، وفي (البدائع) وعلى الإلية أيضا، وكأنهما لا تصالهما به ألحق به، وعلى هذا فقول من قال: إن ما يطبخ من الأذهان [286/أ] يسمى مزودة فلا يحنث / بأكله لأن لا يأكل محمول على غير طبيخا اللحمية، وفي (الهداية) يحنث بأكل المرق لأنه يسمى طبيخا لأن فيه من أجزاء اللحم، قال يعقوب باشا: وعلى هذا فينبغي أن يحنث بلا لحم في هذا لإطلاقهم عليه طبيخا عرفا لكن قدمناه أنه لا يحنث بالمرق وإليه يومئ قوله إن الطبيخ يقع على اللحم. تتمة: حلف لا يأكل طعاما ما يؤكل على وجه التطعيم كالخبز والفاكهة والملح والخل والكامخ والزيت حنث، قال في (الواقعات): ولو أكل من الدواء الذي لا يكون له طعم ولا يكون غداء ويكون مرا كريها لا يحنث، وإن كان حلوا حنث، والنبيذ شراب عند الثاني طعام عند محمد، وأنت خبير بأن الطعام في عرفنا لا يطلق على ما ذكر فينبغي أن يجزم بعدم حنثه به (والرأس) ينصرف إلى (ما يباع في مصره) أي: مصر الحالف لا يأكل رأسا وهو ما يكبس في التنور أي: يطم أو يدخل فيه من كبس الرجل رأسه في قميصه أدخله كذا في (المغرب) وهذا لأن العموم المتناول للجراد والعصفور غير مراد فصرفناه إلى ما تعورف وكان الإمام يقول أولا: يتناوله للإبل والبقر والغنم، ثم رجع وخصه بالبقر والغنم وهما خصاه بالغنم وهذا اختلاف عصر لا حجة فعلى المفتي أنه يفتي بما هو المعتاد في كل مصر وقع به حلف الحالف، (والفاكهة التفاح والبطيخ) بكسر الباء ويقال البطيخ أيضا أخضر كان أو أصفر إلا أنه لا يكون يابسا. وذكر الشارح أن البطيخ ليس من الفاكهة وما في (الكتاب) رواية القدوري ورواه الشيهد في (المنتقى) عن أبي يوسف: (والمشمش) والخوخ والسفرجل والإجاص والكمثري ونحو ذلك فيحنث بأكل هذه الأشياء في حلفه لا يأكل فاكهة لأنها اسم لما يتفكه به أي: ينتقم قبل الطعام وبعده زيادة على المعتاد من الغذاء الأصلي وهذا المعنى ثابت فيها، وفي (المحيط) ما روي من الجوز واللوز فاكهة في

لا العنب، والرمان والرطب، والقثاء والخيار. والإدام ما يصطبغ به كالخل، والملح والزيت لا اللحم، والبيض، والجبن، ـــــــــــــــــــــــــــــ عرفهم أما في عرفنا فإنه لا يأكل للتفكه. وقال محمد: يسير السكر والبسر الأحمر فاكهة ولو حلف (لا) يأكل من فاكهة الطعام وثمار العام فإن كان في أيام الرطبة كان يمينه عليها فلا يحنث باليابس منها وإن كان في وقتها فهو على اليابس وهذا استحسان للعرف لأن (العنب والرمان والرطب) عند الإمام فلا يحنث بأكله، وقالا: يحنث لأن معنى التفكه موجود فيها بل التفكه فيها يفوق التفكه بغيرها من الفواكه، وله أنها مما يتغدى بها منفردة ومقرونة مع الخبز ويتداوى ببعضها كالرمان فقصر معنى التفكه بها فلا يحنث بأحدها إلا أن ينويه، قال مشايخنا: وهذا اختلاف عصر فكان في عصره وزمنه لا يعد منها في زمنهما، ولقائل أن يقول: مبنى هذا على الجمع على اعتبار العرف والاستدلال المذكور صريح في أن مبناه اللغة، ويمكن أن يجاب بجواز كون العرف وافق اللغة في زمنه ثم خالفها في زمانهما (والقثاء والخيار) والفقوس والعجور وكذا الزببيب والتمر وحب الرمان إجماعا كما في (البدائع). والحاصل أنه لا خلاف في أن النوع الأول فاكهة كما لا خلاف أن النوع الأخير ليس بفاكهة وفي الوسط خلاف، وقد علمت ما فيه (والإدام) أي: شيء (يصطبغ) الخبز عند اختلاطه (به) حتى يصير لكثرة امتزاجه قائما به قيام الصبغ بالثوب وهو افتعال ولما كان فعله متعديا إلى واحد جاء الافتعال منه لازما (كالخل والملح) لأنه يؤول إلى الذوب في الفم ويحصل به الصبغ وبه عرف أنه لا تنافي بين هذا وبين تغيره بالمائع واندفع ما في (إيضاح الإصلاح) من أن الصبغ مختص بالمائع وللتنبيه على عموم الإمام قال: وكذا الملح إذ قد علمت أنه يصطبغ به أيضا. على أنه يقتضي أن الإدام منه ما يصطبغ به وليس بالواقع (والزيت) والعسل واللبن والزبد والسمن والمرق، وما لا يصطبغ به مما له جرم كجرم الخبز بحيث يؤكل وحده فليس بإدام وإلى ذلك أشار بقوله: (لا اللحم والبيض والجبن) وهذا عند الإمام والظاهر من قول الثاني. وقال محمد: ما يؤكل مع الخبز غالبا فهو إدام، وهو رواية عن الثاني لأنه من المؤدمة وهي الموافقة وكل ما يؤكل مع الخبز موافق له ولهما أن الإدام يؤكل تبعا والتبعية في الاختلاط حقيقة فيكون قائما به وفي أنه لا يؤكل على الانفراد حكما، والحاصل أن ما يصطبغ به إدام إجماعا وما يؤكل وحده غالبا كالبطيخ والعنب والتمر والزبيب ليس إداما إجماعا على الأصح فلافا لما قيل أنهما على الخلاف، ولا خلاف أيضا أن الفول ليس بإدام، وبقول محمد أخذ الفقيه / أبو الليث قال في (الاختيار) [286/ب] وهو المختار، وعملا بالعرف في (المحيط) وهو الأظهر.

والغداء الأكل من الفجر إلى الظهر، والعشاء منه إلى نصف الليل والسحور فيه إلى الفجر. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال القلانسي في (تهذيبه): وعليه الفتوى والاستناد إلى العرف أولى مما استدل به محمد من أن ملك الروم كتب إلى معاوية (أن ابعث إلي شر إدام على يد شر رجل) فبعث إليه جبنا على يد رجل يسكن في بين أصهاره وهو من أهل اللسان لأن ذلك موقوف على صحة هذه القصة وهي بعيدة إذ يبعد من إمام عالم أن يتكلف بإرسال شخص ملتزما .... لغرض مهمل كافر على أن السكنى في بيت الصهر لا توجب كون الساكن أشر رجل فأثار البطلان عليها لائحة. قال التمرتاشي: وهذا الخلاف بينهم على عكس اسختلافهم فيمن حلف لا يأكل إلا رغيفا فأكل معه البيض ونحوه لم يحنث عندهما، أو حنث عند محمد (والغداء) بفتح المعجمة والمهملة مع المد أي: التغذي (الأكل من طلوع الشمس إلى الظهر) أي: في هذين الوقتين وهذا أولى من جعل بعضهم الأكل بمعنى المأكول إذ المحلوف عليه إنما هو التغذي لا الغذاء، وجزم في (الخلاصة) وغيرها بأن أول وقته من طلوع الشمس، وأهل مصر يسمون ذلك فطور إلى ارتفاع الضحى وهو غاية التصبيح فيدخل وقت الغداء، أي: فينبغي إجراؤهم على ما تعارفوه ولا بد أن يأكل أكثر من نصف الشبغ في الغداة والعشاء والسحور كما في (الفتح)، وأن يكون مما يأكله أهل بلدة حتى لو شبع بشرب اللبن لم يحنث حيث كان مصريا وحنث إن كان بدويا وفي (الخلاصة) عن (الصغرى) التغذي عبارة عن أكل مترادف يقصد به الشبع والتعشي كذلك (والعشاء) بفتح العين والمد أي: التعشي الأكل الظهر (إلى نصف الليل) لأن ما بعد الظهر يسمى عشاء بكسر العين، ولهذا سمي الظهر أحد صلاتي العشاء كذا في (الفتح)، وفي (الصحاح) العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة والعشاء بالكسر والمد مثل السنى وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر وأنشدوا: غدونا غدوة سحرا بليل .... عشاء بعد ما انتصف النهار انتهى. قال الإسبيجابي: وهذا في عرفهم، أما في عرفنا فابتداء وقتها بعد صلاة العصر انتهى. وهو في عرف أهل مصر، والمساء مساءان أحدهما بعد الزوال، والآخر بعدما غربت الشمس فأيهما نوى صحت نبته فعلى هذا لو حلف بعد الزوال لا يفعل كذا حتى يمسي ولا نية له فهو على غيبوبة الشمس وهو ما بعد الغروب لأنه لا يمكن حمل اليمين على الأول فيحمل على الثاني وهو ما بعد الغروب كذا في (الشرح) (والسحور) أي: التسحر الأكل (فيه) أي: في نصف الليل (إلى) طلوع (الفجر) لأن

إن لبست، أو أكلت أو شربت، ونوى معينا لم يصدق أصلا ولو زاد ثوابا، أو طعاما، أو شرابا دين لا يشرب من دجلة. ـــــــــــــــــــــــــــــ السحر لما كان من الثلث الأخير سمي ما يؤكل في النصف الثاني لقربه منه سحورا بفتح السين والأكل فيه سحور، ومن قال: (إن لبست) أو قال (إن أكلت أو شربت) فعبدي حر (ونوى) بذلك (معينا) بأن قال: نويت القطن أو الخبز أو اللبن (لم يصدق أصلا)، يعني لا قضاء ولا ديانة بل يحنث كل شيء لبسه أو أكله أو شربه لأن النية إنما تعمل في الملفوظ التعيين بعض محتملاته وما نواه غير مذكور فلم تصادف النية محلها فلغت، وعن الثاني أنها تصح، واختاره الخصاف لأنه مذكور تقديرا وإن لم يذكر تنصيصا، وأجيب بأن تقديره لضرورة اقتضاء الأكل مأكولا وكذا اللبس والشرب والمقتضى لا عموم له كذا قالوا: والتحقيق أن هذا ليس من المقتضى لأنه ما يقدر لتصحيح المنطوق بأن يكون الكلام كذا ظاهرا أو غير صحيح شرعا. وقول القائل: لا آكل، خال عن ذلك نعم المفعول أعني المأكول من ضروريات وجوه فعل الأكل، ومثله ليس من المقتضى بل من حذف المفعول اقتصارا كذا في (الفتح) ومما يجانس هذا ما لو حلف لا يركب أو لا يغتسل أو لا ينكح أو لا يسكن دار فلان أو لا يتزوج امرأة ونوى الخيل ومن جناية امرأة معينة أو بالإجازة أو الإعارة أو لم تصح نيته أصلا، وأورد ما لو حلف لا يسكن فلانا ونوى المساكنة في بيت واحد وقال: إن خرجت فعبدي حر ونوى السفر مثلا صدق فيهما ديانة حتى لو خرج إلى غير السفر، أو ساكنه في دار لا يحنث مع أنهما غير مذكورين، وأجيب بأن المساكنة متنوعة إلى كاملة / وهي المساكنة في بيت واحد ومطلقه وهي ما يكون في دار [287/أ] فإرادة الأول إرادة لأخص أنواعها، وكذا الخروج إلى سفر وغيره حتى اختلف أحكامها وللبحث فيه مجال. (ولو زاد) على قوله إن لبست (ثوبا) أو على قوله إن أكلت (أو) شربت (طعاما أو شرابا دين) أي: صدق ديانة لأن لا نكرة في الشرط فيعم كالنفي، إلا أنه خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء فيما إذا كانت اليمين بطلاق أو عتاق ولا تعلق للقضاء في اليمين بالله تعالى، وقالوا: النية للحالف في اليمين بالله تعالى إذا كان مظلوما وإن كان ظالما فالنية للمستحلف وفي الطلاق والعتاق النية للحالف فيكون فيه بكونه نوى معينا لأنه لو نوى الكل حتى لا يحنث أصلا صدق قضاء. قال في (المحيط): حلف لا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا وعنى جميع الأطعمة أو جميع مياه العالم صدق قضاء والمذكور في (الكشف الكبير) أنه يقع على الأدنى لأنه هو المتيقن به، فإن نوى الكل حتى لا يحنث أصلا صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى وهو الظاهر، لأن فيه تحقيقا على نفسه ولو حلف (لا يشرب من دجلة) أو

على الكرع بخلاف من ماء دجلة. إن لم أشرب ماء هذا الكوز اليوم، فكذا، ولا ماء فيه، أو كان، فصب، أو أطلق، ولا ماء فيه لا يحنث، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرات أو النيل فيمينه (على الكرع) وهو تناوله بالضم من موضعه ولو إناء كما في (المغرب) وكذا لو قال ماء من دجلة كما في (البدائع) وهذا عند الإمام. وقالا: يحنث بالشرب من إناء للتعارف وله أن من للتبعيض وحقيقته في الكرع وهو مستعمله وكذا حنث بالكرع إجماعا فمنعت المصير إلى المجاز، وإن كان متعارفا كذا في (الهداية)، ومن هذا قال الشارح: الحق بناء هذا الاختلاف على أن الحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف، وعندهما بالعكس على ما مر، وأنت خبير بأن حقيقة دجلة وهي الأرض المشقوقة نهرا، لا تصح إرادتها فضلا عن كونها مستعملة وبهذا اندفع كونها للتبعيض إذ المعنى حينئذ لا أشرب بعض الأرض المشقوقة نهرا وهذا مما لا معنى له وكذا بتقدير كونها للبيان، والصواب أن المراد بدجلة ماؤها إما من مجاز الحذف أو العلاقة لكنه يقيد كونه في نفس النهر على قوله ومطلقا على قولهما، ورجح الإمام المجاز الأول لقربه وإذا عرف هذا فما في (البدائع) من التسوية بين لا أشرب من الدجلة، ولا من دجلة عنده مشكل هذا وشرط نجم الدين النسفي في حنثه بالكرع عنده أن يخوض الماء لأنه من الكراع، وهو من الإنسان ما دون الركبة كذا في (الظهيرية)، وهذا الشرط أهمله شراح (الهداية) كغيرهم لما قدمناه عن (المغرب) ويكفيك في رده ما استدل به الإمام من أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى قوما فقال: (هل عندكم ماء بات في شن) وإلا كرعنا (بخلاف) ما لو حلف لا أشرب (من ماء دجلة) حيث يحنث إجماعا بغير الكرع أيضا، لأن الشرط هنا شرب منسوب إلى دجلة والعرف لا يقطعها قيد بدجلة لأنه لو قال: من هذا الجب فإن كان مملوءا فيمينه على الكرع عنده خلافا لهما، وإلا فعلى الاغتراف ولو تكلف وكرع من الأسفل فالأصح أنه لا يحنث لعدم العرف بالكراع في هذه الحالة ولو قال: لا أشرب من الفرات فشرب من نهر أخذ منه لم يحنث إجماعا، ولو قال: من ماء الفرات حنث إجماعا، ولو قال: من ماء المطر فجرت الدجلة بمائه لم يحنث ولو من ماء واد سال منه حنث إن لم يكن فيه ما صبه قبل ذلك، (إن لم أشرب) من (ماء هذا الكوز اليوم، فكذا) أي: فزوجته طالق أو عبده حر (ولا ماء فيه، أو كان) فيه ماء (فصب) أي: أهريق ولو في إناء آخر كالباقي قبل الغروب، وسواء كان ذلك بفعل الحالف أو غيره أو لم يكن بفعل أحد كما هو ظاهر إطلاقه هذا (أو أطلق) يمينه عن قيد الوقت كاليوم مثلا (ولا ماء فيه لا يحنث) عندهما في الصور، وسواء علم وقت الحلف أن فيه ماء أو لم يعلم هو الأصح، وقال الثاني: يحنث والخلاف، مبني على أن تصور البر شرط

وإن كان فصب حنث. ـــــــــــــــــــــــــــــ لانعقاد اليمين المطلقة عن الوقت والبقاء المقيدة بالوقت عندهما إلى وقت وجوب البر وعند الثاني لا يشترط ذلك، وكان اعتبارها منعقدة للبر على وجه يظهر في الحلف وهو الكفارة قلنا: لا بد من تصور الأصل لتنعقد في حق الحلف ولذا لم تنعقد الغموس موجبة للكفارة لاستحالة البر فيها وإذا عرف هذا فعدم حنثه عندهما في المقيدة والمطلقة إذا لم يكن فيه ماء لعدم انعقاده اليمين، وإن كان فيه ماء فصب لبطلان ما استحالة البر في آخر الوقت لا يقال: البر متصور في هذه الصورة / لأن عدد [287/ب] القطرات المهراقة ممكنة فيجب أن يحنث عندهما لأن البر إنما يجب في هذه الصورة في آخر جزء من آخر اليوم يحنث لا يسع فيه غيره فلا يمكن القول فيه بإعادة الماء في الكوز وشربه في ذلك الزمان، كذا في (العناية). قال في (الحواشي السعدية): وفيه تأمل ولعله وجهه أن الإعادة قبل آخر الوقت ممكنة فماله متصور، وعند أبي يوسف يحنث في المؤقتة في آخر الوقت وفي المطلقة إن لم يكن فيه ماء يحنث للحال (وإن كان) فيه ماء في المطلقة (فصب حنث) إجماعا، والفرق لهما بني المطلقة والمؤقتة إن كان في المطلقة يجب البر كما فرغ فإذا فات لفوات ما عقد عليه اليمين حنث، وفي المؤقتة يجب البر في آخر الوقت وعند ذلك لم تبق محلية البر لعدم التصور فلا يجب ويبطل في اليمين. قال في (الفتح): ولقائل أن يقول: وجوب البر في المطلقة في الحال إن كان بمعنى تعينه حتى يحنث في ثاني الحال فلا شك أنه ليس كذلك، وإن كان بمعنى الوجوب الموسع إلى الموت فيحنث في آخر جزء من أجزاء الحياة فالمؤقتة كذلك فلأي معنى بطلت عند آخر جزء الوقت في المؤقتة ولم تبطل عند آخر جزء من أجزاء الحياة في المطلقة انتهى. وجوابه يعرف مما قالوه وفي الفرق بينها وذلك إن إنما تقيد بطلانها في المؤقتة بالآخر لأن الحالف لم يلزمه نفسه بالفعل إلا فيه فالتأخير وإن لم يكن له أثر فيما إذا لم يكن فيه ماء أو صب إلا أن اللفظ لم يوجب تعيين الفعل إلا في الوقت، وبطلب في المطلقة لأنه لا فائدة في التأخير وتعين الحنث فيها بموت أحدهما مقيد بما إذا كان البر مرجوا أو لا رجاء له هنا فتدبره. ومن فوائد هذا الخلاف لو قال لزيد: إن رأيت عمرا فلم أعلمك به فعبدي حر فرآه مع زيد فسكت ولم يقل شيئا لم يعتق عبده عندهما، ومنها لا يعطيه حتى يأذن فلان فمات فلان لم يحنث بإعطائه ومنها إن لم تصل صلاة الفجر غدا فأنت كذا فخاضت بكرة لا يصح في الأصح، ومنها إن لم تهبيني صداقك اليوم فأنت كذا، قال أبوها: إن وهبت له فأمك طالق، فحيلة عدم حنثهما أن تشتري منه ملفوفا وتقبضه

حلف لأصعدن السماء، أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا حنث للحال لا يكلمه فناداه، وهو نائم فأيقظه، أو إلا بإذنه فأذن له، ولم يعلم فكلمه حنث ... ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا مضى اليوم لم يحنث أبوها لأنها لم تهب صداقها ولا الزوج لعجزها عنها وقت الغروب ومنها ليقضين فلانا غدا دينه وفلات مات ولا علم له (حلف لأصعدن السماء أو) حلف (ليقلبن هذا الحجر ذهبا حنث في الحال) لأن البر متصور فيهما أي: ممكن فانعقدت يمينه. وقال زفر: لا ينعقد لأنه مستحيل عادة فأشبه المستحيل حقيقة كما الكوز قلنا: صعود السماء ممكن ولذا صعدتها الملائكة وبعض الأنبياء، وكذا تحويل الحجر ذهبا إما بخلع صفة الحجر وإلباس الذهبية أو بإعدام الأجزاء الحجرية وإبدالها أجزاء ذهبية لكن التحويل في الأول أظهر غير انه حنث في الحال للعجز الثابت عادة وضع المسألة في المطلقة لأن المقيدة يتوقف حنثه فيها إلى مضي الوقت حتى لو مات قبله لم يحنث، وفي (المنتقى) إن تركت مس السماء فعبدي حر لم يحنث، ولو قال: إن لم أمس السماء فكذا حنث من ساعته، والفرق أن في الأولى مس السماء غير مقدور للحالف عادة والترك لا يتصور في غير مقدور عادة، وفي الثانية الشرط هو عدم المس والعدم يتحقق في غير المقدور كذا في (المحيط) (لا يكلمه فناداه وهو نائم فأيقظه أو) حلف لا أكلمه (إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم) بالإذن (فكلمه حنث) في الوجهين، أما الأول فلأنه كلمه ووصل كلامه إلى سمعه ولذا شرط أن يوقظه وأفهم به أنه لو لم يوقظه لم يحنث وهو الذي عليه مشايخنا وهو المختار خلافا لما ذكره القدوري من أنه يحنث إذا كان بحيث يسمع، ورجحه السرخسي متمسكا بما في (السير) لو أمن المسلم أهل الحرب من موضع بحيث يسمعون صوته لكنهم باشتغالهم بالحرب لم يسمعوه فهذا أمان ودفع بالفرق وذلك أن الأمان يحتاط في إثباته بخلاف غيره، وظاهر أنه لو كان أصم وكلمه بحيث يسمع حنث بلا خلاف، ولو سلم على جماعة هو فيهم حنث إلا إذا كان لم يقصده فلا يحنث ديانة إلا أن يقول إلا على واحد فيصدق قضاء أنه لم يقصده ولو سلم من الصلاة فإن إماما [288/أ] والمحلوف عليه على يمينه لا يحنث وإن على يساره حنث لوقوع / السلام في غير الصلاة وعن محمد أنه لا يحنث فيهما وهو الصحيح. قال في (الفتح): والأصح ما في (الشامل) أنه يحنث إلا أن ينوي غيره وإن كان مقتديا فعلى ذلك التفصيل عندهما وعند محمد لا يحنث إلا أن ينوي غيره وإن كان مقتديا فعلى ذلك التفصيل عندهما وعند محمد لا يحنث مطلقا ولو دق عليه الباب فقال: من؟ حنث، ولو قال: يا حائط اسمع كيت وكيت ففهمه المحلوف عليه لا يحنث، وفي (المحيط) لو سبح الحالف للمحلوف عليه للسهو أو فتح عليه

لا يكلمه شهرا فهو من حين حلف لا يتكلم، فقرأ القرآن، أو سبح لم يحنث. ـــــــــــــــــــــــــــــ القراءة وهو مقتد لم يحنث، وخارج الصلاة يحنث ولو قال لآخر: إن ابتدأتك فعبدي حر فالتقيا وسلم وكل منهما على الآخر معا لا يحنث وانحلت يمينه لعدم تصور أن يكلمه بعد ذلك ابتداء، ولو حلف لا يكلم فلانا وفلانا لم يحنث بكلام أحدهما إلا أن ينوي كلا منهما وعليه الفتوى. واعلم أن الكلام لا يكون إلا باللسان فلا يكون بالإشارة ولا الكتابة والإخبار والإقرار والبشارة تكون بالكتابة لا بالإشارة والإيماء والإنشاء والإعلام والإظهار والإخبار يكون بالإشارة أيضا، فإن نوى في الإظهار والإنشاء والإعلام كونه بالكلام والكتابة والإشارة دين، وأما الثاني فلأن الإذن اشتق اشتقاقا كبيرا من الأذان أو من الوقوع في الأذن وكل ذلك لا يتحقق إلا بعد العلم وهذا إظهار قولهما، وعن الثاني أنه يحنث ونوقض هذا يما في (الصغرى) لو أذن لعبده وهو لا يعلم يصح الإذن ودفع بأن قال: حتى إذا صار مأذونا فدل على أنه ليس له قبل العلم حكم الإذن، ولذا قال في (الشامل): إنه لو تصرف قبل العلم ثم علم لم يجز تصرفه حلف (لا أكلمه شهرا فهو) أي: ابتدأ مدته (من حين حلف) لأن دلالة حاله وهو غيظه الباعث على اليمين يوجب ترك الكلام من الآن ثلاثين يوما ولو عرفه كان على باقيه، وكذا لو قال: السنة انصرفت يمينه إلى باقيها وابتداء المدة كما قال. وفي (البدائع) قال في بعض النهار: لا أكلمه يوما كانت يمينه على بقية اليوم والليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة أو إلى مجيء مثلها من الليلة المستقبلة فيدخل ما بينها من النهار، ولو قال: اليوم ولا غدا لم تدخل الليلة انتهى. ولو لم يكرر حرف النفي كانت يمينا واحدة فيدخل الليل كما في (الواقعات) والله الموفق. (لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح) أو هلل (لا يحنث) سواء كان في الصلاة أو خارجها وهو المختار للفتوى خلافا لما اختاره القدوري من أنه يحنث لأنه لا يسمى متكلما عرفا، وفي (الواقعات) الفتوى على الأول إن كانت يمينه بالفارسية، وعلى ما اختاره القدوري لو كانت بالعربية، ولو زاد كلاما حسنا ففي (الظهيرية) ما يفيد أنه يحنث حيث قال: كلما تكلمت كلاما حسنا فأنت طالق ثم قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر طلقت واحدة، ولو حذف الواو من الكل طلقت ثلاثا. قال في (الفتح) بعد نقله: وقد يدفع بأن الكلام في مطلق الكلام عرفا فيما لا فيما قيد بقيد أصلا انتهى. أي: يدفع وردوه على الإطلاق لكن بقي أن ظاهره أنه مع القيد يحنث بقراءة القرآن ولو في الصلاة فتدبره. وفي (تهذيب القلانسي) وكذا لا يحنث إذا قرأ الكتب ظاهرا وباطنا في عرفنا وهو ظاهر في اختصاص الكلام بما يعد به

يوم أكلم فلانا، فعلى الجديدين فإن نوى النهار خاصة صدق، وليلة أكلمه على الليل إن كلمته إلا أن يقدم زيدا أو حتى إلا أن يأذن، أو حتى فكذا، فكلم قبل قدومه، أو أذنه حنث وبعدهما لا ـــــــــــــــــــــــــــــ في العرف متكلما فلو قرأ كتاب فقه أو نحو لم يحنث، وعلى هذا ينبغي أن لا يحنث أيضا بإلقاء درس مالكن قد يعكر على هذا ما في (الفتح)، ولو قال: (يوم أكلم فلانا) فكذا (فعلى الجديدين) أي: الليل والنهار لأن اسم اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد أريد به مطلق الوقت والكلام مما لا يمتد قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره) (الأنفال: 16) ولا فرق بين التولية ليلا أو نهارا وقد مر في تفويض الطلاق (فإن نوى النهار صدق) قضاء وديانة لأنه نوى حقيقة كلامه، وعن الثاني أنه لا يصدق قضاء (و) لو قال: (ليلة أكلمه) فامرأته طالق فهو (على الليل) خاصة لأنه حقيقة في سواه كالنهار للبياض خاصة ولم يجيء استعماله في الوقت كاليوم وأورد قوله: وكنا حبسنا كل بيضا شحمه .... لياليا لاقينا جذاما وحميرا سقونا كأسا سقونا بمثلها .... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا والمراد مطلق الوقت لأن الحرب لم يكن ليلا، وأجاب شمس الأئمة بأن [288/ب] المذكور الليالي بصيغة / الجمع وذكر أحد العددين ينتظم بإزائه من الآخر، وكذلك الفرد ونظر فيه لاقتضائه أن الشاعر قصد أن الملاقاة كانت مستوعبة الليالي يتبعها أيام بقدرها والمتعارف في مثله أنه إنما يقصد به الوقت لا الجمع بين الأيام والليالي. قال في (الفتح): وليس بشيء فإن الواقع قد يكون أن الحرب دامت بينهم أياما ولياليها وهذا كثير، فأراد أن يخبر بالواقع فعبر عنه بما يفيد ولا دخل لذلك في خصوص عرف، ولو قال: (إن كلمته) أي: عمرو (إلا أن يقدم زيدا) أو قال: (حتى) يقدم زيدا (أو) قال: إن كلمته (إلا أن يأذن) زيدا (أو) قال: (حتى) يأذن (فكلم قبل قدومه أو إذنه حنث، وبعدهما) أي: بعد القدوم والإذن لو كلمة (لا) يحنث لأنه جعل القدوم والإذن غاية لعدم الكلام، أما في حتى فظاهر، وأما ي إلا أن فلأن الاستثناء وإن كان هو الأصل فيها إلا أنها تستعار للشرط والغاية عند تعذره لمناسبة هي أن الحكم كل واحد منها يخالف ما بعده ومثله قوله تعالى: {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم} (التوبة: 110) وقيل هي استثناء. قال في (الفتح): وفيه شيء وهو أن تقدير الاستثناء فيها أي: إلى موتهم إنما يكون من الأوقات والأحوال على معنى امرأته طالق في جميع الأوقات والأحوال إلا وقت قدوم فلان أو اذنه أو إلا حال قدومه أو إذنه وهو يستلزم بقيد الكلام بوقت الإذن

وإن مات زيد سقط الحلف لا يأكل طعام فلا، أو لا يدخل داره، أو لا يلبس ثوبه، أو لا يركب دابته، أو لا يكلم عبده إن أشار وزال ملكه، وفعل لم يحنث كما في المتجدد، وإن لم يشر لا يحنث بعد الزوال، وحنث بالمتجدد، وفي الصديق والزوجة حنث في المشار بعد الزوال، وفي غير المشار لا، وحنث بالمتجدد ـــــــــــــــــــــــــــــ فيقتضي أنه لو كلمة بعد القدوم أو الإذن حنث، وهو غير واقع قيد بتأخير الجزاء لأنه لو قدمه بأن قال: امرأته طالق إلا أن يقدم زيد كان شرطا لأن المعنى إن لم يقدم زيد ووجه بعضهم بأنها إنما تكون للغاية فيما يحتمل التأقيت والطلاق مما لا يحتمله، وهذا يشير إلى أن الكلام مما يمتد وقد مر ما فيه، (وإن مات زيد) قبل قدومه أو إذنه (سقط الحلف) أي: بطل عندهما بناء على ما مر من أن بقاء تصور البر شرط لبقاء اليمين المؤقتة وهذه كذلك لأنه مؤقتة ببقاء الإذن والقدوم إذ بهما يتمكن من البر بلا حنث ولم يبق ذلك بعد موت من إليه الإذن والقدوم، وعند الثاني ما لم يكن شرطا بتأيدها عند سقوط الغاية ففي أي وقت كلمه حنث. حلف (لا يأكل الطعام فلان أو) حلف (لا يدخل داره أو لا يلبس ثوبه أو لا يركب دابته أو لا يكلم عبده) جعله من هذا النوع هو ظاهر الرواية، وروى ابن سماعة أنه كالصديق (إن أشار) الحالف إلى الطعام بأن قال: طعام فلان هذا مثلا (وزال ملكه) أي: ملك فلان ولو أي الحالف بإهدائه إليه (وفعل) الحالف المحلوف عليه (لم يحنث، كما في المتجدد) أي: لا يحنث بالمتجدد (وإن لم يشر لا يحنث بعد الزوال، وحنث بالمتجدد، وفي الصديق والزوجة حنث في المشار) أي: قوله: والله لا أكلم صديق فلان هذا وزوجته هذه (بعد الزوال) أي: زوال الصداقة والزوجية إجماعا لأن الحر مما يقصد بالهجر فكانت الإضافة للتعريف هذا إذا لم يقل: فإنه عدو لي فإنه لا يحنث بعد الزوال لظهور أن الدواعي لمعنى في المضاف إليه نبه عليه الشارح (وفي غير المشار) إليه من الصديق والزوجة والملك أي: (لا) يحنث بعد الزوال (وحنث بالمتجدد). واعلم أن حاصل هذه المسائل التي متى حلف على هجر ما يضاف إلى فلان إضافة ملك كطعام فلان أو نسبته كالصديق والزوجة، فإن لم يشر لا يحنث بعد الزوال لانقطاع الإضافة وإن لم يحنث بالمتجدد وإن أشار لم يحنث بعد الزوال والتجدد في إضافة الملك وحنث في غيرها في الوجوه كلها لأنه إذا لم يشر فالظاهر أن الدواعي كراهته في المضاف إليه وألا يعرفه باسم العلم كعبد فلان راشدا وفلانة زوجته، وإن احتمل هجر نحو الصديق لذاته وحينئذ فانعقدت يمينه على هجر المضاف إليه حال الإضافة فيحنث إذا كانت قائمة وقت الفعل سواء كانت وقت

لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه، فكلمه حنث الزمان، والحين، ومنكرهما ستة أشهر، ـــــــــــــــــــــــــــــ اليمين أو لم تكن، كإن اشترى عبدا بعد اليمين أو تزوج زوجة لا ما إذا انقطعت بأن باع كلا من العبدين والدار وعادى الصديق وطلق الزوجة هذا عند الإمام، وعند محمد اليمين منعقدة في المملوك على الإضافة القائمة وقت الفعل وفي إضافة النسبة على المنعقدة وقت اليمين فيحنث لو كلم الزوجة بعد الطلاق والصديق [289/أ] المعادى / لا بما تجدد. وأما إذا أشار فعدم الحنث في المملوك قولنا وقول محمد: يحنث فيه اعتبار للإشارة لأنها أبلغ ولهما أن هجر المضاف إذا كان مملوكا ليس لذاته فتقيد ببقاء النسبة مع الإشارة وعدمها بخلاف غير المملوك لما مر هذا إذا لم ينو شيئا، فإن نوى شيئا كان على ما نواه، وفي بعض الشروح لا أتزوج بنت فلان لا يحنث بالتي تولد بعد اليمين بالإجماع، واستشكله في (الفتح) بأنها إضافة نسبية ينبغي أن تنعقد على الموجود حال التزوج فلا جرم أن في التفاريق عن أبي يوسف إن تزوجت بنت فلان أو أمته على الموجود والحادث (لا أكلم صاحب هذا الطيلسان) معرب تيلسان أبدلوا التاء منه طاء من لباس العجم مدور سواء لحمته وسداه صرف (فباعه فكلمه حنث) بالإجماع، لأن هذه الإضافة لا يجوز أن تكون لغير التعريف إذ الإنسان لا يعادي لمحض الطيلسان فتعلقت اليمين بعينه. ولذا لو كلم المشتري لم يحنث وظاهر أن الطيلسان مثال لأن قوله صاحب هذه الدار ونحوه كذلك (الحين والزمان، ومنكرهما ستة أشهر) لأن كلا منهما للقدر المشترك بين القليل والكثير والتوسط، واستعمل في الكل فمن الأول {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} (الروم: 17) ومن الثاني {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} (الإنسان: 1) فالمفسرون على أنه أربعون سنة وأراد بالإنسان آدم ومن الثالث {تؤتى أكلها كل حين} (إبراهيم: 25) قال ابن عباس: ستة أشهر والزمان يستعمل استعمال الحين فحملناه على الوسط لا فرق بين الزمان والحين، هو الصحيح كما في (البدائع) ويعتبر ابتداء السنة من وقت اليمين بخلاف لأصومن حينا أو زمانا فإن له أن يعين أي سنة شاء، كذا في (الفتح) والأحاديين والأزمنة على عشر مرات ستة أشهر كذا في (شرح الطحاوي)، وكأنه لأن أفاعيل من جموع الكثرة. فرع: العمر الأبد واختلف جواب بشر في المنكر لله عليه صوم عمر فمرة قال: يقع على يوم واحد ومرة قال: إنه كالحين. وفي (السراج) لأكلمه مليا فهدا على ستة أشهر إلا أن ينوي غير ذلك ولو لأهجرنك مليا فهذا على عشر فصاعدا، وإن نوى أقل من ذلك لم يدين في القضاء،

والدهر، والأبد العمر، ودهر مجمل. والأيام، وأيام كثيرة والشهور، والسنون عشرة، ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قال: إلى بعيد كان إلى شهر فصاعدا، وإلى قريب كان على أقل من شهر كعاجل، ولو قال: كذا كذا يوما فعلى أحد عشر يوما، ولو قال: كذا وكذا يوما فعلى أحد وعشرين ولو بضعة عشر يوما فعلى ثلاثة عشر يوما انتهى. والشتاء أوله إذا لبس الناس الحشو وآخره إذا ألقوه وهو أول الصيف، والربيع آخر الشتاء ومستقبل الصيف إلى يبس العنب، والخريف فصل بين الشتاء والصيف، وغرة الشهر ورأس الشهر أول ليلة منه ويومها، وأول الشهر إلى ما دون النصف، وآخره إلى مضي خمسة عشر يوما (والدهر والأبد) في حلفه لا يكلمه الدهر، أو الأبد هو (العمر) لأن للعرف منهما يراد الأبد عادة وما بعد موته لم يدخل تحت اليمين فصرفناه إلى ما بقي من عمره منذ حلف. وفي (السراج): لو حلف لا يكلمه العمر فهو على الأبد عند عدم النية ولو نكره، فعن الثاني أنه يقع على يوم وفي رواية عنه على ستة أشهر كالحين وهو الظاهر (ودهر مجمل) أي: غير مفسر عند الإمام، حيث قال: لا أدري ما هو وهو أول دليل على نهاية كماله إذ قد ثبت هذا عن الجناب الرفيع وعن جبريل أيضا لأن اللغات لا تدرك بالقياس والعرف لم يعلم استمراره لاختلافه استعمالا، وروى الثاني عن الإمام أن المنكر والعرف سواء، والأصح أن الخلاف مقصور على المنكر وقد جمعت المواضع التي توقف فيها الإمام رضي الله تعالى عنه وأرضاه وجعل الجنة متقلبه ومثواه: من قال لا أدري بما لم يدره .... فقد اقتدى في الفقه بالنعمان في الدهر والخنثى كذان جوابه .... ومحل أطفال ووقت ختان وأوصلها بعضهم إلى ثمانية قوله: ورع الإمام الأعظم النعمان .... سبب التوقف في جواب ثمان / [289/ب] سؤر الجمار تفاضل جلالة .... وثواب جني على الأيمان والدهر والكلب المعلم ثم مع .... ذرية الكفار وقت ختان وذكر الحدادي أنها أربعة عشر مسألة، وقالا: إنه كالحين لأنه استعمل استعماله فإن قولك ما رأيتك منذ دهر ومنذ يوم واحد، وغير خاف أنه إذا لم يرو عن الإمام شيء في مسألة وجب الإفتاء بقولهما، (والأيام وأيام كثيرة) في حلفه لا يكلمه الأيام وأياما كثيرة (والشهور والسنون) والجمع والدهور والأزمنة (عشرة) من كل صنف

ومنكرها ثلاثة. ـــــــــــــــــــــــــــــ عند الإمام، وقالا: في الأيام تنصرف إلى أيام الأسبوع وفي الشهور إلى اثني عشر شهرا، وفيما عداهما إلى الأبد لأن اللام للعهد فعند الإمكان تصرف إليه، وإلا فهي للاستغراق وهو ثابت في الأيام السبعة ولا عهد فيما سواهما فصرف إلى استغراق هذه الأصناف وله أنه جمع معرف باللام فينصرف إلى أقصى ما عهد مستعملا فيه لفظ الجمع على التعيين وذلك عشرة، ثم في حلفه لا يكلمه الجمع له أن يكلمه في غير يوم الجمعة في قولهم جميعا لأن يمينه إنما تقع على عشرة أيام كل يوم جمعة فإن نوى أيام الأسبوع فعلى ما نوى. (ومنكرها) أي: منكر الأيام والشهور والسنين (ثلاثة) من كل صنف يعني إذا لم توصف لما قدمه من أنه مع الوصف يقع على عشرة لأنه بالوصف علم أنه لم يرد الأقل وهذا رواية (الجامع)، وهو الصحيح وسوى في (الأصل) بين المنكر والعرف في الأيام، وفي (الظهيرية) حلف لا يكلم فلانا أيامه هذه قال الثاني: هو على ثلاثة أيام ولو قال: لا أكلمه أيامه فهو على العمر قيد بالظروف لأنه لو قال: والله لا أكلم رجالا أو عبيدا حنث بثلاثة. وفي (المغرب): يحنث بأدنى ما ينطلق عليه الاسم عند عامة المشايخ فيحنث بالواحد وصرفه بعضهم إلى كل الجنس، ذكر في (الذخيرة) وفي (تهذيب) القرنسي، وأما الأطعمة والنساء والثياب فيقع على الواحد إجماعا ولو نوى الكل صحت نيته. تتمة: سكت كثير عن الجمع المضاف كلا يركب دواب فلان أو لا يلبس ثيابه أو لا يكلم عبيده وحكمه أنه يحنث بثلاثة مما سمى، وإن كان له أكثر بخلاف ما لو حلف لا يكلم زوجات فلان أو أصدقاءه حيث لا يحنث ما لم يكلم الكل، والفرن أن المنع في الأول لا لمعنى في المحلوف عليه بل باعتبار النسبة إلى فلان وقد ذكر النسبة باسم الجمع وأقله ثلاثة، وفي الثاني لمعنى فيه فتعلقت اليمين بالأعيان ولو نوى بالأول الكل دين كذا في (الذخيرة) وإخوة فلان من الثاني غير أنه إذا لم يكن له إلا أخ واحد فإن كان يعلم حنث به وإلا لا، كذا في (الواقعات). وينبغي أن يكون الأصدقاء والزوجات كذلك والله سبحانه وتعالى هو الموفق.

باب اليمين في الطلاق والعتاق

باب اليمين في الطلاق والعتاق إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر، فولدت ولدا ميتا، ثم آخر حيا عتق الحي وحده، أول عبد أملكه، فهو حر فملك عبدا عتق، ولو ملك عبدين معا، ثم آخر لا يعتق واحد منهم، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اليمين في الطلاق والعتاق قدم هذا الباب على غيره لكثرة وقوع الحلف بهما (إن ولدت فأنت كذا) أي: طالق (حنث بالميت) لأنه ولد حقيقة وعرفا وشرعا بدليل أن العدة به تنقضي وتصير به نفساء والأمة أم ولد، وكذا لو كان سقطا قد استبان بعض خلقه لما مر من أنه ولد في الحديث (يظل السقط مختبطا على باب الجنة حتى يدخل أبواه الجنة) روي بالهمز وهو العظيم البطن المنتفخ يعني تنتفخ بطنه من الامتلاء من الغضب وبتركه وهو المغتضب المستبطئ للشيء (بخلاف، فهو حر) حيث يشترط أن يكون حيا عند الإمام حتى (لو ولدت ميتا وحيا عتق الحي وحده)، وقالا: لا يعتق واحد منهما لتحقق الشرط بولادة الميت لكنه لما لم يكن محلا للحرية انحلت اليمين لا إلى جزاء وله أن الشرط ليس إلا الولد الحي وهو لأنه إلى جعل الجزاء وصفا للموصوف بالشرط بالحياة وإلا لغي بخلاف جزاء الطلاق لأنه لا يصلح مقيدا للولد بالحي لأن الطلاق واقع واصفا لغيره فلا يلزم تقييده وأورد ما لو قال: إن اشتريت عبدا فهو حر فاشترى عبدا لغيره ثم لنفسه لا يعتق الثاني لانحلال اليمين بالأول، ولم يتقيد ضرورة وصفه بالحرية بعبد نفسه، وأجيب بأن المشتري لغيره محل للإعتاق لصحة فيه موقوفا لغيره. وفي (الإيضاح) لو قال: أول عبد دخل علي فهو حر، فأدخل عليه عبد ميت ثم حي عتق الحي في قول الثلاثة هو الصحيح / لأن العبودية لا تبقى بعد الموت. [290/أ] (أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا عتق) لوجود الأول الذي هو اسم لفرد سابق، (ولو ملك عبدين معا ثم) مل (آخر لا يعتق واحد منهم) لعدم وجود الشرط، أعني الفردية قيد بملك العبدين معا لأنه لو ملك عبدا ونصفا معا عتق التام بخلاف ما لو قال: أول كرا أملكه فهو هدي فملك كرا ونصفا كذلك لم يهد شيئا لأن النصف يزاحم كل نصف من الكر لأنه مع كل نصف منه كر بخلاف نصف العبد فإنه متصل بالآخر فيكمل العبد بنصف، ذكره التمرتاشي.

ولو زاد وحده عتق الثالث ولو قال: آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا فمات لم يعتق، فلو اشترى عبدا، ثم عبدا، فمات عتق الآخر كل عبد بشرني بكذا، فهو حر، فبشرة ثلاثة متفرقون عتق الأول، ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو زاد) الحالف على كلامه الأول لفظة (وحده عتق الثالث)، قيد بذلك لأنه لو قال: واحد لا يعتق والفرق أن واحد يقتضي نفي المشاركة في الذات ووحده يقتضي نفي المشاركة المقرون به دون الذات وكل منهما حال من المفعول لكنها بالاعتبار الأول مؤكدة إذ كل واحد من الثلاثة أول بهذا المعنى، وبالاعتبار الثاني مؤسسة قيد في عملها أي: أملكه منفردا بالمملوكة، وهو صادق بالثالث وهذا المعنى وإن احتمل أن يكون في واحد أيضا فيعتق لكنه لا يعتق بالشك وجوز شمس الأئمة كونه حالا من العبد، يعني على وزان {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} (النحل: 123)، وكونه حالا من المولى فلا يعتق بالشك وبهذا التقرير علمت أن ما في (البحر) من أن الحر على أنه صفة للعبد كالإضافة أعني وحده مدفوع بل هو كالنصب لأنه يفيد أيضا نفي المشاركة في الذات، ولم أر في كلامهم الدفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف والظاهر أنه لا يعتق أيضا كالنصب فتدبره. فلو قال: أول عبد أشتريه بالدنانير أو أسود فاشترى عبدين بدراهم ثم واحد بالدنانير أو عبيد بيضا ثم أسود عتق الثالث، (ولو قال: آخر عبد أملكه فهو حل فملك عبدا ومات) المولى (لم يعتق) العبد لأن آخر اسم لفرد لاحق والفرد لا سابق له فلم يكن له لاحقا فلم يتحقق مناط العتق، وهذه المسألة مع التي قبلها تحقق أن المعتبر في الأخيرية وجوب سابق بالفعل وفي الأولية عدم تقيد غيره وإلا لم يعتق المشترى في أول عبد اشتريته فهو حر إذ لم يشترط بعده غيره (فلو اشترى عبدا ثم) اشترى (عبدا) آخر (فمات عتق الثاني) لتحقق مناط العتق غير أنه يستند إلى وقت الشراء عند الإمام حتى يعتبر من جميع المال إن كان الشراء في الصحة، وإلا فمن الثلث وعندهما يقتصر على حالة الموت فاعتبر من الثلث على كل حال. تتمة: بقي ما لو قال: أوسط عبد والمذكور في (البدائع) أن الوسط لا يكون إلا في وتر ولا يكون في شفع، فالثاني من الثلاثة وسط وكذا الثالث من الخمسة وعلى القياس (كل عبد بشرني بكذا) أي: بقدوم ولدي مثلا (فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون عتق الأول) فقط، لأن البشارة إنما تحققت منه لأنها اسم لخبر سار وصدق ليس للمبشر به علم فخرج الضار والكذب فإنهما وإن تغيرت بشرة الوجه بهما إلا أنهما في العرف إلا كذلك، ولا يختص لغة بالسار بل قد يكون في الضار أيضا ومنه

وإن بشروه معا عتقوا، وصح شراء أبيه للكفارة ـــــــــــــــــــــــــــــ {فبشرهم بعذاب أليم} (آل عمران: 210) ودعوى المجاز مدفوع بمادة الاشتقاق، إذ لا شك أن الإخبار بما يخافه الإنسان يوجب تغير البشرة أيضا. وقوله: ليس للمبشر به علم خرج الخبر وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام (مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال: من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد فابتدره أبو بكر وعمر بالبشارة فسبق أبو بكر فكان يقول بشرني أبو بكر وأخبرني عمر) ولو كتب إليه أحدهم كتابا بالبشارة عتق إلا إذا نوى المشافهة، وكذا لو أرسل إليه رسولا في البشارة والخير بخلاف الحديث فإنه لا يعتق إلا بالمشافهة كما في (الذخيرة). ولو قال: من أخبرني أن فلانا قدم فكذا عتق بالكذب إلا إذا عدي بالماء بأن قال: من أخبرني بقدومه فإنه يشترط فيه الصدق لإفادتها صادق الخبر بنفس القدوم، وكذا لو قال: إن كتبت بقدوم بخلاف أن فلان قدم والإعلام كالبشارة كما في (البدائع) وحينئذ فلا فرق بين أن يذكر الباء أو لا، (وإن بشروه معا عتقوا) لتحققها من الكل قال تعالى: {فبشروه بغلام عليم} (الذاريات: 28) أضاف البشارة إلى الكل وهذا لأن حقيقتها تتحقق بالأولية من فرد فأكثر (وصح شراء أبيه للكفارة) / لأنه [290/ب] عليه الصلاة والسلام جعل شراءه إعتاقا بقوله: (لن يجزي ولده والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتق). رواه الجماعة إلا البخاري، أي: فيعتق هو عند ذلك الشراء إذ الفعل إذا عطف على آخر بالفاء كان الثاني ثابتا بالأول كسقاه فأرواه، وأطعمه فأشبعه قيد بالشراء لأنه لو ملكه بالإرث لم يعتق عن كفارته إذا نواه، لأنها نية متأخرة عن العتق بخلاف ما إذا وهب له أو أوصى إليه به أو تصدق به عليه فنوى عند القبول أن يعتق عن كفارته فإنه يصح لسبقها مختارا في السبب، كذا في (الفتح) تبعا للشارح، وكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فقال: لم أر ذلك صريحا وكلامهم يفيده غير أنه زاد مما لم يطلع عليه ما لو جعله مهرا ولا شك في صحة النية أيضا، وظاهر أن المراد بالأب أصله فيشمل الأم أيضا دلالة فكان الأليق بهذه المسألة مع ما بعدها.

لا شراء من حلف بعتقها، وأم ولده إن تسريت أمة، فهي حرة صح لو في ملكه ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل: الكفارة لا يصح شراء من حلف بعتقه للكفارة بأن يقول لعبد غيره: إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا به العتق عن كفارته، وإنما لم يصح لأن هذه النية يشترط قرانها لعلة العتق وهو اليمين والفرض أنه لم ينو عند التكلم بل عند مباشرة الشرط حتى لو قال: إن اشتريته فهو حر عن كفارة يميني صح، (ولا) عطف على (من) أي: لا يصح أيضا أم ولده أي: (حلف بعتقها) للكفارة بأن يقول لأمة الغير التي استولدها بنكاح: إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني، وأما إذا اشترى أم ولده ناويا عند الشراء الكفارة فقد مر أنه لا يجوز فذكرها هنا ليس إلا للفرق بين الشراءين. وقوله في (الفتح): مع أنه في الفصلين مسبوق بما يوجب العتق من وجه، وهما القرابة والاستيلاد فيه نظر إذ لا إيجاب للقرابة أصلا وإن كان جزء علة لأن الحكم إنما يضاف إلى الجزء الثاني وهو الملك وحاصل الفرق هكذا للفرق بين شراء القريب للكفارة (وأم الولد) وإلا فعتق أم الولد لا يجزئ عن الكفارة معلقا ولا منجزا، لأن أم الولد استحقت العتق بالاستيلاد حتى جعل إعتاقا من وجه فلم يكن عتقها بالشراء إعتاقا من كل وجه إلا إذا لم يكن قبل الشراء عتق من وجه (إن تسريت أمة) أي: اتخذت سرية فعلية منسوبة إلى السر وهو الجماع أو الإخفاء لأن الإنسان يسره وضمت السين لتغير الأبنية بالنسبة كما قالوا بالنسبة إلى الدهر دهري للمعمر نعم إن كانت من السرور فإنها تسر بهذه الحالة ويسر هو بها أي: من السرور والسيارة فضم سينها على الأصل، ومعنى التسري عندهما أن يحصن أمته ويعدها للجماع أفضى إليها بمائة أو عزل عنها، وعند الثاني أن لا يعزل ماءه مع ذلك. قلنا: مادة اشتقاقه سواء اعتبرت من السرور أو ما يرجع إلى الجماع أو غير ذلك لا يقتضي الإنزال فيها لأن كلا منهما يتحقق دونه فأخذه في المفهوم واعتباره لا دليل عليه (فهي حرة صح) كلامه (لو) كانت الأمة (في ملكه) يوم حلف لأن اليمين انعقدت في حقها لمصادفتها الملك، وهذا لأن امة نكرة في سياق الشرط فتعم كالنفي، وأما إذا اشترى جارية وتسراها فإنها لا تعتق عندنا وهو قول الأئمة الثلاثة، وقال زفر: تعتق لأنه لا يصح إلا في الملك فكان ذكره ذكر الملك. قلنا: الملك صار مذكورا لضرورة صحة التسري وهو شرط فيتقدر بقدره ولا يظهر في حق صحة الجزاء وهو الحرية وفي (فتح القدير) لو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث، ذكره القدوري في (التجريد) عن أبي حنيفة، ولو

وإلا لا. كل مملوك لي حر عتق عبيده القن، وأمهات أولاده، ومدبروه، لا مكاتبه هذه طالق، أو هذه، وهذه طلقت الأخيرة، وخير في الأوليين، وكذا العتق والإقرار. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال: إن تسريت جارية فعبدي حر فاشترى عبدا ثم اشترى جارية فتسراها لا يعتق هذا العبد المستجد انتهى. وهذا يفيد أن الجماع بالفعل مأخوذ في مفهوم التسري ولو حصنها (و) أعدها للجمال (إلا) أنه لم يجامعها لم تعتق فتدبره، فإنهم أغفلوا التنبيه عليه هناك وبه علم جواب حادثة أخطأ فيها بعض من انتسب للفقه حيث أفتى بأنه (لا) يقع قياسا على مسألة (الكتاب) وهي ما لو قال: إن تسريت امة فأنت طالق وتسرى جارية فحصنها فإن الطلاق يقع. (كل مملوك لي حر عتق عبيده ومدبروه) من الرجال والنساء (وأمهات أولاده) لأن المطلق ينصرف إلى الكامل والملك فيمن ذكر كامل رقبة ويدا، ولو نوى الرجال فقط صدق ديانة أو عكسه لم يصدق كما لو قال: عنيت السود أو البيض (لا) يعتق (مكاتبه) ولا معتق البعض لأن الملك غير ثابت فيه يدا ولذا لا يملك اكتسابه إلا أن ينويه (هذه طالق أو هذه / وهذه طلقت الأخيرة وخير في الأولين) لأن أو لأحد المذكورين [291/أ] وقد أدخلها بين الأوليين ثم عطف الثالث على المطلقة منهما والعطف يشترك في معنى المعطوف عليه وحكمه هنا الطلاق المنجز، وإنما التوقف في التعيين فصار كما لو قال: أحدكما طالق وهذه. (وكذا العتق) بأن قال لعبيده: هذا حر أو هذا وهذا وقد يقال العطف بالواو كما يصح على أحد المفهوم من هذه أو هذه يصح على هذه الثانية والثالثة معا فيلزمه البيان كذلك في الطلاق والعتاق، كذا في (الفتح) وفي تقدير الشارح ما يفيد الجواب وحاصله أنا لا نسلم عطف وهذه على هذه الثانية للزوم أن يكون المعنى هذه طالق وهاتان طالقان والإخبار عن المثنى بالمفرد غير صحيح (والإقرار) بأن قال لفلان على ألف أو لفلان وفلان كان نصف الألف للثالث وعليه بيان من لهم نصف الآخر من الأوليين قيد بعدم ذكر الخبر لأنه لو قال: هذه طالق أو هذه وهذه طالقان أو هذا حر أو هذا وهذا حران لم تطلق واحدة ولم يعتق أحد بل يخير إن اختار الإيجاب الأول وحده طلقت الأولى وحدها، والعبد الأول وحده أو الثاني عتق الأخيران وطلقت الأخيرتان والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها

باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها ما يحنث بالمباشرة، لا بالأمر البيع والشراء، ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اليمين في البيع والشراء والتزويج والصوم والصلاة وغيرها قدم البيع والشراء لكثرة وقوعهما ثم الضابط هنا أحد أمرين، الأول: أن كل فعل ترجع الحقوق فيه إلى المباشر لم يحنث الحالف فيه بفعل الوكيل والمأمور وما لا حقوق له ترجع إلى المباشرة يحنث، سواء كان له حقوق أو لا، والثاني: أن كل ما يستغني المأمور في مباشرته عن إضافته إلى اآمر لا يحنث بمباشرة المأمور وإن كان لا يستغني عن الإضافة يحنث، وبالثاني دخل نحو الخصومة مما لا حقوق له ترجع إلى المأمور فإنه يحنث فيها بالتوكيل على ما سيأتي، وبهذا التقرير علمت أن القسمة ثنائية كما جرى عليه المصنف والأكثرون وجعلها في (الخانية) ثلاثية بجعل ما لا حقوق له قسما ثالثا. وادعى في (البحر) أنه الأولى لأن ما لا حقوق له يخرج عنهما، وقد علمت أنه لا يخرج نعم يرد على الثاني الصلح عن إنكار فإنه من الثاني مع أنه يستغنى فيه عن إضافته إلى الآمر كما في (شرح الوقاية) (ما يحنث) فيه (بالمباشرة) أي: مباشرته بنفسه (لا) يحنث فيه (بالأمر) إلا إذ كان الحالف سلطانا أو قاضيا أو شريفا فيحنث بالأمر أيضا، نص عليه في (الكافي) فلو باشره مرة وترك أخرى اعتبر الأغلب جزم به في (الخانية) ووسيط (المحيط) والبزازي. قال في (القنية): وقيل ينظر إلى العين المبيعة إن كانت مما يشتري بنفسه لشرفها لا يحنث بفعل وكيله إلا أن يقصد أن لا يفعل ذلك بنفسه، وإن كانت مما لا يشتريها بنفسه لحسنها أو لغير ذلك يحنث بشراء الوكيل (البيع)، فلو حلف لا يبيع فوهب بشرط العوض ينبغي أن يحنث كذا في (القنية) وبه جزم في (الظهيرية) ولو حلف لا يبيع داره فأعطاها صداقا لامرأته إن أعطاها عوضا عن دراهم المهر حنث لا إن تزوجها عليها (والشراء) فلو حلف لا يشتري منه فأسلم إليه في ثوب حنث، ولو اشترى منه بالتعاطي قيل: يحنث وفي (مجموع النوازل) وضع المسألة في البيع فقال: إن حلف لا يبيع الخبز فباعه بالتعاطي من الجانبين لا يحنث وفي (شهادات

والإجارة والاستئجار، والصلح عن مال، والقسمة، والخصومة وضرب الولد. وما يحنث بهما النكاح، ـــــــــــــــــــــــــــــ القدوري) ما يؤيده حيث قال: لا يسمع من عاين ذلك أن يشهد على البيع بل على التعاطي كذا في (البدائع)، وفي (القنية) حلف لا يشتري لا يحنث بالتعاطي وقد اختلف فيه أئمة بخارى وسمرقند، وقال الأولون: لا يحنث بالتعاطي، والآخرون يحنث ثم رقم (للمتنقى) وقال: لا يحنث وفيها عن الكرابيسي حلف إن اشتراها يحنث بالإقالة، كذا في (عقد الفرائد). وفي (الظهيرية): باع عبده من رجل وسلم إلى المشتري ثم حلف البائع أن لا يشتريه من فلان ثم إن المشتري أقال البيع وقبل البائع الإقالة لا يحنث، فلو كان الثمن ألف درهم فوقعت الإقالة بمائة دينار أو أكثر من الثمن الأول أو أقل حنث قيل: هذا قولهما وأما على قول الإمام فلا يحنث (والإجارة والاستئجار) فلو حلف لا يؤجر وله مستغلات أجرتها زوجته وقبضت الأجرة وأعطتها له لا يحنث، وتركها في أيدي الساكنين ليس إجارة، وكذا لو تقاضى منهم أجرة شهر قد سكنوه، أما لو تقاضى منهم أجرة شهر لم يسكنوا فيه أو قال اقعدوا في هذه المنازل كان ذلك إجارة فيحنث كذا في (الذخيرة) وأنت خبير بأن تقاضي أجرة / شهر لم يسكنوا فيه ليس إلا إجارة [291/ب] بالتعاطي فينبغي أن يجري فيه الخلاف السابق (والصلح عن مال) مقيد بكونه عن إقرار لما سيأتي في بابه من أنه عن إنكار فداء فيكون من الثاني كالصلح عن عمد. وفي (المحيط) عن (المنتقى): حلف لا يصالح رجلا في حق يدعيه فوكل رجلا فصالحه لم يحنث، وكذا لو حلف لا يخاصمه، ولو قال: والله لا أصالح فلانا فأمر غيره فصالحه حنث لأن الصلح لا عهدة فيه، وحمل الثاني في (البحر) على الصلح اللغوي أي: الرافع للعداوة ولا حاجة إليه بل الأول عن إقرار، والثاني عن إنكار (والقسمة والخصومة وضرب الولد) عد في (المحيط) الخصومة من الثاني أولا، وثانيا من الأول قال البرازي: والفتوى أنها ملحقة بالأول إنا لم يحنث بالأمر في هذا لأن العقد وجد من العاقد حقيقة وحكما حتى رجعت الحقوق إليه، ولذا لو كان هو الحالف حنث وإنما الثابت للأمر حكمه إلا أن ينوي غيره (وما يحنث بهما) أي: بالمباشرة والأمر أي التوكيل كما في (الشرح) وليس مقصورا عليه بل الرسالة كذلك بدليل عد الاستقراض من هذا النوع، والتوكيل به غير صحيح كذا في (البحر) ولك أن تقول: إنما خصه لتعلم الرسالة منه بالأولى بقي أن مجرد الأمر لا يحنث به لا بد من فعل الوكيل ذلك الشيء المحلوف عليه ففي العبارة تسامح. فلو قال: وما يحنث به بفعل مأموره لكان أولى، وأنت خبير بأن المؤثر في حنثه إنما هو أمره والفعل شرط فيه (كالنكاح) فلو حلف لا يتزوج فعقده بنفسه أو

والطلاق، والخلع، والعتق، والكتابة، والصلح عن دم عمد، والهبة، والصدقة ـــــــــــــــــــــــــــــ وكل، فعقد الوكيل حنث، وكذا لو كان الحالف امرأة فلو حلفت وأجبرت ممن له ولاية الإجبار ينبغي أن لا تحنث كما لو جن فزوجه أبوه كارها ولو صار معتوها فزوجه أبوه لا يحنث، كذا في (عقد الفرائد) وتزويج الأمة بولاية الإجبار يتصور في الأمة وقد سئلت بالدرس الجامع الأزهر عما إذا كان له وكيل مطلق مفوض قبل اليمين فزوجه وأجبت بأنه يحنث أيضا، لأن المقصود إيجاد الفعل من الوكيل بعد اليمين وقد وجد ثم رأيت في (عقد الفرائد) عن (التاتارخانية) وكذا لو كان الوكيل قبل اليمين ولو زوجه فضولي فإن عقد قبل اليمين لا يحنث بالإجازة مطلقا وبعده يحنث بالإجازة القولية هو المختار ولا يحنث بالفعلية رواه ابن سماعة عن محمد وعليه أكثر المشايخ وقيل: يحنث وبالأول يفتى، ولو قال: لا أزوج فلانة فأمر رجلا فزوجها لا يحنث بخلاف لا أتزوج، والفرق في الأول لم يلحقه حكم ولحقه في الثاني وهو الحل كذا في (البزازية) وغيرها. (والطلاق) والعتاق هذا الإطلاق أيضا مقيد بأن يقعا بكلام واحد بعد اليمين حتى لو علق الطلاق أو الحرية بدخول الدار ثم حلف أنه لا يطلق ولا يعتق فدخل ووقع الطلاق (والعتق) لم يحنث، ولو كان ذلك بعد اليمين حنث وعلى هذا لو وقع الطلاق بمضي مدة الإيلاء أو أعتق المكاتب بالأداء، ولو فرق بينهما بالعنة لم يحنث عند زفر، وعن الثاني روايتان وكذا لو قال لها: أنت طالق إن شئت أو اختاري فاختارت ولو طلق امرأته ثم قال: إن تزوجت امرأة باسمك فهي طالق ثم تزوجها لم تطلق، ولو قال: بهذا الاسم طلقت، والفرق أنه في الأول صارت المرأة معرفة بكاف الخطاب فلم تدخل تحت النكرة بخلافه في الثاني (والخلع) هو الطلاق (و) قد مر في (الكتابة) عدها في هذا النوع هو الصحيح وجعلها في (النظم) كالبيع كما في (المجتبى). ولو أجاز كتابة الفضولي حنث كذا أطلقه غير واحد وقياس ما مر أن يقيد بما إذا كانت بالقول (والصلح عن دم العمد)، فلو حلف أن لا يصالح عن دم العمد فوكل حنث، لأن المنافع تعود إليه بخلاف الصلح عن إقرار، ولو قال: والإنكار لكان أولى (والهبة)، فلو حلف لا يهب مطلقا أو معينا أو شخصا بعينه فوكل من وهب حنث صحيحة كانت الهبة أو لا قبل الموهوب له أو لا قبض أو لم يقبض لأنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه ولا يملك أكثر من ذلك وفي (المحيط) حلف لا يهب عبده هذا لفلان ثم وهبه له على عوض حنث لأنه هبة صيغة ولفظا انتهى. (والصدقة) هي كالهبة فيما مر قال ابن وهبان: وكذا ينبغي أن يحنث في حلفه

والقرض، والاستقراض، وضرب العبد، والذبح والبناء، والخياطة، والإيداع والاستيداع، والإعارة ـــــــــــــــــــــــــــــ أن لا يقبل صدقة فوكل بقبضها له، قال: ولو تصدق على فقير بلفظ الهبة ينبغي أن يحنث، ولو وهب شيئا بلفظ الصدقة ينبغي أن لا يحنث لأنه لم يثبت له الرجوع استحسانا إذ قد / يقصد به الصدقة على الغني الثواب ويحتمل أن لا يحنث اعتبارا [292/أ] باللفظ انتهى. وجزم في (التاتارخانية) عن (الظهيرية) بعدم الحنث بالصدقة في يمين الهبة (والقرض)، فلو حلف لا يقرض مطلقا أو معينا حنث بفعل وكيله قبل المستقرض أو لم يقبل، وكذا العطية والعارية وقبول المقترض شرط عندهما في الحنث لأنه كالمعاوضة وفي (التاتارخانية) أنه لا يكون قرضا بدون القبول في قول محمد وإحدى الروايتين عن الثاني، وفي أخرى ليس بشرط وقياس ما مر من أنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه ترجيحه (والاستقراض) وهو كالقرض فيحنث سواء أقرضه المستقرض منه أو لا، وينبغي أن يجري فيه الخلاف في القبول كالقرض ولم أره (وضرب العبد) لأن المقصود منه وهو الائتمار بأمره راجع إليه بخلاف ضرب الولد فإن المقصود منه هو التأدب راجع إلى الولد. قال في (الفتح): وأما في عرفنا وعرف عامتنا فإنه يقال: ضرب فلان اليوم ولده وإن لم يباشر ويقول العامي لولده: غدا أسقيك علقة ثم يذكر المؤدب الولد فيضربه فيعد الوالد نفسه قد حقق إيعاده ذلك ولم يكذب، ومقتضاه أن ينعقد على معنى لا يقع بكل ضرب من جهتي ويحنث بفعل المأمور انتهى. ويوافقه ما في (الخانية) إن كان الولد صغيرا ينبغي أن يحنث بفعل وكيله لأنه يملك ضرب ولده، والصغير والزوجة قيل نظير العبد وقيل نظير الولد. قال في (البحر): وينبغي ترجيح الثاني لما مر في الولد، ورجح ابن وهبان الأول لأن النفع عائد إليه بطاعتها له، وقيل: إن جنت فنظير العبد وإلا فنظير الولد، قال بديع الدين: ولو فصل هذا في الولد لكان حسنا كذا في (القنية) (والذبح والبناء والخياطة) حتى لو حلف لا يذبح في ملكه شاة أو لا يبني دارا بعينها أو لا يخيط ثوبه فأمر غيره بذلك حنث. وفي (الخانية) ي البناء والخياطة يحنث بالأمر سواء كان يحسن ذلك أو لا (والإيداع والاستيداع) حتى لو حلف لا يودع شيئا سواء قيده بشخص أو أطلق يحنث بفعل وكيله، لأن المنفعة تعود إليه (والإعارة) حتى لو حلف لا يعير مطلقا أو شيئا بعينه فوكل بذلك حنث قبل المستعير أو لا، ولو عين شخصا فأرسل المحلوف عنه شخصا فاستعار حنث، لأنه سفير محض فيحتاج إلى إضافة

والاستعارة، وقضاء الدينن وقبضه، والكسوة، والحمل ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الموكل فكان كالوكيل بالاستقراض كذا في (الخانية) وجعل في (جمع التفاريق) الحنث قول زفر خلافا ليعقوب قال الشهيد: والفتوى على الحنث وهذا إذا أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة بأن قال: إن فلانا يستعير منك كذا، فأما إذا لم يقل ذلك لم يحنث ذكره في (التاتارخانية) غير أنه عبر عن الرسول بالوكيل (والاستعارة)، وهي كالإعارة (وقضاء الدين وقبضه)، فلو حلف لا يقبض الدين فأمر غيره يحنث بقبض وكيله، فلو حلف لا يقبض من غريمه اليوم وقد كان وكل فقبض الوكيل بعد اليمين كذا في (المنتقى). قال قاضي خان: وينبغي أن يحنث كما في النكاح (والكسوة)، فلو حلف لا يلبس أو لا يكسو مطلقا أو كسوة بعينها أو معينا حنث بفعل وكيله، لأن منفعة الاكتساء عائدة إليه وكسوة غيره هبة إن كانت لغني وصدقة إن كانت لفقير وفي (السراجية) لو لقيه بعد موته لا يحنث إلا إذا أراد الستر دون التمليك وفي (الخانية) حلف أن لا يكسو فلانا فأرسل إليه بقلنسوة أو خفين أو نعلين حنث لا أن ينوي أن يعطيه، ولو حلف لا يجدد لأمته ثوبا فأمر غيره فاشترى بمال المولى حنث، (والحمل) فلو حلف لا يحمل شخصا شيئا يعني متاعا فوكل شخصا أن يحمل متاعا كذلك حنث بفعل وكيله هذا في غير الإجارة، قال ابن وهبان: والظاهر أنه لا فرق بين هذا وبين الاستخدام. تكميل: من هذا النوع الهدم والقطع والقتل والشركة كما في (منظومة ابن وهبان) وقدمنا أن منه ضرب الزوجات والولد الصغير في رأي قاضي خان ومنه تسليم الشفعة والإذن كما في (الخانية) والنفقة كما في الإسبيجابي والوقف والأضحية والحبس والتعزيز بالنسبة إلى القاضي والسلطان وينبغي أن يقال في الحج كذلك في صورة أخرى، كذا في (شرح المنظومة) للشيخ عبد البر ومنه الوصية كما في (الفتح) وينبغي أن يكون منه الحوالة والكفالة كما لو حلف لا يحلل فلانا فوكل من [292/ب] يحيله أو لا يقبل حوالته أو لا يكفل عنه فوكل بقبول ذلك والقضاء / والشهادة والإقرار في (البحر) أن منه التولية فلو حلف لا يولي شخصا ففوض إلى من يفعل ذلك حنث، وهي حادثة الفتوى ويدل على ذلك ما قاله الشيخ ففوض إلى من يفعل ذلك حنث، وهي حادثة الفتوى ويدل على ذلك ما قاله الشيخ عبد البر فقرات بخط والدي نظم المسائل التي لا يحنث فيها بفعل الوكيل لأنها الأقل مشيرا إلى أنه يحنث فيما عداها فقال: بفعل وكيل ليس يحنث حالف .... ببيع شراء صلح مال خصومة إجارة استئجار الضر لابنه .... كذا قسمة والحنث في غيرها أثبت

ودخول اللام على البيع، والشراء والإجارة والصاغة والخياطة، والبناء كإن بعت لك ثوبا لاختصاص الفعل بالمحلوف عليه بأن كان بأمره كان ملكه أو لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ والله أعلم، وبهذا تمت المسائل أربعة وأربعين وقصارى ما أوصله الطرسوسي إلى أربعة وعشرين، وقال: إنه لم يقف على أكثر منها وزاد ابن وهبان خمسة والله الموفق. واعلم أن ما يحنث فيه بفعل الوكيل لو قال: نويت أن لا ألي ذلك بنفسي ففي الأفعال الحسية كالضرب والذبح يصدق قضاء وديانة لأنها لا توجد منها إلا بمباشرته لها حقيقة، فإذا لم يباشرها فقد نوى حقيقة كلامه، وفي غيرها كالطلاق والنكاح روايتان، أشهرهما أنه لا يصدق إلا ديانة لأنه كما يوجد بمباشرته يوجد بأمره وإذا نوى المباشرة فقط نوى تخصيص العام وهو خلاف الظاهر فلا يقبل منه كذا في (كافي المصنف). (ودخول اللام) والواو للاستئناف وحذفها في (الوافي) دفعا لتوهم عطفها وهو أولى (على البيع) أي: على فعل يحتمل النيابة وأراد بدخولها عليه قربها منه (والشراء والإجارة والصياغة والبناء كإن بعت لك ثوبا) التصريح بالمفعول به ليس بشرط لما في (المحيط) حلف لا يبيع لفلان فباع ماله أو ما غيره بأمره حنث كذا في (البحر) وأنت خبير بأن تمايز الأقسام أعني تارة دخل على الفعل أو على العين إنما يظهر بالتصريح بالمفعول فلا جرم صرح به (لاختصاص الفعل) خبر الدخول (بالمحلوف عليه بأن كان بأمره كان ملكه أو لا) لأنها تضيف متعلقها وهو الفعل بمدخولها وهو كاف الخطاب فتقيد أن المخاطب مختص بالفعل، وكونه مختصا به يفيد أن لا يستفاد إطلاق فعله إلا من جهة بأن يكون بأمره، فإذا وجد كان بيعه إياه من أجله وهي لام التعليل فصار المحلوف عليه أن لا يبيعه من أجله، سواء كان مملوكا أو لا، ولزم من هذا أن لا يكون إلا في الأفعال التي تجري فيها النيابة. وفي (الظهيرية) حلف لا يشتري لفلان ثوبا فأمره فلان أن يشتري لولده الصغير أو لعبده ثوبا فاشتراه لا يحنث، وبه علم أنه لا بد أن يكون المحلوف عليه قد أمره بأن يفعله لنفسه لا يطلق الأمر كما في (المختصر) وغيره كذا في (البحر). وأقول: مقتضى التوجيه السابق حنثه حيث كان الشراء لأجله ألا ترى أن أمره ببيع مال غيره موجب حنثه غير مقيد بكونه له بقي ما لو باع الحالف ثوبا للمحلوف عليه بغير أمره لكنه أجازه البيع، فروى ابن سماعة عن محمد أنه يحنث، وعلله في (المحيط) بأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وفي (الخانية) قال: والله لا أبيع لفلان ثوبا، فباع الحالف ثوبا للمحلوف عليه ليجيز صاحب الثوب حنث الحالف

وعلى الدخول، والضرب والأكل والشرب، والعين كإن بعت ثوبا لك لاختصاصها به بأن كان ملكه أمره أو لا، فإن نوى غيره صدق فيما عليه إن بعته، أو ابتعته، فهو حر فقعد بالخيار ـــــــــــــــــــــــــــــ أجازه المحلوف عليه أو لم يجز ولو باعه الحالف وهو لا يريد بذلك أن يكون البيع للمحلوف عليه وإنما يريد بيعه لنفسه لا يكون حانثا انتهى. قال في (البحر): وهذا يفيد أنه يكفي من حلفه أن يقصد بيعه لأجله سواء كان بأمره أو لا، فلو حذف المصنف الأمر لكان أولى إلا أن يقال: إن هذا في اليمين بالله تعالى والباب معقود للطلاق والعتاق لكنه بعيد وما في (الكتاب) عزاه في (المحيط) إلى (الجامع) وما في (الخانية) عن ابن سماعة عن محمد فظاهره أنه ضعيف انتهى. وأنت قد علمت أن ما عن ابن سماعة خلاف ما في (المحيط) وما في (الخانية) جزم به في (البزازية) والذي ينبغي حمله على ما إذا نوى بالاختصاص الملك على ما سيأتي، (و) دخول اللام (على الدخول) كإن دخلت دار فيحنث بدخول دار يختص بها المخاطب أي: تنسب إليه، كذا في (الفتح) وتمثيل بعضهم بإن دخلت لك دارا يختص بها المخاطب أيضا لا يناسب تقسم المصنف، لأن دخولها في هذا المقال على العين وإن اتحدا حكما فيما لا يحتمل حكم النيابة (والضرب) كإن ضربت لك غلاما أي: ولدا وهذا هو الصواب في تفسير الغلام الواقع في كلامهم خلافا لما في (الجامع الصغير) لقاضي خان من أن المراد به العبد لأنه [293/أ] يحتمل البناء والكلام فيما لا يحتملها، / كذا في (العناية). (والأكل والشرب و) دخول اللام أيضا على (العين)، أي: الذات (كإن بعت ثوبا لك لاختصاصها) أي: العين في القسمين (به) أي: بالمحلوف عليه (بأن كان) المحلوف عليه (ملكه أمره) به (أو لا)، لأن المحلوف عليه يوجد مع أمره وهو بيع ثوب مختص به لأن اللام هنا أقرب إلى الاسم من الفعل، والقرب من أسبابه الترجيح ومثله ما إذا وليت فعلا لا يجزئ فيه النيابة كما مر، (وإن نوى) الحالف (غيره) أي: غير ما مر مما يقتضيه ظاهر كلامه (صدق) ديانة وقضاء (فيما عليه) أي: فيما فيه تشديد عليه بأن باع في الأولى ثوبا مملوكا للمخاطب بغير أمره ونوى بالاختصاص الملك وعليه يحمل ما مر عن (الخانية) كما أشرنا إليه، أو باع في الثانية ثوبا لغير المخاطب بأمره ونوى به الأمر فيحنث في المسألتين لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه. وأفهم كلامه أنه لو نوى به الأمر فيحنث لو نوى العكس فيهما لئلا يحنث صدق ديانة فقط (إن بعته) أي: هذا العبد (أو ابتعته) أي: اشتريته (فهو حر فعقد) البائع البيع أو المشتري الشراء (بالخيار) للبائع في الأول، وللمشتري في الثاني

حنث وكذا بالفاسد، ـــــــــــــــــــــــــــــ (حنث) لوجود الشرط وهو البيع والشراء مع قيام الملك عنده، إذ المبيع لا يخرج عن ملك البائع باشتراط الخيار له اتفاقا، وخيار المشتري وإن منع من دخوله في ملك المشتري عند الإمام لكن العتق معلق بتعلقه والمعلق كالمنجز ولو نجز العتق بعد الشراء بالخيار انفسخ الخيار ووقع العتق، فكذا إذا علق قيل: لا نسلم أن هذا المعلق كالمنجز لأن المنجز لو لم ينفسخ الخيار فيه يلغو والمعلق لا يلزم إلغاؤه لثبوت العتق يحتاط في إثباته وجب اعتباره إذ ذاك، وظاهر أن البائع في حلفه لو شرط الخيار للمشتري لا يعتق، وكذا لو شرط المشتري الخيار للبائع في حلفه أيضا قيد بالخيار لأنه لو باعه بيعا باتا لا يعتق لزوال ملكه به، والجزاء لا ينزل في غير الملك وينبغي أن تنحل اليمين لوجود الشرط وهو البيع حقيقة، كذا في (الشرح). وفي (الذخيرة) إن اشتريته فهو حر فاشتراه لغيره هل تنحل اليمين؟ لم يذكر محمد المسألة وكان البلخي يقول: لقائل أن يقولك لا تنحل وهو الأشبه لأنه إنما يراد به عرفا فالشراء لنفسهن وبهذا عرف الفرق بين هذا وبين قوله لامرأته: إن اشتريت غلاما فأنت كذا حيث تنحل اليمين بوقوع الطلاق إذا لم يوجد ما يدل على إرادته الشراء لغيره والله الموفق. فرع قال لأمته: إن بعت منك شيئا فأنت حرة، فباع نصفها من الزوج الذي ولدت منه أو من أبيها لا تعتق ولو من أجنبي عتقت، والفرق أن الولادة من الزوج والنسب من الأب يقدم فيقع ما تقدم نسبه وهذا المعنى لا يمكن اعتباره في حق الأجنبي، وكذا لو قال: إن اشتريت من هذه الجارية فهي مدبرة ثم اشتراها هو وزوجها الذي ولدت منه فهي أم ولد لزوجها ولا يقع عليها تدبير للمشتري لما مر كما في (الظهيرية). (وكذا) يحنث (بالفاسد) في حلفه لا يبيع أو لا يشتري هو الصحيح كما في (الذخيرة) خلافا لما عن الثاني، ثم هذا مقيد في الأول بأن يكون في يد البائع أو في يد المشتري بأمانة أو برهن لأنه لم يزل ملكه عنه، فإن كان في يد المشتري مضمونا بنفسه لا يعتق لزوال ملكه عنه بالعقد وينبغي أن تنحل اليمين وفي الثاني بأن يكون في يد المشتري حاضرا وقت العقد أو غائبا وهو مضمون بنفسه كالمغصوب فإن كان في يد البائع أو في يد المشتري أمانة أو مضمونا بغيره كالرهن لا يعتق لأنه لا يصير قابضا عقب العقد، كذا في (البدائع). وفي (المحيط): عن الثاني إن اشتريت عبدا فهو حر فاشتراه فاسدا ثم تتاركا

والموقوف، لا بالباطل. إن لم أبع فكذا أعتق، أو دبر حنث ـــــــــــــــــــــــــــــ البيع ثم اشتراه صحيحا لا يعتق، لأنه حنث بالفاسد وانحلت اليمين به لأنه شراء حقيقة قال الشارح: وفيه دليل على أنه لو اشتراه فاسدا والعبد في يد البائع انحلت اليمين لا إلى جزاء لعدم الملك قبل القبض ثم بالقبض لا يعتق قيد بالبيع لأنه بالنكاح لا يحنث بالفاسد، سواء عينها أم لا هو الصحيح كما في (الخانية) وكذا في حلفه لا يصوم ولا يصلي لأن المقصود من النكاح الحل ومن الصلاة والصوم الثواب. ولو قال: إن كنت تزوجت أو صمت أو صليت كان على الصحيح والفاسد لأن [293/ب] الماضي / إنما يقصد به الإخبار عن المسمى لا الحل والتقرب والاسم يطلق عليهما كذا في (البدائع) (والموقوف) أي: ويحنث أيضا بالموقوف في حلفه لا يبيع بأن يبيعه لغائب قبل عنه فضولي أو لا يشتري بأن اشتره ببيع فضولي له فإنه يحنث عند إجازة البائع وأما إذا حلف لا يشتري أو لا يبيع، واشترى موقوفا فإنه يحنث قبل الإجازة، كذا في (البحر). والذي في (الشرح) أنه يحنث بالشراء، وإن لم يجزه المالك (لا) يحنث (بالباطل) من البيع والشراء في حلفه لا يبيع ولا يشتري بأن باع أو اشترى ميتة أو دما لانعدام المقصود من هذا العقد وهو الملك، ولو اتصل به القبض ولو اشترى بهذه الأشياء لم يذكره محمد وقد قيل: يحنث وقيل: لا يحنث كذا في (الذخيرة). ولو اشترى مدبرة أو أم ولد لا يحنث إلا إذا قضى بجواز البيع والمكاتب كالمدبر في رواية وبها جزم في (المحيط) غير أن القضاء فيه لا يتأتى فأريد الحنث على رضاه بذلك (إن لم أبع) عبدي هذا أو أمتي هذه (فكذا)، أي: فامرأته طالق (حنث) لأن الشرط وهو عدم بيعه قد تحقق بوقوع اليأس عنه بما ذكر قبل وقوع اليأس في الأمة والتدبير ممنوع لجواز أن ترتد فتسبى فيملكها الحالف وأن يحكم القاضي ببيع المدبر، وأجيب بأن من المشايخ من قال: لا تطلق لهذا الاحتمال، والأصح ما في (الكتاب) لأن ما فرض أمر متوهم فلا يعتبر. قال في (البحر): وينبغي أنه إذا قال: إن لم أبعك فأنت حر فدبره تدبيرا مطلقا أنه يعتق. فرعان: إن لم تضعي هذا في هذا الصحن فأنت كذا فكسرته وقع الطلاق، كذا في (القسامية) وعزى الثاني إلى (الذخيرة) وإنما حنث لبطلان اليمين باستحالة البر كما إذا كان في الكوز ماء فصب على ما مر وكان ذلك في الحمام يمين الفور وإلا

قالت: تزوجت علي فقال: كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة علي المشي إلى بيت الله، أو إلى الكعبة حج، أو اعتمر ماشيا، فإن ركب أراق دما بخلاف الخروج، أو الذهاب إلى بيت الله، أو المشي إلى الحرم، ـــــــــــــــــــــــــــــ فعود الحمام بعد الطيران ممكن عقلا وعادة فتدبر. (قالت: تزوجت علي فقال) الزوج: (كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة) بكسر اللام في ظاهر الرواية لأن اللفظ عام ولا مخصص متيقن، ولم يحك خلافا في (الجامع الصغير) والمذكور في شروحه عن الثاني أنها لا تطلق. قال السرخسي: وهو الأصح عندي وفي نكاح (الجامع) لقاضي خان وبه أخذ مشايخنا لأن الكلام خرج جوابا فينطبق على السؤال فكأنه قال: كل امرأة لي غيرك دلالة في (الذخيرة) الأولى أن يحكم الحال إن جرى بينهما خصومة يدل على غضبه يقع الطلاق عليها وإلا لا، ثم فرق بين هذا وبين قوله ألك امرأة غير هذه المرأة فقال: كل امرأة لي طالق لا تطلق هذه المرأة بأن قوله غير هذه المرأة لا يحتمل هذه المرأة، فلم تدخل واسم المرأة يشملها فدخلت. قال: (علي المشي إلى بيت الله، أو إلى الكعبة، حج أو اعتمر) سواء كان بمكة أو لا، لأنه تعورف بذلك إيجاب أحد النسكين فصار مجازا لغويا حقيقة عرفية كقوله على حجة أو عمرة (ماشيا) حال من فاعل حج، وأورد أنه إذا كان كقوله: علي حجة أو عمرة ينبغي أن لا يلزمه المشي لأنه لو قال: علي الحج لا يلزمه المشي وأجيب بأن التقدير على حجة أو عمرة ماشيا، لأن المشي لم يهدر اعتباره شرعا ثم إن لم يكن بمكة لزمه المشي من بيته على الراجخ لا من حيث يحرم من الميقات، والخلاف فيما إذا لم يحرم منه فإن أحرم منه لزمه المشي منه اتفاقا وإن كان بها وأراد أن يجعل الذي لزمه حجا فإنه يحرم من الحرم ويخرج من عرفات ماشيا إلى أن يطوف طواف الزيارة كغيره، وإن أراد إسقاطه بعمرة فعليه أن يخرج إلى الحل ويحرم منه، وهل يلزمه المشي في ذهابه خلاف؟ والوجه يقتضي أنه يلزمه إذ الحاج يلزمه المشي من بلدته مع أنه ليس محرما بل ذاهب إلى محل الإحرام ليحرم منه فكذا هذا، (فإن ركب)، أي: اختار الركوب (أراق دما) لأنه أدخل فيه نقصا، ولو أراد ببيت الله بعض المساجد لم يلزمه شيء (بخلاف) ما لو قال علي (الخروج: أو الذهاب) أو السفر أو الشد والهرولة أو السعي (إلى بيت الله تعالى أو) قال: علي (المشي إلى الحرم) أو إلى المسجد الحرام حيث لا يلزمه شيء عند الإمام وقالا: يلزمه في هذين أحد النسكين.

أو الصفا، والمروة عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق. وحنث في لا يصوم بصوم ساعة بنية، ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ [294/أ] قال في (الفتح): والوجه أن يحمل على أنه تعورف / بعد الإمام إيجاب النسك بهما فقالا به فيرتفع الخلاف وإلا فالوجه المذكور لهما ليس بقوي، وهو أن الحرم والمسجد الحرام يشتمل على الكعبة فذكر المشتمل ذكر للمشمول وهو الكعبة، ولو صرح بقوله المشي إلى الكعبة لزمه، فكذا ذكر المشتمل لأنه إيجاب اللفظ للتعارف عينه فيه وليس عين المشي إلى الحرم عينه وهو وجه الإمام ولا خلاف أنه لو قال: علي المشي إلى أستار الكعبة أو بابها أو ميزابها أو أسطر نهلة البيت أو إلى عرفات أو مزدلفة (أو) إلى (الصفا والمروة) لا يلزمه شيء (عبده حر إن لم يحج العام) ثم قال: حججت (فشهدا بنحره) أي: القاضي أي: بأنه ضحى في هذا العام (بالكوفة لم يعتق) لعدم قبول هذه الشهادة عندهما. وقال محمد: تقبل لأنها قامت على أمر معلوم هو التضحية، وكيف لا تقبل؟ ومن ضرورته انتفاء الحج ذلك العام وبه يتحقق الشرط ولهما أنها قامت على نفي الحج لأنه المقصود منها، وهذا لأن الشهادة على التضحية غير مقبولة إذ العبد لا حق له يبطله وما لا مطالبا له يدخل تحت القضاء والشهادة على النفي باطلة ونوقض هذا بما في (السير) شهدا أنه قال: المسيح ابن الله ولم يقل قول النصارى والرجل يقول وصلت بذلك كلامي أجاب الإمام قاضي خان بأنها قامت على أمر وجودي وهو سكوت الزوج لا لأن النفي يقبل إذا أحاط به علم الشهاد كما ادعاه بعض المشايخ لأنه لا فرق بين نفي ونفي كما اختاره في (الهداية) والظاهر أن محمدا لم يعلل المسألة بأنها قامت على نفي شيء أحاط به علم الشاهد وإلا فكيف يستقيم جواب قاضي خان؟ قال في (الحواشي السعدية): وفي كون السكوت أمر وجوديا بحث ففي شرح (العقائد) السكوت ترك التكلم انتهى، لكن يجوز أن يراد بالترك الكف وما في (المبسوط) من أن الشهادة على النفي تقبل في الشروط كما لو قال لعبده: إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر، فشهدا أنه لم يدخلها قضي بعتقه، وما نحن فيه كذلك أجيب عنه بأنها قامت على أمر معاين هو كون خارج البيت فيثبت النفي ضمنا وفيه نظر، إذ العبد كما لا حق له في التضحية لا حق له في الخروج فإذا كان مناط القبول كون المشهود به أمرا وجوديا للمدعى به من النفي المجعول شرطا، وإن كان غير مدعى به لتضمنه المدعى به، كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة للنفي، وبهذا ينهض الوجه لمحمد. ولذا فال في (الفتح): إنه الأوجه (وحنث في) حلفه (لا يصوم بصوم ساعة بنية)، ولو أفطر بعد ذلك لوجود تمام حقيقة الشرط أعني الصوم

وفي صوما أو يوما بيوم، وفي لا يصلي بركعة، ـــــــــــــــــــــــــــــ الشرعي وما زاد أدنى إمساك في وقته تكرار الشرط وذكر التمرتاشي أنه لو حلف لا يصوم فهو على الجائز لأنه لتعظيم الله تعالى وذلك لا يحصل بالفاسد إلا إذا كانت اليمين على الماضي، وهو مخالف لما في (الكتاب) إلا أن ما في (الكتاب) أصح لأنه نص محمد في (الجامع الصغير) وأورد أن الصوم الشرعي هو اليوم وحمل اللفظ على الشرعي أولى من حمله على اللغوي. وأجاب صدر الشريعة بأنه قد أطلق على ما دون اليوم في {أتموا الصيام إلى الليل} (البقرة: 187) (وفي) حلفه لا يصوم (صوما أو) لا يصوم (يوما) يحنث (بيوم) لأنه مطلق فينصرف إلى الكامل، وأورد وما لو قال: والله لأصوم من هذا اليوم وكان بعد أن أكل أو بعد الزوال أو قال لامرأته: إن لم تصل اليوم فأنت طالق فحاضت من ساعتها وبعد ركعة صحت اليمين وطلقت في الحال مع أنه مقرون بذكر اليوم ولا كمال، وأجيب بأن اليمين تعتمد التصور والصوم بعد الزوال والأكل متصور كما في الناسي وكذا الصلاة من الحائض لأن درور الدم لا يمنع كما في المستحاضة إلا أنها لم تشرع مع درور هو حيض ففات شرط أدائها بخلاف مسألة الكوز، لأن محل الفعل وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه وغير خاف أن الإيراد في غير نحده إذ كلامنا في المطلق وهو لفظ يوم لأنه نكرة وهذا اليوم من المقيد فأى يرد ثم المسألتان الموردتان مشكلتان على قولهما إذ االتصور شرعا منتف وكونه ممكنا في صورة أخرى لا يفيد فإنه حيث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا لم يتصور الفعل المحلوف عليه ولا إشكال على قول الثاني هذا حاصل ما في (الفتح) وأنت خبير بأن تصوره فيما إذا / حلف بعد الزوال في الناسي الذي لم يأكل ممنوع. [294/ب] وأما مسألة الحيض قال في (البحر): وقدمنا عن (المبتغى) أن الأصح عدم الحنث فيما إذا قال لامرأته: إن لم تصل الفجر غدا فأنت كذا فحاضت بكرة وحينئذ فلا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح انتهى. يعني لعدم انعقاد اليمين بعدم تصور البر لكن في (الغاية) أن اليوم في الصوم صحيحه اتفاقا (وفي) حلفه (لا يصلي) يحنث (بركعة) استحسانا لأن الصلاة عبارة عن أفعال مختلفة فما لم يأت بها لا تسمى صلاة، يعني إذا لم يوجد تمام حقيقتها والحقيقة تنتفي بانتفاء الجزاء، كذا في (الفتح) وهو ظاهر في توقف حنثه على القراءة فيها وإن كانت ركنا زائدا هذا أحد القولين وقيل: يحنث به وبهذا حكاهما في (الظهيرية) ولم يذكر محمد متى يحنث واختلف المشايخ فيه قال بعضهم: بنفس السجدة وقال بعضهم: برفع الرأس منها كذا في (الشرح) وينبغي أن يخرج الأول على قول أبي يوسف، والثاني على

وفي صلاة بشفع ـــــــــــــــــــــــــــــ قول محمد كما مر في السهو. ثم رأيته مذكورا في (الفتح) قال: والأوجه أن لا يتوقف لتمام حقيقة السجود بوضع بعض الوجه على الأرض، وأورد أن من أركان الصلاة القعدة وليست في الركعة الواحدة فيجب أن لا يحنث بها، وأجيب بأنها موجودة بعد رفع رأسه من السجدة وهذا إنما يتم بناء على توقف الحنث على الرفع منها، وقد علمت أن الأوجه خلافه على أنه لو سلم فليست تلك القعدة هي الركن والحق أن القعدة ركن زائد، وإنما وجبت للختم فلا تعتبر ركنا في حق الحنث كذا في (الفتح) وقدما على أنها شرط لا ركن. وذكر التمرتاشي: أنه لو حلف لا يصلي وقع على الجائز فلا يحنث بالفاسد كما مر عنه في الصوم إلا إذا كانت اليمين في المضي وهذا يخالف ما في (الكتاب) وحمله في (الفتح) على التي لم يوصف منها شيء بعرض الصحة في وقت بأن يكون ابتداء الشروع غير صحيح كما إذا صلى بلا طهارة ويكون ما في (الذخيرة) بيانا له حيث قال: ولو حلف لا يصلي فصلى صلاة فاسدة بأن صلى بغير طهارة مثلا لا يحنث استحسانا إلا أن ينويها، وعليه يحمل أيضا ما مر عنه في الصوم. واعلم أنه ذكر في (الذخيرة) أنه لو قال لعبده: إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة ثم تكلم لا يعتق ولو صلى ركعتين عتق بالأولى، لأنه في اأولى ما صلى ركعة لأنها بتيراء بخلاف الثانية، وذكر هذه المسألة في (نوادر ابن سماعة) عن أبي يوسف قال بعض المتأخرين: وبهدا تبين أن المذكور في (الجامع) قول محمد يعني وحده وهو غير لازم فإن موضوع المسألتين مختلف للفرق البين بين لا يصلي ركعة ولا يصلي وذلك أن صلاة الركعة حقيقة دون مجرد الصورة لا تتحقق إلا بضم أخرى إليها بخلاف لا يصلي، (وفي) حلفه لا يصلي (صلاة) يحنث (بشفع) لأن المطلق ينصرف إلى الكامل وهو الركعتان لنهيه عليه الصلاة والسلام عن البتيراء تصغير البتراء تأنيث الأبتر وهو مقطوع الذنب في الأصل ثم صار يقال للناقص قيل: ينبغي أن لا يحنث بمجرد الإتيان بالركعتين ما لم يأت بالقعدة، لأن الصلاة لا تكون معتبرة بدونها شرعا وليس بشيء لأن الركعتين عباة عن صلاة تامة، وتمامها شرعا لا يكون إلا بالقعدة، كذا في (العناية). وفي (فتح القدير) الأظهر أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل كلا يصلي صلة يحنث قبل القعدة، وإن عقدها على الفرض كصلاة الصبح وركعتي الفجر ينبغي أن لا يحنث حتى يقعد انتهى. وتوجيه المسألة يشهد لما في (العناية) والله الموفق.

إن لبست من غزلك فهو هدي فملك قطنا فغزلته ونسج فلبس فهو هدي. ليس خاتم ذهب، أو عقد لؤلؤ لبس حلي، .... ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: حلف أن لا يؤم أحدا فاقتدوا به فقال: لم أنو الإمامة صدق ديانة لا قضاء إلا إذا أشهد أنه يصلي لنفسه، ولو نوى أن يصلي لنفسه الجمعة وأم فيها جازت استحسانا. قل في (الفتح): وينبغي أنه إذا أم في الجنازة أو التلاوة لا يحنث لأن يمينه إنما انصرفت إلى الصلاة المطلقة، ولو أمهم في النافلة حنث وإن نهي عنها فيها، ولو قال: والله ما أخرت صلاة عن وقتها وقد كان نام عن صلاة حتى خرج وقتها وصلاها فقد قيل: لا يحنث وقد قيل: يحنث، قال رجل لامرأته: إن تركت الصلاة فأنت طالق فأخرت الصلاة عن وقتها ثم قضتها اختلف المشايخ قال بعضهم: لا يقع بالصلاة وبه كان يفتي ركن الإسلام وعبد الرحيم الكرابيسي، وقيل: يقع وبه كان يفتي ركن الإسلام علي السغدي وهو الأشبه والأظهر كذا في (الظهيرية) أيضا وفي (المحيط) إن صليت فأنت / حر فادعى أنه صلى وأنكر المولى لا يعتقن لأن هذا من الأمور [295/أ] الظاهرة التي يمكن الوقوف عليها بلا حرج، ولو حلف لا يحج أو لا يحج حجة لا يحنث إلا بالصحيح بأن يقف بعرفة، رواه سماعة عن محمد وزاد بشر عن الثاني ويطوف أكثر طواق الزيارة، وفي المعمرة لا بد أن يطوف أكثر طوافها والله أعلم. (إن لبست) ثوبا (من غزلك) أي: مغزولك (فهو هدي)، أي: صدقة أو تصدق به على فقراء مكة (فملك) الزوج (قطنا) بعد الحلف (فغزلته ونسج فليس هو هدي) عند الإمام وله التصدق بقيمته ولو نذر إهداء شاة، ففي جواز إهداء قيمتها روايتان ولو نذر إهداء دار كان نذرا بقيمتها كذا في (الفتح) وقالا: لا يكون هذا حتى تغزله من قطن مملوك له يوم حلفه، لأن النذر إنما يصح في الملك أو مضافا إلى سببهن كإن اشتريت كذا وهو هدي ولم يوجد، وله أن غزل المرأة عادة يكون من قطن الزوج والمعتاد هو المراد بالألفاظ فالتعليق بقولها بسبب ملكها للثوب كأنه قال: إن لبست ثوبا أملكه بسبب غزل أملك قطنه فهو هدي، وحينئذ فلا فرق بين أن يملك القطن بعد ذلك وفي حال الحلف. قال في (الفتح): والواجب في ديارنا أن يفتى بقولهما لأن المرأة لا تغزل إلا من كتان نفسها أو قطنها أقول: في الديار الرومية يجب الإفتاء بقول الإمام، لأن المرأة تغزل من كتان أو قطن هو ملك لزوجها (لبس خاتم ذهب أو) لبس (عقد لؤلؤ) بكسر العين (لبس حلي) بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلى بفتح الحاء وسكون اللام فيحنث بهما في يمينه لا يلبس حليا، وهذا في الخاتم اتفاقا ولو بلا فص، سواء كان الحالف رجلا أو امرأة، وفي العقد قولهما وقال الإمام: لا يحنث وعلى هذا عقد

لا خاتم فضة لا يجلس على الأرض فجلس على بساط، أو حصير، أو لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه فراشا آخر فنام عليه، أو لا يجلس على سرير، فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث، ولو جعل على الفراش قرام، أو على السرير بساط، أو حصير حنث. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزبرجد والزمرد والياقوت والخلاف مبني على أنه حلي أو لا، ولا خلاف أن المرصع منها بذهب أو فضة حلي. قال بعضهم: وقياس قوله أنه لا بأس أن يلبس الغلمان والرجال اللؤلؤ، وجزم الحدادي في الحظر والإباحة بحرمة اللؤلؤ للرجال لأنه من حلي النساء لكنه بقولهما أليق وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان وبقولهما قالت الثلاثة وبه يفتى للعرف (لا خاتم فضة)، أي: لا يكون لبس حلي فلا يحنث به في حلفه لا يلبس حليا، وإطلاقه يعم ما لو صيغته على هيئة خاتم النساء بأن كان له قص وهو قول طائفة، قال في (الفتح): وليس ببعيد، لأن العرف في خاتم الفضة يبقى كونه حليا وإن كان فضة، وجزم آخرون بحنث في هذه الحالة. قال في (عقد الفرائد): وهو الصحيح لأن لبس النساء إنما يراد به الزينة دون الختم، ولم أر في كلامهم ما لو كان خاتم فضة مموها بالذهب وينبغي حنثه به ولو حلف (لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير) أراد بذلك كل حائل منفصل عنه ولو من خشب أو جلد (أو) حلف (لا ينام على فراش، فجعل فوقه فراشا آخر، فنام عليه أو) حلف (لا يجلس على سرير، فجعل فوقه سريرا آخر لا يحنث) في الصور الثلاثة، لأنه في الأولى، لا يعد جالسا على الأرض عرفا فانقطعت النسبة بخلاف ما لو جلس على ثوبه وهو عليه حيث يحنث لأنه تبع له إلا إذا نزعه وجلس عليه، ولم أر ما لو جلس على حشيش، وينبغي أنه لو كان كثير لا يحنث، وفي الثانية والثالثة لا يعد نائما ولا جالسا قيل: وعن أبي يوسف يعد نائما فيحنث إلا أن يكون المذكور في (المحيط) عن أبي يوسف في (النوادر) أنه لا يحنث لأنهما مقصودان بالنوم عليهما لزيادة التعيين ونكر السرير هنا. وفي (الهداية) قال الشارح: وليس على ظاهره لأنه في المنكر يحنث بالأعلى لتناول اللفظ، وعدم الحنث إنما هو في المعين لهذا السرير لأنه غيره ويمكن أن يقال المدعى أنه لا يحنث لأنه لم ينم على الأسفل، وهذا لا فرق فيه بين المنكر والمعين لانقطاع النسبة إليه بالثاني، وأما حنث في المنكر بالأعلى فيحنث آخر (ولو جعل على الفراش قرام) بكسر القاف، وهو ستر رقيق كما في (الجمهرة) كالملاءة في عرفنا وقديه في (الصحاح) بأن يكون فيه رقم ونقس، وكذا المقرم والمقرمة (أو) جعل (على السرير بساطا أو حصيرا حنث) لأنه يعد نائما وجالسا عليهما عرفا بخلاف ما مر.

باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك إن ضربتك، وكسوتك، وكلمتك ودخلت عليك فعبدي حر تقيد بالحياة ـــــــــــــــــــــــــــــ باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك مما يناسب أن يترجم بمسائل شتى من الغسل والكسوة / (إن ضربتك [295/ب] وكسوتك وكلمتك ودخلت عيك) تقييد كل منهما بالحياة حتى لو علق بها طلاقا أو عتقا، كإن ضربتك أو كلمتك أو دخلت عليك (فعبدي حر) لم يحنث بفعلها في ميت، أما الضرب فلأنه اسم لفعل مؤلم يتصل بالبدن واستعمال آلة التأديب ومحل يقبله والإيلام والأدب لا يتحقق في الميت، وأورد بأن أخذ الإيلام في مفهوم الضرب ممنوع بقصة أيوب عليه الصلاة والسلام مع زوجته إذ حلف ليضربنها مائة سوط فعلمه سبحانه حيلة في عدم حنثه مع عدم إيلامها بقوله تعالى: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} (ص: 44) والضغث حزمة من ريحان، وقيل: قبضة من أغصان الشجرة لا إيلام فيه للمرأة وكون الإيلام لا يتحقق في الميت فممنوع أيضا بعذاب القبر، وأجيب عن الأول بأنه خصوصية ورفع بأن مشايخنا استدلوا به على جواز الحيلة وإلى الجواب الثاني عن ذلك أشار في (الكشاف) حيث قال: رخصة باقية خصوصية رحمة لزوجة أيوب عليه الصلاة والسلام، ولا ينافي ذلك بقاء شريعة الحيلة في الجملة، وذكر في (الحواشي السعدية) لك أن تقرر السؤال أن الضرب المستعمل في الآية فيما لا إيلام فيه فعلم أنه ليس اسما لما ذكر ثم فحينئذ لا يكون للجواب مساس بالسؤال، بل الجزاب أنه ليس مبنى الإيمان على ألفاظ القرآن بل على العرف انتهى. ولكون الإيلام شرطا قلنا: لو حلف ليضربنه مائة سوط فجمع مائة وضربه مرة لا يحنث بشرط أن يصيب بدنه كل سوط منها، وذلك بأن تكون أطرافها قائمة أو بأعراضها مبسوطة والإيلام شرط فيه وهو قول عامة المشايخ وعليه الفتوى، وعن الثاني بأن المعذب في قبره توضع فيه الحياة عند العامة بقدر ما يحس بالألم والبينة ليست بشرط عند أهل السنة، بل بجعل الحياة في تلك الأجزاء المتفرقة التي لا يدركها البصر، وأما الكسوة فلأن التمليك معتبر في مفهومها والميت ليس أهلا للتمليك ليصح التمليك إلا أن ينوي بها الستر. وعلى هذا قال أبو الليث: لو كان يمينه بالفارسية ينبغي أن يحنث لأن هذا اللفظ يراد به اللبس دون التملك، واعلم أن كون الميت لا يملك منقوض بما قالوه

بخلاف الغسل، والحمل والمس لا يضرب امرأته فمد شعرها أو خنقها أو عضها حنث إن لم أقتل فلانا فكذا وهو ميت إن علم به حنث وإلا لا. . ـــــــــــــــــــــــــــــ لو نصب شبكة فتعلق بها صيد بعد موته ملكه، وأما الكلام فلأن المقصود منه الإفهام والموت ينافيه وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في (الصحيح) لأهل قليب بدر هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) فأحسن ما أجيب به أنه كان معجزة له - صلى الله عليه وسلم -، وأما الدخول فلان المقصود منه إكرامه بتعظيمه أو إهانته بتحقيره وازدرائه وكل ذلك لا يتحقق بعد الموت، وكذا الشتم والتقبيل (بخلاف الغسل)، كما إذا حلف لا يغسل فلانا (والحمل والمس) بأن حلف لا يحمله ولا يمسه حيث يحنث إذا فعل ذلك بعد الموت (لا يضرب امرأته فمد شعرها أو عضها حنث) لأن الضرب اسم لفعل مؤلم وقد تحقق، وإطلاقه يعم حالة الغضب والرضى. لكن في (الخلاصة) لو عضها أو أصاب رأس أنفها فأدمامها ففي (الجامع الصغير) إن كانت في حالة الغضب يحنث، وإن كان في حالة الملاعبة لا يحنث وهو الصحيح ولو نتف شعرها فهو على هذا التفصيل هو الصحيح انتهى. وعن هذا قال فخر الإسلام: لو أدماها في الملاعبة خطأ لا يحنث، قيد بما ذكر لأنه لو أدماها بحجر أو نشابة فأصابها لم يحنث، واستشكل بأن اليمين وإن تعلقت بصورة الضرب عرفا وجب أن لا يحنث بالحتف ونحوه أو معنى وجب أن يحنث بالرمي بالحجر أو بهما فيحنث بالضرب مع الإيلام ممازجة، وأجيب بأن شرط الحنث حصول المحلوف عليه وهو الضرب لفظا وعرفا، معناه مثاله لا يبيع بعشرة فباع بتسعة أو بإحدى عشر لا يحنث، لأنه إن وجد شرط الحنث عرفا في الأقل لكن لم يوجد لفظا، وفي الأكثر لو وجد لفظا لكنه لم يوجد عرفا. [299/أ] قال في (الفتح): وهو غير دافع بقليل تأمل (إن لم أقتل فلانا فكذا) أي: فامرأته / طالق (وهو ميت إن) كان الحالف (علم به) أي: بالموت وقت حلفه (حنث) للحال لأنه عقد يمينه على حياة يحدثها الله فيه وذلك متصور فتنعقد اتفاقا ثم يحنث للعجز العادي (وإلا) أي: وإن لم يعلم بموته (لا) أي: لا يحنث لأنه عقد يمينه على إزالة الحياة القائمة فيه ولا يتصور إزالة القائمة ولا حياة قائمة فتصير قياس مسألة الكوز على الاختلاف، وليس في تلك المسألة تفصيل العلم هو الأصح. ولو حلف لا يقتل فلانا يوم الجمعة فجرحه يوم الخميس ومات يوم الجمعة

وما دون الشهر قريب، وهو وما فوقه بعيد. ليقضين دينه اليوم، فقضاه، زيوفا أو نبهرجة، أو مستحقة بر، ولو رصاصا أو ستوقة ـــــــــــــــــــــــــــــ حنث، وكذا لو حلف لا يقتله بالكوفة فضربه بالسواد ومات بالكوفة إذ المعتبر زمان الموت ومكانه بشرط أن يوجد ذلك بعد اليمين كذا في (الظهيرية) (ما دون الشهر قريب) وسريع عرفا كذلك حتى لو حلف ليقضين قريبا أو عاجلا أو سريعا كان على ما دون الشهر، فلو غاب المحلوف عليه ودفع الحالف إلى القاضي بر هو المختار وفي (منية المفتى). وكذا لو نصب القاضي وكيلا عنه فقبض لا يحنث وبه يفتى، وفيها لو قال له: إن لم أوافك به اليوم في موضع كذا فجاء به فلم يجده فالمختار أنه يرفع الأمر إلى القاضي حتى لا يحنثن وإن كان في موقع لا قاضي فيه يحنث وبه يفتى، ولو كان حاضرا لكنه لم يقبل إن وضعه حيث تناله يده لو أراد لا يحنث، (وهو) أي: الشهر (وما فوقه بعيد) وأجل حتى لو قال إلى بعيد وأجل كان على أكثر منه من حين حلف سنة أكثر بلا غاية محدودة إلى الموت، فإن مات لأقل منه لا حنث عليه على مقتضى ما ذكر وكذا في (الفتح). هذا إذا لم ينو شيئا فإن نوى بالقريب والبعيد مدة معينة فهو على ما نواه حتى لو نوى بالقريب سنة أو أكثر صحت، وكذا إلى آخر الدنيا لأنها قريبة بالنسبة إلى الآخرة، وينبغي أن لا يصدق قضاء قيما فيه تخفيف عليه، وفي (الظهيرية) لا يكلمه مليا أو طويلا فإن جمع مشيا على ما نوى وإلا فهو على شهر ويوم انتهى. وقياس ما مر أن يكون على شهر أيضا. حلف (ليقضين دينه اليوم فقضاه) أي: الدين (زيوفا) زيف وهي المغشوشة قليلا تتجوز بها التجار ويردها بيت المال لفظ الزيافة غير عربي إنما هو من استعمال الفقهاء (أو نبهرجة) هذا غير عربي وأصله بنهره وهو الحظ، أي: حظ هذه الدراهم من الفضة أقل وغشه أكثر ولذا ردها التجار يعني المستعصي منهم والمسهل منهم يقبلها (أو مستحقة) للغير يرد لأن الزيف عيب، وكذا النبهرجة والعيب في الجنس لا يعدمه بدليل أنه لو تجوز لهما في الصرف والسلم جاز، وكذا قبض المستحقة صحيح وكذا لو إجازة ولو ... إلى القبض أو إلى المالك لا يرتفع البر وإن انتقض لأنه إنما ينتقض في حق حكم يقبل الانتقاض. وهذه المسألة إحدى الخمس التي جعلوا الزيوف فيها كالجياد والثانية والثالثة لو اشترى بالجياد ونقد الزيوف رابح بالجياد وأخذ الشفيع بها الرابعة لو فقدها الكفيل رجع. الخامسة لو ظهر أن ما قبضه من دينه وأصرفه زيوفا لعدم علمه بها وقت القبض لا يرجع بشيء عندهما خلافا للثاني، (ولو) قضاه (رصاص أو ستوقة) فارسي

لا. والبيع به قضاء لا الهبة لا يقبض دينه درهما دون درهم، فقبض بعضه لا يحنث حتى يقبض كله متفرقا لا بتفريق ضروري ... ـــــــــــــــــــــــــــــ معرب وأصله بالفارسية يعني أن وجهي هذه الدراهم فضة وحشوها صفر أي نحاس (لا) أي: لا يبر لأنهما ليس من جنس الدراهم، ولهذا تو تجوز بهما فيما ذكرنا لم يجز وذكر مسكين عن (الرسالة اليوسفية) ... أن النبهرجة إذا غلب عليها النحاس لم تؤخذ، وأما الستوقة فأخذها حرام لأنها فلوس (والبيع) أي: الصحيح (به) أي: بالدين (قضاء) أي: للدين فيه في يمينه ليقضين دينه اليوم لأن قضاء الدين طريقه المقاصصة وقد تحققت بالبيع سواء كان معه قبض أم لا، واشتراط محمد له كأنه ليقرر به كذا في (الهداية) يعني لأنه بعرضية السقوط بالهلاك قبل القبض، ورد بأن البر لا يرتفع بانتقاص المقاصصة بالهلاك، نعم هو في الفاسد شرط فيبر به حيث كانت قيمته تفي بالدين، وشمل إطلاقه ما إذا كان المبيع غير مملوك له. وكذا لو قال في (الظهيرية): إن ثمن المستحق مملوك ملكا فاسدا فملك المديون ما في ذمته كذا في (البحر) والمراد بالمبيع كل موضع فصلت المقاصصة [296/ب] فيه لا خصوصيته ومن ثم قالوا: لأنه لو تزوج الطالب أمة المطلوب / ودخل بها أو وجب عليه دين بالاستهلاك أو بالجناية يبر أيضا، (لا) تكون (الهبة) أي: هبة الدين قضاء لأنه فعل المطلوب والهبة إسقاط الدين فلم يتحقق المقاصة بل اليمين إذا كانت مؤقتة لأن تصور البر بقاء شرط كما عرف في مسألة الكوز، أما المطلقة فلا تبطل بالهبة بل يحنث فيها اتفاقا بعد مضي زمن يقدر فيه على القضاء باليأس، لأن التصور إنما يشترط بقاؤه في المطلقة لا في الابتداء فقط. (لا يقبض دينه) من زيد (درهما دون درهم، فقبض بعضه لم يحنث حتى يقبض كله) قبضا (متفرقا) لأنه أضاف القبض المتفرق إلى كل الدين حيث قال: لا أقبض ديني وهو اسم لكله، ولو كانت يمينه مقيدة بيوم مثلا اشترط في حنثه أن يقبضه متفرقا فيه ولو رد البعض لكونه ستوقة لم يحنث ما لم يستبدل ولا حنث لو وجده زيوفا، والحيلة في عدم حنثه في مسألة (الكتاب) أن يترك من حقه درهما ويأخذ الباقي كيف شاء، كذا في (الظهيرية). وظاهر أنه لو قال: من دينه حنث بالقبض (لا) يحنث إذا قبضه متفرقا (بتفريق ضروري) بأن يقبضه في أكثر من وزنتين غير متشاغل بينهما بغير الوزن لأن المجلس جامع للمتفرقات فكان كوزنة واحدة بخلاف ما لو تشاغل لأن به يختلف مجلس

إن كان لي إلا مائة أو غير، أو سوى، فكذا لم يحنث بملكها، أو بعضها لا يفعل كذا تركه أبدا ليفعلنه بر بمرة، ولو حلفه وال ليعلمنه بكل داعر دخل البلد تقيد بقيام ولايته ـــــــــــــــــــــــــــــ القبض على ما عرف، ولو قال: (إن كان لي إلا مائة أو غير أو سوى) درهم (فكذا) أي: فامرأته طالق (لم يحنث بملكها) أي: المائة (أو) بملك بعضها (لأن) المقصود منه عرفا نفي ما زاد على المائة فيصدق بالمائة وما دونها، وهذا أعني عدم حنثه ببعضها لا يصح من حيث اللفظ إلا على جعل المستثنى مسكوتا عن حكمه، وهو قول طائفة، وأما على جعله مثبتا بطريق الإشارة أنه من النفي فيحنث فالمعمول عليه العرف كذا في (الفتح) ويشترط في الزيادة أن تكون من جنس ما الزكاة كالدنانير وعروض التجارة والسوائم وفي (خزانة الأكمل) امرأته كذا إن كان له مال وله عروض وضياع ودور لغير التجارة لم يحنث 0لا يفعل كذا تركه أبدا) ضرورة عموم النفي للفعل المتضمن للمصدر جميع الأوقات المستقبلة. فال في (البحر): وقدمنا أنه لو قال: والله أفعل كذا كانت يمينه على النفي بتقدير لا، إذ لا يجوز حذف هون التوكيد ولامه في الإثبات وعزاه فيما مر إلى (المحيط) (ليفعلنه بر بمرة) لأن الملتزم فعل واحد له غير معين إذ المقام مقام الإثبات فيبر بأي شيء فعل فعله، وإذا لم يفعله حنث بوقوع اليأس من الفعل أما بموت الحالف في آخر جزء من أجزاء حياته فيجب عليه الإيصاء بالكفارة أو بفوات محل الفعل، كما لو فعل ليأكلن هذا الرغيف فأكل قبل أكله هذا في المطلقة، أما في المقيدة فتبطل اليمين وكذا لو مات الحالف قبل مضي الوقت على ما مر ولو جن حنث عندنا. وفي (الواقعات) إن فعلت كذا ما دمت ببخارى فامرأته طالق، فخرج منها ثم رجع ففعل لا يحنث لانتهاء اليمين، (ولو حلف وال) أي: متولي في البلد (ليعلمنه بكل داعر) بالمهملتين أي مفسد والجمع دعار من الدعر وهو الفساد ومنه دعر العود يدعر بفتح العين وكسرها فسد (دخل البلد) هذا اللفظ ثابت في كثير من النسخ ولا وجود له في نسخة الشارح ولذا قال: إنه ليس على ظاهره إذ لا يمكنه الإعلام بكل داعر في الدنيا، وإنما مراده كل داعر يعرفه أو في بلده أو دخل البلد. أقول: ينبغي أن يقيد بأن يعرفه في بلده حتى لو عرفه في غير بلده لا يلزمه أن يحمله إليه، كما هو مقتضى الإطلاق (تقيد) حلفه (بقيام ولايته) فيجب عليه الإعلام ما بقيت ولايته، قال في (العناية): والإعلام حال الدخول ليس بلازم، وإنما يلزمه أن لا يؤخر الإعلام إلى ما بعد الموت، أي: موت الوالي أو عزله في ظاهر الرواية زاد الشارح أو موت المستحلف لأنه لا يحنث في المطلقة إلا باليأس وذلك بما ذكرنا

يبر بالهبة بلا قبول بخلاف البيع لا يشم ريحانا لا يحنث بشم ورد، وياسمين البنفسج، والورد على الورق ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا إذا كانت مؤقتة فيحنث بمشي الوقت مع الإمكان وهذا يفيد أنه يأثم بتأخيره الإعلام إلى ما بعد العزل أو الموت. قال في (الفتح): ولو حكم بانعقاد هذه للفور لم يبعد نظرا إلى المقصود وهو [297/أ] المبادرة لزجره / ودفع شره فالداعي يوجب التقييد بالفور فور علمه به وإنما تقيد بحال ولايته بدلالة الحال، وهو العلم بأن المقصود من هذا الاستحلاف زجره بما يدفع شره أو شر غيره يزجره، وهذا لا يتحقق إلا في حال قدرته على ذلك فلا يفيد فائدة بعد زوالها ثم إذا سقطت اليمين لا تعود ولو عاد إلى الولاية نعم لو ترقى من غير تخلل عزل إلى منصب أعلى منه يجب أن لا يتردد في بقاء اليمين لزيادة تمكنه، ومن هذا الجنس ما لو حلف رب الدين مديونه أو كفيله أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بقيام الدين والكفالة، وكذا لا تخرج امرأته إلا بإذنه تقيد بقيام الزوجية بخلاف لا تخرج امرأته من الدار حيث لا يتقيد به له لم يذكر الإذن فلا موجب لتقييده، وعلى هذا ما لو قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها بغير إذنك فهي طالق وطلقها بائنا أو ثلاثا ثم تزوج بغير إذنها طلقت لعد تقييد يمينه ببقاء النكاح (يبر بالهبة) من عقود التبرعات والصدقة والعارية والعطية والوصية والعمري والتخلي والهبة، وفي الإقراض والإبراء روايتان، والإبراء يشبه البيع من حيث أنه يفيد الملك باللفظ دون القبض، والهبة من حيث أنه تمليك بلا عوض، والأشبه أنه يلحق بالهبة والقرض بالبيع (بلا قبول) عندنا خلافا لزفر، والخلاف مقيد بما إذا حضر الموهوب له حتى لو وهب الحالف منه وهو غائب لم يحنث اتفاقا قاله ابن ملك (بخلاف البيع) والإجارة والصرف والسلم والنكاح والرهن والخلع حيث لا يبرأ إلا بالقبول، والفرق أن اسم عقود التبرعات باب الإيجاب فقط والمعاوضات بإزاء الإيجاب والقبول. (لا يشم ريحانا) بفتح الياء والشين مضارع شممت الطيب بكسر الميم في الماضي وجاء في لغة فتح الميم في الماضي وضمها في المضارع (لا يحنث بشم ورد وياسمين)، لأنه اسم لما لا ساق له وله رائحة مستلذة عرفا وما ذكر له ساق لا رائحة مستلذة إنما الرائحة للزهر أي: الورق وهذا عند الفقهاء، وفي العرف هم اسم لكل ما طاب ريحه من النبات، قال في (الفتح): والذي يعول عليه في ديارنا اختصاصه بريحان الحماحم، وأما الريحان الترنجي منه فيمكن أن لا يكون لأنهم يلتزمونه التقييد فيقال ريحان ترنجي وعند الإطلاق لا يفهم منه إلا الأول فلا يحنث إلا به، (البنفسج والورد) يقعان (على الورق) دون الدهن في حلفه لا يشتري بنفسجا أو وردا للعرف كذا في (الكافي).

حلف لا يتزوج، فزوجه فضولي، وأجاز بالقول حنث، وبالفعل لا. وداره بالملك، والإجارة. حلف بأنه لا مال له، وله دين على مفلس، أو ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزم في (المبسوط) بحنثه بدهن البنفسج لا بورقه وهو رواية (الجامع) وذكر الكرخي أنه يحنث بالورق أيضا، والخلاف يرجع إلى العرف فكان في عرف الكوفة أن بياع الورق لا يسمى بائع البنفسج ثم صار الكل يسمى به في أيام الكرخي، وأما في عرف أهل مصر فيجب أن لا ينعقد إلا على الورق كما قال المصنف: (حلف لا يتزوج فزوجه فضولي وأجاز) نكاحه (بالقول) كرضيت أو قبلت (حنث وبالفعل) كبعث المهر أو بعضه بشرط أن يصل إليها وقيل: الوصول ليس بشرط وتقبيلا بهوة وجماعها وإن كرها، ومنه ما لو أجاز بالكتاب لما في (الجامع) حلف لا يكلم فلانا أو لا يقول له شيئا فكتب إليه كتابا لا يحنث، وذكر ابن سماعة أنه يحنث لا أي لا يحنث هو المختار كما مر، ومن الغريب ما في (جامع الفصولين) الأصح أنه (لا) يحنث بالإجارة بالقبول أيضا. تنبيه: تعارف الموثقون في مصر صورة تعليق متى تزوج عليها بنفسه أو بوكيل أو بفضولي تكن زوجته إذ ذاك طالقا، فإذا زوجه فضولي وأجاز بالفعل، قال في (البحر): لا يقع عليه الطلاق لأن قوله أو بفضولي عطف على قوله بنفسه والعامل فيه تزوج وهو مخصوص بالقول كما مر، فلو زاد أو دخلت في نكاحه أو في عصمته فالحكم كذلك لما قدمناه من أن الدخول ليس إلا سبب واحد وهو التزوج وهو لا يكون إلا بالقول. أقول: ولو زاد بوجه من الوجوه أو بطريق من الطرق ينبغي أيضا أن يكون الحكم كذلكن لأن ذلك معطوف على قوله بنفسه فالعامل فيه تزوج كما مرن نعم لو زاد وأجاز نكاح فضولي ولو بالفعل فلا مخلص له إلا إذا كان المعلق طلاق المتزوجة فيرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة، وقدمنا أن الإفتاء كان في ذلك والله الموفق. (وداره بالملك والإجارة) حتى لو حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارا يسكنها بالملك أو الإجارة حنث، وكذا بالإعارة ولو دخل دارا لا يسكنها لكنها ملكه لا يحنث على إطلاق الملك يشمل ما لو كان مالكا لبعضها حيث كان ساكنا بها كما في (الخلاصة) ولا بد أن تكون / سكناه لا بطريق التبعية فلو حلف لا يدخل دار [297/ب] فلانة فدخل دارها وزوجها ساكن بها لا يحنث، لأن الدار إنما تنسب إلى الساكن وهو الزوج كذا في (الواقعات) وقد مر شيء من هذا الجنس فكن على ذكر فمنه (حلف لا مال له وله دين على مفلس) بتشديد اللام أي محكوم بإفلاسه (أو) على

مليء لا يحنث ـــــــــــــــــــــــــــــ (مليء) أي: غني (لا يحنث)، لأن الدين ليس بمال وإنما هو وصف في الذمة وقبضه غير متصور. خاتمة: حلف لا يأكل لحم دجاجة أو بقرة أو شاة أو بغلة، وكذا الإبل والجزور والبعير والخيل تناول الذكر والأنثى والتاء للوحدة والثور والكبش والديك خاص بالذكر والبرذون للأعجمي لا يأكل مما يجيء به فلان فجاء بحمص وطبخ فيه طعم الحمص حنث كذا في (الخانية). قال في (الفتح): وعلى هذا فيجب فيما مر أنه إذا حلف لا يأكل لحما فأكل مرقة أنه لا يحنث أن يقيد بما إذا لم يجد طعم اللحم فيها. قال لعبده: إن سقيت الحمار فأنت حر فذهب به فلم يشرب عتق، لأنه سقاه لا يشرب عصيرا فعصر عنقود في حلقه لا يحنث ولو في كفه وحساء حنث قيل: هذا في عرفهم، أما في عرفنا فينبغي أن لا يكون حانثا لأن ماء العنب لا يسمى عصيرا في أول ما يعتصر. قال لغيره: أقسمت بالله عليك أو لم يقل عليك لتفعلن كذا، فالحالف هو المبتدئ إلا أن يكون أراد الاستفهمام فلا يمين عليه أيضا. ولو قال لغيره: والله لتفعلن كذا ولم ينو شيئا فهو حالف، فإن لم يفعل المخاطب حنث وإن أراد به الاستحلاف فلا شيء على واحد منهما، ولو قال: عليك عهد الله إن فعلت كذا فقال: نعم فالحالف المجيب ولا يمين على المبتدئ وإن نواه وفي (الخلاصة) حلف لا يأكل من مال فلان فتهاديا فأكل الحالف لا يحنث، لأن كلا منهما أكل من مال نفسه وفيه نظر، قال: قلت للقاضي الإمام: لو كان الحالف أحد الشركاء صبيا لا يجوز وإن كان كل واحد منهما أكل من مال نفسه ينبغي أن يجوز واستصوب ذلك مني لكن لم يصرح بالخلاف انتهى. قال في (الفتح): وأقول: الفرق أن عدم الحنث لأكل كل من المتهاديين مال نفسه حقيقة بل بعض مال الصبي أيضا، وفي (الخلاصة) أيضا لا يأكل من خبز فلان فأكل خبزا بينه وبين فلان يحنث، وفي مجموع (النوازل) لا يحنث. أقول: وينبغي أن يجري هذا الخلاف في حلفه لا يأكل من مال فلان فتناهدا ولو مات فلان فورثه إن لم يكن له وارث غيره أو أكل بعد القسمة لا يحنث وإلا حنث ولو قال: رغيف فلان لا يحنث، لا يزرع ارض فلان فزرع أرضا بينه وبين غيره حنث لأن نصف الأرض يسمى أرضا، ولو قال: لا أدخل دار فلان فدخل دارا بينه وبين غيره لا يحنث، لأن نصف الدار لا يسمى دارا الكل في (فتح القدير)، ثم رأيت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ في (منية المفتي) فروعا يكثر دورها فأحببت ذكرها: لا يدع فلانا يدخل داره فيمينه على النهي إن لم يكن منعه وإلا فعلى النهي المنع جميعا. أجر داره ثم حلف أن لا يتركه في داره فإذا قال له: اخرج من داري بر. لا يدع ماله اليوم على غريمه فقدمه إلى القاضي وحلف بر. لازم رجلا فحلف الملزوم ليأتيه غدا فأتاه في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله وإن حلف في منزله فتحول إلى آخر لا يبر حتى يأتي الجديد. ادعى عليه فحلف بالطلاق ما له عليه شيء فقامت عليه البينة بالمال حنث عند أبي يوسف وعليه الفتوى، وقد نص محمد أنه يحنث بلا خلاف. لا يدع غريمه يذهب فذهب الغريم حال كونه لم يحنث. آخر امرأة أتزوجها تكن طالق، فتزوج امرأة ثم طلقها ثم تزوجها ثم مات لم تطلق. حلف أن فلانا ثقيل وهو عند الناس غير ثقيل وعنده ثقيل لم يحنث إلا أن ينوي ما عند الناس. لا يعمل معه في القصارة ونحوها فعمل مع شريكه حنث، ومع عبده المأذون لا. والفروع كثيرة والأعمار قصيرة، وفيما ذكرناه كفاية إذ لا وصول إلى الغاية والله الموفق بمنه وكرمه والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد من لا نبي بعده وآله وصحبه وسلم آمين.

كتاب الحدود

كتاب الحدود الحد عقوبة مقدرة لله تعالى ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحدود لما فرغ من الأيمان وكفارتها الدائرة بين العبادة والعقوبة ذكر بعده العقوبات المحضة ولولا لزوم التفريق بين العبادات لكان ذكرها بعد الصوم أولى لاشتماله على [298/أ] بيان كفارة الفطر المغلب فيها جهة العقوبة / والحد لغة المنع، سميت العقوبة به لمنعها من ارتكاب أسبابها معاودة وكل مانع لشيء فهو حاد له ومنه قيل للبواب والسجان حدادا لمنعه من الدخول والخروج، وسمى أهل الميزان المعرف للماهية حدا لمنعه منهما وعرفا ما أفاده بقوله: (الحد عقوبة مقدرة) بالموت في الرجم وفي غيره بالأسواط الآتية: خرج به التعزيز لعدم التقدير فيه، أي: في مطلقه وما سيأتي من بيان أقله وأكثره فذاك لنوع منه تجب حقا (لله تعالى)، خرج به القصاص لأنه حق العبد ولو كان المقتص هو الإمام كما لو قتل عمدا ولا وارث له، وهذا لأن نفع الحد يعود إلى الكافة من صيانة الأنساب والأعراض والأموال، وفي اصطلاح غير مشهور حذف هذا القيد ليدخل القصاص وعليه فالحد قسمان: ما يصح فيه العفو، وما يقبل، وعلى الأول فالحد مطلقا لا يقبل الإسقاط بعد ثبوت سببه عند الحكم فلا يجوز الشفاعة فيه لأنها ترك طل الواجب، ولذا أنكر عليه الصلاة والسلام على أسامة حيث شفع في المخزومية التي سرقت بقوله: (أتشفع في حد من حدود الله تعالى) نعم قبل الوصول إلى الحاكم تجوز الشفاعة عند الرافع لإطلاقه، وركنه إقامة الإمام أو نائبه، وشرطه كون من يقام عليه من أهل الاعتبار سليم البدن فلا يقام على مجنون وسكران لأنهما ليسا من أهل الاعتبار، ولا على مريض ضعيف الخلقة إلا بعد الصحة، وسببه ارتكاب كبيرة من الزنا أو القذف أو شرب خمر وحكمه انزجار من عليه يقال: كذا في (المحيط) وسيأتي أن المريض إنما يؤخر عنه الحد لا الرجم وأن نحيف البدن يضرب بما يطيق وليس منه كونه مطهرا من الذنب عندنا بل المطهر إنما هو التوبة عملا بآية قطاع الطريق حيث قال تعالى بعد ذكر أحكامهم {ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} (المائدة: 33 - 34) أخبر سبحانه وتعالى أن آخر فعلهم عقوبة دنيوية وأخروية إلا من تاب فإنها تسقط عنه الأخروية بالإجماع، للإجماع على أن التوبة لا تسقط الحد في

والزنا وطء من قبل خال عن ملك وشبهته ـــــــــــــــــــــــــــــ الدنيا، وأما حديث البخاري وغيره (من أصاب من هذه المعاصي شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب منها شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه) فيجب حمله على ما إذا تاب في العقوبة لذوقه مسبب فعله جمعا بين الأدلة وتقييد النطق عند معارضة القطعي له متعينة بخلاف العكسي، كذا في (فتح القدير). قال في (البحر): وقد يقال: لو عاد الاستثناء إلى عذاب الآخرة لم يبق لقوله: {من قبل أن تقدروا عليهم} فائدة إذ التوبة ترفع الذنب قبل القدرة عليهم وبعدها فالظاهر رجوعه إلى عذاب الدنيا لما سيأتي من أن حد قطاع الطريق يسقط بالتوبة قبل القدرة عليهم وإنما يبقى حق العباد انتهى. وأقول: بالتحقيق إن الاستثناء راجع إلى عذاب الدنيا والآخرة حتى لو تاب قبل القدرة عليه بعدنا أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ شيئا سقط عنه حد الدنيا والعقاب في الآخرة، أما لو أخاف الطريق وتاب بعدما أخذ لا يسقط عنه حد الدنيا كما سيأتي، وبهذا ظهر فائدة التقييد بما قبل القدرة. وقول الشارح: إن الاستثناء ينصرف إلى ما قبله من الجمل لاتحاد جنسها فيرتفع بالتوبة ورجع إلى ما يليه في آية القذف لمغيرتها لما قبلها فكانت فاصلة انتهى. ويزيد بارتفاع الكل المجموع لما قد علمته من أنه لو قتل أو أخذ المال وتاب لا يسقط عنه واحد منهما، سواء تاب قبل الأخذ أو بعده، (والزنا) بالقصر في لغة أهل الحجاز فيكتب بالياء أو بالمد في لغة أهل نجد فيكتب بالألف والنسبة إلى المقصور زنوي وإلى الممدود زناوي بدأ بالكلام عليه لأنه لصيانة النسل كما مر فكان راجعا إلى الموجود وهو الأصل، ولكثرة وقوع سببه مع قطيعته بخلاف السرقة فإنها لا تكثر كثرته والشرب وإن كثر فليس حده بتلك القطعية (وطء) عدل عنه في (العناية) فقال: هو قضاء المكلف شهوته قال: واختير لفظ القضاء إشارة إلى أن مجرد الإيلاج زنا، ولهذا يجب به الغسل انتهى. وأنت خبير بأن الوطء فيه تلك الإشارة مستور (في قبل) بضم الباء وإسكانها آثر التعبير به عن الفرج لاختصاصه بالإنسان (خال عن ملك وشبهته) المراد بالملك هو ملك الواطئ وبالشبهة في المحل لا في الفعل/ على ما سيأتي وهو التعريف فهم [298/ب] الشارح أنه للزنا الموجب للحد قال: ويشترط أن تكون المرأة مشتهاة والواطئ مكلفا

ويثبت بشهادة أربعة ـــــــــــــــــــــــــــــ طائعا ولو قال: الزنا وطء مكلف في قبل مشتهاة خال عن ملك وشبهة عن طوع كان أتم، وهذا الفهم منشؤه قول صاحب (الهداية) الوطء الموجب للحد وهو الزنا وأنه في الشرع واللسان وطئ الرجل المرأة في غير الملك وشبهته فينقض طرد تعريف المصنف بوطء غير المكلف والمكره وغير المشتهاة، وعكس التعريف بزنا المرأة فإن فعلها ليس وطئا وإنما هو تمكين، ولذا لو قعدت على ذكره حال كونه مستلقيا فتركها حتى أدخلته فإنهما يحدان، وليس الموجود سوى التمكين، فالتعريف الجامع هو إدخال المكلف الطائع قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أو ماضيا بلا ملك وشبهته أو تمكينه من ذلك أو تمكينها في دار الإسلام، وأنت خبير بأن نقض الطرد إنما يتم بتقدير كون التعريف للزنا الموجب للحد ولا نسلمه، بل هو للزنا الشرعي ولا يرد زنا المرأة في العكس لأنه ليس زنا حقيقة ولا يخفى أن تمكينه يرد على العكس، ولو أريد به الشرعي إلا أن يراد بالوطء كون الحشفة في قبل مشتهاة، والحق أن هذا تعريف للزنا الموجب للحد وتلك الشروط المزيدة خارجة عن الماهية وقد مر نظيره. ثم رأيت الرازي قال بعد ذكر تعريف المصنف: وأما كون الزاني مكلفا وطائعا، والزانية مشتهاة فشرط لأجراء الحكم عليهما، وقول الشيخ: لو عرفه بما قال لكان أتم، أي: أوفى بالشروط نعم بقي أنه لا بد من كونه في دار الإسلام حتى لو زنا في دار الحرب لا حد عليه كما سيأتي وهذا الشرط أومأ عليه المصنف بقوله ومكانه وما في (المحيط) من أن منها أن يكون عالما بالتحريم حتى لو لم يعلم به لا يجب الحد للشبهة. ورده في (الفتح) بأن الزنا حرام في سائر الأديان، حتى أن الحربي إذا دخل دار الإسلام فأسلم وقال: ظننت أنه حلال يحد ولا يلتفت إليه وإن كان فعله ذلك أول يوم دخوله (ويثبت) أي: الزنا عند القاضي، أما ثبوته في نفسه فبإيجاد الإنسان لأنه فعل حسي (بشهادة أربعة) فيها إيماء إلى أنه يشترط كونهم ذكورا، ولو كان الزوج منهم عندنا بشرط أن لا يشهد أنها زنت بولده سواء كان قبل الدخول أو بعده للتهمة، لأنه بشهادته قبل يريد إسقاط المهر وبعده إسقاط النفقة ويحد الثلاثة دون الزوج كذا في (المحيط). وفي (السراج): لو كان المشهود عليه امرأة أحد الشهود فلم يعدل أحد الثلاثة لا عنها الزوج وحدوا وذكر الكرخي أنه لا حد على الزوج ولا عليهم وهو الظاهر انتهى، وفيه نظر لا يخفى، وجوابه يعرف مما سيأتي للمتأمل ويشترط أن لا يكون قذفها لأنه يسعى في دفع اللعان عن نفسه وتحد الثلاثة أيضا، كذا في (الظهيرية)

بالزنا لا بالوطء والجماع فيسألهم الإمام عن ماهيته وكيفيته ومكانه وزمانه والمزنية فإن بينوه ـــــــــــــــــــــــــــــ واتحاد المجلس لصحة الشهادة فلو جاؤوا فرادى حدوا حد القذف ولو كان خارج المسجد، بخلاف ما جاؤوا فرادى وقعدوا مقعد الشهود وقام إلى القاضي واحد بعد آخر حيث تقبل الشهادة (بالزنا) أي: متلبسة بلفظ الزنا وفيه إيماء إلى أنه لو شهد به اثنان وشهد آخران أنه أقر به لا يحد ولا تحد الشهود أيضا بخلاف ما لو كان الشاهد على الإقرار واحدا حيث يحد الثلاثة الذين شهدوا بالزنا، كذا في (الظهيرية) (لا بالوطء والجماع) لأن لفظ الزنا هو الدال على فعل الحرام بخلاف الوطء والجماع وكلامه يعطي بظاهره أنه لا يقوم لفظ مقام لفظ الزنا فلو قال: وطئها محرما لم يقبل. واعلم أن في اشتراط الأربعة تحقيق معنى الستر المندوب إليه، وعلى هذا فالأولى ترك الشهادة بالزنا ويجب أن يكون هذا بالنسبة إلى من لم يعتده، أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به فيجب كون الشهادة أولى من تركها (يسألهم الإمام) أي: يسأل الشهود (عن ماهيته) أي: ذاته لأن الشاهد عساه عنى به غير إدخال الذكر في الفرج بأن ظن مماسته الفرجين حراما زنا أو كان يظن أن كل وطء محرم زنا يوجب الحد فيشهد بالزنا فلهذا الاحتمال يسأله عن الزنا ما هو، كذا في (الفتح) وهو ظاهر في أن ماهيته حقيقته فهو من عطف الخاص على العام (و) عن (كيفيته) لاحتمال كونه مكرها، والشاهد يرى أنه إلى الزنا لا يتحقق فيكون مختارا وفي التحقيق عن حاله تعلق بالزاني نفسه (ومكانه) لجواز أن يكون في دار الحرب أو البغي أو ليعلم إيجاد مكان الزنا في دار الإسلام فإنه شرط كما سيأتي (وزمانه) لجواز / أن يكون في زمن متقادم ولا حد فيه حيث ثبت بالبينة، لأن التقادم يمنع [299/أ] قبولها بخلاف الإقرار ويجوز أن يكون في زمن صباه. (و) عن (المزني بها) من هي لجواز أن يكون ممن لا يحد بزناها وهو لا يعلمون ذلك كجارية ابنه أو هي زوجته أو أمته وهم لا يعلمون ذلك، وقياس هذا في الشهادة على زنا امرأة أن يسألهم عن الزاني بها من هو فإن فيه أيضا الاحتمال المذكور مع زيادة وهي جواز كونه صبيا أو مجنونا إذ لا حد عليهما أيضا في هذه الحالة في قول الإمام، وهذا السؤال إنما هو للاحتياط لا للاحتراز عن الغلط إذ هو مطلوب لدرء الحد وأنه لا معنى للغلط في الزمان والمكان هنا، كذا في (الحواشي السعدية) (فإن بينوه) أي: ما ذكر أفهم بمفهوم شرطه أنهم لو لم يزيدوا على قولهم أنه زنا لا يحد ولا الشهود أيضا ولو بين ثلاثة ولم يزد الرابع على الزنا لا يحد أيضا، وما في (المبسوط) من أنه يحد محمول على أنه قال للقاضي في مجلس غير

وقالوا: رأيناه وطئها كالميل في المكحلة وعدلوا سرا وجهرا حكم به وبإقراره. ـــــــــــــــــــــــــــــ المجلس الذي شهد فيه الثلاثة، كذا في (الفتح) يعني وبين الرابع من الثلاثة حين شهد به لما قد علمته من اتحاد المجلس شرط لقبول شهادتهم (وقالوا: وطئها) في فرجها، أي: وضع ذكره (كالميل) أي كوضع الميل (في المكحلة) بضمتين وعاء الكحل وفيه كلام وهو أن الظاهر أن قوله وقالوا: بيان لقوله وبينوه كما أشير إليه في بعض الشروح، وبمجرد القول المذكور لا يتم البيان لأنه إنما بين الماهية فقط والكيفية، كذا في (الحواشي اليعقوبية). وفي (فتح القدير) هذا هو حاصل جواب السؤال عن كيفية الزنا في الحقيقة انتهى. وفي (إيضاح الإصلاح) في هذا بيان أنه لا يكتفي في ماهية الزنا بالإجماع، وعبارة القدوري ظاهرة في أنه لا بد من قولهم ذلك بعد بيان ما ذكر وذلك قال: سألهم الإمام عن الزنا ما هز؟ وكيف هو؟ وأين هو؟ وأين زنا؟ وبمن زنا؟ ومتى زنا؟ فإذا بينوا ذلك وقالوا: وطئها في فرجها كالميل في المكحلة حينئذ والمقام مقام الاحتياط فما في بعض الشروح فيه نظر فتدبره. (وعدلوا) أي: الشهود (سرا) بأن يبعث القاضي ورقة فيها أسماؤهم وأسماء محلتهم على وجه يتميز بها كل واحد منهم لمن يعرفه فيكتب تحت اسمه هو عدل مقبول الشهادة، (وعلانية) بأن يجمع القاضي بين المزكي والشاهد ويقول هذا هو الذي ذكيته سرا قال: ويحبسه حتى يسأل عن الشهود كي لا يهرب للتهمة تقريرا له إذ لا وجه لأخذ الكفيل منه ولم يكتف الإمام هنا بظاهر العدالة احتيالا للدرء إذا لم يعلم بحال الشهود فإن علم عدالتهم لا يسأل لأن علمه أقوى من الحاصل من السؤال (حكم به) أي: بموجبه، أي: وجب عليه ذلك لظهور الحق (و) يثبت أيضا (بإقراره) أي: الزاني وقدم الثبوت بالبينة لأن الثابت بها أقوى ولأنه المذكور في النص وخصه بهما دلالة على أنه لا يثبت بعلم القاضي، وكذا سائر الحدود عليه جماهير العلماء وعلى أن البينة على الإقرار لا تقبل ولا بد أن يكون صريحان فلا يحد الأخرس لو أقر بكتابة أو إشارة، وكذا لا يقبل الشهادة عليه لاحتمال أن يبدي شبهة، وكذا لو أقر فظهر مجبوبا أو أقرت فظهرت رتقاء بأن تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد. ولا بد أيضا أن لا يكذبه الآخر حتى لو أقر فكذبته، أو هي فكذبها فلا حد عليهما عند الإمام خلافا لهما، ولو أقر أنه زنا بخرساء أو هي بأخرس لا حد على واحد منهما ووجهه في (المحيط) بجواز أنها لو تكلمت أبدت ما يسقط الحد فقيل: يشكل عليه ما لو أقر أنه زنا بغائبة حد استحسانا لأن انتظار حضورها لاحتمال أن تذكر مسقطا عنه وعنها ولا يجوز التأخير بهذا الاحتمال فيحتاج إلى

أربعا في مجالسه الأربعة كما أقر رده وسأله كما مر. ـــــــــــــــــــــــــــــ الفرق، وبقي رابع وهو أن يكون المقر صاحيا حتى لو أقر به أو بالسرقة في حال سكره فإنه لا يحد بخلاف ما لو سرق أو زنا حيث يحد، كما في (المحيط) معللا بأن الإنشاء لا يحتمل التكذيب، والإقرار يحتمله (أربعا في مجالسه الأربعة) أي: مجالس المقر وقيل: مجالس القاضي والأول أصح فإن أقر أربع مرات في مجلس واحد كان ذلك بمنزلة إقرار واحد. وفي (الظهيرية) لو أقر كل يوم مرة أو كل شهر مرة فإنه يحد انتهى. وهذا لأنه عليه الصلاة والسلام (أخر الحد عن ماعز إلى أن أتم إقراره أربعا في مجالس) وفسر محمد تفريق المجلس بأن يذهب المقر عنه بحيث يتوارى عن نظر القاضي ولو أقر كل يوم أو كل شهر حد كما في (الظهيرية) (كلما أقر رده) بحيث يغيب عن بصره كل مرة اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في ماعز فظاهر قوله في (الهداية) لا بد من اختلاف المجالس / وهو أن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حتى لا يراه ثم [299/ب] يجيء فيقر يفيد أن اختلاف المجلس لا يكون إلا أن يرده وفي العبارة تسامح كما قال صدر الشريعة: لأنه في الرابعة لا يرده ومن ثم قال في (الإصلاح) إلا الرابعة. فرع شهد عليه أربعة عدول بالزنا فأقر مرة واحدة، ذكر السرخسي أنه يحد يعني بحكم الشهادة وقال غيره: هذا قول محمد وعلى قول أبي يوسف أنه لا يحد، وكذا الخلاف لو أقر مرتين كما في (الشرح)، وقول أبي يوسف أصح كما في (الكافي)، وأجمعوا على أنه لو أقر أربعا بطلت الشهادة كما في (السراج) وما في بعض الكتب من أنهم لو كانوا فساقا فأقر لا يحد مما لا ينبغي في التصوير إذ لا دخل لإقراره في عدم حده. ولذا قال في (الفتح): لو شهد أربعة فساق بالزنا لا يقضي بشهادتهم ولا يحدون لأنهم باقون على شهادتهم غير أنهم لا يقبلون، وعلى هذا لو أقام القاذف أربعة من الفساق على صدق مقالته لا يسقط الحد عندنا، (وسأله) أي: القاضي المقر (كما مر) من سؤال الشهود عن الأشياء الخمسة، أما السؤال عن الماهية والكيفية والمكان فما لا كلام فيهن وأما عن الزمان فقد قيل: إنه لا يسأله بخلاف الشهادة لما مر من أن التقادم يمنعها دون الإقرار وإذا لم يكن التقادم معه مسقطا فلا فائدة في السؤال، والأصح كما اقتضاه كلامه أنه يسأل عنه لفائدة هي جواز أنه زنا

فإن بينه حد فإن رجع عن إقراره قبل الحد أو في وسطه خلي سبيله وندب تلقينه بلعلك قبلت أو لمست أو وطئت بشبهة فإن كان محصنا رجمه في قضاء حتى يموت يبدأ الشهود به فإن أبوا سقط. ـــــــــــــــــــــــــــــ في حال صباه، وأما عن المزني بها فقال في (إيضاح الإصلاح): لك أن تقول لا حاجة إليه لما سيأتي من أن جهلها لا يمنع وجود الحد بالإقرار والحق ما في (الكتاب) أنه لا بد منه أيضا لجواز أن يبينه فيمن لا يحد بوطئها كجارية ابنه بخلاف ما لو قال: لا أعرف المزني بها لأنه إقرار بالزنا ولم يذكر ما تسقط كون فعله زنا (فإن بينه حد) بما يستحقه من الرجم والجلد كما سيأتي. (فإن رجع) المقر (عن إقراره قبل الحد) ومنه إنكار الإقرار كما في (الخانية) (أو في وسطه) ومنه ما إذا هرب كما في (الحاوي القدسي) (خلي سبيله) لأن الرجوع خبر يحتمل الصدق ولا مكذب له فيه فيتحقق به الشبهة في الإقرار السابق عليه فيندرئ بالشبهة لأنه أرجح من الإقرار السابق، وبهذا عرف أن الرجوع عن الإقرار بحد الشرب والسرقة صحيح أيضا بخلاف حد القذف والقصاص، والفرق لا يخفى (وندب تلقينه) الرجوع (بلعلك) أي: بقوله: لعلك (قبلت أو لمست) أو تزوجت (أو وطئت بشبهة) لخبر البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز: (لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) والحاصل أنه يلقنه ما يكون ذكره دارئا للحد عنه. وفي (المحيط) لو تزوج بها أو اشتراها لا يسقط الحد في ظاهر الرواية لأنه لا شبهة له وقت الفعل (فإن كان محصنا رجمه) الإمام (في فضاء) وهو المكان الواسع لأنه أمكن في رجمه ولئلا يصيب بعضهم بعضا ولذا قالوا إن الناس يصطفون كصفوف الصلاة لرجمه كلما رجم قوم تأخروا ورجم آخرون، كذا في (الشرح) ولم يقل بالحجارة، لأن كونه بها مأخوذ في مفهومه (حتى يموت) اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في ماعز وعليه إجماع الصحابة ولو قتله إنسان أو فقأ عينه فلا شيء عليه ولو قبل القضاء وجب القصاص في العمد والدية في الخطأ، كذا في (المحيط). ومعنى لا شيء عليه أي: لا يقتص منه وإلا فينبغي أن يعزر لافتئاته أي: تجاوزه على الإمام (يبدأ الشهود) بالرجم أي: يشترط أن يبدؤوا (به) دل على ذلك قوله: (فإن أبوا سقط) أي: الحد لأنه دلالة على الرجوع ولا يحدون لأن امتناعهم ليس صريحا في الرجوع وقيل: يحدون والأول رواية (المبسوط) وكذا لو أبى بعضهم ولو عبر به لكان أولى وخرج عن أهلية الشهادة بارتداد أو عمى أو فسق أو قذف، وكذا لو ماتوا أو

ثم الإمام ثم الناس ويبدأ الإمام لو مقرا ثم الناس. ـــــــــــــــــــــــــــــ غابوا في ظاهر الرواية لأن الإمضاء من القضاء في الحدود هذا إذا كان محصنا وفي غير المحصن. قال الحاكم الشهيد في (الكافي): يقام عليه حد الموت والغيبة ولو قطعت أيديهم فإن بعد الشهادة فكذلك وإن قبلها القاضي بحضرتهم وهذا لا يرد على المصنف لأن الامتناع عن شيء فرع القدرة، وكذا ما في (الظهيرية) لو كانوا مرضى لا يستطيعون الرمي رمى القاضي ثم الناس (ثم الإمام ثم الناس)، كذا روي عن علي رضي الله عنه ولم يقل: فإن أبى سقط الحد لأن رميه ليس حتما إذ حضوره غير لازم كذا في (إيضاح الإصلاح) إلا أنه في (فتح القدير) قال: مقتضى ما ذكر أنه لو بدأ الشهود وجب أن يثني / الإمام فلو لم يثن سقط الحد لاتحاد المأخذ فيهما انتهى. [300/أ] وهذا إنما يتم لو سلم وجوب حضوره كالشهود وفي رواية يستحب للإمام أن يأمر طائفة من المسلمين أن يحضروا لإقامة الحدود. واختلفوا في عددها فعن ابن عباس واحد وقال عطاء: اثنان والزهري ثلاثة والحسن البصري أربعة انتهى. وهذا صريح في أن حضورهم ليس شرطا فرميهم كذلك فلو امتنعوا لم يسقط قالوا: ويستحب أيضا لكل راجم أن يقصد القتل لأنه المقصود إلا أن يكون ذا رحم محرم منه فيكتفى بغيره كذا في (الفتح) تبعا لما في (الإيضاح) إلا أنه في (المحيط) قال: يكره لذي الرحم المحرم أن يلي إقامة الحد والرجم وسيأتي في (الكتاب) ما إذا قال قاض عدل قضين على هذا بالرجم وسعك أن ترجمه وإن لم تعاين الحجة (ويبدأ الإمام لو) كان الزاني (مقرا ثم الناس)، كذا روي عن علي رضي الله تعالى عنه، وروى أبو داود (أنه عليه الصلاة والسلام رجم الغامدية بحصاة مثل الحمصة فقال: ارموا واتقوا الوجه) وأنت تعلم أنه لو تم هذا الحديث بالصحة لم يكن فيه دليل على الاشتراط فالمعول عليه ما عن علي، واعلم أن مقتضى هذا أنه لو امتنع الإمام لا يحل للقوم رجمه ولو أمرهم لعلمهم بفوات شرط الرجم وهو منتف برجم ماعز فإن القطع بأنه عليه الصلاة والسلام لم يحضره بل رجمه الناس عن أمره عليه الصلاة والسلام ويمكن أن يجاب بأن حقيقة ما دل عليه قول علي (أنه يجب على الإمام أن يبتدئ في الإقرار) لينكشف للناس أنه لم يقصر في أمر القضاء بأن لم يتساهل في بعض شروط الحد، فإن امتنع ظهرت أمارات الرجوع فامتنع الحد

ولو غير محصن جلده مائة ونصف للعبد بسوط لا ثمرة له متوسطا ونزع ثيابه وفرق على بدنه إلا رأسه ووجهه وفرجه. ـــــــــــــــــــــــــــــ لظهور شبهة تقصيره في القضاء وهي رواية، فكان للدرء في نفي الشرط إذ لزم من عدمه العدم لا أنه شرط بذاته وهو منتف في حقه عليه الصلاة والسلام هذا حاصل ما في (الفتح). (ولو) كان الزاني (غير محصن جلده) الإمام (مائة) لقوله تعالى: {الزانية} إلى قوله: {مائة جلدة} (النور: 2) نسخ ذلك في المحصن فبقي في غيره وقدمت الأنثى هنا وفي آية السرقة الذكور دلالة على أصالة المقدم في بابه (ونصف) جلد المائة (للعبد) لقوله تعالى: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} (النساء: 25) نزلت في الإماء وإذا ثبت فيهن للرق ثبت في الذكور الأرقاء دلالة، إذ لا يشترط فيها أولوية المسكوت من الحكم بل يكفي المساواة وقول الشارح: إنهم يدخلون بطريق التغليب عكس القاعدة، أعني تغليب الذكور على الإناث وهذا الشرط أعني، الإحصان لا مفهوم له فإن على الأرقاء نصف المائة وإن لم يحصنوا (بسوط لا ثمرة له) قيل هي عذبته وذنبه في (الصحاح) وغيره هي عقد أطرافه، ورجح المطرزي إرادة الأول هنا لرواية الطحاوي (أن عليا جلد الوليد بسوط له طرفان أربعين جلدة) فكانت الضربة ضربتين. قال في (الدراية): إلا أن المشهور في الكتب ما في (الصحاح) والحاصل أنه يجتنب كلا من التمرة بمعنى العقرة بمعنى الفرع الذي يصير به ذنبين تعميما للمشترك لا عن العدد مائة، فلو تجوز بالتمرة فيما يشاكل العقدة ليعم المجاز ما هو يابس الطرف على ما ذكرنا لطان أولى، فإنه لا يضرب بمثله حتى يدق رأسه فيصير سوطا، كذا في (الفتح) ويضرب ضربا (متوسطا) بين المبرح وغير المؤلم لإفضاء الأول إلى الهلاك وخلو الثاني من المقصود (ونزع ثيابه) عنه، لأن المقصود من ضربه إيصال الألم إليه والتجريد فيه أبلغ (وفرق) الجلد (على بدنه) لما أن جمعه في عضو قد يفسد ولأن كل عضو منه نال لذة فيعطى حظه من الحد (إلا رأسه ووجهه وفرجه) لرواية أبي شيبة (أن عليا حد السكران فقال: اضرب وأعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير) جمع ذكر بمعنى العضو وجمع باعتبار قسميه ما حوله من كل ذكر جزء كما قالوا: شابت مفارقه وإنما له مفرق واحد ولأن الرأس مجمع للحواس الباطنية والوجه مجمع المحاسن وربما بالضرب تفسد والضرب على الفرج متلف، واستثنى بعض المشايخ أيضا وهو رواية عن الثاني الصدر والبطن.

ويضرب الرجل قائما في الحدود غير ممدود ولا ينزع ثيابها إلا الفرو والحشو وتضرب جالسة ويحفر لها في الرجم لا له ولا يحد عبده إلا بإذن إمامه وإحصان الرجم. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وفيه نظر بل الصدر من الحامل والضرب بالسوط المتوسط عددا يسيرا لا تقبل في البطن فكيف بالصدر، نعم إذا فعل بالعصا كما يفعل في بيوت الظلمة ينبغي أن لا يضرب البطن وقال أبو يوسف آخرا: يضرب الرأس سوطا والمذهب ما مر، (ويضرب الرجل قائما في الحدود)، وكذا في التعازير كما في (الفتح) (والخانية) أيضا قال: ويضرب في التعزير قائما عليه ثيابه ولا يمد انتهى. ولم أر لقضاة زماننا / سلفا في مده في التعزير على الأرض، والظاهر أنه لا يجوز لأنه [300/ب] خلاف المشروع لما أخرجه عبد الرزاق عن علي أنه قال: (يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة في الحد غير ممدود) أي: ملقى على الأرض كما يفعل في زماننا. وقيل: هو أن يمد السوط بأن يرفعه الضارب فوق رأسه، وقيل: هو أن يمده بعد وقوعه على جسد المضروب وكل ذلك لا يفعل فلفظ ممدود معهم في جميع معانيه لأنه في النفي، فجاز تعميمه وإن امتنع ولم يقف لا بأس بربطه على أسطوانة أو يمسك، (ولا ينزع ثيابها إلا الفرو والحشو) لأنهما يمنعان وصول الألم والستر حاصل بدونهما، (وتضرب جالسة) لما روينا (ويحفر لها في الرجم) أي: يجوز لها الحفر لرواية مسلم (أنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية إلى صدرها) ولو تركه جاز استغناء بسترها بثيابها (لا له) لقول أبي سعيد: فو الله لما حفرنا لماعز وما أوثقناه ومن ثم قلنا: إن الإمساك غير مشروع في المرجوم. قال في (الفتح): إلا أن لا يصير واعيا فحينئذ يمسك ويربط، فإذا هرب من الرجم فإن كان مقرا لا يتبع وإن كان مشهودا عليه تبع حتى يموت، (ولا يحد) المولى (عبده إلا بإذن إمامه) لما روي عن العبادلة الثلاثة موقوفا ومرفوعا إلى الإمام الحدود والصدقات والجمعات والفيء ولو فعله المولى هل يسقط عن العبد أم يعيده الإمام؟ لم أره مسطورا والظاهر أنه يعيده لما قدمناه من أن ركنه إقامة الإمام أو نائبه (وإحصان الرجم) مشروع في شرائط الإحصان، أي: الشرائط التي هي الإحصان فالإحصان هو الأمور المذكورة وهذا أجزاؤه وهي هيه تكون باجتماع الشرائط فهي أجزاء علة وكل جزء علة فكل واحد شرط وجوب الرجم والمجموع علة الوجود

الحرية والتكليف والإسلام والوطء بنكاح صحيح وهما بصفة الإحصان ولا يجمع بين جلد ورجم وبين جلد ونفي. ـــــــــــــــــــــــــــــ الشرط المسمى بالإحصان وقيد بالرجم لأن إحصان القذف غير هذا كما سيأتي. و (الحرية والتكليف) جعل هذه من الشروط طريق المتقدمين، والتحقيق أن الحرية شرط لتكميل العقوبة، وأما العقل والبلوغ فشرطان لأهلية العقوبة لأنهما من الشروط الخاصة، (و) أما (الإسلام والوطء بنكاح صحيح) فلا كلام أنهما شرطان له خاصة ولا بد أن تكون الصحة قائمة حال الدخول حتى لو تزوج من علق طلاقها بتزويجها صح النكاح لكن لو دخل بها عقيبه لا يصير محصنا لوقوع الطلاق قبله (وهما) أي: والحال أنهما أي: الزوجان (بشرائط الإحصان) المتقدمة وقت الإصابة بحكم النكاح حتى لو تزوج الحر المسلم المكلف غير مكلفة أو كتابية أو أمة ودخل بها لا تصير محصنة، وكذا لو تزوج حر مكلف أمة فأعتقت بعدما دخل بها لم يرجم ولو زنا ما لم يطأها بعد الإعتاق، وكذا لو تزوج ذمية فأسلمت بعدما دخل بها فقبل أن يدخل بها الإسلام أي: يطأها زنا لا يرجم، وكذا لو بلغت بعدما دخل بها وهي صغيرة كذا في (الفتح). وهذا يقتضي أن الذمي لو زنا بمسلمة ثم أسلم لا يرجم ولا يعارضه ما في فتاوى قارئ (الهداية) من أنه لو زنى أو سرق ثم أسلم إن ثبت ذلك بإقراره أو بشهادة المسلمين لا يدرأ عنه الحد، وإن ثبت بشهادة أهل الذمة لا يقام عليه الحد إلا أنه أراد بالحد هنا الجلد. وفي (المحيط) عن محمد خلا بها ثم طلقها وقال: وطئها وقالت المرأة: لم يطأني يصير الزوج محصنا بإقراره دونها، وكذا لو طلقها بعدما دخل بها وقال: هي حرة وقالت: كنت نصرانية ولو أقرت زوجته بعد الدخول أنها أمته يرجم ولو كان قبل الدخول بها لا يرجم استحسانا، وبقي شرط آخر وهو أن لا يبطل إحصانهما بالارتداد فإن بطل به ثم أسلم لا يعود إلا بالدخول بعده، نص عليه في (شرح الطحاوي) وغيره عن محمد، لو لحقت الزوجة بدار الحرب مرتدة وسبيت لا يبطل إحصان الزوج، كذا في (المحيط) ولو زال بالجنون أو العته يعود بالإفاقة، وعند الثاني لا يعود إلا بالوطء بعده (ولا يجمع) في المحصن (بين جلد) أولا (ورجم) ثانيا بل يقتصر على الرجم لأنه عليه الصلاة والسلام لم يجمع، وهذا على وجه القطع في ماعز والغامدية وصاحب العسيف وإنما الذي تظافرت الطرق عليه أنه بعد سؤاله الإحصان وتلقينه الرجوع لم يزد على الأمر بالرجم (و) لا في البكر (بين جلد ونفي) عندنا أي: تغريب

باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

ولو غرب بما يرى صح والمريض يرجم ولا يجلد حتى يبرأ والحامل لا تحد حتى تلد وتخرج من نفاسها لو كان حدها الجلد. باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه لا حد. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن الوطء لأنه سبحانه وتعالى إنما جعل جزاء غير المحصن، الجلد والجزاء هو الكافي (ولو غرب) الإمام (بما يرى) من التغريب (صح) أي: جاز على أنه تعزير سياسة وعلى هذا حمل النفي المروي / عن بعض الصحابة ولا يختص هذا بالزنا بل [301/أ] يجوز في كل جناية كذا في (الكافي)، وفي (النهاية) المراد الحبس وعليه قوله: وإني وقيار بها لغريب أي: محبوس وهذا أحسن وأسكن من التغريب لأنه يعود على موضعه بالنقض، وحمل النفي في قطاع الطريق عليه، (والمريض) إذا كان محصنا وزنا (يرجم) لأنه أسرع للإتلاف فلا يؤخر المريض (ولا يجلد) إن لم يكن محصنا (حتى يبرأ) لأنه شرع زجرا لا متلفا والجلد فيه ربما كان متلفا ولذا قلنا: إنه لا يقطع عند شدة الحر والبرد واستثنى في (الظهيرية) ما إذا وقع اليأس من برئه فيقام عليه ولو كان نحيف البدن يقام عليه بقدر ما يطيق وما مر عن (الظهيرية) من أنه يؤخر إلى برئه محمول على ما إذا لم يطق ذلك (والحامل لا تحد) لكن تحبس إذا كان زناها ثابتا بالبينة لا بالإقرار (إلى أن تلد) فإن كانت محصنة رجمت لوقتها، وعن الإمام أنها تؤخر إلى استغناء الولد عنها حيث لم يكن له أحد، وبهذه الرواية جزم في (المختار) ولعمري إنها من الحسن بمكان وإن غير محصنة جلدت إذا خرجت من نفاسها وهذا القيد علم مما مر إذ النفاس نوع مرض فيؤخر إلى زمان البرء والله الموفق للصواب. باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه لقيام الشبهة فيه قدم حد الزنا الموجب للحد وهذا الباب لتفاصيله، ولما كان الخلو عن الشبهة مأخوذا في تعريفه ومنها ما لا يعتبر شبهة بدأ ببيان الشبهة، وهي ما يشبه الثابت وليس بثابت ثم أصحابنا قسموها قسمين: شبه في الفعل وتسمى شبهة اشتباه ومشابهة أي: شبهة في حق من اشتبه عليه دون ما لم يشتبه، وشبهة في المحل وتسمى شبهة حكمية وشبهة ملك أي: الثابت شبهة حكم الشرع محل الحمل كذا في (الفتح) وجعلها الشارح وغيره ثلاثة فزاد الشبهة في العقد والتحقيق هو الأول لأنها لا تخرج عنهما كما سيأتي وهو ظاهر ما في (الكتاب) لمن تأمل (لا حد) على

بشبهة المحل وإن ظن حرمته كوطء أمة ولده وولد ولده ومعتدة الكنايات، ولشبهة الفعل إن ظن حله كمعتدة الثلاث وأمة أبويه وزوجته وسيده. ـــــــــــــــــــــــــــــ الزاني (بشبهة المحل) وهي المنافية للحرمة ذاتا على معنى أنا لو نظرنا إلى الدليل مع قطع النظر عن المانع يكون منافية للحرمة (وإن ظن حرمته طوكئ أمة ولده وولد ولده) لأن قوله عليه الصلاة والسلام: (أنت ومالك لأبيك) ينفي الحرمة فيهما (و) وطء (معتدة الكنايات) لأن رأي بعض الصحابة أنها رواجع، ودخل في الكنايات الخلع إذا خلا عن المال لما قلنا كما صرح به النسفي في (جامعه) وأفاد بالكاف إلى أن منها غير ذلك كالجارية المبيعة والمجهولة مهرا إذا وطئها البائع والزوج قبل التسليم أو بعده في الفاسد والمشتركة بينه وبين غيره، وأمة عبده المأذون المديون ومكاتبه والتي فيها خيار للمشتري والتي هي أخته من الرضاع أو جاريته قبل الاستبراء، والزوجة التي حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لأمها لأن بعض الأئمة لم يحرم به فجعل بعضهم المسائل ستة مقتصرا عليها مما لا فائدة فيه، ومنها الجارية في الغنيمة إذا وطئ أحد الغانمين، سواء كان ذلك قبل الإحراز بدار الإسلام أو بعده كما في (البدائع). ولو قتلت الأمة رجلا عمدا فزنى بها ولي الجناية ولم يدع شبهة لا يحد ولو خطأ قبل أن يختار المولى شيئا فإن اختار الفداء حد إجماعا وإن اختار دفعها، ففي القياس يحد وبه أخذا، وفي الاستحسان لا يحد وبه أخذ الثاني، كذا في (الظهيرية) (و) لا حد عليه أيضا (لشبهة الفعل) وثبت باشتباه غير الدليل دليلا لم يقل بظن لأن ذلك الظن هو نفس الشبهة، كذا في (إيضاح الإصلاح) (إن ظن حله) الأولى أن يقال: ادعى الحل لأن العبرة لدعوى الظن وإن وجد في نفسه (كمعتدة) الطلاق (الثلاث) أو البائن على مال وكذا المختلعة، أما البائن على غير مال فمن الحكمية (وأمة أبويه) أراد بالأب والأم الأصل فدخل أمة جده (وجدته) وإن عليا، (و) أمة (سيده) وأم ولده التي أعتقها وهي في عدته، والمرتهن يطأ المرهونة في رواية كتاب الحدود وهي المختار، ومستعير الرهن هنا بمنزلة المرتهن فإن قال المرتهن: علمت حرمتها لا حد عليه أيضا في رواية كتاب الرهن لأن استيفاء الدين يقع بها عند الهلاك وقد انعقد له سبب الملك في الحال فصار كالمشتراة بشرط الخيار. وفي (الظهيرية) زنى بالمغصوبة ثم ضمن قيمتها لا حد عليه ولو زنى بأمة ثم [301/ب] اشتراها حد في ظاهر الرواية وعن الإمام في (الأمالي) أنه لا يحد ويحد في قول / أبي يوسف وقياس هذا أنه يحد في المغصوبة عندهما خلافا له انتهى. وينبغي أن الراهن

والنسب يثبت في الأولى فقط وحد بوطء أمة أخيه وعمه وإن ظن حله وامرأة وجدت في فراشه لا بأجنبية؛ زفت وقيل: هي زوجتك. ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ لو أذن في الوطء ظانا الحل فلا حد اتفاقا ولم أر ما لو وطئ الموقوف عليه الموقوفة ظانا الحل وينبغي أن لا يحد أيضا قيد بالظن لأنه لو قال: علمت الحرمة وجب الحد فلو ادعى أحدهما الظن والآخر لم يدع ل حد عليهما حتى يقرا جميعا بعلمهما بالحرمة، (والنسب يثبت في) النوع (الأول فقط) إن ادعاه دون الثاني وإن ادعاه لأن الفعل فيه تمحض زنا الفرض أن لا شبهة ملك إلا أن الحد يسقط لظنه فضلا من الله وهو أمر راجع إليه لا إلى المحل، ولذا لم تجب به عدة ولم تتمحض في الأول، وهذا الإطلاق مقيد بغير المطلقة ثلاثا لما مر في ثبوت النسب من أن نسب ولد معتدة الثلاث يثبت بغير دعوة إذا جاء ت به لأقل من سنتين ويحمل على وطئ سابق على الطلاق، فإن جائت به لأكثر لا يثبت إلا بالدعوة ويحمل على أنه وطئها في العدة بشبهة عقد وما في (الشرح) من أنه يثبت أيضا بوطء أجنبية زفت وقال النساء هي زوجتك فظهر بخلافه من أن الشبهة في الفعل رأي طائفة وسيأتي ما فيه، (ويحد بوطء أمة أخيه) وأخته (وعمه) وعمته وكذا سائر محارمه سوى الولاء. (ولو ظن الحل) لانتفاء الشبهة في الملك وفي الفعل لعدم انبساط كل بمال الآخر فدعوى ظنه الحل غير معتبرة، وأورد أنه لو سرق من هو لا يقطع، فظاهر أن بينهما انبساطا وأجيب بأن القطع منوط بالأخذ من الحرز وهو منتف لدخوله في بيتهم بلا استئذان عادة، أما الحد فمنوط بعدم الحل وشبهته وهو ثابت هنا (و) بوطء (امرأة) أجنبية (وجدت في فراشه) وقال: ظننتها زوجتي ولو كان أعمى إذ بطول الصحبة لا تشتبه عليه زوجته والأعمى عين بالحركات المألوفة إلا إذا دعاها فأجابته أجنبية قائلة: أنا زوجتك أو أنا فلانة فواقعها لأن الإخبار دليل وقيدوا بقولها لأنها لو أجابت بالفعل ولم تقل ذلك فواقعها وجب الحد كذا في (الإيضاح) وبأنا زوجتك ونحوه لأنها لو اقتصرت الجواب بنعم فوطئها حد، لأنه يمكن التمييز بأكثر من ذلك كذا في (الفتح) (لا) يحد (بأجنبية) أي: بوطئها (زفت) أي: بعثت إليه لم يقل. وقلت: لأن خبر الواحد كان، كذا في (إيضاح الإصلاح) (هي زوجتك) بذلك قضى علي رضي الله عنه ولم يعلم فيها خلاف قيل: الشبهة هنا شبهة اشتباه وعليه جرى الشارح ويشكل عليه أن النسب لا يثبت فيها وقد أثبتوه هنا، وأيضا لا بد في سقوط الحد معها من دعوى ظن الحل كما مر، ومن ثم جزم في (العناية) بأن هذا من الشبهة في المحل لأن الفعل صدر منه بناء على دليل أطلق الشارع له العمل به وهو

وعليه مهر وبمحرم نكحها. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإخبار بأنها امرأته فجعل الملك كالثابت لدفع ضرر العذر لكن يلزم عليه أنه لو قال: علمتها حراما علي لعلمي بكذب النساء إنه لا يحد. قال في (الفتح): والحق هو الأول لانعدام الملك من كل وجه وكون الإخبار مطلقا للجماع شرعا ليس هو الدليل المعتبر في شبهة المحل بل هو ما اقتضاه ثبوت الملك، نحو أنت وما لك لأبيك على ما مر (وعليه مهرها)، لأن الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن حد أو مهر وقد سقط الحد فوجب المهر إلا في وطء جارية الابن إذا علقت منه وادعى النسب، وفيما إذا وطء البائع المبيعة قبل التسليم ذكرهما في (الزيادات) وينبغي أن لا يجب بوطء جارية السيد لأن المولى لا يجب له دين على عبده إلا أن يقال وجب ثم سقط، كذا في (الشرح). ولو وطئ العبد سيدته بشبهة ينبغي أن لا مهر أيضا أخذا من المولى ولا يستوجب على عبده حقا، زاد في (الأشباه) ما لو نكح صبي بالغة حرة بغير إذن وليه ووطئها طائعة فلا حد ولا مهر أيضا وعلله في (المجتبى) بأن قول الصبي غير معتبر، وقال في (البحر): ولا يرد يعني على ما في (الشرح) ما لو زنى صبي بامرأة بالغة مطاوعة قالوا: لا حد عليه ولا مهر لإسقاطها حقها حيث مكنته لأن المهر وجب لكن سقط لما ذكرنا انتهى. وهذا إنما يأتي فيما لو نكحها أيضا وفيها لو وطئ حربية أو وطئ الموقوف عليه الموقوفة أو وطئ المرتهن بإذن الراهن ففي هذه الثلاث ينبغي أن لا يجب المهر أيضا، ولم أره انتهى وأنت قد علمت بأن مسألة الرهن منقولة ففي رواية كتاب الحد وهو الراجح وهذا بإطلاقه يعم ما لو أذن الراهن إذ الفروج لا تباح له، وعلى رواية [302/أ] كتاب الرهن لا يجب وهذا مع الإذن أولى لا يجب / أيضا (بمحرم) أي: لو وطئ محرم نسبا أو رضاعا أو صهرية ومعتدته ومطلقته الثلاث بعد التزوج ومنكوحة الغير كالمحرم، كذا في (الكافي) (نكحها) أي: عقد عليها عند الإمام علم بالحرمة أو لا وقالا: إن علم حد، قيد بالمحرم لأنه لو تزوج أمة على حرة أو بلا إذن سيدها أو تزوج عبده بلا إذن أو تزوج مجوسية فلا حد عليه اتفاقا، أما عنده فظاهر، وأما عندهما لأن الشبهة إنما تنتفي عندهما إذا كان مجمعا على تحريمه وهي حرام في التأبيد، كذا في (الكافي). قال في (الفتح): وهذا التعليل يقتضي أن يحد عندهما في تزوج منكوحة الغير ومعتدته ومطلقته الثلاث مع جعلها فيه كالمحرم، والذي يغلب على ظني أنه لا يحد عندهما وعبارة الحاكم في (الكافي) تفيد ذلك حيث قال: رجل تزوج امرأة لا

وبأجنبية في غير القبل وبلواطة. ـــــــــــــــــــــــــــــ يحل له نكاحها فدخل بها لا حد عليه وإن فعله على علم لم يحد أيضا ويوجع عقوبة في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: إن علم بذلك فعليه الحد في ذوات المحارم انتهى. وظاهر أنه لا يحد اتفاقا في نكاحه بلا إذن ولي وبلا شهود والخلاف يرجع إلى ثبوت محلية النكاح للمحارم وعدمه فعنده هي ثابتة على معنى أنها محل العقد لا بالنظر إلى خصوص عاقد لقبولها مقاصده من التوالد فأورث شبهة ونفياها على معنى أنها ليست محلا لعقد هذا العاقد فلم يورث شبهة، وهذا ظاهر في أنهما لم يتوارد في المحلية على محل واحد وعرف بهذا شبهة، وهذا أن المحلية لها إطلاقان وعلى هذا فما قدمناه من أن شرطة المحلية وهي الأنثى من بنات آدم التي لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، وكذا قول الأصوليين إن النهي عن نكاح المحارم مجاز عن النفي لعدم محله لو آذاو بها المعنى الثاني قال الإسبيجابي: والصحيح قول أبي حنيفة لكن قال أبو الليث: وبقولهما نأخذ، وفي (السراجية) وعليه الفتوى. قال في (الفتح): ولعل وجهه أن تحقق الشبهة يقتضي تحقق الحل من وجه لأن الشبهة لا محالة شبهة الحل لكن حلها ليس بثابت من وجه وإلا وجبت العدة وثبت النسب، ودفع بأن من المشايخ من التزم ذلك وعلى التسليم فثبوت النسب والعدة أقل ما ينبني عليه وجود الحل من وجه وهو منتف في المحارم وشبهة الحل ليس إلا بثبوت الحل من وجه فإن الشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت فلا ثبوت لما له شبهة الثبوت بوجه من الوجوه، ألا ترى أن أبا حنيفة ألزم عقوبته بأشد ما يكون وإنما لم تثبت عقوبة هي الحد فعرف أنه زنا محض إلا أن فيه شبهة فلا يثبت نسبه انتهى. وهذا إنما يتم بناء على أنها شبهة اشتباه. قال في (الدراية): وهو قول بعض المشايخ والصحيح أنها شبهة عقد لأنه روى عن محمد أنه قال: سقوط الحد عنه لشبهة حكمية فيثبت النسب وهكذا ذكر في (المنية) انتهى. وهو صريح في أن الشبهة في المحل وفيها يثبت النسب على ما مر (و) لا يجب أيضا (بوطئه أجنبية في غير قبل، و) لا يجب أيضا (باللواطة) حاول العيني التغاير بينهما، فجعل الوطء في غير القبل يعم الوطء في السرة وأنت خبير بأنه فيها لا يسمى واطئا، والظاهر أن اللواطة خاصة بإتيان الذكر لأنها عمل قوم لوط وكانوا لا يأتون غيرهم، وجمع المصنف بينهما إيماء إلى أنه لا فرق في الحكم بين الغلام، وغيره دفعا لما قيل: من أن الخلاف في الغلام أما إتيانها في دبرها فيحد فيه إجماعا، والأصح أن الكل على الخلاف نص عليه في (الزيادات) فلا يجب الحد عنده، وقالا: هو كالزنا أي: في الحكم فيحد جلدا إن لم يكن أحصن ورجما إن

وببهيمة وبزنا في دار حرب وبغي. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحصن روى ذلك عن علي ولأنه في معنى الزنا لا أنه قضاء الشهوة في محل مشتهى على الكمال وله أنه ليس بزنا لاختلاف الصحابة في موجبه من التحريق أو هدم الجدار عليه أو نكسه من مكان مرتفع مع إتباع الأحجار فلو كان زنا في اللسان أو في معناه لم يختلفوا، بل كانوا يتفقون على إيجاب حد الزنا، فاختلافهم في موجبه وهو أهل اللسان أدل دليل على أنه ليس من مسمى لفظ الزنا لغة ولا معناه غير أنه يعزر بأمثال هذه الأمور عنده قاله ملا خسرو، والذي ذكره غيره تقييد قتله بما إذا اعتاد ذلك، قال في (الزيادات): والرأي إلى الإمام فيما إذا اعتاد ذلك إن شاء قتله وإن شاء ضربه وحبسه وفي (فتح القدير) ويعزر ويسجن حتى يموت أو يتوب ولو اعتاد اللواطة قتله الإمام محصنا كان أو غير محصن ساسة. [302/ب] قال في (البحر): والتقييد بالإمام يفهم أن القاضي / ليس له الحكم سياسة، وفي (الحاوي القدسي) تكلموا في هذا التعزيز من الجلد ورميه من أعلى موضع وحبسه في أنتن المواضع وغير ذلك سوى الإخصاء والجب والجلد أصح انتهى. ولا خلاف أنه لو فعل هذا بعبده أو أمته أو زوجته بنكاح صحيح أو فاسد لا يحد لكنه يعزر على ما مر. تتمة: هل يجوز أن يكون اللواطة في الجنة؟ قيل: إن كانت حرمتها سمعا وعقلا لا يكون وإن كانت سمعا فقط جاز أن تكون. قال في (النهاية) معزيا إلى التمرتاشي: والصحيح أنها لا تكون لأن الله تعالى استقبحها وسماها خبيثة والجنة منزعة عنها (وببهيمة) أي: لا يجب الحد بوطء بهيمة أيضا لأنه للزجر، وإنما يحتاج إليه فيما طريقه سالك وهذا ليس كذلك لأنه لا يرغب فيه العقلاء ولا السفهاء وإن اتفق لبعضهم لغلبة الشبق فلا يفتقر إلى الزجر إلا أنه يعزر، وما روي عن علي من حرقها بعد ذبحها فذلك لقطع امتداد الحدث بها كلما رأيت، وليس بواجب هذا إذا كانت مما لا يؤكل فإن كانت تؤكل جاز أكلها عنده وقالا: تحرق أيضا فإن كانت الدابة لغيره أمر صاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة ثم تذبح هكذا قالوا، ولا نعرف ذلا إلا سماعا فيحمل عليه كذا في (الشرح) والظاهر أنه يطالب على وجه الندب ولذا قال في (الخانية): كان لصاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة (و) لا يجب أيضا (بزنا) مسلم (في دار الحرب) والبغي، يعني إذا خرج إلينا فأقر به عند القاضي أو أقيمت عليه البينة به في غير تقادم لأنه لم ينعقد سببا لإيجاب

وبزنا حربي بذمية في حقه وبزنا صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه وبالزنا بمستأجرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ حال وجوده لأن أحكامها لا تصل إليهم فلا ينقلب موجبا للخروج، وقد قالوا: لو غزا من له ولاية إقامته كالخليفة وأمير مصر ودخل دار الحرب يقيم الحرب على من زنا من عسكره إذ هو تحت يده فالقدرة عليه ثابتة وهذه ترد على إطلاق المصنف، أما لو خرج من العسكر فزنى ثم عاد لا يقيمه (و) يجب أيضا (بزنى حربي) دخل دارنا بأمان (بذمية في حقه) أي: الحربي، وأما الذمية فتحد كالمسلمة عند الإمام. وقال أبو يوسف: يحد المستأمن أيضا وقال محمد: لا يحد واحد منهما غير أنه قال في العكس وهو ما لو زنى ذمي بمستأمنة كقول الإمام من أن الذمي يحد قيد بالذمية لأنه لو زنى بحربية مستأمنة لا يحد واحد منهما عندهما خلافا لأبي يوسف، والأصل عنده أن الحدود كلها تقام على المستأمن والمستأمنة إلا حد الشرب، وعند الإمام لا يقام عليه شيء منها إلا حد القذف، ومحمد يقول ذلك، إلا أن الرجل أصل والمرأة تبع والامتناع في الأصل امتناع في التبع (و) لا يجب أيضا (بزنى صبي أو مجنون بمكلفة بخلاف عكسه)، وهو ما لو زنى المكلف بصغيرة أو مجنونة حيث يجب الحد عليه والفرق أن فعل الرجل أصل في الزنا والمرأة تابعة له وامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع على ما مر، وامتناعه في التبع لا يستلزمه في حق الأصل. قال الشيخ: وعباراتهم من أن فعلها مع الصبي والمجنون ليس زنا يشير إلى أن إحصانه به لا يسقط كما لا يسقط إحصان الصبي والمجنون كما لو زنى الصبي بصبية أو مكرهة، وهنا لا يجب وأجيب بأن إيجابه هنا لا فائدة فيه أيضا إذ بفرضه يرجع الولي عليها به لأنها لما طاوعته صارت امرأة له به بخلاف ما لو كانت مكرهة أو صبية فإنه لا يرجع، وما أورد من أن القاعدة أن كلما انتفى الحد عن الرجل انتفى عن المرأة وقد تخلف هنا لا يتم مرادا إلا بتسليم كون هذه قاعدة وهو ممنوع؟ ألا ترى أن زنا المكره بالمطاوعة والمستأمن بالذمية والمسلمة يوجب الحد عليها دونه إعطاء لكل حكم بما اقتضاه دليله (و) لا يجب أيضا (بالزنا بمستأجرة) للزنا بأن قال: استأجرتك أو خذي هذه الدراهم لأطأك وهذه عند الإمام، وقالا: يجب الحد لعدم شبهة الملك ولذا لا يثبت النسب وله أن المستوفى في الزنا المنفعة وهي المعقود عليها في الإجارة لكنه في حكم العين فبالنظر إلى الحقيقة يكون محلا للعقد بالإجارة فأورث شبهة بخلاف الاستئجار للطبخ ونحوه لأن العقد لم يضف إلى المستوفى بالوطء فالعقد المضاف إلى محله يورث الشبهة فيه لا في محل آخر، وفي (الكافي) لو قال: أمهرتك كذا لأزني بك لا يجب الحد.

وبإكراه وبإقرار إن أنكره الآخر ومن زنى بأمة فقتلها لزمه الحد والقيمة والخليفة. ـــــــــــــــــــــــــــــ [303/أ] قال في (الفتح): والحق في هذا كله وجوب الحد إذ المذكور / معنى يعارضه كتاب الله تعالى: {الزانية والزاني} (النور: 2) الآية فالمعنى الذي يفيد أن فعل الزنا مع قوله: أزني بك لا يجلد معه للفظ المهر معارض له (و) لا يجب أيضا (بإكراه) فيه إيماء إلى أن الإكراه عليه يتحقق وهذا ما رجع إليه الإمام وكان أولا يقول: إن الرجل يحد لأنه لا يتصور إلا بانتشار الآلة وهو آية الطواعية فافترق بالإكراه ما ينفيه قبل تحقق الفعل المكره عليه بخلاف المرأة إذ ليس معها دليل الطواعية فلم تحد إجماعا قلنا: السبب المجني إلى الفعل قائم ظاهر والانتشار لا يستلزم الطواعية بل محتمل له إذ يكون معه ويكون طبعا لقوة الفحولية وقد يكون لريح حتى يوجد من النائم فلا يترك أمر اليقين إلى المحتمل، نعم هو عنده خاص بالسلطان ولو بأمر منه كما في (جامع الأصولين) فيحد بإكراه غيره وقالا: لا يحد لتحققه من غيره. قالوا: هذا اختلاف عصر ففي زمنه لم يكن لغيره من القوة مما لا يمكن دفعه وكانت في زمنهما لكل متغلب ولا يسمى في زماننا فيفتى بقولهما (و) لا يجب أيضا (بإقرار) من أحدهما (إن أنكر الآخر) عند الإمام، وقالا: إن لم يدع المنكر شبهة بل قال: ما زنيت حد المقر قلنا: الزنا فعل مشترك بينهما فانتفاء موجبه عن أحدهما يوجب شبهة في الآخر، ثم يجب المهر ولو كانت هي المنكرة للنكاح لأنه من ضرورة سقوط الحد (ومن زنا بأمة فقتلها لزمه الحد والقيمة) معا إن قتلها بفعل الزنا لأنه جنى جنايتين فيوفر على كل واحد منهما حكمه، ولم يذكر محمد في (الجامع الصغير) خلافا في المسألة، وعن الثاني أنه لا يحد لأن تعذر ضمان القيمة مسبب ملك الأمة وجه الظاهر أن هذا ضمان قتل فلا يوجب الملك لأنه ضمان دم، والدم لا يملك قيد بالأمة لأنه لو زنى بحرة فقتلها حد اتفاقا وكان عليه الدية ولو أفضاها فقط فإن كانت كبيرة مطاوعة فلا شيء عليه ثم إن لم يكن ثمة شبهة حدا وإلا لا، ووجب العقد وإن كانت مكرهة ولم يدع شبهة حد ولا مهر ثم إن لم يستمسك ضمن جميع الدية، وكذا إن ادعى شبهة ويضمن المهر في ظاهر الرواية وإن لم يستمسك ضمن جميع الدية ولا يجب المهر عندهما خلافا لمحمد، والصغيرة ولو جرحها في الزنا أو كسر فخذها ضمن الدية وحد كما في (المحيط) وبقتلها لأنه لو ذهب عينها لزمه قيمتها وسقط الحد لما أن الملك يثبت في العمياء فأورث شبهة أي: في ملك المنافع تبعا. وفي (الفوائد الظهيرية): غصبها ثم زنا بها ثم ضمن قيمتها فلا حد عليه عندهم جميعا، أما لو زنى بحرة ثم نكحها لا يسقط الحد بالاتفاق (والخليفة) وهو

باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

يؤخذ بالقصاص وبالأموال لا بالحد. باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها شهدوا بحد متقادم سوى حد القذف لم يحد. ـــــــــــــــــــــــــــــ الذي لا والي فوقه (يؤخذ بالقصاص والأموال) لأن الحق استيفائها لمن له الحق فيكون الإمام فيه كغيره وعرف بهذا جواز استيفاء القصاص بدون قضاء القاضي، والقضاء إنما هو لتمكينه من استيفائه (لا) أنه شرط لا يؤاخذ (بالحد) لأنه حق الله تعالى وهو المكلف بإقامته وتعذر إقامته على نفسه لأن إقامته بطريق الجزاء والنكاح ولا يفعل ذلك أحد بنفسه ولا ولاية لأحد عليه ليستوفيه، قيل: ما المانع من أن يولي غيره الحكم فيه؟ لما يثبت عنده فإذا وجب عليه حق استوفاه ولا يخلص إلا بادعاء أن آية الزنا نفهم أن المخاطب فيه بالجلد الإمام أن يجلد غيره، قال في (الفتح): وقد يقال أين دليل إيجاد الاستنابة والله الموفق للصواب. باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها قدم أن الزنا يثبت إما بالبينة أو الإقرار ثم ذكر في هذا الباب أسبابا ترد بها الشهادة كالتقادم، والاختلاف في الزمان والمكان، والجهل بالمزني بها ونحو ذلك، وكذا الرجوع عنها وكل هذه عوارض على خلاف الأصل فناسب تأخيرها وهذا أولى مما في (العناية) و (الدراية) و (فتح القدير) كما يظهر ذلك لمن راجعها (شهدوا بحد متقادم) فيه تساهل فإنهم إنما يشهدون بسبب الحد والتقادم صفة له في الحقيقة كذا وهو شهر في الأصح (سوى حد القذف لم يحد) لعدم الشهادة للتهمة وذلك / أن الشاهد مخير في الابتداء بين الستر والأداء فتأخيره إن كان ميلا إلى الستر [303/ب] فالإقدام على الأداء بعد ذلك لعداوة حركته، وإن لم يكن كان بالتأخير فاسقا بخلاف حد القذف لأن الدعوى فيه شرطا لما فيه من حقوق العبد فحمل التأخير على انعدام الدعوى، وأورد أنها شرط في السرقة أيضا ومع هذا لا تقبل الشهادة فيها بالتقادم. وأجاب فاضي خان بأنها إنما لا تقبل لا للتهمة في الشهود بل للخلل في الدعوى، وذلك أن صاحب المال مخير في الابتداء فإذا أخر فقد اختار الستر فلم يبق له حق دعوى السرقة والحد بل حق دعوى المال فقط، إلا أن هذا يقتضي أن الشهود لو علموا بالسرقة فلم يعلموه حتى مضى شهر، فادعى تسمع الدعوى ولا تقبل الشهادة، واعلم أن جزمهم بفسقه ينافي ما جزموا فيه من أن أداها في الحدود قد انتسخ ويمكن أن يجاب بأنه بعد اختيار الأداء يصير واجبا كما في النوافل تجب بالشروع، كذا في (الحواشي السعدية).

ويضمن المال ولو أثبتوا زناه بغائبة حد بخلاف السرقة وإن أقر بالزنا بمجهولة حد وإن شهدوا عليه بذلك لا كاختلافهم في طوعها. ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد يقال المنسوخ إنما هو تعين الأداء ولذا قال في (الفتح): إنه مأمور بأحد أمرين الستر أو الأداء احتسابا فأحد الأمرين واجب مخير كخصال الكفارة انتهى. قيد بالشهادة لأنه لو أقر بحد متقادم حد لانتفاء العلة إلا في حد الشرب عندهما خلافا لمحمد على ما سيأتي، ولا بد أن يكون التقادم لغير عذر فإن كان له كمرض أو بعد مسافة أو خوف طريق قبلت وحد (وضمن المال) المسروق، لأن التقادم لا يمنع دعوى المال ولأن تأخير الشهادة لتأخير الدعوى لا يوجب فسقا، وينبغي أنهم لو أخروا الشهادة لا لتأخير الدعوى أن لا تقبل في حق المال أيضا، كما في (فتح القدير). قال في (البحر): وقولهم بضمان المال مع تصريحهم بوجود التهمة في شهادتهم مع التقادم مشكل لأنه لا شهادة للمتهم ولو بالمال إلا أن يقال: إنها غير محققة وإنما الموجود الشبهة، وبما قدمناه عن قاضي خان لا يحتاج إلى هذا في دفع هذا الإشكال (ولو أثبتوا زناه بغائبة حد) بإجماع الأربعة، وكذا لو أقر بالزنا بغائبة (بخلاف السرقة)، والفرق أن بالغائبة تنعدم الدعوى وهي شرط في السرقة للعمل في البينة وليست بشرط لثبوت الزنا عند القاضي، وبالحضور يتوهم دعوى الشبهة ولا معتبر بالموهوم لأنه شبهة الشبهة (وإن أقر) المكلف (بالزنا بمجهولة حد وإن شهدوا عليه بذلك) أي: بأنه زنا بامرأة لا يعرفها، أي: لا يحد لجواز أن تكون زوجته أو أمته بل هو الظاهر بخلاف الإقرار لأنه لا يخفى عليه من هي واحتمال أن تكون أمته بل هو الظاهر بخلاف الإقرار لأنه لا يخفى عليه من هي واحتمال أن تكون أمته بالميراث ولا يعرفها لا اعتبار به لأنه ثابت في المعروفة أيضا فإن قلت مقتضى التعليل الأول أن المشهود عليه لو قال: ليست بزوجتي ولا أمتي أن يحد مع أنه لا يحد أيضا، قلت: إنما لا يحد لجواز أن تكون أمة ابنه أو منكوحته نكاحا فاسدا إلا أن مقتضى هذا أنه لو قال: هي أجنبية عني بكل وجه أن يحد. وفي (الخانية) لو قال الشهود بعد قولهم: لا نعرفها: هي فلانة (لا) يحد واحد منهما (كاختلافهم) أي: كما لا يحد في اختلاف الشهود (في طوعها) بأن شهد اثنان أنه أكرهها وآخران أنها طاوعته وهذا عند الإمام، قالا: يجب الحد على الرجل لاتفاقهم على أنه زنى غاية الأمر أن اثنين تفردا بزيادة جناية هي إكراهه، وله أن الزنا فعل واحد يقوم بهما وقد اختلف في جانبها فيكون مختلفا في جانبه ضرورة وهذا لأن شاهدي الزنا بطائقة ينفيان زناه بمكرهة، والآخران ينفيان زناه بطائفة فلم يتحقق على خصوص الزنا في الخارج بشهادة أربعة، وما قيل من أن شاهدي الطوعية لما

أو في البلد ولو على كل زنا أربعة ولو اختلفوا في بيت واحد حد الرجل والمرأة ولو شهدوا على زنا امرأة وهي بكر أو الشهود فسقة أو شهدوا على شهادة أربعة وإن شهد الأصول لم يحد أحد ولو كانوا عميانا أو محدودين أو ثلاثة حد الشهود. ـــــــــــــــــــــــــــــ اندرأ الحد عنهما صار اقاذفين لها بالزنا فصارا خصمين لها ولا شهادة للخصم لكن سقط الحد بشهادة الآخرين بالإكراه إنما يحتاج إليه على قولهما، أما على قول الإمام فلا يجب حد القذف على الشهود، نص عليه شمس الأئمة في (جامعة) (أو) كاختلافهم (في البلد) بابن شهد اثنان أنه زنى بها بالكوفة، وآخران أنه زنى بها بالبصرة والوجه فيه ظاهر ولا حد على الشهود أيضا خلافا لزفر، (ولو) كان (على كل زنا أربعة) كما إذا شهد أربعة أنه زنا بالبصرة وقت طلوع الشمس في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من السنة الفلانية، وأربعة أنه زنى بها بالكوفة في الوقت المذكور بعينه فلا حد عليهما لأنا تيقنا بكذب أحدهما. قال في (الفتح): ولو تقارب المكان جازت شهادتهم / لأنه يصح كون الأمرين [304/أ] فيهما في ذلك الوقت لأن طلوع الشمس يقال لوقت ممتد امتدادا عرفيا إلا أنه يخص أوان ظهورها من الأفق، (ولو اختلوا) أي: الشهود (في بيت واحد) بأن شهد اثنان أنه زنا بها في زاوية منه وآخران أنه زنى بها في زاوية أخرى (حد الرجل والمرأة) استحسانا لإمكان التوفيق بأن يكون ابتداء الفعل في زاوية وانتهاؤه بأخرى إذ المراد به الصغير، أما بالبيت الكبير فكالدار قيد بالبيت لأنه لا حد في الاختلاف في دارين والاختلاف في طولها وقصرها وسمنها وهزالها وثيابها غير مانع للقبول، (ولو شهدوا على زنا امرأة وهي) أي: والحال أنها (بكر) أو رتقاء أو قرناء (أو) كان (الشهود فسقة أو شهدوا على شهادة أربعة وإن شهد الأصول) بعد ذلك (لم يحد أحد)، أما في الأولى فلظهور كذب الشهود وهذا لأن شهادة النساء بها حجة في إسقاط الحد وإن لم تكن حجة في إيجابه والواحدة تكفي، كما في (كافي) الحاكم، وفي كلامه إيماء إلى أنهم شهدوا عليه بالزنا فوجد مجبوبا فلا حد أيضا، وأما في الثانية فلا انتفاء الزنا لانتفاء العدالة، وأما في الثلاثة فلامتناع الشهادة على الشهادة في الحدود لما فيها من زيادة الشبهة وشهادة الأصول قد ردت من وجه برد شهادة الفروع، قال الشارح: هذا في الحدود، وأما الأموال فتقبل ولو ردت شهادة الأصول لم تقبل شهادة الفروع ولا الأصول بعده في كل شيء إن ردت لتهمة مع الأهلية، وإن ردت لعدمها تقبل بعد ثبوتها كالعتق والإسلام والله الموفق. (ولو كانوا) أي: الشهود (عميانا أو محدودين) في قذف أو كان بعضهم كذلك (أو) كانوا (ثلاثة حد الشهود) لأنهم قذفة يعني إذا طلب المشهود عليه ذلك

لا المشهود عليهما ولو حد فوجد أحدهم عبدا أو محدودا حدوا وأرش ضربه هدر وإن رجم فديته على بيت المال فلو رجع أحد الأربعة بعد الرجم حد وغرم ربع الدية وقبله حدوا ولا رجم ولو رجع أحد الخمسة لا شيء عليه فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه حقه (لا) يحد (المشهود عليه) لعدم ثبوت الزنا في حقه بشهادتهم، وقيد بالأعمى والمحدود دلال على أنه لا يحد لو كانوا عبيدا أو صبيانا أو مجانين أو كفارا بالأولى لأنهم ليسوا أهلا للتحمل ولا للأداء، أما الأعمى والمحدود فأهل للتحمل دون الأداء، (ولو حد) المشهود عليه (فوجد أحدهم عبدا أو محدودا) في قذف أو أعمى أو كافرا حدوا حد القذف لأن المشهود حينئذ أقل من أربعة (وأرش ضربه) ونفسه لو مات (هدر) عند الإمام، وقالا: إن جرحه الضرب أو مات فأرش جراحته ودية نفسه في بيت المال وعلى هذا الخلاف لو رجعوا فعنده لا يضمنون شيئا وعندهما يضمنون لهما أن الواجب مطلق الضرب إذ الاحتراز عن الجرح خارج عن الوسع فينتظم الخارج وغيره فيضاف إلى شهادتهم فيضمنون بالرجوع، وعند عدمه يرجع إلى بيت المال لأنه ينتقل فعل الجلاد إلى القاضي فهو عامل للمسلمين وله أن الواجب هو الحد، وهو ضرب مؤلم غير جارح ولا مهلك ولا يقع إلا لقلة هداية الضارب فاقتصر عليهن إلا أنه لا يجب الضمان عليه في الأصح لئلا يمتنع الناس عن الإقامة، (وإن رجم) فظهر أحدهم كما ذكر (فديته في بيت المال) اتفاقا. (ولو رجع أحد الأربعة بعد الرجم حد) لانقلاب شهادته بالرجوع قذفا (وغرم ربع الدية) لأن الذي تلف بشهادته إنما هو ربع الحق ول1الو رجع الكل حدوا وغرموا الدية، ولو ثبت عليه الزنا مرتين كل واحدة بأربعة فرجم، ثم رجع الفريقان ضمنوا الدية إجماعا ويحدون للقذف عندهما خلافا لمحمد (و) إن رجع (قبله) أي: الرجم سواء كان قبل القضاء أو بعده (حدوا)، أما إذا كان قبل القضاء فهو قول علمائنا الثلاثة لأنهم صاروا قذفة، وأما إذا كانوا بعده فهو قولهما وقال محمد: يحد الراجع فقط لأن الشهادة تأكدت بالقضاء فلا تنفسخ إلا في حق الراجع ولهما أن الإمضاء من القضاء ولذا يسقط الحد عن المشهود عليه والله الموفق. (ولو رجع أحد الخمسة لا شيء عليه) سواء كان قبل القضاء أو بعده لأن ثمة من يبقي شهادته كل الحق والله أعلم، (فإن رجع آخر حدا) لأن شهادتهما حينئذ تنفسخ قذفا لعدم تمام بقاء الحجة لأن الرجوع الثاني هو الموجب للحد، (وغرما ربع الدية) لأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق إذ المعتبر في قدر لزوم الغرامة بقي من بقاء لا رجوع من رجع، وفي قوله: غرما إيماء إلى أن الرجوع بعد الرجم. قال في (الحاوي القدسي): ولو رجع الثالث كان عليه ربع الدية وكذا الثاني

وضمن المزكون دية المرجوم إن ظهرا عبيدا كما لو قتل من أمر برجمه فظهرا كذلك وإن رجم فوجدوا عبيدا فديته في بيت المال وإن قال شهود الزنا: تعمدنا النظر قبلت شهادتهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأول ولو رجع الخمسة ضمنوا الدية أخماسا (وضمن المزكون) برجوعهم وطواه اكتفاء بدلالة ضمن (دية / المرجوم إن ظهروا) أي: الشهود (عبيدا) أي: غير أهل [304/ب] للشهادة عند الإمام بأن قالوا بعد قولهم هم أحرار مسلمون تعمدنا الكذب لعلمنا بأنهم ليسوا كما قلنا: وأوجبناها على بيت المال لأنهم إنما أثبتوا على الشهود خبرا فصار كما إذا أثبتوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بالإحصان فظهر بعد رجمه أنه غير محصن فإنهم لا يضمنون، فكذا المزكون وله أن الشهادة إنما تصير حدة بالتزكية فكانت في معنى علة العلة فيضاف الحكم إليها بخلاف شهود الإحصان لأنه محض الشرط قيد بالرجوع، لأنه لو ثبتوا على التزكية، وقالوا: أخطأنا: كانت الدية في بيت المال اتفاقا وبالتزكية لأنهم لو أخبروا بأنهم عدول وظهروا عبيدا لم يضمنوا اتفاقا إذ ليس هذه بتزكية والخطأ مضاف إلى القاضي لاكتفائه بهذا القدر، (كما لو قتل من أمر برجمه) رجل (فظهروا كذلك) أي: عبيدا فإن القاتل يضمن الدية استحسانا في ثلاث سنين لأن القضاء وقت القتل كان صحيحا ظاهرا فأورث شبهة قيد بأمره لأنه لو قتل قبله كان على القاتل القصاص في العمد والدية على عاقلته في الخطأ، وظاهر أن المراد بالأمر هو الكامل وهو أن يكون بعد استيفاء ما لا بد منه، أما لو كان ناقصا بأن كان قبل تعديل الشهود خطأ منه وجب القصاص في العمد، والدية في الخطأ وقيد بالمأمور برجمه لأن المأمور بقتله قصاصا لو قتل وجب القصاص بقتله ظهر الشهود عبيدا أو لا نص عليه الشارح في الدية. (وإن رجم) بالبناء للمفعول ليناسب قتل أي من أراد قتله، أي: المأمور بقتله وإنما رجم (فظهروا عبيدا فديته في بيت المال) لأنه امتثل أمر الإمام فنقل فعله إليه، كذا في (الهداية) وهذا يقتضي بناء رجم للفاعل يعني في كلام المصنف، كذا في (البحر) وفيه نظر إنما ضبطه الأساتذة في كلام صاحب (الهداية) بالبناء للفاعل ليرجع ضميره إلى الرجل في قوله: فضرب رجل عتقه. قال في (غاية البيان): ويجوز ن يبنى للمفعول أيضا، وفيه دلالة ظاهرة على مطابقة التعليل لهما إنما الكلام على الأنسب، وأنت قد علمت أن نسبة هذا الثاني لما في (المختصر) والأول لما في (الهداية) (وإن قال شهود الزنا: تعمدنا النظر) إلى الفرج (قبلت شهادتهم) لأنه يباح لهم للحاجة لتحمل الشهادة فأشبه الطبيب والقابلة والختان ونحوهم.

ولو أنكر الإحصان فشهد عليه رجل وامرأتان أو ولدت زوجته منه رجم. باب حد الشرب من شرب خمرا فأخذ وريحها موجود. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو أنكر) الزاني (الإحصان) أي: اجتماع شرائطه المتقدمة فيه كأن أنكر النكاح والدخول فيه والحرية (فشهد عليه رجل وامرأتان) وكيفية الشهادة بالدخول أن يقول: تزوج امرأة وجامعها أو باضعها، وكذا لو قالوا: دخل بها عندهما خلافا لمحمد لأنه مشترك بين الوطء والزنا والخلوة والزيادة، وأفهم كلامه أنه تقبل فيه الشهادة على الشهادة، وعن الثاني أنه لو شهد على إقراره به شاهدان لا يحد، وفي (المحيط) تزوجها بلا ولي ودخل بها، قال الثاني: لا يكون محصنا لأن هذا النكاح غير صحيح قطعا لاختلاف العلماء والأخبار فيه. (أو ولدت زوجته منه) ولدا قبل الزنا وقد أنكر الدخول بها واعترف بباقي الشرائط (رجم) لأن الإحصان عبارة عن الخصال الحميدة وهي مانعة من الزنا فلا تكون في معنى العلة لأن أدنى درجاتها أن تكون مفضية إلى المعلول، والحكم بإثبات النسب حكم بالدخول واستشكل كونه ليس في معنى العلة للحد بأنه لو أقر بالإحصان ثم رجع عنه صح رجوعه وتقبل البينة عليه حسبة، وأجيب بأنه إنما يصح رجوعه لأنه مكذب له بخلاف الدين وصحت الحسبة به لأنه من إظهار حق الله تعالى، والمانع من شهادة النساء ليس هو هذا، والله الموفق للصواب. باب حد الشرب قدم حد الزنا لأن حرمته أشد لما أنه بمنزلة القتل ولذا قرن به في قوله سبحانه: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} (الفرقان: 68) الآية، ثم ذكر حد الشرب وأخر عنه حد القذف للتقيد بسببه بخلاف القذف لأنه قد يصدق فيه وأخر حد السرقة وإن كان أشد لأن شرعيته لصيانة الأموال وصيانة الأنساب والعقول والأعراض مقدمة (من شرب الخمر) وهي التي من ماء العنب إذا غلا اشتد وقذف الزبد فإن لم يقذف فليس [305/أ] بخمر عند الإمام خلافا لهما وبقولهما أخذ أبو حفص / الكبيرن كذا في (الخانية) وفيما لو خلطه بالماء فإن كان مغلوبا حد، وإن الماء غالبا لا يحد إلا إذا سكر. وفي (المنية) لو قال لهم: إعلم بتحريمها حد (فأخذ) إلى الحاكم، (وريحها) أي: والحال أن ريحها أي: الخمر (موجود)، وفي (الهداية) موجودة وهو الحق لأن الريح من الأسماء المؤنثة سماعا كما في (غاية البيان) كذا في (البحر) انتهى.

أو كان سكران ولو بنبيذ وشهد رجلان أو أقر مرة حد. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: يجوز أن يكون ذكر الخبر على معنى الشم أي وشم ريحها موجود كما قيل في قوله عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمن كمثل الأرجة طعمها طيب وريحها طيب) إلا أن في الحديث استعارة لا تخفى (أو كان) أي وجد المأخوذ حال كونه (سكران ولو) كان سكره (من نبيذ) محرم من الأنبذة الأربعة، كذا في (الشرح) وهذا قولهما وقال محمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام وهو نجس أيضا. قالوا: وبقول محمد نأخذ، وفي طلاق (البزازية) لو سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل المختار في زماننا لزوم الحد انتهى. ولو حمل قول المصنف ولو من نبيذ على كل لكان أولى ولم يقل أخذ وريحها موجود اكتفاء بالسكر لاستلزامه ذلك (وشهد) عليه (رجلان) بالشرب بعد أن ثبت عند القاضي أن الريح قائمة حال الشهادة بأن شهدا به أيضا أو بالشرب فقط فيأمر القاضي باستنكاهه ليخبر بوجود الرائحة، فإن زالت لبعد المسافة فلا بد من شهادتهما بالشرب أن يقولا: إخذناه وريح الخمر موجودة، وفي غير الخمر لا بد أن يشهدا بأنه سكر من غيرها مع وجود رائحة ذلك المسكر. قال في (الخانية): ثم يسألهم عن الخمر ما هي؟ وكيف شرب؟ ومتى شرب؟ وأين شرب لجواز أن يكون مكرها أو شهدا مع التقادم أو أنه شرب في دار الحرب فإذا بينوا ذلك حبسه حتى يسأن عن عدالتهم انتهى. واستغنى المؤلف عن السؤال عن الخمر وعن الزمان والمكان بقوله: أخذ وريحها موجود وصرح بكونه طائعا نعم يحتاج عن السؤال عن الزمان على قول محمد كما سيأتي، ولو اختلفا في الزمان أو شهد أحدهما أنه سكر من الخمر، والآخر أنه سكر من السكر لم يحد، كذا في (الظهيرية). (أو أقر) بأنه شرب الخمر أو سكر (مرة) رد لقول الثاني من أنه لا بد من إقراره مرتين اعتبارا بالشهادة وفيه إيماء إلى أنه لو شهد أحدهما أنه شربه والآخر على إقراره بذلك لم يحد (حد) لقول ابن مسعود فيمن شرب الخمر: (ترتروه ومزمزوه ثم استنكهوه فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه). والتلتلة التحريك الشديد، والمزمزة التحريك بعنف، والاستنكاه طلب النكهة، كذا في (المستصفى) وقال عليه الصلاة والسلام في السكران: (إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدو ثم إن سكر فاضربوا عنقه بالسيف) رواه أحمد قال الترمذي: وقد كان القتل في أول الأمر ثم نسخ، وقالت الظاهرية: إنه يقتل في الرابعة.

