النظم المفيد الحاوى عقيدة التوحيد للطحاوى

محمود أبو سريع

النظم المفيد الحاوى عقيدة التوحيد للطحاوى

النَّظْمُ المُفِيدُ الحَاوِي عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوِي نَظْم محْمُود محمَّد محمُود مُرسِي (أبُو سَريعِ)

* إهداء

الإِهْدَاء: إِلى كُلِّ مَنْ أشْرَقَتْ في قَلْبِهِ شَمْسُ التوحِيدِ، وَأفَلَ عَنْ أُفُقِهِ نجْمُ الشِّركِ وَالتَّندِيدِ، أهْدِي: النَّظمَ المفِيدَ الحَاوِي عَقيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوِي أخُوكَ محمُودٌ أبُوسَريع

* تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاة وَالسَّلامُ على مَنْ لا نبيَّ بَعْدَهُ، وَبَعْدُ: فَهَذا هُوَ النَّظمُ المُفِيدُ الحَاوِي عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوي، نَظَمْتُهُ مُبَيِّنًا فِيهِ طَرِيق َالحَقِّ، مُنْتَهِجًا سَبِيلَ أهْلِ الصِّدْقِ، أهْلِ الحَدِيثِ وَالأثَرِ، والفِقهِ في شَرْع الإلهِ وَالنَّظرِ، أهْلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَةِ، وَالفِرْقةِ الناجيَةِ المَنْصُورِةِ إلى قيَامِ السَّاعَةِ، مُعْرِضًا عَنِ الطَّرَائق المُخْترَعَةِ، وَالمَذاهِبِ المُبْتدَعَةِ؛ لاعْتِقَادِي أنَّ كُلَّ خَيْرَ في اتِّبَاع مَنْ سَلَفَ، وَأنَّ كُلَّ شَرٍّ في ابتِدَاع مَْن خَلَفَ، فهَاكها أُرْجُوزةً أَلفيَّةً، ضَمَّنتها العَقِيدَةَ السَّلفيَّة، تُغْنِي بِفَضْل اللهِ مَنْ وَعَاها، مُجْزِئةً للمَرْءِ عَمَّا سِوَاها، فانْظرْ إِلَيها بعَيْن الرِّضَا وَالقبُول، وَلا تَكُنْ بمُعْرضٍ عَمَّا أقُول، وَاللهَ أرْجُو العَوْنَ والتوْفِيقَ، بمَنِّهِ وَيَدْفعَ التَّعْويقَ الناظم

* مقدمة النظم

مُقَدِّمَةُ النَّظْمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - يَقُولُ رَاجِي رَحْمَةِ السَّمِيعِ ... ذُو العَجْزِ مَحْمُودٌ أبُو سَرِيعِ 2 - حمْدًا لمنْ قدْ خَصَّنا بالدِّينِ ... وَبِالنَّبيِّ المُصْطَفَى الأَمِينِ 3 - أَحْمَدُهُ ـ جَلَّ ـ عَلى الإنْعَامِ ... بِنِعْمَةِ التَّوْحِيدِ وَالإسْلامِ 4 - وَأَفضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ ... عَلَى النَّبيِّ المُصْطفى الكَرِيمِ 5 - ثمَّ الرِّضَا عَنْ صَحْبهِ وآلِهِ ... وَكُلِّ مَنْ سَارُوا عَلى مِنوَالِهِ 6 - وَبَعْدُ فالتَّوْحِيدُ في الإسْلامِ ... مَنْزِلةً كَذِرْوةِ السَّنامِ 7 - نَرْقَى بهِ إلى ذُرَا اليَقِينِ ... فكَيْفَ لا يكُونُ أصْلَ الدِّينِ؟ 8 - لأجْلهِ أنْشَأَ ربِّي الخلْقَا ... وَمَا أَرَادَ اللهُ مِنْهُمْ رِزْقَا 9 - فإنهُ ـ سُبْحَانهُ ـ الرَّزَّاقُ ... كمَا هُوَ المُدَبِّرُ الخَلاقُ 10 - وَهْوَ سَبيلُ الفَوْز وَالسَّعَادَةْ ... لأنَّهُ الأسَاسُ في العِبَادَةْ 11 - إذْ إنَّهُ يُصَحِّحُ النَّوَايَا ... وَيَرْفعُ الذُّنُوبَ وَالخَطَايا 12 - بِدُونهِ الأعْمَالُ ليْسَتْ تُقبَلُ ... وَلايَصِحُّ مَعْ سِوَاهُ عَمَلُ 13 - وَهَذِهِ أُرْجُوزَةٌ مُفِيدَةْ ... ضَمَّنتُها مَسَائِلَ العَقِيدَةْ 14 - مُتَّخِذًا عَقِيدَةَ الطَّحَاوِي ... أصْلا أطُوفُ حَولهُ وَآوِي 15 - فقَدْ رَوَى فيها عَقِيدةَ السَّلَفْ ... نقِيَّةً كَمَا تلقَّاهَا الخَلَفْ 16 - فلَمْ يُكَدِّرْ ابْتِدَاعٌ مَاءَهَا ... أو غَشِيَتْ سُحْبُ الهَوَى سَمَاءَها 17 - وَكَيْفَ لا وَالشَّيخُ فِيمَا عَرَضَا ... عَنِ الكَلامِ وَذَوِيهِ أعْرَضَا؟ 18 - وَاطَّرَحَ الآرَاءَ وَالأوْهَامَا ... وَمَا أَعَارَ أَهْلهَا اهْتِمَامَا 19 - وَكَانَ جُلُّ ما عَليْهِ اعْتَمَدَا ... قُرْآنَ ربِّي وَحَديثَ أحْمَدَا 20 - فَجَاءَ مَا بهَا مِنَ النُّقُولِ ... يحْكِي كَلامَ اللهِ وَالرَّسُولِ

21 - وَهِيَ في التَّوْحِيدِ وَالإيمَانِ ... دِينُ أبي حَنيفَةَ النُّعْمَانِ 22 - ثمَّ الذِي رَآهُ وَاجْتَبَاهُ ... وَاخْتارَهُ في اللهِ صَاحِباهُ 23 - أَعْني أَبَا يُوسُفَ فَخْرَ المذهَبِ ... مَنْ نُورُهُ جَلَّى ظَلامَ الغَيْهَبِ 24 - ثمَّ الإِمَامَ العَالمَ الربَّاني ... مُحَمَّدَ بْنَ الحَسَنِِ الشَّيْباني 25 - وَغَيرَهم مِنْ فقهَاءِ الملَّةِ ... مِنَ الشُّيُوخِ السَّادَةِ الأجِلَّةِ 26 - فكَانَ مَا أحْرَى الذِي قدْ نقَلَهْ ... فِيهَا بأنْ نحْفَظَهُ وَنعْقِلَهْ 27 - نَظَمْتُها مُقَرِّبًا لعِلمِهَا ... مُسَهِّلا لحفْظِها وفَهْمِهَا 28 - كَشَفْتُ عَنْ مَواضِعِ الإبهامِ ... فَاقْتَرَبَ المَعْنى مِنَ الأفْهَامِ 29 - وَزِدْتها فوَائِدًا مُهِمَّةْ ... تكْمِلَةً للأصْلِ أوْ تَتِمَّةْ 30 - حَتى غَدَتْ بفضْل ربِّي جَامِعَةْ ... كُلَّ الأصُولِ والفُرُوع التَّابعَةْ 31 - هَذا وَقَدْ ضَمَّنتُها الأدَلَّةْ ... لَكِنَّها كمَا سَتَأْتِي قِلَّةْ 32 - أَسُوقُها بالنَّصِّ إنْ تُوَافي ... تُطَابِقُ الأوْزَانَ وَالقَوافي 33 - وَبَعْضُها تُسَاقُ بالإِشَارَةِ ... إِنْ ضَاقَ نظْمُنا عَنِ العِبَارةِ 34 - وَرُبَّمَا أَحْكِي خِلافًا وَارِدَا ... وَأَدَعُ التَّرْجِيحَ فيهِ عَامِدَا 35 - أَخَافُ أنْ يَكْبُو بهِ حِصَاني ... إِذْ لَسْتُ مِنْ فَوارِسِ المَيْدَانِ 36 - َوَكنْتُ فِيهَا نَاقِلا أمِينَا ... وَلمْ أَكُنْ كالخَائِنِينَ الدِّينَا 37 - فلَمْ أُحَرِّفْ أيَّ مَعْنىً أَوْرَدَهْ ... وَإِنما جَاءَ كَمَا قَدْ قَصَدَهْ 38 - أَيْ لمْ أَكُنْ لقَوْلهِ مُحَرِّفا ... وَلمْ أَكُنْ لِقَصْدِه مُخَالِفَا 39 - حَتَّى الذِي في قَوْلِهِ تَكَرَّرَا ... أَوْرَدْتهُ كمَا أتَى مُكرَّرَا 40 - إِذْ رُبَّما يَكُونُ شَيْخِي أوْرَدَهْ ... لِغَرَضٍ لَهُ كَأَنْ يُؤَكِّدَهْ 41 - وَرَغْمَ أنَّ شَيْخَنا مَا نَسَّقا ... وَلمْ يُجَمِّعْ الذِي تَفَرَّقا 42 - فَقَدْ مَشَيْتُ مَشْيَهُ مُرَتِّبَا ... تَرْتيبَهُ وَلمْ أَكُنْ مُعَقِّبَا

43 - لَكِنَّهُ إِنْ خَالَفَ اعْتِقَادَا ... أِسْلافِنَا أَوْسَعْتُهُ انتِقَادَا 44 - مُصَحِّحًا مَا جَاء مِنْ أخْطَاءِ ... لَدَيْهِ مِنْ مَيْلٍ إِلى الإِرْجَاءِ 45 - وَنقلِهِ ألْفَاظَ مَنْ تَكَلَّمَا ... مِمَّا يَكُونُ التَّرْكُ فيهَا أسْلَمَا 46 - وَكُنْتُ في التَّصْحِيحِ ذَا انحِيَازِ ... لابْنِ أبي العِزِّ مَعَ ابْنِ بَازِ 47 - فهَاكَ نظْمًا وَاضِحًا مُفصَّلا ... كأنَّهُ الصَّبَاحُ حِينَ أقْبَلا 48 - قَصَدْتُ فيهِ وَجْهَهُ تعَالى ... وَمَا قَصَدْتُ سُمعَةً أوْ مَالا 49 - محَّضْتُ فيهِ المُسْلِمَ النَّصِيحَةْ ... وَسُقْتُها صَرِيحَة فَصِيحَةْ 50 - سمَّيْتُهُ النَّظمَ المُفِيدَ الحَاوِي ... عَقِيدَةَ التَّوحِيدِ للطَّحَاوِي 51 - وَالمُرْتجَى إنْ كُنْتُ مِمَّنْ قَصَّرا ... في نَظْمِها عِنْدَ امْرِئٍ أَنْ أُعْذَرَا 52 - وَأنْ يَغُضَّ طَرْفَهُ عَنِ الزَّلَلْ ... فقَدْ نَظَمْتُ مَتْنَها عَلَى عَجَلْ 53 - أَضِفْ إليهِ قِلَّةَ البِضَاعَةِ ... ثمَّ قصُورَ البَاعِ في الصِّناعَةِ 54 - وَرَبُّنا المَسْئولُ في الرِّعَايَةِ ... وَالمُسْتعَانُ في بُلُوغِ الغَايَةِ 55 - سَأَلْتُهُ العِصْمَة وَالتوْفِيقَا ... مُذلِّلا لعَبْدِهِ الطَّرِيقَا

* فصل: في التوحيد تعريفه وأنواعه

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِ الطَّحَاوِي: هَذا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَلى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ المِلَّةِ: أبي حَنيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثابتٍ الكُوفيِِّ، وَأبي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بنِ إبْراهِيمَ الأنصَارِيِّ، وَأبي عَبْدِاللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ، رِضْوانُ اللهِ عليهم أجْمَعِين، وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ رَبَّ العَالمِينَ، نقُولُ في تَوْحِيدِ اللهِ مُعْتقِدِينَ بتَوْفِيقِ اللهِ: إنَّ اللهَ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لهُ. 56 - قَالَ أبُو جَعْفرٍ الطَّحَاوِي ... اِغْفِرْ لَهُ يا رَبَّنا المَسَاوِي 57 - أَقُولُ غَيْرَ مُنْكِرٍ أوْ جَاحِدْ ... مُعْتَقِدًا أنَّ الإِلَهَ وَاحِدْ 58 - وَأنَّهُ قَدْ جَلَّ عَنْ أنْ يُعْبَدَا ... بالحَقِّ مَعْبُودٌ سِوَاهُ أبَدَا 59 - وَأنَّهُ رَبُّ الوُجُودِ الخَالِقُ ... مُدبِّرُ الأمْرِ المَلِيكُ الرَّازقُ 60 - مُنْفَرِدٌ بالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ ... وَالملْكِ وَالأرْزَاقِ وَالتَّقْدِيرِ 61 - ففِي الأُلُوهِيَّةِ قَدْ توَحَّدَا ... وَفِي الرُّبُوبيَّةِ قدْ تَفَرَّدَا 62 - وَهُوَ أيْضًا وَاحِدٌ فِي الذَّاتِ ... وَوَاحِدُ الأسْمَاءِ والصِّفاتِ 63 - قَدِ انْتَفَى في كُلَّهَا التَّشْريكُ ... فَمَا لَهُ حَقًّا بها شَرِيكُ 64 - وَالعَبْدُ لا يسْتَكْمِلُ التَّوْحِيدَا ... إلا إِذا مَا تَرَكَ التَّنْدِيدَا 65 - وَجَرَّدَ التَّوْحِيدَ للرَّحْمَنِ ... فجَاءَ بالثَّلاثَةِ الأرْكَانِ 66 - يُوَحِّدُ الإِلَهَ مِنْ مَعْبُودِ ... وَفِي الرُّبُوبِيَّةِ للوُجُودِ 67 - وَيُثْبِتُ الأسْماءَ والصِّفاتِ ... مُرَاعِيًا قوَاعِدَ الإِثبَاتِ 68 - وَقِيلَ بَلْ تَوْحِيدُهُ نوْعَانِ ... قَصْدٌ وإِثباتٌ بلا نُكْرَانِ 69 - فأوَّلُ النوْعَيْنِ في إِثبَاتِ ... حَقِيقَةِ الرَّبِّ وَتِلْكَ الذَّاتِ

70 - ثمَّ يَلِي هَذا وُجُوبُ المَعْرِفَةْ ... بمُا لرَبِّنا مِنِ اسْمٍ أوْصِفَةْ 71 - تثْبِتُها لهُ مَعَ التَّنْزِيهِ ... لَهُ عَنِ المَثِيلِ وَالشَّبِيهِ 72 - وَذَاكَ تَوْحِيدُ الإِلَهِ في الطَّلَبْ ... وَالْقَصْدِ دُونَ غَيْرهِ فليُجْتَنَبْ 73 - فلا يَكُونُ غَيْرُهُ مَرْجُوَّا ... كَلا وَلا مَسْئُولا اَوْ مَدْعُوَّا 74 - وَذَلِكَ التَّوْحِيدُ في العِبَادَة ... تَضَمَّنَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةْ 75 - وَقالَ قوْمٌ عِنْدَنا التَّوْحِيدُ ... قِسْمَانِ لَيْسَ فِيهمَا تَعْقِيدُ 76 - توْحِيدُهُ ـ جَلَّ ـ بأفعَالِ الوَرَى ... كَالنَّذْرِ وَالطَّوَافِ فِي أُمِّ القُرَى 77 - ثمَّ بأَفْعَالِ الإِلَهِ نُفْرِدُهْ ... أَيْضًا فَلا إِشْرَاكَ بَلْ نُوَحِّدُهْ 78 - وَلَيْسَ بيْنَ هَذِهِ الأَصْنَافِ ... وَالحَمْدُ للهِ مِنِ اخْتِلافِ 79 - فكُلُّهَا فِي الاعْتِقَادِ عَائِدَةْ ... إلى أُصُولٍ رَاسِخَاتٍ وَاحِدَةْ 80 - بَلْ كُلُّها جَاءَتْ مِنَ التَّغْيِيرِ ... في اللَّفْظِ وَالتَّنْوِيعِ في التَّعْبِيرِ

* فصل: في انتفاء التماثل بين المخلوق والخالق

فصْلٌ: في نظْم قوْلِهِ: وَلا شَيْءَ مِثلهُ. 81 - وَأنهُ جَلَّ عَنِ الأمْثَالِ ... في الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأفْعَالِ 82 - إيَّاكُمُ أَنْ تضْرِبُوا الأَمْثَالا ... لَهُ فَعْنَهَا اللهُ قَدْ تَعَالى 83 - كَمَثَلُ اللهِ كمِثْلِ البَدْرِ ... أوْ مِثْلُ عِلْمِهِ كمِثْلِ البَحْرِ 84 - وَلا يُقاسُ اللهُ في الأُصُولِ ... قِيَاسَ تمْثِيلٍ وَلا شُمُولِ 85 - إِذْ كَوْنُهُ مُبَايِنًا للنَّاسِ ... يحُولُ دُونَ ذلِكَ القِيَاسِ 86 - فلا يُقاسُ عِلْمُهُ بعِلْمِنا ... وَلا يُقَاسُ حِلْمُهُ بحِلْمِنا 87 - فعِلْمُهُ لَيْسَ لهُ حُدُودُ ... سُبْحَانهُ وعِلْمُنا مَحْدُودُ 88 - وَلا يُقَاسُ اللهُ بالمَوْجُودِ ... مِنْ خَلْقِهِ في صِفَةِ الوُجُودِ 89 - فاللهُ ـ جَلَّ ـ وَاجِبُ الوُجُودِ ... لا مُمْكِنٌ كَسَائِر المَوْجُودِ 90 - وَهَكَذا أمَّا قِيَاسُ الأوْلى ... فاسْتعْمَلُوا هَذا بحَقِّ المَوْلى 91 - فللإلهِ المَثَلُ الأعْلى كَمَا ... حَكَاهُ في الذِّكْرِ الذِي قَدْ أُحْكِمَا 92 - فاللهُ بالكَمَالِ مَا أوْلاهُ ... ثمَّ لَهُ مِنْ وَصْفِهِ أَعَلاهُ 93 - نَقُولُ في التَّمْثِيلِ إنَّ البَصَرَا ... فِينَا مِنَ الكَمَالِ نحْنُ البَشَرَا 94 - أَلا يَكُونُ مِنْ صِفَاتِ المَوْلى ... مِنْ بَابِ أَوْلى أوْ طَرِيقِ الأَوْلى 95 - ثمَّ كَمَا لا أَحَدٌ يُمَاثِلُهْ ... فَلَيْسَ في الحُقُوقِ مَنْ يُعَادِلُهْ 96 - وَهَلْ تَرَى في الكَوْن مِنْ مَخْلوقِ ... لَهُ الذِي للهِ مِنْ حُقُوقِ؟ 97 - أَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ أنْ نَدْعُوَهْ ... أَوْ يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ أنْ نَرْجُوَهْ؟ 98 - فلا تَكُنْ مِثْلَ الذِين عَدَلُوا ... بربِّهم ـ سُبْحَانهُ ـ أَوْ مَثَّلُوا

* فصل: في كمال قدرته سبحانه وانتفاء العجز عنه

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا شيْءَ يُعْجِزُهُ. 99 - وَأنَّهُ لا يُعْجِزُ القَدِيرا ... مِنْ أحَدٍ واسْألْ بِهِ خَبيرا 100 - وَانْظُرْ أفَاتَ اللهَ مِنْ مَخْلوقِ ... عَصَاهُ أمْ هَلْ كَانَ بالمَسْبُوقِ؟ 101 - سُبحَانَ رَبِّي مِنْ قَوِيٍّ قَادِِرِ ... سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ عَزِيزٍ قَاهِرِ 102 - قَدْ أوْجَدَ الكوْنَ بتِلْكَ المَقْدِرَةْ ... وَأحْكَمَ الكَوْنَ بها وَدبَّرَهْ 103 - بهَا السَّمَاءُ ارْتَفَعَتْ بِلا عَمَدْ ... وَبَسَطَ الأرْضَ عَلَى مَاءٍ جَمَدْ 104 - بها جَمِيعُ الكَائِناتِ طَائِعَةْ ... مُنْقَادَةٌ لمَا يُرِيدُ خَاضِعَةْ 105 - فلا تحرُّكٌ وَلا سُكُونُ ... إلا بإذْنِ رَبِّنا يكُونُ 106 - بها يُقلِّبُ القُلُوبَ صَارِفَا ... لهَا إلى مَا شَاءَ رَبِّي عَاطِفَا 107 - بها يَقُولُ إنْ أرَادَ أمْرَا ... كُنْ فيَكُونُ عِزَّةً وَقَهْرَا 108 - بها يَكُونُ نَصْرُ أوْلِيَائِهِ ... وَهُمْ قلِيلُونَ عَلَى أَعْدَائِهِ 109 - أَحْيَا بها رَبِّي وَقَدْ أمَاتا ... سُبْحَانَهُ وَأَنْبَتَ النَّبَاتَا 110 - وَيبْعَثُ العِبَادَ للحِسَابِ ... بها فَذُو ثوَابٍ اوْ عِقَابِ

* فصل: في معنى لا إله إلا الله وتوحيد الألوهية

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَلا إِلَهَ غيْرُهُ. 111 - وَأنَّ ربِّي لا إِلَهَ غَيْرُهُ ... وَأنَّهُ لا خَيْرَ إلا خَيْرُهُ 112 - وَاعْلَمْ بأنَّ العِلْمَ بالتَّوْحِيدِ ... أَوَّلُ مَفْرُوضٍ على العَبِيدِ 113 - وَأنَّ أوْلى ما أرَى اعتِقَادَهْ ... أنْ يَعْرِفُوا مَعَانيَ الشَّهَادَةْ 114 - وَأنْ يكُونُوا مِنْ أُولي الإيمَانِ ... بمَا احْتوَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاني 115 - وَأنْ يَكُونَ النَّاسُ عامِلِينا ... بمُقْتَضَاها مُخْلِصِينَ الدِّينا 116 - فقَوْلُ: لا إلهَ إلا اللهُ ... أيْ أنَّهُ المعْبُودُ لا سِوَاهُ 117 - فمَا لنا بِالحَقِّ مِنْ مَعْبُودِ ... سِوَى الإِلَهِ الحَقِّ في الوُجُودِ 118 - فلْتعْتقِدْ هَذا وَرَبَّكَ اعْبُدَا ... وَلا تخَامِرْكَ الشُّكُوكُ أبَدَا 119 - وَمُقْتَضَى كَلِمَةِ الشَّهَادَةْ ... إِفْرَادُ رَبِّ النَّاسِ بالعِبَادَةْ 120 - وَنَفَيُ مَا نفَتْهُ مِنْ وُجُودِ ... آلهةٍ سِوَاهُ في الوُجُودِ 121 - فقُمْ وَحَقِّقْ هَذِهِ المَعَاني ... حتَّى تكُونَ مِنْ أُولي الإيمَانِ 122 - وَلا تخَالِفْ مُقتَضَاهَا ظَاهِرَا ... أوْ بَاطنًا فتسْتَحِيلَ كَافِرَا 123 - اِحْذَرْ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ... لِغَيْرِ رَبِّي الوَاحِدِ المَعْبُودِ 124 - لا تَقْرَعِ الأبْوَابَ إلا بَابَهْ ... وَلا تَكُنْ لغَيْرِهِ إِنابَةْ 125 - لا تَدْعُ غَيرَ اللهِ في خَطْبٍ نَزَلْ ... وَلا تَكُنْ عَلَى سِوَاهُ تتَّكِلْ 126 - لا تَسْتَغِثْ إلا بِهِ سُبْحَانَهْ ... وَلا تكُنْ بغَيْرِهِ اسْتِعَانَةْ 127 - وَلا تُسَوِّ أَحَدًا بالرَّبِّ ... في الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ ثمَّ الحُبِّ 128 - وَطمَعٌ في غَيرِهِ وَرَغْبَةْ ... شِرْكٌ كَذَاكَ خَشْيَةٌ وَرَهْبَةْ 129 - إِذَا اسْتعَذْتَ مِنْ شُرُورِ مَا خَلَقْ ... فَلا يَكُنْ لهَا سِوَى رَبِّ الفَلَقْ

130 - لا تَسْتَعِذْ إلا برَبِّ النَّاسِ ... مِنْ شَرِّ وَسْوَاسٍ وَمِنْ خَنَّاسِ 131 - إيَّاكَ أنْ تذْبَحَ أوْ أنْ تنْحَرا ... لِغيْرِهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ فتَخْسَرَا 132 - وَلا تُقَدِّمْ أبَدًا قُرْبَانَا ... لِغَيْرِهِِ فَتَتْبَعَ الشَّيْطَانَا 133 - ألمْ يُقرِّبْ بَعْضُهُمْ ذُبَابَا ... لِصَنَمٍ فاسْتَوْجَبَ العَذَابَا 134 - إيَّاكَ أنْ تُقَدِّم النُّذُورَا ... لِغَيرِ مَنْ يُصَرِّفُ الأُمُورَا 135 - هَذا وَللنَّذْرِ شُرُوطٌ تُرْعَى ... مَنْ ليْسَ يَرْعَاهَا أسَاءَ صُنْعا 136 - بَلْ لا تُوَفَّى هَذِهِ النُّذُورُ ... مَا لمْ تُرَاعَ تِلْكُمُ الأمُورُ 137 - وَتِلْكَ أَنْ يَكُونَ نَذْرَ طَاعَةْ ... وَلمْ يُجَاوِزْ حَدَّ الاسْتِطَاعَةْ 138 - وَلا يَكُونُ في مَكَانٍ يُشْرَكُ ... بِهِ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْلَكُ 139 - وَلا يَرَى تأْثِيرَ هَذَا النَّذْرِ ... إنْ يَشْتَرِطْ فيهِ حُصُولَ أمْرِ 140 - فمِثْلُ هَذا مَا لهُ تأثِيرُ ... وَمَا لهُ تَقْدِيمٌ اوْ تأْخِيرُ 141 - يَسْتَخْرجُ اللهُ بِهِ مِنَ البَخِيلْ ... وَلا يكُونُ غيْرُ ما قضَى الجَلِيلْ 142 - وَمِنْ هُنا قَدْ كَانَ غَيْرَ مُسْتحَبّْ ... لَكِنَّمَا الوَفَاءُ فِيهِ قَدْ وَجَبْ 143 - إيَّاكَ أنْ تَذِلَّ أوْ أنْ تخْضَعَا ... لأَحَدٍ سِوَاهُ أَوْ أَنْ تخْشَعَا 144 - إِيَّاكَ أنْ تَطُوفَ بالقُبُورِ ... وَتَصْرِفَ الطَّوَافَ للمَقْبُورِ 145 - وَهَكَذَا جَمِيعُ مَا أحَبَّهْ ... رَبُّ الوَرَى مِنْ طَاعَةٍ وَقُرْبَةْ 146 - فَصَرْفُ مِثْلِ هَذِهِ العِبَادَةْ ... لغَيْرِهِ يُخِلُّ بِالشَّهَادَةْ 147 - وَكيْفَ لا وَصَرْفُهَا لخلْقِهِ ... تَسْويَةٌ لهُمْ بِهِ في حَقِّهِ؟ 148 - وَهَلْ يكُونُ مَنْ يُسَوِّي أحَدَا ... برَبِّنا فيمَا لهُ قدْ وَحَّدَا؟ 149 - أَلَيْسَ مَنْ سَوَّى به ِ بَعْضَ الوَرَى ... يَكُونُ قَدْ أَشْرَكَ شِرْكًا أكْبَرَا؟ 150 - بَلْ إنَّهُ يَكُونُ مِمَّنْ كَفَرَا ... وَإِنْ يَكُنْ بِ (لا وَإلا) جَهَرَا 151 - فكِلْمَةُ التَّوحِيدِ مَا لمْ تمْنَعِ ... قَائِلَهَا عَنْ شِرْكِهِ لمْ تنْفَعِ

152 - كَمْ وَاحِدٍ قَدْ قَالهَا وَعُدَّا ... في الشَّرْعِ مُشْرِكًا بهِ مُرْتَدَّا 153 - فاحْرِصْ على إِعْطاءِ هَذِي الكَلِمَةْ ... حَقًّا لهَا وَلاتكُنْ كالظَّلَمَةْ 154 - وَحَقُّهَا عِلْمٌ بمِا تَقُولُ ... وَبَعْدَهُ اليَقِينُ وَالقَبُولُ 155 - وَالانْقِيَادُ أيْ تكُونُ تَابِعَا ... لِكُلِّ مَا تَدْعُو إليهِ طَائِعَا 156 - وَالصِّدْقُ وَالإخْلاصُ في الأقْوَالِ ... وَسَائِرِ الأعَمَالِ وَالأفعَالِ 157 - وَحُبُّها ويقْتَضِي الوَلاءَا ... لأهْلِهَا وَللْعِدَا البَرَاءَا 158 - أَخُوكَ مَنْ للدِّينِ ياهَذا انْتَسَبْ ... لا مَنْ يكُونُ ذا دَمٍ أو ذَا نَسَبْ 159 - عَدُوُّكَ الكَافِرُ بالإسْلامِ ... وَإنْ يكُنْ مِنْ أقْرَبِ الأَنَامِ 160 - فهَذِهِ شُرُوطُها إنْ تجْتَمِعْ ... في قَائِلٍ فهْوَ بها سينْتَفِعْ 161 - وَمَا عَسَى تُغْنِي عَنِ الإنْسَانِ ... إِنْ قالهَا فَحَسْبُ بِاللسَانِ 162 - أنَّى لَكَ النَّجَاةُ يَا مَخْذُولُ ... وَأنْتَ لمْ تعْمَلْ بمَا تَقُولُ؟

* فرع: ومن الشرك بالله اتخاذ الوسائط بين الله والعباد

فرْعٌ: وَمِنَ الشِّرْكِ باللهِ اتخَاذُ الوَسَائِطِ بَيْنَ اللهِ وَبيْنَ العِبَادِ. 163 - اعْلَمْ بِأَنَّ رَبَّنا قَرِيبُ ... مِنَّا وَحَاضِرٌ فلا يَغِيبُ 164 - أبْوَابُهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ لا تُغْلقُ ... دُونَ الوَرَى وَكَيفَ وَهْوَ الخَالِقُ؟ 165 - وَمَا عَليْها حَاجِبٌ يَسْتَأْذِنُ ... رَبِّي فيُعْطِي الإِذْنَ أوْ لا يأْذَنُ 166 - وَاللهُ لمْ يحْتَجْ إِلى وَزَيرِ ... يُعِينُهُ في الحُكْمِ وَالتَّدْبِيرِ 167 - وَلمْ يُفَوِّضْ أحَدًا أوْ وَكَّلَهْ ... يَكُونُ بَيْننا وَبَيْنهُ صِلَةْ 168 - يَعْرِضُ أحْوَالَ الوَرَى عَلَيْهِ ... مُبَلِّغًا حَاجَاتِهِمْ إِلَيْهِ 169 - وَهَلْ يُقاسُ اللهُ بالأنَامِ ... مِنْ سَائِرِ المُلُوكِ وَالحُكَّامِ؟ 170 - وَهَلْ يكُونُ اللهُ مِثْلَ النَّاسِ ... مِنْ عَاجِزٍ أوْجَاهِلٍ أوْ ناسِي؟ 171 - أليْسَ يَدْرِي اللهُ مَنْ يَتُوبُ ... وَمَنْ لبَابِ فَضْلِهِ يَئُوبُ؟ 172 - أليْسَ يَدْري اللهُ مَنْ بالبَابِ ... مِنْ غَيرِ أَنْ يَحْتاجَ للحُجَّابِ؟ 173 - أمْ أنهُ يجْهَلُ مَنْ مَدََّ اليَدَا ... إليهِ يدْعُو رَاجيًا منهُ النَّدَى؟ 174 - سُبْحَانَهُ مِنْ صَمَدٍ قَرِيبِ ... وَمِنْ سَمِيعٍ للدُّعَا مُجِيبِ 175 - وَهُوَ لا تخْفَى عليهِ خَافِيَةْ ... يَعْلَمُ مِنَّا السِّرَّ كالعَلانِيَةْ 176 - حَاجَاتُنا مَرْفُوعَةٌ إليهِ ... مِنْ غَيْر شَافِعٍ لَنا لَدَيْهِ 177 - فَهَلْ نقِيمُ بيْننا وَبيْنَهُ ... وَسَائِطًا تُرْجَى وَتُدْعَى دُونَهُ؟ 178 - أَمْ نطْرَحُ الوَليَّ وَالشَّفِيعَا ... مِنْ دُونِهِ فَهْيَ لَهُ جمِيعا؟ 179 - أَليْسَ في الوَسَائِطِ المذْكُورَةْ ... شِرْكٌ كمَا يُعلمُ بالضَّرُورَةْ؟ 180 - أَمَا بها ضَرْبٌ مِنَ القِيَاسِ ... لِرَبَّنَا ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالنَّاسِ؟ 181 - أَمَا بها لِرَبِّنا تَشْبِيهُ ... بِالعَاجِزِينَ أيُّها النَّبِيهُ؟

182 - أمَا تَعَالى أنْ تكُونَ وَاسِطَةْ ... بَيْنَ الوَرَى وَبَيْنَهُ كَالرَّابِطَةْ؟ 183 - بَلى فليْسَ بيننا مِنْ وَاسِطَةْ ... يَدْعُونها إلا وَكانَتْ سَاقِطَةْ 184 - مَا ثَمَّ إلا الرُّسْلُ في الإِبْلاغِ ... وَمَا عَلَيْهِمُ سِوَى البَلاغِ 185 - أَمَّا اتخَاذُ الشُّفعَاءِ عِنْدَهُ ... وَالأوْلِيَاءِ دُونَهَ فرُدَّهُ 186 - فَلا تَكُنْ مُتَّخِذًا وَلِيَّا ... مِنْ دُونِهِ وَإِنْ يَكُنْ نَبِيَّا 187 - وَلا تُوَسِّطْ مَنْ يَكُونُ شَافِعَا ... لَدَيْهِ حَتَّى يَجْلِبَ المَنَافِعَا 188 - لا تَعْتَمِدْ عَلَيْهِ عِنْدَ الشِّدَّةْ ... ليَدْفَعَ البَلاءَ أوْ يَرُدَّهْ 189 - فَلَيْسَ عَنْ طَريقِ مَيْتٍٍ تجْلَبُ ... مَنْفَعَةٌ مِنْ رَبِّنا أوْ تطْلَبُ 190 - وَلَيْسَ عَنْ طَريقِ ميْتٍ يُرفَعُ ... عَنَّا بَلاءٌ نازِلٌ أوْ يُدْفَعُ 191 - افْزَعْ إلى المَوْلى وَقِفْ بالبَابِ ... وَقُلْ لهُ يا رَبَّنا اكْشِفْ مَا بي 192 - قُمْ ناجِ رَبَّ النَّاسِ إنْ خَطبٌ نزَلْ ... وَلا تنَاجِ غَيْرَهُ عَزَّ وَجَلْ 193 - فإنَّهُ أقْرَبُ للعَبيدِ ... وَهُوَ في السَّمَا مِنَ الوَرِيدِ 194 - لا تنْخَدِعْ بمَنْ يُبِيحُ الوَاسِطَةْ ... فَمَا كَلامُهُ سِوَى مُغالَطَةْ 195 - هَلْ كَانَ في الأَصْنَامِ غَيْرُ مَا في ... هَذِي الوَسَائِطِ مِنَ الأوْصَافِ؟ 196 - ألمْ تَكُنْ تُعْبَدُ حتَّى تَشْفَعَا ... لهُمْ لَدَيْهِ كَيْ يُجِيبَ مَنْ دَعَا 197 - يَدْعُونها في حَالَةِ السَّرَّاءِ ... وَيكْفُرُونهَا مَعَ الضَّرَّاءِ 198 - وَهَؤُلاءِ القَوْمُ عِنْدَ البَاسِ ... بالعَكْسِ يَنْسَونَ إِلَهَ النَّاسِ 199 - وَيسْتَغِيثُونَ بمَنْ إذا دُعِي ... لدَفْعِ ضُرٍّ لمْ يُجِبْ أوْ يسْمَعِ 200 - لِكَوْنِهِ قَدْ مَاتَ أوْ لا يقْدِرُ ... عَلَيْهِ إلا القَادِرُ المقْتَدِرُ 201 - كَقَوْلِهمْ للمُصْطَفَى اكْشِفْ خَطْبي ... وَيَا رَسُولَ اللهِ فَرِّجْ كَرْبي 202 - يَدْعُونَهُ بكَاشِفِ الخُطُوبِ ... وَأنَّهُ مُفرِّجُ الكُرُوبِ 203 - يَا قَوْمُ إنَّ جَهْلَكُمْ تَنَاهَى ... فَمَنْ يكُونُ ذَاكَ إلا اللهَ

204 - سُبْحَانَكَ اللهُمَّ هَذَا إِفْكُ ... سُبْحَانَكَ اللهُمَّ هَذَا شِرْكُ 205 - مَنْ يَكْشِفُ الخُطُوبَ إلا اللهُ ... وَمَنْ لنَا فِي كَرْبِنا إِلاهُ؟ 206 - مَا ذَلِكَ القوْلُ وَالاعْتِقَادُ ... في الدِّينِ إِلا الشِّرْكُ وَالإِلحَادُ

* فصل: في اتصاف الله بالقدم والبقاء

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: قَدِيمٌ بلا ابْتِدَاءٍ، دائِمٌ بلا انْتِهاءٍ. 207 - وَرَبُّنَا هُوَ القَدِيمُ البَاقِي ... عِنْدَ أبي جَعْفَرٍ الوَرَّاقِ 208 - فلَيْسَ قبْلَ رَبِّنا مَوْجُودُ ... وَلا لِشَيءٍ بعْدَهُ وُجُودُ 209 - وَرَغْمَ هَذا مَا لَهُ بِدَايَةْ ... سُبْحَانَهُ كلا وَلا نِهَايَةْ 210 - فَهُوَ أَوَّلٌ بلا ابْتِدَاءِ ... وَهُوَ آخِرٌ بلا انْتِهاءِ 211 - هَذَا وَينبَغِي هُنا أنْ نذْكُرَا ... أَنَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أمْرًا مُنْكَرَا 212 - فَالشَّيْخُ مِثْلُ كُلِّ مَنْ تكَلَّمَا ... عَدَّ القَدِيمَ اسمًا لهُ أَوْ عَلَمَا 213 - وَذَاكَ لَفْظٌ لا أَرَى أنْ يُطْلَقَا ... عَلَيْهِ مِنْ وَصْفٍ أوِ اسْمٍ مُطْلَقَا 214 - إِذْ هَذِهِ الأسْمَاءُ توْقِيفِيَّةْ ... سَبِيلُها الأدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةْ 215 - وَالوَاجِبُ الوَقْفُ على المَنقُولِ ... فِيها وَلا مَجَالَ للعُقُولِ 216 - بَلْ لا يُسَمَّى اللهُ باشْتِقَاقِ ... لاسْمٍ مِنَ الأفْعَالِ باتِّفَاقِ 217 - حَتَّى وَلوْ أخْبرَ باسْمِ الفَاعِلِ ... عَنْهُ وَكَانَ النَّقْلُ غَيرَ بَاطِلِ 218 - وَهَلْ يجُوزُ أنْ يُسمَّى زَارِعَا ... أَوْ أنْ يُسَمَّى مَاكِرًا أَوْ خَادِعَا؟ 219 - ثمَّ اسْمُهُ الأوَّلُ يُغْني عَنْهُ ... إنْ لمْ يَكُنْ في الوَصْفِ بُدٌّ مِنْهُ 220 - فَقِفْ أخِي عِنْدَ حُدُودِ النَّقْلِ ... فَالدِّينُ بِالمَنْقُولِ لا بِالعَقْلِ

* فصل: في دوام بقائه سبحانه وتعالى

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: لا يَفْنى وَلا يَبِيدُ. 221 - وَاللهُ لا يَفْنى وَلا يَبِيدُ ... في حِين يفْنى الخَلْقُ وَالعَبِيدُ 222 - فَكُلُّ مَنْ عَلى الوُجُودِ فَانِي ... حَقًّا وَيبْقَى وَجْهُ ذِي الإحْسَانِ 223 - إِذ كُلُّ نفْسٍ للوَفَاةِ ذائِقَةْ ... وَلا تَرَى في الكَوْنِ إلا خَالِقَهْ 224 - لكِنَّهُ كمَا ابْتَدَا يُعِيدُ ... فرَبُّنا المُبْدِئُ وَالمُعِيدُ

* فصل: في اتصاف الله تعالى بالإرادة وأنواعها

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا يَكُونُ إلا مَا يُريدُ. 225 - وَرَبُّنا يفْعَلُ ما يُرِيدُ ... لأنَّهُ ذُو قوَّةٍ شَدِيدُ 226 - فإنْ أرَادَ اللهُ أمْرًا أَوْقَعَهْ ... مَنْ يَسْتَطِيعُ دُونَهُ أَنْ يمْنعَهْ؟ 227 - يَقُولُ للشَيْءِ إذا أرَادَهْ ... كُنْ فَيَكُونُ تَابِعًا مُرَادَهْ 228 - وَكُلُّ أمْرٍ لمْ يُرِدْ أنْ يقَعَا ... فإنَّهُ يَكُونُ ممَّا امْتَنَعا 229 - فَلا يكُونُ غيْرُ مَا يُرِيدُ ... أرَادَ أَوْ لمْ يُرِدِ العَبِيدُ 230 - هَذِي هِيَ الإِرَادَةُ الكَوْنِيَّةْ ... وَلَيْسَتِ الإِرَادَةُ الدِّينِيَّةْ 231 - وَهَاكَ ما أرَاهُ مِنْ تفْرِيقِ ... بَيْنَهُمَا يُبْنى عَلَى تحْقِيقِ 232 - فَسَمِّ بالكَوْنيَّةِ المشْتَمِلَةْ ... على مَشِيئَةِ الإِلَهِ الشَّامِلَةْ 233 - أَوْ هِيَ مَا تأْتي بمَعْنى شَاءَا ... كَمَا عَنِ المُحَقِّقِينَ جَاءَا 234 - وَمَا كَشَاءَ وَاجِبُ الوُقُوعِ ... لَيْسَ بجَائِزٍ ولا مَمْنُوعِ 235 - فَلا يَجُوزُ بَلْ مِنَ المَمْنُوعِ ... أَنْ تَتَخَلَّفَ عَنِ الوُقُوعِ 236 - وَمَا المحبَّةُ بهَا مَعْنِيَّةْ ... فَسَمِّهَا الإِرَادَةَ الدِّينِيَّةْ 237 - أَوْ هِيَ مَا تضَمَّنَتْ رِضَاهُ ... وَحُبَّ مَا أرَادَ أَوْ قَضَاهُ 238 - وَاعْلَمْ بأنَّ حُبَّهُ المُرَادَا ... لا يَقْتَضِي الوُقُوعَ وَالإِيجَادَا 239 - بَلْ ذِي لحِكْمَةِ الإِلَهِ تابعَةْ ... لِذَا فَقْدْ تَكُونُ غَيْرَ وَاقِعَةْ

* فصل: في عدم بلوغ الأوهام وإدراك الأفهام لرب الأنام

فصْلٌ: فى نظْمِ قَوْلِهِ: لا تبْلُغُهُ الأوْهَامُ، وَلا تُدْرِكُهُ الأفهَامُ. 240 - وَاللهُ لا تبْلُغُهُ الأوْهَامُ ... كَلا وَلا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ 241 - لا تَنْتَهي الظُّنُونُ وَالأفْكَارُ ... إِليْهِ وَالعَقْلُ بهِ يَحَارُ 242 - فهْوَ عَلى خِلافِ مَا بَالبَالِ ... يخْطُرُ أوْ يَدُورُ في الخيَالِ 243 - وَكُلُّ مَا تأتِي به الظُّنُونُ ... فِيهِ فَرَبِّي فَوْقها يَكُونُ 244 - لا أَحَدٌ يَعْرِفُ كُنْهَ ذَاتِهِ ... فَكَيْفَ خَاضَ النَّاسُ في صِفاتِهِ؟ 245 - إذْ هُوَ لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ ... وَلمْ تحِطْ عِلْمًا بهِ النُّظَّارُ

* فصل: في تنزيه الله عن مشابهة الأنام

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَلا يُشْبهُ الأنَامَ. 246 - وَرَبُّنا بذَاتِهِ تعَالى ... أَنْ يُشْبِهَ الأنَامَ وَاسْتَحَالا 247 - لا يُشْبِهُ الأنَامَ في صِفاتِهِ ... فكَيْفَ يُشْبِهُ الوَرَى في ذَاتِهِ؟ 248 - بَلْ إنهُ قَدْ جَلَّ في سَمَائِهِ ... حَتى عَنِ الشَّبِيهِ في أسْمَائِهِ 249 - فقَدْ أتَتْ في غَايةِ الكَمَالِ ... وَالحُسْنِ وَالجَلالِ وَالجَمَالِ 250 - أَسمَاؤُهُ الحُسْنَى بها تَبَاهَى ... وَكَيْفَ لا وَحُسْنُها تَنَاهَى؟ 251 - وَالنَّاسُ مَهْمَا حَاوَلُوا اسْتِقْصَاءَها ... لم يَسْتَطِيعُوا أَبَدًا إِحْصَاءَها 252 - حَيْثُ بعِلْمِ الغَيْبِ رَبِّي اسْتأْثَرَا ... ببَعْضِها وَمَا بها قدْ أَخْبَرَا 253 - فلَمْ يُضَمِّنْها كِتَابًا أنزَلَهْ ... وَلمْ يُعَلِّمْها نَبِيًّا أرْسَلَهْ 254 - وَمَا أتَى مِنهَا كَثِيرٌ كَافِي ... أَنْ نَعْرِفَ اللهَ بها وَشَافِي 255 - فلا تُسَمِّ غَيْرَ رَبِّنا بها ... وَلا تَكُنْ فِيها لَهُ مُشَبِّهَا 256 - وَكُنْ لمَا قَدْ أَوْهَمَ التَّشْبِيها ... بِربِّنا مُغيِّرًا تنْزِيها 257 - فَالمُصْطَفَى غَيَّرَ لاحْتِرَامِ ... أَسْمَائِهِ بعْضًا مِنَ الأسَامي 258 - قَدْ لَقَّبُوا أبُا شُرَيْحٍ بالحَكَمْ ... وَالحَكَمُ اسْمٌ للإِلَهِ أوْ عَلَمْ 259 - فقالَ يُكْنى بِابْنِهِ الكَبِيرِ ... إذْ كَانَ لابُدَّ مِنَ التَّغْيِيرِ 260 - ثمَّ اشْتِرَاكُ رَبِّنا مَعَ البَشَرْ ... في صِفَةٍ قَدْ جَاءَنا عَلَى صُوَرْ 261 - فالصُّورَةُ الأُولى غَدَتْ مَنْفِيَّةْ ... وَهِيَ الاشْتِرَاكُ في الكَيْفِيَّةْ 262 - وَلا يَجُوزُ الاشْتِرَاكُ مَعْنا ... مَتى يَكُونُ في تمَامِ المعْنى 263 - وَجَازَ الاشْتِرَاكُ في أَصْلِ الصِّفَةْ ... كَمَا أتَانا عَنْ شُيُوخِ المَعْرِفَةْ

* فصل: في صفة الحياة

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: حَيٌّ لا يَمُوتُ. 264 - وَرَبُّنا لهُ الحَيَاةُ الكَامِلَةْ ... لكُلِّ أوْصَافِ الكَمَالِ شَامِلَةْ 265 - وَلمْ تَزَلْ تلْكَ الحَيَاةُ لازِمَةْ ... لذَاتِهِ سُبْحَانَهُ أيْ دائِمَةْ 266 - فَلَمْ يزَلْ رَبُّ الوَرَى مَوْجُودا ... وَبالحَيَاةِ لمْ يزَلْ مَشْهُودَا 267 - فَليْسَ بَعْدَ مَوْتٍ اوْ وَفاةِ ... قَدْ أدْرَكَتْهُ صِفَةُ الحَيَاةِ 268 - كَذَلِكَ الحَيَاةُ لا تُفَارِقُهْ ... فالمَوْتُ جَلَّ اللهُ لا يُلاحِقُهْ 269 - فَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ أبَدَا ... وَالمَوْتُ لا يَتْرُكُ مِنَّا أحَدَا 270 - وَالمَوْتُ نفْسُ الموْتِ سَوْفَ يُذْبَحُ ... وَاللهُ يبَقَى وَحْدَهُ وَيُصْبِحُ 271 - سُبْحَانَهُ مِنْ أَوَّلٍ وَآخِرِ ... سُبْحَانَهُ مِنْ بَاطِنٍ وَظَاهِرِ