إن علم شربه طوعا وصحا فإن أقر أو شهدا بعد مضي ريحها لا لبعد المسافة أو وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها أو رجع عما أقر أو أقر سكران بأن زال عقله. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال العيني: وما أحسن هذا في هذا الزمان، لو يفتى به (إن علم شربه طوعا) بأن شهدا بذلك، ولو لم يشهد بذلك لم يقبل وخرج به ما لو كان مكرها أو مضطرا، ومن الشرائط أن يكون مسلما حتى لو ارتد فشرب خمرا أو سكر من غيره فاسلم لا يحد، لأن حد السكر والخمر لا يقام على أحد من الكفار بخلاف حد الزنا والسرقة، كذا في (الظهيرية). وفي (منية المفتي) سكر الذمي من الحرام حد في الأصح ولعل هذا هو العذر للمصنف في حذفه قيد الإسلام إلا أنه في فتاوى قارئ (الهداية) أجاب حين سئل عن الذمي إذا سكر هل يحد؟ قال: إذا شرب الخمر وسكر منه المذهب أنه لا يحد، وأفتى الحسن بأنه يحد واستحسنه بعض المشايخ لأن السكر في جميع الأديان حرام، وفيها لو سرق الذمي أو زنا فأسلم إن ثبت عليه ذلك بإقرار أو بشهادة المسلمين حد وإلا بأن ثبت بشهادة أهل الذمة لا يحد انتهى. ومنها أن يكون ناطقا فلا حد على الأخرس سواء ثبت شربه بالبينة أو أشار بإشارة معهودة للشبهة، كما في (الخانية) وأما كونه مكلفا فلا يخص حد الشرب (وصحا) من سكره هذا شرط لوجود الحد ليفيد الضرب فائدته. قال العيني: وهو ظاهر في أنه لو حد في حال سكره لا يكتفى به لعدم فائدته (وإن أقر) بالشرب أو السكر (أو شهدا) عيه بذلك يعني (بعد مضي ريحها) أي: ريح المسكر (لا لبعد المسافة) قيد بذلك لأن التأخير لو كان لعذر البعد وشهدا كما مر حد (أو وجد منه رائحة الخمر) ولم يثبت شربه كما مر (أو تقيأها) أي: الخمر (أو رجع) المقر بالسكر أو شرب الخمر (عما أقر) به (أو أقر) وهو (سكران) وفسره بقوله [305/ب] (بأن زال / عقله) بحيث لا يميز الأنثى من الذكر ولا السماء من الأرض، وهذا عند الإمام وقالا: هو الذي يهذي ويخلط كلامه غالبا وبه أفتى المشايخ كما في (الخانية). واتفق أئمة بلخ على أنه يستقرأ سورة من القرآن فإن قرأها فليس بسكران فيعتبر إقراره، حتى حكى أمير بلخ أتاه الشرطي بسكران فأمره بقراءة: {قل يا أيها الكافرون} فقال للأمير: اقرأ أنت الفاتحة أولا فلما قرأ {الحمد لله رب العالمين} قال: قف فقد أخطأت مرتين تركت التعوذ والتسمية وهي آية من الفاتحة عند بعض العلماء، فخجل وضرب الشرطي قائلا أمرتك أن تأتيني بالسكران فجئتني بمقرئ بلخ، كذا في (الظهيرية). وأصل ما روى بشر عن أبي يوسف من اعتبار السكر بقراءة {قل يا أيها

لا. ـــــــــــــــــــــــــــــ الكافرون} قال بشر: فقلت له كيف أمرت بها من بين السور؟ فربما يخطئ فيها العاقل الصاحي قال: لأن الله سبحانه وتعالى بين أن الذي عجز عن قراءتها سكران يعني بذلك ما في الترمذي عن علي (صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما وسقانا خمرا فأخذت الخمرة بنا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون) فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} (النساء: 43) ولا شك أن المراد لمن يحفظ القرآن أو كان حفظها مما حفظ منه لا من لم يدر شيئا أصلا ولا ينبغي أن يعول على هذا بل ولا يعتبر فإنه طريق سماع تبديل كلام الله تعالى فإنه ليس كل سكران إذا أمر بقراءتها يقول: لا أحسنها بل يندفع قارئا فيبدل إلى الكفر ولا ينبغي أن يلزم أحد بطريق ذكر ما هو كفر وإن لم يؤاخذ به نعم لو تعين طريق الإقامة حكم الله تعالى لكن ليس كذلك فإن معرفة السكر له طريق معلوم هي ما ذكرنا في (الفتح) ملخصا (لا) أي: لا يحد في هذه الصور، أما إذا ثبت عليه بعد زوال الرائحة فللتقادم إذ هو مقدر بزوال الرائحة عندهما، وقدره محمد بشهر حيث ثبت بالبينة وإن أقر به صح عنده مطلقا اعتبارا بحد الزنا. وانتصر في (فتح القدير) لمحمد قال: وهو الصحيح، وفي (غاية البيان) الصحيح عندي في الإقرار قول محمد: وأما إذا وجد منه رائحة الخمر أو تقايأها فلأن الرائحة محتملة فلا يثبت مع الاحتمال ما يندرئ بالشبهات، وكذا الشرب قد يكون عن إكراه فوجود عينها في القيء لا يدل على الطواعية فلو وجب الحد وجب بلا موجب، وأما إذا رجع الإقرار فلأنه خالص حق الله تعالى فيقبل حق الرجوع فيه كسائر الحدود، وأما إذا أقر وهو سكران فلأنه يحتمل الكذب فيحتال لدرئه ودل كلامه أن إقراره حال السكر بالحدود الخالصة غير صحيح، أما غير الخالصة كحد القذف فيصح، وعرف من هذا إن إقراره بحقوق العباد الخالصة كالقصاص والأموال والطلاق والعتاق صحيح بالأولى، ولهذا لو أقر بالسرقة أخذ منه المال ولم يقطع وقالوا: إن ارتداده غير صحيح لأنه من باب الاعتقاد فلا يتحقق مع السكر. قال في (الفتح): هذا في حق الحكم أما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان في الواقع قصد أن يتكلم به ذاكرا لمعناه كفر وإلا فلا انتهى. وهذا يشكل على تفسير الإمام السكران بزائل العقل وجوابه ما صرح به بعد من أن هذا في السكران الذي لم

وجد السكر والخمر ولو شرب قطرة ثمانون سوطا. ـــــــــــــــــــــــــــــ يصل إلى إفضاء السكر إذا تكلم بما هو كفر فإن كان عن غير قصد فليس بكافر عند الله ولا في الحكم وإن كان مدركا لها قاصدا مستحضرا معناها فإنه كافر عند الله بطريق تكفير إذ الهازل وإن لم يحكم بكفره في القضاء لأن القاضي لا يدري من حاله إلا أنه سكران ولا يحكم بكفره ولو أسلم. قال الشارح: ينبغي أن يصح كإسلام المكره وجزم في (فتح القدير) بأنه لا يصح هذا إذا سكر من محرم فإذا سكر من مباح كما إذا شرب من المحتد من الحبوب والعسل والدواء أو كان مضطرا أو مكرها فتصرفاته غير صحيحة، وفي (الخانية) لو زال عقله بالبنج فطلق لا يقع طلاقه هو الصحيح سواء علم حين تناوله أنه بنج أو لا. قال في (البحر): وهذا يدل على أن البنج حلال انتهى. والتحقيق ما في (العناية) أن المسكر منه حرام نص عليه المحبوبي، (وحد السكر) بضم السين وسكون الكاف، كذا في السماع لا بفتحتين وهو: عصير الرطب إذا اشتد، وقيل [306/أ] كل شراب أسكر ولا بدع في ضبط ما في (الكتاب) بفتحتين بل هو / المناسب لقوله: (والخمر) كما لا يخفى. ثم رأيت الحدادي قال في قول القدوري: وحد الخمر والسكر من النبيذ في الحر ثمانون سوطا يجوز في السكر ضم السين وفتحها مع تسكين الكاف وبفتح السين وتحريك الكاف فإذا قال: بفتحتين يكون فيه قصور، وإن قال بالسكون وضم السين يكون حد الخمر بمجرد الشرب وحد سائر الأشربة بعد حصول السكر انتهى. ووجه القصور أنه يقتضي وجوب الحد لمجرد الشرب كما الخمر، وجوابه أن هذا مدفوع بما قدمه في أول البال من أنه لا يحد من الأنبذة إلا بالسكر - والله الموفق - (ولو شرب قطرة ثمانون سوطا) بإجماع الصحابة وهذا لأنه عليه الصلاة والسلام لم يسن فيه عددا معينا بل القطع بأنه أمر بضربه ثم قدره الشيخان بأربعين ثم اتفقوا على ثمانين وجاز لهم ذلك مع أنه عليه الصلاة والسلام أتي له برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو الأربعين ولم يزد لعلمهم بأنه عليه الصلاة والسلام انتهى إلى هذه الغاية في ذلك الرجل لزيادة فساد فيه، ثم رأوا أهل الزمان تغيروا إلى نحوه أو أكثر فكان ما أجمعوا عليه هو ما كان حكمه عليه الصلاة والسلام في أمثالهم

باب حد القذف

وللعبد نصفه وفرق على بدنه كحد الزنا. باب حد القذف هو كحد الشرب كمية. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وللعبد نصفه) لرواية (الموطأ): (أن عمر وعثمان وعبد الله بن عمر جلدوا عبيدهم نصف الحد في الخمر). (وفرق) الضرب (على بدنه كحد الزنا) لأن تكراره في موضع واحد قد يفضي إلى التلف، والحد إنما شرع زاجرا فقط، وفيه إيماء إلى أنه يتقي الرأس والوجه والفرج. (وأ، يضرب بسوط لا ثمرة له) مع نزع ثيابه في المشهور من الرواية إلا الإزار، وعن محمد أنه لا يجرد. وقال في (غاية البيان): وهو الأصح عندي لعدم ورود النص بذلك قال: ولا يجرد في حد القذف يعني اتفاقا إلا الفرو والحشو. وفي (البحر): إنه يجرد في التغرير والله الموفق. باب حد القذف هو لغة الرمي مطلقا وشرعا الرمي بالزنا وهو من الكبائر بإجماع الأئمة، كذا في (الفتح) و (الدراية) والأولى ما في (العناية) بأنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة إذ الإجماع إنما هو في المحصن فقد قال الحليمي من الشافعية: قذف الصغيرة والمملوكة والحرة والمتهتكة من الصغائر، لأن الإيذاء في قذفهن دونه في الحرة الكبيرة المستترة بل قال ابن عبد السلام منهم: الظاهر أن قذف المحصن في خلوته بحيث لا يسمعه إلا الله سبحانه وتعالى والحفظة ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة وخالفه البلقيني قال: بل الظاهر أنها كبيرة موجبة للحد فطاما عن هذه المفسدة، والظاهر قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات} (النور: 4) الآية وهذا رمي لمحصنة وقوله عليه الصلاة والسلام: (اجتنبوا الموبقات وعد منها قذف المحصنات)، وهكذا استدل في (فتح القدير) للإجماع وهو مؤيد لما قاله البلقيني. وما في (البحر) من أن قواعدنا لا تأبى مقالة ابن عبد السلام مدفوع (وهو كحد الشرب كمية) أي: من حيث الكمية، أي: العدد وهو ثمانون سوطا للحر ونصفها

وثبوتا فلو قذف محصنا أو محصنة بزنا. ـــــــــــــــــــــــــــــ للعبد (وثبوتا) فلا يثبت إلا بشهادة عدلين أو بالإقرار، ولا تقبل فيه شهادة النساء ولا الشهادة على الشهادة ولا كتاب القاضي إلى القاضي فإن لم يعرف عدالتهما حبسه القاضي حتى يسأل عنهما، وكذا لو أقام شاهدا واحدا عدلا وادعى أن الثاني في المصر حبسه يومين أو ثلاثة، ولو زعم أن له بينة في المصر حبسه إلى آخر المجلس. قالوا: والمراد بالحبس في الأولين حقيقته وفي الثالث الملازمة ولا يأخذ منه كفيلا بنفسه إلى المجلس الثاني، وقال أبو يوسف: يأخذه ولو شهدا أنه قذفه سألهما القاضي عن القذف ما هو؟ وكيف هو؟ فإن لم يزيدا على ذلك لا تقبل إلا إذا شهد أنه قال له: يا زاني فإنها تقبل ولو شهد أحدهما أنه قذفه يوم الخميس، والآخر أنه قذفه يوم الجمعة قبلت عند الإمام وقالا: لا تقبل ولو شهد أحدهما أنه قذفه يوم الخميس والآخر أقر بقذفه في ذلك اليوم لم يحد في قولهم، ولو اختلف في مكانه حد في قول الإمام كالزمان، وقال الثاني: لا يحد، كذا في (التاتارخانية). [306/ب] ولو أختلفا في اللغة التي وقع القذف بها بطلت شهادتهم، (فلو قذف محصنا) / بأي لسان كان وفيه إيماء إلى أنه يشترط عجز القاذف عن إثبات ما رماه به حتى لو أثبته بأن أقام أربعة شهدوا على زنى المقذوف ولو في حال حد على أحد الروايات فلا حد على القاذف لخروج المقذوف عن كونه محصنا، وكذا لو صدقه وهل يحد المقذوف إن شهدوا بحد متقادم؟ لم يحد وإلا حد ولو أقامها بعدما حد، قال الكرخي: تقبل إذا الضرب الذي ليس بحد لا يمنع قبولها. وفي (شرح القاضي) ابن أبي عوف لا تقبل فيحمل أن يكون فيه روايات أو اختلاف المشايخ، كذا في (السراج) ولا بد أن يكون المقذوف ناطقا فلا حد بقذف الأخرس، وكذا لو خرس قبل الحد أو ارتد أو زنا أو وطء حراما للشبهة في النوع الأول، وزوال الإحصان في الثاني، كذا في (التاتارخانية)، وأن يكون ممن يتصور منه الزنا فلو كان مجبوبا أو خصيا أو كانت رتقاء أو قرناء فلا حد على القاذف أيضا، وأن لا يكون المقذوف ولدا ولا ولد ولد ولا مملوكا للقاذف كما سيأتي، والآية وإن كانت في المحصنة لكنها تتناول المحصن دلالة يجامع دفع العار وعليه الإجماع قيد بذلك لأنه لو قذف غيرها لم يحد ومنه ما لو قذف خنثى بلغ مشكلا نص عليه في (السراجية) ووجهه أن نكاحه موقوف وهو لا يفيد الحد (بزنا) أي: بصريحه كزنيت أو يا زاني وفي أنت أزنى الناس أو من فلان خلاف ففي (المبسوط) لا حد عليه إذ معناه أنت أقدر الناس على الزنا وجزم قاضي خان بوجوبه، وكذا في أنت أزنى مني فجزم في (الظهيرية) بوجوبه وفي (الخانية) بأنه لا يجب كما لو قال: ما رأيت زانية خيرا منك.

حد بطلبه مفرقا ولا ينزع غير الفرو والحشو وإحصانه بكونه مكلفا. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قال لرجل: يا زانية لا يحد في قولهما وقال محمد: يحد، وأجمعوا أنه لو قال لامرأة يا زاني حد ولو قال: قل لفلان يا زاني لم يحد الآمر، وأما المأمور فإن قال له يا زاني حد لا إن قال له إن فلانا يقول لك يا زاني، ولو قال أخبرت أنك زان لم يكن قذفا، ولو قال لرجلين أحدكما زان فقيل له هذا فقال لا، لا حد عليه لأن أصل القذف لم يقع موجبا ولو قال لجماعة: كلكم زان إلا واحدا وجب الحد، ولو قال لها. زنيت بحمار أو بعير أو ثور لم يحد لأن الزنا إدخال ذكره في قبل مشتهاة إلى آخره بخلاف ما لو قال زنيت بناقة أو أتان أو دراهم لأن معناه زنيت وأخذت البدل إذ لا تصلح المذكورات للإدخال في فرجها ولو قبل هذا الرجل لا يحد لأنه ليس العرف في جانبه أخذ المال. واعلم أن حضور المقذوف مجلس القذف غير شرط نص عليه في (المضمرات)، قال ملا خسرو: ولا بد من حفظه لكثرة وقوعه (حد بطلبه) لأن حقه من حيث دفع العار عنه ولا يعلم منه خلاف، كذا في (الدراية) وفيه إيما إلى أن قذف الأخرس لا يوجب الحد وقد مر وهل يعذر في مطالبة القاذف فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان غير عفيف في السر؟ قال في (القنية): يعذر قال رضي الله تعالى عنه: وفيه نظر لأنه إذا كان زانيا لم يكن قذفه موجبا للحد فكيف بعذر؟ انتهى، ويؤيده أن دفع العار مجوز لا ملزم وإلا لامتنع عفوه عنه وأجبر على الدعوى وهو خلاف الواقع ضربا (مفرقا) على أعضائه، كما مر في الشرب (ولا ينزع عنه) أي: عن القاذف عند حده (غير الفرو والحشو) أي: الثوب المحشو لأنهما يمنعان وصول الألم، ومقتضى هذا أنه لو كان عليه ثوب ذو بطانة غير محشو لا ينزع والظاهر أنه إن كان فوق قميص نزع لأنه يصير مع القميص كالحشو أو قريبا منه، كذا في (الفتح). وفي الكرخي إذا كان عليه قميص أو جبة مبطنة ضرب على ذلك حد القذف ويلقى عنه الرداء، كذا في (السراج) أما غيرهما فلا ينزع إظهارا للتخفيف لاحتمال صدق القاذف بخلاف حد الزنا والشرب، ولما كان معنى الإحصان هنا مغايرا لمعنى الإحصان في الزنا مبهما بينه بقوله: (وإحصانه) أي: المقذوف (بكونه مكلفا) أي: بالغا عاقلا يخرج الصبي والمجنون لأنه لا يلحقهما عار بنسبتهما إلى الزنا لعدم خطابهما بالحرمات، ولو فرض لحوق عار المراهق فليس عارا على الكمال فيندرئ، كذا في (الفتح) وهذا صريح في أنه لو ادعى البلوغ بعد قذفه مراهقا بالاحتلام أو بالسن لم يحد قاذفه وبه صرح في (الظهيرية) وكذا لو كانت مراهقة إذ لافرق. قال في (الفتح): ويثبت الإحصان بشهادة رجل وامرأتين وبعلم القاضي ولا

حرا مسلما عفيفا عن زنا فلو قال لغيره: لست لأبيك أو لست بابن فلان في غضب حد. ـــــــــــــــــــــــــــــ يحلف القاذف لا يعلم أن القاذف محصن (حرا) خرج العبد ولو مدبرا أو مكاتبا، [307/أ] ولفظ الإحصان ينتظم الحرية / قال تعالى: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} (النساء: 25) أي: من الحرائر وكونه محصنا بمعنى آخر كالإسلام وغيره يوجب كونه محصنا من وجه دون وجه وذلك شبهة، ولو أنكر القاذف حرية المقذوف فلا بد من إقراره أو البينة بها ولو أنكر حرية نفسه فالقول له، كذا في (الخانية) فيحتاج المقذوف إلى إثباتها (مسلما) لأنه أطلق بمعنى الإسلام في قوله: فإذا أحصن، قال ابن مسعود: أسلمن وفي الخبر: (من أشرك بالله فليس بمحصن عفيف عن الزنا) لأن غير العفيف لا يلحقه العار وهو من لم يكن وطء امرأة بالزنا ولا بالشبهة ولا بنكاح فاسد فإن فعل ذلك مرة لا حد عن قاذفه، وكذا لو وطء التي حرمتها مؤبدة كأمته التي هي أخته من الرضاع، وإن كانت غير مؤبدة كأمته المجوسية لا يسقط إحصانه كذا في (شرح الطحاوي). وفي (كافي الحاكم) كل شيء اختلف فيه الفقهاء حرمه بعضهم وأحله بعضهم فإني أحد قاذفه وفيه قال أبو يوسف: كل من درأت الحد عنه وجعلت عليه المهر وأثبت نسب الولد منه فإني أحد قاذفه، ويشكل على الكلية الثانية ما لو وطء الأمة المشتركة فإنه لا يحد لأن الإحصان كما يزول من كل وجه يزول بالزنا من وجه والعفة أعم من أن يطأ بنكاح صحيح أم لا، وبهذا التعميم يمتاز عن إحصان الزنا (فلو قال لغيره: لست لأبيك أو لست ابن فلان) لأبيه الذي يدعى له أو لست من ولد فلان أو لست من بني فلان (في غضب) قيد في المسألتين (حد) إن كانت محصنة لأن المقذوف في الصورتين إنما هو الأم والمعتبر إحصان المقذوف لا إحصان من يطلب الحد صرح به في (المبسوط) وهذا لأن نفي نسبه من أبيه يستلزم كونه زانيا فلزم أن أمه زنت مع أبيه فجاءت به من الزنا ولذا لو قال: ولا من فلانة لا يحد وأورد أنه يجوز أن لا يكون ثابت النسب من أبيه ولا تكون أمه زانية بأن كانت موطوءة بشبهة أو بنكاح فاسد، وأجيب بأن المراد أنك لست لأبيك الذي ولدت من مائه وهذا يستلزم كون أبيه زانيا فلزم أن أمه زنت معه ولا يخفى أنه غير لازم لجواز كونه زنا بها مكرهة أو نائمة، والحق أن وجوب الحد إنما هو استحسان لأثر ابن مسعود أنه قال: (لا حد إلا في قذف محصنة أو بنفي رجل عن أبيه) وحمل على حالة الغضب

وفي غيره لا كنفيه عن جده. ـــــــــــــــــــــــــــــ لأنه حالة عدمه لم ينفه عن أبيه بدلالة الحال فليس من التخصيص في شيء إذ ليس قذفا وإنما يكون تخصيصا أن لو كان قذفا (وفي غيره) أي: الغضب (لا) أي: لا يحد لأن النفي حينئذ مجاز من نفي المشابهة في محاسن الأخلاق قيد النفي بما ذكر لأنه لو قال: لست لآدمي أو لإنسان لا يحد كقوله لست من أولاد فلان، واعلم أنه في (الهداية) قيد بالغضب في الثانية دون الأولى، وحمل الشارحون إطلاقه على التقييد. قال في (البحر): وهو بعيد لما صرح به الحاكم في (الكافي) حيث قال: وإن قال لرجل: يا ولد الزنا أو يا ابن الزنا أو لست لأبيك وأمه حرة مسلمة فعليه الحد بلغنا عن عبد الله بن مسعود وذكر الأثر المتقدم فسوى بين الألفاظ الثلاثة، وقد صرح في (فتح القدير) بأنه في اللغظين الأولين لا يأتي التفضيل يعني بين الغضب والرضى بل يحد البتة فكذا، لو قال: لست لأبيك لأنهم صرحوا أنه بمعنى أن أمك زانية أو زنت ولا يراد به المعاتبة حالة الرضى لأنه لم يعين أبا مخحصوصا حتى ينفي أن يكون على خلافه، ثم أن يكون على خلافه، ثم رأيت التصريح بذلك في (الخانية) قال لرجل: لست لأبيك عن أبي يوسف أنه قذف كان ذلك في غضب أو رضا، ولو قال: ليس هذا أباك لابنه المعروف فإن كان في حالة الرضا أو على وجه الاستفهام لا يكون قذفا، وإن كان في غضب أو على وجه التعبير كان قذفا انتهى. وأقول: ما جرى عليه شراح (الهداية) وأكثر المتأخرين من التقييد بالغضب هو المذهب لما قدمناه مع أنه مع الرضا ليس قذفا وكيف يحد بما ليس قذفا وبه يضعف ما عن الثاني وكأن هذه الرواية شاذة عنه، ولذا ذكر في وسط (المحيط) عنه أنه قذف في حالة الغضب دون الرضا وما في (الكافي) لا دلالة فيه لما ادعاه بوجه مع استدلاله في النفي بالأثر، وقد علمت أنه محمول / على حالة الغضب والفرق بينه [301/ب] وبين قوله يا ولد الزنا أظهر من الشمس وقت الضحى لأنه لا يحتمل غير القذف فاستوت الحالتان فيه بخلاف النفي ثم رأيته في (عقد الفوائد) قال: التفضيل هو ظاهر المذهب والاعتماد عيه دون ما يقع سواه مخالفا له. وفي (التاتارخانية) عن أبي يوسف يا فرج الزنا يا بيض الزنا يا حمل الزنا يا سخل الزنا قذف يوصف الولد به ولو قال كبش الزنا لا يحد، وفي (الجوهرة) لو قال: لست ولد حلال كان قذفا، وفي (ابن وهبان) عن بعضهم قال: إمي ليست بزانية حال التخاصم حد لكن المسطور في (الخانية) استبا فقال أحدهما: لا أنا بزان ولا أمي بزانية لا حد عليه وذكره في موضع آخر، لو قال لغيره: إما أنا فلست بزان لا حد عليه عندنا (كنفيه) أي: لا يحد بنفيه، (عن جده) في حالة الغضب لأنه صادق في قوله

وقوله لعربي: يا نبطي أو ابن ماء السماء ونسبته إلى عمه أو خاله ورابه ولو قال: يا ابن الزانية وأمه ميتة فطلب الوالد أو الولد أو ولده حد ........ ـــــــــــــــــــــــــــــ لست بابن فلان أي لست مخلوقا من مائه، كذا قالوا وفيه بحث لأن هذا وإن كان معناه الحقيقي لكن له معنى حقيقي آخر هو نفي كونه أبا أعلى له وهو صادق بصورتين نفي كون أبيه خلق من مائه بل زنت جدته أو جاءت به لشبهته وحالة الغضب تعين أن يكون قذفا لجدته إذ لا معنى لإخباره في تلك الحالة أنك لم تخلق من ماء جدك، وأشار المصنف إلى أنه لو نسبه إلى جده فلا حد أيضا لأنه ينسب إليه مجازا متعارفا كابن مالك ونحوه. (وقوله لعربي: يا نبطي) بفتح الموحدة كما في (القاموس) نسبة إلى النبط جيل من الناس بسواد العراق الواحد نبطي، وعن ابن الأعرابي رجل نباطي ولا يقال نبطي، كذا في (المغرب) لأن العرف في مثله أن يراد نفي المشابهة في الأخلاق أو عدم الفصاحة، وأما قذف أمه أو جدة من جداته لأبيه فلا يخطر بالبال فلذا لم يفصلوا فيه بين الغضب والرضى نعم ينبغي في الغضب أن يعزر به لأن النسبة إلى الأخلاق الدنيئة يجعل شتما في الغضب ويؤيده ما في (المبسوط) لو قال له: لست بهاشمي عزر وعلى هذا لو نسبه لغير قبيلته أو نفاه عنها (و) قوله لغيره: (يا ابن ماء السماء) مع أن ظاهره نفي كونه ابنا لأبيه لأنه في العرف يذكر لقصد المدح ولذا لقب به عامر بن حارثة لأنه كان يقيم ماله مقام القطر في الحفظ فهو كماء السماء جودا، قال في (إيضاح الإصلاح): وفيه نظر لأن حالة الغضب تأبى عن هذا القصد، وجوابه أنا فالتزمه فنجعله سبا بنفي الشجاعة والسخاء عنه في هذه الحالة، أما كونه نفيا موجبا للحد فلا إذا لم يعهد استعماله لذلك القصد. قال في (الفتح): وقد ذكر أنه لو كان هناك رجل اسمه ماء السماء يعني وهو معروف يحد في حال السباب بخلاف ما إذا لم يكن، (و) كذا لا يحد (بنسبته إلى عمه وخاله ورابه) بتشديد الباء الذي رباه لأن كل واحد منهم يسمى أبا قال تعالى: {وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} (البقرة: 133) وإسماعيل كان عما ليعقوب، وأخرج الديلمي في (الفردوس) عن ابن عمرو مرفوعا: (الخال والد من لا والد له) وكذا المربي دون زوج الأم كما في (الهداية) لأن العبرة إنما هو للمربي حتى لو نسبه إليه ولم يكن زوجا لأمه وجب أن لا يحد كما في (الشرح)، (ولو قال) لرجل: (يا ابن الزانية و) الحال أنه (أمه ميتة)، وكذا له يا ابن الزاني وأبوه ميت (فطلب الوالد والولد أو ولده حدا) أي: طلب أصوله أو فروعه.

ولا يطلب ولد وعبد أباه وسيده بقذف أمه ويبطل بموت المقذوف. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (التاتارخانية): ثم إذا قذف ميتا فولاية الطلب لابن المقذوف ولأمه ولجده أب الأب وإن علا ولأولاده ذكرا كان أو أنثى ولأولاد من قبل الرجال الأقرب والأبعد سواء ولا تثبت المطالبة لولد البنت انتهى. ولا فرق في الأصل والفرع بين كونه كافرا أو عبدا إلا أن إطلاق المصنف يعم ولد البنت وهو ظاهر الرواية كما في (الخانية) وفيها، لو قال: جدك زان لا حد عليه وعلله في (الظهيرية) بأنه لا يدري أي جد هو وهو معنى ما في (الفتح) من أنه لا يحد للإبهام لأن في أجداده من هو كافر فلا يكون قاذفا ما لم يعين مسلما قيد بالأصول والفروع لأن الطلب لا يثبت لأم الأم ولا للأخ ولا للعم ولا للعمة ولا لمولاه. وما في (الفتح) عن (الخانية) منه أنه لا يثبت أيضا لجد أب الأب فتحريف، والصواب الأم لما قد علمت وأفاد بأو أن للفروع / المطالبة مع وجود أصله ولو عفا [308/أ] البعض أو صدق القاذف كان لمن بقى حق الخصومة (ولا يطلب ولد) أي: فرع وإن سفل، (وعبد أباه) أي: إصله ذكرا كان أو أنثى فدخلت أمه وجدته وإن علت، وكذا جده وإن علا (وسيده بقذف أمه) المحصنة إذا قذفها ميتة لأنهما يعاقبان بسببهما، وهذا لأن القصاص المتيقن سببه سقط بقتلهما فالحد الذي لم يتيقن سببه أولى. واعلم أن المسطور في كتب الشافعية أنه مع سقوط الحد عنه يعزر ثم رأيت في (القنية) ما يفيد أنه كذلك عندنا حيث قال: ولو قال لآخر: يا حرام زاده لا يجب عليه حد القذف، وقد كنت كتبت أنه لو قال ذلك لولده يجب العزير انتهى. ووجهه إفادته أنه إذا كان التعزير يجب بالسب فالقذف أولى فما في (البحر) في النفس من التعزير شيء لأنه إذا كان القذف لا يوجب شيئا فالشتم أولى ممنوع قيد بكونه أبا له لأنه لو كان لها ولدان أحدهما ابن لغيره كان له حق المطالبة كأبيها (وبطل) حد القذف (بموت المقذوف) لأنه لا يورث، وكذا لو مات بعد إقامة بعضه نظرا لا أنه حق الله تعالى إلا أنه شرع زاجرا لإخلاء العالم عن الفساد ولذا يباح بالإباحة ولا يتغلب مالا عند سقوطه ويتصف بالرق ولا يحلف القاذف ولا يصح فيه العفو ولا يجوز الاعتياذ عنه ويجري فيه التداخل بالرق ولا يحلف القاذف ولا يصح ففيه العفو ولا يجوز الاعتياذ عنه ويجري فيه التداخل ويشترط الإحسان ولا كلام أن فيه حق العبد أيضا فشرطنا الدعوى فيه. وقلنا: إنه لا يبطل بالتقادم ويجب على المستأمن ويقيمه القاضي بعلمه ويقدم استيفاؤه على سائر الحدود ولا يبطل بالرجم ولا يصح الرجوع فيه عن الإقرار، إذ المغلب حق الله تعالى عندنا، ورجح أبو اليسر أن المغلب حق العبد والأول أظهر، وأعترض بأن من الأحكام ما ينافي الحقين جميعا من سقوطه بموت المقذوف وشيء

لا بالرجوع والعفو ولو قال زنأت في الجبل وعنى الصعود حد ولو قال: يا زاني وعكس حدا. ـــــــــــــــــــــــــــــ من الحقين لا يسقط به وأجيب بأنا لا نقول: إنه يسقط بموته ولكن يتعذر استيفاؤه لعد شرطه فإن الشرط خصومة المقذوف ولا تحقق فيه الخصومة بعد موته، كذا في (الناية) وفيه نظر إذ لو صح هذا لبطل قولهم: إنه يبطل بموت المقذوف وهذا لأنه لا معنى لعدم سقوطه (لا) يبطل (بالرجوع) عن الإقرار نظرا إلى أنه حق العبد، (و) قد مر أنه لا يبطل أيضا بإباء (العفو) نظرا إلى أنه حق الله تعالى، ومعنى عدم بطلانه به أنه لو عاد وطلب يقام الحد عليه وليس للإمام أن يستوفيه بعد العفو بدون الطلب كما في (المبسوط). وعليه يحمل ما في (الفتح) من أنه لو عفا المقذوف عن القاذف بعد ثبوت القذف والإحصان لا يصح عفوه ويحد عندنا، وفي (الشامل) لا يصح عفو المقذوف إلا أن يقول لم يقذفني أو كذب شهودي إلا أن خصومته شرط، وعند الثاني يصح العفو (ولو قال) لغيره: (زنأت في الجبل) بالهمز (وعنى) أي: قصد (الصعود) عليه (حد) عندهما ولم يصدق وقال محمد: يصدق لأن الهمز منه للصعود حقيقة وذكر الجبل بقراره مرادا ولهما أنه يستعمل في الفاحشة لأن من العرب من يهمز حرف اللين في غير التقاء على حده كدابة شاذ، وحالة الغضب تعين ذلك مرادا وهذا التقدير يفيد أن المهموز مشترك بين الفاحشة والصعود وحالة الغضب تعين أحد المحتملين عندهما، وعند محمد هو حقيقة في الصعود مجاز في الفاحشة وحينئذ يترجح قوله لأن المجاز أولى من الاشتراك لعدم اختلاله بالفهم ولأن الحد يحتال لدرئه هذا حاصل ما في (العناية). وأجاب في (الحواشي السعدية): بأن هذا مسلم إذا لم يقم دليل على الاشتراك وقد قام هنا لما قدمناه من أن من العرب من يهمز حرف اللين، وقوله: وذكر الجبل يقرره ممنوع بأن الفاحشة قد تقع فيه، أي: في بعض بطونه وترجح إرادتها بقرينة الغضب، ولو قال: على الجبل قيل لا يحد وهو الذي جزم به في (المبسوط). قال في (الفتح): وهو الأوجه لأن حالة الغضب تعين تلك الإرادة وكونها فوقه وتعين الصعود مسلم في غير حالة السباب قيد بالهمز لأنه لو أتى بالياء المثناة حد اتفاقا، وبالجبل لأنه لو حذفه حد اتفاقا أيضا، كما أفاده في (غاية البيان) وجزم به في (المعراج) وبهذا التعزير علمت أن إطلاق المصنف مقيد بحالة الغضب فلا يجب [308/ب] في / حالة الرضى يعني اتفاقا، (ولو قال: يا زاني وعكس)، بأن قال لا بل أنت (حدا) لأن كل واحد منهما قذف صاحبه فيحد بطلبه ولا يلتقيان قصاصا لما مر من أن الغالب في حد القذف حق الله تعالى قيد بحد القذف لأنه لو قال له: يا خبيث بل أنت تكافيا ولا يعزران كل واحد وجب له على صاحبه مثل ما وجب للآخر عليه.

ولو قال لامرأته: يا زانية وعكست حدت ولا لعان ولو قالت: زنيت بك بطلا وإن أقر بولد ثم نفاه لاعن. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن قلت: لو ضرب كل منهما صاحبه عزرا وبدأ بالبادي كما في (القنية)، ولو تشاتما بين يدي القاضي عزرهما فهل لا يلتقيا قصاصا؟ قلت: لم يلتقيا هنا لتفاوت الجنايتين في الضرب بخلاف السب، وأما بين يدي القاضي فلهتك حرمة الشرع ورأيت بخط الشيخ الأخ رحمه الله تعالى عن (الخلاصة) قال المقضي عليه للقاضي: أخذت رشوة من خصمي وقضيت علي، يعزره القاضي. قال ابن وهبان: هذا يستثنى من قولهم أن القاضي لا يقضي لنفسه انتهى. وقد يقال: لا استثناء لأن من أساء الأدب في حق القاضي فقد أساء الأدب على الشرع، فتعزير القاضي له لأجل حق الشرع لا لنفسه ولهذا قالوا: يعزره ولم يقولوا إن شاء انتهى. وأقول: فيه نظر فقد صرحوا بأنه له أن يعفو عنه كما نقله ابن الغرس في (فوائده) ولو كان لمحض الشرع لما ساغ عفوه وفي (جامع الفصولين) ولو تشاتما بين يديه كان له تعزيرهما صيانة لمجلس الشرع انتهى. بقي هل له العفو عنهما؟ لم أر المسألة في كلامهم والظاهر لا بخلاف قوله أخذت الرشوة من خصمي، والفرق بين فتدبره، وسيأتي أن التعزير كما يكون حقا للعبد يكون حقا لله تعالى (ولو قال لامرأته: يا زانية وعكست) كم مر (حدت) المرأة (ولا لعان)، والأصل أن الحدين إذا اجتممعا وفي تقديم أحدهما إسقاط الآخر وجب تقديمه احتيالا للدرء واللعان قائم مقام الحد فتقديم حق المرأة يبطل اللعان لأنها تصير محدودة في قذف، وتقديم اللعان لا يسقط حد القذف لأنه لا يجري على الملاعنة وعن هذا قلنا: لو قال لها: يا زانية بنت الزانية فخاصمته الأم فحد سقط اللعان. (ولو قالت) في جواب قوله يا زانية (زنيت بك بطلا) أي: الحد وللعان لأنه يحتمل أنها أرادت به ما قبل النكاح فتحد في قذفها ولا لعان لتصديقها إياه أو ما كان معه بعد النكاح وأطلقت عليه زنا للمشاركة فيجب اللعان دون الحد والحكم بتعيين أحدهما بعينه متعذر فوقع الشك في كل وجوب اللعان والحد فلا يجب واحد بالشك حتى لو زال الشك بأن قالت قبل أن أتزوجك أو كانت أجنبية حدت فقط، وهو ظاهر ولو ابتدأت الزوجة ثم قال لها: يا زانية، فالحكم كذلك للمعنى الذي ذكرناه ودخول هذا في الإطلاق كما في (البحر) خلاف الظاهر وما نقلناه جرى عليه الشارح تبعا لشراح (الهداية) قيد بالخطاب لأنها لو قالت: إنت ازنى مني حد الرجل فقط كما في (الخانية)، (وإن أقر) الزوج (بولد ثم نفاه لاعن)، لأن النسب لزمه

وإن عكس حد والولد له فيهما ولو قال: ليس بابني ولا بابنك بطلا ومن قذف امرأة لم يدر أبو ولدها أو لاعنت بولد أو رجلا وطئ في غير ملكه أو أمة مشتركة أو مسلما زنى في كفره أو مكاتبا مات عن وفاء لا يحد. ـــــــــــــــــــــــــــــ بإقراره وبالنفي بعد صار قاذفا لزوجته فيلاعن (وإن عكس) بأن نفاه أولا ثم أقر به قبل اللعان (حد) لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان الذي كان وجب بنفي الولد لأنه ضروري صير إليه ضرورة التكاذب بين الزوجين فكان خلفا عن الحد فإذا بطل صير إلى الأصل (والولد له فيهما) أي: في الصورتين، أما في الثانية فظاهر. وأما في الأولى فلأن سبب اللعان وإن كان هو النفي إلا أن قطع النسب من ضرورة اللعان ينفي الولد ألا ترى أنه لو نفاه بعد أن تطاولت المدة بعد الولادة فإنه يلاعن ولا يقطع النسب، (ولو قال: ليس) هذا الولد (بابني ولا ابنك بطلا) أي: الحد واللعان لأنه أنكر الولادة وبذلك لا يصير قاذفا، (ومن قذف امرأة) معها ولد في بلد القذف (لم يدر) أي: لم يعم (أبو ولدها) حال القذف أو وجد ومات قبله شروع في مسائل لا حد فيها هذه أولاها، والثانية ما أشار إليه بقوله: (أو لاعنت بولد) نفاه الزوج وقطع القاضي نسبه عنه وألحقه بأمه لأن ولادة الزنا منها وهي ولادة ولد الأب له قائمة فانتفت عتقها قيد بكون اللعان بولد لأنه لو كان بغير حد قاذفها وهو وإن كان قائما [309/أ] مقام حد القذف في حقها وبه تسقط عتقها لكنه قام مقام حد القذف في حقه / وبالنظر إلى هذا تكون محصنة فتعارض الوجهان فتساقطا كذا في (العناية). (أو) قذف (رجلا وطء امرأة في غير ملكه) أي: وطئا حراما لعينه من كل وجه فإن كانت أجنبية أو مكرهة، أو من وجه كما أفاده بقوله: (أو أمة مشتركة) بينه وبين غيره، وبقي ما لو كانت الحرمة مؤبدة كوطء أمته التي حرمت عليه بالرضاع أو بالمصاهرة بشرط أن يكون ثبوتها بالإجماع أو بخبر مشهور عند الإمام وإنما لا يحد لسقوط عتقه بذلك ومن الحرام لعينه جارة ابنه والمنكوحة فاسدا والأمة المستحقة، وكذا لو وطء محارمه بنكاح أو جمع بينهن أو أمة تزوجها على حرة، ولو نظر إلى فرج امرأة أو لمسها بشوهة ثم أمها أو ابنتها، أو اشتراها فوطئها لا يسقط إحصانه عند الإمام وقالا: يسقط. (أو) قذف (مسلما زنى في) زمن (كفره) حربيا كان أو ذميا، وسواء كان في دار الحرب أو في دار الإسلام بأن قال له: زنيت وأنت كافر أو أطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره لأن به يسقط إحصانه (أو) قذف (مكاتبا مات عن وفاء لا يحد) في هذه المسائل، وقد مر الوجه فيما عدا المكاتب، وأما هو فلاختلاف الصحابة في موته حرا أو عبدا فأورث شبهة، وعرف منه أنه لو مات عن وفاء فلا حد على قاذفه بالأولى، وأما إذا كان

وحد قاذف واطئ أمة مجوسية وحائض ومكاتبة ومسل نكح أمة في كفره ومستأمن قذف مسلما ومن قذف أو زنى أو شرب مرارا فحد فهو لكله. ـــــــــــــــــــــــــــــ الوطء حراما لغيره فإنه يحد أفاد ذلك بقوله: (وحد قاذف واطئ أمة مجوسية) وأمة اشتراها شراء فاسدا وأختين جمع بينهما في ملكه (وحائض) هي زوجته ونفساء ومظاهر منها (ومكاتبة) لأن ملك المتعة فيهن ثابت وما عرض من الحرمة لهن على شرف الزوال فلا يسقط إحصانه، (و) حد أيضا قاذف (مسلم نكح أمة) أو غيرها من المحارم (في) حال (كفره) عنده خلافا لهما والخلاف مبني على أنه صحيح عنده وفاسد عندهما، (و) حد أيضا (مستأمن قذف مسلما) هذا ما رجع إليه الإمام نظرا إلى أن فيه حق العبد وإن كان حق الله تعالى هو المغلب على ما مر وقد التزم أيضا حقوق العباد. وأما حد الخمر فلا يجب اتفاقا ولا يجب حد الزنا والسرقة خلافا للثاني، ويجب على الذمي جميع الحدود إلا حد الخمر قاله الإتقاني (ومن قذف) غيره (أو زنى أو شرب) الخمر (مرارا) سواء كان القذف لواحد أو لجماعة بكلمة كأنتم زناة أو بكلمات، وسواء طلب كلهم أو بعضهم (فحد فهو) أي: الحد (للكل)، أما في الزنا والشرب فلأن المقصود من إقامة الحد هو الانزجار واحتمال حصوله بالأول قائم فتمكن شبهة فوات المقصود في الثاني، والحدود نذرا بالشبهات إجماعا وألحق حد القذف بهما لأن المغلب فيه حق الله تعالى على ما مرن ومن فروع التداخل ما لو قذف واحدا فحد إلا سواطا ثم قذف آخر في المجلس فإنه يتم الأول. وقالوا: لو قذف وهو عبد فأعتق ثم قذف آخر فطالبه الأول حد أربعين، وإن طالبه الثاني كمل له الثمانون لوقوع الأربعين لهما، قال الشارح: ولو ضرب للزنا أو للشرب بعض الحد فهرب ثم زنى أو شرب ثانيا حد حدا مستأنفا ولو كان ذلك في القذف، فإن حضر الأول تمم الحد ولا شيء للثاني وإن حضر الثاني وحده يجلد حدا مستأنفا انتهى. وعلى هذا فيحمل ما مر من أنه يكمل السوط فقط على ما إذا حضر جميعا، ومن أنه لو قذف جماعة يكتفى بحد واحد على ما إذا كان القذف لهم قبل أن يضرب البعض قيد بكون الجلد وقع بعد الفعل المتكرر لأنه لو زنى أو شرب فحد، ثم زنى وشرب ثانيا فإنه يحد ثانيا لأن حد الزنا يجب باعتبار المتوفى من منافع البضع والمستوفي الثاني غير الأول، وكذا المشروب ثانيا غير الأول بخلاف ما إذا قذف المحدود ثانيا المقذوف الأول حيث لا يحد ثانيا لأن المقصود وهو إظهار كذب القاذف ودفع العار عن المقذوف حصل بالأول، كذا قرره الشارح في السرقة وهو بإطلاقه شامل ملا إذا كان القذف الثاني بعين اللفظ الأول أو بغيره بعد أن يتحد

فصل في التعزير

فصل في التعزير ـــــــــــــــــــــــــــــ المقذوف، أما لو اختلف بأنه قذفه فحد ثم قال له: يا ابن الزانية وأمه ميتة فخاصمه فإنه يحد ثانيا كما لا يخفى. تكميل: إقر بالزنى والسرقة والشرب والقذف وفقأ عين رجل يبرأ الإمام بالقصاص في العين ويحبسه فإذا برأ حده للقذف لأنه مشوب بحق العبد، والأول خالص حقه [309/ب] فقدم فإذا برأ أخرجه ثم هو مخير إن شاء بدا بحد الزنا وإن شاء بحد السرقة / وجعل حد الشرب آخرها لأنه أضعف فإن كان محصنا اقتصر منه في العين، ثم بعد حد القذف يرجمه لأن حد السرقة والشرب محض حق الله تعالى ومتى اجتمعت الحدود بحق الله تعالى وفيها قتل نفس قتل وترك ما سوى ذلكن نقل ذلك عن الجبر بن مسعود ولأن المقصود الزجر له ولغيره، وأتم ما يكون باستيفاء النفس والاشتغال بما دونه لا يفيد إلا أنه يضمن المال المسروق فيؤخذ من تركته لأن الضمان بما يسقط لضرورة القطع ولم يوجد والله الموفق للصواب. فصل في التعزير وفي (القاموس) أنه: من أسماء الأضداد يطلق على التفخيم والتعظيم وعلى التأديب وعلى اشد الضرب وعلى ضربه دون الحد انتهى. قال الشيخ ابن حجر المكي: الظاهر أن هذا الأخير غلط لأن هذا وضع شرعي لا لغوي إذ لم يعرف إلا من جهة الشرع فكيف نسب لأهل اللغة الجاهلين بذلك من أصله. والذي في (الصحاح) بعد تفسيره بالضرب ومنه سمي ضرب ما دون الحد تعزيرا فأشار إلى أن هذه الحقيقة الشرعية منقولة عن الحقيقة اللغوية بزيادة قيد هو كون ذلك الضرب دون الحد اشرعي فهو كلفظ الصلاة والزكان ونحوهما، وغفل عنها صاحب (القاموس) وقد وقع له نظير ذلك كثيرا وهو غلط يتعين التفطن له انتهى. لما ذكر الزواجر المقدرة شرع في غير المقدرة وأخرها لضعفها وألحقه بالحدود مع أنه منه ما هو محض حق العبد لما أنه عقوبة ولذا لا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال عند الإمام، وعندهما وإن قبلت لكنه لا يضرب، وإنما يحبس كذا في الكرخي، وجزم الحجندي بقبول شهادة النساء فيه، وسيأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى. قال في (الكشاف): العزر: المنع ومنه التعزير لأنه يمنع من معاودة القبيح، وعرفا تأديب دون الحد، وذلك التأديب لا يختص بالضرب بل قد يكون به فيكون دون الحد وبالصفع والحبس وتفريك الأذن وبالكلام العنيفن وينظر القاضي إليه بوجه عبوس وبالشتم بعد أن لا يكون قذفا كما في (المجتبى) وما في (الخلاصة)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سمعت من ثقة أنه يكون بأخذ المال أيضا إن رأى القاضي ذلك، ومن جملة ذلك من لا يحضر الجماعة مبني على اختيار من قال بذلك لقول أبي يوسف فإنه رأى عنه أنه يجوز للسلطان التعزير بأخذ المالن كذا في (الفتح)، ومعناه كما قال البزازي: إمساكه عنده مدة لينزجر ثم يعيده إليه، لا أنه يأخذ لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز أخذ مال مسلم بغير سبب شرعي انتهى. ثم إنما يرده إليه إذا تاب فإن آيس من توبته صرفه الإمام إلى ما يرى. وفي 0شرح الآثار) التعزير بأخذ المال كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ، كذا في (المجتبى) وعندهما وباقي الأئمة الثلاثة لا يجوز التعزير به وقد يكون بالقتل، فقد سئل الهندواني عن من وجد رجلا مع امرأة ايحل له قتله؟ قال: إن كان يعلم أنه ينزجر بالصياح والضرب بما دون السلاح لا يقتله، وإن علم أنه لا ينزجر إلا بالقتل حل له قتله، وإن طاوعته المرأة قتلها أيضا. وفي (المنية) وجد رجلا مع امرأة يزني بها أو مع محرمه وهما مطاوعان قتل الرجل والمرأة معا، كذا في (الشرح)، قال في (البحر): فقد أفاد التفريق بين الأجنبية والزوجة والمحرم، ففي الأجنبية لا يحل القتل إلا بالشرط المذكور من عدم الانزجار بالصياح والضرب، وفي غيرها يحل مطلقا انتهى. وأقول: لا نسلم أن ما عن الهندواني نص في الأجنبية لما لا يجوز أن يكون المعنى بامرأة له وخصها لتعم الأجنبية بالأولى ويدل على ذلك ما في حدود (البزازية) من وجد مع امرأته رجلا إذا كان ينزجر بالصياح وبما دون السلاح لا يحل قتله وإن كان لا ينزجر إلا بالقتل حل قتله، وإن طاوعته حل قتلها أيضا وهذا نص على أن التعزير والقتل يليه غير المحتسب انتهى، وبهذا يندفع التدافع بين كلامي الهندواني ويجوز أن يقال: نكر المرأة دلالة على أنه لا فرق بين الزوجة والأجنبية وقد أفصح عن ذلك في (الخانية) حيث قال: رأى رجلا يزني بامرأته أو بامرأة أخرى وهو محصن فصاح به ولم يهرب ولم يمتنع عن الزنا حل لهذا الرجل قتله، وإن قتله فلا قصاص عليه وذكر مثله في السرقة حيث قال: رأى رجلا يسرق ماله / فصاح به أو [310/أ] ينقب حائطه أو حائط غيره وهو معروف بالسرقة فصاح به ولم يهرب حل قتله ولا قصاص عليه انتهى. وغاية الأمر أن ما في (منية المفتي) وعليه جرى الخبازي في مختصر (المحيط) مطلق لكن يجب حمله على التقييد توفيقا بين كلامهم، ومن هنا جزم ابن وهبان في (نظمه) بالشرط المذكور مطلقا وهو الحق، واعلم أنه في (الخانية) شرط في جواز

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قتل الزاني أن يكون محصنا، وفي السارق أن يكون معروفا بالسرقة، وبالأولى جزم الطرسوسي ورده ابن وهبان بأنه ليس من الحد بل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو حسن فغن هذا المنكر حيث تعين القتل طريقا في إزالته فلا معنى لاشتراط الإحصان فيهن ولذا أطلقه البزازي وفي (المجتبى) الأصل أن كل شخص رأى مسلما يزني أن يحل له قتله وإنما يمتنع خوفا من أن لا يصدق في أنه زنى، وعلى هذا القياس المكابرة وقطاع الطريق وصاحب المكس وجميع الظلمة والأعونة والسعادة يباح قتل الكل ويثاب قاتلهم وقد يكون بالنفي أيضا، فقد ذكر العنيني في (شرح البخاري) أن من أذى الناس مطلقا ينفى عن البلد بذلك أفتى عبد الله بن عمرو بالإخراج من الدار. قال البزازي: وتقوم الأعذار على مظهر الفسق في داره فإن كف فيها وإلا حبسه أو أدبه أسواطا أو أزعجه عن داره إذ الكل يصلح تعزيرا، وعن الصفار الزاهد أنه أمر بتخريب دار الفاسق، ثم في قول الهندواني إذا كان ينزجر بالضرب تنصيص على أن الععزير يملكه الإنسان وإن لم يكن محتسبا وصرح بذلك في (المنتقى) وهذا لأنه من باب إزالة المنكر باليد والشارع ولي كل واحد، كذا في (الفتح) وقيده بكونه حال المعصية حيث قال: رأى غيره على فاحشة مرجبة للتعزير فعزره بغير إذن المحتسب فللمحتسب أن يعزر والمعزران عنده بعد الفراغ منها. قال رضي الله تعالى عنه: قوله إن عزره بعد الفراغ منها فيها إشارة إلى أنه لو عزره حال كونه مشغولا بالفاحشة فله ذلك وإنه حسن لأن ذلك نهي المنكر وكل أحد مأمور به وبعد الفراغ ليس بنهي لأن النهي عما مضى لا يتصور، وهذا أيضا مقيد بغير الزوج والمولى لما في دعوى (الخانية) لا يختص الإمام بإقامة التعزير فإن الزوج يؤدب المرأة والمولى يؤدب العبد وما في (القنية) من عليه التعزير إذا قال لرجل: إقم علي التعزير ففعل ثم رفع إلى القاضي فإنه يحتسب به محمول في حق العبد على أنهما حكماه. ففي (فتح القدير) الذي يجب حقا للعبد لتوقفه على الدعوى لا يقيمه إلا الحاكم إلا أن يحكما فيه ثم التعزير ليس فيه شيء مقدر وإنما هو مفوض إلى رأي الإمام، لأن المقصود منه الزجر وأحوال الناس فيه مختلفة، ذكره السرخسي والتمرتاشي، وجعله في الشافعي على مراتب: تعزير أشراف الأشراف وهم العلماء والعلوية بالإعلام بأن يقول له القاضي: بلغني أنك تفعل كذا فيزجر به، وتعزير الأشراف وهم الأمراء والدهاقون بالإعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة في ذلك،

ومن قذف مملوكا أو كافرا بالزنا أو مسلما بيا فاسق. ـــــــــــــــــــــــــــــ وتعزير الأوساط وهم السوقة بالجر والحبس وتعزير الأخسة بهذا كله وبالضرب انتهى. وهذا يقتضي عدم تفويضه إلى القاضي على معنى أنه ليس له أن يعزر بغير المناسب، والأول يقتضي أن له ذلك وينبغي أن لا يكون ما في (الشافي) على إطلاقه فإن من كان من أشراف الاشراف لو ضرب غيره فأدماه لا يكتفى في تعزيره بقول القاضي ما مر إذ لا ينزجر بذلك، وقد رأيت بعض القضاة من الإخوان من أدبه بالضرب بذلك وأرى أنه صواب. واعلم أنه ينقسم إلى ما هو حق الله تعالى وحق للعبد، والأول يجب على الإمام ولا يحل له تركه إلا فيما علم أنه انزجر الفاعل قبل ذلك ثم إنه يتفرع لعيه أنه يجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا إذا كان مع آخر، وما في (الخانية) وغيرها لو كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا فلا يعزر، فإن عاد وتكرر منه روي عن الإمام أنه يضرب يجب أن يكون في حقوق الله تعالىن فإن كان في حقوق العباد لا يتمكن القاضي فيها من إسقاط التعزير، كذا في (الفتح) ملخصا وفيه ويعزر من شهد شرب الشاربين، والمجتمعون على شبه الشرب وإن لم يشربوا، ومن معه ركوة خمر، والمفطر في نهار / رمضان يعزر ويحبس [310/ب] والمسلم يبيع الخمر أو يأكل الربا يعزر ويحبس، وكذا المغني والمخنث والنائحة يعزرون ويحبسون حتى يحدثوا توبة ثم قال: ويعزر من قبل أجنبية أو علقها أو مسها بشهوة انتهى. ولم أر ما إذا وجد فيه رائحة الخمر وينبغي أن يعزر وهي حادثة الفتوى، وفي كراهة (الظهيرية) رجل يصلي ويضر الناس بيده ولسانه فلا بأس بإعلام السلطان به ليزجره، قال الشيخ الأخ في رسالة له: في هذا حسنة فقد أستفيد من هذا أن إعلام القاضي بذلك يكفي لتعزيره وهو من باب الإخبار فلا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء، ونبه المصنف على ما هو حق العبد بقوله: (ومن قذف) ولو كان القاذف صبيا (مملوكا أو كافرا) حاصله قذف غير محصن (بالزنا أو) قذف (مسلما) أو ذميا كما في (الفتح)، وفي (القنية) قال ليهودي أو مجوسي: يا كافر يأثم إن شق عليه. قال في (البحر): ومقتضاه أنه يعزر انتهى، وفيه نظر وسيأتي ما يرشد إليه (بيا فاسق) هذا أعني إطلاق القذف على الشتم مجاز شرعي وإن كان حقيقة لغوية إذ هو الرمي لغة ثم إنما يعزر بهذه الألفاظ إذا لم يكن المقول له متصفا بهن فإن كان لا يعزر لأنه صادق في الإخبار وعلى هذا قال في (الخانية): لو قال: لفاسق أو للص يا لص لا

يا كافر. ـــــــــــــــــــــــــــــ يجب شيء، فإن أنكر كونه فاسقا وعلم القاضي بفسقه أو كان معروفا به كمكاس مثلا لم يعذر ولهذا قال في (الفتح): إنما يجب التعزير فيمن لم يعلم اتصافه به، أما من علم فإن الشين قد ألحقه هو بنفسه قبل قول القائل انتهى. وإن لم يعلم لكن أراد القائل إقامة البينة على فسقه. قال في (القنية): لا تسمع لأن البينة على مجرد الجرح والفسق لا تقبل ولو أراد إثبات فسقه ضمنا لما تصح فيه الخصومة كما في جرح الشهود إذا قال: رشوتهم بكذا فعليهم رده تقبل فكذا هذا، قال في (البحر): وهذا إذا شهدوا على فسقه ولم يبينوه فإن بينوه بما يتضمن إثبات حق الله تعالى أو للعبد قبلت، كإن ادعى القائل أنه رآه قبل أجنبية وأقام شاهدين بذلك قبلت بلا شك، وعلى هذا ينبغي للقاضي أن يسأل القائل عن سبب فسقه فإن بين سببا شرعيا طلب منه إقامة البينة عيه فلو قال: هو ترك الواجب عليه ينبغي أن يصح ثم يسأل القاضي عما يجب عليه تعلمه من الفرائض فإن لم يعرفها ثبت فسقه لما في (المجتبى) من ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته، والمراد ما يجب عليه تعلمه منه هذا إذا لم يخرج ذلك مخرج الدعوى لما في (القنية) ادعى عند القاضي سرقة وعجز عن إثباتها لا يعزر. وفي (السراجية) ادعى عليه ما يوجب تكفيره وعجز عن الإثبات لا يجب عليه شيء إذا صدر الكلام على وجه الدعوى عند الحاكم أما إذا صدر على وجه السب والانتقاص فإنه يعزر، وفي (الخلاصة) ادعى عليه أنه قال له: يا فاسق ونحوه مما يجب التعزير فأنكر لا يحلفه بالله تعالى ما قلت هذا لكن يحلف بالله تعالى ما له عليك هذا الحق الذي يدعي انتهى. وإنما يحلف فيما فيه محض حق العبد ولهذا يجوز فيه الإبراء والعفو والشهادة على الشهادة، كذا في (الخانية) وهو ظاهر في أن ما كان منه حق الله تعالى لا يحلف فيه كما إذا ادعى عيه أنه قبل أجنبية مثلا وقدمنا عن (الفتح) أنه ليس للإمام تركه يعني بالعفو لكن يشكل عيه ما في (القنية) عن مشكل (الآثار) التعزير إلى الإمام عند علمائنا الثلاثة والشافعي والعفو إليه أيضا. قال الطحاوي: وعندي أن العفو للمجني عليه، قال رضي الله تعالى عنه: ولعل ما قال في الواجب حق الله تعالى وما قاله الطحاوي في الواجب للعبد كما إذا جنى على إنسان (يا كافر) فيه إيماء إلى أنه لا يكفر، وكان الفقيه أبو بكر الأعمش يقولك إنه يكفر. قال في (خزانة المفتيين): والأول أرجح، وفي (الذخيرة) المختار للفتوى أنه إذا أراد الشتم ولا يعتقده كفرا لا يكفر وإن اعتقده كفرا فخاطبه بهذا بناء على

يا خبيث يا لص يا فاجر يا منافق يا لوكي يا من يلعب بالصبيان يا آكل الربا يا شارب الخمر يا ديوث يا مخنث يا خائن يا بن القحبة. .... ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتقاده أنه كافر يكفر لأنه لما اعتقد كفر المسلم فقد اعتقد دين الإسلام كفرا ورأيت في (التاتارخانية) عن (المضمرات)، قال بعضهم: من قال لآخر: يا كافر لا يجب التعزير ما لم يقل يا كافر بالله لأن الله تعالى / سمى المؤمن كافرا بالطاغوت [311/أ] فيكون محتملا، وفي (الخلاصة) لو أجابه بقوله: لبيك كفر. قال في (البحر): ولا يخفى أن قوله: يا رافضي أو يا مبتدع بمنزلة يا كافر لأن الرافضي كافر إن سب الشيخين، ومبتدع إن فضل عليا كما سيأتي وأنت خبير بأن التفضيل في يا كافر لا يأتي في المبتدع (يا خبيث) الأولى للإنسان فيما إذا قيل له ما يوجب التعزير أن لا يجبيه قالوا لو قال له: يا خبيث الأحسن أن يكف عنه ولو رفع إلى القاضي ليؤدبه به يجوز، ولو أجاب مع هذا فقال: بل أنت لا بأس به كذا في (الفتح). وفي (السراج) لو قال: يا بليد عزر لأنه يستعمل بمعنى الخبيث الفاجر (يا لص يا فاجر) لم أر من فرق بين الفسق والفجور والظاهر أن الأول أعم، والثاني أخصن وعن هذا قال في (القنية): شهد أحدهما أنه قال له: يا فاسق والآخر قال له: يا فاجر لا تقبل (يا منافق يا لوطي) فيه إيماء إلى أنه لا يسأل عن نيته، وقيل: يسأل فإن عنى أنه من قوم لوط - صلى الله عليه وسلم - لا يعزر، وإن عنى أنه يعمل عمل قوم لوط عزر على قول الإمام وحد على قولهما، والصحيح أنه يعزر إن كان في غضب قلت أو هزل ممن تعود بالهزل بالقبح كذا في (الفتح) (يا من يلعب بالصبيان يا آكل الربا يا شارب الخمر يا ديوث) بالمثلثة وهو من لا غيرة له ممن يدخل على امرأته، والقرطبان نعت سوء في الرجل لا غيرة له، عن الليث وعن الأزهري هذا في كلام الحاضرة، ولم أر البوادي نطقوا به ولا عرفوه، كذا في (المغرب) وهو ظاهر في ترادفهما وبه صرح ملا خسرو أو قال: إنه معرب قلتبان وفي اقتصار الشارح على تفسيره إيماء إليه حيث قال: وهو الذي يرى مع امرأته ومحرمه رجلا فيدعه خاليا بها، وقيل: هو المنتسب للجمع بين الاثنين لمعنى غير ممدوح، وقيل: هو الذي يبعث امرأته مع غلام بالغ أو مع مزارعه إلى الضيعة بأن يأذن لهما بالدخول عليها في غيبته انتهى. وعلى كل تقدير فهو المعنى بالمعرس في ديارنا بكسر الراء وبالسين، والعوم يلحنون فيه فيفتحون الراء ويأتون بالصاد قاله العيني (يا مخنث) بفتح النون، أما بكسرها فمرادف للوطء (يا خائن يا ابن القحبة) فيه إيماء إلى أنه إذا شتم أصله عزر بطلب الولد، كيا ابن الفاسق يا ابن الكافر وأنه يعزر بقوله: يا قحبة فإن قلت: ينبغي وجوب الحد كما

يا زنديق يا قرطبان يا مأوى الزواني أو اللصوص يا حرام زاده غزر وبيا كلب يا تيس يا حمار يا خنزير يا بقر يا حية يا حجام يا بغاء يا مؤاجر يا ولد الحرام يا عيار يا ناكس يا منكوس يا سخرة يا ضحكة يا كشحان يا أبله يا موسوس لا. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الظهيرية) القحبة الزانية من القحبات وهو السعال وكانت الزانية من العرب إذا مر بها رجل سعلت ليقضي منها حاجته فسميت الزانية قحبة انتهى. وقيل: هي أفحش من الزانية لأنه قد تفعل سرا والقحبة تجاهر بالأجرة وقيل: هي من همتها الزنا قلت: حد القذف إنما يجب إذا قذفه بصريح الزنا أو ما في حكمه بأن يدل عليه اللفظ اقتضاء كما مر في قول: لست لأبيك أو لست بابن فلان في غضب ولفظ قحبة لم يوضع لمعنى الزانية بل استعمل فيه بعد وضعه لمعنى آخر كما مر ولا يدل عليه اقتضاء أيضا، وهو ظاهر قول خسرو (يا زنديق) هو بمعنى المنافق هو تروزند اسم كتاب المجوس، كذا في (المغرب) (يا قرطبان) وقد مر (يا مأوى الزواني أو اللصوص يا حرام زاده)، وهو المتولد من الحرام وهم أعم من الزنا كالوطء في حالة الحيض، وفي العرف لا يراد الأولين الزنا وكثيرا ما يراد به الخبيث اللئيم (عزر) لأنه أذاه وألحق الشين به. قال في (شرح الطحاوي): والأصل أن كل من ارتكب منكرا وأذى مسلما بغير حق بقول أو فعل وجب عليه التعزير إلا إذا كان الكذب ظاهر (كيا كلب) ويا خنزير على ما سيأتي، و (يا حمار) و (يا خنزير يا بقر يا حية يا حجام يا بغاء) بالباء الموحدة والغين المعجمة المشددة وهو المأبون بالفارسية ويقال: يا بار كأنه انتزع من البغاء، كذا في (المغرب) (يا مؤاجر) قال خسرو: والمؤاجر يستعمل فيمن يؤاجر أهله للزنا لكنه ليس معناه الحقيقي المتعارف، بل معنى المؤجر (يا ولد الحرام يا عيار) بالعين المهملة المفتوحة والياء المثناة المشددة، عن أبي دريد هو كثير المجيء والذهاب [311/ب] وهو معنى ما في (الأجناس) هو المتردد / بلا عمل وقال ابن الأنباري: هو الذي يخلي نفسه وهواها ولا يروعها ولا يزجرها، (يا ناكس يا منكوس) النكس بالكسر الضعيف، والمنكوس المقلوب وكأنه دعا عليه، (يا سخرة، يا ضحكة) يوزن الصفرة من يضحك عليه الناص وبوزن الهمزة من يضحك على الناس، قال ملا خسرو: وثم قال والسخرة أيضا، كذلك (يا كشحان) بالحاء المهملة، (يا أبله، يا موسوس) بكسر الواو وسمي بذلك لأنه يحدث بما في ضميره (لا) أي: لا يعزر في هذه الألفاظ، أما إذا جعله حيوانا صامتا فلأنه ما ألحق الشين به للتيقن بكذبه، واختار الهندواني أنه يعزر لتعارف هذه الألفاظ في الشتم في زماننا، وقيل: إن كان المقول له من الفقهاء والأشراف عزر وإلا لا، قال الشارح تبعا (للهداية): وهذا أحسن ما قيل

وأكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا. ـــــــــــــــــــــــــــــ وسوى غير واحد بين قولهك يا حجام ويا ابن الحجام في عدم التعزير، وجزم الشارح بالتعزير في الثاني وهو يحكم، وما في (البحر) من الفرق بأن كذبه غير ظاهر لموت أليه بخلاف اأول الأمر فيه مشاهدة مدفوع بأن الحكم بتعزيره غير مقيد بموت أبيه وعلى هذا فينبغي التعزير في يا بغاء بالأولى. قال في (البحر): لأنه بمعنى يا معفوج وقد صرح في (الظهيرية) بوجوب التعزير فيه لأنه ألحق الشين بهن إلا أن خسرو وجه عدم التعزير بأنه من شتم العوام ولا يقتصرون به معنى معينا وعدم إلحاق الشين به في يا مؤاجر يا عيار بالمعنى المتقدم ظاهرا، وينبغي وجوبه في يا ولد الحرام بل أولى من حرام زاده، وأما يا ناكس يا منكوس يا سخرة يا ضحكة يا أبله ففي (غاية البيان) عن (الولوالجية) لو قال: يا ابله يا ناكس يا منكوس لا يعزر لأنه ما ألحق الشين به، وكذلك لو قال: يا ساخر يا ضاحكة يا مقامر هكذا ذكر في بعض المواضع وفيه نظر، والظاهر أنه يجب انتهى. وقد علمت أن سخرة بمعنى من يسخر عليه الناس لضحكه وعلى هذا فيجب التعزير، وفي (السراج) لو قال: يا لاهي يا مسخرة ويا مضحكة يا مقامر يا سوقي فالظاهر أنه يجب عليه التعزير، وأما الكمشحان فقال بعضهم أنه يعزر وهو الحق لأنه كما في (المغرب) مرادف للديوث وقد علمت أنه بمعنى المعرس وما قدمنا له من أن الأصل السابق بعين ما قلنا. تتمة: مما يعزر به الورع البارد وكما إذا وجد تمرة ملقاة على الأرض فعرفها، كذا في (التتارخانية) (وأكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا) عن الإمام لما رواه البيهقي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين) ولا شك أن حد الرقيق أربعون فنقص عنه سوطا. وقال أبو يوسف في ظاهر الرواية عنه: إكثره خمسة وسبعون سوطا اعتبارا بأقل حدود الأحرار وانتقص عنه خمسة مأثور عن علي رضي الله تعالى عنه هذا في الحر، وأما في العبد فأكثر تعزيره خمسة وثلاثون لأن أدنى حده أربعون فنقص منه خمسة كالحر، كذا في (السراج الوهاج)، وروى هشام عنه وهو قول زفر وهو القياس أنه ينقص عنه سوط واحد، وفي (التاتارخانية) وهو الأصح وهو قول محمد مضطرب ففي بعض المواضع ذكره في (الكتاب) مع الإمام وفي رواية مع الثاني وفي (الحاوي القدسي) أكثره في الحر خمسة وسبعون سوطا عند أبي يوسف وبه نأخذ وفي مال

وأقله ثلاثة وصح حبسه بعد الضرب وأشد الضرب التعزير ثم حد الزنا ثم الشرب ثم القذف ومن حد أو عزر فمات فدمه هدر بخلاف الزوج إذا عزر زوجته لتزك الزينة والإجابة إذا دعاها إلى فراشة وترك الصلاة والخروج من البيت. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتاوى) ارتدت لتفارق زوجها تجبر على الإسلام وتعزر خمسة وسبعين سوطا وليس لها أن تتزوج غير زوجها به أخذ الفقهاء. وأقول: لا معنى لهذا التردد مع قول المصنف بعد وصح حبسه بعد الضرب (وأقله ثلاثة) لأن ما دونها لا يقع به الزجر هذا رأي القدوري، وذكر مشايخنا أن أدناه ما يراه الإمام حتى لو رأى أنه ينزجر بسوط واحد اكتفى به وعلى قول القدوري [312/أ] يكمل / له ثلاثة (وصح) أي: جاز (حبسه بعد الضرب) لأنه عجز عن الزيادة من حيث القدرة لما روينا وقد لا يحصل الغرض بذلك القدر من الضرب فجاز له أن يضم الحبس إليه، كذا في (الشرح) وهو صريح في دفع التردد السابق ثم الحبس أعم من حبسه في بيته بأن يمنعه من الخروج منه أو السجن (وأشد الرب التعزير) لأنه جرى فيه التحقيق من حيث العدد فلا يحققه من حيث الوصف كيلا يؤدي إلى فوات المقصود ثم معنى شدته. فقد ذكر في حدود (الأصل) أنه يفرق التعزير على الأعضاء وفي الأشربة أنه يضرب في موضع واحد لأن موضوع ما في الأشربة إذا عزر أدنى التعزير، وما في الحدود إذا بلغ به أقصاه خوفا من إفساد العضو بأن أصاب من الأجنبية كل محرم غير الجماع أو أخذ السارق بعدما جمع المتاع قبل الإخراج (ثم حد الزنا) لأن جنايته أعظم (ثم) حد (الشرب ثم) حد (القذف) لأن جناية الشرب مقطوع لها بالمشاهدة، وجناية القذف غير مقطوع لها لجواز أن يكون صادقا في القذف كما مر. (ومن حد أو عزر فمات)، بسبب ذلك (فدمه هدر) لأنه فعل ما أمر به وفعل المأمور لا يتقيد بالسلامة كالقصار ونحوه، (بخلاف الزوج إذا عزر زوجته لترك الزينة والإجابة إذا دعاها إلى فراشه وترك الصلاة والخروج من البيت) فماتت ضمن ديتها، والفرق أن في هذه الحالة مباح لا واجب فصح تقييده بشرط السلامة كالمرور في الطريق ونحوه وأورد ما لو جاء مع امرأته فماتت أو أفضاها فإنه لا يضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنه مباح، وأجيب بأنه ضمن المهر بذلك فلو وجبت الدية لوجب ضمانان بمضمون واحد وجعله من ذلك ترك الصلاة وهو ما عليه الكثير، والمذكور في (النهاية) أنه لا يجوز لأن المنفعة إنما تعود في ذلك إليها وليس الجواز مقصورا على الأربعة بل له تعزيرها بما في معناها كما في (البدائع) فمن ذلك ما لو ضربت جارية لغيره ولحقتها ولم تتعظ بوعظه كما في (القنية).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): وينبغي أن يلحق بذلك ما لو ضربت ولدها الصغير عند بكائه وقالوا: لو قال لها: إن ضربتك لغير جناية فأمرك بيدك فشتمته أو مزقت ثيابه أو أخذت لحيته وقالت: يا حمار يا أبله أو كلمت أجنبيا أو الزوج أو تشاغبت معه ليسمع صوتها أجنبي أو دعت عليه أو أعطت شيئا من ماله بغير إذنه مما لم تجر العادة به فضربها لا يكون الأمر بيدها لأن ذلك كله جناية، وهو ظاهر في أن له تعزيرها في هذه المواضع، إلا أنه على ظاهر الرواية ينبغي عدم التعزير في يا حمار يا أبله، وعلى القول الثاني إن كان المقول له من الأشراف يعزر القائل وإلا لا ينبغي أن يفصل في الزوج إلا أن يفرق بين الزوجة وغيرها والموضع يحتاج إلى تدبير وتأمل. واعلم أن تعزيرها لترك الزينة مقيد بما إذا كانت قادرة عليها وكانت شرعية، وكذا الإجابة بما إذا كانت طاهرة عن الحيض والنفاس والخرج بما إذا لم يكن مأذونا فيه شرعا وإطلاق الزوجة يعم الصغيرة، وقدما أن للولي ضرب الصغير على الصلاة إذا بلغ سبعا لعله إذا بلغ عشرا وينبغي أن يكون الزوج كذلك وأفاد في (القنية) أن له أن يكره ولده الصغير على تعلم القرآن والأدب والعلم لأن ذلك فرض على الوالدين. وفي (المجتبى الصغير) لا يمنع وجوب التعزير إلا إذا كان حقا لله تعالىن وما عن الترجماني من اعتبار البلوغ فيه أراد به ما كان حقا لله تعالى كما إذا زنا أو سرق توفيقا، ونسأل الله التوفيق إنه بالإجابة جدير وخبير.

كتاب السرقة

كتاب السرقة هي أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب السرقة بفتح السين وكسر الراء ولك إسكانها مع فتح السين وكسرها لما فرغ من ذكر المزاجر المتعلقة بصيانة الأنفس والعقول والأعراض شرع في المتعلقة بصيانة الأموال ولا خفاء في أصالة الأول ثم هي قسمان: صغرى وكبرى، بدأ بالكلام على الأولى لكثرتها وهي لغة أخذ الشيء في خفاء فتعدى نفسها وبحرف الجر وتسمية المسروق سرقة مجاز كما في (المغرب) وركنها الأخذ ومن ثم بدأ به ثم ذكر الشرائط فقال: (هي أخذ مكلف) ولو أنثى أو عبد أو كافر أخرج الصبي والمجنون فإن كان يجن ويفيق فسرق في حال إفاقته قطع وإلا فلا، ولا بد أن يكون ناطقا مبصرا فلا يقطع بسرقة الأخرس لجواز أن يدعي شبهة لو كان ناطقا ولا الأعمى لأنه جاهل بمال [312/ب] غيره (خفية) خرج به الأخذ مغالبة أو نهبا / فلا قطع به لو كان في المصر نهارا، وإن دخل خفية استحسانا ثم إن كانت نهارا اعتبرت الخفية ابتداء وانتهاء، وإن ليلا اعتبرت ابتداء فقط إذا غالب السرقات فيه تصير مغالبة لأنه قل ما يخفى الدخول والأخذ بالكلية ومن ثم قلنا: لو كان صاحب الدار يعلم دخوله واللص لا يعلم كونه فيها أو يعلمه اللص وصاحب الدار لا يعلم دخوله أو كانا لا يعلمان قطع ولو علما لا يقطع، كذا في (الفتح). وجزم الشارح بعدم القطع فيما إذا زعم اللص على رب الدار والحال أنه لم يعلم، وجرى على الأول في (المحيط) (والخلاصة) وغيرهما وعليه فيكفى في الخفية ظن السارق قد رأى (مقدار عشرة دراهم) لما رواه محمد عن أبي حنيفة يرفعه لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم، ولو كان موقوفا لكان له حكم الرفع لأن المقدارات الشرعية لا دخل للعقل فيها، واسم الدراهم يطلق على المضروبة عرفا. قال في (المغرب): الدراهم اسم للمضروبة فقوله (مضروبة) تأكيد وهذا أعني اشترط كونها مضروبة هو ظاهر الرواية وهو الأصح لظاهر الحديث ورعاية لكمال الجناية، ومن ثم شرطنا جودتها فلا قطع لو كانت زيوفا أو نبهرجة، ولا بد أن تكون العشرة وزن سبعة على ما مر في الزكاة وغير الدراهم يعتبر بها حتى لو سرق دينارا قيمته أقل من عشرة لا يقطع فإن كانت قيمته وقت السرقة ووقت القطع عشرة بتقوم عدلين قطع فإن نقصت وقت القطع عن عشرة لم يقطع إلا إذا كان النقص لعيب حدث أو فوات بعض العين، فعلى هذا لو سرق في بلد ما قيمته عشرة فأخذ في

محرزة بمكان أو حافظ فيقطع إن أقر مرة. ـــــــــــــــــــــــــــــ أخرى وقيمتها فيها أقل لا يقطع، ولو سرق فضة أقل من وزن عشرة إلا أن قيمتها عشرة مضروبة لا يقطع ولا بد أن يقصد أخذ ذلك القدر حتى لو سرق ثوبا قيمته أقل من عشرة وعلى طرفه دينار مشدود وكان فيه دراهم مضروبة لا يقطع إلا إذا كان وعاء لها، كذا في (التجنيس) وأن يكون للمسروق منه يد صحيحة فلا يقطع السارق من السارق هكذا أطلقه الكرخي والطحاوي لأن يده ليست يد أمانة ولا ملك فكان ضائعا. قلنا: بقي أن يكون يد غصب والسارق منه يقطع، فالحق ما في (نوادر هشام) عن محمد إن قطعت الأول لم أقطع الثاني وإن درأت عنه الحد قطعته ومثله في (أمالي أبي يوسف)، كذا في (الفتح) ولا بد أيضا أن يخرج النصاب ظاهرا حتى لو ابتلغ دينارا في الحرز وخرج لا يقطع، وأن يخرجه مرة واحدة اتحد مالكه أو تعدد، فلو أخرج بعضه ثم دخل وأخرج باقيه لم يقطع وأن تكون السرقة في دار الإسلام حتى لو سرق في دار الحرب أو البغي فأخذ في دار الإسلام لا يقطع، كما في (البدائع) (محرزة) صفة ثانية لدراهم (بمكان) معد للحفظ ممنوع من الدخول فيه إلا بإذن، (أو حافظ) في مكان ليس حرزا كالمساجد والصحراء وسيأتي إيضاحهما (فيقطع إن أقر مرة)، هذا قولهما وهو قول أكثر أهل العلم. وقال أبو يوسف وزفر: لا بد من إقراره مرتين في مجلس اعتبارا بالشهود كالزنا وقد استدل للأكثر بما أسند الطحاوي قالوا: يا رسول الله إن هذا سرق فقال ما إخاله سرق فقال السارق: بلى يا رسول الله قال: اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه، والرواية في إخاله بكسر الهمزة، أي: أظنه وإن جاز الفتح وفيه دليل على أن السارق يلقن بما يمنعه من الإقرار، وهذا نص على الكتفاء بالمرة الواحدة، ومن ثم ذكر بشر رجوع أبي يوسف إلى قولهما ذكره الإتقاني وقالوا: لو سرقت من فلان مائة درهم بل عشرة دنانير قطع في العشرة وضمن المائة إن ادعى المقر له المالين ولو قال: بل مائتين قطع فيهما ولا ضمان عليه، ولو ادعى المقر له المائتين ولو قال: سرقت مائتين بل مائة لم يقطع ويضمن المائتين ولو قال: أنا سارق هذا الثوب بالإضافة يقطع، وبالتنوين لا لأن الأول للحال، والثاني للاستقبال كذا في (الفتح) والظاهر أن يقال: إنه مع التنوين يحتمل الحال والاستقبال فلا يقطع بالشك لكن بقي أن هذا الاحتمال ثابت مع الإضافة أيضا فكان ينبغي أن لا يقطع أيضا فتدبره. ولو أقر بالسرقة ثم هرب لا يتبع ولو من فوره لما أنه من أمارة الرجوع، ولو رجع

أو شهد رجلان ولو جمعا والآخذ بعضهم قطعوا إن أصاب لكل نصاب ولا يقطع بخشب وحشيش وقصب وسمك وطير. ـــــــــــــــــــــــــــــ صريحا بعدما أقر ولو مرتين قبل منه ذلك في حق الحق لا في المال، كما في [313/أ] (الهداية) بخلاف مما لو أقيمت عليه البينة وضرب السارق / لإقراره سيأتي (أو شهد) عليه بها (رجلان) نبه بحصر الحجة فيهما أنه لا يقطع بالنكول وإن ضمن المال قالوا: ويجب على القاي أن يسألهم عن كيفيتها لجواز أن يكون على كيفية لا يقطع فيها كأن أخرج بعض النصاب ثم عاد وأخرج البعض الآخر أو ناول رفيقا له فأخرجه أو أدخل يده وأخرج المتاع، وماهيتها لأنها تطلق على استراق السمع ونقص أركان الصلاة، وزمانها لأنها مع التقادم لا قطع فيها وإن ضمن المال، ومكانها لاحتمال أنه سرق في دار الحرب، وعن المسروق لأن سرقته كل مال لا توجب القطع وعن قدره لجواز أن يكون دون النصاب وعن المسروق منه لجواز أن يكون محرما، وهذا الأخير لم يذكره محمد واعتذر عنه السرخسي بأنه حاضر يخاصم والشهود يشهدون على السرقة منه فلا حاجة إلى السؤال عنه ومرده في (فتح القدير) بأن الشهادة والخصومة لا يستلزمان بيان النسبة من السارق، ولذا ذكره في (الكافي) فإذا بينوا ذلك على وجه لا يسقط فإن عرفهم القاضي بالعدالة قطعه، وإن لم يعرف حالهم حبس المشهود عليه حتى يعدلوا، والتوثق بالكفيل ممتنع لأنه لا كفالة في الحدود ثم لا يقطع إلا بحضور المسروق منه والشهود فإن غاب أحدهم لا يقطع، وكذا في الموت وهذا في كل الحدود سوى الرجم ويمضي القصاص إن لم يحضروا استحسانا كذا في (كافي الحاكم) فإن كانت عن إقرار رسالة عن الكل إلا الزمان لما مر من أن التقادم لا يمنع الإقرار. ووقع في بعض نسخ (فتح القدير) ولا يسأل المقر عن المكان لكن يسأله عن باقي الشروط من الحرز وغيره وكأنه تحريف، والصواب أنه يسأله لجواز أن يكون في دار الحرب (ولو) كان (جمعا و) الحال أن (السارق بعضهم قطعوا إن أصاب لكل) منهم (نصاب) هذا استحسان سدا لباب السرقة سواء خرجوا معه من الحرز أو بعده في فوره أو خرج هو بعدهم في فورهم ولو كان فيهم صغير أو مجنون أو معتوه أو ذا رحم محرم من المسروق منه لم يقطع أحدن قيد بالجمع لأنه لو سرق واحد من عشرة من كل واحد درهما من بيت واحد يقطع لكمال النصاب، (ولو يقطع) بحيث لم تجر العادة بإحرازه ولهذا قلنا: إنه يقطع في الأبواب والأواني والساج والأبنوس والقنا والصندل (وحشيش وقصب وسمك)، قال في (الهداية): يدخل فيه المالح والطري قيل: المليح أو المملوح (وطير) بسائر أنواعه قيل: إلا الدجاج والبط وقيل: لا يقطع

وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة وفاكهة رطبة أو على شجر ولبن ولحم وزرع لم يحصد وأشربة وطنبور ومصحف ولو محلى. ـــــــــــــــــــــــــــــ في جميع الطيور وهذا القول أصح، كذا في (الغاية) (وصيد وزرنيخ) قيل: ينبغي أن يقطع به لأنه يحرز ويصاب في دكاكين العطارين (ومغرة) بالفتحات الثلاثة ولك إسكانها الطين الأحمر (ونورة) زاد في (السراج) ولبن وآجر وفخار وزجاج وهذا الأخير أجراه بعضهم على إطلاقه، وآخرون على غير المعمول منه فيقطع به وزاد في (المجتبى) الفحم والأشنان والملح، وقال في (الفتح) اختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لأنه جرت العادة بإحرازه في الدكاكين، وبه جزم الحدادي معللا بأنه لا يتسارع إليه الفساد وهو كالفاكهة اليابسة وإنما لم يقطع في هذه الأشياء لأنها توجد مباحة في دار الإسلام. لو قال كما في (المجمع) ولا يقطع في مباحة الأصل والمعترضة للفساد لكان أخصر واستغتى عن قوله (وفاكهة رطبة) أي: على شجر لخبر أبي داود (لا قطع في ثمر ولا كثر) بفتح الكاف والثاء المثلثة الجمار يخرج من رأس النخل وأخطأ من قال إنه الحطب أو صغار النخل كما في (المغرب) قيد بالرطبة لأنه يقطع باليابسة التي تبقى كاللوز ونحوه، وفي الإسبيجابي لو سرق مالا يبقى حولا لا يقطع (و) لا إحراز فيما (على الشجرة ولبن ولحم) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا قطع في الطعام) والمراد والله أعلم ما يتسارع إليه الفساد كالمهيأ للأكل وما في معناه كاللحم والثمر أطلق في اللحم فعم القديد منه (وزرع لم يحصد) لما مر في التمر من عدم الإحراز، قيد بذلك لأنه يقطع في الحنطة إجماعا وقيده في (المبسوط) بغير أيام القحط، وأما لو سرق فيها ما لم يقطع (وأشربة) مطربة، أي: مكسة لأن بعضها حرام فيتناول سارقها إراقتها وبعضها مختلف في إباحته فأورث شبهة في عدم المالية، وأما ما حل منها ففيه القطع كالفقاع / ونحوه. قال الحدادي: وأما شراب نقيع التمر والزبيب فالصحيح أن فيه القطع انتهى. ولا خلاف أنه يقطع في الخل والعسل، كما في (الشرح) لكن في (البحر) قال أبو حنيفة: لا قطع في الخل لأنه قد صار خمرا مرة (وطنبور) لأنه من المعازل للملاهي كما في (الشرح) ثم قيل لفظ المعازف يجمع العود والطنبور وأشباهها، وقيل خاص بالتي استخرجها أهل اليمن كما في (الجمهرة) (و) لا يقطع أيضا سرقة (مصحف ولو) كان (محلى) بما قيمته تعدل نصابا في ظاهر الرواية عن أصحابنا، وعن أبي

وباب مسجد وصليب ذهب وشطرنج ونرد وصبي حر ولو معه حلي وعبد كبير ودفاتر. ـــــــــــــــــــــــــــــ يوسف في (الإملاء) أنه يقطع وعنه إذا بلغت الحلية نصابا وجه الظاهر أن المقصود ما فيه ومعنى المالية فيه تبعا لا مقصودا ولذا قلنا: لو سرق ثوبا قيمته دون نصاب لكنه محلى بما ساوى نصابا لا يقطع، (وباب مسجد) الأولى وباب مركب كما في (الإصلاح) لأنه لا قطع في الأبواب مطلقا لعدم الإحراز فيها، لكنه لو اعتاد سرقة أبواب المساجد بولغ في تعزيره وحبس حتى يتوب، كما قاله فخر الإسلام (وصليب ذهب) وهو مثل تعبد النصارى، كذا في (غاية البيان) وفي (فتح القدير) الصليب: ما هو كهيئته خطين متقاطعين ويقال لكل جسم صليب. (وشطرنج) بكسر الشين (ونرد) فارسي معرب ولو كان من ذهب لتأول السارق الكسر نهيا عن المنكر، ولو سرق دراهم عليها تمثال قطع لأنه إنا أعد للتمويل فلا يثبت فيه تأويل (وصبي حر ولو) كان (معه حلي) بفتح الحاء وسكون اللام كل ما لبس من ذهب أو فضة أو جوهر جمع حليا بفتحها لأن الحر ليس بمال وما عليه تبع له قال أبو يوسف: إن بلغ الحلي نصابا قطع والخلاف في غير المميز، أما المميز فلا يقطع إجماعا لأنه خداع لا سرقة (وعبد كبير) أي: مميز يعبر عن نفسه ولو نائما أو مجنونا أو أعجميا لأنه ليس بسرقة بل إما عصب أو خداع. (ودفاتر) أراد بها الكتب المشتملة على علم الشريعة، كالفقه والحديث والتفسير وغيرها من الغريبة والشعر واختلف في غيرها فقيل ملحقة بدفاتر الحساب فيقطع، وقيل: بالشرعية لأن معرفتها قد يتوقف على اللغة والشعر والحاجة وإن قلت: كفت في إيراث الشبهة، ومقتضى هذا أن لا يختلف في القطع بكتب السحر والفلسفة لأنه لا يقصد ما فيها لأهل الديانة ويمكن في كتب الحساب والهندسة عدم القطع كذا في (الفتح) وينبغي أن ينظر في الأخذ لكتب السحر والفلسفة فإن كان مولعا بذلك لا يقطع للقطع بأن المقصود ما فيها ويدخل في الفقه أصوله وفي الحديث مصطلحه، وفي التفسير ما أفرد من متعلقاته كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ ولم يذكر كثيرا أصول الدين ولا شك أنه من أعز العلوم الشرعية، وما في (التاتارخانية) عن (الكافي) في كتب الأدب اختلاف المشايخ ومنهم من قال: يقطع وفي (السراجية) لا قطع في كتاب الأشعار فيحمل ما في (الفتح) على علم الشعر بخلاف العبد الصغير ودفاتر الحساب حيث يقطع فيها، أما الصغير وهو من لا يعبر عن نفسه فلأنه مال منتفع به إن كان يمشي ويعقل أو بعرضيه أن يصير كذلك إن كان بخلافه، وحكى ابن المنذر الإجماع على ذلك مع أن أبا يوسف استحسن عدم القطع لأنه وإن كان مالا من وجه لكنه أومئ من وجه، والثاني يوجب شبهة ما في

وكلب وفهد ودف وطبل وبربط ومزمار وبخيانة ونهب واختلاس وبنبش. ـــــــــــــــــــــــــــــ ماليته، وأما دفاتر الحساب يعني أهل الديوان فلأن المقصود منها الورق لأن ما فيها لا يقصد بالأخذ إذ لا يستفيد الأخذ به نفعا ومن ذلك دفاتر التجار كما في (السراج). قال في (البحر): وهذا يدل على أن المراد به الذي مضى حسابه وقد قيل به كما ذكره الشمني، أما التي في الديوان المعمول بها فالمقصود علم ما فيها انتهى. وينبغي أن لا يقطع في دفاتر مباشري الأوقاف إذ المقصود علم ما فيها من جهات ونقود وردت ثم كتمت أو وزعت في لفظ مرماة ونحوها حسب ما يفعله من لا يخشى الله تعالى، (وكلب) ولو كان كلب صيد أو ماشية (وفهد) ولو في عنقهما ما يزيد على نصاب لأن جنسهما يوجد مباح الأصل، (ودف) بفتح الدال وضمها ما يلعب به ونو نوعان: مدور ومربع قاله المطرزي (وطبل) ولو طبل غزو فيما اختاره الشيهد / وهو الأصح وفي (الولوالجية) وهو المختار لأن صلاحيته للهو صارت شبهة [314/أ] (وبربط) بفتح الموحدتين وهو العود. (ومزمار) وكذلك كل ما كان من آلات اللهو، أما على قولهما وهو المفتى به من أنه لا قيمة لها بدليل أنه لا ضمان على متلفها فظاهر، وأما على قول الإمام فلأن أخذها يتأول فيها الكسر نهيا عن المنكر (و) لا يقطع أيضا (بخيانة) في أمانة عنده كوديعة (ونهب) وهو الأخذ على وجه القهر (واختلاس) وهو أن يختطف الشيء من يد المالك أو من بيت المال ويذهب سريعا لما في السنن الأربعة من حديث جابر رضي الله تعالى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع) وما في (الصحيحين) أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر عليه الصلاة والسلام بقطعها، أجاب عنه الجمهور أنه كان لسرقة صدرت منها (ونبش) القبول لأخذ أكفان الموتى بعد الدفن عندهما خلافا لأبي يسوف لما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من نبش قطعناه) ولهما قوله عليه الصلاة والسلام (لا قطع على المختفي) وهو النباش بلغة أهل اليمن وما رواه قيل منكر أو محمول على السياسة لمن اعتاده وشمل إطلاقه ما لو كان القبر في بيت مقفل هو الأصح، وما لو سرق من تابوت في القافلة فيه الميت. قال في (البحر): وما لو سرق من القبر ثوبا غير الكفن انتهى. وفي شمول

ومال عامة أو مشترك ومثل دينه وبشيء قطع فيه ولم يتغير. ـــــــــــــــــــــــــــــ الإطلاق لهذا نظر ظاهر وأشار إلى أنه لا يقطع لو سرق من البيت الذي فيه القبر مالا آخر غير الكفن لتأوله زيارة القبر أو سرق من بيت فيه الميت لتأول تجهيزه، (و) لا يقطع أيضا في (مال عامة) وهو المال الموضوع في بيت المال لأنه منهم، وإذا احتاج ثبت له الحق بقدر حاجته فأورث شبهة والحدود بها تدرأ (أو مشترك) بينه وبين غيره لأن ثبوت ملكه في بعضه شبهة قوية. وأما مال الوقف فقال في (البحر): لم أر من صرح به ولا يخفى أنه لا يقطع به وقد عللوا عدم القطع فيما لو سرق حصير المسجد بعدم المالك فكذا هنا انتهى. ولو قيل: إن كان الوقف على العامة فما له كبيت المال، وإن كان على أقوام محصورين فلعدم المالك حقيقة لكان حسنا وفي (السراج) لو أوصى له بشيء فسرقه قبل موت الموصي قطع وإن بعد الموت وقبل القبول لا يقطع انتهى. والظاهر أنه بعد الموت لا فرق في عدم القطع بين كون الموصى به مفردا كثوب أو لا كثلث ماله (و) لا يقطع أيضا في السرقة من مدينة (مثل) جنس (دينه) لأنه استيفاء بحقه ولا يعتبر المماثلة في القدر ولا في الوصف فلا يقطع بسرقة الزائد والأجود، وخرج ما لو سرق خلاف جنسه كالعرض والحلي فإنه يقطع لأنه استبدال ولا يتم إلا بالتراضي وعن هذا قال بعض المشايخ: إنه يقطع فيما لو كان له دراهم فأخذ دنانير وقلبه والأصح أنه لا يقطع لأن النقدين جنس واحد حكما ولذا كان للقاضي أن يقضي بهما دينه بغير رضاه ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة، وعن الثاني أنه لا يقطع في غير الجنس أيضا لأن له أخذه عند بعض العلماء كابن أبي ليلى والشافعي قضاء عن حقه أو رهنا به. قلنا: هذا قول لم يسند إلى دليل ظاهر فلا يعتبر. وفي (المجتبى) وما قالاه أو سمع ويجوز الأخذ به وإن لم يكن مذهبا فإن الإنسان يعذر في العمل به عند الضرورة انتهى. قال الحدادي: والتوفيق بين القولين أن يحمل قول من قال بالقطع على من لم يعرف الخلاف السابق ومن قال بعدمه على من يعرف ولا خلاف أنه لو قال: أخذتها رهنا بديني أو قضاء لا يقطع ولو سرق من غريم أبيه أو ولده الكبير أو مكاتبه أو عبده المأذون المديون قطع إلا أن يسرق من غريم أبيه أو ولده الكبير أو مكاتبه أو عبده المأذون المديون قطع إلا أن يسرق من غريم ابنه الصغير، ولو سرق العبد والمكاتب من غريم المولى قطع، وفي (السراج) لو سرق ما اشتراه في مدة الخيار أو الموصى له بعد موت الموصى قبل القبول لم يقطع بخلاف ما لو سرقه قبل موت الموصى، (و) لا يقطع أيضا (بشيء) أي: بسرقة شيء (قطع فيه و) الحال أنه (لم يتغير) استحسانا لأن القطع أوجب سقوط عصمة المحل وبالرد إلى المالك، وإن عادت حقيقة العصمة

ويقطع بسرقة الساج والقنا والأبنوس والصندل والفصوص الخضر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ والأواني والأبواب المتخذة من الخشب ومن سرق من ذي رحم محرم. ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن بقيت شبهة السقوط لاتحاد الملك والمحل وقيام الموجب وهو القطع فيه قيد بعدم التغير لأنه لو تغير بإحداثه صنعة فيه كسبحه بعد رده قطع لانتفاء الشبهة / [314/ب] الناشئة من اتحاد المحل وفي (كفاية البيهقي) إمام الحنفية سرق ثوبا فخاطه ثم رده فنقض فسرق المنقوض لا يقطع لأنه لا يقطع حق المالك لو فعله الغاصب فلم يكن في حكم عين أخرى ولو باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه قطع عند مشايخ بخارى، وقال مشايخ العراق: لا يقطع، كذا في (الفتح). ولو باعه لغيره فسرقه من المشتري هل يجري فيه الخلاف السابق؟ لم أره، وفي (شرح الطحاوي): لو جعل المالك الذهب والفضة المقطوع بها إناء أو دراهم لا يقطع بسرقتها عند الإمام لأن العين لم تتغير عنده، وقالا: بقطع لأنها تغيرت، وهذا يؤيد ما قاله مشايخ العراف لأنه إذا كان بالصنعة لم يتغير فبالبيع أولى، (ويقطع لسرقة الساج) شجر عظيم جدا تعلوه حمرة صلب كالحجر ولا يوجد كالأبنوس إلا بالهند، (والقنا) بالقصر جمع قناة خشب الرماح وألفه منقلبة عن الواو (والأبنوس) بفتح الباء فيما سمع معرب، (والصندل والفصوص الخضر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ) والعود والمسك والزعفران والعنبر لأن هذه الأشياء من أعز الأموال وأنفسها (و) لم يذكر العاج لأنه لا قطع فيه كما في (الاختيار) ما لم يحدث فيه صنعة، كذا يقطع في (الأواني) كالقصاع (والأبواب) الموضوعة في الحرز إذا كانت حقيقة (المتخذة من الخشب) لأنها بالصنعة التحقت بالأموال النفيسة. فصل في الحرز قدم ما يقطع فيه وما لا يقطع على الحرز لأنه كلام في ذاته وثنى بالحرز لأنه خارج، وهو لغة الموضع الذي يحرز فيه الشيء، وشرعا ما يحفظ فيه المال عادة كالدار وإن لم يكن لها باب أو كان وهو مفتوح لأن البناء لقصد الإحراز والحانوت والخيمة والشخص نفسه، والمحرز ما لا يعد صاحبه مضيعا ثم الإخراج منه شرط، ولم يثبت عن أحد من أهل العلم خلافه فكان كالإجماع عليه، وقد ثبت أنه لا يقطع في أقل من النصاب فتخصصت الآية به فجاز تخصيصها بعده بما هو من الأمور الإجماعية (ومن سرق من ذي رحم محرم) ماله أو مال غيره لم يقطع، أما في قرابة الولاد فللإذن بالدخول في الحرز مع البسوطة في المال، وأما في غيرهم كالأخ والأخت فلإلحاقهم بقرابة الولاد بجامع الإذن بالدخول في الحرز، وأيضا فالرحم المحرم يفترض وصلها ويحرم قطعها وبالقطع يحصل القطع فوجب صونها بدرئه، كذا في

منه لا برضاع ومن زوجته وزوجها وسيده وزوجته وزوج سيدته ومكاتبه وختنه وصهره ومن مغنم. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الكافي) إلا أن هذا الوجه قد يعكر عليه ما قالوه من أنه لو سرق مال ذي الرحم من بيت غيره فإنه يقطع اعتبارا للحرز مع أن في القطع القطعية موجودة قال في (الفتح): وأجاب في (البحر) بأن القطع حق الله تعالى فلا يكون قطعية انتهى. وأنت خبر بأن هذا مشترك الإلزام أن يجوز أن يقال بالقطع فيما إذا سرق من بيت ذي الرحم المحرم ولا يلزم القطعية لأنه حق الله تعالى، نعم قال الشارح: ينبغي أن لا يقطع في الولاد للشبهة في ماله على ما مر (لا برضاع) يعني إذا كانت المحرمية برضاع يقطع كما إذا سرق من أبيه أو ابنه أو أخيه رضاعا، وقول الشارح هذا لا حاجة إلى إخراجه إذا لم يدخل في الرحم المحرم، رده العيني بجواز أن يكون رحما من النسب ومحرما من الرضاع فيحتاج إلى إخراجه انتهى. وذلك كابن العم الذي هو أخوه رضاعا وهو الحق وهذا لأن الرحم لا يكون إلا نسبا، وأما المحرم فقد يكون من الرضاع أيضا فأخرجه فكأنه قال محرم نسبي. (و) كذا لا يقطع فيما إذا سرق (من زوجته) ولو من وجه كالمبانة في العدة، (و) كذا إذا سرقت هي (زوجها) للإذن في الدخول عادة فاختل الحرز ولا فرق بين كونه زوجها وقت السرقة أم لم يكن لكنه صار زوجا قبل القضاء، وكذا لو تزوجها بعد القضاء عندهما خلافا لأبي يوسف ولو سرق أحدهما من الآخر فطلقها قبل الدخول لم يقطع أيضا، (و) كذا لا يقطع العبد مدبرا كان أو مكاتبا أو مأذونا أو كانت أم ولد لو سرق من (سيده أو زوجته)، أي: زوجة سيده لما قلنا من اختلال الحرز للإذن بالدخول، وعن ابن عمر أنه جيء له بعبد سرق من امرأة سيده فقال: (عبدكم سرق من امرأتكم لا قطع عليه)، (و) كذا لا يقطع السيد إذا سرق من (مكاتبه) بلا خلاف لأن له حقا في إكسائه، ألا ترى أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة مكاتبة. (و) كذا إذا سرق من (ختنه) وهو زوج كل ذي رحم محرم منه (وصهره) وهو [515/أ] كل ذي رحم محرم من امرأته عند الإمام وقالا: يقطع لعدم الشبهة في ملك البعض / لأنها تكون بالقرابة وهي منتفية وله أن العادة جارية في دخول بعضهم منازل البعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز وتأخير الشيخ لدليله مؤذن بترجيحه والخلاف مقيد بما إذا كان البيت لحي فإن كان للميت لا يقطع اتفاقا، والمحرمية بالمصاهرة كالمحرمية بالرضاع وعلى هذا الخلاف ما لو سرق من كل من يحرم عليه بالمصاهرة، (و) كذا لا يقطع إذا سرق (من مغنم) لما في مصنف عبد الرازق عن

وحمام وبيت أذن في دخوله لم يقطع ومن سرق من المسجد متاعا وربه عنده. ـــــــــــــــــــــــــــــ علي أنه سقط عنه القطع وقال: إن له نصيبا. قال في (الحواشي السعدية): وهذا التعليل يدل على انه لو لم يكن فيه نصيب يقطع لكن الرواية مطلقة في (مختصر القدوري) و (شرح الطحاوي) فلا بد من تعليل آخر انتهى. وفي (غاية البيان) ينبغي أن يكون المراد من السارق من له نصيب فيها، أما من لا نصيب له فيقطع اللهم إلا أن يقال إنه مباح الأصل وهو على صورته لم يتغير فصار شبهة، وفي كلام المصنف ما يومئ إلى اعتبار الإطلاق حيث قدم أنه لا قطع في المال المشترك وإذا كان له حق فيه كان من المشترك فذكره هنا ليس إلا لإفادة التعميم. واعلم أن ما مر من التعليل في المكاتب والمقيم ففيه أن المناسب ذكرهما في الفصل السابق عند قوله: ولا من بيت المال لا في هذا الفصل، والظاهر أنه استطرادي، (و) كذا إذا سرق من (حمام) لاختلال الحرز بالإذن بالدخول وسواء كان صاحبه عنده أو لا في ظاهر المذهب بخلاف ما إذا سرق من المسجد وصاحبه عنده فإنه يقطع، والفرق أن الحمام للإحراز فلا يعتب الحافظ كالبيت، أما المسجد فإنه لم يبن له فيعتبر كالطريق والصحراء وهذا الإطلاق قيده الشارح تبعا لغيره بما إذا كان في وقت أذن فيه بالدخول، فإن كان في وقت لم يؤذن فيه قطع، (و) كذا لا يقطع فيما إذا سرق من (بيت أذن في دخوله لم يقطع) لما مر وذلك كالحانوت وحوانيت التجار ولو أذن لجماعة مخصوصين فدخل معهم من لم يؤذن له وسرق ينبغي أن يقطع. واعلم أنه قد مر أنه لا بد من تحقق السرقة من كون المأخوذ محرزا بمكان أو حافظ والأول أقوى من الثاني، ولذا لم يعتبر الحرز بالحافظ في المحرز بالمكان في الأصح، وفائدته تظهر فيما مر في الحمام، قال الطحاوي: وحرز كل شيء معتبر بحرز مثله حتى لو سرق لؤلؤة من إصطبل لا يقطع بخلاف الدابة وذكر الجلال الكرخي إنما كان حرز النوع فهو حرز للأنواع كلها، قال السرخسي: هذا هو المذهب عندنا. وفي (المحيط) و (البدائع): الغشاش: وهو الذي يهيأ لغلق الباب ما يفتحه إذا فشل حانوتا أو باب دار نهارا وليس ثمة أحد لم يقطع، وإن كان فيها أحد من أهلها وهو لا يعلم به قطع، (ومن سرق من المسجد متاعا) ونحوه وهو كل مكان لم يوضع للإحراز ومنه الطريق والصحراء (وربه)، أي: مالكه نائما كان أو يقظان في الأصح (عنده) بحيث يراه أو كان نائما وهو تحت رأسه أو جنبه أو بين يديه وقيل: إذا كان

قطع وإن سرق ضيف ممن أضافه أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار لا وإن أخرجه من حجرة إلى الدار أو أغار من أهل الحجرة على حجرة أو نقب فدخل وألقى شيئا في الطريق ثم أخذه أو حمله على حمال فساقه وأخرجه قطع. ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ بين يديه لا يقطع والأصح الإطلاق كما في (المجتبى) (قطع) لأنه عليه الصلاة والسلام (قطع سارق رداء صفوان من تحت رأسه وهو نائم في المسجد). وعلى هذا قالوا: لو سرق المواشي من المراعي ومعها حافظ قطع، وإطلاق محمد عدم القطع محمول على عدم الحافظ ولو كان الحافظ هو الراعي، اختلف المشايخ ففي (البقالي) لا يقطع وهو الذي في (المنتقى) عن أبي حنيفة وأطلق خواهر زاده ثبوت القطع إذا كان معها حافظ ويمكن التوفيق بأن الراعي لم يقصد لحفظها من السارق بخلاف غيره، كذا في (الفتح) وفي (المجتبى) وكثير من المشايخ أفتوا بما قاله البقالي ولو كانت تأوي في الليل إلى بيت بني لها عليه باب مغلق فكسره وسرق منها شاة قطع، ولا يعتبر الغلق إذا كان الباب مردودا لا أن يكون بيتا منفردا في الصحراء والمراح ونبه بقوله عنده إلى أنه لو كان لا يسأله لم يقطع، وقيل: يقطع حكاه في (المجتبى). (ولو سرق ضيف مما أضافه أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار لا) أي: لا يقطع لاختلال الحرز في الأول بالإذن، وعدم تحقق الأخذ في الثاني من كل وجه وعم [315/ب] إطلاقه ما لو سرق من البيت الذي / أضافه فيه أو من بعض بيوت الدار ولو من صندوق مقفل، وقيد بالسرقة لأنه في الغصب يجب الضمان، وإن لم يخرجه في الأصح (وإن أخرجه) أي: المسروق (من حجرة إلى) صحن (الدار) أراد الدار الكبيرة التي بها حجر ومنازل وفي كل حجرة مقصورة وهو ما كان يستغنى به عن الانتفاع بصحن الدار وإنما ينتفعون به انتفاع السكة فيكون الإخراج إليه كالإخراج إلى السكة فيقطع، وبه تغاير المسألة ما قبلها (أو أغار) رجل (من أهل الحجرة على حجرة) أخرى يقال أغار الفرس في العدو إذا أسرع أي سرق منها شيئا بسرعة (أو نقب) السارق البيت (فدخل وألقى شيئا في الطريق) يساوي نصابا ولم يقيده به لما مر (ثم أخذه) قطع عندنا خلافا لزفر، لأن الإلقاء غير موجب للقطع، فكذا الأخذ من السكة قلت: الرمي خصلة يعتاده السارق لتعذر الخروج مع المتاع أو ليتفرغ للقتال والفرار ولم يعترض عليه يد معتبرة فاعتبر الكل واحدا، والخلاف مقيد بما إذا رماه بحيث يراه فإن رماه بحيث لا يراه فلا يقطع، وإن أخذه لأنه جعل مستهلكا له على هذه الصفة قبل خروجه بدليل وجوب الضمان عليه، كذا في (السراج) قيد بأخذه له لأنه لو لم يأخذه أو أخذه غيره كان مضيعا لا سارقا (أو حمله)، أي: ذلك الشيء (على حمار فساقه وأخرجه) أي: علق رسنه في عنق كلب وزجره (قطع) في الكل لأن سير الحمار

وإن ناول آخر من خارج أو أدخل يده في بيت وأخذ أو طر صرة خارجة من كم أو سرق من قطار بعيرا أو حملا لا وإن شق الحمل فأخذ منه أو سرق جوالقا فيه متاع وربه يحفظه أو نائم عليه أو أدخل يده في صندوق أو في جيب غيره أو كمه فأخذ المال قطع. ـــــــــــــــــــــــــــــ مضاف إليه ولو خرج بغير زجره لا يقطع، كما إذا لم يسقه وخرج بنفسه قيد بما يضاف سيره إليه لأنه لو علقه في عنق طائر فألقاه في منزل السارق فإنه لا يقطع، واختلف فيما لو وضعه في ماء وأخرجه بقوة جريه والأصح أنه يقطع لأنه أخرجه بسببه، كذا في (النهاية) ويشكل عليه ما مر من مسألة الطائر ولذا - والله أعلم - جزم الحدادي بأنه لا قطع ولم يحك غيره ولا كلام أنه لو أخرجه بتحريكه لضعف الماء قطع، (وإن ناوله)، أي: ناول المسروق بعد ما دخل الدار رجلا (آخر خارج) الدار لم يقطع واحد منهما أما الداخل فلأنه لم يوجد منه الإخراج لاعتراض يد معتبرة في المال قبله، وقالوا: لو أخرج يده فناوله غيره لا قطع أيضا، ولم يذكر محمد ما لو صفه في النقب ثم خرج وأخذه، والصحيح أنه لا يقطع كما في (الفتح). وأما الخارج فإن أدخل يده فيه قطع وإلا لا، وجعل الشارح هذا رواية عن الثاني (أو أدخل يده في بيت وأخذ) المتاع لقول علي (لا قطع على السارق الظريف) وفسره بهذا قيد بالبيت لأنه لو أدخل يده في الجوالق أو الصندوق قطع لعدم إمكان دخوله فيها (أو طر) شق (صرة) وهي الخرقة التي يشد فيها الدراهم يقال صررت الدراهم أصرها صرا شددتها والمراد هنا الكم المشدود التي فيها الدراهم، ولذا قال: (خارجة من كمه) وإنما لا يقطع لعدم هتك الحرز بخلاف ما لو كانت من داخل فإنه يقطع لهتكه، ولو كان مكان الطر حل الرباط انعكس الحكم وبهذا ظهر أن ما أطلقوه في الأصول من أن الطرار يقطع إنما يتأتى على قول أبي يوسف فإنه قال: يقطع على كل حال نبه عليه في (الفتح) (أو سرق من قطار) وهو الإبل إذا كانت على نسق واحد والجمع قطر (بعيرا أو حملا) عليه (لا) يقطع جواب لكل وإنما لا يقطع في البعير والحمل سواء كان معه سائق أو قائد أو راكب أولا لعدم الحرز، إذ هؤلاء إنما يقصدون قطع المسافة ونقل الأمتعة دون الحفظ حتى لو كان ثمة من يحفظ قطع، (وإن شق الحمل وأخذ منه أو سرق جوالقا) بضم الجيم (فيه متاع وربه)، أي: والحال أن ربه عنده (يحفظه أو نائم عليه أو أدخل يده في صندوق أو) أدخل يده (في جيب غيره أو كمه وأخذ المال قطع) لوجود السرقة من الحرز.

تقطع يمين السارق من الزند وتحسم. ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: نقب البيت ثم خرج ولم يأخذ شيئا إلا في الليلة الثانية إن كان ظاهرا أو علم به رب المنزل ولم يسده لم يقطع، وإلا قطع ولو سرق مالا من حرز فدخل آخر وحمل السارق بما معه قطع المحمول خاصة ولا عبرة للحامل ولو أخرج شاة من حرز قيمتها دون نصاب فتبعتها أخرى لم يقطع، ولو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا إن تخلل بينهما إطلاق المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب فالإخراج الثاني سرقة أخرى، كذا في (السراج). [316/أ] فصل في كيفية القطع / وإثباته لما فرغ من بيان ما به يجب القطع شرع في بيان كيف يكون وهل يتكرر إلى أربع مرات؟ وهل يثبت مع الشبهة أو يسقط؟ (تقطع يمين السارق) لقراءة ابن مسعود (فاقطعو أيمانهما) وهي مشهورة فيجوز تقييد المطلق بها (من) مفصل (الزند) وهو الرسغ، قال الجوهري: الزند هو موصل طرف الذراع وهما زندان الكوع والكرسوع، فالكوع طرف الزند الذي يلي الإبهام والكرسوع طرف الزند الذي يلي الخنصر، وخصه لأنه المتوارث من فعله عليه الصلاة والسلام (وتحسم) أي: تكوى بزيت مغلي ونحوه بالحاء المهملة، قال الجوهري: حسمته قطعته فانحسم ومنه حسم العرق وفي الحديث (أتي بسارق فقال احسموه واكووه بالنار لينقطع الدم) ذكره في (الحاوي) وتبعه في (القاموس) وفي (المغرب) من باب الجامع السين الحسم قطع الشيء استئصالا وذكره في الحديث ومعناه ما مر ثم أجر الحسم وثمن الزيت على السارق كما في (الذخيرة) لأنه سببه منه. قال في (الفتح): وقول صاحب (الهداية) لأنه لو لم يحسم يؤدي إلى التلف يقتضي وجوبه وجوب الحسم، والمنقول عن الشافعي وأحمد أنه يستحب فإن لم يفعل لم يأثم، ويسن تعليق يده في عنقه لأنه عليه الصلاة والسلام أمر به رواه أبو داود وابن ماجة وعندنا ذلك ملق للإمام إن رآه، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في كل من قطعه ليكون سنة وقد قالوا: إنه لا يقطع في الحر الشديد ولا في البرد الشديد بل يجلس حتى يتوسط الأمر في ذلك، كذا في (السراج) وفيه فرع: إذا كان للسارق كفان في معصم واحد قيل: يقطعان جميعا، وقيل: إن تميزت الأصلية وأمكن

ورجله اليسرى إن عاد فإن سرق ثالثا حبس حتى يتوب ولم يقطع كمن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو إصبعان منها سواها أو رجله اليمنى مقطوعة ولا يضمن بقطع اليسرى من أمر بخلافه. ـــــــــــــــــــــــــــــ الاقتصار على قطعها لم تقطع الزائدة وإلا قطعت وهو المختار فإن كان يبطش بأحدهما قطعت الباطشة، فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى ولا تقطع هذه الزائدة (و) يقطع (رجله اليسرى) من الكعب عند أكثر أهل العلم (إن عاد) إلى السرقة لقوله عليه الصلاة والسلام: (فإن عاد فاقطعوه) وعليه الإجماع (فإن سرق ثالثا حبس حتى يتوب) وتظهر عليه علامة الصلاح، لأن عليا حج الصحابة بقوله: (إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي عليها) فكان إجماعا. (و) ما جاء (من قطع) يده اليسرى في الثالثة ورجله اليمنى في الرابعة طعن فيه الطحاوي وبتقدير ثبوته فهو محمول على السياسة بدليل أنه قال في الخامسة: فإن عاد فاقتلوه ومن ثم قال في (الفتاوى السراجية): إن للإمام قتله سياسة، وأما قتله ابتداء فليس من السياسة في شيء، قال في (السراج): ويعزر أيضا أي بالضرب كما في (المجتبى) (كمن سرق) أي: كما لا يقطع بل يحبس حتى يتوب من سرق (وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو إصبعان منهاسواها) أي: سوى الإبهام لأن القطع حينئذ تفويت جنس المنفعة بطشا وذلك إهلاك وفوت الإصبعين منها يقوم مقام الإبهام في نقصان البطش بخلاف فوات واحد غير الإبهام، قيد باليسرى لأن اليمنى لو كانت شلاء أو ناقصة الأصابع قطع في ظاهر الرواية لأن استيفاء الناقص عند تعذر الكامل جائز (أو رجله اليمنى) أي: والحال أن رجله اليمنى (مقطوعة) لا تقطع اليسرى لأن في القطع تفويت جنس المنفعة مشيا قد بقطع اليمنى لأن المقطوع لو كان هو الأصابع منها فإن استطاع المشي قطعت، كما في (السراج) وفيه لو سرق سرقة فلم يؤاخذ بها حتى قطعت يمينه قصاصا قطعت رجله اليسرى (ولا يضمن بقطع اليسرى من أمر بخلافه) بأن أمره الحاكم بقطع اليمنى فقطع اليسرى عمدا كان أو خطأ غير أنه يؤدب، وهذا عند الإمام وقالا: إنه يضمن في العمد أرش اليسار وقال زفر: يضمن مطلقا. وأجمعوا أنه لو قال: اقطع هذا فقطع يساره لم يضمن وأن السارق لو أخرج يساره وقال: هذا يميني فقطعها لا يضمن، والمراد بالخطأ هو الخطأ في الاجتهاد من

وطلب المسروق منه شرط القطع ولو مودعا أو غاصبا أو صاحب الربا ويقطع بطلب المالك لو سرق منهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ القاطع في أن قطعها يجزئ عن قطع السرقة نظرا إلى إطلاق النص، أما الخطأ في معرفة اليمين من اليسار فلا يجعل عفوا لأنه بعيد يتهم به مدعيه وقيل: يجعل عفوا. قال في (المصفى): وهو الصحيح والقياس ما قاله زفر وفرقا بأنه في العمد قطع يدا معصومة بغير حق ولا تأويل غير أنه لا يقطع للشبهة، ولأبي حنيفة أنه وإن تلف [316/ب] ظلما لكنه أخلف من / جنسه ما هو خير له وهو اليمين إذ قوة البطش بها أتم، وإنما قلنا: أخلف لأن اليمين كانت على شرف الزوال فكانت كالفائتة بخلاف ما لو قطع رجله اليمين فإنه وإن امتنع به قطع يده لكنه لم يعوضه من جنس ما أتلف عليه من المنفعة، وفي قطع رجله اليسرى لم يعوضه شيئا أصلا قيد بالأمر لأنه لو قطعه قبل الأمر والقضاء كان عليه القصاص في العمد، والدية في الخطأ والقضاء بالقطع كالأمر به في الأصح، ولو قطعه غير الحداد فلا ضمان عليه أيضا وهو الأصح. واختلف المشايخ هل هذا القطع يقع حدا؟ قيل: نعم فلا ضمان على السارق لو استهلك العين وقيل: لا فيضمن في العمد والخطأ (وطلب المسروق منه) المال المسروق من السارق (شرط القطع)، لان الخصومة شرط لطهورها فلا فرق في ظاهر الرواية عن أصحابنا في ذلك بين ثبوتها بالبينة أو بالإقرار، وعن الثاني أنه قال: أقطعه بالإقرار، كذا في (غاية البيان) وما في (الشرح) عن (البدائع) أنه يقطع استحسانا يوافق ما عن الثاني، ولفظ الاستحسان لم يوجد في (البدائع) وإنما الذي فيها. قال أبو حنيفة: الدعوى شرط في الإقرار وقال أبو يوسف: ليست بشرط له، لكن أشار الشمني أنه لا بد من الطلبين وأن أحدهما لا يكفي، والظاهر ما جرى عليه الشارح وغيره من الاكتفاء بدعوى المال إذ القطع محض حق الله تعالى، قال في (الكشف الكبير): ولهذا لا يملك الدعوى به وإثباته ولا العفو عنه بعد وجوبه ولا يورث عنه (ولو) كان المسروق منه (مودعا) شروع في بيان من يلي المطالبة التي قدم أنها شرط وأنها لكل من كان له يد صحيحة، سواء كان المالك حاضرا أو غائبا كما في (السراج) كما إذا كان مودعا بفتح الدال أو مستعيرا أو مضاربا أو مبضعا أو متوليا أو أبا أو وصيا (أو غاصبا) أو مرتهنا أو قابضا على سوم الشراء أو بشرا فاسدا (أو صاحب الربا) بأن باع عشرة بعشرين وقبضها فسرقت منه، كذا فسره الشهيد وغيره لأنه ملكه بعقد فاسد فكان في يده بمنزلة المغصوب. وفي (الخانية) لو وجد اللفظة في يد غيره ليس له أن يخاصمه في رجها بخلاف الوديعة، لأن الثاني في اللفظة كالأول وليس هو كذلك في الوديعة انتهى. وعلى هذا فلا يقطع بسرقتها (ويقطع بطلب المالك) المسروق (لو سرق منهم) أي: وعلى هذا فلا يقطع بسرقتها (ويقطع بطلب المالك) المسروق (لو سرق منهم) أي:

لا بطلب المالك أو السارق لو سرق من سارق بعد القطع ومن سرق شيئا ورده قبل الخصومة إلى مالكه. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ الثلاثة إذ الحضور إنما هو شرط ليظهر أن المسروق ليس ملكا للسارق وهو حاصل بخصومة المالك، وعن محمد أنه لا بد من حضور المسروق منه، والظاهر للأول وعلى هذا الخلاف لو حضر الراهن فقط قطع في ظاهر الرواية، وروى ابن سماعة عن محمد أنه لا بد من حضور المرتهن أيضا إذ هو متهم، واعلم أن ظاهر كلامه يفيد أنه يقطع بخصومة معطي الربا دون صاحب الربا لأن المال في يده بمنزلة المغصوب كما مر. قال في (الفتح): للمغصوب منه الخصومة إلا أن المسطور في (السراج) أنه لا يقطع بخصومة معطي الربا لأنه ملك له فيه ولا يد، تبعه الشمني ولم أر من نبه عليه فتدبره، ثم القطع بخصومة الراهن وحده مقيد بما إذا كانت قائمة وقد قضى الدين، أما إذا لم يقضه أو استهلك السارق العين فلا يقطع بخصومته لأنه قبل الإيفاء إلى حق له في المطالبة بالعين وبالاستهلاك صار المرتهن مستوفيا لدينه، قال الشارح: وينبغي أن يقطع بخصومته فيما إذا زادت قيمة الرهن على دينه بما يبلغ نصابا لأن له المطالبة بما زاد كالوديعة، وارتضاه في (فتح القدير)، وهو المذكور في (غاية البيان) (لا) يقطع (بطلب المالك، والسارق لو سرق من سارق بعد القطع) لأنها إنما توجب القطع إذا كانت من يد مالك أو أمين أو ضمين ولا وجود لشيء من ذلك هنا، وهذا لأن المال غير متقوم بعد القطع في حق الأول بدليل أنه لا يجب عليه الضمان بهلاكه قيد بما بعد القطع لأنه قبله يقطع بخصومة الأول كالغاصب، وذكر الطحاوي أنه لا يقطع المشهور الأول، كذا في (السراج) وهو الحق كما مر ثم بعد القطع ليس للأول ولاية الاسترداد في رواية وفي أخرى له ذلك. قال في (الفتح): والوجه أن القاضي لا يرده لواحد منهما لظهور خيانتهما / بل [317/أ] إلى المالك إن كان حاضرا وإلا حفظه كما يحفظ أموال الغائب، (ومن سرق شيئا فرده قبل الخصومة)، أي: الدعوى والشهادة المترتبة عليها أو الإقرار (إلى مالكه)، لم يقطع في ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة لأن الخصومة شرط القطع ولا يتحقق بعد الرد قيد بالرد قبل الخصومة لأنه لو ردها بعدها سواء قضى القاضي بالقطع أو لا فإنه يقطع، ولا فرق في الرد قبلها بين أن يكون ليد المالك أو ليد أصوله، وإن لم يكونوا في عياله أو فروعه أو لذي رحم محرم منه كأخيه وخاله إن كانوا في عياله أو زوجته أو عبده أو مكاتبه أو أجيره مشاهرة وهو المسمى بغلامه أو مسانهة، وكذا لو سرق من المكاتب ورد إلى سيده أو من العيال ورد إلى من يعولهم، أما الغاصب فلا يبرأ بالرد

أو ملكه بعد القضاء أو ادعى أنه ملكه أو نقصت قيمته من النصاب لم يقطع ولو أقرا بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا ولو سرقا وغاب أحدهما وشهد على سرقتهما قطع الآخر ولو أقر عبد بسرقة قطع وترد السرقة إلى المسروق منه. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى من ذكر (أو ملكه) أي: المسروق (بعد القضاء) بأي سبب كان غير أنه في الهبة يشترط التسليم لأن الإمضاء في الحدود من القضاء وقد طرأ ما يوجب فقد شرطه وهو انقطاع الخصومة، (أو ادعى) السارق (أن المسروق ملكه) وإن لم يثبت لأن الشبهة دارئة للحد فتتحقق لمجرد الدعوى بدليل صحة الرجوع بعد الإقرار (أو نقصت قيمته)، أي: المسروق (من النصاب لم يقطع) في الكل، ووجه الرابعة أن كمال النصاب شرط فيشترط وجوده عند الإمضاء لما مر، ولا فرق بين كون النقص في بلد أو بلدين حتى لو سرق في بلد ما قيمته نصاب وأخذ في أخرى فإذ القيمة أنقص لم يقطع قيد بنقصان القيمة لأنه يقطع مع نقصان العين لأنها مضمونة عليه فكمل النصاب بالدين. أما نقصان السعر فغير مضمون (ولو أقرا بسرقة فقال أحدهما) ولو بعد القضاء قبل الإمضاء، (هو مالي) مثال والمراد ادعى شبهة مسقطة للقطع (لم يقطعا) لأن الرجوع عامل في حق الراجع ومورث للشبهة في الآخر ولو أقر أنه سرق وفلان فأنكر فلان قطع المقر (ولو سرقا وغاب أحدهما وشهدا) أي شهد اثنان (على سرقتهما قطع الآخر) وهو الحاضر، هذا ما رجع إليه الإمام لأن سرقة الحاضر تثبت بالحجة فلا يعتبر الموهوم وهو دعوى الغائب شبهة واحتمال الدعوى شبهة الشبهة فلا تعتبر (ولو أقر عبد) مكلف ولم يقيد به استغناء بقوله (بسرقة قطع) لأن إقراره بالحدود الخالصة صحيح نظرا إلى آدميته ولا تهمة تعتريه ثم يتعدى إلى المالية (وترد السرقة إلى المسروق منه) سواء كان العبد مأذونا له أو محجورا عليه. وقال أبو يوسف: إن كان محجورا عليه والمال قائم قطع، وكان المال للمولى إلا أن يصدقه المولى أنه للمسروق منه وقال محمد: لا يقطع والمال للمولى إلا أن يصدقه، والخلاف مبني على أن القطع أصل والمال تبع أو كل منهما أصل أو المال فقطع قال الإمام بالأول والثاني بالثاني ومحمد بالثالث والكل روايات عن الإمام، وأشار بالرد إلى بقائها فلو استهلكها لم يضمن ويقطع اتفاقا، ولو كان صغيرا لم يقطع ويرد المال إن كان قائما وكان مأذونا وإن هالكا يضمن وإن محجورا يرد المال إن قائما ولا ضمان عليه لو هلك ولو كان صرفه المولى فكذلك، ولا ضمان عليه لو كان هالكا ولو بعد العتق، كما في (الفتح). وأشار بالإقرار إلى أنها لو ثبتت عليه بالبينة كان الحكم كذلك بالأولى غير أنه يشترط حضرة المولى عند إقامة البينة عندهما خلافا للثاني، وأجمعوا أنها غير شرط

ولا يجتمع قطع وضمان وترد العين لو قائما ولو قطع لبعض السرقات لا يضمن شيئا ولو شق ما سرق في الدار ثم أخرجه قطع. ـــــــــــــــــــــــــــــ في الإقرار (ولا يجتمع قطع وضمان) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه) (وترد العين) المسروقة و (لو قائمة) لبقائها على ملك المسروق منه ولذا لا يحل له الانتفاع بها، ولو خاطها قميصا لم يحل لبسه وتصرف السارق فيها ببيع وهبة غير صحيح بلا خلاف قيد بقيامها لأنها لو هلكت لم يضمنها، وكذا لو استهلكها في ظاهر الرواية إلا أنه يفتي بأداء قيمتها وإن لم يقبض بها عليه، وسواء كان الاستهلاك قبل القطع أو بعده. وفي (الكافي) لو طلب المالك قبل القطع تضمينه لم يقطع عندنا وإن اختار القطع قطع ولا يضمن في (المجتبى) لو استهلكها غيره بعد القطع لم يضمن لأحد، وكذا لو هلكت في يد المشتري أو الموهوب له ولو استهلكها المشتري فللمالك تضمينه انتهى. فيحتاج إلى الفرق بين الأجنبي والمشتري، وفي (السراج) لو استهلكها غيره بعد القطع كان للمسروق منه أن يضمن المستهلك قيمته انتهى. وهذا بالقواعد / أليق وعليه فلا يحتاج إلى الفرق. [317/ب]. (ولو قطع لبعض السرقات) سواء كانت لجماعة أو لواحد، تعددت سرقته منه فخاصمه في البعض (لا يضمن شيئا) عند الإمام، وقالا: يضمن ما لم يقطع فيه إذ لا بد من الخصومة لتظهر السرقة ولم توجد في غير ما قطع فيه، وله أن مبنى الحدود على التداخل فالواجب بالكل قطع واحد، والخصومة شرط لظهورها عند الحاكم فإذا كان الحكم الثابت في نفس الأمر هو التداخل ومعناه وقوع الحد الواحد عن الأسباب السابقة وقد وجد لزم وقوعه عنها، وهو ملزوم لسقوط ضمان كلها في نفس الأمر علم القاضي أو لم يعلم، وأجمعوا على أن الكل لو حضروا وقطع بخصومتهم لم يضمن شيئا. (ولو شق) السارق (ما سرقه في الدار ثم أخرجه) وهو يساوي نصابا بعد الشق (قطع) عندهما، وقال أبو يوسف: لا يقطع، وقيل: هذه رواية عنه، قيد بالدار لأنه لو شقه بعد الإخراج قطع اتقاقا، وإن كان بعده لا يساوي نصابا لم يقطع اتفاقا ومحل الخلاف ما إذا شقه فاحشا وهو ما يفوت به بعض العين وبعض المنفعة على الأصح، واختار المالك تضمين النقصان وأخذ الثوب قطع عندهما خلافا له، أما إذا اختار تضمين القيمة وترك الثوب فلا قطع اتفاقا. أما اليسير وهو ما يتعيب به فقط فيقطع فيه اتفاقا، له أن السرقة ما تمت إلا وقد انعقد للسارق فيها سبب الملك إذ بالخرق الفاحش ثبت الملك له، ولهما أن

باب قطع الطريق

ولو سرق شاة فذبحها وأخرجها لا ولو صنع المسروق دراهم أو دنانير قطع وردها ولو صبغه أحمر فقطع لا يرد ولا يضمن ولو أسرد يرد. باب قطع الطريق ـــــــــــــــــــــــــــــ الشق ليس بسبب للملك شرعا وإنما هو سبب للضمان، وثبوت الملك ضرورة أداء الضمان، واختلف المشايخ في ضمان النقصان مع القطع ففي (الخبازية) الصحيح أنه لا يضمنه كيلا يجتمع القطع والضمان. قال في (الفتح): والحق ما في عامة الكتب الأمهات أنه يضمنه، (ولو سرق شاة فذبحها فأخرجها لا) أي: لا يقطع ولو ساوت نصاباً بعد الذبح لأن السرقة تمت على اللحم ولا قطع فيه ومعلوم أنه يضمن قيمتها (ولو صنع المسروق) من الفضة والذهب وقد بلغت نصاباً (دراهم أو دنانير قطع وردها) على مالكها عند الإمام خلافا لهما، والخلاف مبني على أنه لا ينقطع حق المغضوب منه بذلك عنده خلافاً لهما، وقيل: لا يقطع عندهما قيد بالنقدين لأن نحو النحاس لو جعله أواني فإن كانت تباع عددا فهي للسارق اتفاقا وإن وزنا فعلى الاختلاف. (ولو) سرق ثوباً ثم (صبغه) صبغا (أحمر فقطع لا يرده) أي: لا يجب عليه رده عندهما، وقال محمد: يرد الثوب ويؤخذ ما زاد الصبغ منه لأن عين ماله قائم من كل وجه، ولهما أن الصبغ قائم صورة ومعنى بدليل أن المسروق منه لو أخذ الثوب يضمن الصبغ، وحق المالك قائم صورة لا معنى بدليل أنه غير مضمون على السارق وهو المراد بقوله (ولا يضمن) أي: حال استهلاكه وأفاد بالفاء أنه صبغه قبل القطع، فاقتضى أنه لو صبغه بعده رده وبه صرح في (الاختيار). قال الشارح: ولفظ صاحب (الهداية): وإن سرق ثوباً فقطع فصبغه أحمر لم يؤخذ منه الثوب ولا يضمن، ولفظ محمد: سرق الثوب فقطع يده وقد صبغ الثوب أحمر حينئذ دليل على أنه لا فرق بين أن يصبغه قبل القطع أو بعده، (ولو) صبغه (أسود يرد) الثوب عندهما وعند أبي يوسف لا يرده، والخلاف مبني على أنه زيادة عندهما ونقصان عند الإمام وبالزيادة ينقطع حق المالك عند أبي يوسف خلافاً لمحمد وبالنقصان لا ينقطع والله الموفق. باب قطع الطريق وهو السرقة الكبرى وقدم الصغرى إما لكثرة وقوعها، أو الترقي من الأدنى إلى الأعلى كذا في (الغاية) (والدراية) وفي (الفتح) أخره لأنه ليس بسرقة مطلقة وأطلق

أخذ قاصد قطع الطريق قبله حبس حتى يتوب ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه سرقة مجازاً لضرب من الخفاء وهو الإخفاء/ عن الإمام ونوابه. قال في (الدراية): لقطع الطريق شرائط أن يكون من قوم لهم قوة وشوكة، وأن يكون خارج المصر فلا يكون في المصر أو في ما يقرب منه أو بين قريتين خلافاً لأبي يوسف، وأن يكون في دار الإسلام، وأن يكون المأخوذ قدر النصاب، وأن يكون القطاع كلهم أجانب في حق صاحب الأموال ومن أهل وجوب القطع، ولو كان فيهم امرأة ففيه روايتان في رواية تقطع وبه قالت الأئمة الثلاثة، والأصح أنها لا تقطع وأن يؤخذوا قبل التوبة فإن أخذوا بعدها ورد المال سقط عنهم الحد بلا خلاف انتهى. وذكر في آخر الباب من (المحيط) عشرة نسوة قطعن الطريق وأخذن وقتلن قتلن وضمن المال وبه قالت الثلاث، ولو كان فيهم امرأة قتلت وأخذت المال ولم تقتل الرجال تقتل الرجال دون المرأة عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد يسقط الحد عن الرجال أيضاً انتهى. قال في (الفتح): فظاهر الرواية أنها كالرجال وما في (المحيط) مبني على ظاهر الرواية وجعل الشارح الشرائط المختصة به عن (الصغرى) في ظاهر الرواية تبعاً للإسبيجابي ثلاثة واقتصر عليها في (غاية البيان) الشرطان الأوليان، والثالث أن يكون بينهم وبين المصر مسيرة سفر وسيأتي أن الراجح خلاف الثالث (أخذ قاصد قطع الطريق) وهو الواقف على الطريق لأخذ المال (قبله) أي: قبل أخذ المال وقتل النفس بأن لم يوجد منه سوى مجرد إخافة الطريق ولما كان مجرد القصد لا يطلع عليه أدير الحكم على أمارته وهي الإخافة فالضمير راجع إلى غير المذكور كما سيأتي في الشرح وقول العيني: هذا تعسف بل الضمير راجع إلى قطع الطريق مدفوع بأن الإخافة حال من أحوال قطاع الطريق كما هو ظاهر الآية والمتن، وعلى ما ادعاه العيني لا تكون الإخافة منه أصلاً ولم يتنبه في (البحر) إلى هذا فمشى مع العيني وعين الشارح أبصر. (حبس) وعزر (حتى يتوب) أي: تظهر توبته بوجود أمارتها أو يموت والأصل فيه قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} [المائدة: 33] الآية أي يحاربون أولياؤه كذا قدره الجمهور وقال الزمخشري: أي يحاربون رسوله ومحاربة المسلمين في حكم محاربته وذكر اسمه تعالى تعظيماً وتفخيماً وقيل: هو المخالفة لأحكامهما وعلى هذه الأوجه لا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. قال الشمني: وقال في (الفتح): سمي قاطع الطريق محارباً لله لأن المسافر معتمد عليه فمن أزال أمنه حارب من اعتمد عليه في تحصيل أمنه، وهو على حذف مضاف أي: يحاربون عباد الله وهي أحسن من تقدير أولياء الله لأن هذا الحكم

وإن أخذ مالاً معصوماً قطع يده ورجله من خلاف وإن قتل قتل حداً وإن عفا الولي وإن قتل وأخذ قطع وقتل وصلب أو قتل أو صلب ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ يثبت بالقطع على الكافر الذمي، وأما محاربته لرسوله فإما باعتبار عصيان أمره أو باعتبار أنه الحافظ لطريق المسلمين والخلفاء والملوك بعده نوابه، فإذا قطع الطريق الذي تولى حفظهما بنفسه ونائبه فقد حاربه انتهى. وأنت خبير بأن محاربة رسوله إذا كان باعتبار عصيان أمره أو باعتبار أنه الحافظ فمحاربته تعالى كذلك فما الداعي إلى حذف المضاف حينئذ؟ وظاهر أن المراد توزيع أنواع الجزية على أنواع الجنايات إذ العمل بالإطلاق يقتضي أنه يجوز أن يترتب على أغلظها أخف الجزية وهذا مما تدفعه قواعد الشرع والعقل فوجب القول بتوزيع الأغلظ للأغلظ والأخف بالأخف، بدأ المصنف فيما إذا أخاف الطريق فقط وأشار إلى أن المراد بالنفي في الآية الحبس إذ ظاهره وهو النفي من وجه الأرض لا يعمل به، والحمل على بعضها لا يحصل به المقصود فقلنا بمجازه وهو الحبس، (وإن أخذ مالاً معصوماً) بأن كان لمسلم أو ذمي فخرج ما لو كان لحربي مستأمن ولا بد من أن يصيب كل واحد نصاباً ولم يذكره اكتفاء بما مر في السرقة (قطع يده ورجله من خلاف)، نصب على الحال أي: مختلفة وتعيين اليمنى واليسرى بالإجماع لئلا يفوت نفعه حتى لو كانت يسراه شلاء لم يقطع يمينه وكذا لو كانت رجله اليمنى شلاء لم تقطع رجله اليسرى ولو كان مقطوع اليمنى لم تقطع له يد وكذا الرجل اليسرى. (وإن قتل) / نفساً معصومة ولم يقيده به لأنه إذا علم التقييد به في المال ففي النفس أولى ولم يأخذ مالاً (قتل حداً) حقاً لله تعالى وفي (السراج) أي: سياسة لا قصاصاً (وإن عفا الولي) تصريح بما علم من قوله حداً وأشار به إلى أنه لا يشترط أن يكون موجباً للقصاص من مباشرة القتل والآلة لأنه وجب جزاء الجناية لمحاربته لله تعالى وهي موجودة بالقتل ولو أعانه بذلك قضى عليه الصلاة والسلام في أصحاب أبي بردة. (وإن قتل وأخذ) المال (قطع) من خلاف على ما مر (وقتل وصلب)، بين أن الإمام مخير فيه بين ثلاثة أحوال؛ الأولى: أن يجمع بين القتل والقطع والصلب، والثانية: ما أفاده بقوله: (أو قتل) أي: قتله الإمام فقط، والثالثة: هي قوله (أو صلب)، وقال محمد: لأنه جناية واحدة فلا توجب حدين وأبو يوسف معه في المشهور، وله

ويصلب حياً ثلاثة أيام ويبعج بطنه برمح حتى يموت ولم يضمن ما أخذ وغير المباشر كالمباشر والعصا والحجر كالسيف وإن أخذ مالاً وجرح وقطع وبطل الجرح وإن جرح فقط أو قتل فتاب أو كان بعض القطاع غير مكلف ـــــــــــــــــــــــــــــ أن هذه عقوبة واحدة فغلظت لاتحاد سببها وهو قطع الطريق، ثم التخيير بين الصلب وتركه ظاهر الرواية وعن الثاني أنه لا يتركه (ويصلب حياً) في ظاهر الرواية وهو الأصح، وعن الطحاوي أنه يقتل أولاً (ثلاثة أيام ويبعج) أي: يطعن (بطنه برمح حتى يموت) فإذا تم له ثلاثة أيام من وقت موته دفن، وعن الثاني أنه يتركه حتى يتقطع والأول هو الظاهر تحامياً عن الإيذاء للناس بتغيره بعد الثلاثة، (ولم يضمن ما أخذ) لما بين أن قتله بمقابلة قتله النفس المعصومة وجرحها ربما توهم أخذ المال من تركته إذا لم يقابل بشيء فبين أنه لا يضمنه وبهذا اندفع ما في (البحر) أخذاً مما في (الشرح) من أن الأولى أن يقال: ولم يضمن ما فعل لأنه لا يضمن ما قتل وما جرح، (وغير المباشرة) في الأخذ والقتل (كالمباشرة) فتجري الأحكام على الكل بمباشرة البعض وإعانة الباقين على ما مر. (والعصا والحجر كالسيف) لأن قطع الطريق يقع بالكل وهذه الجملة كالتي قبلها معلومة من قوله: قتل حداً كما قدمناه وكان الأليق حذفها إلا أنه أراد زيادة الإيضاح (وإن أخذ مالاً وجرح قطع) من خلاف (وبطل) حكم (الجرح) لأنه باستيفاء حق الله تعالى سقطت عصمة النفس حقاً للعبد كالمال، (وإن جرح فقط) يعني لا حد عليه فلا يسقط حق العبد بل يقتص فيما فيه قصاص أو يأخذ الأرش أو يعفو وأراد بقوله: فقط أنه لم يؤخذ ما لا يقطع فيه ولم يقتل نفساً فلا يرد ما لو جرح وأخذ ما دون النصاب أو ما يتسارع إليه الفساد بدليل قوله بعد: لم يحد. قال الشارح: ولو كان هذا مع الأخذ قتل لم يجب الحد أيضاً لأن المقصود هنا إنما هو المال، (أو قتل) نفساً معصومة (فتاب) قبل أن يؤخذ يعني لا حد عليه للاستثناء في الآية وقد مر بل أمره إلى الأولياء إن شاؤوا قتلوه إن كان القتل بمحدد أو أخذوا الدية أو عفوا قال في (البحر) قيد بالقتل ليعلم أخذ المال بالأولى، بقى هل من تمام توبته رد المال؟ قيل: نعم وبه جزم في (الهداية). قال في (المحيط): ولو تاب ولم يرد المال لم يذكره في (الكتاب) وقد قيل: لا يسقط وقيل: يسقط وإليه أشار في (الأصل)، وفي (السراج) قالوا: لو قطع الطريق وأخذ المال ثم ترك ذلك وأقام في أهله زماناً ثم قدر عليه درئ عنه الحد لأنه لا يستوفى في تقادم العهد انتهى، وبه عرف أن مجرد الترك ليس توبة بل لا بد أن تظهر عليه سماتها التي لا تخفى، (أو كان بعض القطاع غير مكلف) بأن كان صبياً أو مجنوناً

أو ذا رحم محرم من المقطوع عليه أو قطع بعض القافلة على البعض أو قطع الطريق ليلاً أو نهاراً بمصر أو بين مصرين لم يحد فأقاد الولي أو عفا ومن خنق في المصر غير مرة قتل به. ـــــــــــــــــــــــــــــ يعني لا يحدون كلهم لأن الجناية واحدة فإذا لم يقطع فعل بعضهم موجباً كان فعل الباقين كبعض العلة، وكذا لو كان فيهم أخرس ودل كلامه أن المرأة تجري عليها أحكام قطاع الطريق وقد مر، (أو) كان بعض القطاع (ذا رحم محرم من المقطوع عليه) هذا إذا كان المال مشتركاً بين المقطوع عليهم أو لم يكن مشتركاً لكن لم يأخذه إلا من ذي الرحم، أما إذا أخذوا منه ومن غيره فقيل: إنهم يحدون نظراً للمال المأخوذ من ذلك الغير والأصح لا يحدون، (أو قطع بعض القافلة على/ بعض) لأن مال جميع القافلة في حق قطع الطريق كشيء واحد إذ هو محرز بحرز واحد وهو القافلة والجناية واحدة وهو قطع الطريق فالامتناع في البعض يوجب الامتناع في الباقين فصار كسارق متاع غيره وهو معه في دار واحدة. (أو قطع) شخص (الطريق ليلاً أو نهاراً بمصر أو بين مصرين) يعني (لا يحد) لأن قطع الطريق لا يتحقق في هذه الأماكن للحوق الغوث بهم عادة، وعن أبي يوسف إن قصده بالسلاح نهاراً في المصر فهو قاطع وإن قصده بشيء من الخشب ونحوه فليس بقاطع، وفي الليل يكون قاطعاً مطلقاً واستحسن المشايخ هذه الرواية وأفتوا بها، وعنه إذا كان خارج المصر ولو بقرب منه يحد لأن الله تعالى أناط الحد بمحاربة عباد الله على ما مر وذلك يتحقق في المصر وخارجه ولم ينط بمسمى قطع الطريق وإنما هو اسم من الناس لم يحد جواب الكل (فأقاد الولي) أي: اقتص يعني ولي المقتول إن كان القتل عمداً بمحدد (أو عفا) إن شاء وإذا ثبت هذا في القصاص ففي المال أولى، (ومن خنق في المصر غير مرة) بالتشديد سماعاً لأن التفعيل للتكثير، كذا في (غاية البيان) وعلى هذا فقوله غير مرة تأكيد لكن في (الدراية) أنه بالتخفيف من خنقه إذا عصر حلقه خنقاً بكسر النون من حد دخل والخناق فاعله انتهى، وهو المشهور على الألسنة إذ التأكيد خلاف الأصل. وفي (المغرب) الخنق بكسر النون، قال الفارابي: ولا يقال بالتسكين مصدر خنقه إذا عصر حلقه والخناق فاعله والخناق بكسر الخاء وتخفيف النون ما يخنق به من حبل أو وتر أو نحوه، (قتل به) أي: بسبب الخنق يعني سياسة لأنه ساع في الأرض بالفساد وكل من كان كذلك فإن شره يدفع بالقتل. قال الشارح: ومن السياسة ما يحكى عن أبي بكر الأعمش أن من ادعى عليه بسرقة فأنكر فللإمام إذا غلب ظنه أن المال عنده أن يعاقبه ويجوز له ذلك كما لو رآه الإمام جالساً مع الفساق في مجلس الشرب أو ماشياً مع السراق وبغلبة الظن أجازوا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قتل النفس، كما لو دخل عليه رجل شاهر سيفه وغلب على ظنه أنه يقتله، وفي إكراه (البزازية) عن الحسن بن زياد أو يحل ضرب السارق حتى يقر؟ قال: لو لم يقطع اللحم لا يظهر العظم. وفي (المحيط) من المشايخ من قال: يصح الإقرار بالسرقة مكرهاً، وفي (التجنيس) ضرب من ادعى عليه بسرقة خلاف الشرع فلا يفتى به لأن فتوى المفتي يجب أن تطابق الشرع وما في (الشرح) ينبغي أن يعول عليه في زماننا لغلبة الفساق كيف يؤتى للسارق ليلاً بالبينة؟ بل ولا في النهار ويحمل ما في (التجنيس) على زمانهم. خاتمة: ويثبت قطع الطريق بالإقرار مرة واحدة وشرط أبو يوسف التكرار ويقبل رجوعه عنه، وبشهادة رجلين على معاينة القطع والإقرار فلو شهد أحدهما بالمعاينة والآخر على الإقرار به لم تقبل ولا تقبل الشهادة بالقطع على أصل الشاهد وإن علا وفرعه وإن سفل، وقدمنا أن من الشرائط أن يكون القطع في دار الإسلام حتى لو قطعوا في دار الحرب على مستأمنين أو في دار الإسلام في موضع غلب فيه أهل البغي ثم أتي بهم إلى الإمام لا يمضي عليهم الحد، ويجوز للإنسان أن يقاتل دون ماله وإن لم يبلغ نصاباً ويقتل من يقاتله عليه لخبر (من قتل دون ماله فهو شهيد) والله الموفق للصواب بمنه وكرمه.

كتاب الجهاد

كتاب الجهاد الجهاد فرض كفاية ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب السير تناسب الحدود والسير من حيث اتحاد المقصود من كل منهما من حيث إخلاء العالم عن الفساد وكون كل منهما حسن لمعنى في غيره، وقدمت الحدود ترقياً من الأدنى وهو الإخلاء عن الفسق إلى الأعلى وهو الإخلاء عن الكفر، ولأنها معاملة بين أهل الإسلام غالباً أو على الخصوص والجهاد معاملة مع المشركين، والسير جمع سيرة فعلة من السير فتكون لبيان هيئة السير وحالته، وقد استعملت كذلك في السير المعنوي في قولهم في حق عمر بن عبد العزيز: سار فينا سيرة العمرين، ثم غلبت في لسان أهل الشرع على الطريق المأمور بها في غزو الكفار وسبب ذلك كونها تستلزم السير وقطع المسافة وعبر بعضهم بالجهاد وهو أيضاً أعم غلب في عرفهم على جهاد الكفار/ (الجهاد) وهو كما في (التحفة) الدعاء إلى دين الحق والقتال مع من لا يقبله وعرفه في (إيضاح الإصلاح) بأنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بالمال أو بالرأي أو تكثير السواد (فرض كفاية) أما كونه فرضاً فلقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] واعترض بأنه خص منه الصبيان والمجانين والعبيد والنساء والأعمى والمقعد وخص من المشركين المستأمنين والذمي، وقيل: العام المخصوص ظني الدلالة وبه لا يثبت الغرض، وأجيب بأن تخصيص الصبيان والمجانين بالأمر بالعقل فلا يقطع في قطيعة النص. وأما تخصيص البواقي فلا نسلم أنه بطريق النسخ على أنه يجوز أن تكون اللام للعهد والمعهودون هم المذكرون في قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: 190] فلا يدخل المستأمن والذمي ونحوهما في المشركين كذا في (الحواشي السعدية) ثم حكي أن إبراهيم باشا عقد مجلساً حضر فيه أكثر الموالي وكان ذلك البحث أول الجهاد فاعترض محمد بن مير شاه على قوله في (العناية) وهو دليل قطعي يعني ما مر من النص لأنه مخالف لما صرح به بعد من أنهم أجمعوا على أنه مخصوص خص منه الذمي والمستأمن فجاز بأن يخص منه الأسير قياساً. وأجاب عبد الحافظ العجمي بأنه لا يجوز أن يكون بالنسبة إلى الفاعل قطيعاً وبالنسبة إلى المفعول ظنياً لما دخله من التخصيص فأقحم القائل بذلك الكلام لكنه

ابتداء إن قام به بعض سقط عن الكل وإلا أثموا بتركه ـــــــــــــــــــــــــــــ مردود فإن المأمور به وهو القتل لزم أن يكون فرضاً يكفر جاحده وواجباً لا يكفر جاحده بل المعلوم من قواعد الأصول أن العام إذا دخله الخصوص سواء كان فاعلاً أو مفعولاً لا يخرج الدليل المشتمل على ذلك العام من أن يكون قطيعاً فلا تثبت به الفرضية وأما كونه على الكفاية فلقوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} إلى قوله تعالى: {وكلاً وعد الله الحسنى} [النساء: 95]. قال في (الحواشي السعدية): وهذا مبني على أن هذه الآية تأخر إنزالها عن قوله تعالى {انفروا خفافاً وثقالاً} [التوبة: 41] يعني المفيدة لفرضية العين وهو ممنوع إذ التوبة آخر سورة نزلت انتهى. وفي (فتح القدير) الجهاد على كل من ذكر في التفسير المذكور يعني تفسير قوله {خفافاً وثقالاً} [التوبة: 41] شباباً وشيوخاً وأغنياء وفقراء وعزاباً ومتزوجين على الكفاية والحق أن هذه الآية ونحوها لإفادة الوجوب ثم تعرف الكفاية بالآية المتقدمة، وأما العينية فبالإجماع أنه إعانة المظلوم انتهى. ولأنه مفروض لغيره وكل ما هو كذلك فهو فرض كفاية إذا حصل المقصود بالبعض وهذا القيد لا بد منه لئلا ينتقض بالنفير العام فإنه معه مفروض لغيره مع أنه فرض لعدم حصول المقصود بالبعض، وظن بعض المشايخ من جواز القعود إذا لم يكن النفير عاماً أنه تطوع في هذه الحالة وأكثرهم على أنه فرض كفاية، قال في (التاتارخانية): وهو الصحيح. فرع من توابع الجهاد الرباط وهو الإقامة في مكان يتوقع هجوم العدو فيه لقصد دفعه لله تعالى والأحاديث في فضله كثيرة واختلف في محله والمختار أنه يكون في موضع لا يكون إسلام (ابتداء) أي: إن قتالنا فرض وإن يم يبدؤونا لعموم الأمر به وأما قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: 190] فمنسوخ (فإن قام به قوم) أي: حصلت الكفاية بهم ولو عبيداً أو نساء (سقط) وجوبه (عن الكل) لحصول المقصود (وإلا) أي: وإن لم يقم به أحد (أثموا) أي: الكل (بتركه) لأن وجوبه عليهم أجمعين. قال في (الحواشي السعدية): لا ينبغي أن يفهم من هذا أن الوجوب على جميع أهل الأرض كافة حتى يسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم إذ لا يندفع بقتالهم الشر عن الهنود المسلمين ويدل عليه ما في (البدائع) وينبغي للإمام أن لا يخلي ثغراً من الثغور من جماعة من الغزاة فيهم غناء وكفاية لقتال العدو فإذا قاموا به

ولا يجب على صبي وامرأة وعبد ـــــــــــــــــــــــــــــ سقط عن الباقين وإن ضعف أهل ثغر عن مقاومة الكفرة وخيف عليهم من العدو فعلى من وراءهم من المسلمين الأقرب فالأقرب أن ينفروا إليهم وأن يمدوهم بالسلاح والكراع والمال لما ذكرنا أنه فرض على الناس كلهم فيمن هو من أهل الجهاد لكن سقط الفرض عنهم لحصول الكفاية بالبعض فما لم يحصل لا يسقط انتهى، وسيأتي لهذا مزيد بيان (ولا يجب) الجهاد (على صبي). قال الإتقاني: أما/ الصبي فلا يجب الجهاد عليه لأنه مرفوع القلم عنه ولأن طاعة أبويه واجبة عليه فلا تترك بما ليس بواجب انتهى. وفيه تدافع ظاهر وأجاب في (الحواشي السعدية) بأن مراده من الصبي ما يعم البالغ الذي له أبوان فالمعنى أنه مرفوع القلم بأن كان غير بالغ وإن كان بالغاً فطاعة أبويه واجبة متعينة عليه والجهاد ليس بواجب متعين عليه، ويدل على ذلك أنه ذكر بعده أحاديث تدل على تقديم خدمة الأبوين على الجهاد يعني إذا لم يستغنيا عنه وهذا إنما يتم في البالغ، والمجنون والمعتوه كالصبي. وفي (الذخيرة) للأب أن يأذن للمراهق بالقتال وإن خاف عليه القتل وقال السغدي: لا بد أن لا يخاف عليه فإن خاف قتله لم يأذن له، (و) لا على (امرأة وعبد) لتقدم حق الزوج بإذن الله الذي هو صاحب الحق على حقه تعالى وهذا الدليل خاص بأنثى لها زوج والظاهر أن التي لا زوج لها يفترض عليها كفاية أيضاً ويدل على ذلك ما في (الفتح) لو أمر الزوج والسيد به يجب أن يكون فرض كفاية لا فرض عين لأن طاعتهما المفروضة عليهما في غير ما فيه المخاطرة بالروح وإنما يجب ذلك على المكلفين بخطاب الله تعالى، قال في (البحر): وهو في العبد مسلم أما في المرأة ففيه نظر إذ لا يجب عليها امتثال إلا فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه: تتمة: المديون إذا لم يقدر على إيفاء الدين لا يخرج إلا بإذن ربه فإن كان به كفيل بأمره لا بد من إذن الكفيل أيضاً كذا في (التجنيس) وهو ظاهر في أنه يخرج بغير إذن الكفيل بالنفس لأنهلا ضرر عليه إذا تعذر إحضاره عليه كذا في (البحر) ويندب أن يقيم لقضاء الدين ولو أذن له بالسفر فإن كان الدين مؤجلاً وهو يعلم أنه يرجع قبل حلوله فالأفضل الإقامة وله أن يخرج بغير إذنه. وأقول: علل في (الخانية) ما إذا كانت بغير أمره لأنه لا حق للكفيل على المديون وهذا يقتضي أنه لا يسافر إلا بإذن الكفيل بالنفس لأن له عليه حقاً وهو تسليم نفسه إليه إذا طلب منه وقد يذهب إلى مكان بعيد فإذا طلب منه وهو عالم به يلزمه السفر إليه فيحصل له الضرر، وقد صرحوا بأن الكفيل بالنفس منعه من السفر

وأعمى ومقعد وأقطع وفرض عين إن هجم العدو فتخرج المرأة والعبد بلا إذن زوجها وسيده. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (منية المفتي): ضمن عن رجل مالا بأمره أو بنفسه فأراد الخصم أن يسافر فمنعة الكفيل. قال محمد: إن كان ضمانه إلى أجل فلا سبيل له عليه وإن لم يكن إلى أجل فله أن يأخذه حتى يخلصه منه إما بأداء المال أو ببراءة منه، وفي كفالة النفس يرد النفس انتهى، فإن كان مؤجلا وهو يعلم أنه يرجع قبل حلوله فالأفضل الإقامة وله أن يخرج بغير إذنه، ولو للابن أبوان كان لهما منعه إذا دخل عليهما لسفره مشقة، فإن أذن أحدهما دون الآخر لا ينبغي الخروج، والجد أب الأب والجدة أم الأم يقومان مقامهما هذا إذا كانا مسلمين، فلو كانا كافرين أو أحدهما فكرها خروجه أو الكافر فقد تحرى فإن وقع تحريه على أنها للخوف عليه لا يخرج وإن كانت لقتال الكفار خرج فإن شك ينبغي أن لا يخرج، وما سوى الأصول فإن خشي عليهم الضياع لم يخرج بغير إذنهم وإلا خرج وكذا امرأته كذا في (الذخيرة). وأما سفر التجارة والحج فيخرج بغير إذنهما إلا أنه عند احتياجهما في سفر التجارة لا يخرج، وفي (البزازية) دلت العلة على التحاق الخروج إلى العلم بالحج والتجارة وفي (التاتارخانية) العالم الذي ليس في البلد أفقه منه ليس الغزو (وأعمى ومقعد) لقوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج} (النور: 61) إلى آخره. قال في (الفتح): ومثل المقعد الأعرج قاله في (ديوان الأدب) وفرض عين إن هجم العدو) على بلدة من بلاد المسلمين أي: دخل بغتة بغير إذن الإمام لقوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا} (التوبة: 41) (فتخرج المرأة والعبد بلا إذن زوجها وسيده) لأن حقهما لا يظهر في فروض الأعيان وكذا المديون والولد يخرجان بلا إذن رب الدين والوالد، وفي (الذخيرة) إنما يصير فرض عين على من يقرب من العدو فإن عجزوا وتكاسلوا افترض على من يليهم حتى يفترض على هذا التدريج على كل المسلمين شرقا وغربا وعلى هذا التفصيل صلاة الجنازة والتجهير. قال في (الفتح): وكأن معناه إذا دام الحرب بقدر ما يصل الأبعدون ويبلغهم الخبر وإلا فهو تكليف بما لا يطاق بخلاف إنقاذ الأسير وجوبه على الكل من أهل المشرق والمغرب ممن علم، ويجب أن لا يأثم من عزم على الخروج وقعوده لعدم خروج الناس / وتكاسلهم أو قعود السلطان أو منعه، وفي (البزازية) مسلمة سبيت [320/ب] بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر ما لم تدخل في دار الحرب، وفي (الذخيرة) سبى الكفار الذراري والنساء كان على المسلمين الذين لهم قوة عليهم أن يتبعوهم لأخذ ما بأيديهم فإذا دخلوا دار الحرب فكذلك في حق النساء

وكره الجعل إن وجد فيء وإلا لا فإن حاصرناهم ندعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا وإلا إلى الجزية فإن قبلوا فلهم ما لنا وعليهم ما علينا. ـــــــــــــــــــــــــــــ والذراري ما لم يبلغوا حصونهم، ولهم أن لا يتبعوهم في حق المال، وذراري أهل الذمة وأموالهم كأهل الإسلام، (وكره الجعل) بضم الجيم وهو ما يجعل للإنسان في مقابلة شيء يفعله، والمراد هنا أن يكلف الإمام الناس بأن يقوي بعضهم بعضا بالكراع أي: الخيل والسلاح وغير ذلك من النفقة والزاد (إن وجد فيء)، وهو المأخوذ بغير قتال كالخراج والجزية وأما المأخوذ بالقتال فيسمى غنيمة وإنما كره لأنه لا ضرورة إذ أن بيت المال جعل لنوائب المسلمين ولأنه يشبه الأجر، والوجه الأول يوجب الكراهة على الإمام، والثاني يوجبها على الغازي وعلى الإمام كراهية تسببه (وإلا) أي: وإن لم يوجد فيء (لا) أي: لا يكره لأن فيه دفع الضرر الأعلى بارتكاب الأدنى، بقي ما لو كان في بيت المال غنيمة فقط فظاهر ما مر من التعليل من أنه لا ضرورة تفيد أه يكره ويدل عليه ما في (الذخيرة) ومن قدر بنفسه ولا مال له فإن كان في بيت المال مال يعطيه الإمام كفايته من بيت المال وإلا فله أن يأخذ الجعل من غيره، وفي (غاية البيان) في شرح قوله ويكره الجعل ما دام للمسلمين فيء يعني إذا كانت في بيت المال ما يتقوى به الناس من الغنيمة للخروج إلى الغزاة يعطيهم الإمام من ذلك المال انتهى. وعليه جرى العيني حيث فسر الفيء بقوله: أي شيء من الغنيمة الموجودة في بيت المال لا يصرف في المقاتلة. قال التمرتاشي: يكره ضرب الجعل على الناس ما دام لهم في فيء لأن فيه شبهة الأجر وإن لم يكن فلا بأس بذلك والأولى أن يغزو المسلم بمال نفسه ثم بيت المال انتهى. وليس فيه دلالة صريحة على المدعى، (فإن حاصرناهم) حبسناهم عن الخروج لإحاطتنا بهم (ندعوهم الإسلام) لقول ابن عباس (ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوما قط إلا دعاهم) رواه أحمد، (فإن أسلموا) بالقول أو بالفعل كما مر فبها (وإلا) أي: وإن لم يسلموا فندعوهم (إلى الجزية) لرواية مسلم وغيره (أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أمره بذلك)، وسيقيد المصنف هذا الإطلاق بغير مشتركي العرب والمرتدين وينبغي للإمام أن يبين لهم مقدار الجزية ووقت وجوبها والتفاوت بين الغني والفقير في مقدارها (فإن قبلوا) الجزية (فلهم ما لنا وعليهم ما علينا) لقول عي رضي الله تعالى عنه: (إنما بذلوا الجزية ليكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا)

ولا نقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام وندعو ندبا من بلغته وإلا نستعين بالله تعالى ونحاربهم بنصب المجانيق وحرقهم وغرقهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ وخص من ذلك أشياء سيأتي التنبيه عليها، (ولا نقاتل) أي: ولا يحل أن نقاتل (من لم تبلغه الدعوة) بالفتح (إلى الإسلام) لما روينا لأنهم بها يعلمون أن قتالهم على الدين لا غيره فلعلهم يؤمنون ولو قاتلوهم قبلها أثموا ولكن لا غرم بما أتلفوه من نفس أو مال، لأن مجرد الحرمة لا توجب ذلك. قالوا: كان هذا في ابتداء الإسلام حين لم ينتشر الإسلام ولم يستفض وأما بعد ما استفاض وعرف كل مشترك إلى ماذا يدعى يحل القتال قبلها ويقام ظهورها مقامها، كذا في (المحيط) قال الشارح: وهذا صحيح ظاهر والدليل عليه ما روي عن ابن عون: (كتب إلى نافع أسأله عن ذلك فكتب إلي إنما كان ذلك في ابتداء الإسلام) وفي البخاري: (كان عليه الصلاة والسلام إذا غزا قوما لم يغز حتى يصبح فإذا سمع أذانا أمسك فإن لم يسمع أغار بعدما يصبح) والإغارة لا تكون إلا بعدم الإعلام وإذا كان هذا في زمنه عليه الصلاة والسلام لاشتهار الإسلام فما ظنك في زماننا ولأنهم لو اشتغلوا بالدعوة ربما يتحصنون. قال في (الفتح): ولا شك أن في بلاد الله من لا شعور له بهذا فيجب بأن المدار ظن أن هؤلاء لم تبلغهم الدعوة بقي ما لو بلغتهم الدعوة إلى الإسلام لكن لا يدرون أيقبلون منهم الجزية أم لا. قال في (التاتارخانية): لا ينبغي أن يقاتلوهم حتى يدعوهم إلى الجزية (وندعو من بلغته) مبالغة في الإنذار هذا مقيد بأن لا يتضمن ضررا بأن يعلم انهم بها يستعدون أو يحتالون أو يتحصنون وغلبة / الظن في ذلك بما يظهر من أحوالهم [321/أ] كالعلم كذا في (الفتح) (وإلا) أي: وإن لم يقبلوا الجزية (نستعين بالله) عليهم لأنه الناصر لأوليائه القاهر لأعدائه وبه يستعان على كل حال (ونحاربهم بنصب المجانيق) على حصونهم لأنه عليه الصلاة والسلام (نصبها على الطائف) رواه الترمذي (وحرقهم) أراد حرق دورهم وأمتعتهم قاله العيني، والظاهر أن المراد حرق ذاتهم بالمجانيق وإذا جازت محاربتهم بحرقهم فمالهم أولى لأنه عليه الصلاة والسلام أحرق نخل بني النضير وقطعة وهي البويرة (وغرقهم) وغرق دورهم أيضا بانسياب الماء

وقطع أشجارهم وإفساد زروعهم ورميهم وإن تترسوا ببعضنا ونقصدهم ونهينا عن إخراج مصحف وامرأة في سرية يخاف عليها. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليهم (وقطع أشجارهم) ولو مثمرة (وإفساد زروعهم) بإطلاق النار والدواب فيها لأن المقصود كبت أعدائه وكسر شوكتهم وهو حاصل بذلك، هذا إذا لم يغلب على الظن أنهم يؤخذون بغيره فإن كان الظاهر أنهم مغلوبون وأن الفتح باد كره ذلك كذا في (الفتح) (ورميهم) بالنبال ونحوها (وإن تترسوا ببعضنا)، لأن الأمر بالقتال مطلق ولو كان الغير مانعا لا تسد إذ قلما تخلو مدينة أو حصن عن أسير مسلم فصار كرميهم مع العلم بوجود أولادهم ونسائهم فإنه يجوز إجماعا، ولأن فيه دفع الضرر القائم بالذب عن بيضة الإسلام بإثبات الضرر الخاص وهو واجب، وقد يقال: إن سلم أنه لا يخلو حصن عن أسير لكن لا نسلم أنه لا يخلو أهل حصن عن أن تترسوا بالمسلمين ليكون إطلاق الافتراض هدرا لحرمة الرمي، فإن من المشاهد يعنه فوجب أن يقيد بما إذا لم يكن طريقا إلى قتل المسلم غالبا، وأما أنه دفع الضرر العام فتعليله في مقابلة النص الدال على تحريم قتل المسلم على أنه إنما يصح إذا علم أننا لو تركناهم استولوا على ديارنا والمدعى أعم من ذلك. تنبيه: لو تترسوا بنبي قال أبو الليث: يسأل ذلك النبي، وقد قال محمد: لو فتح الإمام بلدة وعلم أن فيها مسلما أو ذميا لا يحل قتل أحد منهم إلا إذا خرج واحد فإنه حينئذ يحل قتل الباقي لجواز كون المخرج هو ذاك، (ونقصدهم) أي: يجب أن نقصد الكفار به لأن قصد قتل المسلم حرام وما أصابوه من المسلمين لا دية فيه ولا كفارة لأن الفروض لا تقترن بالغرامات وأورد أكل المضطر حالة المخمصة فإنه فرض اقترن بالغرم والحق أنه لا يرد ليحتاج إلى الجواب إذ المذهب أنه لا يجب عليه الأكل به بل ترك أخذا بالعزيمة فصار كالمباح فقيد بشرط السلامة (ونهينا عن إخراج مصحف و) عن إخراج (امرأة) ولو عجوزا لمداواة المرضى (في سرية يخالف عليها) وأقلها كما قال الإمام: مائتان وأقل الجيش أربعمائة، وقال ابن زياد: أقلها أربع مائة وأقل الجيش أربعة آلاف. وفي (المبسوط) هي عدد قليل يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار انتهى، وكأنها مأخوذة من السرى وهو السير ليلا وينبغي أن يكون العسكر العظيم اثني عشر ألفا لقوله عليه الصلاة والسلام (لن يغلب انثا عشر ألفا من قلة) كذا في (الفتح)، وفي (الخانية) لا ينبغي للمسلمين أن يغزوا إذا كانوا اثني عشر ألفا وإن كان العدد

وغدر وغلول ومثلة. ـــــــــــــــــــــــــــــ أكثر وذكر الحديث ثم قال: والحاصل أنه إذا غلب على ظنه بأن يغلب فلا بأس بأن يغزو ولا بأس للواحد أن يفر من اثنين إذا لم يكن معه سلاح وقدم أنه يجوز له أن يفر من الثلاثة مطلقا وتفر المائة من ثلاثمائة انتهى، وأراد بالنهي ما في مسلم: (لا تسافر بالقرآن فإني لا آمن أن يتناوله العدو) ويعني فيستخف به، ولا شك أن في إخراجه تعريضه لذلك، كما أن في إخراج المرأة تعريضها للفضيحة وهذا التأويل هو الصحيح، وعن الطحاوي أنه كان في ابتداء الإسلام عند قلة المصاحف وأما اليوم فلا يكره الإخراج. وألحق في (المحيط) كتب الفقه بالمصاحف. فال في (الفتح): فكتب الحديث أولى انتهى. وأنت خبير بأن النهي إذا كان معللا بالاستخفاف فكلما خيف عليه ذلك من الكتب الشرعية التي لا يجوز الاستخفاف بها يكره إخراجه أيضا، قيد بكونها يخاف لأنه لو لم يخف لم يكره، ومن ثم قالوا: لو دخل إليهم بأمان فلا بأس بأن يحمل معه مصحف إن كانوا من قوم موفون بالعهد والأولى تركه حينئذ، وفي النساء إخراج العجائز للحاجة دون الشواب ولو احتيج إلى المباضعة فالأولى إخراج الإماء دون الأحرار. (و) نهينا أيضا عن (غدر) أي: نقض عهد (وغلول) / أي: خيانة من مغنم [321/ب] قبل القسمة (و) عن (مثلة) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا)، يقال مثلت بالرجل كضربت أمثل به كأنصر مثلا، ومثلة إذا سودت وجهه وقطعت أنفه ونحوه وفي (السراج) المثلة: أن يقطعوا أطراف الأسارى أو أعضاءهم كالأذن والأنف واللسان والإصبع ثم يقتلوهم أو يخلوا سبيلهم، وقيل: هو أن يقطعوا رؤوسهم ويشقوا أجوافهم ويقطعوا مذاكيرهم، والمثلة المروية في قصة العرنيين إما منسوخة، أو أنه تعارض محرم ومبيح ويقدم المحرم، وهذا الإطلاق قيده في (الاختيار) بما بعد الظفر بهم وأما قبله فلا بأس بها قال الشارح: وهذا أحسن، ونظيره الإحراق بالنار قيد جوازها قبله في (الفتح) بما إذا وقعت قتالا كمبارز ضرب فقطع أذنه ثم ضرب ففقأ عينه ثم ضربه فقطع يده وأنفه ونحو ذلك انتهى. وهو ظاهر في أنه لو تمكن من كافر حال قيام الحرب ليس له أن يمثل به بل يقتله ويقتضي ما في (الاختيار) أن له ذلك كيف وقد علله بأنها أبلغ في كبتهم وأضر بهم. قال في (الفتح): وأما من جنى على جماعات جنايات متعددة بأن قطع أنف

وقتل امرأة وغير مكلف وشيخ فان وأعمى ومقعد. ـــــــــــــــــــــــــــــ رجل وأذني آخر وفقأ عيني آخر وقطع يدي آخر ورجلي آخر فلا شك أنه يجب القصاص بكل واحد إذا لحقه لكن يجب أن يتأن بكل قصاص بعد الذي قبله إلى أن يبرأ منه وحينئذ يصير هذا الرجل ممثلا به ضمنا لا قصدا، أو إنما يظهر أثر النهي والنسخ فيمن مثل بشخص حتى قتله فمقتضى النسخ أن يقتل به ابتداء ولا يمثل به، (و) نهينا أيضا عن (قتل امرأة و) عن قتل (غير مكلف) لما أخرج الستة إلا النسائي (أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل النساء والصبيان) وأراد بهم الذين لا يقدرون على القتال ولا على الصياح عند التقاء الصفين كذا في (التاتارخانية). ثم نقل عن (جامع الجوامع) أنه لا يقتل من في بلوغه شك وهذا كما ترى يغاير الأول (و) عن قتل (شيخ فان) كما رواه أبو داود قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقتلوا شيخا فانيا) وفسره الرازي بالذي خرف وزال عن حدود العقلاء والمميزين لأنه حينئذ يكون كالمجنون ولذا لا نقتله إذا ارتد. قال في (الذخيرة): أما من يقدر ولو على الصياح أو الإحبال فيقتل لأنه يجيء منه الولد فيكثر محاربته للمسلمين، (و) عن قتل (أعمى ومقعد) ومائل الشق والمقطوع اليمنى والمقطوع يده ويرجله من خلاف والراهب الذي لم يقاتل وأهل الكنائس الذي لا يخالطون الناس والسائح في الجبال لعدم تحقق الحرب معهم، ولو قتلوا فلا شيء بقتلهم إلا التوبة والاستغفار. وفي (التاتارخانية) معزيا إلى (تجنيس) خواهر زاده وإن كان للمسلمين قوة على حملهم لا ينبغي لهم تركهم في دار الحرب إلا الشيخ الفاني الذي لايلقح والرهبان وأصحاب الصوامع إذا كانوا ممن لا يصيبون النساء والعجوز الذي لا يرجى ولدها، فإن شاء حملهم وإن شاء تركهم، وفي (الخلاصة) ثم لا يترك الإمام في دار الحرب من له رجاء الولادة وأخرجهم وإن أراد تركهم. واعلم أن الدار تبقى دار الإسلام بجعل الجزية عليهم ووضع الخراج على أراضيهم. فرعان الأول: لا بأس بحمل رأس المشرك إذا كان فيه غيظ لهم أو فراغ قلب للمسلمين بأن كان المقتول من قوادهم أو عظمائهم، وقد حمل ابن مسعود يوم بدر

إلا أن يكون أحدهم ذا رأي في الحرب أو ملكا وقتل أب مشرك وليأب الابن ليقتله غيره ويصالحهم ولو بمال إن خيرا. ـــــــــــــــــــــــــــــ رأس أبي جهل وألقاها بين يديه عليه الصلاة والسلام فقال عليه الصلاة والسلام: (الله أكبر هذا فرعوني وفرعون أمتي كان شره على أمتي أعظم من شر فرعون على موسى وأمته)، كذا في (الظهيرية)، والذي في (الخانية) يكره حمل رؤوس الكفار إلى دار الإسلام، وقيل: إذا كان فيه إلحاق الوهن والكبت بهم لا بأس به انتهى. والثاني: لا بأس بنبش قبورهم طلبا للمال نص عليه في (التاتارخانية) ولم أر نبش قبور أهل الذمة، ويجب أن يقال: إن تحقق ذلك ولم يكن له وارث إلا بيت المال جاز نبشه، وفي (الخانية) ولا بأس بتعليم القرآن للكفرة ولا بأس بنبش قبورهم لطلب المال انتهى يعم الذمي والله الموفق، (إلا أن يكون أحدهم) استثناء من حكم عدم القتل أي أحد من نهينا عن قتله (ذا رأي في) أمر (الحرب أو) يكون (ملكا) فحينئذ يقتل لأن في قتله كسر شوكتهم أو قاتل ولو بماله ولو بعد الأسر إلا المجنون ومن كان يجن ويفيق فهو في حال إفاقته كالصحيح، وفي (الخانية) ولا نقتل الصبيان ولا / الشيخ الفاني إلا أن يكون الصبي ملكا وقد أحضر موضع القتال وفي قتله يكون [322/أ] كسرا لهم فيقتل انتهى، وهذا يفيد إلى أنه لو لم يحضروا به لا يقتل وعلى هذا سائر ما ذكر وفيه تأمل فتدبره. (و) عن (قتل أب مشرك) ابتداء لأن الله تعالى أمر بمصاحبة الأبوين في الدنيا معروفا وليس من قتله (وليأب الابن) أي: يمتنع عن قتله إذا أدركه في الصف بل يشغله بالمحاربة بأن يعرقب فرسه أو يطرحه عنها أو يلجئه إلى مكان (ليقتله غيره) ولا ينبغي أن ينصرف عنه ويتركه فإذا لم يكن ثمة غيره قتله، والأم والأجداد والجدات من قبل الأب والأم كالأب، قيد بالأب لأنه يجوز له قتل فرعه المشرك وكذا سائر القرابات كالعم والخال، قيدنا بالابتداء لأن الأب لو قصد قتله ولم يتمكن من دفعه إلا بقتله قتله، وقيد بالمشرك لأن الباغي يكره ابتداء القتيل بقتله أبا كان أو أخا أو غيرهما، (ونصالحهم) أي: نعاهدهم على ترك الجهاد أي مدة كانت لأنه جهاد معنى (ولو بمال) نأخذه منعم لو كان الصلح وأخذ المال (خيرا) للمسلمين بأن كان بهم حاجة إليه لأنه إذا جاز بلا مال فبالمال وهو أكثر نفعا أولى، ويصرف مصرف الخراج والجزية إن كان قبل النزول بساحتهم بل برسول أما إذا نزلنا بهم فهو غنيمة

ونبذ لو خيرا ونقاتل بلا نبذ لو خان ملكهم والمرتدين بلا مال فإن أخذ لم يرد ولم نبع سلاحا منهم ولم نقتل من أمنه حر. ـــــــــــــــــــــــــــــ نخمسها ونقسم الباقي، وإن لم يكن بهم حاجة فلا نصالحهم لأن فيه ترك الجهاد صورة ومعنى أو بمال نعطيه لهم إن خاف الإمام الهلاك على نفسه والمسلمين لأن دفع الهلاك بأي طريق كان واجب. (ونبذ) أي: نقض الصلح لأن يعلمهم أنه رجع عما كان وقع تحرزا عن الغدر المحرم (لو خيرا) لأنه - صلى الله عليه وسلم - نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة، قال الشارح: ثم النبذ كذلك يكون على الوجه الذي كان عليه الأمان فإن كان متشرا وجب أن يكون النبذ كذلك وإن كان غير منتشر إن أمنهم واحد من المسلمين سرا اكتفي بنبذه ذلك الواحد كالحجر بعد الإذن ثم بعد النبذ لا يجوز قتالهم حتى يمضي عليهم زمان يتمكن فيه ملكهم من إنقاذ الخبر إلى أطراف مملكته حتى لو كانوا خربوا حصونهم للأمان وتفرقوا في البلاد فلا بد أن يعودوا إلى مأمنهم ويعمروا حصونهم كما كات فإن كانت مدة الصلح مضت لم ينبذ إليهم إلا أن من كان منهم في دارنا فهو آمن حتى يبلغ مأمنه. (ونقاتل بلا نبذ لو خان ملكهم) إما بقتاله بنفسه أو بقتال بعض أتباعه بإذنه لأنهم صاروا ناقضين للعهد فلا حاجة لنقضه، قيد بالملك لأنه لو دخل جماعة بغير إذنه لم ينتقض إلا في حق من دخل، (و) نصالح (المرتدين) الذي تغلبوا وصارت دارهم دار حرب يعني عند الخوف لو خيرا (بلا) أخذ (مال) منهم لأنه في معنى الجزية وهي لا تقبل منهم (وإن أخذ) المال منهم (لم يرد) لأن مالهم فيء للمسلمين إذا ظهروا بخلاف ما لو أخذ من أهل البغي حيث يرد عليهم بعد وضع الحرب أوزارها لأنه ليس فيئا لا قبله لأنه إعانة لهم، (ولم نبع سلاحا منهم) للنهي عن ذلك لأن فيه تقويتهم على قتال المسلمين، وكذا كره بيع الخيل والحديد والرقيق منهم بخلاف الطعام والقماش حيث يجوز. قال الحاكم في (كافيه): لو جاء الحربي بسيف فاشترى مكانه قوسا أو رمحا أو فرسا لم يترك أن يخرج به وكذا لو استبدل بسيفه سيفا خيرا منه فإن كان مثله أو شرا منه لم يمنع، والمستأمن كالمسلم في ذلك إلا إذا خرج بشيء من ذلك فلا يمنع من الرجوع به، (ولا نقتل من أمنه حر) ولو مقعدا أو أعمى أو شيخا أو صبيا مأذونا له

أو حرة ونبذ لو شرا وبطل أمان ذمي وأسير وتاجر وعبد محجور عن القتال. ـــــــــــــــــــــــــــــ في القتال بخلاف المحجور عليه (أو حرة) صريحا كأمنت أو وادعت أو لا بأس عليكم لكم عهد الله وذمته، أو كناية كقوله: تعال إذا ظن أنه أمان، وكذا لو أشار بإصبعه إلى السماء أي: أعطيتك ذمة إله السماء لخبر أبي داود: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم) ومعنى الجملة الأولى أن دية الشريف لا تزيد على دية الوضيع، والثانية ما نحن فيه وأدناهم أي: اقلهم عددا وهو الواحد، والثالثة أن الأبعد يرد البيعة عليهم وذلك أن العسكر في دار الحرب إذا اقتطع الإمام منهم سرايا وجهت للإغارة فما غنمته جعل لها ما سمى ويرد ما بقي لأهل العسكر، والرابعة أنهم عضو واحد على من سواهم من الملك باعتبار تعاونهم عليه ولو طلب الأمان لأهله لا يكون آمنا بخلاف ذراريه ويدخل في الأولاد أولاد الأبناء دون البنات ولو أغار عليهم قوم آخرون من المسلمين / [322/ب] فقتلوا الرجال وسبوا النساء والذراري والأموال واقتسموا ذلك وجاؤوا بالأولاد منهم ثم علموا بالأمان فعلى القاتل دية المقتول وترد النساء والأموال إلى أهليها يعني بعد ثلاث حيض وفي هذه المدة يوضعن على يد عجوز ثقة وعلى الواطئ الصداق والأولاد أحرار مسلمون تبعا للأب نص على ذلك محمد رحمه الله. (ونبذ) الإمام أمان الحر أي: نقض أمان الحر (لو) كان أمانه (شرا) على المسلمين لأن جوازه إنما كان للمصلحة وهي الآن في نقضه وللإمام أن يرد به لانفراده برأيه، (وبطل أمان ذمي) لأنه لا ولاية له على المسلمين ولأنه منهم ومعناه أن يقول: أمنتكم أما إذا قال: إن فلانا المسلم يقول أمنتكم أنه يصح وفي (البزازية) و (الخلاصة) أمان المرأة والذمي لا يجوز إلا إذا حكم بأنهم ذمة انتهى. وفي (التاتارخانية) إذا أذن له الإمام به صح أمانه (وأسير وتاجر) لأنهما تحت القهر فلا يخافونهم والأمان يختص بمحل الخوف ومعنى البطلان في حق المسلمين أما في حق نفسه فصحيح فيصير حكمه وحكم الداخل فيهم بأمان واحد، وفي (الخانية) العبد المسلم إذا خدم مولاه الحربي في دار الحرب كانت خدمته أمانا له (وعبد محجور عن القتال) لأنهم لا يخافونه أيضا بخلاف المأذون فإنهم يخافونه، وقال محمد: يصح أمان المحجور أيضا ومحل الخلاف في حق المسلمين أما في حق نفسه فصحيح لما مر في الأسير والله أعلم.

باب الغنائم وقسمتها

باب الغنائم وقسمتها ما فتح الإمام عنوة قسم بيننا أو أقر أهلها ووضع الجزية والخراج. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الغنائم وقسمتها لما ذكر القتال وما يسقطه شرع في بيان ما يحصل به. قال في (القاموس): المغنم والغنيم والغنيمة والغنم بالضم الفيء وغنم بالكسر غنما بالكسر والفتح وبالتحريك وغنيمة وغنمانا بالضم الفوز بالشيء بلا مشقة (ما فتح الإمام عنوة) أي: قهرا كذا في (الهداية) واتفق الشارحون على أن هذا ليس تفسيرا له لغة لأنها من عنى يعنو عنوا ذل وخضع وهو لازم وقهرا متعد. قال في (الفتح): وإنما المعنى فتح بلدة حال كون أهلها ذوي عنوة أي: ذل وذلك يستلزم قهر المسلمين لهم وفيه وضع المصدر موضع الحال وهو غير المطرد إلا في ألفاظ اشتهرت وإطلاق اللازم وإرادة الملزوم في غير التعاريف بل ذلك في الإخبارات، والوجه أنه مجاز فإن عنوة اشتهر في نفس القهر عند الفقهاء فجاز استعماله فيه تعريفا انتهى. ونقل في (البحر) عن (القاموس) أن العنوة القهر وبه اندفع ما في شروح (الهداية) وأنت خبير بأن هذا لا يصلح دافعا إلا إذا كان معنى له حقيقيا لا مجازيا وليس في (القاموس) ما يعينه وهذا لأن صاحب (القاموس) لايميز بين الحقيقي والمجازي كما قال بعضهم بل يذكر المعاني جملة، (قسم بيننا) معاشر الغانمين إن شاء بعد إخراج الخمس اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في خيبر، ولو كان فيما أصابوه مصحفا فيه شيء من كتب اليهود والنصاري لا يدرى أفيه شيء من الكتب السماوية أو كفر لا يدخله الإمام الغنيمة للقسمة مخافة أن يقع في سهم رجل فيبيعه من المشركين وذلك مكروه، ولا ينبغي أن يحرق مخافة أن يكون فيه شيء من أسماء الله تعالى. قالوا: وتصير هذه المسألة رواية عن الأصحاب في المصحف إذا خلق بحيث لا يقرأ فيه أن لا يحرق بالنار، وإذا كره إحراقه ينظر إن كان لورقه قيمة وينتفع به بعد المحو بالغسل بأن كان مكتوبا على جلد مدبوغ أو ما أشبه ذلك فإنه يمحى ويجعل الورق في الغنيمة وإلا يغسل ويدفن وهو على كل حال إن كان لا يتوهم وصول الكفرة إليه يدفن وإن توهم لا يدفن كذا في (التاتارخانية) (أو أقر أهلها) أي: من عليهم برقابهم وأرضهم وأموالهم (ووضع الجزية) على رؤوسهم (والخراج) على

وقتل الأسرى أو استرق أو ترك أحرارا ذمة لنا وحرم ردهم إلى دار الحرب والفداء. ـــــــــــــــــــــــــــــ أراضيهم اقتداء بفعل عمر رضي الله تعالى عنه في سواد العراق بمحضر من الصحابة من غير نكير. قيل: والأول أولى إذا كان بالمسلمين حاجة، والثاني عند عدمها، قيد بالأراضي لأن المن عليهم بالمنقول المجرد لا يجوز لعدم الورود بخلاف ما إذا كان تبعا للأرض وأما المن عليهم برقابهم وأرضهم فقط فمكروه إلا أن يدفع إليهم من المال ما يتمكنون به من إقامة العمل والنفقة / على أنفسهم وأراضيهم إلى أن يخرج [323/أ] الغلال وإلا فهو تكليف بما لا يطاق، (وقتل) الإمام (الأسرى) أي: إن لم يسلموا إن شاء جمع أسير وهو الأخيذ والمقيد والمسجون ويجمع على أسارى أيضا كما في (القاموس)، وقد صح (أنه عليه الصلاة والسلام قتل مقاتلي بني قريظة واسترق دراريهم) (أو استرق) أي: جعلهم أرقاء دفعا لشرهم مع انتفاع المسلمين بهم، قيد بالإمام لأن الغازي ليس له أن يقتل أسيرا إذ قد يرى الإمام المصلحة في استرقاقه فليس له أن يفتات عليه فلو قتله بلا ملجئ إلى قتله بأن خاف من شره عزر إذا وقع على خلاف رأيه غير أنه لا يضمن شيئا، (أو ترك) الأسارى (أحرارا ذمة لنا) أي: أهل ذمة لنا بأن يضع عليهم الجزية والخراج لما مر من فعل عمر بالسواد إلا مشركي العرب والمرتدين فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف على ما سيأتي. (وحرم ردهم) أي: الأسارى (إلى دار الحرب) لأنهم يعودون حربا علينا، (والفداء) مصدر أفداه استنقذه والفدية المال والمفاداة بين اثنين يقال فاداه إذا أطلقه وأخذ فرسه وعن المبرد والمفاداة أن تدفع رجلا وتأخذ رجلا والفداء أن تشتريه وقيل: هما بمعنى كذا في (المغرب) أطلقه فعم ما لو دفع أسيرا كافرا ولو شيخا لا يحل لاستنقاذ أسير مسلم وهذا هو إحدى الروايتين عن الإمام وعنه أنه يجوز وبه قالا غير أن أبا يوسف يجوزه قبل القسمة لا بعدها ومحمد يجوزه بكل حال، ووجه الأولى أن فيه معاونة الكفرة لأنه يعود حربا علينا ودفع شر حربهم خير من استنقاذه لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه فقط والضرر بدفع أسيرهم يعود على جماعة المسلمين وبالرواية الثانية قال العامة. وفي (الدراية) عن (السير الكبير) أنها أظهر الروايتين عن الإمام إذ تخلص المسلم أولى من قتل الكافر لأنها أظهر للانتفاع به لأن حرمته عظيمة وما ذكر من الضرر الذي يعود إلينا بدفعه ظاهر في المسلم الذي يتخلص منهم لأنه ضرر واحد

والمن وعقر مواش شق إخراجها فتذبح وتحرق. ـــــــــــــــــــــــــــــ فيقوم بدفعه مثله فيتكافأان ثم يبقى فضيلة تخليص المسلم وتمكينه من عبادة الله تعالى كما ينبغي زيادة ترجح، ثم قد ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام كما في مسلم وابي داود والترمذي (أنه عليه الصلاة والسلام فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين) ولا خلاف أن المفاداة بالنساء لا تجوز. وقالوا: لو أسلم الأسير في أيدينا لا يفادى بمسلم أسير لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه به وكان مأمونا على إسلامه وما لو أخذ الإمام في مقابلته مالا في المشهور من المذهب وفي (السير الكبير) لا باس به إذا كان بالمسلمين حاجة وهذا ظاهر في عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل وضع الحرب أوزارها أو بعده، (و) حرم أيضا (المن) وهو إطلاقهم مجانا بغير شيء قاله العيني يعني إلى دار الحرب كما في (الفتح). وفي (النهاية) و (الغاية) و (الدراية) وهو الإنعام عليهم بتركهم مجانا من غير قتل ولا استرقاق ولا ذمة وادعى في (البحر) عدم صحة إرادة الأول هنا لأنه عين قوله وحرم ردهم. وأقول: الظاهر أن مؤدى العبارتين واحد وذلك أن قوله: بغير شيء أي: بغير قتل ولا استرقاق ولا ذمة وإن ردهم إلى دارهم هو إرسالهم إليها وهذا كما ترى مغاير لمطلق إطلاقهم بغير شيء فتدبره ثم رأيته في (إيضاح الإصلاح) قال: المن أن يطلقهم مجانا سواء كان الإطلاق بعد إسلامهم أو قبله أشير إلى ذلك في التعليل المذكور في (الهداية) يريد قوله: ولأنه بالأسر ثبت حق الاسترقاق فيه فلا يجوز إسقاطه بغير منفعة ثم قال: وقد علم من نفي المن والفداء نفي ردهم إلى دارهم بطريق الدلالة فلا حاجة إلى ذكره انتهى. (و) حرم أيضا (عقر مواش شق إخراجها) من إبل وبقر وغنم أي: قطع قوائمها لأنه مثله (فتذبح) لأن ذبحها لغرض صحيح جائز وهو هنا كسر شوكة الأعداء أو إعدامهم هذه المنفعة المرغوب فيها (وتحرق) بعده قطعا لمادة الانتفاع ولم تحرق ابتداء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يعذب بالنار إلا رب النار) ومن ثم قلنا: إن الأسلحة ونحوها تحرق بالنار ابتداء وما لا يحرق منها يدفن في موضع لا يقفون عليه، وفي [323/ب] (التتارخانية) / مات نساء مسلمات في دار الحرب وهم يطؤون الأموات وسعنا حرقهن وفي (المحيط) لو وجد المسلمون حية أو عقربا في دار الحرب لا يقتلونها بل ينزعون ذنب العقرب وأنياب الحية.

وقسمة الغنيمة في دارهم لا الإيداع. ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) حرم أيضا (قسمة الغنيمة في دارهم) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الغنائم في دار الحرب (خانية) والقسمة بيع معنى ولأنها تعتمد الملك ولا ملك قبل الإحراز بدار الإسلام عندنا ولذا قلنا: إن الرد قبله ويشارك العسكر ولا يثبت نسب ولد أمة من السبي ويجب عقرها ويقسم الكل ولا ضمان على من أتلف منها شيئا ولا يورث نصيب من مات قبله وفي (البدائع) ما يخالفه حيث قال: وأما بعد الإحراز بدار الإسلام قبل القسمة فيثبت الملك ويتأكد الحق ويتقرر فيجوز القسمة ويجوز فيه الإرث ويضمن المتلف إلا أنه لو أعتق واحد من الغانمين عبدا لا ينفذ إعتاقه استحسانا، لأن نفاذه يتوقف على الملك الخاص ولا يتحقق ذلك إلا بالقسمة فأما الموجود قبل القسمة فملك عام أو حق متأكد وأنه لا يحتمل الإعتاق لكنه يحتمل الإرث والقسمة ويكفي لإيجاب الضمان وانقطاع شركة الردء ونحو ذلك، ولذلك لو استولد جارية من الغنم وادعى الولد لا تصير أم ولد له استحسانا لما قلنا انتهى. وفي (المحيط) لو وطئ الإمام جارية لا يحد ويؤخذ منه العقر إن وطئها في دار الإسلام دون دار الحرب انتهى وهذا يخالف إطلاق ما مر قبل وهو الظاهر لأن الوطء في دار الحرب لا يوجب شيئا فلو قسمت الغنيمة على الرايات أو العرف فوقعت جارية بين أهل راية صح عتق أحد لها واستيلاده إن قلوا لا إن كثروا، والقليل مائة وقيل: أربعون قال السرخسي: والأولى أن يوكل إلى اجتهاد الإمام، ثم الحرمة مقيدة بأن لا تكون القسمة عن اجتهاد أو لحاجة فإن كانت لأحدهما لا تحرم، ولو عبر بلا تصح لكان أولى لما استقر من أنه لا يلزم من حرمتها نفي الصحة والواقع أنها لا تصح أيضا. و (لا) تحرم قسمتها بين الغانمين (للإيداع) بأن لم يجد ما يحملها عليه فإن أبوا أجبرهم على ذلك بأجر المثل في رواية وفي أخرى لا يجوز ثم إذا لم يجبروا ولم يجد على الرواية الأولى ما يستأجره إن كان بحال لو قسمها يقدر كل واحد على حمله قسم بينهم، وإن كانوا لا يقدرون ولا يجدون الدواب بالأجرة مشى السبايا إلى دار الإسلام وإن لم يطيقوه قتل الرجال منهم، وأما النساء والصبيان والشيوخ فيتركون في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعا وعطشا ولا يتركون في ارض عامرة، وكذا قالوا: لو وجدوا حية في رحالهم إن أمكنهم نزع أنيابها فعلوا ذلك قطعا للضرر ولا يقتلوها لأن فيه قطع نسلها ومنفعة للكفار، ولو وجدوا عقربا نزعوا ذنبها وأبقوها كذا في (التتارخانية). ونقل في (الفتح) الترك في ارض خربة عن (الولوالجية) ثم قال: وهو بعيد لأنه

وبيعها قبلها وشرك الردء والمدد فيها لا السوقي بلا قتال ولا من مات فيها وبعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قتل بما هو أشد من القتل المنهي عنه اللهم إلا أن يضطروا إلى ذلك بسبب عدم الحمل والجبر فيتركوا ضرورة وتعجب منه في (البحر) بأن الولوالجي صرح بأن يفعل ذلك عند عدم إمكان الإخراج لا مطلقا انتهى، وفي (السير الكبير) أراد أمير العسكر أن يرسل رسولا من دار الحرب إلى دار الإسلام بشيء من أموال المسلمين ولم يقدر الرسول أن يخرج إلا فارسا ولبعض العسكر فضل فرس فلا بأس بأخذ فرسه على كره منه انتهى. (و) حرم أيضا (بيعها) أي: الغنائم (قبلها) أي: قبل القسمة للنهي عن ذلك ولأنه قبل الإحراز لم يملكه وبعده مجهول (وشرك) مخففا أي: اشترك ومشددا أي: شرك الإمام (الردء) بكسر الراء وسكون الدال بعدها همزة أي: المعين (والمدد) وهم الجماعة الناصرون للجند (فيها) أي: في الغنيمة للاستواء في سبب الاستحقاق وهو المجاوزة أو شهود الوقعة ولذا قلنا: إن الجندي الذي لم يقاتل لعذر وغيره سواء وكذا المتطوع والجندي وأنه لا يميز أحد عن أحد حتى أمير العسكر وهذا كله بلا خلاف. ولو ادعى رجل بعد القسم أنه شهد الوقعة وأقام عدلين لم تنقض استحسانا [324/أ] ويعوض بقدر نصيبه من / بيت المال كذا في (التاتارخانية) (لا) يشترك (السوقي) وهو الخارج مع العسكر للتجارة (بلا قتال) أفهم به أنه لو قاتل شاركهم لأنه به ظهر أنه المقصود وتلك تبع. وفي (المحيط) لو أسلم الحربي أو المرتد في دار الحرب ولحق بالجيش لا يستحق شيئا ما لم يقاتل (ولا) يشرك أيضا (من مات فيها) أي: في دار الحرب قبل إخراج الغنيمة إلى دار الإسلام (وبعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه) لثبوت ملكه فيه. قال في (البحر): وصرحوا في الوقف أن معلوم المستحق لا يورث بعد موته على أحد القولين وفي قول يورث ولم أر ترجيحا، وينبغي أن يفصل فإن كان مات بعد خروج الغلة وإحراز الناظر لها قبل القسمة يورث نصيبه وإن قبله لا يورث قياسا على الغنيمة. وأقول: في (الدرر والغر) عن (فوائد) صاحب (المحيط) للإمام أو المؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقطا لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل: لا يسقط لأنه كالأجهزة انتهى. وجزم في (البغية) بأنه يورث بخلاف رزق القاضي وأنت خبير بأن ما يأخذه القاضي ليس صلة كما هو ظاهر ولا أجرا لأن مثل هذه العبادة لم يقل

وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ولا يبيعها. ـــــــــــــــــــــــــــــ أحد بجواز الاستئجار عليها، بخلاف ما يأخذه الإمام والمؤذن فإنه لا ينفك عنهما فبالنظر إلى الأجرة يورث ما يستحقه إذا استحق غير مقيد بظهور الغلة وقبضها في يد الناظر وبالنظر إلى الصلة لا يورث، وإن قبضه الناظر قبل الموت وبهذا عرف أن القياس على الغنيمة غير صحيح وسيأتي لهذا مزيد بيان في الوقف إن شاء الله تعالى. (وينتفع فيها) أي: في دار الحرب (بعلف) يقال: علف الدابة علفا من باب ضرب فهي معلوفة وعليف والعلف ما أعلفته (وطعام وحطب وسلاح ودهن) بالفتح قاله العيني والظاهر أنه بالضم لتناسق المتعاطفات (بلا قسمة) لقوله - صلى الله عليه وسلم - في طعام خيبر: (كلوها واعلفوها ولا تحملوها) أطلق في الطعام فعم المهيأ للأكل كاللحم المطبوخ والسكر والشعير والتبن وغيره كالبقر فيجوز ذبحها غير أن الجلد يرد للغنيمة ولم يشترط الحاجة أي: الفقر فيجوز للغني الانتفاع وهو رواية (السير الكبير) وشرطها في (السير الصغير) وهو القياس والأول استحسانا وبه قالت الثلاثة. وقيد في (الظهيرية) بما إذا لم ينه الإمام عن أكله فإن نهى لا يباح له وتسوية المصنف بين الطعام والسلاح ظاهره في أنه لا يشترط فيه عدم الحاجة أيضا إلا أن المنقول في (فتح القدير) وغيره اشتراطها فيه بأن مات فرسه أو انكسر سيفه، أما إذا أراد توفيرها باستعمال ذلك فلا يجوز ولو فعل أثم ولا ضمان عليه لو تلف وفي (إيضاح الإصلاح) لا خلاف في اشتراط الحاجة فيه ولو احتاج الكل إلى السلاح والثياب قسمها حينئذ بخلاف السبي إذا احتيج إليه ولو للخدمة لأنه من فضول الحوائج، وخرج غير الطعام كالأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك فلا يجوز له أن يتناول منه كذا في (الشرح) وغير خاف أنه لو حل بأحدهم مرض احتاج فيه إلى استعماله أنه يجوز وبه صرح في (المحيط) وله أن يأكل ويطعم عبيده ونساؤه وصبيانه الذين دخلوا معه إلا أن الداخل لخدمته بأجر والتاجر فلا يطعمهم إلا ما كان من خبز الحنطة أو طبيخ اللحم لأنه ملكه بالاستهلاك، (ولا يبيعها) أي: الأشياء المذكورة لأنه لا ملك له فيها وإنما أبيح له التناول ضرورة فإن باع شيئا منها قبل القسمة. قال الشارح: وغيره رد الثمن إلى الغنيمة ومعناه إذا أجازه الإمام إذ لا شك أن هذا بيع فضولي يتوقف على الإجازة فإن لم يجزه وكان المبيع قائما رد إلى الغنيمة ويدل على ذلك ما في (المحيط) لو وجد واحد من العسكر في دار الحرب ما لا

وبعد الخروج منها لا وما فضل رد إلى الغنيمة ومن أسلم منهم أحرز نفسه وطلفه وكل مال معه أو وديعة عند مسلم أو ذمي دون ولده الكبير وزوجته وحملها وعقاره. ـــــــــــــــــــــــــــــ يملكونه كعسل في جبل أو وجد معدنا أو أصاب شيئا من بر أو بحر لم يختص به فإن باعه توقف على إجازة الأمير فإن كان الثمن أنفع أجازه وإلا رده وإلى الغنيمة ضمه وإن كان المبيع هالكا أجازه استحسانا ورده إلى الغنيمة انتهى، (وبعد الخروج منها) أي: من دار الحرب (لا) أي: لا ينتفع بشيء مما ذكر لزوال المبيح وهو الضرورة (وما) أي: والذي (فضل) في يده مما أخذه قبل الخروج من دار الحرب [3248/ب] (رد) أي: رده الآخذ (إلى الغنيمة) / بعد الخروج إلى دار الإسلام لزوال الحاجة التي هي مناط الإباحة وعلى هذا التعليل أنه لو كان فقيرا أكله لكن بالضمان كما في (المحيط) هذا كله قبل القسمة. أما بعدها فإن كان غنيا وكانت العين قائمة تصدق بها وبقيمتها لو هالكة، وإن كان فقيرا انتفع بها،) ومن أسلم منهم) أي: من أهل دار الحرب لا بد أن يقيد بكونه فيها لأن المستأمن لو أسلم في دار الإسلام ثم ظهرنا على داره فجميع ما تركه فيها من الأولاد الصغار والمال فيء لأن تباين الدارين قاطع للعصمة فبالظهور ثبت الاستيلاء على مال غير معصوم، أما في غير الأولاد فظاهر وما فيهم فلأنهم لم يصيروا مسلمين بإسلامه لانقطاع التبعية بتباين الدارين فكانوا من جملة الأموال، ولا بد أيضا أن يقيد بكونه لم يخرج إلينا فإن خرج فظهر عليهم فجميع ماله فيء إلا أولاده الصغار لأنه حيث أسلم كان متبعا لهم فصاروا مسلمين فلا يرد الرق عليهم ابتداء، بخلاف غيرهم لانقطاع يده عنهم بالقتال فيغنم كما في (الفتح). (أحرز نفسه) عن القتل والاسترقاق (وأولاده) تبع له (و) أحرز أيضا (كل مال معه) لخبر (فإذا أسلموا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) والمسلمة مقيدة بما إذا لم يؤخذوا فإن أخذوا أحرز نفسه فقط (أو) كان المال (وديعة) له (عند مسلم أو ذمي) لأنه في يده حكما، قيد بالوديعة لأن الغصب يكون فيئا عند الإمام وبكونها في يدهما لأنها لو كانت في يد حربي كانت فيئا أيضا في ظاهر الرواية عن الإمام وعنه أنها له (دون ولده الكبير) لأنه غير تابع له (وزوجته) لما قلنا (وحملها) لأنه كجزئها وإن حكم بإسلامه تبعا لخير الأبوين، والمسلم محل التمليك تبعا لغيره فإنه لو تزوج أمة الغير كان أولاده مسلمين أرقاء، (و) دون (عقاره) وما فيه من زرع لم يحصد لأنه في يد أهل الدار إذ هو من جملة دار الحرب فلم يكن في يده إلا حكما

وعبده المقاتل للراجل سهم وللفارس سهمان. ـــــــــــــــــــــــــــــ والدار ليست دار أحكام فكانت يد غير معتبرة قبل ظهور المسلمين على الدار وبعد ظهورهم يدهم أقوى من يد أهل الدار لأنها جعلت شرعا سالبة لما في أيديهم وهذا قول الإمام وأبي يوسف الآخر. وقال محمد: هو كغيره من الأموال وقيل: هذا قول الثاني ومحمد مع الإمام، (وعبده المقاتل) لأنه بالقتال تمرد على مولاه فخرج عن يده وصار تبعا لأهل دارهم فنقصت نسبة بالمالية إلى مولاه لأن كماله معناه ماليته بالملك واليد وفي هذا خلاف الأئمة الثلاثة والظاهر معهم لأنه لم يخرج عن كونه ماله كما في (الفتح) وفيه. فرع: أسر العدو عبدا ثم أسلموا فهو لهم ولو كان ذلك العبد جنى جناية أو أتلف متاعا تلزمه قيمته بطلت الجناية ولزمه الدين والله أعلم. فصل في كيفية القسمة لما فرغ من بيان الغنيمة شرع في بيان قسمتها وأفردها بفصل لكثرة شعبها وهي جعل النصيب الشائع معينا (للراجل سهم) إجماعا يعني من الأربعة أخماس الباقية بعد إخراج الخمس الآتي مصرفه (وللفارس سهمان) عند الإمام وزفر وقالا: له ثلاثة أسهم لما أخرجه الجماعة إلا النسائي (أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما) ولأبي حنيفة ما رواه أبو داود وأحمد (أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أن قسم خيبر أعطى للفارس سهمين وللراجل سهما) وما رواه الجماعة محمول على التنفيل كما روي (أنه عليه الصلاة والسلام أعطى سلمة بن الأكوع سهم الراجل والفارس وكان راجلا أجيرا لطلحة) والأجير لا يستحق سهما من الغنيمة وإنما أعطاه رضخا لجده في القتال وقال: (خير رجالنا سلمة بن الأكوع وخير فارسنا أبو قتادة) كذا في (الشرح). قال في (الحواشي السعدية): وهو مخالف لما سيصرح به بعد من أن الأجير إن ترك الخدمة وقاتل يسهم له كأهل سوق العسكر وإلا فلا شيء له ولا يجمع بين أجر ونصيب لخدمة في الغنيمة انتهى. وهو الحق ويوافقه ما في (غاية البيان) الأجير

ولو له فرسان والبراذين كالعتاق لا الراحلة والبغل والعبرة للفارس والراجل عند المجاوزة. ـــــــــــــــــــــــــــــ لخدمة الغازي والسوقي يسهم لهما إذا قاتلا والعبد يرضخ له والفرق أن العبد تبع [325/أ] فانحطت رتبته بخلافه ولذا يسقط / أجره من القتال عن المستأجرين (ولو له فرسان) أي: لا يسهم إلا لفرس واحد ولو كان له أكثر، وقال أبو يوسف: يسهم لفرسين (لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير يوم خيبر خمسة أسهم) وحملاه على التنفيل ولم يذكر الخلاف في ظاهر الرواية وما عن أبي يوسف في (الإملاء) ولا خلاف أنه لا يسهم لثلاثة فأكثر. (والبراذين) خيل العجم وأحدهما برذون (كالعتاق) بكسر العين جمع عتيق كرام الخيل العربية فلا يفضل أحدهما على الآخر لاستواء الكل في السبب وهو الإرهاب وعرف من هذا أن الهجين وهو ما يكون أبوه من البراذين وأمه عربية والمقرف وهو ما يكون أبوه عربيا وأمه برذونة كالعتاق بالأولى، وجعل في (الصحاح) و (القاموس) الهجنة من قبل الأم والإقراف من قبل الأب (لا الراحلة) أي: لا تكون الراحلة (والبغل) كالعتاق فلا يسهم لهما لأن الإرهاب لا يقع بهما، (والعبرة) أي: والاعتبار (للفارس والراجل عند) أي: وقت (المجاوزة) أي: الانفصال من دار الإسلام إلى دار الحرب أي: مجاوزة الدرب وهو الحد الفاصل بين دار الإسلام ودار الحرب حتى لو دخل دار الحرب فنفق فرسه وقاتل راجلا استحق سهم الفرسان. ولو دخل راجلا فاشترى فرسا فيها فقاتل فارسا استحق سهم راجل في ظاهر المذهب وروى ابن المبارك عن الإمام أنه يستحق سهم الفارس واعتبرت للمجاوزة لأنها قتال لأنهم يلحقهم الخوف بها والحال بعدها حال الدوام فلا يعتبرن وعم إطلاقه ما لو كان الفرس مغصوبا أو مستعارا أو مستأجرا فاسترده المالك فقاتل راجلا وهذا إحدى الروايتين وفي رواية له سهم الراجل. قال في (الفتح): ومقتضى كونه جاوز بفرس لقصد القتال عليه ترجيح الاستحقاق، نعم لا بد أن يكون عدم القتال على الفرس لا بصنع منه حتى لو دخل فارسا ثم باع فرسه أو وهبه وسلمه أو أجره أو رهنه ففي ظاهر المذهب لا يستحق سهم الفرسان وروى أنه يستحق وحكى صاحب (الخلاصة) روايتين في العارية والمنع يوافق ظاهر الرواية ولو غصب فرسه قبل الدخول فدخل راجلا ثم استرد أو ركب عليه آخر ودخل دار الحرب ونفر الفرس أو ضل منه فاتبعه ودخل راجلا استحق سهم الفارس، ولا بد أن يكون الفرس صالحا للقتال حتى لو كان مريضا أو هزيلا أو

وللملوك والمرأة والصبي والذمي الرضخ لا السهم والخمس لليتامى والمساكين وابن السبيل وقدم ذوو القربي الفقراء منهم عليهم ولا حق لأغنيائهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ كبيرا أو صغيرا لا يستحق ما للفارس إلا إذا زال المرض وصار بحال يقاتل عليه فإنه يستحقه أيضا استحسانا، ولو طال المكث في دار الحرب حتى كبر فقاتل عليه لا يستحقه كذا في (التاتارخانية). قال في (البحر): وكأن الفرق حصول الإرهاب بالكبير ولو مريضا بخلاف الصغير (وللمملوك والمرأة والصبي) والمجنون كما في (الولوالجية) فالمعتوه أولى (والذمي الرضخ) بمعجمتين وهو إعطاء قليل من كثير وهو السهم على حسب ما يراه الإمام قبل إخراج الخمس عندنا (لأنه عليه الصلاة والسلام كان يرضخ للنساء والصبيان والعبيد) ولما استعان باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة أي: لم يسهم لهم ثم إنما يرضخ لغير المرأة بالقتال لأنهم يقدرون عليه ولذا شرطوا في الصبي أن يكون قادرا عليه ولا فرق في العبيد بين أن يقاتلوا بغير إذن السيد أو بإذنه أما المرأة فيرضخ لها بغير قتال كذا في (الفتح) لأن بها مداواة الجريح منهم والقيام على المريض وحفظ الأمتعة ونحوها وصحة أمانها لثبوت شبهة القتال منها. ولو أعتق العبد يرضخ له فيما أصيب من الغنيمة قبل عتقه ولو أسلم الذمي المقاتل يضرب له بسهم فيما أصيب بعد إسلامه كذا في (التاتارخانية) (لا السهم) لما روينا نبه بهذا على أن الرضخ لا يبلغ به الإمام به السهم، فإن قلت: قد قالوا: إن الذمي إذا دل على الطريق فللإمام أن يزيده على السهم قلت: ما يدفع إليه في هذه الحالة ليس رضخا بل قائم مقام الأجرة بخلاف ما إذا قاتل لأنه عمل الجهاد ولا يستوي في عمله بين من يؤجر عليه ومن لا يقبل منه، (والخمس) الباقي بعد صرف الأربعة أخماس يصرف (لليتامى والمساكين وابن السبيل) فيعطى لكل واحد سهم نبه بذلك على أن الخمس يقسم أثلاثا عندنا (وقدم ذوي القربي) من بني هاشم وبني المطلب فقط لأن استحقاقهم ليس بمحض القرابة بل للنصرة أيضا وهي المؤانسة معه بالكلام والمصاحبة لا المقاتلة، وهذا القدر مفقود في غير بني هاشم وبني عبد المطلب ولذا كان لنسائهم أيضا ثم سقط ذلك بموته عليه الصلاة والسلام لعدم تلك العلة وهي النصرة فيستحقونه بالفقر، (الفقراء) بالرفع على البدلية (منهم) أي: من ذوي القربى (عليهم) الأصناف الثلاثة لأن غيرهم من الفقراء يتمكنون من أخذ الصدقات / [325/ب] وذوا القربى لا يحل لهم (ولا حق لأغنيائهم)، والأصل في هذا قوله تعالى: {واعلموا

وذكره تعالى للتبرك وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - سقط بموته كالصفي وإن دخل جمع ذو منعة دراهم بلا إذن خمس ما أخذوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنما غنمتم من شيء} (الأنفال: 41) الآية، وقد قسم الخلفاء الراشدون الخمس على هذا ولم يدفعوا شيئا لذوي القربى وفيه دلالة ظاهرة لقول الطحاوي من أنهم يحرمون لأن فيه معنى الصدقة. وقال الكرخي: يدفع إليهم بشرط الفقر وهو الأصح لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - (يا بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم عنها بخمس الخمس) والعوض إنما يثبت في حق من ثبت في حقه العوض وهم الفقراء، ويحمل عدم إعطائهم على أن ذوي القربى بيان مصرف الاستحقاق، وعندنا يجوز الاقتصار على جنس واحد نص عليه في (البدائع) وغيرها أو أنهم رأوهم أغنياء وأن الصرف إلى غيرهم أنفع وكونه فيه معنى الصدقة ممنوع بل هو مال الله لأن الجهاد حقه أضافه إليهم لا حق لنا لزمنا أداؤه طاعة له ليصير وسخا، وفي (الحاوي القدسي) وعن أبي يوسف: إن الخمس يصرف لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وبه نأخذ، قال في (البحر): وهذا يقتضي أن الفتوى على الصرف إلى الأقرباء الأغنياء فليحفظ. وأقول: فيه نظر بل هو ترجيح لإعطائهم وغاية الأمر أنه سكت عن اشتراط الفقر فيهم للعلم به وفي (منية المفتي) لو وضع أي: الإمام الخمس في الغانمين لحاجتهم إليه له ذلك انتهى. (وذكره تعالى للتبرك) باسمه في افتتاح الكلام لأن له ما في السموات وما في الأرض كذا جاء عن ابن عباس رواه الطبراني وفيه رد لقول أبي العالية: إنه يصرف إلى بناء بيت الكعبة إن كان قريبا وإلا فإلى مسجد كل بلد ثبت فيه الخمس (وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - سقط بموته) لأنه حكم علق بمشتق وهو الرسول فيكون مبدأ الاشتقاق عله وهو الرسالة ولا رسول بعده، (الصفي) بفتح الصاد وكسر الفاء والياء المشددة أي: كما أن الصفي وهو ما كان - صلى الله عليه وسلم - يصطفيه من الغنيمة قبل القسمة وإخراج الخمس من درع أو جارية سقط بموته بلا خلاف، (وإن دخل جمع) من المسلمين (ذو منعة) أي: قوة (دارهم بلا إذن) الإمام (خمس ما أخذوه) لأنه غنيمة للقهر والغلبة لما أنه يجب عليه نصرهم دفعا للإهانة عن المسلمين بخلاف الواحد أو الاثنين، وأفهم كلامه أنه لو كان بإذن خمس بالأولى. وفي (منية المفتي): لو دخل أربعة خمس ولو ثلاثة لا وفي (التاتارخانية) لو

وإلا لا وللإمام أن ينفل. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان بعضهم بإذن الإمام وبعضهم بلا إذنه ولا منعة لهم فالحكم في كل واحد منهم حالة الاجتماع كما في حالة الانفراد، وإن كانت له منعة يجب الخمس انتهى، (وإلا) أي: وإن لم يكونوا ذوي منعة (لا) أي: لا يخمس ما أخذوه لأنه اختلاس، وظاهره ولو كان بإذن الإمام لكن هذا إحدى الروايتين والمشهور أنه يخمس لأنه به التزم نصرتهم، (وللإمام أن ينفل) الغازي بأن يعطيه فوق سهمه يقال: نفله تنفيلا وجاء في الفصيح مخففا أيضا. ويقال: إنه مندوب لأن فيه تحريضا على القتال فإن قلت: التحريض مأمور به فهو واجب لا مندوب قلت: المندوب إنما هو اختيار الأنشاط دون غيره لما أنه أدعى إلى المقصود أما هو في نفسه فواجب مخير لأنه قد يكون أيضا بالموعظة الحسنة والترغيب فيما عند الله بقوله حال القتال قيد به القدوري ولا بد منه لأنه بعده لا يملكه الإمام وقبل ما داموا في دار الحرب يملكه كذا في (السراج) ويؤيد هذا القيل أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل قتيلا فله سلبه) إنما كان بعد الفراغ من خيبر ولم أر جوازه قبل المقاتلة وقد يؤيد هذا القيل من قتل قتيلا سماه بذلك لقربه من القتل وسواء سمع القاتل ذلك أم لا وقد يكون بدفع الدراهم والدنانير فله سلبه هذا اللفظ يدخل فيه الإمام أيضا بخلاف ما إذا قال: منكم، ولو قال: من قتلته أنا فلي سلبه لا يستحقه ويقع هذا اللفظ على كل قتال في تلك السفرة ما لم يرجعوا، وإن مات الوالي أو عزل ما لم يمنعه الثاني كما في (التتارخانية) قيل وبقوله من أصاب شيئا فهو له ذكره في (الحواشي السعدية). وفي (المنية) قال أمير العسكر: إن قتلت ذلك الفارس فلك كذا فقتله فلا شيء له ولو قال إن قطعت رؤوس أولئك القتلى فلك كذا استحق القاطع وبقوله أيضا للسرية جعلت لكم الربع بعد الخمس ليس بقيد إذ لو نفل بربع الكل جاز لأن / له أن [326/أ] ينفل السرية بالكل فهذا أولى كذا في (الشرح) وفي (السير) لو قال للعسكر: كل ما أخذتم فهو لكم بالسوية بعد الخمس أو للسرية لم يجز لأن فيه تسوية الفارس بالراجل وكذا لو قال: ما أصبتم فهو لكم ولم يقل بعد الخمس لأن فيه إبطال الخمس الثابت بالنص. قال في (الفتح): وهذا يبطل ما ذكر في (الحواشي) لاتحاد اللازم فيهما بل وزيادة حرمان من لم يصب شيئا فهو أولى بالبطلان وبه ينتفى أيضا ما مر أنه لو نفل

وينفل بعد الإحراز من الخمس فقط والسلب للكل إن لم ينفل وهو مركبه وثيابه وسلاحه وما معه. ـــــــــــــــــــــــــــــ بجميع المأخوذ جاز لأن فيه زيادة إيحاش الباقين وإثارة الفتنة، ولو اجتمع رجلان على قتل حربي اشتركا في سلبه وقيده في (شرح الطحاوي) بأن يقاوم الكل فإن كان ضعيفا كان سلبه غنيمة، ولو قيد الإمام بقوله وحده لا يستحقان ولو كان الخطاب لواحد فشاركه غيره استحقه المخاطب وهده ولو قتل رجلين كان له سلب الأول فقط إلا إذا قتلهما معا فإنه يخير في أخذ سلب أيهما شاء، ويستحق السلب من يستحق السهم والرضخ بشرط أن يكون المقتول مباح الدم فلا يستحق السلب بقتل النساء والصبيان، (وينفل بعد الإحراز) بدارنا (من الخمس فقط) لأن حق الغانمين له تأكيد ولا حق لهم في الخمس فجاز أن ينفل منه، وأورد أنه إن لم يكن حقا لهم فهو للأصناف الثلاثة فلا يجوز إبطال حقهم أيضا وأجيب بأنه إنما يجوز باعتبار جعل المتنفل من الأصناف الثلاثة وصرفه إلى واحد كاف ولذا قال في (الذخيرة): لا ينبغي للإمام أن يضعه في الغني لأن الخمس حق المحتاجين فجعله للأغنياء إبطال لحقهم. قال في (البحر): لكن تصريحهم بأنه تنفيل يدل على جوازه للغني ومن العجب قول الزيلعي: لا يجوز للغني فإن ظاهر ما في (الذخيرة) عدم الحرمة وأقولك ممنوع بل ظاهر في الحرمة كما قال الشارح لأن إبطال حق الغير لا يجوز، (والسلب) محركا أي: المسلوب والجمع أسلاب (للكل) أي: لكل العسكر (إن لم ينفل) الإمام به القاتل لقوله - صلى الله عليه وسلم - لحبيب بن أبي سلمة (ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك) ولأنه أخذ بقوة العسكر فيكون غنيمة (وهو) أي: السلب (مركبه) أي: المقتول وما على مركبه من السرج والآلة (وثيابه وسلاحه وما معه) من ذهب وفضة في حقيبته أو وسطه وخاتم وسوار ومنطقة في الصحيح كما في (الحقائق) وليس منه ما كان مع غلامه أو في خيمته أو على دابته أخرى. وفي (المحيط) قال الأمير: من قتل قتيلا فله فرسه فقتل راجل رجلا ومع غلامه فرس قائم بجنبه بين الصفين كان للقاتل إذا كان مع غلامه بقرب منه لأن مقصود الإمام قتل من كان متمكنا من القتال فارسان وإن لم يكن بجنبه في الصف لا يكون له ولو كان على بغل أو حمار أو جمل لا يستحق السلب لأن راكب هذه الأشياء لا يسمى فارسا انتهى ووقع في نسخة الشارح فله سلبه وجزم في (البحر) بأنه سبق قلم

باب استيلاء الكفار

باب استيلاء الكفار سبى الترك الروم وأخذوا أموالهم ملكوها وملكنا ما نجده من ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــ بدليل المقاتلة بالبغل والحمار فإنه في هذه الحالة لا يستحق، ولو كان التنفيل بلفظ السلب لا يستحقه، ثم حكم التنفيل قطع حق الباقين ولو مغصوبا من مسلم مستأمن أو معارا من صبي أو امرأة وأما الملك فيما يثبت بعد الإحراز بدار الإسلام حتى لو قال: من أصاب جارية فهي له فأصابها مسلم لم يحل له وطئها بعد الاستبراء عندهما وقال محمد: يحل وعلى هذا الخلاف البيع والضمان بالإتلاف وأجمعوا أن المتلصص لو أخذ جارية في دار الحرب واستبرأها لا يحل له وطئها والله الموفق بمنه وكرمه وجوده وإحسانه. باب استيلاء الكفار على بعضهم بعضا أو على أموالنا، وتقديم استيلائنا عليهم ظاهر الحسن، (سبى) كفار (الترك) كفار (الروم) قال في (القاموس): الروم بالضم جيل من ولد الروم بن عيصوا ورجل رومي والجمع الروم والترك بالضم جيل من الناس والجمع أتراك انتهى. قال في (البحر): فما في (النهاية) من أن الترك جمع التركي والروم جمع الرومي ففيه نظر. وأقول: لا مخالفة بينهما بوجه فإن كلا من الترك والروم اسم جنس جمعي حتى يفرق بينه وبين مفرده بالياء كزنج وزنجي وغاية الأمر أن الترك الذي هو جمع تركي جمع على أتراك وهذا لا ينفيه صاحب (النهاية) (وأخذوا أموالهم ملكوها) لوجود الاستيلاء على مال مباح إذ وضع المسألة فيما / إذا كان الكل في دار الحرب فيحل [326/ب] الشراء منهم (وملكنا ما نجده من ذلك) مما سباه الترك من الروم أو أخذوه من أموالهم كسائر أملاكهم ولو كان بيننا وبين المأخوذ منهم مواعدة لأنا لم نغدرهم. قال في (الخلاصة): والإحراز بدار الحرب شرط أما بدارهم فلا ولو كان بيننا وبين كل الطائفتين مواعدة فاقتتلوا في دارنا لا نشتري من الغانمين شيئا لفقد الملك بعدم الإحراز وفي (الفتح) لو اقتتلت طائفتان في بلدة واحدة فهل يجوز شراء المسلم المستأمن من الغانمين شيئا ينبغي أن يقال: إن كان بين الآخذ والمأخوذ قرابة محرمية كالأمومية أو كان المأخوذ لا يجوز بيعه للآخذ لم يجز إلا إن دانوا بذلك عند الكرخي وإن لم يكن فإن دانوا بأن من قهر آخر ملكه جاز الشراء وإلا فلا انتهى. وفي (منية المفتي) إذا باع الحربي ولده من مسلم في دار الحرب عن الإمام أنه

إن غلبنا عليهم وإن غلبوا على أموالنا وأحرزوها بدارهم ملكوها وإن غلبنا عليهم فمن وجد ملكه قبل القسمة أخذه مجانا وبعدها بالقيمة. .... ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز ولا يجبر على الرد وعن أبي يوسف أنه يجبر إذا خاصم الحربي ولو دخل دارنا بأمان مع ولده فباع الولد لا يجوز في الروايات كلها، و (إن غلبوا على أموالنا وأحرزوها بدارهم ملكوها) قيل: لأن الاستيلاء ورد على مال مباح فينعقد سببا للملك دفعا لحاجة المكلف، وهذا لأن العصمة ثبتت على منافاة الدليل ضرورة تمكن المالك من الانتفاع وإذا زالت الملكية عاد مباحا وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح (هل ترك لنا عقيل من دار) وفيه نظر إذ الصحيح من مذهب أهل السنة أن الأصل في الأشياء التوقف والإباحة رأى المعتزلة وعلى هذا فالوجه أن يقال: العصمة من جملة الأحكام الشرعية فيمن خوطب بها ظهرت العصمة في حقه وما لا فلا، فبقي في حق الكافر ما لا غير معصوم والاستيلاء عليه موجب للملك قاله ابن الساعاتي. وأما الحديث فالاستدلال به موقوف على أن الدار كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنهم ملكوها بالاستيلاء وليس كذلك بل إنما كانت لأبي طالب واستولى عليها عقيل بالإرث منه وذلك أنه مات وترك عليا وجعفرا مسلمين وعقيلا وطالبا كافرين فروثناه نعم فيه دليل على أن المسلم لا يرث من الكافر، والأولى هو الاستدلال بقوله تعالى: {للفقراء المهاجرين} (الحشر: 8) سماهم فقرا فدل على أن الكفار ملكوا ما خلفوه من الأموال وهاجروا عنها وليس من يملك مالا وهو في مكان لا يصل إليه فقيرا بل هو مخصوص بابن السبيل هذا حاصل ما في (الفتح) وقد يقال قد استقر أن أبا طالب وعبد الله والد المصطفى كانا أخوين والظاهر أن الدار كانت للكل فلما ارتحل - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وضع عقيل يده على كلها ومن هنا قال - صلى الله عليه وسلم -: (وهل ترك لنا عقيل من دار) إذ كيف يقول لنا ولا ملك له فيها كما قرر فتدبره. (وإن غلبنا عليهم) أي: على الذين أحرزوا أموالنا بدارهم (فمن وجد ملكه) في الغنيمة مثليا كان أو قيميا (قبل القسمة) بين المسلمين (أخذه مجانا) أي: بغير شيء (و) إن وجدوه (بعدها) أخذه (بالقيمة) كذا جاء في السنة ولأن الشركة قبل القسمة عامة فخف الضرر وبعدها إزالة ملك خاص فيأخذه بالقيمة وفيه إيماء إلى أنه لو كان مثليا لا يأخذه بعدها إذ لا فائدة في أخذه كما هو ظاهر وفي (التتارخانية) لو هرب عبدنا منهم إلى دار الإسلام ومعه مال فأخذه مسلم فإن جاء ربه قبل أن يخمس أخذه

وبالثمن لو اشتراه تاجر منهم وإن فقأ عينه وأخذ أرشه. ـــــــــــــــــــــــــــــ مجانا وبعدما خمس يأخذه بالقيمة والمال للآخذ. ولو أعتقه فغلبنا عليهم أخذه المولى مجانا وبطل العتق وإن بعدما أخرجه المسلمون جاز العتق وفي (الملتقط) لو ابق عبدنا منهم يرد إلى سيده وفي رواية يعتق (و) أخذه (بالثمن لو اشتراه تاجر منهم) دفعا للضرر عنه بأخذه مجانا والقول في مقداره قول إلا أن يقيم المالك البينة، ولو أقامها فالبينة بينة المالك، وقال الثاني: بينة المشتري وعم كلامه ما لو اشتراه بعوض حيث يأخذه بقيمته فلو كان البيع فاسدا فبقيمة نفسه وقالوا: لو اشتراه بمثله قدرا ووصفا لا يأخذه ولو فاسدا لعدم الفائدة وهذه ترد على المصنف واتفقت الروايات على أنه لو كان المأخوذ ألفا هي نقد في بيت / المال فاشتراها بألف غلة وتفرقا عن [327/أ] قبض لم يكن للمالك أخذها كذا في (التتارخانية) لأن الجودة والرداءة في الأموال الربوية هدر، وأنه لو اشتراه بخمر أو خنزير لم يكن للمالك أخذه انتهى يعني بالخمر والخنزير ومقتضى ما مر أنه يأخذه بقيمة نفسه وبه صرح في (السراج). وأفاد المصنف أنه لو رهن المشتري لم يكن للمالك أخذه حتى يفتكه ولا يجبر على ذلك بخلاف ما لو أجره لأنه تنفسخ بالعذر، وأن للوصي أن يأخذه لليتيم إن كان الثمن مثل قيمته وللمودع والمستأجر والمستعير حق الخصومة وفي الاسترداد قبل القسمة وهي بعدها للمستأجر فقط، ولو وهبها أخذها المالك بعد الإخراج إلى دار الإسلام بقيمتها ولو دبرها أو أعتقها من وقعت في سهمه لا يأخذها المالك بخلاف ما لو زوجها وولدت حيث يأخذها مع ولدها لأن التزويج لا يمنع الأخذ، (وإن) وصلية (فقأ) شخص (عينه) في يد التاجر أو قطع يده (وأخذ أرشه) يعني لا يحط عنه شيء من الثمن لأن الأوصاف لا يقابلها شيء منه والعين كالوصف لأنها يحصل بها وصف الأبصار وقد كانت في ملك صحيح فلا يقابلها شيء منه والعقر كالأرش. قال في (الفتح): ولو أنه فقأ عيناه عند الغازي المقسوم له فأخذ قيمته وسلمه للفاقئ فللمالك أخذه للمولى لهما أن فوت وصفا فلا يسقط به شيء من الثمن وله أنه طرف مقصود فهو كفوات بعض الأصل قيسقط حسته من القيمة كالولد مع الأرش فكان بمنزلته، وهذا ينتقض بمسألة (الكتاب) بل الوجه في الفرق أن فوت الطرف هنا بفعل الملك فكان بمنزلة ما لو اشتراه سليما ثم قطع طرفه باختياره فكان راضيا بتبعيضه بخلاف مسألة (الكتاب) لأن الفاقئ غيره بغير رضاه انتهى، وهذا يفيد أن الفاقئ لو كان هو التاجر حط من الثمن مقدار الأرش لكن جعل هذا في (المحيط) رواية عن محمد بعد ما صرح بأن المشتري إذا فقأ عينه فالحكم كما في (الكتاب).