* فصل: في اتصاف الله بالقيومية

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: قيُّومٌ لا يَنَامُ. 272 - وَرَبُّنا سُبْحَانَهُ القيُّومُ ... أَيْ أنهُ بِذَاتِهِ يقُومُ 273 - وَقِيلَ قَدْ قَامَ بِهِ الوُجُودُ ... وَهُوَ مَعْنىً ثَابِتٌ مَوْجُودُ 274 - وَالمَعْنيَانِ فِيهِما أمْرَانِ ... كِلاهُمَا للوَصْفِ لازِمَانِ 275 - فَالأوَّلُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ الوَرَى ... وَفَقْرُنا إِلَيْهِ خُذْهُ الآخَرَا 276 - لِذَلِكَ القيُّومُ لا يُدْرِكُهُ ... نَوْمٌ وَمَنْ للكَوْنِ مَنْ يُمْسِكُهُ؟ 277 - وَمَنْ لهُ بالرِّزْقِ والتَّدْبيرِ ... إِنْ نامَ عنهُ اللهُ ذُو التَّقْدِيرِ؟

* فصل: في صفة الخلق وأنها لغير حاجة لله

فصلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: خَالِقٌ بلا حَاجَةٍ. 278 - وَرَبُّنا بلا مِثَالٍ سَابِقِ ... أَوْجَدَ مَا في الكَوْنِ مِنْ خَلائِقِ 279 - فهُوَ خَالِقٌ لهمْ سُبْحَانَهْ ... بغيْرِ حَاجَةٍ وَلا اسْتِعَانَةْ 280 - خَلَقَهُمْ ـ جَلَّ ـ ليَعْبُدُوهُ ... وَبالإِلهيَّةِ يُفْرِدُوهُ 281 - وَمَعَ هَذا لمْ يكُنْ مُفْتَقِرَا ... سُبْحَانَهُ إلى عِبَادَةِ الوَرَى 282 - وَهُوَ مَا احْتَاجَ إلى مُعِينِ ... فهَمَّ بالخَلْقِ وَبالتَّكْوِينِ 283 - أيَسْتَعِينُ رَبُّنا بالعَجَزَةْ ... وَهْوَ الذِي لا شَيْءَ يَوْمًا أعْجَزَهْ؟ 284 - أليْسَ رَبُّنا بقَادِرٍ على ... جَمِيع مَا في الكوْنِ جَلَّ وَعَلا؟ 285 - فلا يُقالُ خَلْقُهُ للْكَوْنِ ... قَدْ كَانَ مِنْهُ رَغْبَةً في العَوْنِ

* فصل: في صفة الرزق وما يتعلق بها

فصلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: رَازقٌ بلا مَئُونة ٍ. 286 - وَهْوَ بلا مَئُونَةٍ قدْ رَزَقَا ... سُبْحَانَهُ جَمِيعَ مَنْ قَدْ خَلَقَا 287 - فقَدْ تكَفَّلَ الإِلَهُ الرَّبُّ ... برِزْقِ كُلِّ كَائِنٍ يَدِبُّ 288 - وَالرِّزْقُ شَأْنٌ مِنْ شُئُونِهِ فَلا ... يُعْزَى لِغَيْرِ اللهِ جَلَّ وَعَلا 289 - فَلا يُسَمَّى غَيرُ رَبِّي رَازِقَا ... كمَا سِوَاهُ لا يُسَمَّى خَالِقَا 290 - بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ الأرْزَاقُ ... وَلَيْسَ دُونَهُ لنَا رَزَّاقُ 291 - قَدْ خَلَقَ الأرْزَاقَ والمُرْتزَقَةْ ... وَأَوْصَلَ الرِّزْقَ إلى مَنْ خَلَقَهْ 292 - وَهْوَ الذِي يُهيِّئُ اكْتِسَابَها ... لخَلْقِهِ بخْلْقِهِ أَسْبَابَها 293 - فَالوَاجِبُ المَفْرُوضُ أنْ تُضَافا ... إَلَيْهِ وَالشُّكْرُ لَهُ اعْتِرَافا 294 - وَالرِّزْقُ نوْعَانِ إذا مَا يُطْلَقُ ... فمُطْلَقُ الرِّزْقِ وَرِزْقٌ مُطْلَقُ 295 - فمُطْلَقُ الرِّزْق قِيَامُ الرَّازِقِ ... بِرِزْقِ كُلِّ هَذِهِ الخَلائِقِ 296 - يُوَصِّلُ اللهُ إِلَيْها كُلَّ مَا ... تحْتَاجُ في المَعَاشِ ممَّا عُلِمَا 297 - مُسَهِّلا للخَلْقِ كُلَّ سَبَبِ ... لِنَيْلِ رِزْقِهِ وَلوْ بالتَّعَبِ 298 - يُدبِّرُ الأرْزَاقُ في أجْسَامِها ... حَتَّى يُعِينَها عَلَى قِيَامِها 299 - ثمَّ إِلى الأعْضَاءِِ وَالأجْزَاءِ ... يَسُوقُ مَا تحْتاجُ مِنْ غِذاءِ 300 - وَمُطْلَقُ الرِّزْقِ بهَذا المَعْنى ... يَعُمُّ كُلَّ الخلْقِ حَتَّى الجِنَّا 301 - كَمَا يَعُمُّ البرَّ ثمَّ الفَاجِرا ... وَعَمَّ أيضًا مُسْلمًا وكافِرا 302 - كَمَا يكُونُ الرِّزْقُ للأجْسَامِ ... مِنَ الحَلالِ أَوْ مِنَ الحَرَامِ 303 - وَلايُسَمَّى مِنْ حَرَامٍ رِزْقا ... إلا بقَيْدٍ واعْتبَارٍ حقَّا 304 - وَهْوَ مَسَاقُ القُوتِ للأعْضَاءِ ... مَعَ انْتِفَاع العُضْوِ بالغِذَاءِ

305 - وَنَوْعُهُ المَخْصُوصُ رِزْقٌ مُطْلَقٌ ... يَنْفَعُ رَبُّنا بِهِ مَنْ يَرْزُقُ 306 - وَهُوَ رِزْقُ القَلْبِ بالإيمَانِ ... ثمَّ حَلالُ الرِّزْقِ للأبْدَانِ 307 - وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ هَذَينِ مَعَا ... لِطَلَبِ الرِّزْقِ إذَا اللهَ دَعَا 308 - وَذَلِكَ الرِّزْقُ المُسَمَّى المُطْلَقَا ... لَيْسَ يَخُصُّ غَيْرَ مَنْ قَدِ اتَّقَى

* فصل: في وصف الله بالإماتة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: مُمِيتٌ بلا مَخَافةٍٍ. 309 - وَرَبُّنا يُمِيتُ دُونَ خَوْفِ ... مَنْ عُمْرَهُ وَرِزْقَهُ يَسْتَوْفي 310 - فلا وَفَاةَ قَبْلَ أنْ يسْتكْمِلا ... كُلُّ امْرِئٍ رِزْقًا لهُ وَأَجَلا 311 - حَتَّى الذِي مِنَ العِبَادِ يُقتَلُ ... مَا فاتَهُ رِزْقٌ لهُ أَوْ أجَلُ 312 - وَالقَوْلُ أنَّ رزْقَهُ وَأجَلَهْ ... قَدْ قُطِعَا بقَتْلِهِ مَا أبْطَلَهْ 313 - فَرِزْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مَكْتُوبُ ... وَعُمْرُهُ أيْضًا لَهُ مَضْرُوبُ 314 - وَهُوَ لا يَمُوتُ إلا فِيما ... قُدِّرَ مِنْ وَقْتٍ لَهُ قَدِيما 315 - ثمَّ تَوَفِّي النَّفْسِ باعْتِبَارِ ... تقْدِيرِهِ أُضِيفَ ذَا للبَارِي 316 - وَبِاعْتِبَارِ قَبْضِ رُوحِ مَنْ هَلَكْ ... وَمَنْ تَوَلاهَا أُضِيفَ للمَلَكْ 317 - ثمَّ أُضِيفَ باعْتِبارِ مَنْ يَلِي ... أُمُورَهَا مِنْ بَعْدِهِ للرُسُلِ 318 - فَكُلُّ مَا في هَذِهِ الأخْبَارِ ... مِنْ نِسْبَةٍ تكُونُ بِاعْتِبَارِ 319 - فَلا اخْتِلافَ لا وَلا تعَارُضَا ... بَينَ الإضَافَاتِ وَلا تَناقُضَا

* فصل: في صفة البعث

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: بَاعِثٌ بلا مَشَقةٍ. 320 - وَيَبْعَثُ المَوْتى مِنَ القُبُورِ ... بِلا مَشَّقةٍ بِنَفْخِ الصُّورِ 321 - لمْ يعْيَ رَبُّ النَّاسِ حِينَمَا خَلَقْ ... فَكَيْفَ يَعْيَا أنْ يُعِيدَ مَا سَبَقْ؟ 322 - أمَنْ يَشُقُّ الأرْضَ بالنَبَاتِ ... يَعْجَزُ عَنْ إِعَادَةِ الأمْوَاتِ؟ 323 - ألَيْسَ مَنْ أوَّلَ مَرَّةٍ فَطَرْ ... بقَادِرٍ عَلى إعَادَةِ البَشَرْ؟ 324 - ثمَّ أَلا تَرَى المَعَادَ أَهْوَنا ... عَلَى الذِي قَدِ ابْتَدَا وَكَوَّنا؟ 325 - وَمَا الذِي يمْنَعُ هَذَا القَادِرْ ... أَنْ يبْعَثَ المَوْتَى مِنَ المَقَابِرْ؟

* فصل: في اتصافه سبحانه بصفات الكمال أزلا وأبدا

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: مَا زَالَ بصِفَاتِهِ قدِيمًا قبْلَ خَلقِهِ، لمْ يَزْدَدْ بكوْنِهمْ شَيْئًا لمْ يَكنْ قبْلهُمْ مِنْ صِفتِهِ، وَكمَا كانَ بصِفاتِهِ أزَلِيًّا، كَذَلِكَ لا يَزَالُ عَلَيْها أبَدِيًّا. 326 - مَا زَالَ قَبْلَ خلقِهِ قَدِيما ... بوَصْفِهِ الذِي غَدَا عَظِيمَا 327 - لمْ يَزْدَدِ اللهُ بخَلْقِهِ لهُمْ ... وَصْفًا وَلا اسْمًا لمْ يكُونا قبْلَهُمْ 328 - ثمَّ كمَا صِفَاتُهُ بلا ابْتِدَا ... كَذا عَلَيْها لايَزَالُ أبَدَا 329 - لا يَنْقَضِي وَصْفٌ مِنَ الصِّفَاتِ ... بَلْ إنَّهُ يَبْقَى بقَاءَ الذَّاتِ 330 - أيْ لمْ تكُنْ بعَدَمٍ مَسْبُوقَةْ ... وَبالفَنَاءِ لمْ تكُنْ مَلحُوقَةْ

* فصل: في اتصاف الله بالخلق من قبل أن يخلق

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: ليْسَ بَعْدَ خَلقِ الَخَلقِ اسْتَفَادَ اسْمَ الخَالِقِ، وَلا بإحْدَاثِ البَريَّةِ اسْتفادَ اسْمَ البَارِي. 331 - لمْ يَسْتفِدْ سُبْحَانَهُ اسْمَ الخَالِقِ ... مِنْ بَعْدِ خَلْقِ هَذِهِ الخَلائِقِ 332 - وَلا بِإِحْدَاثِ البَرَايَا مِنْ عَدَمْ ... قَدِ اسْتَفادَ لفْظَةَ البَارِي عَلَمْ

* فصل: في اتصافه بالربوبية قبل أن يوجد المربوب

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: لهُ مَعْنى الرُّبُوبيَّةِ وَلا مَرْبُوبَ، ومَعْنى الخَالِقِ وَلا مَخْلُوقَ. 333 - أمْرُ الرُّبُوبيَّةِ مِنْ صِفاتِهِ ... وَلمْ يكُنْ فِي الكَوْنِ غَيْرُ ذاتِهِ 334 - كَمَا لهُ الخَلْقُ وَلا مَخْلُوقا ... وَهَكَذَا الرِّزْقُ وَلا مَرْزُوقا

* فصل: في اتصافه بإحياء الموتى قبل إحيائهم وتعليل ذلك

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَكمَا أنهُ مُحْيي المَوْتى بعْدَ مَا أحْيَا، اسْتحَقَّ هَذا الاسْمَ قبلَ إحْيَائِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتحَقَّ اسْمَ الخَالِقِ قَبْلَ إِنشَائِهِم، ذَلكَ بأنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قدِيرٌ، وَكلُّ شيْءٍ إليهِ فقيرٌ، وَكُلُّ أمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيرٌ، لايَحْتاجُ إلى شَيْءٍ (ليسَ كمِثلِهِ شيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) . 335 - ثمَّ كمَا الإلهُ مُحْيٍ بَعْدَ مَا ... يُحْيِي الذِي بالمَوْتِ خِيلَ عَدَمَا 336 - وَمَعَ هَذا يَسْتَحِقُّ الوَصْفَا ... بذَلِكَ الفِعْل وَلمَّا يُلْفَى 337 - فهُوَ أيْضًا خَالِقٌ مِنْ قَبْلِ ... إِنْشَائِهِمْ وخَلْقِهِمْ بالفِعْلِ 338 - ذَلِكَ أنَّ رَبَّنا قَدِيرُ ... وَكُلُّ أمْرٍ عِنْدَه يَسِيرُ 339 - وَلَيْسَ رَبُّ النَّاسِ بالمُحْتَاجِ ... إلى الوَرَى وَهُمْ أُولُو احْتِيَاجِ 340 - فَهُوَ ذَاتًا بالغِنى جَدِيرُ ... وَكُلُّنا لفَضْلِهِ فَقِيرُ 341 - سُبْحَانَهُ ليْسَ لهُ نَظِيرُ ... وَهْوَ السَّمِيعُ وَهُوَ البَصِيرُ

* استدراك: على حكم الشيخ على صفات الله بالقدم

اسْتدْرَاكٌ: 342 - هَذا كَلامُ الشيْخ وهْوَ قدْ حَكَمْ ... فيهِ عَلَى صِفَاتِ ربِّي بالقِدَمْ 343 - وَهْوَ كَلامٌ مُجْمَلُ المَعَاني ... مَا جَاءَ في حَدِيثٍ أوْ قُرْآنِ 344 - وَلمْ يَقُلْ بهِ أَئِمَّةُ الهُدَى ... إِذْ وَقَفُوا عِنْدَ الذِي قدْ وَرَدَا 345 - لذا فهَذَا الحُكْمُ لنْ نقْبَلَهُ ... إلا بِتَفْصِيلٍ لمَا أجْمَلَهُ 346 - فَوَصْفُهُ صِفَاتِ رَبِّي بالقِدَمْ ... حَقٌّ بمَعْنى لمْ تَكُنْ بَعْدَ العَدَمْ 347 - أَيْ إِنْ أرَادَ أنها لمْ تخْلَقِ ... فَقَوْلُهُ قَدْ صَحَّ لا إِنْ يُطْلَقِ 348 - هَذَا وَلوْ قَالَ بوَصْفِ المَوْلى ... لَيْسَ بمَخْلُوقٍ لكَانَ أَوْلى 349 - لأنَّهُ لَيْسَ بِهِ إِجْمَالُ ... وَمَا عَليهِ يُورَدُ الإشْكَالُ 350 - وَإِنْ أرَادَ أنَّ رَبِّي في الأزَلْ ... قَدْ كَانَ مَوْصُوفًا بها وَلمْ يَزَلْ 351 - فَقَدْ غَدَا التَّفْصِيلُ فِيها وَاجِبَا ... حَتَّى يَكُونَ الحُكْمُ حُكْمًا صَائِبا 352 - فاعْلَمْ صِفَاتِ رَبِّنا العَليَّةْ ... ذَاتِيَّةً وَبَعْضُها فِعْليَّةْ 353 - أمَّا صِفَاتُ الذَّاتِ فهْيَ اللازِمَةْ ... لهُ كعِلْمٍ وَحَيَاةٍ دائِمَةْ 354 - أَوْهِيَ لا ينْفَكُّ عنهَا اللهُ ... كَالوَجْهِ أوْ مَا جَاءَ في مَعْناهُ 355 - فَهُوَ لم يَزَلْ وَلا يزَالُ ... مُتَّصِفًا بها كمَا يُقَالُ 356 - فَهَذِهِ كذَاتِهِ العَظِيمَةْ ... بِذلِكَ المَعْنى غَدَتْ قدِيمَةْ 357 - أمَّا صِفَاتُ الفِعْل حَيْثُ أطلِقَتْ ... فهْيَ بمَا يَشَاءُ رَبِّي عُلِّقَتْ 358 - فإنْ يشَأْ يفْعَلْ وَإِلا مَا فَعَلْ ... إِذَا اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ عَزَّ وَجَلْ 359 - وَتلِكَ كالخَلِقِ أو الإِحِيَاءِ ... وَالرِّزْقِ أوْ إِمَاتَةِ الأحْيَاءِ 360 - أوْ كَنُزُولِهِ إلى السَّمَاءِ ... وَكَالكَلامِ أوْ كالاسْتِوَاءِ 361 - فهَذِهِ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ ... قَدِيمَةُ الأنوَاعِ والأجْناسِ

362 - أمَّا عَنِ الأفْرَادِ وَالآحَادِ ... فَإِنها حَادِثةُ الإِيجَادِ 363 - فَاللهُ لمْ يَزَلْ وَلا يَزَالُ ... تُوجَدُ مِنْ جَنَابِهِ الأفْعَالُ 364 - أَفْعَالُهُ شيْئًا فشَيئًا تُوجَدُ ... وَإنهَا حِينًا فحِينَا تُورَدُ 365 - قُلْ لي مَتى ربِّي على العَرْش عَلا ... ثمَّ مَتى إلى السَّمَاءِ نَزَلا؟ 366 - أقبْلَ خَلْقِ العَرْشِ رَبُّنا اسْتَوَى ... عَلَيهِ أمْ هَذا ضَلالٌ وَهَوَى؟ 367 - أَرَبُّنا إلى السَّمَاءِ نازِلُ ... وَلمْ تكُنْ هَذَا كَلامٌ باطِلُ؟ 368 - فَكَيْفَ نقْضِي أنَّ ذِي الأفْعَالا ... قَدِيمةٌ كذَاتِهِ تعَالى؟ 369 - وَهَكذا نهْدَى إلى الصَّحِيحِ ... مِنْ قَوْلِهِ بذَلِكَ التَّوْضِيحِ 370 - ثمَّ اجْتِنَابُ الوَصْفِ هَذا أسْلَمُ ... وَاللهُ مِنَّا بِالصَّوَابِ أعْلَمُ

* فصل: في أن الله خلق الخلق وهو عالم بهم

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: خَلقَ الخَلقَ بعِلمِهِ. 371 - قَدْ خَلَقَ الخَلْْقَ بهمْ عَلِيمَا ... وَلمْ يزَلْ بَرًّا بهمْ رَحِيمَا 372 - وَكَيْفَ لا يَعْلَمُ مَنْ قَدْ خَلَقَا ... وَهْوَ اللَّطِيفُ والخَبيرُ مُطْلَقَا 373 - أَحَاطَ عِلْمُ رَبِّنا العَلِيِّ ... في الكَوْنِ بِالخَفِيِّ وَالجَلِيِّ 374 - سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ مَا قَدْ كَانَا ... وَمَا يَكُونُ في غَدٍ وَالآنَا 375 - حَتَّى حَدِيثُ النَّفْسِ وَالظُّنُونُ ... يَعْلَمُها مَا كَانَ أوْ يكُونُ 376 - سُبْحَانَهُ سَبَقَ فينا عِلْمُهُ ... وَفَضْلُهُ قدْ عَمَّنا وَحِلْمُهُ

* فصل: في تقدير الأقدار وضرب الآجال

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَقدَّرَ لهُمْ أقْدَارًا، وَضَرَبَ لهُمْ آجَالا. 377 - ثمَّ لنَا قَدْ قَدَّرَ الأقدَارَا ... وَضَرَبَ الآجَالَ والأعْمَارَا 378 - وَالعَبْدُ لا يَعْدُو الذِي قَدَّرَهُ ... وَلا يَفُوتُهُ الذِي سَطَّرَهُ 379 - وَمَا أصَابَ العَبْدَ مِنْ مُصَابِ ... فَهْوَ بإذْنِ اللهِ في الكِتَابِ 380 - وَهَكَذَا آجَالُنَا مَحْدُودَةْ ... كذَلِكُمْ أنْفَاسُنا مَعْدُودَةْ 381 - فَإِنْ أتَى الأجَلُ لا شَفَاعَةْ ... وَلمْ يُؤَخَّرْ أَوْ يُقَدَّمْ سَاعَةْ 382 - وَمَا أَتى مِنِ ازْدِيَادِ العُمْرِ ... بِصِلَةِ الأرْحَامِ ثمَّ البرِّ 383 - فَقِيلَ قَدْ كنَّى بِهِ عَنْ بَرَكَةْ ... في العُمْرِ أَوْ ذُرِّيَّةٍ مُبَارَكَةْ 384 - وَقِيلَ يبْقَى ذِكْرُهُ الجَمِيلُ ... فِيهمْ كَأنَّ عُمْرَهُ طَوِيلُ 385 - وَقِيلَ طُولُ العُمْرِ هَذَا يُعْتبَرْ ... حَقِيقَةً وَلا مَجَازَ في الخَبَرْ 386 - فَالعُمْرُ في اللَّوْحِ الذِي قدْ سُلِّمَا ... لِقَابِضِ الأرْوَاحِ لَيْسَ مُبْرَمَا 387 - وَإِنمَا مُعَلَّقٌ كَمَنْ يُطِعْ ... فَعُمْرُهُ كَذَا وَإِلا قَدْ قُطِعْ 388 - وَالعُمْرُ في عِلْمِ الإلَهِ أُبْرِمَا ... لِعِلْمِهِ بمَا يكُونُ مِنْهُمَا 389 - فالعُمْرُ في القُرْآن للمَقْطُوعِ بِهْ ... وَفي الحَدِيثِ للمُعَلَّقِ انْتَبهْ 390 - وَقِيلَ بَلْ رَبِّي ابْتدَاءً طَوَّلا ... عُمْرَ الذِي يَعْلَمُهُ قَدْ وَصَلا 391 - وَجَاءَتِ الدَّعْوَةُ في الحَدِيثِ ... كَدَافِعٍ وَبَاعِثٍ حَثيثِ 392 - ألا تَرَاهُ نَاهِيًا وآمِرَا ... مَعْ أنَّهُ قَدْ حَدَّدَ المَصَائِرَا 393 - إِذَنْ فلا زيَادَةٌ في الأجَلِ ... عَنِ الذِي قَدَّرَهُ في الأَزَلِ 394 - وَهَكَذَا فلا اخْتِلافَ الآنا ... وَالنَّصُّ لا يُعَارِضُ القُرْآنا

* فصل: في شمول علمه سبحانه وتعالى

فَصْلٌ: في نَظْمِ قَوْلِهِ: وَلمْ يَخْفَ عليهِ شَيْء قَبْلَ أنْ يخْلُقَهُمْ، وَعَلِمَ مَا هُمْ عَامِلونَ قبْلَ أنْ يَخْلقهُمْ، وَأمَرَهُمْ بطاعَتِهِ، ونهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. 395 - وَاللهُ لا شَيْءَ عَليْهِ يخْفَى ... مِنْ قَبْلِ أَنْ نخْلَقَ أَوْ أَنْ نُلْفَى 396 - يَعْلَمُ مَا العِبَادُ عَامِلُوهُ ... وَكَيْفَ هَؤُلاءِ فاعِلُوهُ 397 - بَلْ كُلُّ أَمْرٍ لمْ يكُنْ لوْ كَانا ... يَعْلَمُهُ وَالوَقْتَ وَالمَكَانا 398 - يَعْلَمُ مَنْ يكُونُ فينا صَالِحَا ... وَمَنْ يكُونُ في العِبَادِ طالِحَا 399 - وَمَنْ يكُونُ مُؤْمِنًا أوْ كافِرَا ... وَالبَرَّ أوْ مَنْ كَانَ يَوْمًا فَاجِرا 400 - وَيَعْلمُ الأقوَالَ والأفعَالا ... وَيَعْلَمُ الأرْزَاقَ والآجَالا 401 - يَعْلَمُ كُلَّ أمْرِنا قَدِيما ... إِذْ لمْ يزَلْ إِلهُنا عَلِيما 402 - وَرَغْمَ ذا بِطَاعَةٍ قدْ أمَرَا ... وَعَنْ مَعَاصِيهِ العِبَادَ زَجَرَا 403 - فَمَنْ يَكُنْ أطَاعَ رَبِّي وَعَدَهْ ... خَيْرًا وَمَنْ عَصَى فَقَدْ توَعَّدَهْ

* فصل: في أن ما شاء الله كان وأن ما لم يشأ لم يكن

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْري بتقْدِيرهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَشِيئَتُهُ تنفُذُ، لا مَشِيئةَ للعِبَادِ إلا مَا شَاءَ لهُمْ، فمَا شَاءَ لهُمْ كَانَ، وَمَا لمْ يَشَأْ لمْ يَكُنْ. 404 - وَكُلُّ شَيْءٍ بالقَضَاءِ والقَدَرْ ... يَجْرِي لمَا غَدَا لَهُ مِنْ مُسْتَقَرّْ 405 - لا تخْرُجُ الأشْيَاءُ عَنْ تَقْدِيرِهِ ... وَلا تكُونُ بِسِوَى تدْبيرِهِ 406 - مَا شَاءَ رَبِّي نَافِذٌ وَوَاقِعْ ... لَيْسَ لَهُ مِنْ مَانِعٍ أوْ دَافِعْ 407 - وَلمْ يقَعْ مَا شَاءَهُ عَبِيدُهْ ... مَا لمْ يَكُنْ سُبْحَانَهُ يُرِيدُهْ 408 - فَمَا يشَأْ لهُمْ يَكُنْ وَمَا لا ... يَشَأْ يَكُنْ وُقُوعُهُ مُحَالا

* فصل: في مسألة الهدى والضلال

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: يَهْدِي مَنْ يشَاءُ وَيعْصِمُ وَيُعَافِي فضَلا، وَيُضِلُّ مَنْ يشَاءُ وَيَخْذُلُ وَيبْتلِي عَدْلا، وَكلهُمْ يَتقَلَّبُونَ فِي مَشِيئتِهِ بَيْنَ فضْلِهِ وَعَدْلِهِ. 409 - وَرَبُّنا يَهْدِي إلى الإيمَانِ ... بِفَضْلِهِ مَنْ شَاءَ مِنْ إنْسَانِ 410 - يَعْصِمُهُمْ سُبْحَانَهُ برَحْمَتِهْ ... مِنَ الوُقُوعِ في مُحِيطِ نِقْمَتِهْ 411 - كَمَا يُعَافي اللهُ مَنْ قدْ أخْلَصا ... مِنْ أنْ يَكُونَ بَيْنَنا مِمَّنْ عَصَى 412 - وَمَنْ يُقارِفْ مِنْهُمُ الذُّنُوبا ... وَفَّقَهُ اللهُ لِكَيْ يَتُوبا 413 - وَهُمْ بفَضْلِ اللهِ مَا أَوْلاهُمْ ... أنْ يَذْكُرُوا ويَشْكُرُوا مَوْلاهُمْ 414 - وَهْوَ بفَضْلِهِ عَلى مَنْ آمَنا ... قَدِ اسْتَحَقَّ الشُّكْرَ مِنهُمْ وَالثَّنا 415 - كَمَا يُضِلُّ اللهُ عَنْ نهْجِ الهُدَى ... بِعَدْلِهِ مَنْ شَاءَ أهْلا للرَّدَى 416 - يُسْلِمُهُمْ رَبِّي إلى الشَّيْطانِ ... وَيبْتَلِيهِمْ منهُ بالعِصْيَانِ 417 - ثمَّ إلى أنْفُسِهِمْ يَكِِلُهُمْ ... فَلا يُوفَّقُونَ بَلْ يخْذُلهُمْ 418 - وَرَبُّنا حَيْثُ يُضِلُّ العَبْدَا ... لحِكْمَةٍ قَدِ اسْتَحَقَّ الحَمْدَا 419 - وَرَبُّنا إنْ شَاءَ عَدْلا حَوَّلا ... إلى الضَّلالِ مَنْ هَدَاهُ أوَّلا 420 - وَرُبَّمَا يَمُنُّ بالهِدَايَةِ ... فَضْلا على مَنْ ضلَّ في البِدايَةِ 421 - وَهَكَذا يُقلِّبُ العِبَادَا ... رَبُّكَ كَيْفَ شَاءَ أوْ أرَادَا 422 - فيَتقَلَّبُونَ في مَشِيئَتِهْ ... مَا بَيْنَ رَحْمَةٍ له وَحِكْمَتِهْ 423 - وَمَا لعَبْدٍ مُطْلَقًا أنْ يَخْرُجَا ... عَنْ تِلْكَ بَلْ يكُونُ فِيهَا مُدْرَجَا

* فصل: في تنزيه الله تعالى عن الأضداد والأنداد

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُتعَالٍ عَنِ الأضْدَادِ والأندَادِ، لا رَادَّ لِقضَائِهِ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، ولا غَالِبَ لأمْرِهِ. 424 - وَاللهُ لا ضِدَّ لهُ يُناوِئُهْ ... أمْرًا وَلا نِدَّ لهُ يُكافِئُهْ 425 - بَلْ جَلَّ رَبُّنا عَنِ الأنْدَادِ ... كَمَا تَنَزَّهَ عَنِ الأضْدَادِ 426 - قَضَاءُ رَبِّي لا يُرَدُّ مَاضِي ... وَلا مُعَقِّبَ لحُكْمِ القَاضِي 427 - وَأَمْرُهُ الكَوْنيُّ لا غَالِبَ لهْ ... مَنْ ردَّ يومًا أمْرَهُ أوْ أبْطَلَهْ؟ 428 - سُبْحَانَهُ إذَا قَضَى أَوْ كَتَبَا ... أَمْرًا فإنَّهُ عَلَيْهِ غَلَبَا

* فصل: في إيماننا بكل ما سبق وثباتنا عليه

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: آمَنا بذلِكَ كلهِ، وَأيْقنا أنَّ كلا مِنْ عِنْدِهِ. 429 - بِكُلِّ هَذَا نحْنُ قدْ آمَنَّا ... وَأَنَّ كُلا مِنْهُ قدْ أيْقنَّا 430 - قَدِ اعْتَقَدْنَاهُ اعْتِقَادًا جَازِمَا ... وَقَرَّ فى النَّفْسِ قَرَارًا لازِمَا 431 - وَمَا لنَا إنْ طَالتِ الآجَالُ ... عَنْهُ تحَوُّلٌ وَلا انْتِقَالُ

* فصل: في اصطفاء النبي واجتبائه

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ المُصْطَفَى، وَنبيُّهُ المُجْتبَى، وَرَسُولُهُ المُرْتضَى، وَأَنهُ خَاتمُ الأنبيَاء ِ، وَإمَامُ الأتقِيَاءِ، وَسَيِّدُ المُرْسَلِينَ، وَحَبِيبُ رَبِّ العَالمِينَ، صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ. 432 - وَأَنَّ خَيْرَ خَلْقِهِ مُحمَّدَا ... قَدْ جَاءَنَا بِالبَيِّناتِ وَالهُدَى 433 - وَأنَّهُ عَبْدُ الإِلَهِ المُصْطَفَى ... مِنَ الخِيَارِ نَسَبًا وَشَرَفا 434 - وَأنَّهُ هُوَ النَّبيُّ المُجْتَبَى ... مِنَ العِبَادِ عَجَمًا وَعَرَبا 435 - وَأنَّهُ هُوَ الرَّسُولُ المُرْتَضَى ... لخَتْمِ مَا مِنَ الرِّسَالاتِ مَضَى 436 - وَأنِّهُ إمَامُ مَنْ قَدِ اتَّقَى ... ثمَّ خِتَامُ الأنْبيَاءِ مُطْلَقَا 437 - وَأنَّهُ سَيِّدُ كُلِّ مُرْسَلِ ... وَخَيْرُ كُلِّ آخِرٍ وَأَوَّلِ 438 - وَهْوَ حَبيبُ رَبِّهِ وَالأَوْلى ... مِنْ ذَاكَ قوْلُنا خَلِيلُ المَوْلى 439 - قَدْ جَمَعَ الخُّلَّةَ وَالتَّكْلِيمَا ... أَيْ مَا لَدَى مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَا

* فرع: في بيان مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله

فرْعٌ: في بَيَان مُقتضَى شَهَادَةِ: أنَّ مُحَمَّدًا صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ. 440 - وَمُقْتَضَى (مُحَمَّدٌ رَسُولْ) ... تصْدِيقُهُ في كُلِّ مَا يقُولْ 441 - وَأَنْ نطِيعَ الأمْرَ يَا أُولي النُّهَى ... مَعَ اجْتِنَابِ كُلِّ مَا عَنْهُ نهَى 442 - أَنْ نعبُدَ الإِلَهَ بالذِي شَرَعْ ... لنا مِنَ الدِّينِ وَليْسَ بالبِدَعْ 443 - وَأَنْ نحِبَّ دِينَهُ وَصَحْبَهُ ... وَالسَّالِكِينَ نهْجَهُ وَدَرْبَهُ 444 - فهَاكَهَا أرْكانًا اوْ أُصُولا ... للمُرْتضِي مُحَمَّدًا رَسُولا 445 - وَمَنْ يُضَيِّعْها فمَا ارْتضَاهُ ... لأنَّهُ خَالَفَ مُقْتَضَاهُ

* فرع: فيما فرضه الله تعالى للنبي

فرعٌ: فِيمَا فرَضَهُ اللهُ عَلينا للنَّبيِّ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلمَ. 446 - وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا لهُ قَضَى ... مِنَ الحُقُوقِ فَوْقَ هَذا المقْتَضَى 447 - دَعَا إلى الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيمِ ... عَلَيْهِ في قُرْآنِهِ الحَكِيمِ 448 - وَأَوْجَبَ التَّأْيِيدَ وَالتَّعْزِيرَا ... بِنَصْرِهِ وَأوْجَبَ التَّوْقِيرَا 449 - وَقدْ قَضَى لهُ بالاحْتِرَامِ ... حِينَ نُنَادِيهِ مَعَ الإكْرَامِ 450 - وَكَيْفَ لا وَرَبُّنا قَدْ أكْرَمَهْ ... عِنْدَ الخِطَابِ دُونَ مَنْ تقَدَّمَهْ؟ 451 - وَلمْ يكُنْ إلا لَهُ يَقُولُ ... يَا أيُّها النَّبيُّ وَالرَّسُولُ 452 - وَمَا أبَاحَ اللهُ أنْ نُقَدِّمَا ... بَيْنَ يدَيْهِ القَوْلَ إنْ تكَلَّمَا 453 - وَذِكْرُهُ رَبُّ الوَرَى قدْ رَفَعَهْ ... فأيْنَ يُذْكرْ رَبُّنا يُذْكَرْ مَعَهْ 454 - فلا تَصِحُّ خُطْبَةُ الخَطِيبِ ... بِدُونِ ذِكْرِ المُصْطَفَى الحَبِيبِ 455 - وَلا يَجُوزُ عِنْدَنا أَذَانُ ... لَيْسَ بهِ نَبِيُّنا العَدْنانُ 456 - بَلْ حَرَّمَ اللهُ لهُ لحُرْمَتِهْ ... بَعْضَ الذِي أبَاحَهُ فِي أُمَّتِهْ 457 - فَاللهُ لمْ يجْعَلْ لنا نِكَاحَا ... أزْوَاجِهِ مِنْ بَعْدِهِ مُبَاحَا

* فرع: في حكم من يعتقد أنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى

فرْعٌ: في حُكمِ مَنْ يَعْتقِدُ أنهُ يَسَعُهُ الخُرُوجَ عَنْ شَريعَتِهِ كمَا وَسِعَ الخَضِرُ الخُرُوجَ عن شَريعَةِ مَوسى. 458 - اِعْلَمْ بأنَّ الحَقَّ أنْ نتَّبِعَا ... نَبيَّنا فيمَا لَنا قَدْ شُرِعَا 459 - وَأنَّهُ لمْ يَجُزِ ابْتِدَاعُ ... أَمْرٍ بِهِ لمْ يَرِدِ السَّمَاعُ 460 - وَلا يَصِحُّ إنْ أتانا النَّصُّ ... تَغْيِيرٌ اوْ زِيَادَةٌ أوْ نَقْصُ 461 - بَلْ نكْتَفِي بذَلِكَ المَشْرُوعِ ... سِيَّانِ في الأصُولِ وَالفُرُوعِ 462 - وَمَا لنَا لا نكْتَفِي بالوَارِدِ ... عَنِ النَّبيِّ دُونَ هَذَا الزَّائِدِ 463 - وَكُلُّ ما لَيْسَ عَلَيهِ عَمَلُ ... نَبيِّنا فَإنَّهُ لا يُقْبلُ؟ 464 - سُبْحَانَ رَبِّي إنْ يكُنْ مَنْ يبْتَدِعْ ... عَمَلُهُ وَسَعْيُهُ لا يرْتَفِعْ 465 - فَكَيْفَ أمْرُ مَنْ رَأى أَنْ يَسَعَهْ ... أنْ يَعْبَدَ اللهَ ولا يتَّبِعَهْ؟ 466 - أَوْ مَنْ يقُولُ أنَّهُ إذا خَرَجْ ... عَنْ شَرْعِهِ فمَا عَلَيْهِ مِنْ حَرَجْ 467 - أَوْ أنَّهُ مَعَ النَّبيِّ المُصْطَفَى ... كَالخِضْرِ مَعْ مُوسَى بعِلْمِهِ اكْتَفَى 468 - أَيْ لم يَعُدْ هَذا إلى مِنهَاجِ ... نَبِيِّنا المَعْصُومِ ذَا احْتِيَاجِ 469 - فَاللهُ قَدْ آتَاهُ مِنْ لَدُنْهُ ... عِلْمًا بهِ صَارَ غَنِيًّا عَنْهُ 470 - أَوْ قالَ عِلْمُ الشَّرْعِ عِلْمُ الظَّاهِرِ ... وَإنَّني أحْتَاجُ للسَّرَائِرِ 471 - أَوْ قالَ عِلْمُ المُصْطَفى مَحْدُودُ ... وَعِلْمُنا ليْسَ لهُ حُدُودُ 472 - أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ... أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلانِ 473 - يَا قَوْمُ يا نخَالَةَ الرِّجَالِ ... يَا مَنْبَعَ الفِتْنةِ وَالضَّلالِ 474 - مَنْ بالنَّبيِّ مَا لَهُ اهْتِدَاءُ ... أَوْ مَا لَهُ بالمُصْطَفى اقْتِدَاءُ؟ 475 - وَمَنْ يكُونُ ذا غِنىً عَنْ شِرْعَتِهْ ... أَوْ لمْ يكُنْ بحَاجَةٍ لسُنَّتِهْ؟

476 - ألمْ يُغَلِّقْ رَبُّنَا الأبْوَابَا ... جَمِيعَها إِلَيْهِ إلا بَابا؟ 477 - وَهُوَ بَابُ المُصْطَفَى لَنْ يُفْتَحَا ... سِوَاهُ للإنْسَانِ مَهْمَا اسْتَفْتَحَا 478 - بَلْ مَا سِوَى سَبيلِهِ سَبيلُ ... وَمَا لنَا خِلافَهُ دَلِيلُ 479 - وَلا طَرِيقَةٌ سِوَى طَريقَتِهْ ... وَلا حَقِيقَةٌ سِوَى حَقِيقَتِهْ 480 - بَلْ ليْسَ بيْنَ الكفْر وَالإسْلامِ ... إلا اتِّبَاعُ سَيِّدِ الأنَامِ 481 - فَمَنْ رَأى مَا قدْ ذكَرْتُ سَابقا ... يَكُنْ لدِينِ المُصْطَفَى مُفَارِقا 482 - وَمَنْ رَآهُ جَائِزًا لغيْرِهِ ... فَلا أشُكُّ مُطْلَقًا فِي كُفْرِهِ

* فرع: في دحض حجتهم بخروج الخضر عن شريعة موسى

فرْعٌ: في دَحْضِ حُجَّتِهمْ بخُرُوج الخَضِرِ عَنْ شَرِيعَةِ مُوسَى. 483 - وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنَا مَا أرْسَلا ... مُوسَى إلى الخِضْرِ نَبيًّا مُرْسَلا 484 - وَالخِضْرُ لم يُؤْمَرْ بأنْ يُطِيعَهْ ... فَلَمْ تكُنْ تلزَمُهُ الشَّرِيعَةْ 485 - أمَّا نَبِيُّنا فإنَّ الطَّاعَةْ ... تلْزَمُ مَنْ أسْلَمَ حتَّى السَّاعَةْ 486 - فَإنَّ رَبَّ العَالمِينَ فضَّلَهْ ... بِأنَّهُ للثَّقَلَيْنِ أَرْسَلَهْ 487 - وَلا نبيَّ بَعْدَهُ حَيْثُ انْتَظَمْ ... بِالمُصْطَفَى عِقْدُ النَّبِيِّينَ وَتمْ 488 - نَبيُّنا للمُرْسَلِينَ خَاتمَةْ ... لَكِنَّهُ في فضْلِهِ مُقدِّمَةْ 489 - وَشرْعُهُ قدْ نسَخَ الشَّرَائِعَا ... فَلا تكُنْ لِغَيْرِهِ مُتابِعَا 490 - لَوْ كَانَ مُوسَى حَاضِرًا في عَهْدِهِ ... لَكَانَ مِنْ أتبَاعِهِ وَجُنْدِهِ 491 - بَلْ إنَّ عِيسَى عَقِبَ النُّزُولِ ... يَدْعُو إلى شَرِيعَةِ الرَّسُولِ 492 - فيَترُكُ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلا ... وَيتبَعُ السُّنةَ وَالتَّنْزِيلا 493 - فَهَلْ يَجُوزُ بَعْدَ هَذا أنْ نَدَعْ ... نَبيَّنا وَنَتْبَعَ الذِي ابْتَدَعْ؟ 494 - أَقْسَمْتُ بالإِلَهِ أنْ لنْ نتْرُكَا ... نهْجَ النَّبيِّ المُصْطَفَى أَوْ نهْلِكَا

* فصل: في حكم من ادعى النبوة بعده وعموم بعثته للإنس والجن

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَكُلُّ دَعْوَى النُّبُوَّةِ بَعَدَهُ ـ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ فَغَيٌّ وَهَوَى، وَهُوَ المَبْعُوثُ إلى عَامَّةِ الجنِّ وَكافَّةِ الوَرَى، بالحَقِّ وَالهُدَى، وَبالنُّور وَالضِّيَاءِ. 495 - مَنِ ادَّعَى نُبُوَّة مِنْ بَعْدِهِ ... فذَاكَ غَيٌّ وَهَوىً مِنْ عِنْدِهِ 496 - وَاحْكُمْ عَلَيْهِ أنَّهُ قدْ كَفَرَا ... وَكُلِّ مَنْ صَدَّقَهُ فِيمَا افْتَرَى 497 - وَهْوَ الذِي إلى جَمِيعِ الخَلْقِ ... بُعِثَ بالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ 498 - قَدْ جَاءَ بالنُّورِ وبالضِّيَاءِ ... للإنْسِ وَالجِنِّ عَلَى السَّوَاء 499 - أمَا تلاشَى عَنْهُمُ الظَّلامُ ... لمَّا بَدَا في الأُفُقِ الإِسْلامُ؟

* فصل: في أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَإنَّ القُرْآنَ كلامُ اللهِ، مِنْهُ بَدَأ بلا كيْفِيَّةٍ قَوْلا، وَأنزَلهُ على رَسُولِهِ وَحْيًا، وَصَدَّقهُ المُؤْمِنونَ على ذلِكَ حَقًّا، وَأيْقنوا أنهُ كلامُ اللهِ تعَالى بالحَقِيقةِ، لْيَس بمَخْلوقٍ كَكَلام البَريَّةِ، فمَنْ سَمِعَهُ فزَعَمَ أنهُ كلامُ البَشَرِ فقدْ كَفَرَ، وَقدْ ذمَّهُ اللهُ وَعَابَهُ وَأوْعَدَهُ بسَقَرَ، حَيْثُ قالَ تعَالى: (سُأصْلِيهِ سَقَرَ) فلمَّا أوْعَدَ اللهُ بسَقرَ لمَنْ قالَ: (إنْ هَذا إلا قولُ البَشَرِ) عَلِمْنا وَأيْقنَّا أنهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ، وَلا يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ. 500 - وَالقَوْلُ في قُرْآنِهِ المَتْلُوِّ ... بِأنَّهُ كَلامُ ذِي العُلُوِّ 501 - أَوْدَعَهُ في لَوْحِهِ مَحْفُوظَا ... ثمَّ تكَلَّمَ بِهِ مَلفُوظَا 502 - وَاللهُ بالكَلامِ لا يَزَالُ ... مُتَّصِفًا هَذا هُوَ الكَمَالُ 503 - فَلَمْ يَزَلْ رَبِّي يَقُولُ الحَقَّا ... إِذا يَشَاءُ ويُنادِي الخَلْقَا 504 - مُوسَى ألمْ نُسَمِّهِ الكَلِيمَا ... إِذْ رَبُّنا كَلَّمَهُ تكْلِيمَا؟ 505 - أَمَا اصْطَفَاهُ اللهُ بِالكَلامِ ... وَبالرِّسَالاتِ عَلى الأنَامِ؟ 506 - أمَا يُنادِي اللهُ في القِيَامَةْ ... جَهْرًا فيَسْمَعُ الوَرَى كَلامَهْ؟ 507 - وَهَكَذا كَلامُهُ تعَلَّقَا ... بمَا يَشَاءُ أوْ أرَادَ مُطْلَقَا 508 - فهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ الفِعْلِيَّةْ ... مَتى اقْتَضَتْهُ الحِكْمَةُ العَلِيَّةْ 509 - لذَا رَآهُ أَهْلُ الاعْتِقَادِ ... قَدِيمَ نَوْعٍ حَادِثَ الآحَادِ 510 - وَهَكَذَا نقُولُ في كِتَابِنا ... حَرْفًا وَصَوْتًا ذا كَلامُ رَبِّنَا 511 - مِنْهُ ابْتَدَا قَوْلا بِلا كَيْفيَّةِ ... نعْلَمُها عَنْ خَالِقِ البَرِيَّةِ 512 - أنزَلَهُ وَحْيًا عَلَى الرَّسُولِ ... مُنجَّمًا مُفَرَّقَ النُّزُولِ

513 - ليْسَ بمَخْلُوقٍ كأقْوَالِ الوَرَى ... وَمَنْ يُشبِّهْهُ بقَوْلِنا افْتَرَى 514 - مَنْ قَالَ هَذا القَوْلَ أوْ قَدْ أوْرَدَهْ ... فَاللهُ ذَمَّهُ بِهِ وَأوْعَدَهْ 515 - قالَ الوَلِيدُ إنَّهُ قَوْلُ البَشَرْ ... فَقَالَ رَبُّنا سَأُصْلِيهِ سَقَرْ 516 - وَمِنْ هُنا نعْلَمُ لا مَحَالَةْ ... بأنَّهُ كَلامُ ذِي الجَلالَةْ 517 - وَأنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلِ البَشَرِ ... كَمَا نَفاهُ رَبُّنا في الخَبَرِ 518 - ألمْ يَقُلْ بذَلِكَ الوَلِيدُ ... فجَاءَهُ مِنْ رَبِّنا الوَعِيدُ؟ 519 - بَلْ هُوَ حتَّى بمُجَرَدِ النَّظَرْ ... لَيْسَ مُشَابهًا لأقْوَالِ البَشَرْ 520 - في الشَّكْلِ وَالألفَاظِ والمَعَاني ... وَالنَّظْمِ وَالتَّأثِيرِ في الوُجْدَانِ 521 - في الصِّدْق فيمَا فِيهِ مِنْ أخْبَار ... وَكَيْفَ لا وَهْوَ كَلامُ البَارِي 522 - هُوَ إِذَنْ بالنَّصِّ ثمَّ بالنَّظَرْ ... كَلامُ رَبِّ النَّاسِ لا قَوْلُ البَشَرْ 523 - فَمَنْ رَأَى القُرْآنَ مِنْ قَوْلِ البَشَرْ ... أَوْ قَدْ رَأى القُرْآنَ مَخْلُوقًا كَفَرْ

* استدراك: في أن نفي الخلق عن القرآن لا يعني قدمه

اسْتِدْرَاكٌ: 524 - وَنَفْيُنا الخَلْقَ عَنِ القُرْآنِ ... لمْ ينْفِ عَنْهُ الوَصْفَ بالحِدْثَانِ 525 - جِنْسُ كَلامِ رَبِّنا العَظِيمِ ... هُوَ الذِي يُوصَفُ بالقَدِيمِ 526 - وَلَكِنِ الآحَادُ كالقُرْآنِ ... مُحْدَثةٌ بالنَّصِّ وَالبُرْهَانِ 527 - فَاللهُ بالقرْآن مَا تكَلَّمَا ... إلا لَدَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَا 528 - ثمَّ أَلا يَكْفِيكَ دُونَ نُكْرِ ... وَصْفٌ لهُ بمُحْدَثٍ في الذِّكْرِ 529 - فَإِنْ تقُلْ أَليْسَ في اللوْحِ حُفِظْ؟ ... قُلْتُ كِتابَةً وَلمْ يَكُنْ لُفِظْ 530 - وَاللَّوْحُ مَخْلوقٌ وَمَا قَدْ سُطِّرَا ... فِيهِ فَبِالعِلْمِ القَدِيمِ قَدْ جَرَى

* فصل: في أن صفات الله ليست كصفات البشر

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بمَعْنىً مِنْ مَعَانِي البَشَر فقدْ كَفَرَ، فمَنْ أبْصَرَ هَذا اعْتبَرَ، وَعَنْ مِثْلِ قوْلِ الكُفَّارِ انزَجَرَ، وَعَلِمَ أنَّهُ بصِفاتِهِ ليْسَ كالبَشَرِ. 531 - وَمَنْ يَصَِفْ رَبِّي بمَعنىً للبَشَرْ ... فإنَّهُ يكُونُ مِمَّنْ قدْ كَفَرْ 532 - أوْ مَنْ يكُنْ مُمَثِّلا لرَبِّهِ ... بخَلْقِهِ فهُوَ كَافِرٌ بِهِ 533 - فاللهُ رَبِّي لمْ يَكُنْ كَمِثْلِهِ ... شَيْءٌ بوَصْفِهِ وَلا بفِعْلِهِ 534 - فَمَنْ يَكُنْ أبْصَرَ هَذا اعتبَرَا ... وَعَنْ كَلامِ الكَافِرينَ انْزَجَرَا 535 - وَلمْ يَخُضْ مِنْ بَعْدُ في التَّشْبِيهِ ... بَلْ يُثْبِتُ الوَصْفَ مَعَ التَّنْزِيهِ 536 - أَثْبِتْ لرَبِّي كُلَّ وَصْفٍ قدْ أتى ... عَنْهُ وَعَنْ نَبيِّنا إِنْ ثَبَتَا 537 - وَلا تكُنْ مُحَرِّفًا مُعَطِّلا ... وَلا مُكَيِّفًا وَلا مُمَثِّلا 538 - بَلْ مُرَّهَا صَرِيحَةً ولْترْتضِي ... في اللهِ مَا هَذِي الصِّفاتُ تقْتَضِي 539 - لاتخْشَ مِنْ تجْسِيمٍ اوْ تشْبيهِ ... وَأنْتَ ترْوِي مَا أتَاكَ فِيهِ 540 - فَرَبُّنا بمَا يَجُوزُ فيهِ ... أدْرَى مِنَ المُؤَوِّلِ السَّفِيهِ 541 - وَقُلْ كَلامُنا الذِي في الذَّات ... هُوَ دَلِيلُ القوْلِ في الصِّفَاتِ 542 - صِفَاتُهُ لا تُشْبِهُ الصِّفاتِ ... كَذَاتِهِ لا تُشْبِهُ الذَوَاتِ 543 - وَهَكَذا أفعَالُهُ تَعَالى ... كَذَاتِهِ لا تُشْبِهُ الأفْعَالا 544 - وَالقَوْلُ في بَعْضِ الصِّفَاتِ يُعْتبَرْ ... كَالقَوْلِ في بَعْضٍ كَعِلْمٍ وَبَصَرْ 545 - فَكُلُّ مُثْبِتٍ لِوَصْفٍ يلزَمُهْ ... أَنْ يُثْبِتَ البَاقيَ فِيمَا نَعْلَمُهْ 546 - وَمَا الذِي يَمْنعُ مِنْ إثبَاتِ ... وَصْفَ الرِّضَا يا مُثْبِتَ الحَيَاةِ؟ 547 - وَلا يَلِيقُ بامْرِئٍ أنْ ينْفِي ... وَصْفا لرَبِّي مُثْبِتًا لِوَصْفِ

548 - فمَا لأجْلِهِ نفَى وَفَرَّا ... مِنْهُ يُرَى بمَا بهِ أَقَرَّا 549 - وَاعْلَمْ بأنَّنا عَلى خِلافِ ... مَا فَرَّ مِنْهُ وَادَّعَاهُ النَّافِي 550 - فمَا لَدَى النُّفَاةِ والمُعَطِّلَةْ ... في النَّفْيِ إلا شُبَهٌ وَأخْيَلَةْ 551 - وَنحْنُ في الإِثْبَاتِ ما شبَّهْنا ... رَبَّ الوَرَى بالخَلْق بلْ نزَّهْنا 552 - فَليْسَ في الإِثْبَاتِ مِنْ تَشْبِيهِ ... كَمَا ادَّعَى فِيهِ أُولُو التَّمْوِيهِ

* فصل: في رؤية أهل الجنة لربهم بغير إحاطة

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَالرُّؤْيَةُ حَقٌّ لأهْلِ الجنَّةِ، بغَيْر إحَاطةٍ وَلا كيْفِيَّةٍ، كَمَا نطقَ بِهِ كِتَابُ رَبِّنا: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وَتفْسِيرُهُ على مَا أرَادَهُ اللهُ تعَالى وَعَلِمَهُ، وَكلُّ مَا جَاءَ في ذلِكَ مِنَ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَعْناهُ على مَا أرَادَ، لا نَدْخُلُ في ذلِكَ مُتأوِّلِينَ بآرَائِنا، وَلا مُتوَهِّمِينَ بأهْوَائِنا، فإنهُ مَا سَلِمَ في دينِهِ إلا مَنْ سَلَّمَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، وَرَدَّ عِلمَ مَا اشْتبَهَ عَلَيهِ إلى عَالِمِهِ. 553 - وَرُؤْيَةُ اللهِ لأهْلِ الجَنَّةْ ... جَاءَتْ بها الآيَاتُ ثمَّ السُّنَّةْ 554 - فَلا يَجُوزُ مُطْلَقًا إنكَارُها ... مِنْ بَعْدِ مَا صَحَّتْ لنا أَخْبَارُها 555 - لَكِنْ إِحَاطَةٌ بهِ مَنْفيَّةْ ... وَهَكَذَا التَّشْبيهُ وَالكيْفيَّةْ 556 - ألمْ يقُلْ إنَّ وُجُوهًا ناضِرَةْ ... لوَجْهِ رَبِّها تكُونُ ناظِرَةْ؟ 557 - رُؤْيَةُ حَقٍّ لا نُضَامُ فيها ... كَالشَّمْسِ لا سَحَابةٌ تخْفِيها 558 - تَشْبِيهُ رُؤْيَةٍ برُؤْيَةٍ فقَطْ ... لا أنَّهُ كالشَّمْسِ فاحْذَرِ الغَلَطْ 559 - هَذا الذِي أرَادَهُ النَّبيُّ ... لا مِثْل مَا يَفْهَمُهُ الغَبيُّ 560 - ظنُّوهُ تَشْبِيهًا لمَرْئِيَّينِ ... فأنْكَرُوا رُؤْيَتَهُ بالعَيْنِ 561 - وَأوَّلُوا النَّظَرَ بانْتِظَارِ ... ثوَابِهِ لا رُؤْيَةِ الأنْظَارِ 562 - يَا رَبِّ فاحْرِمْهُمْ مِنَ النَّعِيمِ ... وَلْيُحْجَبُوا عَنْ وَجْهِكَ الكَرِيمِ 563 - وَكُلُّ ما أتى بهَذِي الرُّؤْيةِ ... مِنْ خَبَرٍ صَحَّ بها أَوْ آيَةِ 564 - فَهْوَ كَمَا رَبُّ الوَرَى يَقُولُ ... وَهْوَ كمَا يَقُولُهُ الرَّسُولُ 565 - تَفْسِيرُهُ يَكُونُ أوْ مَعْنَاهُ ... عَلَى الذِي أرَادَهُ الإِلَهُ

566 - وَنحْنُ لا ندْخُلُ فيمَا قالا ... مُعَطِّلِينَ وَصْفهُ تعَالى 567 - وَلا مُؤَوِّلِينَ بالآرَاءِ ... أَوْ مُتَوَهِّمِينَ بالأهْوَاءِ 568 - فإنَّهُ في دينِهِ ما سَلِمَا ... إلا الذِي للوَحْي حَقًّا سَلَّمَا 569 - وَرَدَّ عِلْمَ مَا عليْهِ اشْتَبَها ... إلى الذِي يَكُونُ عَالمًا بهَا

* احتراز: من أن هذا الكلام لا يعني اتهام الشيخ بالتفويض

احْتِرَازٌ: 570 - وَلا تكُنْ بالشَّيْخِ ذا تعْرِيضِ ... مُتَّهِمًا إيَّاهُ بالتَّفْوِيضِ 571 - حَيْثُ يُحِيلُ العِلْمَ بالمَعَاني ... إلى مُرَادِ رَبِّنا الرَّحْمَنِ 572 - فليْسَ مَعْنى القَوْلِ بالتَّسْلِيمِ ... مَعْ رَدِّ عِلْمِهَا إلى العَلِيمِ 573 - أَنَّ مَعَانيَ الصِّفاتِ غامِضَةْ ... مَجْهُولةٌ كَمَا تَرَى المُفَوِّضَةْ 574 - وَأَنَّ ظاهِرَ الصِّفاتِ البَادِي ... لَيْسَ بمَقصُودٍ وَلا مُرَادِ 575 - وَأنَّهُ لا ينبَغِي السُّؤَالُ ... عَنهَا إِذِ العِلْمُ بهَا مُحَالُ 576 - فَإِنَّ رَبَّ العَالمِينَ اسْتأْثَرَا ... بها فَلا يُمْكِنُ أنْ تُفَسَّرَا 577 - كَلا فمَعْنى الوَصْفِ لَسْنا نجْهَلُهْ ... وَإِنمَا الكَيْفُ الذِي لا نعْقِلُهْ 578 - فَالاسْتِوَاءُ ليْسَ بالمَجْهُولِ ... مَعْنىً وَليْسَ الكيْفُ بالمَعْقُولِ 579 - وَقُلْ بسَائِرِ الصِّفاتِ ذَلِكْ ... كَمَا أفادَهُ الإمَامُ مَالِكْ 580 - هَذَا الذِي أظنُّهُ يَقِينا ... بشَيْخِنَا عَقِيدَةً وَدِينا 581 - وَإِنْ يكُنْ رَأَى خِلافَ ما سَلَفْ ... فَهْوَ مُخَالِفٌ لمَذْهَبِ السَّلَفْ 582 - وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ فِيمَا ظَنَّا ... تكَرُّمًا مِنْ رَبِّنا وَمَنَّا 583 - فَمَا يَرَى القَوْمُ سِوَى التَّقْوِيضِ ... لهَذِهِ النُّصُوصِ بالتَّفْوِيضِ

* فصل: في أن السلامة في الدين تكون بالتسليم لله والرسول ونقض توحيد من لم يسلم

فَصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَلا يَثبُتُ قَدَمُ الإسْلامِ إِلا عَلَى ظهْرِ التَّسْلِيمِ وَالاسْتِسْلامِ، فمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عنهُ عِلمُهُ وَلمْ يَقنعْ بالتَّسْليمِ فهْمُهُ، حَجَبَهُ مَرامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ، وَصَافِي المَعْرِفةِ، وَصَحِيحِ الإيمَانِ، فيَتَذَبْذَبُ بَيْن الكُفْرِ وَالإيمَانِ، وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَالإقرَارِ وَالإنكَارِ، مُوَسْوَسًا تائِهًا زَائِغًا شَاكًّا، لا مُؤْمِنًا مُصَدِّقًا، وَلا جَاحِدًا مُكَذِّبًا. 584 - وَمَا ثُبُوتُ قَدَمِ الإِسْلامِ ... إِلا عَلَى ظُهُورِ الاسْتِسْلامِ 585 - وَمَا ارْتِفَاعُ دِينِنَا القَوِيمِ ... إِلا عَلَى أَعْمِدَةِ التَّسْلِيمِ 586 - فَسَلِّمِ الأمْرَ لهُ تَسْلِيمَا ... وَكُنْ مُحَكِّمًا لهُ تحْكِيمَا 587 - وَلا تُعَارِضِ النُّصُوصَ بالهَوَى ... وَلا بِشُبْهَةٍ كفِعْلِ مَنْ غَوَى 588 - وَلا بمَعْقُولٍ ولا قِيَاسِ ... ترُدُّ مَا يَقُولُ رَبُّ النَّاسِ 589 - وَاقْنَعْ بمَا أتَاكَ مِنْهُ وَاكْتَفِي ... وَلا تحَاوِلِ الْتِمَاسَ مَا خَفِي 590 - مَنْ رَامَ عِلْمَ مَا عَلَيْهِ يمْتَنِعْ ... وَالعَقْلُ بالتَّسْلِيمِ لمَّا يقْتَنِعْ 591 - يحْجُبُهُ عَنْ خالِصِ التَّوْحِيدِ ... مَرَامُهُ النَّاظِرُ للبَعِيدِ 592 - وَعَدَمُ التَّسْلِيمِ والإِذْعَانِ ... يحْجُبُهُ عَنْ صِحَّةِ الإيمَانِ 593 - وَبُعْدُهُ عمَّا لهُ أنْ يَعْرِفهْ ... يحْجُبُ هَذا عَنْ صَحِيحِ المَعْرِفَةْ 594 - فَيَا لهُ مِنْ تائِهٍِ حَيْرَانِ ... يَدُورُ بيْنَ الكُفِرِ وَالإيمَانِ 595 - وَيَا لهُ مُوَسْوَسًا مُذبْذَبَا ... لَيْسَ مُصَدِّقًا وَلا مُكَذِّبَا 596 - يَكُونُ تارَةً بذِي إقْرَارِ ... وَتَارَةً يَكُونُ ذَا إنْكَارِ 597 - رَبِّي نَعُوذُ بكَ أنْ نَضِلا ... كَمَا نعُوذ بكَ أنْ نَزِلا 598 - تَوَفَّنا وَنحْنُ مُسْلِمُونا ... مُسْتسْلِمُونَ وَمُسَلِّمُونا

* فصل: في مذهبنا في الرؤية وسائر الصفات وخطورة النفي والتشبيه

فصْلٌ: في نظم قوْلِهِ: وَلا يَصِحُّ الإيمَانُ بالرُّؤْيَةِ لأهْل دَارِ السَّلامِ لمَنْ اعْتبَرَهَا مِنهُمْ بوَهْمٍ، أَوْ تأوَّلهَا بفهَمٍ إذ كَانَ تأويلُ الرُّؤْيَةِ وَتأويلُ كُلِّ مَعْنىً يُضَافُ إلى الرُّبُوبيَّة بترْكِ التأويلِ، وَلُزُوم التسْلِيمِ، وَعَليْهِ دِينُ المُسْلِمِينَ، وَمَنْ لمْ يتوَقَّ النفيَ والتَّشْبِيهَ زَلَّ وَلمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ، فإنَّ رَبَّنا جَلَّ وَعَلا مَوْصُوفٌ بصِفاتِ الوَحْدَانِيَّةِ، مَنْعُوتٌ بِنُعُوتِ الفرْدَانِيَّةِ، لَيْسَ في مَعْناهُ أحَدٌ مِنَ البَريَّةِ. 599 - مَنْ يَعْتَبرْ رُؤْيَتَهُ بوَهْمِ ... أَوْ خَاضَ في تأْوِيلِها بفَهْمِ 600 - فَإِنَّهُ برُؤْيةِ الرَّحْمَنِ ... مَا صَحَّ أنْ يَكُونَ ذا إيمَانِ 601 - إِذِ السَّبِيلُ الحَقُّ في تأْوِيلِها ... بتَرْكِ ما يُفْضِي إلى تعْطِيلِها 602 - ثمَّ لُزُومِ جَانِبِ التسْلِيمِ ... مَعْ رَدِّ كُنْهِهَا إلى العَليمِ 603 - فَلَيْسَ مِنْ تعْطِيلٍ او تحْرِيفِ ... وَلَيْسَ مِنْ تمثِيلٍ اوْ تكْيِيفِ 604 - هَذَا هُوَ الطَّرِيقُ في الإثبَاتِ ... لِسَائِرِ الأَسمَاءِ والصِّفَاتِ 605 - فَالدِّينُ إِثْبَاتٌ مَعَ التَّنْزِيهِ ... أَيْ بِتَوَقِّي النَّفْيِ والتَّشْبِيهِ 606 - وَزَلَّ ثمَّ لمْ يُصِبْ تَنْزِيها ... مَنْ لمْ يَدَعْ نَفْيًا ولا تَشْبِيها 607 - فَلْتَدَعِ التَّحْرِيفَ والتَّعْطِيلا ... وَلْتَتْرُكِ التَّكْيِيفَ والتَّمْثِيلا 608 - فاللهُ فرْدٌ وَاحِدٌ في ذَاتِهِ ... وَفي فِعَالِهِ وَفي صِفَاتِهِ 609 - وَليْسَ في مَعْناهُ مَنْ مَاثَلَهُ ... وَلمْ يكُنْ في الخَلْقِ مَنْ عَادَلَهُ 610 - تقَدَّسَ اللهُ عَنِ التَّشْبِيهِ ... وَمَا يَقُولُ الظَّالِمُونَ فِيهِ

* فصل: في تنزيه الله عن الحدود والغايات وتوضيح أن هذه المصطلحات مبتدعة وبيان الحق فيها

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَتعَالى عَنِ الحُدُودِ والغَايَاتِ، وَالأرْكانِ وَالأعْضَاءِ وَالأدَوَاتِ، وَلا تحْوِيهِ الجِهَاتُ السِّتُ كسَائِرِ المُبْتَدَعَاتِ. 611 - وَقَدْ تعَالى اللهُ في الصِّفَاتِ ... عَنْ تلْكُمُ الحُدُودِ وَالغَايَاتِ 612 - ثمَّ عَنِ الأعْضَاءِ وَالأرْكَانِ ... وَالأدَوَاتِ جَلَّ ذُو السُّبْحَانِ 613 - ثمَّ الجِهَاتُ السِّتُّ لا تحْوِيهِ ... كالخَلْقِ بلْ يَكُونُ ذا تَنْزِيهِ 614 - وَالشَّيْخُ لمْ يقْصِدْ سِوَى التَّنْزِيهِ ... مِنْ قوْلِهِ وَعَدَمِ التَّشْبِيهِ 615 - لَكِنْ عِبَارَاتُ الطَّحَاوِي مُجْمَلَةْ ... قَدْ تُسْتغَلُّ لمَعَانِي باطِلَةْ 616 - إذ تحْمِلُ الألْفَاظُ وَالمَبَاني ... حَقًّا وَبَاطِلا مِنَ المَعَاني 617 - وَالوَاجِبُ التَّفْصِيلُ وَالمقْصُودُ ... أنْ يُعْرَفَ المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ 618 - فنفيُهُ للحَدِّ ليْسَ يُنْكَرُ ... إنْ يَعْنِ أنَّ اللهَ لَيْسَ يُحْصَرُ 619 - فَليْسَ مِنْ حَدٍّ وَلا مِنْ غَايَةِ ... تَكُونُ للرَّحمَنِ كالنِّهَايَةِ 620 - لَكِنَّ ذا لا يَعْني الاتِّصَالا ... بخلْقِهِ أوْ حَصْرِهِ تعَالى 621 - فاللهُ فوْقَ عَرْشِهِ مُنْفَصِلُ ... عَنْ خَلْقِهِ قَدْ بَانَ لا مُتَّصِلُ 622 - وَالنَّفْيُ للأعْضَاءِ وَالأرْكَانِ ... حَقٌّ مَعَ التَّشْبِيهِ بالإِنْسَانِ 623 - لَكِنْ إذا أرَادَ نفْيًا مُطْلَقَا ... بِغَيْرِ تَشْبِيهٍ فَهَذا يُتَّقَى 624 - فالوَجْهُ وَاليَدَانِ ثَابِتَانِ ... لِرَبِّنا وَهَكَذا العَيْنانِ 625 - لَكِنْ مَعَ التَّنْزِيهِ للجَلِيلِ ... فِيهَا عَنِ الشَّبِيهِ وَالمَثِيلِ 626 - وَنَفْيُهُ الجِهَاتِ أوْ إنكَارُهُ ... حَقٌّ إذا يُنْفَى بها انحِصَارُهُ 627 - وَإِنْ أرَادَ أنَّ ربِّي لَيْسَ في ... أَيِّ الجِهَاتِ بَلْ يرَاهَا تنْتفِي

628 - نقُولُ مَا أبْطَلَ هَذَا القَوْلا ... لأنَّهُ ينْفِي وُجُودَ المَوْلى 629 - لأنَّ هَذِهِ صِفَاتُ العَدَمِ ... لا مَنْ نَرَى وُجُودَهُ في القِدَمِ 630 - وَجِهَةُ العُلُوِّ ليْسَتْ تنْتَفِي ... عَنْهُ وَإِلا بالعُلا لمْ يُوصَفِ 631 - وَهَكَذَا الحَقُّ أوِ البَاطِلُ فِي ... قَوْلِ الطَّحَاوي إنْ يُفَصَّلْ قَدْ يَفِي 632 - وَليْتَ هَذا الشَّيْخَ ما تكَلَّمَا ... بهَذِهِ إِذَنْ لكَانَ أسْلَمَا

* مسألة: في إثبات صفتي النزول والمجيء لله

مَسْألةٌ: في إِثبَاتِ صِفةِ النُّزُولِ لله ِعَزَّ وجَلَّ. 633 - نَشْهَدُ للإِلَهِ بالنُّزُولِ ... عَلَى مُرَادِ اللهِ وَالرَّسُولِ 634 - فَرَبُّنَا إلى السَّمَاءِ يَنْزِلُ ... في ثُلُثِ اللَّيْلِ الأخِيرِ يَسْألُ 635 - إِني إليْكُمْ يَا عِبَادِي نازِلُ ... فَهَلْ لديْكُمْ رَاغِبٌ أوْ سَائِلُ؟ 636 - أثَمَّ فِيكُمْ مَنْ غَدَا مُسْتغْفِرَا ... فَأَغْفِرَ الذُّنُوبَ أوْ أُكَفِّرَا؟ 637 - لكِنَّهُ لا يقْتَضِي انتِقَالا ... وَلا خُلُوَّ عَرْشِهِ تعَالى 638 - وَقَالَ قَوْمٌ غَيْرُنا بَلْ يَخْلُو ... وَالوَقْفُ عِنْدَ آخَرِينَ يحْلُو 639 - وَلا أُحِبُّ الخَوْضَ في المُبْتَدَعِ ... مِنْ هَذِهِ الأمُورِ وَالمُخْتَرَعِ 640 - كَمَا يَجيءُ اللهُ يوْمَ الحَقِّ ... للفَصْلِ وَالقَضَاءِ بَيْنَ الخَلْقِ 641 - وَهَكَذَا نُثْبِتُ كُلَّ مَا وَرَدْ ... وَلا نقُولُ كيْفَ ذا وَلا يُرَدّْ

* فصل: في ثبوت الإسراء والمعراج للنبي في اليقظة

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَالمِعْرَاجُ حَقٌّ، وَقدْ أُسْرِيَ بالنبيِّ صَلى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ وَعُرِجَ بشَخْصِهِ في اليَقَظَةِ إلى السَّمَاءِ، ثمَّ إلى حَيْثُ شَاءَ اللهُ مِنَ العُلا، وَأَكْرَمَهُ اللهُ بمَا شَاءَ، وَأَوْحَى إِليهِ مَا أوْحَى (مَا كَذَبَ الفؤَادُ مَا رَأَى) فصَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ في الآخِرَةِ وَالأُولى. 642 - نُؤْمِنُ بالمِعْرَاجِ وَالإِسْرَاءِ ... بالرُّوحِ وَالجِسْمِ بلا امْتِرَاءِ 643 - لأنَّهُ لوْ كَانَ بالرُّوحِ سَرَى ... مَا شَكَّ فيهِ كَافِرٌ وَلا امْتَرَى 644 - ثمَّ أَليْسَ رَبُّنا قَدْ صَدَّرَا ... إيَّاهُ بالتَّسْبِيحِ حِينَ أخبَرَا؟ 645 - فَقَالَ سُبْحَانَ الذِي قدْ أسْرَى ... بعَبْدِهِ مُفخِّمًا ذا الأمْرَا 646 - فَهَلْ يكُونُ الأمْرُ رُؤَيا حُلْمِ ... أَمْ أنَّهُ يقَظَةٌ بالجِسْمِ 647 - وَأيُّ إعْجَازٍ بهِ لوْ وقَعَا ... وَلمْ يَكُنْ بالرُّوحِ وَالجِسْمِ مَعَا؟ 648 - مِنْ بيتِهِ الحَرَامِ مَهْوَى الأنْفُسِ ... أَسْرَى بهِ ليْلا لِبَيْتِ المَقْدِسِ 649 - عَلى بُرَاقٍ دُونَ بَغْلٍ حَافِرُهْ ... يُوضَعُ عِنْدَ مُنتَهَى مَا يُبْصِرُهْ 650 - وَالأنْبِيَاءُ قدْ أَتَوْا إكْرَامَا ... لَهُ وَقَدْ صَلَّى بهمْ إمَامَا 651 - وَجِىءَ باللَّبَنِ ثمَّ الخَمْرَةْ ... فاخْتَارَ مِنْهُمَا الرَّسُولُ الفِطْرَةْ 652 - ثمَّ بهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَرَجَا ... إِلى السَّمَاءِ وَارْتقَاها دَرَجَا 653 - وَلمْ يَزَلْ إلى أنِ انْتهَى إلى ... مَا شَاءَ رَبُّ العَالمِينَ مِنْ عُلا 654 - قَدِ ارْتقَى ليْلتَها حتَّى انْتَهى ... لِسِدْرَةٍ هُنَاكَ حَيْثُ المُنْتهَى 655 - إِذْ ينْتَهِي عِلْمُ العِبَادِ عِنْدَها ... وَليْسَ يدْرِي أَحَدٌ مَا بَعْدَها 656 - ثمَّ بمَا قدْ شَاءَ رَبِّي أكْرَمَهْ ... حَيْثُ بلا وَاسِطَةٍ قدْ كَلَّمَهْ

657 - أَوْحَى إليهِ اللهُ مَا أوْحَاهُ ... وَالمُصْطَفَى بِقُرْبِهِ نَاجَاهُ 658 - وَفُرِضَتْ في ذلِكَ المَقَامِ ... فَرِيضَةُ الصَّلاةِ في الإِسْلامِ 659 - وَالمُصْطَفَى لمَّا عَلَيْنا قدْ فَرَضْ ... في اليَوْمِ خَمْسِينَ صَلاةً مَا اعْتَرَضْ 660 - لَكِنْ أخُو هَارُونَ لمَّا عَرَّفَهْ ... نَبِيُّنا بمَا الإِلَهُ كَلَّفَهْ 661 - قَالَ لهُ ارْجِعْ وَاسْأَلِ التَّخْفِيفَا ... إذ لا تُطِيقُ الأُمَّةُ التَّكْلِيفَا 662 - فلَمْ يَزَلْ يُراجِعُ الرَّسُولُ ... رَبَّ الوَرَى فجَاءَهُ القَبُولُ 663 - فَخُفِّفَتْ للخَمْسِ في الأدَاءِ ... وَأُبْقِيَتْ خمسِينَ في الجَزَاءِ 664 - وَرَغْمَ أنَّهُ دَنَا مِنْ رَبِّهِ ... فَلَمْ يرَ اللهَ سِوَى بقَلْبِهِ 665 - وَإنمَا رَأَى فقَطْ جِبْرِيلا ... كَمَا بِهِ قَدْ فَسَّرَ التَّنْزِيلا 666 - فَهْوَ كَمَا بَرَاهُ رَبِّي أبْصَرَهْ ... نَبِيُّنا سُبْحَانَ مَنْ قَدْ صَوَّرَهْ 667 - رَآهُ بالجَنَاحِ سَدَّ الأُفُقَا ... وَهْوَ بسِتِّمِائةٍ قَدْ خُلِقَا 668 - كَمَا رَأَى عَجَائِبَ الآيَاتِ ... كَالبَيْتِ وَالسِّدْرَةِ وَالجَنَّاتِ 669 - وَالمُصْطَفى بمَا رَأى مَا أخْطَأَ ... وَلمْ يُكَذِّبِ الفُؤَادُ مَا رَأَى 670 - وَمَا طَغَى ولمْ يزِغْ أو مَالا ... بَصَرُهُ يَمِينًا اوْ شِمَالا 671 - فَهَلْ يجُوزُ أنْ يُمَارَى المُصْطَفَى ... بَعْدُ عَلى مَا قدْ رَأى أوْ وَصَفَا؟ 672 - صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يا شَمْسَ الهُدَى ... وَالآلِ والصَّحْبِ دَوَامًا سَرْمَدَا 673 - ثمَّ سَلامُ رَبِّنا مَا أعْطَرَهْ ... عَليْكَ فِي الأُولى كَذَا في الآخِرَةْ

* فصل: في إثبات حوض النبي

فصلٌ: في نظم قوْلِهِ: وَالحَوْضُ الذي أكرَمَهُ اللهُ تعَالى بهِ غِيَاثًا لأمَّتِهِ حَقٌّ. 674 - وَحَوْضُهُ حَقٌّ بهِ الأخْبَارُ ... توَاتَرَتْ وَفاضَتِ الآثَارُ 675 - أعْطَاهُ رَبُّهُ لَهُ كرَامَةْ ... غَوْثًا لنا مِنْ ظَمَأِ القِيَامَةْ 676 - لَكِنْ يُذَادُ عَنهُ كُلُّ مُبْتَدِعْ ... وَمُحْدِثٍ أمْرًا خِلافَ مَا شُرِعْ 677 - وَاعْلمْ بأنَّ حَوْضَهُ تقْدِيرَا ... طُولا وعَرْضًا قَدْرَ شَهْرٍ سِيرَا 678 - يَصُبُّ فيهِ المَاءَ ميزَابَانِ ... مِنْ كَوْثَرِ النَّبيِّ نازِلانِ 679 - ثمَّ الأوَاني فيهِ كالنُّجُومِ ... قدْ جَاءَنا هَذَا عَنِ المَعْصُومِ 680 - وَماءُ هَذَا الحَوْضِ دُونَ شَكِّ ... أَطْيَبُ مِنْ شَذَا وَرِيحِ المِسْكِ 681 - وَلوْنُهُ سُبْحَانَ وَاهِبِ المِنَنْ ... أَشَدُّ في بَيَاضِهِ مِنَ اللَّبَنْ 682 - وَطَعْمُهُ وَالمَرْءُ يَوْمَها ظِمِي ... أَحْلى مِنَ العَسَلِ طعْمًا في الفَمِ 683 - وَمَنْ يُصِبْ منهُ إذا مَا وَرَدَا ... فهُوَ لا يَظمَأُ بَعْدُ أبَدَا 684 - وَاختلفوا هَلْ الصِّرَاطُ قدْ تَلا ... حَوْضَ النَّبيِّ أمْ يكُونُ أَوَّلا 685 - وَالرَّاجِحُ المَعْقُولُ أنَّ وِرْدَهُ ... قَبْلَ الصِّرَاطِ يوْمَها لا بَعْدَهُ 686 - يَا رَبِّ وَفِّقْنا إلى وُرُودِ ... حَوْضِ النَّبيِّ المُصْطَفى المَوْرُودِ 687 - وَلْتَسْقِنا مِنْ يَدِهِ النَّقيَّةْ ... مَا يُذْهِبُ الظَمَأَ بالكُلِّيَّةْ 688 - وَلا نكُنْ يَا رَبِّ مِمَّنْ حَرَّفا ... وَحِيلَ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ المُصْطفى 689 - وَقِيلَ بُعْدًا لهُمُ وَسُحْقا ... بدَّلْتُمُ بَعْدَ النَّبيِّ الحَقَّا

* فصل: في إثبات الشفاعة وأنواعها

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَالشَّفاعَةُ التي ادَّخَرَهَا لهُمْ حَقٌّ، كَمَا رُويَ فِي الأخْبَارِ. 690 - ثمَّ الشَّفَاعَةُ التي قَدِ ادَّخَرْ ... نَبيُّنا حَقٌّ بها صَحَّ الخَبَرْ 691 - لَكِنْ بإذْنَ اللهِ للذِي ارْتضَى ... رَبِّي مِنَ العِبَادِ أوْ نالَ الرِّضَا 692 - وَليْسَ يرْضَى بِسِوَى التَّوْحِيدِ ... وَالبُعْدِ عَنْ شِرْكٍ وَعَنْ تنْدِيدِ 693 - بهَا عُصَاةُ المُسْلِمِينَ أُخْرِجُوا ... مِنْ نَارِهِ وَفي الجِنَانِ أُولِجُوا 694 - وَرُبَّمَا قبْلَ دُخُولِ النَّارِ ... تُدْرِكُهُمْ هَذِي بفَضْلِ البَارِي 695 - بَلْ ليْسَ يُقضَى بيننا ويُفصَلُ ... إِلا بأِنْ يَشْفَعَ فينا المُرْسَلُ 696 - في مَوْقِفٍ أرْعَدَتِ الخُطُوبُ ... بهِ وَقدْ أبْرَقَتِ الكُرُوبُ 697 - تَدْنُو بِهِ الشَّمْسُ مِنَ الرُّءُوسِ ... وَتَعْصِفُ الهُمُومُ بالنُّفُوسِ 698 - تَقَطَّعَتْ بَيْنهُمُ الأسْبَابُ ... وَلمْ يَعُدْ بَينَهُمُ أنْسَابُ 699 - فَكُلُّ وَاحِدٍ بشَأْنِهِ اشْتَغَلْ ... وَعَنْ ذَوِيهِ كُلِّهِمْ قَدِ انْشَغَلْ 700 - فَيَا لَهُ يَوْمًا غَدَا عَصِيبا ... قَدْ صَارَتِ الوِلْدَانُ مِنْهُ شِيبَا 701 - ضَاقَتْ بهمْ إلى الخَلاصِ الحِيلَةْ ... وَمَا إلى النَّجَاةِ مِنْ وَسِيلَةْ 702 - حَتَّى إِذا ارْتكَمَتِ الأهْوَالُ ... وَلمْ يعُدْ صَبْرٌ وَلا احْتِمَالُ 703 - وَأَلجَمَ العِبَادَ فيهِ العَرَقُ ... وَاشْتَدَّ فِيهِ الخوْفُ ثمَّ القَلَقُ 704 - فيُلْهَمُ العِبَادُ للتَّوَسُّلِ ... بأَنْبِيَاءِ رَبِّنا والرُّسُلِ 705 - يَأْتُونَ آدَمًا ونُوحًا مُوسَى ... مِِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ ثمَّ عِيسَى 706 - وَاسْتشْفَعُوا بهِمْ إلى رَبِّهِمُ ... حَتَّى يُرِيحَ النَّاسَ مِمَّا بهِمُ 707 - لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمْ أبَى ... مُعْتَذِرًا بأنَّهُ قدْ أذْنَبا

708 - حتَّى إِذا جَاءُوا النَّبيَّ قَالهَا ... كَلِمَةً أنا لهَا أنَا لهَا 709 - يقُومُ تحْتَ عَرْشِهِ وَيَسْجُدُ ... يُثْني عَلى رَبِّ الوَرَى وَيحْمَدُ 710 - فَيَأْذَنُ اللهُ لَهُ أنْ يَرْفَعَا ... مِنَ السُّجُودِ رَأسَهُ وَيشْفَعَا 711 - فيَسْأَلُ الكَرِيمَ أَنْ يُخَفِّفا ... بفَضْلِهِ عَنِ العِبَادِ المَوْقِفَا 712 - وَيَرْتجِي بخَالِصِ الرَّجَاءِ ... مَجِيئَهُ للفَصْلِ وَالقَضَاءِ 713 - فَيَحْمَدُ النَّاسُ لهُ جَمِيعَا ... مَقَامَهُ هَذَا لهُمْ شَفِيعَا 714 - فذَلِكُمْ مَقامُهُ المَحْمُودُ ... كَمَا أتى وَهْوَ بهِ مَوْعُودُ 715 - دَلَّ عَليهِ النَّقْلُ وَالسَّمَاعُ ... وَكادَ فيه يُعْقَدُ الإجْمَاعُ 716 - وَقِيلَ بَلْ مَقَامُهُ القُعُودُ ... مَعْهُ عَلى العَرْشِ وَذا مَرْدُودُ 717 - قَدْ رَدَّهُ الأَئِمَّةُ الأجِلَّةْ ... لأنَّهُ يُخَالِفُ الأدِلَّةْ 718 - رَآهُ رَهْطٌ مِنهُمُ مُجَاهِدْ ... وَمَا أَتَوْا لِرَأْيِهِمْ بِشَاهِدْ 719 - يَا رَبِّ آتِ المُصْطَفَى الوَسِيلَةْ ... وَذلِكَ المَقَامَ وَالفَضِيلَةْ 720 - بَلْ إنَّهُ مِنِ اكْتِمَالِ المِنَّةِ ... أنْ يَفْتَحَ النَّبيُّ بَابَ الجَنَّةِ 721 - فَيَشْفَعُ النَّبيُّ في دُخُولِهَا ... بإِذْنِ رَبِّهِ لكُلِّ أهْلِهَا 722 - وَرُبَّمَا للبَعْضِ كَانَ شَافِعَا ... مُعَلِّيًا لِلدَّرَجَاتِ رَافِعَا 723 - ثمَّ تكُونُ بَعْدَهُ الشَّفاعَةْ ... لِلأنبيَاءِ ثمَّ أهْلِ الطَّاعَةْ 724 - حتَّى إذا مَا فَرَغَ الجَمِيعُ ... وَلمْ يَعُدْ بيْنَ الوَرَى شَفِيعُ 725 - تبْقَى شَفاعَةُ الذِي قَدْ كََََتَبا ... أَنْ تَسْبِقَ الرَّحْمَةُ مِنهُ الغَضَبَا 726 - فيُخْرِجُ اللهُ مِنَ النِّيرَانِ ... قَوْمًا عَصَوْا مَاتُوا عَلَى الإيمَانِ 727 - بفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَرَحْمَتِهْ ... لمَنْ يشَاءُ مِنهُمُ وَنِعْمَتِهْ

* فرع: في أن الشفاعة لا تطلب من الأموات

فرْعٌ: 728 - وَلا تكُنْ مُسْتَشْفِعًا بمَنْ تَرَى ... مِنَ العِبَادِ تحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى 729 - إذ لا يَجُوزُ طَلَبُ الشَّفَاعَةِ ... مِنْ مَيِّتٍ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ 730 - فلا تقلْ للمَيْتِ أيُّها الوَلِي ... أرْجُوكَ أنْ تشْفَعَ أَوْ تدْعُوَ لي 731 - وَإنمَا تقُولُ رَبِّي شَفِّعِ ... فِينَا فُلانًا يَا أبَرَّ مَنْ دُعِي 732 - فهَذِهِ تُرْجَى مِنَ المَوْلى فقَطْ ... وَمِنْ سِوَى رَبِّي سُؤَالها غَلَطْ 733 - أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أنْ تشَفِّعَا ... فِينا النَّبيَّ يا مُجِيبَ مَنْ دَعَا 734 - وَجَازَ الاسْتِشْفَاعُ بالأَحْيَاءِ ... وَذلِكُمْ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ 735 - اسْتَشْفَعَ الأصْحَابُ بالعَبَّاسِ ... لمَّا تَوَفَّى اللهُ خَيْرَ النَّاسِ 736 - وَقدْ أجَابَ رَبُّنا دُعَاءَهُ ... وَلمْ يُخَيِّبْ في الوَرَى رَجَاءَهُ

*استدراك: في عدم الاتكال على الشفاعة

اسْتِدْرَاكٌ: 737 - لا تتَّكِلْ يَوْمًا عَلَى الشَّفاعَةِ ... وَأَنْتَ تَارِكٌ فرُوضَ الطَّاعَةِ 738 - قَدْ خَابَ مَنْ عَلى الوَسَائِطِ اتَّكَلْ ... مُتَّخِذًا وَسِيلَةً غَيْرَ العَمَلْ 739 - فَاعْمَلْ وَحَاذِرْ يَا أَخِي أنْ تخْدَعَا ... فَلَيْسَ للإنْسَانِ إلا مَا سَعَى 740 - وَالمُصْطَفَى قَالَ لآلِهِ اعْمَلُوا ... فَلَيْسَ يُنْجِي المَرْءَ إلا العَمَلُ 741 - لا يأْتِنِي النَّاسُ غَدًا بالقُرَبِ ... وَأنْتُمُ تأتُونَني بالنَّسَبِ 742 - فَلا اعْتِبَارَ سَاعَةَ الحِسَابِ ... بهَذهِ الأنْسَابِ وَالأحْسَابِ

* فصل: في الميثاق الذي أخذه الله من آدم وذريته

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَالمَيثاقُ الذِي أخذَهُ اللهُ تعَالى مِنْ آدَمَ وَذرِّيَّتِهِ حَقٌّ. 743 - وَعَهْدُهُ عَلى الوَرَى في ظَهْرِ ... آدَمَ بالتَّوْحِيدِ غيْرُ نُكْرِ 744 - أخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِهِ ليشْهَدُوا ... بأنَّهُ الرَّبُّ الإِلَهُ الأحَدُ 745 - قَالَ أَلَسْتُ ربَّكُمْ بالحَقِّ؟ ... قَالُوا بَلَى فأنْتَ رَبُّ الخَلْقِ 746 - وَأخَذَ المِيثاقَ ألا يُعْبَدَا ... في الكَوْنِ غَيْرُهُ وَأنْ يُوَحَّدَا 747 - وَمَعَ هَذا رَبُّنا للمَعْذِرَةْ ... قدْ أرْسَلَ الرُّسْلَ لنا كَتَذْكِرَةْ 748 - مَا مِنْ رَسُولٍ جَاءَ إلا ذَكَّرَا ... بِعَهْدِهِ مُبَشِّرًا وَمُنْذِرَا 749 - فَهَلْ تَرَى بعَْدُ لعَبْدٍ حُجَّةْ ... وَمَرَّتيْنِ رَبُّنا قَدْ حَجَّهْ؟

* فصل: في علم الله أزلا بأعداد أهل الجنة والنار

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَقدْ عَلِمَ اللهُ تعَالى فيمَا لمْ يَزَلْ عَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ، وَعَدَدَ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ جُمْلةً وَاحِدَةً، فلا يُزَادُ فِي ذلِكَ العَدَدِ، وَلا يُنقَصُ مِنهُ. 750 - وَاللهُ فِيمَا لمْ يَزَلْ قَدْ عَلِمَا ... مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ قَدْ سَلِمَا 751 - وَعَلِمَ الأعْدَادَ فيها مُجْمَلَةْ ... كَمَا لَدَيْهِ عِلْمُها مُفَصَّلَةْ 752 - فلا تَقِلُّ هَذِهِ الأعْدَادُ ... عَمَّا عَلَيْهِ العِلْمُ أَوْ تَزْدَادُ

* فصل: في علمه تعالى بأفعال أهل الجنة والنار وبيان أن الأعمال بالخواتيم

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَكذلِكَ أفْعَالهُمْ فيمَا عَلِمَ مِنهُمْ أنْ يفعَلُوهُ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لهُ، وَالأعْمَالُ بالخَوَاتِيمِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ بقضَاءِ اللهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ بقَضَاء اللهِ. 753 - وَهَكَذَا يَعْلَمُ مُنْذُ الأَزَلِ ... مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ لهُمْ أوْ عَمَلِ 754 - لكِنَّ عِلْمَ اللهِ هَذَا مَا اقْتَضَى ... أَنْ يتْرُكُوا أعَمَالهمْ لمَا قَضَى 755 - فَكُلُّ عَبْدٍ رَبُّنا قَدْ يَسَّرَهْ ... لمَا لَهُ خَلَقَهُ وَقَدَّرَهْ 756 - أَيْ أنَّ رَبِّي هَيَّأَ الأسْبَابَا ... للعَبْدِ كَيْ يُوافِقَ الكِتَابا 757 - فمَنْ قَضَى رَبِّي لهُ السَّعَادَةْ ... وَفَّقَهُ لأحْسَنِ العِبَادَةْ 758 - وَمَنْ قَضَى بكَوْنِهِ شَقِيَّا ... فَلا يَكُونُ في الوَرَى تَقِيَّا 759 - وَإِنمَا الأعْمَالُ لا بمَا ابْتَدَا ... بَلْ بالخَوَاتِيمِ كمَا قدْ وَرَدَا 760 - أيْ لا اعْتِبَارَ قطُّ بالبِدَايَةِ ... وَإِنمَا العِبْرَةُ بالنِّهايَةِ 761 - فالعَبْدُ قدْ يكْفُرُ ثمَّ يُؤْمِنُ ... وَرُبَّمَا أسَاءَ ثمَّ يُحْسِنُ 762 - وَرُبَّمَا يُؤْمِنُ فِيمَا يَبْدُو ... للنَّاسِ ثمَّ بَعْدَهُ يَرْتَدُّ 763 - خُلاصَةُ القَوْلِ السَّعِيدُ وَالشَّقِي ... مَنْ بالقَضَا يَسْعَدُ وَالذِي شَقِي