فإن تكرر الأسر والشراء أخذه الأول من الثاني بثمنه ثم القديم بالثمنين ولا يملكون حرنا ومدبرنا وأم ولدنا ومكاتبنا ونملك عليهم جميع ذلك وإن ند إليهم جمل فأخذوه ملكوه وإن ابق إليهم قن لا ولو أبق بفرس ومتاع فاشترى رجل كله منهم أخذ العبد مجانا وغيره بالثمن. ـــــــــــــــــــــــــــــ (فإن كرر الأسر والشراء) بأن أسر مرتين فاشتراه في الأولى رجل وفي الثانية آخر (أخذه) المشتري (الأول من الثاني بثمنه) بغير رضاه لأن الأسر ورد على ملكه فكان حق الأخذ له (ثم) المالك (القديم) يأخذ (بالتثمين) لأنه قام عليه بهما ودل كلامه أنه ليس للقديم أن يأخذه من الثاني، ولو كان الأول غائبا أو حاضرا أبى عن أخذه لأن الأسر ما ورد على ملكه وفي قوله أخذه إيماء إلى أن الأول لو اشتراه من الثاني لم يكن للقديم أخذه لأن حق الأخذ إنما ثبت له في ضمن عود الملك الأول القديم وبالشراء إنما يثبت ملك جديد فيد بتكرر الأسر لأنه لو لم يتكرر أخذه المالك القديم بما اشتراه إن مثليا فبمثله وإلا بأن اشتراه مقايضة فبقيمته ويتكرر الشراء لأن الأول لو وهبه له أخذه المالك القديم بقيمته. (ولم يملكوا) بغلبتهم علينا (حرنا ومدبرنا وأم ولدنا ومكاتبنا) لعدم محلية هؤلاء للتمليك إذ الحر المعصوم بنفسه وكذا من سواه ثبتت الحرية فيه من وجه، فإذا ظهرنا عليهم فوجد مسلم مدبره أو أم ولده أو مكاتبه أخذه ولو في يد تاجر اشتراه منهم أو واحد من العسكر بعد القسمة أخذه بغير شيء وعوض الإمام العسكري من بيت المال قيمته (ونملك عليهم جميع ذلك) لإسقاط الشارع عصمتهم جزاء لكفرهم (وإن ند إليهم) من حد ضرب ومصدره القياسي نداء وجاء أيضا ندودا نحو (جمل فأخذوه ملكوه) لتحقق الاستيلاء إذ لا يد للعجماء (وإن أبق إليهم قن) سواء كان لمسلم أو ذمي (لا) أي: لا يملكونه عند الإمام وقالا: يملكونه قيد بقوله إليهم لأنهم لو أخذوه من دار الإسلام ملكوه اتفاقا ولا خلاف أنه لو ارتد وأبق إليهم ملكوه أيضا بالأخذ ولو كان كافرا من الأصل فهو ذمي تبعا لمولاه وفي العبد الذي إذا أبق قولان كذا في (الفتح) لهما أن العصمة لحق المالك لقيام يده وقد زالت، وله أنه [327/ب] ظهرت يده على نفسه / بالخروج من دارنا لأن سقوط اعتباره لتحقق يد المولى عليه تمكينا له من الانتفاع وقد زالت بالخروج. وفي شرح (الوقاية) الخلاف فيما إذا أخذوه قهرا وقيدوه وأما إذا لم يكن قهرا فلا يملكونه اتفاقا (وإن ابق بفرس أو متاع فاشترى رجل) ذلك (كله منهم أخذ) المالك (العبد مجانا) بغير شيء (و) أخذ (غيره) من الفرس والمتاع (بالثمن) عند الإمام وقالا: يأخذ العبد أيضا بالثمن بناء على ما مر من أنهم يملكونه عندهما خلافا له قيل: كان ينبغي على قوله أن يأخذ الكل مجانا لأن العبد لما ظهرت يده على نفسه

وإن ابتاع مستأمن عبدا مؤمنا وأدخله دارهم أو أمن عبد ثمة فجاءنا أو ظهرنا عليهم عتق. ـــــــــــــــــــــــــــــ ظهرت على ما في يده فتمنع ظهور يد الكافر لنفسه. وأجيب بأن غايته أنه صار له يد بلا ملك لأن الرق ينافيه فيملكه الكافر بالاستيلاء إذ الغرض أن سبق اليد يمنع استيلائهم وقد وجد والذي ارتضاه الشارح وغيره في الجواب أن ظهور يده مع المنافي وهو الرق فكانت ظاهرة من وجه دون وجه فاعتبرناها في حق نفسه دون المال ودفع بأن استيلاء العبد على المال حقيقة وهو مال مباح فينبغي أن يمنع استيلاءهم. (وإن ابتاع) أي: اشترى (مستأمن عبدا مؤمنا) أو ذميا لأنه يجبر على بيعه أيضا كما في (النهاية) (وأدخله دارهم) عتق عند الإمام وقالا: لا يعتق لانقطاع ولاية الجبر على البيع بالدخول في دارهم فبقي في يده عبدا، وله أن تخليصه عن ذل الكافر واجب فيقام الشرط وهو تباين الدارين مقام العلة وهو الإعتاق وعلى هذا الخلاف لو أسلم عبد الحربي وبقي في دارهم فاشتراه مسلم أو ذمي أو حربي في دار الحرب عتق عنده خلافا لهما، ولو عرضه على البيع عتق أيضا قبل المشتري البيع أم لم يقبل كذا في (شرح الطحاوي) قيد بشراء المستأمن لأن الحربي لو أسر العبد المسلم وأدخله داره لا يعتق عليه اتفاقا للمانع عنده من عمل المقتضى عمله وهو حق استرداد المسلم، (أو أمن عبد ثمة فجاءنا) ثمنه مجانا أو أخرج مراغما لمولاه فأمن في دارنا بخلاف ما لو خرج بإذنه أو بأمره فأسلم حيث يبيعه الإمام ويحفظ ثمنه لمولاه، (أو ظهرنا عليهم عتق) العبد في هذه المسائل، ولا يعلم في الثانية خلاف عن أهل العلم لما روي أن عبيدا من الطائف أسلوا، وإليه - صلى الله عليه وسلم - خرجوا فقضى عليه الصلاة والسلام بعتقهم وقال: (هم عتقاء الله). قال في شرح الطحاوي: ولا يثبت ولا العبد الخارج إلينا مسلما لأحد لأن هذا عتق حكمي. تتمة: جنى عبد خطأ أو أفسد متاعا ثم أسره العدو وظهروا عليه فهو لهم ثم تبطل الجناية دون الدين بخلاف ما لو اشتراه رجل أو أصابه المسلمون في الغنيمة فأخذه المولى حيث لا تبطل لأنه يعيده إلى قديم ملكه، ولو كانت الجناية قتل عمد لم تبطل بحال ولو أسروا جارية مرهونة بألف هي قيمتها أو اشتراها رجل بألف أخذها الراهن بها ولم تبق رهنا إلا أن يرد المرتهن على الراهن الألف، ولو كان الثمن أقل كان للمرتهن أن يؤدي ذلك الثمن فتكون رهنا عنده، ولو أسروا متزوجة لا يبطل النكاح لأن نقل الملك لا يبطل النكاح كالبيع والقياس القاطع به إنما هو تباين الدار حقيقة وحكما والمسألة في دار الإسلام حكما وإن كانت في دار الحرب حقيقة كذا في (الفتح).

باب المستأمن

باب المستأمن دخل تاجرنا ثمة حرم تعرضه لشيء منهم فلو أخرج شيئا ملكه ملكا محظورا فيتصدق به. ـــــــــــــــــــــــــــــ باب المستأمن أي: الطالب للأمان لما كان الاستئمان إنما يكون بعد القهر الذي به يكون الاستيلاء أخره عنه وتقديم استئمان المسلم على الكافر ظاهر الحسن (دخل تاجرنا) معاشر المسلمين أضاف الدخول إليه إيماء إلى أنه بأمان لأنه لا يدخل إلا به حفظا لما بيده وفي إضافته إلينا إيماء أيضا إلى إسلامه (ثمة حرم تعرضه بشيء) من الدماء والأموال والفروج (منهم) أي: من أملاك أهل الحرب لأنه غدر وهو منهي عنه إلا إذا غدر به ملكهم فأخذ ماله أو حبسه أو غيره بعلمه وسكت فله التعرض بأخذ الأموال وقتل الأنفس كالأسير والمتلصص، وخرج بالأملاك ما لو وجد من لا يملكه الحربي من امرأته وأم ولده ومدبرته فيجوز التعرض لهم غير أنه لا يطأ من وطئها الحربي إلا بعد العدة. وأما إذا أغار أهل الحرب الذين فيهم مسلمون مستأمنون على طائفة من المسلمين ولو خوارج فأسروا ذراريهم ومروا بهم على المسلمين فإنه يجب عليهم قتالهم إن قدروا عليهم لأنهم لا يملكون رقابهم فتقريرهم في أيديهم تقرير على [328/أ] الظلم ولم يلتزمون / بخلاف الأموال. وفي (المحيط) باع الحربي من المستأمن أمة وأم ولده أو عمته أو خالته لا يشتريها منه لأن الحربي وإن ملكها بالقهر فقد صارت حرة ولو قهر الحربي بعض أحرارهم فأراد بيعهم من المستأمن ينظر إن كان الحكم عندهم أن من قهر منهم صاحبه نفد ملكه جاز الشراء وإلا لا. فرع نفيس قال في (المبسوط): لو أغار قوم من أهل الحرب على أهل الدار التي فيها المستأمن لا يحل له قتال هؤلاء الكفار إلا أن يخاف على نفسه لأنه إذا لم يخف فهو لإعلاء كلمة الكفر. (فلو أخرج) التاجر (شيئا) إلى دارنا (ملكه) لتحقق الاستيلاء على مال مباح ملكا (محظورا) أي: خبيثا (فيتصدق به) وجوبا لحصوله بسبب محظور وهو الغدر حتى لو كان جارية لا يحل له وطئها ولا للمشترى منه بخلاف البيع الفاسد. وقالوا: لو تزوج في دار الحرب منهم ثم أخرجها قهرا إلى دارنا ملكها يعني إذا

فإن أدانه حربي أو أدان حربيا أو غصب أحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم يقض بشيء وكذلك لو كانا حربيين وفعلا ذلك ثم استأمنا وإن خرجا مسلمين قضى بالدين بينهما لا بالغصب. ـــــــــــــــــــــــــــــ أضمر في نفسه أن يخرجها ليبيعها وهذا القيد لا بد منه حتى لو أخرجها كرها لا لهذا الغرض بل لاعتقاده أن له أن يذهب بزوجته حيث يشاء. قال في (الفتح): ينبغي أن لا يملكها كما لو أخرجها طوعا قيد بالإخراج لأنه لو غصب منهم شيئا وجب عليه رده (فإن أدانه حربي) أي: باعه شيئا بالدين (أو أدان) التاجر (حربيا) أو باعه كذلك كذا في (الشرح) وغيره وهو ظاهر في عدم شموله للفرض ويؤيده ما في (القاموس) أدان واستدان وتدين أخذ دينا والدين ما له أجل وما لا أجل له فقرض وأدانه اشترى بالدين أو باع بالدين ضد انتهى، مع أن الحكم فيهما واحد لكن في (المغرب) أدنته ودينته أقرضته وعلى هذا فما في (الكتاب) يشمل القرض أيضا لكن في (طلبة الطلبة) أدان بالتشديد من باب الافتعال أي: قبل الدين والدين غير القرض لأن القرض اسم لما يقرض ويقبض والدين اسم لما يصير في الذمة بالعقد وبالاستيلاء أو بالاستقراض كذا في (السراج). وحاصله أن من قصر المداينة على البيع بالدين شدد ومن أدخل القرض ونحوه خفف وهو أولى، (أو غصب أحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم يقض بشيء) أما في الإدانة فلأنه لا ولاية له وقتها ولا وقت القضاء على المستأمن لأنه ما التزم حكم الإسلام فيما مضى بل في المستقبل واستشكل قولهما بأن السلم ملتزم أحكام الإسلام مطلقا فصار كما لو خرجا مسلمين وأجاب في (الكافي) بأن ذلك للتسوية بين الخصمين ولا يخفى ضعفه فإن وجوب التسوية بينهما ليس في أن يبطل حق أحدهما بلا موجب لوجوب إبطال حق الآخر بموجب بل إنما ذلك في الإقبال والإقامة والإجلاس ونحو ذلك كذا في (الفتح)، وأما الغصب فلأنه صار ملكا لمن استولى عليه لمصادفته مالا مباحا، وقال الثاني: نقص بالدين على المسلم دون الغصب، قال الشارح: ويفتى برد المغصوب، زاد في (الفتح) ويرد الدين أيضا والله الموفق، (وكذلك) أي: لا يقضى بشيء (لو كانا) أي: المتحاكمان (حربيين و) الحال أنهما قد (فعلا ذلك) يعني ما مر من الإدانة والغصب (ثم استأمنا) أي: دخلا دارنا بأمان لما مر. وفي (المحيط) ادعى مسلم على حربي أنه أسير وقال: كنت مستأمنا فالقول للحربي إلا إذا قامت قرينة كأن يكون مغلولا أو مع عدد من المسلمين (وإن خرجا) أي: الحربيان من دار الحرب (مسلمين) وتحاكما (قضي بالدين) لوقوعه صحيحا للتراضي والولاية قائمة حال القضاء (دون الغصب) لما مر، ولا يؤمر بالرد لأن ملكه

مسلمان مستأمنان قتل أحدهما صاحبه تجب الدية في ماله والكفارة في الخطأ، ولا شيء في الأسيرين سوى الكفارة في الخطأ كقتل مسلم مسلما أسلم ثمة لا يمكن مستأمن فينا سنة وقيل له: إن أقمت سنة وضع عليك الجزية. ـــــــــــــــــــــــــــــ صحيح لا خبث فيه (مسلمان مستأمنان قتل أحدهما صاحبه) عمدا كان أو خطأ (تجب الدية في ماله) لأن العصمة الثابتة بدار الإسلام لا تبطل بعارض الدخول ولم يجب القصاص في العمد لأنه لا يمكن استيفاؤه إلا بمنعه ولا وجود لها دون الإمام ومعلوم أن العاقلة لا تعقل العمد فوجب في ماله، وأما الخطأ فإنما لم يجب عليهم فيه لأن وجوبها باعتبار الصيانة ولا قدرة لهم عليها مع تباين الدارين (و) تجب (لكفارة) أيضا (في الخطأ) لإطلاق النص دون العمد (ولا شيء) من قتل أو مال (في الأسيرين) إذا قتل أحدهما صاحبه عمدا كان أو خطأ (سوى الكفارة في الخطأ) عند الإمام وقالا: [328/ب] تجب الدية في ماله مطلقا لأن العصمة لا تبطل بالأسر كالاستئمان / وامتناع القصاص لما مر وله أنه بالأسر صار تبعا لهم بديل أنه يصير مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم فبطل الإحراز فصار (كقتل مسلم مسلما أسلم ثمة) أي: في دارهم فإنه لا شيء فيه سوى الكفارة في الخطأ اتفاقا لعدم الإحراز بدارنا والله الموفق للإتمام. فصل في استئمان الكافر (لا يمكن) كافر (مستأمن) دخل دارنا بأمان أن يمكث (فينا) أي: في دارنا معشر المسلمين (سنة) قيد به لأنه لو دخلها بغير أمان كان وما معه فيئا، ولو قال: دخلت بأمان إلا أن يثبت ولو قال مسلم: أنا أمنته، لم يصدق إلا أن يشهد رجلان غيره وسواء أخذ قبل الإسلام أو بعده عند الإمام وقالا: إن اسلم قبله فهو حر ثم إن أخذه واحد من المسلمين لا يختص به عنده وظاهر قولهما أنه يختص به، ولو دخل الحرم فهو فيء أيضا عند الإمام فيؤخذ. وقالا: لا يؤخذ ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤذى ولا يخرج كذا في (الفتح) وفيه إذا دخل بلا أمان وقال: أنا رسول الملك فإن كان معه كتاب بعلامة تعرف به ذلك كان آمنا لأن الرسول لا يحتاج إلى أمان خاص (وقيل له) القائل هو الإمام أو نائبه: (إن أقمت) فينا (سنة وضع عليك الجزية) لأنه لا يمكن من الإقامة الدائمة إلا بالاسترقاق أو الجزية ويمكن من اليسيرة لأن في منعها قطع الجلب وغيره ففصلنا بينهما بسنة لأنها مدة تجب فيه الجزية، والوضع عليه ليس بشرط فلو قال: أخذنا منك الجزية لكان أظهر والتقدير بالسنة اتفاقي بل له أن يقدر أقل من ذلك كالشهر والشهرين. قال في (الفتح): إلا أنه لا ينبغي أن يلحقه غرم بتقصير المدة جدا خصوصا إذا

فإن مكث بعده سنة فهو ذمي فلم يترك أن يرجع إليهم كما لو وضع عليه الخراج. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان له معاملات يحتاج إلى قضائها في مدة مديدة (فإن مكث سنة بعد القول فهو ذمي)، هذا ظاهر في توقف كونه ذميا على قول الإمام أو نائبه كما مر حتى لو أقام سنين من غير أن يقول له شيئا كان له أن يرجع وبه صرح العتابي في (فتاواه) وإليه أشار صاحب (الهداية) في التعليل، قال في (النهاية): ولفظ (المبسوط) يدل على أن تقدمه ليس بشرط إنما الشرط إقامته فيها سنة وفي (الفتح) والأول هو الأوجه. قال في (الحواشي السعدية): ولعل فيه روايتين وبما في (المبسوط) جزم به في (الدرر والغرر) حيث قال: لو قال له: إن أقمت فينا مدة أو لم يقل لكنه أقام حولا كان ذميا وينبغي أن تظهر فائدة الخلاف في ابتداء المدة التي يصير بإقامتها ذميا فعلى الأول من وقت التقدم وعلى الثاني من وقت الدخول والقولان مذكوران في (السراج) ولا تؤخذ منه جزية في السنة التي أقامها إلا إن قال له: إن أقمتها أخذت منك الجزية فكذا في (الفتح) وفيه لو مات المستأمن في دارنا وله ورثة في دار الحرب وقف ماله لهم فإن قدموا فلا بد أن يقيموا بينه ولو من أهل الذمة فيأخذون المال بكفيل، قيل: هذا قولهما خلافا له، وقيل: هو قولهم جميعا ولا يقبل كتاب ملكهم ولو ثبت أنه كتاب (فلم يترك) أي: الحربي يعني لم يكن (أن يرجع إليهم) أي: إلى أهل الحرب ولو لتجارة أو قضاء حاجة كما هو مقتضى الإطلاق وهذا لأن عقد الذمة لا ينقض كيف وفيه مضرة على المسلمين وقطع الجزية عنهم وهذا يؤذن بمنع الذمي من الرجوع إلى دار الحرب (كما لو وضع عليه الخراج) أي: كما لا يمكن من العود فيما لو وضع عليه الخراج بأن ألزم به وأخذ منه عند حلول وقته وذلك بمباشرة سببه وهو زراعة الأرض أو التمكن منها إذا كانت في ملكه أو زراعتها بالإجارة إذا كان خراج مقاسمة لأنه يؤخذ منه لا من المالك، بخلاف ما إذا كان خراجها على مالكها فإنه لا يصير ذميا إذا دخل وقت الأخذ وكذلك إذا أخذ منه العشر على قول محمد، ولا يظن بوضع الخراج وتوظيفه أن يقول الإمام: وظفت على هذا الخراج ونحوه لأن الإمام قط لا يقول في كل قطعة أرض كذلك بل الخراج من حين استقر وظيفة للأراضي المعلومة استمر على كل من صارت إليه كذا في (الفتح). وذكر الحدادي أنه لو أصاب الزرع آفة لا يصير ذميا وفي (التتارخانية) / لو [329/أ] غصبت منه فإن زرعها الغاصب لا يصير ذميا وإلا فهو ذمي والصحيح أنه يصير ذميا في الوجهين وإن سقط الخراج عنه كما سيأتي، ولو استعارها من ذمي صار المستعير ذميا وفي قوله وضع دليل على أنه لا يصير ذميا بمجرد الشراء وهو ظاهر الرواية وهو الصحيح لأنه قد يكون للتجارة ثم إذا ألزمه خراج الأرض تلزمه الجزية لسنة مستقبلة،

أو نكحت ذميا لا عكسه فإن رجع إليهم وله وديعة عند مسلم أو ذمي أو دين عليهما حل دمه فإن أسر أو ظهر عليهم فقتل سقط دينه ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ (أو نكحت) الحربية التي دخلت دارنا بأمان (ذميا) فيه دليل على أنها صارت ذمية بنفس التزويج كذا في (الشرح) وكان وجهه إضافة النكاح إليها وهذا لأنها التزمت المقام معه، وقيد بالذمية ليفيد أنها تصير ذمية بنكاح المسلم بالأولى كذا في (الفتح) يعين لو كانت كتابية لما مر. ومن ثم قالوا: لو أسلم الزوج وهي كتابية صارت ذمية بخلاف ما لو كانت مجوسية وكذا لو صار الزوج ذميا، وهذه ترد على المصنف إلا أن يعطي للدوام حكم الابتداء، (لا عكسه) أي: لا يصير المستأمن بتزوجه ذمية ذميا لعدم التزامه المقام لإمكان طلاقها هكذا جرى عليه هنا في (الهداية) تبعا لغيره إلا أنه في آخر الحضانة جزم بأنه يصير بتزوجها ذميا، قال في (النهاية): ووجدت بخط شيخي ليس في النسخة التي قوبلت بخط المصنف هذه الجملة وما في بعض النسخ وقع سهوا انتهى يعني من الكاتب، وهذا الجواب هو أيسر الأجوبة والله الموفق. وفي (التتارخانية) لو طالبته بصداقها وقد تزوجها في دارها كان لها أن تمنعه من الرجوع إلى داره لا إن تزوجها في داره انتهى، ولو لم يقدر على وفائه حتى مضى حوله ينبغي أن يكون ذميا على ما في (المبسوط) وعرف من هذا حكم الدين الحادث في دارنا (فإن رجع) المستأمن بعد وضع الجزية عليه (إليهم) أي: إلى أهل الحرب ولم يقل: على داره لأنه لا فرق في رجوعه بين أن يكون إليها أو إلى غيرها من ديار الحرب (وله) أي: والحال أن له (وديعة عند مسلم أو ذمي أو دين عليهما حل دمه) لأنه به بطل أمانه وقوله: وله وديعة هذه الجملة سقطت في بعض النسخ وهي الأولى لأن جواز قتله بعوده ليس موقوفا على ذلك كذا في (البحر). ولك أن تقول: إن فرضها كذلك إيماء إلى أن بطلان أمانه في ذاته لا يوجب بطلانه في ماله فبقي ماله على ما هو عيه فلو ثبت من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم إليه كذا في (السراج) وعلى هذا فلو كان عليه دين لمسلم أو ذمي ينبغي أن يوفى منه، فإن كانت الوديعة من غير جنس الدين باعها القاضي ووفى منها وقد أفتيت بذلك ومن ثم قال: (فإن أسر) الراجع إليهم (أو ظهر) بالبناء للمجهول بمعنى غلب كما في (المغرب) (عليهم) أي: على أهل الحرب الذي رجع إليهم (فقتل سقط دينه) لأن إثبات اليد عليه بإثبات المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق من يد العامة فيختص به فيسقط ولا طريق لجعله فيئا لأنه الذي يؤخذ قهرا ولا يتصور ذلك في الدين، قال في (البحر): وينبغي أن تكون العين المغصوبة كالدين انتهى.

وصارت وديعته فيئا وإن قتل ولم يظهر عليهم أو مات فقرضه ووديعته لورثته وإن جاءنا حربي بأمان وله زوجة ثمة وولد ومال عند مسلم وذمي وحربي فأسلم هنا ثم ظهر عليهم فالكل فيء وإن اسلم ثمة فجاءنا فظهر عليهم فولده الصغير حر مسلم وما أودعه عند مسلم أو ذمي فهو له وغيره فيء ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له أو حربيا جاءنا بأمان فاسلم فديته على عاقلته للإمام. ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: وعلى هذا فلو كان له بمسلم في شيء أو أجرة عين سقطا عمن هو عليهما (وصارت وديعته فيئا) لجماعة المسلمين كنفسه لأن يد المودع كيده حكما قيلك هذا قول أبي يوسف، وقال محمد: يصير فيئا للسرية التي أسرته وسكت عن الرهن وقد قال أبو يوسف في المرتهن: إن المرتهن يأخذه بدينه، وقال محمد: يباع فيوفى منه الدين والفاضل لبيت المال. قال في (البحر): وينبغي ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين في حكم الوديعة وهي فيء وأنت خبير بأن تقديم قول أبي يوسف يؤذن بترجيحه وهذا لأن الويدعة إنما كانت فيئا لما مر من أنها في يده حكما ولا كذلك الرهن (وإن قتل) في الحرب (ولو يظهر على الدار أو مات) حتف أنفه (فقرضه) أي: دينه فدخل فيه ثمن ما باعه كغيره (ووديعته لورثته) لأن حكم الأمان باق لعدم بطلانه فيرد على ورثته لقيامهم مقامه، (وإن جاءنا) معاشر المسلمين (حربي بأمان و) الحال أن (له زوجة ثمة) أي: في دار الحرب (وولد) جمع ولد صغار أو كبار أو كانت زوجته حاملا (ومال عند مسلم وذمي وحربي فاسلم هنا) أي: في دار الإسلام أو صار ذميا (ثم ظهر عليهم) أي: على الحربيين الذين هو منهم / (فالكل) أي: جميع ما ذكر (فيء)، أما المرأة ولو حاملا [329/ب] وأولاده الكبار وعتاده فلعدم تبعيتهم له وأما الصغار فتبعيتهم له في الإسلام مع تباين الدارين لا يتحقق، نعم لو سبي الصغير وأدخل إلى دار الإسلام تبعه في الإسلام مع بقاء رقيته لعدم التنافي بينهما وأما أمواله فلأنها لا تصير محرزة بإحراز نفسه لاختلاف الدار، (وإن أسلم) الحربي (ثمة فجاءنا) إلى دار الإسلام (فظهر عليهم فولده الصغير حر مسلم) تبعا له لاتحاد الدار (وما أودعه عند مسلم أو ذمي فهو له) لأنه في يد محترمة ويده كغيره (وغيره) أي: غير ما ذكر وهو زوجته وولده الكبير وعقاره وماله عند حربي فلما مر وأما الحربي فلأن ما في يده ليس معصوما إذ ليست محترمة ودخل في الغيرية العين المغصوبة في يد مسلم أو ذمي فإنها أيضا تكون (فيئا) لعدم النيابة كذا في (الفتح) (ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له) أصلا (أو) قتل (حربيا) لا ولي له في دارنا وبهذا تغاير موضوع المسألتين. فقوله في (البحر): لو اقتصر على الأولى لعلمت الثانية فيه نظر، (جاءنا بأمان فأسلم فديته) أي: المقتول (على عاقلته للإمام) أي: له أن يأخذها فيضعها في بيت

باب العشر والخراج والجزية

وفي العمد القتل أو الدية لا العفو. باب العشر والخراج والجزية أرض العرب وما أسلم أهله أو فتح عنوة. ـــــــــــــــــــــــــــــ المال وهذا هو المقصود بذكر هاتين هنا وإلا فحكم الخطأ لزوم الدية كما سيأتي في الجنايات، ولذا لم يذكر الكفارة (و) الواجب (في العمد) إما (القتل) قصاصا (أو الدية) صلحا برضى القاتل والخيار إلى الإمام فأيهما رآه أصلح فعله فإن قلت: الدية أنفع للمسلمين على كل حال فينبغي أن يقتصر عليها قلت: قد يكون القصاص هو الأنفع باعتبار كثرة القتل وأن به ينزجر أمثاله وإلى ذلك الإشارة بقوله سبحانه: {ولكم في القصاص حياة يا أولي} (البقرة: 179) ثم هذا قولهما وقال الثاني: ليس له القصاص لأنه لا يخلو عن الوارث غالبا أو أنه محتمل فكأن فيه شبهة. قلنا: المجهول الذي لا يمكن الوصول إليه ليس بولي وهذا لأن الحق إنما يثبت للولي بطريق قيامه نظرا للميت ولا نظر له في المجهول لأنه لا ينتفع به فصار وجوده لعدمه فتنتقل الولاية إلى السلطان أو إلى العامة كما في الإرث، كذا في (الشرح) وهو ظاهر في أن من لا وارث له معلوم يرثه بيت المال، (لا العفو) أي: ليس له العفو لأن الحق للعامة والإمام نائب عنهم فيما هو أنظر لهم وليس من النظر إسقاط حقهم مجانا والله أعلم بالصواب. باب العشر والخراج شروع فيما على المستأمن في أرضه من الوظائف المالية إذا صار ذميا بعد الفراغ عما به يصير ذميا وذكر العشر معه تتميما لوظيفة الأرض وقدمه لما فيه من معنى العبادة كذا في (شرح الهداية) إلا أن فيه عنونة الباب بما ليس بمقصود وقد استقبحه السيد الجرجاني أوائل مباحث الكليات من (حاشية المطالع)، والعشر لغة: الواحد من العشرة، والخراج: اسم لما يخرج من نماء الأرض أو الغلام سمي به ما يأخذه الإمام من وظيفة الأرض والرأس، (أرض العرب) وهي كما قال الكرخي: أرض الحجاز وتهامة واليمن ومكة والطائف والبرية أي: البادية، والذي ذكره غيره أن مكة من تهامة بكسر التاء وفتحها لأنها اسم: لكل ما ترك من نجد من بلاد الحجاز سميت بذلك من التهم بفتح التاء والهاء وهي: شدة الحر أو لتغير هوائها، يقال تهم الدهر إذا تغير (وما) أي: والأرض التي (أسلم أهله) ذكر الضمير هنا وفيما سيأتي مراعاة للفظ ما، (أو فتح عنوة) بالفتح.

وقسم بين الغانمين عشرية والسواد وما فتح عنوة وأقر أهلها عليه أو فتح صلحا خراجية ـــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن ملي: والفقهاء يعدلون عن الصواب فيضمون العين، قال الفارابي: وهو من الأضداد ويطلق على الطاعة والقهر وهو المراد هنا (وقسم بن الغانمين عشرية) أما أرض العرب فلأنه لم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من الخلفاء أخذ خراج من أراضيهم وكما لا رق عليهم فلا خراج على أراضيهم، وأما ما فتح عنوة وقسم فلأن الحاجة في ابتداء التوظيف على المسلم والعشرية أليق لما فيه من معنى العبادة. (والسواد) أي: سواد العرق يعني أرضه سمي بذلك لكثرة اخضراره ولا يكون ذلك إلا في القرى ومن ثم قال العيني المراد بالسواد القرى، وحده طولا من العلث إلى عبادان وعرضا من العذيب / إلى عقبة حلوان والعلث بفتح العين المهملة [330/أ] وبالمثلثة قرية على شاطئ شرقي دجلة وعبادان بتشديد الموحدة حصن صغير على شاطئ النهر، وبالأيام اثنان وعشرون يوما ونصف يوم والعرض عشرة أيام، (وما) أي: والأرض التي (فتح عنوة وأقر أهله عليه) هذا أعني إقرار الأهل حذفه بعضهم لأنه ليس بشرط في كونها خراجية إنما الشرط عدم قسمتها صرح بذلك في (شرح الطحاوي)، (أو فتح صلحا خراجية)، أما السواد فلأن عمر رضي الله تعالى عنه وضع عليه الخراج بمحضر من الصحابة وهو أشهر من أن ينقل وكذا على مصر حين فتحها عمرو بن العاص واجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام وأما ما أقر أهلها فلأن الحاجة إلى ابتداء التوظيف على الكافر والخراج أليق به وكذا هذا الحكم فيما لو نقل إليها غير أهلها، أطلق فيما أقر أهله عليه وقيده في (الجامع الصغير) بما سقي بماء الأنهار أما المسقي بعين فعشرية. قال الشارح: وأراد الأنهار التي احتفرتها الأعاجم لتكون المسألة إجماعية، أما العظام كسيحون ففيها خلاف أبي يوسف ومحمد، وذكر مراده من التفصيل في حق المسلم أما الكافر فيجب عليه الخراج من أي ماء سقى لأنه لا يبتدأ بالعشر فلا يتأتى التفصيل في حالة الابتداء إجماعا وإنما الخلاف في حالة البقاء فيما إذا ملك أرضا عشرية هل يجب الخراج أو العشر أو العشران وقد ذكرنا في الزكاة انتهى، وبه عرف أنه لا إشكال في كلام محمد كما قد توهم. واعلم أنه لو باعها أو وقفها بقي الخراج على حاله وعلى هذا فيجب الخراج على الموقوف من الأراضي المصرية إذ قد علمت أنها خراجية لكن قال في (الفتح):

ولو أحيا أرضا مواتا يعتبر قربه والبصرة عشرية وخراج جريب صلح للزرع. ـــــــــــــــــــــــــــــ المأخوذ الآن منها إجارة لا خراج، ألا ترى أن الأرض ليست مملوكة للزراع وكأنه لموت المالكين شيئا فشيئا من غير خلاف ذرية فصارت لبيت المال، وينبغي على هذا أن لا يصح بيع الإمام ولا شراؤه من وكيل بيت المال لشيء منها لأن نظره في مال المسلمين كنظر ولي اليتيم فلا يجوز له بيع عقاره إلا لضرورة كعدم وجود ما ينفقه سواه، فلذا كتبت في فتوى رفعت إلي في شراء السلطان الأشرف برسباي لأرض ممن ولاه نظر بيت المال هل يجوز شراؤه منه وهو الذي ولاه؟ فكتبت إذا كان بالمسلمين حاجة والعياذ بالله تعالى جاز ذلك انتهى. قال في (البحر): وهذا على رأي المتقدمين أما على رأي المتأخرين فلا ينحصر جواز بيع عقار اليتيم فيما ذكر بل فيه وفيما إذا كان على الميت دين لا وفاء له إلا منه أو رغب فيه بضعف قيمته فكذلك نقول للإمام بيع العقار لغير حاجة إذا رغب فيه يضعف قيمته انتهى، وفي (الخلاصة) من فصل الخراج من البيوع أرض خراج مات مالكها فللسلطان أن يؤجرها ويأخذ الخراج من أجرتها وفي سير (واقعات) الناطفي في الباب الثاني لو أراد السلطان أن يشتريها لنفسه يؤمر غيره بأن يبيعها ثم يشتريها منه لنفسه انتهى وإذا لم يعرف الحال في الشراء من بيت المال فالأصل هو الصحة وبهذا عرف صحة الوقف في الأرض المنقولة بالشراء من بيت المال وأن شروط الواقفين صحيحة يجب اتباعها لا أنها باقية على حكم بيت المال كما قد توهم، وعرف أيضا أنه لا خارج على أراضيها والله الموفق. (ولو أحيا) المسلم (أرضا مواتا يعتبر قربه) أي: قرب ما أحياه فإن كان إلى الخراج أقرب كانت خراجية وإن كان إلى العشر أقرب فعشرية، وهذا قول الثاني لأن ما قرب من الشيء يعطى حكمه ألا ترى أن لصاحب الدار الانتفاع بفنائها وإن لم يكن ملكا له، واعتبر محمد ما يحيى به فإن كان بماء الخراج فخراجية وإلا فعشرية، وفي (الينابيع) لو كانت الأرض عشرية وشرابها خراجي فهي خراجية عند أبي يوسف، ولا خفاء أن الكافر لو أحياها كانت خراجية اتفاقا، (والبصرة عشرية) بإجماع الصحابة وكان القياس أن تكون خراجية لأنها من خير أرض الخراج لكنه ترك للإجماع كذا في (الهداية). قال الشارح: وهذا ليس بظاهر لأنه إنا يعتبر الخير في المحياة وهذه فتحت عنوة وأقر أهلها فكان القياس أن تكون خراجية فترك لما مر، (وخراج جريب صلح للزراعة) وهو أرض طولها ستون ذراعا وعرضها كذلك بذراع كسرى، قال في

صاع ودرهم وفي جريب الرطبة خمسة دراهم وفي جريب الكرم والنخل المتصل عشرة دراهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ (الكافي): هذا حكاية عن جريب أراضيهم وليس بتقدير لازم وإنما يعتبر / في كل [330/ب] بلدة متعارف أهله انتهى. وقد تعارف أهل مصر التقدير بالفدان وما في (الكافي) من التقدير بالستين يقتضي اتحاد الواجب مع اختلاف المقادير والمعول عليه ما مر كذا في (الفتح) وخرج غير الصالح فلا شيء فيه، (صاع) سكت عن مقداره اكتفاء بما مر في صدقة الفطر وأفاد إطلاقه أنه يؤخذ من كل مزروع فيه لا بقيد كونه من حنطة هو الصحيح (ودرهم) من أجود النقود كما في (الشرح) سواء تكرر زرعه أو اتحد وفي (الهداية) وفي ديارنا وظفوا الخراج من الدراهم في الأراضي كلها لأن التقدير يجب أن يكون مقدار الطاقة من أي شيء كان انتهى. قال في (الفتح): قلت: وكذا في غالب أراضي مصر بخلاف أراضي الصعيد فإن غالب خراجها قمح وأنت خبير بأن هذا غفلة عما نقله عن (الفتح) كما قدمناه من أن المأخوذ من أراضي مصر أجرة لا خراج (وفي جريب الرطبة خمسة دراهم) وهي البرسيم والقرطم في لغة أهل مصر وفي (الغاية) الرطبة اسم للقضيب ما دام رطبا، قال العيني: وعلى الثاني اقتصر الجوهري، وفي (المغرب) الرطبة بفتح الراء الإسفست الرطب والجمع رطاب، وفي كتاب (العشر) البقول غير الرطاب فإنما البقول مثل الكراث والرطاب هو القثاء والبطيخ والباذنجان وما يجري مجراه والأول هو المذكور فيما عندي من كتب اللغة فحسب، (وفي جريب الكرم والنخل المتصل) قيد فيهما وهو ما يتصل بعضه ببعض على وجه تكون كل الأرض مشغولة به وخرج به ما لو كانت متفرقة في جوانب الأرض وفي وسطها مزروعة فلا شيء فيها. وفي (الفتح) معزيا إلى (شرح الطحاوي) لو أنبت أرضه كرما فعليه خراجها إلى أن تطعم فإذا أطعم فإن كان ضعف وظيفة الكرم ففيه وظيفة الكرم وإن كان أقل فنصفه إلى أن ينقص عن قفيز وردهم فإن نقص فعليه قفيز ودرهم، (عشرة دراهم) هكذا وظفه عمر رضي الله تعالى عنه على أهل السواد بمحضر من الصحابة من غير نكير، وما لم يوظف فيه كالزعفران والبستان وهو كل أرض لها حائط محيطة وفيها نخيل متفرقة وأشجار توضع عليه بحسب الطاقة ونهايتها أن يبلغ الواجب نصف الخراج ولا يزاد عليه فحسب، هذا وسكت عن خراج المقاسمة وهو إذا من الإمام عليهم بأراضيهم ورأى أن يضع عليهم جزءا من الخارج كنصف أو ثلث أو ربع فإنه

وإن لم تطق ما وظف نقص بخلاف الزيادة ولا خراج إن غلب على أرضه الماء أو انقطع أو أصاب الزرع آفة. .... ـــــــــــــــــــــــــــــ يجوز ويكون حكمه حكم العشر ومن حكمه أن لا يزيد على النصف وينبغي أن لا ينقص عن الخمس قاله الحدادي. (وإن لم تطق) الأرض (ما وظف) عليها بأن ضعفت ونقص تركها حتى يبلغ الخارج منها ضعفه (نقص) الموظف إلى نصف الخارج كما في (الخلاصة) لقول عمر رضي الله تعالى عنه: (لعلكما حملتماها ما لا تطيق فقالا بل حملناها ما تطيق ولو زدنا لطاقت) قيد بالنقصان لأن الزيادة على ما وظفه عمر أو إمام آخر لا تجوز إجماعا واختلفوا في الزيادة على ما وظفه عمر عند الابتداء فمنعاه، وقال محمد: تجوز، والصحيح قولهما وظاهر تعليقه جواز النقصان بعدم الإطاقة يفهم أنه لا يجوز معها إلا أنه في (الدراية) قال: دل قولهم لعمر (لو زدنا لطاقت) على أن النقصان عند قلة الريع يجوز بالإجماع لأنه لما جاز بالنقصان عند قيام الطاقة فعند عدم الطاقة بالطريق الأولى انتهى، ولو قيل بوجوبه عند عدم الإطاقة وبجوازه عند الإطاقة لكان حسنا وعليه يحمل ما في (الدراية) فتدبره. (ولا خراج إن غلب على أرضه الماء أو انقطع) الماء أو منع من الزرع لفوات النماء التقديري بالتمكين من الزراعة (أو اصطلم الزرع آفة) لفواته أيضا في بعض السنة وكونه ناميا في جميعها شرط، أطلق في الاصطلام وهو مقيد بقيود الأول لا بد أن يستأصل الزرع فإن بقي بعضه قال محمد: إن بقي مقدار الخراج ومثله وجب وإن أقل فنصفه، قال مشايخنا: والصواب أنه يخرج ما أنفق أولا ثم ينظر إلى الباقي، الثاني أن الآفة لا بد أن تكون سماوية لا يمكن الاحتراز عنها كالغرق والحرق وشدة البرد فإن [331/أ] لم تكن سماوية وأمكن الاحتراز / عنها كأكل القردة والسباع والأنعام لا يسقط، وقيل: يسقط، والأول أصح وذكر شيخ الإسلام أنه بعد الحصاد لا يسقط كذا في (السراج)، الثالث لا بد أن لا يبغى من السنة ما يمكن الزرع فيه ثانيا فإن بقي وجب، قال في (الكبرى): والفتوى أنه يقدر بثلاثة أشهر. قال في (الفتح): ولم يذكر كثير من المشايخ هذا وإعادة الزرع يستدعي مونا كالأول فإن أخرج شيئا فقصاراه أن يفي بالخراجين فأخذ الخراج إذا لم يزرع والحالة هذه تخسير أصل مال الزراع وكذا إذا زرع انتهى، وفيه بحث لأنه إذا لم يزرع مع تمكنه فالنماء التقديري موجود وكون قصارى الأمر إذا زرع ما ذكر ممنوع بل يجوز

وإن عطلها صاحبها أو أسلم أو اشترى مسلم أرض خراج يجب. ـــــــــــــــــــــــــــــ أن يكون أزيد بل هو الأغلب قيد بالخراج لأن الاصطلام لا يسقط ما وجب من الأجر قبله ويسقط ما وجب بعده، وقيل لا يسقط شيء وبه جزم في (الملتقط)، قال في (الولوالجية): والاعتماد على التفصيل وأنت قد علمت أن المراد بالآفة هي السماوية وإن غيرها لا يسقط الخراج. قال في (البحر): وبه علم أن الدودة والفأرة إذا أكلا الزرع لا يسقط الخراج انتهى. وأقول: في كون الدودة ليست سماوية نظر ظاهر بل لا ينبغي التردد في كونها سماوية وأنه لا يمكن الاحتراز عنه وعلى هذا فتسقط الأجرة بأكلها. قال في (الخلاصة): استأجر أرضا ليزرعها فزرعها فأصاب الزرع آفة فهلك أو غرقت الأرض ولم تنبت فعليه الأجر تاما ولو غرقت قبل الزرع فلا أجر عليه، قال في (المحيط): والفتوى أنه لا أجر على المستأجر فيما بقي من المدة بعد هلاك الزرع إلا إذا أمكن إعادة زرع مثله أو دونه في الأرض انتهى، (وإن عطلها صاحبها) يجب الخراج لأن التقصير جاء من جهته وهذا الفظ بتناول ما إذا لم يزرعها أصلا أو زرع فيها الشعير مع صلاحيتها للزعفران قادرا على ذلك حيث يؤخذ منه خراج الأعلى. قالوا: وهذا مما يعلم ولا يفتى به، وفي إسناد التعطيل إليه إيماء إلى قدرته فإن لم يقدر فللإمام أن يدفعها إلى غير مزارعة ويأخذ الخراج من نصيب المالك ويعطيه الباقي أو يؤجرها ويأخذ الخراج من الأجرة أو زرعها من بيت المال فإن لم يتمكن من ذلك ولم يجد من يقبل ذلك باعها وأخذ الخراج من السنة المنسلخة ودفع باقي الثمن لصاحبها ثم استمر يأخذ الخراج من المشتري ولو باعها في أثناء السنة فإن بقي منها قدم ما يتمكن المشتري من الزراعة فالخراج عليه وإلا فهو على البائع وعن الثاني أن الإمام يدفع للعاجز كفايته من بيت المال قرضا. قال في (الفتح): وهذا صحيح أيضا هذا كله في الموظف أما في خراج المقاسمة فلا يجب شيء كذا في (السراج) معزيا إلى (الفوائد) وأنت قد علمت أن المأخوذ من أراضي مصر الآن أجرة لا خراج فما يفعل الآن من الأخذ من الفلاح وإن لم يزرع ويسمى ذلك فلاحة وإجباره على السكنى في بلدة معينة ليعمر داره ويزرع الأرض حرام بلا شبهة وأعظم من ذلك منعه من تعليم القرآن أو العلم لذلك والله المنجي من المهالك، (أو أسلم) صاحبها يجب أيضا نظرا إلى معنى المونة فيه (أو اشترى مسلم) من كافر (أرض خراج يجب) الخراج في المسائل كلها، وقد صح أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اشتروا من الخراج وكانوا يؤدون خراجه

فصل في الجزية

ولا عشر في خارج أرض الخراج. فصل في الجزية الجزية لو وضعت بتراض وصلح لا يعد عنها. ـــــــــــــــــــــــــــــ رواه البيهقي (ولا عشر في خارج أرض الخراج) عندنا لما رواه الإمام في (مسنده) من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم) ولذا لم يجمع بينهما أحد من أهل العدل والجود وقد مر عد هذا من المسائل التي لا تجمع مع بعضها لما لم تجده في غير هذا الكتاب. تتمة: ترك له السلطان خراج أرضه جاز عند الثاني إن كان مصرفا وبه يفتى وكذا لو وهب له وقال محمد: لا يجوز، وما في (الحاوي القدسي) من أنه يحل له على قول الثاني وإن لم يكن مصرفا وهو الفتوى مخالف لما نقله العامة عنه وأجمعوا أنه لو ترك العشر له لا يجوز ويخرجه بنفسه للفقراء ثم على قول أبي يوسف يعلم حكم الإقطاعات من أراضي بيت المال إذ حاصلها أن الرقبة لبيت المال والخراج له فيحنئذ لا يصح بيعه ولا هبته ولا وقفه نعم له إجارته تخريجا على إجارة المستأجر والعبد الذي صولح على خدمته مدة معلومة والموقوف عليه الغلة والعبد المأذون وإذا مات أو [331/ب] أخرجه السلطان عنه تنفسخ الإجارة كذا قال العلامة / قاسم والقونوي في رسالة له، ومن حوادث الفتوى ما لو أقطعها السلطان وانتقل من أقطع له في زمن سلطان آخر هل يكون لأولاده؟ لم أره في كلامهم ومقتضى قواعدهم إلغاء التعليق بموت المعلق فتدبره، هذا وأما إذا أقطعه أرضا مواتا أو ملكها السلطان ثم أقطعها له جاز وقفه لها كما في (الخصاف) وذكر الشيخ قاسم أن الإرصاد من السلطان ليس بإيقاف. فصل أي: في الجزية هذا هو الضرب الثاني من الخراج وقدم الأول لقوته ولوجوبه وإن أسلموا بخلاف الجزية أو لأنه الحقيقة إذ هو المتبادر عند الإطلاق ولا يطلق على الجزية إلا مقيدا وهذا أمارة المجاز، (الجزية) وهي لغة الجزاء بنيت على فعلة دلالة على الهيئة التي هي الإذلال عند الإعطاء والجمع جزى كقرى سميت بذلك لأنها تجزئ عن القتل (لو وضعت بتراض) أي: (صلح لا يعدل عنها) فلا يزاد عليها تحرزا

وإلا يوضع على الفقير المعتمل في كل سنة اثنا عشر درهما وعلى وسط الحال ضعفه وعلى المكثر ضعفه. ـــــــــــــــــــــــــــــ من الغدر ولا ينقص منها لما في (أبي داود): (صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والنصف في رجب) انتهى. ونجران أرض من خير اليمن وأهلها كانوا نصارى فما في (الهداية) من أنه صالح بني نجران على ألف ومائتي حلة ليس بصحيح وقد بين أبو يوسف في كتاب (الخراج) الحلة فقال: كل حلة أوقية يعني قيمتها كذلك فقول (الولوالجية) كل حلة خمسون درهما ليس بصحيح لأن الأوقية أربعون درهما والحلة ثوبان إزار ورداء وتعتبر هذه الحلة في مقابلة ما يؤخذ من رؤوسهم وأراضيهم كذا في (الفتح). وفي (الخانية) وتؤخذ الحلة من بني نجران دون الدراهم (وإلا) أي: وإن لم توضع بتراض بل بالقهر لأن فتح الإمام البلدة عنوة وأقرهم على أملاكهم (يوضع على الفقير المعتمل) أي: المكتسب والاعتمال كالاضطراب في العمل وهو الاكتساب والمراد القدرة عليه حتى لو لم يعمل مع قدرته وجبت كمن عطل الأرض. وفي (الينابيع) الفقير المعتمل هو الذي يقدر على تحصيل الدراهم والدنانير بأي وجه كان وإن لم يحسن حرفة، (كل سنة اثني عشر درهما) وهذا التفصيل مأثور عن عمر وغيره (و) توضع (على وسط الحال) وهو من يملك دون المائتين (ضعفه و) توضع (على المكثر) وهو من يملك عشرة آلاف درهم فصاعدا (ضعفه) كذا اختاره في (شرح الطحاوي) قيل: وهو أحسن الأقوال وقال أبو جعفر: يعتبر في كل بلدة عرفها فمن عده الناس فقيرا أو وسطا أو غنيا فهو كذلك. قال في (التتارخانية): وهو الأصح وفي (الخانية) قال الكرخي: الفقير الذي لا يملك مائتي درهم أو أقل والوسط الذي يملك المائتين إلى العشرة آلف والمكثر هو الذي يملك فوق عشرة آلاف وعليه الاعتماد انتهى، وفي قوله في كل سنة إيماء إلى وجوبها في أول الحول والحول إنما هو للتخفيف قال في (الفتح): ويعتبر وجود هذه الصفات في آخر السنة، قال في (البحر): وينبغي اعتبارها في أولها لأنه وقت الوجوب ثم قال: وظاهر (المختصر) يفيد أن القدرة على العمل شرط في حق الفقير فقط وليس كذلك، فول حذف الفقير لكان أولى. وأقول: إنما اعتبروا وجودها في آخرها لأنه وقت وجوب الأداء ومن ثم قالوا: لو كان في أكثر السنة غنيا أخذ منه جزية الأغنياء أو فقيرا أخذت منه جزية الفقراء ولو

وتوضع على كتابي ومجوسي ووثني عجمي. ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتبر الأول لوجب إذا كان في أولها غنيا فقيرا في أكثرها أن يجب جزية الأغنياء وليس كذلك نعم الأكثر كالكل، وقوله: ولو حذف الفقير لكان أولى ممنوع إذ لو اقتصر على قوله ومعتمل ما أقاد اشتراط القدرة على العمل في حق الغني كيف وقد قابله به فالتقيق أن القدرة عليه في وسط الحال والغني معلومة من قوله بعد لا تجب على زمن. وقالوا: لو كان مريضا في أكثر السنة أو نصفها لا تجب عليه ولو كان موسرا (وتوضع على كتابي) وهو من يعتقد كتابا منزلا عربيا كان أو أعجميا كذا في (العناية) وعزاه في (الدراية) إلى (جامعي) فخر الإسلام وشمس الأئمة لأن قوله تعالى: {حتى يعطو الجزية} (التوبة: 29) لم يفصل ولأنه عليه الصلاة والسلام (صالح أهل نجران) وعمر أخذ من بني تغلب وهم نصارى العرب انتهى كاليهود ويدخل فيهم السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى وإن خالفوهم في فروع والنصارى ومنهم الفرنج والأرمن لقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} (التوبة: 29) وأما الصابئة ففي (الخانية) [332/أ] أنها توضع عليهم عند أبي حنيفة / خلافا لهما يعني بناء على أنهم من النصارى وعندهما يعبدون الكواكب فكانوا كعبدة الأوثان وقد مر في النكاح أن الخلف لفظي وإطلاقه يعم أهل الكتاب من العرب والعجم وفي (الخانية) وأما هل تؤخذ منهم الجزية؟ قالوا: ينظر إن كانوا حديثا فيهم مرتدون لا تؤخذ منهم ويقتلون وإن كانوا قديما تؤخذ منهم الجزية، وأما الزنادقة فأخذ الجزية منهم بناء على قبول توبتهم. وقالوا: إن جاء الزنديق قبل أن يؤخذ فأقر أنه زنديق فتاب عن ذلك تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لا تقبل توبته (ومجوسي) وهو من يعبد النار لما في (البخاري): (لم يأخذ عمر من المجوس الجزية حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوسي هجر) (و) توضع أيضا على (وثني) وهو من يعبد الوثن وهو ما كان منقوشا في حائط ولا شخص له والصنم وهو ما كان على صورة الإنسان والصليب وهو ما لا نقش فيه ولا صورة تعبد (عجمي) وهو خلاف العربي ولو فصيحا

لا عربي ومرتد وصبي وامرأة وعبد ومكاتب وزمن وأعمى وفقير غير معتمل وراهب لا يخالط. ـــــــــــــــــــــــــــــ والأعجمي من فيه عجمة أي عدم إفصاح ولو عربيا، لأنه يجوز استرقافه فيجوز ضرب الجزية عليه بجامع أن كلا منهما مشتمل على سلب النفس، وإنما لم تضرب على النساء والصبيان مع جواز استرقاقهم لأنهم صاروا أتباعا لأصولهم في الكفر فكانوا أتباعا في حقهم فكأن الجزية عن الرجل وأتباعه في المعنى والله أعلم. (لا) وثني (عربي) أي: لا توضع على عربي يعبد الوثن لأنه لا عذر له لأن القرآن نزل بلغته والرسول - صلى الله عليه وسلم - نشأ بين أظهر العرب فكانت المعجزة في حقه أظهر كذا قالوا وأنت خبير بأن هذا يأتي في العرب إذا كان كتابيا وقوله في (البحر) أخذ مما في (الدراية) المراد بالعربي عربي الأصل فأهل الكتاب وإن سكنوا بين العرب وتولدوا فالواحد منهم ليس بعربي الأصل فيه نظر إذ الكلام فيمن كان عربي الأصل وقد تهود أو تنصر كورقة بن نوفل، ويكفي في رده مما مر في أهل نجران وبني تغلب فتدبره. (ومرتد) لأنه خرج عن الإسلام بعد ما وقف على محاسنه فلن تقبل منه، وإذا ظهرنا على المرتدين فنساؤهم وصبيانهم فيء غير أن نساءهم وذراريهم يجبرون على الإسلام بخلاف ذراري عبدة الأوثان (و) لا توضع أيضا على (صبي وامرأة) لأنها وجبت بدلا عن القتل أو القتال ولا يقتلان ولا يقاتلان، (و) لا على (عبد ومكاتب) ومدبر وما في (الهداية) وأم ولد. قال في (الفتح): ليس على ما ينبغي، فإن من المعلوم أنه لا جزية على النساء ولعله ابن أم الولد فسقطت لفظة ابن قيل: لأنها بدل عن القتل في حقهم وعن النصر في حقنا وبالاعتبار الثاني لا تجب فلا تجب بالشك، (وزمن) يقال: زمن الرجل زمانة عدم بعض أعضائه أو تعطلت قواه ودخل المفلوج والشيخ العاجز لأنها وجبت بدلا عن القتال كما مر (وأعمى وفقير غير معتمل) أي: غير قادر على العمل لأن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه لم يوظفها عليه وظاهر أن عطف الأعمى وغير المعتمل على الزمن من عطف العام على الخاص اهتماما بشأنهما. ولو أفاق المجنون أو بلغ الصبي أو العبد أو برئ من الزمانة فإن كان بعد وضع الإمام الجزية لم يوضع عليهم وإلا وضع بخلاف الفقير إذا أيسر بعد الوضع حيث توضع عليه، (و) لا تجب على (راهب) وهو واحد من الرهبان عابد النصارى، وهي الرهبانية كذا في (المغرب) ويقال للواحد رهبان أيضا، ويجمع على رهابين ورهابنة (لا يخالط) الناس ولو قدر على العمل لأنه والحالة هذه لا يقتل وعن الإمام أنه تجب

وتسقط بالإسلام والموت والتكرار، ولا تحدث بيعه ولا كنيسة في دارنا. ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه إذا قدر وهو قول الثاني وبه جزم الحدادي وجعله في (الخانية) ظاهر الرواية حيث قال: ويؤخذ من الرهبان والقسيسين في ظاهر الرواية، وعن محمد أنها لا تؤخذ قيد بقوله: لا يخالط الناس لأنه لو خالطهم وجبت عليه (وتسقط) الجزية (بالإسلام) بأن أسلم بعد ما تمت السنة لما في معجم الطبراني (الأوسط) من حديث ابن عمر قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أسلم فلا جزية عليه) وإنما لم يسقط الرق به لأنه تعلق به حق معين فلا يبطل به. وفي (الخانية) لو عمي أو صار مقعدا أو زمنا أو شيخا لا يقدر أن يعمل أو فقيرا لا يقدر على شيء أو أسلم وقد بقي عليه شيء منها يسقط ذلك الباقي وفي (الخلاصة) لو عجل الجزية لسنتين ثم أسلم ترد عليه جزية سنة واحدة ولو أدى [332/ب] الجزية في أول سنة / ثم أسلم فيها لا رد عليه شيء وهذا قول من يقول بوجوب الجزية في أول السنة وهو الصحيح. (والموت) أي: بالموت كافرا لأنها عقوبة دنيوية على الكفر فلا تقام بحد الموت (والتكرار) وهو بدخول السنة الثانية على الأصح، لأن العقوبات إذا اجتمعت تداخلت وبذلك على أنها عقوبة أنها تؤخذ منه على وجه الإذلال، ولذا لو بعث بها على يد وكيله لا يمكن من ذلك على أصح الرويات، بل يكلف أن يأتي بها بنفسه فيعطى واقفا والقابض قاعدا، وفي رواية يأخذ بتلبيبة وهو موضع اللب من بيانه وهو موضع القلادة ويهزه ويقول أعط الجزية يا ذمي أو يا يهودي يا نصراني يا عدو الله. وفي (شرح الطحاوي): أنه يضعفه قبل خراج الأرض كالجزية فيتداخل، وقيل: كالعشر فلا يتداخل اتقاقا، قال في (البحر) وينبغي ترجيح الأول لأنه عقوبة بخلاف العشر (ولا تحدث) أي: ولا يجوز أن يحدث (بيعة) بكسر الباء متعبد النصارى (ولا كنيسة) وهي: متعبد اليهود، وكانت الكنيسة والبيعة في الأصل يطلقان على متعبدهما، ثم غلب في الاستعمال على ما قلنا، وأهل مصر يطلقون الكنيسة على متعبدهما ويخصون اسم الدين بمتعبد النصارى (في دارنا) معاشر المسلمين لرواية البيهقي، قال عليه الصلاة والسلام: (لا خصاء في الإسلام ولا بنيان كنيسة) ووجه الاشتراك بينهما: أن في كل منهما نوع ضعف أو تغيير على عليه أصل ذلك الشيء، وقد قيل: إن المراد بالخصاء نزع الخصيتين أو هو كناية عن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ التخلي عن إتيان النساء كالرهبان ولا شك أنه خصي معين ومن الإحداث نقلها من مكان إلى آخر، والصومعة وبيت النار كالكنيسة وفي (الدراية) الأمصار ثلاثة: ما مصره المسمون كالكوفة فلا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة ولا يجتمع لصلاتهم ولا صومعة فيها بإجماع العلماء، ولا يمكنون من إظهار شرب الخمر واتخاذ الخنزير وضرب الناقوس، وما فتحه المسلمون عنوة كذلك، وثالثها: ما فتح صلحا فإن وقع على أن الأرض لهم والخراج لنا جاز إحداثهم، وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية كان الحكم في الكنائس على ما يقع عليه الصلح، فإن كان على شرط إحداث لم يمنعوا، والأولى أن لا يفعل، وإن مطلقا لا يحدثون وتبقى القديمة وعلى هذا لم يمنعوا، والأولى أن لا يفعل، وإن مطلقا لا يحدثون وتبقى القديمة وعلى هذا فإطلاق المصنف محمول على ما إذا لم يعق الصلح على أن الأرض لهم أو على الإحداث إلا أن ظاهر الرواة لاستثناء فيه، ومن ثم صدر في (الفتح) هذا التقسيم بقيل، وإطلاق المصنف يعم الأماكن كلها حتى السواد أو القرى وهذا في السواد والقرى هو الذي رواه ابن زياد عن الإمام، وبه أخذ عامة المشايخ كذا في (الخانية)، وفي (الفتح) هو المختال، وقال السرخسي وعليه مشايخ بلخ وهو الأصح. والخلاف في غير جزيرة العرب، أما هي فيمنعون من قراها أيضا لخبر: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)، قيد بالإحداث لأن القديم منها وهو ما كان قبل فتح الإمام البلدة يبقى إذا صالحهم الإمام على قرارهم على أراضيهم، لأنه قد جرى التوارث بترك البيع والكنائس إلى يومنا هذا، وهذا في السواد باتفاق الروايات، واختلف كلام محمد في الأمصار فذكر في (العشر والخراج) أنها تهدم وفي الإجارة أنها لا تهدم وعمل الناس على هذا. وفي (التتارخانية): وهو الأصح، قال في (الفتح): وعلى هذا لو مصرنا برية فيها ديورا وكنيسة فوقع في داخل السور ينبغي أن لا تهدم لأنه كان مستحق للأمان قبل وضع السور فيحمل ما في جوف القاهرة من الكنائس على ذلك لأنها كانت فضاء فأدار العبيديون عليها السور ثم فيها الآن كنائس، ويبعد من إمام تمكين الكافر من إحداثها في المدن الإسلامية، فالظاهر أنها كانت في الضواحي فأدير السور عليها، وعلى هذا فالكنائس الآن الموجودة في دار الإسلام غير جزيرة العرب كلها ينبغي أن لا تهدم، لأنها إن كانت في أمصار قديمة فلا شك أن الصحابة والتابعين حين فتحوا

ويعاد المنهدم من الكنائس والبيع القديمة ويميز الذمي عنا في الزي. ـــــــــــــــــــــــــــــ المدينة علموا بها وأبقوها، وبعد ذلك ينظر فإن كانت البلدة فتحت عنوة حكمنا بأنهم أبقوها مساكن لا معابد فلا تهدم، ولكن يمنعون من الاجتماع فيها للتقرب وإن عرف بأنها فتحت صلحا حكما بأنهم أقروها معابد فلا يمنعون من ذلك بل من الإظهار انتهى. ولذا قال محمد: كل قرية من قرى أهل الذمة لو مصر أو حديقة لهم أظهروا فيها شيئا من الفسق كالزنا والفواحش التي يحرمونها في دينهم يمنعون منه، وكذا عن المزامير والطنابير والغناء ومن كثر شيئا من ذلك لم يضمن، وكذا يمنعون من [333/أ] اتخاذ الخنزير (ويعاد المنهدم من البيع والكنائس القديمة)، لأن الإمام لما أقرهم / وقد علم أن الأبنية لا تبقى فقد عهد إليهم بالإعادة وفيه إيماء إلى أن الزيادة عليه لا تجوز وبه صرح في (الخانية) وغيرها. قال في (عقد الفوائد) وهذا يؤخذ منه أنهم لا يبنون ما كان باللبن بالآجر ولا ما كان بالآجر بالحجر ولا ما كان بالجريد وخشب النخل بالنقى والساج ولا بياضا لم يكن. قال ولم أجد في شيء من الكتب المعتمدة أن لا تعاد إلا بالنقض الأول، وكون ذلك مفهوم الإعادة شرعا أو لغة غير ظاهر عندي على أنه وقع في عبارة محمد يبنونها، وفي إجارة (الخانية) يعمروا وليس فيهما ما يشعر باشتراط النقض الأول، وفي (الحاوي القدسي) وإذا انهدمت البيع والكنائس القديمة لذوي الصلح أعادوها باللبن والطين إلى مقدار ما كان قبل ذلك ولا يزيدون عليه ولا يشيدونها بالحجر والشيد والآجر، وإذا وقف الإمام على بيعة جديدة أو بني منها فوق ما كان في القديم خربها، وكذا ما زاد في عمارة العتيق انتهى. ومقتضى النظر أن النقض الأول حيث وجد كافيا للبناء الأول لا يعدل عنه إلى آلة جديدة إذ لا شك في زيادة الثاني على الأول حينئذ، وبقي ما لو هدت بغير وجه شرعي فنقل السبكي من الشافعية الإجماع على أنها لا تعاد، قال في (الأشباه) ويستنبط منه أنها إذا قفلت ولو بغير وجه شرعي لا تفتح انتهى، وفيه نظر لا يخفى (ويميز الذمي عنا) معاشر المسلمين (في الزي) بكسر الزاي أي: اللباس والهيئة بما في (الصحاح) بأن يجعل له علامة تميزه عن المسلمين فيها هوان وصغار لئلا يعامل معاملتهم من التوقير والإجلال وربما مات فجأة في الطريق فلا يعرف فيصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويستغفر له وكل ذلك لا يجوز. واختلف المشايخ هل يشترط في التمييز ثلاث علامات أو يكتفى بعلامة واحدة أو علامتين، قال بعضهم: يكتفى بواحدة أما على الرأس كالقلنسوة الطويلة

والمركب والسرج فلا يركب خيلا، ولا يعمل بالسلاح. ـــــــــــــــــــــــــــــ المضربة أو على الوسط كالكستيج أو على الرجل كالنعل والمكعب على خلاف نعالنا، ومنهم من قال في النصارى يكتفى بواحدة وفي اليهود بعلامتين وفي المجوس إلى ثلاث وإليه مال ابن الفضيل، وبه كان يفتي بعضهم، قال شيخ الإسلام: والأحسن أن يكون في الكل ثلاث علامات، وكان الحاكم يقول: إن صالحهم أو أعطاهم الذمة بعلامة واحدة لا يزاد عليها، وأما إذا فتحها عنوة كان له أن يلزمهم العلامات وهو الصحيح كذا في (التتارخانية). وفي (الفتح) وإذا عرف أن المقصود العلامة فلا يتعين ما ذكر بل يعتبر في كل بلدة ما تعارفه أهله، وفي بلادنا جعلت العلامة في العمامة فألزم النصارى بالزرقاء واليهود بالصفراء واختص المسلمون باليضاء أنتهى. إلا أنه في (الظهيرية) قال: وأما لبس العمامة والزنار الإبريسم فجفاء في حق أهل الإسلام، ومكسورة لقلوبهم وهذا يؤذن بمنع المتميز بها ويؤيده ما في (التتارخانية) حيث صرح بمنعهم من القلانس الصغار وإنما تكون طويلة من كرباس مصبوغة بالسواد مضطربة مبطنة، وهذا في العمامة أولى وإذا عرف هذا فمنعهم من لبس العمائم الآن هو الصواب الواضح بالتبيان فأيد الله سلطان زماننا إذ منعهم من لبسها ولسعادته أيد ولملكه شهيد ولأمره سدد، وإذا لبس قميصا كان زيله قصيرا وجيبه على صدره كما يكون للنساء كما ذكره في (التتارخانية)، وإذا عرف هذا فمنعهم من الثياب الفاخرة حريرا أو غيره كالصوف الرفيع والحرج الرفيع والأبراد الرفيعة أولى كما صرح به في (فتح القدير)، قال: ولا شك في وقوع خلاف هذا في هذه الديار ولا شك في منع استكتابهم وإدخالهم في المباشرة التي يكون بها تعظيما عند المسلمين بل ربما يقف بعض المسلمين خدمة له خوفا من أن يتغير خاطره منه فيسعى به عند مستكتبه سعاية توجب له منه الضرر. وفي (الحاوي القدسي) وينبغي أن يلازم الذمي الصغار فيما بينه وبين المسلم في كل شيء، قال في (الفتح) فعلى هذا يمنع من القعود حال قيام المسلم عنده قال في (الذخيرة) ولو قام له المسلم إن كان تعظيما له أو لغناه كره وإن لطمعه في الإسلام فلا بأس به وجزم الطرسوسي بأنه إن قام تعظيما لذاته وما هو عليه كفر، قالوا: ويجب أن يميز نساؤهم أيضا عن نسائنا في الطرقات والحمامات ويجعل على دورهم علامات كي لا يقف عليهم سائل يدعو لهم بالمغفرة، وفي (الخانية) ولا تؤخذ عبيد أهل الذمة بالكستجات، (و) في (المركب والسرج فلا يركب خيلا ولا يعمل بالسلاح) قيد بذلك لأن له ركوب الحمار وألحق بعضهم البغل بالحمار، وهذا قول المتقدمين

ويظهر الكستيج ويركب سرجا كالإكف ولا ينتقض عهده بالإباء عن الجزية والزنا بمسلمة وقتل مسلم وسب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ـــــــــــــــــــــــــــــ [333/ب] لكنه مقيد بأن يكون / على الأكف مع مخالفته لهيئة المسلمين صرح به في (الذخيرة) كذا في (عقد الفوائد)، وظاهر أن المخالفة لهيئتهم إنما تكون إذا ركبوا من جانب واحد وغالب ظني أنني سمعته من الشيخ الأخ كذلك، واختار المتأخرون أنهم لا يركبون أصلا إلا إذا خرجوا إلى قرية أو نحوها أو كان مريضا وحاصله إلا لضرورة فيركب ثم ينزل في جامع المسلمين إذا مر بهم كذا في (الفتح). وفي (المجمع) وهو الأصح واستثنى في (الذخيرة) من منع الخيل ما لو دعت الحاجة إلى ذلك بأن استعاد بهم الإمام في المحاربة والذب عن المسلمين لكنه يركب في هذه الحالة بأكاف لا بسرج كما قال بعضهم (ويظهر الكستيج) لأنه من أعلام الكفر وهو: فارسي معرب، معناه: بلغة العجم العجز والذل هو خيط غليظ بقدر الإصبع يشده الذمي فوق ثيابه وكذا عن أبي يوسف وقيده في (المجمع) بالصوف. وشرط في (التتارخانية): أن يكون غير منقوش وأن لا يكون له حلقة وإنما يعقده على اليمين أو الشمال (ويركب سرجا كالأكف) جمع أكاف وهو معروف والسرج الذي على هيئته وهو ما يجعل على مقدمته شبه الرمانة والوكاف لغة ومنه أوكف الحمار وأكفه كذا في (المغرب) وفسر العيني أكاف الحمار بالبردعة (ولا ينتقض عهده) أي: عهد عقده للجزية (بالإباء عن) دفع (الجزية) لأن التزامها باق وبالإباء تؤخذ منه جبرا وفي رواية ذكرها في (الواقعات) أنه ينقض وهو قول الثلاثة، قيد بالإباء عن دفعها لأنه لو امتنع من قبولها انتقض عهده كذا في (الفتح) والزنا ولا يالزنا (بمسلمة) لأنه يقام عليه موجبه وهو الحد وفيه إيماء إلى أنه لا ينتقض أيضا بإصابته إياها بنكاح وإن عزرا وكذا الساعي بينهما (وقتل مسلم) لأن القصاص منه يستوفى به فلذا لا ينتقض عهده بإفتان مسلم عن دينه أو بقطع طريق (وسب النبي - صلى الله عليه وسلم -) لأنه كفر من الذمي كما هو ردة من المسلم، والكفر المقارن لعقد الذمة لا يمنعه في الابتداء فأولى أن لا يرفعه في حال البقاء. قال في (الفتح): والذي عندي أن سبه - صلى الله عليه وسلم - أو نسبة ما لا ينبغي إلى الله تعالى إن كان ممن لا يعتقدونه كنسبة الولد إليه تعالى وتقدس إذا أظهره يقتل به وينتقض عهده وإن لم يظهر لكن عثر عليه وهو ينكره فلا، لأن دفع القتل والقتال عنهم بقبول الجزية مقيد بكونهم صاغرين أذلاء ولا خلاف أن المراد استمرار ذلك لا مجرد القبول وإظهار ما هو الغاية في التمرد؟ وعدم الالتفات والاستخفاف ينافي أن يكون جاريا على العقد الذي يدفع عنه القتل انتهى ملخصا، ثم قال: وهذا البحث يوجب أنه إذا

بل بالالتحاق ثمة أو بالغلبة على موضع للحراب وصاروا كالمرتد ويؤخذ من تغلبي وتغلبية ضعف زكاتنا. ـــــــــــــــــــــــــــــ استعلا على المسلمين على وجه صار مستمرا عليه حل للإمام قتله أو يرجع إلى الذل والصغار. قال العيني: وأختار في السب أنه يقتل ولا كلام أنه يعاقب على ذلك كما إذا شتم دين الإسلام أو القرآن ذكره في (الحاوي القدسي)، (بل) ينقض عهده (بالالتحاق) إلى دار الحرب أو بالغلبة على موضع للحراب لأنهم بذلك صاروا حربا علينا فعري عقد الذمة عن الفائدة وفي نكاح المشرك من (فتح القدير) لو جعل نفسه طليعة للمشركين قتل لأنه محارب معنى وقال هنا: إن عهده لا ينتقض بدلالته على عورات المسلمين ونحوه في (المحيط) حيث قال: لو كان يخبر المشركين بعيوب المسلمين أو يقاتل رجلا من المسلمين ليقتل لا يكون نقضا للعهد والطليعة واحدة الطلائع في الحرب وهم الذين يبعثون ليطلعوا على أخبار العدو وكذا في (المغرب) فيحمل الأول على ما إذا بعثوه لذلك والثاني على ما إذا لم يبعثوه وأفاد أنه لا ينتقض بالقول وبه صرح في (المحيط). ويشكل عليه ما قدمناه من أنه لو امتنع من قبول الجزية نقض عهده وليس ذلك إلا بالقول، (فصاروا) أي: أهل الذمة بالالتحاق أو بالغلبة (كالمرتد) في الحكم بموتهم باللحاق فيقسم مالهم بين ورثتهم وفي قبول توبتهم فنفود ذمتهم وفي بينونة زوجاتهم التي تركوها في دار الإسلام إجماعا وفي أن ما لحقوا به من المال يكون فيئا أما إذا عادوا بعده إلى دارنا وأخذوا من مالهم أشياء ولحقوا به فإنه يكون لورثتهم قبل القسمة مجانا وبعدها بالقيمة كذا في (الفتح) وفي أنهم إذا عادوا إلى الذمة لا يؤاخذون بحقوق لحقتهم في المحاربة من القصاص والمال بخلاف ما قبلها كما في (المحيط)، وفي قتلهم ودفع مالهم لورثتهم وعلى هذا اقتصر الشارح. قال في (الفتح): فإن عاد بعد الحكم باللحاق ففي رواية يكون فيئا وفي رواية لا، ولا يبعد أن يقال: انتقاله للمكان الذي تغلبوا فيه كانتقاله إلى دار الحرب إن لم يكن محل / الروايتين ما لم يعد ثانيا وخالفوا المرتد في أنهم يسترقون ولا يجبرون [334/أ] على قبول الجزية وأما المرتد فلا يسترق ويجبر على الدخول في الإسلام (وتؤخذ من تغلبي) بالغين بمثناة معجمة ولام مكسورة نسبة إلى بني تغلب بن وائل بن ربيعة قوم تنصروا في الجاهلية وسكنوا قرب الروم (ضعف زكاتنا) بذلك صالحهم عمر رضي الله تعالى عنه وعليه إجماع الصحابة ثم الفقهاء ونبه بقوله زكاتنا إلى أن المأخوذ وإن

ومولاه كمولى القرشي والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب وما أخذنا منهم بلا قتال يصرف في مصالحنا كسد الثغور. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان جزية في المعنى إلا أنه لا يراعى فيه شرائطها من وصف الصغار وتقبل من النائب بل شرائط الزكاة وأسبابها لأن الصلح وقع كذلك ولذا أخذ من المرأة لأهليتها لها بخلاف الصغير والمجنون حيث لا يؤخذ من مواشيهم وأموالهم بخلاف أراضيهم، وإذا كان كذلك فيأخذ الساعي من غنمهم السائمة من كل أربعين شاة شاتين ومن كل مائة وإحدى وعشرين أربع شياه وعلى هذا في الإبل والبقر، (ومولاه) أي: معتق التغلبي (كمولى القرشي) في أن كل منهما لا يتبع أصله حتى توضع الجزية والخراج عليهما وإن لم يوضع على أصلهما لأن عدم الوضع عليها تخفيف والمعتق لا يلحق بالأصل فيه، ألا ترى أن الإسلام أعلى أسباب التخفيف. ولو كان المسلم مولى نصراني وضعت عليه الجزية ولم يتعد إليه التخفيف فلأن لا يتعدى بوصف غيره أولى، وأما قوله عليه الصلاة والسلام (مولى القوم منهم) فعام مخصوص بالإجماع فإن مولى الهاشمي لا يتبعه في الكفاية للهاشمية والإمامة فجاز تخصيصه بالمعنى المذكور أيضا أو أنه أريد به خاص وهو عدم دفع الزكاة ولأن حرمة الصدقة ليس تخفيفا والحرمات تثبت بالشبهات، ونقض بمولى الغني فإن حرمة الصدقة لم تتعد إليه وأجيب بأنه أهل للصدقة في الجملة بدليل أنه لو كان عاملا عليها أعطى كفايته منها بخلاف الهاشمي (والجزية والخراج ومال التغلبي وهدية أهل الحرب) فيه إيماء إلى أن للإمام أن يقبلها ويضعها في بيت المال. وقيده في (الذخيرة) بأن يغلب على ظنه أن المشتركين يقع عندهم أن القتال لإعلاء كلمة الله تعالى لا لطمع دنيوي وقيل: إنما تقبل من شخص لا يطمع في إيمانه لو ردت هديته وقيل: من شخص علم أنه لا تقل صلابة المسلمين في حقه بل تبغي المسلمون على عزتهم وصلابتهم أما من كان من المشركين يغلب على الظن ظنه أن قتال المسلمين لطمع أو يطمع في إيمانه لو ردت هديته أو أن المسلمين تقل صلابتهم وعزتهم لا تقبل هديته، وقيل: تقبل في حالة الصلح والمسألة في (السراج) (وما أخذنا منهم بلا قتال) بل بالصلح على ترك القتال قبل نزول العسكر بساحتهم ودخل فيه ما لو أخذ العاشر منهم ومن أهل الذمة ومال نجران ومنه تركة أهل الذمة كما في (الظهيرية) (يصرف في مصالحنا) نبه بذلك على أنه لا يخمس ولا يقسم بين الغانمين، (كسد الثغور) وهي المواضع التي يخاف هجوم العدو منها إلى

وبناء القناطر والجسور وكفاية القضاة والعلماء والمقاتلة وذراريهم ومن مات في نصف السنة حرم عن العطاء. ـــــــــــــــــــــــــــــ دار الإسلام وأصله الهدم سمي بذلك لانقلابه وإمكان دخول العدو منه (وبناء القناطر) جمع قنطرة وهي ما لا ترفع الأحكام بنائها (وكفاية القضاة) والعمال كذا في نسخة العيني جمع عامل وهو الذي يعمل للمسلمين كالكتاب عند القضاة وشهود الغنيمة والرقباء على السواحل (و) كفاية (العلماء) زاد في (التجنيس) والمتعلمين. قال في (الفتح): وبهذا تدخل طلبة العلم، وفي حظر (الخانية) سئل الرازي عن بيت المال هل للأغنياء فيه نصيب؟ قال: لا إلا أن يكون عالما أو قاضيا وليس للفقهاء فيه نصيب إلا فقيه فرغ نفسه لتعليم الفقه والقرآن. قال في (البحر): فيحمل ما في (التجنيس) على ما إذا فرغ نفسه لذلك بأن يصرف غالب أوقاته في العلم، ودخل المفتي وبه صرح في (المحيط)، وفي مسائل (الفتاوى) لكل قارئ في كل سنة مائتا دينار أو ألفا درهم إن أخذها في الدنيا وإلا يأخذها في الآخرة، وفي (الحاوي القدسي) ولم يقدر في ظاهر الرواية قدر الأرزاق سوى قوله ما يكفيهم وذراريهم وسلاحهم وأهاليهم، وما ذكر في الحديث لحافظ القرآن وهو المفتي اليوم مائتا دينار، وعن عمر أنه زاد فيه دليل على قدر الكفاية انتهى. وفي (القنية) كان أبو بكر يسوي في العطاء، وكان عمر يعطيهم على قدر الحاجة والفقه والفضل والأخذ بما فعله عمر في زماننا أحسن، (و) كفاية (المقاتلة وذراريهم) أي: ذراري من ذكر لأن مال بيت المال لمصالح المسلمين وهؤلاء عملتهم ونفقة الذراري على الآباء فلو لم تحصل الكفاية لاحتاجوا إلى / الاكتساب [334/ب] كذا قالوا وهذا يقتضي أن المراد بكفاية غير الذراري كفاية أنفسهم وأنه لا حق لهم بعد موت الآباء وإلى هنا تمت. مصارف بيت المال ثلاثة: مصرف الزكاة والعشر ومصرف خمس الغنائم، ومصرف الجزية والخراج، وبقي رابع وهو اللقطات والتركات التي لا وارث لها ودية مقتول لا ولي له ومصرفه اللقيط الفقير والفقراء الذين لا أولياء لهم يعطون منه نفقتهم وأدويتهم وتكفين أمواتهم وعقل جنايتهم. قالوا: وعلى الإمام أن يجعل لكل نون بيتا يخصه فإن خلى بعضها كان له الاستقراض من النوع الآخر ليصرفه إلى ذلك النوع ثم إذا حصل منه شيء رده في المستقرض منه إلا أن يكون ما صرفه من الصدقات والخمس على أهل الخراج فلا يرد شيئا لأنهم مستحقون للصدقات بالفقر وكذا في غيره إذا صرفه للمستحق، وعليه أن يتق الله ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته فإن قصر كان الله عليه حسيبا (ومن مات) ممن ذكر (في نصف السنة حرم من العطاء) أي: عما يصرفه إليه فلا يدفع إليه

باب المرتدين

باب المرتدين ـــــــــــــــــــــــــــــ وجوبا ولا ندبا لأنه حيلة وهي لا تملك إلا بالقبض قيد بالنصف لأنه لو مات في آخرها ندب صرفه إلى ورثته ولو تعجل القاضي ثم مات أو عزل قبل الحول قيل يجب رد ما بقي وقيل: عندهما لا يرد كالنفقة المعجلة ويرد عند محمد والله الموفق للصواب. باب المرتدين لما فرغ من أحكام الكفر الأصلي شرع في الطارئ والمرتد عرفا هو الراجع عن دين الإسلام وقد عرفوا الدين بأنه وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات ولصحة الردة شرائط العقل والصحو والطواعية فلا تصح ردة مجنون وصبي لا يعقل كإسلامهما وقدر في (فتاوى) قارئ (الهداية) عقله بأن يبلغ سبع سنين وكذا لو كان معتوها أو موسوسا أو مغلوبا على عقله برجه من الوجوه كما في (السراج) ولا ردة سكران ولا مكره وفي (الفتح) من هزل بلفظ كفر ارتد وإن لم يعتقده للاستخفاف فهو كافر العناد، والألفاظ التي يكفر بها تعرف في الفتاوى وفي (المسايرة) ولاعتبار التعظيم المنافي للاستخفاف كفر الحنفية بألفاظ كثيرة وأفعال تصدر من المتهكمين لدلالتها على الاستخفاف بالدين كالصلاة بلا وضوء بل بالمواظبة على ترك سنة استخفافا لها بسبب أنها إنما فعلها عليه الصلاة والسلام زيادة أو استقباحها كمن استقبح من آخر جعل بعض العمامة تحت حلقه أو أحفا شاربه. قال في (البحر): والحق أن ما صح عن المجتهد فهو على حقيقته، وأما ما يثبت عن غيره فلا يفتى به في مثل التكفير ولذا قال في بغاة (فتح القدير): بقع في كلام أهل المذاهب تكفير كثير يعني من البغاة لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم مجتهدون بل من غيرهم ولا عبرة بغير الفقهاء انتهى. وهذا يفيد أن بعض الألفاظ الواقعة في كتب الفتاوى ليست من كلام المجتهدين فلا يعول عليها انتهى، وأنت خبير بأن كل من نقله أئمتنا الأعلام منسوب إلى الإمام إما تصريحا أو تلويحا ولو اعتبرت النسبة إلى الإمام في كل جزيئة لزم إهدار كثير من الأحكام ثم قال بعد سرد كثير من ألفاظ التكفير من (التتارخانية) وغيرها: الذي تحرز أنه لا يفتى بتكفير مسلم أمكن حمله كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتى بها وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها انتهى.

يعرض الإسلام على المرتد وتكشف شبهته ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو مأخوذ مما في (الخلاصة) وغيرها إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد لا يوجبه فعلى المفتي أن يميل إلى عدم التكفير انتهى، غير أنه يجوز أن يراد بالوجوه الأقوال والاحتمالات لكن يؤيد الأول ما في (الصغرى) الكفر شيء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر وينبغي له أن يكثر من قول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغرك لما لا أعلم فإنه سبب النجاة من الكفر بوعد الصادق - صلى الله عليه وسلم -. (يعرض الإسلام على المرتد) هذا ظاهر في وجوبه كذا في (الفتح) فقوله في (البحر) لم يبين صفته ممنوع نعم ظاهر المذهب أنه مندوب فقط لأنه الدعاء إليه ودعوة من بلغته الدعوة غير واجبة (وتكشف شبهته) بيان لثمرة العرض إذ عساه أن الردة كانت لشبهة اعترته (ويحبس ثلاثة أيام) يعرض عليه الإسلام في كل يوم منها كما في (الخانية) هذا أيضا ظاهر في وجوب / الانتظار لما عرف من الإخبار فإن لم [335/أ] يطلبه لا يستحب وإنما يقتل من ساعته وخص الثلاثة لأنها مدة ضربت لإبلاء الأعذار ولو ارتد ثانيا فعل به كذلك كذا في (التتارخانية). (فإن أسلم) رفع عنه القتل هذا الإطلاق يستثنى منه ما لو ارتد بسببه - صلى الله عليه وسلم - ثم تاب فإنه يقتل حدا ولا تقبل توبته في إسقاط القتل عنه ولا فرق بين أن يجيء تائبا أو يشهد عليه بذلك بخلاف غيره من المكفرات فإن الإنكار فيه توبته فلا تقبل الشهادة معه حتى قالوا يقتل وإن سب سكرانا ولا يعفى عنه، ولا بد من تقييده بما إذا كان سكره بسبب محظور باشره مختارا بلا إكراه وإلا فهو كالمجنون. قال الخطابي: لا أعلم أحدا خالف في وجوب قتله كذا في (الفتح)، وعلله البزازي بأنه حق عبد فلا يسقط بالتوبة كسائر حقوقهم قال: وسب واحد من الأنبياء كذلك. تنبيه: من حوادث الفتوى ما لو حكم حنفي بكفره بسب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل للشافعي الحكم بقبول توبته؟ الظاهر أن له ذلك لأنه حادثة أخرى ولو حكم بالموجب لأن مواجبه متعددة وقد قالوا: لو حكم شافعي بصحة بيع عقار لا يكون ذلك حكما منه بأنه لا شفعة فيه بالجوار لما قالوه والله أعلم. وأما سب الشيخين أو لعنهما ففي (الخلاصة) وغيرها أنه كفر، ونقل في (البحر) عن (الجوهرة) معزيا إلى الشهيد أن التوبة لا تقبل وإسلامه وبه أخذ أبو الليث وأبو نصر الديوسي وهو المختار وجزم به في (الأشباه والنظائر)، وهذا لا وجود له في أصل (الجوهرة) وإنما وجد على هامش بعض النسخ فألحق بالأصل مع أنه لا ارتباط له بما قبله هذا في أحكام الدنيا أما فيما بينه وبين الله تعالى إذا صدق قبله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ سبحانه وتعالى بلا خلاف ولو تزندق فإن توبته لا تقبل في ظاهر المذهب وفي (الدراية) في الزنديق روايتان. وفي (الخانية) قالوا: لو جاء قبل أن يؤخذ وأقر أنه زنديق فتاب تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لم تقبل ويقتل انتهى. وينبغي أن يكون هذا التفصيل محمل الروايتين وفسر الزنديق في (فتح القدير) بأنه الذي لا يتدين بدين أما من يبطن الكفر ويظهر الإسلام فهو المنافق ويجب أن يكون حكمه في عدم قبول توبته كالزنديق لأن ذلك في الزنديق لعد الاطمئنان إلى ما يظهر من التوبة إذا كان يخفي كفره الذي هو عدم اعتقاده دينا والمنافق مثله في الاعتقاد وعلى هذا فطريق العلم بحاله إما بأن يعثر بعض الناس عليه أو يسيره إلى من هو آمن إليه والحق أن الذي يقتل ولا تقبل توبته هو المنافق فالزنديق إن كان حكمه ذلك فيجب أن يكون مبطنا كفره الذي هو عدم التدين بدين ويظهر تدينه بالإسلام أو غيره إلى أن ظفرنا به وهو عرافي وإلا فلو فرضناه مظهرا لذلك حتى تاب يجب أن لا تقبل توبته كسائر الكفار المظهرين لكفرهم إذا أظهروا التوبة، وأما إذا كان ساحرا واعتقد إباحته فإنه يكفر ولا تقبل توبته ولا إمرة ولا خلاف بين أهل العلم في حرمة تعليمه وتعلمه وقد قال أصحابنا إن له حقيقة وتأثيرا في إيلام الأجسام خلافا لمن منع وقال: إنه تخييل كذا في (الفتح). وفي (الخانية): الساحر إذا تاب أو كان يعتقد نفسه خالقا ثم تاب عن ذلك وتبرأ منه تقبل توبته ولا يقتل، وإن كان يستعمله بالتجربة ولا يعتقد له أثرا لا يقتل، وإن كان يجحد السحر فلا يدري كيف يفعل ولا يقر به قالوا: لا يستتاب بل يقتل إذا ثبت أنه مستعمل السحر، وفي بعض المواضع ذكر أن الاستتابة أحوط، وقال أبو الليث: إذا تاب قبل أن يؤخذ قبل توبته ولا يقتل وإذا اخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل وكذا الزنديق المعروف الداعي والفتوى على هذا القول انتهى، هذا وأما الكاهن فقيل: هو الساحر وقيل: هو العراف الذي يحدس ويتخوص وقيل: هو الذي له من الجن ما يأتيه بالأخبار، وقال أصحابنا: إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر، وعند الشافعي إن اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب وأنها تفعل ما يلتمسه كفر. قال في (الفتح): ويجب أن لا يعدل عن مذهب الشافعي في كفر الساحر والعراف وعدمه، وأما قتله فيجب ولا يستتاب إذا عرفت مزاولته لعمل السحر لسعيه في الفساد في الأرض لا بمجرد علمه إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره.

وإلا قتل وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان سوى الإسلام أو عما انتقل إليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: تحبط الردة ثواب الأعمال، قالوا وعليه إذا عاد إلى الإسلام أن يعيد الحج والنكاح دون الصلوات والزكوات والصيامات إلا أنه عاد / في وقت صلاة صلاها [335/ب] كان عليه أداؤها ثانيا، وهل تعود حسناته بعوده إلى الإسلام؟ قال أبو علي وأبو هاشم من أصحابنا: لا تعود، وقال أبو القاسم الكعبي: تعود، ونحن نقول: إنه لا يعود ما بطل من ثوابه لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد كذا في (التاتارخانية) وفيها لو تكرر ارتداده وتاب فإنه يؤخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني وهو قول أبي الليث. وقالوا: إن وقفه يبطل بالردة ولو روى لغيره حديثا لا يجوز للسامع منه أن يرويه عنه بعد ردته كما في شهادات (الولوالجية) (وإلا) أي: وإن لم يسلم (قتل) على الإطلاق أيضا يستثنى من أكره على الإسلام إذا ارتد فإنه يحبس ولا يقتل كما في (الخلاصة)، وقيد في (الخانية) بما إذا كان حربيا أم الذمي فلا يصح إسلامه، واللقيط لأن إسلامه كان على وجه الحكم لا من جهة الحقيقة، وقيده في (التاتارخانية) بما إذا وجد في مصر من أمصار المسلمين وفي (السراجيه) سواء كان مسلما أو كافرا وهو الصحيح. قال في (المحيط): وكل من حكم بإسلامه تبعا إذا بلغ كافرا فإن يجبر على الإسلام ولا يقتل استحسانا ومن ثبت إسلامه برجلين ثم رجع كما في شهادات (اليتيمة) وإطلاقه يعم الحر والعبد وإن تضمن قتله إبطال حق المولى بالإجماع لإطلاق الدليل، (وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان) كلها بإن يقول: تبت ورجعت إلى دين الإسلام وأنا بريء من كل دين (غير) دين (الإسلام) كذا في (المنية) لكن هذا بعد أن يأتي بالشهادتين كما في (الإيضاح). وفي (الكافي) (و) لو تبرأ (عما انتقل إليه) كفى لحصول المقصود كذا في (الدراية) والظاهر أن التبرؤ مع الإتيان بالشهادتين مغن عم قوله تبت ورجعت فليس جزءا من مفهومه كما يوهمه ما في (المنية) وما في (الكافي) معناه الكفاية عن قوله: أنا بريء من كل دين غير دين الإسلام، ولو أتى بالشهادتين على وجه العادة لم ينفعه ما لم يرجع عما قال إذ لا يرتفع بها كفره كذا في (البزازية) فيد بإسلام المرتد لأن في غيره تفصيلا. قال في (البدائع): الكفار أصناف أربعة: صنف ينكرون الصانع وهم الدهرية، وصنف ينكرون الوحدانية وهو الثنوية والمجوس، وصنف يقرون بها لكن ينكرون بعثة الرسل وهو قوم من الفلاسفة، وصنف يقرون بالكل في الجملة غير أنهم ينكرون

وكره قتله قبله ولم يضمن قاتله ولا تقتل المرتدة بل تحبس حتى تسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ عموم رسالته - صلى الله عليه وسلم - إلى كافة وهو اليهود والنصارى، فالصنفان الأولان يكتفي منهم بقول لا إله إلا الله، والثالث لا بد أن يقول محمد رسول الله، والرابع لا بد مع الإقرار بالرسالة من التبرؤ من دينه زاد في (الخانية) مع زيادة قوله: ودخلت في دين الإسلام. وعلله في (الذخيرة) بأنه قد يتبرأ من اليهودية ويدخل في النصرانية فجاز أن يكون تبرؤه لذلك وليس المراد من قول (البدائع) وهم اليهود والنصارى كل النصارى بل طائقة منهم في العراق يقال لهم العيسوية صرح بذلك في (المحيط) (والخانية) وعلى هذا فينبغي أن يستفسر الآتي بالشهادتين منهم إن جهل حال. قال قارئ (الهداية): والذي أفتي به أن الذمي إذا تلفظ بالشهادتين يحكم بإسلامه وإن لم يتبرأ من دينه الذي كان عليه وإذا رجع عما كان عليه يقتل إلا أن يعود إلى الإسلام لأن التلفظ بهما صار علامة على الإسلام، واعلم أن الإسلام كما يكون بالقول يكون بالفعل أيضا كما إذا صلى مكتوبة وأتمها مقتديا أو أذن في الوقت أو سجد للتلاوة أو أدى زكاة السائمة لا بغير ذلك وقد جمعت ذلك: وكافر في الوقت صلى باقتدا .... متمما صلاته لا مفسدا أو أذن معلنا أيضا أو زكى .... سوائما كأن سجد تزكى ومن رام إشباع الكلام في ذلك فعليه بكتابنا المرسوم (بدرر المسائل باختصار أنفع الوسائل)، (وكره) كراهة تنزيه (قتل) من الإمام أو غيره وإن أدب لافتئاته (قبل العرض) لما فيه من ترك المندوب نعم على القول بوجوبه يكره تحريما (ولم يضمن قاتله) لأنه مهدر الدم لكفره (ولا تقتل المرتدة) للنهي عن قتل النساء (بل تحبس) أبدا إلى أن تموت ولا تواكل ولا تجالس كما في (الحقائق) وإطلاقه يعم الأمة أيضا إلا أن حبسها يكون عند المولى لخدمته لكن لا يطأها سواء طلبت ذلك أو لا في الأصح ويتولى جبرها جمعا بين الحقين. [336/أ] وفي (البدائع) لو سبيت المرتدة بعد / لحوقها بدار الحرب واسترقت فإنها تجبر أيضا على الإسلام بالضرب والحبس انتهى، يعني عند المولى كما مر، والصغيرة العاقلة كالبالغة والخنثى المشكل كالمرأة كما في (التتاخانية)، ولو قتلها قاتل لا شيء عليه كما في (المبسوط) وفي (العتابية) أنه يضمن الأمة لمولاها والظاهر ضعفه ولم يذكر ضربها في ظاهر الرواية، وعن الإمام أنها تضرب في كل يوم ثلاثة أسواط وعن الحسن تسعة وثلاثين إلى أن تموت أو (تسلم) وهذا قتل معنى لأن موالاة الضرب تفضي إليه كذا في (الفتح)، واختار بعضهم أنها تضرب خمسة وسبعين سوطا وهذا ميل إلى قول الثاني في نهاية التعزير.

ويزول ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا فإن أسلم عاد ملكه وإن مات أو قتل على ردته ورث كسب إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه. ... ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الحاوي القدسي): وهو المأخوذ به في كل تعزير بالضرب، ولا تسترق المرتدة الحرة ما لم تلحق بدار الحرب وفي رواية (النوادر) عن الإمام أنها تسترق في دار الإسلام أيضا قيل: ولو أفتى بهذه الرواية لا بأس به فيمن كانت ذات زوج حسما لقصدها السعي بالردة عن إثبات الفرقة وينبغي أن يشتريها الزوج من الإمام أو يهبها له إذا كان مصرفا لأنها صارت بالردة فيئا للمسلمين لا يختص بها الزوج فيملكها وينفسخ النكاح بالردة وحينئذ يتولى هو حبسها وضربها على الإسلام فيرتد ضرر قصدها عليها (ويزول ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا) أي: غير بات (فإن أسلم عاد ملكه) عند الإمام وقالا: لا يزول كالمحكوم عليه بالرجم والقصاص وله أنه حربي مقهور تحت أيدينا إلى أن يقتل ولا يقتل إلا بالحراب. قال في (الفتح): واعلم أن حقيقة المراد بالردة أن يزول ملكه وإلا باتا فإن استمر حتى مات حقيقة أو حكم باللحاق استمر الزوال الثابت من وقت الردة وإن عاد الملك وهما هربا من الحكم بالزوال لأن الساقط لا يعود انتهى وعلى ذلك جرى بعض الشارحين إلا أن تصريح كلام المصنف وغيره يأباه ففي (البدائع) ثمرة الخلاف تظهر في تصرفاته فعندهما هي نافذة قبل الإسلام وعنده موقوفة انتهى، ولو زال ملكه زوالا باتا لما توقفت لأنه بالعود إلى الإسلام يطرأ ملك بات على موقوف فيبطله، هذا وبعد اتفاقهما على عدم زوال ملكه اختلفا في تبرعاته فجعلها أبو يوسف من جميع المال ومحمد من الثلث قيد بالمرتد لأن المرتدة لا يزول ملكها بالإجماع وينبغي أن يلحق بها من لا يقتل إذا ارتد لشبهة في إسلامه كما مر، وفي (الخانية) وتصرف المكاتب في ردته نافذ في قولهم، وفي (السراج) وكسب المكاتب المرتد حال الردة لمولاه (وإن مات) المرتد (أو قتل على ردته) أو حكم بلحاقه (ورث كسب إسلامه) بفتح الكاف وكسرها لجمع كذا في (القاموس) (وارثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه) لأن ملكه بعد الردة باق فينتقل بعد موته إلى ورثته مستندا إلى قبيل ردته إذ الردة سبب الموت فيكون توريث المسلم من المسلم واختلفت الروايات فيمن يرث المرتد، فروى محمد عن الإمام أنه يرثه من كان وارثا عند أحد الثلاثة. وفي (الخانية) وهي الرواية الصحيحة وروي عن الحسن أنه يورثه من كان وارثا حال الردة وبقي إلى وقت موته قيل: وهو الأظهر كذا في (السراج)، وروى أبو يوسف عنه أنه من كان وارثا وقت الردة، وتفرع على الأول وهي الأصح كما في (المبسوط) ما لو كان له ولد كافر أو عبد فأسلم أو عتق بعدها قبل موته أو الحكم بلحاقه ورثه

وكسب ردته فيء بعد قضاء دين ردته وإن حكم بلحاقه عتق مدبره وأم ولده وحل دينه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وكذا لو ولد ولد من علوق حادث بعد الردة. قال في (البدائع): لو ارتد الزوجان معا ثم جاءت بولد ثم قتل الأب على ردته فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الردة ثرثه وإن ستة فصاعدا لم يرثه ولو ارتد الزوج وحده أو كانت له أم ولد مسلمة ورثه مع ورثته المسلمين، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر، وإطلاقه يعم الزوجة فترثه امرأته المسلمة إذا مات وهي في العدة لأنه بالردة كأنه مرض مرض الموت لاختياره سبب المرض بإصراره على الكفر مختارا حتى قتل، وهذا يقتضي أن غير المدخول بها لا ترث لصيرورتها بالردة أجنبية وليست الردة موتا حقيقيا بدليل أن المدخولة إنما تعتد بعد موته بالحيض لا بالأشهر فلا تنتهض سببا للإرث، والإرث وإن استند إلى الردة لكن يتقرر عند الموت هذا حاصل ما في (الفتح). قال الشارح: وينبغي على رواية أبي يوسف أن ترث إذا مات بعد العدة أو قبل الدخول وفي (السراج) لو ارتدت وهي مريضة ورثها زوجها المسلم لأنها فارة لقصدها إبطال حقه بخلاف الصحيحة لأنها لا تقبل (وكسب ردته فيء) أي: غنيمة توضع في بيت المال عند الإمام وقالا: هو ميراث لورثته المسلمين أيضا بناء على أن أملاكه لا تزول بردته (بعد قضاء دين ردته)، هذا أعني قضاء دين إسلامه من كسب [336/ب] الإسلام ودين الردة من كسبها رواية زفر عن الإمام وبها قال زفر والحسن / أيضا وروى أبو يوسف عنه أنه من كسب الردة إلا أن لا يفي فيقضي الباقي من كسب الإسلام وروى الحسن عنه أنه من كسب الإسلام إلا أن لا يفي فيقضي الباقي من كسب الردة. قال في (البدائع): وفتاوى (الولوالجية) وهو الصحيح لأن دين الميت إنما يقضى من ماله وهو كسب إسلامه فأما كسب الردة فلجماعة المسلمين فلا يقضى منه الدين إلا لضرورة فإذا لم يف تحققت، قيد بالمرتد لأن كسب المرتدة لورثتها اتفاقا (وإن حكم) أي: القاضي (بلحاقه عتق مدبروه) من ثلث ماله وأهمله لما مر (وأم ولده) من كل ماله (وحل دينه) لأنه بالإلحاق صار من أهل الحرب، وهم أموات في حق أحكام الإسلام فصار كالموت إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بالقضاء لاحتمال العود، وإذا تقرر موته تثبت الأحكام المتعلقة به كما ذكر ومنها قسمة ماله وسيشير إليه بعد في قوله وما وجده في يد واريه، وظاهر أن المكاتب بعد موت سيده إذا أدى وارثه ما عليه عتق والولاء للمرتد لأنه المعتق فاعلم أن اللحاق إذا صار كالموت لا أنه حقيقة الموت لا يستقر حتى يقضى به سابقا على القضاء بشيء من الأحكام المذكورة في الصحيح لأن القضاء بشيء منها يكفي بل يسبق القضاء باللحاق ثم تثبت الأحكام المذكورة كذا في (الفتح).

وتوقف مبايعته وعتقه وهبته فإن أمن نفذ وإن هلك بطل وإن عاد مسلما بعد الحكم بلحاقه فما وجده في يد وارثه أخذه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): وظاهر أن القضاء به قصدا صحيح وينبغي أن لا يصح إلا في ضمن دعوى حق العبد، وقد قالوا: إن يوم الموت لا يدخل تحت القضاء قصدا فينبغي أن لا يصح إلا في ضمن دعوى حق العبد وينبغي أنه لو حكم بعتق مدبره لثبوت لحاقه مرتدا ببينة عادلة أن يصح ولا يشترط له تقدم الحكم للحاقه ولم أر من أوضح هذا الحل انتهى. وأقول: ليس معنى الحكم بلحاقه سابقا على هذه الأمور أن يقول ابتداء: حكمت بلحاقه كما قد توهمه بل إذا ادعى مدبر مثلا على وارثه أنه لحق بدار الحرب مرتدا وأنه عتق بسببه وثبت ذلك عند القاضي حكم أولا بلحاقه ثم يعتق ذلك المدبر كما يعرف ذلك من كلامهم فتدبر والله الموفق، (وتوقف مبايعته) وأراد بها كل ما كان مبادلة مال بمال فشمل الصرف والسلم والصلح عن إقرار والإجارة وقبض، لأنه مبادلة حكمية والرهن أيضا قيل لأنه معاوضة مالية وعلى هذا فتدخل الهبة بشرط العوض (وعتقه) وتدبره وكتابته. ولو أعتقه الوارث المسلم الذي ليس له سواه لا ينفذ عتقه أيضا كما في (الخانية) (وهبته) لأنها عقد ينزع ومن ثم قلنا: تتوقف وصيته أيضا (فإن أمن) أي: المسلم (نفذ وإن هلك) بأن مات أو قتل أو حكم بلحاقه (بطل) ما فعله وهذا عند الإمام بناء على زوال ملكه على ما مر، وقالا: كل ذلك نافذ إلا أنه عند محمد ينفذ من الثلث ولا خلاف بينهم في عدم صحة نكاحه وذبيحته وصيده بالكلب والبازي أو الذمي وشهادة وارثه لأنه هذه الأشياء تعتمد الملة ولا ملة له وفي صحة استيلاده وطلاقه وقبول هبته وتسليم الشفعة والحجر على عبده المأذون لأن هذه لا تعتمد ولاية ولا حقيقة ملك، وأجمعوا على توقف ما يعتمد المساواة من التصرف أو ولاية متعدية كالمفاوضة فإن أسلم نفذت وإن هلك بطلت وتصير عنانا من الأصل عندهما وتبطل عنده، والتصرف على ولده الصغير وفي ماله، قال في (البحر): ولم أر حكم التقاطه لقيطا أو لقطة. أقول: وبقي إيداعه واستيداعه وأمانه وعقله ولا شك في عدم صحة أمانه إذا مات الذمي لا يصح فهذا أولى وكذا عقله لأن التناصر لا يكون بالمرتد، وأما التقاطه وإيداعه واستيداعه فلا ينبغي التردد في جوازها منه والله الموفق. وبهذا عرف أن تصرفاته أربعة أقسام، (وإن عاد مسلما بعد الحكم بلحاقه فما وجده في يد وارثه أخذه) لأن الوارث إنما يخلفه لاستغنائه وإذا عاد مسلما احتاج إليه

وإلا لا ولو ولدت أمة له نصرانية لستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولده وهو ابنه حر ولا يرثه ولو مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وإن لحق المرتد بماله فظهر عليه فهو فيء فإن رجع وذهب بماله وظهر عيه فلوارثه. ـــــــــــــــــــــــــــــ فقدم عليها لكن إنما يأخذه بقضاء القاضي أو التراضي فإن ذكر في (السير الكبير) أن الوارث لو تصرف في المال بعدما عاد مسلما نفذ في تصرفه كذا في (التتارخانية) وعلله الشارح بأنه دخل في ملكه فلا يخرج عنه إلا بطريقه، وقوله في (البحر) طريقه عوده مسلما ممنوع. وفي قوله: وارثه إيماء إلى أنه لا حق له فيما وجده من كسب ردته لأن أخذه ليس بطريق الخلافة عنه بل لأنه فيء ألا ترى أن الحربي لا يسترد ماله بعد إسلامه [337/أ] وهذا وإن لم يرد مسطورا إلا أن القواعد تؤيده / (وإلا) أي: وإن لم يجد شيئا في يد وارثه (لا) أي: لا يأخذ شيئا هذا شامل لما إذا أزاله الوارث عن يده بسبب يقبل الفسخ كنحو بيع أو لا يقبله كعتق وتدبير واستيلاد وحكم الكتابة قد مر، ولما لم يدخل في يده أصلا كمدبريه وأمهات أولاده المحكوم بعتقهم بذلك قيد بما بعد الحكم لأنه لو عاد قبله كان كالذي لم يرتد. (ولو ولدت أمة له) أي: للمرتد (نصرانية) أراد بها الكتابية (لستة أشهر) فأكثر (منذ ارتد) قيد بذلك لأنها لو ولدته لأقل منها كان مسلما وورث أباه للتيقن بوجوده قبل الردة (فادعاه فهي أم ولده)، لأن صحة الاستيلاد لا يفتقر إلى حقيقة الملك (وهو ابنه) وهو (حر) لأن المرتد لا يسترق (ولا يرث) لأنه إنما يتبع أباه لقربه إلى الإسلام بالجبر عليه فصار في حكم المرتد وهو لا يرث أحدا (ولو) كانت (مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب) يعني وحكم بذلك كما مر، لأن الولد يكون مسلما تبعا له والمسلم يرث كسب إسلام المرتد كما مر. (وإن لحق المرتد بماله) إلى دار الحرب (فظهر عليه) أي: قال في (المغرب) ظهر علي اللص غلب وظهر عليه غلب انتهى والمراد الأول (فهو) أي: ماله (فيء) يوضع في بيت المال لسقوط عصمته تبعا لنفسه وهو بإجماع الأئمة الأربعة (فإن رجع) إلى دار الإسلام (وذهب بماله) إلى دار الحرب (وظهر عليه فلواريه)، لأنه باللحاق انتقل إلى الوارث فكان ملكا قديما وحكمه ما مر إنه إن وجده قبل القسمة أخذه مجانا وبعدها بالقيمة إن شاء ولا يأخذه إن كان مثليا لعدم الفائدة، وهذا إنما يتم بناء على أنه لا فرق بين أن يكون أخذه المال بعد القضاء بلحاقه أو قبله وهو ظاهر الرواية، أما إذا كان بعد القضاء فظاهر وأما قبله فلأن القضاء إنما احتيج إليه لثبوته الإرث لترجح عدم عوده فيقرر إقامته فيثبت موته وهذا القدر موجود بعوده

وإن لحق فقضى بعبده لابنه فكاتبه فجاء مسلما فالمكاتبة والولاء لمورثه فإن قتل مرتد رجلا خطأ ولحق أو قتل فالدية في كسب الإسلام. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ وأخذه المال ولحاقه ثانيا فكان ذلك بمنزلة القضاء وفي بعض روايات (السير) جعله فيء يعني إذا كان قبل القضاء. قال في (الفتح): والأوجه ظاهر الرواية (وإن لحق) المرتد (وقضى بعبده لابنه) يعني بعد القضاء بلحاقه على ما مر (فكاتبه) الابن (فجاء) المرتد (مسلما فالمكاتبة) أي: بدلها (والولاء لمورثه) لأنه لا وجه في إبطال الكتابة لنفوذها بدليل متعد وهو القضاء بالعبد له ولا إلى نقله إلى ملك الأب لأنه لا يقبل النقل فجعل على أن الابن وكيل عنه لأنه لما لحق كأنه سلطه على ماله وحقوق العقد ترجع إلى الموكل في الوكالة بالكتابة والولاء لمن يقع العتق منه. وجزم في (الخانية) بأنه إن رجع قبل أن يؤدي جميع بدل الكتابة كان له إبطالها وهو مناف لما مر، قيد بالكتابة لأنه لو دبره كان الولاء للابن كما في (التاتارخانية) وكان الفرق أن الكتابة تقبل الفسخ بالتعجيز فلم تكن في معنى العتق من كل وجه بخلاف التدبير (وإن قتل مرتد رجلا خطأ ولحق) بدار الحرب (أو قتل) على ردته (فالدية في كسب الإسلام) خاصة، أما كونها في ماله فلأن العواقل لا تعقل المرتد وأما كونها في كسب الإسلام فقط فهو قول الإمام، وقالا في كسب الردة أيضا بناء على أنه يملك الكل عندهما فيكون ما لزمهما الكل وعنده لا يملك غيره فاختص ما لزمه به. قال في (الفتح): وعلى هذا ما لو غصب مالا فأفسده فيجب ضمانه في مال الإسلام وعندهما في الكل وعلى هذا لو لم يكن له كسب إسلام واكتسب في الردة فهدر الجناية عند أبي حنيفة خلافا لهما انتهى، وهذا الإطلاق أعني وجوب ضمان ما غصبه في مال الإسلام عنده مقيد بما إذا لزمه ذلك بإقراره أما لو كان بالمعاينة أو البينة فإنه يخير بين أن يوفيه من كسب الإسلام أو الردة عندهم جميعا نص عليه في (الفوائد الظهيرية). قال في (البحر): وينبغي أن يكون القتل خطأ كذلك لكونه متهما في إقراره بحق الورثة وقوله فهدر الجناية الظاهر أنه تفقه منه لا حكاية للمنقول وإلا فالمسطور في كلامهم خلافه ففي (التتارخانية) قال محمد في (الجامع الصغير): فإن لم يكن له إلا كسب الإسلام أو إلا كسب الردة تستوفى منه وإن كان له كسبها فعلى قولهما تستوفى الدية من الكسبين وعلى قوله تستوفى من كسب الإسلام أولا فإن فضل منها شيء أخذ الفضل من كسب الردة وفي (الخانية) وإن لم يكن له إلا كسب الردة كان عليه الدية من ذلك المال.

ولو ارتد بعد القطع عمدا ومات منه أو لحق وجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع نصف الدية في ماله لورثته وإن لم يلحق وأسلم ومات ضمن الدية ولو ارتد مكاتب ولحق وأخذ بماله وقتل فمكاتبته لمولاه وما بقي لورثته ولو ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب فولدت. ـــــــــــــــــــــــــــــ [337/ب] واعلم أن جناية العبد والأمة والمكاتب المرتدين كجنايتهم في / غير الردة (ولو ارتد) المسلم (بعد القطع) أي: قطع يده (عمدا) فسرى القطع إلى النفس (ومات أو لحق) بدار الحرب وحكم بلحاقه (وجاء مسلما فمات منه) أي: من القطع (ضمن القاطع نصف الدية في ماله لورثته) في المسألتين لأن السراية حلى محلا غير معصوم فانهدرت، قيد بالعمد لأنه لو كان خطأ كان على العاقلة وقيدنا بكونه حكم بلحاقه لأنه لو عاد قبل الحكم ضمن الدية عندهما وعند محمد نصف الدية كما إذا لم يلحق وهو الذي بينه بقوله: (وإن لم يلحق) بدار الحرب (فأسلم ومات) بالسراية (ضمن الدية) فعندهما وقال محمد: يضمن نصف الدية لأن اعتراض الردة إهدار الجناية فلا ينقلب بالإسلام إلى الضمان، ولهما أن الجناية وردت على معصوم وهذا لأن المعتبر في العصمة قيامها حال انعقاد السبب وحال ثبوت الحكم وحالة البقاء بمعزل عنهما، ونبه بإضافة الضمان إليه على أنه في ماله لأنه فرضه في العمد فأومئ به على أنه لو كان خطأ وجب على العاقلة ولو كان المرتد هو القاطع فقطع فقتل على ردته أو مات ثم سرى إلى النفس بعد ذلك فلا شيء فيه لو عمدا لفوات محل القصاص ولو خطأ وجبت الدية على العاقلة في ثلاث سنين من يوم القضاء عليهم كما في (الخانية). (ولو ارتد مكاتب ولحق) بدار الحرب (وأخذ) أي: أسير (بماله) أي: مع ماله الذي اكتسبه في زمن ردته (وقتل) على ردته (فمكاتبته) أي: بدلها والمكاتبة التكاتب كما في (القاموس) (لمولاه وما بقي لورثته) وهذا مما يشكل على قول الإمام لا على قولهما لأنه لا يملكه إذا كان حرا ويملك إذا كان مكاتبا، ووجهه أن المكاتب إنما يملك اكتسابه بعقد الكتابة وهي لا تتوقف بالردة ولا تبطل بالموت فبقي موجبها مع الردة فيتحقق ملكه في اكتسابه ولا يتوقف فيقضي منها ويؤدي الباقي، قيل: إذا أوقفت كتابته حكم بحربته في آخر جزء من أجزاء حياته فينبغي أن كسبه كسب مرتد حر فيكون فيئا وأجيب بأن الحكم بحريته إنما هو في الحقوق المستحقة بالكتابة من حريته وأولاده وملك كسبه وقنة لا فيما عد ذلك ألا ترى أن وصيته غير صحيحة لما أنها ليست من الحقوق المستحقة بها. (ولو ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب فولدت) المرتدة ولدا سواء حملت به في

وولد له فظهر عليهم فالوالدان فيء ويجبر الولد على الإسلام لا ولد الولد وارتداد الصبي العاقل صحيح كإسلامه. ـــــــــــــــــــــــــــــ دار الإسلام أو في دار الحرب (وولد له) أي: لذلك الولد (ولد فظهر عليهم) أي: غلب (فالولدان فيء) كأصلهما، قيد بردتهما لأن المسلم لو مات عن زوجته الحامل فارتدت ولحقت به ثم ولدت فظهر عليهم فالولد حر يرث أباه ولو ولدته بعد ما سبيت في دار الإسلام كان مسلما تبعا لأبيه رقيقا تبعا لأمه فلا يرث كذا في (البدائع) (ويجبر الولد على) الإسلام لأنه يتبع أبويه في الإسلام والردة فيجبر كما يجبران إلا أن جبره بالضرب والحبس وجبرهما بالقتل (لا) يجبر (ولد الولد) لأنه لا يتبع جده بل أباه وردة أبيه إنما كانت تبعا والتبع لا يستتبع وإذا لم يتبع الجد صار حكمه كسائر أهل الحرب من الاسترقاق أو وضع الجزية عليه أو القتل إذا أسروا ولا محالة أن الجد يقتل وروى الحسن عن الإمام أنه يجبر تبعا لجده وهذه رابعة أربع مسائل على الروايتين، ففي ظاهر الرواية لا يكون الولد تبعا للجد، وفي رواية الحسن يكون الثانية صدقة الفطر والثالثة جر الولاء والرابعة الوصية للقرابة كذا في (الهداية) وصورة الجر معتقة تزوجت بعبد وله أب عبد فولدت منه فالولد حر تبعا لأمه وولاؤه لمولى أمه فإذا أعتق جده لا يجر ولاء حافده إلى مواليه عن موالي أمه في ظاهر الرواية. وفي رواية الحسن يجر كما لو أعتق أبوه زاد في (البحر) النفقة لا تفرض على الجد الموسر بخلاف الأب وأن الأم تشارك الجد في نفقة الصغير أثلاثا بخلاف الأب الموسر ويتصف الصغير باليتيم مع حياة جده بخلاف الأب وقدم أن في الفرائض أربعة أخرى رد الأم إلى ثلث ما بقي وحجب أم الأب والإخوة لا تسقط بالجد وعندهما تسقط بالأب اتفاقا والرابعة أن المعتق يحجب الجد عن ميراث المعتق ولا يحجب الأب عند أبي يوسف فله السدس والباقي للابن فهو أحد عشر انتهى وأنت خبير بأن الكلام فيما جاء على الروايتين وليس في المزيد ما ذكر فما في (الهداية) هو التحقيق (وارتداد الصبي العاقل صحيح) عندهما خلافا لأبي يوسف / لأنه ضرر [338/أ] محض قلنا: لا مرد للحقيقة بعد وجودها والخلاف في أحكام الدنيا ولا خلاف أنه مرتد في أحكام الآخرة لأن العفو عن الكفر ودخوله الجنة مع الشرك مما لا يرد به شرع ولا حكم به عقل كذا في (التلويح) وعلى هذا فما في (الفتح) من أنه يخلد في النار يعني اتفاقا (كإسلامه) أي: كما يصح إسلامه باتفاق علمائنا الثلاثة ولذا جعله مشبها به لأنه - صلى الله عليه وسلم - صحح إسلام علي وكان صغيرا وافتخاره بذلك معروف فقيل:

باب البغاة

ويجبر عليه ولا يقتل. باب البغاة ـــــــــــــــــــــــــــــ كان ابن خمس وقيل: ابن سبع وفي (البخاري) كان ابن ثمان واعترض أنه لو صح لوقع فرضا لأنه يتنوع بنوع العبادات فيلزم كونه مخاطبا به ولا قائل به وأجيب: بأنه إنما لم يخاطب دفعا للحرج فإذا وجد وجد كالمسافر يصلي الجمعة فيسقط فرضه وليست فرضا عليه كذا في (الشرح) وهذا على رأي السرخسي أما على رأي فخر الإسلام فأصل الوجوب ثابت على الصبي بالسبب وهو حدوث العالم وعقليه دلالته دون وجوب الأداء لأنه بالخطاب وهو غير مخاطب فإذا وجد بعد السبب وقع فرضا كتعجيل الزكاة، قيل: هو الأوجه وهذا صريح في اتفاقهم أنه يقع فرضا قبل البلوغ. واعلم أن قول الشارح لا قائل بأنه مخاطب بالإيمان قبل البلوغ ففيه نظر فقد نقل في (التحرير) أن المختار عند الماتريدي أنه مخاطب بأداء الإيمان كالبالغ حتى لو مات بعده بلا إيمان خلد في النار قال في (الفتح): ولا نعلم خلافا بين المسلمين في عدم وجوب نية فرض الإيمان بعد بلوغ من حكم بصحة إسلامه صبيا تبعا لأبويه المسلمين أو لإسلامه وأبواه كافران ولو كان ذلك فرضا لم يغفله أهل الإسلام عن آخرهم، (ويجبر عليه) بالضرب والحبس لما فيه من النفع له (ولا يقتل) لو أبى عن الإسلام لأنه عقوبة وليس من أهلها، قيدنا بالعاقل لأن ارتداد غيره لا يصح كإسلامه وقدمنا أول الباب من لا يقتل بالإباء. باب البغاة أخر هذا الباب عن المرتدين لقلة وجوده كذا في (العناية)، قال في (الحواشي السعدية): ويجوز أن يقال: تجري مباحث البغاة من مباحث المرتد مجرى المركب من المفرد لاشتراط الاجتماع في البغي دون الارتدار وأيضا المرتد كافر وكتاب السير في بيان الجهاد مع الكفار بخلاف الباغي فإنه مسلم انتهى. وهذا الأخير يقتضي أن الأولى أن يترجم عنه بكتاب إذ شأن الباب دخوله تحت كتاب وهذا خارج عنه، وهي جمع باغ من بغى سعى في الأرض بالفساد ومنه الفرقة الباغية وبغى على الناس ظلم واعتدى وفي (القاموس) الباغي الطالب وفئة باغية خارجة عن طاعة الإمام العادل وفي عرف الفقهاء الخارج عن الإمام الحق والخارجون عن طاعة الإمام أصناف قطاع الطريق وهم قسمان قوم لهم تأويل سواء كان لهم منعة أو لا أخذوا الأموال وقتلوا الأنفس وأخافوا الطريق أولا، والثاني كذلك إلا أنهم لا منعة لهم لكن لهم تأويل، وخوارج

خروج قوم مسلمون عن طاعة الإمام وغلبوا على بلد دعاهم إليه وكشف شبهتهم وبدأ بقتالهم. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهم لهم منعة وحمية خرجوا عن طاعة الإمام بتأويل يرون أنه على باطل كفر أو معصية توجب قتاله بتأويلهم يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويسبون نساءهم ويكفرون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحكمهم عند جمهور الفقهاء والحدثين حكم البغاة خلافا لبعض أهل الحديث في تكفيرهم. قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا وافقهم على تكفيرهم وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء وفي (المحيط) أكثر أهل السنة على تكفير بعض أهل البدع وهو من خالف ببدعته دليلا قاطعا وبعضهم لا يكفر أحدا منهم قال في (الفتح): والأول أثبت وابن المنذر أعرف بنقل مذاهب المجتهدين، وبغاة وهم قوم خرجوا عن طاعته غير مستبيحين ما استباحه الخوارج، (خرج قوم مسلمون) قيد بذلك لأن أهل الذمة إذا غلبوا على بلدة صاروا أهل حرب كما مر. ولو قاتلونا مع أهل البغي لم يكن ذلك نقصا للعهد كما في (الفتح) وهذا لا يرد على المصنف لأنهم أتباع للبغاة المسلمين (عن طاعة الإمام) الذي به الناس في أمان والطرقات آمنة كذا في (الفتح) وأراد به السلطان أو نائبة والسلطنة تكون بأمرين مبايعة أشرافهم وأعيانهم ونفوذ حكمه بين رعيته خوفا من قهره كذا في (الخانية) (وغلبوا على بدل دعاهم إليه) أي: إلى نفسه أي: إلى طاعته وقال الشارح: العود إلى الجماعة وما قلناه أحسن وأصوب قاله العيني (وكشف شبهتهم) / الناشئ عنها خروجهم عليه فإن كان لظلم منه أزاله فإن لم يزله وكانت لهم شوكة وقاتلوهم فإنه لا ينبغي للناس أن يعينوهم حتى لا يكون ذلك منهم خروجا على السلطان ولا ينبغي أيضا أن يعينوا السلطان حتى لا يكونوا عونا على الظلم كذا في (السراج). وسيأتي ما يخالفه وإن كان لطلب الولاية لأنهم أحق منه في زعمهم كانوا بغاة لأن عليا فعل كذلك قبل قتال أهل حروراء بالمد والقصر قرية من قرى الكوفة تجمعت بها الخوارج وكل سفاك للدماء يقال فيه حروري وهذا مندوب فقط حتى لو قاتلهم أهل العدل قبل ذلك جاز لأنهم علموا ما يقاتلون عليه إلا إذا بينوا ما يجوز لهم القتال كجور الإمام فيجب على المسلمين معاونتهم حتى يرجع عن جوره بخلاف ما لو كان الحال مشتبها أنه ظلم مثل تحميل بعض الجنايات التي للإمام أخذها وإلحاق الضرر لدفع ضرر أعم منه، (وبدأ بقتالهم) وإن لم يبدؤونا هكذا نقله الإمام خواهر زاده عن أصحابنا لأن الحكم يدار على الدليل وهو الاجتماع بقصد القتال والامتناع، وذكر القدوري أنا لا نبدؤهم به وبه قالت الأئمة الثلاثة وأكثر أهل

ولو لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم وإلا لا ولم تسب ذريتهم وحبس أموالهم حتى يتوبوا. ـــــــــــــــــــــــــــــ العلم وإذا قاتلوا جاز قتالهم بكل ما يقاتل به أهل الحرب من المنجنيق وإرسال الماء والنار. قال في (البدائع): ويجب على كل من دعاه الإمام أن يجيب حيث كان قادرا عليه لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية فرض فكيف فيما هو طاعة وما عن الإمام من الاعتزال محمول على ما إذا لم يدعه انتهى، ولو طلبوا الموادعة أجيبوا إن كان خيرا كأهل الحرب ولو أخذوا منا رهونا وأخذ منهم الإمام كذلك على أن أيهما غدر بقتل الآخرون الرهن فقتلوا ما عندهم لا ينبغي لنا قتل رهونهم لأنهم آمنون في أيدينا وشرط إباحة دمهم باطل، ولكن نحبسهم إلى أن يهلك أهل الحرب أو يتوبوا. فائدة: خواهر زاده معناه ابن الأخت وكان ابن أخت القاضي الإمام ابن ثابت قاضي سمرقند كان معاصر الشمس الأئمة السرخسي موافقا له في اسمه وكنيته فإن كلا منهما اسمه محمد وكنيته أبو بكر غير أن اسم أب الأول حسين والثاني سهيل وتوفيا في عام ثمان وثلاثين وأربعمائة وعاصرهما فخر الإسلام إلا أنه توفي في إحدى وثمانين وأربعمائة هذا حاصل ما في (الفتح). وفي (الدراية): إن خواهر زاده هو صاحب (الذخيرة) و (المبسوط) و (الإيضاح) انتهى، وبه يتبين غلط من ادعى أن (المحيط البرهاني) لصاحب (الذخيرة) (ولو لهم) أي: للبغاة (فئة) أي: طائفة يرجعون إليهم جمعة فئات ويجمع على فئون أيضا (أجهز على جريحهم) أي: أثبت قتله وتممه وأسرع عليه كذا في (القاموس) (واتبع موليهم) بالبناء للمفعول فيهما للقتل والأسر دفعا لشرهم كيلا يلتحقا بالفئة ثم إذا أدركه وأسره فإن الإمام يخير بين قتله وحبسه إلى أن يتوب أهل البغي فإذا حبسه أيضا حتى يحدث توبة وينبغي للإمام أن يقتل مدرهم كذا في (السراج). (وإلا) أي: وإن لم يكن لهم فئة (لا) أي: لا يجهز ولا يتبع لاندفاع الشر بدونه ذلك وهو المطلوب (ولم يسب ذريتهم) لما رواه عبد الرزاق في (تاريخ واسط) عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال يوم الجمل: (لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا وإياكم والنساء) وهذا في الأسير محمول على ما إذا لم يكن له فئة، (وحبس أموالهم) عنهم لإضعافهم ودفع شرهم ولا يردها عليهم ولا يقسمها (حتى يتوبوا) فيردها عليهم وفي (المحيط)، قال الباغي: تبت وألقى السلاح كف عنه ولو قال أنا على دينك ومعه السلاح لم يكف عنه.

وإن احتاج قاتل بسلاحهم وخيلهم وإن قتل باغ مثله فظهر عليهم لم يجب شيء وإن غلبوا على مصر فقتل مصري مثله فظهر على المصر قتل به وإن قتل عادل باغيا أو قتله باغ وقال: أنا على حق ورثه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وإذا حبسها كان بيع الكراع أولى لأن حبس الثمن أنظر ولا ينفق عليه من بيت المال ليتوفر موتتها وبه اندفع ما في (البحر) من أن ظاهر ما في (الكتاب) حبس الكراع وليس كذلك لما علمت من أن له حبسه وإن خالف الأولى وإذا أتلفوا شيئا لم يضمنوه قضاء بعد التوبة لكنهم يفتون بالضمان كما قال محمد ثم إطلاقه يعم العبيد أيضا لأنه مال يعني إذا كان يخدم مولاه أما لو قاتل معه فإنه يقتل وقياس الكراع أن الأولى بيع العبد أيضا (وإن احتاج) الإمام (قاتل بسلاحهم وخيلهم) لأن عليا رضي الله تعالى عنه قسم يوم الجمل في العسكر ما أجافوا عليه من كراع وسلاح رواه بن أبي شيبة، قالوا: وكانت قسمته للحاجة لا للتمليك ولا خلفاء أن له أن يفعل ذلك في مال العادل / ففي مال الباغي أولى. (وإن قتل باغ مثله فظهر عليهم لم يجب شيء) من قصاص ولا دية لأنه قتل نفسا يباح قتلها ولأن القصاص لا يستوفى إلا بالولاية وهي بالمنعة ولا ولاية عليهم كذا في (الفتح) وهو ظاهر في أنه لا إثم عليه أيضا، (وإن غلبوا) أي: البغاة (على مصر) من أمصارنا (فقتل مصري مثله) عمدا ولم يتقيد به اكتفاء بقوله (فظهر عليهم قتل به). قال فخر الإسلام: معنى المسألة أنهم غلبوا ولم يجر فيها حكمهم بعد حتى أزعجهم إمام العدل عن أهلها لأنه حينئذ لم ينقطع ولاية الإمام فوجب القود، وأما لو جرت أحكامهم فلا قود ولا قصاص ولكن يستحق عذاب الآخرة (وإن قتل عادل) رجلا (باغيا أو قتله) أي: العادل (باغ وقال) أي: الباغي وقت قتله (أنا على حق) في الخروج عن الإمام (ورثه) أي: ورث القاتل المقتول أما إذا قتل العادل الباغي فلأنه قتله بحق وهذا لأنا مأمورون بقتالهم دفعا لشرهم ولذا قالوا: إنه لا إثم عليه قيد بقتله إياه لأنه لو أتلف ماله ضمنه لأنه مال معصوم في حقنا وقد أمكن إيجاب الضمان فيه فكان في إيجابه فائدة كذا في (المحيط) لكن المذكور في (الهداية) وغيرها أنه لا يضمن وحمله الشارح على ما إذا كان الإتلاف بسبب القتال إذ لا يمكنه أن يقتلهم إلا بإتلاف شيء من أموالهم كالخيل والقماش الذي عليهم، أما إذا أتلفوه في غير هذه الحالة فلا معنى لنفي الضمان. وفي (الفتح): لو دخل باغ بأمان فقتله عادل كان عليه الدية كما قتل المسلم

وإن قال: أنا على باطل لا، وكره بيع السلاح من أهل الفتنة وإن لم يدر أنه منهم لا. ....... ـــــــــــــــــــــــــــــ مستأمنا في ديارنا وهذا لبقاء شبهة الإباحة في دمه انتهى يعني قتله عمدا وينبغي أن لا يرث منه وهذه ترد على إطلاق المصنف، وأما عكسه ففي خلاف أبي يوسف لأنه قتله بغير حق قلنا: لما قال: أنا على حق ولو كان تأويله فاسدا فالفاسد ملحق بالصحيح إذ ضمنت إليه المنعة في حق الدفع كما في منعة أهل الحرب وتأويلهم، (وإن قال: أنا على باطل لا) أي: لايرث اتفاقا لأنه قتله بغير شبهة، (وكره بيع السلاح من أهل الفتنة) كالبغاة وقطاع الطريق واللصوص لأنه إعانة على المعصية، قيد بالسلاح لأن بيع ما يقاتل به إلا بصنعة تحدث فيه لا يكره بخلاف أهل الحرب. قال الشارح: والفرق فيما يظهر أن أهل البغي يتفرغون لاستعماله سلاحا لأن فسادهم على شرف الزوال بالتوبة أو بتفريق جمعهم بخلاف أهل الحرب، وعرف بهذا أنه لا يكره بيع ما لم تقم المعصية به كبيع الجارية المغنية والكبش النطوح والحمامة الطيارة والعصير والخشب الذي يتخذ منه المعازف، وما في بيوع (الخانية) من أنه يكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به مشكل والذي جزم به الشارح في الحظر والإباحة أنه لا يكره بيع جارية لمن يأتيها في دبرها أو بيع غلام من لوطي وهو الموافق لما مر، وعندي أن ما في (الخانية) محمول على كراهة التنزيه والمنفي هو كراهة التحريم وعلى هذا فيكره في الكل تنزيها وهو الذي إليه تطمئن النفس إذ لا شك أنه وإن لم يكن معينا إلا أنه مسبب في الإعانة ولم أر من تعرض لهذا والله الموفق. تكميل: بقي من أحكام البغاة أنه لو كان رجل من أهل العدل في صف أهل البغي فقتله العادل فلا دية عليهم ولو ألجأ البغاة أهل العدل إلى دار الشرك لا يحل لأهل العدل أن يقاتلوا البغاة مع أهل اشرك على معنى أنهم يستعينون بهم نعم يستعين أهل العدل بالبغاة والذميين على الخوارج. ولو استعان بالبغاة بأهل الحرب فظهر عليهم سبينا أهل الحرب ولا يكون استعانة البغاة بهم أمانا منهم لأن المستأمن من يدخل دار الإسلام من يدخل تاركا للحرب وهؤلاء لم يدخلوا إلا لقتال المسلمين وإذا أمن واحد من أهل العدل رجلا من أهل البغي جاز، ومنه أن يقول: لا بأس عليك ولا يجوز أمان الذمي الذي يقاتل مع أهل البغي، وإن ظهر البغاة على بلد فولوا قاضيا على أهلها ليس من أهل البغي صح وعليه أن يحكم بين الناس بالعدل ولو كتب كتابه إلى قاضي أهل العدل بحق الرجل من أهل مصره بشهادة من شهد عنده عليه إن كان القاضي يعرف أنهم ليسوا من أهل البغي أجازه وإن عرف أنهم من أهل البغي أو كان لا يعرفهم لا يعمل به.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الدراية): ولو كان القاضي منهم فإن كان ممن يستحل دم أهل العدل وأموالهم لا يجوز بلا خلاف وإن كان لا يستحل يجوز عندنا، ولو كتب كتابه لقاضي أهل العدل قبله بلا خلاف والأولى / أن لا يقبله كسرا لشوكتهم، وعندنا كل مسلط إذا تم تسليطه يصير سلطانا فيصح تقليده القضاء ويصح منه ما يصح من السلطان العادل ويكره للعادل قتل أخيه أو ابنه من أهل البغي بخلاف أخيه الكافر ويكره أيضا أخذ رؤوسهم فيطاف بها لأنه مثلة وجوزه بعض المتأخرين إذا كان فيه طمأنينة قلوب أهل العدل وكسر شوكتهم كذا في (فتح القدير) والله أعلم.

كتاب اللقيط

كتاب اللقيط ندب التقاطه ووجب إن خاف الضياع وهو حر ونفقته في بيت المال. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب اللقيط عقبه مع اللقطة بالجهاد لما فيها من عرضية الفوات للنفس والأموال وقدم اللقيط لتعلقه بالنفس وهي مقدمة على المال، وهو لغة: ما يلقط أي يرفع عن الأرض غلب على الصبي المنبوذ لأنه على عرض أن يلقط كذا في (المغرب)، وعرفا: اسم لمولود حي طرحه أهله خوفا من العيلة أو التهمة، (ندب التقاطه) لأن فيه إحياء نفس مسلمة (ووجب) أي: لزم وفيه إيماء إلى أنه يشترط في الملتقط كونه مكلفا فلا يصح التقاط الصبي والمجنون ولا يشترط أن يكون مسلما عدلا رشيدا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح فالفاسق أولى، وأن العبد المحجور عليه يصح التقاطه أيضا فالمحجور عليه بالسفه أولى. (إن خاف) خوفا قويا ارتقى إلى غلبة الظن (الضياع) عليه أي: الهلاك يقال ضاع يضيع ضيعا ويكسر وضيعة وضياعا هلك كذا في (القاموس) بأن وجده في مسبعة ونحوها، وفسرنا الوجوب بما مر لأنه إن لم يعلم به غيره كان فرض عين وإلا ففرض كفاية، وهذا لأن إلزام التقاطه إذا خيف هلاكه مجمع عليه والثابت إلزامه بقطعي فرض، وظاهر أن لزوم التقاطه خوف الضياع إنما هو لحفظه فإذا طرحه حرم عليه (وهو) أي: اللقيط (حر) لأنه الأصل في بني آدم يعني في جميع الأحكام حتى يجد قاذفه دون قاذف أمه لعدم معرفة إحصانه وتقبل شهادته ويصح عتقه ولا يسترق إلا ببينة سواء كان الواجد له حرا أو عبدا أو محجورا ولا يعرف إلا بقوله وقال الموفى كذب بل هو عبدي فالقول للمولى وإن مأذونا فللعبد كذا في (المحيط). وفي (منية المفتي) أقر اللقيط أنه عبد فلان فإن كذباه فهو حر وإن صدقه فإن لم تجر عليه أحكام الأحرار كقبول الشهادة وضرب قاذفه يصح إقراره وإلا فلا انتهى، (ونفقته في بيت المال) لما أخرجه عبد الرزاق (أن أبا جميلة وجد منبوذا على عهد عمر رضي الله تعالى عنه فأتي به فاتهمه فأثني عليه خير فقال عمر هو حر وولاؤه لك ونفقته من بيت المال) وإذا جاء به إلى الإمام لا يصدقه حتى يقيم بينه على الالتقاط لأنه عساه ابنه كما لو طلب من القاضي أخذه منه وله أن لا يقبله منه، ولو أقامها إلا إذا علم عجزه عن الحفظ بنفسه فإن الأولى له أن يقبله، وقد مر أن النفقة

كإرثه وجنايته ولا يأخذه منه أحد. ـــــــــــــــــــــــــــــ اسم للطعام والشراب والكسوة والسكنى وينبغي أن يكون ما يتداوى به من بيت المال أيضا. وقد قال في (المحيط): إن مهره إذا زوجه السلطان من بيت المال فالدواء أولى ومعلوم أن هذا مقيد بما إذا لم يكن له مال وسيأتي في اللقطة ما لو أنفق عليه الملتقط (كإرثه) أي: كما إن إرثه لبيت المال وقد عرف أن الخراج بالضمان ودخل فيه ديته ولو قتله الملتقط أو غيره خطأ كانت الدية على عاقلته لبيت المال ولو عمدا خير الإمام بين القتل والصلح عن الدية وليس له العفو عند الإمام وقال أبو يوسف تجب الدية في مال القاتل ولو وجد مقتولا عند غير الملتقط كانت القساة على أهل ذلك المكان لبيت المال كذا في (الخانية). (وجنايته) عطف على نفقته وهذا بلا خلاف وفي كلامه إيماء إلى أن وليه في ماله ونفسه إنما هو السلطان وبه صرح في (البدائع) وولاؤه لبيت المال ولو جعله القاضي للملتقط جاز كذا في نظم ابن وهبان، نعم له بعد بلوغه أن يوالي من شاء إلا إذا عقل عنه بيت المال فلا يصح ولاؤه كذا في (الخانية) (ولا يأخذه) أي: اللقيط (منه) أي: من الملتقط (أحد) قهرا لأنه ثبت له حق الحفظ لسبق يده فلو أخذه دفعه القاضي إلى الأول إلا إذا دفعه إليه باختياره لأنه أبطل حقه وللملتقط أن ينقله إلى حيث شاء كذا في (الخانية)، قال في (البحر): عممه فشمل الإمام الأعظم فلا يأخذه منه بالولاية العامة إلا بسبب يوجب ذلك كذا في (الفتح). وأقول: المذكور في (المبسوط) أن للإمام الأعظم أن يأخذه بحكم الولاية العامة إلا أنه لا ينبغي له ذلك وهو / الذي ذكره في (الفتح) أيضا وذلك أنه لما أن نقل عن علي (أنه جيء له بلقيط فقال: هو حر ولأن أكون وليت من أمره مثل الذي وليت أحب إلي من كذا وكذا) فحرض على ذلك ولم يأخذه منه لأنه لا ينبغي للإمام أن يأخذه من الملتقط إلا بسبب يوجب ذلك لأن يده سبقت إليه فهو أحق به انتهى. ثم قال في (البحر): وينبغي أن ينزع منه إذا لم يكن أهلا لحفظه كما قالوا في الحاضنة وكما أفاده في (فتح القدير) بقوله لا بسبب يوجب ذلك وينبغي أن يكون معناه أن الأولى أن ينزع منه إلا أن يتعين عليه ذلك لما قدمنا عن (الخانية) فيما إذا علم القاضي عجزه عن حفظه بنفسه وأتى به إليه فإن الأولى له أن يقبله.

ويثبت نسبه من واحد ومن اثنين. ـــــــــــــــــــــــــــــ واعلم أن مسألة (الكتاب) موضوعة فيما إذا اتحد الملتقط فإن تعدد وترجح أحدهما كما إذا التقطه مسلم وكافر ثم تنازعا في كونه عند أحدهما فإنه يقضى به للمسلم كما في (الخانية) معللا بأن المسلم أنفع للقيط انتهى وبقي ما لو كانا مسلمين أو كافرين وينبغي أو يرجح ما هو أنفع للقيط (ويثبت نسبه من واحد) بمجرد دعواه سواء كان الملتقط أو غيره استحسانا والقياس أن لا تصح دعواهما، أما الأول فللتناقض وأما الثاني فلأن فيه إبطال حق ثابت بمجرد الدعوى أعني حق الحفظ للملتقط وحق الولاء للعامة، وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه والتناقض لا يضر في دعوى النسب، وإبطال حق الملتقط ضما ضرورة ثبوت النسب وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا، ألا ترى أن شهادة القابلة على الولادة تصح ثم يترتب عليها استحقاقه للإرث، ولو أشهدت عليه ابتداء لم يصح، وما قيل من أنه بعد ثبوته يكون عند الملتقط جمعا بين منفعتي الولد والملتقط ليس بشيء. وفي (المنية) منكوحة التقطت فادعت أنه ولد الزوج منها لم يصح منها إلا بتصديق الزوج أو شهادة القابلة، ولو لم تكن منكوحة تصدق، ولو ادعت أنه ابنها من الزنا ويخالفه ما في (الخانية)، وإن لم يكن لها زوج فقالت لصغير: هو ابني لا يثبت النسب إلا بشهادة رجلين قال: وإن ادعى رجل أن اللقيط ابنه قبل قوله من غير بينه لأن في قبول قول الزوج دفع العار عن اللقيط وليس ذلك في دعوى المرأة فلا يقبل قولها من غيربينة انتهى، هذا إذا لم يذكر به علامة فإن ذكر علامة غير مطابقة كما لو قال هو غلام فإذا هو جارية أو عكسه لا يقضى له أيضا كذا في (الظهيرية)، فلو كان خنثى مشكل ينبغي أن يكون مطابقا على كل حال هذا كله حال الحياة فلو ادعاه بعد الموت لا بد من البرهان وإن لم يترك شيئا كذا في (الخانية). وفيها لو أقام الذمي حال الحياة بينة من أهل الذمة أنه ابنه ذكر في (الكتاب) أن شادتهم لا تجوز قيل: أراد بذلك ما لو أقام المسلم أيضا بينة أنه عبده وقيل: أراد به ما لو أقامها الذمي ابتداء لأن نسبه وإن ثبت منه بمجرد الدعوى لكنه يكون مسلما حكما فلا يبطل الحكم بإسلامه، ويحكم بكفره بهذه البينة لأنها شهادة قامت في حكم الدين على مسلم فلا يقبل نعم لو كانا مسلمين صار تبعا له في الدين، (و) يثبت (من اثنين) أيضا حيث لا مرجح لأحدهما لاستوائهما في السبب وقيده في (الخانية) لأن يقول كل واحد منهما هو ولدي من جارية مشتركة بينهما، قال: ولو كانت بين ثلاثة فادعوه جميعا ذكر الفقيه أبو الليث أنه يثبت نسبه منهم جميعا وكذا إذا كانوا أربعة أو خمسة وعبارة (المنية) ادعى أكثر من اثنين فعن الإمام

وإن وصف أحدهما علامة به فهو أحق به ومن ذمي وهو مسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه إلى خمسة ظاهرة في عدم قبول دعوى الزائد، وقال أبو يوسف: إذا كانت بين رجلين يثبت وفي أكثر من ذلك لا يثبت انتهى. وأقول: لا وجود لهذا التقييد في (الخانية) وإن الذي فيها لو ادعى رجلان معا كل واحد منهما يقول: هو ولدي من جارية مشتركة بينهما يثبت نسبه وصار ولدا لهما وهذا كما ترى لا يفيد تقييدا أصلا، ثم رأيت في (التتارخانية) لو عين كل واحد منهما امرأة أخرى قضي بالولد بينهما وهل يثبت نسب الولد من المرأتين؟ على قياس قول أبي حنيفة يثبت وعلى قولهما لا يثبت، وقال قبله: لو ادعته امرأتان كل واحدة منهما تقيم البينة على رجل على حدة معينة أنها ولدته منه قال أبو حنيفة: يصير ولدهما من الرجلين جميعا، وقالا: يصير ولدهما لا ولد الرجلين انتهى وهذا كما ترى صريح في أن اتحاد الوالدة ليس شرطا في ثبوته من متعدد نعم المذكور في (الخانية) / عنهما أنه لا يصير ولدهما ولا ولد الرجلين، ولا كلام أن المدعية لو اتحدت فإن صدقها الزوج أو شهدت لها القابلة أو أقامت بينة صحت دعوتها وإن لم يكن لها زوج فلا بد من شهادة رجلين كما في (الخانية) أيضا قيدنا بعدم المرجح لأنه لو وجد مع أحدهما قدم فيقدم الملتقط على الخارج ولو ذميا والخارج مسلم والمسلم على الذمي والحر ولو ذميا على العبد وذو البرهان على غيره. وفي (المنية) لو ادعاه مرتد وذمي قدم المرتد، ومن ادعى أنه من زوجته الحرة على من ادعى أنه من الأمة كما في (الشرح) ومن وافق سن الصبي تاريخه وإن لم يوافق تاريخ واحد قضى به بينهما باتفاق الرواية عنهما وعامة الروايات عن الإمام وهو الصحيح كذا في (التاتارخانية) وفيها لو شهد للمسلم ذميان وللذمي مسلمان قضي به للمسلم، (فإن وصف أحدهما علامة به) أي: بجسده كما قال القدوري وكأنه تحرز بذلك عما لو وصف علامة بثوبه (فهو) أي: الواصف (أحق به) وإلا لم يقل إن وافقت لأنه لا أثر لغير الموافقة. ولو أصاب في البعض وأخطأ في البعض الآخر هذا إذا لم يعارضها ما هو أقوى منها كالبرهان من أحدهما وكونه مسلما وكونه أسبق من ذي العلامة كذا في (الفتح)، وينبغي أن يكون من ذلك كونه حرا فيقدم على العبد ذي العلامة (و) يثبت نسبه أيضا (من ذمي، وهو) أي: اللقيط (مسلم) استحسانا لأن دعواه تضمنت النسب وهو يقع للصغير ونفي الإسلام الثابت بالدار وهو ضرر به وليس من ضرورة ثبوت النسب من الكافر الكفر إذ يجوز أن يكون من الكافر مسلما بأن أسلمت أمه

إن لم يكن في مكان أهل الذمة وعن عبد وهو حر ولا يرق إلا ببينة وإن وجد معه مال فهو له ـــــــــــــــــــــــــــــ فصححنا دعوته فيما ينفعه دون ما يضره وإذا حكمنا بأنه مسلم وجب أن ينتزع من يده إذا قارب أن يعقل الأديان إلا أن يقيم بينة من المسلمين لا من أهل الذمة أنه ابنه فيكون كافرا (إن لم يكن) أي: إن لم يوجد اللقيط (في مكان أهل الذمة) بأن كان في قرية من قراهم أو في بيعة أو كنيسة في دار الإسلام فيكون كافرا، قيد باتحاد الواجد والمكان لأنهما لو اختلفا بأن وجده مسلم في مكان أهل الذمة أو كافر في مكان المسلمين ففي كتاب اللقيط اعتبر المكان وعليه جرى القدوري وهو ظاهر الرواية كما في (الاختيار). واختلفت نسخ (المبسوط) في كتاب (الدعوى) ففي بعضها اعتبر الواجد وهو رواية ابن سماعة وفي بعضها اعتبر الإسلام نظرا للصغير، قال في (الفتح): ولا ينبغي أن يعدل عن الثاني، وأفهم كلامه أنه لو وجده مسلم في مكان أهل الإسلام كان مسلما بالأولى وبه عرف أن الصور أربع اتفاقيتان وهي ما لو وجده مسلم في مكان أهل الإسلام أو كافر في مكان أهل الكفر، واختلافيتان وهي ما لو وجد مسلم في كنيسة أو كافر في قرية للمسلمين، وقيل: يعتبر الزي والسيماء (و) يثبت نسبه أيضا (من عبد) لأنه ينفعه (وهو) أي: اللقيط (حر) لأنه ليس من ضرورة ثبوت نسبه منه رقه لأن المملوك قد تلد له الحرة فيتبع أمه فقبلناه فيما ينفعه دون ما يضره على ما مر وإطلاقه يعم ما لو ادعى أنه ابنه من زوجته الأمة وهذا قول محمد وقال أبو يوسف: يكون عبدا لأنه يستحيل أن يكون الولد حرا بين رقيقين. قلنا: لا يستحيل لأنه يجوز عتقه قبل الانفصال وبعده فلا تبطل الحرية بالشك كذا في (الشرح) وهو ظاهر في اختيار قول محمد، على أن أنه يتصور أن يكون الولد حرا بين زوجين رقيقين بلا تحرير ولا وصية بأن يكون للحر ولد وهو قن لأجنبي زوجه أبوه أمة له برضا مولاه كان ولدها منه حرا لأنه ولد ولد المولى كذا في (الفصول) (ولا يرق) أي: اللقيط (إلا ببينة) يقيمها مدعي الرق على الملتقط إذ هو الخصم هنا لما أنه أحق بثبوت يده عليه فلا تزول إلا ببرهان، وفي دعوى نسبه تزول بلا برهان والفرق أن يده اعتبرت لمنفعة الولد وفي دعوى النسب منفعة تفوق المنفعة، وليست دعوى رقه كذلك بل فيها ضرر بين لأنه يجوز فلا يزول إلا ببينة من المسلمين إلا إذا اعتبر كافرا بوجوده في مكان أهل الذمة، (وإن وجد معه مال فهو له) عملا بالظاهر أي: مشدود عليه أو دابة هو مشدود عليها كذا في (الفتح) والدابة له كما في (الخانية).

ولا يصح للملتقط عيه نكاح وبيع وإجارة ويسلمه في حرفة ويقبض هبته. ـــــــــــــــــــــــــــــ والتقييد بالشد كأنه جرى على الغالب وإلا فلو كانت فوقه أو تحته ينبغي أن تكون له كما أنها معه نعم لو كانت بقربه لا تكون له كما في (الجوهرة) وبه عرف أن الدار التي هو فيها وكذا البستان لا يكون له بالأولى، قالوا: ويصرفه الواجد أو غيره / إليه بأمر القاضي في ظاهر الرواية في الإنفاق عليه وشراء ما لا ببد منه من طعام وكسوة والقول له في نفقة مثله وقيل: لا يحتاج إلى أمر القاضي، (ولا يصح للملتقط عليه نكاح) لأنه يعتمد الولاية من القرابة والملك والسلطنة ولا وجود لواحد منها، (وبيع) اعتبارا بالأم وهذا لأن ولاية التصرف إنما هو لتمييز المال وذلك إنا يتحقق بالرأي الكامل والشفقة الوافرة والموجود في كل منهما أحدهما، (وإجارة) هذا رواية (الجامع) وهو الصحيح لأنه لا يملك إتلاف منافعه فأشبه العم بخلاف الأم فإنها تملك إتلاف منافعه بالاستخدام والإعادة بلا عوض فتملك الإجارة بالأولى وذكر القدوري أنه يملكها وإذا عرف هذا فولاية التصرف عليه في نفسه وماله إنما للسلطان (ويسلمه) الملتقط (في حرفه) أي: صناعة لأنه من باب تثقيفه أي تقويمه وحفظ ماله وكان ينبغي أن يقال: ما قيل في وصي اليتيم أنه يعلمه العلم أولا فإن لم يجد فيه قابلية سلمه الحرفة (ويقبض هبته) والصدقة عليه لأنه نفع محض ولذا ملك الصبي إذا كان عاقلا وكذا الأم ووصيتها. تتمة: بقي من أحكامه ختانه. قال في (الخانية): ليس للملتقط ذلك فإن فعل وهلك ضمن ولو أمر الختان فهلك ضمن أيضا دون الختان هذا إذا لم يعلم بكونه ملتقطا فإن علم ضمن كذا في (الذخيرة)، وفي (الفتح) لو بلغ فاستدان أو بايع إنسانا أو كفل كفاية أو وهب أو تصدق وسلم أو دبر أو كاتب أو أعتق ثم أقر أنه عبد لزيد لا يصدق في إبطال شيء من ذلك لأنه متهم والله الموفق بمنه وكرمه.

كتاب اللقطة

كتاب اللقطة ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب اللقطة قدمها في (الخانية) على اللقيط وما هنا أولى لما مر وهي فعلة بفتح العين وصف مبالغة للفاعل كهمزة لكثير الهمز وبسكونها للمفعول كضحكة للذي يضحك منه وقيل للمال لقطة بالفتح مبالغة لزيادة معنى اختص به هو أن كل ما رآها يميل إلى رفعها فكأنها تأمره بالرفع فأسند إليها مجازا ونظيره قولهم: ناقة حلوب ودابة ركوب وهم اسم فاعل سميت بذلك لأن من رآها يرغب في الركوب والحلب فنزلت كأنها احتلبت نفسها وأركبت نفسها قاله الشارح، وتبعه في (الفتح) ثم قال: وما عن الأصمعي وابن الأعرابي من أنها بالفتح اسم للمال فمحمول على هذا. قال العيني: وهذا تعسف بل اللقطة بالفتح والسكون اسم وضع على هذه الصيغة للمال الملتقط وليس هذا مثل الصحكة ولا مثل قولهم ناقة حلوب ودابة ركوب لأن هذه صفات تدل على التجدد والحدوث على أن الأول للمبالغة في وصف الفاعل أو المفعول والثاني والثالث بمعنى المفعول للمبالغة في (القاموس) اللقطة محركة كهمزة ما التقط وفي الشرع مال يوجد ولا يعرف له مالك وليس بمباح كذا في (المضمرات). قال في (البحر): فخرج ما عرف مالكه فإنه ليس لقطة بدليل أنه لا يعرف بل يرد إليه وبالأخير مال الحربي لكن يرد عليه ما كان محرزا بمكان أو حافظ فإنه داخل في التعريف فالأولى أن يقال: هي مال معصوم متعرض للضياع انتهى. وأقول: الحرز بالمكان ونحوه خرج بقوله يوجد أي في الأرض أي ضائعا إذ لا يقال في المحرز ذلك على أنه في (المحيط) جعل عدم الإحراز من شرائطها وعرفها بأنها رفع شيء ضائع للحفظ على الغير لا للتمليك وهذا يفيد أن عدم معرفة المالك ليس شرطا في مفهومها ويدل على ذلك ما ذكر صاحب (المحيط) في آخر الباب لو أخذ ثوب سكران وقع على الأرض نائما ليحفظه فهلك على يده لا ضمان عليه لأنه متاع ضائع كاللقطة فإن كان الثوب تحت رأسه أو كانت دراهمه في كمه فأخذها ليحفظها فهو ضامن لأنه ليس بضائع ولأنه محفوظ بمالكه انتهى بأدنى تأمل وسكت عن صفة رفعها. وفي (الذخيرة) إن خاف الضياع كان فرضا وإلا كان مباحا أجمع عليه العلماء ثم اختلفوا في الأفضل الأخذ أو الترك والمذهب عن علمائنا وعامة العلماء أن الرفع

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ أفضل انتهى، وعليه جرى في (الخلاصة) و (المحيط) و (التتارخانية) والاختيار) وارتضاه في (الفتح) وقيده في (السراجية) بأن يأمن على نفسه ردها فإن كان لا يأمن فالترك أولى. وجزم في (النتف) بأن الترك أفضل وقد علمت ما هو المذهب ثم قال في (النتف): إلا أن يكون من الحيوان ما لا يمنع السباع عن نفسه، وفي (البزازية) لقطة الحيوان إن في القرية فالأفضل الترك وإن في الصحراء فالأفضل الأخذ ونقل ابن وهبان عن كتب الأصحاب في الصحراء الترك وجعل في (البدائع) / افتراض الرفع عند خوف الضياع مذهب الشافعي قال: وهذا غير سديد لأن الترك لا يكون تضييعا بل امتناع عن حفظه غير ملتزم انتهى. وما في (البدائع) شاذ وعلى أنه فرض لو تركها حتى ضاعت فالظاهر أن لا ضمان عليه لكنه يأثم ويدل عليه ما في (جامع الفصولين) لو انفتح زق فمر به رجل فلو لم يأخذ برئ ولو أخذه ثم ترك ضمن لو مالكه غائبا لا لو حاضرا، وفي (الفتح) لو رفعها ثم بدا له أن يضعها مكانها ففي ظاهر الرواية لا ضمان عليه. قال في (البحر): وأما شرائط الملتقط فلم أر من بينها ثم نقل عن (القنية) وجد الصبي لقطة ولم يشهد ضمن كالبالغ، وفي (المجتبى) التعريف إلى ولي الصبي كالبالغ انتهى وهذا يفيد صحة التقاطه، وفي (كافي) الحاكم لو أقام مدعيها شهودا كفارا على ملتقط كافر قبلت انتهى، وهذا يدل على صحة التقاطه، قال: ولم أر حكم التقاط المرتد لقيطا أو لقطهة والظاهر أن مشايخنا إنما لم يقيدوا الملتقط بشيء لإطلاقه عندنا. وفي (البزازية) ليس للمولى أن يأخذ وديعة عبده مأذونا أم لا ما لم يحضر ويظهر أنه من كسبه لاحتمال أن يكون وديعة الغير في يد العبد فإن برهن أنه للعبد يدفع إليه، وقوله: لاحتمال أن يكون وديعة الغير تصريح بأنه أهل للإيداع فكذا الالتقاط بجامع الأمانة فيهما وينبغي أن يكون التعريف إلا مولاه كالصبي بجامع الحجر فيهما أما المأذون أو المكاتب فالتعريف إليهما. وفي (كافي) الحاكم عن أبي سعيد مولى ابن رشيد قال: وجدت خمسمائة درهم بالحيرة وأنا مكاتب فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فقال: اعمل فيها وعرفها قال: فعملت بها حتى أديت مكاتبتي ثم أتيته فأخبرته فقال: ادفعها إلى خزائن بيت المال، ولو قال المولى هي ملكي وقال العبد: بل لقطة فقياس ما مر في اللقيط أنه إذا

لقطة الحل والحرم أمانة إن أخذها ليردها على ربها وأشهد وعرف إلى أن علم أن ربها لا يطلبها. ـــــــــــــــــــــــــــــ كان مأذونا لم يقبل قوله وإلا قبل: واعلم أنه ينبغي أن لا يتردد في اشتراط كونه عاقلا صاحيا فلا يصح التقاط المجنون والمدهوش والسكران لعدم الحفظ منهم. فرع التقط شيئا فضاع منه ثم وجده في يد غيره فلا خصومة بينهما كذا في (النوازل)، وقدمنا في اللقيط أن الأول أحق به، وفرق الولوالجي بأن اللقطة لها مستحق آخر بحسب الظاهر فكانت يد الثاني كالأول بخلاف اللقيط لكن قال في (السراج): الصحيح أن له الخصومة لأن يده أحق، (لقطة الحل والحرم) نبه بذلك على أنه لا فرق بين مكان ومكان (أمانة) في يد الملتقط (إن أخذها) ليردها قيد بذلك لأنه لو أقر أنه أخذها لنفسه ضمنها بالإجماع (وأشهد) على ذلك بأن يقول: عندي شيء أو ضالة فمن سمعتموه ينشد ضالا فدلوه علي لا فرق بين كونها واحدة أو أكثر، قيد بإشهاده لأنه لو لم يشهد وادعى أنه أخذها ليردها ولهما أنه أقر بسبب الضمان وادعى ما يبرئه فلا يقبل منه إلا ببرهان. قال الطحاوي: وبقول أبي يوسف نأخذ، قاله الإتقاني، وفي (الينابيع) الأصح أن محمد مع أبي يوسف والخلاف مقيد بما إذا اتفقا على اللقطة أما لو ادعى المالك أنه غصبها وقال: إنما التقطها ضمن اتفاقا وبما إذا أمكنه الإشهاد فإن لم يمكنه بأن لم يجد من يشهده أو خاف أن يأخذها ظالم فتركه لا يضمن إجماعا والقول له مع يمينه أنه المانع كذا في (الفتح)، (وعرف) أي: أعلم بها عطف على أشهد وظاهره أن التعريف شرط أيضا وأن الإشهاد لا يكفي لنفي الضمان وهكذا شرط في (المحيط (لنفي الضمان الإشهاد وإشاعة التعريف كذا في (البحر). وأقول: رأيت في (الدرر) لمنلا خسوا التصريح بذلك حيث قال: فإن أشهد عليه وعرف (إلى أن علم أن صاحبها لا يطلبها) أو أنها تفسد إذا بقيت كانت أمانة عنده، قلت أو كثرت. قال الحلواني: وأدنى ما يكون من التعريف أن يشهد عند الأخذ ويقول: أخذتها لأدرها فإن فعل ذلك ولم يعرفها بعد ذلك كفى، قال في (الفتح): فجعل التعريف إشهادا ثم قال: وعلى هذا لا يلزم الإشهاد أي: التعريف وقت الأخذ بل لا بد منه قبل هلاكها ليعرف منه أنه أخذها ليردها لا لنفسه ورده في (البحر) بأن

ثم تصدق. ـــــــــــــــــــــــــــــ الاستشهاد لا بد منه على قول الإمام اتفاقا وإنما اختلفوا في الاكتفاء به عند الأخذ عن التعريف. وأقول: وعبارة الشارح صريحة في ذلك، وقال الحلواني: إنه يكفيه الإشهاد أنه يأخذها ليردها على صاحبها ويكون ذلك تعريضا وهو المذكور في / (السير الكبير)، قال في (الخلاصة): ويعرفها حيث وجدها جهرا لا سرا انتهى، ولو عجز عن تعريفها بنفسه دفعها لغيره ليعرفها كذا في (التتارخانية). وفي (الحاوي القدسي): لو وجدها رجلان عرفاها جميعا واشتركا في حكمها إلا إن علم أي: غلب على ظنه أن ربها لا يطلبها هذا هو الصحيح كما في (المجمع) وفي (المضمرات) وعليه الفتوى وظاهر الرواية التقدير بالحول مطلقا كما في (الأصل) ثم اختلفوا قيل: يعرفها كل جمعة، وقيل: كل شهر، وقيل: كل ستة أشهر، وروى الحسن عن الإمام هذا التقدير في المائتين فصاعدا وفيما فوق العشرة إلى المائتين يعرفها شهرا وفي العشرة جمعة وفي الثلاثة دراهم أيام وفي درهم يوما، قال الشارح: هذا وما في (المختصر) واحد لأنه فوضه إلى اجتهاده وهذا قدره باجتهاده فلا تنافي بينهما انتهى. وأنت خبير بأنه من المجتهد عن تأويل ومن غيره عن غلبة الظن وفرق بينهما فتدبره، وفي قوله: إلى أن علم إلى آخره إيماء إلى أنه لو علم أنه لا يطلبها كالنواة وقشر الرمان جاز له أن ينتفع به بلا تعريف ولو حملها وأراد صاحبها أخذها كان له ذلك ولو وجدها مجتمعة فلا بد من التعريف لأن صاحبها يطلبها كذا في (الخانية). وقالوا: لو سيب دابته فقال: هي لمن أخذها فأصلحها إنسان فلا سبيل للمالك عليها ولو اختلفا فالقول لصاحبها يعني مع يمينه، (ثم تصدق) بها إيصالا للحق إلى مستحقه بقدر الإمكان وذلك عند تعذر إيصال عينها بالثواب الحاصل له بفرض إجازته ولم يقل على الفقراء استغناء بلفظ التصدق ومن ثم قالوا: إنه لا يتصدق بها على عني ولا على ولد الغني الفقير الصغير ولا عبده وهو فعل ينبغي أن لا يتردد في ضمانه، وله إمساكها وسيأتي أن له الانتفاع بها. وفي (الخلاصة) له بيعها أيضا إن لم تكن دراهم ودنانير وإمساك ثمنها ثم إذا جاء ربها ليس له نقض البيع إن كان بأمر القاضي وإن بغير أمره وهي قائمة فإن شاء أجاز البيع وإن شاء أبطله، وإن هلكت فإن شاء ضمن البائع وعند ذلك ينفذ بيعه في ظاهر الرواية وبه أخذ عامة المشايخ وسكت عن دفعها إلى القاضي وقد قالوا: إن له ذلك فإن قبلها منه إن شاء عجل صدقتها وإن شاء أقرضها من مليء وإن شاء دفعها مضاربة والظاهر أن له البيع أيضا بقي هل الأولى الدفع إلى القاضي؟ ففي (الحاوي

فإن جاء ربها نفذه أو ضمن الملتقط وصح التقاط البهيمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ القدسي) أنه الأجود ليفعل الأصلح، وفي (المجتبى) التصدق في زماننا أولى من الدفع إليه. أقول: وينبغي أن يفصل في القاضي إن غلب على ظنه ورعه وعدم طمعه دفع الأمر وإلا لا، ثم إذا أمسكها وحضرته الوفاة أوصى بها ثم الورثة يعرفونها، قال في (الفتح): ومقتضى النظر أنهم لو لم يعرفونها حتى هلكت وجاء صاحبها أنهم يضمنون لأنهم وضعوا أيديهم على اللقطة ولم يشهدوا أي يعرفوا، قال في (البحر): وقد يقال: إن التعريف عليهم غير واجب حيث عرفها الملتقط، بقي هل هذا الإيصاء واجب؟. ففي (القنية): إن غلب على ظنه أن صاحبها لا يوجد لا يجب وإلا وجب، واعلم أن جواز التصدق في لقطة المسلم، أما إذا كانت لذمي فإنها توضع في بيت المال للنوائب كذا في (التاتارخانية) (فإن جاء ربها) أي: مالكها (نفذ) أي: التصدق ولو بعد هلاك العين لأن الملك يثبت للفقير قبل الإجازة فلم يتوقف على قيام المحل، والظاهر أنها لو كانت لصبي فليس للأب والوصي تنفيذ الصدقة أو ضمن الملتقط لأنه تصرف في ماله بغير إذنه وإباحة تصرفه من جهة الشرع لا تنافي الضمان حقا للعبد، كتناول مال الغير حال المخمصة أطلقه فشمل القاضي أيضا ومن ثم كان الأصح أنه لا فرق في تضمينه بين أن يكون بأمر القاضي أو لا لأن أمره لا يزيد على تصدقه بنفسه ولم يذكر تضمين الفقير لو لم تكن قائمة في يده. وقد قالوا: إنه إذا كان معلوما كان له تضمينه لأنه أخذ ماله بغير إذنه ولا يرجع على الملتقط بشيء وكذا هو لا رجوع له على الفقير (وصح) أي: جاز (التقاط البهيمة) وهي كما في (القاموس) كل ذات أربع ولو في الماء وكل حي لا يميز والجمع بهائم وهذا يعم الدواب والإبل والغنم والطيور والدجاج عبر بالصحة دفعا لقول من قال: إن الأخذ لا يجوز ونقل ذلك عن أحمد، وعن الشافعي تخصيص هذا بالكبار، وفسر في (البحر) الصحة بالندب لأن خلاف الأئمة فيه فإنهم قالوا تركه أفضل لا أنهم / قالوا بعدم الجواز، وأنت خبير بأن استعمال لفظ الصحة بمعنى المندوب مما لا يعرف في كلامهم وعلى ما قررنا جرى الشارح العيني. وفي (الفتح) كلامهم يقتضي أن الخلاف في جواز الأخذ وحله وهو الظاهر فعندنا يجوز لأنها كغيرها يتوهم ضياعها فيندب أخذها وتعريفها فإن خاف الضياع وجب وأما جوابه - صلى الله عليه وسلم - كما في (الصحيح) حين سئل عن ضالة الإبل بقوله: (ما لك ولها حذاؤها وسقاؤها أي نعلها وقرنيها ترد الماء وتأكل الشجر فذرها حتى

وهو متبرع في الإنفاق على اللقيط واللقيطة وبإذن القاضي يكون دينا ولو كان لها نفع آجرها وأنفق عليها من أجرتها. ـــــــــــــــــــــــــــــ بجدها ربها) فحمله في (المبسوط) على ما كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم - عن غلبة أهل الصلاح والأمانة أما في زماننا فالغلبة لأهل الفساد والغرابة ولا يؤمن من وصول يد خائنة إليها، فإذا جاء ربها لم يجدها، وعن هذا قيد المسألة في (الحاوي القدسي) بما إذا وجدها في مفازة أو برية فإن وجدها في غيرهما لا يأخذها ما لم يغلب على ظنه أنها ضالة بأن كانت في موضع لم يكن بقربه بيت مدر أو شعر أو قافلة نازلة أو دواب في مراعيها انتهى. قال في (البحر): فلو وصف المصنف البهيمة بالضالة لكان أولى، وعندي أن لفظ الالتقاط يغني عنه (وهو متبرع في الإنفاق على اللقيط واللقطة) لقصور ولايته فصار كما لو قضى دين غيره بغير أمره (وبإذن القاضي يكون دينا)، صورة إذنه أن يقول له: أنفق على أن ترجع وإن لم يقل ذلك لا يكون دينا في الأصح. وبه اندفع قول الشارح: إن هذا يشير إلى أنها تصير دينا بمجرد أمره وليس كذلك في الأصح نعم عبارة (المجمع) أوضح وأفود حيث قال: فإن أنفق الملتقط كان متبرعا إلا أن يأذن له القاضي بشرط الرجوع أو يصدقه اللقيط إذا بلغ أي يصدقه على أن القاضي أذنه بشرط الرجوع في المقدار الذي ادعى بصرفه عليه ويدل على ذلك ما في (فتح القدير) فإذا أنفق بالأمر الذي يصير به دينا عليه فبلغ فادعى أنه أنفق عليه كذا فإن صدقه اللقيط رجع عليه به وإن كذبه فالقول قول اللقيط وعلى الملتقط البينة انتهى، لا ما ادعاه ابن الملك من أنه إذا لم يأمره بالإنفاق فادعاه بعد بلوغه وصدقه اللقيط أنه أنفق للرجوع عليه فله الرجوع لأنه أقر بحقه وأبهم الديون لظهور أن اللقيط إذا بلغ ولم يدع أحد نسبه أو رقه فإن ادعاه أحد كان هو الأب أو السيد وفي اللقطة ربها ثم شرط في (الأصل) يعني لإذن القاضي له بالإنفاق وإقامة البينة وهو صحيح لاحتمال أن يكون غصبا وفيه لا يأمر بالإنفاق وإنما يأمره في الوديعة فلا بد من البينة لكشف الحال، وإن قال: لا بينة لي يقول له القاضي: أنفق عليها إن كنت صادقا فيما قلت. وصرح في (الظهيرية) بأن اللقيط كذلك (وإن كان لها نفع) بأن كان بهيمة يحمل عليها (أجرها) القاضي (وأنفق من أجرتها) لأن في ذلك إبقاء العين على ملكه من غير إلزام دين عيه وكذلك يفعل بالعبد الآبق كذا في (الهداية) وفي (الشرح) أنه لا يؤجر كما في (غاية البيان) إذ يخاف عليه الإباق.

وإلا باعها ومنعها من بها حتى يأخذ النفقة ولا يدفعها إلى مدعيها بلا بينة فإن بين علامتها حل له الدفع بلا جبر. ... ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): ولم أر ما لو صار اللقيط مميزا ولا مال له هل يؤجره القاضي للنفقة أو لا انتهى، يعني إذا لم يعطه الإمام شيئا من بيت المال (وإلا) أي: وإن لم يكن لها نفع (باعها) القاضي، هذا الإطلاق قيده في (البدائع) بما إذا أقام البينة على الالتقاط وظاهر كلامه أنه لم يكن لها نفع إلا بإذنه بالأنفاق، وفي (الهداية) وإن لم يكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا. قالوا: إنما يأمره بالإنفاق يومين أو ثلاثة على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكه فإذا لم يظهر يأمره ببيعها لأن دارة النفقة مستأصلة فلا نظر مدة مديدة انتهى، وإذا لم يكن ثمة نظر فينبغي أن لا ينفذ من القاضي أمره به كذا في (الفتح)، (ومنعها) أي: اللقطة (من ربها حتى يأخذ النفقة) لأنه حيي بنفقته فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبع البيع ولا يسقط دين النفقة بهلاكها في يد الملتقط قبل الحبس ويسقط إذا هلك بعده لأنه يصير كالرهن ولم يحك المصنف في (الكافي) تبعا لصاحب (الهداية) فيه خلافة فيقهم أنه المذهب وجعل القدوري في (تقريبه) هذا قول زفر وعند أصحابنا لا يسقط لو هلك بعده، وعزاه في (الينابيع) إلى علمائنا الثلاثة. واعلم أنه لا فرق في جواز منعها للإنفاق / بين أن يكون الملتقط أنفق من ماله أو استدان بأمر القاضي ليرجع على صاحبها كما في (الحاوي) وقياس ما مر في النفقة أن له أن يحيل على ربها بغير رضاه كالزوجة إذا استدانت بالأمر، وفيه أن للقاضي أن يبيعها ويعطي النفقة من ثمنها عند حضور ربها وامتناعه من دفعها (ولا يدفعها إلى مدعيها) جبرا عليه (بلا بينة) يقيمها عند القاضي للخبر المشهور (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) ولو كانت في يد كافر فادعاها رجل وأقام على ذلك كافرين لم تقبل قياسا كما إذا كانت في يد مسلم وتقبل استحسانا ولو في يد مسلم وكافر قبلت على ما في يد الكافر (فإن بين علامتها) كعد الدراهم ووزنها والوكاء والوعاء (حل له الدفع بلا جبر) لخبر مسلم (فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووكائها ووعائها فأعطه إياها وإلا فاستمتع بها) حمل الأمر فيه على الإباحة جمعا بينه وبين ما روينا، ولو ادعياه وبينا علامة موافقة.

وينتفع بها لو فقيرا وإلا تصدق على أجنبي وصح على أبويه وزوجته وولده لو فقراء. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (البحر): لم أره وينبغي أن يحل له الدفع لهما ولو صدقه حل أيضا ثم قيل: لا يجبر، وقيل: يجبر وإذا دفع بالتصديق أو بالعلامة وأقام آخر بينة أنها له فإن كانت قائمة أخذها وإن هالكة ضمن أيهما شاء فإن ضمن القابض لا يرجع على أحد أو الملتقط فكذلك في رواية وفي أخرى يرجع وهو الصحيح لأنه وإن صدقه إلا أنه بالقضاء عليه صار مكذبا شرعا فبطل إقراره كذا في (الفتح). ولو دفع ببرهان فإن أقام آخر بينة أنها له لا يضمن هذا وسكت المصنف عن أخذ الكفيل قالوا: وله ذلك نظرا له لاحتمال أن يقيم غيره ببينة أنها له أما إذا دفعها بالبرهان فلا يأخذ في الأصح كما في (النهاية) (وينتفع بها) أي: يباح له الانتفاع بها (لو كان فقيرا) لما رواه البزار من قوله - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن اللقطة فقال: (لا تحل اللقطة فمن التقط شيئا فليعرفه سنة فإن جاء صاحبه فليرده إليه وإن لم يأت فليتصدق به) والصدقة لا تكون على غني فأشبه الصدقة المفروضة وإذا كان المبيح هو الفقر فلا فرق بين الواجد وغيره في الانتفاع بها نظرا للمالك لأنها بتقدير مجيبه تكون مضمونة على المنتفع وإلا كان له ثوابها ومعنى الانتفاع بها صرفها إلى نفسه كما في (الفتح). وهذا لا يتحقق ما بقيت في يده لا يملكها كما توهمه في (البحر) لما أنها باقية على ملك صاحبها ما لم يتصرف فيها حتى لو كانت أقل من نصاب وعنده ما يصير به نصابا حال عليه الحول تحت يده لا يجب عليه زكاة، وإطلاقه كغيره يفيد أن هذا لا يتوقف على أمر القاضي والمسطور في (الخانية) توقف حال الانتفاع على إذنه حيث قال: وإن كان الملتقط فقيرا إن أذن له القاضي أن ينفقها على نفسه يحل له أن ينفق ولا يحل بغير إذن القاضي عند عامة العلماء، وقال بشر: يحل، ثم قال: وجد عرضا لقطة فعرفها ولم يجد صاحبها وهو فقير باعها وأنفق الثمن إلى نفسه ثم أصاب مالا. قالوا: لا يجب عليه أن يتصدق على الفقراء بمثل ما أنفق على نفسه انتهى. وهو المختار كما في (الولوالجية) فلم يقيد البيع بإذن القاضي قيد بالفقير لأن الغني لا يحل له الانتفاع بها إلا بطريق القرض لكن بإذن الإمام (وإلا) أي: وإن لم يكن فقيرا كل واحد منهم (تصدق على أجنبي وأبويه) أي: الملتقط (وزوجته وولده ولو) كان كل واحد منهم (فقراء) أطلق في ولده فشمل الصغير، وينبغي تقييده بأن يكون الملتقط فقيرا كذا في (البحر).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: هذا سهو بل المراد الكبير إذ موضوع المسألة ما إذا كان الملتقط غنيا وله ابن فقير وهذا لا يأتي في الصغير فكيف يشمله الإطلاق، وقدمنا أنه لا يتصدق بها على ولد غني. خاتمة: وضعت ملاءتها وأخرى كذلك فجاءت الأولى وأخذت ملاءة الثانية لا ينبغي للثانية أن تنتفع بملاءة الأولى فإن أرادت ذلك قالوا: ينبغي أن تتصدق بها على ابنتها إن كانت فقيرة ثم تهب الابنة الملاءة منها فيسعها الانتفاع بها وكذلك الجواب في المكعب إذا سرق وترك له عوض وقيل: هذا إذا كان المكعب الثاني مثل الأول أو أجود من الأول أما إذا كان الثاني دون الأول فله أن ينتفع به من غير هذا التكليف لأن أخذ الأجود وترك الأدون دليل الرضى بالانتفاع بالأدون كذا في (الطهيرية). وفي (الحاوي القدسي) غريب مات في بيت إنسان وليس له وارث معروف كان حكم تركته / كحكم اللقطة إلا إذا كان مالا كثيرا فيكون لبيت المال بعد البحث والفحص عن ورثته سنين انتهى، وإذا لم يجدهم وكان مصرفا ينبغي أن يجوز له صرفه إلى نفسه وفي (الخانية) له برج حمام اختلط به حمام أهلي لغيره لا ينبغي له أخذه، فإن طلبه صاحبه بعد أخذه رده إليه، ولو فرخ عنده فإن كانت الأم غريبة لا يتعرض لفرخه لأنه ملك الغير وإن كانت لصاحب البرج والغريب إنما هو الذكر كان الفرخ له، وكذا البيض وإن لم يعلم أن في برجه غريبا قالوا: لا شيء عليه إن شاء الله تعالى. وفي (الظهيرية) إذا لم يملك الفرخ وكان فقيرا يتناوله لحاجته وإن كان غنيا تصدق به على فقير ثم اشتراه منه، قال السرخسي: وهكذا كان يفعل شيخنا شمس الأئمة الحلواني وكان مولعا بأكل الجوزال جمع جوزل فرخ الحمام وفيها المأخوذ به أن للأمر بالنساء وسكرا أو غيره أن يحبس لنفسه مقدار ما يحبسه الناس وأن يلتقط ومن وقع في حجره شيء فأخذه منه غيره إن هيأه لذلك لا يكون للآخذ وإلا كان له. وفي (الخانية) مر بثمار ساقطة تحت الأشجار في الصيف إن كان في المصر لا يسعه أن يتناول شيئا منها إلا أن يعلم أن صاحبها أباح ذلك نصا أو دلالة وإن كان في الحائط فإن كانت مما تبقى فكذلك وإن لم تبق قيل: إنه كذلك وقيل: إنه لا بأس به ما لم يعلم النهي صريحا وعليه الاعتماد والله الموفق للصواب.

كتاب الآبق

كتاب الآبق أخذه أخب إن قوي عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الإباق ذكر في (النهاية) وتبعه في (الدراية) (والعناية) أن هذه الكتب أعني اللقيط واللقطة والإباق والمفقود يجانس بعضها بعضا من حيث ي كل منها عرضية الزوال والهلاك وتبعه في (فتح القدير) بأن التعرض له في الإباق بفعل فاعل مختار فكان الأنسب تعقيب الجهاد به بخلاف اللقيط واللقطة وكذا الأولى فيه وفي اللقطة الترجمة بالباب لا بالكتاب وقدمنا عنه في الطهارة أن الحوالة كذلك. وأجاب في (البحر) بأن خوف التلف في ذات اللقيط أكثر من اللقطة فذكر بعد الجهاد وخوف التلف في الآبق إنما هو من حيث الانتفاع للمولى لأنه لو لم يعد إليه لا يموت بخلاف اللقيط فإنه لصغره إن لم يرفع يموت ومسائل كل منه مستقلة فكان الأنسب التعبير عنها بكتاب والإباق مصدر أبق كضرب وهذا هو الأكثر كما في (المصباح). وفي (القاموس): أبق العبد كسمع وضرب ومنع أبقا ويحرك وإباق ككتاب ذهب بلا خوف ولا كد عمل أو استخفى ثم ذهب فهو آبق وأبوق وجمعه ككفار وركع وعرفه، في (العناية): بأنه الهارب من مالكه قصدا ورده في (الفتح) بأن الهرب لا يتحقق إلا بالقصد والضال ليس فيه قصد التغيب بل هو المنقطع عن مولاه لجهله بالطريق إليه انتهى. بقي أنه لا يلزم أن يكون الهرب من المالك ومن ثم عرفه في (الإصلاح) بأنه انطلاق الرقيق تمردا ليدخل ما لو هرب من مؤجره أو مستعيره أو مودعه أو وصيه، (أخذه أحب) أي: أفضل (إن يقوى) أي: يقدر (عليه) حفظا حتى يصل إلى مولاه لأن فيه إحياء ماليته بخلاف من يعلم من نفسه العجز عن ذلك ولا يعلم فيه خلاف وسكت عن خوف هلاكه لو لم يأخذ وصرح في (البدائع) بأن حكم أخذه حكم اللقطة فعلى هذا يفترض إن خاف ضياعه ويندب إن لم يخف كذا في (البحر). وأقول: هذا غلط فاحش وذلك أنه قدم عن (البدائع) أن أخذ اللقطة مع خوف الضياع ليس بفرض وأن القول بالفرضية مذهب الشافعي فكيف يفهم من قوله: إن حكم أخذه حكم اللقطة أن يكون فرضا فسبحان من تنزه عن السهو والنسيان نعم في (الفتح) يمكن أن يجري فيه التفصيل في اللقطة بين أن يغلب على ظنه تلفه

ومن رده من مدة سفر وهو مسيرة ثلاثة أيام فله أربعون درهما. ـــــــــــــــــــــــــــــ على المولى إن لم يأخذه مع قدرة تامة عليه فيجب أخذه وإلا فلا، واختلف في الضال فقيل: أخذه أحب وقيل: تركه لأنه ينتظر مولاه في مكانه. قال في (الفتح): ومحل الخلاف ما إذا لم يعلم واجد الضال مولاه ولا مكانه أما إذا علمه فلا ينبغي أن يختلف في أفضلية أخذه ورده ثم إن شاء آخذ الآبق أتى به إلى الإمام فيحبسه حفظا له عن إباقه فإن قدر عليه لم يحتج إلى الإمام ولهذا الاعتبار خيره الحلواني فإن علم صاحبه خير أيضا بين إمساكه إلى مجيئه وبين ذهابه إليه كما في (البدائع) وإن لم يعلمه وادعاه رجل وبرهن حلفه بالله أنه آبق إلى الآن في ملكه لم يخرج ببيع ولا هبة كذا في (الذخيرة) وفي أولوية أخذ / الكفيل والحالة هذه روايتان، نعم لو دفعه إليه بإقرار العبد أخذ كفيلا هنا رواية واحدة وفي (العناية) لو وصف علامته وحليته دفعه إليه وأخذ منه كفيلا وهل يجب على القاضي الدفع أو يخير؟ لم يذكره في (الكتاب) واختلف المشايخ فيه فإن لم يأت له طالب وطالت المدة باعه القاضي وحفظ ثمنه. وفي (الحواشي اليعقوبية) قالوا: صح للقاضي بيع الآبق ولو علم موضع مالكه وينبغي أن يكون هذا إذا تعذر إيصاله إلى مالكه وخيف تلفه، وقد ذكر في (القنية) أن مال الغائب لا يباع إذا علم مكان الغائب لإمكان إيصاله إليه انتهى. فلو زعم صاحبه أنه دبره أو كاتبه أو استولدها لم يصدق في نقض البيع إلا أن يكون عنده ولد منها، واستشكله في (البحر) بأنه لو باعه بنفسه ثم ادعى ذلك وبرهن قبل كما في استحقاق (فتح القدير) لأن التناقض في دعوى الحرية وفروعها معفو فيحمل ما هنا على ما إذا لم يبرهن فإن جاء ربه لا يدفع إليه الثمن حتى يبرهن أنه ملكه ولو اكتفى بالحيلة جاز. قال في (الفتح): وينبغي أن يقدر الطول بثلاثة أيام لأن دارة النفقة تستأصله ولا نظر في ذلك للمالك بحسب الظاهر انتهى. والمنقول في (التاتارخانية) أن مدة حبسه مقدرة بستة أشهر ثم يبيعه بعدها ولا يؤجر خشية إباقه وفي الضال يؤجره وينفق عليه من أجرته (ومن رده) على مولاه من مسيرة سفر (فله أربعون درهما) استحسانا والقياس أن لا يكون له شيء إلا بالشرط كما إذا رد بهيمة ضالة أو عبدا ضالا وجه الاستحسان أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعوا على أصل الجعل وإن اختلفوا في مقداره فأوجبنا الأربعين في مدة السفر وما دونها فيما دونه جمعا بين الروايات، وعم كلامه ما لو أعتقه المولى لأنه يصير قابضا بالإعتاق وما لو باعه من الراد لسلامة البدل له.

ولو قيمته أقل منه وإن رده لأقل منها فبحسابه. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (المحيط): لو دبره ثم هرب من يده فلا جعل له في قول الإمام، وأطلق في الراد فعم الحر والعبد والبالغ والصبي والجعل للمولى كما في (البدائع) وما إذا رده بنفسه أو بنائبه ولو تعدد الراد كان الجعل بين الكل، أو المردود عليه كان الجعل بقدر النصيب فلو غاب البعض ليس للحاضر أخذه حتى يعطي تمام الجعل ولا يكون متبرعا بالزائد بل يرجع به لأنه مضطر إليه، أو المردود بأن رد أمة مع ولدها الذي قارب الحلم تعدد الجعل فلو كان رضيعا لم يتعدد كما في (كافي) الحاكم. لكن في (عقد الفرائد) اتفق الأصحاب أن الصغير الذي يجب الجعل برده في قول محمد هو الذي يعقل الإباق نص عليه في (المحيط) حيث قال: إن الطفل ما لم يعقل الإباق ويميزه لا يكون آبقا بل ضالا ثم قال: ومفهوم كونه رضيعا أنه لو كان غير رضيع وجب الجعلان وينبغي أن يشترط مع الفطام أن يعقل الإباق كما مر عن (المحيط) انتهى. وفي (التاتارخانية) قالوا: ما ذكر من الجواب في الصغير محمول على ما إذا كان يعقل الإباق فإن لم يعقل كان ضالا فلا جعل فيه انتهى، وبهذا ظهر أن كونه قارب الحلم ليس قيدا واعلم أنه يستثنى من هذا العموم ما لو رده السلطان أو الشحنة أو الحقير كما في (المبسوط) أو من يعول اليتيم أو الوصي أو من استعان به المولى كما في (الفتح) وغيره أو أحد الزوجين على الآخر أو الولد وإن لم يكن في عياله وأما الأب وباقي الأقارب فإن كانوا في عيال المالك لا تجب وإلا وجب، والعذر للمصنف أنه لم يستوف جميع الأحكام على أنه ما من عام إلا وقد خص (ولو) كانت (قيمته) أي: العبد (أقل منها) يعني يجب أربعون عند أبي يوسف لأن التقدير بها ثبت بالنص فلا ينقص عنها، وقال محمد: يقضى بقيمته إلا درهما لأن المقصود إحياء ماله فلا بد أن يسلم له شيء تحقيقا للفائدة، وذكر القدوري وغيره قول الإمام مع محمد، (وإن ردها لأقل منها فبحسابه) بأن يقسم الأربعين على الأيام لكل يوم ثلاثة عشر وثلث. وفي (الينابيع) معزيا إلى (النوازل) قال أبو بكر: لو رده في أقل من ثلاثة أيام ففي قول أصحابنا يستحب أن يرضخ له ولا يجبر عليه وإنما يكون الجعل واجبا إذا كان آبقا منذ ثلاثة أيام قال الفقيه: ليس هذا قول أصحابنا في الآبق وإنما أجابوا مثل هذا في الضال وأما في الآبق فقالوا: يستحق أن يجعل له على قدر المكان الذي بعث إليه وقولهم: يجعل له ذلك دليل على أنه يجب ويجبر أن يعطيه بحساب ذلك وبه نأخذ انتهى.

وأم الولد والمدبر كالقن وإن أبق من الراد لا يضمن ويشهد أنه أخذه ليرده. ـــــــــــــــــــــــــــــ لكن المذكور في (الأصل) وبه جزم في (الهداية) أنه يرضخ له أي: يعطي عطاء غير كثير ويقدر ذلك / باصطلاحهما أو يفوض ذلك إلى رأي القاضي يقدره بحسب ما يراه، قالوا وهذا هو الأشبه بالاعتبار كذا في (الفتح) وفي (التتارخانية) وهو الصحيح وعليه الفتوى، وإطلاقه يعم ما لو رده في المصر والمذكور في (الأصل) أنه يرضخ له وهو الأصح، وعن الإمام أنه لا شيء ومقتضى ما في (الكتاب) أنه يستحق بحسابه أيضا، ولو برهن أحدهما أنه رده من مدة سفر والآخر أنه رده من يومين كان على المولى جعل تام يختص منه الأول بيوم والباقي بينهما. ولو أقام أحدهما البينة أنه أخذه بالكوفة والآخر أنه أخذه من طريق البصرة على مسيرة يومين اختص الأول بثلث الجعل وكان الباقي بينهما كذا في (المحيط) (وأم الولد والمدبر) يجب الجعل في ردهما (كالقن) لأنه أحيا ماليتهما له إما باعتبار الرقبة كما في المدبر أو باعتبار الكسب كما في أم الولد عنده وهذا الإطلاق قيده الشارح تبعا لصاحب (الهداية) بما إذا ردها في حياة المولى أما بعد موته فلا جعل لأن أم الولد تعتق بالموت وكذا المدير إن خرج من الثلث وإن لم يخرج فكذلك عندهما وعند الإمام هو كالمكاتب ولا جعل فيه انتهى. وحاصله أن ما في (الكتاب) من أن المدبر مطلقا كالقن ليس على إطلاقه وما في (البحر) من أن التقييد لا حاجة إليه لأنهما يعتقان بموته ولا شيء في رد الحر مدفوع بما قد سمعته من أن المدبر إذا لم يخرج من الثلث يعتق عنده ولو مات المولى بعد الرد وعليه ديون قدم الجعل على سائر الغرماء وقسم الباقي كما في (البدائع) (وإن أبق من الراد لا يضمن) هذا الإطلاق مقيد بما إذا أشهد أو محمول على أنه لم يتمكن من الإشهاد والقول له في ذلك كما في (التاتارخانية) وعلى كل تقدير فهو أمانة في يده ولا ضمانة فيها، وعلى هذا لو مات في يده وعلم من مفهوم قوله أولا من رده إلى آخره أنه لا جعل له لأنه في هذه الحالة لم يرده فلدا لم يذكره. ومن ثم قالوا: لو أنكر إباقه فلا جعل له إلا أن يبرهن على إباقه أو على إقرار المولى بذلك كما في (الشرح) ولو رده بعد إباقه آخر إن كان الثاني أخذه من المصر فلا جعل له أيضا (ويشهد أنه أخذه ليرده) لأن ترك الإشهاد أنه أخذ لنفسه فإذا ابق من يده أو مات كان ضامنا ولا جعل له لو رده لأنه يسقط الضمان عن نفسه وهذا عندهما وقال أبو يوسف: الإشهاد ليس بشرط فيستحق الجعل فلا ضمان عليه إذا ادعى أنه أخذه للردن وأجمعوا أنه لو أقر أنه أخذه لنفسه أو اشتراه من الأخذ أو انتهبه أو أوصى له به أو ورثه لا يستحق الجعل بالرد إلا إذا أشهد عند الشراء أنه إنما اشتراه

وجعل الرهن على المرتهن وأمر نفقته كاللقطة. ـــــــــــــــــــــــــــــ ليرده على المالك غير أنه يكون بالثمن متبرعا، وينبغي أنه لو أشهد عند قبوله الهبة أو الوصية أنه يرجع أيضا، وقدمنا أنه مقيد بالإمكان (وجعل الرهن على المرتهن) لأنه بالرد أحيا ماليته التي هي حق المرتهن ألا ترى أنه بالإباق سقط دينه وبالرد عاد، لا فرق في ذلك بين رده في حياة الراهن أو بعد الموت وهذا الإطلاق قيده في (الهداية) بما إذا كانت قيمته مثل ذلك الدين أو أقل، فإن كانت أكثر قسم الجعل عليهما فما أصاب الدين كان على المرتهن والباقي على الراهن. قالوا: وجعل المغصوب على الغاصب وينبغي أن لا يرجع به على المالك كما قال بعضهم، والموصى بخدمته لإنسان ورقبته لآخر على صاحب الخدمة في الحال فإذا مضت المدة رجع به على صاحب الرقبة ويباع العبد به والموهوب على الموهوب له يعني إذا قبضه. وفي (المحيط) لو وهبه للآخذ فإن كان قبل قبض المولى فلا جعل وإلا فعلى المولى بخلاف ما إذا باعه منه حيث الجعل له مطلقا، والجاني خطأ إن اختار المولى الفداء كان عليه وإلا فعلى الأولياء هذا إذا جنى قبل أخذه أما لو جنى في يده خطأ أو عمدا فلا جعل على أحد، والمأذون المديون على من يستقر الملك له فإذا اختار دفعه للغرماء بدأ من ثمنه بالجعل وقسم الباقي بينهم (وأمر نفقته) أي: حكمها (كاللقطة) لا أنه لقطة حقيقية فإذا أنفق عليه بلا إذن ولي الأمر كان متبرعا وكذا بإذنه إن لم يشترط الرجوع وله حبسه للنفقة عند حضور المولى فإن طالت المدة باعه القاضي وحفظ ثمنه إلا أنه لا يؤجره على ما مر.