* فصل: في أن أصل القدر سر الله في خلقه

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَأصْلُ القَدَرِ سِرُّ اللهِ تعَالى في خَلْقِهِ، لمْ يَطَّلِعْ عَلى ذلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نبيٌّ مُرْسَلٌ، وَالتعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذلِكَ ذَرِيعَةُ الخِذلانِ، وَسُلَّمُ الحِرْمَانِ، وَدَرَجَة الطغْيَانِ، فَالحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ ذلِكَ نظَرًا وَفِكْرًا وَوَسْوَسَةً، فإنَّ اللهَ تعَالى طَوَى عِلْمَ القَدَرِ عَنْ أنَامِهِ، وَنهَاهُمْ عَنْ مَرَامِهِ، كَمَا قالَ اللهُ تعَالى فِي كِتَابِهِ: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يُفعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) فمَنَ سَألَ: لِمَ فَعَلَ؟ فَقَدْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ، وَمَنْ رَدَّ حُكْمَ الكِتَابِ كَانَ مِنَ الكَافِرِينَ. 764 - وَاعْلَمْ بأنَّ القَدَرَ المَقْدُورَا ... سِرٌّ غَدَا في خَلْقِهِِِ مَسْتُورَا 765 - لمْ يَطَّلِعْ مِنْ مُرْسَلٍ عليْهِ ... أَوْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ لدَيْهِ 766 - وَمَنْ يُفكِّرْ فيهِ مِنْ إنْسَانِ ... فَفِكْرُهُ ذَرِيعَةُ الخِذْلانِ 767 - وَمَنْ يَكُنْ بأمْرِهِ تعَمَّقَا ... بسُلَّمِ الحِرْمَانِ حَقًّا ارْتقَى 768 - دَرَجَةُ الطُّغْيَانِ عِنْدِي في النَّظَرْ ... فِيهِ لإدْرَاكِ حَقِيقةِ القَدَرْ 769 - فَاحْذَرْ مِنَ الأفْكَارِ والهَوَاجِسِ ... وَلْتبْتَعِدْ فِيهِ عَنِ الوَسَاوِسِ 770 - أَمْسِكْ عَنِ القَدَرِ عِنْدَ ذكْرِهِ ... فلا بُلُوغ مُطْلَقًا لِسِرِّهِ 771 - فقَدْ طَوَاهُ اللهُ عَنْ أَنَامِهِ ... كَمَا نهَى العِبَادَ عَنْ مَرَامِهِ 772 - فَقَالَ لا أُسْألُ عَمَّا أفعَلُ ... وَالنَّاسُ عَنْ أفْعَالِهِمْ سَتُسْأَلُ 773 - فَمَنْ يَسَلْ رَبِّي لمَاذَا فَعَلا ... يَرُدَّ حُكْمَ اللهِ جَلَّ وَعَلا 774 - وَمَنْ يَرُدَّ حُكْمَهُ تعَالى ... فَلا أَرَى في كُفْرِهِ جِدَالا 775 - تَنَزَّهَتْ أَفْعَالُهُ عَنِ العَبَثْ ... فلا تلُمْ رَبَّكَ فِيمَا قدْ حَدَثْ 776 - قَدْ وَضَعَ الأشْيَاءَ كُلا فِيمَا ... نَاسَبَهُ لِكَوْنِهِ حَكِيمَا

777 - وَهَكَذَا أرْزَاقُنا يقْسِمُهَا ... بِقَدَرٍ لحِكْمَةٍ يَعْلمُهَا 778 - وَالمَرْءُ لا يُصِيبُ إلا مَا قضَى ... رَبِّي لهُ فلا تكُنْ مُعْتَرِضَا 779 - إِيَّاكَ أنْ تَقُولَ بَعْدَ هَذَا ... تَفَاوَتَتْ أَرْزَاقُنا لمَاذَا؟ 780 - فَكُلُّ أفْعَالِ الإِلَهِ صَادِرَةْ ... عَنْ حِكْمَةٍ قَدْ لا تكُونُ ظَاهِرَةْ 781 - ففَوِّضِ الأمْرَ إلى الحَكِيمِ ... وَكُنْ لمَا قَدَّرَ ذا تَسْلِيمِ

* فصل: في العلم المفقود والعلم الموجود

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: فَهَذا جُمْلةُ مَا يَحْتاجُ إليهِ مَنْ هُوَ مُنَوَّرٌ قلْبُهُ مِنْ أوْلِيَاءِ اللهِ تعَالى، وَهِيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ فِي العِلمِ لأنَّ العِلمَ علمَانِ: عِلمٌ في الخَلقِ مَوْجُودٌ، وَعِلمٌ في الخَلقِ مَفقُودٌ، فإنكَارُ العِلم المَوْجُودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العِلْمِ المَفقُودِ كُفْرٌ، وَلا يثْبُتُ الإيمَانُ إلا بقَبُولِ العِلْمِ المَوْجُودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ العِلْمِ المَفقُودِ. 782 - فَذَاكَ جُمْلةُ الذِي يَكْفِينا ... مِنْ عِلْمِ أقْدَارِ الإِلَهِ فِينا 783 - وَمَنْ يُنوِّرْ رَبُّنا فؤَادَهْ ... لمْ يَلْتَمِسْ في عِلمِهِ زيَادَةْ 784 - وَإِنمَا يَكُونُ فِيهِ وَاقِفَا ... عِنْدَ حُدُودِ مَا ذكَرْتُ آنِفا 785 - فَهَذِهِ دَرَجَةُ اليَقِينِ ... وَالرَّاسِخِينَ في عُلُومِ الدِّينِ 786 - فالعِلْمُ نَوْعٌ في الوَرَى مَوْجُودُ ... وَآخَرٌ في خلْقِهِ مَفقُودُ 787 - فَالأوَّلُ المَوْجُودُ في أيْدِينا ... مَا كَانَ شَرْعًا بيننا أوْ دِينا 788 - وَالآخَرُ المَفقُودُ رَبِّي اسْتأْثرَا ... بعِلْمِهِ كالغَيْبِ أَوْ مَا قَدَّرَا 789 - وَطَلَبُ المَوْجُودِ فينا يُشْرَعُ ... وَالبَحْثُ في المَفْقُودِ مِمَّا يُمْنَعُ 790 - ثمَّ كلا العِلْمَيْنِ جَحْدًا وادِّعَا ... للكُفْرِ بالرَّحْمَنِ صَارَ مَوْضِعَا 791 - فَالكُفْرُ في أَنْ يُنْكِرَ المَوْجُودَا ... أوْ يَدَّعِي أنْ يعْلَمَ المَفْقُودا 792 - وَيَثبُتُ الإيمَانُ باجْتِمَاعِ ... أمْرَيْنِ بالسَّمَاعِ وَالإجْمَاعِ 793 - أعْني قَبُولَ ذَلِكَ المَوْجُودِ ... وَعَدَمَ البَحْثِ عَنِ المَفْقُودِ 794 - وَكُلُّ مَنْ لمْ يجْمَعِ القِسْمَيْنِ ... فهُوَ كَافرٌ بدُونِ مَيْنِ 795 - فَيَا أَخِي قِفْ عِنْدَ حَدِّ الشَّرْعِ ... وَألْزِمِ النَّفْسَ بحُسْنِ السَّمْعِ 796 - وَلْتَتِّخِذْ مِنْ هَدْيِهِ سَبيلا ... مِنْ غَيْرِ أَنْ تحِيدَ أَوْ تمِيلا 797 - وَلا يَكُنْ همُّكَ في أَنْ تعْرِفا ... مَا غَابَ عَنَّا عِلْمُهُ أوِ اخْتَفَى

* فصل: في الإيمان باللوح المحفوظ والقلم

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنؤْمِنُ باللَّوْح وَالقَلَمِ، وَبجَمِيعِ مَا فِيهِ قَدْ رُقِمَ، فَلَو اجْتمَعَ الخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلى شَيْءٍ كَتبَهُ اللهُ تعَالى فِيهِ أنهُ كَائِنٌ ليَجْعَلوهُ غيْرَ كَائِنٍ لمْ يقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَلَو اجْتمَعُوا كُلُّهُمْ على شَيْء لمْ يَكتبْهُ اللهُ تعَالى فيهِ ليَجْعَلُوهُ كائِنًا لمْ يَقْدِرُوا عَليهِ، جَفَّ القلَمُ بمَا هُوَ كَائِنٌ إلى يَوْم القِيَامَةِ، وَمَا أخْطَأَ العَبْدَ لمُ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، وَمَا أصَابَهُ لمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ. 798 - بِلَوْحِهِ المَحْفُوظِ إنَّا نَشْهَدُ ... حَقًّا وَبالقَلَمِ لَسْنا نجْحَدُ 799 - وَهَكَذَا نُؤْمِنُ أنَّ القَلَمَا ... فيهِ مَقَادِيرَ الوَرَى قدْ رَقَمَا 800 - حَيْثُ أحَاطَ عِلْمُهُ بالغَيْبِ ... بمَا يَكُونُ بَعْدُ دُونَ رَيْبِ 801 - وَأَمَرَ القَلَمَ أنْ يُسَطِّرَا ... في لَوْحِهِ المَحْفُوظِ مَا قَدْ قُدِّرَا 802 - فَكَتَبَ القَلَمُ كُلَّ مَا يَكُونْ ... في الكَوْنِ مِنْ حَرَكَةٍ أوْ مِنْ سُكُونْ 803 - وَكَانَ مَا سَطَّرَهُ مُطابِقَا ... لعِلْمِهِ بمَا يَكُونُ سَابِقَا 804 - وَجَفَّتِ الأقْلامُ والصُّحْفُ انْطَوَتْ ... فَلا يكُونُ بَعْدُ إلا مَا حَوَتْ 805 - لوْ حَاوَلَ العِبَادُ أنْ يُغيِّرُوا ... شَيْئًا بهِ فإنهُمْ لنْ يقْدِرُوا 806 - ما كانَ غَيرَ وَاقِعٍ وَاجْتَمَعُوا ... لِيَجْعلُوهُ وَاقعًا لا يَقَعُ 807 - هلْ يَسْتطِيعُ أحَدٌ مِنَ الوَرَى ... إيجَادَ شَيْءٍ لمْ يَكُنْ مُقَدَّرَا 808 - وَمَا بِهِ مِنْ كَائِنٍ مَنْ يَمْنَعُهْ ... أوْ مَا بِهِ مِنْ وَاقِعٍ مَنْ يَدْفَعُهْ؟ 809 - مَنْ يَسْتطِيعُ أنْ يَحُولَ دُونا ... وُقُوعِ مَا قُدِّرَ أنْ يَكُونا 810 - وَالعَبْدُ لا يُجَاوِزُ المَسْطُورَا ... أَوْ يَتخَطَّى القَدَرَ المَقْدُورَا 811 - وَلمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ مَا أخْطَأَهْ ... وَمَا أصَابَ لمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهْ

* فصل: في سبق علم الله في الكائنات قبل خلقها

فَصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَعَلى العَبْدِ أنْ يَعْلمَ أنَّ اللهَ قدْ سَبَقَ عِلْمُهُ في كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا مُحْكَمًا مُبْرَمًا، لَيْسَ فيهِ ناقِضٌ، وَلا مُعَقِّبٌ وَلا مُزِيلٌ وَلا مُغَيرٌ، وَلا نَاقِصٌ وَلا زَائِدٌ مِنْ خَلقِهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأرْضِهِ، وَذَلِكَ مِنْ عَقدِ الإيمَان وَأصُولِ المَعْرفة، وَالاعْتِرَافِ بتوْحِيدِ اللهِ تعالى وَرُبُوبيَّتِهِ، كمَا قالَ تَعَالى فِي كِتَابِهِ: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فقدَّرَهُ تقْدِيرًا) وَقَالَ تعالى: (وَكانَ أمْرُ اللهِ قدَرًا مَقدُورًا) فوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ للهِ تعَالى فِي القَدَرِ خَصِيمًا، وَأحَضَرَ للنَّظَرِ فيهِ قلبًا سَقِيمًا، لَقَدِ الْتمَسَ بوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيمًا، وَعَادَ بمَا قَالَ فيهِ أفَّاكًا أَثِيمًا. 812 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ عِلْمَ رَبِّي سَبَقَا ... في كُلِّ مَا يَكُونُ مِمَّا خَلقَا 813 - أَحَاطَ قبْلَ الخَلقِ وَالإيجَادِ ... بِكُلِّ كائِنٍ مِنَ العِبَادِ 814 - ثمَّ قَضَى هَذَا قَضَاءً مُحْكَمَا ... لانقْضَ فيهِ بَلْ يَكُونُ مُبْرَمَا 815 - وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِ رَبِّنا ... وَمَا قَضَاهُ فهْوَ نَافِذٌ بنا 816 - فلا إزَالةٌ وَلا تَغْيِيرُ ... لهُ وَلا تَقْدِيمٌ اوْ تأْخِيرُ 817 - بَلْ كُلُّ شَيْءٍ طِبْقَ ما أرَادَهْ ... يَكُونُ دُونَ نقْصٍ اوْ زِيَادَةْ 818 - فكُنْ بهَذا مِنْ أُولي اليَقِينِ ... كيْ يسْتَقِيمَ فِيكَ أمْرُ الدِّينِ 819 - فهُوَ مِنْ لَوَازِمِ الإِيمَانِ ... وَمِنْ أُصُولِ العِلْمِ وَالعِرْفَانِ 820 - وَهُوَ مِنْ لوَازِمِ الإقرَارِ ... بِالرَّبِّ مِنْ مُدَبِّرٍ وَبَارِي 821 - أَدِلَّةُ القَدَرِ لا مَحَالَةْ ... قَطْعِيَّةُ الثُّبُوتِ وَالدِّلالَةْ 822 - فاقْرَأْ وَكانَ أمْرُهُ مَقْدُورَا ... في سُورَةِ الأحْزَابِ جَا مَسْطُورَا 823 - كَمَا أتى فِي سُورَةِ الفُرْقانِ ... نَصٌّ غَدَا فِي غَايَةِ البَيَانِ

824 - يَقُولُ إنَّ رَبَّنا القَدِيرا ... قَدَّرَ مَا خَلَقَهُ تَقْدِيرا 825 - فَهَلْ تَرَى أصْدَقَ منهُ قِيلا ... وَهَلْ تُرِيدُ بَعْدَهُ دَلِيلا؟ 826 - إِذَنْ فكُلُّ أمْرِنَا مُسَطَّرُ ... في لَوْحِهِ المَحْفُوظِ أوْ مُقَدَّرُ 827 - لَكِنَّ ذا لا يُوجِبُ اتِّكَالا ... أَوْ يقْتَضِي أنْ نتْرُكَ الأعْمَالا 828 - فلْيَلْزَمِ الإنْسَانُ مِنَّا العَمَلا ... وَلْيَدَعِ المِرَاءَ ثمَّ الجَدَلا 829 - وَهَلْ دَرَى الإنْسَانُ مَا قدْ قَدَّرَهْ ... رَبُّ الوَرَى عَلَيْهِ أوْ قَدْ سَطَّرَهْ؟ 830 - إِيَّاكَ أنْ تحْتَجَّ بالأقْدَارِ ... فأنْتَ ذُو كَسْبٍ اوِ اخْتِيَارِ 831 - وَاللهُ لم يُجْبِرْ على المَعَاصِي ... أَوِ الذُّنُوبِ أَحَدًا يَا عَاصِي 832 - كلا وَلمْ يَضْطَرَّ مِنْ إنسَانِ ... يَوَمًا إلى الطاعَةِ وَالإحْسَانِ 833 - فَكَيْفَ تَغْدُو يا أَخِي مَعْذُورا ... وَأنْتَ حَقًّا لمْ تكُنْ مَجْبُورا؟ 834 - وَاعْلَمْ بأنَّ الاحْتِجَاجَ بالقَدَرْ ... يَصْلُحُ حِينمَا نُصَابُ بالضَّرَرْ 835 - أمَّا إِذَا احْتَجَّ بِهِ المَرْءُ عَلى ... عِصْيَانِهِ اللهَ فَلا وَأَلْف لا 836 - ثمَّ أليْسَ رَبُّنا قَدْ أَنْذَرا ... فَكَيْفَ للعَبْدِ إِذَنْ أَنْ يُعْذَرَا؟ 837 - قَدْ أَنْزَلَ الكُتْبَ وَأرْسَلَ الرُّسُلْ ... تَدْعُو إِلى سَبِيلِهِ خَيْرِ السُّبُلْ 838 - وَوَضَّحُوا الطَّرِيقَ والمَحَجَّةْ ... فلَيْسَ للنَّاسِ عَلَيْهِ حُجَّةْ 839 - وَيلٌ لمَنْ خَاصَمَ رَبِّي في القَدَرْ ... وَفِيهِ بالقَلْبِ السَّقِيمِ قَدْ نَظَرْ 840 - وَخَاضَ في أقْدَارِ رَبِّي وَاهِمَا ... كَأنَّهُ بالغَيْبِ صَارَ عَالِمَا 841 - مُلْتَمِسًا سِرًّا غَدَا كَتِيما ... لَيْسَ سِوَى اللهِ بهِ عَلِيما 842 - وَيْلٌ لهُ مَنْ خَائِضٍ بوَهْمِهِ ... وَوَيْحَهُ مِنْ كَاذِبٍ في زَعْمِهِ 843 - إِذْ مَا طَوَاهُ اللهُ مَنْ يَكشِفُهُ ... وَمَا بغَيْبِ اللهِ مَنْ يعْرِفُهُ؟ 844 - يَا أيُّهَا الأفَّاكُ أقْصِرْ إنهَا ... حَقِيقَةٌ يفْنى العِبَادُ دُونها 845 - بُؤْتَ بإِثمٍ قَدْ غَدَا عَظِيما ... لا غَرْوَ إنْ عُدْتَ إِذَنْ أَثِيما

* فرع: في أنواع كتابة المقادير

فرْعٌ: في أنوَاعِ كِتابَةِ المَقادِيرِ. 846 - وَفي كِتَابَةِ المَقادِيرِ دَخَلْ ... خَمْسَةُ أنوَاعٍ بنَقْلٍ اتَّصَلْ 847 - وَكُلُّهَا لعِلْمِهِ الجَلِيلِ ... تَرْجِعُ في الإجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ 848 - فأَوَّلُ الأنوَاعِ مَا قَدْ قَدَّرَهْ ... رَبِّي وَفي أُمِّ الكِتَابِ سَطَّرَهْ 849 - وَذَاكَ لا تبْدِيلَ أوْ تَغْيِيرَا ... فِيهِ وَلا تَقْدِيمَ أَوْ تأْخِيرَا 850 - وَلَيْسَ مَحْوٌ فيهِ أَوْ إِثْبَاتُ ... كمَا رَأَى المَشَايِخُ الأثْبَاتُ 851 - وَإنمَا المَحْوُ أوِ الإثْباتُ في ... كُتْبِ المَلائِكَةِ أوْ في الصُّحُفِ 852 - وَذَلِكَ التَّقْدِيرُ يُدْعَى الأَزَلي ... وَبعْضُهُمْ يَدْعُونَهُ بالأوَّلِ 853 - وَكَانَ هَذَا الأمْرُ لمَّا خَلَقَا ... رَبُّ الوَرَى القَلَمَ فيمَا سَبَقَا 854 - وَكانَ عَرْشُ اللهِ َفوْقَ المَاءِ ... مِنْ قَبلِ خَلْقِ الأرْضِ وَالسَّمَاءِ 855 - وَعِنْدَ أَخْذِ العَهْدِ والمِيثَاقِ ... قدْ كَانَ تقْدِيرٌ مِنَ الخَلاقِ 856 - إذْ رَبُّنا أَخْرَجَنا مِنْ ظَهْرِ ... وَالِدِنَا آدَمَ مِثْلَ الذَّرِّ 857 - وَأَخَذَ المِيثاقَ أنْ نعْبَدَهُ ... وَأَنْ نخُصَّهُ بذَاكَ وَحْدَهُ 858 - ثمَّ بِكَفَّيهِ أفَاضَ البَارِي ... بِنا فَأَهْلُ جَنَّةٍ أوْ نَارِ 859 - وَالثَّالِثُ التَّقْدِيرُ فيمَا يجْرِي ... مِنْهُ على الإنْسَانِ طُولَ العُمْرِ 860 - في رَحِمِ الأمِّ لدَى تخْلِيقِ ... نُطْفَتِهِ يَكُونُ ذا تحْقِيقِ 861 - إِذْ يَنْفُخُ الرُّوحَ بِهِ مَنْ وَكَّلَهْ ... رَبِّى بهذَا مِنْ مَلاكٍ أرْسَلَهْ 862 - وَيكْتُبُ المَلَكُ بَعْدُ عَمَلَهْ ... وَرِزْقَهُ المَقْسُومَ ثمَّ أَجَلَهْ 863 - ثمَّ شَقِيٌّ هُوَ أمْ سَعِيدُ ... مُقَرَّبٌ أمْ أنَّهُ طَرِيدُ 864 - وَالرَّابِعُ التَّقْدِيرُ حَوْلا حَوْلا ... في ليْلَةِ القَدْرِ بِقَوْلِ المَوْلى

865 - حَيْثُ يَقُولُ رَبُّنا في الذِّكْرِ ... في هَذِهِ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرِ 866 - يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الكِتَابِ مَا جَرَى ... في هَذِهِ السَّنَةِ مِمَّا قدَّرَا 867 - فيُكْتَبُ الأحْيَاءُ وَالأمْوَاتُ ... وَتُكْتَبُ الأرْزَاقُ وَالأقْوَاتُ 868 - وَالخَامِسُ اليَوْمِيُّ حَيْثُ قدْ قَضَى ... رَبِّي بإنْفَاذِ جَمِيعِ مَا مَضَى 869 - دَلِيلُهُ قَدْ جَاءَ في القُرْآنِ ... في كُلِّ يَوْمٍ رَبُّنا في شَانِ 870 - فَرَبُّنا فِي كُلِّ يوْم يَرْفَعُ ... مِنَ الوَرَى قَوْمًا وَقَوْمًا يَضَعُ 871 - وَفِيهِ أيْضًا يَغْفِرُ الذُّنُوبا ... لتَائِبٍ وَيكْشِفُ الكُرُوبا 872 - فهَذِهِ مَجْمُوعُ مَا قَدْ قَدَّرَهْ ... وَكُلُّهَا عَنْ عِلْمِ رَبِّي صَادْرَةْ 873 - ثمَّ التَّقَادِيرُ التي تأَخَّرَتْ ... كَأَنها مِنْ لوْحِهِ قَدْ صَدَرَتْ 874 - هَذا الذِي جَاءَ عَنِ الأشْيَاخِ ... مُفسِّرِينَ مَعْنى الاسْتِنْسَاخِ 875 - وَرُبَّمَا يكُونُ رَبِّي فَصَّلا ... بها الذِي فِي اللَّوْحِ جَاءَ مُجْمَلا 876 - لكِنَّمَا هَذا عَلى احْتِمَال ... كِتَابَةِ اللَّوْحِ عَلَى الإجْمَالِ

* فرع: في العلاقة بين القضاء والقدر

فرع: في العَلاقةِ بيْنَ القضَاءِ وَالقَدَر 877 - عَلاقَةُ القَضَاءِ بالتَّقْدِيرِ ... لَيْسَتْ بحَاجَةٍ إلى تقْرِيرِ 878 - فَإِنمَا القَدَرُ كالأسَاسِ ... ثمَّ القَضَاءُ كالبِنَاءِ الرَّاسِي 879 - فَالقَدَرُ الذِي إلهِي قَدَّرَا ... في أزَلٍ بأنْ يَكُونَ في الوَرَى 880 - أَمَّا القَضَاءُ فهْوَ ما يَقْضِيهِ ... رَبُّ الوَرَى في الخَلْقِ أوْ يُمْضِيهِ 881 - فَمَنْ أَرَادَ الفَصْلَ للقَضَاءِ ... عَنْهُ أَرَادَ الهَدْمَ للبِنَاءِ 882 - وَقِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ قدْ دَخَلا ... فِيمَا لَدَى الآخَرِ حَيْثُ انْفَصَلا 883 - وَعِنْدَ الاجْتِمَاعِ في سِيَاقِ ... تَبَايَنا مَعْنىً بلا اتِّفَاقِ 884 - فالعِلْمُ وَالمَشِيئَةُ التَّسْطِيرُ ... في اللَّوْحِ قَدْ خُصَّ بها التَّقْدِيرُ 885 - وَالخَلْقُ وَالإيجَادُ وَالإمْضَاءُ ... لمَا يَشَا خُصَّ بهِ القَضَاءُ

* فرع: في حكم الرضا بالقضاء

فرْعٌ: في حُكم الرِّضَا بالقضَاءِ. 886 - ثمَّ رِضَانا بالقَضَاءِ قَدْ وَجَبْ ... وَرُدَّ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ يُسْتَحَبّْ 887 - حَيْثُ القَضَاءُ فِعْلُهُ تعَالى ... فَالوَاجِبُ الرِّضَا بهِ امْتِثالا 888 - أَمَّا الرِّضَا بِكُلِّ مَقْضِيٍّ فلا ... بَلْ إنَّهُ لابُدَّ أنْ يُفَصَّلا 889 - إِنْ يكُنِ المقْضِيُّ شَرْعِيًّا فمَا ... عَلَيْكَ فِيه غَيْر أنْ تُسَلِّمَا 890 - إِذْ عَدَمُ الرِّضَا به يُنَافِي ... كَوْنَكَ بالإيمَانِ ذا اتِّصَافِ 891 - وَإِنْ يَكُنْ مَقْضِيُّهُ كَوْنِيَّا ... أيْ لَيْسَ شَرْعيًّا وَلا دِينِيَّا 892 - فذاكَ مِنْهُ ما الرِّضَا بهِ وَجَبْ ... وَمِنهُ غيرُ جَائِزٍ ومُسْتَحَبْ 893 - فَالوَاجِبُ الرِّضَا بمِثْلِ النِّعَمِ ... إذْ ذَاكَ مِنْ تمَامِ شُكْرِ المُنْعِمِ 894 - وَكيْفَ لا يرْضَى الفَتى وُجُوبا ... بمَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحْبُوبا؟ 895 - وَيُسْتَحَبُّ الصَّبرُ والرِّضَا إذا ... أَصَابَهُ القضَاءُ يَوْمًا بالأذَى 896 - إِذْ لا يُحِبُّ العَبْدُ أنْ يُصَابا ... وَلمْ يكُنْ هَذا لهُ اكْتِسَابا 897 - وَهَلْ جَرَى هَذا على مُرَادِهِ ... وَكانَ قدْ حَصَلَ بِاجْتِهَادِهِ؟ 898 - وَلا يجُوزُ أبَدًا لعَاصِي ... رِضَاهُ بالذُّنُوبِ والمَعَاصِي 899 - لأنهَا تَقَعُ باخْتِيَارِ ... مِنْهُ وَعَنْهَا قدْ نهَاهُ البَارِي 900 - وَكَيْفَ يَرْضَى بالذْي رَبُّ الوَرَى ... يَسْخَطُهُ وَإِنْ يَكُنْ مُقَدَّرَا

* فرع: في بيان مخالفينا في القضاء والقدر

فرع: فِي بَيَان مُخَالفِينا في القَضَاءِ. 901 - مُخَالِِفُونا في القَضَاءِ وَالقَدَرْ ... صِنْفَانِ خَالَفَا الكِتَابَ وَالأثَرْ 902 - فأوَّلُ الصِّنفيْنِ فالغُلاةُ ... فِيهِ وَغَيرُهُمْ هُمُ النُّفَاةُ 903 - أمَّا الغُلاةُ فَهُمُ الجَبرِيَّةْ ... لِقَوْلِهِمْ بِالجَبْرِ للبرَيَّةْ 904 - بجَهْلِهِمْ قَدْ أَسْنَدُوا الأفْعَالا ... جمِيعَها لِرَبِّنا تَعَالى 905 - فَالعَبْدُ في أفْعَالِهِ مَجْبُورُ ... وَهْوَ عَلَيْها أبَدًا مَقْهُورُ 906 - وَمَا لَهُ في فِعْلِهَا اقْتِدَارُ ... وَلا إِرَادَةٌ وَلا اخْتِيَارُ 907 - ثمَّ غَلا غُلاتُهُمْ فقَالُوا ... بَلْ عَيْنُ فِعْلِ الرَّبِّ ذِي الأفْعَالُ 908 - إِسْنَادُهَا للعَبْدِ مَا قَدْ جَازَا ... حَقِيقَةً وَإنمَا مَجَازَا 909 - أمَّا النُّفَاةُ للقَضَاءِ والقَدَرْ ... فهُمْ مَجُوسٌ قَالها خَيْرُ البَشَرْ 910 - إِذْ بَالَغُوا في قُدْرَةِ العِبَادِ ... في الخَلْقِ للأفْعَالِ وَالإيجَادِ 911 - وَنازَعُوا في أَنْ يكُونَ البَارِي ... لَهُ مَشِيئَةٌ وَذا اخْتِيَار 912 - قالُوا وَلَيْسَ رَبُّنا بخَالِقِ ... شَيْئًا مِنَ الأفْعَالِ للخَلائِقِ 913 - فَهِىَ لا تَدْخُلُ تحْتَ قُدْرَتِهْ ... وَخَرَجَتْ كَذَاكَ عَنْ مَشِيئَتِهْ 914 - وَالعَبْدُ في أفْعَالِهِ اسْتَقَلَّا ... بخلْقِهَا أطَاعَ أمْ توَلَّى 915 - بَلْ إنَّ بعْضَهُمْ غَلا فأنْكَرَا ... عِلْمَ الإِلَهِ سَابِقًا بمَا جَرَى 916 - أَيْ رَبُّنَا قَبْلَ حُصُولِ العَمَلِ ... لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِهِ فِي الأزَلِ 917 - وَإنمَا يعْلَمُهُ مِنْ بَعْدِ ... وُقُوعِهِ أَيْ بَعْدَ فِعْلِ العَبْدِ 918 - فلا كِتَابَةٌ وَلا تَسْطِيرُ ... فِي اللَّوْحِ بلْ قَدِ انْتَفى التَّقْدِيرُ 919 - وَإنمَا الأمْرُ كمَا قدْ قالُوا ... مُسْتأْنَفٌ وَذَا هُوَ الضَّلالُ 920 - بَلْ إنَّ مَنْ غَلا فأنْكَرَ القَدَرْ ... فإنَّهُ يَكُونُ مِمَّنْ قَدْ كَفَرْ

* فصل: في إثبات العرش والكرسي

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌّ. 921 - وَالعَرْشُ وَالكُرْسِيُّ حَقٌّ مَا امْتَرَى ... في ذَلِكَ الأمْرِ سِوَى مَنِ افْتَرَى 922 - وَرَبُّنا حَقًّا عَلى العَرْشِ اسْتَوَى ... خِلافَ ما يَرَاهُ أصْحابُ الهَوَى 923 - رَدُّوا بجَهْلِهِمْ كَلامَ المَوْلى ... وَأوَّلُوا لَفْظَ اسْتَوَى باسْتَوْلى 924 - لوْ كَانَ هَذا في اللِّسَان جَائِزا ... لَكَانَ رَبُّ العَرْشِ عَنْهُ عَاجِزا 925 - لَكِنَّنَا قُلْنَا كَقَوْلِ المَوْلى ... وَمَنْ يُرَى أصْدَقَ مِنْهُ قَوْلا؟ 926 - نُثْبِتُ الاسْتِوَا بلا تأْوِيلِ ... وَدُونَ تكْيِيفٍ وَلا تمْثِيلِ 927 - أَوْ هُوَ إِثْبَاتٌ بلا تمْثِيلِ ... وَهُوَ تَنْزِيهٌ بلا تَعْطِيلِ

* فصل: في استغناء الله تعالى عن العرش

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُسْتغْنٍ عَنِ العَرْشِ وَمَا دُونهُ. 928 - وَرَغْمَ كَوْنِهِ اسْتَوَى عَلَيْهِ ... مَا احْتَاجَ رَبِّي أبَدًا إِلَيْهِ 929 - إيَّاكَ أنْ تَظُنَّ ظَنًّا بَاطِلا ... في اللهِ أوْ تَرَى خَيَالا عَاطِلا 930 - كأَنْ تظُنَّ عَرْشَهُ يُقِلُّهُ ... أَوْ أَنْ تَرَى سمَاءَهُ تظِلُّهُ 931 - فَرَبُّنا سُبْحَانَهُ قدْ وَسِعَا ... كُرْسيُّهُ السَّمَاءَ وَالأرْضَ مَعَا 932 - وَلا تقُومُ الأرْضُ والسَّمَاءُ ... إلا بأمْرِهِ كَمَا يَشَاءُ 933 - وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أنْ تَزُولا ... فَهَلْ يكُونُ بالسَّمَا مَحْمُولا؟ 934 - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذا وَهْمُ ... يُصَانُ عَنْهُ رَبُّنا وَزَعْمُ 935 - فَرَبُّنا هُوَ الغَنيُّ مُطْلَقَا ... فَكَيْفَ يَحْتَاجَ إلى مَنْ خَلَقَا؟

* فصل: في الإحاطة والفوقية

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفوْقَهُ، وَقدْ أعْجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلْقَهُ. 936 - قدْ أَعْجَزَ العِبَادَ أنْ يُحِيطُوا ... عِلْمًا بِهِ وَهْوَ بهِمْ مُحِيطُ 937 - وَهُوَ فوْقهُمْ بكُلِّ مَعْنى ... ذَاتًا وَقَهْرًا لهُمُ وَشَأْنا 938 - وَالوَصْفُ بالعُلُوِّ والفَوْقِيَّةْ ... لَيْسَ يُنافِي القُرْبَ وَالمَعِيَّةْ 939 - فَرَبُّنا بِعِلْمِهِ يَكُونُ ... مَعَ العِبَادِ أَيْنَمَا يَكُونُوا 940 - أَحَاطَ عِلْمُ اللهِ بالوُجُودِ ... وَهُوَ في السَّمَا بِلا حُدُودِ 941 - مَنْ قَالَ رَبِّي في جمِيعِ الأمْكِنَةْ ... بِالذَّاتِ فهْوَ في العَمَى ما أمْكَنَهْ 942 - بَلْ إِنَّ قَوْلَ ذلِكَ الجَهُولِ ... يَكُونُ عيْنَ القَوْلِ بالحُلُولِ 943 - مَا حَلَّ رَبُّ النَّاسِ في مَكَانِ ... كلا وَلمْ يَحِلَّ في إنْسَانِ 944 - فكَيْفَ قالَ الكَلْبُ: مَا في الجُبَّةِ ... وَهْيَ عَلَيْهِ غَيرُ رَبِّ الكَعْبَةِ؟ 945 - وَكَيْفَ قالَ بَعْضُهُمْ سُبْحَاني ... أنَا الإِلَهُ مَا أَجَلَّ شَاني؟ 946 - أمَا دَرَى الأعْمَى بلِ العَمِيُّ ... بأنَّ رَبِّي مَا لهُ سَمِيُّ؟ 947 - وَكُفْرُ هَؤُلاءِ بالمَعْبُودِ ... كَكُفْرِ أَهْلِ وَحْدَةِ الوُجُودِ 948 - فالرَّبُّ عَبْدٌ عِنْدَهُمْ وَالعَبْدُ ... رَبٌّ فلا تفْرِيقَ فِيمَا يَبْدُو 949 - بَلْ كُلُّ مَرْبُوبٍ لدَيْهِمْ رَبُّ ... حَتى الخَنَازِيرُ وَحَتى الكَلْبُ 950 - فهلْ تَرَى إفْكًا كَهَذَا الإفْكِ ... وَهَلْ تَرَى شِرْكًا كهَذَا الشِّرْكِ؟ 951 - وهلْ تَرَى في الكُفْرِ وَالإلحَادِ ... كُفْرًا غَدَا كَهَذَا الاعْتِقَادِ؟

* فصل: في جامع الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته

فرْعٌ: في جَامِعِ الإلحَادِ في أسْمَاءِ اللهِ تعَالى وَصِفاتِهِ، وَحُكْمِ ذلِكَ. 952 - إيَّاكَ وَالإلحَادَ في أَسْمَائِهِ ... فتُغْضِبَ الإِلَهَ في سَمَائِهِ 953 - كَأَنْ يُسَمِّي المَرْءُ دُونَ حَقِّ ... بهذِهِ الأسْمَاءِ بَعْضَ الخَلْقِ 954 - أَوْ خَلْعِ ما يُشْتَقُّ مِنْ أَسَامِي ... للهِ كالعُزَّى عَلَى الأصْنَامِ 955 - وَكَاشْتِقَاقِ اللاتِ مِنْ إِلَهِ ... قَوْلا مِنِ اثْنيْنِ لِغيْرِ اللهِ 956 - أَوْ أنْ يُسَمَّى رَبُّنا بما لا ... يَلِيقُ باللهِ أوِ اسْتَحَالا 957 - كَأَنْ يُسَمَّى ربُّنا جَلَّ أبَا ... أوْ فَاعِلا مُؤَثِّرًا أوْ مُوجَبا 958 - وَمِنْهُ وَصْفُ عَالمِ الغُيُوبِ ... بهذِهِ الآفَاتِ وَالعُيُوبِ 959 - كَالقَوْلِ أَنَّ الخَالِقَ الفَتَّاحَا ... قَدْ مَسَّهُ اللُّغُوبُ فَاسْتَرَاحا 960 - أَوْ أَنْ تحُرَّفَ بهَا المَبَاني ... بِالزَّيْدِ وَالتَّغْيِيرِ وَالنُّقْصَانِ 961 - كَقَوْلِهِمْ في الاسْتِوَاءِ اسْتوْلى ... وَفي المَجِيءِ جَاءَ أَمْرُ المَوْلى 962 - وَقَدْ يُرَى التحْرِيفُ في المعَاني ... وَتُتْرَكُ الألفَاظُ وَالمبَاني 963 - وَذَا بإِعْطَاءِ الصِّفَاتِ مَعْنى ... لا يَحْتَويهِ اللَّفْظُ ثمَّ المَبْنى 964 - كَقَوْلهم وَجَلَّ عَمَّا زعَمُوا ... في سَمْعِهِ سُبْحَانَهُ أَيْ يَعْلَمُ 965 - وَهَكَذَا يُفسِّرُونَ البَصَرَا ... بعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بمَا جَرَى 966 - أَوْ أنْ تُعَطَّلَ الصِّفَاتُ جَحْدَا ... مِنْهُمْ وَتَكْذِيبًا لهَا وَرَدَّا 967 - بَلْ بالَغُوا فِي النَّفْيِ والإنْكَارِ ... مُكَذِّبِينَ نَاقِلَ الأخْبَارِ 968 - فَمَا لرَبِّنا وَلا قَدْ جَازَا ... يَدٌ حَقِيقَةً وَلا مَجَازَا 969 - وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ التعْطِيلُ ... لها بَأَنْ يُنْفَى بها المَدْلُولُ 970 - يُمَرِّرُونها بلا إِيمَانِ ... بمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَعَاني

971 - فرَبُّنا البَصِيرُ لكِنْ لا يَرَى ... كَمَا يَقُولُ مَنْ تعَدَّى وَافْتَرَى 972 - وَتارَةً يُؤَوِّلُونَ الظَّاهِرَا ... وَيَصْرِفُونَهُ لمَعْنىً آخَرَا 973 - وَيدَّعُونَهُ مِنَ التَّنْزِيهِ ... للهِ مِنْ تجْسِيمٍ اوْ تَشْبِيهِ 974 - وَهَكَذَا أسْمَاؤُهُ مُعَطَّلَةْ ... بنَفْيِها أوْ كَوْنِهَا مُؤَوَّلَةْ 975 - وَكُلُّهُ عِنْدِي مِنَ الإِلحَادِ ... وَالميْلِ عَنْ نهْجِ أُولِي الرَّشَادِ 976 - أَوْ أنْ يَرَوْا صِفاتِهِ مُكيَّفَةْ ... بذِكْرِ هَيْئةٍ عَليْهَا أوْ صِفَةْ 977 - كَوَصْفِهِمْ هَيْئةَ الاسْتِوَاءِ ... أَوْ هَيْئَةَ النُّزُولِ للسَّمَاءِ 978 - وَفِيهِ ما فِيهِ مِنَ التَّحْدِيدِ ... لرَبِّنا ـ جَلَّ ـ مَعَ التَّجْسِيدِ 979 - أَوْ أنْ يُشَبَّهَ الإِلَهُ بالوَرَى ... في صِفَةٍ مِمَّا لهُ قدْ أخْبَرَا 980 - كَقَوْلِهِمْ يَسْمَعُ مِثْلَ البَشَرِ ... أَوْ أنَّ وَجْهَهُ كَوَجْهِ القَمَرِ 981 - وَهَكَذَا الإلحَادُ ذُو أشْكَالِ ... وَقدْ مَضَتْ بالحَدِّ والمِثَالِ 982 - فلْتَذَرِ الذِينَ يُلحِدُونا ... فيها وَكُنْ مِمَّنْ يُوَحِّدُونا 983 - فَلا تمِلْ بها لمعْنىً باطِلِ ... أَوْ تَنْفِ ما بها مِنَ الدَّلائِلِ 984 - فمَنْ يُعَطِّلْ وَصْفَهُ أوْ أنْكَرَا ... حَتى وَلوْ إِحْدَى الصِّفَاتِ كَفَرَا 985 - وَمَنْ يُشبِّهْ رَبَّنا أو جَسَّمَا ... لمْ يعْبُدِ اللهَ ولَكِنْ صَنَمَا 986 - وَاحْكُمْ عَلَيْهِ أنَّهُ قدْ صَارا ... مُشَابهًا بشِرْكِهِ النَّصَارى 987 - وَمَنْ يُؤَوِّلها بحُسْنِ نِيَّةْ ... مُجْتَهِدًا في هَذِهِ القَضِيَّةْ 988 - وَكَانَ للتَّأْويلِ وَجْهٌ في اللُّغَةْ ... وَعَادَ للحَقِّ بها إِنْ بَلغَهْ 989 - فاللهُ يَعْفُو عَنْهُ في اعْتِقَادِهِ ... بلْ رُبَّمَا يُثَابُ لاجْتِهَادِهِ 990 - وَمَنْ يُؤَوِّلْ تِلْكَ عَنْ تعَصُّبِ ... وَكَانَ وَجْهًا فِي لِسَان العَرَبِ 991 - فَالحَقُّ أنَّهُ يكُونُ فاسِقَا ... بفِعْلِهِ وَلا يكُونُ مَارِقا 992 - إلا إذا تَضَمَّنَ التَّأْوِيلُ ... نقْصًا فَذَا لِكُفْرِهِ أَمِيلُ

993 - وَمَنْ يُؤَوِّلْ دُونَ أنْ يكُونَ لَهْ ... وَجْهٌ لَدَى اللِّسَانِ فِيمَا أوَّلَهْ 994 - وَكَانَ تأْويلُ الصِّفَاتِ صَادِرا ... عَنِ الهَوَى وَالرَّأيِ كانَ كَافِرا

* فصل: في إثبات الخلة لإبراهيم والتكليم لموسى

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنقُولَ إنَّ اللهَ اتخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلا، وَكلَّمَ اللهُ مُوسَى تكْلِيمًا، إيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَتَسْلِيمًا. 995 - وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا الحَلِيمَا ... كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تكْلِيما 996 - وَأَنَّ إبْرَاهِيمَ رَبِّي اتخَذَا ... مِنهُ الخَليلَ وَالرَّسُولُ هَكَذَا 997 - نقُولُ هَذا مُؤْمِنِينَ حَقَّا ... بِهِ وَتسْلِيمًا لهُ وَصِدْقا 998 - وَمَنْ بِهِ كَذَّبَ كابْنِ دِرْهَم ... فإنَّهُ حَلالُ مَالٍ وَدَمِ

* فصل: في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل

فصْلٌ: في نظم قوْلِهِ: وَنؤْمِنُ بالمَلائِكةِ وَالنبيِّينَ، وَالكتبِ المُنَزَّلةِ عَلى المُرْسَلِينَ، وَنَشْهَدُ أنهُمْ كَانُوا عَلى الحَقِّ المُبِينِ. 999 - وَبمَلائِكَةِ ذِي الجَلالِ ... نُؤْمِنُ بالتَّفْصِيلِ والإِجْمَالِ 1000 - نُؤْمِنُ إِجمَالا بمَا قَدْ أَجْمَلَهْ ... رَبِّي وَلَمْ يُسُمَّ فِيما أَنْزَلَهْ 1001 - وَمَا أتَى في الذِّكْرِ بالتَّفْصِيلِ ... نُؤْمِنْ بِهِ نَصًّا كَجِبرَائِيلِ 1002 - وَالرُّسْلُ آمَنَّا بِكُلِّ مَا لا ... نَعْلَمُ شَيْئًا عَنْهُمُ إِجْمَالا 1003 - ثمَّ بِتَفْصِيلٍ بمَا قَدْ قَصَّا ... رَبِّي عَلَيْنا ذِكْرَهُ أوْ نَصَّا 1004 - وَالوَحْيُ وَالتَّبْلِيغُ للنَّاسِ مَعَا ... لَدَى النَّبيِّ وَالرَّسُولِ اجْتَمَعَا 1005 - وَلَكِنِ النَّبيُّ قدْ أرْسَلَهُ ... رَبِّي بِشَرْعِ مَنْ يكُونُ قبْلَهُ 1006 - فمَا اسْتَقَلَّ الأنْبِيَاءُ مُطْلَقَا ... بِشِرْعَةٍ بَلْ قرَّرُوا مَا سَبَقَا 1007 - وَالرُّسْلُ مَنْ رَبِّي إِلَيهِمْ يُوحِي ... بِشِرْعَةٍ جَدِيدَةٍ كَنُوحِ 1008 - أَوَّلهُمْ مَنْ صَنَعَ السَّفِينَةْ ... آخِرُهُمْ مَنْ سَكَنَ المَدِينَةْ 1009 - وَقِيلَ بلْ آدَمُ كَانَ أَوَّلا ... مَنْ رَبُّنا إلى الوَرَى قدْ أرْسَلا 1010 - وَذَاكَ أَوَّلٌ عَلى أَسَاسِ ... إرْسَالِهِ بَعْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ 1011 - وَرَأْيُهُمْ هَذا مَعَ التَّأْوِيلِ ... يَكُونُ مُحْتاجًا إلى الدَّلِيلِ 1012 - فمَا أتى قَبْلُ هُوَ الصَّحِيحُ ... حَيْثُ أتَى نَصٌّ به صَرِيحُ 1013 - ذُو العَزْمِ نُوحٌ وَالخَلِيلُ ذُو الكَرَمْ ... مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ خَتَمْ 1014 - وَكُلُّهُمْ كَانُوا عَلى الحَقِّ المُبِينْ ... صَلَّى عَلَيْهِمْ رَبُّنا في العَالمِينْ 1015 - مَا لمْ يُسَمِّهِ لَنَا تَعَالى ... مِنْ كُتْبِهِ نُؤْمِنْ بِهِ إِجْمَالا 1016 - وَبالذِي سَمَّاهُ بِالتَّفْصِيلِ ... كَالذِّكْرِ وَالتَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ

* فصل: في تسمية أهل القبلة بمسلمين مؤمنين

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنسَمِّي أهْلَ قبْلتِنا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ مَا دامُوا بمَا جَاءَ بهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ مُعْتَرفِينَ، وَلهُ بِكُلِّ مَا قالهُ وَأخَبَرَ مُصَدِّقِينَ. 1017 - وَمَنْ يُصَلِّ مِثْلَنا واسْتَقْبَلا ... قِبْلَتَنا وَإِنْ ذبَحْنا أَكَلا 1018 - وَقَدْ أَقرَّ صَادِقًا واعْتَرَفا ... بمَا أتى بهِ النَّبيُّ المُصْطَفَى 1019 - وَصَدَّقَ الرَّسُولَ فِيمَا أخْبَرَا ... بِهِ وَمَا كَذَّبَهُ وَلا امْتَرَى 1020 - فَذَاكَ بالإسْلامِ وَالإيمَانِ ... يُوصَفُ مَهْما لجَّ في العِصْيَانِ 1021 - وَلمْ يَجُزْ تَكْفِيرُهُ بمَا ارْتكَبْ ... مِنَ الذُّنُوبِ أَوْ بإِثمٍ اكْتَسَبْ 1022 - مَا لمْ يَكُنْ بالقَلْبِ يَسْتَبِيحُ ... مَعْصِيَةً فكُفْرُهُ صَرِيحُ 1023 - إِذَنْ نُسَمِّي كُلَّ أهْلِ القِبْلَةْ ... بمُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ جُمْلَةْ 1024 - مَا لمْ يكُنْ إيمَانهُمْ قدِ انْتَقَضْ ... بمُبْطِلٍ أَوْ ناقِضٍ لَهُ عَرَضْ 1025 - وَالشَّيخُ قَالَ بالتَّرَادُفِ اعْلَمِ ... مَا بَينَ لفْظَيْ: مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمِ 1026 - وَقِيلَ كُلُّ واحِدٍ قَدْ غايَرَا ... مَعْنىً وَمَفْهُومًا أَخَاهُ الآخَرَا 1027 - وَعِنْدَنا إنْ أُفْرِدَ اللَّفْظَانِ ... يدْخُلُ كُلُّ وَاحِدٍ في الثَّانِي 1028 - وَإِنْ يكُونا اقْتَرَنا فِي حَالَةْ ... فالوَاجِبُ التَّفْرِيقُ في الدِّلالَةْ 1029 - فاخْتَصَّ مُسْلِمٌ بما قَدْ ظَهَرَا ... مِنْ عَمَلٍ لا مَا يَكُونُ اسْتَتَرَا 1030 - وَاخْتَصَّ مُؤْمِنٌ بمَا قَدْ بَطَنا ... مِنْ عَمَلٍ لا مَا يَكُونُ عَلَنَا 1031 - أوْ عَمَلُ القَلْبِ هُوَ الإيمَانُ ... وذَاكَ مَا تعْمَلُهُ الأرْكَانُ 1032 - وَمَا يَكُونُ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَا ... فَيَشْمَلُ العَمَلَ وَالمُعْتَقَدَا 1033 - هُمَا إِذَنْ إنْ أُفْرِدَا تجمَّعَا ... وَافْتَرَقَا إنْ يَجْمَعُوهُمَا مَعَا