كتاب المفقود

كتاب المفقود هو غائب لم يدر موضعه وحياته وموته فينصب القاضي من يأخذ حقه. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب المفقود وهو المعدوم لغة: يقال فقده فقدا وفقدانا / وفقودا عدمه فهو فقيد ومفقودا، وفي (النهاية) أنه من الأضداد، يقال: فقدت الشي أضللته وفقدته طلبته ولا شك أن المفقود ضل عن أهله وهم في طلبه وأنت خبير بأن الطلب ليس ضد إلا أن يكون إطلاق الضد توسعا بناء على أن الطالب سبب للوجدان فأقيم مقامه كذا في (الحواشي السعدية)، وشرعا كما في (الفتح): غائب لم يدر حياته ولا موته وهو المعني بقول المصنف (هو غائب لم يدر موضعه) إذ العلم بالمكان ولو بعد يستلزم العلم بهما غالبا فدخل من أسره العدو (و) لم تعلم (حياته ولا موته) كما في (المحيط). وفي (التتارخانية) وإذا فقد المرتد ولم يعلم ألحق بدار الحرب أم لا فإنه يوقف ميراثه كالمفقود وحكمه أنه حي في حق نفسه فلا يورث ولا يزوج نساؤه ما لم يثبت موته ببينة أو يبلغ السن الآتي ميت في حق غيره فلا يرث من أحد، (ينصب القاضي من) أي: وكيلا (يأخذ) أي: يقبض (حقه) كغلاته وديونه التي أقر بها غرماؤه ويخاصم في دين وجب بعقده بلا خلاف لا فيما وجب بعقد المفقود ولا في نصيب له في عقار أو عرض في يد رجل ولا في حق من الحقوق إذا جحده من هو عنده أو عليه لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه وإنما هو وكيل من جهة القاضي وهو لا يملك الخصومة بلا خلاف فلو قضى القاضي بخصومته كانت قضاء للغائب من غير نائب من قبله وهو لا يجوز وقيل: يجوز عندهما لا عنده كما ذكره الإتقاني عن المختلف في فصل القضاء بالمواريث وكذا لا تسمع الدعوى عليه ولا البينة فيما إذا ادعى إنسان عليه دينا ونحوه لأنهما إنما يسمعان على خصم وهذا الوكيل ليس خصما فيكون قضاء على الغائب وهو لا يجوز إلا إذا أراه القاضي أي: جعله رأيا له كما في (الغاية) و (العناية) فإنه ينفذ لأنه مجتهد فيه وعليه الفتوى كما في (الخلاصة). قيل: ينبغي أن يتوقف على إمضاء قاض آخر لما أن الخلاف في نفس القضاء وأجيب بالمنع وإنما المجتهد فيه سببه وهو هذه البينة هل تكون حجة من غير خصم حاضر أو لا؟ واستشكله الشارح بأن الخلاف في نفس القضاء وإلا لم يتصور في نفسه أبدا وظاهر كلامهم كما قد علمته أن المراد بالقاضي إما المجتهد أو غير

ويحفظ ماله ويقوم عليه وينفق منه على قريبه ولادا وزوجته. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحنفي يرى ذلك، أما الحنفي فكيف يجعله رأيا له ولا رأي له مع اعتقاده مذهب إمامه، (ويحفظ ماله) الحاصل في بيته صورة ومعنى أو معنى فقط بأن كان يخاف عليه الفساد فيبيعه لأنه تعذر عليه الحفظ صورة أيضا كذا في (الشرح). والمذكور في (الهداية) أن الذي يبيعه إنما هو القاضي وبهذا التقرير اندفع قوله في (البحر) لم يذكر المصنف بيع شيء من ماله ويقوم عليه لأنه نصب ناظرا لكل عاجز عن نفسه والمفقود كذلك فصار كالصبي والمجنون قال في (البحر): وينبغي أنه إذا كان له وكيل لا ينصب له القاضي لأنه لا ينعزل بفقد موكله لما في (التجنيس) وغيره لو غاب ودفع داره في يد رجل ليعمرها أو دفع ماله ليحفظه وفقد الدافع فله أن يحفظه وليس له أن يعمر الدار إلا بإذن الحاكم لأنه لعله مات ولا يكون الرجل وصيا انتهى. وأقول: الظاهر أنه لا يملك قبض ديونه التي أقر بها غرماؤه ولا غلاته وحينئذ فيحتاج إلى النصب وكأن هذا هو السر في إطلاقهم نصب الوكيل والله الموفق. (وينفق) المنصوب (منه) أي: من المأخوذ ولو وديعة والحاصل في بيته والواصل من ثمن ما يتسارع إليه الفساد (على قريبه ولادا) نصب على التمييز وهم أصوله وإن علوا وفروعه وإن سفلوا ولم يشترط الفقر في الأصول استغناء بما مر في النفقات (وزوجته) لأن وجوب النفقة لهؤلاء لا يتوقف على القضاء فكان إعانة لهم بخلاف غير الولاد من الأخ ونحوه فإن وجوبها عليه يتوقف فكان قضاء على الغائب وهو لا يجوز وهذا الإطلاق مقيد بالدراهم والدنانير والتبر لأن حقهم في المطعوم والملبوس فإن لم يكن ذلك في ماله احتيج إلى القضاء بالقيمة وهي النقدان وقد علمت أنه على الغائب لا يجوز إلا في الأب فإن له بيع العرض لنفقته استحسانا كما في (المبسوط). وقدم المصنف في النفقات أن لهؤلاء أخذ النفقة من مودعه ومديونه المقرين بالنكاح والنسب إذا لم يكونا ظاهرين عند القاضي فإن ظاهرا لم يشترط أو أحدهما اشترط الإقرار بما خفي هو الصحيح فإن أنكر الوديعة والدين لم ينتصب أحد من هؤلاء خصما فيه / والمسألة بفروعها في النفقات. وفي (التتارخانية) لو فقط المكاتب وترك مالا إن كان من جنس بدل كتابته وعلم القاضي بوجوب ذلك عليه تؤدى الكتابة، وإن كان خلاف الجنس لا تؤدى، ولو كان المفقود باع خادما فاستحق من يد المشتري هل يؤديه القاضي من ماله؟ إن كان له مال من جنس الثمن وعلم القاضي بالدين وفي منه وإلا لا، انتهى، وهذا يفيد أن القاضي لو علم بدين عليه هو بدل قرض وكان له من جنسه فإنه يوفيه منه والله

ولا يفرق بينه وبينها وحكم بموته بعد تسعين سنة وتعتد امرأته وورث منه حينئذ لا قبله ولا يرث من أحد مات. .. ـــــــــــــــــــــــــــــ الموفق (ولا يفرق بينه وبينها) لما أخرجه الدارقطني من حديث المغيرة قال - صلى الله عليه وسلم -: (امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان) وأخرج عبد الرزاق (أن عليا قال في امرأة المفقود: هي امرأة ابتلت فلتصبر حتى يأتيها موت أو طلاق) وهذا بيان للبيان في الحديث (وحكم بموته بعد تسعين سنة). اعلم أن ظاهر الرواية عن الإمام أنه لا يحكم بموته إلا بموت أقرانه في السن من أهل بلده وقيل: من جميع البلدان، قال خواهر زاده: والأول أصح، قال السرخسي: وهذا أليق بالفقه لأن نصب المقادير بالرأي لا يجوز غير أن الغالب أن الإنسان لا يعيش بعد أقرانه وأنت خبير بأن التفحص عن موت الأقران غير ممكن أو فيه حرج فعن هذا اختار المشايخ تقديره بالسن ثم اختلفوا فاختار المصنف أنه تسعون وفي (الهداية) وهو الأرفق. قال في (الكافي): و (الوجيز) وعليه الفتوى وروى الحسن مائة وعشرين سنة، وعن أبي يوسف مائة وفي (التتارخانية) معزيا إلى (الحاوي) وبه نأخذ وفيها عن (التهذيب) الفتوى على تقديره بثمانين واختار المتأخرون تقديره بستين وهذا الاختلاف إنما نشأ من اختلاف الرأي في أن الغالب هذا أو مطلقا، قال في (الفتح): والأحسن عندي التقدير بسبعين لخبر (أعمار أعمتي ما بين الستين إلى السبعين) وقيل: يفوض إلى رأي القاضي فأي وقت رأى المصلحة حكم بموته، قال الشارح: وهو المختار. وفي (الينابيع) قيل: يفوض إلى رأي القاضي ولا تقدير فيه في ظاهر الرواية وفي (القنية) جعل هذا رواية عن الإمام وفي (التتارخانية) ثم طرق موته إما بالبينة أو موت الأقران وطريق قبول هذه البينة أن يجعل القاضي من في يده المال خصما عنه أو ينصب عليه قيما تقبل عليه البينة (وتعتد امرأته وورث منه حينئذ) أي: حين حكم بموته قيد فيهما ويعتق مدبروه وأمهات أولاده كذلك فلا يرثه إلا من كان من ورثته موجودا في ذلك الوقت (لا قبله) إذ الحكمي معتبر بالحقيقي (ولا يرث) المفقود (من أحد) من أقاربه (مات) أي: قبل الحكم بموته لأن بقاءه حيا باستصحاب الحال

ولو كان مع المفقود وارث يحجب به لم يعط شيئا وإن انتقص حقه به يعطى أقل النصيبين ويوقف الباقي كالحمل. ـــــــــــــــــــــــــــــ وهو إنما يصلح حجة للدفع لا للاستحقاق على ما عرف وعلى هذا قلنا: بأنه إذا علمت حياته قبل الحكم بموته في وقت من الأوقات يرث ممن مات قبل ذلك من أقاربه لاحتمال أن يكون حيا كما في الحمل فإن ثبتت حياته من وقت موته فيها وإلا رد الموقوف لأجله إلى وارث مورثه الذي وقف من ماله، (ولو كان مع المفقود وارث يحجب) أي: الوارث (به) أي: بالمفقود (لم يعط) أي: الوارث (شيئا) كما إذا مات عن بنتين وابن مفقود وابن ابن وبنت ابن فللبنتين النصف والنصف الباقي في يد من كان المال في يده سواء كان في يد أجنبي أو مع البنتين ولا شيء لولد الابن لحجبهم به حيث تصادقوا على الفقد فإن لم يتصادقوا بل قال من في يده المال: إنه مات كان للبنتين الثلثان ويبقى الثلث الباقي في يد من كان المال في يده فإن برهن أولاد الابن على الموت كان لهم الثلث. وفي (البزازية) لو مات عن ابنين أحدهما مفقود فزعم ورثته حياته والآخر زعم موته لا خصومة بينهما لأن ورثة المفقود اعترفوا أنهم لا حق لهم في التركة فكيف يخاصمون عنه انتهى، (وإن انتقص حقه) أي: الوارث (به) أي: بالمفقود (يعطى أقل النصيبين ويوقف الباقي)، كما إذا تركت زوجا وأما وأختا لأبوين وأخا كذلك مفقود كان للإمام السدس بتقدير الحياة والربع بتقدير الموت وللزوج النصف بتقدير الحياة وبتقدير الموت الربع وكذا للأخت بتقدير وفاته ولها التسع بتقدير الحياة فيعطى لكل منهم الأقل ويوقف الباقي وهذه المسألة موضعها / الفرائض ولذا حذفها القدوري هنا. وتبعه في (الوافي) و (المجمع) وذكرها المصنف تبعا لصاحب (الهداية) والله الموفق، (كالحمل) أي: كما إذا كان حاجبا للوارث كالإخوة والأخوات والأعمام وبينهم ولا يطعى الوارث شيئا وإن كان غير حاجب كما إذا مات عن زوجة وحمل أو ابنين كذلك يعطى الوارث أقل النصيبين في قول أبي يوسف وعليه الفتوى والله الموفق بمنه وكرمه وجوده وإحسانه.

كتاب الشركة

كتاب الشركة شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء وكل أجنبي في قسط. ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الشركة ذكرها بعد المفقود لمناسبة خاصة هي أنها قد تتحقق في ماله كما لو مات وله وارث آخر وهي بكسر الشين وإسكان الراء في المعروف ولك فتحها مع كسر الراء وسكونها وشرك {وما لهم فيهما من شرك} (سبأ: 22) والجمع أشراك وشركاء وهي لغة خلط النصيبين بحيث لا يتميز أحدهما سمي العقد بها لأنه سبب لها والإضافة في قولنا شركة العقد بيانية وشرعا عبارة الاشتراك واختلاط النصيبين وفيه تسامح إذ الاختلاط للمال والشركة هي التي مصدر إنما هي الخلط وبهذا عرف أن ركنها في العقد اللفظ المفيد له وفي العين الاختلاط وبعث - صلى الله عليه وسلم - والناس يتشاركون فقررهم عليها وشرط جوازها كون الواحد قابلا للشركة وحكمها صيرورة المجتمع من النصيبين مشتركا وفي شركة العقد صيرورة المعقود عليه أو ما يستفاد به مشتركا بينهما وهي على نوعين نبه على الأول بقوله (شركة الملك) سميت بذلك لحصولها بأسبابه وفائدتها أن كل حاصل منها يكون على قدر المال كم في (السراج). (أن يملك اثنان عينا) ملكا جبريا أو اختياريا ومثل للأول بقوله (إرثا أو) اختلط مالهما من غير صنع من أحدهما وللثاني بقوله أي: (شراء) ومنه ما لو انتهبا عينا أو استوليا على مال حربي يملك ماله بالاستيلاء أو خلطا مالهما بحيث لا يتميز كالحنطة بالحنطة أو يتعسر كالحنطة بالشعير أو قبلا وصية بعين لهما ولو اقتصر على قوله أن يملك اثنان لعم الكل إلا أنه يفوته بيان أنها على قسمين كما قد علمت. وفي (منية المفتي) اشترى شيئا ثم أشرك فيه آخر فهذا بيع النصف منه وبه عرف أن الملك لا يشترط فيه المعية بل ولو متعاقبا بقي أن التقييد بالعين يخرج الدين مع أن بعضهم عده من شركة الملك فقيل: مجاز لأن الدين وصف شرعي لا يملك والحق أنه يملك ولذا ملك ما عنه من العين على الاشتراك حتى إذا دفع من عليه الدين إلى أحدهما كان للآخر الرجوع عليه بنصف ما أخذ وليس له أن يقول: هذا الذي أخذته حصتى وما بقي على المديون حصتك ولا يصح من المديون أيضا أن يعطيه شيئا على أنه قضاه وأخر الآخر. قالوا: والحيلة في اختصاص أحدهما بما أخذه أن يهبه المديون مقدار حصته ويهبه رب الدين حصته (وكل) من شريكي الملك (أجنبي في قسط) بالكسر هو

صاحبه وشركة العقد أن يقول أحدهما: شاركتك في كذا ويقبل الآخر. ـــــــــــــــــــــــــــــ الحصة والنصيب كما في (القاموس) (صاحبه) وفي بعض النسخ غيره قيل: والأول أولى فلا يجوز أن يتصرف فيه إلا بأمره لعدم تضمنها وكالة قيد بقسط صاحبه لأنه يجوز التصرف في قسطه ببيعه له مطلقا وأما لغيره فكذلك إلا في صورة الخلط والاختلاط فلا يجوز بيعه إلا بإذنه. قال في (البحر): والظاهر أن البيع ليس بقيد بل المراد الإخراج عن الملك بهبة أو وصية أو صدقة أو أمهار أو بدل خلع وأما الانتفاع ففي البيت والخادم والأرض له الانتفاع بالملك على المفتى به حيث كانت الأرض ينفعها الزرع لا إن لم ينفعها انتهى. والذي في قاضي خان أن لشريكه أن يزرع النصف فقط، وفي (القنية) للقاضي أن يأذن بزراعة الملك وفي الدابة لا يركبها بغير إذنه للتفاوت وأما ما ينتفع به في غيره كالحرث ونحوه فله ذلك لعدم التفاوت كما في (عقد الفرائد). وقالوا: في الأمة تكون عند أحدهما يوما وعند الآخر يوما ولو خاف أحدهما من صاحبه وطلب وضعها على يد عدل لا يجاب، وفي المكيل والموزون له أن يعزل حصته بغيبة شريكه ولا شيء عليه إن سلم الباقي وإن هلك كان عليهما وباقي الأحكام في الأشياء المشتركة بيناه مستوفى في (الرسالة المباركة في الأشياء المشتركة) فعليك بها تزداد بها فإنها لمن ابتلي بالإفتاء نافعة وأنوار القبول عليها ساطعة. (وشركة العقد) جعلها المصنف تبعا لصاحب (الهداية) مفاوضة وعنانا وتقبلا ووجوها، قال الإتقاني: وفيه نظر لأنه يوهم أن شركة الصنائع والوجةه مغايرتان للمفاوضة فالأولى / في التقسيم ما ذكره الطحاوي والكرخي وعليه جرى الشارح من أنها على ثلاثة أوجه بالمال والأعمال الوجوه وكل يكون مفاوضة وعنانا (أن يقول أحدهما: شاركتك في كذا) هذا تفسير للإيجاب فيها (ويقول الآخر: قبلت) أي: في كذا من المال أو في كذا من التجارات البزازية أو البقالية في العنان أو في كل مالي ومالك وهما مستويان في جميع التجارات ونحو ذلك كذا في (الفتح). وتخصيص العموم بالمفاوضة والخصوص بالعنان يوهم أن شركة العنان لا تكون عامة مع أنها تكون عامة أيضا وقد أفصح عن ذلك في (الهداية) حيث قال: كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطه ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاجتماع شرائط العنان إذ هو قد يكون خاصا وقد يكون عاما انتهى نعم العموم في المفاوضة شرط وذكر شيخ الإسلام في شركة المفاوضة أنها تجوز في نوع خاص كذا في (التتارخانية) بقي أن اللفظ المذكور ليس بلازم فيها بل المعنى ولذا لو دفع له

وهي مفاوضة إن تضمنت وكالة وكفالة وتساويا مالا وتصرفا ودينا فلا تصح بين حر وعبد وصبي وبالغ. ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ ألفا وقال: أخرج مثلها واشتر وما كان من ربح فهو بيننا وفعل انعقدت، هذا ويندب الإشهاد عليها (وهي مفاوضة) من التفويض أو من الفوض الذي منه فاض المال إذا عم ومعناه المساواة وما قيل أنها مشتقة منها ففيه تسامح ظاهر. قال الأفوه الأودي: لا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم .... ولا سراة إذا جهالهم سادوا إذا تولى سراة الناس أمرهم .... نمى على ذاك أمر الناس وازدادوا تهدى الأمور بأهل الرأس ما صلحت .... فإن توت فبالجهال ينقادوا ومعنى البيت لا يصلح أمور الناس حال كونهم متساويين إذا لم يكن لهم أمراء وسادات فإنهم إذا كانوا متساويين فتتحقق المنازعة بينهم والسراة جمع السرى وهو جمع عزيز لا يعرف غيره وقيل اسم جمع للسرى كذا في (العناية) ومعناه السيد الشريف والمحفوظ في السراة فتح السين، (إن تضمنت وكالة وكفالة) بأن عقداها بلفظ المفاوضة وإن لم يعرفا معناها كما في (السراج) لأن هذا اللفظ جعل علما على إتمام المساواة في الشركة وبه تثبت أحكامها إقامة للفظ مقام المعنى وإلا فلا بد من ذكر تمام معناها بأن كان العاقد يقدر على استيفاء معانيها لأن العبرة في العقود للمعاني، وحينئذ فتستلزم وكالة كل منهما عن الآخر في نصف ما يشتريه لتحقق غرض الشركة وكفالة كل منهما للآخر لتحقق المساواة، وأفاد بقوله: تضمنت أن كلا منهما ليس قصديا فاندفع به ما أورد كيف تصح الوكالة بالمجهول وهلا توقفت الكفالة على القبول؟ لأن ذاك فيما قصد منهما على أن الفتوى في الكفالة على الصحة. قال الشارح: وقوله إن تضمنت وكالة ليس فيه فائدة يمتاز به عن غيرها من أنواع الشركة وفي (البحر) أنه زائد لأن هذا لا يخصها وأنت خبير بأنه لا بدع في ذكر شرط الشيء وإن كان شرطا لآخر، (ويتساويا مالا) تصح في الشركة ولا تضر زيادة ما لا تصح فيه الشركة على ما بينه (وتصرفا) بأن يقدر أحدهما على ما يقدر عليه الآخر. قال في شرح (الدرر): وهذا مغن عن قوله (ودينا)، وأوضحه في (إيضاح الإصلاح) بأن التساوي في التصرف يستلزم التساوي في الدين وفسر التصرف كالكفالة والوكالة قال: وهذا تصرف دقيق لا يهتدي لأمثاله إلا من له دربة في هذا الفن (فلا تصح) مفاوضة وإن صحت عنانا (بين حر وعبد ولا بين صبي وبالغ) لعدم المساواة وهذا لأن الحر البالغ يملك التصرف والوكالة ولا يملك المملوك شيئا منها

ومسلم وكافر وما يشتريه كل يقع مشتركا إلا طعام أهله وكسوتهم وكل دين لزم أحدهما بتجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ إلا بإذن المولى كما أن الصبي لا يملك التصرف إلا بإذنه وأما الكفالة فلا يملكها ولو أذنه، وإذا لم تصح بين من ذكر فعدم صحتها بين عبدين ولو مكاتبين وصبيين ولو بالإذن بالأولى وغير خال أن العبدين وإن كانا أهلا للكفالة بالإذن إلا أنها يتفاضلان فيهما لما أنهما يتفاوتان قيمة فلم يتحقق كون كل منهما كفيلا بجميع ما لزم صاحبه (و) لا بين (مسلم وكافر) عندهما وجوزها الثاني مع الكراهة لاستوائهما وكالة وكفالة ولا معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما ألا ترى أنها تجوز بين الحنفي والشافعي مع تفاوتهما في التصرف في متروك التسمية عمدا ولهما أنه لا تساوي في التصرف فإن الذمي لو / اشترى برأس ماله خمرا أو خنزيرا صح بخلاف المسلم والمساواة بين الحنفي والشافعي ثابتة لأن الدليل على كونه ليس مالا متقوما قائم، وولاية الإلزام بالحاجة ثابتة باتحاد الملة والاعتقاد، ولا خلاف في جوازها بينهما عنانا كما في (السراج) وأما بين المسلم والمرتد فلا تجوز في قولهم هكذا ذكر الكرخي وفي (الأصل) قياس قول أبي يوسف أن تجوز عنده كذا في (الفتح). وفي (المحيط) أنها موقوفة عنده وعندهما تجوز عنانا فقط وفي (السراج) وكذا المرتدان لو تشاركا وإن شارك مرتدة صحت عنانا لا مفاوضة ومقتضى ما مر عن (الأصل) أنها تصح مفاوضة أيضا على قول أبي يوسف مع الكراهة وفي (التتارخانية) لو ارتد أحدهما بطلت المفاوضة وقالا تصير عنانا وقال قبله: إنها موقوفة عنده والأول يوافق ما مر عن الكرخي والثاني ما عن (المحيط) (وما يشتريه كل) أي: كل واحد منهما (يقع مشتركا) بينهما (إلا طعام أهله) وإدامهم (وكسوتهم) واستئجاره بيتا للسكنى أو دابة للركوب لحاجة كالحج والأمة التي يطؤها استحسانا لاستثنائه عن المفاوضة ضرورة ولا يتوهم من اختصاصه بذلك أن الثاني لا يكون كفيلا بالثمن بل يكون كفيلا ويرجع بما أدى على المشتري كما في (السراج) وغيره. (وكل دين لزم أحدهما بتجارة) كثمن المبيع في البيع الجائز أو قيمته في الفاسد وأجرة ما استأجره ولو لنفسه ومهر المشتراة الموطوءة إذا استحقت كما في (السراج) وما لزمه بالاستقراض في ظاهر الرواية كما في (المحيط) لا فرق في لزومه بين أن يكون بالبينة أو بالإقرار إلا إذا أقر لمن لا تقبل شهادته كأصوله وفروعه وزوجته ولو في عدة البائن فإنه ينفذ عليه خاصة عنده وقالا: يلزم شريطه أيضا إلا لعبده ومكاتبه ولا يرد عليه بأدنى تأمل ما لو اشترى من شريكه جارية ليطأها أو طعاما لأهله فإن البيع صحيح ولا يلزم لأن لزومه إياه يقتضي عدم صحته لأنه يكون مطالبا ومطالبا وكذا لو

وغصب وكفالة لزم الآخر وتبطل إن وهب لأحدهما أو ورث ما تصح فيه الشركة لا العرض ولا تصح مفاوضة وعنان بغير النقدين والتبر والفلوس. ـــــــــــــــــــــــــــــ اشترى منه شيئا للتجارة لم يصح (وغصب) أراد به ما يشبه التجارة فدخل ضمان الاستهلاك والوديعة وكذا العارية المجحودة أو المستهلكة لأن تقرر الضمان في هذه المواضع يفيد تملك الأصل فتصير في معنى التجارة (وكفالة) بالمال (لزم الآخر) عند الإمام خلافا لهما لأنها مفاوضة انتهى، ولذا لو كانت بغير الأمر أو بالنفس لم يلزمه اتفاقا. قيل: ولو قال وكل شيء لكان أولى لأن أحدهما لو أجر عبده أو باعه طولب الآخر بالتسليم قيد بما ذكر لأنه لا يلزمه ما لزم الآخر من المهر والخلع والصلح عن دم العمد ونفقة الزوجات والأقارب وأرش الجناية على الآدمي لأن هذه الديون بدل عما لا يصح الاشتراك فيه، أما الجناية على الدابة أو الثوب فتلزمه في قول الإمام ومحمد لما أنه يملك المجني عليه بالضمان قاله الحدادي، وفائدة اللزوم أنه لو ادعى على أحدهما والمباشر غائب كان له أن يستحلفه على العلم، (وبطلت) أي: المفاوضة (إن وهب لأحدهما أو ورث) أو وصل إلى يده ولو بصدقة أو إيصاء (ما تصح فيه الشركة) مما سيأتي بيانه، وكذا لو زادت دراهم أحدهما البيض على دراهم الآخر السود أو دنانيره قبل الشراء لفوات المساواة بقاء وهي شرط كالابتداء لكنها تصير عنانا (لا العرض) لا تبطل بهبة العرض ولا بإرثه لأن التفاوت فيه لا يمنع ابتداء فكذا بقاء وما لم يقبض من الهبة ونحوها كالعرض (ولا تصح مفاوضة وعنان) ذكر المال فيهما (بغير النقدين والتبر) وهو ما كان غير مضروب من الذهب والفضة (والفلوس). وقيدنا بذكر المال لما قدمناه في أول الباب من أنهما يكونان تقبلا ووجوها وكل منهما يصح بلا مال فلزم اعتبار هذا القيد كما في (العناية) وغيرها وإلا فالإيجاب الجزئي يناقض السلب الكلي فلا يصحان بالعرض لأنه إذا باع كل منهما رأس ماله وتفاضلا ثمنا فما يستحقه أحدهما من الزيادة قي مال صاحبه ربح ما لم يضمن وما لم يملك ولا بالمكيل والموزون والعددي المتقارب قبل الخلط بجنسه وأما بعده فكذلك في ظاهر الرواية فيكون المخلوط شركة ملك وهو قول الثاني وقال محمد: شركة عقد، وأثر الخلاف يظهر في استحقاق المشروط من الربح وأجمعوا أنها عند اختلاف الجنس لا تنعقد وجعل التبر كالنقدين رواية كتاب الصرف وجعله في شركة (الأصل) / و (الجامع) كالعرض وهو ظاهر المذهب إلا إذا جرى التعامل فينزل منزلة الضرب. قال في (البحر): وعليه يحمل ما في (الكتاب) وفيه نظر وأراد بالفلوس

النافقة ولو باع كل نصف عرضه بنصف عرض الآخر وعقد الشركة صح. ـــــــــــــــــــــــــــــ الرائجة، قيل: هذا قول محمد وعندهما لا يجوز والأصح أنها تجوز عندهما لأنها أثمان باصطلاح الكل فلا تبطل ما لم يصطلح على ضده وسكت عن إحضار المال وهو صحيح لأنه لا يشترط إحضاره عند العقد بل عند الشراء، حتى لو دفع لرجل ألفا وقال له: أخرج مثلها واشتر بهما وبع والحاصل بيننا أنصافا فبرهن المأمور على أنه فعل ذلك وأحضر المال وقت الشراء جاز. وفي (الذخيرة) دفع إلى آخر ألفا وقال: اشتر بها بيني وبينك نصفين والربح لنا والوضعية عليها فهلك المال قبل الشراء فلا ضمان عليه وهذا شركة، ولو بعد الشراء كان عليهما (ولو باع كل) أي: كل واحد منهما (نصف عرضه) أي: نصف ماله من العروض (بنصف عرض الآخر وعقدا بعد ذلك عقد الشركة) مفاوضة أو عنانا (يصح) بيان للحيلة في جواز الشركة بالعروض توسعة على الناس وهذا لأنه بالبيع صار بينهما شركة ملك حتى لا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصف الآخر وبالعقد صارت شركة عقد فتجوز إذ المانع من كون رأس المال عرضا لزوم ربح ما لم يضمن وجهالة ما لكل منهما عند القسمة وكل منهما منتف وبه اندفه ما قيل هذا على قياس قول محمد في المكيل والموزون وهو قول الكل، عليه تواردت كلمة أهل المذهب وهو الحق وعلى قياس قول أبي يوسف لا يجوز أن يكون مضافة إلى حالة بيعها العروض بالدراهم وعقد الشركة يحتمل الإضافة لكن قال صاحب (الهداية): وهذه شركة ملك لما بينا أن العروض لا يصلح مال الشركة. قال في (الفتح) تبعا (للكافي): وهو مشكل ووجهه كما في (العناية) بأنه لو كان المراد شركة الملك لم يحتج إلى قوله ثم عقد الشركة، قال في (البحر): ولعله أي: صاحب (الفتح) فهم أن الإشارة عائدة إلى الكل وليس كذلك وإنما هي راجعة إلى البيع فقط. واقول: كيف يصح هذا مع قوله لما بينا أن العروض لا يصلح مال الشركة نعم ذكر الأكمل عن شيخه عبد العزيز البخاري وشيخه هو الإمام قوام الدين الكاكي وصرح الكاكي هنا بأنه أخذ عن صاحب (الهداية) ما حاصله أن ما ذكره المصنف تبعا للقدوري من جواز الشركة اختيار شيخ الإسلام وصاحب (الذخيرة) وشرح الطحاوي واختار شمس الأئمة وصاحب (الهداية) أنه لا يجوز عقد الشركة اتفاقا وهو أقرب إلى الفقه لبقاء جهالة رأس المال والربح عند القسمة بخلاف ما إذا باع نصف عرضه بنصف دراهم صاحبه ثم اشتركا لأن الدراهم بهذا القد صارت نصفين بينهما فيكون ذلك رأس مالهما ثم بينا حكم الشركة في العروض تبعا انتهى.

وعنان إن تضمنت وكالة فقط وتصح مع التساوي في المال دون الربح وعكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): ولا يخفى ضعف هذا إذ فسادها بالعروض ليس لذاتها بل للازم الباطل وعلمت أنه منتف وفي (الحواشي السعدية) وكون هذا أقرب إلى الفقه منظور فيه لأن هذه الجهالة لبقاء الجهالة لا تفضي إلى المنازعة وقيد بقوله: نصف عرضه بنصف عرض الآخر ليشمل المفاوضة والعنان نعم قوله بنصف عرض الآخر اتفاقي لما مر. وفي (المحيط): اشتركا في طعام لهما شركة خلط وأحدهما أجود جازت وكان الثمن بينهما لأن هذا يشبه البيع حين خلطاه على أنه بينهما وفي موضع آخر نص في هذا الكتاب أنه يقسم الثمن على قيمة الجيد وقيمة الرديء يوم باعا انتهى، والثاني بالقواعد أليق، (و) هي (عنان) بوزن كتاب كما في (القاموس) وقيل: بفتح العين من عنان السماء أي: سحابة لأنها علت كالسحاب بصحتها وشهرتها ولذا اتفقوا على صحتها وهي مأخوذة من عن كذا عرض أو ظهر له أن يشاركه في البعض من ماله وقيل: من عنان الفرس لأن كلا منهما جعل عنان التصرف في ماله لرفيقه وبعضه لنفسه ويجوز تفاوتهما في المال والربح كما يتفاوت العنان في كف الفارس طولا وقصرا في حالتي الإرخاء وضده. قال في (الفتح): إلا أنه اشتقاق غير صحيح إلا فيما سمع ولا بد منه كما في استحجر الطين وأمثاله يعني: أن اشتقاق اسم المعنى من اسم العين مقصور على السماع وأنت خبير بأن هذا بتقدير تسليمه الظاهر أنه مسموع يف والذاهب إليه الإمامان الكسائي والأصمعي والواحد منهما حجة في اللغة فكيف بهما، (إن تضمنت وكالة فقط) بيان لشرطها وهو أن يكون التصرف المعقود عليه عقد الشرك قابلا / للوكالة ليكون ما يستفاد منه مشتركا بينهما ونبه بقوله فقط لأنها لا تتضمن كفالة بأن عقداها في نوع من التجارات ولم يذكر الكفالة لاختصاصها بالمفاوضة ومن ثم صحت بين البالغ والصبي أو معتوه يغفل البيع والشراء فلو ذكرنا الكفالة مع توفر باقي شروطها انعقدت مفاوضة وإن لم تكن متوفرة كانت عنانا ثم هل تبطل الكفالة يمكن أن يقال: تبطل وأن يقال: لا تبطل لأن المعتبر فيها عدم اعتبار الكفالة لاعتبار عدمها كما أنها تكون عنانا مع العموم. قال في (الفتح): وقد يرجح الأول بأنها كفالة بمجهول فلا تصح إلا ضمنا فإذا لم تكن مما يتضمنها الشركة لم يكن ثبوتها إلا قصدا (وتصح) شركة العنان (مع المتساوي في المال دون الربح وعكسه) وهو التفاضل في المال دون الربح، اعلم أنهما إذا شرطا العمل عليهما وتساويا مالا وتفاوتا ربحا جاز عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر

وببعض المال وبخلاف الجنس وعدم خلط وطولب المشتري بالثمن فقط ورجع على شريكه بحصته منه وتبطل المالين أو أحدهما قبل الشراء ـــــــــــــــــــــــــــــ والربح بينهما على ما شرطا وإن عمل أحدهما فقط، وإن شرطاه على أحدهما فإن شرطا الربح بينهما بمقدار رأس مالهما جاز ويكون مال الذي لا عمل له بضاعة عند العامل له ربحه وعليه وضيعته وإن شرطا الربح للعامل أكثر من رأس ماله جاز أيضاً على الشرط ويكون مال الدافع عند العامل بضاعة لكل واحد منهما بربح ماله والوضيعة بينهما على قدر رأس مالهما أبداً هذا حاصل ما في (العناية) وبقي من الأقسام ما لو شرطا كل الربح لأحدهما فإنه لا يجوز لأنه حينئذ يخرج إلى قرض إن شرط للعامل أو بضاعة إن شرط لرب المال وبهذا عرف أن في كلام المصنف إرسالاً غير واقع. وفي (الظهيرية) قال أحد الشريكين لصاحبه: لا أعمل معك في الشركة فهذا بمنزلة قوله فاسختك (و) تصح أيضاً (ببعض المال) أي: مال كل واحد منهما (وبخلاف الجنس) بأن يكون من أحدهما دراهم ومن الآخر دنانير والوصف أيضاً بأن تكون دراهم أحدهما بيضاً والثاني سوداً وإن تفاوتت قيمتها، والربح على ما شرطا لأن لفظها لا يقتضي المساواة ولا ينبئ عنه ليعتبر في مفهومه، (وعدم الخلط) أي: تصح أيضاً بعدم الخلط للمالين لأن الشركة في الربح مستندة إلى العقد لا المال (وطولب المشتري) من شريكي العنان (بالثمن) أي: بثمن ما اشتراه لأنه العاقد (فقط) أي: دون شريكه الآخر لعدم تضمنها كفالة (ورجع على شريكه بحصته منه) معناه إن أدى المال نفسه لأنه وكيل من جهته في حصته كذا في (الهداية) واحترز به عما لو نفد من مال الشركة فإنه لا يرجع وهذا القيد أهمله المصنف كالقدوري للعلم به من قوله: يرجع لظهور أنه لا يكون إلا إذا أداه من مال نفسه. ولو ادعى بعد الهلاك أنه اشتراه للشركة كان عليه البيان (وتبطل الشركة بهلاك المالين) لأن المعقود عليه عقد الشركة هو المال المعين لتعينه في الشركة كالهبة والوصية وبهلاك المعقود عليه يبطل العقد كما في البيع، (أو) هلاك (أحدهما) لأن من بقي ماله لم يشركه صاحبه في ماله ولا يشركه هو أيضاً في ماله بتقدير بقائه فإذا فات ذلك ظهر وقوع ما لم يكن راضياً به عند عقد الشركة فيبطل العقد لعدم فائدته من الاشتراك فيما يستفاد، وغير خاف أن هلاك أحدهما إنما يتصور قبل الخلط سواء هلك في يد صاحبه أو في يد الآخر ويهلك عليه لأنه أمانة في يده أما بعد الخلط فالهلاك عليهما لعدم التمييز والباقي على الشركة وإن هلك الكل بطلت، (قبل الشراء) قيد به لأنه لو هلك أحدهما بعد الشراء بالمال الآخر كان المشتري بينهما

وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر فالمشتري بينهما ورجع على شريكه بحصته منه وتفسد إن شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع ويستأجر ويودع ويضارب ـــــــــــــــــــــــــــــ وقد كشف نقاب هذا المفهوم بقوله: (وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر فالمشترى) بالفتح (بينهما) على ما شرطا لقيام الشركة وقت الشراء لأن الهلاك لم يقع قبله ليبطل فلا يعتبر بهلاك مال الآخر ثم هذه الشركة في المشترى شركة عقد عند محمد فلكل منهما أن يتصرف فيه. وقال الحسن بن زياد: شركة ملك فلا يصح تصرف أحدهما إلا في نصيبه وظاهر كلام كثير ترجيح قول محمد ويجب أن تكون الواو في قوله: وهلك بمعنى ثم لأنه لو اشترى بماله بعد هلاك مال الآخر لا يكون المشترى مشتركاً بينهما على ما شرط إلا إذا صرحا بالوكالة في عقد الشركة بأن قالا: على ما اشتراه كل منهما بمال هذا يكون مشتركاً. وفي (المحيط) لو كان لأحد شريكي العنان مائة دينار قيمتها ألف وخمسمائة والآخر ألف واشترط الربح والوضيعة على قدر رأس المال فاشترى صاحب الدراهم/ جارية ثم هلك الدنانير فالجارية بينهما وربحها أخماساً ثلاثة أخماس لصاحب الدنانير وخمسان لصاحب الدراهم (ورجع على شريكه بحصته منه) أي: من الثمن لأنه وكيل عنه في حصته وقد قضى الثمن من ماله فيرجع عليه بحسابه لعدم الرضا بدون ضمانة، (وتفسد) الشركة (وإن شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح) بأن قال أحدهما: لي مائة من الربح مثلاً والباقي يقسم. قال ابن المنذر: ولا خلاف في هذا لأحد من أهل العلم فإن قلت: الشركة كالمضاربة لا تبطل بالشرط الفاسد فكيف بطلت هنا؟ قلت: إنما بطلت لا لأن هذا شرط فاسد بل لأن هذا الشرط تنتفي به الشركة إذ عساه أن لا يخرج إلا قدر المسمى فيكون اشتراط جميع الربح لأحدهما على ذلك التقدير مخرج على القرض أو البضاعة، (ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع) أي: يدفع المال بضاعة بأن يشترط الربح كله لرب المال (ويستأجر) من يتجر له أو يحفظ له المال (ويودع) لأنه استحفاظ بدون أجر إذا جاز بالأجر فبدونه أولى (ويضارب) أي: يدفع المال مضاربة وهذا رواية (الأصل) وهو الأصح، وعن الإمام ليس له ذلك لأن فيه نوع شركة. قلنا: هي غير مقصودة وأما إذا أخذ مالاً مضاربة فإن أخذه ليتصرف فيما ليس من تجارتهما فالربح له خاصة وكذا فيما هو من تجارتهما إذا كان بحضرة صاحبه ولو مع غيبته أو مطلقاً كان الربح بينهما نصفه لشريكه ونصفه بين المضارب ورب المال

ويوكل ويده في المال أمانة ـــــــــــــــــــــــــــــ كذا في (المحيط) (ويوكل) لأن هذا من توابع التجارة وبقي أن له أن يعير ثوباً أو داراً أو خادماً استحساناً كذا في (كافي) الحاكم، والصحيح من مذهب الإمام ومحمد أن لكل منهما أن يسافر وكذا للمبضع والمودع قاله الحدادي، وكل ما كان لأحدهما إذا نهاه عنه شريكه لم يكن له فعله ولهذا لو قال له: اخرج لدمياط ولا تجاوزها فجاوزها فهلك المال ضمن حصة شريكه كذا في (الفتح). وفي (السراج): للمفاوض أن يدفع المال شركة عنان وأن يفاوض بإذن شريكه وله أن يرهن عبداً من المفاوضة بدين عليهما وكذا عليه فقط، وله أن يقر بالرهن والارتهان وله أن يكاتب عبداً وأن يأذن له في التجارة وأن ينهى وكيل شريكه عما وكل فيه إن كان قبل الشراء، وليس للشريك عناناً أن يرهن شيئاً من مال الشركة بدين عليهما إلا أن يكون هو العاقد في موجب الدين أو بإذن شريكه ولا يشارك عناناً إلا بإذنه أيضاً، وإقراره بالرهن والارتهان عند ولايته العقد صحيح، ولا أن يكاتب وليس لأحدهما الإقرار إلا بإذن شريكه إذناً صريحاً فيه هذا كله إذا لم يقل له اعمل برأيك فإن قال: له الشركة والمضاربة والرهن وكل شيء كان من أنواع التجارات إلا القرض والهبة وكل ما كان من التبرعات انتهى. (ويده) أي: الشريك (في المال) الذي في يده للشركة (أمانة) لأنه قبضه بإذنه لا على وجه البدل والوثيقة فيصير كالوديعة فلو ادعى دفعه لشريكه وأنكر حلف وكذا المضارب مع رب المال كما في (البزازية) ولو ادعاه بعد موته. قال في (البحر): ظاهر ما في (الولوالجية) من الوكالة يفيد أنه كذلك حيث قال: ادعى الوكيل الدفع في الحياة وأنكر الوارث فإن كان المقصود نفي الضمان عن نفسه كالوكيل بقبض العين فالقول قوله، وإن كان المقصود إيجاب الدين على الميت كالوكيل بقبض الدين لا يقبل قوله، قال في (البحر): وقد وقعت حادثتان: الأولى نهاه عن البيع نسيئة فباع فأجبت بنفاذه في حصته وتوقفه في حصة شريكه فإذا أجاز قسم الربح بينهما، الثانية نهاه عن الإخراج فخرج ثم ربح فأجبت بأنه غاصب حصة شريكه بالإخراج فينبغي أن لا يكون الربح على الشرط انتهى. ومقتضاه فساد الشركة وتفرع على كونه أمانة أيضاً ما في (فتاوى) قارئ (الهداية) وقد سئل عن شريك طلب من شريكه أو من عامل في المضاربة حساب ما باعه وأصرفه فقال: لا أعلم هل يلزم بعمل محاسبته؟ فأجاب بأن القول قول الشريك والمضارب في مقدار الربح والخسران مع يمينه ولا يلزمه أن يذكر الأمر مفضلاً والقول قوله في الضياع والرد إلى الشريك انتهى، وعلى هذا الوصي ومتولي الوقف إذا

وتقبل إن اشترك خياطان أو خياط وصباغ على أن يتقبلا الأعمال ـــــــــــــــــــــــــــــ قالا: لم يبق معنا من مال اليتيم والوقف إلا هذا فينبغي أن لا يلزما بذكر الأمر مفصلاً وقضاة زماننا ليس لهم قصد بالمحاسبة إلا/ الوصول إلى ما يرومونه من ذلك من سحت المحصول ولقد رأيت بعض قضاة الطريق النواب يدعي به على نائبه عند بعض الموالي فلم يلتفت إليه والله تعالى هو الهادي للصواب، (وتقبل) عطف على مفاوضته. قال في (البحر): وظاهره أن التقبل والوجوه غير المفاوضة والعنان وقد قدمنا خلافه، وفي (البزازية) وشركة التقبل والوجوه قد تكون مفاوضة وعناناً فالعنان ما تكون في تجارة خاصة والمفاوضة تكون في التجارات انتهى. والتحقيق أن ما مر من المفاوضة والعنان فيما إذا ذكر المال فيهما وأما إذا لم يذكر فيكونان وجوهاً وتقبلاً كما أشرنا إليه وتسمى أيضاً شركة الصناع والأبدان والأعمال وإنما جاز هذا النوع من الشركة لأن المقصود منها إنما هو تحصيل الربح على الاشتراك وهو لا يقتصر على المال بل يكون بالعمل أيضاً فإذا وكل كل منهما الآخر بقبول العمل كان واحد أصيلاً في نصف العمل المتقبل وكيلاً في النصف الآخر فتحققت الشركة في الربح فإن لم يعمل إلا أحدهما كان العامل معيناً شريكه فيما لزمه، ونبه بقوله: (إن اشترك خياطان أو خياط وصباغ على) أنه لا يشترط فيها اتحاد العمل بل ولا المكان أيضاً لان ما مر من المعنى المجوز لها لا يختلف وفيه إيماء إلى أن المشترك فيه حلال حتى لو اشتركا في حرام لم تصح كما في (البزازية)، وفيها اشتركا على أن يعمل بأداته في بيت هذا والكسب بينهما جاز وكذا سائر الصناعات، ولو من أحدهما أداة القصارة والعمل من الآخر فسدت والربح للعامل وعليه أجر مثل الأداة، ولو اشتركا معلمان لحفظ الصبيان وتعليم الكتابة والقرآن جاز هو المختار، وفي (الخانية) وكذا لو اشتركا في تعليم الفقه يعني بناء على جواز أخذ الأجرة على القربات على ما عليه الفتوى. وفي (القنية) لو اشتركا في نقل كتب الحاج على أن ما رزق الله فهو بينهما نصفان جاز على (أن يتقبلا الأعمال)، نبه بذلك على أنه لو شرط على الصانع أن لا يتقبل لا يجوز لأنه عند السكوت جعل إثباتهما اقتضاء ولا يمكن ذلك مع النفي كذا في (المحيط)، وفي إيماء على أنهما لو اشتركا على أن يتقبل أحدهما ويعمل الآخر جاز كما في (القنية)، لأن من شرط عليه العمل لو تقبل جاز وبه اندفع ما في (البحر) من أن قوله على أن يتقبلا ليس بقيد. قال: وقوله: خياطان ولو حكما ليشمل ما لو اشتركا في صنعة ولم يحسنهما

ويكون الكسب بينهما وكل عمل يتقبله أحدهما يلزمهما وكسب أحدهما بينهما ووجوه إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما فإنها صحيحة كما سيأتي ولا حاجة إليه إذ المشترك فيه إنما هو العمل لا خصوص الخياطة، ولذا قالوا: من صور هذه الشركة أن يجلس آخر على دكانه فيطرح عليه العمل بالنصف والقياس أن لا يجوز لأن من أحدهما العمل ومن الآخر الحانوت واستحسن جوازها لأن التقبل من صاحب الحانوت عمل، ولابد أن يكون من أحدهما العمل مما يمكن استحقاقه فلا تجوز شركة الدلالين، ولا شركة القراء في القراءة بالزمزمة لأنها غير مستحقة عليهم، ولا شركة السؤال لأن التوكيل بالسؤال غير صحيح كما في (القنية) (ويكون الكسب بينهما) على ما شرطا ولو شرطا أكثر الربح لأدناهما عملا فالأصح الجواز، (وكل عمل يقبله أحدهما يلزمهما) حتى كان لصاحب الثوب أن يأخذ الشريك بالعمل وللشريك الذي لم يتقبل أن يطالب رب الثوب بالدفع إليه، وهذا ظاهر فيما إذا كانت مفاوضة. قال في (البحر): وصورها في (المحيط) أن يعقداها على أن يتقبلا ويضمنا العمل جميعاً على التساوي وأن يتساويا في الربح والوضيعة وأن يكون كل واحد منهما كفيلاً فيما لحقه بسبب الشركة، ويكفي عند استجماع شرائطها أن يعقداها مفاوضة كما مر. وفي (الخانية): شرط على الخياط أن يخيطه بنفسه لا يطالب الآخر بحكم الكفالة أما إذا أطلقاها أو قيداها بالعنان فثبوت هذه الأحكام استحسان ووجهه كما في (الهداية) أن هذه الشركة مقتضية للضمان، ألا ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما مضمون على الآخر وبهذا يستحق الأجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل انتهى، ولعل هذا هو السر في حذف المصنف التنصيص على أنها تتضمن وكالة فقط لأنها إنما تتضمنها في غير هذين الأمرين. قالوا: وفيما سوى هذين الأمرين فهي باقية على مقتضى العنان ولذا لو أقر أحدهما بدين من ثمن صابون مثلاً أو آجر أجيراً أو بيت أو دكان لمدة مضت لا يصدق على صاحبه إلا ببينة لأن نفاذ الإقرار على الآخر موجب للمفاوضة ولم ينصا عليها (وكسب أحدهما بينهما)، أما العامل فظاهر، وأما/ غيره سواء كان امتناعه عن العمل لعذر سفر أو لم يكن فلأنه لزمه العمل بالتقبل فيكون ضامناً له فيستحقه بالضمان وهو لزوم العمل، ولو شرطا التساوي فيه والتفاضل في الكسب جاز استحساناً وقد مر، ووجوه أن تكون شركة العقد شركة وجوه أيضاً. (و) فسرها بقوله: (إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا) حذف المفعول إيماء إلى

فصل في الشركة الفاسدة

بوجوههما ويبيعا وتتضمن الوكالة وإن شرطا مناصفة المشتري أو مثالثته فالربح كذلك وبطل شرط الفضل. فصل في الشركة الفاسدة ولا تصح شركة في احتطاب واصطياد واستقاء والكسب للعامل ـــــــــــــــــــــــــــــ أنها تكون عامة وخاصة (بوجوههما) أي: بوجاهتهما والجاه مقلوب الوجه وفيه إيماء إلى وجه التسمية وقيل: لأنهما إذا جلسا لتدبير أمر ينظر كل إلى وجه صاحبه وقيل: لأنهما يشتريان من الوجه الذي لا يعرف وتكون مفاوضة بأن يكونا من أهل الكفالة والمشترى بينهما نصفين وعلى كل منهما نصف ثمنه ويتساويان في الربح ويتلفظا بلفظ المفاوضة أو يذكرا مقتضياتها كما سلف فيتحقق الوكالة والكفالة في الأثمان والبياعات وإذا أطلقت كانت عناناً. وفي (البزازية) في توقيتها روايتان وعلى المنع يكون شرطاً فاسداً ومع هذا لا يفسد واعتبرت بالوكالة (وتتضمن) شركة الوجوه (الوكالة) لأنه بذلك ليتمكن من التحصيل لصاحبه إذ لا ولاية عليه وخصها لأنها تلزمها بخلاف الكفالة فإنها مشروطة بأن تكون مفاوضة كما مر (وإن شرطا مناصفة المشترى) بفتح الراء أي: بأن يكون بينهما نصفين (أو مثالثة) بأن يكون بينهما أثلاثاً (فالربح) يكون (كذلك وبطل شرط الفضل) لأن استحقاق الربح في شركة الوجوه بالضمان وهو على قدر الملك في المشترى فكان الربح الزائد عليه ربح ما لم يضمن بخلاف العنان فإن التفاضل في الربح فيها مع التساوي في المال صحيح لأنها في معنى المضاربة من حيث أن كلا منهما يعمل في مال صاحبه فالتحقت بها والله الموفق للصواب. فصل في الشركة الفاسدة تقديم الصحيحة على الفاسدة غني عن إبداء وجهه (ولا تصح الشركة في) نحو (احتطاب واصطياد واستقاء) واحتشاش واجتناء ثمار من جبال وطلب معدن من كنوز ونقل طين من أرض مباحة أو جص أو ملح أو كحل وكذا على أن يلبنا أو يطبخا آجراً من طين مباح لأنها تتضمن وكالة والتوكيل في أخذ المباح غير صحيح فإن كان الطين أو النورة أو سهلة الزجاج مملوكاً فاشتركا على أن يشتريا ذلك ويطبخاه ويبيعاه جاز وهو شركة الوجوه كذا في (الخلاصة)، معزياً إلى الشافعي وتبعه البزازي والعيني. والمذكور في (فتح القدير) أن هذه من شركة الصنائع والأول أظهر (والكسب للعامل) وحده لفساد الشركة وقد انفرد بالسبب وهو الأخذ والإحزاز حتى لو أخذاه

وعليه أجر مثل ما للآخر والربح في الشركة الفاسدة بقدر المال وإن شرط الفضل وتبطل الشركة بموت أحدهما ولو حكما ـــــــــــــــــــــــــــــ معاً ثم خلطاه وباعاه كان الثمن بينهما إن علم ما لكل منهما بالكيل أو الوزن أو القيمة وإلا صدق كل منهما في النصف ولا يصدق فيما زاد إلا ببينة (وعليه أجر ما) أي: الذي (للآخر) لأنه استوفى منفعة بعقد فاسد وأفاد بما أنه لا فرق بين كون الذي للأخر عمل كما إذا أعانه في القلع والجمع أو آلة كما لو دفع له بغلاً أو رواية يستقي عليها أو شبكة ليصيد بها، وأطلق في الأجرة إيماء إلى أنه يجب بالغاً ما بلغ وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف: لا يجاوز به نصف ثمن ذلك قيل: وتقديمه في (الهداية) قول محمد وكذا تقديمه في (المبسوط) دليل أبي يوسف دليل على أنهم اختاروا قول محمد كذا في (العناية) وقرر الشارح أن هذا الخلاف في كل إجارة فسدت لكن محله ما إذا كان المسمى معلوماً من وجه دون وجه كالنصف والثمن أما إذا كان معلوماً من كل الوجوه فإنه لا يزاد به على المسمى، أو مجهولاً كما إذا جعل الأجر دابة أو ثوباً وجب الأجر بالغاً ما بلغ (والربح في الشركة الفاسدة) بسائر أنواعها (بقدر المال وإن شرط) أحدهما (الفضل) لأنه إنما عدل عن الأصل وهو تبعية للمال عند صحة التسمية ولم تصح فبطل الشرط، ونبه بقوله بقدر المال على أنه لو كان من أحدهما كان للآخر عند فسادها أجر المثل وعلى ذلك تفرع ما في (القنية) له سفينة اشترك مع أربع على أن يعملوا في السفينة وآلاتها والخمس لصاحب السفينة والباقي بينهم بالسوية فسدت والحاصل لرب السفينة وعليه أجر مثلهم. وفي (المحيط) دفع دابته لرجل ليؤجرها على أن/ الأجر بينهما فالشركة فاسدة والأجر لرب الدابة وللآخر أجر مثله وكذلك السفينة ولو ليبيع عليها البز فالربح لرب البز وللآخر أجر مثل الدابة لأن منفعة الدابة لا تصلح مال الشركة كالعروض ولو لأحدهما بغل والآخر بعير فاشتركا على أن الأجرة بينهما لا تصح ويقسم الأجر بينهما على مثل أجر البغل والبعير، (وتبطل الشركة بموت أحدهما) علم به الشريك أو لا (ولو) كان الموت (حكماً) نصب على التمييز بأن قضى بلحاقه مرتداً فإن لم يقض به توقف انقطاعها إجماعاً فإن عاد قبل الحكم بقيت وإن مات أو قتل انقطعت وهل تنقلب عناناً في حالة التوقف؟ نفاه الإمام وأثبتاه كذا (الفتح) ملخصاً، هذا وبقي مما تبطل به أمران الأول ما إذا فسخها أحدهما بعلم الآخر وكان المال نقداً فإن كان عروضاً لا رواية في الشركة إنما الرواية في المضاربة من أن الفسخ لا يصح وجعل الطحاوي الشركة كالمضاربة وظاهر المذهب صحة الفسخ فيها دون المضاربة.

ولم يزك مال الآخر فإن أذن كل وأديا معاً ضمنا ولو متعاقباً ضمن الثاني وإن أذن أحد المتفاوضين بشراء أمة ليطأ ففعل فهي له بلا شيء. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخلاصة) قال أحد: الشريكين لصاحبه أريد أن أشتري هذه الجارية لنفسي فسكت فاشتراها لا تكون له، ولو قال الوكيل ذلك فسكت فاشتراها تكون له وفرق بينهما بأن الوكيل يملك عزل نفسه إذا علم الموكل رضي أم سخط بخلاف الشريط فإن أحد الشريكين لا يملك فسخ الشركة إلا برضى صاحبه، قال في (الفتح): وهذا غلط وقد صحح هو انفراده بالفسخ والمال عروض والتعليل الصحيح ما في (التجنيس) من أن أحدهما لا يملك تغيير موجبها إلا برضى صاحبه، وفي الرضى احتمال يعني: إذا كان ساكتاً والمراد بموجبها وقوع المشتري على اختصاص انتهى. ولو حمل فرق (الخلاصة) على ما اختاره الطحاوي لكان أولى من نسبته الغلط إليه ووقف في (البحر) بأن المراد بالفسخ الفسخ في خاص وهو المشترى وهذا لا يكفي فيه العلم بخلاف رفع عقدها بالكلية انتهى وأنت خبير بأن تغيير موجبها لا يسمى فسخاً وإنكارها بالفسخ فإنه يكتفي فيه بالعلم وقوله: اعمل فسخ حتى لو عمل الآخر كان ضامناً لقيمة نصيب شريكه، الثاني المجنون فإن مطبقاً اتفسخت وما ربح بعد ذلك للعامل غير أنه يتصدق بربح مال المجنون كذا في (التتارخانية). (ولم يزك) أحد الشريكين (مال الآخر) بلا إذن لأن الإذن بينهما إنما كان في التجارة والزكاة ليست منها (فإن أذن كل) أي: كل واحد منهما لصاحبه بأدائها عنه (وأديا معاً ضمنا) أي: ضمن كل لصاحبه (ولو) أديا أداء (متعاقباً ضمن الثاني) علم بأداء صاحبه أم لا عند الإمام، والأصح عندهما أنه لا يضمن مطلقاً وعلى هذا الوكيل بأدائها أو بأداء الكفارة لهما أنه مأمور بالأداء وقد أتى به وليس في وسعه إيقاعه زكاة أو كفارة لتعلقه بنية الآمر، وله أنه أتى بغير المأمورية إذ هو إسقاط الفرض عنه ولم يسقط به فصار بالدفع مخالفاً وهذا لأنه بأداء الأمر صار معزولاً عزلاً حكمياً وفيه لا يشترط العلم كما مر. ولو دفع إلى غيره دراهم ليقضي بها ديناً عليه ثم أدى الدافع الدين أو ذبح المأمور دم الإحصار بعد زواله قيل: على الخلاف أيضاً وقيل: عدم الضمان على الاتفاق، (وإن أذن أحد المتفاوضين) لشريكه (بشراء أمة ليطأ) أي: للوطء (ففعل) أي: اشتراها وأدى الثمن من الشركة (فهي له) أي: للمأذون له بالشراء (بلا شيء) يجب عليه لشريكه عند الإمام وقالا: يرجع عليه بنصف ما أدى لأنه أدى ديناً عليه خاصة من مال مشترك كما في شراء الطعام والكسوة، وله أن الجارية دخلت في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الشراء على الشركة جرياً على موجب المفاوضة فكان كحال عدم الإذن ثم الإذن له بالوطء يتضمن هبة نصيبه منه إذ لا يحل إلا في الملك ولا يمكن إثباته بالبيع لأنهما لا يملكان تغيير مقتضي العقد ولا من الشريك بعدم تعيين الثمن فكان هبة، وإن كان شائعاً بخلاف الطعام والكسوة لأن ذلك مستثني من الشركة ضرورة فوقع الملك له خاصة وقد أدى الثمن من مال مشترك فيرجع نصفه. خاتمة: في اختلافهما من في يده المال لو جحد الشركة فالقول له لأن الآخر يدعي استحقاق ما في يده وهو منكر إلا أن يقيم البينة أنه بينهما مفاوضة، أو زادوا بأن ما في يده من شركتهما أو بينهما نصفان فيقضي للمدعي بنصفه. ولو أقام ذو اليد بينة أنه ميراث قبلت عند محمد خلافاً لأبي يوسف ولو أقر من في يده المال بالمفاوضة ثم عين إنما في يده إرثاً أو هبة وبرهن على ذلك قبلت أي: اتفاقاً والفرق لأبي يوسف أن ذا اليد هنا مقر بالمفاوضة مدع للميراث ولا منافاة بينهما ولذا ثبت دعواه/ وفي الأداء جاحد مدعى عليه وقد صار مقضياً عليه، وسيأتي في الدعوى ما يؤيد قول الثاني إن شاء تعالى ولو كان ذلك بعد موت أحدهما والمال في يد الحي فادعى الورثة بالمفاوضة ورهنوا على ذلك لم يقض بشيء حتى يقيموا البينة أنه كان في يده في حياة الميت أو أنه من شركتهما ولو كان المال في يد الورثة فأقام الحي بينة على المفاوضة وأقاموها على الإرث لم تقبل بينتهم ويقضى للحي بنصفه، وصحح شمس الأئمة أن هذا قولهم جميعاً. ولو قالوا: مات جدنا وتركه ميراثاً لأبينا وبرهنوا على ذلك لم يقبل في قول أبي يوسف خلافاً لمحمد كذا في (الفتح) ملخصاً، لكن المذكور في (الظهيرية): أنه لو ادعى ذو اليد بعد ما قضى عليه بالنصف شيئاً مما في يده إرثاً أو هبة أو صدقة من جهة غير المدعي فإن كان شهود مدعي المفاوضة شهدوا بها أو أن المال بينهما أو أنه في شركتهما لم تسمع دعواه وإن شهدوا أن مفاوضة فقط قبلت عند محمد خلافاً لأبي يوسف والله الموفق للصواب.

كتاب الوقف

كتاب الوقف هو حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الوقف مناسبته بالشركة باعتبار أن المقصود بكل منهما الانتفاع بما يزيد على أصل المال إلا أنه في الشركة باق على ملك صاحبه وفي الوقف يخرج عنه عند الأكثر وهو والتحبيس والتسبيل بمعنى، وحبست أكثر استعمالاً، مصدر وقفت أقف حبست ومنه الموقف لحبس الناس فيه للحساب وأوقفت لغة رديئة حتى ادعى المازني أنها لم تعرف من كلام العرب قال الجوهري: وليس في الكلام أوقفت إلا حرفاً واحداً أوقفت على الأمر الذي كنت عليه، ثم اشتهر في الموقوف فقيل هذا الدار وقف ولذا جمع على أوقاف وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى: لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمت وإنما حبس أهل الإسلام وفي وقف (المنية) الرباط أفضل من العتق ومعناه شرعاً عند الإمام ما أفاده بقوله: (وهو حبس العين على) حكم (ملك الواقف والتصدق بالمنفعة) زاد في (الفتح) وتبعه ابن الكمال ليكون التعريف جامعاً أو صرف منفعتها إلى من أحب لأن الوقف يصح لمن يحب من الأغنياء بلا قصد القربة وهو وإن كان لابد في أخذه من القربة بشرط التأبيد كالفقراء ومصالح المسجد لكنه يكون وقفاً قبل انقراض الأغنياء بلا تصدق ويمكن أن يجاب: بأن المراد التصدق ولو في الجملة ويدل عليه ما في (المحيط)، لو وقف على الأغنياء لم يجز لأنه ليس بقربة بخلاف ما لو جعل آخره للفقراء فإنه يكون قربة في الجملة انتهى، والأصح أنه جائز عنده إلا أنه غير لازم بمنزلة العارية. وفي (الفتح): إذا لم يزل ملكه عنده قبل الحكم فلفظ حبس لا معنى له لأن له التصرف فيه متى شاء فلم يحدث الواقف إلا بمشيئة التصدق بالمنفعة وله أن يترك ذلك متى شاء وهذا القدر كان ثابتاً قبل الوقف بلا ذكر لفظ الوقف فلم يفد لفظ الوقف شيئاً وهذا معنى ما في (المبسوط) من قوله كان أبو حنيفة لا يجيز الوقف أي: لا يجيز الأحكام الذي ذكر غيره أنها أحكام الوقف وحينئذ فقوله من أخذ بظاهر هذا فقال: الوقف لا يجوز عنده صحيح لأنه ظهر أنه لم يثبت به قبل الحكم حكم لم يكن وإذا لم يكن له أثر زائد على ما كان قبله كان كالمعدوم. ونظر فيه في (البحر) بأن سلب الفائدة مطلقاً غير صحيح لأنه يصح الحكم به

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويحل للفقير أن يأكل منه ويثاب ويتبع شرطه ويصح نصب المتولي عليه وقوله: فقول من أخذ بظاهر هذا اللفظ صحيح غير صحيح، لأنه ظاهره عدم الصحة أصلاً ولم يقل به أحد وإلا لزم أن لا يصح الحكم به، وعندهما هو حبس العين على حكم ملك لله تعالى وسببه كما في (الفتح)، إرادة محبوب النفس في الدنيا ببر الأحياء وفي الآخرة بالتقرب إلى رب الأرباب تعالى وتقدس، ومحله المال المتقوم وشرطه أهلية التبرع من كونه حراً مكلفاً وأن يكون منجزاً غير معلق لما أنه لا يصح تعليقه وأما إضافته فتصح كما في (جامع الفصولين) كقوله: وقفت داري غداً بخلاف إذا جاء غد وغير خاف أن التعليق بالكائن تنجيز فلو قال: إن كانت هذه الدار في ملكي فهي صدقة موقوفة فظهر أنها في ملكه وقت التكلم كانت وقفاً. وفي (منية المفتي): ضاع له شيء فقال: إن وجدته فلله على أن أقف ارضي هذه فوجده فعليه أن يقف على من يجوز دفع الزكاة إليه، فإن وقف على من لا يجوز دفع الزكاة إليه صح الوقف ولا يخرج عن عهدة النذر انتهى. وفي (البزازية) تعليق كل ما لا/ يحلف به لا يصح والوقف مما لا يحلف به فاندفع النذر لأنه مما يحلف به انتهى، وأن يكون محجوراً بسفه أو دين كذا أطلقه الخصاف. قال في (الفتح): وينبغي أنه لو وقف السفيه على نفسه ثم جهة لا تنقطع أنه يصح على قول أبي يوسف وهو الصحيح عند المحققين وعند الكل إذا حكم به حاكم ورده في (البحر) بأنه تبرع وهو ليس من أهله ويمكن أن يجاب عنه بأن عدم أهليته للتبرع يعني على غيره لا على نفسه كما هنا واستحقاق الغير له إنما هو بعد موته، ولو وقف بإذن القاضي على ولده صح عند البلخي خلافاً لأبي القاسم الصفار وإن لم يذكر معه اشتراط بيعه وصرف الثمن إلى حاجته، فإن قال: لم يصح الوقف في المختار كما في (البزازية) وأن لا يذكر فيه خيار شرط معلوماً كان أو مجهولاً عند محمد واختاره هلال. وقال أبو يوسف: إن كان الوقت معلوماً جاز الوقف والشرط، وقال ابن خالد السمتي الشرط باطل فقط، وأن لا يكون مؤقتاً بشهر أو سنة، وفصل هلال بين أن يشترط رجوعها إليه بعد الوقت فيبطل وإلا فلا وظاهر (الخانية) اعتماده وأن يكون مملوكاً حتى لو غصب أرضاً فوقفها ثم اشتراها لا يكون وقفاً منه، أما لو أجازه المالك جاز وهذا هو وقف الفضولي. وقالوا لوقف المريض المديون الذي أحاط الدين بماله نقض الوقف وبيع للدين أما الصحيح المديون كذلك فوقفه لازم لا ينقض إن كان قبل الحجر اتفاقاً كذا في

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ (الفتح) يعني حيث توفرت الشروط، وكذا الراهن لو وقف المرهون المسلم وكان معسراً أبطل القاضي الوقف وباعه فيما عليه كما في (الإسعاف) ويتفرع على هذا الشرط عدم جواز وقف الإقطاعات إلا إذا كانت الأرض مواتاً أو ملكاً للإمام فأقطعها رجلاً، وأغلب أوقاف الأمراء بمصر إنما هي إقطاعات يجعلونها مشتراة صورة من وكيل بيت المال والله أعلم بحقائق الأحوال، وكذا عدم جواز وقف المرتد زمن ردته إن قتل على ذلك أو مات لأن ملكه يزول بها زوالاً موقوفاً بخلاف المرتدة. ولو ارتد المسلم بطل وقفه ذكره الخصاف، وأن يكون معلوماً حتى لو وقف شيئاً من أرضه ولم يسمعه لا يصح ولو بين بعد ذلك وكذا لو قال: وقفت هذه الأرض أو هذه، نعم لو وقف جميع حصته من هذه الأرض ولم يسم السهام جاز استحساناً ولو قال: وهو ثلث جميع الدار فإذا هو النصف كان الكل وقفاً كما في (الخانية) وبقي من الشروط أن يكون المحل قابلاً وهو كونه عقار أو منقولاً تبعاً ولو مستقلاً فعن الثاني أنه لا يجوز والصحيح ما عن محمد وهو جواز ما جرى فيه التعارف كالمصاحف والكتب ونحوها وذكر الناطفي عن زفر جواز وقف الدراهم والطعام والمكيل والموزون قيل له: كيف يصنع الدراهم؟ قال: يدفعها مضاربة وكذلك يبيع المكيل والموزون بالدراهم والدنانير ويدفعها مضاربة ويتصدق بالفضل. قيل: فعلى هذا ينبغي أن يجوز إذا قال وقفت هذا الكر على أن يقرض لمن لا بذر له من الفقراء فيدفع إليهم للبذر فإذا حصلوا أخذ ودفع لغيرهم كذا في (الإسعاف) ومقتضى ما مر عن محمد عدم جواز ذلك في الأقطار المصرية لعدم تعارفه بالكلية نعم وقف الدراهم أو الدنانير تعورف في الديار الرومية، ومن المنقول البناء وقد ذكر البقالي اختلافاً في جواز وقفه بدون الأرض وعن محمد أن وقفه في أرض الوقف على الجهة التي وقفت عليها الأرض جائز، وذكر الخصاف أن وقف حوانيت الأوقاف يجوز إن كانت الأرض بإجارة في أيدي الذين بنوها لا يخرجهم السلطان عنها انتهى، وبه عرف جواز وقف البناء على الأرض المحتكرة، وفي (منية المفتي) حانوت لرجل في أرض وقف فأبى صاحبه أن يستأجر الأرض بأجر المثل فإن كانت العمارة لو رفعت يستأجر بأكثر مما يستأجره فإنه يؤمر برفع العمارة وإلا ترك في يده بذلك الأجر انتهى، وبه عرف حكم الزيادة في الأرض المحتكرة، ومن

والملك يزول بالقضاء ـــــــــــــــــــــــــــــ الشروط أيضاً أن يكون قربة في ذاته وعند المتصرف فلا يضح وقف المسلم والذمي على البيعة أو على فقراء أهل الحرب بخلاف الوقف على فقراء أهل الذمة وفي فقراء المجوسي خلاف حكاه في (القنية). واختلف الشيخان في اشتراط كونه مفرزاً مسلماً مذكوراً فيه التأبيد أو ما يقوم مقامه خالياً عن اشتراط الواقف الانتفاع بشيء منه قال محمد: لابد من ذلك، وقال أبو يوسف: لا يشترط شيء من ذلك،/ واجتمعوا على اشتراط التأبيد المعنوي نص على ذلك المحققون، وركنه الألفاظ الخاصة كأرضي هذه صدقة موقوفة مؤبدة على المساكين ولا خلاف في ثبوته بهذا بحيث توفرت الشروط وفي قوله موقوفة فقط لا يصح إلا على قول الثاني ورده هلال بأن الوقف يكون على الغني أيضاً ولم يعين فبطل. لكن قال الشهيد: مشايخ بلخ يفتون بقول أبي يوسف ونحن نفتي به أيضاً للعرف فيه اندفع الرد فإن العرف إذا كان يصرفه للفقراء كان كالتنصيص عليهم كما لو قال: وقفت على الفقراء بخلاف محبوسة أو حبس ولو كان في حبسه مثل هذا يجب أني كون كموقوفة، ولو قال: للسبيل إن تعارفوه وقفاً مؤبداً كان كذلك وإلا سئل فإن قال: أردت الوقف صار وقفاً لأنه محتمل لفظه أو معنى صدقة كان نذراً يتصدق بها أو بثمنها، ولو لم ينو كانت ميراثاً ذكره في (النوازل) وفيها لو قال: جعلتها وقفاً إن تعارفوه كانت وقفاً وإلا سئل فإن أراد الوقف فهو وقف أو الصدقة فهو نذر وهذا عند عدم النية لأنه أدنى فإثباته به عند الاحتمال أولى ولم يذكر في هذا أنها تكون ميراثاً، ولو قال: هي صدقة أو تصدقت بأرضي هذه على المساكين لا تكون وقفاً بل نذراً وحكمه من ولو زاد موقوفة كانت وقفاً لانتفاء احتمال النذر بموقوفه وكذلك حبس صدقة أو صدقة محرمة قيل ومحرمة بمنزلة وقف وهي معروفة عند أهل الحجاز، ولو قال: موقوفة لله تعالى كان كقوله صدقة موقوفة، وفي (الإسعاف): لو قال: موقوفة على وجه الخير أو البر كانت وقفاً على المساكين. واعلم أن الوقف قد يكون لازماً وهو المنذور كإن قدم ولدي فلله علي أن أقف هذه الدار فقدم فإن وقفها على من لا يجوز دفع الزكاة إليهم جاز في الحكم وبقي نذره وإن على غيرهم سقط وصح النذر به لأن من جنسه واجباً وهو أنه يجب على الإمام أن يتخذ للمسلمين مسجداً من بيت المال أو من مالهم إن لم يكن بيت مال ولا يكون قربة إلا بالنية من الأهل وإلا فإن كان مباحاً وبهذا عرف صفته وحكمه ما مر في تعريفه، (والملك) أي: ملك العين الموقوفة (يزول) عن ملك الواقف (بالقضاء)

لا إلى مالك ولا يتم حتى يقبض ـــــــــــــــــــــــــــــ وطريقه أنه يسلمه إلى المتولي ثم يظهر الرجوع فيخاصمه إلى القاضي فيقضي بلزومه فينفذ لأنه قضاء في فصل مجتهد فيه كذا قالوا، والظاهر أن هذا لا يتعين طريقاً على قول أبي يوسف بل لو باعه فشهدوا عليه بالوقفية فحكم بلزومه نفذ وهذا لأن الدعوى فيه غير شرط على الصحيح لأن حكمه التصدق بالغلة وهو حق الله تعالى. ولذا قلنا: حتى لو لم يكن له بينة لا يحلف المدعي عليه لعدم صحة الدعوى كذا في (السراج) و (المنية) وليس القضاء به قضاء على الكافة بخلاف العتق حتى لو ادعى إنسان الملك فيه بعد القضاء قبلت بينته ولا تقبل في العتق كذا في (الخلاصة) قيد بالقضاء، لأن حكم المحكم لا يرفع الخلاف في الأصح وللقاضي إبطاله وعلى هذا فما في (الإسعاف) من أن الواقف لو كان مجتهداً يرى لزوم الوقف فأمضى رأيه فيه وعزم على زوال ملكه عنه أو مقلداً فسئل فأفتى بالجواز فقبله وعزم على ذلك لزم الوقف ولا يصح الرجوع فيه وإن تبدل رأي المجتهد أو أفتى المقلد بعدم اللزوم بعد ذلك لظاهر ضعفه وأفاد أنه لو علقه بموته كما إذا مت فقد وقفت داري على كذا أن ملكه لا يزول به. قال في (الهداية): وهو الصحيح إلا أنه تصدق بمنافعه مؤبداً فيصير بمنزلة الوصية بالمنافع مؤبداً فيلزمه انتهى وإنما كان هذا هو الصحيح لما يلزم على مقابله من جواز تعليق الوقف وهو لا يقبل التعليق بخلاف ما لو قال: إذا مت فاجعلوها وقفاً فإنه يجوز لأنه تعليق التوكيل لا تعليق الوقف لنفسه، وفي (الشرح) علق الوقف بموته ثم مات صح ولزم إذا خرج من الثلث لأن الوصية بالمعدوم جائزة كالوصية بالمنافع ويكون ملك الميت باقياً حكماً يتصدق منه دائماً وإن لم يخرج من الثلث يجوز بقدر الثلث ويبقي الباقي إلى أن يظهر له مال أو يجيز الورثة فإن لم يظهر أو هم لم يجيزوا قسمت الغلة بينهما/ أثلاثاً ثلثه للوقف وثلثاه للورثة وفي (الهداية) وقف في مرض موته. قال الطحاوي: هو بمنزلة الوصية بعد الموت والصحيح أنه لا يلزم عند أبي حنيفة وعندهما يلزم إلا أنه يعتبر من الثلث والوقف في الصحة من جميع المال وباقي تفاريع وقف المريض مذكور في (الإسعاف) والخصاف وأودعنا شيئاً من ذلك في كتابنا (إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل) (ولا يتم الوقف حتى يقبض) شروع في شروطه الخاصة عند محمد وقد علمت أنها أربعة فإن قلت: هذا مناف لقوله أولاً والملك يزول بالقضاء إذ مفاده أنه يزول بغيره ولو توفرت هذه الشروط كلها قلت: الأولى أن يحمل ما قاله أولاً على بيان مسألة إجماعية هي أن الملك يزول أما

ويفرز ويجعل آخره لجهة لا تنقطع ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا خلا عن القضاء فلا يزول إلا بعد هذه الشروط عند محمد واختاره المصنف تبعاً لعامة المشايخ وعليه الفتوى. وكثير من المشايخ اختاروا قول أبي يوسف وقالوا: إن عليه الفتوى ولم يرجح أحد قول الإمام وبهذا التقرير اندفع ما في (البحر) كيف مشي أولاً على قول الإمام وثانياً على قول غيره وهذا مما لا ينبغي يعني في المتون الموضوعة للتعليم ولم يقل: للمتولي لأن تسليم كل شيء عنده بما يليق به كما سيأتي في آخر الكتاب وأثر الخلاف يظهر فيما لو عزل الواقف القيم لا ينعزل ولا تولاه بنفسه ليس له ذلك، أو مات وأوصى كانت الولاية للقيم لا للوصي عند محمد خلافاً لأبي يوسف (ويفرز) فلا يجوز وقف المشاع وهذا الشرط وإن كان مفرعاً على اشتراط القبض لأن القسمة من تمامه إلا أنه نص عليه إيضاحاً، وأبو يوسف لما لم يشترط التسليم أجاز وقف المشاع والخلاف فيما يقبل القسمة أما ما لا يقبلها كالحمام والبئر والرحى فيجوز اتفاقاً إلا في المسجد والمقبرة لأن بقاء الشركة يمنع الخلوص لله. ولا خلاف أيضاً أن الأرض لو كانت بين رجلين فوقفاها على بعض الوجوه ودفعاها إلى وال يقوم عليها جاز لوجود القبض من الوالي في الكل جملة واحدة، ولو استحق جزء غير معين بطل الوقف في الباقي عند محمد بخلاف ما لو رجع الواهب في البعض لأن الشيوع طارئ، (ويجعل آخره لجهة) أي: جهة قربة (لا تنقطع) بيان لاشتراط التأبيد فيه وقد قيل: إنه شرط إجماعاً غير أنه عند الثاني لا يشترط ذكره لأن لفظة الوقف والصدقة منبئة عنه حتى لو وقف على ولده وولد ولده ونسلهم أبداً يصح عنده فإذا انقرضوا كانت للفقراء. قال في (الهداية): وهو الصحيح وعند محمد يشترط ذكره فلا يصح وقدمنا أن التأبيد معنى شرط اتفاقاً كما نص عليه المحققون ولو وقف على نسل زيد إن ذكر جماعة بأعيانهم لا يصح عند أبي يوسف أيضاً لأن تعيين الموقوف عليه يمنع إرادة غيره بخلاف ما إذا لم يعين لجعله إياه وقفاً على الفقراء إلا أن يرى أنه فرق بين قوله: أرضي هذه موقوفة ينصرف إلى الفقراء عرفاً فإذا ذكر الولد صار مقيداً فلا يفيد العرف كذا في (الإسعاف). وإذا عرف هذا فما في (الأجناس) عن الثاني لو وقف على رجل بعينه فإذا مات رجع الوقف إلى ورثة الواقف وعليه الفتوى علله في (المبسوط) بأن اشتراط العود إلى ورثة الواقف عند زوال حاجة الموقوف عليه لا يفوت موجب العقد عنده فأما عند

وصح وقف العقار ببقره وأكرته ـــــــــــــــــــــــــــــ محمد التأبيد شرط فاشتراط عوده يبطل هذا الشرط فيكون مبطلاً للوقف إلا أن يجعل ذلك وصية بعد موته، على أن التأبيد ليس بشرط رواية عند ضعيفة كما قد علمته والله الموفق. (وصح وقف العقار) وهو الأرض مبنية أو غير مبنية ويدخل البناء تبعاً كذا في (الفتح)، وفي (القاموس): العقار الضيعة وهو المناسب لقوله: (ببقره وأكرته) بفتح الهمزة والكاف عبيده الحراثون كذا في (الفتح) وقيل الأكار الزراع وهو قريب من الثاني وتدخل الأشجار في وقف الأرض وكذا الشرب والطريق استحساناً دون الثمرة القائمة وقته وإن لم تؤكل كالرياحين ولو قال: بحقوقها وجميع ما فيها ومنها إلا أنه يلزمه التصدق بها على وجه النذر استحساناً، ولا يدخل الزرع إلا ما كان له أصل لا يقطع في سنة والحاصل أن كل شجرة تقطع غير داخلة وما لا يقطع في سنة تدخل فيدخل أصول الباذنجان وقصب السكر ويدخل في وقف الحمام القدر وملقى سرقينه ورماده ولا يدخل مسيل ما في/ الأرض المملوكة أو طريقة كذا في (الفتح)، وفي (منية المفتي): جعل أرضه مقبرة وفيها أشجار فلورثته أن يقطعوا الأشجار انتهى، قال في (الفتح): جعلت غلة كرمي وقفاً صار الكرم مع الغلة وقفاً. فرع إذا كانت الدار مشهورة معروفة صح دفعها وإن لم تحدد استغناء بشهرتها عن تحديدها وهو ظاهر في أنها لو لم تكن مشهورة فلابد من تحديدها، وفي (منية المفتي) وقف ضيعة يذكر حدود المستثنيات من المقابر والطرقات والمساجد والحياض العامة ثم رقم لابد من ذكر حدودها ثم رقم إن أمكن ثم رقم بأنه لا يصح بدون التحديد. وفي (الخلاصة) شهدا أنه وقف أرضه ولم يحددها لنا ولكنا لا نعرف أرضه لا تقبل شهادتهما ولو قالا: لا نعرف له غيرها لعل له أرضاً أخرى لا يعلمان بها وفي قوله وأكرته إيماء إلى أن العبيد لا يصح وقفهم إلا تبعاً للعقار وإليه يشير قول صاحب (الهداية) لأنه تبع للأرض في تحصيلها ما هو المقصود فأفاد أنه لو وقف داراً وفيها عبد وجعل العبد تبعاً لها لا يصح وفي (الخلاصة) يجوز وقف الغلمان والجواري على مصالح الرباط وإذا صح الوقف كان حكمه حكم الرقيق من أنه لا يجوز بلا إذن. وظاهر قوله في (البزازية) لو زوج الحاكم جارية الوقف جاز وعبده لا يجوز ولو من أمة الوقف لأنه يلزمه المهر والنفقة يريد أن المتولي ليس له ذلك بالأولى، وأما

ومشاع قضى بجوازه ومنقول فيه تعامل ـــــــــــــــــــــــــــــ الأمة فالظاهر أنه لا يملكه إلا بإذن الحاكم، ولو جنى فعلى المتولي اختيار الأصلح من الدفع أو الفداء ولو فداه بأكثر من أرش الجناية كان متطوعاً في الزائد، وفي (البزازية): جناية عبد الوقف في مال الوقف ولو قتل عمداً لا قصاص فيه انتهى بل يجب قيمته يشتري بها المتولي عبداً يصير وقفاً كما لو قتل خطا ونفقته في مال الوقف وإن لم يشترطها الواقف، ولو مرض إلا إذا قال لعملتهم فيها فلا يعطي المريض، ولو باع العاجز واشترى بثمنه عبداً مكانه جاز كذا في (الإسعاف). فرع وقف عقاراً على مسجد ومدرسة هيا مكاناً لبنائها قبل أن يبنيها اختلف المتأخرون والصحيح الجواز وتصرف غلتها إلى الفقراء إلى أن يبنى فإذا بنيت ردت إليها الغلة أخذا من الوقف على أولاد فلان ولا أولاد له حكموا بصحته وتصرف غلته إلى الفقراء إلى أن يولد لفلان كذا في (الفتح) وينبغي أنه لو وقفه على مدرسة يدرس فيها المدرس مع طلبته فدرس في غيرها لتعذر التدريس فيها أن تصرف العلوفة له دون الفقراء كما هو الواقع في الديار الرومية، (و) صح وقف (مشاع قضي بجوازه) لأنه قضى في فصل مجتهد فيه ولو كان حنيفاً اعتمد قول أبو يوسف لما علمت من ترجيحه وقد قالوا: إذا كان في المسألة قولان مرجحان جاز القضاء والإفتاء بأحدهما. (و) صح أيضاً وقف (منقول فيه تعامل) للناس خصه لأنه محل الخلاف. اعلم أن وقف المنقول تبعاً جائز وقد مر ومقصوداً كالكراع والسلاح أي الخيل ويدخل في حكمه الإبل لأن العرب يجاهدون عليها وكذا السلاح يحمل عليها كذا في (الهداية)، وفي (المجتبى) المراد به الخيل والحمير والبغال والإبل والثيران التي يحمل عليها والمراد من السلاح ما يستعمل في الحرب ويكون معداً للقتال وما في (الهداية) أولى لقولهم: لا خلاف بين الشيخين في جواز وقف هذين للآثار المشهورة في ذلك والقياس أن لا يجوز لانتفاء التأبيد والأخبار إنما وردت في آلة الجهاد ولا خفاء أن ماعدا الخيل والإبل ليس آلة له عادة وأما ما فيه تعامل فعن محمد جوازه أيضاً كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف لأن القياس قد يترك بالتعامل أيضاً كما في الاستصناع وعليه عامة فقهاء الأمصار وقد مر أنه الصحيح، وبه عرف أن وقف الحمير والبغال والثيران لا يجوز إذ لا أثر في ذلك ولا تعامل واختلفوا في وقف الكتب والفتوى على جوازه كما في (الخانية). وفي (الخلاصة): وقف مصحفاً على أهل مسجد لقراءة القرآن إن كانوا يحصون جاز وإن وقف على المسجد جاز ويقرأ في ذلك الموضع، وذكر في موضع آخر لا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون مقصوراً على هذا المسجد، وبهذا عرف حكم نقل كتب الأوقاف من محالها للانتفاع بها والفقهاء بذلك مبتلون فإن كان الواقف وقفها على المستحقين في وقفه لا يجوز نقلها ولا سيما إذا كان الناقل ليس منهم وإن على طلبة العلم وجعل مقرها في خزانته التي في مكان كذا ففي جواز النقل تردد. وفي (القنية): سبل/ مصحفاً في مسجد بعينه للقراءة ليس له بعد ذلك أن يدفعه إلى آخر من غير أهل تلك المحلة للقراءة يوافق الأول لا ما ذكر في موضع آخر هذا ما ظهر بعد الفحص عن المسألة. قال في (الفتح): وقد زاد بعض المشايخ أشياء من المنقول على ما قاله محمد لما رأوا من جريان التعامل فيها ففي (الخلاصة) وقف بقرة على أن ما يخرج من لبنها وسمنها لأبناء السبيل قال: إن كان ذلك في موضع غلب ذلك في أوقافهم رجوت أن يكون جائزاً وقدمنا وقف الدراهم والمكيل والموزون ومن الفروع وقف المنقول وقف داراً فيها حمامات يخرجن ويرجعن يدخل في وقفه الحمامات الأهلية وقال الفقيه: وهو كوقف الضيعة مع الثيران، وفي (البزازية) وقف الأكسية على الفقراء جائز وتدفع إلى الفقراء في الشتاء ثم يردونها إلى المتولي بعد الشتاء. قال في (البحر): ولم أر من صرح بحكم وقف السفينة ولا شك في دخولها تحت المنقول الذي لا تعامل فيه وقد وقعت حادثة هي أن المستأجر للدار الموقوفة المشتملة على الأشجار المثمرة هل له أن يأكل من أثمارها إذا لم يعلم شرط الواقف فيها؟ والظاهر أنه إذا لم يعلم شرط الواقف ليس له الأكل وإنما يبيعها المتولي ويصرفها في مصالح الواقف وقد يستأنس لذلك بما في (الحاوي) وما غرس في المساجد من الأشجار المثمرة إن غرس للسبيل وهو وقف العامة كان لكل من دخل المسجد من المسلمين أن يأكل منها وإن غرس للمسجد لا يجوز وصرفها إلى مصالح المسجد الأهم فالأهم كسائر الموقوف وكذا إن لم يعلم غرض الغارس انتهى. فرع مهم من حوادث الفتاوى: له دار كبيرة فيها بيوت وقف بيتاً منها على عتيقه فلان والباقي على أولاده وذريته ونسله وعقبه ثم على عتقائه، قال: الوقف بعد الأولاد إلى العتقاء هل يدخل من خصه بالبيت في الثاني أم لا؟ حكم بعض الموالي بعدم دخوله تمسكاً بما في (هلال) وقف أرضه وجعل غلتها نصفين النصف منها للفقراء والمساكين والنصف الآخر لقرابته فاحتاج فقراء قرابته لأن الذي سماه لهم لا يكفيهم

ولا يملك الوقف ـــــــــــــــــــــــــــــ أنعطيهم مما جعله للفقراء؟ قال: لا لأن الواقف سمى لهم شيئاً معلوماً فلا أزيد عليه وكذلك لو جعل النصف من الغلة لولده والآخر للفقراء فاحتاج ولده لعدم كفاية النصف له لا يعطي من نصف الفقراء وهكذا ذكر الناصحي وحكم المولى الثاني بعده بدخوله تمسكاً بما في (الذخيرة) و (المحيط البرهاني). لو جعل نصف غلة أرضه لفقراء قرابته والنصف الآخر للمساكين واحتاج فقراء قرابته هل يعطون من نصف المساكين قال هلال: لا وهو قول ابن خالد الشمني وقال إبراهيم بن يوسف وعلي بن أحمد الفارسي وأبو جعفر الهندواني: يعطون في (الخانية) أوصى لرجل بمال وللفقراء بمال والموصى له محتاج هل يعطى له من نصيب الفقراء اختلفوا قال محمد بن مقاتل وخلف بن شداد: يعطى وقال إبراهيم النخعي والحسن بن زياد: لا يعطي والأول أصح انتهى. وهذا ملخص رسالة كبيرة لمولانا قاضي القضاة على جلبي وضعها حين نقض حكم مولانا محمد شاه بادرنه وكل منهما رد على صاحبه وقد علمت ما هو المعتمد فاعتمده والله الموفق، (ولا يملك الوقف) بعد ما صح بإجماع الفقهاء فلا يباع ولا يوهب ولا يرهن فلو سكنه المرتهن قال بعضهم عليه أجرة المثل وإن لم تكن الدار معتدة للاستغلال وكذا لو سكنه المشتري من المتولي فجاء الثاني وادعى به على المشتري وأبطل القاضي البيع وسلم الدار إلى الثاني كان عليه أجر المثل كذا في (الخانية) وفي (القنية) سكنها ثم بان أنها وقف أو لصغير يجب أجر المثل انتهى. ولو هدم المشتري البناء فإن شاء القاضي ضمن البائع قيمته أو المشتري فإن ضمن البائع نفذ البيع لا إن ضمن المشتري غير أن المشتري يملك البناء بالضمان ويكون الضمان للوقف لا للموقوف عليهم كذا في (المحيط) وما في (الخلاصة) احتاج الواقف إلى الوقف يرفع الأمر إلى القاضي حتى يفسخ إن لم يكن مسجلاً وفي (القنية) وقف قديم لا تعرف صحته ولا فساده باعه الموقوف عليه لضرورة وقضى القاضي بصحة البيع ينفذ. قال في (البحر): محمول على وقف لم يحكم بصحته ولزومه بدليل قوله: لم يكن مسجلاً أي: محكوماً به ومع ذلك الحمل فهو على قول الإمام المرجوح وعلى قولهما المفتى به لا يجوز بيعه قبل الحكم بلزومه ولو قضى بذلك قاضٍ/ حنفي كان باطلاً، وما أفتى به قارئ (الهداية) من صحة الحكم ببيعه قبل الحكم بوقفه فمحمول على أن القاضي مجتهد أو سهواً. واعلم أن هذا الإطلاق يفيد منع الاستبدال مطلقاً حيث لم يكن ثمة شرط

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ويوافقه ما في (الخانية) لو كان الوقف مرسلاً لم يذكر فيه شرط الاستبدال لم يكن له لأن يبيعها ويستبدل بها وإن كانت أرض الوقف سبخة لا ينتفع بها وفي (الخلاصة) قيم خاف من السلطان أو من وارث يغلب على أرض وقف يبيعها ويتصرف بثمنها. قال الشهيد: والفتوى على أنه لا يبيع ويوافق هذا قول السرخسي بعد ما ذكر مسألة، وبهذا تبين خطأ من يجوز الاستبدال وقد كان ظهير الدين يفتي بجوازه ثم رجع ونقل صدر الشريعة أن أبا يوسف يجوز الاستبدال بغير شرط إذا ضعفت الأرض عن الريع ونحن لا نفتي به، وقد رأينا فيه من الفساد ما لا يعد ولا يحصى فإن ظلمة القضاة جعلوه حيلة إلى إبطال أوقاف المسلمين وفعلوا ما فعلوا. وفي (فتح القدير) الاستبدال إن كان لا عن شرط فإن كان لخروج الوقف عن انتفاع الموقوف عليهم به فينبغي أن لا يختلف فيه كالصورتين المذكورتين لقاضي خان يعني ما لو غصب أرض الوقف غاصب وأجرى عليها الماء حتى صارت بحراً لا تصلح للزراعة يضمن قيمتها ويشترى به أرض أخرى فتكون وقفاً مكانها والثانية أرض الوقف إذا قل نزلها بحيث لا تحتمل الزراعة ولا تفضل غلتها عن مونتها ويكون صلاح الوقف في الاستبدال بأرض أخرى وإن كان لا لذلك بل اتفق إن أمكن أن يؤخذ بثمن الوقف ما هو خير منه مع كونه منتفعاً به فينبغي أن لا يجوز لأن الواجب إبقاء الوقف على ما كان عليه دون زيادة أخرى ولعل محل ما في (السير الكبير) من أن استبدال الوقف باطل هذا الاستبدال انتهى، وهذا مما ينبغي اعتماده. وشرط في (الإسعاف) أن يكون المستبدل قاضي الجنة المفسر بذي العلم والعمل زاد في (البحر) أن يكون البدل عقاراً لا درهم ودنانير لما في فتاوى قارئ (الهداية) حين سئل عن صورة الاستبدال وهل هو قول أبي حنيفة وأصحابه؟ فقال: إذا تعين بأن كان الموقوف لا ينتفع به وثم من يرغب فيه ويعطي بدله أرضاً أو داراً لها ريع يعود نفعه إلى جهة الوقف فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد وإن كان للوقف ريع ولكن يرغب إنسان في استبداله إن أعطى مكانه بدلاً أكثر ريعاً منه وفي صقع أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبو يوسف والعمل عليه وإلا فلا انتهى، ورأيت بعض الموالي يميل إلى هذا ويعتمده وأنت خبير بأن المستبدل إذا كان هو قاضي الجنة فالنفس به مطمئنة ولا يخشى الضياع معه ولو بالدراهم والدنانير والله الموفق. وقد أوضحنا المسألة بأكثر من هذا في كتابنا (إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل) فعليك به مستغفراً لمؤلفه هذا ولو اشترى هذا المتولي من غلة الوقف مستقلاً كان له بيعه في الصحيح كما في (الخانية).

ولا يقسم وإن وقف على أولاده ويبدأ من غلته بعمارته بلا شرط ـــــــــــــــــــــــــــــ وأفاد في (القنية) أنه لا يملك الشراء إلا بإذن القاضي (ولا يقسم) أي: الموقوف بين مستحقه (وإن وقفه على أولاده) لأن حقهم إنما هو في الغلة لا في العين وهذا بالإجماع كما نقله غير واحد، وقد أفصح عن هذا في (القنية) حيث قال: ضيعة موقوفة على الموالي فلهم قسمتها قسمة حفظ وعمارة لا قسمة تملك وعلى هذا تفرع ما في الخصاف وقف داره على سكنى قوم بأعيانهم أو على ولده ونسله ما تناسلوا فإن انقرضوا تكرى وتوضع غلتها للمساكين ليس لأحدهم إجارتها ولو زادت على قدر حاجة سكناه وله الإعارة لا غير، ولو كانت الأولاد ذكوراً وإناثاً وفي الدار مقاصير كان له أن يسكن بزوجته وهي بزوجها وإن لم يكن فيها ذلك لا يستقيم أن يقسم ولا أن تقع فيها مهايأة، وبهذا يعرف أنه لو سكن بعضهم فلم يجد آخر موضعاً يكفيه لا يستوجب الآخر أجرة حصته على صاحبه بل إن أحب أن يسكن معه في بقعة من تلك الدار بلا زوجة أو زوج فعل وإلا تركه المتضيق. وفي (القنية): أحد الشريكين إذا استعمل الوقف كله بالغلبة بدون إذن الآخر فعليه أجر حصة الشريك سواء كانت وقفاً على سكناهما أو للاستغلال/ وفي الملك المشترك لا يلزم للآخر على الشريك إذا استعمله كله وإن كان معداً للأجرة وليس للشريك الذي لم يستعمل الوقف أن يقول للآخر أن أستعمله بقدر ما استعملته لأن المهايأة إنما تكون بعدم الخصومة. قال في (البحر): فعلى هذا قول الخصاف لا يستوجب الآخر أجرة معناه قبل السكنى لو طلب أن يجعل عليه شيئاً أما بعد السكنى فالإجارة واجبة، وعندي أن هذا سهو لاختلاف الموضوع وذلك أن ما في (القنية) فيما استعمله بالغلبة وفي (الخصاف) فيما إذا لم يجد الآخر موضعاً يكفيه فتدبره. في (الإسعاف): لو قسمه الواقف بين أربابه ليزرع كل واحد منهم نصيبه ويكون المزروع له دون شركائه توقف على رضاهم، ولو فعل أهل الوقف ذلك فيما بينهم جاز ولمن أتى منهم بعد ذلك إبطاله (ويبدأ من غلته بعمارته بلا شرط) لثبوته اقتضاء وذلك لأن قصده صرف الغلة أبداً ولا يبقى ذلك إلا بالعمارة، قيد بغلته لأنه لو لم يكن له غلة فإن كان الوقف على قوم لا يحصون لا يؤاخذون بها لعدم تعينهم وإن كان على رجل بعينه أو رجال وبعده للفقراء فهي في ماله مادام حياً، فإذا مات فمن الغلة، ثم العمارة المستحقة عليهم إنما هي بقدر ما يبقى من الموقوف بها على الصفة التي عليها فأما الزيادة فليست بمستحقة فلا تصرف في العمارة إلا برضاه، ولو كان الوقف على الفقراء فكذلك عند البعض وعند آخرين تجوز الزيادة والأول أصح.

ولو داراً فعمارته على من له السكنى ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الخانية) احتاج الوقف إلى العمارة وثم وجه من وجوه البر لو صرفت الغلة إلى المرمة يفوت إن كان في تأخير المرمة إلى الغلة الثانية ضرر بين صرف الغلة إليها وإلا فإلى ذلك البر كفك الأسارى وإعانة الغازي المنقطع انتهى. وفي (الذخيرة) لو فرق القيم الغلة على المساكين ولم يمسك للخراج شيئاً فإنه يضمن حصة الخراج لأن مقدار الخراج وما يحتاج إليه الوقف من العمارة والمونة مستثنى عن حق الشراء، فإذا دفع إليهم ذلك ضمن، قال في (البحر): وينبغي أنه لا رجوع له لأنه ملكه بالضمان فتبين أنه دفع من مال نفقته كمودع الابن إذا أنفق على الأبوين بغير إذن مالك أو حاكم انتهى. وأقول: فيه نظر بل مادام المدفوع قائماً في يده له الرجوع لا ما إذا هلك إذ قصارى الأمر أنه هبة وفيها له الرجوع ما دامت العين قائمة بالتراضي أو بقضاء القاضي إلا لمانع فتدبره. وفي (الفتح) وتقطع الجهات الموقوفة عليها للعمارة إن لم يخف ضرر بين فإن خيف قدم وأما الناظر فإن كان المشروط له من الواقف فهو كأحد المستحقين فيقطع أيضاً إلا أن يعمل فيأخذ قدر أجرته وأفاد في (البحر) أن مما يخاف بقطعه الضرر البين الإمام والخطيب فيعطيان المشروط لهما أما المباشر والشاد إذا عملا زمن العمارة فإنما يستحقان بقدر أجرة عملهما لا المشروط. وأقول: الظاهر أن الإمام والخطيب ليسا قيدا بل المؤذن والوقاد والفراش والملاء كذلك ثم الذي ينبغي أن يراد بالضرر البين الخطيب فقط بشرط أن يتحد في البلد كمكة والمدينة ولم يوجد من يخطب حبسه بإذن الإمام أو نائبه والله الموفق. هذا وأما من يقدم من المستحقين بعد العمارة على غيره فقد بينه في (الحاوي القدسي) حيث قال ما لفظه: والذي يبدأ به من ارتفاع الوقف عمارته شرط الواقف ذلك أم لا ثم ما هو أقرب للعمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم بقدر كفايتهم ثم السراج والبساط هذا إذا لم يكن معيناً فإن كان معيناً على شيء يصرف إليه بعد عمارة البناء ويدخل في الإمام الخطيب لأنه إمام الجمعة وينبغي أن يلحق بهؤلاء المؤذن والميقاتي والناظر وكذلك الشاد والكاتب والجابي زمن العمارة كذا في (الأشباه) وهذا مخالف لمنقول كلامهم كما مر بل الناظر وغيره زمن العمارة إذا عمل كان له أجر مثله كما جرى عليه في (البحر) وهو الحق بقي أن ظاهر ما في (الحاوي) تقديم من ذكر. ولو شرط الواقف الاستواء عند الضيق، ونازعه بعض الموالي بقول (الحاوي) هذا إذا لم يكن معيناً (ولو) كان الموقوف (داراً فعمارته على من له السكنى) واحداً

ولو أبى أو عجز عمر الحاكم بأجرتها ـــــــــــــــــــــــــــــ كان أو متعدداً كما علمت لأن الخراج بالضمان وصار كنفقة العبد الموصى بخدمته. وفي (القنية) بنى واحد من أولاد الموقوف عليهم بعض الدار الموقوفة وطين البعض وجصص البعض فطلب الآخر منه حصته ليسكن فيها فمنعه منها حتى يدفع إليه حصة ما أنفق فيها ليس/ له ذلك والتطيين والجص صار تبعاً للوقف وكلام المصنف كغيره يعطي أن من له الاستغلال لا عمارة عليه لأنه ليس له السكنى بخلاف من له السكنى. ولذا قال في (الفتح): وليس للموقوف عليهم الدار سكناها بل الاستغلال كما أنه ليس للموقوف عليهم السكنى الاستغلال انتهى، ولو سكن الموقوف عليه الدار هل يجب عليه الأجرة؟. قال في (البحر): لم أره والذي يظهر أنها إذا احتاجت الترميم وجب فيأخذها المتولي ليعمر بها وإلا فلا لعدم الفائدة، أقول: ولو كان الموقوف عليه متولياً فينبغي أن يجبره القاضي على عمارتها مما وجب عليه من الأجر فإن لم يفعل نصب متولياً يعمرها، وفي (التتاخانية) لو كان الواقف حين شرط الغلة لفلان ما عاش شرط على فلان مرمتها وإصلاحها فيما لا بد لها منه فالوقف جائز مع هذا الشرط، قال في (البحر): وظاهره أنه يجبر على عمارتها وقياسه أن الموقوف عليه السكنى كذلك. وأقول: الظاهر أنه لا يجبر على عمارتها وسيأتي قريباً ما يؤيده، (ولو أبى) أي: امتنع (أو عجز) عن عمارتها (عمر الحاكم بأجرتها) أي: أجرها الحاكم منه أو من غيره وعمرها بالأجرة ثم ردها بعد ذلك إليه رعاية للحقين. قال في (الهداية): ولا يجبر الممتنع على العمارة لما فيه من إتلاف ماله فأشبه امتناع صاحب البذر في المزارعة ولا يكون امتناعه رضا منه ببطلان حقه لأنه في حيز التردد انتهى. وأنت خبير بأن هذا بإطلاقه يشمل ما لو شرط الواقف عليه المرمة لأنها حيث كانت عليه كان في إجباره إتلاف ماله وبهذا اتضح ما مر ودل كلام المصنف أن إجارة الموقوف عليه غير صحيحة علله الشارح بأنه غير ناظر ولا مالك. ومن ثم قال في (جامع الفصولين) الدعوى من الموقوف عليه غير مسموعة على الصحيح وبه يفتى انتهى، وظاهر أنه لو كان ناظراً ملك الإجارة والدعوى فإن أبى أجرها الحاكم، بقي هل له ولاية الإجارة مع عدم إبائه بحكم الولاية العامة؟ جزم في (الأشباه والنظائر) بأنه ليس له ذلك أخذاً مما أفتى به الشيخ قاسم من أنه لو شرط التقرير لناظر ليس لغيره ولاية ذلك ولو كان قاضياً ويدل عليه ما في (القنية) القاضي

ويصرف نقضه إلى عمارته إن احتاج وإلا حفظه للاحتياج ولا يقسمه بين مستحقي الوقف وإن جعل الواقف غلة الوقف لنفسه ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يملك التصرف في مال اليتيم مع وجود وصيه ولو منصوبة وسكت كثير عن حكم العمارة من المتولي أو القاضي. وفي (المحيط): فإن أجرها القيم وأنفق الأجرة في العمارة فتلك العمارة المحدثة تكون لصحاب السكنى لأن الأجرة بدل المنفعة وتلك المنفعة كانت مستحقة لصاحب السكنى فكذلك بدل المنفعة تكون له والقيم إنما أجر لأجله انتهى، ومقتضاه أنها تورث عنه لو مات. قال في (الفتح): ولو لم يرض بالعمارة ولم يجد القاضي من يستأجرها لم أر حكم هذه في المنقول من المذهب والحال فيها يؤدي إلى أن تصير نقضاً في الأرض كرماد تسفوه الرياض وخطر له أني يخيره القاضي بين أن يعمرها فيستوفي منفعتها وبين الإمام يردها إلى ورثة الواقف، قال في (البحر): وهو عجيب لأنه لا يستبدلها حينئذ، قال هشام: سمعت محمداً يقول: الوقف إذا صار بحال لا ينتفع به المساكين فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره وليس في ذلك إلا للقاضي ذكره في (الذخيرة) أما عوده إلى الواقف أو إلى الورثة فقد قدمنا ضعفه، واعلم أن المسجد إذا خرب وكان في محلة وليس له ريع يعمر منه. قال في (الفتح): تجب عمارته من بيت المال لأنه من حاجة المسلمين (ويصرف) الحاكم ومعلوم أن التولي له ذلك أيضاً، وبه صرح في (الحاوي) (نقضه) بالضم البناء المنقوض، وعن الثوري أنه بالكسر لا غير كذا في (المغرب) أي: يصرف ما انهدم من بناء الوقف وآلته (إلى عمارته إن احتاج) الأمر إليه بأن حضره الموت وكان المنهدم لقلته لا يخل بالانتفاع فيؤخره للاحتياج وإلا فبالانهدام لتحقق الحاجة فلا معنى للشرط حينئذ نبه عليه في (الفتح)، وأغفله في (البحر) وإن تعذر إعادة عينه إلى موضعه بيع وصرف ثمنه إلى المرمة صرفاً للبدل إلى مصرف المبدل كذا في (الهداية) وهو ظاهر في أن بيعه حيث أمكن إعادة عينه لا يجوز وهل يفسد البيع أو يصح مع إثم المتولي؟ قال في (البحر): لم أره وينبغي الفساد (وإلا) أي: وإن لم يحتج إليه (حفظه للاحتياج) هذا إذا لم يخف عليه الضياع فإن خافه باعه وأمسك ثمنه لعمارته عند الحاجة كذا في (الحاوي)،/ (ولا يقسمه) أي: النقض (بين مستحقي الوقف) لأن حقهم إنما هو في المنافع لا في العين وكذا ينبغي أن لا يقسم أيضاً لو باعه لو قلنا، (ولو جعل الواقف غلة الوقف لنفسه) وعرف منه صحة اشتراط بعضها بالأولى ولا فرق

أو جعل الولاية إليه صح ـــــــــــــــــــــــــــــ بين كونه معيناً كالنصف والربع أو لا كقوله على أن تقضى منه ديوني وما فضل بعد ذلك يكون للفقراء (وجعل الولاية) أي: ولاية الوقف (إليه صح) أما الأول فهو قول أبي يوسف وعليه الفتوى لما رواه المشايخ (أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل من وقفه) ولا يحل ذلك إلا بشرط للإجماع على أنه إذا لم يشترط ذلك لا يحل له وإنما الاختلاف مع الشرط فقال أبو يوسف: يحل ومحمد لا يحل قيل: الخلاف مبني على اشتراط التسليم إلى المتولي شرطه محمد فمنع اشتراط الغلة لنفسه لأنه حينئذ لا ينقطع حقه منه وما شرط القبض إلا لينقطع حقه ولم يشترطه أبو يوسف فجوزه وقيل: بل مسألة مبتدأة. قال في (الفتح): وهذا أوجه ولو شرط الغلة لأمهات أولاده ومدبريه ما داموا أحياء فإذا ماتوا كان للفقراء رجح في (الهداية) (والمجتبى) أنه على الخلاف أيضاً ورجح غيره أنه صحيح بالاتفاق وهو المذكور في عامة الكتب والفرق لمحمد بين هذا واشتراط الغلة لنفسه أن حريتهم ثبتت بموته فكيف يكون الوقف عليهم كالوقف على الأجانب؟. قال الخصاف: ولو شرط أن ينفق على نفسه وولده وحشمه وعياله من غلة هذا الوقف فلما جاءت الغلة باعها وقبض الثمن ثم مات قبل أن ينفق ذلك يكون لورثته وفرع في (الهداية) على الخلاف ما لو شرط الاستبدال لنفسه جوزه أبو يوسف وأبطل محمد الشرط والصحيح قول أبي يوسف، وأجمعوا أنه لو شرطه في أصل الوقف صح الشرط كذا في (الخانية) بقي ما لو شرط عدمه ويكون الناظر إذا هم به معزولاً بعمله. قال الطرسوسي: لم أقف عليه وقواعد المذهب تقتضي أن للقاضي ذلك وقد أوضحناه في الإجابة وحذفنا كثيراً من أحكام الوقف من هذا الشرح استغناء بما فيها من الإشباع والله الموفق، وأما الثاني وهو اشتراط الولاية لنفسه فجائز بالإجماع لأن شرط الواقف معتبر فيراعى كالنصوص غير أن عند محمد يسلمه ثم تكون له الولاية لأن التسليم شرط عنده وذكر هلال في وقفه فقال: وقال أقوام شرط الواقف الولاية لنفسه كانت له وإن لم يشترط لا تكون له ولاية يعني بعض المشايخ. قال مشايخنا: الأشبه أن يكون هذا قول محمد لا يقال: كيف يكون هذا قول محمد والتسليم شرط عنده لأنا نقول هذا لا ينافي التسليم لأنه يمكنه أن يسلمه ثم يأخذه منه وذكر في (الهداية) أنه يحتمل أن يسقط التسليم عنده إذا شرط الولاية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لنفسه لأن شرطه يراعى كذا في (الشرح) وتعقبه الشيخ قاسم في بعض رسائله بأن دعوى الإجماع لا تصح لأن المنقول أن اشتراطها يفسد الوقف عند محمد كما في (الذخيرة). وقوله: إن شرط الواقف يراعى كالنصوص مراده أنه يجب العمل به كالنصوص وهو خلاف ما قاله العلماء، قال شيخ الإسلام: قولهم شرط الواقف كنص الشارع أي: في الولاية والفهم لا في وجوب العمل به وقوله غير أن عند محمد ... ممنوع مما نقله في شرح (السير) وغيره أنه بعدما سلمه له ولاية عزله ويستبدل به وقوله يعني بعض المشايخ معرضاً بأن هلال أدرك بعض أصحاب أبي حنيفة مات سنة خمس وأربعين ومائتين والمشايخ بالاصطلاح يقال: على من دونه ثم من الشراح من فسر قول هلال كما ذكر في (الذخيرة) بأن المراد بالولاية ولاية الملك الثابتة قبل الوقف فإن شرطها لنفسه كانت له ولا يصح الوقف كما قال محمد وإن لم يشترط لم يكن له، وعن هذا قال مشايخنا: الأشبه أن يكون هذا قول محمد وبهذا لا يرد الإشكال الذي أورده في (الهداية) ولحظه الشارح وأجاب عنه بقوله لأنا نقول حينئذ على أنه مردود بما قدمناه عن (السير). ولفظ محمد في (السير) أنه لو دفعه إلى قيم وشرط أنه إن مات القيم قبله فله أن يقيم فيه من أحب جاز الشرط فيراعى بشرط آخر ولم يمنع هذا الشرط إخراجه من يده فتم الحبس ولا يبطل بعوده إلى يده كيد غيره فقول صاحب (الهداية) في حل الإشكال: تأويل هذا فيما إذا سلمه إلى المتولي وقد كان شرط الولاية لنفسه حين وقفه كان له الولاية بعدما سلمه إلى المتولي فيه سقط وهو موت القيم كما قدمته من لفظ محمد والسغناقي لم يقف على لفظ محمد في كتابه ولا في شروح كتابه وما في (النهاية) لا صحة له ولا لتعليله أما الأول فلما/ تقدم أن اشتراط الولاية مبطل للحبس وأما الثاني فقد قالوا: إنه ليس كل شرط يراعى انتهى ملخصاً. وأقول: في (فتاوى قاضي خان) ذكر محمد في (السير) أنه إذا وقف ضيعة وأخرجها إلى القيم لا يكون له ولاية بعد ذلك، وأراد شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية الحنبلي فإنه في موضع آخر عزى هذا إلى أبي عبد الله الدمشقي عن شيخه شيخ الإسلام وأبو عبد الله هو ابن مفلح الحنبلي وشيخه هو ابن تيمية وهذا كما ترى لا يلزم أن يكون رأياً للحنفية فالاستدلال به غير قادح وأي مانع من أنه كنص الشارع في وجوب العمل به فإذا شرط عليه أداء خدمة كقراءة أو تدريس وجب عليه إما

وينزع لو خائناً كالوصي وإن شرط أن لا ينزع. ـــــــــــــــــــــــــــــ العمل أو الترك لمن يعمل حتى لو لم يترك ينبغي أن لا يتردد في إثمه ولا سيما إذا كانت الخدمة مما يلزم بتركها تعطيل شعيرة من شعائر الإسلام كالأذان ونحوه فتدبره، إلا إذا كان شرط الولاية لنفسه وأما إذا لم يشترط فليس له ولاية بعد التسليم. قال: وهذه المسألة بناء على أن عند محمد التسليم إلى المتولي شرط الوقف فلا يبقى له ولاية بعد التسليم إلا إن شرط الولاية لنفسه ذكره في (الفتح) وقال: أو لا وبنى على الخلاف أي: في اشتراط التسليم وعدمه ما ذكر من أن الواقف إذا شرط الولاية في عزل القيم والاستبدال لنفسه ولأولاده وأخرجه من يده وسلمه إلى متولٍ فهذا جائز نص عليه في (السير الكبير). وفي (الإسعاف) ذكر هلال والناطفي في ذكر محمد في (السير) أن الواقف إذا وقف ضيعة له وأخرجها إلى القيم لا تكون له الولاية بعد ذلك إلا أن يشترط لنفسه انتهى، وهذا كما ترى صريح في أن اشتراطها صحيح بالإجماع وكون الولاية ولاية الملك بعيد جداً وبه عرف أن مسند المنع محمول على ما إذا لم يشترطها لنفسه فلا يصح الاستناد إليه وما ادعاه في قدح المشايخ كصاحب (النهاية)، وتبعه في (العناية) وفي (فتح القدير) وغاية الأمر أن المشايخ اختلفوا في تأويل ما نقل عن محمد والله الموفق. وما في (الخلاصة) إذا شرط الواقف أن يكون هو المتولي فعند أبي يوسف الوقف والشرط صحيحان وعند محمد الوقف والشرط باطلان يوافق ما حكاه عن (الذخيرة) لكنه محمول على أنه رواية عن محمد، قيد باشتراطه لأنه لو لم يشترطها كان لو الولاية أيضاً عند أبي يوسف وهو ظاهر المذهب خلافاً لمحمد بناء على اشتراط التسليم (وينزع) المتولي (لو خائناً) أي: يجب على الحاكم نزعه إذا كان غير مأمون على الوقف وكذا لو كان عاجزاً نظراً للوقف وصرح بأن مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشرب الخمر ونحوه كذا في (الفتح) وكأنه لأنه قد يصرف مال الوقف فيه فلم يكن مأموناً ونحوه كإن ظهر أنه زان وينبغي أنه لو كان يصرف ماله في الكيمياء أن يعزل أيضاً لما قلنا ومن خيانته امتناعه من العمارة كما في الخصاف ومنها بيعه للوقف بلا مسوغ وظاهر (الذخيرة) أنه لابد من هدم المشتري البناء حيث قال: فإن باع بعض الوقف لترميم الباقي فالبيع باطل فإن هدم المشتري البناء ينبغي للقاضي عزله لأنه صار خائناً والظاهر الإطلاق لما في (القنية) باع شيئاً منه أو رهنه فهو خيانة (كالوصي) أي: كما أنه ينزعه لو خائناً نظراً للصغار (وإن شرط) الواقف (أن لا ينزع) لأنه شرط مخالف لحكم الشرع فيبطله ولو كان الواقف نفسه قيد بكونه خائناً لأنه لا ينزع المأمون المشروط له النظر.

فصل ومن بنى مسجداً لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن بالصلاة فيه وإذا صلى فيه وأحد زال ملكه ومن جعل مسجداً تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل بابه إلى ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (جامع الفصولين): شرط الواقف أن يكون المتولي من أولاده وأولاد أولاده هل للقاضي أن يولي غيره بلا خيانة ولو ولاه هل يكون متولياً؟ قال شيخ الإسلام برهان الدين في (فوائده): لا، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. فصل لما اختص المسجد بأحكام تخالف مطلق الوقف عند الكل فعند الإمام لا يشترط في زوال الملك عنه حكم الحاكم ولا الإيصاء ولا يجوز مشاعاً عند الثاني ولا يشترط فيه التسليم إلى المتولي عند الثالث فصل يفصل على حدة (من بنى مسجداً) لله تعالى جرى على الغالب لما سيأتي في الساحة ولم يقل في ملكه استغناء بقوله: (لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه بطريقه) لأنه لا يخلص لله تعالى إلا به. وفي (القنية) جعل وسط داره مسجداً وأذن للناس بالدخول والصلاة فيه إن شرط معه الطريق صار مسجداً في قولهم جميعاً وإلا فلا عند أبي حنيفة وقالا: يصير مسجداً ويصير الطريق من حقه من غير شرط كما لو أجر أرضه ولم يشترط الطريق انتهى، (ويأذن/ بالصلاة فيه) أشار بإطلاقه إلى أنه لا يشترط أن يقول أذنت فيه بالصلاة جماعة أبداً بل الإطلاق كاف كذا في (البحر). وفي (الخانية): له ساحة أمر قوماً أن يصلوا فيها بجماعة قالوا: إن أمرهم بالصلاة أبداً أو أمرهم بالصلاة جماعة ولم يذكر الأبد إلا أنه أراد ثم مات لا يكون ميراثاً عنه وإن أمرهم بالصلاة شهراً أو سنة ثم مات تورث لأنه لابد من التأبيد والتوقيت ينافيه. قال في (الفتح): ومقتضى هذا أن لا يصير مسجداً فيما إذا أطلق وهذا لا يرد على ما قدمناه من أن الإطلاق كاف للفرق بين الإطلاقين وذلك أن الأول أن يقول: أذنت بالصلاة فيه والثاني أن يقول لقوم أذنت أن تصلوا فيه (وإذا صلى فيه واحد) ولو كان مميزاً أو أنثى كما هو ظاهر الإطلاق (زال ملكه) لأنه لابد من التسليم عندهما خلافاً لأبي يوسف وقد تعذر القبض فأقيم حصول المقصود مقامه وهو صلاة واحد فيه وهذا لأن قبض الجنس متعذر فاكتفى بالواحد، ولو قال المصنف: ويصلي فيه واحد عطفاً على يفرزه وحذف قوله زال ملكه لكان أولى. وعبارته في (الوافي) بنى مسجداً وأفرزه بطريقه وأذن بالصلاة فيه وصلى زال ملكه أحسن واختلف في صلاة الواقف وحده والأصح أنه لا يكفي إذ لا يكون قابضاً

الطريق وعزله أو اتخذ وسط داره مسجداً وأذن للناس بالدخول فله بيعه ويورث عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ من نفسه وما جرى عليه المصنف من الاكتفاء بصلاة واحد هو ظاهر الرواية عنهما كما في (الخانية) وروي عنهما أنه لا يزول إلا بالصلاة بجماعة جهراً بأذان وإقامة حتى لو كان سراً بأن كان بلا أذان ولا إقامة لا يصير مسجداً. قال الشارح: وهذه الرواية هي الصحيحة لأن المساجد تبنى لإقامة الصلاة بالجماعة فلا يصير مسجداً قبل حصول هذا المقصود ولو اتحد الإمام والمؤذن وصلى فيه بأذان وإقامة صار مسجداً اتفاقاً وإذ قد عرفت أن الصلاة فيه أقيمت مقام التسليم علمت أنه بالتسليم إلى المتولي يكون مسجداً دونها وهذا هو الأصح كما في (الشرح) وغيره، وفي (الفتح) وهو الأوجه لأن بالتسليم إليه يحصل تمام التسليم إليه تعالى وكذا لو سلمه إلى القاضي أو نائبه كما في (الإسعاف)، وقيل: لا يصير مسجداً، واختاره السرخسي وبه اندفع ما في (البحر) أن مفاد ما في (الكتاب) حيث اشترط الصلاة فيه أن لا يكون مسجداً. واعلم أن الوقف إنما احتيج في لزومه إلى القضاء عند الإمام لأن لفظه لا ينبئ عن الإخراج عن الملك بل على الاتفاقية لتحصيل الغلة على ملكه فيتصدق بها بخلاف قوله جعلته مسجداً فإنه لا ينبئ عن ذلك ليحتاج إلى القضاء بزواله فإذا أذن بالصلاة فيه وصلى فيه قضى العرف بزواله عن ملكه ومقتضى هذا أنه لا يحتاج إلى قوله: وقفته ونحوه وهو كذلك وأنه لو قال: وقفته مسجداً ولم يأذن بالصلاة فيه ولم يصل فيه أحد أنه لا يصير مسجداً بلا حكم وهو بعيد كذا في (الفتح) ملخصا، ولقائل أن يقول: إذا قال: جعلته مسجداً فالعرف قاض وماض بزواله عن ملكه أيضاً غير متوقف على القضاء وهذا هو الذي لا ينبغي أن يتردد فيه. فرع أراد أهل المحلة نقض المسجد وبناءه أحكم من الأول إن لم يكن الباني من أهل المحلة ليس لهم ذلك وإن كان من أهل المحلة لهم ذلك كذا في (البزازية) (ومن جعل مسجداً تحته سرداب) جمعه سراديب وهو بيت يتخذ تحت الأرض لغرض تبريد الماء وغيره كذا في (الفتح) وشرط في (المصباح) أن يكون ضيقاً، (أو فوقه بيت وجعل بابه) أي: المسجد (إلى الطريق وعزله أو اتخذ وسط داره مسجداً وأذن للناس بالدخول) فيه (فله بيعه ويورث عنه) في ظاهر المذهب أما إذا كان العلو مسجداً فلأن أرض العلو لصاحب السفل. وأما إذا كان السفل مسجداً فلأن لصاحب العلو حقاً في السفل حتى كان له أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يمنعه من أن يحدث بناء وما رهنه بغير إذنه اتفاقاً فلم يكن خالصاً لله تعالى وشأن المسجد أن يكون خالصاً، قال الله تعالى: {وإن المساجد لله} [الجن: 18] ومعلوم أن كل الأشياء له فكأن فائدة الإضافة اختصاصه به سبحانه وتعالى وهو بانقطاع حق كل من سواه عنه وهو هنا منتف ومن ثم قلنا: لو كان السرداب أو العلو موقوفاً لصالح المسجد جاز إذ لا ملك فيه لأحد فهو كسرداب بيت القدس كذا في (الفتح)، وبه عرف أن الواقف لو بنى بيتاً للإمام فوق المسجد لا يضر في كونه مسجداً لأنه من المصالح، وأما لو تمت المسجدية ثم أراد هدم ذلك البناء فإنه لا يمكن من ذلك. ولو قال: عنيت ذلك لا يصدق كما في (التتارخانية) وأما إذا اتخذ وسط داره مسجداً/ فلأن ملكه محيط بجوانبه فكان له حق المنع من الدخول وشرط المسجد أن لا يكون لأحد فيه حق المنع ولأنه أبقى الطريق لنفسه وهذا يقتضي أنه لو شرط الطريق فيه كان مسجداً وبه صرح الشارح وغيره والله الموفق. تتمة: سكت عن المسجد إذا خرب وليس له ما يعمر به وقد استغنى الناس عنه لبناء غيره أو لخراب البلدة أو لم يخرب لكن استغني عنه لخراب القرية وانتقل أهلها وقد قال محمد: يعود إلى ملك الباني أو إلى ورثته، وقال أبو يوسف وجمهور العلماء: لا يعود وهو مسجد أبداً إلى قيام الساعة، ولا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر سواء كان يصلون فيه أو لا وعليه أكثر المشايخ كما في (المجتبي)، وفي (الفتح) وهو الأوجه. قال في (الحاوي القدسي): وعليه الفتوى، أما القنديل والحصير من مذهبه أنه لا يعود أيضاً إلى ملك متخذه بل يحول إلى مسجد آخر أو يبيعه القيم للمسجد وعلى هذا الخلاف لو انهدم الموقوف وليس له ما يعمر به وكذا حانوت احترق في سوق وصار بحالة لا ينتفع به ولم يستأجر بشيء البتة وكذا حوض محلة خرب وليس له ما يعمر به. قال في (الفتح): وقول من قال في جنس هذه المسائل نظر فليتأمل عند الفتوى غير واقع موقعه وادعى في (البحر) أن النظر وقع موقعه لأن الفتوى على قول أبي يوسف في المسجد فكذا ما ابتني عليه ومحمد يقول بجواز الاستبدال عند الخراب فكيف ينقل عنه القول ببطلان الوقفية ولقد رجع في (الفتح) إلى الحق حيث قال: وفي (الظهيرية) سئل الحلواني عن أوقاف المسجد إذا تعطلت وتعذر استغلالها هل للمتولي بيعها؟ قال: نعم، وروى هشام عن محمد إذا صار الوقف لا ينتفع به المساكين فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره، وعلى هذا فينبغي أن لا

ومن بنى سقاية أو خاناً أو رباطاً أو مقبرة لم يزل ملكه عنه حتى يحكم به حاكم ـــــــــــــــــــــــــــــ يفتى على قوله برجوعه إلى ملك الواقف وورثته بمجر تعطيله أو خرابه بل إذا صار بحيث لا ينتفع به يشترى بثمنه وقف يشتغل ولو كانت غلته دون غلة الأول انتهى. وأقول: ما ادعاه من التدافع بين كلام محمد غير واقع لأن بيعه إنما هو رواية هشام عن محمد وعدم جواز البيع هو المذكور في (السير الكبير) وعليه تفريع عوده إلى ملك الواقف أو ورثته فلا تدافع نعم المعمول به ما رواه هشام كما مر عن (الظهيرية) والله الموفق. فرع من حوادث الفتوى أرصد الإمام قطعة أرض على ساقية ليصرف خراجها في كلفة إدارتها فاستغنى عنها لخراب البلدة فنقلها وكيل الإمام إلى ساقية هي ملك هل يصح هذا النقل؟ أجاب بعض الشافعية بأن الإرصاد على الملك إرصاد على المالك يعني فيصح وهذا لم أره في كلام علمائنا إلا أنه في (الخلاصة) قال: المسجد إذا خرب أو الحوض إذا خرب ولم يحتج إليه لتفرق الناس عنه صرفت أوقافه في مسجد آخر أو حوض آخر انتهى، وعلى هذا فيلزم المرصد عليه أن يديرها لسقي الدواب وتسييل الماء كما كانت ولا يتوهم من كونه إرصاداً على المالك أنه لا يلزم ذلك فتدبر. (ومن بنى سقاية) للمسلمين (أو خاناً) يسكنه بنو السبيل (أو رباطاً أو مقبرة لم يزل ملكه عند) الإمام (حتى يحكم به حاكم) أو يضيفه إلى ما بعد الموت فيلزم بعده وله الرجوع قبله وعند أبي يوسف يزول بمجرد القول كما هو أصله وبه قالت الأئمة الثلاثة، وعند محمد حتى يسلمه بأن يستقي الناس من الساقية والبئر أو الحوض أو شربت منه دابة أو سكنوا الخان والرباط ويدفنوا في المقبرة والواحد يكفي لتعذر الكل ولو سلم إلى المتولي صح التسليم. وفي هذه قال في (الإسعاف): هذا في الخان والسقاية الذي ينزل فيه ويشرب كل يوم أما الخان الذي ينزل فيه الحاج أو الغزاة كل سنة والسقاية التي يحتاج إلى صب الماء فيها فلابد فيها من التسليم إلى المتولي لاحتياجهما إلى من يقوم بمصالحهما، ثم لا فرق في الانتفاع في هذه الأشياء بين الغني والفقير بخلاف الغلة حيث يختص بها الفقير لأن الغني لا يستصحب هذه الأشياء عادة فكان محتاجاً إليها كالفقير أما الغلة فهي مستغن بماله عنها لأنها صدقة وعلى هذا لو وقف الغلة على الحاج أو القراءة أو طلبة العلم اختص به الفقراء كذا في (المحيط).

وإن جعل شيء من الطريق مسجداً صح كعكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن جعل شيء) أي: جعل الباني شيئاً (من الطريق مسجداً) لضيقه/ ولم يضر بأصحاب الطريق (صح) أي: جاز هكذا روي عن الإمام ومحمد لأن الطريق للمسلمين والمسجد لهم، ولو كان بجنبه أرض لرجل وقد ضاق تؤخذ أرضه بالقيمة كرهاً، ولو كانت الأرض وقفاً على المسجد جاز بأمر القاضي كذا في (الخانية) وفيها أذن السلطان لقوم أن يجعلوا أرضاً من أراضي البلدة حوانيت موقوفة على المسجد وأمروا أن يزيدوا في مسجدهم. قالوا: إن كانت البلدة فتحت عنوة وذلك لا يضر بالمادة والناس ينفذ أمر السلطان فيها، وإن كانت فتحت صلحاً لا ينفذ لأنها في الأول تصير ملكاً للغانمين وفي الثاني تبقى على ملك مالكها (كعكسه) أي: كما يجوز عكسه وهو ما إذا جعل في المسجد ممراً لتعارف أهل الأمصار في الجوامع فيجوز لكل أحد أن يمر فيه حتى الكافر لا الجنب والحائض والنفساء وليس لهم أن يدخلوا فيه الدواب كذا في (الشرح). خاتمة: في المتولي وغيره: اعلم أنه إما أن يكون بالشرط أو بغيره ويشترط في الكل العقل والبلوغ. قال في (الإسعاف): أوصى لصبي بطل مطلقاً قياساً وفي الاستحسان هي باطلة ما دام صغيراً فإذا كبر تكون الولاية له وحكم من لم يخلق من أولاده ونسله في الولاية كحكم الصغير قياساً واستحساناً، وأفاد أنه لا يشترط فيه أن يكون حراً ولا مسلماً حيث قال: ولو كان ولده عبداً يجوز قياساً واستحساناً والذمي في الحكم كالعبد فلو أخرجهما القاضي ثم أعتق العبد وأسلم الذمي لا تعود الولاية إليهما انتهى. وفيه نصب الواقف عند موته وصياً ولم يذكر من أمر الوقف شيئاً تكون ولاية الوقف إلى الوصي، ولو جعله وصياً في أمر الوقف فقط كان وصياً في الأشياء كلها عندهما خلافاً لأبي يوسف، وليس لأحد الناظرين التصرف بدون رأي الآخر، وعلى قياس أبي يوسف يجوز. ولو نصب متولياً على وقفه ثم وقف آخر ولم يجعل له متولياً لا يكون الأول متولياً الثاني إلا أن يقول: أنت وصيي، ولو جعل ولاية وقفه لرجل ثم جعل آخر وصية يكون شريكاً للمتولي إلا أن يقول: أوقفت أرضي على كذا وكذا وجعلت ولايتها إلى فلان وجعلت فلاناً وصيي في تركاتي وجميع أموري فحينئذ ينفرد كل منهما بما فوض إليه. قال في (البحر): ومنه يعلم جواب حادثة وجد مكتوباً وقف وفي أحدهما أن المتولي فلان والآخر أنه غيره والثاني متأخر التاريخ فأجيب بأنهما يشتركان ولا يكون الثاني ناسخاً لأن التولية تخالف سائر الشرائط لما أنه له التغيير والتبديل فيها من غير

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرط على قول الثاني وأما باقي الشرائط فلا بد من ذكرها في أصل الوقف ولو شرطها لأفضل أولاده وقد استووا في الفضل كانت لأسنهم كما في (الإسعاف). والمذكور في (الظهيرية) أن الأوفر علماً بأمور الوقف أولى بعد أن تؤمن خيانته وعائلته وهو الأولى، وقدمنا أنه لو عزله بغير جنحة لم ينعزل ومن ثم ذكر الخصاف أن الحاكم لو أخرج قيماً فمات أو عزل فادعى المخرج عند الثاني أن الأول أخرجه بلا جنحة لا يدخله لأن أمره محمول على السداد ولكن يكلفه أن يثبت عنده أنه أهل للنظر فإن فعل أعاده وكذا لو أخرجه لفسقه أو خيانة فإن تاب إلى الله وأقام بينة عند المخرج أنه صار أهلاً وجب عليه أن يرده واستشكله في (البحر) بأنه كيف يعيد الطالب مع قولهم: طالب التولية لا يولى وأجاب بأنه محمول على طلبها ابتداء جمعاً بين كلامهم. وأقول: الحق أن ما في الخصاف في المشروط له التولية بدليل قوله: وجب عليه أن يعيده وقولهم طالب التولية لا يولى في غيره وبه عرف أن المشروط له النظر لو طلب من القاضي تقريره فيه أجابه لأنه إنما يريد التقيد لا أصل التولية لأنه مولى وهذا فقه حسن فاحفظه، وأما بغيره وهو منصوب القاضي كما إذا مات الواقف ولم يجعل الولاية لأحد أو مات المشروط له بعد الواقف ولم يوص إلى أحد فإنه ينصب متولياً ولا يجعله من الأجانب إلا إذا لم يجد من أهل بيت الواقف من يصلح لذلك لأنه أشفق ومن قصده نسبة الوقف إليهم. قال في (الفتح): والصالح للنظر من لم يسأل الولاية ولم يكن له فسق ظاهر ثم قال: وينعزل الناظر بالجنون المطبق إذا دام سنة فإذا عاد إليه عقله عاد إليه النظر انتهى، والظاهر هذا في المشروط له النظر أما منصوب القاضي فلا، وقد علمت أنه يعزل لو خائناً، قال في (القنية): أو يضم إليه انتهى، وهو المسمى بالناظر حسبة في عرفنا أي: من غير معلوم، وفي آخر أوقاف الخصاف أما الإخراج فلا ينبغي إلا بخيانة وأما إذا أدخل معه رجلاً فالأجر له فإن رأى أن يجعل له شيئاً من هذا المال فلا بأس به وهل له أن/ يتصرف؟ قال: المشايخ: ليس للمشرف أن يتصرف في مال الوقف بلا وظيفة له الحفظ لا غير. قال في (الفتح): وهذا يختلف بحسب العرف في معنى المشرف الشرف، بقي هل للأصيل أن يستقل بالتصرف دونه؟ لم أر المسألة في كلامهم إلا أنني رأيت الشيخ الأخ تغمده الله تعالى برحمته أفتى بأنه إن ضم إليه الخيانة لا يستقل وإلا كان له ذلك وهو حسن وذلك أنه قد يضمه لشك أو ارتياب في أمانته ولو نصب القاضي قيماً آخر لا ينعزل والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

كتاب البيوع

كتاب البيوع هو مبادلة المال بمال بالتراضي ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب البيع لما فرغ من حقوق الله تعالى التي هي العبادات والعقوبات والكفارات شرع في المعاملات التي هي حقوق العباد ثم في تقديم بعض الأبواب على بعض مناسبات مرت ووقع في آخرها ترتيب أقسام حقوق العباد وهو الوقف على البيع لأنه إذا صح خرج عن ملك الواقف لا إلى مالك وفي البيع إلى مالك فنزل منزلة البسيط من المركب وهو مقدم في الوجود فقدم في التعليم، قال في (الفتح): ولا يخفي شروعه في المعاملات من زمان فإن ما تقدم من اللقطة واللقيط والمفقود والشركة من المعاملات انتهى. وكان النكاح أولى بالذكر من اللقيط ونحوه، وهو لغة مقابلة شيء بشيء قيل: هذا التعريف يدخل فيه السلام وإطلاق البيع عليه أبعد من البعيد. قال في (القاموس): باعه يبيعه بيعاً ومبيعاً والقياس بياعاً إذا باعه وإذا اشتراه ويطلق على كل واحد من المتعاقدين أنه بائع غير أن المتبادر عند الإطلاق هو باذل السلعة، وقد يراد به المعقول فيجمع باعتباره كما يجمع المبيع، قال في (المغرب): والأصل فيه مبادلة مال بمال لقولهم بيع رابح وبيع خاسر وذلك حقيقة في وصف الأعيان وإطلاقه على العقد مجاز لأنه سبب التمليك والمحذوف من مبيع الواو عند سيبويه لزيادتها، وقال الأخفش: هو العين والتوجيه لكل معروف في محله. قال المازني: كلاهما حسن وقول الأخفش أقيس ونبه على معناه الشرعي بقوله: (هو مبادلة المال) أي: تمليك المال كما في (الدراية) (بالمال بالتراضي) هذا القيد زيد شرعاً كما قال فخر الإسلام والذي يظهر أن التراضي لابد منه لغة أيضاً فإنه لا يفهم من باعه وباع زيد عبده إلا أنه يستدل به بالتراضي وأن الأخذ غصباً أو إعطاء شيء من غير تراض لا تقول فيه أهل اللغة باعه كذا في (الفتح) وهذا الحد بيع من كل وجه انتهى، وهذا كالصريح في أنهم أرادوا تعريف البيع المركب من الإيجاب والقبول وهو العقد لا قسيم الشراء وهو الذي يشتق منه لمن صدر عنه لفظ بائع وبه ظهر أن قوله في (الحواشي السعدية) لا يخفي عليك أن تفسيره بالمبادلة المذكور تسامح والمراد ما هو مبدؤها التام فلا يرد النقض بالشراء على أن الباء الداخلة على المال هي بالعوض والمقايضة انتهى، إنما يحتاج إليه بناء على أن المراد به قسيم الشراء لا العقد فتدبره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ زاد في (العناية) على طريق الاكتساب وفسرها في شرح (الدرر) بالتجارة ورده في (الحواشي السعدية) بأنها هي المبادلة كما صرح بذلك في مأذون (الهداية) فيكون المعنى المبادلة المذكورة على طريق المبادلة بل هي طلب الربح فخرج بذلك الهبة بشرط العوض والتبرع من الجانبين ولا يخفى أن الهبة بشرط العوض والتبرع خالية عن المبادلة ابتداء أما انتهاء فمسلم ولا يضرنا، وكل من التبرع عين هبة مستقلة من كل جانب فلا مبادلة وكان هذا هو السر في حذف أهل التحقيق هذا القيد. واعلم أن التقييد بالتراضي اقتداء بالآية وبه خرج بيع المكره ولولاه لكان الحذف أولى كما في (الوقاية) لشمول التعريف للفاسد بسائر أنواعه كما لو باع درهماً بمثله واتحدا وزناً وصفة وقد صرح بفساده في (الذخيرة) إذ غاية الأمر أن بيع المكره فاسد فما باله خصه بالإخراج مع أن حكمه إنما ذكر في الإكراه لكن عدم ذكره لا يستدعي إخراجه من التعريف إذ الصرف أيضاً غير مذكور فيه لإفراده بكتاب مع شمول التعريف له وعرف من هذا أن الرضا ليس جزء مفهومه شرعاً وإلا لكان بيع المكره باطلاً، بلا شرط لثبوت حكمه وهذا لأن لفظ بعت ليس علة لثبوت الرضا بل إمارة عليه فيتحقق ولا رضا وشرط في العاقد التمييز والولاية الكائنة عن ملك أو وكالة أو وصية أو قرابة أو غير ذلك فلم ينعقد بيع المجنون والصبي الذي لا يعقل أما بيع الصبي أو المعتوه الذي يعقل البيع وأثره فمنقعد، والتعدد فلم ينعقد بالوكيل من الجانبين إلا في الأب والقاضي والوصي فإنه إذا اشترى أحدهم مال اليتيم من نفسه أو باعه من صح وكذلك العبد يشتري نفسه من مولاه بأمره وشرط في الوصي النفع الظاهر بأن اشترى منه ما يساوي عشرة بخمسة عشر أو بيع خمسة عشر بعشر والظاهر أن العبرة في/ القيمة لوقت العقد حتى لو زادت بعده لا ينتقض شراؤه ولا يشترط هذا في الأب كما في وصايا (الخانية) وسماع كل منهما كلام الآخر. ولو ادعى أحدهما عدمه مع سماع أهل المجلس لا يصدق حيث لا وقر في أذنه، وما في (القنية) لا يجوز أن يناديه من بعيد أو من وراء جدار محمول على ما إذا لم يسمع كلامه ولذا رقم بعده رجل في البئر قال للذي في السطح: بعت منك بكذا فقال: اشتريت صح إن كان كل واحد منهما يرى صاحبه ولا يلتبس الكلام للبعيد ثم رقم تعاقد البيع وبينهما النهر المردخاني يصح، قلت: وإن كان نهراً عظيماً تجري فيه السفن؟ قال الشيخ: وقد تقرر أي: في أمثال هذه الصور إن كان البعد بحال يوجب التباس ما يقول كل واحد منهما لصاحبه يمنع وإلا فلا، وفي العقد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ موافقة الإيجاب للقبول فإن قبل المشتري غير ما أوجبه البائع أو بعض ما أوجبه أو بغير ما أوجبه أو ببعضه لم ينعقد لتفرق الصفقة إلا في الشفعة كما سيأتي. وفي المبيع كونه مالاً متقوماً شرعاً مقدور التسليم في الحال أو في ثاني الحال كذا في (الفتح) فخرج بالمال الحر وبالمتقوم الخمر والخنزير في حق المسلم، قيل: التقوم إنما هو شرط في البيع الصحيح والكلام فيما يعم الفاسد أيضاً والحق أن من شرط التراضي فإنما أراد الصحيح ومن حذفه أراد ما يعم الفاسد وبالقدرة بيع الآبق على الظاهر زاد في (البحر) وأن يكون مملوكاً في نفسه موجوداً ليخرج بيع الكلأ ولو في أرضه وبيع المعدوم وقد يستغنى عن الثاني بكونه مقدور التسليم وههنا فرعان في (القنية) الأول: ما يؤخذ من البياع على وجه الجر كالعدس والملح والزيت ونحوها لو اشتراها بعدما انعدمت صح، والثاني: شراء التذاكر التي يكتبها الديوان على العمال لا يصح، قيل له: أئمة بخارى جوزوا بيع خطوط الأئمة، قال: لأن مال الوقف قائم ولا كذلك ثمة قال في (البحر): والفرع الأول خرج عن القاعدة فيجوز بيع المعدوم هنا ويستفاد من الثاني أن يجوز للمستحق بيع خبزه قبل قبضه انتهى. وأقول: الظاهر أن ما في (القنية) ضعيف لاتفاق كلمتهم على أن بيع المعدوم لا يصح وكذا غير المملوك والمانع من أن يكون المأخوذ من العدس ونحوه بيعاً بالتعاطي ولا يحتاج في مثله إلى بيان الثمن لأنه معلوم كما سيأتي وخط الإمام لا يملك قبل القبض فأنى يصح بيعه؟ ولكن على ما ذكر مما قبله ابن وهبان في كتاب الشرب ما في (القنية) إذا كان مخالفاً للقواعد لا التفات إليه بما لم يعضده نقل من غيره، وسبب شرعيته تعلق البقاء المعلوم لله تعالى على وجه جميل وحكمه الملك وهو القدرة على التصرف شرعاً فلا ينقض التعريف بتصرف المشتري في المبيع قبل قبضه فإنه ممتنع مع الملك وكذا لو وطئ بعدم الاستبراء في الأمة إذ لا يلزم من العجز الغير المشروع العجز عن المشروع ولما كان الملك هو المقصود من شرعية البيع اقتصروا عليه وإن ترتب عليه غيره من عتق القريب ووجوب الشفعة وملك المنفعة في الجارية والخيارات ضمناً كذا في (العناية) وهو ظاهر في أنه شرعاً قيد في التصرف وفيه بحث، أما أولاً فلأنه لو أطلق التصرف وجعل قيداً للقدرة لا ينتقض التعريف أيضاً والجواب أن الأصل في لام التعريف إذا لم يكن ثمة مفهوم هو الحمل على الاستغراق عند الجمهور، وأما ثانياً فلأن هذه القدرة قد توجد في صورة الإباحة ألا ترى أنا نقدر على الشرب من المباح والتوضؤ منه وإحرازه في الإناء فالتعريف غير مانع فلا بد من اعتبار قيد بوصف الاعتبار على ما اعتبره الإمام النسفي كذا في

ويلزم بإيجاب وقبول ـــــــــــــــــــــــــــــ (الحواشي السعدية)، وأنت خبير بأن الحمل على الاستغراق يدفع هذا لامتناع التصرف فيه بنحو بيع قبل الإحراز فتدبره. (ويلزم) أي: البيع (بإيجاب وقبول) أي: بسببهما عدل عن قول القدوري البيع ينعقد بالإيجاب والقبول لأن ظاهره يفيد أنهما غيره مع أنهما عينه، ولذا قال في (الفتح): المراد بالبيع هنا المعنى الشرعي الخاص المعلوم حكمه وإنما قلنا هذا لأنه لو قال: ينعقد بالإيجاب والقبول لجعلهما غيره مع أن البيع ليس إلا بالإيجاب والقبول الموجودين جساً يرتبطان ارتباطاً حكمياً فيجعل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثراً له بذلك المعنى هو البيع فالمراد بذلك المعنى المجموع المركب من الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشيء لا أن البيع مجرد ذاك المعنى الشرعي والإيجاب والقبول آلة له كما توهمه/ البعض لأن كونهما أركاناً ينافي ذلك فإن قلت: كيف قال في (الفتح) البيع ليس إلا الإيجاب والقبول انتهى مع أنه الربط أيضاً؟ قلت: كونه استغنى عنه بذكر القبول إذ لا يكون قبولاً شرعاً بدونه. ثم قال في (الفتح): لكن الظاهر أن المراد بالبيع هنا ليس إلا نفس حكمه لا معنى له إلا ذلك الحكم وما قبل البيع عبارة عن معنى شرعي يظهر في المحل عند الإيجاب والقبول حتى يكون العاقد قادراً على التصرف ليس غير الحكم الذي هو الملك لأنه هو الذي ثبت به قدرة التصرف عند وجود الفعلين أعني الشرطين بوضعهما سبباً شرعياً له وليس هناك شيء ثالث انتهى. وفي (الحواشي السعدية) إما أن يراد بالبيع مجموع الإيجاب والقبول مع الارتباط الشرعي بينهما كما هو الظاهر أو الارتباط فقط أو ما بقوله البائع حال العقد وعلى التقدير الأول ينبغي أن يكون ينعقد بمعنى يحصل على طريق ذكر المقيد وإرادة المطلق أو بمعنى يحصل الانعقاد به ويجعل من قبيل وصف الكل بحال بعض أجزائه، وعلى الثاني يتعين الأول وعلى الثالث يكون المعنى أن قول البائع حين قصده إنشاء البيع إنما يرتبط بكلام المشتري ويحصل منهما معنى شرعي إذا كان كل منهما بلفظ الماضي، وقول الشراح الانعقاد هنا بمعنى تعلق كلام أحد المتعاقدين بالآخر شرعاً على وجه يظهر أثره يلائم المعنى الثالث أن لا يظهر العائد إلى المبتدأ في الجملة المجعولة خبراً على المعنيين كما لا يخفي انتهى، وإنما كان على الأول من ذكر المقيد وإرادة المطلق لأن المحصول إنما يكون في جزأين وليس مراداً وعلى الثاني من قبيل وصف الكل بحال بعض أجزائه لأن الذي يحصل الانعقاد به إنما هو الربط ولا شك أنه جزء وهذا المقام يحتاج إلى تدبر في الكلام، ونبه بقوله

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يلزم إلى أنه ليس لأحدهما بعد القبول خيار المجلس وأنه لا يحتاج تمام العقد إلى إجازة البائع بعد ذلك وبه قال العامة وهو الصحيح خلافاً لمن قال يحتاج كما في (الذخيرة) وإلى أنه لو أقر بالبيع كاذباً لم ينعقد كما في (الصيرفية) وبهذا عرف أن الضمير في يلزم يعود على البيع الذي هو العقد لا أن المراد حكم البيع كما توهمه في (البحر)، ثم الإيجاب اللفظ الصادر أولاً والقبول هو الصادر ثانياً ويرد على التعريفين ما لو خرجا معاً فإنه صحيح كما في (التتارخانية)، وعلى الأول ما لو تعدد الإيجاب فإن القبول يكون إلى الإيجاب الثاني ويكون بيعاً بالثمن الأول وفي الطلاق والإعتاق على مال إذا قبل بعدهما لزمه المالان ولا يبطل الثاني الأول كما في (جامع الفصولين). وفي قوله: لا يبطل الثاني الأول هو الأولى في التحقيق ومن ثم قلنا: لو تعددا وكان الثاني بأزيد أو بأنقص من الأول انفسخ الأول، واختلف فيما إذا كان فاسداً ومقتضى النظر أن الأول لا ينفسخ، فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون الثاني تأكيداً والإيجاب هو للأول؟ قلت: لأنه فاصل بينه وبين القبول وعلى هذا فلو قال المشتري: قبلت بالإيجاب الأول ينبغي أن لا يتردد في عدم صحة البيع هذا ويشترط لصحة الإيجاب أن لا يقترن بما يبطله فلو وهبه الثمن قبل القبول بطل، وقيل: لا ويكون إبراء أما الإيجاب بلا ثمن نفياً فغير صحيح وإنكاره بعد الإقرار به لا يبطله أما إنكار القبول. ففي (البزازية) وغيرها ادعى أنه باع من هذا بألف فأنكر الشراء ثم عاد في المجلس أو بعده إلى تصديق البائع فالأصل أن كل عقد يكون الحق فيه لهما كالبيع والنكاح فعود المنكر إلى التصديق قبل تصديق الآخر المنكر في الإنكار يبطل الإنكار وكل عقد يكون الحق فيه لأحدهما كالهبة والصدقة والإقرار لا ينفعه التصديق بعد الإنكار انتهى، وبه عرف جواب مسألة أوردها بعض المولى على شيخنا الأخ وكنت حاضراً أن زيداً قال لعمر: قتلت ابنك فكذبه ثم صدقه أيقبل منه ذلك؟ فتوقف رحمه الله تعالى وقد علمت أنه لا يقبل منه التصديق لكن في (عقد الفرائد) معزياً إلى (جامع الفتاوى) قال: أنا عبدك، فرده المقر له ثم عاد إلى التصديق فهو عبد ولا يبطل الإقرار بالرق والرد انتهى. واعلم أنه في (فتح القدير) خالف القوم فعرف القبول بأنه الفعل الصادر ثانياً قال: وإنما قلنا: الفعل لأنه أعم منه ومن القول لأن من فروعهم ما لو قال: كل هذا الطعام بدرهم فأكله تم البيع وأكله حلالاً والركوب واللبس بعد قول البائع اركبها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بمائة والبسه بكذا رضي بالبيع وكذا إذا قال: بعتك بألف فقبضه ولم يقل شيئاً كان قبضه/ قبولاً بخلاف بيع التعاطي فإنه ليس فيه إيجاب بل قبض بعد معرفة الثمن ففي جعل مسألة القبض بعد قوله بعتك بألف من صور التعاطي كما فعل بعضهم نظر. قال في (البحر): ولا حاجة إليه وما ذكره إنما هو من باب القبول يقوم مقامه فعل ولذا قال في (الخانية): يقوم القبض مقام القبول ويشترط لصحة القبول حياة الموجب فلو مات قبله بطل، قال في (البحر): إلا في مسألة في (الخانية) أوصى ببيع داره من رجل فقال: داري بيع منه بألف درهم، ومات فقبل الموصى له بعد موته جاز. وأقول: هذا سهو ظاهر منشؤه فهم أن المراد جاز البيع وليس كذلك بل جاز قبول الوصية وعلى الوصي أن يبيعه بإيجاب وقبول، ثم رأيت المسألة ولله الحمد في شفعة (المحيط) طبق ما فهمت حيث قال: أوصى بأن تباع داره من رجل بألف درهم فقبل الموصى له بعد موته وحيث الشفعة وإن لم يقبضها لأن الوصية بشرط العوض وأنها لا تفيد الملك إلا بعد القبض وهذا إذا أوجب الوارث أو الوصي البيع بعد موته وقبل الموصى له انتهى. ومن الشروط أيضاً أن تكون قبل رجوع الموجب وعليه تفرع ما في (الخانية) بعتك هذا بألف ثم قال لآخر: بعتك نصفه بخمسمائة، قال أبو يوسف: يصح قبول الثاني ولا يصح قبول الأول بعد رجوع البائع عن النصف انتهى. ولو خرج الرجوع مع القبول معاً كان الرجوع أولى لأنه لم يتم البيع كذا في (السراج)، وأن يكون قبل تغيير المبيع ومن ثم قال في (الخانية): لو قطعت يد الجارية بعد الإيجاب أو ولدت أو تخمر العصير ثم صار خلاً لم يصح قبول المشتري، والظاهر أن التقييد بأخذ الأرش اتفاقي وأن يكون قبل رد المخاطب الإيجاب فلو قال: بعتك بألف، فقال: لا أقبل بل بخمسمائة، ثم قال: أخذت بألف. قال أبو يوسف: إن دفعه إليه فهو رضى وإلا فلا ولم يقيد الإيجاب والقبول بالمضي لأنه ينعقد بالمضارع لكن بالنية في الأصح وقيده في (القنية) بما إذا لم يكن أهل البلد يستعملونه للحال فإن كان كذلك كأهل خوارزم لا يحتاج إليها انتهى، وظاهر أن كلامهم فيما يحتمل الحال والاستقبال أما ما تمحض للحال كأبيعك الآن فلا يحتاج إليها أيضاً وأما ما تمحض للاستقبال كالمقرون بالسين أو سوف أو الأمر فلا ينعقد به إلا إذا دل المعنى على الأمر المذكور كخذه بكذا وقال:

وبتعاط ـــــــــــــــــــــــــــــ أخذته فإنه كالماضي إلا أن استدعاء الماضي سبق البيع بالوضع وهذا بطريق الاقتضاء. قال في (الفتح): وها هنا ثمانية مواضيع البيع والإقالة لا يكتفى بالأمر فيهما عن الإيجاب أما الخلع والنكاح والهبة والكفالة والإبراء والثامنة ما لو قال لعبده اشتر نفسك مني بألف فقال: فعلت فيقع الأمر فيها إيجاباً انتهى، وصور الخلع في (الصيرفية) بما إذا قالت: اخلعني على كذا فقال: قد فعلت أما إذا قالت: اخلعني فقال: خلعتك على كذا لا يقع ما لم تقبل، والكتاب كالخطاب وكذا الإرسال حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة ويصح الرجوع من الكاتب والمرسل قبل الوصول سواء علم الآخر أو لم يعلم. وفي وكالة (الخلاصة) لا يصح عزل الرسول بدون علمه فكأنهم فرقوا بين الرجوع والعزل، (و) يلزم أيضاً (بتعاط) وهو التناول كما في (القاموس) لأن جواز البيع باعتبار الرضى لا بصورة اللفظ وقد وجد في التعاطي حتى لو صرح معه بعدم الرضا لم ينعقد بما كما في (الخانية) و (القنية) ولا بد أيضاً أن لا يكون بعد عقد فاسد أو باطل فإن كان لم ينعقد به قبل المتاركة لأنه بناء على السابق صرح في (الخلاصة) وغيرها وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين الخسيس والنفيس وهو الصحيح خلافاً للكرخي. وفي (الحاوي القدسي) المشهور من الرواية كما قال الكرخي، وفي رواية محمد لا فرق بينهما وهذا أصح والنفيس نصاب السرقة والخسيس ما دونه، وهل قبض البدلين شرط فيه أو أحدهما كاف؟ خلاف أفتى الحلواني بالأولى وفي (البزازية) وهو المختار. وفي (العمادية): قال صاحب (المحيط): وهو المختار عندي، واكتفى الكرماني بتسليم المبيع مع بيان الثمن أما إذا دفع الثمن وحده ولم يقبض المبيع لا يجوز إلا إذا كان بيع مقايضة، والصحيح أن قبض أحدهما كاف لنص محمد على أنه يثبت بقبض أحد البدلين وهذا ينتظم/ الثمن والمبيع وقوله في (الجامع): إن تسليم المبيع يكفي لا ينبغي الآخر، وفي (المنتقى) عليه ألف درهم فقال لرب الدين أعطيك مالك دنانير فساومه بالدنانير ولم يقع بيع ثم فارقه فجاء بها فدفعها إليه يريد الذي كان ساوم عليه ثم فارقه ولم يستأنف بيعاً جاز كذا في (الفتح). وأقول: هذا يفيد أن التعاطي يكون في الصرف أيضاً ويدل عليه ما في

وأي قام عن المجلس قبل القبول بطل الإيجاب ـــــــــــــــــــــــــــــ (التتارخانية) اشترى عبداً بألف درهم على أن المشتري بالخيار فأعطاه مائة دينار ثم فسخ البيع فعلى قول أبي حنيفة الصرف جائز ويرد الدراهم وعلى قول أبي يوسف باطل وهي فائدة حسنة ولم أر من نبه عليها، ومن صور التعاطي أيضاً ما لو جاء المودع بأمة غير المودعة قائلاً: هذه أمتك والبائع يعلم أنها غيرها وحلف فأخذها حل الوطء للمودع وللأمة وكذا لو ردها عليه بخيار عيب والبائع متيقن أنها غيرها فأخذها ورضي فهو بيع بالتعاطي، وعن أبي يوسف لو قال للخياط: ليست هذه بطانتي فحلف أنها هي وسعة أخذها كذا في (الفتح). وفي (البزازية) الإقالة تنعقد بالتعاطي أيضاً من أحد الجانبين على الصحيح كالبيع وفي (العمادية) تنعقد الإجارة أيضاً بالتعاطي فقد ذكر محمد في إجارات (الأصل) لو استأجر قدوراً بغير أعيانها لا يجوز للتفاوت فإن جاء بقدور وقبلها منه على الكراء الأول جاز ويكون هذا إجارة مبتدأة بالتعاطي (وأي) يعني: وأي واحد من المتعاقدين (قام عن المجلس) أي: مجلس البيع (قبل القبول بطل الإيجاب) بيان لاشتراط المجلس لصحة الإيجاب وهذا لأن للموجب أياً كان له أن يرجع قبل قبول الثاني الآخر لأنه لم يثبت له حق يبطله الآخر، وللآخر أن يقبل ما بقي المجلس وإن لم يقبل حتى اختلف لم ينعقد، واختلافه باعتراض ما يدل على الإعراض من الاشتغال بعمل آخر كأكل إلا إذا كان لقمة وشربة إلا إذا كان الإناء في يده، ونوم إلا أن يكونا جالسين، وصلاة إلا إتمام فريضة أو شفع نفلاً، أو كلام ولو لحاجة ومشي مطلقاً في ظاهر الرواية حتى لو تبايعا وهما يمشيان أو يسيران ولو على دابة واحدة لم يصح واختار غير واحد كالطحاوي أنه إن أجاب على فور كلامه متصلاً جاز، وصححه في (المحيط) كما في (البحر). وفي (الخلاصة) لو قبل بعدما مشى خطوة أو خطوتين جاز في جميع التفاريق وبه نأخذ، وقيام لأنه دليل الإعراض فلو قام أحدهما ولم يذهب ذكر شيخ الإسلام أنه لو قبل صح وإليه أشير في (جميع التفاريق) قيل: وفي قوله عن المجلس إيماء إليه لأن القيام عنه إنما يتحقق بالذهاب ومع عدمه إنما يقال: قام فيه كذا في (المعراج) وغيره وفي التعبير بقيل إيماء إلى ضعفه ومن ثم قال في (الفتح): ظاهر (الهداية) وعليه جمع أنه لا يصح القبول بعد ذلك وإليه ذهب قاضي خان حيث قال: فإن قام أحدهما بطل يعني الإيجاب لأن القيام دليل الإعراض، وتلك المقدمة في حيز المنع. وفي (القنية) لو قام لمصلحة لا معرضاً لم يصح وبه عرف أن قصر اختلاف المجلس على ما يجل على الإعراض، فيه قصور والأولى ما في (المجتبى) المجلس

ولا بد من معرفة قدر ـــــــــــــــــــــــــــــ المتحد أن لا يشتغل أحد المتعاقدين بغير ما عقد له المجلس أو ما هو دليل الإعراض إذ لا شك أن القيام وإن لم يكن للإعراض لكن لم يعقد المجلس له، قيد بالقيام لأنهما لو قعدا لم يبطل، والسفينة كالبيت فلا يقطع المجلس بجريانها لانهما لا يملكان إيقافها (ولا بد من معرفة قدر) أي: قدر مبيع وثمن ككر حنطة وخمسة دراهم أو أكرار حنطة فخرج ما لو كان قدر المبيع مجهولاً أي: جهالة فاحشة فإنه لا يصح وقيدنا بالفاحشة لما قالوه: ولو باعه جميع ما في هذه القرية أو هذه الدار والمشتري لا يعلم ما فيها لا يصح لفحش الجهالة، أما لو باعه جميع ما في هذا البيت أو الصندوق أو الجوالق فإنه يصح لأن الجهالة يسيرة. قال في (القنية):إلا إذا كان لا يحتاج معه إلى التسليم والتسلم فإنه يصح بدون معرفة قدر المبيع كمن أقر أن في يده متاع فلان غصباً أو وديعة ثم اشتراه منه جاز وإن لم يعرف مقداره انتهى. ومعرفة الحدود تغني عن معرفة المقدار ففي (البزازية) باعه أرضاً وذكر حدودها لا ذرعها طولاً وعرضاً جاز وكذا إن لم يذكر الحدود ولم يعرفه المشتري إذا لم يقع بينهما تجاحد، وفيها جهل البائع معرفة المبيع لا يمنع وجهل المشترى يمنع/ انتهى. وعلى هذا تفرع ما في (القنية) لك في يدي أرض خربة لا تساوي شيئاً في موضع كذا فبعها مني بستة دراهم فقال: بعتها ولم يعرفها البائع وهي تساوي أكثر من ذلك جاز ولم يكن ذلك بيع المجهول لأنه لما قال: لك في يدي أرض صار كأنه قال: أرض كذا وفي (المجمع) لو باعه نصيبه من دار فعلم العاقدين شرط ويجيزه مطلقاً وشرط علم المشتري وحده. وفي (الخانية) اشترى كذا كذا قربة من ماء الفرات قال أبو يوسف: إن كانت القربة بعينها جاز لمكان التعامل وكذا الرواية والجرة وهذا استحسان وفي القياس لا يجوز إذا كان لا يعرف قدرها وهو قول الإمام، وخرج أيضاً ما لو كان الثمن مجهولاً كالبيع بقيمته أو برأس ماله أو بما اشتراه أو بمثل ما اشتراه فلان فإن علم المشتري بالقدر في المجلس فرضيه عاد جائزاً ومنه أيضاً لو باعه بمثل ما يبيع الناس إلا أن يكون شيئاً لا يتفاوت. فرع قال لمديونه: بعني هذا الثوب ببعض العشرة التي لي عليك وهذا الآخر بباقي العشرة جاز مع جهالة الثمن ف كل منها وهذا يرد على المصنف لكن علله في (فتح)

ووصف ثمن غير مشار ـــــــــــــــــــــــــــــ (القدير) بعدم إفضاء جهالة الثمن الأولى إلى المنازعة بضم البيع الثاني إليه إذ لا بد أن يصير ثمنهما عشرة انتهى، ولم أر ما لو وجد بأحدهما عيباً وينبغي أن يكون في حكم صفقة واحدة فيردهما أو يأخذهما، (ووصف ثمن غير مشار) لأن إذا كان مجهول الوصف تتحقق المنازعة فالمشتري يريد دفع الأدون والبائع يطلب الأرفع فلا يحصل مقصود شرعية العقد وظاهر كلامه ييعطي أنه معرفة وصف المبيع غير شرط. قال في (البحر):وظاهر ما في (الفتح) أن معرفة الوصف في المبيع والثمن شرط الصحة كمعرفة القدر فإنه قال: والصفة عشرة دراهم بخارية أو سمرقندية وكذا حنطة بحيرية أو صعيدية. وأقول: هذا وهم فاحش وذلك أن القدوري قال: والأثمان المطلقة لا تصح إلا أن يكون معلومة القدر والصفة، فبين في (الفتح) الصفة بما قال إذ الكلام في الثمن لا فلي المبيع ولا شك أن الحنظة تصلح ثمناً إذا وصفت كما سيأتي وليس في الكلام ما يوهم ما ذكره بوجه وفي (البدائع) وأما معرفة أوصاف المبيع والثمن فقال أصحابنا: ليس شرطاً والجهل بها ليس بمانع من الصحة لكن شرط اللزوم فيصح بيع ما لم يره. واعلم أن الدراهم والدنانير أثمان أبداً سواء قوبلت بغيرها أو بجنسها وأما الأعيان التي ليست مكيلة ولا موزونة فمبيعة أبداً ولا يجوز فيها البيع إلا عيناً إلا فيما يجوز فيه السلم كالثياب وكما تثبت الثياب مبيعاً في الذمة بريق السلم تثبت ديناً مؤجلاً في الذمة على أنها ثمن وحينئذ فيشترط الأجل لا لأنها ثمن بل لتصير ملحقة بالثمن في كونها ديناً في الذمة ولذا قلنا: إذا باع عبداً بثوب موصوف في الذمة إلى أجل جاز ويكون بيعاً في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس بخلاف ما إذا سلم الدراهم وإنما ظهرت أحكام المسلم فيه في الثوب حتى شرط فيه الأجل وامتنع ببيعه قبل قبضه لإلحاقه بالمسلم فيه، أو مكيلاً أو موزوناً أو عددياً متقارباً كالبيض فإن قوبلت بالنقود فهي مبيعات أو بأمثالها من المثليات فما كان موصوفاً في الذمة فهو ثمن وما كان معيناً فمبيع وإن كان كل منهما معيناً فما صحبه حرف الباء أو لفظ على كان ثمناً والآخر مبيعاً كذا في (الفتح) وغيره، والفلوس كالنقدين كما في (الدراية) ودخل في القيميات المصوغ من الذهب والفضة فتعين للصنعة، أما المثلي إذا قابل بقيمي فلم يدخل فيما ذكرنا، وقال خواهر زاده: إنه ثمن، كذا في (البحر) (لا مشار) تصريح بمفهوم قوله غير مشار أي: لا يحتاج في صحة البيع إلى معرفة القدر والوصف في المشار إليه حتى لو قال: بعتك هذه الصبرة من الحنطة أو

لا مشار وصح بثمن حال وبأجل معلوم ـــــــــــــــــــــــــــــ هذه الكورجة من الأرز والشاشات وهي مجهولة القدر بهذه الدراهم التي في يدك وهي مرئية فقيل: جاز ولزم لأن الباقي جهالة الوصف يعني القدر وهو لا يمنع من التسليم والتسلم، والمسألة مقيدة بغير الأموال الربوية أما الربوية إذا قوبلت بجنسها فلا تصح مع الإشارة لاحتمال الربا كحقيقيته. قال في (العناية): ولم يقيد به في (الكتاب) لأن ذلك مما يتعلق بالربا وهذا الباب ليس لبيانه وبغير السلم فلا يصح أن يكون العرض فيه مشاراً إليه اتفاقاً للأجل ولا رأس مال السلم إذا كان مكيلاً أو موزوناً عند الإمام كما سيجيء. واعلم أن ظاهر قول القدوري والأعراض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقداراها في جواز البيع يفيد أن معرفة الصفة يحتاج إليها وقد أفصح عن ذلك في (فتح القدير) حيث قال: والتقييد بمقدارها احتراز عن الصفة فإنه لو أراه دراهم وقال اشتريته بهذه فوجدها زيوفاً أو نبهرجة كان له أن يرجع بالجياد لأن الإشارة إلى الدراهم كالتنصيص عليها/ وهو منصرف إلى الجياد ولو وجدها ستوقة أو رصاصاً فسد البيع وعليه القيمة إن كان أتلفها. ولو قال: أشتريتها بهذه الصرة من الدراهم فوجد البائع ما فيها خلاف نقد البلد جاز ولا خيار للبائع بخلاف ما لو قال: اشتريه بما في هذه الخابية ثم رأى الدراهم التي فيها كان له الخيار وإن كانت نقد البلد، لأن الصرة يعرف مقدار ما فيها من خارجها بخلاف الخابية والمراد بالخيار خيارة الكمية لا خيار لرؤية لأنها لا تثبت في النقود انتهى، وفيه بحث فإنه إن أريد الاحتياج إليها في جواز البيع كما هو الظاهر لزم أن لا يصح فيما لو وجدها زيوفاً وليس بالواقع وإذا كانت الإشارة إليها كالتنصيص عليها وهو منصرف إلى الجياد وقد استغنى عن وصفها وإنما فسد فيها إذا وجدها ستوقة أو رصاصاً فلأنها ليست من الدراهم المشترى بها فالظاهر أنه ليس بشرط كما يشير إليه قول المصنف فتدبره. (وصح) البيع (بثمن حال). قال في (المصباح):حل الدين يحل بالكسر انتهى أجله فهو حال وظاهره أنه لا يقال: حل إلا بعد تأجيل وليس بمراد وفي (القاموس) حل الدين أي صار حالاً كذا في (البحر). وأقول: فيه نظر للفرق البين بين حل الدين وباعه بحال ويدل عليه ما في (المغرب) حل الدين وجب ولزم والدين الحال خلاف المؤجل (و) صح أيضاً (بأجل معلوم) لإطلاق قوله تعالآ: {وأحل الله البيع} [البقرة: 275] وما هو بثمن مؤجل بيع قيد بالمعلوم لأنه إلى مجهول فاسد وليس منه ما لو باعه مؤجلاً لانصرافه إلى شهر كما في (شرح المجمع) نعم من جهالة الأجل ما لو باعه بألف على أن يؤدي الثمن

ومطلقه على النقد الغالب وإن اختلفت النقود فسد إن لم يبين ـــــــــــــــــــــــــــــ في بلد آخر، ولو قال: إلى شهر والمسألة بحالها صح وبطل الشرط لأنه تعيين مكان الإيفاء فيما لا حمل له ولا مونة غير صحيح، فلو كان له حمل ومونة صح، وفي الحدادي لو اختلفا في أصله فالقول لنافيه أو في قدره فلمدع الأقل والبينة بينة المشتري في الوجهين ولو في مضيه فالقول للمشتري والبينة بينته أيضاً. وفي شرح (المجمع) لو مات البائع لا يبطل الأجل ولو مات المشتري حل المال ولا يبطل بقوله: برئت من الأجل ولا حاجة لي به ولو قال: تركته أو أبطلته أو جعلت المال حالاً بطل وفي (البزازية) له على آخر ألف من ثمن مبيع فقال: أعطني كل شهر مائة درهم لا يكون تأجيلاً. وفي (الملتقط) عليه ألف ثمن جعله الطالب نجوماً إن أخل بنجم حل الباقي فالأمر على ما شرطا وهي كثيرة الوقوع (ومطلقه) أي: مطلق الثمن عن قيد الوصف بعد أن سمى القدر، زاد الشارح وعن قيد البلد كعشرة دراهم يقع (على النقد الغالب) في البلد التي جرى البيع فيها لا بلد المتابعين كما قال تاج الشريعة لأنه هو المتعارف ينصرف المطلق إليه، وسواء كان ذلك الغالب هو المتعامل به مع وجود دراهم أخرى لا يتعامل بها أو يتعامل بها إلا أن غيرها أكثر تعاملاً وإلى هذا أشار في (الفتح) حيث قال: إن كان إطلاق اسم الدراهم عرفاً يختص بها مع وجود دراهم غيرها فهو تخصيص الدراهم بالعرف القولي وهو من أفراد ترك الحقيقة بدلالة العرف وإن كان المتعامل بها في الغالب كان من تركها لدلالة العادة وكل منهما واجب تحرياً للجواز وعدم إهدار كلام العاقل انتهى. (إن اختلفت النقود) في المالية كالذهب الأشرفي والناصري بمصر واستوت رواجاً (فسد) البيع للجهالة المفضية إلى المنازعة لأن الصرف إلى أحدهما بعينه مع الاستواء في الرواج تحكم و (إن لم يبين) المشتري أحدهما في المجلس ويرضى به البائع لارتفاع المفسد قبل تقرره، قيد باختلافها لأنها لو استوت مالية ورواجاً صح وكان له أن يؤدي من أيها شاء، وكذا لو كانت مختلفة مالية ورواجاً فقط ويصرف إلى الأروج وبهذا علم أن في كلامه إرسالاً غير واقع، قيد بالبيع لأنها لو اختلفت في المهر مالية نظر في مهر مثلها فأي ذلك وافقه يحكم لها به كما في (التتارخانية) وبدل الصلح والأجزة كالبيع كما في (البزازية) وفيها من الدعوى يحتاج إلى ذكر الصفة عند اختلاف النقود ولو استوت رواجاً يجوز البيع وفي الدعوى لا بد من التعيين ولا بد من ذكر الجودة عند العامة ومن ضرب أي دار وذكر اللامشي إذا كانت النقود مختلفة وأحدهما أروج لا تصح الدعوى ما لم يبين وكذا لو أقر بعشرة دنانير حمر

ويباع الطعام كيلاً وجزافاً وبإناء أو حجر بعينه لا يعرف قدره ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي البلد نقود ومختلفة حمر لا يصح بلا بيان انتهى. وفي الوصية عند اختلاف المالية فقط تنفذ بأقل النقود وإن تفاوتت رواجاً انصرفت إلى الأغلب، وبقي الخلع لو خالعها على ألف درهم/ ولم يبين والوقف لو شرط له دراهم أو دنانير قال في (البحر): وينبغي أن يستحق الأقل. وأقول: ينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يعرف عرف الواقف فإن عرف صرفت الدراهم إيه، (ويباع الطعام) هو في العرف الماضي اسم للحنطه ودقيقها فقول القدوري والحبوب من عطف العام ومن ثم اقتصر عليها في (المجمع) ويجب أن يفسر بها ما في (الكتاب) بقرينة قوله (كيلاً وجزافاً) بالضم أي: بلا كيل ولا وزن فارسي معرف والمجازفه في البيع المساهلة، وفي (البزازية) بيع الحنطة بالدراهم وزناً يجوز. وفي (السراج): بعني هذا الكر من الحنطة فباعه فهو على الكيل فإن قبضه من غير كيل ثم كاله وحده جاز غير أنه لا يصدق في نقصه لو ادعاه لأه صدق على وفاء الكيل وإنما كيله تحليل وإطلاق المجازفة مقيد بغير الأموال الربوية أما هي إذا بيعت بجنسها مجازفة فلا يجوز لاحتمال الربا بشرط أن تدخل تحت الكيل فإن لم تدخل كحفنة بحفنتين جاز، والعذر للمصنف في تركه التقييد به على ما مر، وفي (جامع الفصولين) شراء قصيل البر بالبر كيلاً وجزافاً يجوز لعدم الجنس. وفي (الفتح) لو باع غير الحبوب من الربويات كالفضة إذا باعها بجنسها كفة ميزان بكفة ميزان جاز مع أنه لا يخرج عن المجازفة بسبب أنه لا يعرف قدرها لانتفاء احتمال التفاضل انتهى، ولا ينافيه ما في (الصيرفية) معزياً إلى (الجامع السصغير) تبايعا تبراً بذهب مضروب كفة بكفة وأخذ صاحب التبر الذهب لا يجوز ما لم يعلما وزن الذهب لأنه وزني انتهى، لأن الذهب الخالص أقل لأنه لا ينطبع بنفسه، (و) يباع أيضاً (بإناء) لا ينكبس ولا ينقبض كأن يكون من خشب أو من حديد أما إذا كان كالزبيل والجولق فلا يجوز إلا في قرب الماء استحساناً للتعامل (أو حجر بعينه لا يعرف قدره) قيد فيهما لأن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة وعن الإمام أنه لا يجوز والأول أصح، والظاهر أن هذا القسم من المجازفة وعطفه عليها لأنها في صورة الكيل وليس حقيقة ولذا وجه مسألة الإناء في (المبسوط) بأنه في المعين مجازفة يجوز فبمكيال غير معروف أولى ونازعه في (الفتح) في الأولوية. ثم رأيت في (السراج) قال: ومن المجازفة ما لو اشتراه مكايلة بإناء بعينه لا يعرف قدره انتهى، ذكره بعد التولية ولا بد في الصحة من بقاء الإناء والحجر فلو

ومن باع صبرة كل صاع بدرهم صح في صاع ـــــــــــــــــــــــــــــ هلكا فسد البيع كذا في (السراج) أطلق الحجر وقيده الشارح بما إذا كان لا يتفتت فإن تفتت لا يجوز قال: وكذا إذا باعه بوزن شيء يخف إذا جف كالخيار والبطيخ انتهى. قال في (الفتح):وليس بشيء فإن البيع بوزن حجر بعينه لا يصح إلا بشرط تعجيل التسليم ولا جفاف يوجب نقصاً في ذلك الزمن، قال في (المبسوط): اشترى بهذا الإناء يداً بيد فلا بأس به انتهى، وبتقدير التسليم فالجفاف يسير. وقد قالوا: لو باع الجمد في المجمدة جاز مطلقاً في الأصح إذا سلمه قبل ثلاثة أيام لأن النقص قبلها قليل فأهدر فكذا في البطيخة النقص الحاصل الذي به ينقص قدر المبيع قليل فكان ينبغي أن يقتر فتدبره. وسكت المصنف عن ثبوت الخيار للمشتري ونص في جمع (النوازل) على ثبوته فيما لو اشترى بوزن هذا الحجر ذهباً ونسبه في جميع (التفاريق) إلى محمد وينبغي ثبوته أيضاً فيما لو اشترى بإناء لا يعرف قدره قال في (الفتح): وينبغي أن يكون هذا محمل الرواية المتقدمة من عدم الجواز فتقوله: لا يجوز أي: لا يلزم. وأقول: عبارته في (الخانية) رجل اشترى طعاماً بإناء لا يعرف قدره قالوا: لا يجوز بيعه لأنه يس بمكايلة ولا بمجازفة انتهى، وهذا التعليل يمنع هذا الحمل فتدبره، ونظير ما نحن فيه لو باعه حنطة مجموعة في بيته أو مطمورة في أرض والمشتري لا يعلم مبلغها ولا منتهى حفر الحفيرة كان له الخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن كان يعلم منتهى المطمورة ولا يعلم مبلغ الحنطة جاز بلا خيار إلا أن يظهر تحتها صفة ونحوها كذا في (الخانية)، وعن أبي جعفر باعه من هذه الحنطة قدر ما يملأ هذا الطشت جاز ولو باعه قدر ما يملأ هذا البيت لا يجوز. (ومن باع صبرة) هي الطعام المجموع سميت بذلك لإفراغ بعضها على بعض ومنه قيل للسحاب فوق السحاب صبر قاله الازهري، وقال القرطبي: هي الجملة المصبورة أي: المحبوسة للبيع والصبر الحبس والجمع صبر كغرف وأراد صبرة مشار إليها كما سيأتي وليست قيداً بل مكيل أو موزون أو معدود من جنس واحد إذا لم يختلف قيمته كذلك، (كل صاع بدرهم) هذا أيضاً ليس بقيد لأنه لو قال: كل صاعين أو ثلاثة/ بكذا صح بقدر ما سمى به عنده (صح) البيع (في صاع) واحد عند الإمام مع الخيار للمشتري لتفرق الصفقة عليه دون البائع، وأفهم كلامه أنه فاسد في الباقي إلى تسميته الكل في المجلس أو كيله به لزوال المفسد قبل تقرره فيثبت حينئذ على وجه يكون الخيار للمشتري فإن رضي هل يلزم البيع بدون رضى البائع أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يتوقف على قبوله؟ روى الثاني عن الإمام أنه لا يجوز إلا بتراضيهما وروى محمد خلافه، حتى لو فسخ البائع البيع بعد الكيل أو رضي المشتري بأخذ الكل لا يعمل فسخه وهو الظاهر وقالا: صح في الكل لأن المبيع معلوم الإشارة والمشار إليه لا يحتاج إلى معرفة مقداره لجواز البيع، وجهالة الثمن بيدهما رفعها بأن يكيلاه في المجلس وما هو كذلك لا يفضي إلى المنازعة، وله أن الثمن مجهول وذلك مفسد ولا جهالة في القفيز فصح فيه وكون العاقدين بيدهما إزالة جهالة في صلب العقد لا يوجب صحة البيع قبل إزالتها بدلالة الإجماع على عدم جواز بيع الثوب برقمه مع أن بيد البائع إزالتها. وقدر في (فتح القدير) أولاً أنه موقوف وثانياً في دليل الإمام أنه فاسد وهذا إنما يتم بناء على أن الموقوف فاسد وهو قول مرجوح ثم قال: وغايته أنه إذا أزيلت أي: الجهالة في المجلس وهما على رضاهما ثبت للعقد المعاطاة لا لعين الأول كما قال الحلواني في الرقم إذا تبين في المجلس، وأنت خبير بأن هذا لا يناسب التوقف بل ولا الفساد لأنه إذا رفع قبل تقرره انقلب العقد صحيحاً وحينئذ فلا حاجة إلى انعقاده بالتعاطي. وفي (السراج) لو أشار إلى نوعين حنطة وشعير فقال: أبيعك هاتين الصبرتين كل قفيز بدرهم فالبيع جائز عند الإمام في قفيز واحد وقالا: يجوز في الكل كذا في الكرخي، وفي (المنظومة) فاسد في الجميع وعند الإمام. واعلم أن ظاهر (الهداية) ترجيح قولهما وفي (عيون المذاهب) وبه يفتى لا لضعف دليل الإمام بل تيسيراً على الناس وكأنه في (البحر) لم يطلع على هذا فقال: رجح قولهما في (الخلاصة) في نظيره حيث قال ما محصله: اشترى كل وقر بكذا والوقر عندهم معروف إن كان من جنس واحد يجب أن يجوز في واحد عند الإمام كما في الصبرة وإن أجناساً مختلفة لا يجوز أصلاً عنده كبيع قطيع الغنم وعندهما يجوز في الكل حيث كان جنساً واحداً وكذا إذا كان مختلفاً قاله الشهيد، وجعل أبو لليث الجواز عند اتحاد الجس متفقاً عليه والفتوى على قولهما تيسيراً للأمر على الناس انتهى. تنبيه: قال في (المعراج): أبو الليث هذا هو الخوارزمي انتهى، قلت: تحرز به عن السمرقندي بفتح السين والميم وفتح الراء لحن كذا في (القاموس) وهو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم صاحب (التفسير) و (النوازل) و (خزانة الفقه) و (تنبيه الغافلين) و (بستان العارفين) و (عيون المسائل) و (تأسيس النظائر)

ولو باع ثلة أو ثوباً كل شاة بدرهم أو كل ذراع بدرهم فسد في الكل ولو سمى الكل صح في الكل ـــــــــــــــــــــــــــــ و (مقدمة الصلاة)، تفقه على أبي جعفر الهندواني، توفي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة كذا في (تاج التراجم) ولم أر من ترجم الخوارزمي هذا. قيد بالبيع لأن في الإجارة كأجرتك داري كل شهر بكذا أو الإقرار كلك على كذا درهم ينصرف إلى الواحد اتفاقاً. وفي إقرار (الخلاصة) قال الوصي: قبضت كل ما لفلان الميت على الناس فادعى غريم أنه دفع إليه كذا وأنكره فالقول للوصي مع يمينه وفي غصب (الخانية) كل غريم لي فهو في حل قال ابن مقاتل: لا تبرأ غرماؤه، وفيها كل إنسان تناول من مالي فهو له حلال، قال ابن سلمة: لا يجوز وابن نصر بن سلام يجوز وعليه الفتور (ومن باع ثلة) وهي بفتح المثلثة. قال في (القاموس): هي جماعة الغنم أو الكثير منها أو من الضأن خاصة والجمع كبدر وثلال انتهى. وبالضم الكثير من الناس (أو ثوباً وكل شاة بدرهم أو كل ذراع بدرهم فسد في الكل) عند الإمام وقالا: جاز في الكل لما مر من أن هذه الجهالة بيدهما إزالتها وعنده وإن انصرف إلى الواحد إلا أن الآحاد هنا متفاوته فلم ينقسم الثمن على الجملة بالأجزاء فتقع المنازعة على تعيين ذلك الواحد فيفسد في الكل وعلى هذا كل عددي متفاوت كالإبل والبقر والعبيد والبطيخ والرمان والسفرجل. قال في (البدائع): وكذا كل ما في تبعيضه ضرر كالمصوغ من الأواني والقلب وفي/ (المعراج) البيض كالقفزان استحساناً فإن سمي عدد الغنم والذرعان أو جملة الثمن صح اتفاقاً للعلم بتمام الثمن التزاماً في الأول ومطابقة في الثاني. وفي (المعراج) قال الحلواني: الأصح أنه إن علم عدد الاغنام في المجلس لا ينقلب العقد صحيحاً لكن لو كان كل منهما على رضاه ينعقد البيع بالتعاطي، والعلم به بأن عزلها المشتري وذهب البائع ساكت، قيد بقوله: كل شاة بكذا لأنه لو قال: كل شاتين بعشرين وسمى الجملة مائة مثلاً كان باطلاً إجماعاً وإن وجده كما سمي لأن كل شاة لا يعرف ثمنها إلا بانضمام غيرها إليها قاله الحدادي. وفي (الخانية) لو كان ذلك في مكيل أو موزون أو عددي متقارب جاز، وقيد العتابي المنع في الثوب بما إذا كان يضره التبعيض أما في الكرباس فينبغي أن يجوز عنده في واحد كالصبرة، (ولو سمى الكل) أي: كل المبيع والثمن (صح) البيع (في الكل) أي: المثلي والقيمي لزوال المانع، وإطلاقه يعم ما لو وقعت التسمية في صلب العقد أو بعده في المجلس وقدمنا عن (الفتح) أنه في الثاني يكون بيعاً بالتعاطي.

ولو نقص كيل أخذ بحصته أو فسخ، وإن زاد فللبائع ـــــــــــــــــــــــــــــ (وإن نقص كيل أخذ) المشتري الباقي (بحصته) إن شاء لأن الثمن ينقسم بالأجزاء على أجزاء المبيع المثلي مكيلاً أو موزوناً، (أو فسخ) لتفرق الصفقة الواحدة عليه وكذا الحكم في كل مكيل أو موزون ليس في تبعيضه ضرر، وخرج بهذا القيد ما لو اشترى سمكة على أنها عشرة أرطال فوجد المشتري في بطنها حجراً يزن ثلاثة أرطال فإن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء تركها فإن شواها قومت عشرة وبسبعة ورجع بحصة ما بينهما من الثمن كذا في (المحيط). وفي (الخانية): لو باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالاً فوجدها أكثر سلمت للمشتري لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف بمنزلة الذرعان في الثوب، وفيها القول للمشترى في النقصان وإن وزنه له البائع ما لم يقرأنه قبض منه المقدار. وفي (البزازية): اتفق أهل بلدة على سعر الخبز واللحم وشاع ذلك على وجه لا يتفاوت فأعطى رجلاً ثمناً فأعطاه أقل من المتعارف إن ما أهل البلدة رجع بالنقصان من الثمن وإن من غير أهلها رجع في الخبز لا في اللحم. واعلم أن في (البحر) قيد قوله: أخذه بحصته بما إذا لم يكن المبيع مشاهداً له فإن كان مشاهداً انتفى الغرر ولذا قال في (الخانية):اشترى سويقاً على أن البائع لته بمن من السمن وتقابضا والمشترى ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينه انتهى الغرور، وهو كما لو اشترى صابوناً على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن فظهر أنه متخذ من أقل من ذلك والمشتري ينظر على الصابون وقت الشراء وكذا لو اشترى قميصاً على أنه من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري انتهى. وأقول: فيه نظر إذ الكلام في مبيع ينقسم أجزاء الثمن فيه على أجزاء المبيع وما في (الخانية) ليس منه لتصريحهم بأن السويق قيمي لما بين السويق والسويق من التفاوت الفاحش بسبب القلب وكذا الصابون كما في (جامع الفصولين) وأما الثوب فظاهر وعلى هذا فما سيأتي من أنه يخير في نقص القيمي بين أخذه بكل الثمن أو تركه مقيد بما إذا لم يكن مشاهداً فتدبره نعم نخيره بين الأخذ والفسخ، قيده فيها بما إذا لم يقبض المبيع أو قبض البعض فإن قبض الكل لا يخير يعني وإنما يرجع بالنقصان، وأنت خبير بأن الموجب للتخيير إنما هو تفريق الصفقة وهذا القدر ثابت فيما لو وجده بعد القبض ناقصاً إلا أن يقال: إنه بالقبض صار راضياً بذلك فتدبره. (وإن زاد فللبائع) لأن المبيع وقع على مقدار معين ليس له جهة الوصفية فما زاد عليه لم يدخل في العقد فلا يجب رده في العقد فيكون للبائع، وقيده الزاهدي

ولو نقص ذراع أخذ بكل الثمن أو ترك وإن زاد فللمشتري ولا خيار للبائع ولو قال: كل ذراع بكذا ونقص أخذه بحصته أو ترك وإن زاد أخذ كله كل ذراع بكذا أو فسخ ـــــــــــــــــــــــــــــ بما لا يدخل تحت الكيلين أو الوزنين أما ما يدخل فلا يجب رده، واختلف في قدره فقيل: نصف درهم في مائة وقيل دانق في مائة لا حكم له وعن أبي يوسف دانق في عشرة كثير وقيل: ما دون عفو في الدينار وفي القفيز المعتاد في زماننا نصف من انتهى. والزيادة الحادثة بعد الكيل قبل القبض للبائع وبعده للمشتري كما لو زادت الحنظة بالبلل وفي المشار إليه إذا بيع بشرط الكيل يكون للبائع إن حدث قبل الكيل وبعده للمشتري كذا في (المحيط). (وإذا نقص ذراع) من القدر الذي سماه (اخذ) المشتري/المبيع (بكل الثمن أو ترك وإن زاد فللمشتري ولا خيار للبائع) لأن الذرع وصف في الثوب المبيع وكل ما هو وصف في المبيع لا يقابله شيء من الثمن فالذرع في الثوب لا يقابله شيء من الثمن، أما أنه وصف فلأنه عبارة عن الطول والعرض وهما من الأعراض وأما أنه لا يقابله شيء من الثمن فلأن التوابع شأنها كذلك كأطراف الحيوان حتى أن من اشترى جارية فاعورت في يد البائع قبل التسليم لا ينقص شيء من الثمن ولو أعورت عند المشتري جاز له أن يرابح على ثمنها بلا بيان وإنما يتخير لفوات الوصف المشروط المرغوب فيه كما لو اشتراها على أنها بكر فوجدها ثيباً، وكان الزائد له كما لو باعها على أنها ثيب فوجدها بكراً قيل: هذه المسألة من أشكل المسائل إذ لقائل أن يمنع كونه وصفاً والاستدلال عليه بما مر ممنوع لأنه كما يجوز أن يقال: طويل وعريض يقال: قليل وكثير والحق أنه ليس المراد بالوصف هنا كونه صفة عرضية بل هو في الاصطلاح ما يكون تابعاً للشيء غير منفصل إذا حصل فيه يزيده حسناً وإن كان في نفسه جوهراً كذراع من ثوب فإن ثوباً هو عشره أذرع بعشرة إذا نقص منه ذراع لا يساوي تسعة ومن ثم قيل: ما تعيب بالتشقيص والزيادة والنقصان وصف وما ليس كذلك أصل، وقيل: ما لوجوده تأثير في تقوم غيره ولعدم تأثيره نقصان غيره فوصف وإلا فأصل. قال في (الدراية): مما ظهر أثر الوصفية فيه أنه يجوز بيعه قبل ذرعه سواء اشتراه مجازفة أو شرط الذرع وأن بيع الواحد باثنين منه جائز، وأعلم أن إطلاقه يفيد أن الزيادة له ديانة أيضاً وهو قول أبي حفص الكبير وأبي الليث لكن المذكور في (فتاوى النسفي) و (آمالي) قاضي خان أنها لا تسلم له ديانة كذا في (المعراج). (ولو قال): على أنه مائة ذراع (كل ذراع بكذا ونقص) عما سماه (أخذ) المشتري الباقي (بحصته أو ترك وإن زاد أخذ كله كل ذراع بكذا أو فسخ) لأن الوصف

وفسد بيع عشرة أذرع من دار لا أسهم ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان تابعاً لكنه صار أصلًا بانفراده بذكر الثمن فنزل كل ذراع منزلة ثوب قيل: هذا القدر ممكن في الأولى لأنه ذكر عشرة دراهم في مقابلة عشرة أذرع ومقابلة الجملة بالجملة تقتضي انقسام الآحاد وأجيب بأن الذراع أصل من وجه لأنه من أجزاء العين وصف من وجه لأنه لا يقابله شيء من الثمن فلو جعلناه منقسماً عند ترك ذكر الذراع لزم إلغاء جهة الوصفة من كل وجه فقلنا بالوصفية عند ترك ذكره وبالأصالة عند ذكره عملاً بالشبهين. قال في (العناية): وفيه نظر لأن قوله: من حيث أنه لا يقابله شيء من الثمن معلول للوصفية فلا يكون علة لها فالأولى أن يقال إذا لم يفرد كل ذراع بالذكر كان كون ذراع مبيع ضمناً ولا معتبر بذلك لما ذكرنا أن الوصف يصير أصلاً إذا كان مقصوداً بالتناول وخير في النقصان لتفرق الصفقة عليه وفي الزيادة لأنه وإن حصلت له الزيادة لكنه لزمته الزيادة في الثمن وفي ذلك ضرر فكان في معنى خيار الرؤية في نفي الضرر وفيه بحث من وجهين: الأول: أن كل ذراع إن كان بمنزلة ثوب على حدة فسد البيع إذا وجد أكثر أو أقل كما لو كان العقر وارداً على أثواب عشرة وقد وجدت أحد عشر أو تسعة على ما سيأتي أن الذراع لو كان أصلاً بإفراد ذكر الثمن امتنع دخول الزيادة في العقد كما لو باع صبره على أنها عشرة أقفزة فإذا هي أحد عشر فإن الزيادة لا تدخل إلا بصفقه على حدة وأجيب عن الأول بأن الأثواب مختلفة فيكون العشرة المبيعة مجهولة جهالة تفضي إلي المنازعة والذرعان من ثوب واحد ليست كذلك. وعن الثاني: بأن الذراع لو لم يدخل كان بائعًا بعض الثوب وفسد البيع فحكمنا بالدخول تحريًا للجواز، والقفيز الزائد ليس له كذلك (وفسد بيع عشرة أذرع من دار) أو حمام عند الإمام وقالا: يجوز إذا كانت الدار مائة ولا فرق عنده بين أن يكون من مائة ذراع أو لا في الأصح، وقصر الخصاف الفساد على ما إذا لم يبين جملة الذرعان ويرده أن محمد صورها في (الجامع الصغير) قوله من مائة ذراع من دار. ولو تبعه المصنف لكان أولى لوجهين: الأول: إفادة الفساد فيما إذا لم يبين جملتها بالأولى، الثاني: ليصح قوله (لا أسهم) إذ الصحة مقيدة بما إذا قال: عشرة أسهم من مائة سهم من دار فإن لم يقل فسد البيع أيضاً لهما أن عشرة أذرع من مائة ذراع عشر الدار فأشبه عشرة أسهم وله أن الذراع اسم لما يزرع به واستعير لما يحله

وإن اشترى عدلاً على أنه عشرة أثواب فنقص أو زاد فسد ولو بين ثمن كل ثوب ونقص صح بقدره وخير، وإن زاد فسد ـــــــــــــــــــــــــــــ الذراع هو المعين دون/ المشاع فمرجع الخلاف حينئذ مؤدي التركيب فعندهما شائع وبيعه جائز اتفاقاً وعنده قدر معين والجوانب مختلفة الجودة فتقع المنازعة في تعيين العشرة تفسد فهو نظير اختلافهم في نكاح الصائبة ولو تراضياً في تعيينها في مكان لم أره، وينبغي أنه إن كان في المجلس انقلب العقد صحيحا (وإن) كان بعده بيعاً بالتعاطي واختلف المشايخ على قولهما فيما إذا لم يسم جملتها والصحيح عندهما الجواز؛ لأن هذا الجهالة بيدهما إزالتها ومن (اشترى) أي: باع (عدلًا) تعدل الشيء بكسر العين مثله من جنسه في مقداره ومنه عدل الحمل (على أنه عشرة أثواب) بأن بعتك ما في هذا العدل على أنه عشرة أثواب بمائة درهم (فنقص) منه (أو زاد) ثوب (فسد) البيع لجهالة الثمن في النقصان لأنه لا تنقسم أجزاؤه على أجزاء المبيع القيمي فلم يعلم للثوب الناقص حصة معلومة من الثمن المسمى لينقص ذلك القدر منه فكأن الناقص من الثمن قدراً مجهولاً والمبيع في فصل الزيادة لأنه يحتاج إلي رد الزائد فيتنازعان في المردود. (ولو بين ثمن كل ثوب) بأن قال كل ثوب منه بكذا (ونقص) ثوب (صح) البيع (بقدره) أي: بما يسوى قدر الناقص لعدم الجهالة (وخير) المشتري لتفرق الصفقة عليه (وإن زاد) ثوباً (فسد) البيع لأن جهالة المبيع لا ترتفع به لوقوع المنازعة في تعين العشرة المبيعة من الأحد عشر ومن المشايخ من قال بأنه فاسد عنده في صورة النقصان أيضاً لأنه جمع بين موجود ومعدوم في صفقة فكأن قبول البيع في المعدوم شرطا لقبوله في الموجود واستدل بما في (الجامع) اشترى ثوبان على أنهما هرويان كل ثوب بعشرة فإذا أحدهما مروي فسد البيع فيهما عنده وعندهما يجوز في المروي فإذا فسد بفوات الصفقة فبفوات الأصل أولى قال السرخسي والأصح عندي عدم الفساد في النقصان قول الكل إذ لم يجعل قبول العقد في المعدوم شرطا لقبوله في الموجود بل قصد بيع الموجود إلا أنه غلط في العدد بخلاف مسألة الجامع فأنه قصد الإيجاب فيهما فجعل قبول العقد في كل منهما شرطاً لقبوله في الآخر وهو شرط فاسد وعلى هذا فجعل الشارح الفساد في النقصان رواية فيه نظر بل هو استخراج لبعض المشايخ وليس بصحيح. وفي (البزازية) و (الخلاصة) أشترى عدلًا على أنه كذا فوجده أزيد والبائع غائب يعزل الزائد ويستعمل الباقي لأنه ملكه أنتهى. وفي (الخانية) اشترى جراباً على أن فيه عشرين ثوباً بكذا فوجده أكثر لا تسلم

ومن اشترى ثوبًا على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم أخذه بعشرة في عشرة ونصف بلا خيار وبتسعة في تسعة ونصف بخيار. فصل ـــــــــــــــــــــــــــــ الزيادة للمشتري فإن غاب البائع قالوا يعزل المشتري من ذلك ثوبًا ويستعمل الباقي وهذا استحسان أخذ به محمد رحمه الله تعالي نظراً للمشتري انتهى، وقول البزازي لأنه ملكه أي بالقبض وإن كان فاسداً وهروي بفتح الراء ومروي بسكونها منسوب إلي هراة ومرو قريتان بخراسان كذا في (العناية) وفي (الفتح) مروي نسبه إلي قرية من قرى الكوفة أما النسبة إلي مرو المعروف بخراسان فقد التزموا فيها زيادة الزاي فيقال مروزي فكأنه للفرق بين القريتين. قال في (الحواشي السعدية): وفيه كلام (ومن أشتري ثوباً) تتفاوت جوانبه (على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم أخذه بعشره في عشرة ونصف) أي: في زيادتهم نصفاً (بلا خيار وأخذه بتسعة في تسعة ونصف) أي: في نقصانه نصفاً (بخيار) عند الإمام وقال الثاني يأخذه في الأموال بأحد عشر وفي الثاني بعشرة إن شاء وقال محمد يأخذه في الأول بعشرة ونصف وفي الثاني بتسعة ونصف إن أحب لأنه قابل كل ذراع بدرهم ومن ضرورة ذلك مقابلة نصف الذراع بنصف الدراهم ولأبي يوسف أنه بإفراد الثمن صار كل ذراع كثوب على حدة والثوب إذا بيع على أنه كذا ذراعا لا فنقص ذراع يسقط شيء من الثمن وخير على القولين لأن الزيادة نفعاً يشوبه ضرر بزيادة الثمن عليه وفي النقصان فوات وصف مرغوب فيه ولأبي حنيفة أن الذراع وصف مرغوب فيه في الأصل وإنما أخذ حكم الأصل بالشرط وهو مقيد بالذراع ونصفه ليس ذراعاً فكان الشرط معدوماً وحينئذ فلا وجه لثبوت الخيار مع الزيادة إذا لم يلحقه ضرر في مقابلة الزائد بل نفع خالص كما اشتراه معيباً فوجده سالماً وخير في النقصان لتفرق الصفقة. قال في (الفتح): ثم من الشارحين من اختار محمد وفي (الذخيرة) قول الإمام أصح قيدنا بتفاوت/جوانبه لأنها لو لم تتفاوت كالكرباس لا تسلم له الزيادة لأنها بمنزلة الموزون حيث لا يضره النقصان وعلى هذا قالوا: يجوز بيع ذراع منه والله الموفق. فصل لما ذكر ما ينعقد به وما لا ينعقد ذكر ما يدخل فيه مما لم يسم وما لا يدخل، واستتبع ما يخرج بالاستثناء، أعلم أن مسائل هذا الفصل مبنية على قاعدتين: إحداهما أن كل ما هو متناول أسم البيع عرفاً يدخل في البيع وإن لم يذكر صريحاً،

يدخل البناء والمفاتيح في بيع الدار، والشجر في بيع الأرض ـــــــــــــــــــــــــــــ الثانية أن كل ما كان متصلاً بالمبيع إيصال قرار وهو ما وضع لا لأن يفصله البشر كان تابعًا له في الدخول وما لا فلا وهو ما وضع لأن يفصله البشر، كذا في (العناية) وبقي ما لا يكون من القسمين إن كان من حقوق للبيع ومرافقة دخل في البيع بذكر وإلا فلا (يدخل البناء) والسلم المتصل به وحجر الرحى الأسفل، أي المبني في الدار والأعلى استحسانًا. قال في (الفتح): هذا في عرفهم أما في عرف مصر فلا تدخل رحى اليد لأنه بحجرها ينتقل ويحول والبئر وبكرتها لا الدلو والحبل إلا إذا قال بمرافقها، وكذا البستان ولو كبيراً إذا كان فيها لا إن كان خارجها ولو كان له باب منها قاله: أبو سليمان وقال أبو جعفر: إن كان مفتحه من الدار يدخل إن كان أصغر منها لا إن كان، أكبر أو مساوياً قيل يحكم العرف، ولذا يدخل في بيع الحمام القدور دون القصاع، وأما قدور القصارين وأجاجين الغسالين وخوابي الزياتين ودنانهم فلا تدخل وإن قال بحقوقها وينبغي أن تدخل كما إذا قال بمرافقها، كذا في (الفتح) ويدخل الغلق والمركب (والمفاتيح) بخلاف غير المركب، ويدخل أيضاً ثياب الغلام والجارية أي كسوة مثلهما وبردعة الحمار والأكاف وإن لم يكن موكفاً هو المختار، كما في (الظهيرية) لكن لا يتعين ذلك الأكاف بعينه كثوب العبد وقال أبن الفضل: لا يدخل الأكاف بلا شرط، قال في (الخانية): وهو الظاهر. وفي (القاموس) أكاف الحمار ككتاب وغراب بردعته وفي العين منه البردعة الحلس تحت الرحل وبلا لام وقد تسقط دالة، قال في (البحر): فعلى هذا الأكاف الرحل والبردعة ما تحته ولكن في العرف الأكاف خشب فوق البردعة، ولو باع فرساً وعليه سج قيل لا يدخل إلا بالتنصيص، وبه جزم الشارح ولم يحك خلافاً في دخول الأكاف للحمار وكأن الفارق العرف واختلف فيما لو باع أتاناً لها جحش أو بقرة لها عجل قيل يدخلان وقيل لا، وقال الشارح: إن ذهب بهما مع الأم إلي موضع البيع دخلا وإلا لا. أقول: وينبغي أن يكون شقي هذا القول محل القولين (والشجر في بيع الأرض) لأنه متصل بها اتصال قرار فأشبه ولم يفصل تبعًا لمحمد بين المثمرة وغير المثمرة، ولا بين الصغيرة والكبيرة وهو الحق خلافاً لما يقوله بعض المشايخ من عدم دخول الصغيرة وغير المثمرة، نعم لا تدخل اليابسة لأنها على شرف القطع. وفي (الخانية) الأشجار الصغيرة التي تقلع من البيع تباع، إن كانت تقلع من أصلها تدخل وإن من وجه الأرض لا تدخل إلا بالشرط كالثمر الذي على رؤوسها،

بلا ذكر ولا يدخل الزرع في بيع الأرض بلا تسمية ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الظهيرية) يجوز شراء الشجرة بشرط القطع وبشرط القلع فيه اختلاف المشايخ والصحيح الجواز انتهى، ولم يبين أنه اشتراها للقطع وللقرار، قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يملك أرضها وأدخل محمد ما تحتها بقدر غلظ ساقها وقيل بقدر ظلها عند الزوال، وقيل: بقدر عروقها العظام وهو رواية عن الإمام، وفي (الصغرى) وغيرها وهو المختار، وأجمعوا أنهل واشتراها للقطع لم يدخل ما تحتها. قال في (الفتح): ولو شرط قدراً فعلى ما شرط انتهى. وينبغي أن يكون إجماعاً ولا يدخل الشرب والطريق في بيع الأرض والدار إلا بذكر الحنوت، وكذا في الإقرار والصلح والوصية ويدخلان في الإجارة والرهن والوقف والقسمة، كذا في (الفتح) وجعل في (المحيط) الصدقة كالوقف ولم أر ما لو أقر بوديعة أرض وباستعارتها (بلا ذكر) قيد في المسألتين وعرف منه الدخول مع الذكر بالأولى، وأعلم أن كل ما دخل تبعاً لا يقابله شيء من الثمن. ولذا قال في (القنية): اشترى داراً فذهب بناؤها لم يسقط شيء من الثمن إلا بالتسمية وإن استحق أخذ الدار بالحصة، ومنهم من سوي بينهما بخلاف صوف الشاة لا يؤخذ قسطاً من الثمن إلا بالتسمية أنتهى. والظاهر أنه لا يؤخذ بأخذ قسط في الكل إلا بالتسوية بدليل ما جزموا به في ثياب العبد من أنه لو استحق شيء منها لم يرجع على البائع شيء، كما في (الشرح) وغيره. وفي (الكافي) له أرض بيضاء ولآخر فيها نخل فباعها رب الأرض بإذن الآخر هي بالألف/وقيمة كل واحد خمسمائة فالثمن بينهما نصفان، فإن هلك النخل قبل القبض بآفة سماوية خير المشترى بين التركة وأخذ الأرض بكل الثمن لأن النخل كالوصف، فلهذا لا يسقط شيء من الثمن. قال في (البحر): مسألة (الكافي) مقيدة بما إذا لم يفصل ثمن كل فإن فصل سقط النخل بهلاكه، كما صرح به في (تلخيص الجامع). وأقول: توجيه ما في (الكافي) أن النخل ليس وصفاً من كل وجه بل هو أصل من وجه فانقسم الثمن عليهما وصف من وجه فلم يظهر بهلاكه نقض الثمن، وإذا فصل الثمن كان الوصف أصلاً كما مر في الذراع والكلام فيما هو باق على الوصفية فلا تقييد ولا خصوصية للنخل بل كل ما دخل تبعاً لكونه كالوصف إذا جعل له ثمناً على حدة بقي أصلاً، (ولا يدخل الذرع في بيع الأرض بلا تسمية) لأنه متصل به للفصل من الآدمي فاندفع ما أورد من أن حمل الجارية يدخل مع متصل للفصل وإطلاقه يعم ما أذا يثبت لأنه حينئذ يمكن أخده بالغربال، وما إذا عفن.