1034 - وَالدِّينُ إِسْلامٌ كَذَا إيمَانُ ... وَفِيهِ أَيْضًا يَدْخُلُ الإحْسَانُ 1035 - وَاقْرَأْ بهِ حَدِيثَ جِبْرَائِيلا ... إِنْ رُمْتَ للثَّلاثَةِ التَّفْصِيلا

* فصل: في عدم الخوض في الله والمماراة في الدين

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَلا نخُوضُ فِي اللهِ، وَلا نمَارِي فِي دِينِ اللهِ. 1036 - وَلا نخُوضُ أبَدًا فِي البَارِي ... وَلا بِدِينِ رَبِّنا نمَارِي 1037 - مَنْ ذا الذِي يُدْرِكُ ذَاتَ المَوْلى ... حتَّى يَقُولَ المَرْءُ فيها قَوْلا؟ 1038 - وَهَلْ يَجُوزُ دُونَ عِلْمٍ أنْ نَصِفْ ... رَبِّ الوَرَى بمَا بِهِ لمْ يتَّصِفْ؟ 1039 - وَهَلْ لوَصْفٍ عِنْدَنا اعْتِبَارُ ... مَا لمْ تَرِدْ بذِكْرِهِ الأخْبَارُ؟ 1040 - وَكيْفَ نُلْقِي شُبُهَاتِ المُفْتَرِي ... فِي دِينِنا عَلَى امْرِئٍ ليَمْتَرِي 1041 - مَنْ شَكَّكَ امْرَأً بمَا قدْ أَلْقَى ... مِنْ شُبْهَةٍ لَهُ أَضَاعَ الحَقَّا 1042 - وَصَارَ بالدَّعْوَةِ والتَّزْيِينِ ... للشُّبُهَاتِ مُفْسِدًا للدِّينِ 1043 - وَكَيفَ لا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةْ ... بمثْلِهَا تلْتَبِسُ الحَقِيقَةْ؟

* فصل: في بيان حقيقة القرآن وعدم الجدال فيه

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نجَادِلُ فِي القرْآنِ، وَنشْهَدُ أنهُ كَلامُ رَبِّ العَالمِينَ، نزَلَ بهِ الرُّوحُ الأمِينُ، فعَلمَهُ سَيِّدَ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَلامُ اللهِ تعَالى لا يُسَاويهِ شَيْءٌ مِنْ كَلام المَخْلوقِينَ، وَلا نقُولُ بخَلقِهِ، وَلا نخُالِفُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ. 1044 - وَلا نَرَى الجِدَالَ فِي القُرْآنِ ... بالرَّأيِ وَالهَوَى بلا بُرْهَانِ 1045 - فَهْوَ كَلامُ اللهِ قدْ تحَمَّلَهْ ... مِنْهُ سمَاعًا ضَابِطٌ مَا أعْدَلَهْ 1046 - ثمَّ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ نَزَلا ... مُعَلِّمًا خَيرَ نبيٍّ أُرْسِلا 1047 - وَجَمَّعُوا في المُصْحَفِ الشَّريفِ ... حُرُوفَهُ خَوْفًا مِنَ التَّحْرِيفِ 1048 - نتْلُوهُ كُلَّ سَاعَةٍ وَآنِ ... نرْجُو ثوَابَ قَارِئِ القُرْآنِ 1049 - وَاعْلَمْ بأنَّ الصَّوْتَ صَوْتُ القَارِئِ ... لكنَّمَا المَتَلُوُّ قَوْلُ البَارِئِ 1050 - وَالرَّقُّ وَالمِدَادُ مَخْلُوقَانِ ... لَكِنَّمَا المكْتُوبُ للرَّحْمَنِ 1051 - فهْوَ كَلامُ اللهِ في الحَقِيقَةْ ... وَإِنْ تلَتْهُ أَلْسُنُ الخَلِيقَةْ 1052 - وَلا يُسَاوِيهِ كَلامُ خَلْقِهِ ... وَلا نقُولُ أبَدًا بخَلْقِهِ 1053 - وَلا نقُولُ إِنَّهُ عِبَارَةْ ... عَمَّا بِنَفْسِ اللهِ أوْ إِشَارَةْ 1054 - وَلا نَرَى رَأْيًا يُخَالِفُ السَّلَفْ ... حتَّى نكُونَ لهمُ خَيْرَ خَلَفْ 1055 - وَالوَقْفُ فِي القُرْآنِ والسُّكُوتُ ... رَأيٌ خَبِيثٌ باطِلٌ ممقُوتُ 1056 - فلا تَقِفْ وَتدِّعِي السَّلامَةْ ... فَليْسَ في الوَقْفِ سِوَى النَّدَامَةْ 1057 - كُنْ كالإمَامِ أحْمَدَ الشَّيْبَاني ... يَوْمَ امْتِحَانِ النَّاسِ في القُرْآنِ 1058 - أَصَرَّ لا يَقُولُ إلا الحَقَّا ... وَأَنَّهُ كَلامُ رَبِّي حَقَّا

1059 - وَلمْ يَهِنْ مَعْ شِدَّةِ التَّعْذِيبِ ... قَطُّ فيَا لَصَبْرِهِ العَجِيبِ 1060 - قَدْ أُلهِمَ الثَّبَاتَ يَوْمَ الشِّدَّةْ ... فَكَانَ كالصِّدِّيقِ يَوْمَ الرِّدَّةْ 1061 - حَتَّى انجَلَتْ عَنِ العِبَادِ المِحْنَةْ ... وَانخَمَدَتْ في الأَرْضِ نَارُ الفِتْنَةْ 1062 - فَلْتَجْزِ يا رَبِّ الإِمَامَ أحْمَدَا ... خَيرًا فَكَمْ أَسْدَى إِلى النَّاسِ يَدَا 1063 - قَامَ مَقَامًا فِيكَ لمْ يَقُمْهُ ... سِوَاهُ فلْتَغْفِرْ لَهُ وارْحَمْهُ 1064 - وَاجْعَلْ بمَا أصَابَهُ مِنْ بأْسِ ... فِيكَ جَزَاءً جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ

* فصل: في عدم تكفير المسلم بذنب لم يستحله

فصْلٌ: في نظمِ قوْلِهِ: وَلا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لمَ يَسْتحِلَّهُ. 1065 - وَلمْ نُكَفِّرْ مُسْلِمًا بِذَنْبِ ... إِلا إِذَا اسْتَحَلَّهُ بالقَلْبِ 1066 - لَكِنْ بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ مَا ارْتكَبْ ... شِرْكًا فإنَّ الكُفْرَ بالشِّرْكِ وَجَبْ 1067 - وَلا يَكُونَ الشِّركُ مِنْ لوَازِمِهْ ... كَالسِّحْرِ أَوْ تَرْكِ الصَّلاةِ اللازِمَةْ 1068 - وَمَعْنى الاسْتِحْلالِ أَنْ يَعْتَقِدَا ... حِلَّ المعَاصِي والجَزَاءَ جَحَدَا 1069 - فَلا تكُونُ عِنْدَهُ حَرَامَا ... وَالمرْءُ لا يَلْقَى بهَا أثَامَا 1070 - كَأَنْ يَرَى الخَمْرَ حَلالا طَيِّبَا ... أَوِ اسْتَحَلَّ القَتْلَ أوْ أَكْلَ الرِّبا 1071 - أَوِ اسْتَبَاحَ الفَرْجَ لا نِكَاحَا ... وَإِنمَا اسْتَبَاحَهُ سِفَاحَا 1072 - فهَذَا الاسْتِحْلالُ للذُّنُوبِ ... مُكَفِّرٌ مَا دَامَ بالقُلُوبِ 1073 - وَيسْتَوِي اسْتِحْلالُهُ الكَبِيرَةْ ... في الحُكْمِ وَاسْتِحْلالُهُ الصَّغِيرَةْ 1074 - حَتى وَإِنْ كَانَ الذِي اسْتَحَلَّها ... وَالمُسْتَبِيحُ غَيرَ فاعِلٍ لهَا 1075 - أمَّا مُجَرَّدُ ارْتِكَابِ الإِثمِ ... فَليْسَ كُفْرًا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ 1076 - حَتَّى وَإِنْ كَانَ الفَتى مُصِرَّا ... عَلَيْهِ مَا دَامَ بِهِ مُقِرَّا

* فصل: في تأثر الإيمان بالذنوب خلافا للمرجئة

فصْلُ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نقُولُ لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذَنْبٌ لمَنْ عَمِله ُ. 1077 - وَلا نقُولُ لا تَضُرُّ سَيِّئَةْ ... مَعْ ذَلِكَ الإيمانِ مِثْلَ المُرْجِئَةْ 1078 - فَهَذِهِ الذُّنُوبُ وَالمعَاصِي ... يَغْدُو بها الإِيمَانُ في انْتِقَاصِ 1079 - بَلْ رُبَّمَا الإِيمَانُ مِنْ أَصْحَابها ... يَذْهَبُ أوْ يُرْفَعُ مِنْ أَسْبَابها 1080 - فَفِي الحَدِيثِ ليْسَ يزْنِي الزَّانِي ... حِينَ الزِّنا وَهُوَ ذُو إِيمَانِ 1081 - ثمَّ (مَعَ الإيمَانِ لا تَضُرُّ ... مَعْصِيَةٌ) قَوْلٌ خَبِيثٌ شَرُّ 1082 - لأنَّهُ يَدْعُو إلى الذُّنُوبِ ... وَيُضْعِفُ الخَشْيَةَ فِي القُلُوبِ 1083 - بَلْ إنَّهُ يَدْعُو إلى إِنْكَارِ ... مَا جَاءَ في الوَعِيدِ مِنْ أَخْبَارِ 1084 - وَفي ثَنَايَا القَوْلِ هَذَا تَسْوِيَةْ ... لأَهْلِ طَاعَةٍ بأهْلِ المَعْصِيَةْ 1085 - فيَسْتَوِي مِثْلِي مَعَ الصِّدِِّيقِ ... مَا دُمْتُ مُؤْمِنًا بلا تَفْرِيقِ 1086 - فهَلْ ترَى كَذَلِكَ القَوْلِ سَفهْ ... وَهَلْ لَهُ وَزْنٌ يُقَامُ أوْ صِفَةْ؟

* فصل: في الرجاء للمؤمن والخوف على المسيء

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: نَرْجُو للمُحْسِنِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْ يعْفُوَ عَنهُمْ، وَيُدْخِلهُمْ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، وَلا نأمَنُ عَليْهِمْ، وَلا نشْهَدُ لهُمْ بالجَنَّةِ، وَنسْتَغْفِرُ لمُسِيئِهِمْ، وَنخَافُ عَليْهِمْ، وَلا نُقَنِّطُهُمْ. 1087 - نَرْجُو لمَنْ أَحْسَنَ مِمَّنْ آمَنا ... عَفْوًا مِنَ اللهِ بمَا قدْ أحْسَنَا 1088 - وَأنْ يكُونَ دَاخِلا فِي جَنَّتِهْ ... بِفَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَمِنَّتِهْ 1089 - لَكِنَّنا عَلَيْهِمُ لا نأْمَنُ ... مِنْ مَكْرِهِ مَهْمَا يَكُونُوا آمَنُوا 1090 - لِذَا فلا نَكُونُ شَاهِدِينا ... لهُمْ بجَنَّةٍ مُعيِّنِينَا 1091 - وَمَنْ يَكُنْ خَالَفَ أَمْرَ رَبِّهِ ... نَسْتَغْفِرِ اللهَ لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ 1092 - وَمَعَ خَوْفِنا عَلَيْهِ النَّارَا ... فَرَبُّنا لمَّا يَزَلْ غَفَّارَا 1093 - فَلا يُقَنَّطْ أبَدًا مِنْ رَحْمَتِهْ ... مَهْمَا نخَفْ مِنْ عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهْ

* فصل: في الجمع بين الخوف والرجاء

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالأمْنُ وَالإيَاسُ ينْقُلانِ عَنْ مِلَّةِ الإسْلامِ، وَسَبِيلُ الحَقِّ بيْنَهُمَا لأَهْلِ القِبْلَةِ. 1094 - وَالأمْنُ وَالإِيَاسُ مُبْطِلانِ ... لِدِينِنا وَعَنْهُ يَنْقُلانْ 1095 - فلا تَكُنْ بيَائِسٍ فتَكْفُرَا ... أَوْ تأْمَنَنَّ مَكْرَهُ فتَخْسَرَا 1096 - ثمَّ سَبِيلُ الحَقِّ ما قَدْ جَمَعَا ... بَيْنَهُمَا خَوْفًا وَرَغْبَةً مَعَا 1097 - اُعْبُدْهُ جَلَّ اللهُ في السَّمَاءِ ... بَالجَمْعِ بَينَ الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ 1098 - وَلا تَقُلْ إِنى عَبَدْتُ الرَّبَّا ... لارَغْبَةً وَرَهْبَةً بَلْ حُبَّا 1099 - قَدِ ادَّعَى الحُبَّ قَدِيمًا طَائِفَةْ ... لمْ تَرْجُ جَنَّةً وَلَيْسَتْ خَائِفَةْ 1100 - ظَنُّوا بِهِ الإِخْلاصَ وَالتَّجْرِيدَا ... وَأَنهُمْ قدْ حَقَّقُوا التَّوْحِيدَا 1101 - وَقَدْ رَأَوْهُ غَايَةَ الكَمَالِ ... وَأنَّهُ هُوَ المَقَامُ العَالي 1102 - يَا قَوْمُ إنَّ الرُّسْلَ أعَلى مَنْزِلَةْ ... وَلا تُسَاوُونَ لَدَيْهِمْ خَرْدَلَةْ 1103 - وَإِنهُمْ يَدْعُونَ رَبِّي رَغَبَا ... كَمَا يَقُولُ رَبُّنا وَرَهَبَا 1104 - ألمْ يخَفْ رَسُولُنا العَذَابَا ... إِذَا عَصَى وَقدْ رَجَا الثَّوَابَا؟ 1105 - مَنْ ذا الذِي ليْسَ يَخَافُ النَّارَا ... وَلمْ يَسَلْ دَارَ النَّعِيمِ دَارَا؟ 1106 - فَهَلْ تقُولُ بَعْدَ هَذَا رَابِعَةْ ... لَسْتُ أخَافُهُ وَلَسْتُ طَامِعَةْ 1107 - وَأَيُّ حُبٍّ تَدَّعِيهِ الزَّاهِدَةْ ... أَوِ التي يَدْعُونها بالعَابِدَةْ؟ 1108 - عِبَادَةُ اللهُ مدَارُهَا عَلَى ... قُطْبَيْنِ مِنْ حُبٍّ وَذُلٍّ جُعِلا 1109 - ثمَّ جَنَاحَا هَذِهِ المَحَبَّةْ ... تَشَكَّلا مِنْ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةْ 1110 - فَمَنْ رَجَا اللهَ وَخَافَهُ مَعَا ... فَحُبُّهُ صِدْقٌ وَليْسََ مُدَّعَى 1111 - وَكُلُّ حُبٍّ مِنْهُمَا تجرَّدَا ... فهُوَ دَعْوَى لا تَصِحُّ أَبَدَا

1112 - رَجِّحْ عَلى الخَوْفِ الرَّجَاءَ في المَرَضْ ... وَلا تكُنْ عَلَيْهِ مِمَّنْ اعْتَرَضْ 1113 - وَلا تمُتْ إلا وَقَدْ أَحْسَنْتا ... ظَنًّا بِهِ إِنْ كُنْتَ قَدْ آمَنْتا 1114 - فاللهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ ... كَمَا رَوَانَا المُصْطَفَى عَنْ رَبِّهِ 1115 - وَإِنْ تكُنْ مُعَافىً او صَحِيحَا ... فلا أَرَى لوَاحِدٍ تَرْجِيحَا 1116 - وَقِيلَ رَجِّحْ فِي المَعَاصِي الرَّهْبَةْ ... وَإِنْ تُطِعْ فرَجِّحَنَّ الرَّغْبَةْ

* فصل: فيما يخرج به المرء من الإيما

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا يخْرُجُ العَبْدُ مِنَ الإيمَانِ إلا بجُحُودِ مَا أدْخَلَهُ فِيهِ، وَالرَّدُ عَلَيْهِ في ذلِكَ. 1117 - وَالعَبْدُ مِنْ إِيمَانِهِ مَا خَرَجَا ... إلا بجَحْدِ مَا بِهِ قَدْ وَلجَا 1118 - وَذَاكَ رَأْيٌ ما لَهُ اعْتِبَارُ ... عِنْدِي وَيَنْبَغِي لَهُ الإِنْكَارُ 1119 - فلَيْسَ بالتَّكْذِيبِ أوْ بالجَحْدِ ... فقَطْ يكُونُ المرْءُ بالمُرْتَدِّ 1120 - بَلْ إِنَّهُ يَكُونُ ذا ارْتِدَادِ ... بِالْقَوْلِ وَالعَمَلِ وَاعْتِقَادِ 1121 - وَكُلُّهَا بالْفِعْلِ أوْ بالتَّرْكِ ... تَنْقُضُ هَذَا الدِّينَ دُونَ شَكِّ 1122 - كجَحْدِ مَا أَدْخَلَهُ في الدِّينِ ... وَسَبِّهِ للمُصْطَفَى الأَمِينِ 1123 - وَنَقْضِهِ لمُقْتَضَى الشَّهَادَةْ ... وَصَرْفِهِ لغَيْرِهِ العِبَادَةْ 1124 - أَوْ كَانَ بالدِّينِ أوِ الجَزَاءِ ... يَسْخَرُ أوْ يكُونُ ذَا اسْتِهْزَاءِ 1125 - أوْ عَطَّلَ الصِّفَاتِ أوْ قدْ أنْكَرَا ... أَوْ شَبَّهَ اللهَ العَظِيمَ بالوَرَى 1126 - أَوْ كَانَ هَذَا المرْءُ مِمَّنْ أظْهَرَا ... كَرَاهَةً لِسُنَّةٍ أوْ أَضْمَرَا 1127 - أَوْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ أعَانَ الكَافِرَا ... عَلى أَخِيهِ نَاصِرًا مُظَاهِرَا 1128 - أَوْ أنْ يكُونَ قَدْ نَأَى بجَانِبِهْ ... عَنْ دِينِنا وَلمْ يَقُمْ بِوَاجِبِهْ 1129 - أَوِاسْتَبَاحَ المرْءُ أيَّ ذَنْبِ ... بِشَرْطِ أنْ يكُونَ ذَا بالقَلْبِ 1130 - أَوْ فَوَّتَ الصَّلاةَ يَوْمًا عَامِدَا ... حَتى وَلوْ لمْ يَكُ هَذَا جَاحِدَا 1131 - وَهَكَذا فالْكُفْرُ بالقَوْلِ حَصَلْ ... كَمَا يَكُونُ بالجُحُودِ وَالعَمَلْ

* فصل: في تعريف الإيمان والرد عليه

فصْلٌ: في نظمِ قَوْلِهِ: وَالإيمَانُ: هُوَ الإقرَارُ باللِّسَانِ، وَالتَّصْدِيقُ بالجنَانِ. 1132 - إِيمَانُنَا الإِقْرَارُ باللِّسَانِ ... لَكِنْ مَعَ التَّصْدِيقِ بالجَنَانِ 1133 - وَالشَّيْخُ في دَعْوَاهُ هَذِهِ انحَرَفْ ... وَمَالَ في الإِيمَانِ عَنْ قَوْلِ السَّلَفْ 1134 - لأنَّهُ في حَدِّهِ مَا أَدْرَجَا ... أَعْمَالَنَا في جِنْسِهِ بَلْ أَخْرَجَا 1135 - وَهْوَ بهذا الصُّنْعِ مِمَّنْ أَخْطَأَ ... بَلْ إنَّهُ يكُونُ مِمَّنْ أَرْجَأَ 1136 - أَعْمَالُنَا جُزْءٌ مِنَ الإِيمَانِ ... فلا يُقَالُ إِنَّهُ قِسْمَانِ 1137 - وَلا يُقَالُ أَبَدًا إنَّ العَمَلْ ... شَرْطٌ بِهِ الإِيمَانُ تمَّ وَاكْتَمَلْ 1138 - فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّرُوطِ ... إذ الشُّرُوطُ خَارِجَ المَشْرُوطِ 1139 - وَإِنمَا رُكْنٌ إِذَا تخَلَّفَا ... مَا صَحَّ إِيمَانٌ لَنَا بَلِ انْتَفَى 1140 - وَهَلْ يَكُونُ مُؤْمِنًا مَنْ تَرَكَا ... مِثْلَ الصَّلاةِ أمْ يكُونُ أَشْرَكَا؟ 1141 - فَكَيْفَ لا يَكْفُرُ دُونَ جَدَلِ ... مَنْ كَانَ تَارِكًا لجِنْسِ العَمَلِ؟ 1142 - حَتى وَلوْ يَكُونُ ذَا قَدْ صَدَّقا ... بِقَلْبِهِ وَبِاللسَانِ نَطَقَا 1143 - إِذَنْ فمَا التَّصْدِيقُ بالجَنَانِ ... وَالْقَوْلُ فِي الإِيمَانِ يَكْفِيَانِ 1144 - وَإِنمَا يكُونُ ذَا تحْقِيقِ ... بالقَوْلِ وَالعَمَلِ وَالتَّصْدِيقِ 1145 - لَكِنْ بِتَرْكِ بعْضِهِ لا كُلِّهِ ... لا يَنْتَفِي إِيمَانُهُ مِنْ أَصْلِهِ 1146 - وَلا يَكُونُ خَالِدًا فِي النَّارِ ... إِلا إِذَا صَارَ مِنَ الْكُفَّارِ 1147 - ذَاكَ بِأَنَّ مُطْلَقَ الإيمَانِ ... لا يَنْتَفِي عَنْ صَاحِبِ العِصْيَانِ 1148 - وَلَكِنِ الإِيمَانُ هَذَا المُطْلَقُ ... لَيْسَ عَلَى أَهْلِ المَعَاصِي يُطْلَقُ 1149 - حَيْثُ بِقَدْرِ ذَلِكَ العِصْيَانِ ... إِيمانهُمْ يكُونُ فِي نُقْصَانِ

1150 - كَمَا نَرَى الإيمَانَ فِي زيَادَةْ ... بِطَاعَةٍ للمَرْءِ أوْ عِبَادَةْ 1151 - إِذَنْ بمَا يعْمَلُهُ العَبِيدُ ... إيمَانُهُمْ يَنْقُصُ أو يَزِيدُ 1152 - وَهَكَذَا فالنَّقْصُ والزِّيَادَةْ ... في دِينِنَا مِمَّا نَرَى اعْتِقَادَهْ

* فصل: في الفرق بيننا وبين الخوارج والمعتزلة في حكم العمل

اسْتدْرَاكٌ: 1153 - فَإِنْ تَقُلْ شَابَهْتُمُ المُعْتَزِلَةْ ... مَعَ الخَوَارِجِ بِتِلْكَ المَسْأَلَةْ 1154 - حَيْثُ تَرَوْنَ مِثْلَهُمْ أَنَّ العَمَلْ ... بِدُونِهِ الإِيمَانُ حُكْمًا قدْ بَطَلْ 1155 - قُلْنَا إِذَا أرَدْتمُ الحَقِيقَةْ ... ثَمَّ فُرُوقٌ بيْنَنَا دَقِيقَةْ 1156 - لِصِحَّةِ الإِيمَانِ قالُوا نَشْتَرِطْ ... آحَادَ الاعْمَالِ وَإِلا قَدْ حَبِطْ 1157 - وَأَصْلُ ذَا الإِيمَانِ عِنْدَنا حَصَلْ ... بالْقَوْلِ وَالتَّصْدِيقِ مَعْ جِنْسِ العَمَلْ 1158 - فتَرْكُ جِنْسِهِ لَدَيْنا يَنْقُضُهْ ... وَعِنْدَهُمْ آحَادُهُ تُقَوِّضُهْ 1159 - لَذَاكَ يَسْلُبُونَ بالعِصْيَانِ ... وَبالذُّنُوبِ مُطْلَقَ الإِيمَانِ 1160 - وَافْتَرَقُوا فَقَالَتِ الخوَارِجُ ... هُوَ عَنِ الإيمَانِ حَقًّا خَارِجُ 1161 - وَأَنَّهُ صَارَ مِنَ الكُفَّارِ ... وَصَارَ أَيْضًا خَالِدًا فِي النَّارِ 1162 - وَلمْ تَقُلْ بِكُفْرِهِ المُعْتَزِلَةْ ... وَمَا قَضَتْ كَذَاكَ بالإِيمَانِ لَهْ 1163 - وَإِنمَا تجْعَلُهُ المُعْتَزِلَةْ ... فِيمَا ادَّعَوْا بَيْنَهُمَا مِنْ مَنْزِلَةْ 1164 - وَمَعَ هَذَا الحُكْمِ أَوْعَدُوهُ ... بالنَّارِ فِي الأُخْرَى وَخَلَّدُوهُ 1165 - وَنحْنُ مِنْ إيمَانِهِ لا نخْرِجُهْ ... بِذَنْبِهِ بَلْ لا نَزَالُ نُدْرِجُهْ 1166 - وَإِنمَا نَنْفِي فَقَطْ كَمَالا ... إِيمانِهِ وَلا نَقُولُ زَالا 1167 - حَيْثُ زَوَالُ بَعْضِهِ لا يَقْتَضِي ... نَقْضًا لَهُ مَا دَامَ ذا تبَعُّضِ 1168 - إِذَنْ فَهَذَا مُؤْمِنٌ قدْ نَقَصَا ... إِيمَانُهُ بِذَنْبِهِ لمَّا عَصَى 1169 - أَوْ هُوَ بالإِيمَانِ مُؤْمِنٌ فَسَقْ ... بِذَنْبِهِ إِنْ رُمْتَ وَصْفَهُ بحَقّْ 1170 - وَهْوَ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِ الوَعِيدَا ... فَعَنْهُ نَنْفِي في اللَّظَى تخْلِيدَا 1171 - بَلْ في مَشِيئَةِ الإِلَهِ النَّافِذَةْ ... يَكُونُ فالْعَفْوُ أوِ المُؤَاخَذَةْ 1172 - وَهَكَذا تلْقَى بِتِلْكَ المَسْأَلَةْ ... فِي الدِّينِ بَيْنَنَا خُطُوطًا فاصِلَةْ

1173 - فلَمْ نُكَفِّرْ أَحَدًا بِزَلَلِ ... وَإِنمَا بِتَرْكِ كُلِّ العَمَلِ 1174 - وَهَؤُلاءِ فَاعِلُ الكَبِيرَةْ ... تَرَى الخَوَارِجُ بها تَكْفِيرَهْ 1175 - وَبَعْضُ أهْلِ العِلْمِ قَالَ قَوْلا ... أَرَاهُ بالصَّوَابِ مِنْ ذَا أَوْلى 1176 - يَقُولُ إنَّ تَرْكَ جِنْسِ العَمَلِ ... مُكَفِّرٌ ليْسَ بِهِ مِنْ جَدَلِ 1177 - وَتَرْكُ بعْضٍ مِنْهُ فِيهِ نَظَرُ ... فَرُبَّمَا يَكْفُرُ أوْ لا يَكْفُرُ 1178 - فتَرْكُهُ فَرْضَ الصَّلاةِ كُفْرُ ... وَلَيْسَ كُفْرًا في الصِّيامِ الفِطْرُ 1179 - وَهَكَذَا قدْ وَجَبَ التَّفْصِيلُ ... ثمَّ الذِي يقْضِي هُوَ الدَّلِيلَ

* فرع: في حكم الاستثناء في الإيمان

فرْعٌ: 1180 - وَجَازَ في الإِيمَانِ أَنْ يَسْتَثْني ... إِنْ لم يَشُكَّ ذَلِكَ المسْتَثْني 1181 - كَأَنْ يَقُولَ المَرْءُ إني مُؤْمِنُ ... إِنْ شَاءَ أو إنْ يَشَأِ المُهَيْمِنُ 1182 - لَكِنَّهُ إنْ شَكَّ بِاسْتِثْنَائِهِ.. ... فاحْكُمْ عَلَى الإِيمَانِ بانْتِفَائِهِ

* فصل: في قبول ما صح عن النبي والعمل به

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَجَمِيعُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُول اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلمَ مِنَ الشَّرْع وَالبَيَان كُلُّهُ حَقٌّ. 1183 - وَكُلُّ مَا صَحَّ عَنِ الرَّسُولِ ... حَقٌّ تلَقَّيْنَاهُ بالقَبُولِ 1184 - سِيَّانِ مَا قَدْ جَاءَ مِنْ بَيَانِهِ ... للذِّكْرِ أَوْ شَرْعٍ عَلى لِسَانِهِ 1185 - حتَّى وَإِنْ يَكُنْ مِنَ الآحَادِ ... وَإِنْ يَكُنْ في بَابِ الاعْتِقَادِ 1186 - إذْ يُوجِبُ العِلْمَ على التَّحْقِيقِ ... عِنْدَ قِيَامِ مُوجِبِ التَّصْدِيقِ 1187 - كَمْ أرْسَلَ النَّبىُّ مِنْ آحَادِ ... إلى الوَرَى في سَائِرِ البِلادِ 1188 - يُبَلِّغُونَ دَعْوَةَ التَّوْحِيدِ ... وَشِرْعَةَ الإِسْلامِ للعَبِيدِ 1189 - وَأَلزَمَ المُبَلَّغِينَ الحُجَّةْ ... بهمْ وَبَانَتْ لهُمُ المَحَجَّةْ 1190 - فَهَلْ يُرَدُّ بَعْدَ هَذَا الوَارِدُ ... عَنِ النَّبيِّ إِنْ رَوَاهُ الوَاحِدُ

* فصل: في أن الإيمان واحد عند الطحاوي وأن أهله في الأصل سواء وأسباب تفاضلهم فيه عنده والرد عليه

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَالإِيمَانُ وَاحِدٌ، وَأهْلُهُ فِي أَصْلِهِ سَوَاءٌ، وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ بالخَشْيَةِ وَالتُّقَى، وَمُخَالَفَةِ الهَوَى، وَمُلازَمَةِ الأَوْلى. 1191 - وَقَدْ رَأى الإيمَانَ شَيْئًا وَاحِدَا ... فلا يَكُونُ ناقِصًا أوْ زَائِدَا 1192 - وَأَهْلُهُ في أَصْلِهِ سَوَاءُ ... فَلا تفَاوُتٌ بلِ اسْتِوَاءُ 1193 - وَإِنمَا الفَضْلُ بتَقْوَى المَوْلى ... بَيْنهُمُ وَفي لُزُومِ الأَوْلى 1194 - ثمَّ بِأَنْ يخَالِفُوا هَوَاهُمُ ... وَأَنْ يخَافُوا اللهَ مَنْ سَوَّاهُمُ 1195 - وَرَأْيُهُ هَذَا على اعْتِبارِ ... رُكْنَيْهِ في التَّصْدِيقِ وَالإِقْرَارِ 1196 - وَهُوَ رَأْيٌ بَيِّنُ البُطْلانِ ... إِذْ يُخْرِجُ السَّعْيَ مِنَ الإِيمَانِ 1197 - فالحَقُّ أنْ لَسْنَا عَلى تَسَاوِي ... فِيهِ كَمَا يَعْتَقِدُ الطَّحَاوِي 1198 - وَجَعْلهُ الإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدَا ... أرَاهُ قَوْلا وَاعْتِقَادًا فَاسِدَا 1199 - لأنَّهُ كَمَا أتَانَا النَّصُّ ... تَلْحَقُهُ زيَادَةٌ وَنقْصُ 1200 - وَقَوْلُهُ زَادَتهُمُ إيمَانَا ... يُعَدُّ لازْدِيَادِهِ بُرْهَانَا 1201 - وَمَا رَأَيْتُ نَاقِِصَاتِ دِينِ ... دَلِيلُ نَقْصِ الدِّينِ باليَقِينِ 1202 - وَإِنْ تُرِدْ أَدِلَّةً عَقْلِيَّةْ ... لِنَقْصِهِ تُؤَكِّدُ النَّقْلِيَّةْ 1203 - قُلْنَا ازْدِيَادُهُ مَعَ الإِحْسَانِ ... يقْضِي بنقْصِهِ مَعَ العِصْيَانِ 1204 - وَهَكَذا الإِيمَانُ بالسَّعْي اخْتَلَفْ ... زَيْدًا وَنُقْصَانًا كَمَا عِنْدَ السَّلَفْ 1205 - بَلْ رَأْيُهُ حَتى عَلى الإِقْرَارِ ... يَكُونُ سَاقِطًا في الاعْتِبَارِ 1206 - أَلا تَرَى العِبَادَ في التَّصْدِيقِ ... بِالمُتَفَاوتِِينَ في التَّحْقِيقِ 1207 - أَكُلُّ مَنْ باللهِ لمْ يُكَذِّبِ ... يَكُونُ في تصْدِِيقِهِ مِثْلَ النَّبي

1208 - فَكَيْفَ لا نَقُولُ بالتَّفَاوُتِ ... في أَصْلِهِ بالضَّعْفِ أوْ بالْقُوَّةِ؟ 1209 - وَكيْفَ لا نَقُولُ بالمُفَاضَلَةْ ... بَينَ ذَوِيهِ فِيهِ لا المُمَاثَلَةْ؟

* فصل: في الولاية وتفاضل أهلها فيها

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالمَؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ، وَأَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُمْ وَأَتْبَعُهُمْ للقُرْآنِ. 1210 - وَعِنْدَنا وَلايَةُ الرَّحْمَن ... تُنَالُ بالتَّقْوَى مَعَ الإيمَانِ 1211 - وَقِيلَ بالإِيمَانِ قَامَ أَصْلُها ... فَقَطْ وَبِالتَّقَى تَكُونُ كُلُّها 1212 - فالمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ قدْ نَالُوا ... وَلايَةَ اللهِ كَمَا قَدْ قَالُوا 1213 - ثمَّ يَكُونُ خَيْرُهُمْ أطْوَعَهُمْ ... وَمَنْ غَدَا لوَحْيِهِ أَتْبَعَهُمْ

* فصل: في أركان الإيمان

فَصْلٌ: في نظْمِ قولِهِ: وَالإيمَانُ: هُوَ الإِيمَانُ باللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللهِ تعَالى. 1214 - وَعِنْدَنا الإيمَانُ ذُو أَرْكَانِ ... أَوَّلهَا الإيمَانُ بالرَّحْمَنِ 1215 - وَبَعْدَهُ الإيمَانُ بالمَلائِكَةْ ... ثمَّ بِكُتْبِ رَبِّنَا المُبَارَكَةْ 1216 - ثمَّ بِرُسْلِ رَبِّنا الأَخْيَارِ ... نَكُونُ حَقًّا مِنْ ذَوِي الإِقْرَارِ 1217 - وَبَعْدَهُ إيمَانُنَا بالآخِرَةْ ... وَبَعْثُنَا بَعْدَ العِظَامِ النَّاخِرَةْ 1218 - وَبَالقَضَاءِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ... وَحُلْوِ مَا قَدَّرَهُ وَمُرِّهِ

* فصل: في أننا لا نفرق بين رسل الله وبيان بعض صفاتهم

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنحْنُ مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، وَنُصَدِّقُهُمْ كُلَّهُمْ عَلى مَا جَاءُوا بِهِ. 1219 - وَنحْنُ آمَنَّا بهَذَا كُلِّهِ ... وَلمْ نُفَرِّقْ قَطُّ بَينَ رُسْلِهِ 1220 - نُصَدِّقُ الرُّسْلَ بلا اسْتِثْنَاءِ ... فِيمَا أَتَوْا بِهِ عَنِ السَّمَاءِ 1221 - وَلا نَقُولُ بَعْضُهُمْ قَدْ صَدَقَا ... فِيمَا أَتَى بِهِ وَهَذَا اخْتَلَقَا 1222 - فكُلُّهُمْ شَرْعًا أُولُو أَمَانَةْ ... وَفِيهُمُ الصِّدْقُ مَعَ الفَطَانَةْ 1223 - وَكُلُّهُمْ قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةْ ... وَاسْتَنْقَذَ النَّاسَ مِنَ الضَّلالَةْ 1224 - وَهُمْ جَمِيعًا باتِّفَاقِ الأُمَّةِ ... قَدْ خَصَّهُمْ رَبُّ الوَرَى بالعِصْمَةِ 1225 - فَلا تَظُنَّ أنهُمْ قدْ خَانُوا ... أَوْ كَتَمُوا أوْ بَدَّلُوا أوْ مَانُوا 1226 - ثمَّ الرَّسُولُ بَشَرٌ حُرٌّ ذَكَرْ ... يجُوزُ فيهِ مَا يَجُوزُ في البَشَرْ 1227 - فَجَازَ في حَقِّ الرَّسُولِ الأَكْلُ ... وَالنَّوْمُ وَالنِّكَاحُ ثمَّ القَتْلُ 1228 - وَيعْتَرِي الرَّسُولَ كُلُّ عَرَضِ ... قَدْ يَعْتَرِينَا كالأَذَى وَالمَرَضِ 1229 - لَكِنَّهُ عَمَّا غَدَا مُنَفِّرَا ... لمَنْ يَكُونُ حَوْلَهُ تَطَهَّرَا 1230 - وَهْوَ كَذَا مُنَزَّهٌ مُقَدَّسُ ... عَنِ الذِي عَافَتْهُ مِنَّا الأَنْفُسُ 1231 - وَمِنْ مُبَاحٍ هُوَ مُزْرٍ سَلِمَا ... فَكَيْفَ بالمكْرُوهِ أوْ مَا حُرِّمَا؟

* فصل: في حكم أهل الكبائر

فَصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَأَهْلُ الكبَائِرِ مِنْ أمَّةِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فِي النَّارِ لا يُخَلَّدُونَ، إِذا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ، وَإنْ لمْ يكُونُوا تائِبِينَ، بَعْدَ أنْ لَقُوا اللهَ عَارفِينَ مُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي مَشِيئَتِهِ وحُكْمِهِ: إنْ شَاءَ غَفَرَ لهُمْ وعَفَا عَنهُمْ بفَضْلِهِ، كمَا ذكَرَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ في كِتَابِهِ: (ويغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يشَاءُ) وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ فِي النَّار بعَدْلِهِ، ثمَّ يُخْرجُهُمْ منها برَحْمَتِهِ وشَفاعَةِ الشَّافِعِينَ مِنْ أهْلِ طَاعَتِهِ، ثمَّ يبْعَثُهُمْ إلى جَنَّتِهِ، وَذَلِكَ بأنَّ اللهَ تعَالى توَلَّى أَهْلَ مَعْرفتِهِ، وَلمْ يجْعَلْهُمْ فِي الدَّاريْنِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ، الذِينَ خَابُوا مِنْ هِدَايَتِهِ، وَلمْ ينَالُوا مِنْ وَلايَتِهِ، اللهُمَّ يا وَليَّ الإسْلام وَأْهْلِهِ، ثبِّتْنا عَلى الإسْلامِ حَتى نَلْقَاكَ بِهِِ. 1232 - مُرْتَكِبُ الكَبَائِرِ المُوَحِّدُ ... لوْ لمْ يَتُبْ في النَّارِ لا يُخَلَّدُ 1233 - بَلْ إنَّهُ مَا دَامَ مَاتَ مُؤْمِنَا ... فَأَمْرُهُ لِرَبِّهِ فِيمَا جَنى 1234 - يَكُونُ تحْتَ الحُكْمِ والمَشِيئَةِ ... بِالخُلْفِ للمَذَاهِبِ الرَّدِيئَةِ 1235 - فَإِنْ يَشَأْ يَغْفِرْ لَهُ بِفَضْلِهِ ... وَإِنْ يَشَأْ عَذَّبَهُ بعَدْلِهِ 1236 - لَكِنْ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ يُؤَاخِذُهْ ... وَبَعْدَهَا رَبِّي تعَالى يُنقِذُهْ 1237 - برَحْمَةٍ للهِ أوْ شَفَاعَةْ ... مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ لأهْلِ الطَّاعَةْ 1238 - فيَخْرُجُ العَاصِي بها مِنْ نَارِ ... وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ لا تمَارِي 1239 - ذَلِكَ أنَّ اللهَ قَدْ تَوَلَّى ... مَنْ كَانَ بالإِيمَانِ قَدْ تحَلَّى 1240 - وَلمْ يُسَوِّ صَاحِبَ الإِقْرَارِ ... وَإِنْ عَصَى بِصَاحِبِ الإِنْكَارِ 1241 - أَهُمْ كمَنْ ضَلَّ عَنِ الهِدَايَةِ ... وَلمْ يَنَلْ شَيْئًا مِنَ الوَّلايَةِ؟ 1242 - أَيَجْعَلُ اللهُ الذِينَ أسْلَمُوا ... لَهُ تَعَالى كالذِينَ أجْرَمُوا؟ 1243 - لا يَسْتَوُونَ رَغْمَ أَنَّ عَبْدَهُ ... لَيْسَ لَهُ حَقٌّ وُجُوبًا عِنْدَهُ

1244 - مَا لِلْعِبَادِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ... وَلا يَضِيعُ سَعْيُهُمْ لَدَيْهِ 1245 - إِذْ أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ الأَجْرَا ... لِلْمُؤْمِنِينَ العَامِلِينَ الخَيرَا 1246 - أَجْرَ امْتِنَانٍ مِنْهُ لا مُعَاوَضَةْ ... وَأْجْرَ فَضْلٍ عَمَّ لا مُقَايَضَةْ 1247 - وَمَنْ رَأَى فِي الأَجْرِ حَقًّا صَدَقَا ... لَكِنْ بمَا قَيَّدْتُهُ لا مُطْلَقَا 1248 - فَالحَقُّ رَبُّنا عَلَيْهِ أَوْجَبَهْ ... لا غَيرُهُ وَالأَجْرُ فَضْلا وَهَبَهْ 1249 - وَرَبُّنا حَاشَاهُ أنْ يُعَذِّبا ... مِنَ الوَرَى مَنْ لا يَكُونُ مُذْنِبا 1250 - لأنَّ رَبِّي في الجَزَاءِ حَرَّمَا ... عَلَيْهِ أنْ نهْضَمَ أوْ أنْ نُظْلَمَا 1251 - يَتْرُكُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ قَادِرُ ... فالحَمْدُ وَالشُّكْرُ لرَبِّي وَافِرُ 1252 - يَا رَبِّ ثبِّتْنَا عَلى الإِسْلامِ ... مِنَ البِدَايَةِ إلى الخِتَامِ 1253 - فأَنْتَ يا رَبَّ الوَرَى مَوْلانَا ... أنْتَ وَليُّنَا وَمَنْ وَالانَا

* فصل: في الصلاة خلف كل بر وفاجر من المسلمين وعلى من مات منهم

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنرَى الصَّلاة خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ مِنْ أهْلِ القِبْلَةِ، وَنُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ مِنهُمْ. 1254 - وَنَشْهَدُ الصَّلاةَ خَلْفَ كُلِّ ... بَرٍّ وفَاجِرٍ إِذَا يُصَلِّى 1255 - وَالأَفْضَلُ الصَّلاةُ خَلْفَ البَرَرَةْ ... فَإِنْ عَدِمْتَهُمْ فَخَلْفَ الفَجَرَةْ 1256 - وَلا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِطْلاقا ... تَقُولُ قَدْ رَأَيْتُهُمْ فُسَّاقَا 1257 - إذْ فِعْلُهَا جمَاعَةً لا يُنْدَبُ ... في الخَمْسَةِ الفُرُوضِ لَكِنْ يَجِبُ 1258 - إِذْ صَحَّ في الحَدِيثِ أَنَّ المُصْطَفَى ... هَمَّ بحَرْقِ بَيْتِ مَنْ تخَلَّفَا 1259 - وَلمْ يُرَخِّصْ لابْنِ أُمٍّ أَنْ يَذَرْ ... حُضُورَهَا لمَّا أَتَاهُ وَاعْتَذَرْ 1260 - قَالَ: أَنا أعَمَى وإَنَّ دَارِي ... بَعِيدَةٌ يا سَيَّدَ الأبْرَارِ 1261 - وَفي الطَّرِيقِ النَّخْلُ وَالأَشْجَارُ ... وَقَدْ تُصِيبُني بها الأَضْرَارُ 1262 - وَتَكْثُرُ الهَوَامُ فِيها فإِذَا ... أَتَيْتُها فَقَدْ أُصَابُ بالأذَى 1263 - وَلمْ أَجِدْ صَدِيقًا اوْ رَفِيقَا ... أَرَى بِهِ وَأُبْصِرُ الطَّرِيقَا 1264 - فَهَلْ تَرَى لي رُخْصَةً أوْ عُذْرَا ... في تَرْكِهَا أمْ أسْتَحِقُّ الوِزْرَا؟ 1265 - قَالَ لَهُ: أَتَسْمَعُ المُنَادِي ... يَدْعُو إلى الفَلاحِ وَالرَّشَادِ؟ 1266 - قَالَ: نَعَمْ قالَ: أَجِبْ فالسَّامِعْ ... تَلْزَمُهُ صَلاتهَا في الجَامِعْ 1267 - فَاحْرِصْ عَلَى الصَّلاةِ في جمَاعَةْ ... سَمْعًا لأمْرِ المُصْطَفَى وَطَاعَةْ 1268 - وَمَنْ يَكُنْ لِدِينِنَا مُتَّبِعَا ... إِنْ مَاتَ كَبَّرْنَا عَلَيْهِ أرْبَعَا 1269 - إِلا مُنَافِقًا نِفَاقًا أَكْبَرَا ... فمَا لنَا عَلَيْهِ أَنْ نُكَبِّرَا 1270 - ثمَّ إِمَامُ النَّاسِ لا يُصَلِّي ... عَلَى الذِي يَغُلُّ بلْ يُوَلِّي 1271 - وَمِثْلُهُ المَرْءُ الذِي قَدِ انْتَحَرْ ... وَكُلُّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ اسْتَقَرْ

* فصل: في أنه لا يقطع لمعين بجنة ولا نار إلا بنص وأننا أمرنا بالحكم بالظاهر ونهينا عن الظن واتباع السرائر