ولا الثمر في بيع الشجر إلا بالشرط ـــــــــــــــــــــــــــــ واختار الفضيلي وتبعه في (الذخيرة) أنه حينئذ يكون للمشتري لأنه لا يجوز بيعه على الانفراد، وبإطلاق أخذ أبو الليث ولو نبت ولم تصر له قيمة، قال الصفار: لا يدخل والإسكاف يدخل وهو الصواب، نص عليه القدوري والإسبيجابي، كذا في (التجنيس). قال في (الهداية): وكان هذا بناء على الاختلاف وفي جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل يعني، فمن منع البيع قال: إنه يدخل ومن جوزه قال لا يدخل، وفي (السراج) لو باعد بعد مانبت ولم تنله المشافر والمناجل ففيه روايتان، والصحيح أنه لا يدخل إلا بالتسمية ومنشأ الخلاف هل يجوز بيعه أو لا؟ الصحيح الجواز، قال في (البحر): هذا من باب التلفيق إذ القائل بعدم الجواز قائل بعدم الجواز وعكسه فيهما، وصحح في (المحيط) دخول الزرع قبل النبات. وأقول: هذا سهو ظاهر بل لقائل بعدم الدخول قائل بالجواز كما قد علمت لأنه حينئذ لم يجعله تابعاً، ومن قال بالدخول جعله تابعاً (ولا) يدخل (الثمر) بمثلثة الحمل الذي يخرجه الشجر وإن لم يؤكل، فيقال ثمر الأراك والعوسج والعنب، وقيل: ما لا نفع فيه ليس له ثمر، كذا في (المصباح) وفي (الفتح) يدخل في الثمرة الوردة والياسمين ونحوهما من المشمومات (في بيع الشجر إلا بالشرط) لما رواه محمد في شفعة (الأصل) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من اشترى أرضًا فيها نخل فالثمرة للبائع) إلا أن يشترط المبتاع من غير فصل بين المؤبر وغيره، ولا فرق بين أن يكون له قيمة أو لا في الصحيح لأن بيعه يجوز في أصح الروايتين، كذا في (الهداية) وخص دخول الثمر بالشرط وإن لم يكن قيدًا لأن قوله: بعتك الشجر وثمره كذلك اتباعًا للحديث الذي سمعته وكيفية أن هذا الشرط غير مفسد للعقد، وهذا أولى مما في (البحر). إنما أفرد كل واحد منهما لاختلاف المبيع هذا ويقوم مقام التسمية والشرط مما لو قال بقل قليل وكثير هو له فيها، ومنها إلا أن يبينه بقوله من حقوقها أو مرافقها لأن الحق يذكر عادة لما هو بيع لابد للمبيع منه كالطريق والشرب والمرافق ما يرتفق به وهو مختص بالتوابع كمسيل الماء، كذا في (العناية). وعبارته في (المجتبي) كمسيل الماء والشرب وقوله: كل قليل وكثير مبالغة في حق التابع في المبيع وبما هو متصل به وقوله أو منها تفسير لقوله فيها كذا في (المحيط)، وهذا يفيد أن أحدهما كاف لإدخال الطريق والشرب، وأعلم البائع لو

ويقال للبائع: اقطعها وسلم المبيع ـــــــــــــــــــــــــــــ أكل الثمرة مع الشرط أسقطت حصتها من الثمن ثم يثبت الخيار للمشتري في الأصح لتفرق الصفقة عليه عند الإمام. ولو أشترى شاة بعشرة فولدت ولدًا يساوي خمسة فأكله البائع قال الإمام: تلزمه الشاة بخمسة، قال في (الفتح): والفرق غير خاف وكأنه لأن الصفقة مع الشاة لم تتفرق وإنما استهلك البائع زيادة المبيع، وفي (القنية) اشترى أرضاً مع الزرع وأدرك الزرع في مدة ثم تقابلا لا تجوز الإقالة، لأن العقد إنما ورد على القصيل دون الحنطة، ولو حصد المشتري الزرع ثم تقايلا صحت الإقالة في حصتها من الثمن. ولو اشتري أرضاً فيها أشجار فقطعها ثم تقايلا صحت الإقالة بجميع الثمن، ولا شيء للبائع من قيمة الأشجار وتسلم الأشجار للمشتري، هذا إذا علم البائع بقطع الأشجار، وإن لم يعلم به وقت الإقالة يخير إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك. تتمة: يدخل الزرع والثمر في رهن الأرض والشجر بلا ذكر، كما في رهن (الخانية)، وفي (البزازية) أقر بأرض عليها شجر أو زرع دخل في الإقرار ولو برهن قبل القضاء أو بعده أن الزرع/صدق المقر ولا يصدق في الشجر وفي (الإسعاف) قال: أرضي: هذه صدقة موقوفة بحقوقها وجميع ما فيها ومنها وعلى الشجرة ثمرة قائمة يوم الوقف قال هلال: في القياس تكون الثمرة له، وفي الاستحسان يلزمه التصديق على الفقراء على وجه البذر، وما يحدث بعده يصرف في الوجوه التي سماها لكونه غلة الوقف، وكذا الناطفي رجل قال: جعلت أرضي هذه وقفاً على الفقراء ولم يقل بحقوقها يدخل البناء والشجر الذي فيها تبعًا، ولا يدخل الزرع النابت فيها، ولو زاد بحقوقها تدخل الثمرة القائمة في الوقف وهذا أولى خصوصاً إن أراد بجميع ما فيها، ومنها الوصية كالبيع، كما في (السراج) وغيره. (ويقال للبائع: اقطعها وسلم المبيع) لأن ملك المشتري مشغول ملك البائع فكان عليه تعريفه وتسليمه، واكتفي بذكر القطع في الثمن لأن الحكم إذا علم فيه علم في الزرع أيضاً إذ لا فرق بينهما، وقوله في (البحر): أراد بالمبيع الأرض والشجر لا يلائم اقطعها وأشار بقوله: وسلم المبيع أنه لا يؤمر بالقطع إلا عند وجوب المبيع فإذا لم ينعقد الثمن لا يؤمر به. وفي (جامع الفصولين) باع أرضًا بدون الزرع فهو للبائع بأجر مثلها واستشكله بأن يجب على البائع قطعه وتسليمه الأرض فارغة، وجوابه أنه محمول على ما إذا

ومن باع ثمرة بدا صلاحها أولًا صح ويقطعها المشتري ـــــــــــــــــــــــــــــ كان برضى المشتري، (ومن باع ثمرة بدا صلاحها) بأن أمنت العاهة والفساد (أو لا) بأن ينتفع بها في أكل وعلف وقد ظهرت، وهذا القيد لابد منه ليصح قوله (صح)، إذ لا خلاف في عدم جواز بيعها قبل أن يظهر وقد يؤخذ هذا القيد من قوله ثمرة لأنها قبل الظهور لا تسمي بذلك، واختلف فيما إذا ظهر البعض وظاهر المذهب أنه لا يجوز أيضًا. وأفتى ابن الفضل والحلواني بالجواز ويجعل المعدوم تبعًا، وقيل: إذا لم ينتفع بها لا يصح بيعها، وجعله قاضي خان قول المشايخ، والأصح هو الجواز لأنه ينتفع بها لا يصح بيعها، وجعله قاضي خان قول المشايخ، والأصح هو الجواز لأنه ينتفع بها في ثاني الحال، وإله أشار محمد في العشر حيث قال: لو باع الثمار أول ما تطلع وتركها بإذن البائع حتى أدركت فالعشر على المشتري، ولو لم يكن جائزاً لم يوجب فيه العشر عليه. قال في (الفتح): وصحة البيع على هذا التقدير بناء على التعويل على إذن البائع وإلا فلا انتفاع له مطلقاً فلا يجوز بيعه أنتهى. وحاصلة أن الاستدلال بتلك الإشارة لا يتم لأن المدعي عام وهي في خاص، لكن قد علم من دلالة الإتقان على جواز بيع المهر والجحش جواز بيع الثمار التي لا ينتفع بها الآن، فذكر محمد الترك بإذن البائع في التصوير إنما هو لوجوب العشر لا لوجوب البيع (ويقطعها المشتري) أي: يجبر على قطعها تفريقًا لملك البائع، يعني إن اشتراها مطلقًا أو بشرط القطع على البائع فسد، كما في (الحاوي). ولو تركها بإذن البائع طاب له الفضل وهو ما زاد في ذات المبيع وإن بغير إذنه فإن لم يتناه عظمها تصدق به لا إن تناهى، ولو استأجر النخيل إلي وقت الإدراك طاب له أيضًا بخلاف ما اشترى الزرع واستأجر الأرض إلي أن تدرك حيث لا يطيب له، والفرق أن الإجارة في الأول باطلة والباطل لا وجود له فلم يوجد إلا الإذن، وفي الثاني فاسدة والفاسد له وجود فكان ثابتاً في ضمن عقد فاسد فأورث خبثاً، ولو اشتراها مطلقًا عن القطع وأثمرت ثمرة أخرى فإن كان قبل القبض، أي قبل تخليه البائع بين المشتري والثمار فسد البيع، فإن كان بعده لم يفسد ويشتركان والقول للمشتري في مقدار الزائد مع يمينه، وكذا في الباذنجان والبطيخ فإن قلت: قدمت أن الترك إن كان بإذن البائع يطيب له الفضل وإلا تصدق بالفضل فمتى يشتركان؟ قلت: معني الأول أن الزيادة إنما وقعت في ذات المبيع كما مر، ومعنى الثانية أن العين الزائدة لم يقع عليها بيع وإنما حدثت بعده، وقد خفي هذا على بعض طلبة الدرس إلي أن بينته له كذلك والله الموفق. والحيلة في كون الحارث للمشتري أن يشتري أصول الباذنجان والبطيخ

وإن شرط تركها على النخل فسد ولو استثنى منها أرطالًا معلومة صح ـــــــــــــــــــــــــــــ والرطبة ليكون الحارث على ملكه، وفي الزرع والحشيش يشتري الموجود ببعض الثمار ويستأجر الأرض مدة معلومة يعلم فيها الإدراك وانقضاء الغرض فيها بباقي الثمن، وفي ثمار الأشجار يشتري الموجود ويحل له البائع ما يوجد، فإن خاف أن يرجع يقول: على أنه متى رجع في الإذن كان مأذونًا في الترك قاله الفقيه أبو الليث. (وإن شرط تركها على النخيل فسد) البيع سواء تناهي عظمها أو لا ولا خلاف في الثاني، وفي الأول خلاف محمد جوزه استحساناً قيل: والثاني معه وجه قولهما في الصورتين أنه شرط لا يقتضيه العقد وهو شغل ملك الغير أو هو صفقة/في صفقة لأنه إن شرط بلا أجرة فشرط إعارة في البيع أو بأجرة هي حصته من الثمن فشرط إجارة فيه، ومثل هذا بيع الزرع بشرط الترك، كذا قالوا: وفيه تأمل لأن إعارة الأشجار وإجاراتها غير جائزة نعم هو مستقيم في بيع الزرع بشرط الترك، كذا في (العناية) تبعاً لما في (النهاية). وأجاب في (البحر) بأنه صفقة فاسدة في صحيحة ففسدت جميعاً انتهى، وأنت قد علمت أن إجارة النخل باطلة، وفي (الحواشي السعدية) ينبغي أن تجوز الإعارة ويدل عليه ما نقله العلامة السكاكي عن (الجامع الأصغر) انتهى. أقول: وبه صرح في (جامع الفصولين) حيث قال: باع شجرًا عليه ثمر أو كرمًا عليه عنب لا يدخل الثمر، فلو أستأجر الشجر من المشتري ليترك عليه الثمر لم يجز ولكن يعار إلي الإدراك فلو أبى المشتري يخير البائع إن شاء وأبطل البيع أو قطع الثمر انتهى، فلا فرق يظهر بين المشتري والبائع، ووجه قول محمد في الأول أنهم تعارفوا ذلك فيه فكان شرطاً يقتضيه العقد، وجعل في (الأسرار) الفتوى على قوله، وفي (التحفة) الصحيح قولهما. (ولو استثنى منها) أي: من الثمرة المبيعة ولو مجذوذة (أرطالًا معلومة) أو رطلًا (صح) البيع في قياس ظاهر الرواية لأن كل ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده جاز استثناؤه وما لا فلا، وروى الحسن عن الإمام أنه لا يجوز، واختاره الطحاوي والقدوري لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول بخلاف ما لو استثنى نخلاً معيناً لأنه معلوم بالمشاهدة، والجهالة لا تفضي إلي المنازعة إذ المبيع معلوم بالإشارة وجواز قدره لا تمنع الجواز. قال في (الفتح): وعدم الجواز فليس بمذهب الإمام في مسألة بيع صبرة طعام لا فقير بدرهم، فإن أفسد البيع لجهالة قدر المبيع وقت العقد وهو لازم في استثناء أرطال معلومة على الأشجار وليس كل ما لا يفضي إليها يصح معها، بل لابد في

كبيع بر في سنبله وباقلي في قشره وأجرة الكيل على البائع وأجرة نقد الثمن ووزنه على المشتري ـــــــــــــــــــــــــــــ الصحة من كون المبيع على حدود الشرع، ألا ترى أن المتبايعين قد يتراضيان على شرط لا يقتضيه العقد وعلى البيع بأجل مجهول ولا يعتبر ذلك مصححاً انتهى. وأقول: يمكن أن يجاب عنه بما قدمناه من أن الفساد عنده في بيع الصبرة بناء على جهالة الثمن إذ المبيع معلوم بالإشارة وفيها لا يحتاج إلي معرفة القدرة والثمن فيما نحن فيه معلوم (كبيع) أي: كما يجوز بيع (بر في سنبله، وباقلا في قشره) لأنه مال منتفع به، وإنما امتنع بيعه بمثله من سنبل الحنطة لاحتمال الربا، وإنما لا يجوز بيع ما في هذا القطن من الحب وما في هذا الثمر من النوى لأن كلاً منهما معدوم عرفًا، إذ لا يقال: هذا نوى في ثمرة ولا حب في قطنة ويقال: حنطة في سنبلها وبه عرف امتناع بيع اللبن في الضرع، واللحم في الشاة، والزيت في الزيتون، والعصير في العنب، ونحو ذلك. قال في (الفتح): واعلم أن الفتح يقتضي ثبوت الخيار للمشتري بعد الاستخراج في ذلك كله لأنه لم يره انتهى. يعني فيما صح بيعه (وأجرة الكيل) والوزن والعد رد الزرع (على البائع) لأن عليه التسليم وهذا من تمامه، قال: لو اشترى حنطة في سنبلها فعلى البائع تخليصها بالدرس والتذرية ودفعها إلي المشتري هو المختار، والتبن للبائع، فلو اشترى ثيابًا في جراب ففتح الجراب على البائع، وإخراج الثياب على المشتري قيد بالكيل لأن صب الحنطة في الوعاء على المشتري إلا إذا كان العرف بخلاف ما لو اشترى ماء في قربة فإن صبه يكون على البائع كما في (الخانية). وفي (المجتبي) لو اشترى وقر حطب في المصر فالحمل على البائع، وفي (الخلاصة) إخراج الطعام من السفينة، وكذا قطع العنب المشترى جزافًا وكل شيء باعه جزافاً كالثوم والبصل والجزر إذا خلى بينهما وبين المشتري، وكذا قطع الثمر على المشتري (وأجرة نقد الثمن ووزنه على المشتري)، أما كون أجرة النقد عليه فهو رواية ابن سماعة عن محمد وهو ظاهر الرواية كما في (الخانية)، وبه كان يفتي الشهيد وهو الصحيح كما في (الخلاصة) لأنه يحتاج إلي تسليم الجيد وتعرفه بالنقد كما يعرفه المقدار بالوزن، ولا فرق بين أن يكون دراهم منقودة أو لا هو الصحيح خلافًا لمن فصل، كذا في (الخانية)،وروى أن يكون دراهم منقودة أو لا هو الصحيح خلافاً لمن فصل، كذا في (الخانية)، ورورى ابن رستم عن محمد أنه على البائع، وفي كلامه إيماء إلي أن أجرة نقد الدين على المديون وهو مروي عن محمد إلا إذا قبضه ثم جاء يرده بعيب الزيافة فإنه يكون على رب الدين كما في الثمن وهذا ينبغي أن يكون في الثمن بالإجماع.

باب خيار الشرط

ومن باع سلعة بثمن سلمه أولًا وإلا معًا. باب خيار الشرط ـــــــــــــــــــــــــــــ فرع ظهر بعد نقد الصراف أن الدراهم زيوف رد الأجرة، وإن وجد البعض فيقدر، كذا في إجارة (البزازية)، وأما أجرة الوزن فباتفاق الأربعة لأنه يحتاج إلي تسليم الثمن والوزن من تمامه، (ومن باع سلعة بثمن) حال ليس فيه خيار للمشتري/ (سلمه) أي: الثمن (أولاً) بشرط أن يحضر البائع السلعة ليعلم قيامها، لأن المشتري تعين حقه في المبيع فلابد أن يتعين حق البائع في الثمن بتسليمه له تحقيقًا للمساواة بينهما حتى لو باعه بشرط أن يدفع المبيع أولًا فسد البيع لأنه لا يقتضيه العقد، وقال محمد: لجهالة الأجل حتى لو سمى الوقت الذي يسلم فيه المبيع جاز، كذا في (البزازية) وإذا عرف هذا فقول أبن وهبان في (منظومته): وشار ولم يقض ويلقاه بائع .... ببلدة أخرى ليس بالنقد يؤمر فيه أن إطلاقه يفيد أن لا فرق بين أن يحضر السلعة أو لا، والمنقول في (البدائع) أنه مقيد بما إذا لم يحضرها أنتهى، (وإلا) أي: وإن لم يكن سلعة بثمن بل ثمنًا أو سلعة بمثلها سلمًا (معًا) لاستوائهما في التعيين وعدمه. قال في (التجريد): وتسليم المبيع والثمن أن يخلي بينه وبينه على وجه يتمكن من قبضه من غير حائل، وشرط في (الأجناس) مع كذلك أن يقول: خليت بينك وبين المبيع فاقبضه حتى لو اشترى حنطة ودفع البائع المفتاح إليه وقال: خليت بيتك وبينها كان قابضًا، وإن دفعه ولم يقل شيئًا لا يكون قابضًا، وقال الحلواني: ذكر في (النوادر) أنه لو باع ضيعة وخلى بينهما وبين المشتري إن كان بقرب منها يصير قابضًا، وإن كان ببعد لا يصير قابضًا، قال: والناس عنه غافلون فإنهم يشترون الضيعة بالسواد ويقرون بالتسليم والقبض وهو لا يصح به القبض، وأطلق في (المحيط) أنه بالتخلية يقع القبض وإن المبيع بعيدًا، وما ذهب إليه الحلواني هو ظاهر الرواية وهو الصحيح، وكذا في الهبة والصدقة، كذا في (الخانية) والله الموفق. باب خيار الشرط من إضافة الشيء إلي سببه، أي: خيار يثبت باشتراطه، ولما كان البيع علة حكمه والأصل عدم تخلف حكم العلة عنها قدم ما هو الأصل، كذا قالوا وفيه نظر إذ لا نسلم أن المقوم هو اللازم فقط، بل المطلق المتناول واللزم وغيره ويمكن أن

صح للمتبايعين ـــــــــــــــــــــــــــــ يجاب بأنه يكفي في التقديم تناوله اللازم والموانع خمسة: ما يمنع انعقاد العلة، كبيع الحر وما يمنع تمامها كبيع مال الغير، وما يمنع ابتداء الحكم كخيار الشرط، وما يمنع تمامه كخيار الرؤية، وما يمنع لزومه كخيار العيب، وجزم أهل الأصول بأن هذا التقسيم مبني على جواز تخصيص العلة والمحققون على خلافه بل عدم الحكم لعدم العلة، ويقال في البيع الخال عن الشرط علة أسماء ومعنى وحكماً للمشروط فيه الخيار علة أسماء ومعنى فقط. قالي في (التلويح): اعتبرنا في العلة ثلاثة أمور: إضافة الحكم إليها، وتأثيرها فيه وحصولها معه في الزمان، وسموها بالاعتبار الأول العلة أسمًا والثاني العلة معنى وبالثالث العلة حكمًا انتهى، ثم الخيارات وصلت إلي ثلاثة عشر، الثلاثة المبوب لها، وخيار التعيين والخيار بفوات وصف مرغوب فيه، وخيار النقد والاستحقاق وتفريق الصفة فهلاك بعض المبيع وإجازة عقد الفضولي، والخيانة في المرابحة، وخيار الغبن ... وخيار كشف الحال، وأغلبها ذكر المصنف يعرف ذلك من مارس الكتاب (صح) أي: خيار الشرط وبه أفصح صدر الشريعة لكن الأولى صح شرط الخيار، كما في (الإصلاح) لأن الموصوف بالصحة إنما هو الشرط لا نفس الخيار كما في (البحر). وأقول: الضمير في صح يعود إلي المضاف إليه بقرينة صح ولقد أفصح المصنف عنه في الخلع حيث قال: وصح شرط الخيار لها في الخلع لا له ومن غفل عن هذا قال ما قال (للمتبايعين) فيه إيماء إلي أن الشرط كان بعد العقد أو مقارنًا له حتى لو كان قبله، بأن قال له: جعلتك بالخيار في المبيع الذي تعقده ثم عقد بعده لم يكن له خيار كما في (التتارخانية)، وإطلاقه يعم الفاسد منه أيضًا. وقال: إنه يصح أيضًا في الإجارة والقسمة والصلح عن مال ولو بغير عينه والخلع والعتق على مال والرهن للمرأة والقن والراهن وفي الكفالة بالنفس أو بالمال، سواء كان الخيار للمكفول أو للكفيل كذا في (الفصول) وفي الإبراء أيضًا بأن قال: أبرأتك على أني بالخيار وتسليم الشفعة بعد طلب المواثبة، ذكره فخر الإسلام وفي الحوالة والوقف على قوله الثاني. وفي (البزازية) الإقالة كالبيع يجوز شرط الخيار فيها، قال في (البحر): وينبغي صحته في المزارعة والمعاملة ولا يصح في النكاح والطلاق واليمين والنذر والوكالة والإقرار، وعلله في (الخانية) بأنه إنما يدخل في لازم يحتمل الفسخ أنتهى، وقياسه

أو لأحدهما ثلاثة أيام أو أقل ولو أكثر لا ـــــــــــــــــــــــــــــ أن لا/يصح في الوصية كما لا يصح في الصرف والسلم حتى لو شرط الخيار فيهما لأحدهما بطل العقد، كما في (جامع الفصولين) وقد نظمتها فقلت: يأتي خيار الشرط في الإجار .... والبيع والإبراء والكفالة والرهن والعتق وترك الشفع .... والصلح والمغلق مع الحوالة والوقف والقسمة والإقامة .... لا الصرف والإقرار والوكالة ولا النكاح والطلاق والسلم .... نذر وإيمان فهذي تغتنم وأعم أنه لا فرق بين كونه في كل المبيع أو بعضه حتى لو أشترى مثليًا أو قيميًا، وشرط الخيار في نصفه أو ثلثه أو ربعه جاز، كما في (السراجية) لا فرق في ذلك بين كون الخيار للبائع أو للمشتري، ولا بين أن يفصل الثمن أو لا لأن نصف الواحد لا يتفاوت، كذا في (الشرح)، ولو اختلفنا في اشتراطه فالقول لنافية في ظاهر الرواية لأنه خلاف الأصل، وقال محمد: القول لمدعيه والبينة للآخر، كذا في (الخانية) وفيها لو قال من له الخيار: إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري لا يبطل ولو قال: أبطلته إذا جاء غد، ذكر في (المنتقي) أنه يبطل وليس هذا كأولي لأن هذا وقت يجئ لا محالة بخلاف الأول انتهي. (ولو لأحدهما) ولو وصيا (ثلاثة أيام) فما دونها لرواية أبن ماجه أن حبان بفتح المهملة والباء الموحدة المشددة أبن منقذ قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه وكان لا يدع التجارة ولا يزال يغبن فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أنت بايعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة بالخيار ثلاثة أيام فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها) وقوله: لا خلابة، أي: لا خديعة في الدين لأنه النصيحة، فالواجب بعد كونه ليس من ذوي البصائر نصيحة أي لا تخدعوه اعتماداً على معرفته بل أنصحوه وقالوا: لو شرطت الثلاثة وكان المبيع مما يتسارع إليه الفاسد، ففي القياس لا يجبر المشتري على شيء، وفي الاستحسان يقال له: إما أن تفسخ المبيع وإما أن تأخذه ولا شيء عليك من الثمن حتى تجبر البيع أو يفسد المبيع عندك دفعاً للضرر من الجانبين، كذا في (الخانية). (ولو) شرطاً (أكثر) منها (لا) أي: لا يصح البيع، قال في (الفتح): وكما لا يجوز عنده إذا زاد على الثلاثة لا يجوز إذا أطلق وقال قبله لو له أنت بالخيار كان له خيار ذلك المجلس، قال في (البحر): فيحمل الأول على ما إذا وقع الإطلاق وقت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ العقد، والثاني على ما إذا كان بعده لما في (البزازية) وغيرها قال له البائع بعد أيام: أنت بالخيار لثلاثة أيام له الخيار ثلاثة أيام، في المختار، ولو قال له: أنت بالخيار له الخيار ما دام في المجلس انتهى. ومن تأمل ما في (الفتح) علم أنه غني عن هذا الحمل بل صريح كلامه ناطق به وذلك أنه قال أو لا. فروع يجوز إلحاق خيار الشرط لو قال أحدهما بعد البيع ولو بأيام: جعلتك بالخيار ثلاثة أيام صح بالإجماع حتى لو شرط الخيار بعد البيع البات شهراً ورضياً به فسد العقد عند أبي حنيفة خلافاً لهما ثم قال: ولو قال له: أنت بالخيار كان له خيار ذلك المجلس فقط، ولو قال إلي الظهر فعند أبي حنيفة يستمر إلي أن يدخل وقت الظهر، وعندهما لا يدخل الغاية، وقال في قوله القدوري ولا يجوز أكثر منها، وكما لا يجوز عند أبي حنيفة إذا زاد على الثلاثة، كذلك لا يجوز إذا أطلق انتهى. ولم أر من فرق بينهما ويظهر فيه أن المفسد في الثاني مقارن فقوي عمله، وفي الأول بعد التمام فضعف وقد أمكن تصحيحه بإثبات الخيار في المجلس وقالا: يجوز إذا سمي مدة معلومة لأن ابن عمر أجازه إلي شهرين ولأن الحاجة قد تمس إلي الأكثر فصار كالتأجيل، فثبوت الدعوى بمجموع الدليلين وله أن جوازه على خلاف القياس لما روينا فيقتصر على المدة المذكورة، وكفاك حجة ما أخرجه عبد الرزاق من حديث أنس (أن رجلاً اشترى من رجل بعيراً وشرط عليه خيار أربعة أيام فأبطل عليه الصلاة والسلام البيع وقال: الخيار ثلاثة أيام) واشتراط الأجل للقدرة على التحصيل وذلك بتطاول المدة. قال في (البحر): ولو قال: ولو أكثر أو مؤبداً أو مطلقاً أو مؤقتاً بوقت محمول لكان أولي لأنه فاسد في الكل، كما في (التاتارخانية). وأقول: إنما اقتصار على الثلاث لأنه محل الخلاف والفساد فيما زاده بالإجماع، كما في (الدراية) وفي (المجمع) وإسقاط خيار الأبد بعد الثلاثة لا يرفع الفساد يعني عند الإمام. ومن فروع/الزيادة على الثلاث ما في (الخانية) اشترى شيئًا في رمضان على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر رمضان فسد العقد عنده لأن ما قبل الشهر يكون داخلًا فيعتبر بمنزلة اشتراط أربعة، وقال محمد: يكون له الخيار في رمضان وثلاثة

فإذا أجاز في الثلاث صح خلافاً لزفر ولو باع على أنه إن لم ينقد الثمن إلي ثلاثة أيام فلا بيع صح ـــــــــــــــــــــــــــــ أيام بعد رمضان ويجوز البيع، وكذا لو كان الخيار للبائع على هذا الوجه ولو شرط المشتري على البائع فقال: لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد رمضان فسد البيع عند الكل لأنه وجه لتصحيح هذا الوجه. تتمة: تقييد الخيار بثلاثة أيام في البيع والإقالة والإجارة كالبيع كما في (البزازية) وفيها أيضاً يصح اشتراطه أكثر من ثلاثة أيام للمحتال، وفي الكفالة حتى لو كفل على أنه بالخيار وعشرة أيام أو أكثر صح بخلاف البيع لأن مبناها على التوسع وفي الوقف لأن جوازه على قول الثاني وهو غير مقيد عنده بالثلاثة، وبقي الخلع والقسمة والصلح والرهن والعتق وينبغي أن يقيد فيما عدا الرهن بثلاثة أيام نظرًا إلي جانب المعاوضة، ثم رأيت في (الخزانة) لأبي الليث ولا يجوز الخيار في العقود كلها أكثر من ثلاثة أيام إلا في الكفالة في قول أبي حنيفة انتهى. (فإن أجاز) من له الخيار (في الثلاثة صح) البيع يحتمل أن يريد انقلب صحيحاً لزوال المفسد قبل تقرر، كما قال العراقيون من أصحابنا قيل: وهو ظاهر الرواية وإن يريد نفذ لأنه كان موقوفًا على إسقاط الشرط وبمضي جزء من الرابع فسد، كما قال الخراسانيون واختار السرخسي وغيره. قال في (الفتح): وهو الأوجه، وذكر الكرخي نصًا عن الإمام أنه موقوف، وفي (الحدادي) فائدة الخلاف تظهر في أن الفاسد يملك إذا اتصل به القبض والموقوف لا يملك إلا أن يجيزه المالك، ونظر فيه بأن الفاسد لا يملك إلا بإذن البائع، كما في (المجمع) والأولى أن يقال: إنها تظهر في حرمة المباشرة وعدمها فتحرم على الأول لا على الثاني. أعلم أنه لو فسخه أحدهما سواء كان من الخيار أو لا فإنه ينفسخ على القول بالفساد فظاهر وقوله في (المجمع): لو كان الفساد بشرط فسخ من له الشرط قوله محمد وعندهما لكل الفسخ، وأما على التوقف فقد ذكر الكرخي نصًا عن الإمام أن لكل منهما فسخه، وأثبت للبائع حق الفسخ قبل الإجازة مع التوقف على إجازة المشتري، كما في (الفتح). وفي الإسبيجابي لو باعه إلي الحصاد أو الدراس ثم أبطل صاحب الأجل أو نقد الثمن انقلب إلي الجواز، (ولو باعه على أنه) أي: المشتري (إن لم ينقد الثمن إلي ثلاثة أيام فلا بيع) بينهما (صح)، وكذا لو نقد المشتري الثمن على أن البائع إن رد الثمن

وإلي أربعة لا فإن نقد في الثلاث صح ـــــــــــــــــــــــــــــ إلي ثلاثة فلا بيع بينهما صح أيضًا، والخيار في مسألة الكتاب للمشتري لأنه المتمكن من إمضاء البيع وعدمه، وفي الثانية للبائع حتى لو أعتقه المشتري لا يصح، وقدمنا في الخلع أن خيار النقد يأتي فيه أيضاً وينبغي إثباته في الإجارة أيضًا إذا عجلت الأجرة كاستأجر مثلاً هذه الدار سنة بأجرة معجلة وهي كذا على أني لم أرد إليك الأجرة إلي ثلاثة أيام فلا إجارة بيننا، وكذا لو نقد إليه الأجرة على أن المؤجر إن رد إليه الأجرة إلي ثلاثة أيام فلا إجارة بينهما والصلح حيث اعتبر بيعًا وهذا من التفقد الذي لم أره في كلامهم. ثم في مسألة الكتاب لو باعه المشتري ولم ينقد الثمن حتى مضت الأيام الثلاثة جاز البيع وكان عليه الثمن، وكذا لو قتلها في الأيام الثلاثة أو ماتت، أو قتلها أجنبي خطأ غرم القيمة ولو وطئها وهي بكر أو ثيب أو جنى عليها أو حدث بها عيب لا بفعل أحد، ثم مضت الأيام ولم ينقد خير البائع إن شاء أخذها مع النقصان ولا شيء له مع الثمن، وإن شاء ترك وأخذ الثمن، كذا في (الخانية). وفي (المحيط) لو قطع المشتري يدها خير البائع بين أخذها ونص الثمن وتسليمها له، وفي (التتارخانية) لو قطعها أجنبي في الثلاث لزم البيع، وأعلم أن ظاهر قوله فلا بيع يفيد أنه إن لم ينقد في الثلاثة ينفسخ. قال في (الخانية): والصحيح أنه يفسد ولا ينفسخ حتى لو أعتقه بعد الثلاثة نفذ عقته إن كان في يده (و) باعه كذلك (إلي أربعة لا) أي: لا يصح البيع عندهما، وقال محمد: يجوز إلي ما سمياه (فإن نقد في الثلاث جاز) في قولهم جميعاً، ولم يذكر المصنف اكتفاء بما مر إذ لا شك أن هذا ملحق بخيار الشرط دلالة بجامع أن كلاً منهما لدفع ضرر الغبن، والخلاف السابق في أنه فاسد أو موقوف ثابت هنا، كما في (الذخيرة) وغير خاف أن كلا من الإمام ومحمد هو على أصله، وأما أبو يوسف فأخذ في الأصل بالأمر الذي قدمناه وفي الملحق به بالقياس وعنه أنه رجع إلي قول محمد، والأصح أنه مع الإمام، كذا في شرح (المجمع) والله الموفق. تتمة: ذكر في (البحر) معزياً إلي (الذخيرة) و (الخانية) اشترى شيئًا وقبضه ثم وكل المشتري على أنه إن لم ينقد الثمن إلي خمسة عشر يومًا فإن الوكيل يفسخ/العقد بينهما جاز البيع لأن الشرط لم يكن في البيع حتى لو لم ينقد الثمن إلي خمسة عشر يوماً كان للوكيل أن يفسخ، ثم ذكر بيع الوفاء وما فيه من الأقوال الآتية ثم قال: ذكره البزازي في البيع الفاسد، والشرح في الإكراه، وذكره هنا تبعًا لقاضي خان أنسب لأنه من أفراد مسألة خيار النقد أيضًا.

وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: إنما يكون من أفراده بناء على القول فساده إن زاد على الثلاث لا على القول بصحته إذ خيار النقد مقيد بثلاثة أيام وبيع الوفاء غير مقيد بها فأنى يكون من أفراده؟ وما ذكره في مسألة الوكيل أحد الأقوال في بيع الوفاء، كما في (البزازية) حيث قال: اختار أئمة خوارزم أنه إذا أطلق البيع لكن وكل المشتري وكيلاً بفسخ البيع إذا أحضر البائع الثمن أو عهد أنه إذا أوفاه يفسخ البيع والثمن لا يعادل المبيع وفيه غبن فاحش، أو وضع المشتري على أصل المال ربحاً بأن وضع على مائة وعشرين دينارًا فرهن وإلا فبيع صحيح ومفيد لبعض أحكامه بل حل الانتفاع به إلا أنه لا يملك بيعه. قال الشرح في الإكراه: وعليه الفتوى، الثالث: ما اختاره في (الخانية) وقال: إنه الصحيح إنه إن وقع بلفظ البيع لا يكون رهنًا، ثم إن شرطاه في العقد أو تلفظًا بلفظ البيع وعندهما هذا البيع غير لازم فالبيع فاسد، وإن ذكر البيع بلا شرط ثم شرطاه على وجه الموادعة جاز ولزم الوفاء به، وقد يلزم الوعد لحاجة الناس فرارًا من الربا وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه، الرابع: أنه فاسد اختاره صاحب (الهداية) ومشايخ زماننا وعليه الفتوى لكن لا يملك المشتري بيعه من الغير كما في بيع المكره كالفاسد بعد القبض، الخامس: القول الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الأحكام حتى ملك كل منهما الفسخ صحيح في بعض الأحكام كحل الإنزال ومنافع المبيع رهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدين بهلاكه فهو مركب من العقود الثلاثة. وبقي ثلاثة أقوال ذكرها في (البزازية) لم يرجح واحد منهما، والعمل في ديارنا على ما رجحه الشارح، (وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه) لأن تمام السبب الذي هو البيع لا يكون إلا بالتراضي ولا وجود له مع الخيار، فلذا نفد تصرفه فيه دون المشتري، وإن قبضه بإذن البائع يعني للاختيار، وأما إذا سلمه إليه على وجه التمليك كان ذلك مبطلًا لخياره كما لو وهبه الثمن في المدة أو أبرأه منه أو اشتري شيئًا من المشتري، كذا في (جامع الفصولين) وعرف من هذا أن خيار المشتري يمنع خروج الثمن عن ملكه وأنه إذا كان الخيار لهما لا يخرج المبيع ولا الثمن عن ملك المالك. وفي قوله عن ملكه إيماء إلي أن البائع هو المالك فلو كان فضولياً كإن اشترط الخيار له مبطلاً للبيع لأن الخيار لم يدون في الشرط، كما في (فروق الكرابيسي) ولا يرد

وبقبض المشتري يهلك بالقيمة ـــــــــــــــــــــــــــــ الوكيل بالبيع إذا باع بشرط الخيار له لأنه كالمالك حكماً ولو بقيت في يد البائع بقى على خياره وحير المشتري أخذه بكل الثمن أو الفسخ، ولو يفعله سقط من الثمن بقدره، وظاهره أنه لو هلك انفسخ البيع. قال في (البحر): ولو أجازه المالك ثبت الملك للمشتري مقتصرًا لا مستندًا إلي وقت العقد لما في (الخانية) اشترى ابنه بخيار البائع ثم مات المشتري فأجاز البائع عتق الابن ولا يرث أباه وقدم عنها أن الأولاد والأكساب فيما إذا كان الخيار للبائع تدور مع الأصل فإن أجيز كانت للمشتري وإلا فللبائع ولو كان الخيار للمشتري فحدثت عند البائع، فكذا الجواب وإن عند المشتري كانت له تم البيع أو انتقض، قيل: هذا قولهما أما على قوله فهي دائرة مع الأصل انتهى. وأنت خبير بأن هذا يعين كونه مستندًا وبه صرح الشارح في (الزوائد) وإنما لم يستند الإرث لأن العقد لا يصلح أن يكون سببًا له كالعتق إذ سببه إنما هو القرابة فتدبره، (وبقبض المشتري يهلك) في مدة الخيار (بالقيمة) لانفساخ البيع بالهلاك ولا نفاد بدون المحل فبقي كالمقبوض على سوم الشراء وفيه مع الهلاك القيمة في القيمي والمثل في المثلي إذا كان القبض بعد تسمية الثمن في الصحيح وهو ظاهر الرواية، قال الشهيد: وعليه الفتوى ولو شرط المشتري عدم الضمانة كما في (البزازية)، ولقد قلنا: إنه لا فرق بين هلاكه في المدة أو بعد فسخ البائع، وأما لو هلك بعدها كان مضمونًا بالثمن. وفي (السراج) قال البائع للمشتري وبعد الثلاث مات البعد في يدك ووجبت لي القيمة وقال المشتري: إنما أبق فالقول له مع اليمين لأن الظاهر حياته والموت لا نعلمه ويجوز البيع على البائع ويتم، ولو أدعى المشتري الموت والبائع الإباق فالقول للبائع انتهى، ولو بقيت في يد المشتري خير البائع بين إمضاء البيع وفسخه وأخذ النقصان، كذا في (الشرح) وتعتبر قيمته يوم القبض وقيده الحدادي بما إذا كان قيميًا، أما إذا كان مثليًا فليس/ له أن يضمنه النقصان لشبهة الربا، وأعلم أن الطرسوسي في (أنفع الوسائل) شرط في ضمان المقبوض على السوم ذكر الثمن من جانب المشتري، أما من البائع وحده فلا ضمان لما في (القنية) قال له: هذا الثوب بعشرة قال: هاته حتى أنظر إليه فأخذه على هذا وضاع منه فلا شيء عليه. ولو قال: هاته فإن رضيت أخذته فضاع فهو على ذلك الثمن انتهى، وقال: إنه بالهلاك يضمن بالقيمة وفي الاستهلاك بالثمن، ورده في (البحر) بأن الأول خطأ والثاني غير صحيح، أما الأول فلأن بيان الثمن من البائع إذا أخذه المشتري بعده على

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجه السوم كاف في الضمان لما في (الخانية) طلب منه ثوبًا ليشتريه فأعطاه ثلاثة وقال: هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين فاحمل الثياب إلي منزلك فأي ثوب رضيته فقد بعته منك فهلكت عند المشتري. قال أبن الفضل: إن هلك الكل جملة أو على التعاقب ولا يدري الأول والذي بعده ضمن المشترى ثلث كل ثوب، وإذا عرف الأول لزمه والباقي أمانة، وإن هلك الثوبان لزمه نصف كل واحد ورد الثالث انتهى، وما في (القنية) إنما هو في المقبوض على سوم النظر، قال: وقد اشتبه عليه المقبوض على سوم الشراء بالمقبوض على سوم النظر والثاني أمانة. ففي (الذخيرة) عن أبي يوسف ساوم رجلًا بثوب فقال صاحبه: هو بعشرة فقال: هاته حتى أنظر إليه فدفعه إليه على ذلك فضاع لا يلزمه لأنه أخذه على النظر أشار إلي أن هذا ليس مقبوضًا على سوم الشراء، وفي (الظهيرية) كما في (القنية) وفي (فروق الكرابيسي) هذا الثوب لك بعشرة فقال: هاته حتى أنظر إليه أو حتى أريه غيري فضاع. قال أبو حنيفة: لا شيء عليه يعني يهلك أمانة وإن قال هاته، فإن رضيته أخذته فضاع كان عليه الثمن، والفرق أنه في الأول أمره يعني بدفعه إليه لينظر إليه أو ليريه غيره وليس ببيع وفي أمره بالإتيان به ليرضاه أو يأخذه وذلك بيع بدون الأمر فمع الأمر أولي ومثله في (الظهيرية) فثبت بهذا أن المقبوض على وجه النظر غير مضمون وإن ذكر البائع الثمن وعلى وجه السوم مضمون سواء كان ذكر الثمن من جانب البائع أو المشتري، وأما الثاني فلما في (الخانية) أيضاً إذا أخذ ثوبًا على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته، وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري انتهى، والوارث كالموروث. وأقول: في (التتارخانية) أخذ رجل ثوبًا وقال: أذهب به فإن رضيته اشتريته فذهب وضاع الثوب فلا شيء عليه، ولو قال: إن رضيته أخذته بعشرة فضاع فهو ضمان من قيمته وفي النصاب وعليه الفتوى، وهذا إيماء على أن المقبوض على سوم الشراء إنما يكون مضمونًا إذا كان الثمن مسمى انتهى، وهذا بالقواعد أمس مما في (فروق الكرابيسي) من أنه في الثاني يكون بيعًا ولا نسلم أن الثاني غير صحيح إذ الطرسوسي لن يذكره تفقهًا بل نقلًا عن المشايخ صرح به في (المنتقى). وعلله في (المحيط) بأنه صار راضيًا بالمبيع دلالة حملًا لقوله على الصلاح، وعزاه في (الخزانة) أيضًا إلي (المنتقى)، غير أنه قال: وفي (القاموس) تجب القيمة، قال: وينبغي أن لا يزاد بها على المسمي كما في الإجازة الفاسدة وفيه نظر، بل ينبغي أن تحب القيمة بالغة ما بلغت وقد صرحوا بذلك في البيع الفاسد فكذا هذا.

وخيار المشتري لا يمنع ولا يملكه ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: الوكيل بالشراء إذا أخذ ثوبه على اليوم فلم يرضي به الموكل وهلك في يد الوكيل ضمن قيمته من ماله ولا يرجع بها على الموكل إلا أن يأمره بذلك، كذا في (الثانية (وبقي المقبوض على سوق غير الشراء، ففي (جامع الفصيلين (المقبوض على سوق الرهن منعمون بالأقل من قيمته ومن الدين، والمقبوض على سوق القرض مضمون بما ساوم كمقبوض على حقيقته بمنزلة مقبوض على سلم المبيع، إلا أنه في المبيع يهلك بالقيمة وهنا يهلك بما ساومه به من القرض والمقبوض على النكاح مضمون، يعني لو قبض أمة غيره ليتزوجها بإذن مولانا وهلكت في يده ضمن قيمتها، (وخيار المشتري لا يمنعه خروج المبيع عن ملك البائع بل يخرج من جانبه فتم السبب في حقه لانتفاء ما يمنع من محله. (و) لكن المشتري مما (لا يملكه) أي: المبيع عند الإمام، وقالا: يملكه إذ لو لم يمتصه لزم أن يخرج عن مثلث البائع لا إلى مالك ولا عهد لنا به في الشرع يعني في المفاوضات فيكون كالسائبة، وبه اندفع ما أورد من أن متولي الوقفة أو الكعبة أو اشترى عبدا ببدل عبد الواقف لمرضه أو لسدانة الكعبة أو كانت التركة مستغرقة بالدين خرج المولى عن المالك في هذه المسائل، ولم يدخل في ملك أحد وله أنه لو دخل مع كون الثمن لم يخرج لزم اجتماع البدلين في حكم ملك أحد المتعاقدين حكما للمعاوضة، والأصل له في الشوط، أي: في بابها وكيف يكون وهي تقتضي المساواة بين المتفاوضين في تناول ملكهما؟ افلا يرد ما لو غصب المدبر وأبق من يده فإنه يضمن قيمته ولا يخرج به عن ملك المالك فيجتمع العوضان في ملك واحد لأنه ضمان جناية لا معاوضة. قال في (الفتح): وش ذا ألزم في الشرع مما ذكراه فإن المشتري للسدانة وللوقف كائن في المعاوضة نعم يرد السليم فإن المسلم إليه يملك رأس المال مع المسلم فيه، وأجيب بأن المسلم فيه صار دينا كالثمن يملكه البائع في ذمة أن مشتري، وأفا ثبوت الشفعة للمشتري فلان البيع يخبره في ضمن طلبها فثبت مقتضى تصحيحًا ولا نسلم أنها كالسائبة لأمنها التي لا مثلث فيها لأحد ولا لتعلق ملك، والثاني موجود هنا ولا خلاف أن النفقة تجب على المشتري كما في (السراج). وأما إبراء المشتري عن الثمن فعن محمد جوازه، وقال أبو يوسف: لا يصلح وهو القياس والأول استحسان وعليه فلا يشكل جواز الرزق بالعمق، كما جزم به في (الفصول) وعلى الأول يشكل، وأجاب في (البحث) بأن الإبراء يعتمد الدين ولا دين عليه بخلاف الرهن بدليل صحته على الدين الموعود، ومن جوزه نظرًا إلى الإبراء إنما

وبقبضه يهلك بالثمن كتعيبه فلو اشترى زوجته بالخيار بقي النكاح فإن وطئها فله أن يردها ـــــــــــــــــــــــــــــ يعتمد تعلق الحق لا حقيقة الدين، ألا ترى أن البائع لو أبرأ الموكل عن ثمن ما اشتراه وكيله فإنه يصح مع العمق على الوكيل هذا؟ وسكت المصنف عما إذا ى ن الخيار لهما، وحكمه ما مر من أن المبيع لا يخرج عن ملك البائع ولا العمق عن ملك المشتري، وتصرف في كل منهما في بدل ملكه باطل، وأيهما فسخ في مدة الخيار انفسخ (وبقبضه) أي: بقبض المشتري المبيع (يهلك بالثمن) لأن الهلاك لا يعوي عن مقدمة عيب يمنع الرد فيهلك، وقد انبرت البيع فيلزم الثمن بخلاف ماذا كان الخيار للبائع لأن تعينه في هذه الحالة لا يمنع الرد فيهلك، والعقد موقوف فيبطل وهذا شمايل لما إذا كان الخيار لهما، نعم لو أسقط البائع خياره فهلك في المدة يهلك بالثمن (كتعيبه) أي: كما يلزمه الثمن إذا تغيب المبيع في يده لأنه صار بذلك ممسكًا لبعضه. (فلو) رده لتفرقة الصفقة على البائع قبل التمام وهو لا يجوز فلزم المبيع لسقوط الخيار ثم إطلاقه يعم ما لو محيطه المشتري أو أجنبي أو بآفة سماوية أو بفعل المبيع أو البائع عندهما، وقال محمد: لا يسقط فإن أجاز البيع ضمن البائع النقصان، والمرأة عيب لا يرتفع زيد كان يرتفع كالمرض فهو على خياره فإذا ارتفع في المدة لا يلزمه وإلا لزمه، نحو (أشترى زوجته بالخيار) له (بقي النكاح) تفريع على عدم دخول البيع في ملكه وانفسخ عندهما لدخولها فإذا فسخ المستوي البيع رجعت إلى مولاها بلا نكاح محليها وعنده هي زوجته كذا في (الفتح). (فإن وطئها) المشتري (له أن يردها) لأنه لا يلزم هنا أن يكون إجازة لأنه في النكاح ملكًا كاملة يحل به الوطء وهذا الإطلاق مقيد بما إذا لم ينقصها الوطء فإن نقصها ولو ثبت امتنع الرد قيد بزوجته من وطء غيرها يمنع الرد وإن لم ينقصها، كما في (الدراية (. وفي (البحر): وينبغي أن لا يحل للمشتري ودواعي الوطء كالوطء حتى لو قبلها أو لمسها أو نظر إلى فرجها بشهوة سقط خياله يعنى عندهما وحدها انتشار آلة أو زيارتها وقيل بالقلب وإن لم تنتشر كذا في (السراج)، وينبغي أن يتعين أي خير في العميق. وهو ادعى عدمها فإن كان على العلم لم يقبل قوله حالا قبل ولو فعلت الأمة به ذلك وأقر بالشهور كان رضا، ولهذه المسالة أخوات تنبني على عدم وقوع الملك للمشتري لا يعتق لو كان ذي رحم محرم منه ولا بقوله: إن ملكته فهو حر ولا يجزئ حيضها في المدة عن الاستبراء، أو لو ولدت بالنكاح لا تصيب أم ولد يعني قبل القبض وبعده تصير إذا ادعاه ويسقط الخيار للعيب.

فإن أجاز من له الخيار في غيبة صاحبه صح وإن فسح لا وتم العقد بموته ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو أودعه عند البائع فيهلك كان من مال البائع، ولو كان المشتري مأذونة فاقرأه البائية عن الثمن في المدة ولم يقبله بقي خياره، ولو أسلم الذمي المشتري من مثله نموا بطل البجع ولو تخلو العصير في بيع مسلمين فسد والمستدامة السكنى ليبست باختيار، ولو اشترى ظبية فأحرم بطل البيع والزوائد الحادثة في المدة بعد الفسخ للبائع كل ذلك عنده خلافا لهما (فلو أجاز من له الخيار) البجع بائعا كان أو مشتريا أو أجنبيًا (بغيبية صح) بإجماع الفقهاء، لابنه إسقاط وفيه لا يعتبر حضور من عليه الحق كالطلاق والعتاق. بولو فسخه لا أي، (لا) يصح هذا محنتهما وقال أبو يوسف: يصح وهو قول الثلاثة لأنه يسلط عليه من قبل صاحبه فلا يتوقف على معلمه كالإجارة، ولهذا لا يشترط رضاه ولهما أنه تتمرد في حق الغير بالرفع ولا يعرى عن مضرة لأنه قد يعتمد تمام البجع السابق فتصوف فيه فتلزمه القيمة بالهلاك فيما إذا كان الخيار للبائع، ولا يطلب السلعة مشتريًا فيما إذا كان الخيار للمشتري وهذا نوع دور فيتوقف على العلم بخلاف الإجازة فإنه لا إلزام فيه ولا يقال إنه مسلط وكيف يقال ذلك؟ وصاحبه لا يملك الفسخ ولا تسليط في غيوما يملكه المسلط. قال الشارح: والحيلة فيه أن يأخذ منه وكيلا حتى إذا بدا له الفسخ رده عليه، وقال بعضهم: إن الحاكم أو نصب من يخاصم صح الرد عليه انتهى. وفي (العمانية (هذا أحد القولين، وقيل: لا ينصب أنه ترك النظر لنفسه بعدم أخذ الوكيل/ فلا ينظر أالقاضي إليه، وإذا لم ينصب وطلب الإنذار من القاضي فعن محمد روايتان: في رواية يعذر بأن يبعث مناديا ينادي على باب البائع أن القاضي يقول: إن خصمك الآن يرد عليك فإن حضور وإلا وقضمت البجع، ولا ينقضه بلا إنذار وفي رواية لا يعذر. قال الكرخي: وخيار الرؤية على هذا الخلاف وفي العيب لا يصح فسخه بدون علمه إجماعا ولو أجاز البائع بعد فسخه قبل أن يعلم المشتري به جاز وبطل فسخه، ذكره الإسبيجابي يعني محنتهما وفيه يظهر أثر الخلاف، وكذا فيما باعه بشوط إن غاب فسخ فسد البجع عندهما خلافا له ورجح قوله في (فتح القدير): (وتم العقد بموته) أي: بموت من له الخيار بائعا كان أو مشتريا ولو حكما ولا يخلفه فيه الوارث كخيار الرؤية لأنه ليس إلا مجرد مشيئة وهي لا تقبل الانتقالي أما خيار العيب والتدين وفوات الوصف المرغوب فيه فيخلفه فيه، أفا في العيب فلان المورث استحق المبيع سليمة، والموروث في التحقيق إنما هو العين بصفة السلامة لا نفس الخيار، وأفا في التعيين فلاختلاط ملك الوارث بمثلث الغير إلا

وبمضي المدة والإعتاق ـــــــــــــــــــــــــــــ إنه لا يملك الفسخ ولا يتأقت خياره بخلاف المورث، كذا في (العناية) ولم أر في كلامهم حكم خيار النقد وينبغي أن يكون كالشرط قيدنا بموت من له الخيار لأن صوت غيره لا يتم به العقد بل الخيار باق لمن شرط له، فإن أمضى العقد مضى وإن فسخه انفسخ كما في (الفتح). وفي (جامع الفصولين) وكيل البيع أو الوصي باع بخيار أو المالك بنفسه باع بخيار لغيره فمات الوكيل أو الوصي أو الموكل أو الصبي أو من باع بنفسه أو من شرط له الخيار قال محمد: يتم البيع في كل ذلك لأن لكل منهم حقا في الخيار والجنون كالموت انتهى، وكذا الإغماء فإن أفاق في المدة، والإسبيجابي الأصح أنه علي خياره ولو سيكو من النمو لم يبطل بخلافه من البنج ولو ارتد فهو على خياره إجماعي، كذا في (الفتح). قيل: التحقيق إن الجنون والإغماء ليسا مسقطين، وإنما المسقط مضي المدة بلا اختيار بدليل ما مر من أنه لو أفاق فيها كان على خياره، وفي (المحيط) بلغ الصبي في مدة الخيار بطل وتم البيع عند أبي يوسف وعن محمد ثلاث روايات، في رواية ينتقل إلى الصبي، وفي أخرى لا يلزمه إلا بإجازته في المدة وبعدها، وفي أخرى كذلك إلا أنه يبطل بمضيها، ثم قال: ولو اشترى الأب أو الوصي شيئا للصبي بدين في الذمة وشوط الخيار ثم بلغ جاز العقد عليهما، وللصبي الخيار إن سماء أجاز، وإن شاء فسخ. وفي (السراج) عجز المكاتب وحجز المأذون في المدة كالموت، وفي المأذون خلاف محمد وإن لم يبطل فعنه أن الخيار للمأذون وعنه أنه للتسميد وعزل الوكيل لا يبطل خياره اتفاقا، وفي (الظهيرية) المأذون إذا باع بخيار كان للمولى الإجازة وإن لم يكن مديونا ولا يجوز فسخه عليه إلا أن يجعله لنفسه ثم يفسخ بحضرة المشتري أو بما يخص ن فسخه من الأفعال في غيبة المشتري (وبمضي المدة) لأن عدمه كان لتمكنه من الفسخ فيها فإذا مضيت ارتفع المانع فتم العقدة (والإعتاق) تنجيزًا أو تعليقه، ويوجد الشرط في المدة، وكذا لو أعتق بعضه وقد أغفلوه هنا والتدبير والكتابة كالعتق. اعلم أن تمام العقد بالإجازة بالقول المنبهة محليها بقوله، فإذا أجاز من له الخيار ومضي المدة والموت لا فرق فيها بين أن يكون الخيار للبائع أو للمشتري، وأفا بالإجازة بالفعل المنبهة عليها بقوله: والإعتاق فمشروط بأن يكون الخيار للمشتري فإذا كان للبائع كان فسخه وكان عليه أن ينبه على ذلك، فما في (البحث) من أنه لم يذكر الإجازة بالفعل سهو.

وتوابعه والأخذ بشفعة ولو شرط المشتري الخيار لغيره صح ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وأفا إذا كان الخيار للمشتري فنفاذه بما ذكرنا من الأمور الثلاثة للبائع بالفعل بأن يتصرف في المبيع تصرف الملاك في مدة الخيار بأن يعتق أو يكاتب ويبيع المبيع أو يهبه ويسلمه أو يوهنه أو يؤجره، وإن لم يسلمه على الأصح ومن ذلك أن يفعل في المبيع فعلا فلا يحتاج إليه للامتحان ولا يحل في غير الملك بحال، فإن كان يحتاج إليه للامتحان ويحل في غير الملك فهو على خياره فالوطء إجازة وكذا التقبيل أو المباشرة بشهوة والنظر إلى الفوج الداخل بشهوة ولا بغير شهوة لأن ذلك يحل في غير الملك في الجملة، فإن الطبيب والقابلة يحل لهما النظر والمباشرة نعم التقبيل ولو أنكر الشهوة كان القول قوله لابنه ينكر سقوط خياره، وكذا إذا فعلت الجارية ذلك عند الإمام خلافا لمحمد، لأن حرمة المصاهرة تثبت بهذه الأشياء فكانت ملحقة بالوطء انتهى، وكلامه يعطي أنه لو اشتراها بالخيار على أنها بكر فوطئها ليعلم أبي بكر أم لا؟ كان إجازة، لأن هذا الفعل وإن احتيج إليه للامتحان إلا أنه لا يحل في غير الملك، وقد قالوا: إنه لو وجدها ثيبا لكنه لم يلبث بعده كان له الرد بهذا العيب والاستخدام ثانية إجازة إلا إذا كان في نوع آخر، وقد اختلف كلامه في الصغرى فيه، فقال في موضع الاستخدام مرارا لا يكون إجازة وفي أخرى الثانية تبطل الخيال، كذا في (الفتح). وأقول: يمكن حمل الأول محلى ما إذا كان الثاني في نوع آخر على ما إذا اتحد النوع، وفي (المحيط) باع عبدا بخيار له فإذنه في التجارة الم يكن نقضي إلا أن يلحقه دين، ولو أمضاه بعد الدين لم يلحقه دين القويم أحق به من المشتري. تتمة: بقي مما يتم البيع ما إذا زاد المبيع في يد المشتري زيادة متصلة متولدة من الأصل كالسوق وانجلاء بياض العين خلافا لمحمد، ش لا خلاف في امتناع الفسخ في غير المتولدة منه كالصبغ ونحوه، وكذا في المنفصلة المتولدة كالعقل والسمو، والمنفصلة الغير المتولدة كالغلة والكاسب لا تمنعه اتفاقا، فإن أجاز المشتري لم ترد عندهما، وعند الإمام ترد محلى البائع، كذا في (الفصول). (والأخذ بالشفعة) أي: أخذ المشتري بخيار الدار المبيعة بينما المشتراه لأنه لا يكون إلا في المثلث فكان دليل الإجازة والأخذ ليس بقيد لأنه يتم بمجرد الطلب، لمواء كان معه أخذ أو لا، ومحلى هذا ففي الكلام مضاف محذوف والأصل طلب الأخذ سواء كان طلب مواربة أو تقرير (ولو شرط المشتري الخيار لغيره) أي: لغير العاقد وهو الأجنبي (صح) استحسانا، والقياس أنه لا يصوت وهو قول زفر لأنه من مواهب العقد وهو الأجنبي فلا يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير

وأيهما أجاز أو نقض صح فإن أجاز أحدهما ونقض الآخر فالأسبق أحق وإن كانا معه فالفسخ ولو باع عبدين على أنه بالخيار في أحدهما إن فصل وعين صح وإلا لا ـــــــــــــــــــــــــــــ المشتري، وجه الاستحسان أن الخيار لغير العاقد لا يخبت إلا نيابة عن العاقد فيقدم له الخيار ثم يجعل هو نائبًا عنه تصحيحه لتصرفه وهو الوجه يقتضي أن البائع لو شرطه لغيره صح، ولم أره صريحًا (وأيهما أجاز أو نقص صح) قوله: ولم أره صريحا هو مذكور في (روح مسكين) ونقله عن (الحراجية) (والكافي) حيث قال: والتقيد بالمشتري يعني فقول المتن ولو شرط المشتري اتفاقي، لأنه ذكر في (السراجية) و (الكافي) لو شرط أحد المتعاقدين بالخيار لغيره صح انتهى. ولو قال الآخر: لا أرضى بذلك ولم أز ما لو اشترطه المشتري فباعه بلا شرط لم يجز ولو بشراء بشرطه للأمر فاشترى ولم يشترط نفذ عليه انتهى، أي على الوكيل، والفرق كما في (الفتح (أن الصحراء متى لم ينفذ على الآمر ينفذ على المأمور بخلاف البيع، أفإن أجاز) البيع (أحدهما) أي: أحد المتعاقدين والأجنبي (ونقض الآخر) البيع (فالأسبق أحق) أي: أولى لأبنه وجد في زمان لا يزاحمه فيه غيره، والثاني لغو (وإن وانا معًا) بان خرج الكلامان معًا، كذا في (السراج) وهذا قد يتعسر، والظاهر أنه يكفي عدم العلم بالسابق منهما (فالفسخ) أحق من الإجازة لقوته إذ المجاز يلحقه الفسخ، والمفسوخ لا يلحقه الإجازة واعترض بأنها ملحقة ألا ترى أنهما لو تناسخا ثم تراضيا على فسخ الفسخ وإعادة العقد بينهما جاز، ذكره في (المبسوط) وليس فسخ الفسخ إلا إجازة، وأجيب بمنع كونه إجازة بل بيع ابتداء وهذا أعني كون الفسخ أولى رواية كتاب المأذون وفي الأصح. وفي رواية كتاب (البيوع) تصرف المالك أولى قيل: الأول قول أبي يوسف، والثاني قول محمد أخذًا مما الو باعت الوكيل من رجل والموكل من غيره فعند أبي يوسفي يحتويان فيكون بين المشتريين، وقال محمد: يملكه المشتري من المالك ومن باع أو اشترى (عبدين) أي: قوميين، والظاهر أنهما ليسا بقيد إذ لو كانا مثليين أو أحدهما مثليا والآخر قيمية وفصل وعين فالحكم كذلك فيما ينبغي، وقيد بالمبيع المتعدد لأنه لو اشترى كيلين أو وزنية أو عبدا واحدة وعلى أنه بالخيار فيه نصفه جاز فصل الثمن أولا لادن النصف من الشيء الواحد لا يتفاوت. وقد مرت المسألة على أنه بالخيار في (أحدهما) أي: في أحد العبدين فإن فصلا ثمن كل واحد (وعين) من فيه الخيار (صح) البيع لانتفاء المفسد بجهالة أحد الأمرين (وإلا) أي: وإيه لم يفصل ولم يعين والمعنى وإيه لم يوجدا وهذا صادق بما إذا فصل فقط أو عين فقط الآن أي: لا يسمح البيع لجهالة المبيع والثمن أو

وصح خيار التعيين فيما دون الأربعة ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما وبه اتضح كون المسألة رباعية. وفي (الخانية) باع عبدين على أنه بالخيار فيهما وقبضهما المشتري، ثم مات أحدهما لا يجوز البيع في الباقي وإن تراضيا على إجازته لأن الإجازة حينئذ بمنزلة ابتداء العقد بالحصة، ولو قال البائع في هذه المسألة فقبضت البيع في هذا أو في أحدهما كان لغوي، كأنه لم يتكلم وخياره فيهما باق كما كان، كما لو باع عبدا واحدة أو لشرط الخيار لنفسه فنقض البيع في نصفه، (وصح خيار التعيين) في القوميات لا في المثليات لعدم تفاوتهما، كما في (البدائع). (فيما دون الأربعة) استحسانًا لأن مشروعية خيار الشوط للحاجة إلى رقع الغبن ليختار الأرفق والأوفق وهي هنا متحققة، لابن الإنسان قد يحتاج إلى رأي غيره في اختيار البياعات أو من يشتريه لأحله، ولا يمكنه البائع من الحمل إلا بالبيع غير أن الحاجة تندفع بالثلاثة دون الأربعة والرخصة ثبوتها بالحاجة ولم يقل للمشتري إيماء إلى أنه لا يصبح للبائع أيضا وصورته للمشتري بأن يقول: بعتك أحد العبدين أو الثلاثة على أن تأخذ واحدة منهما وللبائع أو يقول المشتري: اشتريت منك أحد هذين العبدين على أن تعطيني أحدهما. قال الكرخي: وهذا استحسان لأنه بيع يجوز مع خيار المشتري/ فيجوز مع خيار البائع، وفي شرح (التلخيص)، (والكافي)، ورده في الأصح، ورده في (الفتح) بان جوازه إذا كان للحاجة المتقدمة وهو أنه لا يجوز في جانب البائع لأنه لا حال له إلى اختيار الأرفق والأوفق لأن المبيع كان معه قبل البيع وهو أدرى بما لائمه منه، فقد نص في (المجرد) على أنه لا يجوز انتهى، ش أنت خبير بأن الإنسان قد يرث قيميًا لا يعرفه ويقبضه وكيله فيبيعه بهذا الشرط ليبقى لنفسه ما هو الأرفق والأوفق به فرسمت الحاجة أيضا إلى جوازه، وإذا تبت جوازه له كان له أن يلزم المشتري أيهما شاء إلا إذا تعيب أحدهما فليست له أن يلزمه الآخر بعد ذلك، ولو هلك أحدهما في يده كان له أن يلزمه الباقي. وأما إذا كان الخيار للمشتري فالبيع لازم في أحدهما إلا أن يكون معه خيار شرط، وكلام المصنف يعطي أنه لا يشترط في جواز هذا البيع ذكر خيار الشرط معه وهو المذكور في (الجامع الكبيرة، وصححه فخر الإسلام وقيل: يشترط وهو المذكور في (الجامع الصغير) تصويرًا ونسبه في (الثانية) إلى أكثر المشايخ، وقال الحلواني: وهو الصحيح لأن القياس يأبى جواز هذا العقد بجهالة المبيع وقت لزوم العقد وإنما جاز استحسانًا بموضع السنة وهو لشوط الخيار فلا يصح بدونه. ورده في (الفتح (باقتضائه أن شرط الإلحاق بالدلالة أن يكون في محل الصورة الملحقة،

ولو اشتريا على أنهما بالخيار فرضي أحدهما لا يراه الآخر ولو اشترى عبدًا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه أخذت بكل الثمن أو تركه. ـــــــــــــــــــــــــــــ الصورة الثانية يعني: ولا قائل به وما في (الجامع الصغير) وقع اتفاقا لا شرط غير أنهما إن تراضيًا على خيار الشرط فيه ثبت حكمه وهو جواز أن يرد كلأ من الثوبين ثلاثة أيام، ولو بعد تعيين الثوب الذي فيه البيع، ولو رد أحدهما بخيار التعليق ثبت البيع في الآخر بخيار الشرط، ولو مضت الثلاثة قبل رد شيء وتعينه بطل خيار الشرط وانبرت المبيع في أحدهما، وعليه أن يعين وإن لم يتراضيا علي خيار الشرط فلا بد من توقيت خيار التعيين بالثلاثة عنده كما في خيار الشرط خلافا لهما، وعلى هذا يجب أنه إذا كان فيه خيار الشرط فمضت المدة حتى انبرت في أحدهما ولزم التعيين أن يتقيد التعيين بثلاثة من ذلك الوقت، وحينئذ فإطلاق الطحاوي قوله خيار الشرط مؤقت الثلاثة في قوله غير مؤقت بها أحدهما وخيار التعيين غير مؤقت فيه نظر، كذا في (الفتح). وقد يجاب عنه بأن توقيت خيار التعيين ليس قدرا متفقا عليه بل هو قول أو المشايخ، فجاز أن الطحاوي وافق غير الأكثر، على أن الشارح قال: الذي يغلب على الظن أن التوقيت لا يشترط فيه لأنه لا يفيد وذلك أنه في خيار الشرط يفيد لزوم العقد عند مضي المدة انتهى، ولا يمكن ذلك في خيار التعيين لأنه لازم في أحدهما قبل مضي المدة. وأبدى في (الحواشي السعدية (له فائدة، هي أن يجبر على التعيين بعد مضي الأيام الثلاثة قال: وهذا هو أثر توقيت خيار التعيين كما إذا لم يذكر خيار الشرط معه ووقت ومضت مدته بلا فردتي والله الموفق. (ولو اشتريا) شيئًا على أنهما بالخيار فروحي أحدهما) بالبيع صريحة أو دلالة ألا يردد الأخرس بل بطل خياره عبد الإمام، وقال: ويرده، أي: يرد البيع في نصيبه، وعلى هذا الخلاف خيار الرؤية والعيب بأن اشتريا شيئا ولم يرياه فعند الرؤية رضي أحدهما أو أطلقا على عيب به، فرضي به أحدهما لهما أن إثبات الخيار لهما إثبات لكل منهما فلا يسقط حقه بإسقاط صاحبه حقه، وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب بعيب الشركة، فلو رده أحدهما رده معيبة به وأورد أن البائع رضي بالتبعيض بالبيع لهما. وأجيب بأنه رضي في فلكهما لا في ملكه، (ولو اشترى عبدا على أنه) أي: العبد (خبازًا أو كاتب) أي: حرفته كذلكم فكانت أي: وجد (بخلافه) بان لم يوجد معه أدنى ما ينطلق عليه اسم الكتابة والخبز بأن كان يكتب شيئًا ناقصًا في الموضع أو يخبز قدر ما يدفع عنه الهلاك بأكله (أخذه) المشتري (بكل الثمن) إن شاء (أو تركه) أفا تخييره فلفوات الوصف المرغوب فيه، وأفا أخذه بكل الثمن فلان الأوصاف لا يقابلها شيء منه لكونها تابعة في العقد.

باب خيار الرؤية

باب خيار الرؤية ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو قال البائع: سلمته لك ذا حرفة لكنه نسي والمدة تحتمله، وقال المشتري: لم أجده كذلك، فالقول فرق بين هذا وبين ما لو باعه ثوبه على أنه وروي ثم اختلقا في كونه هروبًا فالقول للبائع، وذلك أن البائع لما قال: بعتك على أنه يروي فقبل المشتري صار كأنه قال: اشتريته على أنه نووي فكان مقود بكونه هروين فدعواه خلافه تناقض، وأفا في رسالتنا فالاختلاف في المقبوض والقول فيه للمشتري، والمسالة بحالها رجع بالنقصان بأن يقوم كاتبة وغير كاتب فيرجع بالتفاوت، هذا هو ظاهر الرواية وه والصحيح وعن الإمام أنه لا يرجع بشيء. واعلم أنه ليس كل الأوصاف يصح العقد باشتراطها/ بل الضابط فيها أن كل وصف لا غرر فيه فاشتراطه جائز لا ما فيه غرر إلا أن يكون اشتراطه له بمعنى البراءة من وجود بان لم يكن مرغوبا فيه وعلى هذا تفرع ما لو باع ناقة أو شاة على أنها حامل أو تحلب فسد البيع، ولو شرط أنها حلوب جازت واختلف في اشتراط حمل الجارية فقيل: لا يجوز كالناقة وقيل: يجوز لأنه فيهن عيب فكان ذكره للبراءة منه وهو الصحيح، كما في (الثانية) إلا أن يكون في بلد يرغبون فيها في شراء الجواري للأولاد ولو قال: على أنها ذات لبن فالأكثر على الجواز وقيل: لا يكون ولو اشترى قلنسوة على أن حشوها قطن فإذا هو صوف فالصحيح الجواز ويرجع بالنقصان، وفي (البدائع) شرط أنها مغنية إن كان للتبرؤ منه لا يفسد البيع، وإن للرغبة فيه فسد. وفي (الثانية) اشترى ثوبه على أنه مصبوغ بالعصفر، فإذا هو أبيضا جاز، وخسر وفي عكسه يفسد، ولو اشترى سويقًا على أن البائع لته بمن من لمؤمن يتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه أته بنصف من جاز البيع، ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا غايته انتفى الغرور. كما لو اشترى صابونة على أنه متخذ من كذا جهة من الدفق فظهر أنه متخذ من أقل من ذلك والمشترك ينظر إلى الصابون وقت الشراء، أو قميصًا على أنه من عشرة أذرع فإذا هو من تسعة، والفروع كثيرة والأعمار قصيرة وإذا كنت من أهل التقصير فمالي ولي التكفير، جعل الله هذا الوضع خالصا لوجهه الكريم مجاز عليه في دار النعيم آمين. باب خيار الوخيمة قدمه على خيار العيب لأنه يمنع تمام الحكم، وذاك يمنع لزوم الحكم بعد التمام والإضافة من قبيل إضافة الشيء إلى شرطه لأمن الرؤية شرط ثبوت الخيار، وعدم الرؤية هو السبب لثبوت الخيار عند الرؤية ولا يثبت هذا الخيار إلا في أربعة مواضع:

شراء ما لم يره جائز ـــــــــــــــــــــــــــــ شراء الأعيان والإجارة، والصلح عن دعوى مال على عين، والقسمة فلا يكون في الديون كالمسلم فيه، ولا في الأثمان الخالصة بخلاف ما لو كان المبيع إناء من أحد النقدين فإن فيه الخيار، ولو تبايعا مقايضة ثبت الخيار لكل منهما، ومحله كل ما كان في عقد ينفسخ بالفسخ، لا ما لا ينفسخ كالمهل وبدل الصلح عن القصاص وبدل الخلع كذا في (الفتح)،ألثراء ما لم يكره جائزة لما رواه ابن أبي سعيد وغيره مرسلا عن مكحول مرفوعا: (من اشترى شيئا لم يره فله الخيار وإذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه). قال في (الفتح): ولا بد من كون المراد بالرؤية العلم بالمقصود فهو من عموم المجاز، عبر بالرؤية عن العلم بالمقصود فصارت حقيقة الرؤية من أفراد المعنى المجازي، وهذا لوجود مسائل اتفاقية لا يكتفى بالرؤية فيها مثل ما إذا كان المبيع مما يعرف بالشم كمسك اشتراه وهو يراه فإنه إنما يثبت الخيار له عند شمه فله الفسخ عند شمه بعد رؤيته. وكذا لو رأى شيئا ثم اشتراه فوجده متغيرة لادن تلك الرؤية غير معرفة للمقصود الآن، وكذا شراء الأعمى يثبت له الخيار عند الوصف فأقيم فيه الوصف مقام الرؤية انتهى، وبه اندفع ما في (العناية) من أن قوله لم يره معلب وهو يقتضي تصور الإيجاب، وهو إنما يكون في البصير فإن هذا إنما يتم بناء على إبقاء الرؤية على بابها لا على أنها بمعنى العلم. واعلم أن الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه شرط الجواز، كان اشترى جرابا فيه أثواب هروية أو زيتي في حق أو حنطة في حرارة أو يقول: بعتك درة في كمي صفتها كذا أو ثوبا صفته كذا أو هذه الجارية وهي حاضرة متنقبة فإن لم يشر إليه ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع، دوره في (المبسوط (وغيره، لكن إطلاق (الكتاب) يقتضي الجواز سواء سمى جنس المبيع أو لا، وسواء أشار إلى مكانه أو إليه وهو حاضر مستور ولا مثل أن يقول: بحت منك ما في كمي بل عامة المشايخ قالوا: إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده، وطائفة قالوا؟ لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه. قال في (الفتح): والظاهر أن المواد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة وغيره لبعد القول بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا كان يقول: بعتك شيئا بعشرة انتهى، وهذا التقرير ظاهر في أنه لو قال: بعتك عشرة أرادب من القمح أن لا يصح البيع، لأنه لم

وله أن يرده إذا رآه وإن رضي قبله ولا خيار لمن باع ما لم يره ـــــــــــــــــــــــــــــ نشر إليه ولا إلى مكانه، وبه جزم في (الدرر والغرر). قال في (الحواشي السعدية): وفي كون هذا شرط جواز البيع سيما بالإجماع كلام (وله) أي: للمشتري (أن يرده) أي يرد ما اشتراه فإذا رآه، وإن رضي قبلها أي: قبل رؤيته بأن قال: رضيت بالبيع قبل هذا يوهم تحقق الرضا قبلها وفساده ظاهر فلو قال وإن قال رضيت لكان أولى وقد يقال: بل الرضى قبلها يتحقق لكنه لا يعتبر مسقطا وهذا لأن الخيار معلق بالنص بالرؤية، ولا وجوده لمعلق قبل الشرط. وأما قول صاحب (الهداية) ولأن الرضى بالشيء قبل العلم بأوصافه لا يتحقق فلا يعتبر قوله رضيت قبله فقال في (الفتح):/ لو تتم لزم أن لا يصح البيع بشرط البراءة من العيوب انتهى، ويجوز أن يقال المراد العلم الشخصي بأوصافه، وأفا البيع بشرط البراءة فإبراء وهو عن المجهول صحيح كما سيأتي، واعترض بأنه لو لم يكن له خيار قبل الرؤية لما ملك الفسخ مع أنه يملكه في الأصح، وأجيب بأنه إنما يثبت له بسبب آخر هو عدم لزوم هذا العقد على أن المستوي وما كان غير لازم عليه له أن يفسخه، ونظم فيه (العناية (بان عدم اللزوم باعتبار الخيار فهو ملزم للخيار والخيار معلق بالرؤية لا يوجد بدونها، فكذا معزومه لأن ما هو شرط للازم فهو شرط للمهزوم انتهى، وهو ظاهر في أنه ظاهر قبل الرؤية بات. وبه صرح في (الفتح) حيث قال: وقولكم عدم اللزوم بسبب آخر قبل الرؤية قلنا: نمنع تحقق عدم اللزوم بل نقول: قبل الرؤية البيع بات فليس له فسخه إلى غاية الرؤية فيرفعه عندها فيثبت قدرة الفسخ والإجازة معه، وما في (البحر) من أنه مردود لان اللازم ما لا يقبل الفسخ من أحدهما وهذا يقبله إذا رآه هو بالرد أليق، لأن الشارع حيثما علق إثبات قدرة الفسخ والإجازة بالرؤية لزم القوة بلزومه قبله نعم. أجاب في (الحواشي السعدية) بانا لا نسلم أن عدم لزومه للخيار، بل لعدم وقوعه منبرمًا غاية ما في (الكتاب) أن عدم الانصرام باعتبار أنه يثبت له الخيار عند الرؤية وهذا لا يستلزم عدم وجوده بدونها، واعلم أنه مبني على الأصح من جواز الفسخ (ولا خيار لمن باع ها لم يره)، بذلك قضى جبير بن مطعم كما رواه البيهقي وغيره، وهو الذي رجع إليه الإمام وقدمنا بثبوته في بيع المقايضة. وفي (الظهيرية) اشترى جارية بعبد وألف يتقابضا ثم رد بائع الجارية العبد بخيار الرؤية لم ينتقل البيع في الزاوية بحصة الألف لما قدمناه من أنه لا خيار في

ويبطل بما يبطل به خيار الشرط وكفت رؤية وجه الصبرة والرقيق ـــــــــــــــــــــــــــــ الدين، وفي (الولوالجية): أراد أن يبيع صنيعة على وجه لا يكون للمشتري خيار الرؤية فالحيلة أن يقر بثوب لإنسان ثم يبيع الثوب مع الصنيعة ثم المقر له يستحق الثوب المقر به، فيبطل خيار المشتري لأنه اشترى شيئين صفقة واحدة وقد استحق أحدهما فليس له أن يرد الباقي بخيار الرؤية، لأن فيه تفريق الصفقة. (ويبطل) خيار الرؤية بعد ثبوته دل محلى هذا قوله قبله وإن رضي قبله (بما يبطل به خيار الشرط) سواء كان خيار الشوط للبائع أو للمشتري، وفيه إيماء إلى أنه غير مؤقت خلافًا لما ذهب إليه بعضهم من أنه مؤقت بقدر ما يتمكن فيه من الفسخ، والمختار أنه يبقى إلى أن يوجد ما يبطله من الرضا صريحاً أو التعصب أو تصرف لا يرتفع كالإعتاق والتدبير أو يوجب حقا للغير كالبيع ولو بشرط الخيار للمشتري والهبة مع التسليم والرهن والإجارة إلا أنه في هذه لا يتقيد بما بعد ثبوته بل يبطل قبله، ومعناه خروجه عن صلاحية أن يثبت له الخيار عندهما، وإلا فالخيار معلق بها فكيف يبطل قبلها؟ بخلاف ما لا يوجبه كالبيع بخيار للبائع والمساومة بالمبيع وهبته بلا تسليم، وبهذا اندفع إيراد الآخذ بالشفعة والعرض على البيع فإن خيار الشرط يبطل بهما دون الرؤية وهذا هو ظاهر الرواية في الشفعة وهو المختار. وفي (الخانية): لو عرض بعض المبيع على البيع بطل عند محمد خلافا لأبي يوسف، وقول الإمام محمد وإنما يبطل خيار الرؤية لأن الرضى صريحا غير مسقط قبله فالدلالة أولى، والظاهر أن هذه الكلية غير منعكسة لأنه لو قبض المبيع بعد رؤيته لم يبطل خيار الشرط، وبطل خيار الرؤية، وقالوا: لو هلك بعض المبيع بطل خيار الرؤية دون خيار الشرط والعيب، ذكره المحبوبة يعني فيما إذا كان الخيار للبائع لما مر من أن تعيبه في يد المشتري يسقط خياره (وكفت رؤية وجه الصبرة)، لأن رؤية أجزاء المبيع غير شرط في انتفاء خيار الرؤية لتعذره عادة وشرعت فاكتفى بما يدل على العلم بالمقصود، فإذا رآه جعل غير المرئي تبعد للمرئي. (و) معنى هذه المسألة أنه لو رأى وجه الصورة أو (الرقيق) أو ظاهر الثوب مطويًا قبل الشراء، ثم اشترى بعد ذلك فلا خيار له لا أنه بعد الشراء يسقط خياره بذلك كما توهمه بعض الطلبة واستشكلت بأن الأصح أنه غير مؤقت، بل له الفسخ في جميع عمره ما لم يسقطه بقول أو فعل يدل على الرضا، فكيف يسقط بمجرد الرؤية إلى ما ذكر؟ ولا إشكال محلى ما ذكر وسيأتي ما يرشد إليه وهذا إذا كانت في وعاء واحد، وإن كانت في وعاءين اختلف المشايخ، والأصح أنه يبطل برؤية البعير أيضا بشرط أن لا يكون الباقي أردأ من المرئي فإن كان له الخيار، أي: خيار العيب لا خيار

والدابة وكفلها وظاهر الثوب مطويًا وداخل الدار ـــــــــــــــــــــــــــــ الرؤية، كما في (الينابيع). وعلله في (الكافي) بأنه إنما وضي بالصفة التي رآها/ لا بغيرها، وهذا يفيد أنه خيار رؤية، قال في (الفتح): والتحقيق أنه في بعض الصور خيار عيب وهو ما إذا كان اختلاف الباقي يوصله إلى حد العيب، وخيار رؤية إذا كان الاختلاف لا يوصله إلى اسم المعيب، بل أدون وقد يجتمعان فيما إذ اشترى ما لم يرده فلم يقبضه حتى ذكر البائع به عيبًا ثم أراه المبيع في الحال، وعندي أن ما في (الكافي) هو التحقيق، وذلك أن هذه الرؤية إذا لم تكن كافية فما الذي أسقط خيار رؤيته حتى انتقل منه إلى خيار العيب فتدبره؟ ووجه الرقيق أو أكثره كما في (السراج) عبدًا كان أو أمة لأن سائر الأعضاء في العبيد وإلا ما تبع للوجه، ولذا تفاوتت القيمة إذا فرض تفاوت الوجه مع تساوي الأعضاء، ودل كلامه أنه لو نظر لسائر أعضائه غير الوجه لا يسقط خياره. وبه صوح في (السراج) (و) وجه (الدابة وكفلها) أي: مع كقلها بفتحتين بمعنى العجز لأنهما المقصودان وهذا قول أبي يوسف، واكتفى محمد برؤية الوجه، والأول هو الصحيح قاله ابن ملك وأفاد أن رؤية القوائم غير شرط وشرطها بعضهم، والأول هو المروي عن أبي يوسف وهو الصحيح، كما في (الدراية) وأراد بها التي تركب احترازًا عن الشاة، فإن كانت شاة لحم فلا بد مق جسها، أو فتيته للدر والنسل فلا بد مق النظر إلى ضرعها والبقرة الحلوب والناقة كذلك، وشرط في (الظهيرين) مع النظر إلى ضوعها سائر جسدها. قال في (البحر): فليحفظ بأن في بعض العبارات ما يوهم الاقتصار على رؤية ضرعها انتهى. وأقول: الظاهر أنه لو اقتصر على رؤية الضرع كما جزم به غير واحد وعق الإمام في البرذون والحمار والبغل أنه يكفي أن يرى شيئًا منه إلا الحافر والذنب والناصية كذا في (المجتبى)، (و) كفت رؤية (ظاهر الثوب) حال كونه (مطويًا) لأن البادي يعرف ما في الطي، فلو شرط فتحه لتضرر البائع بتكسير ثوبه ونقصان بهته، نعم لو كان له وجهان فلا بد من رؤيتهما، وكذا لو كان في طيه ما يقصد بالرؤية كالعلم، قيل: هذا في عرفهم أفا في عرفنا فما لم ير باطنه لا يسقط خياره وهو قول زفر، وفي (المبسوط) الجواب على ما قال زفر لأنه استقر خلاف الباطن والظاهر في الثياب. وقالوا: في البساط لا بد من رؤية جميعه، وفي الجبة يكتفى برؤية ظاهرها إلا إذا كانت البطانة مقصودة بأن كان لها فرو، وفي الوسادة برؤية ظاهرها إن كانت محشوة بما يحشى به مثلها (و) كفت أيضا رؤية مداخل الدار)، قيل: هذا قول زفر وهو الصحيح وعليه الفتوى، واكتفى الثلاثة برؤية خارجها، وكذا برؤية صحنها،

ونظر وكيله بالقبض كنظره لا ـــــــــــــــــــــــــــــ والأصح أن هذا بناء على محادتهم في الكوفة أو بغداد فإن دورهم لم تكن متفاوتة إلا في الكبر والصغر وكونها جديدة أو لا، فأفا ديارنا فهي متفاوتة، قال الشارح؟ لأن بيوت الشتوية والصيفية والعلوية والسفلية ومرافقها ومطابخها وسطوحها تختلف فلا بد من رؤية ذللك كله في الأظهر. وفي (الفتح): وهذا هو المعتبر في ديارنا مصر والشام والعراق، وبهذا عرف أن كون ما في (الكتاب) قول زفر كما ظنه بعضهم غير واقع لأنه كان في زمنهم و/ يكتف برؤية الخارج فكان مذهبه عدم الاكتفاء مطلقًا، واختار المشايخ التفصيل بين كونها لا تتفاوت فيكتفى برؤية الخارج أو تتفاوت فلا، فبان أنه اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان، وأفا البستان فقيل: يكتفى برؤية رؤوس الأشجار أو رؤية خارجه، وأنكر بعضهم هذه الرواية وقال: المقصود باطنه فلا يكتفى برؤية ظاهره. وجزم به في (جامع) قاضي خان وهو الذي ينبغي أن يعول عليه، وقالوا: في الكرم لا بد من رؤية عينه من كل نوع، وفي الرمان لا بد من رؤية الحلو والحامض، وفي الدهن في الزجاجة لا بد أن يصبه في كفه عند الإمام، ولو اشترط سمكة في ماء يمكن أخذه فوزه فيه لا يسقط خياره وهو الصحيح، وفي دفوف المغازي لا بد من سماع صوتها، وقد مر ما يشم أو يذاق. واعلم أن بقاء هذه الخيارات مقيد بأن لا يحدث بالمبيع عيبا، ومن ثم قال في (الظهيرية): اشترى نافجة مسك فأخرج المسك منها ليعمل له الرد بخيار الرؤية لأنه حدت بالإخراج عيب ظاهر، ولو اشترى مغيبة في أرض كالجزر والبصل لم يذكر في ظاهر الرواية، وروى بشر عن الثاني إن كان مما يكال أو يوزن بعد القلع فباعه بعدم نبت فباتا يتم به وجوده تحت الأعرض جاز، فإن قلع البعض هل يثبت له الخيار حتي إذا رضي به يلزم البيع في الكل؟ إن قلع البائع أو المستشري بإذن البائع يثبت لما عرف من أن رؤية بعض المكيل أو الموزون كرؤية الكل، وإن قلعه المشتري بلا إذن إن كان المقلوع له ثمن بطل في الكل، لأنه بالقلع صار المقلوع معيبًا لأنه كان حيا ينظم وبعضه صار مواتا والتسيب في يد المشتري يمنع الرد وإن لا ثمن له لا يبطل، ولو قالي االمشتري: أخاف إن قلعته لا يصالح ولا أقدر محلى الرد، وقال البائع: لو قلعته قد لا ترضى يتطوع إنسان لم بالسلع فإذن وشاحا فسخ القاضي العقد بينهما، فلو كان معدودا إن قلعه البائع والمشتري بإذن كان له الخيار في الباقي، وإن قلعه المشتري بغير إذن لم يكن له الخيار في الباقي هو المختار وكذا في (الفتح) ملخصًا (ونظر وكيل ابالقبضة وهو من يقول له المشتري، وكلمتك بقبضه (كنظره) أي: الموكل (لا)

نظر رسوله وصح عقد الأعمى ويسقط خياره إذا اشترى بجس المبيع وشمه وذوقه ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون (نظر رسوله) كنظره وهو من يقول له المشتري: قل لفلان: يدفع إليك المبيع أو أنت رسولي إليه في قبضه أو أرسلتك لقبضه أو أمرتك بقبضه. وقيل: لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر بأن قال: اقبض المبيع فلا يسقط الخيار، ومنهم من حكى هذا القول فيما إذا قال أمرتك وهذا قول الإمام، وقالا: الوكيل كالرسول لأنه إنما توكل بالقبض دون إسقاط الخيار، ولذا لم يملك إسقاطه قصدًا بأن قبضه مستورًا ثم أراه وأسقط الخيار، وله أن القبض تام وهو أن يقبضه وهو يراه، وناقص وهو أن يقبضه مستورًا والموكل لا يملكه بنوعيه، فكذا الوكيل غير أن التوكيل ينتهي بالناقص منه فلا يملك إسقاطه قصدًا بعد ذلك، قيد بالوكيل بالقبض لأن الوكيل بالشراء فقط تسقط رؤيته اتفاقًا وبالرؤية لأن خيار العيب والشرط لا يسقطان بقبضه اتفاقًا، ولو وكله بالرؤية وقال: إن رضيته تختره لا يصح، كذا في (جامع الفصولين). وفي (المحيط). وكله بالنظر إلى ما اشتراه ولم يره إن رضي يلوم العقد، وإن لم يرضن يفسخه يصح التوكيل فيقوم نظره مقام نظر الموكل، ود 4 كلامه أن رؤيته قبل التوكيل به لا أثر لها فلا يسقط بها الخيار، كما في (الفتح) وغيره. وقالوا: إن الوكيل بالقبض كالرسول في مسائل منها أنه لا رجوع عليه بالثمن لو رد المبيع بالعيب وتصح كفالته بالثمن للمشتري، ولا يصح إبراؤه وتقبل شهادة الوكيل بقبض الدين به (وصح عقد الأعمى) لأنه مكلف محتاج ودل إطلاقه أنه لا فرق بين كونه عاقدًا لنفسه أو لغيره، (ويسقط خياره إذا اشترى) فيه إيماء إلى أن الخيار يثبت له لدخوله في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - (من اشترى ما لم يره (على ما بينا (بجس المبيع وذوقه وشمه). قال الشارح: هذا محمول على ما إذا وجد منه الجس قبل الشراء، وأفا إذا اشترى قبل أن جس لا يسقط خياره بل يثبت باتفاق الروايات ويمتد إلى أن يوجد منه ما يدل على الرضى من قول أو فعل في الصحيح على ما بينا، وفي (البحر): ظاهر كلام المصنف أن الجس يكتفى به في الرقيق والثياب والدواب وشاة القينة وكل شيء يمكن جسه، وفي (الأصل) وجس الأعمى في المنقولات مثل نظر البصير، كذا في (المحيط) وهل يشترط أن يجس الموضع الذي يكتفى برؤية البصير له؟ فيجس من الرقيق وجهه ومن الحيوان الوجه والكفل حتى لو وصلى غيرهما لا يكتفى به لم أره والظاهر اشتراطه انتهى. وأقول: المنقول في (الزواج (ما لقطه وإن كان ثوبا فلا بد من صفة طوله

وفي العقار بوصفه ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر له ردهما ولا يورث كخيار الشرط ومن اشترى ما رأى خير إن تفير وإلا ـــــــــــــــــــــــــــــ وعرضه ورقته مع الجحر، وفي الحنطة لا بد من اللمس والصفة، وقي الأدهان لا بد من الشمم، (وفي العقار) لا بد من (وصفه)، قال: وكذا الدابة والعبد والأشجار وجميع ما لا يعرف بالجحر والشم والذوق انتهى. وفي (التتارخانية) وفي التمر على رؤوس الشجر يعتبر الصفة، وبهذا بطل قوله في (البحر) وهل يشترط أن يجس الموضع الذي يكتفي برؤية البصير له إلى آخره، وذلك لأنه إذا كان يكتفى في نحو العبد والأمة بالوصف فلا معنى لاشتراط الجس ويسقط خياره في العقار بوصفه لأنه أقيم مقام الرؤية في الجملة كما في السلم، وشوط بعضهم أن يوقف في مكان لو كان بصيرًا لرآه ثم يوصف له، قال الفقيه: وهذا أحسن الأقاويل وبه نأخذ، كذا في (العناية). قال في (الفتح): ولا يخفى أن إيقافه ذلك المكان ليس بشرط في صحة الوصف وسقوط الخيار به، ولذا لم يسقطه في (المبسوط) وممن أنكره الكرخي وقال: وقوفه في ذلك الموضع وغيره سواء انتهى. والأول مروي عن أبي يوسف، قال محمد: ولا أقول به وإنما أعتبر الصفة، (ومن رأى أحد الثوبين) أي: القيميين (فاشتراهما ثم رأى الثوب الآخر له ردهما) لبقاء الخيار فيما لم يره لكنه لا يتمكن في رده وحده للزوم تفريق الصفقة على البائع قبل التمام، وكذا لو وجد بأحدهما عيبا قبل القبض ليس له أن يرده وحده ولو استحق أحدهما رد الباقي لأن الصفقة تمت فيما كان ملك البائع ظاهرًا فلم يثبت في الباقي عيب الشوكة، حتى لو كان المبيع عبدًا واحدًا فاستحق بعضه كان له أن يرد الباقي أيضأ، ولو قبض أحدهما فقط ثم استحق أحدهما كان له الخيار، ولو كان المبيع مكيلاً أو موزونًا فاستحق بعضه بعد القبض يخير لأن الشوكة ليست بعيب فيه وقبل القبض يخير لتفريق الصفقة قبل التمام، كذا في (الفتح). واعلم أن صاحب (الهداية) صرح بان الصفقة مع خيار الرؤية غير تامة قبل القبض وبعده، قال السكاكي: يعني فيما إذا قبضه مستورا كذا قيل ولا حاجة إليه لأن خيار الرؤية يبقى إلى أن يوجد ما يبطله انتهى. قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث يظهر بملاحظة ما مر في امسالة الوكيل (ولا يورث كخيار الشرط) لأن الخيار إنما يثبت بالنص للعاقد لا لغيره ولأن الأوصاف لا توارث فيها، (ومن اشترى ما رأى) قبل الشواء (خير إن تغير) عن الحالة التي كان يراه عليها لأن تلك الرؤية لم تقع معلمة بأوصافه فكانت رؤيته وعدمها سواء (وإلا)، أي: وإن كان لم تتغير عن تلك

لا، وإن اختلفا في التغير فالقول قول البائع مع يمينه وللمشتري لو في الرؤية ولو اشترى عدلاً وباع منه ثوبًا أو وهب رده بعيب ـــــــــــــــــــــــــــــ الحالة التي (لا) أي: لا يخير لأن العلم بأوصافه بالرؤية السابقة فلم يتناوله الحديث السابق، وهذا الإطلاق قيده في (الهداية) بما إذا علم وقت الشراء أنه مرئيه السابق فإن لم يعلم كان له الخيار. وفي (الظهيرية) قيل؟ هذا إذا كانت رؤيته السابق لقصد الشراء حتى لو كانت لا لقصده ثم اشتراه كان له الخيار انتهى، ووجهه أن الرؤية لا لقصد الشراء لا توجب إحاطة بأوصاف المشترى بخلاف ما إذا كانت لقصده، ولما كان الباب معقودة للخيار لم يقل ومن اشترى ما رأى فلا خيار له إلا إذا تغير. وبه اندفع ما في (البحر) من أنه لو قاله لكان أولى، إلا أن الأصل فيما رآه عدم الخيار (وإن اختلفا في التغير فالقول قول البائع مع يمينه) لادن دعواه بعد ظهور سبب لزوم العقد وهو رؤية ما يدل على المقصود من البيع دعوى أمر حادث بعده والأصل عدمه فلا يقبل إلا ببينة، وهذا الإطلاق مقيد لما إذا لم تطل المدة، فإن طالت فالقول للمشتري لادن الظاهر أن الشيء لا يبقى في دار التغير زمنا طويلا لم يعثر تغير قبل الشهر فما فوقه طويل وما دونه غير طويل وجزم به في (الظهيرين). وفي (الفتح) الشهر في مثل الدابة والمملوك قليل (وللمشتري لو في الرؤية)، يعني لو اشترى شيئا فادعى البائع أنه رآه قبل الشراء فلا خيار له وأنكر المشتري فالقول له مع يمينه لأن البائع يدعي أمرا عارضا هو العلم بصفته والمشترى ينكره، وكذا لو قال البائع عند الرد ليس هو المبيع فالقول للمشتري سواء كان ذلك في بيع بات أو فيه خيار شرط أو رؤية، بخلاف ما إذا كان له خيار العيب فإن القول للبائع في أنه غير المبيع مع يمينه لأن المشترى في الخيار ينفسخ العقد بفسخه بلا توقف على رضى الآخر بل على علمه، وإذا انفسخ يكون الاختلاف بعد ذلك في المقبوض والقول فيه قول القابض ضمينًا كان أو أمينة، وفي العيب لا ينفرد لكنه يدعي ثبوت حق الفسخ فيما أحضره والبائع ينكره والقول قول المنكر ولو اختلفا في اشتراط الخيار فالقول لمنكره عندهما وعنده لمدعيه، كذا في (المجمع) ولو أقاما البينة فبينة مدعي الخيار أولى، كما في (القنية). (ولو اشترى عدلاً) بكسر العين هو المثل ومنه عدل المتاع يعني لم يره (فباع منه ثوبًا) بعد القبض قيد به في (الجامع الصغير) وكان المصنف استغنى عنه بقوله باع، لأن ما لم يقبض لا يضيع بيعه ولا هبته، وأو وهبها منه ثوبا زاد في (الهداية) وسلمه وأهمله المصنف لما اشتهر من أن تمامها به (رده) أي؟ الباقي (بعيب) وجده

باب خيار العيب

لا بخيار رؤية أو شرط. باب خيار العيب من وجد بالمبيع عيبًا ـــــــــــــــــــــــــــــ فيه (لا) يرده (بخيار رؤية أو شرط) لأنه تعذر الرد فيما أخرجه عن ملكه، فلو رد الباقي فقط كان تفريقًا للصفقة قبل التمام لما مر من أن خيار الرؤية والشرط يمنعان تمامها ولو بعد القبض بخلاف البيع فإن الصفقة تتم فيه بعد القبض. وفي (المحيط): اشترى عدل ثياب فلبس واحدًا بطل خياره في الكل، وبه عرف أن البيع والهبة ليسا بقيد، هذا ولو عاد الثوب إليه بسبب هو فسخ محض كالرد بخيار الرؤية أو الشرط أو العيب بقضاء أو الرجوع في الهبة فهو على خيار الرؤية فيما ذكره السرخسي، وعن أبي يوسف أنه لا يعود بعد سقوطه، وعليه اعتمد القدوري وصححه قاضي خان. قال في (الفتح): وحقيقة اللحظ مختلفة فشمس الأئمة لحظ البيع والهبة مانعًا ولحظه على هذه الرواية مسقطًا والساقط لا يعود بلا سبب وهذا أوجه لأن نفس هذا التصرف يدل على الرضى ويبطل الخيار قبل الرؤية وبعدها. قال في (البحر): والأوجه عندي ما ذكره شمس الأئمة وقوله: لأن نفس هذا التصرف ممنوع، وإيما يدل لو تصرف في جميع المبيع وكانه اختلط عليه ما إذا باع المبيع كله وسقط خياره ثم رد عليه بما هو فسخ لا يعود خياره، لكن لم يذكروا فيه خلافًا. وأقول: هذا تهجم على مقام هذا الإمام مع عدم التدبر في الكلام وذلك أن جزمهم بعدم عود الخيار فيما إذا باع كله ثم عاد إليه بما هو فسخ من غير ذكر خلاف دليل بين لما اختاره القدوري إذ لو كانت العلة المؤثرة وجود المانع للزم أنه إذا زال أن يعود لكنه لا يعود لأنه سقط، وشأن الساقط أن لا يعود ودعوى أن يبيع الكل مسقط وبيع البعض مانع تحكم ظاهر، وهذا مقتضى قوله لأن مقتضى هذا التصرف إلى آخره فإن قلت: لو كان كذلك لما احتيج إلى التعليل لأن في الرد تقريق الصفة قلت: لا مانع مق أن يعلل الحكم بعلتين الرضى بالبيع ولزوم تفريق الصفقة غير أنه ما دام خارجًا عن ملكه فالتعليل به أظهر فلهذا المعنى تدبر. باب/ خيار العيب من إضافة الشيء إلى سببه والعيب والعيبة والعاب بمعنى، وعاب المتاع صار ذا عيب، وعابه زيد ينفد ولا يتعد، وعيبه بالتشدد نسبه إلى العيب، واستعمل العيب اسمًا وجمع على عيوب، وهو: ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة، وشرعًا ما سيأتي. أمن وجد بالمبيع عيبًا) لم يتمكن من إزالته بلا مشقة فخرجت إحرام الجارية ونجاسة

أخذه بكل الثمن أو رده ـــــــــــــــــــــــــــــ الثوب لتمكنه في تحليلها وغسله، وقيده الولوالجي بثوب لا ينقص بالغسل فإن نقص به كان عيبًا، وهكذا ذكر الرازي حيث قال: وجد على الثوب المشترى دمًا إن أضره الغسل يرده وإلا لا. ولو اشترى جبة فوجد فيها فارة ميتة فإن ضرها العتق ردها وإلا لا، ولا بذ في كونه عند البائع ولم يعلم به المضتري ولم يكن البائع شرط البراءة آنه خاصًا أو عامًا ولم يزل قبل الفسخ كبياض انجلى وحمى زالت (أخذه بكل الثمن) إن شاء (أو وده) لأن مطلق العقد يقول وصف السلامة فكانت كالمشروطة فيه فيجبو، ولده اقال البائع: بعته لك معيبًا وقال المشتري: إنما اشتريته سليمًا فالقول له ورقم في (القنية (بعده ينبغي أن يحكما الحال انتهى، وهو حسن. وقالوا: لا يحل له أن يكتم العيب عند البيع فإد كتمه قال بعض المشايخ: يفسق وترد شهادته، قال الصدر: لا نأخذ به، كذا في (البزازية) أي لا نأخذ بكونه يفسق بمجرد هذا لأنه صغيرة ولا فرق في ذلك بين المبيع والثمن إلا في مسألتين، الأولي: المسلم في دار الحوب إذا اشترى شيئًا ودفع الثمن عروضًا مغشوشة أو دراهم زيوفًا جاز إن كان حرًا لا عبدًا، كذا في (الولوالجية). الثانية: يجوز إعطاء الزيوف والناقص في الجبايات ثم الإطلاق يفيد أنه لا فوق بين كونه فاحشًا أو يسيرًا وهكذا نص عليه في (الفصول) حيث قال: المهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن عمد يرد بفاحش العيب لا يسيره، وفي غيرها يرد بهما واليسير من المهر إذا كان كيليًا أو وزنيًا يرد به أيضًا، وأفاد تخييره أنه ليس له إمساكه وأخذ النقصان لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمرة إلا أن يتعين كما لو كان حلالين فاحرما أو أحدهما ثم وجد به عيبًا ذكروه في الحج ومن هذا النوع ما في (القنية (لو كان للدار باب في الطريق الأعظم وباب في سكة غير نافذة أقام أهلها بينة أنهم أعاروا البائع هذا الطريق فامر القاضي بسده يخير المشتري إن شاء رده، وإن شاء رجع بالنقصان. ومنه أيضًا ما لو اشترى الوارث من التركة كفناء ووجد به عيبًا رجع بالنقصان، ولو تبرع به أجنبي لا يرجع كذا في (البزازية)، وفي مهر (فتح القدير) لو اشترى الذمي خمرًا وقبضها وبها عيب ثم أسلم سقط خيار الرد انتهى. وفي (المحيط) وصي أو وكيل أو عبد مأذون اشترى شيئًا بألف وقيمته ثلاثة آلاف فليس له أن يرده بالعيب لما فيه من الإضرار باليتيم والموكل والمولى انتهى، وينبغي الرجوع بالنقصان في المسألتين وقالوا: إنه لا يرجع بالنقصان في مسائل. قال في (البزازية): اشترى منن عبده المأذون المديون فوجد به عيبا لا يرد عليه ولا على بائعه إن كان الثمن منقودًا، فإن لم ينقده وقبض المبيع أولا له الرد إن كان

وما أوجب نقصان الثمن عند التجار ـــــــــــــــــــــــــــــ من النقود أو كيليًا أو وزنيًا لأنه يدفع بالرد مطالبة نفسه، وإن كان عرضًا لا يملك الرد، ولو باع العبد من وارثه ومات فورثه المشتري ووجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب قيمًا فيرد المشترى إلى القيم ويرده القيم إلى الوارث نقد الثمن أو لا في الصحيح. ولو باع الوارث من مورثه فمات المشتري وورثه البائع ووجد به عيبًا رده إلى الوارث الآخر إن كان، فإن لم يكن له سواه لا يرده ولا يرجع بالنقصان، وكذا لو اشترى لنفسه من ابنه الصغير شيئًا وقبضه وأشهد ثم وجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب عن ابنه خصمًا يرده عليه ثم يرد الأب لابنه، وكذا لو باع الأب من ابنه، وكذا لو باع من وارثه فورثه المشتري ووجد به عيبًا يرفع الأمر إلى القاضي فينصب خصمًا فيرد، اشترى العبد المأذون شيئًا وأبرأه البائع عن الثمن لا يرد بالعيب وإن المشتري حرًا لو بعد القبض فكذلك، وإن قبله فله الرد لأنه امتناع عن القبول، وكذا خيار الشرط انتهى. واعلم أنه يتصور الرد بالعيب مع عدم الرجوع بالثمن على البائع، كما لو باع عبدًا وسلمه ثم وكل وكيلاً يقبض الثمن فاقر الوكيل بقبضه وهلاكه وجحد البائع الموكل برئ المشتري ولا ضمان، فلو وجد المشتري به عيبًا رده على بائعه ولا يرجع بالثمن على البائع لإقرار الوكيل ولا على الوكيل لكونه أمينًا، وليس بعاقد ذكره في (القنية) (ومما) أي: وكل شيء (أوجب نقصان الثمن) سواء كان ينقص العين أو لا ينقصها ولا ينقص المنفعة بل مجرد النظر إليها كالظفر الأسود الصحيح القوي على، العمل، وكما في جارية لم تركية لا تعرف لسان الترك، كذا في (الفتح). وقيد في (الدراية) سوار الظفر بالأتراك، أفا في الحبشي فلا والظاهر إطلاق ما في (الفتح)، وفي (المحيط) اشترى جارية هندية فوجدها لا تحسن الهندية إن كان الناس يعدونه عيبًا فله الرد، ولو اشترى جارية تركية فوجدها لا تعرف التركية فله الرد لأن ذلك عيب، ولو كان المشتري يعلم به لكت لا يعلم أن هذا عيب، فإذا كان هذا يخفى على الناس أنه عيب حصاد له الرد وإلا لا (عند التجار) بضم التاء مع التشديد، وبكسرها مع التخفيف جمع تاجر، زاد في (الفتح) أو أرباب الصنائع إن كان المبيع من المصنوعات انتهى، ولا بد منه ليدخل ما اشترى مثلاً حائطًا مبنية بجانب بيته فإذا أساسها ضعيف، فإن نقصت قيمتها عند أرباب الخبرة بذلك كان عيبا وإلا فلا

عيب كالإباق والبول في الفراش ـــــــــــــــــــــــــــــ فهو (عيب) لأن التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة والمرجع في معرفته عرف أهله. قال في (البحر): وما في جوامع الفقه العيب ما نقص العين أو المنفعة وإلا فإن عده التجار عيبا وإلا فلا أحسن مما في (الكتاب) انتهى، وكان وجهه أن نقصان الثمن بسبب نقص العين أو المنفعة مما يعرفه كل أحد لا أنه مقيد بالتجار كما يوهمه كلام المصنف (كالإباق) أبق ص باب منع وسمع وضرب وهو الذهاب من غير خوف ولا كد عمل أو استخفى ثم ذهب، كذا في (القاموس). وفي (المصباح): أبق العبد أبقًا من باب تعب وقتل في لغة، والأكثر من باب ضرب، والإباق بالكسر: اسم سنة والجمع إباق مثل كافو وكفار، وفي (الجمهرة) عن الثعالبي الآبق الهارب من غير ظلم السيد، فإن كان من ظلمه سمي هاربًا فعلى هذا الإباق عيب والهرب ليس بعيب أطلقه فشمل ما لو كان من المولى أو إلى غيره، وإن لم يعرف بيت المالك أو لم يقف على الرجوع إليه وما إذا كان مسيرة سفر أو لا خرج من البلد أو لا. قال الشارح: والأشبه أن البلدة إذا كانت كبيرة كالقاهرة كان عيبًا وإلا لا بأن كان بحيث لا يخفى عليه أهلها وبيوتها لا يكون عيبًا، وقد يشكل على الإطلاق ولم يختف عنده فإنه ليس بعيب كذا في (القضية). وقديم أنه لو أبق من قوية المشتري إلي قوية البائع فإنه يكون عيبًا، وفي الثور لا يكون عيبا ثم رقم أنه يكون عيبًا فيه أيضًا كخلع الرسن عيب فهذا أولى، ثم رقم إن دام على ذلك فعيب أما بالمرتين أو الثلاث فلا، قال الشيخ: وجواب أنه عيب في الثور أحسن، ويمكن أن يجاب عن الأول بان الكلام في السباق الذي يوجب نقص الثمن عند التجار ليصح كونه جزئيا من هذا الكلي وهذا لا يوجبه. وبه اندفع ما يحتج به في (البحر) من أن هذا يرد على إطلاقهم ولم يقيده بالمميز مع أنه من غيره ليس عيبًا لأنه لا يسمى آبقا بل ضالاً ولو أراد المشتري أن يرجع بنقصان العيب ليس له ذلك قبل عودته أو موته، (والبول في الفراش) لأنه لضعف في المثانة، ولذا قلنا: لو عاوده بعد البلوغ عند المشتري كان عيبا حادثا إذ هو ولدا في باطنه وعرف من هذا أنه عند اتحاد الحالة يثبت حق الرد بان ثبت أنه سرق أو أبق أو بال عند البائع، ثم وجدت منه عند المشتري في الصغر أو الكبر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الفتح): معزيًا إلى (الفوائد الظهيرين) هاهنا مسالة عجيبة هي أن من اشترى عبدًا صغيرًا فوجده يبول في الفراش كان له الرد، ولو تعيب بعيب آخر عند المشتري كان له أن يرجع بنقصان العيب، فإذا رجع به ثم كبر العبد هل للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب بالبلوغ؟ لا رواية في المسألة قال: وكان والدي يقول: ينبغي أن يسترد استدلالاً بمسألتين: إحداهما اشترى جارية فوجدها ذات زوج كان له أن يردها، ولو تعيب بعيب آخر يرجع بالنقصان فإذا رجع ثم أبانها الزوج كان للبائع أن يسترد النقصان، الثانية اشترى عبدا فوجده مريضًا له الرد، فإذا تعيب بعيب آخر رجع بنقصان العيب، فإذا رجع ثم برئ بالمداواة لا يسترد إلا استرد، والبلوغ هنا لا بالمداواة فينبغي أن يسترد انتهى. وفي فتاوى (قاضي خان): اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت قالوا: إن كان البائع أعطاه على وجه الصلع عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك، وفيها أيضًا اشترى عبدًا وقبضه فحم عنده وكان يحم عند البائع قال ابن الفضل: المسألة محفوظة عن أصحابنا أنه إن حم في الوقت الذي كان يحم فيه عند البائع كان له أن يرده أو في غيره فلا، قيل له: ما لو اشترى أرضًا فنزت عند المشتري وقد كانت تنز عند البائع كان له أن يود لأن سبب النز واحده وهو تسفل الأرض وقرب الماء، إلا أن يجيء ما غالب أو كان المشتري نزع من ترابها فيكون النز غير ذلك أو يشتبه فلا يدري أنه عينه أو غيره. قال القاضي الإمام: بشكل بما في (الزيادات) اشترى جارية بيضاء إحدى العينين ولا يعلم ذلل فانجلى البياض عنده ثم عاد ليس له أن يرد، وجعل الثاني غير الأول ولو اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو يعلم ذلك الذي رضي به إذا كان، الثاني عند لم البائع ولم يجعل عينه إذا عاد البياض عند المشتري وقال: لا يرد ثم قال القاضي الإمام: كنت أشاور شمسة الأئمة الحلواني وهو يشاور معي فيما كان مشي إذا اجتمعنا فشاورته في هذه المسالة فما استفدت منه فرق انتهى. وأقول: يمكن أن يقال! يلتزم أن الثاني غير الأول وإنما لا يرد إذا عاد عند البائع لأن المشتري رضي به، ولا فرق بين الأول والثاني حيث لم يرد ولم ينقل إلي مكان آخر على أن كونه لا يرد فيما إذا انجلى ثم عاد في يد البائع ليس قدرا متفقا عليه، بل المذكور في (الواقعات الحساسية) أنه يرد فرق بين هذا وبين ما إذا

والسرقة لأنها توجب نقصان القيمة عندهم والجنون ـــــــــــــــــــــــــــــ قبضها وهو لا يعلم فانجلى يده ثم عاد فليصر له الرد، والفوق أن الثاني غير الأول حقيقة لا أنه في الأولى حدث في يد البائع فيوجب الرد، وفي الثانية في يد المشتري فلا يوجبه انتهى. قال في (المحيط): ولو اختلفا في مكانه بأن ادعاه المشتري باليسرى وقال البائع كان اليمين وانجلى وحدث باليسرى، فالقول للبائع ولو ادعاه على البائع بعد الهلاك وقال البائع: انجلى فالقول للمشتري ولو ادعاه بالعينين فقال البائع: كان باليمين وزال وحدث باليسرى لم يصدق بالزوال وصدق في أنه لم يكين باليسرى لأنه في أحدهما منكر وفي الأخرى مدع (والسرقة) سواء أوجبت قطعًا أو لا كإنباش والطرار وأسبابها كهي كما إذا نقب البيت، وإطلاقه يعم الكبرى أيضأ كما في (الظهيرية) والكبير والصغير بشرط أن يكون مميزًا، وهذا الشرط في الثلاثة وفسره بعضهم بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده وهذا يقتضي أن يكون ابن سبع لأنهم قدروه بذلك في الحضانة لكن وقع التصريح في غير موضع بتقديره بخمس سنين فما فوقها وما دون ذلك لا يكون عيبًا، والحاصل أن هذه العيوب الثلاثة إن أتحدت أسبابها بأن وجدت في الكبر والصغر عندهما رد بها، لا إذا اختلفت بان وجدت في الصغر عند البائع وبعد البلوغ عند المشتري الجواز أن يكون الثاني إنما حدث عند المشتري، وأفاد الشارح أنه لو سرق طعامًا من المولى للأكل أو اليسير نحو الفلس والفلسين لا يكون عيبا، بخلاف ما لو سرقه للبيع، زاد غيره أو للأكل من غير المولى وينبغي أنه لو سرق من المولى زيادة على ما يأكله محرفًا أن يكون عيبًا. وفي (جامع الفصولين) لو سرق بطيخًا من غلة الأجنبي فهو عيب هو المختار، وإن سرق للادخار فهو عيب مطلقًا وما لم يكن عيبا لا يرد على الإطلاق لما قد علمته، وظاهر أن رده بعيب السرقة محله ما إذا لم يقطع فإن قطع عند المشتري، قال في (المحيط): رجع بربع الثمن لأن اليد قطعت بالسرقتين جميعًا والجنون في الصغير عيب، قال محمد: أبدًا. ولو تبعه المصنف لكان أولى حتى لو جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في الكبر في يد المشتري كان له الرد لاتحاد السبب فيهما وهو فساد الباطن بخلاف الإباق ونحوه، وظن بعض المشايخ أن معناه عدم اشتراط المعاودة عند المشتري لأن آثاره لا ترتفع، وجعله الإسبيجابي ظاهر الجواب، والأصح هو الأول وهو المذكور في (الأصل)، و (الجامع الكبير) لأن الله تعالى قادر على إزالته بآثاره، وقد قال محمد بعد أن طعت المشتري بإباق أو جنون (و) لا يعلم القاضي ذلك لا يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن، فقد صرح باشتراط المعاودة في (الجنون) وعن هذا قيل: يشترط المعاودة بلا

والبحر والدفر والزنا وولده في الجارية ـــــــــــــــــــــــــــــ خلاف بين المشايخ، كذا في عامة الروايات وهذا بخلاف ما لو ولدت الجارية عند البائع لا منه أو، عند آخر فإنها ترد على رواية كتاب (المضاربة) وهو الصحيح وعليه الفتوى لأن الضعف الذي حصل بالولادة لا يزول أبدًا، وفي رواية كتاب (البيوع) لا ترد، كذا في (الفتح). وعندي أن رواية (البيوع) أوجه لأن الله تعالى قادر على إزالة الضعف الحاصل بالولادة ثم رأيت في (البزازية) عن (النهاية) الولادة ليست بعيب إلا أن توجب نقصانًا وعليه الفتوى انتهى. وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه، ومقداره أن يكون أكثر من يوم وليلة وما دونه لا يكون عيبًا جزم به الشارح وقيل: هو عيب ولو ساعة وقيل: المطبق (والبخر) بالموحدة المفتوحة والخاء المعجمة الفوقية من حد تعب نتن الفم، أفا بالجيم التحتية فانتفاخ ما تحت السرة وفي الصحابة غالب وهذا الثاني عيب في الغلام أيضا. وفي (الفتح): البخر هو العيب الناشئ من تغير المعدة دون ما يكون لقبح في الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيفها، (والدفر) بفتح المهملة والفاء وسكونها أيضًا نتن ريح الإبط، وأدفر لغة ودفع كغلس اسم منه أفا بالذال المعجمة فبفتح الباء لا غير وهو حدة من طيب أو نتن. قال في (العناية): منه قوله مسك أزفر وإبط/ زفر وهو مراد الفقهاء من قولهم: الزفر عيب في الجارية هذا في (البزازية) انتهى، وأصله في (المغرب) إلا أن كونه مراد الفقهاء لا غير فيه نظر، إذ لا يشترط في كونه عيبا شدته فالأولى كونه بالمهملة فتدبر، وبقي نتن ريح الأنف صرح في (الكزازية) لأنه عيب والظاهر أنه يقال: فيه زفر. بالمعجمة وريح الإبط بهما (والزنا وولده) أي: وكون المبيع ولد الزنا فحذف المضاف والمضاف إليه، كذا في (الحواشي السعدية)، وبه اندفع كون التعبير بالمتولد، كما في (الإصلاح) أولى هذه الأربعة تكون عيبًا في الأمة دون الغلام لأنه قد يراد منها الافتراش، وهذه المعاني تمنع منه بخلاف الغلام لأنه للاستخدام (في الجارية) وهذه ليست مانعة منه إلا إذا كانت عن داء فتكون عيبًا في الغلام أيضًا، لأن الداء عيب كذا في (الهداية)، وعلى هذا فلا بد أن نلتزم أن كونه من تغير المعدة كما مر لا يلزم منه وجود الداء، وإلا فلا فرق بين الأمة والعبد، وفي (فتاوى القاضي) إلا أن يكون فاحشًا لا يكون مثله في عامة الناس. وفي (السراج) البخر في الجارية عيب سواء كان فاحشًا أو غير فاحش من داء أو من غيره وفي الغلام إن كان من داء فكذلك، وإن لم يكن من داء ولم يكن فاحشًا فليس بعيب وإن كان فاحشة بحيث يمنع سيده من قربانه فهو عيب، كذا في (الينابيع).

والكفر وعدم الحيض والاستحاضة ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: البخر في الأمرد عيب، والأصح أن الأمرد وغيره سواء واعلم أن المعاودة في الزنا غير شرط، نص عليه محمد في (الأمالي) وكونه ليس عيبًا في العبد محله ما إذا لم عادة له بأن تكرر منه أكثر منه مرتين، وفي (الإيضاح): إذا مدمنًا له بحيث ينقطع به عن خدمة المولى يكن عيبًا. تتمة: سكت عن الراطة بالجارية والغلام وقد نقل في (القنية) أنه عيب في الجارية كيف ما كان لأنه يفسد الفراش، أفا في الغلام فإن كان مجانًا فكذلك، لأنه دليل وإن كان بأجر فلا، وفيها اشترى حمارًا تعلوه الحمير ويأتونه في دبره وقعت هذه ببخاري فلم يستقر فيها جواب الأئمة، وقال عبد الملك النسفي؟ إن طاوع فعيب وإلا فلا، وقيل: عيب انتهى. فما في (البزازية) التخنث نوعان: أحدهما بمعنى الرديء من الأفعال وهو عيب، والثاني الرعونة واللين في الصوت والتكسر في المشي، فإن قل لا يرد وإن كثر رده محمول على في الأول على ما مر، (والكفر) يعني عيب في الغلام والجارية علله في (الهداية) بان طبع المسلم ينفر عن صحبته ولأنه يمنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة وهذا يقول بان المشتري لو كان ذميًا لا يرده والمنقول في (السراج) أنه عيب وإن كان ذميًا ولم أره في كلام غيره كيف ولا نفع للذمي بالمسلم لأنه يجبر على إخراجه عن ملكه. قال في (البحر): ولم أز ما لو وجده خارجًا عن مذهب أهل السنة كالمعتزلي والرافضي، وينبغي أن يكون كالكافر لأن السني ينفر عن صحبته وربما قتله الرافضي وأنت خبير بأن الرافضي الذي يسب الشيخين داخل في الكافر لأنه كفر بذلك، (وعدم الحيض والاستحاضة) لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء ويعتبر في الارتفاع أقصى غاية البلوغ وهو سبع عشرة سنة محند أبي حنيفة، ويعرف ذلك بقول الأمة فترد إذا انضم نكول البائع قبل القبض وبعده وهو الصحيح كذا في (النهاية)، وهو ظاهر في أنه لا يحتاج في دعوى الانقطاع إلى ذكر سببه من الداء أو الحبل وأنه لا يرجع في الحبل والداء إلا إلى قولها لا إلى قول النساء أو الأطباء وجزم في (النهاية) وعليه جرى في (العناية) وغيرها بأنه لا بد من ذكو السبب لأن ارتفاعه بدون هذين لا يعد عيباً ولو ادعاه في مدة قصيرة لم تسمع وأقلها ثلاثة أشهر عند الثاني، وأربعة أشهر محمد محمد، وعن أبي حنيفة وزفر سنتان، فإذا سمع القاضي الدعوى سال البائع أهي كما يقول المشتري؟ فإن قال نعم، يردها على البائع وإن قال: هي كذلك للحال وما كانت كذلك عندي توجهت الخصومة على البائع لتصادقهما على قيامه للحال، فإن طلب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ المشتري يمينه حلف، فإن حلف برئ، وإن نكل ردت عليه، وإن أقام المشتري بينة لم تقبل على الانقطاع وتقبل على الاستحاضة، وإن أنكر البائع الانقطاع في الحال هل يستحلف؟ عند الإمام لا، وعندهما يستحلف. وذكر في فتاوى (الفضلي): أنه يرجع في الحبل إلى قول النساء، وفي الداء إلى الأطباء ويشترط لقيام العيب فيها قول عدلين منهم وما لم يطلع محليه الرجال يثبت بقول امرأة. قال في (الفتح): وهذا ينبو عن تقرير (الكتاب) والموافق له ما في (الخانية) اشترى جارية فقبضها فلم تحض عند المشتري شهرًا أو أربعين يومًا قال القاضي الإمام: ارتفاع الحيض عيب وأدناه شهر واحد إذا ارتفع هذا القدر عند المشتري كان له أن يرده إذا ثبت أنه كان عند البائع انتهى، وهذا كما ترى لا يشترط ثلاثة أشهر ولا أكثر وينبغي أن يعول محليه، وبه ظهر أنه لا يحتاج لأي دعوى الانقطاع إلى تعيين أنه من حبل أو داء لأنه كونه/ عيبا باعتبار كونه مفضيًا إلى الداء لا لأنه لا يكون إلا عن داء، ولذا لم يتعرض فقيه النفع قاضي خان بل يكفي في الخصومة ادعاؤه ارتفاعه فقط وهو الذي يجب أن يعول عليه، فظهر أن ما في (النهاية) من لزوم دعوى الداء أو الحبل في دعوى انقطاع الحيض ثم يحتاج في توجيه الخصومة إلى قول الأطباء أو النساء ليس تقرير ما في (الكتاب) بل ما ذكره مشايخ آخرون يغلب على الظن خطؤهم، وتعقبه في (البحر) بأن كون قاضي خان لم يتعرض له ممنوع، بل قال في (فتاواه (: اشترى جارية وقبضها ثم قال: إنها لا تحيض. قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل: لا تسمع دعوى المشتري إلا أن يدعي ارتفاع الحيض بالحبل أو بسبب الداء، فإن ادعى سبب الحبل سال القاضي النساء إن قلنا: لأي حبلى حلف البائع أن ذلك لم يكن عنده، وإن قلنا: ليست بحبلى فلا يمين وفي معرفة داء بباطنها رجع إلى الأطباء، ثم نقل بعده ما مر لكن الأولى لسماع الدعوى عند القاضي، والثاني لتحقق العيب في نفسه، وأفا ما نقله من اعتبار الشهر فغير معتبر لأبنه مخالف لصريح النقل عن الأئمة الثلاثة ويمكن حمله على رواية أخرى انتهى. ورأيت في (المحيط) أن اشتراط ذكر السبب رواية (النوادر) وعليه يحمل ما في (الخانية) أو لا. تنبيه: عدم الحيض إنما يكون عيبًا إذا أمكن، أفا إذا كان لكونها .... أو صغيرة فإنه لا يكون عيبا، كدا في (المعراج) ويجب أن يكون معناه إذا اشتراه عالما بذلك، وفي (المحيط) اشتراها على أنها تحيض فوجدها لا تحيض، إن تصادقا على أنها لا تحيض بسبب الإياس فله الرد لأمن هذا عيب لأبنه اشتراها للحبل والآنسة لا تحبل.

والسعال القديم والدين والشعر والماء في العين ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (القنية): لو وجدها تحيض كل ستة أشهر مرة كان له الرد، (والسعال القديم) لأن دوامه دليل الداء قيد بالقديم لأن المعتاد منه ليس عيبًا، كما في (الفتح (وهذا معنى ما في (جامع الفصولين) السعال عيب إن فحش، وإلا فلا (والدين) هذا الإطلاق شامل لما إذا كان يطال به في الحال أو بعد العتق وعليه جرى في (الفتح) إذ بعد ذكره أن الدين مطلقًا عيب، قال: وعند الشافعي تفصيل حسن في الدين، وهو أنه إن كان دينًا يتأخر إلى ما بعد العتق فلا خيار له يرده به، كدين معاملة بأن اشترى شيئا بغير إذن المولى وإن كان في رقبته ولاية بأن جنى في يد البائع ولم يفده حتى باعه فله رده إلا أن يقال: وبعد العتق قد يضره في نقصان ولاية وميراثه انتهى. لكن محلل الشارح المسألة بأن ماليته يكون مشغولاً بها وتتقدم الغرماء على المولى وهذا صريح في تخصيصه بما كان في رقبته، وبه صرح مسكين حيت قال: أي الدين الذي يطالب به في الحال لا المؤجل فإنه ليس بعيب، كما في (الذخيرة). وفي (المحيط): حين عد العيوب قال: والدين يتعلق بالرقبة، وفي (السراج) إذا كان على العبد دين أو في رقبته جناية كان عيبًا، لأنه يجب بيعه فيه ودفعه فيها فتستحق رقبته بذلك، ويتصور هذا فيما إذا أحدث الجناية بعد العقد قبل قبض المبيع، أفا إذا كانت قبله فبالبيع يصير مختارًا للجناية، فإن قضاه المولى قبل الرد سقط، زاد البزازي وكذا لو أبرأه الغريم، (والشعر والماء في العين) قيد فيهما لأنهما يضعفان البصر وربما أورثا ذهابه، وفيه إشارة إلى أن كل مرض في العين عيب، ومنه كما قالوا: السل وكثرة الدمع، والغرب وهو ورم في المآقي وربما سال منه شيء حتى جعله محمد في حال سيلانه من أرباب الأعذار، والستر وهو انقلاب في الأجفان، والخوص بفتحتين وهو نوع من الحول والقبل في إنسان العين، والجرب والعشق وهو عدم الإبصار ليلة وكونه أجهر وهو من لا يبدو نهارا وكون أحد العينين زرقاء والأخرى غير زرقاء، أو أحدهما كحلاء والأخرى غير كحلاء. والحاصل أن العيوب كما في (التحفة) على نوعين: ما يوجب فوات جزء من المبيع كالعمى والعور والصمم والإصبع الناقصة ونحو ذلك، وقي (الفتح (قطع إجماع عيب، والإصبعان ريجان، والأصابع مع الكف عيب واحد، وما يوجب نقصانه من حيث المعنى فقط وعليه اقتصر المصنف لظهور المعنى الأول لكن بقي منه النكاح من حيث المعنى فقط، فلو قال البائع: أبانها الزوج أو مات محنها قبل البيع قبل قوله: ولو أقام المشتري بينة على قيام النكاح لم يقبل إلا إذا كان على إقرار البائع بذلك، ولو قال: كان زوجها عبدي فأبانها أو مات عنها وأنكر المشتري ذلك كان له الرد كذا

فلو حدث آخر عند المشتري جع بنقصانه ـــــــــــــــــــــــــــــ في (الخانية)، والعسر وهو من يعمل بيساره فقط إلا إن عمل في اليمين أيضًا كعمر ابن الخطاب، وقلة الأكل في الدواب والكذب والنميمة وترك الصلاة. وفي (القنية): تركها لم في العبد لا يوجب الرد، وفيها لو ظهر أن الدار مشؤومة ينبغي أن يتمكن من الرد لأن الناس لا يرغبون فيها، ولو اشترى حمارًا لا ينق فهو عيب، وفي (جامع الفصولين) لو كان مقامرا إن كان يعد عيبا كقمار نرد وشطرنج وغيرها فهو عيب، وكذا السحر عيب فيها لما فيه من الضرر، وشرب الخمر إلا أن يكون على سبيل الكتمان أحيانًا والعيوب كثيرة برأنا الله منها. (فلو حدث عيب آخر عند المشتري) بفعله أي بفعل أجنبي أو بآفة سماوية، كذا في (جامع الفصولين) وسكت عما إذا كان بفعل البائع يمنع الرد، ويجب الأرش على الجاني ويرجع بحصة العيب من الثمن وقبله بفعل البائع وغيره ويرده بجميع الثمن أو يأخذه وجد به عيبًا أو لا، ويطرح عند جناية المعقود عليه. وفي (القنية): لو كان بالمبيع أثر فوحة برأت ولم يعلم به فعاودت قرحة وأخبر الجراحون أن عودها بالعيب القديم لم يرد، ويرجع بالنقصان بخلاف ما إذا كان به قرحة فانفجرت عند المشتري حيث يرد لأن الانفجار ليس بعيب حادث انتهى، ومن الحادث ما لو اشترى ما له حمل ومؤنة في بلد ليس له الرد جبر إلا في بلد العقد، ولو أقام البائع بينة أنه حدث عند المشتري وللمشتري بينة أنه كان معيبا عند البائع تقبل بينة المشتري لأنه يثبت الخيار والقول للبائع لأنه ينكر الخيار، كذا في (شرح قاضي خان) (رجع بنقصانه) بأن يقوم بلا عيب ثم مع العيب وينظر في التفاوت، فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن، وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق حتى لو اشتراه بعشرة وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشر الثمن وهو درهم، ولو بمائتين وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشرين، ولو نقصه عشرين رجع بأربعين. قال البزازي: وفي المقايضة إن كان النقصان عشر القيمة رجع بنقصان ما جعل ثمنًا يعني ما دخل عليه الباء، ولا بد أن يكون المقوم اثنان يخيران بلفظ الشهادة بحضرة البائع والمشتري وهو الأهل في كل حرفة، ولو زال الحادث كان له رد المبيع مع النقصان وقيل لا، وقيل: إن كان بدل النقصان قائما رد وإلا لا، كذا في (القنية) والأول بالقواعد أليق والفرق بين هذا وبين ما لو اشتراه ولم يره حتى سقط خياره فود عليه بعيب نقصًا حيث لا يعود خياره يدرك بأدنى تأمل، ويستثنى من الرجوع ما لو باعه تولية، والمسألة بحالها فلا نجوم ولا رد لأنه لو رجع صار الثاني أنقص من

أو رد برضا بائعه ومن اشترى ثوبًا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب وإن قبله البائع كذلك له ذلك وإن باعه المشتري ـــــــــــــــــــــــــــــ الأول، وقضية التولية أن يكون كالأول ذكره الشر وما لو وجد بالمسلم فيه عجبًا وقد حدث عنده آخر، فإنه كما قال الإمام: يخير المسلم إليه بين قبوله معيبًا بالعيب الحادث وبين أن لا يقبل ولا شيء له صن أس المال ولا من نقصان العيب، لأنه لو غرم النقصان كان اعتياضًا عن الجودة فيكون ربا. وقالوا: لو اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم اطلع على عيب لا يرده ولا يرجع بالنقصان، (أو رد المبيع برضى بائعه) لأن في الرد إضرار بالبائع لكونه خرج عن ملكه سالمًا أي عن الحادث فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى بالضرر، فيخير المشتري بين الرد والإمساك من غير رجوع بنقصان وهل المعنى لا يستفاد من الكتب فلو قال: ولم يرجع بنقصان لكان أولى، واعلم أنه يستثنى من هذا الإطلاق ما لو قتل المبيع عند المشتري رجلاً خطأ ثم ظهر أنه قتل آخر عند البائع ثم اطلع على عيب فقبله البائع بالجنايتين لا يجبر المشتري على ذلك، وإنما يرجع بنقصان الجناية الأولي دفعا للضرر عنه لأنه لو رده على بائعه كان مختارًا للفداء فيهما، وما لو اشترى عصيرا فتخمر بعد قبضه ثم وجد به عيبًا لا يرده وإن رضي البائع، وإيما يرجع بالنقصان كذا في (المحيط) وغيره. (ومن اشترى ثوبًا فقطعه) تبع المص القدوري في إفراد هذه المسالة وكان حذفها أليق لأنها من أفراد ما مر، أعني ما لو حدث به عيب آخر عند المشتري إلا أنه جعلها توطئة لقوله: فلو قطعه خاطه وعلى هذا فقوله في (الفتح) يعني ولم يخطه مما لا حاجة إليه (فوجد به عيبًا) كان به عند البائع كما فهمه التعبير يوجد (رجع بالعيب) أي: بنقصانه لتعذر الرد جبرًا لحدوث العيب الثاني طولب بالفرق بين هذا، وما لو نحره المشتري فوجد أمعاءه فاسدة حيث لا يرجع بالنقصان عند الإمام، وأجيب بان النحو إفساد للمالية لصيرورة المبيع به عرضية للنتن والفساد، ولذا لا يقطع السارق به فاختل معنى قيام المبيع، (فإن قبله) أي: الثوب (البائع كذلك له ذلك) أي: القبول لأن الامتناع إنما كان لحقه وقد أسقطه والوطء كالقطع بكرًا كان أو ثيبًا، كما في (الظهيرية). وقدمنا أنه لو كان للعلم بكونها بكرا من غير فعل بعده كان له الرد إن وجدها ثيبًا، وفي (البزازية) تقايضًا عبدًا بجارية وتقاضيا ووطئ المشتري الجارية ثم وجد بالعبد عيب ورده خير بائع الجارية بين أخذ قيمتها يوم قبضها أو أخذها وليس له نقصان الثمن إن بكر أولا العقر إن ثيبا لأمن الوطء على ملكه انتهى. (وإن باعه المشتري) أي: أخرجه عن ملكه والبيع مثال فعم ما لو وهبه أو أقر به

لم يرجع بشيء فلو قطعه أو خاطه أو صبغه أو لت السويق بسمن فأطلع على عيب رجع بنقصانه ........ ـــــــــــــــــــــــــــــ لغيره، وكذا لو باع بعضه بخلاف ما لو أجره أو رهنه كما في (المحيط) ولا فرق في إخراجه بيق ما إذا كان بعد رؤية العيب أو قبل، كما في (الفتح) ولمواء كان ذلك لخوف تلفه أو لا، حتى لو وجد السمكة المعيبة معيبة وغاب البائع بحيث لو انتظره لفسدت فباعها (لم يرجع) أيضًا (بشيء) كما في (القنية)، لم يرجع بشيء لأنه صار حابسًا للمبيع بالبيع، إذ الرد بالقطع غير ممتنع برضى البائع. ولذا قلنا: (لو قطع الثوب) المشتري لولده الصغير لباسًا (أو خاطه) ثم اطلع على عيب لا يرجع بالنقصان لأن التمليك منه حصل بمجرد القطع له وهو نائبه في التسليم، ولو كان الولد كبيرًا وجع بالنقصان لأنه لم يصر مسلمًا إليه إلا بعد الخياطة فكانت الخياطة على ملكه، وامتناع الوجوب سبب الزيادة التي هي الخياطة قبل إخراجه عن ملكه فبعد ذلك لا يتفاوت الحال بيق أن يخرجه عن ملكه بالبيع أو لا في جواز الرجوع بالنقصان، وهذا معنى ما في (الفوائد الظهيرين) الأصل في جنس هذه المسائل أن كل موضع يكون المبيع قائمًا على ملك المشتري ويمكنه الرد برضى فأخرجه عن ملكه لا يرجع بالنقصان، وكل موضع يكون المبيع قائمًا على ملكه ولا يمكنه الرد وإن رضي البائع فأخرجه عن ملكه يرجع بالنقصان. وفي هبة (البزازية) اتخذ لولده الصغير ثيابًا ليس له أن يدفعها لغيره إلا إذا بيق وقت الاتخاذ أنها عارية بان أشهد وقت الاتخاذ أنها عارية، فلو قطعه، أي: قطع المشتري الثوب وخاطه وأو صبغه) أطلقه وقيده في (الغاية)، بالأحمر وعليه جوى الحدادي فإن صبغه أسود، فكذلك عندهما لا له زيادة عند أبي حنيفة نقصان فيكون للبائع أخذه على الإطلاق، جرى العيني وغيره فقال: باي صبغ كان (أو أت السويق). قال في (المصباح): لت السويس لتًا من باب قتل به بشيء من الماء انتهى. نبه بذلك على أن اللت مطلقًا هو البل بالماء ولذا قال: بسمق إذ الكلام في الزيادة في المبيع أو غرس في الأرض أو بنى أو طحن الحنطة أو شوى اللحم أو خبز الدقيق. قال في (الفتح)،: وفي كون الطحن والشيء من المتصلة تأمل (فاطلع على عيب رجع) على البائع (بنقصانه) لامتناع الرد بالزيادة، إذ الفسخ إذا أن يرد على الأصل وحده أو معها لا سبيل إلى الأول لعدم انفكاكها عنه، ولا إلى الثاني لان العدد لم يرد عليها، فكذا الفسخ ولو أخذه مكان ولا فتعيق الرجوع بالنقصان بان فيد بغير المتولدة لأن المتولدة من الأصل كالسمن والجمال وانجلاء بياض العين لا يمنع الرد في ظاهر الرواية لتمحضها تبعد للأصل فكان الفسخ لم يرد إلا عليه، وبقي المنفصلة

كما لو باعه بعد رؤية العيب أو مات العبد أو أعتقه ـــــــــــــــــــــــــــــ يقسمها، ولا شك أن غير المتولدة منه لا تمنعه بحال فيفسخ العقد في الأصل دون الزيادة، لذا المتولدة منه فتمنع الرد لتعذر الفسخ محليها لأن العقد لم يرد محليها ولا يمكن التبعية للانفصال، فيكون المشتري بالخيار قبل القبض إن شاء ردهما جميعًا، وإن شاء رضي بهما بجميع الثمن، وأفا بعد القبض فيرد المبيع خاصة لكن بحصته من الثمن بان يقسم الثمن على قيمته وقت العقد، وعلى قيمة الزيادة وقت القبض، فإذا كانت قيمة المبيع ألفًا، وقيمة الزيادة مائة والثمن ألف سقط محشر الثمن إن رده وأخذ تسعمائة كذا في (الفتح). وجزم في (البحر) بأنه سهو لأنه إذا كان قبل القبض له ردهما وبعده له رد المبيع خاصة فأني تمنع الرد؟ وأقول: هذا هو الساهي إذ معناه يمنع رد الأصل وحده بخلاف غير المتولدة وقد أفصح محند ذلك في (العناية) حيث قال: وغير المتولدة كالكسب لا يمنع لكن طريق ذلك أن يفسخ العقد في الأصل دون الزيادة وتسلم الزيادة للمشتري مجانا بخلاف الولد، والفرق أن الكسب ليس بمبيع بحال ما لأنه تولد من المنافع غير الأعيان والولد متولد من المبيع فيكون له حكم المبيع، فلا يجوز أن يسلم له مجانًا لما فيه من الربا والتفضيل بين كونه قبل القبض أو بعده، مذكور في (البزازية) وغيرها (كما) أي: كما يرجع بالنقصان (لو باعه) في هذه الصورة (بعد رؤية العيب) لامتناع الرد قبله فلم يصر به حابسًا للمبيع وقد مر إيضاحه، (أو ممات العبد) لأن الملك انتهى به والامتناع حكمي لا بفعله، ولا فرق في هذا بين أن يكون بعد رؤية العيب أو قبله ولو قال: أو هلك المبيع لكان أفود إذ لا فرق بين الآدمي وغيره، ومت ثم قال في (الفصول): ذهب به إلى بائعه ليرده بعينه فهلك في الطريق هلك على المشتري ويرجع بنصفه. وفي (القنية): اشترى جدارًا مائلاً فلم يعلم به حتى اسقط فله الرجوع بالنقصان، (أو أعتقه) لأنه إنهاء للملك فصار كالموت وهذا الإطلاق مقيد بما إذا لم يعلم بالعيب، أفا إذا علم به كان العتق رضى فلا يرجع بشيء والتدبير والاستيلاد كالعتق لأنه تعذر النقل مع بقاء المحل بالأمو الحكمي، والكتابة كالإعتاق على مال لحصول العوض فيها كالبيع، كذا في (الشرح). وفي (السراج) لو كاتبه وأدى بدل الكتابة وعتق ثم اطلع على عيب لا يرجع بشيء، وهو ظاهر في أن مجرد الكتابة من غير أداء البدل غير مانع من الرجوع وفيه نظر، وسياتي ما يرشد إليه قال الشر: ولو عجز المكاتب ينبغي أن يرده بالعيب لزوال المانع، كما لو اطلع على عيب في العبد السبق لا يرجع بشيء لأن الرجوع خلف عن

فإن أعتقه على مال أو قتله أو كان طعامًا فأكله ـــــــــــــــــــــــــــــ الرد فلا يصار إلى الخلف مادام حيًا، فإذا رجع رده لزوال وبه اندفع ما في (السراج) من تقييد الكتابة بأداء بدلها ليصير كالعتق على مال، إذ لو صح هذا لما تصور عجزه كما لا يخفى. وقدمنا ما لو اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم اطلع على عيب لأنه مكاتب عليه فلا يتمكن من إخراجه عن ملكه ولا يرجع بالنقصان، وهذا يؤيد النظر السابق ولو عجز يرده المولى ويتولاه المكاتب لأنه هو المشتري فكان حقوقه إليه، إلا إذا مات المكاتب فيرده المولى، ولو أبرأه المكاتب قبل العجز لا يرده المولى، وإن أبرأه المولى قبل عجز المكاتب جاز، ولو اشترى المكاتب أم ولده ومعها ولدها لا يردها بالعيب ويرجع بنقصانه، ولو أبرأه المكاتب جاز ولو اشترى من مكاتبه عبدًا لا يرده بالعيب ولا يخاصم بائعه، كذا في (المحيط). تتمة: وقف المشتري الأرض ثم علم بالعيب رجع بالنقص في جعلها مسجدًا اختلاف، والمختار الرجوع بالنقص، كما في (جامع الفصولين). وفي (البزازية) وعليه الفتوى، وما رجع به يسلم إليه لأن النقصان لم يدخل تحت الوقف انتهى. (فلو أعتقه على مال) لم يرجع بشيء لأنه حبس بدله وليس المراد به قبضه إذ من صوره ما لو قال: إذا أديت إلى ألفًا في شهر كذا فانت حر، وأو قتلهم أي: قتل المبيع هذا أعني عدم رجوعه بشيء هو ظاهر الرواية عن أصحابنا، وعن أبي يوسف قيل ومحمد أنه يرجع لأن هذا القتل لم يتعلق به حكم دنيوي فكان كالموت وجه الظاهر أن القتل لم يعهد شرعا إلا مضمونه، وإنما سقط عن المولي بسبب الملك فصار كالمستفيد به عوضا وهو سلامة نفسه عن القتل إن كان عمدا، أو الدية إن كان خطا فكان كانه باعه حتى لو كان مديونا ضمنه، كما في (الكافي). (أو كان) المبيع (طعامه فأكله) عند الإمام وقالا: يرجع بالنقصان وهو قول الأئمة الثلاثة وعلى هذا الخلاف لبس الثوب ثم اطلع على غيب لهما أنه فعل بالمبيع ما يقصد بشرائه ويعتاد فعله فأشبه الإعتاق، وله أنه تعذر الرد بفعل مضمون منه في المبيع فأشبه الجيش، وفي (الخلاصة): الفتوى على قولهما، وبه أخذ الطحاوي لكن جعل صاحب (الهداية) قوله استحسانا مع تأخيره ولجوابه عن دليلهما يقرر مخالفته في كون الفتوى على قولهما، وفي (جامع الفصولين): شرى بعيرا فلما أدخله داره سقط فذبحه رجل بأمر المشتري فظهر عيبه يرجع بنقصه عندهما، وبه أخذ المشايخ كما لو أكل طعاما ولو لم يعلم بعيبه قبل الطبع فذبحه هو أو غيره بأمره لا يرجع، ولو اشترى برأ على أنه ربيعي فزرعه، فظهر أنه خريفي اختار المشايخ أنه يرجع بنقص

أو بعضه لم يرجع بشيء ولو اشترى بيضًا أو قثاء أو جوزًا ووجده فاسدًا ينتفع به رجع بنقصان العيب وإلا بكل الثمن ـــــــــــــــــــــــــــــ العيب وهو قولهما بناء على ما لو اشترى طعاما فأكله فظهر عيبه والفتوى على قولهما وفي (القنية) باع منه زكاء للبذر وقال: ازرعه فإن لم ينبت فأنا ضامن لهذا البذر فزرع فلم ينبت فعليه ضمان النقصان انتهى. (أو) أكل (بعضه لم يرجع بشيء) هذا قول الإمام أيضًا، وعنهما روايتان في رواية رجع بنقصان العيب في الكل فلا يرد الباقي وفي أخرى يرد ما بقي لأن الطعام لا يضره التبعيض، فكان قادرًا على الرد فيما أخذه ويرجع بالنقصان، فيما أكل. وفي (المجتبى): وبه يفتى ولو أطعمه ابنه الصغير أو الكبير أو امرأته أو مكاتبًا وضيفه لا يرجع بشيء، ولو عبده أو مدبره أو ولده يرجع لأن ملكه باق ولو اشترى دقيق الخبز بعضه ثم ظهر أنه مر رد ما بقي ورجع بنقصان ما خبز هو المختار، ولو كان سمنًا ذائبًا فأكله ثم أقر البائع أنه كان وقع فيه فارة رجع بالنقصان عندهما وبه يفتى كذا في (الفتح). (ومن اشترى بيضًا أو جوزًا) أو فستقًا أو بندقًا أو نحو ذلك فوجده، أي: أصابه حال كونه فاسدا بأن كسره وفيه إيماء إلى أنه لو علم بعيبه من غير كسر كان له الرد فلو كسره بعد العلم بالعيب لا يرد لأنه صار راضيًا به، وبه اندفع ما في (البحر) من أنه لا بد من تقييد المسالة بكسره ينتفع به مع فساده بأن يأكله الفقراء أو يصلح للعلف، ولا خفاء أن بعض الفقراء يأكل البعض الفاسد، فاندفع قول العيني هذا لا يتصور في البيض لأن قشره لا قيمة له رجع بنقصان العيب لأن الكسر عيب حادث إلا إذا رضي به البائع هذا إذا لم يتناول منه شيئًا، فإن تناول بعد ما ذاقه لم يرجع بشيء قيد بكونه وجد المبيع لم فاسدًا لأنه لو وجد البعض منه فاسدًا فإن كان قليلاً جاز. البيع، وإن كان كئيرًا بطل عنده في الصحيح، وجاز عندهما في حصة الصحيح منه. وفي (النهاية) الأصح قولهما لأن الثمن ينقسم على الأجزاء لا على القيمة والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة كالواحد والاثنين في المائة، كذا في (الهداية) وهو ظاهر في أن الواحد في العشرة كثير، وبه صرح في (القنية)، وقال السرخسي: الثلاثة عفو يعني في المائة. وفي (البزازية) كسر بعض الجوزات (فوجده فاسدًا) لا (ينتفع به) وله قيمة عند الناس (يرجع بنقصان العيب) فيما كسر ولا يبرد المكسور (وإلا) أي: وإن لم ينتفع به بان كان البيض منتنًا والقثاء مرآ والجوز خاويا، وما في العيني أو ..... ففيه نظر لأنه يشكله الفقراء رجع (بكل الثمن) تبين بالكسر أنه ليس بمال فكان البيع باطلة قيل:

ولو باع المبيع فرد عليه بعيب بقضاء يرده على بائعه ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا صحيح في الجوز الذي لا قيمة لقشره، أفا إذا كان له قيمة بان كان في موضع يباع فيه قشرة يرجع بحصة اللب فقط، وقيل: يرده ويرجع بكل الخمن لأن ماليته باعتبار اللب وظاهر (الهداية) يفيد ترجيحه، وكذا في البيض أما بيض النعامة إذا وجده فاسدًا بعد الكسر فإنه يرجع بنقصان العيب. قال في (العناية): وعليه جرى في (الفتح) وهذا يجب أن يكون بلا خلاف لأن مالية بيض النعامة قبل الكسر باعتبار القشر وما فيه جميعًا قال ابن وهبان: وينبغي أن يفصل بان يقال هذا في موضع يقصد فيه الانتفاع إلا بالمخ بان كان في برية والقشر لا يتنقل كان كغيره قال الشيخ عبد البر: ولا يخفى عليك فساد هذا التفصيل فإن هذا القشر مقصود بالشراء في نفسه ينتفع به في سائر المواضع، وما ذكره لا ينهض لأن هذا قد يتقعض في كثير مما اتفقوا على صحة بيعه ولا يكون ذلك موجبًا لفساد البيع، (ولو باع) المشتري (المبيع فود محليه بعيب بقضاء) بإقرار أنه كان عنده ووجد عند المشتري منه وهو عند المشتري الآخر أو بينه على ذلك أو بنكول عن اليمين عن العيب، ومعنى القضاء بالإفرار أنه أنكر الإقرار فأثبته بالبينة، كذا في (الهداية)، ولو قال بعد الرد عليه: لا محيب فيه لا (يرده) على البائع الأول اتفاقا، كما في (الفتح). وفي (البزازية) ولو علم البائع بالعيب له أن لا يقبل بغيو قضاء لتمكنه من الرد (على بائعه) قيل: بقوله فرد لو اطلع على محيب قديم وحدث عنده آخر فرجع بنقصان العيب القديم لا يرجع على بائعه بنقصان العيب القديم عند الإمام، وعندهما يرجع، كذا في (البحر) معزيًا إلى الإسبيجابي ورده على بائعه لا فسخ من الأصل فجعل البيع كأن لم يكن غاية الأمر أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبًا شرعًا بالقضاء إلا إذا حدث به محيب آخر عنده فإنه يرجع بالنقصان، كما في (التهذيب)، وهذا الإطلاق قيده في (المبسوط) بما إذا ادعى المشتري العيب عند البائع الأول، أفا إذا أقام البينة أن العيب كان عند المشتري الأول ولم يشهد أنه كان عند البائع الأول ليس للمشتري الأول أن يرد عليه إجماعًا، كذا في (الفتح) تبعًا (للدراية). وفي (البزازية) معزيًا إلى (الجامع): جدد البائع مع المشتري ثانيًا بأقل من الثمن الأول أو أكثر ثم رد عليه بعيب لم يكن له أن يرده على بائعه الأول، وبقي قيد ثالث: هو أن يكون البيع قبل الاطلاع على العيب القديم، أفا بعده فليعر له الرد على بائعه ولو كان الود عليه بقضاء، بدا في الفتوى. ومعنى الرد عليه أن له أن يخاصمه بذلك لأن الرد عليه يكون ردا على بائعه، بخلاف الوكيل بالبيع إذا رد عليه بعيب

ولو برضا لا ولو قبض المشتري المبيع وادعى عيبًا لم يجبر محلى دفع الثمن ولكن يبرهن او يحلف بائعه ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ بقضاء ببينة أو بإباء يمين أو بإقرار مق المأمور حيث يكون ردأ على الموكل كذا في (الجامع)، لأن البيع واحد وفيما نحن فيه بيعان، وقيده فخر الإسلام بعيب لا يحدث فيرده بالبنية أو بإباء اليمين ولا يرده الط مور بالإقرار لأن إقرار المأمور لا يسمع على الآمر، فإذا كان لا يسمع فيما لا يحدث مثله ففيما يحدث بالأولى، ولو كان بغير قضاء اقتصر عليه وأن لا يحدث مثله هو الصحيح، كما في (البزازية). وفي (الولوالجية): رد عليه بلا قضاء لزمه دون الموكل #والصحيح، وينبغي أن يكون معنى الإقرار المذكور في (الجامع) ما مر مق أنه الإقرار فاثبته بالبينة لأنه صار مكذبًا شرعًا بالقضاء فلا ينافيه ما قاله فخر الإسلام وغيره مق أنه لا يوده بإقرار الوكيل ولو كان الرد برضى لا، أي: لا يرده على بائعه لأنه بيع جديد في حق ثالث، وإن كان فسخًا في حقهما والأول ثالثهما أطلقه فعم ما لا يحدث مثله في المدة وهو قول العامة، والمسالة مقيدة بما إذا كان ذلك بعد القبض فيرده (ولو برضى) وبغير الصرف. أفا في الصرف فإنه يرده بغير قضاء عليه، تنوع ما في (المنتقى) اشترى دينارًا بدراهم ثم باع الدينار مق آخر ثم وجد المشتري الآخر بالدينار عيبًا ورد على المشتري بغير قضاء فإنه يوده على بائعه، لمعنى هو أن المبيعين حينئذ يكونان معدومين لأن المعيب ليس بمبيع بل المبيع السليم فيكون المعيب ملك البائع بخلاف المبيعين في غير النقود كمسألة (الكتاب) فإنهما موجودان وعلى هذا فإطلاق لم الكتاب بالنسبة إلى موضوع المسالة غير محتاج إلى هذا الفيد، كذا في (الفتح) قيد بخيار العيب لأنه لو رد على المشتري بخيار رؤية أو شرط فإنه يوده على بائعه ولو بغير قضاء. (ولو قبض المشتري المبيع وادعى عيبًا) كان عند بائعه (لم يجبر محلى دفع الثمن) لأنه لو أجبر لربما أثبت العيب فيسترده وفيه نقص للقضاء فلا يصار إليه حتى يتبين الأمر، ولم أر ما لو كان البيع مقايضة فوجد المشتري بالمبيع عيبًا ولم يقبض ما دخل محليه .... هل يجبر على دفعه أو لا؟ (ولكن يبرهن) المشتري أي: يقيم البينة (أو يحلف) بسكون (بائعه) هذا ظاهر في أنه إذا أقام المشترى البينة مع وجود العيب عنده أو حلف البائع أجبر على الدفع، وليس مراد لأنه من إقامة البينة على وجوده عند المشترى وعند البائع ومن ثم قال الجو وقوله ولكن يبرهن، أي: يقيم البينة لإثبات العيب وطريقه ما قلنا: بقي أن قوله أو يحلف بائعه أنما يأتي عند العجز عن الأولى على قولهما، أفا على قوله فلا في الصحيح عنه لأنه لا يتناسب خصمه إلا بعد إثبات قيامه عند المشتري.

وإن قال شهودي بالشام: دفع إن حلف بائعه فإن أدعى إباقًا وقوله في (البحر): وتحليف البائع في المسألتين إنما هو فيما إذا أقر بقيام العيب به ولكن أنكو قدمه مما لا دليل في كلامه عليه، وقد ظهر لي أن موضوع هذه المسألة في عيب لا يشترط تكراره كالولادة. فإذا ادعاه المشتري ولا برهان له حلف بائعه، وقوله بعد ولو ادعى إباقًا بيان لما يشترط تكوره وإلا كان الثاني حشوًا فتدبره فإني لم أز من عرج عليه. واعلم أن المصنف عدل عن قول صاحب (الهداية) لم يجبر حتى يحلف البائع أو يقيم البينة لأن ظاهره غير صحيح، وهذا لأنه جعل غاية عدم الإجبار إما تحليف البائع، أو بينة المشتري وكلاهما غير صحيح، أفا الثاني فظاهر، وأما الأول فلان معناه يطلب منه الحلف ولا يلزم ممه حلفه ليترتب عليه عدم جبره لجواز أن ينكل فيستمر عدم الجبر هذا حاصل ما في (الفتح). واقتصر في (العناية) على الثاني وهو الظاهر بناء على أن يحلف من الحلف لا من التحليف، أجابوا بأنه من باب علفتها تبنًا وماء باردًا، أو أن التقدير حتى يظهر وجه الحكم أي حكم الإجبار وعدمه، أو بأن الانتظار مستلزم لعدم الإجبار وذكر اللازم وإرادة الملزوم كناية قال في (العناية): والحق أن الاستثناء إنما هو بالنظر إلى مفهوم الغاية وهو ليس بلازم. قال في (الحواشي السعدية): فيه بحث فإن مفهوم الغاية لزومه متفق عليه على ما صرح به في (التلويح) خصوصًا في الروايات وكلام المصنفين، قال يعقوب باشا: والأولى في التوجيه أن يقال: إدن هذا من قبيل اللف والنشر التقديري تقديره لم يجبر على دفع الثمن ولا يكون له حق الرد حتى يحلف بائعه، أو يقيم بينة كما ذكره صاحب (الكشاف) في تحقيق قوله تعالى: {يوم يأتي بآيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا} [الأنعام: 158] حيث قال: إنه من قبيل اللف والنشر التقديري والمعنى لا ينفع نفسًا إيمانها ولا عملها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا انتهى. (فإن قال) المشتري: (شهودي بالشام) أي: غيب عن المصر والشام مثال (دفع) الثمن (إن حلف بائعها لأن في الإنذار ضرر بالبائع وليس في الدفع كبير ضرر على المشتري لأنه على حجته متى أقام البرهان عليها قبلت، ولو قال: أحضر بينتي إلى ثلاثة أيام أجله ولو قال: لا بينة لي فحلفت البائع ثم أتى بها تقبل عند الإمام، خلافا لمحمد كذا في (الفتح). (فإن ادعى إباقًا) ونحوه مما يتوقف الرد فيه على وجود العيب عندهما كالبول

لم يحلف بائعه حتى يبرهن المشتري أنه أبق عنده فإن برهن حلف بالله ما أبق عندك قط ـــــــــــــــــــــــــــــ في الفراش والسرقة والجنون (لم يحلف البائع) إذا أنكر قيامه للحال (حتى يبرهن المشتري أنه آبق عنده). أفا لو اعترف بقيامه للحال فإنه يسأل عن وجوده عنده، فإن اعترف به رده عليه بالتماس من المشتري، وإن أنكر طولب المشتري بالبينة على أن الإباق وجد عند البائع فإن أقامها رده وإلا حلف بالله لقد باعه وسلمه وما أبق عنده قط، (فإن برهن) المشتري قيامه للحال حلف البائع، وإن لم يبرهن ولم يقر البائع فعند الإمام لا (يحلف) خلافًا لهما، وقد مر (بالله ما أبق عندك قط) قال الشارح: والأحوط أن يحلف بالله ما أبق قط أو بالله ما يستحق عليك الرد من هذا الوجه الذي ذكره أو بالله لقد سلمه وما به هذا العيب لأنه يحتمل أنه باعه وقد أبق عند غيره وبه يرد عليه وفيما ذكره ذهول عنه انتهى. وأبهم الغير ليعم ما لو كان عند مورثه أو واهبه أو مودعه أو مستأجره أو من الغاصب لا إلى منزل مولاه مع معرفته له والقدرة على الرجوع له على مر إلا أن كون حذف الظرف أحوط بالنظر إلى المشتري مسلم لا بالنظر إلى البائع إذ يجوز أنه أبق عند الغاصب ولم يعلم منزل المولى ولم يقدر عليه، وقد مر أنه ليس بعيب فالأحوط بالله ما يستحق عليك الرد إلخ وما بعده. وفي (البزازية) والاعتماد علي المروي عن الثاني بالله ما لهذا المشتري قبلك حق الرد بالوجه الذي يدعيه تحليفا محلى الحاصل انتهى. ولا يحلف بالله لقد باعه وما به العيب لأن فيه ترك النظر/ للمشتري لجواز حدوثه بعد البيع قبل التسليم فيكون بارًا مع أنه يوجب الرد، وكذا لا يحلفه لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب لأنه يوهم تعلقه بالشرطين فيتناوله في اليمين عند قيامه في أحد الجانبين وهذا من باب الاحتياط، وإلا فهذا التأويل لا يخلصه عند الله تعالى بل هذا يمين غموس. ومن ثم قال السرخسي: الأصح عندي أنه يجوز أن يحلف كذلك قيل كيف يحلف على البات مع أن فعل الغير والتحليف فيه إنما يكون محلى العلم؟ وأجيب بأنه محلى فعل نفسه في المعنى وهو تسليم المعقود عليه سليمًا كما التزمه قاله السرخسي: وقيل محله ما لو ادعى أنه لا علم له به أما لو ادعى الحالف العلم به كما هنا حلف على البنات، ألا ترى أن المودع لو ادعى قبض ربها لها حلف على البنات لادعائه العلم بذلك؟ وإن كان القبض فعل الغير. قال في (الفتح): وهذا أوجه لأن معنى تسليمه سليمًا سلمته، والحال أنه لم يفعل السرقة عندي فيرجع إلى الحلف محلى فعل الغير، ثم قال: ومما تطارحناه أنه لو لم يطبق عند البائع وأبق عند المشتري وكان أبق عند آخر قبل هذا البائع ولا علم

والقول في قدر المقبوض للقابض ـــــــــــــــــــــــــــــ للبائع بذلك فادعى المشتري بذلك وأثبته يرد له، ولو لم يقدر على إثباته له أن يحلفه على العلم، وكذا في كل محجب يرد في تكرره انتهى. وظن في (البحر) أن المتطارح هو رده بهذا العيب فقط فنقل عن (القنية) أنه يرد به ثم قال: وظاهر ما في (فتح القدير) أنه لم يطلع هو وأصحابه على نقل فيها لأنه قال: إنه مما تطارحناه انتهى. وأقول: المطارحة هي تحليفه على عدم العلم أخذًا من قولهم إنما يحلف على البتات لادعائه العلم، به والغرض هنا أنه لا علم له به فتدبره. تتمة: بقي مق أنواع العيوب ما يكون ظاهرًا لا يحدث مثله أصلاً أولاً من وقت البيع إلى وقت الخصومة كالإصبع الزائدة والناقصة والعمى فيقضي فيها بالرد إذا طلب المشتري بلا يمين للتيقن به في يدهما إلا أن يدعي البائع سقوطه برضى البائع أو العلم به عند الشواء أو الإبراء منه، فإن أثبته بالبينة أو الإقرار فيها وإلا حلف المشتري، فإن حلف رده، وإن نكل امتنع الرد. والثالث: ما لا يعرفه إلا الأطباء كوجع الكبد والطحال فإن اعترف به عندهما رده، وكذا إذا أنكره فحلفه المشتري وأقام البرهان عليه إلا أن يدعي الرضا فعلى ما مر وإن أنكره عند المشتري يريه طبيبين مسلمين عدلين والواحد يكفي والاثنان أحوط فإن قالا به ذلك يخاصمه في أنه كان عنده إلا إذا كان القاضي مق الأطباء فينظر بنقسه، كما في (البزازية) ونظر أمينه كهو، كما في (الينابيع). الرابع: ما لا يطلع عليه إلا النساء كالرتق والبكارة فعلى هذا الذي مر إلا أنه إذا أنكر قيامه في الحال رأيت النساء والواحدة الثقة تكفي فإذا قالت: هي ثيب وقد اشترى بكرًا ردت عليه بقولها عندهما. فروع اشترى جارية وادعى أنها خنثى يحلف البائع لأنه لا ينظر إليه الرجال ولا النساء، كذا في (شرح قاصي خان). وفي (الدراية): أراد المشتري الرد ولم يدع البائع محليه شيئًا يسقطه لا يحلف، وعند الثاني يحلف صيانة للقضاء وأكثر القضاء يحلفون بالله وأسقط في حقك في الرد بالعيب من الوجه الذي تدعيه قضاء ولا دلالة وهو الصحيح، وأحب أن يستحلفه وإن لها يدع البائع وإن ادعاه حلف اتفاقًا وهذا أحد المواضع التي يستحلف فيها الخصم بدون طلب المدعي، والثاني: المرأة إذا طلبت النفقة في مال الغائب والثاني الشفعة نص على ذلك في (الخلاصة) وغيرها. (والقول في قدر المقبوض) من المبيع (للقابض) لأنه هو المفكر بان اشتوى جارية بثمن وتقايضا فوجد بها عيبًا فقال البائع: بعتك هذه وأخرى معها وقال

ولو اشترى عبدين صفقة فقبض أحدهما ووجد بأحدهما عيبًا أخذهما أو ردهما ـــــــــــــــــــــــــــــ المشتري: بعينها وحدها، ولو اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض، فكذلك كما في (الهداية) وعلى هذأ فلو حذف المص القدر لكان أولى وشمل كلامه (الكافي) لو قال المشتري بعد قبض المبيع موزونًا: وجدته ناقصًا إلا إذا سبق منه إفرار بقبض مقدار معيق، كما في صلح (الخلاصة). وفي (الظهيرية) اشترى عبدين أحدهما بألف حالة، والآخر بألف إلى سنة صفقة أو صفقتين فرد أحدهما بعيب ثم اختلفا فقال البائع: رددت مؤجل الثمن وقال المشتري: بل معجله فالقول للبائع سواء هلك ما في يد المشتري أو لا ولا تحالف ولو اختلفا في الثمنين فادعى البائع أن الثمن المردود كذا وعكس المشتري فالقول للمشتري، ولو اختلفا في تعيين الزق فالقول للمشتري ولو في طول المبيع وعرضه فالقول للمشتري انتهى. وفي (العمادية) جاء ليرد المبيع بخيار شرط أو رؤية فقال البائع ليس هو المبيع فالقول للمشتري في تعيينه بخلاف ما لو رده بخيار محيب فإن القول للبائع وتقبل بينة القابض مع قبول قوله لإسقاط اليمين كالمودع يدعي الود أو الهلاك، كذا في صرف (الذخيرة (. قال في (البحر): وذكر لقبولها فائدة أخرى هي الوكيل بالصرف لو رد عليه الدينار بعيب لم فأقر به وقبله كان عليه لا على الموكل فإن أقام مشتريه بينة على أنه هو الذي قبضه من الوكيل قبلت لإسقاط اليمين محنه ولرجوعه إلى الموكل فليحفظ انتهى. وأقول: قد علمت فيما مر أنه في الصوف لو رد عليه الدينار بغيو قضاء كان له أن يرده على بائعه فسووا فيه بيق القضاء والرضا، وعلى هذا فينبغي هنا أن يكون الرد على الوكيل ردآ على الموكل، والفرق ما مر فتدبره. (ولو اشترى عبدين صفقة) بأن سمى لهما ثمنًا واحدًا (فقبض أحدهما ووجد بأحدهما عيبًا) سواء كان هو المقبوض أو غيره (أخذهما أو ردهما) لأن في أخذ السليم فقط تفريقًا لها قبل التمام لأن تفريقها قبل القبض كتفريقها في نفس العقد، إذ القبض له شبه بالعقد لما أنه يثبت- ملك التصرف، كما أن العقد يثبت ملك التصرف كما أن العقد يثبت ملك الرقبة، ومعنى المسألة أنه لم يعلم بالعيب إلا بعد القبض. أما لو علم به قبله فقبض المعيب لؤماه ولو كان معيبين فقبض أحدهما ردهما جميعًا لأنه لا يمكن إلزام البيع في المقبوض دون الآخر لما هو فيه من تفريق الصفقة على البائع ولا إسقاط حقه في غير المقبوض لأنه لم يرضخ به، ولو أعتق السليم أو باعه بعد قبضه لزمه الآخر كيلا يتفرق الصفقة على البائع كذا في (المحيط)، وهذا

ولو قبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا رد المعيب وحده ولو وجد ببعض الكيلى أو الوزني عيبًا رده كله أو أخذه ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كان العيب في غير المقبوض بلا خلاف. أفا إذا كان في المقبوض فعن الثاني أنه يرده خاصة لتمام الصفقة فيه، والصحيح أنه لا فرق لأن تمامها تعلق بقبض المبيع وهو اسم لكله قيد باتحاد الصفقة لأنها لو تعددت بأن سمى لكل واحده ثمنا كان له رد المعيب، (ولو قبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا رد المبيع وحده) لأن تفريقها بعد التمام جائز شرعا، ألا ترى أنه لو استحق أحدهما بعد القبض ليس له رد الآخر بل إنما يرجع بحصته فقط قيد بخيار العيب لأنه ليس له رد أحدهما بخيار الشرط والرؤية لعدم تمامها معهما ولو بعد القبض. وفي موضع المسالة في العبدين إيماء إلى أن الكلام فيما ينتفع به وحده، أما ما لا ينتفع به وحده كقفلين أو خفين أو مصراعي بابه فإنه بعد القبض يردهما أو يمسكهما إجماعًا وجعل مشايخنا من ذللت لو اشترى ثورين ألف أحدهما الآخر بحيث لا يعمل بدونه فوجد بأحدهما عيبًا بعد القبض فإنه لا يملك رد المعيب وحده، كذا في (الإيضاح) وغيره. وجعل من ذللت أيضًا في (المحيط) ما لو اشترى فور فيه سمو فجزه ثم وجد بأحدهما عيبا لا يرده، بل يردهما لأنهما كشيء واحد لأن الثمر بعد النخل، بخلاف ما لو اشترى خاتما فيه فص وقلع الفص لا يرد بواحد منهما فوجد بأحدهما عيبا بعد القبض كان له أن يرد المعيب منهما، وكذا السيف المحلى والمنطقة. (ولو وجد ببعض الكيل) كالحنطة والتمر وأو الوزني كالسمن والزعفران (عيبًا رد كله أو أخذه)، هذا مقيد بقيدين: الأول أن يكون من نوع واحد لأنها مع اتحاد النوع لشيء واحد حكما وتقديره لما أن تقومهما باعتبار الاجتماع فلو له أن يأخذ البعض كالثوب، كذا في (الشرح). وفي (فتح القدير) قيل؟ هذا إذا كان وعاء واحدة، أمرا إذا كانا وعاءين فإنه يرد المعيب خاصة لأن رد أحدهما بعينه هنا لا يوجبه زيادة عيب، كذا ذكره فخر الإسلام، فال أبو الليث: هذا قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف لا على قول أبي حنيفة، وقد روى الحسن عنه في (المجرد) أن رجلا لو اشترى أعدالاً من ثمر فوجد بعدل منها عيبا فإن كان الثمر كله من جنس واحد ليس له أن يرد المعيب خاصة لأنه بمنزلة لشيء واحد. وذكر الناطفي رواية بشر بن الوليد أنه لو اشترى يقين من سوق أو سلتين من زعفران أو حملين من القطن أو الشعير وقبض الجميع رد المبيع خاصة إلا أن يكون

ولو استحق بعضه لم يخير في رد ما بقي ولو ثوبًا خير ـــــــــــــــــــــــــــــ هذا, ولآخر سواء, فإمًا أن يرد كله أو يتركه كله فقد رأيت كيف جعل الثمر أجناسًا مع أن الكل جنس الثمر, فعلى هذا يتقيد الإطلاق أيضًا في نحو الحنطة فإنهما جنسان يتفاوتان في السمن والعجين ويتقيد إطلاق فجر الإسلام أن في الأعدال يرد المعيب خاصة بل ذلك إذا كان ما في الأعدال من غير ذلك الجنس. أما إذا كانت الأعدال من جنس واحد فيرد الكل البصرة كالعدل الواحد وإن كثرت لجيريان ما ذكر من وجه رد المعيب وحده فيها انتهى. أقول: في تقييد إطلاق فجر الإسلام بهذا نظر إذ بتقديره يرتفع الخلاف في رد المعيب فقط مع اختلاف الجنس, فظاهر كلامهم أنه لا فرق حينئذ بين كونه في وعاء واحد أو وعاءين فلم يبق مما جرى فيه الخلاف غير الاتحاد وعلى هذا جرى الشراء قال بعد أن قيل المسألة باتحاد النوع, وقيل: إذا كان في وعاءين يكون بمنزلة عبدين نعم اختاره في (الخانية) مقتصرًا عليه إلا أنا الأظهر جعله مع الاتحاد كشيء واحد مطلقًا كما في (العناية) /. الثاني: أن يكون بعد القبض قيد به في (الهداية) وعليه فيفترق الحال بين المثليات والقيمات لأنه لو كان قبله يرد الكل ويأخذ الكل لا فرق بين كونه مثليًا أو قيميًا, (ولو استحق بعضه) أي: بعض أو الوزن (لم يخبر المشتري في رد ما بقي) على البائع بل يلزمه في ظاهر الرواية لأن التشقيص لا يضر والاستحقاق لا يمنع تمام الصفقة, وروى الحسن أنه بخير هذا بعد القبض, أما قبله فيخير وقبض أحدهما لا يعد قبضًا, كما قي (المحيط). (ولو ثوبًا خير) لأن التشقيص يضره في المالية والانتفاع بخلاف المثلي والاستحقاق ليس بعيب حادث عند المشتري لوجوده وقت البيع, وإنما تأخر ظهوره وأراد بالثوب القيمي فعم العبد والدار كما في (النهاية) , وينبغي أن تكون الأرض كذلك. وفي فصل الاستحقاق من (جامع الفصولين) شرى دارًا مع بنائه فاستحق البناء قبل قبضه قالوا: يخير المشتري بين أخذ الأرض بحصته من الثمن أو الترك ولو بعد القبض بأخذ البناء بحصته ولا خيار له والشجر كالبناء ولو احترقا أو قلعهما ظالم قبل القبض أخذهما بجميع الثمن أو ترك, ولا يأخذ بالحصة بخلاف الاستحقاق, وقال قبله: شرى دارًا فاستحقت عرصتها ونقضت البناء فقال: أنا بنيتها فارجع على بائعي وقال بائعه: بعتها مبنية فالقول للبائع. وفي (العناية) تنبه لكلام المص نجد حكم العيب والاستحقاق سيان قبل القبض في جميع الصور يعني فيما يكال أو يوزن أو غيرهما وتجد حكمها بعد

واللبس والركوب والمداواة رضًا بالعيب لا الركوب للسقي أو للرد أو لشراء العلف ولو قطع المقبوض بسبب عند البائع رده واسترد الثمن ـــــــــــــــــــــــــــــ القبض كذلك إلا في المكيل والموزون (واللبس والركوب) أي: ركوب المبيع لحاجة (والمداواة) أي: مداواته من عيب لم يبرأ منه، أما لو برأ البائع فداواه وبه عيب آخر لا يكون (رضى) , كما في (الولوالجية). وجوز العيني أن يراد المداواة به رضى (بالعيب) لأنه دليل الاستبقاء,, ودل كلامه أن كل تصرف من المشتري يدل على الرضى بالعيب بعد العلم به يمنع الرد والأرش , فمن ذلك أيضًا العرض على البيع والإجارة واللبس والرهن والكتابة والاستخدام ولو مرة بعد العلم بالعيب بخلاف خيار الشرط فإنه لا يسقط بالمرة الثانية, كذا في (الفتح) , ويستثنى من العرض الدراهم إذا وجدها زيوفًا فعرضها على البيع فإنه لا يكون رضا، كما في (البحر). وفي (المبسوط): الاستخدام لا يكون رضا استحسانًا لأن الناس يتوسعون فيه وهو للاختيار وفي (البزازية) الصحيح أنه رضى في المرة الثانية إلا إذا كان من نوع آخر, وفي (الصغرى) أنه مرة واحدة ليس رضى إلا إذا كان على كره من العبد (لا الركوب) أي: لا يكون الركوب (للسقي أو للرد) على البائع (أو لشراء العلف) رضا بالعيب. أمًا الركوب فلأنه سبب الرد لما أنه أضبط للدابة, ولذا لم يفرق فيه بين كونه له منه بد أو لا, وأمًا للسقي وشراء العلف فمقيد بما إذا لم يجد منه بدًا إما لصعوبتها أو لعجزه أو لكون العلف عدل واحد, أمًا إذا كان بجد منه بدًا لانعدام ما ذكرنا يكون رضا كذا في (الهداية). وفي (الخلاصة): لو حمل علف دابة أخرى فهو رضى ركبها أو لم يركبها قيد بالركوب لهذه لأنه لو ركبتها لينتظر إلى سيرها أو لبس ثوبًا لينظر إلى قده فهو رضا, وفي (جامع الفصولين): ادعى عيبًا في حمار فركبه ليرده فعجز عن البينة فركبه جانبًا فله الرد. وفي (الفتح): فرع: وجد بالدابة عيبًا في السفر وهو يخاف على حمل حمله عليها ويرد بعد انقضاء سفره فهو معذور, (ولو قطع) العبد (المقبوض) بيد المشتري (بسبب) كان (عند البائع) أو غيره على ما مر (رده واسترد الثمن) عنده قالا: إنما يرجع بالنقصان بأن يقوم عبدًا وجد عليه القطع وعبدًا لم يجب عليه بإزاء النقصان من الثمن, ولا يخفى ما في جواب المسألة من الإلباس إذ يفيد ظاهره أنه ليس له غير هذا الأمر مع أن المنقول في (شرح الطحاوي) أنه لو اختار إمساك المبيع رجع بنصف الثمن عنده, وعندهما بنقصان العيب إلا أن يرضى البائع فيرجع بجميع الثمن. قال في (الفتح): وعبارة (الهداية) أحسن فإنه قال: فله أن يرده ويأخذ الثمن

ولو برئ من كل عيب صح ـــــــــــــــــــــــــــــ فإنها لا تمنع أن له شيئًا آخر لكن لا يجوز الاقتصار على هذا إلا إذا كان ماله من الآخر المسكوت عنه متفقًا عليه فاقتصر على محل الخلاف لكن الغرض أن الخلاف ثابت في الآخر, وعلى هذا الخلاف لو قتل سبب كان البائع والحاصل أنه بمنزلة الاستحقاق عنده وبمنزلة العيب عندهما حتى لو مات بعد القطع حتف أنفه رجع بنصف الثمن عنده, وعندهما يرجع بالنقصان ولو سرق عند المشتري أيضًا فقطع بهما رجع بالنقصان عندهما وعنده لا يرده بدون رضي البائع ولكن يرجع بربع الثمن, ولو رضي البائع بأخذه بثلاثة الأرباع ولو تداولته الأيدي فقطع عند الآخر أو قتل رجعت الباعة بعضهم على بعض عنده وعندهما يرجع الأخير على بائعه بالنقصان ثم هو لا يرجع على بائعه, ولم يقيد المص بعدم علم المشتري بالسرقة, كما في (الجامع الصغير) , لأنه لا يفيد على قوله في الصحيح لأن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع/ وإن أفاد على قولهما لأن العلم بالعيب رضا به, وفي هذا يظهر أثر الخلاف وفيما لو أعتقه ثم قطع أو قتل على ما مر قيد بقطعه عنده, لأنه لو قطع عند البائع ثم باعه فمات عند المشترى به رجع بالنقصان اتفاقًا. (ولو برئ) البائع (من كل عيب) بأن قال: بعتك هذا على أنني برئ من كل عيب ووقع في (العيني) لفظة فيه وهذا سهو لما سيأتي (صح) البيع وبرئ البائع من العيب القائم ولو غير معلوم للمشتري والحادث عند أبى يوسف والإمام كما في (المبسوط) وغيره. وقال قاضي خان: إنه ظاهر مذهبهما وقال محمد: لا يدخل الحادث, وأجمعوا على عدم دخوله لو قال: من كل عيب به قال مما يحدث صح عند أبي يوسف كما في (المبسوط) وقيل: لا يصح اتفاقًا وهو مشكل لأنه إذا كان مع التنصيص لا يصح فكيف مع عدمه؟ وعلى هذا فما قي (البدائع) لو شرط البراءة من الحادث فقط فسد البيع عندهما معللًا بأن الإبراء لا يحتمل الإضافة فكان شرطًا فاسدًا انتهى. مبني على قول محمد كما في (الشرح). وعند أبي يوسف يصح لأن الغرض إيجاد البيع على وجه لا يستحق فيه سلامة المبيع من العيب في (الفتح) أبرأه عن كل داء, فعن الإمام هو ما في الباطن في العادة وما سواه يسمى مرضًا وقال أبو يوسف: يتناول الكل. وفي (المحيط) أبرأتك من كل عيب بعينه فإذا هو أعور لا يبرأ لأنه عدمها لا عيب بها ولو قال: أنا بريء من كل عيب إلا إباقه برئ من إباقه, ولو قال: إلاباق فله الرد بالإباق, ولو قال: أنا بريء من كل حق لي قبلك دخل العيب هو المختار دون

وإن لم يسم الكل ولا يرد بعيب ـــــــــــــــــــــــــــــ الدرك، ولو قال: ليس به عيب لم يكن إقرار بانتفاء العيوب حتى لو وجد به عيبًا رده. فرع أطلق المشتري على عيب في المبيع والبائع غائب فرفع الأمر إلى القاضي وأثبت عنده الشراء والعيب، فأخذ القاضي ووضعه على يد عدل فهلك في يده وحضر البائع ليس له أن يسترد الثمن لأن الرد على البائع لم يثبت لمكان غيبته فكان الهلاك على المشتري. قال صاحب (الخلاصة): قلت: ينبغي أن يكون هذا فيما إذا لم يقض القاضي بالرد على البائع حين أخذه منه ووضعه عند عدل، وأما إذا قضى على البائع بالرد ينبغي أن يهلك من مال البائع ويسترد الثمن لأن أقصى ما في الباب أن هذا قضاء على الغائب من غير خصم، ولكنه ينقل في أظهر الروايتين عن أصحابنا خاتمة: في الصلح عن العيب والكفالة به: أما الأول ففي (الفتح) وجد به عيبًا فاصطلحا على أن يحط كل عشرة ويأخذ الأجنبي بما وراء المحطوط ورضي الأجنبي بذلك جاز، وجاز حط المشتري دون البائع ولو قصر المشتري الثوب فإذا هو منخزق وقال المشتري: لا أدري تخرقا عند القصار أو عند البائع فاصطلحوا على أن يقبله المشتري ويرد عليه القصار درهمًا والبائع درهمًا جاز، وكذا لو اصطلحا على أن يقبله البائع ويدفع له القصار درهمًا ويترك المشتري درهمًا قيل: هذا غلط وتأويله أن يضمن القصار أولًا للمشتري ثم يدفع المشتري ذلك إلى البائع. وأما الثاني: ففي (البزازية) اشترى عبدًا فضمن له رجل عيوبه فاطلع عيب فرده لا ضمان عليه عند الإمام لأنه ضمان العهدة، وعلى قول الثاني يضمن لأنه ضمان العيوب، وإن ضمن السرقة والحرية والجنون أو العمى فوجده كذلك ضمن الثمن للمشتري، وإن مات عنده قبل الرد وقضاء على البائع رجع على الضامن ولو ضمن له حصة ما يجده من العيوب من الثمن فهو جائز عند الإمام، فإن رده المشتري رجع بكل الثمن، وإن لم يرده وقضى بالنقص على البائع رجه على الضامن كما يرجع على البائع. وعلى الثاني قال رجل للمشتري: ضمنت لك عماه فكان أعمى فرده لم يرجع على الضامن بشيء، ولو قال: إن كان أعمى فعليه حصة العمى، من الثمن فرده ضمن حصة العمى ولو وجد به عيبًا فقال رجل للمشتري: ضمنت لك هذا العيب فالضمان باطل انتهى، كذا في (البحر).

باب البيع الفاسد

باب البيع الفاسد ـــــــــــــــــــــــــــــ باب البيع الفاسد قدم الصحيح لأنه الموصل إلى تمام المقصود سلامة الدين بها شرعت النقود ليندفع التغالب والوصول إلى دفع الحاجة الدنيوية وكل منهما بالصحيح وأخر الفاسد لأنه مخالف للدين ولقب الباب بالفاسد وإن اشتمل على الباطل أيضًا لكثرة وقوعه بتعدد أسبابه, كذا في (العناية) أو لأنه أعم لما أنه غير المشروع بوصفه بل بأصله والباطل غير المشروع بواحد منهما, ولا شك أنه يصدق على غير المشروع بواحد منهما أنه غير مشروع بوصفه لكن الذي يقتضيه كلام أهل الفقه والأصول أنهما متباينان, لأنهما جعلوا في حكم الفاسد أنه يفيد الملك بالقبض بخلاف الباطل, وإعطاء حكم لأحدهما يباين الآخر أنه يباينهما وأيضًا المشروع بأصله وغير المشروع بأصله يتباينان فكيف يتصادقان؟ اللهم إلا أن يكون لفظ الفاسد مشتركًا بين/ العم والأخص المشروع بأصله لا بوصفه في العرف لكن يجعله مجازًا عرفيًا في الأعم لأنه خير من الاشتراك وهذا حقيقة فيه باعتبار المعنى اللغوي, ولذا أدخل بعضهم أيضًا في الفاسد بشموله المكروه لأنه فائت وصف الكمال بسبب وصف مجاور, كذا في (الفتح) وحاصل لأنه لو كان بينهما جهة عموم التصادق لكنهما لم يتصادقا بوجه وأراد بجعله مجازًا عرفيًا في الأعم, أي: بأن يراد بالفاسد الممنوع وهذا يشمل المكروه. وفي (الحواشي السعدية) الأولى أن يقال في وجه التغليب أراد بالفاسد المعنى الأعم للباطل لا المقابل له انتهى, وقد علمت معناه عرفًا. وأما لغة ففي (القاموس): فسد كنصر وعقد وكرم فسادًا ضد صلح فهو فاسد وفسيد,, ولم يسمع انفسد, وفي (المصباح): بطل شيء يبطل بطلًا وبطلانًا بضم الأوائل فسد أو سقط حكمه فهو باطل وفاسد وموقوف, كذا في (الفتح) وأراد بالجائز الناقد وبمقابلة غيره لا الحرام إذ لو أريد ذلك لخرج الموقوف لما قالوه من أن بيع مال الغير بغير إذن بدون تسليمه ليس بمعصية,, على أنه في (المستصفى) من قسم الصحيح حيث قال: البيع نوعان: صحيح , وفاسد, والصحيح نوعان: لازم وغير لازم. وحصر في (الخلاصة) الموقوف في خمسة عشر بيع العبد والصبي المحجورين موقوف على إجازة المولى, والأب والموصي وبيع غير الرشيد موقوف على إجازة القاضي, وبيع المرهون والمستأجر, وما في مزارعة الغير موقوفة

لم يجز بيع الميتة والدم ـــــــــــــــــــــــــــــ على إجازة المرتهن، والمستأجر والمزارع وكذا بيع البائع المبيع بعد القبض من غير المشتري يتوقف على إجازته، وبيع المرتد عند الإمام والبيع برقه وبما باع فلان والمشتري لا يعلم موقوف على العلم في المجلس وبيع فيه خيار المجلس وبمثل ما يبيع الناس، وبيع المالك المغصوب موقوف على إقرار الغاصب أو البرهان بعد إنكاره، وبيع مال الغير زاد في (البحر) ما شرط فيه الخيار أكثر من ثلاثة فإن الأصح أنه موقوف كما مر، وشراء الوكيل نصف عبد وكل في شراء كله فإنه موقوف فإن اشترى الباقي قبل الخصومة تعد على الموكل، كما في (المجمع). وبيع نصيبه من مشترك بالخلط والاختلاط موقوف على إجازة شريكه كما ذكروه في الشركة وبيع ما في تسليمه ضرر موقوف على تسليمه في المجلس، كما في (البزازية). وبيع المريض للوارث موقوف على إجازة الباقين ولو بمثل القيمة عنده، وبيع المولى عبده المأذون موقوف على إجازة الغرماء كما في (الشرح)، وكذا بيعه إكسابه كما في (جامع الفصولين)، ولو وكل بلا إذن فباع توقف على إجازة الوكيل، كما في (المجمع). وفي وكالة (الشرح) أحد الوكيلين لو باع بحضرة صاحبه توقف على إجازة، ولو كان غائبًا لم يتوقف انتهى. وينبغي أن يكون أحد الوصيين والناظرين كذلك، وفيه أن بيع المعتوه كالصبي العاقل يعني يتوقف على إجازة من مر. وزدت عليه لو باع الوصي بشرط الخيار فبلغ الصبي في المدة وما في أول بيوع (الفتح) حتى باع بقيمته أو بما حل به أو بما يزيده أو بما يجب أو برأس ماله أو بما اشتراه أو بمثل ما اشترى فلان، فإن علمٍ للمشتري بالقدر في المجلس جاز، (لم يجز بيع الميتة) أعم من جعلها مبيعًا أو ثمنًا والمراد غير السمك لما سيأتي، ولا فرق في حق المسلم بين التي ماتت حتف أنفها أو كانت منخنقة أو موقوفة. أما في حق الذمي فيراد بها الأول فاختلفت عبارتهم فيه، ففي (التجنيس) جعله قسمًا من الصحيح لأنهم يدينونه، ولم يحك خلافًا، وجعل في (الإيضاح) هذا قول أبي يوسف، وعند محمد لا يجوز. وجزم في (الذخيرة) بفسادها، وجعله في (البحر) من اختلاف الروايتين ومتروك التسمية عامدًا كالذي مات حتف أنفه حتى يسري الفساد إلى ما ضم إليه وكان ينبغي أن لا يسري لأنه مجتهد فيه كالمدبر فينعقد فيه البيع بالقضاء. أجاب في (الكافي) بأن حرمته منصوص عليها فلا يعتبر خلافه ولا ينفد بالقضاء، ومن هنا قال البزازي: بيع متروك التسمية عامدًا من كافر لا يجوز فيه كلام سيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى.

والخنزير والخمر والحر وأم الولد والمدبر والمكاتب ـــــــــــــــــــــــــــــ ولم يجز بيع (الخمر والخنزير) غير أنهما إن كانا مبيعين قوبلا بدين في الذمة كان البيع باطلًا، وإن يعين فسد فيما قابلهما وبطل فيهما الفرق أن الخمر مال عند أهل الذمة أمرنا بإهانتها في شرعنا وفي تملكها مقصودة بجعلها مبيعة إعزاز لها بخلاف جعلها ثمنًا، وإذا بطل لذلك فلأن يبطل، وإذا لذلك فلأن يبطل بجعل المبيعة مبيعًا أولى ومقتضى هذا يبطل في المقايضة بالأولى لأن كلًا منهما مبيع، لكن لما كان كل منهما ثمنًا كما أن كلًا منهما مبيع وثبت صحة اعتبار الثمنية والمبيعة فاعتبر الخمر ثمنًا والعكس، وإن أمكن رجح هذا الاعتبار لما فيه من الاحتياط للقرب من تصحيح تصرف العقلاء باعتبار الإعزاز للثوب مثلًا فيبقي ذكر الخمر معتبرًا/ لإعزاز الثوب أو الخمر لما قلنا قيد بالخمر لأن بيع ما سواها من الأشربة المحرمة جائز عنده خلافًا لهما، كذا في (البدائع) والكلام في المسلمين. أما أهل الذمة فلا يمنعون من بيعهما وهل هو مع إباحة الانتفاع بهما شرعًا؟ قيل: نعم وقيل: لا هو الصحيح، ولكن لا يمنعون مع البيع لاعتقادهم الحل والتمول وقد أمرنا بتركهم وما يدينون، ولو أسلما أو أحدهما قبل قبض المبيع انفسخ لا بعده، ولو قرضه خمرًا ثم أسلم المقرض فلا شيء له من قيمتها. كذا في (البدائع) وجلود الميتة كالخمر لأنها لرغبة الناس فيها صارت مالًا من وجه، كذا في (المحيط) واختار البزدوي أنها كالميتة. (و) لم يجز أيضًا بيع (الحر وأم الولد والمدبر) المطلق (والمكاتب) أما الحر فلعدم المالية وفي قران أم الولد وما بعدها به إيماء إلى بطلان المبيع فيهم، وعليه جرى في (الهداية) حيث قال في قول القدوري إنه فاسد معناه باطل لأن استحقاق العتق قد ثبت في حق أم الولد بقوله عليه الصلاة والسلام: (أعتقها ولدها) وسبب الحرية انعقد في حق المدبر في الحال لبطلان الأهلية بعد الموت، والمكاتب استحق يدًا على نفسه لازمة في حق المولى وقد ثبت الملك بالبيع لبطل ذلك كله لحقه وقد رضي بإسقاطه. أما إذا بيع بغير رضاه فإجازة لم يجز رواية واحدة لأن إجازته لم تتضمن فسخ الكتابة قبل العقد، كذا في (السراج).

فلو هلك عند المشتري لم يضمن ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخانية) لو بيع بغير رضاه فأجاز بيع مولاه لم ينفد في الصحيح من الرواية وعليه عامة المشايخ، وقيدنا المدبر بالمطلق أخذًا من الإطلاق لأن المقيد اتفاقًا ومعتق البعض كالحر ولد المدبر كأبيه ولد أم الولد والمكاتب لهما، كذا في (السراج). وأورد لو كان باطلًا لبطل بيع القن المضموم إليه كالحر، وسيأتي أنه لا يبطل والحق في الجواب أنهم ليسوا كالحر من كل وجه لأنه باطل ابتداء وبقاء لعدم المحلية وبيع هؤلاء باطل بقاء لحق الحرية لا ابتداء لعدم حقيقتها فدخلوا في البيع ابتداء لكونهم محلًا له في الجملة، ثم خرجوا منه لتعلق حقهم فبقي القن بحصته من الثمن والبيع بالحصة بقاء جائز، ولم يملكوا بالقبض اتفاقًا نظرًا للبقاء. واعلم أن صاحب (الهداية) صرح فيما لو جمع بين عبد وحر ومدبر ومكاتب وأم ولد بأن البيع فيهم موقوف ولدًا ينعقد في المكاتب برضاه في الأصح، وفي المدبر بقضاء القاضي، وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ففي أول الباب جعله باطلًا، وفي آخره جعله موقوفًا، وأجاب في (العناية) بأنه باطل إذا لم يجز المكاتب ولم يقض القاضي بجواز بيع المدبر وأم الولد، وفي (الفتح) أن إنفاذه في أم الولد أيضًا هو أصح الروايتين، وفي (البزازية) الأظهر فيها عدم النفاذ أولى لما سيأتي (فلو هلك) أي: المبيع في المسائل كلها (عند المشتري لم يضمن). اعلم أن المبيع لو هلك في يد المشتري في البيع الباطل يكون أمانة في رواية الحسن عن الإمام اختارها أبو نصر أحمد الطواويسي لأن العقد غير معتبر فبقي مجرد القبض بإذن المالك وذلك لا يوجب الضمان، واختار السرخسي وغيره أن يكون مضمونًا بالمثل أو بالقيمة لأنه لا يكون أدنى حالًا من المقبوض على سوم الشراء وهو قول الأئمة الثلاثة، وفي (القنية): أنه الصحيح لكونه قبضه لنفسه فشابه الغصب، وقيل: الأول قول أبي حنيفة، والثاني قولهما كالخلاف الكائن بينهما في أم الولد والمدبر إذا مات عند المشتري لا يضمنا عند الإمام ويضمنها عندهما. قال في (الهداية): وهو رواية عنه، ورده في (النهاية) وعليه جرى في (الدراية) (والعناية) بأن رواية المعلا عنه إنما هو في المدبر، وأما أم الولد فاتفقت الروايات أنها لا تضمن بالبيع والغصب، لكن في (العناية) من باب كتاب العبد المشترك أن في تقوم أم الولد روايتان وعلى هذا فدعوى الاتفاق ممنوعة لهما أنه مقبوض بجهة البيع فيكون مضمونًا عليه كسائر الأموال وهذا لأن المدبر وأم الولد يدخلان تحت البيع حتى يملك ما يضم إليهما فيه خلاف المكاتب لأنه في يد

والسمك قبل الصيد والطير في الهواء ـــــــــــــــــــــــــــــ نفسه فلا يتحقق في حقه القبض وهذا الضمان بالقبض، وله أن جهة البيع إنما تلحق بحقيقته في محل يقبل الحقيقة وهما لا يقبلان حقيقة البيع فصار كالمكاتب وليس دخولهما في البيع في حق أنفسهما وغنما ذلك ليثبت حكم البيع فيما يضم إليهما، كذا هذا وهو ظاهر في أن المكاتب غير مضمون على المشتري اتفاقًا، هذا واختلف المشايخ في قيمة المدبر فذكر السغدي أنه ثلثا قيمة القن، قال الحدادي: وهو الأصح وعليه الفتوى وقيمة أم الولد الثلث، واختار خواهر زاده أنها نصف قيمة القن قال في (الصغرى): هو الأصح وعليه الفتوى/ وقد مر في العتاق فإذا احتيج إلى تقويمها نظر إلى المضموم إليهما فعلى ما ذكرنا. فرع لو باع الحربي بنته أو أباه ذكر في أول سير (القنية) قولان في أنه فاسد أو باطل، (و) يجوز أيضًا بيع (السمك) في البحر (قبل الصيد) بل هو باطل لعدم ملكه له، فلو كانت له حظيرة أي حوض أو بركة فدخلها السمك فإن أعدها لذلك فما دخلها ملكه ثم إن كان يؤخذ بغير حيلة اصطياد جاز بيعه، وللمشتري الخيار وإلا فلا، وإن لم يكن أعدها لا يملكه إلا إذا سد الحظيرة فيملكه، ثم إن كان يؤخذ بغير حيلة جاز بيعه وإلا فلا. ولو اصطاده ثم أرسله في الحظيرة ملكه فإذا باعه فعلى هذا التفصيل، ثم في كل موضع لا يجوز البيع مع الملك لو سلمه فعلى الروايتين في الآبق إذا سلمه البائع، واعلم أن في المصر بركًا صغيرة كبركة الفهادة تجمع فيها الأسماك هل تجوز إجارتها لصيد السمك منها؟ نقل في (البحر) على الإيصاء عدم جوازها ونقل أولًا عن أبي يوسف في كتاب (الخراج) عن أبي الزناد قال: (كتبت إلى عمر بن الخطاب في بحيرة يجمع فيها السمك بأرض العراق أي يؤاجرها، فكتب أن افعلوا)، وما في (الإيضاح) بالقواعد الفقهية أليق. (و) لا يجوز أيضًا بيع (الطير) جمع طائر وقد يقع على الواحد والجمع طيور وأطيار، كذا في (القاموس) (في الهواء) بالمد الجسم المسخر بين السماء والأرض وقد قيل: إنه الدنيا ويقال على الشيء الخالي وبالقصد ميل النفس إلى الشيء في استعمل في ميل مذموم أطلقه ما إذا لم يأخذه أو أخذه فأرسله غير أن عدم الجواز في الأول لعدم الملك، وفي الثاني لعدم القدرة على التسليم، وما إذا كان يرجع إليه أو لا على الظاهر كما في (العناية) و (السراج) و (الفتح).

والحمل والنتاج واللبن في الضرع ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخانية) إن كان ذا جنس يعود إلى بيته ويقدر على أخذه بلا تكلف جاز، وجزم به الشر مقيدًا به إطلاق (الكتاب) ويوافقه قوله في (الهداية): والحمام إذا علم عودها وأمكن تسليمها جاز بيعها لأنه مقدور التسليم، وارتضاه في (الفتح) في شرح هذا المحل حيث قال: أما إذا كانت في برجها ومخارجها مسدودة إشكال في جواز هل يبيعها؟ وأما إذا كانت في برجها ومخارجها مسدودة إشكال في جواز هل يبيعها؟ وأما إذا كانت في حال طيرانها ومعلوم بالعادة أنها تجوز فكذلك البيع المعتاد من عودها قبل القبض انفسخ. وأقول: فيه نظر لأن من شروط صحة البيع القدرة على التسليم عقبه، ولذا لم يجز بيع الآبق كما سيأتي وهو باطل أو فاسد قولان، وأثر الخلاف يظهر فيما لو أخذه وسلمه فمن قال بالأول قال: إنه لا يعود صحيحًا وعليه البلخيون، ومن بالثاني قال: إنه يعود، وعليه الكرخي وطائفة كما سيأتي فإطلاق المص أولى. (و) لم يجز أيضًا بيع (الحمل) بسكون الميم ما في البطن من الجنين (لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، (و) لا بيع (النتاج) مصدر نجت الناقة بضم التاء نتاجًا بفتح النون وكسرها أريد به المنتوج، وهو ما يحمل هذا الحمل لخبر (الصحيحين) و (السنن): (نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حبل الحبلة) وكان بيعًا تبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم ينتج التي في بطنها، والحبل مصدر حبلت المرأة حبلًا فهي حبلى فسمى به المحمول كما سمي بالحمل وأدخلت عليه التاء إشعار لمعنى الأنوثة فيه، لأن معناه أن يبيع ما سوق يحمله الجنين إن كان أنثى، كذا في (العناية)، وقيل: إنها للمبالغة كما في سخره ويحتمل أن يكون جمع حابلة، ففي (المحكم) امرأة حابلة من نسوة حبلة، وروى بعض الفقهاء حملة بكسر الميم ولم يثبت، كذا في (البناية) وشرح (الهداية) للعيني. (و) لا يجوز أيضًا بيع (اللبن في الضرع) لنهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع ما في ضروع الأنعام إلا بكيل ولأن فيه غرر الجواز أن يكون الضرع منفتحًا يظن لبنًا، على أنه يجوز بتقدير أن يكون لبنًا أن يحدث لبنًا قبل الحلب فيختلط مال البائع

واللؤلؤ في الصدف والصوف على ظهر الغنم لما روينا والجذع في السقف ـــــــــــــــــــــــــــــ بمال المشتري على وجه يعجز عن التخليص والفرع لذات الظلف كالثدي للمرأة، والجمع ضروع مثل فلس وفلوس. (و) لم يجز أيضًا بيع (اللؤلؤ) أي: الدر واحده بها (في الصدف) محركًا الدر الواحد بها والجمع أصداف، كذا في (القاموس)، وإنما لم يجز لأنه لا يعلم وجوده فيه ولأنه لا يمكن تسليمه إلا بكسر الصدف، وعن الثاني الجواز لأن الصدف لا ينتفع به إلا بعد كسر فلا يعد ضررًا، وعرف من هذا أن كل ما بيع في غلافه لا يجوز كاللحم في الشاة الحية أو شحمها أو أليتها أو كارعها أو جلودها أو دقيقًا في هذه الحنطة أو سمنًا في هذا اللبن، ونحو ذلك من الأشياء التي في غلفها لا يمكن أخذها وتسليمها إلا بإفساد/ الغلفة ويستثنى من ذلك الحبوب في قشرها، والذهب والفضة في ترابهما بخلاف جنسهما وينبغي أن يكون من ذلك الجوز الهندي. (و) يجوز أيضًا بيع (الصوف على ظهر الغنم) لأنه من أوصاف الحيوان لأنه يقوم به، أو لأنه غير المقصود فكان الوصف منها وهو لا يقر بالبيع ولأنه يثبت فيختلط المبيع بغيره بخلاف قوائم الخلاف ككتاب وتشديد اللام من لحن العوام شجر الصفصاف سمي بذلك لأن الماء أتى به سببًا فيثبت مخالفًا لأصله، ولأنها تنمو من أعلاها فلا يلزم الاختلاط لإمكان تمييزه، لكن قال الفضلي: الصحيح عندي أنه لا يجوز أيضًا لأنه وإن ثبت من الأعلى إلا أن موضع القطع مجهول، كمن اشترى شجرة على أن يقطعها المشتري لا يجوز لجهالة القطع. قال في (الفتح): وما ذكر في منع بيع الشجرة ليس متفقًا عليه بل منهم من منعها إذ لا بد للقطع من حفر الأرض ومنهم من أجازها للتعامل، وفي (الصغرى) القياس في بيع القوائم أن يجوز ولكن للتعامل وبيع الكراث وإن كان ينمو من أسفله للتعامل أيضًا، وبه يحصلٍ الجواب عما استدل به الفضلي على المنع في القوائم لمن تأمل. (و) لم يجز أيضًا بيع (الجزع)، وهو القطعة من النخل وغيره توضع عليها الأخشاب (في السقف) لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر يلحقه، ولا فرق بين أن يكون معيبًا أو لا، وأورد أنه ضرر لزمه بالتزامه. وأجيب بأنه التزم العقد ولا ضرر فيه ولا يخفى ما فيه وقول فخر الإسلام: وإن رضي فله أن يرجع فيبطل البيع إلا أن يقطعه أو يقلعه فيسلمه قبل قبض البيع فينقلب صحيحًا كذلك فإن الرجوع لا يمكنه مع الملزوم وهو التزام العقد بما فيه من الضرر، كما في (الفتح). وأقول: لا نسلم أنه لا يمكنه الرجوع إذ هذا الالتزام غير لازم، قال الشارح:

وذراع من ثوب وضربة القانص والمزاينة ـــــــــــــــــــــــــــــ والعقد لم يوجب الضرر فيمكنه الرجوع فيتحقق النزاع انتهى. وإطلاقهم يفيد أنه إذا سلمه ينقلب صحيحًا سواء كان معينًا أو لا، وذكر الزاهدي عن (شرح الطحاوي) أنه في غير المعين لا ينقلب بالتسليم صحيحًا. وجزم به في (إيضاح الإصلاح) وهو ضعيف لأنه في غير المعين معلل بلزوم الضرر والجهالة فإذا تحمل البائع الضرر وسلمه زال المفسد وارتفعت الجهالة أيضًا، ومن ثم جزم في (الفتح) فيما إذا لم يكن معينًا لأنه لو قلع الجزع قبل نقض البيع وسلمه عاد صحيحًا لزوال المفسد لا بعد نقصه. (و) لم يجز أيضًا بيع (ذراع من ثوب) ولو عين موضع القطع لأن القطع يضره حتى لو لم يضره جاز، فكذا لا يجوز بيع حلية من سيف أو نصف ذرع لم يدرك ولو قطع الذراع فيما يضره القطع وسلمه قبل فسخ المشتري عاد البيع صحيحًا، بخلاف ما لو باع النوى في التمر أو البزر في البطيخ وكسرها وسلم قبل الفسخ لا يصح لأن الفساد للضرر إذ في وجودها احتمال فكان كبيع المعدوم. وفي (المجتبى) وفي جواز بيع التين قبل أن يداس، والأرز لا بيع قبل الدق، والحنطة قبل الدرس، وحب القطن في قطن بعينه، ونوى تمر في تمر في عينه روايتان، وجزم الولوالجي في بيع حب القطن بالجواز، والأوجه بيع نوى التمر لو تمرًا بعينه الفساد. (و) لم يجز أيضًا بيع (ضربة القانص) بالقاف والنون أي الصائد من قنص قنصًا من حد ضرب صاد والقنص محركة الصيد وبالتسكين مصدر قنصه، كذا في (الصحاح) بأن يقول: بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة بكذا، وقيل: بالغين المعجمة قال الأزهري في (تهذيبه): نهى عن ضربة الغائص وهو الغواص يقال: أغوص غوصًا فما أخرجته من اللآلئ فهو لك بكذا والبيع فيهما باطل لأنهما مجهول كان فيه غررًا لأنه يجوز أن لا يدخل في الشبكة شيء من الصيد وأن لا يخرج من الغوص شيء. واعلم أن الشر فسر ضربة القانص بما يخرج من الصيد بضربة الشبكة أو بغوص الصائد في الماء انتهى، وهذا يوهم شمول القانص للغائص والواقع ما قد علمته، وجعل في (السراج) القانص صياد البر والغائص صياد البحر انتهى، والحق أن الصائد بالآلة وهو القانص بالقاف أعم من كونه في البحر انتهى، أو البر بخلاف الغائص. (و) لم يجز أيضًا بيع (المزابنة)، وهو بيع الثمر بالمثلثة على النخل بتمر بالمثناة مجذوذ مثل كيل ما على النخل من التمر حرزًا وظنًا لخبر (الصحيحين):

والملامسة وإلقاء الحجر وثوب من ثوبين ـــــــــــــــــــــــــــــ (نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المزابنة والمحاقلة) لأنها تؤدي إلى النزاع والمدافعة من الزبن وهو الرفع فكان فاسدًا لشبهة الربا، وما روي من أنه رخص في العشرية أن تؤخذ بمثل خرصها تمرًا، فنقل الطحاوي عن الإمام أنه قال: معنى ذلك عندنا أن يعري الرجل نخلة من نخله فلا يسلم ذلك له حتى يبدو له فرخص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه فخرصه تمرًا. قال الطحاوي: وهذا التأويل أسد مما قال مالك وقوله: أن يعري الرجل، أي: يهب وهذا بيع مجازًا لأنه لم يملكه فيكون برأ ومبتدأ، ومعنى الرخصة هو الخروج من أخلاق الوعد بإعطاء هذا التمر خرصًا وهو غير الموعود دفعًا للضرر عنه، ولو أريد أن هذا التأويل ينز عنه ما جاء في حديث زيد/ بن ثابت: (نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع التمر بالتمر ورخص في العرايا) فإن السياق يدل على أن المراد البيع. وأجيب بأن القران في النظم لا يوجب القران في الحكمٍ والمحالقة، وهي بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصًا. (و) لم يجز أيضًا بيع (الملامسة) وهي أن يتساوما سلعة ويتفقان على أنه إذا لمسها المشتري فقد باعها منه. (و) لم يجز أيضًا بيع (إلقاء الحجر) وهو أن يلقي حصاة وثمة أثواب فأي ثوب وقع عليه كان هو المبيع، ولا فرق بين كونه معينًا أو غير معين لكن لا بد أن يسبق تراضيهما على الثمن، وكذا المنابذة وهو أن ينبذ كل منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه على جعل النبذ بيعًا وهذه بيوع تعارفها أهل الجاهلية، نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها لتعليق التمليك بالحظر لأنه بمنزلة أن يقول البائع للمشتري: أي ثوب لمسته بيدك وأي ثوب ألقيت عليه الحجر فقد بعته، وأن يقول المشتري: أي ثوب نبذته إلى فقد اشتريته. (و) لم يجز أيضًا بيع (ثوب من ثوبين) أي: قيميين إذ بيع عبد من عبدين كذلك لجهالة المبيع إلا أن يقول على أنك بالخيار وتأخذ أيهما شئت فيجوز، ولم يقيد به إحالة على ما قدمه في خيار الشرط ولو قبضٍ أحدهما بإذن البائع وهلك ضمن قيمته. قال في (الدراية): ولو قبضهما وهلكا معًا ضمنا قيمة نصف كل واحد لأن أحدهما مضمون بالقيمة لأنه مقبوض بحكمٍ بيع فاسد، والآخر أمانة وليس أحدهما بأولى من الآخر، وكذا لو كان البيع صحيحًا ضمن ثمن كل واحد، والفاسد

والمراعي وإجارتها ـــــــــــــــــــــــــــــ معتبر بالصحيح ولو مرتين ضمن قيمة الأول، ولو حررهما معًا عتق أحدهما، ولو حرر أحدهما لم يصح، أي: لو قال البائع أو المشتري أحدهما حر ولو متعاقبًا عتقا والبيان إلى المشتري والقول في المضمون للضامن قيد بالقيمي لأن بيع المبهم في المثلي جائز. قال في (التلخيص): باب بيع المبهم، ولو اشترى أحد عبدين أو ثوبين فسد لجهل يورث نزاعًا ضد المثلي فلو قبضهما ملك أحدهما الآخر أمانة. (و) لم يجز أيضًا بيع (المراعي) أي: الكلأ، ولو قاله لكان أولى لأن المرعى يطلق على موضع الرعي أيضًا، أعني الأرض وعلى مصدر رعى ولا شك في جواز بيع الأرض بخلاف الكلأ لعدم ملكه إياه لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما رواه أحمد وغيره: (المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار) ومعنى الشركة في الماء الشرب وسقي الدواب والاستسقاء من الآبار والحياض والأنهار والمملوكة، وفي الكلأ أن له احتشاشه وإن كان في أرض مملوكة وإذا منعه رب الأرض من الدخول كان عليه أن يحشه له أو يستقي ويدفعه له إذا طلب، وفي النار الاصطلاء بها وتجفيف الثياب لا أخذ الجمر وإطلاقه. يفيد انه لا فرق بين أن ينبت بنفسه أو أنبته رب الأرض بأن سقى الأرض وأعدها لذلك وهو اختيار القدوري لأن الشركة ثابتة، وإنما تنقطع بالحيازة وسوق الماء ليس بحيازة، إلا أن أكثر المشايخ على أنه يملكه فيجوز له بيعه وهو اختيار الشهيد ذكره في (الذخيرة) وغيرها. قال في (الفتح): وعلى هذا فلقائل أن يقول: ينبغي أن حافر البئر يملك الماء بتكلفه الحفر والطي لتحصيل الماء، كما لا يملك الكلأ بتكلفه سوق الماء إلى الأرض لينبت فله منع المستقي، وإن لم يكن في أرض مملوكة له انتهى. وأقول: ويمكن أن يفرق بينهما بأنه بسقي الكلأ كان سببًا في إنباته فنبت، بخلاف الماء فإنه موجود قبل حفره فلا يملكه بالحفر (و) لا (إجارتها) لوقوعها في عين غير مملوكة، أو لانعقادها على استهلاك العين المباحة، ولو عقدت على استهلاك المملوكة بأن استأجرت بقرة ليشرب ألبانها لا يجوز فهذا أولى، وهل فاسدة أو باطلة؟ ذكر في الشرب أنها فاسدة حتى ملك الآخر الأجرة بالقبض ونفذ عتقه فيه، والظاهر أن البيع باطل كبيع السمك قبل الصيد بجامع عدم الملك فيهما فيحتاج إلى الفرق بينه وبين الإجارة والحيلة في جوازها أن يستأجر الأرض ليضرب فيها فسطاطه،

والنحل ويباع دود القز وبيضه ـــــــــــــــــــــــــــــ أو ليجعلها حظيرة لنغمه ثم يستبيح المرعى فيحصل مقصوده. لم يجز أيضًا بيع (النحل) وهو دودة العسل هذا قولهما، وقال محمد: يجوز بيعه إذا كان محرزًا لأنه ينتفع به حقيقة وشروعًا مقدور التسليم، وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار ولهما أنه من هوام الأرض فلا يجوز بيعه كالوزغ والعقرب ولا نسلم أنه ينتفع به بل بما يخرج منه، والفتوى على قول محمد للحاجة كما سيأتي. واختلف المشايخ في بيعه تبعًا للكوارات على قولهما: إذا كان فيها عسل لا مطلقًا كما يوهمه ما في (الشرح)، وذكر القدوري في (شرحه) أنه يجوز، وحكي عن الكرخي أنه أنكره قائلًا: إنما/ يدخل في البيع ما كان من حقوقه، والنحل ليس كذلك ومنعه في (الفتح) بأن التبعية لم تنحصر في الحقوق كالمفاتيح فالعسل تابع للنحل في الوجود، والنحل تابع له بالبيع والكوارات بضم الكاف وتشديد الواو معسل النحل إذا سوي من طين كذا في (الفتح)، وفي (المصباح): إنها بالضم والتخفيف والتثقيل لغة عسلها في الشمع وقيل بيتها إذا كان فيه العسل، وقيل: هو الخلية وكسر الكاف مع التخفيف لغة انتهى، ولم يذكر فتح الكاف مع التخفيف، وقد ذكره الزمخشري. (ويباع دود القز) أي: الإبريسم (وبيضه) وهو البزر الذي يكون منه الدود وهذا قول محمد، أما في الدود فلكونه منتفعًا به. وأما في البيض فلمكان الضرورة وعليه الفتوى، وأجاز السلم فيه كيلًا إذا كان وقته وجعل ينتهي الأجل في وقته، واختاره المصنف هنا دون النحل وقد علمت أن الفتوى على قوله فيه أيضًا وكأنه لقوة المدرك عنده في النحل، وما في (البحر) لعله لم يطلع على ترجيح قوله مع أنه في (الخلاصة) فأبعد من البعيد. وقال أبو حنيفة: لا يجوز البيع فيهما لأنه من الهوام وبيضه غير منتفع به بل مما يحدث منه وهو معدوم في الحال، وأبو يوسف معه في الدود إلا إذا ظهر فيه القز فيجوز بيعه تبعًا، ومع محمد في البيض لمكان الضرورة. واعلم أنه يحتاج على قول الإمام إلى الفرق بين النحل والدود حيث أجاز بيعه تبعًا للدور، ولا إشكال على ما روي عن الكرخي أنه لا يجوز في النحل تبعًا، ولا خلاف أن ما سواهما من الهوام لا يجوز بيعه كالحيات والعقارب والوزغ ونحوهما، ولا يجوز بيع شيء من البحر إلا السمك كالضفدع والسلطان والسلحفاة وفرس البحر وغير ذلك. تتمة: أعطت امرأة لأخرى بزر القز بالنصف فقامت عليه حتى أدرك فالتعليق لصاحبة البزر لأنه حدث من بزرها، ولها على صاحبة البزر قيمة الأوراق وأجرة مثلها،

والآبق إلا أن يبيعه ممن يزعم أنه عنده ـــــــــــــــــــــــــــــ ومثله ما لو دفع لآخر بقرة ليكون الحادث بينهما بالنصف فالحادث كله لصاحب البقرة وله على صاحبها قيمة العلف وأجرة مثله، وعلى هذا إذا دفع الدجاج ليكون البيض بالنصف، كذا في (الفتح)، والمتعارف في أرياف مصر دفع البيض ليكون الخارج منه بالنصف مثلًا وهو وزان دفع القز بالنصف الخارج كله لصاحب البيض وللعامل أجر مثله والله أعلم. ولم يجز أيضًا بيع الآبق للنهي عنه كما رواه ابن ماجة وغيره، وإطلاقه يعم ما لو باعه لولده الصغير أو ليتيم في حجره، ولو وهبه لهما صح، والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقبه وهو منتف وما بقي له من الملك يصلح لقبض الهبة لا للبيع لأنه بإزاء مال مقبوض من مال الابن بخلاف الهبة فكفت تلك اليد له نظرًا للصغيرة. ووقع في (الخانية) في بعض النسخ عكس هذا الحكم وفي بعضها كما ذكرنا وهي المعول عليها وكان الأولى تحريف، ولم يطلع صاحب (البحر) على الثانية فجزم بالأولى، وقالوا: لو أعتقه نفد عتقه ولو عن كفارة اشترط في إجزائه عنها العلم بحياته، ولو عاد وسلمه لا ينقل بالبيع صحيحًا في ظاهر الرواية وهو مختار الثلجي ومشايخ بلخ، وعن الإمام أنه يعود، واختاره الكرخي وجماعة، والاختلاف مبني على أنه باطل أو فاسد فمن قال بالأول قال: إنه لا يعود ومن قال بالثاني قال: إنه يعود، لأن ارتفاع المفسد في الفاسد يرده صحيحًا وخرج الآبق المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه لأنه مقدور التسليم وقت العقد حكمًا إذ الظاهر عوده، ولو أبق بعد البيع قبل القبض خير المشتري في فسخ العقد. (إلا أن يبيعه ممن) أي: من شخص (يزعم) ذلك الشخص وهو المشتري (أنه عنده) فيجوز، لأن المقصود من القدرة على التسليم ثبوت السلم، فإذا كان ثابتًا حصل المقصود، وقوله: عنده شامل لما إذا كان في منزله أو كان يقدر على أخذه ممن هو عنده، فإن كان لا يقدر على الأخذ إلا بخصومة عند الحاكم لم يجز بيعه، كما في (السراج) وهل يصير قابضًا له بمجرد العقد؟ إن قبضه لنفسه يصير قابضًا عقب الشراء بالاتفاق، كما في (العناية). وإن قبضه للرد إن أشهد لا يصير قابضًا لأنه أمانة في يده، وقبض الأمانة لا ينوب عن قبض البيع حتى لو هلك قبل الوصول إلى المولى هلك من مال الولي، وإن لم يشهد يجب أن يكون قابضًا لأنه قبض غصب فينوب. وفي (الذخيرة): اشترى ما هو أمانة في يده بوديعة وعارية لا يكون قابضًا إلا

ولبن امرأة وشعر الخنزير وينتفع به للخرز ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا ذهب المودع المستعير إلى العين وانتهى إلى مكان يتمكن من قبضه إلا أن يصير المشتري قابضًا بالتخلية، فإن هلك بعد يهلك من مال المشتري انتهى، وهذا لا يفيد إطلاقهم السابق قيد بقوله ممن يزعم إلخ، لأنه لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره لا يصح أيضًا لكنه فاسد أي اتفاقًا يملك بالقبض بخلاف بيع الآبق المطلق فإن فيه/ ما مر من الخلاف، واعلم أنه يستثنى من إطلاقهم ما لو أبق من الغاصب فباعه المالك منه فإنه يصح مع أنه أبق عند التعاقدين، كما في (الذخيرة) معللًا بأن بيعه إنما يصح إذا كان التسليم محتاجًا إليه، أما إذا لم يكن محتاجًا إليه كما في مسألتنا فإن البيع يجوز. (و) لم يجز أيضًا بيع (لبن المرأة) في قدح كما في (الهداية) وهذا القيد لبيان منع بيعه بعد انفصاله عن محله كيلا يظن أن امتناع بيعه ما دام في الضرع كغيره، كذا في (الفتح)، قال في (الحواشي السعدية): وهذا بعيد جدًا بعدما تقدم أن بيع اللبن في الضرع لا يجوز انتهى. وبيانه أن امتناع بيعه في الضرع قد علم مما مر، فذكر منع بيع لبن المرأة بعده نص في المنع بعد الانفصال فلا حاجة إلى التقييد به، وبه اندفع ما في (البحر) من أن ذكر القيد أولى لأن حكم اللبن في الضرع قد تقدم، على أنا لا نسلم أنه مستفاد مما تقدم لما قدمناه في أن الضرع خاص بذوات الأربع كالثدي للمرأة رح فإنما أطلقه المصنف ليعم ما قبل الانفصال وما بعده لأنه جزء آدمي مصون عن الابتذال بالبيع، وقد استدل محمد على فساد بيعه بجواز إجارة الظئر لأن جوازها يثبت أنه من المنافع لا الأموال إذ المال لا يجوز إجارته، ألا ترى أنه لو استأجر بقرة على أنه يشرب لبنها لم تجز الإجارة؟ وعلى هذا فلا يضمن متلفه لا فرق بين كونها حرة أو أمة في ظاهر الرواية وفي حل التداوي به في العين قولان، كذا في (الفتح). وفي موضع آخر قال أهل الطب يثبتون نفعًا للبن البنت في العين وهذه من أفراد مسألة الانتفاع بالمحرم للتداوي كالخمر، واختار في (الهداية) (والخانية) الجواز له إن علم أن فيه شفاء ولم يجدوا لغيره والله المرفق. (و) لم يجز أيضًا بيع (شعر الخنزير) لأنه نجس العين إهانة له قال في (الفتح): ويرد على هذا التعليل بيع السرقين فإنه جائز للانتفاع به مع أنه نجس العين انتهى، بل الصحيح عن الإمام أن الانتفاع بالعذرة الخالصة جائز كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الكراهية (وينتفع به) أي: يجوز الانتفاع به (للخرز) أي: نخرز النعال

وشعر الإنسان وجلد الميتة قبل الدبغ وبعده يباع وينتفع به ـــــــــــــــــــــــــــــ فإن الخرازين لا يتأتى لهم ذلك العمل بدونه، وعن الثاني أنه يكره لتأتيه بغيره، والأول هو الظاهر فإن الضرورة ببيح اللحم فالشعر أولى، ثم أن يوجد مباح الأصل فلا ضرورة إلى البيع حتى لو لم يوجد إلا بالشراء. قال أبو الليث: ينبغي أن يجوز شراؤه لشمول الحاجة إليه لكن لا يطيب للبائع الثمن، كذا في (العناية) وينبغي أن يطيب له على قول محمد القائل بأن إطلاق الانتفاع دليل طهارته حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده، وعلى قول أبي يوسف يفسده وهو الصحيح، لأن حكم الضرورة لا يتعداها وهي في الخرز فتكون بالنسبة إليه والغرض أنه لا يوجد إلا بالشراء فقد باع للخرز ما يحل الانتفاع به فيه، وعلى هذا فيطيب له على قوله أيضًا إلا أن يقال إن في أصله خبثًا فتدبره، وقول لا بأس للأساقفة أن يصلوا مع شعر الخنزير، ولو كان أكثر من قدر الدرهم مخرج على قول محمد لا على قول أبي يوسف، نبه عليه في (الفتح) وهو ظاهر. (و) لم يجز أيضًا بيع (شعر الإنسان) ولا الانتفاع به لأن الآدمي غير مبتذل فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهانًا مبتذلًا وهذا الإطلاق يعم الكافر، وقد صرح في (الفتح) في غير هذا المحل بأن الآدمي مكرم ولو كان كافرًا، وعن محمد جواز الانتفاع به لأنه عليه الصلاة والسلام حلق رأسه قسم شعره بين أصحابه فكانوا يتبركون به، ولو كان بخسًا لما فعل والأول هو الظاهر، وحرمة الانتفاع به لكرامة لا للنجاسة حتى لو وقع في الماء القليل لا ينجسه، وتقسيمه - صلى الله عليه وسلم - شعره بينهم للتبرك به لا للانتفاع كيف وقد لعن - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة، والأولى هي التي تصل الشعر بشعور النساء، والثانية هي المعمول بهذا برضاها وهذا اللعن للانتفاع بما لا يحل الانتفاع به لا للتكثير، ألا ترى أنه خص فيما يتخذ من الوبر ليزيد من قرون النساء للتكثير. (و) لم يجز أيضًا بيع (جلد الميتة قبل الدبغ) للنهي عن الانتفاع بإهاب المينة، وهو اسم لغير المدبوغ كما مر في الطهارة ولا خفاء أن نجاسته من الرطوبات المتصلة بأصل الخلقة فصار كلحم الميتة بخلاف الثوب النجس، والدهن النجس حيث يجوز بيعه لأن نجاسته عارضة فلا يتغير حكم الثوب بها فيه (وبعده يباع وينتفع به) لطهارته

كعظم الميتة وعصبها وصوفها وقرنها ووبرها ـــــــــــــــــــــــــــــ بالدبغ كما مر قيد بجلد الميتة لأن جلود المذكاة يجوز بيعها لطهارتها بها، ولحوم السباع وشحومها وجلودها بعد الذكاة كجلود الميتة بعد الدبغ فيجوز بيعها والانتفاع بها في غير الأكل في (التجنيس) المختار للفتوى جواز بيع لحم المذبوح من السباع، وكذا الكلب والحمار لأنه طاهر وينتفع به في إطعام سنورة (كعظم الميتة) أي: كما يباع عظم الميتة وينتفع به، (و) كذا/ (عصبها وصوفها وقرنها ووبرها) وريشها ومنقارها وظلفها وحافرها لطهارتها لأن الحياة لا تحلها فلا يحلها الموت. قال في (الهداية): والفيل كالخنزير نجس العين عند محمد، وعندهما بمنزلة السباع حتى يباع عظمه وينتفع به، أي في الحمل والمقاتلة والركوب، وفي (العناية) ولو بيع عظمه إنما يجوز إذا لم يكن عليه دسومة، أما إذا كانت فهو نجس فلا يجوز بيع انتهى، وهذا ينبغي أن يكون جاريًا في عظم كل ميتة وما جزم عن محمد مخالف لما ذكره الكرخي أجمعوا على جواز بيع الفيل، وفي (العيون) روى ابن رستم عن محمد في امرأة صلت في عنقها قلادة فيها سن كلب أو أسد أو ثعلب فصلاتها تامة لأنها تقع عليها الزكاة، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - (اشترى لفاطمة سوارين من عاج) فظهر استعمال الناس له من غير نكير حتى حكى بعضهم إجماع العلماء على جواز بيعه والله الموفق. فرع هل يجوز بيع القرد؟ روى أبو يوسف عن الإمام منع بيعه، وروى الحسن عنه جوازه وهو المختار لأنه ينتفع به في بعض الأشياء، كذا في (الفتح) قال ابن وهبان: وينبغي أن يحمل قول أبي حنيفة بجواز البيع لمن يحفظ به ذكاته أو متاعه وعدم الجواز لمن يلعب به ويطوف به في الأسواق ويسخر به فإن ذلك حرام ونظر فيه في (عقد الفرائد) لما في (البزازية) بيع القرد وسائر السباع يجوز للانتفاع بجلدها فبين أن العلة في الجواز ليس حفظ المتاع ولا بد. وفي (التجنيس) بيع القرد يجوز، وكذا جميع الحيوانات سوى الخنزير وهو المختار ولأنه ينتفع به، وكذا ينتفع بجلده وشراء الفيل جائز لأنه منتفع به يحمل عليه المتجر بالقرد، وإن كان حرامًا لا يقتضي المنع من بيعه فقد قالوا: يجوز بيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرًا مع الكراهة، وكذا بيع الأمرد ممن يعلم أنه يعصى به وقصارى ما ذكره كراهة البيع انتهى.