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُنَزِّلُ أَحَدًا مِنْهُم جَنَّة وَلا نَارًا، وَلا نشْهَدُ عَليْهمْ بكُفْرٍ وَلا بِشِرْكٍ ولا بِنِفَاقٍ، مَا لمْ يظْهَرْ مِنهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، وَنَذَرُ سَرَائِرَهُمْ إلى اللهِ تعَالى. 1272 - وَلمْ نُنَزِّلْ أَحَدًا في الجَنَّةْ ... إِلا بِنَصٍّ ثَابِتٍ فِي السُّنَّةْ 1273 - كلا وَلَمْ نَشْهَدْ لُهُ بالنَّارِ ... إِلا بمَا صَحَّ مِنَ الأَخْبَارِ 1274 - إِذْ مِثْلُ هَذَا لمْ يَجُزْ في الدِّينِ ... عَلَى سَبيلِ القَطْعِ وَالتَّعْيِينِ 1275 - كلا وَلَمْ نَشْهَدْ بلا بُرْهَانِ ... بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالكُفْرَانِ 1276 - وَنأْخُذُ النَّاسَ بحُكْمِ الظَّاهِرْ ... مِنْهُمْ لَنَا وَنَتْرُكُ السَّرَائِرْ 1277 - فَلا يُكَفِّرْ مُسْلِمٌ أَخَاهُ ... إِنْ قَالَ لا إِلهَ إِلا اللهُ 1278 - مَا لَمْ يَجِدْ لِكُفْرِهِ دَلِيلا ... وَلا إِلى تَأْوِيلِهِ سَبِيلا 1279 - وَليْسَ فِعْلُ الكُفْرِ بالمُسْتَوْجِبِ ... تَكْفِيرَ فَاعِلٍ لَهُ مُرْتَكِبِ 1280 - وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالَةْ ... بمُقْتَضٍ تَكْفِيرَ مَنْ قَدْ قَالَهْ 1281 - فرُبَّمَا لَمْ يَكُ بالمُخَالَفَةْ ... مِمَّا اقْتَضَى تكْفِيرَهُ ذَا مَعْرِفَةْ 1282 - وَرُبَّمَا مَوَانِعُ التَّكْفِيرِ ... لَدَيْهِ كالإِغْلاقِ في التَّفْكِيرِ 1283 - وَمِثْلُ هَذَا أنْ يَكُونَ مُكْرَهَا ... عَلَيْهِ وَالأمْرُ عَلَيْهِ اشْتبَهَا 1284 - أوْ أَنْ يكُونَ المَرْءُ مِمَّنْ أَوَّلا ... فَلا يُكَفَّرْ وَلْيُحَجَّ أَوَّلا 1285 - إِذَنْ فللتَّكْفِيرِ للإِنْسَانِ ... عِنْدِي ثَلاثَةٌ مِنَ الأرْكَانِ 1286 - وَهَذِهِ هِىَ الدَّلِيلُ القَاطِعْ ... عَلَيْهِ وَالْعِلْمُ وَنفْيُ المَانِعْ 1287 - فَلا تُكَفِّرْ مَنْ بِهِ تخَلَّفَا ... مِنْ هَذِهِ الأرْكَانِ رُكْنٌ وَانْتَفَى 1288 - فَمَنْ يُكَفِّرْ دُونَ بُرْهَانٍ ظَهَرْ ... أَخَاهُ كَانَ عِنْدَنا مِمَّنْ كَفَرْ

1289 - وَمَنْ يَقُلْ لمُسْلِمٍ يا كَافِرُ ... فَالكُفْرُ إِنْ يَكْذِبْ عَلَيْهِ حَائِرُ 1290 - وَاعْلَمْ بأنَّ الكُفْرَ نَوْعٌ أَصْغَرُ ... لا يَنْقُضُ الدِّينَ وَنَوْعٌ أَكْبرُ 1291 - لا تجْعَلِ الأوَّلَ مِثْلَ الثَّانِي ... فمَا هُمَا سِيَّانِ في المِيزَانِ 1292 - لا تُعْطِ مَنْ أتى بِكُفْرٍ أَصْغَرَا ... حُكْمَ الذِي أتَى بِكُفْرٍ أَكْبَرَا 1293 - وَمَعْ جَوَازِ الحُكْمِ بالتَّكْفِيرِ ... عَلى مُعَيَّنٍ بلا تَنْكِيرِ 1294 - لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قَدْ وَفَتْ ... فِيهِ الشُّرُوطُ وَالمَوَانِعُ انْتَفَتْ 1295 - لاسِيَّمَا عِنْدَ الأمُورِ الظَّاهِرَةْ ... كَمُنْكِرٍ للْبَعْثِ أَوْ للآخِرَةْ 1296 - فلا أَرَى أَوْلى بِنَا وأَخْلَقَا ... في الحُكْمِ إِلا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَا 1297 - اُحْكُمْ بِكُفْرِ مَنْ أَتَى مُكَفِّرَا ... مُعَمِّمًا فِيما تَقُولُ أَوْ تَرَى 1298 - تقُولُ في تَرْكِ الصَّلاةِ كُفْرُ ... وَهَكَذا التَّنْجِيمُ ثمَّ السِّحْرُ 1299 - وَلا يُقَالُ إنَّ زَيْدًا كَافِرُ ... لأنَّهُ مُنَجِّمٌ أوْ سَاحِرُ 1300 - فَقَدْ يَكُونُ جَاهِلَ الأحْكَامِ ... لِقُرْبِ عَهْدٍ مِنْهُ بالإِسْلامِ 1301 - وَقَدْ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَيْهِ ... وَقَدْ تكُونُ شُبْهَةٌ لَدَيْهِ 1302 - وَهَكَذَا أَفَضِّلُ الإِطْلاقَا ... فِي الحُكْمْ خَوْفًا مِنْهُ أوْ إِشْفَاقَا 1303 - مَعَ اعْتِبَارِ القَطِعِ وَالتَّعْيِينِ ... مِنِ اخْتِصَاصِ عُلَمَاءِ الدِّينِ 1304 - إيَّاكَ أَنْ تكُونَ مِمَّنْ اسْتَمَعْ ... لِكُلِّ مَنْ يُكَفِّرُونَ المُجْتَمَعْ 1305 - فإِنهُمْ قَدْ خَالَفُوا الطَّرِيقَا ... وَاتخَذُوا مِنَ الهَوَى رَفِيقَا

* فصل: في تحريم رفع السيف على مسلم دون حجة شرعية

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نرَى السَّيْفَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّد ٍـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ إلا مَنْ وَجَبَ عَلَيهِ السَّيْفُ. 1306 - لا نَرْفَعُ السَّيْفَ عَلى مَنْ أَسْلَمَا ... إِلا بحَقِّهِ كَسَفْكِهِ دَمَا 1307 - أوْ كَانَ مِنْ دِينِ النَّبيِّ مَارِقَا ... وَللْجَمَاعَةِ غَدَا مُفَارِقَا 1308 - بأَنْ نَرَى كُفْرًا بَوَاحًا دَلَّا ... عَلَيْهِ بُرْهَانٌ فَقَتْلٌ حَلَّا 1309 - أوْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ سَعَى فَسَادَا ... وَحَارَبَ الإِسْلامَ وَالعِبَادَا 1310 - وَحَلَّ بالرَّجْمِ دَمٌ للزَّاني ... إِنْ ثَيِّبًا أَيْ كَانَ ذَا إِحْصَانِ 1311 - وَمَنْ زَنى وَلمْ يَكُنْ قدْ أَحْصَنا ... فَجَلْدُهُ لا قَتْلُهُ تَعَيَّنَا

* فصل: في طاعة الولاة وعدم الخروج عليهم وإن جاروا إلا في معصية

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نَرَى الخُرُوجَ عَلى أَئِمَّتِنا وَوُلاةِ أمُورِنا، وَإنْ جَارُوا، وَلا نَدْعُو عَلَيْهِمْ، وَلا نَنْزِع يَدًا مِنْ طاعَتِهِمْ، وَنَرَى طاعَتَهُمْ مِنْ طاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فرِيضَة، مَا لمْ يأمُرُوا بمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لهُمْ بالصَّلاحِ وَالمُعَافَاةِ. 1312 - لَسْنَا عَلى الإِمَامِ وَالوُلاةِ ... نخْرُجُ مَا دَامُوا أُولِي صَلاةِ 1313 - حَتى وَإِنْ جَارُوا عَلى العِبَادِ ... وَأَوْغَلُوا في البَغْيِ وَالفَسَادِ 1314 - مِنْ طَاعَةِ الوُلاةِ لَسْنَا نَنْزِعُ ... يَدًا وَلا مِنْ بَيْعَةٍ نَنْخَلِعُ 1315 - طَاعَتُهُمْ سِيمَا أُولِي الإِيمَانِ ... لأَنها مِنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ 1316 - وَاقْرَأْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولا ... ثمَّ أُولي الأَمْرِ لهَا دَلِيلا 1317 - ثمَّ ألَيْسَ الُمصْطَفَى قَدْ قَالا ... أَطِعْ لهُمْ وَلْوْ سُلبْتَ المَالا؟ 1318 - أَمَا أَتَاكَ أَمْرُهُ أَنْ تَسْمَعَا ... لهُمْ وَلَوْ ضُرِبْتَ ضَرْبًا مُوجِعَا؟ 1319 - ألَيْسَ بالسَّمْعِ لهُمْ قَدْ أَمَرَهْ ... في مَنْشَطٍ وَمَكْرَهٍ وَأَثَرَةْ؟ 1320 - أَلَيْسَ مَنْ يُطِعْ أَمِيرَهُ فَقَدْ ... أَطَاعَني عَنِ النَّبيِّ قَدْ وَرَدْ؟ 1321 - وَمَنْ عَصَى أَمَيرَهُ عَصَانِي ... كمَا أتَى فِيمَا رَوَى الشَّيْخَانِ 1322 - وَهَكَذا في اليُسْرِ أوْ في العُسْرِ ... نُطِيعُ لابُدَّ وُلاةَ الأَمْرِ 1323 - لَكِنَّهُمْ إِنْ أَمَرُوا بمَعْصِيَةْ ... فلا يُطَاعُونَ بِتِلْكَ المَعْصِيَةْ 1324 - فإِنَّهُ لا سَمْعَ للسُّلْطَانِ ... إِذَا دَعَا إِلى رِضَا الشَّيْطَانِ 1325 - بَلْ لَيْسَ في مَعْصِيَةٍ للْخَالِقِ ... يُطَاعُ مَخْلُوقٌ مِنَ الخَلائِقِ 1326 - وَفي عَدَا هَذا فلا نِزَاعَا ... في أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُطَاعَا 1327 - لا نَرْفَعُ الأَيْدِيَ بالدُّعَاءِ ... عَلَيْهِمُ بالشَّرِّ وَالبَلاءِ

1328 - وَإِنمَا نَدْعُو لهُمْ بالعَافِيَةْ ... وَبِالصَّلاحِ وَصَلاحِ الحَاشِيَةْ 1329 - نَدْعُو لهُمْ بالرُّشْدِ وَالسَّدَادِ ... وَالسَّعْيِ في مَصَالِحِ العِبَادِ 1330 - نَدْعُو لهُمْ في الحُكْمِ بالتَّوْفِيقِ ... وَبِالهُدَى لأَقْوَمِ الطَّرِيقِ

* فصل: في اتباع السنة والجماعة وتجنب الشذوذ والفرقة

فصْلٌ: فِي نظْمِ قَوْلِهِ: وَنتبَعُ السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ، وَنجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلافَ وَالفُرْقَةَ. 1331 - وَنتْبَعُ السُّنَّةَ والجَمَاعَةْ ... في دِينِنَا مُلْتَزِمِينَ الطَّاعَةْ 1332 - نجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالخِلافَا ... مُتَّبِعِينَ الصَّحْبَ وَالأسْلافَا 1333 - فإِنَّ مَنْ شَذَّ عَنِ الرَّكْبِ انْقَطَعْ ... وَصَارَ مِنْ أهْلِ الضَّلالِ وَالبِدَعْ 1334 - ومَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ بَعْدَمَا ... بَانَ الهُدَى عَضَّ يَدَيْهِ نَدَمَا 1335 - ثمَّ لأنَّا نُؤْثِرُ الوِفَاقَا ... فَلا نَرَى في الدِّينِ الافْتِرَاقَا 1336 - حَيْثُ يَشُقُّ الافْتِرَاقُ الصَّفَّا ... وَيقْلِبُ القُوَّةَ فِينا ضَعْفَا 1337 - وَلا نَرَى جَوازَ الاعْتِزَالِ ... عَنِ العِبَادِ في ذُرَا الجِبَالِ 1338 - مَا دَامَتِ السُّنَّةُ فِيهِمْ ظَاهِرَةْ ... وَكَانَتِ البِدْعَةُ غَيْرَ سَافِرَةْ 1339 - لَكِنَّهُ إِنْ حُرِّمَ الحَلالُ ... وَعَكْسُهُ أُبِيحَ الاعْتِزَالُ 1340 - وَهَكَذا يَجُوزُ الانْفِرَادُ ... إِذَا فَشَا وَانْتَشَرَ الفَسَادُ 1341 - كَأَنْ نَرَى النَّاسَ أطَاعُوا الشُّحَّا ... وَاتَّبَعُوا الهَوَى كَمَا قَدْ صَحَّا

* فصل: في حب أهل العدل والأمانة وبغض من كانوا على العكس

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ والأمَانَةِ ونبْغَضُ أَهْلَ الجَوْرِ وَالخِيَانَةِ. 1342 - نحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ وَالأمَانَةْ ... مَعْ بُغْضِ أَهْلِ الجَوْرِ وَالخِيَانَةْ 1343 - نحِبُّ ذَا الطَّاعَةِ وَالإِخْلاصِ ... دُونَ أُولِي النِّفَاقِ وَالمَعَاصِي 1344 - نحِبُّ كُلَّ صَادِقٍ بِوَعْدِهِ ... وَلا نحِبُّ غَادِرًا بعَهْدِهِ 1345 - نأَمُرُ بالمَعْرُوفِ وَالفَضِيلَةْ ... نَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَالرَّذِيلَةْ 1346 - نَدْعُو إلى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ ... كَالصِّدْقِ وَالوَفَاءِ بالمِيثَاقِ 1347 - نأمُرُ بالصَّبْرِ عَلى البَلاءِ ... ثمَّ بِشُكْرِ اللهِ في الرَّخَاءِ 1348 - ثمَّ بمُرِّ مَا إِلهُنَا قَضَى ... نَنْدُبُ كُلَّ مُبْتلىً إلى الرِّضَا 1349 - نَدْعُو إِلى البرِِّ بأُمٍّ وَأَبِ ... وَصِلَةِ الأَرْحَامِ وَالأقَارِبِ 1350 - ثمَّ إلى الإِحْسَانِ باليَتِيمِ ... وَالرِّفْقِ بالمَمْلُوكِ وَالبَهِيمِ 1351 - ثمَّ إِلى حُسْنِ الجِوَارِ مُطْلَقَا ... نَدْعُو لِكَيْ يَكُونَ فِينا خُلُقَا 1352 - نَنْهَى عَنِ الفَخْرِ وَالاسْتِطَالَةْ ... عَلى الوَرَى وَالبَغْيِ وَالجَهَالَةْ

* فصل: في أن ما اشتبه علينا علمه نكله إلى الله

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: ونقُولُ: اللهُ أعْلَمُ فيمَا اشْتبَهَ عَلَيْنا عِلْمُهُ. 1353 - وَمَا عَلَيْنا عِلْمُهُ قَدْ يَشْتَبِهْ ... نَقُولُ فِيهِ رَبُّنا أَعْلَمُ بِهْ 1354 - وَلَفْظُ: لا نعْلَمُ فِيما نجْهَلُ ... لا نَسْتَحِي مِنْ قَوْلِهِ أوْ نخْجَلُ 1355 - فالعِلْمُ نَصٌّ في الكِتَابِ مُحْكَمُ ... أَوْ أثرٌ قَدْ صَحَّ أوْ لا نَعْلَمُ

* فصل: في أننا نرى جواز المسح على الخفين سفرا وحضرا0

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنرَى المَسْحَ على الخُفيْنِ فِي السَّفَرِ والحَضَرِ، كمَا جَاءَ في الأَثَرِ. 1356 - وَعِنْدَنا لاتمْسَحُ الرِّجْلانِ ... لَدَى الوُضُوءِ بلْ تُغَسَّلانِ 1357 - لَكِنْ بمَسْحِ الخُفِّ قَدْ صَحَّ الخَبرْ ... تَرَخُّصًا في حَضَرٍ وَفِي سَفَرْ 1358 - مَعَ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ وَالنَّواقِضِ ... مُخَالِفِينَ مَنْهَجَ الرَّوَافِضِ 1359 - فَشَرْطُهُ أَلا يَكُونَ نجِسَا ... ثمَّ عَلَى طَهَارةٍ قَدْ لُبِسَا 1360 - وَأَنْ يَكُونَ الخُفُّ أَيْضًا سَاتِرَا ... مَحَلَّ فَرْضٍ باطِنًا وَظَاهِرَا 1361 - وَزَادَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ صَالِحَا ... للمَشْيِ فِيهِ كيْ تكُونَ مَاسِحَا 1362 - وَلْيَمْسَحِ المقِيمُ يَوْمًا كَامِلا ... مَعْ كَوْنِهِ للَّيْلِ أَيْضًا شَامِلا 1363 - وَمُدَّةُ المُسَافِرِ المُوالي ... ثَلاثَةُ الأيَّامِ وَالليَالي 1364 - وَمَنْ رَأَى أَنَّ ابْتِدَاءَ المُدَّةْ ... بِلُبْسِهِ فَرَأْيُ هَذَا رُدَّهْ 1365 - فَمُدَّةُ المَسْحِ بمَسْحٍ تُبْتَدَا ... وَلَيْسَ بالحَدَثِ أَوْ بالارْتِدَا 1366 - هَذِي شرُوطُ المَسْحِ إِنْ توَافَرَتْ ... فافْعَلْهُ فالأخْبَارُ قَدْ تَوَاتَرَتْ 1367 - وَمُبْطِلاتُ المَسْحِ خَلْعُ خُفِّهِ ... ذَا عَنْ مَحَلِّ الفَرْضِ أَوْ بِكَشْفِهِ 1368 - ثمَّ انْقِضَاءُ مُدَّةِ المَسْحِ لَهُ ... وَكُلُّ مَا أوَجَبَ حَتْمًا غُسْلَهُ

* فصل: في أن الحج والجهاد ماضيان إلى قيام الساعة وصلة هذه المسألة بمسائل الاعتقاد

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالحَجُّ وَالجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولي الأمْرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، بَرِّهمْ وَفاجِرِهِمْ، إلى قيَامِ السَّاعَةِ، لا يُبْطِلُهُمَا شَيْءٌ وَلا يَنْقُضُهُمَا. 1369 - وَالحَجُّ والجِهَادُ مَاضِيَانِ ... لآخِر الزَّمَانِ باقِيَانِ 1370 - لمْ نمْتَنِعُ عَنْهُ لجَوْرِ جَائِرِ ... مِنَ الوُلاةِ أوْ فُجُورِ فَاجِرِ 1371 - جِهَادُ أَهْلِ الكُفْرِ لا يُقوِّضُهْ ... شَيْءٌ وحَجُّ البَيْتِ مَاذا ينقضُهْ؟ 1372 - وَرُبَّمَا يُقَالُ تِلْكَ المَسْأَلَةْ ... ليْسَ لهَا بالاعْتِقَادِ مِنْ صِلَةْ 1373 - قُلْتُ نَعَمْ مَسَائِلُ الجِهَادِ ... في الفِقْهِ تُلْفَى لا فِي الاعْتِقَادِ 1374 - لَكِنَّ شَيْخِي سَاقَهَا مُنَاقَضَةْ ... مِنْهُ لأَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الرَّافِضَةْ 1375 - إِذْ أَبْطَلُوا الجِهَادَ حتى يَخْرُجَا ... إِمَامُهُمْ مُسْتَعْجِلِينَ الفَرَجَا 1376 - إِذْ لا جِهَادَ مَعْ إِمَامٍ فَاجِرِ ... عِنْدَهُمُ أوْ فَاسِقٍ أوْ جَائِرِ 1377 - بَلْ رَايَةُ الجِهَادِ لَنْ تقُومَا ... إِذَا الإمَامُ لمْ يَكُنْ مَعْصُومَا 1378 - وَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ مَزْعُومُ ... كمَا الإِمَامُ عِنْدَهُمْ مَعْصُومُ 1379 - فلَيْسَ لاشْتِرَاطِهَا دَلِيلُ ... وَعِصْمَةُ الإِمَام تسْتَحِيلُ 1380 - فالمُصْطَفَى دُونَ جَمِيعِ الأُمَّةِ ... قَدْ خُصَّ وَحْدَهُ بتِلْكَ العِصْمَةِ 1381 - وَهَكَذَا فالشَّيْخُ سَاقَ المَسْأَلَةْ ... حتَّى يَرُدَّ أَصْلَهُمْ أوْ يُبْطِلَهْ

* فصل: في الكلام على الكرام الكاتبين من الملائكة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بالكِرَامِ الكَاتِبِينَ؛ فإنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنا حَافِظِينَ. 1382 - نُؤْمِنُ بالمَلائِكِ الكِرَامِ ... الكَاتِبِينَ عَمَلَ الأَنَامِ 1383 - إذْ يعْلَمُونَ كُلَّ ما نَفْعَلُهُ ... وَيَكْتُبُونَهُ كمَا نعْمَلُهُ 1384 - يُحْصُونَ حَتى ما الفَتى قَدْ لَفَظَهْ ... لِذَاكَ سمَّاهُمْ إِلهِي حَفَظَةْ 1385 - لَكِنَّهُمْ بمَا لَدَى الضَمَائِرِ ... لا يَعْلَمُونَ بخِلافِ الظَّاهِرِ 1386 - وَاللهُ وَحْدَهُ الذِي لا يَخْفَى ... عَلَيْهِ مِنْ سِرٍّ لنَا وَالأخْفَى

* فصل: في الإيمان بملك الموت

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: ونُؤْمِنُ بمَلَكِ المَوْتِ المُوَكَّلِ بقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالمِينَ. 1387 - آِمنْ بهَذَا المَلَكِ المُوَكَّلِ ... بِقَبْضِ رُوحِ العَبْدِ عِنْدَ الأجَلِ 1388 - وَلمْ يَرِدْ في الذِّكْرِ والتَّنْزِيلِ ... بأنَّهُ يُدَعَى بِعِزْرَائِيلِ 1389 - وَمَا أَتَانا أثرٌ صَحِيحُ ... فيهِ اسْمُ هَذَا المَلَكِ الصَّرِيحُ 1390 - وَكُلُّ مَا جَاءَ بهَذا البَابِ ... فَقَدْ أَتَانَا عَنْ أُولي الكِتَابِ

* فصل: في الكلام على عذاب القبر وسؤال الملكين فيه

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَبعَذابِ القبْرِ لمَنْ كَانَ لَهُ أهْلا، وَسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنكِيرٍ في قَبْرهِ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنبيِّهِ، عَلَى مَا جَاءَتْ بهِ الأخبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ـ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ ـ رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ـ، وَالقَبرُ إمَّا رَوْضَةٌ مِنْ ريَاضِ الجَنَّةِ، أَوْ حُفرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِيرَانِ. 1391 - وَبِعَذَابِ القَبْرِ قَدْ آمَنَّا ... لمَنْ لَهُ يَكُونُ أَهْلا مِنَّا 1392 - نَصَّ عَلَيْهِ رَبُّنَا المُهَيْمِنُ ... فكَيْفَ لا نَكُونُ مِمَّنْ يُؤمِنُ 1393 - فَاقْرَأْ عَلَى مَنْ كَانَ ذَا تَكْذِيبِ ... بمَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ 1394 - فِرْعَوْنُ ثمَّ آلُهُ الأشْرَارُ ... حَاقَ بهِمْ سُوءُ العَذَابِ النَّارُ 1395 - لهُمْ عَلَيْها عَقِبَ المَمَاتِ ... عَرْضٌ لَدَى العَشِيِّ والغَدَاةِ 1396 - ثمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابِ ... أَشَدَّ يَوْمَ العَرْضِ والحِسَابِ 1397 - فَذِكْرُهُ العَذَابَ فِي الدَّارَيْنِ ... يُزِيلُ كُلَّ شُبْهَةٍ أوْ رَيْنِ 1398 - وَالْيَوْمَ تجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ ... عِنْدَ توَفِّي الظَّالِمِ المَفْتُونِ 1399 - اِدْرَأْ بها مِنْ حُجَّةٍ في نحْرِ ... مَنْ كَانَ مُنْكِرًا عَذَابَ القَبْرِ 1400 - ثمَّ أَمَا في السُّنَّةِ المُطَهَّرَةْ ... تَوَاتَرَتْ أَخْبَارُهُ مُفَسَّرَةْ 1401 - فقَالَ فِي القُبُورِ هَذِي الأُمَّةْ ... سَتُبْتَلَى فيَا لهَا مِنْ غُمَّةْ 1402 - وَجَاءَ في الحَدِيثِ أَني أَسْمَعُ ... مِنْ ذَلِكَ العَذَابِ مَا لمْ تسْمَعُوا 1403 - وَالدَّفْنُ لوْلا خَوْفُهُ أَنْ نمْنَعَهْ ... لَكَانَ يَدْعُو رَبَّهُ لِنَسْمَعَهْ 1404 - ثمَّ أمَا مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ ... يُعَذَّبَانِ ثَمَّ فِي أَمْرَينِ 1405 - وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرِ ... بَلْ إِنَّهُ في الهيِّنِ اليَسِيرِ 1406 - وَأَمْرُهُ أنْ نَسْتَعِيذَ عَقِبَا ... تَشَهُّدِ الصَّلاةِ مِنْهُ وَجَبَا

1407 - وَمَا رَأْتْهُ أمُّنا يُصَلِّي ... إِلا اسْتَعَاذَ مِنْهُ بالأَجَلِّ 1408 - وَكُلُّ هَذَا فِي الصَّحِيحِ قَدْ وَفى ... مُتَّصِلا عَنِ النبيِّ المُصْطَفَى 1409 - وَهُوَ نَصٌّ فِيهِ أيْ صَرِيحُ ... لَيْسَ بِهِ تَعْرِيضٌ اوْ تَلْمِيحُ 1410 - فلا تَكُنْ بِذَلِكَ العَذَابِ ... لأَهْلِهِ في القَبْرِ ذا ارْتِيَابِ 1411 - ثمَّ سُؤَالُ المَلَكَينِ مُنْكَرِ ... مَعَ نكِيرٍ فيهِ لَسْنَا نمْتَرِي 1412 - إِذْ يُقْعِدَانِ الميْتَ يَسْأَلانِهِ ... عَنْ رَبِّهِ نَبِيِّهِ إِيمَانِهِ 1413 - نُثْبِتُ كُلَّ ذَاكَ للأدِلَّةِ ... عَنِ النَّبيِّ وَشُيُوخِ المِلَّةِ 1414 - وَاللهَ نَسْأَلُ الثَّبَاتَ وَالهَدَى ... وَأَنْ نكُونَ فِيهِ مِمَّنِ اهْتَدَى 1415 - وَالقَبرُ إمَّا رَوْضَةُ الجِنَانِ ... أوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ 1416 - أَيْ قَدْ نَكُونُ فِيهِ في نَعِيمِ ... وَقَدْ نَكُونُ فِيهِ في جَحِيمِ 1417 - فمَنْ يَكُنْ لِرَبِّهِ قَدْ أَسْلَمَا ... وَمَاتَ تَائِبًا يَكُنْ مُنعَّمَا 1418 - وَمَنْ عَصَى وَلمْ يَكُنْ قَدْ تَابَا ... يَكُنْ عَلَيْهِ قَبرُهُ عَذَابَا

* فصل: في الإيمان بالبعث والعرض والحساب والصراط وقراءة الكتاب والميزان والثواب والعقاب

فصْلٌ: فِي نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بالبَعْثِ وَجَزَاءِ الأعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالعَرْضِ وَالحِسَابِ، وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ وَالثَّوَابِ وَالعِقَابِ، وَالصِّرَاطِ وَالمِيزَانِ. 1419 - نُؤْمِنُ بالبَعْثِ وَبِالنُّشُورِ ... بِنَفْخِ إِسْرَافِيلَ فِي النَّاقُورِ 1420 - وَقَبْلَهَا تَكُونُ نَفْخَتَانِ ... كَمَا أتَى فِي مُحْكَمِ القُرْآنِ 1421 - فالنَّفْخَةُ الأُولى تُثِيرُ الفَزَعَا ... للْخَلْقِ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ مَعَا 1422 - وَكَيْفَ لا وَحِينَذَاكَ الرَّاجِفَةْ ... تَرْجُفُ فالقُلُوبُ مِنهَا وَاجِفَةْ 1423 - وَالنَّفْخَةُ الأُخْرَى تكُونُ الصَّاعِقَةْ ... إِلا لمَنْ شَاءَ كمَا في السَّابِقَةْ 1424 - ثمَ يُمِيتُ اللهُ كُلَّ مَنْ بَقِي ... مِمَّنْ قَدِ اسْتَثْنى فلمَّا يُصْعَقِ 1425 - وَلا يَكُونُ اليَوْمَ إلا مَنْ مَلَكْ ... وَكَيْفَ لا وَمَا سِوَاهُ قَدْ هَلَكْ؟ 1426 - ثمَّ إِذَا أَرَادَ إحْيَاءَ الوَرَى ... يأْمُرُ رَبُّنَا السَّمَا أَنْ تمْطِرَا 1427 - تَظَلُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُمْطِرَةْ ... وَرَبُّنَا بِدُونِهِ ذُو مَقْدِرَةْ 1428 - فَتَنْبُتُ الأجْسَادُ مِثْلَ البَقْلِ ... بَأَمْرِ رَبِّنا كَمَا في النَّقْلِ 1429 - ثمَّ يَرُدُّ اللهُ للأشْبَاحِ ... مَا فَارَقَتْها قَبْلُ مِنْ أرْوَاحِ 1430 - ثمَّ تَكُونُ نَفْخَةٌ في الصُّورِ ... فَيَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ القُبُورِ 1431 - كَأَنهُمْ في الانْتِشَارِ نحْلُ ... وَهُمْ حُفَاةٌ وَعُرَاةٌ غُرْلُ 1432 - يحْشُرُنا سُبْحَانَهُ للْعَرْضِ ... يوْمَ تكُونُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ 1433 - يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ بَنِيهِ ... فَشَأنُهُ يَوْمَئِذٍ يُغْنِيهِ 1434 - بَلْ تَذْهَلُ المرْضِعُ عمَّا أرْضَعَتْ ... وَذَاتُ حَمْلٍ حَمْلَهَا قَدْ وَضَعَتْ 1435 - وَالنَّاسُ مِمَّا شَاهَدُوا حَيَارَى ... كَأنهُمْ مِنْ هَوْلِهِ سُكَارَى

1436 - وَشَابَ رَأْسُ الطِّفْلِ وَالوَلِيدِ ... لِشِدَّةِ العَذَابِ وَالوَعِيدِ 1437 - وَيَشْفَعُ النَّبيُّ للْعِبَادِ فِي ... فَصْلِ القَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ المَوْقِفِ 1438 - وَيَتَلَقَّى اللهُ بالقَبُولِ ... وَبِالرِّضَا شَفَاعَةَ الرَّسُولِ 1439 - وَجَاءَ والمَلَكُ صَفَّا صَفَّا ... للعَرْضِ مَا عَلَيْهِ شَيْءٌ يخْفَى 1440 - وَهَكَذَا لابُدَّ أنْ نحَاسَبَا ... حَتى يُثَابَ المَرْءُ أوْ يُعَاقَبَا 1441 - فَهَذِهِ صَحَائِفُ الأعْمَالِ ... تُؤْخَذُ باليَمِينِ وَالشِّمَالِ 1442 - فيَا لَبُشْرَى المَرْءِ يَوْمَ الدِّينِ ... إنْ أُوتِيَ الكِتَابَ باليَمِينِ 1443 - وَإنْ تَلَقَّاهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ... بِيَدِهِ اليُسْرَى فيَا لخُسْرِهِ 1444 - وَيَقْرَأُ الإنْسَانُ لا سِوَاهُ ... كِتَابَهُ وَكُلَّ مَا حَوَاهُ 1445 - وَهُوَ لا يُغَادِرُ الصَّغِيرَةْ ... مِنْ سَعْيِهِ فكَيفَ بالْكَبِيرَةْ؟ 1446 - وَمَنْ تلا بِنَفْسِهِ مَا اقْتَرَفا ... فَقَدْ كَفَى بِهِ حَسِيبًا وَكَفَى 1447 - وَيُوضَعُ المِيزَانُ بالقِسْطِ فَلا ... ظُلْمٌ وَلا يُضِيعُ رَبِّي عَمَلا 1448 - فمَنْ يَكُنْ مِيزَانُهُ قَدْ رَجَحَا ... فَذَلِكَ الذِي بحَقٍّ رَبحَا 1449 - وَمَنْ يَكُنْ مِيزَانُهُ قَدْ خَفَّا ... فَذَلِكَ الذِي يُسَامُ الخَسْفَا 1450 - وَهَكَذَا بِسَعْيِنا سَنُجْزَى ... فيُكْرَمُ البَعْضُ وَبَعْضٌ يُخْزَى 1451 - وَيُنْصَبُ الصِّرَاطُ فَوْقَ النَّار ... كَمَا أَتى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ 1452 - وَيُدْفَعُ النَّاسُ إلى جَوَازِهِ ... وَمَا لهُمْ بُدٌّ مِنِ اجْتِيَازِهِ 1453 - أَحْوَالهُمْ عَلى الصِّرَاطِ اخْتَلَفَتْ ... بِقَدْرِ أعْمَالٍ لهُمْ قَدْ سَلَفَتْ 1454 - فَبيْنَ مُجْتَازٍ كَرِيحٍ مُرْسَلَةْ ... وَبيْنَ مَنْ يَهْوِي بمَا قَدْ عَمِلَهْ 1455 - وَقدْ يَكُونُ مَنْ يَجُوزُ أَسْرَعَا ... مِنْ ذَلِكُمْ أوْ دُونَهُ بمَا سَعَى 1456 - وَبَعْضُهُمْ يُخْدَشُ ثمَّ يَنْجُو ... بفَضْلِهِ وَفَضْلَ رَبِّي نَرْجُو 1457 - وَآخِرُ الأُلى نجَوْا إِنْسَانُ ... قَدْ لوَّحَتْهُ النَّارُ وَالدُّخَانُ

1458 - وَيُحْبَسُ النَّاجُونَ عِنْدَ قَنْطَرَةْ ... تَكُونُ لِلصِّرَاطِ كالمُؤَخِّرَةْ 1459 - وَقِيلَ بَلْ هِيَ صِرَاطٌ آخَرُ ... وَأوَّلُ القَوْلَيْنِ عِنْدِي الظَّاهِرُ 1460 - يَحْبِسُهُمْ رَبُّكَ كَيْ يَقْتَصُّوا ... مِنْ بَعْضِهِمْ كمَا أَتَانَا النَّصُّ 1461 - حتَّى إِذا نُقُّوا هُناكَ تُفْتَحُ ... أبْوَابُ جَنَّاتٍ لهُمْ وَتفْسَحُ 1462 - وَهَكَذَا نمُوتُ ثمَّ نُقْبَرُ ... وَبَعْدَهُ نُبْعَثُ ثمَّ نحْشَرُ 1463 - وَبعْدَ هَذَا العَرْضُ وَالحِسَابُ ... وَذَلِكَ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ

* فصل: في الكلام على خلق الجنة والنار قبل أهلهما وأنهما لا يفنيان أبدا

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أبَدًا، وَلا تَبِيدَانِ، وَإنَّ اللهَ تعَالى خَلَقَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ قبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لهُمَا أَهْلا، فمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلى الجَنَّةِ فَضْلا مِنْه ُ، وَمَنْ شَاءَ مِنهُمْ إلى النَّار عَدْلا مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لمَا قدْ فُرِغَ لَهُ، وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ. 1464 - وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا قَدْ خَلَقَا ... النَّارَ وَالجَنَّةَ فِيمَا سَبَقَا 1465 - إِذْ كَانَ خَلْقُ كُلِّ دَارٍ سَابِقَا ... لأَهْلِهَا الذِينَ جَاءُوا لاحِقَا 1466 - بَناهُمَا دَارَيْنِ ثمَّ قَدْ بَرَى ... لِكُلِّ دَارٍ أهْلَهَا وَقَدَّرَا 1467 - مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لدُخُولِ جَنَّتِهْ ... فَذَا بِفَضْلِّ رَبِّنا وَمِنَّتِهْ 1468 - وَمَنْ يَشَأْ مِنْهُمْ لِسُكْنى النَّارِ ... فَذَا بِعَدْلِ رَبِّنا الجَبَّارِ 1469 - أُعِدَّتِ الجَنَّةُ للأبْرَارِ ... وَالنَّارَ للعُصَاةِ وَالكُفَّارِ 1470 - وَالْعَبْدُ عَامِلٌ لمَا قَدْ قَدَّرَهْ ... رَبِّي لَهُ وَفِي الكَتَابِ سَطَّرَهْ 1471 - وَهُوَ صَائِرٌ إلى مَا خُلِقَا ... لَهُ مِنَ الدَّارَيْنِ فيمَا سَبَقَا 1472 - وَإِنْ يَشَأْ هَدَاهُمُ جَمِيعَا ... وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمُ مُطِيعَا 1473 - لَكِنْ أرَادَ مُؤْمِنًا وَكَافِرَا ... كَمَا أرَادَ صَالِحًا وَفَاجِرَا 1474 - إرَادَةً كَوْنِيَّةً قُلنَاهَا ... لأنهَا كَشَاءَ في مَعْنَاهَا 1475 - وَرَبُّنا قَدْ كَتَبَ البَقاءَا ... للنَّارِ وَالجَنَّةِ لا الفَنَاءَا 1476 - فلا يَبِيدَانِ كَمَا قَدْ وَرَدَا ... وَلا هُمَا بفانِيَيْنِ أبَدَا 1477 - بَلْ يَبْقَيَانِ لا بِطَبْعٍ بهِمَا ... لَكِنْ بإبْقَاءِ الإِلَهِ لهُمَا 1478 - وَقِيلَ بَلْ نَارُ العُصَاةِ فانِيَةْ ... وَنَارُ أَهْلِ الكُفْرِ حَقًّا بَاقِيَةْ

* فصل: في أن الخير والشر مقدران

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالخَيْرُ وَالشَّرُ مُقدَّرَانِ عَلى العِبَادِ. 1479 - وَالخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقدَّرَانِ ... عَلى عِبَادِ اللهِ مَكْتُوبَانِ 1480 - وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ قُلْ كُلُّ ... مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ يُسْتَدَلُّ 1481 - ألمْ يَقُلْ نبْلُوكُمُ بالشَّرِّ ... وَالخَيْرِ فِتْنَةً كَمَا في الذِّكْرِ 1482 - يَبْلُوهُمُ بالخَيْرِ حَتَّى يَشْكُرُوا ... وَيَبْتَلِي بالشَّرِّ حَتى يَصْبرُوا 1483 - فَمَنْ يَكُنْ وَفَّى بِهِ فَنِعْمَةْ ... أَوْ كَانَتِ الأُخُرَى فَتِلَكَ نِقْمَةْ 1484 - هُمَا إِذَنْ للْخَلْقِ فِتْنَتَانِ ... فَنِعْمَتَانِ أَوْ فَنِقْمَتَانِ 1485 - فَالخيْرُ وَالشَّرُّ إِذَنْ كمَا تَرَى ... مِمَّا قَضَاهُ رَبُّنا وَقَدَّرَا 1486 - كِلاهُمَا للهِ مَقْدُورَانِ ... كِلاهُمَا للهِ مَخْلُوقَانِ 1487 - فإِنْ تَقُلْ هَلْ لَكَ أنْ تُفَسِّرَا ... وُقُوعَ هَذَا الشَّرِّ فِيمَا قَدَّرَا 1488 - وَعَزْوُهُ الشَّرَّ إلى اللهِ انْتَفَى ... كَمَا أَتَانَا في حَدِيثِ المُصْطَفَى 1489 - قُلْتُ بمَعْنى كَوْنِهِ مَقْدُورَا ... قَدْ وَقعَ الشَّرُّ بِهِ مَذْكُورَا 1490 - وَالشَّرُّ خَيْرٌ فيهِ باعْتِبَار ... تَقْدِيرِ رَبِّنا وَفِعْلِ البَارِي

* فصل: في أن الاستطاعة التى هي مناط التكليف تكون مع الفعل وقبله

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَالاسْتِطَاعَةُ التي يَجِبُ بهَا الفِعْلُ مِنْ نحْوِ التَّوْفِيقِ الذِي لا يَجُوزُ أنْ يُوصَفَ المَخْلوقُ بِهِ فهِيَ مَعَ الفِعْلِ، وَأمَّا الاسْتِطاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصِّحَةِ وَالوُسْعِ وَالتَّمَكُنِ وَسَلامَةِ الآلاتِ فَهِيَ قَبْلَ الفِعْل، وَبهَا يَتعَلَّقُ الخِطَابُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ تعَالى: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) . 1491 - وَالاسْتِطَاعَةُ لهَا حَالانِ ... كَمَا لهَا لَدَيَّ مَعْنَيَانِ 1492 - فَهِيَ مِنْ حَيْثُ وُجُودِ الآلَةْ ... تَكُونُ قَبْلَ الفِعْل لا مَحَالَةْ 1493 - وَهَكَذا مِنْ جِهَةِ الإِمْكَانِ ... وَالوُسْعِ وَالقُدْرَةِ للإنْسَانِ 1494 - وَهَذِهِ تعَلَّقَ الخِطَابُ ... بهَا كَمَا قَدْ صَرَّحَ الكِتَابُ 1495 - فلَمْ يُكَلِّفْ غَيْرَ مُسْتَطِيعِ ... حَتى يَكُونَ المَرْءُ بالمُطِيعِ 1496 - أَمَّا التي تَكُونُ كالتَّوفِيق ... وَعَدَمِ الخِذْلان وَالتَّعْوِيقِ 1497 - فلَيْسَ عِنْدَ المَرْءِ مِنْ أسْبَابهَا ... شَيْءٌ فلا يَكُونُ مُوْصُوفًا بها 1498 - وَهَذِهِ خِلافَ أَهْلِ الاعْتِزَالِ ... تَكُونُ عِنْدَنَا مَعَ الأفْعَالِ

* فصل: في أن أفعال العباد خلق لله وكسب لهم

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَأفعَالُ العِبَادِ خْلقُ اللهِ، وَكسْبٌ مِنَ العِبَادِ. 1499 - أَفْعَالُنَا خَلَقْتَهَا يَا رَبُّ ... لَكِنَّهَا مِنَ العِبَادِ كَسْبُ 1500 - إِذْ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلهِي خَلَقَهْ ... مُدَبِّرًا شُئُونَهُ وَرَزَقَهْ 1501 - أَعْطَى لَهُ إِرَادَةً وَخِيَرَةْ ... في الفِعْلِ وَاسْتَوْدَعَ فِيهِ المَقْدِرَةْ 1502 - فهُوَ جَلَّ خَالِقٌ للسَّبَبِ ... إِذَنْ يَكُونُ خَالِقَ المُسَبَّبِ 1503 - ثمَّ ألَيْسَ الفِعْلُ وَصْفَ الفاعِلِ ... ألَيْسَتِ الأعْمَالُ نَعْتَ العَامِلِ؟ 1504 - فَكَيْفَ لا نَقُولُ ذُو الجَلالِ ... خَالِقُنَا وَخَالِقُ الأفْعَالِ 1505 - مَا دَامَ أنَّهُ غَدَا مَعْرُوفَا ... أَنَّ الصِّفَاتِ تَتْبَعُ المَوْصُوفَا 1506 - ثمَّ أَليْسَ خَالِقَ الأشْيَاءِ ... جَمِيعِهَا رَبِّي بلا اسْتِثْنَاءِ 1507 - فَكَيْفَ لا نقْضِي بخَلْقِ العَمَلِ ... وَهْوَ مِنَ الأشْيَاءِ يا مُعْتَزِلي 1508 - إِذَنْ فرَبِّي خَالِقٌ مَا نَعْمَلُهْ ... وَنحْنُ نخْتارُ فَقَطْ مَا نَفْعَلُهْ 1509 - أوْ أَنَّنا نَعْمَلُ بِاخْتِيَار ... وَقُدْرَةٍ لَكِنْ بإِذْنِ البَارِي 1510 - فَكَانَتِ الأفْعَالُ كَسْبًا للوَرَى ... مَخْلُوقَةً حَقًّا لِمَنْ قَدْ قَدَّرَا

* فصل: في أن التكليف يكون حسب الطاقة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلمْ يُكَلِّفْهُمْ اللهُ تعَالى إلا مَا يُطِيقُونَ، وَلا يُطِيقُونَ إلا مَا كَلَّفَهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرُ: (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) نَقُولُ: لا حِيلَةَ لأحَدٍ، وَلا حَرَكَةَ لأحَدٍ، وَلا تحَوُّلَ لأحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إلا بمَعُونَةِ اللهِ، وَلا قُوَّةَ لأَحَدٍ عَلى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْها إلا بِتَوْفِيقِ اللهِ. 1511 - وَاللهُ مَا كَلَّفَنَا مِنَ العَمَلْ ... إِلا الذِي يُطَاقُ أوْ مَا يُحْتَمَلْ 1512 - فلَمْ يُكَلِّفْ رَبُّنا إنْسَانَا ... إلا بمَا في وُسْعِهِ قَدْ كَانا 1513 - وَلا يُطِيقُ النَّاسُ فَوْقَ مَا ... كَلَّفَهُمْ رَبِّي بِهِ وَأَلْزَمَا 1514 - هَذَا كَلامُ الشَّيْخِ لَكِنْ قَدْ نَأَى ... فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ أوْ قَدْ أَخْطَأَ 1515 - فإِنَّنا نُطِيقُ فِي العِبَادَةِ ... فَوْقَ التَّكَالِيفِ مِنَ الزِّيَادَةِ 1516 - فَكُلُّ مَا فَرَضَهُ مَيْسُورُ ... وَمَا يَكُونُ فَوْقَهُ مَقْدُورُ 1517 - لَكِنَّ رَبِّي لمْ يَزَلْ لَطِيفَا ... بخَلْقِهِ فيَسَّرَ التَّكْلِيفَا 1518 - فِي الدِّينِ لمْ يجْعَلْ عَلى الإِنْسَانِ ... مِنْ حَرَجٍ بالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ 1519 - وَالعَبْدُ فاعْلَمْ لا يُقِيمُ الدِّينَا ... إنْ لمْ يَكُنْ باللهِ مُسْتَعِينَا 1520 - فمَا لنَا مِنْ قُوَّةٍ أوْ حَوْلِ ... إِلا بِعَوْنِ رَبِّنا ذِي الطَّوْلِ 1521 - أيْ لا تحَوُّلَ عَنِ العِصْيَانِ ... إلا بعَوْنِ رَبِّنا الدَّيَّانِ 1522 - وَالخَيْرُ لا يَقْوَى الفَتى عَلَيْهِ ... إِلا إِذَا وَفَّقَهُ إِلَيْهِ 1523 - وَمَا عَلى عِبَادَةِ الإِلَهِ ... مِنْ قُوَّةٍ لَهُ بِدُونِ اللهِ 1524 - وَمَا ثَبَاتُهُ عَلى الإيمَانِ ... إِلا بِتَوْفِيقٍ مِنَ الرَّحْمَنِ

* فصل: في أن جريان كل شيء يكون بمشيئة الله وقدره

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بمَشِيئةِ اللهِ تعَالى وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، غَلبَتْ مَشِيئَتُهُ المَشِيئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قضَاؤُهُ الحِيَلَ كُلَّهَا، يَفعَلُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ ظالِمٍ أبَدًا، تقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَحَيْنٍ، وَتنَزَّهَ عَنْ كلِّ عَيْبٍ وَشَيْنٍ، (لا يُسْأَلُ عَمَّا يفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) . 1525 - بمَا يَشَاءُ وَقَضَى وقَدَّرَا ... وَعِلْمِ رَبِّي كُلُّ شَيْءٍ قَدْ جَرَى 1526 - مَشِيئَةُ الإِلَهِ فينا تَغْلِبُ ... كُلَّ المَشِيئَاتِ وَليْسَتْ تُغْلَبُ 1527 - أوْ قُلْ مَشِيئَةُ الإِلَهِ قَاضِيَةْ ... عَلَى المَشِيئَاتِ وَفِينا مَاضِيَةْ 1528 - قَضَاؤُهُ يَغْلِبُ كُلَّ حِيلَةْ ... وَمَا لنَا في دَفْعِهِ وَسِيلَةْ 1529 - يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ غَيْرَ ظَالِمِ ... لأحَدٍ في هَذِهِ العَوَالِمِ 1530 - فَلا تَقُلْ عَلَيْهِ فِعْلُ الأصْلَحِ ... أَوِ الصَّلاحِ وَمِنَ اللهِ اسْتَحِي 1531 - فَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ في الوَرَى ... فَضْلا وَبالعَدْلِ يُضِلُّ مَنْ يَرَى 1532 - وَمَنْ هَدَاهُ اللهُ فهْوَ المُهْتَدِي ... وَمَنْ أَضَلَّهُ فكَيْفَ يَهْتَدِي؟ 1533 - وَإِنْ يَشَأْ يُعْطِ وإِنْ يَشَأْ مَنَعْ ... وَإِنْ يَشَأْ ضَرَّ وإِنْ يَشَأْ نَفَعْ 1534 - إِنْ شَاءَ يُرْسِلِ السَّمَا مِدْرَارَا ... وَإنْ يَشَأْ يُمْسِكْ فلا أمْطَارَا 1535 - وَهَكَذا يفْعَلُ مَا يَشَاؤُهُ ... وَلا يُرَدُّ مُطْلَقًا قَضَاؤُهُ 1536 - مَنْ ذَا الذِي يَسْأَلُهُ عَمَا فَعَلْ ... فِينا تَعَالى رَبُّنا عَزَّ وَجَلْ 1537 - قَدْ جَلَّ عَنْ سُوءٍ بِهِ وَحَيْنِ ... وَجَلَّ عَنْ عَيْبٍ بِهِ وَشَيْنِ 1538 - حَاشَاهُ أنْ يَعْجَزَ أوْ يَحُولا ... حَاشَاهُ أنْ يَبِيدَ أوْ يَزُولا 1539 - حَاشَاهُ أنْ يغْفُلَ أوْ يَنَامَا ... حَاشَاهُ أَنْ يُشَابِهَ الأَنَامَا 1540 - سُبْحَانَهُ لا آفةٌ تُصِيبُهُ ... سُبْحَانَهُ لا صِفَةٌ تعِيبُهُ

1541 - صِفَاتُهُ جَمِيعُها كَمَالُ ... وَالنَّقْصُ في أَوْصَافِهِ مُحَالُ 1542 - وَكَيْفَ لا وَهْوَ الإِلَهُ الأعْلَى ... ذَاتًا وَأَعْلَى صِفَةً وَفِعْلا؟ 1543 - فمَنْ يَصِفْ بنَقْصٍ اَوْ بِعَيْبِ ... رَبِّي فكَافِرٌ بدُونِ رَيْبِ 1544 - كالْقَوْلِ أنَّ رَبَّنا يَنامُ ... أَوِ اغْتَنى عَنْ فَضْلِهِ الأَنَامُ 1545 - أَوْ يَظْلِمُ العِبَادَ أوْ يَجُورُ ... فَلا تُوَفَّى لهُمُ الأجُورُ 1546 - وَالقَوْلِ أَنَّ رَبُّنا تَوَلَّدَا ... أَوْ أنَّ للهِ وَحَاشَا وَلَدَا 1547 - أَوْ مَنْ يقُولُ رَبُّنا المَلِيكُ ... لَهُ نَظِيرٌ أوْ لَهُ شَريكُ 1548 - أَوْ مَنْ يَقُولُ وَاصِفًا مِنْهُمْ يَدَهْ ... بأَنها مَغْلُولَةٌ مُقَيَّدَةْ 1549 - حَاشَاهُ مِنْ غُلٍ وَمِنْ قُيُودِ ... وَجَلَّ عَنْ مَزَاعِمِ اليَهُودِ 1550 - حَلَّتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَةٌ وَغُلَّتِ ... أَيْدِيهُمُ بقَوْلِهِمْ وَشُلَّتِ 1551 - فرَبُّنا يَدَاهُ للوُجُودِ ... مَبْسُوطَتَانِ بالنَّدَى وَالجُودِ 1552 - سُبْحَانَهُ لَهُ الكَمَالُ الخَالِصُ ... وَليْسَ في أَوْصَافِهِ نَقَائِصُ

* فصل: في انتفاع الأموات بدعاء الأحياء وصدقاتهم

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَفِي دُعَاءِ الأحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ للأمْوَاتِ. 1553 - ثَلاثةٌ بالمَوْتِ لَيْسَ ينْقَطِعْ ... للمَرْءِ مِنْهَا عَمَلٌ كمَا سُمِعْ 1554 - وَهَذِهِ ابْنٌ صَالحٌ يَدْعُو لَهْ ... وَبَعْدَهُ صَدَقَةٌ مَوْصُولةْ 1555 - وَهَكَذَا العِلْمُ الذِي قَدْ خَلَّفَهْ ... وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ وَالمَعْرِفَةْ 1556 - هَذَا الذِي لاشَكَّ في أَنْ يَصِلا ... إِلَيْهِ أَجْرُهُ كَمَا لوْ عَمِلا 1557 - لأنَّهُ مَا دَامَ قَدْ تَسَبَّبَا ... فِيهِ فَلا خِلافَ في أَنْ يُكْتَبَا 1558 - وَإنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أوْ دَعَا ... غَيرُ ابْنِهِ كَانَ بِهُ مُنْتَفِعَا 1559 - لَكِنْ قِرَاءَةُ القُرَانِ لا تَصِلْ ... إِذْ لمْ يَرِدْ نَصٌّ بها فِيمَا نُقِلْ 1560 - وَلمْ تكُنْ مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِ النَّبي ... مَعَ قِيَامِ المُقْتَضَى وَالسَّبَبِِ 1561 - أَضِفْ إلى هَذَا انْتِفَاءَ المَانِعِ ... مِنْ ذَلِكَ الأمْرِ اليَسِيرِ النَّافِعِ 1562 - مِنْ ثَمَّ كَانَ الأمْرُ هَذَا مُحْدَثا ... وَالشَّرُّ كُلُّ الشَّرِّ فِيمَا أُحْدِثَا

* فصل: في استجابة الله للدعوات وقضائه للحاجات

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَاللهُ تعَالى يَسْتَجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَيقْضِي الحَاجَاتِ. 1563 - وَرَبُّنا يُجِيبُ مَنْ دَعَاهُ ... إنْ أَخْلَصَ الدُّعَاءَ وَارْتجَاهُ 1564 - فَادْعُ بجَوْفِ اللَّيْلِ رَبًّا سَامِعَا ... مُبَالِغًا فيمَا دَعَوْتَ ضَارِعَا 1565 - وَمُدَّ كَفَّ الفَقْرِ للْقَرِيبِ ... وَادْعُ بِقَلْبٍ حَاضِرٍ مُنِيبِ 1566 - تحَرَّ وَقْتًا فِيهِ يُسْتَجَابُ ... وَمَوْضِعًا بِهِ الدُّعَا يُجَابُ 1567 - وَاعْلَمْ بأنَّ اللهَ قَدْ يُؤَخِّرُ ... إِجَابَةَ الدُّعَاءِ أوْ يَدَّخِرُ 1568 - فلا تَكُنْ إِنْ تَدْعُ ذا اسْتِعْجَالِ ... تقُولُ رَبِّي لمْ يُجِبْ سُؤَالِي 1569 - فاللهُ يَقْضِي للفَتى مَا سَأَلَهْ ... مِنْ حَاجَةٍ مَا لمْ يكُنْ ذا عَجَلَةْ 1570 - كُنْ وَاثِقًا أنَّ الإِلَهَ عَاجِلا ... سَيَسْتَجِيبُ للدُّعَا أَوْ آجِلا 1571 - وَأنَّ كُلَّ حَاجَةٍ سَتُقْضَى ... إِنْ شَاءَ رَبُّنا وَسَوْفَ ترْضَى

* فصل: في الكلام على لزوم الافتقار إلى الله

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَيَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلا يَمْلِكُهُ شَيْءٌ، وَلا غِنىً عَنِ اللهِ تعَالى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنِ اسْتَغْنى عَنِ اللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَقَدْ كَفَرَ، وَصَارَ مِنْ أهْلِ الحَيْن. 1572 - وَرَبُّنَا ـ جَلَّ ـ هُوَ المَلِيكُ ... لِكُلِّ شَيْءٍ مَا لَهُ شَرِيكُ 1573 - وَليْسَ في الوُجُودِ شَيْءٌ يَمْلِكُهْ ... وَكَيْفَ والوُجُودُ ليْسَ يُدْرِكُهْ؟ 1574 - وَمَا لمَخْلُوقٍ عَنِ اللهِ غِنى ... طَرْفَةَ عَيْنٍ في الوُجُودِ وَالدُّنى 1575 - وَكَيْفَ ذَا وَرِزْقُنا عَلَيْهِ ... وَكُلُّنا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ 1576 - وَمَنْ لنَا بالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ ... غَيْرُ الإِلَهِ المَالِكِ الكَبِيرِ؟ 1577 - فَفَقْرُنَا إِلَيْهِ وَصْفٌ ذَاتي ... يَلْزَمُ للوُجُودِ وَالحَيَاةِ 1578 - كَمَا الغِنى وَصْفٌ لرَبِّي أَبَدَا ... فَلَيْسَ يَرْجُو اللهُ مِنَّا أَحَدَا 1579 - وَمِنْ هُنَا قالَ الإِلَهُ للوَرَى ... أْنْتُمْ إليَّ يا عِبَادِي فُقَرَا 1580 - فمَنْ يَكِلْهُ رَبُّنا أَوْ تَرَكَهْ ... لِنَفْسِهِ فَإنَّهُ قَدْ أَهْلَكَهْ 1581 - فَلا يَظُنَّ وَاحِدٌ مَهْمَا اغْتَنى ... أنَّ لَهُ عَنْ رَبِّهِ يَوْمًا غِنى 1582 - وَمَنْ يَكُنْ قَدْ ظَنِّ هَذَا الظَّنَّا ... في لحْظَةٍ يَكْفُرْ بمَا قَدْ ظَنَّا 1583 - وَمَنْ يَكُنْ بِذَلِكَ الكُفْرِ ارْتدَى ... فَهُوَ أهْلٌ للهَلاكِ وَالرَّدَى

* فصل: في غضب الله ورضاه

فصْلٌ: في نظْم قوْلِهِ: وَاللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لا كأحَدٍ مِنَ الوَرَى. 1584 - وَرَبُّنا يغْضَبُ بانْتِهَاكِ ... مَحَارِمٍ لَهُ وَبالإِشْرَاكِ 1585 - كَمَا يَكُونُ رَاضِيًا عَنْ عَبْدِهِ ... إذْ يَلْزَمُ الوُقُوفَ عِنْدَ حَدِّهِ 1586 - وَاللهُ إْنْ يغْضَبْ وَيَرْضَ لا يُرَى ... فِي وَصْفِهِ كَأحَدٍ مِنَ الوَرَى 1587 - كَمَا يُحِبُّ رَبُّنا وَيَكْرَهُ ... وَليْسَ فِينا مَنْ بِهِ يُشَبَّهُ 1588 - جَلَّ عَنِ الشَّبِيهِ وَالنَّظِيرِ ... فِي وَصْفِهِ العَلِيِّ وَالكَبِيرِ 1589 - فلا تُعَطِّلْ وَصْفهُ تَنْزِيهَا ... تحْسِبُ فِي ثُبُوتِهِ تَشْبِيها 1590 - صِفَاتُهُ كَذَاتِهِ العَلِيَّةِ ... جَلَّتْ عَنِ التَّكْيِيفِ وَالمِثْلِيَّةِ 1591 - فالمِثْلُ وَالتَّكْيِيفُ مَنْفِيَّانِ ... يا مُثْبِتَ الأوْصَافِ للدَّيَّانِ 1592 - إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ عَطَّلا ... وَلا تَكُنْ فِي الوَصْفِ مِمَّنْ مَثَّلا 1593 - فَمَنْ يَكُنْ عَطَّلَ يَعْبُدْ عَدَمَا ... وَمَنْ يكُنْ شَبَّهَ يَعْبُدْ صَنَمَا 1594 - وَمَنْ عَنِ التَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ ... خَلا فَذَاكَ صَاحِبُ التَّنْزِيهِ 1595 - وَذلِكَ الذِي بحَقٍّ عَبَدَا ... وَوَحَّدَ الرَّبَّ الإِلَهَ الصَّمَدَا

* فصل: في محبة أصحاب النبي من غير إفراط ولا براءة

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنحِبُّ أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ، وَلا نُفْرِطُ فِي حُبِّ أحَدٍ مِنهُمْ، وَلا نتبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنهُمْ، وَنَبْغَضُ مَنْ يَبْغَضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلا نَذْكُرُهُمْ إلا بخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإيمَانٌ وَإحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَان. 1596 - نحِبُّ أصْحَابَ النَّبيِّ المُصْطَفَى ... وَآلَهُ المُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا 1597 - وَكَيْفَ لا نحِبُّ هَؤُلاءِ ... وَهُمْ لنَا كالمَاءِ وَالهَوَاءِ؟ 1598 - اِخْتَارَهُمْ رَبِّي لِنَصْرِ الدِّينِ ... وَخَصَّهُمْ بِصُحْبَةِ الأمِينِ 1599 - فَقَدَّمُوا للدِّينِ كُلَّ غَالي ... وَجَاهَدُوا بالنَّفْسِ وَالأمْوَالِ 1600 - لمْ يَعْبَئُوا بالْقَتْلِ وَالجِرَاحِ ... وَاشْتَرَوُا الجَنَّةَ بالأرْوَاحِ 1601 - تَحَمَّلُوا الأذَى مِنَ الكُفَّارِ ... وَاسْتَعْذَبُوا المَوْتَ بذَاتِ البَارِي 1602 - قَدْ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةٍ فِرَارَا ... بالدِّينِ كَيْ لا يَرْجِعُوا كُفَّارَا 1603 - وَوَجَدُوا في يَثْرِبٍ أَنْصَارَا ... وَاتَّسَعَتْ لهُمْ جَمِيعًا دَارَا 1604 - عَاشُوا جَمِيعًا إخْوَةً فِي الدِّينِ ... وَاعْتَصَمُوا بحَبْلِهِ الَمَتِينِ 1605 - قَدْ بَايَعُوا النَّبيَّ تحْتَ الشَّجَرَةْ ... عَلَى الثَّبَاتِ في قِتَالِ الكَفَرَةْ 1606 - فكَانَتِ البُشْرَى رِضَا الرَّحْمَنِ ... فَسُمِّيَتْ ببَيْعَةِ الرِّضْوَانِ 1607 - قَدْ أَحْسَنُوا بالبَيْعَةِ الصَّنِيعَا ... فغَفَرَ اللهُ لهُمْ جَمِيعَا 1608 - أمَا غَدَا وَرَاحَ جِبْرَائِيلُ ... بَيْنَهُمُ وَنَزَلَ التَّنْزِيلُ؟ 1609 - أمَا تحَمَّلُوا وَهُمْ عُدُولُ ... كُلَّ الذِي جَاءَ بهِ الرَّسُولُ؟ 1610 - وَبَلَّغُوا بالضَّبْطِ كُلَّ نَصِّ ... بِلا زِيَادَةٍ وَغَيْرِ نَقْصِ 1611 - فحَفِظُوا للأمَّةِ الإِسْلامَا ... وَبيَّنُوا الحَلالَ والحَرَامَا

1612 - أَثْنى عَلَيْهِمْ رَبُّنا كَثِيرَا ... إذْ كَانَ عَالِمًا بهمْ خَبِيرَا 1613 - فهَلْ يُقَاسُ فَضْلُهُمْ بفَضْلِ ... وَهَلْ يُقَاسُ فِعْلُهُمْ بفِعْلِ؟ 1614 - وَهَلْ لنَا عَنْ هَؤُلاءِ الثُّلَّةِ ... غِنىً وَهُمْ رِجَالُ هَذِي المِلَّةِ؟ 1615 - أليْسَ هَؤُلاءِ حَامِلِيها ... عَنِ النَّبيِّ ثمَّ نَاقِلِيهَا؟

* فرع: في حق الصحابة علين

فرْعٌ: في حَقِّ الصَّحَابَةِ عَلَيْنا. 1616 - وَاعْلَمْ كمَا أفْضَالهُمْ عَمِيمَةْ ... فقَدْ غَدَتْ حُقُوقُهُمْ عَظِيمَةْ 1617 - فَأَدِّ مَا لهُمْ مِنَ الحُقُوقِ ... وَاحْذَرْ مِنَ الجُحُودِ وَالعُقُوقِ 1618 - وَحَقُّهُمْ أَنْ تخْفِقَ الأفْئِدَةُ ... بحُبِّهِمْ وَتنْبِضُ الأوْرِدَةُ 1619 - بَلْ حُبُّهُمْ عَلامَةُ الإِيمَانِ ... وَصِحَّةُ الدِّينِ مَعَ الإحْسَانِ 1620 - وَمَعَ حُبِّنا فَلَسْنَا نُفْرِطُ ... في حُبِّ وَاحِدٍ ولا نُفَرِّطُ 1621 - فلَمْ نَكُنْ بأَحَدٍ مِمَّنْ غَلا ... وَلانَكُونُ أبَدًا مِمَّنْ قَلَى 1622 - إِذْ بُغْضُهُمْ عَلامَةُ العِصْيَانِ ... وَالكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَالطُّغْيَانِ 1623 - بَلْ إِنَّنا نَبْغَضُ كُلَّ مُبْغِضِ ... لصَحْبِهِ كَالشِّيعَةِ الرَّوَافِضِ 1624 - وَنَكْرَهُ المَرْءَ الذِي يَحْقِرُهُمْ ... وَمَنْ بِغَيْرِ الخَيْرِ لا يَذْكُرُهُمْ 1625 - وَيَجِبُ الثَّنَاءُ باللِّسَانِ ... وَذِكْرُهُمْ بالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ 1626 - صَحَابَةُ الرَّسُولِ لا نَذْكُرُهُمْ ... إلا بِكُلِّ الخَيْرِ بلْ نَشْكُرُهُمْ 1627 - ثمَّ لِنَدْعُ رَبَّنا الغَفَّارَا ... أنْ يَضَعَ الذُّنُوبَ وَالأوْزَارَا 1628 - وَأنْ يَصُبَّ فَوقَهُمْ أمْطَارَا ... رَحْمَتِهِ حتَّى تُرَى أنهَارَا 1629 - ثمَّ التَّرَضِّي عَنْهُمُ كَثِيرَا ... فَإِنَّ فَضْلَهُمْ غَدَا كَبِيرَا 1630 - وَالكَفُّ عَمَّا بَيْنَهُمْ قدْ شَجَرَا ... كَأَنَّ شَيْئًا لمْ يَكُنْ وَلا جَرَى 1631 - إيَّاكَ أَنْ تخُوضَ فيمَا فَعَلُوا ... فلَسْتَ بالمَسْئُولِ عَمَّا عَمِلُوا 1632 - فتِلَكَ أُمَّةٌ مَضَتْ لحَالِهَا ... وَهْيَ التي تُسْأَلُ عَنْ أعْمَالِهَا 1633 - أَمْسِكْ عَنِ العُيُوبِ والقَوَادِحِ ... وَانْظُرْ لمَا فِيهمْ مِنَ المَمَادِحِ 1634 - وَغُضَّ عَنْ أخْطَائِهِمْ إنْ لمْ تَرَى ... عُذْرًا لهُمْ وَلمْ تجِدْ مُبَرِّرَا

1635 - خَطَؤُهُمْ إِذَا أتَى الدَّلِيلُ ... وَقِسْتَهُ بغَيْرِهِ ضَئِيلُ 1636 - وَهُمْ بهِ لاشَكَّ مَعْذُورُونَا ... بلْ إِنهُمْ عَلَيْهِ مَأْجُورُونَا 1637 - فإنَّهُ بالاجْتِهَادِ مَنْ رَأَى ... رَأْيًا يُثَابُ أَجْرَهُ إِنْ أخْطَأَ 1638 - فَكُفَّ عَنْ مَسَاوِئِ الصَّحَابَةِ ... وَالْزَمْ سَبِيلَ الحَقِّ وَالإِصَابَةِ 1639 - وَمَنْ تكُونُ إِنْ تَقِفْ بجَانِبِ ... هَذِي النُّجُومِ الزُّهْرِ وَالكَوَاكِبِ؟ 1640 - وَمَنْ تكُونُ أيُّها الصُّعْلُوكُ ... مَعْ هَؤُلاءِ وَهُمُ المُلُوكُ؟ 1641 - ألَيْسَ لوْ أنْفَقَ أَيُّ أَحَدِ ... مِنَّا مِنَ الذَّهَبِ مِثْلَ أُحُدِ 1642 - ما بَلَغَ المُدَّ وَلا نَصِيفَهْ ... مِنْ وَاحِدٍ ذِي صُحْبَةٍ شَرِيفَةْ؟ 1643 - وَمِنْ هُنَا فقَدْ نهَى الرَّسُولُ ... عَنْ سَبِّهِمْ فاسْمَعْ لِمَا يَقُولُ

* فرع: في حكم سب الصحاب

فرعٌ: في حُكْمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ، وَأنَّه قَدْ يَكُونُ فيهِ الكُفْرُ. 1644 - إِيَّاكَ أَنْ تَسُبَّهُمْ بِطَعْنِ ... في دِينِهِمْ وَلا تَكُنْ ذَا لَعْنِ 1645 - فَإِنَّ سبَّهُمْ غَدَا خَطِيرَا ... وَبعْضُهُ يَسْتَوْجِبُ التَّكْفِيرَا 1646 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ سَبَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفْ ... في حُكْمِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفْ 1647 - فبَعْضُهُمْ كَفَّرَ أوْ قَدْ فَسَّقَا ... مَنْ سَبَّهُمْ وَبعْضُهُمْ قَدْ أَشْفَقَا 1648 - وَالمَذْهَبُ الذِي أَنَا أَمِيلُ ... إِلَيْهِ دَائِمًا هُوَ التَّفْصِيلُ 1649 - فمَنْ يُكَفِّرْ صَحْبَهُ أوْ فَسَّقَا ... فاحْكُمْ بِكُفْرِهِ لَدَيَّ مُطْلَقَا 1650 - إِذْ يقْتَضِي التَّفْسِيقُ وَالتَّكْفِيرُ ... أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَطِيرُ 1651 - فَيَقْتَضِي لِرَبِّنَا التَّكْذِيبَا ... وَأَنَّ رَبِّي لمْ يَكُنْ مُصِيبَا 1652 - أَيَشْهَدُ اللهُ بخَيْرٍ لهُمُ ... وَأنْتَ بالكُفْرِ لهُمْ مُتَّهِمُ؟ 1653 - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذَا رَدُّ ... لحُكْمِ رَبِّنا وَفِيهِ الحَدُّ 1654 - وَيُبْطِلُ الدِّينَ لأنَّ النَّاقِلا ... لهُ بهَذا لا يَكُونُ عَادِلا 1655 - أَمَّا الذِي يَلْعَنُ أوْ يُقَبِّحُ ... وُجُوهَهُمْ فهُوَ كَلْبٌ يَنْبَحُ 1656 - وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ فَقِيلا ... بكُفْرِهِ وَقَتْلِهِ تَنْكِيلا 1657 - وَقِيلَ لا وَاجْلِدْهُ جَلْدًا مُوجِعَا ... مَعْ حَبْسِهِ لمَوْتِهِ أوْ يَرْجِعَا 1658 - وَمَنْ يَسُبَّهُمْ بمَا لا يَقْدَحُ ... في الدِّينِ لمْ يَكْفُرْ وَهَذا أرْجَحُ 1659 - لَكِنَّهُ يَسْتَوْجِبُ التَّحْذِيرَا ... وَيَسْتَحِقُّ الضَّرَبَ وَالتَّعْزِيرَا 1660 - وَقِيلَ بَلْ سَبُّ الصَّحَابِ مُطْلَقَا ... كُفْرٌ وَهَذَا الرَّأْيُ عِنْدِي مُتَّقَى 1661 - لا يَسْتَوِي التَّكْفِيرُ وَالتَّفْسِيقُ ... وَغَيْرُهُ فيَلْزَمُ التَّفْرِيقُ 1662 - لَكِنَّ هَذَا القَوْلَ لا يُبِيحُ ... تجْرِيحَهُمْ فإنَّهُ قَبِيحُ

1663 - وَإِنمَا القَصْدُ بِهِ التَّدْقِيقُ ... في الحُكْمِ والتَّفْصِيلُ والتَّحْقِيقُ 1664 - وَالوَاجِبُ الأوْلى بِنَا أَنْ يَنْشَغِلْ ... كُلٌّ بمَا قَدَّمَهُ مِمَّا عَمِل 1665 - وَلا يَكُونُ شَاتمًا أوْ لاعِنَا ... لهُمْ وَلا يَكُونُ فِيهِمْ طَاعِنَا 1666 - وَلْيرْعَ فِيهِمْ صُحْبَةَ المُخْتَارِ ... وَنَصْرَهُمْ لَهُ مِنَ الكُفَّارِ 1667 - وَأَنْ يَرُدَّ لهُمُ الجَمِيلا ... فيَدْعُوَ اللهَ لهُمْ طَوِيلا

* فصل: في إثبات الخلافة بعد النبي للخلفاء الراشدين

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُثْبِتُ الخِلافةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ أوَّلا لأبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ تفْضِيلا لهُ وَتقْدِيمًا على جَمِيعِ الأمَّةِ، ثمَّ لعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ ـ، ثمَّ لعُثمَانَ ـ رَضِيَ اللهُ عنه ُـ، ثمَّ لعَليِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُمُ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَالأئِمَّةُ المُهْتَدُونَ. 1668 - هَذَا وَأَوْلى النَّاسِ بالخِلافَةِ ... بَعْدَ النَّبيِّ ابْنُ أَبي قُحَافَةِ 1669 - إِذْ هُوَ أَوْلى الصَّحْبِ أَنْ يُسْتَخْلَفَا ... وَأَفْضَلُ الأمَّةِ بَعْدَ المُصْطَفَى 1670 - أَلمْ يَؤُمَّ النَّاسَ فِيمَا فُرِضَا ... بأمْرِ خَيْرِ الرُّسْلِ لمَّا مَرِضَا؟ 1671 - ثمَّ ألَيْسَ المُصْطَفَى قَدْ أَلمَحَا ... إِلَيْهِ مِنْ خَلِيفَةٍ بَلْ صَرَّحَا؟ 1672 - أَلمْ يَقُلْ لامْرَأَةٍ أَنْ تَفِيَا ... صَاحِبَهُ في الغَارِ إنْ تُوُفِّيَا؟ 1673 - تُوُفِّيَ النَّبيُّ فَارْتَدَّ العَرَبْ ... وَمَنعُوا مِنَ الزَّكَاةِ مَا وَجَبْ 1674 - وَكَادَ هَذَا يُضْعِفُ الإِسْلامَا ... مُسَبِّبًا في رُكْنِهِ انْثِلامَا 1675 - فَقَامَ للهِ وَشَدَّ الشَّدَّةْ ... وَقَالَ لَنْ أَتْرُكَ أَهْلَ الرِّدَّةْ 1676 - لَوْ مَنَعَ القَوْمُ وَلوْ عِقَالا ... أَوْ دُونَهُ لَنْ أَدَعَ القِتَالا 1677 - وَخَاضَها الصِّدِّيقُ حَرْبًا ضَارِيَة ... وَأَشْعَلَ القِتَالَ نَارًا وَارِيَةْ 1678 - فَعَادَ للدِّينِ بِهِ قُوَّتُهُ ... بَلْ إنَّهُ اشْتَدَّتْ بِهِ شَوْكَتُهُ 1679 - وَهَكَذَا الإِسْلامُ زَادَ نَصْرَا ... لمَّا أبُو بَكْرٍ تَوَلَّى الأَمْرَا 1680 - ثمَّ اسْتَحَقَّها أبُو حَفْصٍ عُمَرْ ... عَهْدًا مِنَ الصِّدِّيقِ وَالكُلُّ أَقَرّْ 1681 - تَاللهِ قَدْ قَامَ بها وَاضْطَلَعَا ... بَلْ كَانَ خَيرَ مَنْ توَلَّى وَرَعَى 1682 - في عَهْدِهِ فتَْحٌ تَلاهُ فَتْحُ ... فذَاكَ عُنْوَةٌ وَهَذَا صُلْحُ 1683 - وَنَشَرَ الأَمَانَ والسَّلامَا ... وَالأمْنَ لمَّا حَكَّمَ الإِسْلامَا

1684 - ثمَّ تَوَلَّاهَا بِلا مُنَازَعَةْ ... عُثْمَانُ بالشُّورَى وَبِالمُبَايَعَةْ 1685 - في عَهْدِهِ كِتَابَةُ القُرْآنِ ... تمَّتْ بهَذا المُصْحَفِ العُثمَانِي 1686 - وَبالشَّهَادَةِ النَّبيُّ بَشَّرَهْ ... فَنَالهَا قَتْلا بأَيْدِي الفَجَرَةْ 1687 - وَبَعْدَ قَتْلِهِ تَوَلَّاهَا عَلِي ... فكَانَ بَعْدَ الشَّيْخِ خَيرَ مَنْ يَلِي 1688 - وَهَؤُلاءِ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونْ ... وَهُمْ مَصَابِيحُ الظَّلامِ المُهْتَدُونْ 1689 - ترْتِيبُهُمْ في الفَضْلِ كالخِلافَةْ ... وَرُدَّ رَأْيَ مَنْ رَأَى خِلافَهْ

* فصل: في العشرة المبشرين بالجنة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَأنَّ العَشَرَةَ الذِين سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ وَبَشَّرَهُمْ بالجَنَّةِ، نَشْهَدُ لهُمْ بالجَنَّةِ على مَا شَهِدَ لهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ، وَقوْلُهُ الحَقُّ، وَهُمْ: أبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثمَانُ، وَعليٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَسَعِيدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْفٍ، وَأبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، وَهُوَ أمِينُ هَذِهِ الأمَّةِ، رَضِيَ اللهُ عنهُمْ أجْمَعِينَ. 1690 - وَمَنْ يَكُنْ نَبِيُّنا قَدْ بَشَّرَهْ ... بجَنَّةٍ نَشْهَدْ لَهُ كَالعَشَرَةْ 1691 - وَهَؤُلاءِ الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةْ ... ثمَّ ابْنُ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرُ تَبِعَهْ 1692 - أَبُو عُبَيْدَةٍ أَمِينُ الأُمَّةِ ... ثمَّ أبُو إِسْحَقَ عَالِي الهِمَّةِ 1693 - ثمَّ أَبُو الأعْوَرِ أَيْ سَعِيدُ ... وَابْنُ عُبَيْدٍ طَلْحَةُ الشَّهِيدُ 1694 - وَغَيْرُ هَؤُلاءِ مِمَّنْ شَهِدَا ... لهُمْ رَسُولُ اللهِ فِيمَا وَرَدَا 1695 - مِثْلُ الحُسَيْنِ وَأَخِيهِ الحَسَنِ ... سِبْطَيْهِ مَعْ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنِ 1696 - وَجَعْفَرٍ وابْنِ الفَتى رَبَاحِ ... بِلالٍ الدَّاعِي إلى الفَلاحِ 1697 - وَابْنَتِهِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ... وَسَائِرِ الأزْوَاجِ والنِّسَاءِ 1698 - فهَؤُلاءِ القَوْمُ يا بُشْرَاهُمْ ... بالجَنَّةِ العُليَا وَمَا أَحْرَاهُمْ 1699 - وَكَيْفَ لا نَقْضِي بما يقُولُ ... في حَقِّهِمْ وَيَشْهَدُ الرَّسُولُ؟ 1700 - ألَيْسَ يقضِي المُصْطَفَى بالحَقِّ ... وَفُوهُ لمْ يَنْطِقْ بِغَيْرِ الصِّدْقِ؟

* فصل: في البراءة من النفاق لمن أحسن القول في الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَمَنْ أحْسَنَ القَوْلَ فِي أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ) وَأزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وَذُرِّيَّاتِهِ المُقدَّسِينَ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ. 1701 - مَنْ أحْسَنَ الكَلامَ في الصَّحَابَةْ ... وَلمْ يَقَعْ في صَاحِبٍ أوْ عَابَهْ 1702 - وَأَحْسَنَ القَوْلَ بأَزْوَاجِ النَّبي ... وَأَهْلِهِ كَحَفْصَةٍ وَزَيْنَبِ 1703 - وَلمْ يَكُنْ مِمَّنْ غَدَا بالفَاحِشَةْ ... يَقْذِفُ أمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةْ 1704 - وَأَحْسَنَ المَقَالَ في ذُرِّيَّةِ ... وَآلِ بَيْتِ أَفْضَلِ البَرِيَّةِ 1705 - مَنْ قَدْ تَطَهَّرُوا مِنَ الأرْجَاسِ ... وَقَدْ تَقَدَّسُوا عَنِ الأَدْنَاسِ 1706 - فَذَلِكَ الذِي مِنَ النِّفَاقِ ... وَدَائِهِ يَبْرَأُ باتِّفَاقِ 1707 - وَهَذِهِ البَرَاءَةُ اسْتَحَقَّها ... لأنَّهُ أدَّى وَوَفَّى حَقَّهَا 1708 - وَكَيْفَ لا ولمْ يَكُنْ بِقَلْبِهِ ... غِلٌّ لآلِ المُصْطَفَى وَصَحْبِهِ؟

* فصل: في موالاة المؤمنين وبخاصة أهل العلم

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَعُلمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابعِينَ، أهْلُ الخَيْرِ وَالأثَرِ، وَأهْلُ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ، لا يُذْكَرُونَ إلا بالجَمِيلِ، ومَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فهُوَ عَلى غَيْرِ السَّبِيلِ. 1709 - وَعُلمَاءُ السَّلَفِ الكِبَارُ ... وَالتَّابِعُونَ لهُمُ الأخْيَارُ 1710 - أَهْلُ الصَّلاحِ وَالحَدِيثِ والأثَرْ ... وَالفِقْهِ في شَرْعِ الإِلَهِ وَالنَّظَرْ 1711 - لا يُذْكَرُونَ بِسِوَى الجَمِيلِ ... وَالخَيْرِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّفْضِيلِ 1712 - وَمَنْ رَمَى الشُّيُوخَ بالجَهَالَةِ ... أَوْ نَالَ مِنْهُمْ كَانَ في ضَلالَةِ 1713 - وَكَيْفَ لا وَهُمْ نجُومُ الأُمَّةِ ... بِنُورِهِمْ جَلاءُ كُلِّ ظُلْمَةِ 1714 - هُمْ خُلَفَاءُ المُصْطَفَى مِنْ أُمَّتِهْ ... وَالوَارِثُونَ بَعْدَهُ لسُنَّتِهْ 1715 - مَا مَاتَ مِنْ سُنَّتِهِ أَحْيَوْهُ ... وَأَبْطَلُوا الدَّخِيلَ أَوْ نَفَوْهُ 1716 - قَدْ وَضَّحُوا لِلنَّاسِ كُلَّ مُشْكَلِ ... وَاسْتَنْبَطُوا بالعَقْلِ كُلَّ مُعْضَلِ 1717 - وَاتَّفَقُوا عَلى قَبُولِ خَبرِهْ ... مَعَ اقْتِفَاءِ نهْجِهِ وَأَثَرِهْ 1718 - وَمَنْ يُخَالِفْ مِنهُمُ مَأْثُورا ... يَكُنْ بمَا قَامَ بهِ مَعْذُورَا 1719 - مِثْلُ اعْتِقَادِهِمْ بأنَّ المُصْطَفَى ... مَا قَالَهُ أَوْ أنَّهُ قَدْ ضُعِّفَا 1720 - أَوْ أنَّهُ أَرَادَ حُكْمًا آخَرَا ... غَيْرَ الذِي مِنْ قَوْلِهِ تبَادَرَا 1721 - وَرُبَّمَا يَعْتَقِدُ الشُّيُوخُ ... أَنَّ الحَدِيثَ حُكْمُهُ مَنْسُوخُ 1722 - لَكِنْ إذا النَّقْلُ أَتَى صَحِيحَا ... وَالحُكْمُ كَانُ مُحْكَمًا صَرِيحَا 1723 - فَحَاشَ أنَّ تَظُنَّ بالوَرِيثِ ... أَنْ يَتْرُكَ العَمَلَ بالحَدِيثِ 1724 - وَرَبُّنا يَسْقِي قُبُورَ القَوْمِ ... سَحَائِبَ الرَّحْمَةِ كُلَّ يَوْمِ

* فصل: في علو مقام الأنبياء على الأولياء والرد على المتصوفة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُفَضِّلُ أَحَدًا مِنَ الأوْلِيَاءِ عَلى أَحَدٍ مِنَ الأنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَنقُولُ: نبيٌّ وَاحِدٌ أفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الأَوْلِيَاءِ. 1725 - ثمَّ مَقَامُ الأَوْلِيَاءِ مَا ارْتَقَى ... إلى مَقَامِ الأنْبِيَاءِ مُطْلَقَا 1726 - فلا تُفَضِّلْ أبَدًا َوَلِيَّا ... عَليْهِمُ مَهْمَا يَكُنْ عَلِيَّا 1727 - إِذْ لا يَكُونُ مَنْ إِلهِي فَضَّلَهْ ... بالوَحْيِ مِنْ هَذَا أَقَلَّ مَنْزِلَةْ 1728 - بَلْ إنَّ أَدْنى الأنْبِيَاِء ذِكْرَا ... يَفْضُلُ كُلَّ الأوْلِيَاءِ قَدْرَا 1729 - وَلا تَكُنْ مِمَّنْ رَأَى الوَلِيَّا ... يَقْدِرُ أَنْ يُخَالِفَ النَّبِيَّا 1730 - وَأنَّهُ يأْخُذُ دُونَ وَاسِطَةْ ... فكُلُّ هَذِهِ دَعَاوَى سَاقِطَةْ 1731 - فمَا تَلَقَّى عَنْهُ بالمُبَاشَرَةْ ... إلا نَبيٌّ ثمَّ هَذَا لمْ يَرَهْ 1732 - إِذْ لمْ يُكَلِّمْ رَبُّنا إِنْسَانَا ... بلا حِجَابٍ وَاقرَءُوا القُرْآنَا 1733 - ثمَّ ألَيْسَ الوَحْيُ حَبْلُهُ انْقَطَعْ ... بَعْدَ وَفَاةِ المُصْطَفَى أوِ ارْتفَعْ؟ 1734 - فكَيْفَ أَخْذُهُ إِذَنْ عَنْ رَبِّهِ ... وَكَيْفَ نَدْرِي صِدْقَهُ مِنْ كِذْبِهِ؟ 1735 - هلْ كَانَ هَذَا الأخْذُ بالإِلهَامِ ... أمْ أنَّ مَا يَرَى مِنَ الأوْهَامِ؟ 1736 - أَوْ أنَّهُ كَانَ بِرُؤْيَا صَادِقَةْ ... إِذَا العُيُونُ في النُّعَاسِ غَارِقَةْ 1737 - لَكِنْ رُؤَى المَنَامِ لا تُعَدُّ ... أَصْلا مِنَ الأُصُولِ بَلْ تُرَدُّ 1738 - إِذْ يَكْثُرُ الخَلْطُ بهَذَا الجَانِبِ ... مَعَ الْتِبَاسِ صَادِقٍ بكَاذِبِ 1739 - إِذَنْ فَفِيها كَذِبٌ وَصِدْقُ ... وَيعْتَرِيهَا بَاطِلٌ وَحَقُّ 1740 - وَطَالمَا أَنَّ بهَا احْتِمَالا ... فَلا أَرَى إِذَنْ بها اسْتِدْلالا 1741 - فَلا تُعَوِّلْ مُطْلَقًا عَلَيْها ... وَلا تَكُنْ مُسْتَنِدًا إِلَيْهَا

1742 - لَكِنَّ رُؤْيَا الأنْبِيَاءِ حَقُّ ... وَلَيْسَ فِيها كَذِبٌ بَلْ صِدْقُ 1743 - فأَوْجَبُوا عَلَيْها الاعْتِمَادَا ... وَصَحَّحُوا إِلَيْها الاسْتِنَادَا 1744 - يا كُلَّ مَنْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءِ ... لا تَدَّعُوا الأَخْذَ عَنِ السَّمَاءِ 1745 - وَلايَقُلْ شَيْطَانُكُمْ أخْبَرَنِي ... قَلْبي عَنِ الإِلَهِ أوْ حَدَّثَني 1746 - أَوْ تأْخُذُونَ عِلْمَكُمْ عَنْ هَالِكِ ... عَنْ هَالِكٍ كأحْمَدٍ وَمَالِكِ 1747 - وَقَدْ أَخَذْنا العِلْمَ بالمُبَاشَرَةْ ... عَنْهُ وَلا سمَاعَ أوْ مُعَاصَرَةْ 1748 - كَلامُهُمْ تمُجُّهُ العُقُولُ ... وَاللهُ لا يَرْضَاهُ وَالرَّسُولُ 1749 - وَاسمَعْ لقَوْلِ ذَلِكَ الغَبيِّ ... يحُطَّ مِنْ مَنْزِلَةِ النَّبيِّ 1750 - يَقُولُ خُضْنا لجَّةَ المَنَازِلِ ... وَالأنْبِيَاءُ لمْ تَزَلْ بالسَّاحِلِ 1751 - أَعُوذُ باللهِ مِنَ الضَّلالِ ... وَمِنْ هَوَى النُّفُوسِ والجِدَالِ 1752 - قَدْ صَادَهُمْ إِبْلِيسُ في حَبَائِلِهْ ... وَجَرَّهُمْ بمَكْرِهِ لبَاطِلِهْ

* فصل: في إثبات الكرامة للأولياء وبيان من هو الولي حقا

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بمَا جَاءَ مِنْ كرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ. 1753 - وَاعْلَمْ بأنَّا نُثْبِتُ الكَرَامَةْ ... للأوْلِيَاءِ أَهْلِ الاسْتِقَامَةْ 1754 - قَدْ جَوَّزَتْ وُجُودَهَا العُقُولُ ... وَأيَّدَتهَا هَذِهِ النُّقُولُ 1755 - أمُّ الَمَسِيح حَمَلَتْ بلا ذَكَرْ ... وَالرِّزْقُ دُونَ سَبَبٍ لهَا حَضَرْ 1756 - وَنَوْمُ أهْلِ الكَهْفِ ذَلِكَ الزَّمَنْ ... وَلمْ تُصِبْهُمْ آفَةٌ مِنَ الوَسَنْ 1757 - ثمَّ ألَيْسَ أمْرُهَا قدْ ذَاعَا ... في الصَّحْبِ حَتى مَلأَ الأسْمَاعَا؟ 1758 - عَلى المِيَاهِ مَشَتِ الصَّحَابَةْ ... وَعَطِشُوا فأمْطَرَتْ سَحَابَةْ 1759 - ألمْ يُنادِ عُمَرٌ يَا سَارِيَةْ ... وَبَلغَ الصَّوْتُ بِلادًا نَائِيَةْ؟ 1760 - ثمَّ ألَيْسَ ابْنُ الوَلِيدِ لمْ يُصَبْ ... إِذْ شَرِبَ السُّمَّ بِسُوءٍ أوْ عَطَبْ 1761 - وَغَيرُهَا وَغَيْرُهَا كَثِيرُ ... وَلا أَقُولُ إِنَّهُ يَسِيرُ 1762 - إْذْ كَثُرَتْ خَوَارِقُ العَادَاتِ ... في سَائِرِ الأزْمَانِ وَالأوْقَاتِ 1763 - وَنحْنُ مُؤْمِنُونَ بِالذِي أتَى ... مِنْها بِنَقْلٍ صَحَّ أوْ قَدْ ثَبَتَا 1764 - وَمَا أتَى مِنهَا بلا دَلِيلِ ... فمَا عَلَى النَّافِينَ مِنْ سَبِيلِ 1765 - وَأْنْ يَكُونَ مَا أَتَى لصَالِحِ ... مُتَّبِعٍ للشَّرْعِ لا لِطَالِحِ 1766 - ثمَّ ظُهُورُهَا بلا اسْتِقَامَةْ ... عِنْدَ امْرِئٍ لا تُرْتضَى كَرَامَةْ 1767 - بَلْ إنهَا شَعْوَذَةٌ أوْ حِيلَةْ ... يُعِينُ إِبْلِيسُ بها خَلِيلَهْ 1768 - إِنَّ الوَلِيَّ الحَقَّ مَنْ تمَسَّكَا ... بِسُنَّةِ النَّبيِّ حَيْثُ سَلَكَا 1769 - وَلِيُّهُ سُبْحَانَهُ مَنِ اقْتَدَى ... بالمُصْطَفَى وَبالشَّرِيعَةِ اهْتَدَى 1770 - وَلِيُّهُ مَنْ سَارَ في الوُصُولِ ... لَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّسُولِ

1771 - ثمَّ اسْتَقَامَ عِنْدَها مَا مَالا ... عَنْ حَدِّها يمِينًا اوْ شِمَالا 1772 - أمَّا الذِي يُخالِفُ النَّبِيَّا ... فلا يَكُونُ أَبَدًا وَلِيَّا 1773 - حَتَّى وَلوْ يَطِيرُ في الهَوَاءِ ... أوْ كَانَ يمْشِي فَوْقَ سَطْحِ المَاءِ 1774 - فالشَّرْطُ في الوَليِّ أَنْ يُطِيعَهْ ... وَأَنْ يَكُونَ وَافَقَ الشَّرِيعَةْ 1775 - وَأَنْ يُجِلَّ اللهَ أوْ يَخْشَاهُ ... إنَّ الوَليَّ مَنْ قَدِ اتَّقَاهُ 1776 - وَالوَقْفُ عَنْ حُكْمٍ بها لأَحَدِ ... مُعَيَّنٍ يَلْزَمُ في مُعْتَقَدِي 1777 - فلا تُزَكِّ أَحَدًا فاللهُ ... هُوَ الذِي يَعْلَمُ مَنْ وَالاهُ 1778 - وَقُلْ إذَا بَدَتْ لَهُ كَرَامَةْ ... أَحْسَبُهُ بِشَرْطِ الاسْتِقَامَةْ

* فصل: في الإيمان بأشراط الساعة

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَنُؤْمِنُ بأَشْرَاطِ السَّاعَةِ: مِنْ خُرُوج الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ ـ مِنَ السَّمَاءِ، وَنُؤْمِنُ بِطُلُوع الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبهَا، وَخُرُوجِ دَابَّةِ الأرْضِ مِنْ مَوْضِعِهَا. 1779 - نُؤْمِنُ بِالأَشْرَاطِ للقِيَامَةْ ... وَأَنهَا لِقُرْبها عَلامَةْ 1780 - وَهَذِهِ الآيَاتُ إِمَّا صُغْرَى ... قَدِ انْقَضَى مُعْظَمُهَا أوْ كُبْرَى 1781 - وَلَسْتُ مُهْتَمًّا بمَا تَعَجَّلا ... مِنْها وإِنمَا بمَا تأَجَّلا 1782 - لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ صَحِيحَا ... لا طَعْنَ فِيهْ لا وَلا تجْرِيحَا 1783 - مِنْهَا خُرُوجُ الأعْوَرِ الدَّجَّالِ ... وَمَنْبَعِ الكُفْرِ مَعَ الضَّلالِ 1784 - مِنْهُ اسْتَعَاذَ المُصْطَفَى وَحَذَّرَا ... كَالأنْبِيَاءِ صَحْبَهُ وَأَنْذَرَا 1785 - أَخْبَرَ عَنْهُ بالنُّعُوتِ الظَّاهِرَةْ ... وَجَاءَنا عَنْهُ الصِّفَاتُ البَاهِرَةْ 1786 - حتَّى غَدَا الدَّجِّالُ غَيرَ خَافِي ... بهذِهِ الآيَاتِ وَالأَوْصَافِ 1787 - فهْوَ فَتىً كَمَا يَقُولُ قَطَطُ ... مُجْتَمِعٌ في الخَلْقِ لا مُنْبَسِطُ 1788 - وَعَيْنُهُ طَافِيَةٌ كالعِنَبَةْ ... وَبْينَ عَيْنَيْهِ (كَفَرْ) مُكْتَتَبَةْ 1789 - يَقُولُ للنَّاسِ أَنَا رَبُّ الوَرَى ... إِفْكًا فإِنَّ اللهَ لَيْسَ أعْوَرَا 1790 - يخْرُجُ بَينَ الشَّامِ وَالعِرَاقِ ... ثمَّ يَعِيثُ بَعْدُ في الآفَاقِ 1791 - لَكِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ ... مَكَّةَ مَعْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ 1792 - يأتِي بمِثْلِ جَنَّةٍ وَنَارِ ... وَالأمْرُ عَكْسُ ما لَدَى الأنْظَارِ 1793 - فنَارُهُ التي لَدَيْهِ جَنَّةُ ... وَالجَنَّةُ النَّارُ وَتِلْكَ الفِتْنَةُ 1794 - يتبَعُهُ مِنْ هُودِ أَصْفهَانِ ... سَبْعُونَ ألْفًا مِنْ ذَوِي السِّيجَانِ 1795 - يَلْبَثُ فِينا قَدْرَ أرْبَعِينَا ... يَفتِنُنَا فيهَا ويَبْتَلِينَا