وعلو سقط وأمة تبين أنه عبد ـــــــــــــــــــــــــــــ (و) لم يجز أيضًا بيع (علو) بضم العين وكسرها بيع خلاف السفل (سقط) لأن حق التعلي ليس بمال قيد بسقوطه لأن بيعه قبله صحيح نظرًا إلى البناء القائم، ولو سقط قبل القبض بطل البيع كهلاك المبيع بخلاف الشرب حيث يجوز بيعه تبعًا للأرض باتفاق الروايات، ومنفردًا في رواية وهو اختيار مشايخ بلخ لأنه حظ من الماء وهذا يضمن بالإتلاف حتى لو سقى به رجل أرضه يضمن قيمته، كذا في (الشرح) ومحل الاتفاق في بيعه تبعًا للأرض ما إذا كان الشرب شرب تلك الأرض أما إذا باع أرضًا مع شرب غيرها ففي صحته اختلاف المشايخ، وحكي عن أبي نصر بن سلام أنه لا يجوز قال أبو جعفر: وإليه أشير في الكتاب وظاهر الرواية أن بيعه منفردًا لا يجوز كما في (الخانية) وهو الصحيح، كما في (الفتح) وظاهر كلامهم أنه باطل، وعليه فرع قاضي خان ما لو قبضه المشتري ثم باعه مع أرض له قال أبو جعفر: لا يجوز البيع في الشرب إلا أن يخيره البائع لأن بيع الشرب لا يقع على موجود بل ما يحدث وقتًا بعد وقت، وكذا لو باعه تبعًا جاز وإن كان الماء منقطعًا وقت البيع فإذا لم يشترط شيئًا موجودًا لا يملك بالقبض فلا يجوز بيعه ثانيًا لأنه على ملك الأول. قال القاضي خان: وعندي هذا الجواز مشكل وينبغي أن يكون بيعه ثانيًا أنه على ملك بيعه يجوز في رواية، وبه أخذ بعض المشايخ وجرت العادة ببيعه في بعض البلدان فكان حكمه حكم الفاسد يملك بالقبض فإذا باعه بعد القبض وجب أن يجوز، ويؤيده ما في (الأصل) لو باعه بعبد وقبض العبد وأعتقه جاز عتقه ولو يكن الشرب محلًا للبيع لما جاز عتقه، كما لو اشترى بميتة أو دم وأعتقه لا يجوز عتقه انتهى. وأما تضمينه بالإتلاف بالمعنى الذي ذكره الشر فهو إحدى الروايتين والفتوى على أنه لا يضمن كما في (الذخيرة)، وفي (الظهيرية) وهو الأصح، وعن الشيخ جلال الدين ابن صاحب (الهداية) أنه قصر ضمانه بالإتلاف على ما إذا شهد به وآخر ثم رجع بعد القضاء وقال: لا وجه للضمان بالإتلاف إلا بهذه الصورة لأنه لو ضمن لغيرها فإما بالسقي أو بمنع حق الشرب لا وجه للأول لأن الماء مشترك بين الناس بالحديث، وإلى الثاني لأن منع حق الغير ليس سببًا للضمان بل السبب منع ملك الغير ولم يوجد كذا في (الفتح). وسكت المص عن بيع الطريق وهبته وقد قالوا: إنه يجوز بخلاف مسيل الماء والتفصيل في (الهداية). (و) لم يجز أيضًا بيع (أمة تبين أنه عبد) وبأن قال: بعتك هذه الأمة فإذا هي

وكذا عكسه وشراء ما باع ـــــــــــــــــــــــــــــ عبد (أو عكسه)، بخلاف ما لو باعه هذا الكبش فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع وبتخير المشتري، ومبنى الفرق ما مر في النكاح لمحمد فيما لو تزوجها على هذا الخل فإذا هو خمر من أنه متى اجتمعت التسمية والإشارة، فإن كان المسح مع المشار إليه جنسين مختلفين تعلق الحكم بالتسمية فيبطل البيع لعدم المبيع الذي هو المسمى وقيل:/ يفسد والأول هو الظاهر أخذاً من قول محمد لا بيع بينهما وإن اتحدا جنساً إلا أن الاختلاف بالصفة فاحش كالخل مع الدبس كان كاختلاف الجنس، وإن كان قليلاً اعتبرت الإشارة فينعقد البيع ويتخير وهذا الأصل متفق عليه هنا وفي سائر العقود من النكاح والإجارة والصلح عن عمد والخلع على ما سيأتي. وقد جعل الفقهاء الذكر والأنثى من بني آدم جنسين لفحش تفاوت الأغراض منهما وإن اتحدا جنسها عند أهل المعقول بخلاف الذكر والأنثى من البهائم، فإن المقصود من هذا الجنس إنما هو الركوب والحمل والأكل والذكر والأنثى في ذلك سواء، وعلى هذا تفرع ما ذكره الكرخي من أنه لو باعه فصاً على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل فجعله من اختلاف الجنس. قال في (الفتح): ولو باعه ليلاً على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر صح، ويخير كما إذا باع عبداً على أنه خباز فإذا هو كاتب، كذا ذكره المص يعني صاحب (الهداية) وإن كان صناعة الكتابة أشرف عند الناس من الخبز فكأنه ممن لا يفرق من المشايخ بين كون الصفة ظهرت خيراً من الصفة التي عينت أولاً في ثبوت الخيار، وذهب آخرون منهم صدر الإسلام وظهير الدين إلى أنه إنما يثبت إذا كان الموجود أنقص، وصح الأول لفوات غرض المشتري وكان مستند الفصلين ما تقدم فيمن اشترى على أنه كافر فإذا هو مسلم لا خيار لأنه خير مما عين وقد يفرق بأن الغرض وهو استخدام العبد لا يتفاوت بين مسلم، وكافر بخلاف تعيين الخبز أو الكتابة فإنه يفيد أن حاجته التي لأجلها اشترى هي هذا الوصف. فال في (البحر): وقد ظهر لي من كلامهم أن المشتري لو ادعى اشتراط كون الفص ياقوتاً وأنكر البائع فإن كان ما ظهر من خلاف جنس الياقوت تحالفا وفسخ البيع لأن الاختلاف في جنس المبيع، وإن كان من جنسه وأن الغائب إنما هو الوصف فإن كان المبيع بمرأى من المشتري وقت البيع فلا خيار له، ولو أقر البائع بالشرط وإلا فالقول للبائع وقد صارت حادثة الفتوى وأجبت بما ذكرنا انتهى. (و) لم يجز أيضاً (شراء ما باع) أي: ما باعه هو أو وكيله لنفسه وإن كان وكيلاً

بالأقل قبل النقد وصح فيما ضم إليه ـــــــــــــــــــــــــــــ في بيعه وأطلق الشراء فعم شراء الكل أو البعض، كما في (القنينة) وشراؤه من كل وجه أو من وجه كشراء من لا تجوز شهادته له فإنه كشرائه خلافاً لهما في غير العبد والمكاتب، والشراء من وارث المشتري كالشراء منه بخلاف شراء وارث البائع أو وكيله عند الإمام، والفرق أن وارث المشتري قام مقامه في ملك العين وهذا من أحكامها، بخلاف وارث البائع أن ملكه كان ثابتاً له قبل موت مورثه (بالأقل) خرج بذلك المساوي والأكثر وإنما يظهر ذلك عند اتحاد جنس الثمنين حتى لو اختلفا جاز. وإن كان الثاني أقل والدراهم مع الدنانير هنا جنس واحد استحساناً احتياطاً وكون المبيع لم ينقص في يد المشتري، فإن نقص جاز وجعله ما نقص من الثمن في مقابلة ما حدث في يده، ولا بد أن يكون النقصان ذاتياً حتى لو كان بتغيير الأسعار لم يجز الشراء لأنه غير معتبر في حق الأحكام كما في الغصب وغيره، كذا في (الشرح) وشمل إطلاقه الأقل وصفاً حتى لو باعه بألف نسيئة إلى سنة ثم اشتراه إلى سنتين. لم يجز أيضاً (قبل النقد) أي: فقد جميع الثمن لقول عائشة رضي الله عنها لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمان مائة من زيد بن أرقم: (أبلغيه أن الله أبطل حجه وجهاده معه صلى الله عليه وسلم إن لم يتب) ولو خرج المبيع عن ملكه ثم عاد فإن بحكم ملك جديد كالإقالة قبل القبض أو بعده أو بالشراء أو الهبة أو بالميراث فشراؤه بالأقل جائز وإن بما هو فسخ لعوده بخيار رؤية أو شرط قبل القبض أو بعده لا يجوز، كذا في (السراج). (وصح) البيع (فيما ضم إليه) حتى لو اشترى أمة بخمسمائة ثم باعها مع أخرى من البائع قبل نقد الثمن بمقابلة التي لم يشترها منه فيكون مشترياً للأخرى بأقل مما باع ولم يسر الفساد إلى الثانية لأنه ضعيف لكونه مجتهداً فيه، أي: محل اجتهاد وقابل له، وإلا فخلاف الشافعي إنما جاء بعد المسألة فكيف يوضع على شيء لم يقع بعد؟ ويجوز أن يكون الخلاف واقعاً بل هو الأظهر ونوقض بما إذا باعهما بألف وخمسمائة فإن البيع فاسد، نص عليه شمس الأئمة وفخر الإسلام، ولو كان الفساد في مسألة الكتاب لما ذكر لما فسد لأنه عند القسمة يصيب كل واحد منهما أكثر من خمسمائة. قال في (الفتح): والحق أن بينهما فرقاً فإن هناك الموجبات تحققه وهنا المجنون موقوف على الاعتبار/ فإذا اعتبر واحد أمكن اعتبار لكنه لا يزيد النظر إلا

وزيت على أن يزنه بظرفه ويطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلاً وصح لو شرط أن يطرح بوزن الظرف وإن اختلفا في الزق فالقول للمشتري ولو أمر ذمياً بشراء خمر أو بيعها صح ـــــــــــــــــــــــــــــ وكادة فإن الآخر قبل الاعتبار لا وجود له ومع ذلك لم يحمل المجوز الذي وجد وتحقق بتحقق الاعتبار فليتأمل. (و) يجز أيضاً (بيع زيت على أن يزن بظرفه ويطرح) أي: يسقط (عنه مكان كل ظرف خمسين رطلاً) لأن هذا شرط لا يقتضيه العقد وفيه نفع لأحد المتعاقدين، فإن زنة الظرف قد تكون أقل فيكون النفع للمشتري أو أكثر فيكون للبائع إلا إذا عرف مقدار وزنه فيجوز، كما في (شرح الدرر). (وصح) البيع (لو شرط) أي: المشتري (أن يطرح) عنه (بوزن الظرف) لأنه شرط يقتضيه العقد وهو شرط أن يتعرف قدر البيع من غير أن يخص بالثمن، (وإذا اختلفا في الزق) بالكسر الظرف والجمع أزقاق وزقاق ككتاب وزعقان تفريع على ما قبله أي اختلفا في وزنه بعد ما رده المشتري وهو عشرة أرطال فقال البائع: هو غير هذا وزنته خمسة (فالقول للمشتري) مع يمينه إلا أن يبرهن البائع على ما ادعى، لأنه إن اعتبر اختلافاً في تعيين الزق المقبوض فالقول قول القابض وإن في قدر المبيع المقبوض رجع إلى الاختلاف في قدر الثمن والقول فيه للمشتري لإنكاره الزيادة والاختلاف في الثمن، وإن أوجب التحالف إلا أن محله ما إذا كان قصداً لا ضمناً كما هنا لوقوعه في ضمن الاختلاف في الزق، والفقه فيه أن الاختلاف الابتدائي في الثمن إنما يوجب التحالف ضرورة أن كل واحد منهما يدعي عقداً آخراً وما الاختلاف بناء على اختلافهما في الزق فلا يوجب الاختلاف في العقد فلا يوجبه. (ولو أمر) مسلم (ذمياً) أي: وكله (بشراء خمر) أو خنزير (أو ببيعها صح) أي: صح توكيله عند الإمام مع كراهة التحريم حتى يدخل الخمر والخنزير في ملك الموكل المسلم فيجب عليه أن يخلل الخمر أو يريقها، ويسيب الخنزير، وكذا او وكله ببيعها بأن أسلم عليهما أو مات قبل أن يزيلهما وله وارث مسلم فيرثهما فيوكل كافراً ببيعهما غير أن عليه أن يتصدق بثمنهما وقالا: لا يصح وعليه هذا الخلاف توكيل المحرم حلالاً ببيع صيده لهما أن الموكل لا يليه فغيره لا يوليه، ولأن ما ثبت للوكيل ينتقل إلى الموكل فصار كأنه باشره بنفسه ونقض قولهما بمسائل منها الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك شراءه لنفسه ويملك أن يوكل فيه، ومنها للقاضي أن يأمر ذمياً ببيع خمر تركها ذمي وإن لم يملك بيعها، ومنها وصي الذمي إذا كان مسلماً يملك أن يوكل ذمياً ببيع خمره وإن لم يملكه الموكل. قال في (الفتح): بقي أن يقال: إذا كان حكم هذه الوكالة بالبيع أن لا ينتفع بالثمن وفي الشراء أن

وأمة على أن يعتق المشتري أو يدبر أو يكاتب أو يستولد ـــــــــــــــــــــــــــــ يسيب الخنزير ويريق الخمر أن يخللها بقي تصرف غير معقب لفائدته وكل ما هو كذلك ليس بمشروع انتهى. وأقول: لا نسلم أن مثله ليس بمشروع، أما في البيع فلأن عدم طيب الثمن لا يستلزم عدم الصحة إذ قد مر قريباً أن شعر الخنزير إذا لم يوجد مباح الأصل جاز بيعه وإن لم يطب ثمنه، وأما في الشراء فقد أفاد فائدة في الجملة على تخليل الخمر ومثله لا يعد غير مشروع. (و) لم يجز أيضاً بيع (أمة على أن يعتق المشتري أو) على أنه (يدبر أو يكاتب أو يستولد) الأمة شروع في الفساد الواقع في العقد بسبب الشرط لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط لكن ليس كل شرط يفسد البيع، بل لا بد أن لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا يتعارف وكان فيه منفعة لأحد المتعاقدين وللمعقود عليه وهو من أهل الاستحقاق، ولم يرد الشرع بجوازه وما يقتضيه كاشتراط تسليم الثمن أو حبس المبيع إلى قبضه ويلائمه كالبيع بشرط كفيل أو رهن بالثمن معينين فيقال للمشتري: ادفع الرهن أو عجل الثمن، وفي (القدوري) إما الرهن أو قيمته أو يفسخ العقد، ولو امتنع عن تسليم الكفيل لا يجبر وإنما يؤمر بدفع الثمن، فإن لم يدفعهما خير البائع في الفسخ. وفي (البحر) معزياً إلى (الذخيرة) اشترى عبداً على أن يعطي البائع للمشتري كفيلاً بالدرك فإن كان الكفيل مجهولاً فسد البيع، وإن كان معيناً حاضراً، وقيل: أو كان غائباً فحضر قبل التفريق، وقيل: جاز انتهى، ولم يذكر الرهن على الدرك لأنه غير جائز. وفي (الفتح (يصح البيع بشرط كفيل بالثمن حاضر وقبل الكفالة، أو بأن رهنه به رهناً معلوماً بالإشارة أو بالتسمية ولو لم يكن الكفيل حاضراً فحضر وقيل قبل أن يتفرقا جاز، ولو لم يكن الرهن مسمى ولا مشاراً إليه، ولا يجوز بالاتفاق وشرط الحوالة كالكفالة انتهى، أو كان متعارفاً كشراء نعل على أن يحذوه او لم يكن فيه منفعة لأحد كشرط أن لا يبيع الدابة المبيعة أو ورد الشرع بجوازه كالبيع بشرط الخيار والأجل لا يفسد ويعتبر الشرط لاشتراط أن لا يبيعهما فيبطل في ظاهر المذهب، وعن الثاني أن البيع يبطل أيضاً. وفي (الخلاصة) / اشترى عبداً على أن يبيعه جاز ولو قال من فلان لا يجوز،

أو إلا حملها ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (البزازية) لو قال على أن يطعمه يفسد، ولو قال: خبيصاً فسد، وفي (الذخيرة) اختلف المشايخ لو قال: على أن يعطي ثمنها من مال فلان وإن عرف هذا فاشتراط العتق وتوابعه مما لا يقتضيه العقد وفيه منفعة للمعقود عليه، ولو وفى بالشرط ففي العتق بعد القبض ينقلب البيع جائزاً عند الإمام خلافاً لهما حتى يجب على المشتري الثمن وعندهما القيمة لا في توابعه. والفرق أن شرط العتق بعد وجوده يصير ملائماً للعقد لأنه منه للملك والشيء بانتهائه يتقرر والفاسد لا تقرر له فيكون صحيحاً ولا كذلك شرط توابعه إذا وفى بها لأنه يتعين انتفاع ورود الملك عليه، ولم يوجد لجواز أن يحكم قاضٍ بصحة بيعه فيتقرر الفساد، وأجمعوا أنه لو أعتقه قبل القبض لا يعتق. وأفاد في (الظهيرية) أن المشتري لو أمر البائع بالعتق فقد طلب منه أن يسلطه على القبض، فإذا أعتق بأمره صار قبض القبض فإذا أعتق بأمره صار قبض المشتري سابقاً عليه لأن البائع سلطه عليه، وأجمعوا أنه لو هلك في يد المشتري قبل العتق أو باعه أو وهبه يلزمه القيمة، كذا في (السراج) قيد بكون الشرط لفظ على لأنه لو كان أن فسد البيع في جميع الصور إلا فيما إذا قال: إن رضي أبي أو فلان في ثلاثة أيام، والظاهر من كلامهم أن قوله بشرط كذا بمنزلة على ولا بد أن لا يقولها بالواو حتى لو قال: بعتك كذا على أن تقرضني كذا فالبيع جائز ولا يكون شرطاً، وأن يكون الشرط في صلب العقد حتى لو ألحقاه به لم يلتحق في أصح الروايتين، كذا في التاسع والثلاثين من (جامع الفصولين) بهذا ظهر خطأ بعض حنفية العصر إذا أفتى في رجل باع لآخر قصب سكر قدراً معيناً وأشهد على نفسه بأنه يستعيه ويقوم عليه بأن البيع فاسد لما أنه شرط تركه على الأرض نعم الشرط غير لازم والله الموفق. وقيد بالشرط لأنه لو أخرجه مخرج الوعد لم يفسد وصوره الولوالجي بأن قال: أشتري حتى أبني الحوائط وخرج بكون الشرط فيه منفعة لما ذكرنا ما لو كان فيه مضرة كان ثوباً على أن لا يخرقه، أو جارية على أن لا يطأها، أو داراً على أن يهدمها فعند محمد البيع جائز والشرط باطل، وقال أبو يوسف: البيع فاسد، كذا في (الجوهرة) ومثله في (البحر) ما فيه مضرة بما إذا اشترى ثوباً على أن لا يبيعه ولا يهبه، والبيع في مثله جائز عندهما خلافاً لأبي يوسف ويكون المنفعة لأحد المتعاقدين لأنها لو كانت لأجنبي كاشتراط أن يقرض البائع أجنبياً كذا ويجوز البيع، وذكر القدوري أنه يفسد وما لو كان خالياً عنهما كأن اشترى طعاماً ما بشرط أن يأكله أو ثوباً بشرط أن يلبسه، كذا في (الفتح). (أو) أن يبيع أمة (إلا حملها) لأن ما

أو يستخدم البائع شهراً أو داراً على أن يسكن أو يقرض المشتري درهماً أو يهدي له أو يسلمه إلى كذا، أو ثوباً على أن يقطعه البائع ويخيطه قميصاً ـــــــــــــــــــــــــــــ لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه، والحمل لا يصح إفراده لأنه بمنزلة أطراف الحيوان لاتصاله به خلقة فلا يصح استثناؤه، وإذا لم يصح بقي شرطاً فاسداً وفيه نفع للبائع والبيع يبطل به والكتابة والإجارة والرهن كالبيع تبطل بشروط الفاسدة لأنها عقود معاوضة إلا أن المفسد في الكتابة ما يتمكن في صلب العقد بخلاف الهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد حيث لا تبطل، وإنما يبطل الاستثناء إلا في الوصية فتصح، ومن فروع القاعدة بعتك هذه الصرة إلا قفيزاً منها بكذا جاز، وهذا القطيع من الغنم إلا شاة لا يجوز، وكذا الحال في كل عددي متفاوت، وأورد عليها أن الخدمة يصح إفرادها بالوصية لا يصح استثناؤها بأن أوصى بجارية إلا خدمتها وإلا غلتها. وأجيب بأن هذا إيراد على العكس وهي غير منعكسة، وبأن الوصية ليست عقداً حتى صح قبول الموصى به بعد موت الموصي والعقد بعد الموت لا يصح، (أو) باع عبداً على أن (يستخدم البائع) المبيع أو المشتري، ويجوز أن يكون في يستخدم ضمير يعود على المشتري والبائع هو المفعول (شهراً، أو داراً على أن يسكن) فيه شهراً (أو) متاعاً على أن (يقرض المشتري) البائع (درهماً أو يهدي له) هدية (أو) على أن (يسلم المبيع إلى كذا أو) يبيع (ثوب على أن يقطعه البائع ويخيطه قميصاً) لأنها شروط لا يقتضيها العقد وفيها منفعة لأحد المتعاقدين، وقد ورد في عين بعضها نص خاص وهو (نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وسلف) أي: قرض ومن الشروط الفاسدة ما لو اشتراه على أن يؤدي الثمن من بيعه أو قال: على أن يدفع المبيع إليه قبل نقد الثمن أو على أن يدفع الثمن في بدل آخر. وفي (النوازل) بعت منك هذا على أن/ أحط من ثمنه كذا جاز، ولو قال: على أن أهب منك كذا لم يجز، لأن الحط ملحق بما قبل العقد ويكون البيع بما وراء المحطوط، ومقتضاه أنه لو شرط أن يزيده المشتري في الثمن أن يصح أيضاً، ولو لم يفعلا ذلك ينبغي أن يخير البائع أو المشتري على قياس أمر فتدبره. وفي (القنية) اشترى بطيخة على أنها حلوة أو شاة على أنها تحلب كذا أو زيتاً أو سمسماً على أن فيه كذا مناً أو شاة أو ثوراً على أن فيه كذا مناً من اللحم فسد

وصح بيع نعل على أن يحذوه أو يشركه لا البيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إن لم يدر المتعاقد أن ذلك ـــــــــــــــــــــــــــــ البيع في الكل لتعذر معرفته قبل العمل وعجز البائع عن الوفاء به، (وصح بيع نعل على أن يحذوه) البائع، أي: يقطعه من حذوت النعل بالنعل قدرت كل واحدة على صاحبتها والمراد اشترى أدائماً على أن يجعله البائع نعلاً له فأطلق عليه اسم النعل باعتبار الأول، ويحتمل أن يراد حقيقة، أي نعل رجل واحدة على أن يحذوها، أي: يجعل معها مثالاً آخر ليتم نعلاً للرجلين ويدل عليه قوله (أو يشركه) من شرك النعل وضع عليهما الشراك وهو سيرها الذي على ظهر القدم فجعلها مقابلاً لقوله نعلاً ولا معنى لا يشتري أدائماً على أن يجعل له شراكاً، فلا بد أن يراد حقيقة النعل، كذا في (الفتح)، ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يراد به الصوم وضمير يشركه للنعل بالمعنى الحقيقي على طريق الاستخدام وهذا استحسان وتسمير القباب كالتشريك. وفي (البزازية) اشترى ثوباً أو خفاً خلقاً على أن يرقعه البائع ويسلمه صح انتهى، بخلاف خياطة الثوب لعدم التعارف (لا) يصح (البيع) بثمن مؤجل (إلى النيروز) أما تأجيل المبيع فمفسد ولو إلى أجل معلوم، والنيروز أول يوم من طرف الربيع تحل فيه الشمس برج الحمل، والأصل نوروز فعرب وقد تكلم به الفاروق رضي الله تعالى عنه فقال: (كل يوم لنا نوروز) حين كان الكفار يبتهجون به (والمهرجان) معرب مهر كان يوم في طرف الخريف وهو أول يوم من الشتاء تحل فيه الشمس الميزان. وفي (السراج) النيروز هو أول يوم من الصيف تحل فيه الشمس برج الحمل والمهرجان أول يوم من الشتاء تحل فيه الشمس الميزان انتهى، وهذا إنما يتم بناء على أن الربيع من الصيف والخريف من الشتاء، وقد مر في الصلاة نظيره وإلا فالفصول أربعة كما لا يخفى وقيل: سمي عيدان المجوس (وصوم النصارى وفطر اليهود)، قيل: تخصيصه اليهود بالفطر ظاهر في أن ابتداء صومهم معلوم، كذا في (الفتح). وفي (السراج) فإن قيل: لم خص الصوم بالنصارى والفطر باليهود؟ قيل: لأن صوم النصارى غير معلوم وفطرهم معلوم، واليهود بعكسهم مع أنه إذا باع إلى صوم اليهود فالحكم فيه كذلك لا يتفاوت فيكون معناه إلى صوم النصارى وفطرهم إلى فطر اليهود وصومهم فاكتفى بذكر أحدهما، وقوله: (إن لم يدر المتعاقد أن ذلك) بيان

وإلى قدوم الحاج والحصاد والقطاف والدياس ولو كفل إلى هذه الأوقات صح ولو أسقط الأجل قبل حلوله صح ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ لجهة الفساد وهو الجهالة وفيه إيماء إلى أنها لو انتفت بالعلم بخصوص هذه الأوقات جاز للعلم بمدته وهي خمسة وخمسون يوماً، واعلم أن صحة تأجيل الثمن إذا كان الأجل معلوماً في الثمن الدين أما العين فيفسد البيع، كذا في (الفتح). (و) لا يصح أيضاً (إلى قدوم الحاج والحصاد) بفتح الحاء وكسرها قطع الزرع (والدياس) وهو وطء المحصود بقوائم الدواب (والقطاف) بكسر القاف والفتح فيه لغة قطع العنب من الكرم للجهالة المفضية إلى المنازعة بتقدم هذه الأوقات وتأخرها، زاد في (الهداية) الجذاذ وفسره الشارح بجذ الصوف قال: وكذا إلى أنجذ الصوف بالذال المعجمة عام في قطع الثمار وبالمهملة خاص بالنخل. وفي (العناية) الجذاذ قطع الصوف والنخل والزرع والشعر (ولو كفل إلى هذه الأوقات) المتقدمة (صح) التكفيل، لأن الجهالة اليسيرة متحملة بها، ألا ترى أنها تتحمل في أصل الدين؟ بأن يكفل بما ذاب على فلان فنفى وصفه او لا بخلاف الفاحشة كالكفالة إلى هبوب الريح ونحوه، وهذا يشير إلى اليسرة ما كانت في التقدم والتأخر والفاحشة ما كانت في الوجود كهبوب الريح كذا في (العناية). وفي (السراج) التأجيل إلى نحو هبوب الريح ليس تأجيلاً لأن الأجل ما يكون منتظر الوجود وهبوب الريح قد يتصل بكلامه، فعرفنا أنه ليس بأجل انتهى. ولما كان مبنى البيع على المماسكة لم تتحمل فيه الجهالة اليسيرة (وإذا أسقط الأجل) أي: أسقط المشتري الأجل في البيع إلى هذه الأوقات (قبل مجيئها) بناه للمجهول، لأن قول القدوري: فإن تراضيا على إسقاطه مما يوهم أن التراضي شرط وليس كذلك قاله العيني وليس في عبارته ما يعين البناء للمجهول والظاهر بناؤه للمعلوم، وإلى ذلك يشير قول الشر ثم أسقط المشتري الأجل وجزم بأن قول القدوري تراضيا وقع اتفاقاً لا مخرج الشرط وهو الولى (صح) البيع لارتفاع المفسد قبل تقرره، ولو باع مطلقاً ثم أجل الثمن إلى هذه الأوقات جاز، لأن هذا التأجيل الدين والجهالة متحملة فيه بمنزلة الكفالة ولا كذلك اشتراطه في صلب العقد كذا في (الهداية) /. وفي (الخانية) قال ابن الفضل: يفسد البيع، وعن محمد لا يفسد ويصح التأجيل وينبغي ان يخرج هذا على ما لو ألحقا به شرطاً فاسداً وقدمنا ترجيح أنه لا يلتحق قيد بهذه الآجال، لأنهما لو تبايعا إلى هبوب الريح ثم أسقطاه لا ينقلب جائزاً لأن الفساد في صلب العقد، كما إذا باع الدرهم بالدرهمين ثم أسقط الدرهم الزائد حيث لا ينقلب جائزاً، وقياس هذا انه لو باعه بألف ورطل في خمر ثم أسقط الرطل أنه لا ينقلب جائزاً.

ومن جمع بين حر وعبد أو بين شاة مذكية وميتة بطل البيع فيهما وإن جمع بين عبد ومدبر او بين عبده وعبد غيره أو بين ملك ووقف صح في القن وعبده والملك. ـــــــــــــــــــــــــــــ وحكى في (جامع الفصولين) الإجماع عليه، إلا أن المذكور في (فتح القدير) عن نص محمد انقلابه صحيحاً، وأجاب بأنه تبع للألف الثمن في بيع المسلم، بخلاف ما إذا باع بالخمر فإنه حينئذ يتعين كون الخمر هو الثمن، (ومن جمع بين حر وعبد) وباعهما (أو) جمع (بين شاة ذكية وميتة) كذلك (بطل البيع فيهما) أي: في الجمعين وإن فصل الثمن عند الإمام، وقالا: إن فصله صح فيما يقبل البيع وبطل في الآخر لتعدد الصفقة بتفصيله فلا يسري الفساد، وله أن العقد عليهما صفقة واحدة، ألا ترى أنه لا يملك القبول في أحدهما دون الآخر؟ وحينئذ يكون قبول العقد فيما لا يصح العقد فيه شرطاً لصحة العقد فيما يصح فيه فكان شرطاً فاسداً، وفيه بحث من وجوه الأول لا نسلم اتحادها مع بيان الثمن ليلزم ما ذكر الثاني أن الشرط المفسد كما مر فيه منفعة لأحد المتعاقدين أو للمعقود في الحر إنما يكون شرطاً لقبوله في العبد إذا صح الإيجاب فيهما لكنه لم يصح إلا في أحدهما. وأجيب عن الأول بأن تقررهما عنده لابد فيه من تفصيل الثمن ومن تكرار لفظ البيع، وعن الثاني بأن فيه نفعاً لأن في قبوله قبول بدله وهو مال متقوم والحر ليس بمال فيكون بدله خالياً عن العوض فيكون ربا، وما أجيب من منع اشتراط النفع في إفساد الشرط فليس بشيء، وعن الثالث بأن الإيجاب إذا صح فيهما صح في العقد والشرط جميعاً فلا يكون مما نحن فيه، (وإن جمع بين عبد ومدبر) أو مكاتب ولم يقل أم ولد لأنه لا يرى نفاذ القضاء ببيعها، وقدمنا عن البزازي أنه الأظهر وهكذا قال الأستروشتي في (فصوله). وفي قضاء (الجامع) أنه يتوقف على إمضاء قاض آخر إن أمضاه مضى وإن أبطل بطل وهذا أوجه الأقاويل قاله العيني، (أو بين عبده أو عبد غيره أو بين ملك ووقف صح في القن وعبده والملك) لف ونشر مرتب وهذا قول الثلاثة، وقال زفر: يفسد في الكل كالجمع الأول، ولنا أنه باعهما بثمن معلوم فانعقد عليهما جملة واحدة فنفذ في القن والملك بالحصة وتوقف في المدبر ونحوه على القضاء كما مر، وفي عبد الغير على إجازة مولاه. وأما في الملك والوقف ففيه روايتان وما جزم به المصنف هو الأصح لأن الوقف مال ولهذا ينتفع به انتفاع الأموال بخلاف المسجد حيث يبطل فيما ضم اليد لأنه ليس بمال فصار كالحر، ولذا لو باع قرية ولم يستثن المساجد والمقابر لم يصح، وفي

فصل قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع ـــــــــــــــــــــــــــــ (المحيط) قيل: يصح في الملك وهو الأصح، واستشكله الشيخ بأن المسجد كالحر فكيف يجوز البيع فيما ضم إليه؟ ولا سبيل لهذا إلا إذا جعل استثناء للمساجد فيكون كأنه باعه غير مواضع المسجد. تكميل: قد علمت أن الأصح في الجمع بين الوقف والملك أنه يصح في الملك وقيده بعض موالي الروم وهو مولانا أبو السعود جامع أشتان العلوم تغمده الله برضوانه أنه بما إذا لم يحكم بلزومه فأفتى بفساد البيع في هذه الصورة، ووافقه بعض علماء العصر من المصريين ومنهم شيخنا الأخ إلا أنه قال في شرحه هنا يرد عليه ما صرح به قاضي خان من أن الوقف بعد القضاء تسمع دعوى الملك فيه، وليس هو الحر بدليل أنه لو ضم إلى ملك لا يفسد البيع في الملك وهكذا لا يمكن تأويله فوجب الرجوع إلى الحق وهو الإطلاق الوقف لأنه بعد القضاء، وإن صار لازماً بالإجماع لكنه يقبل البيع بعد لزومه إما بشرط الاستدلال على المفتى به من قول أبي يوسف، أو بورود غصب عليه ولا يمكن انتزاعه ونحو ذلك. فصل في أحكام البيع الفاسد ولما كان حكم الشيء يعقبه ذكر أحكام الفاسد عقيبه (قبض المشتري المبيع) ولو وكيلاً، وفيه إيماء إلى أنه ليس مقبوضاً له حتى لو كانت وديعة حاضرة ملكها كما في (جميع التفاريق) وهل التخلية قبض؟ اختلف الروايات، والأصح أنها ليست بقبض كذا في (المجتبى) و (العمادية)، وفي (الخلاصة): التخلية كالقبض في البيع الفاسد وفي بيع (الجامع الكبير) وصححه في (الخانية). وأقول: يجب أن يكون ما في (التفاريق) مخرجا على أن التخلية قبض وإنما قيد بكونها حاضرة، وإلا فقد مر أن قبض الأمانة لا ينوب عن قبض المبيع فتنبه لهذا وعم كلامه القبض الحكمي لما قدمنا من أن أمر البائع بالعتق قبله صحيح لاستلزامه القبض (في البيع الفاسد) وفي بيع الوصي مال اليتيم بغبن/ فاحش أهو باطل أو فاسد؟ كما في (القنية) وفيها أن بيع التلجئة باطل. قال في (البحر): وينبغي أجر القولين في استبدال الوقف بمسوغ بغبن فاحش وترجيح الفساد فيهما، لأنه إذا ملك بالقبض وجبت قيمته فلا ضرر على اليتيم والوقف (بأمر البائع) أي: بإذنه في ظاهر المذهب ولم يقل برضاه ليعم المكره غير أنهما ما داما في المجلس اكتفي به ولو دلالة كسكوته عند قبض المشتري استحساناً هو الصحيح وبعده لابد من صريح

وكل من عوضيه مال ملك المبيع ـــــــــــــــــــــــــــــ الإذن إلا إذا قبض البائع الثمن وهو مما يملك به فإنه يكون إذناً بالقبض دلالة لأن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه قبل الافتراق ولم ينهه كان الحكم كالتسليط إلا أنه لضعفه عن إفادة حكمه تقيد بالمجلس، ولو أمر البائع أن يعمل فيه عملاً ينقصه أو لا كالقصارة والغسل بأجرة أو بغير أجرة فما كان ينقصه فهو قبض وما لا فلا، وللبائع الأجر في الوجهين هلك المبيع أو لا، كذا في (السراج). ومن فروع المسألة ما لو كان براً فجعله البائع طعاماً بأمر المشتري صار قابضاً وعليه مثله، كما في (جامع الفصولين) (وكل من عوضيه مال) أي: متقوم لتحقق ركن البيع أعني مبادلة المال بالمال خرج به البيع بالمعية ونحوها، والبيع مع نفي الثمن في رواية فإنه باطل، وهذه الرواية جزم بها في (الهداية) وغيرها. أما مع السكوت عنه ففاسد ويثبت الملك بالقبض موجباً للقيمة لأن مطلق البيع يقتضي المعاوضة فإذا سكت عن عوضه كان عوضه قيمته، وكأن باعه بقيمته فيفسد البيع وهذا القيد يعني قوله وكل إلى آخره مستغنى عنه بقوله في البيع الفاسد لأن فساده لا يوجد بدون هذا الشرط لا يقال: إنه يوجد بدونه في البيع المسكوت فيه عن الثمن لأن أحد العوضين القيمة كما قد علمت وهي مذكورة حكماً، وحاول في (البحر) الجواب بأن بعضهم أطلق على بيع الخمر ونحوه اسم الفاسد فربما توهم أنه يملك بالقبض فصرح بما يخرجه. وأقول: هذا مما لا حاجة إليه بل الفاسد أعم على ما التزموه في أول الباب وحينئذ فلا بد من التصريح بهذا القيد لإخراج الباطل وهذا مما يجب أن يفهم من كلامهم في هذا المقام، ومن تأمل ما في (الهداية) وغيرها وجده كالتصريح به ثم رأيته في (الحواشي السعدية) قال في قول صاحب (الهداية) شرط أن يكون العوضان كل منهما مال ليتحقق ركن البيع يعني ليظهر تحققه فإن الفاسد قد يستعمل في المعنى العام للباطل أيضاً، وهذا طبق ما فهمته فتنبه له، وعلى هذا فقول الشر أن قوله في البيع الفاسد احترازاً عن الباطل مما لا ينبغي إذ الباطل إنما خرج بقوله وكل من عوضيه مال كما قد علمت (ملك المبيع) هذا قول البلخيين، وقال العراقيون: إنما يملك التصرف فيه فقط بحكم تسليط البائع لقول محمد إنما جاز بيعه لأن البائع سلطه على ذلك، ولذا لا يحل له أكله ولا وطء لأمة ولا يطيب له ريحه فإن فعل وجب العقر عليه بعد التوبيخ ولا شفعة للشفيع وجه الأول وهو الأصح. وفي (الفوائد) وهو المختار أن الأب أو الوصي لو باع للصغير عبداً بيعاً فاسداً فأعتقه المشتري فعند عتقه نفذ ولا يملكان الإعتاق ولا التسليط عليه، وقد نص محمد في

بقيمته ولكل منهما فسخه ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب (الشهادات) على أنه يملك الرقبة، ولذا كان له الولاء بإعتاقه إياه واستحق المشتري الشفعة بالجوار وعلى البائع الاستبراء عند الرد وهذا فرع ثبوت ملكه، وتسليطه البائع إنما كان بتمليكه وإنما لا يحل له الأكل ونحوه لما فيه من الإعراض عن الرد الواجب شرعاً وفي القضاء بالشفعة تقرير الفساد. وفي (المحيط) باع من ابنه الصغير فاسداً أو اشترى عبده لنفسه فاسداً لا يثبت الملك حتى يقبضه ويستعمله انتهى، ومن فوائد قوله ملكه أنه لو سرقه البائع قطع به، كذا في (السراج) وهو مشكل ففي (الظهيرية) تزوجها البائع بعد قبض المشتري لم يجز. وفي (القنية) لو لم يقبضها فزوجها البائع منه صح، وهذا يقتضي قيام شبهة ملك له وإلا لصح نكاحه فعدم القطع بالقواعد أليق (بقيمته)، قيل: أراد بها البدل لأنه إذا هلك إنما تجب قيمته لو كان قيمياً يوم قبضه وقال محمد يوم أتلفه ويجب مثله لو كان مثلياً والواجب قبله وإنما هو رد العين. وفي (جامع الفصولين) قال البائع: أبرأتك عن القن ثم مات عندي المشتري برئ إذ القيمة تجب بهلاك المبيع فقبله لا يصح الإبراء، لكن بالإبراء خرج عن كونه مضموناً وعلى هذا لو أبرأ الغاصب عن القيمة حال قيام المغصوب صح انتهى، وهذا معنى قولهم البراءة عن الأعيان لا تصح لكن تصيرها أمانة، والقول في القيمة للمشتري مع اليمين والبينة للبائع وإنما ملكه لوجود ركن البيع من الأهل والمحل والنهي يقرر الشرعية عنده لاقتضاه التصور، كذا قالوا وفيه نظر (ولكل) واحد (منهما فسخه) رفعاً للفساد، كذا في (الهداية) وهذا يقتضي أن الواجب أن يقال: وعلى كل واحد منهما فسخه غير أنه أراد بيان ثبوت ولاية الفسخ فوقع تعليله أخص من دعواه، كذا في/ (الفتح) وجعل الشر اللام بمعنى على، ومنه وإن أسأتم فلها وكأن صاحب (الهداية) أراد هذا المعنى فعلل بما سمعتم وعليه فليس التعليل أخص من الدعوى وبه عرف أن هذا الجعل لابد منه في كلام (الهداية) وهو الأرجح في كلام المصنف لأنه وإن جاز أن يريد بيان ثبوته ولاية الفسخ إلا أنه حينئذ يكون ساكتاً عن إفادة وجوبه وعلى ذلك الجعل يكون كلامه مفيد للشيئين، إذ الوجوب قدر زائد على ثبوت الولاية ثم إطلاقه يفيد أن له ذلك سواء كان قبل القبض أو بعده. أما الأول فظاهر لأنه لم يفد حكمه فيكون الفسخ امتناعاً منه غير أنه لابد من عمله دون رضاه، وأما الثاني فلا يخلو إما أن يكون الفساد لمعنى في أحد البدلين كبيع درهم بدرهمين أو بشرط فاسد كاشتراط ما ينتفع به أحد العاقدين والبيع إلى النيروز ونحوه، فإن كان الأول كان كالذي قبل القبض وجوزه الثاني بغير علم الآخر،

إلا أن يبيع المشتري أو يهب ـــــــــــــــــــــــــــــ وإن كان الثاني كان لمن له منفعة الشرط أن يستقل بفسخه بعلم صاحبه عند محمد واقتصر عليه في (الهداية). وعلله في (الذخيرة) بأنه يقدر على إسقاط الشرط فيصح العقد، فإذا فسخه فقد أبطل حقه لقدرته على تصحيح العقد، والعقد إذا كان لازماً يتمكن كل من فسخه انتهى، وهذا يفيد اختصاص المنفعة الموجبة للاستقلال بالفسخ بالمتعاقدين وقالا: لكل منهما حق الفسخ بعلم الآخر وأفاد كلامه أن الوارث يحلفه في ذلك، كما في (القنية) وأنه لا يشترط القضاء في الفسخ، كما في (البزازية) وفيها لو أصر على إمساكه وعلم القاضي به كان له الفسخ حقاً للشرع. فروع رده المشتري للفساد فلم يقبله البائع وأعاره المشترى إلى منزله وهلك عنده لا يلزمه ثمن ولا قيمة، وقيده ابن سلام بأن يكون فساد البيع متفقاً عليه، فإن كان مختلفاً فيه لا يبرأ إلا بقبوله أو قضاء القاضي، وقال الإسكاف: يبرأ في الوجهين وما قاله ابن سلام أشبه كخيار البلوغ ومنح الإجازة للعذر، كذا في (القنية). وفي (البزازية) مات البائع وعليه دين آخر فالمشتري أحق به من الغرماء، كما في (الصحيح) (إلا أن يبيع المشترى) فيمتنع الفسخ لتعلق حق العبد بالثاني ونقل الأول لحق الشرع وحق العبد مقدم لحاجته وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن يقبضه المشتري أو لا لكنه مقيد بقيود الأول: أن لا يكون فيه خيار شرط، الثاني: أن يكون صحيحاً، فلو كان فاسداً لم يمتنع الفسخ، الثالث: أن يكون من غير بائعه، فلو باعه كان منه نقضاً للأول وشرط في (المحيط) أن يقبضه البائع، ولم يشترطه قاضي خان وجزم به في (البزازية) وفيها باع فاسداً وسلم ثم باع من غيره وادعى أن الثاني كان قبل فسخ الأول وقبضه، وزعم المشتري الثاني أنها كان بعد الفسخ والقبض فالقول له لا للبائع وينفسخ الأول بقبض الثاني، وأفاد فيها أن الفساد لو كان للإكراه فإن تصرفات المشتري كلها تنتقض بخلاف سائر البياعات الفاسدة وهو حسن والمستأجر فاسداً يملك الإجارة بعد القبض صحيحة هو الصحيح، لأن للمؤجر الأول نقض الثانية لأنها تفسخ بالأعذار (أو) إلا أن (يهب) المبيع ويسلمه أو يتصدق به أو يرهنه لما قلنا: والحاصل أن تصرفاته كلها نافذة فيه ينقطع بها حق البائع في الاسترداد سواء كان تصرفاً يقبل الفسخ أو لا يقبله إلا الإجارة والنكاح لأنه تفسخ بالعذر، وفساد الشراء عذر والنكاح بعد الفسخ يبقى على حاله، كذا في (الشرح).

أو يحرر أو يبني ـــــــــــــــــــــــــــــ واستشكله في (البحر) مسألة النكاح بما في (الولوالجية) لو زوج المبيعة قبل قبضها وانتقص البيع فإن النكاح يبطل في قول أبي يوسف هو المختار انتهى، فيحمل على أنه قول محمد ويظهر بينهما فرق انتهى، ولو زال المانع كان رد المبيع بقضاء ويرجع الواهب ولو بغير قضاء أو فك لرهن أو عجز المكاتب عاد حق الفسخ هذا إذا كان قبل القضاء بالقيمة على المشتري، أما بعده فلا يعود (أو يحرر) أى: يعتق لأنه استهلاك له فوجب القيمة وبقي توابعه من التدبير والاستيلاد والكتابة، قال في (البحر): وصرح بالاستيلاد في (جامع الفصولين) وبالكتابة الشر وغيره ولم أر من صرح بالتدبير. وأقول: قد رأيته ولله الحمد، قال في (السراج) ما لفظه وإن كان المبيع عبداً فأعتقه المشتري أو دبره صح عتقه وتدبيره، وكذا إذا كانت جارية فاستولدها صارت أم ولد له ويغرم القيمة ولا يغرم العقر في رواية كتاب (البيوع) وفي رواية أخرى يرد العقر واتفقت الروايات أنه إن وطئها المشتري ولم تعلق منه أنه يرد الجارية والعقر انتهى، وسكت كثير عن الوقف والمنقول في فصول الأستروشتي أنه لو وقفه أو جعله مسجداً لا يبطل حق الفسخ ما لم يبين خلافاً لهما وغرس الأشجار على هذا انتهى، وتبعه قاضي سماونة في (جامع الفصولين). إلا أن الذي جزم به الخصاف أن الوقف حيث كان صحيحاً انقطع به/ حق البائع من قبل أنه استهلك العين حين وقفها وأخرجها عن ملكه، والظاهر أن ما في (الفصول) رواية (أو) إلا أن (يبني) شروع، فيما يقطع حق الاسترداد من الأفعال الحسية بعد الفراغ من القولين وهذا عند الإمام، وقالا: ينقض البناء وترد الدار، وعلى هذا لو غرس لهما أن حقه في الاسترداد آكد من حق الشفيع وحقه لا يبطل مع ضعفه فهذه أولى، ولأن البناء والغرس مما يصد بهما الدوام وقد حصل بتسليط من البائع فينقطع به حق الاسترداد كالبيع بخلاف حق الشفيع، قال في (الفتح): وقولهما أوجه وكون البناء يقصد به الدوام يمنع للاتفاق في الإجارة وعلى إيجاب القلع فظهر أنه قد يراد للبقاء وقد لا. وأقول: البناء الحاصل بتسليط البائع إنما يقصد به الدوام بخلاف الإجارة إذ لا تسليط فيها، وبهذا عرف أن محط الاستدلال إنما هو التسليط من البائع وكل ما هو كذلك نقطع به حق الاسترداد كما نبه عليه في (العناية) وليس البناء بقيد بل كان بفعل ينقطع به حق المالك في الغصب إذا فعله المشتري في البيع فينقطع به حق البائع في الاسترداد كما إذا طحن بالحنطة، ونبه به على أن الزيادة إذا كانت متصلة

وله أن يمنع المبيع عن البائع حتى يأخذ الثمن منه وطاب للبائع ما ربح لا للمشتري ـــــــــــــــــــــــــــــ غير متولدة من الأصل فإنها تمنع الفسخ ومنه الصبغ والخياطة ولت السويق بخلاف المتولدة، فللبائع أخذ الزائد ولا يطيب له ولو نقص في يد المشتري بآفة سماوية أخذ البائع مع الأرش، وكذا لو بفعل المشتري أو المبيع أو بفعل البائع صار مسترداً حتى لو هلك عند المشتري ولم يوجد منه حبس عن البائع هلك على البائع، ولو بفعل أجنبي يخير البائع إن شاء أخذه من المشتري وهو يرجع على الجاني، وإن شاء اتبع الجاني وهو لا يرجع على المشتري به كالغصب، كذا في (جامع الفصولين). (وله) أي: للمشتري بعد التفاسخ أي (يمنع المبيع عن البائع حتى يأخذ الثمن) لأن المبيع مقابل به فيصير محسوساً كالرهن قيل: أراد بالثمن القيمة التي أخذها وليس بلازم بل قد يكون ذلك أو الثمن الذي تراضيا عليه عرضاً كان أو ثمناً نقداً، فإن كان قائماً أخذ عينه لتعيين الدراهم في الفاسد على الأصح، كما في (الهداية) وإلا فمثله وعلى هذا الإجارة الفاسدة والرهن والقرض ولم يذكروا الصرف والسلم التقاء بذكر البيع لأن هذه عقود معاوضات، وفيها تجب التسوية بين البدلين، ولو مات واحد من هؤلاء كان أحق بما في يده من العين من سائر الغرماء، إلا أن الرهن مضمون بقدر الدين والمشتري بقدر ما أعطى فما فضل فللغرماء بخلاف ما لو مات المحيل وعليه دين ولم يقبض المحتال الدين أو الوديعة حيث لا يختص بدين الحوالة أو الوديعة، لأن الاختصاص إنما يوجبه ثبوت الحق مع اليد ولا يد للمحتال، كذا في (الفتح) والإجارة الصحيحة كالفاسدة ففي (الخلاصة) و (الخانية) ولو مات وعليه ديون فالمستأجر أحق بالمستأجر على غرمائه، وهكذا في بيع (الجامع) إلا أنه صورها في العبارة الطويلة. قال في شرح (المنظومة): والتقييد بها خرج مخرج الغالب، وفي بيوع (الجامع) أيضاً لو تفاسخا الشراء والإجارة فالذي في يده الغبن أحق بها من سائر الغرماء تباع في دينه، فإن فضل شيء أخذه بقيمة الغرماء انتهى. واعلم أن إطلاق (الكتاب) مقيد بما إذا كان الثمن بنقود، أما إذا لم يكن كما إذا اشترى من مدينه عبداً بدين سابق شراء فاسداً وقبضه بالإذن فأراد البائع أخذه بحكم الفاسد ليس للمشتري حبسه لاستيفاء ماله عليه من الدين والإجارة الفاسدة، وكذا الرهن الفاسد على هذا بخلاف ما إذا كانت العقد صحيحاً في الأبواب الثلاثة، والفرق في (الكافي) (وطاب للبائع ما ربح) فالثمن (لا للمشتري) ما ربح في المبيع بأن باعه بأزيد مما اشترى، والأصل في هذا أن المال منه ما لا يتعين في المعاوضات كالدراهم والدنانير وما يتعين وهو ما سواهما، والخبث يكون لعدم الملك في المبدل

ولو ادعى على آخر دراهم فقضاه إياها ثم تصادقا أنه لا شيء له عليه طاب ربحه ـــــــــــــــــــــــــــــ أو لفساده، فالأول يعمل في النوعين حتى أن الغاصب أو المودع إذا تصرف في المغصوب والوديعة سواء كان عرضاً أو نقداً أو أديا ضمانهما وفضل الربح تعين التصدق به عند الإمام ومحمد، والثاني إنما يعمل فيما يتعين كالمبيع لتعلق العقد الثاني بالعين فتمكن الخبث فيه دون ما لا يتعين لعدم تعلق العقد الثاني بالعين فلم يتمكن الخبث، وهذا إنما يتم على رواية عدم تعين النقد، وقد مر أن رواية التعين هي الأصح وحينئذ فالأصح وجوب التصدق على البائع بما ربح، غير أن التفصيل الواقع في (الكتاب) هو صريح الرواية في (الجامع الصغير) وحينئذ فالأصح أن الدراهم لا تتعين في الفاسد، كذا في (الفتح) ملخصاً. قال صدر الشريعة: ويمكن التوفيق بأن لهذا العقد شبهين شبهاً بالغصب وشبهاً بالبيع فإذا كانت قائمة اعتبر شبهة الغصب سعياً في رفع العقد الفاسد، وإذا لم تكن قائمة فاشترى بها شيئاً يعتبر شبه البيع حتى لا يسري/ الفساد إلى بدله. قال يعقوب باشا: هذا التوفيق إنما يفيد دليل للمسألة لا يرد عليه ما يرد عليها فالمناسب أن يقال: إن كلام صاحب (الهداية) في المسألة الأخيرة على الرواية الصحيحة لا على الأصح وهي أنها تتعين في البيع الفاسد كما يشير إليه في (العناية) إلا أن يقال: مراد القائل بالتعين الذي هو الأصح التعيين في صورة لونها قائمة لا تعينها مطلقاً لكنه في الفاسد خلاف ما صرحوا به انتهى، وعبارته في (العناية) هذا إنما يستقيم على الرواية الصحيحة وهي لا تتعين على الأصح وهي التي تقدمت أنها تتعين. قال في (الحواشي السعدية): وفيه بحث فإن عدم التعيين سواء كان في المغصوب أو ثمن البيع الفاسد إنما هو في العقد الثاني ولا يضر تعيينه في الأول فقوله إنما يستقيم إلخ فيه ما فيه، وقد أخذ صاحب (البحر) قول يعقوب باشا إلا أن يقول إلخ فقال: وقد ظهر لي أن لا منافاة بينهما فالتعيين بالنسبة إلى رد العين وعدمه بالنسبة إلى طيب الريح، وقد علمت ما فيه. (ولو ادعى على آخر دراهم) فصدقه على ذلك (فقضاه) أي: وفاه (إياها ثم تصادقا) بعد ذلك (أنه لا شيء له عليه) مما ادعى به (طاب) له، أي: للمدعي (ربحه) أي: ما ربح فيها لأن الخبث هذا لفساد الملك لأن الدين وجب بالإقرار ثم استحق بالتصادق وبدل المستحق مملوكاً ملكاً فاسداً فلا يعمل فيما لا يتعين خبثاً فطاب له الربح، والدليل على أنه مملوك أن من اشترى عبداً بجارية فأعتق العبد واستحقت الجارية نفذ عتقه، ولو لم يكن مملوكاً لم ينفذ فلو حلف لا يفارقه حتى لا يستوفي حقه فباعه المديون عبداً لغيره بذلك الدين وقبضه ثم استحق العبد لا حنث لأن

وكره النجش والسوم على سوم غيره ـــــــــــــــــــــــــــــ المديون ملك ما في ذمته بهذا البيع فيكون مستوفياً حقه، ذكره قاضي خان في (الجامع الكبير). قال في (الفتح): واعلم أن ملكه باعتبار زعمه أنه قبض الدراهم بدلاً عما يزعم أنه ملكه، أما لو كان في أصل دعواه الدين معتمداً الكذب فدفع إليه لا يملكه أصلاً لأنه متيقن أنه لا ملك له فيه، قال في (الفتح): فظاهر إطلاقهم خلافه أن المنظور إليه وجوبه بالإقرار لا زعم المدعي. وأقول: قد صرحوا في الإقرار بأن المقر له إذا كان يعلم أن المقر كاذباً في إقراره لا يحل له أخذه عن كره منه، أما لو اشتبه الأمر عليه حل له الأخذ عند محمد خلافاً لأبي يوسف كما سيأتي وح، فلا يطيب له ربحه ويحمل كلامه هنا على ما إذا ظن أن عليه ديناً بإرث من أبيه مثلاً ثم تبين أن وكيله أوفاه لأبيه فتصادقا أن لا دين حينئذ يطيب له، وهذا فقه حسن فتدبره. (وكره النجش) لما كان المكروه شعبة من شعب الفاسد لاستوائهما في البيع إذ المكروهات هنا كلها تحريمية ألحقه به وأخره لأنه أدنى حالاً منه في فساد العقد، وهذا لأن الفاسد فيه لمعنى لا في صلب العقد ولا في شرائط الصحة فكان صحيحاً، واستشكله في (الكافي) بأن البيع يفسد بالشرط وهو خارج عن العقد إلا أن يؤول الخارج بالمجاور والنجش بفتحتين ويروى بالسكون، كذا في (المغرب) أن يزيد في الثمن ولا يريد الشراء ليرغب غيره، كذا في (الهداية)، قيل: أو يمدح المبيع بما ليس فيه ليروجه. قال القرماني في شرح (المقدمة): وفي (القاموس) ما يفيده حيث قال: هو أن يتواطأ رجلاً إذا أراد بيعاً في أن يمدحه أو أن يريد الإنسان أن يبيع بياعة فتساومه بها بثمن كثير لينظر إليك ناظر فيقع فيها، أو أن ينفر الناس عن الشيء لا غيره وإشارة الصيد والبحث عن الأعشى وأمانة والجمع والاستخراج والإبعاد وكالنجاشة وإنما كره للنهي، عنه كما في (الصحيح) وحمله المشايخ على ما إذا كان الطالب يطلبها بقيمتها، فإن طلبها بأنقص لا بأس بأن يزيد إلى أن تبلغ قيمتها. (و) كره أيضاً (السوم) وهو طلب المبيع بالثمن من الثمن الذي دفعه غيره بلا عذر (على سوم غيره) لخبر (الصحيحين) لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه وهو محمول عندنا في البابين على ما إذا تراضى العاقدان على مبلغ فيعطيه آخر أكثر منه أو مثله فيبيعه له أو يزوجه لوجاهته فإنه لم يركن أحدهما

وتلقي الجلب وبيع الحاضر للبادي والبيع عند أذان الجمعة ـــــــــــــــــــــــــــــ إلى الآخر فلا بأس لغيره أن يشتريه بأزيد أو يتزوج كذلك ولم يقل كما في الحديث عى سوم أخيه تنبيهاً على أنه فيه ليس قيداً بل لزيادة التنفير لقوله في الغيبة: (ذكرك أخاك بما يكره) إذ لا خفاء في منع غيبة الذمي، وكذا السوم على سومه وينبغي أن يكون المستأمن كذلك وصورة البيع على بيع أخيه أن يتراضيا على ثمن سلعة فيقول آخر: أنا أبيعك مثلها بأنقص وأدخله بعض الشافعية في السوم. (و) كره أيضاً (تلقي الجلب) بفتح اللام بمعنى المجلوب زاد في (المجمع) إذا أضر ولبس عليهم لأن النهي عنه الوارد في الصحيحين محمول على ذلك، وصورة الأول أن يتلقى الميرة فيشتري منه ثم يبيعه بما شاء من الثمن، والثاني أن يتلقاهم فيشتري منهم بأرخص من سعر المصر وهم غافلون عنه لما في الأول من الأظهر وفي الثاني من الضرر حتى لو لم يضره لم يكره. (و) كره أيضاً/ (بيع الحاضر للبادي) لخبر الشيخين (لا يبع حاضر لباد) وفسره ابن عباس بأن لا يكون له سمساراً وهو المتوسط بين البائع والمشتري، ومن ثم فسره في (الاختيار) بأن يجلب البادي السلعة فيأخذها الحاضر ليبيعها له بسعر أغلى من الموجود وقت الجلب، وقول الحلواني: هو أن يمنع السمسار القروي من البيع ويتوكل له ويبيع ويتغالى، ولو تركه يبيع لنفسه لرخص على الناس قريب منه وهذا التفسير هو الأصح، كما في (المجتبى) وعلى هذا تفسير ابن عباس ليس تغييراً لصورة النهي بل لضدها وهي الجائزة فالمعنى أنه نهى عن بيع السمسار وتعرضه فكأنه لما سئل عن كمية نهي بيع الحاضر للبادي قال: المقصود أن لا يكون له سمسار فنهى عنه السمسار، كذا في (الفتح) وقول صاحب (الهداية) هذا إذا كان له أهل البلدة في قحط وعوز وهو يبيع من أهل البلد طعماً في الثمن الغالي يقتضي أن الحاضر هو المالك البائع وعلى الأول فهو السمسار. (و) كره أيضاً (البيع عند أذان الجمعة) وهو الواقع بعد الزوال على ما مر لقوله تعالى: {وذروا البيع} [الجمعة: 9] ولأن فيه إخلالاً بالواجب أعني السعي بتقدير جلوسهما أو فوقهما له، ومن هنا قال أبو اليسر في (أصوله): لو تبايعا وهما يمشيان فلا بأس به، وجزم به في (الحواشي اليعقوبية) وتبعه في شرح (الدرر)، واستشكله الشر بأن الله تعالى نهى عن البيع مطلقاً، فمن جوزه في بعض الوجوه يكون تخصيصاً وهو

لا بيع من يزيد ولا يفرق بين صغير وذي رحم محرم منه ـــــــــــــــــــــــــــــ نسخ فلا يجوز. قال في (الحواشي اليعقوبية): وفيه بحث ولعل وجهه أن النهي حيث كان معللاً بالإخلال بالسعي فإذا انتفى انتفى والله الموفق. (لا) يكره (بيع من يزيد) وهو صفة البيع في أسواق مصر المسمى بالبيع في الدلالة كيف وقد صح (أنه - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل من الأنصار يسأله صدقة فقال: أما في بيتك شيء؟ فقال: حلس ألبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه الماء، قال: آتني بهما، فأخذهما - صلى الله عليه وسلم - وقال: من يشتري هذين؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: ومن يزيد على درهم مرتين أو ثلاثاً؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه) الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة، (ولا يفرق) المالك هذا نوع من البيع المكروه وأخره، لأن الكراهة فيه بمعنى يرجع إلى غير المعقود عليه بخلاف ما مر وذكره بصورة النفي مبالغة في المنع، أي: لا يفرق ببيع أو هبة أو قسمة ميراث أو غنيمة أو وصية ولا ينتظر فيها أن يتأخر بعد الموت إلى انقضاء زمان التحريم لأن ذلك يوهم (بين صغير وذي رحم محرم منه) سواء كان صغيراً أو كبيراً، أو الأصل ما فيه ما رواه الدارقطني وابن ماجة: (لعن رسول الله من فرق بين الوالد وولده وبين الأخ وأخيه) ونبه بقوله وذي رحم محرم أن مناط المنع القرابة المحرمة للنكاح فخرج المحرم إذا كان غير قريب كمحرم الرضاع وامرأة الأب والقريب غير المحرم كابن العم ولا يرد عليه ابن العم إذا كان من االرضاع، فإنه وإن كان رحماً محرماً لكنه لا يعطى هذا الحكم لأن المراد المحرم من جهة الرحم. وقولنا: لا يفرق بيع إلخ يخرج ما لو كان التفريق بإعتاق على مال وتوابعه وبيعه ممن حلف بعتقه أو كان بحق كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين أو بإتلاف مال إنسان ورده بالعيب، ومنه ما في (المبسوط) ذمي زوج عبده أمة ولدت منه فأسلم العبد وولده صغيراً أجبر على بيعه مع ابنه لأنه صار مسلماً بإسلام أبيه وإن لزم منه التفريق بينه وبين أمه قالوا: ولو كان في ملكه ثلاثة أحدهما صغير جاز له بيع أحد الكبيرين، ولو كان للصغير قريبان مستويان في القرب، فإن اختلفت قرابتهما لا يفرق كالأبوين بأن ادعياه معاً من أمة بينهما والأب والأم والأخت لأب والأخت لأم فإن اتحدت جهة قرابتهما كالأخوين اكتفي بأحدهما، وإن كان أحدهما أقرب لا يعتد بالأبعد ولو باع الأم على أنه بالخيار ثم الولد يكره التفريق، ولو اشترى الأم بالخيار

باب الإقالة

بخلاف الكبيرين والزوجين. باب الإقالة ـــــــــــــــــــــــــــــ والولد في ملكه كان له ردها اتفاقاً هذا إذا كان المالك مسلماً حراً أو مكاتباً أو مأذوناً، فإن كان كافراً لم يكره، كذا في (النهاية) معللاً بأن ما هو عليه من الكفر أعظم والكفار غير مخاطبين بالشرائع. قال في (الفتح): والوجه أنه إن كان ملتهم حلالاً يتعرض لهم وإلا فلا يجوز وإذا عرف هذا بقوله في (الفتح) أو لا لو كان إلخ في المستأمن فباع أحدهما فللمسلم أن يشتريه مع أن المنع كما هو للبائع كذلك للمشتري المراد به الكافر، ولو كان الصغير مراهقاً ورضيت أمه بيعه جاز فتحصل من هذا أنه مكروه إلا بالإعتاق وتوابعه وبيعه ممن حلف بعتقه وكان بحق أو كان لكافر أو رضيت أمه به وكان مراهقاً فتلك إحدى عشرة صورة اقتصر في (الفتح) منها على ثمانية. واعلم أن فسخ المكروه واجب على كل منهما أيضاً كما صرح به في (النهاية) صوناً لهما عن المحظور ولو قاله المص كما في الفاسد لكان أولى (بخلاف الكبيرين والزوجين) حيث يجوز تفريقهما لأنه ليس في معنى ما ورد به النص ليثبت فيه المنع إلحاقاً بالدلالة إذا كان أصله/ على خلاف القياس وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام أهدى له المقوس مارية وسيرين- بالسين المهملة- فوهب سيرين لحسان لكن جاء في بعض الطرق أنه وهبها لجهم بن قيس العبدي وجمع بينهما بأن المهدى كان ثلاث كما رواه البيهقي. باب الإقالة لاشك أن الإقالة بيان لكيفية رفع العقد وهو فرع ثابته ثبوته والأبواب المتقدمة كلها مع الفاسد والمكروه بيان له فأعقب الرفع معظم أبواب الإثبات، واشتقاقها من القليل لا من القول وإن الهمزة للسلب كما قد يتوهم لقولهم قتله بالكسر، وإن كان قيلاً والكثير قلته فدل على أن العين ياء لا واو، وأيضاً ذكر في (مجموع اللغة) قال: البيع قليلاً فسخه، وفي (المصباح) هذا لغة وأقال الله عثرته إذا رفعه من سقوطه، ومنه الإقالة في البيع لأنها رفع العقد انتهى. وفي (السراج) هي لغة: الرفع، وشرعاً: رفع العقد، أي: عقد البيع وما في (البحر) من أن هذا تعريف للأعم من إقالة البيع والإجارة ونحوهما ففيه نظر،. ركنها

هي فسخ ـــــــــــــــــــــــــــــ الإيجاب والقبول الدالين عليها بماضيين أو أحدهما كالنكاح وقال محمد: لا بد من الماضيين كالبيع، وجعله في (الخانية) قول الإمام محمد وفي (الخلاصة) واختاروا قول محمد وقول أبي يوسف مشكل لأنه يقول بيع كما سيجيء والبيع لا ينعقد بذلك كما مر، وجوابه أنه إنما لم يعطها حكمه لأن المساومة لا تجري قيها فحمل اللفظ على التحقيق بخلاف البيع والقبول يكون القبول بالفعل أيضاً كما إذا قطعه قميصاً في فور قول المشتري أقلتك ولا يتعين لفظ الإقالة. بل لو قال: تركت البيع أو فسخته وقال: الآخر رضيته أو أجزته تمت فينعقد بالتعاطي أيضاً ولو من أحد الجانبين هو الصحيح، كما في (البزازية) شرائطها رضى المتعاقدين وكون المبيع قابلاً للفسخ بخيار من الخيارات، فلو زاد زيادة تمنع الفسخ لم تصح خلافاً لهما واتحاد المجلس، وأن لا يبرأ البائع المشتري عن الثمن بعد قبض المبيع فإن فعل لم تصح الإقالة، كما في (القنية) وأن لا يكون البيع بأكثر من القيمة في بيع الوصي أو شرائه، فإن كان لم تصح إقالته. وفي بيوع (القنية): اشترى المأذون غلاماً بألف وقيمته ثلاثة آلاف لم تصح إقالته ولا رده المبيع بعيب، وكذا الوصي والمتولي على الوقف، وكذا لو أجره ثم قال: ولا صلاح فيها وفي (العناية) وشرطها أن يكون بالثمن الأول انتهى. لكن سيأتي أن اشتراط غيره لغو، ولو كان شرطاً لها لا نتفت بانتفائه فالظاهر أنه من أحكامها، ومن الشرائط أيضاً قبض بدل الصرف في إقالته وقيام المبيع كما سيأتي وهي مندوب إليها لخبر (من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة) وقد مر أن رفع العقد المكروه واجب كالفاسد وينبغي أن تكون واجبة أيضاً فيما إذا أخره البائع يسيراً، أما إذا كان فاحشاً كان له الرد على الأصح كما سيأتي، وقد بين حكمها بقوله: (هي فسخ) في أحد المتعاقدين هذا إذا كانت قبل القبض بالإجماع، أما بعده فهو قول الإمام إلا إذا بعد زمان ولدت المبيعة فيبطل وقال أبو يوسف: هي تبع إلا إذا تعذر بأن وقعت قبل القبض في منقول فيكون فسخاً إلا إذا تعذر أيضاً بأن ولدت المبيعة والإقالة قبل القبض فتبطل وقال محمد: هي فسخ إن كانت بالثمن الأول أو بأقل ولو بأكثر أو بجنس آخر فبيع، والخلاف مقيد بما إذا كان بلفظ الإقالة، أما لو كانت بلفظ المفاسخة أو المتاركة أو الرد لا يكون بيعاً اتفاقاً. قال في (السراج): ولو كانت بيعاً إجماعاً كما إذا قال له بعني ما اشتريت فقال: بعت ثم فائدة كونها فسخاً يظهر في مسائل أنها لا تبطل بالشروط الفاسدة إلا أنه لا يصح تعليقها بالشرط كما في (البزازية) ولو باعه المبيع منه ثانياً بعدها قبل

في حق المتعاقدين بيع في حق ثالث وتصح بمثل الثمن الأول وشرط الأكثر او الأقل بلا تعيب ـــــــــــــــــــــــــــــ القبض جاز، وكذا لو وهبه منه ولو كان المبيع مكيلاً فقبضه بعدها من غير كيل جاز، ومقتضى قول أبي يوسف أنها بيع أنه لا يجوز، وكذا قال في (البدائع) هذا على يطرد على أصل أبي موسى وعليه رد الثمن الأول وتسمية غبره باطلة كما سيجيء. واعلم أن هذا غير مجرى على إطلاقه بل فيما هو من موجبات العقد وهو ما يثبت بنفس العقد من غير شرط، أما إذا لم يكن منها بل وجب بشرط زائد فالإقالة فيه تعتبر بيعاً (في حق المتعاقدين) أيضاً، كما اشترى بالدين المؤجل عيناً قبل حلول الأجل ثم تقايلا عاد الدين حالاً كأنه باعه منه وكما إذا أعاده رجل بعد الإقالة وشهد المشتري بذلك لم يقبل لأنه هو الذي باعه، ثم شهد أنه لغيره ولو كانت فسخاً لقليت، ألا ترى أن المشتري لو رد المبيع بعيب بقضاء وادعى المبيع آخر وشهد المشتري بذلك تقبل شهادته؟ إذ بالفسخ عاد ملكه القديم فلم يكن متلقياً من جهة المشتري لكونه فسخا من كل وجه كذا في (الشرح). وفي (الصغرى) لو رد المبيع بعيب بقضاء عاد الأجل كما كان كفيل لا تعود الكفالة انتهى بيع جديد في حق ثالث هذا باتفاق/ الثلاثة وجعلها زفر فسخاً في حق الكل كما في (السراج) وفائدته تظهر في مسائل أيضاً لو كان المبيع عقاراً وله شفيع سلم يقضى له بها بعد التقايل، ولو باعه من آخر ثم تقايلا أو اطلع على عيب كان في يد باعه ليس له الرد ولو لم ينقد إليه الثمن حتى باعه ثم تقايلا جاز له بيعه منه بأقل من الأول، ولو كان المبيع موهوباً ليس للواهب الرجوع بعد التقايل، ولو اشترى بعرض التجارة بعد الحول عبداً للخدمة فرده بعيب بغير قضاء واسترد العوض فهلك لم تسقط الزكاة عليه، كذا في (الشرح)، زاد في (النهاية) سادسة: هي ما مر أن قبض بدل الصرف شرط لصحة الإقالة بعد الرهن. فأجبت بأنها موقوفة كالبيع أخذاً من قولهم: إنها (بيع) جديد (في حق ثالث) وهو هنا المرتهن وهي سابقة، وعلى هذا لو أجره ثم تقايلا فهي ثامنة (وتصح) الإقالة (بمثل الثمن الأول) حتى لو كان الثمن عشرة دنانير فدفع إليه دراهم عوضاً عنها ثم تقايلا وقد رخصت رجع بالدنانير لا بما دفع، وكذا لو رد بالعيب، وكذا في الإجارة لو فسخت ولو عقداً بدراهم وكسدت ثم تقايلا رد الكاسد، كذا في (الفتح). (وشرط الأكثر) من الأول (و) شرط (الأقل) منه (بلا تعيب) قيد به لأنه لو تعيب جاز اشتراط الأقل وجعل الحط بإزاء ما فات بالعيب ولهذا يشترط أن يكون

وجنس آخر لغو ولزمه الثمن الأول وهلاك المبيع يمنع وهلاك بعضه بقدره. ـــــــــــــــــــــــــــــ النقصان بقدر حصة ما فات بالعيب، ولا يجوز أن ينقص أكثر منه كذا في (الشرح) وذكر تاج الشريعة أن الزيادة والنقصان بقدر ما يتغابن فيه يجوز. (و) شرط (جنس آخر) من خلاف الثمن الأول (لغو ولزمه الثمن الأول) عند الإمام لأن الفسخ إنما يرد على عين ما ورد عليه العقد، فاشتراط خلافه لفور الإقالة صحيحة، وعندهما مع شرط الأكثر يكون بيعاً لكونه الأصل عند أبي يوسف ولتعذر الفسخ عند محمد، وكذا في شرط الأقل عنده وعند محمد فسخ بالثمن الأول ولا خلاف أنه مع السكوت عن الثمن يجب الأول، ولو أجل المشتري الثمن بعد الإقالة بطل التأجيل. ولو تقايلا ثم أجله ينبغي أن لا يصح الأجل عند الإمام فإن الشرط اللاحق بعد العقد يلتحق بأصله عنده، كذا في (القنية) وفيها أن مونة الرد بعد الإقالة على البائع وهلاك الثمن لا يمنع الإقالة، (وهلاك المبيع) ولو حكماً (يمنع) صحة الإقالة ابتداء وبقاء حتى لو أبق المبيع من يد المشتري بعدها وعجز عن تسليمه بطلت، وكذا لو هلك بعد الإقالة يعني قبل القبض لأن رفع البيع يقتضي قيامه وهو بالمبيع دون الثمن، ولذا كان هلاكه لا يمنع لعدم تعينه. وقلنا بصحتها بعد هلاك البدلين في الصرف لأن المعقود عليه ما وجب لكل واحد بذمة صاحبه وهذا باق (وهلاك بعضه) يمنع بعذر لأن الجزء معتبر بالكل فيتقدر (بقدره)، وليس منها لو اشترى، صابوناً ثم تقايلا بعدما قبض وزنه بالجفاف لا يجب على المشتري شيء لا كل المبيع باق كما في (الفتح) نعم منه ما لو اشترى أرضاً مع زرعها وحصده المشتري ثم تقايلا صحت في الأرض بحصتها من الثمن بخلاف ما لو تقايلا بعد إدراكه فإنها لا تجوز، كذا في (القنية). ولو تقايضا أي: تبايعا مقايضة فهلك أحدهما جازت الإقالة في الباقي لأن كلاً منهما مبيع وثمن وكان على المشتري قيمة الهالك أو مثله وعلى هذا تفرع ما اشترى عبداً بنقرة فضة أو بمصوغ يتعين فتقايلا بعد هلاك العبد صحت وعلى البائع رد الفضة بعينها، ويسترد قيمة العبد ذهباً لا فضة كي لا يكون ربا، ولو هلك بعد الإقالة رد الثمن واسترد قيمته فضة إن شاء لأن القيمة هنا إنما أوجبت بدلاً للعبد ولا ربا بين العبد وقيمته، كذا في (السراج). وقالوا: لو تقايلا بعد هلاك رأس سلم العرض صحت ويضمن قيمة الهالك أو مثله باعتبار أن الثمن في هذا كبيع المقايضة لأن المسلم فيه وإن كان ديناً حقيقة لكن له حكم العين حتى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه.

باب التولية

باب التولية هي بيع بثمن سابق والمرابحة ـــــــــــــــــــــــــــــ تتمة: إقالة الإقالة جائزة إلا إقالة إقالة السلم فلا يجوز كما نص عليه الشر في التحالف ويجوز الإقالة من الوكيل بالبيع والسلم في قولهما كالإبراء خلافاً لأبي يوسف، ولا يجوز إقالة الوكيل بالبيع والسلم بالشراء إجماعاً وفسخ الموكل مع المشتري جائز. وفي جمع (التفاريق): إقالة الوارث جائزة ولو باع المبيع من البائع قبل القبض لا ينفسخ البيع، ولو وهبه انفسخ يعني إذا قبل ولو قال البائع قبل القبض: أعتقه فأعتقه جاز العتق عن البائع وانفسخ البيع عند الإمام وقال أبو يوسف: العتق باطل وفي (الصغرى) جحود ماعدا النكاح فسخ وعليه ما فرع في (الخانية) وغيرها باع أمة فأنكر المشتري الشراء لا يحل للبائع وطؤها إلا إذا عزم البائع على ترك الخصومة لأنه مع العزم يتم الفسخ. ولو ادعى المشتري أنه باعه من بائعه بأقل من الثمن الأول قبل نقده وأنه فسد وقال البائع: بل أقلنا به، فالقول للمشتري يدعي الإقالة يحلف كل مع يمينه في إنكار الإقالة، فلو كان البائع هو المدعي/ لذلك والمشتري يدعي الإقالة يحلف كل واحد على دعوى صاحبه كذا في (الفتح). باب التولية قدم أحكام المبيع لأصالته ثم أعقبه ببيان أنواع الثمن من التولية والمرابحة والربا والصرف والبيع إلى أجل، ولم يذكر المساومة وهي التي لا التفات فيها إلى الثمن الأول، والوضيعة وهي البيع بأنقص من الثمن الأول لظهورهما والحاجة ماسة إلى هذا النوع إذ المعنى يحتاج إلى فعل الذكي العارف بالتجارة فتطيب نفسه بمثل ما اشترى وبزيادة ربح وقد صح (أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر بعيرين فقال له عليه الصلاة والسلام: ولني أحدهما، فقال هو لك بغير شيء فقال له: أما بغير ثمن فلا) وذكر السهيلي عن بعض أهل العلم أنه إنما لم يقبله إلا بالثمن وقد اتفق عليه أبو بكر أضعافه لتكون هجرته بنفسه وماله رغبة منه استكمال الهجرة إلى الله تعالى، وأن تكون على أتم أحوالها وهو جواب حسن، والتولية لغة مصدر ولى غيره وجعله والياً فكأن البائع جعل المشتري والياً فيما اشتراه، وعرفاً (هي بيع بثمن سابق، والمرابحة) مصدر رابح.

به وبزيادة ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (المصباح): بعت المتاع واشتريته مرابحة إذا سميت لكل قدر من الثمن ربحاً بيع (به) أي: بالثمن السابق (وزيادة) هذا التعريف غير مطرد ولا منعكس، أما الأول فلأن من اشترى دنانير بالدراهم لا يجوز له بيعها مرابحة، وكذا من اشترى شيئاً بثمن نسيئة لا يجوز له أن يرابح عليه مع صدق التعريف عليهما، وأما الثاني فلأن المغصوب الآبق إذا عاد بعد القضاء بالقيمة على الغاصب جاز بيع الغاصب له مرابحة بأن يقول: قام علي بكذا ولا يصدق التعريف عليه لعدم الثمن، وظاهر ما في (الشرح) يعطي أن تعريف المص صادق عليه فقال: هذا أحسن من قول بعضهم يريد القدوري هنا نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح أو من غير زيادة ربح لأنه يرد عليه الغصب، إذ لا عقد فيه وقد علمت وروده على كلام المص أيضاً، ومما أورد أيضاً ما لو رقم في الثوب مقداراً ولو أزيد من الثمن الأول ثم رابحه عليه جاز، فإن غبن المشتري فمن جهله، وكذا لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمة ثم رابحه على تلك القيمة جاز ولا يصدق التعريف عليهما. وأجيب عن الأول بأن البيع يستلزم مبيعاً وكون مقابله ثمناً مطلقاً يفيد أن ما ملكه بالضرورة مبيع متعين وبدلي الصرف لا ينفيان فلم يصدق التعريف عليه، وكذا قول القدوري نقل ما ملكه أي مما هو مبيع متعين بدلالة قوله بالثمن الأول كما في (الفتح)، وهو أولى مما في (العناية) إذا لم يجز البيع لا يصدق عليه النقل، وعن الثاني بأن الثمن مقابل بشيئين فلم يصدق في أحدهما أنه بثمن أول، قال في (البحر): والسؤال ليس بوارد كما ادعاه في (الفتح) لأنها جائزة إذا بين أنه اشتراه نسيئة. وأقول: بل هو وارد وإنما الجواز إذا بين فلا اختصاص له بهذا بل هو في كل ما يجوز فيه المرابحة كما لو اشترى من أصوله أو فروعه إذا بين جاز كما سيأتي، وعن الثالث بأن المراد بالثمن ما قام عليه من غير خيانة لما سيأتي من أنه يضم أجرة القصار ونحوه، وعبر عنه بالثمن لكونه العادة الغالبة في المرابحة فيكون من باب ترك الحقيقة للعادة فيدخل فيه المغصوب في قول القدوري بالعقد لأنه أعم من أن يكون ابتداء أو انتهاء، وإذا قضى القاضي بالقيمة عاد ذلك عقد أجنبي لم يقدر المالك على رد القيمة وأخذه، وما ملكه بالإرث إنما يدخل الثمن بالتأويل المذكور، كما صرح به في (العناية) وإن لم يكن بد من التأويل فلا حاجة لقوله بالعقد الأول بل يكفي أن يقال: نقل ما ملكه بالثمن الأول وهذا ما قاله المص فكان أحسن فتدبره، وذكر في (البحر) تعريف أطال فيه بذكر الشروط وغبر خاف عنك خروجها عن الماهيات فقط

وشرطهما كون الثمن الأول مثلياً وله ان يضم إلى رأس المال أجر القصار والصبغ والفتل وحمل الطعام وسوق الغنم ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ وتقرير تعريف المص على هذا المنوال من خواص هذا الشرط بفضل الكبير المتعال (وشرطهما كون الثمن الأول) وهو ما ملك به المبيع (مثلياً) كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون والعددي المتقارب، أما إذا لم يكن له، مثل بأن اشترى ثوباً بعبد مقايضة مثلاً ما لو رابحه أو ولاه إياه كان بيعاً بقيمة عبد صفته كذا أو بقيمة عبد ابتداء وهو مجهول قال في (الهداية): ولو كان المشترى مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعه بربح درهم أو شيء من المكيل موصوف جاز لأنه يقدر على الوفاء بما التزم انتهى، وصورته اشترى داراً بثوب ثم إن بايع الدار ملك الثوب من آخر فباع مشتري الدار إياها من الذي اشترى الثوب بهذا الثوب وربح درهماً جاز، ولو باعه به وبعشر قيمته أو ثمنه البيع لا يجوز، ولو كان البدل مثلياً فباعه به وبعشرة إن كان المشتري يعلم جملة ذلك صح، وإلا فإن علم في المجلس خير وإلا فسد، واعلم أن المعتبر في المحاربة ما وقع العقد عليه/ دون ما وقع عنه حتى لو اشترى بعشرة فدفع عنها ديناراً أو ثوباً قيمته عشرة أو أقل أو أكثر كان رأس المال هو العشرة لا الدينار والثوب، كذا في (الفتح). وفي (الظهيرية): اشترى بالجياد ونقد الزيوف رابح بها في قول الإمام وقال أبو يوسف: الجياد وجزم به في (المحيط) من ذكر خلاف كما في (الفتح)، وفي (السراج): لو رابح في المثلي على بعضه جاز كقفيز من قفيزين بخلاف القيمي، وفي (المحيط) لو كان ثوباً ونحوه لا يبيع جزءاً منه معيناً، ولو باع جزءاً شائعاً جاز وقيل: يفسد البيع (وله) أي: للبائع (أن يضم إلى رأس المال أجرة القصار) للثوب (و) أجرة (الصبغ) بأي لون كان (و) أجرة (الطراز) بكسر الطاء وتخفيف الراء العلم في الثوب كذا في (المغرب)، (و) أجرة (الفتل) من فتلت الحبل أفتله أخرجت له طرة وهي ما يفعل بأطراف الثياب والمناديل بحرير أو كتان، (و) أجرة (حمل الطعام) في بر أو بحر من موضع الشراء. (و) أجرة (سوق الغنم) إلى منزله والغنم مثال والمراد المواشي، والأصل إن كان ما يزيد في المبيع كالصبغ ونحوه أو قيمته كنقل الطعام يلحق به عملاً بالعرف ومن هنا قالوا: إنه يضم أيضاً أجرة الغسل والخياطة ونفقة تجصيص الدار وتطيينها وطي البئر وكري الأنهار والقناة والكراب وكسح الكروم وسقيها وسقي الزرع والكرم وغرس الأشجار وأجرة المخزن وأجرة ذبح الحيوان وسلخه واتخاذ الخشب أبواباً وثقب اللؤلؤة وثمن الثياب للرقيق وطعامهم إلا ما كان سرفاً وزيادة وأجرة السمسار في ظاهر

ويقول: قام علي بكذا ولا يضم أجرة الراعي والتعليم وكراء بيت الحفظ فإن خان في مرابحة أخذه بكل ثمنه أو رده وحط في التولية ـــــــــــــــــــــــــــــ الرواية وفي (جامع البرامكة) أنه لا يضم، وفي (الشرح) إن كانت مشترطة في العقد تضم وإلا فأكثرهم على عدم الضم ولا تضم أجرة الدلال بالإجماع، وفي الفرق بينهما هو أن السمسار هو الدال على مكان السلعة وصاحبها والدلال هو الصاحب للسلعة غالباً، قال في (الفتح): كل هذا ما لم تجر عادة التجار أي بالضم ويضم علف الدواب فإن عاد عليه شيء منها كلبن ونحوه أسقط بقدر ما عاد عليه وضم ما زاد، وعلى هذا لو أصاب بيضاً من دجاجة قيد بالأجرة لأنه لو عمل هذه الأعمال بنفسه لا يضم شيئاً منها، وكذا لو تطوع متطوع بها أو بإعارة. (ويقول قام علي بكذا) دون اشتريته بكذا تحرزاً عن الكذب (ولا يضم أجرة الراعي والتعليم) للعبد صناعة أو قرآناً أو علماً أو شعراً (وكراء بيت الحفظ) لأن الرعي والبيت للحفظ لا يزيد في العين ولا في القيمة بخلاف سوق المواشي، وعلى هذا لا تضم أجرة سائق الرقيق وحافظهم، وكذا حافظ الطعام وقد مر أن أجرة المخزن تضم وكأنه للعرف وإلا فالمخزن وبيت الحفظ على حد سواء في عدم الزيادة في العين وثبوت الزيادة في التعليم لمعنى في نفسه هو ذكاؤه فلم يكن ما أنفقه على المعلم موجباً للزيادة كذا قالوا، ولا يخفى ما فيه إذا لا شك الخلاف حصول الزيادة بالتعلم لما أنه سبب عن التعليم عادة وكونه بمساعدة القابلية في المتعلم هو كقابلية الثوب المصبغ فلا تمنع نسبته إلى التعليم والذي علل به في (المبسوط) نفي الضم فيه إنما هو عدم العرف حتى لو كان ثمنه عرف ظاهر ضم، ولذا لا تضم أجرة الطبيب والرائض والبيطار وجعل الآبق وأجرة الختان والفداء في الجناية وما يؤخذ في طريق من الظلم إلا إذا جرت العادة بضمه. (فإن خان في مرابحة) بأن ضم إلى الثمن ما لا يجوز ضمه كما في (المحيط)، أو أخبر بأنه اشتراه بعشرة ورابح على درهم فتبين أنه اشتراه بتسعة إما بإقراره أو بالبينة أو بنكوله عن اليمين وقد ادعاه المشتري هذا هو المختار، وقيل: لا يثبت إلا بالإقرار لأنه في دعوى الخيانة مناقض فلا يتصور بينه ولا نكول والحق سماعها كدعوى العيب والحط كذا في (الفتح)، (أخذه) أي: المبيع (بكل ثمنه أو رده وحط) المشتري ما خان البائع (في التولية) وهذا عند الإمام لأنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية بخلاف المرابحة، فإن عدم الحط فيها لا يخرجها عن كونها مرابحة وقال أبو يوسف: يحط فيهما، وقال محمد: يخير فيهما وأومئ بقوله أو رده إلى تصوره حتى لو هلك أو حدث به ما يمنع الرد سقط خياره في الروايات الظاهرة ولزمه كل

ومن اشترى ثوباً فباعه بربح ثم اشتراه فإن باعه بربح طرح عنه كل ربح قبله، وإن أحاط بثمنه لم يرابح ـــــــــــــــــــــــــــــ الثمن لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط، وقضية هذا أنه لا يورث وأطلق في الحط فعم حالة هلاك المبيع أو امتناع الرد لأنه لا خيار وإنما يلزمه الثمن الأول، والظاهر أن الوارث في هذا يقوم مقام المورث، ولو وجد المولى بالمبيع عيباً ثم حدث عنده آخر لا يرجع بالنقصان لأنه بالرجوع يصير الثاني أنقص من الأول، وقضية التولية أن يكون مثل الأول (ومن اشترى ثوباً) أي: قيمياً وكذا لو كان مثلياً بعشرة مثلاً (فباعه بربح) خمسة (ثم اشتراه) بعشرة ممن باعه بعد التقابض (فإن باعه بربح مرة أخرى طرح عنه) أي: عن الثوب (كل ربح قبله) عند الإمام فيبيعه في هذه الصورة مرابحة على خمسة، ويقول: قام علي بخمسة. (وإن أحاط الربح) أي: استغرق (بثمنه) بأن باعه بعشرين مرابحة ثم اشتراه/ ممن باعه بعشرة (لم يرابح) أصلاً عند الإمام إلا أن يبين فيقول: كنت بعته فربحت فيه عشرة ثم اشتريته بعشرة وأنا أبيعه بربح كذا على هذه العشرة، وعندهما يبيعه مرابحة على الثمن الأخير وهو عشرة في الفصلين من غير بيان لهما أن الثاني عقد متجدد فيقطع الأحكام عما قبله فيجوز بناء المرابحة عليه، كذا إذا تخلل ثالث وله أن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة لأنه يتأكد به بعد ما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب فيرده فيزول الربح عنه والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطاً بخلاف إذا ما تخلل ثالث، لأن التأكيد حصل بغيره وما قاله الإمام أوثق، وما قالاه أرفق، وأورد على هذا ما لو وهب له ثوب فباعه بعشرة ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة في ظاهر الرواية كما في (المحيط). وأجيب بأن البيع الثاني وإن كان يتأكد به انقطاع حق الواهب في الرجوع لكنه ليس بمال ولا يثبت هذا الوكادة إلا في عقد جرى فيه الربا، وأشار بقوله بربح إلا أن البيع كان بجنس الثمن الأول فأفاد أنه لو باعه بوصيف أو دابة أو عرض آخر ثم اشتراه بعشرة كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة لأنه عاد إليه بما ليس من جنس الثمن الأول ولا يمكن طرحه إلا باعتبار القيمة فلا مدخل لها في المرابحة، ولذا قلنا: لو اشترى أشياء صفقة واحدة بثمن واحد ليس له أن يبيع بعضها مرابحة على حصتها من الثمن كذا في (الفتح)، وأراد بالأشياء القيميات، أما لو اشترى كيلياً أو وزنياً ثم أراد أن يبيع قفيزاً مرابحة جاز اتفاقاً، لأن القفيز من القفيزين لا يتفاوت فتصير حصة كل قفيز معلومة كذا في (السراج)، وفي آخر الباب من (الفتح) اشترى ثوباً ليس له أن يرابح على ذراع منه، ولو رابح على ماله كنسبة معلومة كنصفه أو ثلثه جاز، وقيد بقول لم

ولو اشترى مأذون مديون ثوباً بعشرة وباع من سيده بخمسة عشر يبيعه مرابحة على عشرة وكذا العكس ولو كان مضارباً يبيع مرابحة رب المال باثني عشر ونصف ـــــــــــــــــــــــــــــ يرابح لأن له أن يبيعه مساومة، وأما بيعه تولية فبخمسة لقولهم: صار بالعقد الثاني كأنه اشترى ثوباً وخمسة دراهم بعشرة فالخمسة بإزاء الخمسة والثوب بخمسة، وفي (المحيط): خرج عن ملكه ثم عاد إليه قديم ملكه كالرجوع في الهبة أو بخيار شرط أو رؤية أو عيب أو إقالة أو في البيع الفاسد يبيع مرابحة بما اشترى، وإن بسبب آخر كالإرث والهبة لا يبيع مرابحة لأنه عاد إليه بسبب جديد بخلاف ما لو رد عليه بغير قضاء فإنه يعتبر بيعاً جديداً في حق الثالث فكأنه اشترى ثانياً بعشرة بعد أن باعه بعشرة وهذا يطلق له المرابحة انتهى. (ولو اشترى مأذون مديون) ولو مكاتباً أو مدبراً (ثوباً بعشرة وباع من سيده بخمسة عشر يبيعه مرابحة على عشرة وكذا) حكم (العكس) وهو أن يشتري المولى ثوباً بعشرة فيبيعه من عبده المذكور بخمسة عشر يبيعه العبد بعشرة كل ذلك باتفاق الثلاثة لأن هذا العقد وإن كان صحيحاً لإفادته ملك العين أو التصرف إلا أن فيه شبهة العدم، لأن الحاصل للعبد لا يخلو عن حق المولى، ولذا كان له أن يتبقى ما في يده ويقضي دينه، وكذا في كسب المكاتب ويصير ذلك الحق حقيقة بعجزه فصار كأنه باع أو اشترى ملك نفسه من نفسه فاعتبر عدماً في حكم المرابحة نفياً للتهمة، ولذا قال الإمام: لو اشترى شيئاً من أصله أو فروعه أو زوجته أو اشتروا شيئاً منه لا يبيع واحد منهم مرابحة على ما اشترى من هؤلاء وخالفاه، ولو بين جاز اتفاقاً، وكذا في مسألة (الكتاب) ثم كونه مديوناً بما يحيط برقبته صرح به محمد في (الجامع الصغير) عن الإمام ومن المشايخ من لم يقيد بالمحيط كالصدر الشهيد وتبعه المص وشمس الأئمة في (المبسوط) لم يذكر الدين أصلاً قال في (العناية): والحق ذكره لأنه إذا لم يكن عليه دين لم يصح البيع، والتحقيق أن ذكر الدين وعدمه بالنظر إلى المرابحة سواء لأنها إذا لم تجز مع الدين فمع عدمه أولى، وأما بالنظر إلى صحة العقد وعدمه فله فائدة والباب لم يعقد إلا للمرابحة فصنيع شمس الأئمة أقعد. (ولو كان مضارباً) معه عشرة بالنصف اشترى بها ثوباً وباعه من رب المال بخمسة عشر (يبيعه رب المال باثني عشر ونصف) لأن هذا البيع وإن كان شراء ماله بماله، ولذا منعه زفر لكن أخرناه لما فيه من استفادة ولاية التصرف بعد انتفائها عنه بالتسليم إلى المضارب من رب المال وهو المقصود، والانعقاد يتبع الفائدة إلا أن فيه شبهة العدم فاعتبر الثاني عدماً في حق نصف الربح قيد بكون المضارب بائعاً لما سيأتي في المضاربة من أنه لو كان مشترياً بأن اشترى من رب المال عبداً بألف اشتراه

ويرابح بلا بيان بالتعيب ووطء الثيب ـــــــــــــــــــــــــــــ بنصفه رابح بنصفه، وعلله في (الهداية) بأن هذا البيع مقضي بجوازه لتغاير المقاصد دفعاً للحاجة، وإن كان بيع ملكه يملكه إلا أن فيه شبهة العدم ومبنى المرابحة على الأمانة والاحتراز عن شبهة الخيانة فاعتبر أقل الثمنين انتهى، وإنما لم يضم للمضارب نصيب/ رب المال وضم نصيبه لأن العقدين وقعا لرب المال ولم يقع لمضارب منه إلا قدر مائة فوجب اعتبار هذه المائة وفيما يقع لرب المال لم يقع الربح لاحتمال بطلان العقد الثاني، كذا في (البناية). وإذا عرف هذا فقول الشر في المضاربة، ولو كان بالعكس بأن اشترى المضارب عبداً بخمسمائة فباعه من رب المال بألف يبيعه مرابحة على خمسمائة لأن البيع الجاري بينهما كالمعدوم فتبنى المرابحة على ما اشترى به المضارب كأنه اشتراه له وناوله إياه من غير بيع انتهى، مخالف لما صرحوا به هنا وجزم في (البحر) بأنه سهو قال: وكنت حملت كلامه في المضاربة على أنه اشترى ببعض رأس المال، وكلامهم هنا على أنه اشترى بالجميع لتصريحه في (المبسوط) بأن الربح لا يظهر إلا بعد تحصيل رأس المال، وقد صرح في (الهداية) في الموضعين بضم حصة المضارب إلى المال وهو يناقض منه أيضاً لموافقته على ذلك وتصريحهم بالضم في بابها ولم أر له سلفاً ولا على من نبه على ذلك في الموضعين. وأقول: لا تحريز في هذا الكلام والتحقيق بأن يقال: إنما ضمت حصة المضارب هنا لظهور الربح ببيعه لرب المال، وإذا كان مشترياً من رب المال لم يظهر ربح، فلذا جزم في المضاربة بأن المضارب يبيعه مرابحة على ما اشترى رب المال، وفي (السراج) من أنه يضم يعني المضارب حصته هنا أيضاً مخالفة لصريح الرواية التي جزم بها المصنف تبعاً لصاحب (الهداية) في المضاربة وما قاله الشر: إن رب المال لا يضم حصة المضارب فيما إذا كان بائعاً فمحمول على رواية وكون صاحب (الهداية) تناقض وهم فاحش أو قد أعاد المسألة في المضاربة وجزم بأن المضارب إذا كان بائعاً ضم رب المال حصته إلى رأس المال، وإن كان مشترياً فلا ضم أصلاً، وظاهر أن عدم ضم حصة رب المال في المسألتين لما فيه من شبهة أنه اشترى أو باع ماله بماله فأحكم هذا فإنه ينفعك عن كثر من القيل والقال والله أعلم بحقائق الأحوال. (ورابح بلا بيان بالتعيب) بآفة سماوية أو بصنع المبيع (ووطء الثيب) الذي لم ينقصها، فإن نقصها كانت كالبكر الآتية لأن الغائب وصف وهو لا يقابله شيء من الثمن وكذا منافع البضع ومعناه أنه يرابح بلا بيان أنه اشتراه سليماً بكذا من الثمن،

وببيان بالتعييب ووطء البكر ولو اشترى بألف نسيئة وباع بربح مائة ولم يبين خير المشتري ـــــــــــــــــــــــــــــ أما بيان نفس العيب فواجب ودل كلامه أنه لو رضي بالعيب أو بالخيانة في المرابحة كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به، كما في (الفتح). وعن أبي يوسف أنه لا يرابح بلا بيان وهو قول زفر، قال أبو الليث: وهو أجود وبه نأخذ وفي (الفتح) واختياره هذا حسن لأن مبنى المرابحة على عدم الخيانة وعدم ذكره أنها انتقصت إيهام للمشتري، أي الثمن المذكور كان لها ناقصة والغالب أنه لو علم أن ذلك ثمنها صحيحة لم يأخذها معينة إلا بحطيطة ثم قال: لكن قولهم هو كما لو تغير السعر بأمر الله تعالى فإنه لا يجب أن يبين أنه اشتراه في حال غلائه، وكذا لو اصفر الثواب لطول مكثه أو توسخ إلزام قوي انتهى قوله. وأقول: إلخ في نسخة المؤلف التي بخطه فلعله ألحقها في نسخة المؤلف التي بخطه فلعله ألحقها في نسخة أخرى والذي في خطه بعد في الموضعين، وقدم على (السراج) أنه لو اشترى من مضاربة منه فإنه يبيعه مرابحة على أقل الضمانين وحصة المضارب من الربح انتهى، ولو قال: وحصة الآخر لكان أولى ليشمل رب المال. وأقول: إنما لم يقل ذلك دلالة على أن حصة رب المال لا تحسب، وبذلك صرح في المضاربة واقتصار في المال عليه يدل على ذلك أيضاً إذا قال نحو أن يكون مال المضاربة ألفاً ومائتين فاشترى بها المضارب سعلة فباعها من رب المال بألف ومائتين، فإن رب المال بألف وما يبيعها مرابحة بألف درهم أقل الضمانين وحصة المضارب من الربح وهي مائة إلا أن يبين انتهى. وأقول: وقد يفرقا بأن الإيهام مع تغير السعر واصفرار الثوب أو توسخه ضعيف لا يعول عليه بخلاف ما لو اعورت الجارية فرابحه على ثمنها فإنه قوي جداً فلم يغتفر (و) يرابح (ببيان بالتعيب) مصدر عيبه أحدث فيه عيباً سواء كان بفعله أو بفعل أجنبي بأمره، أو لا أخذ الأرش أو لا لأن الأوصاف صارت مقصودة بالإتلاف فيقابلها شيْ من الثمن (و) كذا في (وطء البكر) لأن العذرة جزء من العين يقابلها الثمن وقد حبسها. (ولو اشترى بألف نسيئة وباع بربح مائة ولم يبين) أنة اشتراه كذلك (خير المشتري) بين أخذه بكل الثمن حالاً أو تركه لأن للأجل شبهاً بالمبيع، ألا ترى أنه يزاد في الثمن لأجله والشبهة في المرابحة ملحقة بالحقيقة؟ فكأنه اشترى شيئين بألف وباع أحدهما بها على وجه المرابحة وهذا خيانة فيما إذا كانت مبيعاً حقيقة،

فإن أتلف فعلم لزم بألف ومائة وكذا التولية ومن ولي رجلاً شيئاً بما قام عليه ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد البيع ولو علم في المجلس خير. ـــــــــــــــــــــــــــــ فإذا كان أحد الشيئين يشبه المبيع يكون هذا شبهة الخيانة وقد علمت أنها ملحقة بالحقيقة/ هنا، هذا إذا كان الأجل مشروطاً في العقد، فإن لم يكن لكنه كان معتاداً التنجيم قيل: لا بد من بيانه لأن المعروف كالمشروط وقيل: لا يلزمه البيان وهو قول الجمهور، كما في (الشرح)، قال في (البحر): وعلى كل من القولين لو لم يكن مشروطاً ولا معروفاً وإنما أجله بعد العقد لا يلزمه بيانه انتهى. وأقول: إنما لم يلزمه البيان لما مر من أن الأصح أنهما لو ألحقا به شرطاً لا يلتحق بأصل العقد فيكون تأجيلاً مستأنفاً على القول بأنه يلتحق ينبغى أن يلزمه البيان، (إن أتلف)، أي: استهلك المشتري المبيع، وكذا لو هلك ولو قال: تلف لكان أولى (فعلم) بعد ذلك بالأجل (لزم) المبيع (بألف ومائة) حالة لأن الأجل لا يقابله شيء من الثمن حقيقة ولكن فيه شبهة المقابلة فباعتبار شبهة الخيانة ينفسخ إذا كان المبيع قائماً، فإما أن يسقط شيء من الثمن بعد الهلاك وإلا لكان ما فرضناه شبهة حقيقة وذلك باطل، (وكذا التولية) حكمها كالمرابحة من الخيار ما دام المبيع قائماً وسقوطه بعد الهلاك، وعن أبي يوسف أنه يرد القيمة ويسترد الثمن كما إذا استوفى دينه زيوفاً وهو لا يعلم بذلك حتى أنفقها، فإنه يرد عنده مثلها من الزيوف ويسترد الجياد وقيل: يقوم بثمن حال ومؤجل فيرجع بفضل ما بينهما، قال أبو جعفر: وهو المختار للفتوى للعرف. (ومن ولى رجلاً شيئاً) أو بما باعه له تولية أو مرابحة (بما قام عليه)، أي: بما اشتراه مع ما لحقه من المؤن أو بما اشتره به (ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد البيع) لجهالة الثمن، (ولو علم) المشتري بكم قام عليه (في المجلس) أي: مجلس البيع (خير) بين أخذه وتركه لأن الفساد، وإن كان في صلب العقد لكنه لم يتقرر، وإنما يتقرر بانقضاء المجلس وهذا يبين أن هذا العقد ونحوه من البيع برقمه قبل معرفة الرقم ينعقد فاسداً له عرضية الصحة وهو الصحيح، خلافاً لما روي عن محمد أنه صحيح له عرضية الفساد وينبغي أن يظهر أثر الخلاف في حرمة مباشرته وعدمها، كذا في (البحر)، ولما كان المجلس جامعاً للمتفرقات اعتبر الواقع في أطرافه كالواقع معاً وإنما يتخير بعد العلم في المجلس لأن الرضى لم يتم قبله فلم يتم البيع، كما في خيار الرؤية.

فصل صح بيع العقار قبل قبضه لا بيع المنقول ـــــــــــــــــــــــــــــ فصل في التصرف في المبيع والثمن قبل القبض والزيادة والحط فيهما والتأجيل وأوردها بفصل على حدة لأنها ليست من المرابحة، غير أن صحتها لما توقفت على القبض كان لها ارتباطاً بالتصرف بالمبيع قبل القبض والباقي استطراد، (صح بيع العقار قيل) قبضه عندهما خلافاً لمحمد لإطلاق النهي ما لم يقبض كما رواه أحمد. قلنا: النهي عن بيع ما لم يقبض كما رواه أحمد. قلنا: النهي معلول بفور انفساخ العقد بالهلاك وهذا في العقار نادر حتى لو لم يكن بأن كان على شط نهر أو كان علواً أو في موضع لا يؤمن أن يغلب عليه الرمال لم يجز بيعه قبل القبض، كما في (الفتح) ولم يقل نقد وإلا لزم لتوقفهما على نقد الثمن فإن لم ينقده توقف الثاني في الصحيح كبيع المرهون كما في (المحيط) يعني إما على نقد الثمن أو على رضى البائع لأن الحق له فإن لم ينقده كان له إبطال البيع، وكذا كل تصرف يقبل النقض إذا فعله المشتري بغير إذن البائع، ومن الكتابة أيضاً لأنها تحتمل الفسخ فلم ينفذ في حق البائع ما لم يقبض الثمن نظراً له إجماعاً بخلاف ما لا يقبله كالعتق والتدبير والاستيلاد واختلف في إجارته، والأصح أنها لا تجوز إجماعاً لأن المعقود عليه المنافع وهلاكها غير نادر، (لا) يصح (بيع المنقول) قبل قبضه من البائع قيدنا بالبيع لأنه لو وهبه أو تصدق به أو أقرضه أو رهنه أو أعاره من غير البائع جاز عند محمد وهو الأصح، خلافاً لأبي يوسف وأجمعوا على صحة الوصية به قبله. أما تجويز الأمة فجائز وإذا فسخ البيع انفسخ النكاح على قول أبي يوسف وهو المختار ودخل في البيع والإجارة، وفي (الإيضاح) كل عوض ملك بالعقد ينفسخ العقد بهلاكه قبل القبض لم يجز التصرف فيه كالبيع والأجرة أذا كانت عيناً، وبدل الخلع إذا كان معيناً وما ينفسخ العقد بهلاكه فالتصرف فيه جائز قبل القبض كالمهر وبدل الصلح والعتق على مال وبدل الصلح عن عمد وعم كلامه ما لو باعه من البائع ولا ينتقض البيع الأول، ولو وهبه منه انتقض لأنها مجاز عن الإقالة بخلاف البيع، وصرف في (السراج) بأن بيع المنقول قبل قبضه من البائع أو من غير باطل هذا في تصرف المشتري.

ولو اشترى مكيلاً كيلاً حرم بيعه وأكله حتى يكيله ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما تصرف البائع فإن كان بأمر المشتري بأن يهبه من فلان أو يؤاجره أيا ًكان ففعل جاز، ولو أمره بوطء الجارية أو بأكل الطعام ففعل كان فسخاً، ولو بالبيع بأن قال: بعه لنفسك أو بعه ففعل كان فسخاً أيضاً، وإن قال بعه لي لا يجوز ولو قال: ممن شئت فلذلك في قول الإمام وقال محمد: لا يكون فسخاً ولو رهنه أو أجره أو/ أودعه بغير أمره فمات انفسخ العقد، ولو أعاره أو وهبه فمات، أو أودعه فاستعمله المودع فمات فإن شاء المشتري أمضى البيع وضمن هؤلاء، وإن شاء فسخ البيع الكل في (الخانية) وفيها من هذا النوع يطول الكلام بذكرها، (ومن اشتري مكيلاً) قيد بالشراء لأنه لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية جاز له التصرف فيه قبل الكيل، والمطلق من البيع ينصرف إلى الكامل وهو الصحيح منه حتى لو باع ما اشتراه فاسداً بعد قبضه مكايلة لم يحتج المشتري الثاني إلى إعادة الكيل. قال أبو يوسف: لأن البيع الفاسد يملك بالقبض كالقرض، ولو استقرض طعاماً بكيل ثم باعه مكايلة لم يحتج المشتري إلى إعادة الكيل، كذا في (السراج) وبكونه مبيعاً لأنه لو كان ثمناً جاز التصرف فيه قبل الكيل والوزن لأنهما من تمام القبض والتصرف في الثمن قبله جائز فقيل تمامه أولى، كذا في (المحيط) وقد مر الضابط عن (الإيضاح) بما فيه لهذا زيادة إيضاح (كيلاً) قيد به لأنه لو اشتراه مجازفة جاز بيعه قبل الكيل لأن الزيادة له وفيه نظر، إذ لا يتصور في المجازفة وعنه أجوبة قي شروح (الهداية). وأما البائع فإن اشتراه مجازفة فكذلك وإلا لم يجز له البيع إلا أن يكيله في ظاهر الرواية، وروى ابن سماعة أنه يجوز ومن المجازفة ما لو اشتراه مكايلة بإناء بعينه لا يعرف قدره، كما في (السراج) وقد مر (حرم) أي: كره تحريماً (بيعه أو أكله حتى يكيله)، أي: المشتري لرواية ابن ماجة: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان، صاع البائع وصاع المشتري) وظاهر الحديث يعطي أن البائع لو اكتاله بعد البيع بحضرة المشتري لا يكتفى فيه وهو قول البعض، والأصح هو الاكتفاء به لأن المبيع صار معلوماً بكيل واحد وتحقق معنى التسليم ومحل الحديث اجتماع الصفقتين على ما سيأتي في السلم. ثم في قوله حرم بيعه إيماء إلى أنه فاسد وبه صرح في (الجامع الصغير) وفيه أنه لو أكله لا يقال: إنه أكل حراماً لأنه أكل مال نفسه إلا أنه أثم لتركه ما أمر به من

ومثله الموزون والمعدود لا المزروع وصح التصرف في الثمن قبل قبضه والزيادة فيه والحط منه ـــــــــــــــــــــــــــــ الكيل فكان هذا أصلاً في سائر البياعات بيعاً فاسداً إذا قبضها فملكها ثم أكلها وتقدم أنه لا يحل أكل ما اشتراه فاسداً. وهذا يبين أن ليس كل مال يحل أكله إذا أكله أن يقال فيه: إنه أكل حراماً، كذا في (الفتح) ويوافقه ما في أيمان (الخلاصة) لو أكل من الكرم الذي دفع معاملة وقد حلف لا يأكل حراماً لا يحنث. أما عندها فلا يشكل، وأما عند أبي حنيفة كذلك لأن ذلك عقد فاسد عنده فقد أكل ملك نفسه (ومثله) أي: مثل شراء المكيل كيلاً شراء (الموزون) وزناً (والمعدود) عداً فيمتنع عليه البيع والأكل حتى يعيد الوزن والعدد عن الإمام أنه يجوز في المعدود، قيل: العد وهو قولهما كذا في (السراج) والأول أظهر الروايتين عن الإمام، كما في (الفتح) وهذا في غير بيع التعاطي والدراهم والدنانير. أما إذا كان البيع بالتعاطي فلا يحتاج في الموزون إلى إعادة الوزن، كذا في (القنية) وفي (الخلاصة) وعليه الفتوى أو كان الموزون الدراهم والدنانير فيجوز التصرف فيهما بعد القبض قبل الوزن، كما في (الإيضاح) (لا المزروع) أي: لا يحرم بيع المزروع ولا التصرف فيه قبل زرعه بعد القبض لأن الزيادة للمشتري وفي النقصان يثبت له الخيار وبالبيع بتقدير النقض يكون مسقطاً له، قال الشر: هذا إذا لم يبين لكل ذراع ثمناً، فإنه بينه التحق بالقدر في حق ازدياد الثمن حتى يجب عليه رد الزيادة فيما لا يضره التبعيض وتلزمه الزيادة فيما يضره وينقص من ثمنه عند انتقاصه. (وصح) أي: جاز (التصرف في الثمن قبل قبضه)، أي: تمليكه ممن عليه الدين بعوض كالبيع والإجارة، أو بغير عوض كالهبة والوصية لقيام المطلق مع أمن الانفساخ بالهلاك، أما من غير من عليه الدين فلا يجوز كما في (الشرح) وسواء كان مما يتعين أو لا سوى بدل الصرف والسلم لأن المقبوض حكم عين المبيع في السلم والاستبدال بالمبيع قبل القبض لا يجوز، وكذا في الصرف وسائر الديون كالمهر والأجرة وضمان المتلفات وغيرها، وكذلك الموروث والموصى به كالثمن، كذلك في (الفتح) 0 وفي (الجوهرة): وكذلك بدل الخلع وبدل العتق على مال (و) صح (الزيادة فيه) أي: في الثمن (والحط منه) ويلتحقان بأصل العقد، وقال زفر: لا يلتحقان بل الزيادة أبرأ مقيداً والحط إبراء من بعض الثمن إذا لا يمكن تصحيح الزيادة ثمناً لأنه يصير ملكه عوض ملكه وكذلك الحط لأن الثمن صار مقابلاً بكل المبيع. قلنا: إنما يلزم ما ذكرتم لو التحقا بالعقد مع عدم تغيره لكنه مع التغير عن المقدار الأول إلى الثاني وقد رأينا الشارع أثبت لهما ولاية الرفع بالإقالة فأولى أن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ يكون لهما ولاية التغير، وأثر الالتحاق يظهر في التولية والمرابحة فيصحان على الكل في الزيادة وعلى الباقي بعد المحطوط وفي الشفعة حتى يأخذ الشفيع بما بقي في الحط وإنما كان له أن يأخذ بدون الزيادة/ لما فيها من إبطال حقه الثابت قبلها، وفي الاستحقاق حتى كان للمشتري أن يرجع على البائع بالكل، ولو أجاز المستحق البيع أخذ الكل وفي حبس المبيع حتى لو كان له ذلك حتى يقبض الزيادة وفى فساد الصرف بالحط والزيادة للربا، وفيما لو وجد بالثياب المبتاعة عيباً رجع بحصته من الثمن مع الزيادة فيما إذا زاد في الثمن ما لا يجوز الشراء به وفي المبيع ما لا يجوز بيعه فقيل: فسد العقد، كذا في (السراج). ثم قال بعده: لو اشترى عبداً بمائة ثم زاد المشتري رطلاً من خمر فقبله البائع صحت الزيادة ولا يفسد البيع لا لأن الزيادة لا تلتحق بل لأن في تصحيح ذلك إفساد البيع انتهى، والأول بالقواعد أولى، وفي التاسع والثلاثين من (جامع الفصولين) باع فضة بفضة وتقابضا ثم زاد في الثمن درهماً جازت الزيادة وفسد الصرف، وكذا لو شرط الخيار وكذا لو باع قناً بألف درهم ثم زاد رطلاً من خمر هذا عند أبي حنيفة، وعندهما لا يجوز الزيادة، والعقد الأول باق على الصحة انتهى، وفيها لو زاد زوج الأمة مهرها بعد عتقها حتى كانت الزيادة للمولى أطلق الزيادة فشمل ما إذا كانت من جنس الثمن أم من غيره في مجلس العقد أو بعده بشرط قبول البائع في المجلس حتى لو لم يقبل حتى تفرقا بطلت ولا فرق بين كونها من العاقد أو من وارثه، كذا في (الخلاصة). وفيها لو زاد الأجنبي فإن بأمر المشتري أو بإجازته لزمته، وإن لم يجز بطلت، ولو كان حين زاد ضمن عن المشتري أو أضافها إلى مال نفسه لزمته الزيادة، ثم إن كانت بأمر المشتري رجع وإلا فلا، وفي قوله والحط منه إيماء إلى أن حط الكل لا يجوز لأنه تبديل لأصله إذ يصير البدل الآخر هبة فيخرج عن كونه عقد معاوضة إلى عقد التبرع، والتحاق الحط بأصل العقد مقيد بما إذا لم يكن من الوكيل. ففي (الخانية) الوكيل يبيع الدار لو حط عن المشتري مائة صح وضمن للموكل ويأخذها الشفيع بجميع الثمن لأن حط الوكيل لا يلتحق بأصل العقد انتهى، وبما إذا لم يكن المحطوط تبعاً، فإن كان لم يلتحق حتى لو اشترى داراً بألف جياد ونقد زيوفاً أو نبهرجة برضى البائع أخذ الشفيع بالجياد، وكذا في (الشرح) وإطلاقه صحة الحط أن لا فرق بين كونه قبل قبض الثمن أو بعده وفي إبرائه عن البعض بعد القبض خلاف.

والزيادة في المبيع ويتعلق الاستحقاق بكله وتأجيل كل دين ـــــــــــــــــــــــــــــ ففي (الذخيرة) أنه لا يصح لانصراف المطلق منه إلى براءة الاستيفاء حتى لو أبرأه إسقاط صح، وذكر السرخسي أن الإبراء المضاف إلى الثمن صحيح مطلقاً وهو المناسب للإطلاق وعرف من هذا أنه لا خلاف في رجوع الواقع بما أداه أبرأه براءة إسقاط وفي عدم رجوعه، وأن الخلاف مع الإطلاق وعلى هذا تفرع ما لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق، فإذا أبراته براءة إسقاط وقع ورجع عليها، كذا في (الأشباه) وهذا كله قول الإمام. وقال أبو يوسف: لا يجوز الحط ولا تصير هبة مبتدأة، ووافقه محمد في الزيادة وقال: في الحط تكون هبة مبتدأة هذا وشرط في ظاهر الرواية لصحة الزيادة قيام المبيع حتى لو هلك حقيقة بأن مات العبد، أو حكماً بأن أعتقه أو دبره أو كاتبه أو استولدها أو باع أو وهب وسلم أو آجر أو رهن ثم باعه من المستأجر والمرتهن أو طبخ اللحم أو نسخ الغزل أو تخمر العصير أو أسلم مشتري الخمر لا تصح الزيادة لفوات محل العقد، وكذا لو زاد في مهرها بعد موتها لا تصح. وروى الحسن في غير رواية (الأصول) أنها تصح بعد هلاك المبيع وعلى هذه الرواية تصح الزيادة في المهر بعد الموت (و) صحت (الزيادة في المبيع) أيضاً، ويلتحق بأصل العقد حتى يصير لها حصة من الثمن يسقط منه بقدرها لو هلكت قبل القبض، ولا يشترط فيها قيام المبيع بخلاف الزيادة في الثمن ولم يذكر الحط منه وهو ظاهر في عدم صحته، لكن المصرح به في (المحيط) أنه إن كان ديناً يصح، وإن كان عيناً لا يصح لأنه إسقاط وإسقاط العين لا يصح، كذا في (البحر). وفي (الشرح) ولا تجوز الزيادة في المسلم فيه لأنه معدوم حقيقة، وإنما جعل موجوداً في الذمة لحاجة المسلم إليه وهي لا تدفع لحاجته بل تزيد فيها (ويتعلق الاستحقاق بكله) أي: بكل ما وقع العقد عليه من الثمن والزيادة ولو رد المبيع بعيب أو بخيار رؤية أو شرط رجع المشتري بالكل، وقد مر ما لو استحق (و) صح (أيضاً تأجيل كل دين) سواء كان الثمن مبيعاً أو غيره لأنه له الإبراء منه فتأخير المطالبة به أولى بشرط قبول المديون حتى لو رد بقي حالاً، وفي (الخانية) لو قال: أبطلت الأجل أو تركته صار حالاً، ولو قال: برئت منه أو لا حاجة لي منه أو لا حاجة لي فيه لم يكن إبطالاً، ولو قضى الدين قبل الأجل فاستحق المقبوض أو وجده زيوفاً فرد كان عليه إلى أجله، ولو اشترى شيئاً من مديونه بالدين وقبضه ثم تقايلا البيع لا يعود الأجل وقد مر/ ولو وجد به عيباً فرده بقضاء عاد الأجل، ولو كان به كفيل لا تعود الكفالة في الوجهين.

غير القرض. ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الذخيرة) لو قال رب الدين: إن دفعت إلي غداً خمسمائة فالخمسمائة الأخرى مؤخرة عنده إلى سنة فهو جائز، وفي (الخلاصة) إبطال الأجل يبطل الشرط الفاسد ولو قال: كلما دخل نجم ولو تود فمالي حال صح والمال يصير حالاً (غير القرض) لأنه عارية ابتداء، ولذا صح يلفظ العارية ولم يملكه من لم يملك التبرك كالوصي والصبي معاوضة انتهى، لأن الواجب فيه إنما هو رد المثل فعلى الأول لا يلزم، وعلى الثاني لا يصح لأنه يصير بيع الدراهم نسيئة وهذا يقتضي فساده وهو خلاف الإجماع، فقلنا بجوازه غير لازم وهذا التقرير يوجب بأن يكون المستثنى منه اللزوم لا الصحة كما هو ظاهر في (الكتاب) إلا أن يراد بها اللزوم أو يكون الاستثناء منقطعاً. قال في (الفتح): وليس منه تأجيل بدل الدراهم والدنانير المستهلكة إذ باستهلاكها لا تصير فرضاً والحيلة في لزوم تأجيله أن يحيل المستقرض المقرض على آخر بدينه فيؤجل المقرض ذلك الرجل المحال عليه فيلزمه حينئذ انتهى. وفي (القنية) لو قضي بلزوم الأجل والقرض بعدما ثبت عنده معتمداً على قول مالك وابن أبي ليلى يصح ويلزم الأجل، وفي تلخيص (الجامع) كفل بالحال مؤجلاً تأخر عن الأصيل وإن كان قرضاً لأن الدين واحد وهذه حيلة تأجيل القرض كذا في (البحر). لكن في (السراج) قال أبو يوسف: إذا أقرض رجلاً مالاً فكفل به رجل عنه إلى وقت كان على الكفيل إلى وقته وعلى المستقرض حالاً، وقالوا: لو أوصى أن يقرض فلان من ماله ألف درهم إلى سنة لزم من ثلثه ولا يطالب قبل المدة لأنه وصيته بالتبرع، وفي (القنية) التأجيل في القرض باطل إلا أن يوصي أنه يؤجل في قروضه على الناس بعد وفاته فيجوز من الثلث، وفي (الأشباه) عن صرف (الظهيرية) القرض المجحود يلزم تأجيله. وقالوا: لو حل الدين بموت المديون فأجل رب الدين وارثه لم يصح، وكذا لو أجل المشتري الشفيع في الثمن، وفي (القنية) أجل المشتري البائع سنة عند الإقالة صحت الإقالة وبطل الأجل، ولو تقايلا ثم أجله ينبغي أن لا يصح عند أبي حنيفة، فإن الشرط اللاحق بعد العقد يلتحق بأصل العقد عنده انتهى. وظاهر كلامهم يعطي أن في هذه المسائل لا يصح التأجيل أصلاً لا أنه يصح ولا يلزم كما هو ظاهر ما في (البحر) إذ جعله ملحقاً بالقرض ثم قال: والحاصل أن تأجيل المديون على ثلاثة أوجه باطل وهو تأجيل بدل الصرف والسلم، وصحيح غير لازم وهو القرض وما ألحق به، ولازم وهو ما عدا ذلك وقد علمت ما هو الواقع.

باب الربا

باب الربا هو فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال وعلته ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الربا ألحقه بالمرابحة لما أن في كل منها زيادة إلا أن تلك جائزة وهذه منهية والإباحة أصل فقدمت، وهو بكسر الراء وفتحها خطأ مقصور على الأشهر لغة مطلق والزيادة ومنه: {فلا يربوا عند الله} [الروم: 39] أطلق في التنزيل تارة على الزائد نفسه ومنه قوله تعالى: {لا تأكلوا الربا} [آل عمران: 130] أي الزائد في القرض وفي بيع الأموال الربوبية عند بيع بعضها بجنسه وأخرى على نفس الزيادة بالمعنى المصدري ومنه: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275] أي حرم أن يزاد في القرض على القدر المدفوع، وفي بيع الأموال بجنسها قدراً ليس مثله في الآخر وعرفاً (هو فضل مال) ولو حكماً فدخل ربا النسيئة والبيوع الفاسدة كالبيع بشرط فإنهم جعلوها من الربا وهذا أولى من قول بعضهم المقصر تعريف الربا المتبادر عند الإطلاق وذلك إنما هو رد الفضل (بلا عوض) خرج به ما سيأتي في الصرف من أنه لو باعه كر بر وشعير بضعفهما جاز بصرف الجنس إلى خلاف جنسه فضل قفيزي شعير على قفيز بر فإنه بعوض (في معاوضة مال) خرج به الهبة. زاد في (الوقاية) مشروط لأحد المتعاقدين، لأنه لو شرط لغيرهما لا يكون من باب الربا، والأولى أن يقال في أحد البدلين لأن العاقد قد يكون وكيلاً وفضولياً والمعتبر كون الفضل للبائع أو المشتري، وعرفه في (جمع العلوم) بأنه عبارة عن عقد فاسد وإن لم يكن فيه زيادة لأن بيع الدراهم نسيئة ربا، وإن لم يكن فيه زيادة انتهى، وقد علمت جوابه غير أن كونه عقداً فاسداً ظاهر في أن الدراهم الزائد يملك بالقبض. وفي (القنية) عن البزدوي من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية يملك فيها بالقبض ورد به على من أفتى من علماء عصره بأن الإبراء من الدراهم الزائد بعد استهلاكه لا يصح، بل يجب رده حقاً للشرع بأنه إذا كان مملوكاً للقابض بالقبض فإذا استهلك على ملكه ضمن مثله، فلو لم يصح الإبراء ورد مثله يكون ذلك رد ضمان ما استهلك لا رد عين ما استهلكه/ وبرد ضمان ما استهلك لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيداً للملك من فضل الربا فلم يكن في رده فائدة نقص عقد الربا ليجب بذلك حق الله تعالى، وإنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا إن كان قائماً لا رد ضمانه انتهى، وهو حسن (وعلته) أي: علة الربا المنهي عنه، وفي (الفتح)

القدر والجنس ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: علة تحريم الزيادة (القدر) أي: الكيل والوزن وهذا أعني التعبير بالقدر أشمل كما في (الهداية). قال في (الفتح): لكنه يشمل ما ليس بصحيح إذ يشمل الزرع والعد وليسا من أموال الربا، ورده في (البحر) بأنهم بعدما وضعوا القدر بإزاء الكيل والوزن كيف يشمل غيرهما؟ وأنت خبير بأن هذا في خير المنع غاية الأمر أنهم أرادوا هذا المعنى من اللفظ وهذا لا يفيد عدم شموله لغيره وضعاً نعم في (الحواشي السعدية) يمكن أن يقال: الألف واللام في القدر للعهد والمراد الكيل والوزن (والجنس) وهو عبارة عن مشاكلة المعاني، كذا في (الدراية). قال في (الفتح): واختلافه يعرف باختلاف الاسم الخاص واختلاف المقصود فالحنطة والشعير جنسان عندنا لأن أفراد كل منهما في الحديث يدل على ذلك والثوب الهروي والمروي بسكون الراء جنسان لاختلاف الصنعة وقيام الثوب بها، وكذا المروي المنسوج ببغداد وخراسان واللبد الأرمني والطالقاني والتمر كل جنس واحد والحديد والرصاص والشيه أجناس، وكذا غزل الصوف والشعر ولحم البقر والضأن والمعز والألية واللحم وشحم البطن أجناس ودهن البنفسج والجير جنسان والأدهان المختلفة أصولها أجناس ولا يجوز بيع رطل زيت غير مطبوخ برطل مطبوخ بطيب لأن الطيب زيادة انتهى. وفي (السراج): لحوم الإبل جنس واحد وكذا المشاقة والكتان وعن أبي يوسف في لحم الطيور يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً وإن كان من نوع واحد لأنه لا يوزن في العادة وثمار النخيل كلها جنس واحد وكذا ثمار الكروم والرطب جنس واحد أيضاً، والأصل في هذا الباب ما رواه الستة إلا البخاري عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل فمن زاد واستزاد فقد أربى)، وليس فيه البدأة بالحنطة وإنما هي من رواية محمد عن أبي حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري وقال: جاءت الرواية بالرفع أي بيع الحنطة فحذف المضاف إليه مقامه أو ابتاع الحنطة وكلاهما خبر بمعنى الأمر .... أي بيعوا، وروى مثل بالرفع على الخبرية وبالنصب على الحالية، وكذلك جاء الوجهان في يد بيد فالرفع عطف على

فحرم الفضل والنساء فقط بأحدهما ـــــــــــــــــــــــــــــ الخبر أي مثل ومقبوض كذا في (البحر)، وكأنه حذف العاطف لكن بابه الشعر كما قالوا والنصب على الحال بتأويله بمشتق أي متناجزين (فحرم الفضل) أي: الزيادة (والنساء) بفتح النون والمد لا غير التأخير (بهما) لتمام العلة. (و) حرم (النساء فقط بأحدهما) أي القدر وحده كالحنطة بالشعير أو الجنس كالهروي بالمروي لما روينا في قوله فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يداً بيد وروى أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) وهذا دليل على أن وجود أحد جزئي علة الربا علة تامة لتحريم النساء وإن كان بعض علة لحرمة الفضل إلا أن مقتضاه أن لا يجوز أسلام النقود في الموزونات كالزعفران ونحوه مع أنه جائز إجماعاً، وجوابه أنهما لا يتفقان في صفة الوزن فإن الزعفران يوزن بالأمناء وهو مثمن يتعين بالتعيين، والنقود توزن بالسنجات وهو ثمن لا يتعين بالتعيين، ولو باع بالنقود وقبضها صح التصرف فيها قيل الوزن، وفي الزعفران وأشباهه لا يجوز فإذا اختلفا فيه صورة ومعنى وحكماً لم يجمعهما القدر من كل وجه وتنزل الشبهة فيه إلى شبهة الشبهة وهي غير معتبرة كذا في (الهداية)، ولا يخفى أن الزعفران والمسك والزباد وتوزن بالسنجات أيضاً والتعيين وعدمه مما لا يتعلق للوزن به، والاختلاف الحكمي وحده أعني جواز التصرف قبل وزنه، بخلاف المبيع لا يوجب اعتباره غير مشارك له في أصل الوزن فالوجه في هذا أن يضاف تحريم الجنس بانفراده إلى السمع كما مر. ثم يستثنى إسلام النقود في الموزونات بالإجماع كيلا يفسد أكثر أبواب السلم وسائر الموزونات خلاف النقد لا يجوز أن يسلم في الموزونات، وإن اختلفت أجناسها كإسلام حديد في قطن أو زيت في جبن وغير ذلك إلا إذا خرج من أن يكون وزنياً بالصنعة إلا في الذهب والفضة، فلو أسلم سيفاً فيما يوزن جاز إلا في الحديد لأن السيف خرج من أن يكون موزوناً ومنعه في الحديد/ لاتحاد الجنس، ولذا يجوز بيع الإناء من غير النقدين بمثله من جنسه يداً بيد نحاساً كان أو حديداً أو إن كان أحدهما أثقل من الآخر بخلافه من الذهب والفضة فإنه يجري فيه ربا الفضل، وإن كانت لا تباع وزناً لأن صورة الوزن منصوص عليها فيهما فلا تتغير بالصنعة فلا تخرج عن الوزن بالمعادن، وأورد أنه ينبغي أن يجوز حينئذ إسلام الحنطة والشعير في الدراهم والدنانير لاختلاف طريقة الوزن.

وحلا بعدمهما وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح والموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل ـــــــــــــــــــــــــــــ أجيب بأن امتناعه لامتناع كون النقد سلماً فيه لأن المسلم فيه مبيع وهما متعينان للثمنية وهل يجوز بيعاً قيل: إن كان بلفظ البيع يجوز بيعاً بثمن مؤجل، وإن كان بلفظ السلم فقد قيل: لا يجوز، وقال الطحاوي: ينبغي أن ينعقد بيعاً، وأما إسلام الفلوس في الموزون ففي (فتح القدير) مقتضى ما ذكروه في زماننا لأنها وزنية، وذكر الإسبيجابي جوازه لأنها عددية بخلاف ما إذا أسلم فلوساً في فلوس فإنه لا يجوز لأن الجنس بانفراده محرم النساء. وأقول ينبغي أن يقال: إن كانت كاسدة لا يجوز لأنها وزنية حينئذ وعليه يحمل ما في (الفتح)، وإن كانت رائجة يجوز لأنهم في هذه الحالة أجروها مجرى النقود حتى أوجبوا الزكاة فيها، وعليه يحمل ما في الإسبيجابي وهذا يجب أن يعول عليه (وحلا) أي التفاضل والنساء (بعدمهما) أي: بعدم القدر والجنس فيجوز بيع هروي بمرويين لعدم العلة وهي وإن كانت لا توجب عدم الحكم لكن إذا اتحدت لزم من عدمها لا بمعنى أنها تؤثر العدم بل لا يثبت الوجود لعدم علته فيبقى عدم الحكم على عدمه الأصل وإذا عدم سبب الحرمة والأصل، في البيع الإباحة كان الثابت الحل كذا في (الفتح). (وصح بيع المكيل كالبر والشعير والتمر والملح وصح أيضاً بيع الموزون كالنقدين وما ينسب إلى الرطل) بكسر الراء وفتحها أي يقع عليه كيله أو إلى الأوقية فهو وزني قال في (المبسوط): يريد بذلك الأدهان ونحوها لأن الرطل إنما يعدل بالوزن غير أنه يشق عليهم وزنها بالأمناء والسنجات في كل وقت لأنها لا تستمسك إلا في وعاء حرج فاتحد الرطل لذلك تيسيراً فعرفنا أن كيل الرطل موزون فجاز بيع الموزون به انتهى، ومن ثم قال بعضهم، المراد هنا مواعين معلومات الوزن. قال في (الهداية): وإن كان موزوناً فلو بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله لا يجوز لتوهم الفضل في الوزن بمنزلة المجازفة، واستشكله الشر بأن الشيئين إذا استويا في كيل واحد يلزم أن يستويا في كيل آخر أيضا، ولا تأثير لكونه معلوماً أو مجهولاً في ذلك إذ لا يختلف ثقله فيهما، وقدمنا عن (الفتح) أنه لو باع الفضة بمثلها كفة ميزان بكفة ميزان جاز لانتفاء احتمال التفاضل وهذا يؤيد ما ادعاه الشر، وعن (الصيرفية) أيضاً لو تبايعا تبراً بذهب مضروب كفة بكفة لا يجوز ما لم يعلما وزن الذهب لأنه وزني، وهذا يشهد لصاحب (الهداية) والظاهر أنهما قولان متقابلان والله الموفق.

بجنسه متساوياً لا متفاضلاً وجيده كرديئه ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (النهاية) قال الإسبيجابي: فائدة هذا لو باع ما ينسب إلى الرطل (بجنسه) متفاضلاً في الكيل (متساوياً) في الوزن يجوز وهذا أحسن وهو قياس الموزونات، غير أنه يؤدي إلى أنه لا يجوز بالأواقي أيضاً إذ لا فرق بين كيل وكيل على ما بينا، ولا يندفع هذا الإشكال إلا إذا رفع الجواز في الكيل انتهى. وفي (الفتح): الرطل والأوقية مختلف فيها عرف الأمصار ويختلف في المصر الواحد أمر المبيعات، فالرطل الآن بالإسكندرية وزن ثلاثمائة درهم واثني عشر درهماً يوزن كل عشرة سبعة، وفي مصر مائة وأربعة وأربعون درهماً، وفي الشام أكثر من ذلك فهو أربعة أمثاله، وفي حلب أكثر من ذلك، وتفسير أبي عبيدة الرطل بأنه مائة وثمانية وعشرون تفسير الرطل في العراق الذي قدر به الفقهاء كيل صدقة الفطر وغيرها من الكفارات، ثم في الإسكندرية الرطل المذكور لغير الكتان مائتا درهم يوزن سبعة وكل رطل في عرف ديار مصر والشام وأقطاره اثني عشر أوقية وحينئذ لا يشكل اختلاف كمية الأوقية باختلاف الرطل، وفي زمنه - صلى الله عليه وسلم - كانت أربعين درهماً، ثم الأوقية مثلاً اثني عشر كما ذكرنا. وفي نحو المسك والزعفران عشرة والحاصل أن هذه الأسماء مع اسماً آخر توفيقية من جهة الاصطلاح يعرف بالاستكشاف والسؤال فيعرف بجنسه مستوياً من حيث الكيل إذا كان مكيلاً، ومن حيث الوزن إذا كان موزوناً فهو كذلك أبداً، وإن ترك الناس ذلك حتى لو باع المكيل وزناً والموزون كيلاً لا يجوز وإن تساويا فيما بيعا به حتى يعلم تساويهما بالأصالة وما لا نص فيه تعتبر العادة، وعن أبي يوسف أن العرف على خلاف المنصوص عليه معتبر. قال في (الحواشي السعدية): وعلى هذا فاستقراض الدراهم عدداً وبيع الرقيق وزناً على ما هو المتعارف في أزماننا/ ينبغي أن يكون مبنياً على هذه الرواية انتهى، أي يبيعه بمثله وزناً، وظاهر ما في (الفتح) يفيد ترجيحها ثم مقتضى ما قالا امتناع السلم في الحنطة وزناً وهو رواية الحسن عن أصحابنا، واختار الطحاوي الجواز لأن المسلم فيه معلوم وعليه الفتوى. وقوله في (الكافي): الفتوى على عادة الناس يقتضي أنهم لو اعتادوا أن يسلموا فيها كيلاً وأسلم وزناً لا يجوز ولا ينبغي ذلك بل إذا اتفقا على معرفة كيل أو وزن أن يجوز لوجود المصحح وانتفاء المانع كذا في (الفتح)، (لا متفاضلاً) لوجود علة الربا (وجيده) أي: جيد مال الربا و (كرديئه) فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً للنهي عن ذلك، وقد اعتبروا الجودة في الأموال الربوية في مال اليتيم فلا يجوز للوصي بيع جيده برديء، وينبغي أن يكون الوقف كذلك وفي مال المريض

ويعتبر التعيين دون التقابض في غير الصرف وصح بيع الحفنة بالحفنتين ـــــــــــــــــــــــــــــ حتى اعتبرت من الثلث وفي القلب الرهن إذا انكسر ونقصت قيمته فللراهن تضمين المرتهن قيمته ذهباً ويكون رهناً، ذكره الزيلعي كذا في (البحر). (ويعتبر التعيين دون التقابض) في الربويات (في غير الصرف) لأنه مبيع متعين فلا يشترط في صحته القبض كالثوب بالثوب، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف وذلك يترتب على التعيين فلا حاجة إلى اشتراط شرط آخر بخلاف الصرف لأن التعيين لا يحصل فيه إلا بالقبض، ومعنى قوله في الحديث: (يد بيد) (عينا بعين) كما رواه مسلم، وأورد أن فيه إما تعميم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن يداً بيد بمعنى القبض في الصرف وبمعنى التعيين في غيره. وأجيب بأن يداً بيد فسر بالتعيين والاستدلال به على التقابض في الصرف لا ينفيه لأنه لا يكون فيه إلا به، بقي أن يقال: حمل يداً بيد على معنى عيناً بعين محكم فكان تفسيراً له قال في (الفتح): ولقائل أن يمنع الاحتمال بل هو ظاهر في التقابض ويجب أن يحمل عيناَ بعين عليه لأن القبض أخص من التعيين وكل قبض يتضمن تعييناً، وليس كل تعيين قبضاً، وباب الربويات احتياط فيجب أن تحمل العينية على القبض هذا إذا كانا عينين، فإذا كان أحدهما ديناً والآخر عيناً إن كان العين هو المبيع جاز، ويشترط إحضار الدين والقبض في المجلس قبل التفرق بالأبدان لأن الدين لا يتعين، إلا بالقبض ولو قبض الدين فقط ثم تفرقا جاز، وإن كان الدين هو المبيع لم يجز وإن أحضره في المجلس كاشتريت منك قفيز حنطة بهذا القفيز وما دخل عليه الباء فهو ثمن، ولو تبايعا دراهم بفلوس فالقبض في أحد الجانبين شرط كذا في (السراج). (وصح بيع الحفنة) وهي ما يملأ الكفين كما هو في (الصحاح) (بالحفنتين) لعدم وجود المعيار المعرف للمساواة وهو نصف الصاع قد جعلوا ما دونه في حكم الحفنة، لأن الشارع لم يقدر بعض المقدرات في الواجبات المالية كالكفارات وصدقة الفطر بأقل منه، وعرف من هذا أنه لو وضعت مكايل أصغر منه كربع القدح وثمنه كما في مصر لا يعتبر التفاضل بها هذا إذا لم يبلغ أحد البدلين نصف صاع، فإن بلغ لم يجز وفي (جمع التفاريق) قيل: لا رواية في الحفنة بقفيز، واللب

والتفاحة بالتفاحتين والبيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين والتمرة بالتمرتين والفلس بالفلسين بأعيانهما واللحم بالحيوان ... ـــــــــــــــــــــــــــــ بالجوزتين والصحيح ثبوت الربا، كذا في (الفتح). (والتفاحة بالتفاحتين والبيضة بالبيضتين والجوزة بالجوزتين والتمرة بالتمرتين) لأن هذه الأشياء ليست بمكيل ولا موزون فانعدمت العلة بانعدام أحد شرطيها، ولذا كانت مضمونة بالقيمة عند الإتلاف هذا في غير الجوز من العدي المتقارب، أما فيه فكلام فخر الإسلام أن الجوزة مثل الجوزة في ضمان العددان، وكذا التمرة لا في حكم الربا قيد بالتفاضل لأن النساء فيها لا يجوز. قال في (الفتح): ولا يسكن الخاطر إلى هذا بل يجب بعد التعليل بالقصد إلى صيانة أموال الناس تحريم التفاحة بالتفاحتين والحفنة بالحفنتين، أما إذا كانت مكايل أصغر منها كما مر فلا شك وكونه لا تقدير في الشرع بما دونه لا يستلزم إهدار التفاوت المتيقن بل لا يحل بعد تيقن التفاضل مع تيقن تحريم إهداؤه، ولو أعجب غاية العجب من كلامهم هذا، وروى المعلى عن محمد أنه يكره التمرة بالتمرتين وقال: كل شيء حرم في الكثير فالقليل منه حرام. (و) صح أيضاً بيع (الفلس بالفلسين) وبما زاد عليهما (بأعيانهما) قيد في الكل وهذا عندهما، وقال محمد: لا يجوز لأن الثمنية تثبت باصطلاح الكل فلا تبطل باصطلاحهما وإذا بقيت أثماناً لا تتعين فصار كما إذا كان بغير أعيانهما وكبيع الدرهم بالدرهمين ولهما أن الثمنية يتعين بالتعيين ولا يعود وزنياً كبقاء الاصطلاح على العد إذ في نقضه في حق العد فساد العقد كذا في (الهداية)، واعترض عليه بأنها إذا/ كسدت باصطلاح الكل لا يكون ثمناً باصطلاح المتعاقدين فيجب أن لا تكون عروضاً أيضاً باصطلاحهما مع اتفاق ما سواهما على الثمنية. وأجيب بأنها في الأصل عروض فاصطلاحهما على الثمنية بعد الكساد وعلى خلافه فلا يجوز، وأما إذا اصطلحا على أنها عروض فهو على الأصل فيجوز وإن كان من سواهما على الثمنية وفيه نظر لأن هذا ينافي قوله أن الثمنية في حقهما تثبت باصطلاحهما إلى آخره قيد بكون البدلين معينين لأنهما لو كانا غير معينين أو أحدهما لا يجوز اتفاقاً، غير أن عدم الجواز عند انتفاء تعيينهما باق، وإن تقابضا في المجلس بخلاف ما لو كان أحدهما فقط وقبض الدين فإنه يجوز، كذا في (المحيط)، وسيأتي عند قوله: ولو كسدت أفلس القرض بقيت أحكام الفلوس. (و) صح أيضاً بيع (اللحم بالحيوان) عندهما سواء كان اللحم من جنس ذلك الحيوان أو لا مساوياً لما في الحيوان أو لا بشرط التعيين، أما نسيئة فلا لأنها إن

والكرباس بالقطن والرطب بالرطب أو بالتمر متماثلاً ـــــــــــــــــــــــــــــ كانت في الحيوان أو في اللحم كان سلماً وهو في كل منهما غير صحيح، وقال محمد: إن بغير جنسه كلحم البقر بالشاة الحية جاز كيف ما كان، وإن كان بجنسه كلحم شاة بشاة حية فلا بد أن يكون اللحم المقرر أكثر من الذي في الشاة لتكون الشاة بمقابلة السقط وهو ما لا يطلق عليه اسم اللحم كالكرش والمعلاق والجلد والأكارع، ولهما أنه باع موزوناً بما ليس بموزون وعلانية اتحاد المجلس كما قال محمد باعتبار ما في الضمن كالعصير مع العنب لكن اتحاده مع اختلاف المقدر به إنما يمنع النساء به وقد قلنا به. وادعى بعض المشايخ أن لحم الشاة مع الشاة الحية جنسان أخذا من قوله تعالى .... وعليه فلا إشكال وأجمعوا أن الشاة لو كانت مذبوحة مسلوخة قصد السقط منها جاز إذا تساويا، وأنه لو باع مذبوحة بحية جاز أيضاً، أما على قولهما فظاهر، وأما على قول محمد فلأنه لحم بلحم وزيادة اللحم مع أحدهما مع سقطها بإزاء السقط، وعلى هذا فيجوز بيع شاتين مذبوحتين غير مسلوختين بمذبوحة لأن زيادة لحم الشاة بإزاء الجلد على وزان ما مر، وفي (شرح الطحاوي) ولو كانت الشاة مذبوحة غير مسلوخة فاشتراها بلحم شاة فالجواب في قولهم جميعاً كما قال محمد. وفي (الحاوي): لو باع شاة في ضرعها لبن بجنس لبنها فهو على الاختلاف الذي في اللحم، والمذكور في (الشرح) أنه لو باع شاة على ظهرها صوف أو في ضرعها لبن بصوف أو لبن بشرط أن يكون الصوف أو اللبن أكثر مما على الشاة، وفي (السراج) ولا خلاف بينهم أنه لا يجوز بيع اللبن بشاة في ضرعها لبن إلا على وجه الاعتبار فما في (الحاوي) ضعيف. (و) صح أيضاً بيع (الكرباس) جمع كرابيس ثياب كان يبيعها الإمام محمد بن محمد الكرابيسي، وإليها نسب (بالقطن) لاختلافهما فهما جنسان لأن الثوب لا ينقض فيعود قطناً لأنه موزون والثوب غير كذلك، وأفهم كلامه جواز بيعه بالغزل بالأولى، ولو باع القطن بقوله جاز عند محمد لاختلاف الجنس لما قلنا، ومنعه أبو يوسف إلا مساوياً لأن غزل القطن قطن وقول محمد أظهر، ولو باع المحلوج بغيره جاز إذا علم أن الخالص أكثر مما في الآخر، ولو باع غير المحلوج بحب القطن فلا بد أن يكون الحب الخالص أكثر من الذي في القطن ليكون الزائد مقابلاً بالقطن، كذا في (الشرح). (و) صح أيضاً بيع (الرطب بالتمر) حال كونه (متماثلاً) كيلاً، كذا في غير

والعنب بالزبيب ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب وقال العيني: وزناً، أما بيع الرطب بالرطب فبالإجماع، وأما بالثمر فهو قول أبي حنيفة وقالا: وبه قالت الأئمة الثلاثة لا يجوز متساوياً لأنه - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عنه قال: (أينقص إذا جف فقيل نعم قال: لا إذاً) رواه مالك وغيره، فبين العلة في المنع وهو كونه ينقص في ثاني الحال عن المساواة وله أنه تمر لقوله صلى الله عليه وسلم حين أهدي إليه رطباً: (وكل تمر خيبر هكذا) ورد بأن المهدى إنما كان تمر كم أخرجه الشيخان والمحكي عن الإمام أنه حين دخل بغداد سئل عن ذلك وكان أشد عليه لمخالفته الخبر إنما استدل عليهم بأن الرطب إما أن يكون تمراً أو لا، فإن كان جاز لقوله (التمر بالتمر) وإلا فبقوله (إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم) فأورد عليه الحديث المتقدم فأجاب بأن مداره على زيد بن عباس وهو لا يقبل حديثه، وقد رد ترديده وطعنه بأن هناك قسماً ثالثاً وهو كونه من الجنس ولا يجوز بيعه بالآخر لعدم تسوية الكيل بينهما لأنهما إنما تكون في حال اعتدال البدلين وهو أن يجف الآخر، وأما زيد بن عباس فوثقه غير واحد والمذكور في كتب الحديث عن الإمام أنه قال: هو مجهول. قال ابن الجوزي: إن كان هو لا يعرفه فقد عرفه أئمة النقل. وأجيب عن الأول بأن الإمام إنما يعتبر التساوي في حالة العقد وعروض/ النقد بعد ذلك لا يمنع مع المساواة في الحال إذا كان موجبه أمراً خلقياً، وقد أجيب أيضاً بأن المراد بتقدير صحة المسند النهي عن بيعه نسيئة لما في (أبي داود): (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة) ورد بأنه يبقى قوله: (أينقص إذا جف؟) عرفياً عن الفائدة وما ذكروا من أن فائدته، أن الرطب ينقص إلى أن يحل الأجل فلا يكون في هذا التصرف منفعة لليتيم باعتبار النقصان عند الجفاف فمنعه على طريق الإشفاق مبني على أن السائل كان ولي اليتيم ولا دليل عليه، كذا في (الفتح). (و) صح أيضاً بيع (العنب بالزبيب) متماثلاً كيلاً عنده خلافاً لهما والوجه لكل ما مر وقيل: لا يجوز اتفاقاً كالحنطة المقلية بغير المقلية والفرق له على هذه

واللحوم المختلفة بعضها ببعض متفاضلاً ولبن البقر والغنم وخل الدقل بخل العنب وشحم البطن بالألية أو باللحم والخبز بالبر أو الدقيق متفاضلاً ـــــــــــــــــــــــــــــ الرواية أن اطلاق اسم التمر على الرطب استعمل كما مر ولا كذلك الزبيب، وقيل: يجوز اتفاقاً وذكر أبو الحسن أن عندهما لا يجوز إلا على الاعتبار فصار في المسألة أربع روايات قيد بالزبيب لأن بيعه كالرطب بمثله كيلاً جائز عندنا، وكذلك كل ثمرة لها جفاف كالتين والمشمش والجوز والكمثرى والرمان والإجاص يجوز بيع رطبها ويابسها، وكذلك يجوز بيع الباقلاء الأخضر بمثله وبيع الحنطة المبلولة بالمبلولة والرطبة بالرطبة أو المبلوبة باليابسة، كذا في (الفتح). (و) صح أيضاً بيع (اللحوم المختلفة بعضها ببعض متفاضلاً) يداً بيد قيد باختلافهما، لأن التفاضل عند اتحاد الجنس لا يجوز كلحم البقر والجاموس والمعز والضأن وكذا ألبانها إلا إذا اختلف المقصود كشعر المعز وصوف الضأن، وكذا إذا نبذ بالصنعة كالزيت المطبوخ بغيره والدهن المربى لأن المقاصد تختلف بالتبدل أيضاً فيجوز التفاضل، وقدمنا عن الثاني أن لحم الطير يجوز التفاضل فيه وإن كان نوعاً واحداً لأنه لا يوزن عادة، وبه جزم الشارح وغيره هنا، قال في (الفتح): وينبغي أن يستثنى منه الدجاج والأول لأنه يوزن في عادة ديار أهل مصر بعظمه انتهى، وهذه العادة لم تعرف إلا بمصر وإنما كانت في زمنه. (و) صح أيضاً بيع (لبن البقر والغنم) متفاضلاً منه بذلك على أن الأجزاء تتبع الأصول في الاختلاف وعدمه حتى جاز لبن البقر والغنم متفاضلاً دون لبن المعز والضأن. (و) صح أيضاً بيع (خل الدقل) بفتح الدال والقاف الرديء من التمر وخصه وإن كان خل تمر كذلك جرياً على عادتهم في جهل الخل منه (بخل العنب) متفاضلاً بخلاف جنسهما. (و) صح أيضاً بيع (شحم البطن بالألية) مخففة (أو باللحم) متفاضلاً، لأنها وإن كانت كلها من الضأن إلا أنها أجناس مختلفة لاختلاف الأسماء والمقاصد. (و) يصح أيضاً بيع (الخبز بالبر وبالدقيق متفاضلاً) في أصح الروايتين عن الإمام قيل: هو ظاهر مذهب علمائنا الثلاثة وعليه الفتوى عدداً ووزناً كيف ما اصطلحوا عليه لأنه بالصنعة صار جنساً آخر، والبر والدقيق مكيلان فانتفت العلتان، ولا يخفى أن هذا في الحنطة ظاهر لأنها مكيلة والخبز إما موزون أو معدود. وأما الدقيق فوزني في عرفنا ومع هذا يجوز التفاضل لاختلاف الجنس بالصنعة فقط هذا إذا كان يداً بيد، فإن كانت نسيئة إن كانت الحنطة هي المتأخرة جاز لأنه أسلم موزوناً في مكيل، وفي عكسه لا يجوز عند الإمام لأنه لا يتوقف على حد له فإنه يتفاوت في الصنعة عجناً

لا بيع البر بالدقيق أو السويق والزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم وستفرض الخبز وزناً لا عدداً ـــــــــــــــــــــــــــــ وخبزا، وكذا عند محمد لأنه عددي عنده، ويجوز عند أبي يوسف لأنه وزني عنده أو يجوز بشرط الوزن وإن كان العرف فيه العدد والنضج وحسن العجن مضبوط نوعيهما وخصوص ذلك القدر بعينه من العجن والنار مهدر، واختاره المشايخ للفتوى إذا أتى بشرائطه لحاجة الناس لكن يجب أن يحتاط وقت القبض حتى يقبض من الجنس الذي سمي حتى لا يصير استبدالاً بالمسلم فيه قبل قبضه وقبل ذلك فالأحوط المنع. (لا) يصح (بيع البر بالدقيق أو بالسويق) وهو ما يجرش من الحنطة والشعير وغيرهما يعني ولا متساوياً لأن جنسه من جنس المعيار فيهما الكيل وهو غير مسو لهما فكان فيه شبهة الربا، بخلاف بيع السمسم بالسمسم حيث يجوز لأن المعيار فيه الوزن وهو مسو، ودل كلامه أن بيع الدقيق بالدقيق متساوياً جائز سواء كان أحدهما أخشن وأدق، وكذا بيع النخالة بالنخالة لا متفاضلاً لاتحاد الاسم والصورة والمعنى في بيعه بمثله وزناً روايتان، وفي (الصغرى) بيع النخالة بالدقيق عند أبي يوسف يجوز على طريق الاعتبار بأن كانت النخالة الخالصة أكثر من النخالة في الدقيق، وعند محمد لا يجوز بطريق الاعتبار بل إذا تساويا كيلاً قيد بالبر لكن بيع الدقيق بالسويق لا يجوز عنده مطلقاً ويجوز عندهما مطلقاً لاختلاف. (و) لا يصح أيضاً بيع (الزيتون بالزيت و) لا بيع (السمسم بالشيرج/ حتى يكون الزيت) الخالص (والشيرجي أكثر مما في الزيتون والسمسم) ليكون الخارج منه من الدهن المفرد والزائد بمقابلة الشيرج، ومن هذا النوع بيع الجوز بدهنه واللبن بسمنه، والعنب بعصيره، والتمر بدبسه، وطريقة معرفة ذلك العلم حتى لو جهل أو علم أنه أقل أو مساو لا يجوز. وفي (الخانية) هذا إذا النقل له قيمة، فإن كان لا قيمة كما في الزبد بعد إخراج السمن منه فيجوز مع مساواة الخارج للسمن المفرد. يروى ذلك عن الإمام، (ويستقرض الخبز وزناً لا عدداً) عند أبي يوسف لأن الوزن يوجب التساوي دون العدد، وعند محمد يجوز بهما للتعامل بين الجيران بذلك مهددين تفاوته والحاجة تدعو إلى ذلك بينهم والقياس يترك بالتعامل. قال في (الفتح): وجعل المتأخرون الفتوى على قول أبي يوسف، وأنا أرى أن قول محمد أحسن انتهى. وفي شرح (المجمع) لابن الملك وعليه الفتوى، وفي (المجتبى) باعه رغيفاً نقداً برغيفين نسيئة يجوز، ولو باع الرغيفان نقداً والرغيف

ولا ربا بين المولى وعبده وبين الحربي والمسلم ثمة. ـــــــــــــــــــــــــــــ نسيئة لا يجوز، ولو باع كسيرات الخبز يجوز نقداً ونسيئة كيفما كان (ولا ربا) يتحقق (بين المولى وعبده) ولو مدبراً أو أم ولد لأنه وما في يده لمولاه فلا يتحقق الربا لعدم تحقق البيع، بخلاف المكاتب لأنه ضار كالحر يداً وتصرفاً في كسبه وهذا الإطلاق قيده في (الهداية) بما إذا لم يكن مأذوناً مديوناً، فإن كان تحقق الربا بينهما، أما عند الإمام فلعدم ملكه لما في يده، وأما عندهما فلتعلق حق الغرماء، والمص تبع صاحب (المبسوط) في الإطلاق وهو التحقيق، كما في (الدراية). إلا أن على المولى أن يرد ما أخذه من العبد لأن أخذه من العبد بغير عوض لا للربا، ولو أعطاه العبد درهماً بدرهمين لا يجب عليه الرد على المولى، كما في صرف (المحيط) قال الشر: وكذا لا ربا بين المتفاوضين، وكذا شريكي العنان إذا تبايعا من مال بالشركة. (و) لا (بين المسلم والحربي ثمة) أي في دار الحرب حتى لو باع مسلماً دخل إليهم مستأمناً درهماً بدرهمين لا يجب عليه الحل، وكذا إذا باع منه ميتة أو خنزيراً أو قامرهم وأخذ المال وهذا عندهما، وقال أبو يوسف: لا يحل وبه قالت الثلاثة لإطلاق النصوص المحرمة للربا وعلى هذا الخلاف الربا بين المسلم الأصلي والذي أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا. وأما إذا هاجر إلينا ثم عاد إليهم لم يجز الربا معه، وعلى هذا فلو قال: ولو في دار الحرب لكان أولى وكذا لو أسلما ولم يهاجر كما في (إيضاح الكرماني) ولهما ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب) وقد طعن في هذا الحديث وجعله في (المبسوط) من مراسيل مكحول وهو ثقة والمرسل من مثله مقبول ولأن مالهم مباح وبعقد الأمان عنهم لم يصر معصوماً إلا أنه التزم ألا يتعرض لهم لغدره، ولا لما في أيديهم لغير رضاهم فإذا أخذ برضاهم أخذ مالاً مباحاً بلا عذر ويملكه بحكم الإباحة الأصلية كذا قالوا، وأنت خبير بأن هذا إنما يفيد حل العقد إذا كانت الزيادة ينالها المسلم والربا أعم من ذلك إذ يشمل ما إذا كان الزائد من جهة المسلم أيضاً، وجوابه المسألة بالحل عام في الوجهين وعرف من هذا أن الربا يجري بين المسلم والمستأمن منهم في دارنا لأن ماله صار محظوراً بعقد الأمان.

باب الحقوق

باب الحقوق العلو لا يدخل بشراء بيت بكل حق وبشراء منزل إلا بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير هو فيه أو منه .... ـــــــــــــــــــــــــــــ باب الحقوق حق هذا الباب أن يذكر قبل الخيار إلا أن المص كصاحب (الهداية) اقتفى أثر محمد في (الجامع الصغير) في ذكره هنا لأنها توابع فيليق ذكرها بعد مسائل البيوع، وأراد بها حقوق المبيع العلو وهو خلاف السفل بضم العين وكسرها، كذا في (المصباح) وفي غيره مثلث العين وقيل بكسرها لا غير واللام ساكنة، واعلم أن الأسماء ثلاثة البيت والمنزل والدار، بدأ المص ببيان الأول فقال: لا يدخل بشراء بيت، أي (إذا اشترى بيتاً) فوقه بيت (لا يدخل العلو)، ولو قال: (بكل حق) هو له أو بكل قليل وكثير ما لم ينص عليه لأن البيت اسم لمسقف واحد جعل البيات فيه، فمنهم من يقتصر على هذا، ومنهم من يزيد له دهليزاً والعلو مثله في أنه مسقف يبات فيه والشيء لا يستتبع مثله بل هو أدنى منه. (و) لا يدخل العلو أيضاً (بشراء منزل إلا) أن يقول المشتري (بكل حق هو له أو) كقوله (بمرافقه) جمع مرفق بكسر الميم وفتح الفاء لا غير كالمطبخ والكنيف ونحوه على التشبيه باسم الآلة، بخلاف المرفق في العضو فإن فيه فتح الميم وكسر الفاء وبالعكس، وكذا المرفق يعني ما ارتفقت به، كذا في (المصباح). (أو) يقول (بكل قليل وكثير هو فيه أو منه) لأن المنزل اسم لمكان يشتمل على بيتين أو ثلاثة ينزل فيها ليلاً أو نهاراً وله مطبخ وموضع لقضاء الحاجة فيسكن العيال مع ضرب قصور إذ ليس له إصطبل فلشبهه بالدار يدخل العلو تبعاً عند ذكر التوابع بلا تنصيص والشبهة بالبيت لا يدخل بلا ذكر زيادة. اعلم أن الحق في العادة يذكر فيما هو تبع/ للمبيع ولا بد له منه ولا يقصد إلا لأجله كالطريق والشرب للأرض، والمرافق عبارة عما يرتفق به ويختص بما هو من التوابع كالشرب ومسيل الماء وقوله: كل قليل وكثير يذكر على وجه المبالغة في إسقاط حق البائع عن المبيع مما يتصل به، كذا في (الذخيرة). والمذكور في (جامع الفصولين) من الفصل السابع أن الحقوق عبارة عن مسيل وطريق وغيره وفاقاً، والمرافق عند أبي يوسف عبارة عن منافع الدار، وفي ظاهر الرواية المرافق هي الحقوق انتهى.

ودخل بشراء دار كالكنيف لا الظلة إلا بكل حق ولا يدخل الطريق والمسيل والشرب إلا بنحو كل حق ـــــــــــــــــــــــــــــ وإلى هذا يشير قوله أو يقول بمرافقه (ودخل) أي: العلو (بشراء دار) بلا ذكر زيادة على شرائها لأنه اسم لساحة أدير عليها الحدود تشتمل على بيوت وعلو، ولا فرق بين كون الأبنية بالتراب والماء أو بالخيام والقباب، كذا في (الفتح) وغيره، والعلو من توابع الأصل وأجزائه فيدخل بلا ذكر. قالوا: هذا في عرف أهل الكوفة فيدخل العلو من غير ذكر الصور كلها سواء كان المبيع بيتاً فوقه علواً، أو منزلاً كذلك لأن كل مسكن يسمى خانة في العجم، ولو علواً سواء كان صغيراً كالبيت أو غيره إلى دار الملك انتهى. فتسمى سراي (كالكنيف) أي: كما يدخل الكنيف في شراء الدار بلا ذكر لأنه منها عادة، ولو كان خارجها على الظلة وهو المستراح وبعضهم يعبر عنه ببيت، وفي (المصباح) أي الكنيف الساتر ويسمى الترس كنيفاً لأن يستر صاحبه، وقيل للمرحاض كنيف لأنه يستر قاضي الحاجة، وكذا يدخل بئر الماء والأشجار التي في صحنها والبستان الداخل، وأما الخارج فإن كان أصغر منها فكذلك، وإلا بأن كان أكبر منها أو مثلها لا يدخل إلا بالشرط (لا) تدخل (الظلة) بالضم كهيئة الصفة وبالكسر البيت الكبير من الشعر، كذا في (الصحاح). وفي (المغرب) قول الفقهاء ظلة يريدون السدة التي فوق الباب وادعى في (إيضاح الاصطلاح) أن هذا وهم بل هي السابات الذي أحد طرفيه على الدار والآخر على دار أخرى وعلى الأسطوانات التي في السكة، وعليه جرى في (فتح القدير) وغيره وإنما لم تدخل لأنها مبنية على الطريق فأخذت حكمه وقالا إن كان مفتحها من الدار دخلت (إلا) أن يقول (بكل حق) أو نحوه مما مر. (ولا يدخل الطريق والمسيل) وهو موضع جريان الماء من المطر ونحوه، (والشرب) وهو النصيب من الماء في بيع المسكين أو الأرض (إلا بنحو بكل حق) كالمرافق وكل قليل وكثير لأن هذه الأشياء تابعة من وجه من حيث أنها تقصد بالانتفاع بالمبيع دون عينها أصل من وجه من حيث أنها يتصور وجودها بدون المبيع فلا تدخل إلا بذكر الحقوق أو المرافق. قال في (المحيط): المراد الطريق الخاص في ملك إنسان، فأما طريقها إلى سكة غير نافذة وإلى الطريق العام فيدخل، وعلله فخر الإسلام بأنه ليس من هذه الدار فلا يدخل إلا بذكر الحقوق وهذا يقتضي أن الطريق الذي في هذه الدار يدخل وهو غير ما في (الكتاب) فالحق أن كلاً منهما لا يدخل، لأنه وإن كان في هذه الدار فلم يشتر جميع هذه الدار وإنما اشترى شيئاً معيناً منها

بخلاف الإجارة. فصل البينة حجة متعدية لا الإقرار ـــــــــــــــــــــــــــــ فلا يدخل ملك البائع أو الأجنبي إلا بذكره كذا في (الفتح) فإن ذكر الحقوق وقال البائع: ليس للدار المبيعة طريق في دار أخرى فالمشتري لا يستحق الطريق بغير حجة ولكن له أن يردها بالعيب (بخلاف الإجارة) حيث يدخل الطريق والمسيل والشرب في إجارة الدار والأرض بلا ذكر الحقوق لأن المقصود منها إنما هو الانتفاع بغير هذه الأشياء والبيع ليس كذلك، فإن المقصود منه في الأرض ملك الرقبة لا خصوص الانتفاع بل إما هو أو ليتجر فيها أو يأخذ نقضها فلم تتعين فائدة البيع، ولذا جاز بيع الجحش كما ولد، والأرض السبخة دون إجارتهما ولو اشترى علواً أو استثنى الطريق جاز بخلاف الإجارة. تتمة: الإقرار بدار والصلح عليها والوصية بها كالبيع لا يدخل الطريق فيها إلا بذكر الحقوق أو المرافق كما في (الخانية)، وفي (الخلاصة) يدخل الطريق في الرهن والصدقة الموقوفة كالإجارة وفي القسمة ولو لم يذكر طريقاً، فإن أمكنه فتح باب صحت وإلا فسدت، وفي (الفتح) ولا يدخل الطريق والمسيل فيها إلا برضى صريح ولا يكفي فيه ذكر الحقوق والمرافق وينبغي أن تكون الهبة والنكاح والخلع والعتق على دار كالبيع لا يدخل الطريق فيها إلا بذكر الحقوق والمرافق والوجه فيها لا يخفى، وفي (الحواشي اليعقوبية) ينبغي أن يكون الرهن كالبيع إذ لا يقصد به الانتفاع وهو جيد إلا أنك قد علمت أن المنقول خلافه. فصل الاستحقاق وهو طلب الحق ذكره بعد الحقوق للمناسبة بينهما لفظاً ومعنى، ولولا هذا لكان ذكره عقب الصرف أولى يقال استحق فلان الأمر/ استوجبه فالأمر مستحق بالفتح اسم مفعول، ومنه خروج المبيع مستحقاً (البينة حجة متعدية) على الغير لا تصير حجة إلا بالقضاء وللقاضي ولاية عامة فينفذ قضاؤه في حق الكافة (لا الإقرار) لأنه يتوقف على القضاء، وللمقر ولاية على نفسه دون غيره فيقتصر عليه، كذا في (الشرح). قال في (البحر): وهو ظاهر في أن معنى التعدي كونه قضاء على الكافة في كل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ ما قضى فيه بالبينة وليس كذلك، وإنما يكون على الكافة في الحرية والنكاح والنسب والولاء خاصة، واختلف المشايخ في الوقف، كما في (الخلاصة)، وصحح العمادي أنه ليس على الكافة، وأما القضاء بالملك فقضاء على المدعى عليه وعلى من تلقى الملك عنه، كذا في (الخلاصة) أيضاً. وفي (فتح القدير) القضاء باستحقاق المبيع من يد المشتري قضاء على الكل ولا تسمع دعوى أحد منهم أنه ملكه وعلى الوارث قضاء المورث بشرطه، وذكر ملا خسروا أن الحكم بالحرية الأصلية حكم على الكافة لا تسمع دعوى الملك من أحد، وكذا العتق وفروعه وفي الملك المؤرخ على الكافة من التاريخ لا قبله يعني، إذا قال زيد لبكر: إنك عبدي ملكتك منذ خمسة أعوام فقال بكر: إني كنت عبد بشر ملكي منذ ستة أعوام فأعتقني وبرهن عليه اندفع دعوى زيد، ثم إذا قال عمرو لبكر: إنك عبدي ملكتك منذ سبعة أعوام وأنت ملكي الآن فبرهن عليه يقبل ويفسخ الحكم بحريته ويجعل ملكاً لعمرو، ويدخل عليه أن قاضي خان قال في أول البيوع من شرح (الزيادات) فصارت مسائل الباب على قسمين: العقد عتق في ملك مطلق وهو بمنزلة حرية الأصل والقضاء به قضاء على كافة الناس، والثاني القضاء بالعتق في الملك المؤرخ وهو قضاء على كافة الناس من وقت التاريخ ولا يكون الكافة قبله فليكن هذا على ذكر منك فإن الكتب المشهورة خالية عن هذه الفائدة انتهى. وفي (الحواشي اليعقوبية): هذا مشكل على قول الإمام لأن الجزئية بعتاق عارض حق العبد عنده إلا أن يقال إن عموم حكم الحرية وفروعها على قولهما وهو بعيد انتهى، ثم ذكر ما قاله ملا خسروا وعزاه إلى (الزيادات) وغيرها من الكتب وإذا عرف هذا فالأولى أن يفسر تعديها بعدم اقتصارها على المدعى عليه أعم من كونه القضاء بها على الكافة أو لا بخلاف الإقرار، واعلم أنه عند اجتماع الإقرار والبينة ما الذي يقضى به ففي (فتاوى رشيد الدين) لو أقر عند الاستقاق بالاستحقاق، ومع ذلك أقام المستحق البينة وأثبت عليه الاستحقاق بالبينة كان له أن يرجع على بائعه لأن القضاء وقع بالبينة لا بالإقرار، وذكره في آخر كتاب (الدعوى) ادعى عينا في يد رجل وأنكر المدعى عليه فأقام بينة على ما ادعاه فقبل أن يقضي القاضي للمدعي ببينة أقر المدعى عليه بالعين للمدعي يقضي بالبينة أو بالإقرار؟ اختلف المشايخ فيه قال بعضهم: بالإقرار، وقال بعضهم: بالبينة، والأول أظهر وأقرب إلى الصواب. قال في (الفتح): وهذا يناقض ما ذكره أولا إلا أن نخص تلك بعارض الحاجة إلى الرجوع وتحصل من هذا أن عند ثبوت الحق بهما يقضي بالإقرار على الأظهر إلا

والتناقض يمنع دعوى الملك لا الحرية ـــــــــــــــــــــــــــــ عند الحاجة فبالبينة (والتناقض)، وهو كما في (المصباح) التدافع يقال: تناقض الكلامان تدافعا كأن كل واحد نقض الآخر وفي كلامه تناقض كأن بعضه يقتضي إبطال بعض (يمنع دعوى الملك) أي: ملك العين أو المنفعة لما في (الصغرى) طلب نكاح الأمة مانع من دعوى تملكها، وطلب نكاح الحرة مانع من دعوى نكاحها، وكما يمنعها لنفسه يمنعها لغيره وعلى ذلك تفرع ما في (البزازية) ادعى أنه فلان موكله بالخصومة ثم ادعى أنه لفلان آخر وكله بالخصومة لا يقبل إلا إذا وفق وقال لفلان الأول وقد وكلني بالخصومة ثم باعه من الثاني ووكلني أيضاً، والتدارك ممكن بأن غاب عن المجلس وجاء بعد فوت مدة، وبرهن على ذلك على ما نص عليه الحصري في (الجامع) دل أن الإمكان لا يكفي انتهى. وقيل: إن إمكان التوفيق كاف حكاه في (الخلاصة)، واختار الخجندي أنه إن كان من المدعي فلابد من التوفيق بالفعل، وإن كان من المدعى عليه فالإمكان كاف لأن الظاهر عند الإمكان وقوعه وهو حجة في الدفع لا في الاستحقاق والمدعى عليه دافع والظاهر يكفي في المدفع لا في الاستحقاق والمدعى عليه، ويقال: إن تعددت الوجوه لا يلغى الإمكان، وإن اتحدت يكفي، كذا في (البزازية). ومن فروع التناقض ادعى عيناً في يد إنسان أنها لزيد وقد وكلني بالخصومة ثم ادعاه لنفسه وبرهن لا يقبل، ولو لنفسه ثم لفلان وبرهن قبل ومنها ادعى نفقة بالأخوة فأنكر أنه أخ له ثم مات فطلب إرثه مدعياً أنه أخ له لا يقبل، وفي الأبوة والبنوة والمسألة بحالها يقبل ويقضى له بالميراث، ومنها ادعى عليه ديناً معلوماً فأنكر، ثم إنه ادعى شركة لا يقبل وفي عكسه يقبل لأن مال الشركة/ يجوز أن يكون ديناً والدين لا يصير مال الشركة الكل في (الظهيرية)، وفروع التناقض كثيرة وسيأتي في الدعوى شيء منها أيضاً إن شاء الله تعالى. (لا) يمنع التناقض دعوى (الحرية) حتى لو ادعى المكاتب بدل الكتابة ثم برهن على إعتاق المولى قبلها قبلت ورجع بما أدى، وكذلك العبد لو انقاد للبيع ثم ادعى العتق بعده أو أنه حر الأصل وبرهن على ذلك قبل برهانه استحساناً، كذا في (المبسوط) وغيره. قال في (جامع الفصولين): وتفسير الانقياد أن ينقاد لتسليم المشتري يعني إذا أسلم للمشتري لا يأبى وسكت، أما السكوت عند البيع فليس انقياد انتهى، وكما لا يمنع التناقض دعوى الحرية وفروعها من العبد لا يمنعها من المشتري حتى لو برهن المشتري على أنها حرة الأصل وهي تدعي ذلك، أو أنها ملك لفلان وقد أعتقها أو دبرها أو استولدها قبل شرائها تقبل ويرجع بالثمن على البائع لأن التناقض في

والنسب والطلاق ـــــــــــــــــــــــــــــ الحرية وفروعها لا يمنع صحة الدعوى، كذا في فروع (فتح القدير). وظاهر أن قوله وهي تدعي ذلك اتفاقي (والطلاق) حتى لو برهنت على الثلاث بعدما اختلعت قبل برهانها واستردت قبل الخلع لاستقلال الزوج بذلك بدون علمها، وكذلك لو قاسمت المرأة ورثت زوجها وقد أقروا بالزوجية كباراً ثم برهنوا أن زوجها كان طلقها في صحته ثلاثاً فإنهم يرجعون عليها بما أخذت، ومن هذا النوع استأجر داراً، ثم ادعى أن والده كان اشتراها له في صغره وبرهن قبلت، كذا في (العمادية) وغيرها. وفي (البزازية) ادعى شراء من أبيه فقل أن يزكي شهوده برهن على أن ورثها منه يقبل، وعلى العكس لا ولو ادعى عليه عيناً له وعليه قيمته ثم ادعى أن العين قائم في يده وعليه إحضاره يقبل، وكذلك على القلب لأنه مكان الخفاء فيعفى فيه التناقض. (و) لا يمنع أيضاً دعوى (النسب) كما لو باع عبداً ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعى البائع الأول أنه ابنه تسمع دعواه ويبطل الشراء الأول والثاني لأن النسب ينبني على العلوق فيخفى عليه فيعذر في التناقض قاله العيني، وقدمنا أن التناقض كما يعفى في الفروع يعفى في الأصول أيضاً. وأما من عداهم فإنهم لا يعفى فيه كالأخوة وقد صح عد ذلك البزازي في الدعوى حيث قال: ادعى على آخر أنه أخوه لأبويه، إن ادعى إرثاً أو نفقة وبرهن عليه يقبل ويكون قضاء على الغائب أيضاً حتى لو حضر الأب وأنكر لا يقبل ولا يحتاج إلى إعادة البينة لأنه يتوصل إليه إلا بإثبات الحق على الغائب، وإن لم يدع مالاً بل ادعى الأخوة المجردة لا يقبل لأن هذا في الحقيقة إثبات البنوة على أبي المدعى عليه والخصم فيه هو الأب لا الأخ، وكذا لو ادعى أنه ابن ابنه وأب ابنه والابن غائب أو ميت لا يصح ما لم يدع مالاً، فإن ادعى مالاً فالحكم على الحاضر والغائب جميعاً كما مر، بخلاف ما لو ادعى عليه أنه أبوه أو ابنه أو على امرأة أنها زوجته، أو ادعت عليه أنه زوجها أو ادعى العبد على عربي أنه مولى عتاقه أو ادعى عربي على آخر أنه معتقه، أو ادعت على رجل أنها أمته، أو كانت الدعوى بولاء الموالاة وأنكر المدعى عليه فبرهن المدعي على ما قال يقبل ادعى به حقاً أو لا، ألا ترى أنه لو أقر بأنه أبوه أو ابنه أو زوجته صح، أو بأنه أخوه لا لكونه حمل النسب على الغير انتهى، وإذا عرف هذا فدعوى نحو الأخوة من قبيل دعوى الملك لكونها لا تصح إلا في ضمن مال، وفيها معزياً إلى (الذخيرة) ادعاه مطلقاً فدفعه المدعى عليه بأنك كنت ادعيته قبل هذا مقيداً: وبرهن عليه فقال المدعي: ادعيته الآن بذلك السبب وتركت المطلق يقبل ويبطل الدفع انتهى، وبه عرف أن المتناقض لو قال: أبطلت أحد الكلامين يقبل

مبيعة ولدت فاستحقت ببينة تبعها ولدها وإن أقر بها لرحل لا ـــــــــــــــــــــــــــــ منه ولا يحتاج إلى التوفيق ولا إلى النظر في إمكانه، كذا في (البحر) وفي الاستخراج تأمل فتدبره. وفي (الصغرى) ادعى بحدوث إرث ثم ادعاه ملكاً مطلقاً لا تسمع إذا كانت الدعوى الأولى عند قاضي، أما إذا لم تكن فهذا والأول سواء هذا على الرواية التي ذكروا بأن التناقض إنما يتحقق إذا كان كلا الدعوتين عند القاضي، فأما من اشترط أن يكون الثاني عند القاضي يكتفى في تحقق التناقض بكون الثانية عند الحاكم. وفي (البزازية): ذكر مسألة ثم قال: المسألة أنه لا يشترط في التناقض كون المبتدأ تعين في مجلس الحكم بل يكتفى بكون الثاني في مجلس الحكم انتهى. والأوجه عندي اشتراطهما عند الحاكم إذ من شرائط الدعوى كونها لديه كما سيأتي والله الموفق. (مبيعة ولدت) لاستيلاد منه قيد به في (العناية) (والكافي) ولابد منه (ببينة تبعها ولدها) وأرشها، (وإن أقر بها لرجل لا) أي: لا يتبعها، والفرق ما مهده من الأصل وهو أن البينة حجة متعدية لا الإقرار إلا أن هذا مقيد/ بما إذا لم يدعه المقر له، فإن ادعاه كان له أيضاً وظاهر قوله تبعها ولدها أنه لا يحتاج إلى القضاء به، والأصح أنه لا بد من القضاء به أيضاً لأنه أصل القضاء لانفصاله واستقلاله، وإلى هذا أشار محمد بقوله: إذا قضى القاضي بالأصل ولم يعلم بالزوائد لا تدخل الزوائد تحت الحكم، وكذا إذا كانت في يد غائب حيث لم يدخل القضاء على الغائب في ضمن القضاء على الحاضر وهو أمر جائز، عرف أنه يشترط القضاء بالولد بخصومة. وفي (البزازية) شهدا على رجل في يده جارية أنها لهذا المدعي ثم غابا أو ماتا ولها ولد في يد المدعى عليه يدعي عليه أنه له وبرهن على ذلك لا يلتفت الحاكم إلى برهانه ويقضي بالولد للمدعي، فإن حضر الشهود وقالوا: الولد للمدعى عليه، ضمن الشهود قيمة الولد لأنهم رجعوا، فإن كانوا حضوراً وسألهم عن الولد فإن قالوا: إنه للمدعى عليه ولا ندري لمن الولد يقضي بالأم للمدعي دون الولد انتهى، وهذا يفيد أن القضاء بالولد محله ما إذا بينا أنه للمدعى عليه، وقالوا: لا ندري لا يقضي به، واعلم أن القضاء باستحقاق المبيع لا يوجب انفساخ العقد لكن يوجب توقفه على إجازة المستحق، كما في (النهاية) وتبعه الجماعة واعترضه شارح بأن غايته أن يكون بيع فضولي وفيه إذا وجد عدم الرضى ينفسخ العقد وإثبات الاستحقاق دليل عدم الرضى. قال في (الفتح): وما ذكره صاحب (النهاية) هو المتصور وقول إثبات الاستحقاق دليل عدم الرضى بالبيع فليس بلازم لا يجوز أن يكون دليل عدم الرضى

وإن قال عبد لمشتر اشترني فأنا عبد فاشتراه فإذا هو حر فإن كان البائع حاضراً أو غائباً غيبة معروفة فلا شيء على العبد وإلا رجع المشتري على العبد والعبد ـــــــــــــــــــــــــــــ بأن يذهب من يده مجاناً وذلك لأنه لو لم يدع الاستحقاق ويثبته استمر في يد المشتري من غير أن يحصل له عينه ولا بد له فإثباته ليحصل العقد إما بالعين أو البدل بأن يجير ذلك البيع هذا واختلف في البيع متى ينفسخ؟ والصحيح أنه لا ينفسخ ما لم يرجع على بائعه بالثمن حتى لو أجاز المستحق بعدما قضي له أو بعدما قبضه قبل أن يرجع المشتري على بائعه يصح. وقال الحلواني: الصحيح من مذهب أصحابنا أن القضاء للمستحق لا يكون فسخاً للبياعات ما لم يرجع كل على بائعه بالقضاء، وعن الإمام لا ينتقض ما لم يأخذ العين بحكم القاضي، وفي ظاهر الرواية لا ينفسخ ما لم ينفسخ وهو الأصح، (وإن قال عبد): أي إنسان (لمشتر اشترني فأنا عبد) لزيد (فاشتراه) معتمداً مقاله (فإذا هو حر) أي: ثبتت حريته بدعواه مع البرهان عقب شراءه على وزان خرجت فإذا الأسد بالباب قيل: المسألة منه للتناقض. وأجيب بأنها موضوعة في حرية (الأصل) وفيها لا تشترط الدعوى لتضمنه تحريم فرج أمة على السيد وأخواتها وبناتها وحرمة الفرج حقه تعالى، وجعله في (العناية) قول عامة المشايخ، والمذكور في (الشرح) أن عامتهم على أن دعوى العبد شرط عنده في الأصلية والعارضية وهو الصحيح، لكن التناقض لا يمنع صحة الدعوى بها، أما في حرية الأصل فلحقا العلوق، وأما في الإعتاق فلأن المولى ينفرد به والتناقض في دعوى ما فيه خفاء يعذر فيه. وفي (البزازية) أجمعوا على أن اشتراط الدعوى للتحليف في الحرية الأصلية، ولو ادعاها ثم ادعى العارضية يعفى التناقض، (فإن كان البائع حاضراً أو غائباً غيبة معروفة) بأن علم مكانه وظاهر إطلاقهم ولو بعد بحيث لا يوصل إليه عادة كأقصى الهند (فلا شيء على العبد) للتمكن من الرجوع على القابض (وإلا) بأن لم تكن معروفة (رجع المشتري على العبد) بالثمن، وعن أبي يوسف أنه لا يرجع وجه الظاهر أن المشتري شرع في الشراء معتمداً على أمره وإقراره فكان مغروراً من جهته، والتقرير في المعاوضات يجعل سبباً للضمان فكان بتقريره ضامناً لدرك الثمن له عند تعذر رجوعه على البائع قيد بالأمر والإقرار، لأنه لو أمره بالشراء ولم يقر أو أقر ولم يأمره لا يرجع على المشتري اتفاقاً، كذا في (الحواشي اليعقوبية) تبعاً (للعناية) وغيرها ويرجع العبد على العبد لأنه أدى عنه دينه وهو مضطر إلى أدائه. (و) في شرح (الجامع الصغير) لقاضي خان هذه المسألة دليل على أن (العبد)

على البائع بخلاف الرهن ومن ادعى حقاً في دار فصولح على مائة فاستحق بعضها لا يرجع بشيء ولو ادعى كلها رجع عليه بقسطه ـــــــــــــــــــــــــــــ إذا كفل بثمن نفسه (على البائع) صحت الكفالة انتهى، فإن أريد بالعبد الذي ظهر أنه حر فلا إشكال في صحة الكفالة حتى لو قال: اشترني فأنا عبد وقد ضمنت لك الثمن وظهر أنه حر كان للمشتري الرجوع عليه بالثمن، ولو كان البائع حاضراً وإن أريد به الذي لم تظهر حريته وقد استحق من يد المشتري فسيأتي أنه يطالب بالكفالة بعد العتق ولا كلام في الصحة. وفي (الخانية) المغرور يرجع بأحد أمرين، إما بعقد المعاوضة، أو بقبض بكون الدافع كالوديعة والإجارة إذا هلكت العين فيهما ثم جاء مستحق واستحق العين أو ضمن المودع والمستأجر فإنهما يرجعان على الدافع/ بما ضمن (بخلاف الرهن)، أي: بخلاف ما لو قال: ارتهني فأنا عبد فارتهنه فإذا هو حر حيث لا يرجع على العبد بحال لأنه ليس بعقد معاوضة بل عبد وثيقة لاستيفاء عين حقه حتى جاز الرهن بيد الصرف والمسلم فيه، فلو هلك يقه استيفاء للدين، ولو كان معاوضة لا يجعل الأمر به ضماناً إذ ليس تعزيزاً في عقد معاوضة. (ومن ادعى حقاً) أي مجهولاً (في دار فصولح على مائة فاستحق بعضها) أي بعض الدار (لم يرجع) المدعى عليه (بشيء) على المدعى لأن دعواه يجوز أن تكون فيما بقي، وإن قل قيد باستحقاق بعضها لأنه لو استحق الكل رجع بما أدى لأنا تيقنا بأنه أخذ عوض ما لا يملك ونكر الحق لأنه لو قدره بجزء معلوم كربع ونحوه لا يرجع عليه ما دام في يده ذلك المقدار، وإن بقي أقل منه رجع بحساب ما استحق منه. قالوا: دلت المسألة على أمرين أحدهما أن الصلح عن مجهول على معلوم جائز لأن الإبراء عن مجهول جائز عندنا لأن الجهالة فيما يسقط لا تفضي إلى المنازعة، والثاني أن صحة الدعوى ليست شرطاً في صحة الصلح لأن دعوى الحق غير صحيحة لجهالة المدعي به، ولذا لو أقام بينة لا تقبل نعم لو ادعى إقراره بالحق قبلت لأن الإقرار بالمجهول صحيح يعني ويجبر على البيان. تكميل: اشترى شيئاً ثم قال: هو ملك فلان وصدقه هو أو أنكر فحلف فنكل ليس له في شيء من ذلك الرجوع على البائع، بخلاف الوكيل في البيع إذا رد عليه بعيب فحلف فنكل يلزم الموكل لأن النكول من المضطر كالبينة وهو مضطر في النكول إذا لم يعلم عيبه ولا سلامته، (ولو) أقام المشتري بينة على أنه ملك فلان يقبل لعدمه، كذا في (الفتح). وفي (البزازية) ذكر القاضي (ادعى عليه) أنها له، ثم ادعى أنها وقف عليه

ومن باع ملك غيره فللمالك أن يفسخه ويجيزه إن بقي العاقدان والمعقود عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ تسمع لصحة الإضافة بالأخصية انتفاعاً كما لو ادعى لنفسه ثم ادعى لغيره ذلك أو ادعاه بالوكالة عن غيره، ولو ادعى أولاً الوقف ثم ادعاه لنفسه لا تسمع كما لو ادعاها لغيره ثم لنفسه. فصل في بيع الفضولي ذكره بعد الاستحقاق لأن بيعه صورة من صوره لأنه يتضمن، إما دعواه إن بايعك باع ملكي بغير أمري الغصب، أو فضولي بضم الفاء لا غير جمع فضل غلب على هذا الجمع في الاشتغال بما لا يعنيه ولا ولاية له فيه، قال في (الفتح): فقول بعض الجهلة لمن يأمر بالمعروف أنت فضولي يخشى عليه الكفر، ولما كان علماً بالغلبة على هذا المعنى لم يرد في النسبة إلى الواحد، وإن كان هو القياس كالأنصاري كما في (البناية) وفي (المغرب) هو في اصطلاح الفقهاء من ليس بوكيل وفتح الخطأ انتهى. والأولى ما قيل: هو من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي إذ الولي المجبر ليس بوكيل (ومن باع ملك غيره) يعني لغيره. أما إذا باع لنفسه لم ينعقد، كذا في (البدائع) وأراد بغير أمره لقوله (فللمالك أن يفسخه أو يجيزه)، وأفاد أنه صحيح لكنه موقوف على الإجازة لخبر الترمذي عن حكيم بن حزام دفع له - صلى الله عليه وسلم - ديناراً ليشتري به أضحية فاشترى شاة ثم باعها بدينارين واشترى واحدة بدينار وجاء بالشاة والدينار إليه وأخبره بذلك فقال: (بارك الله في صفقتك، فأما الشاة فضح بها، وأما الدينار فتصدق به) ولأن هذا التصرف عار عن الضرر بل فيه نفع العاقد بصون كلامه عن الإلغاء بل وحصول الثواب إذا نوى الإعانة على حصول الرفق لأخيه المسلم والمالك باكتفائه مونة طلب المشتري ونفاق سلعته والمشتري بوصوله إلى المبيع قيد بالمالك لأن الفضولي ليس له غير الفسخ دفعاً للحقوق عن نفسه، ثم إجازة المالك شروط نبه عليها بقوله: (إن بقي العاقدان والمعقود عليه) لأنها تصرف في العقد فلا بد من قيامه وذلك بقيام من ذكر، ولو لم يعلم حال المعقود عليه وقت الإجازة جاز في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد، وفي قوله الآخر لا يجوز ما لم يعلم قيامه وقتها لأن الشك وقع في شرط الإجازة فلا يثبت مع الشك. قال في (البحر): ولا يشترط قيام المبيع وفي مسألة في لقطة (الخلاصة) الملتقط إذا باع اللقطة فهلكت العين فأجاز المالك بعد الهلاك صح.

وله وبه ولو عرضاً، ـــــــــــــــــــــــــــــ وأقول: لم أجدها في (الخلاصة) وإنما التي فيها ما لفظه: الملتقط إذا باع اللقطة بغير أمر القاضي ثم جاء صاحبها بعدما هلكت العين إن شاء ضمن البائع، وعند ذلك ينفد البيع من جهة البائع في ظاهر الرواية، وبه أخذ عامة المشايخ، وذكر السرسخي أن المودع إذا باع الوديعة وهلكت وضمنه المالك فهو كاللقطة انتهى. وهكذا في (البزازية) وليس هذا من إجازة البيع الفضولي في شيء بل إنما نفد بيعه لثبوت الملك للبائع بأداء الضمان ضرورة فلا استثناء حينئذ فتدبره. وفي (فروق الكرابيسي) لو شرط الفضولي الخيار للمالك بطل العقد لأنه لو بدون الشرط فيكون الشرط له مبطلاً انتهى، وكان ينبغي أن يكون الشرط لغواً فقط فتدبره والمعقود له لتوقفه على إجازته حتى لم ينفد بإجازة غيره كالوارث بخلاف القسمة الموقوفة على إجازة الغائب الكبير فإنها/ تجوز بإجازة ورثته بعد موته عندهما استحساناً لأنه لا فائدة في نقض القسمة ثم الإعادة، وقال محمد: لا تجوز بإجازة ورثته وهو القياس قال في بيع مقايضة واشترط قيامه أيضاً لأن له شبهاً بالمبيع وبالإجازة يكون الفضولي مشترياً للعرض من وجه الشراء حيث وجد نفاذاً لا يتوقف فيصير العرض مملوكاً له، والإجازة إجازة نقد على معنى أنه أجاز الفضولي أن ينقد ثمن ما اشتراه من ذلك العرض كأنه قال: اشتر هذا العرض لنفسك وانقد ثمنه من مالي هذا قرضاً عليك، فإن كان مثلياً فعليه مثله، وإن كان قيمياً كجارية فيصير مستقرضاً للجارية والقرض، وإن لم يجز في القيميات لكن إذا كان قصداً وهو هنا ضمناً مقتضى كصحة الشراء فيراعى فيه شرائط صحة المقتضى وهو الشراء لا غير، قيد بالعرض لأن غيره لا يشترط قيامه وقت الإجازة وبها يصير الثمن في يد الفضولي أمانة، واختلف المشايخ فيما لو هلك قبلها هل يرجع المشتري عليه بمثله، والأصح أنه إن علم أنه فضولي لا يرجع وإلا رجع، كذا في (القنية) وجزم الشارح بأنه أمانة مطلقاً قيد بقوله باع، لأنه لو اشترى لغير نقد عليه إلا إذا كان المشتري صبياً أو محجوراً عليه فيتوقف هذا إذا لم يضفه الفضولي إلى غيره، فإن أضافه بأن قال بع هذا العبد لفلان فقال البائع: بعته لفلان توقف، والصحيح أنه يكفي في التوقف بأن يضاف في أحد الكلامين إلى فلان، كما في (البزازية). وفي (فروق الكرابيسي) لو اشتريت لفلان بكذا والبائع يقول: بعت منك بطل العقد في أصح الروايتين انتهى، وعلى هذا فالاكتفاء بالإضافة في أحد الكلامين مقيد بأن لا يضاف إلى الآخر، واعلم أن الإجازة تكون بالفعل كتسليم المبيع وأخذ الثمن وبالقول كطلب الثمن، ولو قال: أصبت أو أحسنت أو وفقت فليس بالإجازة.

وصح عتق مشتر من غاصب بإجازة بيعه لا بيعه، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (المنتقى) لو قال: بئس ما صنعت كان إجازة كما لو وهب الثمن للمالك أو تصدق به على المشتري كان المبيع قائماً، وفي (فروق الكرابيسي) أسأت إجازة. تتمة: فضوليان باع أمة كل من رجل فأجيز انتصفت بينهما ولكل منهما خيار الأخذ أو الترك، ولو باعها فضولي وأجرها آخر وزوجها أو وهبها وأجيزا معاً ثبت الأقوى وهو البيع ويبطل ما عداه، ولذا ثبت الهبة إذا وهبه فضولي وأجره آخر وكل من العتق والكتابة والتدبير أحق من غيرها أنها لأزمنة بخلاف غيرها، والإجازة أقوى من البرهان من الرهن، والبيع أقوى من الهبة، كذا في (فتح القدير) آخر الباب. (وصح عتق مشتر من غاصب بإجازة بيعه) عندهما استحساناً، والقياس أن لا يجوز وهو قول محمد، والخلاف مبني على أن بيع الفضولي لا ينعقد عند محمد في حق الحكم وهو الملك لانعدام الولاية فكان الإعتاق لا في الملك فيبطل، وعندهما يوجبه موقوفاً لأن الأصل إيصال الحكم بالسبب والتأخير لدفع الضرر عن المالك والضرر في نفاد الملك لا في توقفه ولا نسلم أن الإعتاق يحتاج إلى الملك وقت ثبوته بل وقت نفاده، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم (لا عتق لابن آدم فيما لا يملك العتق) وهو ثابت هنا فإنا لم نوقفه قبل الملك قيد بعتق المشتري لأن عتق الغاصب لا ينفذ بأداء الضمان لأن الغصب ليس سبباً موضوعاً لإفادة الملك، وإنما ثبت الملك ضرورة أداء الضمان فيقتصر على ذلك وليس الإجازة قيد لأنه يصح أيضاً بأداء الضمان من الغاصب في الأصح، كما في (الهداية) وكذا من المشتري في الصحيح كما في الشرح، فلو قال: أداء الضمان لكان أولى لأنه لا يشترط أن يكون غاصباً لأنه لو لم يسلم المبيع فالحكم كذلك ولعله إنما ذكره لأجل البيع لأن بيع العبد قبل قبضه فاسد، كذا في (البحر). (لا) يصح (بيعه) لبطلان عقده بالإجازة، فإن بها ثبت الملك للمشتري باتاً، والبات إذا ورد على موقف لغيره أبطله لعدم تصور اجتماعهما على محل واحد على وجه يطرأ فيه البات وهذا القيد لا بد منه وإلا فقد كان فيه ملك بات وعرض معه الملك الموقوف، وأورد ما مر من أن الغاصب لو باع ثم أدى الضمان ينفد بيعه مع أنه طرأ ملك بات على موقوف لغيره. وأجيب بأن ملك الغاصب ضروري فلم يظهر في إبطال ملكه المشتري، وهذا التقرير صريح في أن بيع المشترى من الغاصب موقوف والمصرح به في (المعراج)

ولو قطع يده عند المشتري فأجيز فأرشه لمشتريه وتصدق بما زاد على نصف الثمن ولو باع عبد غيره بغير أمره ـــــــــــــــــــــــــــــ أنه غير موقوف لأن فائدته النفاذ ولا تحقق له وهذا معنى ما في (البدائع) من أن الفضولي إنما ينعقد بيعه موقوفاً إذا باعه لمالكه، أما إذا باعه لنفسه لا ينعقد وعلى هذا فقولهم في توجيه المسألة إذا طرأ ملك بات على موقوف لغيره مشكل إلا أن يقال على ما من شأنه أن يكون موقوفاً لعدم إذن المالك، وإن لم يكن موقوفاً هنا وفيه بعد ظاهر (ولو قطعت يده)، أي: يد العبد المومأ إليه يعتق، والقطع مثال إذ الحكم كذلك فيما لو أصابه جراحة توجب أرشاً (عند المشتري فأجيز)، أي: البيع (فأرشه) أي: القطع ولا يجوز أن يعود الضمير على اليد كما هو ظاهر ما في العيني/ للزوم التأنيث حينئذ لأنها مؤنثه سماعاً (لمشتريه) لأن قطع اليد لا يمنع صحة الإجازة إذا لم يفت المقصود عليه بذلك، فإذا أجيز ظهر أنه قطع في ملكه فيستحق أرش اليد وعن هذا. قلنا: لو قطعت يده والخيار للبائع فأجاز البيع يكون الأرش للمشتري أيضاً، وعلى هذا كل ما يحدث منه من كسب أو ولد أو قعر بخلاف ما لو قطعت يده عند الغاصب ثم ضمن قيمته حيث لا يكون الأرش له لأن الغصب لم يوضع سبباً للملك، وإنما يثبت له ضرورة على ما مر فلم يظهر في حق الزوائد، (وتصدق) المشتري (بما زاد على نصف الثمن) إن كان نصف القيمة أكثر من نصف الثمن لأن الزائد لم يدخل في ضمانه فكان ربح ما لم يضمن، وهذا لأن الداخل فيه ما كان في مقابلة الثمن واليد من الأدنى نصفه فما زاد على نصف الثمن لم يقابله شيء فلا يطيب له. قال في (الهداية): وفيه شبهة عدم الملك، ووجهه أن الملك ثبت يوم القطع مستنداً إلى يوم البيع وهو ثابت من وجه دون وجه وهو شبهة عدم الملك والأول أولى، لأنه لو وجب التصدق بهذا الزائد لوجب في الكل، وجعل في (الكافي) الأول فيما إذا لم يكن العبد مقبوضاً، والثاني فيما إذا كان المقبوض وأنت خبير بأن الأول كان لإثبات المطلوب في الموضوعين فلا حاجة إلى الثاني. (ولو باع عبد غيره بغير أمره) هذا القيد أعني عدم الأمر، وإن وقع في (الجامع الصغير) إلا أنه ليس في صورة المسألة في شيء فبرهن المشتري على إقرار البائع والبائع على إقرار المشتري، كما في (الخلاصة) وغيرها أو برهن المشتري على إقرار رب العبد أنه، أي: رب العبد لم يأمره بالبيع وأراد رد العبد لم يقبل بينة لعدم دعواه بالتناقض، إذ الإقدام على الشراء والبيع دليل على دعوى الصحة وأنه يملك البيع ودعوى الإقرار بعدم الأمر يناقضه، وقبول البينة ينبئ على صحة الدعوى، ولو لم يكن له بينة كان القول لمدعي الأمر إذ غيره متناقض فلا تصح دعواه، ولذا لم يكن

ولو أقر البائع بذلك عند القاضي بطل البيع إن طلب المشتري ذلك ـــــــــــــــــــــــــــــ لاستحلافه فرق بين هذا، وما في (الزيادات) من أن المشتري لو صدق المستحق على دعواه ثم برهن على إقرار البائع بأنه للمستحق يرجع بالثمن يقبل بأن المبيع هنا في يد المشتري، وفيما في (الزيادات) في يد المستحق، كذا في (الهداية). ونظر فيه بأن وضع المسألة فيها أن المبيع في يد المشتري أيضاً، ولئن سلم أنه في يد المستحق فلا يلزم قبول البينة لبقاء التناقض، والأولى ما في (الفوائد الظهيرية) عن بعض المشايخ أن ما هنا محمول على أن المشتري أقام البينة على إقرار البائع قبل البيع، أما إذا أقامها على إقراره بعد البيع فيقبل لعدم التناقض، ومسألة الزيادات يجب أن تحمل على هذا أيضاً فلا يحتاج إلى الفرق. قال صاحب (النهاية): ولم يتضح لي فيه شيء سوى هذا بعد أن تأملت فيه برهة من الدهر، ونظر فيه في (غاية البيان) بأن التوفيق فيما هو ممكن لجواز أن يكون المشتري أقدم على الشراء ولم يعلم بإقرار البائع بعدم الأمر ثم ظهر له بأن قال عدول: سمعناه قبل البيع أقر بذلك، وأجاب في (البحر) بأن قولهم: إن إمكان التوفيق يمنع التناقض على أحد القولين مقيد بما إذا لم يكن ساعياً في نقد ما تم من جهته، فإنه في (الخلاصة) وغيرها بعدما ذكر الفرع قال: وأصله أن من سعى في نقد ما تم لا يقبل إلا في موضعين اشترى عبداً وقبضه ثم ادعى أن البائع باعه قبله من فلان الغائب بكذا وبرهن تقبل، الثاني: وهب جاريته واستولدها الموهوب له ثم ادعى الواهب أنه كان دبرها أو استولدها وبرهن يقبل ويستردها والعقر انتهى، ووجه الفرع الأول بأنه لما أقام البينة على البيع من الغائب قبل البيع منه فقد أقامها على إقرار البائع أنه ملك للغائب، لأن البيع إقرار من البائع بانتقال الملك إلى المشتري، والثاني: أن التناقض فيما مر من حقوق الحرية كالتدبير والاستيلاد لا يمنع صحة الدعوى. قال في (الفتح): وعندي أن هذا غير صحيح لأن التناقض إنما قبل في دعوى الحرية لأنها مما قد يخفى على المتناقض بعد إقراره بالرق والفاعل بنفسه للتدبير والاستيلاد لا يخفى عليه فعل بنفسه فيجب أن لا يقبل تناقضه، وأجاب في (البحر) بأنه إنما فعل ذلك ثم ندم وتاب إلى الله تعالى فأقر باستيلادها، (وإن أقر البائع بذلك عند القاضي) شر إنما قيد به لأن البينة إنما تكون حجة عند القاضي اتفاقي إذ الإقرار عند غيره كذلك كما صرح به بعضهم ص (بطل البيع إن طلب المشتري ذلك) ش لأن التناقض لا يمنع صحة الإقرار لعدم التهمة فللمشتري أن يساعده ذلك فيتحقق الاتفاق بينهما فيبطل في حقها لا في حق رب العبد إن ادعى أنه كان، فيطالب البائع

باب السلم

ومن باع دار غيره فأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع. باب السلم ـــــــــــــــــــــــــــــ بالثمن عندهما لأنه وكيله دون المشتري، وعند أبي يوسف له أن يطالبه فإذا أدى رجع على البائع، ولو أنكر المالك التوكيل وتصادقا عليه، فإن برهن الوكيل فيها وإلا استحلف المالك، فإن نكل لزمه لا إن حلف. ولو غاب المالك بعد الإنكار/ وطلب البائع الفسخ فسخه القاضي، ولا يؤخره لحلف المالك، فإن جاء وحلف أخذ العبد، وإن نكل عاد البيع، ولو كان الغائب هو المشتري لم يأخذ العبد وللبائع أن يحلف رب العبد أنه لم يأمره بالبيع، وإن نكل لزمه، وإن حلف ضمن البائع ونفد بيعه، ولو مات المالك قبل حضوره فورثه البائع وبرهن على إقرار المالك أنه لم يأمره لم يقبل التناقض، ولو على إقرار مشتريه بذلك بعد موته يقبل بخلاف ما لو كان معه في الإرث آخر فادعى جحود المالك تسمع ولمشتريه أن يحلفه على نفي العلم، فإن نكل ثبت الأمر وإن حلف أخذ نصف العبد ورجع المشتري على البائع بنصف الثمن وخير في النصف الآخر ص. (ومن باع دار غيره)، أي: عرصته بغير أمره يعني وأقبضها المشتري كما في (البناية) (فأدخلها المشتري في بنائه) ش قيد بها ليعلم ما إذا لم يدخلها بالأولى (لم يضمن البائع) ش قيمة الدار، ومعنى المسألة كما قال فخر الإسلام: أن يعترف الغائب بالغصب ويكذبه المشتري لأن إقرار البائع لا يسري عليه بل لا بد من البرهان، فإذا لم يوجد كان التلف مضافاً إلى عجزه عنه لا إلى عقد البائع وهذا قولهما، وقال محمد: يضمن البائع وهي مسألة غصب العقار عندهما لا يتحقق، وعنده يتحقق وسيأتي في الغصب إن شاء الله تعالى. باب السلم شروع فيما يشترط فيه قبض أحد العوضين أو قبضهما وقدم السلم على الصرف لأنه بمنزلة المفرد من المركب، وخص باسم السلم لتحقق إيجاب التسليم شرعاً فيما صدق عليه، أعني تسليم رأس المال وكان على هذا تسمية الصرف به أليق لكن لما كان وجوده في زمنه صلى الله عليه وسلم هو الظاهر العام في الناس سبق الاسم له، وهو لغة: كالسلف وزناً ومعنى وأسلمت إليه: بمعنى أسلفت أيضاً، وفي (المغرب): سلف في كذا وأسلف وأسلم إذا قدم الثمن فيه انتهى، والهمزة فيه للسلب أي أزال سلامة الدرهم بتسليمها إلى مفلس، كذا في (الدراية).