1796 - وَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ أيَّامَا ... أمْ أَشْهُرًا تَكُونُ أمْ أَعْوَامَا؟ 1797 - قَدْ قَالَ فيها المُصْطَفَى لا أَدْرِي ... كمَا أتَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عَمْرِو 1798 - وَقَالَ في رِوَايَةِ النَّوَّاسِ ... يَوْمًا بلا شَكٍّ وَلا الْتِبَاسِ 1799 - لَكِنْ ثَلاثَةٌ مِنَ الأيَّامِ ... كالشَّهْرِ وَالأُسْبُوعِ ثمَّ العَامِ 1800 - وَسَائِرُ الأيَّامِ عِنْدَهُ كَمَا ... تَكُونُ عِنْدَنا كَمَا قَدْ جَزَمَا 1801 - يَفِرُّ فِيها النَّاسُ في الجِبَالِ ... ليَحْتَمُوا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ 1802 - وَهَكَذَا نَظَلُّ مِنْهُ في حَرَجْ ... حَتى يجِىءَ اللهُ ـ جَلَّ ـ بالفَرَجْ 1803 - أَعْني الذِي قَدْ جَاءَ في الصَّحِيحِ ... مِنَ النُّزُول بَعْدُ للمَسِيح 1804 - إذ ينْزِلُ ابْنُ مَرْيَمَ العَذْرَاءِ ... فينا لَدَى المنَارَةِ البَيْضَاءِ 1805 - هُنَاكَ شَرْقِيَّ دِمَشْقِ الشَّام ... عَلَيْهِ مِنَّا أَفْضَلُ السَّلامِ 1806 - فَيَطْلُبُ الدَّجَّالَ ثمَّ يُدْرِكُهْ ... بِبَابِ لُدٍّ وَهُنَاكَ يُهْلِكُهْ 1807 - وَبَعْدَهَا يَقُومُ فِينا حَكَمَا ... عَدْلا فلا يَظْلِمُ فِيمَا حَكَمَا 1808 - يُحَقِّرُ الصَّلِيبَ بالتَّكْسِيرِ ... وَيَقْتُلُ القِرْدَ مَعَ الخِنْزِيرِ 1809 - ثمَّ لِكَوْنِ المَالِ فِينا فَائِضَا ... فلا يَكُونُ للزَّكَاةِ قَابِضَا 1810 - يُوَحِّدُ الدِّينَ فلا مَعْبُودَا ... ثَمَّ عَدا مَنْ خَلَقَ الوُجُودَا 1811 - وَالشَّرْعُ شَرْعُ المُصْطَفَى الرَّسُولِ ... لا شِرْعَةُ ابْنِ مَرْيَمَ البَتُولِ 1812 - بَلْ في الصَّلاةِ رَبُّنا إِكْرَامَا ... لمْ يجْعَلِ ابْنَ مَرْيَمَ الإِمَامَا 1813 - وَهَكَذَا نَعِيشُ في سَلامِ ... في ظِلِّهِ بِشِرْعَةِ الإسْلامِ 1814 - وَحَاقَ بالعِبَادِ مَا كَانَ اقْتَرَبْ ... مِنْ شَرِّ يأْجُوجَ فيَا وَيْلَ العَرَبْ 1815 - ذَا سَدُّ ذِي القَرْنَيْنِ يَنقُبُونَهُ ... ثمَّ بإذْنِ اللهِ يُخْرِبُونَهُ 1816 - وَيَنْسِلُونَ بَعْدَ فَتْحِ السَّدِّ ... مِنَ الحِدَابِ مَا لهُمْ مِنْ عَدِّ 1817 - غَشُوا الوَرَى كأنهُمْ جَرَادُ ... وَكَثُرَ الخَرَابُ والفَسَادُ

1818 - حتَّى يَقُولَ قَائِلٌ قَضَيْنَا ... عَلَى أَهَالي الأرْضِ وانْتَهَيْنَا 1819 - وَمَا تبَقَّى بَعْدَ هَذَا إِلِّا ... مَنْ كَانَتِ السَّمَا لَهُ مَحِلَّا 1820 - فَصَوَّبَ السَّهْمَ إلى السَّمَاءِ ... فَارْتدَّ كالمَخْضُوبِ بالدِّمَاءِ 1821 - زِيَادَةً مِنْ ربِّنا فِي الفِتْنَةِ ... وَالابْتِلاءِ للوَرَى وَالمِحْنَةِ 1822 - وَجَاءَ عِيسَى الوَحْيُ حتَّى تَسْلَمُوا ... حَرِّزْ إلى الطُّورِ الذِينَ أَسْلَمُوا 1823 - فامْتَثَلَ الأَمْرَ وَقَالَ الطُّورَا ... يقِيكُمُ الفِتْنَةَ وَالشُّرُورَا 1824 - وَحُصِرُوا في الطُّورِ حتَّى ابْتَاعُوا ... بالشَّيْءِ رَأْسَ الثَّوْرِ مِمَّا جَاعُوا 1825 - هُنَالِكُمْ عِيسَى إِلى مَوْلاهُ ... يَرْغَبُ في أَنْ يَرْفَعَ ابْتِلاهُ 1826 - فيُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِمْ دُودَا ... لمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا مَوْجُودَا 1827 - يُصِيبُ كَلَّ وَاحِدٍ في أَنْفِهِ ... حتَّى يَكُونَ سَبَبًا في حَتْفِهِ 1828 - ثمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبها ... خِلافَ مَا اعْتَادَتْ بإذْنِ رَبِّها 1829 - وَيَوْمَهَا يُغْلَقُ بَابُ التَّوْبَةِ ... فَلَيْسَ للعَبْدِ إِذَنْ مِنْ أَوْبَةِ 1830 - ثمَّ يُرِينَا آيَةً عَظِيمَةْ ... إِذْ تخْرِجُ الأرْضُ لنَا بَهِيمَةْ 1831 - وَكَيْفَ لا وَهْيَ تُكَلِّمُ الوَرَى ... وَتَسِمُ المُؤْمِنَ ثمَّ الكَافِرَا؟ 1832 - وَهَلْ تكُونُ تِلْكَ قَبْلَ السَّابِقَةْ ... أمْ أنهَا حَقًّا تَكُونُ اللاحِقَةْ؟ 1833 - لا عِلْمَ إلا أنَّ أيَّمَا ظَهَرْ ... قَبْلُ فأُخْتُهَا تجِيءُ في الأثَرْ 1834 - وَبَعْدَهَا خَسْفٌ يُرَى بالمَغْرِبِ ... وَمَشْرِقٍ ثمَّ بأَرْضِ العَرَبِ 1835 - ثمَّ تجِي السَّمَاءُ بالدُّخَانِ ... فيَجْعَلُ الكَافِرَ كالسَّكْرَانِ 1836 - وَآخِرُ الأشْرَاطِ تِلْكَ وَالفِتنْ ... خُرُوجُ تِلْكَ النَّارِ مِنْ أَرْضِ اليَمَنْ 1837 - أمَامَهَا نُسَاقُ كالأغْنَامِ ... لأوَّلِ الحَشْرِ بِأَرْضِ الشَّامِ 1838 - أَنَّى لَنَا مِنْ وَجْهِهَا الفِرَارُ ... وَحَيْثُمَا بِتْنا تَبِيتُ النَّارُ؟ 1839 - وَمَا لَنَا مِنْ دُونهَا حَيْلُولَةْ ... وَمَعَنا تَقِيلُ في القَيْلُولَةْ

1840 - وَهَذِهِ الآيَاتُ جَاءَتْ عَشَرَةْ ... وَكُلُّهَا ثَابِتَةٌ مُشْتَهَرَةْ 1841 - ثمَّ وُقُوفِي عِنْدَ مَا قَدْ ذُكِرَا ... لمْ يَعْنِ أنَّ غَيْرَهَا قَدْ أُنْكِرَا 1842 - فمَا أَشُكُّ قَبْلَهَا في المَهْدِي ... حَيْثُ تَوَاتَرَ الحَدِيثُ عِنْدِي 1843 - لَكِنْ وَقَفْتُ عِنْدَها لأنها ... آخِرُ مَا يَكُونُ مِنْهَا دُونها 1844 - وَلوْ فَتَحْتُ بَابَها مَا انْغَلَقَا ... لِكَثْرَةِ الذِي بهَا تعَلَّقَا

* فصل: في عدم تصديق الكاهن والعراف ومخالف الكتاب والسنة والإجماع

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَلا نُصَدِّقُ كَاهِنًا وَلا عَرَّافًا، وَلا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الأمَّةِ. 1845 - وَلمْ نُصَدِّقْ كَاهِنًا كَذَّابَا ... قَدِ ادَّعَى العِلمَ بمَا قَدْ غَابَا 1846 - قَدْ حَجَبَ اللهُ الغُيُوبَ عَنَّا ... فكَيْفَ يَدْرِي الغَيْبَ فَرْدٌ مِنَّا؟ 1847 - لا تَنْخَدِعْ إنْ صَدَقُوا أَحْيَانَا ... وَطَابَقَتْ دَعْوَاهُمُ مَا كَانَا 1848 - فكُلُّ كَاهِنٍ مِنَ الكُهَّانِ ... لَهُ رَئِيُّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ 1849 - إذَا دَرَى بالسَّمْعِ أَمْرًا كَائِنَا ... وَفَاتَهُ الشِّهَابُ أدْرَى الكَاهِنَا 1850 - لَكِنَّهُ يخْلِطُ أوْ يَزِيدُ ... مِائَةَ كِذْبَةٍ كَمَا يُرِيدُ 1851 - وَمَا عَسَى يَكُونُ بَعْدَ هَذَا ... صَاحِبُهُ أكَاذِبٌ أمْ مَاذَا؟ 1852 - ثمَّ بِبِعْثَةِ النَّبيِّ المُجْتَبَى ... قَدْ مُلِئَتْ تِلْكَ السَّمَاءُ شُهُبَا 1853 - فَكَيْفَ للشَّيْطَانِ أَنْ يَلتَمِسَا ... أَمْرًا بها وَقَدْ مَلاهَا حَرَسَا؟ 1854 - لا تَسْأَلِ العَرَّافَ أيَّ أمْرِ ... وَلا تُصَدِّقْهُ فليْسَ يَدْرِي 1855 - اللهُ لا يَقْبَلُ مِمَّنْ سَاءَلَهْ ... صَلاةً ارْبَعِينَ يَوْمًا كَامِلَةْ 1856 - وَمَنْ يُصَدِّقْهُ فهَذَا قَدْ كَفَرْ ... بمَا أتَى بِهِ النَّبيُّ مِنْ خَبَرْ 1857 - لا تَقْرَأِ الكَفَّ وَلا الفِنْجَانَا ... فتَلْحَقَ العَرَّافَ وَالكُهَّانَا 1858 - وَلا تخُطَّ في الرِّمَالِ وَلْتَدَعْ ... مَنْ يَضْرِبُونَ بالحَصَى أوِ الوَدَعْ 1859 - إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ نجَّمَا ... وَلا تُصَدِّقْ أَبَدًا مُنَجِّمَا 1860 - يَا صَاحِ إِنَّ هَذِهِ النُّجُومَا ... لِكُلِّ شَيْطَانٍ غَدَتْ رُجُومَا 1861 - وبَعْضُها بالنُّورِ وَالضِّيَاءِ ... تَكُونُ حَقًّا زِينَةَ السَّمَاءِ 1862 - وَبَعْضُها في اللَّيْلِ تهْدِي السَّائِرَا ... وَتُرْشِدُ الذِي يكُونُ حَائِرَا

1863 - وَاللهِ مَا بَعْدَ كَلامِ المَوْلى ... يَصِحُّ أنْ نقُولَ فيهَا قَوْلا 1864 - وَمَنْ رَأَى بها خِلافَ ذَلِكْ ... فإنَّهُ بمَا رَآهُ هَالِكْ 1865 - كَمَنْ يَظُنُّ أنَّهُ سَيَهْتدِي ... بها لعِلْمِ مَا يَكُونُ في غَدِ 1866 - وَمَنْ يَكُنْ قدْ صَادَفَ الحَقِيقَةْ ... فإنَّ ذَا لا يَقْتَضِي تصْدِيقَهْ 1867 - إِذْ لا يَكُونُ صِدْقُهُ بالكَائِنِ ... إلا كَمَا يَكُونُ صِدْقُ الكَاهِنِ 1868 - يَصْدُقُ فِيما قَالَهُ يَسِيرَا ... وَيكْذِبُ الكَثِيرَ وَالكَثِيرَا 1869 - إِذْ قَوْلُهُ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ ... وَلَيْسَ عَنْ عِلْمٍ وَلا يَقِينِ 1870 - وَالدِّينُ مَبْنيٌّ عَلى المَنْقُولِ ... مِنَ النُّصُوصِ لا عَلَى المَعْقُولِ 1871 - فَذَلِكَ القُرْآنُ والآثَارُ ... في دَينِنَا الأَصْلُ أوِ المِعْيَارُ 1872 - فَمَنْ يَكُنْ قَدِ ادَّعَى المُخَالَفَةْ ... فمَا لَهُ وَزْنٌ لَدَيْنا أوْ صِفَةْ 1873 - وَلْيَتَّهِمْ مَنْ خَالَفَ المَنْقُولا ... بسَنَدٍ صَحَّ لهُمْ عُقُولا 1874 - حَيْثُ صَحِيحُ النَّقْلِ لا يُعَارِضُهْ ... عَقْلٌ صَرِيحٌ لا وَلا يُناقِضُهْ 1875 - فلا تَكُنْ بنَاصِبِ الخِلافِ ... وَاسْعَ إلى الجَمْعِ في الاخْتِلافِ 1876 - فإِنْ تَعَذَّرَ فَلا تُغَالِطْ ... وَاضْرِبْ برَأْيِ العَقْلَ عُرْضَ الحَائِطْ 1877 - الدِّينُ قَوْلُ اللهِ وَالرَّسُولِ ... بفَهْمِ أَصْحَابٍ لَهُ عُدُولِ 1878 - وَمَنْ يُخَالِفْ قَوْلَ ربِّي والنَّبي ... فَرُدَّ مَا قَدِ ادَّعَى وَاجْتَنِبِ 1879 - وَكُلُّ مَنْ يُخَالِفُ الإِجمَاعَا ... فلا نَرَى لِقَوْلهِ سَمَاعَا 1880 - إِذْ أُمَّةُ المَبْعُوثِ بالرِّسَالَةْ ... لمْ تجْتَمِعْ يَوْمًا عَلَى ضَلالَةْ 1881 - وَليْسَ بعْدَ السَّلَفِ انْضِبَاطُ ... لأَيِّ إجْمَاعٍ وَلا يُحَاطُ 1882 - لأنَّهُ قَدْ كَثُرَ الخِلافُ ... بينَ الوَرَى لمَّا قضَى الأسْلافُ 1883 - مِنْ ثَمَّ لا تَصِحُّ فيهِ الدَّعْوَى ... مَا دَامَ عَمَّتْ بالخِلافِ البَلْوَى 1884 - لِذَاكَ قِيلَ وَهْوَ قَوْلٌ صَائِبُ ... مَنِ ادَّعَى الإجْمَاعَ فَهْوَ كَاذِبُ

1885 - لأنَّ هَذَا الشَّخْصَ مَا يُدْرِيهِ ... لعَلَّهُ جَاءَ خِلافٌ فِيهِ 1886 - هَذَا وَلا إجْمَاعَ مَعْ وُجُودِ ... أَيِّ خِلافٍ سَابِقٍ مَوجُودِ 1887 - كَمَا لَدَى تحَقُّقِ الإِجْمَاعِ ... فَلا اعْتِبَارَ بَعْدُ بالنِّزَاعِ

* فصل: في مدح الجماعة وذم الفرقة

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: وَنرَى الجَمَاعَة حَقًّا وَصَوَابًا، وَالفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا. 1888 - نَرَى مَعَ الجَمَاعَةِ الصَّوَابا ... وَالزَّيْغَ في الفُرْقَةِ وَالعَذَابَا 1889 - لَكِنَّهَا أَيُّ جَمَاعَةٍ تُرَى ... مَعْ كَثْرَةِ الفِرَقِ فِيمَا قَدْ نَرَى 1890 - لَقَدْ تَنَوَّعَتْ لَدَيْنا الطُّرُقُ ... وَانْتَشَرَتْ بَينَ العِبَادِ الفِرَقُ 1891 - بَلْ بَلَغُوا الثَّلاثَ وَالسَّبْعِينا ... كمَا عَنِ النَّبيِّ قَدْ رُوِينَا 1892 - وَكُلُّهَا في النَّار إلا وَاحِدَةْ ... وَهْىَ التي عَلَى الطَّرِيقِ رَاشِدَةْ 1893 - تَلْتَزِمُ الكِتَابَ ثمَّ السُّنَّةْ ... فإِنَّ فِيهِمَا طَرِيقَ الجَنَّةْ 1894 - وَلا تَرَى غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينْ ... صَحْبِ النَّبيِّ المُصْطَفَى الهَادِي الأَمِينْ 1895 - فلا تُفَارِقْ هَذِهِ الجَمَاعَةِ ... فَهْىَ عَلَى الرَّشَادِ حَتى السَّاعَةِ 1896 - وَاحْذَرْ مِنَ المذَاهِبِ المُضِلَّةِ ... فَإِنهَا لاتنْتَمِي للْمِلَّةِ 1897 - لا تمْشِيَنَّ خَلْفَ كُلِّ نَاعِقِ ... يجْهَلُ شَرْعَ اللهِ أوْ مُنَافِقِ 1898 - وَاهْجُرْ إِذَا اسْتَطَعْتَ كُلَّ دَاعِي ... إِلى ضَلالٍ أَوْ إِلى ابْتِدَاعِ 1899 - بَلْ كُلُّ مَنْ أَضَرَّكَ اصْطِحَابُهُ ... في دِينِنَا فالوَاجِبُ اجْتِنَابُهُ

* فصل: في أن الإسلام هو دين الله في الأرض والسماء وأنه وسط في كل شئونه بين الغلو والتقصير وبيان وسطية أهل السنة بين الفرق

فصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ: وَدِينُ اللهِ في الأرْضِ والسَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ دِينُ الإسْلامِ، قالَ اللهُ تعَالى: (إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ) ، وَقالَ: (وَرَضِيتُ لكُمُ الإسْلامَ دِينًا) ، وَهُوَ بَيْنَ الغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ، وَبَيْنَ الجَبْرِ والقَدَرِ، وَبَيْنَ الأمْنِ وَالإيَاسِ. 1900 - وَلا اخْتِلافَ عِنْدَنا في الدِّينِ ... في الأرْضِ وَالسَّمَاءِ خُذْ تَبْيِينِي 1901 - فالأنْبِيَاءُ أَفضَلُ الصَّلاةِ ... عَلَيْهِمُ كُانُوا بَنِي عَلَّاتِ 1902 - فالدِّينُ وَاحِدٌ لَدَى الجَمِيعِ ... وَإِنمَا التَّنْوِيعُ في التَّشْرِيعِ 1903 - حَيْثُ شَرِيعَةُ الرَّسُولِ اللَّاحِقِ ... غَيرُ شَرِيعَةِ الرَّسُولِ السَّابِقِ 1904 - وَدِينُهُ الإِسْلامُ لا سِوَاهُ ... بِذَلِكَ الرَّحْمَنُ قَدْ سَمَّاهُ 1905 - وَأمَرَ العِبَادَ باتِّبَاعِ ... لَهُ عَلَى لِسَانِ كُلِّ دَاعِي 1906 - أَلْزَمَهُمْ رَبِّي بِهِ يَقِينَا ... وَمَا ارْتَضَى لهُمْ سِوَاهُ دِينَا 1907 - بَلْ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ لَنْ أقْبَلا ... دِينًا سِوَى الإسْلامِ فِيمَا أَنْزَلا 1908 - وَأَنَّ مَنْ أَتى بِدِينٍ آخَرَا ... يَكُونُ في يَوْمِ الحِسَابِ خَاسِرَا 1909 - وَأَصْلُهُ الإِخْلاصُ في العِبَادَةْ ... للهِ بالشَّرْعِ الذِي أَرَادَهْ 1910 - فلا يَكُونُ المَرْءُ مِمَّنْ أَشْرَكَا ... وَلا يَجِئْ بِبِدْعَةٍ فيَهْلِكَا 1911 - شَرْطَا قَبُولِ الدِّينِ أَنْ تَتَّبِعَا ... وَتخْلِصَ النِّيَّةَ للهِ مَعَا 1912 - وَهُوَ في التَّشْرِيعِ ذُو تَيْسِيرِ ... بَيْنَ الغُلُوِّ فِيهِ وَالتَّقْصِيرِ 1913 - ففِي القِصَاصِ نحْنُ بَيْنَ القوَدِ ... وَبَينَ أنْ نعْفَوَ عَنْهُ أوْ نَدِي 1914 - وَقَدْ أَحَلَّ رَبُّنَا أَنْ نَطْعَمَا ... ما يُسْتَطَابُ وَالخَبِيثَ حَرَّمَا 1915 - وَنَغْسِلُ الثَّوْبَ مِنَ القَذَارَةِ ... ثمَّ نُصَلِّي فِيهِ ذَا طَهَارَةِ

1916 - في حِين أنَّ تِلْكَ قَدْ تسَاهَلَتْ ... فِيها النَّصَارَى واليَهُودُ قدْ غَلَتْ 1917 - وَهُوَ بَينَ الأمْنِ مِنْ نِقْمَتِهِ ... وَمَكْرِهِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَحْمَتِهِ 1918 - أيْ هُوَ بيْنَ الخَوْفِ وَالرَّجَاءِ ... فَلْتَخْشَ وَارْجُ اللهَ في الجَزَاءِ 1919 - ثمَّ كَمَا الشَّرْعُ تَوَسَّطَ المِلَلْ ... فالسَّلفيُّونَ توَسَّطُوا النِّحَلْ 1920 - فَفِي صِفَاتِ الوَّاحِدِ الجَلِيلِ ... نَكُونُ بيْنَ النَّفْيِ وَالتَّمْثِيلِ 1921 - فَنُثْبِتُ الوَصْفَ مَعَ التَّنْزِيهِ ... للهِ عَنْ تمْثِيلٍ اوْ تَشْبِيهِ 1922 - أَيْ أنَّنَا بَيْنَ الذِينَ عَطَّلُوا ... صِفَاتِهِ وَبَينَ مَنْ قدْ مَثَّلُوا 1923 - ونَحْنُ بَينَ القَوْل بالإِجْبَارِ ... وَنَفْيِ مَا للهِ مِنْ أَقْدَارِ 1924 - فَرَبُّنا الخَالِقُ للأفْعَالِ ... وَالمَرْءُ ذُو كَسْبٍ بِكُلِّ حَالِ 1925 - وَفي وَعِيدِ رَبِّنا المُقْتَدِرِ ... نَكُونُ بَينَ مُرْجِئٍ وَقَدَرِي 1926 - وَفي أَسَامِي الدِّينِ خَيْرُ فِئَةِ ... بَينَ الحَرُورِيِّةِ وَالمُرْجِئَةِ 1927 - وَهَكَذا مَعَ النَّبيِّ المُصْطَفَى ... نحْنُ فَلا غُلُوَّ فِيهِ أوْ جَفَا 1928 - إيِّاكَ أنْ تَكُونَ فِيهِ غَالِيَا ... وَلا تَكُنْ كَذَاكَ عَنْهُ جَافِيَا 1929 - نَبِيُّنا عَبْدٌ قَدِ اصْطَفَاهُ ... رَبِّي مِنَ العِبَادِ وَاجْتَبَاهُ 1930 - قَدْ خَصَّهُ بالوَحْيِ وَالرِّسَالَةْ ... لِيُنْقِذَ النَّاسَ مِنَ الضَّلالَةْ 1931 - فَكَانَ فِينَا بَشَرًا رَسُولا ... وَمَا ادَّعَى اتحَادًا اوْ حُلُولا 1932 - فلا تجَاوِزْ فِيهِ هَذا الحَدَّا ... وَتَدَّعِي حُبًّا لهُ وَوُدَّا 1933 - إيَّاكَ والتَّأْلِيهَ وَالتَّقْدِيسَا ... لَهُ كَتَأْلِيهِ النَّصَارَى عِيسَى 1934 - فمَا يُحِبُّ المُصْطَفَى أَنْ نُنْزِلَهْ ... في القَدْرِ فَوْقَ مَا لَهُ مِنْ مَنْزِلَةْ 1935 - وَنحْنُ لا الشِّيعَةُ في قَرَابَتِهْ ... وَلا خَوَارِجٌ لَدَى صَحَابَتِهْ 1936 - وَهَكَذَا بَالوَسَطِيَّةِ اتَّصَفْ ... شَرْعُ النَّبيِّ ثمَّ مَذهَبُ السَّلَفْ 1937 - فالمُسْلِمُونَ وَسَطٌ في المِلَلِ ... وَالسَّلَفِيُّ وَسَطٌ في النِّحَلِ

* فصل: في الكلام عن الإسلام والبراءة مما يخالفه من العقائد الباطلة وبيان بعض أهلها من المبتدعة والضلال

فصْلٌ: في نظْمِ قوْلِهِ: فَهَذا دِينُنا واعْتِقَادُنا ظَاهِرًا وبَاطِنًا، وَنحْنُ بُرَاءُ إلى اللهِ مِنْ كُلِّ مَنْ خَالَفَ الذِي ذَكَرْنَاهُ وَبَيَّنَاهُ، وَنَسْألُ اللهَ تعَالى أنْ يُثبِّتَنا على الإيمَانِ، وَيخْتِمَ لَنا بِهِ، وَيَعْصِمَنا مِنَ الأهْوَاءِ المُخْتَلِفَةِ، وَالآرَاءِ المُتَفَرِّقَة ِ، وَالمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ مِثْلِ: المُشَبِّهَةِ، وَالمُعْتزلةِ، وَالجَهْمِيَّةِ، وَالجَبْريَّةِ، وَالقَدَرَيَّةِ وَغَيْرِهمْ مِنَ الذِينَ خَالفوا السُّنَّةَ وَالجَمَاعَةَ، وَحَالَفُوا الضَّلالَةَ، وَنحْنُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وَهُمْ عِنْدَنا ضُلَّالٌ وَأرْدِيَاءُ، وَبِاللهِ العِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ. 1938 - فَذَلِكَ اعْتِقَادُنا يَقِينَا ... وَلا نَرَى خِلافَ هَذَا دِينَا 1939 - نبْرَأُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يخَالِفُهْ ... وَلا نُوَالِي غَيرَ مَنْ يُحَالِفُهْ 1940 - فَدِنْ بهَذا ظَاهِرًا وبَاطِنَا ... وَلا تَكُنْ بَما سِوَاه دَائِنَا 1941 - يَا رَبِّ ثَبِّتْنا على الإِيمَانِ ... وَاخْتِمْ لنَا بِهِ مَعَ الإحْسَانِ 1942 - يَا رَبِّ واعْصِمْنَا مِنَ الأهْوَاءِ ... وَهَذِهِ الأوْهَامِ وَالآرَاءِ 1943 - وَكَرِّهْ المَذَاهِبَ الرَّدِيَّةْ ... رَبِِّي إلى القُلُوبِ كالجَعْدِيَّةْ 1944 - وَمَذْهَبِ الجَهْمِيَّةِ المُعَطِّلَةْ ... ثمَّ المُشَبِّهَةِ وَالمُعْتَزِلَةْ 1945 - وَالقَدَرِيِّينَ مَعَ الجَبْرِيَّةِ ... وَأَهْلِ إِرْجَاءٍ وَأَشْعَرِيَّةِ 1946 - وَغَيْرِ هَؤُلاءِ مِمَّنْ خَالَفُوا ... سَبِيلَنا ثمَّ الضَّلالَ حَالَفُوا 1947 - مِنْهُمْ جمِيعًا نحْنُ أَبْرِيَاءُ ... إِذْ هُمْ مُضِلُّونَ وأَرْدِيَاءُ 1948 - قَدِ ادَّعَوْا في العِلْمِ الاجْتِهَادَا ... وَضَلَّلُوا بِذَلِكَ العِبَادَا 1949 - وَهُمْ ببُعْدِهِمْ عَنِ الرِّسَالَةْ ... قَدْ نَشَرُوا الضَّلالَ وَالجَهَالَةْ

1950 - ألا تَرَاهُمْ أَحْدَثُوا وَشَرَعُوا ... مَا اللهُ لمْ يأْذَنْ بِهِ وَابْتَدَعُوا 1951 - وَكُلُّ بِدْعَةٍ غَدَتْ ضَلالَةْ ... كمَا أتَى عَنْ صَاحِبِ الرِّسَالَةْ 1952 - وَكَيْفَ لا تَكُونُ بِالضَّلالَةْ ... وَرَبُّنا قَدْ أكْمَلَ الرِّسَالَةْ 1953 - وَبَلَّغَ المَوْصُوفُ بالأمِينِ ... مَا جَاءَهُ مِنْ رَبِّهِ مِنْ دِينِ 1954 - أَيَدَّعِي البِدْعِيُّ أنَّ المُصْطَفَى ... قَدْ خَانَنَا فِي دِينِنَا وَمَا وَفى؟ 1955 - أمْ هَلْ يَقُولُ أَنَّهُ تَعَالى ... لمْ يُكْمِلِ الدِّينَ كَمَا قَدْ قَالا؟ 1956 - فَهْوَ إِذَنْ يَدُورُ لا مَحَالَةْ ... في فَلَكٍ قُطْبَاهُ مِنْ ضَلالَةْ 1957 - ألَيْسَ وَصْفُ رَبِّنا بالكَذِبِ ... ضَلالَةً وَبِالخِيَانَةِ النَّبي 1958 - فلا تَكُنْ باللَّوْمِ ذَا اسْتِعْجَالِ ... إِذَا وَصَفْتُ القَوْمَ بالضَّلالِ 1959 - فَإِنهُمْ قَدْ هَجَرُوا الآثَارَا ... وَاعْتَمَدُوا الأهْوَاءَ وَالأفْكَارَا

* الخاتمة:

الخَاتمَةُ: 1960 - وَقَدْ رَأيْتُ أنْ تكُونَ الغَايَةْ ... هُنَا فَفِيمَا قُلْتُهُ كِفَايَةْ 1961 - فيَا أَخِي اعْتَصِمْ بحَبْلِ الدِّينِ ... وَلْتَعْبُدِ اللهَ عَلى يَقِينِ 1962 - وَجَرِّدِ التَّوْحِيدَ والعِبَادَةْ ... خَالِصَةً تحَقِّقِ الشَّهَادَةْ 1963 - وَاعْرِفْ لِخَيْرِ المُرْسَلِينَ قَدْرَا ... وَاشْرَحْ بمَا أتَاكَ عَنْهُ صَدْرَا 1964 - وَارْضَ بِشَرْعِ رَبَّنا كُلَّ الرِّضَا ... وَلا تَكُنْ لمَا عَمِلتَ مُبْغِضَا 1965 - بَلْ أدِّ ما عَلَيْكَ مِنْ شَعَائِرِ ... للهِ عَنْ رِضًا وَطِيبِ خِاطِرِ 1966 - إيَّاكَ أَنْ تَضِيقَ مِنهَا صَدْرَا ... أَوْ أَنْ تَرُدَّ سُنَّةً أوْ أَمْرَا 1967 - أَقْبِلْ عَلَى العِلْمِ بكُلِّ قُوَّةْ ... فإنَّ فِيهِ تِرْكَةَ النُّبُوَّةْ 1968 - مَنْ فَاتَهُ العِلْمُ فمَاذَا أَدْرَكَا ... وَمَنْ يُحَصِّلْهُ فمَاذَا تَرَكَا؟ 1969 - فارْحَلْ وَجُبْ فيهِ البِلادَ وَالقُرَى ... وَاسْهَرْ ففِي الصَّبَاحِ يُحْمَدِ السُّرَى 1970 - وَصَحِّحِ النِّيَّةَ وَانْوِ اللهَ ... فِيهِ وَلا تَقْصِدْ غِنىً أوْ جَاهَا 1971 - وَاعْمَلْ بمَا عَلِمْتَهُ وَاشْتَغِلِ ... لا خَيْرَ فِي عِلْمٍ بغَيْرِ عَمَلِ 1972 - وَكُنْ إذَا قَصَّرْتَ مِمَّنْ بَادَرَا ... إِلى الإِلَهِ تَائِبًا مُسْتَغْفِرَا 1973 - إِذْ يَغْفِرُ اللهُ لمَنْ يَتُوبُ ... وَلَوْ أحَاطَتْ بالفَتى الذُّنُوبُ 1974 - فَتُبْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تمُوتَا ... أوْ تمْضِيَ التَّوْبَةُ أَوْ تَفُوتَا 1975 - أَقْلِعْ عَنِ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي ... فَلا تجُوزُ تَوْبَةٌ لعَاصِي 1976 - وَاسْتَغْفِرِ الغَفَّارَ حتَّى يَغْفِرَا ... سُبْحَانَهُ الذُّنُوبَ أوْ يُكَفِّرَا 1977 - وَانْدَمْ على التَّفْرِيطِ وَالتَّقْصِيرِ ... في جَنْبِ رَبٍّ سَامِعٍ بَصِيرِ 1978 - وَكُنْ عَلى ألا تَعُودَ ثَانِيَا ... إلى المَعَاصِي عَازِمًا وَنَاوِيَا 1979 - وَالوَاجِبُ اسْتِحْلالُكَ المَظَالِمَا ... بَرَدِّهَا إنْ كُنْتَ يَوْمًا ظَالِمَا

1980 - لا دِرْهَمٌ غَدًا وَلا دِينَارُ ... يُرَدُّ لَكِنْ جَنَّةٌ أوْ نَارُ 1981 - إيَّاكَ أنْ تُؤَخِّرَ الرُّجُوعَا ... وَلا تَكُنْ بحِلْمِهِ مَخْدُوعَا 1982 - فتُبْ عَلى الفَوْرِ إِلَيْهِ لاجِئَا ... فالمَوْتُ يأْتِي بَغْتَةً مُفَاجِئَا 1983 - يَا رَبِّ يا مَنْ لمْ يَزَلْ غَفَّارَا ... اِغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ وَالأوْزَارَا 1984 - وَلا تُؤَاخِذْنَا بمَا نَسِينَا ... وَلا بِقَوْلِ السُّفَهَاءِ فِينا 1985 - تَوَفَّني رَبِّي عَلى الإِسْلامِ ... وَارْزُقْنِيَ القَبُولَ في الخِتَامِ 1986 - وَقَدْ وَفى النَّظْمُ المُفِيدُ الحَاوِي ... عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ للطَّحَاوِي 1987 - نَظَمْتهُ نَظْمًا بَدِيعَ النَّهْجَةِ ... سَهَلا وَإِنْ يَكُنْ قَوِيَّ اللَّهْجَةِ 1988 - وَجَدْتُنى لنَظْمِهِ مَدْفُوعَا ... فَجَاءَ شِعْرًا صَادِقًا مَطْبُوعَا 1989 - فهَاكَهَا مِنْ أَحْسَنِ العَرَائِسِ ... بمَا احْتوَتْ عَلَيْهِ مِنْ نَفَائِسِ 1990 - فقَدْ حَوَتْ ما في بُطُونِ الكُتُبِ ... وَصُغْتُها مِنْها كعِقْدِ الذَّهَبِ 1991 - عَرَضْتُها بِكْرًا تُرِيدُ الخَاطِبَا ... وَمَوْرِدًا عَذْبًا يُرِيدُ الشَّارِبَا 1992 - وَمَا لهَا مَهْرٌ سِوَى الدُّعَاءِ ... وَأَنْ يَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ أَخْطَائِي 1993 - إِذَا رَأى عَيْبًا بها لا يَفْضَحُهْ ... بل يُحْسِنُ الظَّنَّ بها أَوْ يُصْلِحُهْ 1994 - أَبْيَاتهَا ألْفَانِ مَنْ حَوَاهَا ... أَغْنَتْهُ عَمَّا كَانَ في سِوَاها 1995 - خَتَمْتُها فِي بَلْدَةِ المُجَفَّفِ ... ذِاتِ النَّدَى وَالفَضْلِ ثمَّ الشَرَفِ 1996 - هَذَا وَأرْجُو اللهَ في الخِتَامِ ... رِضًا وَتَوْفِيقًا عَلى الدَّوَامِ 1997 - وَأَنْ يَكُونَ خَالِصًا ما قُلْتُ ... لَهُ وَأَنْ أَنَالَ مَا أَمَّلْتُ 1998 - وَالحَمْدُ للهِ عَلى رِعَايَتِهْ ... لعَبْدِهِ حتَّى بُلوغِ غايَتِهْ 1999 - أَحْمَدُهُ ذَلَّلَ كُلَّ عَقَبَةْ ... أَمَامَ عَبْدِهِ فنَالَ أَرَبَهْ 2000 - ثمَّ صَلاةُ اللهِ وَالسَّلامُ ... عَلَى النَّبيِّ المُصْطَفَى خِتَامُ

*الفهرس:

الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * إهداء 00000000000000000000000000000000000 2 * تقديم 0000000000000000000000000000000000 3 * مُقدمة النظم 0000000000000000000000000000000 4 * فصل: في التوحيد تعريفه وأنواعه 00000000000000000 8 * فصل: في انتفاء التماثل بين المخلوق والخالق 00000000000 10 * فصل: في كمال قدرته سبحانه وانتفاء العجز عنه 000000000 11 * فصل: في معنى لا إله إلا الله وتوحيد الألوهية 0000000000 12 * فرع: ومن الشرك بالله اتخاذ الوسائط بين الله والعباد 000000 15 * فصل: في اتصاف الله بالقدم والبقاء000 0000000000000 18 * فصل: في دوام بقائه سبحانه وتعالى 0000000000000000 19 * فصل: في اتصاف الله تعالى بالإرادة وأنواعها 0000000000 20 * فصل: في عدم بلوغ الأوهام وإدراك الأفهام لرب الأنام 00000 21 * فصل: في تنْزيه الله عن مشابهة الأنام 00000000000000 22 * فصل: في صفة الحياة 000000000000000000000000 23 * فصل: في اتصاف الله بالقيومية 000000000000000000 24 * فصل: في صفة الخلق وأنها لغير حاجة لله 00000000000 25 * فصل: في صفة الرزق وما يتعلق بها 00000000000000 26 * فصل: في وصف الله بالإماتة 0000000000000000000 28 * فصل: في صفة البعث 000000000000000000000000 29 * فصل: في اتصافه سبحانه بصفات الكمال أزلا وأبدا00000000 30 * فصل: في اتصاف الله بالخلق من قبل أن يخلق 0000000000 31 * فصل: في اتصافه بالربوبية قبل أن يوجد المربوب 0000000 32 * فصل: في اتصافه بإحياء الموتى قبل إحيائهم وتعليل ذلك 0000 33 * استدراك: على حكم الشيخ على صفات الله بالقدم 000000000 34 * فصل: في أن الله خلق الخلق وهو عالم بهم 000000000000 36 * فصل: في تقدير الأقدار وضرب الآجال 00000000000000 37

تابع الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * فصل: في شمول علمه سبحانه وتعالى 00000000000000 38 * فصل: في أن ما شاء الله كان وأن ما لم يشأ لم يكن 0000000 39 * فصل: في مسألة الهدى والضلال 00000000000000000 40 * فصل: في تنْزيه الله تعالى عن الأضداد والأنداد 00000000 41 * فصل: في إيماننا بكل ما سبق وثباتنا عليه 000000000000 42 * فصل: في اصطفاء النبي واجتبائه 00000000000000000 43 * فرع: في بيان مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله 0000000 44 * فرع: فيما فرضه الله تعالى للنبي 000000000000000000 45 * فرع: في حكم من يعتقد أنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى 000 46 * فرع: في دحض حجتهم بخروج الخضر عن شريعة موسى 000 48 * فصل: في حكم من ادعى النبوة بعده وعموم بعثته للإنس والجن 00 49 * فصل: في أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق 000000000000 50 * استدراك: في أن نفي الخلق عن القرآن لا يعني قدمه 00000 52 * فصل: في أن صفات الله ليست كصفات البشر 000000000 53 * فصل: في رؤية أهل الجنة لربهم بغير إحاطة 000000000 55 * احتراز: من أن هذا الكلام لا يعني اتهام الشيخ بالتفويض 000 57 * فصل: في أن السلامة في الدين تكون بالتسليم لله والرسول ونقض توحيد من لم يسلم 0000000000000000 58 * فصل: في مذهبنا في الرؤية وسائر الصفات وخطورة النفي والتشبيه 00000000000000000000000 59 * فصل: في تنْزيه الله عن الحدود والغايات وتوضيح أن هذه المصطلحات مبتدعة وبيان الحق فيها 0000000 60 * مسألة: في إثبات صفتي النُّزول والمجيء لله 0000000000 62 * فصل: في ثبوت الإسراء والمعراج للنبي في اليقظة 000000 63 * فصل: في إثبات حوض النبي 0000000000000000000 65

تابع الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * فصل: في إثبات الشفاعة وأنواعها 0000000000000000 66 * فرع: في أن الشفاعة لا تطلب من الأموات 0000000000000 68 *استدراك: في عدم الاتكال على الشفاعة 00000000000000 69 * فصل: في الميثاق الذي أخذه الله من آدم وذريته 0000000000 70 * فصل: في علم الله أزلا بأعداد أهل الجنة والنار 00000000000 71 * فصل: في علمه تعالى بأفعال أهل الجنة والنار وبيان أن الأعمال بالخواتيم 0000000000000000000000000000 72 * فصل: في أن أصل القدر سر الله في خلقه 0000000000000 73 * فصل: في العلم المفقود والعلم الموجود0000000000000 75 * فصل: في الإيمان باللوح المحفوظ والقلم 000000000000 76 * فصل: في سبق علم الله في الكائنات قبل خلقها 00000000 77 * فرع: في أنواع كتابة المقادير00000000000000000 79 * فرع: في العلاقة بين القضاء والقدر 000000000000 81 * فرع: في حكم الرضا بالقضاء 000000000000000 82 * فرع: في بيان مخالفينا في القضاء والقدر 0000000000 83 * فصل: في إثبات العرش والكرسي 00000000000000 84 * فصل: في استغناء الله تعالى عن العرش 000000000000 85 * فصل: في الإحاطة والفوقية 0000000000000000000 86 * فصل: في جامع الإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته 000000 87 * فصل: في إثبات الخلة لإبراهيم والتكليم لموسى 000000000 90 * فصل: في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل 00000000000 91 * فصل: في تسمية أهل القبلة بمسلمين مؤمنين 0000000000 92 * فصل: في عدم الخوض في الله والمماراة في الدين 0000000 94 * فصل: في بيان حقيقة القرآن وعدم الجدال فيه 0000000000 95 * فصل: في عدم تكفير المسلم بذنب لم يستحله 000000000000 97 * فصل: في تأثر الإيمان بالذنوب خلافا للمرجئة 000000000 98

تابع الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * فصل: في الرجاء للمؤمن والخوف على المسيء 00000000 99 * فصل: في الجمع بين الخوف والرجاء 0000000 100 * فصل: فيما يخرج به المرء من الإيمان 000000000000 102 * فصل: في تعريف الإيمان والرد عليه 00000000000000 103 * فصل: في الفرق بيننا وبين الخوارج والمعتزلة في حكم العمل. 105 * فرع: في حكم الاستثناء في الإيمان 000000000000000 107 * فصل: في قبول ما صح عن النبي والعمل به 00000000 108 * فصل: في أن الإيمان واحد عند الطحاوي وأن أهله في الأصل سواء وأسباب تفاضلهم فيه عنده والرد عليه 000000 109 * فصل: في الولاية وتفاضل أهلها فيها 00000000000000 111 * فصل: في أركان الإيمان 000000000000000000000 112 * فصل: في أننا لا نفرق بين رسل الله وبيان بعض صفاتهم 000 113 * فصل: في حكم أهل الكبائر 00000000000000000000 114 * فصل: في الصلاة خلف كل بر وفاجر من المسلمين وعلى من مات منهم 000000000000000000 116 * فصل: في أنه لا يقطع لمعين بجنة ولا نار إلا بنص وأننا أمرنا بالحكم بالظاهر ونهينا عن الظن واتباع السرائر 00 117 * فصل: في تحريم رفع السيف على مسلم دون حجة شرعية 00 119 * فصل: في طاعة الولاة وعدم الخروج عليهم وإن جاروا إلا في معصية 00000000000000000000000 120 * فصل: في اتباع السنة والجماعة وتجنب الشذوذ والفرقة 0000 122 * فصل: في حب أهل العدل والأمانة وبغض من كانوا على العكس 123 * فصل: في أن ما اشتبه علينا علمه نكله إلى الله 000000 124 * فصل: في أننا نرى جواز المسح على الخفين سفرا وحضرا. 125

تابع الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * فصل: في أن الحج والجهاد ماضيان إلى قيام الساعة وصلة هذه المسألة بمسائل الاعتقاد 00000000000000 126 * فصل: في الكلام على الكرام الكاتبين من الملائكة 000000 127 * فصل: في الإيمان بملك الموت 00000000000000000 128 * فصل: في الكلام على عذاب القبر وسؤال الملكين فيه 00000 129 * فصل: في الإيمان بالبعث والعرض والحساب والصراط وقراءة الكتاب والميزان والثواب والعقاب 000000 131 * فصل: في الكلام على خلق الجنة والنار قبل أهلهما وأنهما لا يفنيان أبدا 000000000000000000000000 134 * فصل: في أن الخير والشر مقدران 000000000000000 135 * فصل: في أن الاستطاعة التى هي مناط التكليف تكون مع الفعل وقبله 00000000000000000000 136 * فصل: في أن أفعال العباد خلق لله وكسب لهم 000000000 137 * فصل: في أن التكليف يكون حسب الطاقة 000000000000 138 * فصل: في أن جريان كل شيء يكون بمشيئة الله وقدره 0000 139 * فصل: في انتفاع الأموات بدعاء الأحياء وصدقاتهم 000000 141 * فصل: في استجابة الله للدعوات وقضائه للحاجات 000000 142 * فصل: في الكلام على لزوم الافتقار إلى الله 0000000000 143 * فصل: في غضب الله ورضاه 000000000000000000 144 * فصل: في محبة أصحاب النبي من غير إفراط ولا براءة 000 145 * فرع: في حق الصحابة علينا 00000000000000000 147 * فرع: في حكم سب الصحابة 00000000000000000 149 * فصل: في إثبات الخلافة بعد النبي للخلفاء الراشدين 00000 151 * فصل: في العشرة المبشرين بالجنة 000000000000000 153 * فصل: في البراءة من النفاق لمن أحسن القول في الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت 00000000000000 154

تابع الفهرس ــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الصفحة ــــــــــــــــــــــــــــــــ * فصل: في موالاة المؤمنين وبخاصة أهل العلم 00000000 155 * فصل: في علو مقام الأنبياء على الأولياء والرد على المتصوفة 156 * فصل: في إثبات الكرامة للأولياء وبيان من هو الولي حقا 000 158 * فصل: في الإيمان بأشراط الساعة 0000000000000000 160 * فصل: في عدم تصديق الكاهن والعراف ومخالف الكتاب والسنة والإجماع 00000000000000000000000 164 * فصل: في مدح الجماعة وذم الفرقة 0000000000000000 167 * فصل: في أن الإسلام هو دين الله في الأرض والسماء وأنه وسط في كل شئونه بين الغلو والتقصير وبيان وسطية أهل السنة بين الفرق 0000000000000000 168 * فصل: في الكلام عن الإسلام والبراءة مما يخالفه من العقائد الباطلة وبيان بعض أهلها من المبتدعة والضلال 00 170 * الخاتمة: 00000000000000000000000000000 172 الفهرس: 0000000000000000000000000000000 173 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمَّتْ وللهِ الحَمْدُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ 2005

§1/1