ما أمكن ضبط صفته ومعرفة قدره صح السلم فيه وما لا فلا فيصح في المكيل والموزون المثمن ـــــــــــــــــــــــــــــ قال في (الفتح): وهو بعيد ولا وجه له إلا باعتبار كون المدفوع هالكاً، وصحة هذا الاعتبار تتوقف على غلبة توائه عليه وليس الواقع أن السلم كذلك بل الغالب الاستيفاء، وشرعا كما في (النهاية) وعليه جرى النشر: أخذ عاجل بآجل، ورده في (العناية) و (الفتح) وغيرهما لصدقة على البائع بثمن مؤجل بل هو بيع عاجل بآجل، ولذا انعقد بلفظ البيع في الأصح ولم يحك في (القنية) خلافاً في انعقاد البيع والشراء بلفظ السلم، وجزم في (البحر) بأن الأول تحريف وبعده لا يخفى. لكن في (الحواشي السعدية) قال: يجوز أن يقال: المراد أخذ ثمن عاجل بأجل بقرينة المعنى اللغوي، إذ الأصل هو عدم التعبير إلا أن يثبت بدليل وبه اندفع ما في (البحر) من أنه تحريف، وركنه ركن البيع وسبب شرعيته شدة الحاجة إليه، وحكمه ثبوت الملك في المسلم إليه في الثمن ولرب السلم في المستلم فيه الدين الكائن في الذمة. أما في العين فلا يثبت إلا بقبضه على انعقاد مبادلة أخرى والمؤجل المطالبة بما في الذمة وقالوا: إن شرعيته على خلاف القياس لأنه بيع المعدوم، ورده ابن الغربانة على وقفه كالبيع بثمن مؤجل، وأي فرق بين كون أحد المعوضين مؤجلاً في الذمة وبين الآخر. قال في (الفتح): وحاصله مبني على اعتقاد أن القوم قاسوا السلم على بيع المعدوم وليس كلامهم هذا بل هو نفسه بيع المعدوم فهو على خلاف القياس الأصلي فيه، وكونه معدوماً لا يقدر على تحصيله عادةً ليس معتبراً في مفهوم السلم عندهم، بل هو زيادة (ما أمكن) أي: شيء أمكن (ضبط صفته ومعرفة قدره صح السلم فيه) لأنه لا يقضى (وما لا) يمكن فيه ذلك (فلا) يصح السلم فيه لأنه دين وهو لا يعرف إلا بالوصف، فإذا لم يكن ضبطه به يكون مجهولاً جهالة تفضي إلى المنازعة فلا يجوز كسائر الديون، وعبارته في (الوافي) أفود مما هنا وأخصر حيث قال: صح ولو بلفظ البيع فيما تضبط صفته ويعرف قدره كوزن مثمن وكيلي وعددي متقارب ثم بين الفصلين فقال: (فيصح) السلم (في المكيل) كالحنطة والشعير. وفي (القنية) أسلم زبيباً في كراء حنطة لا يجوز ثم رقم يجوز، فأبو الفضل جعل الزبيب كيلياً، وهما جعلاه وزنياً، وفي (البزازية) لو أسلم في التبن كيلاً أو وزناً جاز لأنه ليس بمكيل ولا موزون، ولا خير في السلم في الأواني المتخذة من الزجاج وفي المكسورة يجوز وزناً (والموزون) كالعسل والزيت غير (المثمن) قيد بذلك

والعددي والمتقارب كالجوز والبيض ـــــــــــــــــــــــــــــ احتراز عن إذا كان المسلم فيه ثمناً، فإنه إذا كان رأس المال كذلك كان العقد باطلاً اتفاقاً، وإن كان غيره كثوب في عشر دراهم لم يصح سلماً اتفاقاً. وهل ينعقد بيعاً في الثوب بثمن مؤجل؟ قال أبو بكر الأعمش: ينعقد، وعيسى بن أبان: لا وهو الأصح، لأن تصحيح العقد إنما يكون في المحل الذي أوجب المتعاقدان البيع فيه لا في غيره وهما لا يوجباه إلا في الدراهم ولا يمكن تصحيح العقد باعتبارها بل باعتبار الثوب، ولم يوجباه فيه فكان في غير محله. قال في (الفتح): ألا أن الأول عندي أدخل في الفقه لأن حاصل المعنى الصادر/ بينهما إعطاء صاحب الثوب ثوبه إلى الآخر بدراهم مؤجلة وهذا من أفراد البيع بلا تأويل وفيه تصحيح تصرفهما انتهى. إلا أنه لا يتم إلا بالتزام أن أبا بكر قال بانعقاد البيع بلفظ السلم، وألا يجوز أن يكون قائلاً يقابل الأصح من أنه لا يجوز وحينئذ فلا يتم المطلوب وفيه نظر إذ صاحب الثوب وإن أعطاه له بدراهم مؤجلة لكن على أنها مبيعة لا على أنها ثمن ليلزم أن يكون من أفراد المبيع، وذكر باقي شروط السلم قرينة على إرادة هذا المعنى فتأمل والتبر كالثمن في قياس رواية كتاب الصرف لأنه ألحقه بالمضروب وعلى قياس رواية كتاب الشركة يجوز لأنه ألحقه بالعروض، كذا في (النهاية). ولو اسلم في المكيل وزناً روى الطحاوي عن أصحابنا أنه يجوز، وروى الحسن أنه لا يجوز وعلى هذا الخلاف، لو أسلم في الموزون كيلاً وفي (الخلاصة) والفتوى على ما رواه الطحاوي، وفتوى الإمام خالي على رواية الحسن، كذا يصح السلم أيضاً في (العددي والمتقارب) عدداً وهو الذي لا يتفاوت يفضي إلى المنازعة (كالجوز والبيض)، وفي (الدراية): ما ضمن مستهلكه بالمثل متقارب وبالقيمة متفاوت، وأجازه في الباذنجان والكاغد عدداً. قال في (الفتح): وفيه نظر ظاهر ويحمل على كاغد بقالب خاص وإلا لا يجوز، وكون الباذنجان مهدراً لتفاوت لعله في باذنجان ديارهم، وفي ديارنا ليس كذلك وظاهر الرواية أن بيض النعام من المتقارب، وروى الحسن عن الإمام أنه لا يجوز ادعاء لتفاوت آحاده والوجه أن ينظر إلى الغرض في عرف الناس، فإن كان الغرض منه الأكل ليس غير كعرف أهل البوادي يجب أن يعمل بظاهر الرواية، وإن كان الغرض حصول القشر ليتخذ في سلاسل القناديل كما في ديار مصر وغيرها من الأمصار يجب أن يعمل بهذه الرواية انتهى ملخصاً. ويشترط مع العدد بيان الصفة أيضاً قيد بالتقارب لأن المتفاوت كالبطيخ والقرع والرمان والروس والأكارع والسفرجل لا يجوز السلم في شيء منها عدداً إلا إذا

والفلس واللبن والآجر إن سمي ملبن معلوم والذرعي كالثوب إن بين الذراع والصفة ـــــــــــــــــــــــــــــ ذكر ضابطاً غير مجرد العدد كطول وغلظ ونحو ذلك، وكلما أجاز السلم فيه عدداً جاز كيلاً أيضاً عندنا فورياً أولى وما وقع من التخلل في الكيل بين كل نحو بيضتين مفتقراً رضا رب السلم بذلك حيث أوقع العقد على مقدار ما يملأ هذا الكيل (والفلس) لأنه عددي يمكن ضبطه قيل: هذا على قولهما وعند محمد لا يجوز بدليل منعه بيع الفلس بالفلسين لأنها أثمان، إلا أن ظاهر الرواية عنه كقولهما وهو الأصح، ولذا لم يحك في (الجامع الصغير) خلافاً، والفرق له بين البيع والسلم أن من ضرورة السلم كون المسلم فيه مثمناً فإذا قدما على السلم فقط تضمن إبطالهما اصطلاحهما على الثمنية بقيت على الوجه الذي تعورف التعامل به فيها وهو العد، إلا أن يهدره أهل العرف كما في زماننا ولا تقبل إلا وزناً فلا يجوز السلم فيها إلا وزناً، وقد كانت قبل هذه الأعصار عددية أيضاً، كذا في (فتح القدير)، ولقائل أن يقول لم لا يجوز السلم عداً بل وكيلاً كما مر، وكونها لا يتعامل بها إلا وزناً لا يمنع من السلم فيها كيلاً أو عداً فتدبره. (واللبن) بكسر الموحدة وقت تخفف فتصير كحمل، كما في (المصباح) وهو الطين الني. (والآجر) بضم الجيم وتشديد الراء مع المد وهو أشهر من التخفيف (إن سمي ملبن معلوم) لأن آحادها لا تتفاوت بعد ذكر الأبلة، كذا قالوا وهذا تصريح أنه اسم آلة ويحتمل أن يكون اسماً لما يضرب منه اللبن، كذا في (البناية) وفي (الجوهرة) إنما يصير اللبن معلوماً إذا ذكر طوله وعرضه وسمكه انتهى. وشرط في (الخلاصة) ذكر المكان الذي يعمل فيه اللبن وفي (الذخيرة) لو باع آجرة من ملبن لم يجز من غير إشارة، لأن اللبن من المعدود المتقارب في اعتبار قدره ومن المتفاوت باعتبار نضجه فاعتبر الأول في السلم للحاجة، والثاني في البيع (و) يصح السلم أيضاً في (الذرعي) أي: فيما يذرع (كالثوب) والبساط والحصير إلحاقاً لها بالمكيل والموزون بجامع الحاجة، وهي لا تختلف، وأراد به غير المخيط، أما المخيط فلا يجوز السلم فيها كالفراء والقلانس والخفاف، كذا في (الفتح). (إن بين) جنس (الذارع) من أي جنس الذرعان قاله العيني، وفي (الهداية) المذروعات يمكن ضبطها بذكر الذرع قال في (الفتح): أي قدره انتهى. وهذا أولى مما قاله المص لأن بيان الطول والعرض لا بد منه، وأما جنس الذراع فلا يلزم بيانه حتى لو شرط كذا ذراعاً، ولم يبين جنسه كان له ذراع وسط، واختلف المشايخ في ذلك فقيل: المراد به الاسم وقيل: المصدر يعني لا يمد ولا يرخى كل الإرخاء قال شيخ الإسلام: والصحيح أن يكون له الوسط منهما، كذا في (التتارخانية). (والصفة)

والصنعة لا في الحيوان وأطرافه والجلود عدداً والحطب حزماً والرطب جرزاً والجوهر ـــــــــــــــــــــــــــــ بأنه كتان أو قطن أو مركب منهما أو حرير (والصنعة) بأنه عمل الشام أو مصر أو زيد وإن كان ثوب حرير يباع بالوزن لا بد من/ بيان وزنه مع ذلك جرم بالشيء وغيره وهو الصحيح، كما في (الظهيرية) ولو ذكر الوزن دون الزرع لا يجوز، وقيده خواهر زاده بما إذا لم يبين لكل ذراع ثمناً فإن بينه جاز كذا في (التتارخانية). (لا) يصح السلم (في الحيوان) دابة كان أو رفيقاً لما أخرجه الحاكم والدارقطني حديث بن عباس (نهى - صلى الله عليه وسلم - عن السلف في الحيوان) وقال صحيح الإسناد ولأنها تتفاوت تفاوتاً فاحشاً في المعاني الباطلة ولا سيما في بني آدم من العقل والأخلاق والمروءة ويدخل فيه جميع أجناسه حتى الحمام والقمري والعصافير هو المنصوص عن محمد رحمه الله تعالى، إلا أنه يخص من عمومه السمك فإن السلم فيه جائز كما سيأتي (و) لا في (أطرافه) كالرأس والأكارع المتفاوت الفاحش قيل: هذا قول الإمام وعندهما يجوز، وقيل: لا يجوز اتفاقاً، وفي (الفتح) وعندي أنه لا بأس بالسلم في الرؤوس والأكارع وزناً بعد ذكر النوع وباقي الشروط فإن الأكارع والرؤوس من جنس واحد وحينئذٍ لا تتفاوت تفاوتاً فاحشاً انتهى. وفي (السراج) لو أسلم فيه وزناً اختلفوا فيه (و) لا في (الجلود عدداً) للتفاوت الفاحش إلا إذا بين ضرباً معلوماً من طول وعرض وصفة معلومة من الجودة والرداءة بعد ذكر النوع كجلود البقر والغنم، كذا في الأديم كطائفي وبرغالي فيصح قال الشر: وكذا الورق ولو كانا بياعين وزناً جاز السلم فيهما وزناً (و) لا في (الحطب حزماً) بضم الحاء وفتح الزاي جمع حزمة، وليس المراد عدم جوازه أصلاً بل المراد لا يجوز بها العد لكونه مجهولاً إلا إذا بين ما تشد به الحزمة شبراً أو ذراعاً فيجوز، ولو قدر بالوزن جاز أيضاً، في ديارنا تعارفوا في نوع من الحطب الوزن فيجوز الإسلام فيه وزناً وهو أضبط وأطيب، كذا في (فتح القدير). (و) لا في (الرطبة)، وهي البرسيم رطباً كان أو يابساً قاله العيني، وفي (الصحاح) الرطبة: القصب خاصة ما دام رطباً والجمع رطبان (جزراً) بضم الجيم وفتح الراء المهملة جمع جزرة الحزمة من الرطبة حال منتظرة كحزماً لما قلنا حتى لو بين الصفة والوزن جاز أيضاً، وفي (الذخيرة) وأما الرياحين الرطبة والبقول والقصب والخشب والحشيش فهذه لم تكن مثلية فلا يجوز فيها السلم، ولا بأس به في الجزوع إذا بين ضرباً معلوماً والطول والعرض والغلظ، وكذا الساج وصنوف العيدان وفي

والخرز والمنقطع والسمك الطري وصح وزناً لو مالحاً واللحم ـــــــــــــــــــــــــــــ (الشامل) ويجوز في .... لأنه يباع وزناً (و) لا في (الجوهر) كالياقوت والبلخش والفيروزج (والخرز) بالتحريك الذي ينظم، وخرزات الملك جواهر تاجه وكان إذا ملك عاماً زيدت في تاجه خرزة ليعلم عدد سنين ملكه، قال الجوهري: وذلك كالعقيق والبلور لتفاوت آحادها تفاوتاً فاحشاً وكذلك لا يجوز في اللآلئ الكبار ويجوز في الصغار وزناً لعدم ذلك. (و) لا يجوز أيضاً في (المنقطع) حين العقد أو المحل بكسر الحاء مصدر ميمي من الحلول، والفتح مكان التسليم وحكى ثعلب فيه الكسر أيضاً أو ما بينهما، فإن وجد في الأوقات الثلاثة صح، ولو انقطع قبل الحل بعد التسليم لا يبطل إلا أن يخيره رب السلم بين الفسخ وانتظار وجوده ثم الانقطاع الذي يفسد العقد إلا في السوق الذي يوجد فيه، وإن كان يوجد في البيوت، ولو انقطع في إقليم دون آخر لا يصح في الإقليم الذي لا يوجد فيه، كذا في (الفتح). (و) غيره لا يجوز أيضاً في (السمك الطري) يعني في بلد ينقطع فيها في الشتاء وكان السلم فيه حتى لو كان في بلد لا ينقطع فيها، أو أسلم في الصيف وكان منتهى الأجل لا يبلغ الشتاء جاز وزناً لا عدداً وهذا معنى قول محمد: لا خير في السمك الطري إلا في جنبه، وطعن بعضهم عليه بأن الاصطياد يتحقق في كل حين مدفوع فإن الانقطاع عدم الوجود في بعض البلاد وفي بعض السنة وهو لا يستلزم عدم الاصطياد لبرد ما ذكر. وفي (الفتح): لو أسلم في طري حي قلنا: إن تمنع جوازه (و) صح السلم (وزناً لو) كان السمك (مالحاً) لعدم انقطاعه، وفي (الإيضاح) الصحيح جوازه في الصغار كيلاً أيضاً، وفي الكبار روايتان وفي (المغرب) يقال: سمك مليح ومملوح ولا يقال: مالح إلا في لغة رديئة قال بعضهم لكن قال الشاعر: بصرية تزوجت بصرياً .... أطعمها المالح والطريا وكفا بذلك حجة للفقهاء، وهذا الاستدراك غير مفيد إذ ما أنشده لا ينافي ما في (المغرب) على ابن دريد قال: لا التفات إلى قول الراجز لأنه مولد لا يؤخذ بلغته. (و) لا يصح أيضاً في (اللحم) عند الإمام ولو منزوع العظم في أصح الروايتين لاختلافه باختلاف كبر العظم وصغره فيؤدي إلى المنازعة وجوازه فيه إذا وصف منه موضعاً معلوماً بصفة معلومة بعد أن بين جنسه وسنه وقدره جاز، وفي (العيون) على قولهما وقيل: لا خلاف بينهم فمنع الإمام فيما إذا أطلقا السلم وتجويزهما فيما إذا بينا ما ذكرنا، والأصح أن الخلاف ثابت حتى لا يجوز عنده ولو بينا ما هو ولا خلاف

ومكيال أو ذراع لم يدر قدره وبر قرية وتمر نخلة بعينه ـــــــــــــــــــــــــــــ بينهم في جوازه في الألية والشحم. وأما لحم/ الطير فيجوز عند الكل لأن ما فيه في العظم يعتبره الناس وهو الصحيح، فإذا أسلم في مائة رطل من لحم الدجاج مثلاً وجب أن يعين الموضع بعد كونه بعظم، فإن من الناس من لا يحب الصدر منها فيقول: أوراكاً أو غير الصدر أو ينص على صدرها وأوراكها، فإن أطلق وقال من لحم الدجاج السمين وجب أن لا يجوز للمنازعة باختلاف أغراض الناس كذا في (الفتح) وفي (الظهيرية) وإقراض اللحم عندهما يجوز كالسلم، وعن الإمام روايتان وهو مضمون بالقيمة في ضمان العدوان إذا كان مطبوخاً بالإجماع، وإن كان نياً فكذلك هو الصحيح. (و) لا يصح أيضاً (بمكيال) معين (أو ذراع) كذلك وقوله: (لم يدر قدره) قيد فيهما لأنه يحتمل هلاك ما قدر به فيتعذر الإيفاء، وأفاد أنه لو عرف قدره جاز لضبط المقدار، ولا بد أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالقصاع مثلاً، فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب لا يجوز للمنازعة إلا في قرب الماء للتعامل فيه، كذا عن أبي يوسف، كما في (الهداية) قال الشر، وهذا لا يستقيم في السلم لأنه إذا كان لا يعرف قدره فالتقدير به لبيان القدر لا لتعيينه فكيف يتأتى فيه الفرق بين المنكبس وغيره؟ والتجويز في قرب الماء وإنما يستقيم هذا في البيع إذا كان يجب تسليمه في الحال حيث يجوز بإناء لا يصرف قدره ويشترط في ذلك الإناء أن لا ينكبس ولا ينبسط ويفيد فيه استثناء قرب الماء انتهى. وعلى ما في (الهداية) جرى الحدادي، ولم يتعقبه في (فتح القدير) بل أقره وهذا لأنه إذا أسلم في مقدار هذا الوعاء برأ وقد عرف أنه ونبه مثلاً جاز، غير أنه إذا كان ينقبض وينبسط لا يجوز، لأنه يؤدي إلى النزاع وقت التسليم في الكبس وعدمه وقول الشر إنه لا يتعين مع بقاء عينه ممنوع نعم هلاكه بعد العلم بمقداره لا يفسد العقد، ولم أر من أوضح هذا فتدبره والله الموفق. (و) لا يجوز أيضاَ في (بر قرية) بعينها كالمحلة والمنصورة مثلاً بمصر، (أو تمر نخلة بعينه) لأنه قد يعتريها آفة فتنتفي قدرة التسليم وإلى ذلك الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام (أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه) وتعيين البستان كتعين النخلة قيد بالقرية لأنه لو عين حنطة إقليم كالصعيدية

وشرطه بيان الجنس والنوع والصفة والقدر والأجل وأقله شهر ـــــــــــــــــــــــــــــ والعراقية والشامية صح، إذ لا يتوهم انقطاع الحنطة ثمة، ولو كانت النسبة إلى القرية لبيان النوع بأن كان له نظير فلا بأس به. وفي (شرح الطحاوي) لو أسلم في حنطة جديدة أو ذرة جديدة لم يجز لأنه لا يدري أن يكون في تلك السنة شيء أو لا، والتعليل بما في (شرح الطحاوي) أولاً إذا ما اقتضى هذا أنه لو عين جديد إقليم كجديدة في الصعيد مثلاً أن يصح إذ لا يتوهم عدم طلوع شيء فيه أصلاً، ومقتضى ما في (شرح الطحاوي) الفساد مطلقاً وعلى هذا فما يكتب في وثيقة السلم من قوله جديد عامه مفسد له، ولكن ينبغي حمله على ما إذا كان قبل وجود الجديد. أما بعده فيصح على ما يشير إليه التعليل نبه عليه في (البحر)، (وشرطه) أي: شرط جوازه (بيان جنسه) نبه بذلك على أن الكلام في الشروط التي يحتاج إلى بيانها في العقد فلا يرد أنه له شروطاً أخرى سكت عنها المص لأن تلك لا يشترط ذكرها بل وجودها وبيان الجنس كحنطة أو شعير من مثله بصعيدية أو بحرية فقد وهم بل ذلك ما أشار إليه بقوله: (والنوع) ومنه أيضاً سقيه أي مستقيه وهي ما تسقى سيحاً، وكذا نجسية وهي ما تسقى بالمطر النجس لأنها منجوسة الخط من الماء بالنسبة إلى السيح غالباً. وفي (الخلاصة) وبيان النوع فيما لا نوع له لا يشترط انتهى، (والصفة) كجيد وسط مشعر سالم من الشعير (والقدر) كعشرة أرداب أو أرطال أو عدداً وهذه الأربعة تشترط في كل من رأس المال والمسلم فيه فهي ثمانية بالتفصيل، فكل ما يجوز كونه مسلماً فيه يجوز كونه رأس السلم، ولا ينعكس لأن النقود تكون رأس مال فقط (والأجل) والأصل في هذه الخمسة قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) وباقي الخمسة يثبت بالدلالة لطهور إرادة الضبط المنافي للمنازعة، ولما أختلف في مقداره، فروى الطحاوي عن أصحابنا اعتباره بشرط الخيار وقيل: أكثر من نصف يوم فيه على ما هو المذهب فيه بقوله: (وأقله شهر)، روى عن محمد وبه يفتى لأن ما دونه مؤجل والشهر وما فوقه أجل، وذكر الشهيد في طريقته المطولة الصحيح ما رواه الكرخي أنه مقدار ما يمكن تحصيل المسلم فيه. قال في (الفتح): وهو جدير بأن لا يصح لأنه ضابط تحقيق فيه، وكذا ما عن الكرخي من رواية أخرى أنه ينظر إلى مقدار المسلم فيه وإلى عرف الناس في تأجيل

وقدر رأس المال في المكيل والموزون والمعدود ومكان الإيفاء فيما له حمل ومؤنة من الأشياء ـــــــــــــــــــــــــــــ مثله كل هذا تفتح فيه المنازعة بخلاف المقدار المعين في الزمان، وما في (البحر) من أنه جدير أن يصحح/ ويعول عليه فقط لأن من الأشياء ما لا يمكن تحصيله في شهر فيؤدي التقديرية إلى عدم حصول المقصود منه الأجل، وهو القدرة على تحصيله مدفوع بأن الشهر أدناه لا أنه أقصاه ليتم ما ادعاه. (و) بيان (قدر رأس المال) إذا تعلق العقد بمقداره، كما (في المكيل والموزون والمعدود) المتقارب ولم يقيده به حالة ما مر هذا قول الإمام، وقالا: لا يحتاج إلى ذلك حيث كان معيناً لأنه صار معلوماً بالإشارة، وله ما روي عن ابن عمر أنه قال به وقول الفقيه من الصحابة مقدم على القياس ولأنه ربما ظهر فيه زيوفاً فيختار الاستبدال به ورده وربما كان أكثر في النصف، فإذا استبدل ورده في المجلس فسد السلم عنده لأنه لا يرى الاستبدال في أكثر من النصف خلافاً لهما، وقد لا يتفق الرد في مجلس العقد فينفسخ العقد في مقدار المردود، فإذا لم يكن القدر معلوماً لم يدر في كم انتقض وفي كم بقي فيه فيصير المسلم فيه مجهول المقدار. ومن فروع المسألة أسلمه مائة درهم في كر حنطة وكر شعير ولم يبين حصة واحد منهما من رأس المال لأنه ينقسم عليهما باعتبار القيمة، وهي إنما تعرف بالحذر فلا يصح بخلاف المزروع لأن الزرع وصف فلا يتعلق العقد بمقداره (ومكان الإيفاء) أي: إيفاء المسلم فيه (فيما له حمل من الأشياء) بفتح الحاء، أي: نقل ما يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال وهذا عند الإمام، وقالا: لا يحتاج إلى بيانه ويسلمه في موضع العقد لأنه مكان الالتزام فتعين الإيفاء ما التزمه كموضع القرض والاستهلاك، وله أن التسليم غير واجب في الحال فلا يتعين مكان العقد بخلاف القرض والاستهلاك، وله أن التسليم وإذا لم يتعين بقي مجهولاً جهالة مفضية إلى المنازعة لاختلاف القيم باختلاف الأماكن، فلا بد من البيان دفعاً للمنازعة فصار كجهالة الصفة وعن هذا قال بعضهم: إن الاختلاف في المكان يوجب التحالف عنده. وقيل: لا يوجبه والقول للمسلم إليه لأنه ليس من مقتضيات العقد كالأجل، وعندهما يوجبه لأنه في مقضياته، وعلى هذا الخلاف الاختلاف في الثمن والأجرة والقسمة بأن اشترى أو استأجر داراً بمكيل أو موزون موصوف في الذمة أو اقتسماها لو أخذ أحدهما أكثر من نصيبه والتزم بمقابلة الزائد بمكيل أو موزون كذلك إلى أجل فعنده يشترط بيان مكان الإيفاء وهو الصحيح، وعندهما لا يشترط ثم إذا عين

وما لا حمل له يوفيه حيث شاء وقبض رأس المال قبل الافتراق ـــــــــــــــــــــــــــــ مصراً جاز هذا إذا لم يبلغ نواحيه فرسخاً، فإن بلغته فلا بد من بيان ناحية منه، ولو شرط أن يوفيه إلى منزله جاز استحساناً. ولو شرط الحمل إلى منزله قيل: يجوز وقيل: لا يجوز ولو مكاناً وشرط أن يحمله إلى منزله لا يجوز وفي (البزازية) شرط الإيفاء خاصة أو الحمل خاصة الإيفاء بعد الحمل جائز لا اشتراط الإيفاء بعد الإيفاء على قول عامة المشايخ كشرط أن يوفيه في محله كذا ثم يوفيه في منزله، ولو شرط الإيفاء أو الحمل لم يجز، وفي بعض الفرائد شرط الحمل بعد الحمل لا يصح لأن الحمل لا يوجب الملك لرب السلم فكما شرط الحمل ثانياً صار كشرطه مرة وكذلك الإيفاء بعد الحمل والإيفاء بعد الإيفاء، ولما شرط ذلك صار الإيفاء الأول منفسخاً. وفي (الصحيح) اشترى طعاماً من جنسه واشترط أحدهما التوفية إلى منزله لم يجز بالإجماع كيف ما كان، ولو شرط أن يوفيه إلى مكان كذا فسلمه في غيره ودفع الكراء إلى الموضع المشروط صار قابضاً، ولا يجوز له أخذ الكراء، وإن شاء رده إليه ليسلمه إليه في المكان المشروط لأنه حقه، وفي (القنية) لقي رب السلم المسلم إليه بعد حلول الأجل في غير البلد الذي شرط الإيفاء فيه فله مطالبته بالمسلم فيه إن كانت قيمته في ذلك المكان بمثل قيمته في المكان المشروط أو دونه لأن شرط المكان في حق رب السلم دفعاً لمونة الحمل قال رضي الله تعالى عنه. وأفتى بعض مفتي زماننا بأنه لا يتمكن من مطالبته لأن تعيين المكان حق المسلم إليه دفعاً لمونة الحمل وهذا الجواب أحب إلي، إلا في موضع الضرورة وهو أن يقيم المسلم إليه في بلد آخر فيعجز رب السلم عن استيفاء حقه ثم قال: هدانا الله تعالى إلى الرواية المنصوصة (وما لا حمل له) قد مر ما له بيان ما له حمل ومونة ومنه يعلم ما لم يكن له حمل ولا مونة وقيل: ما يمكن رفعه بيد واحدة كالمسك والزعفران يعني القليل منه وإلا فقد يسلم في أمنان من الزعفران كثيرة تبلغ أحمالاً لا (يوفيه حيث شاء)، نبه بذلك على أنه لا يشترط فيه بيان مكان الإيفاء وهذا الإجماع وعلى أن مكان العقد لا يتعين وقيل: يتعين والأول أصح، كذا في (الهداية) وصح في (المحيط) الثاني. قال في (الفتح): ومعناه إذا كان مما يتأتى التسليم فيه وما لا يتأتى فيه ذلك بأن أسلمه درهماً في مركب من البحر أو جبل فإنه يجب في أقرب الأماكن التي يجب فيها منه، ولو عين مكاناً قيل: لا يتعين لأنه لا يفيد وقيل: يتعين لأنه يفيد سقوط خطر/ الطريق وهو الأصح (وقبض رأس المال قبل الافتراق) هذا ظاهر في أنه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ شرط للانعقاد لكنه قول البعض والأصح أنه شرط البقاء على الصحة وإطلاقه يعم ما لو كان عيناً أيضاً لأنه إذا كان نقداً يلزم من عدم قبضه قبل الافتراق عن دين بدين وهو منهي عنه. وأما إذا كان عيناً فاشتراط القبض جواب الاستحسان إعمالاً لمقتضى الاسم الشرعي، وفي (الواقعات) باع عبداً بثوب موصوف إلى أجل جاز لوجود شرط السلم، فلو افترقا قبل قبض العبد لا يبطل العقد لأنه يعتبر مسلماً في حق الثوب بيعاً في حق العبد، ويجوز أ، يعتبر في عقد واحد حكم عقدين كالهبة بشرط العوض، وكما في قول المولى: إن أديت إلي ألفاً فأنت حر وأراد بالافتراق الافتراق بالأبدان حتى لو مكثا إلى الليل أو سارا فرسخاً أو قام أحدهما أو قاما لم يكن فرقة، ولو دخل الدار لإخراج الدراهم إن توارى عن المسلم إليه بطل وإلا لا، وصحت الكفالة والحوالة والارتهان برأس المال، كما في (البزازية) فإن قبض المسلم إليه رأس المال من المحال عليه أو الكفيل قبل افتراق العاقدين صح وإلا لا، وبطلت الحوالة والكفالة وأما الرهن فإن لم يهلك فكذلك قبل الافتراق وكانت قيمته مثل رأس المال أو أكثر تم العقد وإن كانت أقل تم بقدره وبطل في الباقي، وكذا الحكم في بدل الصرف، كذا في (البدائع). وفي (الخلاصة) لو أبى المسلم إليه قبض رأس المال أجبر عليه ودل كلامه أنه لا يثبت فيه خيار شرط، فإن وجد فيه أبطله، فإن أسقطه قبل الافتراق ورأس المال قائم في يد المسلم إليه صح وإن هالكاً لا يتقلب صحيحاً، كذا في (البزازية). قالوا: ولا يثبت في المسلم فيه خيار العيب ويثبتان في رأس المال إذا كان عيناً تتميم: بقي من الشرائط أن يكون رأس المال منقوداً عنده كذا ذكر بسبب اشتراطه لأجله إعلام قدره، كذا في (الفتح)، وفي (الغاية) إن اشتراطه للاحتراز عن الفساد لأنه إذا رد بعضه بعيب الزيافة ولم ينفق الاستبدال في مجلس الرد انفسخ العقد بقدر المردود. قال في (البحر): يشكل على هذا قولهم في تعليل الإمام أن الإشارة إلى رأس المال لا تكفي لاحتمال أن يجد البعض زيوفاً فيحتاج إلى الرد ولا يتيسر الاستبدال إلا بعد المجلس فإن هذا يقتضي عدم اشتراط الانتقاد أولاً انتهى. وأنت قد علمت أن اشتراطه لدفع توهم الفساد وهذا القدر ثابت مع بيان المقدار أيضاً، والموهوم هنا كالمتحقق وأن لا يشتمل البدلين إحدى علتي الربا لأن انفراد أحدهما يحرم النساء والقدرة على تحصيل المسلم فيه فلا يصح المسلم في المنقطع كما مر. والحاصل أن الشرائط سبعة عشر قيل ستة منها في رأس المال وفيه نظر إذ قد علمت أن بيان الجنس والنوع والصفة والقدر مما يشتركان فيه، أما قبض رأس المال

فإن أسلم مائتي درهم في كر بر مائة ديناً عليه ومائة نقداً فالسلم في الدين باطل ـــــــــــــــــــــــــــــ وكون الدراهم منقدة فخاصان برأس المال، وأما بيان الأجل وقدره ومكان الإيفاء فيما لو حمل وإلا ينقطع وأن يكون مضبوطاً بالوصف أن يكون العقد باتاً وأن لا يشمل البدلين إحدى علتي الربا فمن شرائط المسلم فيه خاصة، كما في (الغاية) وإذا عرف هذا فقول صاحب (الهداية) وغير وجملة الشروط جعلوها في قولهم: إعلام رأس المال وتعجيله .... وإعلام المسلم فيه وتأجيله وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله غير واف بحملتها إذ الإعلام في رأس المال والمسلم فيه وإن كان يعلم الجنس والنوع والصفة والقدر بالقدرة على تحصيله بأن لا يكون منقطعاً فهو اثنا عشر لكن بقي كما قد علمت كون رأس المال مما يتعين بالتعيين فلا يجوز بالنقود وأن لا يكون حيواناً وانعقاد رأس المال إذا كان نقداً عند الإمام وأن لا يشمل البدلين إحدى علتي الربا وعدم الخيار (فإن أسلم مائتي درهم في كر بر) تفريع على اشتراط قبض رأس المال، والكر بضم الكاف وتشديد الراء ستون قفيزاً وقيل: أربعون والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف (مائة) نصب على الحال. وقوله: (ديناً عليه) صفة كمائة (ومائة نقداً) أي: منقودة صفة لمائة الثانية قال العيني: ويجوز أن يكون بدلاً من مائتي، وفي عامة النسخ دين أي منها مائة دين ومنها مائة منقودة (فالسلم في الدين)، أي في حصة الدين (باطل) لافتراقهما عن دين بدين وليس المعنى أنه انعقد باطلاً في حصة الدين بل صحيح والمفسد طارئ عليه بافتراقهما فلم يسر الفساد إلى حصة المائة الثانية ولذا قلنا: لو نقد الكل قيل الافتراق صح والتقييد بإضافة العقد إليهما ليس احترازياً لأنه لو أضافه إلى مائتين مطلقاً ثم جعل المائة قصاصاً بما في ذمته من الدين فالحكم كذلك في الأصح قيد بكونها ديناً عليه له لا لو قال: والمائة التي لي على فلان فسد العقد في الكل وإن نقد الكل لاشتراط تسليم بعض الثمن على غير العاقد، ويكون الدين من جنس النقد لأنه لو أنقده عشرة/ دنانير والمائة التي له عليه فسد في الكل أيضاً لجهالة ما يخص حصة النقد عند الإمام خلافاً لهما بناء على مسألة إعلام رأس المال. ومعنى قوله: مائة دينار أن يجعلها من رأس مال السلم حتى لو لم يجعلها من رأس مال السلم ففيه تفصيل نبه عليه في (البدائع) حيث قال: لو وجب على المسلم إليه دين مثل رأس المال، فإما أن يجب بالعقد أو بالقبض فإن كان الأول بأن كان له عليه عشرة ثمن ثوب لم يقبضها حتى أسلم إليه عشرة في كر فإن تراضيا بالقاصة صارت قصاصاً إلا أن أبى أحدهما، وإن كان الثاني كالغصب والقرض صار قصاصاً

ولا يصح التصرف في رأس المال والمسلم فيه قبل القبض بشركة أو تولية فإن تقايلا السلم لم يشتر من المسلم إليه برأس المال شيئاً ـــــــــــــــــــــــــــــ جعلاه أولاً بعد أن كان وجوب الدين متأخراً عن العقد، ولو تفاضل الدينان وإلى أحدهما القصاص فالعبرة لصاحب الأكثر والمقاصة بدل الصرف على هذا انتهى. وأما المقاصة بالمسلم فيه بدين على رب السلم فإن وجب بقبض مضمون كالغصب والقرض صار قصاصاً إن كان قبل العقد، وإن بعده فجعله قصاصاً جاز، ولو جب بالعقد لم يصر قصاصاً إن كان قبل العقد وإن بعده فجعله قصاصاً جاز، ولو جب بالعقد لم يصر قصاصاً تقدم أو تأخر ولو كان عند رب السلم وديعة فجعله المسلم إليه قصاصاً لم يكن قصاصاً إلا أن يكون بحضرتهما أو يخلي بينهما إذا كان مثل المسلم فيه، فإن كان أجود أو أردئ فلا بد من رضاهما، كذا في (الإيضاح). (ولا يصح التصرف في رأس المال) ولا في (المسلم فيه قبل القبض)، أما الأول فلما فيه من تفويت حق الشرع وهو القبض المستحق شرعاً قبل الافتراق، وأما الثاني فلأنه بيع منقول، وقد مر أن التصرف فيه قبل القبض لا يجوز، وفي (المبسوط) لو أبرأ رب السلم المسلم إليه عن طعام السلم صح إبراؤه في ظاهر الرواية، وروى الحسن أنه لا يصح ما لم يقبل المسلم إليه فإن قبله كان فسخاً لعقد السلم، ولو أبرأ المسلم إليه رب السلم من رأس المال وقيل: الإبراء يبطل السلم وإن رده لا والفرق أن المسلم فيه لا يستحق قبضه في المجلس بخلاف رأس المال. وفي (الظهيرية): وهب رب السلم المسلم إليه عن طعام السلم كان أقله ولزمه رد رأس المال إذا قيل وهذا لا يرد على الإطلاق، وفي (الصغرى) إقالة بعض السلم وإبقاؤه في البعض جائز (بشركة) بأن يقول رب المال لغيره: أعطني نصف رأس المال ليكون نصف المسلم فيه لك (وتولية) بأن يقول: أعطني مثل ما أعطيت المسلم إليه ليكون المسلم فيه لك ودل كلامه على منع المرابحة بالأولى وقيل: تجوز التولية والمرابحة. وجزم به في (الحاوي) والمذهب الإطلاق قيد بما قبل القبض لأن كلاً من الشركة والتولية والمرابحة والوضعية بعده جائز، (فإن تقايلا السلم لم يشتر) رب السلم (من المسلم إليه شيئاً برأس المال (، أي: قبل قبضه لرواية الدارقطني (من أسلم في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه أو رأس ماله) قيد بالسلم لأن بدل الصرف بعد

ولو اشترى المسلم إليه كراً وأمر رب السلم بقبضه قضاء لم يصح، وصح لو قرضاً أو أمره بقبضه له ثم لنفسه ففعل ولو أمره رب السلم أن يكيله في ظرفه ففعل وهو غائب لم يكن قضاء بخلاف المبيع ولو أسلم أمة في كر وقبضت الأمة فتقايلا فماتت أو ماتت قبل الإقالة بقي وصح ـــــــــــــــــــــــــــــ إقالته يجوز له أن يشتري منه ما شاء ببدله ويجب قبض بدله في المجلس بخلاف السلم لأن تعيين بدل الصرف لا يحصل بالقبض لما أنه يجوز له التصرف فيه ولا كذلك السلم. (ولو اشترى المسلم إليه) في (كر) من الحنطة (وأمر) المشتري (رب السلم بقبضه قضاء) أي: لأجل القضاء مما عليه (لم يصح) أمره به حتى لو هلك بعد ذلك من مال المسلم إليه وللمسلم أن يطالبه بحقه لأنه اجتمع صفتان بشرط الكيل فلا بد من الكيل مرتين لنهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الطعام حتى يجري فيه صاعان، صاع البائع المشتري والموزون والمعدود إذا اشتراه بشرط العد كالمكيل وقيل: في المعدود روايتان، (وصح لو) كان الكر (قرضاً) لأنه إعارة فكان المقبوض عين حقه تقديراً فلم يكن استبدالاً (أو أمره) أي: أمر المسلم إليه رب السلم (بقبضه له) أي: للمسلم إليه بأن يكيل له (ثم لنفسه) بأن يعيد الكيل ثانياً (ففعل) صح أمره بقبضه قضاء مما عليه، (ولو أمره)، أي: أمر (رب السلم) المسلم إليه (أن يكيله في ظرفه) أي: في وعاء رب السلم (ففعل) المسلم إليه (وهو) أي: والحال أن رب السلم (غائب لم يكن قضاء) للمسلم فيه لأن حقه الذي في الذمة لا يملك إلا بالقبض فلا يصادق أمره ملكه فلا يصح فيكون المسلم إليه مستعيراً للظرف فيجعل ملكه فيه، وإطلاقه يعم ما لو كان فيه طعام على وجه لا يتميز معتبر فيصير به قابضاً (بخلاف المبيع) إذا أمر المشتري البائع أم يكيله في ظرفه وهو غائب حيث يكون قابضاً لأن ملكه بالشراء فصح أمره، وأورد أنه لو وكل البائع بالقبض صريحاً لم يصح فعدم الصحة هنا أولى. وأجيب بأنه لما صح أمره لكونه مالكاً صار وكيلاً له ضرورة وكم من شيء يثبت ضماناً لا قصداً، (ولو أسلم أمة في كر) حاصل هذه المسألة والتي بعدها، الفرق بين/ الإقالة في السلم والبيع بالثمن ففي السلم يجوز الإقالة قبل هلاك الجارية وبعد بخلاف البيع (وقبضت الأمة) قيد بذلك لأنهما لو تفرقا لا عن قبضها لم تصح الإقالة لعدم صحة السلم (فتقايلا) عقد السلم (ثم ماتت) الأمة قبض رب السلم (أو ماتت قبل الإقالة بقي) عقد الإقالة في الأولى، (وصح) في الثاني يعني بعد موتها لأن حصتها تعتمد بقاء العقد وهو ببقاء المبيع إلى أن يقبض ولا شك في وجوده في

وعليه قيمتها وعكسها شراؤها بألف والقول لمدعي الرداءة والتأجيل لا لنا في الوصف والأجل ـــــــــــــــــــــــــــــ الذمة فهلاك الأمة وعدمه لا يعدم المسلم فيه، وإذا صحت انفسخ في الجارية (و) كان (عليه قيمتها) يوم القبض لعجزه عن رد عينها (وعكسها) أي: عكس مسألة السلم (شراؤها) أي: الأمة (بالألف) فإن الأمة لو ماتت بعد الإقالة قبل القبض بطلت أو تقايلا بعد موتها لم تصح لأن هلاك المبيع قبل القبض يبطلها ولا صحة له بعد هلاكه، ولو كان المبيع مقابضة بقيت الإقالة بعد هلاكها إذا كان العرض الآخر باقياً لأن كلاً منهما بيع من وجه. وفي الصرف تصح الإقالة على كل حال لأن المعقود عليه فيه ما وجب لكل منهما في ذمة الآخر وذلك غير معين فلا يتصور هلاكه فظهر بما ذكرنا أن قيام الثمن ولو معيناً ليس شرطاً في صحتها إلا إذا أبرأه منه فلا يصح، كما في (القنية) لبطلان السلم كما مر وفيها اشترى أيضاً مع زرعها فأدرك الزرع في يده ثم تقايلا لا تجوز الإقالة لأن العقد إنما ورد على القصيل دون الحنطة. ولو حصد المشتري الزرع ثم تقايلا صحت الإقاله في الأرض بحصتها من الثمن، ولو اشترى أرضاً فيها أشجار فقطعها ثم تقايلا صحت الإقالة بجميع الثمن ولا شيء للبائع في قيمة الأشجار وتسليم الأشجار للمشتري هذا إذا علم البائع بقطع الأشجار، فإن لم يعلم به وقتها يخير إن شاء أخذها بجميع الثمن فإن شاء ترك (القول لمدعي الرداءة) هذا صادق بما إذا قال أحدهما: شرطنا ردياً فقال الآخر: لم نشرط شيئا وبما إذا ادعى الآخر اشتراط الجودة وقال الآخر: إنما شرطنا ردياً والمراد الأول ولذا أردفه بقوله لا لنا في الوصف ولإفادة أن الرداءة مثال حتى لو قال أحدهما: شرطنا جيداً وقال الآخر: لم نشرط شيئاً فالحكم كذلك، وبه اندفع ما في (البحر) (والتأجيل) بأن قال أحدهما شرطاً آجلاً ونفاه الآخر (لا لنا في الوصف والأجل). قال في (القاموس): الأجل غاية الوقت في الموت وحلول الدين ومدة الشيء والجمع أجال والتأجيل تحديد الأجل انتهى. والتحديد بمعنى التقدير ولو اختلفا في مقداره فالقول للطالب وينبغي فيتعين أن يكون التأجيل بمعنى الأجل مجازاً بدليل الثاني، كذا في (البحر). وأقول: لا نسلم أنه يتعين ما ادعاه بل المناسب لوضع المسألة أن يكون الأجل بمعنى التأجيل حتى لو اختلفا في تحديده بأن قال أحدهما: أجلناه إلى هبوب وقال الآخر: إلى شهر فالقول لمدعي التحديد. وأما ما ذكره فليس من المسألة في شيء فتدبره، واعلم أن الأصل هنا أنهما إذا اختلفا في الصحة فإن خرج كلام أحدهما

وصح السلم والاستصناع في نحو خف وطست وقمقم وله الخيار إذا رآه ـــــــــــــــــــــــــــــ مخرج التعنت وهو أن ينكر ما ينفعه كان باطلاً اتفاقاً والقول لمدعي الصحة وإن خرج مخرج الخصومة وهو أن ينكر ما يضره قال الإمام قول من يدعي الصحة أيضاً إذا اتفقا على عقد واحد، وإن خصمه هو المنكر وقالا القول للمنكر وإن أنكر الصحة وعليه تخرج الزرع، فإذا ادعى المسلم إليه الوصف أو رد السلم الأجل ونفاه الآخر كان القول له اتفاقاً، وفي العكس القول لمدعي الصحة عنده وعندهما للمنكر قيد باختلاف في أصل التأجيل، لأنهما لو اختلفا في مقدار فالقول للمدعي الأقل مع يمينه إلا أن يبرهن مدعي الأكثر، وإن أقامها فبينة مثبت الزيادة أولى، ولو في مضيه فالقول للمسلم إليه مع يمينه إلا أن يبرهن الآخر، ولو برهنا فبينة المطلوب أولى هنا والاختلاف في مقدار الأجل لا يوجب التحالف عندنا خلافاً لزفر بخلاف الصفة لأن الوصف جار مجرى الأصل. وفي (الخلاصة) أنكر الطلاق أن يكون الثوب جيداً فالقاضي يرى اثنين من أهل تلك الصفة فإن قالا: إنه جيد أجبر على القبول وهو أجود والواحد يكفي، ولو اختلفا في السلم يتحالفان استحساناً ويبدأ بيمين المطلوب عند الثاني، وقال محمد: بيمين الطالب، وإن رهن أحدهما قضي له ولو برهن فبينه رب السلم أولى ويقضي بسلم واحد عند أبي يوسف والمسألة على ثلاثة أوجه بينتها في (فتح القدير)، (وصح السلم والاستصناع) وهو طلب عمل الصنعة (في نحو خف وطست وقمقم). أما السلم فلإمكان ضبط صفته، فأما الاستصناع بأن يقول اعمل/ خفاً طوله كذا وعرضه كذا أو طستاً زنته كذا يسع كذا على هيئة كذا بكذا دفع له الثمن أو لا فيقبل الآخر فهو استحسان للتعامل الراجع إلى الإجماع العملي من له - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم بلا نكير، وهو بهذه الصفه يندرج في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) (وله الخيار إذا رآه) أي: المصنوع له فيه إيماء إلى أنه معاقدة لا مواعدة كما قال أخاكم الشهيد والصفار ومحمد بن سلمة والأول هو قول العامة وهو الصحيح، لأن محمداً ذكر فيه القياس والاستحسان ولا يجزيان في المواعدة وأثبت له الخيار معللاً بأنه اشترى ما لم يره وأورد أن بيع المعدوم لا يصح. وأجيب بأنه اعتبر موجوداً حكماً كناسي التسمية عند الذبح للعامل، وجزم في (الهداية) بأن العقود عليه العين دون العمل ولذا لو جاء به .... من صنعته أو من صنعته قبل العقد وأخذه جاز، وأورد أن بطلان بموت الصانع ينافي كونه بيعاً.

باب المتفرقات

وللصانع بيعه قبل أن يراه ومؤجله سلم. باب المتفرقات صح بيع الكلب ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجيب بأنه إنما بطل بموته لشبهة بالإجارة، وفي (الذخيرة) هو إجارة ابتداء بيع انتهى. فكن قبل التسليم وأورد بأنه لو انعقد إجارة لأجبر الصانع على العمل والمستصنع على إعطاء المسمى. وأجيب بأنه إنما لم يجبر لأنه لا يملكنه إلا بإتلاف عين له من قطع الأديم ونحوه والإجارة تفسخ بهذا العذر، ألا ترى أن الزارع له أن لا يعمل إذا كان البذر من جهته؟ وكذا رب الأرض وفي قصر الخيار عليه إيماء إلى أنه لا خيار للصانع بعد رؤية المصنوع له وهو الأصح، (وللصانع بيعه قبل أن يراه) أي: المستصنع لأنه لا يتعين إلا باختياره قبل أن يراه، لأنه لو رآه ورضي به امتنع عليه بيعه (ومؤجله سلم) عند الإمام وقصراه على ما لا يتعامل فيه، فإن كان فيه تعامل كان استصناعاً ويحمل الأجل فيه على الاستعجال وله أنه دين يحتمل السلم فحمل عليه وهو أولى لثبوته بالأصول الثلاثة. وأما الاستصناع فقد علمت أن جوازه للتعامل وأراد بالأجل ما مر وهو شهر فإن لم يصلح كان استصناعاً إن جرى فيه تعامل وإلا ففاسد إن ذكره على وجه الاستمهال وإن للاستعمال بأن قال: على أن أفرغه غداً أو بعد كان صحيحاً ثم إذا كان سلماً اشترط فيه شرائط السلم في القبض قبل الافتراق وعدم الخيار ونحو ذلك مما مر. وفي (القنية) دفع مصحفاً ليذهبه من عنده وأبرأه الذهب أنموذجاً من الأعشار والأخماس ورؤوس الآي وأوائل الصور فأراد رب المصحف أن يذهبه كذلك بأجرة معلومة لا يصح انتهى، وكأنه لعدم التعامل والله الموفق بمنه. مسائل منثورة نثرت عن أبوابها ولم تذكر ثمة فاستدركت بذكرها هنا (صح بيع الكلب) أطلقه في (الأصل) وعليه جرى المص والقدوري فعم المعلم والعقور سواء قلنا بنجاسة عنه أو بطهارته لأنها إنما تمنع حرمة أكله لا تمنع بيعه، وأما عدم جواز بيع الخمر فلنص ... وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الذي حرم شربها حرم بيعها) ونص في (نوادر هشام) عن محمد على جواز بيع العقور وتضمين القاتل قيمته، واختار السرخسي عدم جواز بيع العقور الذي لا يقبل التعليم قال: وهو الصحيح من

والفهد والسباع والطيور والذمي كالمسلم في بيع غير الخمور والخنزير ـــــــــــــــــــــــــــــ المذهب وهكذا نقول في الأسد، أما الفهد والبازي فيقبلان التعليم فيجوز بيعها على كل حال انتهى. قال في (الفتح): فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز بيع النمر بحال لأنه لشره لا يقبل تعليماً، وفي بيع القرد روايتان والصحيح الجواز، وفي (التجنيس) وهو المختار لأنه يمكن الانتفاع بجلده، وحمل ابن وهبان رواية الجواز على ما إذا كان يحفظ دكانه وعدمه على ما إذا كان يلعب به، ورده ابن الشحنة بأن علة الجواز حيث كانت للانتفاع بجلده لم يختلف الحكم بين ما إذا كان يلعب به أو لا. لكن صحح في (البدائع) عدم الجواز لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للتلهي به وهو حرام وهذا وجه رواية إطلاق بيع الكلب والسباع فإنه مبني على أن كل ما يمكن الانتفاع بجلده وعظمه يجوز بيعه، ولذا أعطف عليه بقوله (والفهد والسباع) بسائر أنواعها فدخلت الهرة لأنها تصاد الفأرة والهوام المؤذية (والطيور) إلا الخنزير فلا يجوز بيعه إذ لا ينتفع بشيء من أجزائه وعن قال أبو الليث: يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع بها لا إن لم ينتفع بها، كذا في (الفتح). لكن في (البدائع) وهذا غير سديد لأنه المحرم شرعاً لا يجوز الانتفاع به للتداوي كالخمر فلا تقع الحاجة إلى شرع البيع وقالوا: يجوز بيع الفيل إجماعاً لأنه ينتفع به للحمل والركوب والدهن النجس لأنه ينتفع به للاستصباح فهو كالسرقين، وفي (التجنيس) المختار للفتوى بيع لحم المذبوح من السباع وكذا الكلب والحمار لأنه/ طاهر ينتفع به في طعام سنورة بخلاق لحم الخنزير المذبوح. فرع في بيوع الأجناس لا ينبغي لأحد أن يتخذ كلباً في داره إلا أن يخاف من لصوص أو غيره فلا بأس أن يتخذه، وكذلك الأسد والفهد والضبع وجميع السباع بمنزلة الكلب في جميع ذلك، أما اقتناؤه للصيد وحراسته الماشية والزرع فيجوز بالإجماع، (والذمي كالمسلم في بيع غير الخمر والخنزير) لأنه مكلف محتاج فكل ما جاز للمسلم من البياعات يجوز له وما فلا إلا الخمر والخنزير فإن عقده فيهما كعقد المسلم على العصير والشاة، قال في (إيضاح الإصلاح): والتي هتفت أو جرحت في غير موضع الذبح وذبائح المجوس كالخنزير فالمستثنى غير مختص بهما كما يفهم من (الهداية) انتهى. أقول: ولا هو مختص بما ذكره لأن الكافر لو اشترى مسلماً أو مصحفاً أو شقصاً منهما أجبر على بيعه، ولو كان المشتري صغيراً أجبر وليه، ولو لم يكن له ولي أقام القاضي له ولياً كذا في (السراج) وينبغي أن عقد الصغير في هذا لا يتوقف

ولو قال: بع عبدك من زيد بألف على أني ضامن لك مائة سوى ـــــــــــــــــــــــــــــ على الإجازة، وجوابه في (البحر) عما في (الإيضاح) بأنه في (البزازية) إنما ذكر جواز بيع المجوسي ذبيحة أو ما هو عنده كالذبح والخنق من كافر عن أبي يوسف وظاهره جواز قالا بخلافه ممنوع لجواز أن يكون بنسبته إليه لأنه هو المخرج له، ولا قول لهما فيه وقد التزم مثله في طلاق (فتح القدير) والمعنى يشهد له لأن ما ذكر لا ينزل عن مرتبة الخنزير إذا ذبحه الذمي ولا كلام أنا لا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم وفيهما بيع متروك التسمية عمداً من كافر لا يجوز، وما في (الملتقط) كل شيء منع منه المسلم امتنع منه الذمي إلا الخمر والخنزير يرد عليه أنه لا يمنع من لبس الحرير والذهب بخلاف المسلم، وفي كلامه إيماء إلى أن الذمي لا يحد بشرب الخمر وأنها ترد عليه إذا غصبت ويضمن متلفها بالإراقة إلا أن يظهر بيعها بين المسلمين أو يكون المتلف إماماً يرى ذلك. قيل: وينبغي أن يكون إظهار شربها كإظهار بيعها، وفي حدود (البزازية) ويمنع الذمي عما يمنع منه المسلم إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان منعوا كالمسلمين لأنه لم يستثن عنهم انتهى، وفي (السراج) اشترى الذمي عبداً مسلماً جاز وأجبر على بيعه صغيراً كان المالك أو كبيراً ويجبر ولي الصغير على بيعه، فإن لم يكن له ولي أقام القاضي له ولاياً، وكذا إذا اشترى مصحفاً لأنه يستبدل العبد بالخدمة ويخاف منه إتلاف المصحف بما لا يحل انتهى. قال في (البحر): ولم أر حكم وقف الكافر مصحفاً. وأقول: تعلياه في (السراج) جبره على البيع وفيه إيماء إلى أنه ليس له قربة عندهم فلا يصح وقفه وهذا لأن ما يتقرب إيقافه لا يخشى إتلافه بما لا يحل كحرق ونحوه، ثم قال في (السراج): وكذا إذا أسلم عبداً لذمي ولو أعتقه جاز ولو دبره أو كانت أمة فاستولدها سعياً في قيمتها ويوجع ضرباً بوطء المسلمة، ولو كاتبها جازت المكاتبة فإن عجزت أجبر على بيعها، وكذا إذا ملك شقصاً من مسلم لأنه يملك استخدامه بالمهايأة انتهى. وقال في (إيضاح الكرماني): لو باعه من كافر أجبر على رده والبائع على بيعه. فرع حسن: قال في (المحيط): من خيار الشرط الفاسق المسلم إذا اشترى عبد أمرد وكان في عادته اتباع المرد أجبر على بيعه رفعاً للفساد انتهى، بلفظه ولو استقرض الكافر خمراً فأسلم المقرض سقطت الخمر لتعذر قبضها فصار كهلاكها مستنداً لمعنى فيها، وإن أسلم المستقرض فعن الإمام سقوطها وعنه أن عليها قيمتها وهو قول محمد لتعذره لمعنى من جهته. (ولو قال) لغيره: (بع عبدك من زيد بألف على أني ضامن لك مائة) مثلاً (سوى

الألف فباع صح بألف وبطل الضمان، وإن زاد من الثمن فألف على زيد والمائة على الضامن ووطء زوج المشتراة قبض لا عقده ـــــــــــــــــــــــــــــ الألف فباع) العبد من زيد يعني بإيجاب وقبول، وما في (النهاية) فيقول صاحب العبد: بعت وقوله بعت: جواباً للكل ولو لم يكن إباء لا مساومة ولكن إيجاب العبد بألف حصل عقيب ضمان الرجل ذلك كان كذلك استحساناً، أما ضمانه بعد الإباء والمساومة فيصح قياساً واستحساناً انتهى، يفيد أن قوله: بعت هو الإيجاب فيحتاج إلى القبول، وفي بعض الشروح ويكون البيع بعده دلالة على القبول استحساناً فكذا هذا. قال في (الفتح): وما في (النهاية) هو الصواب لأن لفظة الأمر لا تكون في البيع إيجاباً على ما مر انتهى، يعني أنه مر أنها لا تكون من المشتري فكيف بالأجنبي؟! فلذا كان ما في بعض الشروح خطأ (صح) البيع (بألف وبطل الضمان) أي: ضمان المائة لأنها حيث لم تكن من الثمن كانت التزام مال ابتداء يعطيه إياه وهذه رشوة إذا لم يقابل بالمبيع، (وإن زاد) بعد قوله مائة (من الثمن فالألف على زيد والمائة على الضامن) لأنه أضاف التزامه زيادة في الثمن إلى بيعه وهي جائزة. ولو من الأجنبي والضامن جائز الإضافة، فإن كان بأمر المشتري/ كان للبائع حبس المبيع حتى يأخذه من الضامن، وللمشتري أن يرابح على ألف ومائة ولو كان داراً أخذها الشفيع كذلك، ولو رد بعيب أو تقايلا رد البائع الزيادة على الضامن، ولو كان بغير أمره لم يثبت في حق المشتري فلا يحبس المبيع عليها ويرابح على ألف والشفيع كذلك، ولو تقايلا أو رد المبيع بعيب بالتراضي كان للأجنبي أن يستردها قيد بقوله سوى الألف لأنه لو حذفه كان كفيلاً بمائة من الثمن ولا يثبت الزيادة من عنده أو يضمنها أو يضيفها إلى نفسه، وإن زاد بأمر المشتري جاز ولا يلزمه شيء ولا يظهر في حق الشفيع، كذا في (الشرح). (ووطء زوج) الأمة (المشتراة قبض) لأنه حصل بتسليط من المشتري فصار منسوباً إليه، ودلت المسألة على أن تزويجها قبل قبضها صحيح بخلاف البيع لأنه يفسد بالغرور وبخلاف النكاح وفي البيع قبل القبض احتمال الانفساخ بالهلاك والنكاح لا ينفسخ به حتى لو لم يطأها الزوج حتى ماتت وجب المهر للمشتري، كذا في (النهاية). (لا) يكون (عقده) قبضاً استحساناً، والقياس أن يكون قبضاً لأنه تعيب حكمي، ألا ترى أنه لو وجد المشتراة مزوجة يردها بالعيب؟ وجه الاستحسان أنه لم

ومن اشترى عبداً فغاب فبرهن البائع على بيعه وغيبته معروفة لم يبع بدين البائع وإلا بيع بدينه ـــــــــــــــــــــــــــــ يتصل بها فعل حسي من المشتري والتزويج فعل تعييب حكمي بمعنى تقليل الرغبات فيها فكان كنقصان السعر وأورد على هذا الإعتاق والتدبير فإنه يصير بهما قابضاً وليس باستيلاء على المحل بفعل حسي. وأجيب بأن القابض الحاصل بالعتق ضروري ليس مما نحن فيه وذلك أنه إنهاء للملك، ومن ضرورة أنها للملك كونه قابضاً والتدبير من واديه لأن به يثبت حق الحرية للمدبر، ولو انتقض البيع بعد ما زوجها قبل القبض بطل النكاح وفي قول أبي يوسف وهو المختار خلافاً لمحمد، وقيد القاضي الإمام بطلان النكاح ببطلان البيع قبل القبض بما إذا يكن بالموت حتى لو ماتت بعد النكاح قبل القبض لا يبطل النكاح، وإن بطل البيع ويجب المهر للمشتري، (ومن اشترى عبداً) أراد به المنقول، أما العقار فلا يبيعه القاضي كما في (النهاية) وغيرها (فغاب)، أي: المشتري قبل القبض وهذا القيد لا بد منه حتى لو غاب بعد القبض لا يبيعه القاضي لأن حقه غير متعلق بماليته بل بذمة المشتري، وقيده في (جامع الفصولين) بما إذا لم يخف عليه التلف، فإن خيف جاز له البيع حيث قال للقاضي: إيداع مال غائب ومفقود وله إقراضه وبيع منقوله لو خيف تلفه ولم يعلم مكان الغائب لا لو علم انتهى. والذي ينبغي أن يقال: إن خوف التلف يجوز للبيع علم مكانه أو لا وقدمنا نحوه في خيار الشرط فارجع إليه، (فبرهن البائع على بيعه) من الغائب وأنه لم ينقد إليه الثمن (وغيبته معروفة) بأن كانت البلدة التي خرج إليها معروفة وإن بعدت (لم يبع بدين البائع) لأنه يتوصل إلى حقه بالذهاب إليه (وإلا)، أي: فإن لم تكن غيبته بأن لن يدر مكانه (بيع) العبد (بدينه) لأن ملك المشتري ظهر بإقراره فيظهر على الوجه الذي أقر به مشغولاً لحقه فإذا تعذر استيفاؤه يبيعه القاضي فيه وهذا البيع منه ليس لهذا البرهان الذي أقامه لأنه لا يقام لإثبات الدين على الغائب، بل فائدته إنما هي كشف الحال ليجيبه إلى البيع نظراً للغائب، فإن لم يوف به اتبع البائع المشتري فيما بقي وفي (جامع الفصولين) باع دابة ولا يوقف على المشتري فللحاكم أن يأذن في بيعها فيأخذ ثمنه من ثمنها، ولو كان في جنسه، ولو أذن أن يؤاجرها ويعلفها من أجرها جاز، وهو ظاهر في أن إذن القاضي للبائع في البيع كان يعني بعد البرهان على البيع والغيبة وهل للقاضي أن يبيعه بعرض؟ لم أره في كلامهم وظاهر قولهم فيأخذ ثمنه من ثمنها لو كان من جنسه يفيد أن للمأذون أن يبيع بخلاف جني الثمن فالقاضي أولى، كذا في (البحر). وأنت خبير بأن هذا البيع ليس إلا للحاجة إلى إيفاء

ولو غاب أحد المشتريين للحاضر دفع كل الثمن وقبضه وحبسه حتى ينقد شريكه ومن باع أمة بألف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان ـــــــــــــــــــــــــــــ الثمن وحيث لم يوف منه فينبغي أن لا يجوز، وظاهر كلامهم في أنه لو باعه غير القاضي ومأذونه كان بيع فضولي، فإن سلمه المشتري كان كل منهما غاصباً ولم أر ما لو كان البيع مقايضة، وأرى أن القاضي يفسخ البيع بينهما حيث كانت غيبته غير معروفة إذ لا أثر لبيع القاضي له فتدبره، ثم في (جامع الفصولين) أيضاً استأجر إبلاً إلى مكة ذاهباً وجائياً ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب حتى انفسخت الإجارة، فإذا أتى مكة ورفع الأمر إلى القاضي فرأى أن يبيع الدابة ويدفع بعض الأجر إلى المستأجر جاز وللمستأجر أن يركبها إلى مكة ولا يضمن وعليه الكراء إلى مكة. ولو غاب الراهن غيبة منقطعة فرفع المرتهن الأمر إلى القاضي حتى يبيع الرهن بدينه/ فإنه ينبغي أن يجوز، ولو مات ولم يعلم وارث فباع القاضي داره جاز، ولو علم بموت الوارث جاز ويكون حفظاً ألا ترى أنه لو باع الآبق يجوز؟ انتهى. (ولو غاب أحد المشتريين) قبل دفع الثمن وقبض المبيع بحيث لم يدر مكانه (فللحاضر دفع كل الثمن)، ويجبر البائع على قبول حصة الغائب وعلى دفع كل المبيع إليه وهو المراد بقوله (وقبضه)، أي: قبض كل المبيع (وحبسه) أي: المبيع (حتى ينقد شريكه) الثمن، ولو بقي درهم عندهما وقال أبو يوسف: ليس له الحبس لأنه قضى دين الغائب بغير أمره فكان متبرعاً فلا يرجع وإذا لم يكن له قبض حصته ولهما أنه مضطر في دفع حصة الغائب لأنه لا يمكنه الانتفاع بملكه إلا بأداء الجميع والمضطر يرجع وله حق الحبس. قيد بالمشتريين لأن أحد المستأجرين لو غاب قبل نقد الأجرة فنقد الحاضر جميعها كان متبرعاً لأنه غير مضطر إذ ليس للأجر حبس الدار لاستيفاء الأجرة، ذكره التمرتاشي وينبغي أن يقال: إذ يشترط تعجيل الأجرة. (ومن باع أمة بألف مثقال ذهب وفضة فهما)، أي: الذهب والفضة (نصفان) فيجب عليه خمسمائة مثقال من كل منهما لأنه أضاف المثقال إليهما على السواء فيجب من كل واحد منهما نصفه ويشترط بيان الصفة من الجودة وغيرها، بخلاف ما لو قال بألف من الدراهم والدنانير حيث لا يشترط بيان الصفة وينصرف إلى الجياد قيد بالمثقال لأنه لو قال بألف من الذهب والفضة أو بألف من الدراهم والدنانير كان عليه خمسمائة دينار بالمثاقيل وخمسمائة درهم فضة لأنه المتعارف من الدراهم فينصرف إليه، كذا في (المبسوط)، وكذا عند الانقسام في كل ما يقربه من المكيل والموزون والمعدود والمذروع قضاء أو سلماً أو غصباً أو وديعة أو مهراً أو وصية أو كفالة أو جعلاً في خلع، ومنه ما لو قال: كر حنطة وشعير وسمسم كان عليه الثلث

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ من كل. واعلم أن كون اسم الدراهم ينصرف إلى الفضة محله ما إذا كان هو المتعارف في بلد العقد وفي عرف مصر لفظ الدراهم إلا أن ينصرف إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يقيد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة فإن ما دونه نقل أو خف يسمونه نصف فضة، كذا في (الفتح). قال في (البحر): وعلى هذا لو شرط بعض الواقفين بمصر للمستحق دراهم ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس، وأما إذا قيدها بالنقرة كواقف الشيخونية والصرغشمشية فينصرف إلى الفضة لما في (المغرب) النقرة القطعة المذابة من الفضة أو الذهب، ويقال: نقرة فضة على الإضافة للبيان، وفي (المصباح) النقرة: القطعة المذابة من الفضة وقيل الذوب هي تبر انتهى، ولا يخفى أن كون الدراهم تنصرف إلى الفلوس في شروط الواقفين في مصر مطلقاً أخذاً مما في (الفتح) فيه نظر إذ غاية ما فيه الإحالة على زمنه ولا يلزم منه أن يكون كل زمن كذلك، والذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف، فإن لم يعرف صرف إلى الفضة لأنه الأصل. وأما قيمة كل درهم منها فقال في (البحر): بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة وكنت استفتيت بعض المالكية عنها يعني به علامة زمانه ناصر الدين اللقاني فأفتى بأنه سمع ممن يوثق بأن الدرهم منها يساوي نصفاً وثلاثة من الفلوس قال: فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه، وقد اعتبر ذلك في زماننا لأن الأدنى متيقن به وما زاد عليه فهو مشكوك فيه، ولكن الأوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في (جامع الفصولين) من دعوى النقرة لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد، فلو ادعت مائة درهم وجب لها مائة وسط انتهى، فينبغي أن يعول عليه انتهى. ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة الآن بنصف وثلث، وأنت قد علمت بأن القيمة تختلف باختلاف الأزمان ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف والله الموفق، ثم رأيت رسالة للإمام الحافظ المقريري سماها (شذور العقود في ذكر النقود)، وأن الملك الكامل ناصر الدين بن العادل بن أيوب في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وست مائة أمر بضرب دراهم مستديرة وجعل الدرهم منها ثلثيه من فضة خالصة وثلثه من نحاس فاستمر بذلك بمصر والشام مدة أيام بني أيوب فلما انقرضوا وقامت مماليكهم الأتراك من بعدهم أبقوا سائر شعائرهم وأبقوا بهم في جميع أحوالهم، وأقروا نقدهم على حاله

وإن قضى زيف عن جيد وتلف فهو قضاء ـــــــــــــــــــــــــــــ من أجل أنهم كانوا يفتخرون بالانتماء إليهم. فلما ولي الملك الظاهر بيبرس البنقداري الصالحي النجمي ضرب دراهم ظاهرية وجعلها من سبعين درهماً فضة خالصة وثلاثين نحاساً فلم تزل الكاملية والظاهرية بمصر إلى أن فسدت في سنة/ إحدى وثمانين وسبعمائة بدخول الدراهم الحموية فكثر تعنت الناس فيها، وكان ذلك في إمارة الظاهر برقوق فلما تسلطن أكثر من ضرب الفلوس وأبطل ضرب الدراهم إلى أن قدم الملك المؤيد شيخ من الشام في رمضان سنة عشر وثمان مائة فوصل مع العسكر وأتباعهم من الدراهم البندقية والبندروزية فتعامل الناس بها وحسن موقعها، فضربت الدراهم المؤيدية في شوال فتعامل الناس بها انتهى، وعلى هذا فقيمة الدرهم في الشيخونية والصرغشمشية ونحوهما صنفان، وهذا النقل هو المعمول عليه دون غيره والله أعلم. (وإن قضى زيف) وهو ما زيفه بيت المال، أي رده (عن) دراهم (جيد) كانت عليه (وتلف) بأن هلك أو استهلكه في الإنفاق، وما في (البحر) قيد بتلفها ليعم حكم ما لو أتلفها بالأولى فيه وهذا عندهما، وقال أبو يوسف: له أن يرد مثل الزيوف ويرجع بالجياد والخلاف مقيد بما إذا لم يعلم رب الدين بذلك حين القبض، فإن علم ورضي بذلك (كان قضاء) اتفاقاً ولو قال له: أنفقها، فإن لم ترد فردها علي كان له أن يردها استحساناً ولو قال البائع للمشتري حين أراد المبيع بعيب: بعه فإن لم يسترده فعرضه على البيع بطل خياره، والفرق أن المقبوض إذا لم يتجوز به بقي على ملك الدافع فصح أمره في التصرف فيه، أما العين فهي ملكه تصرفه فيها لنفسه فبطل خياره لهما أنه من جنس حقه حتى لو تجوز به فيما لا يجوز الاستبدال به كالصرف جاز، فيقع به الاستيفاء ولا يبقى حقه إلا في الجودة ولا يمكن تداركها بعد الهلاك، وله أن حقه في الوصف مرعي كهو في الأصل ولا يمكن رعايته بإيجاب ضمان الوصف لأنه لا قيمة له عند المقابلة بجنسه وجب المصير لما قلنا، وكون الجودة لا يمكن تداركها ممنوع هل ممكن بما ذكرنا لو وجدها ستوقة أو نبهرجة فهلكت، فإنه يرد مثلها اتفاقاً، فإن قالا: الستوقة ليست من جنس الجياد حتى يصير مقتضياً بالزيف وهن هذا قال فخر الإسلام: ما قالاه قياس وما قاله استحساناً. وفي (إيضاح الإصلاح): قول محمد الأول مع الإمام، وقوله الآخر مع أبي يوسف وفي (الحقائق) نقلاً عن (العيون) ما قاله أبو يوسف حسن دفعاً للضرر فاخترناه للفتوى، وفي رهن (الجوهرة) علم لها قبل الإنفاق وأخذ بدلها كان الجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف، ولو كان له درهم فأعطاه درهمين صغيرين وزنهما

وإن أفرخ طير أو باض أو تكنس ظبي في أرض رجل فهو لمن أخذه ـــــــــــــــــــــــــــــ درهم جاز، ويجبر على القبض ولو كان له دينار فأعطاه دينارين وزنهما دينار لم يجبر. وفي (النهاية) عن (الأجناس) اشترى بالجياد ونقد بالزيوف ثم حلف أنه اشتراها بالجياد قال أبو حنيفة: لا يحنث، وقال أبو يوسف: يحنث انتهى، ولعل وجه قوله إن المتبادر من حلفه أنه اشترى بجياد أنه أنقد منها إلا أنه عقد عليها فقط كما هو وجه قول الإمام، وفي صرف (الذخيرة) قال الإمام: والثاني لا بأس ببيع المغشوش إذا بين أو كان ظاهراً يرى وقال في رجل معه وضية نحاس: لا يبيعها حتى يبين ولا بأس أن يشتري سوقة إذا بين وأرى أن للسلطان أن يكسرها لعلها تقع في أيدي من لا يبين وكل شيء لا يجوز فإنه ينبغي أن يقطع ويعاقب صاحبه إذا أنفقه وهو يعرفه. (وإن أفرخ طير) أي: أخرج فرخه من بيضة (أو باض أو تكنس ظبي)، قال في (المغرب): كنس الظبي دخل في الكناس كنوساً من باب طلب، وتكنس مثله ومنه الصيد إذا تكنس (في أرض رجل) أي: استتر، ويروى تكسر وانكسر انتهى. وفي (المصباح) الكناسة بالكسر بيته وفي الفتح تكسر أي: وقع فيها فتكسر وتحرز به عما لو كسره رجل فيها (فإنه) لذلك الرجل لا للآخذ ولا يختص بصاحب الأرض في أرض رجل أو في داره أو من أخذه لأنه مباح سبقت يده إليه ولأنه صيد، وإن كان يؤخذ بلا حيلة، والصيد (لمن أخذه)، كما في الحديث والبيض أصل الصيد ملحق به وجواب المسألة مقيدة بقيدين، أن لا يكون صاحب الأرض هيأ أرضه لذلك، فإن هيأها له كان له لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد، ألا ترى أن من نصب شبكة للجفاف فتعلق بها صيد لا يملكه؟ وعلى هذا لو دخل صيد داره أو وقع النثار في ثوبه بخلاف معسل النحل في أرضه حيث يملكه، وإن لم يهيئ أرضه لذلك لأنه من إنزالها، والثاني: أن يكون بعيداً من الصيد، فإن قرب منه بحيث يقدر على أخذه كان لصاحب الأرض لأنه صار آخذاً له بتقدير التمكنة من الأخذ حقيقة، كذا في (شرح الطحاوي) و (الذخيرة). وفي (فتح القدير): وهو ظاهر في أن غيره لو أخذه بأن سبقت يده إليه لا يملكه، وبه صرح في (المنتقى) حيث قال: لو نصب حباله فوقع فيها صيداً فاضطرب وأقفلت فأخذه غيره فهو له جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر عليه أخذه انفلت فأخذه غيره فهو لصاحب الحبالة، والفرق أن صاحب الحبالة فيهما وإن صار آخذاً له إلا أنه/ في الأول بطل الأخذ قبل توكده، وفي الثاني بعد تأكده وكذلك صيد البازي والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل. وفي (الأصل): إذا رمى صيداً فصرعه فاشتد رجل فأخذه فهو لمن رماه لأنه لما

ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط البيع ـــــــــــــــــــــــــــــ رماه صار آخذاً له فصار ملكاً، ولو أثخن صيداً بحيث لا يستطيع براحاً فقتله آخر فالصيد للأول، وإن كان يطير مع أصحابه من السهم الأول فرماه الثاني فقتله فهو أحق به، ولو أرسل كلبه على صيد فاتبعه الكلب حتى أدخله أرض رجل أو داره كان لصاحب الكلب، وكذا لو اشتد على صيد حتى أخرجه فأدخله دار إنسان فهو له. قال في (الفتح): ومن جنس هذه المسائل لو اتخذ في أرضه حظيرة فدخل الماء والسمك ملكه، ولو اتخذها لحاجة أخرى فمن أخذ السمك فهو له، وكذا في حفر الحفيرة إن حفرها للصيد فهو له أو لغرض آخر فللآخذ، وكذا صوف وضع على سطح بيت فانبل بالمطر فعصره رجل، فإن كان وضعه للماء فهو لصاحبه وإلا فالماء للآخذ (ما يبطل بالشرط الفاسد، ولا يصح تعليقه بالشرط البيع) لأن مبادلة المال بمال وكل ما كان كذلك لا يصح تعليقه بالشرط، وأيضاً التعليق بالشرط لا يجوز فيما هو في التمليكات، ويجوز فيما هو من الإسقاطات أو من الإطلاق والولايات أطلق الشرط وهو مقيد، كما في الشرط بأن يكون بكلمة إن كان يقول: بعت منك هذا إن كان كذا فيبطل البيع سواء كان الشرط نافعاً أو ضاراً إلا في صورة واحدة هي أن يقول: بعت منك هذا إن رضي فلان به فيجوز إذا كان وقته بثلاثة أيام لأن اشتراط الخيار للأجنبي جائز. أقول: وهذا يفيد أن المعلق إنما هو لزوم البيع برضى فلان وفي (جامع الفصولين) لو قال: بعت منك بكذا إن شئت فقال: قبلت تم البيع انتهى. قال الشر: وإن بكلمة على فإن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر وجرى التعامل به كما إذا شرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل والخيار لا يفسد، ويجوز الشرط وكذا لو اشترى النعل على أن يحذوه البائع وإن انتفى ذلك فإن كان فيه منفعة لأهل الاستحقاق فسد وإلا فلا. وفي (جامع الفصولين) تعليق القبول بالبيع بعدما أوجب الآخر، كما إذا قال: إن أديت ثمن هذا فقد بعت منك يصح البيع استحساناً إن دفع الثمن إليه، وقيل: هذا خلاف ظاهر الرواية والصحيح أنه لا يجوز انتهى. وفي بيوع (الذخيرة) اشترى حطباً في قرية شراء صحيحاً وقال: موصولاً بالشراء من غير شرط في الشراء أحمله إلى منزلي لا يفسد العقد لأنه ليس بشرط في البيع بل هو كلام مبتدأ بعد تمام البيع فلا يوجب فساده. قال في (البحر): وعلى هذا لو استأجر أرضاً للزراعة ثم قال بعد تمامها: إن الحرث على المستأجر لا يفسد انتهى. والذي ينبغي حمل ما في (الذخيرة) على

والقسمة والإجارة والإجازة ـــــــــــــــــــــــــــــ إحدى الروايتين مع أنهما لو ألحقا به شرطاً فاسداً لا يلحق وعلى أنه لا يلحق هي مجرد وعد لا يلزم الوفاء به والله الموفق. (القسمة) لأن فيها معنى المبادلة فصارت كالبيع فإذا قسموا التركة عيناً وديناً وشرطوا أن يكون الدين لأحدهم والعين للباقين فسدت، قال العيني: فهو رهن تعليقها بالشرط بأن اقتسموا الدار وشرطوا فيها رضى فلان فهذا فاسد أيضاً، فإن قلت: مقتضى ما مر قريباً منه لو وقته أعني رضي فلان بثلاثة أيام أن يصح كالبيع ويكون اشتراطاً للخيار فيها، وقد مر في المنظوم أنه يدخل فيها. قلت: دخوله فيها ليس مطلقاً بل فيه تفصيل نبه عليه الولوالجي حيث قال: وأما خيار الرؤية والشرط فيثبت في قسمة لا جبر فيها على الآبي وهي القسمة في الأجناس المختلفة، وأما في قسمة يجبر الآبي عليها كالقسمة في ذوات الأمثال في الجنس الواحد فإنه لا يثبت انتهى. وذكر لفسادها بالشرط فروع فلتراجع (والإجارة) لأن فيها تمليك المنفعة والأجرة، فإذا أجره داره على أن يطينها أو مرمها أو إدخال جذع فيها على المستأجر فسدت، وكذا لو استأجر حانوتاً احترق على أن يعمره ويحسب ما ينفقه من الأجرة لأن اشتراط العمارة على المستأجر يفسد العقد فعليه أجر المثل وله ما أنفقه، ومن صور فسادها ما لو قال: على أن تردها على مكروية أطلقه في (الكافي)، والصحيح أنه إن شرطه في المدة فسدت وإلا بأن قال: أجرتك بكذا على أن تكريها بعد المدة فتردها مكرية لا يفسد، وإن قال: على أن تكريها في المدة فهي فاسدة، كذا في (الولوالجية) وصورة تعليقها ما لو أجرها له إن قدم زيد. أقول: ويستثنى من تعليقها مسألة في (العمادية) هي ما لو قال: إذا جاء رأس الشهر فقد أجرتك داري هذه بكذا فإنه يجوز، وإن كان فيه تعليق وعليه الفتوى وهو قول الفقيه أبي الليث وأبي بكر الإسكافي واختاره صاحب (المحيط) وقال الصفار: لا تصلح للتعليق وعليه إطلاق المص وصرحوا بأنه لو قال الغاصب داره فرغها وإلا فأجر كل شهر كذا فسكت ولم يفرغ وجب المسمى. قال في (البحر): وهذا/ ينبغي أن يستثنى من عدم صحة تعليقها فإن في هذه الصورة تعليقاً بعدم التفريغ، (والإجازة) بالمعجمة بأن باع فضولي عبده فقال أجزته بشرط أن تقرضني أو يهدي إلي أو علق إجازته بشرط لأن الإجازة بيع معنى قاله العيني، وهذا يفيد أن ال في الإجازة بدل عن المضاف إليه. ولذا قال في (الدرر): والبيع وإجازته إلا أن الظاهر عدم قصرها على ذلك بل كل ما لا يصح تعليقه بالشرط لا يصح تعليق إجازته ويدل على ذلك ما في

والرجعة والصلح عن مال ـــــــــــــــــــــــــــــ (البزازية) وتعليق الإجازة بالشرط باطل كقوله: إن زاد فلان في الثمن فقد أجرت، ولو زوج بنته البالغة بلا رضاها فبلغها الخبر فقالت: أجزت إن رضيت أمي بطلت الإجازة إذ التعليق يبطل الإجازة اعتباراً بابتداء العقد (والرجعة) بأن قال لمطلقته الرجعية: راجعتك على أن تقرضيني كذا، وإن قدم زيد لأنها استدامت الملك فتكون معتبرة بابتدائه وكما لا يجوز تعليق ابتدائه، فكذا لا يجوز تعليقها أيضاً كذا ذكر العيني. قال في (البحر): وهو سهو ظاهر وخطأ صريح فسيأتي قريباً أن النكاح لا يبطل الشرط الفاسد، فكيف يصح أن يقال: إنها تبطل الشرط الفاسد؟ وأصل النكاح لا يبطل به والمذكور في (الظهيرية) و (التتارخانية) و (الجوهرة) و (البدائع) أنه لا يصح تعليقها بالشرط والمص لم ينفرد بذلك بل جرى على ذلك في (الخلاصة) و (البزازية) و (العمادية) وابن قاضي سماونة و (فتح القدير) ولم أر أحداً نبه على ذلك وقد كنت توقفت في تخطئة هؤلاء ثم جزمت بها، وكان يجب أن تذكر الرجعة مع النكاح في القسم الثاني، ومما يدل على بطلان قول المص ومن وافقه ما في (البدائع) من الرجعة أنها تصح مع الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح، ولو بطلت بالشرط الفاسد لما صحت مع الهزل لأن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة، وما لا يصح تبطله الشروط الفاسدة كما ذكره الأصوليون في بحث الهزل انتهى. وأقول: أما كون ما قاله العيني سهو وخطأ فممنوع إن ما ذكره من التوجيه مأخوذ مما في (الشرح) وهو توجيه صحيح لعدم صحة تعليقها كما أن النكاح كذلك، وأما بطلانها بالشرط فمسكوت عن توجيهه وحيث ذكر الثقات بطلانها بالشرط لم يبق الشأن إلا في السبب الداعي للتفرقة بينها وبين النكاح وكأنه لأنها فارقته كما مر في أنه لا يشترط لها شهود ولا يجب بها عوض مالي ولا أن يراجع الأمة على الحرة التي تزوجها بعد طلاقها، وتبطل بالشرط الفاسد بخلاف النكاح (والصلح عن مال) بمال لأنه معاوضة مال بمال، كذا في (السراج) وهذا يقتضي تخصيص المسألة بما إذا كان بيعاً، وقرر في الصلح بأنه إنما يكون إذا كان عن مال بمال على خلاف الجنس، وإن كان على جنسه فإن كان أقل من المدعى به كان خطأ وإبراء، وإن بمثله كان قبضاً واستيفاء وإن بأكثر منه كان ربا انتهى، وأراد بالبيع ما يعم الصرف، وكذا لو كان المدعى به ذهباً أو فضة فصالحه على جنسه لم يجز إلا مثلاً بمثل، واشترط التقابض، وإن على خلاف جنسه جاز التفاضل واشترط التقابض أيضاً إلا أن

والإبراء عن الدين وعزل الوكيل ـــــــــــــــــــــــــــــ الظاهر هو الإطلاق حتى لو كان عن سكوت أو إنكار كان فداء في حق المنكر كما سيأتي، ولا يجوز تعليقه. وفي (البزازية) عليه ألف صالحه على مائة إلى شهر وعلى مائتين إن لم يعطه إلى شهر لا يصح لجهالة المحطوط لأنه على تقدير الإعطاء تسعمائة وعلى تقدير عدمه ثمان مائة انتهى، وهذا يؤيد الإطلاق (والإبراء عن الدين) لأنه تمليك من وجه حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط، ويكون معتبراً بالتمليكات فلا يجوز تعليقه، ومن فروع المسألة ما في (المبسوط) قال الطالب لمديونه: إن حلفت فأنت بريء كان باطلاً لأن هذا تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق، ويستثنى من ذلك ما إذا علقه بالموت لإخراجه مخرج الوصية وعلى ذلك تفرع ما في (الخانية) قال لمديونه: إذا مت فأنت بريء من الدين جاز وتكون وصية من الطالب. ولو قال: إن مت يعني بفتح التاء فأنت بريء من ذلك الدين لا يبرأ وهذا مخاطرة كقوله: إن دخلت الدار فأنت بريء مما لي عليك لا يبرأ ولو قالت المريضة لزوجها: إن مت من مرضي هذا فأنت في حل من مهري فماتت كان مهرها عليه انتهى. وكان ينبغي أن يقال: إن أجازه الورثة يصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثاً ويستثنى أيضاً ما إذا علقه بأمر كائن كقوله: إن كانت الشمس طالعة فأنت بريء من الدين لقولهم: إن التعليق تنجيز ويشهد له في (البزازية) قال لمديونه: دفعت إلى فلان فقال: إن كنت دفعت إليه فقد أبرأتك صح لأنه تعليق بأمر كائن انتهى، وما إذا كان الشرط متعارفاً ومنه ما في (القنية) أبرأته مطلقته بشرط الإمهار صح التعليق لأنه متعارف، وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز فإن قبل الإمهار وهو أن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح، ولو أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة لا يبرأ بدون الشرط. واعلم أنه سيأتي في الصلح أنه لو كان له عليه ألف فقال: أد إلي غداً نصفه على أنك بريء من الفضل/ ففعل برئ، ولو قال: إن أو إذا أو متى أديت لا يصح وفرق الشر بينهما بأنه في الأول لم يعلق البراءة بصريح الشرط وإنما أتى بالتقييد، وفي الثاني بصريحه وهي لا تحتمل التعليق بالشرط وبقية تفاريعها ستأتي إن شاء الله تعالى. (وعزل الوكيل) به بأن قال لوكيله: عزلتك على أن تهدي إلي شيئاً أو إن قدم زيد علل السر بأنه ليس مما يحلف به فلا يجوز تعليقه وهذا أعني عدم جواز تعليقه بالشرط هو إحدى الروايتين وفي رواية السرخسي يجوز، قال في (البحر): وعندي أن

والاعتكاف والمزارعة والمعاملة ـــــــــــــــــــــــــــــ كونه يبطل بالشرط الفاسد خطأ وأنه يجب أن يذكر في القسم الثاني لأنه إنما يبطل به ما كان من باب التمليك والعزل ليس منه وهذا هو الحق انتهى. أقول: وما مر من الأصل الثاني يؤيد ما قاله السرخسي (والاعتكاف) أي: إيجابه كقوله: علي أن أعتكف إن شفى الله مريضي، وإن قدم زيد وهذا ينافي ما مر في الاعتكاف من صحة تعليق المنذور منه بل في (الخانية) ما يفيد الإجماع عليه حيث قال: أجمعوا على أن النذر لو كان معلقاً بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلله علي أن أعتكف شهراً فعجل شهراً قبل ذلك لم يجز. وفي (القينة) قال: لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار ثم دخل فعليه اعتكاف شهر عند علمائنا، وإذا صح تعليقه يبطل بالشرط الفاسد قال في (جامع الفصولين): ما جاز تعليقه بالشرط لا يبطل بالشرط الفاسد، كذا في (البحر) وفيه هذا هو الموضع الثالث مما أخطؤوا فيه في بيان ما لا يصح تعليقه، والخطأ هنا أقبح من الأولين وأفحش لكثر الصرائح بصحة تعليقه والعجب من كونهم تداولوا هذه العبارات متوناً وشروحاً وفتاوى ولم ينبهوا على ما اشتملت عليه من الخطأ، ولا عيب بذلك على المذهب لأن ضابطه محمد بن الحسن لم يذكر جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط، وما يصح على هذا الوجه ويرحم الله صاحب (الهداية) لم يلتفت إلى جمع هذه الأشياء وهو دليل على كمال ضبطه ولو حذفها المص لكان أولى. وأقول: تعقبه بعض أهل العصر بأن ما هنا في تعليق الاعتكاف لا في تعليق النذر فيه وهو مردود بما في هبة (النهاية) جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ثلاثة عشر موضعاً وعد منها تعليق إيجاب الاعتكاف بالشرط، ويمكن أن يجاب عنه بأن يكون معناه ما إذا قال: أوجب علي الاعتكاف إن قدم زيد لكنه بخلاف الظاهر فتدبره، وعلى كل تقدير فالتأدب مع سادتنا الأعلام وحسن الظن بهم واجب بلا كلام، ولحق أن كلامهم هنا محمول على رواية في الاعتكاف وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر، وكون محمد لم يذكرها مجموعة لا يقدح في ثبوت كل فرد منها لذكره لها متفرقة والعذر لصاحب (الهداية) حيث لم يذكرها مجموعة أنه التزم الجمع بين القدوري و (الجامع الصغير)، وليس فيهما ذلك ومن ثم حذفها في (المجمع) لالتزامه المنظومة والقدوري (والمزارعة والمعاملة) يعني المساقاة لأنهما إجارة فيكونان معاوضة مال بمال فيفسدان بالشرط الفاسد، ولا يجوز تعليقهما بالشرط كما لو قال: زارعتك أرضي أو ساقيتك كرمي على أن تقرضني ألفاً، وإن قدم زيد وقبل الآخر ولو تعاقدا عقد المزارعة على أن يكون الحصاد أو الدياس على

والإقرار والوقف والتحكيم ـــــــــــــــــــــــــــــ أحدهما فسدت هذا في الشرط النافع لأحدهما، ولو شرطا ما لا ينفع كما لو شرطا أن لا يسقي أحدهما حصته لا تفسد، ولو أبطلا الشرط المفسد فإن في صلب العقد لا ينقلب جائزاً وإلا عاد جائزاً، كذا في (البزازية)، (والإقرار) لأنه ليس مما يحلف به فلا يصح تعليقه بالشرط بخلاف ما إذا علق الإقرار بموته أو بمجيء الوقت، فإنه يجوز ويحمل عل أنه فعل ذلك للاحتراز عن الجحود ودعوى الأجل فيلزمه للحال، كذا في (الشرح). وفي (العمادية) له علي ألف إن مت لزمه الألف عاش أو مات، ومن فروع المسألة ما في (المبسوط) ادعى عليه مالاً فقال المطلوب إن لم آتك غداً فهو علي لم يلزمه إن لم يأت به غداً لأن تعليق الإقرار بالشرط باطل، وفيه في باب اليمين والإقرار لفلان علي ألف درهم إن حلف أو على أن يحلف أو إذا حلف أو متى حلف أو حين حلف أو مع يمينه أو في يمينه أو بعد يمينه فحلف فلان وجحد المقر المال لم يؤخذ بالمال لأن التعليق بالشرط يخرج كلامه من أن يكون إقرار. قال في (البحر): وظاهر إطلاق المص يعم الطلاق والعتاق، فلو قال: إن دخلت الدار فأنا مقر بطلاقها أو بعتقه لم يصح ويدل على ذلك ما مر من أنه لو أكره على إنشاء الطلاق والعتاق وقع، ولو على الإقرار به فأقر لم يقع، واعلم أن الشر حكى في كتاب الإقرار عن (النهاية): أن الإقرار المعلق باطل، وعن (المحيط) أنه صحيح ويبطل الشرط، ونقل عن (المبسوط) ما يشهد لما في (المحيط) وهو مخالف لما هنا. قال في (البحر): والحق تضعيفه لتصريحهم هنا بأن الإقرار لا يصح تعليقه وأنه يبطل بالشرط الفاسد وأنت خبير/ بأن هذا يلزمه في عزل الوكيل والاعتكاف (والوقف) لأنه ليس مما يحلف به فلو قال: إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين فجاء ولده لا تصير وقفاً لأن شرطه أن يكون منجزاً، جزم به في وقف (فتح القدير) و (الإسعاف) حيث قال: لو قال إذا جاء غداً أو رأس الشهر وإذا كلمت فلاناً أو إذا تزوجت فلانة فأرضي صدقة موقوفة يكون باطلاً لأنه تعليق والوقف لا يحتمل التعليق بالخطر، وفيه أيضاٍ وقف أرضه على أن له أصلها أو على أن لا يزول ملكه عنها أو على أن يبيع أصلها أو يتصدق بثمنها كان الوقف باطلاً، وحكى في (البزازية) وغيرها أن عدم صحة تعليقه رواية، والظاهر ضعفها لجزم المص وغيره بها (والتحكيم) كما إذا قال المحكمان لعبد: إذا أعتقت فاحكم بيننا لأنه تولية صورة، وصح معنى إذ لا يصار إليه إلا بتراضيهما لقطع الخصومة بينهما فبالاعتبار الأول يصح تعليقه، وبالاعتبار الثاني لا يصح فلا يصح بالشك، وهذا قول أبي يوسف قال

وما لا يبطل بالشرط الفاسد القرض والهبة والصدقة والنكاح والطلاق والخلع والعتق والرهن والإيصاء والوصية والشركة والمضاربة ـــــــــــــــــــــــــــــ في قضاء (الخانية): وعليه الفتوى، وقال محمد: يصح تعليقه لأنه تفويض وتولية فصار كالوكالة وبقي إبطال الأجل. قال في (البزازية): إنه يبطل بالشرط الفاسد (وما لا يبطل بالشرط) لكونه ليس بمعارضة مالية القرض كأقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني شهراً، وفي (البزازية) وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم انتهى، وهو محمول على ما لو علقه بشرط فيه منفعة للمقرض لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قرض جر، والذي في (الخلاصة) عن كفالة (الأصل) (والقرض) بالشرط حرام انتهى، (والهبة والصدقة) كوهبتك هذه المائة أو تصدقت عليك بها على أن تخدمني سنة، (النكاح) كتزوجتك على أن لا مهر علي أو على أني بالخيار أو إن أجاز أبي أو أرضى فقالت: قبلت لا يصح لأنه تعليق والنكاح لا يحتمله، كذا في (الخانية). قال في (الظهيرية): فلو كان الأب حاضراً فقبل في المجلس جاز، وهو مشكل والحق ما في (الخانية) (والطلاق) كطلقتك على أن لا تتزوجي بفلان، (والخلع والعتاق) كخالعتك وأعتقتك على أني بالخيار على ما مر (والرهن) كما إذا قال: أخذته رهناً على أنه إن ضاع ضاع بغير شيء فقال الراهن: نعم صح، وبطل الشرط وكذا لو قال: أوفيتك متاعك إلى كذا وإلا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن، كذا في رهن (البزازية) (والإيصاء) كقوله جعلتك وصياً على أن لك مائة درهم كان وصياً ولغي الشرط. قال في (البزازية): والمائة له وصية يعني غن قبلها كانت له وإلا لا والأولى صوره العيني وصيت إليك على أن تتزوج ابنتي إذ الكلام في الشرط الفاسد الذي لا يفسد العقد، وما هنا صحيح (والوصية) كأوصيت لك بثلث مالي بشرط أن تزوج أبي بابنتك وقول العيني صورتها أوصيت لك بثلث مالي إن رضي فلان ففيه نظر لأن هذا مثال تعليقها بالشرط وليس الكلام فيه، كذا في (البحر). (والشركة) كشراكتك على أن تهدي إلي كذا (والمضاربة) حتى لو دفع إليه ألفاً على أن يدفع رب المال إلى المضارب أرضاً يزرعها أو داراً يسكنها سنة بطل الشرط وجازت المضاربة، وكذا لو شرط أن تكون النفقة على المضارب إذا خرج إلى السفر، كذا في (البزازية) وفيها لو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا لأنه شرط

والقضاء والإمارة والكفالة والحوالة والوكالة والإقالة والكتابة وإذن العبد في التجارة ـــــــــــــــــــــــــــــ بل لقطع الشركة، ولو شرط المضارب لرب المال أن يدفع له أرضاً أو داراً فسدت أيضاً لأنه جعل نصف الربح عوضاً عن عمله أو أجرة داره (والقضاء) كما إذا ولاه الخليفة بلدة، كذا على أن لا يعزل أبداً أو ولاه مؤبداً كان له عزله ولو بلا جنحة، وهل يشترط في صحة عزله كمدرس أبده السلطان أن يقول: رجعن عن التأبيد أفتى بعضهم بذلك وعندي أن لا سلف له فيه ولا دليل يقتضيه لأنه حيث صح العزل كان إلغاء للتأبيد سواء نص على إلغائه أو لا. (والإمارة) قال في (القاموس): الأمر جمع أمور ومصدر أمر علينا مثلثة إذا ولى والاسم أمره بالكسر وقول الجوهري مصدر وهم، والمؤمر الملك كما لو قالوا: وليتك إمارة بلدة كذا على أن لا تركب قال في (البزازية): ولو شرط عليه ألا يرتشي ولا يشرب الخمر ولا يمتثل قول أحد صح التقليد كما والشرط، ولو .... من ذلك انعزل لا يبطل قضاؤه فيما مضى، ولو شرط عليه أن لا يسمع قضية رجل بعينه صح الشرط ولا ينفد قضاؤه في هذا الرجل. (والكفالة) بأن قال: كفلت غريمك على أن تقرضني كذا، وفي (البزازية) لو قال: كفلت به على أني متى طولبت به فلي أجل شهر فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الأولى، فإذا تم الشهر من المطالبة الأولى لزم التسليم ولا تكون مطالبة الثانية تأجيلاً. (والحوالة) بأن قال: أحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التواء وفي (البزازية) ومن صور فساد الحوالة ما إذا شرط أن يعطي المحتال من ثمن دار المحيل لأنه لا يقدر على الوفاء بما التزم/ بخلاف ما لو التزم المحتال عليه الإعطاء من ثمن دار نفسه لأنه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره، كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد ولا يجبر على الآدمي قبل الأجل انتهى، وهذه ترد على إطلاق المص، وجوابه أن هذا في المحتال وعد وليس الكلام فيه. (والوكالة) بأن قال: وكلتك على أن تبرئني مالك علي، (والإقالة) حتى لو تقايلا على أن يكون الثمن من الأول أو أقل صحت وكفى الشرط وقد مر في بابها، (والكتابة) بأن كاتبه على ألف بشرط أن لا يخرج من البلد، أو على أن لا يعامل فلاناً أو على أن يعمل في نوع من التجارة فتصح، ويبطل الشرط لأنه غير داخل في صلب العقد، فإن كان داخلاً فيه فسدت كالكتابة على خمر ونحوها قاله الشر، (وإذن العبد في التجارة) حتى لو أذنه على أن يتجر شهراً أو في كذا بطل الشرط، وكان الإذن علماً.

ودعوة الولد والصلح عن دم العمد والجراحة وعقد الذمة وتعليق الرد بالعيب أو بخيار الرؤية وعزل القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــ (ودعوة الولد) بأن قال لأمة بعدما ولدت: هذا الولد مني بشرط رضى زوجتي، (والصلح عن دم العمد) حتى لو صالح القاتل عمداً ولي المقتول على شيء بشرط أن يهبه شيئاً أو يقرضه بطل الشرط، وصح الصلح وسقط الدم (و) صلح (الجراحة) التي فيها القصاص حالاً أو مؤجلاً كذلك، (وعقد الذمة) بأن قال الإمام لحربي يريد الإقامة بدار فأضربت عليك الجزية على أن تهدي إلي هدية. (وتعليق الرد بالعيب) بأن قال: إن لم أرد عليك الثوب المعيب اليوم عيناً أو رده عليك إن شاء فلان (و) تعليق الرد (بخيار) الشرط بأن قال من له الخيار في البيع أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح البيع ويبطل الشرط قاله العيني، وعبارة (الخلاصة) أسقطت خياري إذا جاء غد فيصح ما شرط، (وعزل القاضي) بأن قال الخليفة للقاضي: عزلتك عن القضاء إن شاء فلان. تتمة: بقي مما لا يبطل بالشرط الفاسد الصلح عن جناية الغصب والوديعة والعارية إذا ضمنها رجل وشرط فيها حوالة أو كفالة وكره في آخر هبة (النهاية)، كذا في (الشرح) وقد أخل الشر بالحجر عن المأذون والنسب مع ذكر صاحب (النهاية) لهما في آخر الهبة أيضاً. تكميل: بقي ما يجوز تعليقه وهو مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها كالطلاق والعتاق والالتزامات كذلك كالحج والصلاة والتوليات كالقضاء والإمارة، كذا في (الشرح). قال في (البحر): وقد فاته الإذن في التجارة فإنه يصح تعليقه بالشرط كما في (الخانية) والإسلام فإنه يصح تعليقه أيضاً كما في (فتاوى قارئ الهداية)، والهبة فإنه يصح تعليقها لكن بشرط ملائم كوهبتك على أن تقرضني كذا في (جامع الفصولين) وكذا الكفالة فإنه يصح تعليقها بملائم أيضاً كما مر فيها. وفي (البزازية) تعليق تسليم الشفعة بالشرط جائز نحو إن كنت اشتريت سلمت وقد ذكر المص في آخر الإجارة ما يجوز إضافته وهو أربعة عشر موضعاً، وما لا يجوز وهو عشرة وعدها الشر هنا ولم يعدها استغناء بمراجعة الكتاب والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

كتاب الصرف

كتاب الصرف هو بيع بعض الأثمان ببعض ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الصرف أخره لقلة وجوده بكثرة قيوده وأيضاً لما كان عقداً على الأثمان والثمن في الجملة تبعاً لما هو المقصود من البيع أخر عن البيع المتضمنة للمقاصد الأصلية، أعني المبيعات، وهو لغة: إما النقل ومنه قوله في دعاء الاستخارة فاصرفه عني ولا شك أن نقل كل من البدلين عن ماله إلى الآخر بالفعل شرط جوازه فكان في المسمى معنى اللغة فسمي باسم ذلك المعنى المشروط فيه، أو الزيادة لأنه لا يطلب منه إلا رهن إذ لا ينتفع بعينه والزيادة تسمى صرفاً لغة، ومنه سميت النافلة صرفاً في قوله عليه الصلاة والسلام: (من انتمى إلى غير أبيه لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) أي: لا نفلاً ولا فرضاً، كذا في (الهداية). ولا شك في مناسبة تسميته عدلاً لأنه أداء للحق المستحق عليه، واعترض بأنه فسر في (الفائق) .... حديث المدينة (من أحدث فيها حدثاً أو آوى فيها محدثاً فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) الصرف بالتوبة لأنه صرف النفس عن الفجور إلى البر، والعدل بالفدية من المعادلة لأنه يعادل نفسه، والمراد بمن أحدث الحدث فعل ما يوجب الحد. وأجيب بأن أهل اللغة اختلفوا في ذلك فذكر في (الجوهرة) وغيرها كما في (الهداية) فلا اعتراض مع أنه الأنسب، كذا في (الفتح) والقولان حكاهما في (القاموس). وأقول: وجود المعنيين لغة ثابت، غير أنه إنما اختلف التفسير إعطاء الكل مقام ما يناسبه وهذا لأن الجزاء بحسب الجناية من أحدث بالمدينة حدثاً أغلظ بدليل قرانه باللعن ناسب أن يفسر الصرف والعدل بما في (الفائق) فلا اختلاف حينئذ كما توهم، وشرعاً: ما أفاده بقوله (هو بيع بعض) بجنس (الأثمان ببعض)، وهذا المضاف لا بد منه ليدخل بيع المصوغ بالمصوغ أو بالنقد فإنه سبب ما اتصل به من الصنعة لم يبق ثمناً صريحاً، ولذا يتعين في العقد ومع ذلك هو صرف ولم يقل من جنس واحد لأن اتحادهما جنساً ليس شرطاً، وشرطه/ تقابض البدلين قبل

فلو تجانسا شرط التماثل والتقابض، وإن اختلفا جودة وصياغة ـــــــــــــــــــــــــــــ الافتراق وإن اختلف الجنس، ولذا لم يصح فيه أجل ولا خيار بشرط لأن خيار الشرط يمنع ثبوت الملك أو تمامه على القولين وذلك يخل بتمام القبض وهو ما يحصل به التعيين، فإذا سقط الأجل والخيار في المجلس صح بخلاف خيار الرؤية والعيب، إلا أنه لا يتصور في النقد وسائر الديون خيار رؤية لأن العقد ينعقد على مثلهما لا عينهما بخلاف الأواني والحلي، وبهذا عرف أنه لا حاجة بجعلهما، أعني إسقاط الأجل وخيار الشرط شرطين على حدة كما جرى عليه في (البحر) تبعاً (للنهاية) وغيرها لأن شرط التقابض يغني عن ذلك، نعم بقي شرط آخر وهو التساوي عند اتحاد الجنس وإلى هذين الشرطين أشار المص بقوله: (فلو تجانسا)، أي: الثمنان كالذهب والفضة مثلها (شرط التماثل) أي: التساوي وزناً (والتقابض) قبل افتراق العاقدين بأبدانهما والتقييد بالعاقدين يعم المالكين والنائبين، وتقييد الفرق بالأبدان يفيد عموم اعتبار المجلس ومن ثم قالوا: إنه لا يبطل بما يدل على الإعراض، ولو سار فرسخاً ولم يتفرق صح وقد اعتبروا المجلس في مسألة هي ما لو قال الأب اشهدوا أني اشتريت هذا الدينار من ابني الصغير بعشرة دراهم ثم قام قبل أن يزن العشرة فهو باطل، كذا عن محمد لأنه لا يمكن اعتبار المتفرق بالأبدان هنا فاعتبر المجلس، كذا في (البدائع). وفي (الذخيرة) وكل وكيلين تصارفا ثم ذهب أحدهما قبل القبض وقبل الآخر بطل حصة الغائب، كالمالكين إذا قبض أحدهما دون الآخر لم يجز، ونبه بقوله شرط التماثل أنه لو زاد أحدهما بعد التفرق أو حط شيئاً من الجنس فسد عند الإمام وقال أبو يوسف: لا يفسد وهما باطلان ووافقه محمد في الزيادة وجوز الحط كالهبة المستقلة، ومبنى الخلاف على أن الشرط الفاسد يلتحق بأصل العقد عنده خلافاً لهما وأجمعوا على أن الزيادة والحط لو كانا من غير الجنس لم يفسد، ويشترط في لزوم الزيادة قبضها قبل الافتراق، كذا في (البدائع)، وفيها لو استق أحد بدلي الصرف بعد الافتراق، فإن أجاز المستحق والبدل قائم أو ضمن العاقد وهو هالك جاز، وإن استرده وهو قائم أو ضمن القابض قيمته وهو هالك بطل، (وإن اختلفا) أي: المجانسان (جودة). قال في (القاموس): جاد يجود جودة صار جيداً (أو صياغة) بكسر حرفة لخبر مسلم وغيره: (الذهب بالفضة والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) وانتصابه بعامل مقدر وهو بيعوا

وإلا شرط التقابض ـــــــــــــــــــــــــــــ الذهب بالفضة بدلالة الباء فإنها تقتضي فعلًا يلتصق بواسطتها بما دخلت فيه، وهاهنا ذكرت في المبادلة فناسب كونه بيعوا ويجوز رفعه أي بيع الذهب. قال في (الفتح): والأولى أن يجعل عامله متعلق المجرور أي يباع الذهب بالفضة وقال الطيبي: الذهب يباع بالذهب مثلًا بمثل وانتصاب مثلًا وسواء على الحال والعامل فيه على النصب هو ما اقتضاه الجار من معنى الفعل وهو بيعوا كما مر، وعلى الرفع هو بيع أي مماثلًا وسواء بسواء ويباع بعد إسقاط الصنعة بالأثمان، لأنه لو باع إناء نحاس بمثله وأحدهما أثقل من الآخر جاز مع أن النحاس وغيره مما يوزن من الأموال الربوبية أيضًا لأن صفة الوزن في النقدين منصوص عليها فلا تتغير بالصنعة، ولا يخرج عن كونه موزونا بتعارف جعله عدديا لو تعورف ذلك بخلاف غيرها فإن الوزن فيه بالعرف فيخرج عن كونه موزونًا بتعارف عدديته إذا صيغ وصنع كذا في (الفتح) حتى لو تعارفوا بيع هذه الأواني بالوزن لا بالعدد لا يجوز بيعها بجنسها إلا متساويًا، كذا في (الذخيرة). وأعلم أنه بشروط العلم بالمماثلة حتى لو تبايعا إناء بإِناء مجازفة ولم يعلما كميتها وكانا في نفس الأمر متساويين لم يجز لأن الشبهة هنا تقوم مقام الحقيقة ولو وزنا في المجلس فظهر متساويين يجوز استحسانًا كان هذا العقد إنشاء لأن ساعته كساعات واحدة، واختلف في التقابض هل هو بشرط البقاء على الصحة أو ابتداء الصحة. والمختار هو الأول وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا ظهر الفساد فيهما هو صرف يفسد فيما ليس صرفًا عند الإمام ولا يفسد على القول الأصح، كذا في (فتح القدير). وإلا أي: وإن لم يتجانسا (شرط التقابض) يعني قبض البدلين باليد لما روينا ولا يكتفى فيه بالتخلية، كما في (فوائد القدوري) قيد بالنقدين لأنه لو باع أحدهما بفلوس شرط قبض أحد البدلين، كما في (الذخيرة). وفي (البزازية) اشترى فلوسًا بدرهم ولم تكن الفلوس حاضرة عند بائعها جاز ثم قال: لو اشترى مائة درهم بفلس يكفي التقابض من أحد الجانبيين فإن قلت: هذا مناف لما في (فتاوى قارئ الهداية) أنه سئل هل يجوز بيع مثقال من الذهب بقنطار من الفلوس نسيئة أم لا؟ أجاب لا يجوز بيع الفلوس إلى أجل بذهب أو فضة لأن علماءنا نصوا على أنه لا يجوز/ إسلام موزون إلا إذا كان الموزون المسلم فيه مبيعًا كزعفران ونحوه وليست من المبيعات بل صارت أثمانًا انتهى. قلت: لا منافاة بينهما لاختلاف الموضوع وذلك لأنه عروض شبهت بالثمن، فبالنظر إلى الأول يكتفى بقبض أحد البدلين، وبالنظر إلى الثاني لا يصح السلم فيها

فلو باع الذهب بالفضة مجازفة صح إن تقابضا في المجلس ولا يجوز التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه فإن باع دينارًا بدراهم واشترى بها ثوبًا فسد بيع الثوب ولو باع أمة مع طوق قيمة كل ألف بألفين .... ـــــــــــــــــــــــــــــ وزنًا فتدبره، وفيها غصب قلبًا من أحد النقدين ثم استهلكه فعليه ثمنه مصوغًا من خلاف جنسه، فإن تفرقا قبل قبض القيمة جاز عندنا خلافًا لزفر لأنه صرف وعندنا هو صرف حكمًا للضمان لا مقصودًا فلا يشترط فيه القبض، ولو اشترى المودع الوديعة بخلاف جنسها وتفرقا قبل أن يحدد المودع قبضًا في الوديعة بطل الصرف، بخلاف المغصوبة لأن قبض الصرف ينوب عن قبض الشراء بخلاف الوديعة (فلو باع الذهب بالفضة مجازفة صح) البيع (إن تقابضا في المجلس) لوجود القبض المستحق عليه دون التماثل قيد باختلاف الجنس لأنه مع اتحاده لا يصح البيع مجازفة إلا أن يعلم التساوي في المجلس وقد مر (ولا يصح التصرف قبل قبضه) هذا يعم البدلين لأن كلًا منهما ثمن فلا يصح التصرف فيه بهبة ولا صدقة ولا بيع حتى لو وهبه البدل أو تصدق أو أبرأه منه وقبل بطل الصرف وإلا لا، (فلو باع دينارًا بعشرة واشترى بها ثوبًا فسد بيع الثوب) والصرف على حاله لأن القبض مستحق بالعقد حقًا لله تعالى في تجويزه فواته وكان ينبغي أن تجوز العقد في الثوب كما قال لأن الدراهم لا تتعين فينصرف فيها العقد إلى مطلقها. ولكنا نقول الثمن في باب الصرف مبيع وبيع المبيع قبل قبضه لا يجوز وليس من ضرورة كونه مبيعًا أن يكون متعينًا كما في المسلم فيه، كذا في (الهداية) ولا يخفى أن زفر إنما قال: يجوز البيع بناء على عدم تعيين بدل الصرف ثمنًا فجاز أن يعطى من غيره ولا شك أن يقول بعدم جواز بيع المبيع قبل القبض فإذا قال بصحة هذا البيع لما قلنا كان بالضرورة قائلًا بأن البيع انعقد موجبًا دفع مثله وتكون تسميته بدل الصرف تقديرًا للثمن، سواء سميته مبيعًا أو ثمنًا لأنه إنما يلزم بيع المبيع قبل قبضه إذا لزم بتسميته بعينه وليس هنا هكذا وعلى هذا فبطلان بيع الثوب مطلقا كما هو المذهب مشكل هذا حاصل ما في (فتح القدير)، وفيه ترجيح لقول زفر ودفعه في (البحر) بما لا يصلح دفعًا حذفنا مخافة الإطالة بلا فائدة نعم قوله إنما يلزم حينئذ حيز المنع إذ المسلم فيه كذلك، وفي (الحواشي السعدية): كون مبيعًا في باب الصرف ثبت ضرورة فلا يعتبر جعله مبيعًا فيما إذا حصل في مقابلة الثوب كما لا يخفى يؤيد ذلك ما سيجيء في بيع الدراهم الغالية الغش بمثلها متفاضلًا حيث شرط القبض في المجلس انتهى، ولا خلاف أن بدل الصرف إذا كان متعينًا كالمصوغ والتبر لا يجوز التصرف فيه (ولو باع أمة مع طوق) في عنقها حاصل هذه المسائل أن

ونقد من الثمن ألفًا فهو ثمن الطوق، وإن اشتراها بألفين ألف نقد وألف نسيئة فالألف ثمن الطوق وإن باع سيفًا حليته خمسون بمائة ونقد خمسين فهو حصتها، وإن لم يبين أو قال من ثمنهما ولو افترقا بلا قبض صح في السيف دونها إن تخلص بلا ضرر وإلا بطلا ـــــــــــــــــــــــــــــ الجمع بين النقود وغيرها في المبيع لا يخرج النقود عن كونها صرفًا بما يقابلها (من الثمن ألفًا) ثم افترقا (فهو) أي: المنقود (ثمن الطوق) فإن لم ينص الدافع عليه تحريًا للجواز بتحكيم ظاهر حالهما، وكذا لو قال: خذه منهما كما سيأتي لأن المستثنى قد يراد به الواحد أيضًا بخلاف ما لو قال من ثمن الجارية لأن هذا الظاهر عارضه الصريح، وظاهر أن المعول عليه عند المقابلة بالجنس إنما هو القدر لا القيمة وحينئذ فلا حاجة إلى بيان الطوق كما لا حاجة إلى بيان قيمة الجارية قدر الطوق مقابل به والباقي بالجارية. قلت: قيمتها أو كثرت ففي عبارته مسامحة ظاهرة نبه عليها الشارح نعم إذا قدر أن الثمن بخلاف جنس الطوق فبيان قيمتها يفيد أن الثمن ينقسم عليها على قدر قيمتها، وكون قيمتها مع مقدار الطوق متساويين ليس بشرط بل إذا بيع نقد مع غيره بنقد في جنسه لابد أن يزيد الثمن على النقد المضموم إليه فلو قال: مع طوق زنته ألفًا بألف ومائة لكان أولى لكن قال في (الفتح): وفي جعل الطوق ألف مثقال إفراط في التصور لأنه عشرة أرطال مضروبة ووضع هذا المقدار في العنق فيه نوع تعذيب (ومن باع سيفًا) جمع على أسياف وسيوف وأسيف وأسماؤه تنيف على الألف، كذا في (القاموس) (حليته خمسون) درهمًا (بمائة) والحلية الزينة من ذهب أو فضة يقال حلية السيف والسرج وغيره (ونقد) من الثمن (خمسين فهو) أي: المنقود (حصتها وإن لم يبين) المشتري أنه حصتها لما قلنا (أو قال) المشتري: خذ الخمسين (من ثمنها) لما مر من المثنى يراد به الواحد (ولو افترقا) أي: المتعاقدان (بلا قبض صح) البيع (في) حصة (السيف) لعدم اشتراط قبض ثمنه (إن تخلص السيف بلا ضرر) لأنه حينئذ يقدر على تسليمه كبيع الجارية مع الطوق (وإلا) وإن لم يتخلص إلا بضرر (بطلا) / أي: بيع الحلية والسيف لتعذر تسليم السيف بلا ضرر كبيع جذع من سقف وبقي ما لو نصفه من ثمن الحلية والآخر من ثمن السيف وجعل الكل من ثمن السيف وفيما يكون عن الحلية لأنهما شيء واحد، كذا في (الشرح)، ونقل عن (المبسوط) ولو قال من السيف خاصة وقال الآخر: نعم أو قال: لا وتفرقا على ذلك انتقض البيع في الحلية قال الشر: وينبغي أن تكون هذه المسألة كالمتقدمة من أنه يصرف إلى الحلية على ما بينا من أنه على ما مر من التفصيل بأن تخلصت الحلية بلا ضرر صح في السيف خاصة وإلا بطل في الكل، وفي (المحيط)

ولو باع إناء فضة وقبض بعض ثمنه وافترقا صح فيما قبض والإناء مشترك بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــ لو قال: خذ هذا من ثمن النصل خاصة ينظر إن لم يمكن التمييز إلا بضرر يكون المنقود ثمن الصرف ويصحان جميعًا لأنه قصد صحة البيع ولا صحة له إلا بصرف المنقود إلى الصرف فحكمنا بجوازه تصحيحًا للبيع، وإن أمكن تمييزها بغير ضرر بطل الصرف لأنه صرح بفساد الصرف وقصد جواز البيع ويجوز البيع بدون جواز الصرف فعلى هذا ما ذكر في (المبسوط) محمول على ما إذا كانت الحلية تتخلص من غير ضرر توفيقًا بينه وبين ما في (المحيط)، قال في (البحر): وفيه نظر لأن ما في (المحيط) إنما هو فيما إذا صرح بالنصل دون السيف ولا شك في عدم انصرافه إلى الحلية لكن بشرط أن يتخلص بلا ضرر وإلا صرف لها، ونقل عن (البدائع) إن ذكر أنه عن السيف يقع على الحلية، وإن ذكر أنه من ثمن النصل فإن أمكن التخليص بلا ضرر يقع عن المذكور ويبطل الصرف بالافتراق وإلا فهو ثمن الصرف ويصحان انتهى. وأقول: في (القاموس) النصل والنصلان حديدة السهم والرمح والسيف ما لم يكن له مقبض جمعها نصل ونصال ونصول، وحاصل الأمر أن الشر سوى بين السيف والنصل في انصرافه إلى الحلية إن لم تتخلص الحلية إلا بضرر، وحمل ما في (المبسوط) من إطلاق الفساد على ما إذا تخلصت بلا ضرر وهذا مما لا محيص عنه وعليه يحمل أيضًا ما في (السراج) خذ هذا المعجل حصة السيف كان على الحلية لأن السيف اسم للحلية أيضًا لأنها تدخل في بيعه تبعًا، ولو قال: هذا من ثمن النصل والجفن خاصة فسد البيع لأنه صرح بذلك فأزال الاحتمال فلم يمكن حمله على الصحة، واعلم أن الجواب في المسألة، أعني مسألة الجارية والسيف مقيد بما إذا كان الثمن أكثر من المطوق والحلية، فإن كان مثله أو أقل أو لا يدرى واختلف المقومون في ذلك لا يجوز البيع للربا حقيقة فيما إذا كانت أقل أو مساوية بسبب زيادة البدل الآخر أو احتماله فيما إذا لم يدر الحال. (ومن باع إناء فضة) بفضة أو ذهب وحذفه لأن الباب معقود للصرف (وقبض بعض ثمنه) في المجلس (وافترقا) من غير قبض الباقي (صح) البيع (فيما قبض) لوجود شرط الصرف فيه وبطل فيما لم يقبض ولا يشيع الفساد في الكل لأنه طارئ بعد صحة العقد بناء على ما هو المختار من أن القبض قبل الافتراق شرط البقاء على الصحة لا شرط التعليق (والإناء مشترك بينهما) أي: المتعاقدين، ولا يثبت للمشتري خيار عيب الشركة لأنها جازت من قبله لعدم النقد قبل الافتراق، ولذا لو هلك أحد العبدين قبل القبض ثبت الخيار له في الباقي لعدم صنعه وقوله في (الفتح): ولا يتخير واحد من المتعاقدين لأن عيب الشركة جاز بفعلهما وهو الافتراق بلا قبض فيه

وإن استحق بعض الإناء أخذ المشتري ما بقي بقسطه أو رده ولو باع قطعة نقرة فاستحق بعضها أخذ ما ما بقي بقسطه بلا خيار وصح بيع درهمين ودينار بدرهم ودينارين وكر بر وشعير بضعفهما ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ نظر إذ البائع لا صنع له ومن ثم اقتصر الشر وغيره على المشتري وهو الظاهر (وإن استحق بعض الإناء أخذ المشتري ما بقي بقسطه) من الثمن أو لأن الشركة في الإناء عيب لم يحدث بصنعه بخلاف ما مر (ولو باع قطعة نقرة) وهي قطعة فضة مذابة، كذا في (الديوان) وعليه فالإضافة من إضافة الجنس إلى النوع قاله العيني وفي (المغرب) النقرة القطعة المذابة من الذهب أو الفضة ويقال: نقرة فضة على الإضافة للبيان (واستحق بعضها أخذ) المشتري (ما بقي بقسطه بلا خيار) لأن التبعيض لا يضرها فلم يلزم عيب الشركة لإمكان أن يقطع حصته مثلًا، وهذا الإطلاق مقيد بما إذا كان الاستحقاق بعد القبض، فإن كان قبله كان له الخيار لتفرق الصفقة عليه (وصح بيع درهمين ودينار بدرهم ودينارين و) صح أيضًا بيع (كر بر وشعير بضعفهما) بأن يبيعهما بكري بر وكري شعير، وقال زفر: لا يجوز لأنه قابل الجملة بالجملة ومن قضيته الانقسام على الشيوع لا على التعيين وفي صرف الجنس إلى خلافه تغيير تصرفه. قلنا: فيه تصحيح والإجماع على أنه متى أمكن تصحيح تصرف العاقد ارتكب وقد أمكن بجعل الدرهمين بالدينارين والدينار بالدرهم ونقض بأنه غير متعين إذ يمكن أن تعتبر مقابلة درهم من الدرهمين بمقابلة الدرهم والدينار من الدينارين بمقابلة الدرهم. وأجيب: بأن التغيير ما أمكن تقليله متعين، وهنا فرض ثلاثة تغييرات على أن المدعى إنما هو صرف الجنس لا خلاف جنس لا بخصوص ذلك الطريق وما ذكر من ذلك ومنه أيضًا أن يصرف نصف الدرهم إلى نصف الدرهم والنصف الآخر بمقابلة الدينار وكل ذلك لا يخرج عن صرف الجنس إلى خلاف الجنس، وأفاد الشر أنه لو قال عند البيع: على أن يكون الجنس مقابلًا بخلاف الجنس صح يعني إجماعًا، وأورد أن تصحيح التصرف ممكن في مسائل حكمتم بالفساد فيها هي ما لو اشترى قلبًا بعشرة وثوبًا بعشرة ثم باعها مرابحة لا يجوز، وإن أمكن صرف الربح إلى الثوب، وكذا لو اشترى عبدًا بألف، ثم باعه قبل نقض الثمن عن البائع مع عبد آخر بألف وخمسمائة لا يجوز في المشتري بألف، وإن أمكن تصحيحه بألف إليه وكذا لو جمع بين عبده وعبد غيره وباعه أحدهما لا يجوز وإن أمكن صرفه إلى عبد غيره. وأجيب عن الأولى بأنا لو صرفنا إلى الثوب لكان تولية في القلب وهي تضاد

وأحد عشر درهمًا بعشرة دراهم ودينار ودرهم صحيح ودرهمين غلة بدرهمين صحيحين ودرهم غلة ودينار بعشرة عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ المرابحة فكان إبطالًا له، والطريق في الثانية غير متعين لأنه يمكن صرف الزيادة على الألف إلى المشتري واعترض بأن الطريق في مسألة (الكتاب) غير متعينة أيضًا في واحد كما قد علمت وأجيب بأنه أقل تغييرًا بخلاف مسألة العبدين فكان أولى، وفي الثالثة: أضيف المبيع إلى المنكر وهو ليس بمحل للبيع والمعين ضده قال الشر: والأصل في هذا الباب أن أحد البدلين تجب قيمته على الآخر وتظهر فائدته في الرد بالعين والرجوع بالثمن عند الاستحقاق ووجوب الشفعة فيما فيه تجب ثم إن كان العقد مما لا ربا فيه، فإن كان لا تتفاوت آحاده فالتسمية على الأجزاء، فإن تفاوت فعلى القيمة، وإن كان (درهمًا بعشرة دراهم) ودينار أردف هذه المسألة وإن علمت مما قبلها لبيان أن صرف الجنس إلى خلاف جنسه لا فرق فيه بين كون البدلين فيهما جنسان من الأموال الربوية وفي أحدهما كما هنا، كذا في (العناية) فتكون العشرة بالعشرة والدرهم بالدينار. فرع اشترى تراب الفضة بفضة لا يجوز لأنه إن لم يظهر في التراب شيء فظاهر وإن ظهر فهو بيع الفضة بالفضة مجازفة، ولهذا لو اشتراه بتراب فضة لا يجوز، ولو اشتراه بتراب ذهب أو بذهب جاز لعدم لزوم العلم بالمماثلة لاختلاف الجنس، كذا في (الفتح) (و) صح أيضًا بيع (درهم صحيح ودرهمين غلة) بفتح المعجمة وتشديد اللام الدراهم المقطعة أي المكسرة تكون في القطعة ربع وثمن وأقل وقيد ما يرده بيت المال ويقبله التجار قال الشارح: ولا تنافي بينهما لاحتمال أن تكون هي القطعة (بدرهمين صحيحين ودرهم غلة) للمساواة في الوزن والجودة والصحة في الأموال الربوية ساقطة وعبارة القدروي ويجوز بيع درهمين صحيحين بدرهمين غلة ودرهم صحيح بدرهم غلة، قال الحدادي: وصوابه كما قال المص انتهى، وأنت قد علمت أن مناط الصحة هو المساواة ولا شك في وجودها فيما قاله القدروي فتدبر في وجه عدم الصواب (و) صح أيضًا بيع (دينار بعشرة عليه) اتفاقًا والتقيا قصاصًا لأنه جعل ثمنه دراهم لا يجب قبضها ولا تعيينها بالقبض وذلك جائز إجماعًا لأن التعيين للاحتراز عن الربا ولا ربا في دين سقط، ولا فرق في الدين بين أن يكون عليه أو لحقه قبل الافتراق وقيل: لا يجوز التقاص بدين حادث، والأول أصح. وفي (الحواشي السعدية): فإن اختلج مالك في صحة المقاصة ..... لا

أو بعشرة مطلقة ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة وغالب الفضة والذهب فضة، وذهب حتى لا يصح بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويًا وزنًا وغالب الغش ليس في حكم الدرهم والدنانير فصح بيعها بجنسها متفاضلًا ـــــــــــــــــــــــــــــ يتعين الدين، ولهذا لو تصادقا أن لا دين يبطل العقد فكان الإطلاق والتقييد سواء فليتأمل وفيه نظر يعرف مما سيأتي (أو) باعه (بعشرة مطلقة) أي: غير مقيدة بالدين الذي عليه (ودفع) البائع (الدينار) للمشتري (وتقاصا العشرة بالعشرة) قيد بذلك لأنهما لو لم يتقاصا لم تقع المقاصة بينهما إجماعًا، كذا في (العناية) وبه عرف أن هذا قيد في الثانية ثم الجواز مع التقاص استحسان أنه لا يجوز وهو قول زفر لكونه استبدالًا ببدل الصرف قبل قبضه وجه الاستحسان أنه بالتقاص انفسخ العقد الأول وانعقد صرف آخر مضاف إلى الدين، لأنهما لما أن غيرا موجب العقد فقد فسخاه أي آخر اقتضاء كما لو جدد البيع بأكثر من الثمن الأول كذا قالوا: وقرر في (فتح القدير) أنه لا حاجة إلى اعتبار فسخ الأول لأن موجب العقد عشرة مطلقة تصير متعينة بالقبض وبالإضافة بعد العقد إلى العشرة الدين صارت كذلك غير أنه بقبض سابق ولا يبالى به بحصول المقصود من التعيين بالقبض بالمساواة، بخلاف ما لو وجد البيع من الثمن الأول فإن الفسخ لازم لأن أحدهما لم يصدق على الآخر بخلاف العشرة المطلقة مع هذه العشرة للصدق لأن الإطلاق ليس قيدًا للعقد بها وإلا لم يكن قضاؤها أصلًا إذ لا وجود للمطلق بقيد الإطلاق انتهى. وبهذا يستغنى عما أورد لو ثبت الفسخ بالمقاصة لوجب قبض الدينار على البائع بحكم الإقالة لأن لإقالة الصرف حكم الصرف، وأجيب بأن الإقالة ضمنية فجاز أن لا يثبت لها حكم البيع إلا أنه يلزم عليه موافقة زفر لهم أن المانع إنما هو بناء المسالة على الاقتصار وهو لا يقول به وعلى ما ادعاه لاقتضاء أصلًا فتدبره. (وغالب الفضة) أي: والفضة الغالية (و) غالب (الذهب فضة وذهب) / لأن النقود لا تخلو عن قليل غش للانطباع وقد يكون خلقيًا فيكون كالمستهلك (حتى لا يجوز بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويًا) وكذا لا يصح الاستقراض بها إلا (وزنًا) أي: يعتبر فيها من تحريم التفاضل ما يعتبر في الخالص منها (وغالب الغش) أي: المغشوش منهما (ليس في حكم الدراهم والدنانير فيجوز بيعها بجنسها متفاضلًا) وزنًا وعددًا صرفًا للجنس إلى خلاف جنسه ضرورة صحة العقد والثابت بالضرورة لا يتعدى فبقي العقد فيما وراء ذلك صرفًا ولذا شرط التقابض في المجلس، أما بالنسبة إلى الذهب والفضة فظاهر، وأما بالنسبة إلى الصغر فلعدم التمييز إلا بضرر والمراد بقاؤه على الصحة لما عرف إذ القبض له لا لصحة العقد، ومشايخ ما رواء النهر لم

ولا يتعين بالتعيين لكونه أثمانًا ويتعين بالتعيين إن كانت لا تروج والمتساوي كغالب الفضة في التبايع والاستقراض وفي الصرف كغالب الغش ـــــــــــــــــــــــــــــ يفتوا بجواز ذلك يعني التفاضل في العدالية والعطارقة لأنها أغر الأموال في ديارهم، فلو أبيح لا تفتح باب الربا والغطريفية نسبة إلى غطريف الكندي أمير خراسان أيام الرشيد قيل: هو خالد قيد بالجنس لأنه لو باعها بفضة خالصة، فإن كانت الخالصة التي في المغشوشة مثله أو أقل أو لا يدري فسد البيع، وإن كانت أكثر صح على ما مر في حلية السيف، وصح أيضًا التتابع أي البيع والشراء والاستقراض بما يروج من غالب الغش من النقدين عددًا نصب على التمييز أو وزنًا أو بهما لأن المعتبر فيما لا نص فيه العرف ولا شك أنها بغلبة الغش فصارت كالفلوس وفيها تعتبر العادة في المعاملة. (ولا تتعين) المرابحة (بالتعيين لكونها أثمانًا) بالاصطلاح فما دام موجودًا لا تبطل الثمنية لقيام المقتضى فلو هلكت قبل القبض لا يبطل العقد (وتتعين بالتعيين إن كانت لا تروج) لأنها سلعة في الأصل وإنما صارت ثمنًا بالاصطلاح فما دام موجودًا لا تبطل الثمنية لقيام المقتضى، لو هلكت قبل القبض لا يبطل العقد وتتعين بالتعيين إن كانت لا تروج لأنها سلعة في الأصل وإنما صارت ثمنًا بالاصطلاح، فإذا تركوا المعاملة بها رجعت إلى الأصل حتى لو هلكت قبل القبض بطل العقد هذا إذا كان يعلمان بحالها ويعلم كل المتعاقدين أن الآخر يعلم، فإن كانا لا يعلمان أو لا يعلم أحدهما أو يعلمان ولا يعلم كل أن الآخر يعلم فإن البيع يتعلق بالدراهم المرابحة في ذلك لا بالمشار إليه من هذه الدراهم التي لا تروج وإن كانت يقبلها البعض ويردها البعض فيه في حكم الزيوف النبهرجة فيتعلق العقد بجنسها كما هو في المرابحة لكن يشترط أن يعلم البائع خاصة ذلك من أمرها لأنه رضي بذلك أدرج نفس في البعض الذي يقبلها وإن كان البائع لا يعلم تعلق العقد إلى الأروج فإن استوت في الرواج جرى التفصيل الذي أسلفناه في كتاب البيع، كذا في (الفتح). (والمتساوي) فضة وغشًا وذهبًا كذلك (كغالب الفضة) والذهب (في التبايع والاستقراض) حتى لا يجوز البيع بهما ولا إقراضهما إلا وزنًا لأن الفضة موجودة فيها حقيقة وهي غير مغلوبة فوجب اعتبارها بالوزن شرعًا إلا إذا أشار إليها في المبالغة فيكون بيانًا لقدرها ووصفها كما لو أشار إلى الجياد ولا ينتقض البيع بهلاكها قبل التسليم لأنها ثمن فلا يتعين ويعطى مثلها (وفي الصرف كغالب الغش) حتى لو باعها بجنسها جاز على وجه الاعتبار، ولو باعها بالخالصة لا يجوز حتى يكون الخالص أكثر مما فيه، وفي (الخانية) لو كان نصفها فضة ونصفها صفراء لا يجوز فيه

ولو اشترى به أو بفلوس نافقة شيئًا وكسد بطل البيع ـــــــــــــــــــــــــــــ التفاضل قال الشر: وظاهر أنه أراد به فيما إذا بيعت بجنسها وهو يخالف ما ذكر هنا ووجهه أن فضتها لما لم تكن مغلوبة جعلت كأن كلها فضة في حق الصرف احتياطًا (ولو اشترى) بها أي: بالتي غلب غشها وفي نسخة (به) أي بغالب الغش (أو بفلوس نافقة) أي: رابحة يقال نفقت نفقًا من باب تعب نفدت ويتعدى بالهمز فيقال: أنفقتها كذا في (المصباح)، وكذا إذا باع بها (شيئًا وكسد) كل واحد منهما قبل القبض أو انقطعا عن أيدي الناس يقال: كسد الشيء يكسد من باب قتل لم ينفق لقلة الرغبات وأصل الكساد الفساد (بطل البيع) عند الإمام وعلى المشتري رد المبيع إن كان قائمًا وإلا فمثله أو قيمته. وقالا: لا يبطل لأن العقد إلا أنه تعذر التسليم للكساد وهو لا يوجب الفساد كما لو اشترى بالرطب فانقطع وإذا بقي العقد كان عليه قيمتها يوم البيع عند أبي يوسف، وعند محمد آخر ما تعامل الناس بها قبل الفتوى على قول أبي يوسف وقيل على قول محمد رفقًا بالناس وله أن الثمن قد هلك بالكساد فبقي بيعًا بلا ثمن، والغالب أن الرواج لا يقود بخلاف الرطب فإنه لو انقطع يعود في العاد القابل غير أنه يخير بين الفسخ والصبر إلى أن يحصل لا يقال فلتصر مبيعة/ إذا انتفت ثمنيتها لأنا نقول تصير مبيعة في الذمة، والبيع في ذمة لا يجوز إلا في السلم واعترض عليه بأن ثمنيتها يوجب أن يكون بيع مقايضة فلا يستلزم كونه دينًا ولا يبطل بعدم القبض قبل الافتراق، قال في (الفتح): وهذا المعترض لم ينتبه لصورة المسألة وهي أنه باعه بدراهم كذا وكذا غلب غشها وليس فيها أنه أحضر الدراهم وأشار إليها بعينها بل باع بها على نمط ما يباع بالأثمان إذ الغرض أن البيع وقع بها في حال رواجها أثمانًا وشرط في العيون أن يكون الكساد في سائر البلدان، فلو راجت في بعضها لا يبطل البيع لأنها لم تهلك وإنما تعيبت قالوا: هذا على قول محمد، وأما على قولهما فينبغي أن يكتفي بالكساد في تلك البلدة التي وقع فيها البيع بناء على اختلافهم في بيع الفلوس بالفلسين عندهما يجوز اعتبارًا لاصطلاح البعض، وعند محمد لا يجوز باعتبار الاصطلاح الكل فالكساد يجب أن يكون على هذا القياس أيضًا، كذا في (العناية) و (فتح القدير) وغيرهما واعترضهم في (الحواشي السعدية) بأن محمدًا لا يقول بأن الكساد يوجب الفساد فكيف يستقيم ذلك على قوله فليتأمل. أقول: وكذا أبو يوسف لا يقول به أيضًا كما قد علمت فكيف يكتفى للفساد في تلك البلدة على قوله ثم رأيت بعد التأمل أن مما يجب المصير إليه في الجواب أن ما في (العيون) مبني على ما جرى عليه في (المبسوط) و (الأسرار) و (شرح

وصح البيع بالفلوس النافقة وإن لم يعين وبالكاسدة لا حتى يعينها ولو كسدت أفلس القرض يجب رد مثلها ـــــــــــــــــــــــــــــ الطحاوي) من أن الفساد بالكساد في الفلوس قول لكل وأن الخلاف الأول مقصور على الدراهم المغشوشة وسوى القدوري بين الكل وهو الوجه إذ لا فرق يظهر ولم أر من أفصح عن هذا والله الموفق. وأعلم أنها لو راجت قبل فسخ البائع البيع عاد البيع جائزًا لعدم انفساخ العقد بلا فسخ كذا في (البزازية) وعلى هذا فقول المص بطل البيع أي يثبت للبائع ولاية فسخه والله الموفق، قيد بالكساد لأنها لو نقضت قيمتها قبل القبض فالبيع على حاله بالإجماع ولا يتخير البائع، وكذا لو غلب وازدادت ولا يتخير المشتري ويطالب بالقدر بذلك العيار الذي كان وقت البيع وفي (الخلاصة) و (البزازية) عن (المنتقى) غلت الفلوس أو رخصت، فعند الإمام الأول والثاني أولًا ليس عليه غيرها وقال الثاني ثانيا: عليه قيمتها يوم البيع والقبض وعليه الفتوى انتهى. أي يوم البيع في البيع ويوم القبض في القبض والمذكور في (الخانية) تبعًا للإسبيجابي لزوم المثل فقط، قال في (البزازية): والإجارة كالبيع والدين وفي النكاح يلزمه قيمة ذلك الدرهم وإن كان فقد بعض الثمن دون بعض فسد في الباقي قيدنا بعدم قبض البائع لأنه لو قبضها ولو فضوليًا فيه فكسدت لا يفسد البيع ولا شيء له. (وصح البيع بالفلوس النافقة) لأنها نوع من أنواع الأموال كالدراهم حتى لو هلك قبل القبض لا ينفسخ العقد، ولو استبدل بها جاز (وإن لم يعين) لأنها أثمان والثمن النقد تعينه بل ولو عين لا يتعين إلا إذا قال: أردنا تعليق الحكم فيتعلق العقد بعينها كذا في البحر لا يجب سده (لا) أي: لا يصح البيع (حتى يعين) لأنها مبيعة في هذه الحالة لابد أن يتعين (ولو كسدت أفلس القرض يجب) على المستقرض (رد مثلها) عددًا عند الإمام باتفاق الروايات وأما إذا استقرض دراهم غالبة الغش فقال أبو يوسف: في قياس قول أبي حنيفة عليه مثلها ولست أرى ذلك عنه وقال الثاني: عليه قيمتها من الذهب يوم القرض في الفلوس والدراهم وقال محمد: في آخر وقت نفاقها لأنه لما تعذر ردها كما قبض ببطلان وصف الثمنية وجب رد قيمتها وأصل الاختلاف في وقت الضمان فيمن غصب مثليًا فانقطع وله أنه إعارة وموجبة رد الجنس معنى والثمنية فضل فيه إذ القرض لا يختص به وتأخير صاحب (الهداية) دليلها ظاهر في اختيار قولهما قالوا: وهو أنظر للمقرض وقول أبي يوسف أيسر وقول أنظر للجانبين قال في (البزازية) وغيرها وعليه الفتوى، ثم قال: وكذا الخلاف إذا أقرضه طعامًا بالعراق وأخذه بمكة فعند أبي يوسف عليه قيمته يوم قبضه، وعند

ولو اشترى شيئًا بنصف درهم فلوس صح ومن أعطى صيرفيًا درهمًا فقال: أعطني به نصف درهم فلوسًا ونصفا إلا حبة صح. ـــــــــــــــــــــــــــــ محمد يوم الخصومة، وكذا الخلاف في الفلوس المغصوبة بعد كسادها إذا كسدت حال قيام العين وكذا العد إلى ثم قال: لو اشترى بالنقد الرابح وتقايضا ثم تقايلا بعد الكساد رد البائع المثل لا القيمة عند الإمام (ومن اشترى شيئًا) من الفاكهة أو غيرها (بنصف درهم فلوس) بأن البائع سلعة اشتريتها منك بذلك (صح) الشراء ولزمه دفع ما يباع من الفلوس بنصف درهم فضة، وكذا إذا قال: بدانق من الفلوس وهو سدس درهم أو بقيراط وهو نصف السدس وقال/ زفر: لا يصح لأنه اشترى بالفلوس وهي معدودة ونصف درهم ودانق وقيراط منه موزونة فذكرها لا يغني عن بيان العد فبقي الثمن مجهولًا. قلنا: بل هو معلوم فأغنى ذكر العدد وإذا صار كناية عما يباع بنصف وربع درهم لم يلزم جهالة الثمن والتقييد بالنصف اتفاقي لأنه بدرهم أو درهمين كان الحكم كذلك قيل: هذا قول أبي يوسف وهو الأصح، وعند محمد لا يجوز إلا فيما دون الدرهم ولم يذكر في (المبسوط) خلاف محمد والمذكور في غيره خلاف ظاهر الرواية عنه لأنه إذا كان المدار إنما هو على العلم بما يباع بالدرهم من الفلوس مع وجوب الحمل عليه تصحيحًا للعقد فلا فرق بين دون الدرهم والدراهم فضلًا عن الدراهم (ولو أعطى صيرافيًا درهمًا) أي: كبيرًا فضة (وقال: أعطني به نصف درهم فلوسًا) بالنصف صفة لنصف وجعله في (العناية) بدلًا منه ويجوز الجر على أن يكون صفة لدرهم (ونصفًا إلا حبة) أي: درهمًا صغيرًا وزنه نصف درهم كبيرًا إلا حبة (صح) هذا العقد لأنه لما لم يتكرر لفظ نصف بل قابل الدرهم بما يباع من الفلوس بنصف درهم وبنصف درهم إلا حبة كان نصف درهم إلا حبة بمثله من الفضة والباقي بإزاء الفلوس حتى لو كرره، والمسألة بحالها بطل في الكل على قياس قول الإمام لأن الفساد قوي مقارن للعقد فيشيع وعندهما صح في الفلوس وبطل فيما يقابل الفضة، ولو كرر لفظ الإعطاء كان جوابه كجوابهما في أن الفساد يحض النصف الآخر لأنهم بيعان لتعدد الصفقة وهذا هو المختار خلافًا لما حكى عن بعض المشايخ من أنه لا يجوز وإن كرر والله الموفق للصواب.

كتاب الكفالة

كتاب الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة وتصح بالنفس ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الكفالة عقب البيع بها لأنها تكون فيه غالبًا، ولما كانت بالأمر معاوضة عند الرجوع عما ثبت في الذمة من الأثمان ذكرها بعد الصرف (وهي) لغة: الضم سواء كان متعلقة عينًا أو معنى، قال في (المغرب): وتركيبه يدل على الضم والتضمين، وفي (المصباح) كفلت بالمال وبالنفس كفلًا من باب قتل وكفر لا أيضًا والاسم الكفالة، وحكى أبو زيد سماعًا من العرب من بابي تعب وقرب، وحكى ابن القطاع كفلته وكفلت به وعنه إذا تحملت به ويتعدى إلى المفعول ثان بالتضعيف والهمزة فيحذف الحرف فيهما، وعرفا: ما أفاده بقوله على ضم ذمة إلى (ضم ذمة) الكفيل (إلى ذمة) أي: إلى ذمة الأصيل، والذمة وصف شرعي به الأهلية لوجوب ماله وعليه، وفسرها فخر الإسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد والمراد بها العهد فقولهم في ذمته أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل، كذا في (التحرير) (في المطالبة) لم يقل بالدين لأنها كما تكون بالدين تكون بالنفس وبالأعيان المضمونة وهو ما يجب تسليمه بعينه فإن هلك ضمن مثله وإلا فقيمته كالمغصوب والمبيع فاسد أو المقبوض على سوم الشراء كما سيأتي إذ المطالبة لا فرق فيها بين أن يكون المطلوب من أحدهما هو المطلوب من الآخر أو لا، وجعل مسكين المطلوب منهما واحدًا وهو تسليم النفس إذ المطلوب عليه تسليم نفسه والكيل قد التزمه، كما في (البحر). وأقول: لم أر في مسكين ما يدل على ما ادعى وقبل في الدين فيثبت بها دين آخر في ذمة الكفيل ويكتفي باستيفاء أحدهما ولم يرجح في (المبسوط) أحد القولين لكن في (الهداية) وغيرها الأول أصح ووجهه كما في (العناية) أنهما كما تصح بالمال (تصح بالنفس) ولا دين، وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة ويلزم أن يصير الدين الواحد دينين وحاصله أن الأول أعم وهذا أخص وفيه نظر، إذ من عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال، وأما الكفالة بالنفس وبالأعيان فهي المطالبة اتفاقًا وهما ماهيتان لا يمكن جمعهما في تعريف واحد، وأفرد تعريف الكفالة بالمال لأنه محل الخلاف وبه استغنى عما في نكاح (الدرر) من تعريفها بضم ذمة إلى ذمة في مطالبة النفس أو المال أو التسليم مدعيًا أن قولهم والأول أصح لا صحة له، وعن هذا أجاب في (الفتح) بأنه ثم ما ادعاه في (النهاية) من اللزوم نلتزمه إذ لا مانع منه شرعًا بعد أن الاستيفاء ليس إلا من أحدهما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ كالغاصب وغاصب الغاصب فضلًا عن أنه أصح لأنهم قسموها إلى كفالة في المال، والنفس ثم إن تقسيمهم يشعر بإحضارها مع أنهم ذكروا في أثناء المسائل ما يدل على وجود قسم ثالث وهو الكفالة بالتسليم انتهى. وأنت قد علمت ما هو الواقع لا يجب الحكم بكل ممكن إلا بموجب ولا موجب لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو يستلزم ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل، وفي الهبة والشراء إنما جعلتا في حكم دينين تصحيحًا لتصرف صاحب الحق وذلك عند وقوعه بالفعل ضرورة ولا ضرورة قبله ثم قال: ولا يخفى أما نقل عن الإمام أن الدين فعل يقتضي أن/ يكون في ذمة الكفيل أيضًا كما هو في ذمة الأصيل إذا فعل الأداء واجب عليه انتهى. وأجاب في (البحر): إنها إنما وجب عليه لإسقاط المطالبة عنه وأبو حنيفة إنما جعله فعلًا لسقوطه عن الميت إذ لا يتأتى الفعل منه فلم تصح الكفالة عن ميت مفلس، وليس مراده أن حقيقة الفعل لأنه وصف قائم بالذمة وإنما مراده أن المقصود منه الفعل، ثم قال: أثر الخلاف يظهر فيما إذا أحلف الكفيل أن لا دين عليه فعلى الأصح لا يحنث، وعلى الضعيف يحنث ونقل عن (الخانية) ادعى عليه أنه ضمن له عن فلان الغائب كذا كذا درهمًا قال الشيخ الإمام يحلفه بالله ما له عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي، وعن أبي يوسف هذا إذا عرض المدعى عليه للقاضي بأن قال: إن الرجل قد يضمن مالًا ثم يؤدي أو يبرئه الطالب أو يؤديه المضمون عنه فيبر الضامن وإن لم يعرض يحلفه ما ضمن، وينبغي أن يكون ما عن الشيخ مفرعًا عل الضعيف وما عن الثاني على الأصح انتهى. أقول: هذا وهم منشؤه توهم أن قوله ما له عليك هذا المال يفيد ما ادعاه وليس كذلك إذ معناه ما له عليك المطالبة وكيف يصح على ما ادعاه أن يكون ما عن الثاني مفرعًا على الأصح وهو يوافقه فيما إذا عرض المدعي فتارة يفرع على الأول وتارة على الثاني ما هذا التواني وركنها الإيجاب والقبول بالألفاظ الآتية عندهما ولم يجعل أبو يوسف في قوله الأخير القبول ركنًا بل قال: بأنها تتم بالكفيل وحده موقوفة على إجازة الطالب، وقيل نافذة وللطالب حق الرد وهو الأصح كما في (المحيط) أي: من تولية وأثر الخلاف يظهر فيما إذا مات المكفول له قبل القبول من قال تتوقف قال لا يؤاخذ الكفيل، وفي (السراج) قال فضولي: ضمنت مال فلان على فلان من الدين فبلغهما فأجازا لا يجوز عندهما، وعند أبي يوسف يجوز ولو قبل عن الغائب أحد تقف في قولهم جميعًا، وكذلك هذا الاختلاف فيما إذا كفل صبي لا يتوقف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفالة إلى قبول وليه عندهما خلافًا لأبي يوسف، وشرطها في الكفيل كونه من أهل الشرع فلا ينفذ من مجنون ولا صبي إلا إذا استدان الولي نفقة لليتيم وأمره إذ يضمن المال عنه فإنه يصح، ولو أمره بكفالة نفسه عنه لم يصح لأن ضمان الدين قد لزمه من غير شرط فالشرط لا يزيده إلا تأكيدًا فلم يكن متبرعًا، كذا في (البحر) معزيًا إلى (البدائع)، ثم رأيته في (المحيط) عزى المسألة إلى (المبسوط) ولفظه في كفالة الصبي وإن استدان له أبوه أو وصيه وأمر أن يكفل عنه الدين أو يكفله بنفسه جازت الكفالة بالدين دون النفس لأن الأب أو الوصي متى استدان على الصبي للنفقة كان لهما الرجوع بذلك في مال الصبي فكان أداء الدين على الصبي إلا أن الوصي ينوب عنه في الأداء فإذا أمر بالضمان فقد أذن له في الأداء وهو تمليك الأداء بإذنه فيجب عليه الأداء فلم يكن هذا الضمان تبرعًا انتهى. وهو صريح في أن الصبي يطالب بهذا المال بموجب الكفالة ولولاها لكان الطلب إنما هو على الولي وبهذا التقرير بطل قول عصري هذا الاستثناء مستدرك بل لا تصح كفالة الصبي مطلقًا فتدبره ولا من مريض إلا من الثلث ولم ينفد من عبد ولو مأذونًا في التجارة، ولو أخذ بها بعد العتق إلا إذا أذن المولى ولا من مكاتب بإذن المولى ويطالب به أيضًا بعد العتق وقالوا: إنها تصح من المكاتب والمأذون عن المولى وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كانت بأمره ثم رأيته كذلك في (عقد الفرائد) معزيًا إلى (المبسوط) حيث قال: وكفالة العبد التاجر عن سيده بمال أو بنفسه بغير إذنه باطل، وفيه كفل عن المولى بإذنه ولا دين عليه جاز لأن الحق في ماليته له كما لو رهنه، ولو أدى عنه بعد العتق لا رجوع له وفي المكفول به أن يكون دينًا صحيحًا فلا كفالة ببدل الكتابة، وينبغي أن يكون من ذلك الكفالة نفقة الزوجة قبل القضاء بها أو المضي لما قدمناه من إنها لا تصير دينًا إلا بهما وبدل الكتابة دين إلا أنه ضعيف ولا تصح الكفالة به فما ليس دينًا أولى، وقد أفتيت به وأن يكون مقدور التسليم فلا يجوز بالحدود القصاص. وفي (الأصل) أن يكون قادرًا على تسليم المكفول به فلم يصح عن ميت مفلس وأن يكون المكفول عنه معلومًا، فلا تصح لو كفل عن واحد وفي المكفول له كونه معلومًا أيضًا موجودًا في مجلس العقد كما مر وألفاظها ستأتي وسبب وجودها تضيق الطالب على المطلوب مع قصد الخارج رفعه عنه، وسبب شرعيتها دفع هذه الحاجة ودليلها الإجماع وسنده قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الزعيم غارم) رواه أبو داود والترمذي

وإن تعددت بكفلت بنفسه وبما عبر عن البدن ـــــــــــــــــــــــــــــ وقال: حديث حسن ومحاسنها جليلة هي تفريج كرب الطالب في المطلوب الخائف على نفسه حيث كفيا مؤنة ما أهمهما ومع ذلك فالامتناع عنها أقرب إلى الاحتياط لأنه مكتوب في التوراة الزعامة/ أولها ملامة وأوسطها ندامة، وآخرها غرامة، كذا في (المجتبى) وتصح الكفالة بالنفس (وإن تعددت) بان أخذ منه كفيلًا ثم كفيلًا أو كان للكفيل كفيل، ويجوز عود الضمير إلى النفس بأن يكفل واحد نفوسًا والأول هو الظاهر أنه ينقاد إليه، وأما بغيره فلا يمكنه إحضاره بالاستعانة بأعوان الحاكم، كذا في (الفتح). تتمة: طلب المدعي كفيلًا بنفس المدعى عليه بعد الدعوى إلى أن يثبتها وقال: بينتي في المصر أجبر المدعى عليه على التكفيل، وإن لم يقل في المصر اختلف المشايخ وسيأتي في الدعوى وفي الدين المؤجل إذا قرب الحلول وأراد المديون المسافرة قبل حلول الأجل وعلم أنه يحل وهو غائب لا يجبر على الإعطاء الكفيل في الظاهر ولكن يقال لرب الدين: إن أردت فأخرج معه فإذا حل الأجل طالبه بدينك وله منعة من السفر إلى أن يوفيه قال في (الظهيرية): وكذلك لو قالت المرأة للقاضي: إن زوجي يريد أن يغيب فخذ بالنفقة كفيلًا لا يجيبها إلى ذلك لأنها لم تجب بعد، واستحسن الإمام الثاني أخذ الكفيل رفقًا بها وعليه الفتوى ويجعل كأنه كفل بما ذاب لها عليه، وفي (المحيط) لو أفتى بقول الإمام في سائر الديون كان حسنًا رفقًا به لناس قال في (عقد الفرائد): وهذا ترجيح من صاحب (المحيط) واعلم أن ظاهر ما في (الظهيرية) يفيد أن يكون كفيلًا بنفقتها عند الثاني ما دام غائبًا ويجعل كأنه كفل بما ذاب أي وجب لها عليه ووقع في كثير من العبارات أن الإمام الثاني استحسن أخذ الكفيل بنفقة شهر وقد قالوا: كما في (المجمع) لو كفل لها بنفقة كل شهر لزمته ما دام النكاح بينهما عند أبي يوسف وقالا: يلزمه نفقة شهر (بكفلت نفسه) لأنه حقيقة في معناها. (و) تصح أيضًا (بما عبر) به من أعضائه (عن) جملة (البدن) كرأسه ووجهه ورقبته وعنقه وبدنه وروحه وذكروا في الطلاق الفرج ولم يذكروه هنا قالوا: وينبغي صحة الكفالة إذا كان امرأة، كذا في (التتارخانية) وأما القلب فقال بعضهم: إنه وإن ورد إطلاقه على الكل إلا أن استعماله في هذا المعنى لغة وعرفًا نادر، ولم يذكر محمد العين قال البلخي: لا يصح كذا في الطلاق إلا أن ينوي به البدن قال في (الفتح): الذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما عبر به عن الكل يقال: عين القوم وهو عين الناس ولعله لم يكن معروفًا في زمانهم أما في زماننا فلا

وبجزء شائع وبضمنته وبعلي وإلي وأنا زعيم به وقبيل به ـــــــــــــــــــــــــــــ شك في ذلك، وأما الدم فذكر الشر في الطلاق أنهم صححوا صحة التكفيل به وخرج ما لو كفل بيده أو رجله، وقد مر في الطلاق أنهم لم تعارفوا إطلاق اليد على الجملة وقع الطلاق فكذا في الكفالة (و) تصح أيضًا (بجزء شائع) منه بثلثه وبجزء منه لأن النفس الواحدة في حق الكفالة لا تتجزأ فذكر بعضها شائعًا كذكر كلها، ولو أضاف الكفيل الجزاء إلى نفسه ككفلت لك نصفي أو ثلثي فإنه لا يجوز، كذا في (السراج) لكن لو قيل: إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله لم يفترق الحال (وبضمنته) أي: تصح أيضًا بهذا اللفظ لأنه تصريح بمقتضى الكفالة لأنه يصير ضامنًا للتسليم والعقد ينعقد بالتصريح بموجبه كالبيع ينعقد بالتمليك، وفي (الخانية) لو قال: أنا ضامن حتى تجتمعا أو تلتقيا لا يكون كفيلًا لأنه لم يبين المضمون أهو نفس أو مال وفي (التتارخانية) لو قال: علي حق فهو كفيل إلى الغاية التي ذكرها وعلى هذا لو قال: حتى لو تلتقيا. (و) تصح أيضًا (بقوله علي وإلي) لأن الأول صيغة التزام ومن هنا أفتى قارئ (الهداية) بأنه لو قال: التزمت بما على فلان كان كفالة والثاني بمعناه هنا ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من ترك مالًا فلورثته ومن ترك كلًا أو عيالًا فإلي) قيل: ويجوز أن يكون عطف تفسير فيكون المراد به العيال ورد بأن المستعمل في التفسير الواو لا أو، وأيضًا الأصل في العطف التغاير (وأنا زعيم به) لأنه يسمى زعيما كما مر فقال تعالى: (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) [يوسف: 72] أي: كفيل، ورده الرازي في (شرح الطحاوي) بأنه ليس هناك كفالة بل القائل مستأجر لمن جاء به وهو الذي يلزمه ضمانا لأجرة التي عقد عليها لمن جاء به، وجوابه يحمل على أنه كان رسولًا من جهة الملك وكأنه يقول: إن الملك قال لمن جاء حمل بعير ثم يقول من جهته وأنا بذلك الحمل كفيل انتهى. وفي كونه مستأجرًا نظر إذ المستأجر مجهول فأنى تصح الإجارة وأيضًا فيه عدول عن الظاهر بما لا داعي إليه إذ على ما ادعى يكون قوله وأنا به زعيم تصريح بما علم من قوله لمن جاء به حمل بعير. وقال الفخر الرازي: هذه كفالة لرد مال السرقة وهو كفالة لما لم يجب لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئًا على رد السرقة ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم (وقبيل به) أي: كفيل يقال: قبل قبالة بفتحها في الماضي وفسرها في المضارع ويسمى الصك قابلة لأنه يحفظ الحق فمعناه القابل للضمان وبقي منه

لا بأنا ضامن لمعرفته، فإن شرط تسليمه في وقت بعينه أحضره فيه إن طلبه فإن أحضره وإلا حبسه الحاكم ـــــــــــــــــــــــــــــ الألفاظ/ حميل بفتح الحاء المهملة بمعنى كفيل به يقال: حمل به حمالة بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع قيل: الكفيل لغة أهل العراق، والزعيم لغة أهل المدينة، والحميل لغة أهل مصر ولك عندي هذا الرجل أوافيك به على أن ألقاك به أو أودعه إلي (لا) يصير كفيلًا (بأنا) أي: بقوله أنا (ضامن لمعرفته) عندهما وقال أبو يوسف: يصير ضامنًا للعرف وجه قولهما أنه إنما التزم معرفته دون المطالبة فيصير كالتزامه الدلالة عليه أو اتفاق عليه والظاهر ما قالا، وفي (الذخيرة) و (الواقعات) و (الخلاصة) وبه يفتى أي بظاهر الرواية، وفي (البزازية) سأل ابن الإمام محمد بن الحسن عن قوله أنا ضامن لمعرفة فلان فقال على قول الإمام وأبيك كفيلًا وعلى قول الإمام الثاني يكون كفيلا للعرف، لكن المشهور عن الإمام الثاني أنه لا يكون كفيلًا به يفتى في العربي انتهى. ولو ضمن تعريفه اختلف المشايخ قال في (الفتح): والوجه اللزوم لأنه مصدر متعد إلى اثنين فقد التزم أن يعرفه للغريم بخلاف معرفته فإنه لا يقتضي إلا معرفة الكفيل للمطلوب انتهى. وعن هذا قال في (السراج) لو قال: أنا أعرفه لا يكون كفيلًا، وفي (الخانية) لو قال: معرفة فلان علي قالوا: يلزمه أن يدله عليه انتهى. وقياسه أنه لا يلزمه ذلك في مسألة الكتاب وما مر من أنه صار كالتزامه الدلالة عليه يؤيده ولا يلزم من لزوم دلالته عليه أن يكون كفيلًا بنفسه ليترتب عليه أحكامها (وإن شرط تسليمه في وقت أحضره) أي: لزمه إحضاره (فيه) أي: في ذلك الوقت أو بعده (إن طلبه) لأن التزامه بالشرط في الكفالة فيجب عليه الوفاء به، وفي (التتارخانية) كفل بنفس رجل ويسلمه ثم إن الطالب لزم المطلوب فقال له الكفيل: دعه وأنا علي كفالتي أو علي مثل كفالتي لا شك أنه كفالة مؤقتة (فإن أحضره) أي: المكفول عنه (وإلا حبسه الحاكم) لامتناعه من إيفاء حق مستحق عليه لكن لا يحبسه أول مرة بل حتى يظهر مطله، قال الشر: وينبغي أن يفصل كما فصل في الحبس بالدين إن ثبت الحق بإقراره ولا يعجل بحبسه لعدم ظهوره مطله وإن بالبينة حبسه كما وجب لظهور مطله فكذا هذا وهو بحث موافق للمنقول، ففي (البزازية) وغيرها أقر بالكفالة بالنفس أو ثبت بالبينة عند الحاكم قال الخصاف: لا يحبسه فيهما أول مرة وفي ظاهر الرواية كذلك في الإقرار، وأما في البينة فيحبسه ولو أول مرة انتهى. وكذلك إلا أن يظهر له تعذر الإحضار عليه بدلالة الحال عليه أو الشهود بذلك

وإن غاب أمهله مدة ذهابه وإيابه فإن مضت ولم يحضره حبسه وإن غاب ولم يعلم مكانه لا يطالب به فإن سلمه بحيث يقدر المكفول له أن يخاصمه كمصر ـــــــــــــــــــــــــــــ فيخرج وينظر إلى القدرة عليه كالإعسار بالدين هذا إذا لم يظهر عجزه ابتداء، فإن ظهر لا يحبسه لكنه لا يحول بينه وبين الكفيل فيلازمه ولا يمنعه من إشغاله، وفي (التتارخانية) لو أضرته ملازمته له استوثق منه بكفيل، وفي (الفتح): عن (الواقعات) كفل بنفس محبوس فلم يقدر أن يتأتى به الكفيل لا يحبس الكفيل لأنه عجز عن إحضاره، وفي (السراج): كفل ثلاثة رجل بنفسه كفالة واحدة فأحضر أحدهم برؤوا جميعًا ولو متفرقة لم يبرأ الباقون (فإن غاب) المكفول عنه وطلب الغريم منه إحضاره (أمهله) الحاكم ولا يحبسه (مدة ذهابه وإيابه) بالكسر أي: رجوعه فإن أبى حبسه من غير إمهال كما في (البزازية) وقيده في (التتارخانية) بما إذا لم يكن بالطريق عذر، فإن كان لا يؤاخذ الكفيل به (فإن مضت ولم يحضره حبسه) لتمرده عن الوفاء عما لزمه بالتزامه. (وإن غاب ولم يعلم مكانه) إما بتصديق الطالب، كما في (الشرح) أو ببينة أقامها الكفيل أنه غاب غيبة لا تدرى كما في (القنية) (لا يطالب به) لظهور عجزه وهو يلازمه، ذكر السرخسي أنه يلازمه, وشيخ الإسلام أنه لا يلازمه كذا في (التتارخانية)، ولو اختلفا فإن كانت له خرجة معروفة أي موضع معلوم للتجارة فالقول للطالب ويؤمر الكفيل بالذهاب إليه وإلا فللكفيل فإن أقام الطالب بينة أنه في موضع كذا يؤمر بالذهاب إليه ولم أر ما لو أقاما بينتين وينبغي أن تقدم بينة الطالب لأن معها زيادة علم، ولو ارتد ولحق بدار الحرب أمر الكفيل بالذهاب إليه إن كان بيننا وبينهم مواعدة وإلا يطالب به، ولم يفصل في المذهب بين المسافة البعيدة والقريبة واللحاق وإن كان موتًا فهو حكمي في ماله ليعطي الأقرب إليه أما حقوق العباد فثابتة على حالها وفي كل موضع، قلنا: بالذهاب إليه للطالب أن يستوثق الكفيل بكفيل آخر وأفاد في (الخانية) أن للكفيل بالنفس أن يمنع المطلوب عن السفر إن كانت الكفالة حالة حتى يخرجه عن عهدتها وإن كانت مؤجلة ليس له منعه قبل حلول الأجل انتهى. ويأتي فيه ما مر في الدين المؤجل من أنه يقال له: إن شئت فاخرج معه إلى أن يحل وقت الكفالة فامنعه من السفر وينبغي أن يلزم الطالب بأن يقول يعود معه إلى المطلوب والله الموفق. (فإن سلمه) إليه فإن بعد طلبه برئ مطلقًا وإلا فلا/ بد أن يقول: سلمته إليك بحكم الكفالة (بحيث يقدر المكفول له أن يخاصمه كمصر) من الأمصار ويشترط عندهما أن يكون هو المصر الذي كفل فيه، وعند الإمام ليس بشرط وقولهما أوجه.

برئ ولو شرط تسليمه في مجلس القاضي سلمه ثمة ـــــــــــــــــــــــــــــ كما في (الفتح) والخلاف مقيد بما إذا كان في المصر الآخر سلطان أو قاض وكانت الكفالة غير مقيدة بمصره وإلا فلا يبرأ اتفاقًا، كذا في (التتارخانية) وفيه بحث لأنه إذا لم يكن فيه سلطان ولا قاض فليس بمصر (برئ) سواء وقته فيسلمه قبله أو لا لأنه أتى بما التزمه وقد حصل مقصود الطالب والتأجيل حق الكفيل وله إسقاطه واحترز بقوله بحيث الخ عما لو سلمه في برية أو سواد، وما في (القنية) لو كان المكفول جاء لسامع قوم في مدرسة فجاء الكفيل بالمكفول عنه وقال: هذا هو المكفول عنه فلم يجلس بل مر وخرج إلى باب آخر فهذا القدر تسليم منه انتهى. ينبغي أن يحمل على ما إذا كان التسليم بعد الطلب وظاهر أن قوله بحيث يعذر خرج مخرج الشرط في صحة تسليمه سواء كان ذلك بعد طلبه أولا، وما في (القنية) لو سلمه ليلًا في مكان لا يمكنه القضاء وفر منه، فإن كان التسليم بطلبه يخرج عن العهدة والظاهر ضعفه. (ولو شرط تسليمه في مجلس القاضي سلمه) الكفيل (ثمة) أي: في مجلس القاضي حتى لو سلمه في السوق لا يبرأ وهذا قول زفر وبه يفتى لأن الشرط مقيد فيلزمه تسليمه على الوجه الذي التزمه ومحل الخلاف ما إذا كان أهل البلد لا يطيقون الغريم من الطالب فإن كانوا يطيقونه لا يبرأ بتسليمه في السوق اتفاقًا، وفي (الواقعات الحسامية) جعل هذا رأيًا للمتأخرين لا قولًا لزفر ولفظه: والمتأخرون من مشايخنا يقولون: جواب الكتاب أنه يبرأ إذا سلمه في السوق أو في مواضع أخر في المصر بناء على عاداتهم في ذلك الزمان، أما في زماننا فلا يبرأ لأن أكثر الناس يعينون المطلوب على الامتناع عن الحضور لغلبة الفسق فكان الشرط مفيدًا فيصح وبه يفتى انتهى. وهو الظاهر إذ كيف يكون هذا اختلاف عصر وزمان مع أن زفر كان في ذلك الزمان، وفي (التتارخانية) شرط تسليمه عند الأمير أو عند هذا القاضي فسلمه عند قاض آخر جاز، وفي (فتح القدير) شرط تسليمه عند الأمير فسلمه عند القاضي أو عزل ذلك القاضي وولي غيره فرفعه عند الثاني جاز، ذكره في (الخلاصة) ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ وفي (العيون) لو ضمن بنفس رجل وحبس المطلوب في السجن فأتى به الذي ضمنه إلى مجلس القاضي فدفعه إليه قال محمد: لا يبرأ لأنه في الحبس، ولو ضمنه وهو في السجن يبرأ، ولو قال المطلوب في السجن: دفعت نفسي إليك عن كفالته كان جائزًا أيضًا، وفي (المحيط) كفل برجل غائب أو محبوس يجوز لأنه كفل غير واجب على الأصيل وهو تسليم نفسه وهو مقدور التسليم لأنه يعرف مكانه فيمكنه أن يذهب ويأتي به وعليه ما على المحبوس ويخلصه من السجن انتهى.

وتبطل بموت المطلوب والكفيل لا الطالب وبرئ بدفعه إليه وإن لم يقل إذا دفعته إليك فأنا بريء وبتسليم المطلوب نفسه من كفالته ـــــــــــــــــــــــــــــ (وتبطل) الكفالة بالنفس (بموت المطلوب) لتحقق عجز الكفيل عن إحضاره ولأنه سقط الحضور عن الأصيل بالموت فيسقط الإحضار عن الكفيل وسيأتي فيما لو كفل برقبة عبد فمات (و) بموت (الكفيل) لأنه لم يبق قادرًا على تسليم المكفول بنفسه وماله لا يصلح لإيفاء هذا الواجب الذي هو بالنفس، بخلاف الكفيل بمال إذا مات لأنه ماله يصلح للوفاء بذلك فيطالب به القائم عليه بعده وقيل: لا تبطل بموت الكفيل ويطالب وارثه بإحضاره، ذكره الكرخي في باب الصلح عن الحقوق التي ليست بمال، كذا في (السراج) (لا) تبطل بموت (الطالب) لأن وصيه أو وارثه يخلفه فلو ترك ورثة وسلمه الكفيل إلى بعضهم برئ منهم خاصة وللباقين مطالبتهم بإحضاره، ولو سلمه لأحد الوصيين برئ بالنسبة إليه وللآخر مطالبته، كذا في (الينابيع) وقد يشكل على هذا قولهم أحد الورثة ينتصب خصمًا فيما له وفيما عليه وفي (منظومة ابن وهبان) قيل تبطل بموت الطالب، وعزاه في (الشرح) إلى النتف وقال: إنه غريب لا يعرف في غيره والمذهب ما قاله المص كغيره (وبرئ) الكفيل (بدفعه) أي: المكفول (إليه) أي: الطالب (وإن لم يقل) وقت التكفيل (إن دفعته فأنها برئ) لأن موجب الدفع البراءة فتثبت وإن لم ينص عليها، وقدمنا أن الدفع إن كان قبل الطلب فلابد أن يقول سلمه إليك بحكم الكفالة، ولو أبى الطالب أن يقبل أجبر على معنى أنه ينزل قابضًا. وأعلم أن الطالب نعم الوكيل فلو كان الأخذ للكفيل وكيل رب الدين فسلمه إليه وقد أضافه إلى نفسه برئ، وإن أضافه إلى موكله لا يبرأ، ولو سلمه إلى الموكل برئ كذا في (التتارخانية) والوصي فلو سلمه إلى الورثة أو الغريم لا يبرأ كما في (البزازية)، والقاضي فلو أخذ المدعى عليه كفيلًا بالنفس فسلمه الكفيل إلى المدعي لا يبرأ ولو إلى القاضي برئ هذا أداء لم يضفه القاضي إلى المدعي، فإن أضافه إليه بأن قال: إن المدعي يطلب منك كفيلًا بالنفس فأعطاه انعكس الحكم كما في (الخانية) / وذكر هذه المسألة هنا لغرض هو أن المقصود من الكفالة إنما هو التوثيق لاستيفاء الحق، فما لم يستوف يجب عليه تسليمه مرة بعد أخرى فأزال هذا الوهم ببيان أن عقد الكفالة إنما يوجب التسليم مرة لا يفيد التكرار قاله أبو الليث (و) برئ الكفيل أيضًا (بتسليم المطلوب نفسه) أي: المكفول له (من كفالته) لأن المطلوب مطالب بالتسليم، فإذا سلم نفسه فقد حصل المقصود وفي قوله من كفالته إيماء إلى أنه لابد أن يقول: سلمت لك من كفالة زيد، فإن لم يقله لا يبرأ

وبتسليم وكيل الكفيل ورسوله، فإن قال: إن لم أواف به غدًا فهو ضامن لما ـــــــــــــــــــــــــــــ نص عليه في (الخانية)، ويجبر الطالب على القبول هذا إذا كان الكفالة بالأمر فإن كانت بغيره لا يبرأ، كذا في (السراج) معزيًا إلى (الفرائد) والوجه فيه ظاهر لأنها إذا كانت بغيره لا يبرأ لا يلزم المطلوب الحضور فليس مطالبًا بالتسليم فإذا سلم نفسه لا يبرأ الكفيل. (و) برئ أيضًا (بتسليم وكيل الكفيل ورسوله) لأنهما نائبان عنه فكان فعلهما كفعله وأراد رسوله إليه لأنه رسوله إلى غيره كالأجنبي ولابد أن يقولا: سلمناه إليك بحكم الكفالة فلو قال: وبتسليم نائبه لكان أجود وأفرد لأن كفيل الكفيل لو سلمه برئ الكفيل أيضًا كما في (التتارخانية)، ولو سلمه أجنبي عن الكفيل فإن قبل الطالب برئ الكفيل لا إن سكت (وإن قال) الكفيل بالنفس (إن لم أواف به غدًا) أو إن لم أدفعه إليك غدًا أو إن غاب عنك (فهو ضامن لما عليه فلم يواف به) أو عندي لك هذا المال كما في (الخانية) (أو مات المطلوب ضمن المال) لأن الكفالة به متعلقة بشرط متعارف وهو عدم الموافاة فتصح ولو قال: إن غاب فلم أوافك به فأنا ضامن لما عليه فهذا على أن يوافيه بعد الغيبة، كذا في (الخانية) قيد بقوله: إن لم أوافه به لأنه لو قال: إن وافيتك به غدًا فعلي ما عليه ثم وافى به لم يلزمه المال لأنه شرط لزومه إن أحسن إليه، كذا في (منية المفتي) يعني أنه تعليق بشرط غير متعارف، ولو كفل بنفسه على أنه متى طالبه سلمه إن لم يسلمه فعليه ما عليه ومات المطلوب وطلب بالتسليم وعجز لا يلزمه المال لأن المطالبة بالتسليم بعد الموت لا تصح وإذا لم تصح يتحقق العجز الموجب للزوم، كذا في (البزازية). وفي (القنية) كفل بنفسه وقال: إن عجزت عن تسليمه في ثلاثة أيام فعلي المال ثم حبس بحق أو بغير حق أو مرض مرضًا يتعذر إحضاره يلزمه المال بعد الثلاث، وفي (منية المفتي) كفلت بنفسي فلان على أني إن لم أوافك غدًا فعلي الألف وقبل المكفول له صح، وإن لم يقل الألف الذي ادعيتها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وفي (الخلاصة) كفل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به غدًا فعليه ألف درهم ولم يقل التي عليه فمضى الغد ولم يواف به وفلان يقول: لا شيء عليه والطالب يدعي ألفًا والكفيل ينكر وجوبه على الأصيل فعلى الكفيل ألف درهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف وفي قوله الآخر: وهو قول محمد لا شيء عليه انتهى. قيد بموت المطلوب لأن الكفيل لو مات قبل مجيء الوقت وجب المال في تركته بمضي الوقت إليه أشار في (الأصل) وطولب بالفرق بين موت المطلوب وما لو برأ المكفول له الكفيل عن الكفالة بالنفس قبل الوقت فلم يحضره لا يجب المال عليه لعدم بقاء الكفالة بالنفس وبالموت زالت أيضًا.

عليه فلم يواف به أو مات المطلوب ضمن المال ومن ادعى على آخر مائة دينار فقال رجل: إن لم أواف به غدًا فعليه المائة فلم يواف به غدًا فعليه المائة ـــــــــــــــــــــــــــــ وأجيب: بأن الإبراء وضع لفسخ الكفالة فتفسخ في كل وجه والانفساخ بالموت إنما هو لضرورة العجز عن التسليم المفيد فيقتصر إذ لا ضرورة إلى تعديه إلى الكفالة بالمال، كذا في (الفتح)، ولو اختفى المكفول له فلم يجده الكفيل أو اشترى بالخيار فتوارى البائع أو حلف ليقبضن دينه اليوم فتغيب الدائن أو جعل أمرها بيدها إن لم تصل نفقتها فتغيبت فالمتأخرون على أن القاضي ينصب وكيلًا عن الغائب في الكل وهو قول أبي يوسف، كذا في (الخانية)، وفي (الخلاصة) قال أبو الليث: هذا خلاف قول أصحابنا وإنما روي في بعض الروايات عن أبي يوسف، ولو فعله القاضي فهو حسن وفي (البزازية) إذا علق المال بعدم الموافاة لا يصدق الكفيل على الموافاة إلا بالحجة. فرع: أخذ كفيلًا بنفس رجل ووكيلًا في خصومته ضامنًا قضي عليه به جاز، فإن دفع المكفول به إلى الطالب برئ عن الكفالة بالنفس وبقي وكيلًا وكفيلًا بالمال، ولو شرط أنه متى أوفى المكفول به كان بريئًا عن الكل برئ عن الكفالتين لأن تعليق البراءة عن المكفول جائز، وتعليق العزل والحجر بالشرط لا يجوز، كذا في (المحيط). (ومن ادعى على آخر مائة دينار) سواء بينها بأن قال: جيدة أو رديئة هندية أو مصرية تصحيحًا لدعواه أو لم يبينها، وقول الشر: لا فرق بين أن يبين المائة أو لم يبينها بأن تعلق رجل على رجل حقًا ولزمه فقال: لي عليك حق ولم يدع عليه مالًا مقدرًا فقال له رجل آخر: دعه فأنا كفيل بنفسه فإن لم أواف به غدًا فعلي المائة دينار فادعى المدعي وأثبتها لزم/ الكفيل معناه لا فرق بين أن يذكر المائة أو لا، والعذر للمص أنه فرض المسألة فيما لو أدعى، وقد جمع في (الجامع الصغير) بينهما حيث قال محمد: عن يعقوب على أبي حنيفة في رجل لزم رجلًا وادعى عليه بمائة دينار بينهما أو لم يبينها أو لزمه ولم يدع بمائة دينار فقال له رجل دعه فأنا كفيل بنفسه إلى الغد، فإن لم أواتك به فعلي مائة دينار في الوجهين جميعًا إذا ادعى صاحب الحق أنه له وأراد بالوجهين ما إذا ادعى المائة بينها أو لا، وما إذا لم يدع شيئًا حتى لو كفل له، ثم ادعى المقدار الذي سماه الكفيل ولو تبعه المص لكان أولى. (فقال رجل: إن لم أواف به غدًا فعليه المائة) التي بينها المدعي إما بالبينة أو بإقرار المدعى عليه، وهذا قول الإمام والثاني آخرًا، وقال محمد: إن لم يبينها ثم ادعى وبينها لا يلزمه، وجعل في (الخلاصة) قول أبي يوسف الآخر مع محمد وللمشايخ طريقتان في توجيه قوله الآخر: الأولى أنه لم بينها إليه كانت رشوة التزمها

ولا يجبر على الكفالة بالنفس في حد وقود ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفيل عند عدم الموافاة وهذا لا يمنع صحة الكفالة بالنفس وعليها عول الماتريدي، الثانية: إن الدعوى غير صحيحة لجهالة المدعى به من غير بيان وفيها لا يجب إحضاره إلى مجلس القضاء فلم تصح الكفالة بالنفس، والكفالة بالمال مبنية عليها وبطلان الأصل يوجب بطلان الفروع وإليها مال الكرخي قال في (العناية): وهذا يقتضي الصحة إذا كان المال معلومًا عند الدعوى ولهما إن أمكن تصحيح هذه الكفالة، أما إذا بين المال عند الدعوى فلأنه ذكره معرفًا فينصرف إلى ما عليه وتكون البينة موجودة، وأما إذا لم يبين فلأن العادة جرت بالإجمال في الدعاوى في غير مجلس القضاء دفعًا لحيل الخصوم فتصبح الدعوى على اعتبار البائن، فإن بين التحق البائن بأصل الدعوى فتبين صحة الكفالة أولًا فيترتب عليها صحة الثانية، وأنت خبير بأن المائة في عبارة (الجامع الصغير) المتقدمة منكرة، وكذا في (المبسوط) وغيره. قال في (الفتح): فالوجه أن يترك المقدمة الأولى ويقال: إنه إذا ظهرت الدعوى بألف ظهر أنه أراد الألف التي يدعيها حكمنا بأن الكفيل كان يبدي خصوص دعواه تصحيحًا لكلام العاقل ما أمكن فتصح الكفالة حين يقع على اعتبار بيان الدعوى بذلك القدر، وحاصل هذا أنا لا نحكم حال صدورها بالفساد بل الأمر موقوف على ظهور الدعوى بذلك القدر، فإذا ظهرت ظهر أنه إنما كفل للمدعي بها، ولو كفل بنفسه على أنه إن لم يواف به كذا فعليه ما للطالب على فلان آخر جاز استحسانًا وهو قول محمد لا قياسًا وهو قول أبي يوسف، ذكره قاضي خان وجعل في (المحيط) الخلاف على العكس وأن أبا حنيفة مع الثاني والله الموفق. (ولا يجبر) المدعى عليه (على الكفالة بالنفس في) دعوى (حد و) لا (قود) بأن يحضره الكفيل إلى مجلس القضاء لإثبات ذلك عليه وهذا قول الإمام وقالا: يجبر في حد القذف لأنه فيه حق العبد وفي ذلك القصاص لأن المغلب فيه حقه، ومعنى الجبر هنا هو الملازمة بأن يدور معه الطالب حيث دار كيلا يتغيب عنه، وإن أراد دخول داره فإن شاء المطلوب أدخله معه وإلا منعه الطالب عنه لهما أنها شرعت لتسليم النفس الواجب على الأصيل فصحت به وله إطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: (لا كفالة في حد) قال في (غاية البيان): ولنا في رفعه نظر بل هو من كلام شريح قيد بالجبر لأن المدعى عليه لو سمح به جاز اتفاقًا بخلاف غيرهما من الحدود الخالصة كالزنا وشرب الخمر فإن الكفالة بها لا تجوز، وإن طابت نفسه وبدعواهما لأن الكفالة

ولا يحبس فيهما حتى يشهد شاهدان مستوران أو عدل ـــــــــــــــــــــــــــــ بنفسهما لا تجوز إجماعًا إذ لا يمكن استيفاؤهما في الكفيل، وألحق التمرتاشي والمحبوبي حد السرقة بحد القذف على المذهبين وقيد بالقصاص لأنه في القتل والجراحة خطأ يجبر على الكفيل، يعني إجماعًا لأن الموجب هو المال، ولا خلاف أيضًا أن يجبر في التغرير لأنه من حقوق العباد وظاهر كلامهم إنما كان منه حقًا لله تعالى لا تجوز الكفالة به (ولا يحبس) المدعى عليه (فيهما) أي: في الحدود والقصاص (حتى يشهد شاهدان مستوران أو) واحد (عدل) يعرفه القاضي بذلك لأن الحبس هنا للتهمة من باب دفع الفساد وهو من الديانات وهي تثبت بأحد شرطي الشهادة وقد حبس عليه الصلاة والسلام رجلًا بالتهمة، وذكر في (أدب القاضي) أنه على قولهما لا يحبس فيهما بشهادة العدل لحصول الاستيثاق بالكفالة. قال في (البحر): وكلامهم هنا يدل ظاهرًا على أن للقاضي أن يعذر المتهم وإن لم يثبت عليه، وذكر أنه كتب في ذلك رسالة، والذي يخصنا منها هنا أن ما كان من التغرير حقًا له تعالى فإنه لا يتوقف على دعوى ولا على ثبوت، بل إذا أخبر القاضي عدل بما يقتضيه فعليه لتصريحهم هنا بحبس المتهم بشهادة مستورين أو واحد عدل والحبس تعزير انتهى. فإن قلت: ينبغي/ أن يكون هذا رأي المتقدمين من جواز قضاء القاضي بعلمه، أما على رأي المتأخرين وهو المفتى به من أنه لا يقضي بعلمه في زماننا فينبغي أن يتوقف على الثبوت. قلت: يجب أن يحمل الخلاف على ما كان من حقوق العباد، أما حقوق الله تعالى فيقضي فيها بعلمه، ويدل على ذلك ما في (الخانية) و (الظهيرية) و (الخلاصة) و (البزازية) الرجل إذا كان يصوم ويصلي ويضر الناس باليد واللسان وذكر بما فيه لا يكون غيبة وإن أخبر السلطان بذلك ليزجره فلا إثم عليه انتهى. وفي التعبير بالإخبار إيماء إلى أنه لا يحتاج فيه بلفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء، وظاهر أن الإخبار كما يكون باللسان يكون بالبنان فإذا كتب إلى السلطان بذلك ليزجره جاز وكان له أن يعتمد عليه حيث كان معروفًا بالعدالة، وقد اكتفوا في الحرج والتعديل بكتابة المعدل إلى القاضي وكلامهم يعطي أن الحرج المجرد في حقوق الله تعالى مقبول وعلى هذا ما يكتب من المحاضرة في حق إنسان، فإن للحاكم أن يعتمده من العدول ويعمل بموجبه في حقوقه تعالى، وقد أفتيت بأنه لا شيء على الكتاب بذلك ومن أفتى فيه بوجوب التعزير فقد أخطأ، والفرع المتقدم ينادى بخطئه

وبالمال ولو مجهولًا إذا كان دينًا صحيحًا ـــــــــــــــــــــــــــــ والله الموفق. بقي جواز الكفالة في حقوق العباد كالديون وهو ظاهر في عدم جوازها في حقوقه تعالى (وبالمال) عطف على النفس أطلقه فشمل ما إذا كان الأصيل مطالبًا به الآن أو لا فتصح عن العبد المحجور بما يلزمه بعد العتق بالاستهلاك أو قرض ويطالب الكفيل الآن كما لو أفلس القاضي المديون وله كفيل، فإن المطالبة تتأخر عن الأصيل دون الكفيل، كذا في (التتارخانية) (ولو) كان المال (مجهولًا) لابتنائها على التوسع وقد أجمعوا على صحتها بالدرك مع أنه لا يعلم كم يستحق من المبيع (إذا كان دينًا صحيحًا) وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فلا يجوز ببدل الكتابة ولا بدين على كل من دخل في كتابته لسقوطه بدونهما وبدل السعاية كبدل الكتابة عنده خلافًا لهما كذا في (البزازية) وغيرها وكان الحق ببدل الكتابة وإلا فهو دين صحيح بهذا التفسير فإن قلت: دين الزكاة كذلك ولا تصح الكفالة به. قلت: إنما لم يصح لأنه ليس دينًا حقيقة من كل وجه. تنبيه: يستثنى من صحة الكفالة بالدين الصحيح ما لو كان لهما دين على رجل فكفل أحدهما لصاحبه حصته فإنه لا يجوز لأنه تعذر تصحيحها بنصف مقدر، لأن قسمة الدين قبل قبضه لا تجوز أو شائعًا لأنه يصير كفيلًا لنفسه لأن له أن يأخذ من المقبوض نصفه، كذا في (المحيط) وقالوا: لو أعتق عبده على مال صحت الكفالة، ولو كان للمكاتب مال على رجل فأمره بدفعه لمولاه من مكاتبته أو دين سوى ذلك جاز، لأن ذلك المال واجب للمكاتب على الكفيل وهذا أمر منه أن يدفع عليه لمولاه، كذا في (البزازية) وهو ظاهر في أن هذا ليس بكفالة ببدل الكتابة فلا يرد بل إذن الدين ومقتضاه أن للمكاتب أن يرجع على الآمر بالدفع ولا يصح أن يكون حوالة، إذ لو كانت لعتق المكاتب، وفي (التتارخانية) لو ضمن بدل الكتابة وأدى رجع بما أدى يعني إذا كانت الكفالة بأمره، وفي (البزازية) دفع إلى محجور دراهم لينفقها على نفسه فكفل بها إنسان لا يصح ولو قال له: ادفع له العشرة على أني ضامن لك جازت، فطريقه أن يجعل الضامن مستقرضًا من الدافع والصبي نائب عنه في القبض، وكذا الصبي المحجور إذا باع شيئًا فكفل رجل بالدرك للمشتري إن بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز ولو قبضه جاز، ولو اشترى متاعًا فضمن رجل الثمن للبائع عنه يلزم الكفيل الثمن ولو ضمن المتاع بعينه جاز، وفي (المحيط) كانا في سفينة فانتهيا إلى مكان قليل الماء فقال أحدهما لصاحبه: ألق متاعك في الماء على أن متاعي بيني وبينك على أنه فاسد ويضمن لصاحبه قيمة متاعه لأنه تعليق التمليك

بكفلت عنه بألف ـــــــــــــــــــــــــــــ بالشرط لا يصح فبقي ضامنًا له نصف قيمة متاعه انتهى. وفي (جامع الفصولين) كفل مسلم عن ذمي بخمر للذمي قيل: لا يصح مطلقًا، وقيل: لو كان الخمر بعينها عند المطلوب يصح على قياس قول الإمام إذ يجوز عنده للمسلم أن يلزمه نقل الخمر كما لو أجر نفسه لنقله. وفي (البزازية) صادر الوالي رجلًا وطلب منه مالًا وضمن ذلك رجل وبذل الحظ ثم قال الضامن: ليس لك علي شيء لأنه ليس لك علي شيء، قال شمس الأئمة: والقاضي يملك المطالبة لأن المطالبة الشرعية كالمطالبة الحسية، ثم قال بعد ضمان الجنايات على قول عامة المشايخ: لا يصح، وقد ذكرنا أن فخر الإسلام وجماعة قالوا: يصح وجعلوا المطالبة الحسية كالمطالبة الشرعية. تتمة: ذكر الطرسوسي في مؤلف له أن مصادرة السلطان لأرباب الأموال لا تجوز إلا لعمال/ بيت المال مستدلًا بأن عمر رضي الله تعالى عنه صادر أبا هريرة انتهى. وذلك حين استعمله على البحرين ثم عزله وأخذ منه اثني عشر ألفًا فدعاه بعد ذلك إلى العمل فأبى. أخرجه الحاكم وابن أبي حاتم، وأراد بعمال بيت المال خدمته الذين يجيبون أمواله ومن ذلك كتبته إذا توسعوا في الأموال لأن ذلك دليل خيانتهم ويلحق بهم كتبة الأوقاف ونظارتها إذا توسعوا وعمروا الأماكن التي لا تنال إلا بعظيم المال وتعاطوا أنواع الملاهي في أغلب الأحوال فللحاكم أخذ الأموال منهم وعزلهم، فإن عرف خيانتهم في وقف معين رد المال إليه وإلا وضعه في بيت المال والله أعلم، بحقائق الأحوال (بكفلت عنه بألف) نبه بذلك على أنه لا بد أن يأتي بصيغة تدل على الالتزام كما مثل، ومن ذلك ضمنت على إلي أما لو قال: دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أنا أقبضه لا يصير كفيلًا، كذا في (جامع الفصولين) لما عرف من أن المواعيد لا تصير لازمه إلا باكتساب صور التعليق وقد مر. قال في (البحر): وقدمنا عن (التتارخانية) أنه لو قال: لك عندي هذا الرجل كان كفيلًا بنفسه، وعلى هذا لو قال: لا تطالب فلانًا مالك عندي لا يكون كفيلًا بالمال وقد أفتيت به، وقدمنا عن (الخانية) في المعلقة بعدم الموافاة أن عندك كعلي فعلى هذا يكون كفيلًا في التعليق فقط انتهى. وأقول: صرح في (الخانية) أن عند تفيد اللزوم إذا أضيفت إلى الدين غير مقيد بالتعليق فإذا طالبه بدينه فقال: لا تطالب مالك عندي كان كفيلًا هذا هو الظاهر فتدبره. وفي (البزازية) ضمنت لك ما على فلان أن أقبضه وأدفعه فهذا على أن

وبما لك عليه وبما يدركك في هذا البيع وما بايعت فلانًا فعلي، ـــــــــــــــــــــــــــــ يقبضه ويدفعه إليه لا على ضمان المال وعلى هذا معاني كلام الناس، ولو ضمن ألفًا على أن يؤديها من ثمن الدار هذه فلما يبعها لا ضمان على الكفيل ولا يلزمه بيع الدار، ولو كفل عنه بألف على أن يعطيها من وديعته التي عنده جاز إذا أمره بذلك، وليس له أن يسترد الوديعة منه فإن هلكت برئ والقول فيها للكفيل وإن غصبها المودع أو غيره برئ الكفيل ولم أر هل له بيعها ودفع الدين منها، وفي (الخانية) اشهدوا أني ضمنت لزيد الألف التي له على فلان فبرهن المديون على قضائها قبل الكفالة فبرئ الأصيل دون الكفيل لإقراره بها، ولو على القضاء بعدها برئا جميعًا، ومثل للمجهول بأربعة أمثلة أحدها ما أفاد بقوله: (وبما لك عليه) أي: وتصح أيضًا بكفلت عنه بما لك عليه وما ترتضي به من أنه لو قال: كفلت لك بعض ما على فلان لم يصح ممنوع، بل يصح عندنا والخيار للضامن ويلزم أن يعين أي مقدار شاء كذا في (الفتح)، وفي (البدائع) وأما كون المكفول معلوم الذات أو القدر فليس بشرط حتى لو كفل بأحد شيئين غير معين بأن كفل بنفس رجل أو بما عليه جاز، ويبرأ بدفع واحد منهما للطالب، ولو كفل بمال فلان عليه أو بما يدركه في هذا البيع جاز، ولو قال: كفلت لك بما لك على أحد هذين الرجلين صحت والتعيين للمكفول له لأن الجهالة يسيرة. (و) يصح أيضًا بكفلت عنك (بما يدركك) أي: يتبعك، والدرك بفتح الراء وسكونها التبعية (في هذا البيع) من الرجوع بالثمن عن استحقاق المبيع، فإذا استحق كان للمشتري أن يخاصم البائع أولًا فإذا ثبت عليه استحقاق المبيع كان له أن يأخذ الثمن من أيهما شاء وليس له أن يخاصم الكفيل أولًا في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف أن له ذلك، وأجمعوا أن المبيع لو ظهر حرًا كان له أن يخاصم أيهما شاء، كذا في (السراج) وفي (البزازية) ولا يرجع على الكفيل بقيمة البناء والغرس. (و) تصح أيضًا بقوله: (ما بايعت فلانًا فعلي)، فإذا بايعه كان عليه ما يجب بالمبايعة الأولى، ولو باعه مرة بعد أخرى لا يلزمه شيء في الثانية ذكره في (المجرد) عن الإمام نصًا، وفي (نوادر ابن سماعة) عن أبي يوسف أنه يلزمه كله، كذا في (الفتح) وفي (المبسوط) لو قال: متى وإذا أو إن بايعت لزمه الأول فقط بخلاف كلما وما انتهى. وزاد في (المحيط) الذي. وفي (البزازية) بايع فلانًا على ما أصابك من خسران فعلي لا يصح، وفيها تبعًا (للمبسوط) لو رجع من هذا الضمان قبل أن يبايعه ونهاه عن مبايعته لم يلزمه بعد ذلك شيء، ولم يشترط الولوالجي نهيه عن الرجوع

وما ذاب لك عليه فعلي وما غصبك فلان فعلي، وطالب الكفيل أو المديون إلا إذا شرط البراءة فحينئذ تكون حوالة كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل كفالة ـــــــــــــــــــــــــــــ حيث قال: لو قال رجعت عن الكفالة قبل المبايعة لم يلزم الكفيل شيء وفي الكفالة بالذوب لا يصح، والفرق أن في الأولى مبنية على الأمر دلالة وهذا الأمر غير لازم، وفي الثانية مبنية على ما هو لازم انتهى. وهو ظاهر. (و) تصح أيضًا بقوله: (ما غصبك فلان فعلي)، هذا هو الرابع من أمثلة الكفالة بالمجهول وفي الكل فيشترط القبول إلا أنه في (البزازية) قال: طلب من غيره قرضًا فلم يقرضه، فقال رجل: أقرضه فما أقرضته فأنا ضامن، فأقرضه في الحال من غير أن يقبل ضمانه صريحًا ويكفي هذا القدر انتهى. وينبغي/ أن يكون ما بايعت فلانًا أو ما غصبك فعلي كذلك إذا بايعه أو غصب منه للحال، قيد بكون الغاصب معينًا لأنه لو قال: إن غصب مالك إنسان فأنا ضامن لا يصح، كما في (البزازية) ولو قال: ما غصبك أهل الدار فأنا له ضامن لا تصح، لجهالة المكفول عنه لا يصح بخلاف ما لو قال لجماعة حاضرين: ما بايعتموه فعلي فإنه يصح فأيهم بايعه فعلى الكفيل، والفرق أنه في الأولى ليسوا معينين معلومين عن المخاطبين، وفي الثانية: معينون، والحاصل أن جهالة المكفول تمنع صحة الكفالة مطلقًا وجهالة المكفول به لا تمنعها مطلقًا وجهالة المكفول عنه في التعليق والإضافة تمنع صحة الكفالة، وفي التنجيز لا تمنع نحو كفلت بمالك على فلان أو فلان كذا في (الفتح). وفي (المحيط) ضمنت لك هذا وإن شئت هذا فإنه يضمن الأول انتهى، ولو غصب منه عقارًا وأتلفه لا ضمان على الكفيل لعدم تحقق الغصب فيه فلم يتناوله لفظه، وفي (البدائع) إن غصب فلان ضيعتك فأنا ضامن لم يجز عندهما خلافًا لمحمد بناء على تحقق غصب العقار عنده (وطالب) المكفول له (الكفيل) إن شاء، وطالب المكفول عنه لأنه موجب الكفالة وعبارته لا تفيد أن له مطالبتهما ومن ثم زاده الشر ولو قال: وطالبهما لإفادة وعلم أن له مطالبة أحدهما بالأولى ولأغناه ذلك عن قوله بعد، ولو طالب أحدهما كان له أن يطالب الآخر وفي إيماء إلى أن له حبسها وحبس أحدهما، قال في (البزازية): وإذا حبس الكفيل يحبس المكفول عنه معه، دلت المسألة عن جواب الواقعة وهو أن المكفول له يتمكن من حبس الأصيل والكفيل وكفيل الكفيل وإن كثروا وظاهر أنه إنما يطالبهما إذا كان الدين حالًا عليهما، أما إذا كان حالًا على أحدهما فقط اقتصر الطلب عليه (إلا إذا شرط) المديون (البراءة فحينئذ تكون) الكفالة (حوالة) فتجري فيها أحكامها فلا يطالب الأصيل إلا بالقوي (كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها) بالحوالة (المحيل كفالة)

ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر ويصح تعليق الكفالة بشرط ملائم كشرط وجوب الحق كإن استحق المبيع أو لإمكان الاستيفاء كإن قدم زيد وهو مكفول عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ اعتبارًا للمعنى فيها مجازًا ونظيره الوصاية حال الحياة وكالة، والوكالة بعد الموت وصاية فإن قلت قد قالوا: إنا العارية مدة معينة بأجرة إجارة وبغير أجر ليست إعارة بل إجارة فاسدة. قلت: إنما لم يكن إعارة لأن الإجارة تقبض العوض والعارية عدمه فلم يستعر الإجارة للإعارة (ولو طالب أحدهما) كان (له أن يطالب الآخر) بخلاف المغصوب منه إذا اختار تضمين أحد الغاصبين لأن اختياره أحدهما يتضمن التمليك منه عند قضاء القاضي فلا يمكنه التمليك من الآخر بعد ذلك، وفي (البزازية) اختار المالك تضمين الغاصب الأول ورضي به الغاصب أو لم يرض لكن حكم له بالقيمة على الأول فليس له أن يرجع ويضمن الثاني، وإن لم يرض به الأول ولم يحكم به كان له أن يرجع ويضمن الثاني، وإن اختار الأول ولم يعطه شيئًا وهو مفلس فالحاكم يأمر الأول بقبض ماله على الثاني ويعطيه له، فإن أبى المالك يحضرهما ثم تقبل البينة على الغاصب الثاني للغاصب الأول ويأخذ ذلك من الثاني فيقبضه انتهى. وفيه تقييد للإطلاق الأول (ويجوز تعليق الكفالة بشرط ملائم) أي: موافق لمقتضى العقد وذلك أحد أمور ثلاثة نبه على الأول بقوله: (كشرط وجود الحق) أي: لزومه (كإن استحق المبيع) فعلى الثمن فإن استحقاقه سبب لوجود الثمن على البائع للمشتري. وفي (الخلاصة) قال للمودع: أتلف المودع وديعتك أو جحدك فأنا ضامن لك صح، وكذا إن قتلك أو قتل أبيك فلان خطأ فأنا ضامن للدية صح، وفي (المحيط) لو قال: إن شجك أو قطع يدك أو قتل عبدك أو غصبك كذا فأنا ضامن لقيمته ورضي به المضمون له فهو جائز (ولإمكان الاستيفاء كإن قدم زيد) فعلي ما عليه وهو معنى قوله (وهو) أي: والحال أنه (مكفول عنه) لأن قدومه سبب للاستيفاء منه قيد بكونه مكفولًا عنه لأنه لو كان غير مكفول عنه لا يصح التعليق، كذا في (الفتح) وما في (القنية) لا يصح التعليق بشرط غير متعارف كدخول الدار وقدوم زيد إلا أن الأصح ما ذكره أبو نصر أنه يصح بقدوم زيد ذكره في (تحفة الفقهاء) محمول على أنه مكفول عنه قال في (البحر): والحق أنه لا يلزم أن يكون مكفولًا عنه لظاهر ما في (القنية) ولقوله في (البدائع): إن قدومه وسيلة إلى الأداء في الجملة لجواز أن يكون مكفولًا عنه أو مضاربة انتهى، فهذه العبارة إزالة اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس. وأقول: كون ما في (القنية) ظاهر فيما ادعاه ممنوع لأن عبارته تعليق الكفالة بشرط متعارف صحيح وبغيره لا يصح، وقال القدوري في (مختصره): ويجوز تعليق

أو لتعذره كإن غاب عن المصر، ولا يصح بنحو إن هبت الريح وإن جعلا آجلًا فتصح الكفالة ويجب المال حالًا ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفالة بالشرط، قال الأقطع: إن كان الشرط لوجود الحق أو لإمكان الاستيفاء جاز التعليق كإن استحق المبيع أو قدم زيدًا لأن الاستحقاق/ للوجوب وقدوم زيد قد يسهل به الأداء بأن يكون مكفولًا عنه أو مضاربة ثم قال: الأصح ما ذكره أبو نصر أنه يصح لقدوم زيد، وقد نص به في (تحفة الفقهاء) انتهى. نعم قوله أو مضاربة يعلم منه أنه لو كان القادم مكفول مديون المكفول عنه أو مودعه أو غاصبه جازت الكفالة المعلقة بقدومه لأن قدومه وسيلة إلى الأداء في الجملة، ويحمل قوله في (الفتح) فلو كان غير مكفول عنه على ما إذا كان أجنبيًا محضًا وقوله في (الكتاب) أو لإمكان الاستيفاء يشمل ذلك وقوله: كإن قدم الخ مثال فقط وهذا فقه حسن فتدبره. واعلم أنه يصح تعليق البراءة منها بقدوم الأصيل ففي (البزازية) ضمنت لك عن فلان ألفًا قدم فلان فأنا بريء منه إن كان فلان غير بماله بألف جاز شرط البراءة، وإن كان فلان ليس بينه وبين الطالب والمطلوب تعلق في هذه الألف تصح الكفالة ويبطل شرط الكفالة انتهى، (ولتعذره) أي: الاستيفاء (كإن غاب عن المصر) فعلي ما عليه لأن غيبته سبب لتعذر الاستيفاء منه، ومن ذلك ما في (الدراية) ضمنت كل مالك على فلان إن تؤدي وكذا إن مات ولم يدع شيئًا فهو ضامن، وكذا إن حل مالك على فلان ولم يوافك به فهو علي، وإن حل مالك على فلان أو إن مات فهو علي، وقدمنا عن (الخانية) إن غاب ولم أوفك به فأنا ضامن لما عليه فهذا على أن يواف به بعد الغيبة، وعن محمد إن لم يدفع مديونك أو لم يقضه فهو علي ثم إن الطالب تقاضى المطلوب فقال المديون: لا أدفعه ولا أقبضه وجب على الكفيل إتباعه وعنه أيضًا إن لم يعطك فأنا ضامن فمات قبل أن يتقاضاه ويعطيه بطل الضمان ولو بعد التقاضي قال: أنا أعطيك، فإن أعطاه مكانه أو ذهب به إلى السوق أو منزله وأعطاه جاز، وإن طال ذلك ولم يعطه لو الكفيل مأذون مديون طولب بكفيل خوفًا من عتق المولى فقال رجل: إن أعتقه مولاه فأنا ضامن جازت الكفالة. وفي (القنية) إن يود فلان مالك عليه ستة أشهر فأنا ضامن له يصح التعليق، لأنه شرط متعارف (ولا يصح) تعليق الكفالة (نحو إن هبت الريح) أو جاء المطر أو إن دخلت الدار أو قدم فلان وهو غير مكفول عنه مما ليس ملائمًا (فإن جعلا أجلًا تصح الكفالة ويجب المال حالًا) هكذا وقع في نسخة الشر قال: وهكذا ذكر في (الهداية) و (الكافي) وهو سهو، فإن الحكم فيه أن التعليق لا يصح ولا يلزم المال لأن الشرط غير ملائم فصار كما لو علقه بدخول الدار ونحوه مما ليس بملائم، ذكره قاضي خان

فإن كفل بماله عليه فبرهن على ألف لزمه وإلا صدق الكفيل فيما أقر بحلفه ـــــــــــــــــــــــــــــ وغيره انتهى، وعبارة (الهداية) فأما لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر، وكذا إذا جعل واحدًا منهما آجلًا إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالًا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لم تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق انتهى، فهذا التعليل ظاهر فيما فهمه الشر من أنه في التعليق بغير الملائم تصح الكفالة حالا ويبطل الشرط، وعلى هذا الظاهر جرى الإتقاني حيث قال: الشرط إذا كان ملائمًا جاز تعليق الكفالة به، وإن كان بخلاف ذلك لهبوب الريح ومجيء المطر لا يصح التعليق ويبطل الشرط ولكن تنعقد الكفالة ويجب المال لأنه كل ما جاز تعليقه بالشرط لا يبطله الشروط الفاسدة أصله الطلاق والعتاق، وغيره من الشارحين حمل التعليق في التعليل على التأجيل بجامع أن في كل منهما عدم ثبوت الحكم في الحال وهو ظاهر ليطابق ما في (الخانية) مما مر. وقد ذكره في (المبسوط) أيضًا وهذا الحل ممكن في كلام المص إلا أن عدم ذكر التأجيل في كلامه يبعده بخلافه في عبارة (الهداية) وإذا تحققت هذا علمت أن ما في (البحر) من أن ما قاله الشر سهو لأن المص لم يقل فتصح الكفالة ويجب المال حالًا، وإنما الموجود في النسخ المعتمدة الاقتصار على قوله، ولا تصح بنحو إن هبت الريح، ولذا لم ينسب العيني السهو إلى المص وإنما نسبه إلى (الهداية) فعلى هذا الأنسب أن يقر ولا تصح بالتاء الفوقية وكل منهما مخطئ في نسبه السهو إلى (الهداية) ثم ذكر ما في (الهداية) وأن قوله لما صح تعليقها معناه تأجيلها بأجل متعارف مجازًا انتهى. مما لا تحرير فيه وذلك لأن اعتراضه إنما هو على ما وقع نسخته وهو صحيح، وكلام (الهداية) ظاهر فيما فهمه كما علمته والتأويل خلاف الأصل فكيف ينسب إلى السهو؟ ما هذا إلا كبير سهو نعم الثابت في أكثر النسخ ولا يصح بنحو إن هبت الريح أو جاء المطر، وإن جعلا فتصح الكفالة ويجب المال حالًا، أي لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم، ويعلم من قوله وإن جعلا أجلًا فيصح أنها في التعليق لا تصح لعدم صحته وحينئذ فيكون الأنسب أن تقرأ بالفوقية مع أن الكلام في التعليق عدول عن الظاهر/ بما لا داعي إليه وصورة جعلهما أجلًا أن يقول: كفلت به أو بمالك عليه إلى أن تهب الريح أو إلى أن يجيء المطر. (فإن كفل بماله) أي: لفلان (عليه فبرهن) فلان (على الألف) أي: على أن له عليه ألفًا (لزمه) أي: الكفيل ما برهن به عليه لأن الثابت بالبينة كالثابت عيانًا سواء كان البرهان على الأصيل أو على الكفيل حال غيبة الأصيل ويكون ذلك قضاء على الحاضر والغائب، كذا في (الخانية) (وإلا) أي: وإن لم يبرهن (صدق الكفيل فيما أقر) به (بحلفه) على نفي العلم لا على البتات.

ولا ينفذ قول المطلوب على الكفيل فإن كفل بأمره ـــــــــــــــــــــــــــــ أقول: وينبغي أن يقيد بما لو أقر بما يكفل به عادة حتى لو أقر بأنه له عليه درهمًا لم يقبل منه (ولا ينفذ) ضبطه العيني بالتشديد وليس بمتعين (قول المطلوب على الكفيل) لأنه إقرار على الغير مثل مالك عليه ما أقر لك به أمس فلو قال المطلوب: أقررت له بألف أمس لم يلزم الكفيل قيد بما له عليه لأنه لو قال: بما ذاب أي حصل أو ثبت له عليه فأقر المطلوب بمال لزم الكفيل، والفرق أن الكفالة بما له عليه كفالة فلو قال بالدين القائم في الحال وبما ذاب ونحوه بما يسحب والوجود يثبت بإقراره. ولو قال: ما قضى لك به لا يلزم إلا أن يقضي، وسيأتي ما لو غاب المكفول فبرهن الطالب عن الكفيل (فإن كفل بأمره) مقيد بأن يكون المطلوب ممن يصح منه الأمر، فلو كان صبيًا وأمر من يكفل فلا رجوع له عليه ولو كان ذلك بإذن الصبي، كما في (المبسوط) ولو عبدًا محجورًا يرجع عليه بعد عتقه، ولو مأذونين رجع عليهما لصحة أمرهما وقدمنا فروعًا من الكفالة عن العيني فارجع إليها وإن يشتمل كلامه على لفظة عني كأن يقول: اكفل عني اضمن عني لفلان فلو قال: اضمن الألف التي لفلان علي لم يرجع عليه عند الأداء لأن الكائن مجرد الأمر بالأداء فجاز أن يكون القصد ليرجع وأن يكون القصد طلب تبرعه بذلك فلم يلزم المال، وقال أبو يوسف: رجع وجعل في (الخانية) قول المطلوب بعد الدعوى بالمال: اكفل عني إقرار بالمال للمدعي وفيها على كعني فلو قال: اكفل لفلان بألف درهم علي أو انقده ألف درهم علي أو اضمن له الألف التي علي، أو اقضه ماله علي ونحو ذلك رجع بما دفع في رواية (الأصل). وعن أبي حنيفة في (المجرد) إذا قال لآخر: اضمن لفلان الألف التي له علي وضمنها وأدى إليه لا يرجع إلا إن خليطًا أو أمره ليرجع عليه، وأجمعوا أن المأمور لو كان خليطًا له رجع وهو الذي في عياله كالوالد الذي في عياله والولد وزوجته ومن في عياله من الشريك والأجير شركة عنان، كذا في (الينابيع)، وقال في (الأصل): والخليط أيضًا الذي يأخذ منه ويعطيه ويداينه ويضع عنده المال، كذا في (السراج) وعلى هذا الثاني اقتصر في (فتح القدير) حيث قال: الخليط هو الذي يعتاد الرجل بمداينته والأخذ منه ووضع الدراهم عنده والاستجرار منه، وعزا في (الخانية) ما في (الينابيع) إلى (الأصل) وزاد ابن الأخ إذا كان في عياله قال: ذكر في بعض المواضع الخليط فذكر ما اقتصر عليه في (الفتح)، والظاهر أن الكلي يعطى لهم حكم الخليط في حق الرجوع وقد طولب بالفرق بين الأمر بالكفالة وما إذا قال: أد عني زكاة مالي أو

رجع بما أدى عليه، وإن كفل بغير أمره لم يرجع ولا يطالب الأصيل بالمال ـــــــــــــــــــــــــــــ أطعم عني عشرة مساكين لا يرجع ما لم يقل: على أني ضامن وحاصل الفرق أن الأمر بالكفالة يتضمن طلب القرض إذا ذكر لفظة عني، وفي قضاء الزكاة والكفالة طلب اتهاب ولو ذكر لفظة عني والحاصل أنه إنما يرجع في الكفالة بالأمر إذا قال: عني أو علي، وإن لم يقل ذلك فإن كان خليطًا رجع وإلا لا، وفي الأمر بالهبة أو التعريض عنها أو الإقراض والحج والعتق عن كفارته أو الزكاة لا يرجع، ولو قال: عني أو علي إلا إذا قال على أني ضامن، كذا في (الخانية) والحيلة إذا أراد الرجوع بدون الأمر أن يهبه الطالب الدين ويوكل قبضه. قال الولوالجي: وفي (الخانية) المسلم الأسير إذا اشتراه رجل بغير أمره يكون متطوعًا وبأمره كذلك في القياس، وفي الاستحسان يرجع، وإن لم يقل على أن ترجع علي وهذا كما قال لغيره: أنفق من مالك على عيالي أو أنفق على بناء داري فأنفق كان له أن يرجع على الآمر بما أنفق ثم قال: لو أمر رجلًا أن يقضي دينه ولم يقل على أن يرجع علي بذلك ولا على أني ضامن رجع المأمور على الآمر على كل حال انتهى، وأعلم أن الأمر الموجب للرجوع كما يكون حقيقًا يكون حكيمًا إذا كفل الأب عن ابنه الصغير مهر امرأته ثم مات الأب وأخذ من تركته كان للورثة الرجوع في نصيب الابن لأنه كفالة بأمر الصبي حكمًا لثبوت الولاية، فلو أدى بنفسه، فإن أشهد رجع وإلا لا، كذا في نكاح (المجمع) وكما لو جحد الكفالة فبرهن المدعى عليها بالأمر وقضي على الكفيل فأدى فإنه يرجع وإن كان متناقضًا لكونه صار ملزمًا شرعًا بالقضاء عليه كذا في/ تلخيص (الجامع الكبير) (رجع بما أدى) مقيد بما إذا أدى ما ضمن فإن أدى خلافه بأن كان المكفول به جيدًا رديًا أو عكسه رجع بما ضمن وبما إذا أدى ما وجب دفعه على الأصيل، فلو كفل بالأجرة فأداها وجوبها لا يرجع، كذا في (البزازية). وفي قوله بما أدى إيماء أن الكفيل لو صالح عن الأصل بخمسمائة فإنه يرجع بها لا بما ضمن وفي البيع من (الفتح) لو كفل بالمسلم فيه وأداه من ماله يصير مقرضًا حتى يرجع بقيمته إن كان ثوبًا لأن الثوب مثلي في باب السلم، كذا فيما جعل تبعًا له (فإن كفل بغير أمره) ولم يجز المكفول عنه في المجلس (لم يرجع) لأنه تبرع قيدنا بعدم إجازته في المجلس لأنه لو أجاز الكفالة عنه فيه رجع الكفيل كما في (العمادية) يعني بأن قال: أجزت الكفالة عني، ولو أجازها بعد المجلس لا يرجع لأنها وقعت غير موجبة للرجوع فلا ينقلب موجبه، كذا في (كافي المص) (ولا يطالب الأصيل بالمال)

قبل أن يؤدي عنه، فإن لزوم لازمه وبرئ بأداء الأصيل ولو أبرأ الأصيل أو أخر عنه برئ الكفيل وتأخر عنه ولا ينعكس، ـــــــــــــــــــــــــــــ المكفول به (قبل أن يؤدي عنه) لأنه إنما يملك بالدين الأداء إذ لا يرجع قبله قيد بالكفيل بالشراء له الرجوع على الموكل قبل الأداء لما بينهما من المبادلة الحكمية كذا قيل، وهو مبني على أن الملك يقع للوكيل ابتداء لكن سيأتي أن الراجح أنه يقع للموكل فلا يتم الفرق، وفي (الخانية) عن (الأصل) لو كفل بمال مؤجل على الأصيل فأعطاه المكفول عنه رهنًا بذلك جاز انتهى، والوجه فيه ما سيأتي من أن الكفيل استوجب بالكفالة دينًا على المطلوب أيضًا (فإن لوزم) الكفيل (لازمه) أي: لازم الأصيل حتى يخلصه، وكذا إن حبس كان له أن يحبسه هذا إذا كانت الكفالة بأمره ولم يكن على الكفيل للمطلوب دين مثله، فإن كانت بغير أمره أو كان عليه دين فلا ملازمة ولا حبس والمحال عليه إذا لوزم أو حبس وكانت الحوالة بالأمر، كالكفيل كذا في (السراج) (وبرئ) الكفيل عن المطالبة (بأداء الأصيل) لأن براءته توجب براءة الكفيل إجماعًا سواء كانت الكفالة ضم في المطالبة أو في الدين. (ولو أبرأ) الطالب (الأصيل أو أخر عنه برئ الكفيل أو تأخر عنه) لما عرف من أن إبراءه يوجب إبراء الكفيل والتأخير إبراء مؤقت فيعتبر بالمؤبد ويشترط قبول الأصيل وموته قبل القبول والرد يقوم مقام القبول ولو رده ارتد، وهل يعود الدين إلى الكفيل أم لا؟ خلاف كذا في (الفتح) وفي (جامع الفصولين) بايع المديون بيع وفاء برئ كفيله، فلو تفاسخا لا تعود الكفالة انتهى، قيد بإبرائه لأن براءته لا توجب براءة الكفيل ولو ضمن له على فلان فبرهن فلان أنه كان قضاه إياها قبل الكفالة برئ الأصيل دون الكفيل ولو بعدها برئا، كذا في (الخانية)، وفي (القنية) براءة الأصيل إنما توجب براءة الكفيل إذا كانت بالأداء، والإبراء فإن كانت بالحلف فلا لأن الحلف يفيد براءة الحالف فحسب انتهى. وبتأخيره لأن تأخير المطالبة عن الأصيل لا بتأخير الطالب لا يسقطها عن الكفيل كما لو كفل بما لزم العبد المحجور عليه بعد عتقه أو صالح المكاتب عن دم عمد فكفل رجل ثم عجز، كذا عن (الخانية)، ويستفاد منه أن الأصيل لو كان معسرًا لا تسقط المطالبة عن الكفيل الموسر وفي (التتارخانية) لو أجل الطالب الأصيل فلم يقبل صار حالًا عليها ولو أجله شهرًا ثم سنة دخل الشهر في السنة، والآجال إذا اجتمعت انتقضت بمرة انتهى. (ولا ينعكس) الحكم المذكور فلا يبرأ الأصيل ببراءة الكفيل قبل أو لا، لأن عليه المطالبة وبقاء الدين بدونها جائز ولا يتأخر الدين عنه بالتأخير عن الكفيل لأنه

ولو صالح أحدهما رب المال عن ألف على نصفه برئا، ـــــــــــــــــــــــــــــ كما مر إبراء مؤقت فيعتبر بالمؤبد، وأورد بأن المؤبد لا يرتد برد الكفيل والمؤقت يرتد برده فما هذا الاعتبار. وأجيب بأن الفرق بينهما في حكم لا يستلزم الفرق بينهما في كل حكم وسبب الفرق أن الإبراء المؤبد إسقاط محض في حق الكفيل لا تمليك فيه إذ ليس عليه إلا بمجرد المطالبة، والإسقاط المحض لا يقبل منه كإسقاط الخيار وأما المؤقت فتأخير مطالبة لا إسقاط كذا قالوا: ومقتضى كونها ضم في الدين أنه يرتد بالرد ولم أره في (الخانية) قال للكفيل: أخرجتك عن الكفالة فقال: لا أخرج لم يصر خارجًا وتوهم في (البحر) من هذا أن إبراءه يرتد بالرد وفيه نظر، وقالوا: لو كفل بالحال إلى شهر فإنه يتأجل على الأصيل أيضًا وقدمنا عن تلخيص (الجامع) ولو كان قرضًا وعن (السراج) هذا في غير القرض، أما فيه فإنه يكون حالًا على الأصيل فارجع إليه وإذا لم يبرأ الأصيل لم يرجع عليه الكفيل بشيء بخلاف ما لو وهبه الدين أو تصدق به عليه وقيل حيث يرجع ولو بعد موته فالقبول للوارث، فإن رده ارتد في قول أبي يوسف وقال محمد: لا يرتد ولو أدى الكفيل قبل حلول الأجل لا يرجع على الأصيل حتى يمضي الأجل باتفاق الروايات، ولو حل على أحدهما بموته/ لا يحل على الآخر، وعن أبي يوسف عليهما ألف مؤجلة وكل كفيل عن صاحبه فمات أحدهما أخذ ما عليه بالأصالة وما عليه بالكفالة ويبقى مؤجلًا هو الصحيح كذا في (التتارخانية) قال في (البحر): ويستثنى من قولهم براءة الكفيل لا توجب براءة الأصيل مسألتان: الأولى: لو أحال الكفيل الطالب على رجل فقبل الطالب والحال عليه برئ الكفيل والأصيل لأنها حصلت بأصل الدين، والدين أصله على المكفول عنه، ولو شرط الطالب براءة الكفيل فقط لم يبرأ الأصيل وكان له أن يأخذ دينه من الأصيل أو الحال عليه ولا سبيل له على الكفيل إلا أن يقوي المال على الحال عليه، كذا في (السراج) الثانية ما في (الخانية) لو مات الطالب والكفيل وارثه برئ الكفيل على كل حال، وأما الأصيل فإن كانت الكفالة بغير الأمر فكذا يبرأ وإلا فلا انتهى. وأقول: لا معنى لهذا الاستثناء بعد أن الكلام في الإبراء يعني الإسقاط على أنه في الفرع الأول إنما برئ الكفيل لبراءة الأصيل أولًا وسيأتي في الصلح ما يرشد إليه (وإن صالح أحدهما) يعني الأصيل أو الكفيل (رب المال على نصفه) أي: على بعض الدين والنصف مثال (برئا) أما إذا صالح الأصيل فظاهر، وأما إذا صالح الكفيل فلأنه أضاف الصلح إلى الدين الذي على الأصيل فيبرأ الأصيل ضرورة وبراءته توجب براءته، ومعنى المسألة ما إذا شرط براءتهما أو براءة الأصيل أو سكت أما لو شرط

وإن قال الطالب للكفيل برئت إلي من المال رجع على المطلوب وفي برئت أو أبرأتك لا، وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ـــــــــــــــــــــــــــــ الكفيل براءته وحده برئ على خمسمائة وبهذا ظهر أن المسألة مربعة، وفي (التتارخانية) الكفيل بالنفس إذا صالح الطالب على خمسين دينارًا على البراءة عن الكفالة بالنفس لا يجوز ولا يبرأ عنها ولو كان كفيلًا بالمال أيضًا وصالح على خمسين بالشرط برئ، ولو قضى الكفيل بالنفس الدين على أن يبرئه عن الكفالة جاز القضاء والإبراء، وأما إذا أعطاه عشرة ليبرئه عن الكفالة بالنفس فأبرأه لم يسلم له العوض باتفاق الروايات، وفي براءته عنها روايتان، وفي (الخانية) صالح الكفيل الطالب على شيء ليبرئه عن الكفالة لا يصح الصلح ولا يجب المال على الكفيل انتهى. وهو بإطلاقه يعم الكفالة بالمال أيضًا (فإن قال الطالب للكفيل برئت إلي من المال رجع) الكفيل بالمال المكفول به بالأمر (على المطلوب) لأن مفاد هذا التركيب براءة من المال مبدأها من الكفيل ومنتهاها صاحب الدين وهذا هو معنى الإقرار بالقبض من الكفيل فكأنه قال: دفعت إلي رح فيرجع الكفيل على الأصيل بشيء لأن قوله: (برئت) يحتمل بإبرائه أو بالأداء (وأبرأتك) ابتداء إسقاط، وكذا قوله أنت حل من المال بإجماع الأئمة الأربعة لأن لفظ الحل يستعمل في الإبراء بالبراءة دون البراءة بالقبض ذكره المحبوبي وقالوا: هذا إذا كان الطالب غائبًا، فإن كان حاضرًا يرجع إليه في البيان في الكل أنه قبض أو لم يقبض والظاهر أنه في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه سامحه (لا) أنه أخذ شيئًا منه، وجعل أبو يوسف برئت كقوله إلى قيل وهو قول الإمام، واختاره صاحب (الهداية) وهو أقرب الاحتمالين فكان أولى كذا في (العناية) ولا خلاف بينهم أنه لو كتب في الصك برئ الكفيل من الدراهم التي كفل بها كان إقرارًا بالقبض، وفرق محمد بأن العرف أنه إنما كتب عليه هذا إذا وجد الإيفاء له فجعلت الكتابة إقرارًا، ولا عرف عند الإبراء لأنه لا يكتب الصك عليه، واختلف المتأخرون فيما لو قال المدعى عليه أبرأني المدعي من الدعوى التي يدعي علي هذا هو إقرار بالمال وقيل كذا في (الفتح)، والذي في (البزازية) دعوى البراءة عن الدعوى لا يكون إقرارًا بالدعوى عند المتقدمين وخالفهم المتأخرون وقول المتقدمين أصح انتهى. (وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط) مثل إن عجلت إلي البعض أو دفعت البعض مثلًا فقد أبرأتك عن الكفالة وقيل: يصح وقال في (الفتح): وهو أوجه لأن المنع بمعنى التمليك وذلك يتحقق بالنسبة إلى المطلوب، أما الكفيل فالمتحقق منه المطالبة فكأنه أبرأه إسقاطًا محضًا، وظاهر ما في (الشرح) وغيره ترجيح الأول لجزم

والكفالة بحد وقود ومبيع ومرهون وأمانة، وصح ـــــــــــــــــــــــــــــ المص به كغيره وأجاب عما مر حيث قال: وأما على القول بثبوت المطالبة وهي الدين لأنها وسيلة إليه والتمليك لا يقبل التعليق بالشرط والحمل في (الدراية) رواية الكتاب على ما إذا كان الشرط غير متعارف، والرواية الثانية على ما إذا كان متعارفًا، ومقتضى كلامهم أنه لا خلاف في بطلان التعليق بناء على أنها ضم في الدين قيد بالكفالة بالمال لأن التعليق البراءة من الكفالة بالنفس على وجوه في وجه تصح البراءة ويبطل الشرط كما إذا أبرئ الطالب على أن/ يعطيه الكفيل عشرة وفي وجه يصحان، كما إذا كان كفيلًا بالمال أيضًا وشرط الطالب عليه أن يدفع إليه الحال ويبرئه من الكفالة بالنفس وفي وجه لا يصحان، كما إذا شرط عليه الطالب أن يدفع إليه ويرجع بذلك على المطلوب كذا في (الخانية) ملخصًا. (و) بطل أيضًا (الكفالة بحد وقود) لعدم الفائدة في استيفائها من غير الجائي وقيده العيني هنا، وفي شرح (الهداية) بما إذا كفل بنفس الحد، فإن كفل بمن عليه الحد تصح وهو مأخوذ من (الهداية) معللًا بأنه أمكن ترتيب موجبه عليه لأن تسليم النفس فيما واجب فيطالب به الكفيل فيتحقق الصحة. قال في (الفتح): ومقتضى هذا التعليل صحة الكفالة إذا سمح بها في الحدود الخالصة لأن تسليم النفس واجب فيهما لكن نص في (الفوائد الخبازية) على أن ذلك في الحدود التي للعباد فيها كحد القذف لا غير انتهى. وقد مر ومبيع بأن يقول المشتري: إن هلك المبيع فعلي بدله (ومرهون) سواء ضمن الرهن للراهن أو للمرتهن، كما في (جامع الفصولين) (وأمانة) كوديعة ومال مضاربة وشركة وعارية ومستاء وبفتح الجيم على أن الأعيان إما مضمونة بنفس وهي ما تجب قيمتها عند الهلاك، أو بغيرها وهي ما لا تجب قيمتها أو أمانة، (و) الأول (تصح) الكفالة به كما سيأتي ولا تصح بالثاني والثالث لفقد شرطها وهو أن يكون المكفول مضمونًا على الأصيل لا يخرج عنه إلا بدفع عينه أو بدله والمبيع مضمون بالثمن والمرهون على الأصيل فأمكن التزامه، وإن هلكت العين برئ الكفيل وقيل: إن كان واجبًا على الأصيل كالعارية والإجارة الكفالة بتسليمه في مجلس العقد، وإن كان غير واجب كالوديعة لا تجوز الكفالة بتسليمه في مجلس العقد، وإن كان غير واجب كالوديعة لا تجوز الكفالة بتسليمه لأنه غير واجب عليه فلم يمكن إيجابه على الكفيل، كذا في (الشرح) وبهذا القيل جزم شارح (الهداية). لكن قال في (الفتح): الوجه عندي صحة الكفالة بتسليم الأمانة إذا لا شك في وجوب ردها عند الطالب، غير أنه في الوديعة وأخويها يكون بالتخلية وفي غيرها

لو ثمنًا ومغصوبًا ومقبوضًا على سوم الشراء ومبيعًا فاسدًا وحمل دابة معينة مستأجرة ـــــــــــــــــــــــــــــ يحمل المردود إلى ربه فقال في (الذخيرة): الكفالة بتمكين المودع من الأخذ صحيحة، وما في (المبسوط) من أن الكفالة بتسليم العارية باطلة. قال في (الدارية): إنه باطل فقد نص محمد في (الجامع الصغير)، وكذا في (المبسوط) أن الكفالة به صحيحة، وأقره في (فتح القدير) ولم يلتفت إلى قوله في (العناية) وفيه نظر، فإن شمس الأئمة ليس ممن لم يطلع على (الجامع) بل لعله اطلع على رواية أقوى من ذلك فاختارها لأن هذا أمر موهم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وصح التكفيل (لو) كان المكفول به (ثمنًا) لأنه دين صحيح، وقدمنا أنه لو كفل على صبي ثمن متاع اشتراه لا يلزم الكفيل شيء ولو كفل بالدرك بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز، وإن قبله جاز. وقالوا: استحق المبيع برئ الكفيل بالثمن، ولو كان الكفالة لغريم البائع ولو رد عليه بعيب بقضاء أو بغيره أو بخيار رؤية أو شرط برئ الكفيل إلا أن تكون الكفالة لغريم فلا يبرأ أو الفرق بينهما ظاهر أنه مع الاستحقاق تبين أن الثمن غير واجب على المشتري وفي الرد ونحوه وجد المسقط بعدما تعلق حق الغريم به فلا يسري عليه، وقيد البراءة في (التتارخانية) بما إذا رد المبيع على البائع، فإن لم يرده كان له مطالبة المشتري بالثمن حتى يرده وفيها لو ظهر فساد البيع رجع الكفيل بما أداه على البائع، وإن شاء على المشتري، ولو فسد بعد صحته بأن ألحقا به شرطًا فاسدًا فالرجوع للمشتري على البائع يعني والكفيل يرجع بما أداه على المشتري وكان الفرق بينهما أنه يظهر الفساد تبين أن البائع أخذ شيئًا لا يستحقه فيرجع الكفيل عليه، وإن ألحقا به شرطًا فاسدًا لم يتبين أن البائع حين قبضه قبض شيئًا لا يستحقه (ومغصوبًا ومقبوضًا على سوم الشراء) إن كان الثمن مسمى وإلا فهو أمانة كما مر (ومبيعًا فاسدًا) وبدل صلح عن دم ومهر، وبدل خلع كما في (الخانية) لأن هذه الأعيان مضمونة بنفسها على الأصيل فيلزم الضامن إحضارها وتسليمها، وعند الهلاك تجب قيمتها وإن مستهلكة فالضمان لقيمتها (وحمل دابة) عطف على قوله بحد أي بطل التكفيل بحمل دابة (معينة مستأجرة) لأنه عاجز عن الفعل الواجب على الأصيل وهو حمله المعينة إذ لا ملك له فيها، بخلاف ما لو كانت بغير عينها لأنه يقدر على ذلك بأن يحمله على دابة يستأجرها فجازت. قال في (العناية): وفيه نظر لأن عدم القدرة من حيث كونها ملك الغير لو منع صحتها لما صحت بالأعيان مطلقًا كما ذهب الشافعي، واستدل به على عدم جوازه في الأعيان مطلقًا وما ذكره في (الإيضاح) جوابًا/ للشافعي وهو قوله تسليم ما

وخدمة عبد استؤجر للخدمة، وبلا قبول الطالب في مجلس العقد ـــــــــــــــــــــــــــــ التزمه متصور في الأعيان المضمونة في الجملة فتصح التزامه لأن ما يلزم بعقده يعتبر فيه التصور غير دافع لأن تسليم ما التزمه متصور في الجملة فكان الواجب صحتها فيما نحن فيه أيضًا انتهى. قال في (الحواشي السعدية): لعل المراد من قوله متصور في الجملة لأن التسليم متصور إما باعتبار عينه أو باعتبار قيمته، ولا يستقيم ذلك في الحمل على دابة معينة انتهى. والضمير في قوله لعل المراد من قوله أي من قول صاحب (الإيضاح) وحاصله منع كونه غير دافع بل هو دافع لصحة الكفالة بالحمل بما ذكره فتدبره واعترض شارح على الفرق بين المعينة وغيرها بما حاصله أنه إن كان الحمل على الدابة تسليمها فينبغي أن تصح الكفالة فيها لأن الكفالة تسليم المستأجر صحيحه ولم يمنع منه كون المستأجر ملكًا لغير الكفيل، وإن كان التحميل فينبغي أن لا يصح فيهما لأن التحميل غير واجب على الأصيل، والحق أن الجواب في الحمل على الدابة معينة أو غير معينة ليس مجرد تسليمها بل المجموع من تسليمها والإذن في تحميلها، وفي المعينة لا يقدر على الإذن في تحميلها لعدم ولايته عليها وفي غير المعينة يمكنه ذلك عند تسليم دابة نفسه أو دابة استأجرها، كذا في (الفتح). وفي (البدائع) الواجب في المعينة تسليمها دون الحمل فلم تكن الكفالة به كفالة بما هو مضمون على الأصيل فلم تصح وفي غير المعينة الواجب فعل الحمل دون تسليم الدابة فكانت الكفالة بالحمل كفالة بفعل هو مضمون على الأصيل فصحت. (و) بطل التكفيل أيضًا (بخدمة عبد استؤجر للخدمة) لما عرف من أنه عاجز عن الفعل الواجب عن الأصيل إذ لا يملك العبد، أما لو كفل بتسليم الدابة المعينة أو بنفس العبد كانت الكفالة صحيحة. (و) لا تصح الكفالة أيضًا (بلا قبول الطالب في مجلس العقد) عندهما، وعن أبي يوسف روايتان إذا بلغه الخبر فأجازها جازت، وفي أخرى تنفذ بلا إجازة وهي أصح قوله، كذا في (المحيط) وهي بالأظهر عنه كما في (الفتح) وفي (البزازية) وعليها الفتوى والخلاف في الكفالة بالنفس والمال جميعًا وجه التوقف ما مر في النكاح، ووجه النفاذ أنها التزام يستند به الملتزم ولا يتعدى ضرر في المكفول له ولهما أن عقد الكفالة فيه معنى التمليك وهو تمليك المطالبة منه فيقوم بهما جميعًا، وأجمعوا على أنه لو قبل عنه قابل توقف وعلى هذا فإطلاق نفي الصحة بلا قبول الطالب غير صحيح، ولو أخبر عن الكفالة حال غيبة الطالب إجماعًا، ولو قال الطالب: أخبرت وقال الكفيل كان إنشاء فالقول للطالب، كذا في (البزازية).

إلا إن تكفل وارث المريض عنه ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (السراج) ضمنت ما لفلان على فلان وهما غائبان فقيل فضولي ثم بلغهما وأجازا إن أجاز المطلوب أولًا كانت كفالة بالأمر، ولو كان المطلوب حاضرًا وقبل ورضي المطلوب إن رضي قبل قبول الطالب رجع عليه، وإن بعده فلا رجوع (إلا أن يكفل) استثناء من لا يصح (وارثًا لمريض عنه) بأمره بأن يقول لوارثه: تكفل عني بما علي من الدين لأن هذا وصية في الحقيقة ولهذا لا يصح، وإن لم يسم المكفول لهم ولهذا قالوا: إنما يصح إذا كان له مال أو يقال: إنه قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغًا منه وفيه نفع الطالب فصار كما إذا حضر بنفسه، وإنما يصح اللفظ ولا يشترط القبول لأن يراد به التحقيق دون المساومة ظاهرًا في هذه الحالة فصار كالأمر بالنكاح، كذا في (الهداية) وقد اشتمل كلامه على بيان وجهين للاستحسان في صحة هذه الكفالة، الأول أنها وصية في الحقيقة لا كفالة. قال في (النهاية): وفيه نظر إذ لو كانت كذلك لما اختلف الحكم بين حالة الصحة والمرض إلا أن يؤول بأنه في معنى الوصية وفيه بعد انتهى. ورده في (العناية) بأن مثل هذه العبارة تستعمل عند المخلصين فيما إذا دل لفظ فظاهره على معنى، فإذا نظر في معناه يؤول إلى معنى آخر وح لا فرق بين أن يقول في معنى الوصية أو وصية في الحقيقة، وما في (البحر) من أنه لا فائدة فيها لأنا حيث شرطنا في صحتها وجود المال فالوارث يطالب به على كل حال، وإذا لم يكن له مال لا يصح فدفع بأن فائدتها تظهر في تفريغ ذمته، الثاني أنها كفالة حقيقة لقيام المريض مقام الطالب لحاجته إليه تفريغًا لذمته فلم يكن المكفول له مجهولًا بهذا الاعتبار وهذا الوجه هو أرجح الوجهين، كما في (الفتح) وإنما لم يشترط منه القبول لأنه لما أريد به التحقيق لا المساومة كان الأمر بالنكاح في قوله لامرأة: زوجيني فقال: زوحت فإن ذلك بمنزلة قولها زوجت وقبلت، قال في (العناية): وظاهر قوله ولا يشترط القبول يدل على سقوطه في هذه الصورة وهو المناسب للاستثناء. وأقول: لو قيل:/ بأن المنفي إنما هو صريح القبول لا تحد المسلك فتدبره، وتمثيله بالأمر بالنكاح يدل على قيام لفظ واحد مقامهما ويجوز أن يكون مسلكين في هذه الصورة، واعلم أن الاستثناء على الأول منقطع، وعلى الثاني متصل، ولذا كان أرجح إلا أن مقتضاه أن الوارث يطالب، وإن لم يكن للميت مال وقد مر أنه يطالب، ولو كان له مال غائب هل يؤمر الغريم بانتظاره أو يطالب الكفيل؟ لم أره وينبغي على أنه وصية أن ينتظر وعلى أنها كفالة أن يلزم الكفيل بالدفع الآن قيدنا بأمره لأنه لو تبرع الوارث بذلك بأن ضمن ما عليه للغرماء في غيبتهم لم تصح، وروى

وعن ميت مفلس ـــــــــــــــــــــــــــــ الحسن الصحة ولو قال ذلك بعد موته صحت، كذا في (السراج) وينبغي أن يكون هذا على قول أبي يوسف لما مر وقيد بالوارث لأن المريض لو قال ذلك لأجنبي فضمن قيل: لا تصح إلا أن يقبل الطالب لأنه غير مطالب بقضاء دينه بلا التزام وقيل: يصح وينزل المريض منزلة الطالب. قال في (الحواشي السعدية): فإن الوارث حيث كان مطالبًا بالدين في الجملة كان فيه شبهة الكفالة عن نفسه في الجملة فكان ينبغي أن لا يجوز كفالته، فإذا جازت كما مر من الوجهين فكفالة الأجنبي وهي سالمة عن هذا المانع أولى أن تصح وعن هذا قال في (الفتح) إن الصحة أوجه لأنها كفالة كما مر في (العناية) أو على أنه بطريق الوصية كما هو الوجه الآخر من الاستحسان، ولذا جاز مع جهالة المكفول له، وجواز ذلك في المريض للضرورة لا يستلزم الجواز من الصحيح لعدمها. (و) لا تصح الكفالة أيضًا بدين (عن ميت مفلس) عند الإمام وقالا: تصح وبه قالت الثلاثة وأكثر أهل العلم لأنه كفل بدين صحيح ثابت في ذمة الأصيل وكل كفالة هذا شأنها فهي صحيحة اتفاقًا فهذه صحيحة، وكيف وقد قبلها عليه الصلاة والسلام لما جيء بجنازة مديون فلم يصل عليه؟ قال أبو قتادة: علي ما عليه يا رسول الله فصلى عليه، وله أن كفل بدن ساقط لأنه الفعل حقيقة أي المقصود منه إنما هو فعل الأداء وذلك يقتضي القدرة وهي معينة والدليل على أنه فعل أنه يقال دين واجب كالصلاة واجبة والوصي حقيقة إنما هو للأفعال فإن قلت: أجمعوا أنه لو تبرع به إنسان صح، ولو سقط بالموت لما حل لصاحبه الأخذ. قلت: السقوط إنما هو بالنسبة إلى الميت لا المستحق وإذا كان باقيًا في حقه حتى له أن يأخذه، وحديث أبي قتادة يحتمل الإنشاء والإخبار والوعد، وإن كان مرجوحًا وجعل في (البحر) هذا المرجوح هو الظاهر إذ لا تصح الكفالة مع جهالة المكفول له ووقع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سقط بها الاستدلال، وامتناعه من الصلاة عليه ليظهر طريق إيفائها لا بطريق الكفالة، وأورد على القول بالسقوط ما لو كان به كفيل أو رهن يبقى الدين على حاله، ولو سقط لزم براءة الكفيل وعدم بقاء الرهن. وأجيب بأن ذمة الكفيل السابق كفالته خلف عن ذمته فلا تبطل ذمته بالموت ومثله الرهن قال في (الغاية): والحق بأن من قال بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة القول

وبالثمن للموكل ولرب المال وللشريك إذا بيع عبد صفقة ـــــــــــــــــــــــــــــ ببطلان الكفالة عن الميت المفلس لعدم ما يضم إليه انتهى. وفيه تأييد لقول الإمام، لكن في (الحواشي السعدية) لعلهم يقولون بضعف الذمة بالموت كما ذكر في كتب الأصول لا إنها خربت انتهى. والقول بضعفها به مصرح به في التحرير قال: وبظهور المال تفوت بل ظهر قولهما وهو الشرط حتى لو تفوت بلحوق دين بعد الموت صحت الكفالة به بأن حفر بئرًا على الطريق فتلف به حيوان بعد موته فإنه يثبت الدين مستندًا إلى وقت السبب وهو الحفر الثابت حال قيام الذمة، والمستند يثبت أولًا في الحال ويلزمه اعتبار قولهما حينئذ به انتهى. قال في (البحر): وهذه مستثناة من إطلاق المص، ولا تصح أيضًا كفالة الوكيل بالثمن للموكل فيما وكل ببيعه لأن حق القبض له بالأصالة فيصير ضامنًا لنفسه، ولذا جاز إبراؤه وتوكيله الموكل بالقبض وعزله، ولو تبرع بأداء الثمن عنه صح كما في (الخانية)، والتقييد بما وكل ببيعه مخرج لما إذا وكل رجلًا بقبض الثمن من الوكيل فكفل به الوكيل صح، قيد بالوكيل لأن الرسول يصح ضمانه والوكيل ببيع الغنائم من جهة الإمام لأنه سفير ومعبر (وبالثمن) لأن الوكيل بالنكاح يصح ضمانه المهر لما قلنا. واعلم أن كلامه هنا يفيد أن الولي والنظر لا يصح ضمانهما الثمن عن المشتري فيما باعاه، لأن حق القبض لهم بالأصالة ويدل على ذلك ما صرحوا به من أنهما لو أبرأاه عن الثمن صح، وضمنا (ولرب المال) أي: لا تصح أيضًا كفالة المضارب بثمن ما باعه لرب المال لما مر في الوكيل وفي (البحر) ذكر الشارح: ما لو أعتق عبده المديون حتى لزمه ضمان قيمته للغرماء ولزم العبد جميع الدين، ولو ضمن المولى الدين للغرماء ما لا يصح لأن المولى متهم فيه بإبراء نفسه انتهى. ولم أجده في نسختي/ التي كتبتها، والظاهر أنها حاشية على نسخته. (و) لا تصح أيضًا (للشريك إذا بيع عبد صفقة) واحدة وضمن أحدهما نصيبه من الثمن لشريكه لأنه ضامن لنفسه إذ ما من جزء يؤديه المشتري أو الكفيل من الثمن إلا وله فيه نصيب قيد بالصفقة الواحدة لأنها لو تعددت بأن سمى كل واحد منهما ليصيبه ثمنًا صح ضمان أحدهما للآخر يعني باع نصيبه وسمى له ثمنًا لما مر من إنما تعددها عن الإمام لابد فيه من تعدد لفظ بعت خلافًا لهما. وفي (الخانية) مات وله دين على رجل وترك ابنين فكفل أحدهما عن المديون بحصة أخيه لا يصح، ولو تبرع بأداء حصته من الدين صح وبه عرف أن ضمان الشريك سواء كان شريكًا في ثمن أو غيره غير صحيح فالبيع مثال وهو وفي (جامع

وبالعهدة والخلاص ومال الكتابة. فصل ولو أعطى المطلوب الكفيل قبل أن يعطي الكفيل الطالب لا يسترد منه ـــــــــــــــــــــــــــــ الفصولين) لو أدى أحدهما لصاحبه بعد ما ضمن رجع بما أدى، ولو أداه بلا سبق ضمان لم يرجع وفي صورة الضمان يرجع إذا قضاه على فساد كما لو أدى بكفالة فاسدة، فنظيره لو كفل بمال الكتابة لم يصح لكن إذا أدى يرجع بما أداه. (و) لا تصح أيضًا (بالعهدة) بأن يشتري عبدًا فيضمن العهدة للمشتري لاشتراكهما بين الصك القديم أي الوثيقة التي تشهد للبائع بالملك وهي ملكه فإذا ضمن تسليمها إلى المشتري لم يصح لأنه ضمن ما لم يقدر عليه والعقد وحقوقه وعلى الدرك وخيار الشرط ففي الخبر عهدة الرقيق ثلاثة أيام فلم تصح الكفالة للجهالة قال في (البحر): فظاهر كلامهم أنه إذا فسرها بغير ضمان الدرك لم يصح (بالخلاص) عند الإمام وقالا: تصح، والخلاف مبني على تفسيره فهما فسراه بتخليص المبيع إن قدر عليه ورد الثمن إن لم يقدر عليه وهذا ضمان الدرك في المعنى، وفسره الإمام بتخليص المبيع فقط ولا قدرة له عليه، ولو ضمن تخليص المبيع أو رد الثمن صح أي إجماعًا لأنه ضمن ما يمكن الوفاء به وببدل (الكتابة)، أي: لا تصح أيضًا ببدل الكتابة لما مر من أنه لابد أن يكون المكفول به دينًا صحيحًا وهذا الدين يثبت مع المنافي وهو دين المولى على مملوكه فلا يظهر في حق الكفالة والله الموفق. فصل (ولو أعطى المطلوب الكفيل) أي: المكفول به بأمره قيد به في (الهداية)، ولابد لما سيأتي (قبل أن يعطي الكفيل الطالب لا يستره) المطلوب (منه) حيث كان الدفع على وجه الاقتضاء بأن قال: إني لا آمن أن يأخذ منك الطالب حقه فخذه قبل أدائك لأنه ملكه بالاقتضاء بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة بأن قال له: خذ هذا المال وادفعه للطالب فإنه لا يملكه إلا أنه يرجع أيضًا لأنه تعلق به حق القابض على احتمال قضائه الدين فلا تجوز مطالبته ما بقي هذا الاحتمال، إلحاقًا بالزكاة المعجلة للساعي تعلق به حق القابض على احتمال أن يتم الحول والنصاب كامل فلا يستره المزكي ما بقي هذا الاحتمال وشمول كلام المص لما إذا كان القبض على وجه الرسالة أيضًا، وإن كان صحيحًا في نفسه إلا أنه لا يلائم قوله بعد وما ربح له وندب رده لو شيئًا يتعين فإنه في هذين لا يطيب له ربح، فالأولى جعل كلامه على

وما ربح الكفيل له وندب رده على المطلوب لو شيئًا يتعين ـــــــــــــــــــــــــــــ نسق واحد، وغاية الأمر سألت عن مسألة الرسالة هذا أسهل الأمرين فتأمله، ولو كانت الكفالة بغير الأمر يسترده لأنه لا ملك له ولا تعلق فيه، وعن هذا قال في (البحر): سئلت هل يعمل نهيه عن أدائه؟ فأجبت بأنه إن كان كفيلًا بالأمر لم يعمل نهيه لأنه لا يملك استرداده وإلا عمل لعدم ملكه له، ولهذا ظهر أن الكفالة توجب دينًا للطالب على الكفيل ودينًا للكفيل على المكفول عنه لكن دين الطالب حال، ودين الكفيل مؤجل إلى وقت الأداء، ولذا لو أخذ الكفيل من الأصيل رهنًا أو أبرأه أو وهب منه الدين صح فلا يرجع بأدائه، كذا في (النهاية). ولا ينافيه ما مر من الراجح أن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة لأن الضم إنما هو بالنسبة إلى الطالب، وهذا لا ينافي أن يكون للكفيل دين على المكفول عنه كما لا يخفى وعليه هذا فالكفالة بالأمر توجب ثبوت دينين وثلاث مطالبات تعرف بالتدبر (وما ربح الكفيل) في المال قبل قضائه الدين يطيب (له) لأنه نما ملكه وهذا إذا لم يؤد الأصيل الدين ظاهر، وإن أداه كان فيه نوع خبث عند الإمام إلا أنه لا يظهر مع الملك فيما لا يتعين كالدراهم، ولو قبضه على وجه الرسالة لا يطيب له عندهما خلافًا لأبي يوسف لأن الخراج بالضمان، وعلى هذا الخلاف لو تصرف المودع في الوديعة وربح كذا في (العناية) وما في (الحواشي السعدية) هذا مخالف لما في (الشرح) من أنه حيث كان الدفع على وجه الرسالة لا يطيب له الربح بالاتفاق سبق نظر فإن المذكور فيه حكاية الخلاف أيضًا، (وندب رده) أي: الربح (على المطلوب لو) كان المأخوذ منه (شيئًا يتعين) كحنطة ونحوها هذا/ هو أحد الروايات عن الإمام وهو الأصح، فإن كان فقيرًا طاب له، وإن كان غنيًا ففيه روايتان، والأشبه أنه يطيب له أيضًا وعنه أنه لا يرده بل يطيب له وهو قولهما لأنه نماء ملكه وعنه أنه يتصدق به وجه الأصح أن الخبث لحق المطلوب فإذا رده إليه وصل إليه ما يستحقه لكنه استحباب لا جبر، يعني لا يجبره الحاكم على ذلك. قال في (الفتح): إذا كان المراد بالاستحباب ما يقابل جبر القاضي يكون المعنى لا يجبره القاضي لكن يفعله هو ولا يلزم من عدم جبر القاضي عدم الوجوب فيما بينه وبين الله تعالى فجاز أن يكون واجبًا بينه وبين الله تعالى وهو مستحب في القضاء غير مجبور عليه انتهى. وأنت خبير بأن هذا، أعني الوجوب فيما بينه وبين الله تعالى بعد كونه نماء ملكه مما لا يعرف شرعًا فلم يبق إلا التنزه عما في ملكه من الخبث التمكن فيه لتعينه وهو مندوب، وهذا معنى قول الإمام أحب إلي أن يرده على الذي قضاه، ولا يجب ذلك في الحكم إذ لو وجب حقًا للعدد لأجبره الحاكم عليه.

ولو أمر كفيله أن يتعين عليه حريرًا ففعل فالشراء للكفيل والربح عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ (ولو أمر الكفيل أن يتعين) أي: يشتري (عليه حريرًا ففعل) ما أمر به من الشراء بالعينة وهو أن يشتريه بأكثر من قيمته ليبيعه بأقل من ذلك الثمن لغير البائع ثم يشتريه البائع من ذلك الغير بالأقل الذي اشتراه به ويدفع ذلك الأقل إلى بائعه فيدفعه بائعه إلى المشتري المديون تحرزًا عن شراء ما باع بأقل مما باع قبل فقد الثمن وقيل: هو أن يطلب منه القرض فيأبى عليه فيبيعه ثوبًا يساوي عشرة بخمسة عشر نسيئة رغبة في نيل الزيادة ليبيعه بعشرة ويتحمل خمسة سمي به لما فيه من الإعراض عن الدين إلى العين وهو مكروه لما فيه من الإعراض عن مبرة الإقراض مطاوعة لمذموم البخل، كذا في (الهداية) مقتصرًا عليه، وادعى في (الفتح) أنه لا يصح هنا إذ ليس المراد من قوله تعين على حريرًا اذهب فاستقرض، فإن لم يرض المسؤول أن يقرضك فاشتر منه الحرير بأكثر من قيمته بل المقصود اذهب فاشتر على هذا الوجه انتهى. أقول: لم لا يجوز أن يكون المراد أعرض عن الدين إلى العين حيث لم يتيسر ذلك؟ ومن صور العيبة أن يقرضه مثلًا خمسة عشر ثم يبيعه ثوبًا يساوي عشرة بخمسة عشر ويأخذ الخمسة العشر القرض التي دفعها له فلم تخرج عنه إلا عشرة، وثمة صور أخر يطول الكلام عليها ثم قال أبو يوسف: هذا البيع مكروه لأنه فعله كثير من الصحابة وحملوا عليه وقال محمد: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا وقد ذمهم الشارع عليه فقال: إذا تبايعتم بالعينة وابتعتم أذناب الإبل ذللتم وظهر عليكم عدوكم أي اشتغلتم بالحرث عن الجهاد. قال في (الفتح): والذي يقع في قلبي أن ما يخرجه الدافع إن فعلت صورة يعود دينها إليه هو أو بعضه كعود الحرير إليه في الصورة الأولى، وكعود الخمسة في صورة إقراض الخمسة عشر فيكره يعني تحريمًا وما لم ترجع إليه العين التي خرجت منه لا يسمى بيع العينة كالصورة المتقدمة عن (الهداية) فلا كراهة فيها إلا خلاف الأولى انتهى مخلصًا، وقال قبله: ذم مشايخ بلخ البياعات الآن حتى قال ابن سلمة لتجارهم: إن العينة خير من بياعاتكم وهو صحيح فكثير من البياعات كالزيت والعسل والسيرج استقر الحال فيها على وزنها مظروفة ثم أسقط مقدار معين على الظرف وبه يصير البيع فاسدًا، ولا شك أن البيع الفاسد حكم الغصب المحرم فإن هو من بيع العين الصحيح المختلف في كراهته انتهى. (فالشراء للكفيل والربح عليه) لأن هذا ضمان لما يخسر المشتري نظرًا لما قوله على وهو فاسد لأن الحرير غير معين، وكذا الثمن بجهالة ما زاد على الدين، وأيًا ما

ومن كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المطلوب فبرهن المدعي علي الكفيل أن له على المطلوب ألفًا لم يقبل ولو برهن أن له على زيد كذا وأن هذا كفيل عنه بأمره قضى به عليهما، ولو بلا أمر قضى على الكفيل فقط ـــــــــــــــــــــــــــــ كان فالشراء للمشتري والربح عليه لأنه العاقد (ومن كفل عن رجل بما ذاب) أي: ثبت (له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المطلوب) أي: المكفول عنه (فبرهن المدعي على الكفيل أن له على المطلوب ألفًا لم يقبل) برهانه ولا يقضي به، لأنه لو قضى به لكان قضاء على غائب لم ينتصب عنه خصم والكفيل لا يصلح خصمًا هنا لأنه إنما كفل بمال مقضي به بعد الكفالة، لأنه وإن كان ماضيًا فالمراد بها المستقبل كقولهم: أطال الله تعالى بقاءك وهذا لأنه جعل الذوب شرطًا، والشرط لابد أن يكون مستقبلًا على خطر الوجود فما لم يوجد الذوب بعد الكفالة لا يكون كفيلًا والدعوى مطلقًا عن ذلك، والبينة لم تقم بقضاء مال وجب بعد الكفالة فلم تقم على من انتصف بكونه كفيلًا عن الغائب بل على أجنبي حتى لو برهن أن قاضي بلد كذا قضي له على الأصيل بعد الكفالة بألف قبلت وقضي على الكفيل بالأمر ويكون ذلك قضى على الغائب، ولقائل أن يقول: لا نسلم أن هذا البرهان لا يقضى به بل يقضى به إذ القضاء على الغائب في مثله صحيح. ففي (العمادية) ادعى رجل أنه كفل عن فلان بما يذوب له عليه فأقر المدعى عليه بالكفالة وأنكر الحق وأقام المدعي بينة/ أنه ذاب على فلان كذا فإنه يقضى به في حق الكفيل الحاضر وفي حق الغائب جميعًا حتى لو حضر الغائب وأنكر لا يلتفت إلى إنكاره انتهى، كذا في (الحواشي اليعقوبية) ويمكن أن يجاب بأن الكفيل يكون هناك خصمًا له بخلاف ما نحن فيه وفيه نظر، إذ الموجب لكونه ليس خصمًا فيما نحن موجود في فرع الفصول كما لا يخفى فتدبره. (ولو برهن أنه له على زيد كذا) من المال (وأن هذا) المال وأن هذا الحاضر (كفيل عنه) أي: عن الغاب (بأمره قضى به) أي: بالبرهان (عليهما) أي: على الحاضر والغائب لأن المكفول به هنا مال مطلق عن التوصيف بكونه مقتضيًا به ودعوى المدعي مطلقه فصحت وقبلت البينة لابتنائها على صحة الدعوى بخلاف ما مر فإن المكفول به هناك مال مقيد يكون وجوبه بعد الكفالة فلم يطابقها الدعوى ولا البينة. (ولو) برهن أنه كفل عنه (بلا أمر قضى على الكفيل فقط) لأن صحة الكفالة بلا أمر المكفول له إنما تفيد قيام الدين في زعم الكفيل فلا يتعدى زعمه إلى غيره أما بالأمر الثابت فتضمن إقرار المطلوب بالمال إذ لا يأمر غيره بقضاء ما عليه إلا وهو معترف به، فلذا صار مقضيًا عليه بخلافها بغير أمره فإنها لا تمس جانب المطلوب.

وكفالته بالدرك تسليم وشهادته وختمه لا ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الجامع الكبير) جعل المسألة مربعة إذ الكفالة إما مطلقة مثل كفلت بمالك على فلان، أو مقيدة بألف درهم وكل إما بالأمر أو بدونه، وقد علمت أن المقيدة إن كانت بالأمر كان القضاء بها عليهما وإلا فعلى الكفيل فقط، وأما المطلقة فإن القضاء بها عليهما سواء كانت بالأمر أو لا كان الطالب لا يتوصل بإثبات حقه على الكفيل إلا بعد إثباته على الأصيل وهذا لأن المذهب أن القضاء على الغائب لا يجوز قال مشايخنا: وهذا طريق من أراد إثبات الدين على الغائب من غير أن يكون بين الكفيل والغائب اتصال، وكذا إذا الطالب موت الشاهد يتواضع مع رجل ويدعي عليه مثل هذه الكفالة فيقر الرجل بالكفالة وينكر الدين فيقيم المدعي البينة على الدين فيقضي به على الأصيل والكفيل، وكذا الحوالة على هذا الوجه. وذكر في (الفتح) فروعًا على من هذا النمط ثم قال: وهذا كله استحسان، استحسنه علماؤنا صيانة للحقوق انتهى. ولنا أن هذا البحث راجعه عند قوله: ولا يقضى على غائب فنستوفي الكلام فيه ثمة إن شاء تعالى (وكفالته بالدرك) وهو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع كما مر (تسليم) أي: تصديق منه بأن المبيع ملك للبائع لأنها إن كانت مشروطة في الببيع فتمامه بقبول الكفيل فكأنه هو الموجب له فالدعوى به أو أنه في تواجره بعد ذلك سعى في نقض ما تم من جهته فلا تقبل، ولهذا تبطل شفعته لو كان شفيعًا وينبغي أن يكون الرهن كالإجارة، وإن لم تكن مشروطة فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فينزل منزلة الإقرار بالملك له فكأنه قال: اشترها فإنها ملك البائع، فإن استحقت فأنا ضامن عنها. واعلم أنه في بيوع (الخلاصة) في الفصل السابع من الاختلاف قال: من سعى في نقض ما تم من جهته لا يقبل منه إلا في موضعين، أحدهما، اشترى عبدًا أو نقض الثمن بعد القبض ثم ادعى أن البائع قبل ذلك باعه من فلان الغائب وبرهن عليه قبل برهانه، والثاني: وهبه أمته فاستولدها الموهوب له فبرهن الواهب أنه كان وهبها أو استولدها قبل ذلك قبل برهانه ورجع على الموهوب له بالجارية والعقر انتهى. وذكر الشر ثالثًا في دعوى النسب: هو أن البائع لو ادعى أن المبيع معتق له أو أنها أم ولده لا يقبل قوله إلا إذا أقام البينة فيقبل، وعليه فالهبة ليست قيدًا أو قالوا: لو ادعى أن الأرض المبيعة منه وقف أنه وقفها وبرهن قبل برهانه فالمواضع أربعة (وشهادته) أي: الكفيل يعني كناية رسم شهادته في صك المبايعة (وختمه) فيه خوفًا من التزويد عليه (لا) أي: لا يكون تسليمًا لأن الشهادة ليست مشروطة في البيع ولا هي إقرار بالملك لأن البيع مرة يوجد من البائع وتارة من غيره، ولعله كتب

ومن ضمن عن آخر خراجه أو رهن به أو ضمن نوائبه الشهادة ليحفظ الحادثة بخلاف ما تقدم. قال مشايخنا: هذا إذا لم يكتب ما يفيد الاعتراف بملك البائع بأن كتب في صك باع فلان من فلان جميع الدار وجرى البيع بين فلان وفلان فكتب شهدت بذلك أو جرى ذلك أو شهدت على إقرار المتعاقدين، أما إذا كتب فيه ما يفيد الاعتراف بملك البائع مثل باع فلان بن فلان جميع الدار الجارية في ملكه أو بيعًا باتًا نافذًا ثم كتب كما مر لا تسمع دعواه، وإذا عرف هذا في الكفيل ففي غيره أولى، قيد بكتابة الشهادة لأنه لو شهد عند الحاكم بالبيع سرًا قضى بشهادته أولًا كان تسليمًا لأن الشهادة به على إنسان إقرار منه بنفاد البيع باتفاق الروايات، ذكره الشر وأغفله في (الفتح) و (العناية) وتبعهما في (البحر) وذكره الختم وقع/ اتفاقًا باعتبار عرف زمانهم ولم يبق في زماننا فالحكم لا يتفاوت بين أن يكون فيه ختم أو لا، كذا في (العناية). ولم أر ما لم تعارفوا رسم الشهادة بالختم فقط، والذي يجب أن يعدل عليه اعتبار المكتوب في الصك، فإن كان فيه ما يفيد الاعتراف بالملك ثم ختم كان اعترافًا وإلا لا، (ومن ضمن عن آخر خراجه) الموظف وهو ما يجب في الذمة بأن يوظف الإمام في كل سنة على مال بحسب ما يراه لإخراج المقاسمة وهو ما يقسمه من غلة الأرض، وكذا قال في (الفتح): وقد قيدت الكفالة بما إذا كان خراجًا موظفًا لأنه ما يجب في مقابلة الذب عن حوزة الدين وحفظه فكان كالأجرة لإخراج مقاسمة لأنه غير واجب، وقرينة إرادة الموظف قوله (أو رهن به) إذ الرهن بخراج المقاسمة غير صحيح بخلاف الموظف، وصح الرهن به لأنه كالكفالة بجامع التوثق فيجوز في كل موضع تحوز الكفالة فيه، كذا في الشر ونقض في (البحر) الكلية بالدرك فإن الكفالة به جائزة دون الرهن (أو نوائبه) يحتمل أن يريد به ما يكون بحق ككري النهر المشترك للعامة، وأجرة الحارس للمحلة المسمى في ديار مصر الحقير وما وظف الإمام تجهيز الجيش وفداء الأسرى بأن احتاج إلى ذلك ولم يكن في بيت المال شيء فوظف على الناس لذلك والكفالة بذلك جائزة اتفاقًا لأنها واجبة على كل مسلم موسر لإيجاب طاعة ولي الأمر فيما فيه مصلحة للمسلمين حيث خلاء بيت المال وأن يريد بها ما ليس بحق كالجبايات الموظفة على الناس في زماننا ففي صحتها اختلاف المشايخ فقيل: تصح لوجود المطالبة ولو بباطل. ولذا قلنا: إن من تولى قسمتها بين المسلمين فعدل كان مأجورًا ذكره غير واحد من المشايخ وعلى هذا فلا يلزم فسق معاطيه حيث عدل، وقل ما يكون ذلك وقيل: لا يصح لأنها شرعت لالتزام المطالبة بما على الأصيل شرعًا ولا شيء عليه،

وقسمته صح ومن قال لآخر ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر فقال: هي حالة فالقول للضامن، ـــــــــــــــــــــــــــــ وفي (الخلاصة) وعليه العامة. قال في (الفتح): وينبغي أن من قال: بأنها ضم الدين يمنع صحتها ومن قال: بأنها ضم في المطالبة يمكن، أو يقول بصحتها ويمكن أن يمنعها بناء على أنها في المطالبة بالدين أو معناه أو مطلقًا، وفي (إيضاح الإصلاح) الفتوى على الصحة حتى لو أخذت من الآثار كان له الرجوع على مالك الأرض، وفي (الخانية) الصحيح الصحة ويرجع على المكفول عنه إن كان بأمره وفيها قضاء نائبه غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح انتهى. وقيده شمس الأئمة بما إذا كان طائعًا، فإن كان مكرهًا لم يعتبر أمرها في الرجوع، كذا في (العناية). ثم من أصحابنا من قال: الأنظر أن يساوي أهل محلته في إعطاء النائبة قال القاضي هذا كان في زمانهم لأنه إعانة على الحاجة والجهاد، وأما في زماننا فأكثر النوائب تؤخذ ظلمًا ومن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فهو خير له (أو) قيل: (قسمته) أي: نصيبه من النوائب وقيل: هي النائبة الراتبة والمراد بالنوائب ما هو منها غير راتب فتغايرا، كذا في (الفتح) وقيل: هي أن يقسما ثم يمنع أحد الشريكين قسم صاحبه وقال الهندواني: أن يمتنع أحد الشريكين من القسمة فيضمنه إنسان ليقوم مقامه فيها (صح) الضمان والرهن (ومن قال لآخر: ضمنت لك مائة إلى شهر فقال) المقر له: (هي حالة فالقول للضامن) في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف في رواية ابن رستم أن القول للمقر له كما لو أقر له بدين مؤجل وأنكر المقر له الأجل كان القول للمقر له اتفاقًا والفرق على الظاهر أنه في الكفالة ما أقر بدين على ما هو الأصح بل بحق المطالبة بعد شهر والمكفول له يدعيها والكفيل ينكر والقول له، وفي الإقرار أقر بالدين وذاك ينكر فالقول له. أقول: مقتضاه بناء على أن الكفالة ضم الدين في التزام ما عن أبي يوسف من أن القول فيهما للمقر له قيل: هذا الفرق إقناعي إذ يمكن أن يقال في الكفيل أيضًا أقر بالمطالبة مدعيًا حقًا لنفسه وهو تأخيرها إلى أجل فلا يقبل دعواه إلا ببرهان بل الفرق أن الأجل في الكفالة أصل حتى ثبت من غير شرط بأن كان مؤجلًا على الأصيل وفي المديون عارض حتى لا يثبت إلا بشرط فكان القول قول من أنكر الشرط، ومبناه أن ما لا يثبت بشيء إلا بشرط كان من عوارضه، وما يثبت له بدونه كان ذاتيًا له وهو حسن، كذا في (العناية). وذكر الشر أن الحيلة لمن عليه دين مؤجل ادعى عليه به وخاف الكذب إن أنكر والمؤاخذة به إن أقر أن يقول أهو حال أو مؤجل؟ فإن قال: حال أنكره ولا حرج

ومن اشترى أمة وكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يأخذ المشتري الكفيل حتى يقضى له بالثمن على البائع. باب كفالة الرجلين والعبدين دين عليهما وكل كفيل عن صاحبه فما أداه أحدهما لم يرجع به على شريكه فإن زاد على النصف رجع بالزيادة ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه وقيل إذا قال ليس لك علي حق فلا بأس به إذا لم يرد به أتوا حقه انتهى. ولم يذكر أمر حلفه لو استحلف والظاهر أن له ذلك إذ مجرد إنكاره هما لا أثر له، (ومن اشترى أمة) لو قال مالًا لكان أولى (وكفل له برجل بالدرك) وقد مر معناه (فاستحقت الأمة وقضي بها للمستحق (لم يؤاخذ الكفيل) بالثمن فاعل يؤاخذ ضمير من والكفيل مفعول (حتى يقضى له) أي: للمشتري (بالثمن على بائعه) لأنه قيل القضاء به لا ينتقض البيع في ظاهر الرواية حتى لو كان الثمن عبدًا فأعتقه البائع نفذ عتقه، وصح في (الفصول) / أن للمستحق أن يخير قبل القضاء بالثمن ولو بعد قبضه وح فلم يجب رد الثمن على الأصيل فلا يجب على الكفيل هذا في الاستحقاق الناقل. أما المبطل كدعوى النسب ودعوى الوقف في الأرض المشتراة وأنها كانت مسجدًا يرجع على الكفيل، وإن لم يقض بالثمن على المكفول عنه ولكل الرجوع على بائعه، وإن لم يرجع عليه بخلاف الناقل ويختلفان في أن كلًا منهما يجعل المستحق عليه ومن تملك ذلك شيء من جهته مستحقًا عليه حتى لو أقام واحد منهما البينة على المستحق بالملك المطلق لا تقبل بينته هذا حاصل ما في (الفتح) قيد بالاستحقاق لأنه لو انفسخ بخيار رؤية أو شرط أو عيب يؤاخذ الكفيل به وبالمثمن، لأنه لو بني في الأرض لا يرجع على الكفيل بقيمة البناء، وكذا لو كان المبيع أمته استولدها البائع وأخذ من المشتري مع الثمن قيمة الولد والعقر لم يرجع الكفيل إلا بالثمن كذا في (السراج). باب كفالة الرجلين والعبدين لما نزل هذا مع ما قبله منزلة المفرد من المركب ذكره عقيبه (دين عليهما) لآخر اتحد وصفهما وجنسيهما بأن اشتريا منه شيئًا بمائة مثلًا (وكل كفيل عن صاحبه) بأمره ولم يقيد به استغناء بقوله بعد رجع (فما أداه أحدهما لم يرجع به على شريكه) حتى يزيد على النصف، (فإن زاد على النصف رجع بالزيادة) لأن كل واحد منهما في النصف أصيل وفي الآخر كفيل، ولا معارضة بين ما عليه بحق الأصالة والكفالة لأن الأول دين والثاني مطالبة فوقع عن الأول لقوته ولا معارضة في الزيادة

وإن كفلا عن رجل فكفل كل عن صاحبه فما أدى رجع بنصفه على شريكه أو بالكل على الأصيل وإن أبرأ الطالب أحدهما أخذ الآخر بكله ولو افترق المفاوضان أخذ الغريم أيًا شاء بكل الدين ولا يرجع حتى يؤدي أكثر من النصف ـــــــــــــــــــــــــــــ فوقع عن الكفالة، ولقائل أن يقول: هذا يقتضي على القول بأنها ضم الدين أن يكون المؤدى منهما مع أنه لا خلاف عندنا في أنه يقع عما عليه إلى النصف. قلنا: إنما صرف إليه اتفاقًا لأن الثابت بالكفالة ليس بقوة الكائن عليه بالأصالة، وذكر ابن قدامة الحنبلي عن الأئمة الثلاثة أن يكون منهما إلا أن يعرفه بنية أو بلفظه لأحدهما. قلنا: التعيين في الجنس الواحد لغو وهذا دين واحد حتى لو اختلف وصفهما بأن كان ما عليه مؤجلًا وما على صاحبه حالًا صح تعينه عن شريكه ورجع به بخلاف العكس أو جنسهما بأن كان أحدهما قرضًا، والثاني ثمن مبيع صح تعيينه أيضًا، وكذا لو كفل أحدهما عن صاحبه دون الآخر فعين الكفيل ما أداه عن صاحبه صح تعيينه، وقول الشر: إن هذه واردة على مسألة (الكتاب) أي على توجيهها ووجهه أن في مسألة (الكتاب) إنما لا يصح تعينه صرفًا إلى الأقوى وهو ما عليه من الدين وهذا كذلك وكان ينبغي أن لا يصح تعينه أيضًا، ولما خفي هذا على صاحب (البحر) ادعى أنه سهو لخروج المسألة بمفهوم التقييد يكون كلًا منهما كفيلًا عن صاحبه (وإن كفلا عن رجل) بدين (وكفل كل عن صاحبه) فيه إيماء إلى أن كفالة الكفيل جائزة (فما أدى) أحدهما (رجع بنصفه على شريكه) لوقوعه شائعًا عنهما من غير ترجيح، بخلاف ما مر ثم يرجعان على الأصيل لأنهما أديا عنه دينه بأمره أحدهما بنفسه والآخر بنائبه (أو) إن شاء المؤدي رجع (بالكل على الأصيل) والمسألة مقيدة بما إذا كفل عن صاحبه أو بالجميع على التعاقب وكل كفل عن صاحبه بالنصف أو كفلا عنه معًا ثم كفل فيأخذه بكله، ومن هنا يمكن أخذ تقييد الأولى بكون كل منهما كفل عن صاحبه بالجميع إذ لو كفل عنه بالنصف (وإبراء الطالب أحدهما) أخذه بالنصف فقط. (ولو افترق المتفاوضان) عن شركة المفاوضة وعليهما دين (أخذ الغريم أيًا شاء) منهما (بكل الدين) لتضمنها كفالة كل منهما عن صاحبه، (ولا يرجع) المأخوذ منه على شريكه بشيء (حتى يؤدي أكثر من النصف) لأنه أصيل في النصف وكفيل في الآخر فما أداه يصرف إلى ما عليه بحق الأصالة، فإن زاد على النصف كان الزائد عن الكفالة فيرجع كما مر قيد بالمتفاوضين لأن شريكي العنان لو افترقا وثمن دين لم يأخذ الغريم أحدهما إلا ما يخصه. وفي (البزازية) أو أحدهما بدين وأنكر الآخر لزم المقر له إن كان قد تولاه، وإن

وإن كاتب عبديه كتابة واحدة وكفل كل عن صاحبه وأدى أحدهما رجع بنصفه ولو حرر أحدهما أخذ أيًا شاء بحصة من لم يعتقه فإن أخذ المعتق رجع على صاحبه وإن أخذ الآخر لا ومن ضمن عن عبد ما لا يؤخذ به بعد عتقه فهو حال وإن لم يسمه ـــــــــــــــــــــــــــــ أقر أنهما توليان ولزمه نصفه ولا شيء على المنكر (وإن كاتب عبديه كتابة واحدة) بأن قال المولى لهما: كاتبتكما على ألف لي كذا (أو كفل كل) من العبدين (عن صاحبه) صح ذلك استحسانًا. (و) إذا صح فما (أدى أحدهما رجع) على صاحبه (بنصفه) والقياس أن لا تصح لأنه شرط فيه كفالة المكاتب والكفالة ببدل الكتابة وكل منهما على انفراده باطل فعند الاجتماع أولى وجه الاستحسان أنه جعل كل واحد منهما أصيلًا في حق وجوب الألف ويكون عتقهما معلقًا بأدائه/ وكفيلًا بحق صاحبه فيرجع بنصف المؤدى لاستوائهما، قيد بقوله وكفل لو كاتبهما معًا فقط عتق كل واحد منهما بأداء حصته إلا إذا قال المولى: على أنهما إن أديا عتقا، وإن عجلا رجعا في الرق فلا يعتق واحد منهما إلا بأداء كل المال إلى المولى مراعاة لشرط المولى، وبهذا ظهر أن المسألة على ثلاثة أوجه (ولو حرر أحدهما) والمسألة بحالها صح العتق لوجود ملك الرقبة وإذا صح (أخذ) المولى (أيًا شاء) منهما (بحصة من لم يعتقه) لأن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما فيتوزع عليهما ضرورة فما قابل حصة المعتق سقط وما بقي يأخذه المولى من أيهما شاء. (فإن أخذ) المولى (المعتق رجع على صاحبه) بما أداه عنه من بدل الكتابة بحكم الكفالة بأمره وجازت الكفالة ببدل الكتابة هنا لأنها في حالة البقاء، وفي الابتداء كان كل المال عليه (وإن أخذ الآخر لا) أي: لا يرجع لأنه مؤد عن نفسه (ومن ضمن عن عبد) مالًا موصوفًا بكونه (لا يؤاخذ به) إلا (بعد عتقه) كإن أقر باستهلاك مال وكذبه المولى، أو أودع شيئًا واستهلكه أو وطئ بشبهة بغير إذن المولى أو أقرضه إنسان أو باعه وهو محجور ففي هذه المسائل إذا كفله إنسان بما لزمه من هذه الديون (فهو حال، وإن لم يسمه) لوجوب السبب وقبول الذمة إلا أنه لا يطالب لعسرته إذ جميع ما في يده ملك المولى، ولم يرض بتعلقه به والكفيل غير معسر فصار كما إذا كفل عن غائب أو مفلس بخلاف الدين المؤجل لأنه تأخر بمؤخر ثم إذا أدى رجع على العبد بعد العتق لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق، فكذا الكفيل لقيامه مقامه، كذا في (الهداية). وظاهر قوله ولم يرض أي المولى بتعلقه به أن الكفالة لو كانت بأمره فما أداه الكفيل يرجع قبل العتق على المولى وقوله لأن الطالب إلى أن يفيد أن ما يرجع به

ولو ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فبرهن المدعي أنه له ضمن قيمته، ولو ادعى على عبد مالًا وكفل بنفسه رجل فمات العبد برئ الكفيل ولو كفل عبد عن سيده بأمره ـــــــــــــــــــــــــــــ الطالب قبل العتق بمستهلك عيانًا، وما لزمه بالتجارة بإذن المولى حتى تؤخذ من أكسابه، فإن لم تكن يباع فيه إلا أن يفديه المولى إذا أداه الكفيل بأمر العبد فإنه يرجع به ولا يؤخر إلى ما بعد العتق، وقوله بدين يؤاخذ به بعد عتقه احترازًا عما يؤاخذ به في الحال مثل دين الاستهلاك عيانًا أو دين لزمه بالتجارة بإذن المولى فإنه تجوز الكفالة به بلا شبهة كذا قيل لكن في (الفتح) لو كفل بالاستهلاك المعين ينبغي قبل العتق إذا أداه فإنه أداه فإنه دين غير مؤخر إلى العتق فيطالب السيد بتسليم رقبته أو القضاء عنه، وبحث أهل الدرس هل المعتبر في هذا الرجوع الأمر بالكفالة من العبد أو السيد؟ وقوى عندي كون المعتبر أمر السيد لأن الرجوع في الحقيقة إليه انتهى. ورأيت مقيدًا عندي أن ما قوي هو المذكور في (البدائع) ومن هنا جزم في (البحر) بأن جعل الشر ذلك قيدًا احترازيًا سهو لأنه حيث كانت الكفالة بأمر العبد لا يرجع عليه أيضًا فيهما إلا بعد العتق، والموضع موضع تدبر فتأمله. (ولو ادعى) رجل (رقبة العبد) وأنه غصبت منه (فكفل به رجل فمات العبد) بأن ثبت موته ببرهان ذي اليد أو بتصديق المدعي، فلو لم يكن ثمة برهان ولا تصديق لم يقبل قول ذي اليد أنه مات بل يحبس هو والكفيل، فإن طال الحبس ضمنا القيمة وكذا الوديعة المجحودة، كذا في (النهاية) معزيا إلى التمرتاشي، (وبرهن المدعي أنه لو ضمن قيمته) لأن الكفالة بالأعيان المضمونة بنفسها جائزة كما مر وفيها يجب على ذي اليد رد العين، فإن هلكت وجب رد القيمة، كذا الكفيل قيد بالبرهان لأنه لو ثبت ملكه بإقرار ذي اليد أو بنكوله لم يضمن شيئًا. (وإن ادعى على عبده) مالًا معلوم القدر (فكفل بنفسه رجل فمات العبد برئ الكفيل) لأنه كفل عن العبد بتسليم نفسه، فإذا مات العبد برئ وبراءته توجب براءة الكفيل، واعلم أن هاتين المسألتين مكررتين، أما الأول فلاستفادتهما من قوله فيما مر ومغصوب، وأما الثانية فلما قدمه من أن الكفالة بالنفس تبطل بموت المطلوب والله الموفق. (ولو كفل عبد عن سيده بأمره) سواء كان مأذونًا أو لا إلا أنه يشترط في المأذون أن لا يكون مستغرقًا، فإن كان لم تصح الكفالة بحق الغرماء، فإذا لم يكن عليه دين صحت كفالته وكان الأصل أنه لا يصح، لأنها إنما تصح ممن يصح منه التبرع، ولذا لم يصح من الصبي غير أن أمر السيد فك لحجره حتى تباع رقبته في دين الكفالة إذا كفل لغير السيد بإذنه، فإذا لم يكن عليه دين كان الحق في ماليته لمولاه فعمل إذنه

فعتق فأداه أو كفل سيده عنه وأداه بعد عتقه لم يرجع واحد منهما على الآخر. ـــــــــــــــــــــــــــــ له في كفالته عنه (فعتق فأداه أو كفل عنه سيده) بأمره وهذا القيد لابد منه (وأداه بعد عتقه لم يرجع واحد منهما على الآخر) لأن كل من الكفالتين حين وقعت وقعت غير موجبة للرجوع، كل واحد منهما لا يستوجب على الآخر دينًا فلا تنقلب موجبة بعد ذلك، وقد طولب بالفرق بين هذا وبين الراهن إذا أعتق العبد الرهن وهو معسر فإذا يسعى في ذلك الدين ثم يرجع به على سيده/ فلم لم يرجع هنا. وأجيب بأن زمان استيجاب الدين هنا هو زمان الكفالة وفيه كان عبدًا وفي الرهن كانا حرين ثم فائدة كفالة العبد عن مولاه تعلق الدين برقبته، وفائدة كفالة المولى عن عبده وجوب مطالبته وفاء الدين من سائر أمواله والله الموفق للصواب.

كتاب الحوالة

كتاب الحوالة هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب الحوالة كل من الكفالة والحوالة عقد التزام ما على الأصيل للتوثق، إلا أن الحوالة تتضمن إبراء الأصيل إبراء مقيدًا كما سيجيء فكانت كالمركب مع المفرد، والثاني مقدم فلزم تأخير الحوالة وهي لغة النقل والتحويل بل قال في (المصباح): حولت الرداء نقلت كل طرف موضع الآخر، والحوالة مأخوذة من هذا يقال: أحلته بدينه نقلته من ذمتي إلى ذمتك، وأحلت الشيء إحالة نقلتها أيضًا. وفي (الفتح) تبعًا (للدراية) يقال: أحلت زيدًا بماله على رجل فاحتال أي قبل الحوالة فأنا محيل وزيد محال ومحتال والمال محال به والرجل محال عليه ومحتال عليه وتقدير المحتال للفاعل على محتول بكسر الواو وفي المفعول بالفتح، وأما صلة له مع المحتال الفاعل فلا حاجة إليها بل الصلة مع المحال عليه لفظة عليه فهو محتال ومحتال عليه، فالفرق بينهما بعدم الصلة وبصلة عليه ويقال للمحتال أيضًا وعرفًا ما أفاده بقوله (هي) أي: الحوالة (نقل الدين من ذمة) أي: من ذمة المحيل (إلى ذمة) أي: ذمة المحال عليه هذا قول طائفة وهو الصحيح. وفي (التتارخانية) وعليه الفتوى استدلالًا بأن المحتال لو وهب الدين من المحيل أو أبرأه منه بعد الحوالة لا تصح، ولو بقي الدين لصح كل منهما ونقض هذا التعريف بما إذا وقعت الحوالة بغير إذن المحيل فإنها صحيحة ولا نقل فيها. وأجيب بأن معنى النقل يتحقق بعد أداء المحال عليه حتى لا يبقى إذ ذاك على المحيل شيء، ورده في (الفتح) بأنه لو صح لصح أن يقال في الكفالة بغير إذن المكفول عليه فيها نقل أيضًا بهذا الوجه، لأنه إذا أدى الكفيل عنه لم يبق عليه شيء، والحق أن أصل الجواب ساقط، فإن انتفى الدين عن المحيل بالأداء ليس هو نقل الدين بل نقله هو تحوله من محل إلى محل هو ذمة المحال عليه، وعندي أن الجواب هو أن الحوالة بغير إذن المحيل ليست حوالة من كل وجه لأن حقيقة الحوالة إن كان فعل المحيل الإحالة أو الحاصل من فعله فهو منتف لانتفاء الفعل منه، والنقل إنما هو في حقيقتها انتهى. ولا يرد على التعريف ما لو أحال على أنه متى شاء رجع المحيل حيث يجوز ويرجع على أيهما شاء، كما في (البزازية) لأن هذه كفالة معنى كما في الكفالة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وقيل: هي نقل المطالبة فقط تمسكًا بمسائل ذكرها محمد، منها أن المحتال لو أبرأ المحال عليه فرده لم يرتد، ولو انتقل الدين وجب أن يرتد، ومنها أن المحيل لو دفع المحال به إلى المحتال جبر على القبول ولو انتقل الدين لم يجبر لأنه متبرع، ومنها أن المحال لو وكل المحيل بقبض الدين من المحال عليه لا يصح، ولو انتقل الدين لكان أجنبيًا وتوكيله صحيح. ومنها أن المحتال لو أبرأ المحال عليه لم يرجع بشيء على المحيل ولو كانت بأمره ولو وهبه له رجع به إن لم يكن للمحيل دين، ولو انتقل الدين كان الإبراء والهبة في حقه سواء في عدم الرجوع، وجعل في (البدائع) هذا الخلاف بين المتأخرين وجعله شيخ الإسلام بين الصاحبين وأن الأول هو قول أبي يوسف، والثاني قول محمد وفائدة الخلاف تظهر في مسألتين، إحداهما أن الراهن لو أحال المرتهن بدينه كان له أن يسترد الرهن عنده خلافًا لمحمد، والثانية إذا أبرأ الطالب المحيل بعد الحوالة لا يصح وعند محمد يصح، وأنكر بعض المحققين هذا الخلاف وقال: لم ينقل عن محمد نص بنقل المطالبة فقط بل ذكر أحكامًا متشابهة اعتبر الحوالة في بعض تأجيلًا وجعل المحول بها المطالبة نظرًا للمعنى، وفي بعضها إبراء ولو جعل المحول بها المطالبة والدين نظرًا لحقيقة اللفظ فلم يبق النظر إلا في بيان خصوص الاعتبار في كل مكان، كذا في (الفتح). وهكذا ذكر في (الظهيرية) حيث قال: اختلف المشايخ في أنها نقل الدين والمطالبة أو نقل المطالبة مع بقاء الدين، وإنما اختلفوا على هذا الوجه لأن محمدًا في الحوالة مسائل بعضها يدل على الأول وبعضها يدل على الثاني فذكر ما مر وشرط صحتها في المحيل العقل، فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا فلا تصح حوالة المكره، وأما البلوغ فشرط للنفاذ فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة الولي وليس منها الحرية فتصح حوالة العبد مطلقًا غير أن المأذون فيطالب للحال والمحجور بعد العتق، ولا الصحة فتصح من المريض وفي المحتال العقل والرضا وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضًا فانعقد احتيال الصبي موقوفًا على إجازة وليه كان الثاني أملى من الأول كاحتيال الوصي بمال اليتيم، ومن شرط صحتها المجلس. قال في (الخانية): والشرط حضرة المحتال له فقط/ حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل منه آخر، وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع حتى لو أحال عليه ... فأجاز صح. وهكذا في (البزازية) ولابد في قبولها من الرضى، فلو أكره على قبولها لم تصح وفي المحال به أن يكون دينًا لازمًا فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة وهذا معنى ما في (البدائع) الأصل أن كل دين لا تصح الكفالة به لا تصح الحوالة به، فلو

وتصح في الدين لا في العين برضا المحتال والمحال عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ أحال المولى غريمًا على المكاتب لم تصح إلا إذا قيدها ببدل الكتابة ولا يعتق إلا بالأداء، ولو أحال المكاتب مولاه على رجل فإن له عليه دين أو عين هي غصب أو وديعة وقيده بها صحت وعتق، وإن لم يكن واحد منهما أو كان ولم يقيده بها لا تجوز، (وتصح) الحوالة (في الدين) أي: به إذا كان معلومًا (لا في العين) لأن النقل الذي تضمنه نقل شرعي وهي لا يتصور إلا في الدين، والمتصور في العين إنما هو النقل الحسي وقيدنا بكونه معلومًا لأن الحوالة بالمجهول لا تصح قال البزازي: احتال .... مجهولًا على نفسه بأن قال: احتلت بما يذوب لك على فلان لا تصح الحوالة مع جهالة المال ولا تصح حوالة أيضًا بهذا اللفظ انتهى. قال الحدادي: ولا تصح في الحقوق أيضًا انتهى. وبه عرف أن الحوالة على الإمام من الغازي بما يستحقه من الغنيمة بعد إحرازها غير صحيحة، وأن حوالة المستحق بمعلومه في الوقف على الناظر كذلك (برضى المحتال والمحال عليه) أما الأول فلأن الدين ينتقل بها حقه والذمم متفاوتة في حسن القضاء والمطل، فلو لم يشترط رضاه للزم الضرر بإلزامه إتباع من لا يوافيه، أما ما رواه الطبراني في مطل الغني ظلم ومن أحيل على مليء فليتبع، وفي رواية أحمد فليحتل فأكثر أهل العلم قال على أنه أمر استحباب، وأما الثاني: فلأن الذي يلزمه الدين ولا لزوم إلا بالتزامه ولو كان مديونًا للمحيل لأن الناس يتفاوتون في الاقتضاء ما بين ميسر سهل، وصعب معسر ولم يذكر رضى المحيل لأنه ليس بشرط ذكره في (الزيادات) لأن التزام الدين من المحال عليه لا يرجع عليه إذا لم يكن بأمره واشترطه القدوري، قال في (العناية): وفائدة اشتراطه الرجوع عليه إذا كانت بأمره. وذكر الخبازي عن (الأوضح) لعل موضوع ما ذكره القدوري أن يكون للمحيل على المحتال عليه دين بقدر ما ينقل الحوالة فإنها حينئذ تكون إسقاطًا لمطالبة المحيل عن المحال عليه فلا تصح إلا برضاه قال في (العناية) بعدما ذكر القولين: والظاهر أن يقال الحوالة قد يكون ابتداؤها من المحيل وقد يكون من المحال عليه والأول إحالة وهي فعل اختياري ولا يتصور بدون الإرادة والرضى وهو محمل وجه رواية القدوري، والثاني احتيال يتم بدون إرادة المحيل بإرادة المحال عليه ورضاه وهو وجه رواية (الزيادات) وعلى هذا اشتراطه مطلقًا كما ذهب إليه الأئمة الثلاثة، وعدم اشتراطه مطلقًا كما ذهب إليه بعض الشارحين بناء على رواية (الزيادات) ليس على ما ينبغي انتهى. وحاصله أن الحوالة في كلام القدوري بمعنى الإحالة وفي كلام المص كما هو

وبرئ المحيل بالقبول من الدين ولم يرجع المحتال على المحيل إلا بالتوى ـــــــــــــــــــــــــــــ رواية (الزيادات) بمعنى الاحتيال وقدمنا أن الحوالة حقيقة لابد فيها من رضى المحيل إذ قد عرفوها بالنقل ولا نقل فيها بدون رضاه وعلى هذا فكان على المص إذ قد عرفها بالنقل أن ينحو نحو القدوري إذ الدسومة في (القدوري)، وما في (المجتبى) أحال الغريم بدون رضا المحال عليه لا يجوز وقيل: يجوز كالتوكيل بقبض الدين، وفي شروط (الظهيرية) رضى من عليه الحوالة ليس بشرط إجماعًا. قلت: معناه إذا كان المحال به مثل الدين انتهى. شاذ والمذهب ما اعتمده أولًا من عدم الحوالة مطلقًا، وفي (البزازية) غاب المحيل وزعم المحال عليه أن مال المحتال على المحيل كان ثمن خمر لا يصح دعواه وإن برهن على ذلك كما في الكفالة وفي (فروق الكرابيسي) أحالها بصداقها على رجل وقبل الحوالة ثم عاد الزوج فبرهن المحال عليه أن نكاحها كان فاسدًا وبرهن على ذلك لم يقبل، ولو أقام بينة أنها أبرأته عنه أو أنه أعطاها أو باع منها به شيئًا وقبله قبلت بينته، وإن كان المبيع غير مقبوض لا يقبل، والفرق أن مدعي الفساد متناقض (وبرئ المحيل بالقبول) أي: بقبول المحتال والمحال عليه الحوالة من المحيل (من الدين) الذي عليه لأن الحوالة التي هي النقل لا تتحقق إلا ببراءة ذمة الأصيل وفيه رد لقول من قال: إنما يبرئ من المطالبة فقط، ومقتضى هذا إن المشتري لو أحال البائع على آخر بالثمن لا يحبس المبيع، وكذا لو أحال المرتهن على الراهن بالدين لا يحبس الرهن، ولو أحالها بصداقها لم تحبس نفسها بخلاف العكس والمذكور في (الزيادات) عكس هذا، كما في (الشرح) وغيره وقدم المص أن براءة الأصيل توجب براءة الكفيل بخلاف العكس. ولو قال: من الدين والمطالبة لكان أولى ليدخل ما لو أحال الكفيل المكفول به، ونص على براءته فإنه يبرأ عن المطالبة، وإن أطلق الحوالة/ برئ الأصيل أيضًا، ولا يشترط قبض المحال به في المجلس لبراءته إلا إذا ضمنت الحوالة صرفًا وعلى هذا تفرع ما في تلخيص (الجامع) لو كان دينه جيادًا أو ذهبًا وعليه زيف أو ورق فأحال عنهما بجياد أو ذهب على أن يأخذهما من غريمه جاز أن يقبل الغريم نافذًا في مجلس المحيل والمحال (ولم يرجع المحتال على المحيل) بدينه الذي أحال به (إلا بالتوى) عطف على قوله: برئ المحيل، أي: إذا برئ بالقبول لم يرجع المحال على المحيل بشيء إلا بالتوى وهو بالقصر هلاك المال يقال: توي الثوب بالكسر يتوى توي وأتواه غيره وهذا مال أتوا على فعل انتهى، كذا في (الصحاح). وفي (المصباح) التوى وزان الحصى وقد يمد هو الهلاك، وفيه إيماء إلى أن

وهو أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له عليه أو يموت مفلسًا ـــــــــــــــــــــــــــــ مرآته ليست مطلقة بل مقيدة بشرط سلامة العافية كيف وقد جاء عن عثمان مرفوعًا وموقوفًا في المحتال عليه إذا مات مفلسًا قال: يعود الدين إلى ذمة المحيل، واختلفت عبارات المشايخ في كيفية عود الدين فقيل: تفسخ الحوالة أي: يفسخها المحتال كالمشتري إذا وجد المبيع عيبًا وقد تفسخ كالمبيع إذ هلك قبل القبض، وقيل: في الموت تنفسخ وفي الجحود لا تنفسخ، ولم أر أن فسخ المحتال يحتاج إلى الترافع عند القاضي، وظاهر أن التشبيه بالمشتري إذا وجد عيبًا أنه يحتاج نعم أنها تفسخ لا يحتاج فتدبره. (وهو) أي: التوى عند الإمام بأحد أمرين (أن يجحد) المحال عليه (الحوالة ويحلف ولا بينة له) أي: للمحتال ولا للمحيل (عليه) أي: على المحال عليه، ولو ادعى المحتال ذلك على المحيل في غيبة المحال عليه أنه جحدها وحلف وبرهن على ذلك لم تصح لغيبة المشهود عليه، كذا في (البزازية) إلا إذا صدقه المحيل فإنه يرجع عليه من غير برهان، كما في (المحيط) (أو يموت) المحال عليه (مفلسًا) لأن العجز عن الوصول يتحقق بكل واحد منهما، ومعنى الإفلاس أن لا يترك مالًا عينًا ولا دينًا ولا كفيلًا سواء كفل بأمره أو لا لأنه خلف عنه، ولو مات وترك رهنًا رهنه غيره بأمره أو بغير أمره .... على المبيع أو لا عاد الدين إلى ذمة المحيل لأن عقد الرهن لم يبق بعد الموت المحال عليه مفلسًا إذا لم يبق الدين عليه والرهن بدين ولا دين محال، كذا في (الشرح). وقيد في (البزازية) التسليط على البيع بما إذا لم يقبض الثمن حتى مات المحال عليه مفلسًا ولابد منه لأنه إذا قبضه فقد تم الأمر، ولو اختلفا في موته مفلسًا فالقول للطالب مع اليمين على العلم لتمسكه بالأصل وهو العسرة، ولو قال المحيل: مات بعد الأداء، وقال المحتال: بل قبله وتوى حقي فالقول له وقد طولب بالفرق بين هذا وبين ما لو أوصى لفقراء بني فلان فقال أحدهم: أنا فقير، وقال الورثة: بل غني فالقول للورثة والفرق الفقير مدع وفي مسألتنا الطالب منكر معنى لأن المحيل بدعواه أن المحتال عليه مات عن وفاء يدعى بوجه المطالبة على الورثة وإنما لم تكن ثابتة على الوارث وهذا دعوى على الطالب فإنه متى ثبت ذلك لا يعود الدين إلى المحيل، كذا في (الذخيرة). واعلم أنهما جعلا من التوى أيضًا أن يحكم الحاكم بإفلاسه بالشهود حال حياته وهذا بناء على أن التفليس يصح عندهما وعنده لا يصح لتوهم ارتفاعه بحدوث ماله، يقال: إن أفلس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير فاستعمل مكان افتقر

فإن طالب المحتال عليه المحيل بما أحال فقال المحيل: أحلت بدين لي عليك ضمن المحيل مثل الدين، وإن قال المحيل للمحتال: أحلتك لتقبضه لي فقال المحتال: أحلتني بدين لي عليك فالقول للمحيل ولو أحال بماله عند زيد وديعة صحت فإن هلكت برئ ـــــــــــــــــــــــــــــ وفلسه القاضي، أي: قضى عليه بإفلاسه حين ظهر له حاله، كذا في (طلبة الطلبة) للإمام عمر النسفي (فإن طالب المحتال عليه المحيل بما) أي: بمثل الذي (أحاله) به مدعيًا قضاء دينه بماله بأمره (فقال المحيل: أحلت بدين لي عليك) لم يقبل قوله، بل (ضمن المحيل مثل الدين) الذي أحاله به لأن سبب الرجوع قد تحقق بإقراره وهو قضاء دينه بأمره إلا أن يدعي عليه دينًا وهو ينكر والقول للمنكر والبينة للمحيل، وقبول الحوالة ليس إقرارًا بالدين لأنها قد تكون بدونه ولم يقل ضمن مثل ما أداه لأنه لو أحاله بدراهم فأدى دنانير أو عكسه أو أعطاه عرضًا أو صالحه بشيء رجع بالمحال به إلا إذا صالحه على جنس الدين بأقل فإنه يرجع بقدر المؤدى ولو أعطاه زيوفًا بدل الجياد رجع بالجياد، كذا في (البزازية). (ولو قال المحيل للمحتال: أحلتك) على فلان أي: وكلتك (لتقبضه لي، فقال المحتال: أحلتني بدين لي عليك فالقول للمحيل) لأن المحال يدعي عليه الدين وهو ينكر فالقول للمنكر مع يمينه، ولفظ الحوالة يستعمل بمعنى الوكالة مجازًا ومنه قول محمد: إذا امتنع المضارب عن تقاضي الديون لعدم الربح يقال له: أحل رب الدين أي: وكله، وفي قوله: فقال المحتال إيماء إلى أنه حاضر فلو قال غائبًا أراد المحيل قبض ما على المحال عليه قائلًا إنما وكلته بقبضه. قال أبو يوسف: لا/ أصدقه ولا أقبل بينته، وقال محمد: يقبل قوله، كذا في (الخانية). ولو ادعى المحتال أن المحال به ثمن متاع كان المحيل وكيلًا في بيعه وأنكر المحيل ذلك فالقول له أيضًا، (ولو أحاله بما له على زيد وديعة صحت) بيان للحوالة المقيدة وهي أقسام ثلاثة مقيدة بعين أمانة، أو مضمونة وبدين خاص وحكمها في هذه الأقسام أن لا يملك المحيل مطالبه عليه بالدين ولا بالعين لأن الحوالة لما قيدت بها تعلق حق المطالبة به وهو استيفاء دينه منه على مثال الرهن وبأخذ المحيل يبطل هذا الحق حتى لو دفع المحال عليه ذلك إلى المحيل ضمنه للطالب لأنه استهلك ما تعلق به حق المحتال كذا في (الفتح) وكان ينبغي أن يقال: إن كان العين قائمة رجعها المحتال عليه على المحيل لأنه قبض ما لا يستحقه، ولو استهلكها كان له أن يرجع عليه بقيمتها، (وإن هلكت) الوديعة (برئ) زيد على المطالبة بها ويثبت الهلاك بقوله. قال في (الخلاصة): ولو قال المودع ضاعت بطلت الحوالة، وفي (التتارخانية)

وكره السفاتج. ـــــــــــــــــــــــــــــ ولو وهبها المحتال من المحال عليه صح التمليك وهو مشكل لأن المحتال لم يملكها فكيف يملكها؟ وجوابه أنه لما كان له حق أن يملكها كان له أن يملكها انتهى. وليس للمحيل أن يرجع على المحال عليه بشيء بخلاف ما لو أبرأه من الدين فإن للمحيل أن يأخذ منه ما كان عنده من الدين أو العين، والفرق أن المحال عليه ملك الدين بالهبة معنى ولا كذلك في الإبراء، ولو مات المحيل كان الدين والعين المحال بهما بين غرمائه بالحصص، كذا في (السراج). وفي (الخانية) لو كانت الحوالة مقيدة بوديعة فمرض المحيل فدفعها إلى المحتال له ثم مات المحيل وعليه ديون لا يضمن المودع شيئًا ويكون بين غرماء المحيل وبينه بالحصص انتهى. ولو كانت مقيدة بدين فقضاه إياه والمسألة بحالها سلم للمحتال ما أخذه ويؤخذ من المحال عليه ويقسم بين الغرماء بالحصص ويشاركهم المحال عليه، كذا في (المحيط). قال في (البحر): وظاهر قولهم يقسمه بين غرماء المحيل أنه يقسم بين ورثته أيضًا بمعنى أن لهم المطالبة به دون المحتال فيضم إلى تركته، ولم أره في (الخانية) وغيرها لو أمسك الوديعة لنفسه وقضى دين المحال من مال نفسه كانت الوديعة له ولم يكن متبرعًا استحسانًا قيد بالهلاك لأنه لو استهلكها لم يبرأ، كما إذا كانت مقيدة بالمغصوب فهلك حيث لا يبرأ أيضًا لأنه يخلفه القيمة والفوات إلى خلف كالفوات حتى لو هلك لا إلى خلف بأن استحق بالبينة صار كالوديعة. مهمة لم أر حوالة المستحق بمعلومة على ناظر الوقف ولا شك أن المطلقة منها لا تصح لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل. قال في (الجوهرة): فلا تصح بالحقوق، وأما المقيدة ففي (البحر) إن كان مال الوقف تحت يد الناظر ينبغي أن تكون صحيحة كالإحالة على المودع بجامع أن كلًا منهما أمين ولا دين عليه، وأما إذا لم يكن مال الوقف في يده فلا لأنها لثبوت المطالبة انتهى. ومقتضاه صحتها بحق الغنيمة المحرزة تحت يد الإمام من أحد الغانمين وعندي فيه ترد فتدبره (وكره السفاتج) جمع سفتجة بفتح السين، وقيل: بضمها وفتح التاء معرب سفنة وهي الشيء المحكم سمي هذا القرض به لإحكام أمره وهو قرض استفاد به المقرض سقوط خطر الطريق بأن يقرض ماله عند الخوف عليه يرد عليه في لموضع آمن لأنه صلى الله عليه وسلم: (نهى عن قرض جر نفعًا) وأخرج ابن عدي السفتجات حرام، وإطلاق المص يفيد إناطة الكراهية بجر النفع سواء كان ذلك مشروطًا أو لم يكن قال الشر: وقيل إذا لم تكن المنفعة مشروطة فلا بأس به انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وجزم بهذا القيد في (الصغرى) و (الواقعات الحسامية) والكفالة للشهيد، وعلى ذلك جرى في صرف (البزازية) فقال: لا بأس بقبول هدية الغريم وإجابة دعوته بلا شرط، وكذا إذا قضى أجود مما قبض يحل بلا شرط، وكذا إذا قضى دون ولو رجح في الوزن إن كثيرًا لم يجز وإن قليلًا جاز، وما لا يدخل في معادن الوزنين ولا يجري في الكيلين لا يسلم بل يرده والدراهم في مائة يرده بالاتفاق، واختلفوا في نصفه قيل: كثير، وقيل: قليل وإن المستقرض وهب له الزائد لم يجز لأنه مبتاع يحتمل القسمة انتهى. نعم قالوا: إنما يجعل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر، فإن كان يعرف أن ذلك يفعل فلا. قال في (الفتح): والذي يحكى عن الإمام أنه لم يتعد في ظل جدار غريمه فلا أصل له لأن ذلك لا يكون انتفاعًا يملكه كيف ولم يكن مشروطًا ولا متعارفًا؟ وأنت خبير بأن هذا لا يقدح في نقل الثقات عنه ذلك بل هو محمول على الورع قيل: وإيراد المسألة لأنها معاملة في الديون كالكفالة والحوالة وقال الإمام الكردي: لأن المقرض أحال الخطر الواقع/ على المستقرض فكان في معنى الحوالة.

كتاب القضاء

كتاب القضاء ـــــــــــــــــــــــــــــ كتاب القضاء لما كان أكثر المنازعات تقع في الديون والبياعات والمنازعات محتاجة إلى قطعها أعقبها بما هو القاطع وهو القضاء، كذا في (العناية) و (فتح القدير) وهو صريح في أن المراد القضاء الحكم وح فكان ينبغي بيان وجه التأخير عما قبله كذا قيل، ويمكن أن يقال: أرادوا بيان من يصلح للقضاء أي الحكم لتصح الدعوى عنده فلا جرم أن ذكر قبلها ولا خفاء أن وجه التأخير عما قبله مستفاد من أكثر المنازعات في الديون والحوالة المطلقة مختصة بها فذكر بعدها، وكما جاء بمعنى الحكم لغة جاء أيضًا بمعنى: الفراغ والأداء والإنهاء والصنع والتقدر كما في (الصحاح) قال ابن قتيبة: وكلها ترجع إلى الختم والفراغ من الأمر يعني بإكماله وعرفًا فصل الخصومة، كما في (الشرح) تبعًا (للمحيط) قال العيني: والأولى أن يقال: هو قول ملزم يصدر عن ولاية عامة وليس بجامع لأن فعله حكم أيضًا كما سيأتي، وعرفه ابن الغرس بأنه الإلزام في الظاهر على صفة مختصة بأمر ظني لزومه في الواقع شرعًا، والمراد بالإلزام التقرير التام سواء كان إلجاء إلى فعل أو ترك فهو كالجنس وقوله في الظاهر فصل عما ألزم به الشرع في نفس الأمر لأن ذلك الإلزام راجع إلى الخطاب، ومعنى في الظاهر في الصورة الظاهرة إشارة إلى أن القضاء مظهر للأمر الشرعي لا مثبت له وما يفهم عن الحنفية أنه مثبت أخذًا من قول الإمام بنفوذ القضاء بشهادة الزور ظاهرًا وباطنًا في العقود والفسوخ فهم قاصر إذ الأثر الشرعي في مثل ذلك ثابت تقديرًا والقضاء يقدره ظاهر، إلا أنه أثبت أمرًا لم يكن وقوله على صفة فصل عن مطلق الإلزام إذ المعتبر ههنا الإلزام بالصيغة الشرعية كألزمت وحكمت وقضيت وأنفدت عليه القضاء، وفي ثبت عندي خلاف سيأتي وقولنا بأمر الخ فصل عن الجوز والتشهي وما في معنى ذلك، وأورد أن التعريف غير منعكس لخروج القضاء بقطعي كالقضاء بالحرية مثلًا. وأجيب بأنه لابد للقضاء في كل قضية من الظني، إما في المقضي به أو في متعلقه أو في متعلقهما انتهى ملخصًا وركبه قوله: أو فعل فالقول ما مر ومنه قوله بعد إقامة البينة للمعتمد بعد البرهان اقسمه واطلب الذهب منه وظهر أوضح عندي أو علمته فهذا كله حكم في المختار، كذا في (القنية) ومنه أشهد عليه كما في (الخزانة) وليس منه أرى أن الحق للمشهود له لأنه بمنزلة أظن، ولو قاله لم يكن قضاء كذا في (الخانية) وينبغي أن يكون بضم الهمزة، أما إذا كان بمعنى اعلم فقد مر أن علمت تكون حكمًا، وليس منه أيضًا لا أرى لك حقًا في هذه بهذا الدعوى ما

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ لم يقل أمضيت أو أنفذت عليك القضاء، وكذا قوله للمدعى عليه سلم هذه الدار إليه بعد إقامة البرهان وهذا نص على أن أمره لا يكون بمنزلة قضائه، وذكر شمس الأئمة أنه حكم لأنه أمر إلزام قال البزازي: ويدل على أنه ليس بحكم ما ذكره الظهري وقف على الفقراء واحتاج بعض قرابته فأمر القاضي أن يصرف شيئًا من الوقف إليه فهو بمنزلة الفتوى حتى لو أراد أن يصرفه لآخر صح، ولو حكم بأن لا يصرف إلا إلى أقربائه نفد حكمه دل هذا أن أمره ليس بحكم انتهى. وفي وقف (فتح القدير) استبعدت صحة الحكم وكيف ساغ بلا شرط حتى ظفرت بقوية بأن هذا الحكم لا يصح ولا يلزم انتهى. وهو ظاهر في أنه مع شروطه تصح اتفاقًا بأن أعطاه المتولي سنة ثم منعه وأراد إعطاء غيره فترافعا إلي القاضي فرأى أن الدفع إليه أصلح فحكم على المتولي بأن لا يعطي غيره، ولم يحكوا خلافًا إن أمره بحبس الخصم قضاء بالحق كما في (القنية)، وأما الثبوت فصح البزازي أنه حكم قال في (الفتاوى الكبرى): وعليه الفتوى، أي قول القاضي ثبت عندي ما ادعاه عليك هذا، وأما إذا لم يكن هذا المعنى فليس بحكم قطعًا ويظهر ذلك في مسائل منها ما لو قالوه في خيار العيب من أنه إذا لم يكن ظاهرًا فلابد لصحة الدعوى به من ثبوت قيامه حال الدعوى وذلك من تمامها، وما ذكروه بالحكم بالنفاذ من أنه يشترط له أن يثبت عند القاضي بالبينة أن العقار في يد المدعى عليه ولا يكفي في ذلك تصادقهما ومنها ثبوت ملك البائع للعين وهو المسمى بينة الخ بأن من أحل صحة البيع أو الوقف أو الإجارة، وقد سئل قارئ (الهداية) هل يشترط في صحة حكم الحاكم بوقف أو بيع أو إجارة ثبوت ملك الواقف أو البائع أو المؤجر وحيازته أم لا يشترط؟ أجاب إنما يحكم بالصحة إذا ثبت/ أنه مالك لما وقفه، أو أن له ولاية الإيجار والبيع لما باعه، وإن لم يثبت من ذلك لا يحكم بالصحة بل بنفس الوقف والإجارة والبيع لما باعه، والحاصل أن الثبوت إن وقع في مقدمات الحكم لم يكن حكمًا وإلا كان حكمًا يعني بعد الدعوى الصحيحة. واعلم أن ظاهر كلامهم الاتفاق على اعتبار الحكم بالصحة على سبيل الاستقلال، ونظر فيه ابن الغرس بأن القضاء في حقوق العباد إنما هو لدفع النزاع ومن المعلوم أنه لا يقع في صحة العقد وفساده بل في آثار ذلك ومتعلقاته فما الداعي إلى القضاء يقضي بالصحة فالوجه أن القضاء بها لا يصح على وجه الاستقلال وإن يكون ذلك ضمنًا، فإن لم يكن وقوع التداعي والتخاصم في ذلك لم يكن انتهى ملخصًا،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما فعله فإذا لم يكن موضعًا للحكم فليس بحكم كما أذنته مكلفة بتزويج نفسها فزوجها، وإن كان موضعًا له فظاهر كلامهم أنه حكم ففي (التتمة) و (الخانية) لو باع مال اليتيم من نفسه أو باع من اليتيم لم يجز لأن بيع القاضي قضاء منه وأنه لا يصح قاضيًا لنفسه، وفي (التتمة) لو زوج اليتيمة من ابنه لا يصح وفي (الأصل) حضر الورثة وفيهم صغير أو غائب وطلبوا قسمة العقار قال الإمام: لا أقسم بإقرارهم حتى يقيموا البينة على الموت والوارث لأن فيه قضاء على الغائب أو الصغير بقولهم لأن قسمة القاضي قضاء منه، وقالا: لا ينقسم إلا أنه في نكاح (فتح القدير) قال في مسألة التزويج الإلحاق بالوكيل يكفي للحكم مستغنيًا عن جعل فعله حكمًا مع انتفاء شرطه وكذا إذا باع مال يتيمة من نفسه بكل من الوجهين والأوجه ما ذكرنا انتهى. وأقول: ومما يدل على أنه ليس بحكم إثباتهم خيار البلوغ للصغير والصغيرة بتزويج القاضي على الأصح، ولو كان تزويجه حكمًا للزم نقضه غير أن الإلحاق بالوكيل لا يأتي فيما لو زوج اليتيمة من ابنه أو باع منه مال يتيم لنصهم أن الوكيل لو باع لمن لا تقبل شهادته له لو بأكثر من القيمة جاز بلا خلاف، كما في (النهاية) وغيرها، ولذا لا يأتي في مسألة القسمة التي هي نص محمد في (الأصل)، وفي (البحر) لما كثر في كلامهم أن فعله حكم فالأولى أن يقال: إنه يحتاج إليها في الحكم القولي لا في الفعلي تصحيحًا لكلامهم أنه لا خلاف في اشتراطها صحيحة للحكم القولي، وقد حكى العلامة قاسم في (فتاواه) الإجماع عليه أي إجماع فقهائنا فإن لم يوجد كان إفتاء كما صرح به في (الفصول) و (البزازية) وغيرهما وبه عرف أن التنفيذ الواقع في ديارنا ليس من الحكم في شيء إذ غايته إحاطة القاضي الثاني بحكم الأولى على وجه التسليم له ومعنى ما سيأتي من قول المص وإذا رفع إليه حكم قاض أمضاه أي ألزم الحكم به يعني إذا حصلت فيه خصومة من مدع على خصم ويدل على ذلك ما في (الخلاصة) و (البزازية) وإذا أرادوا أن يثبتوا حكم الخليفة عند الأصل فلابد من دعوى صحيحة على خصم حاضر وإقامة البينة كما لو أرادوا إثبات قضى قاض آخر انتهى. فإذا وجدت الدعوى كان حكمًا لأن القضية الشخصية الواحدة يجوز أن يتوارد عليها الأحكام المتعددة المتفق عليها، لكني لا أرى للثاني فائدة بعد صحة الأول إلا مجرد التقوية. وأعلم أن السلف إنما كانت أحكامهم صرائح فيقولون قضى له بالدار ونحو ذلك، ثم تعورف القضاء بالموجب تيسيرًا وهو عبارة عن المعنى المتعلق عما

أهله أهل الشهادة ـــــــــــــــــــــــــــــ أضيف له في ظن القاضي شرعًا من أنه يقضي به، فإذا حكم حاكم حنفي بموجب بيع مدبر كان معناه الحكم ببطلان البيع، ولو قال الموثق وحكم بمقتضاه لا يصح لأن الشيء لا يقتضي بطلان نفسه وبه ظهر أن الحكم بالموجب أعم ثم هو لا يخلو إما أن يكون أمرًا واحدًا أو أمورًا يستلزم بعضها بعضًا أو لا. فالأول: كالقضاء بالأملاك المرسلة والطلاق والعتاق إذ لا موجب لهذا سوى ثبوت ملك الرقبة للعين والحرية وانحلال قيد العصمة، والثاني: كما إ ذا ادعى رب الدين على الكفيل بدين له على الغائب المكفول له وطالبه به فأنكر الدين فأقام البينة على الدين والكفالة فحكم بموجب ذلك فالموجب هاهنا أمران، لزوم الدين للغائب ولزوم أدائه على الكفيل. والثاني يستلزم الأول في الثبوت والثالث كما إ ذا حكم شافعي بموجب بيع عقار فتم الحكم على ما وقعت به الدعوى فلا يكون حكما بأنه لا شفعة وهكذا في نظائره، هذا حاصل على ما قرره ابن غرس، وبقي قسم رابع نص عليه في (منية المفتي) وغيرها فقال في فسخ اليمين المضافة لو قال القاضي: قضيت بالنكاح بينهما صح وإن كان له أيمان مختلفة، ولو لم يبطل القاضي حتى أجاز نكاح فضولي بالفعل ثم طلقها ثلاثًا ثم تزوجها بنفسه ثم رفع الأمر إلى القاضي، فإن علم يتقدم نكاح الفضولي ومع ذلك قضى/ بالنكاح بينهما صح وكان قضاء ببطلان اليمين وببطلان نكاح الفضولي وبطلان الثلاث بعده وإن لم يتقدم نكاح الفضولي انتهى. فهذا الأمور التي استلزمها الحكم بالنكاح توقف إيقاعها على علمه بها والله الموفق. وقد وقعت حادثة هي أن شخصًا وقع في حقه عليه الصلاة والسلام بما يوجب كفره فحكم حنفي بموجب ذلك هل يكون حكمًا بهدم قبول توبته؟ فليس للشافعي أن يحكم بقبولها وقياس مسألة الشفعة أن لا يكون مانعًا من الحكم بقبول توبته وهو الذي ملت إليه هنا، وليس من الشرائط المصر فيصح القضاء في السواد وبه يفتى، كما في (البزازية) ولا كون المتداعيين من بلدة القاضي في غير العقار، وأما العقار الذي لا في ولاته فالأصح فيه الجواز، كما في (الخلاصة) وغيرها (أهله) أي: القضاء (أهل الشهادة) أي: أدائها على المسلمين، كذا في (الحواشي السعدية) ويرد عليه أن الكافر لو ولى قاضيًا ليحكم بين أهل الذمة جاز، صرح به الشر في التحكيم وشرط أن يكون من أهل الشهادة لأن كلًا منهما يستمد من أمر واحد هو شروط الشهادة من الإسلام والتكليف والحرية وكونه غير أعمى ولا محدودًا في قذف ولا أصم ولا أخرس، وأما الأطرش الذي يسمع القوي من الأصوات فالأصح جواز توليته،

والفاسق أهل للقضاء كما هو أهل للشهادة إلا أنه لا ينبغي أن يقلد ولو كان القاضي عدلًا ففسق بأخذ الرشوة ـــــــــــــــــــــــــــــ وظاهر أن الكلية أعني كل من كان أهل الشهادة هو أهل للقضاء مطردة غير منعكسة عكسًا لغويًا فلا يرد أن من فعل ما يخل بالمروءة فهو أهل للقضاء دون الشهادة، ولأن شهادة العدو عن عدوه من حيث الدنيا لا تقبل وقضاؤه عليه صحيح (والفاسق أهل للقضاء) أي: لتولية القضاء (كما هو أهل للشهادة) أي: لأدائها على معنى أن القاضي لو قضى بشهادته فقد أثم كما يأثم بتولية الفاسد وصرح بذلك في (إيضاح الإصلاح) وأفصح بهذه الجملة دفعًا لقول من قال: إنه ليس بأهل له فلا يصح قضاؤه لأنه لا يؤمن عليه لفسقه وهو قول الثلاثة واختاره الطحاوي. قال العيني: وينبغي أن يفتى به خصوصًا في هذا الزمان انتهى. أقول: لو اعتبر هذا لانسد باب القضاء خصوصًا في زماننا فلذا كان ما جرى عليه المص هو الأصح، كما في (الخلاصة) وهو أصح الأقاويل كما في (العمادية) واستثنى أبو يوسف ما إذا كان الفاسق ذا جاه ومروءة فإنه يجب قبول شهادته، كذا في (البزازية) وعليه فلا إثم أيضًا بتوليته القضاء حيث كان كذلك إلا أن يفرق بينهما (إلا أنه لا ينبغي) أي: لا يليق (أن يولى) لأنه لفسقه يستحق الإهانة لا التعظيم بتوليته القضاء (ولو كان القاضي عدلًا ففسق بأخذ الرشوة) قبل القضاء أو بعده لا فرق بين رشوته ورشوة ولده ومن لا تقبل شهادته، وكذا أعوانه إذا علم بذلك خصها بالذكر لأنها معظم ما يفسق به القاضي وإلا فالفسق قد يكون بغيرها كشرب الخمر ونحوه (لا ينعزل) فيه إيماء إلى أن قضاءه نافذ فيما ارتشى فيه وهذا أحد أقوال ثلاثة، والثاني: لا ينفذ فيه وينفذ فيما سواه، واختاره السرخسي والثالث: لا ينفذ فيهما، والأول اختاره البزودي واستحسنه في (الفتح) لأن حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق إيجاب فسقه وقد فرض أنه لا يوجب العزل فولايته قائمة وقضاؤه يحق فلم ينفذ وخصوص هذا الفسق غير مؤثر، وغاية ما وجه أنه إذا ارتشى عامل لنفسه أو ولده يعني والقضاء عمل لله تعالى، وأنت خبير بأن كون خصوص هذا الفسق غير مؤثر ممنوع بل يؤثر بملاحظة كونه عملًا لنفسه وبهذا يترجح ما اختاره السرخسي وفي (الخانية) إذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى فيه وقيل: إنه ينعزل لأنه حين ولاه اعتمد على عدالته فكانت ولايته مقيدة بها فيتحول بزوالها، ولا شك أن الولاية تقبل التقييد والتعليق كما إذا وصلت مكة فأنت قاضيها أو أنت أمير الموسم، والإضافة أيضًا كجعلتك قاضيًا في رأس الشهر، والاستثناء كجعلتك قاضيًا إلا في قضية كذا قال في (إيضاح الإصلاح) وعليه الفتوى، إلا أن ظاهر المذهب وعليه

لا ينعزل ويستحق العزل، وإذا أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــ البخاريون والسمرقنديون أنه لا ينعزل إذ لا يلزم من اختيار ولايته لصلاحيته تقييدها به على وجه يزول بزواله، ولو شرط في التقليد أنه متى فسق انعزل، فإنه ينعزل كما في (البزازية) وغيرها وهذا ينبغي أن يكون مجمعًا عليه ويستحق العزل أي يجب على السلطان عزله، كذا في (الفصول) وغيرها ولا ينافيه ما في (الدراية) من أنه يحسن عزله لمن تأمل. قال في (الفتح): واتفقوا في الأمرة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة انتهى. وفي أول دعاوى (الخانية) الوالي إذا فسق فهو بمنزلة القاضي (يستحق العزل) ولا ينعزل (ولو أخذ القضاء بالرشوة) بتثليث الراء (لا يصير قاضيًا) وهي الجعل وارتشى أخذها واسترشى طلبها، وأرشاه حاباه وصانعه وأرشاه/ أعطاه الرشوة كذا في (القاموس) وهي كما قال بعضهم: ما يعطيه إن بعينه والهداية لا شرط فيها. قال في (البحر): ولم أر ما لو تعين عليه القضاء ولم يول إلا بمال هل يجوز له بذله ينبغي أن يحل وإن عزله لا يصح انتهى. وأقول: هذا ظاهر في صحة توليته وإطلاق المص يرده، وأما عدم صحة عزله فممنوع. قال في (الفتح): للسلطان أن يعزل القاضي بريبة، وبلا ريبة ولا ينعزل حتى يبلغه العزل انتهى. نعم لو قيل: إنه لا يحل عزله في هذه الحالة لم يبعد كالوصي العدل، واعلم أنهم قسموا الرشوة إلى أربعة أقسام حرام على الآخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والإمارة، وأما الذي قلد بواسطة الشفعاء فكالذي قلد احتسابًا، كذا في (الفتح) الثاني ارتشى ليحكم وهو كذلك حرام من الجانبين، الثالث: أخذ المال ليثبتوا أمره عند السلطان دفعًا للضرر وجلبًا للنفع وهو حرام على الآخذ لا الدافع، وفي (القنية) أبرأه عن الدين ليثبتوا أمره عند السلطان لا يبرأ وهو رشوة انتهى. وحيلة آكلها للآخذ أن يستأجره يومًا إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة، ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان في الأمر الفلاني ومن حوادث الفتوى أن أويس باشا أجر نفسه لبعض الأمراء ليكف الظلم عنه في بلدة معينة ثم مات هل الإجارة على إقامة واجب تعين عليه، ويدل على ذلك ما في (الخلاصة) وغيرها معزيًا إلى (الأقضية) الهدية ثلاثة حلال من الجانبين للتودد، وحرام منها وهو الأخذ للإعانة على الظلم وحرام على الآخذ وهو الأهدى للكف عن الظلم والحيلة أن يستأجره ثلاثة أيام ليعمل هل ثم يستعمله إذا كان فعله تجوز عليه الإجارة كتبليغ الرسالة ونحوها وإن لم يبين لمدة لا يجوز انتهى. ولا شك أن هذا الفعل مما لا يجوز عليه الإجارة لما قد علمته، الرابع: ما يدفع

والفاسق يصلح مفتيًا وقيل: لا، ـــــــــــــــــــــــــــــ لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه وماله حلال للدافع حرام على الآخذ، وجعل في (الدراية) من هذا القسم ما يأخذه الشاعر، ويجوز المصانعة في أموال اليتامى وبه يفتى (والفاسق يصلح) أن يكون (مفتيًا) لأنه قد يتحرى الصواب حذرًا من النسبة إلى الخطأ (وقيل: لا) يصح لأن خبره غير مقبول في الديانات وإن قبل في المعاملات كما سيأتي. قال العيني: واختاره كثير من المتأخرين وجزم به في (المجمع) و (شرحه) وقال في (التحرير): الاتفاق على حل استفتاء من عرف من أهل العلم بالاجتهاد والعدالة أو رآه مفتيًا والناس يستفتونه معظمين، وعلى امتناعه إن ظن عدم أحدها فإن جهل اجتهاده دون عدالته فالمختار منع استفتائه بخلاف المجهول من غيره إذ الاتفاق على المنع انتهى. تكميل: لا خلاف في اشتراط إسلام المفتي وعقله وشرط بعضهم تيقظه، نعم لا يشترط أن يكون حرًا ولا ذكرًا ولا ناطقًا فيصح إفتاء الأخرس حيث فهمت إشارته بل الناطق إن قيل له: أيجوز هذا؟ فحرك رأسه أن نعم جاز أن يعمل بإشارته وينبغي أن يكون منتزهًا عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف، والأصح أن الإفتاء غير مكروه لمن كان أهلًا وعلى ولي الأمر أن يبحث عمن صلح للفتوى ويمنع من لا يصلح ونقل عن بعض الشافعية أنه إن لم يكن غير تعين عليه وإلا فرض كفاية، وسئل محمد بن الحسن متى يحل للرجل أن يفتي؟ قال: إذا كان صوابه أكثر من خطئه، وفي (منية المفتي) يجب أن يكون المفتي حليمًا دينًا لين القول منبسط الوجه وينبغي له أن يقدم أولًا من جاه أو لا ولا يقدم الشريف على الوضيع، وإذا أجاب ينبغي أن يكتب عقب جوابه والله أعلم، ونحوه وقيل في المسائل التي اجتمع عليها أهل السنة يكتب والله الموفق أو بالله التوفيق، ولا ينبغي له أن يحتج للفتوى إذا لم يسأل عنه، وإذا أخطأ رجع ولا يستحي ولا يأنف ثم الفتوى مطلقًا بقول الإمام ثم بقول أبي يوسف، ثم بقول محمد، ثم بقول زفر بقول الحسن بن زياد وقيل: إن كان الإمام في جانب وصاحباه في جانب فالمفتي بالخيار وإلا فبالأصح إذا لم يكن مجتهدًا انتهى. وفي (الحاوي القدسي) أن العبرة بقوة المدرك وما في (المنية) أضبط والله أعلم. تتمة: اشتقاق الفتوى من الفتى لأنها جواب في حادثة أو حوادث حكم أو تقوية لبيان مشكل وعرفها الشيخ اللقاني المالكي بأنها الإخبار عن الحكم على غير وجه الإلزام قيل: احترز بالقيد الأخير عن القضاء وفيه نظر، إذ القضاء إنشاء فلا يصدق ما قبل هذا القيد عليه بل إنه يلاحظ فيما ينبئ عنه المفتي من الحدوث

ولا ينبغي للقاضي أن يكون فظًا غليظًا جبارًا عنيدًا، وينبغي أن يكون موثوقًا به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنة والآثار ووجوه الفقه، والاجتهاد ـــــــــــــــــــــــــــــ والقوة، كذا في حاشية (الكشاف) للسيد والكلام في آداب المفتي والمستفتي طويل وفي ما ذكرناه كفاية (ولا ينبغي للقاضي أن يكون فظًا) أي: سيئ الخلق جافيًا (غليظًا) أي: قاسي القلب قاله المصنف وقاله البيضاوي وعليه جرى مسكين وقال العيني: أنه شديد في الكلام متفاحشًا، وفي (المصباح) فظ الرجل يفظ من باب تعب فظاظة/ حتى يهاب في غير موضعه، وغلظ الرجل اشتد فهو غليظ وفيه غلظة أي غير لين ولا سلس (جبار) أي: متكبرًا مقبلًا بغضب قال العيني: وقال مسكين: الجبار من جبره على الأمر بمعنى أجبره أي لا يجبر غيره على ما لا يريد ويوافقه ما في (المصباح) وهو الحامل غيره على الشيخ أو الشيء قهرًا أو غلبة (عنيدًا) أي: معاندًا وهو المجانب للحق والمعادي لأهله، وفي (المغرب) رجل عنيد يعرف الحق فيأباه (وينبغي أن يكون موثوقًا به) من وثقت به أثق به أثق بكسرهما ثقة ائتمنة (في عفافه) وهو الكف عن المحارم وخوارم المروءة (وعقله) وهو كما في (التحرير) قوة بها إدارك الكليات للنفس فلا يولى ناقص العقل وهو الأحمق ومن علاماته طول لحيته وكثرة الالتفات والعجلة في الأمور بحيث لا ينظر في عواقبها، قالوا: ولا دواء لهذا الداء إلا الموت. وقال عيسى عليه الصلاة والسلام: (عالجت الأكمه والأبرص وأبرأتهما وعالجت الأحمق فلم يبرأ) (وصلاحه) قال الخصاف: أهل الصلاح عندنا من كان مستورًا ليس بمهتوك ولا صاحب ريبة مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الأذى قليل السوء ليس بمعاقر للنبيذ ولا غلبة الرجال وليس بقذاف للمحصنات ولا معروفًا بالكذب (وفهمه) قيل: الفهم قوة من شأنها أن تغذ النفس لاكتساب الآراء والمطالب وجودة الزكاء تلك القوة (وعلمه بالسنة) وهي أقواله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريره وهو سكوته عن أمر يعانيه من مسلم (والآثار) الواردة عن أصحابه (ووجوه الفقه) أي: الطريق التي يستنبط منها الفقه والأصول التي ينبني عليها. وقال مسكين: الفقه عند عامة العلماء اسم لعلم خاص في الدين لا لكل علم وهو العلم بالمعاني التي تعلقت بها الأحكام من كتاب وسنة وإجماع ومقتضياتها وإشاراتها. فائدة: قال في (التتارخانية): من آداب القضاء القاضي يطلق عليها اسم خليفة رسول الله بلا خلاف، واختلفوا في إطلاق اسم خليفة الله تعالى انتهى. (والاجتهاد)

شرط الأولوية، والمفتى ينبغي أن يكون هكذا ـــــــــــــــــــــــــــــ لغة بذل المجهود والطاقة في تحصيل ذي كلفة وعرفًا ذلك من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ونفى الحاجة إلى قيد الفقه للتلازم بينه وبين الاجتهاد سهو، ثم هو تعريف بفرع من الاجتهاد لأن ما في العقليات اجتهاد غير أن المصيب واحد والمخطئ آثم والأحسن تعميمه بحذف ظني، كذا في (التحرير) قال في (التلويح): ومعنى بذل الطاقة أنه يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه وشرطه الإسلام والعقل والبلوغ وكونه فقيه النفس أي شديد الفهم بالطبع وعلمه باللغة العربية وكونه حاويًا لكتاب الله تعالى مما يتعلق بالأحكام وعالمًا بالحديث متنًا وسندًا وناسخًا بالقياس، وهذه الشرائط إنما هي في حق المجتهد المطلق التي يفتى في جميع الأحكام، وأما المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلق بذلك الحكم مثلًا الاجتهاد في حكم متعلق بالصلاة لا يتوقف على معرفة جميع ما يتعلق بالنكاح انتهى. وزاد المص هنا الاجتهاد بالمعنى الأول (شرط الأولوية) لتعذر وجوده في كل حين، على أنه يجوز خلو الزمن عنه عند الأكثر وح فتصح تولية الجاهل لأن إيصال الحق إلى مستحقه يحصل بالعمل بفتوى غيره قيل: المراد به المقلد بدليل جعل الاجتهاد شرط الأولوية غير أن الدليل لا يناسبه إذ المحتاج إلى فتوى غيره هو من لا يقدر على أخذ المسائل من كتب الفقه وضبط أقوال الفقهاء، كذا في (الحواشي اليعقوبية) وعلى ذلك القيل جرى ابن الغرس فقال: ليس مرادهم بالجاهل العامي المحض بل لابد من تأويل العلم والفهم وأقله أن يحسن بعض الحوادث والمسائل الدقيقة، وأن يعرف طريق تحصيل الأحكام الشرعية من كتب المذهب وصدور المشايخ وكيفية الإيراد والإصدار في الوقائع والدعاوى والحجج ويدل على ذلك قولهم: العالم إذا تعين للقضاء وجب عليه قبوله وإذا تركه أثم، وما لم يتعين فالقبول أفضل وإذا كان الجاهل أهلًا للقضاء فمتى يتعين. وأقول: وجود الجاهل لا يمنع من تعينه وذلك أنه إذا لم يوجد غيره ولم يقبل أثم، وإن وجد جاهل تصح توليته نعم قال البزازي في الأيمان: المفتي يفتي بالديانة والقاضي يقضي بالظاهر دل هذا على أن الجاهل لا يمكنه القضاء بالفتوى أيضًا فلابد من كون الحاكم في الدماء والفروج عالمًا دينًا كالكبريت وابن الكبريت الأحمر وأين العلم انتهى. (والمفتي ينبغي أن يكون كذلك) أي: موثوقًا به في علمه وأمانته إلى آخره وإن مجتهدًا. قال في (الفتح): واعلم أن ما ذكر في القاضي ذكر في المفتي إلا المجتهد، وقد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد فمن يحفظ أقوال المجتهدين

وكره التقلد لمن خاف الحيف وإن أمنه لا، ولا يسأل القضاء ـــــــــــــــــــــــــــــ فيلس بمفت والواجب عليه إذا سئل أن يذكر قول المجتهد كأبي حنفية على جهة الحكاية فعرف أن ما يكون في زماننا من فتوى الموجودين ليس بفتوى بل هو نقل كلام المفتي ليأخذ المستفتي، وطريق نقله كذلك من المجتهد أحد أمرين إما أن يكون/ له فيه سند إليه أو يأخذه من كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمد ابن الحسن ونحو هاتين من التصانيف المشهورة للمجتهدين لأنه بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور هكذا ذكر الرزاي، فعلى هذا لو وجد بعض نسخ (النوادر) في زماننا لا يحل عزو ما فيه إلى محمد ولا إلى أبي يوسف لأنها لم تشهر في عصرنا في ديارنا ولم يتداول نعم إذا وجد النقل عن (النوادر) مثلًا في كتاب مشهور معروف (كالهداية) و (المبسوط) كان ذلك تعويلًا على ذلك الكتاب. (وكره) تحريمًا كما في (الفتح) (التقليد) أي: تقليد الخليفة القضاء (لمن خاف) منه (الحيف) أي: الظلم وفي نسخة التقليد أي تقليد القضاء لمن خاف الحيف على نفسه وخوف عدم العدل لعجزه كخوف الجور لأن الغالب هو الوقوع في محظوره ومحل الكراهة ما لم يتعين عليه، فإذا انحصر الأمر فيه وصار فرض عين عليه وعليه ضبط نفسه إلا إذا كان السلطان يمكنه أن يفصل الخصومة ويتفرع لذلك، كذا في (الفتح) وإذا لم يمكنه الفصل وفي البلدة قوم صالحون فامتنعوا كلهم أثموا، كذا في (البزازية) وهل للسلطان إجبار أحد منهم أو من تعين عليه؟ قال في (البحر): لم أره والظاهر جواز إجباره (وإن أمنه) أي: الحيف (لا) أي: لا يكره التقليد لأن كبار الصحابة والتابعين تقلدوه، وفي (النهاية) منهم من قال: لا يجوز الدخول فيهم إلا مكروهًا وأبو حنيفة منهم، والصحيح أن الدخول رخصة والامتناع غريمة انتهى. وعلى هذا فالأولى عدمه وقيل: إن الدخول فيه غريمة والامتناع رخصة فالأولى الدخول فيه قال البزازي: وعامة المشايخ على الأول وجزم به في (الفتح) معللًا بأن الغالب خطأ ظنًا من ظن من نفسه الاعتدال فيظهر منه خلافه فالحاصل أنه قد يكون فرض عين إن تعين، وفرض كفاية للمتأهل عند وجود غيره ومكروهًا عند خوف الظلم وحرامًا إن غلب على ظنه ذلك ومباحًا كما مر (ولا يسأل القضاء) أي: لا يحل له سؤاله، زاد القدروي ولا يطلبه لرواية أبي داود (من طلب القضاء وكل إلى نفسه ومن أجبر عليه نزل عليه ملك يسدده) أي: يلهمه رشده وأخرجه ابن ماجة بلفظ من سأل القضاء، وجعل في (المصطفى) السؤال باللسان والطلب بالقلب وظاهر أن

ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل والجائر ـــــــــــــــــــــــــــــ السؤال الشيء باللسان لا يكون غالبًا إلا عن طلب القلب له فلهذا اقتصر المص على السؤال، وهذا أولى مما في (الينابيع) من أن الطلب أن يقول للإمام: ولني والسؤال أن يقول للنافي، لو ولاني أجبته وكل ذلك يكره انتهى. إذ السؤال على هذا الوجه مما لا إثما فيه وكما لا يجوز الطلب لا يجوز التولية ولذا قال في (الخلاصة) وغيرها: لأن طالب الولاية لا يولى لا فرق في ذلك بين القضاء والتولية على الوقف والوصاية إلا إذا تعين عليه القضاء فإن الطلب يكون واجبًا حينئذ قال في (الدراية): واستحبت الشافعية طلبه لحامل الذكر لنشر العلم انتهى. وهكذا ذكر المالكية وعبارة مختصر وندب ليشهر علمه وينبغي أن يخص من تولية الوقف ما إذا عزل منه وادعى أن العزل من القاضي الأول بغير جنحة، فإن له طلب العود من القاضي الجديد وحين ذلك يقول له القاضي: أثبت أنك أهل الولاية، ثم يوليه نص عليه الخصاف، وأن تكون التولية مشروطة له فإذا طلبها في هذه الحالة فإنما طاب تنفيذ الشرط. (ويجوز تقلد القضاء من السلطان العادل) هذا ظاهر في اختصاص تولية القضاء بالسلطان ونحوه، كالخليفة حتى لو اجتمع أهل بلدة على تولية واحد القضاء لم يصح بخلاف ما لو ولوا سلطانا بعد موت سلطانهم، كما في (البزازية) وقال أبو يوسف: للإمام الذي ولاه السلطان ناحية وجعله له خراجها وأطلق له التصرف في الرعية ما يقتضيه الأمارة أن يقلد ويعزل ويشترط فيه التكليف من العقل والبلوغ، ومن ثم قال البزازي: لو مات السلطان فاتفقت الرعية على تولية صغير له ينبغي أن يفوض أمر التقليد إلى وال ويعد نفسه تبعًا لابن السلطان، فإذا بلغ يحتاج إلى تقليد جديد وفي النصراني والعبد إذا استؤمر روايتان، كذا في (البزازية) وفي (شرح مسكين) قبيل الصرف لابد أن يكون الإمام مكلفًا حرًا مسلمًا عدلًا مجتهدًا ذا رأي وكفاية سميعًا بصيرًا ناطقًا وأن يكون من قريش، فإن لم يوجد فمن العجم وتنعقد بيعته بأهل الحل والعقد من العلماء المجتهدين والرؤساء انتهى. والعادل كما قال الكرماني هو الواضع كل شيء في موضعه وقيل: هو المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط سواء كان في العقائد أو في الأعمال أو في الأخلاق، وقيل: هو الجامع بين أمهات كآلات الإنسان الثلاث وهي الحكمة والشجاعة والفقه التي هي أوساط القوى الثلاث/. أعني القوى العقلية والغضبية والشهوانية وقيل: المطيع لأحكامه تعالى المراعي لأمور الشرعية (و) من السلطان (الجائر) أي: الظالم لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تقلدوه من معاوية في نوبة علي، قال في (الفتح): وهذا تصريح يجوز والمراد في خروجه لا في أقضيته، ثم إن ما يتم إذا ثبت أنه ولي القضاء قبل تسليم الحسن له.

ومن أهل البغي، فإن تقلد يسأل ديوان قاض قبله وهو الخرائط التي فيها السجلات والمحاضر وغيرهما ..... ـــــــــــــــــــــــــــــ وأما بعد تسليمه فلا ويسمى ذلك العام عام المحاجة ولا كلام في ظلم الحجاج وقد تقلد منه علماء السلف وإذا صحت التولية صح العزل أيضًا، فإذا ولى سلطان البغاة باغيًا وعزل قاضي العدل ثم ظهرنا عليهم احتاج قاضي أهل العدل إلى تجديد التولية. وبقي هل يدخل في الجائر الكافر؟ ففي (التتارخانية) الإسلام ليس بشرط فيه أي في السلطان الذي يقلد بلاد الإسلام التي في أيدي الكفرة لا شك أنها بلاد الإسلام لا بلاد الحرب، لأنهم لم يظهر فيها حكم الكفرة والقضاة مسلمون والملوك الذين هم يطيعونهم عن ضرورة مسلمون، ولو كانت من غير ضرورة منهم ففساق وكل مصر فيه وال من جهتهم تجوز فيه إقامة الجمع والأعياد وأخذ الخراج وتقليد القضاة وتزويج الأيامي لاستيلاء المسلم عليه، وأما طاعة الكفرة فذاك مخادعة. وأما بلاد عليها ولاة الكفار فيجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيًا بتراضي المسلمين فيجب عليهم أن يلتمسوا واليًا مسلمًا منهم انتهى. وعزاه مسكين في (شرحه) إلى الأصيل ونحوه في (جامع الفصولين) وفي (الفتح) وإذا لم يكن سلطان ولا من يجوز التقليد منه كما في بعض بلاد المسلمين غلب عليهم الكفار كقرطبة إلا أن يجب على المسلمين أن يتفقوا على واحد منهم يجعلونه واليًا فيولي قاضيًا ويكون هو الذي يقضي بينهم، وكذا ينصب إمامًا يصلي بهم الجمعة انتهى. وهذا هو الذي يظهر تطمين النفس إليه فليعتمد. (و) يجوز أيضًا (من) سلطان (أهل البغي) وهم خرجوا عن طاعة الإمام العدل كما مر ولا خفاء أن صحة التولية تعتمد صحة العزل، وإذا عزل قاضي العدل وولي باغيًا صح، وإذا رفع قضاؤه إلى قاضي العدل نفذه لأنه غايته أنه فاسق وقيل: لا ينفذه، وبه جزم الناصحي في (تهذيب أدب القضاء) للخصاف، وجعل الخوارج كالبغاة معللًا بأنهم يستحلون أموالهم فلا تجوز شهادتهم وإذا لم تجز فلا يجوز قضاؤه. وقيل: حكمه كالمحكم (فإذا تعذر) القضاء (يسأل) أي: أول ما يبدأ به من الأعمال وهو أنه يسأل أي يطلب (ديوان قاض قبله) منه وأصل الديوان ديوان أبدلت من إحدى المضعفتين ياء تخفيفًا، ولذا ردت في الجمع والتصغير فقيل: دواوين وديون لأنهما يردان الأسماء إلى أصلها، ودنوت الديوان وضعته، ويقال أول من دون الدواوين في العرب عمر، أي: رتب الجرائد للعمال وغيرهم فالمراد به هنا أفاده بقوله: (وهو الخرائط) جمع خريطة وهي الكيس (التي فيها السجلات) جمع سجل بكسر السين والجيم وتشديد اللام وهو الصكوك، وإطلاقه على الخرائط للمجاوزة (والمحاضر) جمع محضر (وغيرهما) من كتب الأوقاف وتقدير النفقات.

ونظر في حال المحبوسين ـــــــــــــــــــــــــــــ وذكر منلا خسروا أن المحضر ما يكتب فيه خصومة المتخاصمين وما جرى من إقرار المدعى عليه وإنكاره والحكم بالبينة أو النكول على وجه يدفع الاشتباه، وكذا السجل والصك ما كتب في البيع والرهن والإقرار وغيرهما والحجة والوثيقة متناولان للثلاثة انتهى. فلا فرق بين أن يكون الورق من بيت المال أو من مال أرباب القضاء أو من مال القاضي في الصحيح، وهذا السؤال لكشف الحال لا يستلزم العمل بمقتضى الجواب فإنه التحق بواحد من الرعايا وفي عرف ديارنا ليس عند القاضي صكوك الناس ولا كتب أوقافهم إلا أن يكون القاضي هو الظاهر انتهى. وهذا الثاني باعتبار عرف زمانه وفي عرفنا أكثر كتب الأوقاف تحت يد القاضي، وكذا التقارير للجهات والدعاوى في خزانة معلومة فيختم على السجل وكذا الخزانة في بعض الأحايين. تكميل: ينبغي لمن قلد القضاء وكان في بلد أن يقرأ منشوره على أهل البلد، وإن كان غريبًا ينبغي له أن يدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس لابسًا عمامة سوداء وينزل وسط البلد ثم يقرأ عليهم منشوره، ولو تأخر عن السير إلى بلد عزله، لأن عمر رضي الله تعالى عنه ولى جابر بن معد الطائي ثم لقيه فقال له: ما منعك أن تسير إلى عملك؟ قال: يا أمير المؤمنين رأيت رؤية هالتني أي خوفتني، قال وما هي؟ قال: رأيت كأن الشمس أقبلت من المشرق في جمع كثير، وكأن القمر أقبل من المغرب حتى اقتتلا قال: فمع أيهما كنت؟ قال: مع القمر، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: اردد علينا عهدنا فقتل بصفين مع معاوية كما في (شرح أدب القضاء) للخصاف (ونظر/ في حال المحبوسين) في سجن القاضي بأن يبعث إلى السجن من يعدهم بأسمائهم ثم يسأل عن سبب حبسهم، ولابد أن يثبت عندهم بسبب وجوب حبسهم وثبوته عند الأول ليس بحجة يعتمدها الثاني في حبسهم لأن قوله لم يبق حجة، كذا في (الفتح). وعلى هذا فما في (الشرح) لأدب القاضي يجب على القاضي كتابة اسم المحبوس وأبيه وجده وما حبس بسببه وتاريخه فإذا عزل بعث التي فيها أسماؤهم إلى المتولي لينظر فيها يفيد أن النظر في حالهم إنما هو في النسخة التي بعثها القاضي إليه، فلا معنى لوجوب كتابة ما ذكر إذ لا أثر له يظهر هذا، وأما المحبوسان في سجن الوالي فيجب على الإمام النظر في أحوالهم فمن كان منهم من أهل الدعارة والتلصص والجنايات ولزم الأدب أدبه، ومن لم يكن لهم مال فنفقتهم في بيت المال يدفع إلى

فمن أقر بحق أو قامت عليه البينة ألزمه، وإلا نادى عليه وعمل في الودائع وغلات الوقف ببينة أو إقرار .... ـــــــــــــــــــــــــــــ من في يده وفي دورهم في السلاسل شيء عظيم، كذا في الخراج لأبي يوسف، (فمن أقر بحق) من الحقوق (أو قامت عليه بينة) أعم من أن يشهد بأصل الحق ويعدل أو يحكم القاضي عليه. وأما قول المعزول كنت حكمت عليه لفلان بكذا أو حبسته بحق فلان فلا يقبل إذ شهادة الفرد غير مقبولة لاسيما على نفسه كذا قالوا وهذا يفيد أنه لو شهد مع آخر لا تقبل شهادته (ألزمه) الحبس كذا في مسكين، وفي (الفتح) من التزم ألزمه أياه ورده إلى السجن إلى أن يبلغ المقدار الذي يخرج من السجن عنده. قال في (البحر): والظاهر عندي ما قاله مسكين لأن الثاني لا يطرد في كل إقرار، إذ المحبوس لو أقر بسبب عقوبة خالصة كالزنا فقال: أقررت عند القاضي المعزول بالزنا ولم يقم الحد علي فإن القاضي لا يعتمد عليه لأن ما كان في مجلس المعزول بطل لكن المولى يستقبل الأمر فإن أقر حده يعني أربع مرات في مجالس مختلفة ولو قال: بينة قامت علي لا يحده وفي الخمر يحده سواء كان بإقرار أو بينة ولو قال: حبست بسبب سرقة أقررت بها، قطع المولى يده وأطلقه بكفيل وإن قال ببينة لا للتقادم ولو قال: بقذف لفلان وصدقه حد مطلقًا، كذا في شرح (أدب القضاء) للصدر الشهيد. (وإلا) أي: وإن يقر بشيء ولم تقم عليه بينة بل ادعى أنه حبس ظلمًا (نادى) مناد من جهة القاضي (عليه) في محلته أيامًا كلما جلس القاض من كان يطلب فلان بن فلان فليأت إلى القاضي فإن حضر أحد وهو على إنكاره ابتدأ الحكم بينهما وألا يأتي أيامًا على حسب ما يراه وأخذ منه كفيلًا بالنفس على الأصح اتفاقًا وأطلقه فإن قال: لا كفيل لي، وجب أن يحتاط نوعًا آخر من الاحتياط فيتأدى عليه شهر، فإن لم يحضر أحد أطلقه. قال في (الفتح): ولو قيل بالنظر إلى هذا الظاهر بقي أنه حبس بحق يجب أن لا يطلقه بقوله: إني مظلوم حتى تمضي مدة يطلق فيها مدعي الإعسار كان جيدًا. قال في (البحر): وليس بجيد لأنا لو أبقيناه في الحبس بعد ذلك لسوينا بين المحقق والظاهر (وعمل في الودائع) أي: ودائع اليتامى (وغلات الوقف ببينة) يقيمها الوطيء مثلا على من هي تحت يده أن لليتيم فلان أو ناظر الوقف أن هذه الغلة لوقف فلان (أو إقرار) ذي اليد. قال في (الفتح): والذي في ديارنا في هذا أن أموال الأوقاف تقيم تحت يد جماعة يوليهم القاضي النظر، ودائع اليتامى تحت يد الذي يسمى

ولم يعمل بقول المعزول إلا أن يقر ذو اليد أنه سلمها إليه فيقبل قوله فيهما ويقضي في المسجد أو في داره .. ـــــــــــــــــــــــــــــ أمين القاضي انتهى. وما في (الكتاب) كأنه مبني على عرفهم من أن الكل تحت يد أمين القاضي، وفي زماننا أموال الأوقاف تحت يد نظارها وودائع اليتامى تحت يد الأوصياء، ولو فرض أن المعزول وضع غلة وقف أو وديعة يتيم تحت يد أمين عمل فيها القاضي بما ذكر (ولم يعمل) المولى (بقول المعزول) حتى لو قال: ما في يد هذا المال وديعة يتيم أو مال وقف وقال: هو لي، لم يقبل قوله لأنه بالعزل التحق بالرعايا (إلا أن يقر ذو اليد أنه) أي: المعزول (سلمها) أي: الودائع والغلات (إليه فيقبل قوله فيهما) أنها لزيد سواء قال ذو اليد أنه حين سلمها إليه قال: هي لزيد أو قال: لا أدري وقال المعزول: بل لفلان فالقول للمعزول أيضًا وإقراره غير مقبول فلو قال ذو اليد: هي لفلان بن فلان ثم قال: ودفعتها إلى القاضي وقال القاضي: هي لفلان آخر أمر بالتسليم إلى من أقر له ذو اليد وضمن مثله أو قيمته للمعزول ليدفعه إلى من أقر له به هذا. وأما لو شهدوا أنهم سمعوا القاضي الأول يقول: استودعت فلانًا مال فلان اليتيم فإنه يقبل ويؤخذ المال لمن ذكره، وكذا لو مات الأول واستقضى غيره فيشهد بذلك، كذا في (الفتح) ثم قال: فرع يناسب هذا، شهد شاهدان أن القاضي قضى لفلان على فلان بكذا وقال القاضي: لم أقض بشيء لا تجوز شهادتهما عندهما ويعتبر قول القاضي خلافًا لمحمد انتهى، وأما لو قال بعدما قضى بالبينة رجعت عن حكمي لا يصح رجوعه كما في (الخلاصة). قال ابن وهبان: والتقييد/ بالبينة يفهم أنه لو قضى بعلمه جاز رجوعه ويؤيده ما في (القنية) قضى في حادثة ثم ظهر له خطؤه يجب عليه أن ينقض قضاؤه انتهى. (ويقضي في المسجد وفي بيته) قدم المسجد دفعًا لقول من قال بكراهة القضاء فيه وبيانًا لكونه أفضل لأنه عليه الصلاة والسلام قضى فيه وكذا الخلفاء بعده وهذا لأنه عبادة والمساجد لها وضعت، والمسجد الجامع أولى ثم الذي تقام فيه الجماعات وأن تصلى فيه الجمعة. قال فخر الإسلام: وهذا إذا الجامع وسط البلد فإن كان من طرف منها فلا، والأولى أن يختار مسجدًا في وسط البلد، وجاز في داره لأن العبادة لا تتقيد بمكان شرط أن يأذن للناس على العموم ولا يمنع أحد لأن لكل واحد حقًا في مجلسه،

ويرد هدية إلا من قريبه أو ممن جرت عادته بذلك ـــــــــــــــــــــــــــــ والأولى أن تكون الدار في وسط البلد كالمجلس، وعبارة القدوري ويجلس للحكم جلوسًا ظاهرًا كيلا يشتبه مكانه أو في المطلوب وكالقاضي السلطان والمفتي والفقيه ثم إذا قضى في المسجد خرج للحائض والدابة ولا يضرب في المسجد حدًا ولا تعزيرًا ولا يقضي حال شغل قلبه بفرح أو غضب أو هم أو حاجة إلى الجماع أو برد أو حر شديد أو مدافعة الأخبثين، وينبغي أن يجلس معه من كان يجالس قبله ويستحب أن يحضر مجلسه جماعة من الفقهاء ويشاورهم، كذا في (البدائع). وقيده الشر بأن يكون جاهلًا حيث قال: وإن كان جاهلًا يستحب أن يقعد معه أهل العلم لأنه لا يؤمن أن يزل عن الحق فينبهونه عليه انتهى، إذ يراد بالجاهل غير المجتهد وعبارة (البزازية) وإن رأى أن يقعد معه أهل الفقه قعدوا ولا يشاورهم عند الخصوم انتهى، وفيها قضى بحق ثم أمر أن يستأنف القضية ثانيًا بمحضر من العلماء لا يفرض ذلك عليه. فرع ذكر الصدر الاختلاف في قبول القاضي القصص من الخصوم والمذهب عندنا أنه لا يأخذها إذا جلس للقضاء وإلا أخذها وفي أنه لا يأخذ بما كتب فيها إلا إذا أقر بلفظه صريحًا، (ويرد) القاضي (هدية) وهي كما قدمناه ما يعطى بلا شرط بخلاف الرشوة وإنما يردها لأنها تشبه الرشوة وعلى هذا كانت الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وأفاد بالرد إلى أنه لا يضعها في بيت المال وهو قول عامة المشايخ وإليه أشار في (السير الكبير) وقيل: يضعها فيه ولا خلاف أنه لو تعذر الرد عليه إما لعدم معرفته، أو لبعد مكانه أنه يضعها فيه، فإن جاء المالك ردت عليه، ولو تأذى المهدي بالرد. قال في (الخلاصة): يعطيه مثل قيمتها وفي (الفتح) وكل من عمل للمسلمين عملًا حكمه في الهدية حكم القاضي وعارضه في (البحر) بما في (الخانية) ويجوز للإمام والمفتي قبول الهدية وإجابة الدعوة الخاصة، وزاد في (التتارخانية) الواعظ إلا أن يراد بالإمام إمام الجامع. وأقول: في (التتارخانية) من خصوصياته ثم الظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة من الإمام أو نائبه كالساعي والعاشر ونحوهما (إلا من قريب) محرم، وهذا القيد لابد منه ليخرج ابن العم بما في ردها من قطعية الرحم (أو ممن جرت عادته به) أي: بالإهداء هذا العطف يفيد أن قبولها من القريب غير مقيد تجري العادة منه وهو ظاهر إطلاق القدوري و (الهداية). وفي (النهاية) عن شيخ الإسلام: أنه لا فرق بين القريب والبعيد في أنه لا يقبل

ودعوة خاصة، ويشهد الجنازة ويعود المريض ـــــــــــــــــــــــــــــ هديته إلا إذا كان عادة، نعم إن كان عدمها لفقره وإهدائه لقريبه بيساره بعد توليته فيجوز، كذا في (الفتح) يعني على قول شيخ الإسلام، واعلم أنه يشترط في قبولها عدم الزيادة على العادة، فإن زاد رد الزائد وقيده فخر الإسلام بأن لا يزيد ماله فإن زاد قبل بقدر ما زاد ماله، وأن لا يكون لهما خصومة فإن كان لهما خصومة ردها أما إذا تمت الخصومة فينبغي أن لا يتردد في جواز قبولها، زاد القلانسي موضعين الأول: الوالي الذي تولى الأمر منه، الثاني: وإلى البلد لتقدم الولاية على القضاء، وعلى هذا قبولها من السلطان ومن حاكم البلد المسمى بالباشا في ديارنا وليس له قبولها من الصنجق ويجب أن يقيد أيضًا بأن لا يكون لهما خصومة وفي (الفتح) ويجب أن يكون هبة المستقرض للمقرض كهدية، فإن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فأهدى إلى المقرض فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهدى بلا زيادة انتهى. وجزم في (البحر) بأنه سهو لأن المنقول أنه يحل حيث لم يكن مشروطًا مطلقًا، ونقل (الخانية) أنه ليس له الاستقراض ولا الاستعارة (و) يرد (دعوة خاصة) أي إجابتها وهي التي لا يتخذها صاحبها ولو لم يحضر القاضي، فإن كان يتخذها وإن لم يحضر كانت عامة وقيل: كل دعوة اتخذت في غير العرس والختان فهي خاصة، والصحيح الأول كما في (الهداية) و (الخلاصة) و (السراج) وجزم به في (الخانية) واختاره/ السرخسي كما في (الدراية)، والثاني يحكى عن أبي طاهر عن النسفي. قال في (الفتح): وعندي أنه حسن فإن الغالب هو كون الدعوة العامة هاتين وربما مر عمر ولم يعرف من اصطنع طعامًا عامًا ابتداء لعامة الناس ولأنه أضبط، وادعى في (البحر) أنه ليس بحسن إذ العامة عرفًا لا ينحصر في هاتين لأن العقيقة كذلك، وكذا طعام القدوم في سفر الحج وفي زماننا يصنع طعام عام في العيدين انتهى. وأنت خبير بأن هذا إن ادعى أن الغالب كون الدعوة العامة هاتين غير وارد ولم يستثن هنا ما في (الهداية) القضاء لأن يجيب قريبه الذي لا خصومة له في الخالصة قاله الخصاف، ولم يحك خلافًا، وذكر الطحاوي أن هذا قول محمد وعندهما لا يجيبه، وفي (التتارخانية) له إجابة دعوة خاصة من أجنبي له عادة باتخاذها كالهدية فلو زاد في الطعام بعد القضاء لا يجيبه إلا إذا زاد ماله انتهى. ولم يحك خلافًا وهذا يؤيده ما قاله الخصاف إذ صلة الرحم واجبة وقطع العادة وترك إجابة ذي العادة جائز (ويشهد الجنازة ويعود المريض) إن لم يكن له خصومة إلا أنه لا يبطل المكث عنده لما رواه البخاري في كتاب (المفرد في الأدب) من حديث

ويسوي بينهما جلوسًا وإقبالًا وليتق عن مسارة أحدهما ـــــــــــــــــــــــــــــ أبي أيوب الأنصاري (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: للمسلم على أخيه ست خصال واجبة وإن ترك شيئًا منها فقد ترك حقًا واجبًا لأخيه يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضره إذا مات، وينصحه إذا استنصحه) ولابد أن يحمل واجبة على معنى ثابتة لأن الوجوب المصطلح عليه عند الفقهاء (ويسوي بينهما جلوسًا) أي: يجب عليه أن يسوي بينهما من حيث الجلوس لما رواه ابن راهوية من حديث أم سلمة (قال عليه الصلاة والسلام: من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليسو بينهم في المجلس). والإشارة والنظر ولا يرقع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر ولأن في عدمها كسر القلب، وإطلاقه يعم الصغير والكبير والخليفة والرعية والدين والشريف والأب والابن والمسلم والكافر، إلا أنه إن كان المعدي هو الخليفة ينبغي للقاضي أن يقوم من مقامه وأن يجلسه مع خصمه ويقعده على الأرض ثم يقضي بينهما، ودلت المسألة على أن القاضي يصلح قاضيًا على من ولاه، ولا ينبغي أن يجلس واحد عن يمينه والآخر عن يساره لأن اليمين فضلًا، ولذا كان عليه الصلاة والسلام يخص به الشيخين بل المستحب باتفاق أهل العلم أن يجلسهما بين يديه كالمتعلم بين يدي معلمه ويكون بعدهما عنه قدر ذراعين أو نحوهما، ولا يمكنهما من التربع ونحوه وتكون أعوانه قائمة بين يديه. وأما قيام الأخصام بين يديه فليس معروفًا وإنما حدث لما فيه من الحاجة إليه والناس مختلفو الأحوال والأدب وقد حدث في هذا الزمان أمور وسعها فيعمل القاضي بمقتضى الحال، كذا في (الفتح) يعني فمنهم من لا يستحق الجلوس بين يديه ومنهم من يستحق فيعطي كل إنسان ما يستحق. بقي لو كان أحدهما يستحقه دون الآخر وأبى الآخر إلا القيام لم أر المسألة، وقياس ما في (الفتح) أن القاضي لا يلتفت إليه ثم إذا حضر الخصمان خير القاضي بين أن يبتدئهما بقوله: مالكما؟ وأن يتركهما فإذا تكلم المدعي سكت الآخر، ولا يسأله المدعي بعد ذلك؟ وإن لم يسأل المدعى عليه بعد ذلك قيل: لا والأصح أنه يسأله للعلم بالمقصود ويسوي بينهما جلوسًا (وإقبالًا) لأن في إقباله على أحدهما مسكرة لقلب الآخر. وقالوا: لا يضحك بوجه أحدهما لأنه يجترئ بذلك على خصمه (وليتق مسارة أحدهما) من يساره في أذنه وتساروا تناجوا، كذا في (القاموس) والمراد أنه يجتنب

وإشارته وتلقين حجته وضيافته والمزاح وتلقين الشاهد. فصل في الحبس ـــــــــــــــــــــــــــــ التكلم معه خيفة وكذلك القيام بين يديه، كما في (الولوالجية) وهو الجواز يمنع الناس من التقدم إليه بل يقيمهم بين يديه على البعد ومعه سوط والشهود يتقربون (وإشارته) أي: إلى أحدهما (وتلقين حجته) لأن في ذلك تهمة وكسر لقلب الآخر، وعن أبي يوسف في رواية أنه لا بأس بتلقين الحجة قال العيني (وضيافته) أي: ضيافة أحدهما لما قيد بأحدهما لأن له أن يضيفهما معًا، وقياسه أنه لو سارهما أو أشار إليهما معًا جاز، (والمزاح) عدل عن الضمير دلالة على أن منعه منه مطلقًا ولو لغيرهما لما فيه من إذهاب مهابته، ويستحب أن يكون فيه عبسة بلا غضب وأن يلزم التواضع في غير وهن ولا ضعف. (و) ليتق أيضًا (تلقين الشاهد) وهو أن يقول له القاضي كلامًا يستفيد به الشاهد علمًا واستحسنه أبو يوسف/ في غير موضع التهمة لمن استعلت عليه المهابة وترك شيئًا من شرائط الشهادة فيقول له القاضي: أتشهد بكذا؟ وفي (المبسوط) ما قالاه غريمة، وما قاله أبو يوسف خصة قاله لما ابتلى بالقضاء وشاهد حصر الشاهد، فلولا تلقينه لضاع الحق، وفي (الفتح) وظاهر الجواب ترجيح ما عن أبي يوسف، وفي (البزازية) و (القنية) الفتوى على قوله فيما يتعلق بالقضاء والله الموفق. فصل في الحبس من أحكام القضاء ما مر ومنها الحبس إلا أنه لم اختص بأحكام كثيرة أفرد بفصل على حدة وعليه حمل قوله تعالى: {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: 32] وحبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا بالتهمة لكن إنما الحبس في زمنه عليه الصلاة والسلام وفي زمن أبي بكر رضي الله عنه في المسجد أو الدهليز حتى اشترى عمر رضي الله عنه دارًا بمكة بأربعة آلاف درهم واتخذها محبسًا وقيل: لم يكن في زمن عمر ولا عثمان فاتخذه علي من قصب وسماه نافعًا فنقبه اللصوص فبنى غيره من مدر وسماه مخيسا وفي ذلك يقول: ألا تراني كيسًا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا بابًا حصينًا وأمينًا، والكيس حسن التأني في الأمور والكيس المنسوب إلى الكيس، والمختسن بالخاء المعجمة والتاء المثناة الفوقية موضع التخيس أي التذلل وروي بكسر الياء لأنه

وإذا ثبت الحق للمدعي أمره بدفع ما عليه ـــــــــــــــــــــــــــــ كما قالوا: موضع خشن لا فراش فيه ولا غطاء وهذا يفيد أن المحبوس لو جيء له به لا يمكن منه، كما لا يمكن من الدخول عليه للاستئناس إلا أقاربه وجيرانه لكن لا يمكثون طويلًا فإذا احتاج للجماع دخلت عليه زوجته أو أمته إن كان فيه وضع سترة وفيه دليل على أن زوجته لا تحبس معه لو كانت هي الحابسة له وهو الظاهر ولا يخرج لجمعة ولا جماعة ولا لحج فرض ولا لحضور جنازة وقيل: يخرج بالكفيل لجنازة الأصول والفروع وفي غيرهم لا، وفي (الخلاصة) و (النهاية) وعليه الفتوى. قال في (الفتح): وفيه نظر لأنها إبطال حق آدمي بلا موجب وموت الأب ونحوه غير مبطل بنفسه، ثم إذا لم يكن له من يقوم بحقوق دفنه فعل ذلك، وسئل محمد عما إذا مات والده أيخرج؟ فقال: لا انتهى. قال في (البحر): وقد يدفع بأن ما قاله محمد في المديون أصالة والكلام في الكفيل انتهى. وأقول: هذا سهو وذلك أنه نقل في (الخلاصة) يخرج بالكفيل فسقطت الباء في نسخته، ولو مرض ولم يجد من يخدمه أخرج بكفيل وإلا لا، وفي (الخانية) لو كان له ديون أخرج ليخاصم ثم يحبس، وفي (الخلاصة) الأصح منعه من الكسب ولا يغل ولا يقيد إلا إذا خيف فراره، وفي (البزازية) أن يحول إلى سجن اللصوص ولا يضرب إلا إذا ظاهر وامتنع من التكفير أو أبى الإنفاق على قريبه، صرحوا بذلك في البابين وإلى يؤجر في البابين خلافًا لما عن أبي يوسف، ولو طلب المدعي الحبس في غير سجن القاضي، ففي (القنية) ثبت له دين على بنته وأمر بحبسها فطلب من القاضي حبسها في غير السجن حيث لا يضيع عرضه يجيبه القاضي إلى ذلك، وكذا في كل مدعٍ مع المدعى عليه انتهى. وهذا هو مستند ما أجابه قارئ (الهداية) وقد سئل إذا أراد الحاكم حبس الغريم في مدرسة أو مكان غير الحبس هل له ذلك؟ فقال: العبرة في ذلك لصاحب الحق لا للقاضي انتهى. وينبغي أن لا يجاب فيما إذا طلب حبسه في مكان اللصوص أو في المكان المسمى في ديارنا بالعرقانة ويحبس في الدرهم وما دونه، أي الفضة. (وإذا ثبت الحق للمدعي) ببينة أو إقرار أو نكول عند القاضي (أمره بدفع ما عليه) ينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يتمكن القاضي من أداء ما عليه بنفسه، كما إذا ادعى عينًا في يد غيره أو وديعة له عنده وبرهن أنها هي التي في يده أو دينًا له عليه وبرهن على ذلك فوجد معه ما هو من جنس حقه كان للقاضي أن يأخذ العين منه وما هو من جنس حقه ويدفعه إلى المالك غير محتاج إلى أمره بدفع ما عليه وقد قالوا: إن رب الدين إذا ظفر بجنس حقه له أن يأخذه وإن لم به المديون فالقاضي أولى، واعلم

فإن أبى حبسه في الثمن، والقرض والمهر المعجل وما التزمه بالكفالة ـــــــــــــــــــــــــــــ أن التقييد يكون الثبوت عند القاضي وقع في (الهداية) وغيرها، وظاهره أن المحكم لا يحبس. قال في (البحر): ولم أره فإن أبى حبسه بعد طلب المدعي قيد به في (الهداية) ولابد منه لأنه لا يحبسه بدون طلبه إلا في قول شريح وأطلق في الأمر بالدفع فشمل ما إذا ثبت الحق عليه بإقرار أو ببينة، وخصه في (الهداية) بالإقرار أما البينة فيحبسه كما ثبت لظهور مطله وهو المحكي عن الشهيد وهو المذهب عندنا كما في (البحر)، والمروي عن السرخسي عكسه قال الشر: والأحسن ما ذكره هنا فإنه يؤمر بالإيفاء مطلقًا لأنه يحتمل أن يفي فلم يعجل بحبسه قبل أن يبين له حاله بالأمر والمطالبة بذلك والصواب لا يحبسه فيهما إذا طلب المدعي/ ذلك حتى يسأله فإن أقر أن له مالًا أمره بالدفع، (فإن أبى حبسه)، وإن عجز كان القول للمدعي في الأمور الأربعة الآتية، ولو طلب الإمهال ببيع عرضه أمهل ثلاثة أيام، ولو كان له عقار يحبسه ليبيعه ويقضي الدين ولو بثمن قليل (في الثمن) أي ثمن المبيع ولو في ذمة البائع عبد فسخ البيع أو السلم بإقالة (و) بدل (القرض) ولو لذمي أو مستأمن، ولو كان عليه دين تفاوتا في قدره فلصاحب الأقل حبسه وليس لصاحب الأكثر إطلاقه بلا رضاه، ولو أراد أحدهما إطلاقه بعدما رضيا بحبسه ليس له ذلك، كذا في (البزازية). (و) في (المهر المعجل وما التزمه بالكفالة) لأنه إذا حصل البدل في يده ثبت غناه وإقدامه على التزامه باختياره دليل والمراد بالمعجل ما شرط تعجيله أو تعورف وإطلاقه الكفالة يعم الكفيل وكفيل الكفيل وإن كثروا كما في (البزازية)، وفي (المحيط) للكفيل بالأمر حبس الأصيل إذا حبس وإطلاق الكفالة يعم الكفيل بالدرك، ولم أرها صريحًا وبقي مما يحبس عليه الأجرة ويمكن دخلها في ثمن المبيع لما أنها بيع المنافع والقدوري قال في كل دين لزمه بدلًا عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة فيدخل فيما التزمه بعقد، وكل من العبارتين لا يشمل جنسه على العين المغصوبة، وقد ذكره المص في الغصب والأمانات إذا امتنع الأمين من دفعها غير مدعٍ هلاكها فإنه يحبس عليها أيضًا لأنها صارت مغصوبة، ومن ثم قال القلانسي في (تهذيبه): وفي كل عين يقدر على تسليمها. واعلم أن عدول المص عن عبارة القدوري لوجهين: الأول: أن في قوله بدلًا عن مال حصل في يده يدخل فيه بدل المغصوب وضمان المتلفات، والثاني: أن قوله وما التزمه بعقد يدخل فيه أيضًا ما التزمه بعقد الصلح عن دم العمد والخلع مع لا

لا في غيره إن ادعى الفقر إلا أن يثبت غريمه غناه ـــــــــــــــــــــــــــــ يحبس في هذه المواضع إن ادعى الفقر (لا) يحبسه (في غيره) أي: في غير ما ذكر من الديون (إن ادعى الفقر) كبدل عتق نصيب الثاني وبدل المغصوب ونفقة المزوجات وأرش الجنايات وبدل جناية العمد ومؤجل المهر بعد الدخول وبدل المتلفات وبدل الخلع. قال الطرسوسي: وأخطأ صاحب (الاختيار) إذا جعل بدل الخلع من القسم الأول ثم ما جرى عليه المصنف تبعًا للقدوري قال الإمام قاضي خان: إن عليه الفتوى، كذا في (أنفع الوسائل) معزيًا إلى (الفتاوى الكبرى) للخاصي وهذا ليس في فتواه وإنما الذي فيها أن كل ما هو بدل كثمن البيع وبدل القرض لا يقبل قوله فيه، ويقبل قوله فيما عداه وعليه الفتوى انتهى، وهذا اختيار البلخي. وقيل: يحكم البزي بكسر الزاي أي الهيئة والجمع أزياء، كذا في (القاموس) إلا الفقهاء والعلوية والعباسية، واختاره البلخي، وفي (فروق الكرابيسي) وهو الصحيح، وجعله في (المحيط) ظاهر الرواية فإن ادعى الطالب أنه كان عليه زي الأغنياء ولكن غير زيه، فإن برهن على ذلك قبل منه وإلا لا، واختار الخصاف أن القول قول مدعي الإعسار لتمسكه بالأصل وقيل: ما كان أصله الصلة فالقول فيه قول المدعي وإلا فالقول للمنكر فهذه أقوال ستة، وما في (الكتاب) أعدلها. ولو قال المديون: إن هذا الدين ليس بدل ما ليس بمال، وقال الدائن: بل هو ثمن متاع قال الطرسوسي: لم أرها وينبغي أن يكون القول فيها قول المديون إلا أن يقيم رب الدين بينة (إلا أن يثبت رب الدين غناه) أي: قدرته على وفاء الدين، وفي (البزازية) لو وجد المديون من يقرضه فلم يفعل فهو ظالم وفي كراهة (القنية) لو كان للمديون حرفة تفضي إلى قضي الدين فامتنع منها لا يعذر انتهى. وكل من الفرعين ينبغي تخريجه على ما يقبل فيه قوله، فإذا ادعى في المهر المؤجل مثلًا أنه معسر ووجد من يقرضه أو كان له حرفة توفيه فلم يفعل حبسه الحاكم، وهذا لأن الحبس إنما هو جزاء الظلم وقد ثبت ظلمه بوجود من يقرضه، وأما ما لا يقبل فيه قوله فظلمه فيه ثابت قبل وجود من يقرضه وهذا فقه حسن فتدبره. ومن نفقات (البزازية) وإن لم يكن لها بينة على يساره وطلب من القاضي أن يسأل من جيرانه لا يجب عليه السؤال، وإن سأل كان حسنًا وإن قالا: سمعنا أنه موسر أو بلغنا ذلك لا يقبله القاضي، وفيها علم القاضي عسرته لكن له مال على آخر يتاقضى غريمه، فإن حبس غريمه الموسر لا يحبسه انتهى. وقياس ما مر أنه لو لم يتقاض الدين من غريمه يحبسه، وإن علم عسرته لقدرته على وفاء الدين وهذا لأنه إذا كان

فيحبسه بما رأى ثم يسأل عنه فإن لم يظهر له مال خلاه ـــــــــــــــــــــــــــــ بالقدرة على الاقتراض يكون موسرًا فعلى وفاء دينه من غريمه أولى (فيحبسه بما رأى) من الزمن، فإن غلب على ظنه أنه لو كان له مال فرج عن نفسه سأل عنه وأطلقه وقدره في رواية محمد شهرين قال الحلواني: وهذا أوفق الأقاويل. قال في (الهداية): والصحيح أن التقدير غير لازم وهو مفوض إلى رأي القاضي لاختلاف أحوال الأشخاص قال الشهيد: إذا كان حاله مشكلًا عند القاضي وإلا عمل بما/ ظهر له انتهى. وهو ظاهر في أنه لو رأى إطلاقه بعد يوم كان له ذلك، بل لو رأى عدم اختياره بالحبس لظهور حاله كان له ذلك أيضًا. قال في (الملتقط): قال أبو حنيفة: لا اسأل عن المعسر وأحبسه شهرين أو ثلاثة (ثم يسأل عنه) إلا إذا كان معروف بالنقر فلا أحبسه، لكن في (الخانية) أقام المديون بينة على الإعسار بعد الحبس في الروايات الظاهرة لا تقبل البينة إلا بعد مدة، ثم نقل الاختلاف في المدة ثم قال: والحاصل أنه يفوض إلى رأي القاضي وهذا إذا كان أمره مشكلًا، أما إذا كان فقره ظاهرًا يسأل القاضي عنه آجلًا ويقبل البينة على الإفلاس ويخلي سبيله انتهى. بعد حبسه بما يراه يسأل عنه ممن يعلم بحاله كجيرانه وأصدقائه وأهل محلته، والواحد العدل يكفي والاثنان أحوط، كذا في (الشرح). وفي (الخلاصة) و (الخانية) إنما يسأل من الثقات وفي (النهاية) فإن أخبره بذلك ثقة عمل بقوله لأن ما سبيله سبيل الإخبار يكتفى فيه بقول الواحد كالإخبار بالتوكيل والعزل انتهى. وأما المستور فإن كان رأي القاضي موافقًا لقوله عمل به وإلا لا، أخذًا من قولهم بعزل الوكيل إذا كان فاسقًا وصدقه انعزل، كذا في (أنفع الوسائل) بحثًا وهو حسن وكيفية الإخبار أن يقول المخبر: إن حاله حال المعسرين في نفقته وكسوته وقد اختبرنا حاله في السر والعلانية وفي (الخانية) يكفي أن يقولوا: لا نعرف له مالًا، ولا يشترط في هذه الأخبار حضرة الخصم ولا لفظ الشهادة. وقيد في (النهاية) الاكتفاء بالواحد بما إذا لم يقع خصومة فإن كانت فإن ادعى المحبوس الإعسار ورب الدين يساره فلابد من إقامة البينة على الإعسار، واعلم أن هذا السؤال ليس بواجب على القاضي لأن الشهادة بالإعسار شهادة على النفي وهي ليست بحجة فكان له أن لا يسأل ويعمل برأيه ولكن لو سأل مع هذا كان أحوط، كذا في (أنفع الوسائل) معزيًا إلى شيخ الإسلام، (وإن لم يظهر له مال خلاه) أي: من الحبس جبرًا على المدين، فإن لم يكن الخصم حاضرًا أخذ منه كفيلًا بالنفس نظرًا للمدعي، فإن لم يجد كفيلًا هل يخلي سبيله؟ قال في (القنية): لابد من الكفيل. وأفاد البزازي إن كان الدين لصغير ورثه من أبيه لا يطلقه بلا كفيل، يعني لو

ولم يحل بينه وبين غرمائه ـــــــــــــــــــــــــــــ كان الوصي حاضرًا أو الولي وينبغي أن يكون مال الوقف كذلك وفي قوله: خلاه دون أن يقول ثبت إعساره دلالة على أن هذا ليس ثبوت فلا يجوز نقله إلى قاض آخر، ولو أطلقه بلا بينة كان له أن يعيده إليه، كذا في (البحر) معزيًا إلى الطرسوسي وهذا الثاني لم أجد فيه ويجب حمله على ما إذا وقعت خصومة فأطلقه بلا بينة. أما إذا لم تقع فليس له أن يعيده لأن هذا الأمر منوط برأيه، وقد علمت أن السؤال ليس بواجب عليه وإنما هو احتياط فإذا اقتضى رأيه إطلاقه فليس له أن يعيده بعد ذلك، ويدل عليه ما في (البزازية) أطلق القاضي المحبوس لإفلاسه ثم ادعى عليه آخر مالًا وادعى أنه معسر لا يحبسه حتى يعلم غيره انتهى، كما في (أنفع الوسائل) بأن مضت مدة يحتمل فيه حصول الغنى له فيها. وفي (القنية): أقام المحبوس بينة على إفلاسه فأراد رب الدين أن يطلقه قبل القضاء به بإفلاسه يجب على القاضي القضاء به حتى لا يعيده رب الدين ثانيًا، وفيها حبس الوصي غريمًا بدين الصبي ليس له إطلاقه قبل قضائه إن كان موسرًا أو إن رأى أن يأخذ منه كفيلًا ويطلقه كان له ذلك، ثم رقم إن كان معسرًا جاز إطلاقه. فرع أحضر المحبوس الدين وغاب ربه يريد تطويل الحبس عليه إن علم القاضي بالدين ومقداره وصاحبه فإن شاء أخذ المال وخلاه، وإن شاء أخذ منه كفيلًا ثقة بالمال والنفس وخلا سبيه كيلا يتهمه الناس وقال بعضهم: يتركه حتى يقضي الدين (ولم يحل بينه وبين غرمائه) أي: لا يمنعهم من ملازمته عند الإمام في ظاهر الرواية عنه كما في (المحيط) و (الخانية) وهو الصحيح. وقالا: يمنعهم لأنه منظور بأنظار الله تعالى وله أن يمنعهما بقدرته على الإنفاذ وذلك يمكن في كل وقت فيلازمونه كيلا يكسب شيئًا فيعدمه، ولو اختار المطلوب الحبس والطالب الملازمة. قال في (الهداية): من الحجر للطالب إلا إذا علم القاضي أن بالملازمة يدخل عليه ضرر بين بأن لا يمكنه من دخوله داره فحينئذ يحبسه دفعًا للضرر انتهى. وفي (البزازية) لو كان في ملازمته ذهاب قوته أكلفه أن يقيم كفيلًا بنفسه ثم يخلى سبيله وللطالب ملازمته بلا أمر إن كان مقرًا بحقه انتهى، ومعنى الملازمة هو أن يدور المدعي أو وكيله معه حيث دار ولا يحبسه في موضع ولا يشغله عن التصرف فإذا انتهى/ إلى داره فإما أن يدخله المطلوب معه أو يجلس على الباب، فإن كان

ورد البينة على إفلاسه قبل حبسه وبينة اليسار أحق وأبد حبس الموسر ويحبس الرجل بنفقة زوجته ...... ـــــــــــــــــــــــــــــ المطلوب امرأة قيل: يستأجر امرأة فتلازمها وتقبض على ثيابها بالنهار، وأما بالليل فتلازمها النساء، كذا في (المنية). (ورد) القاضي (البينة على إفلاسه) أي: إعساره (قبل حبسه) لأنها بينة على النفي كما مر، فلا تقبل ما لم تتأيد بمؤيد، وبعده تقبل على الاحتياط لا على الوجوب، والمعول عليه رأيه كما مر عن شيخ الإسلام وهذا هو إحدى الروايتين وهو اختيار العامة وهو الصحيح، وقال ابن الفضل: الصحيح أنها تقبل. قال القاضي خان بعد نقله: وينبغي أن يكون مفوضًا إلى رأي القاضي إن علم بيساره لا يقبلها، وإن علم إعساره قبلها انتهى. وبقي ما إذا لم يعلم من حاله شيئًا، والظاهر أنه لا يقبلها (وبينة اليسار أحق) بالقبول من بينة الإعسار، لأنها تثبت أمرًا عارضًا هو اليسار والبينات للإثبات. قال في (الفتح): اللهم إلا أن يدعي المدعي أنه موسر وهو يقول: أعسرت بعد ذلك وأقام بينة بذلك، لأن معها علم بأمر حادث وهو حدوث ذهاب المال انتهى. وينبغي أن يكون معنى المسألة أنه بين سبب الإعسار وشهدوا به، وقوله في (البحر): الظاهر أنه بحث منه وليس بصحيح لجواز حدوث اليسار بعد إعساره الذي ادعاه مدفوع بأنهم لم يشهدوا بيسار حادث بل بما هو سابق على الإعسار، وبينة الإعسار الحادث تحدث أمرًا عارضًا فقد مرت، (وأيد حبس الموسر) جزاء لظلمه وهذا ظاهر على قول الإمام. أما على قولهما من جواز الحجر على المديون وبيع ماله لوفاء ديونه فلا معنى لتأبيد حبسه، وسيأتي في الحجر (ويحبس الرجل في نفقة زوجته) لأنه ظالم بامتناعه وإنما يتحقق ذلك في اليوم الثاني من يوم فرضها ولا يحبسه، فأما بمجرد فرضها لا يحبسه لأن الظلم إنما يكون بالمنع بعد الوجوب ولم يتحقق، وهذا يقتضي أنه إذا لم يفرض لها ولم ينفق عليها في يوم ينبغي إذا قدمته في اليوم الثاني أن يأمره بالإنفاق، فإن لم ينفق عليها أوجعه عقوبة، كما إذا أمره بالقسم ولم يقسم، كذا في (الفتح) أما الماضية المفروضة أو التي تراضيا عليها فإنها وإن تسقط لكنه لا يحبس عليها إذا ادعى الفقر، لأنها ليست ببدل مال ولا التزمها بعقد. وفي (فتاوى قارئ الهداية) سئل عن المرأة إذا طلبت تقرير النفقة في كل يوم فأبى الزوج إلا أن يطعمها هل يجبر على أن يفرض لها دراهم؟ أجاب لا يجب عليه تقرير دراهم بل الواجب عليه طعام وإدام إلى أن قال: إلا أن يعلم القاضي أنه يضارها

لا في دين ولده إلا إذا أبى من الإنفاق عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ في ذلك فيفرض عليه دراهم بقدر حالهما، وإذا امتنع من أن يفرض شيئًا حبس حتى يفرض انتهى. وهو مشكل فإن للقاضي ذلك فيفرض ولا يحبسه. (لا) حبس الأب (في دين ولده) لأنه لا يستحق العقوبة بسببه، ألا ترى أن لا قصاص عليه بقتله ولا يقتل مورثه ولا حد عليه بقذفه ولا يقذف أمه الميتة بطلبه؟ والمراد بالأب أصله وإن علا، وبالولد فرعه وإن سفل ولذا قال في (المحيط): لا يحبس الأبوان والجدان والجدتان بدين الولد انتهى، وهو ظاهر في أن الجد الفاسد لا يحبس أيضًا ويدل عليهم قولهم: إنه لا يقتل بقتل ولد بنته. قال في (البحر): وإذا لم يحبس وكان موسرًا ينبغي أن القاضي يقضيه من ماله إذا كان له مال من جنسه وإلا باعه لقضائه انتهى، وهذا أعني البيع بقولهما أليق كما مر. وبقي العبد لا يحبس بدين مولاه ولا المولى بدين عبده إلا إذا كان مأذونًا مديونًا فيحبس للغرماء لا له، وكذا المكاتب لا يحبس بدين بدل الكتابة، واختلفوا في حبسه بدين آخر وهو ظاهر المذهب أنه يحبس واختار بعض المشايخ أنه لا يحبس لأنه متمكن من إسقاطه بتعجيزه وصححه في (المبسوط) وعليه الفتوى، كما في (أنفع الوسائل) ولا المولى بدين المكاتب إن كان الدين من جنس بدل الكتابة لوقوع المقاصة وقالوا: لا يحبس الصبي أيضًا بدين الاستهلاك إلا تأديبًا فإن كان له أب أو وصي وامتنع من قضاء دينه من ماله حبس، وإلا باع القاضي ماله ووفى دينه، كذا في (الخلاصة) وغيرها. قال الطرسوسي: ويؤخذ من هذا ليس للقاضي ولا نائبه بيع عقاره ولا ماله مع وجودهما لأنه لو كان له ذلك لأمر بالبيع قبل الحبس، قال ابن وهبان: وهو فائدة حسنة، وكذا لا تحبس العاقلة في دية أو أرش إذا كان لهم عطاء وإنما يؤخذ منه لقضاء ديونهم فإن لم يكن لهم عطاء حبسوا، كذا في (البزازية) وقدمنا أن القاضي لا يحبس المديون إذا كان له مال غائب أو مديون موسر (إلا إذا أبى من الإنفاق عليه) لأنه بمنعها عنه قصدًا هلاكه فيحبس لدفع الهلاك عنه، ألا ترى أن له أن يدفعه بالقتل إذا أشهر سيفه ولم يمكنه دفعه إلا به؟ وهذا حكم الأجداد والجدات وإن علوا/. واعلم أن هذا الاستثناء منقطع لما قالوه. ومن أن هذا الحبس ليس إلا تعزيرًا لا حبسًا بالدين وقيد الرازي الولد بالصغير زاد الحدادي الفقير ويجب أن لا يكون البالغ كذلك والله الموفق للصواب.

باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره

باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره ويكتب القاضي إلى القاضي في غير حد وقود ـــــــــــــــــــــــــــــ باب كتاب القاضي إلى القاضي وغيره هذا الباب ليس من القضاء لأنه إما نقل الشهادة، أو حكم وكل ذلك ليس منه وإنما أورد فيه لأنه من عمل القضاء، كذا في (الشرح) لكن في (فتح القدير) هذا أيضًا من أحكام القضاء غير أنه لا يتحقق في الوجود إلا بقاضيين فهو كالمركب بالنسبة إلى (التجنيس)، وادعى في (البحر) أن هذا أولى مما (في الشرح)، لأنه حيث كان من عملهم كان منه فكيف ينفيه، وعندي أنه لا ينافي بينهما بوجه إذ المنفي في كلام الشر كونه قضاء، والمثبت في (الفتح) كونه من أحكام القضاء، ولا يلزم منه أن يكون قضاء، نعم كونه من أحكامه أدخل في ذكره في كتاب القضاء وأراد بالغير هو قوله: وتقضي المرأة إلى آخره (يكتب القاضي إلى القاضي) ظاهر إطلاقه ولو كان في مصر واحد، وهو المروي عن محمد وشرط في ظاهر الرواية أن يكون بينهما مسافة القصر، وحكى الطحاوي عن الإمام وأصحابه أنه يجوز فيما دونها، وقال بعض المتأخرين: هذا قول أبي يوسف ومحمد، كذا في (الفتح)، فيجوزان عن محمد روايتان. وفي (البحر) عن أبي يوسف أن الشاهد لو كان بحيث لو عد الأداء الشهادة لا يستطيع أن يبيت في أهله صح الإشهاد والكتابة، قال في (السراجية): وعليه الفتوى. قال في (السراج): ولا يكتب قاضي رستاق إلى قاضي مصر، ويكتب قاضي مصر إلى قاضي السواد والرستاق. وفي (الفتح) لو كتب القاضي إلى الأمير الذي ولاه، أصلح الله الأمير ثم قص عليه القصة وهو معه في المصر فجاء به ثقة يعرف الأمير فالاستحسان أن للأمير إمضاؤه لأنه متعارف، ولا يليق بالقاضي أن يأتي في كل حادثة إلى الأمير ليخبره، وشرطنا فيه شرط كتاب القاضي إلى القاضي، ولو سمع يعني الخصم وصول كتاب القاضي فهرب إلى بلدة أخرى كان للقاضي المكتوب إليه أن يكتب إلى قاضي تلك المدينة ما ثبت عنده من كتاب القاضي، فكما جوز للأول الكتابة جوزنا للثاني والثالث وهلم جرا للحاجة (في غير حد وقود) أي: فيما ثبت مع الشبهة كالدين والنكاح والطلاق والعتاق والشفعة والوصية والإيصاء والموت والورثة والقتل إذا كان موجبه المال والنسب من الحي والميت والغصب والأمانة المجحودة من وديعة ومضاربة وعارية والأعيان المنقولة والعقار إذا بين حدوده الأربع فيما يروى عن محمد

فإن شهدوا على خصم حاضر حكم بالشهادة وكتب بحكمه وهو المدعو سجلًا وإلا لم يحكم وكتب الشهادة ليحكم المكتوب إليه بها وهو الكتاب الحكمي وهو نقل الشهادة في الحقيقة ـــــــــــــــــــــــــــــ وعليه المتأخرون قال الإسبيجابي: وعليه الفتوى للحاجة، وظاهر الرواية عدم الجواز في المنقول للحاجة إلى الإشارة إليه في الدعوى والشهادة لكن الإشارة تتحقق عند القضاء من الثاني فاكتفى بها، (فإن شهدوا على خصم حاضر حكم بشهادته وكتب بحكمه وهو المدعو سجلًا) يريد بالخصم الحاضر من كان وكيلًا من جهة المدعى عليه أو مسخرًا وهو من ينصبه القاضي وكيلًا عن الغائب ليسمع الدعوى عليه وإلا لو أراد الخصم المدعى عليه لم يبق حاجة إلى الملك الآخر لأن الخصم حاضر عند هذا القاضي وقد حكم عليه، كذا في (الفتح). وأقول: في الشر إنما يكتب السجل حتى لا تنسى الواقعة على طول الزمان ولتكون الكتابة تذكيرًا لها وإلا فلا يحتاج إلا كتابة الحكم لأنه قد يتم بحضور الخصم نفسه أو من يقوم مقامه إلا إذا قدر أنه قال بعد الحكم عليه وجحد الحكم فحينئذ يكتب له ليسلم إليه حقه أو لينفذ حكمه انتهى. وهذا كما ترى صريح في أن الرماد بالخصم إما المدعى عليه أو وكيله وأنه لو أريد بالخصم المدعى عليه كان إلى الكتاب الآخر ما قد علمت من الفوائد، وأما القضاء على المسخر فالمنقول عن (الذخيرة) أن فيه روايتين قال: والاعتماد على أن القاضي إن علم أنه مسخر لا ينفذ قضاؤه وإلا نفذ، وقوله وهو المدعي سجلًا مبني على عرفهم قال في (المصباح): السجل كتاب القاضي والجمع سجلات وسجل القاضي بالتشديد حكمه وأثبت حكمه في السجل انتهى. وفي عرفنا ما يكتب فيه صورة الحجة المحكوم فيها أو الدعوى وما ترتب عليها أو الإجارة أو الإقرار فالواقعة تارة تكتب بها حجة وتنزل صورتها في السجل أو لا تنزل في السجل فقط (وإلا) وإن لم يكن ثمة خصم ولا من يقوم مقامه (لم يحكم) لأن القضاء على الغائب لا يجوز، ولو حكم به حاكم يرى ذلك ثم نقل إليه نفذه بخلاف الكتاب الحكمي حيث لا ينفذ قضاؤه وسيأتي ما فيه إن شاء الله تعالى، (وكتب الشهادة) بعدما سمعها وعدلت (ليحكم) القاضي (المكتوب إليه بها وهو الكتاب الحكمي) المقابل للسجل نسبة إلى الحكم باعتبار المال (وهو) أي: الكتاب الحكمي (نقل الشهادة في الحقيقة)، ولهذا يحكم المكتوب إليه برأيه وإن كان مخالفًا لرأي الكاتب بخلاف السجل لأنه سجله أي أحكمه بالحكم ونقض الحكم لا يجوز، ولم أر ما لم وافق رأي المكتوب إليه/ هل له رده؟ والظاهر إذا كان قد اتفقا

وقرأ عليهم وختم عندهم وسلمه إليهم فإن وصل إلى المكتوب إليه نظر إلى ختمه ولم يقبله ـــــــــــــــــــــــــــــ عليه في مذهبه وجب عليه قبوله وإن كان مختلفًا فيه، فإن كان الراجح ما فيه الكتاب الحكمي عمل به وإلا رده وبه عرف أنه لو كان مخالفًا لمذهبه بالكلية رده على كل حال. ونقل في (البحر) عن (منية المفتي) ورد كتاب القاضي قاض إلى قاض آخر في حادثة لا يراه القاضي المكتوب إليه وهو مختلف فيها لا ينفذ، وإن ورد فيها سجلًا نفذه لأن السجل محكوم به دون الكتاب ولهذا له أن لا يقبل الكتاب دون السجل انتهى. ولم أجد هذا في نسختي (وقرأ) القاضي الكتاب (عليهم) أي: على الشهود ليحفظوا ما فيه فيشهدون به عند الثاني. قال في (منية المفتي): ويجبرهم بما فيه ويشترط أن يحفظوا ما فيه لأن معرفة ما في الكتاب شرط ويدفع إليهم نسخة تكون معهم انتهى. يعني يستعينون بها على الحفظ إذ لابد من التذكر من وقت الشهادة إلى وقت الأداء عندهما، ولم يذكر عنه أن الكتاب مع أنه شرط أيضًا وهو أن يكتب فيه اسم أبيه وجده واسم المكتوب إليه كذلك، فإن أخل بشيء من ذلك لم يقبل كما لو كتبه على الظاهر، وقيل: في عرفنا يكتب على الظاهر ويكتب فيه اسم المدعي والمدعى عليه وحدهما ويذكر الحق والشهود إن شاء وإن شاء اكتفى بذكر شهادتهم وقال أبو يوسف آخرًا: لا يشترط الختم ولا العنوان. وفي (الشرح) لو كان العنوان من فلان بن فلان أو من أبي فلان إلى أبي فلان لا يقبل لأن مجرد الاسم والكنية لا يتعرف به إلا أن تكون مشهورة كأبي حنيفة وابن أبي ليلا قيل: هذا رواية عن أبي سليمان وفي سائر الروايات لا تقبل لأن الناس يشتركون في الكنى، ولو نسبه إلى أبيه فقط أيضًا إلا أن يكون مشهورًا كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وإنما الشرط أن يشهدهم أن هذا كتابه، وأن يكتب القاضي الحاجة التي لابد من معرفتها، واختاره السرخسي. قال في (الفتح): ولا شك عندي في صحته، فإن الغرض إذا كان عدالة الشهود وهم حملة الكتاب فلا يضر كونه غير مختوم مع شهادتهم أنه كتابه مع عدالتهم، وإن كان مع المدعي اشترط حقهم لما فيه ولم يشترط أبو يوسف العنوان أيضًا، بل إذا لم يكن معنونًا وكان مختومًا وشهدا بالختم كفى، ومن الشروط أن يكتب فيه التاريخ، فلو لم يكتبه لا يقبل (فإن وصل) الكتاب (إلى) القاضي (المكتوب إليه نظر إلى ختمه) وعبارة القدوري فإذا وصل إليه لم يقبله إلا بحضرة الخصم فإذا شهد الشهود إليه نظر إلى ختمه وهو الأولى إذ لا معنى للنظر إليه بلا حضور الخصم (ولم يقبله)

بلا خصم ولا شهود فإن شهدوا أنه كتاب فلان القاضي سلمه إلينا في مجلس حكمه وقرأه علينا وختمه فتحه القاضي وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه ويبطل الكتاب بموت الكاتب وعزله وموت المكتوب إليه إلا إذا كتب بعد اسمه وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين ـــــــــــــــــــــــــــــ أي: لم يقرأه وإلا فمجرد قبوله لا يترتب عليه الحكم (بلا) حضور (خصم) لأن هذا الكتاب للحكم به فلا يقبله إلا بحضور الخصم كالشهادة ثم إن كان الخصم مقرًا استغني عن الكتاب، وإن أنكر وقال المدعي: معي الكتاب القاضي طالبه بالبينة عليه وهذا معنى قوله (وشهود) إما رجلان أو رجل وامرأتان يشهدان على أنه كتاب لفلان القاضي وأنه ختمه، ولابد من إسلامهما فلا تقبل شهادة الذميين على كتاب قاضي المسلمين، ولو كان الكتاب لذمي على مثله هذا إذا أنكر الخصم أنه كتاب القاضي فإن اعترف استغنى عن الشهادة، (فإن شهدوا أنه كتاب فلان القاضي) قبله، وإن لم تثبت عدالتهم عنده وقوله: (سلمه إلينا في مجلس حكمه وقرأه علينا وختمه) شرط للحاكم به حتى لو قالوا: لم يسلمه إلينا ولم يقرأه ولم يختمه بحضرتنا لم يعمل به (فتحه القاضي) ولم يشترط ظهور عدالتهم لفتحه تبعًا لما ذكره محمد، وذكر الخصاف عندهما أنه لا يفتحه إلا بعد ظهور عدالتهم. قال في (المغني): وما قاله محمد أصح إلا أنه في (الهداية) قال: الأصح ما ذكره الخصاف لأنه ربما يحتاج إلى زيادة الشهود وإنما يمكنهم أداء الشهادة بعد قيام الختم (ويبطل الكتاب بموت) القاضي (الكاتب وعزله) وهذا شرط آخر لقبول الكتاب والعمل به وهو أن يكون القاضي الكاتب على قضائه حتى لو مات أو عزل أو خرج عن أهلية القضاء بجنون أو عمى قيل: أو فسق بناء على عزله به قبل قراءته بطل، وبه عرف أن في كلامه إرسالًا غير واقع واقتصر على الموت والعزل لأن غيرهما عزل أيضًا، قيدنا بما قبل القراءة لأنه لو مات أو عزل بعدها لم يبطل في ظاهر الرواية وقال أبو يوسف في (الأمالي): إنه لا يبطل ولو مات قبل القراءة، ولو حكم به قاض ثم رفع إلى آخر وأمضاه جاز لما عرف من الاختلاف إذا كان في نفس القضاء ينفذ بتنفيذ قاض آخر، فإن كان في المقتضى به استغنى عن ذلك. (وموت المكتوب إليه) لأن المكاتب لما خصه فقد اعتمد عدالته والقضاة متفاوتون في ذلك فصح التعيين، (إلا إذا كتب بعد اسمه) أي: اسم القاضي المكتوب إليه (وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين) فلا يبطل لأنه لما عمم بعد التخصيص فقد اعتمد عدالة الكل قيد بقوله بعد اسمه، لأنه لو كتب ابتداء إلى كل من يصل

لا بموت الخصم وتقضي المرأة في غير حد وقود ـــــــــــــــــــــــــــــ إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم فعند الإمام لا يجوز، والظاهر أن محمدًا منعه وجوزه أبو يوسف واستحسنه/ كثير من المشايخ، كذا في (الشرح). وفي (الخلاصة) وعليه عمل الناس اليوم، وفي (الفتح) وهو الوجه لأن إعلام المكتوب إليه وإن كان شرطًا فبالعموم يعلم كما يعلم بالخصوص وليس العموم من قبيل الإجمال والتجهيل فصار قصديته وتبعتيه سواء (لا) يبطل (بموت الخصم) بلا خلاف لقيام وارثه مقامه، وسواء كان تاريخ الكتاب قبل موت المطلوب أو بعده. فرع سمع الخصم بوصول الكتاب إلى قاضي بلدة فهرب إلى بلدة أخرى كان للقاضي المكتوب إليه أن يكتب إلى بلدة قاضي تلك البلدة بما ثبت عنده من كتاب القاضي، وكما جوزنا للأول الكتاب يجوز للثاني والثالث وهلم جرا، ولو أقام شاهدًا واحدًا عند القاضي وسئل أن يكتب بذلك كتابًا إلى قاض آخر فعل فإنه قد يكون له شاهد في محل المكتوب إليه، وهل يكتب القاضي بعلمه؟ ففي (الخلاصة) وهو كالقضاء بعلمه، وفي شرح (أدب القضاء) للخصاف وهو الأصح إلا أن التفاوت هنا هو أن القاضي يكتب بالعلم الحاصل قبل القضاء بالإجماع، كذا في (الفتح). (وتقضي المرأة) أي: يصح قضاؤها (في غير حد وقود) أي: قصاص لما مر من أن أهله أهل الشهادة ولا شك في جواز شهادتها في غير ما ذكر فكذا قضاؤها إلا أن توليها إثم لخبر البخاري (خاب قوم ولو أمرهم امرأة). والظاهر أن الخنثى المشكل كالمرأة هنا وإخبار الشارع بنقصان عقلها لا يفيد أهليتها بالكلية، ألا ترى أنها تصلح شاهدة وناظرة في الأوقاف ووصية على اليتامى؟ ثم هو منسوب إلى الجنس فجاز في المفرد خلافه، كذا في (الفتح) ومن حوادث الفتاوى أن واقفًا شرط الشهادة في وقفه لزيد ثم لولده من بعده فلم يترك بعده إلا بيتًا فأفتى الشيخ الأخ باستحقاقها للوظيفة، واستغربه بعض القضاة ولا اعتبار به بعد ما ذكرنا انتهى. وكان علق في (الفتح) قوله في الأوقاف شاهدة، وعندي فيه نظر لأن صاحب (الفتح) إنما استظهر بهذا على عدم سلب ولايتها مع نقصان عقلها، ولا شك أن صلاحيتها في الأموال اتفاقًا فيه إثبات ولايتها والقضاء أهله أهل الشهادة، ولو علق في الأوقاف شاهدة لقصر عن إفادة هذا المعنى المقصود هو الأول لمن تأمل وبتقدير التسليم فعرف الواقفين مراعى، ولم يتفق تقريره أنثى شاهدة في وقف في زمن ما

ولا يستخلف قاض إلا أن يفوض إليه ذلك ـــــــــــــــــــــــــــــ فيما علمنا فوجب صرف ألفاظه إلى ما تعارفوه، وإذا كان هذا المعنى لم يخطر ببال واقف ولم يسر ذهنه إليه وإنما أراد من الشاهد الكامل فكيف يصرف لفظه إلى غير مراده؟ وقد قال شيخ الإسلام عبد البر في شرح (الوهبانية): ينبغي ترجيح رواية دخول أولاد البنات فيما لو وقف على ذريته لأن عرفهم عليه ولا يعرفون غيره ولا يسري إلى أذهانهم غالبًا سواه فاعتبر عرفهم وقال: فيما لو وقف على ولده وولد ولده ينبغي أن تصح رواية دخول أولاد البنات أيضًا قطعًا لأن فيها نص محمد عن أصحابنا، وقد انضم إلى ذلك أن الناس في هذا الزمان لا يفهمون سوى ذلك ولا يقصدون غيره وعليه عملهم وعرفهم انتهى. وهذا برهان بين لما ادعيناه فوجب الحكم مقتضاه، وإذا عرف هذا فتقريرها في شهادة وقف ابتداء غير صحيح والله الموفق. وفي (الخلاصة) لو قضت في الحدود والقصاص فدفع إلى قاض آخر فأمضاه ليس لغيره أن يبطله انتهى، (ولا يستخلف قاض) أي: لا يصح استخلافه ولو كان مريضًا لأنه فوض إليه القضاء دون التقليد فصار كالوكيل ليس له أن يوكل إلا بإذن، فإذا عقد بحضرة موكله فأجازه صح أي الوكيل بالبيع والنكاح، أما الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أجازا وحضر لم يصح لأن المقصود عبارته، كذا في (المنية). (إلا أن يفوض إليه ذلك) فيصح استخلافه ويصير الثاني عن السلطان حتى لا يملك الأول عزله إلا إذا قال له السلطان: ولٍّ من شئت واستبدل من شئت، أو جعلتك قاضي القضاة لأنه الذي يتصرف فيهم تقليدًا أو عزلًا، كذا في (الفتح) وإذا استخلف من لم يفوض إليه ذلك فقضى الثاني بمحضر من الأول أو بغير محضره إلا أنه أجازه جاز، كالوكيل إذا وكل مع عدم الإذن بشرط أن يكون الخليفة أهلًا للقضاء لا رقيقًا ولا محدودًا في قذف ولا كافرًا، واعلم أن هذا قضاء فضولي ابتداء فيستفاد منه أن الفضولي بلا استخلاف لو قضى، وأجازه القاضي. وفي (جامع الفصولين) لو كان له ولاية القضاء في كل يومين من كل أسبوع لا غير فقضى في التي لم تكن له ولاية القضاء فيها، فإذا جاءت التولية أجاز ما قضى جاز، وإطلاقه صحة الاستخلاف مع الإذن يفيد أنه لا فرق في الخليفة بين كونه موافقًا لمذهبه أو لا، وفي (البزازية) لو فوض إلى غيره ليقضي على مذهبه نفذ إجماعًا بقي استخلافه قبل وصوله إلى محل ولايته، وقد صرح الشهيد في شرح (أدب القاضي) للخصاف بأنه إنما يصير قاضيًا إذا بلغ الموضع الذي قلد/ فيه القضاء وفيه ينبغي للقاضي أن يقدم نائبه حتى يتعرف على أحوال الناس، ومقتضى الأول أنه لا

بخلاف المأمور بالجمعة ـــــــــــــــــــــــــــــ يستخلف، والثاني أنه يستخلف فيحمل على أن إرسال النائب بإذن الخليفة أو أن ذلك معروف بينهم (بخلاف المأمور بـ) إقامة (الجمعة) بحيث يجوز له أن يستخلف لأن المولى عالم بتوقتها وأنه إذا عرض عارض فاتت لا إلى خلف، ومعلوم أن الإنسان غرض فكان إذنا دلالة فإن قبل شروعه لحدث أصابه لم يجز له أن يستخلف إلا من شهد الخطبة وإن بعد الشروع فاستخلف من لم يشهدها جاز، وإذا رفع إليه حكم حاكم خرج به المحكم فإن له أن لا يمضيه كما سيأتي، ولم يقل آخر ليعلم حكم نفسه، كما في (الإيضاح) أمضاه عبارته في (الجامع الصغير) وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي ثم جاء قاض آخر يرى غير ذلك أمضاه ذكره في (الهداية) بعد كلام القدوري، قال الشارحون: أمضاه كذا في (الفتح) وغيره وهو ظاهر في جواز الاستخلاف للمرض ونحوه وتقييده الشر المسألة بما إذا أحدث لا دليل عليه، وقدمنا في الجمعة مسألة الاستنابة بغير عذر فارجع إليه لوجيهن: الأول: قيد بالفقهاء فأفاد أنه لو لم يكن عالمًا بالخلاف لا ينفذ. قال شمس الأئمة: وهو ظاهر المذهب وعليه الأكثر، الثاني: أنه قيد بكونه يرى غير ذلك، والمص كالقدوري لم يتعرض لذلك فيحتمل أن يكون مراده ما إذا كان موافقًا لرأيه يمضيه بالأولى، ورده في (الفتح) بأن التقييد بالفقهاء لا دلالة فيه بوجه على كونه عالمًا بالخلاف وإنما مفاده أن ما فيه خلاف إذا قضى قاض عالمًا أو غير عالم به ثم جاء قاضٍ آخر يرى خلافه أمضاه وكونه ينفذه وإن كان مخالفًا لرأيه يقيده كلام القدوري أيضًا فإنه أعم من كونه موافقًا لرأيه أو مخالفًا انتهى ملخصًا. وأقره في (الحواشى السعدية) وعندي فيه نظر وذلك أن الداعي لحمل المشايخ كلام محمد على ما مر أن شرطه أن يكون الحاكم عالمًا بالاختلاف حتى لو قضى في فصل مجتهد فيه وهو لا يعلم بذلك لا يجوز قضاؤه عند عامتهم ولا يمضيه يعني الثاني، كما في (الشرح) وغيره وجزم به في (منية المفتي) حيث قال: قضى في مجتهد فيه ولا يعلم بذلك لم ينفذ فإنه ذكر في (السير الكبير) له مدبرون عتقوا بموته فأثبت رجل دينًا عليه فباعهم القاضي على ظن أنهم عبيد وقضى بجوازه ثم ظهر أنهم مدبرون بطل قضاؤه لعدم علمه بذلك حتى لو علم فاجتهد وأبطل التدبير جاز انتهى. فقوله وما اختلف فيه الفقهاء قضى فيه به القاضي أي بما اختلف فيه الفقهاء يعني عالمًا باختلافهم ليصح قوله أمضاه إذ قد علمت أنه مع غير العلم لا يمضيه فإن قلت في (الخلاصة): هذا الشرط وإن كان ظاهر المذهب لكن يفتى بخلافه. قلت: كلام محمد إنما هو مبني على ظاهر المذهب وفي (البحر) لم يفهموا

وإذا رفع إليه حكم قاض أمضاه ـــــــــــــــــــــــــــــ مراد صاحب (الهداية) وذلك أنه إنما ذكر ما في (الجامع) بعد كلام القدوري ليفيد أن ما في (الجامع) لا استثناء فيه بل كل مسألة اختلف فيها الفقهاء فإنها تصير محل اجتهاد، فإذا قضى قاضٍ بقول ارتفع الخلاف. وأما عبارة القدوري ففيها الاستثناء ورأيت في (الواقعات الحسامية) ما يفيده قال أبو الليث: رواية محمد أن كل شيء اختلف فيه الفقهاء فقضى به قاض جاز ولم يكن لغيره أن يبطله ولم يذكر فيه الاختلاف وبه نأخذ. قلت: هذا خلاف ما ذكر في شرح (أدب القاضي) للخصاف في موضع الاختلاف يجوز وفي موضع الخلاف لا يجوز، أراد بالأول ما كان فيه خلافًا معتبرًا كالخلاف على تفاصيل (أدب القاضي) انتهى. وإنما يمضيه لأن اجتهاد الثاني كالأول وقد رجح باتصال القضاء به فلا ينقض بما هو دونه كذا قالوا: وفيه بحث لأن اعتقادنا لمذهب الغير أنه خطأ يحتمل الصواب، ومذهبنا أنه صواب يحتمل الخطأ فلا يكون الثاني كالأول عندنا، كذا في (الحواشي السعدية) أي يجب علينا أن نعتقد أن مذهبنا صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيرها خطأ يحتمل الصواب صرح بذلك في (المستصفى)، ولو قضى في المجتهد فيه مخالفًا لرأيه ناسيًا لمذهبه نفذ عنده، وفي (العامد) روايتان وعندهما لا يفذ في الوجهين لأنه قضى بما هو خطأ عنده وعليه الفتوى، كذا في (الهداية) وفي (الصغرى) الفتوى على قول الإمام. قال في (الفتح): والوجه في هذا الزمان أنه يفتى بقولهما لأن التارك لمذهبه عمدًا لا يفعله إلا لهوى باطل لا لقصد جميل، وأما الناس فلأن المقلد ما قلده لا لمذهب غيره وهذا كله في القاضي المجتهد، فأما المقلد فإنما ولاه ليحكم مذهب أبي حنيفة مثلًا فلا يملك المخالفة فيكون معزولًا بالنسبة إلى هذا الحكم انتهى. وهو ظاهر في كونه عالمًا بالخلاف إنما هو في القاضي المجتهد، وفي (القنية) القاضي المقلد إذا قضى بخلاف مذهب لا ينفذ. وادعى في (البحر) أن المقلد إذا قضى بمذهب غيره برواية ضعيفة أو بقول ضعيف نفذ، وأقوى ما تمسك به ما في (البزازية) إذا لم يكن/ القاضي مجتهدًا وقضى والنقول على خلاف مذهبه نفذ وليس لغيره نقضه وله نقضه كذا عن محمد وقال الثاني: ليس له أن ينقضه انتهى. وما في (الفتح) يجب أن يعول عليه في المذهب، وما في (البزازية) محمول على رواية عنهما إذ قصارى الأمر أن هذا نزل منزلة الناس لمذهبه وقد مر عنها في المجتهد أنه لا ينفذ فالمقلد أولى، وقدمنا في ديباجة كتاب القضاء أن معنى قوله: (وإذا رفع إليه حكم حاكم أمضاه) أي: ألزم

إن لم يخالف الكتاب والسنة المشهورة والإجماع ـــــــــــــــــــــــــــــ الحكم به بعد دعوى صحيحة وهذا هو التنفيذ الشرعي فارجع إليه، ولا يشترط فيه إحضار شهود الأصل بل تكفي الشهادة على الحكم عند القاضي. قال البزازي: حكم على رجل بمال وسجل ثم مات القاضي وأحضر المدعي المحكوم عليه عند قاض آخر وبرهن على قضاء الأول أجبره الثاني على أداء المال إن كان الحكم الأول صحيحًا ولو قال الشهود: إن القاضي الأول غير عدل لا يمضي الثاني قضاؤه انتهى. وفي لو ارتاب القاضي في حكم الأول له أن يطلب شهود الأصل، ولم أجد لغيره (إلا أن يخالف الكتاب) ببيان لشرط الاجتهاد كالقضاء بلزوم ثمن متروك التسمية عمدًا فإنه مخالف لظاهر قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121] بناء على أن الواو في قوله وإنه لفسق للعطف، والضمير راجع إلى مصدر الفعل الذي دخل عليه حرف النهي أو إلى الموصل على معنى، وإن أكله لفسق أو جعل ما لم يذكر اسم عليه من نفسه فسقًا، كذا في (الكشاف) واحتمال كونها حالية فيكون قيدًا للنهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه كالميتة وما ذكر اسم الله تعالى رد بأن التأكيد بأن واللام ينفيه سلمناه، لكن لا نسلم التأكيد للنهي بل إشارة إلى معنى الموجب له كلا نشرب الخمر وهو حرام وبهذا ظهر ضعف ما في (الخلاصة) من أن القضاء به جائز عندهما خلافًا لأبي يوسف. (والسنة المشهورة) كالقضاء بشاهد ويمين فإنه مخالف للحديث المشهور أعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر)، وقيد بالمشهورة احتراز عن الغريب، كذا في (الشرح) ولابد ههنا من تقييد الكتاب بأن لا يكون قطع الدلالة وتقييد السنة بأن تكون مشهورة أو تكون متواترة غير قطعية الدلالة وإلا فمخالفة المتواترة من كتاب أو سنة إذا كان قطعي الدلالة كفر كذا في (التلويح). وأما إذا وقع الخلاف في أنه قول فلابد أن يترجح أحد القولين بثبوت دليل التأويل فيقطع الاجتهاد في بعض أفراد هذا القسم مما سوغ فيه الاجتهاد أم لا، كذا في (الفتح) وظاهر كلامهم يعطي أن آية التسمية على الذبيحة لا تقبل التأويل بل هي نص في المدعى فيه نظر يظهر مما مر، (والإجماع) وهو ما ليس فيه خلاف يستند إلى دليل شرعي، وغير المستند يسمى خلافًا لا اختلافًا، قال في (الهداية): والمعتبر الاختلاف في الصدر الأول انتهى، وعليه فرع بعضهم أن للقاضي أن يبطل ما قضى به المالكي والشافعي برأيه وإنما ينفذه إذا كان قول أحدهما موافقًا لقول

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بعض الصحابة أو التابعين باعتبار أنه مختلف فيه في الصدر الأول لا باعتبار أنه قول أحدهما. قال في (الفتح): وعندي أن هذا لا يعول عليه، فإن صح أن مالكًا وأبا حنيفة والشافعي مجتهدون فلا شك في كون المحل اجتهاديًا وإلا فلا، وإلا شك أنهم أهل اجتهاد ورفعة، ويؤيده ما في (الذخيرة) خالع الأب الصغيرة على صداقها ورآه خيرًا لها صح عند مالك وبرئ الزوج عنه، فلو قضى به قاضٍ نفذ، وفي (المنتقى) قضى بجواز إن بلا شهود نفذ لأن المسألة مختلف فيها، فمالك وعثمان البستي يشترطان الإعلان لأن الشهود وقد اعتبر خلافهما لأن الموضع موضع اشتباه الدليل إذ اعتبار النكاح بسائر التصرفات يقتضي أن لا يشترط الشهادة انتهى. فإذا كان معارضة المعنى للدليل السمعي توجب اشتباه الدليل محل اجتهاد ينفذ القضاء فيه فكل خلاف بين الشافعي ومالك أو بيننا وبينهم أو واحدهم محل اشتباه الدليل حينئذ إذ لا يخلو عن مثل ذلك ولا يجوز نقضه من غير توقف على كونه بين الصدر الأول انتهى، ما في (الفتح). والحاصل أن قضاء الدين إن كان موافقًا للدين الشرعي أو مختلفًا فيه اختلافًا مستندًا إلى دليل لا ينقض، وإن كان الخلاف في نفس القضاء لا ينفذ إلا بتنفيذ قاضٍ آخر في الصحيح من المذهب كالقضاء على الغائب وله وقضاء المحدود في قذف وشهادته بعد التبرئة وقضاء الفاسق وشهادته قبل التوبة، وإن كان مخالفًا للدليل الشرعي لا ينفذ. ولو نفذ كالقضاء بالقصاص يتعين الولي واحدًا من أهل المحلة مع يمينه أو بصحة نكاح المعتدة والوقت أو بجواز نكاح الجدة أو امرأة الجد أو بسقوط الدين بمضي سنتين أو بجواز بيع جنين ذبحت أمه ومات في بطنها أو بحل المطلقة ثلاثًا قبل أن يدخل به الثاني أو بإبطال عفو المرأة عن القود أو بعدم وقوع الثلاثة جملة أو بعدم الوقوع على حبلى أو حائض أو قبل الدخول أو في طهر حاضت فيه أو فرق بحكم العجز عن النفقة حال الغيبة، أو بصحة نكاح مزنية الأب أو الابن أو أم مزنية أو بنتها أو بسقوط المهر بلا بينة أو إقرار أو بعدم تأجيل العنين أو بعدم صحة الرجعة بلا رضاها أو بعدم وقوع الزائد على الواحد أو بنصف الجهاز لمن طلق قبل الدخول قبل قبض المهر والتجهيز أو بالشهادة على خط أبيه أو في الحدود أو القصاص بشهادة رجل وامرأتين أو بما في ديوانه، وقد نسي أو بشهادة شاهد على صك لا يذكرها فيه إلا أنه يعرف خطه وختمه/ أو بشهادة من شهد على قضية مختومة من غير أن يقرأ عليه وبقضاء المرأة في حد أو قود وبقضاء عبد أو نصراني أو

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ بقسامة في قتل أو فرق بشهادة واحدة على الرضاع، أو قضى لولده بشهادة الأجانب أو بجواز بيع أم الولد وبالزيادة في معلوم الإمام من أوقاف المسجد أو بعدم تملك الكفار مال المسلم المحرر بدراهم، أو بجواز بيع درهم بدرهمين أو بصحة صلاة المحدث، أو بالقسامة على أهل المحلة بتلف المال كالنفس أو بقرعته في رقيق، أو بعدم جواز تصرف المرأة في مالها بغير إذن زوجها أو بحلف المدعي أن فلانًا مات وهناك لوث من عداوة ظاهرة من المسائل مأخوذة من (الشرح) و (البزازية) و (جامع الفصولين) و (الخانية) و (الصيرفية) و (فتح القدير). تتمة: في فتاوى الشيخ تقي الدين السبكي الشافعي أن قضاء القاضي ينقض عند الحنفية إذا كان حكمًا لا دليل عليه، ومخالفًا شرط الواقف مخالف للنص وهو حكه لا دليل عليه سواء كان نصه في الوقف نصًا أو ظاهرًا انتهى. وهو موافق لقول المشايخ شرطه كنص الشارع قال في شرح (المجمع) للمصنف: فيجب إتباعه والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. تم

§1/1